Professional Documents
Culture Documents
و الـتسويق باعتباره جزء من علم االقتصاد و له حقل تقاطع مع بقية العلوم من علم االجتماع ،
و علم النفس ،السياسة و العالقات الدولية ،و اإلعالم و الثقافة و غيرها من العلوم التي يتقاسم معها
طرح أبعاد هذه القضية ،بحيث النتائج المنجرة عنها في كل مجال من المجاالت السالفة الذكر ،ترمي
بضاللها على الجانب التسويقي لكونها أبعاد للعولمة التسويقية ،هذا إلى جانب تأثيرها كظاهرة
بالدراسات التسويقية باعتبارها علم قائم بحد ذاته .
يرى بعض الخبراء أننا نعيش فيما يسمى بظاهرة اإلقتصاديات المتداخلة أو االقتصاديات المعتمدة
على بعضها البعض ، Interlinked Economiesوأن الجنسية للعديد من الشركات التي تخدم األسواق
العالمية في سبيلها إلى اإلختفاء ،وأن الشركة العالمية في المستقبل في عالمنا الذي إنهارت فيه الحواجز
سوف يكون لها مراكز رئيسية متعددة ،وسوف تقوم بخدمة المستهلك العالمي عن طريق تقديم منتجات
عالمية .و عليه فالمؤسسة ال يجب أن تبدأ بالنظرة التسويقية المحلية للوصول إلى األسواق العالمية أي
من اكتشاف و إيجاد احتياجات و رغبات المستهلك المحلي( أو خلق قيمة لديه ) و تحاول تعميمها على
المستهلكين المتواجدين في األسواق المختلفة عبر أنحاء العالم ،إنما تبدأ بنظرة عالمية لألمور ،تقيم فيها
الحاجات و الرغبات لدى المستهلك الدولي و إن أمكن العالمي ،سعيا منها للوصول إلى إشباعها و تلبيتها
أو تغطية القيمة التي أوجدتها لدى هذا المستهلك .لــذلك أصبح حتميا على المؤسسة استخدام المعايير
الدولية و المتعددة ال جنسيات كبداية في إعداد سياستها التسويقية محاولة الوصول في نهاية المطاف إلى
أوال :تعريف الـتسويق الــعالمي :ان دينامكية وعالمية البيئة التسويقية ،تفرض على رجال التسويق
أن يعيدوا التفكير والنظر في أهدافهم وممارستهم التسويقية كل عقد من الزمن ،ألن التغيرات السريعة في بيئة
األعمال (العالمية) تجعل من إستراتيجيات األمس الرابحة ،إستراتيجيات غير مناسبة للمستقبل .إذن على
مقياس التسويق الدولي المحاضرة 2 االستاذة دليلة بربارة
رجال التسويق والمؤسسات تبني المنظور العالمي والنظرة العالمية ،والتي نقصد بها " - :فكرة أن تعمل
المؤسسة في دول مختلفة ،فتلتزم بتطوير وتغيير الخطط من بلد آلخر وعلى أساس المنطقة " .ويسمى
كذلك بالتنشيط أو التوحيد ،حيث أن المؤسسة تنتهج سياسات تسويقية موحدة في مجمل أسواق
التصدير ،وعامة ما تطبق الشركات هذه السياسة في حالة كون منتجاتها تتمتع بخاصية عالمية ،فيتم بذلك
توحيد سياسات المزيج التسويقي عالميا .وتستند هذه النظرة التسويقية إلى خمسة شروط أساسية و هي :
على المؤسسة البحث عن أقسام متجانسة عبر الحدود وإقتراح أحسن عالقة (جودة/سعر)
للمنتجات الموحدة على سلم كبير.
ال يعبر هذا المفهوم للنظرة العالمية إال على جانب واحد للتسويق العالمي بمفهومه الواسع ،لكونه
ينحصر ضمن الشروط المسرودة أعاله ،وهذا ال يتوافق مع كل أنماط المؤسسات التي تعمل في اإلطار
العالمي ،سواء من حيث نوع النشاط أو مجال النشاط ،فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــغالباً ما تالئم هذه الشروط المؤسسات الناشطة
بالقطاع الخدمي :كمؤسسات النقل الجوي العالمية ،و مؤسسات خدمات الهاتف النقال العالمية
هو أن تنظر المؤسسة إلى العالم كوحدة واحدة ،فتقوم بإنشاء استثماراتها ثانيا :المنظور العالمي :
وتمويل عملياتها وش ارء إمداداتها ،وإجراء بحوثها وتضخيم إنتاجياتها أينما أمكنها إتمام ذلك بأكفأ شكل ،وقد
تلجأ المؤسسة إلى القيام بكل جزء أو مرحلة صنع في بلد معين وهذا ما يعني ،أن ال تعطي األولوية ألي
منطقة جغرافية إال على أساس معايير العمل والتحرك في السوق العالمية كوحدة واحدة.
ثالثا :تطور مفهوم التسويق العالمي :مفهوم التسويق العالمي مثله مثل التسويق المحلي مر بتطور
مفاهيمي عبر الزمن ،حيث إتخذ ثالث مقاربات في إطار العالمية :حيث انطلق من مفهوم تصدير التسويق
ثم التسويق متعدد الجنسيات ،و بعدها مرحلة التسويق ا لعالمي .
ـ ـتصدير التسويق :هذه المرحلة هي المرحلة الثانية بعد التسويق المحلي ،حيث تتحرك المؤسسة نحو
التدويل وتبدأ من خالل إنجاز األعمال وتلبية إحتياجات العمالء خارج حدودها المعروفة .حيث يمكن لها
في هذه المرحلة االعتماد على مؤسسات أخرى في بداية األمر ،إلى حين إتقان والتحكم في األوضاع
مقياس التسويق الدولي المحاضرة 2 االستاذة دليلة بربارة
الداخلية لألسواق الخارجية لتصل في نهاية المطاف إلى أن تعمل بشكل مستقل .تقوم المؤسسة المنتهجة
لمفهوم تسويق التصدير بإعداد لكل سوق أجنبي سياسات تسويقية مختلفة ،وهذا ما يعني تمايز سياسات
المزيج التسويقي من سوق اآلخر بهدف التكييف الدوري في كل سوق تصديري ومن هذا المنظور يصبح
التسويق متغير تجاري لتسير الصادرات (إدارة الصادرات) علما أن المتغيرات األخرى تتمثل في المتغير
المالي (تمويل ،ضمان ،مخاطر) ،ومتغير اإلمداد (تأمين ،نقل) ومتغير إداري (جمارك ،قوانين وإجراءات)
.هذه النظرة أيضا تجعل المؤسسة تضيق الخناق على نشاطها بجعله يبدأ من السوق المحلية بالضرورة
ثم يتوسع إلى األسواق الخارجية األخرى التي ربما تكون أهم من السوق المحلية .
التسويق متعدد الجنسيات :ب ــحيث في هذه المرحلة ،تعمل المؤسسة على أن تسوق منتجاتها في العديد
من البلدان في جميع أنحاء العالم ،بتوحيد إستراتيجية اإلنتاج والتخطيط مع القيام بتعديالت طفيفة على
سياساتها التسويقية من سوق آلخر ،وتجعل المستهلك يتوهم أن المنتج قد تم تطويره خصيصا للسوق
المعني ،والتي تتعلق خاصة بالمنظور الخارجي وشكله وتغليفه.
في هذه المرحلة تنطلق المؤسسة من فرضية أن أسواق العمالء و المستهلكين على قدر كبير من
االختالفات و التفاوت ،و أن لكل دولة خصوصيتها كما لكل مستهلك شخصيته المتفردة ،و سلوك خاص
به و هو األمر الذي يعني انه على الممارسات و التطبيقات التسويقية أن تختلف و تتغير من دولة إلى
أخرى ،و أن المؤسسة ال تستطيع تطبيق الخبرات التسويقية نفسها بشكل مباشر ،بل عليها التغيير و
التعديل في خططها التسويقية من دولة إلى أخرى في ظل وجود االختالفات و التفاوتات في المستهلكين
و المنافسين و قنوات التوزيع و الوسائط المتاحة و غيرها من الظروف التي تساهم في التباين بين األسواق
الدولية ،هذه الفكرة تجرنا للحديث عن مفهوم " العولمة المحلية "
وفق هذا التصور يمكن إقحـام معيار بلد المنشأ ضمن المعايير المقننة أو المعايير غير القياسية
،لكن يبقى األمر نسبي ،فهناك بعض المنتجات ميزتها التنافسية تعتمد بدرجة كبيرة على كونها صنعت
في بلد معين ،في هذه الحالة نقل اإلنتاج إلى بلد آخر غير البلد األصلي للعالمة يفقدها ميزتها لدى
مقياس التسويق الدولي المحاضرة 2 االستاذة دليلة بربارة
الزبائن ،في حين هناك بعض المنتجات العالمية و التي يتم تصنيعها في بلدان مختلفة عبر العالم غير
البلد األصلي للعالمة و تحظى بقبول واسع لدى الزبائن لكون هذا األخير يربط جودة المنتج بالعالمة
التجارية و ليس ببلد المنشأ ( بلد الصنع ) .لذا على المؤسسة أن تحسن تقييم الوضع الخاص بمعيار بلد
المنشأ لتحسن و تصيب في اتخاذ القرار .
التسويق العالمي :و هي المرحلة الثالثة و األخيرة المتمثلة في ،الرؤية الكلية العالمية للنشاط التسويقي
للمؤسسة ،أي هو " استغالل الفرص على النطاق العالمي من جهة وتجنب التهديدات العالمية من جهة
أخرى ،أي بعبارة أخرى التفكير عالميا ،وهذا ما سيمكنها في الوقت ذاته من التعامل مع حاالت الفائض في
اإلنتاج واالعتماد على األرباح التي ستأتي من األسواق األجنبية .
و لإلشارة فقط المرور عبر هذه المراحل الثالث للتسويق العالمي ليس مرتبط بالزمن أي أن هذا
الفكر كان سائد في فترة معينة و انتهى ،إنما هو مرتبط بالتطور ثقافة المؤسسة و رؤيتها ،إذ يمكن لها
في أي ألفية من ألفيات القرن أن تمر بأحد هذه المراحل ،فهناك من المؤسسات من وصلت للعالمية و
منها من مازالت تصارع في حدودها المحلية محاولة الخروج لألسواق الدولية لتضمن البقاء و االستم اررية
كما أن المراحل الثالث للتسويق العالمي تحمل فروقا جوهرية في توجهاتها ،حيث تصدير التسويق يتبنى
افتراض سيادة الوطن األصلي ومن ثم التفرع عبر األسواق الدولية ،في حين التسويق متعدد الجنسيات
يفترض وجود اختالفات كبيرة و عديدة في الظروف الثقافية و االقتصادية و التسويقية في العالم لدرجة
تجعل من المستحيل نقل الخبرات المحلية لهذه األسواق الدولية و من غير المجدي خدمة هذه األسواق
بنفس السياسات التسويقية ( بنفس المنتج ،أو نفس السعر ،أو نفس طرق التوزيع ،أو نفس األساليب
الترويجية ) ،أما في مرحلة التسويق العالمي المؤسسة تنظر إلى العالم بأسره على انه سوق محتمل لها ،
و من ثم فإنها تعمل على تطوير استراتجياتها متكاملة للسوق العالمي كله .
رابعا :أنشطة التسويق العالمي :ينطوي التسويق العالمي على أنشطة التسويق التي تقوم بها المؤسسة
- 1توحيد برامج التسويق عالميا :و ذلك بإستخدام المؤسسة لنفس األسلوب أو المحتوى لواحد أو
أكثر من عناصر المزيج التسويقي ،كأن تستخدم المؤسسة نفس العالمة التجارية أو نفس الحملة اإلعالنية
وهكذا في دول مختلفة .ويمكن لبرامج التسويق العالمي أن تمنح المؤسسة مزايا عديدة منها :أن توحيد
مقياس التسويق الدولي المحاضرة 2 االستاذة دليلة بربارة
مواصفات المنتج يقلل من التكلفة كما أن التنسيق المركزي لعنصر أو أكثر من عناصر المزيج التسويقي
يمكن المؤسسة من إستغالل أفضل األفكار؛ وبالنسبة للسلع والخدمات االستهالكية التي قد يقوم المستهلك
بشرائها عند تواجده بالخارج مثلما يقوم بشرائها في بلده ،قد يكون من الضروري توحيد اإلسم المميز للسلعة
أو العالمة التجارية وشكل الغالف أو الرسالة اإلعالنية ،حيث يؤدي هذا األسلوب الموحد إلى تدعيم وعي
ومعرفة واتجاه المستهلك نحو السلعة أو الخدمة المقدمة ،وبالتالي زيادة درجة والء المستهلك.
- 2التنسيق في األسواق العالمية :المرحلة الثانية من أنشطة التسويق التي تقوم بها المؤسسة بنطاق
عالمي هي التنسيق بين األسواق ،بـ ـ ــحيث عند إعداد برنامج تسويقي عالمي ينبغي أن يتسم هذا البرنامج
بالمرونة ،فقد تقوم المؤسسة بتسويق نفس المنتج باستخدام أسماء مميزة مختلفة أو قد تقوم بتسويق المنتج
بتركيبات مختلفة بإستخدام نفس اإلسم المميز .يمنح إستخدام إسم مميز واحد حول العالم المؤسسة ميزة
توحيد موصفات المنتج والتي تعتمد بالدرجة األولى على تقارب أذواق المستهلكين عالميا (قد يحدث هذا
في بعض المجاالت ويكون مستحيل في مجاالت أخرى) مما يسمح للمؤسسة بتنسيق جهودها الترويجية
واإلعالنية ،وتطوير وسائل اإلتصال العالمية التي تصل بسهولة عبر الحدود و القوميات ،حتى تستفيد
المؤسسة من ذلك ،يجب أن يتعرف المستهلك حول العالم على منتجاتها وخاصة خالل األحداث الرياضية
العالمية التي تجذب أكبر عدد من المشاهدين مثل دورة األلعاب األولمبية ،وكأس العالم لكرة القدم وما شبه
- 3ممارسة التكامل العالمي :أما المرحلة الثالثة ل ـ أنشطة التسويق التي تقوم بها المؤسسة بنطاق
عالمي هي ممارسة التكامل العالمي ،فحسب المفهوم التسويقي للعولمة ،على أنها العملية التي عن
طريقها تصبح األسواق واإلنتاج في الدول المختلفة معتمدة كل منها على األخرى بشكل متزايد بسبب
ديناميكيات التجارة في السلع والخدمات وتدفق أرس المال والتقني .والذي نقصد به ،أن تلعب المؤسسة
الدور نفسه في العديد من األسواق العالمية المختلفة والمتمثلة باألعمال المدمجة في عمليات المؤسسة ،
يعني إستخدام موارد بعض األسواق لتحقيق النجاح بأسواق أخرى ،والعكس بالعكس ،كما أنها تنطوي على
الردود عل الهجمات الموازية للمنافسة في جميع المجاالت.
أو بعبارة أخرى ،التكامل العالمي هو أن ال تعطي المؤسسة األولوية ألي منطقة جغرافية لكي
مركز رئيسيا ألداء نشاطاتها المختلفة ،وأن كل وظيفة بما فيها البحث والتطوير واإلنتاج والتسويق،
ا تصبح
وإيجاد المصادر والتمويل ،تؤدى في المكان المناسب حول العالم .