You are on page 1of 101

‫جامعة مولــــود معمري ‪ -‬تيزي وزو –‬

‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬


‫قسم العلوم السياسية‬
‫تخصص‪ :‬دراسات إقليمية‬

‫مستقبل اإلتحاد األوروبي بعد اتفاقية البريكسيت ‪0202‬‬

‫مذكرة مقدمة ضمن مقتضيات نيل شهادة الماستر‬

‫تخصص‪ :‬دراسات إقليمية‬

‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد‪:‬‬

‫أ‪ .‬عمرون محمد‬ ‫جودار حسن‬


‫بلعيدي نجمة‬
‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫رئيسا‬ ‫أ‪ /‬هيبة نامر‬
‫مناقشا‬ ‫أ‪ /‬عبد الرزاق بولودان‬
‫مقرر‬ ‫أ ‪ /‬عمرون محمد‬

‫السنة الجامعية ‪0202 – 0202‬‬


‫الحمد هلل الذي وهبنا التوفيق و السداد و منحنا الثبات واعاننا على إتمام هذا العمل بعد‬
‫أن سافرنا لنضع النقاط على الحروف و نكشف ما وراء ستار العلم و المعرفة فها هي‬
‫ثمار علمنا أيقنت و حان قطافها‪.‬‬

‫هذه كلماتنا المبعثرة نهمس بها في أذن كل من سيفتح هذا العمل لينهل معه ما يشاء و‬
‫يشتهي و ينقد ما يرفض و يبتغي‪.‬‬

‫هي كلمات شكر إلى كل من األستاذ المشرف و جميع األساتذة ‪ ،‬إلى جميع من ساعدنا‬
‫من قريب أو بعيد‪.‬‬
‫ما أجمل أن يجود المرء بأغلى ما لديه و األجمل أن يهدي الغالي لألغلى‪.‬‬

‫هي ذي ثمرة جهدي أجنيها اليوم هي هدية أهديها إلى‪:‬‬

‫والدي الغالي رحمه اهلل‪.‬‬

‫أمي العزيزة أطال اهلل عمرها‪.‬‬

‫جميع إخوتي وأخواتي وأصدقائي‪.‬‬

‫و إلى من ساندني في إنجاز هذا العمل‬

‫جودار حسن‬
‫إلى أحلي هدية في الحياة وانقى إنسانة على وجه األرض‪ ...‬إلى نبع الحنان‪....‬‬

‫مجر االطمئنان والسريان واألمان‪ ....‬الحبيبة‬

‫إلى من حملني صغيرة وعانقني شابة إلى من علمني معنى الكفاح والمسؤولية‪ ،‬أنيس‬

‫وحدتي ورفيق وحشتي إلى اعز وأغلى إنسان من كان أفضل معلم أبي العزيز‪.‬‬

‫الحب كل الحب إلى سندي في هذه الحياة إخوتي وأخواتي إلى من تذوقت معهم طعم‬
‫الحياة صديقاتي‬

‫وال تمل يا قارئ إهداء لتجدني اهديها إلى كل أقربائي والى كل من وسعهم قلبي ولم‬

‫يسعهم قلمي‪.‬‬

‫بلعيدي نجمة‬
‫خطة الدراسة‪:‬‬

‫مقدمة‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مسار وتطور االتحاد األوروبي‬

‫المبحث األول‪ :‬نشأة االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬بداية اإلتحاد األوروبي وتطوره‪.‬‬


‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬هياكل ومؤسسات اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬أهداف ومبادئ اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬سياسة اإلتحاد األوروبي الخارجية بين النجاحات والعوائق‬

‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي‪.‬‬


‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬نجاحات اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬العوائق المواجهة لإلتحاد األوروبي(التحديات)‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مستقبل أوروبا من دون بريطانيا‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية مشروع البريكسيت‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬العالقات البريطانية األوروبية‪.‬‬


‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬أسباب انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬قراءة في اتفاقية البريكسيت‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تداعيات خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي(الداخلية و الخارجية )‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب األول ‪ :‬التداعيات الداخلية على بريطانيا‪.‬‬


‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬التداعيات على اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬التداعيات على النظام العالمي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬السيناريوهات المستقبلية لإلتحاد األوروبي بعد البريكسيت‬

‫‪ ‬المطلب األول ‪ :‬السيناريو الخطي ( االتجاهي )‪,‬‬


‫‪ ‬المطلب الثاني ‪ :‬السيناريو التشاؤمي‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث ‪ :‬السيناريو التفاؤلي‪.‬‬

‫الخاتمة‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪.‬‬

‫فهرس المحتويات‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمـــــة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫شكلت التهديدات األمنية في أوروبا الهاجس األساسي الذي دفع باألوروبيين نحو تبني‬
‫مشروع تكاملي ووحـدوي يضمن لهم تحقيق األمن واالستقرار‪ ،‬حيث مثل االتحاد األوروبي‬
‫نموذجا هاما في مجال التكتالت الدولية الرامية لتعزيز التعاون واالندماج اإلقليميين ‪ ،‬مما دفع‬
‫لالعتقاد أن المسار التكاملي األوروبي سيؤول ال محال في مراحله األخيرة نحو تشكيل وحدة‬
‫سياسية فوق قومية‪.‬‬

‫وفي السياق ذاته ساهمت الظروف الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة من تنامي‬
‫ظاهرة االندماج والتعاون الدولي حيث سعى االتحاد األوروبي لتعزيز مكانته الدوليـة مـن خـالل‬
‫التصعيد من وتيرة االندماج تماشيا مع رغبة جزء مهم من أعضائه في تحقيق مكانة دولية‬

‫مميزة ‪ ،‬لكن في مقابل ذلك تعرض االتحاد األوروبي لكثير من المعيقات التي حالت دون‬
‫استكمال المسار التكاملي‪ ،‬و تمثلت أهم هذه المعيقات في معارضة جزء من أعضائه لمشروع‬
‫توحيد السياسات الخارجية واألمنية لدول االتحاد وتاتي على رأس هذه الدول بريطانيا حيث‬
‫جاءت خطوة انسحابها توافقا مع عدم دعم أي سياسة أوروبية مستقلة عن الواليات المتحدة‬

‫األمريكية في هذا المجال‪.‬‬

‫وتبدو مشكلة بريطانيا أنها تريد أن تكون جزءا من أوروبا ‪ ،‬دون أن تكون عضواً حقيقياً‬
‫فيها وعلى أثر هذه العالقة الشائكة المنطلقة من الشك وانعدام الثقة إضافة إلى أسباب اقتصادية‬
‫وأخرى سياسية وأمنية ‪ ،‬جعل الحكومة البريطانية تقرر بتنظيم استفتاء شعبي للبت في مسألة‬
‫بقاءها في االتحاد األوروبي من عدمه ومن ثم‪ ،‬تم تحديد يوم ‪ 32‬جوان ‪ 3102‬لالستفتاء‬
‫حول بقاء أو ترك بريطانيا لالتحاد األوروبي والذي انتهى بنعم للخروج ‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمـــــة‬

‫هذا االستفتاء جعل أوروبا تفتقد لـ ثاني قوة اقتصادية وأكبر قوة عسكرية ذات تأثير مهم في‬
‫األمن األوربي‪ ،‬خاصة وأن بريطانيا كانت تتمتع بوضع مميز داخل االتحاد األوروبي ‪ ،‬وذلك‬
‫لثقلها ودورها السياسي والتاريخي في العديد من القضايا ‪ .‬وبالتالي أدى خروج بريطانيا من‬
‫االتحاد األوروبي إلى طرح تساؤالت كبرى حول التداعيات المستقبلية سواء الداخلية أو الخارجية‬
‫المترتبة على ذلك الخروج ‪ ،‬ومن ثم فقد قامت بريطانيا بوضع عددا من االهداف والمرتك ازت‬
‫لسياساتها الداخلية والخارجية ودورها الجديد في البيئة الدولية بعد اتمام عملية االنسحاب‪.‬‬

‫و من هنا تأتي إشكاليتنا المتمثلة في‪:‬‬

‫ما التداعيات الداخلية المحتملة لخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي على العديد من‬

‫قطاعات التعاون في االتحاد األوربي ؟ و ما التوجه العام للسياسة الخارجية األوروبية بعد‬
‫البريكست ؟‬

‫فرضيات الدراسة ‪:‬‬

‫‪ ‬بقدر ما كانت منظومة االتحاد األوروبي متماسكة بقدر ما شكل االنفصال البريطاني‬
‫زعزعة في كيان االتحاد‪.‬‬

‫الخروج البريطاني المتوقع سيؤدي باالتحاد األوروبي إلى إعادة تفعيل التنسيق بين‬ ‫‪‬‬
‫أعضائه لتعويض الخروج البريطاني‪.‬‬
‫‪ ‬ثقل بريطانيا السياسي واالقتصادي العالمي سيخلق مشاكل اقتصادية وسياسية ألوروبا‬
‫الموحدة‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمـــــة‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫أسباب موضوعية ‪:‬‬

‫‪ ‬تحاول الدراسة تقديم تحليل للواقع واألوضاع الراهنة االقتصادية والسياسية واألمنية‬
‫لالتحاد األوروبي من خالل االنفصال البريطاني‪.‬‬
‫‪ ‬وكذا محاولة توضيح الوضع المستقبلي لنظريات التكامل واالندماج إثر قرار الخروج‬
‫البريطاني من االتحاد حيث يعد االنسحاب عرقلة لعملية التكامل ويطرح الكثير من‬

‫التساؤالت عن مصير االتحاد‪.‬‬

‫أسباب ذاتية‪:‬‬

‫االهتمام بمجال الدراسة األمنية والشؤون األوروبية واالهتمام بالموضوع نظ ار لحداثته‬


‫والرغبة في معرفة مستقبل االتحاد األوروبي بعد االنسحاب البريطاني ومصير بريطانيا من‬
‫ذلك‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى البحث عن التبعات المحتملة لقرار المملكة المتحدة بالخروج‬
‫من االتحاد األوروبي أو ما يطلق عليه البريكست خاصة في مجاالت الهجرة واألمن والدفاع‬
‫والتعليم والسياسة التجارية فضالً عن السياسة الخارجية ‪.‬‬

‫كما تهدف الدراسة بشكل خاص إلى التعرف على الدور الجديد الذي يمكن أن تلعبه‬
‫بريطانيا في النظام الدولي خاصة بعد خروجها من االتحاد األوروبي ‪.‬‬

‫ج‬
‫مقدمـــــة‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫األهمية العلمية‪ :‬لكون الموضوع يندرج في مجال الدراسات األمنية مجال دراستنا ويحظى‬
‫بأهمية أكاديمية بالغة وكذا الطرح الذي يتناوله في إطار الواقع األوروبي بعد خروج بريطانيا‬
‫من االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫األهمية العملية ‪ :‬تتجلى في إدراك أطراف االتحاد األوروبي للتأثير الذي سيخلفه انسحاب‬
‫بريطانيا ‪.‬‬

‫تخص دراستنا االتحاد األوروبي باعتباره تجربة تكاملية ذات قوة اقتصادية ومدى نجاحها‬
‫ومحاولة الوصول إلى السياسات الجديدة التي سيتبعها االتحاد األوروبي في ظل الخروج‬
‫البريطاني وما مصير بريطانيا اثر الخروج‪.‬‬

‫منهج الدراسة ومقاربته النظرية‪:‬‬

‫المنهج التاريخي‪ :‬هو المنهج الذي يقوم بإحياء األحداث التي حصلت في الزمن‬
‫الماضي ‪ ،‬وذلك من خالل جمع البيانات المطلوبة ‪ ،‬وتحليلها ‪ ،‬والتأكد من صحتها وقد اعتمدنا‬
‫المنهج التاريخي في الدراسة ككرونولوجيا تاريخية وذلك من خالل معرفة المراحل التاريخية‬
‫لنشأة مشروع الوحدة األوروبية ومراحل انضمام بريطانيا له إلى غاية انسحابها‪.‬‬

‫المنهج الوصفي‪ :‬هو طريقة لدراسة الظواهر أو المشكالت العلمية من خالل القيام‬
‫بالوصف بطريقة علمية ‪ ،‬ومن ثم الوصول إلى تفسيرات منطقية لها دالئل وبراهين وتطرقت‬
‫إليه في الدراسة وذلك من خالل وصف األوضاع األوروبية بوجود بريطانيا وبانسحابها ومحاولة‬

‫تحليل وتفسير الظواهر في ظل المتغيرات والمستجدات‪.‬‬

‫المقاربة التكاملية الوظيفية الجديدة‪:‬‬

‫د‬
‫مقدمـــــة‬

‫اعتمدنا في بحثنا على المقاربة الوظيفية الجديدة التي تعتمد على التكامل اإلقليمي‬
‫والجهوي مع أعمال "ديفيد ميتراني" اين يرى بأن بداية تكامل الدول في مجاالت اقتصادية‬
‫ووظيفية محدودة‪ .‬سيسمح لها بأن تمر الدول المتكاملة جز ًئيا بزخم متزايد لقطاعات أخرى‬
‫وأعلى ‪ ،‬وهذا ما حدث بالضبط مع االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬

‫هناك مجموعة من الدراسات السابقة التي جاءت متقارية في نفس الموضوع ونفس‬
‫الصدد وتناولت جوانب من الموضوع بحيث توضحها فيمايلي‪:‬‬

‫الدراسة األولى‪:‬‬

‫هبة غربي ‪ :‬تداعيات االنسحاب البريطاني على المسألة األمنية في االتحاد األوروبي‬
‫‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي للدراسات اإلستراتيجية والسياسية واالقتصادية ‪ ،‬ط ‪ ، 0‬برلين‬
‫ألمانيا ‪. 3102‬‬

‫تطرقت الدراسة إلى التعرف على انعكاسات االنسحاب البريطاني على السياسة األمنية‬
‫الدفاعية األوروبية ومعرفة أهم المحطات المستقبلية التي سيؤول إليها االتحاد‪.‬‬

‫الدراسة الثانية‪:‬‬

‫محمد أبوب عطا اهلل ‪ ،‬التداعيات السياسية لخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي ‪،‬‬
‫مذكرة لنيل الستكما ل متطلبات الحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسية من كلية‬
‫األدب والعلوم اإلنسانية ‪ ،‬جامعة األزهر عزة ‪. 3102 ،‬‬

‫تناولت الدراسة الجهود األوروبية لتوحيد أورويا واستعرضت موقف بريطانيا المعارض‬
‫في بادئ األمر ثم انضمامها المتأخر وهدفت الدراسة إلى بيان التداعيات السياسية واالقتصادية‬

‫ه‬
‫مقدمـــــة‬

‫التي أعقبت ظهور نتائج االستفتاء وكذلك السيناريوهات المتوقعة من تفكك المملكة وتفكك‬
‫االتحاد األوروبي ومصيره اثر ذلك‪.‬‬

‫الدراسة الثالثة‪:‬‬

‫التداعيات المتوقعة لخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي ‪ 32‬جوان ‪ ، 3102‬وحدة‬


‫الدراسات األوروبية ‪ ،‬مركز اإلمارات للسياسات أبوظبي اإلمارات‪.‬‬

‫جاء المقال أو التقرير الحديث حول التأثيرات المحتملة لخروج بريطانيا من االتحاد‬
‫اقتصاديا وجيوسياسيا وامنيا ‪ ،‬والحديث عن أسباب إجراء االستفتاء وانعكاسات الخروج على‬
‫منطقة الشرق األوسط والخليج العربي‪.‬‬

‫الدراسة الرابعة‪:‬‬

‫لخذاري جلول ‪ ،‬الواقع األمني الراهن للنظام اإلقليمي األوروبي من منظور مركب األمن‬
‫اإلقليمي ‪ ،‬مذكرة ماستر علوم سياسية تخصص تحليل السياسة الخارجية ‪.3102-3102 ،‬‬

‫حيث استظهرت الدراسة الواقع األمني األوروبي من منظور مركب األمني اإلقليمي واختصت‬
‫لتوضيح ما مدى نجاح التجربة األوروبية وأهمية إدراك أطراف االتحاد للتحديات األمنية التي‬
‫تحيط به والتي تتطلب تعاونا شامل‪.‬‬

‫و‬
‫الفصل األول‬

‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬


‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬نشأة االتحاد األوروبي‪:‬‬

‫لقد تبع إنشاء الجماعات األوروبية عدة تطورات غيرت في تركيبتهـا وأهـدافها‪ ،‬وأدت‬
‫في نهاية المطاف إلى إنشاء االتحاد األوروبي ‪ ،‬فالسياق التاريخي الـذي أفـرزه النظام اإلقليمي‬
‫األوروبي وتجربته التكاملية مختلفة عن السياق التاريخي الذي أفرزته الكثير من األنظمة ‪،‬‬
‫وبخاصة النظام العربي وتجربته التكامليـة ؛ وذلك ألن الشعوب األوروبية تنتمي إلى أصـول‬
‫عرقيـة وثقافية متباينـة وتتحدث بألسنة كثيرة مختلفـة‪.‬‬

‫وربما تكون هذه الشعوب قـد توحـدت أو تضامنت كشعوب مسيحية‪ ،‬تحت راية الكنسية في‬
‫بعض المراحل أو الحقب التاريخية‪ ،‬غير أن وحـدتها الدينية هذه لم تتجسد غالبا إال في مواجهة‬
‫" اآلخر "‪ ،‬وبخاصة في مواجهة ما كان يحلـو لها أن تطلق عليه " الشرق الكافر "‪ ،‬أي المسلم‬

‫الـذي كـان هـدفا للكثير مـن موجـات متالحقة من " الحروب الصليبية‪" .‬‬

‫المطلب األول‪ :‬بداية اإلتحاد األوروبي وتطوره‪.‬‬

‫لقد انعكس السياق التاريخي بشكل محدد ومباشر ‪ ،‬على سمات وخصائص التجربة‬
‫األوروبية في التكامل‪ ،‬و نجد ذلك من خالل‪:‬‬

‫أ‪ -‬تعد التجربة األوروبية تجربة في التكامل بين دول قوميـة متبلـورة ومكتملة النضج لكل منها‬
‫خصوصيتها وهويتها الثقافية والقومية ‪ ،‬وبناء على تلك الحقيقة ‪ ،‬فقد استقر لدى الجميع وعي‬
‫كامل بأن الهدف من العملية التكاملية ليس إضعاف هـذه الخصوصيات وانماء على العكس ‪،‬‬
‫دعمها والترحيب بالتنوع الثقافي والقـومي وا ازلـة مـا بينها من تنافر أو تناقض‪.1‬‬

‫‪1‬حسن نافعة ‪ ،‬االتحاد األوروبي والدروس المستفادة عربيا ‪ ،‬ص ‪.62 62‬‬

‫‪1‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫و تعد تجربة للتكامل بين نظم ديمقراطية تحترم حقوق اإلنسان والمواطن ‪ .‬مع العلم أن التاريخ‬
‫األوروبي الذي أفرز أفضل وأسـوأ النظم الديمقراطية في العـالم‪ ،‬هـو نفـسـه الـذي أفـرز االستبدادية‬
‫أو الـشمولية التـي تـسترت تحـت عبـاءة مختلـف األيديولوجيات واألفكار‪.‬‬

‫ولكنـه استقر في ضمير الشعوب األوروبية ‪ ،‬وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬أن النظم‬
‫االستبدادية بارعـة في إشعال الحروب واالضطرابات التي ال تحـصـد منهـا سـوى الخـراب‬
‫والـدمار‪ ،‬وأن االستقرار لن يتحقق إال في ظل نظم ديمقراطيـة تحترم كرامة اإلنسان وتحافظ‬
‫على حقوقه ‪ .‬وهذا ما يوضح تصميم الجماعة األوروبية منذ البداية على اعتبار الديمقراطية‬
‫شرطا مسبقا لالنخراط في العملية التكاملية‪.1‬‬

‫تعد كذلك تجربة لتحقيق الوحدة السياسية على م ارحـل ‪ ،‬وبشكل متدرج يتجنب القفزات السريعة‬
‫والمفاجئة ‪ ،‬ووفق مصالح ومنافع متبادلة ومتكافئة ‪ .‬وفي هـذا السياق ‪ ،‬مـن الممكـن القـول أن‬
‫النهج الوظيفي الذي اعتمدته التجربة األوروبيـة كمدخل لتحقيق الوحدة لم يكن خيا ار بقدر ما‬
‫كان حتمية أمالها تـاريخ أوروبي مـليء بالصراعات القومية والعرقيـة ‪ .‬فكـان هـذا المـدخل هـو‬
‫الوحيـد القـادر عـلى تحقيـق الوحدة في ظل تنوع قومي وثقافي وعرقي ‪ ،‬وعلى أساس مـن تبادل‬
‫المنافع وتكافؤهـا ‪ ،‬وفي ظل سيادة الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫و ترجـع نـشأة االتحـاد األوروبي إلى الحـرب العالميـة الثانيـة ‪ ،‬إذ لم يكـن قبلهـا سـوى مـجـرد‬

‫أمـاني ال تعكـس أيـة جهـود أو حركـات سياسـة منظمـة ‪ .‬ولمـا جـاءت الحـرب ومـا ارتـبـط بـهـا‬
‫مـن دمـار اقتـصادي وخـسائر بشرية كبيرة ‪ ،‬كـان هنـاك رأي عـام أوروبي ضـد الحركـات القوميـة‬
‫المتطرفـة التـي عـرضـت أوروبـا للكثـير مـن ويـالت الحـرب مـرتين خـالل جيـل واحـد‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرؤوف هـاشـم بـسيوني ‪ ،‬المفوضية األوروبية الحكومة المركزية لالتحاد األوروبي ‪ ،‬دار الفكر الجـامعي ‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬‬
‫‪ ، 3112‬ص ‪.02/02‬‬

‫‪2‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫فـكـان البـديل المطـروح أنـذاك هو محاولة تفادي تكرار كارثة الحرب مرة أخرى وهذا لن يكون‬
‫ممكنا إال إذا تمكنت الشعوب األوروبية إقامة كيانا أوروبيا فيدراليا على أساس ديمقراطي‪.‬‬
‫ولكن ظروف ما بعد الحرب وعملية انقسام أوروبا إلى معسكرين في مواجهة بعضهما البعض‬
‫قد أثـر على الخطوات األوروبية الالحقة نحو الوحدة األوروبية‪".‬‬

‫ومـع ذلـك فقد شهدت فترة مـا بـعـد الحـرب قيـام العديـد مـن الجماعـات والمؤسسات غير الرسمية‬
‫التي بذلت جهودا مضنية ومكثفة مـن أجـل هـدف الوحـدة األوروبية‪ ،‬ففي عام ‪ 0462‬تم إنشاء‬
‫منظمة التعاون االقتصادي األوروبي للتنسيق بين الخطـط الخاصـة باستخدام مساعدات مشروع‬
‫مارشـال‪ ،‬وكـذلك خطـط التنميـة االقتصادية واعادة تعمير ست عشرة دولة أوروبية‪".‬‬

‫وأيـضـا مـن هـذه الجهـود كـان المؤتمر الذي عقد في الهاي في مايو ‪ 0462‬وسمي بمؤتمر‬
‫أوروبا ‪ ،‬الذي تولـد عنـه تأييـد االقتراح بإنشاء جمعية برلمانية أوروبية تكـون وظيفتهـا البحث‬
‫في القضايا والمسائل ذات األهمية المشتركة للدول األوروبية ‪ ،‬وكذلك التوصل إلى وضع‬
‫التدابير الضرورية التي تحقق تعاونها في المجاالت السياسية واالقتصادية‪.‬‬

‫وبعـد العديد من المناقشات األوروبية المتعددة‪ ،‬فقد تم االتفاق على إقامة ما يسمى بمجلس‬
‫أوروبا ليتكون من لجنة وزراء بحيث يكون كل وزير مسئوال فقط أمام حكومته‪ ،‬وجمعية استشارية‬
‫تكـون وظيفتهـا إجـراء المـداوالت ورفـع التوصيات إلى لجنـة الـوزراء‪ ،‬ولم يكـن لـهـا أيـة وظيفـة‬

‫تـشريعية ‪ ،‬وقـد وقـع عـلى القـانون الخـاص بإنـشاء مجلـس أوروبـا في مـايو ‪ ، 0464‬كـل‬
‫مـن هولندا وفرنسا وبلجيكا ولوكسمبورج وبريطانيا والـدنمرك وأيرلنـدا وايطاليـا والـنرويج والسويد‬

‫وكان قد سبق التوقيع على القانون الخاص بإنشاء مجلس أوروبا ‪ ،‬قيام كـل مـن بريطانيا وفرنسا‬

‫وبلجيكـا وهولنـدا ولوكسمبورج بتشكيل رابطة تجمع وثيـق بينها ‪ ،‬وتمثل ذلك في التوقيع على‬
‫معاهـدة بروكسل المعروفة في مارس ‪ ، 0462‬وقـد نـص بموجب هذه المعاهدة على مبدأ‬

‫‪3‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫األمن الجماعي والدفاع المشترك ضد أي عـدوان يقع في أوروبا ‪ ،‬وعلى التعاون االقتصادي‬
‫والثقافي واالجتماعي ‪ ،‬وعلى إقامة جهاز استشاري دائم للبحث في تنفيذ أهـداف هذه المعاهـدة‪.‬‬

‫هـذا مع محاولة المعاهـدة أن تـوفر منظمة دفاعية عسكرية في غرب أوروبا ‪ ،‬شكلت فيما بعـد‬
‫النـواة األولى لحلف الناتو ( حلف شمال األطلسي ) ‪ ،‬واتحاد غرب أوروبا ‪ .‬وقـد شـكـل هـذا‬
‫التغيير الالحـق للمؤسسة األوروبيـة العـماد األول لالتحـاد األوروبي ‪ ،‬وذلك عندما تطور االتحاد‬
‫األوروبي مـن جـسم منظمة للتبادل التجاري إلى منظمة اقتصادية وسياسية‪.1‬‬

‫يمكن إيجاز أهم المراحل المميزة لنشأة االتحاد األوروبي ‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬

‫‪ .2‬ظهور جماعة الفحم والصلب األوروبية ‪:‬‬

‫اعتبر الفحم من أهم مصادر الطاقة في خمسينات القرن الماضي‪ ،‬إذ وفـر حوالي ‪ % 26‬من‬
‫مصادر الطاقة للدول الست التي أسست الجماعـة ‪ ،‬فاعتمـدت عليـه أوروبـا في تعميرهـا ‪ .‬وقـد‬
‫انتهـت المفاوضـات حـول خـطـة شـومان إلى التوقيـع ( ‪ ) 02/6/0460‬على معاهدة باريس‬

‫بإقامـة جماعـة أوروبية للفحـم والصلب‪ ،‬ثـم توالت تصديقات الدول الست الداخلية عليها لتقوم‬
‫‪2‬‬
‫الجماعة في ‪0463-12-32‬‬

‫فإنه نتيجة لفشل الدول األوروبية في إقناع بريطانيا بالمشاركة في الوحـدة‪ ،‬فقـد أخذت فرنسا‬
‫زمام المبادرة في الدعوة إلى مشروع جديد للتعاون االقتصادي األوروبي بهدف سياسي مباشر‬
‫فحواه محاولة تجنب مخاطر الصراع بين كل مـن فرنسا وألمانيا‪ ،‬وذلـك بـربط العنصرين‬
‫األساسيين ( إنتاج الفحـم وصناعة الصلب ) في اقتصاد كال الدولتين‪.3‬‬

‫‪1‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.02-02‬‬


‫‪2‬بطرس بطرس غالي ومحمود خيري عيس‪ ،‬المدخل في علم السياسة‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة السابعة‪ ،0424 ،‬ص‬
‫‪.246‬‬
‫‪3‬بطرس بطرس غالي ومحمود خيري عيس ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪246‬‬

‫‪4‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ويعود الفضل في تقديم اقتراح خلق الجماعة األوروبية للفحـم والصلب إلى وزير الخارجية‬
‫الفرنسية روبير شومان الذي كان متحمسا كثي ار لسياسة الوحدة‪ .‬وقبـل هذا االقتراح بحماس‬
‫مستشار الجمهورية الفيدرالية األلمانية كونراد أدناور ‪ ،‬وقد دعتـا كل من فرنسا وألمانيا الدول‬
‫األوروبية لالنضمام إلى هذه الجماعة‪ ،‬فلقيت هذه الدعوة القبول من بلجيكا وايطاليا ولوكسمبورغ‬
‫وهولنـدا‪ ،‬فتم في ‪ 02‬إبريل ‪ 0460‬التوقيع على معاهدة الجماعة األوروبية للفحم والصلب‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫من هذه الدول الست‪.‬‬

‫وقد كان الهدف من هذه المعاهـدة هـو إنشاء سـوق مشتركة لمادتي الفحم والصلب وذلك بإلغاء‬
‫الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات ‪ ،‬والتخلص من القيود التجارية ‪ ،‬والممارسات‬
‫المناهضة للمنافسة والدعم الذي تقدمه بعض الدول ‪ ،‬إضافة إلى تطوير سياسات مشتركة‬
‫‪2‬‬
‫لصناعات الفحـم والـصلب‬

‫حيث تـم إيجـاد أربعـة أجهـزة سلطة عليا تتألف من تسعة أعـضاء مستقلين ومعينـين مـن قبـل‬
‫الحكومات الـدول األعضاء الستة ( لكل من فرنسا وألمانيا وايطاليا عضوان ‪ ،‬وعضو واحد‬
‫لكل مـن بلجيكا ولوكسمبورج وهولند)‪.‬‬

‫ولقد حققت الجماعـة األوروبية للفحـم والـصلب نجاحـا واضحا في أهـدافها االقتصادية المباشرة‬
‫وأهدافها السياسية بعيدة المدى‪ ،‬من ذلك انتظام السعر المزدوج‪ ،‬حيث أزيلت كل الحواجز‬

‫الجمركية أمام بيع الفحم والصلب بين الدول الست الموقعة على المعاهدة ‪ .‬أما على المستوى‬

‫‪ -1‬محمد محمود اإلمام‪ ،‬تطور األطر المؤسسية لإلتحاد األوروبي‪ ،‬الدروس المستفادة للتكامل العربي‪ ،‬منشورات المنظمة العربية‬
‫للتمية اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،0442 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -2‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪5‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫السياسي‪ ،‬فقد مهدت هذه الجماعة الطريق لتأسيس الجماعة االقتصادية األوروبية عام ‪،0462‬‬
‫مـمـا كـان لـه األثر الكبير في المضي قدما بخطى سريعة صوب الوحدة األوروبية‪.1‬‬

‫والشيء األكثر أهمية هو اتفاق الدول األعضاء على التنازل عن إدارة أقسام هامة كانت تعتبره‬
‫مـن قبـل ضـمن نطاق اقتصادها القومي‪ ،‬بناء على توجهات السلطة فوق القومية‪ ،‬السلطة‬
‫العليا ‪ .‬ومهما يكن األمر ‪ ،‬فقد كان إنشاء جماعة الفحم والصلب البداية األولى الهامة في‬
‫االتجاه نحو الوحد ة األوروبية ‪ ،‬ألنها استطاعت أن تنجح في إيجاد درجـة كبيرة مـن الثقة بين‬
‫أعضائها ( وبخاصة بين فرنسا وألمانيـا ) وفتحـت الطريـق إلنشاء العديـد مـن المنظمات بين‬
‫الدول األوروبية كخطوة ذات أثر بين في سعي هذه الدول نحو االتحاد ‪.‬‬

‫‪ .0‬ظهور ونشأة الجماعة االقتصادية األوروبية وجماعة الطاقة الذرية األوروبية‪:2‬‬

‫لقد كان الهدف من إيجاد الجماعة االقتصادية األوروبية أو السوق األوروبية المشتركة هو‬
‫العمل على خلق سوق للتجارة الحرة داخل الدول األعضاء في هذه الكتلة االقتصادية الجديدة‪،‬‬
‫وذلك بالتخفيف التدريجي للرسوم الجمركية على الواردات والصادرات وحصص اإلنتاج‬

‫الصناعي في هذه الدول ‪ .‬وقد ثبت من خالل التجربة فيما بعد أن السوق األوروبية المشتركة‬
‫كانت أبعد من كونها مجـرد اتحاد جمركي بين هذه الدول األوروبية ‪ ،‬وقد تعددت أغراضها‬
‫فمنها العمل على ضمان حرية انتقال عنصر العمل ورأس المال والسلع عبر حدود هذه الدول‬
‫‪ ،‬وكذلك العمـل على خلق سياسات مشتركة في أمور النقل والتجارة الخارجية والزراعة ‪ ،‬وكان‬
‫من المقرر أن تؤدي هذه األمور في نهاية األمر إلى اتخاذ سياسات موحـدة بخصوص مـا‬
‫يعتبر ذا صلة داخلية بمصالح الدول مما سبق من إجراءات‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.04‬‬


‫‪ -2‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪3‬نفس المكان‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ولتحقيق تلك األهداف‪ ،‬فقـد قـررت المعاهـدة أن تعمـل الجماعة االقتصادية األوروبية على‬
‫تحقيق التالية‪:1‬‬

‫‪ ‬إلغاء الحواجز الجمركية ووضع تعريفة جمركية موحدة ‪.‬‬


‫‪ ‬التنسيق بين سياسات المالية واالقتصادية ‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاد سياسات مشتركة في الزراعة والنقل ‪.‬‬
‫‪ ‬السماح بحرية الحركة للعمال والشركات والبضائع والخدمات‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاد مناخ اقتصادي مناسب لعمـل الـسوق المشتركة مـن خـالل إنشاء صندوق اجتماعي‬
‫أوروبي لدعم فرص العمل ‪ ،‬وانشاء بنك استثماري إلعطاء القـروض والضمانات‬
‫ولمساعدة المناطق والقطاعـات األقـل نـمـوا ‪ ،‬والعمـل عـلى إنشاء صندوق تنمية أوروبي‬
‫‪2‬‬
‫لدول وأقاليم ما وراء البحار لبعض الدول األعضاء ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للجماعة األوروبية للطاقة الذرية ‪ ،‬فقـد تـم إنـشاؤها مـن أجـل التنمية السلمية للطاقة‬
‫الذرية وهي تعمـل تحـت مـسؤولية مؤسسة دائمـة هـي جماعة الطاقة الذرية األوروبية ‪ ،‬التي‬
‫تكونـت مـن مجلـس وسلطة عليـا ولجنـة‪.‬‬

‫وبا لتالي فقد أصبح يوجـد ثالثـة مجـالس ؛ مجلـس للجماعـة االقتصادية ‪ ،‬ومجلـس لجماعـة‬
‫الطاقة الذرية ‪ ،‬ومجلـس لجماعـة الفـحـم والـصلب‪ ،‬هـذا مـع وجـود ثالث لجان لكل جماعة من‬

‫هذه الجماعات ‪ .‬وقد دخلت حيز التنفيذ في األول من الشهر األول عام ‪ ، 0462‬حيث دخلت‬

‫‪ -1‬وائل أحمد عالم ‪ ,‬البرلمان األوروبي ‪ :‬دراسة للجهاز الشعبي في االتحاد األوروبي ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ( ،‬دار الكتـب‬
‫المصرية ) ‪ ، 0442 ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪2‬عبـد الـرؤوف هـاشـم بـسيوني ‪ ،‬المفوضية األوروبية ‪ :‬الحكومة المركزية لالتحاد األوروبي ‪ ،‬دار الفكـر الجـامعي اإلسكندرية ‪،‬‬
‫‪ ، 3112‬ص ص ‪.33-30‬‬

‫‪7‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫وانضمت إليها الدول الست األعضاء في جماعـة الفحم والصلب ‪ ،‬إذ كان الفكر السائد وقتهـا‬
‫أن الطاقة الذريـة عـلى وشـك أن تصبح اقتصادية ‪.1‬‬

‫وقد بقي الوضـع عـلى ذلك النحـو مـن االنفصال إلى أن تـم توحيـد المجلس والسلطة العليا‬
‫(اللجنة ) للجماعات الثالثة ابتـداء مـن يوليـو ‪ ، 0422‬وفـق معاهـدة االندماج المعروفة رسميا‬
‫بمعاهـدة إنشاء مجلـس واحـد ولجنـة واحـدة للجماعـات األوروبية التي وقعت في بروكسل في‬
‫الثامن مـن ابريل ‪ ، 0426‬والتـي دخلـت حيـز التنفيذ في األول من يوليو ‪ .0422‬وبخصوص‬
‫البرلمان والمحكمة ‪ ،‬فتقرر منذ البدايـة أي منذ عام ‪ 0462‬أن تشترك الجماعات الثالثة في‬
‫‪2‬‬
‫هذين الجهازين ‪.‬‬

‫وكنتيجة إلثبات فعاليات هذه الجماعات الثالث وفرض وجودهـا عـلى الصعيد الدولي ‪ ،‬فقد‬
‫انضم إلها دول أوروبية متعددة ؛ فقد انضمت بريطانيا والدنمرك وأيرلنـدا في األول من يناير‬
‫عـام ‪ ، 0422‬وفي األول مـن ينـايـر عـام ‪ 0446‬قـد انـضـمـت كـل مـن االتحاد األوروبي والنمسا‬
‫وفنلندا والسويد ‪.‬وقد أدى سقوط سور بـرلين ومـا تبعـه مـن توحيـد ألمانيـا ( ‪ 2‬أكتـوبر ‪) 0441‬‬
‫‪ ،‬والتحـرر مـن تبعيـة االتحـاد الـسوفيتي ‪ ،‬والتحـول الديمقراطي في وسط أوروبا ‪ ،‬وتفكـك االتحاد‬
‫السوفيتي نفـسه ( ديسمبر ‪ ، ) 0440‬إلى تغيير البنية السياسية للقارة األوروبية ‪ .‬مما أدى في‬
‫نهاية األمر إلى عمل الدول األعـضاء على تقوية روابطها‪ ،‬وذلك بتفاوضها على معاهدة‬
‫‪3‬‬
‫جديدة‪ ،‬اتفق على جوانبها األساسية في المجلس األوروبي بماستريخت ‪.‬‬

‫‪1‬وائل أحمد عالم‪،‬البرلمان األوروبي ‪ ،‬دراسة للجهاز الشعبي في االتحاد األوروبي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬دار الكتب المصرية‪،‬‬
‫‪ ،0442‬ص ‪.00‬‬
‫‪2‬محمد حافظ غائم ‪ ،‬المنظمات الدولية ‪ ،‬مطبعة النهضة الجديدة ‪ ،‬ط ‪ ، 0422 ، 2‬ص ص ‪262-226‬‬
‫‪ -3‬وائل أحمد عالم ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.03‬‬

‫‪8‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ومن أهم ما قامـت بـه هـذه المعاهـدة هـو وضعها برنامجـا طموحـا لالتحـاد النقدي ليقوم عام‬
‫‪ ، 0444‬وهو ما تم بالفعـل حيـث تـم توحيـد العملة األوروبية إذ أطلق عليها اسم اليورو ‪ ،‬وهذا‬
‫ما سنشير إليه ال حقا‪. 1‬‬

‫وكان قد تم في مطلع تسعينيات القرن الماضي إعادة التفكير مـرة أخـرى في تشكيل "‬
‫وحـدات عسكرية متعـددة الجنسيات " خـارج حـلـف األطلـسي وتحـت اسـم ) ‪( Eurocorps‬‬
‫التـي ضـمـت قـوات مـن فـرنـسا وألمانيـا ثـم بلجيكـا وأسـبانيا ولوكسمبورج ‪ .‬تم بعدها إنشاء " قوة‬
‫التدخل السريع (‪ )Eurofore‬ثم قوة جوية ‪ -‬بحرية ) ‪ ( Euronav‬وقد ضـمـت كـال مـن أسبانيا‬
‫‪2‬‬
‫وايطاليا والبرتغال وفي عام ‪ ، 0446‬وجـدت وحدة أوروبية للتخطيط‪.‬‬

‫فهذه مجموع القوى المتعددة الجنسيات األوروبية ‪ ،‬التي كانت قدرتها على التحرك بطيئة‬
‫جدا‪ ،‬وان كانت القوة الوحيدة التي كانت تمثل البناء الدفاعي ألوروبا الموحدة‪. 3‬‬

‫‪ .3‬تأسيس االتحاد األوروبي ‪:‬‬

‫لقد انتهت عدة مؤتمرات أوروبية منـذ عـام ‪ 0424‬بإقرار المجلس األوروبي في اجتماع‬
‫ماستريخت ‪ 0443/03/01/4‬معاهدة لالتحاد األوروبي تتضمن نصوص االتحاد السياسي‬
‫واقامة اتحاد اقتصادي ونقدي في موعد ال يتجاوز ‪.0444/0/0‬‬

‫وقد تم توقيع هذه المعاهدة والتي عرفت باسم معاهدة ماستريخت في ‪ ،0443/3/2‬ونفذت‬
‫‪4‬‬
‫اعتبـا ار من ‪. 0442/00/0‬‬

‫‪ -1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.014‬‬


‫‪2‬سامية بيبرس ‪ " ،‬ألمانيا الموحـدة‪ ،‬تحـديات داخليـة ودور خارجي متصاعد " ‪ ،‬مجلـة السياسة الدولية ‪ ،‬عـدد ‪ 022‬أكتوبر ‪،‬‬
‫‪ ، 3114‬ص ‪.22‬‬
‫‪3‬نبية األصفهاني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.026‬‬
‫‪4‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪062‬‬

‫‪9‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫وقد تضمنت التعديالت التي أدخلتها المعاهدة إعادة ترتيـب أجـزاء معاهدة روما ‪ ،‬إذ تم إدماج‬
‫الجزأين الثاني والثالث ( الحريات األساسية والسياسات المشتركة ) تحت اسم سياسات الجماعة‪،‬‬
‫وتم إضافة قـسم جديـد أصـبح هـو الجـزء الثاني تحت اسم مواطنة االتحاد‪.1‬‬

‫وكـان قـد انعقـد مـؤتمر للمؤسسات ( المجلس والبرلمان والمفوضية ) لإلعداد لتنفيذ المعاهـدة ‪،‬‬
‫مصد ار إعالنـا يـحـدد أسلوب العمـل في االتحـاد وملحـق بـه اتفاقيـة تنفـذها المؤسسات مـع بـدء‬
‫االتحـاد في ‪ . 0/00/0442‬وقـد تـضمن اإلعـالن اتفاقـا عـلى األخـذ بمبـادئ الديمقراطيـة‬
‫‪2‬‬
‫والـشفافية والتفويض‪.‬‬

‫وبعد نشأة الجماعات األوروبية الثالث ‪ ،‬فقـد لحـق بـهـن تـطـور مهـم أدى إلى تغيير تركيبها‬

‫وأهدافها‪ ،‬أدت في نهاية المطاف إلى نشأة االتحاد األوروبي كما يلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬القانون األوروبي الموحـد ‪:‬‬

‫لقـد أضحت مهمة المفوضية األوروبية أكثر سهولة وبخاصة بعد قرار الدول األعضاء في‬

‫الجماعة األوروبية إجراء تغيير جذري ‪ ،‬بأن وقعت على القانون األوروبي الموحد في فبراير‬
‫عام ‪ ، 0422‬فقـد دخـول حـيـز التنفيذ في األول مـن يوليـو ‪ .0422‬ونتيجـة لهـذا القانون فقـد‬
‫حـدثت تعديالت خاصة بالجماعات األوروبية الثالث ‪ ،‬ومن أهم ما جاء به هـذا القانون إقـرار‬
‫إمكانية وجود تعاون سياسي أوروبي ‪ ،‬واالعتراف بالمجلس األوروبي ‪ ،‬واقرار مبدأ األغلبية‬
‫المطلقة لتكون كافية عند التصويت بدال مـن مبـدأ اإلجماع الذي طالمـا عـرقـل عمـل الجماعـة‬
‫‪3‬‬
‫األوروبية في كثير مـن األحيان‪.‬‬

‫‪1‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.36‬‬


‫‪2‬وائل أحمد عالم ‪ ،‬البرلمان األوروبي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪3‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪10‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫وكـذلك فقـد أقـر الـقـانـون قـضايا الترابط والتماسك االقتصادي واالجتماعي ‪ ،‬ومسائل البيئة‬
‫والتعاون بين المؤسسات المختلفة وقوانين المنافسة ‪ ،‬وانشاء المحكمة االبتدائية لتخفيف العبء‬
‫عـن محكمـة العـدل األوروبية ‪ .‬وكذلك فقـد تـم تغيير اسم الجمعية البرلمانية إلى البرلمان ومنح‬
‫‪1‬‬
‫سلطة االعتراض على قبول األعضاء الجدد‪.‬‬

‫ب‪ .‬معاهـدة ماستريخت ( معاهـدة االتحاد األوروبي )‪:‬‬

‫تـم التوقيع على هذه المعاهدة في مدينة ماستريخت بهولندا في السابع مـن فب اريـر ‪ ،0443‬وقد‬
‫دخلت حيز التنفيذ في األول من نوفمبر ‪ .0442‬تعد هذه المعاهدة خطوة هامة صوب توحيد‬
‫أوروبا‪ ،‬ألنها أقامت كيانا جديد يسمى باالتحاد األوروبي‪ ،‬وكذلك نصها إلى إحداث تغييرات‬
‫أساسية أهمها تغيير اسم الجما االقتصادية األوروبية ليصبح اسمها الجماعة األوروبية‪ ،‬ليدل‬

‫ذلك على أن الجماعـة لم تعـد قـاصرة األهـداف عـلى الناحية االقتصادية فقط‪ ،‬بل تعدت أهدافها‬
‫لتصبح أهـدافا أكـثر مـن اقتصادية مثـل البيئة والحماية االجتماعية والتعليم والصحة والتكنولوجيا‬
‫والطاقة والسياحة‪ ،‬ومـن ناحية ثانية‪ ،‬فقد أنشأت مواطنة االتحاد األوروبي‪ ،‬التـي يـصبح بموجبهـا‬
‫كـل مـواطن يحمل جنسية دولة عضوا مواطنا في االتحاد بحيث يتمتع بالحقوق المنصوص‬

‫عليها في المعاهدة مثل الحق في التنقل واإلقامة داخل حدود الدول األعضاء ‪ .‬ومن ناحية‬
‫ثالثة ‪ ،‬فقد أنشأت معاهدة ماستريخت نظام المحقـق البرلمـاني‪ ،‬الذي بموجبـه يحـق لألفـراد‬
‫والهيئات التقـدم بشكواهم لمـن يـقـوم بـالتحقيق ‪ .‬وكـذلك أنـشأت المعاهـدة لجنـة المناطق ‪ ،‬ونظـام‬
‫‪2‬‬
‫أوروبي للبنوك المركزيـة ‪ ،‬وبنـك مركـزي أوروبي ‪ ،‬وبنـك اسـتثماري أوروبي‪.‬‬

‫‪1‬وائل أحمد عالم ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.03‬‬


‫‪ -2‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.024‬‬

‫‪11‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ج‪ .‬معاهدة أمستردام ‪:‬‬

‫لقـد تـم التوقيـع مـن قبـل الـدول األعضاء في االتحـاد األوروبي من خالل المجلس األوروبي‬
‫‪1‬‬
‫على معاهدة أمستردام في الثاني من أكتوبر ‪.0442‬‬

‫ودخلت حيز التنفيذ في ‪ 0444/6/0‬والتـي تتكـون مـن ثالثـة أجـزاء وملحـق و ‪ 02‬بروتوكوال ‪.‬‬
‫هذا فضال عن ‪ 60‬إعالنا تصدرها الجماعة و ‪ 2‬إعالنات من بعض الدول‪".‬‬

‫أما بالنسبة لمعاهدة لزبون ‪ ، ( Lisbon ) 3114‬فقد كانت تعرف بمعاهدة اإلصالح ‪ ،‬وهي‬
‫معاهدة دولية عـدلت المعاهـدتين السابقتين اللتين شكلتا األساس الدستوري لالتحاد األوروبي‪.‬‬
‫لقـد تـم توقيعهـا مـن قبـل أعـضاء االتحـاد في ‪ 02‬كانون األول عـام ‪ ، 3112‬وأصبحت سارية‬

‫المفعول في األول مـن كـانون األول عـام ‪ ، 3114‬وقـد عـدلت معاهـدات االتحاد األوروبي‬
‫المعروفة بمعاهـدة ماستريخت ‪ ،‬وكذلك المعاهـدة التـي أسست المجموعة األوروبية ولقـد عـدلت‬
‫هـذه المعاهـدة في اتفاقية االتحـاد األوروبي وفي االتفاقيات المنشئة للجماعة األوروبية ‪ ،‬كان‬
‫من أهم ما نصت عليه هو ما يتعلق بتنسيق السياسات الوطنية للدول األعضاء في مجال‬

‫التوظيف وادماج السياسة االجتماعية المعاهدة ‪ ،‬والنص على حماية الحقوق األساسية ومحاربة‬
‫‪2‬‬
‫أي نـوع مـن التمييز‪.‬‬

‫إن العملية األوروبية تقوم على إقامة أوروبا موحـدة‪ ،‬مـع تأهيـل الـشركاء العـرب ليصبحوا غالفـا‬
‫مـشابها في تركيبتـه الـسياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية للنواة األوروبية"‬

‫وكان الهدف والدافع وراء طرح هذه المبادرة هو رغبـة أوروبا في بناء منطقة أمن واستقرار‬
‫بالمعايير األوروبية‪ ،‬تتصف بكونها صديقة ألوروبا ‪ ،‬لكي تـضم طوقـا مـن األصدقاء يشكلون‬

‫‪ -1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪. 021‬‬


‫‪2‬نبيلة األصفهاني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪026‬‬

‫‪12‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫من عملية هندسية سياسية ثقافية بتنفيذ برامج اإلصالح السياسي واالقتصادي المطلوبة ومن‬
‫الممكن الحديث عن أهداف هذه المبادرة ‪ ،‬وكما يلي‪:1‬‬

‫‪ ‬مساعدة ودعم عملية اإلصالح السياسي واالقتصادي التـي تقـوم بهـا دول الجوار‪ :‬مـن‬
‫تشجيع التعاون بين االتحاد األوروبي وهـذه الـدول في المجال العلمي والبحثي‪ ،‬مما‬
‫يعني انفتاحا عربيا على أوروبا في مجال بحوث اإلصالح الشامل‪.‬‬
‫‪ ‬محاولة إنشاء عالقة اعتماد متبادل على األصعدة الثنائية واإلقليمية ‪ :‬وذلك من خالل‬
‫تعزيز عملية االندماج االقتصادي والتعاون اإلقليمي بين االتحاد األوروبي ودول‬
‫الجوار وفتح السوق األوروبية أمام هـذه الـدول لتيسير حركة انتقال األفـراد والسلع‬
‫والخدمات ورؤوس األموال في إطار أوروبا الموسعة‪ ،‬واتاحة الفرص أمـام هـذه الدول‬
‫للمشاركة في البرامج والسياسات التي يمولها االتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪ ‬التعاون للوقاية من المخاطر العربية ومعالجتها‪ ،‬وذلك من خالل تفـادي اندالع‬
‫صراعات بين االتحاد ودول الجوار‪ ،‬والعمـل عـلى مواجهة التهديدات العابرة للحدود‬
‫التي تهدد مصالح أوروبا ‪ ،‬التي تتمثل في خطر اإلرهاب وتلوث البيئة والهجـرة عير‬
‫الجنوب إلى الشمال وانتشار أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬

‫‪ .4‬خطوات التوسع األخيرة التي حدثت عامي‪ 0224‬و ‪: 0222‬‬

‫الدول الست التي كانت معنية بالمبادرة والمعروفة باسم دول منطقة الجوار‪ ،‬فهي االتحاد‬
‫السوفيتي السابق‪ ( ،‬جورجيا‪ ،‬وأوكرانيا‪ ،‬وأرمينيا‪ ،‬وأذربيجان‪ ،‬وبيال روسيا‪ ،‬ومولدوفيا )‪ ،‬وهي‬
‫تمثل المنطقة الحدودية الفاصلة بين االتحاد األوروبي وروسيا‪ ،‬التي تعتبرها موسكو في دائرة‬
‫نفوذهـا التقليدي‪.‬‬

‫‪1‬عبير الغندور ‪ " ،‬الشراكة األوروبية مع العرب واسرائيل‪..‬دراسة مقارنة " ‪ ،‬مجلة السياسة الدولية ‪ ،‬عـدد ‪ 026‬بوليـو ‪ ، 3112‬ص‬
‫‪.02‬‬

‫‪13‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫وقد أصبحت دول هذه المنطقة مسرحا لفصول الصراع القائم بين النمـوذج الروسي ( سياسيا‬
‫واقتصاديا ) والنموذج الغـربي سـواء كان ذلك في ثوبـه األوروبي أو في عباءته األمريكية ‪.‬‬
‫وتقع المبادرة الجديدة تحت مظلة سياسة الجوار األوروبي التي بـدأ العمل بها عام ‪، 3116‬‬
‫التي تهدف في األساس ‪ ،‬تبعا لما ورد في التعريف الرسمي الصادر عن االتحاد األوروبي في‬
‫هذا الشأن ‪ ،‬إلى دعم فرص التعاون بين االتحاد والدول الواقعـة على حدوده ‪ ،‬ودفع سبل‬
‫اإلصالح السياسي واالقتصادي في هـذه الـدول ‪ ،‬وذلك للحيلولة دون نشوء انقسامات وخالفات‬
‫مستقبلية بين االتحاد األوروبي وجيرانه ‪.‬‬

‫فه ذه السياسة تقوم على برنامج تعاوني بين االتحاد ودول الجوار يشبه إلى حد بعيـد برنامج‬
‫تأهيـل الدول المرشحة رسميا لالنضمام إلى االتحـاد عـلى مختلف المستويات ‪ ،‬وذلك دون أن‬
‫تكون هذه الدول مرشحة لنيل عضوية االتحاد ‪ .‬وعـلى الـرغـم مـن اآلثار السلبية التـي تركهـا‬
‫رفـض الناخبين الفرنسيين ثـم الهولنـديين للدستور األوروبي في أواخـر مـايو ‪ ، 3116‬ولكـن‬
‫تجربـة العمـل األوروبي المشترك ‪ ،‬المتمثلة باالتحاد األوروبي ‪ ،‬تعتبر " من أنجح تجارب‬
‫العمل اإلقليمي المشترك‪ ،‬على الرغم من الكثير من العقبات والعوائق التـي مـا ازلـت تواجـه‬
‫هـذه التجربة داخليا وخارجيا‪.1‬‬

‫‪1‬عماد جاد ‪ " ،‬االتحاد األوروبي ‪ :‬تطور التجربة " ‪ ،‬مجلة السياسة الدولية ‪ ،‬عدد ‪ 020‬يوليو ‪ ، 3116 ،‬ص ‪.302‬‬

‫‪14‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫المطلب الثاني‪ :‬هياكل و مؤسسات اإلتحاد األوروبي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األجهزة الرئيسية لالتحاد األوروبي‪:‬‬

‫‪ .2‬البرلمان األوروبي‪:‬‬

‫لقد حرصت الوحدة األوروبية منذ انطالقها على أن تتضمن مؤسسات التكامـل األوروبي هيئة‬
‫تمثيلية تعبر عن إرادة الشعوب األوروبية وتجسد استمرار دعـم وتأييـد هـذه الـشعوب لفكرة الوحدة‬

‫وتضمن مشاركتها في عملية صنع القرار‪ ،‬فقد تعين على حركة الوحـدة األوروبية أن تناضل‬
‫بشكل متواصـل عـلى مـدى أكـثر مـن ربـع قـرن علي أن تحـول الجمعية البرلمانيـة التـي تـضمنتها‬
‫معاهـدة بـاريس المنشئة للجماعـة األوروبيـة للفحـم والـصلب إلى برلمـان أوروبي منتخـب بـاالقتراع‬
‫المبـاشر‪ ،‬وكـذلك تعين عليهـا أن تناضـل عـلى مـدى ربـع قـرن آخر قبل أن تتمكن من تزويد‬
‫هذا البرلمـان بـصالحيات تشريعية ورقابية حقيقيـة‪.‬‬

‫ويتميز البرلمان األوروبي لالتحاد األوروبي عـن سائر االتحادات والجمعيات البرلمانية الدولية‬
‫‪1‬‬
‫ب‪:‬‬

‫‪ ‬تتكـون االتحـادات والجمعيـات البرلمانيـة مـن أعـضاء موفـديـن مـن قبـل برلماناتهم‪ ،‬في‬
‫حين نجد البرلمان األوروبي يتكون من أعـضاء منتخبين مباشرة مـن قبـل الناخبين‪.‬‬
‫‪ ‬تتمثـل اختصاصات وسلطات االتحـادات والجمعيات البرلمانية في القيـام بالد ارسـات‬
‫وتقـديم التوصيات واآلراء ‪ ،‬فنجـد البرلمان األوروبي يتمتع باختصاصات وسلطات فعلية‬
‫‪2‬‬
‫تعطيه المشاركة في إصدار القوانين والق اررات الملزمة وغيرها‪.‬‬

‫‪1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.312‬‬


‫‪2‬موقع االتحاد األوروبي وموقع الجزيرة نت ‪ ،‬تاريخ ‪.3130 / 01 /32‬‬

‫‪15‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬اختصاصات ووظائف البرلمان ‪:‬‬


‫‪ ‬يعد الدور الذي يقوم به البرلمان بمثابة القوة السياسية المحركة لالتحاد ‪ ،‬فهو يعمل‬
‫على خلق المبادرات المختلفـة مـن أجـل تطـوير السياسات الخاصة بالجماعـة األوروبية‪.‬‬
‫‪ ‬يمارس البرلمان سلطة إشرافية على تعيين أعضاء المفوضية األوروبية ‪ ،‬واقالتهـا بناء‬
‫على اقتراح يقدم بأغلبية ثلثي عـدد األصـوات ‪ .‬كـما أنـه يناقش أعـمال المفوضية ويراقب‬
‫اإلدارة اليومية للسياسات األوروبيـة عـن طريـق األسئلة الشفوية والمكتوبة للمفوضية‬
‫والمجلس‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬يفحص ما يقدم له من شكاوى مـن قبـل مـواطني االتحـاد ويشكل لجـان‪.‬‬

‫‪ .0‬المجلس ‪:‬‬

‫يتكون من مجلسين م لقد أنشأت معاهدة باريس مجلس وزراء إلدارة شؤون جماعة الفحم‬
‫والصلب‪ ،‬وذلك بناء على اقتراح من دول البنيلوكس ‪.‬‬

‫وقد قلدتها معاهدة روما بالنسبة للجماعـة االقتصادية‪ ،‬إلى أن تم دمج هذه المجالس في مجلـس‬
‫واحـد اعتبـا ار مـن ‪ 0422/2/0‬فأضحى يسمى مجلس وزراء الجماعات األوروبية (أو المجلس)‬
‫وآلت إليه سلطات كل من المجالس الثالثة‪ .‬واذا انعقد في شكل مـؤتمرات قمـة لرؤساء الدول‬
‫‪2‬‬
‫والحكومات‪ ،‬أطلق عليه المجلس األوروبي‪:‬‬

‫أ‪ .‬المجلس األوروبي‪:‬‬

‫تـم إنـشاء المجلس األوروبي عـام ‪ ، 0426‬ويتكـون مـن رؤسـا دول وحكومـات الـدول األعضاء‪،‬‬

‫ويحضر المجلس األوروبي ‪ ،‬كل من رئيس دولة أو حكومـة كـل مـن الـدول ‪ 026‬يجوز ألي‬

‫‪1‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ص ‪22-20‬‬


‫‪ -2‬وائل أحمد عالم ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪16‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫دولة أن تضيف أي وظيفة ال يحق ألعضاء البرلمان األوروبي أن يتوالها ؛ فمثال ‪ ،‬فإنه في‬
‫بريطانيا ال يجوز ألعضاء مجلس العموم الترشح لعضوية البرلمان األوروبي ‪.‬‬

‫بالنسبة لنشاط المجلس األوروبي‪ ،‬فيتمثل في القيام بالمهام التالية‪:‬‬

‫‪ ‬يمد المجلس األوروبي االتحـاد بـالقوة الدافعـة الـضرورية لتطـوره ‪ ،‬ويضع خطوط السياسة‬

‫العامة لهذا الغرض ‪.‬‬


‫‪ ‬مناقشة الوضع االقتصادي األوروبي‪.‬‬
‫‪ ‬إقرار الخطوط العريضة األساسية لالتحاد ومناقشة العالقات الخارجية مع وضع المبادئ‬
‫العامة للسياسة المشتركة للخارجية واألمن والتعاون في العدالة والشؤون الداخلية‪.‬‬

‫‪ ‬مناقشة عملية تطور االتحاد‪.‬‬

‫ب‪ .‬مجلس الوزراء‪:‬‬

‫يسمى المجلـس بمجلـس الـوزراء أو مجلـس االتحاد األوروبي وذلـك للتميـز بينـه وبين المجلـس‬
‫األوروبي الـذي يتكـون مـن رؤســاء الــدول أو الحكومـات‪ ،‬ويعـد الجهـاز الرئيسـي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لوظائف المجلس ‪ :‬فيقوم بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يعد المجلس الجهاز الذي تعبر فيـه الـدول األعضاء مباشرة عـن مـصالحها وتـدافع عـن‬
‫سياساتها‪ ،‬فالمهمـة األساسية للمجلـس هـي التنسيق بين السياسات االقتصادية العامة‬
‫للدول األعضاء‪ ،‬وحل الخالفات بينها وبين األجهزة األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬يعد المجلس الجهاز الرئيسي المنوط به وضع التشريعات لالتحـاد‪ ،‬فيتخـذ المجلس وحده‬
‫القرار النهائي في أغلب التشريعات‪ ،‬ويشترك مع البرلمان في إقـرار بعـض التشريعات‪.‬‬

‫‪ -1‬وائل أحمد عالم ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪30‬‬

‫‪17‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬يقوم المجلس بمنح اللجنة ( المفوضية )‪ ،‬بخصوص القـوانين التي يتخذها ‪ ،‬سلطات‬
‫لتنفيذ هذه القوانين‪.‬‬
‫‪ ‬يقوم المجلس بعقد االتفاقيات مع الدول األجنبية‪.‬‬
‫‪ .3‬المفوضية األوروبية‪:‬‬

‫تعد المفوضية جهاز رئيسي في تسيير شؤون الجماعة وتنفيذ ما يصدر عنهـا مـن ق اررات‬
‫وقوانين‪ ،‬ولـه حـق المبادرة‪ ،‬وكذلك يملـك حـق مقاضاة المجلس الـذي يمثل السلطة المعبرة عن‬

‫اإلرادات القطرية‪ ،‬أما بالنسبة لرتبة األفراد المكلفين باإلشراف على إداراتها‪ ،‬فتعادل مرتبة‬
‫الوزراء على المستوى القطري‪ ،‬ولكن مع ت ازيـد صـالحيات هـذا الجهاز تزايدت الضوابط التي‬
‫‪1‬‬
‫تكفل إتباعه األصول الديمقراطية‪.‬‬

‫فالمفوضية هي الجهاز الحكومي ( أو البيروقراطية ) للجماعة األوروبية ‪ .‬وقد كانت تماثل‬


‫بالنسبة للجماعـة االقتصادية‪ ،‬السلطة العليـا لجماعـة الفحـم والـصلب ‪ ،‬وان كانـت أقـل منهـا في‬
‫‪2‬‬
‫الصالحيات‪.‬‬

‫‪ .4‬محكمة العدل األوروبية‪:‬‬

‫تلعب محكمة العدل األوروبية دو ار بالغ األهمية في عملية التكامل واالندماج األوروبي ليس‬
‫له مثيل أو نظير في أي تنظيم دولي آخر سواء على الصعيد اإلقليمي أو عـلى الصعيد‬
‫العـالمي‪ ،‬ولكـن ال تعـود أهميـة هـذا الـدور فقـط إلى الصالحيات القانونية والقضائية الواسعة‬

‫التي تتمتع بها لعـدل األوروبية‪ ،‬وانمـا كذلك‪ ،‬وبشكل خاص‪ ،‬إلى رؤية الجماعة األوروبية‬
‫لنفسها باعتبارها جماعة تضامنية تعاقدية تقوم أوال وقبل كل شيء على فكرة احترام القانون‪،‬‬

‫‪ -1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪040‬‬


‫‪ -2‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.322‬‬

‫‪18‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫بمعنى احترام الحقـوق والواجبـات واالضطالع بالمسؤوليات وتنفيذ االلتزامات الواقعة على‬
‫عاتقها‪ ،‬ومن الممكن إجمال أهم اختصاصاتها‪ ،‬باآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬جميـع قـضايا اإلبطـال أو التقصير في أداء واجـب أو األضرار التـي يرفعهـا أشخاص‬
‫طبيعيون ومعنيون على الجماعة‪.‬‬
‫‪ ‬القضايا التي ترفعهـا منـشآت أو اتحـادات منشآت على المفوضية بموجـب معاهدة الفحم‬
‫والصلب‪.‬‬
‫‪ ‬يمكـن القـول إن الهيئة القضائية لالتحاد األوروبي تحولت بالفعل‪ ،‬ونتيجة لدورها‬
‫المحوري في تحقيق التجانس القانوني‪ ،‬إلى حلقـة رئيـسية من حلقات صناعة التكامل‬
‫‪1‬‬
‫واالندماج األوروبي‪ ،‬عـلى الـرغم مـن أنـهـا ال تـشارك مباشرة في عملية صنع السياسات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األجهزة الفرعية لالتحاد األوروبي‪:‬‬

‫‪ .2‬اللجنة االقتصادية واالجتماعية ‪:‬‬

‫تضم هذه اللجنة ممثلين للفئات االجتماعية المختلفة في الدول األعضاء ‪ ،‬أي العـمال وأصـحاب‬
‫األعـمال والمـزارعين والحـرفيين والمهنيـين والوسـطاء وممثلي الجمهور‪.‬‬

‫‪ .0‬لجنة المناطق ‪ /‬األقاليم‪:‬‬

‫تعتبر مؤسسة تشبه اللجنة االقتصادية واالجتماعيـة مـن حيـث صالحياتها القانونية والدستورية‬
‫؛ فلجنة األقاليم تعد لجنة استشارية‪ ،‬وهـي ال تتمتع باختصاصات أو سلطات مستقلة في عملية‬
‫صنع القرار األوروبي‪ .‬ولكنها تعتبر ضرورية ومهمة جدا للتأكيد على طابع الالمركزية الذي‬
‫يميز عملية صنع القرار المحلي في الدول األوروبية‪ ،‬وتنص معاهدة االتحاد األوروبي على‬

‫‪1‬وائل أحمد عالم ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.23/21‬‬

‫‪19‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫وجوب استشارة لجنة األقاليم في عـدد من المسائل ‪ ،‬وبخاصة تلك المتعلقة بالتعليم والثقافة‬
‫والصحة العامة والشبكات البينية األوروبية والمواصالت ‪ ،‬والطاقة ‪ ،‬والبنية التحتية المتعلقة‬
‫بقطاعات االتصاالت والمسائل التـي تمـس التماسك االجتماعـي واالقتـصادي ‪ ،‬ومكافحـة‬
‫‪1‬‬
‫البطالـة ‪ ...‬والتشريعات االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .3‬بنك االستثمار األوروبي‪:‬‬

‫هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية القانونية‪ ،‬أنشئ البنك المركزي األوروبي في منتصف عام‬
‫‪ 0442‬ليبدأ العمل مع بداية المرحلة الثالثة لالتحـاد النقـدي في أول ‪ .0444‬وتنص ( المادة‬
‫‪ ) 012/3‬على أن تكون للبنك شخصية قانونية‪ ،‬وأن تكون له كافـة الصالحيات القانونية‬
‫داخل كل دولة عضو وفقا لقوانينها‪ ،‬يهـدف البنك إلى المحافظة على استقرار العملة األوروبية‬

‫والعمل على ضبط حجم النقود المتداولة‪.‬‬

‫ويعتبر هـذا البنك مع البنوك المركزية في الدول األوروبيـة التـي تـعـمـل بـاليورو ( تبنـت اليـورو)‪،‬‬
‫منظومة موحدة تسمى منظومة البنوك المركزية األوروبية‪.‬‬

‫وتقع على عاتق هـذه البنوك المركزية مع هذا البنك األوروبي مسؤولية تنفيذ السياسة المالية‬
‫والنقدية للجماعة األوروبية وادارة االحتياطات الرسمية المملوكة للدول األعضاء مـن النقـد‬
‫األجنبي‪ ،‬والمراقبة واإلشراف على حسن سير نظام المدفوعات‪.‬‬

‫‪1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.026‬‬

‫‪20‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف و مبادئ اإلتحاد األوروبي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أهداف اإلتحاد األوروبي‪:‬‬

‫ال يعد االتحاد األوروبي منظمة دولية تقليدية‪ ،‬بل هي منظمـة فـوق الـدول أو هي بتعبير آخر‬
‫منظمة تميل نحو الفيدرالية ‪ .‬وقد تم لها النجاح في إنشاء اتحـاد أكثر صلة بين أعضائها ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ووفقا لمعاهدة االتحاد األوروبي ‪ ،‬فإن الدول األعضاء يهدفون إلى‪:‬‬

‫‪ ‬وضع أسس لالتحاد الوثيق بين شعوب أوروبا‪ ،‬وذلك بإدراك مغـزى وأهمية التحول‬
‫الديمقراطي ( وبخاصة في دول أوروبا الشرقية )‪ ،‬علـما بـأن الديمقراطيـة ليـست غاية‬
‫مقصودة في حد ذاتها‪ ،‬وانما هي وسيلة لدفع التنمية وتحسين أحـوال البـشر‪ ،‬والوصول‬
‫لنوعية حياة أفضل‪ ،‬لتحقيق مردود واضح بالربط بين الشعوب األوروبية المختلفة ‪.‬‬

‫‪ ‬العمل على تشجيع التقدم االقتصادي واالجتماعـي وتحقيـق مـستو متقـدم من التوظيف‬
‫وتحقيق تنمية متوازنة ومستمرة‪ ،‬وذلك من خالل قيـام منطقـة بـال حدود داخلية‪ ،‬ومن‬
‫خالل تقوية التضامن االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ومـن خـالل إقامة اتحاد اقتصادي ونقدي‬
‫‪2‬‬
‫ليفضي في النهاية إلى عملة نقديـة واحدة‪.‬‬
‫‪ ‬التأكيد على هويتهم على المستوى الدولي‪ ،‬وبخاصة من خالل تنفيذ سياسة خارجية‬
‫مشتركة‪ ،‬وسياسة لألمن مشتركة تتضمن سياسة دفاع مشتركة قـد تـؤدي إلى دفاع‬
‫مشترك‪.‬‬
‫‪ ‬تقوية وحماية حقوق ومصالح مواطني الدول األعضاء مـن خـالل تقـديم مواطنية‬

‫لالتحاد‪.‬‬
‫‪ ‬تنمية التعاون الوثيق في شؤون العدالة والشؤون الداخلية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.026‬‬


‫‪ -2‬ناهد عز الدين ‪ ،‬تحوالت أوروبا الشرقية‪ ،‬بين الشد والجذب‪ ،‬مجلة السياسة الدولية ‪ ،‬عـدد ‪ 022‬أكتوبر ‪ ، 3114 ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪21‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫الحفاظ على االتحاد وتنميته كمنطقة للحرية واألمن والعدالة والتـي فيهـا حرية حركة‬ ‫‪‬‬
‫األشخاص تكون مكفولة بالموافقة للتدابير المناسبة فيما يتعلـق بالرقابـة على الحدود‬
‫الخارجية واللجوء السياسي والهجرة ومنع ومحاربة الجريمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫و لتحقيق هذه األهداف تم التطرق لوسائل و طرق مختلفة نذكر منها كما يلي‪:‬‬

‫‪ o‬إزالة الرسوم الجمركية والقيود الكمية على الواردات والصادرات بين الدول‬
‫األعضاء وجميع اإلجراءات المماثلة لها في اآلثار‪.‬‬
‫‪ o‬إتباع سياسة تجارية مشتركة‪.‬‬
‫‪ o‬إنـشاء سـوق داخليـة تتميـز بإ ازلـة العقبـات أمـام االنتقـال الحـر للـسلع واألشخاص‬

‫والخدمات ورأس المال بين الدول األعضاء ( تطبيقا للقانون الموحد ) ‪.‬‬
‫‪ o‬اتخاذ إجراءات تتعلق بدخول األفراد وانتقالهم في السوق الداخليـة ‪.‬‬
‫‪ o‬سياسة مشتركة في مجال النقل‪.‬‬
‫‪ o‬إتباع سياسة مشتركة في مجال الزراعة ومصايد األسماك ‪.‬‬
‫‪ o‬إيجاد نظام يضمن عدم تعرض المنافسة داخل السوق المشتركة للتشويه‪.‬‬
‫‪ o‬إحداث تقارب بين قوانين الدول األعضاء بالقدر الالزم لتيسير عمـل السوق‬
‫المشتركة‪.‬‬
‫‪ o‬إتباع سياسة في المجال االجتماعي تتضمن إنشاء صندوق اجتماعي أوروبي‪.‬‬
‫‪ o‬تقوية االندماج االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫‪ o‬إتباع سياسة في مجال البيئة‪.‬‬


‫‪ o‬تشجيع البحث والتنمية التكنولوجية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ص ‪022/022‬‬

‫‪22‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ o‬تشجيع إقامة وتطوير شبكات على المستوى األوروبي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مبادئ اإلتحاد األوروبي‪:‬‬

‫‪ ‬سطر اإلتحاد مجموعة من المبادئ في وثيقته التأسيسية ‪ ،‬والتي تتمحور فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬احترام الهوية الوطنية للدول األعضاء التي تقوم على نظام الحكم الديمقراطي‪.‬‬
‫‪ ‬احترام الحقوق األساسية المنصوص عليها في االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز التعاون السياسي االقتصادي عن طريق إنشاء إتحاد اقتصادي ونقدي‪.‬‬
‫‪ ‬توحيد السياسات الخارجية ‪ ،‬والسعي إلقامة نظام داخلي أوروبي‪.‬‬
‫‪ ‬إلغاء كافة الحواجز فيما بين الدول المنظمة إلى اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمبادئ التي حددتها مبادرة أوروبا الموسعة كإطـار حـاكم لعمليـة التعاون والمشاركة‬
‫‪1‬‬
‫مع دول الجوار‪ ،‬فيمكن إجمالها بما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬توسيع السوق الداخلية لالتحاد األوروبي‪ ،‬وذلـك مـن خـالل تعريـف دول الجوار بقواعد‬

‫ومعايير السوق األوروبية المشتركة‪ ،‬ليتم تأهلهـا للوصـول إلى السوق األوروبية‬
‫الموحدة‪ ،‬واالستفادة من المزايا العديدة التي توفرهـا هـذه السوق الكبيرة ‪ ،‬وذلك بإجراء‬
‫تعديالت على هياكلها التشريعية والتنظيمية لكي تتوافق مع نظيرتهـا األوروبية‪.‬‬
‫‪ ‬فتح األسواق واقامة عالقات تجارية تفضيلية من خالل قيام دول الجـوار بتحرير‬
‫قطاعي الخدمات والسلع لتعزيز عملية االندماج االقتصادي مع االتحاد األوروبي‪،‬‬
‫وقيام البلدان المتوسطية بتحقيق االندماج اإلقليمـي مـن خـالل التوصل إلى اتفاقيات‬
‫مشاركة فيما بينها‪.‬‬

‫‪ -1‬يس ار الشرقاوي ‪ " ،‬الشراكة الشرقية‪..‬تكفير االتحاد األوروبي عن أخطائه " ‪ ،‬مجلة السياسة الدولية ‪ ،‬عدد ‪ 022‬أكتوبر ‪3114 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪23‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬وضع آليات للتصدي للهجرة غير المشروعة من البلدان المتوسطية‪ ،‬وبما ال يؤثر‬
‫على حرية انتقال األيـدي العاملـة واألفـراد عـبر الحـدود من دول الجنـوب إلى االتحاد‬
‫األوروبي ‪ ،‬حتى ال تكون الحدود الجغرافيـة هـي العـائق أمام عمليـة التعـاون اإلقليمي‬
‫بين االتحاد األوروبي وبلدان جنوب المتوسط‪.‬‬
‫‪ ‬تكثيـف التعـاون في المجاالت المتعلقـة بالتصدي للتهديدات األمنيـة المشتركة‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل قيام االتحاد األوروبي والبلدان المتوسطية بالتعاون عـلى المستوى الثنائي‪،‬‬
‫والمستوى اإلقليمي للتصدي للتهديدات األمنية التي تتمثل في خطر اإلرهاب وتلوث‬

‫البيئة‪ ،‬والمخاطر الناتجة عن انتشار أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬


‫‪ ‬منع اشتعال الصراعات اإلقليمية وادارة األزمات‪ ،‬وذلـك مـن خـالل تقاسم األعباء‬
‫والمسؤوليات مع البلدان المتوسطية‪ ،‬للتصدي للتهديدات الناجمـة عـن اندالع‬
‫‪1‬‬
‫الصراعات والنزاعات اإلقليمية‪.‬‬

‫‪ ‬تكثيف التعاون في المجاالت المتعلقة باحترام حقوق اإلنسان والحـوار بين الحضارات‬
‫من خالل إجراء حوار ثقافي مع البلدان المتوسطية لتبادل اآلراء بين الثقافات والـديانات‬
‫المختلفـة‪ ،‬وذلك في إطـار الحـوار بـين الحضارات والتعـاون في المجاالت المتعلقة‬
‫بتعزيز عملية الممارسة الديمقراطية ‪ ،‬ومحاولة تثبيت دعائم المجتمع المدني والحكم‬

‫الرشيد‪.‬‬
‫‪ ‬محاولة تحقيق الدمج الكامـل ألسواق دول الجوار في أسواق االتحـاد األوروبي‪،‬‬
‫وبخاصة في قطاعات النقل والطاقة واالتصاالت واألبحاث من خالل استخدام برنامج‬
‫المعونة المتوسطية والبرامج البحثية األوروبية األخرى ‪ ،‬من أجـل تـشجيع إنشاء بنى‬
‫تحتية داخل دول الجوار على المستوى اإلقليمي ‪ ،‬وتحقيق االندماج اإلقليمـي بـين‬

‫‪ -1‬عبير الغندور ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.06-06‬‬

‫‪24‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫أسواق االتحاد األوروبي وأسواق دول الجوار من جهة ‪ ،‬ودول الجـوار مـن جـهـة أخـرى‪،‬‬
‫وبخاصة في قطاعات النقل والطاقة واالتصاالت‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على تشجيع تدفق االستثمارات األوروبية والترويج لهـا باستخدام أدوات جديدة‪،‬‬
‫وذلك من خالل قيام دول الجـوار بـإجراء إصالحات سياسية هيكلية لتوفير مناخ جاذب‬
‫لالستثمارات األوروبية‪ ،‬وتحسين فرص االستثمار بهدف خفض " فجوة الثروة " القائمة‬
‫بين االتحاد األوروبي ودول الجـوار‪ ،‬واجـراء حـوار منتظم بين رجـال األعمال األوروبيين‬
‫ونظرائهم في هذه الدول‪.‬‬

‫يتضح من القراءة التحليلية لمبادرة أوروبا الموسعة أن االتحاد األوروبي قد طـرح إطا ار جديدا‬
‫للمشاركة مع دول الجوار الجغرافي يقـوم عـلى ركيزتين أساسيتين وهـما ‪ ،‬التعامل مع مصادر‬
‫الخطر الناجمة عن التقارب الجغرافي ‪ ،‬وكذلك تعليق إنشاء منطقة ازدهار اقتصادي على‬
‫تغيير العرب لبيئتهم لتصبح جاذبة لالستثمارات األوروبية لتكون مؤهلة لالزدهار االقتصادي‪.‬‬

‫وقد قصد بالتقارب الجغـرافي هـو تكثيف التعـاون مع البلدان المتوسطية على المستويين الثنائي‬
‫واإلقليمي ‪ ،‬وذلك للتحكم في تدفقات الهجـرة غير المشروعة عبر الحدود والتصدي للتهديدات‬
‫األمنية العابرة للحدود ‪ ،‬وذلك من أجل تعزيز التعاون اإلقليمي بين االتحاد األوروبي ودول‬
‫الجوار الجغرافي في قطاعات النقـل والطاقة واالتصاالت لتوسيع فرص االستثمار والتجارة بين‬
‫الطرفين ‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلنشاء منطقة ازدهار اقتصادي‪ ،‬فقـد تـصور االتحاد األوروبي إمكانية تحقيقهـا‬
‫عـنـدمـا يـتم التصدي للعوامـل المؤدية إلى عـدم االستقرار السياسي‪ ،‬وتـدني معـدالت التنميـة‬
‫االقتصادية داخل دول الجوار‪ ،‬الناجمة عن ضعف أداء المؤسسات السياسية وغيـاب‬
‫الديمقراطية والتمكين ونشر ثقافة التسامح ونبذ العنف‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلتحاد األوروبي ( النجاحات و العوائق )‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي‪:‬‬

‫‪ .2‬السياسة الخارجية واألمنية المشتركة لالتحاد األوروبي ‪:‬‬

‫نشأ االتحاد األوروبي بوصفه منظمة شاملة في تشرين الثاني ‪ /‬نوفمبر ‪ ، 0442‬بعد المصادقة‬
‫على معاهدة ماستريخت ‪.‬وهو منظمة تضم ‪ 32‬دولة أوروبية قررت أن تتعاون في عدد كبير‬

‫من المجاالت ‪ ،‬من السوق توحيد السياسة الخارجية ‪ ،‬ومن االعتراف المتبادل بالشهادات‬
‫المدرسية إلى تبادل السجالت اإلجرامية " وانبثقت السياسة الخارجية واألمنية لالتحاد األوروبي‬
‫عن معاهدة ماستريخت والتي أسست لما يعرف بالركائز الثالث للتعاون وهي‪:‬‬

‫الركيزة األولى ‪ :‬وتشمل السياسات الفوق قومية ‪ ،‬وتتم فيها صناعة القرار من قبل المفوضية‬
‫األوروبية في مجاالت مثل التجارة الخارجية اتفاقيات التعاون والشراكة العقوبات االقتصادية‬
‫وسياسات التنمية والالجئين والمهاجرين منع الصراعات والسياسات الداخلية ‪.‬‬

‫الركيزة الثانية ‪:‬وتشمل صنع القرار في مجالي السياسة الخارجية واألمنية المشتركة والسياسة‬
‫الدفاعية واألمنية المشتركة التي أقرت في عام ‪ ، 0444‬وتشمل السياسة الخارجية واألمنية‪،‬‬
‫وادارة األزمات‪ ،‬وحفظ السالم ‪.‬وتتم صناعة القرار في المجلس األوروبي من خالل اإلجماع‬
‫بين الدول األعضاء األسلوب البين حكوماتي )‪.‬‬

‫الركيزة الثالثة‪ :‬وتشمل التعاون في حقلي العدل والشؤون المحلية واألمن الداخلي ‪ .‬وتتم صناعة‬
‫القرار باإلجماع من خالل األسلوب بين الحكوماتي في المجلس‪ ،‬باإلضافة إلى المكتب‬

‫األوروبي للشرطة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫وبالتوازي ‪ ،‬حل االتحاد األوروبي محل الجماعات األوروبية في عضوية المنظمات الدولية‬
‫ومنظمة التجارة العالمية وأحدثت معاهدة لشبونة ثالث مؤسسات أساسية وهي ‪:‬‬

‫رئاسة دائمة للمجلس األوروبي‪.‬‬

‫إعادة تجديد لموقع الممثل األعلى للسياسة األمنية والشؤون الخارجية ‪،‬وجهاز دبلوماسي يسمى‬
‫خدمة التحرك الخارجي األوروبي‬

‫وجاء في المادة ‪ 02‬من هذه المعاهدة السياسة الخارجية واألمنية المشتركة تتضمن جميع‬
‫األسئلة المتعلقة بامن االتحاد األوروبي ‪ ،‬وتتضمن اإلطار المتقدم للسياسة الدفاعية المشتركة‬
‫والتي ستقود إلى الدفاع المشترك‪.‬‬

‫كما دعت المادة رقم ‪ 26‬من المعاهدة إلى وجود تنسيق كبير بين الدول األعضاء في المنظمات‬
‫الهامة وال سيما مجلس األمن الدولي وجاء كذلك في المعاهدة ‪ " :‬سياسة االتحاد األوروبي ‪...‬‬
‫يجب أن ال تلحق أي إجحاف بطابع السياسة األمنية والدفاعية للدول األعضاء وأن تحترم‬
‫التزاماتها الوطنية وتمثيلها الوطني مع الدول الثالثة أو في المنظمات الدولية ‪ ،‬أو على‬
‫المسؤولية الهامة لمجلس األمن وأعضائه في توطيد األمن والسلم العالميين ‪.‬‬

‫‪ .0‬نظريات العالقات الدولية التي توضح السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي ‪:‬‬

‫االتجاه السائد في أدبي ات العالقات الدولية ليس دائما يوضح أو يشرح السياسة الخارجية‬
‫لالتحاد األوروبي ألن عملية صنع القرار في مجال السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي هي‬
‫عملية تقوم على توافق واجماع الدول األعضاء في االتحاد األوروبي وال تندرج ضمن نظريات‬
‫التكامل ‪ ،‬وفي حال تهميش الدول الكبرى ( بريطانيا فرنسا وألمانيا لهذه السياسات وعدم وضعها‬

‫‪27‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫في قمة أولويات أجنداتها الوطنية فقد يؤدي ذلك إلى تهميش صناعة القرار في هذه المجاالت‬
‫‪ ،‬وبالتالي سيتم التركيز على أهمية دور الدولة وأهمية التنويه إلى نظريات التكامل مثل‬
‫الوظيفية الجديدة والمؤسساتية ‪ ،‬ونظريات ذات طابع اجتماعي مثل البنانية االجتماعية‪:‬‬

‫* مدخل الوظيفية الجديدة ‪ :‬ومؤسسها ارنست هاس ‪ ،‬واشتهرت هذه النظرية حتى السبعينات‬
‫من القرن العشرين ‪ ،‬وأصبحت النظرية الرسمية للتكامل األوروبي ‪ ،‬وأهم فرضياتها ‪:‬‬

‫‪ ‬التكامل يكون تدريجي ‪ ،‬وينتشر من مجال الفحم والفوالذ إلى االقتصاد بشكل كامل ‪،‬‬
‫ليصبح خارج سيطرة الدولة ‪.‬‬
‫‪ ‬لدى جماعات المصالح واألحزاب السياسية الالعبون األساسيون في دفع التكامل والتي‬
‫تصبح العبا دوليا‪.‬‬

‫‪ ‬عملية التكامل تنتقل من خاللها القوة تدريجيا من مركز إلى مركز جديد فالتكامل في‬
‫جانب يجعله ضرورة في مجاالت أخرى ويعود الفضل في ذلك إلى النخب العابرة‬
‫للقوميات وجماعات المصالح في الوصول إلى سياسة خارجية جماعية‪.‬‬
‫‪ ‬الدولة ليست العب موحد ‪.‬‬

‫‪ ‬التكامل يحد من سيادة الدول ‪.‬‬


‫‪ ‬توقع الوظيفيون الجدد تطور التكامل األوروبي إلى مرحلة أوربة المصالح والهويات في‬
‫عملية التكامل األوروبي في الستينيات والسبعينيات ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬أن تدعم المحكمة األوروبية التكامل السياسي ‪ ،‬وتعزز قانون الجماعة‪.‬‬
‫‪ ‬يتوقع من البرلمان األوروبي ( المؤسسة الفوق قومية )‪ ،‬أن يكون حليفا طبيعيا للمفوضية‬
‫األوروبية بالرغم من أن اختيار أعضاء البرلمان يتم من قبل شعوب الدول الوطنية وهم‬

‫‪ -1‬حسين طالل مقلد‪ ،‬السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي في نظريات العالقات الدولية‪ ،‬حالة تطبيقية\ن مجلة الفكر‪ ،‬العدد التاسع‪،‬‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪28‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫منقسمون سياسيا وايديولوجيا في عملهم اليومي ‪.‬ويتوقع الوظيفيون الجدد أن يطور‬


‫البرلمانيون األوروبيون والءات جديدة تجاه االتحاد األوروبي والفكر األوروبي وبالتالي‬
‫سيدافعون عن المصالح األوروبية وليس عن مصالحهم الوطنية ‪.‬‬
‫‪ ‬يتحول المجلس الوزاري األوروبي بفعل عامل االنتشار من طابعه البين حكوماتي‬
‫وتركيزه على المصالح الوطنية إلى الطابع الفوق قومي والمصلحة األوروبية ‪.‬‬
‫‪ ‬وتركز الوظيفية الجديدة على عملية التاهيل االجتماعي لنخب صناعة القرار الوطنية‬
‫من المسؤولين وموظفي المؤسسات األوروبية‪ ،‬وتراهن على تحويل انتماءاتهم من‬

‫مسؤولين وطنيين إلى االنتماءات الفوق قومية والوالء للمؤسسات والمصلحة األوروبية‬
‫في عملية صنع القرار‪ ،‬وتؤكد على االنسجام ‪ ،‬وتتجه إلى الموقف الوسط وتوطيد‬
‫مصالح وهوية االتحاد األوروبي المشتركة إلى جانب الهويات والمصالح الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬فعبر الوقت والعمل عن قرب والمشاركة في عملية صنع القرار ‪ ،‬ستطور النخب‬

‫انتماءات أوروبية وتفضيالت جماعية بدل الوطنية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وقد وجهت انتقادات إلى نظرية الوظيفية الجديدة أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬المشاركة الشعبية في عملية التكامل ‪.‬‬


‫‪ ‬تركيزها بشكل أكبر على شان النخب في التكامل على حساب شان‬
‫‪ ‬عدم تفسيرها لركود التكامل والطابع البين حكوماتي لم تفسر عملية التحول من‬
‫الوظيفية إلى االنتشار السياسي ‪.‬‬

‫‪ ‬كل ذلك أدى إلى تراجعها لصالح المدخل البين حكوماتي ‪.‬‬

‫‪-1‬حسين طالل مقلد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪62‬‬

‫‪29‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫* المدخل البين حكوماتي الليبرالي ‪ :‬مؤسس هذه المدخل هو أندرو مورافسيك من خالل كتابه‬
‫" خيار أوروبا ‪ -‬عام ‪ ، 0462‬وجاء فيه ‪ :‬بغض النظر عن غنى الوظيفية الجديدة بالمفاهيم‬
‫فهي اليوم تعد بأنها قدمت تبرير غير مقنع للتكامل ودوافع ظاهرة الجماعة األوروبية فالوظيفيون‬
‫الجدد اعتمدوا على دور التكنوقراط الذي سيقود إلى تقدم تدريجي وأوتوماتيكي وباتجاه تكامل‬
‫أعمق وتأثير فوق قومي ‪ ...‬بالمقابل عملية بناء الجماعة األوروبية بدأت من خالل سلسلة‬
‫من االرتباطات والمساومات بين الحكومات لتصل إلى شكلها المناسب ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نجاحات اإلتحاد األوروبي‪:‬‬

‫وتتمثل إنجازات السوق األوروبية المشتركة‪ ،‬في التالي‪:‬‬

‫‪ ‬على المستوى الفالحي ‪:‬‬

‫بفضل السياسة الفالحية المشتركة أصبحت فالحة االتحاد قوية عالميا ؛ حيث تحتل رتب جد‬
‫متقدمة عدة منتوجات ( كالسكر ‪ ،‬القمح ‪ ،‬الذرة واألبقار ‪ ) ...‬بفضل ارتفاع المردودية‬
‫مصدر عالميا كبير للمنتجات الفالحية‪.‬ـ‬
‫ا‬ ‫واإلنتاجية ‪ ،‬كما أصبح االتحاد األوربي‬

‫‪ ‬على المستوى الصناعي ‪:‬‬

‫أصبحت صناعة اإلتحاد األوربي متطورة ومنافسة في األسواق العالمية على مستوى الجودة‪،‬‬
‫كما أصبحت المنتوجات الصناعية تشكل ‪ 21 %‬من مجموع صادرات االتحاد األوربي‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬على المستوى التجاري ‪:‬‬

‫أصبح االتحاد األوربي قوة تجارية عالمية يحتل الرتبة األولى ‪ ،‬بفعل مساهمته من مجموع‬
‫الصادرات والواردات العالمية ‪ ،‬والتي تتم أساسا ب بين دول االتحاد وباقي دول أوربا إضافة‬
‫إلى دول جنوب شرق أسيا و أمريكا الشمالية‪.‬‬

‫كما نذكر فيما يلي أهم النجاحات و األثار المننبثقة من تشكل االتحاد األوروبي‪:‬‬

‫‪ ‬إلغاء كل التعريفات الجمركية على السلع المتداولة بين دول االتحاد األوروبي عام‬
‫‪.0422‬‬
‫بين االتحاد قبل الموعد المحدد‪.‬‬
‫‪ ‬رفع القيود الكمية على قوائم السلع َ‬
‫‪ ‬فرض تعريفة جمركية خارجية مشتركة في مواجهة الدول األخرى عام ‪.0421‬‬
‫األوروبي) بالنسبة للصادرات اإلجمالية‬
‫ِّ‬ ‫(بين دول االتحاد‬
‫‪ ‬زادت حصة الصادرات البيئّية َ‬
‫عام ‪،0421‬‬
‫للجماعة األوروبية من أقل من ‪ %26‬عام ‪ 0421‬إلى حوالَي ‪َ %64‬‬
‫َ‬
‫عام‪.0441‬‬
‫وبلغت ‪َ %21‬‬
‫ماما‪،‬‬
‫بعيدا‪ ،‬فقد تحررت حركةُ رؤوس األموال ت ً‬
‫‪ ‬مجال المال والنقد حقق التكامل شوطا ً‬

‫الم َو َّح َدة «اليورو»‪َ ،‬‬


‫وب َدأَ‬ ‫َّ‬
‫األوروبية ُ‬ ‫الع ْمَلة‬
‫إصدار ُ‬
‫ُ‬ ‫عام ‪0444‬‬
‫كما تَ َّم في َّأول يناير َ‬
‫الع َمالء كقُيوٍد َد ْفتَرّية‪.‬‬
‫وبين ُ‬‫بعضا َ‬
‫ً‬ ‫التعام ُل بها في التَّحويالت بين ُ‬
‫البنوك بعضها‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬المساهمة في التعاليم والتدريب ذو المستوى الرفيع وفي ازدهـار ثقافات الدول األعضاء‪.‬‬
‫‪ ‬المساهمة في بلوغ مستوى عال الوقاية الصحية‪.‬‬
‫‪ ‬إتباع سياسة في مجال التعاون اإلنمائي ‪.‬‬
‫‪ ‬إنشاء انتساب للـدول واألقاليم مـا وراء البحـار بغـرض توسيع التجـارة والمساهمة فيما‬
‫يتخذ من جهود مشتركة من أجل التنمية االجتماعية واالقتصادية ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬المساهمة في تعزيز حماية المستهلك‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ ‬اتخاذ إجراءات في مجاالت الطاقة والحماية المدنية والسياحة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العوائق المواجهة لإلتحاد األوروبي(التحديات)‪:‬‬

‫يواجه االتحاد األوروبي العديد من التحديات التي تفرض عليه ضرورة مواجهتها واعادة تعريف‬
‫موقعه منها من أجل الحفاظ على رؤيته ومنظوره المختلف للعالم وللقيم التي يجب أن تسوده؛‬
‫فالهجوم الروسي على نظام ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬وانهيار بعض الدول في منطقة الشرق‬
‫األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬وتزايد موجات الهجرة واإلرهاب‪ ،‬باإلضافة إلى التحوالت في توزيع‬
‫القوى الدولية‪ ،‬والتغيرات االقتصادية والتكنولوجية العالمية‪ ،‬كلها تحديات أعادت تشكيل البيئة‬
‫التي يجب على االتحاد األوروبي أن يسعى لتحديد موقعه فيها‪ ،‬وتبني سياسة خارجية تتفهم‬

‫وتتقبل حدود التأثير األوروبي من ناحية‪ ،‬وتطمح في تصدير نموذجها وقيمها األساسية للعالم‬
‫الخارجي من ناحية أخرى‪.2‬‬

‫ويمتلك االتحاد األوروبي من األدوات ما ُي ِّ‬


‫مكنه من لعب دور أكثر فعَّالية في اإلقليم المحيط‬

‫به وعلى النطاق األوسع‪ ،‬سواء من خالل الدبلوماسية أو التنمية أو األمن أو االقتصاد أو‬
‫غيرها‪ ،‬إال أن هذا كله يعتمد على الدول األعضاء ورغبتها وحدود قدراتها على تدعيم‬
‫االستراتيجية التي من شأنها تعزيز هذا الدور‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد محمود اإلمام ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪22‬‬


‫‪-2‬هدى عوض‪ ،‬تباعد الشركاء‪ ،‬رؤية من أوروبا للعالقات مع الواليات المتحدة‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد ‪ ،026‬يوليو‪،3112 ،‬‬
‫ص ‪003‬‬

‫‪32‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫و قد كانت هناك دراسات جديدة لمعرفة التحديات الجديدة التي تفرض نفسها على االتحاد‬
‫األوروبي وموقعه منها‪ ،‬مع العمل على تقديم رؤية مقترحة للتعامل معها من واقع استراتيجية‬
‫أوروبية جديدة‪.‬‬

‫‪ .2‬التحدي الروسي والنظام األوروبي الجديد‪:‬‬

‫يرغب العديد من األوروبيين أن ُيسهم اتفاق "مينسك" األخير في تحقيق السالم في أوروبا‪ ،‬إال‬
‫أن الشهور الثمانية عشر األخيرة أكدت أن الغرب لن يستطيع التعامل مع صراع المصالح‬
‫القائم مع روسيا‪ ،‬ومن ثم ينبغي على الدور األوروبي أن يكون أكثر تقييداً‪ ،‬وأن يسعى إلدارة‬
‫المرجح أن يتم حله بشكل سريع‪.‬‬
‫اء‪ ،‬ألنه ليس من ُ‬
‫الموقف بشكل أكثر احتو ً‬

‫ويرتبط التحدي الروسي بالعديد من المحددات منها شخصية "فالديمير بوتين" نفسه‪ ،‬وطبيعة‬
‫النظام السياسي القائم‪ ،‬بجانب رؤية روسيا للعالم ورغبتها في أن تعود لحدود تأثيرها السابق‬
‫كقوة عظمى في النظام الدولي‪ ،‬باإلضافة إلى التوترات بينها وبين دول الجوار األوروبي‬
‫الشرقي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تساهم تلك المحددات مجتمعة في تعزيز السلوك الروسي العدواني وذات‬

‫التأثير في أوروبا بما يهدد نظام ما بعد الحرب الباردة وقيمه التي أسس لها‪.1‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يجب على االتحاد األوروبي أن يتبنى نهجاً داعماً لدول الجوار الشرقي األوروبي من‬
‫ناحية‪ ،‬وعالقة "حميمية عنيفة مع روسيا من ناحية أخرى؛ ويتطلب هذا األمر ضرورة دعم‬
‫استقالل الدول المجاورة لروسيا‪ ،‬وهو ما يعني عملياً توسيع نطاق السياسات نحوها؛ وأن يتم‬
‫تقديم المساعدة في المجاالت المتعلقة باألمن كإصالح قطاعات األمن الداخلية‪ ،‬والتدريب على‬
‫حراسة الحدود والخدمات الخاصة‪.‬‬

‫‪ -1‬هدى عوض‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.033‬‬

‫‪33‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫كذلك‪ ،‬يجدر دعم االستقالل االقتصادي لتلك الدول في مجاالت أمن الطاقة والدخول إلى‬
‫األسواق على سبيل المثال‪ .‬وال يخفى أن تلك األمور جميعها ستواجه تحديات معقدة؛ ليس‬
‫بسبب روسيا فقط‪ ،‬بل بسبب النخب الحاكمة في تلك الدول‪ ،‬والتي يغلب عليها طابع الفساد‬
‫أكثر‪.‬‬

‫أما بالنسبة لروسيا‪ ،‬فيجب على االتحاد األوروبي أن يتبع استراتيجية ثنائية تجمع بين العقوبات‬
‫والتعاون؛ حيث ستزيد العقوبات من المصداقية في التعامل مع موسكو وستقيِّد قدرتها على‬
‫المناورة‪ ،‬وفي نفس الوقت يجب العمل على تنمية العالقات التعاونية بينهما حتى لو لم تكن‬
‫قائمة على المبادئ والمعايير األوروبية‪ ،‬لكنها على األقل لن تقلل منها‪ ،‬وقد يكون التعاون بين‬
‫االتحاد األوروبي واالتحاد األوراسي أحد األشكال الهامة لتحقيق هذا المسعى النهائي‪.1‬‬

‫‪ .0‬الشرق األوسط وجغرافيا القوة الجديدة‪:‬‬

‫تؤثر التطورات التي تحدث في الشرق األوسط على االتحاد األوروبي‪ ،‬وقد تزايدت الصراعات‬
‫داخل هذا اإلقليم بشكل كبير بعد ظهور تنظيم "داعش" وامتداداه في األراضي العراقية والسورية‪،‬‬

‫ونمو جماعات تابعة له في شمال أفريقيا وغيرها‪.‬‬

‫وتشير الدراسة إلى أن الحقيقة الصعبة فيما يتعلق بدور االتحاد األوروبي والواليات المتحدة‬
‫أيضاً في التأثير على تطورات المنطقة‪ ،‬تُعد ‪ -‬ويجب أن تظل ‪ -‬محدودة؛ إذ إنه يمكن القول‬
‫إن التطورات في اإلقليم أصبحت تُدار من جانب دول الخليج وايران وتركيا‪ ،‬وذلك بعد تراجع‬
‫دول كبرى في المنطقة في السنوات األخيرة مثل مصر وسوريا والعراق‪.‬‬

‫‪-1‬نورهان الشيخ‪ ،‬روسيا و االتحاد األوروبي‪ ،‬صراع الطاقة و المكانة‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،026‬أبريلـ ‪ ،3112‬ص‬
‫‪,062‬‬

‫‪34‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫بيد أن االتفاق بين بعض تلك الدول كالسعودية وايران ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬لمواجهة تنظيم‬

‫"داعش" لما يمثله من تهديد للمنطقة‪ ،‬لم ُيترجم على أرض الواقع في استراتيجية مشتركة‪ ،‬فبدالً‬
‫من ذلك زادت حدة التصعيد الطائفي بين الطرفين‪.‬‬

‫المعقد‪ ،‬خاصةً في ظل‬


‫وتنقسم الدول األوروبية في تحديد وضعها في العالقات مع هذا اإلقليم ُ‬
‫تزايد تأثير تطوراته على أوروبا بسبب أزمات الهجرة‪ ،‬والتهديدات األمنية من تدفق المقاتلين‬
‫األجانب‪ ،‬والهجمات اإلرهابية التي تُشن على الدول األوروبية‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تستفيد الدول األوروبية من العالقات االقتصادية مع دول الخليج‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬بلغت مشتريات دول الخليج من السالح من فرنسا وحدها حوالي ‪ 06‬مليار يورو‬

‫في عام ‪.3106‬‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬يتعين على دول االتحاد األوروبي تشجيع دول المنطقة على تحمل مسؤولية‬
‫التوترات التي تحدث في دول جوارها‪ ،‬ويجب أن ينخرط االتحاد األوروبي في اتجاه عدم تصعيد‬

‫الخالفات اإلقليمية في الشرق األوسط من خالل الطرق الدبلوماسية‪ ،‬وبالتحديد بين دول مجلس‬
‫التعاون الخليجي وبين إيران عن طريق استغالل العالقات الجيدة التي تربط دول أوروبا بكل‬
‫من السعودية وايران لفتح آفاق جديدة لحل المشكالت العالقة دون التحيز لطرف على حساب‬
‫اآلخر من الناحية الطائفية حتى ال تزداد الخالفات تعمقاً وتعقيداً‪.1‬‬

‫ومن الضروري أن يسعى األوروبيون لتحصين أنفسهم ودولهم من األعمال اإلرهابية المستقبلية‬
‫من خالل سياسات احتوائية تعبر عن القيم األوروبية‪ ،‬وال تُقصي المسلمين نتيجة قيام بعضهم‬
‫بأعمال عنف ضد بعض الدول األوروبية‪ ،‬بحيث تشتمل االستراتيجية العالمية لالتحاد األوروبي‬

‫‪ -1‬نورهان الشيخ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪030‬‬

‫‪35‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫حماية وتعزيز الحقوق المدنية للجميع دون استثناء وعدم اتخاذ سياسات من شأنها تدعيم روح‬
‫التطرف والعنف داخل بعض الجماعات اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .3‬إعادة تعريف العالقة بين االتحاد األوروبي وأفريقيا‪:‬‬

‫تمثل القارة األفريقية اختبا اًر استراتيجياً رئيسياً لالتحاد األوروبي ألسباب اقتصادية وأمنية‬
‫وجيوسياسية‪ .‬وعلى الرغم من الجهود والمساعدات‪ ،‬سواء المادية أو قوات حفظ السالم التي‬
‫تقدمها الدول األوروبية ألفريقيا‪ ،‬فإن حدود تأثير االتحاد ما زالت محدودة خصوصاً مع تنامي‬
‫االستثمارات الصينية داخل القارة السمراء‪.‬‬

‫جدير بالذكر أن االتحاد األوروبي قد حقق بعض النجاحات في استقرار بعض الدول مثل‬

‫سيراليون وليبيريا‪ ،‬لكنه لم يتمكن من تحقيق نفس األمر في دارفور ومالي‪ ،‬حيث تنتشر‬
‫الجماعات اإلرهابية بشكل كبير وتستهدف قوات األمم المتحدة‪ .‬ويضاف إلى ذلك‪ ،‬ظهور‬
‫جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا‪ ،‬والتي َّ‬
‫حجمت القدرة على تحقيق االستقرار داخل اإلقليم‪.‬‬

‫ومع ذلك التزال أمام االتحاد األوروبي فرص استراتيجية هامة في أفريقيا؛ فالحكومات األفريقية‬
‫في دول مثل نيجيريا والسنغال ‪ -‬على سبيل المثال – تريد تعاوناً أمنياً أفضل مع االتحاد‬
‫األوروبي ضد الجماعات اإلرهابية‪ ،‬وهو ما يتطلب وضع إطار تعاوني أوروبي ـ أفريقي لتحقيق‬
‫هذا األمر‪ .‬كما ينبغي أن يتم توجيه المساعدات األوروبية نحو دعم منع األزمات‪ ،‬وتعزيز‬
‫الحوكمة‪ ،‬وسيادة القانون في أكثر الدول هشاشة داخل اإلقليم بما فيها سيراليون وليبيريا وغينيا‪،‬‬
‫والتي تأثرت كثي اًر بانتشار وباء "اإليبوال" في عام ‪.13106‬‬

‫‪ -1‬نورهان الشيخ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .4‬تحدي الصعود الصيني في آسيا‪:‬‬

‫عند الحديث عن القارة اآلسيوية‪ ،‬فليس من شك أن األمر ينصرف إلى الصعود الصيني في‬
‫القارة‪ ،‬بل وطبيعة المؤسسات والمبادئ الدولية التي تنتجها داخل النظام الدولي‪ ،‬والتي تُعد‬
‫تحدياً للنموذج األوروبي في مجمله‪ ،‬خاصةً في كونها جاذبة للعديد من الدول التي تحبذ العمل‬
‫داخل إطار مؤسسات جديدة عن إحداث تغييرات في المؤسسات القائمة في نظام ما بعد الحرب‬
‫الباردة‪.‬‬

‫واذا حدث هذا األمر‪ ،‬فإن االتحاد األوروبي سيكون أكثر المتضررين‪ ،‬ومن ثم يتعين على‬
‫دول االتحاد أال تخضع إلغراءات هذه المؤسسات الجديدة‪ ،‬بل بدالً من ذلك تعمل على تحقيق‬
‫استجابة جماعية لتلك المؤسسات‪.‬‬

‫ويقصد بالنظام التعددي الجديد الذي تقوده الصين‪ ،‬ومن خلفها روسيا والهند‪ ،‬إلى جانب الكثير‬
‫ُ‬
‫من الدول الواقعة تحت إغراءات النمو‪ ،‬أنه النظام الذي يعتمد على الحوافز التجارية والمادية‪،‬‬
‫والذي يشكل االقتصاد المحور األساسي فيه‪ ،‬بعيداً عن القوة الصلبة أو الناعمة‪ ،‬حيث يدعم‬

‫هذا النظام تدفق رأس الماس والنمو التجاري للدول األعضاء ويقلل من قيمة المعايير والمبادئ‬
‫الليبرالية التي يتبعها االتحاد األوروبي‪.1‬‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬ليس أمام االتحاد األوروبي سوى محاولة العمل بشكل متوازن تجاه ذلك النظام‬
‫الجديد بمؤسساته المالية الضخمة‪ ،‬بحيث يركز على العوامل االقتصادية في عالقاته مع الدول‬
‫وتعميق األدوات األوروبية داخل النظام المالي العالمي‪ ،‬لكن دون أن يتخلى عن اهتمامه‬
‫بقضايا حقوق اإلنسان والقضايا االجتماعية‪ .‬كما ُي َّ‬
‫فضل أن تتداخل تلك األهداف في إطار‬
‫استراتيجي ة أوروبية واضحة ومتفق عليها يمكنها التعامل مع التطورات المختلفة حول العالم‪.‬‬

‫‪ -1‬هاني صالح‪ ،‬مسيرة دول البلقان نحو االتحاد األوروبي‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد‪ ،022‬أكتوبر‪ ،3114‬ص ‪06‬‬

‫‪37‬‬
‫مسار وتطور االتحاد األوروبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .5‬االنقسام داخل البيت األوروبي‪:‬‬

‫تشير الدراسة إلى أن أبرز التحديات التي تواجه تأسيس االستراتيجية الجديدة التي يمكنها‬
‫التعامل مع التطورات المختلفة اآلنفة الذكر‪ ،‬تكمن في عدم وجود رؤية مشتركة لدول االتحاد‬
‫موحدة تحقق أهداف االتحاد التي أُنشئ من أجلها‪ ،‬بما أدى‬
‫األوروبي لتأسيس سياسة خارجية َّ‬
‫إلى ظهور موجات رافضة لالتحاد األوروبي‪ ،‬وأخرى ضد إنشاء كيانات مشتركة داخل القارة‪،‬‬
‫كما ازدادت أزمة اليورو داخل دول االتحاد بما ساهم في تعميق الخالفات بين الدول المدينة‬

‫واألخرى الدائنة‪ ،‬بما يعيق إمكانية تحقيق رؤية مشتركة للسياسة الخارجية األوروبية‪.1‬‬

‫لذا‪ ،‬تقوم "فيديريكا موغريني"‪ -‬الممثلة السامية لالتحاد األوروبي ‪ -‬بمراجعة االستراتيجية‬
‫األوروبية العالمية‪ ،‬وعقد اجتماعات ونقاشات ُموسعة مع ممثلي دول االتحاد للتعرف على‬

‫وجهات نظرهم وأولويات مصالحهم وأهدافهم وطبيعة التهديدات التي تواجههم والخالفات‬
‫الحقيقية بين المصالح والقيم التي قد تظهر في المستقبل‪.‬‬

‫ويحتاج االتحاد في المرحلة الثانية إلى تطوير آليات مؤسسية أفضل من أجل بناء وتعزيز‬

‫الوحدة حول تلك الموضوعات المشتركة‪ ،‬مع التأكيد على أن السياسة الجماعية التي سيتخذها‬
‫االتحاد ال يجب أن تقع فقط على عاتق الدول الكبرى األعضاء وبالتحديد ألمانيا‪ ،‬بل يجب أن‬
‫تتم بمشاركة كل الدول كاستجابة جماعية للتطورات العالمية المختلفة‪.2‬‬

‫‪ -1‬هاني صالح‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.02‬‬


‫‪ -2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪06‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫مس تقبل أورواب من دون‬
‫بريطانيا‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية مشروع البريكسيت‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العالقات البريطانية األوروبية‪:‬‬

‫لقد تميزت العالقة البريطانية األوروبية قبل االستفتاء البريطاني على مغادرة االتحاد‬
‫األوروبي بحالة يمكن وصفها بـ " عدم االرتياح المتبادل "‪ ،‬القائمة على تاريخ طويـل مـن عـدم‬
‫الثقة‪ ،‬وعدم االنسجام في التوجهات والرؤى بين بريطانيا والجماعة األوروبية ‪ ،‬وبخاصة مع‬
‫الدولتين الكبيرتين في االتحاد‪ ،‬ألمانيا وفرنسا‪.‬‬

‫ولم تكن بريطانيا متحمسة يوما لعملية التكامل واالندماج األوروبي‪ ،‬إذ لم تكن بين‬
‫الدول الست التي وقعت على اتفاقية روما لتأسيس المجموعة االقتصادية األوروبية عام ‪0462‬‬
‫(ألمانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬هولندا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬ولوكسمبورج )‪ ،‬بل نأت بنفسها عنها‪ ،‬وتأخر انضمامها‬
‫إليها حتى عام ‪ 0422‬بعـد أن عارضـت فرنسـا طـلـب انتسابها مرتين‪.‬‬

‫كما عرقل الموقف البريطاني استكمال االندماج األوروبي في عدة مناسبات‪ ،‬ولطالما‬
‫اعتبرت بريطانيا نفسها ‪ ،‬وال سيما المحافظين فيها ‪ ،‬دولة أطلسية أكثر منها أوروبية ‪ ،‬متخذة‬
‫سياسة اقتصادية وخارجية أكثر قربا من الواليات المتحدة‪.1‬‬

‫لكن ذلك لم يمنعها من التطلع لتحقيق مصالح كبرى سياسية واقتصادية من خالل‬
‫االنضمام للنادي األوروبي من ناحية‪ ،‬واالستمرار في تأدية دورها التاريخي في منع هيمنة‬
‫فرنسية ألمانية مشتركة على القرار األوروبي‪ ،‬من ناحية أخرى‪.‬‬

‫ومنذ التوقيع على اتفاقية ماستريخت المؤسسة لالتحاد األوروبي عام ‪ ،044‬تعالت في‬
‫بريطانيا أصوات تتساءل عن مستقبل العالقة مع االتحاد األوروبي‪.2‬‬

‫‪ -1‬عبد المنعم النشاط ‪ ،‬اإلطار النظري لمفهوم األمن القومي ‪ ،‬األمن العربي ابعاده ومستوياته‪ ،‬القاهرة ‪ :‬معهد البحوث والدراسات العربية ‪،‬‬
‫‪،3991‬ص‪.133‬‬
‫‪-2‬عبـد التـور بـن عنـتـر ‪ ،‬البعد المتوسـطي لألمـن الجزائـري الجزائــر أوروبـا والحلف األطلسـي ‪ ( ،‬الجزائـر المكتبة العصرية للطباعة والنشر‬
‫‪،) 1002 ،‬ص‪.133‬‬

‫‪40‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وعلى الرغ م من الضغوط التي مورست على رؤساء الحكومات البريطانية المتعاقبين خالل‬
‫العقدين الماضيين لتنظيم استفتاء حول عضوية بريطانيا في االتحاد ‪ ،‬فإن أحدا لم يرضخ لهذا‬
‫الطلب ‪ .‬ووقع التحول الجوهري عندما عاد المحافظون إلى الحكم بعد غياب استمر ‪ 02‬عاما‪،‬‬
‫إذ طرحت حكومة رئيس الوزراء الجديد حينها ‪ ،‬ديفيد كاميرون ‪ ،‬في عام ‪ 3101‬فكرة االستفتاء‬
‫المعطل ‪ ،‬فقد وعد بأن أي اتفاقية أوروبية تعطي سلطات أكبر لبروكسل على حساب الدول‬
‫األعضاء يجب أن يتم التصديق عليها من خالل التصويت أو استفتاء شعبي‪.‬‬

‫ومع بداية عام ‪ ، 3102‬ذهـب كاميرون خطوة أبعد عندما أعلن عزم حكومته إجراء استفتاء‬
‫على البقاء أو الخروج من االتحاد األوروبي‪.1‬‬

‫وعنـدما وعـد كـاميرون بإجراء استفتاء حـول عضوية بالده في االتحاد األوروبي ‪ ،‬بدا واثقا من‬
‫قدرة حكومته على إقناع البريطانيين باختيار البقاء ‪ ،‬إال أن جملة عوامل تفاعلت خـالل السنوات‬
‫األخيرة وأدت إلى نتائج مغايرة‪.‬‬

‫فقضية الهجرة واللجوء واستئثار قوة العمل القادمة من دول أوروبا الشرقية األعضاء بفرص‬
‫ئيسا في دفع جزء كبير‬
‫فضال عن صعود قوى اليمين ‪ ،‬كلها أدت دو ار ر ً‬
‫ً‬ ‫عمل البريطانيين ‪،‬‬
‫من البريطانيين إلى التصويت لمصلحة العزلة واالنكفاء ‪ .‬وقـد مثلت نتائج االستفتاء صدمة‬
‫بالنسبة إلى الكثيرين ‪ ،‬وبدأت تداعيات الخروج تتفاعل على المستوى االقتصادي فور صدور‬
‫النتائج ؛ إذ فقدت العملة البريطانيـة أكثـر مـن ‪ % 01‬من قيمتها خالل يوم واحد ‪ ،‬بينما شهدت‬
‫أسواق األسهم والسندات والبورصات األوروبية ‪ ،‬خاصة بورصة لندن ‪ ،‬حالة من الفوضى بعد‬
‫‪2‬‬
‫إعالن نتائج االستفتاء‪.‬‬

‫وتراوحت التوقعات بين احتمال حصـول هجـرة واسعة لرؤوس األموال وعزوف عـن االستثمار‬
‫في قطاع العقارات والخدمات المزدهـر فـي لنـدن ‪ ،‬واحتمال انتقال العاصمة المالية لالتحاد‬

‫‪-1‬عبد المنعم النشاط‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪131‬‬


‫‪ -2‬عبـد التـور بـن عنـتـر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪131‬‬

‫‪41‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فضال‬
‫ً‬ ‫األوروبي من لندن إلى باريس أو إلى فرانكفورت‪ ،‬حيث مقر البنك المركزي األوروبي ‪،‬‬
‫عن مسارعة وكاالت التصنيف العالمية إلى إعادة النظر في التصنيف االئتماني السيادي‬
‫لبريطانيا‪.‬‬

‫يمكـن تـوقع التأثير السلبي المحتمل في االقتصاد البريطاني نتيجة قرار الخروج أكثر إذا عرفنا‬
‫أن االتحاد األوروبي يعد شريك بريطانيا التجاري األول ؛ إذ بلغت صادرات المملكة المتحدة‬
‫إليه في عام ‪ 3106‬ما نسبته ‪ 066‬المئة من إجمالي صادراتها ‪ ،‬علما أن الميزان التجاري‬
‫بين الطرفين يميل لمصلحة االتحاد األوروبي ‪ ،‬وال يبدو أن ثمة مصلحة له بالتنازل عن ذلك‬
‫حتى بعد االنفصال‪.‬‬

‫ومن المتوقع أيضا أن تكون هناك تداعيات كبيرة متعلقة بحرية تنقل الرعايا البريطانيين داخـل‬
‫االتحاد األوروبي‪ ،‬إذ يوجـد نحـو ‪ 0.32‬مليون بريطاني يعيشون في دول أوروبية بينها إسبانيا‬
‫( ‪ 220‬ألف ) وأيرلندا ( ‪ 362‬ألف ) وفرنسا ( ‪ 023‬ألف ) وألمانيا ( ‪ 42.4‬ألف ) وايطاليا‬
‫( ‪ 23.32‬ألـف)‪. 1‬‬

‫كما كانت عضوية االتحاد األوروبي تمكن المواطن البريطاني من التنقل بحرية والعمل داخل‬
‫دول االتحاد األوروبي من دون الحاجة إلى تصريح خاص ‪ ،‬أما اآلن فسوف يحتاج إلى تأشيرة‬
‫دخـول لزيارتها ‪ ،‬باإلضافة إلى تكبد أعباء مالية إضافية للسفر‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك ‪ ،‬هناك شكوك وتساؤالت حول مصير عدد كبير من الموظفين البريطانيين‬
‫ً‬
‫الذين يعملون في مؤسسات أوروبية ‪ ،‬وعلى وجه الخصوص في عن بروکسل‪.2‬‬

‫‪-1‬عبد المنعم النشاط‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪312‬‬


‫‪ -2‬عبـد التـور بـن عنـتـر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪133‬‬

‫‪42‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما قد يقود خروج بريطانيا إلى تعقيد العالقة مع جيرانها ‪ ،‬فربما تقوم إسبانيا بإغالق حدودها‬
‫مع جبل طارق الذي تبلغ مساحته ‪ 2‬كيلومترات ‪ ،‬والملتصق بإقليم األندلس حيث يعيش ‪22‬‬
‫ألف بريطاني‪.‬‬

‫وفي الشمال ‪ ،‬يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة حدود بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا ؛ ما‬
‫يؤثر في حركة األفراد‪.‬‬

‫وقد بدأت الشكوك تتنامى حول مستقبل المملكة المتحدة وقدرتها على البقاء دولة موحدة بعد‬
‫أن تعالت أصوات تطالب بإعادة طرح مسألة استقالل إسكتلندا‪ ،‬إذ يسعى دعاة استقاللها إلى‬
‫بقائها عضوا في االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫وقد جاء التوجه هذا عبر رئيسة وزراء إسكتلندا نيكوال سترجن التي رأت أن تنظيم استفتاء‬
‫مرجحا جدا ؛ ألنها ال تريد أن يصبح اإلسكتلنديون خارج‬
‫ً‬ ‫جديد حول استقالل إسكتلندا بات‬
‫االتحاد األوروبي رغما عنهم بوصف أكثريتهم صوتت لمصلحة البقاء فيه‪.‬‬

‫هذه التداعيات سوف تدفع بريطانيا للبحث عن بدائل لممارسة تأثيرها في الساحة الدولية ‪،‬‬
‫وال سيما في حلف شمال األطلسي والدول الصناعية السبع الكبرى ‪ ،‬وبخاصة بعد أن خرجت‬
‫‪1‬‬
‫روسيا منها‪.‬‬

‫أم ا تداعيات خروج بريطانيا على مستوى االتحاد األوروبي ‪ ،‬فيرجح أن تكون كبيرة أيضا‬
‫على الرغم من محاوالت احتوائها ‪ ،‬فمع خروجها سيفقد االتحاد األوروبي ‪ 03.6‬في المئة من‬
‫سكانه وقرابة ‪ 06‬في المئة من قوة اقتصاده ‪ ،‬كما أنه سيستغني عن قوة عسكرية ذات تأثير‬
‫مهم في األمن األوروبي‪.2‬‬

‫‪ -1‬فهمي أماني محمود ‪ " ،‬الوحدة األوربية بين متطلبات اإلندماج وعوائق السيادة " ‪ ،‬السياسة الدولية ‪ ( ،‬ع ‪ ، 331.‬أفريل ‪،) 3993‬ص‪.311‬‬
‫‪ -2‬فهمي أماني محمود‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.313‬‬

‫‪43‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما فيما يتعلق بعمليـة صنع القرار في ‪ ،‬االتحاد األوروبي ‪ ،‬فإن خروج بريطانيا سوف يستدعي‬
‫إعادة النظر في آليات اتخاذ القرار داخل مؤسسات االتحاد ؛ إذ إن خروجها سوف يؤدي إلى‬
‫فقدان ‪ 34‬من األصوات في مجلس الوزراء األوروبي وكذلك ‪ 22‬مقعـدا فـي البرلمان األوروبي‬
‫( ‪ 2.6‬في المئة مـن الـوزن النسبي للتصويت )‪ ،‬ما يتطلب إعادة تحديد الحد األدنى لألغلبية‬
‫المؤهلة ‪ ،‬األمر الذي سيؤدي حتما إلى تغير في توازن القوى لمصلحة الدول الكبرى التي ن‬
‫تمثيال أكبـر فـي مؤسسات االتحاد في عملية صنع القرار األوروبي ( ألمانيا تمتلك وفرنسا‬
‫ً‬
‫‪1‬‬
‫وايطاليا )‪.‬‬

‫كما أن غياب بريطانيا كدولة غير عضو في منطقة اليورو سيغير من طبيعة العالقة بين‬
‫أعضاء منطقة اليورو ( ‪ 04‬دولة ) والدول األوروبية غير األعضاء في منطقة اليورو ( ‪2‬‬
‫دول ) لمصلحة التركيز أكثر على منطقة اليورو بوصفها محركا لمزيد من االندماج األوروبي‬
‫في المستقبل‪.‬‬

‫ومن الناحية االستراتيجية ‪ ،‬سيؤدي خروج بريطانيا إلى زيادة الضغوط على المحور األلماني‬
‫الفرنسي لزيادة إنفاقهما العسكري بهدف احتواء تأثير الغياب البريطاني على السياسية الدفاعية‬
‫واألمنية األوروبية ‪ .‬كما تتنامي الخشية األوروبية من انتشار عدوى االستفتاءات في أوروبا‬
‫بما يدفع األحزاب اليمينية إلى المطالبة بأن تحذو حذو بريطانيا ‪ ،‬وبخاصة في الدول التي‬
‫تعاني أزمات اقتصادية ( اليونان ‪ ،‬إسبانيا ‪ ،‬المجر ‪ ،‬إيطاليا)‪.2‬‬

‫إن هذا األمر سيهدد عملية التكامل برمتها ويفاقم من حدة الشكوك حول قدرة االتحاد على‬
‫الصمود وبعد قرار بريطانيا مغادرة االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫لقد وضع قرار بريطانيا الخروج من االتحاد األوروبي مستقبل نموذج االندماج الدولي موضع‬
‫نجاحا ‪ .‬كما وضع صناع‬
‫ً‬ ‫تساؤل كبير ‪ ،‬إذ كان االتحاد يوصف حتى وقت قريب باألكثر‬

‫‪ -1‬فهمي أماني محمود‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.312‬‬


‫‪ -2‬فهمي أماني محمود‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪311‬‬

‫‪44‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القرار والمؤسسات األوروبية أمام واقع جديد يتطلب إعادة النظـر فـي أ أسباب تراجع الحماس‬
‫لفكرة االندماج األوروبية والعودة لالحتماء بالدولة الوطنية التي يبدو أن البعض بالغ في توقع‬
‫مدخال للتغلب على‬
‫ً‬ ‫قدرة أوروبا على تجاوزها واالنتقال نحو هوية أوروبية فوق‪ -‬وطنية تمثل‬
‫كثير من التحديات والصراعات التي واجهتها على مدى قرون و منه سوف تواجه بريطانيا في‬
‫‪1‬‬
‫المستقبل مشكلة تعريف هويتها من جديد‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي‪:‬‬

‫مثلت بريطانيا طيلة المسار االندماجي األوربي أحد أهم المعيقات األساسية في عدم بلوغ‬
‫االتحاد األوربي المراحل التي كان يصبو إليها منذ تأسيسه‪ ،‬لذا هناك الكثير من المتابعين‬
‫للشان األوروبي يجزمون أن بريطانيا بانضمامها للسوق األوربية و من بعدها لالتحاد كان‬
‫غرضها األساسي من وراء ذلك هو تعطيل االندماج األوروبي أكبر قدر ممكن‪.‬‬

‫حيث أن بريطانيا عبر العصور الطويلة جمعتها عالقات تنافسية وصراعية مع الدول األوربية‬
‫أكثر مما جمعتها عالقات تعاون وتكامل‪ ،‬حيث تمثل مرحلة التعاون ضمن الهيئات األوربية‬

‫مرحلة شاذة وهذا بإجماع المتابعين للشان األوروبي‪،‬وما يعزز هذا الطرح هو وقوف بريطانيا‬
‫في كثير من األحيان كمانع دون تبني االتحاد األوربي للكثير من الق اررات الخارجية و الداخلية‬
‫‪2‬‬
‫و التي كانت من شأنها أن تعزز البنية القانونية و السياسية لالتحاد‪.‬‬

‫وباعتبار ما سبق يمكن إجمال أهم األسباب التي جعلت بريطانيا تقرر االنسحاب من االتحاد‬
‫األوربي فيمايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬فهمي أماني محمود‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪311‬‬


‫‪ -2‬هيئة غربي ‪ ،‬تداعيات اإلنسحاب البريطاني على المسألة األمنية في االتحاد األوربي ‪ ( ،‬برلين ‪ :‬المركز الديمقراطي‬
‫العربي للدراسات االستراتيجية ‪ ،8102 ،‬ص‪.000‬‬

‫‪45‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪:‬األسباب التاريخية و الحضارية‪:‬‬

‫باعتبا ار أن بريطانيا تمثل من الناحية الجغرافية جزيرة منفصلة عن أوروبا فقد عزز ذلك من‬
‫شعور البريطانيين بضعف انتمائهم األوربي في مقابـل تنامي الشعور باالنتماء األطلسي بحكم‬
‫عدة عوامل تاريخية و حضارية أهمها أن بريطانيا االستعمارية عادة ما كانت تعتمد على القوة‬
‫البحرية في فرض هيمنتها الدولية و ما يؤكد ذلك أن أغلبية المستعمرات البريطانية السابقة تقع‬

‫عادة في األطلسي أو لها واجهات بحرية‪ ،‬و يمكن إجمال أهم األسباب األخرى كالتالي‪:1‬‬

‫‪ -‬إن البريطانيين شديدو االرتباط بهويتهم األصلية المتعلقة بالثقافة االنجلوساكسونية‪،‬‬


‫حيث يسود نوع من الفخر المبالغ فيه باالنتماء للحضارة البريطانية األصيلة التي حكمت‬

‫نصف العالم في مرحلة تاريخية ما‪ ،‬مما يجعل البريطاني في نفس الوقت شديد االرتباط‬
‫بالتاج البريطاني بسبب عدة عوامل أهمهاعدم اقتران عملية التحول السياسي في‬
‫بريطانيا بالعنف حيث أن االنتقال من النظام الملكي األوتوقراطي إلى الملكية الدستورية‬
‫كان بشكل غير عنيف نسبيا بالمقارنة بالتحول الديمقراطي في دول أوربية أخرى على‬

‫غرار فرنسا وألمانيا األمر الذي عزز من شعبية و رمزية التاج البريطاني‪ ،‬هذا كله حفز‬
‫اإلبقاء على الهوية اإلمبراطورية البريطانية كشعور قومي في مقابل رفض أي انصهار‬
‫بريطاني ضمن وحدة فوق قومية ( االتحاد األوربي ) تفقد بريطانيا هويتها األصيلة‪.2‬‬

‫‪ -‬إن بريطانيا منذ انضمامها لالتحاد األوروبي و هي ترفض قضية االندماج الكلي للدول‬
‫األوربية في وحدات ق ارريه ذات طابع سياسي ‪ ،‬لعدة اعتبارات معروفة أهمها العالقة‬
‫الخاصة التي تجمعها بالواليات المتحدة‪ ،‬حيث أن هذه األخيرة ال تريد أوروبا موحدة و‬

‫‪ -1‬هيئة غربي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪008‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.001‬‬
‫‪46‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قوية بما فيه كفاية بحيث تستطيع منافستها دوليا‪،‬و كذلك العتبارات جيواقتصادية‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬إن طبيعة العالقة التي تجمع كل من بريطانيا والواليات المتحدة تربطها اعتبارات‬
‫تاريخية و حضارية جد خاصة‪ ،‬حيث أن بريطانيا هي المستعمر السابق للواليات‬
‫المتحدة و أغلبية النخبة الحاكمة في الواليات المتحدة منذ تأسيسها إلى يومنا هذا تنتمي‬
‫لألصول البريطانية‪ ،‬كما أن هذه العالقة تعززت بحكم تدخل الواليات المتحدة أكثر من‬
‫مرة إلنقاذ بريطانيا بشكل خاص خالل الحربين العالميتين األولى والثانية‪ ،‬ماجعل من‬
‫هذه األخيرة الشريك و الصديق األكثر وثوقا في دوائر السياسة الخارجية البريطانية‪،‬‬
‫بل أكثر من ذلك توصف هذه العالقة بالحميمية‪.1‬‬

‫‪ -‬لقد اتهمت بريطانيا في أكثر من مرة من طرف مؤيدي االتحاد األوربي و على رأسهم‬
‫فرنسا وألمانيا بتعطيل مسار االندماج األوروبي‪ ،‬من خالل عدم التوقيع على عدة‬
‫اتفاقيات مشتركة سواء في مجال توحيد النقد أو في مجال حركة المهاجرين إليها من‬
‫غير األوروبيين‪ ،‬كما أن مواقفها عادة ما كانت متباينة مع المواقف األوربية اتجاه‬
‫القضايا واألزمات اإلقليمية والعالمية‪ ،‬لذلك جاءت خطوة االنسحاب لتؤكد هذه الفرضية‬
‫أو كمحصلة لدور بريطانيا ضمن االتحاد األوروبي و الذي كان معرقال أكثر منه‬
‫محركا لها‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األسباب االقتصادية‪:‬‬

‫ساهمت األزمة المالية العالمية و تراجع االقتصاد البريطاني خالل العقد المنصرم و ما خلفه‬
‫ذلك من مشاكل اقتصادية ثقيلة ال زالت تبعاتها حتى اآلن ‪ ،‬في تعزيز الشعور لدى البريطانيين‬
‫أن ارتباط االقتصاد البريطاني باالقتصاد األوروبي و خضوعه للقوانين األوروبية المجحفة هو‬

‫‪ -1‬هيئة غربي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.001‬‬


‫‪47‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من يحول دون تنافسية اقتصادهم بالمقارنة مع األقطاب االقتصادية الدولية الصاعدة ‪ .‬ان‬
‫فشل االتحاد األوروبي من خالل ذراعه المالي المتمثل بالبنك المركزي األوروبي في حل‬
‫المعضالت الهيكلية في االقتصاديات األوروبية‪ ،‬كمعدالت البطالة المرتفعة وتدني معدالت‬
‫الفائدة وصوال إلى اعتماد الفائدة السلبية والفشل في الوصول إلى أهداف نمو أسعار المستهلكين‬
‫( التضخم)‪ ،‬هذا ما جعل الدول االوروبية أمام استحقاق المساءلة القاسية من قبل مجتمعاتها‬
‫‪1‬‬
‫و هذا تجلى من خالل نتائج االستفتاء في بريطانيا‪.‬‬

‫و يمكن تلخيصها من خالل االسباب االتية‪:‬‬

‫إشكالية ضعف األداء االقتصادي األوروبي حين فشل االتحاد األوروبي في تمكين الدول‬
‫الصغيرة أو ما يسمى بـ األسواق الطرفية في كل من بولندا وقبرص والمجر واليونان والى حد‬
‫ما في ايرلندا والبرتغال من تحقيق معدالت نمو اقتصادية نموذجية ‪ ،‬مما دفع بأعداد كبيرة من‬
‫سكان أوروبا الشرقية الفقيرة للبحث عن الوظائف في أوروبا الغربية الثرية وباألخص بريطانيا‪،‬‬
‫بسبب التغطية االجتماعية والصحية السخية‪.‬‬

‫من جانب آخر يرى البريطانيون أنه من غير المعقول أن يتقاسموا ما حققوه من نمو اقتصادي‬
‫ورفاهية لعقود من الزمن يفضل تفانيهم في العمل ‪ ،‬مع مهاجرين من شرق أوربا أو خارجها‬
‫معروف عنهم الكسل وقلة المشاركة في عملية النمو‪.‬‬

‫عادة ما كانت بريطانيا ترفض كل أشكال توسع االتحاد األوربي نحو الشرق األوروبي ألن‬
‫ذلك من شأنه أن يعزز النفوذ االقتصادي األلماني المتنامي بوصف هذه األخيرة الممـول‬
‫األساسي لالتحـاد األوروبي‪ ،‬في مقابل ذلك يتم تحجيم الدور البريطاني باإلضافة إلى اعتقاد‬
‫بريطانيا أن انضمام هذه الدول لالتحاد من شأنه أن يجلب الكثير من المشاكل إليها ‪ ،‬على‬

‫‪ -1‬مجدي عيسى ‪ ،‬خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي واثره على كل من بريطانيا وألمانيا اقتصاديا ً و سياسيا ‪ ،‬دراسة‬
‫مقدمة في جامعة اليرموك ‪،8102 ،‬ص‪.018‬‬

‫‪48‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وجه الخصوص في جانب الهجرة و ما قد تشكله من خطر على البنية الديمغرافية لبريطانيا‪،‬‬
‫وكذا في مجال العمالة الرخيصة التي تشكل تهديدا لمصادر عمل البريطانيين‪.1‬‬

‫في السياق ذاته لم تكن بريطانيا متحمسة للعالقات األوروبية المتوسطية و لم تشجع مسار‬
‫برشلونة بخالف فرنسا وايطاليا و حتى ألمانيا‪ ،‬بل أكثر من ذلك فهي رفضت كل أشكال‬
‫التعاون في المجال االقتصادي و حتى األمني معها ‪ ،‬و تفضل التعامل مع الدول المتوسطية‬
‫الجنوبية على أساس وحدات منفصلة عن بعضها البعض‪ ،‬وسعت للتعامل مع دول على‬
‫حساب أخرى على شاكلة مصر و األردن في حين عالقاتها ضعيفة بالدول المغاربية‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬األسباب السياسية و األمنية‪:‬‬

‫لقد اجتمعت مجموعة من االسباب ذات الطابع األمني و السياسي تذكر أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬تنامي دور المد القومي البريطاني مع صعود عدة شخصيات وطنية خصوصا في‬
‫حزب المحافظين وعلى رأسهم رئيسة الوزراء الحالية تيري از ماي‪ ،‬ما عزز لدي‬
‫البريطانيين الرغبة في الحصول على من استقاللية أكبر في مجال السياسات الداخلية‬
‫و الخارجيـة‪.2‬‬

‫ويرى الكثير من المحللين والمهتمين بالشـأن البريطاني ان ذلك تزامن مع رغبة بريطانيا لعب‬
‫دور إقليمي و دولي مستقل عن أوربا‪ ،‬خصوصا مع إدراكها مؤخ ار أن دورها أصبح اقل تأثي ار‬
‫ضمن المؤسسات األوربية المشتركة في مقابل تنامي نفوذ و تأثير الزوج الفرونكو ‪ -‬ألماني‬
‫الذي يسعى لتحجيم الدور البريطاني داخل االتحاد األوروبي ‪ .‬إن استرداد بريطانيا لمكانتها‬
‫ضمن معادلة ميزان القوى اإلقليمي يعزز من قدراتها التأثيرية التي تعتقد أنها فقدتها جراء‬
‫انخراطها في المسار االندماجي األوروبي ‪ ،‬خصوصا و أن لها عالقات جد قوية مع دول‬

‫‪ -1‬مجدي عيسى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪49‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أطلسية ( الواليات المتحدة األمريكية وكندا ) ‪ ،‬باإلضافة لتميزها بعالقات جد وثيقة مع الدول‬
‫األوروبية المحافظة على غرار اسبانيا و ايطاليا و كذلك مع الدول االسكندينافية‪،‬لكن هذا له‬
‫مخاطر هو تبعاته على التوازنات الجيوسياسية في اإلقليم األوروبي وقد يؤثر بشكل سلبي على‬
‫طبيعة التوازنات اإلقليمية الهشة أساسا‪ ،‬مما قد يبعث التنافس من جديد بين بريطانيا و حلفاءها‬
‫من جهة و كل من فرنسا و ألمانيا من جهة اخرى و اللتين تقربتا بشكل خطير من روسيا‬
‫مؤخ ار ‪ ،‬بما يوحي بإمكانية عودة الصراعات القديمة ألوروبا في حالة تصاعد حدة االختالفات‬
‫بين المتنافسين‪ ،‬وما الملف النووي اإليراني إال احد أهم هذه التجليات التي أثبتت مدى اختالف‬
‫وجهات النظر األوروبية البريطانية‪ ،‬هذه األخيرة دعمت بشكل واضح انسحاب الواليات المتحدة‬
‫األمريكية من االتفاق رغم بقائها هي ضمن هذا االتفاق مما قد يعرضه للفشل ‪ ،‬المجلة‬
‫الجزائرية للدراسات السياسية‪.1‬‬

‫‪ -‬رغبة البريطانيين في تحصين حدودهم ‪ ،‬حيث تجلى ذلك بشكل كبير من خالل عجز‬
‫المؤسسات األوروبية األمنية المشتركة بالكامل عن معالجة أزمة الالجئين بدءا من‬
‫العام ‪ ، 3106‬في ظل نفشي ظاهرة اإلرهاب الذي ضرب عديد العواصم األوربية على‬
‫غرار كل من بروكسل وباريس‪.‬‬

‫‪ -‬المخاوف من انضمام تركيا لالتحاد األوربي ‪ ،‬فقد استطاع قادة سياسيون في المعسكر‬
‫المسائد لخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي التأثير على الناخبين وخلق فزاعة وهمية‬
‫لديهم بخصوص تبعات انضمام تركيا إلى االتحاد ‪ ،‬وتصوير األمر على أنه يشكل‬
‫تهديد واضح نحو فتح حدودها لتدفق آالف الالجئين الموجودين فيها حالياً إلى الدول‬
‫األوروبية إذ أن الخوف من اإلرهاب كان سبب في انفصالبد بريطانيا عتدن االتحاد‬
‫األوروبي حيث أدت الهجومات اإلرهابية في بعض الدول األوروبية ( هجوم بروكسل‪،‬‬
‫وهجوم فرنسا ) إلى دفع المواطن البريطاني لالنفصال عن اإلتحاد األوروبي لتحصين‬

‫‪ -1‬مجدي عيسى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪50‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أنفسهم من تلك الهجمات‪ ،‬وأن هذا االنفصال سيوقف اتفاقية الحدود المقترحة بين دوله‪،‬‬
‫وبالتالي يحد من العمليات اإلرهابية‪.‬‬

‫‪ -‬التحرر م ن القيود المفروضة على السيادة البريطانية ‪ :‬ألن خروجها سيحرر السلطة‬
‫القضائية من أحكام القيود القانونية‪ ،‬والسيما المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬بحيث‬
‫تصبح أحكامها غير ملزمة للمحكمة العليا البريطانية‪ ،‬هذا إلى جانب أن البريطانيين‬
‫يرون أن نظام اإلتحاد األوروبي يفتقر إلى الديمقراطية المعمول بها في النظام‬
‫البريطاني‪ ،‬ويستشهدون بالصالحيات الواسعة للمفوضية األوروبية غير المنتخبة‪ ،‬التي‬
‫يحق لها وضع مشاريع ‪ ،‬وقوانين عبر البرلمان األوروبي المنتخب مباشرة من الشعوب‬
‫األوروبية‪.‬‬

‫‪ -‬المخاوف من إنشاء قوة عسكرية أوروبية ‪ :‬والتي من شانها أن تعوض حلف الشمال‬
‫األطلسي‪ ،‬الذي تقوده بريطانيا مع الواليات المتحدة األمريكية خاصة‪ ،‬حيث دعا رئيس‬
‫المفوضية األوروبية " جان كلود بونكو " في بداية عام ‪ 3102‬إلى إنشاء جيش مشترك‬
‫لإلتحاد األوروبي للتصدي لروسيا ‪ ،‬وغيرها من التهديدات‪.1‬‬

‫‪ -‬النفوذ الدولي حيث يقر البريطانيون أن تأثير بالدهم داخل اإلتحاد األوروبي ضعيف‪،‬‬
‫وفي حال رحيلها عن اإلتحاد ستتمكن من التصرف بحرية ‪ ،‬والحصول على مقاعد في‬
‫مؤسسات عالمية ‪ ،‬كانت حسرتها بسبب انضمامها لإلتحاد األوروبي كمنظمة التجارة‬
‫العالمية‪.‬‬

‫‪ -‬رغبة بريطانيا في إعطاء البرلمانات الوطنية الحق في التجمع بهدف رفض أي تشريع‬
‫على المستوى األوروبي يتعارض مع مصالح الدول القومية‪.‬‬

‫‪ -1‬مجدي عيسى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪51‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬تعزيز السيادة أي أن خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي سيمنحها فرصة جديدة‬


‫لتحديد مصيرها‪ ،‬وسن قوانينها‪ ،‬باعتبارها دولة ذات سيادة بعيدا عن االندماج في كيان‬
‫اإلتحاد األوروبي المقيد لسيادتها‪.‬‬

‫مثلت كل هذه األسباب السابقة الذكر مجموعة من الدوافع التي تألفت فيما بينها لتشكل اللبئة‬
‫األساسية التي سارعت في تعجيل تقرير بريطانيا االنسحاب من االتحاد األوروبي‪ ،‬ومهمـا يكـن‬
‫مـن أسباب فإن بريطانيا منذ انضمامها لالتحاد األوروبي و هي تستعمل ورقة االنسحاب كآلية‬
‫للضغط على أعضاء االتحاد األوروبي من اجل تعطيل العديد من المشاريع المشتركة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬إتفاقية البريكسيت‪:‬‬

‫البريكسيت هو مختصر باللغة االنجليزية يجمع كلمتين هما ) ‪ : ( British‬يعني بريطانيا‪،‬‬


‫) ‪ )Exit‬يعني خروج أي معا يعني خروج بريطانيا أي هو قرار لمسار استفتائي في بريطانيا‬
‫للخروج أو البقاء في اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫ففي جانفي ‪ 3102‬أعلن الوزير األول دافيد كاميرون‪ ،‬عن تنظيم استفتاء شعبي للبت في‬
‫إمكانية انسحاب بريطانيا من اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫حيث أنه في يوم ‪ 32‬جوان ‪ 3102‬أدلى البريطانيون بأصواتهم حول عضوية بالدهم في‬
‫اإلتحاد األوروبي ‪ ،‬حيث شارك في هذا االستغناء ‪ 62.610.360‬مليون ناخب ‪ ،‬وجاءت‬
‫نتائج التصويت لمصلحة الخروج بنسبة ‪ 60.4 %‬من األصوات أي ‪ 02.6‬مليون مقابل‬
‫‪ % 62.0‬أو ‪ 02.0‬مليون لمصلحة البقاء في اإلتحاد األوروبي‪.1‬‬

‫‪-1‬راضية حر‪ ،‬ساجية حافد‪ ،‬مستقبل التجربة التكاملية األوروبية ما بعد البريكسيت‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية و‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،1031 ،‬ص ‪11‬‬

‫‪52‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لقد لوحظ من خالل دراسة التصويت أن هناك تباين جيلي فغئة الشباب التي تتراوح أعمارهم‬
‫( ‪ ) 02-26‬صوتوا لصالح البقاء في اإلتحاد األوروبي بنسبة ‪ ، 22 %‬بينما الفئة العمرية‬
‫‪1‬‬
‫أكثر سنا الذين تتراوح أعمارهم ( ‪ ) 66-26‬صوتت للخروج بنسبة ‪.%62‬‬

‫وشارك في هذا االستفتاء البريطانيون البالغون سن ال ‪ 02‬سنة فما فوق الحاملون للجنسية‬
‫البريطانية داخل وخارج المملكة ‪ ،‬أما المواطنون الحاملون لجنسيات الدول األعضاء في اإلتحاد‬
‫فال يحق لهم المشاركة في االستفتاء‪ ،‬وقد تباينت اتجاهات الناخبين بشكل واضح من منطقة‬
‫إلى أخرى في المملكة المتحدة حول عضوية بالدهم من اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫حيث أن انجلت ار صوتت بنسبة كبيرة لصالح الخروج من اإلتحاد األوروبي بنسبة تقدر ‪%‬‬
‫‪ 62.6‬نسبة مشاركة ووصلت ‪ ، 22.4 %‬ثم تليها ويلز بنسبة ‪ ، % 63.6‬ونسبة مشاركة‬
‫‪ ، 6.2 %‬أما ايرلندا الشمالية واسكتلندا قد صوتنا لصالح البقاء في اإلتحاد األوروبي ‪ ،‬حيث‬
‫هذه األخيرة صوتت بنسبة تقدر ‪ % 22‬ذات نسبة مشاركة ‪ 2.6 %‬أما ايرلندا الشمالية لقد‬
‫صوتت ‪ 66.31 %‬نسبة مشاركة تقدر بـ ‪ . 3.4 %‬بعد أن صوتت بريطانيا لصالح الخروج‬
‫من اإلتحاد األوروبي في استفتاء شعبي ‪ ،‬أعلن رئيس الوزراء دافيد كاميرون عزمه تقديم‬
‫استقالته من منصبه بعد ‪ 12‬أشهر من صدور نتيجة االستفتاء‪.‬‬

‫وبعد تولي تيري از ماي منصب رئاسة الوزراء ‪ ،‬طالبت بتفعيل المادة ‪ 61‬من معاهدة برشلونة‪،‬‬
‫التي وقعت عليها قادة اإلتحاد األوروبي يوم ‪ 04‬أكتوبر ‪ 3112‬في العاصمة البرتغالية لشبونة‪،‬‬
‫ودخلت حيز التنفيذ يوم ‪ 10‬ديسمبر ‪ .3114‬وتحدد المادة ‪ 61‬من معاهدة لشبونة سبل‬
‫انسحاب إحدى الدول األعضاء في اإلتحاد األوروبي بشكل طوعي ومن طرف واحد وفقا‬
‫للمتطلبات الدستورية الخاصة بهاء وبموجب هذه المادة يترتب على الدولة التي تنسحب من‬
‫اإلتحاد األوروبي ما يلي‪:2‬‬

‫‪ -1‬راضية حر‪ ،‬ساجية حافد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪53‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التفاوض بشأن " اتفاق انسحاب " يقره مجلس اإلتحاد األوروبي ( يضم الدول ‪ 32‬األعضاء‬
‫( باألغلبية المؤهلة ) تحددها المادة ‪ 2/322‬حب من معاهدة عمل اإلتحاد األوروبي بعد‬
‫موافقة البرلمان األوروبي‪.‬‬

‫ينتهي مفعول تطبيق المعاهدات األوروبية على الدول المنسحبة اعتبا ار من تاريخ دخول "اتفاق‬
‫االنسحاب " حيز التنفيذ ‪ ،‬أو بعد سنتين من تسلم اإلتحاد األوروبي رسميا قرار االنسحاب‪ ،‬إذا‬
‫لم يتوصل الطرفان إلى أي اتفاق في هذا األثناء ‪ ،‬وبوسع اإلتحاد والدولة المنسحبة منه أن‬
‫قر ار تمديد هذه المهلة بالتوافق بينهما‪ ،‬بشرط تصويت دول اإلتحاد على ذلك باإلجماع‪.‬‬

‫يجب أن يتفاوض اإلتحاد مع الدولة المنسحبة للتوصل إلى اتفاق يحدد ترتيبات انسحابها‪،‬‬
‫مع األخذ بعين االعتبار البحث عن إطار لعالقتها المستقبلية باإلتحاد‪ ،‬ويجرى هذا التفاوض‬
‫وفقا للمادة ‪ 302‬من معاهدات عمل اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫ال يحق للدولة المنسحبة المشاركة في المناقشات أو الق اررات المتصلة بها‪ ،‬والتي يجريها اإلتحاد‬
‫األوروبي بشأن انسحابها‪.1‬‬

‫إذا أرادت الدولة المنسحبة من اإلتحاد االنضمام مجددا إليه‪ ،‬فإن طلبها يخضع لنفس اإلجراءات‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 64‬من معاهدة برشلونة‪.‬‬

‫‪ -1‬راضية حر‪ ،‬ساجية حافد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪54‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تداعيات خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي (الداخلية و الخارجية )‬

‫المطلب األول ‪ :‬التداعيات الداخلية ( على بريطانيا ) ‪:‬‬

‫تتمثل التداعيات الداخلية لخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي في النقاط التالية‪:‬‬

‫فقدان بريطانيا العضوية الكاملة داخل اإلتحاد األوروبي في حرية الدخول البضائع والسلع‬
‫والخدمات دون تعريفة جمركية‪ ،‬وستفقد كل اتفاقيات التبادل التجاري مع ‪ 62‬دولة كانت ترتبط‬
‫باتفاقيات تجارية مع اإلتحاد األوروبي‪ ،‬بما فيها كندا‪ ،‬سنغافورة ‪ ،‬وكريا الجنوبية‪ ،‬والمكسيك‪،‬‬
‫وستكون مضطرة للتفاوض الثنائي مع كل دولة لتحصيل نفس االمتيازات‪.1‬‬

‫ظهور الحركات االنفصالية عن المملكة المتحدة بقوة مثل إيرلندا الشمالية‪ ،‬وكذا انفصال‬
‫اسكتلندا ‪ ،‬وهذه األخيرة التي صوتت بنسبة ‪ % 23‬للبقاء في اإلتحاد األوروبي ‪ ،‬بينما صوت‬
‫أغلبهم في ‪ 3106‬لعدم االنفصال من بريطانيا‪.‬‬

‫أدى هذا الخروج إلى تراجع مكانة بريطانيا حيث أن نتائج االستفتاء إلى تخلي بريطانيا عن‬
‫مكانتها اإلقليمية والعالمية باعتبارها عضوا في أكبر تكتل اقتصادي سياسي في العالم ‪ ،‬األمر‬
‫الذي أمن لها عالقات متميزة وشراكة اقتصادية مع الصين خالل السنوات الماضية ‪ ،‬ارتبطت‬
‫باهتمام الصين بتدويل عملتها ‪ ،‬وتعزيز مكانتها في سوق التجارة العالمية باالستفادة من موقع‬
‫بريطانيا في السوق المالي ‪ ،‬واعتبارها مرك از مصرفيا لإلتحاد األوروبي‪.2‬‬

‫تاثر عملية التبادل التجاري ‪ :‬حيث من المتوقع أن تتأثر الصادرات بشكل كبير خالل فترة‬
‫التفاوض ‪ ،‬لكن تجدر اإلشارة إلى أن استمرار عضوية بريطانيا في اإلتحاد األوروبي خالل‬
‫فترة التفاوض ستخفف من التأثيرات السلبية على حركة التجارة بين الطرفين ‪ ،‬كما أن هبوط‬

‫‪1 -‬راضية حر‪ ،‬ساجية حافد‪،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬صبا طارق‪ ،‬خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي و أثر ذلك على المهاجرين و الالجئين‪ ،‬موقع إلكتروني أطلع عليه يوم‪1013-30-13 :‬‬
‫على الساعة ‪31:11‬‬

‫‪55‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجنيه اإلسترليني المرجح والمصاحب للمتغير في شروط التفاوض الذي سيعمل على رفع كلفة‬
‫الواردات من اإلتحاد األوروبي من جهة ‪ ،‬وتعزيز تنافسية السلع البريطانية من جهة أخرى‪.‬‬

‫ستتأثر لندن العاصمة البريطانية بهذا االنسحاب بشكل خاص ألنها تعد أكبر مقدم للخدمات‬
‫المالية في اإلتحاد األوروبي ‪ ،‬حيث أن بنوكا ومؤسسات مصرفية عالمية كثيرة تدير جزءا من‬
‫أعمالها من بريطانيا من خالل إنشاء فروعا لها في لندن تسمح لها بالدخول إلى السوق‬
‫األوروبية‪ ،‬ولكن بعد انسحاب بريطانيا من اإلتحاد ستضطر هذه المؤسسات والبنوك إلى إنشاء‬
‫فروع لها في دول أوروبية أخرى‪ ،‬األمر الذي سيؤدي إلى هبوط بنسبة ‪ % 61‬في الخدمات‬
‫المالية المقدمة من لندن إلى اإلتحاد األوروبي‪ ،‬أي خسارة ‪ 01‬مليار جنيه إسترليني سنويا‪.1‬‬

‫حدوث التباطؤ في النمو االقتصادي ‪ :‬في عام ‪ ، 3102‬تأثر معدل النمو االقتصادي ‪ ،‬حيث‬
‫أنها قدرت بنحو ‪ ، % 3.0‬وهذا ما قد يزيد تأثي ار خالل العام ‪ ،3102‬حيث من المتوقع تباطؤ‬
‫النمو بمعدل ‪ % 0.6‬بسبب انخفاض االستثمارات‪ ،‬وحدوث االختالل في الميزان التجاري‬
‫المكون من الصادرات والواردات ‪ ،‬وضعف الطلب ‪ ،‬وزيادة معدالت التضخم ‪ ،‬وتراجع قيمة‬
‫الجنيه اإلسترليني‪ ،‬إضافة إلى وجود عجز كبير بالموازنة العامة لبريطانيا وصل إلى ‪033‬‬
‫مليار دوالر أمريكي ‪ ،‬وسيستمر هذا االختالل لفترة ال تقل عن ‪ 6‬سنوات ‪ ،‬حيث ترتب على‬
‫خروجها عدم االستفادة من السوق األوروبية المشتركة‪.2‬‬

‫تراجع قيمة الجنيه اإلسترليني والتضخم ‪ :‬لقد تراجع سعر صرف مقابل الدوالر عقب استفتاء‬
‫خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي إلى أدنى مستوى له لم يحدث منذ أكثر من ‪ 20‬عاما ‪.‬‬
‫وتراجعت قيمة العملة البريطانية من ‪ 0.62‬دوالر إلى ‪ 0.36‬دوالر نهاية ‪ ، 3102‬أي‬
‫انخفضت بواقع ‪ % 06‬من قيمتها ‪ ،‬وبالتالي سيزيد ذلك من ارتفاع معدالت التضخم ‪ ،‬وأسعار‬

‫‪ -1‬صبا طارق‪ ،،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬


‫‪ -2‬نوار جليل ‪ ،‬هاشم ‪ ،‬خروج بريطانيا من االتحاد األوربي ‪ :‬دراسة في األسباب والتداعيات " ‪ ،‬المستقبل العربي‪،‬‬
‫ص‪. 12‬‬

‫‪56‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫السلع األساسية على المستهلك البريطاني مع ارتفاع معدالت التضخم بسبب القصر في‬
‫مجاالت االستثمار ‪ ،‬ما دفع البنك المركزي البريطاني إلى خفض سعر الفائدة إلى ‪،% 1.36‬‬
‫ما يزيد من الضغوط التضخمية‪.‬‬

‫من المالحظ أن معدالت التضخم في بداية عام ‪ 3102‬كانت بواقع ‪ ، % 0.2‬أما في الربع‬
‫الثاني من العام زادت بواقع ‪ ، % 3,2‬ما يؤثر في وجود توابع سلبية على المستهلك البريطاني‬
‫نتيجة التعثرات االقتصادية التي تمر بها بريطانيا‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فهناك تداعيات أخرى ستؤثر على حياة البريطانيين داخل المملكة أو خارجها‪،‬‬
‫حيث ستمس جوانبهم اليومية من حياتهم كالسفر داخل فضاء شينغن ‪ ،‬العمل في الدول‬
‫األوروبية والتأمين على المرض‪.‬‬

‫من أولى تبعات مغادرة بريطانيا اإلتحاد األوروبي تقييد حرية تنقل البريطانيين بين دول اإلتحاد‬
‫األوروبي‪ ،‬فرغم أن بريطانيا ال تنتمي إلى منطقة شينغن إال أن البريطانيين كانوا يتمتعون‬
‫بحرية التنقل بين الدول األوروبية بمجرد استظهار بطاقة هويتهم البريطانية‪.1‬‬

‫كما أن البريكسيت قد يرافقه ظهور حدود جديدة من ايرلندا أو أيرلندا الشمالية مثال ‪ ،‬أو قد‬
‫يدفع إسبانيا إلى إغالق حدودها مع جبل طارق المالحق لألندلس ‪ ،‬والذي يقطن فيه حوالي‬
‫‪ 22‬ألف بريطاني‪.‬‬

‫ارتفاع تكاليف السفر والمكالمات الهاتفية ‪ :‬فضال عن تدني القدرة الشرائية للبريطائيين بسبب‬
‫االنخفاض المرجح للعملة النقدية البريطانية ( الجنيه اإلسترليني ) مقابل العملة األوروبية‬
‫الموحدة ( اليورو ) فإن تكاليف سفرهم سترتفع كثي ار كون شركات الطيران األوروبية لن تبقى‬

‫‪ -1‬نوار جليل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪57‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لديها نفس الحرية ‪ ،‬ووتيرة العمل في الفضاء األوروبي من والى بريطانيا مما سيؤثر على‬
‫أسعارها حتما‪.1‬‬

‫كذلك كلفة استخدام الهاتف الخلوي في الفضاء األوروبي بالنسبة للبريطانيين ‪ ،‬والتي من‬
‫المنتظر أن تشهد ارتفاعا بعد أن تم التوصل إلى توحيد التكلفة داخل دول اإلتحاد‪ .‬مع تفعيل‬
‫البريكسيت قد تغادر عدة شركات عمالقة بريطانيا ‪ ،‬وخاصة تلك التي تعمل في مجال البنوك‬
‫والتأمينات ‪ .‬فيما يخص معاشات التقاعد ‪ ،‬التي يتمتع بها البريطانيون في أوربا من المتوقع‬
‫أن تنخفض بشدة مع انخفاض قيمة الجنيه اإلسترليني مقابل اليورو ‪ ،‬وهو ما قد يصعب أكثر‬
‫من ظروف معيشية نسبة كبيرة من المتقاعدين المقيمين في الدول األوروبية‪.‬‬

‫التأمين على المرض ورخص العمل حيث أن البريطانيون المقيمون في الدول األوروبية‪ ،‬والذين‬
‫يتمتعون بتغطية صحية في دول اإلقامة تكفلها تغطية عامة صحية بريطانية بموجب اتفاقيات‬
‫ثنائية‪ ،‬كما هو الحال في فرنسا مثال هؤالء قد يحرمون من هذه التغطية المشتركة مع تفعيل‬
‫البريكست‪ ،‬إضافة إلى أنهم قد يواجهون عائقا جديدا يخص حقهم في العمل في الدول‬
‫األوروبية‪ ،‬حيث قد يطالب منهم الحصول على رخصة عمل خاصة باألجانب‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التداعيات على اإلتحاد األوروبي‪:‬‬

‫ت رتب من خالل انسحاب بريطانيا من االتحاد االوربي مجموعة من التبعات ذات الطابع‬
‫االقتصادي‪ ،‬ففي هذا السياق يجمع الخبراء االقتصاديون ان االتحاد األوربي سيفقد أحد اهم‬
‫اقطابه االقتصادية و الذي كانت يعطي لالتحاد االوربي تنافسية كبرى على المستوى الدولي‬
‫السيم ا في المجال الصناعي و التجاري ‪ ،‬لذا يمكن اعطاء جملة من االنعكاسات المحتملة‬
‫على االقتصاد األوربي‪:‬‬

‫‪ -1‬نوار جليل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪58‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال ‪ :‬فقدان االتحاد لممول أساسي للميزانية األوربية‪:‬‬

‫شكلت هذه النقطة أحد أهم نقاط القوة التي طرحها مؤيد وخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي‪،‬‬
‫والمتمثلة بتوفير االلتزامات المالية التي تترتب على بريطانيا نتيجة لبقائها في االتحاد األوروبي‪،‬‬
‫إذ أن بريطانيا تنفق ما نسبته ‪ % 00‬من إجمالي الناتج المحلي لها ما يقدر بنحو ‪ 311‬مليار‬
‫جنيه إسترليني كتكاليف مباشرة وغير مباشرة لوجودها ضمن االتحاد األوروبي وتشمل هذه‬
‫التكاليف مساهمة بريطانيا في ميزانية االتحاد األوروبي‪ ،‬التي تقدر بنحو ‪ % 0.36‬من إجمالي‬
‫الناتج المحلي البريطاني‪،‬حيث بلغ صافي ما دفعته بريطانيا في عام ‪ 3106‬لالتحاد األوروبي‬
‫حوالي ‪ 2.2‬مليار جنيه إسترليني ‪ ،‬وهو ما يمثل ‪ % 03‬من ميزانية االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫و أدى كذلك هذا الخروج إلى فقدان االتحاد األوربي جزء مهم من ميزانيته الموجهة لدعم سواءا‬
‫المؤسسات األوربية المشتركة أو النشاطات االقتصادية و االجتماعية لالتحاد باألخص في‬
‫مجال الخدمات الصحية التي تعاني ضغطا كبي ار جراء تقليص الميزانية المخصصة لها‪ ،‬ويقدر‬
‫أن تفقد تكاليف مساهمة بريطانيا في ميزانية االتحاد األوروبي حوالي ‪ % 2‬ما ينفقه االتحاد‬
‫على قطاع الخدمات الصحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى ستؤثر بخسارة االتحاد األوروبي لـ ‪% 03 :‬‬
‫من ميزانيته العامة‪ ،‬ويتوقع أن تتأثر المساعدات األوروبية المقدمة إلى الدول النامية كذلك‪،‬‬
‫كما يتوقع تقليص النفقات التي يخصصها االتحاد لمساعدة الالجئين والمهاجرين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فقدان المركز المصرفي األوربي ‪:‬‬

‫لقد سادت حالة من عدم الثقة لدى مودعي األموال العالمين يوصف بورصة لندن تمثل مركز‬
‫المصرفية األوربية و العالمية ‪ ،‬فزيادة عن فقدان العملة البريطانية أكثر من ‪ % 01‬من قيمتها‬
‫خالل يوم واحد ‪ ،‬فقد شهدت أسواق األسهم والسندات والبورصات األوربية ‪ ،‬بما فيها بورصة‬
‫لندن‪ ،‬حالة من الفوضي بعد إعالن نتائج االستفتاء‪ ،‬و لقد تراوحت التوقعات بين احتمال‬
‫حصول هجرة واسعة لرؤوس األموال وعزوف عن االستثمار في قطاع العقارات والخدمات في‬

‫‪59‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوروبا ‪ ،‬كما أن احتمالية انتقال العاصمة المالية لالتحاد األوروبي من لندن إلى اريسا والى‬
‫‪1‬‬
‫فرانكفورت حيث مقر البنك المركزي األوروبي‪.‬‬

‫في السياق ذاته فان سارعت وكاالت التصنيف العالمية إلعادة النظر في التصنيف االئتماني‬
‫السيادي لبريطانيا و مجموعة من الدول األوربية المرتبطة بها‪ ،‬قد يؤثر سلبا في االقتصاد‬
‫األوروبي نتيجة قرار االنسحاب أكثر إذا عرفنا أن االتحاد األوروبي يعد شريك بريطانيا التجاري‬
‫األول‪ ،‬إذ بلغت صادرات المملكة المتحدة إليه في عام ‪ 3106‬ما نسبته ‪ % 66‬من إجمالي‬
‫صادراتها‪ ،‬علما أن االتحاد األوروبي يستفيد كثي ار من أسواق دولية هي في األساس أسواق‬
‫بريطانية‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تراجع االستثمارات األجنبية من خارج أوربا ‪:‬‬

‫أما فيما يخص الستثمار األجنبي‪ ،‬فنجد أنه هناك ثالثة أسباب على األقل أدت إلى تراجع‬
‫االستثمار األجنبي المباشر قد يتراجع بعد انسحاب المملكة المتحدة البريطانية من االتحاد‬

‫األوروبي‪:‬‬

‫‪ -‬بفقدان بريطانيا فقد االتحاد األوروبي محطة تصدير مهمة للشركات متعددة الجنسيات‪،‬‬
‫ألن لها عالقات اقتصادية أطلسية هامة جدا حيث تستفيد الصادرات األوربية من نفس‬
‫مزايا الصادرات البريطانية‪ ،‬بوصف بريطانيا محطة تصدير لها نحو الدول األطلسي‪،‬‬
‫لذا سيضطر االتحاد األوروبي لدفع التعاريف الجمركية لكل من بريطانيا وكذلك تلك‬
‫الدول‪.‬‬

‫‪ -1‬رامي حميد‪ ،‬االنسحاب البريطاني من االتحاد األوروبي‪ ،‬دراسة في األسباب او اإلنعكاسات ألمنية و االقتصادية‪ ،‬المجلة الجزائرية للدراسات‬
‫السياسية‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬العدد األول‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪60‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬لدى الشركات متعددة الجنسيات إجراءات التوريد المعقدة والعديد من تكاليف التنسيق‬

‫بين المقر الرئيسي والفروع المحلية وهذا من شأنه أن يعقد أكثر األمور بانسحاب‬
‫بريطانيا من االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪ -‬عدم اليقين بشأن شكل رتيبات التجارة المستقبلية بين بريطانيا واالتحاد األوروبي سيجعل‬
‫بريطانيا منافسا قويا ألوروبا في مجال االستثمار األجنبي المباشر وقد أد رئيس الوزراء‬
‫الياباني أن االتحاد المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬التداعيات األمنية‪:‬‬

‫إن عملية انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي قد تشوبها العديد من المخاطر و التداعيات‬
‫سيما في المجال األمني بالنظر ألهمية وثقل وزنها على المستوى األوروبي اإلقليمي و حتى‬
‫‪1‬‬
‫الدولي ‪ ،‬مما يقودنا للتطرق ألهم هذه التداعيات‪:‬‬

‫نظ ار للقوة العسكرية التي تتمتع بها بريطانيا بوصفها القوة األكثر تأثي ار في أوروبا ‪ ،‬فإن فقدان‬
‫شريك أساسي له وزن كبير على المستويين اإلقليمي والدولي بإمكانه أن يجعل ق اررات االتحاد‬
‫األوروبي في مجال السياسة الخارجية المشتركة أو في سياسة الدفاع المشترك أكثر قوة وأكثر‬
‫فعالية ‪ ،‬إذا فانسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي و بالرغم من أنها لم تكن دائما على قدم‬

‫مساواة مع الق اررات األوروبية الخارجية المشتركة‪ ،‬قد يضعف المواقف األوروبية على األقل‬
‫من الناحية المعنوية ‪.‬‬

‫و برغم كل ما يقال على عدم التوافق البريطاني األوروبي في مجال السياسة الخارجية‬
‫المشتركة‪ ،‬حتى أنها أتهمت غالبا أنها هي من حالت دون قيامها بشكل فعال ‪ ،‬فإن الواقع‬
‫أثبت أكثر من مرة مسائدة بريطانيا لعديد ق اررات االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪ -1‬رامي حميد‪ ،،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪33‬‬

‫‪61‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مكن ا النسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي ان يحزرها من بقايا القيود التي كان يفرضها‬

‫عليها االتحاد في مجال سياسته الخارجية سيما في إطار عالقة بريطانيا مع الواليات المتحدة‬
‫األمريكية ‪ ،‬مما يجعـل بريطانيـا أكثـر قـدرة على المناورة الخارجيـة وأكثر قدرة على التمـاهي في‬
‫مواقفهـا مـع المواقـف األمريكية تجاه القضايا الدولية‪.‬‬

‫ترك انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي فراغا أمنيا واضحا على المستوى العسكري‬
‫والمخابرات ي يوجه الخصوص‪ ،‬حيث أنه معروف عن بريطانيا امتالكها لجهاز مخابراتي األكثر‬
‫فعالية في أوروبا الذي ساهم أكثر من مرة بفضل معلوماته الدقيقة من إحباط العديد من‬
‫العمليات اإلرهابية على األراضي األوروبية‪ ،‬لذلك فإن حدوث خلل على مستوى تبادل‬

‫المعلومات في مجال المخابرات أو الشرطة‪ ،‬قد يعزز فرضية زيادة العمليات اإلرهابية خصوصا‬
‫و أن انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي يجعلها أكثر استقاللية في مجال عدم اإلفصاح‬
‫عن المعلومات الهامة‪.‬‬

‫انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي أعاد صياغة الجغرافيا السياسية للقارة األوروبية‪ ،‬حيث‬
‫مثلت بري طانيا الجسر األطلسي الرابط بين أوروبا و الواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬لذلك فإن‬
‫خروج بريطانيا من االتحاد سيعمق عالقة التعاون في األمن واالقتصاد بشكل أكبر بينها و‬
‫بين الواليات المتحدة في مقابل تراجع العالقات البريطانية األوروبية‪ ،‬مما يمهد إعادة بعث‬

‫السياسة التدخلية للواليات المتحدة في الشؤون األوروبية تحت ذريعة الحفاظ على األمن‬
‫‪1‬‬
‫واالستقرار االوروبي جراء الفراغ األمني الذي تركه خروج بريطانيا من االتحاد‪.‬‬

‫‪ -1‬رامي حميد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪31‬‬

‫‪62‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التداعيات على العالم الدولي‪:‬‬

‫أن السياسة الخارجية البريطانية الجديدة قد تختلف في توجهاتها عما كانت عليه خالل العقد‬
‫الماضي ‪ ،‬والسيما أن ثمة قناعة بالتغيرات الهيكلية الجديدة‪ ،‬ومع ذلك ستظل بريطانيا دولة‬
‫قوية في إدارة دفة الشؤون الدولية ‪ ،‬وان تقلص هذا الدور‪ ،‬بما يعني أن العالم من المحتمل أن‬
‫يراها بصورة أكثر تحفظاً أيديولوجيا في المستقبل المنظور‪.‬‬

‫فبعد خروجها فعلياً من عضوية االتحاد األوروبي وفق خطة " بريكسيت " التي صوت عليها‬
‫البرلمان األوروبي بصورة نهائية مؤخ اًر ‪ ،‬أصبحت بريطانيا أكثر حرية لجهة رسم سياساتها‬
‫الخارجية والدفاعية والسيما حيال الشرق األوسط وآسيا وأفريقيا وهي المناطق الثالث التي‬

‫تشكل مرتكزات لهذ ه السياسات كونها األهم لجهة المصالح االقتصادية البريطانية وبالتالي‬
‫ضرورة بناء نفوذ فيها‪.‬‬

‫وألن منطقة آسيا و الباسيفيكي هي األسرع نمواً على الصعيد العالمي وألنها تشهد تنافساً‬
‫جيوبوليتكيا حاداً بين العمالقين األمريكي والصيني فإنها هي التي تجذب اهتمام لندن أكثر‬
‫من المنطقتين األخريين ‪ ،‬وألن أستراليا واليابان هما أقرب حلفاء لندن فإنهما األولى باالهتمام‬
‫والتركيز من قبل البريطانيين ضمن منطقة آسيا و الباسيفيكي‪.‬‬

‫وهذا ال يعني بطبيعة الحال ‪ ،‬إغفال التركيز على دول جنوب شرق آسيا التي من بينها ما‬
‫ارتبطت بروابط کولونيالية قديمة مع بريطانيا وتربطها بها حالياً مصالح من خالل منظومة‬
‫الكومنولث البريطاني ‪ .‬وفي هذا السياق قيل إن قيام لندن مؤخ اًر بافتتاح بعثة خاصة لها في‬
‫العاصمة األندونيسية جاكرتا ‪ ،‬حيث يوجد مقر السكرتارية الدائمة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا‬
‫المعروفة اختصا اًر باسم آسيان ‪ ،‬يندرج ضمن اهتمام السياسة الخارجية البريطانية الجديدة‬
‫بتعميق روابط المملكة المتحدة مع الدول العشر األعضاء في هذا التكتل بشروطها الحرة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أي خالفا ما كان يحدث سابقاً حينما كانت لندن مقيدة بمرئيات وسياسات االتحاد األوروبي‬

‫إزاء هذه الدول‪ ،‬ما يعني أن بإمكانه ا اآلن أن تبدي بعض المرونة في تعامالتها مع األخيرة‪،‬‬
‫وأن توقع معها اتفاقيات تجارة حرة تنطوي على بعض التنازالت في المواقف المبدئية ‪ ،‬أو‬
‫تتضمن تجاوزات فيما يتعلق بتوريد بضائع بمعايير وقائية صحية وبيئية أدني من معايير‬
‫االتحاد األوروبي مثالً ‪ ،‬كي تعطي لنفسها ميزة على حساب بقية الدول األوروبية‪.‬‬

‫وهكذا فإن المؤكد هو تحول سياسات بريطانيا الخارجية والدفاعية نحو انخراط أعمق وأوضح‬
‫لها في آسيا ‪ /‬الباسيفيكي باعتبارها منطقة معقدة أمنياً ومقبلة على تنافس أشد خطورة بين‬
‫واشنطن وبكين من ذي قبل ‪ ،‬بل تتصاعد أهميتها التجارية لبريطانيا وأهميتها األمنية للعالم‬

‫ككل في المستقبل المنظور ‪ ،‬لكن مع إيالء اهتمام خاص باليابان التي وقعت معها بريطانيا‬
‫في عام ‪ 3102‬اتفاقية للتعاون األمني‪.‬‬

‫وتدرك بريطانيا جيداً أن الشكل المستقبلي لإلقليمين العربي والشرق أوسطي سيكونان محصلة‬
‫للتفاعالت والعمليات ال سياسية المؤثرة دوليا‪ ،‬حيث ال يخفي عليها أن منطقة الخليج كانت‬
‫منطقة نفوذ تابعة لها‪ ،‬وهي ال تزال تمارس سياستها الناعمة هناك‪ ،‬ولها تأثير ثقافي كبير على‬
‫النخب المحلية التي تكونت غالبيتها في المؤسسات والمعاهد والجامعات البريطانية ‪ ،‬لذلك‬
‫فهي تعتبر أن طموحات إي ارن وسعيها للدخول في محاور دولية ‪ ،‬باتت تشكل أخطا ار كبيرة‬
‫‪1‬‬
‫على التوازنات اإلقليمية التي أرستها بريطانيا منذ قرن من الزمن في المنطقة‪.‬‬

‫وبهذا يتضح الهدف األساسي لقاعدة البحرين‪ ،‬التي تدخل في صميم سياسات حلف شمال‬
‫األطلسي الخاصة بـ “ تطويق التمدد اإليراني اإلمب ارطوري " ‪.‬‬

‫‪ -1‬ريم عبد المجيد ‪ ،‬بريطانيا وتحديات خروجها من االتحاد األوروبي ‪ ،‬القاهرة ‪ :‬المركز العربي للبحوث والدراسات ‪ 1 ،‬فيراير ‪ ،1010‬ص‬
‫‪.311‬‬

‫‪64‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما أن بريطانيا واعية بأن أمن الخليج يشكل أهمية حيوية بالنسبة القتصادها ‪ ،‬لذلك تؤمن‬

‫بأن الحفاظ على استقرار بلدانه يصب في مصلحة العديد من قطاعاتها ‪ ،‬كما أن جهوده هذه‬
‫تتنزل في سياق الحد من تصاعد الدور االقتصادي والتكتيكي الذي تقوم به كل من الصين‬
‫وروسيا لتدعيم عالقاتها مع بلدان المنطقة‪.‬‬

‫خالصة القول يبقى أن نشير من الناحية الجيوسياسية ‪ ،‬إلى أن عددا من الخبراء البريطانيين‬
‫يعتبرون أن منطقة الشرق األوسط تعرف تفاقما للصراعات ‪ ،‬ويرون أنها مرشحة لمزيد من‬
‫التصدع الجيوسياسي في ظل تواصل األزمات في كل من العراق وسوريا واليمن ‪ ،‬ومزيداً من‬
‫التغييرات في أركان التوازن القائمة اآلن إذا لم يتم االلتزام بأحكام المواثيق الدولية واستمرار‬

‫تناقضات األهداف والرؤى بين األطراف الدولية الرئيسية ‪.‬‬

‫وهو ما يستدعي من العرب تنويع شراكاتهم ووضع بدائل استراتيجية جديدة تعتمد على تحالفات‬
‫من كل دول العالم ومن مختلف القارات‪ ،‬على نحو يفتح لهم آفاقاً جديدة وتعزي اًز ألمنهم القومي‬
‫في هذه المرحلة التي تعرف تغييرات سريعة‪.‬‬

‫وبالتالي شهدت أوروبا واحداً من أهم األحداث التي مرت بها في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬وهو‬
‫خروج المملكة المتحدة من االتحاد األوروبي أو ما يطلق عليه البريكست ‪ ،‬ولهذا القرار‬
‫البريطاني تداعيات وآثار عديدة تجعل هناك اختالفاً في طبيعة السياسة الخارجية التي تنتهجها‬
‫‪1‬‬
‫المملكة المتحدة تجاه النظام العالمي‪.‬‬

‫وفي هذا البحث نركز على مالمح الدور البريطاني في النظام الدولي والتغير الذي سوف‬

‫يط أر ع لى هذا الدور بعد خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي ومن هنا توجد ثالث خيارات‬

‫‪ -1‬ريم عبد المجيد ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪311‬‬

‫‪65‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للدور الجديد للمملكة المتحدة للمشاركة في السياسة األمنية والدفاعية لالتحاد األوروبي ‪ :‬فهناك‬

‫ثالث احتماالت رئيسية تتمثل في التالي‪:‬‬

‫العب متكامل ‪:‬أي أن يكون للمملكة المتحدة وضع خاص حيث تشارك في مجموعات القتال‬
‫وعمليات الدفاع المشتركة في نموذج عكسي لوضع الدنمارك‪.‬‬

‫ويكون لها حق المشاركة في مجلس العالقات الخارجية وقت مناقشة التوجهات االستراتيجية ‪.‬‬

‫شريك مرتبط ‪:‬أي يكون وضعها أشبه بالنرويج‪ ،‬ليس لها عضوية في مجلس العالقات الخارجية‬
‫لكن لها حق " الحوار في القضايا ذات الصلة‪ ،‬وسيظل لها حق المشاركة في المجموعات‬

‫القتالية ووكالة الدفاع األوروبية عبر اتفاقيات معينة ‪.‬‬

‫مما يجعل هذا الخيار بمثابة ترتيب مناسب يتيح تأثير قليل أو شبه منعدم على صنع السياسة‬
‫األوروبية‪.‬‬

‫مراقب منفصل ‪:‬سيعني ذلك أن المملكة المتحدة لن تشارك في أي مؤسسات رسمية وستتحدد‬
‫مشاركتها في المهمات القتالية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للدور البريطاني في النظام العالمي بعد اتمام عملية االنسحاب من االتحاد األوروبي‬
‫‪1‬‬
‫فمن المتوقع أيضا أن يواجه العديد من التحديات المتمثلة في‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التوصل التفاق تجاري مع االتحاد األوروبي ‪ :‬من األمور األساسية بعد خروج بريطانيا‬
‫من االتحاد األوروبي قضية العالقات التجارية المستقبلية مع دول االتحاد والشكل الذي ستتخذه‬

‫هذه العالقة ‪ ،‬حيث يوجد العديد من الخيارات التي يمكن تطبيقها مثل األخذ بتعريفات منظمة‬
‫التجارة العالمية ‪ ،‬أو التعامل الكومنولث ‪ ،‬الترويج ‪ ،‬سويس ار ‪ ،‬كوريا الجنوبية ‪ ،‬أو هونج كونج‪.‬‬

‫‪ -1‬ريم عبد المجيد ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪311‬‬

‫‪66‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وفي حين أن كل خيار له فوائد إال أن االتحاد األوروبي يظل هو األهم بالنسبة لبريطانيا ‪،‬‬

‫والعكس صحيح‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬التوصل التفاق أمني ‪ :‬يجدر االتفاق على الطريقة التي ستعمل بها بريطانيا مع دول‬
‫االتحاد في مجال األمن ‪ ،‬فقد كان هناك تعاون كبير بين الشرطة واألمن في المملكة واالتحاد‬
‫وهو ما سيواجه تحديا بعد الخروج فعلى سبيل المثال لم تعد المملكة ممثلة في الفريق الذي‬

‫يدير يوروبول ‪ ،‬الوكالة المنوط بها تنسيق التحقيقات الرئيسية في الجريمة المنظمة على نطاق‬
‫أوروبا‪.‬‬

‫يضاف ل ذلك أنها ستفقد إمكانية استخدام أنظمة االتحاد األوروبي لفحص السجالت الجنائية‬

‫للرعايا األجانب ‪ ،‬فسيقع على عاتق جونسون الوصول إلى اتفاقية تحكم تبادل البيانات مع‬
‫االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬حقوق المواطنين بعد الخروج ‪ :‬سيكون ضمان حقوق المواطنين البريطانيين واألوروبيين‬
‫أم أر معقدًا ‪ ،‬فبالنسبة لبريطانيا سترغب في الحد من دخول مهاجرين وعمالة إليها بينما سيسعى‬

‫االتحاد إلى الوصول التفاق منع ارتداد العمالة والمواطنين إليه في الوقت الراهن ألنه سيسيب‬
‫عبئا على حكوماته كونه يعني مزيد من البطالة على سبيل المثال‪.‬‬
‫ً‬

‫رابعاً ‪ :‬حفظ الوحدة واالستقرار الداخلي ‪ :‬أثبتت قضية خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي‬
‫أنها مثيرة لالنقسام في جميع أنحاء المجتمع البريطاني ‪ ،‬يضاف لذلك أنها أسفرت عن إعالن‬
‫األسكتلنديون رغبتهم في إجراء استفتاء لالنفصال عن المملكة ‪ ،‬وكذلك عودة الحدود بين‬
‫أيرلندا وأيرلندا الشمالية‪ ،‬بجانب إغفال وضع جزر القناة ‪-‬جيرزي وجيرنسي ‪ -‬اللتين لم تحصال‬
‫على تصويت أثناء االستفتاء بما قد يجعل لديهم إمكانية الوصول إلى السوق الموحد واالتحاد‬
‫الجمركي‪ ،‬وكذلك جبل طارق الذي يعد تابعا للمملكة المتحدة وله برلمان خاص به‪ ،‬فهي ال‬

‫‪67‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تزال تتمتع بإمكانية الوصول للسوق الموحد وانتخاب عضو البرلمان األوروبي تحت ستار دائرة‬

‫جنوب غرب إنجلت ار‪.‬‬

‫خامساً ‪ :‬الحفاظ على مكانة بريطانيا الدولية ‪ :‬وهي من التحديات الصعبة في ظل‬
‫االضطرابات والتوترات التي يشهدها العالم والتنافس المحتدم بين القوى الكبرى وتأكل النظام‬
‫‪1‬‬
‫الذي كانت تحتل فيه بريطانيا مكانة كبيرة كقوة عظمي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬السيناريوهات المستقبلية لإلتحاد األوروبي بعد البريكسيت‪.‬‬

‫حتى تتم معرفة مستقبل التجربة التكاملية األوروبية ما بعد خروج بريطانيا من اإلتحاد البد من‬

‫اللجوء إلى إحدى تقنيات التحليل في الدراسات المستقبلية و التي هي تقنية بناء السيناريوهات‪.‬‬

‫فالسيناريوهات عبارة عن مجموعة من الفرضيات التي تهدف إلى فهم تطور نسق الظاهرة وعن‬
‫مستقبل اإلتحاد األوروبي سوف يتم طرح ثالثة أنواع من السيناريوهات حولها بداية من‬

‫السيناريو االتجاهي ‪ ،‬مرو ار بالسيناريو التشاؤمي وصوال إلى السيناريو التفاؤلي‪.2‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المطلب األول‪ :‬سيناريو تماسك االتحاد األوروبي (خطي)‪.‬‬

‫وهو السيناريو الذي يفترض استمرار سيطرة الوضع الحالي على تطور الظاهرة محل‬
‫الدراسة في المستقبل و هذا يستلزم استمرار نوعية و نسبة المتغيرات التي تتحكم في الوضع‬
‫الراهن للظاهرة وهنا يتعلق بعملية إسقاط خطي التجاه وصور الظاهرة في الحاضر على‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫‪ -1‬ريم عبد المجيد ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪311‬‬


‫‪ -2‬رابح عبد الناصر جندلي ‪ ،‬الدراسات المستقبلية تأسيل تاريخي ‪ ،‬مفاهيمي ومنهجي ‪ ،‬مجلة العلوم السياسية والقانون ‪ ،1031،‬ص ‪10.‬‬

‫‪68‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫استمرار التجربة األوروبية على حالها رغم خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي واألخذ بمسار‬

‫ثابت من خالل الحفاظ على وحدة التكتل بين دول األعضاء واستمرار العالقات التعاونية فيما‬
‫بينهما ‪.‬‬

‫مع تركيز على استم اررية تنفيذ و تحديث األجندة اإلصالحية ومعالجة المشكالت سواء الحالية‬
‫أو المستقبلية ‪ .‬و كذا تعميق وتوثيق الشراكة في مجاالت معنية واإلبقاء على اللوائح والقوانين‬
‫المتخذة من أجل ذلك سواء في المجاالت السياسة االقتصادية االجتماعية ‪ ،‬واستم اررية التعاون‬
‫في مجاالت الهجرة واألمن والدفاع والعمال على النظام الداخلي لإلتحاد األوروبي من خالل‬
‫توحيد السياسات الخارجية لإلتحاد وابقاء مصالحها الخارجية خاصة في الدول الجوار‬

‫األوروبي‪.‬‬

‫استمرار العمل بالقوانين والتشريعات الناظمة لحركة التجارة بين بريطانيا واإلتحاد خالل‬
‫السنوات المقبلة وسعيه لمواجهة هذه األزمة الجديدة ‪ ،‬حيث يقوم اإلتحاد على تبني مجموعة‬
‫من الخطوط العريضة بشأن المفاوضات المستمرة مع بريطانيا ‪ ،‬حيث تتعامل اإلتحاد ككتلة‬
‫من أجل الحفاظ على مصالحها وذلك من خالل تقليص الغموض الناجم عن قرار بريطانيا‬
‫بنسبة للمواطنين األوروبيين من خالل العمل على إبقاء بريطانيا شريكا ألوروبا والحلف‬
‫األطلسي‪.‬‬

‫رغم خروج بريطانيا من اإلتحاد وبدون تجاهل التحديات والصعوبات التي ستواجه الطرفين‬
‫(األوروبي و البريطاني ) أثناء المفاوضات خاصة أن المادة ‪ 61‬من اتفاقية اإلتحاد األوروبي‬
‫لم تفصل كيفية خروج دولة من اإلتحاد مما تأخر هذه المفاوضات قد يمكن أن تتجاوز عامين‬

‫بدون أخد القرار النهائي لخروج بريطانيا من اإلتحاد وبالتالي أصبحت أوروبا مجبرة أخد‬

‫‪69‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بالحيطة والحذر أمام احتماالت تفكيك اإلتحاد األوروبي من خالل زيادة التقارب التي يجعلها‬

‫بمثابة كيان سياسي واحد‪.1‬‬

‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬السيناريو انهيار االتحاد األوروبي (التشاؤمي)‬

‫هو ذلك السيناريو الذي يهدف إلى تحوالت في السياق التي يتضمنها السيناريوهين ( الخطي‬

‫والتفاؤلي )‪ ،‬إذ يرفض البقاء على الوضع القائم أو إدخال بعض التعديالت أو اإلصالحات‬
‫على الظاهرة المدروسة بل يذهب إلى أبعد من ذلك ‪ ،‬حيث يركز على فكرة التغيير الجذري‬
‫العميق للظاهرة المدروسة داخليا أو خارجيا من خالل أخذه بعين االعتبار المتغيرات القليلة‬
‫االحتمال‪ ،‬والتي بإمكانها أن تغير جذريا السياق العام للظاهرة محل الدراسة في حالة حدوثها‪.‬‬

‫إن الخروج البريطاني من اإلتحاد األوروبي هو تهديد بالمشروع األوروبي بأكمله سواء على‬
‫اإلتحاد األوروبي ( الدول األعضاء ) أو على بريطانيا ‪ ،‬ما يمكن أن يؤدي ذلك إلى مصير‬
‫مأساوي سواء من الناحية االجتماعية ‪ ،‬السياسية واالقتصادية أو خاصة فيما يتعلق بالعالقات‬

‫الدولية‪.2‬‬

‫فقضية االنفصال من الكتلة األوروبية يعتبر تحديا ضخما بخروج دولة بحجم المملكة‬
‫المتحدة التي تمثل واحد من الدول الثالث الكبرى إلى جانب ألمانيا وفرنسا ‪ ،‬حيث تمثل‬

‫صادرات بريطانيا إلى اإلتحاد األوروبي ‪ % 04.6‬من إجمالي صادرات هذا األخير ‪ ،‬وتساهم‬
‫بنحو ‪ 2.6‬مليار يورو في ميزانية اإلتحاد عام ‪ .3106‬إلى جانب كونها ثالث أكبر دولة من‬

‫‪ -1‬فاطمة الزهراء ‪ ،‬انعكاسات تصاعد اليمن المتطرف على األمن المجتمعي في فرنسا ‪ ، 6002- 6002‬مذكرة ماستر غير منشورة ‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ .‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ " . 1031- 1032‬سيناريوهات مستقبل االتحاد األوروبي بعد خروج بريطانيا‬
‫‪"Http://www.albayan.ae/one-world/overseas:‬‬
‫‪ -2‬الرابح عبد الناصر جندلي ‪ " ،‬الدراسات المستقبلية ‪ :‬تأصيل تاريخي ‪ ،‬مفاهيمي ‪ ،‬منهجي " ‪ ،‬مجلة العلوم السياسية والقانون ‪ ،‬ع ‪03.‬‬
‫‪ ،1031،‬ص ‪.13‬‬

‫‪70‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حيث عدد السكان في دول اإلتحاد ‪ ،‬مما يجعلها سوق ضخمة والعبا مؤث ار في عملية صنع‬

‫القرار‪ ،‬باإلضافة إلى دورها على الساحة الدولية وامكانياتها العسكرية الضخمة‪.‬‬

‫ولعل أهم نتيجة سوف تترتب عن خروج بريطانيا ذات طبيعة سياسية قد تلجأ دول أخرى إلى‬
‫تقليدها ‪ ،‬وليس بالضرورة أن تخرج من اإلتحاد بل تكفي أن تهدد بتنظيم استفتاء مماثل وأن‬
‫تطالب بالحصول على االمتيازات أو حقوق خاصة‪ ،‬وبالتالي تسعى أي دولة عضوة في اإلتحاد‬
‫األوروبي إلى تحقيق مصالحها دون االلتزام بواجباتها‪.‬‬

‫فعلى رأس التوقعات قد يترتب انفصال دول أخرى عن اإلتحاد بل وظهور أحداث في السيناريو‬

‫أكثر تشاؤما ‪ ،‬والذي أصبح وشيكا ومنطقيا بعد خروج المملكة المتحدة كالعب رئيس وفعال‬
‫في هذا اإلتحاد ‪ ،‬وبالتالي تعتبر فرنسا من بين الدول المرشحة للخروج من اإلتحاد األوروبي‪،‬‬
‫وذلك يعود إلى انتخابات مجلس النواب الفرنسية عام ‪ ، 3106‬وألول مرة في تاريخ فرنسا‬
‫اكتسح حزب الجبهة الوطنية بنسبة ‪ % 36‬من األصوات‪ ،‬وحصل على ‪ 23 %‬من مقاعد‬
‫البرلمان وزعيمته الحالية " مارين لوبين " التي تعتبر من مؤسسي هذا الحزب ‪ ،‬والداعمة لليمين‬
‫المتطرف‪ ,‬حيث دعت إلى حملة الفريكسيت " ‪ " Frexit‬على غرار حملة " ‪ " Brexit‬معتبرة‬
‫أن اإلتحاد األوروبي تحول عمليا لنظام شمولي ‪ ،‬والبد أن يحل محله نظام جديد‪.‬‬

‫كما نجد أيضا هولندا المرشحة لتكرار تجربة المملكة المتحدة ‪ ،‬حيث طالب النائب الهولندي‬
‫المؤسس لحزب الحرية والمؤيد لليمين المتطرف " خيرت وايلدرز" بإجراء استفتاء حول إمكانية‬
‫خروج بالده من اإلتحاد األوروبي‪.1‬‬

‫‪ -1‬أحمد رحمي ‪ " ،‬آثار خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي ‪ ،‬خريطة جديدة تبدأ جذورها بالنمو‬
‫‪arabic.cm.com/world/2016/06/26/britain-brexit-effects-opinion‬‬

‫‪71‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن غير المستبعد أن يشجع االستفتاء البريطاني على المطالبة باستفتاء مماثلة لدول أخرى‬

‫من اإلتحاد ‪ ،‬حيث نجد بولندا ‪ ،‬المجر ‪ ،‬النمسا ‪ ،‬السويد ‪ ،‬فنلندا والدانمرك ‪ ،‬الذي يكون من‬
‫شأنه في زيادة شعبية الجماعات اليمينية المتطرفة‪.‬‬

‫فقضية االنفصال البريطاني من الكتلة األوروبية سيفتح أبواب العداوة والتعقيد‪ ،‬خاصة فيما‬
‫يتعلق بكيفية تقسيم األصول وتسوية المسائل المتعلقة بالميزانية األوروبية ‪ ،‬إضافة إلى مسألة‬
‫ذات أهمية أكبر وهي تعقيد الحقوق المستقبلية لمواطني اإلتحاد في بريطانيا أو مواطني‬
‫بريطانيا في اإلتحاد ‪ ،‬هذا ما يشكل نشوب صراعات وحركات داخلية وخارجية إضافة إلى‬
‫أثارها الجانبية ما يمسن أمن واستقرار اإلتحاد ‪ ،‬وذلك مع عدم تسوية وضعية المواطنين خاصة‬

‫أن المادة ‪ 61‬من معاهدات اإلتحاد األوروبي لم تحمل الكثير من التفاصيل حول خروج دولة‬
‫من اإلتحاد ما يوجب العالقات والمفاوضات إلى اتجاه معاكس يهدد مستقبل التعاون األمني‬
‫ما بين الجانبين‪.‬‬

‫إن فقدان بريطانيا مكانتها على الساحة الخارجية قد يضعف قوة اإلتحاد األوروبي من خالل‬
‫التراجع في فرض العقوبات االقتصادية هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى سوف يفتح المجال‬
‫أمام عالقات جديدة مع اإلتحاد وروسيا ‪ ،‬مما يعطي وضعية متقدمة لروسيا وزيادة قوتها‪،‬‬
‫والذي يؤثر بدوره على تراجع مكانة وقوة اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬سيناريو توهج االتحاد األوروبي وتعزيز مؤسساته (التفاؤلي)‪.‬‬

‫هو خالف للسيناريو األول الذي ينطلق من فرضية بقاء األوضاع على حدوث تغييرات‬
‫واصالحات على الوضعية الحالية للظاهرة موضوع للدراسة وهذه اإلصالحات الكمية والنوعية‬
‫‪1‬‬
‫قد تحدث كذلك ترتيبيا جديدا في تطور الظاهرة‪.‬‬

‫‪ -1‬موسی مهدي‪ " ،‬سيناريوهات الخروج البريطاني من اإلتحاد األوربي ‪: ///www.alaraby.co.uk/economy/2016/06/18‬‬

‫‪72‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كذلك يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق وتحسين في اتجاه الظاهرة مما يسمح من بلوغ‬

‫أهداف ال يمكن تحقيقها في الوضع الحالي للظاهرة‪.‬‬

‫إن خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي ال يعني انهياره أو تفككه رغم التحديات المختلفة‬
‫التي سيواجه إال انه سيشهد أفاق جديدة وذلك من خالل اتخاذ دول اإلتحاد األوروبي ال ‪32‬‬
‫ق ار ار بشأن عدد من المجالت التي تحتل األولية حيث يمكن إن تعمق التعاون وتمنح صالحيات‬
‫تنفيذية أوسع لإلتحاد وفي مجاالت أخرى ‪ ،‬وبالتالي يصبح دور اإلتحاد محدودا وبينما يساعد‬
‫هذا الخيار اإلتحاد األوروبي في الوفاء بتوقعات معنية قد تكون من الصعب إجماع الدول‬
‫‪1‬‬
‫األعضاء على المجاالت التي يعني أن تحظى باألولوية‪.‬‬

‫كما سيوضع هذا السيناريو لتكامل متسارع بين الدول األعضاء لإلتحاد األوروبي وثم‬
‫سيكسب التكتل مزيدا من القوة في عملية صنع القرار بما في ذلك تكوين اتحاد دفاعي ومن‬
‫شأن هذا الترتيب أن يسمح بخلق آلية أكثر فعالية لصنع القرار داخل اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫قد ينتقل اإلتحاد األوروبي من حالة الدفاع عن مصيره المهدد منذ تصويت البريطانيين‬
‫لالنفصال عن التكامل األوروبي إلى الهجوم الواسع نحو تعزيز التقارب الذي أصبح يسير‬
‫باتجاه واحد نحو قيام اتحاد شامل و يصبح يعرف الواليات المتحدة األوروبية ‪ ،‬والعمل على‬
‫تطبيق عملية اليورو في كافة أنحاء اإلتحاد بما فيها الدول األكثر فق ار في شرق أوروبا وكذا‬
‫توسيع منطقة االنتقال الحر ( شينغن ) لتشمل كافة الدول ال ‪ 32‬األعضاء في اإلتحاد ‪،‬‬
‫وبالتالي ستزول الفوارق االقتصادية بين الدول ويصبح ذات كيان قادر على مواجهة األخطار‬
‫االقتصادية ‪ ،‬وذلك من خالل توحيد سندات جميع تلك الدول في سندات أوروبية واحدة التي‬

‫تصبح في األخير ذات قوة مالية عالمية‪.‬‬

‫‪ -1‬حسين بوقارة ‪ ،‬االستشراف في العالقات الدولية بمقاربة منهجية ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية ‪ ،‬جوان ‪ ، 1003‬ص ‪.13‬‬

‫‪73‬‬
‫مستقبل االتحاد األوروبي من دون بريطانيا‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من خالل فرض المزيد من خطط إعادة الهيكلة االقتصادية وبرامج الدمج وقيام تعهدات‬

‫إصالحية شاملة ما بين دول األعضاء سيعزز مستويات الناتج المحلي اإلجمالي على المدى‬
‫المتوسط لها مع تعزيز تنافسية األسواق وعودة االستثمارات األجنبية المباشرة هذا ما يؤثر على‬
‫جهة أخرى على قبول األحزاب األوروبية اليمنية والمعادية لإلتحاد لمزيد من االندماج‪.‬‬

‫ستكون هناك سياسات مالية مشتركة سيفرضها اإلتحاد على الدول الضعيفة للتخفيف من‬
‫المخاطر االقتصادية و زيادة المركزية لإلتحاد على تطبيق المزيد من برامج الدعم والتسهيل‬
‫الكمي بالتزام مع تزايد ضغوط األسواق‪.‬‬

‫لقد أضفت حملة خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي إلى انضمام دول أخرى إلى هذا‬
‫اإلتحاد فتركيا من أولى الدول المرشحة لالنضمام خاصة بعدما أجرت محادثات االنضمام مع‬
‫اإلتحاد األوروبي في عام ‪ 3106‬إضافة إلى انضمام دول غرب البلقان ‪ .‬قد يسعى اإلتحاد‬
‫األوروبي لتعزيز قوته التجارية من خالل اتفاقيات مع استراليا ونيوزيلندا مع وضع إستراتيجية‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك قيام تحالفات مع دول أخرى كالتحالف الصيني األوروبي والتحالف الروسي‬
‫وذلك م ن خالل تغيير هذه األخيرة من سياستها المخابراتية وتحكمها على القوة الفعلية لديها ‪.‬‬

‫لذلك ف إن تحقيق أحد هذه السيناريوهات سوف يغير بالفعل خارطة القوى الرئيسية المهيمنة‬
‫على النظام العالمي ويحد من تفرد الواليات المتحدة األمريكية في الق اررات الرئيسية المتعلقة‬
‫باألمن و السلم العالمين و يؤثر على مسيرة اإلتحاد األوروبي نحو الوحدة األوروبية المنشورة‬
‫بالواليات األوروبية الموحدة ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫اخلــــــــــــامة‬
‫خاتمــــة‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫تعتبر التجربة األوروبية من انجح التكتالت اإلقليمية واكبر تغيير في الساحة الدولية‬
‫من حيث التماسك واالندماج وذلك لتحقيق أهدافها االقتصادية والسياسية واألمنية ‪ ،‬إال أن قرار‬
‫خروج بريطانيا شكل هاجسا للمجموعة التكاملية األوروبية واحدث تغيرات وتأثيرات مست‬
‫المنظومة األوروبية والعالم ككل فكان حدث انفصال بريطانيا من االتحاد األوروبي له وقع‬
‫واثر واضح على الساحة الدولية واألوروبية على وجه الخصوص حيث لعب استفتاء الخروج‬

‫البريطاني على زرع الشكوك والخوف من تنقل عدوى االستفتاءات داخل الوحدة األوروبية‬
‫ورغية الدول في االنسحاب منه‪.‬‬

‫لقد كان انسحاب بريطانيا متوقع ومنتظر الن دخولها جاء متأخ ار وكذا االستفتاء لم‬

‫يكن األول بل سبقه استفتاء ‪ 0426‬الذي جاء بعد عامين من انضمامها لالتحاد ‪ ،‬فبقي هاجس‬
‫الشك نحوها متوقع ومنتظر في أي لحظة نظ ار لتمسكها بعملتها وعدم دخولها فضاء شنجن‬
‫كلها مؤشرات توحي بإمكانية االنفصال البريطاني من الوحدة األوروبية واعتبار االنفصال‬
‫منعرج حاسم ومؤثر على سيرورة التجربة التكاملية األوروبية نظ ار لتأثيراته عليه ‪ ،‬إذ يعتبر‬

‫االستفتاء نقطة بداية لتفكك الوحدة األوروبية ككتلة واحدة وتراجع دوره ‪ ،‬وقد احدث االستفتاء‬
‫كذلك زعزعة داخل بريطانيا في حد ذاتها ما جعل بعض التوقعات التي تؤول إلى تفكك المملكة‬
‫في حال إصرار االسكتلنديين االستقالل عن بريطانيا وكذا ايرلندا هذا كله يؤدي إلى تصاعد‬
‫وتيرة التيارات االنفصالية داخل أوروبا هذا ما أدى باالتحاد إلى الجهد والعمل على تخطي‬
‫الوضع ومحاولة الحفاظ على المصالح المشتركة االقتصادية واألمنية في ظل كل التهديدات‬
‫التي تحيط بالوحدة األوروبية‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫خاتمــــة‬

‫يمكن أن نخلص من خالل هذه الدراسة إلى أن تفكك االتحاد األوروبي أم ار وارد في‬
‫ظل قرار انسحاب بريطانيا والسيناريوهات المحتملة ‪ ،‬فلخروج المملكة المتحدة تأثيرات بالغة‬
‫على الوحدة التكاملية األوروبية بعد مرور المشروع على الكثير من المحطات التأسيسية أين‬
‫جاء الخروج كضربة قوية للوحدة التكاملية وتعد نظريات االندماج أخفقت في بعض جوانبها‬
‫في ظل الخروج البريطاني ‪ .‬وقد خلصت الدراسة إلى‪:‬‬

‫‪ ‬الدخول البريطاني المتأخر ورفض بريطانيا االنصهار التام في االتحاد األوروبي كان‬
‫سيؤدي حتما إلى االنفصال البريطاني عن األسرة األوروبية‪..‬‬
‫‪ ‬خروج بريطانيامن االتحاد األوروبي ال يعني أنها تتخلى عن السوق األوروبية الموحدة‬
‫ألنها تمنحها أفضلية على باقي منافسيها من آسيا وأمريكا‪.‬‬
‫‪ ‬إن لخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي تداعيات سياسية مباشرة وتداعيات مستقبلية‬
‫أخطرها هو تفكك المملكة في ظل إصرار مقاطعات اسكتلندا وايرلندا باالنفصال عن‬
‫المملكة المتحدة واحتمالية حدوث نزاع مع اسبانيا حول جبل طارق ونزاع األرجنتين‬
‫حول جزر فوكال‪.‬‬
‫‪ ‬فقدت بريطانيا جزءا من مكانتها الدولية وأدوات تأثيرها على نطاق حيزها الجغرافي‪.‬‬

‫‪ ‬االتحاد األوروبي فقد التوازن وفقد قوة نووية صاحبة مقعد دائم في مجلس األمن‪.‬‬
‫‪ ‬الخروج البريطاني يشكل هاجس للكتلة األوروبية وبالتالي خلق حالة من الخوف والشك‬
‫وعدم الثقة بين الدول األعضاء ‪ ،‬مما سينقل االستفتاءات للمطالبة باالنفصال‪.‬‬
‫‪ ‬االتحاد األوروبي يوافق على منح بريطانيا فرصة ثانية وتمديد مهلة الخروج‪.‬‬

‫‪ ‬من المتوقع أن يكون خروج بريطانيا ناعم يتم فيه الوصول إلى اتفاق يضمن المصالح‬
‫المشتركة لبريطانيا واالتحاد األوروبي ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫خاتمــــة‬

‫وعليه ‪ ،‬فيمكن القول أن االتحاد األوةروبي وبريطانيا خس ار معا بالبريكسيت‪ ،‬يبقى اآلن‬
‫االنتظار في كيفي تعاملهما مع المعطى الجديد‪ ،‬سواء بينهما كقوتين في أوروبا‪ ،‬أو مع‬
‫األ قطاب والقوى العالمية األخرى مثل الصين وروسيا والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ثم سيسمح‬
‫هذا الخروج بمعرفة ما إذا كانت بريطانيا حقيقة عائقا امام استكمال التكامل األوروبي في‬
‫مجالي الدفاع والخارجي أم أن الخالفات األوروبية أكبر من أن نعلقها على بريطانيا فقط‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫قامئة املراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ ‬بطرس بطرس غالي ومحمود خيري عيس‪ ،‬المدخل في علم السياسة‪ ،‬مكتبة األنجلو‬
‫المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة السابعة‪.0424 ،‬‬
‫‪ ‬حسين طالل مقلد‪ ،‬السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي في نظريات العالقات الدولية‪،‬‬
‫حالة تطبيقية\ن مجلة الفكر‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد‬

‫خيضر‪ ،‬بسكرة‪.‬‬
‫‪ ‬حسين بوقارة ‪ ،‬االستشراف في العالقات الدولية بمقاربة منهجية ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫جوان ‪.3116‬‬
‫‪ ‬سامية بيبرس ‪ " ،‬ألمانيا الموحـدة‪..‬تحـديات داخليـة ودور خارجي متصاعد " ‪ ،‬مجلـة‬
‫السياسة الدولية ‪ ،‬عـدد ‪ 022‬أكتوبر ‪. 3114 ،‬‬
‫‪ ‬عبير الغندور ‪ " ،‬الشراكة األوروبية مع العرب واسرائيل‪..‬دراسة مقارنة " ‪ ،‬مجلة السياسة‬
‫الدولية ‪ ،‬عـدد ‪ 026‬بوليـو ‪. 3112‬‬
‫‪ ‬عماد جاد ‪ " ،‬االتحاد األوروبي ‪ :‬تطور التجربة " ‪ ،‬مجلة السياسة الدولية ‪ ،‬عدد ‪020‬‬
‫يوليو ‪.3116 ،‬‬

‫‪ ‬عبـد الـرؤوف هـاشـم بـسيوني ‪ ،‬المفوضية األوروبية ‪ :‬الحكومة المركزية لالتحاد‬


‫األوروبي ‪ ،‬دار الفكـر الجـامعي اإلسكندرية ‪. 3112 ،‬‬
‫‪ ‬عبد المنعم النشاط ‪ ،‬اإلطار النظري لمفهوم األمن القومي ‪ ،‬األمن العربي ابعاده‬
‫ومستوياته‪ ،‬القاهرة ‪ :‬معهد البحوث والدراسات العربية ‪.0442 ،‬‬

‫‪ ‬عبـد التـور بـن عنـتـر ‪ ،‬البعدالمتوسـطي لألمـن الج ازئـري الج ازئــر أوروبـا والحلفاألطلسـي‬
‫‪ ( ،‬الج ازئـر المكتبة العصرية للطباعة والنشر ‪.) 3116 ،‬‬

‫‪80‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ ‬فهمي أماني محمود ‪ " ،‬الوحدة األوربية بين متطلبات اإلندماج وعوائق السيادة " ‪،‬‬

‫السياسة الدولية ‪ ( ،‬ع ‪ ، 002.‬أفريل ‪.) 0446‬‬


‫‪ ‬صبا طارق‪ ،‬خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي و أثر ذلك على المهاجرين و‬
‫الالجئين‪ ،‬موقع إلكتروني‪.‬‬
‫‪ ‬محمد حافظ غائم ‪ ،‬المنظمات الدولية ‪ ،‬مطبعة النهضة الجديدة ‪ ،‬ط ‪.0422 ، 2‬‬
‫‪ ‬محمد محمود اإلمام‪ ،‬تطور األطر المؤسسية لإلتحاد األوروبي‪ ،‬الدروس المستفادة‬

‫للتكامل العربي‪ ،‬منشورات المنظمة العربية للتمية اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪.0442 ،‬‬


‫‪ ‬مجدي عيسى ‪ ،‬خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي واثره على كل من بريطانيا وألمانيا‬
‫اقتصادياً و سياسيا ‪ ،‬دراسة مقدمة في جامعة اليرموك ‪.3102 ،‬‬
‫‪ ‬ناهد عز الدين ‪ ،‬تحوالت أوروبا الشرقية‪،‬بين الشد والجذب‪ ،‬مجلة السياسة الدولية ‪،‬‬

‫عـدد ‪ 022‬أكتوبر ‪.3114 ،‬‬


‫‪ ‬نورهان الشيخ‪ ،‬روسيا و االتحاد األوروبي‪ ،‬صراع الطاقة و المكانة‪ ،‬مجلة السياسة‬
‫الدلية‪ ،‬العدد ‪ ،026‬أبريلـ ‪.3112‬‬
‫‪ ‬هاني صالح‪ ،‬مسيرة دول البلقان نحو االتحاد األوروبي‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫عدد‪ ،022‬أكتوبر‪.3114‬‬
‫‪ ‬هدى عوض‪ ،‬تباعد الش ركاء‪ ،‬رؤية من أوروبا للعالقات مع الواليات المتحدة‪ ،‬مجلة‬
‫السياسة الدولية‪ ،‬عدد ‪ ،026‬يوليو‪.3112 ،‬‬
‫‪ ‬هيئة غربي ‪ ،‬تداعيات اإلنسحاب البريطاني على المسألة األمنية في االتحاد األوربي‬

‫‪ ( ،‬برلين ‪ :‬المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية ‪.3102 ،‬‬


‫‪ ‬وائل أحمد عالم ‪ ,‬البرلمان األوروبي ‪ :‬دراسة للجهاز الشعبي في االتحاد األوروبي ‪،‬‬
‫دار النهضة العربية ‪ ( ،‬دار الكتـب المصرية ) ‪. 0442 ،‬‬

‫‪81‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ ‬يس ار الشرقاوي ‪ " ،‬الشراكة الشرقية‪..‬تكفير االتحاد األوروبي عن أخطائه " ‪ ،‬مجلة‬

‫السياسة الدولية ‪ ،‬عدد ‪ 022‬أكتوبر ‪.3114 ،‬‬


‫‪ ‬راضية حر‪ ،‬ساجية حافد‪ ،‬مستقبل التجربة التكاملية األوروبية ما بعد البريكسيت‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية و العالقات الدولية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.3102 ،‬‬
‫‪ ‬رامي حميد‪ ،‬االنسحاب البريطاني من االتحاد األوروبي‪ ،‬دراسة في األسباب او‬

‫اإلنعكاسات ألمنية و االقتصادية‪ ،‬المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ ،‬المجلد‬


‫الخامس‪ ،‬العدد األول‪.‬‬
‫‪ ‬ريم عبد المجيد ‪ ،‬بريطانيا وتحديات خروجها من االتحاد األوروبي ‪ ،‬القاهرة ‪ :‬المركز‬
‫العربي للبحوث والدراسات ‪ 2 ،‬فيراير ‪.3131‬‬

‫‪ ‬رابح عبد الناصر جندلي ‪ ،‬الدراسات المستقبلية تأسيل تاريخي ‪ ،‬مفاهيمي ومنهجي ‪،‬‬
‫مجلة العلوم السياسية والقانون ‪.3102،‬‬

‫‪ ‬نوار جليل ‪ ،‬هاشم ‪ ،‬خروج بريطانيا من االتحاد األوربي ‪ :‬دراسة في األسباب‬


‫والتداعيات " ‪ ،‬المستقبل العربي‪.‬‬
‫‪ ‬الرابح عبد الناصر جندلي ‪ " ،‬الدراسات المستقبلية ‪ :‬تأصيل تاريخي ‪ ،‬مفاهيمي ‪،‬‬
‫منهجي " ‪ ،‬مجلة العلوم السياسية والقانون ‪ ،‬ع ‪.3102، 10.‬‬

‫‪82‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫مواقع األنترنت‪:‬‬

‫‪ ‬أحمد رحمي ‪ " ،‬آثار خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي ‪ ،‬خريطة جديدة تبدأ جذورها‬
‫بالنمو‪arabic.cm.com/world/2016/06/26/britain-brexit-effects-‬‬
‫‪opinion‬‬
‫‪ ‬موسی مهدي‪ " ،‬سيناريوهات الخروج البريطاني من اإلتحاد األوربي ‪:‬‬

‫‪///www.alaraby.co.uk/economy/2016/06/18‬‬

‫‪83‬‬
‫الفهرس‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫أ‬ ‫مقدمة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مسار تطور االتحاد األوروبي‬
‫المبحث األول‪ :‬نشأة االتحاد األوروبي‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬بداية اإلتحاد األوروبي و نشأته‪.‬‬
‫‪06‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬هياكل و مؤسسات اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف و مبادئ اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬سياسة اإلتحاد األوروبي الخارجية بين النجاحات والعوائق‬
‫‪32‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نجاحات اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬العوائق المواجهة لإلتحاد األوروبي(التحديات)‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مستقبل أوروبا من دون بريطانيا‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية مشروع البريكسيت‪:‬‬
‫‪61‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬العالقات البريطانية األوروبية‬
‫‪66‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي‬
‫‪63‬‬ ‫المطلب الثالث‪:‬قراءة في إتفاقية البريكسيت‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تداعيات خروج بريطانيا من اإلتحاد األوروبي(الداخلية و الخارجية )‬
‫‪66‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬التداعيات الداخلية ( على بريطانيا )‬
‫‪62‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التداعيات على اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التداعيات على العالم الدولي‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬السيناريوهات المستقبلية لإلتحاد األوروبي بعد البريكسيت‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬السيناريو الخطي ( االتجاهي )‪,‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬السيناريو التشاؤمي‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬السيناريو التفاؤلي‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫خاتمة‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫قائمة المراجع‪.‬‬
:‫ملخص الدراسة‬
‫ فيعتبر‬،‫يتناول هذا البحث دراسة تحليلية حول إشكالية خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي‬
‫الخروج البريطاني من تحت مظلة االتحاد األوروبي احد أهم القضايا الراهنة التي يواجهها‬
‫ فبريطانيا اتخذت قرار االنفصال لتحقيق مصالحها االقتصادية‬، ‫االتحاد األوروبي وبريطانيا معا‬
‫ فقد أدلى البريطانيون في بأصواتهم حول‬، ‫والسياسية واإلستراتيجية خاصة مصالحها الداخلية‬
‫خروجهم أو بقائهم داخل االتحاد حيث أثارت نتائج االستفتاء حالة من الخوف والقلق في‬
‫ واعتبر قرار الخروج كتحدي للتجربة التكاملية‬،‫األوساط المالية والسياسية األوروبية والعالمية‬
‫ وستبين الدراسة ما افرزه االستفتاء البريطاني من تأثيرات سياسية واقتصادية ومالية‬،‫األوروبية‬
‫على بريطانيا وكذا االتحاد األوروبي ومست التأثيرات العديد من الدول التي لها عالقات‬
.‫اقتصادية وتجارية ومصالح مع بريطانيا‬
،‫ بريكست‬، ‫ الجماعة األوروبية والصلب‬، ‫ بريطانيا‬، ‫ اإلتحاد األوروبي‬: ‫الكلمات المفتاحية‬
. ‫االنسحاب‬
Abstract
This study deals with an analytical study on the problem of Britain
leaving the EU . The British exit from the EU is one of the most
important current issues facing the EU and Britain together.
Britain has decided to secede to achieve its economic , political and
strategic interests , especially its internal interests the British voted for
their exit or stay within the Union , where the results of the
referendum raised a state of fear and anxiety in the European and
international financial and political circles . The exit decision was seen
as a challenge to the European . integration experience . The study will
show the political , economic and financial effects of the British
referendum on Britain as well as the European Union and the effects
of many countries that have economic and trade relations and
interests with Britain
Keywords :European Union , Britain , european coal and steel
community , Brexit , pulling out

You might also like