You are on page 1of 162

‫جــــامعــــــــة النجاح الوطنية‬

‫كليـــــة الدراســــــــات العليــــــا‬

‫الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد‬

‫دراسة مقارنة‬

‫ِإعداد‬
‫أثير "صالح الدين" أحمد جودة‬

‫إشراف‬
‫د‪ .‬نور عدس‬

‫قدمت هذه الرسالة إستكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬من كلية الدراسات‬
‫العليا‪ ،‬في جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ -‬فلسطين‪.‬‬

‫‪2022‬‬
‫اإلهداء‬

‫إلى من ال تبرح حتى تتعطش إلى ٍ‬


‫قمة جديدة من العلم والمعرفة إلى "نفسي"‪..‬‬ ‫َ‬

‫إلى المعلم األول‪ ،‬جدي الثائر "أبو صالح"‪..‬‬

‫إلى الدرع الحامي‪ ،‬عماد البيت ونوره‪ ،‬إلى منبع العطاء‪ ،‬والدي الحبيب‪..‬‬

‫إلى َمن تسبقني دعواتها في كل خطوٍة أخطيها‪ ،‬أمي العزيزة‪..‬‬

‫إلى الداعمة والصديقة‪ ،‬أختي وتوأم روحي "روان"‪..‬‬

‫ومساندي‪ ،‬أخي الغالي ال ُمحامي "حمزة"‪..‬‬


‫إلى زميلي ُ‬

‫إلى أخوتي‪ ،‬اٌنسي في الحياة إلى "أحمد‪ ،‬حمزة‪ ،‬رغد‪ ،‬روان‪ ،‬عمر"‪..‬‬

‫إلى ُك ّل ٍ‬
‫نفس شريفة قالت "ال" في وجه الفساد والفاسدين‪..‬‬

‫العلم والحقيقة‪..‬‬ ‫ٍ‬


‫باحث عن ِ‬ ‫إلى ُكل‬

‫أُهدي هذا الجهد المتواضع‪..‬‬

‫أثير‪...‬‬

‫‌ج‬
‫الشكر‬

‫َف ُك ّل الذي َيلقاهُ فيها ُم َحَب ُب"‬ ‫" َو َمن تَ ُكن العلياء ِهمة نفسه‬

‫أوالً وأخي اًر أشكر هللا سبحانه وتعالى وأحمده على نعمة العقل الشغوف للمعرفة والعلم وعلى نعمة القراءة‬

‫والكتابة‪.‬‬

‫وأتقدم بوافر الشكر والتقدير لهذا الصرح العلمي الشامخ‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬التي أنتمي إليها بكل ٍ‬
‫فخر‬

‫وإعتزاز‪.‬‬

‫وال ب ّد لي من أن أنسب الفضل ألهله‪ ،‬فكل الشكر والتقدير لكل من عّلمني حرفاً باللين والرحمة منذ ِ‬
‫صغري‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫إلى هذه المرحلة العلمية‪ ،‬وكل الشكر واإلمتنان إلى مشرفتي التي لم تبخل علي بمعلومة وكانت مرشدة‪،‬‬
‫ّ‬
‫النصح‪ ،‬الدكتورة نور عدس‪.‬‬
‫صبورة وصديقة‪ ،‬كما أشكرها على سعة الصدر و ُ‬

‫كما أقدم شكري وتقديري إلى ُكل َمن ساهم في إخراج هذه الرسالة إلى النور‪ ،‬وإلى َمن ّ‬
‫تعنوا في قراءة هذه‬

‫الرسالة وإبداء مالحظاتهم إلى لجنة المناقشة ُك ٌل بإسمه ولقبه‪.‬‬

‫ولن أنسى تقدير جهود ُكل َمن أبدى لي النصح واإلرشاد أثناء كتابة رسالتي هذه‪ ،‬وأخص بالشكر األستاذة‬

‫سنابل بريك على نصائحها وإرشادها‪.‬‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌د‬
‫فهرس المحتويات‬

‫اإلهداء ‪ .....................................................................................................‬ج‬

‫الشكر ‪ .......................................................................................................‬د‬

‫اإلقرار‪ ......................................................................................................‬ه‬

‫فهرس المحتويات ‪ ............................................................................................‬و‬

‫الملخص ‪ ...................................................................................................‬ط‬

‫المقدمة ‪1 .....................................................................................................‬‬

‫مشكلة الدراسة ‪2 ..............................................................................................‬‬

‫أهداف الدراسة ‪3 ..............................................................................................‬‬

‫أهمية الدراسة ‪4 ...............................................................................................‬‬

‫منهجية الدراسة ‪5 .............................................................................................‬‬

‫نطاق الدراسة ‪5 ...............................................................................................‬‬

‫الدراسات السابقة ‪6 ............................................................................................‬‬

‫خطة الدراسة ‪9 ...............................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مضمون الحصانة في مجال مكافحة الفساد ‪10 ...................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية جرائم الفساد ‪10 ..........................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم جرائم الفساد‪10 ..........................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف جرائم الفساد‪11 .......................................................................... .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص جرائم الفساد‪19 ....................................................................... .‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة على صور جرائم الفساد ‪22 ......................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬صور جرائم الفساد‪22 .............................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آثار جرائم الفساد وآليات مكافحتها‪33 ............................................................ .‬‬


‫‌و‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية الحصانة في نطاق مكافحة جرائم الفساد‪35 ...............................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الحصانة ‪35 .............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الحصانة ‪36 ...............................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬صور الحصانة ‪37 ...............................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبررات الحصانة في مجال مكافحة الفساد ‪58 ...................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المبررات القانونية للحصانة‪58 ................................................................... .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المبررات الواقعية للحصانة‪61 .....................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في ظل وجود الحصانة ‪63 ................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المواجهة الجزائية لجرائم الفساد ‪64 ..............................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إجراءات التحري واإلستدالل في جرائم الفساد ‪64 .................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجهة المختصة في التحري واإلستدالل عن جرائم الفساد ‪65 ........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلجراءات المتبعة في البحث والتحري عن جرائم الفساد ‪66 .........................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد ‪78 .................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجهات المختصة في التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد ‪78 .......................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلجراءات المتبعة للتحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد ‪80 ..........................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أثر الحصانة على المواجهة الجزائية لجرائم الفساد ‪89 ............................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحصانة قيد مؤقت للمواجهة الجزائية لجرائم الفساد ‪89 ...........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحصانة قيد في وجه اإلجراءات الجزائية المتخذة ضد مرتكبي جرائم الفساد المتمتعين بها ‪90 .........‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحصانة إمتياز ُيخالف إجراءات المالحقة الجزائية لجرائم الفساد ‪98 .................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬زوال الحصانة‪101 ............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬رفع الحصانة بطلب‪102 ........................................................................ .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬زوال الحصانة تلقائياً ‪116 ........................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬طرق خلق التوازن بين الحصانة والمواجهة الجزائية للفساد ‪126 ..................................‬‬
‫‌ز‌‬
‫الخاتمة ‪133 ..................................................................................................‬‬

‫المصادر والمراجع ‪138 .......................................................................................‬‬

‫‪‌B ................................................................................................. Abstract‬‬

‫‌ح‬
‫الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد‬

‫دراسة مقارنة‬

‫اعداد‬
‫أثير "صالح الدين" أحمد جودة‬
‫إشراف‬
‫د‪ .‬نور عدس‬

‫الملخص‬

‫جاءت هذه الد ارسةة بعنوان "الحصةانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفسةاد –د ارسةة مقارنة‪"-‬؛ وذلك‬

‫لبيةان أثر الحصة ة ة ة ة ة ةةانةة على المواجهةة الجزائيةة الف ّعةالةة لجرائم الفسة ة ة ة ة ة ةةاد ومالحقةة مرتكبيهةا والوقوف في وجةه‬

‫إنتشارها‪.‬‬

‫كون جرائم الفسة ة ة ة ة ةةاد ذات خطر كبير على الفرد والمجتمعات وهي جرائم س ة ة ة ة ة ةريعة اإلنتشة ة ة ة ة ةةار وأفعالها غير‬

‫عرف بكونها إمتياز‬


‫متوقعة‪ ،‬وبما أن نظام الحص ةةانة من العوامل التي قد تس ةةاهم في إنتش ةةار الفس ةةاد؛ فإنها تُ َ‬

‫يمنحه القانون لبعض األفراد بحكم موقعهم الوظيفي وبهدف تحص ة ة ة ة ة ةين األفعال التي يقومون بها أثناء تأدية‬

‫المتخذة بحقهم وتأخيرها في حال اإلشةةتباه بإرتكابهم جريمة فسةةاد‪،‬‬


‫مهامهم الوظيفية ضةةد اإلجراءات الجزائية ٌ‬

‫مما يدعونا إلى النظر في طرق الوقوف في وجه إنتشة ة ة ة ةةار هذه الجرائم والذي يتطلب بذل جهود مضة ة ة ة ةةاعفة‬

‫والتغّلب على كل ما ُيعيق تطبيق القانون‪ ،‬بحيث ُيعتبر نظام الحص ة ة ة ةةانة إحدى هذه ُ‬
‫المعوقات‪ ،‬وذلك بإتباع‬

‫المنهج الوصفي التحليلي والمنهج المقارن‪.‬‬

‫وتُ ّبين الد ارسة ةةة أن هناة عدة أنواع للحصة ةةانة وهي الحصة ةةانة البرلمانية‪ ،‬الدبلوماسة ةةية‪ ،‬القضة ةةائية‪ ،‬والحصة ةةانة‬

‫التنفيذية والتي تشةمل حصةانة رئيس الدولة‪ ،‬وحصةانة رئيس الوزراء ووزراءه أو ما تُسةمى بالحصةانة الو ازرية‪،‬‬

‫وحصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد‪.‬‬

‫‌ط‌‬
‫وإسةتوضةحت الد ارسةة جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفسةاد في ظل وجود نظام الحصةانة من خالل د ارسةة‬

‫الحص ة ةةانة كقيد مؤقت يقف في وجه المواجهة الجزائية لجرائم الفس ة ةةاد‪ ،‬ومنها الحص ة ةةانة البرلمانية من خالل‬

‫أنه ال يجوز رفعها إال بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي بإستثناء حالة التلبس بجريمة فساد من‬

‫نوع جناية‪ ،‬وحص ة ة ة ة ة ةةانة رئيس الدولة ال يجوز رفعها إال بعد الحص ة ة ة ة ة ةةول على إذن من المجلس التش ة ة ة ة ة ةريعي‬

‫والمحكمة الدس ة ة ة ة ة ةةتورية معاً‪ ،‬وحص ة ة ة ة ة ةةانة رئيس الوزراء عّلق القانون رفعها على إذن رئيس الدولة وعّلق رفع‬

‫حصة ة ة ةةانة الوزراء على إذن رئيس الوزراء‪ ،‬وكل ذلك ُيحدث تعقيدات في اإلجراءات الالزمة لرفع الحصة ة ة ةةانة‬

‫عن أص ة ةةحابها؛ مما ُيعيق إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق مرتكبي جرائم الفس ة ةةاد بص ة ةةورٍة مؤقتة‪ ،‬األمر الذي‬

‫يتطلب البحث عن توازن بين نظام الحصة ة ة ة ةةانة والمواجهة الجزائية ّ‬


‫الفعالة لجرائم الفسة ة ة ة ةةاد‪ ،‬بما يكفل مكافحة‬

‫جرائم الفساد‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الحصةانة‪ ،‬رفع الحصةانة‪ ،‬جرائم الفسةاد‪ ،‬مكافحة جرائم الفسةاد‪ ،‬المواجهة الجزائية لجرائم‬

‫الفساد‪ ،‬التوازن بين الحصانة وجرائم الفساد‪.‬‬

‫‌‬

‫‌ي‬
‫المقدمة‬

‫تُعتبر ظاهرة الفساد ظاهرة قديمة منذ وجود اإلنسان على األرض وهي تكاد تكون مالزمة للبقاء اإلنساني‪،‬‬

‫فمن شبه المستحيل تواجد مجتمع أو تجمع بشري ٍ‬


‫خال من الفساد‪ ،‬فهو ينتشر بين المجتمعات كالنار في‬

‫الهشيم‪ ،‬إال أن تأثير تلك الظاهرة يختلف من مجتمع إلى آخر؛ نتيجة للتباين بين هذه المجتمعات في درجة‬

‫اإلستجابة لألنظمة القائمة على محاربة الفساد‪ ،‬عالوة على إختالفها في عوامل اإلستقرار السياسي‬

‫‪.‬‬ ‫واإلجتماعي واإلقتصادي والتنموي‬


‫(‪)1‬‬

‫معينة‬
‫معين أو بيئة ّ‬
‫هذا باإلضافة إلى اإلنتشار الواسع والكبير لجرائم الفساد فهي غير مقتصرة على مجتمع ّ‬

‫بل إنها منتشرة في جميع أرجاء المعمورة‪ ،‬ومع التطور التكنولوجي الحاصل لم تعد هذه الظاهرة حبيسة مكان‬

‫معين بل إنتشرت بين العديد من الدول وأصبحت جريمة عابرة للقارات‪ ،‬وهذا اإلنتشار الواسع لعدوى الفساد‬
‫ّ‬

‫ساهمت عدة عوامل في توسعه كالعوامل السياسية‪ ،‬اإلدارية‪ ،‬اإلجتماعية‪ ،‬واإلقتصادية(‪.)2‬‬

‫كما أن اإلنتشار الكبير لجرائم الفساد أدى إلى توسع آثارها السلبية على المجتمعات في كافة األصعدة‬

‫كالبطالة‪ ،‬وإنعدام الثقة في أجهزة الدولة‪ ،‬وإستنزاف الموارد والوقوف في وجه التنمية المستدامة للدول‪ ،‬مما‬

‫أبرز الحاجة إلى وجود نصوص قانونية عقابية تقف في وجه هذه الظاهرة وتمنع وقوعها أو تقلل من آثارها‬

‫بعد وقوعها‪.‬‬

‫وخطورة جرائم الفساد تتطلب وجود نصوص قانونية تكون على قدر ٍ‬
‫عال من الردع‪ ،‬وكذلك تطبيق هذه‬

‫النصوص بكفاءة عالية؛ حتى تكون قادرة على ّ‬


‫صد هذه الظاهرة والوقوف في وجهها ومنع إنتشارها‪ ،‬فكلما‬

‫تخلل النصوص القانونية الضعف والقصور كلما ضعفت المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد؛ والذي بدوره يزيد‬

‫(‪ )1‬براة‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في التشريع الفلسطيني‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة مركز‬
‫حكم القانون ومكافحة الفساد‪ ،‬مج‪.1/2020 ،3‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬ط‪ ،1‬فلسطين‪ :‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪2019 ،‬م‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ص‪.47‬‬
‫‪1‬‬
‫وتفشيها بكافة صورها وأشكالها وفي كافة مناحي الحياة وقطاعاتها‪ ،‬وقد يكون ذلك القصور والخلل‬
‫إنتشارها ّ‬

‫في النص القانوني أو قد يكون في تطبيقه‪ ،‬مما يفتح المجال أمام الفاسدين باإلفالت من العقاب‪ ،‬وهذا‬

‫القصور والخلل في تطبيق النص القانوني يتطلب إتخاذ إجراءات صارمة في وجه الفاسدين والوقوف وقفة‬

‫بوجوب إتخاذ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ٍ‬


‫رجل واحد ضد المتفلتين من العقاب‪ ،‬ومن أوجه ذلك ما نصت عليه إتفاقية األمم المتحدة‬

‫اإلجراءات الالزمة لغايات ضمان الفاعلية الحقيقية لمواجهة ظاهرة الفساد والوقوف في وجه مرتكبي هذه‬

‫الجرائم‪ ،‬ومن صور ذلك الحد من الحصانات المقررة في نطاق التشريعات الداخلية للدول والتي تعتبر مالذ‬

‫للفاسدين للهروب من وجه العدالة‪ ،‬وهي عائق مؤقت يحول دون إتخاذ اإلجراءات الجزائية وتطبيق النص‬

‫ممن يتمتعون بهذه الحصانة(‪)2‬؛ لذلك ال ُبد من وجود نصوص‬


‫القانوني على المشتبه إرتكابهم جريمة فساد َ‬

‫تشريعية تحد من نطاق الحصانة وأثرها دون أن تلغيها‪ ،‬وفي نفس الوقت تحقق توازن مناسب بين نظام‬

‫الحصانة وبين المواجهة الجزائية الفعالة لهذا النوع من الجرائم‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬

‫لطالما كانت جرائم الفساد وال زالت من أخطر الجرائم التي ُتلقي بالمجتمعات إلى الهاوية وتؤخر تنميتها‬

‫الفاعلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والوقوف في وجه تلك الجرائم ومنع حدوثها يتطلب وجود نصوص تشريعية تكون على ٍ‬
‫قدر من القوة و‬

‫وعلى الرغم من وجود تلك النصوص التشريعية إال أنه يوجد حاالت إفالت من العقاب‪ ،‬وأبرز ما يؤدي إلى‬

‫يقرها القانون لفئة معينة بحكم موقعهم الوظيفي والتي تؤدي‬


‫ذلك هو تمتع بعض األشخاص بالحصانة التي ّ‬

‫إلى إخضاعهم إلجراءات جزائية خاصة‪ ،‬بحيث تكون الحصانة عائق يقف في وجه المواجهة الجزائية وإيقاع‬

‫العقاب على مرتكبي جرائم الفساد‪ ،‬وذلك يتطلب البحث عن حل قانوني ُيبقي على الحصانة وفي نفس الوقت‬

‫يحقق الغاية من وجود النص التشريعي العقابي‪ ،‬أي إيجاد نصوص تشريعية تخلق توازن ما بين نظام‬

‫نص المادة (‪ )2/30‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة ‪2003‬م‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عمان‪:‬دار عالم الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬


‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬ط‪ّ ،1‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ ،1997‬ص‪.148-147‬‬
‫‪2‬‬
‫الحصانة والمواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪ ،‬وهذا بدوره يقودنا إلى سؤال البحث الرئيسي‪ ،‬والذي يتمثل في‪:‬‬

‫الفعالة لجرائم‬
‫المشرع الفلسطيني تنظيم أحكام الحصانة بقواعد قانونية تكفل المواجهة الجزائية ّ‬
‫ّ‬ ‫هل إستطاع‬

‫الفساد في المجتمع الفلسطيني؟‬

‫قره القانون لبعض‬


‫ويتفرع عن سؤال البحث الرئيسي عدة أسئلة فرعية‪ ،‬تتمثل في‪ :‬هل الحصانة إمتياز ُي ّ‬

‫األشخاص لحمايتهم من تعسف السلطات األُخرى أم أنها مالذ للهروب من المسائلة الجزائية عن جرائم‬

‫الفساد؟‪ ،‬وما هو هدف المشرع من تقرير إمتياز الحصانة لبعض األشخاص؟ وما هي اإلجراءات القانونية‬

‫المشتبه‬
‫المقررة لرفع الحصانة عن أصحابها حتى تتمكن الجهات المختصة من مسائلتهم عن جرائم الفساد ُ‬

‫إرتكابهم لها؟ وما إذا كان التنظيم القانوني ألحكام الحصانة يتناسب وطبيعة جرائم الفساد وخصائصها؟‬

‫وهذا ما َس ُنجيب عليه في هذه الدراسة إن شاء هللا‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى‪:‬‬

‫‪ .1‬تناول مفهوم الحصانة كقيد على معاقبة مرتكبي جرائم الفساد‪.‬‬

‫‪ .2‬تحليل النصوص القانونية المتعلقة بإجراءات التحري واإلستدالل‪ ،‬والتحقيق‪ ،‬والمحاكمة في جرائم‬

‫الفساد‪ ،‬والنصوص المتعلقة بالحصانة وإجراءات رفعها‪.‬‬

‫‪ .3‬الوصول إلى إجراءات قانونية سريعة ومختصرة لمعاقبة مرتكبي جرائم الفساد في فلسطين ممن‬

‫يتمتعون بالحصانة‪.‬‬

‫‪ .4‬الوصول إلى حلول قانونية وتشريعية تحقق التوازن بين تطبيق أحكام الحصانة وبين المواجهة‬

‫الجزائية لظاهرة الفساد في التشريع الفلسطيني‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫تكمن أهمية الدراسة العلمية في توضيح الكيفية التي تناول بها المشرع الفلسطيني مفهوم الحصانة وإجراءات‬

‫عمن يتمتعون بها؛ لتمكين السلطات المختصة من معاقبتهم وإتخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة بحقهم‪،‬‬
‫رفعها َ‬

‫كما تبرز األهمية العلمية للدراسة في تناول اإلجراءات الجزائية المتعلقة بجرائم الفساد واإلجراءات الواجب‬

‫إتباعها في وجه أصحاب الحصانة مرتكبي هذا النوع من الجرائم ومنع إفالتهم من العقاب‪ ،‬وبالتالي إجراءات‬

‫رفع الحصانة عن مرتكبي جرائم الفساد للتمكن من معاقبتهم وتطبيق النص القانوني عليهم‪ ،‬والذي بدوره يؤثر‬

‫على منع إنتشار الفساد وبالتالي اإلصالح والتنمية الحاصلة على المستوى السياسي‪ ،‬واإلقتصادي‪ ،‬والقانوني‪،‬‬

‫مما يؤثر تلقائياً على التنمية اإلجتماعية‪.‬‬

‫العملية للدراسة في أن تحقيق التوازن بين الحصانة والمواجهة الجزائية لظاهرة الفساد والذي‬
‫ّ‬ ‫فيما تبرز األهمية‬

‫يكمن في التنظيم التشريعي السليم لكليهما‪ ،‬يساهم في دوره بوضع سياسة جزائية متكاملة ورادعة وبالتالي‬

‫تحقيق أهداف التشريع العقابي‪ ،‬وتحقيق اإلستقرار السياسي في الدولة‪ ،‬وفتح األبواب أمام التنمية المستدامة‬

‫والتي بدورها تحقق اإلستقرار في كافة مناحي الحياة في الدولة‪.‬‬

‫كما تظهر األهمية العملية للدراسة في بيان أثر الحصانة كقيد َي ِقف في وجه المنظومة العقابية للتصدي‬

‫لألعمال التي تعتبر من قبيل الفساد في الواقع العملي‪ ،‬وأن الحصانة هي ستار يختبئ به مرتكبي جرائم‬

‫الفساد ممن يتمتعون بها؛ لإلفالت من العقاب والهروب من اإلجراءات المتخذة بحقهم في سبيل التحقيق في‬

‫جرائم الفساد‪ ،‬األمر الذي يخلق الحاجة إلى إيجاد حلول تحقق التوازن بين نظام الحصانة وتُبقي عليه وفي‬

‫المتبعة لمكافحة الفساد‪ ،‬بالتالي الحد من إنتشار الفساد في‬


‫نفس الوقت تحقق الغاية من اإلجراءات الجزائية ُ‬

‫المجتمعات‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫منهجية الدراسة‪:‬‬

‫تقوم هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي والمنهج المقارن‪ ،‬حيث تم إتباع المنهج الوصفي في وصف‬

‫ظاهرة الفساد وأسبابها وآثارها‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق بالحصانة وإجراءات رفعها والتنظيم القانوني لكال‬

‫الموضوعين‪ ،‬وتم إتباع المنهج التحليلي في دراسة أثر الحصانة على المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد وتناول‬

‫الحصانة كقيد يقف في وجه المالحقة الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد‪ ،‬ويكون المنهج المقارن في المقارنة بين‬

‫القوانين المطبقة في الضفة الغربية المتعلقة بموضوع البحث وبين القانون األردني؛ من أجل التوصل إلى‬

‫نقاط اإلتفاق واإلختالف بين القانون الفلسطيني واألردني‪ ،‬كون هناة أرضية مشتركة بين القوانين المطبقة‬

‫في كلتا الدولتين‪ ،‬مما ُيتيح المجال للمقارنة بين آلية تطبيق القانون في الدولتين خاصة في ظل وجود حالة‬

‫حل المجلس التشريعي الفلسطيني‪.‬‬


‫الطوارىء في فلسطين و ّ‬

‫نطاق الدراسة‪:‬‬

‫تتمثل حدود الدراسة المكانية في‪ :‬الضفة الغربية من فلسطين واألردن‪.‬‬

‫وتكون حدود الدراسة الزمانية في الفترة ما بين عام ‪1960‬م إلى اآلن‪.‬‬

‫وتتمثل حدود الدراسة القانونية في التشريعات المطبقة في الضفة الغربية وفي األردن(‪ )1‬مع اإلسترشاد ببعض‬

‫القوانين الوطنية األخرى ذات عالقة‪ ،‬وتتمثل التشريعات في الضفة الغربية بما يلي‪ :‬القانون األساسي‬

‫الفلسطيني اُلمعدل لسنة ‪2003‬م‪ ،‬قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬قانون‬

‫اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته‪ ،‬قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس‬

‫التشريعي رقم (‪ )10‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م‬

‫وتعديالته‪ ،‬والنظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى اإلسترشاد بالعديد من اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬أهمها‪ :‬إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫واإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ‪2010‬م‪ ،‬وإتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة ‪1961‬م‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وفي األردن‪ :‬الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪ ،‬قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪)13‬‬

‫لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪ ،‬قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته‪ ،‬قانون إستقالل القضاء‬

‫المعدل رقم (‪ )29‬لسنة ‪2014‬م‪ ،‬النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة ‪2014‬م‪ ،‬والنظام‬
‫األردني ُ‬

‫النواب لسنة ‪2013‬م‪.‬‬


‫الداخلي لمجلس ّ‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬

‫هناة العديد من الدراسات التي تناولت الحصانة والمواجهة الجزائية لظاهرة الفساد‪ ،‬منها على مستوى فلسطين‬

‫واآلخر على مستوى الوطن العربي‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ .1‬تومر كوهين‪ ،‬مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية‬
‫دراسة مقارنة‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪.2016 ،‬‬

‫تناولت هذه الرسالة ماهية جرائم الفساد في ظل المنظومة العقابية المطبقة في فلسطين وأشكال هذه‬

‫الجرائم وصورها وآثار إنتشارها‪ ،‬كما تناولت طرق الوقوف في وجه الفساد ومكافحته وتفعيل أنظمة‬

‫المحاسبة والرقابة‪.‬‬

‫المعوقات التي تقف في وجه مالحقة مرتكبي جرائم الفساد وإيقاع‬


‫ّ‬ ‫كما تطرقت هذا الدراسة إلى أهم‬

‫العقاب عليهم والتي تُعتبر الحصانة إحداها‪.‬‬

‫وتتفق هذه الدراسة مع الدراسة الحالية في البحث عن طرق مناسبة للوقوف في وجه الفساد ومالحقة‬

‫مرتكبيه‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق بالبحث في أهم المعوقات التي تقف في وجه مالحقة مرتكبي جرائم الفساد‬

‫وتطبيق النص القانوني بحقهم‪ ،‬إال أن الدراسة الحالية توسعت في البحث بنظام الحصانة بإعتباره قيد‬

‫وعائق‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ .2‬عمار ياسر جاموس‪ ،‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪،‬‬

‫المركز الفلسطيني إلستقالل المحاماة والقضاء "مساواة"‪ ،‬فلسطين‪2015 ،‬م‪.‬‬

‫تناولت هذه الدراسة أنواع الحصانة في النظام القانوني الفلسطيني‪ ،‬وركزت على الحصانة البرلمانية من‬

‫المن ِّ‬
‫ظم لها وخصائصها‪ ،‬كما تناولت زوال الحصانة البرلمانية‬ ‫حيث تعريفها ومبرراتها واإلطار القانوني ُ‬

‫وأثر ذلك على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬هذا وتطرقت الدراسة إلى العفو الخاص والطبيعة القانونية‬

‫له وآثاره‪.‬‬

‫وتتفق هذه الدراسة مع الدراسة الحالية من ناحية تناولها للحصانة البرلمانية وزوالها وإجراءات رفعها‬

‫وأثر ذلك على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬إال أن الدراسة الحالية تتناول كافة أنواع الحصانة‪.‬‬

‫د‪.‬نجيب شكر محمود‪ ،‬الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية دراسة مقارنة‪ ،‬مقالة علمية‪،‬‬ ‫‪.3‬‬

‫جامعة بابل‪ ،‬العراق‪2013 ،‬م‪.‬‬

‫عالجت هذه الدراسة الحصانة البرلمانية في مواجهة اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث تناولت ماهية الحصانة‬

‫البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية‪ ،‬وتطرقت إلى األساس القانوني للحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات‬

‫الجنائية وشروط تطبيقها‪ ،‬وبينت كيفية رفع الحصانة البرلمانية وآثر ذلك على تطبيق نصوص‬

‫اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫وتختلف هذه الدراسة عن الدراسة الحالية في أن الباحثة تناولت الكيفية التي يمكن فيها تحقيق التوازن‬

‫بين الحصانة واإلجراءات الجزائية المتخذة والتي لم يتطرق إليها الباحث في مقالته‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ .4‬أحمد براك‪ ،‬الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في التشريع الفلسطيني‪ ،‬مقالة‬

‫علمية‪ ،‬مجلة مركز حكم القانون ومكافحة الفساد‪.2020 ،‬‬

‫فاعلية‬
‫ّ‬ ‫كرسة في مجال مكافحة الفساد وأنواعها‪ ،‬وأثرها على‬
‫الم ّ‬
‫تناولت هذه الدراسة مفهوم الحصانة ُ‬

‫المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد‪.‬‬

‫الحالية في أنها تناولت أسس تحقيق التوازن المناسب بين الحصانة‬


‫ّ‬ ‫وتتفق هذه الدراسة مع الدراسة‬

‫والمواجهة الجزائية لظاهرة الفساد‪.‬‬

‫الحالية في أن الدراسة الحالية تناولت الحصانة وصورها بنوع من التفصيل‬


‫ّ‬ ‫وتختلف هذه الدراسة عن الدراسة‬

‫وكذلك اإلجراءات الجزائية المتبعة في مالحقة مرتكبي جرائم الفساد المتمتعين بالحصانة في التشريع‬

‫الفلسطيني ُمقارن ًة بالتشريع األردني‪ ،‬كما تطرقت الدراسة الحالية إلى جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد‬

‫اقعية‪.‬‬ ‫في ظل وجود الحصانة وطرق خلق التوازن بينهما وذلك من ناحية ّ‬
‫عملية وو ّ‬

‫وبالتالي يتضح أن جميع الدراسات السابقة تناولت مفهوم الحصانة‪ ،‬وأنواعها‪ ،‬وإجراءات رفعها والتنظيم‬

‫وتطرقت إلى تعريف جرائم الفساد‪ ،‬وأنواعها‪ ،‬وآثارها‪ ،‬والتنظيم القانوني لها واإلجراءات المتخذة‬
‫ّ‬ ‫القانوني لها‪،‬‬

‫في سبيل الوقوف في وجه هذه الظاهرة والحد منها وهذا ما يتفق مع الدراسة الحالية‪ ،‬لكن تتضح نقاط‬

‫اإلختالف بين الدراسات السابقة والدراسة الحالية في أن الدراسات السابقة لم تتناول الحصانة كقيد وعائق‬

‫يقف في وجه المالحقة الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد بصورٍة موسعة‪ ،‬كما أنها لم تبحث فيما ُيمكن أن يحقق‬

‫التوازن ما بين النظام الحصانة والمواجهة الجزائية ّ‬


‫الفعالة لجرائم الفساد‪ ،‬وذلك على العكس من الدراسة‬

‫الحالية التي تناولت نظام الحصانة كقيد في وجه إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق مرتكبي جرائم الفساد‪ ،‬وكذلك‬

‫بحثت في كيفية تحقيق التوازن بين نظام الحصانة والمواجهة الجزائية لظاهرة الفساد‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫خطة الدراسة‪:‬‬

‫حاولت الباحثة من خالل هذه الدراسة الوقوف على كافة المسائل واإلشكاليات المتعلقة بموضوع هذه الرسالة‪،‬‬

‫األمر الذي إقتضى تقسيم هذه الرسالة إلى فصلين رئيسين‪ ،‬الفصل األول بعنوان‪ :‬مضمون الحصانة في‬

‫مجال مكافحة الفساد‪ ،‬حيث تم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول بعنوان‪ :‬ماهية جرائم الفساد‪،‬‬

‫تطرق إلى مفهوم جرائم الفساد‪ ،‬والثاني‬


‫حيث تناول هذا المبحث ماهية جرائم الفساد من خالل مطلبين‪ ،‬األول ّ‬

‫إلى اآلثار المترتبة على صور جرائم الفساد‪ ،‬أما المبحث الثاني بعنوان‪ :‬ماهية الحصانة في نطاق مكافحة‬

‫وبحث الثاني في مبررات‬


‫َ‬ ‫تناول األول مفهوم الحصانة‪،‬‬
‫جرائم الفساد‪ ،‬والذي بدوره تم تقسيمه إلى مطلبين‪َ ،‬‬
‫الحصانة في مجال مكافحة الفساد‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فهو بعنوان‪ :‬جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في ظل وجود الحصانة‪ ،‬وتم تقسيمه‬

‫إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول تحت عنوان‪ :‬المواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪ ،‬والذي إنقسم بدوره إلى مطلبين‪،‬‬

‫تناول إجراءات التحري واإلستدالل في جرائم الفساد والثاني َ‬


‫بحث في إجراءات التحقيق والمحاكمة في‬ ‫األول َ‬
‫جرائم الفساد‪ ،‬أما المبحث الثاني بعنوان‪ :‬أثر الحصانة على المواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪ ،‬وتم تقسيمه إلى‬

‫ظر في زوال‬
‫ثالثة مطالب‪ ،‬األول بعنوان الحصانة قيد مؤقت للمواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪ ،‬والثاني َن َ‬

‫طرق خلق التوازن بين الحصانة والمواجهة الجزائية للفساد‪.‬‬


‫حث في ُ‬
‫الحصانة‪ ،‬والثالث َب َ‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‬

‫مضمون الحصانة في مجال مكافحة الفساد‬

‫أصبح الفساد ظاهرة عالمية سريعة اإلنتشار تطال جميع المجتمعات وكافة مناحي الحياة؛ لذلك كان ال ُب ّد‬

‫من الوقوف في وجه هذه الظاهرة‪ ،‬ومنع كل ما قد يقف في وجه مالحقة مرتكبيها والذي ُيعتبر نظام الحصانة‬

‫بناء عليه سيتم التطرق في هذا الفصل إلى ظاهرة الفساد في التشريعات محل الدراسة‪ ،‬والحديث عن‬
‫إحداها‪ً ،‬‬

‫مفهوم الحصانة المتعلقة في مكافحة الفساد‪.‬‬

‫وبالتالي ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول يبحث في ماهية جرائم الفساد‪ ،‬فيما يتناول المبحث‬

‫الثاني ماهية الحصانة في نطاق مكافحة جرائم الفساد‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية جرائم الفساد‬

‫ظاهرة الفساد مالزمة للنفس البشرية منذ وجودها وستبقى حتى فنائها‪ ،‬فأفعال الفساد تختلف من مجتمع إلى‬

‫وتطور‬
‫ّ‬ ‫آخر ومن حقبة زمنية إلى أُخرى‪ ،‬فهو يشمل العديد من األفعال التي تتغير وتتطور بمرور األزمان‬

‫المجتمعات‪ ،‬فالفساد ظاهرة ال ُيمكن إبادتها إنما يمكن الحد من آثارها على الفرد والمجتمع‪ ،‬وقد أخذت إهتمام‬

‫كبير من الدول والمجتمعات‪ ،‬وللوقوف على هذا الموضوع يتناول هذا المبحث ماهية جرائم الفساد‪.‬‬

‫وينقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬األول يتناول مفهوم جرائم الفساد‪ ،‬ويتطرق الثاني إلى اآلثار المترتبة على‬

‫صور جرائم الفساد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم جرائم الفساد‪.‬‬

‫ُع ّرف الفساد بالعديد من التعاريف التي يصعب حصرها والتي تختلف من زمن إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وبالتالي سيتناول هذا المطلب مفهوم جرائم الفساد‪ ،‬والذي ينقسم بدوره إلى فرعين‪ ،‬األول يتناول تعريف‬

‫جرائم الفساد والثاني يتناول خصائص جرائم الفساد‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف جرائم الفساد‪.‬‬

‫سيتناول هذا الفرع تعريف جرائم الفساد لغ ًة‪ ،‬وبحسب تعريف اإلتفاقيات الدولية واإلقليمية والمؤسسات‬

‫والمنظمات الدولية‪ ،‬وبحسب تعريف التشريع الفلسطيني واألردني‪ ،‬وكذلك تعريفه إصطالحاً‪.‬‬

‫أولا‪ :‬تعريف الفساد لغ اة‪.‬‬

‫المْف َس َدة هي الضرر‬ ‫ِ‬


‫ويقال َف َس َد فهو َفاسد و َفسيد والجمع َف ْس َدى‪ ،‬و َ‬
‫الفساد في اللغة هو اإلضطراب والخلل‪ُ ،‬‬

‫الفساد هو ِإلحاق َ‬
‫الضرر(‪.)1‬‬ ‫الخلل‪ ،‬و َ‬
‫وَف َس َد األمور أي إضطربت وأدركها َ‬

‫المْف َس َدة خالف المصلحة‬


‫ويقال َ‬
‫وقد جاء ذكر الفساد في معجم لسان العرب على أنه نقيض الصالح‪ُ ،‬‬

‫المال ُيفسده إفساداً‬ ‫أفسد ُفالن‬ ‫اإل ِ‬


‫ستفساد خالف ِ‬ ‫وِ‬
‫َ‬ ‫اإلستصالح‪ ،‬وهذا األمر فيه َمفسدة لكذا أي فيه َفساد‪ ،‬و َ‬

‫الفساد(‪.)2‬‬
‫حب َ‬‫وَفساداً‪ ،‬وهللا ال ُي ُّ‬

‫ثاني ا‪ :‬تعريف جريمة الفساد بحسب اإلتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫هناة العديد من اإلتفاقيات الدولية التي عرّفت الفساد وتناولت صوره‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م(‪.)3‬‬

‫إبن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الحديث للنشر‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.100‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫إبن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫أقرتها األمم المتحدة سنة ‪2003‬م‪ ،‬وتحتوي على ‪ 71‬مادة‪ ،‬موزعة‬ ‫الملزم قانوناً لمكافحة الفساد‪ّ ،‬‬
‫هي الصك العالمي الوحيد ُ‬
‫(‪)3‬‬

‫على ثمانية فصول ومؤلفة من أربعة أجزاء رئيسية‪ ،‬الجزء األول يتطرق إلى "الوقاية" والثاني يتناول "التجريم وإنفاذ القانون"‬
‫خصص ل"التعاون الدولي"‪( .‬إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي في لبنان‪ ،‬للمزيد‬
‫والثالث ُم َ‬
‫راجع الرابط‪https://www.lb.undp.org/content/lebanon/ar/home/projects/anti-corruption-for-trust- :‬‬
‫‪ ، --lebanon-/united-nations-convention-against-corruption.html‬تاريخ آخر زيارة‪2022/2/11 :‬م)‪،‬‬
‫وللوصول إلى نص اإلتفاقية راجع الرابط‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫لم يرد تعريف شامل وصريح لمفهوم الفساد في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬إنما يمكن إستنباط‬

‫ذلك مما جاء في شرح ديباجية اإلتفاقية عن ظاهرة الفساد؛ حيث ُيفهم منها أنه‪" :‬ظاهرة َع ْبر وطنية‬

‫تمس كل المجتمعات واإلقتصادات‪ ،‬وهو خطر على إستقرار المجتمعات وأمنها كما أن هناة ِ‬
‫صالت‬

‫المنظمة واإلقتصادية‪ ،‬مما يجعل التعاون الدولي على منعه‬


‫بين الفساد وسائر أشكال الجريمة كالجريمة ُ‬

‫ومكافحته أم اًر ضرورياً"(‪.)1‬‬

‫ب‪ ‌.‬اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ‪2010‬م(‪.)2‬‬

‫عرف الفساد‪ ،‬إنما ورد من‬


‫لم يرد نص صريح في اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ‪2010‬م ُي ّ‬

‫الكلمات والعبارات ما يمكن أن ُي ِّ‬


‫عرف هذه الظاهرة‪ ،‬حيث ورد في ديباجية اإلتفاقية ما يمكن إعتباره‬

‫امية ُمتعددة األشكال ذات آثار سلبية على القيم األخالقية‬


‫تعريف لمفهوم الفساد على أنه‪" :‬هي ظاهرة إجر ّ‬

‫والحياة السياسية والنواحي اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬ويكون التصدي لها على عاتق السلطات الرسمية‬

‫ومؤسسات المجتمع المدني واألفراد على حد السواء"(‪.)3‬‬

‫‪، https://www.unodc.org/documents/treaties/UNCAC/Publications/Convention/08-50024_A.pdf‬‬
‫تاريخ آخر زيارة ‪2022/2/11‬م‪.‬‬
‫انظر ديباجية إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام ‪2003‬م‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫معنية بمكافحة الفساد‪ ،‬وصل عدد الدول التي وقعت عليها ‪ 21‬دولة عربية حتى عام ‪2010‬م‪ ،‬تهدف‬ ‫هي إتفاقية إقليمية ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫إلى تعزيز التدابير للوقوف في وجه الفساد‪( .‬اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد‪ ،‬الموقع الرسمي لهيئة الرقابة اإلدارية والشفافية‬
‫‪ ،https://www.acta.gov.qa/‬تاريخ آخر زيارة‪2022/2/11 :‬م)‪ ،‬وللوصول إلى نص‬ ‫دولة قطر‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬
‫اإلتفاقية راجع الرابط‪ ، https://www.almeezan.qa/AgreementsPage.aspx?id=1719&language=ar :‬تاريخ‬
‫آخر زيارة‪2022/2/11 :‬م‪.‬‬
‫انظر ديباجية اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام ‪2010‬م‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪12‬‬
‫ثالثا‪ :‬تعريف المؤسسات والمنظمات الدولية للفساد‪.‬‬

‫قامت العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية بتعريف جريمة الفساد‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬البنك الدولي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫جريمة الفساد على أنها‪" :‬إساءة إستغالل الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب‬ ‫عرف البنك الدولي‬
‫لقد ّ‬

‫خاصة"(‪.)2‬‬

‫ب‪ ‌.‬منظمة الشفافية الدولية‪:‬‬

‫(‪)3‬‬
‫جريمة الفساد على أنها‪" :‬إستغالل المصلحة العامة لتحقيق مصلحة‬ ‫عرفت منظمة الشفافية الدولية‬
‫ّ‬

‫خاصة"(‪.)4‬‬

‫ج‪ ‌.‬أكاديمية اإلنتربول لمكافحة الفساد‪:‬‬

‫ولقد ذكرته أكاديمية اإلنتربول لمكافحة الفساد على أنه ظاهرة عالمية يمتد أثرها على جميع العالم وعلى‬

‫النامية هي األكثر تأث اًر به(‪.)5‬‬


‫ّ‬ ‫كافة مستويات المجتمع‪ ،‬إال أن البلدان‬

‫دولية‪ ،‬تقدم قروض للدول من أجل مشروعات‬


‫ويعرف بالبنك الدولي إلعادة اإلعمار والتنمية‪ ،‬وهو منظمة ّ‬
‫البنك الدولي‪ُ :‬‬
‫(‪)1‬‬

‫التنمية‪ ،‬يضم (‪ )189‬دولة‪ ،‬تأسس في الواليات المتحدة عام ‪1944‬م‪( ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬
‫‪https://www.cibeg.com/arabic/Pages/blog.aspx/?article=What%20is%20the%20World%20Ban‬‬
‫‪ ،k‬تاريخ آخر زيارة ‪.)2021/5/20‬‬
‫مجموعة البنك الدولي‪ ،‬تحسين نواتج التنمية‪-‬التقرير السنوي للنزاهة‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،5‬منشور على الرابط‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ ، http://documents1.worldbank.org/‬تاريخ آخر زيارة ‪2021/5/20‬م‪.‬‬


‫مقرها الرئيسي الحالي في برلين‪-‬ألمانيا‪،‬‬
‫دولية غير حكومية‪ ،‬هدفها التصدي للفساد‪ّ ،‬‬
‫منظمة الشفافية الدولية‪ :‬هي منظمة ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫تضم أكثر من ‪ 100‬فرع في كافة دول العالم‪( ،‬للمزيد راجع الرابط‪ ،https://www.marefa.org/ :‬تاريخ آخر زيارة‬
‫‪.)2021/5/30‬‬
‫‪TRANSPARENCY INTERNATIONAL the global collection against corruption: WHAT IS‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫?‪ CORRUPTION‬منشور على الرابط‪ ، https://www.transparency.org/en/what-is-corruption :‬تاريخ‬


‫آخر زيارة ‪2021/5/20‬م‪.‬‬
‫الفساد ظاهرة عالمية‪ ،‬منشور على الرابط‪ ، https://www.interpol.int/ar/4/2 :‬تاريخ آخر زيارة ‪.2021/5/30‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪13‬‬
‫رابعا‪ :‬تعريف جريمة الفساد من منظور تشريعي‪.‬‬

‫يمكن عرض موقف المشرع الفلسطيني والمشرع األردني من تعريف جريمة الفساد‪ ،‬من خالل اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬تعريف المشرع الفلسطيني‪:‬‬

‫عرف تقرير المجلس التشريعي حول ملف الفساد لعام ‪1997‬م جريمة الفساد على أنها‪" :‬خروج عن‬
‫ّ‬

‫أحكام القانون أو األنظمة الصادرة بموجبه‪ ،‬أو مخالفة السياسات العامة المعتمدة من ِقَبل الموظف العام‬

‫بهدف جني مكاسب له أو آلخرين ذوي عالقة أو إستغالل غياب القانون بشكل و ٍ‬
‫اع بهدف الحصول‬

‫على هذه المنافع"(‪.)1‬‬

‫عرف قانون مكافحة الفساد رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته جريمة الفساد وإنما إكتفى بتحديد‬
‫فيما لم ُي ّ‬

‫الجرائم التي تعتبر فساداً‪ ،‬وهو بذلك ُيكمل قانون العقوبات األردني لسنة ‪1960‬م ُ‬
‫المطبق في الضفة‬

‫الغربية وال ينقصه أو يعارضه‪ ،‬حيث جاء فيه "الفساد‪ :‬يعتبر فساداً لغايات تطبيق أحكام هذا القرار‬

‫بقانون الجرائم المبينة أدناه‪:‬‬

‫‪ .1‬الرشوة المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلختالس المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية‪.‬‬

‫‪ .3‬التزوير والتزييف المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية‪.‬‬

‫‪ .4‬إستثمار الوظيفة المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية‪.‬‬

‫‪ .5‬إساءة اإلئتمان المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية‪.‬‬

‫‪ .6‬التهاون في القيام يواجبات الوظيفة المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية‪.‬‬

‫دية‪ ،‬أحمد‪ :‬الفساد سبله وآليات مكافحته‪ ،‬منشورات اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة‪ ،‬آمان‪ ،‬رام هللا‪ ،‬ط‪2004 ،1‬م‪،‬‬
‫أبو ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫ص‪.3‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ .7‬غسل األموال الناتجة عن جرائم الفساد المنصوص عليها في قانون مكافحة غسل األموال وتمويل‬

‫اإلرهاب الساري‪.‬‬

‫‪ .8‬الكسب غير المشروع‪.‬‬

‫‪ .9‬المتاجرة بالنفوذ‪.‬‬

‫‪.10‬إساءة إستعمال السلطة‪.‬‬

‫‪.11‬قبول الواسطة والمحسوبية والمحاباة التي تلغي حقاً أو تحق باطالً‪.‬‬

‫‪.12‬عدم اإلعالن أو اإلفصاح عن إستثمارات أو ممتلكات أو منافع تؤدي إلى تضارب في المصالح إذا‬

‫كانت القوانين واألنظمة تستوجب ذلك‪ ،‬ويكون من شأنها تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة‬

‫للممتنع عن إعالنها‪.‬‬

‫‪ .13‬إعاقة سير العدالة"(‪.)1‬‬

‫ب‪ ‌.‬تعريف المشرع األردني‪:‬‬

‫لم يرد تعريف جرائم الفساد في التشريع األردني كما هو الحال في التشريع الفلسطيني‪ ،‬وإنما إكتفى‬

‫المشرع األردني بذكر الجرائم التي تعتبر جرائم فساد في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم‬

‫(‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪ ،‬حيث ورد فيه ُ"يعتبر فساداً لغايات هذا القانون ما يلي‪:‬‬

‫المخّلة بالثقة العامة الواردة في قانون العقوبات‪.‬‬


‫‪ .1‬الجرائم المخّلة بواجبات الوظيفة والجرائم ُ‬

‫‪ .2‬الجرائم اإلقتصادية بالمعنى المحدد في قانون الجرائم اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪ .3‬الكسب غير المشروع‪.‬‬

‫نص المادة (‪ )1‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد‬ ‫(‪)1‬‬

‫المعدلة بموجب نص المادة (‪ )3‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن‬
‫‪ ،53‬بتاريخ ‪2005/2/28‬م‪ ،‬ص‪ ،154‬و ُ‬
‫تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد‪ ،149‬بتاريخ ‪ ،2018/11/28‬ص‪.30‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ .4‬عدم اإلعالن أو اإلفصاح عن إستثمارات أو ممتلكات أو منافع قد تؤدي إلى تعارض في المصالح‬

‫إذا كانت القوانين واألنظمة تستوجب ذلك ويكون من شأنها تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير‬

‫مباشرة للممتنع عن إعالنها‪.‬‬

‫‪ .5‬كل فعل‪ ،‬أو إمتناع‪ ،‬يؤدي إلى هدر األموال العامة أو أموال الشركات المساهمة العامة أو الشركات‬

‫الجمعيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫غير الربحية أو‬

‫‪ .6‬إساءة إستعمال السلطة خالفاً ألحكام القانون‪.‬‬

‫‪ .7‬قبول موظفي اإلدارة العامة للواسطة أو المحسوبية التي تلغي حقاً أو تحق باطالً‪.‬‬

‫المتاحة بحكم الوظيفة لتحقيق منافع خاصة‪.‬‬


‫‪ .8‬إستخدام المعلومات ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ .9‬جرائم الفساد الواردة في اإلتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة‪".‬‬

‫خامس ا‪ :‬تعريف جريمة الفساد إصطالح ا‪.‬‬

‫ال يوجد تعريف جامع ومانع يمكن إطالقه على جريمة الفساد‪ ،‬فجريمة الفساد لها مفاهيم تختلف بحسب‬

‫الجهة التي قامت بوضع هذا التعريف والمقصد من وضعه‪َ ،‬ك ْون ظاهرة الفساد هي ظاهرة مركبة ومتنوعة‬

‫ومختلفة من مجتمع إلى آخر‪ ،‬فما ُيعتبر فساداً لدى مجتمع قد ال يعتبر كذلك لدى مجتمع آخر‪ ،‬بالتالي هي‬

‫ظاهرة متعددة الجوانب والعوامل واألنواع‪ ،‬مما يؤدي إلى صعوبة اإلجماع الكلي على تعريف واحد يشمل‬

‫هذه الظاهرة(‪ ،)2‬هذا وقد تعددت التعريفات التي تتناول جريمة الفساد‪ ،‬وسنتناول أهم هذه التعريفات بحسب‬

‫الجهة التي قامت بوضعها‪.‬‬

‫(‪ )1‬قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في الجريدة األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5397‬بتاريخ‬
‫‪ ،2016/5/16‬ص‪.2578‬‬
‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة الشرق األوسط للدراسات‬ ‫(‪)2‬‬

‫عمان‪ ،2019 ،‬ص‪.14‬‬


‫العليا‪ّ ،‬‬
‫‪16‬‬
‫عرف جانب من الفقه جريمة الفساد على أنها‪" :‬ممارسة سلوة لتغليب المنفعة الشخصية على المنفعة‬
‫وقد ّ‬

‫العامة‪ ،‬وإستغالل المصلحة العامة لتحقيق المنافع الشخصية دون النظر إلى المنفعة العامة"(‪.)1‬‬

‫عرفها آخرون على أنها‪" :‬إساءة إستغالل السلطة من ِقَبل شخص لديه نفوذ في إتخاذ ق اررات تهم‬
‫في حين ّ‬

‫الصالح العام"(‪.)2‬‬

‫وأطلق جانب آخر من الفقهاء على جريمة الفساد بأنها‪" :‬قيام الموظف العام وبطرق غير مشروعة بإرتكاب‬

‫فعل ُيعد إهدا اًر للمال العام أو الموجودات العامة ومن ثم فهي سلوكاً ُيخالف الواجبات الوظيفية الرسمية‬

‫فردية سواء أكان مادياً أو معنوياً"(‪.)3‬‬


‫للوظيفة العامة بحيث يشمل تطلعاً إلى تحقيق مكاسب خاصة ّ‬

‫عرف النشطاء في حقوق اإلنسان جرائم الفساد على أنها‪" :‬إنتهاة وخرق من نوع خاص لحقوق اإلنسان‬
‫وقد ّ‬

‫يصل إلى مرحلة النفي المطلق لفلسفة ومبدأ أساسي من المبادئ التي تقوم عليها حقوق اإلنسان أال وهو‬

‫مبدأ المساواة"(‪.)4‬‬

‫وترى الباحثة أن معظم التعريفات السابقة لمفهوم جريمة الفساد تدور حول معنى واحد وهو إساءة إستعمال‬

‫السلطة ِممن يملكونها؛ لتحقيق منفعة خاصة لهم على حساب المصلحة العامة‪ ،‬كما ترى أن تعريف إتفاقية‬

‫شمولية لكنه أقل دقة؛ بحيث وصفت الفساد‬


‫ّ‬ ‫األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م هو التعريف األكثر‬

‫معين ولم تربطه بسلوكيات محددة‪ ،‬كما أنها وضعت وصفاً عاماً للجريمة(‪،)5‬‬
‫بالظاهرة ولم تضعه في قالب ّ‬

‫محمد‪ ،‬مازن‪ :‬في قضايا الفساد ومؤثراته المختلفة‪ ،‬النبأ‪ ،‬عدد‪2006 ،80‬م‪.5 ،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫كوهين‪ ،‬تومر‪ :‬مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪ ،2016 ،.‬ص‪.7‬‬


‫كوهين‪ ،‬تومر‪ :‬مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8-7‬‬


‫(‪ُ )4‬مشار إليه لدى كوهين‪ ،‬تومر‪ :‬مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫المنظمة واإلقتصادية"‪( .‬ديباجية األمم المتحدة‬ ‫ِ‬
‫وذلك بقولها‪" :‬هناة صالت بين الفساد وسائر أشكال الجريمة كالجريمة ُ‬
‫(‪)5‬‬

‫لمكافحة الفساد سنة ‪2003‬م)‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫إال أنها لم تضع الحدود العامة لألفعال التي يمكن من خاللها تمييز جريمة ما على أنها جريمة فساد أم ال‪،‬‬

‫إال أن كافة التشريعات تتفق على أن تقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة هو المعنى الذي‬

‫ويبنى عليه‪ ،‬والبعض اآلخر إستعاض بتوضيح أشكال الفساد وصوره لبيان مفهوم‬
‫ينطلق منه مفهوم الفساد ُ‬

‫جريمة الفساد‪ ،‬وقد قامت الباحثة بإطالق مفهوم جرائم الفساد على أي فعل أو إمتناع عن فعل ينطوي على‬

‫تقديم المصالح الفردية على المصلحة العامة بصورة مخالفة للقانون بغض النظر عن الصورة التي تم إرتكاب‬

‫الفعل فيها أو اإلمتناع عن أداءه(‪.)1‬‬

‫(‪‌)1‬وعند الحديث عن الفساد ال ُب ّد من ذكر أسباب حدوثه وإنتشاره‪ ،‬أهمها‪ .1 :‬أسباب سياسية‪ :‬إن طبيعة النظام السياسي في‬
‫الدولة تؤثر بشكل كبير على إنتشار الفساد فقد تكون حاضن ًة للفساد كالنظم الديكتاتورية أو طاردةً له كالنظم الديمقراطية؛ فالنظم‬
‫الديمقراطية التي تحترم حقوق اإلنسان وآراءه وتتخذ من اإلنتخابات طريقة للوصول إلى الحكم وتسمح المشاركة السياسية الفاعلة‬
‫تقل فيها نسبة تفشي الفساد‪ ،‬على العكس من النظم الديكتاتورية التي تطغى فيها إحدى السلطات الثالث على األخرى‪ ،‬والتي‬
‫تهمش دور المجتمع المدني ومؤسساته‪ ،‬والتي تغيب فيها القدوة السياسية الصالحة‪ ،‬والتي يتمتع كبار الموظفين ورجال السلطة‬
‫وفقاً لقوانينها بحصانة تحميهم من المالحقة والخضوع للمساءلة فإن نسب الفساد فيها مرتفعة وهي تعتبر بيئة حاضنة للفساد‪.‬‬
‫(فراونة‪ ،‬ياسمين‪ :‬التدابير الوقائية والعالجية لمكافحة جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني دراسة مقارنة بالشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫(رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،2018 ،‬ص‪.)18‬‬
‫‪ .2‬أسباب إقتصادية‪ :‬إن جريمة الفساد جريمة تفاعلية بالتالي تتأثر بالبيئة المحيطة بها كالتغييرات اإلقتصادية‪ ،‬فتكثر الواسطة‬
‫والمحسوبية والمحاباة في حاالت الرخاء اإلقتصادي بينما تزداد حاالت اإلختالس والرشوة والتزوير في حاالت الضائقة‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬وتتمثل أهم األسباب اإلقتصادية إلنتشار الفساد في الفقر وإرتفاع معدالت البطالة وإستم ارريتها والرواتب غير‬
‫المجزية لبعض الموظفين إلى جانب وصفهم بالجشع؛ مما يدفعهم إلرتكاب جرائم فساد بهدف الحصول على مصادر أُخرى‬
‫للدخل‪ ،‬كما أن التوزيع غير العادل للثروات بين أفراد المجتمع يدفعهم إلى إرتكاب الجرائم كالرشوة واإلختالس؛ محاول ًة منهم‬
‫لخلق توازن في توزيع الثروات بينهم‪( .‬سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪،51‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.)49‬‬
‫‪ .3‬أسباب إجتماعية‪ :‬إن نمط العالقات واألعراف بين أفراد المجتمع لها تأثير كبير على إنتشار الفساد وبالذات على نوعية‬
‫الجرائم المنتشرة‪ ،‬فمثالً تعتبر المحاباة ‪ -‬والتي تعني تفضيل بعض األشخاص على غيرهم بسبب العالقات الشخصية ال الكفاءة‬
‫في الوظائف اإلدارية‪ ،‬وكذلك المحسوبية من قبيل اإللتزامات اإلجتماعية في الدول النامية‪ ،‬باإلضافة إلى التفاوت الطبقي بين‬
‫معينة فتلجأ إلى الفساد للحصول على حقها في الخدمات‬
‫أفراد المجتمع الواحد يوّلد الشعور بالدونية والظلم لدى فئات مجتمعية ّ‬
‫العامة وترى أنها الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك‪( .‬موقع المعرفة اإللكتروني‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪،https://www.marefa.org/ :‬‬
‫تاريخ آخر زيارة‪2022/2/16 :‬م‪ ،‬براة‪ ،‬أحمد ‪:‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.)50-49‬‬
‫التسيب والخلل اإلداري والسياسات الخاطئة في إدارة المرافق العامة‪ ،‬ووجود بعض اإلنحرافات لدى القيادات‬
‫‪ .4‬أسباب إدارية‪ :‬إن ّ‬
‫وتغول البيروقراطية –والتي تعني‬
‫وتقديم المصالح الخاصة‪ ،‬وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب‪ ،‬وغياب الرقابة‪ّ ،‬‬
‫"هي البنى والهياكل التي يقوم عليها تنظيم السلطات اإلدارية وتوزيعها‪ ،‬وتحديد الصالحيات وتسمية المسؤولين وتراتبيتهم‪ ،‬في‬
‫أي إطار منظم وفق القوانين ويخضع لسلطة معينة"‪ -‬ونقص كفاءة العاملين‪ ،‬والروتين‪ ،‬من أهم عوامل فساد المنشآت اإلدارية‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص جرائم الفساد‪.‬‬

‫تتصف جرائم الفساد بالعديد من الخصائص والتي يجب مراعاتها عند إقرار السياسة العقابية المتعلقة بمكافحة‬

‫الفساد(‪ ،)1‬أهم هذه الخصائص يتمثل في‪:‬‬

‫أولا‪ :‬السرية‪.‬‬

‫تكون السرية في جرائم الفساد في عناصرها وأدواتها‪ ،‬حيث أن كافة األعمال التي يتم القيام بها واإلجراءات‬

‫يصعب معرفتها والكشف عنها‪ ،‬وتتباين أساليب‬


‫ُ‬ ‫والترتيبات تكون تحت أجنحة الظالم وبصورة سرّية جداً‬

‫اإلختفاء والسرية وفقاً للجهة التي تقوم بها‪ ،‬ففي الفساد الكبير(‪ )2‬الذي تقوم به الجهات العليا يتم إخفاءه تحت‬

‫(للمزيد راجع الرابط‪،https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2016/6/28/ :‬‬


‫تاريخ آخر زيارة‪ ،2021/7/10 :‬سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.)50‬‬
‫‪ .5‬أسباب أخالقية وثقافية‪ :‬إن أخالق المجتمع ترتبط بشكل كبير بثقافته‪ ،‬فكلما زاد الوعي الثقافي لدى أفراد المجتمع إرتفع‬
‫المستوى األخالقي لديهم مما ّيولد عادات وأعراف حسنة‪ ،‬بحيث يصبحون على دراية أكثر بحقوقهم وواجباتهم مما يولد شعور‬
‫اإلحترام لديهم نحو حقوق اآلخرين‪ ،‬وذلك ينعكس بصورة إيجابية في تقليل إنتشار الفساد‪ ،‬فإنتشار الجهل وقلة الوعي الثقافي‬
‫لدى األفراد بحقوقهم وإنعدام قيم النزاهة واإلخالص لديهم قد ُيعرضهم لإلستغالل من ِقَبل الموظفين العموميين مما يساهم في‬
‫إنتشار جرائم الفساد‪( .‬فراونة‪ ،‬ياسمين‪ :‬التدابير الوقائية والعالجية لمكافحة جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني دراسة مقارنة‬
‫بالشريعة اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.)19‬‬

‫‪ .6‬أسباب قانونية‪ :‬إن غياب سيادة القانون من أهم األسباب القانونية إلنتشار الفساد‪ ،‬فيتم تطبيق القانون على فئة ّ‬
‫معينة وإفالت‬
‫فئات أخرى‪ ،‬كما أن عدم إستقالل القضاء يؤثر على إنتشار جرائم الفساد‪ ،‬وبالتالي إفالت المجرمين من العقاب‪ ،‬األمر الذي‬
‫يدفع الفاسدين إلى إرتكاب الجرائم ظناً منهم أن ال قانون يردعهم‪( .‬سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.)50‬‬
‫المحصلة تجد الباحثة أنه ال يمكن الجزم أن هناة سبباً واحداً لوقوع جريمة الفساد‪ ،‬فقد يكون هناة سبب ُمركب كأن يجتمع‬
‫وفي ُ‬
‫أكثر من عامل وراء وقوع جريمة الفساد‪ ،‬فمثالً جريمة الرشوة قد يكون مسببها إداري كغياب الرقابة اإلدارية وأيضاً سبب أخالقي‬
‫أو ثقافي مثل إنعدام فضيلة األمانة‪ ،‬ومهما تعددت أسباب وقوع جريمة الفساد إال أنها ليست بمبرر لمثل هذه الجرائم الشنعاء‪.‬‬
‫الدمنهوري‪ ،‬سمر‪ :‬جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي للدولة‪( ،‬رسالة ماجستير‬ ‫(‪)1‬‬

‫منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،2017 ،‬ص‪.32‬‬


‫الكبير على أنه الفساد الذي يكون على مستوى األفراد أو الجماعات وله تأثير كبير عليهم‪ ،‬ويشترة فيه مجموعة‬
‫ُيعرف الفساد َ‬
‫(‪)2‬‬

‫من األشخاص‪ ،‬ويحتاج إلى بذل جهود مضاعفة للكشف عنه ومحاربته‪ ،‬ومن األمثلة عليه قيام المسؤولين الكبار في الدولة‬
‫بأفعال الفساد كاإلختالس من اموال الدولة‪ ،‬وكذلك إتاحة المجال لشركات غير مؤهلة بإدارة وإنشاء المشاريع في الدولة‪.‬‬
‫(الحصان‪ ،‬عاتكة‪ :‬أنواع الفساد‪ ،‬موقع سطور اإللكتروني‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪ ، https://sotor.com/ :‬تاريخ آخر زيارة‪:‬‬
‫‪2022/2/4‬م‪).‬‬
‫‪19‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الذي ُيمارسه صغار الموظفين‬ ‫ُمسمى المصلحة العامة أو الدواعي األمنية‪ ،‬أما بالنسبة للفساد الصغير‬

‫فيكون المبرر هو تنفيذ تعليمات وتوجيهات صادرة من قمة الهرم‪ ،‬وتبرز خاصية السرية عندما يتم حياكة‬

‫جرائم الفساد بصورة ال يمكن فيها للقائمين على الجريمة التالقي ببعضهم البعض وإنما يكون هنالك وسيط‬

‫بينهم كالمنظمات أو الشبكات اإلجرامية أو من خالل أطراف مجهولة‪ ،‬مما يزيد من صعوبة الكشف عن‬

‫هذه الجرائم وعدم القدرة على الوصول إلى جميع الفاعلين ومعاقبتهم(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬سريعة اإلنتشار‪.‬‬

‫إن التشبيه المتعارف عليه لجريمة الفساد بين فقهاء القانون هو أنها كالسرطان تنهش أساس المجتمع‬

‫ونهضته‪ ،‬فجرائم الفساد سريعة اإلنتشار إذا وجدت البيئة الحاضنة لها‪ ،‬كما أن التطور التكنولوجي والعلمي‬

‫ٍ‬
‫بشكل كبير في سرعة إنتشار الفساد ونطاق إنتشاره وكسر‬ ‫الحاصل كالعولمة والسوق اإلقتصادي ّ‬
‫الحر أثّر‬

‫المحددات وتجاوز الحدود(‪.)3‬‬

‫ثالث ا‪ :‬قد تكون عابرة للحدود‪.‬‬

‫بعض جرائم الفساد عالمية تتخطى حدود اإلقليم المحلي لتصبح عابرة للحدود‪ ،‬ويعود السبب في ذلك إلى‬

‫تعدد أطرافها وتنوع أدواتها وتشابك المصالح بين أطرافها(‪ ،)4‬وقد تكون جريمة الفساد عابرة للحدود من حيث‬

‫األفعال المكونة لها أو اآلثار المترتبة عليها كجرائم غسل األموال(‪.)5‬‬

‫عرف الفساد الصغير على أنه الفساد الذي يكون على مستوى األفراد وله تأثير محدود عليهم‪ ،‬وقد يقوم به شخص أو‬
‫ُي َ‬
‫(‪)1‬‬

‫أكثر لكن تأثيره يكون على مستوى مؤسسة أو مكان واحد‪ ،‬مثل دفع رشوة للحصول على ترقية‪ ،‬وهذا النوع من الفساد قد يتفاقم‬
‫ويتحول إلى فساد كبير إذا لم تتم السيطرة عليه والوقوف في وجهه‪( .‬الحصان‪ ،‬عاتكة‪ :‬أنواع الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬تاريخ آخر‬
‫ّ‬
‫زيارة ‪2022/2/4‬م)‪.‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد ‪:‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫الدمنهوري‪ ،‬سمر‪ :‬جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي للدولة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ص‪.34-32‬‬
‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23-22‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪20‬‬
‫رابعا‪ :‬بعضها من جرائم الخطر‪.‬‬

‫يكمن السبب في وصف بعض ج ارئم الفساد أنها من جرائم الخطر هو أنها تتالعب بمقدرات الشعوب واألجيال‬

‫القادمة؛ لذلك ومن أجل الوقوف في وجهها ال ُبد للقوانين الوطنية والدولية ترتيب المسؤولية الجنائية بحق‬

‫اء كان الضرر ُمحقق أم ُمحتمل(‪.)1‬‬


‫مرتكبيها سو ً‬

‫خامس ا‪ :‬تفاعلية‪.‬‬

‫تفاعلية تتأثر بالظروف المحيطة بها إرتفاعاً وإنخفاضاً سواء كانت الظروف إقتصادية‬
‫ّ‬ ‫جريمة الفساد جريمة‬

‫أو إجتماعية أو سياسية أو أمنية‪ ،‬فكلما ساءت الظروف إرتفعت معدالت الفساد فيجد الفاسدون فرصتهم‬

‫الذهبية لممارسة الفساد(‪.)2‬‬

‫سادس ا‪ :‬متعددة األطراف‪.‬‬

‫بعض جرائم الفساد متعددة األطراف فأصبح هناة الفاعل األصلي للجريمة والشركاء والمتدخلين‪ ،‬مما يجعل‬

‫من القبض على جميع المتورطين في جريمة الفساد أمر في غاية الصعوبة‪ ،‬بحيث قد يتم القبض على‬

‫بعضهم وإفالت بعضهم اآلخر وغالباً ما يكون هؤالء هم الرؤوس الكبيرة ُ‬


‫المدبرة(‪ ،)3‬لذلك ال ُبد من وضع حد‬

‫لتفشي جريمة الفساد والذي قد يكون من خالل المساواة في العقاب بين الفاعلين األصليين والشركاء‬

‫والمتدخلين(‪.)4‬‬

‫سابع ا‪ :‬من الجرائم القصدية‪.‬‬

‫تصور وقوعها بالخطةأ إذ أن ذلك من شأنه أن ُيخرجها من دائرة تجريم‬


‫جرائم الفساد من جرائم العمد أي ال ُي ّ‬

‫الفساد‪ ،‬أي أن الموظف الذي يتسبب بخطئه هدر المال العام ال ُيمكن مقاضاته بتهمة الفساد وإنما من‬

‫براة‪ ،‬أحمد ‪:‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الدمنهوري‪ ،‬سمر‪ :‬جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي للدولة‪ ،‬ص‪.36-34‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد ‪:‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪21‬‬
‫الممكن مسائلته إدارياً أو جنائياً؛ لذلك حتى تقع جريمة الفساد ال ّبد من توافر القصد الجنائي لدى الموظف‬

‫العام(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة على صور جرائم الفساد‪.‬‬

‫من أجل تكوين صورة متكاملة عن جرائم الفساد‪ ،‬ال ُبد من توضيح صور جرائم الفساد وآثارها على الفرد‬

‫عنون باآلثار المترتبة على صور جرائم الفساد‪.‬‬


‫الم َ‬
‫والمجتمع‪ ،‬وهذا ما سيتناوله هذا المطلب ُ‬

‫حيث تم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين‪ ،‬األول بعنوان صور جرائم الفساد‪ ،‬والثاني بعنوان آثار جرائم الفساد‬

‫وآليات مكافحتها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬صور جرائم الفساد‪.‬‬

‫يوجد الكثير من التصنيفات لجرائم الفساد‌بحيث تظهر صور جديدة بشكل مستمر‪ ،‬وقد تعددت هذه التصنيفات‬

‫المستمر في جرائم الفساد؛ لتواكب التطور الحاصل في جميع المجاالت في العالم‪ ،‬كما أن معظم‬
‫للتغير ُ‬
‫وفقاً ّ‬

‫صعب التفرقة بينها في معظم المجاالت(‪)2‬؛‬


‫أنواع جرائم الفساد وصورها متداخلة ومتشابكة فيما بينها مما ُي ّ‬

‫لذلك سوف تتطرق الباحثة إلى أهم تصنيفات جرائم الفساد وما تراه أكثر إلماماً بأنواع الفساد وصوره‪.‬‬

‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫المحلية لمعظم الدول‪ ،‬كما تناولته العديد من اإلتفاقيات‬
‫ّ‬ ‫لقد ورد تصنيف جرائم الفساد في التشريعات‬

‫كإتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م‪ ،‬واإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام ‪2010‬م‪ ،‬وبتسليط‬

‫الضوء على ما تتصف به هذه الجرائم من سرعة تطور صورها‪ ،‬يمكن تصنيف جرائم الفساد وفق ما وردت‬

‫تقليدية‪ ،‬وجرائم فساد ُمستحدثة(‪.)3‬‬


‫ّ‬ ‫في التشريعات محل الدراسة إلى‪ :‬جرائم فساد‬

‫براة‪ ،‬أحمد ‪:‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬القدس‪ ،‬ط‪ ،2016 ،4‬ص‪.17‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪22‬‬
‫أولا‪ :‬جرائم الفساد التقليدية‪.‬‬

‫وهي الجرائم التي قد سبق وتناولتها قوانين مكافحة الفساد‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬جريمة الرشوة‪:‬‬

‫هناة العديد من التعريفات لجريمة الرشوة‪ ،‬بحيث يمكن تعريفها على أنها‪" :‬إتفاق بين طرفين يعرض أحدهما‬

‫فائدة أو منفع ًة ما فيقبلها اآلخر ألداء عمل أو اإلمتناع عن عمل يدخل في وظيفته أو مأموريته"(‪.)1‬‬

‫وتفترض جريمة الرشوة وجود طرفين‪ ،‬األول يتمثل في الموظف الذي يأخذ أو يقبل أو يطلب منفعة ما أو‬

‫قدم عرضاً للموظف العام أو يقبل بالعرض الذي قدمه له‬


‫وعداً بها‪ ،‬والثاني هو صاحب المصلحة الذي قد ُي ّ‬

‫الموظف العام‪ ،‬وقد يدخل طرف ثالث في بعض الحاالت وهو وسيط بين الموظف وصاحب المصلحة‬

‫ويسمى الرائش(‪.)2‬‬
‫ُ‬

‫ولقد وردت جريمة الرشوة في قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته ُ‬
‫المطبق في الضفة‬

‫الغربية وفي المملكة األردنية الهاشمية في المواد (‪ ،)172 ،171 ،170‬فقد تحدثت المادة (‪ )170‬عن قبول‬

‫الرشوة وعرفته(‪ ،)3‬وعد المشرع األردني أن قيام الموظف العام بعمل غير محق أو إمتناعه عن عمل ي ِ‬
‫حتّمه‬‫ُ‬ ‫ُ ّ‬

‫(‪ )1‬عبد الباقي‪ ،‬مصطفى‪ :‬جريمة الرشوة وفق ا للقوانين السارية في الضفة الغربية – فلسطين‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة كلية‬
‫القانون الكويتية العالمية‪ ،25 ،‬مج‪.329/2019 ،7‬‬
‫كوهين‪ ،‬تومر‪ :‬مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫ِ‬
‫ف‬‫بحيث نصت على‪" :‬كل موظف عمومي وكل شخص ُندب إلى خدمة عامة سواء باإلنتخاب أو بالتعيين وكل امرئ ُكّل َ‬
‫(‪)3‬‬

‫طَل َب أو َقِب َل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليقوم بعمل بحكم‬
‫حكم والخبير والسنديك َ‬
‫كالم ّ‬
‫بمهمة رسمية ُ‬
‫وظيفته"‪( .‬قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪،1487‬‬
‫ويعرف السنديك أو مأمور التفليس هو شخص يعين من قبل المحكمة إلدارة الشؤون المالية‬ ‫بتاريخ ‪ ،1960/5/1‬ص‪ُ .)374‬‬
‫للمدين المفلس بموافقة دائنيه‪( .‬موقع السطيحة للمحاماة واإلستشارات القانونية‪ ،‬منشور على الرابط‪:‬‬
‫‪ ،https://kenanaonline.com/users/ELstehaAveocato/posts/131412‬تاريخ آخر زيارة ‪2022/2/26‬م)‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫عليه القانون من أجل منفعة ُيعتبر من باب الرشوة أيضاً‪ ،‬وإعتبر جريمة الرشوة جنحة عقوبتها الحبس مدة‬

‫ال تقل عن سنة وال تزيد عن ثالث سنوات(‪.)1‬‬

‫ب‪ ‌.‬جريمة اإلختالس‪:‬‬

‫خصص لسير المرافق‬ ‫ِ‬


‫الم َ‬
‫ُيطلق مفهوم جريمة اإلختالس على أي إعتداء من قَبل الموظف العام على المال ُ‬
‫العامة والذي ُيعتير مسؤوالً عنها بسبب وظيفته‪ ،‬كما تُعتبر جريمة اإلختالس صورة مشددة من جرائم خيانة‬

‫األمانة(‪.)2‬‬

‫كما وردت جريمة اإلختالس في قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته ُ‬
‫المطبق في‬

‫الضفة الغربية والمملكة األردنية الهاشمية في المادة (‪.)3()174‬‬

‫فقد نصت المادة (‪ )171‬من قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته على‪ " :‬كل شخص من األشخاص‬ ‫(‪)1‬‬

‫السابق ذكرهم طلب أو َقِب َل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليعمل عمالً غير حق أو ليمتنع عن عمل كان‬
‫يجب أن يقوم به بحكم وظيفته‪ ،‬عوقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة من عشرين دينا اًر إلى مائتي دينار"‪.‬‬
‫محمد نعيم نصر‪ ،‬فرحات‪ :‬جرائم إختالس األموال العامة‪ ،‬مقبول للنشر في القيادة العامة لشرطة الشارقة – مركز بحوث‬ ‫(‪)2‬‬

‫الشرطة‪ ،‬ع‪ ،1‬مج‪.179/2004 ،13‬‬


‫والتي تنص على‪ -1" :‬كل موظف عمومي أدخل في ذمته ما وكل إليه بحكم الوظيفة أمر إدارته أو جبايته أو حفظه من‬ ‫(‪)3‬‬

‫نقود وأشياء أخرى للدولة أو ألحد الناس عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة من عشرة دنانير إلى مائة‬
‫دينار‪ -2 .‬إذا وقع الفعل المبين في الفقرة السابقة بدس كتابات غير صحيحة في القيود أو الدفاتر أو بتحريف أو حذف أو‬
‫إتالف الحسابات واألوراق أو غيرها من الصكوة وعلى صورة عامة بأية حيلة ترمي إلى منع اكتشاف االختالس‪ ،‬عوقب‬
‫باألشغال المؤقتة أو اإلعتقال المؤقت"‪ ،‬أما فيما يتعلق بجريمة اإلختالس في القانون األردني فقد تم تعديل المادة (‪ )174‬والتي‬
‫أصبحت كالتالي‪ .1" :‬كل موظف عمومي أدخل في ذمته ما وكل إليه بحكم الوظيفة أو بموجب تكليف من رئيسه أمر إدارتها‬
‫أو واجباته أو حفظه من نقود وأشياء أخرى للدولة أو ألحد الناس عوقب باألشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة تعادل قيمة ما إختلس‪.‬‬
‫‪ .2‬كل من إختلس أمواالً تعود لخزائن أو صناديق البنوة أو مؤسسات اإلقراض المتخصصة أو الشركات المساهمة العامة وكان‬
‫من األشخاص العاملين فيها (كل منهم في المؤسسة التي يعمل بها) عوقب بالعقوبة المقررة في الفقرة السابقة"‪( .‬قانون العقوبات‬
‫األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته)‬
‫‪24‬‬
‫ت‪ ‌.‬جريمة التزوير والتزييف‪:‬‬

‫تعتبر جريمة التزوير من الجرائم المخّلة بالثقة واألمانة العامة في الدولة وتهدد األمن العام وإستقرار‬

‫جرمتها إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م في المادة (‪.)1()3/9‬‬
‫المجتمعات‪ ،‬فقد ّ‬

‫يعرف قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته جريمة التزوير‪ ،‬إنما إكتفى‬
‫ولم ّ‬

‫بذكر أنها نوع من أنواع جرائم الفساد وذلك في المادة (‪ ،)1‬كما أحال تنظيمها إلى قانون العقوبات الساري‪،‬‬

‫كما أن قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته لم ينظم جريمة التزوير في‬

‫المخّلة بالثقة العامة ‪-‬والتي تُعتبر جريمة التزوير إحداها‪ -‬من ضمن‬
‫نصوص مواده وإنما إعتبر الجرائم ُ‬

‫جرائم الفساد وذلك في نص المادة (‪/16‬أ‪ ،)1/‬وفيما يتعلق بقانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م‬

‫وتعديالته الساري في الضفة الغربية والمملكة األردنية الهاشمية فقد ّ‬


‫عرف جريمة التزوير في المادة (‪.)2()254‬‬

‫ختص بإنشاء عملة ورقية أو معدنية‬


‫الم ّ‬
‫فإنه يمكن تعريفها بأنها قيام الموظف ُ‬
‫أما فيما يتعلق بجريمة التزييف ّ‬

‫معدنية‬
‫ّ‬ ‫غير صحيحة وكانت باألصل نظامية ثم قام بتغييرها والتالعب في قيمتها أو إنشاء عملة ورقية أو‬

‫لم يكن لها وجود باألساس ولم تكن نظامية(‪.)3‬‬

‫وإعتَ َبرت المادة (‪ )3‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني‬

‫التزييف إحدى جرائم الفساد وأحالت المادة تنظيم هذه الجريمة إلى قانون العقوبات الساري‪ ،‬في حين أن‬

‫قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته لم ينظم جريمة التزييف في نصوص‬

‫(‪ )1‬حيث نصت على‪" :‬تتخذ كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير مدنية وإدارية‪ ،‬وفقاً للمبادئ األساسية لقانونها الداخلي‪،‬‬
‫للمحافظة على سالمة دفاتر المحاسبة أو السجالت أو البيانات المالية أو المستندات األخرى ذات الصلة بالنفقات واإليرادات‬
‫العمومية ولمنع تزوير تلك المستندات"‪.‬‬
‫عرفتها على أنها‪" :‬تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي ُيراد إثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما نجم أو‬
‫والتي ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي"‪.‬‬


‫فضل عثمان فضل‪ ،‬عامرية‪ :‬الجريمة المنظمة والجريمة عبر الوطنية‪ :‬جريمة التزييف أنموذجا‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة‬ ‫(‪)3‬‬

‫القلزم للدراسات االمنية واإلستراتيجية‪ ،‬ع‪.112/2021 ،2‬‬


‫‪25‬‬
‫مواده‌وإنما إعتبر الجرائم اإلقتصادية(‪ )1‬هي إحدى جرائم الفساد وذلك في نص المادة (‪/16‬أ‪ ،)1/‬وفيما يتعلق‬

‫بقانون‌العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م الساري في الضفة الغربية والمملكة األردنية الهاشمية فقد‬

‫نظمت المواد (‪ )246-245‬جريمة تزييف العملة أو المسكوكات(‪.)2‬‬


‫ّ‬

‫ث‪ ‌.‬جريمة إستثمار الوظيفة‪:‬‬

‫خل بالثقة العامة للمواطنين في قطاعات الدولة‬


‫تعد جريمة إستثمار الوظيفة كغيرها من جرائم الفساد التي تُ ّ‬

‫ومؤسساتها وهي من جرائم الفساد الخطرة؛ لذلك كان ال بد من تجريمها‪.‬‬

‫حيث أشارت المادة (‪ )1‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته على إعتبار‬

‫جريمة إستثمار الوظيفة من جرائم الفساد وتركت التفصيل في تجريمها إلى قانون العقوبات النافذ‪ ،‬وكذلك‬

‫فعلت المادة (‪/16‬أ‪ )6/‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪ ،‬وذكر‬

‫(‪ )1‬حيث أن قانون الجرائم اإلقتصادية األردني رقم (‪ )11‬لسنة ‪1993‬م وتعديالته إعتبر جريمة التزييف إحدى الجرائم اإلقتصادية‬
‫وفقاً لنص المادة (‪/3‬ج‪( .)3/‬قانون الج ارئم اإلقتصادية األردني رقم (‪ )11‬لسنة ‪1993‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية‬
‫األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،3891‬بتاريخ ‪ ،1993/4/17‬ص‪.)722‬‬
‫تنص المادة (‪ )245‬من قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م على "تشمل لفظة (المسكوكات) على إختالف‬ ‫(‪)2‬‬

‫أنواعها وفئاتها المصنوعة من أي صنف من المعادن أو المعادن المخلوطة‪ ،‬والرائجة بصورة مشروعة في المملكة أو في أية‬
‫ويراد بعبارة (المسكوكات الزائفة) المسكوكات غير األصلية‬
‫بالد أخرى‪ .‬وشمل لفظة (معدن) أي مزيج أو خليط من المعادن‪ُ .‬‬
‫التي تُحاكي المسكوكات األصلية أو التي يلوح أنه قصد منها أن تحاكيها أو أن يتداولها الناس بإعتبارها مسكوكات أصلية‪،‬‬
‫وتشمل هذه العبارات المسكوكات األصلية التي عولجت بالطلي أو بتغيير الشكل حتى أصبحت تحاكي مسكوكات أكبر منها‬
‫قيمة أو التي يلوح أنها عولجت على تلك الصورة بقصد أن تصبح محاكية لمسكوكات أكبر منها قيمة أو أن يخالها الناس كذلك‬
‫وتشمل أيضاً المسكوكات األصلية التي قرضت أو سحلت أو أنقص حجمها أو وزنها على أي وجه آخر أو عولجت بالطلي أو‬
‫بتغيير الشكل بصورة تؤدي إلى إخفاء آثار القرض أو السحل أو اإلنقاص وتشمل أيضاً المسكوكات اآلنفة الذكر سواء أكانت‬
‫في حالة صالحة للتداول أم لم تكن وسواء أكانت عملية طالئها أو تغييرها تامة أم لم تكن كذلك ‪.‬وتشمل عبارة (الطلي بالذهب‬
‫أو الفضة) بالنسبة للمسكوكات طليها بطالء يعطيها مظهر الذهب أو الفضة‪ ،‬مهما كانت الوسيلة المستعملة في ذلك"‪ ،‬كما‬
‫تنص المادة (‪ )246‬من قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م على‪" :‬كل من صنع مسكوكات ذهبية أو فضية زائفة‪،‬‬
‫أو شرع في صنعها يعاقب باألشغال الشاقة مدة ال تنقص عن خمس سنوات"‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫قانون الجرائم اإلقتصادية األردني رقم (‪ )11‬لسنة ‪1993‬م وتعديالته أن جريمة إستثمار الوظيفة هي جريمة‬

‫إقتصادية وينظمها قانون العقوبات األردني‪ ،‬حيث تناولها هذا القانون في المادة (‪ )175‬منه(‪.)1‬‬

‫ج‪ ‌.‬جريمة إساءة اإلئتمان‪:‬‬

‫ظمت المادة (‪ )422‬من قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته المطبق في الضفة‬
‫نّ‬

‫الغربية والمملكة األردنية الهاشمية جريمة إساءة اإلئتمان(‪.)2‬‬

‫ح‪ ‌.‬جريمة التهاون في القيام بواجبات الوظيفة‪:‬‬

‫تقع جريمة التهاون في القيام بواجبات الوظيفة عند إهمال الموظف لألعمال المتوجب عليه القيام بها وتفضيل‬

‫مصلحته الخاصة على المصلحة العامة(‪.)3‬‬

‫جرمت المادة (‪ )183‬من قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته المطبق في‬
‫ولقد ّ‬

‫الضفة الغربية والمملكة األردنية الهاشمية التهاون في القيام بواجبات الوظيفة(‪.)4‬‬

‫"من وكل إليه بيع أو شراء أو إدارة أموال منقولة أو غير منقولة لحساب الدولة أو لحساب إدارة عامة‪،‬‬ ‫والتي جاء فيها‪َ :‬‬
‫(‪)1‬‬

‫فإقترف غشاً في أحد هذه األعمال أو خالف األحكام التي تسري عليها إما ّ‬
‫لجر مغنم ذاتي أو مراعاة لفريق أو إض ار اًر بالفريق‬
‫اآلخر أو إض ار اًر باإلدارة العامة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة ال تنقص عن قيمة الضرر الناجم"‪.‬‬
‫(‪ )2‬حيث جاء فيها‪" :‬كل من ُسّلِم إليه على سبيل األمانة أو الوكالة وألجل اإلبراز واإلعادة أو ألجل االستعمال على صور معينة‬
‫أو ألجل الحفظ أو إلجراء عمل ‪ -‬بأجر أو دون أجر‪ -‬ما كان لغيره من أموال ونقود وأشياء وأي سند يتضمن تعهداً أو إبراء‬
‫وبالجملة كل من ُوجد في يده شيء من هذا القبيل فكتمه أو بدله أو تصرف به تصرف المالك أو استهلكه أو أقدم على أي فعل‬
‫يعد تعدياً أو امتنع عن تسليمه لمن يلزم تسليمه إليه‪ ،‬ويعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير إلى مئة‬
‫دينار"‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬جريمة اإلهمال بواجبات الوظيفة العامة‪ ،‬موقع ُحماة الحق اإللكتروني‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪https://jordan- :‬‬
‫‪ ، lawyer.com/2018/02/14/‬تاريخ آخر زيارة ‪2022/2/4‬م‪.‬‬
‫حيث نصت على "‪ .1‬كل موظف تهاون بال سبب مشروع في القيام بواجبات وظيفته وتنفيذ أوامره أمره المستند فيها إلى‬ ‫(‪)4‬‬

‫األحكام القانونية يعاقب بالغرامة من عشرة دنانير إلى خمسين دينا أر أو بالحبس من أسبوع واحد إلى ثالثة أشهر‪ .2 .‬إذا لحق‬
‫ضرر بمصالح الدولة من جراء هذا اإلهمال عوقب ذلك الموظف بالحبس من شهر واحد إلى سنة وضمن قيمة هذا الضرر"‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫ثانيا‪ :‬جرائم الفساد المستحدثة‪:‬‬

‫إن التطور المستمر في أفعال الفساد أدى إلى ظهور أنواع جديدة من جرائم الفساد‪ ،‬لم تكن القوانين الوطنية‬

‫مجرمة وفقاً لهذه‬


‫جرمتها‪ ،‬لكن مع ظهور اإلتفاقيات الدولية الحديثة أصبحت جرائم الفساد المستحدثة ّ‬
‫قد ّ‬

‫اإلتفاقيات وبالتالي تم تجريمها في التشريعات المحلّية أيضاً‪ ،‬وتتمثل أهم هذه اإلتفاقيات بإتفاقية األمم المتحدة‬

‫لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م‪ ،‬وكذلك اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ‪2010‬م‪ ،‬ومن أهم الجرائم التي‬

‫تعتبر من قبيل جرائم الفساد المستحدثة ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬جريمة تبييض العائدات الجرمية (غسيل األموال)‪:‬‬

‫هي الجرائم التي تنطوي على كسب األموال بطريقة غير مشروعة ثم قيام أصحابها بمحاولة إخفاء مصادر‬

‫هذه االموال في غفلة عن القانون أو بتواطؤ من القائمين عليها أو في بلد آخر وتحويلها إلى أموال ذات‬

‫مصادر تبدو في ظاهرها مشروعة من خالل شراء أر ٍ‬


‫اض زراعية أو بناء عقارات أو إنشاء مصانع أو إيداعات‬

‫في البنوة أو مشاركة اآلخرين‪ ،‬وذلك كله هرباً من المساءلة القانونية(‪.)1‬‬

‫وتعد جريمة غسيل األموال من أخطر الجرائم التي برزت حديثاً كما أنها تعتبر من جرائم عرقلة سير العدالة؛‬

‫المرتكبة؛ لذلك أُوليت إهتماماً كبي اًر في التشريعات‬ ‫ِ‬


‫كونها تُش ّكل عائقاً أمام الكشف عن الجريمة األصلية ُ‬

‫الوطنية وفي اإلتفاقيات الدولية(‪.)2‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتشريع الفلسطيني فقد أشار قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‬

‫إلى أن غسل العائدات الناتج عن جرائم فساد ُيعتبر جريمة فساد وأحال تنظيم هذه الجريمة إلى قانون مكافحة‬

‫غنايم‪ ،‬محمد‪ :‬غسل األموال‪ ،‬المؤتمر العالمي الثالث لإلقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مكة المكرمة‪2004 ،‬م‪.49 ،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حيث ورد تجريمها في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة اإلتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لعام ‪1988‬م‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وأيضاً تم تجريم فعل الغسيل في إتفاقية األمم المتحدة للجريمة المنظمة العابرة للحدود (إتفاقية باليرمو عام ‪2000‬م)‪ ،‬وكذلك‬
‫ورد تجريمها في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م‪ ،‬وكذلك فعلت اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ‪2010‬م‪.‬‬
‫(سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.)40-39‬‬
‫‪28‬‬
‫غسل األموال وتمويل اإلرهاب الساري(‪ ،)1‬وفي األردن لم ينص قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم‬

‫(‪ )13‬لسنة ‪2016‬م على كون جريمة غسل األموال إحدى جرائم الفساد(‪.)2‬‬

‫ب‪ ‌.‬جريمة الكسب غير المشروع‪:‬‬

‫(‪)3‬‬
‫عرف المشرع الفلسطيني الكسب غير المشروع في‬
‫عرف أيضاً بجريمة اإلثراء غير المشروع ‪ ،‬وقد ّ‬
‫والتي تُ َ‬

‫المادة (‪ )1‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م ‪ ،‬كما أولى المشرع األردني إهتماماً‬
‫(‪)4‬‬

‫(‪ )1‬على الرغم من أنه تم تخصيص قرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وتعديالته‪،‬‬
‫فقد تناولت المادة (‪ )2‬من هذا القرار بقانون األفعال التي تعتبر على سبيل غسل األموال‪ ،‬فقد نصت على‪ .1" :‬يعد مرتكباً‬
‫لجريمة غسل األموال وتمويل اإلرهاب كل من قام بأي فعل من األفعال اآلتية‪ :‬أ‪ .‬إستبدال أو تحويل أو نقل األموال من قبل‬
‫أي شخص‪ ،‬وهو يعلم بأن هذه األموال تشكل متحصالت جريمة لغرض إخفاء أو تمويه األصل غير المشروع لهذه األموال‪ ،‬أو‬
‫لمساعدة شخص متورط في إرتكاب الجريمة األصلية على اإلفالت من التبعات القانونية المترتبة على أفعاله‪ .‬ب‪ .‬إخفاء أو‬
‫تمويه الطبيعة الحقيقية أو المصدر أو الموقع أو التصرف أو الحركة أو الملكية أو الحقوق المتعلقة باألموال من قبل أي شخص‬
‫يعلم أن هذه األموال تشكل متحصالت جريمة‪ .‬ج‪ .‬تملك األموال أو حيازتها أو إستخدامها من قبل أي شخص وهو يعلم في‬
‫وقت اإلستالم أن هذه األموال هي متحصالت جريمة لغرض إخفاء أو تمويه األصل غير المشروع لهذه األموال‪ .‬د‪ .‬اإلشتراة‬
‫أو المساعدة أو التحريض أو التآمر أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في إرتكاب أي من‬
‫األفعال المنصوص عليها في هذه المادة"‪( .‬القرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب‬
‫وتعديالته‪ ،‬المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،10‬بتاريخ ‪ ،2015/12/30‬ص‪.)2‬‬

‫على الرغم من أنه تم تخصيص قانون مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب رقم (‪ )20‬لسنة ‪2021‬م والذي لم ُي ّ‬
‫عرف‬ ‫(‪)2‬‬

‫جريمة غسل األموال إنما إكتفى بذكر األفعال التي تقع على سبيل غسل األموال فقد نصت المادة (‪/3‬أ) على‪" :‬يعد مرتكباً‬
‫لجريمة غسل األموال‪ .1 :‬كل شخص يعلم بأن األموال متحصالت جريمة أصلية وسواء إرتكب الجريمة األصلية أم ال وذلك‬
‫في حال قيامه عمداً بإرتكاب أي من األفعال التالية‪ :‬أ‪ .‬تحويل األموال أو نقلها لغايات تمويه أو إخفاء مصدرها غير المشروع‬
‫أو لغايات مساعدة أي شخص متورط في إرتكاب الجريمة األصلية أو ساهم في إرتكابها‪ .‬ب‪ .‬إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية‬
‫لألموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف بها أو حركتها أو ملكيتها أو أي من الحقوق المرتبطة بهذه األموال‪ .‬ج‪.‬‬
‫إكتساب األموال أو إستخدامها أو إدارتها أو إستثمارها أو حيازتها"‪( .‬قانون مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب رقم (‪)20‬‬
‫لسنة ‪2021‬م األردني‪ ،‬والمنشور على الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5743‬بتاريخ ‪ ،2021/9/16‬ص‪.)3788‬‬
‫عرفتها إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م في المادة (‪ )20‬منها بحيث نصت على‪" :‬تنظر كل دولة طرف‬ ‫(‪)3‬‬

‫رهناً بدستورها والمبادئ األساسية لنظامها القانوني‪ ،‬في إعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم ّ‬
‫تعمد موظف‬
‫عمومي إثراء غير مشروع‪ ،‬أي زيادة موجوداته زيادة كبيرة ال يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياساً إلى دخله المشروع" (انظر‬
‫إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م)‪.‬‬
‫نصت على‪ " :‬كل مال حصل عليه أحد الخاضعين ألحكام هذا القرار بقانون‪ ،‬لنفسه أو لغيره بسبب إستغالل الوظيفة‬ ‫حيث ّ‬
‫(‪)4‬‬

‫أو الصفة‪ ،‬ويعتبر كسباً غير مشروع كل زيادة في الثروة تط أر بعد تولي الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القرار بقانون‬
‫أو على زوجه أو على أوالده القصر‪ ،‬متى كانت ال تتناسب مع مواردهم‪ ،‬وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها‬
‫‪29‬‬
‫كبي اًر لجريمة الكسب غير المشروع بحيث أفرد قانوناً خاصاً يتناول كل ما يتعلق بهذه الجريمة فقد أقر المشرع‬

‫األردني قانون الكسب غير المشروع رقم (‪ )21‬لسنة ‪2014‬م والذي ّ‬


‫عرف جريمة الكسب غير المشروع في‬

‫المادة (‪ )4‬منه(‪.)1‬‬

‫ت‪ ‌.‬جريمة المتاجرة بالنفوذ‪:‬‬

‫والتي تُعرف أيضاً بجريمة إستغالل النفوذ‪ ،‬وتتمثل بطلب أو أخذ أو قبول الموظف لنفسه أو لغيره عطية أو‬

‫وعد بالعطية مستغالً منصبه ووظيفته والصالحيات الممنوحة له لتحقيق مآرب ومنافع شخصية(‪.)2‬‬

‫تناول قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته مفهوم جريمة المتاجرة بالنفوذ في‬

‫المادة (‪ )1‬منه(‪ ،)3‬أما فيما يتعلق بالتشريع األردني فمن خالل اإلطالع على قانون النزاهة ومكافحة الفساد‬

‫األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2015‬م وتعديالته‪َ ،‬ن ِجد أنه لم ُيعالج جريمة المتاجرة بالنفوذ إلى اآلن‪.‬‬

‫ث‪ ‌.‬جريمة إساءة إستعمال السلطة‪:‬‬

‫تعني قيام الموظف العمومي خالل ممارسته وظيفته بعمل أو إمتناع عن عمل بصورة مخالفة للقانون مقابل‬

‫فائدة مادية أو معنوية‪ ،‬عاجلة أم آجلة‪ ،‬ظاهرة أو خفية‪ ،‬ويتمثل الركن المادي لهذه الجريمة بفعل اإلمتناع‬

‫عن القيام بفعل يوجبه عليه القانون أو القيام بعمل يخالف القانون‪ ،‬وهذه الجريمة كغيرها من جرائم الفساد ال‬

‫والتي نصت على‪" :‬كل مال منقول أو غير منقول حصل أو يحصل عليه أي شخص تسري عليه أحكام هذا القانون لنفسه‬ ‫(‪)1‬‬

‫أو لغيره بسبب إستغالل منصبه أو وظيفته أو المركز الذي يشغله أو بحكم صفة أي منها‪ ،‬وكل زيادة تط أر على المال المنقول‬
‫أو غير المنقول وفق إقرار الذمة المالية المقدم منه بمقتضى أحكام هذا القانون أو قانون إشهار الذمة المالية رقم (‪ )54‬لسنة‬
‫‪ 2006‬م أو لزوجه أو أوالده القصر وذلك أثناء إشغاله للمنصب أو الوظيفة أو المركز أو بسبب صفة أي منها إذا كانت هذه‬
‫الزيادة ال تتناسب مع مواردهم المالية وعجز عن إثبات مصدر مشروع لتلك الزيادة"‬
‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫عرفها على أنها "قيام الموظف أو أي شخص آخر‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬بإلتماس أو قبول أي مزّية غير‬
‫حيث ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫مستحقة لصالحه أو لصالح شخص آخر‪ ،‬لكي يستغل ذلك الموظف أو الشخص نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من‬
‫إدارة أو سلطة عمومية على مزية غير مستحقة"‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫يمكن وقوعها بالخطأ‪ ،‬وتتطلب توافر ركن خاص يتمثل في أن يكون مرتكب الجريمة من األشخاص‬

‫الخاضعين ألحكام قانون مكافحة الفساد(‪ ،)1‬ويكون الركن القانوني لجريمة إساءة إستغالل الموظف لوظيفته‬

‫في ما نص عليه التشريع الفلسطيني في المادة (‪ )1‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة‬

‫‪2005‬م وتعديالته(‪ ،)2‬وكذلك تناولها المشرع األردني في المادة (‪ )1/16‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد‬

‫األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬

‫ج‪ ‌.‬جريمة قبول الواسطة والمحسوبية والمحاباة التي تلغي حقاً أو تحق باطالً‪:‬‬

‫تعد جريمة قبول الواسطة والمحسوبية من الجرائم كثيرة اإلنتشار في بعض المجتمعات إذ أن بعض المجتمعات‬

‫تتعامل مع هذا النوع من جرائم الفساد على أنها جزء من ثقافة المجتمع يتم التباهي بإرتكابها ومنها بعض‬

‫الفئات من المجتمع الفلسطيني‪ ،‬على العكس من ثقافة بعض المجتمعات األخرى التي ترفضها بشدة وتزدري‬

‫َمن يتعامل بها‪.‬‬

‫وقد عرف قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته جريمة قبول الواسطة والمحسوبية‬

‫والمحاباة في المادة (‪ )1‬على أنها "قيام الموظف بعمل من أعمال وظيفته أو إمتناعه عن القيام بعمل من‬

‫أعمال وظيفته أو إخالله بواجباته نتيجة لرجاء أو توصية أو إلعتبارات غير مهنية‪ ،‬كاإلنتماء الحزبي أو‬

‫العائلي أو الديني أو الجهوي"‪ ،‬وبالنسبة للتشريع األردني فقد إكتفت المادة (‪/16‬أ‪ )7/‬من قانون النزاهة‬

‫ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م بإعتبار فعل قبول الواسطة والمحسوبية والمحاباة من ضمن‬

‫جرائم الفساد ولم تعرفها(‪.)3‬‬

‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39-37‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عرف جريمة إساءة إستعمال السلطة على أنها "قيام الموظف أو عدم قيامه بفعل ما‪ ،‬لدى اإلطالع بوظائفه‪ ،‬بغرض‬
‫حيث ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫الحصول على مزّية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر‪ ،‬مما يشكل إنتهاكاً للقوانين"‪.‬‬
‫نصت المادة (‪/16‬أ‪ )7/‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته على "يعتبر فساداً‬
‫(‪)3‬‬

‫لغايات هذا القانون ما يلي‪ .7..:‬قبول موظفي اإلدارة العامة للواسطة والمحسوبية التي تلغي حقاً أو تحق باطالً"‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫ح‪ ‌.‬جريمة تضارب المصالح‪:‬‬

‫يمكن تعريف جريمة تضارب المصالح كما وردت في قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2020‬م‬

‫بنظام اإلفصاح عن تضارب المصالح على أنها‪" :‬الوضع أو الموقف الذي تتأثر فيه موضوعية وإستقاللية‬

‫قرار الخاضع بمصلحة شخصية مادية أو معنوية تهمه شخصياً أو أحد أقاربه أو أصدقائه المقربين‪ ،‬أو‬

‫عندما يتأثر أداؤه للوظيفة العامة إلعتبارات شخصية مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬أو بمعرفته بالمعلومات التي‬

‫تتعلق بالقرار"(‪ ،)1‬حيث أوجب هذا القرار على الخاضعين له بالتصريح في حال وجود أي تضارب بالمصالح‪،‬‬

‫كما تطرقت المادة (‪ )1‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته لجريمة تضارب‬

‫جرم المشرع األردني عدم اإلفصاح عن وجود تضارب في المصالح في المادة (‪ )16‬من‬
‫المصالح‪ ،‬كما ّ‬

‫قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته بحيث نصت على‪" :‬عدم اإلعالن‬

‫أو اإلفصاح عن إستثمارات أو ممتلكات أو منافع قد تؤدي إلى تعارض في المصالح إذا كانت القوانين‬

‫واألنظمة تستوجب ذلك ويكون من شأنها تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة للممتنع عن إعالنها"‪.‬‬

‫خ‪ ‌.‬جريمة إعاقة سير العدالة‪:‬‬

‫عرف قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته في المادة (‪ )1‬منه جريمة إعاقة‬
‫ّ‬

‫سير العدالة على أنها‪" :‬إستخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزّية غير مستحقة أو عرضها‬

‫أو منحها للتحريض على اإلدالء بشهادة زور أو للتدخل في اإلدالء بالشهادة أو تقديم األدلة في إجراءات‬

‫جرمة وفق أحكام هذا القرار بقانون‪ ،‬أو إستخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب‬
‫تتعلق بإرتكاب أفعال ُم ّ‬

‫لعرقلة سير التحريات الجارية بشأن األفعال المجرمة وفق ألحكام هذا القرار بقانون"‪ ،‬وتعد جريمة إعاقة سير‬

‫نظام اإلفصاح عن تضارب المصالح رقم (‪ )1‬لسنة ‪2020‬م‪ ،‬المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،164‬بتاريخ‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ،2020/2/27‬ص‪.39‬‬
‫‪32‬‬
‫يتطرق قانون النزاهة ومكافحة‬
‫العدالة من الجرائم العمدية التي تتطلب عنصري العلم واإلرادة ‪ ،‬في حين لم ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م إلى جريمة إعاقة سير العدالة‪.‬‬

‫يتضح مما سبق أن هناة تصنيفات عديدة تكاد ال تنتهي لجرائم الفساد؛ وذلك نظ اًر لتنوع هذه الجرائم وتأثرها‬

‫بالبيئة المحيطة بها فيؤدي ذلك إلى إستحداث جرائم فساد موجودة أو ظهور أنواع جديدة؛ لذلك من الصعب‬

‫وجود تصنيف شامل يحصر كافة أنواع جرائم الفساد‪.‬‬

‫وبعد الحديث عن صور جرائم الفساد‪ ،‬ال ُب ّد من الحديث عن آثار جرائم الفساد وآليات مكافحتها وهذا ما‬

‫سنتناوله في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آثار جرائم الفساد وآليات مكافحتها‪.‬‬

‫ينهش الفساد جميع مناحي الحياة سواء السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية واألخالقية‪ ،‬فلم يسلم أي جانب‬

‫من جوانب الحياة من اآلثار والتداعيات السلبية لجرائم الفساد‪ ،‬ويمكن تلخيص بعض هذه اآلثار كالتالي‪:‬‬

‫‪ .1‬يمتد األثر السلبي للفساد حتى يطال القيم األخالقية واإلجتماعية‪ ،‬فتنتشر الجريمة والالمباالة والسلبية‬

‫بين أفراد المجتمع والشعور بالظلم مما ُيوّلد الحقد بين شرائح المجتمع وإزدياد حجم الجماعات المنبوذة‬

‫والمهمشة وإنتشار الفقر(‪.)2‬‬

‫‪ .2‬وتتمثل آثار الفساد السلبية على اإلقتصاد في هروب رؤوس األموال إلى الخارج بسبب غياب البيئة‬

‫الحرة‪ ،‬مما يؤدي إلى إنتشار البطالة وقلة توافر فرص العمل والذي بدوره يؤدي إلى هجرة‬
‫التنافسية ّ‬

‫الكفاءات والعقول المبدعة إلى الخارج‪ ،‬كما أن الفساد يؤدي إلى هدر األموال العامة بسبب تقديم‬

‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43-42‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫دية‪ ،‬أحمد‪ :‬الفساد سبله وآليات مكافحته‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15-14‬‬


‫أبو ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫‪33‬‬
‫المصالح الشخصية على المصالح العامة مما يكلف الخزينة العامة للدولة‪ ،‬كما أن الفساد يحرم الدولة‬

‫من الحصول على المساعدات األجنبية بسبب السمعة السيئة للنظام السياسي(‪.)1‬‬

‫قوض النظام‬
‫‪ .3‬ينهش الفساد النظام السياسي بأكمله سواء من حيث شرعيته أو إستق ارره أو سمعته‪ ،‬فهو ُي ّ‬

‫السياسي بسبب ما يخلقه من نفاق سياسي وشراء للذمم والوالءات السياسية‪ ،‬كما يؤثر على ديمقراطية‬

‫النظام السياسي وعلى سيادة القانون وإحترام حقوق اإلنسان‪ ،‬كما يؤثر على اإلقبال على الحياة السياسية‬

‫والمشاركة السياسية؛ بسبب غياب الثقة في النظام السياسي ومؤسسات الدولة واليأس من محاولة‬

‫إصالحها‪ ،‬ويمتد أثره حتى يؤدي إلى تزعزع اإلستقرار السياسي وإنتشار النزاعات بين األحزاب السياسية‬

‫والتيارات المختلفة(‪.)2‬‬

‫تستدعي اآلثار المترتبة على الفساد وجود آليات تقف في وجه جرائم الفساد وتحد من آثارها على الفرد‬

‫والمجتمع‪ ،‬بحيث تتمثل هذه اآلليات في ُمساءلة الموظفين عن أعمالهم ومحاسبتهم في حال ثَُب َت إرتكابهم‬

‫لجرائم الفساد‪ ،‬باإلضافة إلى توافر النزاهة والشفافية في المرافق العامة‪ ،‬وما سبق يجب أن يكون األساس‬

‫الحد من آثاره‪ ،‬والتي يمكن توضيحها كما يلي‪:‬‬


‫الذي تتبعه كافة الدول عند وضع قوانينها لمكافحة الفساد و ّ‬

‫‪ .1‬المحاسبة‪ :‬أي ترتب المسؤولية على الموظفين العموميين ومحاسبتهم قانونياً‪ ،‬وإدارياً وأخالقياً أمام‬

‫رؤسائهم على أعمالهم الواجب عليهم القيام بها(‪.)3‬‬

‫دية‪ ،‬أحمد‪ :‬الفساد سبله وآليات مكافحته‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15‬‬ ‫أبو ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ .2‬المساءلة‪ :‬وتعني وجوب تقديم الموظفين العموميين تقارير عن عملهم‪ ،‬وتمكين المواطنين من اإلطالع‬

‫على هذه التقارير حتى تتحقق الرقابة الشعبية ومن أجل التحقق من قيام الموظفين العموميين بأعمالهم‬

‫وفقاً لمبادئ القانون والقيم الديمقراطية(‪.)1‬‬

‫‪ .3‬الشفافية‪ :‬وهي الوضوح داخل المؤسسة وفي العالقة مع المواطنين المنتفعين من الخدمات المقدمة داخل‬

‫المؤسسة‪ ،‬والعالنية في كافة اإلجراءات والغايات واألهداف(‪.)2‬‬

‫‪ .4‬النزاهة‪ :‬وهي منظومة األخالق المتمثلة بالصدق واألمانة واإلخالص في العمل‪ ،‬وتختلف عن الشفافية‬

‫رغم تقارب مفهوميهما في أنها تتصل بقيم أخالقية معنوية بينما الشفافية تتصل بمبادئ عملية وإجراءات‬
‫(‪)3‬‬
‫واقعية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية الحصانة في نطاق مكافحة جرائم الفساد‬

‫وميزة لبعض األشخاص إال أنها‬


‫يوجد للحصانة أثر كبير على مكافحة جرائم الفساد‪ ،‬فهي مثلما تعتبر حق ّ‬

‫قد تشكل عائقاً في بعض األحيان‪ ،‬وللخوض أكثر في مفهوم الحصانة ُخصص هذا المبحث للنظر في‬

‫ماهية الحصانة في نطاق مكافحة الفساد‪ ،‬وينقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬األول يتناول مفهوم الحصانة‪،‬‬

‫والثاني يبحث في مبررات الحصانة في مجال مكافحة الفساد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الحصانة‪.‬‬

‫إصطالحا؛‬
‫ً‬ ‫يتحتم علينا توضيح المقصود بالحصانة لغ ًة في البداية؛ فهي أساس المعاني‪ ،‬ثم قانوناً‪ ،‬ثم‬

‫إلستيضاح الشيء الذي ُيكنى به لإلستدالل عليه‪ ،‬وهذا ما يتناوله الفرع األول من هذا المطلب‪ ،‬في حين‬

‫يبحث الفرع الثاني في صور الحصانة‪.‬‬

‫دية‪ ،‬أحمد‪ :‬الفساد سبله وآليات مكافحته‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21-20‬‬ ‫أبو ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫دية‪ ،‬أحمد‪ :‬الفساد سبله وآليات مكافحته‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫أبو ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫‪35‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الحصانة‪.‬‬

‫يتناول هذا الفرع تعريف الحصانة لغ ًة‪ ،‬قانوناً وإصطالحاً‪.‬‬

‫أولا‪ :‬الحصانة لغةا‪:‬‬

‫ص َن‬ ‫الحصانة مناعة ضد األمراض وتكون إما طبيعية أو مكتسبة‪ُ ،‬‬


‫ويقال َح ُ‬ ‫ص َن و َ‬
‫وهي (إسم) مصدرها َح َ‬
‫صين‪ ،‬والحصانة‬ ‫ِ‬
‫ص َن المكان أي صار منيعاً وقوياً فهو َح ٌ‬
‫وح ُ‬
‫وحصين‪َ ،‬‬
‫وحصان َ‬
‫حصن حصان ًة فهو حاصن َ‬
‫َي ُ‬

‫السياسية أي أن يكون النائب في حالة حصينة تمنع مقاضاته إال إذا رفع مجلس ّ‬
‫النواب الحصانة عنه‪،‬‬

‫الدولية إمتيازات يحصل عليها أشخاص أو هيئات تمنع من تطبيق القانون عليهم(‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫والحصانة‬

‫ثاني ا‪ :‬الحصانة قانون ا‪:‬‬

‫ال يوجد تعريف للحصانة عند النظر في التشريع الفلسطيني واألردني محل المقارنة‪ ،‬ويتضح أنهما قاما فقط‬

‫بتوضيح نطاق الحصانة واإلجراءات التي يجب إتباعها عند رفع الحصانة عن األشخاص المتمتعين بها‬

‫دون التطرق لتوضيح مفهوم الحصانة بحد ذاته‪.‬‬

‫ثالث ا‪ :‬الحصانة إصطالح ا‪:‬‬

‫مصطلح الحصانة هو ليس بمصطلح جديد كلياً‪ ،‬حيث ُع ِّرفت الحصانة قديماً على أنها اإلعفاء الضريبي‬

‫الذي ُيمنح لبعض المواطنين الذين كانوا يؤدون للدولة خدمات مميزة‪ ،‬ثم إتخذ هذا المصطلح مفهوماً أوسع‬

‫معينة مفروضة عليهم‪ ،‬ثم بدأ مصطلح الحصانة‬


‫إذ أصبح يعرف على أنه إعفاء بعض األفراد من إلتزامات ّ‬

‫بالظهور في المواثيق الدستورية كضمانة أساسية وهامة لحماية إستقالل أعضاء البرلمان أثناء مباشرة عملهم‬

‫النيابي(‪.)2‬‬

‫إبن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الحديث للنشر‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.481-479‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬المركز العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2017 ،‬ص‪.51‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪36‬‬
‫(‪)1‬‬
‫عرفها‬
‫وعلى الرغم من إنتشار مفهوم الحصانة وسرعة تداوله إال أنه لم يكن هناة تعريفاً جامعاً له ؛ حيث ّ‬

‫البعض على أنها "حماية أشخاص معينين من المالحقة القضائية عن بعض األفعال اإلجرامية المرتكبة أثناء‬

‫القيام بمهامهم الرسمية‪ ،‬وهي مقررة لهؤالء األشخاص من أجل المصلحة العامة‪ ،‬ال من أجل مصالحهم‬

‫الشخصية"(‪.)2‬‬
‫ّ‬

‫من خالل التعريفات السابقة ترى الباحثة أنه يمكن إطالق مفهوم الحصانة على كل إمتياز ُيمنح بموجب‬

‫القانون لفئة معينة من األفراد بحكم وظيفتهم وتأديتهم لواجباتهم الوظيفية يحصنهم ضد إتخاذ إجراءات ّ‬
‫معينة‬

‫بحقهم في حال قيامهم بفعل أو قول يخالف القوانين واألنظمة المفروضة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬صور الحصانة‪.‬‬

‫هناة العديد من الصور للحصانة؛ لذلك يصعب اإللمام بها جميعاً بسبب تعدد أنواعها وتصنيفاتها‪ ،‬وفي‬

‫بحثنا هذا سنتطرق إلى أهم أنواع الحصانات وأكثرها معرف ًة‪ ،‬والتنظيم القانوني لها في التشريع الفلسطيني‬

‫واألردني‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬

‫لمانية‪:‬‬
‫أولا‪ :‬الحصانة البر ّ‬

‫البرلمان هو أقرب السلطات في الدولة إلى الشعب وهو مصدر السلطات والسيادة‪ ،‬وهو الممثل عن إرادة‬

‫الشعب وعن مشاغله وهمومه؛ لذلك كان ال بد من حماية ممثلي الشعب من أي ضغط يؤثر على آرائهم أو‬

‫فعرفها البعض على أنها "إمتياز يمنحه المشرع الدولي أو الوطني إلى بعض األشخاص بحكم وظائفهم يتم إعفاءهم بموجبها‬
‫ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫من تكليف أو واجب أو مساءلة قانونية مفروضة على باقي األشخاص في الدولة‪ ،‬أو يمنحهم إمتياز بعدم الخضوع للسلطات‬
‫العامة ومنها السلطة القضائية أو بعض أوجه مظاهرها"‪( .‬الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.)52‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفسادفي فلسطين‪ ،‬المركز الفلسطيني إلستقالل‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫المحاماة والقضاء "مساواة"‪ ،‬رام هللا‪ ،2015 ،‬ص‪.4‬‬


‫‪37‬‬
‫حريتهم في إتخاذ الموقف الذي يرونه مناسباً‪ ،‬وتقرير الحصانة البرلمانية لحماية البرلمان والحفاظ على‬

‫إستقالله(‪.)1‬‬

‫وقبل التطرق إلى مفهوم الحصانة البرلمانية ال ّبد من ّ‬


‫التعرف على مفهوم البرلمان أو ما ُيعرف بالمجلس‬

‫شرع القوانين في البلدان التي تأخذ بالنظام الديمقراطي‪،‬‬


‫الوطنية التي تُ ّ‬
‫ّ‬ ‫التشريعي‪ ،‬فهو ُيطلق على "الهيئة‬

‫وهناة برلمانات تتكون بالكامل من أفراد ُمنتَخبين‪ ،‬بينما هناة برلمانات أخرى بها أعضاء منتخبون وأعضاء‬

‫عينون أو أعضاء َي ِرثون عضويتهم"(‪.)2‬‬


‫ُم ّ‬

‫ِ‬
‫ؤمن‬
‫عرفها على أنها‪" :‬مجموع األحكام الدستورية التي تُ ّ‬
‫أما الحصانة البرلمانية لها عدة تعريفات‪ ،‬فالبعض ُي ّ‬

‫طبق على عامة الناس فيما خص عالقاتهم‬


‫للنواب نظام قانوني مختلف عن النظام القانوني العادي الذي ُي َ‬

‫مع العدالة وذلك بهدف الحفاظ على حريتهم وإستقالليتهم"(‪.)3‬‬

‫بينما يعرف جانب آخر من الفقهاء الحصانة البرلمانية على أنها عدم مسؤولية أعضاء البرلمان عن آرائهم‬

‫وأفكارهم التي يبدونها عند قيامهم بعملهم البرلماني‪ ،‬وأيضاً عدم جواز إتخاذ إجراءات جزائية ضد أعضاء‬

‫البرلمان إال بإذن المجلس التابعين له(‪.)4‬‬

‫ورغم تعدد التعريفات لمفهوم الحصانة البرلمانية إال أنه يتضح أن التعريف األخير أكثر شمولية ووضوح؛‬

‫فالتعريف األول السابق ذكره من الممكن فهمه على أن النظام القانوني المطبق على أعضاء البرلمان عند‬

‫إرتكابهم لجريمة ما يختلف عن النظام القانوني المطبق على عامة الشعب وهذا غير وارد‪ ،‬فإذا إرتكب عضو‬

‫البرلمان جريمة ما فإنه يخضع لقانون العقوبات المطبق في الدولة وعلى عامة الشعب‪ ،‬فتكييف الجريمة‬

‫يبقى كما هو لكن إتخاذ اإلجراءات الجزائية الالزمة يتأخر إلى حين الحصول على إذن من المجلس التشريعي‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬دار عالم الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪1997 ،‬م‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪38‬‬
‫‪-‬كما سيتم توضيحه الحقاً؛ لذلك فإنه ال يمكن القول بأن النظام القانوني بأكمله مختلف لكن إجراءات تطبيقه‬

‫هي المختلفة‪ ،‬وهذا ما وضحه الفقهاء مؤيدي هذا اإلتجاه على أن الحصانة البرلمانية هي إنعدام المسؤولية‬

‫عن آرائهم وأفكارهم وعدم جواز إتخاذ إجراءات ضد أعضاء البرلمان إال بإذن المجلس‪.‬‬

‫موضوعية وحصانة برلمانية‬


‫ّ‬ ‫والحصانة البرلمانية بالنظر إلى موضوعها تُقسم إلى نوعين‪ ،‬حصانة برلمانية‬

‫إجرائية(‪.)1‬‬

‫أ‪ ‌.‬الحصانة البرلمانية الموضوعية‪ :‬تُعرف على أنها عدم جواز مساءلة أعضاء البرلمان جزائياً ومدنياً‬

‫بصورة مطلقة عن أقوالهم وأفكارهم بمناسبة قيامهم بأعمالهم البرلمانية‪ ،‬وبالتالي فإن الحصانة البرلمانية‬

‫مقيدة بقيدين‪ ،‬يتمثل األول بأنها تتعلق باألفكار واآلراء دون األفعال‪ ،‬والثاني أن تلك اآلراء‬
‫الموضوعية ّ‬

‫يجب أن تكون متعلقة بالعمل البرلماني الذي يقوم به النائب‪ ،‬ووجود الحصانة البرلمانية ال يمنع من‬

‫مساءلة أعضاء البرلمان تأديبياً من ِقَبل المجلس التابعين له(‪.)2‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتنظيم القانوني للحصانة البرلمانية الموضوعية في التشريع الفلسطيني‪ ،‬فإن القانون‬
‫ّ‬

‫المعدل َنظ َمها في المادة (‪ ،)1/53‬وكذلك قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي‬
‫ّ‬ ‫األساسي‬

‫رقم (‪ )10‬لسنة ‪2004‬م في المادة (‪ ،)21‬وكما نظمها النظام الداخلي للمجلس التشريعي في المادة‬

‫(‪ ،)95‬وجاءت جميعها بنفس الصيغة واأللفاظ‪ ،‬بحيث نصت على أنه‪" :‬ال تجوز مساءلة أعضاء‬

‫المجلس التشريعي جزائياً أو مدنياً بسبب اآلراء التي يبدونها أو الوقائع التي يوردونها أو لتصويتهم على‬

‫معين في جلسات المجلس التشريعي أو ألي عمل يقومون به خارج المجلس التشريعي من أجل‬
‫نحو ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫الحظ من النص القانوني توسعه في النطاق الذي تغطيه‬
‫وي َ‬
‫النيابية" ‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تمكينهم من أداء مهامهم‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23-22‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة ‪2003‬م‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،2‬بتاريخ ‪،2003/3/19‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ص‪ /.10‬قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم (‪ )10‬لسنة ‪2004‬م‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع‬
‫‪39‬‬
‫الحصانة البرلمانية الموضوعية فهي شاملة لكافة اآلراء والوقائع التي يبديها العضو بمناسبة عمله‬

‫البرلماني داخل البرلمان أو خارج قبة البرلمان كالمؤتمرات واللقاءات طالما تعلقت بعمله البرلماني‪ ،‬كما‬

‫الحظ توسع القانون في نطاق الحصانة الموضوعية لعضو البرلمان فهو غير مسؤول مدنياً وال جنائياً‪،‬‬
‫ُي َ‬

‫فال المتضرر يستطيع مساءلة العضو مدنياً وال النيابة العامة تستطيع مالحقته جزائياً‪ ،‬ومن الجدير‬

‫ذكره أن الحصانة البرلمانية الموضوعية تمتد إلى ما بعد إنتهاء والية عضو البرلمان‪ ،‬أي أنها حصانة‬

‫دائمة(‪.)1‬‬

‫وبالنسبة للتنظيم القانوني للحصانة البرلمانية في التشريع األردني فقد تناول الدستور األردني لسنة‬

‫‪1952‬م الحصانة البرلمانية الموضوعية وكذلك فعل النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة‬

‫‪2014‬م‪ ،‬فقد تناولت المادة (‪ )87‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م الحصانة الموضوعية بحيث‬

‫(‪)2‬‬
‫ملء الحرية في التكلم وإبداء الرأي‬ ‫نصت على‪" :‬لكل عضو من أعضاء مجلسي األعيان والنواب‬

‫في حدود النظام الداخلي للمجلس الذي هو منتسب إليه وال يجوز مؤاخذة العضو بسبب أي تصويت‬

‫أو رأي يبديه أو خطاب يلقيه في أثناء جلسات المجلس"(‪ ،)3‬هذا وقد جاءت المادة (‪ )68‬من النظام‬

‫(‪)4‬‬
‫النواب يتضح‬
‫الداخلي لمجلس األعيان األردني بنص مشابه ‪ ،‬وبالرجوع إلى النظام الداخلي لمجلس ّ‬

‫أنه لم يتناول الحصانة البرلمانية الموضوعية‪.‬‬

‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،52‬بتاريخ ‪ ،2005/1/18‬ص‪ / .50‬النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪ ،‬منشور‬
‫في جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،46‬بتاريخ ‪ ،2003/8/16‬ص‪.69‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20-19‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫يطلق مصطلح (مجلس األمة) على مجلسي األعيان والنواب في األردن‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة (‪ )62‬من الدستور‬ ‫(‪)2‬‬

‫األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،1093‬بتاريخ ‪ ،1952/1/8‬ص‪.3‬‬
‫دستور المملكة األردنية الهاشمية سنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫جاء فيه‪ ":‬ل كل عين ملء الحرية بالتكلم وإبداء الرأي في حدود النظام الداخلي‪ ،‬وال يجوز مؤاخذته أو مالحقته بسبب أي‬ ‫(‪)4‬‬

‫تصويت أو رأي يبديه أو خطاب يلقيه في أثناء جلسات المجلس"‪( .‬النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة ‪2014‬م‪،‬‬
‫المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5266‬بتاريخ ‪ ،2014/1/26‬ص‪.)458‬‬
‫‪40‬‬
‫يتضح للباحثة مما سبق ومن خالل قراءة نص المادة (‪ )68‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان أن‬

‫الحصانة الموضوعية جاءت ُمطَلقة فال يجوز محاسبة أو مالحقة العين على أي تصويت أو أقوال‬

‫الملفت للنظر أن النظام الداخلي‬


‫ُيبديها خالل إنعقاد المجلس أو بعد إنتهاء إنعقاد جلسات المجلس‪ ،‬ومن ُ‬

‫النواب لم يتناول الحصانة الموضوعية وهو بذلك قد يكون غفل عن ذلك أو أنه اكتفى بالنص‬
‫لمجلس ّ‬

‫مرجح أنه قد غفل عنها بداللة النص عليها في النظام‬


‫عليها في المادة (‪ )86‬من الدستور‪ ،‬ومن اُل ّ‬

‫الداخلي لمجلس األعيان لسنة ‪2014‬م‪ ،‬أما بالنسبة للمادة (‪ )113‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان‬

‫فإنها حددت الحصانة البرلمانية اإلجرائية بفترة زمنية وهي خالل فترة إنعقاد المجلس‪ ،‬أما في حالة عدم‬

‫إنعقاد المجلس وتوقيف عين لسبب ما فإن المجلس هو الذي يقرر إستمرار اإلجراءات من عدمها‪ ،‬أي‬

‫أن قرار المجلس باإلستمرار من عدمه يسري بأثر مستقبلي‪ ،‬وهذا ما جاءت به المادة (‪ )118‬من نفس‬

‫النظام(‪.)1‬‬

‫ب‪ ‌.‬الحصانة البرلمانية اإلجرائية‪ :‬والتي ُيراد بها "عدم جواز إتخاذ إجراءات جزائية ضد أعضاء البرلمان –‬

‫في غير حالة التلبس بالجريمة – إال بإذن المجلس التابعين له"(‪ ،)2‬ويتضح من خالل التعريف السابق‬

‫أن الحصانة البرلمانية اإلجرائية ال تنفي الجريمة وال العقاب وإنما تحول دون إتخاذ إجراءات جزائية‬

‫ضد عضو البرلمان إال بعد الحصول على إذن من المجلس التابع له وكما أنها تزول بزوال صفة‬

‫المجرمة التي يرتكبونها‬


‫ّ‬ ‫النائب‪ ،‬أو بمفهوم آخر حصانة أعضاء البرلمان ضد المالحقة الجزائية لألفعال‬

‫أثناء عضويتهم في غير مناسبة قيامهم بأعمالهم البرلمانية؛ وذلك بهدف ضمان حسن سير العمل‬

‫بحيث نصت على‪ ":‬إذا أوقف عين لسبب ما خالل المدة التي ال يكون فيها المجلس منعقداً‪ ،‬فعلى رئيس الوزراء أن يبلغ‬ ‫(‪)1‬‬

‫رئيس المجلس بذلك فو اًر‪ ،‬وعلى رئيس المجلس أن يبلغ المجلس فور إجتماعه باإلجراءات المتخذة مشفوعة باإليضاح الالزم‪،‬‬
‫وللمجلس أن يقرر باألكثرية المطلقة إستمرار اإلجراءات أو إيقافها فو اًر"‪( .‬النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة‬
‫‪2014‬م)‪.‬‬
‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23-22‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪41‬‬
‫البرلماني وضمان إستقالل البرلمان(‪ ،)1‬وهي شاملة لجميع اإلجراءات الجزائية التي يتم إتخاذها للكشف‬

‫عين(‪.)2‬‬
‫عن جريمة الفساد ومعاقبة مرتكبيها‪ ،‬كما أنها غير محصورة في نطاق مكاني ُم ّ‬

‫وبالحديث عن التنظيم القانوني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع الفلسطيني فقد نصت الفقرة‬

‫(‪ )4-2‬من المادة (‪ )95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني على‪ -2" :‬ال يجوز التعرض‬

‫للعضو بأي شكل من األشكال‪ ،‬وال يجوز إجراء أي تفتيش في أمتعته أو بيته أو محل إقامته أو سيارته‪،‬‬

‫أو مكتبه وبصفة عامة أي عقار أو منقول خاص به طيلة الحصانة‪ -3 .‬ال يجوز مطالبة العضو‬

‫باإلدالء بشهادة عن أمر يتعلق بأفعاله أو أقواله أو معلومات حصل عليها بحكم عضويته في المجلس‬

‫أثناء العضوية أو بعد انتهاء عضويته إال برضائه وبموافقة المجلس المسبقة‪ -4 .‬يتمتع األعضاء‬

‫بالحصانة طيلة والية المجلس وال يجوز في غير حالة التلبس بجناية إتخاذ أية إجراءات جزائية ضد أي‬

‫عضو على أن يبلغ المجلس فو اًر باإلجراءات المتخذة ضد العضو ليتخذ المجلس ما يراه مناسباً‪ ،‬وتتولى‬

‫هيئة المكتب هذه المهمة إذا لم يكن المجلس منعقداً"(‪ ،)3‬وهذا ما أكدته المادة (‪ )97‬من نفس النظام‬

‫بحيث جاء فيها‪" :‬ال يجوز أن يمثل العضو أمام القضاء في أيام إنعقاد المجلس سواء كان مدعياً أو‬

‫مدعى عليه أو شاهداً"(‪.)4‬‬

‫وبناء على ما سبق يتضح أن عضو المجلس التشريعي الفلسطيني يتمتع بالحصانة اإلجرائية طالما أن‬
‫ً‬

‫جريمة الفساد التي قام بإرتكابها وقعت أثناء تمتعه بعضويته‪ ،‬وعليه فإن الحصانة البرلمانية اإلجرائية‬

‫هي ذات طابع إجرائي تُ ّقيد كافة اإلجراءات الواجب إتباعها لتحريك دعوى الحق العام ضد أي عضو‬

‫من أعضاء البرلمان بمناسبة إرتكابه فعل ُمجرم في القانون الجزائي كإجراءات القبض والتفتيش‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬ ‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫كشاش‪ ،‬كريم‪ :‬الحصانة اإلجرائية ضمانة دستورية للعمل البرلماني في األردن‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة المنارة للبحوث‬ ‫(‪)2‬‬

‫والدراسات‪ ،‬األردن‪ ،‬عدد ‪.97 ،2005 ،8‬‬


‫النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪42‬‬
‫واإلستجواب والمحاكمة وغيرها‪ ،‬فإتخاذ أي من هذه اإلجراءات في حق النائب يلحقها البطالن‪ ،‬عدا‬

‫سبق من المجلس(‪.)1‬‬
‫حالة التلبس أو حالة أخذ إذن ُم َ‬

‫كما يتضح فيما يتعلق بنطاق الحصانة البرلمانية اإلجرائية فهي تقتصر على اإلجراءات التي تكون‬

‫ضد شخص عضو البرلمان‪ ،‬والتي تركها القانون الفلسطيني على إطالقها أي أن الحصانة اإلجرائية‬

‫تقف في وجه جميع اإلجراءات الممكن إتخاذها ضد شخص عضو البرلمان في حال إرتكابه جريمة‬

‫ما‪ ،‬وهي تشمل اإلجراءات التي يؤدي إتخاذها إلى ال َح ّد من حريته ويعيقه عن أداء عمله النيابي‬

‫تمس شخص البرلمان كسماع‬


‫كاإلستجواب والتفتيش والقبض وغيرها‪ ،‬أما باقي اإلجراءات التي ال ّ‬

‫الشهود وإجراءات المعاينة وندب الخبراء هي إجراءات تحقيق تهدف إلى إستجالء الحقيقة وإثبات الوقائع‬

‫ال أكثر فال داعي لشمولها تحت بند الحصانة اإلجرائية وطلب إذن من المجلس للتمكن من مباشرتها(‪،)2‬‬

‫كما تشمل الحصانة البرلمانية اإلجرائية أمتعة عضو البرلمان وبيته ومحل إقامته وسيارته ومكتبه أو‬

‫أي عقار منقول آخر خاص به(‪.)3‬‬

‫هذا باإلضافة إلى أن الحصانة اإلجرائية في التشريع الفلسطيني غير شاملة فهي قاصرة على الدعاوى‬

‫الجزائية وال تمتد إلى الدعاوى المدنية أو دعاوى األحوال الشخصية‪ ،‬وقد يكون السبب في قصر النص‬

‫التشريعي الحصانة اإلجرائية على الدعاوى الجزائية هو أنه من غير المتصور أن يكون ثمة شبهة كيدية‬

‫في القضايا المدنية‪ ،‬كما حدد التشريع الفلسطيني المدة الزمنية التي تغطيها الحصانة البرلمانية اإلجرائية‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫محمود‪ ،‬نجيب شكر‪ :‬الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية (دراسة مقارنة)‪،‬مقبول للنشر في مجلة المحقق المحلي‬ ‫(‪)3‬‬

‫للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬العراق‪ ،‬عدد‪.219 ،2013 ،1‬‬


‫‪43‬‬
‫في المادة (‪ )4/95‬السابقة الذكر من النظام الداخلي للمجلس التشريعي وذلك بجعلها شاملة مدة والية‬

‫المجلس كاملة(‪.)1‬‬

‫أما بالنسبة للتنظيم القانوني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع األردني‪ ،‬فقد تناولتها المادة (‪)86‬‬

‫من الدستور األردني‪ ،‬بحيث نصت على‪" :‬ال يوقف أحد أعضاء مجلسي األعيان والنواب وال يحاكم‬

‫خالل مدة إجتماع المجلس‪ ،)2("...‬وقد نص النظام الداخلي لمجلس األعيان على الحصانة البرلمانية‬

‫اإلجرائية وإجراءات رفعها في المواد (‪ ،)120-113‬بحيث نصت المادة (‪ )113‬على‪ ":‬ال يجوز خالل‬

‫إنعقاد المجلس مالحقة العين جزائياً أو إتخاذ إجراءات جزائية أو إدارية بحقه أو إلقاء القبض عليه أو‬

‫توقيفه إال بإذن من المجلس‪ ،‬بإستثناء حالة الجرم الجنائي المشهود‪ ،‬وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة‬

‫يجب إعالم المجلس بذلك فو اًر"(‪ ،)3‬كما أن نص المادة (‪ )113‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان جاء‬

‫(‪)4‬‬
‫من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة ‪2013‬م وهو بذلك قد أخذ عن‬ ‫مطابقاً لنص المادة (‪)139‬‬

‫النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬

‫وبهذا فإن النطاق الزمني للحصانة اإلجرائية في التشريع األردني يسري خالل إنعقاد المجلس فقط وال‬

‫يمتد إلى حالة عدم إنعقاده أو إنحالله كأن يكون في إجازة مثالً‪ ،‬فهذا النوع من الحصانة ال تنفي‬

‫الجريمة وال تمنع العقاب بل فقط تحول دون إتخاذ إجراءات جزائية ضد العين أثناء دور إنعقاد المجلس‪،‬‬

‫وهي تختلف عن الحصانة الموضوعية بأن تلك األخيرة دائمة وتشمل جميع األوقات فال ُيسأل العين‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-25‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ص‪.28‬‬
‫دستور المملكة األردنية الهاشمية لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة ‪2014‬م‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫أنظر‪ :‬النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة ‪2013‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور على الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5247‬بتاريخ‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪ ،2013/10/20‬ص‪.4887‬‬
‫‪44‬‬
‫عن أقواله وآرائه التي أبداها بسبب ممارسته لعمله البرلماني وتمتد الحصانة الموضوعية إلى ما بعد‬

‫إنتهاء والية المجلس(‪.)1‬‬

‫كما أن النطاق الموضوعي للحصانة اإلجرائية يتمثل في كافة اإلجراءات الجزائية التي يكون فيها مساس‬

‫بشخص العضو دون اإلجراءات التي ال ّ‬


‫تمس شخص العضو‪ ،‬ويتحدد إطار النطاق الموضوعي‬

‫للحصانة البرلمانية أيضاً في كونها تقتصر على الدعاوى الجزائية وال تمتد لتشمل الدعاوى المدنية‬
‫(‪)2‬‬

‫سنداً لنص المادة (‪ )97‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني(‪.)3‬‬

‫وبالنظر إلى التنظيم القانوني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في كال القانونين الفلسطيني واألردني تتضح‬

‫بعض الفروقات بينهما‪ ،‬تتمثل في أن الحصانة البرلمانية اإلجرائية في القانون الفلسطيني شاملة لجميع‬

‫اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها لمواجهة عضو البرلمان كالقبض والتوقيف والتفتيش واإلستجواب‬

‫والمحاكمة وغيرها‪ ،‬فإتخاذ أي من هذه اإلجراءات في غير حالة التلبس بالجناية وبغير إذن مسبق من‬

‫المجلس في غير حالة إنعقاده يؤدي إلى بطالن اإلجراءات المتخذة في حق عضو البرلمان‪ ،‬وهذا على‬

‫خالف ما جاء في الدستور األردني في المادة (‪ )86‬والتي قصرت الحصانة البرلمانية اإلجرائية على‬

‫إجرائي التوقيف والمحاكمة فقط(‪.)4‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫والمبرر في ذلك أن عضو مجلس األمة يتمتع بالحصانة لحمايته من التنكيل به أو إلحاق الضرر به وإذا ما تم منح عضو‬ ‫(‪)2‬‬

‫المجلس حصانة حقوقية فإن ذلك يخرج عن نطاق ومبررات الحصانة البرلمانية‪ ،‬كما أن عضو المجلس بالنسبة للناحية الحقوقية‬
‫المدنية فإنه ال يظهر بصفته ممثالً عن األمة وإنما يظهر بصفته الشخصية‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أن مقاضاته أمام المحاكم‬ ‫ّ‬ ‫أو‬
‫النظامية ال تعيقه عن أداء عمله البرلماني‪( .‬الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪ 92‬و ص‪.)138-137‬‬
‫نصت المادة (‪ )97‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة ‪2014‬م على‪" :‬ال يجوز خالل دورة إنعقاد المجلس‬ ‫(‪)3‬‬

‫مالحقة العضو جزائياً أو إتخاذ إجراءات جزائية أو إدارية بحقه أو إلقاء القبض عليه أو توقيفه إال بإذن المجلس‪."...‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫‪45‬‬
‫أما فيما يتعلق بالنطاق الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع الفلسطيني فهي شاملة كامل‬
‫ّ‬
‫مدة العضوية‪ ،‬سواء كان المجلس في حالة إنعقاد عادية أو حالة طوارئ أو لم يكن في حالة إنعقاد‬

‫أساساً(‪ ،)1‬على العكس من القانون األردني والذي قصر الحصانة البرلمانية اإلجرائية على فترة إنعقاد‬

‫المجلس فقط(‪)2‬؛ مبررهم في ذلك أن فترة إنعقاد المجلس هي المدة التي يتصور خاللها إتخاذ إجراءات‬

‫تعسفية ضد عضو البرلمان(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحصانة الدبلوماسية‪:‬‬

‫منذ بدء الخليقة وظهور العالقات بين القبائل والدول‪ ،‬ظهرت الحاجة إلى حماية الرسل أو ما ُيسمى حديثاً‬

‫بالمبعوثين الدبلوماسيين‪ ،‬وذلك من خالل اإلقرار بوجود حصانة تحميهم وترتفع بهم عن مستوى األشخاص‬

‫العاديين؛ حتى يتمكنوا من القيام بالمهام الموكولة إليهم على أكمل وجه‪ ،‬وقد أُولي المبعوثين الدبلوماسيين‬

‫بإهتمام ورعاية كبيرة لدرجة أنه قد تنشأ حرب في حال عدم إحترامهم ومراعاتهم وأي فرد ُيسيئ إليهم قد تصل‬

‫عقوبته إلى الحكم باإلعدام أو تجريده من جنسيته‪ ،‬ثم ما لبثت الحصانة الدبلوماسية حتى تم تقنينها في‬

‫إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية عام ‪1961‬م(‪.)4‬‬

‫وبالتالي ُع ِّرَفت الحصانة الدبلوماسية على أنها‪" :‬حرمة خاصة لمقر البعثة الدبلوماسية وحرمة خاصة بشخص‬

‫المبعوث الدبلوماسي تجعلهما بمنأى عن طائلة القانون وإختصاص المحاكم بكافة أنواعها ودرجاتها في الدولة‬

‫الموفد إليها"(‪.)5‬‬

‫ض َع قرار محكمة التمييز األردنية الخطوط العريضة لمفهوم الحصانة الدبلوماسية ونطاقها‪ ،‬إذ جاء‬
‫كما َو َ‬

‫فيه‪" :‬وفي ذلك نجد أن الحصانة الدبلوماسية المنصوص عليها في المادة (‪ )31‬من إتفاقية فيينا حول تمتع‬

‫وذلك بحسب نص المادة (‪ )4/95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لسنة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وذلك حسب نص المادة (‪ )86‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص‪.62-60‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪46‬‬
‫الدبلوماسي بالحصانة حيال القضاء الجزائي والمدني واإلداري فإنها تشمل العقوبات والتعويضات الناتجة عن‬

‫جرم أو عن المسؤولية التقصيرية وتهدف لحماية البعثة الدبلوماسية من الدعاوى والشكاوى الكيدية‪ ،‬أما ما‬

‫يقوم به الممثل الدبلوماسي من تصرفات تعاقدية توجب إلتزامات متقابلة فتخرج عن مفهوم الحصانة"(‪.)1‬‬

‫وللحصانة الدبلوماسية العديد من الصور يمكن إجمالها كما يلي‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬حصانة مقر البعثة وأعمالها‪ :‬يتمثل مقر البعثة الدبلوماسية في كافة المباني أو األماكن التي تشغلها‬

‫البعثة أو تستخدمها بحيث يشمل الحديقة والمكان المخصص لوقوف السيارات‪ ،‬وتمتد الحصانة إلى‬

‫المنقوالت الموجودة بمقر البعثة فتشمل المحفوظات والوثائق ووسائل النقل أيضاً فال يجوز تفتيشها أو‬

‫اإلستيالء عليها أو إيقاع الحجز عليها أو إتخاذ أي إجراء تنفيذي ضدها كتنفيذ حكم أو إيقاع حجز‬

‫حتى لو كان بإذن من القضاء الوطني‪ ،‬وتكون هذه الحصانة بإتخاذ كافة اإلجراءات الالزمة لحماية مقر‬

‫البعثة الدبلوماسية ضد أي إعتداء أو أي فعل من شأنه التأثير على إستقرار وسالم البعثة أو قد يمس‬

‫إعتبارها ويشمل ذلك المظاهرات حتى لو كانت سلمية‪ ،‬إذ يتوجب على الدولة مضاعفة جهودها إذا كان‬

‫هناة توتر في العالقات بين الدولة المرسلة والدولة المستقبلة(‪.)2‬‬

‫ب‪ ‌.‬الحصانة الشخصية‪ :‬وتعني حرمة المبعوثين الدبلوماسيين‪ ،‬أي حرمة الذات والمسكن وعدم الخضوع‬

‫للقضاء اإلقليمي بكافة أنواعه الجنائي‪ ،‬والمدني واإلداري في الدولة المعتمد لديها‪ ،‬بحيث تكمن الحصانة‬

‫عتمد لديها معاملة الئقة بكرامته ومركزه‪ ،‬واإلبتعاد‬


‫الم َ‬
‫الشخصية في معاملة المبعوث الدبلوماسي في الدولة ُ‬
‫ومنع أي تصرف يقلل من شأنه أو يحط من كرامته وهيبته أو أي فعل ُي ّقيد حريته(‪ ،)3‬فال يجوز القبض‬

‫عليه أو حجزه مطلقاً ويشمل ذلك عدم جواز إرغام المبعوث الدبلوماسي على اإلدالء بالشهادة أمام‬

‫محاكم الدولة المعتمد لديها إال برضاه عن طريق طلب دبلوماسي من وزير الخارجية فهو غير ُمرغم‬

‫تمييز حقوق أردني‪ ،‬رقم (‪ ،)2969‬بتاريخ ‪ ،2020/12/31‬ص‪ ،9‬موقع قسطاس اإللكتروني‪ ،‬منشور على الرابط‪:‬‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪ ، https://qistas.com/ar/decs/info/‬تاريخ آخر زيارة ‪.2021/10/29‬‬


‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.74-71‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫أبو هيف‪ ،‬صادق‪ :‬القانون الدبلوماسي والقنصلي‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪:‬دار المعارف‪ ،1962 ،‬ص‪.163-161‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪47‬‬
‫على أدائها حتى لو كانت شهادته أساسية‪ ،‬إال أن ذلك ال ُيعفيه من المسائلة ومحاكمته أمام محاكم‬

‫دولته ووفقاً لقوانينها‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن الحصانة الدبلوماسية تقتصر على الحقوق واإللتزامات‬

‫المتصلة بمهمة المبعوث الدبلوماسي أو بصفته‪ ،‬وتشمل الحصانة الدبلوماسية الشخصية أفراد البعثة‬

‫اإلداريين والفنيين من حيث األعمال التي تصدر منهم داخل نطاق مقر وظائفهم‪ ،‬أما المبعوثين‬

‫الدبلوماسيين مواطني الدولة المستقبلة أو المقيمين إقامة دائمة فال تشملهم الحصانة الشخصية إال بالنسبة‬

‫لألعمال الرسمية التي يقومون بها عند ممارسة وظائفهم‪ ،‬وتشمل الحصانة أسرة أفراد الحصانة بأكملها‬

‫متى كانوا بصحبتهم شرط أن ال يكونوا من مواطني الدولة المستقبلة أو مقيمين فيها إقامة دائمة‪ ،‬وتمتد‬

‫الحصانة الدبلوماسية للمبعوث وعائلته في الدول التي يمر بإقليمها –دولة الترانزيت‪ -‬حتى لو لم يكن‬

‫مر بها شرط أن يكون متوجهاً للقيام بمهامه أو عائداً منها‪ ،‬وتجدر اإلشارة‬
‫عتمداً لدى تلك الدول التي ّ‬
‫ُم َ‬
‫إلى أن الحصانة الدبلوماسية مقررة لصالح دولة المبعوث ال لصالحه الشخصي فال يحق له التنازل عنها‬

‫إال بموافقة دولته الصريحة على ذلك‪ ،‬وكل ما سبق أكدت عليه إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة‬

‫‪1961‬م(‪.)1‬‬

‫هذا وبالنسبة للحصانة الدبلوماسية في التشريع الفلسطيني‪ ،‬فبما أن فلسطين سنة ‪2014‬م قامت بالتوقيع‬

‫على إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة ‪1961‬م‪ ،‬وإتفاقية فيينا للعالقات القنصلية لسنة ‪1963‬م‪،‬‬

‫ومقرات البعثة الدبلوماسية ومراسالتها الحصانة‬


‫فهي ملزمة بما جاء فيها‪ ،‬حيث أنها منحت مبعوثي الدول ّ‬

‫القانونية‪ ،‬كما نصت المادة (‪ )11‬من قانون العقوبات األردني الساري في الضفة الغربية والمملكة‬

‫األردنية الهاشمية على‪" :‬ال تسري أحكام هذا القانون على الجرائم التي يرتكبها في المملكة موظفو السلك‬

‫الخارجي والقناصل إألجانب ما تمتعوا بالحصانة التي يخولهم إياها القانون الدولي العام"(‪ ،)2‬وقد جاء‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.99-84‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬سنة ‪1960‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪48‬‬
‫نص هذه المادة موافقاً للعرف الدولي فيما يتعلق بالعالقات الدبلوماسية آنذاة والذي تم تقنينه فيما بعد‬

‫بموجب إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة ‪1961‬م‪.‬‬

‫ومن الجدير ذكره أن األردن إنضمت إلى إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية سنة ‪2008‬م‪ ،‬وفيما يتعلق‬

‫تطرق القرار رقم (‪)2969‬‬


‫بالتطبيقات القضائية وق اررات المحاكم فيما يتعلق بالحصانة الدبلوماسية‪ ،‬فقد ّ‬

‫لسنة ‪2020‬م للحصانة الدبلوماسية الشخصية وحصرها‪ ،‬حيث جاء فيه‪" :‬وفي ذلك نجد أن الحصانة‬

‫الدبلوماسية المنصوص عليها في المادة (‪ )31‬من إتفاقية فيينا حول تمتع الممثل الدبلوماسي بالحصانة‬

‫حيال القضاء الجزائي والمدني واإلداري فإنها تشمل العقوبات والتعويضات الناتجة عن جرم أو عن‬

‫المسؤولية التقصيرية وتهدف لحماية البعثة الدبلوماسية من الدعاوى والشكاوى الكيدية"(‪ ،)1‬وفيما يتعلق‬

‫بحصانة مقر البعثة وأعمالها فقد ورد في قرار محكمة العدل العليا األردنية رقم ‪ 1976/62‬أن ممثلي‬

‫الدولة األجنبية الدبلوماسيين يتمتعون بحصانة دبلوماسية وال يخضعون لوالية القضاء اإلقليمي في الدولة‬

‫المبعوثين لديها‪ ،‬وأن من أهم مظاهر الحصانة عدم التعرض لدار البعثة الدبلوماسية أو إتخاذ أي‬

‫إجراءات قضائية بشأنها ويشمل ذلك في حال إرتكابهم جرائم فساد‪ ،‬وهي من النظام العام إذ يجوز‬

‫للمحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها ولو لم يطلب أحد األطراف ذلك(‪.)2‬‬

‫ثالث ا‪ :‬الحصانة القضائية‪:‬‬

‫معظم التشريعات وضعت قواعد إجرائية خاصة تحقق الحماية للقضاة لما يقع منهم من أفعال تخالف‬

‫النصوص القانونية ‪ -‬الجرائم إن صح القول‪ -‬وذلك من أجل ضمان إستقاللهم وحماية هيبتهم‪ ،‬وتختلف‬

‫الدول فيما بينها من حيث تقرير الحصانة القضائية للقضاة واإلعتراف بها(‪.)3‬‬

‫تمييز حقوق أردني‪ ،‬رقم‪2020/2969‬م‪ ،‬موقع قسطاس اإللكتروني‪ ،‬منشور على الرابط‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ، https://qistas.com/ar/decs/info/‬تاريخ آخر زيارة‪.2021/7/20 :‬‬


‫(‪ )2‬فراج‪ ،‬مصطفى‪ :‬الحصانة الدبلوماسية وقانون العقوبات وإتفاقية فيينا‪ ،‬موقع المحامي مصطفى محمود فراج‪ ،‬منشور على‬
‫الرابط‪ ، https://www.farrajlawyer.com/viewTopic.php?topicId=958 :‬تاريخ آخر زيارة ‪2021/6/11‬م‪.‬‬
‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪49‬‬
‫ففي فلسطين فإن القضاة وأعضاء النيابة العامة يتمتعون بحصانة قضائية‪ ،‬فال يجوز التحقيق معهم أو‬

‫ويستثنى من ذلك حالة التلبس؛ ففي حال إرتكاب القاضي‬


‫محاكمتهم إال بإذن من مجلس القضاء األعلى‪ُ ،‬‬

‫أو أحد أعضاء النيابة العامة جريمة ما وتم القبض عليه متلبساً بها فال حاجة للحصول على إذن من‬

‫المجلس‪ ،‬على أن يتم إخطار المجلس باإلجراءات التي تم إتخاذها في حق القاضي أو عضو النيابة الذي‬

‫تم ضبطه متلبساً بالجريمة‪ ،‬وجاء ذلك في نص المادة (‪ )56‬من قانون السلطة القضائية رقم (‪ )1‬لسنة‬

‫‪2002‬م(‪ ،)1‬وتسري هذه المادة على أعضاء النيابة العامة كذلك بداللة نص المادة (‪ )72‬من قانون السلطة‬

‫القضائية(‪ ،)2‬وجاء قانون مكافحة الفساد الفلسطيني في المادة (‪ )1/17‬مؤكداً على ما ورد في قانون السلطة‬

‫القضائية ‪ ،‬وفيما يتعلق بقضاة المحكمة الدستورية فقد وضع قانون المحكمة الدستورية ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫العليا رقم (‪ )3‬لسنة‬

‫‪2006‬م وتعديالته إجراءات جزائية خاصة فيما إذا إرتكب أحد قضاة المحكمة الدستورية جريمة فساد‪ ،‬وذلك‬

‫من خالل عدم جواز القبض عليهم أو توقيفهم أو إتخاذ أي إجراء آخر ضد شخص القاضي إال بعد إذن‬

‫رئيس المحكمة الدستورية‪ ،‬وإذا ما تم القبض على إحدى القضاة ُمتلبساً بجناية فساد فإنه على النائب العام‬

‫عند القبض على العضو رفع األمر إلى رئيس المحكمة خالل مدة ‪ 24‬ساعة التالية للقبض عليه‪ ،‬على أن‬

‫يكون توقيف قضاة المحكمة الدستورية في أماكن مخصصة ومنفصلة عن السجناء اآلخرين‪ ،‬وذلك سنداً‬

‫والتي نصت على‪ .1" :‬في غير حاالت التلبس بالجريمة ال يجوز القبض على القاضي أو توقيفه إال بعد الحصول على‬ ‫(‪)1‬‬

‫إذن من مجلس القضاء األعلى‪ .2 .‬وفي حاالت التلبس على النائب العام عند القبض على القاضي أو توقيفه أن يرفع األمر‬
‫إلى مجلس القضاء األعلى خالل األربع والعشرين ساعة التالية للقبض عليه‪ ،‬ولمجلس القضاء األعلى أن يقرر بعد سماع أقوال‬
‫القاضي إما اإلفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة و إما إستمرار توقيفه للمدة التي يقررها وله تمديد هذه المدة‪( ."...‬قانون السلطة‬
‫القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،40‬بتاريخ ‪،2002/5/18‬‬
‫ص‪.)9‬‬
‫(‪ )2‬بحيث نصت على‪" :‬تسري أحكام الفصل الرابع من الباب الرابع (مساءلة القضاة تأديبياً) على أعضاء النيابة العامة وتُقام‬
‫بناء على طلب من وزير العدل"‪( .‬قانون السلطة القضائية‬ ‫ِ‬
‫الدعوى التأديبية عليهم من قَبل النائب العام من تلقاء نفسه أو ً‬
‫الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م وتعديالته)‪.‬‬
‫فقد نصت على "إذا تبين للهيئة بالنسبة للفئات المنصوص عليها في البنود (‪ )4 ،3 ،2 ،1‬من المادة (‪ )5‬من هذا القانون‬ ‫(‪)3‬‬

‫بإستثناء رئيس السلطة الوطنية وجود شبهات قوية على إرتكاب أحد الجرائم المشمولة في هذا القانون يحيل رئيس الهيئة األمر‬
‫إلى‪ ،...‬وإلى مجلس القضاء األعلى بالنسبة ألعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة وفقاً للقانون األساسي والتشريعات ذات‬
‫العالقة"‪( .‬قانون مكافحة الفساد الفلسطيني المعدل رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته)‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫لنص المادة (‪ )17‬من نفس القانون(‪ ،)1‬كما أعطت المادة (‪ )20‬لرئيس المحكمة الدستورية صالحية تحديد‬

‫المحكمة التي تنظر النزاع بغض النظر عن قواعد اإلختصاص المكاني(‪.)2‬‬

‫عدل‬ ‫أما بالنسبة للحصانة القضائية في التشريع األردني فقد نصت المادة (‪ )28‬من قانون إستقالل القضاء ُ‬
‫الم ّ‬

‫رقم (‪ )29‬لسنة ‪2014‬م على‪" :‬أ‪-1 -‬في غير حاالت تلبس القاضي بجريمة جنائية ال يجوز مالحقة‬

‫القاضي أو القبض عليه‪ ،‬أو توقيفه إال بعد الحصول على إذن من المجلس‪ -2 .‬في حاالت تلبس القاضي‬

‫بجريمة جنائية على النائب العام عند القبض عليه أو توقيفه أن يرفع األمر إلى المجلس في مدة األربع‬

‫وعشرين ساعة التالية‪ ،‬وللمجلس أن يقرر بعد سماع أقوال القاضي إما اإلفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة وإما‬

‫اإلستمرار في توقيفه للمدة التي يقررها وله تمديد هذه المدة‪ .‬ب‪ -1 -‬على الرغم مما ورد في أي تشريع‬

‫آخر‪ ،‬ال يالحق القاضي عن أي شكوى ا‬


‫جزئية تتعلق بأعمال وظيفته أو بسببها أو ناجمة عنها أو في أثناء‬

‫قيامه بها إال بإذن المجلس‪ -1 .‬للمجلس في أي شكوى ا‬


‫جزئية ورد النص عليها في البند (‪ )1‬من هذه الفقرة‪،‬‬

‫وبعد سماع أقوال المشتكي والقاضي ومطالعة النائب العام أو اإلطالع على أية بينة أخرى بما في ذلك‬

‫سماع أقوال الشهود أن يقرر حفظ الشكوى‪ ،‬أو أن يأذن وحسب األصول بمالحقة القاضي إذا تأكد من جدية‬

‫الشكوى وللمجلس إتخاذ اإل ا‬


‫جرءات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة من حيث القبض على‬

‫القاضي أو توقيفه أو اإلفراج عنه‪ -2 .‬إذا قرر المجلس حفظ الشكوى فال يجوز مالحقة القاضي عن تلك‬

‫(‪‌)1‬نصت المادة (‪ )17‬من قانون المحكمة الدستورية رقم (‪ )3‬لسنة ‪2006‬م الفلسطيني وتعديالته على‪ -1" :‬في غير حاالت‬
‫التلبس بالجناية ال يجوز القبض على عضو المحكمة أو توقيفه أو إتخاذ أية إجراءات جزائية إال بعد إذن من رئيس المحكمة‪.‬‬
‫‪ -2‬وفي حاالت التلبس بالجناية على النائب العام عند القبض على عضو المحكمة أن يرفع األمر إلى رئيس المحكمة خالل‬
‫أربع وعشرين ساعة التالية للقبض عليه‪ ،‬وعلى اللجنة الوقتية بالمحكمة أن تقرر بعد سماع أقوال العضو إما اإلفراج عنه بكفالة‬
‫أو بغير كفالة وإما استمرار توقيفه للمدة التي تقررها ولها تمديد هذه المدة‪ -3 .‬يجري توقيف عضو المحكمة وتنفيذ العقوبة‬
‫المقيدة للحرية عليه في مكان مستقل عن األماكن المخصصة للسجناء اآلخرين"‪( .‬قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (‪ )3‬لسنة‬
‫‪2006‬م الفلسطيني وتعديالته‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،62‬بتاريخ ‪2005/6/25‬م‪ ،‬ص‪‌)93‬‬
‫(‪‌)2‬بحيث نصت المادة (‪ )20‬من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (‪ )3‬لسنة ‪2006‬م الفلسطيني وتعديالته على‪ " :‬ال تقام‬
‫الدعوى الجزائية على عضو المحكمة إال بإذن من رئيس المحكمة والذي له أن يحدد المحكمة التي تنظر الدعوى بغض النظر‬
‫عن قواعد االختصاص المكاني المقررة في القانون"‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫الشكوى بعد إنتهاء خدمته" ‪ ،‬يتضح من خالل إستقراء قانون إستقالل القضاء ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫عرف المقصود‬
‫عدل أنه لم ُي ّ‬
‫الم ّ‬

‫بالحصانة القضائية‪ ،‬إال أنه يمكن القول بأنها قيد على المخاصمة الجزائية للقاضي‪ ،‬فال يجوز القبض على‬

‫يخولها القانون للمجلس‬


‫القاضي أو توقيفه أو مخاصمته إال بقرار من المجلس القضائي‪ ،‬أي أنها سلطة ّ‬

‫بالسماح للجهات المختصة بإتخاذ أي إجراء من اإلجراءات السابقة من عدمه(‪ ،)2‬وفيما يتعلق بحصانة قضاة‬

‫المحكمة الدستورية فإن إتخاذ إجراءات المالحقة الجزائية بحقهم يكون بعد إذن الهيئة العامة في المحكمة‪،‬‬

‫وفي حال قررت الهيئة العامة حفظ الشكوى فإنه ال يجوز مالحقة القضاة بعد إنتهاء عضويته في المحكمة‪،‬‬

‫وذلك بحسب المادة (‪ )23‬من قانون المحكمة الدستورية رقم (‪ )13‬لسنة ‪2012‬م األردني(‪.)3‬‬

‫رابع ا‪ :‬الحصانة التنفيذية‪:‬‬

‫باإلضافة إلى أنواع الحصانة سابقة الذكر يوجد أنواع أخرى من الحصانة تحت ُمسمى الحصانة التنفيذية‬

‫وتتمثل في حصانة رئيس الدولة‪ ،‬حصانة رئيس الوزراء ووزراءه‪ ،‬وحصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد‪ ،‬والتي‬

‫يمكن توضيحها كما يلي‪:‬‬

‫قانون إستقالل القضاء األردني المعدل رقم (‪ )29‬لسنة ‪ ،2014‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5308‬بتاريخ‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ،2014/10/16‬ص‪.6001‬‬
‫الجبرة‪ ،‬علي‪ .‬أبو بكر‪ ،‬خليل‪ :‬المسؤولية الجزائية للقاضي النظامي في القانون األردني‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة الجامعة‬ ‫(‪)2‬‬

‫اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‪ ،‬عدد‪ ،2021 ،1‬ص‪ ،221‬منشور على الرابط‪https://www.zuj.edu.jo/wp- :‬‬
‫‪ ، content/uploads/2021/02/3f‬تاريخ آخر زيارة‪.2021/6/25 :‬‬
‫(‪‌ )3‬نصت المادة (‪ )23‬من قانون المحكمة الدستورية رقم (‪ )13‬لسنة ‪2012‬م األردني على‪ " :‬أ‪ -‬ال يالحق العضو عن أي‬
‫شكوى جزائية خالل مدة عضويته في المحكمة أو عن أي شكوى جزائية متعلقة بالمهام واألعمال المناطة به وفق أحكام الدستور‬
‫وهذا القانون أو بسببها أو ناجمة عنها إال بإذن من الهيئة العامة‪ .‬ب‪ -‬للهيئة العامة‪ ،‬وبعد سماع أقوال المشتكي والعضو‬
‫المشتكى عليه واالطالع على أي بينة‪ ،‬أن تقرر حفظ الشكوى أو أن تأذن بمالحقة العضو وفق أحكام التشريعات النافذة‪ .‬ج‪-‬‬
‫في حالة التلبس بالجريمة‪ ،‬يجوز القبض على العضو أو توقيفه على أن يتم إعالم الرئيس فو ار بذلك‪ ،‬وتصدر الهيئة العامة‬
‫قرارها بمقتضى أحكام الفقرة (ب) من هذه المادة خالل مدة ال تتجاوز أربعا وعشرين ساعة من تاريخ القبض على العضو أو‬
‫توقيفه‪ .‬د‪ -‬إذا قررت الهيئة العامة حفظ الشكوى‪ ،‬فال يجوز مالحقة العضو عن تلك الشكوى بعد انتهاء عضويته في المحكمة"‪.‬‬
‫(قانون المحكمة الدستورية رقم (‪ )13‬لسنة ‪2012‬م األردني‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5161‬بتاريخ‬
‫‪2021/6/7‬م‪ ،‬ص‪‌.)5119‬‬
‫‪52‬‬
‫الم َمِثل األول للبالد والقائم عليها فإن منصبه وطبيعة عمله‬
‫أ‪ ‌.‬حصانة رئيس الدولة‪ :‬كون رئيس الدولة ُ‬

‫يتطلب وجود حصانة تحميه من أي مساءلة قانونية قد تقف عائقاً في طريق القيام بعمله‪ ،‬وهي ما يطلق‬

‫عليها حصانة رئيس الدولة‪ ،‬وهي أحد أشكال الحصانة السياسية‪ ،‬ومفهومها يحمل مدلولين داخلي ودولي‪،‬‬

‫يتمثل المدلول الدولي بإعفاء الرئيس من الخضوع للوالية القضائية األجنبية‪ ،‬إال أن ذلك ال يعفيه من‬

‫اإلمتثال أمام الوالية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ومساءلته عن أي جريمة قام بإرتكابها وتدخل‬

‫ضمن واليتها‪ ،‬كجرائم الحرب مثالً(‪ ،)1‬أما المدلول الداخلي لحصانة رئيس الدولة فقد أجمعت معظم‬

‫دساتير العالم على تمتع الرئيس بالحصانة الرئاسية‪ ،‬لكنها إختلفت في تحديد نطاقها‪.‬‬

‫أما بخصوص حصانة رئيس الدولة في فلسطين‪ ،‬فلم يتطرق القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة‬

‫‪2003‬م إلى هذه الحصانة بصورة صريحة‪ ،‬مما إعتبره البعض نقصاً تشريعياً‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فإن‬

‫القارئ لنص المادة (‪/1/37‬ج) من القانون األساسي المعدل‪ ،‬التي تطرقت إلى حاالت شغور منصب‬

‫رئيس الدولة‪ ،‬فإنه يمكن إستنباط أنها تناولت حصانة رئيس الدولة عما يرتكبه من أفعال أثناء شغله‬

‫لمنصبه‪ ،‬حيث نصت على "يعتبر مركز الرئيس شاغ اًر في الحاالت اآلتية‪...:‬ج‪ .‬فقد األهلية القانونية‬

‫بناء على قرار من المحكمة الدستورية العليا وموافقة المجلس التشريعي بأغلبية ثلثي أعضاءه"(‪،)2‬‬
‫وذلك ً‬

‫ونص هذه المادة ال يقتصر على أهلية األداء أو الوجوب بل يمتد ليشمل كل ما يجعل الرئيس ليس أهالً‬

‫للرئاسة كإرتكابه الجرائم‪ ،‬ومنها جرائم الفساد على وجه التحديد‪ ،‬وهذا ما ّأي َدته المادة (‪ )12‬من قانون‬

‫مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬التي حددت إجراءات خاصة لمالحقة رئيس‬

‫نصت المادة (‪ )27‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة ‪1998‬م على "‪ .1‬يطبق هذا النظام األساسي‬ ‫(‪)1‬‬

‫على جميع األشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية‪ ،‬وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص‪ ،‬سو ً‬
‫اء‬
‫كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثالً منتخباً أو موظفاً حكومياً‪ ،‬ال تعفيه بأي حال من األحوال‬
‫من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام األساسي‪ ،‬كما أنها ال تشكل في حد ذاتها‪ ،‬سبباً لتخفيف العقوبة‪ .2 .‬ال تحول‬
‫اء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي‪،‬‬
‫الحصانات أو القواعد اإلجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سو ً‬
‫دون ممارسة المحكمة إختصاصها على هذا الشخص"‪.‬‬
‫المادة (‪ )37‬من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة ‪2003‬م‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪53‬‬
‫عما ُينسب إليه من جرائم فساد‪ ،‬إذ جاء فيها‪ .1" :‬إذا تبين لرئيس الهيئة أو النائب العام وجود‬
‫الدولة ّ‬

‫شبهات لجريمة الفساد من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يتقدم بطلب تمهيدي إلى المجلس‬

‫التشريعي والمحكمة الدستورية طالباً البحث في األهلية القانونية لرئيس السلطة وفقاً لألصول الواردة‬

‫في القانون األساسي‪ .2 .‬يوقف رئيس السلطة الوطنية عن ممارسة مهام منصبه بمجرد توجيه اإلتهام‪،‬‬

‫ويتولى رئيس المجلس التشريعي مهام رئيس السلطة الوطنية مؤقتاً لحين الفصل في اإلتهام‪ ،‬ويتولى‬

‫النائب العام إجارءات التحقيق‪ ،‬وتكون محاكمة رئيس السلطة الوطنية أمام محكمة خاصة ينظم‬

‫القانون تشكيلها وإجارءات المحاكمة أمامها‪ ،‬وإذا صدر حكم قطعي بإدانته أعفي من منصبه مع عدم‬

‫اإلخالل بالعقوبات األخرى وفقاً للقانون"‪ ،‬بحيث وضع نص هذا المادة إجراءات طويلة ومعقدة من أجل‬

‫رفع الحصانة عن الرئيس الفلسطيني(‪.)1‬‬

‫أما بالنسبة للتشريع األردني فقد تناولت المادة (‪ )30‬من الدستور األردني حصانة الملك‪ ،‬بحيث نصت‬

‫على‪" :‬الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية"(‪ ،)2‬وقد أطلقت هذه المادة نطاق‬

‫حصانة الملك‪ ،‬إذ جعلتها مطلقة عن أي فعل يأتيه سواء كان بمناسبة أداء وظيفته أو بدون‪ ،‬أي تشمل‬

‫هذه الحصانة المسؤولية المدنية والجزائية للملك‪ ،‬ففي حال إرتكاب ملك األردن جريمة فساد فإنه ال يمكن‬

‫مالحقته جزائياً ُمطلقاً(‪.)3‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.12‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وكذلك فعلت بعض الدول منها الكويت والمغرب‪ ،‬لكن البعض األخرى إستثنت جرائم الخيانة العظمى وخرق الدستور من‬ ‫(‪)3‬‬

‫الحصانة المطلقة‪ ،‬وهناة دول قيدت حصانة الرئيس وحصرتها باألفعال التي يقوم بها بمناسبة القيام بعمله‪ ،‬لكن أي فعل يرتكبه‬
‫الرئيس ويعتبر جريمة وبغير مناسبة القيام بعمله فإنه ال يتمتع بالحصانة الرئاسية ويتوجب مساءلته (كوهين‪ ،‬تومر‪ :‬مكافحة‬
‫الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪،)10-8‬‬
‫وذلك ما جاء في الدستور األمريكي في المادة (‪ )2/4‬والتي نصت على "يعزل الرئيس ونائب الرئيس وجميع موظفي الواليات‬
‫المتحدة الرسميين المدنيين من مناصبهم إذا وجه لهم إتهام نيابي بالخيانة أو الرشوة أو أي جرائم أو جنح خطيرة اخرى أدينوا‬
‫بمثل هذه التهم"‪ ،‬وكذلك نص القانون الفرنسي والمصري واللبناني‪ ،‬وإن عدم المسؤولية الجنائية للرئيس عن األفعال التي يقوم‬
‫بها ال يعني عدم المسؤولية المدنية‪ ،‬إذ يتطلب ذلك وجود نص دستوري يعفي الرئيس من المسائلة الجنائية والمدنية على حد‬
‫‪54‬‬
‫يتجلى للباحثة من خالل قراءة النصوص السابقة الفرق بين التشريعين الفلسطيني واألردني‪ ،‬فنطاق‬

‫حصانة رئيس الدولة في القانون الفلسطيني ّ‬


‫مقيد‪ ،‬إذ أنه إذا اشتبه إرتكابه جريمة فساد ومن ثم ثبت‬

‫قيامه بإرتكابها يتم توجيه اإلتهام إليه ورفع الحصانة عنه أي وقفها ومن ثم التحقيق معه ومحاكمته أمام‬

‫محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها‪ ،‬على خالف التشريع األردني الذي منح الملك حصانة مطلقة فال‬

‫تفوق على األردني‬


‫يجوز رفعها أو توقيفها بأي حال من األحوال‪ ،‬وترى الباحثة أن التشريع الفلسطيني ّ‬

‫فيما يتعلق بالتنظيم القانوني للحصانة الرئاسية‪ ،‬إذ أنه في التشريع الفلسطيني إذا ثبت إرتكاب رئيس‬

‫الدولة جريمة فساد تتم محاسبته وتطبيق النص القانوني عليه‪ ،‬وذلك يتفق مع مبدأ المساواة وتحقيق‬

‫الردع العام مع مراعاة اإلجراءات الخاصة لمعاقبة الرئيس الواردة في النص القانوني‪ ،‬على خالف القانون‬

‫(‪)1‬‬
‫األردني الذي يمنع مالحقة الملك عن أي جريمة فساد وبصورة مطلقة‪ ،‬وهذا يخالف "مبدأ المساواة"‬

‫وأن الناس سواسية أمام القانون والذي يعتبر مبدأ دولي نصت عليه اإلتفاقيات والمواثيق الدولية‪.‬‬

‫ب‪ ‌.‬الحصانة الو ازرية‪ :‬هي الحصانة المقررة لرئيس الوزراء والوزراء‪ ،‬وهي ذات مدلولين‪ ،‬دولي وداخلي‪:‬‬

‫ويكون المدلول الدولي في أن الحصانة الو ازرية تقتصر على رئيس الوزراء ووزير خارجيته‪ ،‬بينما فيما‬

‫يتعلق بالمدلول الداخلي فإن جانب من الفقه ُينكر وجود حصانة رئيس الوزراء والوزراء وأن ما جاء به‬

‫القانون ما هو إال قيود فرضها المشرع على النيابة العامة بكيفية إتصالها بالدعوى بما ُي َ‬
‫نسب إليهم من‬

‫قر بوجود الحصانة الو ازرية(‪.)2‬‬


‫جرائم‪ ،‬وجانب آخر ُي ّ‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫السواء‪( .‬جاموس‪ّ ،‬‬
‫‪.)12-10‬‬
‫نص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪1948‬م في المادة (‪ )7‬منه على مبدأ المساواة‪ ،‬حيث جاء فيها‪" :‬كل الناس‬ ‫(‪)1‬‬

‫جميعا الحق في حماية متساوية ضد‬


‫ً‬ ‫سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة‪ ،‬كما أن لهم‬
‫أي تميز يخل بهذا اإلعالن وضد أي تحريض على تمييز كهذا"‪.‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14-13‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪55‬‬
‫وما نص عليه التشريع الفلسطيني أنه قام بتعليق إتصال النيابة العامة بملف الدعوى الخاص بإتهام‬

‫رئيس الوزراء أو الوزراء بعد الحصول على إحالة من رئيس الدولة إذا كان المتهم هو رئيس الوزراء‪،‬‬

‫أما إذا كان المتهم هو أحد الوزراء فيتطلب ذلك إحالة من رئيس الوزراء‪ ،‬وورد ذلك في نص المادة‬

‫(‪ )75‬من القانون األساسي الفلسطيني حيث نصت على "‪ .1‬لرئيس السلطة الوطنية الحق في إحالة‬

‫رئيس الوزراء إلى التحقيق فيما قد ينسب إليه من جرائم أثناء تأديته أعمال وظيفته بسببها وذلك وفقاً‬

‫ألحكام القانون‪ .2 .‬لرئيس الوزراء الحق في إحالة أي من الوزراء إلى التحقيق إستناداً إلى أي من‬

‫األسباب المشار إليها في الفقرة (‪ )1‬أعاله وذلك وفقاً ألحكام القانون"(‪ ،)1‬وهذا ما أكدته المادة (‪)1/17‬‬

‫المعدل رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م(‪.)2‬‬


‫ّ‬ ‫من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني‬

‫هذا وبالنظر إلى التشريع األردني نجد أن الدستور األردني في المادة (‪ )56‬منه‪ ،‬والتي جاء بها‪" :‬لمجلس‬

‫النواب حق إتهام الوزراء وال يصدر قرار اإلتهام إال بأكثرية األعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب‬

‫وعلى المجلس أن يعين من أعضاءه من يتولى تقديم اإلتهام وتأييده أمام المجلس العدلي"(‪ ،)3‬أي أن‬

‫المعدل لسنة ‪2003‬م‪.‬‬


‫ّ‬ ‫القانون األساسي الفلسطيني‬ ‫(‪)1‬‬

‫نصت هذه المادة على‪" :‬اإلشتباه بوجود فساد‪ .1:‬إذا تبين للهيئة بالنسبة للفئات المنصوص عليها في البنود (‪)4 ،3 ،2 ،1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫من المادة (‪ )5‬من هذا القانون بإستثناء رئيس السلطة الوطنية وجود شبهات قوية على إرتكاب أحد الجرائم المشمولة في هذا‬
‫القانون يحيل رئيس الهيئة األمر إلى رئيس السلطة الوطنية بالنسبة لرئيس الوزراء ومستشاريه‪ ،‬وإلى رئيس مجلس الوزراء بالنسبة‬
‫للوزراء ومن في حكمهم‪ ،‬وإلى مجلس القضاء األعلى بالنسبة ألعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة وفقا للقانون األساسي‬
‫والتشريعات ذات العالقة"‪.‬‬
‫الدستور األردني لسنة ‪ 1952‬وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪56‬‬
‫ورئيسهم إال‬ ‫القانون األردني يقر بوجود الحصانة الو ازرية وال يمكن للنيابة أن تتصل بدعوى الوزراء‬
‫(‪)1‬‬

‫بعد الحصول على قرار باإلحالة(‪.)2‬‬

‫ويتبين للباحثة أن الفرق بين الحصانة الو ازرية في القانونين الفلسطيني واألردني يكمن في الجهة المخولة‬

‫بمنح اإلذن باإلحالة في حالة وقعت جريمة فساد من أحد الوزراء أو رئيسهم‪ ،‬بحيث يملكه الرئيس‬

‫الفلسطيني إذا وقعت جريمة الفساد من رئيس الوزراء‪ ،‬أما إذا وقعت جريمة فساد من ِقَبل أحد الوزراء‬

‫النواب‬ ‫فيكون اإلذن باإلحالة من رئيس الوزراء‪ ،‬أما الدستور األردني ّ‬


‫خول هذه الصالحية لمجلس ّ‬

‫بالتصويت من أكثرية أعضاءه سواء كان مرتكب جريمة الفساد أحد الوزراء أو رئيسهم‪.‬‬

‫ت‪ ‌.‬حصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد‪ :‬ال يتم إتخاذ أي إجراء ضد رئيس هيئة مكافحة الفساد إال بعد قيام‬

‫رئيس السلطة الفلسطينية بإحالة أمر إرتكابه جريمة فساد إلى المجلس التشريعي الذي له أن يقرر رفع‬

‫الحصانة عنه ووقفه عن العمل وإحالته إلى المحكمة المختصة للنظر في الموضوع‪ ،‬بحيث ورد ذلك في‬

‫نص المادة (‪ )2/17‬من قانون مكافحة الفساد "إذا تبين وجود شبهات قوية على إرتكاب رئيس الهيئة‬

‫أحد الجرائم المشمولة بأحكام هذا القانون يحيل رئيس السلطة الوطنية األمر إلى المجلس التشريعي‬

‫لمباشرة إجراءات التقصي والتحقيق‪ ،‬وإذا قرر المجلس باألغلبية المطلقة أن هذه الشبهات تستدعي‬

‫اإلحالة إلى المحكمة‪ ،‬يقرر رفع الحصانة عن رئيس الهيئة ووقفه عن عمله ويحيل األمر للمحكمة‬

‫(‪)3‬‬
‫المساءلة الجزائية ُمقتصرة‬
‫المختصة للنظر في الموضوع" ‪ ،‬ويتضح من نص المادة أن الحصانة عن ُ‬

‫يحق لرئيس الوزراء أو ألحد الوزراء أن يجمع بين منصبه في الو ازرة وعضوية أحد المجلسين األعيان أو النواب بحسب‬ ‫(‪)1‬‬

‫المادة (‪ )52‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م والتي جاء فيها‪" :‬لرئيس الوزراء أو للوزير الذي يكون عضواً في أحد مجلسي‬
‫األعيان والنواب حق التصويت في مجلسه وحق الكالم في كال المجلسين‪ ،‬أما الوزراء الذين ليسوا من أعضاء أحد المجلسين‬
‫فلهم أن يتكلموا فيهما دون أن يكون لهم حق التصويت وللوزراء أو من ينوب عنهم حق التقدم على سائر األعضاء في مخاطبة‬
‫المجلسين‪."...‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14-13‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪57‬‬
‫على رئيس هيئة مكافحة الفساد وال تشمل باقي الموظفين في الهيئة الذين تقتصر حصانتهم على األمن‬

‫الوظيفي دون التحصين في الجرائم الجزائية(‪.)1‬‬

‫وبالحديث عن حصانة رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وأعضاءها في التشريع األردني‪ ،‬فقد تناولت‬

‫المادة (‪/6‬ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته حصانة‬

‫رئيس الهيئة وحصانة أعضاءها والتي نصت على‪" :‬بإستثناء حاالت التلبس بالجرم‪ ،‬ال يجوز مالحقة‬

‫أو توقيف الرئيس أو عضو المجلس إال بعد الحصول على إذن مسبق من المجلس القضائي وللمجلس‬

‫القضائي أن يقرر بعد سماع أقوال الرئيس أو العضو إستمرار توقيفه للمدة التي يراها مناسبة أو تمديدها‬

‫أو اإلفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة"(‪.)2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبررات الحصانة في مجال مكافحة الفساد‪.‬‬

‫التعرف على مفهوم الحصانة لغ ًة وإصطالحاً وعلى أنواعها والتنظيم القانوني لها في التشريع الفلسطيني‬
‫بعد ّ‬

‫المقارن‪ ،‬ال ُب ّد من توضيح مبررات الحصانة واآلراء المؤيدة لها؛ حتى تتشكل لدى القارئ‬
‫َ‬ ‫والتشريع األردني‬

‫صورة كافية عن الحصانة وحتى يكون قادر على اإللمام بموضوعها وأنواعها‪.‬‬

‫ولذلك فإن هذا المطلب ينقسم إلى فرعين‪ ،‬األول بعنوان المبررات القانونية للحصانة‪ ،‬والثاني بعنوان المبررات‬

‫الواقعية للحصانة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المبررات القانونية للحصانة‪.‬‬

‫كمن وجودها في أنها تهدف إلى حماية إستقالل البرلمان الذي يمّثل السلطة‬
‫بالنسبة للحصانة البرلمانية َي ُ‬

‫تغول أي‬
‫التشريعية؛ فالحصانة حق مادي ال شخصي‪ ،‬وهي تطبيق لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يمنع ّ‬

‫(‪ )1‬ربايعة‪ ،‬عبد اللطيف‪ :‬جريمة الكسب غير المشروع في النظام الجزائي الفلسطيني (دراسة تأصيلية مقارنة)‪( ،‬رسالة دكتوراه‬
‫غير منشورة)‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪2014 ،‬م‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪58‬‬
‫سلطة على السلطات األخرى وكما يضمن المساواة بين السلطات داخل الدولة‪ ،‬وحماي ًة للسلطة التشريعية‬

‫من فرض سيطرة السلطة التنفيذية عليها والتدخل في أعمالها‪ ،‬بحيث ُيخشى أن تختلق السلطة التنفيذية جريمة‬

‫فساد وتنسبها إلى أعضاء البرلمان كمبرر لها للقبض عليهم وسعياً منها إلبعادهم عن جلسات البرلمان أو‬

‫معين ترفضه(‪)1‬؛ لذلك عند طلب البرلمان‬


‫إلجبارهم على إتخاذ موقف معين تريده‪ ،‬أو لمنعهم من إتخاذ موقف ّ‬

‫لرفع الحصانة عن عضو من أعضاءه والمشتبه إرتكابه جريمة فساد‪ ،‬فهو ال يبحث بحثاً قضائياً في موضوع‬

‫الوقائع المنسوبة إليه وإنما يفحصها فحصاً سياسياً فقط للتأكد فقط من َكون اإلتهام ّ‬
‫جدياً أو كيدياً‪ ،‬أو وليد‬

‫(‪)2‬‬
‫دوافع حزبية أو أغراض إنتقامية تهديدية ‪ ،‬كما أن طبيعة النيابة البرلمانية إلزامية‪ ،‬فإذا لوحق النائب جزائياً‬

‫فسيؤدي ذلك إلى حرمان دائرته اإلنتخابية من ممثل لها في حال غياب الحصانة‪ ،‬وبالتالي ستصبح السيادة‬

‫الشعبية منقوصة وغير كاملة(‪.)3‬‬

‫وفيما يتعلق بالمبررات القانونية للحصانة الدبلوماسية‪ ،‬بما أن من مستلزمات القيام بالمهام الدبلوماسية وتحقيق‬

‫أهدافها هو أن يكون للبعثة الدبلوماسية كامل الحرية في إجراء اإلتصاالت بالجهات التي تتطلب أعمالها‬

‫التخاطب معها وعلى رأسها حكومة الدولة الموفدة لها والقنصليات التي تتبع البعثة في إقليم الدولة المعتمدة‬

‫لديها‪ ،‬أي ال ّبد أن يكون فحوى المراسالت التي تجريها البعثة الدبلوماسية ُمتعلِق باألعمال الدبلوماسية‪ ،‬وهنا‬

‫تكمن أهمية الحصانة الدبلوماسية في حماية هذه المراسالت وإعطاءها حرمة؛ حتى يتمكن المبعوث‬

‫الدبلوماسي من القيام بأعماله على أكمل وجه وبطمأنينة تامة(‪.)4‬‬

‫أما عند الحديث عن المبررات القانونية للحصانة القضائية فإنه يمكن إجمالها في الحفاظ على إستقالل‬

‫القضاء‪ ،‬بحيث ال يتم تحريك الدعوى الجنائية أو إتخاذ أي إج ارء تحقيقي ألحد أعضاءه إال بإذن من جهة‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫أبو هيف‪ ،‬صادق‪ :‬القانون الدبلوماسي والقنصلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.156-154‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪59‬‬
‫قضائية‪ ،‬وذلك حماية لهم من أي تأثير أو ضغط من ِقَبل سلطات الدولة األخرى الذي بدوره قد ّ‬
‫يحد أو‬

‫ُينقص من إستقالل القضاء(‪.)1‬‬

‫قانونية منها‪ ،‬أن السبب الذي يرجع فيه وجود حصانة رئيس‬
‫ّ‬ ‫وي َبرر وجود الحصانة الرئاسية بعدة مبررات‬
‫ُ‬

‫الملِك ال ُيخطئ (‪ )The King commits no wrong‬وكانت قد‬


‫الدولة هو وجود قاعدة تقليدية نصها أن َ‬

‫الملكية القديمة‪ ،‬ومفادها أن رئيس الدولة يجب أن يحظى ذاته بالحماية‬


‫ظهرت هذه القاعدة لدى األنظمة َ‬

‫واإلحترام التي تخلق لذاته الهيبة أمام المحكومين‪ ،‬كما تُعتبر الحصانة الرئاسية حماية للرئيس من توجيه‬

‫اإلنتقادات أو التأنيب من ِقَبل البرلمان‪ ،‬إذ أن تَمتُع رئيس الدولة بحصانة تحميه من المسؤولية السياسية‬

‫وعدم إقحامه بمناقشات البرلمان ومذكراته أو إنتقاد تصرفاته‪ ،‬فال يجوز للنواب توجيه التصريحات المضادة‬

‫الدولية أم بالسياسة الخارجية‬


‫ّ‬ ‫لرئيس الدولة لما يقوم من أعمال دستورية سواء كانت متصلة بالعالقات‬

‫للدولة(‪.)2‬‬

‫وي ّبرر وجود حصانة رئيس هئية مكافحة الفساد في الحفاظ على إستقالل الهئية وحمايتها من أي ضغط‬
‫ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫تقوم بأعمال اإلستدالل‬ ‫ُيشكل خط اًر على تأدية أعماله؛ كونه ُممثل للهيئة والتي تُعتبر جهة ضبط قضائي‬

‫والتحري عن جرائم الفساد عند حدوثها(‪.)4‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.187‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.96-95‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫إذ تمتلك هيئة مكافحة الفساد سلطة الضبط القضائي في القانون الفلسطيني بداللة نص المادة (‪ )10‬من القرار بقانون رقم‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني‪ ،‬وكذلك في القانون األردني بداللة نص المادة (‪ )19‬من‬
‫قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬
‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪60‬‬
‫سبب وجود الحصانة الو ازرية قانوناً بأن الهدف منها هي حماية رئيس الوزراء والوزراء من الدعاوى‬
‫وأخي اًر ُي َ‬

‫الكيدية التي قد تُرفع ضدهم؛ وذلك بقصد اإلضرار بهم أو الكيد لهم‪ ،‬وتكون الحصانة من أجل أن يتمكنوا‬

‫من القيام بأعمالهم بإطمئنان ودون خشية من تلفيق التهم لهم(‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المبررات الواقعية للحصانة‪.‬‬

‫فيما يتعلق بالحصانة البرلمانية هي ضمانة تفتح األبواب أمام الشعب للتعبير عن آراءه عن طريق عضو‬

‫البرلمان‪ ،‬فتقرير الحصانة لعضو البرلمان ليست إمتياز شخصي؛ ألن عضو البرلمان هو ممثل للشعب‬

‫وآرائهم وأفكارهم‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بإظهار خطأ الحكومة وعيوبها وتبليغ مظالم األفراد في جرأة وجدية‪،‬‬

‫فتعرض عضو البرلمان للمحاكمة والمساءلة عن كل لفظ يبديه تعبي اًر عن رأيه ورأي أفراد الشعب هو إعتداء‬
‫ّ‬

‫على حقوق العضو في التعبير عن رأيه وبالتالي إعتداء على حق أفراد الشعب كافة‪ ،‬ففكرة الحصانة البرلمانية‬

‫توفر أكبر قدر من الراحة والطمأنينة لعضو البرلمان للتعبير عن أي رأي في سبيل القيام بعمله بدالً من‬

‫إيثار الصمت والسكوت(‪.)2‬‬

‫وفيما يتعلق بمبررات وجود الحصانة الدبلوماسية فمن المعروف أن الدبلوماسي هو شخص يمثل دولته‪ ،‬فهو‬

‫مبعوث ألداء مهمة مكّلف بها من ِقَبل دولته‪ ،‬بالتالي أي إعتداء على حقوقه أو على كرامته هو إعتداء على‬

‫كرامة دولته وهيبتها؛ لذلك من الضرورة توفير الحماية له ومنع أي إعتداء قد يقع عليه ومنع أي فعل من‬

‫مس بك ارمته‪ ،‬وهذا ما ُيسمى بالحصانة الدبلوماسية‪ ،‬فهي ليست حقاً شخصياً إنما حق متصل‬
‫شأنه أن َي ّ‬

‫بصفته التمثيلية‪ ،‬فهو ال يملك التنازل عنها بل من واجبه التمسك بها لحفظ حرمته الذاتية وبالتالي الحفاظ‬

‫على كرامة دولته وهيبتها(‪.)3‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122-121‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.182‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫أبو هيف‪ ،‬صادق‪ :‬القانون الدبلوماسي والقنصلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪61‬‬
‫أما بالنسبة للحصانة القضائية يوجد العديد من المبررات الواقعية التي تدعم وجودها‪ ،‬من خالل أن الحصانة‬

‫عتبر ضمان حصول القضاء على التقدير والتوقير ألعضاء السلك القضائي‪ ،‬فلو أن أعضاء‬
‫القضائية تُ َ‬

‫القضاء خضعوا للقواعد العامة في اإلجراءات الجنائية التي تنطبق على عامة المواطنين‪ ،‬فإن ذلك كفيل بأن‬

‫يفقد القضاء هيبته بين المواطنين وتَِق ّل ثقة الشعب بالقضاء واللجوء إليه لتحصيل حقوقهم(‪ ،)1‬كما أنها تعتبر‬

‫ضمان حياد القضاة‪ ،‬بحيث تشجع الحصانة القضاة على عدم التمييز لصالح أي فريق أو خصم أو ألي‬

‫رجوة‪ ،‬وال‬
‫الم ّ‬
‫إنتماء سياسي‪ ،‬مما يساعد في الحفاظ على حياد القاضي وإستقالله وبالتالي تحقيق العدالة َ‬

‫المتكافئة التي نتشأ بين المواطنين بل يمتد إلى كافة النزاعات لتشمل‬
‫يقتصر حياد القاضي على النزاعات ُ‬

‫تلك التي يكون المواطن طرفاً ضعيفاً فيها كالنزاعات التي تنشأ ما بين المواطنين والدولة‪ ،‬ففي مثل هذه‬

‫النزاعات تبرز األهمية العملية للحصانة القضائية ووجوب تمتع أفراد السلك القضائي بها(‪ ،)2‬كما أن طبيعة‬

‫الوظيفة القضائية ومقتضياتها تتطلب وجود الحصانة‪ ،‬فالعمل القضائي لن تتحقق الغاية المرجوة منه إال‬

‫بتوفير البيئة الحمائية التي تمكن العاملين في هذه المهنة من القيام بأعمالهم دون خوف أو تردد‪ ،‬وهذا ما‬

‫يجعلها حصانات متعلقة بالوظيفة والمهام الموكولة إلى َمن يشغل تلك الوظيفة وليست متعلقة بشخص القائم‬

‫على تلك الوظيفة(‪.)3‬‬

‫كما ُيبرر وجود الحصانة الرئاسية واقعياً في صفة الرئيس؛ كونه الممثل الرسمي للبالد وأعلى منصب في‬

‫الدولة‪ ،‬وبالتالي هو أكثر عرضة للخطر والضغوطات‪ ،‬هذا باإلضافة إلى طبيعة األعمال التي يقوم بها‬

‫والتي تجعله أكثر حاجة للحماية وأكثر حاجة لتوفير الظروف المالئمة للقيام بالمهام الموكولة إليه على أكمل‬

‫وجه ومنع عرقلتها وبما يحفظ صورته أمام رعيته وأفراد شعبه(‪.)4‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.188‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.189‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫كوهين‪ ،‬تومر‪ :‬مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫‪62‬‬
‫ويكون السبب الواقعي في وجود حصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد هو توفير الحماية المطلوبة لرئيس الهيئة؛‬

‫كونه يمثل هيئة مكافحة الفساد وبالتالي فإنه َيلزم توفير الحماية له بحكم وظيفته‪ ،‬والحفاظ على هيبة هيئة‬

‫مكافحة الفساد يكون من خالل توفير الحماية له من أي إدعاء قد يكون كاذباً بإرتكاب جريمة فساد‪ ،‬مما‬

‫يترتب عليه الحفاظ على ثقة األفراد والمواطنين إتجاه هذه الهيئة(‪.)1‬‬

‫وفيما يتعلق بالحصانة الو ازرية ُيبرر وجودها في أنها تمنع توجيه أي إتهام كيدي أو إدعاء كاذب نحو رئيس‬

‫الوزراء ووزراءه‪ ،‬بالتالي تعزيز ثقة المواطنين بأجهزة الدولة والقائمين عليها وبكل ما يقومون به من أعمال‬

‫موكولة إليهم(‪.)2‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في ظل وجود الحصانة‬

‫الفعالة لظاهرة الفساد وجود منظومة قانونية متكاملة تقف في وجه الفساد وإنتشاره‬
‫تتطلب المواجهة الجزائية ّ‬

‫وتواكب التطور التكنولوجي الحاصل والذي أثّر بشكل كبير على جريمة الفساد سلباً وإيجاباً(‪ ،)3‬كما تتطلب‬

‫فعالة تتناسب مع النصوص القانونية التي تمنح الحصانة لبعض األشخاص‬


‫وجود نصوص قانونية إجرائية ّ‬

‫بحيث تكون ُمجدية وتحقق الهدف من وجودها في ظل وجود الحصانة التي منحها القانون لبعض األشخاص‪.‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129-127‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15-14‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪63‬‬
‫فهذا الفصل يبحث في مدى فاعلية المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في ظل وجود نصوص قانونية مانحة‬

‫للحصانة‪ ،‬وبالتالي ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬األول يتناول المواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪ ،‬ويبحث‬

‫اآلخر في أثر الحصانة على المواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪.‬‬

‫تتطلب مكافحة الفساد وجود منظومة قانونية متكاملة تقف في وجه هذه الظاهرة وتحد من إنتشارها الواسع‬

‫في ظل وجود نظام الحصانة‪ ،‬وبالتالي يبحث هذا الفصل في اإلجراءات الجزائية لمكافحة جرائم الفساد‬

‫ومالحقة مرتكبيها المتمتعين بالحصانة‪.‬‬

‫وينقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬األول بعنوان إجراءات التحري واإلستدالل في جرائم الفساد والثاني بعنوان‬

‫إجراءات التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إجراءات التحري واإلستدلل في جرائم الفساد‪.‬‬

‫هناة العديد من اإلجراءات المتبعة للتحري عن جرائم الفساد واإلستدالل على هوية مرتكبيها والكشف عن‬

‫(‪)1‬‬
‫والتي ال ُبد من دراستها في هذا المطلب‪.‬‬ ‫حيثيات إرتكابها‬

‫وينقسم هذا المطلب إلى فرعين‪ ،‬األول يبحث في الجهة المختصة في التحري واإلستدالل عن جرائم الفساد‪،‬‬

‫المتبعة في البحث والتحري عن جرائم الفساد‪.‬‬


‫والثاني يبحث في اإلجراءات ُ‬

‫تمر بعدة مراحل‪ ،‬تتمثل في‪ :‬مرحلة‬‫ال بد من القول أن الدعوى الجزائية منذ وقوع الجريمة وإلى حين إصدار حكم نهائي ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫جمع اإلستدالالت‪ ،‬تليها مرحلة التحقيق اإلبتدائي‪ ،‬من ثم مرحلة المحاكمة أو ما ُيطلق عليها مرحلة (التحقيق النهائي)‪( .‬عبد‬
‫الباقي‪ ،‬مصطفى‪ :‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪( 2003‬دراسة مقارنة)‪ ،‬بيرزيت‪ :‬وحدة البحث‬
‫العلمي والنشر – كلية الحقوق واإلدارة العامة‪ ،2015 ،‬ص‪.)250‬‬
‫‪64‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجهة المختصة في التحري واإلستدلل عن جرائم الفساد‪.‬‬

‫فيما يتعلق بمرحلة جمع اإلستدالالت في جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني تتولى هيئة مكافحة الفساد‬

‫سلطة اإلستدالل وجمع المعلومات في جرائم الفساد(‪ ،)1‬وموظفوها يملكون صالحية البحث والتقصي وجمع‬

‫اإلستدالالت بموجب نص المادة (‪ )8‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني(‪ ،)2‬وكما يعتبروا من مأموري‬

‫الضبط القضائي وفقاً لنص المادة (‪ )10‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن تعديل قانون‬

‫مكافحة الفساد(‪ ،)3‬وكذلك الحال في القانون األردني فقد منحت المادة (‪/4‬ط) من قانون النزاهة ومكافحة‬

‫(‪)4‬‬
‫وكما أعطت المادة (‪ )19‬من نفس‬ ‫الفساد لهيئة مكافحة الفساد األردنية سلطة اإلستدالل في جرائم الفساد‬

‫المتخذة من ِقَبل موظفي هيئة‬ ‫القانون للهيئة صفة الضابطة العدلية ‪ ،‬وحتى تُ َ‬
‫ضمن سالمة اإلجراءات ُ‬
‫(‪)5‬‬

‫مكافحة الفساد يجب أن تكون الجرائم من الجرائم المحددة حص اًر في المادة (‪ )1‬من قانون مكافحة الفساد‬

‫الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬وفي القانون األردني يجب أن تكون من الجرائم المحددة حص اًر‬

‫في المادة (‪/16‬أ) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بشكل عام‪ ،‬يكون منها‪ :‬هيئة مكافحة الفساد‪ ،‬ديوان الرقابة‬ ‫أما فيما يتعلق بالجهات المختصة بمكافحة الفساد في فلسطين‬ ‫(‪)1‬‬

‫صنع‬
‫المالية واإلدارية وبعض مؤسسات المجتمع المدني كاإلئتالف من أجل النزاهة (أمان) ومساواة‪( .‬يحيى‪ ،‬خيرية رضوان‪ُ :‬‬
‫سياسات مكافحة الفساد اإلداري "دولة فلسطين نموذج ا"‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪2017 ،‬م‪ ،‬ص‪ .)415‬وفيما يتعلق‬
‫بجهات مكافحة الفساد في األردن تتمثل في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد األردنية‪ ،‬ديوان المحاسبة‪ ،‬وحدة مكافحة غسل األموال‬
‫وتمويل اإلرهاب ودائرة الجمارة العامة‪( .‬اإلستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬منشور على الرابط‪:‬‬
‫‪ ، http://www.undp-aciac.org/‬تاريخ آخر زيارة‪2021/10/4 :‬م)‪.‬‬
‫نصت المادة (‪ )8‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته على‪ .3 ...2 ...1" :‬التحري‬ ‫(‪)2‬‬

‫واإلستدالل في الشكاوى التي تقدم عن جريمة الفساد‪ .4 .‬التحري واإلستدالل في شبهات الفساد التي تقترف من األشخاص‬
‫الخاضعين ألحكام هذا القرار بقانون‪."...‬‬
‫تنص المادة (‪ )10‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني على‪" :‬يتمتع‬ ‫(‪)3‬‬

‫موظفو الهيئة المختصون بجمع اإلستدالالت والتحريات‪ ،‬وأخذ اإلفادات‪ ،‬بصفة مأموري الضابطة القضائية فيما يقومون به من‬
‫أعمال تتعلق بتنفيذ مهامهم‪ ،‬على أن يتم تحديدهم بموجب قرار من رئيس الهيئة"‪.‬‬
‫المادة (‪/4‬ط) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫نصت المادة (‪ )19‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته على‪" :‬يكون للرئيس‬ ‫(‪)5‬‬

‫وأعضاء المجلس صفة الضابطة العدلية‪ ،‬لغايات قيامهم بمهامهم‪ ،‬ويحدد المجلس العاملين في الهيئة الذين يتمتعون بهذه‬
‫الصفة"‪ ،‬ومن الجدير ذكره أنه ُيطلق مصطلح "الضابطة العدلية" على أعضاء الضابطة القضائية في األردن‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫هذا باإلضافة إلى منح ديوان الرقابة المالية واإلدارية في فلسطين لبعض موظفي الديوان صفة الضابطة‬

‫(‪)1‬‬
‫بصفتها مؤسسة رقابية في الدولة تهدف للكشف عن أوجه‬ ‫القضائية فيما يتعلق بإنجاز أعمالهم الوظيفية‬

‫اإلنحراف المالي واإلداري‪ ،‬من خالل قيامهم بإعداد التقارير عن الفساد ورفعها إلى هيئة مكافحة الفساد‪،‬‬

‫وكذلك منح القرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب الفلسطيني‬

‫وتعديالته في المادة (‪ )2/31‬مدير وموظفي وحدة المتابعة المالية صفة الضابطة القضائية للقيام بأعمالها‬

‫خاصة فيما يتعلق برفع التقارير عن العمليات المشتبه تضمنها جرائم غسل أموال أو تمويل اإلرهاب أو أي‬

‫من الجرائم األصلية محل جريمة غسل األموال والتي من ضمنها جرائم الفساد(‪.)2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلجراءات المتبعة في البحث والتحري عن جرائم الفساد‪.‬‬

‫المخولة بالقيام بإجراءات اإلستدالل في التشريع الفلسطيني واألردني‪ ،‬ال بد من‬


‫ّ‬ ‫بعد الحديث عن الجهة‬

‫التطرق إلجراءات وأساليب جمع اإلستدالالت في جرائم الفساد‪ ،‬فقد تناولت المادة (‪ )9‬من قانون مكافحة‬

‫الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته وسائل وطرق هيئة مكافحة الفساد لإلستدالل على جرائم‬

‫الفساد والتنقيب عنها(‪ ،)3‬وفي القانون األردني تناولت الفقرة (ز‪+‬ط) من المادة (‪ )4‬من قانون النزاهة ومكافحة‬

‫الفساد األردني الوسائل المتبعة لإلستدالل على جرائم الفساد والتنقيب عنها(‪ ،)4‬والتي سيتم تبيانها في الفقرات‬

‫التالية(‪.)5‬‬

‫وذلك بحسب نص المادة (‪ )47‬من قانون ديوان الرقابة المالية واإلدارية رقم (‪ )15‬لسنة ‪2004‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في‬ ‫(‪)1‬‬

‫جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،53‬بتاريخ ‪ ،2005/2/28‬ص‪.75‬‬


‫بحيث نصت المادة (‪ )2/31‬من القرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م بشأن غسل األموال وتمويل اإلرهاب الفلسطيني‬ ‫(‪)2‬‬

‫وتعديالته على‪" :‬تقوم الوحدة برفع تقريرها إلى النائب العام المساعد المنتدب لدى هيئة مكافحة الفساد‪ ،‬في حال كانت الجريمة‬
‫األصلية محل جريمة غسل األموال من ضمن جرائم الفساد"‪.‬‬
‫قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫تناولت المادة (‪ )22‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته على سبيل المثال ال الحصر‬ ‫(‪)5‬‬

‫أساليب ووسائل اإلستدالل على الجرائم بشكل عام بحيث نصت على‪":‬وفقاً ألحكام القانون على مأموري الضبط القيام بما‬
‫يلي‪ .1:‬قبول البالغات والشكاوي التي ترد إليهم بشأن الجرائم وعرضها دون تأخير على النيابة العامة‪ .2 .‬إجراء الكشف‬
‫‪66‬‬
‫التفاعلية والسرّية فإن ذلك يتطلب بذل جهد أكبر للكشف عن‬
‫ّ‬ ‫نظ اًر لما تتصف به جرائم الفساد من الحداثة و‬

‫هذه الجرائم والتنقيب عن أدلتها؛ لذلك قد تكون إجراءات وأساليب اإلستدالل التقليدية المتعارف عليها غير‬

‫كافية لتكوين صورة شاملة عن وقائع وأحداث الجريمة مما أوجب وجود إجراءات وأساليب مستحدثة تواكب‬

‫بناء على ذلك تم تقسيم إجراءات‬


‫طبيعة جرائم الفساد وتساعد في تدعيم إجراءات اإلستدالل التقليدية‪ً ،‬‬

‫اإلستدالل في جرائم الفساد إلى اإلجراءات التقليدية لجمع اإلستدالالت في جرائم الفساد‪ ،‬واإلجراءات‬

‫المستحدثة لجمع اإلستدالالت في جرائم الفساد‪.‬‬

‫أولا‪ :‬اإلجراءات التقليدية لجمع اإلستدللت في جرائم الفساد‪.‬‬

‫من أبرز اإلجراءات واألساليب التقليدية التي تقوم بها الضابطة القضائية في اإلستدالل على جرائم الفساد‬

‫ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬قبول البالغات والشكاوى‪ :‬أوجب المشرع الفلسطيني في المادة (‪ )1/9‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني‬

‫لسنة ‪2005‬م وتعديالته على مأموري الضبط القضائي في جرائم الفساد قبول البالغات والشكاوى‬

‫وعرضها دون تأخير على النيابة العامة بإعتبارها وسيلة مهمة للكشف عن الجرائم وجمع المعلومات‬

‫عنها(‪ ،)1‬وفي القانون األردني فقد منح نص المادة (‪ )19‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني‬

‫لرئيس هيئة مكافحة الفساد وأعضاءها صفة الضابطة العدلية(‪.)2‬‬

‫والمعاينة والحصول على اإليضاحات الالزمة لتسهيل التحقيق واإلستعانة بالخبراء المختصين والشهود دون حلف يمين‪.3 .‬‬
‫إتخاذ جميع الوسائل الالزمة للمحافظة على أدلة الجريمة‪ .4 .‬إثبات جميع اإلجراءات التي يقومون بها في محاضر رسمية بعد‬
‫توقيعها منهم ومن المعنيين بها"‪ ،‬كما ّبينت المادة (‪ )8‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة ‪1961‬م أعمال‬
‫اإلستدالل في اإلستقصاء حول الجرائم وجمع األدلة والقبض على فاعليها وإحالتهم إلى المحاكم المختصة‪.‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد ‪:‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫نص المادة (‪ )19‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد االردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪67‬‬
‫ب‪ ‌.‬اإلنتقال إلى مسرح الجريمة وإجراء الكشف والمعاينة‪ :‬تكون عن طرق إنتقال مأموري الضبط القضائي‬

‫ذو اإلختصاص العام والخاص إلى مسرح الجريمة للكشف عن كيفية وقوع الجريمة ومكانها وزمانها‬

‫ومالبساتها‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة (‪ )2/22‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني وتعديالته(‪،)1‬‬

‫والمواد (‪ )83 ،32‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة ‪1961‬م وتعديالته‪ ،‬ويشمل ذلك‬

‫كمل عمل‬
‫جرائم الفساد فكما ذكرنا سابقاً بأن عمل الضابطة القضائية ذات اإلختصاص الخاص ُي ّ‬

‫الضابطة ذات اإلختصاص العام‪ ،‬وبعد القيام باألعمال السابقة على مأمور الضبط القضائي القيام‬

‫بتدوين األعمال التي قام بها من معاينة ومشاهدة مسرح الجريمة في محاضر رسمية بعد توقيعه عليها‬

‫منه ومن المعنيين‪.‬‬

‫ت‪ ‌.‬التحفظ على أدلة الجريمة‪ :‬على مأموري الضابطة القضائية‪/‬العدلية ذو اإلختصاص العام والخاص في‬

‫جرائم الفساد اإلنتقال إلى مسرح الجريمة والتحفظ عليه مثل وضع حراسة على مسرح الجريمة ومنع‬

‫دخول أي أحد إلى موقع الجريمة أو اإلقتراب منه‪ ،‬وعليهم أيضاً ضبط األشياء التي لها صلة بالجريمة‬

‫ووضع األختام والتحفظ على آثار الجريمة كآثار األقدام أو بصمات األصابع وذلك من أجل المحافظة‬

‫على أدلة الجريمة ومنع طمسها أو العبث بها(‪.)2‬‬

‫ث‪ ‌.‬اإلستعانة بالخبراء المختصين والشهود دون حلف يمين‪ :‬لمأموري الضبط القضائي في جرائم الفساد في‬

‫فلسطين اإلستعانة بالخبراء المختصين والشهود دون تحليفهم اليمين(‪ ،)3‬وفي األردن على مأموري‬

‫المخِبر والشاهد دون تحليفهم اليمين إال إذا‬


‫الضابطة العدلية جمع المعلومات الالزمة عن الجريمة من ُ‬

‫نص المادة (‪ )2/22‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫تنص المادة (‪ )3/9‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته على‪" :‬إستدعاء الشهود والمعنيين‬ ‫(‪)3‬‬

‫من الموظفين العموميين أو موظفي القطاع الخاص أو أي شخص له عالقة لإلستفسار والتحري حول واقعة تتعلق بجريمة‬
‫فساد"‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫خيف أن ال ُيستطاع فيما بعد سماع الشاهد إال بيمين(‪ ،)1‬وفيما يتعلق بتحليف اليمين للشهود في القانون‬

‫الفلسطيني فإن قانون مكافحة الفساد لم ُيخصص قواعد إثبات خاصة بجرائم الفساد وإنما تركها للقواعد‬

‫العامة في إثبات الجرائم الجزائية(‪ ،)2‬إذ أن القانون ال ُيجيز للشاهد اإلمتناع عن اإلدالء بشهادته أو‬

‫رفض أداءه لليمين القانونية وذلك في نص المادة (‪ )16‬من القرار بقانون لسنة ‪2022‬م بشأن تعديل‬

‫قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني(‪ ،)3‬وتبرز أهمية اإلستعانة بالخبراء واإلستماع لهم في جرائم الفساد‬

‫بالمساعدة في التوصل إلى الفاعل الحقيقي للجريمة وعدم التفريط باألدلة نتيجة عدم وضوح بعض‬

‫المسائل الفنية التي تحتاج إلى خبراء مختصين قادرين على توضيحها(‪ ،)4‬وأيضاً يتوجب على مأموري‬

‫الضبط توفير الحماية القانونية والشخصية والوظيفية الالزمة للشهود عند إحضارهم لسماع أقوالهم(‪،)5‬‬

‫عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪2011 ،1‬م‪ ،‬ص‪.193‬‬ ‫الحديثي‪ ،‬فخري‪ :‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫فرحان‪ ،‬مصطفى‪ .‬آالء‪ ،‬النقيب‪ :‬أصول التحقيق في جرائم الفساد‪ ،‬رام هللا‪ ،‬هيئة مكافحة الفساد‪ ،‬معهد الحقوق في جامعة‬ ‫(‪)2‬‬

‫بيرزيت‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.41‬‬


‫تنص المادة (‪ )16‬على‪" :‬إذا إمتنع الشاهد بغير مبرر قانوني عن أداء اليمين أو عن اإلجابة عن األسئلة التي توجهها إليه‬ ‫(‪)3‬‬

‫المحكمة‪ ،‬يجوز لها أن تحكم بحبسه مدة ال تتجاوز ثالثة أشهر‪ ،‬وإذا قبل أثناء مدة إيداعه مركز اإلصالح والتأهيل (السجن)‬
‫وقبل إختتام اإلجراءات أن يحلف اليمين‪ ،‬وأن ُيجيب على األسئلة التي توجه إليه‪ ،‬يفرج عنه في الحال بعد قيامه بذلك"‪( .‬قرار‬
‫بقانون لسنة ‪2022‬م بشأن تعديل قانون اإلجراءات الجزائية رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته‪ ،‬غير منشور في جريدة الوقائع‬
‫الفلسطينية‪ ،‬منشور على موقع مقام اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ ،https://maqam.najah.edu/media/uploads/2022/01/legislations/‬تاريخ آخر زيارة‪2022/3/3 :‬م)‪.‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫(‪ )5‬بحيث نصت المادة (‪ )2/18‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته على‪" :‬تتولى الهيئة توفير‬
‫الحماية القانونية والوظيفية والشخصية الالزمة للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم في‬
‫دعاوى الفساد من أي إعتداء أو إنتقام أو ترهيب محتمل من خالل ما يلي‪ :‬أ‪ .‬توفير الحماية لهم في أماكن إقامتهم‪ .‬ب‪ .‬عدم‬
‫اإلفصاح عن المعلومات المتعلقة بهويتهم وأماكن وجودهم‪ .‬ج‪ .‬اإلدالء بأقوالهم وشهادتهم من خالل إستخدام تقنيات اإلتصال‬
‫الحديثة وبما يكفل سالمتهم‪ .‬د‪ .‬حمايتهم في أماكن عملهم وتحصينهم من أي تمييز أو سوء معاملة أو أي إجراء تعسفي أو‬
‫إقرار إداري يغير من المركز القانوني أو اإلداري لهم أو ينتقص من حقوقهم بسبب شهادتهم أو إبالغهم أو ما قاموا به من‬
‫أعمال لكشف جرم الفساد‪ .‬ه‪ .‬توفير أمكن إليوائهم عند الضرورة‪ .‬و‪ .‬إتخاذ أي إجراء أو القيام بأي عمل ضرور ييضمن‬
‫سالمتهم"‪ ،‬كما نصت المادة (‪ )24‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م على‪ " :‬أ‪ .‬تتولى الهيئة‬
‫توفير الحماية الالزمة للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم من أي‬
‫إعتداء أو إنتقام أو ترهيب محتمل من خالل ما يلي‪ .1 :‬توفير الحماية لهم في أماكن إقامتهم‪ .2 .‬عدم اإلفصاح عن المعلومات‬
‫المتعلقة بهويتهم وأماكن وجودهم‪ .3 .‬اإلدالء بأقوالهم و شهاداتهم من خالل إستخدام تقنيات اإلتصال الحديثة وبما يكفل‬
‫‪69‬‬
‫من ثم يتم تدوين أقوال الشهود والخبراء في محاضر رسمية من ثم توقيع مأموري الضبط القضائي‬

‫والشهود عليها(‪ ،)1‬كما أن القانون األردني ألزم مأمور الضابطة العدلية إتباع الوسائل القانونية ألداء‬

‫عمله والتي منها التوقيع على محاضر اإلستدالالت من ِقَبله ومن ِقَبل األشخاص الذين قام بسماعهم(‪.)2‬‬

‫ج‪ ‌.‬تدوين أقوال المقبوض عليه دون إستجوابه‪ :‬تناولت المادة (‪ )7‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم‬

‫(‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته ما يتعلق بتدوين أقوال المقبوض عليه دون إستجوابه بحيث أعطى القانون‬

‫لمأموري الضبط القضائي ضبط إفادات المشتبه بهم أو المقبوض عليهم عند وقوع الجريمة‪ ،‬وعلى مأمور‬

‫الضبط القضائي سماع المشتبه بهم وتدوين أقوالهم في محاضر رسمية يوقع عليه مأمور الضبط‬

‫القضائي والمشتبه به‪ ،‬كما ال يجوز لمأمور الضبط القضائي إستجواب المشتبه به وتوجيه األسئلة أو‬

‫اإلتهامات إليه إال إذا تم تفويضه من ِقَبل وكيل النيابة في الجنح فقط إذ ال إستجواب في جنايات‬

‫الفساد(‪ ،)3‬وإذا قام المشتبه به باإلعتراف أمام مأمور الضابطة القضائية عند اإلستماع إليه فإن األخذ‬

‫بإعترافه كوسيلة لإلثبات هو سلطة تقديرية للمحكمة‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة النقض الفلسطينية في حكمها‬

‫عرض عليها من أدلة طالما لم تخالف إرادة المشرع(‪،)4‬‬


‫بأن للمحكمة سلطة تقديرية في تكوين قناعتها بما ُي َ‬

‫ويؤيد ذلك ما ورد في حكم محكمة النقض الفلسطينية فيما يتعلق بإعتراف المتهم أمام الضابطة القضائية‬
‫ُ‬

‫سالمتهم‪ .4 .‬حمايتهم في أماکن عملهم وتحصينهم من أي تمييز أو سوء معاملة أو فصل تعسفي‪ .5 .‬توفير أماكن إليوائهم‬
‫عند الضرورة‪ .6 .‬إتخاذ أي إجراء أو القيام بأي عمل ضروري يضمن سالمتهم"‪.‬‬
‫(‪‌)1‬حيث نصت المادة (‪ )4/22‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م على‪" :‬وفقاً ألحكام القانون على‬
‫مأموري الضبط القضائي القيام بما يلي‪ .4... :‬إثبات جميع اإلجراءات التي يقومون بها في محاضر رسمية بعد توقيعها منهم‬
‫ومن المعنيين بها"‪.‬‬
‫الحديثي‪ ،‬فخري‪ :‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫وفي ذلك تقول محكمة النقض الفلسطينية‪" :‬فإن كانت المحكمة حرة في تكوين قناعتها من أي دليل تجده طالما أن المشرع‬ ‫(‪)4‬‬

‫أطلق لها حرّية اإلقتناع بما تراه إال أن هذه السلطة ليست مطلقة وغير محددة بل هي مقيدة بضوابط "‪( .‬حكم محكمة النقض‬
‫الفلسطينية رقم (‪ )425‬لسنة ‪ ،2017‬والصادر بتاريخ ‪ ،2017/7/8‬منشورات المقتفي‪ ،‬منشور على الرابط‪:‬‬
‫‪ ، http://muqtafi2.birzeit.edu/muqtafi2/transform/fulltext/‬تاريخ آخر زيارة ‪2021/6/18‬م)‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫دل عليه واقع الحال(‪ ،)1‬وفيما يتعلق بالتشريع األردني فإن‬
‫فإنه ال ُيعتبر دليالً بحد ذاته؛ ألن العبرة بما ّ‬

‫نص المادة (‪/4‬ط) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته أعطى‬

‫للهيئة بصفتها ضابطة عدلية صالحية جمع المعلومات والقيام بالتحريات والتي منها سماع المقبوض‬

‫عليه(‪.)2‬‬

‫ح‪ ‌.‬التحري وجمع المعلومات حول شبكة العالقات لإلتصاالت السلكية والالسلكية ومناطق ّ‬
‫البث‪ :‬فيما يتعلق‬

‫بصالحيات هيئة مكافحة الفساد في ضبط الرسائل والمكالمات الهاتفية واإلطالع عليها‪ ،‬فقد منح المشرع‬

‫الفلسطيني للهيئة بصفتها ضابطة قضائية الصالحية بممارسة كافة اإلجراءات من ضبط وإطالع ومراقبة‬

‫في جرائم الفساد وجاء ذلك في نص المادة (‪ )4/9‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة‬

‫‪2005‬م وتعديالته "على الرغم مما ورد في قانون اإلجراءات الجزائية والقوانين األخرى ذات العالقة‪،‬‬

‫يكون للهيئة في سبيل تنفيذ مهامها وإختصاصاتها ما يلي‪ .4 :‬طلب أي ملفات أو بيانات أو أوراق أو‬

‫ٍ‬
‫صور منها من الجهة الموجودة لديها بما‬ ‫مستندات أو معلومات أو اإلطالع عليها أو الحصول على‬

‫في ذلك الجهات التي تعتبر كل ذلك سري التداول وفقاً لإلجراءات القانونية النافذة"(‪ ،)3‬وبالنسبة لقانون‬

‫النزاهة ومكافحة الفساد األردني فقد ورد نص ُيجيز لهيئة مكافحة الفساد بصفتها ضابطة قضائية اإلطالع‬

‫على الرسائل والمعلومات الرسمية ومراقبة المكالمات الهاتفية حيث ورد في نص المادة (‪/20‬أ) من‬

‫قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪" :‬مع مراعاة أحكام التشريعات‬

‫حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (‪ )264‬لسنة ‪2021‬م‪ ،‬والصادر بتاريخ ‪ ،2021/11/9‬منشورات موقع قسطاس‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإللكتروني‪ ،‬منشور على الرابط‪ ،https://qistas.com/ar/decs/info/ :‬تاريخ آخر زيارة‪2021/3/4 :‬م‪.‬‬


‫هذا وقد حظر قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (‪ )9‬لسنة ‪1961‬م وتعديالته على أعضاء الضابطة العدلية إستجواب‬ ‫(‪)2‬‬

‫المتهم في جناية ولكن أجاز تدوينها في محضر الضبط‪( .‬الحديثي‪ ،‬فخري‪ :‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.)193‬‬
‫مكن مأمور الضبط القضائي من اإلطالع على كشوف المكالمات والرسائل الواردة‬
‫ال ُب ّد من ذكر أن التشريع الفلسطيني ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫والصادرة وتفاصيلها بعد تقديم طلب إحتياج بذلك إلى النائب العام ثم لقاضي الصلح بمحضر تحرّيات تفصيلي وعلى أن يكون‬
‫سبب‪( .‬براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪)92‬‬
‫ُم َ‬
‫‪71‬‬
‫النافذة‪ ،‬للهيئة في سبيل قيامها بمهامها طلب أي بيانات أو معلومات أو وثائق من أي شخص أو من‬

‫أي جهة كانت‪ ،‬وعليهم اإلستجابة للطلب دون إبطاء تحت طائلة المسؤولية القانونية"‪ ،‬بالتالي طلب‬

‫الهيئة لإلطالع على المعلومات والمراسالت ومراقبة المكالمات ُيعد من قبيل اإلجراءات التي تمارسها‬

‫في سبيل القيام بمهامها ويعد من الصالحيات الممنوحة لها بموجب القانون(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلجراءات المستحدثة لجمع اإلستدللت في جرائم الفساد‪.‬‬

‫بالنظر إلى جرائم الفساد وما تتمتع به من خصائص كالسرية وسرعة اإلنتشار؛ فإن ذلك يستوجب وجود‬

‫صالحيات أوسع للضابطة القضائية لتمكينها من القيام بعملها في ظل التعقيد والتفاعل التي تختص به جرائم‬

‫الفساد عن الجرائم التقليدية وأيضاً صعوبة الكشف عن هذه الجرائم أوجب إتباع إجراءات خاصة للكشف‬

‫عنها ومالحقة مرتكبيها وبعض هذه الصالحيات تتمثل في‪:‬‬

‫تحر خاص‪ :‬إن إتخاذ إجراء التسليم المراقب أو التحري الخاص يمكن العمل‬
‫أ‪ ‌.‬التسليم المراقب أو إتباع ًّ‬

‫به في حال وقوع جريمة فساد؛ نظ اًر لما تتمتع به هذه الجرائم من خصوصية فقد وضعت إتفاقية االمم‬

‫المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م الخطوط العريضة لإلجراءات الواجب إتباعها في الكشف عن‬

‫هذه الجرائم ومالحقة مرتكبيها وتركت كيفية إتخاذ هذه اإلجراءات للقوانين الداخلية للدولة بحسب تقديراتها‬

‫ومواردها(‪ ،)2‬وقد أخذ القانون الفلسطيني بالتسليم المراقب في المادة (‪ 22‬مكرر) من قانون مكافحة‬

‫وفيما يتعلق بالقانون األردني حصر صالحية اإلطالع على المراسالت الخاصة ومراقبة المحادثات السلكية والالسلكية‬ ‫(‪)1‬‬

‫بالمدعي العام وحده ولم يمنحه صالحية تفويض أو إنابة أحد أعضاء الضابطة القضائية للقيام بهذا اإلجراء وذلك في نص‬
‫المادة (‪ )88‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة ‪1961‬م وتعديالته‪ ،‬أما فيما يتعلق بضبط الرسائل فليس‬
‫ألعضاء الضابطة القضائية صالحية ضبط الرسائل من حيث األصل إال أنه يجوز للمدعي العام إنابة موظف الضابطة العدلية‬
‫لضبط الرسائل مع اإلشارة إلى كونه ال يجوز له اإلطالع عليها‪( .‬الحديثي‪ ،‬فخري‪ :‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.)267-266‬‬
‫عرفت المادة (‪ )2‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م التسليم المراقب على أنه‪" :‬السماح لشحنات‬
‫حيث ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من إقليم دولة أو أكثر أو المرور عبره أو دخوله بعلم من سلطاتها المعنية وتحت مراقبتها‪،‬‬
‫بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية األشخاص الضالعين في إرتكابه"‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫الفساد الفلسطيني وتعديالته رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م(‪ ،)1‬وتكمن أهمية التسليم المراقب في الكشف عن‬

‫المهربات وإعتراض سبيلها أثناء العبور حيث يتم تسليمها من أجل الكشف عن هوية المجرمين أو تتبع‬

‫المنظمات اإلجرامية أثناء توزيعها‪ ،‬أما بالنسبة لحيثيات تطبيق التسليم المراقب فإنها تختلف من دولة‬

‫إلى أخرى بإختالف ظروف هذه الدولة وقوانينها الداخلية(‪ ،)2‬فقد إشترط القانون الفلسطيني الحصول‬

‫على إذن من النيابة العامة للقيام بالتسليم المراقب كما أن األدلة الناجمة عن هذا اإلجراء تخضع حجيتها‬

‫لتقدير المحكمة المختصة كما ورد ذكره سابقاً في المادة (‪ 22‬مكرر) من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني‬

‫وتعديالته لسنة ‪2005‬م‪ ،‬بينما من خالل قراءة قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة‬

‫‪2016‬م وتعديالته ُيالحظ أن التسليم المراقب لم تتم تغطيته رغم مصادقة األردن سنة ‪2004‬م على‬

‫تفوق على‬ ‫(‪)3‬‬


‫إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م ‪ ،‬وبذلك نجد أن المشرع الفلسطيني ّ‬

‫األردني في تناوله التسليم المراقب في نصوص القانون بطريقة ُم ّ‬


‫فصلة وبالتالي إعتماده وفقاً لنصوص‬

‫القانون كأسلوب من أساليب اإلستدالل على جرائم الفساد‪.‬‬

‫ومن اإلجراءات المستحدثة لجمع اإلستدالالت في جرائم الفساد هو إجراء المراقبة والترصد اإللكتروني‬

‫والعمليات السرّية وهو يعني تسجيل المحادثات بواسطة أجهزة التسجيل ومراقبتها وذلك بصورة سرّية(‪،)4‬‬

‫وقد نصت عليه المادة (‪ )50‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م‪ ،‬فالقانون الفلسطيني‬

‫حظر إستخدام هذا األسلوب دون أخذ إذن قضائي بذلك‪ ،‬وقد وضع قواعد وضوابط صارمة بذلك في‬

‫بحيث نصت على‪" :‬وفقاً للتشريعات السارية‪ ،‬ومن أجل تسهيل جمع األدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القرار‬ ‫(‪)1‬‬

‫تحر خاص كالترصد اإللكتروني واإلختراق على النحو المناسب بإذن من‬ ‫بقانون‪ ،‬يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو إتباع ّ‬
‫المتوصل إليها بهذه األساليب حجيتها التي يخضع األخذ بها لتقدير المحكمة"‪.‬‬
‫َ‬ ‫النيابة المختصة وفقاً للقانون‪ ،‬وتكون لألدلة‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97-95‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬


‫العدوان‪ ،‬ثائر‪ :‬مكافحة الفساد الدليل إلى إتفاقية األمم المتحدة الردن نموذجا‪ّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪2012‬م‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪‌)4‬بغدادي‪ ،‬أدهم‪ :‬وسائل البحث والتحري عن الجرائم اإللكترونية‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪،‬‬
‫‪2018‬م‪ ،‬ص‪‌.50-49‬‬
‫‪73‬‬
‫كون هذه‬ ‫(‪)1‬‬
‫اإللكترونية‬
‫ّ‬ ‫المادة (‪ )34‬وما بعدها من القرار بقانون رقم (‪ )10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم‬

‫اإلجراءات غاية في الخطورة وفيها إعتداء على خصوصية األفراد‪ ،‬ويبرز دور العمليات المستترة والترصد‬

‫اإللكتروني إذا كان هناة أي خطورة جسدية على عضو أجهزة اإلنفاذ في التسلل مادياً إلى داخل‬

‫المنظمة اإلجرامية من أجل جمع المعلومات واألدلة فيتم اللجوء إلى التسلل اإللكتروني لجمع البيانات‬

‫واألدلة الالزمة‪ ،‬وغالباً ما يتم اللجوء للعمليات السرية في الكشف عن جرائم غسل األموال الناتجة عن‬

‫عرف القانون الفلسطيني في المادة األولى من القرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م‬ ‫(‪)2‬‬
‫جرائم فساد ‪ ،‬وقد ّ‬

‫بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وتعديالته (العملية السرّية)(‪ ،)3‬بينما القانون األردني لم‬

‫يتطرق إلى الترصد اإللكتروني أو العمليات السرية ولم يوقع على أي إتفاقية تتناول هذه المواضيع على‬

‫الرغم من عدم وجود نص في التشريع الداخلي يمنع تفعيلها ويتضح ذلك من خالل اإلطالع على قانون‬

‫النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته(‪.)4‬‬

‫المصرفية‪ :‬الحفاظ على المعلومات المصرفية ومنع إفشائها أو اإلطالع عليها‬


‫ّ‬ ‫ب‪ ‌.‬الوصول إلى المعلومات‬

‫من أساسيات العمل المصرفي في جميع أنحاء العالم كافة‪ ،‬وهي مبدأ دولي متعارف عليه فقد أوجبت‬

‫إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد في المادة (‪ )40‬على الدول إيجاد آليات مناسبة لتجاوزه ورفعه(‪،)5‬‬

‫كما قام المشرع الفلسطيني بتقنينه في القرار بقانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪2010‬م بشان المصارف‪ ،‬حيث حظر‬

‫على أي شخص بإمكانه الوصول إلى هذه المعلومات بحكم وظيفته من إفشائها أو البوح عنها أو السماح‬

‫(‪ )1‬قرار بقانون رقم (‪ )10‬لسنة ‪2018‬م بشأن الجرائم اإللكترونية الفلسطيني‪ ،‬المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪،16‬‬
‫بتاريخ ‪ ،2018/5/3‬ص‪.8‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99-97‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫حيث جاء فيها‪" :‬طريقة التحقيق التي يشترة فيها موظف الضبط القضائي المكلف بتنفيذ القانون والذي يحمل هوية سرّية‬ ‫(‪)3‬‬

‫أو مستعارة أو يضطلع بدور مؤقت‪ ،‬أو مخبر يعمل بتوجيه من مأمور الضبط القضائي‪ ،‬وفي جميع الحاالت يشكل أداة للحصول‬
‫على األدلة والمعلومات األخرى المتعلقة بالجريمة"‪.‬‬
‫العدوان‪ ،‬ثائر‪ :‬مكافحة الفساد الدليل إلى إتفاقية األمم المتحدة الردن نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫المادة (‪ )40‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪74‬‬
‫ٍ‬
‫ألي كان من اإلطالع عليها إال بحكم قضائي صادر عن محكمة فلسطينية أو بتصريح وموافقة العميل‬

‫الخطية على ذلك(‪ ،)1‬وهناة إستثناءات ال يتم فيها تطبيق مبدأ السرية المصرفية كالذي نصت عليه‬
‫ّ‬

‫المادة (‪ )46‬من القرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م بشان مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب(‪،)2‬‬

‫كما أجاز المشرع الفلسطيني وفقاً للمادة (‪ )4/9‬من قانون مكافحة الفساد رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م‬

‫لموظفي هيئة مكافحة الفساد الذين يتمتعون بصفة الضابطة القضائية طلب الوصول إلى‬ ‫(‪)3‬‬
‫وتعديالته‬

‫المعلومات المصرفية من النائب العام إذا إقتضت إجراءات جمع اإلستدالالت ذلك ويشمل هذا الطلب‬

‫رفع السرية المصرفية عن الحسابات ونشاطات الخزائن الحديدية أو تتبع األمالة المنقولة وغير المنقولة‬

‫أو رفع السرّية عن المعلومات والحسابات المدرجة لدى هيئة سوق رأس المال والبورصات واألسواق‬

‫والمراكز المرخصة من قبلها وفقاً لإلجراءات القانونية النافذة وبقرار قضائي وبما يتفق وصحيح القانون‬

‫واإلجراءات(‪ ،)4‬كما أن المادة (‪ )7/20‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن تعديل قانون‬

‫نصت المادة (‪ )2/1/32‬من القرار بقانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪2010‬م بشأن المصارف على‪ .1" :‬تحدد سلطة النقد التعليمات‬ ‫(‪)1‬‬

‫المنظمة لسرية الحسابات المصرفية‪ ،‬وتبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية العمالء بين المصارف ومؤسسات اإلقراض‬
‫المتخصصة‪ ،‬بما يكفل سريتها ويضمن توفر البيانات الالزمة لسالمة عمليات منح االئتمان وإدارة المخاطر‪.2 .‬على جميع‬
‫أعضاء مجلس إدارة المصرف الحاليين والسابقين‪ ،‬والمسؤولين الرئيسيين‪ ،‬والموظفين والمدققين والمستشارين والمتعاقدين‬
‫الخارجيين في المصارف ومؤسسات اإلقراض المتخصصة الحفاظ على سرية المعلومات والمستندات المتعلقة بالعمالء والتي‬
‫تصل إليهم بحكم أدائهم لمهامهم‪ ،‬وال يجوز ألي منهم إفشاء أي من هذه المعلومات أو السماح للغير من خارج المصرف أو‬
‫مؤسسة اإلقراض المتخصصة باإلطالع عليها‪ ،‬ويسري هذا الحظر على كل من يطلع بحكم مهنته أو وظيفته أو عمله بطريق‬
‫مباشر أو غير مباشر على تلك البيانات والمعلومات‪ ،‬ما لم يكن هذا اإلطالع بموجب ما يلي‪ :‬أ‪.‬موافقة العميل الخطية‪ .‬ب‪.‬حكم‬
‫قضائي صادر عن محكمة فلسطينية"‪( .‬قرار بقانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪2010‬م بشأن المصارف‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع‬
‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،4‬بتاريخ ‪ ،2010/11/27‬ص‪.)5‬‬
‫نصت المادة (‪ )46‬من القرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب على‪ " :‬تنفيذاً‬
‫(‪)2‬‬

‫ألحكام هذا القرار بقانون ال تحول أحكام السرية المفروضة بموجب القوانين واألنظمة والتعليمات المعمول بها في فلسطين بما‬
‫في ذلك السرية المصرفية أمام تنفيذ أحكام هذا القرار بقانون‪ ،‬وال يجوز التذرع بأحكامها بعدم إفشاء أو إبراز أي معلومات تتعلق‬
‫بمكافحة جريمة غسل األموال أو تمويل اإلرهاب أو بأي من الجرائم األصلية باستثناء ما ورد في الفقرة (‪ )3‬من المادة (‪)14‬‬
‫من هذا القرار بقانون"‪.‬‬
‫نصت المادة (‪ )4/9‬من قانون مكافحة الفساد رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته على‪.4" :‬طلب أي ملفات أو بيانات أو‬ ‫(‪)3‬‬

‫أوراق أو مستندات أو معلومات أو اإلطالع عليها أو الحصول على صور منها من الجهة الموجودة لديها بما في ذلك الجهات‬
‫التي تعتبر كل ذلك سري التداول وفقاً لإلجراءات القانونية النافذة"‪.‬‬
‫(‪ )4‬براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪75‬‬
‫مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م رتبت عقوبة الحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر أو‬

‫بغرامة ال تزيد على ألف دينار أردني لمن يمتنع أو يتأخر عن تقديم البيانات أو المعلومات أو الوثائق‬

‫المطلوبة وتزويدها للجهات التي خولها القانون الحصول عليها(‪ ،)1‬وفي القانون األردني حظرت المادة‬

‫(‪ )72‬من قانون البنوة على موظفي البنوة الحاليين خرق السرّية المصرفية وإعطاء أي معلومة عن‬

‫العمالء أو حساباتهم أو أي من معامالتهم أو تمكين الغير من اإلطالع عليها إال بموافقة العميل الخطية‬

‫أو أحد ورثته أو بقرار قضائي بموجب خصومة قضائية ويستمر الحظر بعد إنتهاء العالقة بين العميل‬

‫والبنك(‪ ،)2‬ومن اإلستثناءات على مبدأ السرية المصرفية ما ورد في نص المادة (‪ )3/93‬من قانون‬

‫البنوة(‪ )3‬حيث لم َيعتبر المشرع إفصاح البنك عن أي معلومة متعلقة بالمعامالت المشبوهة إخالالً بمبدأ‬

‫المعدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد‬


‫ّ‬ ‫السرية المصرفية‪ ،‬وكذلك ُيعد نص المادة (‪/20‬أ) من القانون‬

‫(‪)4‬‬
‫إستثناء على مبدأ السرية المصرفية بحيث منحت المادة لهيئة مكافحة الفساد الحق في‬
‫ً‬ ‫األردني‬

‫الحصول والوصول إلى أي معلومة من أي ٍ‬


‫جهة كانت في سبيل القيام بمهامها ورتب المشرع األردني‬

‫تنص المادة (‪ )7/20‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م‬ ‫(‪)1‬‬

‫وتعديالته على‪.7" :‬يعاقب على اإلمتناع أو التأخير غير المبرر عن تقديم البيانات أو المعلومات أو الوثائق المطلوبة وفقاً‬
‫ألحكام المادة (‪ )4/9‬من القانون األصلي‪ ،‬بالحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر‪ ،‬أو بغرامة ال تزيد على ألف دينار أردني"‪.‬‬
‫نصت المادة (‪ )72‬من قانون البنوة األردني على‪" :‬على البنك مراعاة السرية التامة لجميع حسابات العمالء وودائعهم‬ ‫(‪)2‬‬

‫خطية من صاحب الحساب أو‬


‫وأماناتهم وخزائنهم لديه ويحظر إعطاء أي بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إال بموافقة ّ‬
‫الوديعة أو األمانة أو الخزانة أو من أحد ورثته أو بقرار من جهة قضائية مختصة في خصومة قائمة أو بسبب إحدى الحاالت‬
‫المسموح بها بمقتضى أحكام هذا القانون‪ ،‬ويظل الحظر قائماً حتى ولو إنتهت العالقة بين العميل والبنك ألي سبب من األسباب"‪.‬‬
‫(قانون البنوة األردني رقم (‪ )28‬لسنة ‪2000‬م‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،4448‬بتاريخ ‪،2000/8/1‬‬
‫ص‪.)2950‬‬
‫نصت المادة (‪ )3/93‬من قانون البنوة األردني رقم (‪ )28‬لسنة ‪2000‬م على‪" :‬ال يعتبر إفصاح البنك عن أي معلومات‬ ‫(‪)3‬‬

‫بموجب أحكام هذه المادة إخالالً بواجب اإللتزام بالسرية المصرفية‪ ،‬كما ال يتحمل البنك المركزي أو البنك أي مسؤولية نتيجة‬
‫ذلك"‪.‬‬
‫المادة (‪/20‬أ‪/‬ب) من القانون المعدل رقم (‪ )25‬لسنة ‪2019‬م لقانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬السنة‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪2016‬م‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5601‬بتاريخ ‪2019/10/9‬م‪ ،‬ص‪.5812‬‬


‫‪76‬‬
‫في الفقرة (ب) من نفس المادة عقوبة الحبس مدة ال تزيد عن ثالثة أشهر أو بغرامة ال تزيد على‬

‫خمسمائة دينار لكل َمن يمتنع أو يتأخر بصورة غير مبررة عن تقديم المعلومات والبيانات المطلوبة(‪.)1‬‬

‫وبإستقراء النصوص السابقة لكال القانونين تجد الباحثة أن كال التشريعين الفلسطيني واألردني أرادا أن‬

‫يضمنا صالحية هيئة مكافحة الفساد بصفتها ضابطة قضائية في الوصول إلى المعلومات الضرورية‬

‫للقيام بعملها في الكشف عن جرائم الفساد ومتابعة األدلة للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬كما أنه يوجد إختالف‬

‫بسيط بين القانونين من حيث مقدار الغرامة كعقوبة مترتبة على كل َمن يمتنع دون مبرر عن تقديم‬

‫المعلومات والبيانات الالزمة للهيئة من أجل القيام بعملها‪ ،‬وتجد الباحثة إختالفاً آخر حيث أن القانون‬

‫األردني منح اإلذن برفع السرّية المصرفية بموافقة العميل الخطية أو أحد ورثته(‪ ،)2‬بينما القانون‬

‫الفلسطيني في المادة (‪ )2/1/32‬من القرار بقانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪2010‬م بشأن المصارف قصر أخذ‬

‫المصرفية من العميل فقط(‪.)3‬‬


‫ّ‬ ‫اإلذن برفع السرّية‬

‫نصت المادة (‪/20‬ب) من القانون المعدل رقم (‪ )25‬لسنة ‪2019‬م لقانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪2016‬م على‪" :‬يعاقب على اإلمتناع أو التأخير غير المبرر عن تقديم البيانات أو المعلومات أو الوثائق المطلوبة وفقاً ألحكام‬
‫الفقرة (أ) من هذه المادة بالحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر أو بغرامة ال تزيد على خمسمائة دينار"‪.‬‬
‫نص المادة (‪ )72‬من قانون البنوة األردني رقم (‪ )28‬لسنة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ومن اإلجراءات واألساليب المستحدثة في جمع اإلستدالالت في جرائم الفساد هو التحقيق المشترة بين الدول والذي نصت‬ ‫(‪)3‬‬

‫عليه إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م في المادة (‪ )49‬منها حيث جاء فيها‪" :‬تنظر الدول األطراف في إبرام‬
‫المعنية أن تنشىء هيئات تحقيق مشتركة‪ ،‬فيما يتعلق باألمور‬
‫ّ‬ ‫إتفاقيات أو ترتيبات ثنائية أو متعددة األطراف تجيز للسلطات‬
‫التي هي موضع تحقيقات او مالحقات أو إجراءات قضائية في دولة واحدة أو أكثر‪ ،‬وفي حال عدم وجود إتفاقيات او ترتيبات‬
‫أو من هذا القبيل‪ ،‬يجوز القيام بتحقيقات مشتركة باإلتفاق حسب الحالة‪ ،‬وتكفل الدول األطراف المعنية مراعاة اإلحترام التام‬
‫لسيادة الدول الطرف التي سيجري التحقيق داخل إقليمها"‪ ،‬حيث يتضح أن إتفاقية األمم المتحدة لم تُنشأ هيئة بحد ذاتها للتحقيقات‬
‫المشتركة إنما دعت الدول إلى اإلتفاق فيما بينها بإنشاء هذه الهئيات حسب مقتضى الحال من خالل إبرام إتفاقيات ثنائية أو‬
‫متعددة األطراف‪ ،‬وإن لم توجد هذه اإلتفاقيات يجوز القيام بتحقيقات حسب كل حالة‪ ،‬وال يوجد في النص التشريعي الفلسطيني‬
‫ما يمنع من إبرام مثل هذه اإلتفاقيات (براة‪ ،‬أحمد ‪:‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪-99‬‬
‫‪ ،)101‬كما َوق َعت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية مع مكتب مكافحة الغش واإلحتيال )‪ (OLAF‬إتفاق تعاون والذي كان من‬
‫ضمنه إجراء التحقيقات المشتركة‪ ،‬كما وقعت النيابة العامة مذكرات تفاهم مع العديد من نيابات الدول األخرى ووحدات المتابعة‬
‫المالية التي عقدت مذكرة تفاهم مع وحدة مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب الروسية على أراضي المملكة األردنية الهاشمية‪،‬‬
‫أما فيما يتعلق بالتحقيق المشترة في التشريع األردني فقد وقعت األردن سنة ‪2010‬م على اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة‬
‫‪77‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد‪.‬‬

‫يكون الكشف عن جرائم الفساد ومالحقة مرتكبيها وإيقاع العقاب عليهم على عدة مراحل يجب أن ّ‬
‫تمر بها‬

‫دعوى الفساد‪ ،‬وتُش ّكل إجراءات التحقيق والمحاكمة جزء منها‪.‬‬

‫وبالتالي ينقسم هذا المطلب إلى فرعين األول يتناول الجهات المختصة في التحقيق والمحاكمة في جرائم‬

‫المتبعة للتحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد‪.‬‬


‫الفساد‪ ،‬ويتناول الثاني اإلجراءات ُ‬

‫الفرع األول‪ :‬الجهات المختصة في التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد‪.‬‬

‫يعتبر التحقيق من اإلجراءات ذات أهمية في الكشف عن جرائم الفساد ومالحقة مرتكبيها‪ ،‬وعند الحديث عن‬

‫التحقيق ال ّبد من معرفة الجهات القائمة على التحقيق في جرائم الفساد والمختصة بمباشرته‪.‬‬

‫أولا‪ :‬جهات التحقيق اإلبتدائي في جرائم الفساد‪.‬‬

‫َوج َد القانون نيابة ج ارئم‬


‫فيما يتعلق بالجهة المختصة بالتحقيق في جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني فقد أ َ‬

‫الفساد وهي المتخصصة للنظر في قضايا الفساد(‪ ،)1‬وتقوم بالتحقيق في جرائم الفساد كافة على المستوى‬

‫‪2012‬م والتي تناولت في المادة (‪ )25‬منها جواز إجراء التحقيقات المشتركة في سبيل الكشف عن جرائم الفساد نصت المادة‬
‫(‪ )25‬من اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ‪2012‬م على‪" :‬تنظر الدول األطراف في إبرام اتفاقيات أو ترتيبات ثنائية أو‬
‫متعددة األطراف تجيز للسلطات المعنية أن تنشئ لجان تحقيق مشتركة‪ ،‬فيما يتعلق باألمور التي هي موضع تحقيقات أو‬
‫مالحقات أو إجراءات قضائية في دولة واحدة أو أكثر وفي حالة عدم وجود اتفاقيات أو ترتيبات من هذا القبيل‪ ،‬يجوز القيام‬
‫بتحقيقات مشتركة باالتفاق حسب الحالة‪ ،‬وتكفل الدولة الطرف المعنية مراعاة االحترام التام لسيادة الدولة الطرف التي سيجري‬
‫ذلك التحقيق داخل إقليهما"‪ ،‬كما وقعت و ازرة الداخلية في المملكة الهاشمية األردنية مع و ازرة األمن في جمهورية الصين الشعبية‬
‫سنة ‪2009‬م إتفاقية تعاون أمني حول العديد من الجرائم منها غسيل األموال‪ ،‬والتهريب وتزوير جوازات السفر والتأشيرات وغيرها‬
‫من الوثائق الرسمية األخرى‪ ،‬واإلحتيال‪ ،‬وجرائم اإلحتيال اإللكتروني والتي يعتبر معظمها من جرائم الفساد‪ ،‬كما أكدت اإلتفاقية‬
‫في نص المادة (‪ )5‬منها على وجوب وجود التعاون بين الدولتين فيما يتعلق بإجراءات مكافحة الجرائم الواردة في اإلتفاقية والتي‬
‫تشملها إجراءات التحقيق المشترة بين الدولتين للكشف عن الجرائم ومالحقة مرتكبيها‪( .‬للمزيد حول الجرائم التي تشملها إتفاقية‬
‫التعاون األمني بين و ازرة الداخلية في المملكة األردنية الهاشمية وو ازرة األمن العام في جمهورية الصين الشعبية سنة ‪2009‬م‪.‬‬
‫أنظر نص المادة (‪ )1‬من اإلتفاقية‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪ ،https://qistas.com/ar/laws/info/103328/1 :‬تاريخ آخر‬
‫زيارة ‪2021/7/10‬م)‪.‬‬
‫نصت المادة (‪ )3‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م على‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫"نيابة جرائم الفساد‪ :‬النيابة العامة المتخصصة بالنظر في جرائم الفساد"‪.‬‬


‫‪78‬‬
‫الوطني‪ ،‬أي ّأنه أُخرجت صالحية التحقيق في جرائم الفساد من الصالحية العامة المكانية للنيابات الجزئية‬

‫في محافظات الوطن كافة ومنحها لنيابة جرائم الفساد(‪ ،)1‬وكذلك الحال في القانون األردني فقد أنشأ قانون‬

‫النزاهة ومكافحة الفساد األردني لسنة ‪2016‬م على نيابة جرائم الفساد وهي تابعة للمجلس القضائي‬

‫األردني(‪ ،)2‬كما أجاز القانون األردني للمدعي العام في جرائم الفساد إنابة أي مدعي عام آخر للقيام بالمهام‬

‫سهل على المدعي‬


‫الموكولة إليه وهو بذلك أصاب إذ أن إنابة المدعي العام أعماله ألي عضو نيابة آخر ُي ّ‬

‫ويساعد في التعامل مع الظروف الطارئة التي قد تمنع المدعي العام من اإلنتقال أو‬
‫العام القيام بمهامه ُ‬

‫الوصول إلى دائرة التحقيق(‪.)3‬‬

‫ثاني ا‪ :‬جهات المحاكمة (التحقيق النهائي) في جرائم الفساد‪.‬‬

‫وعند الحديث عن الجهات المختصة في محاكمة مرتكبي جرائم الفساد والمختصة بالنظر في دعاوى الفساد‬

‫فإنه ال ّبد من التطرق لتخصيص هيئة محكمة الفساد بإعتبارها الجهة المختصة في القيام بإجراءات المحاكمة‬

‫في دعاوى الفساد‪ ،‬إذ أنه بتاريخ ‪2010/8/1‬م أصدر مجلس القضاء األعلى الفلسطيني ق ار اًر بتشكيل هيئة‬

‫محكمة جرائم الفساد وفقاً للمادة (‪ 9‬مكرر) من قانون مكافحة الفساد رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪،‬‬

‫وتنعقد من ثالثة قضاة ال تقل درجتهم عن قضاة محكمة بداية وتكون الرئاسة ألقدمهم‪ ،‬أما فيما يتعلق‬

‫بالقضاء األردني فبعد اإلطالع على الدستور األردني سنة ‪1952‬م وتعديالته‪ ،‬وقانون النزاهة ومكافحة الفساد‬

‫األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪ ،‬وقانون تشكيل المحاكم النظامية األردني لسنة ‪2001‬م وتعديالته‬

‫فرحان‪ ،‬مصطفى‪ .‬آالء‪ ،‬النقيب‪ :‬أصول التحقيق في جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫نصت المادة (‪ )17‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م على‪" :‬أ‪.‬على الرغم مما ورد في أي‬ ‫(‪)2‬‬

‫قانون‪ ،‬يكون لدى النيابة العامة نيابة متخصصة بقضايا الفساد تتولى النظر في القضايا المحالة إليها من المجلس‪ .‬ب‪ .‬يسمي‬
‫المجلس القضائي في بداية كل سنة العدد الالزم من المدعين العامين للعمل في النيابة المتخصصة المشار إليها في الفقرة (أ)‬
‫من هذه المادة"‪.‬‬
‫فرحان‪ ،‬مصطفى‪ .‬آالء‪ ،‬النقيب‪ :‬أصول التحقيق في جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪79‬‬
‫يتضح أنه ال يوجد نص قانوني يقتضي بإنشاء محكمة فساد أردنية –إلى اآلن‪ -‬وبذلك يكون المشرع األردني‬

‫قد ترة تحديد اإلختصاص للنظر في قضايا الفساد للقواعد العامة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلجراءات المتبعة للتحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد‪.‬‬

‫هناة إجراءات قانونية حددها القانون عند التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد‪ ،‬والتي يجب على الجهات‬

‫القائمة على التحقيق والمحاكمة مراعاتها واإللتزام بها‪.‬‬

‫أولا‪ :‬إجراءات التحقيق اإلبتدائي في جرائم الفساد‪.‬‬

‫تبدأ أولى مراحل الدعوى الجزائية عند إتخاذ أول إجراء من إجراءات التحقيق اإلبتدائي(‪ ،)1‬بحيث يمكن‬

‫تعريف التحقيق اإلبتدائي على أنه مجموعة اإلجراءات المشروعة والمنصوص عليها في القانون والتي تهدف‬

‫إلى جمع األدلة وكشف الغموض عن الجريمة قبل إحالتها إلى المحكمة المختصة وتحتكر سلطات التحقيق‬

‫هذه اإلجراءات وال تدخل في إختصاص غيرها إال في حاالت خاصة نص عليها القانون صراح ًة(‪.)2‬‬

‫التحقيق إجراء إلزامي في الجرائم الجنائية بينما هو غير ملزم في الجنح والمخالفات حيث أجاز القانون الفلسطيني لوكيل‬ ‫(‪)1‬‬

‫النيابة إحالة محضر اإلستدالالت الذي تقوم بجمعه الضابطة القضائية إلى المحكمة بالئحة إتهام دون إجراء تحقيق إبتدائي‪،‬‬
‫فقد نصت المادة (‪ )53‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م على‪" :‬إذا رأت النيابة العامة في مواد‬
‫بناء على محضر جمع اإلستدالالت‪ ،‬تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام‬ ‫المخالفات والجنح‪ ،‬أن الدعوى صالحة إلقامتها ً‬
‫المحكمة المختصة" أي أن إجراء التحقيق يكون ملزم لجرائم دون غيرها‪ ،‬وفي التشريع األردني فإن قانون أصول المحاكمات‬
‫الجزائية األردني لسنة ‪1961‬م وتعديالته في المادة (‪ )1/51‬جعل التحقيق وجوبياً في جرائم الجنايات والجنح البدائية فقط‪،‬‬
‫بحيث نصت على‪.1" :‬إذا كان الفعل جناية أو جنحة من إختصاص محكمة البداية يتم المدعي العام التحقيقات التي أجراها أو‬
‫التي أحال إليه أوراقها موظفو الضابطة العدلية ويصدر ق ارره المقتضى‪.2 .‬أما إذا كان الفعل جنحة من وظائف المحاكم الصلحية‬
‫فله أن يحيل األوراق إلى المحكمة المختصة مباشرة"‪.‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.151‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪80‬‬
‫وتتمثل إجراءات التحقيق اإلبتدائي في جرائم الفساد في قانون مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني واألردني‬

‫على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬سماع الشهود‪ :‬تناول قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م في المواد (‪)93-77‬‬

‫المفوض الصالحية في‬


‫كل ما يتعلق بسماع الشهود فقد أعطت المادة (‪ )77‬لوكيل النيابة أو المحقق ُ‬

‫معينة(‪ ،)1‬وبالرجوع إلى‬


‫إستدعاء من يراه الزماً لسماع شهادته وسماع من كان حاض اًر وفق ضوابط ّ‬

‫قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني في المادة (‪ )68‬منه فقد أعطى للمدعي العام الصالحية في‬

‫دعوة َمن يراه الزماً للتحقيق في الجريمة(‪.)2‬‬

‫ٍ‬
‫بشكل خاص كدليل لإلثبات ال ّبد من‬ ‫وحتى ُيؤخذ بشهادة الشاهد في الجرائم بشكل عام وجرائم الفساد‬

‫توافر بعض الشروط في الشهادة والتي نص عليها كال القانونين الفلسطيني واألردني‪ ،‬كأن تكون مباشرة‬

‫أي ناجمة عن إتصال مباشر بين حواس اإلنسان وموقع الجريمة‪ ،‬كما يتوجب على الشاهد حلف اليمين‬

‫القانونية قبل قيامه باإلدالء بشهادته وإال يلحقها البطالن(‪ ،)3‬وعند حضور الشاهد يتوجب على وكيل‬

‫النيابة أن يتبين منه عن إسمه وهويته وعنوانه ومهنته وموطنه ومدى صلته بأحد الخصوم وعليه إثبات‬

‫ذلك في المحضر(‪ ،)4‬ويكون إدالء الشاهد لشهادته شفاه ًة إال إذا تطلبت األمور غير ذلك‪ ،‬ومن الجدير‬

‫(‪ )1‬نصت المادة (‪ )77‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م على‪" :‬لوكيل النيابة أو المحقق المفوض‬
‫إستدعاء جميع األشخاص الذين يرى إمكانية اإلستفادة من شهادتهم في كشف الحقيقة‪ ،‬سواء وردت أسماؤهم في التبيلغات أو‬
‫الشكاوى أو لم ترد‪ ،‬وله اإلستماع إلى أقوال أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه‪ ،‬وفي هذه الحالة يثبت ذلك في المحضر"‪ .‬للمزيد‬
‫حول سماع الشهود أنظر المواد من (‪ )93(-)77‬من نفس القانون‪.‬‬
‫نصت المادة (‪ )68‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة ‪1961‬م وتعديالته على‪" :‬للمدعي العام أن يدعو‬ ‫(‪)2‬‬

‫األشخاص الواردة أسماؤهم في اإلخبار والشكوى وكذلك األشخاص الذين يبلغه أن لهم معلومات بالجريمة أو بأحوالها واألشخاص‬
‫الذين يعينهم المشتكى عليه"‪.‬‬
‫نص المادة (‪ )80‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م‪ ،‬ونص المادة (‪ )71‬من قانون أصول‬ ‫(‪)3‬‬

‫المحاكمات الجزائية األردني رقم (‪ )9‬لسنة ‪1961‬م‪.‬‬


‫نص المادة (‪ )79‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م‪ ،‬ونص المادة (‪ )71‬من قانون أصول‬ ‫(‪)4‬‬

‫المحاكمات الجزائية األردني رقم (‪ )9‬لسنة ‪1961‬م‪.‬‬


‫‪81‬‬
‫ذكره أن سماع الشهادة هي مسألة تقديرية يعود تقديرها للمحقق فله أن يأخذ بها كدليل أو أن يهدرها‪،‬‬

‫وله أن يأخذ ببعض أقوال الشاهد دون غيرها وإذا تعارضت الشهادات له أن ُي ّ‬
‫رجح أحدهما على األُخرى‬

‫حسب اقتناعه‪ ،‬وله مواجهة الشهود ببعضهم البعض(‪.)1‬‬

‫ووجب التنويه إلى أنه من الصعب تطوع األشخاص للشهادة حول إرتكاب جريمة فساد‪ ،‬كون ذلك قد‬

‫مادياً بالشاهد من ِقَبل ُمرتكب جريمة الفساد أو أنه قد يرتبط اسم الشاهد في جريمة فساد‬
‫يلحق ضر اًر ّ‬

‫مما يضر بسمعته وبالتالي اإلضرار بمصالحه(‪ ،)2‬وقد تغّلب قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪)1‬‬

‫لسنة ‪2005‬م وتعديالته على هذه اإلشكالية في المادة (‪ )2/18‬من خالل توفير حماية للمبلغين‬

‫والشهود(‪ ،)3‬وكذلك الحال بالنسبة للمشرع األردني من خالل قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم‬

‫(‪ )13‬لسنة ‪2016‬م في المادة (‪ )24‬منه‪ ،‬وفيما يتعلق بسماع الشهود في جرائم الفساد فقد أجاز المشرع‬

‫الفلسطيني واألردني سماع الشهود عبر تقنيات اإلتصال الحديثة كالفيديو كونفرنس أو الدوائر التلفزيونية‬

‫المغلقة أو سماع شهادة الشهود المسجلة مسبقاً ضماناً لسالمتهم وحماي ًة لهم(‪)4‬؛ وذلك وفقاً لنص المادة‬

‫(‪ )6/10‬من قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (‪ )7‬لسنة ‪2019‬م بنظام حماية المبلغين والشهود‬

‫والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم‪ ،‬ونصوص المواد (‪/4‬ب)‬

‫و(‪/6‬ب‪ )5/‬من نظام إستخدام وسائل التقنية الحديثة في اإلجراءات الجزائية األردني رقم (‪ )96‬لسنة‬

‫‪2018‬م(‪.)5‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.174-171‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.168‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬نصت المادة (‪ )2/18‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني وتعديالته رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته على‪.2" :‬تكفل الهيئة‬
‫للشهود والخبراء والمبلغين عن جرائم الفساد حسني النية توفير الحماية القانونية والوظيفية والشخصية وتحدد إجراءات حمايتهم‬
‫والتدابير الخاصة بذلك بموجب نظام تعده الهيئة ويصدر عن مجلس الوزراء"‪.‬‬
‫عدس‪ ،‬نور‪ :‬الحماية الجنائية للشاهد "دراسة مقارنة"‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة زايد‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬اإلمارات العربية‬ ‫(‪)4‬‬

‫المتحدة‪ ،2015 ،‬ص‪.66-63‬‬


‫نصت المادة (‪ )6/10‬من قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (‪ )7‬لسنة ‪2019‬م بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين‬ ‫(‪)5‬‬

‫والخب ارء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم على‪" :‬توفر الهيئة الحماية الشخصية لألشخاص المشمولين‬
‫‪82‬‬
‫ب‪ ‌.‬اإلستجواب‪ :‬يكون اإلستجواب باإلستماع إلى إفادة المتهم ومناقشته بها وباألفعال المنسوبة إليه وكذلك‬

‫مواجهته باألدلة القائمة ضده‪ ،‬وهو وسيلة إلعتراف المتهم إما بإدانته أو براءته‪ ،‬واإلستجواب كغيره من‬

‫اإلجراءات يجب أن يتوافر أثناءه ضمانات للمتهم كإفتراض البراءة‪ ،‬وعدم جواز إخضاع المتهم أثناء‬

‫التحقيق للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة‪ ،‬وتمكينه من توكيل محامٍ‪ ،‬وأن يضمن حقه في الصمت‬

‫أثناء التحقيق‪ ،‬وكذلك حقه في تدوين اإلستجواب حتى يضمن المتهم عدم التزوير ألقواله وإعترافه(‪.)1‬‬

‫وأجاز القانونان الفلسطيني واألردني اإلستجواب المتزامن في جرائم الفساد التي يتعدد بها المتهمين بحيث‬

‫ُيخشى تآمرهم لتلفيق رواية كاذبة فيقوم أعضاء النيابة العامة بالتنسيق إلستجوابهم في وقت واحد(‪ ،)2‬وإذا‬

‫تم إكتشاف وجود تعاون وتخطيط مسبق من ِقَبل الشهود أو المتهمين فإنه يكون من صالحيات الجهة‬

‫أو المراقبة(‪.)4‬‬ ‫(‪)3‬‬


‫المختصة باإلستجواب في إتخاذ إجراءات فورية كالتفتيش‬

‫بقرار الحماية بالتعاون مع الشرطة والجهات المختصة بقوى األمن‪ ،‬وتكون الحماية على النحو اآلتي‪.6 :‬إستخدام تقنيات اإلتصال‬
‫الحديثة بما يكفل السالمة لإلدالء باألقوال والشهادات"‪ ،‬ونصت المادة (‪/4‬ب) من نظام استخدام وسائل التقنية الحديثة في‬
‫اإلجراءات الجزائية رقم (‪ )96‬لسنة ‪ 2018‬على‪" :‬ب‪.‬للمحكمة والمدعي العام إستخدام وسائل التقنية الحديثة متى كان إستخدامها‬
‫يحقق سهولة وسرعة البت في القضايا الجزائية وتحقيق العدالة أو كان إستخدامها الزماً للحفاظ على األمن والسلم اإلجتماعي"‪،‬‬
‫والمادة (‪/6‬ب‪ )5/‬على‪" :‬للمدعي العام والمحكمة استخدام وسائل التقنية الحديثة في إجراءات التحقيق والمحاكمة بما في ذلك‬
‫الحاالت التالية‪.5... :‬حماية للشهود"‪( .‬قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (‪ )7‬لسنة ‪2019‬م بنظام حماية المبلغين والشهود‬
‫والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم‪ ،‬منشور على جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪،161‬‬
‫بتاريخ ‪ ،2019/11/28‬ص‪.)35‬‬
‫عبد الباقي‪ ،‬مصطفى‪ :‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪( 2003‬دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ص‪.269-265‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.182-180‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬تنص المادة (‪ )39‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م على‪.1" :‬دخول المنازل وتفتيشها هو‬
‫بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في‬ ‫ِ‬
‫عمل من أعمال التحقيق ال يتم إال بمذكرة من قَبل النيابة العامة أو في حضورها‪ً ،‬‬
‫المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها‪ ،‬أو لوجود قرائن قوية على أنه يحوز أشياء تتعلق بالجريمة‪.‬‬
‫‪.2‬يجب أن تكون مذكرة التفتيش مسببة‪.3 .‬تحرر المذكرة باسم واحد أو أكثر من مأموري الضبط القضائي"‪( .‬للمزيد حول‬
‫التفتيش في القانون الفلسطيني أنظر المواد (‪.))52-39‬‬
‫تنص المادة (‪ )51‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م على‪.1" :‬للنائب العام أو أحد مساعديه‬ ‫(‪)4‬‬

‫أن يضبط لدى مكاتب البرق والبريد الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود والبرقيات المتعلقة بالجريمة وشخص‬
‫بناء على إذن من‬
‫مرتكبها‪.2 .‬كما يجوز له مراقبة المحادثات السلكية والالسلكية‪ ،‬وإجراء تسجيالت ألحاديث في مكان خاص ً‬
‫‪83‬‬
‫وكذلك يحق لوكيل نيابة جرائم الفساد تتبع حركة السيولة النقدية للمتهم ومواجهته باإلستفسارات واألسئلة‬

‫عنها مثل مناقشته بخصوص المبالغ النقدية الكبيرة التي تم إيداعها في حسابه البنكي‪ ،‬أو شراءه لمنقوالت‬

‫ثمينة عن طريق الدفع النقدي‪ ،‬أو مناقشته عن طريقة وحجم إنفاقه الكبير الذي ال تتناسب ودخله العادي‬

‫المشروع‪ ،‬ومن األمثلة على األسئلة المهمة األخرى التي يحق لوكيل نيابة جرائم الفساد السؤال عنها‪:‬‬

‫السؤال عن الزيادة الكبيرة في الدفع النقدي بدالً من تحرير الشيكات لكافة مستلزماته وأمور حياته‬

‫وإحتياجات عائلته ورفاهيتهم المتراكمة على المتهم قبل أو بعد إرتكابه لجريمة الفساد‪ ،‬واإلستفسار عن‬

‫السلف التي إعتاد أن يقدمها قبل إرتكابه جريمة الفساد‪ ،‬وكذلك‬


‫سبب تراجع عدد طلباته للقروض و ُ‬

‫اإلستعالم عن حساب بطاقة اإلئتمان ودفع أو تغطية فواتير الرحل السياحية في بلد أجنبي أثناء قيام‬

‫تبين أنه لم يقم بدفع تكاليف ِر َحلِ ِه أو مصاريفه الشخصية‪ ،‬وأيضاً اإلستفسار إذا‬
‫المتهم بأداء عمله إذا ّ‬

‫ما كان هناة خزنة في بنك لحفظ أشياء المتهم وأوراقه الثمينة ومواجهته باألسئلة حول عدد المرات التي‬

‫زار بها تلك الخزنة قبل وقوع جريمة الفساد وأثناء وبعد وقوعها وإجراء مقارنة بين عدد الزيارات خالل‬

‫كل فترة‪ ،‬كما يحق لوكيل نيابة الفساد السؤال عن أسباب وجود إيداعات نقدية أو شيكات في حساب‬

‫طرف ثالث من ثم قيام هذا الشخص بتحرير شيكات أو تحويل أموال إلى حساب المتهم(‪.)1‬‬

‫عرف الخبرة على أنها وسيلة من وسائل اإلثبات تكون باإلستعانة بأهل الخبرة والفن‬
‫ت‪ ‌.‬ندب الخبراء‪ :‬تُ ّ‬

‫الفنية أو العلمية التي ال يمتلك القاضي أو عضو النيابة القائم‬


‫واإلختصاص إلبداء آرائهم في المسائل ّ‬

‫على التحقيق الصورة الواضحة أو الكافية عنها‪ ،‬ويكون ندب الخبير من النيابة العامة أو من المحكمة‬

‫قاضي الصلح متى كان لذلك فائدة في إظهار الحقيقة في جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس لمدة ال تقل عن سنة‪.3 .‬يجب‬
‫أن يكون أمر الضبط أو إذن المراقبة أو التسجيل مسبباً‪ ،‬ولمدة ال تتجاوز خمسة عشر يوماً قابلة للتجديد لمرة واحدة"‪.‬‬
‫(‪ )1‬براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.184-180‬‬
‫‪84‬‬
‫من تلقاء نفسها أو بطلب من أحد الخصوم‪ ،‬وندب الخبراء هو إجراء من إجراءات التحقيق اإلبتدائي و‬

‫من إجراءات المحاكمة(‪.)1‬‬

‫وفيما يتعلق بندب الخبراء للتحقيق في جرائم الفساد قد يتم اللجوء إلى الخبرة المالية والفنية لفحص‬

‫وتدقيق الحركات المالية للحسابات البنكية الخاصة بالمتهم لتحديد مصادر دخله وطرق إنفاقه‪ ،‬وأيضاً‬

‫فحص الحركات المالية والمستندات البنكية لحسابات أخرى لتحديد الجهات المودعة والمستفيدة وبيان‬

‫الفنية من خالل مضاهاة وتدقيق‬


‫العالقات المالية فيما بين تلك الحسابات‪ ،‬كما يتم اللجوء للخبرة ّ‬

‫المراسالت أو المعامالت المنظمة بخط يد المتهم أو إجراء إستكتاب للمتهم(‪ ،)2‬وفي األردن أجاز القانون‬

‫الفنية أو المالية أو اإلدارية والتحقق من البيانات المالية والحسابات وجميع‬


‫اء ّ‬ ‫اإلستعانة بأهل الخبرة سو ً‬

‫المالية وذلك في سبيل إتمام إجراءات التحقيق ومن أجل الكشف عن جرائم الفساد(‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫التصرفات‬

‫ث‪ ‌.‬التفتيش‪ :‬عند اإلطالع على قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته وقانون‬

‫النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪1916‬م وتعديالته يتضح أنه ال يوجد نصوص قانونية‬

‫خاصة تناولت التفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق اإلبتدائي‪ ،‬وبما أنه لم يتطرق كال القانونين إلى‬

‫إجراء التفتيش فإنه يتم الرجوع إلى القواعد العامة في قوانين اإلجراءات الجزائية(‪ ،)4‬حيث ح ِ‬
‫ص َر التفتيش‬ ‫ُ‬

‫(‪ )1‬هناة أمور ال ُب ّد من تناولها عند الحديث عن إجراء ندب الخبراء تتمثل بأنه حتى يتم األخذ بشهادة الخبير يجب حلف الخبير‬
‫مقيداً لدى جدول الخبراء المعتمدين قانوناً‪ ،‬كما أنه‬
‫اليمين القانونية بأنه سيقوم بأداء عمله بكل صدق وأمانة ونزاهة إال إذ كان ّ‬
‫يحق ألحد األطراف رد خبير شرط التسبيب‪ ،‬وتقرير الخبير غير ملزم للمحكمة ألن تأخذ به فهو يخضع لتقديرها ويجوز مناقشة‬
‫الخبير في تقريره‪ ،‬كما تخضع أعمال الخبير إلشراف الجهات التي إنتدبته‪ ،‬وتقرير الخبير يعتبر رسمي ال يجوز الطعن فيه إال‬
‫بالتزوير‪( .‬عبد الباقي‪ ،‬مصطفى‪ :‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪( 2003‬دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.)410‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪.185-184 ،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫نصت المادة (‪/20‬د) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته على‪" :‬للهيئة أثناء‬ ‫(‪)3‬‬

‫التحقيق في أي قضية فساد أن تكلف أياً من األشخاص أو الشركات أو الجهات المتخصصة للقيام بأعمال التدقيق الفني والمالي‬
‫واإلداري على الجهات المشمولة بأحكام هذا القانون للتحقق من صحة بياناتها المالية وقيودها وحساباتها وجميع تصرفاتها‬
‫المالية"‪.‬‬
‫بحيث تناولت المواد (‪ )52-39‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م كل ما يتعلق بالتفتيش‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪85‬‬
‫على جرائم الجنايات والجنح فقط وُقِّي َد تفتيش المنازل بمذكرة من ِقَبل النيابة العامة أو بحضورها وحظر‬

‫القانون التفتيش ليالً إال في حالة التلبس أو دواعي اإلستعجال كما حظر تفتيش األُنثى إال بأُنثى ُم َ‬
‫نتدبة‬

‫للقيام بذلك‪ ،‬على أنه أوجب القانون أن يكون التفتيش بحضور المتهم أو شاهدين من أقاربه أو جيرانه‬

‫كما أوجب أن يكون التفتيش في حدود مذكرة التفتيش‪ ،‬ويملك القائم بالتفتيش سلطة الضبط القضائي‬

‫على كل ما يتعلق بالجريمة‪ ،‬وأجاز القانون للضابطة القضائية مراقبة المحادثات السلكية والالسلكية‬

‫وإجراء تسجيالت لمحادثات في مكان خاص إذا كانت الجريمة جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس‬

‫مدة ال تقل عن سنة شرط التسبيب والحصول على إذن بذلك من قاضي الصلح‪ ،‬كما أنه على مأمور‬

‫(‪)1‬‬
‫ظم التفتيش في المادة‬
‫التفتيش إعداد محضر بكل ما إتخذ من إجراءات ‪ ،‬وبالنسبة للمشرع األردني فقد ن ّ‬

‫(‪ )46‬والمواد (‪ )86-81‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة ‪1961‬م وتعديالته على‬

‫أن المدعي العام هو القائم على التفتيش إال في حالة التلبس أو اإلنتداب من ِقَبل المدعي العام فيجوز‬

‫ألعضاء الضابطة القضائية القيام بأعمال التفتيش(‪.)2‬‬

‫ثاني ا‪ :‬إجراءات المحاكمة (التحقيق النهائي) في جرائم الفساد‪.‬‬

‫ال ريب أن المجرم ال ّبد من معاقبته وإقتضاء الدولة حقها بالعقاب‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق الدعوى الجزائية‬

‫أو ما ُيعرف ب"قضائية العقوبة" في محاكمة عادلة ومنصفة تضمن للمتهم كافة حقوقه وتحميها‪ ،‬وكما أن‬

‫التزايد الكبير في أعداد جرائم الفساد أبرز الحاجة لتخصيص هيئة محكمة فساد للنظر في دعاوى الفساد‪،‬‬

‫لذلك سيتم دراسة تشكيل هيئة محكمة الفساد وإختصاصها وإجراءات التقاضي أمامها‪.‬‬

‫المواد (‪ )52-39‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المادة (‪ )46‬والمواد (‪ )86-81‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني سنة ‪1961‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪86‬‬
‫فيما يتعلق بتشكيل هيئة محكمة الفساد في فلسطين‪ ،‬فيكون من القضاة‪ ،‬ممثل النيابة‪ ،‬وكاتب الجلسة‪ ،‬ويعتبر‬

‫هذا التشكيل من النظام العام ومخالفته يرتب البطالن المطلق‪ ،‬وفيما يتعلق بتشكيل القضاة فيجب أن يكونوا‬

‫ثالثة قضاة ال تقل درجتهم عن قضاة محكمة البداية وتكون الرئاسة ألقدمهم(‪.)1‬‬

‫كما يجب أن يتمتع القضاة بالوالية القضائية‪ ،‬وأن ال يكون هناة سبب قانوني يمنعه من النظر في الدعوى‪،‬‬

‫شترط لصحة التشكيل القانوني للقضاة أن يكون القاضي الناظر في دعوى الفساد قد شارة في جميع‬
‫وأيضاً ُي َ‬

‫إجراءات المحاكمة منذ إتصال هيئة المحكمة بالدعوى فإذا لم يكن قد إشترة في إجراء من إجراءات المحاكمة‬

‫الحكم البطالن وكذلك القاضي الناطق‬


‫َ‬ ‫الجوهرية والتي تؤثر على الحكم يتعين إعادته من جديد وإال لحق‬

‫كو َن قناعاته ويقع باطالً إذا نطق بالحكم‬


‫بالحكم يجب أن يكون قد حضر جميع إجراءات الدعوى حتى ُي ُّ‬

‫بناء على‬ ‫ٍ‬


‫غيره‪ ،‬وال يجوز الزيادة أو النقصان في عدد القضاة‪ ،‬ويجب أن تبني هيئة المحكمة حكمها ً‬
‫قاض َ‬

‫األدلة المطروحة أمامها ال غير(‪.)2‬‬

‫أما فيما يتعلق بممثل نيابة جرائم الفساد فإنه يجب حضور ممثل النيابة العامة جلسات المحكمة فتشكيل جلسة‬

‫المحاكمة ال يكون صحيحاً إال بحضور ممثل لنيابة جرائم الفساد وإال يترتب البطالن على كافة اإلجرءات‬

‫وعلى المحكمة سماع أقوال المتهم والفصل في طلباته‪ ،‬ويجوز حضور أي من أعضاء النيابة بغض‬ ‫(‪)3‬‬
‫الالحقة‬

‫النظر عن درجته سواء أمام محكمة جرائم الفساد أو هيئة اإلستئناف المخصصة من ِقَبل مجلس القضاء األعلى‬

‫وال يوجد ما يمنع أن يتواجد أكثر من ممثل عن النيابة أو أن يتناوب‬ ‫(‪)4‬‬


‫للنظر بالطعون المقدمة في جرائم الفساد‬

‫فرحان‪ ،‬مصطفى‪ .‬آالء‪ ،‬النقيب‪ :‬أصول التحقيق في جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫فرحان‪ ،‬مصطفى‪ .‬آالء‪ ،‬النقيب‪ :‬أصول التحقيق في جرائم الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫نصت المادة (‪ )2/238‬من قانون اإلجراءات الجزائية رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته على‪" :‬تنعقد جلسات محكمة البداية‬ ‫(‪)3‬‬

‫بحضور وكيل النيابة العامة والكاتب"‪.‬‬


‫بإستثناء الطعون المقدمة بدعاوى فساد أو غيرها أمام محكمة النقض فإنه يجب أن يكون ممثل النيابة العامة بدرجة رئيس‬ ‫(‪)4‬‬

‫نيابة على األقل وفقاً لنص المادة (‪ )1/68‬من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫أعضاؤها في حضور جلسات المحاكمة كونها خصم في الدعوى ووفقاً لمبدأ عدم تجزئة النيابة العامة(‪ ،)1‬كما ال‬

‫يلزم حضور ممثل النيابة العامة جلسة النطق بالحكم كونه ليس من إجراءات التحقيق النهائي(‪.)2‬‬

‫وفيما يتعلق بإجراءات محاكمة جرائم الفساد في األردن فإنها تخضع للقواعد العامة‪ ،‬فيكون اإلختصاص‬

‫ٍ‬
‫بقاض منفرد ولمحكمة البداية في الجنايات وتتكون من‬ ‫لمحكمة الصلح في الجرائم الجنحوية والتي تنعقد‬

‫رئيس وعدد من القضاة وذلك وفقاً لقانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (‪ )17‬لسنة ‪2001‬م(‪.)3‬‬

‫وعلى الرغم من وجود النصوص القانونية اإلجرائية في القوانين المطبقة في فلسطين التي تطبق في حال‬

‫إرتكاب جريمة الفساد والتي تشكل رادعاً يقف في وجه هذه الظاهرة‪ ،‬إال أن التطبيق الفعلي والسليم للنص‬

‫القانوني ال يخلو من عقبات منها العقبات القانونية‪ ،‬القضائية والسياسية‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال‪ :‬وجود‬

‫إشكاليات في النص القانوني والتي تمنع إتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض المتهمين في جرائم الفساد‬

‫البت في قضايا الفساد والتباطؤ في تنفيذ إجراءاتها نظ اَر لتراكم‬


‫كاألشخاص المتمتعين بالحصانة‪ ،‬طول مدة ّ‬

‫العديد من القضايا وتعقيدها ولتدخل المسؤولين التنفيذيين فيها وأصحاب النفوذ‪ ،‬فرار العديد من المتهمين إلى‬

‫المناطق الواقعة تحت سيطرة اإلحتالل اإلسرائيلي وعدم القدرة على إحضارهم للمثول أمام المحاكم الفلسطينية‬

‫تفوق‬ ‫مما أسهم في إفالت العديد من رموز الفساد من قبضة القانون والعدالة ‪ ،‬وعلى الرغم مما سبق ّ‬
‫يتبين ّ‬
‫(‪)4‬‬

‫المشرع الفلسطيني على األردني فيما يتعلق بإنشاء محكمة فساد إذ إن عدم وجود محكمة متخصصة تنظر‬

‫جرائم الفساد يؤدي إلى تشتيت اإلجراءات المتبعة أمام المحاكم عند النظر في قضايا الفساد وقد يحصل‬

‫مبدأ عدم تجرئة النيابة العامة هو مبدأ يقرر أنه يمكن ألعضاء النايبة العامة أن يحل بعضهم محل اآلخر‪ ،‬وأن كل عضو‬ ‫(‪)1‬‬

‫ُمختص بما تختص به النيابة العامة بأكملها إال إذا نص القانون على خالف ذلك‪( .‬موقع األنطولوجيا العربية اإللكتروني جامعة‬
‫بيرزيت‪ ،‬منشور على الرابط‪ ، https://ontology.birzeit.edu/term/ :‬تاريخ آخر زيارة ‪.)2021/10/31‬‬
‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.328-321‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (‪ )17‬لسنة ‪2001‬م األردني‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،4480‬بتاريخ‬
‫‪ ،2001/3/18‬ص‪.1308‬‬
‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.232-231‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪88‬‬
‫تنازع في اإلختصاص بين المحاكم عند النظر في قضايا الفساد وطول مدة التقاضي وهذا ال يتناسب مع ما‬

‫تتصف به جرائم الفساد من السرعة في طمس األدلة وإخفاء معالم الجريمة أو هروب المجرمين من القضاء‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أثر الحصانة على المواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪.‬‬

‫تحقيق المواجهة الجزائية الفعّالة لظاهرة الفساد يحتاج إلى بذل جهود كبيرة وواسعة‪ ،‬فما تتصف به جرائم‬

‫الفساد يجعلها في غاية الخطورة ويجعل من اإلجراءات الواجب إتباعها في مواجهتها في غاية الدقة‬

‫والتشديد(‪)1‬؛ لذلك كان ال بُد من البحث في أثر الحصانة على المواجهة الجزائية الفعّالة لجرائم الفساد‪.‬‬

‫وبالتالي ينقسم هذا المبحث إلى ثالثة مطالب‪ ،‬األول تحت عنوان الحصانة قيد مؤقت للمواجهة الجزائية‬

‫لجرائم الفساد‪ ،‬الثاني بعنوان زوال الحصانة‪ ،‬والثالث يبحث في طرق خلق التوازن بين الحصانة والمواجهة‬

‫الجزائية لجرائم الفساد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحصانة قيد مؤقت للمواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪.‬‬

‫تقف الحصانة في وجه بعض اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها للكشف عن مرتكبي جرائم الفساد ومعاقبتهم‪،‬‬

‫فالحصانة تُعيق إتخاذ تلك اإلجراءات طالما يتمتع بها الشخص المقررة له بحكم موقعه الوظيفي‪ ،‬أي أن‬

‫مبرر وجود الحصانة هو وجود ذلك الشخص في ذلك الموقع الوظيفي الذي يحتم تمتعه بالحصانة والتي‬

‫تزول بعدة وسائل منها تركه لتلك الوظيفة أو إنتهاء خدمته(‪.)2‬‬

‫وبناءً على ذلك يتناول هذا المطلب الحصانة كقيد ضد المواجهة الجزائية لجرائم الفساد‪ ،‬وينقسم هذا المطلب‬

‫إلى فرعين‪ ،‬األول يدرس الحصانة كقيد في وجه اإلجراءات الجزائية المتخذة ضد مرتكبي جرائم الفساد‬

‫المُتمتعين بها‪ ،‬والثاني يبحث في الحصانة إمتياز يُخالف إجراءات المالحقة الجزائية لجرائم الفساد‪.‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ .‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪89‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحصانة قيد في وجه اإلجراءات الجزائية المتخذة ضد مرتكبي جرائم الفساد المتمتعين بها‪.‬‬

‫شك في أنه من أهم العقبات التي تقف في طريق المنظومة‬


‫فيما يتعلق بوجود الحصانة ومسألة رفعها ال ّ‬

‫الفعّالة لمكافحة الفساد هو مسألة الحصانة‪ ،‬كون إتخاذ إجراءات المالحقة القانونية والتقاضي ترتبط بموافقة‬

‫اإلدارة أو السلطة التي يتبع لها الموظف أو ذي الصفة مما يحول دون مالحقتهم جزائياً وبالتالي معاقبتهم‪،‬‬

‫أي أن النيابة العامة ونيابة مكافحة جرائم الفساد ال تملك سلطة إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق مرتكب جريمة‬

‫الفساد والمُِتمَِتع بالحصانة إال بعد الحصول على إذن من الجهات المالكة لهذه الصالحية‪ ،‬وليس هذا فحسب‪،‬‬

‫إنما قد يستغرق الحصول على اإلذن فترة طويلة نسبياً‪ ،‬مما قد يؤدي إلى إخفاء بعض المجرمين أدلة إدانتهم‬

‫أو تداركهم لبعض القضايا المهمة مما يحول دون مسائلتهم وإيقاع العقاب عليهم(‪.)1‬‬

‫وباإلطالع على النصوص القانونية الناظمة للحصانة وإجراءات رفعها في ظل إرتكاب المتمتعين بها جرائم‬

‫الفساد‪ ،‬يُالحظ التشدد في النصوص القانونية الناظمة لكل ما سبق ذكره خاصة في التشريع الفلسطيني‪،‬‬

‫ويظهر ذلك من خالل عدة أمور منها إشتراط أغلبية خاصة لرفع الحصانة عن عضو البرلمان المشتبه‬

‫بإرتكابه جريمة فساد المتمثلة برأي أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني وهي نسبة ال بأس بها‬

‫تحتاج إلى توافق بين أعضاء المجلس التشريعي وهذا ما يُعتبر مستحيالً في ظل الوضع السياسي الفلسطيني‬

‫القائم بالتالي األمر الذي يخلق صعوبة وتعقيدات فيما يتعلق بمسألة رفع الحصانة البرلمانية عن عضو‬

‫البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد‪ ،‬وكذلك الحال عند الحديث عن التشريع األردني فيما يتعلق بإشتراط‬

‫موافقة األغلبية المطلقة ألعضاء المجلس‪ ،‬أي أغلبية عدد أعضاء مجلس األمة الكلي وليس الحاضرين(‪،)2‬‬

‫مما يزيد من التعقيدات وصعوبة حصول اإلتفاق بين أعضاء مجلس األمة‪ ،‬وكما يظهر تشدد المشرع‬

‫الفلسطيني في تنظيم الحصانة أيضاً في تغطية الحصانة لمدة عضوية النائب كاملة سواءً كان المجلس في‬

‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ .‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫محمود‪ ،‬نجيب شكر‪ :‬الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية (دراسة مقارنة)‪،‬مقبول للنشر في مجلة المحقق المحلي‬ ‫(‪)2‬‬

‫للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58‬‬


‫‪90‬‬
‫حالة إنعقاد عادية أو حالة طوارئ أو لم يكن في حالة إنعقاد أساساً(‪ ،)1‬بينما قصر القانون األردني الحصانة‬

‫البرلمانية اإلجرائية على فترة إنعقاد المجلس(‪ ،)2‬ويتضح التشدد كذلك من خالل تضييق نطاق اإلستثناءات‬

‫الواردة على الحصانة وتقليلها والمتعلقة بحالة التلبس بجريمة فساد حيث قصرها المشرع الفلسطيني في‬

‫على حالة التلبس بجناية فقط دون الجنح‬ ‫(‪)3‬‬


‫القانون األساسي المعدل لسنة ‪2003‬م والقوانين ذات العالقة‬

‫وكذلك فعل المشرع األردني وبذلك يكون قد تم تقديم نظام الحصانة وحماية عضو البرلمان على حساب‬

‫المواجهة الجزائية الفعّالة لجرائم الفساد ومعاقبة مرتكبيها إذ أن معظم جرائم الفساد هي من نوع جُنَح‪ ،‬ويتضح‬

‫أن المشرع الفلسطيني لم يُقيد المجلس التشريعي بمدة زمنية محددة يقوم خاللها باإلجابة على طلب النائب‬

‫العام برفع الحصانة عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد من عدمه على عكس األردني الذي‬

‫لم يكن متشدداً في اإلبقاء على الحصانة البرلمانية من خالل أنه أمهل اللجنة القانونية في المجلس مدة‬

‫خمسة عشر يوماً لإلجابة على الطلب برفع الحصانة عن العضو المشتبه به من عدمه وإذا لم تقم باإلجابة‬

‫البت في موضوع الطلب دون الحاجة إلنتظار تقرير‬


‫على الطلب سواء بالرفض أو القبول جاز للمجلس ّ‬

‫اللجنة(‪ ،)4‬وتخلو القواعد القانونية التي أعطت للمجلس التشريعي صالحية رفع الحصانة البرلمانية عن عضو‬

‫البرلمان في فلسطين من أي قيد زمني على سلطة النيابة العامة في إحالة الطلب برفع الحصانة إلى المجلس‬

‫التشريعي‪ ،‬ومن القيود التي فرضها المشرع األردني على تقرير المجلس واللجنة برفع الحصانة من عدمها‬

‫النظر إلى خطورة الجرم المنسوب إلى عضو مجلس االمة وأوجب أخذها بعين اإلعتبار فإن كان في غاية‬

‫الخطورة يجب إتخاذ قرار خالل دورة إنعقاد المجلس بينما إذا كان مجرد ضرر يسير فمن الممكن اإلنتظار‬

‫حتى نهاية الدورة بحسب الحال(‪ ،)5‬وهذا ما يفتقد إليه النص التشريعي الفلسطيني فيما يتعلق بفرض القيود‬

‫وذلك بحسب نص المادة (‪ )4/95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لسنة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وذلك حسب نص المادة (‪ )86‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫من أهم القوانين ذات العالقة هو النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫النواب األردني لسنة ‪2013‬م على‪" :‬يحيل الرئيس الطلب إلى اللجنة‬
‫حيث نصت المادة (‪ )141‬من النظام الداخلي لمجلس ّ‬
‫(‪)4‬‬

‫القانونية لفحصه والنظر فيه وتقديم تقرير عنه خالل مدة ال تتجاوز خمسة عشر يوماً‪ ،‬فإن لم يقدم التقرير خالل تلك المدة جاز‬
‫للمجلس البت في الطلب مباشرة"‪.‬‬
‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 97‬و ص‪-101‬ص‪.103‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪91‬‬
‫على المجلس التشريعي بإتخاذ ق ارره فيما يتعلق بتقرير رفع الحصانة من عدمه‪ ،‬ولعل السبب في التشدد‬

‫الكبير الذي وضعه المشرع الفلسطيني على أحكام الحصانة واإلبقاء عليها هو كون التجربة البرلمانية‬

‫الفلسطينية حديثة النشأة وليست طويلة المدى وليست عميقة الجذور‪ ،‬كما أن النظام القضائي وأجهزته لم‬

‫يصل من القوة التي تجعله يقف في وجه السلطات األخرى على النحو الذي يُغني عن فحص إجراءات رفع‬

‫الحصانة من ِقبَل البرلمان لصالح السلطة القضائية‪ ،‬وعلى الرغم من تشدد المشرع الفلسطيني في إجراءات‬

‫رفع الحصانة ووجود مبرراته لذلك إال أنه ال يعني ذلك عدم وجود عوامل أخرى أثّرت على التجربة الفلسطينية‬

‫منها غريزة السلطة‪ ،‬والرغبة في تقوية وتثبيت ركائز النفوذ والبقاء في السلطة‪ ،‬وغياب الثقة بين األجسام‬

‫الدستورية في فلسطين(‪.)1‬‬

‫وفيما يتعلق بالحصانة القضائية يتضح أن المُشرع الفلسطيني فرض الكثير من اإلجراءات الواجب على‬

‫المجلس إتخاذها عند تقرير رفع الحصانة عن أعضاء السلك القضائي والتي تبدأ بتقديم طلب خطي من‬

‫النيابة العامة مرفقاً بمذكرة تشتمل على نوع الجرم ومكانه وزمانه واألدلة التي تستلزم إتخاذ إجراءات قانونية‪،‬‬

‫ثم يقوم مجلس القضاء األعلى بتقرير رفع الحصانة من عدمه‪ ،‬كما يحق للمجلس أن يُحدد المحكمة التي‬

‫ستنظر في الدعوى الج ازئية بغض النظر عن قواعد اإلختصاص المكاني(‪ ،)2‬وأيضاً فيما يتعلق باإلجراءات‬

‫الجزائية لرفع الحصانة عن أعضاء السلك القضائي األردنيين والتي جاءت مشابهة إلى النص القانوني‬

‫الفلسطيني إلى ٍ‬
‫حد كبير عدا فيما يتعلق بمباشرة الدعوى الجزائية والتي أعطيت للمجلس القضائي(‪ ،)3‬وبالتالي‬

‫يتضح مدى طول المدة قبل أن تحصل الجهة طالبة اإلذن على رد برفع الحصانة من عدمها وبالتالي يعتبر‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬ ‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫تنص المادة (‪ )59‬من قانون السلطة القضائية رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م على‪" :‬ال ترفع الدعوى الجنائية على القاضي إال بإذن‬ ‫(‪)2‬‬

‫من مجلس القضاء األعلى‪ ،‬ويحدد المجلس المحكمة التي تنظر الدعوى بغض النظر عن قواعد اإلختصاص المكاني"‪.‬‬
‫وذلك بحسب نص المادة (‪ )28‬من قانون إستقالل القضاء رقم (‪ )29‬لسنة ‪2014‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪92‬‬
‫ذلك من باب التوسع وجمود اإلجراءات الجزائية وطول مدتها والذي ال يتناسب مع طبيعة جرائم الفساد إذ أن‬

‫طول مدة إجراءات التقاضي تسمح للمجرم بإخفاء األدلة أو تشويهها بالتالي تضليل العدالة(‪.)1‬‬

‫كما أغفل المشرع الفلسطيني واألردني عمّا إذا تبيّن جديّة اإلتهام فإنه يتوجب على المجلس اإلستجابة لطلب‬

‫رفع الحصانة فو ارً وإال يُعتبر عدم اإلستجابة للطلب هو حماية للمتمتع بالحصانة والمتهم بالجريمة من تطبيق‬

‫القانون عليه لفترة زمنية معيّنة دون مبرر أو سبب قانوني لذلك مما يترتب عليه ضياع لألدلة مما يؤثر سلباً‬

‫على سير التحقيق في الجريمة(‪.)2‬‬

‫يجرمها ويقف في وجه إنتشارها إال أنه يبقى الخلل‬


‫وعلى الرغم من وجود تشريع قانوني خاص بأعمال الفساد ّ‬
‫في التطبيق العملي لهذه النصوص‪ ،‬وعلى الرغم من وجود جهات رقابية تقوم بإعداد التقارير والدراسات التي‬

‫قصر‬
‫المخولة بإتخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة قد تُ ّ‬
‫ّ‬ ‫تظهر جرائم الفساد وتسلط الضوء عليها إال أن الجهات‬

‫أو تمتنع عن القيام بمهامها‪ ،‬مثال على ذلك ما أشار إليه تقرير هيئة الرقابة العامة األول الصادر سنة‬

‫‪1997‬م إلى قيام العديد من المسؤولين الكبار في السلطة بمخالفات قانونية‪ ،‬وكان اإلعتقاد العام أن التقرير‬

‫سيشكل نقلة نوعية في مكافحة الفساد وفي اإلصالح وفرض سيادة القانون‪ ،‬إال أن السلطة الوطنية إمتنعت‬

‫عن إتخاذ إجراءات للعمل بما جاء بالتقرير مما ترة فجوة بين التقارير الرقابية التي تسلط الضوء على‬

‫المخالفات القانونية وبين إتخاذ اإلجراءات القانونية الفعلية ضد هذه المخالفات(‪.)3‬‬

‫وبالتركيز على الواقع العملي والتطبيق الفعلي للنصوص القانونية الفلسطينية المتعلقة بالحصانة واإلجراءات‬

‫الجزائية لمالحقة الفاسدين ومع مراعاة خصوصية الوضع الفلسطيني ووجود نص المادة (‪ )43‬من القانون‬

‫عدل لسنة ‪2003‬م والتي تمنح رئيس السلطة التنفيذية صالحية إصدار ق اررات لها‬
‫األساسي الفلسطيني المُ ّ‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫صنع سياسات مكافحة الفساد اإلداري "دولة فلسطين نموذج ا"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫يحيى‪ ،‬خيرية رضوان‪ُ :‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪93‬‬
‫قوة القانون في حاالت الضرورة التي ال تحتمل التأخير(‪ ،)1‬وهذا يُثير التساؤل حول ما إذا كانت ق اررات‬

‫الرئيس هي ق اررات إدارية يمكن الطعن بها أمام محكمة العدل العليا أم أنها تشريعات يُطعن بها أمام المحكمة‬

‫الدستورية‪ ،‬واإلجابة على هذا التساؤل يكمن في وجود النص الدستوري الذي يمنح إختصاص اإلذن برفع‬

‫الحصانة عن عضو المجلس التشريعي للمجلس التشريعي وهو نص صريح وقطعي الداللة‪ ،‬كما أن منح‬

‫إختصاص اإلذن برفع حصانة عضو المجلس التشريعي لرئيس السلطة التنفيذية هو إعتداء واضح وصريح‬

‫على إختصاص السلطة التشريعية ومُخالف لمبدأ الفصل بين السلطات وهو مبدأ متعارف عليه دولياً كما أنه‬

‫عدل(‪ ،)2‬أي أن الق اررات بقانون القاضية برفع الحصانة عن عضو‬


‫نص دستوري وارد في القانون األساسي المُ ّ‬

‫المجلس التشريعي هي ليست من إختصاص السلطة التنفيذية وهي ال تصل لمرحلة التشريع وإنما تبقى تحت‬

‫بوتقة الق اررات اإلدارية التي يجب الطعن بها أمام محكمة العدل العليا(‪ ،)3‬ودليل ذلك ما جاء في الطعن‬

‫الدستوري رقم (‪ )6‬لسنة ‪2012‬م‪" :‬األمر الذي نرى معه أن ما هو مطعون فيه ليس ”ق ار ارً بقانون“ يأخذ حكم‬

‫القانون وليس نظاماً أيضاً حتى يُصار إلى إعتباره ضمن منظومة األمور التي تختص بنظرها المحكمة‬

‫الدستورية وتفرض رقابتها عليها‪ ...‬وال يغير في األمر شيئاً‪ ،‬وال يضفي على القرار الطعين صفة ”قرار‬

‫بقانون“ مجرد عنونته بهذه العبارة‪ ...‬فإن ما يميز القانون أو ما هو في حكمه أي ”القرار بقانون“ ما هو‬

‫متفق عليه بأن القانون مجموعة من القواعد العامة المجردة التي توجه لمخاطبة الكافة أو جزء منهم للقيام‬

‫بأعمال أو النهي عنها تحت طائلة المسؤولية‪ ...‬األمر الذي نرى معه أن القرار محل الطعن وفق مضمونه‬

‫ال يرقى إلى إعتباره قانوناً أو ق ار ارً بقانون‪ ...‬حيث أن مؤدى ذلك يستوجب عدم إختصاص المحكمة الدستورية‬

‫نصت المادة (‪ )43‬من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة ‪2003‬م على أنه‪" :‬لرئيس السلطة الوطنية في حاالت‬ ‫(‪)1‬‬

‫الضرورة التي ال تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي‪ ،‬إصدار ق اررات لها قوة القانون‪ ،‬ويجب عرضها على‬
‫المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه الق اررات وإال زال ما كان لها من قوة القانون‪ ،‬أما إذا عرضت على‬
‫المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون"‪.‬‬
‫عدل لسنة ‪2003‬م على مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬حيث جاء فيها‪" :‬الشعب‬ ‫نصت المادة (‪ )2‬من القانون األساسي ُ‬
‫الم ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫مصدر السلطات ويمارسها عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات على الوجه‬
‫المبين في هذا القانون األساسي"‪.‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37-36‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪94‬‬
‫بنظر هذا الطعن"(‪ ،)1‬وتدور هذه الدعوى حول قرار بقانون رقم (‪ )4‬لسنة ‪2012‬م بشأن رفع الحصانة عن‬

‫نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني(‪ ،)2‬حيث قام هذا النائب بالطعن في مشروعية هذا القرار بقانون أمام‬

‫المحكمة العليا بصفتها الدستورية‪ ،‬إال أن المحكمة قامت برد الدعوى لعدم اإلختصاص وأخرجتها من‬

‫إختصاصها المتمثل في تفسير القوانين والتشريعات والرقابة عليها إذ نصت في حكمها على أن القرار بقانون‬

‫القاضي برفع الحصانة عن النائب في المجلس التشريعي ال يرقى إلى أن يكون تشريعاً‪ ،‬بالتالي هي ليست‬

‫مختصة بالنظر فيه‪ ،‬وفي ظل غياب المجلس التشريعي صاحب الوالية القانونية في رفع الحصانة عن عضو‬

‫وتغول السلطة التنفيذية على أعمال المجلس التشريعي‪ ،‬وفي ظل إعتبار المحكمة الدستورية الق اررات‬
‫البرلمان‪ّ ،‬‬
‫بقانون ال ترقى إلى أن تكون قانوناً وإنما هي ق اررات تنفيذية‪ ،‬وهنا ندخل في حلقة مفرغة حول الجهة المختصة‬

‫برفع الحصانة‪ ،‬وهل إذا ما ستبقى السلطة القضائية غير قادرة على إتخاذ أي إجراء قانوني ضد عضو‬

‫البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد بسبب غياب المجلس التشريعي وإعتبار الق اررات بقانون ق اررات تنفيذية‪.‬‬

‫تُؤيد الباحثة ما جاء في الحكم السابق في أن القرار بقانون القاضي برفع الحصانة عن عضو المجلس‬

‫التشريعي الفلسطيني ليس تشريع إنما هو قرار إداري ال أكثر‪ ،‬وهو إعتداء من السلطة التنفيذية على إختصاص‬

‫السلطة التشريعية صاحبة اإلختصاص بتقرير رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي‪ ،‬وهذا أيضاً‬

‫مخالف للمبدأ الدستوري الذي يحتم الفصل بين السلطات الثالث‪ ،‬وبالنظر إلى الوضع الفلسطيني القائم‬

‫ونص المادة (‪ )96‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي التي حصرت اإلختصاص ألغلبية ثلثي أعضاء‬

‫المجلس التشريعي في تقرير رفع الحصانة عن العضو من عدمه وخصوصية الوضع الفلسطيني وإنحالل‬

‫المجلس التشريعي(‪ )3‬صاحب اإلختصاص بتقرير رفع الحصانة يُدخلنا في تساؤل أال وهو‪ :‬مَن المختص في‬

‫طعن دستوري‪ ،‬رقم (‪ ،)2012/6‬جلسة ‪2013/3/28‬م‪ ،‬منشورات موقع مقام‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬ ‫( ‪) 1‬‬

‫‪. https://maqam.najah.edu/media/uploads/2019/11/‬تاريخ آخر زيارة ‪.2021/11/2‬‬


‫قرار بقانون رقم (‪ )4‬بشأن رفع الحصانة عن نائب في المجلس التشريعي لسنة ‪2012‬م‪ ،‬منشور على جريدة الوقائع‬ ‫(‪)2‬‬

‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،93‬بتاريخ ‪ ،2012/1/25‬ص‪.8‬‬


‫بناء على حكم المحكمة الدستورية لسنة ‪2018‬م‪ ،‬والذي جاء فيه‪" :‬وبناء عليه فإن المصلحة العليا‬
‫تم حل المجلس التشريعي ً‬
‫(‪)3‬‬

‫للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن‪ ،‬تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ ‪2006-1-25‬م‪ ،‬وبالتالي اعتباره منحال‬
‫‪95‬‬
‫رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي في ظل حالة اإلستثناء التي تعيشها دولة فلسطين وفي ظل‬

‫غياب المجلس التشريعي الفلسطيني؟ وقد أجاب حكم محكمة النقض الفلسطينية على هذا السؤال إذ ذكر أن‬

‫المدعي العام قام بتقديم طلب لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل رفع الحصانة عن عضو المجلس‬

‫التشريعي حيث ورد فيه‪" :‬بتاريخ ‪ 2012/01/03‬أرسل المدعى عليه مذكرة لسيادة الرئيس طلب بموجبها‬

‫رفع الحصانة البرلمانية عن المدعي وهو عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني وال زال للتحقيق بقضايا‬

‫قتل وفساد مالي حسبما جاء في المذكرة"(‪ ،)1‬وهذا ما يقودنا إلى إستنتاج غياب دور السلطة التشريعية فيما‬

‫يتعلق بإجراءات رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي وأن الهدف من وجود النصوص القانونية المتعلقة‬

‫برفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي والتي أعطت المجلس التشريعي صالحية تقرير منح اإلذن برفع‬

‫الحصانة من عدمها لم تحقق غاية وجودها وبالتالي أصبح القرار في رفع الحصانة من عدمه من إختصاص‬

‫السلطة التنفيذية وذلك يعتبر إعتداء صارخ من السلطة التنفيذية على أعمال السلطة التشريعية‪.‬‬

‫كما أنه ال داعي أو مبرر لوجود الحصانة في ظل وجود قضاء مستقل‪ ،‬ومبادئ دستورية هامة كمبدأ الفصل‬

‫بين السلطات ومبدأ مسؤولية الحكومة أمام البرلمان مما ال يتصور معه قيام الحكومة بالضغط على القضاء‬

‫إلقصاء أحد أعضاء البرلمان على سبيل المثال(‪ ،)2‬كما أن وجود هذه المبادئ يغني عن تشديد اإلجراءات‬

‫المتبعة في رفع الحصانة عن المتمتعين بها وقد يصل إلى اإلستغناء عنها وإلغاءها كلياً ومراقبة عمل البرلمان‬

‫والحكومة والسلطات في الدولة إذ أن تقييم نظام الحصانة يتوقف كلياً على الممارسة العملية للبرلمان فنضوج‬

‫التجربة البرلمانية وتحقق إستقالل القضاء يُغني عن التشدد في أحكام الحصانة البرلمانية وقد يغني عن وجود‬

‫الحصانة أساساً‪ ،‬وبمفهوم المخالفة فإن التجربة البرلمانية الضعيفة وحديثة النشأة والقضاء غير المستقل وغير‬

‫منذ تاريخ اصدار هذا القرار"‪( .‬طلب تفسير دستوري‪ ،‬رقم (‪ ،)2018/10‬بتاريخ ‪ ،2018/12/23‬موقع مقام اإللكتروني‪ ،‬للمزيد‬
‫زيارة‬ ‫آخر‬ ‫تاريخ‬ ‫_‪،https://maqam.najah.edu/media/uploads/2019/06/10-2018‬‬ ‫الرابط‪:‬‬ ‫راجع‬
‫‪.)2021/11/2‬‬
‫نقض حقوق رام هللا‪ ،‬رقم (‪ ،)2014/870‬بتاريخ ‪2015/2/5‬م‪ ،‬موقع قسطاس اإللكتروني‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪ ، https://qistas.com/ar/decs/info/‬تاريخ آخر زيارة‪2021/10/22 :‬م‪.‬‬


‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪96‬‬
‫القادر على صد إعتداءات السلطة التنفيذية عليه تُحتم التشدد في أحكام الحصانة وإجراءات رفعها(‪ ،)1‬وعند‬

‫الحديث عن هذه النقطة وبالنظر إلى الوضع الفلسطيني من مروره بالمرحلة اإلستثنائية وحالة الضرورة(‪،)2‬‬

‫إذ أن سلطات الطوارئ واسعة النطاق وممارستها من ِقبَل رئيس الدولة تفسح المجال له ألن يحكم بدون‬

‫حسيب أو رقيب من ِقبَل المجلس التشريعي أو السلطة القضائية(‪)3‬؛ لذلك ترى الباحثة أنه على الرغم من‬

‫أهمية تشديد اإلجراءات المتعلقة برفع الحصانة في فلسطين إال أنه من األولى إصالح الوضع السياسي‬

‫والقانوني القائم وإعادة إعمال المجلس التشريعي؛ كون التشديد في اإلجراءات المتعلقة بفرض الحصانة ورفعها‬

‫لن يُجدي نفعاً طالما حالة الطوارئ مستمرة والمجلس التشريعي محلول والصالحيات التي تملكها السلطة‬

‫التنفيذية واسعة كصالحية إصدار الق اررات بقانون‪ ،‬وعند الحديث عن الواقع القانوني والدستوري في األردن‬

‫فإنه في درجة متقدمة عن الوضع الفلسطيني في ظل وجود مجلس أمة وقضاء مستقل إلى حد ما‪ ،‬مما يعني‬

‫الماسة للتشديد في التنظيم القانوني لكل ما يتعلق بالحصانة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫عدم وجود الحاجة‬

‫وفي الوضع الفلسطيني ال يخلو األمر من المعوقات السياسية التي تقف في وجه المواجهة الجزائية الفعالة‬

‫لظاهرة الفساد والتي تؤثر على ق اررات الجهة صاحبة السلطة واإلختصاص برفع الحصانة عن األشخص‬

‫ينصب ضد األمن واإلستقرار‪ ،‬وإعاقة جهود التنمية وفرض سيادة القانون‪ ،‬وأيضاً‬
‫ّ‬ ‫المتمتعين بها‪ ،‬وكل ذلك‬

‫اإلعتداء على القيم اإلنسانية للشعوب(‪.)4‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47-45‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫نصت المادة (‪ )43‬من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة ‪2003‬م على‪ -1" :‬لرئيس السلطة الوطنية في حاالت‬ ‫(‪)2‬‬

‫الضرورة التي ال تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي‪ ،‬إصدار ق اررات لها قوة القانون‪ ،‬ويجب عرضها على‬
‫المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه الق اررات وإال زال ما كان لها من قوة القانون‪ ،‬أما إذا عرضت على‬
‫المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون"‪.‬‬
‫شوردي‪ ،‬سوجيت‪ .‬ريتشارد ستايسي وآخرون‪ :‬النظام شبه الرئاسي كوسيلة لتقاسم السلطة‪ :‬اإلصالح الدستوري بعد الربيع‬ ‫(‪)3‬‬

‫العربي‪ ،‬المؤسسة الدولية للديمقراطية واإلنتخابات‪ ،‬نيويورة‪ ،2014 ،‬ص‪.29‬‬


‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.234‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪97‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحصانة إمتياز يُخالف إجراءات المالحقة الجزائية لجرائم الفساد‪.‬‬

‫تُعتبر الحصانة إمتياز مُِنحَ لبعض األشخاص بحكم موقهعم الوظيفي‪ ،‬وهذا اإلمتياز يُخالف إجراءات المالحقة‬

‫الجزائية لجرائم الفساد في فلسطين ولقواعد القانون الدولي وإتفاقيات الفساد التي وقعت وإنضمت لها فلسطين‪،‬‬

‫والتي أصبحت بدورها مُلزمة بما جاء فيها‪.‬‬

‫ومن أهم المتطلبات األساسية في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م هو عدم حيلولة الحصانة‬

‫دون مالحقة مرتكبي جرائم الفساد ومقاضاتهم‪ ،‬حيث ورد ذلك في نص المادة (‪ )2/30‬من إتفاقية األمم‬

‫المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م والتي نصت على "تتخذ كل دولة طرف‪ ،‬وفقاً لنظامها القانوني ومبادئها‬

‫الدستورية‪ ،‬ما قد يلزم من تدابير إلرساء أو إبقاء توازن مناسب بين أي حصانات أو إمتيازات قضائية ممنوحة‬

‫لموظفيها العموميين من أجل أداء وظائفهم وإمكانية القيام‪ ،‬عند الضرورة‪ ،‬بعمليات تحقيق ومالحقة ومقاضاة‬

‫يعني‬ ‫المجرمة وفقاً لهذه اإلتفاقية"‪ ،‬وإنضمام كل من فلسطين واألردن إلى هذه اإلتفاقية‬
‫(‪)1‬‬
‫ّ‬ ‫فعّالة في األفعال‬

‫مراعاة نصوص المواد التي جاءت بها اإلتفاقية في تشريعاتها الداخلية‪ ،‬إال أنه من الواضح أن الطريقة التي‬

‫جاءت بها التشريعات الوطنية في فلسطين واألردن لمعالجة مسألة المالحقة الجزائية للمتمتعين بالحصانة‬

‫المتهمين بإرتكاب جرائم فساد جاء مخالفاً لمبادئ القانون الدولي ونصوص إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬

‫الفساد(‪.)2‬‬

‫وبالنظر إلى ما جاء في نص المادة (‪ )5/30‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م والتي‬

‫تُعد كذلك من المتطلبات األساسية في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬حيث نصت تلك المادة على‬

‫أنه "تأخذ كل دولة طرف بعين اإلعتبار جسامة الجرائم المعينة لدى النظر في إمكانية اإلفراج المبكر أو‬

‫المشروط عن األشخاص المدانين بإرتكاب تلك الجرائم"‪ ،‬يتضح أن النص القانوني حث الدول األطراف على‬

‫إنضمت فلسطين إلى إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م بتاريخ ‪2014/5/2‬م‪ ،‬وإنضمت األردن إلى إتفاقية‬ ‫(‪)1‬‬

‫األمم المتحدة لمكافحة الفساد من خالل المصادقة عليها بقانون رقم (‪ )28‬لسنة ‪2004‬م بتاريخ ‪2005/12/14‬م‪.‬‬
‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.196‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪98‬‬
‫إتخاذ تدابير تأخذ بعين اإلعتبار جسامة جرائم الفساد وخطورتها في حال إستعمل رئيس الدولة سلطته المتمثلة‬

‫في إتخاذ إجراءات تؤدي إلى عدم وجود المتهم أو المحكوم عليه تحت يد أجهزة القانون والعدالة في الدولة‬

‫فعند إرتكاب أشخاص ذوو نفوذ وقوة في الدولة ويتمتعون بالحصانة لجريمة فساد فإنه يتوقف إتخاذ اإلجراءات‬

‫الجزائية بحقهم وبالتالي تنفيذ العقوبة الجنائية بحقهم لحين الحصول على إذن من الرئيس‪ ،‬ويبرز ذلك في‬

‫حصانة رئيس الوزراء في فلسطين بحيث تتوقف المالحقة الجزائية بحقه لحين صدور إذن من الرئيس‬
‫(‪)1‬‬

‫وبالتالي قد يقوم الرئيس بحماية رئيس وزرائه ورفض رفع الحصانة عنه وبالتالي وقف إتخاذ إجراءات المالحقة‬

‫الجزائية بحقه‪ ،‬أو أن يقوم باإلطاحة به من خالل رفع الحصانة عنه وبالتالي إمكانية إتخاذ إجراءات المالحقة‬

‫الجزائية بحقه‪ ،‬مما قد يساعد على إفالت المجرمين من العقاب ووجود إعتبارات غير قانونية عند تقرير‬

‫الرئيس برفع الحصانة عن رئيس الوزراء من عدمه(‪.)2‬‬

‫وفيما يتعلق بالحصانة في التشريع الفلسطيني واألردني‪ ،‬فإن النصوص القانونية التي منحت أعضاء البرلمان‬

‫خالفت مبدأ وقاعدة عامة أال وهي "المساواة"‪ ،‬فمصطلح المساواة يعني‬ ‫(‪)3‬‬
‫أو مجلس األمة هذه الحصانة‬

‫خضوع جميع األفراد للقانون وتطبيقه عليهم من غير أي تمييز أو تفرقة ويشمل هذا المصطلح المساواة أمام‬

‫القانون والقضاء وأمام الوظائف والتكاليف العامة‪ ،‬وهناة من يرى أن منح أعضاء البرلمان حصانة إج ارئية‬

‫تقيد اإلجراءات الجزائية في حقهم وتوقف الدعوى العامة على اإلذن يشكل إعتداء واضح على مبدأ المساواة‬

‫الذي يجب أن يطبق على أفراد المجتمع كافة(‪ ،)4‬إال أن هناة مَن يرى أن الحصانة ال تتعارض و"مبدأ‬

‫المعدل لسنة ‪2003‬م‪ ،‬والمادة (‪ )1/17‬من قانون مكافحة‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1‬وذلك بحسب نص المادة (‪ )75‬من القانون األساسي الفلسطيني‬
‫المعدل رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفساد الفلسطيني‬
‫(‪ )2‬حبيب‪ ،‬عمر توفيق‪ :‬المواجهة الجنائية لجرائم الفساد في فلسطين "دراسة تحليلة مقارنة" (رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬أكاديمية‬
‫اإلدارة والسياسة للدراسات العليا‪ ،‬غزة‪ ،2017 ،‬ص‪.50‬‬
‫تتمثل في نص المادة (‪ )4/53‬من القانون األساسي المعدل لسنة ‪2003‬م والمادة (‪ )96‬من النظام الداخلي للمجلس‬ ‫(‪)3‬‬

‫التشريعي لسنة ‪2000‬م‪ ،‬وفيما يتعلق بالتشريع األردني فتتمثل نصوص المواد في المادة (‪ )86‬من الدستور األردني لسنة‬
‫النواب‬
‫‪1952‬م والمادة (‪ )113‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان لسنة ‪2014‬م والمادة (‪ )139‬من النظام الداخلي لمجلس ّ‬
‫لسنة ‪2013‬م‪.‬‬
‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪99‬‬
‫بل ُوضعت لتحقق النفع للمصلحة العامة للمجتمعات‪ ،‬كون اإلحتجاج بهذا المبدأ يقضي وجود‬ ‫(‪)1‬‬
‫المساواة"‬

‫ظروف متشابهة بين األفراد والمواطنين الخاضعين تحت هذا المبدأ(‪ ،)2‬أي أن الحصانة بكافة أنواعها ال‬

‫تنطوي على أي تفريق بين األفراد بسبب موقعهم الوظيفي والسبب في ذلك أن الحصانة تشمل فئة من األفراد‬

‫متساوون في موقعهم وظروفهم الوظيفية‪ ،‬إذ من غير المعقول اإلحتجاج بعدم المساواة بين أعضاء البرلمان‬

‫الذين يؤدون الوظيفة نفسها ومتساوون في الظروف واألوضاع الوظيفية؛ ألن الهدف من الحصانة هو حماية‬

‫المتمتع بالحصانة من أي إعتداء قد يقع عليه بحكم وظيفته وليس حماية مصالحه الشخصية وكل ذلك يصب‬

‫في الصالح العام(‪.)3‬‬

‫وبما أن مبدأ المساواة هو جزء ال يتج أز من مبدأ المشروعية فال شك أن الخروج عن مبدأ المساواة يعني‬

‫الخروج عن مبدأ المشروعية والمساس به‪ ،‬مما يمكنه القول أن الحصانة تحدث شرخاً في مبدأ المشروعية‬

‫خاصة أنها قررت لصالح بعض الفئات لسلطات الدولة الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية(‪.)4‬‬

‫وعلى الرغم من النصوص القانونية الواردة في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تتناول كل ما‬

‫يتعلق بإسترداد األموال الناجمة عن جرائم الفساد(‪ )5‬ومالحقة الفاسدين(‪ ،)6‬إال أنه ال يزال هناة حاالت إفالت‬

‫تنص المادة (‪ )1‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪1948‬م على‪" :‬يولد جميع الناس أح ار اًر ومتساوين في الكرامة‬ ‫(‪)1‬‬

‫والحقوق‪ .‬وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح اإلخاء"‪.‬‬
‫"وال تعني المساواة معاملة ما هو غير متساو بالتساوي‪ ،‬فالناس غير المتساويين قد يحتاجون إلى معاملة مختلفة من أجل‬ ‫(‪)2‬‬

‫تحقيق المساواة الموضوعية‪ ،‬وقد تحتاج الدول إلى اعتماد تدابير إيجابية وإعطاء األفضلية لبعض الفئات واألفراد من أجل معالجة‬
‫التمييز الماضي"‪( .‬دي ألبوكارة‪ ،‬كاترينا‪ :‬المبادئ المقررة الخاصة لألمم المتحدة المعنية بحق اإلنسان في الحصول على‬
‫مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي‪ ،‬البرتغال‪2014 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،7‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬
‫‪ ، https://www.ohchr.org/Documents/Issues/Water/Handbook/Book7_Principles_ar.pdf‬تاريخ آخر‬
‫زيارة ‪.)2021/10/24‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.132-131‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫(‪ )5‬نصت المادة (‪ )3/46‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م على‪" :‬يجوز طلب المساعدة القانونية المتبادلة‬
‫التي تُقدم وفقاً لهذه المادة ألي من األغراض التالية‪..:‬ة‪ .‬إسترداد الموجودات‪ ،‬ووفقاً ألحكام الفصل الخامس من هذه اإلتفاقية"‪.‬‬
‫(‪ )6‬نصت المادة (‪ )3/30‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬م على‪" :‬تسعى كل دولة طرف إلى ضمان‬
‫ممارسة أي صالحيات قانونية تقديرية يتيحها قانونها الداخلي فيما يتعلق بمالحقة األشخاص الرتكابهم أفعاالً مجرمة وفقاً لهذه‬
‫‪100‬‬
‫من العقاب من الناحية الفعلية‪ ،‬وينطبق ذلك على األوضاع الفلسطينية ولعل السبب وراء ذلك هو قلة‬

‫اإلتفاقيات الثنائية التي تبرمها فلسطين مع الدول التي تتعلق بتسليم المجرمين أو بالمحاكمة القانونية المتبادلة‬

‫وكذلك عدم وجود أساس قانوني لنقل المحكموم عليهم أو لنقل اإلجراءات الجنائية‪ ،‬إذ أن التعاون في مجال‬

‫إنفاذ القانون والتحقيقات المشتركة مقتصر على بعض البلدان العربية ودليل ذلك قلة األحكام القضائية التي‬

‫تتعلق بتسليم المجرمين المطلوبين وأيضاً ندرة النصوص القانونية التي تُشير إلى التنفيذ المباشر ألي حكم‬

‫قضائي يتعلق بإسترداد الموجودات أو مالحقة الفاسدين(‪ ،)1‬أما في األردن فإنه يوجد قانون يُطلق عليه قانون‬

‫الفارين لسنة ‪1927‬م وتعديالته كما وقعت وإنضمت األردن إلى إتفاقيات ثنائية وإقليمية‬
‫تسليم المجرمين ّ‬

‫تتعلق بتسليم المجرمين بين جامعة الدول العربية وبين دول مثل أذربيجان‪ ،‬تركيا‪ ،‬والواليات المتحدة‬

‫األمريكية(‪.)2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬زوال الحصانة‪.‬‬

‫على الرغم من الحصانة التي يقررها القانون لبعض األشخاص بحكم موقعهم الوظيفي والتي تقف في وجه‬

‫إتخاذ أي إجراء ضد الشخص المتمتع بالحصانة من ِقبَل النيابة العامة‪ ،‬والحصانة هي إستثناء على األصل‬

‫يمنحه القانون لفئات معينة وألهداف محددة‪ ،‬وهناة عدة حاالت تزول فيها الحصانة‪ ،‬والتي تختلف من تشريع‬

‫إلى آخر(‪ ،)3‬لكن يمكن إجمال حاالت زوال الحصانة في صدور اإلذن برفع الحصانة‪ ،‬والتلبس بالجريمة‬

‫(الجرم المشهود)‪ ،‬وإنتهاء دورة اإلنعقاد‪ ،‬وإنتهاء الوالية‪ ،‬وبالنظر إلى حاالت زوال الحصانة السابقة الذكر‪،‬‬

‫ترى الباحثة أن الحاالت الثالثة األخيرة هي حاالت تلقائية لزوال الحصانة أي بمجرد تحققها فإن الحصانة‬

‫تنتهي وتزول حسب القانون دون الحاجة إلى إجراءات معينة على العكس من حالة صدور اإلذن من المجلس‬

‫اإلتفاقية‪ ،‬من أجل تحقيق الفعالية القصوى لتدابير إنفاذ القانون التي تتخذ بشأن تلك الجرائم‪ ،‬ومع إيالء اإلعتبار الواجب لضرورة‬
‫الردع عن إرتكابها"‪.‬‬
‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.225‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫العدوان‪ ،‬ثائر‪ :‬مكافحة الفساد الدليل إلى إتفاقية األمم المتحدة ‪-‬األردن نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪101‬‬
‫المختص والتي ال تزول الحصانة فيها مباشرة وإنما تتطلب القيام بإجراءات معيّنة وتقديم طلب‪ ،‬بهدف رفع‬

‫الحصانة مؤقتاً لحين إتخاذ اإلجراءات الالزمة وتطبيق القانون‪.‬‬

‫وينقسم هذا المطلب إلى فرعين‪ ،‬يتناول األول رفع الحصانة بطلب‪ ،‬والثاني يبحث في زوال الحصانة تلقائياً‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬رفع الحصانة بطلب‪.‬‬

‫تختلف إجراءات رفع الحصانة بإختالف أنواعها‪ ،‬فاإلجراءات المتبعة للحصول على إذن برفع الحصانة‬

‫البرلمانية تختلف عن اإلجراءات المتبعة للحصول على اإلذن برفع الحصانة القضائية والو ازرية‪ ،‬إال أن هناة‬

‫نقاط إتفاق بينها جميعاً أهمها أن طلب رفع الحصانة ال يشمل اإلذن بإقامة الدعوى وإنما يقيد اإلجراءات‬

‫الجزائية الالحقة لرفع الدعوى ومباشرة إجراءاتها(‪ ،)1‬بالتالي سيتم دراسة اإلجراءات المتبعة في الحصول على‬

‫اإلذن برفع الحصانة البرلمانية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬والدبلوماسية‪ ،‬والتنفيذية والتي تشمل حصانة رئيس الدولة ورئيس‬

‫الوزراء ووزراءه وحصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد‪.‬‬

‫قبل تناول إجراءات رفع الحصانة وصدور اإلذن برفعها‪ ،‬ال بد من طرح مصطلح اإلذن وتعريفه‪ ،‬حيث يُعرف‬

‫اإلذن على أنه‪" :‬رخصة أوجب القانون الحصول عليها من السلطة المختصة تعبر فيها عن عدم إعتراضها‬

‫أو موافقتها على إتخاذ إج ارءات المتابعة الجزائية ضد عضو ينتمي إليها‪ ،‬نظ ارً إلرتكابه جريمة معيّنة أو‬

‫ساهم في إرتكابها"(‪.)2‬‬

‫وذلك وفقاً لما ورد في حكم محكمة إستئناف فلسطينية والتي جاء فيها " وكون أن المستأنف يعمل وزير فقد تحقق شرط‬ ‫(‪)1‬‬

‫الحصول على اإلذن باقامة الدعوى ضده وقبل مباشرة التحقيق معه كما هو ثابت من أوراق الدعوى ووفق صريح نص هذه‬
‫المادة فإنها ال تشكل قيداً إجرائياً على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى على الموظف بحيث يقيد أو يحصر إجراءات التحقيق‬
‫بالنائب العام أو أحد مساعديه وإنما هو تحديد إلختصاص النائب العام ومساعديه إذ يحق لكل منهما أن يأذن برفع الدعوى‬
‫فيقوم أحد أعضاء النيابة بتنفيذ اإلذن"‪( .‬إستئناف جزاء رام هللا‪ ،‬رقم ‪ ،2012/182‬موقع قسطاس اإللكتروني‪ ،‬منشور على‬
‫الرابط‪ ،https://qistas.com/ar/decs/info/12526020 :‬تاريخ آخر زيارة‪.)2021/10/20 :‬‬
‫(‪ )2‬شمالل‪ ،‬علي‪ :‬الحصانة البرلمانية والقضائية في التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة‪ ،‬مقبول للنشر في المجلة الجزائرية‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫ص‪،183‬‬ ‫نشر‪،‬‬ ‫سنة‬ ‫بدون‬ ‫‪،3‬‬ ‫العدد‬ ‫والسياسية‪،‬‬ ‫القانونية‬ ‫للعلوم‬
‫‪ ،https://www.asjp.cerist.dz/en/article/96784‬تاريخ آخر زيارة ‪.2021/6/15‬‬
‫‪102‬‬
‫رد لها كامل حريتها في رفع‬
‫أي أنه حتى تستطيع النيابة العامة إتخاذ اإلجراءات ضد أصحاب الحصانة وتُ ّ‬

‫الدعوى الجزائية وتوقيفهم وتقديمهم للمحاكمة‪ ،‬يجب أن تحصل على إذن من الجهة المُ ّ‬
‫خولة بمنحه؛ وبذلك‬

‫تصبح قادرة على تحريك الدعوى الجزائية ضدهم‪ ،‬أي أن الحصانة قيد على حق النيابة العامة في رفع‬

‫الدعوى الجزائية على مَن يتمتعون بها(‪.)1‬‬

‫والعبرة من إشتراط اإلذن كي يكون ضمانة لتوفير اإلستقالل للسلطة المختصة للقيام بأعمالها بإطمئنان ودون‬

‫أي خوف‪ ،‬وقد تم إشتراطه تحقيقاً للمصلحة العامة‪ ،‬لذلك ال يجوز لمن قررت هذه الضمانات لصالحه التنازل‬

‫عنها‪ ،‬فإشتراط اإلذن مرتبط بتمتع الجاني بصفة معيّنة وليس مرتبط بطبيعة الجريمة المرتكبة‪ ،‬وفي النهاية‬

‫فإن اإلذن يتضمن المعارضة أو الموافقة على إتخاذ إج ارءات المالحقة الجزائية فقط ال غير‪ ،‬وال يتضمن‬

‫المطالبة بتحريك الدعوى العمومية وإيصالها إلى يد القضاء(‪.)2‬‬

‫أولا‪ :‬صدور اإلذن برفع الحصانة البرلمانية‪.‬‬

‫ٍ‬
‫فبشكل عام إن البرلمان أو المجلس النيابي ال يعطي‬ ‫فيما يتعلق بإجراءات رفع الحصانة بإذن المجلس‪،‬‬

‫اإلذن من تلقاء نفسه بل بناءً على طلب صاحب المصلحة وهي النيابة العامة‪ ،‬إال أن النيابة العامة ال‬

‫تستطيع تقديم طلب اإلذن إلى المجلس مباشرة بل من الممكن أن تحتاج إلى وسيط بحيث يكون رئيس الوزراء‬

‫أو وزير العدل –حسب تشريع الدولة‪ -‬وهو بدوره يقوم بتقديم طلب إذن إتخاذ اإلجراءات الجزائية الالزمة‬

‫ضد عضو المجلس إلى رئيس المجلس الذي يتبعه ذلك العضو‪ ،‬وعلى الطلب أن يكون مشفوعاً بمذكرة‬

‫تشتمل على نوع الجرم ومكانه وزمانه واألدلة عليه والتي تبرر إتخاذ اإلجراءات الجزائية ضده(‪.)3‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫شمالل‪ ،‬علي‪ :‬الحصانة البرلمانية والقضائية في التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.169-168‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪103‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن اإلجراءات التي يتم إتخاذها ضد عضو البرلمان هي إجراءات مستعجلة بطبيعتها‪،‬‬

‫وبعد إحالة طلب اإلذن إلى رئيس المجلس التابع له العضو يقوم رئيس المجلس بإحالة طلب اإلذن إلى‬

‫اللجنة القانونية لفحصه والنظر فيه فو ارً‪ ،‬ومن ثم تقوم اللجنة القانونية بدراسة هذا الطلب وتقديم تقرير عنه‬

‫مشفوعاً بإفادتها ورأيها فيه ثم تعيده إلى رئيس المجلس الذي يقوم بعرض الطلب مع رأي اللجنة القانونية‬

‫على المجلس بأسرع وقت ممكن لمناقشته والنظر فيه(‪ ،)1‬وأخي ارً إذا وجد المجلس أن هناة سبباً كافياً لتوقيف‬

‫العضو أو محاكمته فإنه يتخذ ق ارره بإعطاء اإلذن للنيابة العامة بإتخاذ اإلجراءات الجزائية ضده ورفع‬

‫الحصانة عنه على أن يكون هذا القرار صاد ارً باألكثرية المطلقة أو أغلبية الثلثين‪ ،‬ووجب التنويه إلى أن‬

‫اإلذن الصادر من البرلمان برفع الحصانة عن العضو ينحصر فقط في الجريمة التي ُرِفعَت الحصانة من‬

‫أجلها وال يتعدى اإلذن إلى جريمة أخرى لم يُطلَب اإلذن برفع الحصانة عن مرتكبها(‪ ،)2‬ومن الجدير ذكره‬

‫أن إجراءات طلب اإلذن برفع الحصانة تختلف من دولة ألخرى حسب التشريع الوطني المعمول به في تلك‬

‫الدولة‪.‬‬

‫ظم القانون‬
‫وفيما يتعلق بالتنظيم القانوني لرفع الحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع الفلسطيني فقد ن ّ‬

‫عدل لسنة ‪2003‬م إجراءات رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي في حال إرتكابه جريمة‬
‫األساسي المُ ّ‬

‫يعاقب عليها القانون في المادة (‪ )4/53‬منه‪ ،‬كما وبيّنت المادة (‪ )96‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي‬

‫إجراءات رفع الحصانة بطريقة أكثر تفصيالً وهذا ما ورد في قانون واجبات وحقوق المجلس التشريعي رقم‬

‫(‪ )10‬لسنة ‪2004‬م(‪ ،)3‬أما فيما يتعلق باإلذن في التشريع األردني فقد نص الدستور األردني في المادة‬

‫(‪ )86‬في الفقرة األولى على‪" :‬ال يوقف أحد أعضاء مجلسي األعيان والنواب وال يحاكم خالل مدة إجتماع‬

‫المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب إليه قرار باألكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه أو‬

‫النواب األردني لسنة ‪2013‬م‪.‬‬


‫نص المادة (‪ )141‬من النظام الداخلي لمجلس ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-96‬ص‪.107‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫نص المادة (‪ )26‬من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم (‪ )10‬لسنة ‪2004‬م‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪104‬‬
‫لمحاكمته"(‪ ،)1‬وكذلك نص النظام الداخلي لمجلس األعيان في المادة (‪ )113‬منه والنظام الداخلي لمجلس‬

‫النواب في المادة (‪ )139‬منه على عدم جواز مالحقة العضو إال بإذن من المجلس(‪.)2‬‬
‫ّ‬

‫ويتضح من خالل نصوص المواد سابقة الذكر المالمح العامة إلجراءات رفع الحصانة عن عضو البرلمان‬

‫الفلسطيني وعضو مجلس األمة األردني والتي تتمثل في‪:‬‬

‫تقديم طلب برفع الحصانة عن عضو البرلمان من ِقبَل النائب العام‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن صالحية النائب‬

‫العام مُقّيدة ببعض الضوابط‪ ،‬بأن يقدم طلب رفع الحصانة خطيّاَ‪ ،‬وأن يكون مرفقاً باألوراق التي تدعمه‬

‫وتؤيده‪ ،‬وأن يكون مرفقاً بمذكرة تشمل نوع الجرم ومكانه وزمانه واألدلة التي تبرر اإلجراءات القانونية المتخذة‪،‬‬

‫والهدف من هذه القيود كلها التحقق من جديّة طلب رفع الحصانة قبل تقديمه إلى البرلمان وأنه ال ينطوي‬

‫على تعسف بإستعمال السلطة نظ ارً إلى الخطورة التي يتصف بها إجراء رفع الحصانة عن عضو البرلمان(‪.)3‬‬

‫بعد قيام النائب العام بتقديم طلب برفع الحصانة لرئيس المجلس التشريعي وهنا ال بد من ذكر أن النائب‬

‫العام يقوم بتقديم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مباشرة دون وجود وسيط كرئيس‬

‫الوزراء مثالً أو وزير العدل(‪ ،)4‬ثم يقوم رئيس المجلس التشريعي بإحالة الطلب إلى اللجنة القانونية في‬

‫المجلس مع إشعار المجلس بذلك‪ ،‬ومن ثم تنظر اللجنة في الطلب المُحال إليها وتقوم بتقديم تقريرها إلى‬

‫المجلس‪ ،‬من ثم يأخذ المجلس ق ارره إما برفع الحصانة والموافقة على الطلب أو برفض الطلب واإلبقاء على‬

‫الحصانة ويُتخذ القرار بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس وذلك بعد اإلستماع إلى رأيين مؤيدين ورأيين‬

‫معارضين(‪.)5‬‬

‫الدستور األردني سنة ‪ 1952‬وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المادة (‪ )113‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة ‪2014‬م‪ /‬المادة (‪ )139‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‬ ‫(‪)2‬‬

‫األردني لسنة ‪2013‬م‪.‬‬


‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫أنظر نص المادة (‪ )26‬من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم (‪ )10‬لسنة ‪2004‬م‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)5‬‬

‫‪105‬‬
‫أما بالنسبة إلجراءات رفع الحصانة عن عضو مجلس األمة في التشريع األردني تكون بتقديم النيابة العامة‬

‫طلب ثم يقوم رئيس الوزارء بدوره بتقديم الطلب إلى رئيس مجلس األعيان للحصول على إذن المجلس بإتخاذ‬

‫إجراءات جزائية ترفع الحصانة عن العين وعلى أن يكون هذا الطلب مرفقاً بمذكرة تتضمن نوع الجرم المنسوب‬

‫إلى العضو ومكانه وزمانه وأدلة إثباته‪ ،‬وبعد تقديم الطلب إلى رئيس المجلس –سواء كان رئيس مجلس‬

‫النواب‪ -‬فإنه يتوجب على الرئيس إحالة الطلب إلى اللجنة القانونية لدراسته والنظر فيه وتقديم‬
‫األعيان أم ّ‬
‫تقدم اللجنة تقريرها‬
‫مفصل عنه خالل مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ إحالة الطلب إلى اللجنة وإذا لم ّ‬
‫تقرير ّ‬
‫بت في موضوع الطلب دون الحاجة‬
‫خالل مدة الخمسة عشر يوماً المحددة بموجب القانون جاز للمجلس ال ّ‬

‫إلنتظار تقرير اللجنة وذلك كله في سبيل تسريع وتسهيل اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن دور‬

‫اللجنة القانونية يقتصر على قبول طلب رفع الحصانة أو رفضه ال أكثر والتحقق من مدى جديّة الطلب وعدم‬

‫كيديته فمهمة هذه اللجنة هي سياسية ال قضائية(‪ ،)1‬أي أن سلطة المجلس هنا هي سلطة شكلية وليست‬

‫موضوعية(‪.)2‬‬

‫ومن القيود المفروضة على تقرير المجلس هو النظر إلى خطورة الجرم المنسوب إلى عضو مجلس األمة‬

‫فإن كان في غاية الخطورة يجب إتخاذ قرار خالل دورة إنعقاد المجلس بينما إذا كان مجرد ضرر يسير فمن‬

‫الممكن اإلنتظار حتى نهاية الدورة بحسب الحال‪ ،‬وبعد إتمام اللجنة تقريرها يقوم رئيس المجلس برفع التقرير‬

‫إلى المجلس وعرضه عليه بأسرع وقت ممكن ويتم رفع الحصانة عن العين بموافقة األكثرية المطلقة من‬

‫أعضاء المجلس‪ ،‬وتتحقق األكثرية المطلقة عندما يقرر أكثر من نصف أعضاء المجلس رفع الحصانة عنه‬

‫وإعطاء اإلذن بإتخاذ إجراءات جزائية بحقه ال أكثر‪ ،‬وفيما يتعلق بنطاق اإلذن فال يكون إال في حدود الطلب‬

‫وإذا كان الطلب يتضمن عدة جرائم فعلى المجلس أن يعتبرها كالً ال يتج أز أو أن يقبل بعضها ويرفض اآلخر‪،‬‬

‫النواب األردني في المادة (‪" :)146‬ليس للمجلس أن يفصل في موضوع التهمة‬ ‫وهذا ما نص عليه النظام الداخلي لمجلس ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫وإنما يقتصر دوره على اإلذن بإتخاذ اإلجراءات القانونية أو اإلستمرار فيها متى تبين له أن الغرض منها ليس التأثير على‬
‫النائب لتعطيل عمله النيابي"‪( .‬النظام الداخلي لمجلس النواب األردني لسنة ‪2013‬م)‪.‬‬
‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 97‬و ص‪-101‬ص‪.103‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪106‬‬
‫إذا تضمن الطلب رفع الحصانة عن عدة أعضاء فللمجلس السلطة التقديرية في أن يتخذ ق ارره إتجاهها جمل ًة‬

‫واحدةً أو تفصيالً(‪.)1‬‬

‫وعند الحديث عن اآلثار المترتبة على تقديم طلب رفع الحصانة البرلمانية في التشريع الفلسطيني واألردني‪،‬‬

‫فإن عرض طلب رفع الحصانة –كما تم توضيحه سابقاً‪ -‬يأخذ منحيين‪ ،‬إما إجابة الطلب أو رفضه‪ ،‬والذي‬

‫سيتم توضيح اآلثار المترتبة على كال الق اررين كالتالي‪:‬‬

‫أ‪ .‬القرار بإجابة الطلب ورفع الحصانة‪ :‬يترتب على قرار أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني‬

‫بإجابة الطلب برفع الحصانة ومنح اإلذن للنيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية المقامة ضد عضو‬

‫المجلس التشريعي بأن يصبح عضو المجلس التشريعي فرداً عادياً‪ ،‬فتصبح النيابة العامة قادرة على‬

‫إتخاذ إجراءات فيما يخص الدعوى الجزائية المقامة ضده ولها كامل الحرية في تحريك الدعوى الجزائية‬

‫من عدمه بعد أن كانت يدها مغلولة عنها قبل صدور اإلذن من المجلس التشريعي(‪.)2‬‬

‫وعندما تقرر النيابة العامة تحريك الدعوى‪ ،‬وهو الراجح؛ كونها لن تقوم بتقديم طلب رفع الحصانة قبل‬

‫القيام بالتحرّيات والتحقيقات الالزمة للتثبت من وجود الجريمة‪ ،‬فإذا إختارت ذلك لها الخيار بأن تقوم‬

‫بحفظ الدعوى أو إحالتها إلى المحكمة المختصة‪ ،‬وبما أن المجلس التشريعي ُم ّقيد بالحدود التي وردت‬

‫في طلب رفع الحصانة‪ ،‬وال يمتد القرار برفع الحصانة إلى أمور غير واردة في رفع الطلب مهما بلغت‬

‫من األهمية والخطورة‪ ،‬وهو ما ُيطلق عليه "خصوصية اإلذن برفع الحصانة"‪ ،‬وتحصيل حاصل فإن هذا‬

‫مقيدة بحدود القرار الصادر برفع‬


‫المصطلح يمتد ليشمل اإلجراءات التي تقوم بها النيابة العامة فهي ّ‬

‫الحصانة عن عضو المجلس التشريعي‪ ،‬فإذا تبين لها أثناء السير بالدعوى ضد العضو الذي ُرفعت عنه‬

‫الحصانة إرتكابه فعل آخر يستدعي معاقبته جنائياً وكان هذا الفعل غير ُمدرج في طلب رفع الحصانة‪،‬‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.140-138‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36-35‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪107‬‬
‫فهي تكون بذلك غير قادرة على إتخاذ أي إجراءات قانونية بحقه ويتوجب عليها إستصدار إذن مرة أخرى‬

‫تغير وصف التهمة عن‬


‫تلبس بها‪ ،‬وكذلك الحال في حالة ّ‬
‫من المجلس التشريعي إال إذا كانت جريمة ُم َ‬

‫الوصف المحدد في قرار المجلس التشريعي برفع الحصانة‪ ،‬فيكون في هذه الحالة على النيابة العامة‬

‫إستصدار إذن جديد من المجلس التشريعي إال إذا كانت جريمة ُمتلبس بها(‪.)1‬‬

‫وبالنسبة لآلثار المترتبة على قبول طلب رفع الحصانة البرلمانية في التشريع األردني‪ ،‬فإنه إذا ترتب‬

‫على تقديم طلب رفع الحصانة من ِقَبل رئيس الوزاء إلى مجلس األمة وقبوله له‪ ،‬إعادة الحرية للنيابة‬

‫العامة في إتخاذ إجراءات التوقيف والمحاكمة إتجاه عضو مجلس األمة كأنه شخص عادي دون تعليق‬

‫أي إجراء على أي قيد(‪.)2‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن النظام القانوني الفلسطيني ال يحرم عضو المجلس الصادر بحقه قرار برفع‬

‫الحصانة من ممارسة مهامه النيابية وحضور جلسات المجلس واللجان والمشاركة في التصويت‬

‫الم ِ‬
‫برر في ذلك هو قرينة البراءة‪ ،‬فعضو البرلمان بريء حتى تثبت إدانته‪،‬‬ ‫والمناقشات وإتخاذ الق اررات و ُ‬

‫الميزة‪ ،‬وذلك سنداً للمادة (‪ )4/96‬من النظام‬


‫لكن ُيستثنى عضو البرلمان المحبوس إحتياطياً من هذه ّ‬

‫الداخلي للمجلس التشريعي والمادة (‪ )27‬من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي(‪ ،)3‬فهو‬

‫أمام عقبة مادية تمنعه من ممارسة مهامه البرلمانية‪ ،‬وهذا ما دفع البعض إلى إيجاد طريقة تُم ّكن النائب‬

‫العام من ممارسة مهامه البرلمانية وهو ال يزال موقوف أو محبوس إحتياطي(‪ ،)4‬وفيما يتعلق بالتشريع‬

‫النواب والمادة (‪ )105‬من النظام‬


‫األردني فقد جاء في نص المادة (‪ )145‬من النظام الداخلي لمجلس ّ‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36-35‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103-102‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬حيث نصت المادة (‪ )27‬من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي على‪" :‬للعضو الذي ُرفعت عنه الحصانة ولم‬
‫يوقف الحق في حضور الجلسات وإجتماعات اللجان والمشاركة في المناقشة والتصويت"‪( .‬النظام الداخلي للمجلس التشريعي‬
‫لسنة ‪2000‬م‪ /‬قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم (‪ )10‬لسنة ‪2004‬م)‪.‬‬
‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37-34‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫‪108‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أن قرار رفع الحصانة عن عضو المجلس ال يحرمه من حضور جلسات‬ ‫الداخلي لمجلس األعيان‬

‫المجلس ولجانه والمشاركة في التصويت والمناقشة ما دام لم يتم إعتقاله(‪.)2‬‬

‫ب‪ ‌.‬القرار برفض الطلب وإستمرار الحصانة‪ :‬إن النصاب القانوني للتصويت الالزم لرفع الحصانة البرلمانية‬

‫عن عضو المجلس التشريعي التشريعي هو موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس كما تم ذكره سابقاً‪،‬‬

‫وبدون تحقق هذا النصاب فإنه ال يمكن رفع الحصانة البرلمانية عن عضو المجلس وال تستطيع النيابة‬

‫العامة تحريك الدعوى الجزائية أو إتخاذ أي إجراء قانوني بحقه‪ ،‬أما النصاب القانوني للتصويت الالزم‬

‫لرفع الحصانة عن عضو مجلس األمة األردني فإن قرار المجلس برفض رفع الحصانة البرلمانية عن‬

‫عضو مجلس األمة يترتب عليه عدم جواز إتخاذ إجراءات التوقيف والمحاكمة بحق العضو خالل أدوار‬

‫اإلنعقاد إال في حالة التلبس‪ ،‬أي أن القرار بالرفض يترتب عليه تأجيل إتخاذ اإلجراءات في حق عضو‬

‫لمانية‪ ،‬وإذا سبق وأنها إتخذت أي إجراء بمواجهته‬


‫مجلس األمة حتى إنتهاء النطاق الزمني للحصانة البر ّ‬

‫صحح بقبول العضو الالحق بها ويتوجب‬


‫وبني عليه هو باطل أيضاً‪ ،‬وال تُ َ‬
‫فهو باطل وأي إجراء الحق له ُ‬

‫على المحكمة أن تقضي ببطالنها من تلقاء نفسها‪ ،‬ويجوز للخصوم الدفع بها بأي مرحلة كانت عليها‬

‫الدعوى ولو ألول مرة أمام محكمة النقض؛ والسبب أن الحصانة هي من النظام العام(‪ ،)3‬ومن الجدير‬

‫بالقول أن رفض طلب رفع الحصانة عن عضو المجلس ال يعني برائته فمن الممكن في النظام القانوني‬

‫الفلسطيني إتخاذ إجراءات بحق العضو عن الجريمة التي إرتكبها حال إنتهاء مدة عضويته ودون الحاجة‬

‫النواب لسنة ‪2013‬م واألعيان لسنة ‪2014‬م على‪ :‬للعضو‬ ‫نصت المواد (‪ )145‬و (‪ )105‬من النظام الداخلي لمجلسي ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫الذي رفعت عنه الحصانة ولم يوقف‪ ،‬الحق في حضور جلسات المجلس واجتماعات اللجان والمشاركة في المناقشة والتصويت"‪.‬‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪.39-38 ،‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪109‬‬
‫إلى إذن من المجلس‪ ،‬فمن الممكن للنيابة العامة إتخاذ إجراءات في حق عضو المجلس بعد إنتهاء مدة‬

‫عضويته(‪.)1‬‬

‫وبدراسة إجراءات طلب اإلذن برفع الحصانة البرلمانية في القانونين الفلسطيني واألردني يتضح للباحثة بعض‬

‫الفروقات بين القانونين أبرزها‪:‬‬

‫أن المشرع الفلسطيني لم يشترط وجود وسيط بين النائب العام وبين رئيس المجلس التشريعي عند تقديم طلب‬

‫رفع الحصانة البرلمانية على العكس من القانون األردني الذي إشترط على النيابة العامة تقديم طلب رفع‬

‫(‪)2‬‬
‫ومن الجدير ذكره أن دور رئيس‬ ‫الحصانة لرئيس الوزراء ليقوم بدوره بتقديمه إلى رئيس المجلس التشريعي‬

‫الوزراء ليس موضوعياً إنما هو إجراء شكلي ال أكثر؛ كون الجهة الوسيطة ال تملك أي صالحيات موضوعية‬

‫وال تستطيع إبداء رأيها‪ ،‬ووجود مثل هذا النوع من اإلجراءات يطيل أمد التقاضي‪ ،‬كما ُيعّقد اإلجراءات المتبعة‬

‫لرفع الحصانة وهو ما يتعارض مع خصائص جرائم الفساد‪.‬‬

‫المقدم إليها برفع‬


‫وحدد المشرع األردني نطاق زمني لقيام اللجنة القانونية في مجلس األمة للبحث في الطلب ّ‬

‫الحصانة عن عضو المجلس والنظر فيه وتقديم تقري اًر مفصالً عنه وتتمثل هذه المدة في خمسة عشر يوماً‬

‫البت في موضوع الطلب دون الحاجة إلنتظار‬


‫وإذا لم تقوم اللجنة القانونية خاللها بتقديم التقرير جاز للمجلس ّ‬

‫تقرير اللجنة وذلك بهدف تسريع اإلجراءات الجزائية(‪ ،)3‬على العكس من القانون الفلسطيني الذي لم يحدد‬

‫مدة زمنية يلزم فيها اللجنة القانونية بتقديم تقريرها؛ مما يؤدي إلى اإلبطاء في اإلجراءات الجزائية وذلك ال‬

‫يتناسب مع ما تتصف به جرائم الفساد من سهولة وسرعة إخفاء األدلة وتضليل العدالة‪.‬‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144-143‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫النواب األردني سنة ‪2013‬م‪.‬‬


‫نص المادة (‪ )140‬من النظام الداخلي لمجلس ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫النواب األردني سنة ‪2013‬م‪.‬‬


‫نص المادة (‪ )141‬من النظام الداخلي لمجلس ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫‪110‬‬
‫كما إقتصرت الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجزائية لجرائم الفساد في التشريع األردني على التوقيف‬

‫(‪)1‬‬
‫بينما شملت الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجزائية لجرائم الفساد في التشريع الفلسطيني‬ ‫والمحاكمة‬

‫كافة اإلجراءات الجزائية‪ ،‬أي أن المشرع األردني أعطى مساحة للجهات المختصة في إتخاذ العديد من‬

‫اإلجراءات من دون الحصول على إذن المجلس والتي منها إجراءات اإلستدالل وإستجواب المتهم قبل توقيفه‪،‬‬

‫على العكس من المشرع الفلسطيني الذي كان صارماً فيما يتعلق بالحصانة عندما شملت كافة اإلجراءات‬

‫الجزائية التي تتم في مواجهة مر ِ‬


‫تكب جريمة الفساد ومالحقته‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ثاني ا‪ :‬صدور اإلذن برفع الحصانة القضائية‪.‬‬

‫معينة وهي ما تعرف بالحصانة‬


‫للقاضي مكانة تمنحه الحق في عدم إخضاعه للقضاء إال تحت إجراءات ّ‬

‫القضائية‪ ،‬والتي يتطلب رفعها إجراءات خاصة تختلف من تشريع إلى آخر‪.‬‬

‫إجراءات رفع الحصانة عن‬ ‫ففي التشريع الفلسطيني وضحت المادة (‪ )56‬من قانون السلطة القضائية‬
‫(‪)2‬‬

‫أعضاء السلك القضائي في حال إرتكابهم الجرائم الجنائية‪ ،‬وأعطت لمجلس القضاء األعلى الصالحية في‬

‫منح اإلذن برفع الحصانة عن القضاة وأعضاء النيابة العامة في حال إرتكابهم جرائم فساد‪ ،‬وما يسري على‬

‫القضاة من إجراءات رفع الحصانة والمقاضاة يسري أيضاً على أعضاء النيابة العامة سنداً للمادة (‪ )72‬من‬

‫قانون السلطة القضائية(‪ ،)3‬وفي المحصّلة أي إجراء جزائي ُيتخذ بحق القضاة أو أعضاء النيابة العامة في‬

‫غير حالة التّلبس بجريمة دون إذن مجلس القضاء األعلى هو إجراء باطل وأيضاً أي إجراء تابع له يلحقه‬

‫البطالن كون الحصانة من النظام العام‪ ،‬وبعد إستقراء نص المادة (‪ )28‬من قانون إستقالل القضاء األردني‬

‫المعدل رقم (‪ )29‬لسنة ‪2014‬م نجد أن النص التشريعي الفلسطيني جاء مطابقاً للنص األردني‪ ،‬إال أن‬
‫ّ‬

‫نص المادة (‪ )86‬من الدستور األردني سنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المادة (‪ )56‬من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المادة (‪ )72‬من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪111‬‬
‫التشريع األردني كما ذكرنا سابقاً بحسب نص المادة (‪ )28‬من قانون إستقالل القضاء لسنة ‪2014‬م أعطى‬

‫صالحية مباشرة الدعوى الجزائية لجهة غير النيابة العامة وهي المجلس القضائي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬صدور اإلذن برفع الحصانة الدبلوماسية‪.‬‬

‫يتمتع الدبلوماسيون وأفراد أسرهم بحصانة تمكنهم من القيام بأعمالهم‪ ،‬وفي حال إرتكاب الدبلوماسي جريمة‬

‫الفساد فإن رفع الحصانة عنه يتطلب موافقة بلده األصلي من أجل إتخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة بحقه(‪.)1‬‬

‫المعتمدة عن حصانة ُممثليها الدبلوماسيين‪ ،‬وذلك سنداً‬


‫ورفع الحصانة عن الدبلوماسي يتطلب تنازل الدولة ُ‬

‫للمادة (‪ )32‬من إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية(‪.)2‬‬

‫رابعا‪ :‬صدور اإلذن برفع الحصانة التنفيذية‪.‬‬

‫تتمثل بإجراءات صدور اإلذن برفع الحصانة عن رئيس الدولة‪ ،‬وحصانة رئيس الوزراء ووزراءه ورئيس هيئة‬

‫مكافحة الفساد‪.‬‬

‫أ‪ ‌.‬إجراءات صدور اإلذن برفع حصانة رئيس الدولة‪ :‬بالنسبة لرفع الحصانة في التشريع الفلسطيني‪ ،‬فقد‬

‫ٍ‬
‫بشيء من التفصيل‬ ‫عدل لسنة ‪2003‬م‬ ‫تناولت المادة (‪ )12‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني ُ‬
‫الم ّ‬

‫إجراءات رفع الحصانة عن رئيس الدولة على النحو التالي‪ :‬في حال وجود شبهة بإرتكاب الرئيس‬

‫الفلسطيني جريمة فساد فإنه على رئيس هيئة مكافحة الفساد أو على النائب العام أن يقوم بتقديم طلب‬

‫تمهيدي للمجلس التشريعي وللمحكمة الدستورية للبحث في أهلية الرئيس القانونية وبالتالي أخذ اإلذن في‬

‫إتخاذ إجراءات جزائية ضده‪ ،‬ويوقف الرئيس عن صالحيته في ممارسة مهامه بمجرد تقديم الطلب ولحين‬

‫موقع الجزيرة اإللكتروني ‪ ،‬رفع الحصانة‪ ..‬هيبة المؤسسات وأولوية العدل‪ ،2016 ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ،https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2016/8/31/‬تاريخ آخر زيارة‪:‬‬


‫‪2022/2/12‬م‪.‬‬
‫راجع نص إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ ،https://www.aljazeera.net/encyclopedia/events/2017/7/24/‬تاريخ آخر زيارة‪2022/2/12 :‬م‪.‬‬


‫‪112‬‬
‫الفصل في اإلتهام‪ ،‬ويتولى النائب العام إجراءات التحقيق‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن محاكمة رئيس السلطة‬

‫الفلسطينية يكون أمام محاكم خاصة تُنشأ لهذا السبب‪ ،‬وإذا ثبتت إدانة الرئيس على الجرائم التي ُوجهت‬

‫إليه يتم إعفاءه من منصبه مع عدم اإلخالل بالعقوبات األخرى التي نص عليها القانون(‪ ،)1‬على العكس‬

‫من التشريع األردني الذي أطلق حصانة الملك فال يجوز مسائلته أو إتخاذ أي إجراء جزائي بحقه مطلقاً‬

‫وذلك حسب نص المادة (‪ )30‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م‪.‬‬

‫وتجد الباحثة أن ما جاء في التشريع الفلسطيني من مبالغة في تشديد إجراءات رفع الحصانة عن الرئيس‪،‬‬

‫يعزى إلى م ِ‬
‫نصب الرئيس وموقعه الوظيفي؛ كونه ممثالً للدولة‪ ،‬كما أن ثقة المواطنين بأجهزة الدولة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫اء كان كيدي أم‬


‫وجه لرئيس الدولة سو ً‬
‫منوطة بثقتهم برئيس الدولة‪ ،‬فبالتالي إذا علم األفراد بكل إشتباه ُي ّ‬

‫حقيقي‪ ،‬فإنه من شأنه أن يزعزع ثقة األفراد بمؤسسات الدولة عامة وبالخدمات التي تقوم بتقديمها‪ ،‬لذلك‬

‫الموجه إليه وإتخاذ‬


‫ّ‬ ‫جدية اإلتهام‬
‫ال ّبد من تشديد إجراءات رفع الحصانة عن رئيس الدولة للتأكد من مدى ّ‬

‫اإلجراءات المناسبة بحقه وبمركزه الوظيفي على أن ال يتعارض ذلك مع إتخاذ اإلجراءات الجزائية‬

‫المناسبة وإيقاع العقوبة المفروضة في حال ثبت إرتكابه لجريمة فساد‪.‬‬

‫ب‪ ‌.‬إجراءات صدور اإلذن برفع الحصانة الو ازرية‪ :‬بما أن رئيس الوزراء ووزراءه تشملهم الحصانة‪ ،‬إذاً ال‬

‫ُبد من وجود إج ارءات محددة لرفع الحصانة عن هؤالء المتمتعين بها‪ ،‬والتي تختلف إجراءاتها بإختالف‬

‫الدول والتشريعات‪.‬‬

‫ففي فلسطين نصت المادة (‪ )75‬من القانون األساسي الفلسطيني ّ‬


‫المعدل لسنة ‪2003‬م والمادة (‪)1/17‬‬

‫المعدل رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م على تعليق إتصال النيابة العامة‬


‫ّ‬ ‫من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني‬

‫بملف الدعوى الخاص بإتهام رئيس الوزراء أو الوزراء بعد الحصول على إحالة من رئيس الدولة إذا كان‬

‫وي َعد‬
‫المتهم هو رئيس الوزراء‪ ،‬أما إذا كان المتهم هو أحد الوزراء فيتطلب ذلك إحالة من رئيس الوزراء‪ُ ،‬‬

‫المادة (‪ )12‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪113‬‬
‫قرار محكمة النقض المنعقدة في رام هللا تطبيق عملي لنصوص المواد السابقة‪ ،‬إذ قضت في طعن ُق ّدم‬

‫إليها من وزير محكوم عليه بإحدى جرائم الفساد إتصلت النيابة العامة بملفه عن طريق اإلحالة من ِقَبل‬

‫رئيس الوزراء(‪.)1‬‬

‫أما في التشريع األردني فقد أعطت المادة (‪ )56‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته الحق‬

‫النواب تقديم اإلتهام للنيابة العامة بعد موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس‪ ،‬بالتالي صدور القرار‬
‫لمجلس ّ‬

‫بالموافقة ُيعيد إتصال النيابة العامة بالدعوى‪ ،‬مما يعني رفع الحصانة عن رئيس الوزراء أو أحد وزراءه‪.‬‬

‫وبعد توضيح كل ما يتعلق بالحصانة البرلمانية والحصانة الوزارية‪ ،‬ال ُب ّد من طرح التساؤل التالي‪ :‬في‬

‫حال الجمع بين منصبي عضوية البرلمان ورئاسة الوزراء أو عضوية أحد الو ازرات‪ ،‬فما هي اإلجراءات‬

‫الواجب إتخاذها في وجه َمن يجمع بين ذلك النوعين من الحصانة في ٍ‬


‫آن واحد عند إرتكابه جريمة فساد‬

‫تستوجب العقاب وأحكام أي من الحصانتين يجب تطبيقها؟ فمن المعلوم وجود العديد من األنظمة‬

‫السياسية التي تسمح الجمع بين هذين المنصبين كالنظام السياسي البرلماني وشبه الرئاسي‪ ،‬ومنها النظام‬

‫(‪)2‬‬
‫السياسي الفلسطيني الذي أتاح لعضو البرلمان في المادة (‪ )98‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي‬

‫الجمع بين منصبه ومنصب الوزير‪ ،‬بالتالي تَمتُع هذا الشخص بنوعين مختلفين من الحصانة أحدهما‬

‫برلمانية واألخرى و ازرية تختلف كل منها في إجراءات رفعها‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى اإلرباة وإعاقة‬

‫إجراءات المالحقة الجزائية؛ لذلك كان ال ُبد من تطبيق إجراءات رفع إحدى الحصانتين على عضو‬

‫البرلمان والذي هو بنفس الوقت عضو الحكومة‪ ،‬أال وهي إجراءات رفع الحصانة الو ازرية الواردة في‬

‫"ولما كانت إحالة الطاعن للتحقيق وإتخاذ اإلجراءات القانونية واجبة اإلتباع لم تخرج عن تخوم ما‬
‫حيث جاء في نص القرار ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫خصها القانون به عبر‬


‫المشار إليها‪ ،‬فإن النيابة العامة تغدو والحالة هذه قد إتصلت بما ّ‬‫حدده المشرع وفق صريح النصوص ُ‬
‫قنوات شرعية سليمة ال يأتيها الباطل"‪( .‬نقض رام هللا‪ ،‬رقم (‪ ،)2006/5‬جلسة ‪2006/3/23‬م‪ ،‬منشورات المقتفي‪ ،‬منشور على‬
‫زيارة‬ ‫آخر‬ ‫تاريخ‬ ‫‪،http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ShowDoc.aspx?ID=34482‬‬ ‫الرابط‪:‬‬
‫‪.)2021/10/18‬‬
‫نصت المادة (‪ )98‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لسنة ‪2000‬م على‪" :‬فيما عدا منصب الوزير ال يجوز للعضو أن‬ ‫(‪)2‬‬

‫يجمع بين عضويته في المجلس وأية وظيفة في السلطة التنفيذية"‪.‬‬


‫‪114‬‬
‫المعدل لسنة ‪2003‬م‪ ،‬بحيث يكون رئيس الدولة أو رئيس الوزراء‬
‫ّ‬ ‫نص المادة (‪ )75‬القانون األساسي‬

‫هو المسؤول عن إحالة ملف الدعوى للتحقيق بحسب مقتضى الحال؛ وذلك تجنباً للتشتيت وعرقلة‬

‫اإلجراءات وحتى ال يكون هناة إخالل بالتوازن بين السلطتين ومنح قوة إضافية غير مبررة للمجلس‬

‫التشريعي في األنظمة السياسية البرلمانية أو شبه الرئاسية(‪.)1‬‬

‫ت‪ ‌.‬إجراءات صدور اإلذن برفع حصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد‪ :‬أما فيما يتعلق برفع الحصانة عن رئيس‬

‫هيئة مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني ال يتم رفع الحصانة إال بعد إحالة رئيس السلطة الفلسطينية‬

‫أمر إرتكاب رئيس الهيئة لجريمة فساد إلى المجلس التشريعي الذي يقرر رفع الحصانة من عدمها وإحالته‬

‫إلى المحكمة المختصة بموافقة األغلبية المطلقة ألعضاء المجلس بحسب نص المادة (‪ )2/17‬من‬

‫قانون مكافحة الفساد الفلسطيني(‪ ،)2‬وجاء نص المادة (‪/6‬ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني‬

‫(‪)3‬‬
‫الذي يرفع الحصانة عن رئيس هيئة مكافحة الفساد وأعضاء الهيئة مشابه‬ ‫رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م‬

‫إلى ٍ‬
‫حد كبير ما ورد في التشريع الفلسطيني إال أن المشرع األردني لم ينص على وجوب إحالة أمر‬

‫إرتكاب جريمة الفساد إلى الملك بل إكتفى بحصر اإلختصاص في رفع الحصانة للمجلس القضائي‬

‫وأعطاه الصالحية في تقرير إستمرار توقيفه للمدة التي يراها مناسبة أو تمديدها أو اإلفراج عنه بكفالة‬

‫أو بغير كفالة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق برفع الحصانة عن رئيس هيئة مكافحة الفساد ترى الباحثة أن َنص المشرع الفلسطيني على‬

‫منح الصالحية للمجلس التشريعي في تقرير رفع الحصانة من عدمه عن رئيس الهيئة بعد إحالته إلى‬

‫(‪)4‬‬
‫يوفر زيادة في الضمان للتحقق من عدم كيدية اإلدعاء ومدى موضوعيته وجديته‪ ،‬إال‬ ‫رئيس السلطة‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.40-39‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المادة (‪ )2/17‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المادة (‪/6‬ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫حسب نص المادة (‪ )2/17‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪115‬‬
‫أنه ُيطيل من أمد اإلجراءات الجزائية وبالتالي زيادة إحتمالية إفالت المجرم من العقاب وإخفاء أدلة‬

‫جريمة الفساد‪ ،‬على أن المشرع األردني كان موفقاً فيما يتعلق بالتنظيم القانوني برفع الحصانة عن رئيس‬

‫الهيئة حيث إكتفى بمنح المجلس التشريعي الصالحية في ذلك دون إحالة أمر إرتكاب الجريمة إلى‬

‫الملك(‪ ،)1‬فكان من األفضل لو إكتفى المشرع الفلسطيني بمنح تقرير رفع الحصانة للمجلس التشريعي‬

‫المتخ ّذة ومراعاةً لما تتصف به جرائم الفساد من سهولة إخفاء األدلة‬
‫إختصا اًر لإلجراءات الجزائية ُ‬

‫والتالعب بها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬زوال الحصانة تلقائي ا‪.‬‬

‫يكون زوال الحصانة تلقائياً في حالة التلبس بجريمة فساد‪ ،‬وإنتهاء دورة اإلنعقاد‪ ،‬وإنتهاء الوالية‪ ،‬أي أنه‬

‫بمجرد تحقق تلك الحاالت السابقة تزول الحصانة بصورة تلقائية ومباشرة عن أصحابها‪.‬‬

‫أولا‪ :‬التلبس بالجريمة (الجرم المشهود)‪.‬‬

‫يتناول هذا الفرع اإلجراءات الواجب إتخاذها بحق األشخاص المتمتعين بالحصانة في حال القبض عليهم‬

‫متلبسين بإحدى جرائم الفساد‪.‬‬

‫في البداية ال بد من توضيح المقصود بمصطلح الجرم المشهود وهو الجرم الذي ُيشاهد أثناء وقوعه أو بعد‬

‫وقوعه بفترة قصيرة وفي ظروف خاصة يحددها القانون(‪.)2‬‬

‫وذلك حسب نص المادة (‪/6‬ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الهيتي‪ ،‬بالل‪ :‬الجرم المشهود وأثره في توسيع سلطات الضابطة العدلية دراسة مقارنة بين القانونين األردني والعراقي‬ ‫(‪)2‬‬

‫(رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة الشرق األوسط للدراسات العليا‪ّ ،‬‬


‫عمان‪ ،2011 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪116‬‬
‫وقد حدد قانون اإلج ارءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته في المادة (‪ )26‬منه‬
‫(‪)1‬‬

‫اإلجراءات المتبعة في حاالت التلبس بالجريمة(‪.)2‬‬

‫وفي حالة القبض على عضو المجلس التشريعي متلبساً بجريمة فساد‪ ،‬فإن النيابة العامة تستطيع إتخاذ‬

‫إجراءات جزائية في حق عضو المجلس التشريعي إذا تم القبض عليه متلبساً بجريمة وذلك بحسب نص‬

‫المادة (‪ )4/95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني(‪ ،)3‬على أن يكون تكييف الجريمة بأنها‬

‫جناية‪ ،‬والمحكمة هي المختصة بتحديد التكييف القانوني للجريمة‪ ،‬فبالتالي إذا إتضح أن جريمة الفساد من‬

‫نوع جنحة‪ ،‬فإن كافة اإلجراءات التي قامت بها النيابة العامة وما يلحقها هي باطلة‪ ،‬كما إشترطت نص‬

‫المادة على إعالم المجلس التشريعي فو اًر بأي إجراء قامت به النيابة العامة‪ ،‬والمبرر في ذلك أنه يحقق حالة‬

‫من التوازن بين مصلحة النيابة العامة وحقها في إتخاذ إجراءات جزائية وبين مصلحة المجلس التشريعي‬

‫المتخذة والرقابة عليها‪ ،‬وما جاء في التشريع األردني فيما يتعلق بالتلبس بالجريمة‬
‫وحقه في متابعة اإلجراءات ُ‬
‫وفي رفع الحصانة البرلمانية هو مطابق إلى ٍ‬
‫حد كبير ما جاء في التشريع الفلسطيني‪ ،‬فقد نصت المادة (‪)86‬‬

‫من الدستور األردني على‪" :‬ال يوقف أحد أعضاء مجلسي األعيان والنواب وال يحاكم خالل مدة إجتماع‬

‫المجلس‪ ..‬ما لم يقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية"(‪ ،)4‬يتضح من نص المادة أنه في حال قبض‬

‫حيث جاء فيها‪" :‬تكون الجريمة متلبساً بها في إحدى الحاالت التالية‪ .1 :‬حالة إرتكابها أو عقب إرتكابها ببهرة وجيزة‪.2 .‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫إذا تبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته النيابة العامة بصخب أو صياح أثر وقوعها‪ .3.‬إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب‬
‫حامالً آالت أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها‪ ،‬وإذا وجدت به في هذا‬
‫الوقت آثار أو عالمات تفيد ذلك"‪.‬‬
‫ومن الجدير ذكره فيما يتعلق بأنواع الحصانة التي لم يعالج المشرع إجراءات زوالها في حالة القبض على أحد مرتكبيها‬ ‫(‪)2‬‬

‫متلبساً بجريمة فساد‪ ،‬فإنه تتم إحالة كافة اإلجراءات الواجب إتباعها إلى القواعد العامة المتعلقة بالتلبس بجريمة ما‪.‬‬
‫(‪ )3‬تنص المادة (‪ )4/95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م على‪" :‬يتمتع األعضاء بالحصانة طيلة‬
‫والية المجلس وال يجوز في غير حالة التلبس بجناية إتخاذ أية إجراءات جزائية ضد أي عضو على أن يبلغ المجلس فو اًر‬
‫باإلجراءات المتخذة ضد العضو ليتخذ المجلس ما يراه مناسباً‪ ،‬وتتولى هيئة المكتب هذه المهمة إذا لم يكن المجلس منعقداً"‪.‬‬
‫الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪117‬‬
‫النيابة العامة على عضو مجلس األمة متلبساً بجريمة ما‪ ،‬يحق لها إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحقه شرط‬

‫إعالم المجلس فو اًر وعلى أن تكون الجريمة من نوع جناية(‪.)1‬‬

‫تجد الباحثة تقارب كبير بين النصوص التشريعية الفلسطينية واألردنية التي تناولت حالة التلبس بالجريمة‬

‫المرتكبة من ِقَبل عضو البرلمان واإلجراءات المتخذة بحقه‪ ،‬وتدعم الباحثة النصوص القانونية التي نصت‬

‫على وجوب قيام النيابة العامة بمباشرة اإلجراءات الجزائية في حالة القبض على عضو البرلمان متلبساً‬

‫بجريمة دون الحاجة إلى أخذ اإلذن من المجلس التابع له العضو؛ إذ أنه تنتفي شبهة الكيد في ذلك وبالتالي‬

‫تنتفي الحاجة لوجود الحصانة‪ ،‬كما ترى الباحثة أن التشريعات قد أصابت في إشتراطها على النيابة العامة‬

‫وجوب إعالم المجلس التشريعي باإلجراءات المتخذة‪ ،‬إذ أن من حق المجلس حماية أعضاؤه وتوفير الرقابة‬

‫على أي إجراء ُيتخذ بحقهم‪ ،‬كما تجد الباحثة مجانبة التشريعين الفلسطيني واألردني الصواب في قصر‬

‫مباشرة النيابة العامة لإلجراءات الجزائية ضد عضو البرلمان المتلبس به على الجرائم من نوع الجنايات فقط‬

‫دون الجنح؛ وذلك كون أغلب جرائم الفساد هي جرائم جنحية‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالحصانة القضائية‪ ،‬ففي حال القبض على أحد القضاة متلبساً بجريمة ما فعلى النائب العام‬

‫عند القبض على القاضي أو توقيفه رفع األمر إلى مجلس القضاء األعلى خالل مدة األربع وعشرين ساعة‬

‫وبناء عليه يقرر إما اإلفراج عنه بكفالة أو بغيرها‬


‫التالية للقبض عليه وللمجلس أن يقوم بسماع أقوال القاضي ً‬

‫أو إستمرار توقيفه للمدة التي يقررها وله تمديد هذه المدة(‪ ،)2‬هذا وأعطت المادة (‪ )59‬من قانون السلطة‬

‫القضائية الفلسطيني المجلس صالحية تحديد اإلختصاص المكاني للمحكمة التي ستنظر في الدعوى(‪.)3‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.165-153‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬ورد ذلك في نص المادة (‪ )2/56‬من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م وتعديالته وأيضاً ورد في‬
‫نص المادة (‪/28‬أ‪ )2/‬من قانون إستقالل القضاء األردني رقم (‪ )29‬لسنة ‪2014‬م‪.‬‬
‫تنص المادة (‪ )59‬من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م وتعديالته على‪" :‬ال ترفع الدعوى الجنائية‬ ‫(‪)3‬‬

‫على القاضي إال بإذن من مجلس القضاء األعلى‪ ،‬ويحدد المجلس المحكمة التي تنظر الدعوى بغض النظر عن قواعد‬
‫االختصاص المكاني المقررة في القانون"‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫التمعن بالنصوص القانونية التي تناولت رفع الحصانة القضائية عن أعضاء السلك‬
‫ّ‬ ‫تجد الباحثة من خالل‬

‫القضائي المتلبسين بإرتكاب جريمة فساد في التشريعين الفلسطيني واألردني أن كال المشرعين لم يوفقا في‬

‫وضع النص القانوني‪ ،‬إذ أعطت هذه النصوص إختصاص إستكمال إجراءات الدعوى الجزائية من اإلفراج‬

‫بكفالة أو تمديد التوقيف للمجلس القضائي الذي يعتبر دوره اإلشراف اإلداري على الجهاز القضائي وليس‬

‫القيام بإجراءات جزائية(‪ ،)1‬وحتى أنها لم تضع أية ضوابط خاصة تُ ّقيد قرار المجلس القضائي باإلفراج بكفالة‬

‫أو تمديد التوقيف‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالقبض على الدبلوماسي متلبساً بجريمة فساد في الدولة المضيفة‪ ،‬فإن إتفاقية فيينا للعالقات‬

‫(‪)2‬‬ ‫الدبلوماسية منعت إتخاذ أي إجراء بحق الدبلوماسي بأي ٍ‬


‫حال من األحوال ‪ ،‬إال أنه في العرف الدولي غالباً‬

‫ما تقوم الدول المضيفة بالقبض على الدبلوماسي إذا و ِجد متلبساً بالشروع بإرتكاب جر ٍ‬
‫يمة ما؛ لمنعه من‬ ‫ُ َ ُ‬

‫إرتكاب أية جريمة بالغة الخطورة أو تمهيداً لترحيله من دولتها شرط أن تكون الجريمة غاية في الخطورة ومن‬

‫الصعب تدارة نتائجها كجرائم التجسس أو اإلتجار بالمخدرات على سبيل المثال(‪ ،)3‬أي أن المعيار في إتخاذ‬

‫إجراء القبض بحق الدبلوماسي المتلبس بجريمة ما هو مدى خطورة تلك الجريمة وصعوبة تدارة آثارها‬

‫ونتائجها ويشمل ذلك جرائم الفساد‪.‬‬

‫للمزيد حول مجلس القضاء األعلى الفلسطيني وإختصاصته‪ ،‬موقع مجلس القضاء األعلى اإللكتروني‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫زيارة‪:‬‬ ‫آخر‬ ‫تاريخ‬ ‫‪،https://www.courts.gov.ps/details_ar.aspx?id=E9pV7sa36166614aE9pV7s‬‬


‫‪.2021/8/15‬‬
‫تنص المادة (‪ )29‬من إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة ‪1961‬م على‪" :‬لشخص الممثل الدبلوماسي حرمة‪ ،‬فال يجوز‬ ‫(‪)2‬‬

‫بأي شكل القبض عليه أو حجزه‪ ،‬وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله باإلحترام الالزم له‪ ،‬وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة‬
‫لمنع اإلعتداء على شخصه أو على حريته أو على إعتباره"‪.‬‬
‫أحمد‪ ،‬إيناس‪ :‬الحماية الجنائية للبعثات الدبلوماسية‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬العدد ‪2017 ،3‬م‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫للمزيد راجع الرابط‪ ، https://www.iasj.net/iasj/ :‬تاريخ آخر زيارة‪.2021/12/6 :‬‬


‫‪119‬‬
‫وعند الحديث عن القبض على أحد أصحاب الحصانة التنفيذية متلبساً بجريمة فساد‪ ،‬فبالنسبة لرئيس الدولة‬

‫لم يرد في قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2015‬م وتعديالته وال في القوانين ذات العالقة‬
‫(‪)1‬‬

‫نصوص قانونية تنظم إجراءات رفع الحصانة عن رئيس الدولة في حالة القبض عليه ُمتلبساً بجريمة فساد‪،‬‬

‫الهاشمية فإنها ُمطلقة وال يجوز رفعها بأي حال من‬


‫ّ‬ ‫وفيما يتعلق بحصانة الملك في المملكة األردنية‬

‫األحوال(‪ ،)2‬وكذلك الحال بالنسبة لرئيس الوزراء ووزراءه ورئيس هيئة مكافحة الفساد فإن المشرع الفلسطيني‬

‫لم ينص على إجراءات رفع الحصانة في حالة القبض على رئيس الوزراء أو أحد من وزراءه ُمتلبساً بجريمة‬

‫فساد‪ ،‬وفي القانون األردني ال يوجد في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م‬

‫(‪)3‬‬
‫ما ُيعالج رفع الحصانة عن رئيس الوزراء أو أحد وزراءه في حالة القبض عليه ُمتلبساً بجريمة‬ ‫وتعديالته‬

‫فساد‪ ،‬وفيما يتعلق بحصانة رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد األردنية ففي حال القبض على رئيس الهيئة‬

‫متلبساً بجريمة فساد فإن النيابة العامة تستطيع إتخاذ اإلجراءات الجزائية الالزمة بحقه دون الحاجة إلى‬

‫الحصول على إذن من المجلس القضائي(‪.)4‬‬

‫ثاني ا‪ :‬إنتهاء دورة اإلنعقاد‪.‬‬

‫مقيدة باإلذن برفع الحصانة عن عضو البرلمان لتتمكن من مقاضاته عما إرتكبه من‬
‫بما أن النيابة العامة ّ‬

‫جرائم‪ ،‬فإنه يمكنها اإلنتظار حتى إنتهاء دورة إنعقاد البرلمان حتى تستعيد كامل حريتها في إتخاذ اإلجراءات‬

‫الجزائية وتحريك دعوى الحق العام ضد عضو البرلمان دون الحصول على إذن البرلمان برفع الحصانة عنه‪،‬‬

‫إذ أنه بإنتهاء دورة اإلنعقاد تنتفي الصلة في تقرير رفع الحصانة عن عضو البرلمان من عدمه(‪.)5‬‬

‫المعدل سنة ‪2003‬م‪ ،‬وقانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬سنة‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1‬تتمثل القوانين ذات العالقة في القانون األساسي‬
‫‪2001‬م‪.‬‬
‫نص المادة (‪ )30‬من الدستور األردني سنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وكذلك الحال بالنسبة للدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫نص المادة (‪/6‬ز) من قانون النزاهة مكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.140‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪120‬‬
‫في التشريع الفلسطيني فإن الحصانة البرلمانية شاملة كامل مدة العضوية‪ ،‬سواء كان المجلس في دور‬

‫اإلنعقاد العادي أو الطارئ أو في غير حالة إنعقاد أساساً وذلك ما جاء في نص المادة (‪ )4/95‬من النظام‬

‫(‪)1‬‬
‫والمادة‬ ‫الداخلي للمجلس التشريعي والتي جاء فيها‪" :‬يتمتع االعضاء بالحصانة طيلة والية المجلس‪"...‬‬

‫والتي أطلقت مدة الحصانة(‪)3‬؛ وفلسفة ذلك هو حماية أعضاء‬ ‫(‪ )5/53‬من القانون األساسي الفلسطيني‬
‫(‪)2‬‬

‫البرلمان من تعسف السلطات األخرى في الدولة وتحقيقاً للغاية التي وضعت الحصانة من أجلها في حماية‬

‫أعضاء البرلمان من تنفيذ العقوبات بحقهم(‪.)4‬‬

‫أما في التشريع األردني في حال بدأت النيابة العامة إجراءاتها بحق العين قبل أن يصبح عضواً فعلى النيابة‬

‫العامة توقيف إجراءاتها حال تسلم العضو مهام منصبه وعليها اإلنتظار إلى حين صدور إذن من المجلس‬

‫يسمح بإتخاذ إجراءات جزائية بحق العضو ورفع الحصانة عنه‪ ،‬وقد منع الدستور األردني توقيف عضو‬

‫مجلس األمة خالل دورة إنعقاده في الفقرة األولى من المادة (‪ )86‬ونص على ذلك أيضاً النظام الداخلي‬

‫لمجلس األعيان في المادة (‪ )96‬والنظام الداخلي لمجلس النواب في المادة (‪.)5()135‬‬

‫تميل الباحثة في رأيها إلى اإلشادة بما جاء به المشرع األردني في قصر الحصانة على أدوار اإلنعقاد فقط‬

‫وليس كما جاء في التشريع الفلسطيني بجعل مدة الحصانة مطلقة أي في دور إنعقاده العادية أو الطارئة أو‬

‫في غير حاالت إنعقاد البرلمان أساساً وحتى بعد إنتهاء مدة العضوية؛ مما ُيمكن النيابة العامة من إتخاذ‬

‫إجراءات جزائية بحق المشتبه بإرتكابه جريمة فساد بعد إنتهاء دورة إنعقاد المجلس‪.‬‬

‫النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حيث جاء فيها‪" :‬ال يجوز لعضو المجلس التشريعي التنازل عن الحصانة من غير إذن مسبق من المجلس‪ ،‬وال تسقط‬ ‫(‪)2‬‬

‫المعدل لسنة‬
‫ّ‬ ‫الحصانة بإنتهاء العضوية وذلك في الحدود التي كانت تشملها مدة العضوية"‪( .‬القانون األساسي الفلسطيني‬
‫‪2003‬م)‪.‬‬
‫كذلك فعل المشرع التونسي بحيث أطلق مدة الحصانة البرلمانية‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.141-140‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪121‬‬
‫ثالثا‪ :‬إنتهاء مدة الولية‪.‬‬

‫فيما يتعلق بالحصانة البرلمانية فإن حالة إنتهاء والية المجلس تزول الحصانة عن عضو البرلمان وتسترد‬

‫النيابة حريتها في تحريك دعوى الحق العام وإتخاذ اإلجراءات الجزائية ضد عضو البرلمان‪ ،‬وتنتهي والية‬

‫حل المجلس(‪.)1‬‬
‫المجلس في حالتين األولى عند إنتهاء مدته والثانية عند ّ‬

‫(‪)2‬‬
‫مدة والية المجلس التشريعي بأربعة سنوات‬ ‫المعدل‬
‫ّ‬ ‫حددت المادة (‪ )3/47‬من النظام األساسي الفلسطيني‬

‫المنتخب اليمين الدستوري‪ ،‬وفيما يتعلق‬


‫َ‬ ‫تبدأ من تاريخ إنتخابه وتنتهي بمجرد أداء أعضاء المجلس الجديد‬

‫المعدل لسنة ‪2003‬م وال في النظام الداخلي‬


‫ّ‬ ‫بتمديد والية المجلس ال يوجد في القانون األساسي الفلسطيني‬

‫للمجلس التشريعي لسنة ‪2000‬م نص مادة يتناول تمديد والية المجلس التشريعي أو حّله‪ ،‬إال أنه فيما يتعلق‬

‫بحل المجلس فقد صدر عن المحكمة الدستورية العليا قرار تفسيري رقم (‪ )10‬لسنة ‪2018‬م يقضي بحل‬

‫المجلس التشريعي ويدعو إلى إجراء إنتخابات تشريعية حيث إعتبرت المحكمة المجلس معطالً وفي حالة‬

‫عدم إنعقاد منذ دورته األولى سنة ‪2007‬م والمعيار في ذلك هو قيام المجلس بالمهام الموكولة إليه والتي‬

‫تتمثل حسب القانون الفلسطيني في مهام سن القوانين والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية والتي لم يقوم‬

‫المجلس بأي منها منذ تاريخ إنعقاده وبالتالي فإن عدم قيامه بتلك المهام يفقده صفة المجلس التشريعي(‪.)3‬‬

‫وفي التشريع األردني تنتهي مدة مجلس األعيان بعد أربع سنوات من تاريخ تعيين أعضاء المجلس من ِقَبل‬

‫النواب تنتهي مدة والية المجلس بعد مرور أربع سنوات من تاريخ إعالن نتائج اإلنتخاب‬
‫الملك‪ ،‬وكذلك مجلس ّ‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.166‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عدل لسنة ‪2003‬م على‪" :‬مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ‬ ‫حيث نصت هذه المادة من القانون األساسي ُ‬
‫الم ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫إنتخابه وتجري اإلنتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورّية"‪.‬‬


‫المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬حكم رقم ‪ ،2018/10‬منشورات موقع مقام اإللكتروني‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬ ‫( ‪) 3‬‬

‫‪ ،https://maqam.najah.edu/judgments/‬تاريخ آخر زيارة‪.2021/9/25 :‬‬


‫‪122‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد يتم تمديد مدة والية المجلس بإرادة‬ ‫العام بحسب ما جاء في نص المادة (‪ )68‬من الدستور األردني‬

‫ملكية لمدة ال تقل عن سنة وال تزيد عن سنتين‪ ،‬أما بالنسبة لحل مجلس األمة األردني فقد أعطت المادة‬

‫(‪)2‬‬
‫النواب منفردين أو مجتمعين وفي‬
‫الصالحية للملك بحل مجلس األعيان أو ّ‬ ‫(‪ )34‬من الدستور األردني‬

‫بحل المجلس‪ ،‬وهناة حاالت يعود فيه أعضاء‬


‫هذه الحالة تنتهي الحصانة من تاريخ صدور النص الملكي ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫وهي في حال عدم حدوث إنتخابات‬ ‫المجلس إلى مناصبهم حددها الدستور األردني في المادة (‪)2/73‬‬

‫عامة فإنه يعود أعضاء المجلس إلى مناصبهم وبالتالي يستعيد المجلس كامل سلطته الدستورية ومعها‬

‫الحصانة البرلمانية(‪.)4‬‬

‫وعند الحديث عن الحصانة الدبلوماسية وزوالها‪ ،‬ال ُب ّد من معرفة أن الحكمة من تقرير الحصانة الدبلوماسية‬

‫ألعضاء البعثات الدبلوماسية هي حماية الدبلوماسي أثناء القيام بمهامه الدبلوماسية التي تبدأ من وقت تقديم‬

‫أوراق اإلعتماد أو من وقت اإلخطار الرسمي بالوصول بالنسبة لرئيس البعثة وأيضاً من وقت تسليم العمل‬

‫وإخطار و ازرة الخارجية بذلك بالنسبة لبقية األعضاء‪ ،‬والحصانة الدبلوماسية مقررة لصالح دولة المبعوث‬

‫الدبلوماسي ال لصالحه الشخصي بالتالي من المفترض أنها تنتهي بانتهاءه من أداء مهامه سواء كان ذلك‬

‫بإستدعاء من دولته أم باستقالته أم بإقالته بإعتباره شخصاً غير مرغوب به من ِقَبل الدولة المعتمدة من ثم‬

‫طرده خارج البالد وهنا تبقى حصانة المبعوث مستمرة إلى حين مغادرته من البالد بعد منحه أجل معقول‬

‫لتدبير شؤونه ومغادرة البالد‪ ،‬وإن تجاوز حدود مدة هذا األجل وأطال بقاءه بدون مبرر تسقط عنه الحصانة‬

‫النواب أربع سنوات شمسية تبدأ من‬


‫تنص المادة (‪ )68‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته على‪" :‬مدة مجلس ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫تاريخ إعالن نتائج اإلنتخاب العام في الجريدة الرسمية وللملك أن يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية إلى مدة ال تقل عن سنة واحدة‬
‫وال تزيد عن سنتين"‪.‬‬
‫النواب‪ .4 .‬للملك أن يحل مجلس األعيان"‪.‬‬ ‫يحل مجلس ّ‬‫بحيث نصت هذه المادة من الدستور على‪ .3" :‬للملك أن ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫نصت المادة (‪ )2/73‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته على‪" :‬إذا لم يتم اإلنتخاب عند إنتهاء الشهور األربعة‬ ‫(‪)3‬‬

‫المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فو اًر كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس‬
‫ّ‬ ‫يستعيد المجلس‬
‫الجديد"‪.‬‬
‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.170-169‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪123‬‬
‫واإلمتيازات المقررة لصالحه(‪ ،)1‬وهذا ما نصت عليه المادة (‪ )2/39‬من إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‬

‫لسنة ‪1961‬م(‪ ،)2‬وكذلك الحال عند وفاة الدبلوماسي تستمر حصانة أفراد أسرته إلى أجل معقول يسمح لهم‬

‫عتمد لديها الدبلوماسي الذي تُوفى‪ ،‬وفي حالة قطع العالقات‬


‫الم َ‬
‫بتدبير شؤونهم ومغادرة أرض الدولة ُ‬

‫عتمد لديها‬
‫الم َ‬
‫الدبلوماسية بين الدول يتم إعطاء مهلة معقولة إلنهاء مهمة المبعوث الدبلوماسي وعلى الدولة ُ‬

‫عتمد‬
‫الم َ‬
‫التعهد بتوفير الحماية الالزمة له إلى حين مغادرته البالد‪ ،‬أما في حالة نشوب حرب لدى الدولة ُ‬

‫عتمد لديها(‪.)3‬‬
‫الم َ‬
‫لديها يجوز لها أن تعهد برعايتهم وتوفير الحماية لهم إلى دولة ثالثة ترتضيها الدولة ُ‬

‫عتمد لديها في مقاضاة الدبلوماسي عند إنتهاء حصانته وهو‬


‫الم َ‬
‫ويبقى السؤال حول إختصاص محاكم الدولة ُ‬

‫توجه نحو التفرقة بين‬


‫عتمد لديها‪ ،‬وهناة عدة آراء أجابت عن هذا السؤال أغلبها ت ّ‬
‫الم َ‬
‫ما زال في إقليم الدولة ُ‬

‫األعمال المتصلة بمهام الوظيفة الدبلوماسية وغيرها من األعمال التي تخرج عن نطاق المهام الوظيفية‪،‬‬

‫حيث أن اإلحتجاج بالحصانة يقتصر على األعمال المتعلقة بأعمال الوظيفة الدبلوماسية دون غيرها(‪.)4‬‬

‫أما فيما يتعلق بالحصانة الدبلوماسية في التشريع الفلسطيني‪ ،‬كون فلسطين منضمة إلتفاقية فيينا للعالقات‬

‫الدبلوماسية فهي ملزمة بتطبيق نصوصها ويتوجب عليها رفع الحصانة في الحاالت التي أشارت إليها‬

‫نصوص المواد في اإلتفاقية‪ ،‬ويكاد يخلو القضاء الفلسطيني من سوابق قضائية ترفع الحصانة عن أشخاص‬

‫دبلوماسيين معتمدين لديها‪ ،‬إال أن القضاء اإليطالي جاء بسابقة رفع فيها الحصانة عن قيادي فلسطيني أمام‬

‫اإليطالية عام ‪1985‬م قام برفع الحصانة عن رئيس منظمة‬


‫ّ‬ ‫المحاكم اإليطالية‪ ،‬ففي قرار محكمة النقض‬

‫القنصلية‪ ،‬مجلة الجيش اللبنانية‪2007 ،‬م‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬


‫ّ‬ ‫شافي‪ ،‬نادر عبد العزيز‪ :‬الحصانة الدبلوماسية و‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪ ،https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content/‬تاريخ آخر زيارة‪2022/2/12 :‬م‪.‬‬


‫تنص هذه المادة على‪" :‬إذا إنتهت مهام أحد األشخاص المستفيدين من المزايا والحصانات‪ ،‬توقف طبيعياً هذه المزايا‬ ‫(‪)2‬‬

‫والحصانات في اللحظة التي ُيغادر فيها هذا الشخص البالد أو بانقضاء أجل معقول ُيمنح لهذا الغرض‪ ،‬لكنها تستمر حتى ذلك‬
‫الوقت في حالة النزاع المستمر‪( ."...‬أنظر إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة ‪1961‬م )‬
‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.102-101‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.102-100‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪124‬‬
‫اإليطالية أم اًر بالقبض عليه إذ لم تعتبر محكمة‬
‫ّ‬ ‫التحرير الفلسطينية بذلك الوقت بعد أن أصدرت السلطات‬

‫النقض اإليطالية منظمة التحرير الفلسطينية منظمة ذات سيادة كونها ال تملك السيادة على إقليمها(‪.)1‬‬

‫وبالحديث عن مدة الوالية الرئاسية فقد حددها القانون األساسي الفلسطيني بالمرحلة اإلنتقالية وهي مدة أربع‬

‫سنوات تبدأ من تاريخ إنتخابه(‪ ،)2‬أي أن حصانة رئيس الدولة الفلسطيني تبدأ بمجرد إنتخابه رئيساً للدولة‬

‫وتنتهي بمجرد إنتهاء واليته‪ ،‬أما فيما يتعلق بمدة والية الملك فهي تنتهي عند وفاته أي أن حصانة الملك في‬

‫األردن تمتد حتى وفاته(‪.)3‬‬

‫وبالنسبة للحصانة التي يتمتع بها رئيس الوزراء الفلسطيني ووزراءه والتي تنتهي بمجرد إنتهاء مدة والية‬

‫المعدل بأن والية مجلس الوزراء‬


‫ّ‬ ‫مجلس الوزراء والتي حددتها المادة (‪ )1/83‬من القانون األساسي الفلسطيني‬

‫تنتهي ببدء والية المجلس التشريعي الجديد(‪ ،)4‬وفيما يتعلق بحصانة رئيس الوزراء األردني ووزراءه فإنها‬

‫النواب(‪.)5‬‬
‫كذلك تنتهي بطرح الثقة بالو ازرة أو أحد الوزراء أمام مجلس ّ‬

‫وفيما يتعلق بحصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد في فلسطين والتي تنتهي بمجرد إنتهاء واليته‪ ،‬والتي حددتها‬

‫ِ‬
‫عدل لقانون مكافحة الفساد الفلسطيني بمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة‬ ‫المادة (‪ )7‬من القرار بقانون ُ‬
‫الم ّ‬

‫األمم المتحدة‪ ،‬الجمعية العامة‪ ،‬حصانة مسؤولي الدول من الولية القضائية األجنبية‪ :‬مذكرة من األمانة العامة‪،‬‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪ ،)2008/3/21( A/cn.4/596‬ص‪ ،83‬للمزيد راجع الرابط‪ ، https://www.refworld.org/ :‬تاريخ آخر زيارة‪:‬‬


‫‪.2021/10/18‬‬
‫المعدل لسنة ‪2003‬م‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المادة (‪ )36‬من القانون األساسي الفلسطيني‬ ‫(‪)2‬‬

‫نصت المادة (‪ )82‬من الدستور األردني سنة ‪1952‬م وتعديالته على‪" :‬عرش المملكة األردنية الهاشمية وراثي في أسرة‬ ‫(‪)3‬‬

‫الملك عبد هللا بن الحسين"‪.‬‬


‫ويعاد تشكيلها‬
‫المعدل لسنة ‪2003‬م على‪" :‬تعتبر الحكومة مستقيلة ُ‬
‫ّ‬ ‫(‪ )4‬تنص المادة (‪ )1/83‬من القانون األساس الفلسطيني‬
‫وفقاً ألحكام هذا الباب في الحاالت التالية‪.1 :‬فور بدء والية المجلس التشريعي الجديد"‪.‬‬
‫(‪ )5‬تنص المادة (‪ )54‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته على‪" :‬إقالة مجلس الوزراء‪.1 :‬تُطرح الثقة بالو ازرة أو بأحد‬
‫النواب"‪.‬‬
‫الوزراء أمام مجلس ّ‬
‫‪125‬‬
‫واحدة(‪ ،)1‬وكذلك بالنسبة لمدة والية رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في األردن فهي مدة أربع سنوات قابلة‬

‫للتجديد مرة واحدة(‪.)2‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬طرق خلق التوازن بين الحصانة والمواجهة الجزائية للفساد‪.‬‬

‫عند الحديث عن كيفية تناول المشرع الفلسطيني واألردني ألساليب وطرق خلق التوازن بين الحصانة‬

‫الفعالة لجرائم الفساد‪ ،‬ال ّبد من اإلشارة إلى أنه رغم توقيع السلطة الوطنية الفلسطينية‬
‫والمواجهة الجزائية ّ‬

‫على العديد من اإلتفاقيات مع اإلحتالل اإلسرائيلي إال أنها ال تتمتع بالسيادة الكاملة فوق أراضيها مما يعيق‬

‫تطبيق القانون والوقوف في وجه إنتشار الفساد ومالحقة مرتكبيه‪ ،‬كما أن حدوث اإلنقسام السياسي بين‬

‫الضفة الغربية وقطاع غزة أثّر سلباً على معدالت التنمية والوقوف في وجه الفساد خاصة في ظل غياب‬

‫غيب الرقابة على السلطة التنفيذية وبالتالي إستشراء الفساد وإستغالل غياب الرقابة(‪،)3‬‬
‫المجلس التشريعي مما ّ‬

‫وفي ظل هذا الوضع القائم يكمن دور التشريع والقضاء الفلسطيني في خلق حالة توازن بين األوضاع‬

‫المجرم للفساد وبين الوقوف في وجه الفساد‬


‫ّ‬ ‫السياسية والقانونية القائمة التي تعيق تطبيق النص القانوني‬

‫والمواجهة الجزائية الفعالة لهذه الظاهرة‪.‬‬

‫وبالنظر إلى التنظيم القانوني للحصانة وإجراءات مالحقة مرتكبي جرائم الفساد‪ ،‬يتضح أن التشريع الفلسطيني‬

‫واألردني حققا نوع من التوازن ما بين نظام الحصانة وإجراءات المالحقة الجزائية من خالل إفساح المجال‬

‫للسلطات المختصة بإتخاذ إجراءات تساعد في جمع األدلة والكشف عن جريمة الفساد بحيث إقتصرت‬

‫الحصانة على اإلجراءات المتخذة بحق صاحب الحصانة بشخصه وهي ال تشمل كافة اإلجراءات التي ال‬

‫المعدل لقانون مكافحة الفساد على‪" :‬تكون مدة رئاسة الهيئة أربع‬
‫تنص المادة (‪ )7‬من القرار بقانون رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط"‪.‬‬


‫تنص المادة (‪/6‬أ‪ )1/‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م على‪" :‬تكون مدة العضوية في‬ ‫(‪)2‬‬

‫المجلس أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة للرئيس أو لعضو المجلس"‪.‬‬
‫اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة‪ -‬أمان‪ ،‬تحليل نتائج المسح الموجه للموظفين العموميين الخاص بمؤشرات الحكم‬ ‫(‪)3‬‬

‫ومكافحة الفساد‪ ،‬رام هللا‪.2010 ،‬‬


‫‪126‬‬
‫تمس شخص صاحب الحصانة مثل سماع الشهود أو إستجواب َمن ترى ضرورة إستجوابه أو الكشف على‬
‫ّ‬

‫موقع الجريمة أو أخذ بصمات أو إنتداب خبير‪ ،‬وذلك ما ُيم ّكن الجهات المختصة من إتخاذ إجراءات تساهم‬

‫في الكشف عن جريمة الفساد وجمع األدلة والمعلومات الالزمة(‪ ،)1‬أي أنه ُيمكن إتخاذ إجراءات غير ماسة‬

‫بشخص صاحب الحصانة المشتبه بإرتكابه جريمة الفساد ومحاولة جمع األدلة والحفاظ عليها لحين الحصول‬

‫على اإلذن برفع الحصانة عن شخص صاحب الحصانة‪.‬‬

‫توسع المشرع الفلسطيني في الطرق التي أجاز بها إثبات أدلة وقوع‬
‫وفيما يتعلق بإثبات جرائم الفساد فقد ّ‬

‫أقر المشرع الفلسطيني إمكانية اللجوء إلى التسليم المراقب‪ ،‬الترصد اإللكتروني واإلختراق‪،‬‬
‫جرائم الفساد بحيث ّ‬

‫ويكون ذلك بإذن من النيابة العامة ويكون لألدلة التي تم جمعها بوسائل اإلثبات السابقة حجيتها أمام المحكمة‬

‫ويكون األخذ بها من عدمه أمر تقديري لمحكمة جرائم الفساد(‪ ،)2‬على العكس من القانون األردني الذي لم‬

‫ُينص في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته على ما ُيجيز اللجوء إلى‬

‫أي من طرق اإلثبات السابقة والخاصة بجمع األدلة‪.‬‬

‫وما ُيساهم في تحقيق التكافؤ بين نظام الحصانة والمالحقة الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد ِم َمن يتمتعون‬

‫بالحصانة في التشريع الفلسطيني هو أن جرائم الفساد ال تسقط بالتقادم(‪ )3‬فيجوز للنيابة العامة إتخاذ إجراءات‬

‫في حق شخص صاحب الحصانة بعد زوال الحصانة عنه‪ ،‬وبذلك يكون المشرع الفلسطيني قد منح خصوصية‬

‫لجرائم الفساد فيما يتعلق بمدة التقادم وإستثناها من الخضوع لمدد تقادم الدعاوى الجزائية وذلك مما يساعد‬

‫في مكافحة جرائم الفساد التي يرتكبها أصحاب الحصانة مما ُيم ّكن من تطبيق النص القانوني بحقهم(‪ ،)4‬أما‬

‫فيما يتعلق بالتشريع األردني فلم يرد نص قانوني في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني َيستثني جرائم‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.84-83‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫نص المادة (‪ )22‬من القرار بقانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )37‬لسنة ‪2018‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وذلك وفقاً لنص المادة (‪ )33‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬والتي جاء فيها‪" :‬ال‬ ‫(‪)3‬‬

‫تخضع للتقادم قضايا الفساد وكل ما يتعلق بها من إجراءات"‪.‬‬


‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪.39-38 ،‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫‪127‬‬
‫الفساد من الخضوع لمدد التقادم إال أنه من الممكن تدارة هذه المعضلة من خالل قيام النيابة العامة بإتخاذ‬

‫تحرة الحق العام في دعوى الفساد‪ ،‬مما يؤدي إلى قطع مدة التقادم وبذلك ال خوف من‬
‫إجراءات جزائية ّ‬

‫سقوط الدعوى الجزائية ضد صاحب الحصانة المشتبه بإرتكابه جريمة فساد(‪ ،)1‬وما نص عليه المشرع‬

‫وتقدم في النص القانوني الفلسطيني لمكافحة الفساد‪.‬‬


‫الفلسطيني ُيعتبر إنجاز ّ‬

‫ومن النصوص القانونية التي حققت التوازن بين وجود الحصانة وإجراءات رفعها وما بين اإلجراءات الجزائية‬

‫المتبعة لمكافحة الفساد هو ما نصت عليه المادة (‪ )21‬من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪)13‬‬

‫لسنة ‪2016‬م وتعديالته حيث جاء فيها‪" :‬على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر‪ ،‬تلتزم الهيئة بإصدار‬

‫ق ارراتها في موعد ال يتجاوز ستة أشهر من تاريخ بدء اجراءات التحقيق والتحري في الشكوى‪ ،‬وللمجلس إذا‬

‫إقتضت الضرورة تمديد ذلك الموعد لمدة إضافية مماثلة"‪ ،‬حيث وضع المشرع األردني حدود زمنية فيما‬

‫يتعلق باإلجراءات الواجب على الهيئة القيام بها –صالحيات الضبط القضائي‪ -‬والتي يجب أن ال تتجاوز‬

‫مدتها ستة أشهر من تاريخ بدء أول إجراء ويمكن تمديدها لمدة إضافية مماثلة بعد موافقة مجلس الهيئة‪،‬‬

‫على العكس من المشرع الفلسطيني الذي لم ينص في قانون مكافحة الفساد رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‬

‫على ما يضع قيداً زمنياً على اإلجراءات التي تقوم بها الهيئة في سبيل التحري عن جرائم الفساد‪.‬‬

‫وبالحديث عن النطاق الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية‪ ،‬فإن القانون الفلسطيني شملها بمدة والية المجلس‬

‫(‪)2‬‬
‫والتي تشمل فترات إنحالل المجلس وعدم إنعقاده واإلجازات‪ ،‬بينما حدد المشرع األردني النطاق‬ ‫كاملة‬

‫الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية بمدة إجتماع المجلس أي إنعقاده(‪ ،)3‬أي أةنه يسري النطاق الزمني‬

‫للحصانة البرلمانية اإلجرائية خالل إنعقاد المجلس وال تمتد إلى حالة عدم إنعقاده أو إنحالله كأن يكون في‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144-143‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المادة (‪ )4/95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المادة (‪ )113‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان سنة ‪2014‬م‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪128‬‬
‫إجازة(‪ ،)1‬وهذا ما أكده حكم محكمة اإلستئناف الضريبية األردنية حيث جاء فيه‪" :‬بعد حجز الدعوى للحكم‬

‫قررت المحكمة تسطير كتاب لمجلس النواب لتوريد قرار رفع الحصانة‪ ،‬وفي جلسة ‪ 2016/5/30‬تم حل‬

‫مجلس النواب حيث طلب مساعد النائب العام السير بالدعوى من النقطة التي وصلت إليها وقررت المحكمة‬

‫السير بالدعوى من النقطة التي وصلت إليها وكرر الطرفان أقوالهما ومرافعاتهما السابقة وختمت المحاكمة"‬
‫(‪)2‬‬

‫فبمجرد حل مجلس النواب زالت الحصانة عن عضو البرلمان وتمكنت المحكمة من إتخاذ إجراءاتها الجزائية‬

‫بحق عضو البرلمان‪ ،‬كما أن العبرة بوقت تقديم طلب رفع الحصانة عن عضو البرلمان المتهم بإرتكاب‬

‫عمان والذي جاء فيه "أنها بذلك‬


‫جريمة فساد وليس وقت إرتكاب الجريمة ودليل ذلك قرار محكمة إستئناف ّ‬

‫تكون قد أصابت صحيح القانون طالما أن المستأنف ضده يتمتع بالحصانة البرلمانية أثناء إنعقاد المجلس‬

‫وطالما لم يتم رفع الحصانة عنه من قبل المجلس الذي ينتسب اليه وبغض النظر إن كانت األفعال المسنده‬

‫إليه تمت قبل أو بعد إكتساب صفة النائب"(‪ ،)3‬يتبين مما سبق مدى قرب المشرع األردني من تحقيق تشريع‬

‫يوازن ما بين نظام الحصانة والمواجهة الجزائية ّ‬


‫الفعالة لظاهرة الفساد بحيث أنه قصر الحصانة البرلمانية‬

‫اإلجرائية على مدة إنعقاد المجلس ولم يشملها بفترات اإلنحالل واإلجازات وهو بذلك أقرب إلى منح السلطة‬

‫القضائية مساحة في إتخاذ اإلجراءات الجزائية ضد عضو البرلمان في حالة إرتكابه جريمة فساد وكان‬

‫المجلس في حالة عدم إنعقاد‪ ،‬على العكس من المشرع الفلسطيني الذي كان متشدداً في منح الحصانة‬

‫ألعضاء البرلمان بحيث شملت طيلة مدة الوالية كاملة وهو بذلك يحرم النيابة العامة من إتخاذ أي إجراء‬

‫جزائي بحقه إلى حين إنتهاء مدة الوالية وبالنظر إلى الواقع الفلسطيني وحالة اإلستثناء التي تعيشها دولة‬

‫فلسطين وغياب المجلس التشريعي وعدم إنعقاده فإن عضو البرلمان إستمرت حصانته إلى أضعاف مدة‬

‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫محكمة اإلستئناف الضريبية األردنية‪ ،‬رقم ‪ ،2014/661‬بتاريخ ‪ ،2016/6/15‬منشورات موقع قسطاس اإللكتروني‪ ،‬للمزيد‬ ‫(‪)2‬‬

‫راجع الرابط‪ ، https://qistas.com/ar/decs/info/ :‬تاريخ آخر زيارة‪.2021/10/25 :‬‬


‫عمان‪ ،‬رقم ‪ ،2013/11381‬بتاريخ ‪ ،2013/6/10‬منشورات موقع قسطاس اإللكتروني‪ ،‬للمزيد راجع‬ ‫محكمة إستئناف ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫الرابط‪ ،https://qistas.com/ar/decs/info/ :‬تاريخ آخر زيارة‪.2021/10/26 :‬‬


‫‪129‬‬
‫الوالية(‪ ،)1‬وبالتالي يتضح إنتفاء العلة من تمتع أعضاء البرلمان بالحصانة طالما أن المجلس التشريعي قد‬

‫تم حّله‪.‬‬

‫وحتى يتم تدارة األثر السلبي المترتب على الحصانة بكافة أنواعها‪ ،‬يجب أن تتوافر السرعة والفعالية‬

‫لإلجراءات المتبعة في رفع الحصانة عن المتمتعين بها المشتبه بهم بإرتكاب جرائم الفساد وذلك من ِقَبل‬

‫الجهات الممنوحة لها صالحية الرفع وفقاً لنص القانون‪ ،‬حتى يتسنى للنيابة العامة ممارسة دورها في تحريك‬

‫الدعوى الجزائية في قضايا الفساد في وجه مرتكبي جرائم الفساد بسرعة وفعالية‪ ،‬مع مراعاة أن ال تكون‬

‫إجراءات رفع الحصانة فرصة للتعسف في مالحقة المتمعين بالحصانة(‪.)2‬‬

‫وباإلنتقال إلى الحصانة الدبلوماسية التي تشمل القضاء بكافة أنواعه الجنائي والمدني واإلداري في الدولة‬

‫عتمد لديها‪ ،‬وهي ال تسري على قضاء دولة المبعوث الدبلوماسي وبالتالي يتوجب على دولة المبعوث‬
‫الم َ‬
‫ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫المتمتع بالحصانة‬
‫محاكمته أمام محاكمها ووفقاً لقوانينها ‪ ،‬وقد أجاز القضاء الفلسطيني محاكمة الدبلوماسي ُ‬

‫المعتمد لديها أمام المحاكم الفلسطينية إذا تنازلت دولة المبعوث الدبلوماسي عن حصانته أمام‬
‫الدبلوماسية و ُ‬

‫القضاء الوطني الفلسطيني بموجب تنازل صريح‪ ،‬حيث نص حكم محكمة النقض الفلسطينية على‪" :‬وفي‬

‫ذلك نجد أن الغرض من تلك اإلتفاقية التي تهدف إلى تأمين أداء عمل البعثات الدبلوماسية ومن في حكمها‪،‬‬

‫ِ‬
‫المعتمدة عن الحصانة‬ ‫في إطار الحصانة القضائية في مواجهة القضاء الوطني‪ ،‬إال إذا تنازلت الدولة‬

‫القضائية أمام القضاء الوطني الفلسطيني بموجب تنازل صريح"(‪ ،)4‬وتجد الباحثة من خالل ما سبق أن‬

‫إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة‪1961‬م تشددت فيما يتعلق بتنظيم الحصانة الدبلوماسية من خالل‬

‫عتمد لديها أو المستقِبلة بمقاضاة‬


‫الم َ‬
‫عدم فرض قيود على نظام الحصانة الدبلوماسية وعدم السماح للدول ُ‬

‫(‪ )1‬نصت المادة (‪ )4/47‬من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة ‪2003‬م على‪" :‬مدة هذا المجلس هي المرحلة اإلنتقالية"‪.‬‬
‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.84‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫نقض حقوق رام هللا‪ ،‬رقم (‪ ،)2018/610‬بتاريخ ‪ ،2021/7/7‬منشورات موقع قسطاس‪ ،‬للمزيد راجع الرابط‪:‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪ ، https://qistas.com/ar/decs/info/‬تاريخ آخر زيارة‪2021/11/5 :‬م‪.‬‬


‫‪130‬‬
‫المبعوث الدبلوماسي رغم ثبوته إرتكاب جريمة ما على أراضيها والتي من ضمنها جرائم الفساد وفقاً لشروط‬

‫وضوابط تحددها اإلتفاقية وإنما تركت أمر المقاضاة لدولة المبعوث‪ ،‬األمر الذي يخلق الشك فيما إذا ستقوم‬

‫دولة المبعوث الدبلوماسي بمقاضاته عند عودته إلى أراضيها أم أنها ستتهاون في مقاضاته وإخضاعه‬

‫لقضائها الوطني‪ ،‬كما يتضح أن مضمون الحصانة الدبلوماسية يسمح لمرتكبي جرائم الفساد بإستغالل‬

‫حصانتهم لإلفالت من العقاب وأيضاً تهاون دولة المبعوث فيما يتعلق بإخضاعه للقضاء الوطني‪ ،‬وعلى‬

‫عتمد‬
‫الم َ‬
‫الرغم من وجود حكم محكمة النقض الفلسطينية وأهميته بجواز مقاضاة الدولة للمبعوث الدبلوماسي ُ‬

‫لديها بعد تنازل دولته عن حصانته إال أنه يبقى رهين موافقة دولة المبعوث على مقاضاته والذي يضع عالمة‬

‫إستفهام أمام موضوعية دولة المبعوث فيما يتعلق بمقاضاة أفرادها‪.‬‬

‫وعند الحديث عن الحصانة القضائية ونصوص القوانين الناظمة لها في فلسطين واألردن(‪ )1‬والتي تنص على‬

‫وجوب إعالم مجلس القضاء األعلى بإجراءات القبض على القاضي أو توقيفه عند القبض عليه متلبساً‬

‫بجريمة فساد خالل ال‪ 24‬ساعة التالية للقبض والمجلس هو صاحب القرار في اإلفراج عنه بكفالة أو بغير‬

‫كفالة أو إستمرار توقيفه للمدة التي يقررها أو تمديد توقيفه ويكون ذلك بعد سماع أقوال القاضي‪ ،‬ويتبين من‬

‫خالل النصوص المتعلقة بالحصانة القضائية أنها أجازت للنائب العام تحريك الدعوى في جرائم الفساد‬

‫المتلبس بها لكنها عّلقت باقي اإلجراءات على موافقة مجلس القضاء إما باإلفراج عنه أو إستمرار توقيفه أو‬

‫تمديده‪ ،‬وهذا غير ُمبرر كون الجريمة متلبس بها وهو ال يتناسب مع جرائم الفساد وال مع السرعة التي يتم‬

‫فيها إخفاء األدلة والمعلومات في جرائم الفساد‪.‬‬

‫تتمثل القوانين الناظمة للحصانة القضائية في قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬وقانون‬ ‫(‪)1‬‬

‫السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م‪ /‬وفي األردن تتمثل في قانون إستقالل القضاء األردني رقم (‪ )29‬لسنة‬
‫‪2014‬م‬
‫‪131‬‬
‫وبالنسبة للحصانة التنفيذية والتي منها حصانة رئيس الدولة فإن القانون األردني أطلق حصانة الملك ومنع‬

‫إتخاذ أي إجراء بحقه مطلقاً(‪ ،)1‬بينما عّلق المشرع الفلسطيني إتخاذ اإلجراءات في مواجهة رئيس الدولة‬

‫المشتبه به إرتكاب جريمة فساد على إذن المحكمة الدستورية وأغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي(‪ ،)2‬من‬

‫حيث المبدأ فإن المشرع الفلسطيني أقرب إلى تحقيق التوازن بين نظام الحصانة الرئاسية وبين طبيعة جرائم‬

‫الفساد‪ ،‬فما جاء به المشرع الفلسطيني يتناسب مع الوضع القائم من غياب المجلس التشريعي بالتالي غياب‬

‫الرقابة التشريعية على أعمال الرئيس‪ ،‬وتبقى الثغرة القانونية في إشتراط المشرع موافقة المجلس التشريعي‬

‫والمحكمة الدستورية معاً على رفع الحصانة عن الرئيس المشتبه به إرتكاب جريمة فساد من عدمه‪ ،‬وإن‬

‫غياب المجلس التشريعي ُيدخلنا في حلقة ُمفرغة حول َمن هي الجهة المختصة برفع الحصانة عن رئيس‬

‫الدولة إلى جانب المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫أما النوع الثاني من الحصانة التنفيذية وهي الحصانة الو ازرية التي عّلق القانون الفلسطيني اإلجراءات الجزائية‬

‫(‪)3‬‬
‫–بحسب الحال‪ -‬أي‬ ‫للمتمتعين بها في حال إرتكابهم جريمة فساد على إذن رئيس الدولة أو رئيس الوزراء‬

‫للسلطة التنفيذية ذاتها‪ ،‬وهو بذلك ُيقوي من نظام الحصانة على حساب صالحية النيابة العامة في إتخاذ‬

‫اإلجراءات الجزائية وتحريك الدعوى العامة في جرائم الفساد‪ ،‬إذ أن َمن يملك صالحية تعيين رئيس الوزراء‬

‫(‪)4‬‬
‫أي الجهة التي قامت بتعيين رئيس الوزراء هي ذاتها الجهة التي‬ ‫في النظام الفلسطيني هو رئيس الدولة‬

‫ستقرر رفع الحصانة من عدمه بالتالي إنتفاء الموضوعية‪ ،‬وهذا ما تجاوزه المشرع األردني في منح تلك‬

‫النواب بالتصويت بأكثرية أعضاءه(‪.)5‬‬


‫الصالحية لمجلس ّ‬

‫المادة (‪ )30‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المادة (‪ )12‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المادة (‪ )17‬من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪ )4‬نصت المادة (‪ )45‬من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة ‪2003‬م على‪" :‬يختار رئيس السلطة الوطنية رئيس الوزراء‬
‫ويكلفه بتشكيل حكومته وله أن يقيله أو أن يقبل إستقالته‪ ،‬وله أن يطلب منه دعوة مجلس الوزراء لإلنعقاد"‪.‬‬
‫المادة (‪ )56‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪‌.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪132‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫على الرغم من األهمية الكبيرة لنظام الحصانة للوقوف في وجه اإلدعاء الكيدي الذي قد يوجه لمن يتمتعون‬

‫بها إال أنه في نفس الوقت قد ُيعتبر عائقاً في وجه اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها بحق مركبي جرائم‬

‫الفساد الذين يتمتعون بالحصانة؛ لذلك كان ال ّبد من إيجاد نصوص قانونية في التشريعات الداخلية للدول‬

‫تخلق حالة توازن بين نظام الحصانة من جهة ومكافحة الفساد من جهة أخرى دون إلغاء نظام الحصانة‪،‬‬

‫وبناء عليه خلصت هذه األطروحة إلى النتائج اآلتية‪:‬‬


‫ً‬ ‫وهذا ما تناولته الباحثة في هذه األطروحة‪،‬‬

‫‪ .1‬أن الفساد ظاهرة سريعة اإلنتشار‪ ،‬وخطيرة على األفراد والمجتمعات كما أن أفعالها غير متوقعة‪ ،‬وأن‬

‫كافة التشريعات لم تتفق على تعريف واحد لمفهوم جريمة الفساد‪ ،‬إال أن أفضل تعريف يمكن إطالقه‬

‫ويقصد بهذا‬
‫على جريمة الفساد هو أي سلوة مخالف للقوانين واألنظمة التي يخضع لها الموظف ُ‬

‫المخالف تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وإستغالل الوظيفة لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫السلوة ُ‬

‫‪ .2‬الحصانة هي إمتياز يمنحه القانون لبعض األفراد بسبب موقعهم الوظيفي بهدف تحصين أفعالهم ضد‬

‫المتخذة بحقهم في حال قيامهم بفعل مخالف للقوانين واألنظمة التي‬


‫بعض أو كل اإلجراءات الجزائية ُ‬

‫يخضعون لها‪ ،‬وهي تعمل على تأخير إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق المتمتع بالحصانة والمشتبه‬

‫بإرتكابه جريمة فساد‪ ،‬وتكون الحصانة على عدة صور أهمها الحصانة البرلمانية‪ ،‬الحصانة الدبلوماسية‪،‬‬

‫الحصانة القضائية والحصانة التنفيذية أي حصانة رئيس الوزراء ووزراءه ورئيس هيئة مكافحة الفساد‪.‬‬

‫قيد المشرع الفلسطيني في الحصانة البرلمانية اإلجرائية صالحية النيابة العامة في إتخاذ إجراءاتها بحق‬
‫‪ّ .3‬‬

‫البرلمانيين المشتبه بهم إرتكاب جريمة الفساد؛ بحيث يشمل النطاق الموضوعي للحصانة البرلمانية‬

‫اإلجرائية كافة اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها لمواجهة عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة‬

‫فساد‪ ،‬بينما في التشريع األردني تمتلك النيابة العامة األردنية صالحية أوسع في إتخاذ إجراءاتها بحق‬

‫البرلمانيين المشتبه بهم إرتكاب جريمة الفساد بحيث تقتصر الحصانة البرلمانية اإلجرائية على إجرائي‬

‫‪133‬‬
‫التوقيف والمحاكمة فقط‪ ،‬وفيما يتعلق بالنطاق الزمني لهذا النوع من الحصانة في التشريع الفلسطيني‬

‫فهي تشمل كامل مدة العضوية للمجلس التشريعي‪ ،‬على العكس من القانون األردني الذي قصر‬

‫الحصانة البرلمانية اإلجرائية خالل فترة إنعقاد المجلس (إجتماعه)‪.‬‬

‫وفيما يتعلق باإلذن لرفع الحصانة البرلمانية اإلجرائية عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد‬

‫فإن القانون الفلسطيني إشترط موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي‪ ،‬أما في التشريع األردني‬

‫فقد حددها المشرع األردني بموافقة األغلبية المطلقة ألعضاء المجلس التشريعي أي أغلبية أعضاء‬

‫المجلس الكلي وليس الحاضرين‪ ،‬كما حدد المشرع األردني مدة زمنية لقيام اللجنة القانونية في المجلس‬

‫بالبحث في الطلب برفع الحصانة من عدمه وتقديم تقريرها بذلك خالل مدة خمسة عشر يوماً وإذا لم‬

‫البت في الطلب دون تقرير اللجنة‪ ،‬على العكس من المشرع الفلسطيني‬


‫تلتزم اللجنة بالمدة جاز للمجلس ّ‬

‫الذي لم يحدد مدة زمنية ُيلزم فيها اللجنة القانونية في المجلس بتقديم تقريرها خاللها‪.‬‬

‫شرع الفلسطيني في حالة‬


‫الم ّ‬
‫ويستثنى من الحصانة البرلمانية اإلجرائية حالة التلبس بالجريمة‪ ،‬وحصرها ُ‬
‫ُ‬

‫المرتكبة من ِقَبل عضو البرلمان من نوع جناية‪ ،‬وكذلك الحال في التشريع‬


‫إذا كانت جريمة الفساد ُ‬

‫األردني الذي قصر جواز إتخاذ اإلجراءات الجزائية ضد عضو مجلس األمة المتلبس به مرتكباً لجريمة‬

‫الفساد من نوع جناية فقط ال غير‪.‬‬

‫الملِك ُمطَلقة وال‬


‫‪ .4‬حصانة رئيس الدولة هي من أنواع الحصانة التنفيذية‪ ،‬فالقانون األردني إعتبر حصانة َ‬

‫يجوز رفعها إطالقاً‪ ،‬أما في التشريع الفلسطيني ُيمكن رفع حصانة رئيس الدولة لكن بإجراءات ُمعقدة‬

‫ومحددة من خالل اإلشتراط على النائب العام أو رئيس هيئة مكافحة الفساد بتقديم طلب تمهيدي في‬

‫حال وجود شبهة قوية على إرتكاب الرئيس الفلسطيني لجريمة فساد إلى المجلس التشريعي والمحكمة‬

‫الدستورية من أجل الحصول على اإلذن في رفع الحصانة عنه وإتخاذ اإلجراءات الجزائية بحقه‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ .5‬فيما يتعلق بحصانة رئيس الوزراء ووزراءه عّلق المشرع الفلسطيني رفع حصانة رئيس الوزراء على أخذ‬

‫إذن من رئيس الدولة‪ ،‬كما أن القانون الفلسطيني أعطى الرئيس الفلسطيني صالحية تعيين رئيس الوزراء‬

‫وصالحية منح أو عدم منحه اإلذن برفع الحصانة عن رئيس الوزراء‪ ،‬وهذا قد يؤدي إلى عدم‬

‫الموضوعية؛ إذ أنه قد تشكل هذه الصالحية فرصة للرئيس لحماية رئيس وزراءه أو لإلطاحة به ألسباب‬

‫ٍ‬
‫ألسباب سياسية‪ ،‬وفيما يتعلق بالتشريع األردني يتضح أنه جاء بنصوص مخالفة لما‬ ‫غير قانونية أو‬

‫خول صالحية تقرير رفع الحصانة عن رئيس الوزراء ووزراءه إلى مجلس‬
‫جاء به المشرع الفلسطيني إذ ّ‬

‫النواب بتصويت أغلبية ثلثي أعضاءه مما ُيعتبر ذلك أكثر تحقيقاً للموضوعية والحيادية‪.‬‬
‫ّ‬

‫من أهم التوصيات التي إستطاعت الباحثة التوصل إليها في هذه األطروحة تتمثل في‪:‬‬

‫‪ .1‬إقتراح تعديل النصوص القانونية في التشريع الفلسطيني التي تناولت الحصانة البرلمانية اإلجرائية بالحد‬

‫من التشدد الذي فرضته هذه القوانين فيما يتعلق بالحصانة البرلمانية اإلجرائية وذلك من خالل عدة‬

‫أمور‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬تعديل الفقرة الثانية والثالثة من نص المادة (‪ )95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني‬

‫لسنة ‪2000‬م‪ ،‬بحيث يتم قصر الحصانة البرلمانية اإلجرائية على إجرائي التوقيف والمحاكمة كما‬

‫فعل المشرع األردني في المادة (‪ )86‬من الدستور األردني سنة ‪1952‬م وتعديالته‪ ،‬وذلك من‬

‫باب توسيع صالحيات النائب العام والضابطة القضائية عند اإلشتباه بإرتكاب عضو البرلمان‬

‫جريمة فساد‪.‬‬

‫ب‪ ‌.‬تعديل نص المادة (‪ )3/95‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪ ،‬بحيث‬

‫تُ ِ‬
‫حدد المادة النطاق الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية كما فعل المشرع األردني في المادة‬

‫(‪ )113‬من النظام الداخلي لمجلس األعيان سنة ‪2014‬م ليصبح النطاق الزمني للحصانة‬

‫البرلمانية اإلجرائية يقتصر على مدة إجتماع المجلس وليس مدة والية المجلس ‪-‬التي ذكرها المشرع‬

‫‪135‬‬
‫الفلسطيني‪ -‬والتي تشمل فترة إنحالل المجلس واإلجازات‪ ،‬وبتحديد النطاق الزمني ُيتاح الفرصة‬

‫للنيابة العامة بإتخاذ إجراءات جزائية ضد عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد‪.‬‬

‫ت‪ ‌.‬جعل اإلذن برفع الحصانة عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد بموافقة األغلبية‬

‫صوتين بغض النظر عن عدد الحاضرين في المجلس‬


‫الم ّ‬
‫النسبية ألعضاء البرلمان أي أكثرية ُ‬

‫وذلك بدالً من أغلبية الثلثين أي أكثرية ثلثي كل أعضاء المجلس‪ ،‬وذلك يكون أقل تعقيداً وأكثر‬

‫سهولة بالنسبة إلجراءات رفع الحصانة عن عضو البرلمان المشبه بإرتكابه جريمة فساد وكذلك‬

‫أكثر تماشياً مع األوضاع السياسية في البرلمانات خاصة المجلس التشريعي الفلسطيني‪ ،‬ويتحقق‬

‫كل ما سبق بتعديل نص المادة (‪ )96‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لسنة ‪2000‬م‪.‬‬

‫ث‪ ‌.‬تعديل نص المادة (‪ )26‬من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم (‪ )10‬لسنة‬

‫‪2004‬م بحيث تُعطى اللجنة القانونية في المجلس التشريعي مدة محددة تقوم اللجنة خاللها بالبحث‬

‫بطلب رفع الحصانة البرلمانية عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد وتقديم تقريرها‬

‫المماطلة في‬
‫خالل مدة خمسة عشر يوماً وذلك كما فعل المشرع األردني‪ ،‬وذلك بهدف عدم ُ‬

‫اإلجراءات الجزائية وتحقيق السرعة وذلك بما يتناسب مع طبيعة جرائم الفساد من السرعة في‬

‫إمكانية إخفاء المجرمين لألدلة أو التالعب بها‪.‬‬

‫ج‪ ‌.‬تعديل نص المادة (‪ )92‬من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م والمادة‬

‫(‪ )86‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته بحيث يصبح اإلستثناء من الحصول على‬

‫اإلذن برفع الحصانة البرلمانية عن عضو البرلمان المتلبس به مرتكباً جريمة فساد يشمل الجرائم‬

‫الجنح‪ ،‬إذ ُيستهجن على المشرعين الفلسطيني واألردني عدم شمولهما الجرائم من نوع‬
‫من نوع ُ‬

‫الجنح تحت ذلك البند رغم أنها تأخذ حي اًز كبي اًر من أنواع جرائم الفساد‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪136‬‬
‫‪ .2‬فيما يتعلق بالحصانة الرئاسية توصي الباحثة بقصر الجهات المختصة بتقرير رفع الحصانة عن‬

‫الرئيس الفلسطيني على المحكمة الدستورية دون المجلس التشريعي؛ كون ذلك ُي ّ‬
‫سهل إجراءات رفع‬

‫الحصانة وفي نفس الوقت يحقق الغاية من وجودها‪ ،‬وأيضاً كون المحكمة الدستورية قائمة على العكس‬

‫من المجلس التشريعي الذي ُيعتبر غائباً‪ ،‬ويكون ذلك بتعديل نص المادة (‪ )12‬من قانون مكافحة الفساد‬

‫الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬وبالنسبة لحصانة الملك في األردن نوصي بتعديل المادة‬

‫الحد من نطاقها كأن‬


‫(‪ )30‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م التي أطلقت حصانة الملك بحيث يتم ّ‬

‫تُستثنى بعض الجرائم منها كجرائم الخيانة العظمى والفساد الكبير على سبيل المثال‪.‬‬

‫‪ .3‬وبالنسبة للحصانة الو ازرية توصي الباحثة بتعديل نص المادة (‪ )1/17‬من قانون مكافحة الفساد‬

‫المعدل رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م الذي أعطى صالحية تقرير منح اإلذن من عدمه برفع‬
‫ّ‬ ‫الفلسطيني‬

‫الحصانة عن رئيس الوزراء للرئيس الفلسطيني ورفعها عن الوزراء لرئيس الوزراء‪ ،‬بحيث تعطي للمجلس‬

‫التشريعي صالحية منح تقرير اإلذن برفع حصانة رئيس الوزراء ووزراءه من عدمه‪ ،‬وذلك كما فعل‬

‫المشرع األردني في نص المادة (‪ )56‬من الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪ ،‬األمر الذي يجعل‬

‫من إجراءات رفع الحصانة الو ازرية أكثر موضوعية وحياد‪ ،‬وهذا األمر بدوره ُيحتّم الدعوة إلى إجراء‬

‫إنتخابات تشريعية فلسطينية وإعادة تفعيل عمل المجلس التشريعي الفلسطيني‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫المصادر‪:‬‬

‫أولا‪ :‬اإلتفاقيات‪.‬‬

‫[‪ ]1‬إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام ‪2003‬م‪.‬‬

‫[‪ ]2‬إتفاقية التعاون األمني بين و ازرة الداخلية في المملكة األردنية الهاشمية وو ازرة األمن العام في جمهورية‬

‫الصين الشعبية سنة ‪2009‬م‪.‬‬

‫[‪ ]3‬اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام ‪2010‬م‪.‬‬

‫[‪ ]4‬إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة ‪1961‬م‪.‬‬

‫[‪ ]5‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪1948‬م‪.‬‬

‫[‪ ]6‬نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة ‪1998‬م‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القوانين‪.‬‬

‫تشريعات فلسطينية‪.‬‬

‫القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة ‪2003‬م‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪،2‬‬ ‫[‪]1‬‬

‫بتاريخ ‪ ،2003/3/19‬صفحة ‪.10‬‬

‫قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور على جريدة الوقائع‬ ‫[‪]2‬‬
‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،38‬بتاريخ ‪ ،2001/9/5‬صفحة ‪.94‬‬

‫قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2002‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور على جريدة الوقائع‬ ‫[‪]3‬‬
‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،40‬بتاريخ ‪ ،2002/5/18‬صفحة ‪.9‬‬

‫قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم (‪ )10‬لسنة ‪2004‬من المنشور في‬ ‫[‪]4‬‬
‫جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،52‬بتاريخ ‪ ،2005/1/18‬صفحة ‪.50‬‬

‫‪138‬‬
‫قانون ديوان الرقابة المالية واإلدارية رقم (‪ )15‬لسنة ‪2004‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع‬ ‫[‪]5‬‬
‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،53‬بتاريخ ‪ ،2005/2/28‬صفحة ‪.75‬‬

‫قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪2005‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع‬ ‫[‪]6‬‬
‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،53‬بتاريخ ‪2005/2/28‬م‪ ،‬صفحة ‪.154‬‬

‫قرار بقانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪2010‬م بشأن المصارف‪ ،‬المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد‬ ‫[‪]7‬‬
‫‪ ،4‬بتاريخ ‪ ،2010/11/27‬صفحة ‪.5‬‬

‫قرار بقانون رقم (‪ )4‬بشأن رفع الحصانة عن نائب في المجلس التشريعي لسنة ‪2012‬م‪ ،‬منشور‬ ‫[‪]8‬‬
‫على جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،93‬بتاريخ ‪ ،2012/1/25‬صفحة‪.8‬‬

‫قرار بقانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪2015‬م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وتعديالته‪،‬‬ ‫[‪]9‬‬
‫المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،10‬بتاريخ ‪ ،2015/12/30‬صفحة ‪.2‬‬

‫[‪ ]10‬قرار بقانون رقم (‪ )10‬لسنة ‪2018‬م بشأن الجرائم اإللكترونية الفلسطيني‪ ،‬المنشور على جريدة‬
‫الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،16‬بتاريخ ‪ ،2018/5/3‬صفحة ‪.8‬‬

‫[‪ ]11‬قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (‪ )7‬لسنة ‪2019‬م بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين‬
‫والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم‪ ،‬المنشور على جريدة الوقائع‬
‫الفلسطينية‪ ،‬عدد ‪ ،161‬بتاريخ ‪ ،2019/11/28‬صفحة ‪.35‬‬

‫[‪ ]12‬قرار بقانون لسنة ‪2022‬م بشأن تعديل قانون اإلجراءات الجزائية رقم (‪ )3‬لسنة ‪2001‬م وتعديالته‪،‬‬
‫غير منشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪.‬‬

‫[‪ ]13‬النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة ‪2000‬م‪ ،‬منشور في جريدة الوقائع الفلسطينية‪،‬‬
‫عدد ‪ ،46‬بتاريخ ‪ ،2003/8/16‬صفحة ‪.69‬‬

‫تشريعات أردنية‪.‬‬

‫الدستور األردني لسنة ‪1952‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪،1093‬‬ ‫[‪]1‬‬

‫بتاريخ ‪ .1952/1/8‬صفحة ‪.3‬‬

‫‪139‬‬
‫قانون العقوبات األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪،‬‬ ‫[‪]2‬‬
‫عدد ‪ ،1487‬بتاريخ ‪ ،1960/5/1‬صفحة ‪.374‬‬

‫قانون البنوة األردني رقم (‪ )28‬لسنة ‪2000‬م‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪،4448‬‬ ‫[‪]3‬‬

‫بتاريخ ‪ ،2000/8/1‬صفحة ‪.2950‬‬

‫قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (‪ )17‬لسنة ‪2001‬م األردني‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية‬ ‫[‪]4‬‬

‫األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،4480‬بتاريخ ‪ ،2001/3/18‬صفحة ‪.1308‬‬

‫قانون إستقالل القضاء األردني المعدل رقم (‪ )29‬لسنة ‪ ،2014‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪،‬‬ ‫[‪]5‬‬
‫عدد ‪ ،5308‬بتاريخ ‪ ،2014/10/16‬صفحة ‪.6001‬‬

‫قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬لسنة ‪2016‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور في الجريدة‬ ‫[‪]6‬‬
‫األردنية‪ ،‬رقم ‪ ،5397‬بتاريخ ‪ ،2016/5/16‬صفحة ‪.2578‬‬

‫القانون المعدل رقم (‪ )25‬لسنة ‪2019‬م لقانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم (‪ )13‬السنة‬ ‫[‪]7‬‬

‫‪2016‬م‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5601‬بتاريخ ‪2019/10/9‬م‪ ،‬صفحة‬

‫‪.5812‬‬

‫قانون مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب رقم (‪ )20‬لسنة ‪2021‬م األردني‪ ،‬والمنشور على‬ ‫[‪]8‬‬
‫الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد ‪ ،5743‬بتاريخ ‪ ،2021/9/16‬ص‪.3788‬‬

‫النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة ‪2013‬م وتعديالته‪ ،‬المنشور على الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد‬ ‫[‪]9‬‬
‫‪ ،5247‬بتاريخ ‪ ،2013/10/20‬صفحة ‪.4887‬‬

‫[‪ ]10‬النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة ‪2014‬م‪ ،‬منشور على الجريدة الرسمية األردنية‪ ،‬عدد‬

‫‪ ،5266‬بتاريخ ‪ ،2014/1/26‬صفحة ‪.458‬‬

‫‪140‬‬
‫ثالثا‪ :‬األحكام القضائية‪.‬‬

‫أحكام قضائية فلسطينية‪.‬‬

‫طعن دستوري‪ ،‬رقم (‪ ،)2012/6‬جلسة ‪2013/3/28‬م‪ ،‬موقع مقام اإللكتروني‪:‬‬ ‫[‪]1‬‬

‫‪. https://maqam.najah.edu/media/uploads/2019/11/‬‬

‫طلب تفسير دستوري‪ ،‬رقم (‪ ،)2018/10‬بتاريخ ‪2018/12/23‬م‪ ،‬موقع مقام اإللكتروني‪:‬‬ ‫[‪]2‬‬

‫‪.https://maqam.najah.edu/media/uploads/‬‬

‫اإللكتروني‪:‬‬ ‫مقام‬ ‫موقع‬ ‫‪،2018/10‬‬ ‫رقم‬ ‫العليا‪،‬‬ ‫الدستورية‬ ‫المحكمة‬ ‫حكم‬ ‫[‪]3‬‬

‫‪.https://maqam.najah.edu/judgments/‬‬

‫المقتفي‪:‬‬ ‫منشورات‬ ‫‪2006/3/23‬م‪،‬‬ ‫جلسة‬ ‫(‪،)2006/5‬‬ ‫رقم‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫رام‬ ‫نقض‬ ‫[‪]4‬‬

‫‪.http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/‬‬

‫نقض حقوق رام هللا‪ ،‬رقم (‪ ،)2009/214‬بتاريخ ‪2009/12/30‬م‪ ،‬منشورات المقتفي‪:‬‬ ‫[‪]5‬‬

‫‪. http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/‬‬

‫نقض حقوق رام هللا‪ ،‬رقم (‪ ،)2014/870‬بتاريخ ‪2015/2/5‬م‪ ،‬موقع قسطاس اإللكتروني‪:‬‬ ‫[‪]6‬‬

‫‪.https://qistas.com/ar/decs/info/‬‬

‫حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (‪ )425‬لسنة ‪ ،2017‬والصادر بتاريخ ‪،2017/7/8‬‬ ‫[‪]7‬‬

‫‪http://muqtafi2.birzeit.edu/muqtafi2/transform/fulltext/‬‬ ‫منشورات المقتفي‪:‬‬

‫نقض حقوق رام هللا‪ ،‬رقم (‪ ،)2018/610‬بتاريخ ‪ ،2021/7/7‬موقع قسطاس اإللكتروني‪:‬‬ ‫[‪]8‬‬

‫‪.https://qistas.com/ar/decs/info/‬‬

‫حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم (‪ )264‬لسنة ‪2021‬م‪ ،‬والصادر بتاريخ ‪،2021/11/9‬‬ ‫[‪]9‬‬

‫منشورات موقع قسطاس اإللكتروني‪.https://qistas.com/ar/decs/info/ :‬‬

‫‪141‬‬
‫اإللكتروني‪:‬‬ ‫قسطاس‬ ‫موقع‬ ‫‪،2012/182‬‬ ‫رقم‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫رام‬ ‫جزاء‬ ‫[‪ ]10‬إستئناف‬

‫‪. https://qistas.com/ar/decs/info/12526020‬‬

‫أحكام قضائية أردنية‪.‬‬

‫تمييز حقوق أردني‪ .‬رقم (‪ ،)2969‬بتاريخ ‪ ،2020/12/31‬ص‪ ،9‬موقع قسطاس اإللكتروني‪:‬‬ ‫[‪]1‬‬

‫‪. https://qistas.com/ar/decs/info/‬‬

‫اإللكتروني‪:‬‬ ‫قسطاس‬ ‫موقع‬ ‫رقم‪2020/2969‬م‪،‬‬ ‫أردني‪،‬‬ ‫حقوق‬ ‫تمييز‬ ‫[‪]2‬‬

‫‪.https://qistas.com/ar/decs/info/‬‬

‫عمان‪ ،‬رقم ‪ ،2013/11381‬بتاريخ ‪ ،2013/6/10‬موقع قسطاس اإللكتروني‪:‬‬


‫محكمة إستئناف ّ‬ ‫[‪]3‬‬

‫‪.https://qistas.com/ar/decs/info/‬‬

‫محكمة اإلستئناف الضريبية األردنية‪ .‬رقم ‪ ،2014/661‬بتاريخ ‪ ،2016/6/15‬موقع قسطاس‬ ‫[‪]4‬‬

‫اإللكتروني‪.https://qistas.com/ar/decs/info/ :‬‬

‫اإللكتروني‪:‬‬ ‫قسطاس‬ ‫موقع‬ ‫‪،2006/4257‬‬ ‫رقم‬ ‫عمان‪،‬‬


‫ّ‬ ‫حقوق‬ ‫صلح‬ ‫[‪]5‬‬

‫‪.https://qistas.com/ar/decs/info/2072262‬‬

‫رابعا‪ :‬المواقع اإللكترونية‪.‬‬

‫اإلستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة األردنية الهاشمية‪http://www.undp- :‬‬ ‫[‪]1‬‬

‫‪. aciac.org/‬‬

‫األمم المتحدة‪ ،‬الجمعية العامة‪ ،‬حصانة مسؤولي الدول من الولية القضائية األجنبية‪ :‬مذكرة من‬ ‫[‪]2‬‬

‫األمانة العامة‪.https://www.refworld.org/ :)2008/3/21( A/cn.4/596 ،‬‬

‫موقع الجزيرة اإللكتروني‪.https://www.aljazeera.net/ :‬‬ ‫[‪]3‬‬

‫موقع األنطولوجيا العربية جامعة بيرزيت‪.https://ontology.birzeit.edu/term/ :‬‬ ‫[‪]4‬‬

‫‪142‬‬
‫موقع مجلس القضاء األعلى اإللكتروني‪.https://www.courts.govps/details :‬‬ ‫[‪]5‬‬

‫موقع معرفة اإللكتروني‪. https://www.marefa.org/ :‬‬ ‫[‪]6‬‬

‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫القانونية‪،‬‬ ‫واإلستشارات‬ ‫للمحاماة‬ ‫السطيحة‬ ‫موقع‬ ‫[‪]7‬‬

‫‪.https://kenanaonline.com/users/ELstehaAveocato/posts/131412‬‬

‫المراجع‪.‬‬

‫أولا‪ :‬الكتب‪:‬‬

‫إبن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬والرابع‪ ،‬والسابع‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الحديث للنشر‪2003 ،‬م‪.‬‬ ‫[‪]1‬‬

‫أبو هيف‪ ،‬صادق‪ :‬القانون الدبلوماسي والقنصلي‪ ،‬اإلسكندرية‪:‬دار المعارف‪ ،‬ط‪.1962 ،1‬‬ ‫[‪]2‬‬

‫اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان‪ :‬النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد‪ ،‬القدس‪ ،‬ط‪،4‬‬ ‫[‪]3‬‬

‫‪.2016‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬التعاون الدولي لمكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن "التسليم المراقب‬ ‫[‪]4‬‬

‫وإسترداد الموجودات نموذجا"‪ ،‬رام هللا‪ :‬هيئة مكافحة الفساد‪.2020 ،‬‬

‫براة‪ ،‬أحمد‪ :‬مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن‪ّ ،‬‬


‫عمان‪ :‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫[‪]5‬‬

‫ط‪.2019 ،1‬‬

‫حبول‪ ،‬أحمد‪ :‬أحكام الحصانة البرلمانية‪ ،‬األردن‪ :‬دار عالم الثقافة للنشر والتوزيع‪1997 ،‬م‪.‬‬ ‫[‪]6‬‬

‫الحديثي‪ ،‬فخري‪ :‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ّ ،‬‬


‫عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫[‪]7‬‬

‫‪2011‬م‪.‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ :‬المركز العربي للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫[‪]8‬‬

‫‪.2017‬‬

‫عمان‪:‬دار عالم‬
‫الشوابكة‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا‪ ،‬ط‪ّ ،1‬‬ ‫[‪]9‬‬

‫الثقافة للنشر والتوزيع‪.1997 ،‬‬

‫‪143‬‬
‫[‪ ]10‬شودري‪ ،‬سوجيت‪ .‬ريتشارد ستايسي وآخرون‪ :‬مكافحة الفساد‪ :‬أطر دستورية لمنطقة الشرق األوسط‬

‫وشمال إفريقيا‪ ،‬المؤسسة الدولية للديمقراطية واإلنتخابات‪2014 ،‬م‪.‬‬

‫[‪ ]11‬شوردي‪ ،‬سوجيت‪ .‬ريتشارد ستايسي وآخرون‪ :‬النظام شبه الرئاسي كوسيلة لتقاسم السلطة‪ :‬اإلصالح‬

‫الدستوري بعد الربيع العربي‪ ،‬المؤسسة الدولية للديمقراطية واإلنتخابات‪ ،‬نيويورة‪2014 ،‬م‪.‬‬

‫[‪ ]12‬عبد الباقي‪ ،‬مصطفى‪ .‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنة ‪( 2003‬دراسة‬

‫مقارنة)‪ ،‬بيرزيت‪ :‬وحدة البحث العلمي والنشر‪ -‬كلية الحقوق واإلدارة العامة‪.2015 ،‬‬

‫[‪ ]13‬عبد المتعال‪ ،‬عالء‪ :‬الحصانة في ميزان المشروعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2004 ،‬‬

‫عمان‪ :‬دار الثقافة‬


‫[‪ ]14‬العدوان‪ ،‬ثائر‪ :‬مكافحة الفساد الدليل إلى إتفاقية األمم المتحدة الردن نموذج ا‪ّ ،‬‬

‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪2012 ،1‬م‪.‬‬

‫[‪ ]15‬فرحان‪ ،‬مصطفى‪ .‬آالء‪ ،‬النقيب‪ :‬أصول التحقيق في جرائم الفساد‪ ،‬بيرزيت‪ :‬جامعة بيرزيت‪ ،‬معهد‬

‫الحقوق‪2015 ،‬م‪.‬‬

‫صنع سياسات مكافحة الفساد اإلداري "دولة فلسطين نموذجا"‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫[‪ ]16‬يحيى‪ ،‬خيرية رضوان‪ُ :‬‬

‫النهضة العربية‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫[‪]17‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدراسات واألبحاث‪.‬‬

‫دية‪ ،‬أحمد‪ :‬الفساد سبله وآليات مكافحته‪ ،‬اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة "آمان"‪ ،‬رام هللا‪،‬‬
‫أبو ّ‬ ‫[‪]1‬‬

‫‪2004‬م‪.‬‬

‫غنايم‪ ،‬محمد‪ :‬غسل األموال‪ ،‬المؤتمر العالمي الثالث لإلقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مكة المكرمة‪.2004 ،‬‬ ‫[‪]2‬‬

‫جبارين‪ ،‬سامي‪ :‬إستغالل النفوذ الوظيفي‪ ،‬الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن‪ ،‬رام هللا‪،‬‬ ‫[‪]3‬‬

‫‪.2006‬‬

‫‪144‬‬
‫اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة‪ -‬أمان‪ :‬تحليل نتائج المسح الموجه للموظفين العموميين الخاص‬ ‫[‪]4‬‬

‫بمؤشرات الحكم ومكافحة الفساد‪ ،‬رام هللا‪.2010 ،‬‬

‫زكارنة‪ ،‬فؤاد‪ .‬أشرف أبو زبيدة‪ :‬دور ديوان الرقابة المالية واإلدارية في إكتشاف حالت الفساد في‬ ‫[‪]5‬‬

‫الهيئات المحلية‪ ،‬الرقابة ومكافحة الفساد للعاملين في وزارة الحكم المحلي‪ ،‬رام هللا‪.2014 ،‬‬

‫عمار‪ :‬الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين‪،‬‬
‫جاموس‪ّ ،‬‬ ‫[‪]6‬‬

‫المركز الفلسطيني إلستقالل المحاماة والقضاء "مساواة"‪ ،‬رام هللا‪.2015 ،‬‬

‫السناوي‪ ،‬جميلة‪ :‬الوسائل القانونية لمكافحة الفساد في المنظومة القانونية لدولة فلسطين (مناطق‬ ‫[‪]7‬‬

‫السلطة الوطنية الفلسطينة)‪ ،‬الملتقى المغاربي حول المبادرة األكاديمية لمكافحة الفساد‪ ،‬المغرب‪،‬‬

‫‪.2018‬‬

‫القنصلية‪ ،‬مجلة الجيش اللبنانية‪2007 ،‬م‪،‬‬


‫ّ‬ ‫شافي‪ ،‬نادر عبد العزيز‪ :‬الحصانة الدبلوماسية و‬ ‫[‪]8‬‬

‫‪.https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content/‬‬

‫أركان وشروط قيام جريمة إساءة اإلئتمان‪ ،‬موقع الموسوعة القانونية اإللكتروني‪:‬‬ ‫[‪]9‬‬

‫‪.https://elawpedia.com/view/39/0‬‬

‫[‪ ]10‬الحصان‪ ،‬عاتكة‪ :‬أنواع الفساد‪ ،‬موقع سطور اإللكتروني‪.https://sotor.com/ :‬‬

‫[‪ ]11‬جريمة اإلهمال بواجبات الوظيفة العامة‪ ،‬موقع ُحماة الحق اإللكتروني‪https://jordan- :‬‬

‫‪lawyer.com/2018/02/14/‬‬

‫[‪ ]12‬الفساد ظاهرة عالمية‪. https://www.interpol.int/ar/4/2 :‬‬

‫[‪ ]13‬دي ألبوكارة‪ ،‬كاترينا‪ :‬المبادئ المقررة الخاصة لألمم المتحدة المعنية بحق اإل نسان في الحصول‬

‫على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي‪:‬‬

‫‪https://www.ohchr.org/Documents/Issues/Water/Handbook/Book7_Principl‬‬

‫‪.es_ar.pdf‬‬

‫‪145‬‬
‫[‪ ]14‬فراج‪ ،‬مصطفى‪ :‬الحصانة الدبلوماسية وقانون العقوبات وإتفاقية فيينا‪ ،‬موقع المحامي مصطفى‬

‫محمود فراج اإللكتروني‪:‬‬

‫‪.https://www.farrajlawyer.com/viewTopic.php?topicId=958‬‬

‫[‪ ]15‬مجموعة البنك الدولي‪ ،‬تحسين نواتج التنمية‪-‬التقرير السنوي للنزاهة‪2007 ،‬م‪:‬‬

‫‪.http://documents1.worldbank.org/‬‬

‫[‪ ]16‬موقع الجزيرة اإللكتروني ‪ ،‬رفع الحصانة‪ ..‬هيبة المؤسسات وأولوية العدل ‪ ،2016 ،‬للمزيد راجع‬

‫الرابط‪:‬‬

‫‪https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2016/8/3‬‬

‫‪.1/‬‬

‫[‪ ]17‬فرحات‪ ،‬محمد نعيم نصر‪ :‬جرائم إختالس األموال العامة‪ ،‬مقبول للنشر في القيادة العامة لشرطة‬

‫الشارقة – مركز بحوث الشرطة‪ ،‬ع‪ ،1‬مج‪.2004 ،13‬‬

‫[‪ ]18‬كشاش‪ ،‬كريم‪ :‬الحصانة اإلجرائية ضمانة دستورية للعمل البرلماني في األردن‪ ،‬مقبول للنشر في‬

‫مجلة المنارة للبحوث والدراسات‪ ،‬األردن‪ ،‬ع‪.2005 ،8‬‬

‫[‪ ]19‬محمد‪ ،‬مازن‪ :‬في قضايا الفساد ومؤثراته المختلفة‪ ،‬مقبول للنشر في النبأ‪ ،‬ع‪2006 ،80‬م‪.‬‬

‫[‪ ]20‬أبو الرب‪ ،‬محمود‪ :‬آليات إصالح الفساد اإلداري والمالي واإلقتصادي في مؤسسات السلطة‬

‫الفلسطينية (رؤية المواطن الفلسطيني)‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث‬

‫اإلنسانية واإلجتماعية‪ ،‬ع‪.2007 ،10‬‬

‫[‪ ]21‬منصور‪ ،‬باسل‪ :‬التدابير التشريعية واإلدارية لمكافحة الفساد في القطاعين األهلي والخاص وفق‬

‫قواعد إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد والمؤرخة في ‪ ،2003/10/31‬مقبول للنشر في مجلة‬

‫جامعة النجاح لألبحاث (العلوم اإلنسانية)‪ ،‬نابلس‪ ،‬ع‪.2012 ،26‬‬

‫‪146‬‬
‫[‪ ]22‬محمود‪ ،‬نجيب شكر‪ :‬الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مقبول للنشر في‬

‫مجلة المحقق المحلي للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬العراق‪ ،‬ع‪.2013 ،1‬‬

‫[‪ ]23‬أحمد‪ ،‬إيناس‪ :‬الحماية الجنائية للبعثات الدبلوماسية‪ ،‬مقبول للنشر في مجلة جامعة تكريت للحقوق‬

‫اإللكترونية‪ ،‬ع‪2017 ،3‬م‪.https://www.iasj.net/iasj/ ،‬‬

‫[‪ ]24‬عبد الباقي‪ ،‬مصطفى‪ :‬جريمة الرشوة وفقا للقوانين السارية في الضفة الغربية – فلسطين‪ ،‬مقبول‬

‫للنشر في مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‪ ،‬ع‪ ،25‬مج‪.2019 ،7‬‬

‫[‪ ]25‬براة‪ ،‬أحمد‪ :‬الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في التشريع الفلسطيني‪ ،‬مقبول‬

‫للنشر في مجلة مركز حكم القانون ومكافحة الفساد‪ ،‬مج‪.2020 ،3‬‬

‫[‪ ]26‬الجبرة‪ ،‬علي‪ .‬أبو بكر‪ ،‬خليل‪ :‬المسؤولية الجزائية للقاضي النظامي في القانون األردني‪ ،‬مقبول‬

‫للنشر في مجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‪ ،‬ع‪.2021 ،1‬‬

‫[‪ ]27‬فضل عثمان فضل‪ ،‬عامرية‪ :‬الجريمة المنظمة والجريمة عبر الوطنية‪ :‬جريمة التزييف أنموذجا‪،‬‬

‫مقبول للنشر في مجلة القلزم للدراسات المنية واإلستراتيجية‪ ،‬ع‪.2021 ،2‬‬

‫[‪ ]28‬شمالل‪ ،‬علي‪ :‬الحصانة البرلمانية والقضائية في التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة‪ ،‬مقبول‬

‫للنشر في المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬ع‪ ،3‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫خامس ا‪ :‬الرسائل الجامعية‪.‬‬

‫ربايعة‪ ،‬عبد اللطيف‪ :‬جريمة الكسب غير المشروع في النظام الجزائي الفلسطيني (دراسة تأصيلية‬ ‫[‪]1‬‬

‫مقارنة)‪( ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة)‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية‬

‫السعودية‪2014 ،‬م‪.‬‬

‫حماس‪ :‬جرائم الفساد المالي وآليات مكافحتها في التشريع الجزائري‪( ،‬رسالة دكتوراه منشورة)‪،‬‬
‫عمر‪ّ ،‬‬ ‫[‪]2‬‬

‫جامعة أبي بكر بلقاد‪-‬تلمسان‪ ،‬الجزائر‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫الزبن‪ ،‬محمد هويمل‪ :‬اإلجراءات الجزائية الخاصة بهيئة مكافحة الفساد في القانون األردني (دراسة‬ ‫[‪]3‬‬

‫مقارنة)‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬األردن‪.2011 ،‬‬

‫الهيتي‪ ،‬بالل‪ :‬الجرم المشهود وأثره في توسيع سلطات الضابطة العدلية دراسة مقارنة بين القانونين‬ ‫[‪]4‬‬

‫األردني والعراقي‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة الشرق األوسط للدراسات العليا‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.2011 ،‬‬

‫عدس‪ ،‬نور‪ :‬الحماية الجنائية للشاهد "دراسة مقارنة"‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة زايد‪ ،‬أبو‬ ‫[‪]5‬‬

‫ظبي‪.2015 ،‬‬

‫كوهين‪ ،‬تومر‪ :‬مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية‬ ‫[‪]6‬‬

‫–دراسة مقارنة‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪.2016 ،‬‬

‫حبيب‪ ،‬عمر توفيق‪ :‬المواجهة الجنائية لجرائم الفساد في فلسطين "دراسة تحليلة مقارنة"‪( ،‬رسالة‬ ‫[‪]7‬‬

‫ماجستير منشورة)‪ ،‬أكاديمية اإلدارة والسياسة للدراسات العليا‪ ،‬غزة‪.2017 ،‬‬

‫الدمنهوري‪ ،‬سمر‪ :‬جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي‬ ‫[‪]8‬‬

‫للدولة‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪.2017 ،‬‬

‫بغدادي‪ ،‬أدهم‪ :‬وسائل البحث والتحري عن الجرائم اإللكترونية‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة‬ ‫[‪]9‬‬

‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪2018 ،‬م‪.‬‬

‫[‪ ]10‬فراونة‪ ،‬ياسمين‪ :‬التدابير الوقائية والعالجية لمكافحة جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني دراسة‬

‫مقارنة بالشريعة اإلسالمية‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪.2018 ،‬‬

‫[‪ ]11‬سعيد‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد‪( ،‬رسالة ماجستير منشورة)‪ ،‬جامعة الشرق‬

‫عمان‪.2019 ،‬‬
‫األوسط للدراسات العليا‪ّ ،‬‬

‫[‪ ]12‬السعيدي‪ ،‬عذاري‪ :‬أثر الحصانة الدبلوماسية على فاعلية أداء الدبلوماسي الكويتي‪( ،‬رسالة ماجستير‬

‫منشورة)‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬األردن‪.2019 ،‬‬

‫‪148‬‬
.‫ المراجع األجنبية‬:‫سادسا‬

TRANSPARENCY INTERNATIONAL the global collection against corruption:

https://www.transparency.org/en/what-is-corruption WHAT IS CORRUPTION?,

149
‌An-Najah National University
Faculty of Graduate Studies

THE IMMUNITY FROM THE PERSPECTIVE


OF PENAL ENCOUNTERING OF
CORRUPTION PHENOMENON –
COMPARATIVE STUDY

By
Atheer "Salah Al-din" Ahmad Joudeh

Supervisor
Dr. Noor Adas

This Thesis is Submitted in Partial Fulfillment of the Requirements for the Degree of
Master of Public Law, Faculty of Graduate Studies, An-Najah National University, Nablus
- Palestine.

2022
THE IMMUNITY FROM THE PERSPECTIVE OF PENAL ENCOUNTERING
OF CORRUPTION PHENOMENON – COMPARATIVE STUDY

By
Atheer "Salah Al-din" Ahmad Joudeh
Supervisor
Dr. Noor Adas

Abstract

This study is titled "The Immunity from The Perspective of Penal Encountering of
Corruption Phenomenon – Comparative Study" to describe immunity effects on the
effective perspective of penal encountering for corruption phenomenon and prevent its
expanding.

Whereas corruption crimes are dangerous to individuals and communities, also they are
expanding fast and have unexpected actions. Moreover, many factors help corruption to
expand, such as the immunity system, which is a privilege given by law for specific
actions from penal encountering. Furthermore, this is pushing us to search in legal
modalities to stop the expansion of corruption by redoubling efforts at law enforcement
and fighting immunity system which impedes law enforcement.

This study tackles many types of corruption, such as Parliamentary Immunity, Diplomatic
Immunity, and Executive Immunity. Additionally, Executive Immunity consists of
President Immunity, Prime Minister and Ministers Immunity (Ministerial Immunity), and
Immunity of the Head of the Anticorruption Body.

This study clarifies the feasibility of penal encountering of corruption phenomenon within
the immunity system. Moreover, it will study the immunity as a temporary impedes stands
in the face of penal encountering of corruption crimes. In addition, the parliamentary
immunity cannot be waived except with the approval of a two-thirds majority of the
members of the legislative, or in case of flagrant delicto of felony corruption. On the other
hand, the President Immunity cannot be waived except permission of legislative and
constitutional court together. While the prime minister immunity was suspended on
president permission. Besides, the minister's immunity was suspended on the prime
minister permission. Moreover, this created the complexity of the legal procedures

B
required to waive immunity. Therefore, this impedes criminal proceedings against
perpetrators of corruption.

Keywords: Immunity, Waived Immunity, Corruption Crimes, Combat Corruption


Crimes, Penal Encountering of Corruption Crimes, Balance between Immunity System
and Corruption Crimes

You might also like