You are on page 1of 1

‫وصف البحر الهائج‬

‫حين يغضب البحر يحيط به الضجيج من كل حدب وصوب‪ ،‬وال يكاد يبتلع موجة‬
‫إال ويلفظ أخرى‪ ،‬فيلتهم كل ما يراه أمامه‪ ،‬ويهابه كل من يأوي إليه‪ ،‬إذ يخشى أن‬
‫يكون ضحية لتمدد البحر وبطشه‪ ،‬تتهاوى دفعات الماء فوق الشاطئ الذي أتعبه‬
‫العطش والشوق‪ ،‬فيغمره ذلك الدفق باالرتواء بعد طول انتظار‪ ،‬ويترك له البحر‬
‫ف يلتقطه العابرون‪ ،‬ويحتفظون به‬ ‫قلياًل من الذكريات من قاع ِه على هيئ ِة صد ٍ‬
‫زينة ألجسادهم وأشيائهم التي تربطهم برؤية البحر‪ ?،‬فالبحر وإن كان في حال ِة‬
‫الصفو وقد‬
‫ِ‬ ‫سُخط وغضب يترك بين يدي الناس ما يذ ّكرهم به‪ ،‬ليعودوا إليه ساعة‬
‫ُ‬
‫ينصت إلى نجواهم‪ ،‬ويستم ُع إلى أحاديثهم النديّة عن‬ ‫مألهم الشوق لرؤيته هادًئ ا‬
‫‪.‬الحب والحياة‬
‫ّ?‬

‫ب حين يكونُ مضطربًا‪،‬‬ ‫البحر في الشتاء متقلّب المزاج‪ ?،‬يصف ُع الصخور بغض ٍ‬
‫بشر وبضائع‪ ،‬وكأ ّنه ال يريد أن يرى أح ًدا في‬
‫ويحم ُل السفن إلى قاع ِه بما فيها من ٍ‬
‫تلك الساعات العصيبة‪ ،‬ولكنه حتى في تلك األثناء قد يتسببُ بغنى أحدهم إن نجا‬
‫األعماق فوجدَ جوهر ًة ما من كنوزهِ‪ ،‬وعا َد بها إلى حياته‬
‫ِ‬ ‫من غضبهِ‪ ،‬ووص َل إلى‬
‫‪.‬المتواضعة بالثرا ِء والدهشة‬

‫البح ُر عال ٌم واس ٌع من الجمال والهيبة والمفاجآت‪ ،‬وال ش َّ‬


‫ك أن ربَّان السفينة قد‬
‫ت طوال في حديثه عن مغامراته مع البحر وال سيما في أوقات‬ ‫يقضي ساعا ٍ‬
‫هيجانه‪ ،‬فهي األوقات التي تجعل المرء يعيشُ الخوف والقلق وكأنه سيصافح‬
‫الموت في أي لحظة‪ ،‬ويصب ُح وجبة لألسماك التي في القاع‪ ،‬ولكنّ القدرة اإللهية‬ ‫َ‬
‫‪.‬في كثير من األحيان كانت الملجأ الوحيد‪ ،‬والمالذ اآلمن‬

You might also like