Professional Documents
Culture Documents
سل ربنا بالحق“ ،71والصالةي لوال أن هدانا الله لقد جاءت ُر ُ”الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنُّا لنهتد َ
سواء السبيل ـ الموازي علما ُء أمته ألنبياء بني اسرائيل ـ محم ٍد الذي أرسله بالهدى على َمن أرشدنا إلى َ
ودين الحق ليظهره على الدين كلِّه فيما سبق ،وعلى آله وأصحابه التابعين ،والذين أتبعوهم بإحسان إلى
يوم الدين
العلم ـ عفى الله عنه ـ :إن الله تعالى لما هداني إلى دين اإلسالم، وبعد فيقول الفقير إلى الله السالم عبد َّ
وألّف قلبي مع أهل اإليمان ُمعرصا عن الكفر واآلثام ،إذ كنت من بني إسرائيل وزُمرة أحبارهم ،مطلعا على
سطَع في أبصار سريرتي ،نو ٌر وهدًى بالصفا إلى آيات كتابهم وأخبارهم ،وقد لمع على عين بصيرتي ،و َ
حقيقة نبو ِة محم ٍد المصطفى صلى الله عليه وسلم من مشكاة آيات التوراة بعد أن حرفوا ما كان صريحا
بيّنًا وبَيانًا َمتينا ُمبيَّنًا واستخرجوا من بعض آياتها وكلماتها باالهتمام ما يد ّل بزعْمهم على تأبيد دين موسى
عليه السالم ،وظنوا أن فيها اإلشارةَ إلى انقطاع الوحي عندها ،والكتاب السماوي بعدها ،وحسبوا أنَّهم
ضلُّوا وأَ َ
ضلُّوا كثيراَ“” 72وما يُض ّل به إال القوم الفاسقون“.73 على شيء إال أنهم في ِم ْري ٍة مما يقولون” ،فَ َ
فبعد ال ُمحاورات وال ُمشاجرات مع علما ِء بني إسرائيل على حسب اصطالحاتهم في َمضامين اآليات
التي استدلّوا بها على التأبيد صارت آيات التوراة ُهدًى لي بعون الله المعين ،وإرشادًا إلى الحق اليقين،
ق الدين المستبين ،كما قال الله تعالى في الكتاب
صباحا أبصرتُ به في ظلم ِة الكف ِر طري َ
ً وأنوار كلماتها ِم
المجيد الفرقان ّي الدّليل ”ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلناه هدًى لبني إسرائيل“ فالحمد لله على دين
74
فاستخرجتُ بتأييد الله تعالى من التوراة ”تسع آيات بينات“ ،75موافقًا لما قال الله تعالى ”ولقد آتينا
موسى تسع آيات“ .76أما الخمس منها ففي إثبات نبوة محم ٍد صلى الله عليه وسلم ،وأما األرب ُع ففي بطالن
استداللهم على تأبيد دين موسى عليه السالم ،وانقطاع الوحي والتنزيل بعده ،ولما وقعت هدايتي إلى نيل
ب هذه السعادة العظمى وإصابتي إلدراك تلك الكرامة الكبرى ،في ظل سلطان أع َّز اإلسال َم والمسلمين ونَ َ
ص َ
من دولته شرفُ دين اإلسالم سط َوت ِه آثار المعاندين في الدين ،وظَ َهر بيُ ِ أعالم العلم بين المؤمنين ،وقَ َه َر بِ َ
على كافَّة العالمين ،أمير المؤمنين ،وناصر المسلمين ،سلطان السالطين ،وبرهان الخواقين ،قهرمان الما ِء
سيف الله ،المؤيَّد من عند الله ،السلطان بن ِ والطين ،السلطان المجاهد في سبيل الله تعالى قامع الكفر ِة بِ
َ
سلطانه وأيَّد لتأييد الشرع المبين أنصا َره ق ُالسلطان سلطان بايزيد بن محمد خان خلَد الله لتأييد دين الح ِّ
دوام ظلِّه عقيب الصلوات وأهديتُ إلى ن َّواب بابه ِ وجبتُ بعد أداء الفرائض والواجبات دعا َء وأعوانَه فَأ َ َ
485
darulfunun ilahiyat
أما اآليات الخمس التي تدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
التوراة”:كي 77يَقُ ْم 78بَ ِك ْربَ َخه 79نَبي أ ُو ه ُولَ ْمَ 80حلُ ْمَ 81ونَتَتن 82الَ ْ
يخه 83ا ُو ْث 84ا ُو ْ فأولها قوله تعالى في
يَ 91هنَبِي 92هَه ُوا 93ا ُو َم ْث.94 ر
َِْ ْب د لَ ا ع م س
ِ ْ َ ْ ت ال 90
يم ر ح
َ ْ َ ا 89
م
ْ هيُ لُ ا 88
دم ُوفَ ْثَ 85واَ َم َره 86لَقَاَ 87و ْ ُ َ
ب عَ ن
إذا 77
قام 78
بينكم 79
80رائي
رؤيا 81
ويعطي 82
إليكم 83
دليال 84
برهان 85
وليأمر 86
ايتو 87
ولنعبد 88
إله 89
آخر 90
كلمات 91
النبي 92
ذلك 93
9 4اهلكوه
ُ ْ ُ
ت اآليَة أ ِو األعجُوبَة التِي َ ُ َ ً
ك آيَة أوْ أعجُوبَة َ 2ولوْ َح َدث ِ ْ ُ َ ً َ ْ َ ً
ك نَبِ ٌّي أوْ َحالِ ٌم حُلما َوأعطا َ َ َ َ
95التثنية٦: 1 ،٣-١\١٣إِذا قا َم فِي َو َس ِط َ
ك الحُل َم ألَنَّ الرَّبَّ إِلهَ ُك ْم
ك النَّبِ ِّي أَ ِو ال َحالِ ِم َذلِ َ ُ
ْر ْفهَا َونَ ْعبُ ْدهَا 3فَال تَ ْس َم ْع لِك ِ
َالم َذلِ َ ك َع ْنهَا قَائِالً :لِن َْذهَبْ َو َرا َء آلِهَ ٍة أ ْخ َرى ل ْم تَع ِ كَل َم َ
يَ ْمت َِحنُ ُك ْم لِيَعْل َم هَل تُ ِحبُّونَ الرَّبَّ إِلهَ ُك ْم ِم ْن ُكلِّ قُلُوبِ ُك ْم َو ِم ْن ُكلِّ أَ ْنفُ ِسك ْمُ
96النبي
الذي 97
يتكلم 98
باسمي 99
100إليه
101تسمعون
486
Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām
العرب” :النبي الذي يتكلم باسمي فاستمعوا له“ 102ول ّما كان هذه اآلية معطوفة على اآلية األولى كان تقدير
عطي ُكم دليالً وبُرهانا ويتكلم باسمي فاستمعوا له أي أطيعه.
الكالم :وإذا قام بينكم نب ٌّي ويُ ِ
اعلم أن هاتين اآليتين تدالن على وجوب طاعة شريعة محمد وعيسى عليهما السالم وقبول نُب ّوتهما
ألن الشرائطَ المذكورة في اآليتين وهي إتيان الدليل والبرهان والتكلُّم باسم الله تعالي أي اإلخبار عن
التوحيد متحققة وموجودة فيهما عليهما السالم.
فإن قيل من أين يُعلم ثبوت هذه الشراط في محمد وعيسى عليهما السالم؟
قلنا :إن التكلم باسم الله تعالى وهو اإلخبار عن التوحيد وإتيان الدالئل والبراهين التي تكون بالمعجزات
معلو ٌم بالتواتر بأن هذه الشرائط موجودة فيهما عليهما السالم .فإن طريق العلم بثبوت المعجزات لألنبياء
ُ
وحيث أطلق الله تعالى في التوراة النب َّي عليهم السالم وأكثر أحوالهم بالنسبة إلينا ليس إال بالتواتر؛
وجوب طاع ِة بني
ُ بدين موسى عليه السالم فثبت بذلك
ِ األوصاف ولم يُقَيّد بكونه ُمتدينا
ِ الموصوفَ بتلك
إسرائيل لمن ادّعى النبوة كعيسى ومحمد عليهما السالم.
وثالتها قوله تعالى في التوراةَ ” :وال قَ ْم 103نَبي عُو ْد َك ُموسى 104باسرائيل .“105ومعناه ما قام نبي وال
يقوم كموسى من بني إسرائيل.106
112
ي
َدبَ َر ْ 111
َونَتَتَي 110 قَ ُم َ
وخ ْم 109
اَ َ
هيح ْم 108
لَ َه ْم ِم َك َر ْب 107
وراب ُعها قولُه تعالى في التورا ِة”:نَبِي اَ ِك ْم
طلبْتَ ِمنَ الرَّبِّ ب ُكلِّ َما َ ك ِم ْثلِي .لهُ تَ ْس َمعُونَ َ 16 .ح َس َ ك ِم ْن إِ ْخ َوتِ َ ك نَبِيّا ً ِم ْن َو َس ِط َ ك الرَّبُّ إِلهُ َ 102التثنية ٢٠: “-١٥\١٨يُقِي ُم ل َ
اع قَائِالً :ال أَعُو ُد أَ ْس َم ُع صَوْ تَ الرَّبِّ إِل ِهي َوال أ َرى هَ ِذ ِه النَّا َر ال َع ِظي َمةَ أيْضا لِئَال أ ُموتَ 17قَال
َ ً َ َ
االجْ تِ َم ِ
يب يَوْ َم ِ
ُور َ
ك فِي ح ِ إِل ِه َ
ك َوأَجْ َع ُل كَال ِمي فِي فَ ِم ِه فَيُ َكلِّ ُمهُ ْم بِ ُك ِّل َما أُ ِ
وصي ِه بِ ِه. لِ َي الرَّبُّ :قَ ْد أَحْ َسنُوا فِي َما تَكَل ُموا 18 .أُقِي ُم لهُ ْم نَبِيّا ً ِم ْن َو َس ِط إِ ْخ َوتِ ِه ْم ِم ْثل َ
اإل ْنسَانَ ال ِذي ال يَ ْس َم ُع لِكَال ِمي ال ِذي يَتَكَل ُم بِ ِه بِا ْس ِمي أَنَا أُطَالِبُهُ” َ 19ويَ ُكونُ أَنَّ ِ
103أي وما قام
104يدل على االستقبال أي كمثل موسى
1 05من بني إسرائيل
ً َ ْ ُ
106التثنية َ ” ١٠:\٣٤ول ْم يَق ْم بَ ْع ُد نَبِ ٌّي فِي إِ ْس َرائِيل ِمث ُل ُمو َسى ال ِذي َع َرفهُ الرَّبُّ َوجْ ها لِ َوجْ ه“
107أقيم
108من بين
109أخيهم
1 10مثلك
111وأُعطي
112كلماتي
487
darulfunun ilahiyat
والمفهوم من اآلية الثانية أن مثل موسى عليه السالم يقوم من بني إسرائيل فيلزم التناقض وكالم
متعال ع َّما يقول الظالمون عل ّوًا كبيراً عن التناقض ألن المراد من « األخ» على زعم علماء
ٍ الباري ُمنزه
األخ المجازي يعني األخوة في الدين فيكون حينئ ٍذ من اليهود في اآلية الثانية في قوله من بين أخيهم ُ
بني إسرائيل فيلزم التناقض .وهذا القول منهم يعني حملُهم األخ على المعنى المجازي مردود ألن حمل
النصوص على ظاهرها واجب ما لم توجد فيه الضرورة ،وال ضرورة بهذا المقام ألن يُحمل على المعنى
المجازي مع أن محمد عليه السالم قد بُعث من بين أخيهم ألنه عليه السالم من بني إسماعيل وهو ٌ
أخ
حقيق ٌي لبني إسرائيل ألن مبدأ بني إسرائيل هو إسحاق النبي عليه السالم وإسماعيل النبي عليه السالم ٌ
أخ
له حقيقةً .فإن قيل في دفع التناقض بأن المراد من اآلية األولى ما قا َم وال يقو ُم مث ُل موسى عليه السالم
في جميع الجهات يعني في نزول الكتاب واألحكام.
ومن اآلية الثانية أن مثل موسى عليه السالم يأتي ِمن بني إسرائيل في بعض الجهات يعني في نزول
الكتاب فقط وهو داوود النبي عليه السالم إذ ليس في كتابه أحكام فاندف َع التناقض .فنقول :ذلك التطبيق
باطل من وجهين األول :أنه ال يصلح أن يكون المراد مثلك في اآلية الثانية في قوله تعالى أُقيم نبيا لهم
من بين أخيهم مثلك داوود النبي عليه السالم .ألن المراد من مثلك ال بد أن يكون ذلك النبي مثله في نزول
صاحب األحكام ،ألن الطاعة الَ األحكام .ألن قوله تعالى « لِيُطي ُعوا» في اآلية الثانية يدل على أن يكون
أحكام التورة.
ِ بحكم وأم ٍر غي ِر
ٍ تكون إال في مقابلة األحكام التي جاء بها ذلك النبي وداود لم يُؤتَ
األخ حقيقةً ،واألخ الحقيقي لبني إسرائيل خارج عن بني إسرائيل والثاني :أن المراد من بين أخيهم هو ُ
ألن الضمي َر في قوله تعالى « من بين أخيهم» راجع إلى بني إسرائيل بأسرهم وإفراد لفظ األخ وإضافته
س ِّميت ببني إسرائيل فلو ال ذلك
شخص واح ٌد وهم الجماعة التي ُ
ٌ إلى ضمير الجمع تشع ُر بأن أخوهم هو
خارجا عنهم وداود النبي عليه
ً األخ فيكون أخوانهم بني بين من اإلشعار لكان شأن العبارة أن يقول :
وخارجا عنهم م ًعا
ً ً
داخل فيهم أخا حقيقيًّا إذ على ذلك التقدير يلزم أن يكون
السالم منهم فال يصح أن يكون ً
113بفيه
114ويكون
115الرجل
116الذي
117كلمات
118النبي
119ذلك
120أنا
121أطب
122منه
َ ” 123ول ْم يَقُ ْم بَ ْع ُد نَبِ ٌّي فِي إِ ْس َرائِيل ِم ْث ُل ُمو َسى ال ِذي َع َرفَهُ الرَّبُّ َوجْ ها ً لِ َوجْ ٍه“:التثنية ١٨\١٨
ُ 124كتب تحت هذه الكلمة :نفي.
488
Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām
وهو محا ٌل ،فال يندفع التناقض ويمكن دفع التناقض بأن يقول :أن المراد من اآلية األولى أن مثل موسى
عليه السالم في نزول الكتاب واألحكام ما قام وال يقوم من بني إسرائيل .ومن الثانية أن مثل موسى
أخا حقيقةً لبني إسرائيل إال بني
عليه السالم في نزول الكتاب واألحكام يقوم من أخ بني إسرائيل وليس ً
الكتاب واألحكا ُم ما هو إال محمدًا عليه الصالة
ُ إسماعيل فالنبي الذي جاء من بني إسماعيل َونَ َز َل عليه
والسالم فاندفع التناقض فوجب قب ُو ُل نبوة محمد عليه السالم.
فإن قيل :لم ال يجوز أن يكون المراد من ِمثل َك في اآلية الثانية عيسى عليه السالم ،ألن عيسى عليه
السالم مثل موسى عليه السالم في نزول الكتاب واألحكام مع أنه ليس من بني إسرائيل ألنه عليه السالم
لم يُولد من األب وال يكون النص على اختصاص قوله تعالى من بين أخيهم محمدًا عليه السالم.
قلنا :ال تحتمل على ذلك عبارةُ من بين أخيهم ألن عيسى عليه السالم من جهة األب ليس من بني
إسرائيل وال من أخ بني إسرائيل وأما من جهة األُ ِم فهو من بني إسرائيل ألنه عليه السالم يُعرف بمسيح
بن مريم ،ومريم رضي الله عنها بنتُ عمران اإلسرائيلي ال ِمن أخ بني إسرائيل فال يصح أن يكون المارد
من مثلك عيسى عليه السالم فتعين أن يكون المراد محمداً عليه السالم .ويدل أيضا عبارةُ اآلية األولى
بقوله تعالى ما قام نب ٌي وال يقوم كموسى من بني إسرائيل على وجوب َمجيئِه من غير بني إسرائيل ممن
ي فذلك النبي إما عيسى وإما محمد يُماثل موسى عليه السالم .ألن قوله تعالى من بني إسرائيل قي ٌد احتراز ٌ
عليهما السالم ففي اآلية داللة على وجوب مجيئ رسال ِة عيسى ومحم ٍد عليهما السالم.
130
سبَتٌ ِ 126ميَ ُهودَيَ 127و ُم ُحوكَكْ ِ 128مبَنَ 129ر ْجلَو خامسها قوله تبارك وتعالى في التوراةَ »:ل يَا ُ
س ْرَ 125
سيلُوَ 134ولُو 135يِ ْق َحطَ 136ع ِمي ْم “ .
138 137
َع ْدْ 131
كي 132يَابَاِ 133
يخرج من
ُ رجل عظيم الشأن الذي
ٍ صا من يهودي وال يزال عصاء ومعناهُ على لغة العرب ”ال يَزَا ُل ع ً
بين أرجل اليهودي حتى يجي َئ الذي له العصا وإليه تجتم ُع األمم“.139
125ال يزال
126عصا
127من يهودي
128عظيم الشأن
129من بين
130رجليه
131حتى
132أن
133يجيئ
134من له
135وإليه
136تجتمع
137أمم
1 38التكوين ١٠\٤٩
ع ِم ْن بَي ِْن ِرجْ لَ ْي ِه َحتَّى يَاتِ َي ِشيلُونُ َولَهُ يَ ُكونُ ُخضُو ُ
ع ُشعُوبٍا“ :التكوين ١٠.\٤٩ ضيبٌ ِم ْن يَهُو َذا َو ُم ْشت َِر ٌ
139ال يَ ُزو ُل قَ ِ
489
darulfunun ilahiyat
والرابعة على انتهاء شريعة موسى وعيسى عليهما السالم إلى شريعة محمد عليه الصالة والسالم.
والخامسة :على كون شريعة محمد عليه الصالة والسالم على كافّ ِة األنام.
ألن هذه اآلية حكايةٌ عن إخبار يعقوب النبي عليه السالم على أبنائه عن أحوال آخر الزمان بقوله:
”ال يزال عصاً“ أي ”احكا ُم من يهودي“ .وهو إشارة إلى شريعة موسى عليه السالم.
وبقوله تعالى”ال يزال عصاء“ إي أحكام رجل عظيم الشأن الذي يخرج من بين أرجل اليهودي هو
إشارة إلى شريعة عيسى عليه السالم ألن نسبةَ عيسى عليه السالم إلى اليهودي من جهة أمه ف ُ
شبٍّهت
أرج ِل اليهودي ألنه ليس من ظَ ْه ِره بل من بين أرجله.
وال ُد أمه بِ ُ
وبقوله تعالى” :حتى يجيئ الذي“ أي الرجل الذي له عصاء ..يعني يختص له األحكام وهو إشارة إلى
شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وانتهاء الشريعتين األوليين إلى هذه الشريعة ألت قوله تعالى ”عد“
بمعنى حتى ،وحتى تدل على االنتهاء .وقوله تعالى ”:ولواي لهذا الرجل تجمع األمم“ يدل على عموم
شريعة محم ٍد عليه الصالة والسالم ،ألن شريعة موسى تختص ببني إسرائيل ال كل األمم فهذه اآلية تدل
على انتهاء شريعة موسى وعيسى عليهما السالم إلى شريعة محمد ،وعموم شريعة محمد عليه السالم.
سروا هذه اآليةَ بقولهم :ال يزا ُل عصاء أي أحكام موسى عليه
اعلم أن المفسرين من علماء اليهود ف ّ
السالم من بين يهودي وال يزال كونُ الرجل العظيم الشأن الذي من بين أرجل يهودي يعني في تحت
ي ألن المهدي على زعمهم يجيئ حكومة هذه الشريعة حتى يجيئ الرجل الذي صار له الحكم وهو المهد ّ
من بني يهودي على شريعة موسى عليه السالم ،وتفسي ُرهُم هذه اآلية على هذا الوجه باطل من وجهين:
األول :أن لفظ حتى في قوله تعالى « حتى يجيئ الرجل الذي له العصا» تد ّل على انتهاء الشريعة األولى
إلى شريعة الرجل الذي له العصا أي الحكم فتعين أن شريعة من له غير شريعة موسى عليه السالم فال
يجوز أن يكون شريعة من له العصا شريعةَ موسى عليه السالم.
الثاني :أن قوله تعالى « له العصا» يدل على اختصاص هذه الشريعة لذلك الرجل الذي له العصا فلو
كان هذه الشريعة شريعةَ موسى عليه السالم لم تكن مختصةً للرجل الذي له العصا فتعين أن تكون تلك
الشريعة مغايرة لشريعة موسى عليه السالم.
وأما اآليات األربع التي استدلوا بها بزعمهم على التأبيد ـ أي تأبيد دين موسى عليه السالم ـ
490
Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām
146
َشي َر ْهَ 141هظُفْ 142لَفَنَ ْوَ 143و َهبَ ْهَ 144ك ْي 145تِ ْم َ
سنَ ْه فأولها قوله تعالى في التوراة يا موسىَ ”:كت ُْب 140ه ِ
154 َ 153 َ َ َ 152
ض ْرعو “
158 157
َ 156 َ 155
شق ْح َمفى َشيَر ْه لفن ْو ك ْي ال تِ َ سر ُوتْ َ 150و َع ْنتَ ْه 151ه ِ
ا ُوتُوَ 147ر ُع ْدَ 148ربُوتْ َ 149و َ
ومعناه في لغة العرب ”اكتب هذه التوراة أمام بني إسرائيل فإذا كان كذلك إذا وجدتهم نَ َكباتٌ كثيرةٌ ومضايقاتٌ
ونادتهم التوراةُ ألن التوراة ال تُنسى من أفواه ذرياتهم“.159
استدلوا أي علما ُء اليهود بهذه اآلية على تأبيد دين موسى عليه السالم وقالوا :لنا أن ال نطيع غير
األحكام التوراتية .فإن قوله تعالى” :إن التوراة ال تُنسى من أفواه ذ ِّرياتهم“ يدل على تأبيد دين موسى عليه
السالم وعلى تأبيد أحكام التوراة أو نفي النسيان من أفواه ذرياتهم يدل على ذك التوراة في أفواه ذرياتهم
ت من األوقات فما هو إال معنى التأبيد.
نسيان في وق ٍ
ٍ دائ ًما فإذا كانت التوراة في أفواه ذرياتهم مذكورةً بال
وهذا االستدالل منهم ليس بصحيح ألن قوله تبارك وتعالى ”:أن التوراة ال تنسى من أفواه ذريتهم“
مستقل حتى يُستدل به على التأبيد بل هو المفهوم والحكم المعلوم من اآلية هو األمر بكتابة ٍ بحكم
ٍ ليس
التوراة ألن تحفظ بالكتابة وتُ َعلَّم في زمان التعليم وتُذكر عند النسيان بسبب الكتابة ويُنادى بها في وقت
االحتياج ف ِمن أين يلزم التأبيد لجواز أن يكون معناه ال تُنسى قبل كون التوراة منسوخة.
140أي اكتب
141التوراة
142هذا
143أمامهم
144وإذا كان كذلك
145إذا
146وجدت
147لهم
148نكبات
149كثيرة
150ومضايقات
151ونادت
152التوراة
153أمامهم
154ألنها
155ال تُنسى
156من أفواه
157ذرّياتهم.
1 58التثنية ٢١-١٩\٣١
ض ْعهُ فِي أَ ْف َوا ِه ِه ْم لِيَ ُكونَ لِي هَ َذا النَّ ِشي ُد شَا ِهداً ِّ
159التثنية ”:٢١ ،١٩\٣١فَاآلنَ ا ْكتُبُوا َأل ْنفُ ِس ُك ْم هَ َذا النَّ ِشي َد َو َعل ْم بَنِي إِ ْس َرائِيل إِيَّاهَُ .
تاوبُ هَ َذا النَّ ِشي ُد أَ َما َمهُ شَا ِهداً ألَنَّهُ ال يُ ْن َسى ِم ْن أَ ْف َوا ِه نَ ْسلِ ِه .إِنِّي َع َر ْف ُ عَلى بَنِي إِ ْس َرائِيل.فَ َمتَى أَ َ
صابَ ْتهُ ُشرُو ٌر َكثِي َرةٌ َو َشدَائِ ُد يُ َج ِ
ْ َ َ ُ َ
ت» ض َك َما أق َس ْم ُ فِ ْك َرهُ ال ِذي يُفَ ِّك ُر بِ ِه اليَوْ َم قَبْل أ ْن أ ْد ِخلهُ إِلى األرْ ِ
491
darulfunun ilahiyat
س َميَ ْي ْم 160هيِ 161ل ُم ْر162مي 163يِ ُع َل 164لَن ُوَ 165ه َ
س َم ْي ْم 166وال َم َعبَ َر167هيَ ْم 168هي وثانيها قوله تعالى »:ال بَ َ
ال ُم ْرمي 169يَ َعبَ َرهَ 170لنو 172“171ومعنى هذه اآلية في لغة العرب ”ال في السموات أحكام لتأمروا شخصا
يصعد 173في السموات ويأتينا بها وال في وراء البحر أحكام لتأمروا من يعبر إليها وينقلها إلينا“.174
استدلوا ـ أي علماء اليهود ـ بهذه اآلية على تأبيد دين موسى عليه السالم وقالوا :لنا أن ال نطيع غي َر
األحكام التوراتية ألن معنى اآلية على زعمهم ما في السموات أحكام لتأمروا بالصعود إليها وإتيانها إلينا
من السموات وال من وراء البحر أحكام لتأمروا بالعبور وإتيانها إلينا من وراء البحر فتعين أن ال يكون
في السموات وال في غيرها أحكام فينحصر األحكام في األحكام التوراتية فيلزم التأبيد.
وهذا االستدالل أيضا باط ٌل ألن حاصل معنى اآلية أن األحكام التوراتية موجودة عندكم ال تبعد عنكم
والمنفي في اآلية كون األحكام التوراتية في السموات وفي وراء البحر ال األحكام المطلقة بقرينة سباق
الكالم ألن معنى اآلية السابقة يا بني إسرائيل اعبدوا الهكم على أحكام التوراة النازلة عليكم إذ ال يبقى
لكم حك ٌم في السموات وال في وراء البحر من األحكام التوراتية النازلة عليكم ف َمن َع ِدم األحكام التوراتية
األحكام الغي ِر التوراتية لجواز أن يكون األحكام اإلنجيلية
ِ النازلة على بني إسرائيل في السموات ال يلزم عدم
والفرقانية في السموات فتنزل لنسخ األحكام التوراتية فال يلزم التأبيد .
وال 180
َعلَو 179
ُوصيفُو
ال ت ِ 178 ص َ
وخ َم َ 177
نُوخي 176
ش َْرا 175
وثالثها قوله تعالى في التوراة”:قُ ْل َه َدبَ ْرا
160ال في السموات
161ضمير راجع إلى األحكام
162لتأمروا
163من
164يصعد
165إلينا
166في السموات
167وال من وراء
168البحر
169مروا
170يعبره
171إلينا
172مقارن التثنية ١٣-١٢\٣٠
1 73صفة لشخص
َّ ْ َ ْ ً
ك َوال بَ ِعي َدة ِمنكَ .ل ْي َست ِه َي فِي ال َّس َما ِء َحتى
12 َ َ ً ْ َ ْ
ك بِهَا اليَوْ َم ل ْي َست ع َِس َرة َعل ْي َ وصي َ ُ َّ
صيَّة التِي أ َِ ْ
174التثنية «١٣ “-١١\٣٠إِنَّ ه ِذ ِه ال َو ِ
تَقُو َلَ :م ْن يَصْ َع ُد ألَجْ لِنَا إِلَى ال َّس َما ِء َويَأْ ُخ ُذهَا لَنَا َويُ ْس ِم ُعنَا إِيَّاهَا لِنَ ْع َم َل بِهَا؟ َ 13والَ ِه َي فِي َعب ِْر ْالبَحْ ِر َحتَّى تَقُو َلَ :م ْن يَ ْعبُ ُر ألَجْ لِنَا
ك َوفِي قَ ْلبِ َ
ك لِتَ ْع َم َل بِهَا”. ك ِج ًّدا ،فِي فَ ِم َ ْالبَحْ َر َويَأْ ُخ ُذهَا لَنَا َويُ ْس ِم ُعنَا إِيَّاهَا لِنَ ْع َم َل بِهَا؟ 14بَ ِل ْال َكلِ َمةُ قَ ِريبَةٌ ِم ْن َ
175األمر
176الذي
177أنا
178أوصيكم
179تزيدوا
180عليه ”
492
Aydın, Öznurhan / Bir Nev-Müslimin Yahudilik Reddiyesi: Risāletü İlzāmi’l-Yehūd fī mā Ze‘amū fī’t-Tevrāt min Kıbeli ‘İlmi’l-Kelām
ت َْج َرعُوِ 181م َمن ُو 183“182اآلية فمعنى هذا اآلية في لغة العرب ”كل األمر الذي أوصيكم به ال تزيدوا عليه
وال تنقصوا عنه“.184
استدل علماء اليهود بهذه اآلية على تأبيد شريعة موسى عليه السالم .ويقولون :إن الله تعالى أمرنا
بأن ال نزيد على أحكام التوراة وأن ال ننقص عنها فإذا كان كذلك فال نطيع شريعةً فيها زيادةٌ عليها أو
نقصان عنها ،فال نطيع شريعةَ محم ٍد وعيسى عليهما السالم ألن الزيادة والنقصان في هاتين الشريعتين
واضح غير محتاج إلى البيان .وهذا االستدالل أيضا باطل ألن اآلية ال ٌ على شريعة موسى عليه السالم
تنافي إطاعة شريعة عيسى ومحمد عليهما السالم ألن المفهوم من تلك اآلية أن األمر الذي نطق وأوصى
موسى عليه السالم ببني إسرائيل بأن قال :وال تزيدوا فيه ك ِّميَّتةً وال كيفيَّةً وكأنه قال صلوا كل يوم ثالث
صلوات باألركان المخصوصة وال تزيدوا عليه بقولكم الصالة المفروضة أربعة أو اثنان وال تنسبوا ذلك
النقصان والزيادة إلى شريعة موسى عليه السالم وأما الشريعة التي جاء بها عيسى عليه السالم والشريعة
التي جاء بها سيدنا وسندنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم فليستا أم ًرا أوصى بها موسى عليه السالم
قومه ليصير كونها زيادةً أو نقصانًا ُمنافيا لآلية .وال داللة في تلك اآلية المذكورة في التوراة على أن ال
مبعوث بالحق فإنه ال يطلق على الشريعة المستقلة أنها زيادة أو ٌ يطيعوا شريعة مستقلة يأتي بها نب ٌي
نقصان فيما أتى وأوصى بهه موسى عليه السالم.
ورابعها ـ أي الرابع من اآلية الدالة بزعمهم على تأبيد دين موسى عليه السالم ـ قول الله تبارك وتعالى
هلتْ 190يعقوب“ 191ومعنى هذه اآلية على ص َو ْه 186لنو187موسىُ 188مو َرشيَ 189ك ِ
في التوراة ”:تُ َونْ ِ 185
ٌ
ميراث لجماعة يعقوب النبي عليه السالم“.192 لغة العرب” :التوراة التي أوصاكم بها موسى عليه السالم
استدلوا أي ـ علماء اليهود ـ بهذه اآلية الكريمة على تأبيد دين موسى وتأبيد شريعته عليه السالم بأن
يقولوا إن دين موسى عليه السالم مؤبد ألن اآلية تدل على أن التوراة ميراث فيما بين قوم موسى عليه
السالم وهو جماعة يعقوب النبي عليه السالم فهذا يقتضي على أن ال ينفك أحكام التوراة من قوم موسى
عليه السالم فمن عدم انفكاك أحكام التوراة عن قوم موسى عليه السالم يلزم تأبيد دين موسى وتأبيد
شريعته عليه السالم.
وهذا االستدالل منهم أيضا باطل وجوابه :أن أسلوب اآلية الكريمة وهي قوله تعالى”:إن التوراة
ميراث لجماعة يعقوب عليه السالم وعلى قوم موسى عليه السالم“ يدل على أن التوراة مختصةٌ ليعقوب
181تنقصوا
182عنه
183التثنية ٣٢\١٢
َالم ال ِذي أُ ِ
وصي ُك ْم بِ ِه احْ ِرصُوا لِتَ ْع َملُوهُ .ال ت َِز ْد عَل ْي ِه َوال تُنَقِّصْ ِم ْنهُ“ 184التثنية ُ ”:٣٢\١٢كلُّ الك ِ
185التوراة
186أوصي
187لكم
188موسى
189ميراث
190لجماعة
1 91التثنية ٤\٣٣
وب“ ً
صانَا ُمو َسى ِمي َراثا لِ َج َما َع ِة يَ ْعقُ َ َ
س أوْ َ
192التثنية ”:٤\٣٣بِنَا ُمو ٍ
493
darulfunun ilahiyat
النبي عليه السالم فقط ال لسائر األمم ومن اختصاص التوراة لجماعة يعقوب عليه السالم ال يلزم أن تكون
جماعة يعقوب عليه السالم مختصةً للتوراة حتى ال تطيعوا غير األحكام التوراتية من الكتب السماوية ،
ٌ
ميراث للتوراة أي ولو كان معنى اآلية الكريمة ما زعمتم لكان شأن العبارة أن يقول :إن جماعة يعقوب
مختصةٌ بأن تعلموا باألحكام التوراتية فحسب وليس كذلك فال يلزم أن ال يطيعوا غير األحكام التوراتية من
اإلنجيل والفرقان كما زعمه علماء اليهود المتمردين لعن الله عليهم أجمعين.
وأما سائر أدلتهم المذكورة في التوراة بزعمهم على تأبيد دين موسى عليه السالم فال نطول الكالم
العدم ج ًّدا فإنها كبيوت العنكبوت فال جواب
ِ بإيرادها في هذا المقام ألن كلها ضعيفةٌ جدا فأَعددتُها منزلةَ
عنها إال السكوت ،والله ولي التوفيق والهداية باإليمان ومنه االهداء وعليه التكالن.
وقد تم الكتاب بعون الله الوهاب والله أعلم بالصواب ،وإليه المرجع والمآب ،وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
تم
494