Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة9
المحاضرة9
ىو محمد بن أحمد ،المشيور بابن رشد ،ولد سنة 520ه1126 ،م بقرطبة ،توفي
سنة 595ه1198-م بمراكش .درس الفقو و األصول و الرياضيات و الطب و الفمسفة و
الفمسفة التي أبعد بسببيا من قرطبة إلى المغرب ،بعد أن ُعذب و نكل بو بوصفو زنديقا ،و
أحرقت كتبو.
ُعرف ابن رشد في النقد األدبي بفضل شروحاتو ألرسطو و أفالطون ،حيث تأثر بآرائيما
في المحاكاة و الغرض منيا.
سوى ابن رشد بين مصطمحات المحاكاة و التشبيو و التخييل ،حيث تدل ىذه
لقد ّ
المصطمحات كميا عمى الكالم الذي يستخدم الصور البالغية ،و ينبو ابن رشد الشاعر في
ىذا السياق إلى انو يتوجب عميو "أن يمزم في تخييالتو و محاكياتو األشياء التي جرت العادة
باستعماليا في التشبيو و أال يتعدى في ذلك طريقة الشعر" () و سيستغل ابن رشد مسألة
التخييل ىذه ليطور فكرة المغة الشعرية التي استند عمييا النقد المعاصر -و خاصة شعرية
جون كوىين -لتمييز الشعر عن النثر في عصر تماىت فيو الحدود بين الشعر و النثر بعد
الفنين .لقد ميز ابن رشد –عبر المحاكاة-بين المغة المؤثرة
سقوط معيار الوزن كفيصل بين ّ
و المغة البرىانية ،و أخرج من دائرة الشعر ذلك النوع من الشعر الذي يعتمد اإلقناع ،
يقول ":و ىا ىنا نوع آخر من الشعر ،ىي األشعار التي في باب التصديق و اإلقناع
أدخل منيا في باب التخييل ،و ىي أقرب إلى المثاالت الخطبية منيا إلى المحاكاة
الشعرية ...و ىو كثير في شعر أبي الطيب"() ويكون ابن رشد عمى ىذا النحو من النقاد
الذين وقفوا موقفا منطقيا من المتنبي و تأمموا نصو من الداخل.
و بالنسبة لموضوع المحاكاة عند ابن رشد فقد حصره –مثل أرسطو -في المديح و اليجاء
فكل قول شعري ىو " إما مديح و إما ىجاء ،و بيذا تكون األمور اإلرادية الحسنة و
القبيحة ىي موضوع الشعر عنده ،حيث أن المديح يقوم عمى محاكاة األفعال اإلرادية
الفاضمة ،أي محاكاة كل ما ىو خير ،أما اليجاء فيعتمد عمى محاكاة األفعال القبيحة أي
كل ما ىو شر ،و ىذا دليل عمى أن األفعال اإلنسانية الممكنة خي ار كانت أو ش ار ىي
موضوع المحاكاة الشعرية"() و سوف يفصل ابن رشد في طرق المحاكاة متمثال طريق
أرسطو ،مستشيدا بأمثمة من الشعر العربي العباسي و األندلسي ،محمال أخطاء المحاكاة
التي يقع فييا الشعراء في بعض األحيان.
و ال يخرج ابن رشد عن اإلطار األرسطي في تنظيره النقدي حول وظيفة الشعر ،و فطرة
الناس في التمذذ بالمحاكاة " حيث االلتذاذ ليس يكون بذكر الشيء المقصود ذكره دون أن
يحاكى ،بل إنما يكون االلتذاذ بو و القبول لو إذا حوكي ،و لذلك ال يمتذ إنسان بالنظر إلى
صور األشياء الموجودة أنفسيا ،و يمتذ بمحاكاتيا"() و يمح ابن رشد عمى أن تكون المذة
ذات "محتوى أخالقي" .و باإلضافة إلى وظيفة المذة تؤدي المحاكاة الشعرية وظيفة تعميمية
خاصة بالنسبة لمصغار فإذا ما كبروا استعمل في تعمييم األقاويل البرىانية ،و ال ننسى الدور
األخالقي لممحاكاة الشعرية ،فاألقاويل الشعرية ليا تأثير مباشر عمى السموك اإلنساني لذا
يتوجب أن تكون الغاية من المحاكاة الحث عمى الفضيمة و التنفير من الرذيمة.
يمكن القول في األخير ،إن الفالسفة اإلسالميين لم يبتدعوا في الواقع شيئا جديدا تماما
في حقل النقد األدبي ،بل استثمروا اإلرث اليوناني و أعادوا تقديمو لمقارئ العربي شارحين
و معمقين ،و أحيانا مطبقين عمى الشعر العربي كما ىو الحال مع ابن رشد.