Professional Documents
Culture Documents
أثير جودة رسالة الماجستير
أثير جودة رسالة الماجستير
دراسة مقارنة
ِإعداد
أثير "صالح الدين" أحمد جودة
إشراف
د .نور عدس
قدمت هذه الرسالة إستكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون العام ،من كلية الدراسات
العليا ،في جامعة النجاح الوطنية ،نابلس -فلسطين.
2022
اإلهداء
إلى الدرع الحامي ،عماد البيت ونوره ،إلى منبع العطاء ،والدي الحبيب..
إلى أخوتي ،اٌنسي في الحياة إلى "أحمد ،حمزة ،رغد ،روان ،عمر"..
إلى ُك ّل ٍ
نفس شريفة قالت "ال" في وجه الفساد والفاسدين..
أثير...
ج
الشكر
َف ُك ّل الذي َيلقاهُ فيها ُم َحَب ُب" " َو َمن تَ ُكن العلياء ِهمة نفسه
أوالً وأخي اًر أشكر هللا سبحانه وتعالى وأحمده على نعمة العقل الشغوف للمعرفة والعلم وعلى نعمة القراءة
والكتابة.
وأتقدم بوافر الشكر والتقدير لهذا الصرح العلمي الشامخ ،جامعة النجاح الوطنية ،التي أنتمي إليها بكل ٍ
فخر
وإعتزاز.
وال ب ّد لي من أن أنسب الفضل ألهله ،فكل الشكر والتقدير لكل من عّلمني حرفاً باللين والرحمة منذ ِ
صغري َ ُ
إلى هذه المرحلة العلمية ،وكل الشكر واإلمتنان إلى مشرفتي التي لم تبخل علي بمعلومة وكانت مرشدة،
ّ
النصح ،الدكتورة نور عدس.
صبورة وصديقة ،كما أشكرها على سعة الصدر و ُ
كما أقدم شكري وتقديري إلى ُكل َمن ساهم في إخراج هذه الرسالة إلى النور ،وإلى َمن ّ
تعنوا في قراءة هذه
ولن أنسى تقدير جهود ُكل َمن أبدى لي النصح واإلرشاد أثناء كتابة رسالتي هذه ،وأخص بالشكر األستاذة
د
فهرس المحتويات
اإلهداء .....................................................................................................ج
الشكر .......................................................................................................د
اإلقرار ......................................................................................................ه
الملخص ...................................................................................................ط
المقدمة 1 .....................................................................................................
المطلب الثاني :اآلثار المترتبة على صور جرائم الفساد 22 ......................................................
الفصل الثاني :جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في ظل وجود الحصانة 63 ................................
الفرع األول :الجهة المختصة في التحري واإلستدالل عن جرائم الفساد 65 ........................................
الفرع الثاني :اإلجراءات المتبعة في البحث والتحري عن جرائم الفساد 66 .........................................
الفرع األول :الجهات المختصة في التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد 78 .......................................
الفرع الثاني :اإلجراءات المتبعة للتحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد 80 ..........................................
المبحث الثاني :أثر الحصانة على المواجهة الجزائية لجرائم الفساد 89 ............................................
المطلب األول :الحصانة قيد مؤقت للمواجهة الجزائية لجرائم الفساد 89 ...........................................
الفرع األول :الحصانة قيد في وجه اإلجراءات الجزائية المتخذة ضد مرتكبي جرائم الفساد المتمتعين بها 90 .........
الفرع الثاني :الحصانة إمتياز ُيخالف إجراءات المالحقة الجزائية لجرائم الفساد 98 .................................
المطلب الثالث :طرق خلق التوازن بين الحصانة والمواجهة الجزائية للفساد 126 ..................................
ز
الخاتمة 133 ..................................................................................................
ح
الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد
دراسة مقارنة
اعداد
أثير "صالح الدين" أحمد جودة
إشراف
د .نور عدس
الملخص
جاءت هذه الد ارسةة بعنوان "الحصةانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفسةاد –د ارسةة مقارنة"-؛ وذلك
لبيةان أثر الحصة ة ة ة ة ة ةةانةة على المواجهةة الجزائيةة الف ّعةالةة لجرائم الفسة ة ة ة ة ة ةةاد ومالحقةة مرتكبيهةا والوقوف في وجةه
إنتشارها.
كون جرائم الفسة ة ة ة ة ةةاد ذات خطر كبير على الفرد والمجتمعات وهي جرائم س ة ة ة ة ة ةريعة اإلنتشة ة ة ة ة ةةار وأفعالها غير
يمنحه القانون لبعض األفراد بحكم موقعهم الوظيفي وبهدف تحص ة ة ة ة ة ةين األفعال التي يقومون بها أثناء تأدية
مما يدعونا إلى النظر في طرق الوقوف في وجه إنتشة ة ة ة ةةار هذه الجرائم والذي يتطلب بذل جهود مضة ة ة ة ةةاعفة
والتغّلب على كل ما ُيعيق تطبيق القانون ،بحيث ُيعتبر نظام الحص ة ة ة ةةانة إحدى هذه ُ
المعوقات ،وذلك بإتباع
وتُ ّبين الد ارسة ةةة أن هناة عدة أنواع للحصة ةةانة وهي الحصة ةةانة البرلمانية ،الدبلوماسة ةةية ،القضة ةةائية ،والحصة ةةانة
التنفيذية والتي تشةمل حصةانة رئيس الدولة ،وحصةانة رئيس الوزراء ووزراءه أو ما تُسةمى بالحصةانة الو ازرية،
ط
وإسةتوضةحت الد ارسةة جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفسةاد في ظل وجود نظام الحصةانة من خالل د ارسةة
الحص ة ةةانة كقيد مؤقت يقف في وجه المواجهة الجزائية لجرائم الفس ة ةةاد ،ومنها الحص ة ةةانة البرلمانية من خالل
أنه ال يجوز رفعها إال بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي بإستثناء حالة التلبس بجريمة فساد من
نوع جناية ،وحص ة ة ة ة ة ةةانة رئيس الدولة ال يجوز رفعها إال بعد الحص ة ة ة ة ة ةةول على إذن من المجلس التش ة ة ة ة ة ةريعي
والمحكمة الدس ة ة ة ة ة ةةتورية معاً ،وحص ة ة ة ة ة ةةانة رئيس الوزراء عّلق القانون رفعها على إذن رئيس الدولة وعّلق رفع
حصة ة ة ةةانة الوزراء على إذن رئيس الوزراء ،وكل ذلك ُيحدث تعقيدات في اإلجراءات الالزمة لرفع الحصة ة ة ةةانة
عن أص ة ةةحابها؛ مما ُيعيق إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق مرتكبي جرائم الفس ة ةةاد بص ة ةةورٍة مؤقتة ،األمر الذي
جرائم الفساد.
الكلمات المفتاحية :الحصةانة ،رفع الحصةانة ،جرائم الفسةاد ،مكافحة جرائم الفسةاد ،المواجهة الجزائية لجرائم
ي
المقدمة
تُعتبر ظاهرة الفساد ظاهرة قديمة منذ وجود اإلنسان على األرض وهي تكاد تكون مالزمة للبقاء اإلنساني،
الهشيم ،إال أن تأثير تلك الظاهرة يختلف من مجتمع إلى آخر؛ نتيجة للتباين بين هذه المجتمعات في درجة
اإلستجابة لألنظمة القائمة على محاربة الفساد ،عالوة على إختالفها في عوامل اإلستقرار السياسي
معينة
معين أو بيئة ّ
هذا باإلضافة إلى اإلنتشار الواسع والكبير لجرائم الفساد فهي غير مقتصرة على مجتمع ّ
بل إنها منتشرة في جميع أرجاء المعمورة ،ومع التطور التكنولوجي الحاصل لم تعد هذه الظاهرة حبيسة مكان
معين بل إنتشرت بين العديد من الدول وأصبحت جريمة عابرة للقارات ،وهذا اإلنتشار الواسع لعدوى الفساد
ّ
كما أن اإلنتشار الكبير لجرائم الفساد أدى إلى توسع آثارها السلبية على المجتمعات في كافة األصعدة
كالبطالة ،وإنعدام الثقة في أجهزة الدولة ،وإستنزاف الموارد والوقوف في وجه التنمية المستدامة للدول ،مما
أبرز الحاجة إلى وجود نصوص قانونية عقابية تقف في وجه هذه الظاهرة وتمنع وقوعها أو تقلل من آثارها
بعد وقوعها.
وخطورة جرائم الفساد تتطلب وجود نصوص قانونية تكون على قدر ٍ
عال من الردع ،وكذلك تطبيق هذه
تخلل النصوص القانونية الضعف والقصور كلما ضعفت المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد؛ والذي بدوره يزيد
( )1براة ،أحمد :الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في التشريع الفلسطيني ،مقبول للنشر في مجلة مركز
حكم القانون ومكافحة الفساد ،مج.1/2020 ،3
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،ط ،1فلسطين :دار الشروق للنشر والتوزيع2019 ،م، ()2
ص.47
1
وتفشيها بكافة صورها وأشكالها وفي كافة مناحي الحياة وقطاعاتها ،وقد يكون ذلك القصور والخلل
إنتشارها ّ
في النص القانوني أو قد يكون في تطبيقه ،مما يفتح المجال أمام الفاسدين باإلفالت من العقاب ،وهذا
القصور والخلل في تطبيق النص القانوني يتطلب إتخاذ إجراءات صارمة في وجه الفاسدين والوقوف وقفة
اإلجراءات الالزمة لغايات ضمان الفاعلية الحقيقية لمواجهة ظاهرة الفساد والوقوف في وجه مرتكبي هذه
الجرائم ،ومن صور ذلك الحد من الحصانات المقررة في نطاق التشريعات الداخلية للدول والتي تعتبر مالذ
للفاسدين للهروب من وجه العدالة ،وهي عائق مؤقت يحول دون إتخاذ اإلجراءات الجزائية وتطبيق النص
تشريعية تحد من نطاق الحصانة وأثرها دون أن تلغيها ،وفي نفس الوقت تحقق توازن مناسب بين نظام
مشكلة الدراسة:
لطالما كانت جرائم الفساد وال زالت من أخطر الجرائم التي ُتلقي بالمجتمعات إلى الهاوية وتؤخر تنميتها
الفاعلية،
ّ والوقوف في وجه تلك الجرائم ومنع حدوثها يتطلب وجود نصوص تشريعية تكون على ٍ
قدر من القوة و
وعلى الرغم من وجود تلك النصوص التشريعية إال أنه يوجد حاالت إفالت من العقاب ،وأبرز ما يؤدي إلى
إلى إخضاعهم إلجراءات جزائية خاصة ،بحيث تكون الحصانة عائق يقف في وجه المواجهة الجزائية وإيقاع
العقاب على مرتكبي جرائم الفساد ،وذلك يتطلب البحث عن حل قانوني ُيبقي على الحصانة وفي نفس الوقت
يحقق الغاية من وجود النص التشريعي العقابي ،أي إيجاد نصوص تشريعية تخلق توازن ما بين نظام
نص المادة ( )2/30من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة 2003م. ()1
،1997ص.148-147
2
الحصانة والمواجهة الجزائية لجرائم الفساد ،وهذا بدوره يقودنا إلى سؤال البحث الرئيسي ،والذي يتمثل في:
الفعالة لجرائم
المشرع الفلسطيني تنظيم أحكام الحصانة بقواعد قانونية تكفل المواجهة الجزائية ّ
ّ هل إستطاع
األشخاص لحمايتهم من تعسف السلطات األُخرى أم أنها مالذ للهروب من المسائلة الجزائية عن جرائم
الفساد؟ ،وما هو هدف المشرع من تقرير إمتياز الحصانة لبعض األشخاص؟ وما هي اإلجراءات القانونية
المشتبه
المقررة لرفع الحصانة عن أصحابها حتى تتمكن الجهات المختصة من مسائلتهم عن جرائم الفساد ُ
إرتكابهم لها؟ وما إذا كان التنظيم القانوني ألحكام الحصانة يتناسب وطبيعة جرائم الفساد وخصائصها؟
أهداف الدراسة:
.2تحليل النصوص القانونية المتعلقة بإجراءات التحري واإلستدالل ،والتحقيق ،والمحاكمة في جرائم
.3الوصول إلى إجراءات قانونية سريعة ومختصرة لمعاقبة مرتكبي جرائم الفساد في فلسطين ممن
يتمتعون بالحصانة.
.4الوصول إلى حلول قانونية وتشريعية تحقق التوازن بين تطبيق أحكام الحصانة وبين المواجهة
3
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة العلمية في توضيح الكيفية التي تناول بها المشرع الفلسطيني مفهوم الحصانة وإجراءات
عمن يتمتعون بها؛ لتمكين السلطات المختصة من معاقبتهم وإتخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة بحقهم،
رفعها َ
كما تبرز األهمية العلمية للدراسة في تناول اإلجراءات الجزائية المتعلقة بجرائم الفساد واإلجراءات الواجب
إتباعها في وجه أصحاب الحصانة مرتكبي هذا النوع من الجرائم ومنع إفالتهم من العقاب ،وبالتالي إجراءات
رفع الحصانة عن مرتكبي جرائم الفساد للتمكن من معاقبتهم وتطبيق النص القانوني عليهم ،والذي بدوره يؤثر
على منع إنتشار الفساد وبالتالي اإلصالح والتنمية الحاصلة على المستوى السياسي ،واإلقتصادي ،والقانوني،
العملية للدراسة في أن تحقيق التوازن بين الحصانة والمواجهة الجزائية لظاهرة الفساد والذي
ّ فيما تبرز األهمية
يكمن في التنظيم التشريعي السليم لكليهما ،يساهم في دوره بوضع سياسة جزائية متكاملة ورادعة وبالتالي
تحقيق أهداف التشريع العقابي ،وتحقيق اإلستقرار السياسي في الدولة ،وفتح األبواب أمام التنمية المستدامة
كما تظهر األهمية العملية للدراسة في بيان أثر الحصانة كقيد َي ِقف في وجه المنظومة العقابية للتصدي
لألعمال التي تعتبر من قبيل الفساد في الواقع العملي ،وأن الحصانة هي ستار يختبئ به مرتكبي جرائم
الفساد ممن يتمتعون بها؛ لإلفالت من العقاب والهروب من اإلجراءات المتخذة بحقهم في سبيل التحقيق في
جرائم الفساد ،األمر الذي يخلق الحاجة إلى إيجاد حلول تحقق التوازن بين نظام الحصانة وتُبقي عليه وفي
المجتمعات.
4
منهجية الدراسة:
تقوم هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي والمنهج المقارن ،حيث تم إتباع المنهج الوصفي في وصف
ظاهرة الفساد وأسبابها وآثارها ،وكذلك فيما يتعلق بالحصانة وإجراءات رفعها والتنظيم القانوني لكال
الموضوعين ،وتم إتباع المنهج التحليلي في دراسة أثر الحصانة على المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد وتناول
الحصانة كقيد يقف في وجه المالحقة الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد ،ويكون المنهج المقارن في المقارنة بين
القوانين المطبقة في الضفة الغربية المتعلقة بموضوع البحث وبين القانون األردني؛ من أجل التوصل إلى
نقاط اإلتفاق واإلختالف بين القانون الفلسطيني واألردني ،كون هناة أرضية مشتركة بين القوانين المطبقة
في كلتا الدولتين ،مما ُيتيح المجال للمقارنة بين آلية تطبيق القانون في الدولتين خاصة في ظل وجود حالة
نطاق الدراسة:
وتكون حدود الدراسة الزمانية في الفترة ما بين عام 1960م إلى اآلن.
وتتمثل حدود الدراسة القانونية في التشريعات المطبقة في الضفة الغربية وفي األردن( )1مع اإلسترشاد ببعض
القوانين الوطنية األخرى ذات عالقة ،وتتمثل التشريعات في الضفة الغربية بما يلي :القانون األساسي
الفلسطيني اُلمعدل لسنة 2003م ،قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته ،قانون
اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته ،قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس
التشريعي رقم ( )10لسنة 2005م وتعديالته ،قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م
هذا باإلضافة إلى اإلسترشاد بالعديد من اإلتفاقيات الدولية ،أهمها :إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م، ()1
واإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010م ،وإتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 1961م.
5
وفي األردن :الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته ،قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ()13
لسنة 2016م وتعديالته ،قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته ،قانون إستقالل القضاء
المعدل رقم ( )29لسنة 2014م ،النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة 2014م ،والنظام
األردني ُ
الدراسات السابقة:
هناة العديد من الدراسات التي تناولت الحصانة والمواجهة الجزائية لظاهرة الفساد ،منها على مستوى فلسطين
.1تومر كوهين ،مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية
دراسة مقارنة( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة النجاح الوطنية ،فلسطين.2016 ،
تناولت هذه الرسالة ماهية جرائم الفساد في ظل المنظومة العقابية المطبقة في فلسطين وأشكال هذه
الجرائم وصورها وآثار إنتشارها ،كما تناولت طرق الوقوف في وجه الفساد ومكافحته وتفعيل أنظمة
المحاسبة والرقابة.
وتتفق هذه الدراسة مع الدراسة الحالية في البحث عن طرق مناسبة للوقوف في وجه الفساد ومالحقة
مرتكبيه ،وكذلك فيما يتعلق بالبحث في أهم المعوقات التي تقف في وجه مالحقة مرتكبي جرائم الفساد
وتطبيق النص القانوني بحقهم ،إال أن الدراسة الحالية توسعت في البحث بنظام الحصانة بإعتباره قيد
وعائق.
6
.2عمار ياسر جاموس ،الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين،
تناولت هذه الدراسة أنواع الحصانة في النظام القانوني الفلسطيني ،وركزت على الحصانة البرلمانية من
المن ِّ
ظم لها وخصائصها ،كما تناولت زوال الحصانة البرلمانية حيث تعريفها ومبرراتها واإلطار القانوني ُ
وأثر ذلك على مكافحة الفساد في فلسطين ،هذا وتطرقت الدراسة إلى العفو الخاص والطبيعة القانونية
له وآثاره.
وتتفق هذه الدراسة مع الدراسة الحالية من ناحية تناولها للحصانة البرلمانية وزوالها وإجراءات رفعها
وأثر ذلك على مكافحة الفساد في فلسطين ،إال أن الدراسة الحالية تتناول كافة أنواع الحصانة.
د.نجيب شكر محمود ،الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية دراسة مقارنة ،مقالة علمية، .3
عالجت هذه الدراسة الحصانة البرلمانية في مواجهة اإلجراءات الجزائية ،حيث تناولت ماهية الحصانة
البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية ،وتطرقت إلى األساس القانوني للحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات
الجنائية وشروط تطبيقها ،وبينت كيفية رفع الحصانة البرلمانية وآثر ذلك على تطبيق نصوص
اإلجراءات الجزائية.
وتختلف هذه الدراسة عن الدراسة الحالية في أن الباحثة تناولت الكيفية التي يمكن فيها تحقيق التوازن
بين الحصانة واإلجراءات الجزائية المتخذة والتي لم يتطرق إليها الباحث في مقالته.
7
.4أحمد براك ،الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في التشريع الفلسطيني ،مقالة
فاعلية
ّ كرسة في مجال مكافحة الفساد وأنواعها ،وأثرها على
الم ّ
تناولت هذه الدراسة مفهوم الحصانة ُ
وكذلك اإلجراءات الجزائية المتبعة في مالحقة مرتكبي جرائم الفساد المتمتعين بالحصانة في التشريع
الفلسطيني ُمقارن ًة بالتشريع األردني ،كما تطرقت الدراسة الحالية إلى جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد
اقعية. في ظل وجود الحصانة وطرق خلق التوازن بينهما وذلك من ناحية ّ
عملية وو ّ
وبالتالي يتضح أن جميع الدراسات السابقة تناولت مفهوم الحصانة ،وأنواعها ،وإجراءات رفعها والتنظيم
وتطرقت إلى تعريف جرائم الفساد ،وأنواعها ،وآثارها ،والتنظيم القانوني لها واإلجراءات المتخذة
ّ القانوني لها،
في سبيل الوقوف في وجه هذه الظاهرة والحد منها وهذا ما يتفق مع الدراسة الحالية ،لكن تتضح نقاط
اإلختالف بين الدراسات السابقة والدراسة الحالية في أن الدراسات السابقة لم تتناول الحصانة كقيد وعائق
يقف في وجه المالحقة الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد بصورٍة موسعة ،كما أنها لم تبحث فيما ُيمكن أن يحقق
الحالية التي تناولت نظام الحصانة كقيد في وجه إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق مرتكبي جرائم الفساد ،وكذلك
بحثت في كيفية تحقيق التوازن بين نظام الحصانة والمواجهة الجزائية لظاهرة الفساد.
8
خطة الدراسة:
حاولت الباحثة من خالل هذه الدراسة الوقوف على كافة المسائل واإلشكاليات المتعلقة بموضوع هذه الرسالة،
األمر الذي إقتضى تقسيم هذه الرسالة إلى فصلين رئيسين ،الفصل األول بعنوان :مضمون الحصانة في
مجال مكافحة الفساد ،حيث تم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين ،المبحث األول بعنوان :ماهية جرائم الفساد،
إلى اآلثار المترتبة على صور جرائم الفساد ،أما المبحث الثاني بعنوان :ماهية الحصانة في نطاق مكافحة
أما الفصل الثاني فهو بعنوان :جدوى المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في ظل وجود الحصانة ،وتم تقسيمه
إلى مبحثين ،المبحث األول تحت عنوان :المواجهة الجزائية لجرائم الفساد ،والذي إنقسم بدوره إلى مطلبين،
ظر في زوال
ثالثة مطالب ،األول بعنوان الحصانة قيد مؤقت للمواجهة الجزائية لجرائم الفساد ،والثاني َن َ
9
الفصل األول
أصبح الفساد ظاهرة عالمية سريعة اإلنتشار تطال جميع المجتمعات وكافة مناحي الحياة؛ لذلك كان ال ُب ّد
من الوقوف في وجه هذه الظاهرة ،ومنع كل ما قد يقف في وجه مالحقة مرتكبيها والذي ُيعتبر نظام الحصانة
بناء عليه سيتم التطرق في هذا الفصل إلى ظاهرة الفساد في التشريعات محل الدراسة ،والحديث عن
إحداهاً ،
وبالتالي ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين ،المبحث األول يبحث في ماهية جرائم الفساد ،فيما يتناول المبحث
ظاهرة الفساد مالزمة للنفس البشرية منذ وجودها وستبقى حتى فنائها ،فأفعال الفساد تختلف من مجتمع إلى
وتطور
ّ آخر ومن حقبة زمنية إلى أُخرى ،فهو يشمل العديد من األفعال التي تتغير وتتطور بمرور األزمان
المجتمعات ،فالفساد ظاهرة ال ُيمكن إبادتها إنما يمكن الحد من آثارها على الفرد والمجتمع ،وقد أخذت إهتمام
كبير من الدول والمجتمعات ،وللوقوف على هذا الموضوع يتناول هذا المبحث ماهية جرائم الفساد.
وينقسم هذا المبحث إلى مطلبين ،األول يتناول مفهوم جرائم الفساد ،ويتطرق الثاني إلى اآلثار المترتبة على
ُع ّرف الفساد بالعديد من التعاريف التي يصعب حصرها والتي تختلف من زمن إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر.
10
وبالتالي سيتناول هذا المطلب مفهوم جرائم الفساد ،والذي ينقسم بدوره إلى فرعين ،األول يتناول تعريف
سيتناول هذا الفرع تعريف جرائم الفساد لغ ًة ،وبحسب تعريف اإلتفاقيات الدولية واإلقليمية والمؤسسات
والمنظمات الدولية ،وبحسب تعريف التشريع الفلسطيني واألردني ،وكذلك تعريفه إصطالحاً.
الفساد هو ِإلحاق َ
الضرر(.)1 الخلل ،و َ
وَف َس َد األمور أي إضطربت وأدركها َ
الفساد(.)2
حب َوَفساداً ،وهللا ال ُي ُّ
هناة العديد من اإلتفاقيات الدولية التي عرّفت الفساد وتناولت صوره ،نذكر منها:
إبن منظور :لسان العرب ،المجلد السابع ،القاهرة :دار الحديث للنشر2003 ،م ،ص.100 ()1
أقرتها األمم المتحدة سنة 2003م ،وتحتوي على 71مادة ،موزعة الملزم قانوناً لمكافحة الفسادّ ،
هي الصك العالمي الوحيد ُ
()3
على ثمانية فصول ومؤلفة من أربعة أجزاء رئيسية ،الجزء األول يتطرق إلى "الوقاية" والثاني يتناول "التجريم وإنفاذ القانون"
خصص ل"التعاون الدولي"( .إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،برنامج األمم المتحدة اإلنمائي في لبنان ،للمزيد
والثالث ُم َ
راجع الرابطhttps://www.lb.undp.org/content/lebanon/ar/home/projects/anti-corruption-for-trust- :
، --lebanon-/united-nations-convention-against-corruption.htmlتاريخ آخر زيارة2022/2/11 :م)،
وللوصول إلى نص اإلتفاقية راجع الرابط:
11
لم يرد تعريف شامل وصريح لمفهوم الفساد في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،إنما يمكن إستنباط
ذلك مما جاء في شرح ديباجية اإلتفاقية عن ظاهرة الفساد؛ حيث ُيفهم منها أنه" :ظاهرة َع ْبر وطنية
تمس كل المجتمعات واإلقتصادات ،وهو خطر على إستقرار المجتمعات وأمنها كما أن هناة ِ
صالت
والحياة السياسية والنواحي اإلقتصادية واإلجتماعية ،ويكون التصدي لها على عاتق السلطات الرسمية
، https://www.unodc.org/documents/treaties/UNCAC/Publications/Convention/08-50024_A.pdf
تاريخ آخر زيارة 2022/2/11م.
انظر ديباجية إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003م. ()1
معنية بمكافحة الفساد ،وصل عدد الدول التي وقعت عليها 21دولة عربية حتى عام 2010م ،تهدف هي إتفاقية إقليمية ّ
()2
إلى تعزيز التدابير للوقوف في وجه الفساد( .اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد ،الموقع الرسمي لهيئة الرقابة اإلدارية والشفافية
،https://www.acta.gov.qa/تاريخ آخر زيارة2022/2/11 :م) ،وللوصول إلى نص دولة قطر ،للمزيد راجع الرابط:
اإلتفاقية راجع الرابط ، https://www.almeezan.qa/AgreementsPage.aspx?id=1719&language=ar :تاريخ
آخر زيارة2022/2/11 :م.
انظر ديباجية اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010م. ()3
12
ثالثا :تعريف المؤسسات والمنظمات الدولية للفساد.
()1
جريمة الفساد على أنها" :إساءة إستغالل الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب عرف البنك الدولي
لقد ّ
خاصة"(.)2
()3
جريمة الفساد على أنها" :إستغالل المصلحة العامة لتحقيق مصلحة عرفت منظمة الشفافية الدولية
ّ
خاصة"(.)4
ولقد ذكرته أكاديمية اإلنتربول لمكافحة الفساد على أنه ظاهرة عالمية يمتد أثرها على جميع العالم وعلى
التنمية ،يضم ( )189دولة ،تأسس في الواليات المتحدة عام 1944م( ،للمزيد راجع الرابط:
https://www.cibeg.com/arabic/Pages/blog.aspx/?article=What%20is%20the%20World%20Ban
،kتاريخ آخر زيارة .)2021/5/20
مجموعة البنك الدولي ،تحسين نواتج التنمية-التقرير السنوي للنزاهة2007 ،م ،ص ،5منشور على الرابط: ()2
تضم أكثر من 100فرع في كافة دول العالم( ،للمزيد راجع الرابط ،https://www.marefa.org/ :تاريخ آخر زيارة
.)2021/5/30
TRANSPARENCY INTERNATIONAL the global collection against corruption: WHAT IS ()4
13
رابعا :تعريف جريمة الفساد من منظور تشريعي.
يمكن عرض موقف المشرع الفلسطيني والمشرع األردني من تعريف جريمة الفساد ،من خالل اآلتي:
عرف تقرير المجلس التشريعي حول ملف الفساد لعام 1997م جريمة الفساد على أنها" :خروج عن
ّ
أحكام القانون أو األنظمة الصادرة بموجبه ،أو مخالفة السياسات العامة المعتمدة من ِقَبل الموظف العام
بهدف جني مكاسب له أو آلخرين ذوي عالقة أو إستغالل غياب القانون بشكل و ٍ
اع بهدف الحصول
عرف قانون مكافحة الفساد رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته جريمة الفساد وإنما إكتفى بتحديد
فيما لم ُي ّ
الجرائم التي تعتبر فساداً ،وهو بذلك ُيكمل قانون العقوبات األردني لسنة 1960م ُ
المطبق في الضفة
الغربية وال ينقصه أو يعارضه ،حيث جاء فيه "الفساد :يعتبر فساداً لغايات تطبيق أحكام هذا القرار
دية ،أحمد :الفساد سبله وآليات مكافحته ،منشورات اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة ،آمان ،رام هللا ،ط2004 ،1م،
أبو ّ
()1
ص.3
14
.7غسل األموال الناتجة عن جرائم الفساد المنصوص عليها في قانون مكافحة غسل األموال وتمويل
اإلرهاب الساري.
.9المتاجرة بالنفوذ.
.12عدم اإلعالن أو اإلفصاح عن إستثمارات أو ممتلكات أو منافع تؤدي إلى تضارب في المصالح إذا
كانت القوانين واألنظمة تستوجب ذلك ،ويكون من شأنها تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة
للممتنع عن إعالنها.
لم يرد تعريف جرائم الفساد في التشريع األردني كما هو الحال في التشريع الفلسطيني ،وإنما إكتفى
المشرع األردني بذكر الجرائم التي تعتبر جرائم فساد في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم
( )13لسنة 2016م وتعديالته ،حيث ورد فيه ُ"يعتبر فساداً لغايات هذا القانون ما يلي:
نص المادة ( )1من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م ،المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ()1
المعدلة بموجب نص المادة ( )3من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م بشأن
،53بتاريخ 2005/2/28م ،ص ،154و ُ
تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني ،المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،149بتاريخ ،2018/11/28ص.30
15
.4عدم اإلعالن أو اإلفصاح عن إستثمارات أو ممتلكات أو منافع قد تؤدي إلى تعارض في المصالح
إذا كانت القوانين واألنظمة تستوجب ذلك ويكون من شأنها تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير
.5كل فعل ،أو إمتناع ،يؤدي إلى هدر األموال العامة أو أموال الشركات المساهمة العامة أو الشركات
الجمعيات.
ّ غير الربحية أو
.7قبول موظفي اإلدارة العامة للواسطة أو المحسوبية التي تلغي حقاً أو تحق باطالً.
ال يوجد تعريف جامع ومانع يمكن إطالقه على جريمة الفساد ،فجريمة الفساد لها مفاهيم تختلف بحسب
الجهة التي قامت بوضع هذا التعريف والمقصد من وضعهَ ،ك ْون ظاهرة الفساد هي ظاهرة مركبة ومتنوعة
ومختلفة من مجتمع إلى آخر ،فما ُيعتبر فساداً لدى مجتمع قد ال يعتبر كذلك لدى مجتمع آخر ،بالتالي هي
ظاهرة متعددة الجوانب والعوامل واألنواع ،مما يؤدي إلى صعوبة اإلجماع الكلي على تعريف واحد يشمل
هذه الظاهرة( ،)2هذا وقد تعددت التعريفات التي تتناول جريمة الفساد ،وسنتناول أهم هذه التعريفات بحسب
( )1قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته ،المنشور في الجريدة األردنية ،عدد ،5397بتاريخ
،2016/5/16ص.2578
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة الشرق األوسط للدراسات ()2
العامة ،وإستغالل المصلحة العامة لتحقيق المنافع الشخصية دون النظر إلى المنفعة العامة"(.)1
عرفها آخرون على أنها" :إساءة إستغالل السلطة من ِقَبل شخص لديه نفوذ في إتخاذ ق اررات تهم
في حين ّ
الصالح العام"(.)2
وأطلق جانب آخر من الفقهاء على جريمة الفساد بأنها" :قيام الموظف العام وبطرق غير مشروعة بإرتكاب
فعل ُيعد إهدا اًر للمال العام أو الموجودات العامة ومن ثم فهي سلوكاً ُيخالف الواجبات الوظيفية الرسمية
عرف النشطاء في حقوق اإلنسان جرائم الفساد على أنها" :إنتهاة وخرق من نوع خاص لحقوق اإلنسان
وقد ّ
يصل إلى مرحلة النفي المطلق لفلسفة ومبدأ أساسي من المبادئ التي تقوم عليها حقوق اإلنسان أال وهو
مبدأ المساواة"(.)4
وترى الباحثة أن معظم التعريفات السابقة لمفهوم جريمة الفساد تدور حول معنى واحد وهو إساءة إستعمال
السلطة ِممن يملكونها؛ لتحقيق منفعة خاصة لهم على حساب المصلحة العامة ،كما ترى أن تعريف إتفاقية
معين ولم تربطه بسلوكيات محددة ،كما أنها وضعت وصفاً عاماً للجريمة(،)5
بالظاهرة ولم تضعه في قالب ّ
محمد ،مازن :في قضايا الفساد ومؤثراته المختلفة ،النبأ ،عدد2006 ،80م.5 ، ()1
كوهين ،تومر :مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة، ()2
إال أن كافة التشريعات تتفق على أن تقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة هو المعنى الذي
ويبنى عليه ،والبعض اآلخر إستعاض بتوضيح أشكال الفساد وصوره لبيان مفهوم
ينطلق منه مفهوم الفساد ُ
جريمة الفساد ،وقد قامت الباحثة بإطالق مفهوم جرائم الفساد على أي فعل أو إمتناع عن فعل ينطوي على
تقديم المصالح الفردية على المصلحة العامة بصورة مخالفة للقانون بغض النظر عن الصورة التي تم إرتكاب
()1وعند الحديث عن الفساد ال ُب ّد من ذكر أسباب حدوثه وإنتشاره ،أهمها .1 :أسباب سياسية :إن طبيعة النظام السياسي في
الدولة تؤثر بشكل كبير على إنتشار الفساد فقد تكون حاضن ًة للفساد كالنظم الديكتاتورية أو طاردةً له كالنظم الديمقراطية؛ فالنظم
الديمقراطية التي تحترم حقوق اإلنسان وآراءه وتتخذ من اإلنتخابات طريقة للوصول إلى الحكم وتسمح المشاركة السياسية الفاعلة
تقل فيها نسبة تفشي الفساد ،على العكس من النظم الديكتاتورية التي تطغى فيها إحدى السلطات الثالث على األخرى ،والتي
تهمش دور المجتمع المدني ومؤسساته ،والتي تغيب فيها القدوة السياسية الصالحة ،والتي يتمتع كبار الموظفين ورجال السلطة
وفقاً لقوانينها بحصانة تحميهم من المالحقة والخضوع للمساءلة فإن نسب الفساد فيها مرتفعة وهي تعتبر بيئة حاضنة للفساد.
(فراونة ،ياسمين :التدابير الوقائية والعالجية لمكافحة جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني دراسة مقارنة بالشريعة اإلسالمية،
(رسالة ماجستير منشورة) ،الجامعة اإلسالمية ،غزة ،2018 ،ص.)18
.2أسباب إقتصادية :إن جريمة الفساد جريمة تفاعلية بالتالي تتأثر بالبيئة المحيطة بها كالتغييرات اإلقتصادية ،فتكثر الواسطة
والمحسوبية والمحاباة في حاالت الرخاء اإلقتصادي بينما تزداد حاالت اإلختالس والرشوة والتزوير في حاالت الضائقة
اإلقتصادية ،وتتمثل أهم األسباب اإلقتصادية إلنتشار الفساد في الفقر وإرتفاع معدالت البطالة وإستم ارريتها والرواتب غير
المجزية لبعض الموظفين إلى جانب وصفهم بالجشع؛ مما يدفعهم إلرتكاب جرائم فساد بهدف الحصول على مصادر أُخرى
للدخل ،كما أن التوزيع غير العادل للثروات بين أفراد المجتمع يدفعهم إلى إرتكاب الجرائم كالرشوة واإلختالس؛ محاول ًة منهم
لخلق توازن في توزيع الثروات بينهم( .سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص،51
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.)49
.3أسباب إجتماعية :إن نمط العالقات واألعراف بين أفراد المجتمع لها تأثير كبير على إنتشار الفساد وبالذات على نوعية
الجرائم المنتشرة ،فمثالً تعتبر المحاباة -والتي تعني تفضيل بعض األشخاص على غيرهم بسبب العالقات الشخصية ال الكفاءة
في الوظائف اإلدارية ،وكذلك المحسوبية من قبيل اإللتزامات اإلجتماعية في الدول النامية ،باإلضافة إلى التفاوت الطبقي بين
معينة فتلجأ إلى الفساد للحصول على حقها في الخدمات
أفراد المجتمع الواحد يوّلد الشعور بالدونية والظلم لدى فئات مجتمعية ّ
العامة وترى أنها الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك( .موقع المعرفة اإللكتروني ،للمزيد راجع الرابط،https://www.marefa.org/ :
تاريخ آخر زيارة2022/2/16 :م ،براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.)50-49
التسيب والخلل اإلداري والسياسات الخاطئة في إدارة المرافق العامة ،ووجود بعض اإلنحرافات لدى القيادات
.4أسباب إدارية :إن ّ
وتغول البيروقراطية –والتي تعني
وتقديم المصالح الخاصة ،وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ،وغياب الرقابةّ ،
"هي البنى والهياكل التي يقوم عليها تنظيم السلطات اإلدارية وتوزيعها ،وتحديد الصالحيات وتسمية المسؤولين وتراتبيتهم ،في
أي إطار منظم وفق القوانين ويخضع لسلطة معينة" -ونقص كفاءة العاملين ،والروتين ،من أهم عوامل فساد المنشآت اإلدارية.
18
الفرع الثاني :خصائص جرائم الفساد.
تتصف جرائم الفساد بالعديد من الخصائص والتي يجب مراعاتها عند إقرار السياسة العقابية المتعلقة بمكافحة
أولا :السرية.
تكون السرية في جرائم الفساد في عناصرها وأدواتها ،حيث أن كافة األعمال التي يتم القيام بها واإلجراءات
اإلختفاء والسرية وفقاً للجهة التي تقوم بها ،ففي الفساد الكبير( )2الذي تقوم به الجهات العليا يتم إخفاءه تحت
.6أسباب قانونية :إن غياب سيادة القانون من أهم األسباب القانونية إلنتشار الفساد ،فيتم تطبيق القانون على فئة ّ
معينة وإفالت
فئات أخرى ،كما أن عدم إستقالل القضاء يؤثر على إنتشار جرائم الفساد ،وبالتالي إفالت المجرمين من العقاب ،األمر الذي
يدفع الفاسدين إلى إرتكاب الجرائم ظناً منهم أن ال قانون يردعهم( .سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد،
مرجع سابق ،ص.)50
المحصلة تجد الباحثة أنه ال يمكن الجزم أن هناة سبباً واحداً لوقوع جريمة الفساد ،فقد يكون هناة سبب ُمركب كأن يجتمع
وفي ُ
أكثر من عامل وراء وقوع جريمة الفساد ،فمثالً جريمة الرشوة قد يكون مسببها إداري كغياب الرقابة اإلدارية وأيضاً سبب أخالقي
أو ثقافي مثل إنعدام فضيلة األمانة ،ومهما تعددت أسباب وقوع جريمة الفساد إال أنها ليست بمبرر لمثل هذه الجرائم الشنعاء.
الدمنهوري ،سمر :جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي للدولة( ،رسالة ماجستير ()1
من األشخاص ،ويحتاج إلى بذل جهود مضاعفة للكشف عنه ومحاربته ،ومن األمثلة عليه قيام المسؤولين الكبار في الدولة
بأفعال الفساد كاإلختالس من اموال الدولة ،وكذلك إتاحة المجال لشركات غير مؤهلة بإدارة وإنشاء المشاريع في الدولة.
(الحصان ،عاتكة :أنواع الفساد ،موقع سطور اإللكتروني ،للمزيد راجع الرابط ، https://sotor.com/ :تاريخ آخر زيارة:
2022/2/4م).
19
()1
الذي ُيمارسه صغار الموظفين ُمسمى المصلحة العامة أو الدواعي األمنية ،أما بالنسبة للفساد الصغير
فيكون المبرر هو تنفيذ تعليمات وتوجيهات صادرة من قمة الهرم ،وتبرز خاصية السرية عندما يتم حياكة
جرائم الفساد بصورة ال يمكن فيها للقائمين على الجريمة التالقي ببعضهم البعض وإنما يكون هنالك وسيط
بينهم كالمنظمات أو الشبكات اإلجرامية أو من خالل أطراف مجهولة ،مما يزيد من صعوبة الكشف عن
هذه الجرائم وعدم القدرة على الوصول إلى جميع الفاعلين ومعاقبتهم(.)2
إن التشبيه المتعارف عليه لجريمة الفساد بين فقهاء القانون هو أنها كالسرطان تنهش أساس المجتمع
ونهضته ،فجرائم الفساد سريعة اإلنتشار إذا وجدت البيئة الحاضنة لها ،كما أن التطور التكنولوجي والعلمي
ٍ
بشكل كبير في سرعة إنتشار الفساد ونطاق إنتشاره وكسر الحاصل كالعولمة والسوق اإلقتصادي ّ
الحر أثّر
بعض جرائم الفساد عالمية تتخطى حدود اإلقليم المحلي لتصبح عابرة للحدود ،ويعود السبب في ذلك إلى
تعدد أطرافها وتنوع أدواتها وتشابك المصالح بين أطرافها( ،)4وقد تكون جريمة الفساد عابرة للحدود من حيث
عرف الفساد الصغير على أنه الفساد الذي يكون على مستوى األفراد وله تأثير محدود عليهم ،وقد يقوم به شخص أو
ُي َ
()1
أكثر لكن تأثيره يكون على مستوى مؤسسة أو مكان واحد ،مثل دفع رشوة للحصول على ترقية ،وهذا النوع من الفساد قد يتفاقم
ويتحول إلى فساد كبير إذا لم تتم السيطرة عليه والوقوف في وجهه( .الحصان ،عاتكة :أنواع الفساد ،مرجع سابق ،تاريخ آخر
ّ
زيارة 2022/2/4م).
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.44 ()2
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.22 ()3
الدمنهوري ،سمر :جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي للدولة ،مرجع سابق. ()4
ص.34-32
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.23-22 ()5
20
رابعا :بعضها من جرائم الخطر.
يكمن السبب في وصف بعض ج ارئم الفساد أنها من جرائم الخطر هو أنها تتالعب بمقدرات الشعوب واألجيال
القادمة؛ لذلك ومن أجل الوقوف في وجهها ال ُبد للقوانين الوطنية والدولية ترتيب المسؤولية الجنائية بحق
خامس ا :تفاعلية.
تفاعلية تتأثر بالظروف المحيطة بها إرتفاعاً وإنخفاضاً سواء كانت الظروف إقتصادية
ّ جريمة الفساد جريمة
أو إجتماعية أو سياسية أو أمنية ،فكلما ساءت الظروف إرتفعت معدالت الفساد فيجد الفاسدون فرصتهم
بعض جرائم الفساد متعددة األطراف فأصبح هناة الفاعل األصلي للجريمة والشركاء والمتدخلين ،مما يجعل
من القبض على جميع المتورطين في جريمة الفساد أمر في غاية الصعوبة ،بحيث قد يتم القبض على
لتفشي جريمة الفساد والذي قد يكون من خالل المساواة في العقاب بين الفاعلين األصليين والشركاء
والمتدخلين(.)4
الفساد ،أي أن الموظف الذي يتسبب بخطئه هدر المال العام ال ُيمكن مقاضاته بتهمة الفساد وإنما من
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.46 ()1
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.26 ()2
الدمنهوري ،سمر :جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي للدولة ،ص.36-34 ()3
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.46 ()4
21
الممكن مسائلته إدارياً أو جنائياً؛ لذلك حتى تقع جريمة الفساد ال ّبد من توافر القصد الجنائي لدى الموظف
العام(.)1
من أجل تكوين صورة متكاملة عن جرائم الفساد ،ال ُبد من توضيح صور جرائم الفساد وآثارها على الفرد
حيث تم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين ،األول بعنوان صور جرائم الفساد ،والثاني بعنوان آثار جرائم الفساد
وآليات مكافحتها.
يوجد الكثير من التصنيفات لجرائم الفسادبحيث تظهر صور جديدة بشكل مستمر ،وقد تعددت هذه التصنيفات
المستمر في جرائم الفساد؛ لتواكب التطور الحاصل في جميع المجاالت في العالم ،كما أن معظم
للتغير ُ
وفقاً ّ
لذلك سوف تتطرق الباحثة إلى أهم تصنيفات جرائم الفساد وما تراه أكثر إلماماً بأنواع الفساد وصوره.
الدولية
ّ المحلية لمعظم الدول ،كما تناولته العديد من اإلتفاقيات
ّ لقد ورد تصنيف جرائم الفساد في التشريعات
كإتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م ،واإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010م ،وبتسليط
الضوء على ما تتصف به هذه الجرائم من سرعة تطور صورها ،يمكن تصنيف جرائم الفساد وفق ما وردت
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.45 ()1
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،القدس ،ط ،2016 ،4ص.17 ()2
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.27 ()3
22
أولا :جرائم الفساد التقليدية.
وهي الجرائم التي قد سبق وتناولتها قوانين مكافحة الفساد ،وتتمثل في:
هناة العديد من التعريفات لجريمة الرشوة ،بحيث يمكن تعريفها على أنها" :إتفاق بين طرفين يعرض أحدهما
فائدة أو منفع ًة ما فيقبلها اآلخر ألداء عمل أو اإلمتناع عن عمل يدخل في وظيفته أو مأموريته"(.)1
وتفترض جريمة الرشوة وجود طرفين ،األول يتمثل في الموظف الذي يأخذ أو يقبل أو يطلب منفعة ما أو
الموظف العام ،وقد يدخل طرف ثالث في بعض الحاالت وهو وسيط بين الموظف وصاحب المصلحة
ويسمى الرائش(.)2
ُ
ولقد وردت جريمة الرشوة في قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته ُ
المطبق في الضفة
الغربية وفي المملكة األردنية الهاشمية في المواد ( ،)172 ،171 ،170فقد تحدثت المادة ( )170عن قبول
الرشوة وعرفته( ،)3وعد المشرع األردني أن قيام الموظف العام بعمل غير محق أو إمتناعه عن عمل ي ِ
حتّمهُ ُ ّ
( )1عبد الباقي ،مصطفى :جريمة الرشوة وفق ا للقوانين السارية في الضفة الغربية – فلسطين ،مقبول للنشر في مجلة كلية
القانون الكويتية العالمية ،25 ،مج.329/2019 ،7
كوهين ،تومر :مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة، ()2
طَل َب أو َقِب َل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليقوم بعمل بحكم
حكم والخبير والسنديك َ
كالم ّ
بمهمة رسمية ُ
وظيفته"( .قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته ،المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،1487
ويعرف السنديك أو مأمور التفليس هو شخص يعين من قبل المحكمة إلدارة الشؤون المالية بتاريخ ،1960/5/1صُ .)374
للمدين المفلس بموافقة دائنيه( .موقع السطيحة للمحاماة واإلستشارات القانونية ،منشور على الرابط:
،https://kenanaonline.com/users/ELstehaAveocato/posts/131412تاريخ آخر زيارة 2022/2/26م).
23
عليه القانون من أجل منفعة ُيعتبر من باب الرشوة أيضاً ،وإعتبر جريمة الرشوة جنحة عقوبتها الحبس مدة
األمانة(.)2
كما وردت جريمة اإلختالس في قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته ُ
المطبق في
فقد نصت المادة ( )171من قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته على " :كل شخص من األشخاص ()1
السابق ذكرهم طلب أو َقِب َل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليعمل عمالً غير حق أو ليمتنع عن عمل كان
يجب أن يقوم به بحكم وظيفته ،عوقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة من عشرين دينا اًر إلى مائتي دينار".
محمد نعيم نصر ،فرحات :جرائم إختالس األموال العامة ،مقبول للنشر في القيادة العامة لشرطة الشارقة – مركز بحوث ()2
نقود وأشياء أخرى للدولة أو ألحد الناس عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة من عشرة دنانير إلى مائة
دينار -2 .إذا وقع الفعل المبين في الفقرة السابقة بدس كتابات غير صحيحة في القيود أو الدفاتر أو بتحريف أو حذف أو
إتالف الحسابات واألوراق أو غيرها من الصكوة وعلى صورة عامة بأية حيلة ترمي إلى منع اكتشاف االختالس ،عوقب
باألشغال المؤقتة أو اإلعتقال المؤقت" ،أما فيما يتعلق بجريمة اإلختالس في القانون األردني فقد تم تعديل المادة ( )174والتي
أصبحت كالتالي .1" :كل موظف عمومي أدخل في ذمته ما وكل إليه بحكم الوظيفة أو بموجب تكليف من رئيسه أمر إدارتها
أو واجباته أو حفظه من نقود وأشياء أخرى للدولة أو ألحد الناس عوقب باألشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة تعادل قيمة ما إختلس.
.2كل من إختلس أمواالً تعود لخزائن أو صناديق البنوة أو مؤسسات اإلقراض المتخصصة أو الشركات المساهمة العامة وكان
من األشخاص العاملين فيها (كل منهم في المؤسسة التي يعمل بها) عوقب بالعقوبة المقررة في الفقرة السابقة"( .قانون العقوبات
األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته)
24
ت .جريمة التزوير والتزييف:
تعتبر جريمة التزوير من الجرائم المخّلة بالثقة واألمانة العامة في الدولة وتهدد األمن العام وإستقرار
جرمتها إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م في المادة (.)1()3/9
المجتمعات ،فقد ّ
يعرف قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته جريمة التزوير ،إنما إكتفى
ولم ّ
بذكر أنها نوع من أنواع جرائم الفساد وذلك في المادة ( ،)1كما أحال تنظيمها إلى قانون العقوبات الساري،
كما أن قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته لم ينظم جريمة التزوير في
المخّلة بالثقة العامة -والتي تُعتبر جريمة التزوير إحداها -من ضمن
نصوص مواده وإنما إعتبر الجرائم ُ
جرائم الفساد وذلك في نص المادة (/16أ ،)1/وفيما يتعلق بقانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م
معدنية
ّ غير صحيحة وكانت باألصل نظامية ثم قام بتغييرها والتالعب في قيمتها أو إنشاء عملة ورقية أو
وإعتَ َبرت المادة ( )3من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني
التزييف إحدى جرائم الفساد وأحالت المادة تنظيم هذه الجريمة إلى قانون العقوبات الساري ،في حين أن
قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته لم ينظم جريمة التزييف في نصوص
( )1حيث نصت على" :تتخذ كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير مدنية وإدارية ،وفقاً للمبادئ األساسية لقانونها الداخلي،
للمحافظة على سالمة دفاتر المحاسبة أو السجالت أو البيانات المالية أو المستندات األخرى ذات الصلة بالنفقات واإليرادات
العمومية ولمنع تزوير تلك المستندات".
عرفتها على أنها" :تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي ُيراد إثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما نجم أو
والتي ّ
()2
بقانونالعقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م الساري في الضفة الغربية والمملكة األردنية الهاشمية فقد
حيث أشارت المادة ( )1من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته على إعتبار
جريمة إستثمار الوظيفة من جرائم الفساد وتركت التفصيل في تجريمها إلى قانون العقوبات النافذ ،وكذلك
فعلت المادة (/16أ )6/من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته ،وذكر
( )1حيث أن قانون الجرائم اإلقتصادية األردني رقم ( )11لسنة 1993م وتعديالته إعتبر جريمة التزييف إحدى الجرائم اإلقتصادية
وفقاً لنص المادة (/3ج( .)3/قانون الج ارئم اإلقتصادية األردني رقم ( )11لسنة 1993م وتعديالته ،المنشور في الجريدة الرسمية
األردنية ،عدد ،3891بتاريخ ،1993/4/17ص.)722
تنص المادة ( )245من قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م على "تشمل لفظة (المسكوكات) على إختالف ()2
أنواعها وفئاتها المصنوعة من أي صنف من المعادن أو المعادن المخلوطة ،والرائجة بصورة مشروعة في المملكة أو في أية
ويراد بعبارة (المسكوكات الزائفة) المسكوكات غير األصلية
بالد أخرى .وشمل لفظة (معدن) أي مزيج أو خليط من المعادنُ .
التي تُحاكي المسكوكات األصلية أو التي يلوح أنه قصد منها أن تحاكيها أو أن يتداولها الناس بإعتبارها مسكوكات أصلية،
وتشمل هذه العبارات المسكوكات األصلية التي عولجت بالطلي أو بتغيير الشكل حتى أصبحت تحاكي مسكوكات أكبر منها
قيمة أو التي يلوح أنها عولجت على تلك الصورة بقصد أن تصبح محاكية لمسكوكات أكبر منها قيمة أو أن يخالها الناس كذلك
وتشمل أيضاً المسكوكات األصلية التي قرضت أو سحلت أو أنقص حجمها أو وزنها على أي وجه آخر أو عولجت بالطلي أو
بتغيير الشكل بصورة تؤدي إلى إخفاء آثار القرض أو السحل أو اإلنقاص وتشمل أيضاً المسكوكات اآلنفة الذكر سواء أكانت
في حالة صالحة للتداول أم لم تكن وسواء أكانت عملية طالئها أو تغييرها تامة أم لم تكن كذلك .وتشمل عبارة (الطلي بالذهب
أو الفضة) بالنسبة للمسكوكات طليها بطالء يعطيها مظهر الذهب أو الفضة ،مهما كانت الوسيلة المستعملة في ذلك" ،كما
تنص المادة ( )246من قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م على" :كل من صنع مسكوكات ذهبية أو فضية زائفة،
أو شرع في صنعها يعاقب باألشغال الشاقة مدة ال تنقص عن خمس سنوات".
26
قانون الجرائم اإلقتصادية األردني رقم ( )11لسنة 1993م وتعديالته أن جريمة إستثمار الوظيفة هي جريمة
إقتصادية وينظمها قانون العقوبات األردني ،حيث تناولها هذا القانون في المادة ( )175منه(.)1
ظمت المادة ( )422من قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته المطبق في الضفة
نّ
تقع جريمة التهاون في القيام بواجبات الوظيفة عند إهمال الموظف لألعمال المتوجب عليه القيام بها وتفضيل
جرمت المادة ( )183من قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته المطبق في
ولقد ّ
"من وكل إليه بيع أو شراء أو إدارة أموال منقولة أو غير منقولة لحساب الدولة أو لحساب إدارة عامة، والتي جاء فيهاَ :
()1
فإقترف غشاً في أحد هذه األعمال أو خالف األحكام التي تسري عليها إما ّ
لجر مغنم ذاتي أو مراعاة لفريق أو إض ار اًر بالفريق
اآلخر أو إض ار اًر باإلدارة العامة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة ال تنقص عن قيمة الضرر الناجم".
( )2حيث جاء فيها" :كل من ُسّلِم إليه على سبيل األمانة أو الوكالة وألجل اإلبراز واإلعادة أو ألجل االستعمال على صور معينة
أو ألجل الحفظ أو إلجراء عمل -بأجر أو دون أجر -ما كان لغيره من أموال ونقود وأشياء وأي سند يتضمن تعهداً أو إبراء
وبالجملة كل من ُوجد في يده شيء من هذا القبيل فكتمه أو بدله أو تصرف به تصرف المالك أو استهلكه أو أقدم على أي فعل
يعد تعدياً أو امتنع عن تسليمه لمن يلزم تسليمه إليه ،ويعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير إلى مئة
دينار".
( ) 3جريمة اإلهمال بواجبات الوظيفة العامة ،موقع ُحماة الحق اإللكتروني ،للمزيد راجع الرابطhttps://jordan- :
، lawyer.com/2018/02/14/تاريخ آخر زيارة 2022/2/4م.
حيث نصت على " .1كل موظف تهاون بال سبب مشروع في القيام بواجبات وظيفته وتنفيذ أوامره أمره المستند فيها إلى ()4
األحكام القانونية يعاقب بالغرامة من عشرة دنانير إلى خمسين دينا أر أو بالحبس من أسبوع واحد إلى ثالثة أشهر .2 .إذا لحق
ضرر بمصالح الدولة من جراء هذا اإلهمال عوقب ذلك الموظف بالحبس من شهر واحد إلى سنة وضمن قيمة هذا الضرر".
27
ثانيا :جرائم الفساد المستحدثة:
إن التطور المستمر في أفعال الفساد أدى إلى ظهور أنواع جديدة من جرائم الفساد ،لم تكن القوانين الوطنية
اإلتفاقيات وبالتالي تم تجريمها في التشريعات المحلّية أيضاً ،وتتمثل أهم هذه اإلتفاقيات بإتفاقية األمم المتحدة
لمكافحة الفساد لسنة 2003م ،وكذلك اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010م ،ومن أهم الجرائم التي
هي الجرائم التي تنطوي على كسب األموال بطريقة غير مشروعة ثم قيام أصحابها بمحاولة إخفاء مصادر
هذه االموال في غفلة عن القانون أو بتواطؤ من القائمين عليها أو في بلد آخر وتحويلها إلى أموال ذات
وتعد جريمة غسيل األموال من أخطر الجرائم التي برزت حديثاً كما أنها تعتبر من جرائم عرقلة سير العدالة؛
أما فيما يتعلق بالتشريع الفلسطيني فقد أشار قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته
إلى أن غسل العائدات الناتج عن جرائم فساد ُيعتبر جريمة فساد وأحال تنظيم هذه الجريمة إلى قانون مكافحة
غنايم ،محمد :غسل األموال ،المؤتمر العالمي الثالث لإلقتصاد اإلسالمي ،مكة المكرمة2004 ،م.49 ، ()1
حيث ورد تجريمها في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة اإلتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988م، ()2
وأيضاً تم تجريم فعل الغسيل في إتفاقية األمم المتحدة للجريمة المنظمة العابرة للحدود (إتفاقية باليرمو عام 2000م) ،وكذلك
ورد تجريمها في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م ،وكذلك فعلت اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010م.
(سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.)40-39
28
غسل األموال وتمويل اإلرهاب الساري( ،)1وفي األردن لم ينص قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم
( )13لسنة 2016م على كون جريمة غسل األموال إحدى جرائم الفساد(.)2
()3
عرف المشرع الفلسطيني الكسب غير المشروع في
عرف أيضاً بجريمة اإلثراء غير المشروع ،وقد ّ
والتي تُ َ
المادة ( )1من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م ،كما أولى المشرع األردني إهتماماً
()4
( )1على الرغم من أنه تم تخصيص قرار بقانون رقم ( )20لسنة 2015م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وتعديالته،
فقد تناولت المادة ( )2من هذا القرار بقانون األفعال التي تعتبر على سبيل غسل األموال ،فقد نصت على .1" :يعد مرتكباً
لجريمة غسل األموال وتمويل اإلرهاب كل من قام بأي فعل من األفعال اآلتية :أ .إستبدال أو تحويل أو نقل األموال من قبل
أي شخص ،وهو يعلم بأن هذه األموال تشكل متحصالت جريمة لغرض إخفاء أو تمويه األصل غير المشروع لهذه األموال ،أو
لمساعدة شخص متورط في إرتكاب الجريمة األصلية على اإلفالت من التبعات القانونية المترتبة على أفعاله .ب .إخفاء أو
تمويه الطبيعة الحقيقية أو المصدر أو الموقع أو التصرف أو الحركة أو الملكية أو الحقوق المتعلقة باألموال من قبل أي شخص
يعلم أن هذه األموال تشكل متحصالت جريمة .ج .تملك األموال أو حيازتها أو إستخدامها من قبل أي شخص وهو يعلم في
وقت اإلستالم أن هذه األموال هي متحصالت جريمة لغرض إخفاء أو تمويه األصل غير المشروع لهذه األموال .د .اإلشتراة
أو المساعدة أو التحريض أو التآمر أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في إرتكاب أي من
األفعال المنصوص عليها في هذه المادة"( .القرار بقانون رقم ( )20لسنة 2015م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب
وتعديالته ،المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،10بتاريخ ،2015/12/30ص.)2
على الرغم من أنه تم تخصيص قانون مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب رقم ( )20لسنة 2021م والذي لم ُي ّ
عرف ()2
جريمة غسل األموال إنما إكتفى بذكر األفعال التي تقع على سبيل غسل األموال فقد نصت المادة (/3أ) على" :يعد مرتكباً
لجريمة غسل األموال .1 :كل شخص يعلم بأن األموال متحصالت جريمة أصلية وسواء إرتكب الجريمة األصلية أم ال وذلك
في حال قيامه عمداً بإرتكاب أي من األفعال التالية :أ .تحويل األموال أو نقلها لغايات تمويه أو إخفاء مصدرها غير المشروع
أو لغايات مساعدة أي شخص متورط في إرتكاب الجريمة األصلية أو ساهم في إرتكابها .ب .إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية
لألموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف بها أو حركتها أو ملكيتها أو أي من الحقوق المرتبطة بهذه األموال .ج.
إكتساب األموال أو إستخدامها أو إدارتها أو إستثمارها أو حيازتها"( .قانون مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب رقم ()20
لسنة 2021م األردني ،والمنشور على الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،5743بتاريخ ،2021/9/16ص.)3788
عرفتها إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م في المادة ( )20منها بحيث نصت على" :تنظر كل دولة طرف ()3
رهناً بدستورها والمبادئ األساسية لنظامها القانوني ،في إعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم ّ
تعمد موظف
عمومي إثراء غير مشروع ،أي زيادة موجوداته زيادة كبيرة ال يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياساً إلى دخله المشروع" (انظر
إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م).
نصت على " :كل مال حصل عليه أحد الخاضعين ألحكام هذا القرار بقانون ،لنفسه أو لغيره بسبب إستغالل الوظيفة حيث ّ
()4
أو الصفة ،ويعتبر كسباً غير مشروع كل زيادة في الثروة تط أر بعد تولي الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القرار بقانون
أو على زوجه أو على أوالده القصر ،متى كانت ال تتناسب مع مواردهم ،وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها
29
كبي اًر لجريمة الكسب غير المشروع بحيث أفرد قانوناً خاصاً يتناول كل ما يتعلق بهذه الجريمة فقد أقر المشرع
المادة ( )4منه(.)1
والتي تُعرف أيضاً بجريمة إستغالل النفوذ ،وتتمثل بطلب أو أخذ أو قبول الموظف لنفسه أو لغيره عطية أو
وعد بالعطية مستغالً منصبه ووظيفته والصالحيات الممنوحة له لتحقيق مآرب ومنافع شخصية(.)2
تناول قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته مفهوم جريمة المتاجرة بالنفوذ في
المادة ( )1منه( ،)3أما فيما يتعلق بالتشريع األردني فمن خالل اإلطالع على قانون النزاهة ومكافحة الفساد
األردني رقم ( )13لسنة 2015م وتعديالتهَ ،ن ِجد أنه لم ُيعالج جريمة المتاجرة بالنفوذ إلى اآلن.
تعني قيام الموظف العمومي خالل ممارسته وظيفته بعمل أو إمتناع عن عمل بصورة مخالفة للقانون مقابل
فائدة مادية أو معنوية ،عاجلة أم آجلة ،ظاهرة أو خفية ،ويتمثل الركن المادي لهذه الجريمة بفعل اإلمتناع
عن القيام بفعل يوجبه عليه القانون أو القيام بعمل يخالف القانون ،وهذه الجريمة كغيرها من جرائم الفساد ال
والتي نصت على" :كل مال منقول أو غير منقول حصل أو يحصل عليه أي شخص تسري عليه أحكام هذا القانون لنفسه ()1
أو لغيره بسبب إستغالل منصبه أو وظيفته أو المركز الذي يشغله أو بحكم صفة أي منها ،وكل زيادة تط أر على المال المنقول
أو غير المنقول وفق إقرار الذمة المالية المقدم منه بمقتضى أحكام هذا القانون أو قانون إشهار الذمة المالية رقم ( )54لسنة
2006م أو لزوجه أو أوالده القصر وذلك أثناء إشغاله للمنصب أو الوظيفة أو المركز أو بسبب صفة أي منها إذا كانت هذه
الزيادة ال تتناسب مع مواردهم المالية وعجز عن إثبات مصدر مشروع لتلك الزيادة"
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.34 ()2
عرفها على أنها "قيام الموظف أو أي شخص آخر ،بشكل مباشر أو غير مباشر ،بإلتماس أو قبول أي مزّية غير
حيث ّ
()3
مستحقة لصالحه أو لصالح شخص آخر ،لكي يستغل ذلك الموظف أو الشخص نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من
إدارة أو سلطة عمومية على مزية غير مستحقة".
30
يمكن وقوعها بالخطأ ،وتتطلب توافر ركن خاص يتمثل في أن يكون مرتكب الجريمة من األشخاص
الخاضعين ألحكام قانون مكافحة الفساد( ،)1ويكون الركن القانوني لجريمة إساءة إستغالل الموظف لوظيفته
في ما نص عليه التشريع الفلسطيني في المادة ( )1من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة
2005م وتعديالته( ،)2وكذلك تناولها المشرع األردني في المادة ( )1/16من قانون النزاهة ومكافحة الفساد
ج .جريمة قبول الواسطة والمحسوبية والمحاباة التي تلغي حقاً أو تحق باطالً:
تعد جريمة قبول الواسطة والمحسوبية من الجرائم كثيرة اإلنتشار في بعض المجتمعات إذ أن بعض المجتمعات
تتعامل مع هذا النوع من جرائم الفساد على أنها جزء من ثقافة المجتمع يتم التباهي بإرتكابها ومنها بعض
الفئات من المجتمع الفلسطيني ،على العكس من ثقافة بعض المجتمعات األخرى التي ترفضها بشدة وتزدري
وقد عرف قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته جريمة قبول الواسطة والمحسوبية
والمحاباة في المادة ( )1على أنها "قيام الموظف بعمل من أعمال وظيفته أو إمتناعه عن القيام بعمل من
أعمال وظيفته أو إخالله بواجباته نتيجة لرجاء أو توصية أو إلعتبارات غير مهنية ،كاإلنتماء الحزبي أو
العائلي أو الديني أو الجهوي" ،وبالنسبة للتشريع األردني فقد إكتفت المادة (/16أ )7/من قانون النزاهة
ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م بإعتبار فعل قبول الواسطة والمحسوبية والمحاباة من ضمن
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.39-37 ()1
عرف جريمة إساءة إستعمال السلطة على أنها "قيام الموظف أو عدم قيامه بفعل ما ،لدى اإلطالع بوظائفه ،بغرض
حيث ّ
()2
الحصول على مزّية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر ،مما يشكل إنتهاكاً للقوانين".
نصت المادة (/16أ )7/من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته على "يعتبر فساداً
()3
لغايات هذا القانون ما يلي .7..:قبول موظفي اإلدارة العامة للواسطة والمحسوبية التي تلغي حقاً أو تحق باطالً".
31
ح .جريمة تضارب المصالح:
يمكن تعريف جريمة تضارب المصالح كما وردت في قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2020م
بنظام اإلفصاح عن تضارب المصالح على أنها" :الوضع أو الموقف الذي تتأثر فيه موضوعية وإستقاللية
قرار الخاضع بمصلحة شخصية مادية أو معنوية تهمه شخصياً أو أحد أقاربه أو أصدقائه المقربين ،أو
عندما يتأثر أداؤه للوظيفة العامة إلعتبارات شخصية مباشرة أو غير مباشرة ،أو بمعرفته بالمعلومات التي
تتعلق بالقرار"( ،)1حيث أوجب هذا القرار على الخاضعين له بالتصريح في حال وجود أي تضارب بالمصالح،
كما تطرقت المادة ( )1من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته لجريمة تضارب
جرم المشرع األردني عدم اإلفصاح عن وجود تضارب في المصالح في المادة ( )16من
المصالح ،كما ّ
قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته بحيث نصت على" :عدم اإلعالن
أو اإلفصاح عن إستثمارات أو ممتلكات أو منافع قد تؤدي إلى تعارض في المصالح إذا كانت القوانين
واألنظمة تستوجب ذلك ويكون من شأنها تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة للممتنع عن إعالنها".
عرف قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته في المادة ( )1منه جريمة إعاقة
ّ
سير العدالة على أنها" :إستخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزّية غير مستحقة أو عرضها
أو منحها للتحريض على اإلدالء بشهادة زور أو للتدخل في اإلدالء بالشهادة أو تقديم األدلة في إجراءات
جرمة وفق أحكام هذا القرار بقانون ،أو إستخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب
تتعلق بإرتكاب أفعال ُم ّ
لعرقلة سير التحريات الجارية بشأن األفعال المجرمة وفق ألحكام هذا القرار بقانون" ،وتعد جريمة إعاقة سير
نظام اإلفصاح عن تضارب المصالح رقم ( )1لسنة 2020م ،المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،164بتاريخ ()1
،2020/2/27ص.39
32
يتطرق قانون النزاهة ومكافحة
العدالة من الجرائم العمدية التي تتطلب عنصري العلم واإلرادة ،في حين لم ّ
()1
الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م إلى جريمة إعاقة سير العدالة.
يتضح مما سبق أن هناة تصنيفات عديدة تكاد ال تنتهي لجرائم الفساد؛ وذلك نظ اًر لتنوع هذه الجرائم وتأثرها
بالبيئة المحيطة بها فيؤدي ذلك إلى إستحداث جرائم فساد موجودة أو ظهور أنواع جديدة؛ لذلك من الصعب
وبعد الحديث عن صور جرائم الفساد ،ال ُب ّد من الحديث عن آثار جرائم الفساد وآليات مكافحتها وهذا ما
ينهش الفساد جميع مناحي الحياة سواء السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية واألخالقية ،فلم يسلم أي جانب
من جوانب الحياة من اآلثار والتداعيات السلبية لجرائم الفساد ،ويمكن تلخيص بعض هذه اآلثار كالتالي:
.1يمتد األثر السلبي للفساد حتى يطال القيم األخالقية واإلجتماعية ،فتنتشر الجريمة والالمباالة والسلبية
بين أفراد المجتمع والشعور بالظلم مما ُيوّلد الحقد بين شرائح المجتمع وإزدياد حجم الجماعات المنبوذة
.2وتتمثل آثار الفساد السلبية على اإلقتصاد في هروب رؤوس األموال إلى الخارج بسبب غياب البيئة
الحرة ،مما يؤدي إلى إنتشار البطالة وقلة توافر فرص العمل والذي بدوره يؤدي إلى هجرة
التنافسية ّ
الكفاءات والعقول المبدعة إلى الخارج ،كما أن الفساد يؤدي إلى هدر األموال العامة بسبب تقديم
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.43-42 ()1
33
المصالح الشخصية على المصالح العامة مما يكلف الخزينة العامة للدولة ،كما أن الفساد يحرم الدولة
من الحصول على المساعدات األجنبية بسبب السمعة السيئة للنظام السياسي(.)1
قوض النظام
.3ينهش الفساد النظام السياسي بأكمله سواء من حيث شرعيته أو إستق ارره أو سمعته ،فهو ُي ّ
السياسي بسبب ما يخلقه من نفاق سياسي وشراء للذمم والوالءات السياسية ،كما يؤثر على ديمقراطية
النظام السياسي وعلى سيادة القانون وإحترام حقوق اإلنسان ،كما يؤثر على اإلقبال على الحياة السياسية
والمشاركة السياسية؛ بسبب غياب الثقة في النظام السياسي ومؤسسات الدولة واليأس من محاولة
إصالحها ،ويمتد أثره حتى يؤدي إلى تزعزع اإلستقرار السياسي وإنتشار النزاعات بين األحزاب السياسية
والتيارات المختلفة(.)2
تستدعي اآلثار المترتبة على الفساد وجود آليات تقف في وجه جرائم الفساد وتحد من آثارها على الفرد
والمجتمع ،بحيث تتمثل هذه اآلليات في ُمساءلة الموظفين عن أعمالهم ومحاسبتهم في حال ثَُب َت إرتكابهم
لجرائم الفساد ،باإلضافة إلى توافر النزاهة والشفافية في المرافق العامة ،وما سبق يجب أن يكون األساس
.1المحاسبة :أي ترتب المسؤولية على الموظفين العموميين ومحاسبتهم قانونياً ،وإدارياً وأخالقياً أمام
دية ،أحمد :الفساد سبله وآليات مكافحته ،مرجع سابق ،ص.15 أبو ّ
()1
سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.67 ()2
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.67 ()3
34
.2المساءلة :وتعني وجوب تقديم الموظفين العموميين تقارير عن عملهم ،وتمكين المواطنين من اإلطالع
على هذه التقارير حتى تتحقق الرقابة الشعبية ومن أجل التحقق من قيام الموظفين العموميين بأعمالهم
.3الشفافية :وهي الوضوح داخل المؤسسة وفي العالقة مع المواطنين المنتفعين من الخدمات المقدمة داخل
.4النزاهة :وهي منظومة األخالق المتمثلة بالصدق واألمانة واإلخالص في العمل ،وتختلف عن الشفافية
رغم تقارب مفهوميهما في أنها تتصل بقيم أخالقية معنوية بينما الشفافية تتصل بمبادئ عملية وإجراءات
()3
واقعية
قد تشكل عائقاً في بعض األحيان ،وللخوض أكثر في مفهوم الحصانة ُخصص هذا المبحث للنظر في
ماهية الحصانة في نطاق مكافحة الفساد ،وينقسم هذا المبحث إلى مطلبين ،األول يتناول مفهوم الحصانة،
إصطالحا؛
ً يتحتم علينا توضيح المقصود بالحصانة لغ ًة في البداية؛ فهي أساس المعاني ،ثم قانوناً ،ثم
إلستيضاح الشيء الذي ُيكنى به لإلستدالل عليه ،وهذا ما يتناوله الفرع األول من هذا المطلب ،في حين
دية ،أحمد :الفساد سبله وآليات مكافحته ،مرجع سابق ،ص.21-20 أبو ّ
()1
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.60 ()2
35
الفرع األول :تعريف الحصانة.
السياسية أي أن يكون النائب في حالة حصينة تمنع مقاضاته إال إذا رفع مجلس ّ
النواب الحصانة عنه،
الدولية إمتيازات يحصل عليها أشخاص أو هيئات تمنع من تطبيق القانون عليهم(.)1
ّ والحصانة
ال يوجد تعريف للحصانة عند النظر في التشريع الفلسطيني واألردني محل المقارنة ،ويتضح أنهما قاما فقط
بتوضيح نطاق الحصانة واإلجراءات التي يجب إتباعها عند رفع الحصانة عن األشخاص المتمتعين بها
مصطلح الحصانة هو ليس بمصطلح جديد كلياً ،حيث ُع ِّرفت الحصانة قديماً على أنها اإلعفاء الضريبي
الذي ُيمنح لبعض المواطنين الذين كانوا يؤدون للدولة خدمات مميزة ،ثم إتخذ هذا المصطلح مفهوماً أوسع
بالظهور في المواثيق الدستورية كضمانة أساسية وهامة لحماية إستقالل أعضاء البرلمان أثناء مباشرة عملهم
النيابي(.)2
إبن منظور :لسان العرب ،المجلد الثاني ،القاهرة :دار الحديث للنشر2003 ،م ،ص.481-479 ()1
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،المركز العربي للنشر والتوزيع ،القاهرة ،2017 ،ص.51 ()2
36
()1
عرفها
وعلى الرغم من إنتشار مفهوم الحصانة وسرعة تداوله إال أنه لم يكن هناة تعريفاً جامعاً له ؛ حيث ّ
البعض على أنها "حماية أشخاص معينين من المالحقة القضائية عن بعض األفعال اإلجرامية المرتكبة أثناء
القيام بمهامهم الرسمية ،وهي مقررة لهؤالء األشخاص من أجل المصلحة العامة ،ال من أجل مصالحهم
الشخصية"(.)2
ّ
من خالل التعريفات السابقة ترى الباحثة أنه يمكن إطالق مفهوم الحصانة على كل إمتياز ُيمنح بموجب
القانون لفئة معينة من األفراد بحكم وظيفتهم وتأديتهم لواجباتهم الوظيفية يحصنهم ضد إتخاذ إجراءات ّ
معينة
هناة العديد من الصور للحصانة؛ لذلك يصعب اإللمام بها جميعاً بسبب تعدد أنواعها وتصنيفاتها ،وفي
بحثنا هذا سنتطرق إلى أهم أنواع الحصانات وأكثرها معرف ًة ،والتنظيم القانوني لها في التشريع الفلسطيني
لمانية:
أولا :الحصانة البر ّ
البرلمان هو أقرب السلطات في الدولة إلى الشعب وهو مصدر السلطات والسيادة ،وهو الممثل عن إرادة
الشعب وعن مشاغله وهمومه؛ لذلك كان ال بد من حماية ممثلي الشعب من أي ضغط يؤثر على آرائهم أو
فعرفها البعض على أنها "إمتياز يمنحه المشرع الدولي أو الوطني إلى بعض األشخاص بحكم وظائفهم يتم إعفاءهم بموجبها
ّ
()1
من تكليف أو واجب أو مساءلة قانونية مفروضة على باقي األشخاص في الدولة ،أو يمنحهم إمتياز بعدم الخضوع للسلطات
العامة ومنها السلطة القضائية أو بعض أوجه مظاهرها"( .الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع
سابق ،ص.)52
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفسادفي فلسطين ،المركز الفلسطيني إلستقالل
جاموسّ ،
()2
إستقالله(.)1
وهناة برلمانات تتكون بالكامل من أفراد ُمنتَخبين ،بينما هناة برلمانات أخرى بها أعضاء منتخبون وأعضاء
ِ
ؤمن
عرفها على أنها" :مجموع األحكام الدستورية التي تُ ّ
أما الحصانة البرلمانية لها عدة تعريفات ،فالبعض ُي ّ
بينما يعرف جانب آخر من الفقهاء الحصانة البرلمانية على أنها عدم مسؤولية أعضاء البرلمان عن آرائهم
وأفكارهم التي يبدونها عند قيامهم بعملهم البرلماني ،وأيضاً عدم جواز إتخاذ إجراءات جزائية ضد أعضاء
ورغم تعدد التعريفات لمفهوم الحصانة البرلمانية إال أنه يتضح أن التعريف األخير أكثر شمولية ووضوح؛
فالتعريف األول السابق ذكره من الممكن فهمه على أن النظام القانوني المطبق على أعضاء البرلمان عند
إرتكابهم لجريمة ما يختلف عن النظام القانوني المطبق على عامة الشعب وهذا غير وارد ،فإذا إرتكب عضو
البرلمان جريمة ما فإنه يخضع لقانون العقوبات المطبق في الدولة وعلى عامة الشعب ،فتكييف الجريمة
يبقى كما هو لكن إتخاذ اإلجراءات الجزائية الالزمة يتأخر إلى حين الحصول على إذن من المجلس التشريعي
حبول ،أحمد :أحكام الحصانة البرلمانية ،دار عالم الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن1997 ،م ،ص.26 ()1
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.54 ()2
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.54 ()3
38
-كما سيتم توضيحه الحقاً؛ لذلك فإنه ال يمكن القول بأن النظام القانوني بأكمله مختلف لكن إجراءات تطبيقه
هي المختلفة ،وهذا ما وضحه الفقهاء مؤيدي هذا اإلتجاه على أن الحصانة البرلمانية هي إنعدام المسؤولية
عن آرائهم وأفكارهم وعدم جواز إتخاذ إجراءات ضد أعضاء البرلمان إال بإذن المجلس.
إجرائية(.)1
أ .الحصانة البرلمانية الموضوعية :تُعرف على أنها عدم جواز مساءلة أعضاء البرلمان جزائياً ومدنياً
بصورة مطلقة عن أقوالهم وأفكارهم بمناسبة قيامهم بأعمالهم البرلمانية ،وبالتالي فإن الحصانة البرلمانية
مقيدة بقيدين ،يتمثل األول بأنها تتعلق باألفكار واآلراء دون األفعال ،والثاني أن تلك اآلراء
الموضوعية ّ
يجب أن تكون متعلقة بالعمل البرلماني الذي يقوم به النائب ،ووجود الحصانة البرلمانية ال يمنع من
أما فيما يتعلق بالتنظيم القانوني للحصانة البرلمانية الموضوعية في التشريع الفلسطيني ،فإن القانون
ّ
المعدل َنظ َمها في المادة ( ،)1/53وكذلك قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي
ّ األساسي
رقم ( )10لسنة 2004م في المادة ( ،)21وكما نظمها النظام الداخلي للمجلس التشريعي في المادة
( ،)95وجاءت جميعها بنفس الصيغة واأللفاظ ،بحيث نصت على أنه" :ال تجوز مساءلة أعضاء
المجلس التشريعي جزائياً أو مدنياً بسبب اآلراء التي يبدونها أو الوقائع التي يوردونها أو لتصويتهم على
معين في جلسات المجلس التشريعي أو ألي عمل يقومون به خارج المجلس التشريعي من أجل
نحو ّ
()3
الحظ من النص القانوني توسعه في النطاق الذي تغطيه
وي َ
النيابية" ُ ،
ّ تمكينهم من أداء مهامهم
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.22 ()1
القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م ،المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،2بتاريخ ،2003/3/19 ()3
ص /.10قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم ( )10لسنة 2004م ،المنشور في جريدة الوقائع
39
الحصانة البرلمانية الموضوعية فهي شاملة لكافة اآلراء والوقائع التي يبديها العضو بمناسبة عمله
البرلماني داخل البرلمان أو خارج قبة البرلمان كالمؤتمرات واللقاءات طالما تعلقت بعمله البرلماني ،كما
الحظ توسع القانون في نطاق الحصانة الموضوعية لعضو البرلمان فهو غير مسؤول مدنياً وال جنائياً،
ُي َ
فال المتضرر يستطيع مساءلة العضو مدنياً وال النيابة العامة تستطيع مالحقته جزائياً ،ومن الجدير
ذكره أن الحصانة البرلمانية الموضوعية تمتد إلى ما بعد إنتهاء والية عضو البرلمان ،أي أنها حصانة
دائمة(.)1
وبالنسبة للتنظيم القانوني للحصانة البرلمانية في التشريع األردني فقد تناول الدستور األردني لسنة
1952م الحصانة البرلمانية الموضوعية وكذلك فعل النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة
2014م ،فقد تناولت المادة ( )87من الدستور األردني لسنة 1952م الحصانة الموضوعية بحيث
()2
ملء الحرية في التكلم وإبداء الرأي نصت على" :لكل عضو من أعضاء مجلسي األعيان والنواب
في حدود النظام الداخلي للمجلس الذي هو منتسب إليه وال يجوز مؤاخذة العضو بسبب أي تصويت
أو رأي يبديه أو خطاب يلقيه في أثناء جلسات المجلس"( ،)3هذا وقد جاءت المادة ( )68من النظام
()4
النواب يتضح
الداخلي لمجلس األعيان األردني بنص مشابه ،وبالرجوع إلى النظام الداخلي لمجلس ّ
الفلسطينية ،عدد ،52بتاريخ ،2005/1/18ص / .50النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م ،منشور
في جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،46بتاريخ ،2003/8/16ص.69
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.20-19
جاموسّ ،
()1
يطلق مصطلح (مجلس األمة) على مجلسي األعيان والنواب في األردن ،وهذا ما نصت عليه المادة ( )62من الدستور ()2
األردني لسنة 1952م وتعديالته ،المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،1093بتاريخ ،1952/1/8ص.3
دستور المملكة األردنية الهاشمية سنة 1952م وتعديالته. ()3
جاء فيه ":ل كل عين ملء الحرية بالتكلم وإبداء الرأي في حدود النظام الداخلي ،وال يجوز مؤاخذته أو مالحقته بسبب أي ()4
تصويت أو رأي يبديه أو خطاب يلقيه في أثناء جلسات المجلس"( .النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة 2014م،
المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،5266بتاريخ ،2014/1/26ص.)458
40
يتضح للباحثة مما سبق ومن خالل قراءة نص المادة ( )68من النظام الداخلي لمجلس األعيان أن
الحصانة الموضوعية جاءت ُمطَلقة فال يجوز محاسبة أو مالحقة العين على أي تصويت أو أقوال
النواب لم يتناول الحصانة الموضوعية وهو بذلك قد يكون غفل عن ذلك أو أنه اكتفى بالنص
لمجلس ّ
الداخلي لمجلس األعيان لسنة 2014م ،أما بالنسبة للمادة ( )113من النظام الداخلي لمجلس األعيان
فإنها حددت الحصانة البرلمانية اإلجرائية بفترة زمنية وهي خالل فترة إنعقاد المجلس ،أما في حالة عدم
إنعقاد المجلس وتوقيف عين لسبب ما فإن المجلس هو الذي يقرر إستمرار اإلجراءات من عدمها ،أي
أن قرار المجلس باإلستمرار من عدمه يسري بأثر مستقبلي ،وهذا ما جاءت به المادة ( )118من نفس
النظام(.)1
ب .الحصانة البرلمانية اإلجرائية :والتي ُيراد بها "عدم جواز إتخاذ إجراءات جزائية ضد أعضاء البرلمان –
في غير حالة التلبس بالجريمة – إال بإذن المجلس التابعين له"( ،)2ويتضح من خالل التعريف السابق
أن الحصانة البرلمانية اإلجرائية ال تنفي الجريمة وال العقاب وإنما تحول دون إتخاذ إجراءات جزائية
ضد عضو البرلمان إال بعد الحصول على إذن من المجلس التابع له وكما أنها تزول بزوال صفة
أثناء عضويتهم في غير مناسبة قيامهم بأعمالهم البرلمانية؛ وذلك بهدف ضمان حسن سير العمل
بحيث نصت على ":إذا أوقف عين لسبب ما خالل المدة التي ال يكون فيها المجلس منعقداً ،فعلى رئيس الوزراء أن يبلغ ()1
رئيس المجلس بذلك فو اًر ،وعلى رئيس المجلس أن يبلغ المجلس فور إجتماعه باإلجراءات المتخذة مشفوعة باإليضاح الالزم،
وللمجلس أن يقرر باألكثرية المطلقة إستمرار اإلجراءات أو إيقافها فو اًر"( .النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة
2014م).
حبول ،أحمد :أحكام الحصانة البرلمانية ،مرجع سابق ،ص.23-22 ()2
41
البرلماني وضمان إستقالل البرلمان( ،)1وهي شاملة لجميع اإلجراءات الجزائية التي يتم إتخاذها للكشف
عين(.)2
عن جريمة الفساد ومعاقبة مرتكبيها ،كما أنها غير محصورة في نطاق مكاني ُم ّ
وبالحديث عن التنظيم القانوني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع الفلسطيني فقد نصت الفقرة
( )4-2من المادة ( )95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني على -2" :ال يجوز التعرض
للعضو بأي شكل من األشكال ،وال يجوز إجراء أي تفتيش في أمتعته أو بيته أو محل إقامته أو سيارته،
أو مكتبه وبصفة عامة أي عقار أو منقول خاص به طيلة الحصانة -3 .ال يجوز مطالبة العضو
باإلدالء بشهادة عن أمر يتعلق بأفعاله أو أقواله أو معلومات حصل عليها بحكم عضويته في المجلس
أثناء العضوية أو بعد انتهاء عضويته إال برضائه وبموافقة المجلس المسبقة -4 .يتمتع األعضاء
بالحصانة طيلة والية المجلس وال يجوز في غير حالة التلبس بجناية إتخاذ أية إجراءات جزائية ضد أي
عضو على أن يبلغ المجلس فو اًر باإلجراءات المتخذة ضد العضو ليتخذ المجلس ما يراه مناسباً ،وتتولى
هيئة المكتب هذه المهمة إذا لم يكن المجلس منعقداً"( ،)3وهذا ما أكدته المادة ( )97من نفس النظام
بحيث جاء فيها" :ال يجوز أن يمثل العضو أمام القضاء في أيام إنعقاد المجلس سواء كان مدعياً أو
وبناء على ما سبق يتضح أن عضو المجلس التشريعي الفلسطيني يتمتع بالحصانة اإلجرائية طالما أن
ً
جريمة الفساد التي قام بإرتكابها وقعت أثناء تمتعه بعضويته ،وعليه فإن الحصانة البرلمانية اإلجرائية
هي ذات طابع إجرائي تُ ّقيد كافة اإلجراءات الواجب إتباعها لتحريك دعوى الحق العام ضد أي عضو
من أعضاء البرلمان بمناسبة إرتكابه فعل ُمجرم في القانون الجزائي كإجراءات القبض والتفتيش
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.17 جاموسّ ،
()1
كشاش ،كريم :الحصانة اإلجرائية ضمانة دستورية للعمل البرلماني في األردن ،مقبول للنشر في مجلة المنارة للبحوث ()2
42
واإلستجواب والمحاكمة وغيرها ،فإتخاذ أي من هذه اإلجراءات في حق النائب يلحقها البطالن ،عدا
سبق من المجلس(.)1
حالة التلبس أو حالة أخذ إذن ُم َ
كما يتضح فيما يتعلق بنطاق الحصانة البرلمانية اإلجرائية فهي تقتصر على اإلجراءات التي تكون
ضد شخص عضو البرلمان ،والتي تركها القانون الفلسطيني على إطالقها أي أن الحصانة اإلجرائية
تقف في وجه جميع اإلجراءات الممكن إتخاذها ضد شخص عضو البرلمان في حال إرتكابه جريمة
ما ،وهي تشمل اإلجراءات التي يؤدي إتخاذها إلى ال َح ّد من حريته ويعيقه عن أداء عمله النيابي
الشهود وإجراءات المعاينة وندب الخبراء هي إجراءات تحقيق تهدف إلى إستجالء الحقيقة وإثبات الوقائع
ال أكثر فال داعي لشمولها تحت بند الحصانة اإلجرائية وطلب إذن من المجلس للتمكن من مباشرتها(،)2
كما تشمل الحصانة البرلمانية اإلجرائية أمتعة عضو البرلمان وبيته ومحل إقامته وسيارته ومكتبه أو
هذا باإلضافة إلى أن الحصانة اإلجرائية في التشريع الفلسطيني غير شاملة فهي قاصرة على الدعاوى
الجزائية وال تمتد إلى الدعاوى المدنية أو دعاوى األحوال الشخصية ،وقد يكون السبب في قصر النص
التشريعي الحصانة اإلجرائية على الدعاوى الجزائية هو أنه من غير المتصور أن يكون ثمة شبهة كيدية
في القضايا المدنية ،كما حدد التشريع الفلسطيني المدة الزمنية التي تغطيها الحصانة البرلمانية اإلجرائية
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.27
جاموسّ ،
()1
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.28
جاموسّ ،
()2
محمود ،نجيب شكر :الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية (دراسة مقارنة)،مقبول للنشر في مجلة المحقق المحلي ()3
المجلس كاملة(.)1
أما بالنسبة للتنظيم القانوني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع األردني ،فقد تناولتها المادة ()86
من الدستور األردني ،بحيث نصت على" :ال يوقف أحد أعضاء مجلسي األعيان والنواب وال يحاكم
خالل مدة إجتماع المجلس ،)2("...وقد نص النظام الداخلي لمجلس األعيان على الحصانة البرلمانية
اإلجرائية وإجراءات رفعها في المواد ( ،)120-113بحيث نصت المادة ( )113على ":ال يجوز خالل
إنعقاد المجلس مالحقة العين جزائياً أو إتخاذ إجراءات جزائية أو إدارية بحقه أو إلقاء القبض عليه أو
توقيفه إال بإذن من المجلس ،بإستثناء حالة الجرم الجنائي المشهود ،وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة
يجب إعالم المجلس بذلك فو اًر"( ،)3كما أن نص المادة ( )113من النظام الداخلي لمجلس األعيان جاء
()4
من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013م وهو بذلك قد أخذ عن مطابقاً لنص المادة ()139
وبهذا فإن النطاق الزمني للحصانة اإلجرائية في التشريع األردني يسري خالل إنعقاد المجلس فقط وال
يمتد إلى حالة عدم إنعقاده أو إنحالله كأن يكون في إجازة مثالً ،فهذا النوع من الحصانة ال تنفي
الجريمة وال تمنع العقاب بل فقط تحول دون إتخاذ إجراءات جزائية ضد العين أثناء دور إنعقاد المجلس،
وهي تختلف عن الحصانة الموضوعية بأن تلك األخيرة دائمة وتشمل جميع األوقات فال ُيسأل العين
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص-25
جاموسّ ،
()1
ص.28
دستور المملكة األردنية الهاشمية لسنة 1952م وتعديالته. ()2
أنظر :النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013م وتعديالته ،المنشور على الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،5247بتاريخ ()4
،2013/10/20ص.4887
44
عن أقواله وآرائه التي أبداها بسبب ممارسته لعمله البرلماني وتمتد الحصانة الموضوعية إلى ما بعد
كما أن النطاق الموضوعي للحصانة اإلجرائية يتمثل في كافة اإلجراءات الجزائية التي يكون فيها مساس
للحصانة البرلمانية أيضاً في كونها تقتصر على الدعاوى الجزائية وال تمتد لتشمل الدعاوى المدنية
()2
وبالنظر إلى التنظيم القانوني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في كال القانونين الفلسطيني واألردني تتضح
بعض الفروقات بينهما ،تتمثل في أن الحصانة البرلمانية اإلجرائية في القانون الفلسطيني شاملة لجميع
اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها لمواجهة عضو البرلمان كالقبض والتوقيف والتفتيش واإلستجواب
والمحاكمة وغيرها ،فإتخاذ أي من هذه اإلجراءات في غير حالة التلبس بالجناية وبغير إذن مسبق من
المجلس في غير حالة إنعقاده يؤدي إلى بطالن اإلجراءات المتخذة في حق عضو البرلمان ،وهذا على
خالف ما جاء في الدستور األردني في المادة ( )86والتي قصرت الحصانة البرلمانية اإلجرائية على
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.83 ()1
والمبرر في ذلك أن عضو مجلس األمة يتمتع بالحصانة لحمايته من التنكيل به أو إلحاق الضرر به وإذا ما تم منح عضو ()2
المجلس حصانة حقوقية فإن ذلك يخرج عن نطاق ومبررات الحصانة البرلمانية ،كما أن عضو المجلس بالنسبة للناحية الحقوقية
المدنية فإنه ال يظهر بصفته ممثالً عن األمة وإنما يظهر بصفته الشخصية ،هذا باإلضافة إلى أن مقاضاته أمام المحاكم ّ أو
النظامية ال تعيقه عن أداء عمله البرلماني( .الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع
سابق ،ص 92و ص.)138-137
نصت المادة ( )97من النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة 2014م على" :ال يجوز خالل دورة إنعقاد المجلس ()3
مالحقة العضو جزائياً أو إتخاذ إجراءات جزائية أو إدارية بحقه أو إلقاء القبض عليه أو توقيفه إال بإذن المجلس."...
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.27
جاموسّ ،
()4
45
أما فيما يتعلق بالنطاق الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع الفلسطيني فهي شاملة كامل
ّ
مدة العضوية ،سواء كان المجلس في حالة إنعقاد عادية أو حالة طوارئ أو لم يكن في حالة إنعقاد
أساساً( ،)1على العكس من القانون األردني والذي قصر الحصانة البرلمانية اإلجرائية على فترة إنعقاد
المجلس فقط()2؛ مبررهم في ذلك أن فترة إنعقاد المجلس هي المدة التي يتصور خاللها إتخاذ إجراءات
منذ بدء الخليقة وظهور العالقات بين القبائل والدول ،ظهرت الحاجة إلى حماية الرسل أو ما ُيسمى حديثاً
بالمبعوثين الدبلوماسيين ،وذلك من خالل اإلقرار بوجود حصانة تحميهم وترتفع بهم عن مستوى األشخاص
العاديين؛ حتى يتمكنوا من القيام بالمهام الموكولة إليهم على أكمل وجه ،وقد أُولي المبعوثين الدبلوماسيين
بإهتمام ورعاية كبيرة لدرجة أنه قد تنشأ حرب في حال عدم إحترامهم ومراعاتهم وأي فرد ُيسيئ إليهم قد تصل
عقوبته إلى الحكم باإلعدام أو تجريده من جنسيته ،ثم ما لبثت الحصانة الدبلوماسية حتى تم تقنينها في
وبالتالي ُع ِّرَفت الحصانة الدبلوماسية على أنها" :حرمة خاصة لمقر البعثة الدبلوماسية وحرمة خاصة بشخص
المبعوث الدبلوماسي تجعلهما بمنأى عن طائلة القانون وإختصاص المحاكم بكافة أنواعها ودرجاتها في الدولة
الموفد إليها"(.)5
ض َع قرار محكمة التمييز األردنية الخطوط العريضة لمفهوم الحصانة الدبلوماسية ونطاقها ،إذ جاء
كما َو َ
فيه" :وفي ذلك نجد أن الحصانة الدبلوماسية المنصوص عليها في المادة ( )31من إتفاقية فيينا حول تمتع
وذلك بحسب نص المادة ( )4/95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لسنة 2000م. ()1
وذلك حسب نص المادة ( )86من الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته. ()2
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.29
جاموسّ ،
()3
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،دار النهضة العربية ،مصر ،2004 ،ص.62-60 ()4
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.60 ()5
46
الدبلوماسي بالحصانة حيال القضاء الجزائي والمدني واإلداري فإنها تشمل العقوبات والتعويضات الناتجة عن
جرم أو عن المسؤولية التقصيرية وتهدف لحماية البعثة الدبلوماسية من الدعاوى والشكاوى الكيدية ،أما ما
يقوم به الممثل الدبلوماسي من تصرفات تعاقدية توجب إلتزامات متقابلة فتخرج عن مفهوم الحصانة"(.)1
أ .حصانة مقر البعثة وأعمالها :يتمثل مقر البعثة الدبلوماسية في كافة المباني أو األماكن التي تشغلها
البعثة أو تستخدمها بحيث يشمل الحديقة والمكان المخصص لوقوف السيارات ،وتمتد الحصانة إلى
المنقوالت الموجودة بمقر البعثة فتشمل المحفوظات والوثائق ووسائل النقل أيضاً فال يجوز تفتيشها أو
اإلستيالء عليها أو إيقاع الحجز عليها أو إتخاذ أي إجراء تنفيذي ضدها كتنفيذ حكم أو إيقاع حجز
حتى لو كان بإذن من القضاء الوطني ،وتكون هذه الحصانة بإتخاذ كافة اإلجراءات الالزمة لحماية مقر
البعثة الدبلوماسية ضد أي إعتداء أو أي فعل من شأنه التأثير على إستقرار وسالم البعثة أو قد يمس
إعتبارها ويشمل ذلك المظاهرات حتى لو كانت سلمية ،إذ يتوجب على الدولة مضاعفة جهودها إذا كان
ب .الحصانة الشخصية :وتعني حرمة المبعوثين الدبلوماسيين ،أي حرمة الذات والمسكن وعدم الخضوع
للقضاء اإلقليمي بكافة أنواعه الجنائي ،والمدني واإلداري في الدولة المعتمد لديها ،بحيث تكمن الحصانة
عليه أو حجزه مطلقاً ويشمل ذلك عدم جواز إرغام المبعوث الدبلوماسي على اإلدالء بالشهادة أمام
محاكم الدولة المعتمد لديها إال برضاه عن طريق طلب دبلوماسي من وزير الخارجية فهو غير ُمرغم
تمييز حقوق أردني ،رقم ( ،)2969بتاريخ ،2020/12/31ص ،9موقع قسطاس اإللكتروني ،منشور على الرابط: ( )1
أبو هيف ،صادق :القانون الدبلوماسي والقنصلي ،ط ،1اإلسكندرية:دار المعارف ،1962 ،ص.163-161 ()3
47
على أدائها حتى لو كانت شهادته أساسية ،إال أن ذلك ال ُيعفيه من المسائلة ومحاكمته أمام محاكم
دولته ووفقاً لقوانينها ،ومن الجدير بالذكر أن الحصانة الدبلوماسية تقتصر على الحقوق واإللتزامات
المتصلة بمهمة المبعوث الدبلوماسي أو بصفته ،وتشمل الحصانة الدبلوماسية الشخصية أفراد البعثة
اإلداريين والفنيين من حيث األعمال التي تصدر منهم داخل نطاق مقر وظائفهم ،أما المبعوثين
الدبلوماسيين مواطني الدولة المستقبلة أو المقيمين إقامة دائمة فال تشملهم الحصانة الشخصية إال بالنسبة
لألعمال الرسمية التي يقومون بها عند ممارسة وظائفهم ،وتشمل الحصانة أسرة أفراد الحصانة بأكملها
متى كانوا بصحبتهم شرط أن ال يكونوا من مواطني الدولة المستقبلة أو مقيمين فيها إقامة دائمة ،وتمتد
الحصانة الدبلوماسية للمبعوث وعائلته في الدول التي يمر بإقليمها –دولة الترانزيت -حتى لو لم يكن
مر بها شرط أن يكون متوجهاً للقيام بمهامه أو عائداً منها ،وتجدر اإلشارة
عتمداً لدى تلك الدول التي ّ
ُم َ
إلى أن الحصانة الدبلوماسية مقررة لصالح دولة المبعوث ال لصالحه الشخصي فال يحق له التنازل عنها
إال بموافقة دولته الصريحة على ذلك ،وكل ما سبق أكدت عليه إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة
1961م(.)1
هذا وبالنسبة للحصانة الدبلوماسية في التشريع الفلسطيني ،فبما أن فلسطين سنة 2014م قامت بالتوقيع
على إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 1961م ،وإتفاقية فيينا للعالقات القنصلية لسنة 1963م،
القانونية ،كما نصت المادة ( )11من قانون العقوبات األردني الساري في الضفة الغربية والمملكة
األردنية الهاشمية على" :ال تسري أحكام هذا القانون على الجرائم التي يرتكبها في المملكة موظفو السلك
الخارجي والقناصل إألجانب ما تمتعوا بالحصانة التي يخولهم إياها القانون الدولي العام"( ،)2وقد جاء
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية .مرجع سابق .ص.99-84 ()1
48
نص هذه المادة موافقاً للعرف الدولي فيما يتعلق بالعالقات الدبلوماسية آنذاة والذي تم تقنينه فيما بعد
ومن الجدير ذكره أن األردن إنضمت إلى إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية سنة 2008م ،وفيما يتعلق
لسنة 2020م للحصانة الدبلوماسية الشخصية وحصرها ،حيث جاء فيه" :وفي ذلك نجد أن الحصانة
الدبلوماسية المنصوص عليها في المادة ( )31من إتفاقية فيينا حول تمتع الممثل الدبلوماسي بالحصانة
حيال القضاء الجزائي والمدني واإلداري فإنها تشمل العقوبات والتعويضات الناتجة عن جرم أو عن
المسؤولية التقصيرية وتهدف لحماية البعثة الدبلوماسية من الدعاوى والشكاوى الكيدية"( ،)1وفيما يتعلق
بحصانة مقر البعثة وأعمالها فقد ورد في قرار محكمة العدل العليا األردنية رقم 1976/62أن ممثلي
الدولة األجنبية الدبلوماسيين يتمتعون بحصانة دبلوماسية وال يخضعون لوالية القضاء اإلقليمي في الدولة
المبعوثين لديها ،وأن من أهم مظاهر الحصانة عدم التعرض لدار البعثة الدبلوماسية أو إتخاذ أي
إجراءات قضائية بشأنها ويشمل ذلك في حال إرتكابهم جرائم فساد ،وهي من النظام العام إذ يجوز
للمحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها ولو لم يطلب أحد األطراف ذلك(.)2
معظم التشريعات وضعت قواعد إجرائية خاصة تحقق الحماية للقضاة لما يقع منهم من أفعال تخالف
النصوص القانونية -الجرائم إن صح القول -وذلك من أجل ضمان إستقاللهم وحماية هيبتهم ،وتختلف
الدول فيما بينها من حيث تقرير الحصانة القضائية للقضاة واإلعتراف بها(.)3
تمييز حقوق أردني ،رقم2020/2969م ،موقع قسطاس اإللكتروني ،منشور على الرابط: ()1
49
ففي فلسطين فإن القضاة وأعضاء النيابة العامة يتمتعون بحصانة قضائية ،فال يجوز التحقيق معهم أو
أو أحد أعضاء النيابة العامة جريمة ما وتم القبض عليه متلبساً بها فال حاجة للحصول على إذن من
المجلس ،على أن يتم إخطار المجلس باإلجراءات التي تم إتخاذها في حق القاضي أو عضو النيابة الذي
تم ضبطه متلبساً بالجريمة ،وجاء ذلك في نص المادة ( )56من قانون السلطة القضائية رقم ( )1لسنة
2002م( ،)1وتسري هذه المادة على أعضاء النيابة العامة كذلك بداللة نص المادة ( )72من قانون السلطة
القضائية( ،)2وجاء قانون مكافحة الفساد الفلسطيني في المادة ( )1/17مؤكداً على ما ورد في قانون السلطة
القضائية ،وفيما يتعلق بقضاة المحكمة الدستورية فقد وضع قانون المحكمة الدستورية ُ
()3
العليا رقم ( )3لسنة
2006م وتعديالته إجراءات جزائية خاصة فيما إذا إرتكب أحد قضاة المحكمة الدستورية جريمة فساد ،وذلك
من خالل عدم جواز القبض عليهم أو توقيفهم أو إتخاذ أي إجراء آخر ضد شخص القاضي إال بعد إذن
رئيس المحكمة الدستورية ،وإذا ما تم القبض على إحدى القضاة ُمتلبساً بجناية فساد فإنه على النائب العام
عند القبض على العضو رفع األمر إلى رئيس المحكمة خالل مدة 24ساعة التالية للقبض عليه ،على أن
يكون توقيف قضاة المحكمة الدستورية في أماكن مخصصة ومنفصلة عن السجناء اآلخرين ،وذلك سنداً
والتي نصت على .1" :في غير حاالت التلبس بالجريمة ال يجوز القبض على القاضي أو توقيفه إال بعد الحصول على ()1
إذن من مجلس القضاء األعلى .2 .وفي حاالت التلبس على النائب العام عند القبض على القاضي أو توقيفه أن يرفع األمر
إلى مجلس القضاء األعلى خالل األربع والعشرين ساعة التالية للقبض عليه ،ولمجلس القضاء األعلى أن يقرر بعد سماع أقوال
القاضي إما اإلفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة و إما إستمرار توقيفه للمدة التي يقررها وله تمديد هذه المدة( ."...قانون السلطة
القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م وتعديالته ،المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،40بتاريخ ،2002/5/18
ص.)9
( )2بحيث نصت على" :تسري أحكام الفصل الرابع من الباب الرابع (مساءلة القضاة تأديبياً) على أعضاء النيابة العامة وتُقام
بناء على طلب من وزير العدل"( .قانون السلطة القضائية ِ
الدعوى التأديبية عليهم من قَبل النائب العام من تلقاء نفسه أو ً
الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م وتعديالته).
فقد نصت على "إذا تبين للهيئة بالنسبة للفئات المنصوص عليها في البنود ( )4 ،3 ،2 ،1من المادة ( )5من هذا القانون ()3
بإستثناء رئيس السلطة الوطنية وجود شبهات قوية على إرتكاب أحد الجرائم المشمولة في هذا القانون يحيل رئيس الهيئة األمر
إلى ،...وإلى مجلس القضاء األعلى بالنسبة ألعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة وفقاً للقانون األساسي والتشريعات ذات
العالقة"( .قانون مكافحة الفساد الفلسطيني المعدل رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته).
50
لنص المادة ( )17من نفس القانون( ،)1كما أعطت المادة ( )20لرئيس المحكمة الدستورية صالحية تحديد
عدل أما بالنسبة للحصانة القضائية في التشريع األردني فقد نصت المادة ( )28من قانون إستقالل القضاء ُ
الم ّ
رقم ( )29لسنة 2014م على" :أ-1 -في غير حاالت تلبس القاضي بجريمة جنائية ال يجوز مالحقة
القاضي أو القبض عليه ،أو توقيفه إال بعد الحصول على إذن من المجلس -2 .في حاالت تلبس القاضي
بجريمة جنائية على النائب العام عند القبض عليه أو توقيفه أن يرفع األمر إلى المجلس في مدة األربع
وعشرين ساعة التالية ،وللمجلس أن يقرر بعد سماع أقوال القاضي إما اإلفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة وإما
اإلستمرار في توقيفه للمدة التي يقررها وله تمديد هذه المدة .ب -1 -على الرغم مما ورد في أي تشريع
وبعد سماع أقوال المشتكي والقاضي ومطالعة النائب العام أو اإلطالع على أية بينة أخرى بما في ذلك
سماع أقوال الشهود أن يقرر حفظ الشكوى ،أو أن يأذن وحسب األصول بمالحقة القاضي إذا تأكد من جدية
القاضي أو توقيفه أو اإلفراج عنه -2 .إذا قرر المجلس حفظ الشكوى فال يجوز مالحقة القاضي عن تلك
()1نصت المادة ( )17من قانون المحكمة الدستورية رقم ( )3لسنة 2006م الفلسطيني وتعديالته على -1" :في غير حاالت
التلبس بالجناية ال يجوز القبض على عضو المحكمة أو توقيفه أو إتخاذ أية إجراءات جزائية إال بعد إذن من رئيس المحكمة.
-2وفي حاالت التلبس بالجناية على النائب العام عند القبض على عضو المحكمة أن يرفع األمر إلى رئيس المحكمة خالل
أربع وعشرين ساعة التالية للقبض عليه ،وعلى اللجنة الوقتية بالمحكمة أن تقرر بعد سماع أقوال العضو إما اإلفراج عنه بكفالة
أو بغير كفالة وإما استمرار توقيفه للمدة التي تقررها ولها تمديد هذه المدة -3 .يجري توقيف عضو المحكمة وتنفيذ العقوبة
المقيدة للحرية عليه في مكان مستقل عن األماكن المخصصة للسجناء اآلخرين"( .قانون المحكمة الدستورية العليا رقم ( )3لسنة
2006م الفلسطيني وتعديالته ،المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،62بتاريخ 2005/6/25م ،ص)93
()2بحيث نصت المادة ( )20من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم ( )3لسنة 2006م الفلسطيني وتعديالته على " :ال تقام
الدعوى الجزائية على عضو المحكمة إال بإذن من رئيس المحكمة والذي له أن يحدد المحكمة التي تنظر الدعوى بغض النظر
عن قواعد االختصاص المكاني المقررة في القانون".
51
الشكوى بعد إنتهاء خدمته" ،يتضح من خالل إستقراء قانون إستقالل القضاء ُ
()1
عرف المقصود
عدل أنه لم ُي ّ
الم ّ
بالحصانة القضائية ،إال أنه يمكن القول بأنها قيد على المخاصمة الجزائية للقاضي ،فال يجوز القبض على
بالسماح للجهات المختصة بإتخاذ أي إجراء من اإلجراءات السابقة من عدمه( ،)2وفيما يتعلق بحصانة قضاة
المحكمة الدستورية فإن إتخاذ إجراءات المالحقة الجزائية بحقهم يكون بعد إذن الهيئة العامة في المحكمة،
وفي حال قررت الهيئة العامة حفظ الشكوى فإنه ال يجوز مالحقة القضاة بعد إنتهاء عضويته في المحكمة،
وذلك بحسب المادة ( )23من قانون المحكمة الدستورية رقم ( )13لسنة 2012م األردني(.)3
باإلضافة إلى أنواع الحصانة سابقة الذكر يوجد أنواع أخرى من الحصانة تحت ُمسمى الحصانة التنفيذية
وتتمثل في حصانة رئيس الدولة ،حصانة رئيس الوزراء ووزراءه ،وحصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد ،والتي
قانون إستقالل القضاء األردني المعدل رقم ( )29لسنة ،2014المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،5308بتاريخ ()1
،2014/10/16ص.6001
الجبرة ،علي .أبو بكر ،خليل :المسؤولية الجزائية للقاضي النظامي في القانون األردني ،مقبول للنشر في مجلة الجامعة ()2
اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية ،عدد ،2021 ،1ص ،221منشور على الرابطhttps://www.zuj.edu.jo/wp- :
، content/uploads/2021/02/3fتاريخ آخر زيارة.2021/6/25 :
( )3نصت المادة ( )23من قانون المحكمة الدستورية رقم ( )13لسنة 2012م األردني على " :أ -ال يالحق العضو عن أي
شكوى جزائية خالل مدة عضويته في المحكمة أو عن أي شكوى جزائية متعلقة بالمهام واألعمال المناطة به وفق أحكام الدستور
وهذا القانون أو بسببها أو ناجمة عنها إال بإذن من الهيئة العامة .ب -للهيئة العامة ،وبعد سماع أقوال المشتكي والعضو
المشتكى عليه واالطالع على أي بينة ،أن تقرر حفظ الشكوى أو أن تأذن بمالحقة العضو وفق أحكام التشريعات النافذة .ج-
في حالة التلبس بالجريمة ،يجوز القبض على العضو أو توقيفه على أن يتم إعالم الرئيس فو ار بذلك ،وتصدر الهيئة العامة
قرارها بمقتضى أحكام الفقرة (ب) من هذه المادة خالل مدة ال تتجاوز أربعا وعشرين ساعة من تاريخ القبض على العضو أو
توقيفه .د -إذا قررت الهيئة العامة حفظ الشكوى ،فال يجوز مالحقة العضو عن تلك الشكوى بعد انتهاء عضويته في المحكمة".
(قانون المحكمة الدستورية رقم ( )13لسنة 2012م األردني ،المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،5161بتاريخ
2021/6/7م ،ص.)5119
52
الم َمِثل األول للبالد والقائم عليها فإن منصبه وطبيعة عمله
أ .حصانة رئيس الدولة :كون رئيس الدولة ُ
يتطلب وجود حصانة تحميه من أي مساءلة قانونية قد تقف عائقاً في طريق القيام بعمله ،وهي ما يطلق
عليها حصانة رئيس الدولة ،وهي أحد أشكال الحصانة السياسية ،ومفهومها يحمل مدلولين داخلي ودولي،
يتمثل المدلول الدولي بإعفاء الرئيس من الخضوع للوالية القضائية األجنبية ،إال أن ذلك ال يعفيه من
اإلمتثال أمام الوالية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ومساءلته عن أي جريمة قام بإرتكابها وتدخل
ضمن واليتها ،كجرائم الحرب مثالً( ،)1أما المدلول الداخلي لحصانة رئيس الدولة فقد أجمعت معظم
دساتير العالم على تمتع الرئيس بالحصانة الرئاسية ،لكنها إختلفت في تحديد نطاقها.
أما بخصوص حصانة رئيس الدولة في فلسطين ،فلم يتطرق القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة
2003م إلى هذه الحصانة بصورة صريحة ،مما إعتبره البعض نقصاً تشريعياً ،وعلى الرغم من ذلك فإن
القارئ لنص المادة (/1/37ج) من القانون األساسي المعدل ،التي تطرقت إلى حاالت شغور منصب
رئيس الدولة ،فإنه يمكن إستنباط أنها تناولت حصانة رئيس الدولة عما يرتكبه من أفعال أثناء شغله
لمنصبه ،حيث نصت على "يعتبر مركز الرئيس شاغ اًر في الحاالت اآلتية...:ج .فقد األهلية القانونية
بناء على قرار من المحكمة الدستورية العليا وموافقة المجلس التشريعي بأغلبية ثلثي أعضاءه"(،)2
وذلك ً
ونص هذه المادة ال يقتصر على أهلية األداء أو الوجوب بل يمتد ليشمل كل ما يجعل الرئيس ليس أهالً
للرئاسة كإرتكابه الجرائم ،ومنها جرائم الفساد على وجه التحديد ،وهذا ما ّأي َدته المادة ( )12من قانون
مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته ،التي حددت إجراءات خاصة لمالحقة رئيس
نصت المادة ( )27من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998م على " .1يطبق هذا النظام األساسي ()1
على جميع األشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية ،وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص ،سو ً
اء
كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثالً منتخباً أو موظفاً حكومياً ،ال تعفيه بأي حال من األحوال
من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام األساسي ،كما أنها ال تشكل في حد ذاتها ،سبباً لتخفيف العقوبة .2 .ال تحول
اء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي،
الحصانات أو القواعد اإلجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سو ً
دون ممارسة المحكمة إختصاصها على هذا الشخص".
المادة ( )37من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م. ()2
53
عما ُينسب إليه من جرائم فساد ،إذ جاء فيها .1" :إذا تبين لرئيس الهيئة أو النائب العام وجود
الدولة ّ
شبهات لجريمة الفساد من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يتقدم بطلب تمهيدي إلى المجلس
التشريعي والمحكمة الدستورية طالباً البحث في األهلية القانونية لرئيس السلطة وفقاً لألصول الواردة
في القانون األساسي .2 .يوقف رئيس السلطة الوطنية عن ممارسة مهام منصبه بمجرد توجيه اإلتهام،
ويتولى رئيس المجلس التشريعي مهام رئيس السلطة الوطنية مؤقتاً لحين الفصل في اإلتهام ،ويتولى
النائب العام إجارءات التحقيق ،وتكون محاكمة رئيس السلطة الوطنية أمام محكمة خاصة ينظم
القانون تشكيلها وإجارءات المحاكمة أمامها ،وإذا صدر حكم قطعي بإدانته أعفي من منصبه مع عدم
اإلخالل بالعقوبات األخرى وفقاً للقانون" ،بحيث وضع نص هذا المادة إجراءات طويلة ومعقدة من أجل
أما بالنسبة للتشريع األردني فقد تناولت المادة ( )30من الدستور األردني حصانة الملك ،بحيث نصت
على" :الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية"( ،)2وقد أطلقت هذه المادة نطاق
حصانة الملك ،إذ جعلتها مطلقة عن أي فعل يأتيه سواء كان بمناسبة أداء وظيفته أو بدون ،أي تشمل
هذه الحصانة المسؤولية المدنية والجزائية للملك ،ففي حال إرتكاب ملك األردن جريمة فساد فإنه ال يمكن
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين .مرجع سابق .ص.12
جاموسّ ،
()1
وكذلك فعلت بعض الدول منها الكويت والمغرب ،لكن البعض األخرى إستثنت جرائم الخيانة العظمى وخرق الدستور من ()3
الحصانة المطلقة ،وهناة دول قيدت حصانة الرئيس وحصرتها باألفعال التي يقوم بها بمناسبة القيام بعمله ،لكن أي فعل يرتكبه
الرئيس ويعتبر جريمة وبغير مناسبة القيام بعمله فإنه ال يتمتع بالحصانة الرئاسية ويتوجب مساءلته (كوهين ،تومر :مكافحة
الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص،)10-8
وذلك ما جاء في الدستور األمريكي في المادة ( )2/4والتي نصت على "يعزل الرئيس ونائب الرئيس وجميع موظفي الواليات
المتحدة الرسميين المدنيين من مناصبهم إذا وجه لهم إتهام نيابي بالخيانة أو الرشوة أو أي جرائم أو جنح خطيرة اخرى أدينوا
بمثل هذه التهم" ،وكذلك نص القانون الفرنسي والمصري واللبناني ،وإن عدم المسؤولية الجنائية للرئيس عن األفعال التي يقوم
بها ال يعني عدم المسؤولية المدنية ،إذ يتطلب ذلك وجود نص دستوري يعفي الرئيس من المسائلة الجنائية والمدنية على حد
54
يتجلى للباحثة من خالل قراءة النصوص السابقة الفرق بين التشريعين الفلسطيني واألردني ،فنطاق
قيامه بإرتكابها يتم توجيه اإلتهام إليه ورفع الحصانة عنه أي وقفها ومن ثم التحقيق معه ومحاكمته أمام
محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها ،على خالف التشريع األردني الذي منح الملك حصانة مطلقة فال
فيما يتعلق بالتنظيم القانوني للحصانة الرئاسية ،إذ أنه في التشريع الفلسطيني إذا ثبت إرتكاب رئيس
الدولة جريمة فساد تتم محاسبته وتطبيق النص القانوني عليه ،وذلك يتفق مع مبدأ المساواة وتحقيق
الردع العام مع مراعاة اإلجراءات الخاصة لمعاقبة الرئيس الواردة في النص القانوني ،على خالف القانون
()1
األردني الذي يمنع مالحقة الملك عن أي جريمة فساد وبصورة مطلقة ،وهذا يخالف "مبدأ المساواة"
وأن الناس سواسية أمام القانون والذي يعتبر مبدأ دولي نصت عليه اإلتفاقيات والمواثيق الدولية.
ب .الحصانة الو ازرية :هي الحصانة المقررة لرئيس الوزراء والوزراء ،وهي ذات مدلولين ،دولي وداخلي:
ويكون المدلول الدولي في أن الحصانة الو ازرية تقتصر على رئيس الوزراء ووزير خارجيته ،بينما فيما
يتعلق بالمدلول الداخلي فإن جانب من الفقه ُينكر وجود حصانة رئيس الوزراء والوزراء وأن ما جاء به
القانون ما هو إال قيود فرضها المشرع على النيابة العامة بكيفية إتصالها بالدعوى بما ُي َ
نسب إليهم من
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص
السواء( .جاموسّ ،
.)12-10
نص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة 1948م في المادة ( )7منه على مبدأ المساواة ،حيث جاء فيها" :كل الناس ()1
55
وما نص عليه التشريع الفلسطيني أنه قام بتعليق إتصال النيابة العامة بملف الدعوى الخاص بإتهام
رئيس الوزراء أو الوزراء بعد الحصول على إحالة من رئيس الدولة إذا كان المتهم هو رئيس الوزراء،
أما إذا كان المتهم هو أحد الوزراء فيتطلب ذلك إحالة من رئيس الوزراء ،وورد ذلك في نص المادة
( )75من القانون األساسي الفلسطيني حيث نصت على " .1لرئيس السلطة الوطنية الحق في إحالة
رئيس الوزراء إلى التحقيق فيما قد ينسب إليه من جرائم أثناء تأديته أعمال وظيفته بسببها وذلك وفقاً
ألحكام القانون .2 .لرئيس الوزراء الحق في إحالة أي من الوزراء إلى التحقيق إستناداً إلى أي من
األسباب المشار إليها في الفقرة ( )1أعاله وذلك وفقاً ألحكام القانون"( ،)1وهذا ما أكدته المادة ()1/17
هذا وبالنظر إلى التشريع األردني نجد أن الدستور األردني في المادة ( )56منه ،والتي جاء بها" :لمجلس
النواب حق إتهام الوزراء وال يصدر قرار اإلتهام إال بأكثرية األعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب
وعلى المجلس أن يعين من أعضاءه من يتولى تقديم اإلتهام وتأييده أمام المجلس العدلي"( ،)3أي أن
نصت هذه المادة على" :اإلشتباه بوجود فساد .1:إذا تبين للهيئة بالنسبة للفئات المنصوص عليها في البنود ()4 ،3 ،2 ،1 ()2
من المادة ( )5من هذا القانون بإستثناء رئيس السلطة الوطنية وجود شبهات قوية على إرتكاب أحد الجرائم المشمولة في هذا
القانون يحيل رئيس الهيئة األمر إلى رئيس السلطة الوطنية بالنسبة لرئيس الوزراء ومستشاريه ،وإلى رئيس مجلس الوزراء بالنسبة
للوزراء ومن في حكمهم ،وإلى مجلس القضاء األعلى بالنسبة ألعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة وفقا للقانون األساسي
والتشريعات ذات العالقة".
الدستور األردني لسنة 1952وتعديالته. ()3
56
ورئيسهم إال القانون األردني يقر بوجود الحصانة الو ازرية وال يمكن للنيابة أن تتصل بدعوى الوزراء
()1
ويتبين للباحثة أن الفرق بين الحصانة الو ازرية في القانونين الفلسطيني واألردني يكمن في الجهة المخولة
بمنح اإلذن باإلحالة في حالة وقعت جريمة فساد من أحد الوزراء أو رئيسهم ،بحيث يملكه الرئيس
الفلسطيني إذا وقعت جريمة الفساد من رئيس الوزراء ،أما إذا وقعت جريمة فساد من ِقَبل أحد الوزراء
بالتصويت من أكثرية أعضاءه سواء كان مرتكب جريمة الفساد أحد الوزراء أو رئيسهم.
ت .حصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد :ال يتم إتخاذ أي إجراء ضد رئيس هيئة مكافحة الفساد إال بعد قيام
رئيس السلطة الفلسطينية بإحالة أمر إرتكابه جريمة فساد إلى المجلس التشريعي الذي له أن يقرر رفع
الحصانة عنه ووقفه عن العمل وإحالته إلى المحكمة المختصة للنظر في الموضوع ،بحيث ورد ذلك في
نص المادة ( )2/17من قانون مكافحة الفساد "إذا تبين وجود شبهات قوية على إرتكاب رئيس الهيئة
أحد الجرائم المشمولة بأحكام هذا القانون يحيل رئيس السلطة الوطنية األمر إلى المجلس التشريعي
لمباشرة إجراءات التقصي والتحقيق ،وإذا قرر المجلس باألغلبية المطلقة أن هذه الشبهات تستدعي
اإلحالة إلى المحكمة ،يقرر رفع الحصانة عن رئيس الهيئة ووقفه عن عمله ويحيل األمر للمحكمة
()3
المساءلة الجزائية ُمقتصرة
المختصة للنظر في الموضوع" ،ويتضح من نص المادة أن الحصانة عن ُ
يحق لرئيس الوزراء أو ألحد الوزراء أن يجمع بين منصبه في الو ازرة وعضوية أحد المجلسين األعيان أو النواب بحسب ()1
المادة ( )52من الدستور األردني لسنة 1952م والتي جاء فيها" :لرئيس الوزراء أو للوزير الذي يكون عضواً في أحد مجلسي
األعيان والنواب حق التصويت في مجلسه وحق الكالم في كال المجلسين ،أما الوزراء الذين ليسوا من أعضاء أحد المجلسين
فلهم أن يتكلموا فيهما دون أن يكون لهم حق التصويت وللوزراء أو من ينوب عنهم حق التقدم على سائر األعضاء في مخاطبة
المجلسين."...
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.14-13
جاموسّ ،
()2
57
على رئيس هيئة مكافحة الفساد وال تشمل باقي الموظفين في الهيئة الذين تقتصر حصانتهم على األمن
وبالحديث عن حصانة رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وأعضاءها في التشريع األردني ،فقد تناولت
المادة (/6ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته حصانة
رئيس الهيئة وحصانة أعضاءها والتي نصت على" :بإستثناء حاالت التلبس بالجرم ،ال يجوز مالحقة
أو توقيف الرئيس أو عضو المجلس إال بعد الحصول على إذن مسبق من المجلس القضائي وللمجلس
القضائي أن يقرر بعد سماع أقوال الرئيس أو العضو إستمرار توقيفه للمدة التي يراها مناسبة أو تمديدها
التعرف على مفهوم الحصانة لغ ًة وإصطالحاً وعلى أنواعها والتنظيم القانوني لها في التشريع الفلسطيني
بعد ّ
المقارن ،ال ُب ّد من توضيح مبررات الحصانة واآلراء المؤيدة لها؛ حتى تتشكل لدى القارئ
َ والتشريع األردني
صورة كافية عن الحصانة وحتى يكون قادر على اإللمام بموضوعها وأنواعها.
ولذلك فإن هذا المطلب ينقسم إلى فرعين ،األول بعنوان المبررات القانونية للحصانة ،والثاني بعنوان المبررات
الواقعية للحصانة.
كمن وجودها في أنها تهدف إلى حماية إستقالل البرلمان الذي يمّثل السلطة
بالنسبة للحصانة البرلمانية َي ُ
تغول أي
التشريعية؛ فالحصانة حق مادي ال شخصي ،وهي تطبيق لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يمنع ّ
( )1ربايعة ،عبد اللطيف :جريمة الكسب غير المشروع في النظام الجزائي الفلسطيني (دراسة تأصيلية مقارنة)( ،رسالة دكتوراه
غير منشورة) ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض ،المملكة العربية السعودية2014 ،م ،ص.322
قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته. ()2
58
سلطة على السلطات األخرى وكما يضمن المساواة بين السلطات داخل الدولة ،وحماي ًة للسلطة التشريعية
من فرض سيطرة السلطة التنفيذية عليها والتدخل في أعمالها ،بحيث ُيخشى أن تختلق السلطة التنفيذية جريمة
فساد وتنسبها إلى أعضاء البرلمان كمبرر لها للقبض عليهم وسعياً منها إلبعادهم عن جلسات البرلمان أو
لرفع الحصانة عن عضو من أعضاءه والمشتبه إرتكابه جريمة فساد ،فهو ال يبحث بحثاً قضائياً في موضوع
الوقائع المنسوبة إليه وإنما يفحصها فحصاً سياسياً فقط للتأكد فقط من َكون اإلتهام ّ
جدياً أو كيدياً ،أو وليد
()2
دوافع حزبية أو أغراض إنتقامية تهديدية ،كما أن طبيعة النيابة البرلمانية إلزامية ،فإذا لوحق النائب جزائياً
فسيؤدي ذلك إلى حرمان دائرته اإلنتخابية من ممثل لها في حال غياب الحصانة ،وبالتالي ستصبح السيادة
وفيما يتعلق بالمبررات القانونية للحصانة الدبلوماسية ،بما أن من مستلزمات القيام بالمهام الدبلوماسية وتحقيق
أهدافها هو أن يكون للبعثة الدبلوماسية كامل الحرية في إجراء اإلتصاالت بالجهات التي تتطلب أعمالها
التخاطب معها وعلى رأسها حكومة الدولة الموفدة لها والقنصليات التي تتبع البعثة في إقليم الدولة المعتمدة
لديها ،أي ال ّبد أن يكون فحوى المراسالت التي تجريها البعثة الدبلوماسية ُمتعلِق باألعمال الدبلوماسية ،وهنا
تكمن أهمية الحصانة الدبلوماسية في حماية هذه المراسالت وإعطاءها حرمة؛ حتى يتمكن المبعوث
أما عند الحديث عن المبررات القانونية للحصانة القضائية فإنه يمكن إجمالها في الحفاظ على إستقالل
القضاء ،بحيث ال يتم تحريك الدعوى الجنائية أو إتخاذ أي إج ارء تحقيقي ألحد أعضاءه إال بإذن من جهة
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.57 ()1
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.58 ()3
أبو هيف ،صادق :القانون الدبلوماسي والقنصلي ،مرجع سابق ،ص.156-154 ()4
59
قضائية ،وذلك حماية لهم من أي تأثير أو ضغط من ِقَبل سلطات الدولة األخرى الذي بدوره قد ّ
يحد أو
قانونية منها ،أن السبب الذي يرجع فيه وجود حصانة رئيس
ّ وي َبرر وجود الحصانة الرئاسية بعدة مبررات
ُ
واإلحترام التي تخلق لذاته الهيبة أمام المحكومين ،كما تُعتبر الحصانة الرئاسية حماية للرئيس من توجيه
اإلنتقادات أو التأنيب من ِقَبل البرلمان ،إذ أن تَمتُع رئيس الدولة بحصانة تحميه من المسؤولية السياسية
وعدم إقحامه بمناقشات البرلمان ومذكراته أو إنتقاد تصرفاته ،فال يجوز للنواب توجيه التصريحات المضادة
للدولة(.)2
وي ّبرر وجود حصانة رئيس هئية مكافحة الفساد في الحفاظ على إستقالل الهئية وحمايتها من أي ضغط
ُ
()3
تقوم بأعمال اإلستدالل ُيشكل خط اًر على تأدية أعماله؛ كونه ُممثل للهيئة والتي تُعتبر جهة ضبط قضائي
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.187 ()1
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.96-95 ()2
إذ تمتلك هيئة مكافحة الفساد سلطة الضبط القضائي في القانون الفلسطيني بداللة نص المادة ( )10من القرار بقانون رقم ()3
( )37لسنة 2018م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني ،وكذلك في القانون األردني بداللة نص المادة ( )19من
قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته.
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.122 ()4
60
سبب وجود الحصانة الو ازرية قانوناً بأن الهدف منها هي حماية رئيس الوزراء والوزراء من الدعاوى
وأخي اًر ُي َ
الكيدية التي قد تُرفع ضدهم؛ وذلك بقصد اإلضرار بهم أو الكيد لهم ،وتكون الحصانة من أجل أن يتمكنوا
فيما يتعلق بالحصانة البرلمانية هي ضمانة تفتح األبواب أمام الشعب للتعبير عن آراءه عن طريق عضو
البرلمان ،فتقرير الحصانة لعضو البرلمان ليست إمتياز شخصي؛ ألن عضو البرلمان هو ممثل للشعب
وآرائهم وأفكارهم ،خاصة فيما يتعلق بإظهار خطأ الحكومة وعيوبها وتبليغ مظالم األفراد في جرأة وجدية،
فتعرض عضو البرلمان للمحاكمة والمساءلة عن كل لفظ يبديه تعبي اًر عن رأيه ورأي أفراد الشعب هو إعتداء
ّ
على حقوق العضو في التعبير عن رأيه وبالتالي إعتداء على حق أفراد الشعب كافة ،ففكرة الحصانة البرلمانية
توفر أكبر قدر من الراحة والطمأنينة لعضو البرلمان للتعبير عن أي رأي في سبيل القيام بعمله بدالً من
وفيما يتعلق بمبررات وجود الحصانة الدبلوماسية فمن المعروف أن الدبلوماسي هو شخص يمثل دولته ،فهو
مبعوث ألداء مهمة مكّلف بها من ِقَبل دولته ،بالتالي أي إعتداء على حقوقه أو على كرامته هو إعتداء على
كرامة دولته وهيبتها؛ لذلك من الضرورة توفير الحماية له ومنع أي إعتداء قد يقع عليه ومنع أي فعل من
مس بك ارمته ،وهذا ما ُيسمى بالحصانة الدبلوماسية ،فهي ليست حقاً شخصياً إنما حق متصل
شأنه أن َي ّ
بصفته التمثيلية ،فهو ال يملك التنازل عنها بل من واجبه التمسك بها لحفظ حرمته الذاتية وبالتالي الحفاظ
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.122-121 ()1
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.182 ()2
أبو هيف ،صادق :القانون الدبلوماسي والقنصلي ،مرجع سابق ،ص.130 ()3
61
أما بالنسبة للحصانة القضائية يوجد العديد من المبررات الواقعية التي تدعم وجودها ،من خالل أن الحصانة
عتبر ضمان حصول القضاء على التقدير والتوقير ألعضاء السلك القضائي ،فلو أن أعضاء
القضائية تُ َ
القضاء خضعوا للقواعد العامة في اإلجراءات الجنائية التي تنطبق على عامة المواطنين ،فإن ذلك كفيل بأن
يفقد القضاء هيبته بين المواطنين وتَِق ّل ثقة الشعب بالقضاء واللجوء إليه لتحصيل حقوقهم( ،)1كما أنها تعتبر
ضمان حياد القضاة ،بحيث تشجع الحصانة القضاة على عدم التمييز لصالح أي فريق أو خصم أو ألي
رجوة ،وال
الم ّ
إنتماء سياسي ،مما يساعد في الحفاظ على حياد القاضي وإستقالله وبالتالي تحقيق العدالة َ
المتكافئة التي نتشأ بين المواطنين بل يمتد إلى كافة النزاعات لتشمل
يقتصر حياد القاضي على النزاعات ُ
تلك التي يكون المواطن طرفاً ضعيفاً فيها كالنزاعات التي تنشأ ما بين المواطنين والدولة ،ففي مثل هذه
النزاعات تبرز األهمية العملية للحصانة القضائية ووجوب تمتع أفراد السلك القضائي بها( ،)2كما أن طبيعة
الوظيفة القضائية ومقتضياتها تتطلب وجود الحصانة ،فالعمل القضائي لن تتحقق الغاية المرجوة منه إال
بتوفير البيئة الحمائية التي تمكن العاملين في هذه المهنة من القيام بأعمالهم دون خوف أو تردد ،وهذا ما
يجعلها حصانات متعلقة بالوظيفة والمهام الموكولة إلى َمن يشغل تلك الوظيفة وليست متعلقة بشخص القائم
كما ُيبرر وجود الحصانة الرئاسية واقعياً في صفة الرئيس؛ كونه الممثل الرسمي للبالد وأعلى منصب في
الدولة ،وبالتالي هو أكثر عرضة للخطر والضغوطات ،هذا باإلضافة إلى طبيعة األعمال التي يقوم بها
والتي تجعله أكثر حاجة للحماية وأكثر حاجة لتوفير الظروف المالئمة للقيام بالمهام الموكولة إليه على أكمل
وجه ومنع عرقلتها وبما يحفظ صورته أمام رعيته وأفراد شعبه(.)4
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.188 ()1
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.115 ()2
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.189 ()3
كوهين ،تومر :مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية –دراسة مقارنة، ()4
كونه يمثل هيئة مكافحة الفساد وبالتالي فإنه َيلزم توفير الحماية له بحكم وظيفته ،والحفاظ على هيبة هيئة
مكافحة الفساد يكون من خالل توفير الحماية له من أي إدعاء قد يكون كاذباً بإرتكاب جريمة فساد ،مما
يترتب عليه الحفاظ على ثقة األفراد والمواطنين إتجاه هذه الهيئة(.)1
وفيما يتعلق بالحصانة الو ازرية ُيبرر وجودها في أنها تمنع توجيه أي إتهام كيدي أو إدعاء كاذب نحو رئيس
الوزراء ووزراءه ،بالتالي تعزيز ثقة المواطنين بأجهزة الدولة والقائمين عليها وبكل ما يقومون به من أعمال
موكولة إليهم(.)2
الفصل الثاني
الفعالة لظاهرة الفساد وجود منظومة قانونية متكاملة تقف في وجه الفساد وإنتشاره
تتطلب المواجهة الجزائية ّ
وتواكب التطور التكنولوجي الحاصل والذي أثّر بشكل كبير على جريمة الفساد سلباً وإيجاباً( ،)3كما تتطلب
بحيث تكون ُمجدية وتحقق الهدف من وجودها في ظل وجود الحصانة التي منحها القانون لبعض األشخاص.
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،مرجع سابق ،ص.129-127 ()1
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.15-14
جاموسّ ،
()2
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.65 ()3
63
فهذا الفصل يبحث في مدى فاعلية المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في ظل وجود نصوص قانونية مانحة
للحصانة ،وبالتالي ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين ،األول يتناول المواجهة الجزائية لجرائم الفساد ،ويبحث
تتطلب مكافحة الفساد وجود منظومة قانونية متكاملة تقف في وجه هذه الظاهرة وتحد من إنتشارها الواسع
في ظل وجود نظام الحصانة ،وبالتالي يبحث هذا الفصل في اإلجراءات الجزائية لمكافحة جرائم الفساد
وينقسم هذا المبحث إلى مطلبين ،األول بعنوان إجراءات التحري واإلستدالل في جرائم الفساد والثاني بعنوان
هناة العديد من اإلجراءات المتبعة للتحري عن جرائم الفساد واإلستدالل على هوية مرتكبيها والكشف عن
()1
والتي ال ُبد من دراستها في هذا المطلب. حيثيات إرتكابها
وينقسم هذا المطلب إلى فرعين ،األول يبحث في الجهة المختصة في التحري واإلستدالل عن جرائم الفساد،
تمر بعدة مراحل ،تتمثل في :مرحلةال بد من القول أن الدعوى الجزائية منذ وقوع الجريمة وإلى حين إصدار حكم نهائي ّ
()1
جمع اإلستدالالت ،تليها مرحلة التحقيق اإلبتدائي ،من ثم مرحلة المحاكمة أو ما ُيطلق عليها مرحلة (التحقيق النهائي)( .عبد
الباقي ،مصطفى :شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة ( 2003دراسة مقارنة) ،بيرزيت :وحدة البحث
العلمي والنشر – كلية الحقوق واإلدارة العامة ،2015 ،ص.)250
64
الفرع األول :الجهة المختصة في التحري واإلستدلل عن جرائم الفساد.
فيما يتعلق بمرحلة جمع اإلستدالالت في جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني تتولى هيئة مكافحة الفساد
سلطة اإلستدالل وجمع المعلومات في جرائم الفساد( ،)1وموظفوها يملكون صالحية البحث والتقصي وجمع
اإلستدالالت بموجب نص المادة ( )8من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني( ،)2وكما يعتبروا من مأموري
الضبط القضائي وفقاً لنص المادة ( )10من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م بشأن تعديل قانون
مكافحة الفساد( ،)3وكذلك الحال في القانون األردني فقد منحت المادة (/4ط) من قانون النزاهة ومكافحة
()4
وكما أعطت المادة ( )19من نفس الفساد لهيئة مكافحة الفساد األردنية سلطة اإلستدالل في جرائم الفساد
المتخذة من ِقَبل موظفي هيئة القانون للهيئة صفة الضابطة العدلية ،وحتى تُ َ
ضمن سالمة اإلجراءات ُ
()5
مكافحة الفساد يجب أن تكون الجرائم من الجرائم المحددة حص اًر في المادة ( )1من قانون مكافحة الفساد
الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته ،وفي القانون األردني يجب أن تكون من الجرائم المحددة حص اًر
في المادة (/16أ) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م.
ٍ
بشكل عام ،يكون منها :هيئة مكافحة الفساد ،ديوان الرقابة أما فيما يتعلق بالجهات المختصة بمكافحة الفساد في فلسطين ()1
صنع
المالية واإلدارية وبعض مؤسسات المجتمع المدني كاإلئتالف من أجل النزاهة (أمان) ومساواة( .يحيى ،خيرية رضوانُ :
سياسات مكافحة الفساد اإلداري "دولة فلسطين نموذج ا" ،القاهرة :دار النهضة العربية2017 ،م ،ص .)415وفيما يتعلق
بجهات مكافحة الفساد في األردن تتمثل في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد األردنية ،ديوان المحاسبة ،وحدة مكافحة غسل األموال
وتمويل اإلرهاب ودائرة الجمارة العامة( .اإلستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة األردنية الهاشمية ،منشور على الرابط:
، http://www.undp-aciac.org/تاريخ آخر زيارة2021/10/4 :م).
نصت المادة ( )8من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته على .3 ...2 ...1" :التحري ()2
واإلستدالل في الشكاوى التي تقدم عن جريمة الفساد .4 .التحري واإلستدالل في شبهات الفساد التي تقترف من األشخاص
الخاضعين ألحكام هذا القرار بقانون."...
تنص المادة ( )10من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد الفلسطيني على" :يتمتع ()3
موظفو الهيئة المختصون بجمع اإلستدالالت والتحريات ،وأخذ اإلفادات ،بصفة مأموري الضابطة القضائية فيما يقومون به من
أعمال تتعلق بتنفيذ مهامهم ،على أن يتم تحديدهم بموجب قرار من رئيس الهيئة".
المادة (/4ط) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته. ()4
نصت المادة ( )19من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته على" :يكون للرئيس ()5
وأعضاء المجلس صفة الضابطة العدلية ،لغايات قيامهم بمهامهم ،ويحدد المجلس العاملين في الهيئة الذين يتمتعون بهذه
الصفة" ،ومن الجدير ذكره أنه ُيطلق مصطلح "الضابطة العدلية" على أعضاء الضابطة القضائية في األردن.
65
هذا باإلضافة إلى منح ديوان الرقابة المالية واإلدارية في فلسطين لبعض موظفي الديوان صفة الضابطة
()1
بصفتها مؤسسة رقابية في الدولة تهدف للكشف عن أوجه القضائية فيما يتعلق بإنجاز أعمالهم الوظيفية
اإلنحراف المالي واإلداري ،من خالل قيامهم بإعداد التقارير عن الفساد ورفعها إلى هيئة مكافحة الفساد،
وكذلك منح القرار بقانون رقم ( )20لسنة 2015م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب الفلسطيني
وتعديالته في المادة ( )2/31مدير وموظفي وحدة المتابعة المالية صفة الضابطة القضائية للقيام بأعمالها
خاصة فيما يتعلق برفع التقارير عن العمليات المشتبه تضمنها جرائم غسل أموال أو تمويل اإلرهاب أو أي
من الجرائم األصلية محل جريمة غسل األموال والتي من ضمنها جرائم الفساد(.)2
التطرق إلجراءات وأساليب جمع اإلستدالالت في جرائم الفساد ،فقد تناولت المادة ( )9من قانون مكافحة
الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته وسائل وطرق هيئة مكافحة الفساد لإلستدالل على جرائم
الفساد والتنقيب عنها( ،)3وفي القانون األردني تناولت الفقرة (ز+ط) من المادة ( )4من قانون النزاهة ومكافحة
الفساد األردني الوسائل المتبعة لإلستدالل على جرائم الفساد والتنقيب عنها( ،)4والتي سيتم تبيانها في الفقرات
التالية(.)5
وذلك بحسب نص المادة ( )47من قانون ديوان الرقابة المالية واإلدارية رقم ( )15لسنة 2004م وتعديالته ،المنشور في ()1
وتعديالته على" :تقوم الوحدة برفع تقريرها إلى النائب العام المساعد المنتدب لدى هيئة مكافحة الفساد ،في حال كانت الجريمة
األصلية محل جريمة غسل األموال من ضمن جرائم الفساد".
قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته. ()3
قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته. ()4
تناولت المادة ( )22من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته على سبيل المثال ال الحصر ()5
أساليب ووسائل اإلستدالل على الجرائم بشكل عام بحيث نصت على":وفقاً ألحكام القانون على مأموري الضبط القيام بما
يلي .1:قبول البالغات والشكاوي التي ترد إليهم بشأن الجرائم وعرضها دون تأخير على النيابة العامة .2 .إجراء الكشف
66
التفاعلية والسرّية فإن ذلك يتطلب بذل جهد أكبر للكشف عن
ّ نظ اًر لما تتصف به جرائم الفساد من الحداثة و
هذه الجرائم والتنقيب عن أدلتها؛ لذلك قد تكون إجراءات وأساليب اإلستدالل التقليدية المتعارف عليها غير
كافية لتكوين صورة شاملة عن وقائع وأحداث الجريمة مما أوجب وجود إجراءات وأساليب مستحدثة تواكب
اإلستدالل في جرائم الفساد إلى اإلجراءات التقليدية لجمع اإلستدالالت في جرائم الفساد ،واإلجراءات
من أبرز اإلجراءات واألساليب التقليدية التي تقوم بها الضابطة القضائية في اإلستدالل على جرائم الفساد
ما يلي:
أ .قبول البالغات والشكاوى :أوجب المشرع الفلسطيني في المادة ( )1/9من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني
لسنة 2005م وتعديالته على مأموري الضبط القضائي في جرائم الفساد قبول البالغات والشكاوى
وعرضها دون تأخير على النيابة العامة بإعتبارها وسيلة مهمة للكشف عن الجرائم وجمع المعلومات
عنها( ،)1وفي القانون األردني فقد منح نص المادة ( )19من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني
والمعاينة والحصول على اإليضاحات الالزمة لتسهيل التحقيق واإلستعانة بالخبراء المختصين والشهود دون حلف يمين.3 .
إتخاذ جميع الوسائل الالزمة للمحافظة على أدلة الجريمة .4 .إثبات جميع اإلجراءات التي يقومون بها في محاضر رسمية بعد
توقيعها منهم ومن المعنيين بها" ،كما ّبينت المادة ( )8من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة 1961م أعمال
اإلستدالل في اإلستقصاء حول الجرائم وجمع األدلة والقبض على فاعليها وإحالتهم إلى المحاكم المختصة.
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.87 ()1
نص المادة ( )19من قانون النزاهة ومكافحة الفساد االردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته. ()2
67
ب .اإلنتقال إلى مسرح الجريمة وإجراء الكشف والمعاينة :تكون عن طرق إنتقال مأموري الضبط القضائي
ذو اإلختصاص العام والخاص إلى مسرح الجريمة للكشف عن كيفية وقوع الجريمة ومكانها وزمانها
ومالبساتها ،وهذا ما نصت عليه المادة ( )2/22من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني وتعديالته(،)1
والمواد ( )83 ،32من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة 1961م وتعديالته ،ويشمل ذلك
كمل عمل
جرائم الفساد فكما ذكرنا سابقاً بأن عمل الضابطة القضائية ذات اإلختصاص الخاص ُي ّ
الضابطة ذات اإلختصاص العام ،وبعد القيام باألعمال السابقة على مأمور الضبط القضائي القيام
بتدوين األعمال التي قام بها من معاينة ومشاهدة مسرح الجريمة في محاضر رسمية بعد توقيعه عليها
ت .التحفظ على أدلة الجريمة :على مأموري الضابطة القضائية/العدلية ذو اإلختصاص العام والخاص في
جرائم الفساد اإلنتقال إلى مسرح الجريمة والتحفظ عليه مثل وضع حراسة على مسرح الجريمة ومنع
دخول أي أحد إلى موقع الجريمة أو اإلقتراب منه ،وعليهم أيضاً ضبط األشياء التي لها صلة بالجريمة
ووضع األختام والتحفظ على آثار الجريمة كآثار األقدام أو بصمات األصابع وذلك من أجل المحافظة
ث .اإلستعانة بالخبراء المختصين والشهود دون حلف يمين :لمأموري الضبط القضائي في جرائم الفساد في
فلسطين اإلستعانة بالخبراء المختصين والشهود دون تحليفهم اليمين( ،)3وفي األردن على مأموري
نص المادة ( )2/22من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته. ()1
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.88 ()2
تنص المادة ( )3/9من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته على" :إستدعاء الشهود والمعنيين ()3
من الموظفين العموميين أو موظفي القطاع الخاص أو أي شخص له عالقة لإلستفسار والتحري حول واقعة تتعلق بجريمة
فساد".
68
خيف أن ال ُيستطاع فيما بعد سماع الشاهد إال بيمين( ،)1وفيما يتعلق بتحليف اليمين للشهود في القانون
الفلسطيني فإن قانون مكافحة الفساد لم ُيخصص قواعد إثبات خاصة بجرائم الفساد وإنما تركها للقواعد
العامة في إثبات الجرائم الجزائية( ،)2إذ أن القانون ال ُيجيز للشاهد اإلمتناع عن اإلدالء بشهادته أو
رفض أداءه لليمين القانونية وذلك في نص المادة ( )16من القرار بقانون لسنة 2022م بشأن تعديل
قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني( ،)3وتبرز أهمية اإلستعانة بالخبراء واإلستماع لهم في جرائم الفساد
بالمساعدة في التوصل إلى الفاعل الحقيقي للجريمة وعدم التفريط باألدلة نتيجة عدم وضوح بعض
المسائل الفنية التي تحتاج إلى خبراء مختصين قادرين على توضيحها( ،)4وأيضاً يتوجب على مأموري
الضبط توفير الحماية القانونية والشخصية والوظيفية الالزمة للشهود عند إحضارهم لسماع أقوالهم(،)5
عمان :دار الثقافة للنشر والتوزيع ،ط2011 ،1م ،ص.193 الحديثي ،فخري :شرح قانون أصول المحاكمات الجزائيةّ ،
()1
فرحان ،مصطفى .آالء ،النقيب :أصول التحقيق في جرائم الفساد ،رام هللا ،هيئة مكافحة الفساد ،معهد الحقوق في جامعة ()2
المحكمة ،يجوز لها أن تحكم بحبسه مدة ال تتجاوز ثالثة أشهر ،وإذا قبل أثناء مدة إيداعه مركز اإلصالح والتأهيل (السجن)
وقبل إختتام اإلجراءات أن يحلف اليمين ،وأن ُيجيب على األسئلة التي توجه إليه ،يفرج عنه في الحال بعد قيامه بذلك"( .قرار
بقانون لسنة 2022م بشأن تعديل قانون اإلجراءات الجزائية رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته ،غير منشور في جريدة الوقائع
الفلسطينية ،منشور على موقع مقام اإللكتروني:
،https://maqam.najah.edu/media/uploads/2022/01/legislations/تاريخ آخر زيارة2022/3/3 :م).
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.89 ()4
( )5بحيث نصت المادة ( )2/18من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته على" :تتولى الهيئة توفير
الحماية القانونية والوظيفية والشخصية الالزمة للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم في
دعاوى الفساد من أي إعتداء أو إنتقام أو ترهيب محتمل من خالل ما يلي :أ .توفير الحماية لهم في أماكن إقامتهم .ب .عدم
اإلفصاح عن المعلومات المتعلقة بهويتهم وأماكن وجودهم .ج .اإلدالء بأقوالهم وشهادتهم من خالل إستخدام تقنيات اإلتصال
الحديثة وبما يكفل سالمتهم .د .حمايتهم في أماكن عملهم وتحصينهم من أي تمييز أو سوء معاملة أو أي إجراء تعسفي أو
إقرار إداري يغير من المركز القانوني أو اإلداري لهم أو ينتقص من حقوقهم بسبب شهادتهم أو إبالغهم أو ما قاموا به من
أعمال لكشف جرم الفساد .ه .توفير أمكن إليوائهم عند الضرورة .و .إتخاذ أي إجراء أو القيام بأي عمل ضرور ييضمن
سالمتهم" ،كما نصت المادة ( )24من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م على " :أ .تتولى الهيئة
توفير الحماية الالزمة للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم من أي
إعتداء أو إنتقام أو ترهيب محتمل من خالل ما يلي .1 :توفير الحماية لهم في أماكن إقامتهم .2 .عدم اإلفصاح عن المعلومات
المتعلقة بهويتهم وأماكن وجودهم .3 .اإلدالء بأقوالهم و شهاداتهم من خالل إستخدام تقنيات اإلتصال الحديثة وبما يكفل
69
من ثم يتم تدوين أقوال الشهود والخبراء في محاضر رسمية من ثم توقيع مأموري الضبط القضائي
والشهود عليها( ،)1كما أن القانون األردني ألزم مأمور الضابطة العدلية إتباع الوسائل القانونية ألداء
عمله والتي منها التوقيع على محاضر اإلستدالالت من ِقَبله ومن ِقَبل األشخاص الذين قام بسماعهم(.)2
ج .تدوين أقوال المقبوض عليه دون إستجوابه :تناولت المادة ( )7من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم
( )1لسنة 2005م وتعديالته ما يتعلق بتدوين أقوال المقبوض عليه دون إستجوابه بحيث أعطى القانون
لمأموري الضبط القضائي ضبط إفادات المشتبه بهم أو المقبوض عليهم عند وقوع الجريمة ،وعلى مأمور
الضبط القضائي سماع المشتبه بهم وتدوين أقوالهم في محاضر رسمية يوقع عليه مأمور الضبط
القضائي والمشتبه به ،كما ال يجوز لمأمور الضبط القضائي إستجواب المشتبه به وتوجيه األسئلة أو
اإلتهامات إليه إال إذا تم تفويضه من ِقَبل وكيل النيابة في الجنح فقط إذ ال إستجواب في جنايات
الفساد( ،)3وإذا قام المشتبه به باإلعتراف أمام مأمور الضابطة القضائية عند اإلستماع إليه فإن األخذ
بإعترافه كوسيلة لإلثبات هو سلطة تقديرية للمحكمة ،وهذا ما أكدته محكمة النقض الفلسطينية في حكمها
ويؤيد ذلك ما ورد في حكم محكمة النقض الفلسطينية فيما يتعلق بإعتراف المتهم أمام الضابطة القضائية
ُ
سالمتهم .4 .حمايتهم في أماکن عملهم وتحصينهم من أي تمييز أو سوء معاملة أو فصل تعسفي .5 .توفير أماكن إليوائهم
عند الضرورة .6 .إتخاذ أي إجراء أو القيام بأي عمل ضروري يضمن سالمتهم".
()1حيث نصت المادة ( )4/22من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م على" :وفقاً ألحكام القانون على
مأموري الضبط القضائي القيام بما يلي .4... :إثبات جميع اإلجراءات التي يقومون بها في محاضر رسمية بعد توقيعها منهم
ومن المعنيين بها".
الحديثي ،فخري :شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ،مرجع سابق ،ص.194 ()2
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.91 ()3
وفي ذلك تقول محكمة النقض الفلسطينية" :فإن كانت المحكمة حرة في تكوين قناعتها من أي دليل تجده طالما أن المشرع ()4
أطلق لها حرّية اإلقتناع بما تراه إال أن هذه السلطة ليست مطلقة وغير محددة بل هي مقيدة بضوابط "( .حكم محكمة النقض
الفلسطينية رقم ( )425لسنة ،2017والصادر بتاريخ ،2017/7/8منشورات المقتفي ،منشور على الرابط:
، http://muqtafi2.birzeit.edu/muqtafi2/transform/fulltext/تاريخ آخر زيارة 2021/6/18م).
70
دل عليه واقع الحال( ،)1وفيما يتعلق بالتشريع األردني فإن
فإنه ال ُيعتبر دليالً بحد ذاته؛ ألن العبرة بما ّ
نص المادة (/4ط) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته أعطى
للهيئة بصفتها ضابطة عدلية صالحية جمع المعلومات والقيام بالتحريات والتي منها سماع المقبوض
عليه(.)2
ح .التحري وجمع المعلومات حول شبكة العالقات لإلتصاالت السلكية والالسلكية ومناطق ّ
البث :فيما يتعلق
بصالحيات هيئة مكافحة الفساد في ضبط الرسائل والمكالمات الهاتفية واإلطالع عليها ،فقد منح المشرع
الفلسطيني للهيئة بصفتها ضابطة قضائية الصالحية بممارسة كافة اإلجراءات من ضبط وإطالع ومراقبة
في جرائم الفساد وجاء ذلك في نص المادة ( )4/9من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة
2005م وتعديالته "على الرغم مما ورد في قانون اإلجراءات الجزائية والقوانين األخرى ذات العالقة،
يكون للهيئة في سبيل تنفيذ مهامها وإختصاصاتها ما يلي .4 :طلب أي ملفات أو بيانات أو أوراق أو
ٍ
صور منها من الجهة الموجودة لديها بما مستندات أو معلومات أو اإلطالع عليها أو الحصول على
في ذلك الجهات التي تعتبر كل ذلك سري التداول وفقاً لإلجراءات القانونية النافذة"( ،)3وبالنسبة لقانون
النزاهة ومكافحة الفساد األردني فقد ورد نص ُيجيز لهيئة مكافحة الفساد بصفتها ضابطة قضائية اإلطالع
على الرسائل والمعلومات الرسمية ومراقبة المكالمات الهاتفية حيث ورد في نص المادة (/20أ) من
قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته" :مع مراعاة أحكام التشريعات
حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم ( )264لسنة 2021م ،والصادر بتاريخ ،2021/11/9منشورات موقع قسطاس ()1
المتهم في جناية ولكن أجاز تدوينها في محضر الضبط( .الحديثي ،فخري :شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ،مرجع
سابق ،ص.)193
مكن مأمور الضبط القضائي من اإلطالع على كشوف المكالمات والرسائل الواردة
ال ُب ّد من ذكر أن التشريع الفلسطيني ّ
()3
والصادرة وتفاصيلها بعد تقديم طلب إحتياج بذلك إلى النائب العام ثم لقاضي الصلح بمحضر تحرّيات تفصيلي وعلى أن يكون
سبب( .براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص)92
ُم َ
71
النافذة ،للهيئة في سبيل قيامها بمهامها طلب أي بيانات أو معلومات أو وثائق من أي شخص أو من
أي جهة كانت ،وعليهم اإلستجابة للطلب دون إبطاء تحت طائلة المسؤولية القانونية" ،بالتالي طلب
الهيئة لإلطالع على المعلومات والمراسالت ومراقبة المكالمات ُيعد من قبيل اإلجراءات التي تمارسها
في سبيل القيام بمهامها ويعد من الصالحيات الممنوحة لها بموجب القانون(.)1
بالنظر إلى جرائم الفساد وما تتمتع به من خصائص كالسرية وسرعة اإلنتشار؛ فإن ذلك يستوجب وجود
صالحيات أوسع للضابطة القضائية لتمكينها من القيام بعملها في ظل التعقيد والتفاعل التي تختص به جرائم
الفساد عن الجرائم التقليدية وأيضاً صعوبة الكشف عن هذه الجرائم أوجب إتباع إجراءات خاصة للكشف
تحر خاص :إن إتخاذ إجراء التسليم المراقب أو التحري الخاص يمكن العمل
أ .التسليم المراقب أو إتباع ًّ
به في حال وقوع جريمة فساد؛ نظ اًر لما تتمتع به هذه الجرائم من خصوصية فقد وضعت إتفاقية االمم
المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م الخطوط العريضة لإلجراءات الواجب إتباعها في الكشف عن
هذه الجرائم ومالحقة مرتكبيها وتركت كيفية إتخاذ هذه اإلجراءات للقوانين الداخلية للدولة بحسب تقديراتها
ومواردها( ،)2وقد أخذ القانون الفلسطيني بالتسليم المراقب في المادة ( 22مكرر) من قانون مكافحة
وفيما يتعلق بالقانون األردني حصر صالحية اإلطالع على المراسالت الخاصة ومراقبة المحادثات السلكية والالسلكية ()1
بالمدعي العام وحده ولم يمنحه صالحية تفويض أو إنابة أحد أعضاء الضابطة القضائية للقيام بهذا اإلجراء وذلك في نص
المادة ( )88من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة 1961م وتعديالته ،أما فيما يتعلق بضبط الرسائل فليس
ألعضاء الضابطة القضائية صالحية ضبط الرسائل من حيث األصل إال أنه يجوز للمدعي العام إنابة موظف الضابطة العدلية
لضبط الرسائل مع اإلشارة إلى كونه ال يجوز له اإلطالع عليها( .الحديثي ،فخري :شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية،
مرجع سابق ،ص.)267-266
عرفت المادة ( )2من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م التسليم المراقب على أنه" :السماح لشحنات
حيث ّ
()2
غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من إقليم دولة أو أكثر أو المرور عبره أو دخوله بعلم من سلطاتها المعنية وتحت مراقبتها،
بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية األشخاص الضالعين في إرتكابه".
72
الفساد الفلسطيني وتعديالته رقم ( )1لسنة 2005م( ،)1وتكمن أهمية التسليم المراقب في الكشف عن
المهربات وإعتراض سبيلها أثناء العبور حيث يتم تسليمها من أجل الكشف عن هوية المجرمين أو تتبع
المنظمات اإلجرامية أثناء توزيعها ،أما بالنسبة لحيثيات تطبيق التسليم المراقب فإنها تختلف من دولة
إلى أخرى بإختالف ظروف هذه الدولة وقوانينها الداخلية( ،)2فقد إشترط القانون الفلسطيني الحصول
على إذن من النيابة العامة للقيام بالتسليم المراقب كما أن األدلة الناجمة عن هذا اإلجراء تخضع حجيتها
لتقدير المحكمة المختصة كما ورد ذكره سابقاً في المادة ( 22مكرر) من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني
وتعديالته لسنة 2005م ،بينما من خالل قراءة قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة
2016م وتعديالته ُيالحظ أن التسليم المراقب لم تتم تغطيته رغم مصادقة األردن سنة 2004م على
ومن اإلجراءات المستحدثة لجمع اإلستدالالت في جرائم الفساد هو إجراء المراقبة والترصد اإللكتروني
والعمليات السرّية وهو يعني تسجيل المحادثات بواسطة أجهزة التسجيل ومراقبتها وذلك بصورة سرّية(،)4
وقد نصت عليه المادة ( )50من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م ،فالقانون الفلسطيني
حظر إستخدام هذا األسلوب دون أخذ إذن قضائي بذلك ،وقد وضع قواعد وضوابط صارمة بذلك في
بحيث نصت على" :وفقاً للتشريعات السارية ،ومن أجل تسهيل جمع األدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القرار ()1
تحر خاص كالترصد اإللكتروني واإلختراق على النحو المناسب بإذن من بقانون ،يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو إتباع ّ
المتوصل إليها بهذه األساليب حجيتها التي يخضع األخذ بها لتقدير المحكمة".
َ النيابة المختصة وفقاً للقانون ،وتكون لألدلة
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.97-95 ()2
2012م ،ص.12
()4بغدادي ،أدهم :وسائل البحث والتحري عن الجرائم اإللكترونية( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة النجاح الوطنية ،نابلس،
2018م ،ص.50-49
73
كون هذه ()1
اإللكترونية
ّ المادة ( )34وما بعدها من القرار بقانون رقم ( )10لسنة 2018بشأن الجرائم
اإلجراءات غاية في الخطورة وفيها إعتداء على خصوصية األفراد ،ويبرز دور العمليات المستترة والترصد
اإللكتروني إذا كان هناة أي خطورة جسدية على عضو أجهزة اإلنفاذ في التسلل مادياً إلى داخل
المنظمة اإلجرامية من أجل جمع المعلومات واألدلة فيتم اللجوء إلى التسلل اإللكتروني لجمع البيانات
واألدلة الالزمة ،وغالباً ما يتم اللجوء للعمليات السرية في الكشف عن جرائم غسل األموال الناتجة عن
عرف القانون الفلسطيني في المادة األولى من القرار بقانون رقم ( )20لسنة 2015م ()2
جرائم فساد ،وقد ّ
بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وتعديالته (العملية السرّية)( ،)3بينما القانون األردني لم
يتطرق إلى الترصد اإللكتروني أو العمليات السرية ولم يوقع على أي إتفاقية تتناول هذه المواضيع على
الرغم من عدم وجود نص في التشريع الداخلي يمنع تفعيلها ويتضح ذلك من خالل اإلطالع على قانون
من أساسيات العمل المصرفي في جميع أنحاء العالم كافة ،وهي مبدأ دولي متعارف عليه فقد أوجبت
إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد في المادة ( )40على الدول إيجاد آليات مناسبة لتجاوزه ورفعه(،)5
كما قام المشرع الفلسطيني بتقنينه في القرار بقانون رقم ( )9لسنة 2010م بشان المصارف ،حيث حظر
على أي شخص بإمكانه الوصول إلى هذه المعلومات بحكم وظيفته من إفشائها أو البوح عنها أو السماح
( )1قرار بقانون رقم ( )10لسنة 2018م بشأن الجرائم اإللكترونية الفلسطيني ،المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،16
بتاريخ ،2018/5/3ص.8
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.99-97 ()2
حيث جاء فيها" :طريقة التحقيق التي يشترة فيها موظف الضبط القضائي المكلف بتنفيذ القانون والذي يحمل هوية سرّية ()3
أو مستعارة أو يضطلع بدور مؤقت ،أو مخبر يعمل بتوجيه من مأمور الضبط القضائي ،وفي جميع الحاالت يشكل أداة للحصول
على األدلة والمعلومات األخرى المتعلقة بالجريمة".
العدوان ،ثائر :مكافحة الفساد الدليل إلى إتفاقية األمم المتحدة الردن نموذجا ،مرجع سابق ،ص.70 ()4
المادة ( )40من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م. ()5
74
ٍ
ألي كان من اإلطالع عليها إال بحكم قضائي صادر عن محكمة فلسطينية أو بتصريح وموافقة العميل
الخطية على ذلك( ،)1وهناة إستثناءات ال يتم فيها تطبيق مبدأ السرية المصرفية كالذي نصت عليه
ّ
المادة ( )46من القرار بقانون رقم ( )20لسنة 2015م بشان مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب(،)2
كما أجاز المشرع الفلسطيني وفقاً للمادة ( )4/9من قانون مكافحة الفساد رقم ( )1لسنة 2005م
لموظفي هيئة مكافحة الفساد الذين يتمتعون بصفة الضابطة القضائية طلب الوصول إلى ()3
وتعديالته
المعلومات المصرفية من النائب العام إذا إقتضت إجراءات جمع اإلستدالالت ذلك ويشمل هذا الطلب
رفع السرية المصرفية عن الحسابات ونشاطات الخزائن الحديدية أو تتبع األمالة المنقولة وغير المنقولة
أو رفع السرّية عن المعلومات والحسابات المدرجة لدى هيئة سوق رأس المال والبورصات واألسواق
والمراكز المرخصة من قبلها وفقاً لإلجراءات القانونية النافذة وبقرار قضائي وبما يتفق وصحيح القانون
واإلجراءات( ،)4كما أن المادة ( )7/20من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م بشأن تعديل قانون
نصت المادة ( )2/1/32من القرار بقانون رقم ( )9لسنة 2010م بشأن المصارف على .1" :تحدد سلطة النقد التعليمات ()1
المنظمة لسرية الحسابات المصرفية ،وتبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية العمالء بين المصارف ومؤسسات اإلقراض
المتخصصة ،بما يكفل سريتها ويضمن توفر البيانات الالزمة لسالمة عمليات منح االئتمان وإدارة المخاطر.2 .على جميع
أعضاء مجلس إدارة المصرف الحاليين والسابقين ،والمسؤولين الرئيسيين ،والموظفين والمدققين والمستشارين والمتعاقدين
الخارجيين في المصارف ومؤسسات اإلقراض المتخصصة الحفاظ على سرية المعلومات والمستندات المتعلقة بالعمالء والتي
تصل إليهم بحكم أدائهم لمهامهم ،وال يجوز ألي منهم إفشاء أي من هذه المعلومات أو السماح للغير من خارج المصرف أو
مؤسسة اإلقراض المتخصصة باإلطالع عليها ،ويسري هذا الحظر على كل من يطلع بحكم مهنته أو وظيفته أو عمله بطريق
مباشر أو غير مباشر على تلك البيانات والمعلومات ،ما لم يكن هذا اإلطالع بموجب ما يلي :أ.موافقة العميل الخطية .ب.حكم
قضائي صادر عن محكمة فلسطينية"( .قرار بقانون رقم ( )9لسنة 2010م بشأن المصارف ،المنشور في جريدة الوقائع
الفلسطينية ،عدد ،4بتاريخ ،2010/11/27ص.)5
نصت المادة ( )46من القرار بقانون رقم ( )20لسنة 2015م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب على " :تنفيذاً
()2
ألحكام هذا القرار بقانون ال تحول أحكام السرية المفروضة بموجب القوانين واألنظمة والتعليمات المعمول بها في فلسطين بما
في ذلك السرية المصرفية أمام تنفيذ أحكام هذا القرار بقانون ،وال يجوز التذرع بأحكامها بعدم إفشاء أو إبراز أي معلومات تتعلق
بمكافحة جريمة غسل األموال أو تمويل اإلرهاب أو بأي من الجرائم األصلية باستثناء ما ورد في الفقرة ( )3من المادة ()14
من هذا القرار بقانون".
نصت المادة ( )4/9من قانون مكافحة الفساد رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته على.4" :طلب أي ملفات أو بيانات أو ()3
أوراق أو مستندات أو معلومات أو اإلطالع عليها أو الحصول على صور منها من الجهة الموجودة لديها بما في ذلك الجهات
التي تعتبر كل ذلك سري التداول وفقاً لإلجراءات القانونية النافذة".
( )4براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.105
75
مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م رتبت عقوبة الحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر أو
بغرامة ال تزيد على ألف دينار أردني لمن يمتنع أو يتأخر عن تقديم البيانات أو المعلومات أو الوثائق
المطلوبة وتزويدها للجهات التي خولها القانون الحصول عليها( ،)1وفي القانون األردني حظرت المادة
( )72من قانون البنوة على موظفي البنوة الحاليين خرق السرّية المصرفية وإعطاء أي معلومة عن
العمالء أو حساباتهم أو أي من معامالتهم أو تمكين الغير من اإلطالع عليها إال بموافقة العميل الخطية
أو أحد ورثته أو بقرار قضائي بموجب خصومة قضائية ويستمر الحظر بعد إنتهاء العالقة بين العميل
والبنك( ،)2ومن اإلستثناءات على مبدأ السرية المصرفية ما ورد في نص المادة ( )3/93من قانون
البنوة( )3حيث لم َيعتبر المشرع إفصاح البنك عن أي معلومة متعلقة بالمعامالت المشبوهة إخالالً بمبدأ
()4
إستثناء على مبدأ السرية المصرفية بحيث منحت المادة لهيئة مكافحة الفساد الحق في
ً األردني
تنص المادة ( )7/20من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد رقم ( )1لسنة 2005م ()1
وتعديالته على.7" :يعاقب على اإلمتناع أو التأخير غير المبرر عن تقديم البيانات أو المعلومات أو الوثائق المطلوبة وفقاً
ألحكام المادة ( )4/9من القانون األصلي ،بالحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر ،أو بغرامة ال تزيد على ألف دينار أردني".
نصت المادة ( )72من قانون البنوة األردني على" :على البنك مراعاة السرية التامة لجميع حسابات العمالء وودائعهم ()2
بموجب أحكام هذه المادة إخالالً بواجب اإللتزام بالسرية المصرفية ،كما ال يتحمل البنك المركزي أو البنك أي مسؤولية نتيجة
ذلك".
المادة (/20أ/ب) من القانون المعدل رقم ( )25لسنة 2019م لقانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13السنة ()4
خمسمائة دينار لكل َمن يمتنع أو يتأخر بصورة غير مبررة عن تقديم المعلومات والبيانات المطلوبة(.)1
وبإستقراء النصوص السابقة لكال القانونين تجد الباحثة أن كال التشريعين الفلسطيني واألردني أرادا أن
يضمنا صالحية هيئة مكافحة الفساد بصفتها ضابطة قضائية في الوصول إلى المعلومات الضرورية
للقيام بعملها في الكشف عن جرائم الفساد ومتابعة األدلة للوصول إلى الحقيقة ،كما أنه يوجد إختالف
بسيط بين القانونين من حيث مقدار الغرامة كعقوبة مترتبة على كل َمن يمتنع دون مبرر عن تقديم
المعلومات والبيانات الالزمة للهيئة من أجل القيام بعملها ،وتجد الباحثة إختالفاً آخر حيث أن القانون
األردني منح اإلذن برفع السرّية المصرفية بموافقة العميل الخطية أو أحد ورثته( ،)2بينما القانون
الفلسطيني في المادة ( )2/1/32من القرار بقانون رقم ( )9لسنة 2010م بشأن المصارف قصر أخذ
نصت المادة (/20ب) من القانون المعدل رقم ( )25لسنة 2019م لقانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة ()1
2016م على" :يعاقب على اإلمتناع أو التأخير غير المبرر عن تقديم البيانات أو المعلومات أو الوثائق المطلوبة وفقاً ألحكام
الفقرة (أ) من هذه المادة بالحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر أو بغرامة ال تزيد على خمسمائة دينار".
نص المادة ( )72من قانون البنوة األردني رقم ( )28لسنة 2000م. ()2
ومن اإلجراءات واألساليب المستحدثة في جمع اإلستدالالت في جرائم الفساد هو التحقيق المشترة بين الدول والذي نصت ()3
عليه إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م في المادة ( )49منها حيث جاء فيها" :تنظر الدول األطراف في إبرام
المعنية أن تنشىء هيئات تحقيق مشتركة ،فيما يتعلق باألمور
ّ إتفاقيات أو ترتيبات ثنائية أو متعددة األطراف تجيز للسلطات
التي هي موضع تحقيقات او مالحقات أو إجراءات قضائية في دولة واحدة أو أكثر ،وفي حال عدم وجود إتفاقيات او ترتيبات
أو من هذا القبيل ،يجوز القيام بتحقيقات مشتركة باإلتفاق حسب الحالة ،وتكفل الدول األطراف المعنية مراعاة اإلحترام التام
لسيادة الدول الطرف التي سيجري التحقيق داخل إقليمها" ،حيث يتضح أن إتفاقية األمم المتحدة لم تُنشأ هيئة بحد ذاتها للتحقيقات
المشتركة إنما دعت الدول إلى اإلتفاق فيما بينها بإنشاء هذه الهئيات حسب مقتضى الحال من خالل إبرام إتفاقيات ثنائية أو
متعددة األطراف ،وإن لم توجد هذه اإلتفاقيات يجوز القيام بتحقيقات حسب كل حالة ،وال يوجد في النص التشريعي الفلسطيني
ما يمنع من إبرام مثل هذه اإلتفاقيات (براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص -99
،)101كما َوق َعت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية مع مكتب مكافحة الغش واإلحتيال ) (OLAFإتفاق تعاون والذي كان من
ضمنه إجراء التحقيقات المشتركة ،كما وقعت النيابة العامة مذكرات تفاهم مع العديد من نيابات الدول األخرى ووحدات المتابعة
المالية التي عقدت مذكرة تفاهم مع وحدة مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب الروسية على أراضي المملكة األردنية الهاشمية،
أما فيما يتعلق بالتحقيق المشترة في التشريع األردني فقد وقعت األردن سنة 2010م على اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة
77
المطلب الثاني :إجراءات التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد.
يكون الكشف عن جرائم الفساد ومالحقة مرتكبيها وإيقاع العقاب عليهم على عدة مراحل يجب أن ّ
تمر بها
وبالتالي ينقسم هذا المطلب إلى فرعين األول يتناول الجهات المختصة في التحقيق والمحاكمة في جرائم
يعتبر التحقيق من اإلجراءات ذات أهمية في الكشف عن جرائم الفساد ومالحقة مرتكبيها ،وعند الحديث عن
التحقيق ال ّبد من معرفة الجهات القائمة على التحقيق في جرائم الفساد والمختصة بمباشرته.
الفساد وهي المتخصصة للنظر في قضايا الفساد( ،)1وتقوم بالتحقيق في جرائم الفساد كافة على المستوى
2012م والتي تناولت في المادة ( )25منها جواز إجراء التحقيقات المشتركة في سبيل الكشف عن جرائم الفساد نصت المادة
( )25من اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2012م على" :تنظر الدول األطراف في إبرام اتفاقيات أو ترتيبات ثنائية أو
متعددة األطراف تجيز للسلطات المعنية أن تنشئ لجان تحقيق مشتركة ،فيما يتعلق باألمور التي هي موضع تحقيقات أو
مالحقات أو إجراءات قضائية في دولة واحدة أو أكثر وفي حالة عدم وجود اتفاقيات أو ترتيبات من هذا القبيل ،يجوز القيام
بتحقيقات مشتركة باالتفاق حسب الحالة ،وتكفل الدولة الطرف المعنية مراعاة االحترام التام لسيادة الدولة الطرف التي سيجري
ذلك التحقيق داخل إقليهما" ،كما وقعت و ازرة الداخلية في المملكة الهاشمية األردنية مع و ازرة األمن في جمهورية الصين الشعبية
سنة 2009م إتفاقية تعاون أمني حول العديد من الجرائم منها غسيل األموال ،والتهريب وتزوير جوازات السفر والتأشيرات وغيرها
من الوثائق الرسمية األخرى ،واإلحتيال ،وجرائم اإلحتيال اإللكتروني والتي يعتبر معظمها من جرائم الفساد ،كما أكدت اإلتفاقية
في نص المادة ( )5منها على وجوب وجود التعاون بين الدولتين فيما يتعلق بإجراءات مكافحة الجرائم الواردة في اإلتفاقية والتي
تشملها إجراءات التحقيق المشترة بين الدولتين للكشف عن الجرائم ومالحقة مرتكبيها( .للمزيد حول الجرائم التي تشملها إتفاقية
التعاون األمني بين و ازرة الداخلية في المملكة األردنية الهاشمية وو ازرة األمن العام في جمهورية الصين الشعبية سنة 2009م.
أنظر نص المادة ( )1من اإلتفاقية ،للمزيد راجع الرابط ،https://qistas.com/ar/laws/info/103328/1 :تاريخ آخر
زيارة 2021/7/10م).
نصت المادة ( )3من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد رقم ( )1لسنة 2005م على: ()1
في محافظات الوطن كافة ومنحها لنيابة جرائم الفساد( ،)1وكذلك الحال في القانون األردني فقد أنشأ قانون
النزاهة ومكافحة الفساد األردني لسنة 2016م على نيابة جرائم الفساد وهي تابعة للمجلس القضائي
األردني( ،)2كما أجاز القانون األردني للمدعي العام في جرائم الفساد إنابة أي مدعي عام آخر للقيام بالمهام
ويساعد في التعامل مع الظروف الطارئة التي قد تمنع المدعي العام من اإلنتقال أو
العام القيام بمهامه ُ
وعند الحديث عن الجهات المختصة في محاكمة مرتكبي جرائم الفساد والمختصة بالنظر في دعاوى الفساد
فإنه ال ّبد من التطرق لتخصيص هيئة محكمة الفساد بإعتبارها الجهة المختصة في القيام بإجراءات المحاكمة
في دعاوى الفساد ،إذ أنه بتاريخ 2010/8/1م أصدر مجلس القضاء األعلى الفلسطيني ق ار اًر بتشكيل هيئة
محكمة جرائم الفساد وفقاً للمادة ( 9مكرر) من قانون مكافحة الفساد رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته،
وتنعقد من ثالثة قضاة ال تقل درجتهم عن قضاة محكمة بداية وتكون الرئاسة ألقدمهم ،أما فيما يتعلق
بالقضاء األردني فبعد اإلطالع على الدستور األردني سنة 1952م وتعديالته ،وقانون النزاهة ومكافحة الفساد
األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته ،وقانون تشكيل المحاكم النظامية األردني لسنة 2001م وتعديالته
فرحان ،مصطفى .آالء ،النقيب :أصول التحقيق في جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.34 ()1
نصت المادة ( )17من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م على" :أ.على الرغم مما ورد في أي ()2
قانون ،يكون لدى النيابة العامة نيابة متخصصة بقضايا الفساد تتولى النظر في القضايا المحالة إليها من المجلس .ب .يسمي
المجلس القضائي في بداية كل سنة العدد الالزم من المدعين العامين للعمل في النيابة المتخصصة المشار إليها في الفقرة (أ)
من هذه المادة".
فرحان ،مصطفى .آالء ،النقيب :أصول التحقيق في جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.35 ()3
79
يتضح أنه ال يوجد نص قانوني يقتضي بإنشاء محكمة فساد أردنية –إلى اآلن -وبذلك يكون المشرع األردني
هناة إجراءات قانونية حددها القانون عند التحقيق والمحاكمة في جرائم الفساد ،والتي يجب على الجهات
تبدأ أولى مراحل الدعوى الجزائية عند إتخاذ أول إجراء من إجراءات التحقيق اإلبتدائي( ،)1بحيث يمكن
تعريف التحقيق اإلبتدائي على أنه مجموعة اإلجراءات المشروعة والمنصوص عليها في القانون والتي تهدف
إلى جمع األدلة وكشف الغموض عن الجريمة قبل إحالتها إلى المحكمة المختصة وتحتكر سلطات التحقيق
هذه اإلجراءات وال تدخل في إختصاص غيرها إال في حاالت خاصة نص عليها القانون صراح ًة(.)2
التحقيق إجراء إلزامي في الجرائم الجنائية بينما هو غير ملزم في الجنح والمخالفات حيث أجاز القانون الفلسطيني لوكيل ()1
النيابة إحالة محضر اإلستدالالت الذي تقوم بجمعه الضابطة القضائية إلى المحكمة بالئحة إتهام دون إجراء تحقيق إبتدائي،
فقد نصت المادة ( )53من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م على" :إذا رأت النيابة العامة في مواد
بناء على محضر جمع اإلستدالالت ،تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام المخالفات والجنح ،أن الدعوى صالحة إلقامتها ً
المحكمة المختصة" أي أن إجراء التحقيق يكون ملزم لجرائم دون غيرها ،وفي التشريع األردني فإن قانون أصول المحاكمات
الجزائية األردني لسنة 1961م وتعديالته في المادة ( )1/51جعل التحقيق وجوبياً في جرائم الجنايات والجنح البدائية فقط،
بحيث نصت على.1" :إذا كان الفعل جناية أو جنحة من إختصاص محكمة البداية يتم المدعي العام التحقيقات التي أجراها أو
التي أحال إليه أوراقها موظفو الضابطة العدلية ويصدر ق ارره المقتضى.2 .أما إذا كان الفعل جنحة من وظائف المحاكم الصلحية
فله أن يحيل األوراق إلى المحكمة المختصة مباشرة".
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.151 ()2
80
وتتمثل إجراءات التحقيق اإلبتدائي في جرائم الفساد في قانون مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني واألردني
أ .سماع الشهود :تناول قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م في المواد ()93-77
قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني في المادة ( )68منه فقد أعطى للمدعي العام الصالحية في
ٍ
بشكل خاص كدليل لإلثبات ال ّبد من وحتى ُيؤخذ بشهادة الشاهد في الجرائم بشكل عام وجرائم الفساد
توافر بعض الشروط في الشهادة والتي نص عليها كال القانونين الفلسطيني واألردني ،كأن تكون مباشرة
أي ناجمة عن إتصال مباشر بين حواس اإلنسان وموقع الجريمة ،كما يتوجب على الشاهد حلف اليمين
القانونية قبل قيامه باإلدالء بشهادته وإال يلحقها البطالن( ،)3وعند حضور الشاهد يتوجب على وكيل
النيابة أن يتبين منه عن إسمه وهويته وعنوانه ومهنته وموطنه ومدى صلته بأحد الخصوم وعليه إثبات
ذلك في المحضر( ،)4ويكون إدالء الشاهد لشهادته شفاه ًة إال إذا تطلبت األمور غير ذلك ،ومن الجدير
( )1نصت المادة ( )77من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م على" :لوكيل النيابة أو المحقق المفوض
إستدعاء جميع األشخاص الذين يرى إمكانية اإلستفادة من شهادتهم في كشف الحقيقة ،سواء وردت أسماؤهم في التبيلغات أو
الشكاوى أو لم ترد ،وله اإلستماع إلى أقوال أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه ،وفي هذه الحالة يثبت ذلك في المحضر" .للمزيد
حول سماع الشهود أنظر المواد من ( )93(-)77من نفس القانون.
نصت المادة ( )68من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة 1961م وتعديالته على" :للمدعي العام أن يدعو ()2
األشخاص الواردة أسماؤهم في اإلخبار والشكوى وكذلك األشخاص الذين يبلغه أن لهم معلومات بالجريمة أو بأحوالها واألشخاص
الذين يعينهم المشتكى عليه".
نص المادة ( )80من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م ،ونص المادة ( )71من قانون أصول ()3
وله أن يأخذ ببعض أقوال الشاهد دون غيرها وإذا تعارضت الشهادات له أن ُي ّ
رجح أحدهما على األُخرى
ووجب التنويه إلى أنه من الصعب تطوع األشخاص للشهادة حول إرتكاب جريمة فساد ،كون ذلك قد
مادياً بالشاهد من ِقَبل ُمرتكب جريمة الفساد أو أنه قد يرتبط اسم الشاهد في جريمة فساد
يلحق ضر اًر ّ
مما يضر بسمعته وبالتالي اإلضرار بمصالحه( ،)2وقد تغّلب قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ()1
لسنة 2005م وتعديالته على هذه اإلشكالية في المادة ( )2/18من خالل توفير حماية للمبلغين
والشهود( ،)3وكذلك الحال بالنسبة للمشرع األردني من خالل قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم
( )13لسنة 2016م في المادة ( )24منه ،وفيما يتعلق بسماع الشهود في جرائم الفساد فقد أجاز المشرع
الفلسطيني واألردني سماع الشهود عبر تقنيات اإلتصال الحديثة كالفيديو كونفرنس أو الدوائر التلفزيونية
المغلقة أو سماع شهادة الشهود المسجلة مسبقاً ضماناً لسالمتهم وحماي ًة لهم()4؛ وذلك وفقاً لنص المادة
( )6/10من قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم ( )7لسنة 2019م بنظام حماية المبلغين والشهود
والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم ،ونصوص المواد (/4ب)
و(/6ب )5/من نظام إستخدام وسائل التقنية الحديثة في اإلجراءات الجزائية األردني رقم ( )96لسنة
2018م(.)5
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.174-171 ()1
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.168 ()2
( )3نصت المادة ( )2/18من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني وتعديالته رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته على.2" :تكفل الهيئة
للشهود والخبراء والمبلغين عن جرائم الفساد حسني النية توفير الحماية القانونية والوظيفية والشخصية وتحدد إجراءات حمايتهم
والتدابير الخاصة بذلك بموجب نظام تعده الهيئة ويصدر عن مجلس الوزراء".
عدس ،نور :الحماية الجنائية للشاهد "دراسة مقارنة"( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة زايد ،أبو ظبي ،اإلمارات العربية ()4
والخب ارء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم على" :توفر الهيئة الحماية الشخصية لألشخاص المشمولين
82
ب .اإلستجواب :يكون اإلستجواب باإلستماع إلى إفادة المتهم ومناقشته بها وباألفعال المنسوبة إليه وكذلك
مواجهته باألدلة القائمة ضده ،وهو وسيلة إلعتراف المتهم إما بإدانته أو براءته ،واإلستجواب كغيره من
اإلجراءات يجب أن يتوافر أثناءه ضمانات للمتهم كإفتراض البراءة ،وعدم جواز إخضاع المتهم أثناء
التحقيق للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة ،وتمكينه من توكيل محامٍ ،وأن يضمن حقه في الصمت
أثناء التحقيق ،وكذلك حقه في تدوين اإلستجواب حتى يضمن المتهم عدم التزوير ألقواله وإعترافه(.)1
وأجاز القانونان الفلسطيني واألردني اإلستجواب المتزامن في جرائم الفساد التي يتعدد بها المتهمين بحيث
ُيخشى تآمرهم لتلفيق رواية كاذبة فيقوم أعضاء النيابة العامة بالتنسيق إلستجوابهم في وقت واحد( ،)2وإذا
تم إكتشاف وجود تعاون وتخطيط مسبق من ِقَبل الشهود أو المتهمين فإنه يكون من صالحيات الجهة
بقرار الحماية بالتعاون مع الشرطة والجهات المختصة بقوى األمن ،وتكون الحماية على النحو اآلتي.6 :إستخدام تقنيات اإلتصال
الحديثة بما يكفل السالمة لإلدالء باألقوال والشهادات" ،ونصت المادة (/4ب) من نظام استخدام وسائل التقنية الحديثة في
اإلجراءات الجزائية رقم ( )96لسنة 2018على" :ب.للمحكمة والمدعي العام إستخدام وسائل التقنية الحديثة متى كان إستخدامها
يحقق سهولة وسرعة البت في القضايا الجزائية وتحقيق العدالة أو كان إستخدامها الزماً للحفاظ على األمن والسلم اإلجتماعي"،
والمادة (/6ب )5/على" :للمدعي العام والمحكمة استخدام وسائل التقنية الحديثة في إجراءات التحقيق والمحاكمة بما في ذلك
الحاالت التالية.5... :حماية للشهود"( .قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم ( )7لسنة 2019م بنظام حماية المبلغين والشهود
والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم ،منشور على جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،161
بتاريخ ،2019/11/28ص.)35
عبد الباقي ،مصطفى :شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة ( 2003دراسة مقارنة) ،مرجع سابق، ()1
ص.269-265
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.182-180 ()2
( )3تنص المادة ( )39من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م على.1" :دخول المنازل وتفتيشها هو
بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في ِ
عمل من أعمال التحقيق ال يتم إال بمذكرة من قَبل النيابة العامة أو في حضورهاً ،
المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها ،أو لوجود قرائن قوية على أنه يحوز أشياء تتعلق بالجريمة.
.2يجب أن تكون مذكرة التفتيش مسببة.3 .تحرر المذكرة باسم واحد أو أكثر من مأموري الضبط القضائي"( .للمزيد حول
التفتيش في القانون الفلسطيني أنظر المواد (.))52-39
تنص المادة ( )51من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م على.1" :للنائب العام أو أحد مساعديه ()4
أن يضبط لدى مكاتب البرق والبريد الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود والبرقيات المتعلقة بالجريمة وشخص
بناء على إذن من
مرتكبها.2 .كما يجوز له مراقبة المحادثات السلكية والالسلكية ،وإجراء تسجيالت ألحاديث في مكان خاص ً
83
وكذلك يحق لوكيل نيابة جرائم الفساد تتبع حركة السيولة النقدية للمتهم ومواجهته باإلستفسارات واألسئلة
عنها مثل مناقشته بخصوص المبالغ النقدية الكبيرة التي تم إيداعها في حسابه البنكي ،أو شراءه لمنقوالت
ثمينة عن طريق الدفع النقدي ،أو مناقشته عن طريقة وحجم إنفاقه الكبير الذي ال تتناسب ودخله العادي
المشروع ،ومن األمثلة على األسئلة المهمة األخرى التي يحق لوكيل نيابة جرائم الفساد السؤال عنها:
السؤال عن الزيادة الكبيرة في الدفع النقدي بدالً من تحرير الشيكات لكافة مستلزماته وأمور حياته
وإحتياجات عائلته ورفاهيتهم المتراكمة على المتهم قبل أو بعد إرتكابه لجريمة الفساد ،واإلستفسار عن
اإلستعالم عن حساب بطاقة اإلئتمان ودفع أو تغطية فواتير الرحل السياحية في بلد أجنبي أثناء قيام
تبين أنه لم يقم بدفع تكاليف ِر َحلِ ِه أو مصاريفه الشخصية ،وأيضاً اإلستفسار إذا
المتهم بأداء عمله إذا ّ
ما كان هناة خزنة في بنك لحفظ أشياء المتهم وأوراقه الثمينة ومواجهته باألسئلة حول عدد المرات التي
زار بها تلك الخزنة قبل وقوع جريمة الفساد وأثناء وبعد وقوعها وإجراء مقارنة بين عدد الزيارات خالل
كل فترة ،كما يحق لوكيل نيابة الفساد السؤال عن أسباب وجود إيداعات نقدية أو شيكات في حساب
طرف ثالث من ثم قيام هذا الشخص بتحرير شيكات أو تحويل أموال إلى حساب المتهم(.)1
عرف الخبرة على أنها وسيلة من وسائل اإلثبات تكون باإلستعانة بأهل الخبرة والفن
ت .ندب الخبراء :تُ ّ
على التحقيق الصورة الواضحة أو الكافية عنها ،ويكون ندب الخبير من النيابة العامة أو من المحكمة
قاضي الصلح متى كان لذلك فائدة في إظهار الحقيقة في جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس لمدة ال تقل عن سنة.3 .يجب
أن يكون أمر الضبط أو إذن المراقبة أو التسجيل مسبباً ،ولمدة ال تتجاوز خمسة عشر يوماً قابلة للتجديد لمرة واحدة".
( )1براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.184-180
84
من تلقاء نفسها أو بطلب من أحد الخصوم ،وندب الخبراء هو إجراء من إجراءات التحقيق اإلبتدائي و
وفيما يتعلق بندب الخبراء للتحقيق في جرائم الفساد قد يتم اللجوء إلى الخبرة المالية والفنية لفحص
وتدقيق الحركات المالية للحسابات البنكية الخاصة بالمتهم لتحديد مصادر دخله وطرق إنفاقه ،وأيضاً
فحص الحركات المالية والمستندات البنكية لحسابات أخرى لتحديد الجهات المودعة والمستفيدة وبيان
المراسالت أو المعامالت المنظمة بخط يد المتهم أو إجراء إستكتاب للمتهم( ،)2وفي األردن أجاز القانون
المالية وذلك في سبيل إتمام إجراءات التحقيق ومن أجل الكشف عن جرائم الفساد(.)3
ّ التصرفات
ث .التفتيش :عند اإلطالع على قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته وقانون
النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 1916م وتعديالته يتضح أنه ال يوجد نصوص قانونية
خاصة تناولت التفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق اإلبتدائي ،وبما أنه لم يتطرق كال القانونين إلى
إجراء التفتيش فإنه يتم الرجوع إلى القواعد العامة في قوانين اإلجراءات الجزائية( ،)4حيث ح ِ
ص َر التفتيش ُ
( )1هناة أمور ال ُب ّد من تناولها عند الحديث عن إجراء ندب الخبراء تتمثل بأنه حتى يتم األخذ بشهادة الخبير يجب حلف الخبير
مقيداً لدى جدول الخبراء المعتمدين قانوناً ،كما أنه
اليمين القانونية بأنه سيقوم بأداء عمله بكل صدق وأمانة ونزاهة إال إذ كان ّ
يحق ألحد األطراف رد خبير شرط التسبيب ،وتقرير الخبير غير ملزم للمحكمة ألن تأخذ به فهو يخضع لتقديرها ويجوز مناقشة
الخبير في تقريره ،كما تخضع أعمال الخبير إلشراف الجهات التي إنتدبته ،وتقرير الخبير يعتبر رسمي ال يجوز الطعن فيه إال
بالتزوير( .عبد الباقي ،مصطفى :شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة ( 2003دراسة مقارنة) ،مرجع
سابق ،ص.)410
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق.185-184 ، ()2
نصت المادة (/20د) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته على" :للهيئة أثناء ()3
التحقيق في أي قضية فساد أن تكلف أياً من األشخاص أو الشركات أو الجهات المتخصصة للقيام بأعمال التدقيق الفني والمالي
واإلداري على الجهات المشمولة بأحكام هذا القانون للتحقق من صحة بياناتها المالية وقيودها وحساباتها وجميع تصرفاتها
المالية".
بحيث تناولت المواد ( )52-39من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م كل ما يتعلق بالتفتيش. ()4
85
على جرائم الجنايات والجنح فقط وُقِّي َد تفتيش المنازل بمذكرة من ِقَبل النيابة العامة أو بحضورها وحظر
القانون التفتيش ليالً إال في حالة التلبس أو دواعي اإلستعجال كما حظر تفتيش األُنثى إال بأُنثى ُم َ
نتدبة
للقيام بذلك ،على أنه أوجب القانون أن يكون التفتيش بحضور المتهم أو شاهدين من أقاربه أو جيرانه
كما أوجب أن يكون التفتيش في حدود مذكرة التفتيش ،ويملك القائم بالتفتيش سلطة الضبط القضائي
على كل ما يتعلق بالجريمة ،وأجاز القانون للضابطة القضائية مراقبة المحادثات السلكية والالسلكية
وإجراء تسجيالت لمحادثات في مكان خاص إذا كانت الجريمة جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس
مدة ال تقل عن سنة شرط التسبيب والحصول على إذن بذلك من قاضي الصلح ،كما أنه على مأمور
()1
ظم التفتيش في المادة
التفتيش إعداد محضر بكل ما إتخذ من إجراءات ،وبالنسبة للمشرع األردني فقد ن ّ
( )46والمواد ( )86-81من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني لسنة 1961م وتعديالته على
أن المدعي العام هو القائم على التفتيش إال في حالة التلبس أو اإلنتداب من ِقَبل المدعي العام فيجوز
ال ريب أن المجرم ال ّبد من معاقبته وإقتضاء الدولة حقها بالعقاب ،ويكون ذلك عن طريق الدعوى الجزائية
أو ما ُيعرف ب"قضائية العقوبة" في محاكمة عادلة ومنصفة تضمن للمتهم كافة حقوقه وتحميها ،وكما أن
التزايد الكبير في أعداد جرائم الفساد أبرز الحاجة لتخصيص هيئة محكمة فساد للنظر في دعاوى الفساد،
لذلك سيتم دراسة تشكيل هيئة محكمة الفساد وإختصاصها وإجراءات التقاضي أمامها.
المواد ( )52-39من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته. ()1
المادة ( )46والمواد ( )86-81من قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني سنة 1961م وتعديالته. ()2
86
فيما يتعلق بتشكيل هيئة محكمة الفساد في فلسطين ،فيكون من القضاة ،ممثل النيابة ،وكاتب الجلسة ،ويعتبر
هذا التشكيل من النظام العام ومخالفته يرتب البطالن المطلق ،وفيما يتعلق بتشكيل القضاة فيجب أن يكونوا
ثالثة قضاة ال تقل درجتهم عن قضاة محكمة البداية وتكون الرئاسة ألقدمهم(.)1
كما يجب أن يتمتع القضاة بالوالية القضائية ،وأن ال يكون هناة سبب قانوني يمنعه من النظر في الدعوى،
شترط لصحة التشكيل القانوني للقضاة أن يكون القاضي الناظر في دعوى الفساد قد شارة في جميع
وأيضاً ُي َ
إجراءات المحاكمة منذ إتصال هيئة المحكمة بالدعوى فإذا لم يكن قد إشترة في إجراء من إجراءات المحاكمة
أما فيما يتعلق بممثل نيابة جرائم الفساد فإنه يجب حضور ممثل النيابة العامة جلسات المحكمة فتشكيل جلسة
المحاكمة ال يكون صحيحاً إال بحضور ممثل لنيابة جرائم الفساد وإال يترتب البطالن على كافة اإلجرءات
وعلى المحكمة سماع أقوال المتهم والفصل في طلباته ،ويجوز حضور أي من أعضاء النيابة بغض ()3
الالحقة
النظر عن درجته سواء أمام محكمة جرائم الفساد أو هيئة اإلستئناف المخصصة من ِقَبل مجلس القضاء األعلى
فرحان ،مصطفى .آالء ،النقيب :أصول التحقيق في جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.30 ()1
فرحان ،مصطفى .آالء ،النقيب :أصول التحقيق في جرائم الفساد ،مرجع سابق ،ص.43 ()2
نصت المادة ( )2/238من قانون اإلجراءات الجزائية رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته على" :تنعقد جلسات محكمة البداية ()3
نيابة على األقل وفقاً لنص المادة ( )1/68من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م.
87
أعضاؤها في حضور جلسات المحاكمة كونها خصم في الدعوى ووفقاً لمبدأ عدم تجزئة النيابة العامة( ،)1كما ال
يلزم حضور ممثل النيابة العامة جلسة النطق بالحكم كونه ليس من إجراءات التحقيق النهائي(.)2
وفيما يتعلق بإجراءات محاكمة جرائم الفساد في األردن فإنها تخضع للقواعد العامة ،فيكون اإلختصاص
ٍ
بقاض منفرد ولمحكمة البداية في الجنايات وتتكون من لمحكمة الصلح في الجرائم الجنحوية والتي تنعقد
رئيس وعدد من القضاة وذلك وفقاً لقانون تشكيل المحاكم النظامية رقم ( )17لسنة 2001م(.)3
وعلى الرغم من وجود النصوص القانونية اإلجرائية في القوانين المطبقة في فلسطين التي تطبق في حال
إرتكاب جريمة الفساد والتي تشكل رادعاً يقف في وجه هذه الظاهرة ،إال أن التطبيق الفعلي والسليم للنص
القانوني ال يخلو من عقبات منها العقبات القانونية ،القضائية والسياسية ،نذكر منها على سبيل المثال :وجود
إشكاليات في النص القانوني والتي تمنع إتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض المتهمين في جرائم الفساد
العديد من القضايا وتعقيدها ولتدخل المسؤولين التنفيذيين فيها وأصحاب النفوذ ،فرار العديد من المتهمين إلى
المناطق الواقعة تحت سيطرة اإلحتالل اإلسرائيلي وعدم القدرة على إحضارهم للمثول أمام المحاكم الفلسطينية
تفوق مما أسهم في إفالت العديد من رموز الفساد من قبضة القانون والعدالة ،وعلى الرغم مما سبق ّ
يتبين ّ
()4
المشرع الفلسطيني على األردني فيما يتعلق بإنشاء محكمة فساد إذ إن عدم وجود محكمة متخصصة تنظر
جرائم الفساد يؤدي إلى تشتيت اإلجراءات المتبعة أمام المحاكم عند النظر في قضايا الفساد وقد يحصل
مبدأ عدم تجرئة النيابة العامة هو مبدأ يقرر أنه يمكن ألعضاء النايبة العامة أن يحل بعضهم محل اآلخر ،وأن كل عضو ()1
ُمختص بما تختص به النيابة العامة بأكملها إال إذا نص القانون على خالف ذلك( .موقع األنطولوجيا العربية اإللكتروني جامعة
بيرزيت ،منشور على الرابط ، https://ontology.birzeit.edu/term/ :تاريخ آخر زيارة .)2021/10/31
براة ،أحمد :مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن ،مرجع سابق ،ص.328-321 ()2
( )3قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم ( )17لسنة 2001م األردني ،المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،4480بتاريخ
،2001/3/18ص.1308
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.232-231 ()4
88
تنازع في اإلختصاص بين المحاكم عند النظر في قضايا الفساد وطول مدة التقاضي وهذا ال يتناسب مع ما
تتصف به جرائم الفساد من السرعة في طمس األدلة وإخفاء معالم الجريمة أو هروب المجرمين من القضاء.
تحقيق المواجهة الجزائية الفعّالة لظاهرة الفساد يحتاج إلى بذل جهود كبيرة وواسعة ،فما تتصف به جرائم
الفساد يجعلها في غاية الخطورة ويجعل من اإلجراءات الواجب إتباعها في مواجهتها في غاية الدقة
والتشديد()1؛ لذلك كان ال بُد من البحث في أثر الحصانة على المواجهة الجزائية الفعّالة لجرائم الفساد.
وبالتالي ينقسم هذا المبحث إلى ثالثة مطالب ،األول تحت عنوان الحصانة قيد مؤقت للمواجهة الجزائية
لجرائم الفساد ،الثاني بعنوان زوال الحصانة ،والثالث يبحث في طرق خلق التوازن بين الحصانة والمواجهة
تقف الحصانة في وجه بعض اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها للكشف عن مرتكبي جرائم الفساد ومعاقبتهم،
فالحصانة تُعيق إتخاذ تلك اإلجراءات طالما يتمتع بها الشخص المقررة له بحكم موقعه الوظيفي ،أي أن
مبرر وجود الحصانة هو وجود ذلك الشخص في ذلك الموقع الوظيفي الذي يحتم تمتعه بالحصانة والتي
وبناءً على ذلك يتناول هذا المطلب الحصانة كقيد ضد المواجهة الجزائية لجرائم الفساد ،وينقسم هذا المطلب
إلى فرعين ،األول يدرس الحصانة كقيد في وجه اإلجراءات الجزائية المتخذة ضد مرتكبي جرائم الفساد
المُتمتعين بها ،والثاني يبحث في الحصانة إمتياز يُخالف إجراءات المالحقة الجزائية لجرائم الفساد.
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.203 ()1
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان .النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.227 ()2
89
الفرع األول :الحصانة قيد في وجه اإلجراءات الجزائية المتخذة ضد مرتكبي جرائم الفساد المتمتعين بها.
الفعّالة لمكافحة الفساد هو مسألة الحصانة ،كون إتخاذ إجراءات المالحقة القانونية والتقاضي ترتبط بموافقة
اإلدارة أو السلطة التي يتبع لها الموظف أو ذي الصفة مما يحول دون مالحقتهم جزائياً وبالتالي معاقبتهم،
أي أن النيابة العامة ونيابة مكافحة جرائم الفساد ال تملك سلطة إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق مرتكب جريمة
الفساد والمُِتمَِتع بالحصانة إال بعد الحصول على إذن من الجهات المالكة لهذه الصالحية ،وليس هذا فحسب،
إنما قد يستغرق الحصول على اإلذن فترة طويلة نسبياً ،مما قد يؤدي إلى إخفاء بعض المجرمين أدلة إدانتهم
أو تداركهم لبعض القضايا المهمة مما يحول دون مسائلتهم وإيقاع العقاب عليهم(.)1
وباإلطالع على النصوص القانونية الناظمة للحصانة وإجراءات رفعها في ظل إرتكاب المتمتعين بها جرائم
الفساد ،يُالحظ التشدد في النصوص القانونية الناظمة لكل ما سبق ذكره خاصة في التشريع الفلسطيني،
ويظهر ذلك من خالل عدة أمور منها إشتراط أغلبية خاصة لرفع الحصانة عن عضو البرلمان المشتبه
بإرتكابه جريمة فساد المتمثلة برأي أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني وهي نسبة ال بأس بها
تحتاج إلى توافق بين أعضاء المجلس التشريعي وهذا ما يُعتبر مستحيالً في ظل الوضع السياسي الفلسطيني
القائم بالتالي األمر الذي يخلق صعوبة وتعقيدات فيما يتعلق بمسألة رفع الحصانة البرلمانية عن عضو
البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد ،وكذلك الحال عند الحديث عن التشريع األردني فيما يتعلق بإشتراط
موافقة األغلبية المطلقة ألعضاء المجلس ،أي أغلبية عدد أعضاء مجلس األمة الكلي وليس الحاضرين(،)2
مما يزيد من التعقيدات وصعوبة حصول اإلتفاق بين أعضاء مجلس األمة ،وكما يظهر تشدد المشرع
الفلسطيني في تنظيم الحصانة أيضاً في تغطية الحصانة لمدة عضوية النائب كاملة سواءً كان المجلس في
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان .النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.227 ()1
محمود ،نجيب شكر :الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية (دراسة مقارنة)،مقبول للنشر في مجلة المحقق المحلي ()2
البرلمانية اإلجرائية على فترة إنعقاد المجلس( ،)2ويتضح التشدد كذلك من خالل تضييق نطاق اإلستثناءات
الواردة على الحصانة وتقليلها والمتعلقة بحالة التلبس بجريمة فساد حيث قصرها المشرع الفلسطيني في
وكذلك فعل المشرع األردني وبذلك يكون قد تم تقديم نظام الحصانة وحماية عضو البرلمان على حساب
المواجهة الجزائية الفعّالة لجرائم الفساد ومعاقبة مرتكبيها إذ أن معظم جرائم الفساد هي من نوع جُنَح ،ويتضح
أن المشرع الفلسطيني لم يُقيد المجلس التشريعي بمدة زمنية محددة يقوم خاللها باإلجابة على طلب النائب
العام برفع الحصانة عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد من عدمه على عكس األردني الذي
لم يكن متشدداً في اإلبقاء على الحصانة البرلمانية من خالل أنه أمهل اللجنة القانونية في المجلس مدة
خمسة عشر يوماً لإلجابة على الطلب برفع الحصانة عن العضو المشتبه به من عدمه وإذا لم تقم باإلجابة
اللجنة( ،)4وتخلو القواعد القانونية التي أعطت للمجلس التشريعي صالحية رفع الحصانة البرلمانية عن عضو
البرلمان في فلسطين من أي قيد زمني على سلطة النيابة العامة في إحالة الطلب برفع الحصانة إلى المجلس
التشريعي ،ومن القيود التي فرضها المشرع األردني على تقرير المجلس واللجنة برفع الحصانة من عدمها
النظر إلى خطورة الجرم المنسوب إلى عضو مجلس االمة وأوجب أخذها بعين اإلعتبار فإن كان في غاية
الخطورة يجب إتخاذ قرار خالل دورة إنعقاد المجلس بينما إذا كان مجرد ضرر يسير فمن الممكن اإلنتظار
حتى نهاية الدورة بحسب الحال( ،)5وهذا ما يفتقد إليه النص التشريعي الفلسطيني فيما يتعلق بفرض القيود
وذلك بحسب نص المادة ( )4/95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لسنة 2000م. ()1
وذلك حسب نص المادة ( )86من الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته. ()2
من أهم القوانين ذات العالقة هو النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م. ()3
النواب األردني لسنة 2013م على" :يحيل الرئيس الطلب إلى اللجنة
حيث نصت المادة ( )141من النظام الداخلي لمجلس ّ
()4
القانونية لفحصه والنظر فيه وتقديم تقرير عنه خالل مدة ال تتجاوز خمسة عشر يوماً ،فإن لم يقدم التقرير خالل تلك المدة جاز
للمجلس البت في الطلب مباشرة".
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص 97و ص-101ص.103 ()5
91
على المجلس التشريعي بإتخاذ ق ارره فيما يتعلق بتقرير رفع الحصانة من عدمه ،ولعل السبب في التشدد
الكبير الذي وضعه المشرع الفلسطيني على أحكام الحصانة واإلبقاء عليها هو كون التجربة البرلمانية
الفلسطينية حديثة النشأة وليست طويلة المدى وليست عميقة الجذور ،كما أن النظام القضائي وأجهزته لم
يصل من القوة التي تجعله يقف في وجه السلطات األخرى على النحو الذي يُغني عن فحص إجراءات رفع
الحصانة من ِقبَل البرلمان لصالح السلطة القضائية ،وعلى الرغم من تشدد المشرع الفلسطيني في إجراءات
رفع الحصانة ووجود مبرراته لذلك إال أنه ال يعني ذلك عدم وجود عوامل أخرى أثّرت على التجربة الفلسطينية
منها غريزة السلطة ،والرغبة في تقوية وتثبيت ركائز النفوذ والبقاء في السلطة ،وغياب الثقة بين األجسام
الدستورية في فلسطين(.)1
وفيما يتعلق بالحصانة القضائية يتضح أن المُشرع الفلسطيني فرض الكثير من اإلجراءات الواجب على
المجلس إتخاذها عند تقرير رفع الحصانة عن أعضاء السلك القضائي والتي تبدأ بتقديم طلب خطي من
النيابة العامة مرفقاً بمذكرة تشتمل على نوع الجرم ومكانه وزمانه واألدلة التي تستلزم إتخاذ إجراءات قانونية،
ثم يقوم مجلس القضاء األعلى بتقرير رفع الحصانة من عدمه ،كما يحق للمجلس أن يُحدد المحكمة التي
ستنظر في الدعوى الج ازئية بغض النظر عن قواعد اإلختصاص المكاني( ،)2وأيضاً فيما يتعلق باإلجراءات
الجزائية لرفع الحصانة عن أعضاء السلك القضائي األردنيين والتي جاءت مشابهة إلى النص القانوني
الفلسطيني إلى ٍ
حد كبير عدا فيما يتعلق بمباشرة الدعوى الجزائية والتي أعطيت للمجلس القضائي( ،)3وبالتالي
يتضح مدى طول المدة قبل أن تحصل الجهة طالبة اإلذن على رد برفع الحصانة من عدمها وبالتالي يعتبر
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.42 جاموسّ ،
()1
تنص المادة ( )59من قانون السلطة القضائية رقم ( )1لسنة 2002م على" :ال ترفع الدعوى الجنائية على القاضي إال بإذن ()2
من مجلس القضاء األعلى ،ويحدد المجلس المحكمة التي تنظر الدعوى بغض النظر عن قواعد اإلختصاص المكاني".
وذلك بحسب نص المادة ( )28من قانون إستقالل القضاء رقم ( )29لسنة 2014م وتعديالته. ()3
92
ذلك من باب التوسع وجمود اإلجراءات الجزائية وطول مدتها والذي ال يتناسب مع طبيعة جرائم الفساد إذ أن
طول مدة إجراءات التقاضي تسمح للمجرم بإخفاء األدلة أو تشويهها بالتالي تضليل العدالة(.)1
كما أغفل المشرع الفلسطيني واألردني عمّا إذا تبيّن جديّة اإلتهام فإنه يتوجب على المجلس اإلستجابة لطلب
رفع الحصانة فو ارً وإال يُعتبر عدم اإلستجابة للطلب هو حماية للمتمتع بالحصانة والمتهم بالجريمة من تطبيق
القانون عليه لفترة زمنية معيّنة دون مبرر أو سبب قانوني لذلك مما يترتب عليه ضياع لألدلة مما يؤثر سلباً
قصر
المخولة بإتخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة قد تُ ّ
ّ تظهر جرائم الفساد وتسلط الضوء عليها إال أن الجهات
أو تمتنع عن القيام بمهامها ،مثال على ذلك ما أشار إليه تقرير هيئة الرقابة العامة األول الصادر سنة
1997م إلى قيام العديد من المسؤولين الكبار في السلطة بمخالفات قانونية ،وكان اإلعتقاد العام أن التقرير
سيشكل نقلة نوعية في مكافحة الفساد وفي اإلصالح وفرض سيادة القانون ،إال أن السلطة الوطنية إمتنعت
عن إتخاذ إجراءات للعمل بما جاء بالتقرير مما ترة فجوة بين التقارير الرقابية التي تسلط الضوء على
وبالتركيز على الواقع العملي والتطبيق الفعلي للنصوص القانونية الفلسطينية المتعلقة بالحصانة واإلجراءات
الجزائية لمالحقة الفاسدين ومع مراعاة خصوصية الوضع الفلسطيني ووجود نص المادة ( )43من القانون
عدل لسنة 2003م والتي تمنح رئيس السلطة التنفيذية صالحية إصدار ق اررات لها
األساسي الفلسطيني المُ ّ
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.203 ()1
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.203 ()2
صنع سياسات مكافحة الفساد اإلداري "دولة فلسطين نموذج ا" ،مرجع سابق ،ص.145
يحيى ،خيرية رضوانُ :
()3
93
قوة القانون في حاالت الضرورة التي ال تحتمل التأخير( ،)1وهذا يُثير التساؤل حول ما إذا كانت ق اررات
الرئيس هي ق اررات إدارية يمكن الطعن بها أمام محكمة العدل العليا أم أنها تشريعات يُطعن بها أمام المحكمة
الدستورية ،واإلجابة على هذا التساؤل يكمن في وجود النص الدستوري الذي يمنح إختصاص اإلذن برفع
الحصانة عن عضو المجلس التشريعي للمجلس التشريعي وهو نص صريح وقطعي الداللة ،كما أن منح
إختصاص اإلذن برفع حصانة عضو المجلس التشريعي لرئيس السلطة التنفيذية هو إعتداء واضح وصريح
على إختصاص السلطة التشريعية ومُخالف لمبدأ الفصل بين السلطات وهو مبدأ متعارف عليه دولياً كما أنه
المجلس التشريعي هي ليست من إختصاص السلطة التنفيذية وهي ال تصل لمرحلة التشريع وإنما تبقى تحت
بوتقة الق اررات اإلدارية التي يجب الطعن بها أمام محكمة العدل العليا( ،)3ودليل ذلك ما جاء في الطعن
الدستوري رقم ( )6لسنة 2012م" :األمر الذي نرى معه أن ما هو مطعون فيه ليس ”ق ار ارً بقانون“ يأخذ حكم
القانون وليس نظاماً أيضاً حتى يُصار إلى إعتباره ضمن منظومة األمور التي تختص بنظرها المحكمة
الدستورية وتفرض رقابتها عليها ...وال يغير في األمر شيئاً ،وال يضفي على القرار الطعين صفة ”قرار
بقانون“ مجرد عنونته بهذه العبارة ...فإن ما يميز القانون أو ما هو في حكمه أي ”القرار بقانون“ ما هو
متفق عليه بأن القانون مجموعة من القواعد العامة المجردة التي توجه لمخاطبة الكافة أو جزء منهم للقيام
بأعمال أو النهي عنها تحت طائلة المسؤولية ...األمر الذي نرى معه أن القرار محل الطعن وفق مضمونه
ال يرقى إلى إعتباره قانوناً أو ق ار ارً بقانون ...حيث أن مؤدى ذلك يستوجب عدم إختصاص المحكمة الدستورية
نصت المادة ( )43من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م على أنه" :لرئيس السلطة الوطنية في حاالت ()1
الضرورة التي ال تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي ،إصدار ق اررات لها قوة القانون ،ويجب عرضها على
المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه الق اررات وإال زال ما كان لها من قوة القانون ،أما إذا عرضت على
المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون".
عدل لسنة 2003م على مبدأ الفصل بين السلطات ،حيث جاء فيها" :الشعب نصت المادة ( )2من القانون األساسي ُ
الم ّ
()2
مصدر السلطات ويمارسها عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات على الوجه
المبين في هذا القانون األساسي".
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.37-36
جاموسّ ،
()3
94
بنظر هذا الطعن"( ،)1وتدور هذه الدعوى حول قرار بقانون رقم ( )4لسنة 2012م بشأن رفع الحصانة عن
نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني( ،)2حيث قام هذا النائب بالطعن في مشروعية هذا القرار بقانون أمام
المحكمة العليا بصفتها الدستورية ،إال أن المحكمة قامت برد الدعوى لعدم اإلختصاص وأخرجتها من
إختصاصها المتمثل في تفسير القوانين والتشريعات والرقابة عليها إذ نصت في حكمها على أن القرار بقانون
القاضي برفع الحصانة عن النائب في المجلس التشريعي ال يرقى إلى أن يكون تشريعاً ،بالتالي هي ليست
مختصة بالنظر فيه ،وفي ظل غياب المجلس التشريعي صاحب الوالية القانونية في رفع الحصانة عن عضو
وتغول السلطة التنفيذية على أعمال المجلس التشريعي ،وفي ظل إعتبار المحكمة الدستورية الق اررات
البرلمانّ ،
بقانون ال ترقى إلى أن تكون قانوناً وإنما هي ق اررات تنفيذية ،وهنا ندخل في حلقة مفرغة حول الجهة المختصة
برفع الحصانة ،وهل إذا ما ستبقى السلطة القضائية غير قادرة على إتخاذ أي إجراء قانوني ضد عضو
البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد بسبب غياب المجلس التشريعي وإعتبار الق اررات بقانون ق اررات تنفيذية.
تُؤيد الباحثة ما جاء في الحكم السابق في أن القرار بقانون القاضي برفع الحصانة عن عضو المجلس
التشريعي الفلسطيني ليس تشريع إنما هو قرار إداري ال أكثر ،وهو إعتداء من السلطة التنفيذية على إختصاص
السلطة التشريعية صاحبة اإلختصاص بتقرير رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي ،وهذا أيضاً
مخالف للمبدأ الدستوري الذي يحتم الفصل بين السلطات الثالث ،وبالنظر إلى الوضع الفلسطيني القائم
ونص المادة ( )96من النظام الداخلي للمجلس التشريعي التي حصرت اإلختصاص ألغلبية ثلثي أعضاء
المجلس التشريعي في تقرير رفع الحصانة عن العضو من عدمه وخصوصية الوضع الفلسطيني وإنحالل
المجلس التشريعي( )3صاحب اإلختصاص بتقرير رفع الحصانة يُدخلنا في تساؤل أال وهو :مَن المختص في
طعن دستوري ،رقم ( ،)2012/6جلسة 2013/3/28م ،منشورات موقع مقام ،للمزيد راجع الرابط: ( ) 1
للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن ،تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ 2006-1-25م ،وبالتالي اعتباره منحال
95
رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي في ظل حالة اإلستثناء التي تعيشها دولة فلسطين وفي ظل
غياب المجلس التشريعي الفلسطيني؟ وقد أجاب حكم محكمة النقض الفلسطينية على هذا السؤال إذ ذكر أن
المدعي العام قام بتقديم طلب لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل رفع الحصانة عن عضو المجلس
التشريعي حيث ورد فيه" :بتاريخ 2012/01/03أرسل المدعى عليه مذكرة لسيادة الرئيس طلب بموجبها
رفع الحصانة البرلمانية عن المدعي وهو عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني وال زال للتحقيق بقضايا
قتل وفساد مالي حسبما جاء في المذكرة"( ،)1وهذا ما يقودنا إلى إستنتاج غياب دور السلطة التشريعية فيما
يتعلق بإجراءات رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي وأن الهدف من وجود النصوص القانونية المتعلقة
برفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي والتي أعطت المجلس التشريعي صالحية تقرير منح اإلذن برفع
الحصانة من عدمها لم تحقق غاية وجودها وبالتالي أصبح القرار في رفع الحصانة من عدمه من إختصاص
السلطة التنفيذية وذلك يعتبر إعتداء صارخ من السلطة التنفيذية على أعمال السلطة التشريعية.
كما أنه ال داعي أو مبرر لوجود الحصانة في ظل وجود قضاء مستقل ،ومبادئ دستورية هامة كمبدأ الفصل
بين السلطات ومبدأ مسؤولية الحكومة أمام البرلمان مما ال يتصور معه قيام الحكومة بالضغط على القضاء
إلقصاء أحد أعضاء البرلمان على سبيل المثال( ،)2كما أن وجود هذه المبادئ يغني عن تشديد اإلجراءات
المتبعة في رفع الحصانة عن المتمتعين بها وقد يصل إلى اإلستغناء عنها وإلغاءها كلياً ومراقبة عمل البرلمان
والحكومة والسلطات في الدولة إذ أن تقييم نظام الحصانة يتوقف كلياً على الممارسة العملية للبرلمان فنضوج
التجربة البرلمانية وتحقق إستقالل القضاء يُغني عن التشدد في أحكام الحصانة البرلمانية وقد يغني عن وجود
الحصانة أساساً ،وبمفهوم المخالفة فإن التجربة البرلمانية الضعيفة وحديثة النشأة والقضاء غير المستقل وغير
منذ تاريخ اصدار هذا القرار"( .طلب تفسير دستوري ،رقم ( ،)2018/10بتاريخ ،2018/12/23موقع مقام اإللكتروني ،للمزيد
زيارة آخر تاريخ _،https://maqam.najah.edu/media/uploads/2019/06/10-2018 الرابط: راجع
.)2021/11/2
نقض حقوق رام هللا ،رقم ( ،)2014/870بتاريخ 2015/2/5م ،موقع قسطاس اإللكتروني ،للمزيد راجع الرابط: ( )1
96
القادر على صد إعتداءات السلطة التنفيذية عليه تُحتم التشدد في أحكام الحصانة وإجراءات رفعها( ،)1وعند
الحديث عن هذه النقطة وبالنظر إلى الوضع الفلسطيني من مروره بالمرحلة اإلستثنائية وحالة الضرورة(،)2
إذ أن سلطات الطوارئ واسعة النطاق وممارستها من ِقبَل رئيس الدولة تفسح المجال له ألن يحكم بدون
حسيب أو رقيب من ِقبَل المجلس التشريعي أو السلطة القضائية()3؛ لذلك ترى الباحثة أنه على الرغم من
أهمية تشديد اإلجراءات المتعلقة برفع الحصانة في فلسطين إال أنه من األولى إصالح الوضع السياسي
والقانوني القائم وإعادة إعمال المجلس التشريعي؛ كون التشديد في اإلجراءات المتعلقة بفرض الحصانة ورفعها
لن يُجدي نفعاً طالما حالة الطوارئ مستمرة والمجلس التشريعي محلول والصالحيات التي تملكها السلطة
التنفيذية واسعة كصالحية إصدار الق اررات بقانون ،وعند الحديث عن الواقع القانوني والدستوري في األردن
فإنه في درجة متقدمة عن الوضع الفلسطيني في ظل وجود مجلس أمة وقضاء مستقل إلى حد ما ،مما يعني
وفي الوضع الفلسطيني ال يخلو األمر من المعوقات السياسية التي تقف في وجه المواجهة الجزائية الفعالة
لظاهرة الفساد والتي تؤثر على ق اررات الجهة صاحبة السلطة واإلختصاص برفع الحصانة عن األشخص
ينصب ضد األمن واإلستقرار ،وإعاقة جهود التنمية وفرض سيادة القانون ،وأيضاً
ّ المتمتعين بها ،وكل ذلك
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.47-45
جاموسّ ،
()1
نصت المادة ( )43من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م على -1" :لرئيس السلطة الوطنية في حاالت ()2
الضرورة التي ال تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي ،إصدار ق اررات لها قوة القانون ،ويجب عرضها على
المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه الق اررات وإال زال ما كان لها من قوة القانون ،أما إذا عرضت على
المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون".
شوردي ،سوجيت .ريتشارد ستايسي وآخرون :النظام شبه الرئاسي كوسيلة لتقاسم السلطة :اإلصالح الدستوري بعد الربيع ()3
97
الفرع الثاني :الحصانة إمتياز يُخالف إجراءات المالحقة الجزائية لجرائم الفساد.
تُعتبر الحصانة إمتياز مُِنحَ لبعض األشخاص بحكم موقهعم الوظيفي ،وهذا اإلمتياز يُخالف إجراءات المالحقة
الجزائية لجرائم الفساد في فلسطين ولقواعد القانون الدولي وإتفاقيات الفساد التي وقعت وإنضمت لها فلسطين،
ومن أهم المتطلبات األساسية في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م هو عدم حيلولة الحصانة
دون مالحقة مرتكبي جرائم الفساد ومقاضاتهم ،حيث ورد ذلك في نص المادة ( )2/30من إتفاقية األمم
المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م والتي نصت على "تتخذ كل دولة طرف ،وفقاً لنظامها القانوني ومبادئها
الدستورية ،ما قد يلزم من تدابير إلرساء أو إبقاء توازن مناسب بين أي حصانات أو إمتيازات قضائية ممنوحة
لموظفيها العموميين من أجل أداء وظائفهم وإمكانية القيام ،عند الضرورة ،بعمليات تحقيق ومالحقة ومقاضاة
يعني المجرمة وفقاً لهذه اإلتفاقية" ،وإنضمام كل من فلسطين واألردن إلى هذه اإلتفاقية
()1
ّ فعّالة في األفعال
مراعاة نصوص المواد التي جاءت بها اإلتفاقية في تشريعاتها الداخلية ،إال أنه من الواضح أن الطريقة التي
جاءت بها التشريعات الوطنية في فلسطين واألردن لمعالجة مسألة المالحقة الجزائية للمتمتعين بالحصانة
المتهمين بإرتكاب جرائم فساد جاء مخالفاً لمبادئ القانون الدولي ونصوص إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
الفساد(.)2
وبالنظر إلى ما جاء في نص المادة ( )5/30من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م والتي
تُعد كذلك من المتطلبات األساسية في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،حيث نصت تلك المادة على
أنه "تأخذ كل دولة طرف بعين اإلعتبار جسامة الجرائم المعينة لدى النظر في إمكانية اإلفراج المبكر أو
المشروط عن األشخاص المدانين بإرتكاب تلك الجرائم" ،يتضح أن النص القانوني حث الدول األطراف على
إنضمت فلسطين إلى إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م بتاريخ 2014/5/2م ،وإنضمت األردن إلى إتفاقية ()1
األمم المتحدة لمكافحة الفساد من خالل المصادقة عليها بقانون رقم ( )28لسنة 2004م بتاريخ 2005/12/14م.
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.196 ()2
98
إتخاذ تدابير تأخذ بعين اإلعتبار جسامة جرائم الفساد وخطورتها في حال إستعمل رئيس الدولة سلطته المتمثلة
في إتخاذ إجراءات تؤدي إلى عدم وجود المتهم أو المحكوم عليه تحت يد أجهزة القانون والعدالة في الدولة
فعند إرتكاب أشخاص ذوو نفوذ وقوة في الدولة ويتمتعون بالحصانة لجريمة فساد فإنه يتوقف إتخاذ اإلجراءات
الجزائية بحقهم وبالتالي تنفيذ العقوبة الجنائية بحقهم لحين الحصول على إذن من الرئيس ،ويبرز ذلك في
حصانة رئيس الوزراء في فلسطين بحيث تتوقف المالحقة الجزائية بحقه لحين صدور إذن من الرئيس
()1
وبالتالي قد يقوم الرئيس بحماية رئيس وزرائه ورفض رفع الحصانة عنه وبالتالي وقف إتخاذ إجراءات المالحقة
الجزائية بحقه ،أو أن يقوم باإلطاحة به من خالل رفع الحصانة عنه وبالتالي إمكانية إتخاذ إجراءات المالحقة
الجزائية بحقه ،مما قد يساعد على إفالت المجرمين من العقاب ووجود إعتبارات غير قانونية عند تقرير
وفيما يتعلق بالحصانة في التشريع الفلسطيني واألردني ،فإن النصوص القانونية التي منحت أعضاء البرلمان
خالفت مبدأ وقاعدة عامة أال وهي "المساواة" ،فمصطلح المساواة يعني ()3
أو مجلس األمة هذه الحصانة
خضوع جميع األفراد للقانون وتطبيقه عليهم من غير أي تمييز أو تفرقة ويشمل هذا المصطلح المساواة أمام
القانون والقضاء وأمام الوظائف والتكاليف العامة ،وهناة من يرى أن منح أعضاء البرلمان حصانة إج ارئية
تقيد اإلجراءات الجزائية في حقهم وتوقف الدعوى العامة على اإلذن يشكل إعتداء واضح على مبدأ المساواة
الذي يجب أن يطبق على أفراد المجتمع كافة( ،)4إال أن هناة مَن يرى أن الحصانة ال تتعارض و"مبدأ
التشريعي لسنة 2000م ،وفيما يتعلق بالتشريع األردني فتتمثل نصوص المواد في المادة ( )86من الدستور األردني لسنة
النواب
1952م والمادة ( )113من النظام الداخلي لمجلس األعيان لسنة 2014م والمادة ( )139من النظام الداخلي لمجلس ّ
لسنة 2013م.
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.55 ()4
99
بل ُوضعت لتحقق النفع للمصلحة العامة للمجتمعات ،كون اإلحتجاج بهذا المبدأ يقضي وجود ()1
المساواة"
ظروف متشابهة بين األفراد والمواطنين الخاضعين تحت هذا المبدأ( ،)2أي أن الحصانة بكافة أنواعها ال
تنطوي على أي تفريق بين األفراد بسبب موقعهم الوظيفي والسبب في ذلك أن الحصانة تشمل فئة من األفراد
متساوون في موقعهم وظروفهم الوظيفية ،إذ من غير المعقول اإلحتجاج بعدم المساواة بين أعضاء البرلمان
الذين يؤدون الوظيفة نفسها ومتساوون في الظروف واألوضاع الوظيفية؛ ألن الهدف من الحصانة هو حماية
المتمتع بالحصانة من أي إعتداء قد يقع عليه بحكم وظيفته وليس حماية مصالحه الشخصية وكل ذلك يصب
وبما أن مبدأ المساواة هو جزء ال يتج أز من مبدأ المشروعية فال شك أن الخروج عن مبدأ المساواة يعني
الخروج عن مبدأ المشروعية والمساس به ،مما يمكنه القول أن الحصانة تحدث شرخاً في مبدأ المشروعية
خاصة أنها قررت لصالح بعض الفئات لسلطات الدولة الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية(.)4
وعلى الرغم من النصوص القانونية الواردة في إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تتناول كل ما
يتعلق بإسترداد األموال الناجمة عن جرائم الفساد( )5ومالحقة الفاسدين( ،)6إال أنه ال يزال هناة حاالت إفالت
تنص المادة ( )1من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة 1948م على" :يولد جميع الناس أح ار اًر ومتساوين في الكرامة ()1
والحقوق .وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح اإلخاء".
"وال تعني المساواة معاملة ما هو غير متساو بالتساوي ،فالناس غير المتساويين قد يحتاجون إلى معاملة مختلفة من أجل ()2
تحقيق المساواة الموضوعية ،وقد تحتاج الدول إلى اعتماد تدابير إيجابية وإعطاء األفضلية لبعض الفئات واألفراد من أجل معالجة
التمييز الماضي"( .دي ألبوكارة ،كاترينا :المبادئ المقررة الخاصة لألمم المتحدة المعنية بحق اإلنسان في الحصول على
مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي ،البرتغال2014 ،م ،ص ،7للمزيد راجع الرابط:
، https://www.ohchr.org/Documents/Issues/Water/Handbook/Book7_Principles_ar.pdfتاريخ آخر
زيارة .)2021/10/24
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.41
جاموسّ ،
()3
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.132-131 ()4
( )5نصت المادة ( )3/46من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م على" :يجوز طلب المساعدة القانونية المتبادلة
التي تُقدم وفقاً لهذه المادة ألي من األغراض التالية..:ة .إسترداد الموجودات ،ووفقاً ألحكام الفصل الخامس من هذه اإلتفاقية".
( )6نصت المادة ( )3/30من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م على" :تسعى كل دولة طرف إلى ضمان
ممارسة أي صالحيات قانونية تقديرية يتيحها قانونها الداخلي فيما يتعلق بمالحقة األشخاص الرتكابهم أفعاالً مجرمة وفقاً لهذه
100
من العقاب من الناحية الفعلية ،وينطبق ذلك على األوضاع الفلسطينية ولعل السبب وراء ذلك هو قلة
اإلتفاقيات الثنائية التي تبرمها فلسطين مع الدول التي تتعلق بتسليم المجرمين أو بالمحاكمة القانونية المتبادلة
وكذلك عدم وجود أساس قانوني لنقل المحكموم عليهم أو لنقل اإلجراءات الجنائية ،إذ أن التعاون في مجال
إنفاذ القانون والتحقيقات المشتركة مقتصر على بعض البلدان العربية ودليل ذلك قلة األحكام القضائية التي
تتعلق بتسليم المجرمين المطلوبين وأيضاً ندرة النصوص القانونية التي تُشير إلى التنفيذ المباشر ألي حكم
قضائي يتعلق بإسترداد الموجودات أو مالحقة الفاسدين( ،)1أما في األردن فإنه يوجد قانون يُطلق عليه قانون
الفارين لسنة 1927م وتعديالته كما وقعت وإنضمت األردن إلى إتفاقيات ثنائية وإقليمية
تسليم المجرمين ّ
تتعلق بتسليم المجرمين بين جامعة الدول العربية وبين دول مثل أذربيجان ،تركيا ،والواليات المتحدة
األمريكية(.)2
على الرغم من الحصانة التي يقررها القانون لبعض األشخاص بحكم موقعهم الوظيفي والتي تقف في وجه
إتخاذ أي إجراء ضد الشخص المتمتع بالحصانة من ِقبَل النيابة العامة ،والحصانة هي إستثناء على األصل
يمنحه القانون لفئات معينة وألهداف محددة ،وهناة عدة حاالت تزول فيها الحصانة ،والتي تختلف من تشريع
إلى آخر( ،)3لكن يمكن إجمال حاالت زوال الحصانة في صدور اإلذن برفع الحصانة ،والتلبس بالجريمة
(الجرم المشهود) ،وإنتهاء دورة اإلنعقاد ،وإنتهاء الوالية ،وبالنظر إلى حاالت زوال الحصانة السابقة الذكر،
ترى الباحثة أن الحاالت الثالثة األخيرة هي حاالت تلقائية لزوال الحصانة أي بمجرد تحققها فإن الحصانة
تنتهي وتزول حسب القانون دون الحاجة إلى إجراءات معينة على العكس من حالة صدور اإلذن من المجلس
اإلتفاقية ،من أجل تحقيق الفعالية القصوى لتدابير إنفاذ القانون التي تتخذ بشأن تلك الجرائم ،ومع إيالء اإلعتبار الواجب لضرورة
الردع عن إرتكابها".
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.225 ()1
العدوان ،ثائر :مكافحة الفساد الدليل إلى إتفاقية األمم المتحدة -األردن نموذجا ،مرجع سابق ،ص.68 ()2
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.88 ()3
101
المختص والتي ال تزول الحصانة فيها مباشرة وإنما تتطلب القيام بإجراءات معيّنة وتقديم طلب ،بهدف رفع
وينقسم هذا المطلب إلى فرعين ،يتناول األول رفع الحصانة بطلب ،والثاني يبحث في زوال الحصانة تلقائياً.
تختلف إجراءات رفع الحصانة بإختالف أنواعها ،فاإلجراءات المتبعة للحصول على إذن برفع الحصانة
البرلمانية تختلف عن اإلجراءات المتبعة للحصول على اإلذن برفع الحصانة القضائية والو ازرية ،إال أن هناة
نقاط إتفاق بينها جميعاً أهمها أن طلب رفع الحصانة ال يشمل اإلذن بإقامة الدعوى وإنما يقيد اإلجراءات
الجزائية الالحقة لرفع الدعوى ومباشرة إجراءاتها( ،)1بالتالي سيتم دراسة اإلجراءات المتبعة في الحصول على
اإلذن برفع الحصانة البرلمانية ،والقضائية ،والدبلوماسية ،والتنفيذية والتي تشمل حصانة رئيس الدولة ورئيس
قبل تناول إجراءات رفع الحصانة وصدور اإلذن برفعها ،ال بد من طرح مصطلح اإلذن وتعريفه ،حيث يُعرف
اإلذن على أنه" :رخصة أوجب القانون الحصول عليها من السلطة المختصة تعبر فيها عن عدم إعتراضها
أو موافقتها على إتخاذ إج ارءات المتابعة الجزائية ضد عضو ينتمي إليها ،نظ ارً إلرتكابه جريمة معيّنة أو
ساهم في إرتكابها"(.)2
وذلك وفقاً لما ورد في حكم محكمة إستئناف فلسطينية والتي جاء فيها " وكون أن المستأنف يعمل وزير فقد تحقق شرط ()1
الحصول على اإلذن باقامة الدعوى ضده وقبل مباشرة التحقيق معه كما هو ثابت من أوراق الدعوى ووفق صريح نص هذه
المادة فإنها ال تشكل قيداً إجرائياً على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى على الموظف بحيث يقيد أو يحصر إجراءات التحقيق
بالنائب العام أو أحد مساعديه وإنما هو تحديد إلختصاص النائب العام ومساعديه إذ يحق لكل منهما أن يأذن برفع الدعوى
فيقوم أحد أعضاء النيابة بتنفيذ اإلذن"( .إستئناف جزاء رام هللا ،رقم ،2012/182موقع قسطاس اإللكتروني ،منشور على
الرابط ،https://qistas.com/ar/decs/info/12526020 :تاريخ آخر زيارة.)2021/10/20 :
( )2شمالل ،علي :الحصانة البرلمانية والقضائية في التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة ،مقبول للنشر في المجلة الجزائرية
الرابط: على منشور ص،183 نشر، سنة بدون ،3 العدد والسياسية، القانونية للعلوم
،https://www.asjp.cerist.dz/en/article/96784تاريخ آخر زيارة .2021/6/15
102
رد لها كامل حريتها في رفع
أي أنه حتى تستطيع النيابة العامة إتخاذ اإلجراءات ضد أصحاب الحصانة وتُ ّ
الدعوى الجزائية وتوقيفهم وتقديمهم للمحاكمة ،يجب أن تحصل على إذن من الجهة المُ ّ
خولة بمنحه؛ وبذلك
تصبح قادرة على تحريك الدعوى الجزائية ضدهم ،أي أن الحصانة قيد على حق النيابة العامة في رفع
والعبرة من إشتراط اإلذن كي يكون ضمانة لتوفير اإلستقالل للسلطة المختصة للقيام بأعمالها بإطمئنان ودون
أي خوف ،وقد تم إشتراطه تحقيقاً للمصلحة العامة ،لذلك ال يجوز لمن قررت هذه الضمانات لصالحه التنازل
عنها ،فإشتراط اإلذن مرتبط بتمتع الجاني بصفة معيّنة وليس مرتبط بطبيعة الجريمة المرتكبة ،وفي النهاية
فإن اإلذن يتضمن المعارضة أو الموافقة على إتخاذ إج ارءات المالحقة الجزائية فقط ال غير ،وال يتضمن
ٍ
فبشكل عام إن البرلمان أو المجلس النيابي ال يعطي فيما يتعلق بإجراءات رفع الحصانة بإذن المجلس،
اإلذن من تلقاء نفسه بل بناءً على طلب صاحب المصلحة وهي النيابة العامة ،إال أن النيابة العامة ال
تستطيع تقديم طلب اإلذن إلى المجلس مباشرة بل من الممكن أن تحتاج إلى وسيط بحيث يكون رئيس الوزراء
أو وزير العدل –حسب تشريع الدولة -وهو بدوره يقوم بتقديم طلب إذن إتخاذ اإلجراءات الجزائية الالزمة
ضد عضو المجلس إلى رئيس المجلس الذي يتبعه ذلك العضو ،وعلى الطلب أن يكون مشفوعاً بمذكرة
تشتمل على نوع الجرم ومكانه وزمانه واألدلة عليه والتي تبرر إتخاذ اإلجراءات الجزائية ضده(.)3
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.89 ()1
شمالل ،علي :الحصانة البرلمانية والقضائية في التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة ،مرجع سابق ،ص.169-168 ()2
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.98 ()3
103
ومن الجدير بالذكر أن اإلجراءات التي يتم إتخاذها ضد عضو البرلمان هي إجراءات مستعجلة بطبيعتها،
وبعد إحالة طلب اإلذن إلى رئيس المجلس التابع له العضو يقوم رئيس المجلس بإحالة طلب اإلذن إلى
اللجنة القانونية لفحصه والنظر فيه فو ارً ،ومن ثم تقوم اللجنة القانونية بدراسة هذا الطلب وتقديم تقرير عنه
مشفوعاً بإفادتها ورأيها فيه ثم تعيده إلى رئيس المجلس الذي يقوم بعرض الطلب مع رأي اللجنة القانونية
على المجلس بأسرع وقت ممكن لمناقشته والنظر فيه( ،)1وأخي ارً إذا وجد المجلس أن هناة سبباً كافياً لتوقيف
العضو أو محاكمته فإنه يتخذ ق ارره بإعطاء اإلذن للنيابة العامة بإتخاذ اإلجراءات الجزائية ضده ورفع
الحصانة عنه على أن يكون هذا القرار صاد ارً باألكثرية المطلقة أو أغلبية الثلثين ،ووجب التنويه إلى أن
اإلذن الصادر من البرلمان برفع الحصانة عن العضو ينحصر فقط في الجريمة التي ُرِفعَت الحصانة من
أجلها وال يتعدى اإلذن إلى جريمة أخرى لم يُطلَب اإلذن برفع الحصانة عن مرتكبها( ،)2ومن الجدير ذكره
أن إجراءات طلب اإلذن برفع الحصانة تختلف من دولة ألخرى حسب التشريع الوطني المعمول به في تلك
الدولة.
ظم القانون
وفيما يتعلق بالتنظيم القانوني لرفع الحصانة البرلمانية اإلجرائية في التشريع الفلسطيني فقد ن ّ
عدل لسنة 2003م إجراءات رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي في حال إرتكابه جريمة
األساسي المُ ّ
يعاقب عليها القانون في المادة ( )4/53منه ،كما وبيّنت المادة ( )96من النظام الداخلي للمجلس التشريعي
إجراءات رفع الحصانة بطريقة أكثر تفصيالً وهذا ما ورد في قانون واجبات وحقوق المجلس التشريعي رقم
( )10لسنة 2004م( ،)3أما فيما يتعلق باإلذن في التشريع األردني فقد نص الدستور األردني في المادة
( )86في الفقرة األولى على" :ال يوقف أحد أعضاء مجلسي األعيان والنواب وال يحاكم خالل مدة إجتماع
المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب إليه قرار باألكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه أو
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص-96ص.107 ()2
نص المادة ( )26من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم ( )10لسنة 2004م. ()3
104
لمحاكمته"( ،)1وكذلك نص النظام الداخلي لمجلس األعيان في المادة ( )113منه والنظام الداخلي لمجلس
النواب في المادة ( )139منه على عدم جواز مالحقة العضو إال بإذن من المجلس(.)2
ّ
ويتضح من خالل نصوص المواد سابقة الذكر المالمح العامة إلجراءات رفع الحصانة عن عضو البرلمان
تقديم طلب برفع الحصانة عن عضو البرلمان من ِقبَل النائب العام ،وتجدر اإلشارة إلى أن صالحية النائب
العام مُقّيدة ببعض الضوابط ،بأن يقدم طلب رفع الحصانة خطيّاَ ،وأن يكون مرفقاً باألوراق التي تدعمه
وتؤيده ،وأن يكون مرفقاً بمذكرة تشمل نوع الجرم ومكانه وزمانه واألدلة التي تبرر اإلجراءات القانونية المتخذة،
والهدف من هذه القيود كلها التحقق من جديّة طلب رفع الحصانة قبل تقديمه إلى البرلمان وأنه ال ينطوي
على تعسف بإستعمال السلطة نظ ارً إلى الخطورة التي يتصف بها إجراء رفع الحصانة عن عضو البرلمان(.)3
بعد قيام النائب العام بتقديم طلب برفع الحصانة لرئيس المجلس التشريعي وهنا ال بد من ذكر أن النائب
العام يقوم بتقديم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مباشرة دون وجود وسيط كرئيس
الوزراء مثالً أو وزير العدل( ،)4ثم يقوم رئيس المجلس التشريعي بإحالة الطلب إلى اللجنة القانونية في
المجلس مع إشعار المجلس بذلك ،ومن ثم تنظر اللجنة في الطلب المُحال إليها وتقوم بتقديم تقريرها إلى
المجلس ،من ثم يأخذ المجلس ق ارره إما برفع الحصانة والموافقة على الطلب أو برفض الطلب واإلبقاء على
الحصانة ويُتخذ القرار بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس وذلك بعد اإلستماع إلى رأيين مؤيدين ورأيين
معارضين(.)5
المادة ( )113من النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة 2014م /المادة ( )139من النظام الداخلي لمجلس النواب ()2
أنظر نص المادة ( )26من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم ( )10لسنة 2004م. ()4
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.33
جاموسّ ،
()5
105
أما بالنسبة إلجراءات رفع الحصانة عن عضو مجلس األمة في التشريع األردني تكون بتقديم النيابة العامة
طلب ثم يقوم رئيس الوزارء بدوره بتقديم الطلب إلى رئيس مجلس األعيان للحصول على إذن المجلس بإتخاذ
إجراءات جزائية ترفع الحصانة عن العين وعلى أن يكون هذا الطلب مرفقاً بمذكرة تتضمن نوع الجرم المنسوب
إلى العضو ومكانه وزمانه وأدلة إثباته ،وبعد تقديم الطلب إلى رئيس المجلس –سواء كان رئيس مجلس
النواب -فإنه يتوجب على الرئيس إحالة الطلب إلى اللجنة القانونية لدراسته والنظر فيه وتقديم
األعيان أم ّ
تقدم اللجنة تقريرها
مفصل عنه خالل مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ إحالة الطلب إلى اللجنة وإذا لم ّ
تقرير ّ
بت في موضوع الطلب دون الحاجة
خالل مدة الخمسة عشر يوماً المحددة بموجب القانون جاز للمجلس ال ّ
إلنتظار تقرير اللجنة وذلك كله في سبيل تسريع وتسهيل اإلجراءات الجزائية ،ومن الجدير بالذكر أن دور
اللجنة القانونية يقتصر على قبول طلب رفع الحصانة أو رفضه ال أكثر والتحقق من مدى جديّة الطلب وعدم
كيديته فمهمة هذه اللجنة هي سياسية ال قضائية( ،)1أي أن سلطة المجلس هنا هي سلطة شكلية وليست
موضوعية(.)2
ومن القيود المفروضة على تقرير المجلس هو النظر إلى خطورة الجرم المنسوب إلى عضو مجلس األمة
فإن كان في غاية الخطورة يجب إتخاذ قرار خالل دورة إنعقاد المجلس بينما إذا كان مجرد ضرر يسير فمن
الممكن اإلنتظار حتى نهاية الدورة بحسب الحال ،وبعد إتمام اللجنة تقريرها يقوم رئيس المجلس برفع التقرير
إلى المجلس وعرضه عليه بأسرع وقت ممكن ويتم رفع الحصانة عن العين بموافقة األكثرية المطلقة من
أعضاء المجلس ،وتتحقق األكثرية المطلقة عندما يقرر أكثر من نصف أعضاء المجلس رفع الحصانة عنه
وإعطاء اإلذن بإتخاذ إجراءات جزائية بحقه ال أكثر ،وفيما يتعلق بنطاق اإلذن فال يكون إال في حدود الطلب
وإذا كان الطلب يتضمن عدة جرائم فعلى المجلس أن يعتبرها كالً ال يتج أز أو أن يقبل بعضها ويرفض اآلخر،
النواب األردني في المادة (" :)146ليس للمجلس أن يفصل في موضوع التهمة وهذا ما نص عليه النظام الداخلي لمجلس ّ
()1
وإنما يقتصر دوره على اإلذن بإتخاذ اإلجراءات القانونية أو اإلستمرار فيها متى تبين له أن الغرض منها ليس التأثير على
النائب لتعطيل عمله النيابي"( .النظام الداخلي لمجلس النواب األردني لسنة 2013م).
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص 97و ص-101ص.103 ()2
106
إذا تضمن الطلب رفع الحصانة عن عدة أعضاء فللمجلس السلطة التقديرية في أن يتخذ ق ارره إتجاهها جمل ًة
واحدةً أو تفصيالً(.)1
وعند الحديث عن اآلثار المترتبة على تقديم طلب رفع الحصانة البرلمانية في التشريع الفلسطيني واألردني،
فإن عرض طلب رفع الحصانة –كما تم توضيحه سابقاً -يأخذ منحيين ،إما إجابة الطلب أو رفضه ،والذي
أ .القرار بإجابة الطلب ورفع الحصانة :يترتب على قرار أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني
بإجابة الطلب برفع الحصانة ومنح اإلذن للنيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية المقامة ضد عضو
المجلس التشريعي بأن يصبح عضو المجلس التشريعي فرداً عادياً ،فتصبح النيابة العامة قادرة على
إتخاذ إجراءات فيما يخص الدعوى الجزائية المقامة ضده ولها كامل الحرية في تحريك الدعوى الجزائية
من عدمه بعد أن كانت يدها مغلولة عنها قبل صدور اإلذن من المجلس التشريعي(.)2
وعندما تقرر النيابة العامة تحريك الدعوى ،وهو الراجح؛ كونها لن تقوم بتقديم طلب رفع الحصانة قبل
القيام بالتحرّيات والتحقيقات الالزمة للتثبت من وجود الجريمة ،فإذا إختارت ذلك لها الخيار بأن تقوم
بحفظ الدعوى أو إحالتها إلى المحكمة المختصة ،وبما أن المجلس التشريعي ُم ّقيد بالحدود التي وردت
في طلب رفع الحصانة ،وال يمتد القرار برفع الحصانة إلى أمور غير واردة في رفع الطلب مهما بلغت
من األهمية والخطورة ،وهو ما ُيطلق عليه "خصوصية اإلذن برفع الحصانة" ،وتحصيل حاصل فإن هذا
الحصانة عن عضو المجلس التشريعي ،فإذا تبين لها أثناء السير بالدعوى ضد العضو الذي ُرفعت عنه
الحصانة إرتكابه فعل آخر يستدعي معاقبته جنائياً وكان هذا الفعل غير ُمدرج في طلب رفع الحصانة،
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.36-35
جاموسّ ،
()2
107
فهي تكون بذلك غير قادرة على إتخاذ أي إجراءات قانونية بحقه ويتوجب عليها إستصدار إذن مرة أخرى
الوصف المحدد في قرار المجلس التشريعي برفع الحصانة ،فيكون في هذه الحالة على النيابة العامة
إستصدار إذن جديد من المجلس التشريعي إال إذا كانت جريمة ُمتلبس بها(.)1
وبالنسبة لآلثار المترتبة على قبول طلب رفع الحصانة البرلمانية في التشريع األردني ،فإنه إذا ترتب
على تقديم طلب رفع الحصانة من ِقَبل رئيس الوزاء إلى مجلس األمة وقبوله له ،إعادة الحرية للنيابة
العامة في إتخاذ إجراءات التوقيف والمحاكمة إتجاه عضو مجلس األمة كأنه شخص عادي دون تعليق
ومن الجدير بالذكر أن النظام القانوني الفلسطيني ال يحرم عضو المجلس الصادر بحقه قرار برفع
الحصانة من ممارسة مهامه النيابية وحضور جلسات المجلس واللجان والمشاركة في التصويت
الم ِ
برر في ذلك هو قرينة البراءة ،فعضو البرلمان بريء حتى تثبت إدانته، والمناقشات وإتخاذ الق اررات و ُ
الداخلي للمجلس التشريعي والمادة ( )27من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي( ،)3فهو
أمام عقبة مادية تمنعه من ممارسة مهامه البرلمانية ،وهذا ما دفع البعض إلى إيجاد طريقة تُم ّكن النائب
العام من ممارسة مهامه البرلمانية وهو ال يزال موقوف أو محبوس إحتياطي( ،)4وفيما يتعلق بالتشريع
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.36-35
جاموسّ ،
()1
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.103-102 ()2
( )3حيث نصت المادة ( )27من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي على" :للعضو الذي ُرفعت عنه الحصانة ولم
يوقف الحق في حضور الجلسات وإجتماعات اللجان والمشاركة في المناقشة والتصويت"( .النظام الداخلي للمجلس التشريعي
لسنة 2000م /قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم ( )10لسنة 2004م).
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص .37-34
جاموسّ ،
()4
108
()1
أن قرار رفع الحصانة عن عضو المجلس ال يحرمه من حضور جلسات الداخلي لمجلس األعيان
ب .القرار برفض الطلب وإستمرار الحصانة :إن النصاب القانوني للتصويت الالزم لرفع الحصانة البرلمانية
عن عضو المجلس التشريعي التشريعي هو موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس كما تم ذكره سابقاً،
وبدون تحقق هذا النصاب فإنه ال يمكن رفع الحصانة البرلمانية عن عضو المجلس وال تستطيع النيابة
العامة تحريك الدعوى الجزائية أو إتخاذ أي إجراء قانوني بحقه ،أما النصاب القانوني للتصويت الالزم
لرفع الحصانة عن عضو مجلس األمة األردني فإن قرار المجلس برفض رفع الحصانة البرلمانية عن
عضو مجلس األمة يترتب عليه عدم جواز إتخاذ إجراءات التوقيف والمحاكمة بحق العضو خالل أدوار
اإلنعقاد إال في حالة التلبس ،أي أن القرار بالرفض يترتب عليه تأجيل إتخاذ اإلجراءات في حق عضو
على المحكمة أن تقضي ببطالنها من تلقاء نفسها ،ويجوز للخصوم الدفع بها بأي مرحلة كانت عليها
الدعوى ولو ألول مرة أمام محكمة النقض؛ والسبب أن الحصانة هي من النظام العام( ،)3ومن الجدير
بالقول أن رفض طلب رفع الحصانة عن عضو المجلس ال يعني برائته فمن الممكن في النظام القانوني
الفلسطيني إتخاذ إجراءات بحق العضو عن الجريمة التي إرتكبها حال إنتهاء مدة عضويته ودون الحاجة
النواب لسنة 2013م واألعيان لسنة 2014م على :للعضو نصت المواد ( )145و ( )105من النظام الداخلي لمجلسي ّ
()1
الذي رفعت عنه الحصانة ولم يوقف ،الحق في حضور جلسات المجلس واجتماعات اللجان والمشاركة في المناقشة والتصويت".
حبول ،أحمد :أحكام الحصانة البرلمانية ،مرجع سابق ،ص .142 ()2
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق.39-38 ،
جاموسّ ،
()3
109
إلى إذن من المجلس ،فمن الممكن للنيابة العامة إتخاذ إجراءات في حق عضو المجلس بعد إنتهاء مدة
عضويته(.)1
وبدراسة إجراءات طلب اإلذن برفع الحصانة البرلمانية في القانونين الفلسطيني واألردني يتضح للباحثة بعض
أن المشرع الفلسطيني لم يشترط وجود وسيط بين النائب العام وبين رئيس المجلس التشريعي عند تقديم طلب
رفع الحصانة البرلمانية على العكس من القانون األردني الذي إشترط على النيابة العامة تقديم طلب رفع
()2
ومن الجدير ذكره أن دور رئيس الحصانة لرئيس الوزراء ليقوم بدوره بتقديمه إلى رئيس المجلس التشريعي
الوزراء ليس موضوعياً إنما هو إجراء شكلي ال أكثر؛ كون الجهة الوسيطة ال تملك أي صالحيات موضوعية
وال تستطيع إبداء رأيها ،ووجود مثل هذا النوع من اإلجراءات يطيل أمد التقاضي ،كما ُيعّقد اإلجراءات المتبعة
الحصانة عن عضو المجلس والنظر فيه وتقديم تقري اًر مفصالً عنه وتتمثل هذه المدة في خمسة عشر يوماً
تقرير اللجنة وذلك بهدف تسريع اإلجراءات الجزائية( ،)3على العكس من القانون الفلسطيني الذي لم يحدد
مدة زمنية يلزم فيها اللجنة القانونية بتقديم تقريرها؛ مما يؤدي إلى اإلبطاء في اإلجراءات الجزائية وذلك ال
يتناسب مع ما تتصف به جرائم الفساد من سهولة وسرعة إخفاء األدلة وتضليل العدالة.
حبول ،أحمد :أحكام الحصانة البرلمانية ،مرجع سابق ،ص .144-143 ()1
110
كما إقتصرت الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجزائية لجرائم الفساد في التشريع األردني على التوقيف
()1
بينما شملت الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجزائية لجرائم الفساد في التشريع الفلسطيني والمحاكمة
كافة اإلجراءات الجزائية ،أي أن المشرع األردني أعطى مساحة للجهات المختصة في إتخاذ العديد من
اإلجراءات من دون الحصول على إذن المجلس والتي منها إجراءات اإلستدالل وإستجواب المتهم قبل توقيفه،
على العكس من المشرع الفلسطيني الذي كان صارماً فيما يتعلق بالحصانة عندما شملت كافة اإلجراءات
القضائية ،والتي يتطلب رفعها إجراءات خاصة تختلف من تشريع إلى آخر.
إجراءات رفع الحصانة عن ففي التشريع الفلسطيني وضحت المادة ( )56من قانون السلطة القضائية
()2
أعضاء السلك القضائي في حال إرتكابهم الجرائم الجنائية ،وأعطت لمجلس القضاء األعلى الصالحية في
منح اإلذن برفع الحصانة عن القضاة وأعضاء النيابة العامة في حال إرتكابهم جرائم فساد ،وما يسري على
القضاة من إجراءات رفع الحصانة والمقاضاة يسري أيضاً على أعضاء النيابة العامة سنداً للمادة ( )72من
قانون السلطة القضائية( ،)3وفي المحصّلة أي إجراء جزائي ُيتخذ بحق القضاة أو أعضاء النيابة العامة في
غير حالة التّلبس بجريمة دون إذن مجلس القضاء األعلى هو إجراء باطل وأيضاً أي إجراء تابع له يلحقه
البطالن كون الحصانة من النظام العام ،وبعد إستقراء نص المادة ( )28من قانون إستقالل القضاء األردني
المعدل رقم ( )29لسنة 2014م نجد أن النص التشريعي الفلسطيني جاء مطابقاً للنص األردني ،إال أن
ّ
المادة ( )56من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م وتعديالته. ()2
المادة ( )72من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م وتعديالته. ()3
111
التشريع األردني كما ذكرنا سابقاً بحسب نص المادة ( )28من قانون إستقالل القضاء لسنة 2014م أعطى
صالحية مباشرة الدعوى الجزائية لجهة غير النيابة العامة وهي المجلس القضائي.
يتمتع الدبلوماسيون وأفراد أسرهم بحصانة تمكنهم من القيام بأعمالهم ،وفي حال إرتكاب الدبلوماسي جريمة
الفساد فإن رفع الحصانة عنه يتطلب موافقة بلده األصلي من أجل إتخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة بحقه(.)1
تتمثل بإجراءات صدور اإلذن برفع الحصانة عن رئيس الدولة ،وحصانة رئيس الوزراء ووزراءه ورئيس هيئة
مكافحة الفساد.
أ .إجراءات صدور اإلذن برفع حصانة رئيس الدولة :بالنسبة لرفع الحصانة في التشريع الفلسطيني ،فقد
ٍ
بشيء من التفصيل عدل لسنة 2003م تناولت المادة ( )12من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني ُ
الم ّ
إجراءات رفع الحصانة عن رئيس الدولة على النحو التالي :في حال وجود شبهة بإرتكاب الرئيس
الفلسطيني جريمة فساد فإنه على رئيس هيئة مكافحة الفساد أو على النائب العام أن يقوم بتقديم طلب
تمهيدي للمجلس التشريعي وللمحكمة الدستورية للبحث في أهلية الرئيس القانونية وبالتالي أخذ اإلذن في
إتخاذ إجراءات جزائية ضده ،ويوقف الرئيس عن صالحيته في ممارسة مهامه بمجرد تقديم الطلب ولحين
موقع الجزيرة اإللكتروني ،رفع الحصانة ..هيبة المؤسسات وأولوية العدل ،2016 ،للمزيد راجع الرابط: ()1
الفلسطينية يكون أمام محاكم خاصة تُنشأ لهذا السبب ،وإذا ثبتت إدانة الرئيس على الجرائم التي ُوجهت
إليه يتم إعفاءه من منصبه مع عدم اإلخالل بالعقوبات األخرى التي نص عليها القانون( ،)1على العكس
من التشريع األردني الذي أطلق حصانة الملك فال يجوز مسائلته أو إتخاذ أي إجراء جزائي بحقه مطلقاً
وتجد الباحثة أن ما جاء في التشريع الفلسطيني من مبالغة في تشديد إجراءات رفع الحصانة عن الرئيس،
يعزى إلى م ِ
نصب الرئيس وموقعه الوظيفي؛ كونه ممثالً للدولة ،كما أن ثقة المواطنين بأجهزة الدولة َ ُ
حقيقي ،فإنه من شأنه أن يزعزع ثقة األفراد بمؤسسات الدولة عامة وبالخدمات التي تقوم بتقديمها ،لذلك
اإلجراءات المناسبة بحقه وبمركزه الوظيفي على أن ال يتعارض ذلك مع إتخاذ اإلجراءات الجزائية
ب .إجراءات صدور اإلذن برفع الحصانة الو ازرية :بما أن رئيس الوزراء ووزراءه تشملهم الحصانة ،إذاً ال
ُبد من وجود إج ارءات محددة لرفع الحصانة عن هؤالء المتمتعين بها ،والتي تختلف إجراءاتها بإختالف
الدول والتشريعات.
بملف الدعوى الخاص بإتهام رئيس الوزراء أو الوزراء بعد الحصول على إحالة من رئيس الدولة إذا كان
وي َعد
المتهم هو رئيس الوزراء ،أما إذا كان المتهم هو أحد الوزراء فيتطلب ذلك إحالة من رئيس الوزراءُ ،
المادة ( )12من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته. ()1
113
قرار محكمة النقض المنعقدة في رام هللا تطبيق عملي لنصوص المواد السابقة ،إذ قضت في طعن ُق ّدم
إليها من وزير محكوم عليه بإحدى جرائم الفساد إتصلت النيابة العامة بملفه عن طريق اإلحالة من ِقَبل
رئيس الوزراء(.)1
أما في التشريع األردني فقد أعطت المادة ( )56من الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته الحق
النواب تقديم اإلتهام للنيابة العامة بعد موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس ،بالتالي صدور القرار
لمجلس ّ
بالموافقة ُيعيد إتصال النيابة العامة بالدعوى ،مما يعني رفع الحصانة عن رئيس الوزراء أو أحد وزراءه.
وبعد توضيح كل ما يتعلق بالحصانة البرلمانية والحصانة الوزارية ،ال ُب ّد من طرح التساؤل التالي :في
حال الجمع بين منصبي عضوية البرلمان ورئاسة الوزراء أو عضوية أحد الو ازرات ،فما هي اإلجراءات
تستوجب العقاب وأحكام أي من الحصانتين يجب تطبيقها؟ فمن المعلوم وجود العديد من األنظمة
السياسية التي تسمح الجمع بين هذين المنصبين كالنظام السياسي البرلماني وشبه الرئاسي ،ومنها النظام
()2
السياسي الفلسطيني الذي أتاح لعضو البرلمان في المادة ( )98من النظام الداخلي للمجلس التشريعي
الجمع بين منصبه ومنصب الوزير ،بالتالي تَمتُع هذا الشخص بنوعين مختلفين من الحصانة أحدهما
برلمانية واألخرى و ازرية تختلف كل منها في إجراءات رفعها ،األمر الذي يؤدي إلى اإلرباة وإعاقة
إجراءات المالحقة الجزائية؛ لذلك كان ال ُبد من تطبيق إجراءات رفع إحدى الحصانتين على عضو
البرلمان والذي هو بنفس الوقت عضو الحكومة ،أال وهي إجراءات رفع الحصانة الو ازرية الواردة في
"ولما كانت إحالة الطاعن للتحقيق وإتخاذ اإلجراءات القانونية واجبة اإلتباع لم تخرج عن تخوم ما
حيث جاء في نص القرار ّ
()1
هو المسؤول عن إحالة ملف الدعوى للتحقيق بحسب مقتضى الحال؛ وذلك تجنباً للتشتيت وعرقلة
اإلجراءات وحتى ال يكون هناة إخالل بالتوازن بين السلطتين ومنح قوة إضافية غير مبررة للمجلس
ت .إجراءات صدور اإلذن برفع حصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد :أما فيما يتعلق برفع الحصانة عن رئيس
هيئة مكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني ال يتم رفع الحصانة إال بعد إحالة رئيس السلطة الفلسطينية
أمر إرتكاب رئيس الهيئة لجريمة فساد إلى المجلس التشريعي الذي يقرر رفع الحصانة من عدمها وإحالته
إلى المحكمة المختصة بموافقة األغلبية المطلقة ألعضاء المجلس بحسب نص المادة ( )2/17من
قانون مكافحة الفساد الفلسطيني( ،)2وجاء نص المادة (/6ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني
()3
الذي يرفع الحصانة عن رئيس هيئة مكافحة الفساد وأعضاء الهيئة مشابه رقم ( )13لسنة 2016م
إلى ٍ
حد كبير ما ورد في التشريع الفلسطيني إال أن المشرع األردني لم ينص على وجوب إحالة أمر
إرتكاب جريمة الفساد إلى الملك بل إكتفى بحصر اإلختصاص في رفع الحصانة للمجلس القضائي
وأعطاه الصالحية في تقرير إستمرار توقيفه للمدة التي يراها مناسبة أو تمديدها أو اإلفراج عنه بكفالة
وفيما يتعلق برفع الحصانة عن رئيس هيئة مكافحة الفساد ترى الباحثة أن َنص المشرع الفلسطيني على
منح الصالحية للمجلس التشريعي في تقرير رفع الحصانة من عدمه عن رئيس الهيئة بعد إحالته إلى
()4
يوفر زيادة في الضمان للتحقق من عدم كيدية اإلدعاء ومدى موضوعيته وجديته ،إال رئيس السلطة
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.40-39
جاموسّ ،
()1
المادة ( )2/17من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته. ()2
المادة (/6ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته. ()3
حسب نص المادة ( )2/17من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته. ()4
115
أنه ُيطيل من أمد اإلجراءات الجزائية وبالتالي زيادة إحتمالية إفالت المجرم من العقاب وإخفاء أدلة
جريمة الفساد ،على أن المشرع األردني كان موفقاً فيما يتعلق بالتنظيم القانوني برفع الحصانة عن رئيس
الهيئة حيث إكتفى بمنح المجلس التشريعي الصالحية في ذلك دون إحالة أمر إرتكاب الجريمة إلى
الملك( ،)1فكان من األفضل لو إكتفى المشرع الفلسطيني بمنح تقرير رفع الحصانة للمجلس التشريعي
المتخ ّذة ومراعاةً لما تتصف به جرائم الفساد من سهولة إخفاء األدلة
إختصا اًر لإلجراءات الجزائية ُ
والتالعب بها.
يكون زوال الحصانة تلقائياً في حالة التلبس بجريمة فساد ،وإنتهاء دورة اإلنعقاد ،وإنتهاء الوالية ،أي أنه
بمجرد تحقق تلك الحاالت السابقة تزول الحصانة بصورة تلقائية ومباشرة عن أصحابها.
يتناول هذا الفرع اإلجراءات الواجب إتخاذها بحق األشخاص المتمتعين بالحصانة في حال القبض عليهم
في البداية ال بد من توضيح المقصود بمصطلح الجرم المشهود وهو الجرم الذي ُيشاهد أثناء وقوعه أو بعد
وذلك حسب نص المادة (/6ز) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته. ()1
الهيتي ،بالل :الجرم المشهود وأثره في توسيع سلطات الضابطة العدلية دراسة مقارنة بين القانونين األردني والعراقي ()2
وفي حالة القبض على عضو المجلس التشريعي متلبساً بجريمة فساد ،فإن النيابة العامة تستطيع إتخاذ
إجراءات جزائية في حق عضو المجلس التشريعي إذا تم القبض عليه متلبساً بجريمة وذلك بحسب نص
المادة ( )4/95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني( ،)3على أن يكون تكييف الجريمة بأنها
جناية ،والمحكمة هي المختصة بتحديد التكييف القانوني للجريمة ،فبالتالي إذا إتضح أن جريمة الفساد من
نوع جنحة ،فإن كافة اإلجراءات التي قامت بها النيابة العامة وما يلحقها هي باطلة ،كما إشترطت نص
المادة على إعالم المجلس التشريعي فو اًر بأي إجراء قامت به النيابة العامة ،والمبرر في ذلك أنه يحقق حالة
من التوازن بين مصلحة النيابة العامة وحقها في إتخاذ إجراءات جزائية وبين مصلحة المجلس التشريعي
المتخذة والرقابة عليها ،وما جاء في التشريع األردني فيما يتعلق بالتلبس بالجريمة
وحقه في متابعة اإلجراءات ُ
وفي رفع الحصانة البرلمانية هو مطابق إلى ٍ
حد كبير ما جاء في التشريع الفلسطيني ،فقد نصت المادة ()86
من الدستور األردني على" :ال يوقف أحد أعضاء مجلسي األعيان والنواب وال يحاكم خالل مدة إجتماع
المجلس ..ما لم يقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية"( ،)4يتضح من نص المادة أنه في حال قبض
حيث جاء فيها" :تكون الجريمة متلبساً بها في إحدى الحاالت التالية .1 :حالة إرتكابها أو عقب إرتكابها ببهرة وجيزة.2 . ()1
إذا تبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته النيابة العامة بصخب أو صياح أثر وقوعها .3.إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب
حامالً آالت أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها ،وإذا وجدت به في هذا
الوقت آثار أو عالمات تفيد ذلك".
ومن الجدير ذكره فيما يتعلق بأنواع الحصانة التي لم يعالج المشرع إجراءات زوالها في حالة القبض على أحد مرتكبيها ()2
متلبساً بجريمة فساد ،فإنه تتم إحالة كافة اإلجراءات الواجب إتباعها إلى القواعد العامة المتعلقة بالتلبس بجريمة ما.
( )3تنص المادة ( )4/95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م على" :يتمتع األعضاء بالحصانة طيلة
والية المجلس وال يجوز في غير حالة التلبس بجناية إتخاذ أية إجراءات جزائية ضد أي عضو على أن يبلغ المجلس فو اًر
باإلجراءات المتخذة ضد العضو ليتخذ المجلس ما يراه مناسباً ،وتتولى هيئة المكتب هذه المهمة إذا لم يكن المجلس منعقداً".
الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته. ()4
117
النيابة العامة على عضو مجلس األمة متلبساً بجريمة ما ،يحق لها إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحقه شرط
تجد الباحثة تقارب كبير بين النصوص التشريعية الفلسطينية واألردنية التي تناولت حالة التلبس بالجريمة
المرتكبة من ِقَبل عضو البرلمان واإلجراءات المتخذة بحقه ،وتدعم الباحثة النصوص القانونية التي نصت
على وجوب قيام النيابة العامة بمباشرة اإلجراءات الجزائية في حالة القبض على عضو البرلمان متلبساً
بجريمة دون الحاجة إلى أخذ اإلذن من المجلس التابع له العضو؛ إذ أنه تنتفي شبهة الكيد في ذلك وبالتالي
تنتفي الحاجة لوجود الحصانة ،كما ترى الباحثة أن التشريعات قد أصابت في إشتراطها على النيابة العامة
وجوب إعالم المجلس التشريعي باإلجراءات المتخذة ،إذ أن من حق المجلس حماية أعضاؤه وتوفير الرقابة
على أي إجراء ُيتخذ بحقهم ،كما تجد الباحثة مجانبة التشريعين الفلسطيني واألردني الصواب في قصر
مباشرة النيابة العامة لإلجراءات الجزائية ضد عضو البرلمان المتلبس به على الجرائم من نوع الجنايات فقط
أما فيما يتعلق بالحصانة القضائية ،ففي حال القبض على أحد القضاة متلبساً بجريمة ما فعلى النائب العام
عند القبض على القاضي أو توقيفه رفع األمر إلى مجلس القضاء األعلى خالل مدة األربع وعشرين ساعة
أو إستمرار توقيفه للمدة التي يقررها وله تمديد هذه المدة( ،)2هذا وأعطت المادة ( )59من قانون السلطة
القضائية الفلسطيني المجلس صالحية تحديد اإلختصاص المكاني للمحكمة التي ستنظر في الدعوى(.)3
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.165-153 ()1
( )2ورد ذلك في نص المادة ( )2/56من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م وتعديالته وأيضاً ورد في
نص المادة (/28أ )2/من قانون إستقالل القضاء األردني رقم ( )29لسنة 2014م.
تنص المادة ( )59من قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م وتعديالته على" :ال ترفع الدعوى الجنائية ()3
على القاضي إال بإذن من مجلس القضاء األعلى ،ويحدد المجلس المحكمة التي تنظر الدعوى بغض النظر عن قواعد
االختصاص المكاني المقررة في القانون".
118
التمعن بالنصوص القانونية التي تناولت رفع الحصانة القضائية عن أعضاء السلك
ّ تجد الباحثة من خالل
القضائي المتلبسين بإرتكاب جريمة فساد في التشريعين الفلسطيني واألردني أن كال المشرعين لم يوفقا في
وضع النص القانوني ،إذ أعطت هذه النصوص إختصاص إستكمال إجراءات الدعوى الجزائية من اإلفراج
بكفالة أو تمديد التوقيف للمجلس القضائي الذي يعتبر دوره اإلشراف اإلداري على الجهاز القضائي وليس
القيام بإجراءات جزائية( ،)1وحتى أنها لم تضع أية ضوابط خاصة تُ ّقيد قرار المجلس القضائي باإلفراج بكفالة
وفيما يتعلق بالقبض على الدبلوماسي متلبساً بجريمة فساد في الدولة المضيفة ،فإن إتفاقية فيينا للعالقات
ما تقوم الدول المضيفة بالقبض على الدبلوماسي إذا و ِجد متلبساً بالشروع بإرتكاب جر ٍ
يمة ما؛ لمنعه من ُ َ ُ
إرتكاب أية جريمة بالغة الخطورة أو تمهيداً لترحيله من دولتها شرط أن تكون الجريمة غاية في الخطورة ومن
الصعب تدارة نتائجها كجرائم التجسس أو اإلتجار بالمخدرات على سبيل المثال( ،)3أي أن المعيار في إتخاذ
إجراء القبض بحق الدبلوماسي المتلبس بجريمة ما هو مدى خطورة تلك الجريمة وصعوبة تدارة آثارها
للمزيد حول مجلس القضاء األعلى الفلسطيني وإختصاصته ،موقع مجلس القضاء األعلى اإللكتروني ،للمزيد راجع الرابط: ()1
بأي شكل القبض عليه أو حجزه ،وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله باإلحترام الالزم له ،وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة
لمنع اإلعتداء على شخصه أو على حريته أو على إعتباره".
أحمد ،إيناس :الحماية الجنائية للبعثات الدبلوماسية ،مقبول للنشر في مجلة جامعة تكريت للحقوق ،العدد 2017 ،3م، ()3
لم يرد في قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2015م وتعديالته وال في القوانين ذات العالقة
()1
نصوص قانونية تنظم إجراءات رفع الحصانة عن رئيس الدولة في حالة القبض عليه ُمتلبساً بجريمة فساد،
األحوال( ،)2وكذلك الحال بالنسبة لرئيس الوزراء ووزراءه ورئيس هيئة مكافحة الفساد فإن المشرع الفلسطيني
لم ينص على إجراءات رفع الحصانة في حالة القبض على رئيس الوزراء أو أحد من وزراءه ُمتلبساً بجريمة
فساد ،وفي القانون األردني ال يوجد في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م
()3
ما ُيعالج رفع الحصانة عن رئيس الوزراء أو أحد وزراءه في حالة القبض عليه ُمتلبساً بجريمة وتعديالته
فساد ،وفيما يتعلق بحصانة رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد األردنية ففي حال القبض على رئيس الهيئة
متلبساً بجريمة فساد فإن النيابة العامة تستطيع إتخاذ اإلجراءات الجزائية الالزمة بحقه دون الحاجة إلى
مقيدة باإلذن برفع الحصانة عن عضو البرلمان لتتمكن من مقاضاته عما إرتكبه من
بما أن النيابة العامة ّ
جرائم ،فإنه يمكنها اإلنتظار حتى إنتهاء دورة إنعقاد البرلمان حتى تستعيد كامل حريتها في إتخاذ اإلجراءات
الجزائية وتحريك دعوى الحق العام ضد عضو البرلمان دون الحصول على إذن البرلمان برفع الحصانة عنه،
إذ أنه بإنتهاء دورة اإلنعقاد تنتفي الصلة في تقرير رفع الحصانة عن عضو البرلمان من عدمه(.)5
نص المادة (/6ز) من قانون النزاهة مكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته. ()4
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.140 ()5
120
في التشريع الفلسطيني فإن الحصانة البرلمانية شاملة كامل مدة العضوية ،سواء كان المجلس في دور
اإلنعقاد العادي أو الطارئ أو في غير حالة إنعقاد أساساً وذلك ما جاء في نص المادة ( )4/95من النظام
()1
والمادة الداخلي للمجلس التشريعي والتي جاء فيها" :يتمتع االعضاء بالحصانة طيلة والية المجلس"...
والتي أطلقت مدة الحصانة()3؛ وفلسفة ذلك هو حماية أعضاء ( )5/53من القانون األساسي الفلسطيني
()2
البرلمان من تعسف السلطات األخرى في الدولة وتحقيقاً للغاية التي وضعت الحصانة من أجلها في حماية
أما في التشريع األردني في حال بدأت النيابة العامة إجراءاتها بحق العين قبل أن يصبح عضواً فعلى النيابة
العامة توقيف إجراءاتها حال تسلم العضو مهام منصبه وعليها اإلنتظار إلى حين صدور إذن من المجلس
يسمح بإتخاذ إجراءات جزائية بحق العضو ورفع الحصانة عنه ،وقد منع الدستور األردني توقيف عضو
مجلس األمة خالل دورة إنعقاده في الفقرة األولى من المادة ( )86ونص على ذلك أيضاً النظام الداخلي
تميل الباحثة في رأيها إلى اإلشادة بما جاء به المشرع األردني في قصر الحصانة على أدوار اإلنعقاد فقط
وليس كما جاء في التشريع الفلسطيني بجعل مدة الحصانة مطلقة أي في دور إنعقاده العادية أو الطارئة أو
في غير حاالت إنعقاد البرلمان أساساً وحتى بعد إنتهاء مدة العضوية؛ مما ُيمكن النيابة العامة من إتخاذ
إجراءات جزائية بحق المشتبه بإرتكابه جريمة فساد بعد إنتهاء دورة إنعقاد المجلس.
حيث جاء فيها" :ال يجوز لعضو المجلس التشريعي التنازل عن الحصانة من غير إذن مسبق من المجلس ،وال تسقط ()2
المعدل لسنة
ّ الحصانة بإنتهاء العضوية وذلك في الحدود التي كانت تشملها مدة العضوية"( .القانون األساسي الفلسطيني
2003م).
كذلك فعل المشرع التونسي بحيث أطلق مدة الحصانة البرلمانية. ()3
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين ،مرجع سابق ،ص.27
جاموسّ ،
()4
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.141-140 ()5
121
ثالثا :إنتهاء مدة الولية.
فيما يتعلق بالحصانة البرلمانية فإن حالة إنتهاء والية المجلس تزول الحصانة عن عضو البرلمان وتسترد
النيابة حريتها في تحريك دعوى الحق العام وإتخاذ اإلجراءات الجزائية ضد عضو البرلمان ،وتنتهي والية
حل المجلس(.)1
المجلس في حالتين األولى عند إنتهاء مدته والثانية عند ّ
()2
مدة والية المجلس التشريعي بأربعة سنوات المعدل
ّ حددت المادة ( )3/47من النظام األساسي الفلسطيني
للمجلس التشريعي لسنة 2000م نص مادة يتناول تمديد والية المجلس التشريعي أو حّله ،إال أنه فيما يتعلق
بحل المجلس فقد صدر عن المحكمة الدستورية العليا قرار تفسيري رقم ( )10لسنة 2018م يقضي بحل
المجلس التشريعي ويدعو إلى إجراء إنتخابات تشريعية حيث إعتبرت المحكمة المجلس معطالً وفي حالة
عدم إنعقاد منذ دورته األولى سنة 2007م والمعيار في ذلك هو قيام المجلس بالمهام الموكولة إليه والتي
تتمثل حسب القانون الفلسطيني في مهام سن القوانين والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية والتي لم يقوم
المجلس بأي منها منذ تاريخ إنعقاده وبالتالي فإن عدم قيامه بتلك المهام يفقده صفة المجلس التشريعي(.)3
وفي التشريع األردني تنتهي مدة مجلس األعيان بعد أربع سنوات من تاريخ تعيين أعضاء المجلس من ِقَبل
النواب تنتهي مدة والية المجلس بعد مرور أربع سنوات من تاريخ إعالن نتائج اإلنتخاب
الملك ،وكذلك مجلس ّ
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.166 ()1
عدل لسنة 2003م على" :مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ حيث نصت هذه المادة من القانون األساسي ُ
الم ّ
()2
ملكية لمدة ال تقل عن سنة وال تزيد عن سنتين ،أما بالنسبة لحل مجلس األمة األردني فقد أعطت المادة
()2
النواب منفردين أو مجتمعين وفي
الصالحية للملك بحل مجلس األعيان أو ّ ( )34من الدستور األردني
عامة فإنه يعود أعضاء المجلس إلى مناصبهم وبالتالي يستعيد المجلس كامل سلطته الدستورية ومعها
الحصانة البرلمانية(.)4
وعند الحديث عن الحصانة الدبلوماسية وزوالها ،ال ُب ّد من معرفة أن الحكمة من تقرير الحصانة الدبلوماسية
ألعضاء البعثات الدبلوماسية هي حماية الدبلوماسي أثناء القيام بمهامه الدبلوماسية التي تبدأ من وقت تقديم
أوراق اإلعتماد أو من وقت اإلخطار الرسمي بالوصول بالنسبة لرئيس البعثة وأيضاً من وقت تسليم العمل
وإخطار و ازرة الخارجية بذلك بالنسبة لبقية األعضاء ،والحصانة الدبلوماسية مقررة لصالح دولة المبعوث
الدبلوماسي ال لصالحه الشخصي بالتالي من المفترض أنها تنتهي بانتهاءه من أداء مهامه سواء كان ذلك
بإستدعاء من دولته أم باستقالته أم بإقالته بإعتباره شخصاً غير مرغوب به من ِقَبل الدولة المعتمدة من ثم
طرده خارج البالد وهنا تبقى حصانة المبعوث مستمرة إلى حين مغادرته من البالد بعد منحه أجل معقول
لتدبير شؤونه ومغادرة البالد ،وإن تجاوز حدود مدة هذا األجل وأطال بقاءه بدون مبرر تسقط عنه الحصانة
تاريخ إعالن نتائج اإلنتخاب العام في الجريدة الرسمية وللملك أن يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية إلى مدة ال تقل عن سنة واحدة
وال تزيد عن سنتين".
النواب .4 .للملك أن يحل مجلس األعيان". يحل مجلس ّبحيث نصت هذه المادة من الدستور على .3" :للملك أن ّ
()2
نصت المادة ( )2/73من الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته على" :إذا لم يتم اإلنتخاب عند إنتهاء الشهور األربعة ()3
المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فو اًر كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس
ّ يستعيد المجلس
الجديد".
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.170-169 ()4
123
واإلمتيازات المقررة لصالحه( ،)1وهذا ما نصت عليه المادة ( )2/39من إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية
لسنة 1961م( ،)2وكذلك الحال عند وفاة الدبلوماسي تستمر حصانة أفراد أسرته إلى أجل معقول يسمح لهم
عتمد لديها
الم َ
الدبلوماسية بين الدول يتم إعطاء مهلة معقولة إلنهاء مهمة المبعوث الدبلوماسي وعلى الدولة ُ
عتمد
الم َ
التعهد بتوفير الحماية الالزمة له إلى حين مغادرته البالد ،أما في حالة نشوب حرب لدى الدولة ُ
عتمد لديها(.)3
الم َ
لديها يجوز لها أن تعهد برعايتهم وتوفير الحماية لهم إلى دولة ثالثة ترتضيها الدولة ُ
األعمال المتصلة بمهام الوظيفة الدبلوماسية وغيرها من األعمال التي تخرج عن نطاق المهام الوظيفية،
حيث أن اإلحتجاج بالحصانة يقتصر على األعمال المتعلقة بأعمال الوظيفة الدبلوماسية دون غيرها(.)4
أما فيما يتعلق بالحصانة الدبلوماسية في التشريع الفلسطيني ،كون فلسطين منضمة إلتفاقية فيينا للعالقات
الدبلوماسية فهي ملزمة بتطبيق نصوصها ويتوجب عليها رفع الحصانة في الحاالت التي أشارت إليها
نصوص المواد في اإلتفاقية ،ويكاد يخلو القضاء الفلسطيني من سوابق قضائية ترفع الحصانة عن أشخاص
دبلوماسيين معتمدين لديها ،إال أن القضاء اإليطالي جاء بسابقة رفع فيها الحصانة عن قيادي فلسطيني أمام
والحصانات في اللحظة التي ُيغادر فيها هذا الشخص البالد أو بانقضاء أجل معقول ُيمنح لهذا الغرض ،لكنها تستمر حتى ذلك
الوقت في حالة النزاع المستمر( ."...أنظر إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 1961م )
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.102-101 ()3
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.102-100 ()4
124
اإليطالية أم اًر بالقبض عليه إذ لم تعتبر محكمة
ّ التحرير الفلسطينية بذلك الوقت بعد أن أصدرت السلطات
النقض اإليطالية منظمة التحرير الفلسطينية منظمة ذات سيادة كونها ال تملك السيادة على إقليمها(.)1
وبالحديث عن مدة الوالية الرئاسية فقد حددها القانون األساسي الفلسطيني بالمرحلة اإلنتقالية وهي مدة أربع
سنوات تبدأ من تاريخ إنتخابه( ،)2أي أن حصانة رئيس الدولة الفلسطيني تبدأ بمجرد إنتخابه رئيساً للدولة
وتنتهي بمجرد إنتهاء واليته ،أما فيما يتعلق بمدة والية الملك فهي تنتهي عند وفاته أي أن حصانة الملك في
وبالنسبة للحصانة التي يتمتع بها رئيس الوزراء الفلسطيني ووزراءه والتي تنتهي بمجرد إنتهاء مدة والية
تنتهي ببدء والية المجلس التشريعي الجديد( ،)4وفيما يتعلق بحصانة رئيس الوزراء األردني ووزراءه فإنها
النواب(.)5
كذلك تنتهي بطرح الثقة بالو ازرة أو أحد الوزراء أمام مجلس ّ
وفيما يتعلق بحصانة رئيس هيئة مكافحة الفساد في فلسطين والتي تنتهي بمجرد إنتهاء واليته ،والتي حددتها
ِ
عدل لقانون مكافحة الفساد الفلسطيني بمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة المادة ( )7من القرار بقانون ُ
الم ّ
األمم المتحدة ،الجمعية العامة ،حصانة مسؤولي الدول من الولية القضائية األجنبية :مذكرة من األمانة العامة، ( )1
نصت المادة ( )82من الدستور األردني سنة 1952م وتعديالته على" :عرش المملكة األردنية الهاشمية وراثي في أسرة ()3
المطلب الثالث :طرق خلق التوازن بين الحصانة والمواجهة الجزائية للفساد.
عند الحديث عن كيفية تناول المشرع الفلسطيني واألردني ألساليب وطرق خلق التوازن بين الحصانة
الفعالة لجرائم الفساد ،ال ّبد من اإلشارة إلى أنه رغم توقيع السلطة الوطنية الفلسطينية
والمواجهة الجزائية ّ
على العديد من اإلتفاقيات مع اإلحتالل اإلسرائيلي إال أنها ال تتمتع بالسيادة الكاملة فوق أراضيها مما يعيق
تطبيق القانون والوقوف في وجه إنتشار الفساد ومالحقة مرتكبيه ،كما أن حدوث اإلنقسام السياسي بين
الضفة الغربية وقطاع غزة أثّر سلباً على معدالت التنمية والوقوف في وجه الفساد خاصة في ظل غياب
غيب الرقابة على السلطة التنفيذية وبالتالي إستشراء الفساد وإستغالل غياب الرقابة(،)3
المجلس التشريعي مما ّ
وفي ظل هذا الوضع القائم يكمن دور التشريع والقضاء الفلسطيني في خلق حالة توازن بين األوضاع
وبالنظر إلى التنظيم القانوني للحصانة وإجراءات مالحقة مرتكبي جرائم الفساد ،يتضح أن التشريع الفلسطيني
واألردني حققا نوع من التوازن ما بين نظام الحصانة وإجراءات المالحقة الجزائية من خالل إفساح المجال
للسلطات المختصة بإتخاذ إجراءات تساعد في جمع األدلة والكشف عن جريمة الفساد بحيث إقتصرت
الحصانة على اإلجراءات المتخذة بحق صاحب الحصانة بشخصه وهي ال تشمل كافة اإلجراءات التي ال
المعدل لقانون مكافحة الفساد على" :تكون مدة رئاسة الهيئة أربع
تنص المادة ( )7من القرار بقانون رقم ( )37لسنة 2018م ُ
()1
المجلس أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة للرئيس أو لعضو المجلس".
اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة -أمان ،تحليل نتائج المسح الموجه للموظفين العموميين الخاص بمؤشرات الحكم ()3
موقع الجريمة أو أخذ بصمات أو إنتداب خبير ،وذلك ما ُيم ّكن الجهات المختصة من إتخاذ إجراءات تساهم
في الكشف عن جريمة الفساد وجمع األدلة والمعلومات الالزمة( ،)1أي أنه ُيمكن إتخاذ إجراءات غير ماسة
بشخص صاحب الحصانة المشتبه بإرتكابه جريمة الفساد ومحاولة جمع األدلة والحفاظ عليها لحين الحصول
توسع المشرع الفلسطيني في الطرق التي أجاز بها إثبات أدلة وقوع
وفيما يتعلق بإثبات جرائم الفساد فقد ّ
أقر المشرع الفلسطيني إمكانية اللجوء إلى التسليم المراقب ،الترصد اإللكتروني واإلختراق،
جرائم الفساد بحيث ّ
ويكون ذلك بإذن من النيابة العامة ويكون لألدلة التي تم جمعها بوسائل اإلثبات السابقة حجيتها أمام المحكمة
ويكون األخذ بها من عدمه أمر تقديري لمحكمة جرائم الفساد( ،)2على العكس من القانون األردني الذي لم
ُينص في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته على ما ُيجيز اللجوء إلى
وما ُيساهم في تحقيق التكافؤ بين نظام الحصانة والمالحقة الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد ِم َمن يتمتعون
بالحصانة في التشريع الفلسطيني هو أن جرائم الفساد ال تسقط بالتقادم( )3فيجوز للنيابة العامة إتخاذ إجراءات
في حق شخص صاحب الحصانة بعد زوال الحصانة عنه ،وبذلك يكون المشرع الفلسطيني قد منح خصوصية
لجرائم الفساد فيما يتعلق بمدة التقادم وإستثناها من الخضوع لمدد تقادم الدعاوى الجزائية وذلك مما يساعد
في مكافحة جرائم الفساد التي يرتكبها أصحاب الحصانة مما ُيم ّكن من تطبيق النص القانوني بحقهم( ،)4أما
فيما يتعلق بالتشريع األردني فلم يرد نص قانوني في قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني َيستثني جرائم
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.84-83 ()1
نص المادة ( )22من القرار بقانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )37لسنة 2018م وتعديالته. ()2
وذلك وفقاً لنص المادة ( )33من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته ،والتي جاء فيها" :ال ()3
127
الفساد من الخضوع لمدد التقادم إال أنه من الممكن تدارة هذه المعضلة من خالل قيام النيابة العامة بإتخاذ
تحرة الحق العام في دعوى الفساد ،مما يؤدي إلى قطع مدة التقادم وبذلك ال خوف من
إجراءات جزائية ّ
سقوط الدعوى الجزائية ضد صاحب الحصانة المشتبه بإرتكابه جريمة فساد( ،)1وما نص عليه المشرع
ومن النصوص القانونية التي حققت التوازن بين وجود الحصانة وإجراءات رفعها وما بين اإلجراءات الجزائية
المتبعة لمكافحة الفساد هو ما نصت عليه المادة ( )21من قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ()13
لسنة 2016م وتعديالته حيث جاء فيها" :على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر ،تلتزم الهيئة بإصدار
ق ارراتها في موعد ال يتجاوز ستة أشهر من تاريخ بدء اجراءات التحقيق والتحري في الشكوى ،وللمجلس إذا
إقتضت الضرورة تمديد ذلك الموعد لمدة إضافية مماثلة" ،حيث وضع المشرع األردني حدود زمنية فيما
يتعلق باإلجراءات الواجب على الهيئة القيام بها –صالحيات الضبط القضائي -والتي يجب أن ال تتجاوز
مدتها ستة أشهر من تاريخ بدء أول إجراء ويمكن تمديدها لمدة إضافية مماثلة بعد موافقة مجلس الهيئة،
على العكس من المشرع الفلسطيني الذي لم ينص في قانون مكافحة الفساد رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته
على ما يضع قيداً زمنياً على اإلجراءات التي تقوم بها الهيئة في سبيل التحري عن جرائم الفساد.
وبالحديث عن النطاق الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية ،فإن القانون الفلسطيني شملها بمدة والية المجلس
()2
والتي تشمل فترات إنحالل المجلس وعدم إنعقاده واإلجازات ،بينما حدد المشرع األردني النطاق كاملة
الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية بمدة إجتماع المجلس أي إنعقاده( ،)3أي أةنه يسري النطاق الزمني
للحصانة البرلمانية اإلجرائية خالل إنعقاد المجلس وال تمتد إلى حالة عدم إنعقاده أو إنحالله كأن يكون في
حبول ،أحمد :أحكام الحصانة البرلمانية ،مرجع سابق ،ص .144-143 ()1
المادة ( )4/95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م وتعديالته. ()2
128
إجازة( ،)1وهذا ما أكده حكم محكمة اإلستئناف الضريبية األردنية حيث جاء فيه" :بعد حجز الدعوى للحكم
قررت المحكمة تسطير كتاب لمجلس النواب لتوريد قرار رفع الحصانة ،وفي جلسة 2016/5/30تم حل
مجلس النواب حيث طلب مساعد النائب العام السير بالدعوى من النقطة التي وصلت إليها وقررت المحكمة
السير بالدعوى من النقطة التي وصلت إليها وكرر الطرفان أقوالهما ومرافعاتهما السابقة وختمت المحاكمة"
()2
فبمجرد حل مجلس النواب زالت الحصانة عن عضو البرلمان وتمكنت المحكمة من إتخاذ إجراءاتها الجزائية
بحق عضو البرلمان ،كما أن العبرة بوقت تقديم طلب رفع الحصانة عن عضو البرلمان المتهم بإرتكاب
تكون قد أصابت صحيح القانون طالما أن المستأنف ضده يتمتع بالحصانة البرلمانية أثناء إنعقاد المجلس
وطالما لم يتم رفع الحصانة عنه من قبل المجلس الذي ينتسب اليه وبغض النظر إن كانت األفعال المسنده
إليه تمت قبل أو بعد إكتساب صفة النائب"( ،)3يتبين مما سبق مدى قرب المشرع األردني من تحقيق تشريع
اإلجرائية على مدة إنعقاد المجلس ولم يشملها بفترات اإلنحالل واإلجازات وهو بذلك أقرب إلى منح السلطة
القضائية مساحة في إتخاذ اإلجراءات الجزائية ضد عضو البرلمان في حالة إرتكابه جريمة فساد وكان
المجلس في حالة عدم إنعقاد ،على العكس من المشرع الفلسطيني الذي كان متشدداً في منح الحصانة
ألعضاء البرلمان بحيث شملت طيلة مدة الوالية كاملة وهو بذلك يحرم النيابة العامة من إتخاذ أي إجراء
جزائي بحقه إلى حين إنتهاء مدة الوالية وبالنظر إلى الواقع الفلسطيني وحالة اإلستثناء التي تعيشها دولة
فلسطين وغياب المجلس التشريعي وعدم إنعقاده فإن عضو البرلمان إستمرت حصانته إلى أضعاف مدة
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،مرجع سابق ،ص.83 ()1
محكمة اإلستئناف الضريبية األردنية ،رقم ،2014/661بتاريخ ،2016/6/15منشورات موقع قسطاس اإللكتروني ،للمزيد ()2
تم حّله.
وحتى يتم تدارة األثر السلبي المترتب على الحصانة بكافة أنواعها ،يجب أن تتوافر السرعة والفعالية
لإلجراءات المتبعة في رفع الحصانة عن المتمتعين بها المشتبه بهم بإرتكاب جرائم الفساد وذلك من ِقَبل
الجهات الممنوحة لها صالحية الرفع وفقاً لنص القانون ،حتى يتسنى للنيابة العامة ممارسة دورها في تحريك
الدعوى الجزائية في قضايا الفساد في وجه مرتكبي جرائم الفساد بسرعة وفعالية ،مع مراعاة أن ال تكون
وباإلنتقال إلى الحصانة الدبلوماسية التي تشمل القضاء بكافة أنواعه الجنائي والمدني واإلداري في الدولة
عتمد لديها ،وهي ال تسري على قضاء دولة المبعوث الدبلوماسي وبالتالي يتوجب على دولة المبعوث
الم َ
ُ
()3
المتمتع بالحصانة
محاكمته أمام محاكمها ووفقاً لقوانينها ،وقد أجاز القضاء الفلسطيني محاكمة الدبلوماسي ُ
المعتمد لديها أمام المحاكم الفلسطينية إذا تنازلت دولة المبعوث الدبلوماسي عن حصانته أمام
الدبلوماسية و ُ
القضاء الوطني الفلسطيني بموجب تنازل صريح ،حيث نص حكم محكمة النقض الفلسطينية على" :وفي
ذلك نجد أن الغرض من تلك اإلتفاقية التي تهدف إلى تأمين أداء عمل البعثات الدبلوماسية ومن في حكمها،
ِ
المعتمدة عن الحصانة في إطار الحصانة القضائية في مواجهة القضاء الوطني ،إال إذا تنازلت الدولة
القضائية أمام القضاء الوطني الفلسطيني بموجب تنازل صريح"( ،)4وتجد الباحثة من خالل ما سبق أن
إتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة1961م تشددت فيما يتعلق بتنظيم الحصانة الدبلوماسية من خالل
( )1نصت المادة ( )4/47من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م على" :مدة هذا المجلس هي المرحلة اإلنتقالية".
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،مرجع سابق ،ص.227 ()2
عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،مرجع سابق ،ص.84 ()3
نقض حقوق رام هللا ،رقم ( ،)2018/610بتاريخ ،2021/7/7منشورات موقع قسطاس ،للمزيد راجع الرابط: ()4
وضوابط تحددها اإلتفاقية وإنما تركت أمر المقاضاة لدولة المبعوث ،األمر الذي يخلق الشك فيما إذا ستقوم
دولة المبعوث الدبلوماسي بمقاضاته عند عودته إلى أراضيها أم أنها ستتهاون في مقاضاته وإخضاعه
لقضائها الوطني ،كما يتضح أن مضمون الحصانة الدبلوماسية يسمح لمرتكبي جرائم الفساد بإستغالل
حصانتهم لإلفالت من العقاب وأيضاً تهاون دولة المبعوث فيما يتعلق بإخضاعه للقضاء الوطني ،وعلى
عتمد
الم َ
الرغم من وجود حكم محكمة النقض الفلسطينية وأهميته بجواز مقاضاة الدولة للمبعوث الدبلوماسي ُ
لديها بعد تنازل دولته عن حصانته إال أنه يبقى رهين موافقة دولة المبعوث على مقاضاته والذي يضع عالمة
وعند الحديث عن الحصانة القضائية ونصوص القوانين الناظمة لها في فلسطين واألردن( )1والتي تنص على
وجوب إعالم مجلس القضاء األعلى بإجراءات القبض على القاضي أو توقيفه عند القبض عليه متلبساً
بجريمة فساد خالل ال 24ساعة التالية للقبض والمجلس هو صاحب القرار في اإلفراج عنه بكفالة أو بغير
كفالة أو إستمرار توقيفه للمدة التي يقررها أو تمديد توقيفه ويكون ذلك بعد سماع أقوال القاضي ،ويتبين من
خالل النصوص المتعلقة بالحصانة القضائية أنها أجازت للنائب العام تحريك الدعوى في جرائم الفساد
المتلبس بها لكنها عّلقت باقي اإلجراءات على موافقة مجلس القضاء إما باإلفراج عنه أو إستمرار توقيفه أو
تمديده ،وهذا غير ُمبرر كون الجريمة متلبس بها وهو ال يتناسب مع جرائم الفساد وال مع السرعة التي يتم
تتمثل القوانين الناظمة للحصانة القضائية في قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته ،وقانون ()1
السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م /وفي األردن تتمثل في قانون إستقالل القضاء األردني رقم ( )29لسنة
2014م
131
وبالنسبة للحصانة التنفيذية والتي منها حصانة رئيس الدولة فإن القانون األردني أطلق حصانة الملك ومنع
إتخاذ أي إجراء بحقه مطلقاً( ،)1بينما عّلق المشرع الفلسطيني إتخاذ اإلجراءات في مواجهة رئيس الدولة
المشتبه به إرتكاب جريمة فساد على إذن المحكمة الدستورية وأغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي( ،)2من
حيث المبدأ فإن المشرع الفلسطيني أقرب إلى تحقيق التوازن بين نظام الحصانة الرئاسية وبين طبيعة جرائم
الفساد ،فما جاء به المشرع الفلسطيني يتناسب مع الوضع القائم من غياب المجلس التشريعي بالتالي غياب
الرقابة التشريعية على أعمال الرئيس ،وتبقى الثغرة القانونية في إشتراط المشرع موافقة المجلس التشريعي
والمحكمة الدستورية معاً على رفع الحصانة عن الرئيس المشتبه به إرتكاب جريمة فساد من عدمه ،وإن
غياب المجلس التشريعي ُيدخلنا في حلقة ُمفرغة حول َمن هي الجهة المختصة برفع الحصانة عن رئيس
أما النوع الثاني من الحصانة التنفيذية وهي الحصانة الو ازرية التي عّلق القانون الفلسطيني اإلجراءات الجزائية
()3
–بحسب الحال -أي للمتمتعين بها في حال إرتكابهم جريمة فساد على إذن رئيس الدولة أو رئيس الوزراء
للسلطة التنفيذية ذاتها ،وهو بذلك ُيقوي من نظام الحصانة على حساب صالحية النيابة العامة في إتخاذ
اإلجراءات الجزائية وتحريك الدعوى العامة في جرائم الفساد ،إذ أن َمن يملك صالحية تعيين رئيس الوزراء
()4
أي الجهة التي قامت بتعيين رئيس الوزراء هي ذاتها الجهة التي في النظام الفلسطيني هو رئيس الدولة
ستقرر رفع الحصانة من عدمه بالتالي إنتفاء الموضوعية ،وهذا ما تجاوزه المشرع األردني في منح تلك
المادة ( )12من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته. ()2
المادة ( )17من قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته. ()3
( )4نصت المادة ( )45من القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م على" :يختار رئيس السلطة الوطنية رئيس الوزراء
ويكلفه بتشكيل حكومته وله أن يقيله أو أن يقبل إستقالته ،وله أن يطلب منه دعوة مجلس الوزراء لإلنعقاد".
المادة ( )56من الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته. ()5
132
الخاتمة:
على الرغم من األهمية الكبيرة لنظام الحصانة للوقوف في وجه اإلدعاء الكيدي الذي قد يوجه لمن يتمتعون
بها إال أنه في نفس الوقت قد ُيعتبر عائقاً في وجه اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها بحق مركبي جرائم
الفساد الذين يتمتعون بالحصانة؛ لذلك كان ال ّبد من إيجاد نصوص قانونية في التشريعات الداخلية للدول
تخلق حالة توازن بين نظام الحصانة من جهة ومكافحة الفساد من جهة أخرى دون إلغاء نظام الحصانة،
.1أن الفساد ظاهرة سريعة اإلنتشار ،وخطيرة على األفراد والمجتمعات كما أن أفعالها غير متوقعة ،وأن
كافة التشريعات لم تتفق على تعريف واحد لمفهوم جريمة الفساد ،إال أن أفضل تعريف يمكن إطالقه
ويقصد بهذا
على جريمة الفساد هو أي سلوة مخالف للقوانين واألنظمة التي يخضع لها الموظف ُ
المخالف تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وإستغالل الوظيفة لتحقيق ذلك.
السلوة ُ
.2الحصانة هي إمتياز يمنحه القانون لبعض األفراد بسبب موقعهم الوظيفي بهدف تحصين أفعالهم ضد
يخضعون لها ،وهي تعمل على تأخير إتخاذ اإلجراءات الجزائية بحق المتمتع بالحصانة والمشتبه
بإرتكابه جريمة فساد ،وتكون الحصانة على عدة صور أهمها الحصانة البرلمانية ،الحصانة الدبلوماسية،
الحصانة القضائية والحصانة التنفيذية أي حصانة رئيس الوزراء ووزراءه ورئيس هيئة مكافحة الفساد.
قيد المشرع الفلسطيني في الحصانة البرلمانية اإلجرائية صالحية النيابة العامة في إتخاذ إجراءاتها بحق
ّ .3
البرلمانيين المشتبه بهم إرتكاب جريمة الفساد؛ بحيث يشمل النطاق الموضوعي للحصانة البرلمانية
اإلجرائية كافة اإلجراءات الجزائية الواجب إتخاذها لمواجهة عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة
فساد ،بينما في التشريع األردني تمتلك النيابة العامة األردنية صالحية أوسع في إتخاذ إجراءاتها بحق
البرلمانيين المشتبه بهم إرتكاب جريمة الفساد بحيث تقتصر الحصانة البرلمانية اإلجرائية على إجرائي
133
التوقيف والمحاكمة فقط ،وفيما يتعلق بالنطاق الزمني لهذا النوع من الحصانة في التشريع الفلسطيني
فهي تشمل كامل مدة العضوية للمجلس التشريعي ،على العكس من القانون األردني الذي قصر
وفيما يتعلق باإلذن لرفع الحصانة البرلمانية اإلجرائية عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد
فإن القانون الفلسطيني إشترط موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي ،أما في التشريع األردني
فقد حددها المشرع األردني بموافقة األغلبية المطلقة ألعضاء المجلس التشريعي أي أغلبية أعضاء
المجلس الكلي وليس الحاضرين ،كما حدد المشرع األردني مدة زمنية لقيام اللجنة القانونية في المجلس
بالبحث في الطلب برفع الحصانة من عدمه وتقديم تقريرها بذلك خالل مدة خمسة عشر يوماً وإذا لم
الذي لم يحدد مدة زمنية ُيلزم فيها اللجنة القانونية في المجلس بتقديم تقريرها خاللها.
األردني الذي قصر جواز إتخاذ اإلجراءات الجزائية ضد عضو مجلس األمة المتلبس به مرتكباً لجريمة
يجوز رفعها إطالقاً ،أما في التشريع الفلسطيني ُيمكن رفع حصانة رئيس الدولة لكن بإجراءات ُمعقدة
ومحددة من خالل اإلشتراط على النائب العام أو رئيس هيئة مكافحة الفساد بتقديم طلب تمهيدي في
حال وجود شبهة قوية على إرتكاب الرئيس الفلسطيني لجريمة فساد إلى المجلس التشريعي والمحكمة
الدستورية من أجل الحصول على اإلذن في رفع الحصانة عنه وإتخاذ اإلجراءات الجزائية بحقه.
134
.5فيما يتعلق بحصانة رئيس الوزراء ووزراءه عّلق المشرع الفلسطيني رفع حصانة رئيس الوزراء على أخذ
إذن من رئيس الدولة ،كما أن القانون الفلسطيني أعطى الرئيس الفلسطيني صالحية تعيين رئيس الوزراء
وصالحية منح أو عدم منحه اإلذن برفع الحصانة عن رئيس الوزراء ،وهذا قد يؤدي إلى عدم
الموضوعية؛ إذ أنه قد تشكل هذه الصالحية فرصة للرئيس لحماية رئيس وزراءه أو لإلطاحة به ألسباب
ٍ
ألسباب سياسية ،وفيما يتعلق بالتشريع األردني يتضح أنه جاء بنصوص مخالفة لما غير قانونية أو
خول صالحية تقرير رفع الحصانة عن رئيس الوزراء ووزراءه إلى مجلس
جاء به المشرع الفلسطيني إذ ّ
النواب بتصويت أغلبية ثلثي أعضاءه مما ُيعتبر ذلك أكثر تحقيقاً للموضوعية والحيادية.
ّ
من أهم التوصيات التي إستطاعت الباحثة التوصل إليها في هذه األطروحة تتمثل في:
.1إقتراح تعديل النصوص القانونية في التشريع الفلسطيني التي تناولت الحصانة البرلمانية اإلجرائية بالحد
من التشدد الذي فرضته هذه القوانين فيما يتعلق بالحصانة البرلمانية اإلجرائية وذلك من خالل عدة
أمور ،أهمها:
أ .تعديل الفقرة الثانية والثالثة من نص المادة ( )95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني
لسنة 2000م ،بحيث يتم قصر الحصانة البرلمانية اإلجرائية على إجرائي التوقيف والمحاكمة كما
فعل المشرع األردني في المادة ( )86من الدستور األردني سنة 1952م وتعديالته ،وذلك من
باب توسيع صالحيات النائب العام والضابطة القضائية عند اإلشتباه بإرتكاب عضو البرلمان
جريمة فساد.
ب .تعديل نص المادة ( )3/95من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م ،بحيث
تُ ِ
حدد المادة النطاق الزمني للحصانة البرلمانية اإلجرائية كما فعل المشرع األردني في المادة
( )113من النظام الداخلي لمجلس األعيان سنة 2014م ليصبح النطاق الزمني للحصانة
البرلمانية اإلجرائية يقتصر على مدة إجتماع المجلس وليس مدة والية المجلس -التي ذكرها المشرع
135
الفلسطيني -والتي تشمل فترة إنحالل المجلس واإلجازات ،وبتحديد النطاق الزمني ُيتاح الفرصة
للنيابة العامة بإتخاذ إجراءات جزائية ضد عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد.
ت .جعل اإلذن برفع الحصانة عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد بموافقة األغلبية
وذلك بدالً من أغلبية الثلثين أي أكثرية ثلثي كل أعضاء المجلس ،وذلك يكون أقل تعقيداً وأكثر
سهولة بالنسبة إلجراءات رفع الحصانة عن عضو البرلمان المشبه بإرتكابه جريمة فساد وكذلك
أكثر تماشياً مع األوضاع السياسية في البرلمانات خاصة المجلس التشريعي الفلسطيني ،ويتحقق
كل ما سبق بتعديل نص المادة ( )96من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لسنة 2000م.
ث .تعديل نص المادة ( )26من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم ( )10لسنة
2004م بحيث تُعطى اللجنة القانونية في المجلس التشريعي مدة محددة تقوم اللجنة خاللها بالبحث
بطلب رفع الحصانة البرلمانية عن عضو البرلمان المشتبه بإرتكابه جريمة فساد وتقديم تقريرها
المماطلة في
خالل مدة خمسة عشر يوماً وذلك كما فعل المشرع األردني ،وذلك بهدف عدم ُ
اإلجراءات الجزائية وتحقيق السرعة وذلك بما يتناسب مع طبيعة جرائم الفساد من السرعة في
ج .تعديل نص المادة ( )92من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م والمادة
( )86من الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته بحيث يصبح اإلستثناء من الحصول على
اإلذن برفع الحصانة البرلمانية عن عضو البرلمان المتلبس به مرتكباً جريمة فساد يشمل الجرائم
الجنح ،إذ ُيستهجن على المشرعين الفلسطيني واألردني عدم شمولهما الجرائم من نوع
من نوع ُ
الجنح تحت ذلك البند رغم أنها تأخذ حي اًز كبي اًر من أنواع جرائم الفساد.
ُ
136
.2فيما يتعلق بالحصانة الرئاسية توصي الباحثة بقصر الجهات المختصة بتقرير رفع الحصانة عن
الرئيس الفلسطيني على المحكمة الدستورية دون المجلس التشريعي؛ كون ذلك ُي ّ
سهل إجراءات رفع
الحصانة وفي نفس الوقت يحقق الغاية من وجودها ،وأيضاً كون المحكمة الدستورية قائمة على العكس
من المجلس التشريعي الذي ُيعتبر غائباً ،ويكون ذلك بتعديل نص المادة ( )12من قانون مكافحة الفساد
الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته ،وبالنسبة لحصانة الملك في األردن نوصي بتعديل المادة
تُستثنى بعض الجرائم منها كجرائم الخيانة العظمى والفساد الكبير على سبيل المثال.
.3وبالنسبة للحصانة الو ازرية توصي الباحثة بتعديل نص المادة ( )1/17من قانون مكافحة الفساد
المعدل رقم ( )1لسنة 2005م الذي أعطى صالحية تقرير منح اإلذن من عدمه برفع
ّ الفلسطيني
الحصانة عن رئيس الوزراء للرئيس الفلسطيني ورفعها عن الوزراء لرئيس الوزراء ،بحيث تعطي للمجلس
التشريعي صالحية منح تقرير اإلذن برفع حصانة رئيس الوزراء ووزراءه من عدمه ،وذلك كما فعل
المشرع األردني في نص المادة ( )56من الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته ،األمر الذي يجعل
من إجراءات رفع الحصانة الو ازرية أكثر موضوعية وحياد ،وهذا األمر بدوره ُيحتّم الدعوة إلى إجراء
137
المصادر والمراجع:
المصادر:
أولا :اإلتفاقيات.
[ ]2إتفاقية التعاون األمني بين و ازرة الداخلية في المملكة األردنية الهاشمية وو ازرة األمن العام في جمهورية
ثانيا :القوانين.
تشريعات فلسطينية.
القانون األساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م ،المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،2 []1
قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته ،المنشور على جريدة الوقائع []2
الفلسطينية ،عدد ،38بتاريخ ،2001/9/5صفحة .94
قانون السلطة القضائية الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2002م وتعديالته ،المنشور على جريدة الوقائع []3
الفلسطينية ،عدد ،40بتاريخ ،2002/5/18صفحة .9
قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم ( )10لسنة 2004من المنشور في []4
جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،52بتاريخ ،2005/1/18صفحة .50
138
قانون ديوان الرقابة المالية واإلدارية رقم ( )15لسنة 2004م وتعديالته ،المنشور في جريدة الوقائع []5
الفلسطينية ،عدد ،53بتاريخ ،2005/2/28صفحة .75
قانون مكافحة الفساد الفلسطيني رقم ( )1لسنة 2005م وتعديالته ،المنشور في جريدة الوقائع []6
الفلسطينية ،عدد ،53بتاريخ 2005/2/28م ،صفحة .154
قرار بقانون رقم ( )9لسنة 2010م بشأن المصارف ،المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد []7
،4بتاريخ ،2010/11/27صفحة .5
قرار بقانون رقم ( )4بشأن رفع الحصانة عن نائب في المجلس التشريعي لسنة 2012م ،منشور []8
على جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،93بتاريخ ،2012/1/25صفحة.8
قرار بقانون رقم ( )20لسنة 2015م بشأن مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وتعديالته، []9
المنشور على جريدة الوقائع الفلسطينية ،عدد ،10بتاريخ ،2015/12/30صفحة .2
[ ]10قرار بقانون رقم ( )10لسنة 2018م بشأن الجرائم اإللكترونية الفلسطيني ،المنشور على جريدة
الوقائع الفلسطينية ،عدد ،16بتاريخ ،2018/5/3صفحة .8
[ ]11قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم ( )7لسنة 2019م بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين
والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم واألشخاص وثيقي الصلة بهم ،المنشور على جريدة الوقائع
الفلسطينية ،عدد ،161بتاريخ ،2019/11/28صفحة .35
[ ]12قرار بقانون لسنة 2022م بشأن تعديل قانون اإلجراءات الجزائية رقم ( )3لسنة 2001م وتعديالته،
غير منشور في جريدة الوقائع الفلسطينية.
[ ]13النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م ،منشور في جريدة الوقائع الفلسطينية،
عدد ،46بتاريخ ،2003/8/16صفحة .69
تشريعات أردنية.
الدستور األردني لسنة 1952م وتعديالته ،المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،1093 []1
139
قانون العقوبات األردني رقم ( )16لسنة 1960م وتعديالته ،المنشور في الجريدة الرسمية األردنية، []2
عدد ،1487بتاريخ ،1960/5/1صفحة .374
قانون البنوة األردني رقم ( )28لسنة 2000م ،المنشور في الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،4448 []3
قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم ( )17لسنة 2001م األردني ،المنشور في الجريدة الرسمية []4
قانون إستقالل القضاء األردني المعدل رقم ( )29لسنة ،2014المنشور في الجريدة الرسمية األردنية، []5
عدد ،5308بتاريخ ،2014/10/16صفحة .6001
قانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13لسنة 2016م وتعديالته ،المنشور في الجريدة []6
األردنية ،رقم ،5397بتاريخ ،2016/5/16صفحة .2578
القانون المعدل رقم ( )25لسنة 2019م لقانون النزاهة ومكافحة الفساد األردني رقم ( )13السنة []7
.5812
قانون مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب رقم ( )20لسنة 2021م األردني ،والمنشور على []8
الجريدة الرسمية األردنية ،عدد ،5743بتاريخ ،2021/9/16ص.3788
النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013م وتعديالته ،المنشور على الجريدة الرسمية األردنية ،عدد []9
،5247بتاريخ ،2013/10/20صفحة .4887
[ ]10النظام الداخلي لمجلس األعيان األردني لسنة 2014م ،منشور على الجريدة الرسمية األردنية ،عدد
140
ثالثا :األحكام القضائية.
. https://maqam.najah.edu/media/uploads/2019/11/
طلب تفسير دستوري ،رقم ( ،)2018/10بتاريخ 2018/12/23م ،موقع مقام اإللكتروني: []2
.https://maqam.najah.edu/media/uploads/
اإللكتروني: مقام موقع ،2018/10 رقم العليا، الدستورية المحكمة حكم []3
.https://maqam.najah.edu/judgments/
المقتفي: منشورات 2006/3/23م، جلسة (،)2006/5 رقم هللا، رام نقض []4
.http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/
نقض حقوق رام هللا ،رقم ( ،)2009/214بتاريخ 2009/12/30م ،منشورات المقتفي: []5
. http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/
نقض حقوق رام هللا ،رقم ( ،)2014/870بتاريخ 2015/2/5م ،موقع قسطاس اإللكتروني: []6
.https://qistas.com/ar/decs/info/
حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم ( )425لسنة ،2017والصادر بتاريخ ،2017/7/8 []7
نقض حقوق رام هللا ،رقم ( ،)2018/610بتاريخ ،2021/7/7موقع قسطاس اإللكتروني: []8
.https://qistas.com/ar/decs/info/
حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم ( )264لسنة 2021م ،والصادر بتاريخ ،2021/11/9 []9
141
اإللكتروني: قسطاس موقع ،2012/182 رقم هللا، رام جزاء [ ]10إستئناف
. https://qistas.com/ar/decs/info/12526020
تمييز حقوق أردني .رقم ( ،)2969بتاريخ ،2020/12/31ص ،9موقع قسطاس اإللكتروني: []1
. https://qistas.com/ar/decs/info/
.https://qistas.com/ar/decs/info/
.https://qistas.com/ar/decs/info/
اإللكتروني.https://qistas.com/ar/decs/info/ :
.https://qistas.com/ar/decs/info/2072262
. aciac.org/
األمم المتحدة ،الجمعية العامة ،حصانة مسؤولي الدول من الولية القضائية األجنبية :مذكرة من []2
142
موقع مجلس القضاء األعلى اإللكتروني.https://www.courts.govps/details : []5
.https://kenanaonline.com/users/ELstehaAveocato/posts/131412
المراجع.
أولا :الكتب:
إبن منظور :لسان العرب ،المجلد الثاني ،والرابع ،والسابع ،القاهرة :دار الحديث للنشر2003 ،م. []1
أبو هيف ،صادق :القانون الدبلوماسي والقنصلي ،اإلسكندرية:دار المعارف ،ط.1962 ،1 []2
اإلئتالف من أجل النزاهة –أمان :النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ،القدس ،ط،4 []3
.2016
براة ،أحمد :التعاون الدولي لمكافحة الفساد في التشريع الفلسطيني والمقارن "التسليم المراقب []4
ط.2019 ،1
حبول ،أحمد :أحكام الحصانة البرلمانية ،األردن :دار عالم الثقافة للنشر والتوزيع1997 ،م. []6
2011م.
الخفاجي ،أحمد :الحصانة البرلمانية دراسة تطبيقية مقارنة ،القاهرة :المركز العربي للنشر والتوزيع، []8
.2017
عمان:دار عالم
الشوابكة ،إبراهيم :الحصانة البرلمانية دراسة مقارنة بين األردن وبريطانيا ،طّ ،1 []9
143
[ ]10شودري ،سوجيت .ريتشارد ستايسي وآخرون :مكافحة الفساد :أطر دستورية لمنطقة الشرق األوسط
[ ]11شوردي ،سوجيت .ريتشارد ستايسي وآخرون :النظام شبه الرئاسي كوسيلة لتقاسم السلطة :اإلصالح
الدستوري بعد الربيع العربي ،المؤسسة الدولية للديمقراطية واإلنتخابات ،نيويورة2014 ،م.
[ ]12عبد الباقي ،مصطفى .شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ( )3لسنة ( 2003دراسة
مقارنة) ،بيرزيت :وحدة البحث العلمي والنشر -كلية الحقوق واإلدارة العامة.2015 ،
[ ]13عبد المتعال ،عالء :الحصانة في ميزان المشروعية ،دار النهضة العربية ،مصر.2004 ،
[ ]15فرحان ،مصطفى .آالء ،النقيب :أصول التحقيق في جرائم الفساد ،بيرزيت :جامعة بيرزيت ،معهد
الحقوق2015 ،م.
صنع سياسات مكافحة الفساد اإلداري "دولة فلسطين نموذجا" ،القاهرة :دار
[ ]16يحيى ،خيرية رضوانُ :
[]17
دية ،أحمد :الفساد سبله وآليات مكافحته ،اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة "آمان" ،رام هللا،
أبو ّ []1
2004م.
غنايم ،محمد :غسل األموال ،المؤتمر العالمي الثالث لإلقتصاد اإلسالمي ،مكة المكرمة.2004 ، []2
جبارين ،سامي :إستغالل النفوذ الوظيفي ،الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن ،رام هللا، []3
.2006
144
اإلئتالف من أجل النزاهة والمساءلة -أمان :تحليل نتائج المسح الموجه للموظفين العموميين الخاص []4
زكارنة ،فؤاد .أشرف أبو زبيدة :دور ديوان الرقابة المالية واإلدارية في إكتشاف حالت الفساد في []5
الهيئات المحلية ،الرقابة ومكافحة الفساد للعاملين في وزارة الحكم المحلي ،رام هللا.2014 ،
عمار :الحصانة البرلمانية والعفو الخاص وأثرهما على مكافحة الفساد في فلسطين،
جاموسّ ، []6
السناوي ،جميلة :الوسائل القانونية لمكافحة الفساد في المنظومة القانونية لدولة فلسطين (مناطق []7
السلطة الوطنية الفلسطينة) ،الملتقى المغاربي حول المبادرة األكاديمية لمكافحة الفساد ،المغرب،
.2018
.https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content/
أركان وشروط قيام جريمة إساءة اإلئتمان ،موقع الموسوعة القانونية اإللكتروني: []9
.https://elawpedia.com/view/39/0
[ ]11جريمة اإلهمال بواجبات الوظيفة العامة ،موقع ُحماة الحق اإللكترونيhttps://jordan- :
lawyer.com/2018/02/14/
[ ]13دي ألبوكارة ،كاترينا :المبادئ المقررة الخاصة لألمم المتحدة المعنية بحق اإل نسان في الحصول
https://www.ohchr.org/Documents/Issues/Water/Handbook/Book7_Principl
.es_ar.pdf
145
[ ]14فراج ،مصطفى :الحصانة الدبلوماسية وقانون العقوبات وإتفاقية فيينا ،موقع المحامي مصطفى
.https://www.farrajlawyer.com/viewTopic.php?topicId=958
[ ]15مجموعة البنك الدولي ،تحسين نواتج التنمية-التقرير السنوي للنزاهة2007 ،م:
.http://documents1.worldbank.org/
[ ]16موقع الجزيرة اإللكتروني ،رفع الحصانة ..هيبة المؤسسات وأولوية العدل ،2016 ،للمزيد راجع
الرابط:
https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2016/8/3
.1/
[ ]17فرحات ،محمد نعيم نصر :جرائم إختالس األموال العامة ،مقبول للنشر في القيادة العامة لشرطة
[ ]18كشاش ،كريم :الحصانة اإلجرائية ضمانة دستورية للعمل البرلماني في األردن ،مقبول للنشر في
[ ]19محمد ،مازن :في قضايا الفساد ومؤثراته المختلفة ،مقبول للنشر في النبأ ،ع2006 ،80م.
[ ]20أبو الرب ،محمود :آليات إصالح الفساد اإلداري والمالي واإلقتصادي في مؤسسات السلطة
الفلسطينية (رؤية المواطن الفلسطيني) ،مقبول للنشر في مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث
[ ]21منصور ،باسل :التدابير التشريعية واإلدارية لمكافحة الفساد في القطاعين األهلي والخاص وفق
قواعد إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد والمؤرخة في ،2003/10/31مقبول للنشر في مجلة
146
[ ]22محمود ،نجيب شكر :الحصانة البرلمانية ضد اإلجراءات الجنائية (دراسة مقارنة) ،مقبول للنشر في
[ ]23أحمد ،إيناس :الحماية الجنائية للبعثات الدبلوماسية ،مقبول للنشر في مجلة جامعة تكريت للحقوق
[ ]24عبد الباقي ،مصطفى :جريمة الرشوة وفقا للقوانين السارية في الضفة الغربية – فلسطين ،مقبول
[ ]25براة ،أحمد :الحصانة من منظور المواجهة الجزائية لظاهرة الفساد في التشريع الفلسطيني ،مقبول
[ ]26الجبرة ،علي .أبو بكر ،خليل :المسؤولية الجزائية للقاضي النظامي في القانون األردني ،مقبول
[ ]27فضل عثمان فضل ،عامرية :الجريمة المنظمة والجريمة عبر الوطنية :جريمة التزييف أنموذجا،
[ ]28شمالل ،علي :الحصانة البرلمانية والقضائية في التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة ،مقبول
للنشر في المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية ،ع ،3بدون سنة نشر.
ربايعة ،عبد اللطيف :جريمة الكسب غير المشروع في النظام الجزائي الفلسطيني (دراسة تأصيلية []1
مقارنة)( ،رسالة دكتوراه غير منشورة) ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض ،المملكة العربية
السعودية2014 ،م.
حماس :جرائم الفساد المالي وآليات مكافحتها في التشريع الجزائري( ،رسالة دكتوراه منشورة)،
عمرّ ، []2
147
الزبن ،محمد هويمل :اإلجراءات الجزائية الخاصة بهيئة مكافحة الفساد في القانون األردني (دراسة []3
الهيتي ،بالل :الجرم المشهود وأثره في توسيع سلطات الضابطة العدلية دراسة مقارنة بين القانونين []4
األردني والعراقي( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة الشرق األوسط للدراسات العلياّ ،
عمان.2011 ،
عدس ،نور :الحماية الجنائية للشاهد "دراسة مقارنة"( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة زايد ،أبو []5
ظبي.2015 ،
كوهين ،تومر :مكافحة الفساد في المنظومة العقابية المطبقة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية []6
–دراسة مقارنة( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة النجاح الوطنية ،نابلس.2016 ،
حبيب ،عمر توفيق :المواجهة الجنائية لجرائم الفساد في فلسطين "دراسة تحليلة مقارنة"( ،رسالة []7
الدمنهوري ،سمر :جرائم الفساد وسبل مكافحتها وأثرها على اإليرادات الضريبية كمصدر جبائي []8
بغدادي ،أدهم :وسائل البحث والتحري عن الجرائم اإللكترونية( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة []9
[ ]10فراونة ،ياسمين :التدابير الوقائية والعالجية لمكافحة جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني دراسة
مقارنة بالشريعة اإلسالمية( ،رسالة ماجستير منشورة) ،الجامعة اإلسالمية ،غزة.2018 ،
[ ]11سعيد ،محمد :وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد( ،رسالة ماجستير منشورة) ،جامعة الشرق
عمان.2019 ،
األوسط للدراسات العلياّ ،
[ ]12السعيدي ،عذاري :أثر الحصانة الدبلوماسية على فاعلية أداء الدبلوماسي الكويتي( ،رسالة ماجستير
148
. المراجع األجنبية:سادسا
149
An-Najah National University
Faculty of Graduate Studies
By
Atheer "Salah Al-din" Ahmad Joudeh
Supervisor
Dr. Noor Adas
This Thesis is Submitted in Partial Fulfillment of the Requirements for the Degree of
Master of Public Law, Faculty of Graduate Studies, An-Najah National University, Nablus
- Palestine.
2022
THE IMMUNITY FROM THE PERSPECTIVE OF PENAL ENCOUNTERING
OF CORRUPTION PHENOMENON – COMPARATIVE STUDY
By
Atheer "Salah Al-din" Ahmad Joudeh
Supervisor
Dr. Noor Adas
Abstract
This study is titled "The Immunity from The Perspective of Penal Encountering of
Corruption Phenomenon – Comparative Study" to describe immunity effects on the
effective perspective of penal encountering for corruption phenomenon and prevent its
expanding.
Whereas corruption crimes are dangerous to individuals and communities, also they are
expanding fast and have unexpected actions. Moreover, many factors help corruption to
expand, such as the immunity system, which is a privilege given by law for specific
actions from penal encountering. Furthermore, this is pushing us to search in legal
modalities to stop the expansion of corruption by redoubling efforts at law enforcement
and fighting immunity system which impedes law enforcement.
This study tackles many types of corruption, such as Parliamentary Immunity, Diplomatic
Immunity, and Executive Immunity. Additionally, Executive Immunity consists of
President Immunity, Prime Minister and Ministers Immunity (Ministerial Immunity), and
Immunity of the Head of the Anticorruption Body.
This study clarifies the feasibility of penal encountering of corruption phenomenon within
the immunity system. Moreover, it will study the immunity as a temporary impedes stands
in the face of penal encountering of corruption crimes. In addition, the parliamentary
immunity cannot be waived except with the approval of a two-thirds majority of the
members of the legislative, or in case of flagrant delicto of felony corruption. On the other
hand, the President Immunity cannot be waived except permission of legislative and
constitutional court together. While the prime minister immunity was suspended on
president permission. Besides, the minister's immunity was suspended on the prime
minister permission. Moreover, this created the complexity of the legal procedures
B
required to waive immunity. Therefore, this impedes criminal proceedings against
perpetrators of corruption.