You are on page 1of 10

‫‪Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām‬‬

‫رسالة إلزام اليهود فيما زعموا في التوراة من قبل علم الكالم‬


‫عبد العالم (بعد ‪ 1512‬؟)‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫سل ربنا بالحق“‪ ،71‬والصالة‬‫ي لوال أن هدانا الله لقد جاءت ُر ُ‬‫”الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنُّا لنهتد َ‬
‫سواء السبيل ـ الموازي علما ُء أمته ألنبياء بني اسرائيل ـ محم ٍد الذي أرسله بالهدى‬ ‫على َمن أرشدنا إلى َ‬
‫ودين الحق ليظهره على الدين كلِّه فيما سبق‪ ،‬وعلى آله وأصحابه التابعين‪ ،‬والذين أتبعوهم بإحسان إلى‬
‫يوم الدين‬

‫العلم ـ عفى الله عنه ـ ‪ :‬إن الله تعالى لما هداني إلى دين اإلسالم‪،‬‬ ‫وبعد فيقول الفقير إلى الله السالم عبد َّ‬
‫وألّف قلبي مع أهل اإليمان ُمعرصا عن الكفر واآلثام‪ ،‬إذ كنت من بني إسرائيل وزُمرة أحبارهم‪ ،‬مطلعا على‬
‫سطَع في أبصار سريرتي‪ ،‬نو ٌر وهدًى بالصفا إلى‬ ‫آيات كتابهم وأخبارهم‪ ،‬وقد لمع على عين بصيرتي‪ ،‬و َ‬
‫حقيقة نبو ِة محم ٍد المصطفى صلى الله عليه وسلم من مشكاة آيات التوراة بعد أن حرفوا ما كان صريحا‬
‫بيّنًا وبَيانًا َمتينا ُمبيَّنًا واستخرجوا من بعض آياتها وكلماتها باالهتمام ما يد ّل بزعْمهم على تأبيد دين موسى‬
‫عليه السالم‪ ،‬وظنوا أن فيها اإلشارةَ إلى انقطاع الوحي عندها‪ ،‬والكتاب السماوي بعدها‪ ،‬وحسبوا أنَّهم‬
‫ضلُّوا وأَ َ‬
‫ضلُّوا كثيراَ“‪” 72‬وما يُض ّل به إال القوم الفاسقون“‪.73‬‬ ‫على شيء إال أنهم في ِم ْري ٍة مما يقولون‪” ،‬فَ َ‬

‫فبعد ال ُمحاورات وال ُمشاجرات مع علما ِء بني إسرائيل على حسب اصطالحاتهم في َمضامين اآليات‬
‫التي استدلّوا بها على التأبيد صارت آيات التوراة ُهدًى لي بعون الله المعين‪ ،‬وإرشادًا إلى الحق اليقين‪،‬‬
‫ق الدين المستبين‪ ،‬كما قال الله تعالى في الكتاب‬
‫صباحا أبصرتُ به في ظلم ِة الكف ِر طري َ‬
‫ً‬ ‫وأنوار كلماتها ِم‬
‫المجيد الفرقان ّي الدّليل ”ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلناه هدًى لبني إسرائيل“ فالحمد لله على دين‬
‫‪74‬‬

‫اإلسالم بفضله الجميل‪.‬‬

‫فاستخرجتُ بتأييد الله تعالى من التوراة ”تسع آيات بينات“‪ ،75‬موافقًا لما قال الله تعالى ”ولقد آتينا‬
‫موسى تسع آيات“‪ .76‬أما الخمس منها ففي إثبات نبوة محم ٍد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأما األرب ُع ففي بطالن‬
‫استداللهم على تأبيد دين موسى عليه السالم‪ ،‬وانقطاع الوحي والتنزيل بعده‪ ،‬ولما وقعت هدايتي إلى نيل‬
‫ب‬ ‫هذه السعادة العظمى وإصابتي إلدراك تلك الكرامة الكبرى‪ ،‬في ظل سلطان أع َّز اإلسال َم والمسلمين ونَ َ‬
‫ص َ‬
‫من دولته شرفُ دين اإلسالم‬ ‫سط َوت ِه آثار المعاندين في الدين‪ ،‬وظَ َهر بيُ ِ‬ ‫أعالم العلم بين المؤمنين‪ ،‬وقَ َه َر بِ َ‬
‫على كافَّة العالمين‪ ،‬أمير المؤمنين‪ ،‬وناصر المسلمين‪ ،‬سلطان السالطين‪ ،‬وبرهان الخواقين ‪ ،‬قهرمان الما ِء‬
‫سيف الله‪ ،‬المؤيَّد من عند الله‪ ،‬السلطان بن‬ ‫ِ‬ ‫والطين‪ ،‬السلطان المجاهد في سبيل الله تعالى قامع الكفر ِة بِ‬
‫َ‬
‫سلطانه وأيَّد لتأييد الشرع المبين أنصا َره‬ ‫ق ُ‬‫السلطان سلطان بايزيد بن محمد خان خلَد الله لتأييد دين الح ِّ‬
‫دوام ظلِّه عقيب الصلوات وأهديتُ إلى ن َّواب بابه‬ ‫ِ‬ ‫وجبتُ بعد أداء الفرائض والواجبات دعا َء‬ ‫وأعوانَه فَأ َ َ‬

‫سورة األعراف ‪٤٣\٧‬‬ ‫‪ 71‬‬


‫سورة المائدة ‪٧٧\٥‬‬ ‫‪ 72‬‬
‫سورة البقرة ‪٢٦\٢‬‬ ‫‪ 73‬‬
‫سودة االسراء ‪٢\١٨‬‬ ‫‪ 74‬‬
‫سورة االسراء ‪١٠١\١٨‬‬ ‫‪ 75‬‬
‫سورة االسراء ‪١٠١\١٨‬‬ ‫‪ 76‬‬

‫‪485‬‬
‫‪darulfunun ilahiyat‬‬

‫سدة الرفيعة الرحمةَ وااللتفات لعل الله‬


‫األعلى هذه الكلمات راجيا من الله رف َع الدرجات‪ ،‬آمال من ُخدَّام ال َ‬
‫يهديني إلى سبيل الحق والصواب ‪ ،‬ويجعله وسيلة للفوز باألجر والثواب وإليه المرجع والمآب‪.‬‬

‫أما اآليات الخمس التي تدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫التوراة‪”:‬كي‪ 77‬يَقُ ْم ‪ 78‬بَ ِك ْربَ َخه‪ 79‬نَبي أ ُو ه ُولَ ْم‪َ 80‬حلُ ْم‪َ 81‬ونَتَتن‪ 82‬الَ ْ‬
‫يخه‪ 83‬ا ُو ْث‪ 84‬ا ُو‬ ‫ْ‬ ‫فأولها قوله تعالى في‬
‫ي‪َ 91‬هنَبِي‪ 92‬هَه ُوا‪ 93‬ا ُو َم ْث‪.94‬‬ ‫ر‬
‫َِْ ْ‬‫ب‬ ‫د‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬
‫ِ ْ َ ْ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫‪90‬‬
‫يم‬ ‫ر‬ ‫ح‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫‪89‬‬
‫م‬
‫ْ‬ ‫هي‬‫ُ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ا‬ ‫‪88‬‬
‫د‬‫م ُوفَ ْث‪َ 85‬واَ َم َره‪ 86‬لَقَا‪َ 87‬و ْ ُ َ‬
‫ب‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ن‬

‫دليل أو بُرهانًا ويأ ْمركم بأن أتوا‬


‫نبي أو رائي رؤيًا ويُعطيكم ً‬
‫ومعناه على لغة العرب ”إذا قام بينكم ُّ‬
‫لنعبد إل ًها آخر ال تسمعوا كلمات ذلك النب َّي بل أهلكوه“ ‪.‬‬
‫‪95‬‬

‫س ِمي‪ 99‬اَلَو‪ِ 100‬‬


‫تس ْم َع ُونْ ‪ “101‬ومعناه على لغة‬ ‫وثانيها‪ :‬قوله تعالى في التوراة‪َ ”:‬هنَبي‪ 96‬اَش َْر‪ 97‬يَ َدبَ ْر‪ 98‬بِ ْ‬

‫إذا‬ ‫‪ 77‬‬
‫قام‬ ‫‪ 78‬‬
‫بينكم‬ ‫‪ 79‬‬
‫‪ 80‬رائي‬
‫رؤيا‬ ‫‪ 81‬‬
‫ويعطي‬ ‫‪ 82‬‬
‫إليكم‬ ‫‪ 83‬‬
‫دليال‬ ‫‪ 84‬‬
‫برهان‬ ‫‪ 85‬‬
‫وليأمر‬ ‫‪ 86‬‬
‫ايتو‬ ‫‪ 87‬‬
‫ولنعبد‬ ‫‪ 88‬‬
‫إله‬ ‫‪ 89‬‬
‫آخر‬ ‫‪ 90‬‬
‫كلمات‬ ‫‪ 91‬‬
‫النبي‬ ‫‪ 92‬‬
‫ذلك‬ ‫‪ 93‬‬
‫‪ 9 4‬اهلكوه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ت اآليَة أ ِو األعجُوبَة التِي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ك آيَة أوْ أعجُوبَة ‪َ 2‬ولوْ َح َدث ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ك نَبِ ٌّي أوْ َحالِ ٌم حُلما َوأعطا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ 95‬التثنية‪٦: 1 ،٣-١\١٣‬إِذا قا َم فِي َو َس ِط َ‬
‫ك الحُل َم ألَنَّ الرَّبَّ إِلهَ ُك ْم‬
‫ك النَّبِ ِّي أَ ِو ال َحالِ ِم َذلِ َ‬ ‫ُ‬
‫ْر ْفهَا َونَ ْعبُ ْدهَا ‪ 3‬فَال تَ ْس َم ْع لِك ِ‬
‫َالم َذلِ َ‬ ‫ك َع ْنهَا قَائِالً‪ :‬لِن َْذهَبْ َو َرا َء آلِهَ ٍة أ ْخ َرى ل ْم تَع ِ‬ ‫كَل َم َ‬
‫يَ ْمت َِحنُ ُك ْم لِيَعْل َم هَل تُ ِحبُّونَ الرَّبَّ إِلهَ ُك ْم ِم ْن ُكلِّ قُلُوبِ ُك ْم َو ِم ْن ُكلِّ أَ ْنفُ ِسك ْمُ‬
‫‪ 96‬النبي‬
‫الذي‬ ‫‪ 97‬‬
‫يتكلم‬ ‫‪ 98‬‬
‫باسمي‬ ‫‪ 99‬‬
‫‪ 100‬إليه‬
‫‪ 101‬تسمعون‬

‫‪486‬‬
‫‪Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām‬‬

‫العرب‪” :‬النبي الذي يتكلم باسمي فاستمعوا له“‪ 102‬ول ّما كان هذه اآلية معطوفة على اآلية األولى كان تقدير‬
‫عطي ُكم دليالً وبُرهانا ويتكلم باسمي فاستمعوا له أي أطيعه‪.‬‬
‫الكالم‪ :‬وإذا قام بينكم نب ٌّي ويُ ِ‬
‫اعلم أن هاتين اآليتين تدالن على وجوب طاعة شريعة محمد وعيسى عليهما السالم وقبول نُب ّوتهما‬
‫ألن الشرائطَ المذكورة في اآليتين وهي إتيان الدليل والبرهان والتكلُّم باسم الله تعالي أي اإلخبار عن‬
‫التوحيد متحققة وموجودة فيهما عليهما السالم‪.‬‬

‫فإن قيل من أين يُعلم ثبوت هذه الشراط في محمد وعيسى عليهما السالم؟‬

‫قلنا‪ :‬إن التكلم باسم الله تعالى وهو اإلخبار عن التوحيد وإتيان الدالئل والبراهين التي تكون بالمعجزات‬
‫معلو ٌم بالتواتر بأن هذه الشرائط موجودة فيهما عليهما السالم‪ .‬فإن طريق العلم بثبوت المعجزات لألنبياء‬
‫ُ‬
‫وحيث أطلق الله تعالى في التوراة النب َّي‬ ‫عليهم السالم وأكثر أحوالهم بالنسبة إلينا ليس إال بالتواتر؛‬
‫وجوب طاع ِة بني‬
‫ُ‬ ‫بدين موسى عليه السالم فثبت بذلك‬
‫ِ‬ ‫األوصاف ولم يُقَيّد بكونه ُمتدينا‬
‫ِ‬ ‫الموصوفَ بتلك‬
‫إسرائيل لمن ادّعى النبوة كعيسى ومحمد عليهما السالم‪.‬‬

‫وثالتها قوله تعالى في التوراة‪َ ” :‬وال قَ ْم‪ 103‬نَبي عُو ْد َك ُموسى‪ 104‬باسرائيل‪ .“105‬ومعناه ما قام نبي وال‬
‫يقوم كموسى من بني إسرائيل‪.106‬‬
‫‪112‬‬
‫ي‬
‫َدبَ َر ْ‬ ‫‪111‬‬
‫َونَتَتَي‬ ‫‪110‬‬ ‫قَ ُم َ‬
‫وخ ْم‬ ‫‪109‬‬
‫اَ َ‬
‫هيح ْم‬ ‫‪108‬‬
‫لَ َه ْم ِم َك َر ْب‬ ‫‪107‬‬
‫وراب ُعها قولُه تعالى في التورا ِة‪”:‬نَبِي اَ ِك ْم‬

‫طلبْتَ ِمنَ الرَّبِّ‬ ‫ب ُكلِّ َما َ‬ ‫ك ِم ْثلِي‪ .‬لهُ تَ ْس َمعُونَ ‪َ 16 .‬ح َس َ‬ ‫ك ِم ْن إِ ْخ َوتِ َ‬ ‫ك نَبِيّا ً ِم ْن َو َس ِط َ‬ ‫ك الرَّبُّ إِلهُ َ‬‫‪ 102‬التثنية ‪٢٠: “-١٥\١٨‬يُقِي ُم ل َ‬
‫اع قَائِالً‪ :‬ال أَعُو ُد أَ ْس َم ُع صَوْ تَ الرَّبِّ إِل ِهي َوال أ َرى هَ ِذ ِه النَّا َر ال َع ِظي َمةَ أيْضا لِئَال أ ُموتَ ‪ 17‬قَال‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫االجْ تِ َم ِ‬
‫يب يَوْ َم ِ‬
‫ُور َ‬
‫ك فِي ح ِ‬ ‫إِل ِه َ‬
‫ك َوأَجْ َع ُل كَال ِمي فِي فَ ِم ِه فَيُ َكلِّ ُمهُ ْم بِ ُك ِّل َما أُ ِ‬
‫وصي ِه بِ ِه‪.‬‬ ‫لِ َي الرَّبُّ ‪ :‬قَ ْد أَحْ َسنُوا فِي َما تَكَل ُموا‪ 18 .‬أُقِي ُم لهُ ْم نَبِيّا ً ِم ْن َو َس ِط إِ ْخ َوتِ ِه ْم ِم ْثل َ‬
‫اإل ْنسَانَ ال ِذي ال يَ ْس َم ُع لِكَال ِمي ال ِذي يَتَكَل ُم بِ ِه بِا ْس ِمي أَنَا أُطَالِبُهُ”‬ ‫‪َ 19‬ويَ ُكونُ أَنَّ ِ‬
‫‪ 103‬أي وما قام‬
‫‪ 104‬يدل على االستقبال أي كمثل موسى‬
‫‪ 1 05‬من بني إسرائيل‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫‪ 106‬التثنية ‪َ ” ١٠:\٣٤‬ول ْم يَق ْم بَ ْع ُد نَبِ ٌّي فِي إِ ْس َرائِيل ِمث ُل ُمو َسى ال ِذي َع َرفهُ الرَّبُّ َوجْ ها لِ َوجْ ه“‬
‫‪ 107‬أقيم‬
‫‪ 108‬من بين‬
‫‪ 109‬أخيهم‬
‫‪ 1 10‬مثلك‬
‫‪ 111‬وأُعطي‬
‫‪ 112‬كلماتي‬

‫‪487‬‬
‫‪darulfunun ilahiyat‬‬

‫ي‪َ 117‬هنَبي‪َ 118‬ه ُهو‪ 119‬انُخي‪ 120‬اَدْر ُو ْ‬


‫ش‪َ 121‬م ِع ُمو‪“122‬‬ ‫س َم ْع اَ َل ِد ْب َر ْ‬‫َيئش‪ 115‬اَش َْر‪ 116‬ال يَ ْ‬ ‫فيو‪َ 113‬وهَيهَ‪ 114‬ه ْ‬
‫بَ ْ‬
‫ين أخيهم مثلُك وأُعطي كلماتي بفيه ليطيعوه ويكون الرجل‬ ‫ِ َ ِ‬‫ب‬ ‫نْ‬ ‫م‬ ‫لهم‬ ‫ا‬‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫نب‬ ‫قيم‬‫ُ‬ ‫ا‬ ‫”‬ ‫العرب‪:‬‬ ‫لغة‬ ‫في‬ ‫ومعناه‬
‫ب إطاعة شريعة محم ٍد‬ ‫ت ذلك النبي ُمؤاخ ًذا مني“‪ .123‬وهاتان اآليتان تدالن على وجو ِ‬ ‫الذي ال يسمع كلما ِ‬
‫وقبول نبوته عليه السالم بطريق الخصوص اذ لوال ذلك لزم التناقض بين اآليتين ألن المفهوم من اآلية‬
‫األولى أن مثل موسى عليه السالم ما قام‪ 124‬وال يقوم من بني إسرائيل‪.‬‬

‫والمفهوم من اآلية الثانية أن مثل موسى عليه السالم يقوم من بني إسرائيل فيلزم التناقض وكالم‬
‫متعال ع َّما يقول الظالمون عل ّوًا كبيراً عن التناقض ألن المراد من « األخ» على زعم علماء‬
‫ٍ‬ ‫الباري ُمنزه‬
‫األخ المجازي يعني األخوة في الدين فيكون حينئ ٍذ من‬ ‫اليهود في اآلية الثانية في قوله من بين أخيهم ُ‬
‫بني إسرائيل فيلزم التناقض‪ .‬وهذا القول منهم يعني حملُهم األخ على المعنى المجازي مردود ألن حمل‬
‫النصوص على ظاهرها واجب ما لم توجد فيه الضرورة‪ ،‬وال ضرورة بهذا المقام ألن يُحمل على المعنى‬
‫المجازي مع أن محمد عليه السالم قد بُعث من بين أخيهم ألنه عليه السالم من بني إسماعيل وهو ٌ‬
‫أخ‬
‫حقيق ٌي لبني إسرائيل ألن مبدأ بني إسرائيل هو إسحاق النبي عليه السالم وإسماعيل النبي عليه السالم ٌ‬
‫أخ‬
‫له حقيقةً‪ .‬فإن قيل في دفع التناقض بأن المراد من اآلية األولى ما قا َم وال يقو ُم مث ُل موسى عليه السالم‬
‫في جميع الجهات يعني في نزول الكتاب واألحكام‪.‬‬

‫ومن اآلية الثانية أن مثل موسى عليه السالم يأتي ِمن بني إسرائيل في بعض الجهات يعني في نزول‬
‫الكتاب فقط وهو داوود النبي عليه السالم إذ ليس في كتابه أحكام فاندف َع التناقض‪ .‬فنقول‪ :‬ذلك التطبيق‬
‫باطل من وجهين األول‪ :‬أنه ال يصلح أن يكون المراد مثلك في اآلية الثانية في قوله تعالى أُقيم نبيا لهم‬
‫من بين أخيهم مثلك داوود النبي عليه السالم‪ .‬ألن المراد من مثلك ال بد أن يكون ذلك النبي مثله في نزول‬
‫صاحب األحكام‪ ،‬ألن الطاعة ال‬‫َ‬ ‫األحكام‪ .‬ألن قوله تعالى « لِيُطي ُعوا» في اآلية الثانية يدل على أن يكون‬
‫أحكام التورة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بحكم وأم ٍر غي ِر‬
‫ٍ‬ ‫تكون إال في مقابلة األحكام التي جاء بها ذلك النبي وداود لم يُؤتَ‬

‫األخ حقيقةً‪ ،‬واألخ الحقيقي لبني إسرائيل خارج عن بني إسرائيل‬ ‫والثاني ‪ :‬أن المراد من بين أخيهم هو ُ‬
‫ألن الضمي َر في قوله تعالى « من بين أخيهم» راجع إلى بني إسرائيل بأسرهم وإفراد لفظ األخ وإضافته‬
‫س ِّميت ببني إسرائيل فلو ال ذلك‬
‫شخص واح ٌد وهم الجماعة التي ُ‬
‫ٌ‬ ‫إلى ضمير الجمع تشع ُر بأن أخوهم هو‬
‫خارجا عنهم وداود النبي عليه‬
‫ً‬ ‫األخ‬ ‫فيكون‬ ‫أخوانهم‬ ‫بني‬ ‫بين‬ ‫من‬ ‫اإلشعار لكان شأن العبارة أن يقول ‪:‬‬
‫وخارجا عنهم م ًعا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫داخل فيهم‬ ‫أخا حقيقيًّا إذ على ذلك التقدير يلزم أن يكون‬
‫السالم منهم فال يصح أن يكون ً‬
‫‪ 113‬بفيه‬
‫‪ 114‬ويكون‬
‫‪ 115‬الرجل‬
‫‪ 116‬الذي‬
‫‪ 117‬كلمات‬
‫‪ 118‬النبي‬
‫‪ 119‬ذلك‬
‫‪ 120‬أنا‬
‫‪ 121‬أطب‬
‫‪ 122‬منه‬
‫‪َ ” 123‬ول ْم يَقُ ْم بَ ْع ُد نَبِ ٌّي فِي إِ ْس َرائِيل ِم ْث ُل ُمو َسى ال ِذي َع َرفَهُ الرَّبُّ َوجْ ها ً لِ َوجْ ٍه“‪:‬التثنية ‪١٨\١٨‬‬
‫‪ُ 124‬كتب تحت هذه الكلمة‪ :‬نفي‪.‬‬

‫‪488‬‬
‫‪Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām‬‬

‫وهو محا ٌل‪ ،‬فال يندفع التناقض ويمكن دفع التناقض بأن يقول ‪ :‬أن المراد من اآلية األولى أن مثل موسى‬
‫عليه السالم في نزول الكتاب واألحكام ما قام وال يقوم من بني إسرائيل ‪ .‬ومن الثانية أن مثل موسى‬
‫أخا حقيقةً لبني إسرائيل إال بني‬
‫عليه السالم في نزول الكتاب واألحكام يقوم من أخ بني إسرائيل وليس ً‬
‫الكتاب واألحكا ُم ما هو إال محمدًا عليه الصالة‬
‫ُ‬ ‫إسماعيل فالنبي الذي جاء من بني إسماعيل َونَ َز َل عليه‬
‫والسالم فاندفع التناقض فوجب قب ُو ُل نبوة محمد عليه السالم‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬لم ال يجوز أن يكون المراد من ِمثل َك في اآلية الثانية عيسى عليه السالم‪ ،‬ألن عيسى عليه‬
‫السالم مثل موسى عليه السالم في نزول الكتاب واألحكام مع أنه ليس من بني إسرائيل ألنه عليه السالم‬
‫لم يُولد من األب وال يكون النص على اختصاص قوله تعالى من بين أخيهم محمدًا عليه السالم‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬ال تحتمل على ذلك عبارةُ من بين أخيهم ألن عيسى عليه السالم من جهة األب ليس من بني‬
‫إسرائيل وال من أخ بني إسرائيل وأما من جهة األُ ِم فهو من بني إسرائيل ألنه عليه السالم يُعرف بمسيح‬
‫بن مريم‪ ،‬ومريم رضي الله عنها بنتُ عمران اإلسرائيلي ال ِمن أخ بني إسرائيل فال يصح أن يكون المارد‬
‫من مثلك عيسى عليه السالم فتعين أن يكون المراد محمداً عليه السالم‪ .‬ويدل أيضا عبارةُ اآلية األولى‬
‫بقوله تعالى ما قام نب ٌي وال يقوم كموسى من بني إسرائيل على وجوب َمجيئِه من غير بني إسرائيل ممن‬
‫ي فذلك النبي إما عيسى وإما محمد‬ ‫يُماثل موسى عليه السالم‪ .‬ألن قوله تعالى من بني إسرائيل قي ٌد احتراز ٌ‬
‫عليهما السالم ففي اآلية داللة على وجوب مجيئ رسال ِة عيسى ومحم ٍد عليهما السالم‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫سبَتٌ ‪ِ 126‬ميَ ُهودَي‪َ 127‬و ُم ُحوكَكْ ‪ِ 128‬مبَن‪َ 129‬ر ْجلَو‬ ‫خامسها قوله تبارك وتعالى في التوراة‪َ »:‬ل يَا ُ‬
‫س ْر‪َ 125‬‬
‫سيلُو‪َ 134‬ولُو‪ 135‬يِ ْق َحط‪َ 136‬ع ِمي ْم “ ‪.‬‬
‫‪138 137‬‬
‫َع ْد‪ْ 131‬‬
‫كي‪ 132‬يَابَا‪ِ 133‬‬
‫يخرج من‬
‫ُ‬ ‫رجل عظيم الشأن الذي‬
‫ٍ‬ ‫صا من يهودي وال يزال عصاء‬ ‫ومعناهُ على لغة العرب ”ال يَزَا ُل ع ً‬
‫بين أرجل اليهودي حتى يجي َئ الذي له العصا وإليه تجتم ُع األمم“‪.139‬‬

‫‪ 125‬ال يزال‬
‫‪ 126‬عصا‬
‫‪ 127‬من يهودي‬
‫‪ 128‬عظيم الشأن‬
‫‪ 129‬من بين‬
‫‪ 130‬رجليه‬
‫‪ 131‬حتى‬
‫‪ 132‬أن‬
‫‪ 133‬يجيئ‬
‫‪ 134‬من له‬
‫‪ 135‬وإليه‬
‫‪ 136‬تجتمع‬
‫‪ 137‬أمم‬
‫‪ 1 38‬التكوين ‪١٠\٤٩‬‬
‫ع ِم ْن بَي ِْن ِرجْ لَ ْي ِه َحتَّى يَاتِ َي ِشيلُونُ َولَهُ يَ ُكونُ ُخضُو ُ‬
‫ع ُشعُوبٍا“ ‪ :‬التكوين ‪١٠.\٤٩‬‬ ‫ضيبٌ ِم ْن يَهُو َذا َو ُم ْشت َِر ٌ‬
‫‪   139‬ال يَ ُزو ُل قَ ِ‬

‫‪489‬‬
‫‪darulfunun ilahiyat‬‬

‫اعلم أن في هذه اآلية دَاللةً على خمسة أمو ٍر‪:‬‬

‫األول‪ :‬على شريعة موسى عليه السالم‪.‬‬

‫والثانية‪ :‬على شريعة عيسى عليه السالم‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬على شريعة محمد عليه الصالة والسالم‪.‬‬

‫والرابعة على انتهاء شريعة موسى وعيسى عليهما السالم إلى شريعة محمد عليه الصالة والسالم‪.‬‬

‫والخامسة‪ :‬على كون شريعة محمد عليه الصالة والسالم على كافّ ِة األنام‪.‬‬

‫ألن هذه اآلية حكايةٌ عن إخبار يعقوب النبي عليه السالم على أبنائه عن أحوال آخر الزمان بقوله‪:‬‬
‫”ال يزال عصاً“ أي ”احكا ُم من يهودي“‪ .‬وهو إشارة إلى شريعة موسى عليه السالم‪.‬‬

‫وبقوله تعالى”ال يزال عصاء“ إي أحكام رجل عظيم الشأن الذي يخرج من بين أرجل اليهودي هو‬
‫إشارة إلى شريعة عيسى عليه السالم ألن نسبةَ عيسى عليه السالم إلى اليهودي من جهة أمه ف ُ‬
‫شبٍّهت‬
‫أرج ِل اليهودي ألنه ليس من ظَ ْه ِره بل من بين أرجله‪.‬‬
‫وال ُد أمه بِ ُ‬

‫وبقوله تعالى‪” :‬حتى يجيئ الذي“ أي الرجل الذي له عصاء‪ ..‬يعني يختص له األحكام وهو إشارة إلى‬
‫شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وانتهاء الشريعتين األوليين إلى هذه الشريعة ألت قوله تعالى ”عد“‬
‫بمعنى حتى‪ ،‬وحتى تدل على االنتهاء‪ .‬وقوله تعالى ‪”:‬ولواي لهذا الرجل تجمع األمم“ يدل على عموم‬
‫شريعة محم ٍد عليه الصالة والسالم‪ ،‬ألن شريعة موسى تختص ببني إسرائيل ال كل األمم فهذه اآلية تدل‬
‫على انتهاء شريعة موسى وعيسى عليهما السالم إلى شريعة محمد‪ ،‬وعموم شريعة محمد عليه السالم‪.‬‬

‫سروا هذه اآليةَ بقولهم‪ :‬ال يزا ُل عصاء أي أحكام موسى عليه‬
‫اعلم أن المفسرين من علماء اليهود ف ّ‬
‫السالم من بين يهودي وال يزال كونُ الرجل العظيم الشأن الذي من بين أرجل يهودي يعني في تحت‬
‫ي ألن المهدي على زعمهم يجيئ‬ ‫حكومة هذه الشريعة حتى يجيئ الرجل الذي صار له الحكم وهو المهد ّ‬
‫من بني يهودي على شريعة موسى عليه السالم‪ ،‬وتفسي ُرهُم هذه اآلية على هذا الوجه باطل من وجهين‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن لفظ حتى في قوله تعالى « حتى يجيئ الرجل الذي له العصا» تد ّل على انتهاء الشريعة األولى‬
‫إلى شريعة الرجل الذي له العصا أي الحكم فتعين أن شريعة من له غير شريعة موسى عليه السالم فال‬
‫يجوز أن يكون شريعة من له العصا شريعةَ موسى عليه السالم‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن قوله تعالى « له العصا» يدل على اختصاص هذه الشريعة لذلك الرجل الذي له العصا فلو‬
‫كان هذه الشريعة شريعةَ موسى عليه السالم لم تكن مختصةً للرجل الذي له العصا فتعين أن تكون تلك‬
‫الشريعة مغايرة لشريعة موسى عليه السالم‪.‬‬

‫وأما اآليات األربع التي استدلوا بها بزعمهم على التأبيد ـ أي تأبيد دين موسى عليه السالم ـ‬

‫‪490‬‬
‫‪Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām‬‬

‫‪146‬‬
‫َشي َر ْه‪َ 141‬هظُفْ ‪ 142‬لَفَنَ ْو‪َ 143‬و َهبَ ْه‪َ 144‬ك ْي‪ 145‬تِ ْم َ‬
‫سنَ ْه‬ ‫فأولها قوله تعالى في التوراة يا موسى‪َ ”:‬كت ُْب‪ 140‬ه ِ‬
‫‪154 َ 153 َ َ َ 152‬‬
‫ض ْرعو “‬
‫‪158 157‬‬
‫َ‬ ‫‪156‬‬ ‫َ ‪155‬‬
‫شق ْح َمفى‬ ‫َشيَر ْه لفن ْو ك ْي ال تِ َ‬ ‫سر ُوتْ ‪َ 150‬و َع ْنتَ ْه‪ 151‬ه ِ‬
‫ا ُوتُو‪َ 147‬ر ُع ْد‪َ 148‬ربُوتْ ‪َ 149‬و َ‬
‫ومعناه في لغة العرب ”اكتب هذه التوراة أمام بني إسرائيل فإذا كان كذلك إذا وجدتهم نَ َكباتٌ كثيرةٌ ومضايقاتٌ‬
‫ونادتهم التوراةُ ألن التوراة ال تُنسى من أفواه ذرياتهم“‪.159‬‬

‫استدلوا أي علما ُء اليهود بهذه اآلية على تأبيد دين موسى عليه السالم وقالوا‪ :‬لنا أن ال نطيع غير‬
‫األحكام التوراتية‪ .‬فإن قوله تعالى‪” :‬إن التوراة ال تُنسى من أفواه ذ ِّرياتهم“ يدل على تأبيد دين موسى عليه‬
‫السالم وعلى تأبيد أحكام التوراة أو نفي النسيان من أفواه ذرياتهم يدل على ذك التوراة في أفواه ذرياتهم‬
‫ت من األوقات فما هو إال معنى التأبيد‪.‬‬
‫نسيان في وق ٍ‬
‫ٍ‬ ‫دائ ًما فإذا كانت التوراة في أفواه ذرياتهم مذكورةً بال‬

‫وهذا االستدالل منهم ليس بصحيح ألن قوله تبارك وتعالى ‪”:‬أن التوراة ال تنسى من أفواه ذريتهم“‬
‫مستقل حتى يُستدل به على التأبيد بل هو المفهوم والحكم المعلوم من اآلية هو األمر بكتابة‬ ‫ٍ‬ ‫بحكم‬
‫ٍ‬ ‫ليس‬
‫التوراة ألن تحفظ بالكتابة وتُ َعلَّم في زمان التعليم وتُذكر عند النسيان بسبب الكتابة ويُنادى بها في وقت‬
‫االحتياج ف ِمن أين يلزم التأبيد لجواز أن يكون معناه ال تُنسى قبل كون التوراة منسوخة‪.‬‬

‫‪ 140‬أي اكتب ‬
‫‪ 141‬التوراة‬
‫‪ 142‬هذا‬
‫‪ 143‬أمامهم‬
‫‪ 144‬وإذا كان كذلك‬
‫‪ 145‬إذا‬
‫‪ 146‬وجدت‬
‫‪ 147‬لهم‬
‫‪ 148‬نكبات‬
‫‪ 149‬كثيرة‬
‫‪ 150‬ومضايقات‬
‫‪ 151‬ونادت‬
‫‪ 152‬التوراة‬
‫‪ 153‬أمامهم‬
‫‪ 154‬ألنها‬
‫‪ 155‬ال تُنسى‬
‫‪ 156‬من أفواه‬
‫‪ 157‬ذرّياتهم‪.‬‬
‫‪ 1 58‬التثنية ‪٢١-١٩\٣١‬‬
‫ض ْعهُ فِي أَ ْف َوا ِه ِه ْم لِيَ ُكونَ لِي هَ َذا النَّ ِشي ُد شَا ِهداً‬ ‫ِّ‬
‫‪ 159‬التثنية ‪”:٢١ ،١٩\٣١‬فَاآلنَ ا ْكتُبُوا َأل ْنفُ ِس ُك ْم هَ َذا النَّ ِشي َد َو َعل ْم بَنِي إِ ْس َرائِيل إِيَّاهُ‪َ .‬‬
‫ت‬‫اوبُ هَ َذا النَّ ِشي ُد أَ َما َمهُ شَا ِهداً ألَنَّهُ ال يُ ْن َسى ِم ْن أَ ْف َوا ِه نَ ْسلِ ِه‪ .‬إِنِّي َع َر ْف ُ‬ ‫عَلى بَنِي إِ ْس َرائِيل‪.‬فَ َمتَى أَ َ‬
‫صابَ ْتهُ ُشرُو ٌر َكثِي َرةٌ َو َشدَائِ ُد يُ َج ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت»‬ ‫ض َك َما أق َس ْم ُ‬ ‫فِ ْك َرهُ ال ِذي يُفَ ِّك ُر بِ ِه اليَوْ َم قَبْل أ ْن أ ْد ِخلهُ إِلى األرْ ِ‬

‫‪491‬‬
‫‪darulfunun ilahiyat‬‬

‫س َميَ ْي ْم‪ 160‬هي‪ِ 161‬ل ُم ْر‪162‬مي‪ 163‬يِ ُع َل‪ 164‬لَن ُو‪َ 165‬ه َ‬
‫س َم ْي ْم‪ 166‬وال َم َعبَ َر‪167‬هيَ ْم‪ 168‬هي‬ ‫وثانيها قوله تعالى‪ »:‬ال بَ َ‬
‫ال ُم ْرمي‪ 169‬يَ َعبَ َرهَ‪ 170‬لنو‪ 172“171‬ومعنى هذه اآلية في لغة العرب ”ال في السموات أحكام لتأمروا شخصا‬
‫يصعد‪ 173‬في السموات ويأتينا بها وال في وراء البحر أحكام لتأمروا من يعبر إليها وينقلها إلينا“‪.174‬‬

‫استدلوا ـ أي علماء اليهود ـ بهذه اآلية على تأبيد دين موسى عليه السالم وقالوا‪ :‬لنا أن ال نطيع غي َر‬
‫األحكام التوراتية ألن معنى اآلية على زعمهم ما في السموات أحكام لتأمروا بالصعود إليها وإتيانها إلينا‬
‫من السموات وال من وراء البحر أحكام لتأمروا بالعبور وإتيانها إلينا من وراء البحر فتعين أن ال يكون‬
‫في السموات وال في غيرها أحكام فينحصر األحكام في األحكام التوراتية فيلزم التأبيد‪.‬‬

‫وهذا االستدالل أيضا باط ٌل ألن حاصل معنى اآلية أن األحكام التوراتية موجودة عندكم ال تبعد عنكم‬
‫والمنفي في اآلية كون األحكام التوراتية في السموات وفي وراء البحر ال األحكام المطلقة بقرينة سباق‬
‫الكالم ألن معنى اآلية السابقة يا بني إسرائيل اعبدوا الهكم على أحكام التوراة النازلة عليكم إذ ال يبقى‬
‫لكم حك ٌم في السموات وال في وراء البحر من األحكام التوراتية النازلة عليكم ف َمن َع ِدم األحكام التوراتية‬
‫األحكام الغي ِر التوراتية لجواز أن يكون األحكام اإلنجيلية‬
‫ِ‬ ‫النازلة على بني إسرائيل في السموات ال يلزم عدم‬
‫والفرقانية في السموات فتنزل لنسخ األحكام التوراتية فال يلزم التأبيد ‪.‬‬

‫وال‬ ‫‪180‬‬
‫َعلَو‬ ‫‪179‬‬
‫ُوصيفُو‬
‫ال ت ِ‬ ‫‪178‬‬ ‫ص َ‬
‫وخ‬ ‫َم َ‬ ‫‪177‬‬
‫نُوخي‬ ‫‪176‬‬
‫ش َْرا‬ ‫‪175‬‬
‫وثالثها قوله تعالى في التوراة‪”:‬قُ ْل َه َدبَ ْرا‬
‫‪ 160‬ال في السموات‬
‫‪ 161‬ضمير راجع إلى األحكام‬
‫‪ 162‬لتأمروا‬
‫‪ 163‬من‬
‫‪ 164‬يصعد‬
‫‪ 165‬إلينا‬
‫‪ 166‬في السموات‬
‫‪ 167‬وال من وراء‬
‫‪ 168‬البحر‬
‫‪ 169‬مروا‬
‫‪ 170‬يعبره‬
‫‪ 171‬إلينا‬
‫‪ 172‬مقارن التثنية ‪١٣-١٢\٣٠‬‬
‫‪ 1 73‬صفة لشخص ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫ك َوال بَ ِعي َدة ِمنكَ‪ .‬ل ْي َست ِه َي فِي ال َّس َما ِء َحتى‬
‫‪12‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ك بِهَا اليَوْ َم ل ْي َست ع َِس َرة َعل ْي َ‬ ‫وصي َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫صيَّة التِي أ ِ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪ 174‬التثنية ‪«١٣ “-١١\٣٠‬إِنَّ ه ِذ ِه ال َو ِ‬
‫تَقُو َل‪َ :‬م ْن يَصْ َع ُد ألَجْ لِنَا إِلَى ال َّس َما ِء َويَأْ ُخ ُذهَا لَنَا َويُ ْس ِم ُعنَا إِيَّاهَا لِنَ ْع َم َل بِهَا؟ ‪َ 13‬والَ ِه َي فِي َعب ِْر ْالبَحْ ِر َحتَّى تَقُو َل‪َ :‬م ْن يَ ْعبُ ُر ألَجْ لِنَا‬
‫ك َوفِي قَ ْلبِ َ‬
‫ك لِتَ ْع َم َل بِهَا‪”.‬‬ ‫ك ِج ًّدا‪ ،‬فِي فَ ِم َ‬ ‫ْالبَحْ َر َويَأْ ُخ ُذهَا لَنَا َويُ ْس ِم ُعنَا إِيَّاهَا لِنَ ْع َم َل بِهَا؟ ‪14‬بَ ِل ْال َكلِ َمةُ قَ ِريبَةٌ ِم ْن َ‬
‫‪ 175‬األمر‬
‫‪ 176‬الذي‬
‫‪ 177‬أنا‬
‫‪ 178‬أوصيكم‬
‫‪ 179‬تزيدوا‬
‫‪ 180‬عليه ”‬

‫‪492‬‬
‫‪Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām‬‬

‫ت َْج َرعُو‪ِ 181‬م َمن ُو‪ 183“182‬اآلية فمعنى هذا اآلية في لغة العرب ”كل األمر الذي أوصيكم به ال تزيدوا عليه‬
‫وال تنقصوا عنه“‪.184‬‬

‫استدل علماء اليهود بهذه اآلية على تأبيد شريعة موسى عليه السالم‪ .‬ويقولون‪ :‬إن الله تعالى أمرنا‬
‫بأن ال نزيد على أحكام التوراة وأن ال ننقص عنها فإذا كان كذلك فال نطيع شريعةً فيها زيادةٌ عليها أو‬
‫نقصان عنها‪ ،‬فال نطيع شريعةَ محم ٍد وعيسى عليهما السالم ألن الزيادة والنقصان في هاتين الشريعتين‬
‫واضح غير محتاج إلى البيان ‪ .‬وهذا االستدالل أيضا باطل ألن اآلية ال‬ ‫ٌ‬ ‫على شريعة موسى عليه السالم‬
‫تنافي إطاعة شريعة عيسى ومحمد عليهما السالم ألن المفهوم من تلك اآلية أن األمر الذي نطق وأوصى‬
‫موسى عليه السالم ببني إسرائيل بأن قال‪ :‬وال تزيدوا فيه ك ِّميَّتةً وال كيفيَّةً وكأنه قال صلوا كل يوم ثالث‬
‫صلوات باألركان المخصوصة وال تزيدوا عليه بقولكم الصالة المفروضة أربعة أو اثنان وال تنسبوا ذلك‬
‫النقصان والزيادة إلى شريعة موسى عليه السالم وأما الشريعة التي جاء بها عيسى عليه السالم والشريعة‬
‫التي جاء بها سيدنا وسندنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم فليستا أم ًرا أوصى بها موسى عليه السالم‬
‫قومه ليصير كونها زيادةً أو نقصانًا ُمنافيا لآلية‪ .‬وال داللة في تلك اآلية المذكورة في التوراة على أن ال‬
‫مبعوث بالحق فإنه ال يطلق على الشريعة المستقلة أنها زيادة أو‬ ‫ٌ‬ ‫يطيعوا شريعة مستقلة يأتي بها نب ٌي‬
‫نقصان فيما أتى وأوصى بهه موسى عليه السالم‪.‬‬

‫ورابعها ـ أي الرابع من اآلية الدالة بزعمهم على تأبيد دين موسى عليه السالم ـ قول الله تبارك وتعالى‬
‫هلتْ ‪ 190‬يعقوب“‪ 191‬ومعنى هذه اآلية على‬ ‫ص َو ْه‪ 186‬لنو‪187‬موسى‪ُ 188‬مو َرشي‪َ 189‬ك ِ‬
‫في التوراة ‪”:‬تُ َونْ ‪ِ 185‬‬
‫ٌ‬
‫ميراث لجماعة يعقوب النبي عليه السالم“‪.192‬‬ ‫لغة العرب‪” :‬التوراة التي أوصاكم بها موسى عليه السالم‬

‫استدلوا أي ـ علماء اليهود ـ بهذه اآلية الكريمة على تأبيد دين موسى وتأبيد شريعته عليه السالم بأن‬
‫يقولوا إن دين موسى عليه السالم مؤبد ألن اآلية تدل على أن التوراة ميراث فيما بين قوم موسى عليه‬
‫السالم وهو جماعة يعقوب النبي عليه السالم فهذا يقتضي على أن ال ينفك أحكام التوراة من قوم موسى‬
‫عليه السالم فمن عدم انفكاك أحكام التوراة عن قوم موسى عليه السالم يلزم تأبيد دين موسى وتأبيد‬
‫شريعته عليه السالم‪.‬‬

‫وهذا االستدالل منهم أيضا باطل وجوابه ‪ :‬أن أسلوب اآلية الكريمة وهي قوله تعالى‪”:‬إن التوراة‬
‫ميراث لجماعة يعقوب عليه السالم وعلى قوم موسى عليه السالم“ يدل على أن التوراة مختصةٌ ليعقوب‬

‫‪ 181‬تنقصوا‬
‫‪ 182‬عنه‬
‫‪ 183‬التثنية ‪٣٢\١٢‬‬
‫َالم ال ِذي أُ ِ‬
‫وصي ُك ْم بِ ِه احْ ِرصُوا لِتَ ْع َملُوهُ‪ .‬ال ت َِز ْد عَل ْي ِه َوال تُنَقِّصْ ِم ْنهُ“‬ ‫‪ 184‬التثنية ‪ُ ”:٣٢\١٢‬كلُّ الك ِ‬
‫‪ 185‬التوراة‬
‫‪ 186‬أوصي‬
‫‪ 187‬لكم‬
‫‪ 188‬موسى‬
‫‪ 189‬ميراث‬
‫‪ 190‬لجماعة‬
‫‪ 1 91‬التثنية ‪٤\٣٣‬‬
‫وب“‬ ‫ً‬
‫صانَا ُمو َسى ِمي َراثا لِ َج َما َع ِة يَ ْعقُ َ‬ ‫َ‬
‫س أوْ َ‬
‫‪ 192‬التثنية ‪”:٤\٣٣‬بِنَا ُمو ٍ‬

‫‪493‬‬
‫‪darulfunun ilahiyat‬‬

‫النبي عليه السالم فقط ال لسائر األمم ومن اختصاص التوراة لجماعة يعقوب عليه السالم ال يلزم أن تكون‬
‫جماعة يعقوب عليه السالم مختصةً للتوراة حتى ال تطيعوا غير األحكام التوراتية من الكتب السماوية ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ميراث للتوراة أي‬ ‫ولو كان معنى اآلية الكريمة ما زعمتم لكان شأن العبارة أن يقول ‪ :‬إن جماعة يعقوب‬
‫مختصةٌ بأن تعلموا باألحكام التوراتية فحسب وليس كذلك فال يلزم أن ال يطيعوا غير األحكام التوراتية من‬
‫اإلنجيل والفرقان كما زعمه علماء اليهود المتمردين لعن الله عليهم أجمعين‪.‬‬

‫وأما سائر أدلتهم المذكورة في التوراة بزعمهم على تأبيد دين موسى عليه السالم فال نطول الكالم‬
‫العدم ج ًّدا فإنها كبيوت العنكبوت فال جواب‬
‫ِ‬ ‫بإيرادها في هذا المقام ألن كلها ضعيفةٌ جدا فأَعددتُها منزلةَ‬
‫عنها إال السكوت‪ ،‬والله ولي التوفيق والهداية باإليمان ومنه االهداء وعليه التكالن‪.‬‬

‫وقد تم الكتاب بعون الله الوهاب والله أعلم بالصواب‪ ،‬وإليه المرجع والمآب‪ ،‬وصلى الله على سيدنا‬
‫محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫تم‬

‫‪494‬‬

You might also like