You are on page 1of 7

‫تمهيد‬

‫يعتبر القانون التجاري قانون حديث النشأة والتطور‪ ،‬وهو أحد فروع القانون الخاص والمنبثق‬
‫من القانون المدني على وجه التحديد‪ -‬باعتبار هذا األخير الشريعة العامة لجميع فروع القانون‬
‫الخاص‪ -‬والذي استقل عنه في اآلونة األخيرة‪ .‬وينحصر تطبيق القانون التجاري في مجال أو نطاق‬
‫التجارة‪ ،‬بما يشمله من أعمال أو أشخاص يمارسون األعمال التجارية‪ ،‬وهذا دون أن يمتد إلى طوائف‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ولقد مر القانون التجاري على عدة محطات أو مراحل تاريخية‪ ،‬والذي ابتدأ منذ القدم على أنه‬
‫قانونا دوليا‪ ،‬والذي كشفت عنه التحريات التاريخية‪ ،‬وعليه تستدعي دراسة القانون التجاري التطرق‬
‫إلى مفهوم القانون التجاري( المحور األول)‪ ،‬وكذا األعمال التجارية( المحور الثاني)‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫التاجر والصفة التجارية والتزاماته( المحور الثالث)‪ ،‬لي يتم ختم الدراسة والمحاضرات بالمحل‬
‫التجاري وعناصره والتصرفات الواردة عليه( المحور الرابع)‪.‬‬
‫المحاضرة األولى‬
‫مفهوم القانون التجاري‬
‫إن القانون التجاري هو قانون حديث النشأة واالستقاللية‪ ،‬إذ لم يتم تقنينه‪ -‬أي وضعه في قانون‬
‫خاص به‪ -‬إال في عهد نابليون وهذا في سنة ‪ ،1807‬ولقد مر القانون التجاري بمراحل تاريخية أكدت‬
‫وجوده واستقالليته‪ ،‬كما ظهرت عدة نظريات تعرفه كل حسب مذهبها والزاوية التي تنظر إليها‪ ،‬كما‬
‫تمييز القانون التجاري بخصائص فريدة تميزه عن بقية القوانين األخرى من بينها القانون المدني‪.‬‬
‫ونظرا الستقاللية القانون اتجاري‪ ،‬فقد وجدت معايير تمييز العمل التجاري عن العمل المدني‪ ،‬وهذه‬
‫المعايير تعبر عن استقاللية القانون التجاري عن القانون المدني وعدم تبعية األول لثاني‪ ،‬وعليه سنشير‬
‫في هذا السياق إلى نشأة وتطور القانون التجاري( أوال)‪ ،‬ثم تعرج بعد ذلك على تعريف القانون‬
‫التجاري‪ ،‬وبيان خصائصه( ثانيا)‪ ،‬ثم نختم المحور بالتمييز بين العمل التجاري والعمل المدني( ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نشأة وتطور القانون التجاري‬
‫يرتبط تاريخ القانون التجاري بتجارة وكيف بدأت إلى غاية وصولها إلى يومنا هذا‪ ،‬وعليه‬
‫يمكن تقسيم مراحل تطور القانون التجاري إلى ثالثة عصور‪ ،‬العصر القديم(‪ ،)01‬والعصر الوسيط(‬
‫‪ ،)02‬والعصر الحديث(‪.)03‬‬
‫‪ -1‬العصر القديم‬
‫حيث ظهرت في عقد البابليين منذ سنة ‪ 1700‬قبل الميالد عدة قواعد قانونية تجارية وهذا في‬
‫مدونة حمورابي‪ ،‬والتي نظمت بعض العقود التجارية( كالقرض بفائدة‪ ،‬والوديعة التجارية‪ ،‬والوكالة‬
‫بعمولة‪ ،‬والشركة)‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه هذه القواعد لم تكن سوى تقنين لألعراف التي كانت سائدة‬
‫آنذاك‪.‬‬
‫وأما الفينيقيون‪ ،‬فقد عرفوا التجارة البحرية‪ ،‬وابتدعوا نظام الخسائر العمومية؛ ومفاد هذا النظام‬
‫أنه إذا تعرضت سفينة للغرق‪ ،‬وتطلب األمر إلنقاذها تخفيف حمولتها‪ ،‬وذلك بإلقاء بعض البضائع في‬
‫البحر‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن في هذا العصر لم يعرف القانون التجاري كقانون متميز ومستقل‪ ،‬وإ نما‬
‫كانت قواعد القانون التجاري التي تنطبق على النشاط التجاري متناثرة تتضمنها قوانين مختلفة‬
‫ومتعددة‪.‬‬
‫‪ -2‬العصر الوسيط‬
‫حيث ظهرت في هذا العصر قواعد تجارية حديثة منها( التعامل بالسفتجة‪ ،‬نظام اإلفالس‪ ،‬وكذا‬
‫ظهور قضاء خاص يتواله التجار ويطبقون القواعد العرفية‪ ،‬وأيضا ظهور نظام التوصية‪ ،‬ومكان‬
‫القروض بالفوائد‪ ،‬ضف إلى ذلك قاعدة حرية اإلثبات في المواد التجارية‪...‬الخ)‪ .‬ولعل سبب ظهور‬
‫هذه األنظمة واستقاللية القانون التجاري‪ ،‬يرجع إلى المكانة السياسية واالجتماعية التي تمتع بها التجار‬
‫خالل تلك الحقبة‪ ،‬خاصة وأن التجار كانوا هم أقدر األشخاص على وضع تلك القواعد واألنظمة التي‬
‫سبق ذكرها‪ ،‬والتي استلهموها من البيئة التجارية‪.‬‬
‫‪ -3‬العصر الحديث‬
‫في العصر الحديث ازدهرت التجارة وبدأت تظهر وجودها واستقالليتها‪ ،‬وهذا منذ اكتشاف‬
‫القارة األمريكية‪ ،‬والفتح الذي قام به العثمانيين للقسطنطينية‪ ،‬وهذا الحدث قابله تقهقر إيطاليا في التحكم‬
‫الجيد في التجارة‪ ،‬والتي بدأت تتحول إلى غرب أوروبا( انجلترا‪ ،‬هولندا‪ ،‬البرتغال)‪ ،‬ونتيجة لذلك‬
‫ظهرت األسواق التجارية في هذه الدول‪ ،‬فازدادت بذلك أهمية النشاط التجاري‪.‬‬
‫كما بدأن تلك الدول السالف ذكرها تبحث عن مستعمرات لها لتسويق منتجاتها‪ ،‬وقد كان السبق‬
‫في ذلك لفرنسا‪ ،‬حيث قام لويس الرابع عشر بإصدار أمرا ملكيا‪ ،‬وهذا في سنة ‪ ،1673‬وبعد قيام‬
‫الثور الفرنسية تم تكليف لجنة من قبل الجمعية الوطنية الفرنسية لوضع تقنين شامل للقانون التجاري‪،‬‬
‫وأصدر سنة ‪ ،1708‬ولم يدخل حيز التنفيذ إال في سنة ‪ ،1808‬وقد تضمن هذا التقنين معظم أحكام‬
‫األمرين الملكيين للويس الرابع عشر‪ ،‬ويشتمل على القواعد التي تنظم شؤون التجارة‬
‫البحرية( كالشركات التجارية‪ ،‬واإلفالس)‪.‬‬
‫وبالنسبة للتشريع الجزائري‪ ،‬فقد صدر القانون التجاري بموجب األمر رقم ‪ ،59-75‬والمؤرخ‬
‫بتاريخ ‪ ،26/09/1975‬والذي عدل خاصة عن طريق المرسوم التشريعي رقم ‪ ،08-93‬والصادر‬
‫بتاريخ ‪ .25/02/1993‬وكان آخر تعديل للقانون التجاري الجزائري بموجب القانون رقم ‪،02-05‬‬
‫والمؤرخ بتاريخ ‪.06/02/2005‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف القانون التجاري وبيان خصائصه‬
‫سنتطرق في البدء إلى تعريف القانون التجاري من خالل التعريج النظريات التي عرفته حسب‬
‫مذهبها(‪ ،)01‬ثم نعدد بعد ذلك الخصائص التي يتميز بها القانون التجاري عن بقية القوانين األخرى(‬
‫‪.)02‬‬
‫تعريف القانون التجاري‬ ‫‪-1‬‬
‫اختلف الفقهاء في تحديد تعريف للقانون التجاري‪ ،‬وكان أساس هذا االختالف‪ ،‬اعتماد كل فريق‬
‫منهم على نظرية دون غيرها‪ ،‬فكانت نتيجة لذلك االختالف التساؤل عما إذا كان القانون التجاري‬
‫قانون التجار‪ ،‬أم القانون الذي يحكم األعمال التجارية؟‪ .‬وتطبيقا لذلك يمكن رد هذا االختالف إلى‬
‫نظريتين تتمثالن في‪ :‬النظرية الشخصية(أ)‪ ،‬والنظرية الموضوعية( ب)‪ .‬والبد في تعريف القانون‬
‫التجاري أن نبين بأي مسلك أخذ المشرع من خالل تلك النظريات التي سنقوم بعرضها( جـ)‪.‬‬
‫‪ -1‬النظرية الشخصية‬
‫تعتمد النظرية الشخصية أساسا على صفة الشخص أو األشخاص الذين يحترفون مهنة تجارية‪،‬‬
‫وعليه فوفقا لهذه النظرية فإذا كان الشخص مكتسبا لصفة التاجر‪ ،‬فإنه يخضع ألحكام القانون التجاري‪،‬‬
‫وأما إذا لم يكن متمتعا بصفة التاجر‪ ،‬فإنه ال يطبق عليه أحكام القانون التجاري‪ ،‬وذلك على أساس أن‬
‫القانون التجاري نشأ قانونا مهنيا في أصل نشأته‪ ،‬ويرجع إلى العادات والقواعد والنظم التي ابتدعها‬
‫وطبقها أصحاب الحرف التجارية‪.‬‬
‫‪ -2‬النظرية الموضوعية‬
‫تعتمد النظرية الموضوعية على األعمال التجارية‪ ،‬وترى أن القانون التجاري هو قانون‬
‫األعمال التجارية‪ ،‬فإذا قام شخص بعمل تجاري فإن هذا العمل تحكمه قواعد القانون التجاري‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن صفة القائم به تاجرا كان أم غير تاجر‪ ،‬وبصرف النظر عن تكرار أو عدم تكرار العمل‪،‬‬
‫فيعتبر العمل تجاريا حتى ولو قام به مرة واحدة‪.‬‬
‫جـ‪-‬موقف المشرع الجزائري من النظريتين‬
‫جمع المشرع الجزائري بين النظريتين‪ ،‬حيث استند على العمل التجاري في تحديد وصف‬
‫التاجر‪ ،‬وذلك حينما عرف التاجر في المادة األولى من القانون التجاري‪ ،‬والتي جاء فيها" يعد تاجرا كل‬
‫شخص طبيعي أو معنوي يباشر عمال تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له‪ ،‬ما لم يقض القانون بخالف ذلك"‪.‬‬
‫وتطبيقا لهذا النص يكون المشرع قد أخذ بالنظرية الموضوعية في تعريف التاجر‪.‬‬
‫ولقد اعتمد في نص المادة ‪ 01‬مكرر من نفس القانون على النظرية الشخصية والتي جاء في‬
‫نص المادة على أنه" يسري القانون التجاري على العالقات بين التجار في حالة عدم وجود نص فيه‬
‫يطبق القانون المدني وأعراف المهن ة عند االقتضاء"‪.‬‬
‫وأما في المادتين ‪02‬و ‪ 03‬من ذات القانون أيضا والتي عدد من خاللها األعمال التجارية‬
‫بحسب الشكل والموضوع‪ ،‬واستلهم ذلك التعداد من النظرية الموضوعية‪ .‬وأما في المادة ‪ 04‬من نفس‬
‫القانون قد أخذ بالنظرية الشخصية عندما عدد األعمال التجارية بالتبعية؛ وذلك أن العمل المدني ينقلب‬
‫إلى تجاري بالتبعية‪ ،‬إذا قام به تاجر بمناسبة مباشرته لنشاطه التجاري‪ ،‬فيستمد العمل الصفة التجارية‬
‫من صفة الشخص القائم به‪.‬‬
‫وعليه وتطبيقا لما سلف ذكره‪ ،‬عرف القانون التجاري جمعا بين النظريتين على أنه" مجموعة‬
‫من القواعد القانونية التي تنطبق على المنشآت التجارية والمالية في شأن األعمال الخاصة بممارسة‬
‫نشاطها‪ ،‬سواء فيما بينها‪ ،‬أو بين المتعاملين معها‪ ،‬حتى ولو لم يكونوا تجارا"‪.‬‬
‫خصائص القانون التجاري‬ ‫‪-2‬‬
‫يتميز القانون التجاري بخصائص تميزه عن بقية القوانين األخرى‪ ،‬وتتمثل أهمها‪ :‬في السرعة‬
‫والسهولة في اإلجراءات(أ)‪ ،‬وكذا االئتمان والثقة( ب)‪.‬‬
‫‪ -1‬السرعة والسهولة في اإلجراءات‬
‫تتميز األعمال التجارية على خالف األعمال المدنية التي تتصف بالبطء‪ ،‬حيث أن األعمال‬
‫التجارية يقوم بها الفرد في فترات متقاربة‪ ،‬ضف إلى ذلك أن موضوعها منقوالت معرضة لتقلبات‬
‫األسعار‪ ،‬وقابلة للتلف مما يتطلب القيام بها بسرعة‪ ،‬ضف إلى ذلك أن الوقت دور رئيسي في‬
‫المعامالت التجارية‪ ،‬وهذا ما أدى إلى ضرورة التسهيل للتاجر في القيام بتصرفات وإ برام عقوده‪،‬‬
‫وتبسيط طرق اإلثبات في العمليات التجارية‪ ،‬بخالف القانون المدني الذي يتسم بالبطء والتعقيد في‬
‫إبرام العقود والتصرفات وتنفيذها‪.‬‬
‫‪ -2‬االئتمان والثقة‬
‫حيث أن التاجر يحتاج أثناء ممارسة لنشاطه التجاري لعنصرين عامين‪ ،‬وهما" دعم الثقة‪،‬‬
‫وتعزيز االئتمان"‪ ،‬ولقد أقر المشرع الجزائري عدة وسائل لتدعيم هذين العنصرين في القانون‬
‫التجاري‪ ،‬فجاء نظام االئتمان لحماية حقوق الدائنين في استيفاء حقوقهم‪ ،‬وكذا منح االئتمان لمن يطلبه‪،‬‬
‫ولهذا وجد نظام اإلفالس لتصفية أموال المدين‪ ،‬إذا توقف أو عجز عن الوفاء بديونه التي حل ميعاد‬
‫استحقاقها‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هاتين الخاصيتين توجد خاصية أخرى تتمثل في" استقالل القانون التجاري عن‬
‫القانون المدني"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تمييز العمل التجاري عن العمل المدني‬
‫سنتعرض في هذا المقام إلى معايير تمييز العمل التجاري عن العمل المدني( ‪ ،)01‬ثم نشير‬
‫نبين بعد ذلك أهمية تمييز العمل التجاري عن العمل المدني( ‪.)02‬‬
‫‪-1‬معايير التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني‬
‫إن أم النظريات التي ميزت بين األعمال التجارية واألعمال المدنية تقوم على اعتبارات‬
‫اقتصادية وتتمثل في نظرية المضاربة( أ) والتداول( ب)‪ ،‬والمقاولة أو المشروع( جـ)‪.‬‬
‫‪ -1‬نظرية المضاربة‬
‫مفاد نظرية المضاربة أن ما يميز العمل التجاري عن العمل المدني و المضاربة؛ أي السعي‬
‫وراء تحقيق الربح‪ ،‬فكل عمل يهدف لتحقيق الربح يعد عمال تجاريا‪ ،‬فالتجارة ال تعترف بالتبرع وال‬
‫تأسس معامالتها على مجانية العمل‪.‬‬
‫غير أن هذه النظرية انتقدت أن تطبيقها لوحدها غير كافية للتمييز بين العمل التجاري والعمل‬
‫المدني‪ ،‬فهناك الكثير من األعمال تهدف إلى تحقيق الربح‪ ،‬ومع ذلك فهي ليست أعماال تجارية‪ ،‬كما‬
‫هو الشأن بالنسبة ألعمال المزارعين وأصحاب المهنة الحرة( كعمل الطبيب‪ ،‬والمهندس‬
‫والمحامي‪...‬الخ)‪ ،‬ومع ذلك فهي تظل أعمال مدنية‪ ،‬وبالمقابل هناك أعماال يقوم بها التاجر من أجل‬
‫تحقيق الربح ومع ذلك ال يتحقق الربح‪ ،‬ومع ذلك فهي أعمال تجارية( كالبيع بالخسارة أو البيع بأقل من‬
‫سعر التكلفة)‪.‬‬
‫ب‪ -‬نظرية التداول‬
‫مفاد هذه النظرية أن العمل التجاري يقوم في جوهره على تداول السلع والبضائع من وقت‬
‫خروجها من يد المنتج ووصولها إلى يد المستهلك‪ ،‬وعليه فوفقا لهذه النظرية فكل عمل يرمي لتحريك‬
‫الثروة‪ ،‬ويساعد على تنشيط حركتها يعتبر من طبيعة تجارية‪ ،‬أما األعمال التي تتناول الثروات وهي‬
‫في حالة ركود واستقرار فتعتبر من طبيعة مدنية( كعمل صاحب المصنع الذي يشتري مواد أولية‬
‫لتحويلها إلى سلع‪ ،‬ويبيعها للمستهلك‪ ،‬وكذا عمل الناقل الذي يقوم ينقل السلع من مكان آلخر‪ ،‬وعمل‬
‫التاجر الذي يشتري السلع ليبيعها للمستهلك)‪.‬‬
‫ولقد انتقدت هذه النظرية على أن هناك من األعمال التي توفر فيها عنصر التداول ومع ذلك‬
‫تعتبر أعماال مدنية‪ ،‬كعمل المنتج الزراعي‪ ،‬رغم أنه أول من يدفع السلعة للتداول‪ ،‬كذلك فإن عنصر‬
‫التداول ال يقتصر على األعمال التجارية‪ ،‬وإ نما يشمل جميع النشاط اإلنساني‪.‬‬
‫جـ‪-‬نظرية المقاول أول المشروع‬
‫تستند هذه النظرية على عنصرين هما االحتراف؛ أي تكرار القيام بالعمل‪ ،‬وتنظيم ذلك العمل‪،‬‬
‫ومن نتائج هذه النظرية أن العمل المنفرد وإ ن كان يقصد منه تحقيق الربح‪ ،‬إال أنه ال يعتبر تجاريا‪،‬‬
‫كما أن هذه النظرية تتجاهل ما يسمى باألعمال التجارية بطبيعتها‪ ،‬ووفقا لهذه النظرية يعتبر العمل‬
‫تجاريا إذا تمت ممارسته على سبيل التكرار‪ ،‬ووفقا لنظام عمل معين‪ ،‬والعمل المنفرد ال يعتبر تجاريا‬
‫وإ ن كان الغرض منه تحقيق الربح‪.‬‬
‫كما يرى أصحاب هذه النظرية أن التاجر يعتبر محورا لتطبيق القانون التجاري‪ ،‬فال يكتسب‬
‫هذه الصفة من خالل قيامه باألعمال التجارية‪ ،‬ولكن من خالل احترافه لهذه األعمال وقيامه بها في‬
‫شكل مشروع‪ ،‬وهذا المعيار اعتمد على النظرية الشخصية في تحديد نطاق القانون التجاري‪.‬‬
‫ولقد تم انتقاد هذه النظرية لعدم مقدرتها على وضع ضابط دقيق للتمييز بين العمل التجاري‬
‫والعمل المدني‪ ،‬فهناك مهن في األصل مدنية‪ ،‬تقوم بأعمالها في شكل شبيه بالمشروعات( كمكاتب‬
‫المهندسين‪ ،‬وعيادات األطباء)‪.‬‬
‫‪-2‬أهمية التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني‬
‫تتجلى أهمية التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني من عدة نواحي أهمها‪ ،‬االختصاص‬
‫القضائي‪ ،‬اإلثبات‪ ،‬التضامن بين المدنيين‪ ،‬عدم مجانية العمل‪ ،‬مهلة الوفاء‪ ،‬اإلفالس‪.‬‬
‫ب‪-1-‬االختصاص القضائي‬
‫تتميز المنازعات التجارية بالفصل فيها على وجه السرعة‪ ،‬وفقا إلجراءات خاصة على خالف‬
‫المنازعات المدنية في ذلك‪ ،‬وتطبيقا لذلك أخذت بعض الدول بالمحاكم التجارية على غرار المشرع‬
‫الجزائري الذي اسند الحكم في المنازعات التجارية إلى المحاكم العادية التي تفصل في جميع القضايا‬
‫المدنية والتجارية‪ ،‬وعليه فتطبق أحكام القانون المدني على األعمال المدنية وتطبق أحكام القانون‬
‫التجاري على األعمال التجارية‪.‬‬
‫ب‪-2-‬اإلثبات‬
‫في االلتزام المدني‪ ،‬نجد أن القانون المدني وضع قيودا صارمة إلثبات فيه‪ ،‬إذا تجاوزت قيمة‬
‫الدين أو االلتزام مائة ألف(‪ )100.000‬دج أو كانت غير محدودة‪ ،‬وهذا طبقا للمواد ‪ 333‬وما بعدها‬
‫من القانون المدني‪ ،‬فال يجوز اإلثبات في هذه الحالة إال بالكتابة‪ ،‬وهذا على خالف القانون التجاري‬
‫الذي يأخذ بمبدأ حرية اإلثبات في المسائل التجارية كأصل عام طبقا لنص المادة ‪ 30‬من القانون‬
‫التجاري‪ ،‬حيث يجوز اإلثبات فيه بكافة طرق اإلثبات من شهادة شهود وقرائن‪ ،‬ومهما كانت قيمة‬
‫المبلغ المتنازع عليه‪.‬‬
‫ب‪-3-‬التضامن بين المدنين‬
‫يقصد بالتضامن بين المدنيين في القانون المدني‪ ،‬أنه متى قام أحدهم بوفاء الدين تبرئ ذمة‬
‫اآلخرين من المدنيين‪ ،‬كما يجوز للدائن مطالبة المدنيين منفردين أو مجتمعين‪ ،‬وليس ألحدهم رفض‬
‫الوفاء‪ ،‬وهذا على أساس فكرة التضامن‪ .‬ففي المسائل المدنية ال وجود الفتراض التضامن بين‬
‫المدنيين‪ ،‬إال إذا وجد نص قانوني صريح ينص على التضامن أو اتفاق بين المتعاقدين‪ ،‬طبقا للمادة‬
‫‪ 217‬من القانون المدني الجزائري‪ .‬أما في المسائل التجارية فالتضامن مفترض بين المدنيين بدين‬
‫تجاري واحد‪ ،‬إال إذا وجد اتفاق صريح بين المدنيين على عدم التضامن‪.‬‬
‫ب‪-4-‬عدم مجانية العمل‬
‫فأهم خاصية يتميز بها العمل التجاري هي خاصية تحقيق الربح حتى ولو لم يتم تحقيق الربح‬
‫فعال‪ ،‬وبالتالي فالعمل التجاري ال يتم على سبيل التبرع‪ ،‬وهذا على خالف العمل المدني الذي من ال‬
‫يسعى إلى تحقيق الربح‪.‬‬
‫ب‪-5-‬مهلة الوفاء‬
‫في القانون المدني قد يستفيد المدين عند عدم الوفاء بدينه في ميعاد االستحقاق بمهلة يمنحها له‬
‫القاضي بعد تاريخ االستحقاق ليوفي بدينه‪ ،‬وهذا متى كان حسن النية طبقا لنص المادة ‪ 281‬من‬
‫القانون المدني الجزائري‪ ،‬وأما في القانون التجاري وحماية لعنصر الثقة واالئتمان يلزم المدين بالوفاء‬
‫بالديون المترتبة في ذمته في تاريخ استحقاقها‪ ،‬وإ ال فإنه يكون في حالة التوقف عن الدفع ويتعرض‬
‫لجزاء صارم يتمثل في شهر إفالسه وتوزيع أمواله على جماعة الدائنين‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 215‬من‬
‫القانون التجاري الجزائري‪ ،‬فال يستفيد المدين التاجر من مهلة الوفاء إال في ظروف استثنائية‪.‬‬
‫ب‪-6-‬اإلفالس‬
‫إذا توقف المدين التاجر عن دفع ديونه وفقا لنص المادة ‪ 215‬من القانون التجاري الجزائري‬
‫يتعرض لجزاء صارم يتمثل في شهر إفالسه‪ ،‬وهذا من أجل استيفاء دائنيه ديونهم منه طبقا لنظام الثقة‬
‫واالئتمان‪ ،‬وأما الشخص المدين‪ ،‬إذا عجز عن الوفاء بديونه‪ ،‬يعتبرا معسرا وفقا لقواعد القانون المدني‬
‫الجزائري‪ ،‬ويتعرض حينئذ لنظام اإلعسار‪.‬‬

You might also like