Professional Documents
Culture Documents
بعناية
أكرم دمحم إسماعيل
بسم اهلل الرمحن الرحيم
[ديباجة الكتاب]
( ) يف األصل :الفاقر.1
)(األَ َد ُم) بفتحتني مجع (أديم) وقد جيمع عىل (آدمة) كرغيف وأرغفة ،وربام سمي وجه األرض .خمتار
( ْ 3
الصحاح (ص.)15
الُّتاب ا َّل ِذي حيثى عىل ا ْل َق ُْب (ج) رموس وأرماس .املعجم
)(الرمس) ا ْل َق ُْب مستويا َم َع َوجه األَ ْرض َو ُّ َ
( ِّ
4
الوسيط (.)372/1
( )(رباع) و (ربوع) و (أرباع) و (أربع) و (الربع) أيضا املحلة .خمتار الصحاح (ص.)116 5
ب .القاموس املحيط (.)746/1 الش ْع ِ ( )فِراع مجع ُفروع ،وهوَ :مرى ِ
املاء إىل ِّ َ َْ ُ ٌ 6
( )(الن َُّهى) :العقول ألهنا تنهى عن القبيح .خمتار الصحاح (ص.)323 7
)(الضحل) ا َملاء ا ْل َقلِيل عىل األَ ْرض َال عمق َل ُه .املصدر السابق(.)535/1
َّ ( 8
السو ّية ،وذلك مذهب َّ
وإن (العقائد النَّسفية) الستقامتها يف أصول الَّشيعة احلنيفة َّ
كتاب رفيع
ٌ أسالفنا األئمة احلنف ّية ،ال زال م َن حالفهم منصور ًا ،ومن خالفهم مدْ حور ًا،
السفهاء بامئه ،ويُبي العليل من ِ
دائه ،ب ْيدَ (ْ )13 القدْ ر منيع األمر ،يروي الغليل ِ
أن متادى أيادي ّ ُ ْ
املصوع(،)11
َّ وال ُبدَّ ع ،وتعاطى أهل األهواء والتَّبدُّ ع ،وتال ُعبهم هبا بتحريف النَّظم عن املعنى
الر ْضم( )12إىل اآلراء املُ ْحدَ ثة ولبئس املصنوع ،قد دهش رونقه وماءه،
وتداعيهم بتصحيف َّ
وتَّشدت موارده الصافنة ،ولوال ّ
ختّل الصافية، ِ
مشارعه َّ وأفزع منظره ورواءه ،فتكدَّ رت
َ
َّ
الغيضة( )15اهلزاع( )16مل
َ الغاب من ال َعشارب( ،)13ملا ْأشعر به َض ُ
بح( )14الثعالب ،ولو مل يرحتل من
الوعواع(.)18
ُي َر فيها اهللياع( ،)17وال سمع ْ
ورب أعصار من قبله ،واهلل املستعان عليه واملشتكى إليه من أهله، َّ
وإن عْصنا هذا ّ
قد أضحى فيه اهلمم متقارصة ،واجلهلة ُمتنارصة ،ال يرد فكرهم براد ،وال يؤول نظرهم إىل
اعتقاد ،كبيهم يف املعرفة من طالع كتب املتفلسفة ،حتريرهم يف احلكمة من ترجم كالم تلك
ٍ
باطل مجعه ،فذاك أمثلهم حق َمنَ َعه ،أو
مهته إىل تركيب كتاب من ٍّ الفرقةِ ،
وإن ْاشأ َّبت
َّ
()19
ِ )الر ْض ُم ِ
والرضا ُم :احلجارة البيض وصخور ع َظام َب ْع َ
ضها عىل بعض .املعجم الوسيط.)351/1( . ( َ
12
ِ ِ
بالغني .القاموس املحبط(.)776/1
واب ْ غي ،أو َذك َُر الدالد ِل ،أو َّ
الص ُ ( )اهل ْل ُ
ياعَ :س ُب ٌع َص ٌ
17
( )اش َأ َّب عنُ ُقه :مدّ عنقه ،ارتفع لينظر ،تط ّلع إىل .معجم اللغة العربية املعارصة(.)1564/219
املتأخر ٍ
زمان فهو عن اخلطأ معصوم ،ورجا ُء ِّ انض َّم إليه سبق طريقة ،وأنبلهم يف احلقيقةِ ،
فإن َ
كافر أو مبتدع مبغوض ،ومقا ُله ك ْفر أو بدع
دون ال َّلحاق به حمسوم ،و َمن خال َف ُه فهو ٌ
يفضل القائل ،وال حلدثانه
حق القول والقول العجيب ،ليس لقدم العهد َّ
مرفوض ،ولكن ّ
ُ
األوائل آلت بام مل ت َْستَطِ ْع ُه
ٍ األخي زما ُن ُه
َ وإين وإن كن ُْت
شحهُ ،مستمد ًا من عونه إنه هو اجلواد املطلق ،ومتعهد ًا
وشعت بتوفيق اهلل يف ْ
احلق ،فقام بحمد اهلل شح ًا جامع ًا بني
حقيق عىل أن ال أقول عىل اهلل إال ّ
ٌ للنّجى يف قوله
ٍ
لتحقيقات مل ُي َر مثلها يف كتب اهلداية إىل املطالب ،وتعريف اخلالف ثخن( )23املذاهب ،حاوي ًا
الصباح،
الصدق ّ
رو شبهها يف صحف اآلخرين ،ح ّتى طلع من أفق ّ
األ َّولني ،وتدقيقات مل ُي َ
املحق شارق ًا تدور به النّجاح، ()24
وأصبح احلواثر
َ حي عىل الفالح،
احلق َّ
ونادى منادي ّ
ُ
ـــــل فاف وإ ْقدام وح ْزم ِ
ونائ َع ٌ سبيل ا َمل ْج ِد ما أنا ُ
فاعل ِ أال يف
ٌ َ ٌ
( )(ثخن) اليشء من باب ظرف أي غلظ وصلب .خمتار الصحاح(ص.)48 23
كذب ٍ
عاجز لو أنني ال ُأ َّ وال قْص
سعي غي ُم ّ
َ َس َع ْي ُت ل َعمري
َ
أكـذب ّ
واملكــذب ب أو ِ
نور ُل ٍ رس يكذبني ال ُعميان عن ّ
ّ
ٍ
احلق وهو ِ
شح العقائد احلنف َّية) ،واهلل يقول ُّ حكمـــة ّ
سميته بـ (احلكم ُة البالغ ُة اجلن َّية ،يف
ُيدي السبيل ،عليه تو ّكلت وهو حسبي ونعم الوكيل.
الصاحلني رضوان
والسلف ّ
الصحابة وال ّتابعني ومن بعدهم من فقهاء األ ّمة ّ
أن ّاعلم ّ
اهلل عليهم أمجعني ،كانوا يف العقائد احل َّقة التي توارثوها من النَّبي ﷺ راسخني ،وعىل اجلا َّدة
ختوفوا ضياع ِ حدثت ِ
ِ
البدع َّ
ُ وظهرت الفتن، ثم ملا
املستقيمة التي تعاطوها من الوحي ثابتنيَّ ،
احلق وخسار األ ّمة ،فأخذوا يف ال َّتدوين وضبط أحكام الدين(.)28
ِّ
الس َلكَة ،شاعر جاهّل تويف نحو ( 17ق هـ) .ينظر :األعالم( .)115/3والبيتان الذان
)الس َل ْيك بن ُّ
( ُّ 27
( )واإلمام أبو حنيفة هو ّأول من صنف يف أصول الدين ،كام ب ّينّا يف كتاب (َمموع كتب ورسائل اإلمام 28
األعظم).
وملّا كان غرضهم من التَّصنيف يف العقائد حفظها عن خلط البدعة وتشويش
املبتدعة ،ذكروا يف كتبهم ما هو من أصول الدِّ ين حسب ما وجدوه يف كتاب اهلل وسنّة
رسوله من صفاته سبحانه ،وما هبا يلتصق بيانه.
فجاء موضوع علمهم هذا عىل نظر أرباب املعقول :ذات اهلل تعاىل وصفاته العىل،
وإن حتاشوا عن إطالق ال ِّلسان يف أمثاله ،عىل هو مجيل دأهبم ومحيد أدهبم ،وجعلوه كلمة
باقية يف عقبهم ،فوضع املصنّف( )29رمحه اهلل كتابه عىل سننهم ،وصدّ ره بال ّتْصيح ّ
بأن ما
تضمنه هو مقوهلم ،ال من ُحمدثات قوم بغى عليهم عقوهلم ،ترغيب ًا وتنشيط ًا لخأخذ بام فيه،
ّ
ال باالتباع ومتجنب ًا عن االبتداع.
متجم ً
ِّ وترهيب ًا وتثبيط ًا عن الغرة بمنافيه ،حيث قال
[أسباب العلم]
ُ
أولئك هم الذين قد عرفت حاهلم( ،)33وسمعت مقاهلم وقد ب ّينهم النّبي ﷺ حني
ِ
املستقيمة املتل ّقاة من الكتاب والسنّة ،والتّحايش عن إطالق اللسان الرسالة ،وال ّثبات عىل اجلا ّدة
جناب ّ
سموا أهل السنة واجلامعة ،كام روى عنه( :ثنتان وسبعون يف النار ،وواحدة
ولذلك ّ
يف اجلنة وهي اجلامعة)( )33رواه أمحد وأبو داود رمحهام اهلل.
ويف رواية عمر( :ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين عىل احلق ح ّتى تقوم الساعة)،
أخرجه احلاكم رمحه اهلل( ،)35وقوله عليه السالم( :ال تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر اهلل ال
يرضها َمن خالفها) أخرجه ابن عساكر(.)36
الَّشيعة ،مع مالزمة حدود الدّ اللة والتّجانب عن اإللفات لفت النقص والزيادة ،عىل ما
بام مل ترد به ّ
أشار إليه سابق ًا بقوله( :كانوا يف العقيدة احلقة)( .منه).
( )جعلها عني ما هو عليه وأصحابه مبالغة يف مدحها ،وبيان ًا لباهر أتباعها له( .منه) 31
ذو الن ِ
َّعل (ليأتني عىل أ َّمتي ما أتى عىل بني إرسائيل َح َ َّ ( )وعن عبد اهلل بن عمر قال :قال رسول اهلل ﷺ: 32
تفرقتوإن َبني إرسائيل َّ يصنع ذل ِ َك َّ ، ُ كان يف أ َّمتي منكان ِمنهم من أتى ُأ َّم ُه عالن َي ًة َل َ بالن ِ
َّعل ،حتَّى إن َ
وسبعني م َّل ًة ،ك ُّلهم يف الن َِّار َّإال م َّل ًة ِ
واحد ًة ،قالوا َ :من َ ٍ
ثالٍ وسبعني م َّل ًة ،وتفُّت ُق أ َّمتي عىل
َ عىل ثِ ِ
نتني
قال :ما َأنا ع َل ِيه و َأصحايب) .أخرجه الُّتمذي ( )2641واللفظ له ،والطُباين
رسول اهللَِّ ؟ َ
َ هي يا
َ
( ،)14646( )53/14واحلاكم (( .)444منه).
( )أخرجه ابن ماجه ( ،)3993وأمحد ( ،)145/3وأبو يعىل ( )36/7وأبو داود ( ،)2236والُّتمذي 33
(.)1177
( ) أخرجه البخاري( ،)3643ومسلم يف باب اإلمارة(.)1337 34
فاستفيد من ذلك أن مدار النجاة ومناط الفوز بعد املامت هو املعاضدة بالَّشيعة،
الصحابة ومظاهرة تلك الطريقةّ ،
وإن أهل احلق وأهل السنة واجلامعة ،والفرقة الناجية هم ّ
فإهنم هم املالزمون عليها
والتابعون والذين اتبعوهم بإحسان وهم احلنف ّية ومن وافقهمّ ،
أجل املآخذ ا ّلتي ُي ُّ
عض عليها بالنواجذ يف أصول الدّ ين الَّشع هو ُّ والراسخون فيهاّ ،
وإن ّ ّ
كل الكفاية ومتام اهلداية ،كام قال املستقل بأمره املغني عن غيه ،وفيه ُّ ُّ وفروعه ،وهو
سبحانهُ ﴿ :ق ْل إِ َّن ُهدَ ى اهللَِّ ُه َو ْاهلُدَ ى﴾[البقرة ،]123 :وقال تعاىلَ ﴿ :أ َو َمل ْ َيك ِْف ِه ْم َأنَّا َأ َنز ْلنَا
ون﴾[العنكبوت ،]51 :وقال مح ًة َو ِذك َْر ٰى ل ِ َق ْو ٍم ُي ْؤ ِمنُ َ
ْىل َع َل ْي ِه ْم إِ َّن ِيف َٰذل ِ َك َل َر ْ َ ِ
َع َل ْي َك ا ْلكت َ
َاب ُيت َ ٰ
جل ذكره﴿ :اتَّبِ ُعوا َما ُأ ِنز َل إِ َل ْي ُكم ِّمن َّر ِّب ُك ْم َو َال َتتَّبِ ُعوا ِمن ُدونِ ِه َأ ْول ِ َيا َء﴾[األعراف،]3 :
َّ
أن ثبوته يتو ّقف عىل وجود الشارع ،وعلمه وقدرته فلو انعكس األمر لزم
والذي ُيت ََو َّهم ّ
الدَّ ور ساقط كيف ،فإن النظر يف أحوال النَّبي ومعامالته ،والبحث عن حركاته وسكناته
الرضوري بصدقه فيام يقوله
التي تضمنها القرآن وكتب األحاديث واآلثار يوجب العلم ّ
ويفعله وخيُبه عن اهلل تعاىل.
( )هو :عّل بن حممد بن احلسني بن عبد الكريمَ ،أبو احلسن ،فخر اإلسالم البزدوي :فقيه أصويل ،بمن 37
أكابر احلنفية .من سكان سمرقند .له تصانيف ،منها (املبسوط) ،و (كنز الوصول) يف أصول الفقه ،يعرف
بأصول البزدوي ،و (تفسي القرآن) كبي جد ًا ،و (غناء الفقهاء) يف الفقه وغيها( 482 - 433هـ).
األعالم( ،)329/4الفوائد البهية(ص )124ومفتاح السعادة (.)54 /2
( ) أصول البزدوي(ص.)3 38
ولذلك كان القرآن معجزة باقية إىل قيام الساعة( ،)39وانقراض هذه النشأة عىل ما
ون ﴾ [احلجر ، ]9 :وقوله ﷺ: حلافِ ُظ َ الذك َْر َوإِنَّا َل ُه َ َ
يشي إليه قوله تعاىل ﴿ :إِنَّا ن َْح ُن ن ََّز ْلنَا ِّ
فتمسكوا بِ ِه فإ َّن ُكم لن تض ُّلوا ولن َ َْتلِكوا بعدَ ُه ِ
القرآن َطر ُف ُه بيد اهللَِّ وطر ُف ُه بأيدي ُكم َّ َ َّ
(إن هذا
أبدً ا) ( ،)43رواه ال ّطُباين.
والعلم به سبب للعلم برسالتهَ ،أ َل ْس َت إذا عرفت الفقه وال ّط َّ
ب يمكنك معرفة الفقهاء
واألط ّباء كأيب حنيفة ،وجالينوس( )41معرفة باحلقيقة ال بال ّتقليد( ،)42بل بالبحث عن أحواهلام
َّ
وأدل ُح َّجة وال يبقى عندك ريب وال شبهة، أبني دليل،
وجتارب أفعاهلام ،ويكون هذا َ
بخالف تقليب ال َع صا واليد البيضاء وإبراء األكمه وإحياء املوتى وإنشقاق القمر وتسليم
خلوها عن القرائن املتكاثرة املحفوفة هبا ال تأمنها أن تكون تلبيس ًا وحيلة،
فإهنا عند ِّ
احلجر؛ ّ
أو تكون من خاص ّية أو وضع ف َلك ،أو إلقاء ج ٍّن أو م َلك يطلع هو عليه دون غيه ،أو
تكون ابتداء عادة أو مسوق ًا ال لغرض تصديقه ،بل إجابة لدعوة ،من االحتامالت ا ّلتي تقدح
يف القطعية ،ومثل ذلك كمثل من يدَّ عي حفظ القرآن ،وجيعل دليل دعواه بقرائته من ّأوله
إىل آخره من غي مصحف ،أو تقليب احلجر إنسان ًا ،وبالعكس ،وليت شعري فقلبك بأُيام
أشدّ تصديق ًا وأكثر اطمئنان ًا؟ بىل ،إن العقل ال خيالف النّقل يف مداركه ،ويستبدُّ باإلدراك يف
قد يسبق إىل بال الناظرين أن ذلك من اختصاص صاحب ذلك بمزيد معرفة يف ذلك الفن ،وفضل علم
إىل أن َير ّد ذلك صحيح النظر( .منه).
( )أخرجه ابن أيب شيبة يف «املصنف» ( ،)33628وابن حبان ( ،)122والطُباين (.)491( )188/22 43
( )طبيب إغريقي ولد يف بيغامون سنة 129وتويف سنة .216كان أكُب أطباء اليونان وأحد أعظم 41
وقال أبو يوسف رمحه اهلل( :العلم بالكالم جهل ،واجلهل بالكالم علم)(.)45
وقال مالك رمحه اهلل( :إياكم والبدع ،قيل وما البدع؟ قال :أهل الكالم الذين
يتك ّلمون يف أسامء اهلل تعاىل وصفاته وكالمه وعلمه وقدرته ،وال يسكتون عام سكت عنه
الصحابة والتابعون)(.)46
( )عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالوالء ،أبو عثامن البْصي :شيخ املعتزلة يف عْصه ومفتيها ،وأحد 43
الزهاد املشهورين .وفيه قال املنصور اخلليفة( :كلكم طالب صيد ،غي عمرو بن عبيد) .له رسائل
ّ
(الرد عىل القدرية ) .ويف العلامء من يراه مبتدع ًا ،قال حييى بن معني:
وخطب وكتب ،منها( :التفسي) و َّ
كان من الدَّ هرية الذين يقولون :إنام الناس مثل الزرع .تويف سنة (144هـ) .ينظر :االعالم(،)81/5
ووفيات األعيان( .)384 /1
( )اجلواهر املضية يف طبقات احلنفية ،للقريش (.)31 /1 44
وقال أمحد بن حنبل رمحه اهلل( :ال يفلح صاحب الكالم أبد ًا ،وال تكاد ترى أحد ًا يف
وقال شمس األئمة احللواين( )53رمحه اهلل( :يكره الصالة خلف املتك ِّلم ،حتى قالوا:
ِ
فرض ٍ
جدل ومناظرة عىل البد ِع بعد سموه هبذا االسم( ،)52إما ألنه صناعة
وإ ّنام ّ
الَّشع ،وليست براجعة إىل عمل واعتقاد ،وإما ملقابلتهم الفالسفة يف
املسائل صحيحة من ّ
( )عبد العزيز بن أمحد بن نْص بن صالح احللواين البخاري ،أبو حممد ،امللقب بشمس األئمة :فقيه53
حنفي .نسبته إىل عمل احللواء ،إمام أهل الرأي يف وقته ببخارى .من كتبه (املبسوط) يف الفقه ،و
(النوادر) يف الفروع ،و (الفتاوى) و (شح أدب القايض) أليب يوسف .تويف يف كش ودفن يف بخارى(ت
448هـ) .األعالم ( ،)13/4واجلواهر املضية(.)318/1
( )ينظر :رسائل األركان للكنوي(ص .)238 51
)وسموا َمموعه علم الكالم :إ ّما ملا فيه من املناظرة عىل البدع وهي كالم رصف وليست براجعة إىل
ّ (
52
ثم أخذوا بالبحث عن حقائق األمور ،وخاضوا فيها قبل فهمها واالطالع عىل
احلق عىل أهله ،وأيم ُكنهها ،وأحدثوا يف الدّ ين ما ليس هو منه ،ف َل َهجوا به ّ
وشوشوا عقيدة ّ
الرضورة والُبهان ،تب ًا ملعرفتهم
احلق والعيان ،وخماصمة ّ
اهلل ليس مدار أمرهم إال عىل إنكار ّ
وتعس ًا لفلسفتهم.
شعري واقتفى طريقته من بعده تلميذه كابن َماهد وغيه .وأخذ عنهم القايض أبو بكر
ّ احلسن األ
وهذهبا ووضع املقدّ مات العقل ّية ا ّلتي تتو ّقف عليها األد ّلة واألنظار
الباقالين فتصدّ ر لإلمامة يف طريقتهم ّ
ّ
وذلك مثل إثبات اجلوهر الفرد واخلالءّ .
وأن العرض ال يقوم بالعرض وأنّه ال يبقى زمانني .وأمثال ذلك
ُمّا تتو ّقف عليه أد ّلتهم .وجعل هذه القواعد تبعا للعقائد اإليامن ّية يف وجوب اعتقادها لتو ّقف تلك األد ّلة
عليها ّ
وأن بطالن الدّ ليل يؤذن ببطالن املدلول .تاريخ ابن خلدون(ص ( .)589منه).
خص أقرانَه :غ َلبهم .معجم اللغة العربية املعارصة(.)233/1 )بز َّ
الش ُ ( َّ 53
يتصور أن تكون
ّ ورصافة الوجود ومتام الوحدة ،فال
فهي إذن يف حموضة الفعلية َ
()55
ولكن
ّ اليشء انضامم احلال أو اجلزء ،فليس يف الواقع إال حقيقة اليشء ونفسه، َّ ً
منضام إىل ّ أمر ًا
العقل برضب من التَّحليل ينتزع عنه الوجود ،وحيمل عليه املوجود ويصفه به.
والعرض والبدُيي
َ اليشء ،وينقسم بحسب انقسامه إىل اجلوهر
والثاين :هو نفس ّ
كاألول بالوجود املطلق.
ّ خيتص باسم الوجود اخلاص،
والنَّظري ،وقد ّ
والثالثَ :م نشأ االنتزاع ومصداق احلمل ،وهذا هو الذي حكم عليه احلكامء بأنه
ّ
يستقل بمصداقية احلمل ومطابقة احلكم عني الواجب ،بمعنى ّ
أن ذات اهلل تعاىل وتقدَّ س
يتصور انتزاع الوجود عنه ّإال من حيث استناده
ّ باملوجود ،وزائد عىل املمكن بمعنى أنه ال
إىل الع ّلة املوجبة له ،وهذا بعينه مذهب احلنفيةّ ،إال أهنم يتحاشون عن إطالق اسم العني
عارض يف
ٌ املقرر عندهم يف ِّ
كل ما مل يرد به الَّشع ،وما يقال :من أنه زائد وغيه عىل ما هو َّ
املمكن والواجب ،فمام اخُّتعه ُج ّهال أهل الكالم(.)56
( ِ
والع ْل ُم) هو ظهور ّ
اليشء وتب ّينه عىل ما هو عليه يف نفسه( ،)57وحقيقته صفة نورانية
املجردة كام يف
ّ ِ
للمدرك وظهوره له حال حضوره عنده ،إما هبو ّيته توجب انكشاف اليشء
الذات ،أم عينه؟ ذهب مشايخ احلنفية رمحهم اهلل إىل أن الوجود ليس زائد ًا
( )الوجود هل هو زائد عىل ّ 56
عىل ذات واجب الوجود تعاىل وتقدّ س ،كام يف [فوائد اإلمام السمرقندي رمحه اهلل يف أصول الدين]
الرومي .الفريدة الثالثة (ص( )5منه). للصدر ّ
العالمة .فرائد عبد احلكيم بن عّل ّ و(تعديل العلوم) ّ
أن وجود اإلنسان نفس كونهراجع إىل َّ ِ
وحاصل اخلالف ينظر :املعارف شح الصحائف(.)28/2
ٌ
حيوان ًا ناطق ًا خارج ًا ،أو معنى زائد حلقه بعد أن يكون حيوان ًا ناطق ًا .ينظر :تعديل العلوم(ص.)297
( )والشيخ أبو املنصور املاتريدي – ب ّيض اهلل غرته – يشي يف أثناء كالمه إىل أن العلم( :صفة ّ
يتجىل هبا 57
املذكور ملن قامت هي به) ،ومل يأت هبذه العبارة عىل هذا النظم والُّتتيب غيه ،وهو حدّ صحيح ي ّطرد
وينعكس وال يرد عليه يشء من االعُّتاضات املفسدة( ،تبْصة األدلة) أليب املعني النسفي(.)137/1
(منه).
عن احلصول ()58
احلضوري ،أو بصورته املنتزعة أو املخُّتعة كام يف احلصويل ،وما ينبو
ِ
فيعرض للصورة من جهة انتساهبا إليه حالة إدراكية هي فعلية االنكشاف ،تصدق عليها
توسعوا
واملشمس عىل املاء ،وربام ّ
َّ عرضي ًا ،وحتمل عليها محل الضاحك عىل اإلنسان،
صدق ًا َ
وعرفوها بحصول الصورة عىل إرادة احلاصل باملصدر ،وهي يف
يف إطالق العلم عليها َّ
حمصلة من الكيف ّيات النفسانية، احلقيقة دليل العلم شاهد لوجوده ،وذلك ّ
ألن العلم حقيقة ّ
يتصور أن يكون ملزومه الصورة احلاصلة املتَّحدة مع
ّ ومن لوازمها االنكشاف ،فال
وغيمها(.)63
ّإال ّ
أن املعتُب يف نظر الشارع واملقصود ّ
بالذات يف اعتباره ملا كان هو ال ّتصديق البالغ
ف ال ّتعريف يف عبارة املتن
فحر ُ
وخصه به ْ
ّ إىل حدّ اليقني املطابق للواقع جعله كأنّه هو العلم،
جيب أن يكون للعهد واإلشارة إىل ما هو املتعارف منه عند أهل الَّشع.
اليشءَّ :
شذ .معجم اللغة العربية املعارصة (.)2162/3 ( )نبا ّ 58
أن النسبة يف قوله( :حالة إدراكية) من قبيل نسبة األثر إىل املؤ ِّثر ،ويف قوله( :صورة علمية) من
( ) اعلم ّ 59
قبيل نسبة املتع ِّلق إىل املتع َّلق ،وأما يف قولنا( :صفة نورانية) فمن باب نسبة الفرد إىل الطبيعة( .منه).
( )وأفاد هذا البيان ّ
أن الذات املجردة التي هي النفس ،أو املفارقات يف حدّ ذواَتا غي كافية يف انكشاف 63
ذواَتا ،وانكشاف ما هو حارض عندها باالرتسام أو النعتية ،أو بعالقة املعلولية عىل ما زعم بعضهم ،فإهنا
أمور متغايرة ومتباينة بالذات ،إذ العلم له الزم واحد هو االنكشاف ،وجتويز كوهنا ملزوم ًا له باعتبار
ٌ
وإبطال حلقيقته ،وإنام يستقيم مع نفي الوجود عن املمكن والكالم مع وجودها ،نفي للعلم عن املمكن
مالحظة وجوده واعتبار حت ّققه( .منه).
األولية،
بالرضورة ّ
(م َتحقق) ّ
(هبا) أي باحلقائق ،بأهنا ثابتة بأحد الوجهني السابقنيُ ،
وليست أوهام ًا باطلة ،وخياالت فارغة كّساب بقيعة حيسبه الظمآن ماء ،وال أمور ًا تابعة
لالعتقادات بحسب األمزجة والعادات ،وال مشكوك الثبوت والالثبوت ،بحيث ال يستند
ظن ،وشتّان بني هذا وبني ما يقوله أهل احلقيقة :من ّ
أن املمكنات إىل علم وال يؤول إىل ّ
معدومة عين ًا وأثر ًا ،بمعنى أهنا باطلة يف حدّ ذاَتا ،هالكة يف أنفسها عىل حالة واحدة أزالً
يش ٍء َهال ِ ٌك إِ َّال
وأبد ًا ،إال من اجلهة التي تّل الوجود ،كام قال سبحانهُ ﴿ :ك ُّل َ ْ
اجلال ِل ٍ
َو ْج َه ُه﴾[القصص ،]88 :و ﴿ ُك ُّل َم ْن َع َل ْي َها َفان (َ )26و َي ْب َقى َو ْج ُه َر ِّب َك ُذو ْ َ
َواإلك َْرا ِم﴾[الرمحن ،]27 :ويرشد إليه إتقان الوجود ،واإلمعان فيه كام قد سلف ،أو املعنى
الذرات عند إشاق
أهنا معدومة من جهة الشهود ،فإهنا تتوارى عن نظر السالكني تواري ّ
ويسمون هذا فنا ًء يف التوحيد.
ّ الشمس،
ِ
(خال ًفا ُّ
للسوفسطائية) يعنى الغالطني يف احلكمة الواقعني يف الشبهات املزخرفة(،)61
قال بعض الفضالء( :كل من خيالف الُبهان أو الرضورة ،ويغلط يف احلكمة فهو
يتصور أن يكون قوم ينتحل ذلك مذهب ًا.
ّ سوفسطائي يف موضع غلطه)(ّ ،)62
وإال فال
وملّا كان عقائد أهل احلق ال تثبت إال بالتّل ّقي من جناب ِّ
الرسالة ،وتصديق خُب
ّ
وألن مسائل الفن بجملتها ترجع إىل ثالثة أقسام: النبوة واعتامدها عىل األمور الثالثة،
َّ
( )واملحققون عىل أن السفسطائية مشتقة من سوفاسطا ،ألن (سوفا) اسم للعلم و(سطا) للغلط ،وال 61
غلط سوفسطائي يف موضع غلطه .شح يمكن أن يكون يف العامل قوم ينتحلون هذا املذهب ،بل كل ٍ
(ثالثة) أي منقسمة إليها ومنحْصة فيها ،وليس هذا مبن َّي ًا عىل إنكار املشاعر الباطنة
بالرضورة والُبهان ،وليس هو من دأهبم حاشاهم عنه ،بل إنام
والوجدان وغيهاُ ،ما ثبت ّ
وألن وجودها ليس ب ِّين ًا بالنّسبة إىل ِّ
كل أحد ،فال ّ املدون؛
الفن ومقصود َّ
هو بالنّظر إىل غاية ّ
يناسبه ،بل ال يستقيم أن ُيبنى عليه بيان العقائد التي يفتقر إىل حتصيلها آحاد األ َّمة وعا َّمة
أهل امل َّلة ،عىل أن ا َّ
لبث يف البيان والبحث عن تفاصيل أحواهلا يوجب عول( )65املوضوع،
والعدول عن املجموع.
ِ
( )أي األمة الذين ُأ ْرسل إليهم ّ
الرسول ،كام هو الشائع يف تعريف النبي ،وعلم اخلالق لذاته ،وعلم امللك 63
بيضاوي(( .)12/2منه).
( )ال َع ْول :ا َمل ْيل .لسان العرب(.)481/11
65
القوة وعىل العضو ،وكذلك األمر يف أقسامها
(احلواس) مجع حاسة ،تطلق عىل َّ
ُّ
املندرجة حتتها.
(الصادق) أي الذي ُيعلم مطابقته للواقع من جهة قائله ،وأما األخبار التي ليست
َّ
كذلك فال يستند العلم إليها.
الصدق والكذب ،كام يوصف هبا القول فيفّس بمطابقة الواقع وعدمها ،كذلك
ثم َّّ
الصادق أو الكاذب ،وانتساب املحمول إىل
يوصف هبام القائل فيفّس باإلخبار بالقول ّ
املوضوع عىل ما هو عليهْ ،أو ال عىل ما هو عليه ،فشاع توصيف اخلُب هبام وإضافته إليهام ،كام
وملا كان كل من اخلُب والصدق واضح املعنى بدُيي املفهوم ،ال يلزم من أخذ
ٍ
حينئذ ليس ّإال إحضار اليشء يف املدركة بعد أحدمها يف تفسي اآلخر الدَّ ور ،إذ املقصود منه
حصوله يف اخلزانة.
(منه).
الروحاين املانع من ِ
(وال َعقل) يف األصل احلبس ،ومنه العقال ُس ّمي به اإلدراك ُّ
وأول مراتبها االستعداد
القوة التي تدرك هبا هذا اإلدراكّ ،
اإلقدام عىل ما ال ينبغي ،ثم َّ
ثم استعداد العلوم النّظرية والصنائع
خللوها عن الفعليةَّ ،
ويسمى العقل اهليوالينّ ،
ّ املحض،
سمى العقل بامل َلكة وهي مناط التَّكليف ،يتفاوت
الرضوريات ،و ُي ّ
الفكرية بحصول ّ
الس ّن الذي حيصل فيه لإلنسان
حصوله بحسب األشخاص ،وللفقهاء اختالف يف تعيني ِّ
بحسب الغالب تلك املرتبة.
ويسمى العقل
ّ ثم التمكُّن من استحضار النّظريات من غي جتشيم( )67كسب جديد،
َّ
الروح اإلنساين
ويسمى بالعقل باملستفاد ،ور ّبام يطلق عىل ُّ
ّ ثم شهود النّظريات،
بالفعلَّ ،
الذي هو املك ّلف باحلقيقة واملخاطب بالعاجل ،وا ُملجزى عىل وفق املكاسب يف اآلجل،
(أو ُل ما َخ َل َق اهلل تعاىل ال َع ْق َل)( ،)68واملراد يف
وعىل اجلوهر القدْ يس ،وهو املراد فيام روىّ :
والسامعة
ّ املقام املعنى الثاين ،وهو آله العلم باألشياء كالبارصة خلصوص املبْصات،
للمسموعات.
( ) ينظر :كشف اخلفاء ومزيل االلتباس ( .)269/1واألرسار املرفوعة ( ،)154قال زين العرب يف 68
وتسمى احلواس
ّ بالرضورة ِّ
لكل أحد( ،مخس) (فاحلواس) الب ِّينة الوجود املعلومة َّ
ّ
ال َّظاهرة؛ لظهورها وعدم احتياجها إىل ٍ
دليل مفيد لوجودها.
وإن كانت ُما ال ينكره املنصفّ ،إال أهنا ملّا مل تكن يف الظهور
مفكِّرة ،والوهم متخ ّيلة ،وهي ْ
بمثابة تلك مل يل َتفت إليها املصنّف.
لكل ٍ
أحد بام هو ذلك ،ال من حيث هو متح ّقق أو فاملحصور يف اخلمس هو املعلوم ِّ
ُمكن ال ّتح ّقق ح ّتى ينايف قطع َّية احلْص وجود غيها.
رصح
( )قوله( :القلب أو الرأس) ،األول :مذهب مجهور األصوليني ،ورواية عن أمحد بن حنبل /وبه ّ
69
)الص َام ُخ :بالكّس خرق األذن .وقيل :هو األذن نفسها .والسني لغة فيه .خمتار ِّ
الصحاح(ص.)179 ِّ 71
(
قوة منب َّثة يف العصب املفروش عىل ِجرم ال ّلسان ،يدرك هبا ال ّطعوم ( َّ
والذوق) ّ
بواسطة الرطوبة اللعابية الغريبة ،التي تتك ّيف بكيفية الطعم الوارد أوالً ،بل يمتزج هبا
األجزاء اللطيفة من ذي الطعم ،ويغوص يف العصب املذكور ،فتدرك ما فيها من الطعوم.
( )خلَراطنيُ :مفردها ُخ ْرطون ،هو جنس من َصف الّسجيات ،وحيتوي عىل بعض ديدان األرض. 72
ذكروا أهنا ليس هلا من احلواس إال القوة الالمسة .كام يف تاج العروس(.)485/34
الصادق) الذي هو أحد أسباب العلم للخلق( ،عىل نو َعني) ٍّ
بكل منهام َ
(والرب ّ
حيصل العلم( :أحدمها :الرب املتواتر) وهو لغ ًة :املتَّتابع ،يقال تواترت الكتب :إذا جاء
بأن ما دوهنا ب ّينة شعية جيوز للقايض عرضها عىل املزكِّيني، وأما اشُّتاط اخلمسة؛ ّ
َّش ن َِقي ًبا﴾[املائدة،]12 : ِ
﴿و َب َع ْثنَا من ُْه ُم ا ْثن َْي َع َ َ
لتحصل غلبة ال ّظن ،واثني عَّش لقوله تعاىلَ :
بعثهم لتبليغ دين موسى عليه السالم ،وأربعني لقوله تعاىلَ ﴿ :يا َأ ُّ َُيا النَّبِ ُّي َح ْس ُب َك اهللَُّ َو َم ِن
ني﴾ [األنفال ،]46 :وكانوا أربعني ،فلو مل يفد قوهلم العلم مل يكن َح ْسب ًا يف ا َّت َب َع َك ِم َن املُْ ْؤ ِمنِ َ
ني َر ُج ًال وس ٰى َق ْو َم ُه َس ْب ِع َ
اختَا َر ُم َ ﴿و ْ
نَّش األحكام وتشهي اإلسالم ،وسبعني لقوله تعاىلَ :
ملِِّي َقاتِنَا﴾[األعراف ،]155 :اختار هذا العدد حلصول العلم بقوله فيام خيُبون به حتكُّامت
احلجة ال يرتبط املدَّ عى.
فاسدة ،وما ذكروه يف معرض ّ
نص يف ّ
أن املتواتر يفيد العلم بطريق الوجوب ،ومن وكالم املصنِّف – رمحه اهلل – ّ
احلس كذلك ،لكونه مقدّ مة عليه ،ولذلك سكت عن بيان حاله.
رضورته أن يكون أمر ِّ
كالرشيد وكِ ّْسى( ،يف األزمنة املاضية) التي ال يمكن
(كالعلم بامللوك الالية) َّ
العلم بام فيها من احلوادٍ اجلزئية إال باخلُب( ،والبلدان النّائية) واألظهر ّ
أن هذا عطف عىل
بالرضورة وهو
وري احلاصل من اخلُب املتواتر ّ
الرض ّ
تنظي للعلم َّ
ٌ ثم هذا إما
امللوك اخلاليةَّ ،
ال ّظاهر ،وإ ّما إشارة إىل االستدالل برضورة اخلاص ،أو املق ّيد عىل رضورة العام ،أو املطلق
عىل ما هو املشهور.
واحلق أن فتح باب االستدالل يف هذا املقام يفيض إىل تطويل الكالم ،وإحداٍ
ّ
ٍ
عاقل ّ
أن العلم بوجود يشء بمتواتر البني ِّ
لكل ٍ
بتدقيق تام ،ومن ّ شبهات ال تنقطع ّإال
ينحط يف ال ّظهور عن إدراكه باألبصار ،كالعلم بوجود أيب حنيفة – رمحه اهلل –
ُّ األخبار ال
السفسطة والعناد.
حمض َّ
وبغداد ،وإنكار ذلك ُ
كل واحد ال يفيد ّإال الظن ،واجتامع الظنون ال يفيد ال ّتي ُّقن،
هذا فام يقال :إ ّن خُب ِّ
يستحق
ُّ وجواز كذب ِّ
كل واحد يوجب جواز كذب اجلميع ،ألنه نفس اآلحادَ ،و ْه ٌم ال
فصح أن حيصل منه ما ال يكون
ّ اإلصغاء ،واجلميع اآلحاد من حيث أنه معروض لالجتامع،
بدونه ،وخيالف حكم ك ِّلني كامتناع النَّقيضني.
وأما اخلُب بتأبيد دين موسى وقتل عيسى عليهام السالم ،فتواتره ُمنوع ،بل هو
احلق.
املتعصبني عىل ّ
ِّ ُمسندٌ إىل شذمة قليلة من
الرسول
أمر خارق للعادة مقرون بالتَّحدي( ،وهو) أي خُب َّ
(بامل ْعجزة) وهيٌ :
االستداليل) أي احلاصل بالدَّ ليل ،واملراد منه ما يلزمه العلم بيشء ،أ ّما إجيابه
(يوجب العلم ْ
ُ
العلم فلرضورة صدقه وثبوت عصمته ،وأ ّما نظر ّية هذا العلم فلتو ُّقفه عىل النَّظر واملالحظة
ٌ
صادق ومضمونه ثبت رسالته ،ووجب عصمتهُّ ،
وكل خُب هذا شأنه فهو بأنه خُب من َ
واقع.
كاألول ّيات ،واملشاهدات ،والف ْطريات( ،يف التَّي ّقن وال ّثبات) يعني أنه يف كامل ال ّثبات َّ
وقوة َّ
كالرضوريات ا ّلتي ال حيوم حوهلا شك ،وال يعُّتُيا شبهة؛ ّ
ألن دليل النّقل مستندٌ إىل التّيقن َّ
املنزه عن ُ
وكامل العرفان َّ حلق اليقني ،واأل ْيد( )74اإلهلي املوجب ِ
لعني اليقني، الوحي املق ّيد ِّ
الْصف؛ فإنه ربام ال خيلو من معارضة الوهم ووساوس ّ
الشيطان بخالف العقّل ِّ هواجس َ
ثم ال يكاد يتصالح من اسُّتسل به
الوهم واخليال ،وال يصفو عن كدر القيل والقال ،ومن َّ
يف أمر دينه كطوائف املتك ّلمني.
ٍ
معان ُأ َخر ،وعىل عدم اشُّتاكه والثاين :يتو ّقف عىل عدم النّقل من تلك املعاين إىل
التجوز وال ّتخصيص والنّسخ وال ّتقديم وال ّتأخي ،وهذه األمور جائزة يف
ّ بينهام ،وعدم
ِ
املعارض إذ هو يوجب التأويل ،لكنه الكالم ال يقطع بعدمها ،ثم بعد ذلك ال بدّ من عدم
َّعمق يف األد َّلة العقلية ال يوجب ّإال عدم الوجدان يف
غي يقيني ،إذ كامل املبالغة يف التَّتبع والت ّ
مظانِّه ،وهو ال ّ
يدل عىل عدم الوجود.
( )هو :اخلليل بن أمحد بن عمرو بن متيم الفراهيدي األزدي اليحمدي ،أبو عبد الرمحن :من أئمة اللغة 75
واألدب ،وواضع علم العروض ،قال الن َّْرض بن ُش َميْل :ما رأى ّ
الرأوون مثل اخلليل وال رأى اخلليل مثل
نفسه .له كتاب (العني) و (معاين احلروف) و (مجلة آالت العرب) و (تفسي حروف اللغة) وكتاب
(العروض) و (النقط والشكل) و (النغم)(.ت 173هـ) .ينظر :األعالم( .)314/2ووفيات األعيان
(.)172/1
يبو ْيه :إمام النحاة ،وأول من بسط ِ
( )هو :عمرو بن عثامن بن قنُب احلارثي بالوالء ،أبو بَّش ،امللقب س َ
76
علم النحو .صنّف كتابه املسمى (كتاب سيبويه) يف النحو ،مل يصنع قبله وال بعده مثله( .ت 183هـ).
ينظر :األعالم( ،)81/5ابن خلكان (.)385/1
( )هو :سعيد بن مسعدة املجاشعي بالوالء ،البلخي ثم البْصي ،أبو احلسن ،املعروف باالخفش 77
االوسط :نحوي ،عامل باللغة واألدب ،من أهل بلخ .سكن البْصة ،وأخذ العربية عن سيبويه .وصنف
كتب ًا ،منها (تفسي معاين القرآن) و (شح أبيات املعاين) وغيها( .ت215هـ) .ينظر:
األعالم( .)131/3ووفيات األعيان (.)238 /1
واجلواب :إ ّن من األوضاع اللغوية والقواعد العربية ما هو معلوم بالتَّواتر ،ال ُشبهة
السقوط(.)78 ُّ
والشك سفسطة ظاهرة ُّ لنا فيه،
(أ ْيض ًا) كسبب ّية احلواس واخلُب الصادق ،أعاد ذلك تأكيد ًا وحتقيق ًا ملا عليه أهل
الصانع ،وبدون
بالرضورة ،ولو يف اإلهليات ومعرفة ّ
السنة واجلامعة من إفادة النّظر العلم ّ
املع ِّلم ،ورد ًا ملا ذهب إليه املخالفون.
( )والسمنية بضم السني املهملة وفتح امليم اسم لطائفة من األوائل أنكروا افادة النظر العلم ،وزعموا أن 79
طريق افادته احلواس :السمع والبْص الخ .قيل نسبة لسمن كعمر اسم صنم كانوا يعبدونه ،وقيل نسبة
لسومان بلدة باهلند عىل غي قياس
( )مجع مهندس :أي أصحاب اهلندسة ،وهي علم يعرف به خواص املقادير :أعني اخلط والسطح، 83
واجلوابّ :
إن ذلك إما المتناع التَّكنيه ،أو لفساد النّظر ،وقرب اهلو ّية من املدرك ال
يستلزم سهولة اإل ْدراك ،ولو ُس ّلم فعدم إدراك األقرب ال يوجب عدم إدراك األبعد ،جلواز
منقوض بإفادته يف اهلندسيات.
ٌ أن يكون ذلك ملان ٍع ُّ
خيتص باألقرب ،وإنه
واحلق ّ
أن ُّ واألشعرية عىل أن ُح ْس َن املأمورات وقبح املنهيات ال يعرفان ّإال ّ
بالَّشع،
رضوري بني النّظر
ٍّ وإن النظر ال يفيد ّإال بطريق ْ
جري العادة بدون ارتباط قوهلم هذاَّ ،
ٌ
وقول باال ْتفاق ِ
احلسن واإلفادة، الصحيح ،والعلم احلاصل به يف احلقيقة ،نفي ملعنى َّ
وأن املُ ْح ِدٍ ال بدّ له من ُحمْدٍ،
أن العامل ُحم ْدَ ٍّ ،
بأن من علم ّ
والرضورة قاضي ٌة ّال َبحتَّ ،
أن العامل ال بدّ له من ُحم ْ ِدٍ
واجتمع يف ذهنه هاتان املقدّ متان عىل هذه اهليئة ،وجب أن يعلم َّ
بالرضورة.
ّ
( )اإلسامعيلية وهم الباطنية وهم الذين أثبتوا اإلمامة إلسامعيل بن جعفر الصادق ريض اهلل عنه ،وقالوا
81
إن اهلل ال موجود وال معدوم وال عامل وال جاهل وال قادر وال عاجز ،وكذا سائر الصفات .ويسمون
بأصحاب التّعليم .ينظر :التعريفات(ص.)27
وقبح تكذبيه ،واستلزام النَّظر العلم وإجيابه
ُ وعىل هذه ّ
الشاكلة ُح ْس ُن تصديق النَّبي
بدون ال ّتوليد ،ال ينافيه استناد مجيع املمكنات إىل اهلل تعاىل ابتداء يف إفاضة الوجودِ ،
وإن ِ إ ّياه
ً
امتنع خت ّلف العلم عن النّظر ملا بينهام من ارتباط الع َّلة واملعلول ،كامتناع خت ّلف اجلزء عن ك ِّله
العرض دون حم ِّله.
ووجود َ
( )وهو من شواهد الفراء يف معاين القرآن ( ،)321 /2واملُبد يف املقتضب ( ،)228 /4وابن جني يف 82
القذف يف القلب من غي ٍ
نظر واستدالل بِ ُح َّجة ،واملراد إهلام غي (واإلهلام) هو ْ
حج ٌة عليهم وعىل غيهم؛ مر ،وإهلام األنبياء َّ الفن كام ّ الغرض من ِّ األنبياء عىل ما يقتضيه َ
أن َن ْف ًسا لن س نفث يف ر ِ
وعي َّ وح ال ُقدُ ِ خفي ،قال عليه الصالة والسالمَّ :
َ (إن ُر َ ّ وحي
ّ ألنَّه
ِ
الطلب)(.)83 تستكمل رز َقها ،فاتقوا اهللَ و َأ ْمجِ ُلوا يف
َ متوت حتى
َ
ِ
أسباب امل ْعرفة) قال أبوبكر الكالباذي رمحه اهلل يف (معاين األخبار)(:)84 من
(ليس ْ
َ
(املعرفة حكمها ْ
أن يعلم اليشء بالدّ ليل والعالمة بإجياب حقه ،وسمعت أبا القاسم
احلكيم( )85يقول :املعرفة معرفة األشياء بصورها وسامَتا ،والعلم علم األشياء بحقائقها)(.)86
بالروح
( )مسند الشهاب ( ،)1151وحلية األولياء( ،)26/13وش ح السنة للبغوي( .)4112أراد ّ 83
اسحاق إبراهيم بن َي ْع ُقوب الكالباذى تَاج االسالم َأبو بكر ال ُب َخ ِار ّي احلَ ِنف ّي ،من حفاظ احلديث،
(التعرف َمل ْذ َهب التصوف)،
ّ حل ِديث األشفاع واألوتار)،
و(كالباذ) حم َّلة ببخارى ،له أيض ًا( :أربعني ِيف ا َ
الص َالة) َوغي َذلِك (ت383هـ) .ينظر:اخلطاب)( ،معدّ ل َّ(فصل ْ التعرف)ْ ، َّْصف ِيف شح َّ (حسن الت َ ُّ
ُ
هدية العارفني( ،)54/2األعالم( ،)295/5كشف الظنون(.)225/1
مر َقندي القايض ،نشأ يف
الس ْ
( )هو :إسحاق بن حممد بن إسامعيل بن إبراهيم بن زيد ،أبو القاسم احلكيم َّ 85
حجة ال
بصحة أحكام الدِّ ين وثبوَتا يف الواقع ،فال يكون َّ
َّ (بصحة َّ
الّشء) أي َّ
العدو وفتنة الدّ نيا وطريق
ِّ حجة يف معرفة آفات النَّفس ومكائد لصاحبه وال لغيهْ ،
وإن كان َّ
االحُّتاز عنها ،وضم جوارح النّفس وحفظ أطرافها ومجع حواسها عىل أهله دون غيه،
﴿و َن ْف ٍ
س َو َما َس َّو َاها ()7 بحيث يمكن له مراقبة اخلواطر وتطهي الّسائر ،قال اهلل تعاىلَ :
َف َأ ْهل َ َم َها ُف ُج َ
ور َها َو َت ْق َو َاها﴾[الشمس7 :ـ .]8
[حدوث العامل]
وجد هي احلدوٍ عىل ما يشي إليه وهذا هو املعنى من قوهلم :ع ّلة االفتقار إىل املُ ِ
ِ ِ ِ وقن ِ َ
ات ل ِ ْلم ِ ﴿و ِيف ْاألَ ْر ِ
ون﴾[الذاريات: ني (َ )19ويف َأ ْن ُفس ُك ْم َأ َف َال ُت ْب ُ
ْص َ ض آ َي ٌ ُ قوله تعاىلَ :
.]23
الّسخيس( )373/1واملبسوط
( ) ينظر :كشف األرسار شح أصول البزدوي ( ،)26/3وأصول َّ َ
87
للّسخيس(.)133/16
َّ
وعن هذا قال الشيخ أبو املنصور املاتريدي رمحه اهلل( :من نظر إىل نفسه وإىل غيه،
يرى آثار احلدوٍ ،فيعلم أنه ال بدَّ من ُحم ْ ِدٍ)( .)88وأما الع ّلة بمعنى ما يقتيض افتقاره إىل
الع ّلة ،فهي اإلمكان ال حمالة.
واحلدوٍ هبذا املعنى ال حمالة يوجبه التع ّلق بغيه ،أليس من الرضورة الفطرية ّ
أن
ما تساوي وجوده وعدمه ال يكون وجوده ّإال بتأثي غيه ،ومن رضورته تبدّ له من حال كان
الغرض ّإال يف ٍ
وحتوله إىل حال آخر حتقيق ًا ملعنى التأثي ،وإذ ليس َ
ّ هو عليه قبل التأثي،
الوجود ،وجب أن يكون معدوم ًا قبله ،وليس من رضورة احلدوٍ أن يكون قبل الوجود
بل العدم ليس من شأنه أن يتّصف بذلك ،إذ هو ليس حمض مقداري يقع فيه العدمِ ،
ّ امتدا ٌد
يسمى العدم أو النّفي ،كام قد يتبادر إىل األوهام حتى حيكم عليه ِ
أمر ّ ونفي رصف ،ال ٌ
بمفهو ٍم ثبويت أو يقارن ألمر وجودي ،بل هو عبارة عن عدم حت ّقق مصداق محل املوجود يف
احلقيقة التقديرية.
( )املحدٍ هو الذي يتع ّلق وجوده بإجياد غيه ،فأما القديم فمستغن يف وجوده عن غيه .تبْصة 89
األدلة(.)65/1
ليس احلدوٍ ّإال الوجود عن العدم ،وهذا املعنى ال خيتلف يف حق حادٍ وحادٍْ ،
وإن كان أحدمها
حدٍ بعالج وتعب ،واآلخر حدٍ ال بعالج وتعب ،إذ العالج والتعب معنى وراء معنى نفس احلادٍ
وهذا الذي ب ّيناه هو معنى احلدوٍ عند احلنفية أمجعني ،واألشعرية األقدمنيّ ،إال
معنى آخر سوف ُيتّىل عليك يف حم ِّله ْ
إن شاء اهلل(.)93 ً أن ّ
املتأخرين منهم قد اخُّتعوا ّ
وملا حكم باحلدوٍ عىل األجسام واألعراض ،وما اشتمال عليه من األجزاء
واألبعاض أراد أن ين ّبه عىل القسمني بتعريفهام ،فقال:
وحتصل
ّ ّ
املحل يف قوامه (فاألعيان :ما له قيام بذاته) أي يش ٌء له استغناء عن
حقيقته ،واملراد من قيامه بذاته عدم قيامه بيشء ،ال ما يومهه حقيقة ال ّلفظ من اإلثنينية بني
بالرضورة.
اليشء وذاته ،فإنه مستحيل ّ
َّ
يتحاش املصنِّف عن وملا كان التَّحقيق عدم اشُّتاط املساواة يف مطلق التّعريف ،مل
عدم انعكاسه ،ثم جرى عىل هذا ال ّتعميم فيام يأيت من ال ّتعاريف وال ّتقاسيم.
ِ ِ
( )األشاعرة يزعمون أن القول بِقدم التّكوين يؤدي إىل القول بِقدم ّ
املكونات مع علمهم أن ما تع ّلق 93
وتنازعوا يف أدنى ما يُّتكّب منه اجلسم ،بأنه اثنان أو ثالثة أو أربعة أو ستَّة ،من غي
ٍ
بخالف ال ثمرة له. متسك بأصل شعي وال عقّل ،فلم يأتوا ّإال
ّ
(وهو) أي املركَّب ِ
(اجل ْسم) ليس ّإال ،وأما األرواح فليست بجس ٍم ال جسامنية عند َ
احلنفية وموافقيهم( ،)92فال تكون مركَّبة خالف ًا لخأشعرية واملعتزلة.
يتقوم به (وهو) أي اجلوهر (اجلزء الذي ال يتج ّزأ) بمعنى اجلزء ِّ
االحتادي( )93الذي َّ
اجلسم ،ويتَّحد معه وجود ًا ِ
َّجزي ،وال َي ِر ُد عليه اإلنفكاك يوجبه ّ
صحة وقوام ًا ،فال يطرؤه الت ِّ
( )املدرسة املشائية :هي مدرسة فلسفية أسسها أرسطو ومحل لواءها تالمذته وأنصاره .واملشائية كلمة
91
تعني يطوف ،وذلك إشارة إىل املمشى الظليل أو الرواق الذي كان أرسطو يلقي حمارضاته فيه ،أو إىل
طريقته يف التدريس وهو يطوف بالرواق.
( )أصحاب أيب حنيفة – رمحه اهلل – السالكني طريقته يف الفروع واألصول الناكبني عن االعتزال يف مجيع
92
ديار ما وراء النهر وخراسان من مرو وبلخ وغيمها ،كلهم يف قديم الزمان كانوا عىل هذا املذهب) تبْصة
األدلة من نفسها
انتزاع املفهومات املتخالفة ،عىل معنى أ ّنه يف حدّ ذاته بحيث يمكن أن ُينتزع عنه تلك
املفهومات ،ويكون مصداق ًا حلملها ومطابق احلكم هبا يف سنخ( )94حقيقته ومرتبة مه ِّيته.
وإن َقبِ َل مطلق القسمة وال ّتب ّعض ال إىل هناية؛ بعضها بالنسبة إىل األُخرى ،وإ ّنه ال َّ
يتجزأ(ْ ،)95
جزئه يف القوام والوجود ،مبادئ لخأجزاء التحليلية والعقلية ومنشأ النتزاعها ،وجيري فيها اإلهبام
وإن كان ظاهر كالمهم عىل خالف ذلكّ ،إال ّ
أن التحقيق يلجؤهم إليه ،فافهم منه والتحصيل واحلكامء ْ
ّ
س ّلمه اهلل
)السنخ من ّ
كل يشء :أصله ،واجلمع أسناخ .املصباح املني(.)291/1 ( ّ 94
إن كون الواحد من العَّشة واليد من زيد غيهُ ،ما مل يقل به أحد من املتك ّلمني سوى جعفر
( )وما يقال ّ 95
ثم قال اإلمام أبوحنيفة ريض اهلل عنه( :قاتل اهلل عمرو بن عبيد فإنه فتح باب ًا
ومن ّ
جهة غي ما منه إىل ُأخرى ال حمالةّ ،
وأن أن ما منه إىل ٍمن الكالم)( ،)96وُما يوجب بطالنه ّ
تصور حركة فرجار ذي ثالٍ شعب عىل سطح اجلسم يعطي قبوله القسمة ال إىل هناية،
ّ
بمعنى فرض يشء غي يشء ،وال يمكن اشتامله عىل جواهر ال تتناهى بالفعل ،وإال مل تكن
اخلردلة أصغر من اجلبل.
( )قال أبو حنيفة« :لعن اهلل عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس بابا إىل علم الكالم» .وقال أبو حنيفة« :قاتل
96
اهلل جهم بن صفوان ومقاتل بن سليامن .هذا أفرط يف النفي وهذا أفرط يف التشبيه» .اجلواهر املض ّية (/1
.)31
( ) يف األصل :جة.97
والرضورة قاضية
لخأعم ،وأما جواز ارتفاعه عن معروضه ّ األعم الزم خالفه ِ
إذ الالزم
ّ ّ
يت مشُّتك بني أقسامه اخلمسة.
ببطالنه ،إذ ليس هناك ذا ٌ
وأورد هذا القيد احُّتاز ًا عن صفات اهلل تعاىل ،فإهنا كام أهنا ال تقوم بغيها ال تقوم
بذاَتا ،وإشارة إىل قيام الصفات بذاته تعاىل ليس من قبيل قيام األعراض بمحاهلا ،ولو قال:
والعرض ما يقوم بغيه ،مل يكن يف ذكره كثي فائدة.
َ
السواد والبياض، (كاأل ْلوان) من الكيف ّيات املحسوسة بالبْص وأصوهلا َّ
والسكون عدم ملك ٍَة هلا ،وال
(واأل ْكوان) أي احلركة بمعنى القطع التي من مقولة الفعلّ ،
تصور معنى األ ْي ِن واحلركة ّ
والسكون. تغُّت بُّتبيع األ ْي ِن فإنه ٌ
مبني عىل عدم ّ ّ
(والروائح) وهي مع كثرة أنواعها ليس هلا أسامء خمصوصة ،وهذه املذكورات إنام
َّ
املجردات ،وهي
ّ فإهنا ربام تكون يف
تعرض األجسام وأجزائها بخالف الكيف ّيات النّفسانية؛ ّ
املشاهد يف الوجود
َ وغرض املصنّف رمحه اهلل يف هذا املقام التَّنبيه باحتياج هذا العامل
الرضورة الفطرية أن املقتيض لذلك هو
إىل غيه عىل احتياج املمكن عىل العموم ،ومن َّ
أن املركّب احلقيقي ال حيصل ّإال
اإلمكان املحيط بجميع األعراض واألعيان ،ونظي ذلك ّ
جزئي هو عدم حصوله من
ٍّ باحتياج األجزاء ،وقد ن ّبهوا عىل هذا احلكم الرضوري بمثال
اإلنسان واحلجر املوضوع يف جنبه.
[املُ ِ
حدث للعامل هو اهلل تعاىل]
فّسه احلنفية تارة بام ُيعلم به اخلالق من األعيان واألعراض ،وتارة بام ِسوى
وهلذا ّ
الراسخون يف
وحمصل البيان عىل هذا املسلك الوثيق الذي سلكه ّ
ِّ اهلل تعاىل من املوجودات،
أن ما ثبت وجوده من األعيان واألعراض ،وعرف باملشاهدة ثبوته جائز العلم بالتَّحقيقّ :
حمدٍ خارج عنه ،وليس الوجود والعدم يف نفسه قابل ال ّتحول والتْصم بذاته ،فال بدَّ له من ِ
ّ ّ
ذلك ّإال لإلمكانه وتساوي وجوده وانعدامه(.)133
)األول تعريف العهد ،ألنّه عني به القرآن والثاين تعريف اجلنس ،ألنّه عني به جنس الكتب املنزلة،
ّ ( 99
تفسي ّ
الكشاف.
ِ
يتغي من حال إىل ( )إن دهري ًا ناظره يف قدَ ِم العامل وعدم ّ
الصانع ،فقال أبو حنيفة رمحه اهلل :أرى العامل ّ 133
ٍ
عرصة ،بعد ْ
أن مل غي له كوجود بناء مش ّيد يف غيّ ،
تغيه عىل وجود ُم ّ
فدل ّ ّغي ال بدّ له من ُم ّ حال ،والت ّ
فإن كان هو يشء يشاركه يف وصف اإلمكان ،فحا ُله ال حمالة كحالِه يف لزوم
ّ
ويرجحه عىل عدمه ،إذ لسنا نعني باحلادٍ
ّ خيصص وجوده احلدوٍ رضورة احتياجه إىل ما ِّ
ٍ
ُمكن حادث ًا حادٍ ال بدّ له من ُحم ْ ِدٍ قديم ،وهذا معنى كون ُّ
كل ٌ ّإال هذا ،فجميع املمكنات
عند احلنفية ،ومرادهم باحلدوٍ هو هذا النَّحو.
ٍ
ُمكن حادٍ ،وأما إن القديم والواجب مُّتادفانّ ،
وكل ومن هناك يستقيم قوهلمّ :
فتفسي
ٌ الزماين،
بالزمان وهو ّ لذات ،وهو احلدوٍ ّ
الذايت أو ّ تفسيه باملسبوق ّية بالعدم با ّ
ّ
بالالزم قد أصطلح عليه الفالسفة ،ونحن ال ننازعهم فيه.
وإن مل يكن له تع ّلق بالدّ ين ال إثبات ًا وال نفي ًا( ،)131وهو أنه قد ثبت ّ
أن اجلسم عىل ثبوته أيض ًاْ ،
إما فلكي وإما عنْصي ،ومن الفلكي ما يفوق األجسام ك ّلها ،ويتقدّ م بالوجود عىل
الُّت ّجح الذي
حتركه ما دام وجوده لبساطته ،واستحالة ّ
اجلسامنيات مجيعها ،وجيب دوام ّ
السكون يف أجزائه املقدارية بالنّسبة إىل اختصاصها باجلهات ،وليتس ّلم ذلك من
يوجب ّ
ثم يساق برهان ال ّتطبيق وغيه من الُباهني التي ّ
تدل عىل بطالن غي املتناهي، احلكيم(ّ ،)132
املقرر عند املح ّققني منهم ،فيكون وجوده
ويمنع اشُّتاط الُّتتُّب واالجتامع فيه ،عىل ما هو ّ
ووجود ما بعده مسبوق ًا بالعدم ال حمالة.
ّ
)إن أبا جعفر الطحاوي – رمحه اهلل – وهو ُمن ال خيفى درجته وعلو رتبته يف معرفة أقاويل سلف ( 131
األمة عىل العموم ،ومعرفة أقاويل أصحاب أيب حنيفة – رمحه اهلل – عىل اخلصوص (تبْصة األدلة من
نفسها .قد مجع أبو جعفر الطحاوي – رمحه اهلل – وهو من أكُب ِ
اآلخذين بمذهبه كتاب ًا أسامه عقيدة أيب
حنيفة – رمحه اهلل – وهي عقيدة أهل السنة واجلامعة ،وليس فيها يشء ُما نسب إليه ،وقيل عنه وأصحابه
أخُب بحاله وبقوله من غيهم ،فالرجوع إىل ما نقلوه عنه أوىل ُما نقله غيهم عنه جامع األصول يف
أحاديث الرسول لإلمام ّ
العالمة أيب السعادات ابن األثي – رمحه اهلل – من نفسه.
وهلذا مل يوجد يف كتب أحد منهم إثبات حدوٍ العامل هبذا املعنى املصطلح والقول املخُّتع ال يف عقيدة
اإلمام أيب جعفر ال ّطحاوي التي هي مدار عقائد احلنفية ،وال يف كالم أيب املنصور املاتريدي – رمحهام اهلل
– ومن يف طبقتهام ،بل ال يف (التبْصة) ،وال يف (البداية) وال يف (ال ّتمهيد) وال يف (الفقه األكُب) املنسوب
إىل اإلمام أيب حنيفة – رمحه اهلل – وال يف غيهاّ ،إال يف مقاالت من أذعن لخأشعر ّية من أحداٍ املتأخرين
ُمن ال ُي ْعتَدُّ به وال ُي ْعتمد ما يف كتبه منه .س ّلمه اهلل.
( )احلَكِيم :من أسامء اهلل تعاىل ،وتطلق عىل الفيلسوف والطبيب ،واجلمعُ :حكامء .ينظر :املعجم 132
مستحق
ٍّ ٌ
هالك يف حدّ ذاته غي كل موجود سواه فإن ّ (هو اهلل تعاىل) ليس ّإال َّ
َ
أن يكون ِ
حمدث ًا للعامل. يتصور ْ للوجود بذاته ،فال
ّ
(الواحد) عىل اإلطالق الذي يستحيل تقدير االنقسام يف ذاته إىل األجزاء الفعلية
وال ّتحليل ّية واجلزئيات النّوعية واجلنس ّية ،ملا أنه من لوازم احلدوٍ واإلمكان وموجبات
َان فِ ِيهام ِ
آهل َ ٌة إِ َّال اهللَُّ َل َف َسدَ تَا﴾[األنبياءّ ،]22 :
ألن الفساد والبطالن ،كام قال اهلل تعاىلَ ﴿ :ل ْو ك َ َ
ٍ
أجزاء ُمكنة الوجود أن يكون من يتصور ْ الُّتكُّب ولو من األجزاء التّحليلية ،مع أنه ال
ّ
الذات توجب االفتقار واحلدوٍ ،وذلك ّ
ألن األفراد إما م ّتفقة احلقيقة ،فال بدّ من هالكة ّ
عريض فيلزم االحتياج إىل غيه ،وإما خمتلفة احلقائق ْ
فإن كان ٍ
الُّتكُّب ،أو َ
فارق ذايت فيلزم ّ
وصحة محل املوجود دون غيها ،بحيث
ّ خلصوص ّية واحدة منها مدخل يف انتزاع الوجود
لوالها المتنع االنتزاع واستحال احلمل ،ال يكون الغي واجب ًا.
( ) يف األصل :بىل.133
( )جاء يف الفصل ( )11من رسالة صغية لإلمام املاتريدي( :إن الصفة تضاف إىل اهلل تعاىل ،واهلل تعاىل 134
ال يضاف إليها ،فال يقال :عامل ٌ بعلم ،لكن يقال :عامل ٌ بالعلم ،وإذا قيل :بعلم من؟ قيل :بعلمه .وقد روي
عن أيب حنيفة ريض اهلل عنه أنه سأل عن ِ
القدَ م فقال :كان اهلل تعاىل قدي ًام بال ُقدْ رة ،فقيل :بقدرة من؟ فقال:
بقدرته) .والنّص أيضا يف (عقيدة أيب اليّس البزدوي) (ل21أ) .وهو ساقط من الكتاب املطبوع
باسم(أصول الدين عند البزدوي).
ٍ
واحدة منها ُملغاة اخلصوصية يف أو كان خلصوص ّية غيه أيض ًا مدخل ،أو كان ّ
كل
ذلك ،بل هناك جهة مشُّتكة وحيثية زائدة باعتبارها يصدق املوجود ،ال يكون يش ٌء منها
ِ
هو يوجب االفتقار،
هو َواجب ًا بذاته الفتقاره إىل غيه ،وباجلملة صدق املوجود ال من حيث َ
وإنه من مستلزمات اإلمكان ،فال ّتعدد بأي وجه يوجب اإلمكان ،وهو يوجب بطالن
تكوهنام بل العوامل مجيعها.
الساموات واألرض ،وعدم ّ
ولكن مجيع األزمنة واألمكنة بأرسها واملوجودات عن آخرها حارضة عنده تعاىل
صباح وال مساء)(،)136
ٌ كل يف حدِّ ه ووقته ،كام ورد يف احلديث( :ليس عند ربكالسواء ّ
عىل ّ
ماض ٍ
وآت ٍ أن يكون بالنّسبة إليه قرب وبعد ،وال ّأول وآخرْ ،
وأن جيري له يتصور ْ فال
ّ
( )كاحلاكم أيب عبد اهلل النيسابوري يف املستدرك وأيب نعيم يف األسامء احلسنى وابن مردويه ،وأيب الشيخ
135
االول :اآلن الدائم ،ص .32مع النظر إىل هامش املحقق وصعوبة العثور عىل سند يقيني هلذا احلديث.
( )5اصطالحات أو مصطلحات الصوفية لكامل الدين عبد الرزاق بن أيب الغنائم الكاشاين (733 -
هـ 1329 /م).
وحارض عىل ما يشي إليه قوله تعاىل﴿ :وما َأمرنَا إِال و ِ
احدَ ٌة َك َل ْم ٍح بِا ْل َب َ ِ
ْص﴾ [سورة َ َ َ ُْ
القمر.]53:
والذي ذهب إليه احلكامء( )138من القول بِ ِقدَ م العامل بمعنى دوام وجود العلويات،
السفل ّيات املتجدّ دة هبا،
وإثبات حوادٍ متعاقبة يف أزمنة غي متناهية ،وجعلها ذريعة لربط ُّ
احلق من القول بحدوٍ العامل بجميع أجزائه املتلقى من الَّشيعة
فاحلق أنه ال ينايف ما هو ُّ
ّ
( )احلكيم هو املصيب يف أقواله املتقن ألفعاله املحفوظ يف أحواله ،كذا ذكره الشيخ اإلمام أبو بكر حممد 138
بن أيب اسحق إبراهيم بن يعقوب الكال آبادي – رمحه اهلل – يف كتابه معاين األخبار منه س ّلمه اهلل تعاىل.
( ) وللرد عىل كالم املصنف ينظر :رضب اخلاتم عىل حدوٍ العامل للكشميي(ص ،)482وجاء فيه: 139
قالوا :نأخذ من احلادٍ اليومي سلسلة ال إىل هناية ،وُما قبله بواحد مث ً
ال أخرى
الزيادة إىل اجلانب اآلخر ،فإما ْ
أن يقع بإزاء كل فرد من السلسلة كذلك ،ثم نط ّبقهام فينتقل ّ
البني ّ
أن طبيعة والزائد ،ومن ّ
( )111
األوىل فرد من الثانية َّأوالً ،فعىل ّ
األول يلزم مساواة الناقص ّ
أن يساوي ك ّله جزئه ،وعىل الثاين يلزم االنقطاع وال ّتناهي.
الكم تأبى ْ
ِّ
وال ينتقض بمراتب األعداد ،وال بمعلومات اهلل تعاىل ومقدوراته ،ونِ َع ِم ِ
اجلنان؛
ألن للعدد وجود ًا ذهن ّي ًا حمض ًا ال يُّتتب عليه اآلثار ،ووجود ًا حيذو حذو الوجود اخلارجي
ّ
ٍ
متناه ومنقطع بانقطاع االعتبار ،وبحسب األول
يف ترتب اآلثار ،وهو بحسب وجوده ّ
يصح انتزاعه ،وهو يتناهى بتناهي املعدودات.
وجوده الثاين نفس كون املعدود بحيث ّ
يتصور
ّ ومعنى عدم تناهي معلومات اهلل تعاىل ومقدوراته أهنا ال تقف عند حدٍّ ال
فوقه آخر ،وليس املعنى ّ
أن ما ال هناية له داخل يف الوجود.
إن حتقق كل غي املتناهي وجزئه وهو غي مس ّلم لك ،وأمكنك أخذ الكل بحيث ال ّ
يشذ منه ( )نعم ْ 111
فإن اعتبار عدم الشذوذ بعينه اعتبار تناهيه ،فال يلزم التناهي ّإال من
يشء ،وهو يف حيز املنع ،وكيف ال ّ
فإن ما ال ّ
يشذ عن حد ما كيف يكون غي متناه؟ وكذلك تعقل اجلذب وخت ّيل الدفع ال هذا االعتبارّ ،
يعطيك انتقال الزيادة إىل جهة أخرى فيام ال يتناهىّ ،
فإن اعتبار الزيادة والنقص ال ينجع طبع غي
املتناهي ،بىل هو عني التناهي ،ومل يأت ّإال من اعتبارك ،ويف احلقيقة ال حيصل كل أص ً
ال بل ال يزال يذهب
وال يتناهى وال ينقطع منه ،س ّلمه اهلل.
اجلنان ،ال تقف عند حدّ بحيث لو وجدت عن فإن قيل :احلوادٍ اآلتية كنعم ِ
ْ
آخرها لكانت غي متناهية بالفعل ،وال ِم ْر َية( )112أهنا معلومة هلل تعاىل بأرسها ،فينتقض
الُبهان.
ال باط ً
ال َي ْب ُعد من طائل ،فمنهم من قال: متح ً
الربط ُّ هذا وامل ّتك ّلمون ّ
متحلوا يف أمر َّ
الرابط هو اإلرادة ،فإهنا صفة من شأهنا ختصيص املراد وترجيحه عىل غيه مع استوائه
إن ّّ
أن تكون اإلرادة القديمة بحسب تع ّلقها
إن من اجلائز ْ
وأوجه ما قالواّ :
َ بالنسبة إىل الطرفني،
يتصور ّإال كونه حادث ًا ،أال ترى أنه
ّ متمم ًة لع ّلته ،فال
يف األزل لوجود احلادٍ فيام ال يزال ِّ
ٍ
خمصوصة من الكيف ّيات والكم ّيات ٍ
وأوصاف ٍ
أحوال مع ّينة سبحانه إذا أراد إجياد جسم عىل
أن يوجد هذا اجلسم ّإال عىل هذه األحوال واألوصاف فكذا هنا.
ال يمكن ْ
جيدي نفع ًا؛ فإنه كام ال بدّ لكل واحد من آحاد التع ّلقات من ّ
مرجح ال بدّ جلملتها أيض ًا من
ترجح هذه السلسلة من التع ّلقات املنتهية إىل تع ّلق اإلرادة
مرجح ،فحينئذ ُينقل الكالم إىل ّ
ّ
اليش ِء َّ
الش ُّك .خمتار الصحاح(ص.)293 ُّتا ُء) يف َّ ْ
ِ
)(اال ْم ِ َ ِ (
112
بالوجود يف ما ال يزال عىل السلسلة األخرى املنتهية إىل تع ّلق اإلرادة بالوجود يف األزل ،بل
التع ّلق أمر اعتباري ينتزع بعد حت ّقق املراد بالنسبة إىل اإلرادة.
القولّ ،إال أهنم ناقضوه بمذاهبهم هذه ،وذلك قوهلم بأفواههمَ { :يقُولُونَ ِبأ َ ْل ِسنَتِ ِهم َّما لَي َ
ْس
فِي قُلُوبِ ِه ْم}[الفتح.]11 :
(احلي) ( )113الدَّ َّراك الف َّعال عىل الكامل الذي تندرج مجيع اإلدراكات حتت إدراكه
ّ
احل ُّي َال إِ َٰل َه إِ َّال ُه َو ﴾[غافرَ ،]65 :
﴿واهللَُّ ومجيع األفعال حتت فعله ،ويف التنّزيلُ ﴿ :ه َو ْ َ
يم ا ْل َق ِد ُير﴾[الروم ،]54 :وغي ِ
﴿و ُه َو ا ْل َعل ُ يم﴾[التحريمَ ،]2 :
مو َال ُكم وهو ا ْلعلِيم ْ ِ
احلك ُ
َْ ْ َ ُ َ َ ُ َ
ذلك من اآليات(.)114
ُمكن وإحداثه وإعدامه وتركه عىل حاله مقدّ ر ًا ٍ كلالقادر) الذي يتمكّن من إجياد ِّ ( ِ
باإلرادة والعلم خمُّتع ًا عىل وفقهام ،قال اهلل تعاىلَ ﴿ :أو َليس ا َّل ِذي َخ َل َق السامو ِ
ات َو ْاألَ ْر َض َّ َ َ َ ْ َ
يم﴾[يس.]81 : ِ خي ُل َق ِم ْث َل ُه ْم َب َىل َو ُه َو ْ
اخلَ َّال ُق ا ْل َعل ُ
بِ َق ِ
اد ٍر َع َىل َأ ْن َ ْ
(املُريد) لقوله تعاىلَ ﴿ :ف َّع ٌال ملَ ِا ُي ِريدُ ﴾ [الُبوج ،]6 :وقوله ﴿إِن ََّام َأ ْم ُر ُه إِ َذا َأ َرا َد َش ْي ًئا
َأن َي ُق َ
ول َل ُه ُكن َف َي ُك ُ
ون﴾[يس.]82 :
ٍ
واحد منها وبني كل وإن كانت متقاربة املعنى ّإال ّ
أن بني ّ أن األوصاف اإلهلية ْ
اعلم ّ
األخرى دقيقة تتاميز هبا وال َي ْع ِر ُفها ّإال خواص أهل اهلل ،وطريقة ّ
السلف يف إثبات صفات
اهلل تعاىل وأسامئه العىل االقتداء بكتاب اهلل وسنة رسوله واقتفاؤمها ،فام أثبته الكتاب والسنة
( )ويفارق علمنا علم احلق يف شيئني أحدمها انتفاء النهاية عنه ،واآلخر ّ
أن العلوم ليست يف حقه بالقوة 115
واإلمكان الذي ينتظر خروجه إىل الوجود بل هو بالوجود واحلضور وكل ُمكن يف ح ّقه من الكامل فهو
حجة اإلسالم الغزايل – رمحه اهلل –
حارض موجود ،جواهر القرآن لإلمام ّ
( )ليس بحديث بل هو ُما أمجع عليه املسلمون بغي نكي .ينظر :التوحيد للامتريدي(ص .)291 116
من األسامء والصفات هو الثابت له تعاىل بال تأويل وال إرجاع بعضها إىل بعض ،مع نفي
ال عىل املعنى الذي اخُّتعه أحداٍ األشعر ّية ،ولذلك مل يرد يف عبارات القدماء
إطالق الواجب عليه تعاىل ،وإنام أطلق من أطلق عىل اصطالح الفلسفة ،ومن ا ّدعى اإلمجاع
يصح
ّ كل ما ال َ
دليل عليه جيب نفيه ،وال فيه ،فقد خالف اإلمجاع ،وهذا هو املعنى ُما يقالّ :
تنزيله ّإال يف هذا املقصد.
بحصله،
ِّ يقومه وموضو ٍع بعرض) ألنَّه ال يقوم بذاتهْ ،بل يفتقر إىل ٍّ
حمل ّ (ليس َ
َ
وتعاىل اهلل ْ
أن حيتاج إىل غيه.
(وال جسم) فإنه مركب من األجزاء التي تتجزأ ،أو اهليويل والصورة ،أو اجلواهر
ويتصور فيه ْ
أن يفرض يشء غي يشء. ّ الفردة ،وال حمالة من األجزاء التحليلية املقدارية
املقوم ،أو
(وال جوهر) ألنه اجلزء الذي ال يتجزأ ،أواملمكن املستغني عن املحل ّ
الوضعي ،وهو سبحانه متعال عن أمثال ذلك.
اجلزء ْ
مصور) ّ
ألن الصورة من خواص األجسام حتصل هلا بواسطة الكم ّيات َّ (وال
والكيف ّيات وإحاطة احلدود واجلهات.
عقل ,ولكن افتقد األسامء والصفات بمعانيها وحقائقها هلل تعاىل ،وننفي التشبيه والتكييف عنها ،إذ ال
كفو للمنصوص فيشبه به ،وال مثل له فيجنس منه ،فنقول كام سمعنا ونشهد بام علمنا عىل أنه ليس كمثل
يشء يف كل وصف ،فنثبت وال نش ّبه ونصف وال نم ّثل ،ونعرف وال نك ّيف ،قوت القلوب للشيخ
العارف أيب طالب املكي – رمحه اهلل .-
للكم املنفصل ،ومتَّصف ًا به ْ
بأن يقع يف ِّ ال منز ٌه عن ْ
أن يكون حم ً (وال َم ْعدود) أي هو ّ
العدّ ،فال يتّصف بالوحدة العددية ،ولذلك قال أبو حنيفة – رمحه اهلل تعاىل( :واهلل واحد ال
من طريق العدد ،بل من جهة أنه ال شيك له) .وقال القايض أبو زيد رمحه اهلل يف (األمد
األقىص) ( :إنه واحد من حيث أنه ّأول ،ما قبله يشء ذات ًا فيكون هو ثاني ًا بعده ،وفرد ما
يامثله يشء سواه يف صفات ،فيصي له زوج ًا ال إنه واحد من حيث العدد فيكون جز ًء).
ٍ
منفردة ،أو ٍ
حقيقة أن العدد ليس هو ّإال ما حيصل يف العقل باالنتزاع عن
وحتقيقهّ :
يتصوره أحد بالكنْه أن ٍ
مقُّتنة ألُخرى ،ولو يف اعتبار العقل واهلل سبحانه ملا كان متعالي ًا عن ْ
ّ
وبالوجه لتعاليه عن الذاتيات املقومة له والعرضيات القائمة به ،استحال انتزاع العدد
خمتص به تعاىل وعلمه سبحانه
ّ والوحدة عنه ووصفه به ومحله عليه ،وأما إدراك كن ِْهه ،فهو
باليشء ليس حصولي ًا يستعني عليه بحصول صورته ،كام أنه ليس حضوري ًا يفتقر إىل حضور
هو ّيته بل هو مقدّ س عن الطورين ،وما حيصل عند املمكن بائن له كل املباينة ،وبعيد عنه كل
البعد ال حمالة فال ُّ
يدل عليه أصالً ،كام قال أمي املؤمنني عّل ريض اهلل عنه( :كل ما خطر
تصورته يف حال من أحوالك ،فاهلل تعاىل وراء ذلك)( ،)118وإنام ببالك أو ّ
تومهته بخيالك أو ّ
ُّ
حظ العبد من معرفته تعاىل وراء ذلك ،وإنام حظ العبد من معرفته تعاىل هو التَّصديق
بوجوده ،وبجميع صفاته التَّقديسية والتَّمجيدية عىل ما نطق به الكتاب والسنة( ،)119مع
( ) هي ُما ينسب لإلمام أمحد كام يف (كتاب املنح الشافيات بَّشح مفردات اإلمام أمحد 118
[البهويت])(.)15/1
( )وقال الشيخ اإلمام أبو بكر الكال آبادي – رمحه اهلل – يف كتاب معاين األخبار (:قال بعض العلامء 119
سمى
معنى احلليم والصبور واحد ،وهو من الصفات التي لوال ورود السمع ملا جاز وصف اهلل هبا ،وقد ّ
يسمى اهلل حلي ًام أو يوصف باحلليم ،وال
أن ّاهلل تعاىل نفسه حل ّي ًام يف غي آية ،ومل يسم نفسه صبور ًا ،فيجوز ْ
يسمى صبور ًا ،ويوصف بالصُب،
أن ّيسمى صبور ًا ،ألنه مل يرد السمع به ،وقال بعضهم جيوز ْ
أن ّجيوز ْ
ورووا خُب ًا يف الصبور) انتهى( وفيه اتفاق عىل أن املصحح لإلطالق عليه تعاىل ورود السمع سواء كان
كتاب ًا أو سنة ،وبه يظهر بطالن ما قيل ّ
إن اإلذن بإطالق اسم إذن بإطالق ما يرادفه من تلك اللغة ،أو من
حق املعرفة ومتام اإلدراك عىل ما
إظهار العجز عن إدراك حقيقته واكتناه صفاته ،وهذا هو ُّ
أ شار إليه اإلمام األعظم أبو حنيفة رمحه اهلل حيث يقول( :ما عبدناك حق عبادتك ،ولكن
عرفناك حق معرفتك)(.)123
رس ّ
الذات إشاك ،والعقل إنام ّ
فإن العجز عن أقىص اإلدراك إدراك ،والبحث عن ّ
الصمدية إياس عن
للتْصف يف أمر الربوبية ،وإظهار َّ
ّ هو آلة أعطيت لدرك العبودية ال
الصفات ّإال من جهة التَّقديس واإلثبات ،تعاىل أن حييط به َّ
الضمي، الذات ،وحقيقة ِّ مطالعة َّ
يع ا ْل َب ِص ُي﴾[الشورى.]11 : أن يبلغه البيان والتَّفسيَ ﴿ ،ليس ك َِم ْثلِ ِه َيشء وهو ِ ّ
وجل ْ
السم ُ
ْ ٌ َ ُ َ َّ ْ َ
(وال ُم َت َبعض) كانقسام املاء وغيه من األجسام( ،وال ُمت ََجز) باالنحالل إىل أجزاء
املقومة واملقدارية ال يف العني وال يف العقل ،ملا
أصلية تركَّب منها( ،وال مركَّب) من األجزاء ّ
بينهام من التَّالزم ،واستلزام الُّتكيب االحتياج املنايف ِ
للقدم( ،وال ُمتَناه) أي هو مقدَّ س عن َ
أن يتَّصف بالتَّناهي ،ال بمعنى أنه غي متناهي املقدار ،فإنه ٌ
حمال مطلق ًا.
أي الصفات التي ذكرها للخلق أو لطائف الذات التي مل يذكرها هلم ،وهذا حيتمل وجوه ًا أحدها ّ
أن
أن ال سبيل ألحد إىل احلق ّإال بثبوته وثبوت صفاته،
صفة الصمدية عند أكثر أهل التفسي معناهاْ :
فيقرون به ُتعرف .من نفسه .من يقول أهنا غي الذات ،واقع يف قياس احلق تعاىل عىل اخللق يف زيادة
ّ
إن اهلل فقي ،ونحن أغنياء" ّإال بحسن العبارة ،فقط فإنه
الصفة عىل الذات ،فبازاد هذا عىل الذين قالواّ " :
جعل كامل الذات ال يكون ّإال بغي فنعوذ باهلل ْ
أن نكون من اجلاهلني ( فتوحات مك ّية للشيخ اإلمام حميي
الدين العريب – رمحه اهلل –
يوصف باملائية) أي ال يقع يف جواب ما هو ،ال عىل احلقيقة ،وال عىل التّوسع
(وال َ
تصوره بكن ِْهه أو
ّ لتباين هو ّيته لخأشياء ك ِّلها ،واملفهومات أمجعها كل املباينة ،واستحالة
بوجهه.
(وال بالك ْيفية) أي ال يقع يف جواب كيف هو ،الحتجاب ذاته عن الوصف هبا.
(وال يتمكَّن يف مكان) ألنه من خواص األجسام واجلسامنيات ،وحتقيق الكالم يف
حقيقة املكان أنه أبعاد متقاطعة وحدوده متنافرة حتصل بوجود املُحدِّ د للجهات ِّ
املقوم
ٍ
موجود بنفسه ،بل هو أمر حم ّق ٌق موجو ٌد َمرد
بأسه ،وال َّ
لخأبعاد ،وليس بموهوم معدوم ُ
( )121
القارة للفلك
َّ أن الزمان مقدار للهيئة الغي بِ َ
منشأ انتزاعه الذي هو املحدِّ د املحيط ،فكام ّ
َمر ٌد ينفذ فيه
متصورات اجلامهي من أنه بعدٌ َّ
ّ القارة عىل خالف
املحدِّ د ،فكذلك املكان هليئته َّ
أعم لتناوله ما يشغله اجلوهر
املتوهم الذي يشغله اجلسم ،واحل ّيز ّ
َّ بعدُ املتمكّن فيه ،أو الفراغ
أعم منه؛ فإنه ِ
املحوي ،واحل ّيز ّ الفرد أو السطح الباطن للحاوي املُ ِ
امس للسطح الظاهر من
كمحدِّ د اجلهات املحيط لخأجسام ،أو املعنيُّ ،
فكل متمكِّن متح ِّيز وال عكسُ ، يشمل الوضع ّ
اجلوهر الفرد عند أهل الكالم.
( )يعني أن بوجود ا ُملحدد للجهات ،حيصل مسافة ومقدار يشغله ا ُملحدد للجهات بام ّ
تضمنه من أنواع 121
األجسام ينفذ يف ذلك املقدار واملسافة ومقادير ا ُملحدد ،وما احتوى عليه ،ومل يكن تلك املسافة واملقدار
متحقق ًا قبل وجود املحدد فهو أمره حمقق موجود ،وليس بموهوم معدوم .وال أمر جسامين أو َمرد
يتداخل يف جسم املحدد وما فيه ،ويشتبك أبعاده يف أبعادهّ ،
ولعل هذا هو املراد من البعد املجرد والفراغ
املتوهم منه ،س ّلمه اهلل.
ّ
اإلراحة ،فقد قدَّ رت وقت اإلتيان املجهول بوقت اإلراحة املعلوم وحقيقته عىل ما جزم به
القايض اإلمام أبو زيد الدبويس ،رمحه اهلل يف كتابه املوسوم بـ (األمد األقىص) ،وغيه من
ٌ
متصل كم وامتناع تأ ُّلفه
أعالم األئمة :أنه مقدار احلركة األوىل ،ألنه لتفاوته بالذات ٌ
واستقراره وفنائه مقدار للحركة املستديرة ،ولتقدّ ر مجيع احلركات به مقدار ألرسعها ،وهي
احلركة اليومية ،وهذا وإن كان مبن ّي ًا عىل األصول الفلسفيةّ ،إال ّ
أن األمر املُبهن ،أينام كان ال
ينكره ّإال أخالف أهل الكالم.
وما تشابه منها معلوم بأصله وَمهول بوصفه ،ولن يبطل األصل املعلوم بجهالة
الوصف ،وكل من عند اهلل فوجب اإليامن بظاهره ،والتصديق بباطنه وتوكيل علمه إليه
( ) كون االستواء صفة فهذا ليس عىل مذهب احلنفيةجاء يف تفسي أبو السعود العامدي( :وعن أصحابنا 122
أن االستواء عىل العرش صفة له سبحانه بال كيف واملعنى أنه سبحانه استوى عىل العرش عىل الوجه
الذي عناه منزها عن التمكن واالستقرار) .وهذه العبارة نقلها العامدي من تفسي البيضاوي والكالم
للبيضاوي والضمي عائد عىل الشافع ّية ،وهو رواية عن األشعري كام يف اإلبانة ،وليس يف مذهبنا أن
االستواء صفة من صفات اهلل تعاىل ومل يرو ذلك عن أحد من أئمتنا ،ومذهبنا يف االستواء :نؤمن به
يوجب التَّشبيه واحلدوٍ ،بَّشط ْ
أن ال ُيذكر إال ما يف القرآن ُ عام
ونفوض تأويله إىل اهلل تعاىل ،مع تنزُيه َّ
ّ
واحلديث؛ أي ال نزيد عىل التالوة فال نقول :االستواء صفة وال نشتق منه االسم وال نبدِّ له بلفظ آخر .كام
يف شح الشيخ قاسم عىل املسايرة.
وتعر ٍ
ض للتأويل ،وال تفرقة بني صفات وصفات ،وال سبحانه بعد إثباَتا من غي تعطيل ّ
بحث عن حقيقتها ّإال من جهة اإلثبات ،وال توصيف بعين ّية أو غي ّية أو تعدد وكثرة ّإال من
جهة األسامء واآلثار يف مرتبة احلكاية ،وعامل املظاهر مع التباعد عن التشبيه إىل غاية
والتجانب عام يومهه إىل هناية ،حتى منعوا عن تفسي اليد والوجه واالستواء بالفارسية
﴿خ َل ْق ُت بِ َيدَ َّي﴾[ص ،]75 :أو أشار بإصبعه
حرك يده عند قراءتهَ :
وغيها ،وقالوا :من ّ
عند رواية( :قلب املؤمن بني إصبعني من أصابع الرمحن)( ،)123قطع يده.
(وال خيرج عن علمه وقدرته يشء) ال غائب وال حارض والباطن والظاهر وال
جزئي ،واملمتنع لو كان شيئ ًا له وجو ٌد وحقيقة عين ًا أو عل ًام فهو
ّ كّل وال
خفي وال ّ
جّل وال ّ
ّ
وقادر عليه ،ولكنّه أمر ومهي ينتجه العقل املشوب بالوهم ،وعلم الباري تعاىل
ٌ عامل ٌ به،
يتع ّلق به من حيث علمه بالوهم والعقل ولوازمهام من ّ
توهم ما ال وجود له وال عني
وفرضهام إياه ،ال من حيث أ ّن له ذات يف العلم أو العني ،فهو بكل يشء عليم ،وعىل كل
يشء قدير.
( )" قلب ابن آدم عىل أصبعني من أصابع اجلبار" انظر مسند أمحد.173 /2 : 123
وألن العلم بالبعض دون البعض كالقدرة واخللق يوجب التك ّثر يف ّ
الذات ّ
والصفات والتب ّعض وتعدد احليثيات ،ومن خالف يف شمول العلم أو عموم القدرة فال ّ
ا ْعتِداد له يف مسلك العقل ،وال اعتامد عليه يف طريق النقل ،وربام ي ُعزى هذا الرأي إىل
الفالسفة ،والرأي يف نفسه مزيف والعزوة غي صحيحة( ،)124فإهنم ال يقولون بخروج ٍ
يشء ّ
عن علمه تعاىل وقدرته ،ومن نسب ذلك إليهم إنام محله ال َعص َبة أو ضيق احلوصلة ،وكيف
مشحونة بخالفه ،بل من أمعن يف مقاالَتم يظهر له أنه ال
ّ ّ
فإن تصانيف الفارايب وابن سينا
وذلك ّ
ألن التفتيش عن جهات الوجود ومظا ّنه والبحث عن حقائق معانيه يعطي
أن ليس هو ّإال ظهور اليشء وبروزه ،فإذن ذاته ظاهر لذاته بذاته ،وكل الظهور ونور
معنوي قائم بذاته ،وكل النور فذاته وجوده ،ووجوده علمه وعلمه قدرته وقدرته إجياده،
فال يعزب عن علمه مثقال ذرة ،وال يرضب عن قدرته وإجياد مقدار ح ّبة وال أصغر من هذه
وال أخفى ،إذ لو أمكن سلب كامل ما أي كل ما يرجع إىل الوجود والفعلية ،لتحقق يف ذاته
جهة غي جهة وحيث ّية دون حيث ّية ،فيتطرق إليه الكثرة ،وينثلم الوحدة ،وليس عىل هذه
الشاكلة سلب ما يتع ّلق باإلعدام ويرجع إىل النقائصّ ،
فإن مصداق احلمل هناك حت ُّقق
موجودات قائمة بذاته تعاىل ومتك ّثر يف ذاته ,أو قائمة بذواَتا وكل ذلك مستحيل بالرضورة ،والبداهة
حمض ،وليس رصف ،وذلك ملا عرفت ّ
أن الصادر عنه ،إنام يصدر من حاكمة بامتناع العلم بام هو معدوم ّ
جهة العلم ،فتلك املوجودات مع حدوثها وحدوٍ صورها ومسبوقيتها بالعدم حارضة عنده سبحانه
دائمة الوجود بني يديه ،فعلمه مع تلك الصور ،وتلك الصور مع علمه سبحانه وتعاىل أن حييط به اإلفهام
أن يدرك كنه صفاته جياد األحالم منه ،س ّلمه اهلل تعاىل.
أو ْ
عز وجل باجلزئيات ،ولكن علمه هبا بطريق
( ) صحيح أن متأخري الفالسفي مل ينكروا علم الباري ّ 125
جزئي ،يقول ابن سينا :هذه فيكون مدركا لخأمور اجلزئية من حيث هي كليةابن سينا ،اإلهليات ،ج ،2
ص .363
الذات بدون ما يصلح ملصداقية احلمل لتلك املفهومات ،فالذي يصدر عنه تعاىل ليس
يصدر ّإال من جهة العلم.
وهذا هو املراد من قوهلم إن وجوده تعاىل ومجيع صفاته عني ذاته ،وإنه تعاىل بسيط
وإن كان فيه خروج ًا عن املقصدّ ،إال أن فيه منفعة باهرة ومعونة ظاهرة يف
احلقيقة ،وهذا ْ
حتقيق إحاطته تعاىل باملعلومات واملقدورات عىل مذهبنا ،وبياهنا عىل طور العقل وإذ قد
َاة فِ َيها
ور ِه ك َِم ْشك ٍ
ض َم َث ُل ُن ِ
األر ِ ِ
الس َام َوات َو ْ ور َّ دريت ذلك فات ُْل قوله ّ
عز َمده﴿ :اهللَُّ ُن ُ
يش ٍء ِع ْل ًام ﴾[طه.]98 : ِ
﴿وس َع ُك َّل َ ْ
جل ذكرهَ : اح﴾[النور ،]35 :وقوله ّ ِ
م ْص َب ٌ
در املصنّف – رمحه اهلل – ملا بلغ النهاية يف جودة النظم وحسن التعليم ،حيث
وهلل ّ
وهلم
ّ بدا بنفي ما هو أظهر امتناع ًا وأشدُّ استحالة عند العقل عنه سبحانه وهو َ
العرض،
جر ًا مراعي ًا يف ذلك أسلوب الُّت ِّقي لتأليف الوهم وتأنيسه بتسكني هلَبِه وتوهني شغبِه حتى
انتهى إىل حدَّ اإلثبات ،فقال:
( )قوم ذهبوا إىل نفي الصفات ،وذوق األنبياء يشهد بخالفه ،وقوم أثبتوها وحكموا بمغايرَتا للذات 126
حق املغايرة ،وذلك كفر حمض وشك بحت ،وقال بعضهم قدس رسه من صار إىل إثبات الذات ،ومل
ال مبتدع ًا ،ومن صار إىل إثبات صفات مغايرة للذات حق املغايرة ،فهو ثنوي
يثبت الصفات كان جاه ً
كافر ،ومع كفره جاهل ،وقال أيض ًا ذواتنا ناقصة ،وإنام يكملها الصفات ،وأما ذات اهلل تعاىل فهي كاملة
ال حتتاج يف يشء إىل يشء ،إذ كل ما حيتاج يف يشء إىل يشء فهو ناقص ،والنقصان ال يليق بالواجب تعاىل،
فذاته كافية للكل يف الكل ،فهي بالنسبة إىل املعلومات علم ،وبالنسبة إىل املقدورات قدرة ،وبالنسبة إىل
املرادات إرداة ،وهي واحدة ليس فيها اثنينية بوجه من الوجوه ،كتاب الدرة الفاخرة للعارف املحقق عبد
الرمحن اجلامي ،قدّ س رسه من نفسه.
خيصه ،ومدلول يطابقه ،فإذن ال بدّ أهنا ليست ألفاظ ًا مُّتادفة ْبل ِّ
لكل واحد منها مفهوم ّ
لكل واحد منها يف صدقه وإفادته من مصداق احلمل ومطابق احلكم ال حمالة.
ْ
فإن قيل :أفال كنتم معاشاحلنفية تشددون األمر ،وتبالغون يف احلذر عن تسميته
تعاىل بال توقيف وتوصيفه بال إذن ،فام بالكم جتاوزون حدَّ اإلثبات ،وتقولون :وله صفات؟
قلت :ال نعني بالصفات ّإال األسامء ،وقد ثبتت بالُباهني القاطعة النقلية والعقلية،
وأما إطالق اسم الصفات عىل هذه األسامء ،فهو أمر عمّل يكفي فيه الدليل الظنّي كخُب
الواحد ،واإلمجاع وقد ورد ذلك.
(أزل ّية) الستحالة االستكامل بالغي والنقص بالذات له تعاىل ،خالف ًا للكرامية
وأتباع األشعرية.
(قائمة بذاته) وكيف ال وهو سبحانه بجميع صفاته وأسامئه واحد ،وبجميع أسامئه
وصفاته قديم ،من غي شائبة تعدّ د وتك ُّثر ،خالف ًا للمعتزلة حيث قالوا :إنه تعاىل متك ّلم
بالرضورةّ ،إال ّ
إن الروح بحروفه ،وهو باطل ّ
بكالم قائم يف اللوح برقومه ،ويف لسان ّ
ّسُّت عن نفي صفة الكالم الذي أمجع عليه األنبياء عليهم السالم.
مرادهم من ذلك الت ّ
وإن كانت مسألة برأسها من مسائل الفنّ ،إال أهنا تنتهض جواب ًا عن
ثم هذه القضية ْ
ّ
ٌ
وقول بتعدد شبهة املعتزلة يف إثبات الصفات ،حيث قالواّ :
إن ذلك إبطال للتوحيد،
الواجبات وتك ُّثر القدماء بالذات ،يعني ّ
إن ذلك إنام يلزم علينا أن لو قلنا بمغايرة الصفات
وتعددها وزيادَتا عىل الذات ،تعاىل عام يقوله الظاملون علو ًا كبي ًا.
يمي ملا اعتزل َملس احلسن البْصي رمحه اهلل وتفصيل املقام ّ
أن واصل بن عطاء ال ّت ّ
بدوها كانت غي ناضجة ،وكان
انفرد عنه بعقائد ابتدعها منها نفي الصفات ،وهذه املقالة يف ِّ
تومهه ،وهو أ ّن إثبات الصفات يوجب التغاير والزيادة عىل الذات، يعتمد عىل ٍ
قول ظاهري َّ
فمن وصفه بصفة قديمة ،فقد قال بقديمني ،وأثبت إهلني اثنني ،وإنام انتهى نظر أصحابه
الصفات إىل والعالف ،واجلاحظ ،بعد أن طالعوا كتب الفالسفة إىل ْ
أن ر ّدوا مجيع ّ ّ كالن ّظام،
ِ
أصل كونه عامل ًا قادر ًا ،وملَّا لزم عليهم املُحال الذي هربوا عنه ،وهو تعدد القدماء لوجوده يف
وهو ّأو ُل اجلبائي بأهنام أمران اعتباريان ،وابن ُه أبو هاش ٍم بأهنام َ ِ
حاالنَ ، ُّ عّل
حكم أبو ٍّ
َ الكثرة
ذلك خملص ًا هلم من نفي
أن يف َ ِ
املوجود واملعدو ِم زع ًام منهم َّ أثبت َ
احلال والواسط ُة َ
بني من َ
ِ
للموجود وكال القولني القديم صف ٌة دة بنا ًء عىل َّ
أن ِ
بالقدماء املتعدِّ ِ ُ
والقول فات بالكل َّي ِة،
الص ِ
َ ّ
( )قال الشيخ أبو احلسن األشعري – رمحه اهلل – وجود كل يشء يف اخلارج عينه ،وليس بيشء زائد 127
سواء كان واجب ًا ،وهو اهلل تعاىل وصفاته الذاتية ،أو ُمكن ًا وهو اخللق كتاب اليواقيت واجلواهر للشيخ
الوهاب بن أمحد الشعراين – رمحه اهلل – من نفسه.
عبد ّ
ِ ِ بالرض ِ
ولذلك ر َّدها أبو احلسني البْصي إىل كونه تعاىل عامل ًا وجعل ُه ُ
نفس َ ورة، باطالن َّ
مذهب املتأخرين منهم عىل َ
ذلك. فاستقر ِ
الفالسفة مذهب هو ِ
ُ َّ ُ الذات ،كام َ
ِ
املعتزلة ،ويف أمور اعتباري ٌة عندَ كتب الكال َم يف بعضهاَّ :
أن الصفات ٌ ثم ترى َ ومن َّ
ٍ
عْص جييبوهنم بمن ِع كل ِ
واجلامعة يف ِّ ِ
السنة وكان علام ُء ِ
أهل َ ِ
الذات عندهم، عني
بعضها أهنا ُ
ِ
اجلواب هلل من
املصنف رمح ُه ا ُ
ُ َّعدد والتَّك ُّث ِر بناء عىل أهنا ليست بغي ،عىل ما أشار ِ
إليه لزو ِم الت ِ
َ ً
ِ
الصواب. وحمض
احلق ُ
رصيح ِّ
ُ وهو
َ
ِ
املتفلسفة من أتبا ِع ِ
أراذل ٍ
طائفة من ِ
السادسة ،وانتهى النَّوب ُة إىل كان أواخر ِ
املئة ثم ملا َ
ُ َّ
ِ
الطريق ،وس َّلموا املُالزم َة ومنعوا االستحال َة، ِ
السلف وصواب جواب عن ِ
ُ األشعرية عدلوا َ
وأو ُل ِ ِ ِ ُ
ستحيل تعدُّ ُد الذوات القديمة كام لز َم النصارى ،ال تعدّ د ذات وصفةَّ ، وقالوا :إنام امل
وهو قدوَتم واإلما ُم
اخلطيب َ
ُ ِ
الدين حممدٌ بن عمر بن احلسني الرازي فخر
تقول ُه ُ
من َّ
هو التَّعدُّ ُد والتَّك ُّث ُر ولزو ُم الن ِ
َّقص َ
املستحيل إنام َ أحسوا َّ
أن تالح َق ُه أصحاب ُه ،وما ُّ
عندهم ،ثم َ
ِ
بالغي. ِ
واالستكامل
ِ
بالزيادة مل يزيدوا عىل الذين بعض العارفني قدَّ َس رس ُه :إ َّن القائلني
قال ُ ونعم ما َ َ
ِ
العبارة ،وملا رأوا مبالغ َة ِ
بحسن قالوا﴿ :إِ َّن اهللََّ َف ِق ٌي َون َْح ُن َأ ْغنِ َيا ُء﴾[آل عمران ،]181 :إال
األو َل ِ بحدوٍ الص ِِ تضليل من ُ ِ ِ
الواجب والقدي ِم ،وجعلوا ّ بني
فات َّفرقوا َ ّ يقول السلف يف
ِ
اإلنسداد ،فل َّبسوا ِ
العامل َّ
كل ِ
حدوٍ باب ِ ِ مقاب ً
للممكن ،والثاين للحادٍ فانسدَّ عليهم ُ ال
ُ
العقول االت ِ
حت ُي فيها مواضعه ،وا ْلتزموا ُحم ٍ
ِ وحرفوا الكَلِ َم عن ِ
مواقعه احلق يف
وجو َه ِّ
َّ
الدفاتي واألقال ُم.
ُ َ
وضاق عن تفاصيلها واألفها ُم
َ
كذلك بل ليس ِ أليس الغيي ُة فإن َ
رفع النقيضني ،قلناَ :
سلب العينية فنفيهام ُ
ُ قيلَ :
ِ
األمور تتصو ُر إال بني ٍ
يشء وال ُّ
املنفك عن هي صف ٌة وجودي ٌة ال يت ُ
َّصف هبا إال املوجو ُد
َّ َ
هلل تعاىل ال ِ
نقيضان وأسام ُء ا ِ الكثرة واالثني ِ
نية ،فهام ضدِّ ان ال ِ يكون فيها صف ُة
ُ املتعدِّ ِ
دة التي
الْصيح.
ُ ُ
العقل الصحيح ،ويشهدُ ِبه
ُ النظر
ُ تعدد فيها وال تك ُّث َر عىل ما يوجب ُه
َ
فعليك ِ
احلقيقة، غيه عىل ِ ِ
الذات وال عني
صفات ليست َ َ قلت :إنا ال نتع ّق ُل
فإن َ
والكم ِية وسا ِئر
ّ وصفاته ال ُعىل قد تقدَّ َس عن الكيف َّي ِة
ِ هلل تعاىل
إن ا َقلتَّ : ِ
بكيفية ما إ َّدعيت َهُ .
ِ
لدرك صفاته ،وإنام هو آل ٌة أعطيتِ ِ
واكتناه إدراك ِ
ذاته ِ عاجز عن
ٌ ِ
والعقل ِ
اإلمكان، ِ
خواص
ِ
ولطائف ِ
الذات ِ
مطالعة إياس عن ِ ِ ِ ِ
الص َمد َّية ٌ
الربوب َّية وإظهار ّ العبودية ال لإلشاف عىل ُّ
آالء اهللِ تعاىل وال تتفكروا يف عليه الصال ُة والسالم( :تفكَّروا يف ِ سمعت قوله ِ ِ
الصفات ،أما
ُ ُ َ
عّل ُ َ ِ ِ ِ
وقول ٍّ تقدرون قدره)، اخلالق فإنكم ال اخللق وال تتفكروا يف وقوله (تفكروا يف اهللِ)،
رأيت الذات إشاك) ،أما َ ِ رس ُ ٌ ِ ِ
والبحث عن ِّ إدراك اإلدراك إدراك (العجز عن
ُ هلل عن ُه:
ريض ا ُ َ
رهمطبقني عىل امتنا ِع تصو ِ َ ِ
املعرفة واألئمة احلنف َّي ِة وغيهم من ِ
أهل ِ والصوف َّي ِة احلكام َء
ُّ ُّ
هان ِ
عليه قيام ًا والوجوه العرضي ِة لقيا ِم الُب ِ
ِ ِ
الذاتية ِ
املقومات ِ
لتعاليه عن ِ
بالوجه، بالكنه ،بلِ
ُ َ َّ
ال مرد له عىل ما سبقت اإلشار ُة ِ
إليه. َّ ُ
ٌ
مفعول. علمه معلوم وال عن ِ
فعله ِ وكيف ال ،فإ َّن ُه ال ُّ
يشذ عن َ (واحلياة)
ٌ
ِ
احلياة يف لقوله تعاىلُ ﴿ :ذو ا ْل ُق َّو ِة املَْتِ ُ
ني ﴾[الذارياتَّ ،]58 :
أخرها عن ِ (والقوة)
ِ
جنب ِ
الصفات ،ولو ذكرها يف ِ
كسائر عني القدر ِة وال غيها الذ ِ
كر إشعار ًا بأهنا صف ٌة ليست َ ِّ
ِ
للقدرة. عطف تفسيي ِ
األشعرية أهنا ِ
مزخرفات ٌ
ركون إىل ِ
طبعه توه َم من يف ِ
ٌ القدرة لربام َّ
ِ
كاألبصار، َ
كذلك ال ِ
(والبْص) ِ
احلقيقة ال كاألسامعِ، مع) صف ٌة هللِ تعاىل عىل (والس ُ
َّ
جوارح وأعضاء. عاض وأج ٍ
زاء وال ٍ ِ
واليد ليست بأ ْب ِ
كالوجه
َ
ِ
اإلرادة أو غيها من هلل تعاىل( ،واملشيئة) صف ٌة ليست عني
(واإلرادةُ) صف ٌة قديم ٌة ِ
ِ
الصفات وال غيها.
لقوله تعاىلَ ﴿ :ف َّع ٌال ملَِّا ُي ِريدُ ﴾[الُبوج( ،]16 :والت ُ
َّخليق) ِ (وال َف ْع ُل) صف ٌة هللِ تعاىل
ِ
اآليات، غي َ
ذلك من ض ﴾[غافر ،]57 :إىل ِ ات َو ْاألَ ْر ِ لقوله تعاىلَ ﴿ :خ ْل ِق السامو ِ ِ
َّ َ َ
لقوله تعاىلَ ﴿ :و َما ِم ْن َدا َّب ٍة ِيف األَ ْر ِ
ض إِالَّ َع َىل اهللَِّ ِر ْز ُق َها ﴾[هود ،]6 :وقول ُه ِ زيق)
(والَّت ُ
َّ
الر َّز ُاق ﴾[الذاريات.]58 :
تعاىلَّ ﴿ :ن اهللََّ ُه َو َّ
ِ
الصفات ومل يذكرها عىل تيب يف ِ
ذكر ف رمح ُه اهللُ ُ
الُّت َ
حيث جدَّ َد َّ أحسن املصنِّ ُ
َ ولقد
ِ
الصفات بني ِ
الُّتتيب َ إشعارا بأنه ال َ
دليل عىل القديم احلي). قوله( :الواحدُسبق من ِ ما َ
ً ُ
العينية ،وذكر السمع والبْص حيثام ذك َر ِ ِ
الغيية أو ِ
كإثبات تيب بينهاالُّت ِ ِ
وإثبات َّ القدُّ وس َّي ِة
ِ ِ ٍ ٍ
ص يف املقامني إشار ًة إىل عد ِمذلك ،وزا َد ون َّق َ القرآن عىل َ إلطراده يف واحد منوال عىل
والسنة منِ ِ
الكتاب كل ما ور َد يف ِ
واحلْص ،بل ُّ ذكر ،وعدم دخوهلا حتت العدِّانحصارها فيام َ
ٍ ِ ِ
وحق باملعنى الذي أراد ُه وال ٌ وسامه
فهو كام وصف ُه َّ تسميته تعاىل باس ِم وتوصيفه بصفةَ ،
الصفات الفعل َّي ِة
ِ حيث زعموا َّ
أن ُ ِ
األشاعرة بعضِ ،
وفيه رد عىل ٍ إرجاع بعضها إىل
ُ يصح
ُّ
ِ
األزل فإن ُه ٍ هللِ تعاىل صف ٌة مل يستح ّقها يف جيوز أن ُحيدُ َ ِ
لخأفعال ،إذ ال ُ إضافات واعتبارات
ِ
ورائحة شائبة التعدُّ ِد
ِ منزه ًا عن
زل َّ ِ
وصفاته ،ومل ي ْ ِ
أسامئه تغي وتبدُّ ٌل ،بل ال ُ
يزال بجمي ِع ُّ ٌ
ِ
باأللطاف ملا تعرف إلينا
َ والعقول مقهور ًة من حقائقها َّإال من ِ
جهة إثباَتا ،ولوال أنه ِ التك ُّث ِر
اإلحلاد والت ِ
َّشبيه، ِ وقع يف ِ أدركَتها ً
جتاوز فقد َ
َ اإلثبات ،و َمن َّجاوز عن حدِّ
ُ جيوز الت
أصال ،وال ُ
ِ
والزيادة، ِ
املغايرة ِ
األعداد أو وصف بغيها منَ إن صفات ُه تعاىل سبع ُة أو ثامني ٌة ،أو و َمن َ
قالَّ :
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
بخالفه، ْص ْح دون احلقائق إصالح ًا لكالمه بقدر اإلمكان ما مل ُي ِّ املفهومات َ جيب محل ُه عىل
ُ
ِ ِ ِ رص َح ِبه فقد
ُّت ُوااملعتدينُ ﴿ ،أو َٰلئ َك ا َّلذي َن ْاش َ َ
َ وصار من
َ حدود اهللِ تعاىل، جتاوز عن
َ و َمن َّ
اهلُدَ ٰى َف َام َربِ َحت ِّ َجت َار ُ َُت ْم َو َما كَا ُنوا ُم ْهت َِدي َن ﴾[البقرة.]16 :
الض َال َل َة بِ ْ
َّ
جيب اعتقاد ُه يف هذا املقا ِم :أن ُه سبحان ُه متك ِّل ٌم(والكال ُم صف ُة اهللِ تعاىل) والذي ُ
فضول من الكال ِم تركها ٌ تزلة والكرام َّي ِة
واحلنابلة واملع ِ
ِ ِ
ولخأشاعرة ٍ
خملوق، بكال ٍم أزيل غي
من ُح ِ
سن اإلسال ِم.
ِ
القرآن ِ
بخلق ِ
القول حني ُمحلوا عىل
هلل وأمثال ُه َ ٍ
حنبل رمح ُه ا ُ ولقد َ
كان اإلما ُم أمحدُ بن
ٍ
خملوق، غي ٌ َ ِ َ
خملوق أو ُ قديم أو
ٌ يقولون :إن ُه هلل تعاىل ،وال
القول :بأن ُه كال ُم ا ِ يزيدون عىل ال
ِ
والغموض وصونًا هلم ِ
الدقة اخلوض ملا يف املسأ ِلة من
ِ ِ
لخأمة عن ِ
الظاهر وزجر ًا ِ
لخأمر حمافظ ًة
بني يفر َ
قون َ ِ ِ ِ ِ
العقيدة والوقو ِع يف وحتر ِك ِ
الناس ال ِّ غالب
ُ التشبيه ،إذ التعطيل أو عن التَّزلزل ُّ
ِ
تداول خصوصا عندَ ُ
النقل ُ
وخيتلط ِ
اآلخر فيجرون صف َة أحدمها عىل ِ
والقراءة ِ
املقروء
ً ُّ
ِ
اإلثبات. ُ
وديدن ِ
األدب وذلك غاي َة ال َّث ِ
بات وهناي ُة َ ِ
األزمنة، ِ
وتطاول ِ
األلسنة
القدرة ِ
عليه، ِ هو ُ
ترك التَّك ُّل ِم مع ِ
للسكوت) الذي َ(وهو) أي الكال ُم( ،صفة منافية ُّ َ
ِ الف ِ
بحسب ِِ ِ هي عدَ ُم مطاوع ُة
القوة أو طرة أو عد ِم بلوغها حدّ اآلالت (واآلف ُة) التي َ
ِ
واملرض. اخلرس والطفول َّي ِة
ِ الضعف ،كام يفطريان(َّ )128
دليال ِ
الفؤاد ً ِ
اللسان عىل جعل ِ
الفؤاد وإنام ُ َّ
إن الكال َم لفي
ِ
اخلطاب بخالفهام ،والعبد ِ
قصد ُ
يكون مع ِ
واإلرادة ،فإن ُه وبني العل ِم
وال اشتباه بين ُه َ
ربام يتك َّل ُم بام ال يريد ُه وال يعلم ُه.
والواجب َ
بذلك، الَّش ِع ونزو ِل الوحي ِ
لورود َّ (واهللُ تعاىل متكلم هبا آمر ناه ُُمرب)
ُ
ٍ
مأمور والنهي بال ِ
األزل بال األمر يف فإن َ
قيل: ِ
القدرْ ، ِ
العاقل أن ال يزيدَ عىل هذا عىل املتد ِّي ِن
ُ
ِ
صفة جيب تنزي ُه اهللِ تعاىل عن ُه ،فال بدَّ من نفي ِ
كذب ٌُ امليض
ّ بطريق واإلخبار
ُ منهي سف ٌه،
ِ ِ ِ
ينقسم إىل َ
تلك ُ واإلخبار ،والقول بأن ُه إنام األمر والنهي كاملعتزلة ،أو نفي الكال ِم ً
رأسا
اهلم ُز .وأما (ال َّطريان) فخط ٌأ أصالً .املغرب يف ترتيب املعرب (.)18/2
واب ْوالص ُ
ّ
( )زورت يف نفسى كالم ًا ،أي هيأت و أصلحت ،و التزوير :إصالح اليشء. 129
( )ينظر :تاريخ الطُبي( ،)235 /3والكامل يف التاريخ البن األثي ( ،)327/ 2وتاريخ 133
دمشق(.)285/33
ِ
األزل توه ِم ِ ِ ِ باعتبار تع ُّل ِ ِ األقسا ِم فيام ال ُ
قلت :هذه الشبهة إنام نشأت من ُّكاألشاعرةُ ، قه يزال
ِ
السلف مذهب وهو ٍ ٍ ِ
ُ مر َغي متناهية ،وأما عىل ما حققنا ُه فيام َّ
عبار ًة عن الوجود يف أزمنة َ
فتسقط بالك ِّل َّي ِة.
ُ واألئمة احلنف َّي ِة
ِ
ِ
الصحف يطلق عىل
ُ ِ
بذاته تعاىل ،وقد ِ
صفة الكال ِم القائ ِم يطلق عىل
ُ (والقرآن)
ُ
ِ
أرض ِ
بالقرآن إىل ِ
عليه الصال ُة والسال ُم( :ال تسافروا احلروف كام يف ِ
قوله ُ ِ
املنقوش فيها
ِ
عليه ِ
قوله ِ
املنظومة كام يف ِ
الكلامت حف وعىل فيه اسم املص ِ املتعارف ِ
ُ العدو) ،وإن َ
كان
ُ ْ ِّ
أنازع يف القرآن) ،وقول ُه تعاىلَ ﴿ :فإِ َذا َق َر ْأنَا ُه َفاتَّبِ ْع ُق ْرآ َن ُه ﴾ [القيامة: ُ الصال ُة والسال ُم( :ما يل
ِ ُ ِ
بفلذلك ع َّق َ
َ هو كال ُم اهللِ تعاىل، القديم َ
ُ الكتاب ،وإنام اسم
املتعارف فيه ُ وإن َ
كان ْ ،]18
ِ
للمراد. ِ
بقوله :كال ُم اهللِ تعاىل ،تعيينًا ِّف رمح ُه اهللُ
املصن ُ
ِ
األلفاظ ِ
بتصوير (وهو مكتوب يف مصاحفنا) ِ
صفاته، ِ
كسائر قديم (غري ُملوق) بل
َ ٌ َ
العار ِ
ضة ِ
باحلروف ِ لة( ،مقروء بألسنتنا) باأللفاظ املتخي ِ
ِ بحروف هجائهاَ( ،مفوظ يف قلوبنا) ِ
َّ
حال فيها) أي يف (غري ٍّ احلروف فيها ،ومع َ ِ (مسموع بآذاننا) بانطبا ِع َ ِ
ذلك ُ تلك ُ لخأصوات،
ِ
واألصوات ِ
احلروف واأللسنة واألسامعِ ،وال يف غيها وال هو من ِ
مجلة ِ ِ
والقلوب ِ
املصاحف
َ ْ
يتصو ُر رة ،بل صف ٌة ال يمك ُن إدراكها وال والنقوش املصو ِ
ِ ور املتخي ِ
لة والص ِ ِ
املسموعة
َّ َّ َّ ُّ
غي ِ ِ ُ ِ
واملسموع ُ
ُ القراءة، غي
غي احلفظ ،واملقرو ُء ُ واملحفوظ ُ الكتاب غي
واملكتوب ُ
ُ اكتناهها،
هلل لداللتها ِ
عليه. السمعُِ ،س ِّميت كال ُم ا ِ
والصف ُة فهو بمعنى كال ُم اهللِ ٍ ٍ ثم إذا ُعرف َّ
ِّ اسم القرآن يتعاور ُه معان ثالثةَ : أن َ َّ
الصفات .وبمعنى كتاب اهللِ من ِ غيه عىل طِ ْب ِق ِ
سائر ِ هو وال القائم ُة ِبه َّ
قديم ،ال َ ٌ جل ذكر ُه
ِ
األوراق ِ
املرسومة يف ِ
النقوش ِ
املصحف من ِ
املنظومة .وبمعنى ِ
كلامت املتلو ِة وال ِ
اآليات
َّ
قال سبحان ُهَ ﴿ :ما َي ْأتِ ِيهم ِّمن ِذك ٍْر ِّمن َّر ِّ ِهبم هو ُحم ْدَ ٍ وَمْعول كام َليس بقدي ٍم بل َ
ِ
املكتوبة َ
وقال﴿ :إِنَّا َج َع ْلنَا ُه ُق ْرآنًا َع َربِ ًيا﴾[الزخرف: ٍ
ون﴾[األنبياءَ ،]2 :است ََم ُعو ُه َو ُه ْم َي ْل َع ُب َ ُّحم ْدَ ٍ إِ َّال ْ
.]3
ِ ِ
كسائر كان صف ًة من صفات اهللِ تعاىل ال َ
هو وال غي ُه وهو وإن َ
(والتَّكوين)(َ )131
ِ
َّصوير والُّت ِ
زيق والت َّخليق َّ ِ
األفعال عىل العمو ِم كالت ِ صفات
ُ أن املرا َد هاهنا ِ
الصفات ،إال َّ
ِ
وغيه من ٍ أحدث ُه أبو املنصور املاتريدي قول ُحم ْدَ ٌ إثبات ِ
صفة التَّكوين هللِ تعاىل ٌ ُ الشافع َّي ِة
بعض َّ
قال ُ َ
إثبات التَّكوين صف ًة برأسها كام جرى ِ
عليه أقول إن أرا َد ذلكُ ،
وليس يف كال ِم املتقدمني َ ِ
َ متأخري احلنفية َ
هو ِ ِ ِ
األفعال عىل ما َ صفات
ُ الصفات التي يسميها األشاعر ُة إطالق اسم التَّكوين عىل عبار ُة بعضهم أو
ِ
وقدمائهم من العراقيني وغيهم، ِ
أتباعه مجهور ِ
عقيدة أيب حنيف َة وال فهو ال يوجدُ يف
ُ املشهور فيام بينهم َ
ُ
فإن احلنفي َة هم
ذلك فكال َّ
ونحو َ ِ
والُّتزيق ِ
والتخليق ِ
الفعل ٍ
قديمة هللِ تعاىل من ٍ
صفات وإن أرا َد إثبات
َ
فيه هم األشاعر ُة وأرضاهبم من ُن ِ
فات املخالف ِ
ُ ِ
بالذات وإنام ِ
الصفات وإهنا قديم ٌة ِ
إثبات َ
تلك َ
متفقون يف
رص َح ِبه ِ
ومجهور أتباعه الكرا ُم عىل ما َّ
ُ
الصفات ،وإنام مذهب اإلما ِم أيب حنيف َة رمحه اهللُ وأصحابه ِ
العظا ُم ُ ُ ُ
ِ
صفات
ُ ِ
الصفات عىل وجهني: ُ
(يقول األشعر َّي ُة أسام َء ِ
العقيدة املكحول َّية: َ
قال يف
ِ
والبْص والعل ِم والكال ِم ِ
والقدرة والسم ِع ِ
كاحلياة ت صفات الذا ِ
ُ ِ
الفعل ،أما وصفات
ُ ِ
الذات
ِ
واإلفضال ِ
والُّتزيق ِ
كالتخليق والتكوين ِ
الفعل صفات
ُ قديامت ،وأما
ٌ ِ
واإلرادة ِ
واملشيئة
ِ ُ ِ ِ ِ ِ
صفاته هلل تعاىل بجمي ِع
ونقول ا ُ خملوقات
ٌ واإلنعا ِم واإلحسان والرمحة واملغفرة واهلداية َ
فهي
هو وال ِ ِ ِ
وأسامئه واحدٌ ،وبجمي ِع
وصفات اهللِ تعاىل وأسامؤ ُه ال َ
ُ قديم أزيل،
ٌ وأسامئه صفاته
غي ُه هذا كالم ُه.
ِ
اقتضاء ِ
الصفات يف سائر ِ
كحال ِ الكتاب والسن ُة وحاهلا نطق ِبه
(صف ُة اهللِ تعاىل) ملا َ
ُ
ٍ
بعض بالتأوي ِل، ِ
َّعطيل بإرجا ِع بعضها عىل ِ
احلمل ومطابق احلك ِم واستحالة الت ِ
مصداق
ِ
خلقه ومل يزد ْد قديام َ
قبل ِ ِ
العقائد ما َ ِ ِ
اخلصوصَ ، ِ
زال بصفاته ً كتاب قال يف وأصحابه رمحهم اهللُ عىل حنيفة
قال ل ُه معنى الربوب َّي ِة وال مربوب
ثم َ ٍ
بكوهنم شي ًئا ،مل يكن قبلهم من صفة َّ
هامش 43
قال ومل يزد ْد بكوهنم شي ًئا ،ومل ْ
يقل ِ
خملوقاته أال ترى أنه َ خلقه أي َ
قبل ِ قبل ِ
بقوله َ ٌ
خملوق وأرا َد ِ
اخلالق وال
وكان اهللُ مكونًا خال ًقا للعاملِ َ
لكان َ ِ
األزل يقل مل يزد ْد وثانيهام يف ِ
اخللق مل ْ بكونه وألن ُه لو أرا َد ِبه صف َة
ِ
ِ
احلدوٍ وحقيقت ُه أمر ٍ
زائد عىل مفهو ِم فاعتبار ٍ الز ِ
مان ِ
السبق يف حدِّ َّ وأما اعتبار ِ
كون
ُ ُ
ِ
بحدوٍ ِ
القول َّسُّت عن ِ ٍ لغر ٍ ِ
وهو الت ُّ ُ
ض فاسد دعاهم إليهَ ، أخالف األشعر َّية َ
ُ وإنام اعتُب ُه
سلف.
َ فات عىل ما قد الص ِ
ِّ
ِ
وجوده كام وجوده) أي يف ِ
وقت ِ ِ
لوقت ِ
أجزائه (وهو تكوين ُه للعاملِ ،ولكل جزء من َ
﴿ون ََض ُع ا َْمل َو ِازي َن ا ْل ِق ْس َط ل ِ َي ْو ِم ا ْل ِق َيا َم ِة﴾[األنبياء ،]47 :أور َد َّ
الال َم إيذانًا َّ
بأن ِ
يف قوله تعاىلَ :
قديم ِ ِ ِ ِ ليس ظر ًفا للوض ِع والتَّكوين عىل
ووفق إرادته وقضائه ،فالتَّكوي ُن ٌَ علمه حسب الوقت َ
َ
ٍ ِ ِ ِ
يسمىواملكونات حادث ٌة عىل التَّوزي ِع يف أوقاَتا مع الت َُّّنزه عن حدوٍ يشء َّ ُ الوقت، ال يف
ِ
صفاته. التَّع ُّل ُق يف ِ
ذاته أو يف
ُ
العقل عىل ودل هلل تعاىلَّ ، ِ
رؤية ا ِ ِ
بإجياب السمعي ُ
الدليل ُ
واحلاصل :أن أن ُه قد ور َد
ُ
فالرؤي ُة معلومة ِ اإليامن ِبه والت
ُ
َّصديق بموجبهُّ ،ُ فوجب
َ مر ذكر ُهإمكاهنا باملعنى الذي َّ
ِ
الوجه الذي أراد ُه ذلك بدعة ،فنح ُن نعتقدُ ونرى ح ًقا عىل والكيفي ُة َمهولة والزياد ُة عىل َ
ِ
أرباب ُ
الفحول من ٌ
ففضول ال يرتضيه ِ
وكيفية وقوعها ببيان إمكاهنااالشتغال ِ
ُ سبحان ُه ،وأما
هو صناعة املتفلسفني وبضاع ُة ِّ
املتأخرين. ِ
املنقول ،وإنام َ ِ
وأصحاب ِ
املعقول
ٍ
بنسبة الشاهد مَّشوطة بكون املرئي عىل وض ٍع طبيعي ِ الرؤي ُة يف
وملا كانت ّ
ِ
القرب كون يف ِ
غاية بحيث ال ي ُ ُ الرائي ٍ ٍ ٍ ٍ ٍ ٍ
خمصوصة ولون وكيفية حمسوسة ومقابلة عىل جهة من َّ
قاس عليها املعتزل ُة رؤيت ُه تعاىل ،فحكموا ِ غي َ غر إىل ِ الص ِ ِ
ذلك من الَّشائطَ ، أو البعد أو ِّ
ِ
بقوله: ِ
اجلواب ِّف رمح ُه اهللُ إىل
وأشار املصن ُ ِ
األمور ك ِّلها، لتنز ِه ِه تعاىل عن ِ
هذه بامتناعها ُّ
َ
هلل
(فريى ال يف مكان وال عىل جهة من مقابلة واتصال شعاع أو ثبوت مسافة بني الرائي وبني ا ِ
ُ
ليس َ
االشُّتاط ٌ
استدالل فاسدٌ ؛ مع أن هذا ِ
الشاهد ِ
الغائب عىل وقياس مر، ِ
َ ُ تعاىل) ،ملا َّ
ِ
الفطرة كام ال خيفى عىل َّفس وضعفها يف ِ
بدء ؤية بدوهنا باملر ِة بل لعد ِم ِ
كامل الن ِ المتنا ِع الر ِ
ّ ُّ
ِ
الناظر. املتأ ِّم ِل
﴿ال ُتدْ ِر ُك ُه ْاألَ ْب َص ُار﴾[األنعام ،]133 :ال ينفي الرؤي َة ،وإنام ينفي
وقول ُه تعاىلَّ :
املشاعر.
ُ اخلواطر أو تدرك ُه
ُ َ
سبحان ريب أن يكتنف ُه َ
إدراك اإلبصار،
ِ
العبد ويكتفون ِ
اخلالق عىل إطالق ِ
لفظ ِ َ
يتحاشون عن ِ
املعتزلة ذلك كانت ُ
أوائل ول َ
ِ
إطالقه ،ومجهورهم عىل أهنا اجلبائي وأتباعه عىل جتارس ِ
الفاعل واملخُّت ِع إىل أن ِ
بمثل
ُ َ
ِ
األشاعرة عىل أهنا ِ
باالستقالل ،وأبواسحاق اإلسفرايني من ِ
العبد وحدها ِ
بقدرة حاصل ٌة
الفعل ،والقايض أبو ٍ
بكر الباقالين ِ ِ
بأصل بأن تتع َّلقا مجي ًعا
هلل تعاىل والعبد َّ درة ا ِ بمجمو ِع ق ِ
ِ ِ ِ ِ
(هب َّ
أن القدر َة ْ وصفهَ ،
وقال: العبد عىل وقدرة ِ
الفعل منهم بتع ّل ِق قدرة اهللِ عىل ْ
أص ِل
دوٍجهة احل ِ ِ ِ
ووجوهه عىل ِ
الفعل صفات
ُ يقتْص ِ
لإلجياد ،ولكن ليس تصلح احلادث َة ال
ُ ُ
حالة ليست بموجودة وال ٍ احلدوٍ ،فليك ْن تأثيها يفِ ِ
وراء هناك وجو ٌه أخر َ فقط ،بل
ككونه طاع ًة أو معصي ًة) .ويلز ُم عليهام ما يلز ُم عىلِ ٍ
والعقاب
ُ يُّتتب عليها ال َّث ُ
واب ُ معدومة
ِ
املعتزلة وسيأيت.
ِ
ومشيئته) إذ ِ
إرادته ِ
العباد ك ِّلها سوا ٌء كانت طاع ًة أو معصي ًة (ب ُ
أفعال (وهي) أي
قلت :إذا َ
كان كسب ُه ِّصاف ِبه ،ال خلق ُه وإرادت ُه والقضا ُء ِبه ،فإن َ
ُ ِ
القبيح واالت ب
كس ُ
القبيح ْ
ُ
غيكان َوالَّش وإن َ
القبيح َّ ُ
ُ إرادته والقضا ُء ِبه( ُ
قلت ِ وشا فام دعا ُه إىلقبيحا ً
ُ ِ
ِّصاف به ً واالت
ِ ِ ٌ
داخل يف القضاء ملعنى يوجب ُه احلكم ُة ويقتضيه املصلح ُه َ
فهو مرا ٌد ثان ًيا مريض إال أن ُه
الوجود ش االِ وليس يف ِ
واخلي ِ
احلسن ِ
بالذات ُ
واملخلوق أوال ِ
بالعرض وإنام املرا ُد ً ٌ
وخملوق
َ
وال شطط يف أن يأمر بام ال يريده ،وينهى عن ما يريده حلكمة تُّتتَّب عليه ،خالف ًا
﴿و َما للمعتزلة حيث زعموا أن إرادة القبيح قبيح ٌة كخلقه وإجيادهَّ ،
ومتسكوا بقوله تعاىلَ :
اهللَُّ ي ِريدُ ُظ ْلام ل ِ ْل ِعب ِ
اد﴾[غافر ،]31 :عىل ما ُف ّّس أنه ال يريد هلم أن ُيظلموا. َ ً ُ
مر ،وقد ثبت بالُباهني القاطعة العقلية والنقلية أنه ال خالق غيه،
واجلواب :ما َّ
﴿و َل ْو َشا َء َهلَدَ ا ُك ْم وال م ِ
وجدَ سواه ،فهو مريدٌ ملا فعله وشاء إيا ُه ،ويف التَّنزيلَ : ُ
ويف املقام حكاية تكشف عن حال الفرقني ،وهي أن القايض عبد اجلبار اهلمذاين من
املعتزلة دخل عىل الوزير الصاحب بن عباد وعنده أبو اسحق اإلسفراييني األستاذ من
تنزه عن الفحشاء ،فارجتل األستاذ وقال :سبحان من ال
فلام رآه قال :سبحان من َّ
األشعريةّ ،
ربنا ؟ وقال األستاذ :أنع جيري يف ملكه إال ما يشاء ،فقال القايض :أيشاء ربنا أن نع
بالردى ،أحسن إ َّيل أم أساء؟ وقال
عّل َّ
منعني اهلدى ،وقىض َّ
َ قهر ًا؟ فقال القايض :أرأيت إن
األستاذ :إن منعك ما هو لك فقد أساء ،وإن منع ما هو له فيختص برمحته من يشاء ،فبهت
القايض.
(وحك ُْمه) أي أمره التَّكويني الذي يوجب الوقوع عىل اليشء ويلزمه مع ما تضمنه
ُ
من خي أو ش ،وما يلزمه من نفع أو رض ،عىل ترتيب خاص سبق عليه القول وجرى به
الرسل وإنزال ِ
القضاء ومىض القدر ،وبحذائه األمر التَّدويني الذي شعه اهلل بإرسال ُّ
َني َو َأ ْه َل َك إِ َّال َم ْن َس َب َق َع َل ْي ِه ا ْل َق ْو ُل امحِ ْل فِ َيها ِم ْن ُك ٍّل َز ْو َج ْ ِ
ني ا ْثن ْ ِ الكتب ،قال اهلل تعاىلُ ﴿ :ق ْلنَا ْ
َو َم ْن آ َم َن﴾[هود ،]43 :وقال عليه السالم( :قدَّ ر اهلل سبحانه املقادير قبل أن خيلق الساموات
احلس ُن مدلول األمر،
واألرض بخمسني الف سنة) أخرجه أمحد والُّتمذي ،فلذلك كان ْ
والقبيح مدلول النَّهي ال مقتضامها.
(وقض ّيته) إذ ال جيري يف سلطانه إال ما يشاء ،وال حيصل يف ملكه إال ما سبق به
القضاء.
ٍ
ملعان ك ُّلها كال من القضاء والقدر بحسب أصل اللغة يستعمل (وت ْقديره) اعلم أن َّ ً
اليشء بحدٍّ يكون اخلتام والفراغ عن األمر بالتَّامم ،ولكن القدر عندنا :هو حتديد َّترجع اىل ِ
وإحكا ُمهعليه فيام ال يزال مصحوب ًا ملنافعه املنوطة ومصاحله املربوطة به ،والقضاء :إتْقا ُنه ْ
يتوصل به إىل كامله ،وبقائه اختيار ًا وطبع ًا. ِ
وسوقه إىل كامله سوق ًا مالئ ًام حلاله ،بإعطاء ما َّ
ثم
تدبيَّ ،
ٌ ثم مشيئ ٌة ،ثم
ذكرَّ ،
ثم ٌعلمَّ ،
قال احلكيم الُّتمذي رمحه اهلل :إنه يف البدء ٌ
إثبات يف ال َّلوح ،ثم إرادةٌ ،ثم قضا ٌء ،فإذا قال :كن ،فكان عىل اهليئة التي َع ِلم،
ٌ ثم
مقاديرَّ ،
ٌ
أثبت ،ثم قىض ،فعلم منه أنه ما من يشء من حيث استقام يف
فذكر ثم شاء فد َّبر ،ثم قدَّ ر ،ثم َ
وأنكر القضاء والقدر الفالسفة واألشعرية واملعتزلة ،أما الفالسفة فقد جروا عىل
املقرر من نفي الصفات وإرجاعها إىل العلم الذي هو عندهم نفس الذات ،فقالوا:
أصلهم َّ
إنام القضاء هو :العناية األزلية يعنون هبا مت ّثل نظام املوجودات بأرسها ،والكائنات عن
آخرها بام ينبغي عليه الوجود عىل أحسن الوجوه وأكملها ،والقدر هو :خروجها إىل
الوجود العيني بأسباهبا عىل الوجه الذي تقرر يف القضاء.
تْصف ًا يف اللفظ
وتش ّبث األشعرية بأذياهلم واتبعوا آثارهم ومل يزيدوا عليهم إال ّ
والتّعبي ،ونوع ًا يسي ًا من التّغيي ،حيث قالوا :القضاء هو اإلرادة األزلية املتعلقة باألشياء
معني ومعيار خمصوص يف ذواَتا وصفاَتا وأفعاهلا.
عىل ما هي عليه ،وقدره :إجياده عىل قدْ ر ّ
وزعمت املعتزل ُة :أن ما يستقيم إثبات ُه هللِ تعاىل من معنامها عىل العمو ِم َ
هو اإلعال ُم،
فهو خمتص ِ ِ ِ وإال ْ
املحاالت ،وإن أريدَ اإللزا ُم َ
ُ وإرادته لز َم وتقديره الفعل خلق
فإن أريدَ هبام ُ
ِ
بالواجبات.
ِ
األزل ما علم اهللُ تعاىل يف
هل َ بعض القدر َّي ِةَ : كي أن أبا حنيف َة رمح ُه اهللُ َ
سأل َ وح َ
ُ
علم كام ثم َ ِ ِ ِ الَّش ِ َ
ظهر ما َ
قال هل أرا َد أن َي َ اإلقرار بهَّ ، فاضطر إىل
َ والقبائح أم ال، ور كان من ُّ
وتاب. ِ
مذهبه، فرجع عن فيصي علم ُه جهالً؟ علم ِ
َ َ ُ يظهر بخالف ما َ علم أم أرا َد أن َ
َ
ٍ
إرادة وال ِ
أفعاله ال قدر َة ل ُه وال َمبور عىل ُ
حيث زعموا أن العبدَ خال ًفا للجُب َّي ِة
ٌ
سائر اجلامدات ،وتنسب ِ
إليه خيلق يف ِ ِ
حسب ما ُ األفعال ِ
فيه عىل َ خيلق اهللُ تعاىل
اختيار ،وإنام ُ
ُ َ
احلجر ،وجرى املا ُء ،وتغ ّيمت السام ُء ،وغربت
ُ وحتر َك
الشجرَّ ،
ُ أثمر َمازا ،كام ُ
يقال َ ُ
األفعال ً
ِ
ببطالنه. ونصوص القرآن ناطق ٌة ِ
بخالفه، األرض ،والرضور ُة قاضي ٌة
ُ واهتزت
َّ الشمس،
ُ ُ
ِ
سبيل ِ
الفعل بمجمو ِع القدرتني عىل وذهب أبو اسحاق اإلسفرايني إىل أن وجو َد
َ
ِ
صفته. تؤثر يف ِ ِ ِ ِ
الفعل .وبعضهم إىل أهنا ُ أصل التأثي يف املشاركة يف
ِ
اجلادة ِ
الثابت عىل ِ
بالقول ِ
واجلامعة ح ًقا ،والثابتون ِ
السنة وأما احلنفي ُة وهم ُ
أهل
االختيار ِ
اإلطالق ،ول ُه اخلال ُق املستق ُّل عىل
هو َّ ِ
املستقيمة قط ًعا ،فمذهبهم َّ
ُ هلل سبحان ُه َأن ا َ
ٍ ِ ٍ كيف يشاء ،وال مشارك َة ِ
ُمكن ما خيه وشه ونفعه إجياد ليشء يف ملكه َ ف يف ّْص ُ ُّ
الكّل والت ُّ
وأسباب وجودهم ومبادئ حصوهلم اخلالق هلم وألعامهلم، وهو ِ
ُ ُ ورضه من العباد وأفعاهلمَ ،
ٍ
بوساطة من ُه، ِ
العبد وال ٍ
بمشاركة من ِ
الكون ،ال حتتيدخل َ ُ كل ما ِ
صدور ِّ ِ
باالستقالل يف
ُ
يشمل ِ
الفاعل واسم ٌ
وفاعل ل ُه، ِ
أفعاله يصدر عن ُه من كل ما ِ
العبد مؤ ِّث ٌر يف ِّ ومع َ
ذلك
ُ ُ
أصال ٍ
َمبور ً غي ِ ِ ِ ِ
خمتار يف فعله َ وهو ٌ
االستعاملَ ، إلطراد احلقيقة َّأثي يتناول ُه عىل
الكسب والت َ
َ
ِ
إجياد ما كسب ُه ٌ
مشارك ل ُه تعاىل يف مستقل ِ
فيه وال ٍّ ض ِ
إليه أمر ُه قط ًعا ،وال مفو ٍ ٍ
حمجور وال ّ وال
وكل الفعل االختياري عليهاُّ ، ِ ومدار
ُ ِ
االختيار املبادئ األربع َة َ
مالك وذلك َّ
ألن َ وتأثي ُه،
ِ
اإلحداٍ ،فهذا ِ
طريقة التأثي عىل هو ُ وهو مت َِّص ٌ ِ ٌ َ
ُ الفعل َ ثم
ف هباَّ ، حاصل يف العبد َ ذلك
ِ
جهاته تقو َم املمك ُن بجمي ِع خلق اهللِ تعاىلَّ ، هو فعل ُه وكسب ُه وتأثي ُهُّ ،
وكل َ
ألن ّ ذلك ُ لتأثي َ
ا ُ
املستمر وما مع ُه ّأثي ِ ِ ِ ِ
ُ بالفيض الدّ ائمي من اهللِ تعاىل ،والت ُ هو
الوجودية وحيثياته الفعل ّية إنام َ
ِ
وآثارهَ ،ر ْش ٌح من ِ
أفعاله سبحان ُه منطو يف واحليثيات الوجود َّي ِة
ِ االعتبارات الفعل َّي ِة
ِ من
ٍّ
وقوابله املعدّ ِة.
ِ هياكله املقدّ ِ
رة ِ صفاته ،قد انبسطت عىل ِ
ات الذ ِ
جائز ّ هو ُ ِ وال يلزمنا ما يقول ُه الفالسف ُة يف نفي الت ِ
َّأثي عن غيه سبحان ُه بأن ما َ
ِ ِ ِ
وهو طبيع ٌة عدم َّية فيلز ُم تأثي العد ِم يف الوجود َ
وهو اجلوازَ ، بمشاركة َ
ألحدٍ َ
أحدٍ لو
خارجا من ِ كان تأثي ِ ِ ِ
خلق اهللِ ً العبد وذلك ألن ُه إنام يلز ُم لو َ ُ
َ الفساد، فطري
ُّ البطالن رضوري
ُّ
ِ ِ ِ
ور﴾ ﴿وإِ َىل ٱهللَِّ ُت ْر َج ُع ٱ ْألُ ُم ُ سبحان ُه وإجياد ُه ،بل إنام يؤ ّث ُر هو بجهته ّ
الراجعة إليه سبحان ُه :أال َ
ليس هو اإلجيا ُد.
التأثي َ
َ [آل عمران .]139 :عىل أن
ِ
للتأثي يف ِ
وصفه م ًعا إذ ال معنى ِ
الفعل ويف ِ
أصل ِ
احلادثة يف ِ
القدرة تأثي ِ ِ
)واملختار عندَ العبد الضعيف ُ ُ (
134
ِ
الفعل ،إذ ِ
أصل زائد عىل ِ
تأثي تأثي ٍحمتاج إىل ٍ ِ ِ ِ ِ
متفرع ل ُه ٌ ٌ أثر
الوصف ٌُ األصل إذ التأثي يف بدون الوصف
التأثي ذلك عىل األشعري إذ ُب َ ِ ِ ِ ِ ِ
ُ بالتأثي وإن ك َ القول حمذور يف
َ األصل وال وجود الوصف زائدٌ عىل وجو ُد
األقرب إىل هو ِ ِ ُ ِ بإجياد اهللِ سبحانه كام أن نفس ال ِ ِ ِ
ُ بتأثي القدرة َ والقول بإجياده تعاىل, قدرة َ ُ أيضاالقدرة ً يف
ِ ِ دائرة ِ ِ ومذهب األشعري ٌ ِ
للقدرة اختيار عند ُه حقيق ًة وال َ
تأثي َ احلقيقة ،إذ ال اجلُب يف داخل يف ُ الصواب
ينسب إىلُ الفاعل حقيق ًة وعندَ األشعري ِ ينسب إىل ُ الفعل االختياري عندَ اجلُب َّي ِة ال َ أصال إال أن ِ
احلادثة ً
قدرة ِ
العبد حقيق ًة سوا ًء كانت ِ ينسب إىل الفعل َ االختيار ثابتًا ل ُه حقيق ًة ألن الفاعل حقيق ًة وإن مل يكن ِ
ُ ُ
ِ
الفرق يتميَّ ُز هو مذهب ُه وهبذا ِ غي األشعري من ِ مذهب ِ
حمضا كام َ مدارا ً أهل السنة أو ً ُ هو
القدر ُة مؤثر ًة كام َ
مكتوبات َمدد َّي ٍة 289
ٍ أهل ِ
احلق. هب ِ
غي ِ أهل ِ
احلق عن مذ ِ مذهب ِ
ُ
َ
إدراك َّفس مع ِقواها يف أفعاهلا االختيار ّي ِةَّ ،
فإن حال الن ِذلك مالحظ ُة ِ ويعينك عىل َ
َ
عرف نفس ُه فقد أص ًال كام روى( :أن من ٍ ِ ُ ِ
والبْص ً السم ِع
َ النفس بال اثنين ّية ْ إدراك مثال بعينه َّ
بواسطة املص ِّق ِ
الت ،أفُّتا ُه ِ ِ
املنحرف عنها ِ
اجلدار مس الواق ِع عىلالش ِ
نور َّ
أرأيت َ
َ عرف ر َّب ُه)،
َ
اجلدار﴿ ،ِ ُّور يف َ
ذلك حصول هذا الن ِ ِ تأثي ل ُه يف تزعم أن ُه ال َ نور املص ِّق ِل أو من ِ
دخل وال َ ُ
ار﴾[احلَّشَ ﴿ ،]2 :مال ِ َك املُْ ْل ِك ُت ْؤ ِيت املُْ ْل َك َم ْن ت ََشا ُء َو َتن ِْز ُع املُْ ْل َك َُبوا َيا ُأ ْو ِيل األَ ْب َص ِ ﴿ َفا ْعت ِ ُ
يش ٍء َق ِد ٌير﴾[آل عمران: ُِم َّ ْن ت ََشا ُء َو ُت ِع ُّز َم ْن ت ََشا ُء َو ُت ِذ ُّل َم ْن ت ََشا ُء بِ َي ِد َك ْ ِ
اخلَ ْ ُي إن ََّك َع َىل ُك ِّل َ ْ
.]26
ِ
األفعال ،وإن كانت طاعة وعبادة( ،ويعاقبون عليها)( )135إن ِ
بسبب ( يثابون هبا) أي
ف اهللَُّ َن ْف ًسا إِ َّال ُو ْس َع َها َهلَا َما ك ََس َب ْت َو َع َل ْي َها َما لقوله تعاىلَ :
﴿ال ُي َك ِّل ُ ِ كانت معصي ًة وجريم ًة،
ا ْكت ََس َب ْت﴾[البقرة ]286 :و ﴿ َف َم ْن َي ْع َم ْل ِم ْث َق َال َذ َّر ٍة َخ ْ ًيا َي َر ُه (َ )7و َم ْن َي ْع َم ْل ِم ْث َق َال َذ َّر ٍة
﴿ه ْل ني﴾[األعرافَ ،]173 : يع َأ ْج َر املُْ ْصلِ ِح َ ِ
شا َي َر ُه ﴾[الزلزلة7 :ـ ،]8و ﴿إِنَّا َال ُنض ُ ًَ
ِ
واألحاديث. ِ
اآليات ذلك من غي َ ون﴾[النمل ،]93 :إىل ِ ُ ْجت َز ْو َن إِال َما ُكنْ ُت ْم َت ْع َم ُل َ
ِ
نفسه وأضاف اجلزا َء إىل ِ
والعطاء يف ِ
قوله ":جزا ًء من ر ِّب َك عطا ًء حسا ًبا" ِ
اجلزاء مجع اهللُ بني َ
َ )ولذلك َ ( 135
ِ
عطائه فكون ُه جزا ًء نفس وبدَّ َل من ُه العطا َء
وإشعارا بأن جزاء ُه سبحان ُه لعملهم الصالح ُ
ً تكريام للمتقني
ً
غي ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
مقتض ًيا لالستحقاق بالنظر إىل االمتثال الصادر من العبد واتيانه باألعامل الصاحلة وكونه عطا ًء َ
ِ
كسبه ،إذ ومتكني ِ
العبد منها يف ِ ِ
احلسنات كلها من اهللِ بخلقها وإجيادها ِ
بالنظر إىل أن َ
تلك ٍ
مقتض ل ُه
ِ
جزاء الطاغني ُ
حيث مل ِ
بخالف ِ
اخليات بأرسها ٍ
وخال عن ِ
الكامالت ك ِّلها عار عن ِ
املمكن يف حدِّ ذاته ٌ
ُ
ِ ِ
فإن قول ُه تعاىل ﴿ :ل َي ْج ِز َي ا َّلذ َ
ين ُ
املنقولَّ ، ُ
املعقول ويصدِّ ق ُه هو الذي حي ِّقق ُه ومذهبنا َ
ِ ِ ط ﴾[يونس ،]4 :نص ِ
فيه وال منافا َة بني ِ ات بِا ْل ِقس ِ
احل ِ
ِ ِ
بسبب اإلثابة كون ْ الص َ آ َمنُوا َو َعم ُلوا َّ
قال اهللُ تعاىل: ِ
كسبهَ ، ِ
العبد منها يف ِ
ومتكني ِ
وإجياده ِ
بخلقه فض ًال من اهللِ ألهنا الطاع ِة وكوهنا ْ
ات بِإِ ْذ ِن اهللَِّ َذل ِ َك ُه َو ا ْل َف ْض ُل ا ْلكَبِ ُي﴾[فاطر ،]32 :وألهنا يف نفسها
اخلي ِ ِ
﴿ومن ُْه ْم َسابِ ٌق بِ ْ َ ْ َ
َ
ِ الز ِ ُ ِ ٍ
أصل ائدة عىل الفضل بالعطايا َّ شكر أدنى يشء من نعمه ،وقد ُف ِّ َ
ّس وإن كثرت ال تكاىف ُء َ
خأ ْن ُف ِس ِه ْم َي ْم َهدُ َ
ون﴾[الروم.]44 : يشعر ِبه قول ُهَ ﴿ :ف ِ َُ
ِ
بالطاعة عىل ما ِ
الثواب
نف ٍع يقابلها ٌ
ظلم.
ِ
املعصية وال توه ُم التّواين واالجُّتا ُء عىل ُّ ِ مالحظة قض ّي ِة
ِ
يضمحل ُّ احلكمة قلنا :عندَ
ولكل ٍ
يشء يف عاملِ ِّ ِ
الغي َّْصف يف ِ
ملك ُ الظلم يف ح ّق ِه سبحان ُه وتقدَّ َس ،أل ّن ُه إما الت يتصو ُر
ُ ّ
ِ
موضعه ِ
اليشء يف ِ
غي وض ُع ِ ِ
املمكنات ملك ُه وال شك َة
كيف شا َء ،وإما ْ َّْصف َُ لغيه ،فل ُه الت
العليم. احلكيم ٍ
متعال عن ُه ألن ُه واهللُ سبحان ُه
ُ ُ
ِ
العباد التي ِ
أفعال ُ
العقول حممو ًدا حمب ًبا( ،منها) أي من َ
(واحل َس ُن) الذي تعدُّ ُه
ِ
وأمره. ِ
وحمبته ِ
(برضائه تعاىل) يئته ويشملها تقدير ُه وقض ّيته،تعمها إراد ُة اهللِ ومش ِ
ّ
(ليس
َ ُ
العقول املستقيم ُة السليم ُة وتستنقص ُه الطباع َّ
ُ (والقبيح) الذي تستخبث ُه
ُ
وافق املعتزل َة ِ
وأتباعه ،فإن ُه َ لخأشعري ِ
وهنيه خال ًفا ِ
وبغضه ِ
بكراهته ٌ
مقرون هو ِ
ّ برضائه) بل َ
ِ
كراهة عني ِ قالَّ : الرضا ُء واملح َّب ُة ،ولذا َ يف إن اإلراد َة واملشيئ َة ال ُ
(إن إراد ُة اليشء ُ ينفك عنهام ِّ
ضدّ ِه).
ُ
القول بأنه سبحان ُه قدرته تعاىل لزم ُه ِ ِ
وشمول ِ
إرادته وافق احلنفي َة يف عمو ِم
إال أ َّن ُه ملا َ
اد ِه ا ْل ُك ْف َر ﴾[الزمرَ ﴿ ،]7 :وا َُّ
هلل جل شأنه ﴿ :و َال ير ََض ل ِ ِعب ِ
َ َ َْ قال َّ
وحمب ل ُه ،وقد َ
ٍّ ِ
للكفر ٍ
راض
ب املُْ ْف ِس ِدي َن ﴾[املائدة ،]64 :وهذا ُما ِعيب عليه ،والذي ا ْلتجأ إليه لدى الفزع هو ِ
َال ُحي ُّ
كون احلسن والقبح ال يثبت إال بالَّشع ،والفصل أهنام يطلقان عىل:
ِ
اليشء مالئ ًام لل َّطبع ومنافر ًا له كاحللو ّ
واملر. كون َّ -1
وعىل كونه صف ُة كامل ونقصان كالعلم واجلهل. -2
وعىل كونه موافق ًا لل َغ َرض وخمالف ًا له كاملصلحة واملفسدة. -3
وعىل كونه مناط املدح عاج ً
ال والثواب آجالً ،والذ ُّم يف األوىل -4
والعقاب يف ال ُعقبى.
ومها باملعاين األوىل عقليان وفاق ًا ،وإنام النزاع يف املعنى األخي وملا كان املذهب
عندنا أن األمر التَّدويني بحذاء األمر التَّكويني ،وجب أن يكون يف الفعل جه ٌة مقتضية
املتعال ال يليق منه اإلمهال ،ويف التنزيل ﴿ :إِ َّن اهللََّ َي ْأ ُم ُر بِا ْل َعدْ ِل ّ لخأمر والنّهيَّ ،
ألن احلكيم
اخلَ َب ِائ َث﴾[األعراف: حي ِّر ُم َع َل ْي ِه ُم ْ ِ ِ
﴿و ُحي ُّل َهل ُ ُم ال َّط ِّي َبات َو ُ َ
ِ َو ْ ِ
اإل ْح َسان ﴾[النحلَ ،]93 :
،] 175إىل غي ذلك من اآليات ،فاحلسن والقبح بمعنى صفة الكامل والنقصان يوجب
حلوق املدح والذم ،وترتّب الثواب والعقاب وبالعكس ،فإثبات أحدمها ونفي اآلخر ٌ
قول
ُّ
يستقل العقل يف إدراكها فيجب عىل املدرك املحسنة واملق ِّبحة قد
ّ ثم هذه اجلهة
باملتنافينيَّ ،
اإلتيان به يف حكم العقل ،وإن مل يأثم بُّتكه كاالمتثال وهلذا قال أبو حنيفة رمحه اهلل( :ال
عذر ألحد يف اجلهل بخالقه ،ملا يرى من خلق السموات واألرض)( ،ولو مل يبعث اهلل
للناس رسوالً مبين ًا هلم ما جيب لوجب عليهم معرفته بعقوهلم) ،ومعنى االستقالل يف
ٌ
وترك. الصاحلة بحيث لو ُعرض عىل العقل ٌ
فعل اإلدراك أن يقف باإلمجال عىل اجلهة َّ
وقيل :إن أحدمها متع َّلق الثواب والعقاب دون اآلخر ا َّطلع عىل تلك اجلهة ،وأما
عدم وقوفه ُبدُ ًوا( )136فليس لعدم اطالعه عليها ،بل لعدم وقوفه عىل ترتُّب اجلزاء باإلثابة
والعقوبة يف األجل ،وال نزاع ألحد يف أنه شعي ال ُيعرف إال به ،وهو ال ينايف إدراك اجلهة
املذكورة عق ً
ال(.)137
وذلك ألنه تعاىل عاتب الكفار يف غي موضع عىل تركهم النَّظر واالعتبار ،ولوال
َ
الوصول إىل عواقب األمور بالتَّأمل ونظر العقول ملا عوتبوا بُّتكه كام قال سبحانه﴿ :أ َو َمل ْ
َ ِِ ِ ِ فك َ ِ َي ِس ُيوا ِيف ْاألَ ْر ِ
َان َعاق َب ُة ا َّلذي َن من َق ْبله ْم﴾[الروم ،]9 :وقال﴿ :أ َو َمل ْ ض َف َين ُظ ُروا َك ْي َ
﴿و َقا ُلوا َل ْو ُكنَّا ن َْس َم ُع ِ ِ ِ
ُن َع ِّم ْر ُك ْم َما َيت ََذك َُّر فيه َم ْن ت ََذك ََّر َو َجا َء ُك ُم النَّذير﴾ [فاطر ،]37 :وقالَ :
ذهب مجهور أئمتنا خصوصا العراقيني منهم وهم أعرف بمذهب أيب حنيفة وأصحابه وآلف بمأخذه أن
احلسن والقبح عقليان عىل املعنى الذي بني يف الَّشح وتابعهم يف ذلك أبو املنصور املاتريدي والقايض أبو
زيد الدبويس وفخر اإلسالم البزدوي وغيهم ،ووافقهم من الشافعية أبو بكر الشايش الق ّفال وأبو بكر
الفاريس وأبو بكر الصييف واحلليمي والقايض أبو حامد وغيهم ( وذهب مجهور الشافعية إىل أهنام
شعيان ووافقهم من أصحابنا شمس األئمة الّسخيس وفخر الدين قاضيخان رمحهم اهلل .منه سلمه اهلل
واعلم أن مجهور احلنفية من أهل السنة واجلامعة قائلون بعقلية احلسن والقبح ووجوب قض ِّية احلكمة،
وما هو األمحد جلملة الُب َّية عن اهلل تعاىل لكامل علمه ومتام قدرته وباهر كرمه وتناهي جوده وفضله.
واألشاعرة ملا كانوا يف جانب من هذه العقيدة احل َّقة وال سيام ِّ
املتأخرون منهم نسبوها إىل أهل االعتزال
وعدُّ وها من قواعدهم ال َّظاهرة الوبال عىل ما شحنوا به كتبهم ،وعن هذا رموا مجاعة كثية من َّ
أجالء
الشديد املِحال وهم برئا ُء ،منه
احلنفية وأل ِ َّباء نبالئهم ،بل أبا حنيفة رمحه اهلل نفسه هبذا الدَّ اء العضال والنَّبز َّ
حاشاهم ثم حاشاهم .منه سلمه اهلل تعاىل.
ِ َأ ْو َن ْع ِق ُل َما ُكنَّا ِيف َأ ْص َح ِ
السع ِي ﴿َ ﴾13فا ْع َ َ
ُّت ُفوا بِ َذنْبِ ِه ْم﴾[امللك13 :ـ ،]11حيث اب َّ
السمع. جعل االعُّتاف بعدم التَّعقل اعُّتاف ًا َّ
بالذنب بعدَ م َّ
نعم َّ
إن احلاكم يف األفعال والواضع للَّشائع هو اهلل تعاىل ،والعقل ال يستلزم ُحك ًام
شعي ًا للعبد ،خالف ًا للمعتزلة حيث زعموا أنه ع ّل ٌة موجب ٌة ملا استحسنه ّ
وحمرمة ملا استقبحه
أمارات جيري فيها النَّسخ والتَّبديل ،ومل
ٌ ألهنا
عىل القطع والبتات فوق العلل الَّشعية َّ
جيوزوا أن يثبت بالَّشع ما ال يدركه العقل.
ّ
واجلواب :أن املستحيل حتصيل احلاصل ال هبذا التّحصيل ،واالستطاعة التي هي
سيْصح به املصنف رمحه اهلل.
ِّ مناط التّكليف ليست هي هذه االستطاعة عىل ما
(وهي حقيقة القدرة التي يكون هبا الفعل) وحيصل بسببها عند حت ُّققها فال يمكن
(وقد يقع) ويطلق (هذا االسم) أي اسم االستطاعة (عىل سالمة األسباب) املؤ ِّدية
والراحلة بالنّسبة إىل كالزاد ّ إىل الفعل من مبادئه املذكورة فيام سلف (واآلالت) املُفضية إليه ّ
اع إِ َل ْي ِه ِ احلج (واجلوارح) األعضاء كام يف قوله تعاىل﴿ :وهللَِّ َع َىل الن ِ ِ
َّاس ح ُّج ا ْل َب ْيت َم ِن ْ
اس َت َط َ َ
والراحلة
الزاد ّ َسبِ ًيال﴾[آل عمرانَّ ،]97 :
فإن املراد هبا ليست حقيقة القدرة ،بل املراد منها ّ
فّسه النّبي ﷺ فيام أخرجه احلاكم عىل شط الشيخني عن أنس ريض اهلل عنه( :قيل
عىل ما ّ
والراحلة).
الزاد ّ
السبيل؟ قالَّ :
يارسول اهلل :ما َّ
( )قال ذو النون املْصي رمحه اهلل :مجيع اخللق حمتاجون إليه سبحانه يف كل َن َف ٍ
س ويف كل خطرة وحلظة, 138
وكيف ال ووجودهم به وبقائهم به ,أقول :وذلك مجلة أحواله ومجيع شؤونه يف باطن أجزائه وكامن
أفعاله وبارزه يف كل حلظة وآن ووقت وزمان .منه سلمه اهلل
ِ
املأمور ِ
باش لضدِّ ِ َ ِ ِ تكون القدر ُة املْصوف َة إىل
َ
فكان امل ُ اإليامن، ْصف إىل
ُ الكفر هي التي ُت بأن
ِ
ألجله(.)139 فيستحق ّ
الذم والعقاب ُّ فعله ِ
وسوء ِ ِ
باختياره شاغال هلا يف ِ
غي موضعها ً ِبه
يثاب ولو َ
ترك بحيث لو ِ ُ ِ ِ ُ (وال يك ّل ُ
فعل ُ عليه عليه بأن يلز َم حيمل ف العبدُ ) وال
فيه ،وإنّام يك ّلف ُه بام عليه ويتحرج ِيضيق ِ وسعه) طاقت ُه وقدرت ُه ْبل ما ِ ليس يف
ّ ُ ُ يعاقب (بام َ
ُ
ف اهللَُّ َن ْف ًسا إِ َّال ِ
لقوله تعاىلَ :
﴿ال ُي َك ِّل ُ ِ
واملجهود دون مدى ال َّط ِ
اقة فيه طوقه ويتيّس ِ
عليه َ يتّسع ِ
ُّ ُ ُ
ين ِم ْن َح َر ٍج﴾[احلج.]78 : ﴿و َما َج َع َل َع َل ْي ُك ْم ِيف الدِّ ِ
ُو ْس َع َها﴾[البقرةَ ،]286 :
ِ
ذاته كجم ِع النّقيضني يمتنع يف ِ
ثالٍ مراتب :ما اعلم أن ما ال يطيق ُه العبدُ عىل
ُ ْ
تتعلق ِبه القدر ُة
ُ ِ
نفسه ولكن ال الواجب ُما ال تتع ّل ُق ِبه القدر ُة ً
أصال ،وما يمك ُن يف ِ ِ
وخلق
ِ اجلبل والص ِ
ِ ِ كخلق اجلس ِم ،أوعاد ًةِ
السامء ،وما يمك ُن صدور ُه عود إىل ّ كحمل احلادث ُة ً
رأسا
ِ امتنع ِ ِ
القدر بأن يتع ّل َق ُ
علم اهللِ سبحان ُه ُ القول وجري القضا ُء وميض لسبق َ العبد إال أن ُه من
األو َل ِ ِ
جوازه ً ٍ ِ
شعا ،كام أن ّ ووقوعه ً عقال ألحد يف خالف
َ خالفه وال وإرادت ُه وقضاؤ ُه عىل
عقال ،إذ العبا ُد جيوز ً اخلالف يف النو ِع الثاين فقالت األشعري ُةُ :
ُ يقع وفا ًقا ،وإنام
جيوز وال ُ
ال ُ
وين بِ َأ ْس َام ِء
يقع ملا تلونا ،وقول ُه تعاىلَ ﴿ :أنبِ ُئ ِ
وحيكم ما يريدُ ،وال ُ
ُ ُ
فيفعل ما يشا ُء ُماليك ُه
ٍ ٍ ِ
تعجيز. خطاب
ُ بتكليف بل َٰه ُؤ َالء﴾[البقرةَ ،]31 :
ليس
بتصديقه ِ
عليه الصال ُة والسال ُم فيام ُعلِ َم ِ تكليف أيب ٍ
هلب َ وما ذهب ِ
إليه بعضهمَّ :
بأن َ
ِ
نفسه تكليف بأن يصدِّ ق ُه يف أن ال يصدِّ ق ُه و ُي ْذعن ما وجدَ يف
ُ ِ
مجلته أن ُه ال يؤم ُن، َميئ ُه ومن
خالف الن ِ
َّص واإلمجاعِ. َ ٌ
مستحيل قط ًعا وهو
خالف ُه َ
ِ
اآلخر ال س َّيام أهنم ُ
تكون مع الضدِّ غي التي ِ ُ
تكون مع أحد الضدين َ عرض ال يققى زمانني فالقدر ُة التي
ٌ
ِ
للمحقق الطويس تلخيص املحص ِل ِ
الُّتك ِ
الفعل أو وبني مبدأ ِ
القدرة َ ال يفرقون بني
ُ
وصل إلي ِه
َ بخصوص أن ُه ال يؤم ُن ،وإنام يك ِّلف ُه ِبه إذا
ِ بأن املُ َ
حال إذعان ُه وأزيح َّ
َ
ُ
اإلذعان اإلمجايل(.)143 هو ِ ُمنوع ،وأما َ ِ
فالواجب َ
ُ الوصول قبل ٌ وهو
بخصوصه َ
ِ
احلكمة تأبا ُه ،إذ االبتال ُء إنام ألن قض َّي َة
يقع ش ًعا؛ َّ جيوز ًوقالت احلنفي ُة :ال ُ
عقال وال ُ
ٍ
بحال عليه ،فإذا َ
كان باختياره فيعاقب ِ ِ عليه أو يُّتك ُهباختياره فيثاب ِ
ِ يتح َّق ُق فيام يفعل ُه العبدُ
ُ ُ
معذورا يف االمتنا ِع فال يتح َّق ُق معنى ُ
فيكون كان َمبورا عىل ِ
تركه ِ
الفعل من ُه َ ال يمك ُن وجو ُد
ً ً
وقوله تعاىلَ ﴿ :و َال ُ َحت ِّم ْلنَا َما َال َطا َق َة َلنَا بِ ِه ﴾[البقرة،]286 :
ِ ِ
التكليف، ِ
االبتالء وحكمة
تكليفه ِبه ،ووافقنا
ِ َّازلة ملن قبلنا ،ال عن لعقوبات الن ِ ِ حتميل ما ال يطيق ُه من اِ استعا َذ ٌة عنْ
عليه تعاىل عندهم. لح ِ األص ِ ِ املعتزل ُة بنا ًء عىل
وجوب ْ
ِ
بطريق هو ِ ِ ِ وملَّا َ
قسموها إىل ما َ مذهب املعتزلة إسنا َد أفعال العباد إىل أنفسهم َّ
ُ كان
حركة ِ
اليد، ِ ب عناملفتاح املس َّب ِ
ِ ِ
كحركة بطريق الت ِ
َّوليد ِ هو ِ ِ ِ
املباشة كتحريك اليد ،وإىل ما َ
ِ
بخلق اهللِ تعاىل أيضا
دات ً واستأنف الكالم ورصح بأن املتو ِّل ِ
َ ِّف الر َّد عليهم،
فأرا َد املصن ُ
َّ َ َ
حيث َ
قال: وإجياده عىل خالفهم ُ ِ
ٍ
لكبية يرتكبها بعدَ ِ
جلواز أن يدخلها ِ
خامتته ِ
وسوء ِ
كفره يدل عىل ِ
تأبيد النار ال ُ ِ
)ثم تباب ُه ودخوله َ َّ ( 143
ِ
اإليامن من ُه س َّلم ُه اهللُ.
ألن ِ
بحسب استعدادها وقبوهلاَّ ، ِ
األشياء ك ِّلها ويفيض الوجو ُد عىل الر َ
بط بينهام
ُ يقتيض ّ
فجوزوا خت َّل َ
وبني مسبباَتا كام زعم ُه األشعرية ،حتى َّ َ
ارتباط بينها َ األسباب عاد ّي ٌة حمض ٌة ال
َ
هو وغي َ ِ الص ِ إجياب الن ِ
ِ املعلول عن ع َّلت ِه الت ِ
َّامة وقالوا بعد ِم ِ
ذلك ُما َ َ املعرفة حيح حصول َّظر َّ
ِ
املكابرة. رصيح
ُ
(واملقتول م ّيت بأجله) املقدَّ ر له وهو ميقات بطالن حياته ع ّلة ما قدره اهلل سبحانه
﴿ول ِ ُك ِّل ُأ َّم ٍة َأ َج ٌل َفإِ َذا َجا َء
تصور خت ّلفه عنه كام قال اهلل تعاىلَ : وقىض به وحكم بوقوعه فال ُي ّ
ون﴾[األعراف ،]34 :وفيه تأكيدٌ ومبالغة حيث ون َسا َع ًة َوال َي ْس َت ْق ِد ُم َ
َأ َج ُل ُه ْم ال َي ْس َت ْأ ِخ ُر َ
بالرضورة بعدما حان األجل ،وما يف احلديث من َّ
أن جعل ّ
التأخر أبعد عن التَّقدم املستحيل َّ
الزيادة بحسب صلة الرحم تزيد يف العمر وأمثاله ظني ال يعارض القطعّ ،
لعل املراد منه ّ
اخلي والُبكة عىل ما روي عن أيب الدرداء ريض اهلل عنه قال( :ذكرنا عند رسول اهلل ﷺ
﴿و َل ْن ُي َؤ ِّخ َر اهللَُّ َن ْف ًسا إِ َذا َجا َء َأ َج ُل َها﴾[املنافقون:
زيادة العمر يف الدنيا قال رسول اهلل ﷺَ :
] 11ولكن زيادة العمر ذرية صاحلة رزقها هلل العبد يدوعون له بعد موته ويلحقه دعاؤهم
يف قُبه ،وذلك تأويل زيادة العمر)( ،)141ال كام زعم املعتزلة :من أن املقتول مقطوع األجل
والضامن
وقت هو أجل له ،وأما وجوب القصاص والدّ ية ّ بمعنى أنه لو مل يقتل لعاش إىل ٍ
ُ
املنهي عنه ومباشته إياه.
ِّ عىل القاتل فالرتكابه
احلي أو ضدّ ها وقد يطلق عىل عدمها مطلق ًا كام يف قوله (واملوت) زوال احلياة عن ّ
ت َو ُخي ِْر ُج املَْ ِّي َت ِم َن
احلي ِمن املَْي ِ
﴿خي ِْر ُج ْ َ َّ َ ِّ
﴿و ُكنْ ُت ْم َأ ْم َواتًا َف َأ ْح َيا ُك ْم﴾[البقرةُ ،]28 :
تعاىلَ :
ُملوق اهلل تعاىل) قيل :هذا مبني عىل أنه وجودي كام هو ُ َْ
احل ِّي﴾[الروم( ،]19 :قائم بامل ّيت
ِ
مذهب اجل ّبائي لقوله تعاىل﴿ :ا َّلذي َخ َل َق املَْ ْو َت َو ْ َ
احل َيا َة ﴾[امللك ،]2 :واألكثرون عىل أنه
عدمي ،ومعنى خلقه تقديره أو املعنى أوجد احلياة وأزاهلا حسبام قدَّ رها ،وال خيفى أن املوت
وإن كان عدم َّي ًا لكنه ليس عدم َّي ًا حمض ًا ،بل له شائبة من الوجود باعتبار ارتباطه بمح ّله ،عىل
صنع للعبد فيه) يف وقوع املوت
َ أن التأويل املذكور يساعده عبارة املصنف رمحه اهلل (ال
(ختليق ًا) إلختصاصه باهلل تعاىل (وال اكتساب ًا) لعدم مطاوعته ولزومه القطع أو ّ
الرضب ،عىل
وتفرق األجزاء وزوال اتِّصال األعضاء ،وهو ّ
أن املُّتتّب عىل فعله وكسبه إنام هو االنقطاع ّ
ليس بموت.
ٍ
نفس يف زمانني خالف ًا للكعبي تصور تعدُّ ده بأن يمكن موت
(واألجل واحد) ال ُي ّ
من املعتزلة حيث قال( :إن للمقتول أجلني القتل واملوت ،وأنه لو مل يقتل لعاش إىل أجله
الذي هو املوت ،أو يمكن موت واحد عىل نحوين) ،خالف ًا أليب اهلذيل العالف منهم حيث
زعم( :أن املقتول ال أجل له سوى القتل ،ولو مل ُيقتل ملات بغيه يف وقت قتله).
( )ابن حبان (ت ،)354املجروحني [ • 416/1فيه] سليامن بن عطاء يروي عن مسلمة بأشياء 141
موضوعة ال تشبه حديث الثقات فلست أدري التخليط فيها منه أو من مسلمة بن عبد اهلل • أخرجه
العقيّل يف «الضعفاء الكبي» ( ،)134/2وابن حبان يف «املجروحني» ( )369/1واللفظ له ،والطُباين
يف «املعجم األوسط» (.)3349
قلنا :كام أنه ال يمكن أن يموت يف غي وقته املقدّ ر ،ال يمكن أن يموت بغي سببه
الرضورية البطالن؛
التقوالت َّ
جرأهم عىل أمثال تلك ُّ
املعني له يف القضاء والقدر ،والذي َّ
َّ
أصلهم الفاسد من نفي القضاء والقدر وعموم اإلرادة وشمول القدرة ،وإثبات االستقالل
وت إِالَّ بِإِ ْذ ِن َان لِنَ ْف ٍ
س َأ ْن َمت ُ َ للعبد يف أعامله وتفويض أمره إليه ،وقد قال اهلل تعاىلَ ﴿ :و َما ك َ
أن للحيوان أج ً
ال ال ﴾[آل عمران ،]145 :والذي ذهب إليه الفالسفة من َّ اهلل ِكتَا ًبا ُّم َؤ َّج ً
طبيعي ًا وهو وقت موته بتح ُّل ِل رطوبته وانطفاء حرارته ،وآجاالً احُّتام ّي ًة بحسب اآلفات
قط يف ّاحتاد وقت املوت
فإهنم ال خيتلفون ّ يمس ّ
حمل النّزاعّ ، املتوجهة إليه ال ّ
ِّ واألمراض
ٍ
بواحد من وسببه ،وإنام حاصل كالمهمّ :
أن احليوان إن كان اهلل سبحانه مل بقدّ ر له املوت
ال إىل مئة ومخس لبقي رطوبته ِ
اجلبِ ِّل َّية وحرارته الغريز ّية إىل مدّ ة ،مث ً اآلفات واألمراض َ
وعَّشين سنة ويكون ذلك أجله املرضوب ،ووقته املكتوب عىل ما ُيشعر به قوله تعاىل:
َاب﴾[فاطر ،]11 :وقوله تعاىل: ص ِم ْن ُع ُم ِر ِه إِ َّال ِيف كِت ٍ ِ
﴿و َما ُي َع َّم ُر م ْن ُم َع َّم ٍر َو َال ُينْ َق ُ َ
﴿ َيدْ ُعو ُك ْم ل ِ َي ْغ ِف َر َل ُك ْم ِم ْن ُذ ُنوبِ ُك ْم َو ُي َؤ ِّخ َر ُك ْم إِ َىل َأ َج ٍل ُم َس ًمى﴾[إبراهيم ،]13 :عىل شاكلة
ُبه
الرجل ثالٍ سنني فيجعله اهلل ثالثني سنة ب ّ
ما روي عىل النبي ﷺ( :أنه يكون عمر ّ
الرجل ثالثني سنة فيجعله اهلل ثالٍ سنني بقطعه
أبويه ،أو صلة رمحه ،ويكون عمر ّ
رمحه)(.)142
قال أبو بكر الكالباذي رمحه اهلل( :معناه أن يقدِّ ر اهلل لعبد أج ً
ال ثالثني سنة ،ويقدَّ ر
له َّبر ًا وصلة رحم ،ولو مل يقدّ ر ّبره وصلته مل يقدّ ر عمره إال ثالٍ سنني).
اخلطاب رقم(.)755
ِ ِ
﴿وُمَّا َر َز ْقن ُ
َاه ْم الرزق عىل امللك كام يف قوله تعاىلَ :نعم قد يطلق اسم ِّ
ٍ
بمملوك باء ك ّله املالك ،أو بام ال يمنع عن االنتفاع ُي ِنف ُق َ
ون﴾[البقرة ،]3 :وملّا ّ
فّسه املعتزلة
به ،ذهبوا إىل أن احلرام ال يكون رزق ًا.
زق ِ
نفسه حالالً َ
كان أو (وكل) من اإلنسان وغيه من أنواع احليوانات ( َي ْستويف ِر ٌَّ
ِ
تصور أن
الرزق( ،وال ُي ّ
مر من معنى ِّ حرام ًا) فال يزيد رزقه عىل عمره وال عمره عىل رزقه ملا َّ
ال يأكل إنسان رزقه أو يأكل غري رزقه) ،المتناع التبدّ ل عىل قضاء اهلل وقدره.
ضل من يشاء) ِ
باخلذالن وتضييق صدره بإحداٍ هيئة يف نفسه (واهلل) سبحانه ( ُي ُّ
مترنه عىل استحباب الكفر واملعايص ،واستقباح اإليامن وال ّطاعات بسبب غ ِّيه وإعراضه عن
ّ
صحيح النظر وإستفراغ الفكر ملا فيه من احلكمة الك ّل ّية واملصلحة اجلليلة ،فهو بالنسبة إىل
الشخص الز ٌم من لوازم ما ساق إليه األحوال املاضية التي مل يكن بدَّ من وقوعها ،وال من
توهم من ذلك
وقوع ما يتبعها لنقص املمكن يف حدِّ ذاته ،وضيق وسعه ونطاق قدره ،وال ُي ّ
ٍ ٌ
ليشء من إستحقاق من جهة نفسه تصور ذلك إذا كان للمكناجلور وال ّظلم؛ ألنه إنام ُي ّ
اجلهات الفعلية واحليثيات الوجودية.
وليس كذلك ويف التقييد باملشيئة ،إشارة إىل أن اإلضالل ليس عبارة عن وجدان
(وهيدي) بالتوفيق وشح الصدر (من يشاء) أشار بذلك إىل أن املراد من اهلداية
ليس بيان طريق احلق فقط كام هو مذهب املعتزلة ألنه عام.
ٍ
بلطف واإلرشاد ال بعنف وهداية اهلل سبحانه وحتقيق املقام :أن اهلداية هي الداللة
اخللق إرشاده إىل جلب كامله املمكن له ،وتوجيهه إىل حتصيل املنفعة املنوطة به ،بتعريف
كيفية اإلرتفاق بام أعطاه باالختيار أو بالطبع ،ثم إهنا وإن كثرت من أن يدخل حتت عدد من
حيث النوع ،إال أن أجناسها الشاملة هلا تنحْص مرتَّبة يف أربع:
األول :إفاضة القوى املمكنة من االهتداء اىل املصالح ،كالعاقلة واملشارع الظاهرة
يش ٍء َخ ْل َق ُه ُث َّم َهدَ ى ﴾[طه.]53 : ِ
والباطنة وإليه أشار تعاىل بقوله ﴿ :ا َّلذي َأ ْع َطى ُك َّل َ ْ
والثاين :إقامة الدالئل الفارقة بني احلق والباطل والصالح والرشاد وإليه أشار
﴿و َهدَ ْينَا ُه الن َّْجدَ ْي ِن﴾ [البلد.]13:
بقولهَ :
الصدور وكشف الّسائر عن القلوب وإرا َءة األشياء عىل ما هي والرابع :شح ّ
عليها ،وهذا القسم ُما خيتص بنيله األنبياء واألولياء إياه بقوله ﴿ ُأو َل ِئ َك ا َّل ِذي َن َهدَ ى ا َُّ
هلل
اهدُ وا فِينَا َلن َْه ِد َين َُّه ْم ِ
﴿وا َّلذي َن َج َ
َ َفبِ ُهدَ ُاه ُم ا ْقت َِد ْه﴾[األنعام ،]93 :وقوله:
ُس ُب َلنَا﴾[العنكبوت ،]69 :واهلداة من العباد األنبياء والعلامء الدعا ُة إىل السعادة األخروية
ِ
وتدبيه ِ
قدرته حتت
رون َ مسخ َ َّ والْصاط املستقيم ،بل اهللُ اهلادي هلم عىل ألسنتهم وهم
قال﴿ :إِن ََّك َال َ َْت ِدي َم ْن َأ ْح َب ْب َت َو َٰلكِ َّن اهللََّ َ ُْي ِدي َمن َي َشا ُء َو ُه َو َأ ْع َل ُم بِاملُْ ْهت َِدي َن﴾ [
حيث َ
ُ
سورة القصص.]56 :
ِ
للعبد ِ
بكونه فليس َ
ذلك بواجب عىل اهللِ تعاىل) ق َّيد األصلح ِ
األصلح للعبد َ
ُ هو
(وما َ
ِ
احلكمة، ِ
احلصول يف واجب ِ ( )143 ِ
بالنسبة إىل الفطرة األصلح بكونه ِ
عليه تعاىل ،إذ ِ والوجوب
ُ ُ
ِ
اجلود ِ
القدرة العجز عن ُه ،وإىل متا ِم ِ
شمول اجلهل ِبه ،وإىل
ُ يمتنع بالنظر إىل ِ
كامل العا ِم ِ فإن
ُ
تبديل ِ
خللق اهللِ" واملعنى أن ُه قوله " ال َ ( ) فطر َة اهللِ أي التزموا فطرة اهللِ والفطر ُة اخللق ُة أال ترى إىل ِ 143
ِ
بالصالح ِ
والقبح وال ِ
باحلسن َّصف ِ
لخأشعرية فإهنم زعموا :أن اليش َء ال يت ُ خال ًفا
ِ
وخلقه إيا ُه. باعتبار ِ
إجياد اهللِ تعاىل ِ ِ
والصالح ِ
باحلسن نفسه ،وإنام ُحيكم ِ
عليه ِ ِ
والفساد يف
ُ
للعبد واجب ِ
عليه تعاىل ،ومجهورهم اجُّتأوا ِ األصلح ُ
حيث زعموا :أن واملعتزل ُة
ٌ َ
ومال بعضهم إىل ِ
العقلَ ، ِ
بالُّتك عندَ ِ
والعقاب ِ
استحقاق َّ
الذ ِم ِ
بالوجوب بمعنى ِ
القول عىل
ِ
الثواب من تعريض
ُ فقال بعضهم( :الواجب ِ
عليه تعاىل اللزو ِم العقّل وبعضهم إىل العاديَ ،
ُ
ِ
التكليف)(.)144 ِ
تقدير الكفر عىل عل ِم من ُه
َ
القاسم الكعبي:
ُ هلل تعاىل نفع ُه)َ ،
وقال أبو اجلبائي( :بل رعاي ُة ما َ
علم ا ُ ُ وقال أبو عّلَ
ِ
بالنسبة إىل نظا ِم ِ
الشخص ال ِ
بالنسبة إىل ِ
والتدبي) ،يعني ِ
احلكمة األوفق يف هو
ُ (الواجب ما َُ
ِ ِ األول تعاىل بكيف ّي ِة ا
ِ ُ ِ
ترتيب لصواب يف (علم
ُ حيث قالوا: احلكامء مذهب
ُ العاملِ كام َ
هو
ٍ
قصود. ٍ
طلب من ُه تعاىل وانبعاٍ غي ِ
واجلود من ِ اخلي ِ
لفيضان ِ ِ
الوجود ُمستَتبِ ٌع
ِ
أفعاله وال مستح ًقا خمتارا يف كان ما يفعل ُه شي ًئا واج ًبا عن ُه ملا َ
يقال :لو َ ال ُ
كان سبحان ُه ً
ِ
امتنانه عىل ِ
الرسل فوق ِ
إنعامه وملا َ
كان امتنان ُه عىل أويل العز ِم من ِ
والثناء يف ِ
والشكر ِ
للحمد
جهل.ٍ ِ
أمثال أيب
ِ ِ
األغلب ،وإال يكون للميت بعدَ ما ُق ِ َ
ُب يف ُ (وعذاب القرب) بمعنى العذاب الذي
ُ
ِ
والعذاب املقبور من التَّنعيم
ُ أصاب ما يصيب ُهَ السباع
ُ واحلريق ومن أكلت ُه ُ والغريق
ُ فاملصلوب
ُ
السا َع ُة َأ ْد ِخ ُلوا َآ َل ِ
ون َع َل ْي َها ُغدُ ًوا َو َعش ًيا َو َي ْو َم َت ُقو ُم َّ
ِ
لقوله تعاىل﴿ :الن َُّار ُي ْع َر ُض َ (للكافرين)
عليه الصال ُة والسال ُم: لقوله ِ ِ عصاة املؤمنني)ِ ِ
(ولبعض اب﴾[غافر،]46 : فِ ْر َع ْو َن َأ َشدَّ ا ْل َع َذ ِ
( )( كام يف قوله تعاىل " فريق ًا هدى وفريق ًا حق عليهم الضاللة" وقوله جل ذكره " لكيال تأسوا عىل ما 145
فاتكم وال تفرحوا بام آتاكم" وقوله سبحانه " أش أريد بمن يف األرض أم أراد رهبم هبم رشدا" إىل غي
ذلك من اآليات .منه سلمه اهلل.
( كام فيام حكاه عن ابراهيم عليه السالم من قوله " وإذا مرضت فهو يشفني"
" وأيوب إذ نادى ربه أين مسني الشيطان بنصب وعذاب" وقوله " أين مسني الرض وأنت ارحم
الرامحني" منه سلمه اهلل
( ) يف األصل :امهال. 146
ِ ُب روض ٌة من ِ ِ ِِ
رياض َف ْضله﴾[آل عمران169 :ـ ،]173وقوله عليه الصال ُة والسال ُم( :الق ُ
ِ
البدن ،أو ِ
للروح أو ف يف أن ُه
حفر النيان)( ،بام يعلم ُه اهللُ ويريد ُه) واخ ُتل َ ِ
اجلنة أو حفر ٌة من ِ
ِ
البدن أم ال. الروح إىل احلياة ِ
فيه سوا ًء ُأعيدَ ِ ِ
بخلق نو ٍع من كليهام
ُ
( )مال عّل قاري (ت ،)1314األرسار املرفوعة • 353هو من قول عّل كرم اهلل وجهه 147
ِ
املعتزلة سب إىل ِ َ
املتأخرين من املعتزلة ُحكى إنكار ُه عن رضار بن عمر و ُن َ
َ بعض
قال ُ
امليت مجا ٌد للحق بنا ًء عىل َّ ِ ِ
أن َ ِّ السفهاء املعاندين ملخالطته إياهم وهم برا ٌء من ُه ،وتبع ُه قو ٌم من
عرفت ما يزحي ُه. ِ
ال حيا َة فيه ،وقد َ
الَّش ُع
رص َح هبام ّ والعقاب اللذ َين َّ
َ والثواب
َ واحلكام ُء وإن مل يثبتوا املعا َد اجلسامين،
ِ
املمكنات ،ومحلوا الَّشيع ُة بل جعلوها من حيث ّ ُ حيث احلكم ُة ،فلم ينكروها من ُ من
ِ
احلكمية وال ِ
لخأصول ليس خمال ًفا ورصحوا بأن َ
ذلك َ َّ النصوص الوارد َة فيها عىل ظواهرها َ
ِ
كتابيه (الشفاء)): الرئيس يف ُ
الشيخ اإلهلية ،حتى َ
قال ِ ِ
البالغة ِ
احلكمة مستبعدُ الوقو ِع يف
ُ
ِ
إثباته إال من املقبول من الَّش ِع وال َ
سبيل إىل ُ هو علم َّ
أن املعا َد من ُه ما َ جيب أن ُي َ
(والنجا ُة إن ُه ُ
ِ
وشوره ِ
وخياته ِ
البعث، ِ
للبدن بعدَ وهو الذي ِ وتصديق ِ ِ ِ ِ
خُب النّبوةَ ، الَّشيعة، طريق
تعلم ،وقد بسطت الَّشيع ُة احل ّق ُة التي أتانا هبا سيدنا حممدٌ ﷺ َ
حال حيتاج إىل أن َ
ُ معلوم ٌة ال
الُبهاين وقد والقياس ِ
بالعقل ُ
يدرك ِ
البدن ،ومن ُه ما ِ
بالقياس إىل ِ
والشقاوة اللتني ِ
السعادة
ُ ُ
ِ
األنفس ،وإن َ
كان األوها ُم منا ِ
بالقياس إىل وهو السعاد ُة والشقاو ُة الثابتتان
النبو ُة َ
صدَّ ق ُه ّ
تقْص عن تصورمها)( )148هذا كالم ُه.
ُ
ِ
وقولهُ ﴿ :ق ْل لقوله تعاىلُ ﴿ :ث َّم إِ َّن ُك ْم َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة ُت ْب َع ُث َ
ون﴾[املؤمنون،]16 : ِ (حق)ٌّ
واألخبار ذلك قاطع ٌة
النصوص يف َ ِ
وباجلملة نش َأ َها َأ َّو َل َم َّر ٍة﴾[يس،]79 : حي ِي َيها ا َّل ِذي َأ َ
ُ ُ ُْ
ِ
باليقني. الدين وإنكار ُه كفر ِ متواتر ٌة وإثبات ُه من رضوريات
لكل ٍ
أحد يتبني ِبه ِّ ِ
بميزان ّ ُ ِ
القيامة العباد وعقائدهم يو َم ِ ِ
أعامل زن) أي ُ
وزن (والو ُ
َ
ِ
وحّسة كاملها عن ناقصها ويظهر التّميز بني راجحها وخفيفها تتْميام ملّس ِة الس ِ
عداء ِ
ّ ً ّ ُ َ ُ
قال سبحانه وتعاىل﴿ :ك ََذل ِ َك ي ِرُيِم اهللَُّ َأ ْعام َهلم حّس ٍ
ات َع َل ْي ِه ْم﴾[البقرة: ِ
األشقياء كام َ
َ ُْ َ ََ ُ ُ ُ
.]167
( )الشفاء -اإلهليات املؤلف :ابن سينا اجلزء 1 :صفحة [423 :الفصل السابع] (ز) فصل [ ]1يف 148
ِ
للكفرة ،وتقري ًعا ً
توبيخا ِ
احلساب ِ
موقف ِ
واألعامل يف ِ
العقائد (والس ُ
ؤال) عن ّ
َ
يعُّتفون بأفواههم وتشهدُ عليهم أطرافهم. للفس ِ
اق إذ ّ
﴾[الصافاتَ ﴿ ]17 :ف َو َر ِّب َك وه ْم إِ َّهنُم َّم ْس ُـُٔو ُل َ ِ ِ
ّ ون (حق) لقوله تعاىلَ ﴿ :وق ُف ُ ٌّ
ني ﴾ [احلجرَ ﴿ ،]92 :ف َلن َْس َئ َل َّن ا َّل ِذي َن ُأ ْر ِس َل إِ َل ْي ِه ْم َو َلن َْس َئ َل َّن املُْ ْر َسلِ َ
ني مج ِع َ
َلن َْس َأ َلن َُّه ْم َأ ْ َ
﴾[األعراف.]6 :
ِ
وقوله ون﴾[القصص،]78 : وهبِ ُم املُْ ْج ِر ُم َ
﴿وال ُي ْس َأ ُل َع ْن ُذ ُن ِ ِ
واملنفي بقوله تعاىلَ :
ُّ
ِ ٍِ
سبحان ُهَ ﴿ :ف َي ْو َمئذ َال ُي ْس َأ ُل َع ْن َذنْبِه إِن ٌْس َو َال َجان﴾[الرمحن ،]39 :سؤال استعال ٍم َّ
عام ُهم
عرفون بسيامهم. َ ِ
األجداٍ إذ ُي َ
حيَّشون من حني ما
أو َ
لقوله ِ
عليه السال ُم( :أنا ِ (واحلوض) الذي أكر َم اهللُ سبحان ُه ِبه رسول ُه ﷺٌّ ،
(حق) ُ
شب مل يظمأ أبدً ا)( .)149وقول ُه ﷺ( :حويضَ شب ،ومنَ عّل
مر َّ
احلوض من َّ ِ فرطكم عىل
ِ
املسك وكيزان ُه كنجو ِم أطيب من ِ
اللبن ورحي ُه أبيض من
مسي َة شهر وزوايا ُه سوا ٌء وماؤ ُه ُ
ُ
عليه السال ُم( :حويض أبعدُ من أيل َة من عدنالسامء من شب منها فال يظمأ أبدَ ًا) ،وقوله ِ ِ
ُ َ
ِ ِ
عدد النجو ِم) ،من العسل باللبن واآلني ُة ُ
أكثر من لج وأحىل من بياضا من ال َّث ِ
ً هلو أشدُّ
حاح.
الص ُ
تضمنها ِّ َ
أحاديث ّ
( )
149
رضب عليه السال ُم( :و ُيلقوله ِ
ِ (حق)
جهنمٌّ ، وب عىل مت ِْن (والَص ُ
ُ َ املرض ُ
اجلّس ّ
ُ اط) ّ
ٍ
يؤمئذ أحدٌ إال ِ
بأمته ،وال يتك ّل ُم سلالر ِ ُ الْصا ُط َ
جيوز من ُّ
فأكون ّأول من ُ بني ظهراين جهن ََّم
ِ
وكالُبق، ِ
العني، فيؤمئذ ال ّلهم س ِّلم س ِّلم ،فيمر املؤمنون كطر ٍِ الر ِ
سل الر َ
ْ ُّ ْ ْ َ سل ،وكال ُم ّ ّ
جهنم) ومكدوش يف ِ
نار ٍ مر َس ٌل ٌ فناج ُمس َّل ٌم ِ ِ وكالر ِ
َ وخمدوش ُ والركابٍّ ،
اخليل ّ وكأجاويد يح، ّ
البخاري ومسلم رمحهام اهلل.
ُ أخرجهام
القياس. ِ
الناس وأولو ّيت ُه وأخرو ّيت ُه ال جيري فيهام ِ
إدراكه أوها ُم يقْص عن
ُ ُ
ثم ِ ِ ِ وإمجاع األ ّم ِة َ الكتاب والسن َة ُ
ظهور هذه الفئةَّ ، قبل َ َ خيالف
ُ والقول بفنائهام
العذاب والت ّّأملِ ِبه ،ال يف كوهنا
ِ هو يف دوا ِم ِ
الشيخ ابن العريب وأتْباعه إنام َ ِ املنسوب إىل
ُ اخلالف
ُ
بالتأبيد إال الكو ُن ِ
فيه. ِ ُ
املكث املديدُ ،ومل يق ّيدْ ِ
اخللود ،قالوا :حقيقت ُه دار
ْ ُ
ذلك ُ
اتيان ُيلك ُ
ويدل عىل َ دائام إال أن ُه ُ ٌ ِ
اإلحياء املمكن يف حدِّ ِ َ
)قال حج ُة اإلسال ِم يف
هالك ً ذاته ُ ( 151
ِ
املجاز ِ
حضيض أيضا ترقى العارفون من ِ
األنوار ً ِ
مشكاة وقال يف ِ
االستمرار ( َ ِ
الدالة عىل ِ
االسمية ِ
اجلملة
دائام إال إن ُه يصيها ٌ كل ٍ وإن َّ ِ
الوجود إال اهللُ َّ ِ ِ
احلقيقة فرأوا ِ ِ
هالك ً يشء ليس يفبعني البصية إن ُه َ ذروة إىل
هالك أن ال وأبدً ا من ُه س َّلم ُه اهللُ تعاىل.
ٌ هو ِ
وقت من األوقات بل َ لكايف ُ
وقال ابن ِ
ذكرهَ ، وقت املحتاج ِ
إليه ومنها ُ ِ فمحمول عىل ِ
بيان ٌ ِ
الكبائر ( )( وما ورد يف ِ
الص ِ
حاح من عدِّ َ 152
( )أخرجه الطُباين يف «املعجم األوسط» ( .)5739وهذا َخاص بزمنه كَا ُنوا يعدّ ون من رجع إِ َىل ا ْلب ِ
اد َية َ َ َ َ 153
ٍ
حينئذ .التيسي بَّشح اجلامع اإل َقا َمة َل ُه لنْصته َب ْعدَ َما َهاجر إِ َىل ا ُْمل ْص َطفى كاملرتد ُ
لو ُجوب ْ ِ
الصغي(.)226/2
ِ ِ ِ ِ
َّصديق ،ومن
ُ هو الت
اإليامن) لبقاء حقيقة اإليامن الذي َ رج العبد املؤمن من (ال ُخت ُ
ذهب احلديث ،وخصوص اإلقرار كام ِ طائفة من ِ
أهل ٍ َ
اإليامن جز ًء من ُه ،كام روي عن َ
جعل
َ
ِ ِ
بعض أصحابنا ،فإنَّام جعلها أجزاء عرفي ًة ،فال يلز ُم من انتفائها انتفا ُء اإليامن ،ملا َ
شاع من إليه ُ
ِ
األمر والنّهي. وتوج ُه ِ
العطف والنَّفي ِ
إثباته مع
ّ
احل ِِ ِ ِ
وقالَ ﴿ :يا ات﴾[الكهفَ ،]137 : الص َ قال اهللُ تعاىل﴿ :إِ َّن ا َّلذ َ
ين آ َمنُوا َو َعم ُلوا َّ َ
وقالَ ﴿ :يا َأ ُّ َُيا ا َّل ِذي َن اص ِىف ا ْل َقت َْىل﴾ [البقرةَ ،]178 : ِ ِ ِ
َأ ُّ َُيا ا َّلذي َن آ َمنُوا ُكت َ
ب َع َل ْي ُك ُم ا ْلق َص ُ
ِ آ َمنُوا ُتو ُبوا إِ َىل اهللَِّ﴾[التّحريمَ ،]8 :
ني َيدَ ِي ا َِّ
هلل وقالَ ﴿ :يا َأ ُّ َُيا ا َّلذ َ
ين آ َمنُوا َال ُت َقدِّ ُموا َب ْ َ
َو َر ُسولِ ِه﴾[احلجرات.]1 :
ِ
الكافر ِ
وبالفاسق ِ
العمل، يقْص يف ُ ِ واجلوابَّ :
الكامل الذي مل ِّ ْ املؤمن أن املرا َد من ُ
قالَ ﴿ :أ َّما ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َو َع ِم ُلوا
حيث َ
ُ ِ
الالحق من ُه تعاىل، بدليل الت ِ
َّفسي ِ ِ
للحَّش؛ ِ
املنكر
ون (َ )19و َأ َّما ا َّل ِذي َن َف َس ُقوا َف َم ْأ َو ُاه ُم الن َُّار
َّات ا َْمل ْأ َوى ُن ُز ًال بِ َام كَا ُنوا َي ْع َم ُل َ احل ِ
ات َف َل ُه ْم َجن ُ ِ
الص َ
َّ
َّار ا َّل ِذي ُكنْ ُت ْم بِ ِهاب الن ِ ِ ِ ِ ِ
ُك َّل َام َأ َرا ُدوا َأ ْن َخي ُْر ُجوا من َْها ُأعيدُ وا ف َيها َوق َيل َهل ُ ْم ُذو ُقوا َع َذ َ
املذكور
ُ َ
وكذلك املرا ُد من املجرمني الكفر ُة؛ إذ املعهو ُد ون﴾[السجدة19 :ـ ،]23 ُتك َِّذ ُب َ
ساب ًقا ِ
مَّشكوا م ّك َة.
مات عىل
ثم َ قال النبي ﷺ( :ما من ٍ
عبد َ هلل عن ُه َ وعن أيب ٍ
قال :ال إل َه إال اهللُ َّ ُ ريض ا ُ
َ ذر
قلت :وإن زنى
رسقُ ، رسقَ ،
قال :وإن زنى وإن َ قلت :وإن زنى وإن َ ذلك إال َ
دخل اجلن َةُ ، َ
رسق عىل رسقَ ،
قال وإن زنى وإن َ قلت :وإن زنى وإن َ رسقَ ،
قال وإن زنى وإن َ
رسقُ ، وإن َ
رغ ِم ِ
أنف أيب ٍ
ذر).
ُ
رسول اهللِ ﷺ( :من شهدَ أن ال إل َه إال قالريض اهللُ عن ُه َ ِ
الصامت وعن عباد َة بن
َ
ِ
ورسوله وابن أ َمت ُه يك ل ُه ،وأن حممد ًا عبد ُه ورسول ُه ،وإن عيسى عبدُ اهللِ
اهللُ وحد ُه ال ش َ
حق ،أدخل ُه اهللُ اجلن َة عىل ما َ
كان والنار ٌ
ُ وروح من ُه ،وأن اجلن َة ٌ
حق ٌ مريم
َ وكلمت ُه ألقاها إىل
ٌ
تفصيل وتأكيدٌ ومسلم وغيمها ،وفيها
ٌ البخاري
ُ واألحاديث الثالث ُة أخرجها
ُ ِ
العمل)، من
للحك ِم.
يعلم أن ُه ال إل َه إال اهللُ
وهو ُمات َ ُ
رسول اهللِ ﷺ( :من َ ريض اهللُ عن ُه َ
قال َ َ
عثامن وعن
مسلم.
ٌ َ
دخل اجلن َة) أخرج ُه
َ
رسول قال ٌ
رجل :يا رسول اهللِ ﷺ( :ثنتان موجبتانَ ،
ُ ريض اهللُ عن ُه َ
قال وعن ٍ
جابر
َ
هلل شي ًئا ُ
يَّشك با ِ مات ال
النار ،ومن َ
دخل َ ُ
يَّشك باهللِ شي ًئا َ مات اهللِ ما املوجبتان؟ َ
قال :من َ
َ
دخل اجلن َة) ،أخرج ُه مسلم.
ِ
اآليات ِ
بظواهر ومتسكوا ِ سلف خال ًفا ِ
للخوارجَّ ، َ الكفر) ملا قد (وال تدخل ُه يف
حي ُك ْم بِ َام َأن َْز َل اهللَُّ َف ُأو َل ِئ َك ُه ُم
﴿و َم ْن َمل ْ َ ْ
ِ
نحو قوله تعاىلَ :
ِ
الواردة يف ُك ْف ِر العصاة تغلي ًظ ًا َ
ِ
ون﴾[النور،]55 : اس ُق َ ون﴾[املائدة﴿ ،]44 :ومن َك َفر بعدَ َذل ِ َك َف ُأو َل ِئ َك هم ا ْل َف ِ ا ْلكَافِ ُر َ
ُ ُ َ َ ْ َ َْ
ِ ِ ِ ِ
اب َع َىل َم ْن ك ََّذ َب نحو قوله تعاىلَ ﴿ :أ َّن ا ْل َع َذ َ َ ً
َتويال بالكافر العذاب وباختصاص
السو َء َع َىل ا ْلكَافِ ِري َن﴾[النحلَ ،]27 :
و﴿ال َي ْص َال َها وتَو َّىل﴾[طه﴿ ،]48 :إِ َّن ْ ِ
اخل ْز َي ا ْل َي ْو َم َو ُّ َ َ
إِ َّال ْاألَ ْش َقى ( )15ا َّل ِذي ك ََّذ َب َوت ََو َّىل ﴾[الليل15 :ـ .]16
َّ
ولعل املرا َد من املبدع للنّزاعِ،
ُ ِ
ظهور قبل ِ
الظواهر بإمجاعٍَ ، ُ
مُّتوك واجلواب :إهنا
احلْص
َ ومنكرا ل ُهّ ،
وإن ً ِ
للجنس واملرا ُد عمو ُم النَّفي ،أو مستهينًا َّصديق ،وأما
ُ احلك ِم الت
بالص ِ ِّّل اخللود واملالزم ُة عليها.
وأن املراد ِ
َ عذاب الدنياَّ ،
ُ حقيقي ،واملرا ُد
ٌ
ِ
ووجوب ِ
الصفات، ِ
التوحيد ،واملعدلة لقوهلم :بنفي أصحاب سموا أنفسهم
ُ وهم َّ
حدوٍ مذهبهم ،وقدُ كان َ
وهناك َ وعقاب العايص عىل اهللِ تعاىل عن َ
ذلك، ُ ِ
ثواب املطي ِع
ِ
اهلجرة ،ثم اخُّتعوا عقائدَ أواخر ِ
املئة األوىل من ِ َ
وذلك يف ِ
اجلهمية ِ
مذهب ُ
حدوٍ تال ُه
فوا دينهم وكانوا شي ًعا.
وحر ً
بد ًعا َّ
َ
الَّشك ّوبة بإمجا ِع األ ّم ِةَ ،
أطلق يرشك ِبه) أي أن يكفر ِبه ،إال بالت ِ
ُ َ َ يغفر أن
(واهللُ ال ُ
ِّف يف
نص املصن ُ َ ِ ِ
الغالب ،فإ َّن عام َة ِ وأريدَ ِبه
مَّشكون ،وقد َّ الكفرة الكفر بنا ًء عىل مطلق
ُ
ِ
الكتاب. وقع عىل ِ
أهل ِ ِ
(الكشاف)َّ : (الت ِ
اسم املَّشك قد َ أن َ والزخمَّشي يف
ُّ ّيسي)
خمتار
ُ وهوعقال؟ قالت األشعري ُة :نعمَ ، الكافر ً ِ جيوز مغفر ُة واختلفوا يف أ َّن ُه هل ُ
ِ
اجلناية ال الكفر غاي ُة العقاب ح ّق ُه فل ُه إسقاط ُه ،واحلنفي ُة :ال؛ َّ
ألن ِ
(الكشاف)؛ َّ
ألن صاحبِ
َ َ
ِ
حسن بني املُ ِ
احلكمة التَّفرق ُة َ ألن قضي َة ِ
الغرامة؛ َّ العفو ورفع ُ
حيتمل تمل اإلباح ُة ً
أصال ،فال َحي ُ
َ
ِ
وليس هذا َ ار﴾[ص،]28 : عليه قول ُه تعاىلَ ﴿ :أ ْم ن َْج َع ُل املُْت َِّق َ
ني كَا ْل ُف َّج ِ يدل ِ وامليسء عىل ما ُّ
ِ
وتسوية املوايل ُ
إمهال الظاملِ محة والكر ِم ال يقتيض وحمض الر ِ تفر َد ِبه املعتزل ُة كام ظ َّن
َّ ُ ُما َّ
اف َأن َي َم َّس َك َع َذ ٌ
اب ِّم َن عر ِبه قول ُه تعاىل﴿ :إِ ِّين َأ َخ ُ واملطيع والعايص عىل ما ُي ْش ُ ُ واملعادي
ٌ
إقناط عن فإن ِ
فيه مح ِن﴾[مريم ،]45 :وقول ُهَ ﴿ :ما َغ َّر َك بِ َر ِّب َك الكريم ﴾[اإلنفطارَّ ،]6 : الر ْ َٰ
َّ
ِ
العقاب. وقهار شديدُ عزيز ذو انتقا ٍم
هلل ٌ ّكال عىل َمر ِد الر ِ
محة والكر ِم ،وا ُ االت ِ
ٌ ّ ّ
ِ
اآلية، لطيف من اقتباس يشاء) (ملن ِ دون َ
ٌ ٌ ُ ذلك) مع التوبة وبدوهناْ ، (ويغفر ما َ
ُ
احلج ِة.
خرج عنها من َّ ُ
بحيث تستغني يف ثبوَتا عن ما َ
ِ
للمسألة وتقرير
ٌ
املقرونة بالت ِ
ّوبة ِ ِ
بالكبائر ِ
بالصغائر ،أو ِ
املغفرة ختصيص ِ
املعتزلة مذهب وملا َ
كان
ُ ُ
ص اهللََّ َو َر ُسو َل ُه ﴿و َم ْن َي ْع ِ ِ ِ ِ ِ
نحو قوله تعاىلَ : متسكًا بالعموميات الواردة يف مواعيد العصاة َ ُّ
ين ﴿وإِ َّن ا ْل ُف َّج َار َل ِفي َج ِحي ٍم (َ )14ي ْص َل ْو َهنَا َي ْو َم الدِّ ِ
َار َج َهن ََّم﴾[اجلن ،]23 :وقول ُه َ : َفإِ َّن َل ُه ن َ
ب َس ِّي َئ ًة َو َأ َحا َط ْت ني﴾[اإلنفطار14 :ـ ،]16وقول ُهَ ﴿ :ب َىل َم ْن ك ََس َ (َ )15و َما ُه ْم َعن َْها بِ َغ ِائبِ َ
َّار ُه ْم فِ َيها َخالِدُ و َن﴾[البقرة.]81 :
اب الن ِ ِ ِ ِ
بِه َخطي َئ ُت ُه َف ُأو َلئ َك َأ ْص َح ُ
(من ِ
ِّف رمح ُه اهللُ بالر ِّد عليهم بقولهَ : رص َح املصن ُ تقرير ل ُه وإغرا ٌء لغيه َّ
ٌ وأل ّن ُه
كيف للكبية التي مل تقُّتن بالت ِ
ّوبةَ ، ِ فإن كلم َة (ما) كـ (من) عا ّم ٌة متناول ٌة ِ
والكبائر) ّ الص ِ
غائر ّ
ِ
املثبت وإمجاع األ ّم ِة فيلز ُم التّساوي َ
بني بالكتاب والسن ِّة
ِ ِ
وغيه الَّش َك
تعم َّ ِ
ُ واملغفر ُة بالتوبة ُّ
ِ غي مق َّي ٍد ِ ِ ِ
باملشيئة واملنفي ،واآلي ُة سيقت لبيان التّفرقة بينهام ،ومغفر ُة الصغائر وقوعها َ
عندهم.
ِ
الصغية ومرتكب خلروج الت ِ
ّائب إمجا ًعا، ِ واجلواب عام متسكوا :إن العموم غي ٍ
مراد
ُ َ َ ُ ّ َّ
ِ
باالتفاق. ِ
الزائدة عليها ِ
احلسنة ِ
سابقة عىل ِ
والكبية ال
ِ
الوعيد ِ
بغاية رؤي ُة هي مغ َّيا ٌة ِ أن اآلي َة األوىل :ال ُّ
عىل َّ
ثم َ
تدل إال عىل االستحقاقَّ ،
﴿حتَّى إِ َذا َر َأ ْوا َما ُيوعَدُ َ
ون﴾[مريم.]75 : ِ
لقوله تعاىلَ :
والرابع ُة :فيمن تعدّ ى حدو َد اهللِ ِ ِ والثالث ُة :ال ُّ
تدل عىل دوا ِم عد ِم الغيبة يو َم القيامةّ ،
ِ
بالكفر. ُ
يكون إال َ
وذلك ال ِ
االستغراق، املضاف يفيدُ
َ اجلمع
َ مقر ِه أن تعاىل ك ّلها ملا ّ
تقر َر يف ّ
ّجاة بأن استولت ِ
عليه مسالك الن ِ
َ واخلامس ُة :فيمن أحاطت ِبه خطيئته وسدّ ت ِ
عليه ُ َ
ِ ِ
َ
ولذلك ذنوبه وشملت مجل َة أحواله حتّى َ
صار كاملحاط هبا ال خيلو عنها يش ٌء من أطوار ُه،
ِ
املديد واملُكث ِ
الثبات الكفر ،مع أن اخللو َد حقيق ٌة مستعمل ٌة يف ِ فّست اآلي ُة بتنزيلها عىل ّ
لغوا ،واستعامل ُه يف ما ال دوا َم ل ُه كقوهلم: ِ َ ِ
لكان تقييد ُه بالتّأبيد ً الطويل دا َم أو مل يد ْم ،وإال
لخأثايف :خوالدٌ ، ولذلك َ
قيل َ ُ
واألصل بنفيهام، ِ
املجاز ِ
باالشُّتاك أو وشجر خم ّلدٌ ، وقف خم ّلدٌ ،
ٌ
ّ ٌ
ِ
املكث ْ
فليحمل هاهنا عىل ِ
حاله ما دا َم ح َّي ًا خلد(،)154 ِ
اإلنسان عىل ِ
وللجزء الذي يبقى من
ِ
بشهادة ِ
والبقاء ّ
الالز ِم وأهل اجلن ِّة عىل ال ّث ِ
بات الدّ ائ ِم ِ ِ
الكفرة حق ِ
الطويل املنقطعِ ،ويف ِّ
ِ ِ ِ ِ بني األد ّل ِة
الوعد عموميات العصاة املسلمني يف وإبقاء والسنن ،وإمجا ِع األ ّم ِة مج ًعا َ
ِ ِ
اآليات
لقوله تعاىلَ ﴿ :ما ُي َبدَّ ُل ا ْل َق ْو ُل ِ ٌ
مستحيل واخللف ِ
فيه ُ املتظاهرة ،عىل أن ُه ال يدو ُم عذاهبم ِ
يد﴾[ق،]29 : فإن قوله﴿ :وما َأنَا بِ َظ َّال ٍم ِّل ْلعبِ ِ الوعد أ ْلصق ّ ِ َلدَ َّي﴾[ق ،]29 :ومحل ُه عىل
َ َ َ ُ
الوعيد فإن بعضهم ومنهم أبو عمرو بن ِ لف يف بخالف اخل ِ
ِ كالدّ ِ
ليل ملا قبل ُه ،وباإلمجا ِع
ُ
هلل عن ُه َّ
أن ريض ا ُ بمثل ما روي عن أنس بن مالك ِ متسكًا ِ
َ جوزو ُه َّالعالء البْصي املقرىء َّ
عمله عقا ًبا ِ منجز ل ُه ،ومن أوعد ُه عىل فهو ِ هلل ﷺ َ َ
ٌ هلل عىل عمله ثوا ًبا َ قال( :من وعد ُه ا ُ رسول ا ِ
ِ
باخليار). فهو
َ
ِ
الوعيد عىل سل ،قلنا :لع ّلهم محلوا ِ
آيات للر ِ تبديل لل َق ِ
ٌ فإن َ
وتكذيب ّ
ٌ ول هو
قيلَ :
ِ
املشيئة ِ
بشأن الكري ِم أن يبني وعيد ُه عىل اإلخبار املبني عىل الت ِ
ّقييد إذ ّ
الال ُئق ِ ّهديد أو ِ
إنشاء الت ِ
ّ
ِ
الوعد العصاة ،وإن كانت من ِ
آيات ِ ِ
بالنظر إىل ِ
املواعيد أن اآلي َة من
يْص ْح هبا ،مع َّ
وإن مل ّ
ِ
بالقياس إىل ِ
أهل الطاعات.
فالشفاع ُة قد
وإال َّ ِ
املعتزلة فيهمَّ ، خالف كر َّ
ألن بالذ ِ
خصهم ّ ِ (يف حق ِ
َ الكبائر) َّ أهل
ِ
كقوله(:)155 ِ
واطراد استعامهلا هلا ِ
املراتب لعمو ِم معناها ِ
ولرفعة الص ِ
غائر، ُ
تكون من َّ
( )البيت لـ احلطيئة جرول بن أوس يمدح طريف بن دفاع احلنفي كام يف كتاب (احلامسة البْصية) 155
ماله مل ِ
ضيفه *** إىل ِِ فذك فتى إن ِ
يأته تأته يف لصدر الدين البْصي ( .)183/1والبيت يف األصلً َ :
شفيع.
ُ
ِ
السلطان حممود أمي املؤمنني إىل ِ منشور ِ
ِ
هلل َ
اخلالفة :من حرضة القادر با ِ دار وكام يف
ٍ
حامد ِ
بشفاعة أيب وأمني امل َّل ِة
َ بناك يمني الدّ ِ
ولة يناك ُكور َة خراسان ،ول َّق َ
الغزنوي ،و ّل َ
اإلسفرايني.
اخلارجة عن الت ِ
ِّعداد، ِ ِ
اإلسناد، ِ
حيحة الص ِ
الكثية ال ّط ِ ِ ِ
رق ّ األخبار) (باملستفيض من
ُ
(يقال :يا حممد ًا ٍ
طويل: ٍ
حديث ريض اهللُ عن ُه يف ذلك ما أخرج ُه الشيخان عن ٍ
أنس ومن َ
َ
انطلق
ْ رب أ ّمتي أ ّمتيُ ،
فيقال: ُ
فأقول :يا ِّ واشفع تشفع،
ْ وسل َ
تعط سمع ْ َ
رأسك وقل ُت ُ ارفع
النار، ٍ
إيامن ف َأخرج ُه من ِ ٍ
خردل من مثقال ح ّب ِة
َ كان يف ِ
قلبه أدنى أدنى أدنى ف ُأ ْ
خرج من َ
ُ
فافعل). فانطلق
ُ
املؤمنون من ِ
النار فوالذي َ خلص هلل عن ُه( :إذا
ريض ا ُ ٍ
سعيد اخلدري ُ
وحديث أيب
َ َ
ِ
القيامة هلل يو َم
تبني لكم من املؤمنني ِ
احلق قد ّ َ ٍ
مناشدة يف ِ ِ
بأشد بيده ما من ٍ
أحد منكم نفيس ِ
ونُ ،
فيقال هلم: وحيج َ
ّ يصومون معنا ،ويص ّل َ
ون َ َ
يقولون :ربنا كانوا إلخواهنم الذي َن يف ِ
النار
ثم ُ ِ ِ
يقال: أخرجوا من عرفتم ،فتحر ُم صورهم عىل النّار ،فيخرجون خل ًقا ً
كثيا ،وفيه َّ
َ ٍ َ ٍ ارجعوا فمن وجدتم يف ِ
يقولون مثقال ذرة من خي فأخرجو ُه فيخرجون خل ًقا ً
كثيا ثم قلبه
الرامحني
أرحم ّ
ُ يبق إال َ
النبيون ومل َ وشفع
َ ُ
فيقول اهللُ شفعت املالئك ُة خيا
ربنا مل نذر فيها ً
خيا ق ُّط قد عادوا ً
محام) ،أخرج ُه ِ فيقبض قبض ًة من
فيخرج منها قو ًما مل يعملوا ً
ُ النار ُ
ِ
للمعتزلة يف أن َمال ِ
املتواترة املعنى وال َ ِ
األحاديث غي َ
ذلك من ِ ومسلم .إىل ِ البخاري
ُ ُ
ِ
الكبائر بعدَ التّوب َة. الص ِ
غائر أو ِ ِ ِ الش ِ حيملوها عىل ّ
بالعفو عن ّ الثواب أو بزيادة فاعة
بِ ِه﴾[األعراف ،]123 :ويف طه﴿ :ق َال آ َمنْ ُت ْم َل ُه﴾[طه.]71 :
ِ
كتاب (العاملِ واملتعل ِم)، هلل ،واملنصوص ِ
عليه يف املحفوظ عن أيب حنيف َة رمح ُه ا ُ
ُ ولكن
ُ
مجهور املح ّققني من أصحابنا كأيب جعفر ال ّطحاوي ،وأيب املنصور املاتريدي ،وأيب ِ وخمتار
ُ
هو َ ٍ
طائفة من خمالفيناَّ : حذ ُاق ِّوهو الذي أذع َن ل ُه ّ ٍ
اإليامن َ أن كل بكر الكالباذي وغيهمَ ،
َب ِيف ِ ِ ِ دليل ِ ِ
وشط إلجراء أحكام ُه ،لقوله تعاىلُ ﴿ :أو َٰلئ َك َكت َ ٌ عليه واإلقرار ٌ
ُ َّصديق فقط، الت
اإل َيام ِن﴾[النحل،]136 : ﴿و َق ْل ُب ُه ُم ْط َم ِئن بِ ْ ِ
اإل َيام َن﴾[املجادلة ،]22 :وقول ُهَ : وهبِ ُم ْ ِ
ُق ُل ِ
ٍ
ثالثة: ٍ
معان يطلق عىل
ُ ِ
اللغة ّصديق يف
َ لفّ :
أن الت املنطبق لكال ِم الس ِ
ُ َّحقيق
ثم الت ُ
ّ َّ
ُ
وبصادق وصف ُه ،وحقيقت ُه وصف املتك ّل ِم ،يتع ّل ُق ِبه
ُ هو
دق الذي َ الص ِ
ماهو املأخو ُذ من َّ
ِ
لق هبا القضية يتع ُ وصف
ُ هو املأخو ُذ ُما َ
هو ُب عن كال ٍم واقعي ،وما َ ُ
اإلذعان بأن ُه خم ٌ
ومطابق للواقعِ.
ٌ ٌ
صادق ويصدقها ،وحقيقت ُه أن تذع َن بأن معناها
دق وتنقاد ل ُه ،فإن ُه من الص ِ َ َ َ ِ
باختيارك إىل ّ القول القائل أو تنسب
َ هو أن
وباجلملةَ :
ِ
االعتبار، كونه مك َّل ًفا ِبه هبذا
باالختيار وصح ِة ِ
ّ ِ ِ
املأخذ ِ
رضورته النّسب ُة إىل باب الت ِ
ّفعيل ومن ِ
هو
تصديق النّبي ،وهذا َ
ُ ّصديق بام جا َء) ومل يقل:
ُ هو (الت
املؤلف رمح ُه اهللَُ :
ُ َ
قال
ِ
القلب ِ
الباطن وتسلي ِم ُّ
والذل وانقيا ُد وع ِ
ُب فيه اإلذعان ،أي اخلض ُ
ّصديق اإليامين الذي اعت َ ُ الت
وربطه ِبه ،ومن ُه قوهلم :ناق ٌة ِم ْذعان ،أي منقادة سلسة الرأس.
ِ
ِ
األشعرية(،)158 ِ
وغيه من وهو خمتار أيب املعايل اجلويني،
(واإليامن) عند أئمتنا احلنفية َ
ُ
القو ِة ِ
باعتبار ما يع ِرض ُه من ّ وتفاوت
َ بزيادة املؤ َم ِن ِبه،
ِ ِ
نفسه ،وإن زا َد ينقص) يف
(ال يزيدُ وال ُ
ِ
الكيفيات وهو من ِ ِ ِ والض ِ
ّبي َ اليقيني بام جا َء به الن ُ
ّ َّصديق
ُ مر من أن ُه التومراتب اإليقان ملا َّ عف ّ
العوارض األو ِ ِ
للكم.
ِّ لية ِ ّ هو من النّفسانية ،والزياد ُة والنقصان إنام َ
قال يف ِ
كتابه الشفاء، حيث َ
ذلك ُ ِ
املالكية عىل َ )ويلوح رضا ُء القايض عياض بن موسى اليحصبي من (
ُ 158
ِ
والنقصان وهل التجز ُء ِ
الزيادة فيهام ِ
واإليامن وأبواهبام ويف وهذا ُ
أنبذ يفيض إىل متس ِع الكال ِم يف اإلسال ِم
معرض ِ
فيه ٍ عليه من ٍ
عمل أوقدَ القول مجل ًة وإنام يرجع إىل ما زاد ِ
ُ التصديق ال يصح ِ
فيه ِ ُمتنع عىل ِ
َمرد
َ ُ ُّ ٌ
حالة وحضور قلب, معرفة ودوا ِم ٍ
ٍ ِ
وضوح وتباين حاالت ُه من قوة يقني وتصميم اعتقاد و ِ ِ
صفاته ِ
الختالف
انتهى من ُه س َّلم ُه اهلل
القو ُة ِ ِ ّشكيك ال جيري يف ّ
َ وقد ُح ِّق َق يف حم ّل ِهّ :
تصو ُر فيه ّ
الذاتيات ،فال ي ّ أن الت
ِ
األصل. غفل عن ذلك فقد وهم يف ِ
الفرعِ ،كام َ جوز َ
َ ّقص ،ومن َّ والزياد ُة والن ُ
عف ّوالض ُ
ّ
فرضا ً
ونفال جز ًء من ُ
األعامل ً ِ
العتباره ِ
ونقصه إما ِ
نفسه ِ
زيادته يف ذهب إىل ومن
َ
ِ
املعتزلة. ِ
اجلبار اهلمداين من ِ
اهلذيل العالف ،وعبد ِ
اخلوارج ،وأيب مذهب هو ِ
ُ حقيقته كام َ
ِ
البْصة ،أو االكتفا ُء بال ّظ ِن وأكثر معتزل ُة مذهب اجل ّبائيني، وهو
ُ ُ فرضا فقطَ ،
أو ً
ِ
األشعرية. مذهب هو ِ
ُ الغالب كام َ
إيامنكَ ،
قال :اتّبا ًعا إلبراهيم َ قال لقتادةَِ :
(مل َ تستثني يف كي أن أبا حنيف َة رمح ُه اهللُ َ وح َُ
قالّ :
فهال ﴿وا َّل ِذي َأ ْط َم ُع َأن َي ْغ ِف َر ِيل َخطِي َئتِي﴾[الشعراءَ ،]83 : ِ
عليه السال ُم يف قولهَ :
ِ
ٌ
حممول عىل السلف رمحهم اهللُ كابن مسعود َّ
والشافعي ِ ٍ
طائفة من ُ
واملنقول عن
ِ
احلال ،وألن رأى الشافعي رمح ُه اهللُ أن ِ
وإعجاب ِ
تزكية الن ِ
ّفس ب والت ِ
ُّبك والتُّبؤ عن التأ ّد ِ
ِ
باإليامن قي قد يسعدُ ) َّ ِ ِ (والسعيدُ قد َيشقى) العيا ُذ باهللِ
(والش ُ اإليامن، باالرتداد بعدَ ّ
اإل َيام ِن َف َقدْ َض َّل َس َوا َء
﴿و َمن َي َت َبدَّ ِل ا ْل ُك ْف َر بِ ْ ِ
قال اهللُ تعاىلَ :
الكفر والطغ ِ
يانَ ، ِ بعدَ
يكونُ َ
وذلك ال يل﴾[البقرةَٰ ﴿ ،]138 :ذل ِ َك بِ َأ َّهن ُ ْم َءا َمنُو ْا ُث َّم َك َف ُرو ْا﴾[النساء،]137 :
السبِ ِ
َّ
قاوة وهذا كالدّ ِ
ليل ملا قبل ُه. الش ِ وهو منش ُأ ّ ِ اإليامن وهو منش ُأ الس ِ ِ ِ
والكفر َ عادة، ّ بحصول إال
حصول الن ِ
ّجاة ِ ِ
للخامتة ،قلنا :نعم ،يف ِ
األشاعرة فإهنم قالوا :إنام العُب ُة خالف
ُ ِ
وفيه
ُ
يصدق َان ِم َن ا ْلكَافِ ِري َن﴾[البقرة]34 :
﴿وك َ إبليسَ :َ حق ِ
املامت ،وقول ُه تعاىل يف ِّ ِ
والفوز بعدَ
عليه الصال ُة والسال ُم( :السعيدُ من سعدَ يف ِ
بطن باعتبار ماله وأخر حاله ،وكذا قوله ِ ِ ِ
عليه
ُ ُ
بطن ِ
أمه). قي من شقى يف ِ ِ
أمه ّ
والش ُ
ّغري ِ
للحوادٍ َّ ِ
صفات اهللِ تعاىل ،وكون ُه ً ِ (و) ال يلز ُم من َ
ألن (الت َ حمال التغي عىل ذلك
ِ
اإلسعاد (دون
َ ِ
العبد، ِ
حادثتان يف قاوة) ال َّلتني مها حالتان والش ِ
ّ يكون عىل الس ِ
عادة ُ إنام
ّ
هلل
أن ا َتقر َر ّ ِ ِ ِ
تغري عىل اهللِ تعاىل وال عىل صفاته) ملا ّ واإلشقاء ومها من صفات اهللِ تعاىل ،وال ّ َ
قديم ،وال مغاير َة بينهام وال ِ
وأسامئه ِ
صفاته وأسامئه واحدٌ ،وبجمي ِعِ ِ
صفاته تعاىل بجمي ِع
ٌ
قبل وعاقب العايص َ ِ
إحسانه، وأثاب املحس َن َ
قبل ِ
وجوده، وهو ك ّل َّم موسى َ
قبل
َ َ تعدّ َد َ
(كنت نب ًيا وآد ُم
ُ عليه السال ُم: إليه قوله ِيلتفت ِ
ُ ِ
وكُبيائه ،عىل ما ِ
بجالله عصيانه ،قبل ّي ٌة ُ
تليق ِ
ُ
واجلسد) أخرج ُه أمحد والبخاري والُّتمذي والطُباين وغيهم( .)163وقول ُه: ِ الر ِ
وح بني ّ
َ
ِ
وغيه(.)161 البعث) أخرج ُه ابن الل ِ اخللق وآخرهم يف ِ ِ
الناس يف (كنت َّ
أول ُ
( )أخرجه البخاري يف «التاريخ الكبي» ( ،)374/7وابن سعد يف «الطبقات الكُبى» (،)8583 163
وية كام زعمتبممكن طرفاه عىل الس ِِ وال بممتَن ِع الوقو ِع كام زعمت الُبامهة ،وال
ّ ُ
يتضمن ُه من النّف ِع ّ ِ
والرض ِ
والَّش وما ِ
واخلي ِ
والقبح ِ
احلسن األشعري ُة ،ولكن ما يوجدُ ِ
فيه من
ّ
هلل ُ
امللك ِ
اخللق وتعاىل ا ُ وترجع إىل ِ
االستعداد، ِ
بموازنة ماهلم من ِ
العباد مصالح تعو ُد إىل ك ّل ِه
ُ ٌ
َّاس َأن ُت ُم َان َع َىل َر ِّب َك َحت ًْام َم ْق ِض ًيا﴾[مريمَ ،]71 :
وقالَ ﴿ :يا َأ ُّ َُيا الن ُ احلق َ
قال سبحان ُه﴿ :ك َ ُ
ِ ِ احل ِميدُ ﴾[فاطر ،]15 :وك ّل ّي ُة ِ ا ْل ُف َق َرا ُء إِ َىل ا َِّ
وجزئياته ُجعل ّية االستعداد ذات ّية، هلل َواهللَُّ ُه َو ا ْل َغن ُّي ْ َ
تقتضيه احلكم ُة اإلهلية والرمحة األزلية. ِ حسب ما َ
ِ
بمأخذها منسوج ،ومأخذ ُه َ
األفعال ِ
وتعليل ِ
والقبح ِ
احلسن ِ
بمسألة احلكم ثم هذا
ٌ ُ َّ
الَّش ليست ُما القبح وشار ُة ّ ِ ِ اخلي وقباح ُةِ وخيارة سن َ ذلك إن َحسانَة احلُ ِ ُ
وبيان َ ُمزوج،
ٌ
الكون بام هلاِ ِ
املمكنات يف عاملِ وقوع ِ
واألمر ،وإن ِ
اخللق حتت
ويدخل َ ُ ِ
اجلاعل يتع ّل ُق ِبه ُجعل
َ
أثر َ ِ ِ ِ اجلهات الفعل ّي ِة،ِ
يكون ُ البسيط اإلبداعي من ُه سبحان ُه عىل أن باجلعل واحليثيات من
يتصو ُر أن ِ
الوجود عن ُه ،والفعل ّي ُة وال انتزاع يصح بحيثُ ِ
احلقيقة نفس ِ ِ
ّ ُ ُّ الفعل ُ اجلعل وثمر ُة
العبث ِ تنزُيا ل ُه تعاىل عن ِ
املصلحة احلكمة بعيدً ا عن ِ جود يش ٌء ما خال ًيا عن يكون يف الو ِ َ
ً
َ
تكون جيب أن فهي بام هي َ ِ محل عند ُه ُ يض ُّ ِ فه ،ولكن ُ والس ِ
تلك ُ كامل اجلزئيات َ اجلملة ْ كامل ّ
جل ذكر ُه اخليات ،فاتِّصاف ُه َّ ِ ِ
وإفاضة ِ
الكامل ِ
إعطاء ات يف بالذ ِ ِ
املقصود ّ هي املنظور ،وال َ
ِ
وأمجل ِ
الوجوه وأمجلها ِ
أحسن واألسامء احلسنى يقتيض إجياد العاملِ عىل ِ ِ
َّمجيدية بالص ِ
فات الت ِّ
وإجياده مرتبط ًة ِ ِ
وخلقه ِ
وقدرته ِ
وإرادته ِ
بعمله الكائنات ك ّلها األنحاء وأكلمها ،ف ُيحدٍ ِ
ُ
ِ
الوجود. ِ
مراتب بالبعض إىل أقىص ِ بعضها
َ
العقل وإال فمردو ٌد؛ َّ
ألن العقل ِ
ففيه عن ُه غني ٌة َّ َ يوافق إن أتى بام الر ُ
سول ْ ال ُ
ُ يقالَّ :
نقول :هو ربام ال يتم ّك ُن من احلك ِم ِ
بطالنه ،ألنا ُ تكون ً
دليال عىل ُ حج ٌة اتّفاقي ٌة فمخالفته ِ
عليه ّ
ُ
العقل، ِ
معرفته عجز عن
َ ّقل إىل ما فيتوص ُل بالن ِ
ّ
ِ
باإلثبات أو النفي، ً
استقالال اليش ِء
عىل ّ
ِ
عليه ِ
إدراكه يؤ ّيد ُه ويفيدُ ُ
العقل يف ُّ
يستقل ِ
القيامة ،وفيام ِ
أحوال ِ
وتفاصيل ِ
الساعة كقيا ِم
ِّف رمح ُه اهللُ بقوله:
أشار املصن ُ ِ ِ ِ ِ ِ ُ
وقدر احلقوق ،وإليه َ األمور مراتب
َ الوقوف عىل الوثوق يف
(ومنذرين) األهنار، ٍ
وجنات جتري من حتتها ٍ
ورحيان وح ِ
لخأبرار َبر ٍ (مبرشين)
َ ُ ُ
نني للن ِ
َّاس ما (ومب ّي َ ُ
واألغالل ُ والس ُ
الل ّكال ِّ ِ
والعذاب األلي ِم واخلزي والن ُ للفج ِ
ار باجلحي ِم ّ
ِ
بأصول العلو ِم وقوانني وحتصيل املع ِ
رفة ِ ِ
العدالة ِ
إقامة مور الدُّ نيا) يف تاجون ِ
إليه من ُأ ِ َ َحي
ِ
العقائد ومراتب االستعدادات( ،والد ِ
ين) من ِ ِ
احلقوق قدر ِ
والوقوف عىل ِ ِ
الصناعات
ِ
استيفاء ما قدَ َر ِ
والعقوبات التي جعلت ذريع ًة إىل ِ
واملعامالت ِ
العبادات ِ
واملعارف وأنوا ِع
ِ
رجات. ظهور ما تباينوا ِ
فيه من املرات ِ
ب والدَّ ِ هلم من الكامالت ووصلة إىل
ِ
واملطالبة ادرة عنهم عندَ دعوى الن ِ
ُّبوة (باملعجزات) الص ِ
ِ الر ُ
سل
َّ (وأ َّيدهم) أي ُّ
يعجز من يتحدّ ى ِبه عن
ُ ُ
بحيث ِ
واملعارضة ِ
للعادة مقرون ٌة بالتَّحدي ٌ
خارق أمر
وهي ٌ
ِ
باحلجة َ
َّ
الصادر ُة ِ ِ ِ بمثله عىل ما أشار ِ ِ ِ ِ
األمور ّ
ُ للعادات) أي ّاقضات بقوله( :الن إليه َ واإلتيان معارضته
مر ًة بعدَ أخرى.
ّ
ُ
جُبيل، ِ
املالئكة ِ
بأفضل ريض اهللُ عنهام( :أال أخُبكم ٍ
عباس ِ
حديث ابن ويف
َ
ِ
األمة. إمجاع النبيني آدم) أخرجه الطُباين ،وعىل نبو ِ
ته ُ
وأفضل
ُ ّ ُ َ ُ
ذلك ِ
وتواتر َ وأظهر املعجز َة نبوت ُه فإ ّن ُه ا َّدعى النّبو َة ِ
َ (وآخرهم َممد عليه السال ُم) ،أما ّ
ُ
الواصل إىل ُ
القرآن ِ
الساعة احلالة وأبقاها إىل قيا ِم ِ ِ
معجزاته وأظهرها يف مجي ِع ُب
عن ُه ،وأك ُ
ِ
األسلوب اشتمل ِ
عليه من َ ِ
البالغة ،مع ما تبة القصوى منالفصاحة والر ِ
ِ الدّ ِ
رجة العليا من
ّ
ِ
واإلنباء عن ِ
املاضية، ِ
املغيبات ِ
اإلخبار عن تضمن ُه من ب ،وما الغريب والنّظ ِم العجي ِ
ِ
ّ
خضع هلا احلكام ُء ِ
األرسار الذي ِ
ودقائق ِ
غوامض احلك ِم، ِ
اآلتية ،وما حيتويه من اخلفيات
َ
أفحم ِبه من طولب َ ِ
واألبصار ،ولقد البارعونُ ،أو ُلو األيدي
َ َ
اسخون والعرفا ُء الر
ّ
ِ
لإلتيان اخلطباء ،فلم يتصدّ ِ العرب العربا ِء ،وأبكم ِبه من حتدى ِبه من مصاق ِع ِ ِ
بمعارضته من
ناهض من َ ٍ
سورة من ُه ِ
أقْص ِ
بمقدار يدانيه واحدٌ من فصحائهم ،ومل ينهض ِ ِ
يوازيه أو بام
ينبض ِ ِ ِ
رمال الدهناء ،ومل ْ وأوفر عد ًدا من ُ البطحاء، أكثر من حىص بلغائهم ،عىل أهنم كانوا َ
اش عىل الَّش َ واملضار ِة ،وإلقائهم ّ ّ باإلفراط يف املضا ّد ِة
ِ العصبية مع اشتهارهمِ عرق منهم ُ
كل ما يرمون ُه املناضلة عن أحساهبم اخلطط ،وركوهبم يف ِّ ِ واملعار ِة ولقائهم َ
دون ِ ()162
املعازة
َّ
َّ
جر َد هلم ٍ ٍ الشططْ ، ّ
بمآثر ،وقد َّ َ بمأثرة رمو ُه بمفاخر ،وإن رماهم َ بمفخرة أتو ُه إن أتاهم أحدٌ
ٌ
خمراق القاضب
َ يف
الس َ
يف وحده ،عىل أن ّ الس َ
آخرا ،فلم يعارضوا إال ّ والسيف ً
ُ احلج ُة ً
أوال ّ
البحر قد
َ احلج ِة إال لعلمهم َّ
أن ّ
ِ
معارضة احلج ُة حدّ ةً ،فام أعرضوا عن
ّ ِ
متض العب ،إن ملٌ
الكواكب ،وقد اجتمع ِ
فيه ِ نور ِ
الكواكب َّ
وأن ّ
َ مس قد أشقت فطمست َ الش َ فطم عىل زخر َّ َ
واألفعال السديد ُة ،وادعاء الن ِ
ّبوة ّ ُ ُ ّ واملحاسن اجلليل ُة
ُ ُ
واألخالق احلميد ُة األوصاف اجلميل ُة
ُ
ِ
كتاب هلم وال حكم َة معهم. أظه ِر قو ٍم ال َ بني ُ
املعجزة َ وإظهار
ُ
هلل ﴿ر ُس َ
ول ا َِّ ِ ِ ِ ِ ِ وأما كون ُه ِ
وإمجاع األمة لقوله تعاىلَ : ُ والسنة فبالكتاب األنبياء، آخر
(أنت مني َ ريض اهللُ عن ُه: ِ
قوله ﷺ لعّل ني﴾[األحزاب ]43 :وملِا تواتر من َو َخات ََم النَّبِ ِّي َ
َ
ِ شمول نبو ِ ِ
ُ
وكون رسالته ته وعمو ُم ُ ّ َ
وكذلك نبي بعدي)، هارون من موسى ،إال أن ُه ال ََ بمنزلة
ُب ِبه .أقر ُه وأخ َ
ِ
شيعت ُه ناسخ ًة لَّشائ ِع املرسلني من قبله والنّبيني غي ُه إال ما َّ
رواية( :مئ ُة ٍ
ألف وأربع ُة ٍ ِ
األحاديث) ففي ِ
بعض عدد ِهم يف
ِ (و َقد ُروي َب ُ
يان
ٍ
رواية: بان وصححه ،ويف البز ُار والطُباين وابن مردويه وابن ِح َ
وعَّشون أل ًفا) ،أخرج ُه َّ
وإثبات لخأولي ِة ِ
﴿من ُْه ْم َم ْن َق َص ْصنَا َع َل ْي َك ِ ِ
السابق تعليال للحك ِم
ً هلل تعاىل) (فقد َ
قال ا ُ
َّ
ِ ِ ص َع َل ْي َك﴾[غافر ،]78وإنام َ ِ
َ
يكون الحتامل أن االقتصار ْأوىل؛ كان عد ُم َومن ُْه ْم َم ْن َمل ْ َن ْق ُص ْ
ِ
نزول يكون املرا ُد َ
قبل َ ِ
وتفصيل أحواهلم ،وأن ِ
َّنصيص عىل أعالمهم، قصتهم بالت املنفي عد ُم ّ
ُّ
ً الر ِ
سل ك ّلهم ذلك ،واآلي ُة ُّ ِ
تفصيال أن معرف َة ّ
تدل عىل َّ َّْصيح بعددهم بعد َ
َ اآلية ،فال ينايف الت
ِ
شطه أن يؤم َن هبم مجي ًعا. ٍ
واحد منهم ،بل من لقص َّ
كل ِ
اإليامن ّ لصح ِة ٍ
وإال َّ ّ بَّشط ليس
َ
آمنت الصحيح أن َ
يقولُ : ُ اجلواب
ُ ُ
يكون يعرف ِبه؟
ْ فلو َ
قيل :أتؤم ُن بفالن النّبي ومل
ِ
الحتامل كال األمرين. ِ
اإلطالق إثبات ونفي ًا يصح عىل ِبه إن َ
كان نب ًيا ،وال ُّ
ِ
أكثر
املذكور َ
ُ كان العد ُد (وال ُي ْؤ َم ُن يف ذك ِْر العدد أن ُيدْ َخ َل فيهم َم ْن َ
ليس منهم) إن َ
ذكر عد ًدا َّ
أقل ٌ
داخل فيهم ومن مجلتهم ،إن َ هو)
خيرج منهم من َ ُ ِ
األمر( ،أو ِ
نفس هو يف
ُما َ
الزياد َة والنقصان. ُ
حيتمل ّ ِ
مدلوله ال خاص يف اسم من عددهم الواقعي ،بنا ًء عىل ّ
ٌ أن العد َد ٌ
ّبوة َّإال هذا ،ويف ّخصيص ،إذ ليس معنى الن ِ ِ
َ تعميم بعدَ الت ٌ غني عن اهلل تعاىل) ( ُمب ّل َ
ول َب ِّل ْغ َما ُأن ِْز َل إِ َل ْي َك ِم ْن َر ِّب َك َوإِ ْن َمل ْ َت ْف َع ْل َف َام َب َّل ْغ َت ِر َسا َل َت ُه﴾[املائدة: ّنزيلَ ﴿ :يا َأ ُّ َُيا َّ
الر ُس ُ الت ِ
.]67
هلل
قال ا ُأصول الَّشائعِ ،كام َ ِ ٍ
واحدة يف ٍ
طريقة فيه إشار ٌة إىل أهنم كانوا عىل (صادقني) ِ
ِ ِ ِ ِ ﴿ش َع َل ُك ْم ِم َن الدِّ ِ
يم وحا َوا َّلذي َأ ْو َح ْينَا إِ َل ْي َك َو َما َو َّص ْينَا بِه إِ ْب َراه َ
ين َما َو ََّّص بِه ُن ً ََ تعاىل:
شائع
َ يموا الدِّ ي َن َو َال َت َت َف َّر ُقوا فِ ِيه﴾[الشورى ،]13 :وإن كانوا عىل ِ
يسى َأ ْن َأق ُ
ِ
وسى َوع َ
َو ُم َ
ِ ِ ِ ِ
قال سبحان ُه﴿ :ل ُك ٍّل َج َع ْلنَا منْ ُك ْم ْ
ش َع ًة بحسب ما تقتضي ُه احلكم ُة ،كام َ شتَّى يف الفرو ِع
اجا﴾[املائدة.]48 : ِ
َومن َْه ً
والوقوع يف
ُ ِ
وارتكاب املعايص ِ
الكذب واخلطأ معصومني عن
َ لق) (ناصحني للخَ ِ
َ
َان ِ
لقوله تعاىلَ ﴿ :ما ك َ أيضا ِ
الكفر قبلها ً البعثة والقيا ِم بالن ِ
ّبوة ،وعن ِ وسهوا بعدَ املناهي عمدً ا
ً
ِ
األنبياء وما َ
كان من شأننا معاش صح لنا َّش َك بِاهللَِّ ِمن َ ٍ
َلنَا َأ ْن ُن ْ ِ
َ يشء﴾[يوسف ،]38 :أي ما َّ ْ ْ
ِ
للحشوية. أصال خال ًفا
ً
قبل ا ِ
لبعثة، ِ
الكبائر ثابت ٌة هلم َ أن العصم َة عن ِ
باملذهبَّ : األلصق
ُ األعذب ُ
والقول
ُ
﴿ال َين َُال َع ْه ِدي
قال اهللُ تعاىلَ : ُّدرةَ ، الصغائر عنهم عىل الن ِ ِ صدور
ُ جاز
َ وإن
ِ ِ قال البيضاويِ :
قبل ِ
الكبائر َ األنبياء عن عصمة دليل عىل(فيه ٌ ُ ني﴾[البقرةَ ،]124 :ال َّظامل ِ َ
جي َع ُل ِر َسا َل َت ُه ﴾[األنعام،]124 : ِ البعثة ،وربام يستأنس ِ
ِ
هلل َأ ْع َل ُم َح ْي ُث َ ْ
بقوله تعاىل ﴿ :ا َُّ عليه ُ
واقف عىل معاملِ الن ٍِ
ّبوة وأحكا ِم ﴿و َو َجدَ َك َض ًاال﴾[الضحى ]7 :معنا ُهَ :
غي وأما قول ُه تعاىلَ :
ِ القرآن ومجل ُة أحكا ِم ّ
ُ ِ
كقوله تعاىل: الَّش ِع الَّشيعة ،وأما طريقه السمعَِ ﴿ ،ف َهدى﴾ ّ
فعر َ
فك
َ
واجلهل الكفر
َ وليس املرا ُد ِبه
َ اإل َيام ُن﴾[الشورى،]52 : ِ
﴿ َما ُكن َْت تَدْ ِري َما ا ْلكت ُ
َاب َو َال ْ ِ
ِ
األرض ومغارهبا َ
مشارق جُبيل :ق َّلبت
ُ ريض اهللُ عنهاَ :
(قال يل ِ
حديث عائش َة ويف
َ
َ
أفضل من بني فلم أجدْ
األرض ومغارهبا ِْ َ
مشارق حمم ٍد ،وق َّل ُ
بت أفضل من َّ فلم أجدْ أحدً ا
هاش ٍم).
ِ
وبجملة السال ُم عىل اجلمي ِع ِبه ِ ِ ُ
الكتاب ،وفضل ُه عليه ّ بنص
ّفاضل بينهم ِّ ثبت الت
وإذا َ
بني األنبياء ،وال احلديث( :ال تفضلوا َ ِ ْ
فليحمل ما رو َد يف اإلطناب يوجب ذكرها َ
أحاديث
ُ ُ
ِ
اضلة يف يونس بن متَّى) ،عىل املف لعبد أن َ ختيوين عىل موسى ،وما ينبغي ٍ
خي من َ يقول :أنا ٌ ّ
ِ
تفضيل اهللِ ُ
ّفاضل يف ِ
األنبياء ،وإنام الت بني َ ِ ِ
تفاضل فيها َ معنى واحدٌ ال
ً ألهنام
والرسالة ّ النّبوة ّ
تبني شفهم وفضلهم عند ُه ِ
األحوال التي ِّ ُ حيدٍ هلم من ُ عز وجل من شاء منهم بعدها وما َّ
ب والتواضعِ ،أو عىل ِ
املنقصة أو عىل التأ ُّد ِ جتر إىل ِ ِ
هبا ،أو املفضية إىل اخلصومة ،أو التي ُّ
ِ
املعرفة. ِ
وروده َ
قبل
ثم بق ّي ُة أويل ِ ِ وأمجع األ ّم ُة عىل َّ
أن أفضلهم عىل اإلطالق حممدٌ عليه الصال ُة والسال ُمّ ،
إبراهيم أو موسى أو
َ ِ
األفضل بعد ُه يف أن ُه آد ُم أو نوح أو الر ِ
سل ،واختلفوا يف سائر ُّ
ثم ُ العز ِمَّ ،
عيسى عليهم السال ُم.
ِ
بأمره) ال كام يزعم ُه ِ
األوثان أهنم بناته ( ،العاملون (عبا ُد اهللِ) ال كام يزعم ُه عبدة
مبعدون عن َ الكفر فيعاقبهم اهللُ تعاىل ،بل هم
َ يرتكبون املعايص حتَّى َ اليهو ُد أهنم ربام
قال اهللُ تعاىلَ ﴿ :ب ْل ِع َبا ٌد ُمك َْر ُم َ
ون ِ
عبادته ساعةَ ، يفُّتون عن َ اعة الَمبولون عىل ال ّط ِ َ ِ
املعصية
﴿ال َي ْع ُص َ
ون اهللََّ َما ون﴾[األنبياء ،]26 :وقالَّ : (َ )26ال َي ْسبِ ُقو َن ُه بِا ْل َق ْو ِل َو ُه ْم بِ َأ ْم ِر ِه َي ْع َم ُل َ
ون ال َّل ْي َل َوالن ََّه َار َال
وقالُ ﴿ :ي َس ِّب ُح ََ ون﴾[التّحريم،]6 : َأ َم َر ُه ْم َو َي ْف َع ُل َ
ون َما ُي ْؤ َم ُر َ
ون﴾[األنبياء ،]23 :وأما قوهلمَ ﴿ :أ َ ْجت َع ُل فِ َيها َم ْن ُي ْف ِسدُ فِ َيها َو َي ْس ِف ُك الدِّ َما َء﴾[البقرة: ُّت َ َي ْف ُ ُ
ِ
والوقيعة فيهم ،بل ِ
الغيبة طعن يف بني آدم عىل ِ
وجه ٍ ٍ
باعُّتاض عىل اهللِ تعاىل وال فليس
َ َ ،]33
األرض وإصالحها َمن َشأن ُه املعصي ُة واإلفسا ُد فيها َ
دون من ِ ِ
بعامرة يستخلف ب من أن
َ تعج ٌ
ّ
ويزيح واستخبار عام يرشدُ إليها ٍ ِ
احلكمة ٍ
واستكشاف عن اإلصالح وال ّط ِ
اعة، ِ َمبول عىل ٌ هو
ُ َ
ِ
ِ
للعجب ﴿ون َْح ُن ُن َس ِّب ُح بِ َح ْمد َك َو ُن َقدِّ ُس َل َك﴾[البقرةَ ]33 :
ليس الشبه َة ،وقوهلمَ :
املعصومني ،وال ِ
املالئكة هو متو ّق ٌع منهم عىل ّفاخرِ ،والت ِ
َ رجحهم مع ما َ عام ّ استفسار ّ
ٌ بل
ِ
لقولهَ ﴿ :من ك َ
َان عَدُ ًوا كافرا ِ جيوز شتمهم وبغضهم وإ ِ
يصي ً
ُ األدب معهم ،ومن فعل ساءة ُ
َال﴾[البقرة.]98 : هللَِِّّ َو َم َال ِئكَتِ ِه َو ُر ُسلِ ِه َو ِج ْ ُِب َيل َو ِميك َ
إبليس ،وقد َ
مال اإلما ُم أبو َ املأمورون َّإال
َ وقول ُهَ ﴿ :ف َس َجدُ وا﴾[البقرة ،]34 :أي
هلل ُ
والشيخ حافظ الدين النسفي رمحهم ا ُ ٍ
بكر الكالباذي ،والقايض نارص الدين البيضاوي،
غلبت فيهم وأما هاروت وماروت ملكني،
َ وأن العصم َة ال تشملهم وإن
كان منهم َّ
تعاىل أن ُه َ
وصدور الكبي ُة عنهام.
ُ فلم يثبت منهام ما ُّ
يدل عىل كفرمها
َ
حقيقة اعلم َّ
أن ِ
اجلسمية، ِ
خواص ألهنام من
ْ يوصفون بذكورة وال أنوثة) َّ َ (وال
عليه أحدٌ من بعلمه ،ومل ي ّطلع ِِ ِ
احلنفية ُما استأثر ُه اهللُ ِ
البَّشية عند أئمتنا ِ
واألرواح ِ
املالئكة
ْ
وحجب عنّا ماه ّيت ُه ،بل ُّت علينا كيفيته، َ ِ
َ هلل عنّا علمه ،وس َ
عام زوى ا ُ نبحث َّ فليس لنا أن
خلقه َ
باإلمساك عن ِ
أمره ِ بني لنا،
وقف بنا ،وننتهي إىل احلدِّ الذي َّ َ َ ُ
حيث نقف
الواجب علينا أن َ
ُ
َ
ومتاثيل ٍ
صور خمتلفة ،ويظهرون يف ٍ ٍ
بأشكال وال ّط ِّي عىل َغ ِّره ،ولك َّن املالئك ُة بام يتشك َ
َّلون
َّشا َس ِو ًيا﴾[مريم.]17 : ٍ
قال سبحان ُه وتعاىلَ ﴿ :فت ََم َّث َل َهلَا َب َ ً
لطيفة كام َ
الَّش ُع
يادة عىل ما تعرف ّ الز ِ أمسك عن َّ ِ
صالبته هذا فمن َغ َلب ُه التَّث ُّب ُت ومىض عىل
ِ
خللقه والشفق ُة
هلل َّ ذلك احلدَّ ،و َمن أزعج ُه الغية يف ا ِ ِ
صفاته ،ومل يتعدَّ َ وأبرز ل ُه من
َ ِ
إثباته، من
ألخالق األ ّم ِة عن الوقو ِع فيام
ِ الُّت ُّد َد صونًا
فيه َّيتاملك نفسه إن رصح بالتَّجر ِد ،وأزاح ِ
َ ُّ َّ َ ُ ْ مل
فيه اإلما ُم أبو زيد الدّ بويس من احلنف َّي ِة ،واإلما ُم أبو وبالغ ِ
َ رص َح ِبه ِ
أهل البدعة ،وُمن َّ أحدث ُه ُ
ذلكيكون عليهم يف َ َ أعيان األئمة ِ،وأنا أرجو َّأالِ حامد الغزايل من األشعر َّي ِة وغيمها من ٍ
بأس.
ٌ
رسيان ِ
ِ ِ جسم ٍ ُ
املاء يف اجلسد سار يف ٌ وح بأن املالئك َة أجسا ٌم لطيفةّ ،
والر ُ القول َّ وأما
ِ
الفالسفةَّ ،إال أخذا من ِ
املعتزلة ً ِ
قدماء هو ٌ
قول أحدث ُه ابراهيم بن س َّيار النَّظام من ِ
الورد ،فإنام َ
للجواهر القدس َّي ِة،
ِ وأثبت اجلسم َّي ِة
َ مذهب الطبيعيني منهم، ِ مال إىلتقارص نظر ُه ََ أ ّن ُه ملا
ِِ
أنكر كلم ًة منها ُ
يكفر، (أنزَ َهلا عىل أنبيائهَ ّ ،
وبني فيها ْأم َر ُه وهن ْ َي ُه وو ْعدَ ُه ووعيدَ ُه) َم ْن َ
الشارع ِ
بالقرآنَّ ،إال ما حكا ُه املاضية واستنساخها وأحكامها نسخت ِ ِ
الكتب َّإال َّ
أن تالو َة
ُ
وأقره.
َّ
ِ
املشتمل عىل ِ
باإلرساء وهو الذي أنعم ُه اهللُ سبحان ُه ِ
لرسول( )165اهللِ) (واملعراج
َ ُ
ِ
وعجائب اجلُبوت. ِ
امللكوت ِ
غرائب ِ
ورؤيته ِ
السامء ِ
وعروجه إىل ِ
باألنبياء، ِ
اجتامعه
ِ
الكتاب بنص ِ
املسجد األقىص بالشا ِم ،فقد َ ِ
املسجد احلرا ِم إىل
ثبت ِّ فأ ّما إرساؤ ُه من
حجاب.
ٌ ليس دون ُه
كافرَ ، ِ
األخبار ،ومنكر ُه ٌ ومشهور
﴿س ْب َ
حان وقيل :قبلهاَ ،
البعثةَ ،ِ قبل اهلجر ِة بعدَ كان َ
ذلك َ أن َ واألشب َه َّ
هلل تعاىلُ :قال ا ُ
واألخبار يف
ُ احلرا ِم إِ َىل املَْ ْس ِج ِد ْاألَ ْق َىص﴾[اإلرساء،]1 : ِ ِ ِ ِِ ِ
ا َّلذي َأ ْرسى بِ َع ْبده َل ْي ًال م َن املَْ ْسجد ْ َ
ِ
واآلثار. ِ
احلديث الصحيحان وغيمها من ِ
كتب ِ َ
تضمنها ّذلك بطوهلا وتعدّ د طرقها قد َّ
ِ
البغل بدابة َ
دون ٍ (أتيت حاح: ٍ ِ ِ (إىل الس ِ
ُ الص ُ
تضمن ُه ِّ
املشهور ،ففي حديث َّ باخلُب امء) َّ
فانطلق
َ فحملت عليها،
ُ ِ
طرفه، يضع خطو ُه عندَ أقىص ُ
الُباق، أبيض ُ
يقال هلا: ِ
احلامرَ ، َ
وفوق
ُ
(فعرج ِبه إىل
َ هلل عن ُه:
ريض ا ُ
َ ذر ِ
فاستفتح) ،ويف رواية أيب ٍّ
َ السام َء الدنيا ُ
جُبيل حتّى أتى ّ يب
ِ
السامء).
البخاري
ُ فأخرج
َ فقيل :إىل اجلن ِّة ِ
األقوالَ ، ِ
اختالف شاء اهللُ من العىل) عىل
(ثم إىل ما َ
َّ
وقيل :إىل الس ِ
درة املسك)َ ، ُ ُ
جنابذ( )169اللؤلؤ وإذا أتْراهبا جل َة فإذا فيها
ّ ومسلم( :أدخلت ا ّ
ٌ
فيقبض منها ،وإليها ينتهي ما ِ
األرض يعرج ِبه من امء الس ِ
ادسة ،إليها ينتهي ما وهي يف الس ِ
ُ ُ ّ ّ َ
غي َ
ذلك. مسلمَ ،
وقيل َ ٌ فيقبض منها) أخرج ُه
ُ ُ
ُيبط من فوقها
ِ
اآلحاد ِ
بأخبار ِ
املشهور ،أو ِ
باخلُب بالكتاب ،وخصوصي ِ
اته ِ أصل ُه
ّ ثابت ْ
(حق) أي ٌ
ٌّ
سلف.
َ عىل ما قد
( )أخرجه ا ْبن إِ ْس َحق َوا ْبن جرير .ينظر :ختريج أحاديث كشاف الزخمَّشيّ ،
للزيلعي( ،)693والدّ ر 167
املنثور للسيوطي(.)227/5
( )أخرجه ا ْبن إِ ْس َحق َوا ْبن جرير .ينظر :الدّ ر املنثور للسيوطي(.)227/5 168
متتاز عن
فبذلك ُ َ يده خاليا عن دعوى الن ِ
ُّبوة للعادة عىل ِ
ِ ٍ
خارق ظهور ٍ
أمر وكرامت ُه
ً ُ
ِ بعض الفس ِ املعتُبة ِ
ِ ِ ِ
والكفرة مواف ًقا اق ِ َّ يصدر عن
ُ ِ
االستدراج الذي فيه عن وبالقيود املعجزة،
اإلهانة الص ِ
ادرة ِ أمر اهللِ وهم غافلون ،وعن لغرضهم تدرجيا هلم يف ّ ِ
ّ الضاللة حتى يأتيهم ُ ً َ
ِ
املعونة التي فصار أعمى ،وعن ألعور اب :أن ُه دعاالكذ ِ
بخالف رأُيم كام روى عن مسيلم َة َّ ِ
َ َ
ّب عىل الس ِ ِ واملح ِن، ِ تصدر عن عوا ِم
حرالذي يُّتت ُ وعن ِّ َ البالء ختليصا هلم من
ً املسلمني
َ ُ
َّعلم واملعارض ُة. ِ ِ
التعليم والت ُ
ُ والصناعة ،وجيري فيها األسباب
ِ
األشاعرة ،وأيب احلسني البْصي ،وأيب ومجهور والش ِ
يعة (حق) عندَ أئمتنا احلنف َّي ِة ِّ ٌّ
ُ
َ
سحاق اإلسفرايني من املعتزلة ،وأيب ِ
عبد اهللِ احلليمي ،وأيب إ ِ الزخمَّشي خال ًفا لعا َّم ِةالقاسم َّ
إثبات النب ِ
ِ ِ األشعر َّي ِة زعام منهم أهنا ُت ِ
وة. باب ب اال ْل َ
تباس باملعجزة فينسدُّ ُ وج ُ ً
ٍ ِ
ُب
ظهر الق ُ
هلل عن ُه َ
ريض ا ُ
َ أويس القرين باس عندَ احلاجة) كام روى أن ُه ملَّا َ
تويف (وال ّل ُ
ِ ِ نقل عن ِ امللحودة وما يكفن ِبه( ،واملّش عىل ِ
ِ
اهلواء) كثي من األولياء( ،وال ّط ُ
ريان يف املاء) كام َ ُ
الّس ْخيس( )173رمح ُه ا ُ
هلل وغيمها. هلل عن ُه ،ولقامن َّ َ
ريض ا ُ
َ طالب
َ جعفر بن أيب
َ كام َ
نقل عن
ريض ِ
الدرداء ِ
اجلامد) كام روي أن قصع ًة س َّبحت عندَ سلامن الفاريس وأيب (وكال ُم
َ
اهللُ عنهام وسمعا.
( )هو :أبو عّل لقامن بن عّل بن لقامن الّسخيس ،من عقالء املجانني .قال الشيخ :ذات ليلة كان 173
املريدون قد ناموا وأغلقوا باب اخلانقاه وباب الرباط .وجلست مع الشيخ أبى الفضل عىل الصفة ،ودار
احلديث يف املعرفة ،وعرضت مسألة مشكلة ،فرأيت لقامن الّسخسى وقد طار فوق اخلانقاه ،ثم جلس
أمامنا وأجاب عىل تلك املسألة بحيث اتضحت لنا ،وزال ذلك اإلشكال ،ثم قام وطار ثانية وخرج من
النافذة ،فقال الشيخ أبو الفضل :يا أبا سعيد ،هل ترى مكانة هذا الرجل يف هذه احلرضة؟ قلت :أجل.
قال :إنه ال يصلح قدوة .قلت :ملاذا؟ قال :ألنه ال علم له .األنساب( .)58/13نفحات اإلنس من
حرضات القدس( .)365أرسار التوحيد يف مقامات الشيخ أيب سعيد(ص.)44
ٍ
شاة منها فأخذها ،فأدركها الذئب عىل وقال ﷺ( :بينام ٌ
رجل يف غن ٍم ل ُه إذا عدا َ
ُ
راعي هلا غيي ،فقا َل
َ الذئبَ :فمن هلا يو َم ّ
السب ِع يو َم ال ُ صاحبها فاستنقذهاَ ،
فقال ل ُه
وعمر) ،وأخرجاه ،وكام روي:
َ ٍ
وأبوبكر فقال :أؤم ُن ِبه أنا
الذئب يتك ّل ُمَ ،
ُ َ
سبحان اهللِ الناس:
ِ
املدينة). ِ
كالب بعض ِ
الكهف معهم ،وكذا ُ ِ
أصحاب (تَك ّلم كلب
ِ
ببطاقة ِ
اجلالء مْص هم َ ِ ِ
كجريان ِ ِ
أهل َ النيل بعد أن َّ هنر البالء) (واندفاع املتوجه من
ريض اهللُ عنه.
َ عمر
َ
ِ
بأرض َ
اجليش ريض اهللُ عن ُه أخط َأ ِ
األعداء) كام روي( :أن سفينة (وكفاي ُة املهم من
َ
ِ ِ ِ
احلارٍ أنا موىل باألسدَ ،
فقال :يا أبا هو َ
اجليش فإذا َ يلتمس
ُ فانطلق هار ًبا
َ الرو ِم أو ُأ َ
رس ّ
إليه األسدُ يبصبِصه حتى قام إىل ِ
جنبه كلام فأقبل ِ
كان من أمري كيت وكيت َ رسول اهللِ ﷺ َ َ
َ َُ ْ ُ ُ
رجع)( ،)171وكام روي ثم َ جنبه حتى َ ِ ثم َ ِ
َ اجليش َّ بلغ أقبل يميش إىل أسمع صوتًا أهوى إليهَّ ،
ُ
ِ
اجليش ساري َة بن ِ
ألمي قال ِ
باملدينة حتى َ وهو ريض اهللُ عن ُه جيش ُه بنهاوندَ عمر ِ
َ َ من رؤية َ
فسمع ساري ُة كالمه.
َ حتذيرا ل ُه من العدو
ً اجلبل ِ
حصنَ :
()173
هلل وأنا مخيص ريض اهللُ عنهم ،وال يزيدُ عىل ثالث ُة ُل َق ٍم ويقول :يأيت ُ
أمر ا ِ َ جعفر
َ اهللِ بن
( )قصة األسد نقلها احلافظ ابن كثي يف «التاريخ» ( )147 :6عن املصنف ،وذكرها السيوطي يف 171
«اخلصائص الكُبى» )65 :2( ،عن ابن سعد ،وأيب يعىل ،والبزار ،وابن مندة ،واحلاكم وصححه،
النبوة( ،)46/6وأيب نعيم.
والبيهقي يف دالئل ّ
( )ختريج مشكل اآلثار(( ،)285/2دالئل النبوة .)439/6 172
الضامر البطن.
( ) يف األصل :محيض .واخلميص :اجلائع ّ 173
قال ِ
وجههَ ، اإل َو ُّز يصح ُن يف ِ
الفجر فاستقبل ُه ِ ِ
لصالة خرج هي ليل ٌة أو ليلتان ،وإن ُه
َ وإنام َ
فأصييب(.)174
َ وخرج
َ نوائح
ٌ الراوي :فجعلنا نطرده َّن عن ُهَ ،
فقال :دعوه ّن فإهنن ّ
ِ
األخية ِ
العشاء احلسن املؤ ّذ ِن ليل ًة يف
ِ وعن ٍ
يزيد بن الكميت َ
قال( :قرأ بنا عّل بن
ِ
نظرت إىل أيب
ُ ّاسوخرج الن ُ
َ الصال َة ﴿إِ َذا ُز ْل ِز َلت﴾[الزلزلة ]1 :وأبوحنيفة خلفهّ ،
فلام قىض ّ
تركت
ُ ُ
يشتغل قلب ُه ،فلام خرجت فقلت :أقو ُم ال
ُ جالس يتفك ُّر ويتن َّف ُس
ٌ وهو
هلل َ حنفي َة رمح ُه ا ُ
ِ
بلحيته يقول: قائم قد َ
أخذ القنديل ومل يكن ِ
فيه َّإال ٌ َ
وهو ٌالفجر ََ طلع
فجئت وقد َ ُ زيت قليل ْ
َ
عبدك من شا ،أجر النّعامن بمثقال ِِ بمثقال ّ ِ ٍ
ِ
ش ً ذرة ٍّ
ّ خيا ،و يا من جيزي ذرة خي ً يا من جيزي
يزهر ُ َ وء ،وأدخله يف س ِ ّار ،وما يقرب منها من الس ِ الن ِ
القنديل ُ رمحتك ،فأذنت ودخلت فإذا عة ُ ّ ُ
ِ
الغداة ،قالُ :أكتم عىل ما ِ
لصالة قلت :قد أ ّذنت َ
القنديل؟ ُ َ
تأخذ قائمَ ،
قال يل :تريدُ أن وهو ٌ َ
ِ
وضوء َّأو ِل ّ
وصىل معنا الغدا َة عىل أقمت الصالةَ، وجلس حتى وركع ركعتي الفجر رأيت،
ُ َ َ َ
ِ
الليل)(.)175
ِ
الكرامة من الويل الشتب َه بالنَّبي فينسدُّ ظهور كان شبه ُة املنكري َن :أن ُه لو َ
جاز وملا َ
ُ
ذلك معجز ًة للر ِ
سول ويكون َ ِ
بقوله( : ِ
اجلواب أشار إىل ِ ِ ِ
َّ ُ الرسول َ طريق الوصول إىل معرفة ّ
ُ
حيث نالت ِ
شأنه ُ ِ
ورفعة ِ
قدره يظهر جالل َة َرام ُة لواحد من ّأمتِ ِه) إذ ِبه الذي َظ ْ
ُ هرت هذه الك َ
( ) ينظر :فضائل أيب حنيفة البن أيب العوام( ،)47وفيات األعيان( ،)412/5وتاريخ 175
[اإلمامة]
مر َةعامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن ّ (أبو بكر) عبدَ اهللِ بن أيب قحاف َة بن ٍ
( )عّل بن عيسى بن ايب الفتح االربّل ،اثنى عَّشي ،أديب ،ناثر ،شاعر ،مؤرخ( .ت692 :هـ) .معجم 183
املؤلفني(.)163/7
ِ
واآلخرة)(.)181 ديق فال صدّ َق اهللَ قول ُه يف الدنيا
الص ُ ديق ،فمن مل ْ
يقل ّ الص ُ
ديق ن ْع َم ّ
الص ُ
ّ
هلل(.)182 وأخرجه الدارقطني عن عرو َة بن ِ
عبد ا ِ ُ
َ
أفضل من واملرسلني عىل ٍ
أحد ِ
األنبياء الشمس وال غربت بعدَ َ
وقال( :ما طلعت
َ ُ
أيب ٍ
بكر)( )184أخرج ُه ابن اجلوزي.
َ
أفضل ول ُه شفاع ُة خيا من ُه وال
خيلق اهللُ بعدي ً ٌ
رجل مل ْ (يطلع عليكم
ُ َ
وقال:
اخلطيب(.)185
ُ النبيني) أخرج ُه
َ
الُّتمذي.
ُ وقال( :ال ينبغي لقو ٍم فيهم أبو ٍ
بكر أن يؤ ّمهم غي ُه) أخرج ُه َ
ً
خليال ،ولكنّ ُه أخي وصاحبي) ذت أبا ٍ
بكر خليال ّ
الخت ُ ً كنت مت ً
ّخذا َ
وقال( :لو ُ
والُّتمذي.
ُ ومسلم
ٌ البخاري
ُ أخرج ُه
( )كشف الغمة املؤلف :ابن أيب الفتح اإلربّل اجلزء 2 :صفحة 363 :181
( )أخرجه أبو نعيم يف «حلية األولياء» ( ،)325/3وابن عساكر يف «تاريخ دمشق» ()238/33 184
رياح بن ِ
عبد اهللِ بن العزى بن ٍ
نفيل بن عبد ّ ِ
اخلطاب بن ٍ (عمر) بن ٍ
حفص (ثم) أبو
َ َّ
ريض اهللُ عن ُه ،يلتقي
َ كعب بن لؤي القريش العدوي (الفاروق) ٍ عدي بن
ّ قرط بن َرزاح بن
اختالف و ٍ
جوه ُف ِّصلت يف حم ّلها، ِ ِ ِ ب ِبه ِ
والباطل عىل احلق
بني ِّ
لتفرقته َ يف تاس ِع آبائه كعبُ ،ل ّق َ
عمر)( )189أخرج ُه ٍ عليه الصال ُة والسالم ِ قال النبي ِ َ
خي من َ رجل ٌ الشمس عىل
ُ فيه( :ما طلعت ُ ُ
واحلاكم.
ُ والطُباين
ُ والُّتمذي
ُ أمحد
ِ
األربعة. ِ
هؤالء َ
لكان عمر) ،أخرج ُه نبي َ
وقال( :لو َ
كان بعدي ٌ
( )إبن أيب احلديد املدائني املعتزيل ،أبو حامد عز الدين بن هبة اهلل بن حممد بن حممد (املتوفی 655هـ)، 188
شح هنج البالغة ،ج ،12ص ،3حتقيق حممد عبد الكريم النمري ،ناش :دار الكتب العلمية -بيوت
/لبنان ،الطبعة :األويل1418 ،هـ 1998 -م.
( )أخرجه الُّتمذي ( ،)3684وابن أيب عاصم يف «السنة» ( ،)1274والبزار (.)81 189
كان فيام قبلكم من األم ِم حمدّ َ
ثون ،فإن ُ
يك يف أمتي أحدٌ فإن ُه عمر) َ
وقال( :لقد َ
َّسائي وأبو حات ٍم(.)193
والُّتمذي والن ُ
ُ أخرج ُه أمحدُ والشيخان
ٍ
واحدة فيقتلها فينَّشها ٍ
نفس (إن من ِ
فتنته أن يتس َّل َط عىل ثم َ
قالَّ : وذكر الدَّ ُ
جال َّ َ
يزعم َّ
أن ل ُه يقول :انظروا إىل عبدي هذا فإين ابعث ُه َ ِ
باملنشار حتى يلقى ش ّقني ثم ُ
ْ اآلن ،ثم مل ّ
وأنت
َ هلل
عدو ا ِ
نت ُّ
هلل وأ َ
يب ا ُ ُ
فيقول :ر َ ُ
اخلبيثَ :من ر ُّب َك؟ ُ
فيقول ل ُه هلل
ر ًبا غيي ،فيبعث ُه ا ُ
أرفع أمتي درج ًة يف
جل ُ الر ُ ثم َ
قالَ :
ذلك ّ بك من اليو ِمَّ ،
كنت أشدَّ بصي ًة َ
هلل ما ُ الدَّ ُ
جال ،وا ُ
ِ ٍ ِ
اخلطاب)( ،)191أخرج ُه ابن الرجل َّإال َ
عمر بن َ هلل ما كنا نرى َ
ذلك سعيد :وا ِ اجلنةَ ،
قال أبو
ماجه.
ليس
خي من عالنيت ُه ،وأن َ ريض اهللُ عن ُه( :اللهم علمي ِبه ّ
أن رسيرت ُه ٌ َ َ
عثامن وعن
فينا مثل ُه) أخرج ُه ابن مردويه.
ِ
عمله) أجرجه أحب إ َّيل أن ألقى بمث ِل هلل عن ُه( :ما خ ّلفت أحد ًا
ريض ا ُ عّل
َّ َ وعن ٍّ
أمحد.
الُّتمذي
ُ ثم عمر) أخرج ُه ثم أبو ٍ
بكر َّ األرضَّ ،
ُ تنشق عن ُه
ُ وقال( :أنا َّأو ُل من
َ
واحلاكم.
ُ
( )
193
( )
191
والُّتمذي وابن ماجه
ُ وقال( :اقتدوا بالذين بعدي أيب ٍ
بكر وعمر) أخرج ُه أمحد
واحلاكم.
ُ
الُّتمذي.
ُ نبعث) أخرج ُه آخذ بأيدُيام َ
فقال هكذا ُ وهو ٌ َ
و(دخل املسجدَ َ
واخلطيب.
ُ الُّتمذي وأبو يعىل املوصّل
ُ والبْص) أخرج ُه
ُ السمع
ُ َ
وقال( :هذان
واحلاكم.
ُ الُّتمذي
ُ وعمر) أخرج ُه
َ األرض أبو ٍ
بكر ِ (وزيراي من ِ
أهل َ َ
وقال :
إليك؟ َ
قال: أحب َُّ ِ
الناس (أي َ
لرسول اهللِ ﷺُّ : وعن عمرو بن العاص أن ُه َ
قال
عمر) أخرج ُه الشيخان. ثم َمن؟ َ
قال ُ قلتَّ : فقلت من الرجال؟ َ
قال :أبوهاُ ، ُ عائش ُة
ٍ
مناف شمس بن ِ
عبد ٍ (ثم) أبو عبد اهللِ (عثامن) بن عفان بن أيب العاص بن أم ّي َة عبدَ َّ
ب ِبه ٍ
خامس آبائه عبدَ مناف بن ق ُ ،ل ّق َ
ِ ِ هلل عن ُه ،يلتقي يف
ريض ا ُ
َ القريش( ،ذو النورين) ُ
فلام توفيت َ ِ ِ
قال تزوج أحدٌ سوا ُه ابنتي نبيّ ، َ ابنتيه ﷺ ،ويقال :ما لتزوجه رق ّي َة َّ
ثم أ ُم كلثو ٍم
ٍ
رواية( :لو َّ لزو َ ِ
زوجت ُ أربعني بنتًا
َ أن يل جناك) ،وقال يف النبي عليه السال ُم( :ولو أن لنا ثالث ًة ّ ُ
َ
عثامن واحد ًة بعدَ أخرى) ،أخرج ُه ابن مردويه.
ِ
اآلخرة) أخرج ُه أبو يعىل. ُ
(عثامن ويل يف الدنيا ،وويل يف َ
وقال:
عساكر.
َ تستحي من ُه املالئك ُة) أخرج ُه ابن
ُ ُ
(عثامن حيي َ
وقال:
تستحيي من ُه املالئك ُة) أخرج ُه أمحدُ ومسلم وأبو
ُ ٍ
رجل وقالَّ :
(أال أستحيي من َ
حات ٍم.
قال ِ
املذاهب وأعوهلا ،وُمن َ وأصح
ِّ ِ
األقوال وأثبتها أكثر ِ
الذكور إسال ًما يف ِ وهو َّأو ُل
َ
ِ
املطلب ،وابن عبد اهللِ ،وسلامن الفاريس ،وأبو الناس كلهم إسالما عباس بن ِ
عبد ِ إن ُه َّأو ُل
ُ ً
معد يكرب الكندي ،وقيس وعفيف بن ِ أرقم ،وأنس بن مالك،
ٌ أيوب األنصاري ،وزيدٌ بن َ
بن مسلم.
ِ
َ
وذلك أن ُه سبع سنني،
عّل َ هلل ﷺ فيه( :لقد ص ّل َّت املالئك ُة َّ
عّل ،وعىل ٍّ ُ
رسول ا ِ َ
وقال
ٍ
جرير الطُبي. يصل معي ٌ
رجل غي ُه) ،روا ُه حممدٌ بن مل ِّ
ِ
البخاري
ُ هارون من موسىَّ ،إال أن ُه ال َ
نبي بعدي) ،أخرج ُه َ بمنزلة (أنت منّي َ
وقالَ :
والُّتمذي وابن ماجه.
ُ ومسلم
ٌ
والُّتمذي
ُ (عّل منّي وأنا من عّل ،وال يؤ ّدي عنّي إال عّل) ،أخرج ُه أمحد
ّ َ
وقال:
َّسائي وابن ماجه.
والن ٌ
ُّتمذي. َ
وغيك) أخرج ُه ال ِ
املسجد غيي جينب يف هذا ٍ وقال( :ال ُّ
َ
ُ حيل ألحد ُ
واحلاكم.
ُ سب عل ًيا فقد س ّبني) ،أخرج ُه أمحد َ
وقال( :من َّ
َ
وقال( :من آذى عل ًيا فقد آذاين) ،أخرج ُه أمحد.
واحلاكم.
ُ الطُباين
ُ ّظر إىل عّل عبادة) ،أخرج ُه َ
وقال( :الن ُ
واخلطيب. ِ
بمنزلة رأيس من بدين) ،أخرج ُه الديلمي َ
وقال( :عّل مني
ُ
ٍ
حساب بعدي) ،أخرج ُه عّل بن باب اجلن ِّة فتدخلها ِ
بغي وقال( :إن ََّك َّأو ُل َمن ُ
يقرع َ َ
ِ
مسنده. الرضا يف
موسى ّ
َ
وقال( :عّل حطة باب) ،أخرج ُه الدارقطني.
بأربعة عَّش ِ
ألف عا ٍم) ِ خيلق آد َم بني يدي اهللِ َ
قبل أن َ نورا َ َ
َ وعّل ً
ٍّ (كنت أنا
ُ وقال:
أخرج ُه أمحد.
صاحب
ُ ابق إىل عيسى
والس ُ
يوشع بن نونّ ،
ُ ابق إىل موسى (الس ُبق ثالث ٌة ّ
فالس ُ وقالّ :َ
الطُباين وابن مردويه.
ُ طالب) ،أخرج ُه
َ حمم ٍد عّل بن أيب
والسابق إىل ّ
ُ ياسني،
َ
فرعون، مؤمن ِ
آل ُ ّجار مؤم ُن ِ
آل ياسني ،وحزقيل حبيب الن ِ
ُ يقون ثالث ٌة
(الصدّ َ َ
وقالّ :
ِ
النجار. عساكر وابن
َ وهو أفضلهم) ،أخرج ُه أبو نعي ِم وابن
طالب َ
َ وعّل بن أيب
ِ
اخللق، ٍ
ألحد من هلل ﷺ ،ومل تكن ِ
رسول ا ِ ريض اهللُ عن ُه( :كانت يل منزل ٌة من وعن ُه
َ
الُّتمذي والنَّسائي.
ُ إذا سئلت أعطاين وإذا سكت ابتدأ يب) ،أخرج ُه
واحلاكم.
ُ َّسائي
كنت ولي ُه فعّل ولي ُه) ،أخرج ُه أمحد والن ُ َ
وقال( :من ُ
ِ
نفسه؟ ٍ
مؤمن من بكلتعلمون أين أوىل ِّ
َ ِ
حجة الوداعِ( :ألستم ِ
مرجعه من َ
وقال يف
ِ
وعاد من عاداه)، كنت موال ُه فعّل موال ُه ،اللهم ِ
وال من واال ُه اللهمَ ،
قالَ :من ُ قالوا :بىل
َّ َّ
ٍ
صحيح. ٍ
بإسناد واحلاكم َّسائي وابن ماجه
ُ والُّتمذي والن ُ
ُ أخرج ُه أمحد
ذلكَ ،
فقال :هني ًئا بابن أيب طالب ،أصبحت عمر بعدَ َ ِ
ويف حديث الُباء( :فلقي ُه ُ
ٍ
مؤمن ومؤمنة) ،أخرج ُه أمحدُ وأبويعىل. اليو َم وأمسيت موىل ِّ
كل
َ
عليك يا السال ُم ِ ٌ ِ
بالرحبة ،فقالواَّ :
عّل ّ
رهط إىل ٍّ احلارٍ( :جا َء وعن رباح بن
هلل ﷺ يقول :يوم ٍ
غد َ
رسول ا ِ عرب؟ قالوا :سمعنا ُ
أكون موالكم وأنتم كيف
قالَ :موالنا؟ َ
َ ٌ
نفر ِ كنت موال ُه فعّل موال ُهَ ،
فسألت َمن هؤالء؟ قالواٌ :ُ قال :فلام مضوا اتبعتهم ُيرحم من ُ
ريض اهللُ عنهم) ،أخرج ُه أمحد. ِ
األنصار فيهم أبو أيوب من
َ
ِ ِ ِ
شف هذه األمة َّإال بوالية ٍّ
عّل بن أيب ُ يتم
الناس اعلموا أن ُه ال ُّ
ُ وعن عمر( :أُيا
طالب) ،أخرج ُه الدارقطني.
َ
ِ
القضاء بينهام ،فقىض َ
فقال أحدمها: وعن ُه( :أن ُه جا َءه أعرابيان خيتصامن ف َأ ِذ َن لعّل يف
َ
وحيك ما تدري َمن هذا؟ هذا موالي وقال: ِ
بتالبيبهَ ، َ
وأخذ عمر ِ
فوثب عليه ُ َ هذا يقيض بيننا
ٍ
بمؤمن) ،أخرج ُه الدارقطني. فليس ٍ
مؤمن ،ومن ال يكن هذا موال ُه َ وموىل ِّ
كل
ِ
الطي فجاء ُه إليك ُ
يأكل معي يف هذا خلقك َ
َ بأحب السال ُم( :اللهم ائتني ِ َ
ِّ وقال عليه َّ
واحلاكم.
ُ الُّتمذي
ُ عّل َ
فأكل مع ُه) ،أخرج ُه
والُّتمذي وأبو ِ
القيامة) ،أخرج ُه أمحد كان معي يف درجتي يوم وقالَ ( :من َأ َح َّبه َ
َ
ُ
(مات متّب ًعا لسنتي).
َ ِ
رواية أيب داو َد: يعىل ،وزا َد يف
ِ
موته) ،أخرج ُه أمحد. ِ
حياته وبعدَ أحب عل ًيا يف َ
وقالَّ :
السعيدُ من َّ
حق َّ
السعيدَ ّ
(إن َّ
طالب،
َ بحب ذي قرابتي أخي ابن عمي عّل بن أيب
ِّ الناس أوصيكم
ُ َ
وقال( :أُيا
منافق من أحب ُه فقد أحبني ،و َمن أبغض ُه فقد أبغضني)،
ٌ ٍ
مؤمن وال يبغض ُه َّإال فإن ُه ال حيب ُه َّإال
أخرج ُه أمحد.
مذي.
والُّت ُ
منافق وال يبغض ُه مؤم ٌن) ،أخرج ُه أمحدُ ّ وقا َل( :ال ُّ
حيب عل ًيا ٌ
الناس ِ
ِ
إليه معنى ما روي عن عائش َة أهنا سألتَ ( :من ُّ
أحب ً صح عن النبي ﷺ
وقد َّ
الُّتمذي جال؟ قالت :زوجها) ،أخرج ُه فقيلِ :من الر ِ
السال ُم؟ فقالت :فاطم ُةَ ، ِ
ُ ّ عليه َّ
وحسنه.
َّ
وذلك قول ُه تعاىلُ ﴿:ق ْل ال َأ ْس َأ ُل ُك ْم َع َل ْي ِه َأ ْج ًرا إِال املَْ َو َّد َة ِيف ا ْل ُق ْر َبى﴾[الشورى.]23 :
َ
َ
أصحابك ،ومل تؤاخِ بيني بني
آخيت ََ ُ
ويقول: تدمع عينا ُه،
ُ حني جاء ُه عّل
وقال َ -َ
الُّتمذي وغيه. ِ
واآلخرة) ،أخرج ُه (أنت أخي يف الدنيا
أحدَ :-وبني ٍ
َ
ُ
أخا، َ
وترك عل ًيا حتى بقي آخرهم( )192ال َيرى ل ُه ً ِ
الناس بني ٍ
رواية ألمحد( :أخي َ ويف
أنت َ
تركتك لنفيس َ َ
تركتك، الناس وتركتني؟ َ
فقال :أو مل تراين ِ بني
آخيت َ
َ هلل َ
رسول ا ِ َ
فقال :يا
كذاب). ِ
رسوله ،ال يدَّ عيها بعدُ َّإال ّ َ
ذكرك أحدٌ ْ
فقل :أنا عبدُ اهلل وأخو َ
أخوك ،فإن أخي وأنا
هلل ِ
رسول ا ِ عّل أخو ُ ِ
اجلنة :ال إل َه َّإال اهللُ حممدٌ (مكتوب عىل ِ َ
رسول اهللِ ّ باب ٌ وقال:
سنة) ،أخرج ُه أمحد. السموات بألفي ٍ
ِ خيلق َ
قبل أن َ
ِ
حلمه، ابراهيم يف ِ
علمه ،وإىل نوح يف تقوا ُه ،وإىل ينظر إىل آد َم يف َ
َ وقالَ ( :من أرا َد أن َ
فلينظر ِ
عبادته بطشه ،وإىل عيسى يف ِ َ
عمران يف زهده ،وإىل موسى بن ِ وإىل حييى بن زكريا يف
ْ
ِ
ابواخلي القزويني. أخرج طالب)، عّل بن أيب
ُ َ إىل ٍّ
ونجد ًة
وبأسا ْ
وعلام ً
ً حكام (كان عّل قد م َ
خأ جوف ُه ً َ هلل عنهام:
ريض ا ُ
َ عباس
َ وعن ابن
ِ
رسول اهللِ ﷺ) ،أخرج ُه أمحد. ِ
قرابته من مع
ِ
اخلالئق لوسعهم بني الس ِ
وابق ما لو أن سابق ًة منها َ لعّل من َّ َ
(كان ٍّ وعن أيب الطفيل:
خيا).
ً
ِ
الناس منزل ًة ،وأقرهبم قراب ًة ،وأفضلهم ينظر إىل أعظ ِم
رس ُه أن َ
وعن أيب بكرَ ( :من َّ
ِ
الدارقطني.
فلينظر إىل هذا الطالعِ) ،أخرج ُه َ
ْ رسول اهللِ ﷺ سعاي ًة ،وأكثرهم ً
غنى من
عّل؟ ٍ ِ َ َ عبد ِ وعن ِ
أعلم من ٍّ
أصحاب حممد ﷺ ُ (أكان يف قلت لعطاء:
سليامن ُ امللك بن
َ
قال :ال واهلل).
َ
(كان عّل) ،وعنه:
غي ٍّ ِ
الناس يقول( :سلوين َ املسيب( :ما َ
كان أحدٌ من وعن ِ
ابن َّ
ليس هلا أبواحلسن) ،أخرج ُه أمحدَ . ٍ
هلل
عمر( :ال أبقاين ا ُ
وقال ل ُه ُ يتعو ُذ من معضلة َ
عمر َّ
ُ
ِ
احلسن) ،أخرج ُه احلاكم .ويف رواية( :ال قدَّ َس اهللُ أ ّم ًة َ
لست فيهم يا ٍ
بأرض لست هبا يا أبا
أبا احلسن).
املؤمنني
َ أمي أعلمَ ،
فقال :يا َ فهو ُ فقال ْ
سل عنها عل ًيا َ سأل معاوي َة َ
رجال َ
(أن ً
ورويَّ :
هلل ﷺ ُ
رسول ا ِ رجال َ
كان كرهت ً َ عّلَ ،
قال :بئسام قلت لقد ِ
جواب ٍّ أحب إ َّيل من َ
جوابك فيها ُّ
ِ
َ
وكان هارون من موسى َّإال أن ُه ال َ
نبي بعدي، َ منزلة أنت مني ب
قال لهَ :عز ًا ولقد َ
يعز ُه بالعل ِم ّ
ُّ
بكر الكالباذي. شكل ِ
عليه يش ٌء أخذ عنه) ،أخرج ُه أمحد وأبو ٍ عمر إذا ُأ َُ
ِ
الناس، ِ
وأجبن َّاس، ِ
أكذب الن ِ جئتك من ِ
عند َ رجل َ
فقال ل ُه: ٌ وعنه( :أن ُه جاء ُه
كيف َ
وحيك َ ثم َخال ِبه َ
وقال: هلل عن ُه ،فأعطا ُه معاوي َة وأكثر َّ
ريض ا ُ
َ ِ
الناس يعني عل ًيا ِ
وأبخل
ديق
الص ُ
وهو ِّ
هلل َ وأو ُل من َ
آمن با ِ َ
رسول اهللِ َّ وهو َّأو ُل َمن صدَّ َق
قلت :أكذب الناسَ ،
َ
وكيف
َ أشجع من ُه،
ُ العرب أن ُه ليس فيها
ُ ِ
الناس ،وقد علمت قلت :أجب ُن
وكيف َ
َ األكُب،
الرجل :فعال َم تقاتل ُه؟ َ
فقال :أن ُ قط صفرا َء وال بيضا َءَ ،
فقال ل ُه مجع ُّ ِ
الناس ،وما َ قلتُ :
أبخل َ
ِ
األرض) ذكر ُه الكالبادي. جتوز طين َة هذا اخلات ِم يف
َ
ٍ
رضس قاط ٍع يف العل ِم شئت من
َ لعّل ما َ
(كان ٍّ َ
عياش بن ربيعة: َ
وقال عبد بن
لرسول اهللِ ﷺ والفقه يف الٍسن َِّة والن ِ
ِ والص ِ ِ ِ ِ
َّجدة يف ُّ ُ هر والبسطة يف العشية والقدَ ِم يف اإلسال ِم ّ
ِ
باملاعون). ِ
واجلود ِ
احلرب
أقسمت
ُ قال: فقال :اعفنيَ ،
(صف يل عل ًيا؟ َ
ْ وعن معاوي َة أن ُه َ
قال لرضار بن محزةَ:
العلم من تفج َر وحيكم ً يقول ً كان واهللِ بعيدُ املدى ،شديدُ ِ
القوىُ ، عليكَ ،
قالَ : َ
ُ عدالّ ، ُ فصال
َ
وكان ِ
ووحشته، ِ
بالليل ويأنس ُ
يستوحش الدنيا وزهرَتا، ِ
لسانه، وتنطلق احلكم ُة من
ُ ِ
جوانبه
ُ
قْص ومن الطعا ِم ما خشن). ِ ُ عزيز الدّ ِ
اللباس ما َ ويعجب من
ُ طويل الفكرة، معة ُ
وأين نزلت
َ فيم نزلت
علمت َ
ُ نزلت آي ُة إال وقد
ْ ريض اهللُ عن ُه( :واهللِ ما
َ وصح عن ُه
َّ
ليس ِ
كتاب اهللِ فإن ُه َ ً
عقوال ،ولسانًا ناط ًقا ،سلوين عن وهب يل قل ًبا
َ وعىل من نزلتَّ ،
إن ريب
سهل أو ٍ
جبل). ٍ بليل نزلت أم ٍ
بنهار ،ويف عرفت ٍ
ُ من ٍ
آية َّإال وقد
ِ
اليمن َ
رسول اهللِ :تبعثني إىل فقلت يا
ُ ِ
اليمن، هلل ﷺ إىل ُ
رسول ا ِ وعنه( :بعثني
ثم َ
قال: ِ قالُ :علم يل ِبه؟ َ ِ
فرضب بيده عىل صدريَّ ، َ فدنوت
ُ ادن ويسألونني عن القضاء وال َ
بني
شككت يف قضاء َ
ُ فلق احلب َة وبرأ النسم َة ،ما اللهم ِ
اهد قلبه ،وث ّبت لسانه ،فهو الذي َ
وصححه.
َّ واحلاكم
ُ اثنني) .أخرج ُه ابن ماجه
الصحابة]
[مسألة التّفضيل بني ّ
فيه(،)193يتساهلون ِ
َ لفالس ُ هي ُمّا َ ِ ِ أن مسأل َة الت
اعلم َّ
كان َّ الصحابة َ بني ّ
ّفاضل َ ْ
ٍ
خمتلفة ،فعن أيب هرير َة أن ُه مذاهب شت ًّى وكانوا عىل آرا َء َ
ويذهبون ويُّتكون األمر عىل ٍ
سعة َ
َ َ
ِ
اخلالفة موجود ٌة فيهم فإن أهلي َة ِ
اخلالفة َّإال بسبب أعامرهمَّ ، عة مل يتقدموا يف ِ
اخللفاء األرب ِ اعلم َّ
أن ( )( ْ 193
( )
194
( )
195
( ) يف األصل :خي ًا ِ
بعد. 196
( )الكامل يف التاريخ(.)523/2197
أفضل من أيب ٍ
بكر ما ُ عمر رجال َ
أن ً معم ٍر(َ )198
قال( :لو َّ ِ
قالُ : وروى عبدُ الرزاق عن ّ
فذكرت َ
ذلك ُ فضلهام وأح ّبهام، أفضل منهام مل ُأ َعنِّف ُه ،إذا َ
ذكر ْ ُ وكذلك لو َ
قال :عّل َ عنَّف ُته،
ِ
لوكي ٍع فأعجب ُه واشتهاه) ،أخرج ُه اب ُن عبد ال ِّ
ُب.
( )هو :معمر بن راشد بن أيب عمرو ،أبو عروة :فقيه ،حافظ للحديث ،متقن ،ثقة .من أهل البْصة. 198
ولد واشتهر فيها .وسكن اليمن .وهو أول من ّصنف باليمن ( 153 - 95هـ) .األعالم(.)272/7
فعال أواعتقا ًدا أضيف ِ
إليه وإثبات ُه ل ُه قوالً أو ً وهو الزياد ُة إىل ما ِ َ
التفضيل معنا ُه نسب َة )اعلم َّ
َ الفضل َ أن ْ199
(
ِ
بالنظر ُ
يكون ِ
واجلهالة فقد ِ
والفسق ِ
الكذب ِ
والتجهيل نسب َة ِ
والتفسيق ِ
والتكذيب ِ
الصدق ِ
كالتصديق نسب ُة
عقل أو ٍ
دين إثبات فضيل ُة ِ
ماله من عل ٍم أو ٍ تفضيل ٍ
زيد ُ املضاف ِ
إليه وجبلت ُه ،فمعنى ِ ِ
اليشء أصل َ
ذلك ِ إىل
ُ
ذاته عىل ِ
أحد اإلنسان ،وباين عنه يف حدِّ ِ
ِ ِ
جبلة ِ
أصل خارج عن هو غي َ ٍ ٍ
َ ُ ٌ ذلك ُما َ أو سخاء أو شجاعة أو َ
يكون مطل ًقا يف ِ
مجلة ُ ِ
جنسه فتار ًة قد غيه من ِ
أبناء بالنظر إىل ِ
ِ ُ
يكون ِ
واالعُّتاف هبا له وقد ِ
الثالثة ِ
األنحاء
فيمكن ِ
إلطالق وتار ًة يف بعضها ً
مفضوال عىل ا واآلخر ً
فاضال ُ
فيكون أحدمها ِ
أوصافه بام هي مجل ٌة
ُ ُ
ِ
العقل ِ
خصافة ِ
الدين أو ِ
بحسب واآلخر ِ
بحسب العل ِم ُ
أفضل ُ
يكون أحدمها ِ
الفضل بينهام تعاكس
ُ ُ
ِ
املشاركة يف ذايت أو وغي َ
ذلك بعدَ ِ ِ
الصورة، ِ
وحسن ِ
الصوت ِ
وطيب ِ
الوجه ِ
ومالحة ِ
النفس ِ
وسامحة
ِ ِ ِ بني ِ ِ وإال فال معنى للتفا ِ ملحوظ فيهام َّ
ٌ
الطاووس ورياش العندليب نغمة بني املاء والطعا ِم وال َ
ضل َ عريض
ِ
الروافض الغالب يف واملشايخ ملا رأوا َّ
أن ُ ِ
األسد ِ
وشجاعة ِ
الفرس ِ
وجودة
َ
َ
وكان ُ
أفضل، وعّل خي ٍ كان ُ ِ
مشاخيه أن ُه َ ِ
ٌ يقول( :أبو بكر ٌ بعض يب عن
وحكى اخلطا ُ
العباسَ ، ِ اخلطاب ،وبعضهم محز ُة بن ِ
ِ
وقال ُ املطلب ،وبعضهم عبد عمر بن يفض ُل َ
بعضهم ِّ
ّابعني ُمن األثي بعدَ ما ذكر مجاع ًة من الص ِ
حابة والت َ ِ ِ
احلسن بن الُب ،وأبو أبو عمر بن ِ
عبد َّ ِ
ّ َ
يفضلونه عىل ِ
غيه مجل ًة. ِ بسبق إسال ِم عّل عىل ِ
يقول ِ
ُ غيه إن هؤالء كانوا ّ ٍّ
السهروردي( :يف أعال ِم اهلدى إن قبلت حفص َّ ٍ شهاب الدين أبو
ُ ُ
الشيخ َ
وقال
للكل عىل الس ِ أمر الص ِ
ْ
وامسك عن واء ّ ِّ واجعل حم ّب َ
تك ْ حابة فامسك يف ِ ّْ ّصيح
ّصح الن َالن َ
َ
يلزمك إظهار ُه وال َ
أرسارك ،فام فضل أحدهم فاجعله من ِ
مجلة باطنك َُ خامر ِ
ّفضيل وإنالت
ُ َ
ِ
بفضل اجلميعِ، ِ
واالعُّتاف يلزمك حم ّب ُة اجلمي ِع
َ ِ
اآلخر ،بل أكثر من َ
حتب أحدهم َ يلزمك أن َّ
وعّل) انتهى. َ
وعثامن وعمر بكر ِ
خالفة أيب ٍ صح َة ِ ِ َ
ٍّ َ الصحيحة أن تعتقدَ ّ
ويكفيك يف العقيدة ّ
ِ
اجلهل ِ
َّفضيل عندَ ذوي
روافض بالت
ٌ فضلنا عل ًيا فإننا
نحن ّ
إذا ُ
( )
233
( )
231
ِ
للفضل ذكري
َ ٍ
بنصب عندَ ميت
ُر ُ وفضل أيب ٍ
بكرإذا ما ذكر ُت ُه ُ
ِ
بالرمل أوسد
بحبهام حتى َّ وأنصب كالمها
ُ أرفض
زلت ُ
فال َ
ِ
املعتزلة ومجي ِع متأخري مذهب ّ وهو وذهب طائف ٌة أخرى إىل أن ُه عّل
َ هلل عن ُهَ ،
ريض ا ُ
َ َ
ٍ
وكامالت مل يشارك ُه ّصف بمكار َم ٍ
وكرامات ،وات َ بمناقب اختص ِ
الشيعة قالوا :إن ُه ِ
طوائف
َ َّ
ُ
وأمثل ذلك ،فإ ّن ُه ُ
أنبل نس ًبا توجب َ مج ٌة غفي ٌة
وأخبار ّ فيه أحاديث كثية، فيها غيه ،وورد ِ
ُ ٌ َ
ِ
ووالد تول،وزوج ال ّب ِ حس ًبا ،إذ هو هاشمي ال ّطرفني ،وابن العم ألبوين ،وصهر الر ِ
سول
ُ ُ ّ ِّ ُّ
خطرا ،وأقدمهم قدرا ،وأعظمهم ِ وأكثر الن ِ
ً علام ،وأوفرهم ح ًلام ،وأكُبهم ً ّاس ً ُ الرحيانتني،
ّ
قوى، مدى ،وأشدّ هم ً إيامن ًا ،وأقومهم إيقانًا ،وأفصحهم لسانًا ،وأشجعهم جنانًا ،وأبعدهم ً
فضائل عدّ ٍة من
َ ِ
ملطالعة ِ
احلديث ناظور ًة َ
ولذلك جعل ُه يف وأعبد وأتقى وأزهدُ وأسخى،
وصفٍ بأخص وحكم ل ُه ونصب ُه قرينته، ِ ونزل ُه يف ٍ ِ ِ
ِّ َ الفضائل منزلتهّ ، كثي من أعيان األنبياءّ ،
ِ
يستدعيه ،فإ َّن كل عل ٍم وليس ُّ كل عل ٍموهو يستدعي ّ ِ
َ وهو القضاءَ ،
وللكامل أمج ُعه َ ل ُه،
باحلق عىل اخلصا ِم يف ِّ
كل ِّ احلاكم ٍ
حادثة كل ِ
القضاة يف ِّ َ
يكون أقىض مدلول ُه ومقتضا ُه أن
ُ
ِ ِ ٍ ولذلك َ ٍ
أعشار العل ِم ُ
وأيم اهللِ لقد شاركهم يف تسعة عباس( :لقد أعطى عّل قال ابن َ واقعة،
ِ
العاش). ِ
العَّش
ٍ
معضلة يتعو ُذ من َ نعدل إىل غي ِه)، بيشء مل ْ ٍ َ
عمر َّ وكان ُ عّل
أتيت لنا من ٍّ وقال( :إذا َ
ون﴾ ون َوا َّل ِذي َن ال َي ْع َل ُم َ
قال اهللُ تعاىلُ ﴿:ق ْل َه ْل َي ْست َِوي ا َّل ِذي َن َي ْع َل ُم َ ِ
احلسن ،وقد َ ليس هلا أبو
َ
عليه الصال ُة ِ وقال﴿ :إِ َّن َأك َْر َم ُك ْم ِعنْدَ اهللَِّ َأ ْت َقا ُك ْم﴾[احلجراتَ ،]13 :
وقال [الزمرَ ،]9 :
والُّتمذي وابن ماجه.
ُ البخاري
ُ والسال ُم( :خيكم أحسنكم قضا ًء) ،أخرج ُه
والُّتمذي والطُباين
ُ ومسلم
ٌ البخاري
ُ ِ
الناس أحسنهم خل ًقا) ،أخرج ُه (خي
ُ َ
وقال:
والبيهقي.
البيهقي. ِ
اآلخرة) ،أخرج ُه َ
وقال( :أزهدكم يف الدّ نيا وأرغبكم يف
ُ
العقول،ُ ِ
القدر ،ما َ
دهش ِ
وفخامة ِ
اخلطر، ِ
عظمة ُ
احلديث ل ُه من ِ
وباجلملة قد شهدَ
ُ
يكون والَّش ِ
افة ا ّلتي ال الفضل ِّ ِ
وهناية ِ
لكرامة، ِ
الفوز وا نطق ِبه من ِ
غاية ُ
الفحول ،بام َ وأخضع
َ
ولذلك تع ّل َل ِبه سعدٌ عىل معاوي َة يف االمتنا ِع عن س ِّب ِه
َ القدر والن ِ
ّفاسة، ِ أعظم منها يف
ُ يش ٌء
احلديث عن عامر بن سعد عن ِ
أبيه َ (سمعت هذا املسيب مشافهت ًة ِبه ،فإن ُه َ
قال: ِ ب البن
ُ وح َّب َ
ِ عنه ِ
فأحببت
ُ هارون من موسى َّإال أن ُه ال َ
نبي بعدي) َ بمنزلة (أنت منيقولَ : عليه السال ُم ي ُ ُ
فأدخل يده يف ِ أنك سمعته ِ ِ
أذنيه َ ُ عليه السال ُم ُ فذكرت ل ُه َ
ُ احلديث سعد ًا ،فلقيت ُه أن أشاف َه هبذا
وإال فاِ ْس َت َّكتَا)( ،)232أخرج ُه أبو يعىل رمح ُه اهللُ.
وقال :نعمَّ ، َ
كل ٍ
يشء سوا ُه ،وذكر ُه ِ
اخلطاب وابن ُه عبدُ اهللِ ،وقدّ ما ُه عىل ّ عمر بن ِ
وقد متنَّا ُه لنفسه ُ
ِ ِ ِ ِ
ثبوت أعلم ّيته هبذا وغيه عىل قدَ ٍم سواء يف فهو معاوي ُة يف أثناء احتجاجه عىل أن ُه ُ
أعلم من ُهَ ،
( )عمدة عيون صحاح األخبار يف مناقب إمام األبرار ,اجلزء , 1الصفحة1۲۱ 232
حتت مفاده،خول َِ العلم يف الدّ َ
تساوق ِ
الفضائل التي ِ
سائر ِ
ثبوت ِ
شاكلته يف ِ
احلديث عىل
َ
ِ
واللسان ،قد فهموا من ُه أهل الفه ِم ٍ
بإحسان الذي َن هم ُ الصحاب َة والت َ
ّابعني هلم ِ
وخالصته َّ
أن ّ
ِ ِ الغز ِ ِ َمر ِد ِ
األمر تنويه وة من تلك ْ استخالفه يف َ وليس يف ّ
َ معنى عظي ًام وأثبتوا به شأنًا ً
فخيام، ً
ِ
املنزلة ما خيفى عىل معاوي َة. ورف ِع
والقدح ِ
فيه ِ ِ
خالفته ثون صحاب ًيا ،وشهدوا ِبه ل ُه يف أ ّيا ِم ِ
املواالة روا ُه ثال َ ُ
وحديث
ب ونصب ٌة.
تعص ٌ
ّ
ِ
األمور أحق هبم من أنفسهم يف الرسول ِ
عليه السال ُم ُّ َ يتبادر من معناهَّ :
أن والذي
ُ
أتم من رأفتهم عليها ،ويف َ
ذلك ما أنفذ عليهم من حكمها ورأفته عليهم ُّ ك ِّلها ،وحكم ُه ُ
أثبت ِ
هذه املواال ُة بعد أن ع ّلمهم ِ ِ
ثم َ يوجب أن يكو َن رأُيم تاب ًعا لرأيه وأمرهم تلو ًا ألمرهّ ،ُ
ِ
املعتق ريض اهللُ عن ُه ،ودعا ملن واال ُه وال يتأتّى محل ُه عىل هبا وعرفهم بصفتها عىل ابن ِ
عمه
َ ّ
لقوله ِ
عليه ِ وإال مل يكن ِ
البطالنَّ ، ظاهر ِ
واملحبوب واملعتق قط ًعا ،ومحل ُه عىل معنى الن ِ
ّارص ُ
َ
َ
بذلك موالي) ،وإخبار ُه
َ أصبحت اليو َم
ُ ِ
احلسن بخ يا أبا (بخ ٍ ُ
وقول عمرٍ : السالم( :بعدي)
ُ
أكون (كيف ِ
األنصار ل ُه :يا موالنا ،وقول ُه هلم: ُ
وقول عّل، ِ
َ يرض بقضاء ٍّ حني مل َ
لخأعرايب َ
ٌ
وارتباط باملقا ِم. ِ
خالفته معنى صحيح، عرب) ،واستشهاد ُه يو َم
موالكم وأنتم ٌ
عليه السالم ،وعىل أ َث ِ
ره ح ّقه، ِ أن اخلالف َة بعد ُه يوجب َّ ِ
املنزلة ُ
فحديث ال يقال:
ُ
كان خليف َة موسى ِ
عليه هارون ِ
عليه السال ُم َ َ فيكون ّأو َل قائ ٍم هبا بعده ،كام يرا ُه الشيع ُة؛ َّ
ألن ُ
َ
هارون ﴿اخ ُل ْفنِي ِيف َق ْو ِمي﴾[األعراف ،]142 :ألنا ُ
نقول :خالف َة قولهْ : ِ ِ
بدليل السال ُم
قيل: ِ
املواالة إذن؟ َ ِ
حديث قلت :فام ُ
بال حياة موسى عليهام السال ُم ،فإن َ ِ منحْص ٌة بأيا ِم
إليه ما روي ّأهنمملصلحة أقتضته ،كام يرشدُ ٍِ لعلهم محلوه عىل األولوي ِة فقدّ موا ِ
عليه غي ُه ّ ُ
أستخلفت عليكم خليف ًة من بعدي َّ
ثم ُ فقالْ :
إن تستخلف علينا؟ َ
ْ رسول اهللِ َأال
َ قالوا( :يا
هلل بكر جتدو ُه قو ًيا يف ِ
أمر ا ِ األمر أبا ٍ
َ قال :إن تو ُّلوا هذا
ثم َ
العذابَّ ،
ُ عصيتم خليفتي َ
نزل
أمر اهللِ قويا يف ِ
بدنه ،وإن تو ُّلوا عل ًيا ولن عمر جتدو ُه قو ًيا يف ِ ِ
ً ضعيف ًا يف بدنه ،وأن تو ُّلوها َ
املستقيم) أخرج ُه أمحدُ عن عّل ،وأبو ٍ
بكر َ يسلك بكم ال ّط َ
ريق ُ تفعلوا جتدو ُه هاد ًيا مهد ًيا
ٍّ
ِ
اليامن. الكالبادي عن حذيف َة بن
ِ
األمر، أحق هبذا (قبض النّبي ﷺ ،وأنا أرى أين ُّ
َ ريض اهللُ عن ُه: وقد روى عن ُه
َ
أصيب وظننت ُه أن ُه ال يعدهلا
َ إن أبا ٍ
بكر ثم َّ
وأطعتَّ ،
ُ فسمعت
ُ فاجتمع املسلمون عىل أيب ٍ
بكر َ
ثم إن عمر أصيب فظننت أنه ال يعدهلا عني، عنّي فجعلها يف عمر فسمعت وأطعتَّ ،
عثامن ُقتِ َل فجاءوا
َ ثم َّ
إن وأطعتَّ ،
ُ فسمعت
ُ َ
عثامن، فجعلها يف ست ٍّة أنا أحدهم ،فو ّلوها
الكفر بام
َ السيف أو
َ وجدت َّإال
ُ غي مكرهني ،ثم خلعوا بيعتي ،فواهللِ ما فبايعوين طائعني َ
حممد ِ
عليه السال ُم)(.)233 عزوجل عىل ٍ
َ َ
أنزل اهللِ
ِ
هؤالء أتاك ِ
الكعبة تؤتَى وال تأيت ،فإن َ ِ
بمنزلة (أنت وعن النبي ﷺ أن ُه َ
قال ل ُه:
َ
يأتوك فال تأَتم حتى َ
أتوك). َ إليك -يعني اخلالف َة ْ -
فاقبل منهم ،وإن مل القو ِم فس ّ
لموها َ
( )
233
( )
234
( )
235
ِ
والســــنن ِ
بــالقرآن وأعلم النـ ِ
ّـاس أليس َّأو ُل من ّ
صـىل لــقبلتـكم
ُ َ
ِ
والكفن ِ
الغسل ومن جُبيل عونًا يف ِ
النـــاس عـــهدً ا بالنبي وآخر
ُ
وليس فيهم ما ِ
فيه من حسن ٍ
صاحلة فيه ما ِ
فيه من ِّ
كل من ِ
َ
ِ
االحتجاج صح ِة
يقْص عن ّ
ُ
ِ
واآلثار ك ِّلها ال ِ
األحاديث ِ
املناقب من وما ور َد يف
فكيف مع ِ
كثرة حل ِ
سن، ِ فإن معظمها قد تضمنها مسندُ أمحدُ ،وما ِ
فيه ال ُ هباَّ ،
َ ينزل عن درجة ا َ ّ
رق(.)236واة وتعدُّ ِد ال ّط ِ
الر ِ
ّ
ُ
التأويل، ُ
حيتمل ِ
األفضلية ال ِ
إعطاء حمكم يف ِ
واملواالة ِ
املنزلة ِ
حديث ثم كل من
ٌ َّ
قوله( :ما طلعت) ،فإهنام مع تعارضهام وعد ِم داللتهامبكر وعمر من ِ ِ
بخالف ما ور َد يف أيب ٍ
َ
ِ
الوقت أفضل من ُه. َ
يكون يف هذا جيوز أن ال
حمتمل ،إذ ٌُ األفضلية من ِ
غيه ِ عىل
بكرأن يؤ ّمهم غيه)، عليه السالم( :ال ينبغي لقو ٍم فيهم أبو ٍ قوله ِولعل احلكم يف ِ َّ
َ
صح أن ُه ِ يصّل معهم أبو ٍ ِ
هؤالء القو ِم الذي ّ ِ
بكر يف هذا الوقت ،فإ ّن ُه قد َّ بالنسبة إىل هو
إنام َ
فقال ِ
عليه وكان ص ِّيتًاَ ، َ وكُب وكان أبو ٍ
َ ِ ِ
عمر َّ َبكرغائ ًبا فتقدَّ َم ُ بالصالة، عليه السال ُم أمرهم
رسول اهللِ عليه السال ُمِ ريض اهللُ عن ُه فيهم ،بل َ
كان عندَ القول ومل يكن عّلُ السال ُم :هذا
َ
بلد ِ
فيه لغيه يف ٍ
ِ جيوز أن يؤ َّم أحدٌ
وإال فظاهر ُه يفيدُ أن ال ُ ِ
خدمتهَّ ، ً
مشغوال ب ِ
لصحبته مالز ًما
وقدكان معا ُذ بن جبلَ خالف اإلمجاعِ، وهو ِ صىل َهو قد َّ وإن َ بكر ْ
ُ الصالة َ تلك ّ كان َ أبو َ
ومتييزا من
ً أحسن انتقا ًء
ُ حجر العسقالين قد نفى الوضع عن مجي ِع أحاديثِه وإن ُه ٍ )شيخ اإلسال ِم ابن
ُ (
236
ومناقضا ِ
نفسه، متناقضا يف َ
لكان ِ
غيه، فهم من ُه األفضلي ُة عىل ِ ُ
ً ً وحديث السيادة لو َ
حل ِ
سنني ،وجعفر ،ومحزة ،وبالل وغيهم. ِ
حق ا َ
لغيه فإن ُه قد ور َد يف ِّ
ِ
االختصاص ،ولئن ِ
عدمه ،وال عىل ِ
األخذ بل عىل وحديث اخل ّلة ال ُّ
يدل عىل وقو ِع ُ
أفاد األفضلي َة ألفاد أفضلي َة إبراهيم عىل حمم ٍد عليهام السالم ُ ،وإخوته ِ
عليه السال ُم تناولت ّ ّ َ ّ َ َ
عمر يف ِ ُ قال ِ ثم َ أبا ٍ
العاص ،وابن َ وحديث عمرو بن عليه السال ُم( :عّل خي أخويت) بكر َّ
ِ
األصحاب. حق
ِّ
ِ
االختصاص واسم مغاير حلك ِم غيهم حليازَتم جه َة
ٌ وأما ُ
أهل البيت فحكمهم
ولذلك َ
قال َ ّعارف العا َّم ال ير ُد عليهم،
َ خاصا لك َّن الت
ً وإن تناوهلم لغ ًة وعر ًفا ِ
األصحابَّ ،
وسلم جاء ُه ٌ
بالل يؤذن ُه رسول اهللِ صىل اهللُ ِ
عليه ُ ثقل ِ
بطوله عن عائش َة ملا َ َ
احلديث يف الصحيحني َّ
)فإن (
َّ 237
يدل ِ
عليه قول ُه( :ما أنا َّإال ّفس كام ُّ وحديث ابن احلنف َّي ِة من ِ
باب التّواض ِع وهض ِم الن ِ ُ
عليه السالم( :ال ختيوين عىل موسى) ،وقوله( :ما ينبغي ٍ
لعبد كقوله ِ
ِ ٌ
رجل من املسلمني)،
ُ ُ
يت عليكم أمركم (و ِّل ُ ِ وقول أيب ٍ
ُ أن َ
بكر يف خطبتهُ : يونس بن متَّى)،
َ خي منيقول :أنا ٌ
حج ًة يف
ينتهض ّ
ُ فقوموين) فال
أسأت ّ
ُ أحسنت فأعينوين ،وإن
ُ ولست بخيكمْ ،
فإن ُ
ِ
املطلوب.
ِ
اإلمامة جلواز ِ
عقد ِ ُ
وأفضل مطل ًقا يدل عىل أنه خي من ِ
غيه، ِ
اخلالفة ال ُّ ِ
وتقديمه يف
ُ ٌ
ِ
السقيفة( :بايعوا قال يفبكر َ حلكمة تدعو ِ
إليه ،أال ترى أن أبا ٍ ٍ ِ
الفاضل ِ
وجود ِ
للمفضول مع
َ
وترك كان أبو عبيد َة ح َّي ًا الستخلفت ُه)،
قال( :لو َ عمر ملا ُأ َ
صيب َ وإن َ عمر أو أبا عبيدةَ)َّ ،
َ
واحد منهم مع تفاوت درجاَتم. ٍ وجو َز إمامة َّ
كل ِ
بني الستّة َّ
األمر شورى ََ
َ
عثامن وتركتم عل ًيا؟ كيف بايعتم
َ ِ
الرمحن قلتِ :
لعبد وائل ُ ٍ عاصم عن أيب وعن
َ
ِ
رسوله وسي ُة أيب بك ٍر هلل وسن َة ِ
كتاب ا ِ َ
أبايعك عىل فقلت: بعّل َ
ُ فقال :ما ذنبي قد بدأت ٍّ
َ
عثامن فقبلها) أخرج ُه أمحد. ثم عرضتها عىل ِ
وعمر قال :وباجتهاد رأيَّ ،
َ
ِ
اإلمامة ُ
حيث ِ
األفضلية من يمكن محل ُه عىل دل عىل األفضل َّي ِة
ذلك مهام َّ
كل َ ثم ُّ
ُ َّ
بني األد ّل ِة ،وأن ُه ِ
املرؤوس مج ًعا َ الر ِ
ئيس عىل وهو تقدُّ ِم ّ
ِ
األمر والقيا َم بأعبا َء اخلالفةَ ،
َ ّ
وتويل
الظاهر يف أكثرها.
ُ هو
َ
استأنس عىل السال ُم لر ّبام ِ بالص ِ ِ
َ ديق عن ُه عليه َّ ِّ تسميته اختصاص
ُ ثبت
نعم لو َ
وليس
َ ني﴾[النساء،]69 : الصدِّ ِيق َ بقوله تعاىل﴿:ا َّل ِذي َن َأ ْن َع َم اهللَُّ َع َل ْي ِه ْم ِم َن النَّبِ ِّي َ
ني َو ِّ
ِ أفضل ّي ِته
ِ
ّصديق يف دعوى وهو املبادر ُة إىل الت
وثبوت مقتضا ُه َ ُ كذلك إذا شارك ُه عّل يف هذا االسم، َ
ِ
واملبالغة يف ِ
عداوته ِ
فرط أقر ِبه معاوي ُة وشهدَ ل ُه مع َ ِ الر ِ
ولذلك َّ اإلرساء، وقصة
ّ سالة ّ
ِ
خماصمته.
( )حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن حممد بن سيين أنه ذكر فتنة تكون فقال إذا كان ذلك فاجلسوا يف 238
بيوتكم حتى تسمعوا عىل الناس بخي من أيب بكر وعمر رَض اهلل عنهام قيل يا أبا بكر خي من أيب بكر
وعمر قال قد كان يفضل عىل بعض األنبياء «.املهدي خي أو أبو بكر وعمر ريض اهلل عنهام ؟ قال :هو
خي منهام ،ويعدل بنبي »
املصادر :ابن محاد :ص - 98حدثنا حييى ،عن الّسي بن حييى ،عن ابن سيين ،قيل له - :ومل يسنده
إىل النبي صىل اهلل عليه وآله .عقد الدرر :ص 148ب - 7عن ابن محاد ،وفيه « . .ويعدل نبيا » .
ورواه ابن أيب شيبة بإسناد أجود من هذا :حدثنا أبو اسامة عن عوف عن حممد قال» :يكون يف هذه األمة
خليفة ال يفضل عليه أبو بكر وال عمر« (املصنف حديث 37653بإسناد صحيح).
قال الدارقطني» :يعني يف العدل« (العلل الواردة يف احلديث 38/13رقم .)1383وهو ما قاله السيوطي
كام سيأيت.
وعوف من أصحاب حممد بن سيين الثقات مع تلبسه ببعض األهواء إال أنه غي مدفوع عن الصدق
واألمانة كام قال مسلم.
وقد تضمنت رواية نعيم بن محاد عن ابن شوذب زيادة (قد كان يفضل )...مل تتضمنها رواية عوف وهو
أوثق منه.فإما أن يكون اخلطأ فيه من ابن شوذب ،ألن عوف أعرف منه بابن سيين ،أو من نعيم بن محاد
ألنه عىل الرغم من أنه حافظ كبي إال أنه خيطئ كام بينه ابن عدي يف الكامل وغيه من احلفاظ فمع سعة
روايته مل يكن حفظه كأقرانه ورفاقه يف الطلب من احلفاظ كيحيى بن معني وغيه.
قال النووي يف األربعني «نعيم بن محاد ذو مناكي»« .وال تركن النفس إىل رواياته» كام قال الذهبي» (سي
أعالم النبالء.)633 /13
وقوله (ال تركن النفس) يعني التوقف فيام يتفرد به .وهذه الزيادة من تفرداته.
فإن قال قائل :نعيم قد رصح بالتحديث وهو ثقة .قلنا :ومع هذا فهو يأيت بمناكي ينفرد هبا .وقد خالفه
من هو اوثق منه .وهي لفظة خمالفة ليس لعوف فقط .بل لعقيدة اإلسالم ورصيح كالم عّل بن أيب طالب
ريض اهلل عنه .وأنتم تقدمون قول عّل قول قول غيه .ونحن طبقنا تفضيلكم لعّل يف هذا الشأن.
قال احلافظ ابن عساكر «كان نعيم حيدٍ من حفظه وعنده مناكي كثية ال يتابع عليها وسمعت حييى بن
معني يسأل عنه فقال ليس يف احلديث بيشء ولكنه كان صاحب سنة» (تاريخ دمشق.)161/62
عىل انه حيتمل أن يكون من ابن شوذب ،ألن عوفا أعرف منه بابن سيين ومن نعيم بن محاد ألنه عىل
الرغم من أنه حافظ كبي إال أنه خيطئ كام بينه ابن عدي يف الكامل وغيه من احلفاظ فمع سعة روايته مل
يكن حفظه كأقرانه ورفاقه يف الطلب من احلفاظ كيحيى بن معني وغيه
وقد تعقب السيوطي هذه الرواية :فقال «:قلت :يف هذا ما فيه ...واألوجه عندي تأويل اللفظني عىل ما
أول عليه حديث «بل أجر مخسني منكم» لشدة الفتن يف زمان املهدي و متالئ الروم بأرسها عليه وحمارصة
الدجال له ،وليس املراد هبذا التفضيل ،والراجع إىل زيادة الثواب والرفعة عند اهلل ،فاألحاديث
الصحيحة واإلمجاع عىل أن أبا بكر وعمر أفضل اخللق بعد النبيني واملرسلني» (كتاب العرف الوردي يف
أخبار املهدي).
قلت :وهذا توجيه مجيل من السيوطي لكالم ابن سيين.
فاملقصود أن املهدي سيكون عادال يف خالفته فال جتد فرقا أو فضال بينه وبني الشيخني يف العدل ،وهذا ال
إشكال فيه ،وليس معناه أنه يساوي أحدا من أصحاب النبي صىل اهلل عليه وسلم يف الفضل.
والراجح أن قول ابن سيين حممول عىل العدالة وثقل مهمته .وإذا كان املؤمن العادي املتمسك بسنة
النبي عند فساد أمته له أجر مخسني من أصحاب النبي فاملهدي أوىل هبذا من من املؤمن العادي.
عّل
واسامعيل بن اسحاق القايض ،والنسائي ،وأيب ٍّ َ ٍ
حنبل، صح عن أمحدَ بن
وقد َّ
أكثر ِ ٍ حفاظ ِ
األثر وأئم ُة الن ِ ِ
الصحابة َ
حق أحد من َّّقل( :أ ّن ُه مل ير ْد يف ِّ النيسابوري ،وغيهم من
ريض اهللُ عنه.
َ عّل
ُما جاء يف ٍّ
ُ
اخلليل بن أمحد رمح ُه اهللَ ( :ك َت َم مناقب ُه أحباؤ ُه خو ًفا ،وأعداؤ ُه حسدَ ا، وهو كام َ
قال َ
ذلك قد م َ
خأ اخلافقني). بني َ
وهو فيام َ
ِضيزى(.)239
الشار ِع ِ
عليه ،ومل يوجدْ ،وال ِ
بتنصص َّ اليعرف َّإال
ُ ِ
األكثر ثوا ًبا ،فإن ُه ُما وال بمعنى
ِ
املالئكة َ
تفضيل املاتريدي رمح ُه اهللَُّ :
(إن ِ
املنصور ناجز عىل ما َ
قال اإلما ُم أبو حكم ٌ يتع ّلق ِبه
ُ ٌ
ِ ٍ ِ والر ِ
وليس لنا إىل
َ ذلك، بعض فإنَّا ال نتك ّل ُم فيه ألنَّا ُ
نعلم َ اخللق بعضهم عىل سل وأتقيا ُء ُّ
ِ
البَّش ش إن ُمجِ َع يف الس ِ هلل نفوضه ِ
إليه ،وأما ْ ِ َ ِ
معرفته حاج ٌة
بني ِّ
ؤال َ األمر فيه إىل ا ِ ِّ ُ
َ فنكل
ٍ
رصيح ،مع أننا ذلك َّإال مع ٍ
نص اخلوض يف َ
ُ ِ
باجلملة ال ينبغي ذلك َ
وقال ُ
الشيخ رمح ُه اهللُ يف َ َ
)وأطال 239
(
هي َ عليه اجلمهور وإنام خالفناهم يف ِ
علة التَّقدي ِم ،فهم األربعة كام ِ
ِ ِ ِ ِ َ
يقولون َ ُ اخللفاء هؤالء بُّتتيب قائلون
َ
لكان من تقدَّ َم حممدً ا صىل اهللُ ً
مفضوال تأخر كا َن أن َّ ِ
الزمان ولو َّ ونحن ُ ُ
كل من َ هي تقدُّ ُم
نقول ّ ُ الفضل
ِ
الوهاب ِ
للشيخ عبدُ ِ
واليواقيت ِ
اجلواهر كتاب بذلك من املح ِّق َ
َ أفضل من ُه وال َ ُ ِ
قني ،انتهى ُ قائل وسلم
َّ عليه
الشعراين رمح ُه اهللُ.
ُ
وذلك لقيا ِم
َ بعض)( ،)213هذا كالم ُه ٍ بعض عىلٍ ِ
بتفضيل ٍ
حينئذ فنتكلم ِ
املالئكة وبني
وأفسقهم َ
ُ
نيان ِيف َأ ْح َس ِن َت ْق ِوي ٍم (ُ )4ث َّم َر َد ْدنَا ُه َأ ْس َف َل َسافِلِ َ
اإلن َْس َ ِ
بقوله تعاىلَ ﴿ :ل َقدْ َخ َل ْقنَا ْ ِ ليل ِ
عليه الدّ ِ
احل ِ ِ ِ ِ
ات ﴾[التني4 :ـ .]6 الص َ ( )5إِ َّال ا َّلذي َن آ َمنُوا َو َعم ُلوا َّ
ِ
األمة ِ
وزعامة ِ
اإلمامة وتويل ِ
اخلالفة ّ ِ
صلوح هو بمعنى ِ ُ
الباب َ املبحوٍ عنها يف وإنام
غفل وإن َ ِ
بقوله( :بعد نبينا) ْ ِّف رمح ُه اهللُوإدارة أمورهم عىل ما يفيد ُه املصن ُ ِ بقيادة مجهورهمِ
وعمر) ،فإن ُه عليه قول ُه :ﷺ( :خي أمتي من بعدي أبو ٍ
بكر ويدل ِ هلل عن ُهُّ ، التفتازاين عفا ا ُ عن ُه
َ ُ ُ
حياة النّبي ِ
عليه ِ ِ
انقضاء األمة وأفضلهم بعدَ ِ خي يدل عىل َّ ِ
األحاديث ُّ
أن َ وما يف معنا ُه من
بكر وعمر ِ
األمة هو أبو ٍ ِ
حال ِ
وحسن ِ
الوقت ِ
صالح ِ
اقتضاء ِ
بحسب السال ُم مبتد ًيا من ُه
ُ
أفضل من أن أبا ٍ
بكر ِ
اخللق ،ال بمعنى َّ ِ
وسياسة ين ِ
بحراسة الدّ ِ الرياس َة وقيامها
بحيازَتام ّ
ُ
أفضل من اجلميعِ، كال منهام فإن الكال َم ال يفيد ُه ْبل بمعنى َّ
أن ً ُمن عداه(َّ ،)211
عمر ْ اجلمي ِع َّ
ثم َ
الطحاوي رمح ُه اهللُ يف ٍ
جعفر ِ
وعليه كال ُم اإلما ِم أيب حياته ِ
عليه السال ُم، ِ لكن يف ِ
وقته بعدَ
ُ
وتقديام جلمي ِع األ ّم ِة)َّ ،
ألن قول ُه ً ً
تفضيال ل ُه الصديق
بكر ِّ (ونثبت اخلالف َة أليب ٍ
ُ ِ
عقيدته:
ِ ِ اجلملة الس ِِ ُ ِ ٌ ً
كقوله اخلالفة إثبات
ُ ابقة ،أعني َّ مضمون مطلق مؤ ِّكدٌ لنفسه َ
وهو ٌ مفعول تفضيال
نفس
﴿صن َْع اهللِ﴾ [النمل ،]88 :فمعنى تفضيل ُه هو ُ
تعاىل﴿:وعْدَ اهللَِّ﴾[الروم ،]6 :وقولهُ :
َ
ِ
اخلالفة ل ُه. ِ
إثبات
ُ
إمامة وجيوز
ُ ِ
الوالية، وصح ِة ِ
اخلالفة ٍ
بَّشط يف أن األفضل َّي َة ليست
واملذهب َّ
ّ ُ
ِ
اإلمامة، ِ
وتفويض ِ
البيعة حابة يف مواق ِع عليه صنائع الص ِ
يدل ِاألفضلُّ ،ِ ِ
وجود ِ
املفضول مع
ُ َّ
ِ الس ِنة ،ر ًدا ِ َ
للمستحق
ِّ للمخالف وإثباتًا تفضيل الشيخني وحم ّب َة اخلتنني من عالمات ُّ وجعلوا
( ) عبارة اإلمام املاتريدي( :وال جيب أن يتك ّلم يف تفضيل البَّش عىل اإلطالق عىل املالئكة؛ ألهنم 213
يعملون بالفساد وبكل فسق ،إال أن يتكلم يف تفضيل أهل الفضل من البَّش واملعروف منهم بذلك عىل
املالئكة؛ فذلك حيتمل أن يتكلم فيه) .تفسي املاتريدي (تأويالت أهل السنة)(.)429/3
أفضل الشافع َّي ِة بعدَ أيب حنيف َة أو ٌ
مالك ،وال معنى ل ُه من ُه س َّلم ُه اهللُ) َ مثل ِ
قوله زيدٌ ( )( وجعل ُه َ 211
ِ
بالنسبة إىل إلثبات األفضل َّي ِة واألح ّب َّي ِة
َ الفضيلة فيهام ،وعقدُ املح ّب ِة هلام
ِ ِ
ثبوت بمعنى اعتقاد
غض اآلخري َن ،وإن ِ
اخلوارج ُب ُ لني ويف
األو َ ِ ِ ِ
الفضل عن ّ سلب
ُ وافض الر
الغالب يف ّ
ُ غيه ،إذ
ِ اجتمع يف ٍّ
الصفتني. كل من آحاد ال ّطائفتني كل من ّ َ
( )(قتلتم سعد بن عبادة) هو كناية عن اإلعراض واخلذالن( .قتله اهلل) دعا عليه عمر لعدم نْصته 212
للحق وختلفه عن مبايعة أيب بكر ،لكنه تؤول أن لخأنصار يف اخلالفة استحقاقا فهو معذور يف ختلفه وإن
كان خمطئ ًا .ينظر :منحة الباري بَّشح صحيح البخاري زكريا األنصاري(.)23/7
رسول اهللِ ﷺ وح ّقهم َ ِ ِ ِ
وقال يف قرابته من ذكر
ثم َاألمر ح ًقا فاستبددتم عليناَّ ، َّ
أن لنا يف هذا
أقبل عىل الن ِ
الظهر َ صىل أبو ٍ ِ
كالمه :موع َ ِ
َّاس وقا َم عّل فبايع ُه، َ بكر دك البيع َة العش ّي َةّ ،
فلام ّ آخر
والبخاري. مسلم وأحسنت) أخرج ُه
َ أصبت
َ فأقبل النَّاس ِ
عليه فقالوا: َ
ُ ٌ ُ
استخلف
َ ٍ
أشهر وعَّش َة أيا ٍم وحرضت ُه الوفا ُة ِ
خالفته سنتان وثالث ُة ثم ملّا مىض من
َّ
ِ
رسول ِ
أصحاب َ
مستخلفك عىل عمر َ
فقال :إين ِ
عمر ،فعن عائشة( :أن ُه ملا حرضت ُه الوفا ُة دعا ََ
وليت ِ
اجلند إين ِ
أمراء وكتب إىل احلق، ِ
القيامة باتبا ِع ِّ املوازين يو َم عمر ،إنام ثقلت
ُ َ ُ اهللِ يا َ
املسلمني خي).
َ عمر ،ومل ُآل نفيس وال
عليكم َ
ِ
الرمحن الرحي ِم ،هذا ما عهدَ (اكتب باس ِم اهللِ
ْ عثامن َ
فقال: َ احترض دعا
َ وروي أن ُه ملا
ً
داخال ِ
باآلخرة ِ
عهده خارجا عنها ،وعندَ َّأو ِل ِ
عهده بالدّ نيا بكر بن أيب قحاف َة يف ِ
آخر أبو ٍ
ً
عمر الفاجر ويصدِّ ُق ِ فيهاُ ،
أستخلف عليكم بعدي َُ الكاذب ،إين
ُ ُ ويوق ُن الكافر
ُ حيث يؤم ُن
اخلطاب فاسمعوا ل ُه وأطيعوا ،وإين مل ُآل اهللَ ورسول ُه ودين ُه ونفيس وإياكم ً
خيا ،فإن ِ بن
أعلم ٍ وإن بدَّ ل ِّ فيهْ ، فذلك ظنِّي به ،وعلمي ِ َ َ
أردت وال ُ ُ واخلي
ُ اكتسب،
َ امرىء ما فلكل عدل
والسال ُم عليكم
ون﴾[الشعراءَّ ،]227 : ﴿و َس َي ْع َل ُم ا َّل ِذي َن َظ َل ُموا َأ َّي ُمنْ َق َل ٍ
ب َينْ َقلِ ُب َ الغيبَ ،
َ
ِ
الكتاب؟ َ
أتبايعون ملن يف هذا فقال عثامن:عمر َ بالكتاب خمتو ًما ومع ُه َ ِ خرج
َ ورمح ُة اهللَِّ ،
ثم
بقني من مجادى لثامن َوذلك يوم االثنني ٍ
َ َ بذلك مجي ًعا ورضوا ِبه وبايعوا، َ فأقروا
قالوا :نعمّ ،
وقال بعدَ أنَّاسَ : ب خطي ًبا يف الن ِ عمر بن اخلطا ِ
ثم قا َم ُ
ليال َّ ثالٍ عَّشةَ ،و ُدفِ َن ً َ ِ
اآلخرة سن َة
ِ
أحرص عىل أمركم، ْ عمر وملَّاس إين ال أع ّلمكم من نفيس شي ًئا جتهلون ُه أنا ُ َمحدَ اهللَُّ :أُيا الن ُ
ٍ
بأهل، ليس هلا ٍ ُ بذلك ،واهللُ ْأهل َ َم ُه َ َ ّ
أجعل أمانتي إىل أحد َ وليس
َ ذلك، املتوىف أوَّص إ َّيل ولكن
ثم ملاأحق هبا ُمن سواهمَّ ، َ
أولئك ُّ للمسلمني،
َ ون رغبت ُه يف الت ِ
َّوقي ولكن أجعلها إىل َمن تك ُ
ِ
املغية يف وثالٍ عَّش ٍ
ليال طعن ُه أبو لؤلؤ َة غال ُم َ ٍ
أشهر ِ
خالفته عَّش سنني وست َة انقىض من
َ
ِ
األمر أحق هبذااستخلف ،قال :ما أرى أحدً ا ُّ املؤمنني امي ِ الص ِ ِ
َ َ أوص يا َ بح ،فقالوا: صالة ُّ
ٍ رسول اهللِ صىل اهللُ ُِ ِ
هؤالء الن ِ
فسمى عل ًيا
راضَّ ، وسلم وهو عنهم َّ عيه َّفر الذين ّ َ
تويف من
ليس ل ُه منعمر َهلل بن َ وقال :يشهدكم عبدُ ا ِ ِ
الرمحن َ والزبي وطلح َة وسعد ًا وعبدَ
وعثامن َُّ
الر ِ
محن :امجعوا هط َ ِ
هؤالء الر ِ َّعزية له ،فلام فر َغ من ِ
كهيئة الت ِ
ِ ِ
فقال عبدُ ّ ّ اجتمع
َ دفنه األمر يش ٌء
عثامنَ ،
وقال َ عّلَ ،
وقال طلح ُة :إىل ٍ
ثالثة منكمَ ،
جعلت أمري إىل ٍّ
ُ بي قد
الز ُفقالُّ : أمركم إىل
فاسكت
َ األمر فنجعله ِ
إليه، ِ ِ
الرمحن :أيكام يُب ُأ من هذا عبد الرمحنَ ،
فقال عبدُ سعدٌ :إىل ِ
ُ
َ
فأرسل عبدُ فقال :أفتجعلون ُه إ َّيل واهللُ عىل أن ال آلو عن أفضلكم .قاال :نعم، ِ
الشيخانَ ،
عثامن) ،أخرج ُه َ ِ
اجلند فبايعوا ِ
وأمراء ِ
واألنصار خارجا من املهاجري َن كان ِ
الرمحن إىل َمن َ
ً
ِ
بثالثة أيا ٍم. عمر ِ املحر ِم سن َة أرب ٍع وعَّشي َن بعدَ ِ َ
طعن َ غر َة ّوذلك يو َم األحد ّ البخاري،
ُ
فته عَّش سنني وسنتان َّإال اثنتي عَّش ٍ
ليلة قتل ُه األسو ُد التجيبي، ثم ملا أتى من خال ِ
َ ُ َّ
ُ
عثامن جا َء قال ابن املسيب( :ملا َ
قتل العراقَ ،ِ وطائفة من ِ
أهل ٍ مْص، وقيل غي ُه يف ِ
َ
أهل َ
املؤمنني عّل ،حتّى دخلوا ِ رعون ك ّلهم ُ
عليه َ أمي
يقولُ : َ ريض اهللُ عن ُه ُْي
َ َّاس ك ُّلهم إىل ٍّ
عّل الن ُ
ذاك إىل ِ
أهل ذاك إليكم ،إنام َليس َ فقال عّل َ أحق هباَ ،فأنت ُّيدكَ ، نبايعك َف ُمدَّ َ
َ دار ُه ،فقالوا:
بدر فهو خليفة ،فلم يبقى أحدٌ َّإال أتى عل ًيا فقالوا :ما نرى أحدً ا أهل ٍ ريض ِبه ُ
َ بدر ،فمن ٍ
ِ فكان َّأو َل ِمن بايع ُه طلح ُة
َ منك َف ُمدَّ َ
بلسانه، يدك نبايعك َ؟ فقا َم ابن طلح َة ،وال ُّز ُ
بي أحق هبا َ ّ
فكان أو ُل من ص ِعدَ ِ ِ ِ ِ
إليه َ َّ َ َ خرج إىل املسجد َف َصعدَ املن َ
ُب َ فلام رأى عّل َ
ذلك بي بيدهّ ، والز ُ
ُّ
ِ
اجلمعة ِ
لثامن عَّش َة خلت من َ
وذلك يو َم وأصحاب النبي ﷺ،
ُ بي
الز ُ
ثم بايع ُه ّفبايع ُه طلح ُة َّ
ٍ
مخس وثالثني). ِ
احلجة سن َة ذي
(ثم قا َم عّل خطي ًبا َف َح ِمدَ اهللَ تعاىل وأثنى ريض اهللُ عنه َ
قالَّ : َ
وعن ِ
عبد اهللِ بن سال َم
ِ
َ
أكون أنا وأنتم قد أخاف أن
ُ عّل بأسامعكم وأبصاركم ّإين َّاس َأقبلوا َّ عليهَ ،
وقالُّ :أُيا الن ُ
هلل أدب ِ ٍ
والسن ُة
الكتاب ُّ
ُ هذه األم َة بأدبني أصبحنا يف فتنة وما علينا فيها َّإال االجتهاد ،وإ َّن ا َ َّ َ
نزل و َع ِمدَ إىل ما تب َّقى من
ثم َذات بينكمَّ ، لطان فيهام ،فاتّقوا اهللَ وأصلحوا َ ال هواد َة عندَ الس ِ
ُّ
بني املسلمني.
فقسم ُه َ ِ ِ
بيت املال َّ
ِ
أمي املؤمنني لقد ِزن َ
ْت ِ
العرب :واهللِ يا َ حكامء بعض ريض اهللُ عن ُه كام َ
قال ل ُه ُ َ َ
وكان
منك إليهاَّ ،إال أ ّن ُه مل
إليك َ
أحوج َ ُ كانت
َ وهي
َ َ
رفعتك، ورفعتها وما َ
زانتك َ اخلالف َة وما
بيعته مجاع ٌة من ِ ف عن ِ
أيامه الكدَ ُر ،إذ خت َّل َ َ
واشتمل عىل الفتن هر فعاثت
ُ يساعد ُه الدَّ ُ
(أولئك قعدوا عن َ فقال فيهم:زيد ،واملغي ُة بن شعب َةَ ،حابة كابن عمر ،وأسام ُة بن ٍ
الص ِ
َ َّ
بي ،وابن ُه عبدُ اهللِ وغيهم ،وساروا إىل ونكث طلح َةُّ ،
والز ُ َ َ
الباطل)، احلق ،ومل يبْصوا
ِّ
حديج يف ِ
أهل ٍ ِ
العاص ،ومعاوي ُة بن ِ
البْصة مع عائش َة ،وبغى عليهم معاوية ،وعمرو بن
ين مسعو ُد بن فدك وكان َّأشدّ هم خروجا ِ
عليه ومرو ًقا من الدِّ ِ َ اخلوارج الشا ِم ،ثم خرج ِ
عليه َّ
ً ُ َ َّ
ِ
اخلطوب ِ
وعضال ِ
األمور ِ
صعاب فنهض إىل التَّيمي ،وزيدٌ بن حصن الطائي ،وذو ال ّث ِ
ديةَ ، ُ
ِ
احلروب. ِ
ومداومة ِ
مالزمة الدّ رو ِع من
والقاسطني
َ الناكثني
َ رسول اهللِ ﷺ أن َ
أقاتل ُ (ع ِهدَ إ َّيل هلل عن ُه َ
قالَ : ريض ا ُ
َ فروي عن ُه
واملارقني) ،أخرج ُه أبو يعىل.
َ
الناكثني
َ ِ
بقتال ُ
رسول اهللِ ﷺ ٍ
سعيد اخلدريَ ( :أمرنا ٍ
أيوب األنصاري وأيب وعن أيب
احلاكم.
ُ عّل) ،أخرج ُه
واملارقني مع ٍّ
َ والقاسطني
َ
باب ٍ
أشهر رضبه ابن ملج ٍم املرادي ،عىل ِ سنني وتسع َة أربع ِ ثم ملّا َ
َ كان من خالفته ُ َّ
ِ ٍ ِ ِ ِ
خلف ابن ُه ومات بعدَ ثالٍ ليال من ليل َة األحد وقد ْ
اس ُت َ َ اجلمعة، الكوفة صبيح َة يو ِم جام ِع
بقني ٍ
لعَّش َ َ
وذلك يوم األحد ِ
بالكوفة، أربعني أل ًفا أكثر من ِ
َ َّاس عىل املوت َ
احلسن ،فبايع ُه الن ُ
ٍ
لعَّش بقني من شهر رمضان، أربعني ألف ًا بالكوفة ،وذلك يوم األحد
َ رمضان سن َة
َ من ِ
شهر
ِ
باإلمامة. ِ
باخلالفة وأوالهم ِ
الناس أحق وكان إذ َ
ذاك ُّ َ
األمر غبة فيام عندَ اهللِ ،فس َّل َم ترك الدّ نيا والر ِ
ثم دعاه ورعه وشفقته عىل األم ِة إىل ِ
َ ّ ّ ُ ُ َّ
وذلك بعدما مىض من َ أظهر جدّ ُه من املعجز ِة،َ
ِ
العظيمة وحتقي ًقا ملا ِ
للفتنة ملعاوي َة تسكينًا
منتصف مجادى األوىل سن َة إحدى وأربعني، َ أشهر َّإال يومني ،يو َم االثنني ٍ ِ
ثامنية ِ
خالفته
ِ وكمل ُ َ ِ ُ ِ ِ ِ ِ
وتم
بنيان اخلالفةَّ ، اإلمامة ديوان فعرفت بعا ِم اجلامعة لالتفاق بعدَ االفُّتاق ،فيه ُخ َ
تم ْ
ٍ
بيشء يطالب أحدٌ بعده ،وأن الثالثني سن ًة ،وإنام سلمها عىل أن يكو َن األمر له من ِ ميقات
َ ُ ُ َ ُ
كان يف أيا ِم ِ
أبيه ،فقبل ُه معاوي ُة. ُما َ
ِ
اجلبال، ِ
أمثال َ
(استقبل واهللِ احلسن بن عّل بكتائب ِ
احلسن البْصي رمح ُه اهللُ: وعن
تقتل أقراهناَ ،
فقال ل ُه معاوية - تويل حتى َ
كتائب ال ّ
َ ِ
العاص ملعاوي َة :إين ألرى َ
فقال عمرو بن
ِ
بأمور جلني : -أي عمرو ،إن قتل هؤالء هؤالء ،وهؤالء هؤالء ،فمن يل الر ِ خي ّ َ
وكان واهللِ َ
يقول: ٍ
بكرة ُ احلسن :ولقد سمعت أبا قالثم َ
ُ املسلمني ،من يل بنسائهم ،ومن يل بضيعتهم؟ ََّ
ِ
وعليه مر ًة ِ وه َو يقب ُل عىل ِ رسول اهللِ ﷺ عىل َِ
الناس ّ عّل إىل جنبهَ ، واحلسن بن ٍُّ املنُب رأيت
ُ
بني فئتني عظيمتني من املسلمني)، يصلح ِبه َ
ُ َّ
ولعل اهللُ إن ابني هذا لس ّيد، ُ
ويقولَّ : أخرى،
البخاري.
ُ أخرج ُه
َ
قمصك لعثامنَّ :
(لعل اهللَ ُي َ وعمر) ،وقول ُه
َ وقوله( :اقتدوا بالذين بعدي أيب ٍ
بكر
ّ
ستوىل (إنكروايةَ :ٍ الُّتمذي وابن ماجه ،ويف َ
أرادوك فال ختلع ُه هلم) أخرج ُه قميصا فإن
ُ ً
مجهانَ :
(قال َ ٍ
سعيد بن َ
املنافقون خلعها فال ختلعها) ،وعن َ
وسييدك اخلالف َة من بعدي
عليه السالم :خالف ُة الن ِ
قال ِ ِ
رسول اهلل ﷺَ ،
ثالثون سن ًةَّ ،
ثم يؤيت اهللُ َ
امللك َ ّبوة َّ ُ سفين ُة موىل
وعّل كذاَ ،
قال عَّش، َ أمسك أبو ٍ َ من يشا ُءَ ،
ّ وعثامن اثنتي َ عَّشا
وعمر ً
ُ بكر سنتني قال سفينة:
()214
كذبت استاه بني
َ قال: ٍ
بخليفةَ ، َ
يزعمون أن عل ًيا مل يكن إن بني أم ّي َة
قلت لسفينةَّ :
سعيدٌ ُ :
ريض اهللُ عن ُه مبايعت ُه اخللفا ُء الثالث ُة قبل ُه وانقياد ُه هلم ،وثناؤ ُه
َ عّل صح عن ٍّ وقد َّ
ِ
البالغة) بكر ،ففي ِ
(هنج بيعة أيب ٍ ف زمنًا عن ِ اجلم َع واألعيا َد معهم ،وأن تو ّق َ
عليهم وإقامت ُه َ
وأنت بالشا ِم فإن ُه بايعني القو ُمَ كتبه إىل معاوي َةِ :
(لز َمت َْك كتاب من ٍِ هلل عن ُه يف
ريض ا ُ عن ُه
َ
خيتار وال ِ
للشاهد أن وعثامن عىل ما بايعوهم ِ
عليه ،فلم يك ْن َ وعمر الذين بايعوا أبا ٍ
بكر
َ َ
( )
213
( ) يف األصل :بنوا.214
( )زرقا بنت موهب جدة مروان بن احلكم كانت من بغايا اجلاهلية ذوات الرايات التي ينصبن اللواء 215
()218
ٍ
جلرح املصاب هبام
َ وإن أيضا بعدَ ِ
ذكر الشيخني( :لعمري إن مكاهنام لعظيمَّ ، وعن ُه ً
ِ
بأحسن ما عمالً). يف اإلسال ِم شديدٌ رمحهام اهللُ ،وجزامها
يدل عىل هذا املدعى وأواله وأقوى ما يرشدُ إىل اهلدى وأعاله قول ُه أوضح ما ُّ ِ ومن
َخلِ َفن َُّه ْم ِيف ْاألَ ْر ِ ات َل َي ْست ْ احل ِ ِ ِ ِ ِ
ض ك ََام الص َين آ َمنُوا منْ ُك ْم َو َعم ُلوا َّ ﴿و َعدَ اهللَُّ ا َّلذ َ تعاىلَ :
ف ا َّل ِذي َن ِم ْن َق ْبلِ ِه ْم َو َل ُي َم ِّكنَ َّن َهل ُ ْم ِدين َُه ُم ا َّل ِذي ْارت ََىض َهل ُ ْم َو َل ُي َبدِّ َلن َُّه ْم ِم ْن َب ْع ِد َخ ْوفِ ِه ْم
َخ َل َاست ْ ْ
ون﴾[النور،]55 : اس ُق َ ون ِيب َشي ًئا ومن َك َفر بعدَ َذل ِ َك َف ُأو َل ِئ َك هم ا ْل َف ِ َّش ُك َ َأ ْمنًا َي ْع ُبدُ ونَنِي َال ُي ْ ِ
ُ ُ ْ َ َ ْ َ َْ
َّاه ْم ِيف ِ
ْْص ُه إِ َّن اهللََّ َل َق ِوي َع ِز ٌيز ( )43ا َّلذ َ
ين إِ ْن َم َّكن ُ ﴿و َل َين ُ َ
ْْص َّن اهللَُّ َم ْن َين ُ ُ وقول ُه تعاىلَ :
وف وهنوا َع ِن املُْنْك َِر وهللَِّ َع ِ الزكَا َة و َأمروا بِا َْملعر ِ ْاألَ ْر ِ
اق َب ُة َ َ ََْ ُْ َ َُ الص َال َة َوآت َُوا َّ ض َأ َقا ُموا َّ
املخاطبني يف ِ
هذه باخللفاء الراشدين ،ومن معهم ِ يلتصق َّإال
ُ ور﴾[احلج]43 :؛ أل ّن ُه ال ْاألُ ُم ِ
َ
ِ ِ
فإهنم الوصف املحدود َّإال فيهمَّ ، ُ َ
حصل وقت نزوهلا إذ مل جيتمع املوعو ُد وال املؤمنني َ
َ اآلية
حون يف ِ
املدينة يص ّب َ املَّشكني ،وكانوا يف خوف من ٍ عَّش سنني عىل ِ مكثوا بم ّك ًة َ
َ قبل اهلجرة َ
وفتح هلم بال َد ِ
العرب، ِ
جزيرة أنجز اهللُ وعده فأظهرهم عىل َ يمسون حتّى َ الح ِ
وفيه الس ِ
َ ِّ
الرو ِم وم ّلكهم ِ ِ ِ ِ ِ ِ
والغرب وس ّلطهم عىل ِ
الفرس وقيارصة ّ وأكارسة العرب، صناديد الَّشق
ِ ين والس ِ ّمكني والب ِ خزائنهم وأورثهم أرضهم وديارهم مع ِ
العادلة، ية ّ سطة يف الدّ ِ ِ َ غاية الت
ِ
املنكر. ِ
باملعروف والنّهي عن واألمر ونفاذ األمر،
ُ
ٍ
بحرج. ( )يف األصل: 218
هلل عن ُه يف
ريض ا ُ عمر ِ ِ
َ هلل عنه( :أن ُه شاور ُه ُ
ريض ا ُعّل َ َ
(هنج البالغة) عن ٍّ ويف
األمر مل يك ْن نْصه وال كر َم اهللُ وجه ُهَّ :
إن هذا ِ
الفرسَ ، ِ
بنفسه إىل ِ ِ ()219
َ فقال َّ قتال شخوصه
ٍ ٍ
بلغ ما َ
بلغ أعز ُه وأ َّيد ُه حتّى َ خذالن ُه بكثرة وال لق ّلة َ
وهو دي ُن اهللِ الذي أظهر ُه وجند ُه الذي َّ
﴿وعَدَ اهللَُّ ا َّل ِذي َن آ َمنُوا﴾[املائدة:
عز اسمهَ : حيث َ
قال َّ ُ ٍ
موعود من اهللِ وطلع ونح ُن عىل
َ
َ
مكان النّظا ِم( )223من ومكان القي ِم يف اإلسال ِم
َ ونارص جند ُه،
ٌ منجز ما وعد ُه
ٌ ]138اآلي َة ،واهللُ
والعرب اليو َم وإن كانوا ً
قليال فهم ُ جيتمع،
ْ متفر ٍق مل تفر َقُ ،
ور َّب ِّ انقطع النظا ُم َّ
َ اخلر ِزْ ،
فإن َ
دون َ
ذلك ِ
بالعرب ،وأصلهم َ الرحىعزيزون باالجتام ِع فك ْن ُقط ًبا واستدر ّ
َ َ
كثيون باإلسال ِم
العرب من أطرافها َ
عليك تنقصت ِ
األرض ِ
هذه شخصت من َ ِ
احلرب ،فإن ََّك إن نار
ُ ّ
يديك ،وقد كان(َّ )221
أن َ بني أهم َ
إليك ُما َ ِ َ َ
وراءك من العورات َّ تدع
يكون ما ُ وأقطارها حتى
ُ
فيكون ِ
العرب فإذا قطعتمو ُه اسُّتحتم، إليك غدً ا يقولوا :هذا ُ
أصل االعاجم إن ينظروا َ
َ
املسلمنيَّ ،
فإن َ مسي القو ِم إىل قتا ِل
ِ ذكرت من
َ عليك وطمعهم َ
فيك ،فإما ما َ أشدَّ تصلبهم
ذكرت من ِ
كثرة قادر عىل ِ
تغيي ما يكره ُه ،وأما ما اهللَ سبحان ُه هو أكر ُه ملسيهم(َ )222
َ وهو ٌ منك َ
ِ
واملعونة) انتهى كالم ُه نقاتل بالن ِ
ّْص ِ
بالكثرة ،وإنام كنَّا ُ عددهم ،فإنَّا مل نكن ُ
نقاتل فيام مىض
ِ
بلفظه.
( ) الشخوص. 219
( ) انتقضت223
( ) ساقطة
221
ٍ
بكثي ( ) يف األصل:222
ٍ
أشهر ريض اهللُ عن ُه وصلت إىل تس ٍع وعَّشين سن ًة ومخس َة عّل ِ
َ وكانت عندَ شهادة ٍّ
ريض اهللُ عن ُه ،وزا َد شهران َّإال سبع َة أيا ٍم ِ
احلسن ِ
بخالفة ومخس َة وعَّشين يو ًما ،ومتت
َ
واحلديث ور َد عىل الت ِ
َّقريب. ُ
قال ٌ
ملوك وأمرا ٌءَ ، مر فمعاوي ُة وأمثال ُه ليسوا بخلفا َء بل ِ ُ َ
حديث سفينة فيام َّ وكذلك
الزرقا أن اخلالف َة فيهمَ ،
قال كذبوا :بني ّ يزعمون َّ
َ (إن بني أمي َة
قلت لسفين َةَّ : َ
مجهان ُ سعيدٌ بن
ِ
امللوك) ،أخرج ُه الُّتمذي. ش ٌ
ملوك من ِّ بل هم
ِ
وفاة ِ
بإمامة معاوي َة عندَ قول من َ
قال حيمل ُ ِ
(املسايرة) :وينبغي أن َ َ
قال ابن اهلام ِم يف
أليس َّ
أن قيلَ : األمر له) ،فإن َ َ ِ
احلسن وذلك عندَ تسلي ِم
َ ٍ
بقليل ريض اهللُ عن ُه عىل ما بعد ُه
َ عّل
ٍّ
ِ
اخللفاء العباس َّي ِة ِ ِ
وبعض ُ خالفة لف وعلامء األ ّم ِة كانوا مت َ
ّفقني عىل والعقد من الس ِ
َّ
ِ أهل ِّ
احلل َ
ريض اهللُ عن ُه وولد ُهَ ،
وقال: ِ
للعباس ّبي ﷺ ِ املرواني ُة كعمر بن ِ
َ العزيز ،وقد دعا الن ُ عبد َ
ِ ِ ِ
ولده)، هم احفظ ُه يف تغادر ذن ًبا ال َّل َّ
ُ وولده مغفر ًة ظاهر ًة وباطن ًة ،ال للعباس اغفر
(اللهم َّْ
وقال :املهدي من ِ
ولد ِ
عقبه)َ ، ِ
(واجعل اخلالف َة يف ٍ
رواية رزين: الُّتمذي وزا َد يف أخرج ُه
ُ
الدارقطني .
ُ عمي) ،أخرج ُه ِ
العباس َّ
ِ لتفت هو ِ ِ
أن اخلالف َة بعد ُه عليه ا َّ
لسال ُم عىل إليه َّ احلديث واملعنى الذي ُي ُ (قلت :مفا ُد
ُ ٍ االت ِ
ّصال واستقامتها من ِ
تكون ملكًا ،وهو ال ينايف ثالثون سن ًةَّ ،
ثم بعدها َ ُ
تكون اختالل غي
يكون بعد ُه خالف ًة.
َ يف أن
ُ
تكون ثم
ثم يرفعها اهللَُّ ، َ
تكونَّ ، ُ
(تكون النّبو ُة فيكم ما شا َء اهللُ أن وقد روي:
ُ
تكون مل ًكا ثم َ منهاج الن ِ
ِ اخلالف ُة عىل
ثم يرفعها اهللُ تعاىلَّ ،
تكونَّ ، هلل أن
ّبوة فيكم ما شا َء ا ُ
تكون خالف ًة عىل
ُ ثم َ
تكونَّ ، ُ
فتكون ما شا َء اهللُ أن تكون جُب َّي ًة
ُ ثم عاض ًاَّ ،
ثم يرفعها اهللَُّ ، َّ
منهاج الن ِ
ّبوة) ،أخرج ُه أمحد ،والبيهقي. ِ
ِ
األمراء بعد ِ
اخللفاء أمراء ،ومن ِ (ستكون من بعدي خلفاء ،ومن ِ
بعد ُ وروي:
األرض ً
عدال كام ملئت أهل بيتي يم ُ
خأ رجل من ِ خيرج ٌ ِ ِ
َ ثم ُ ملوك ،ومن بعد امللوك جبابرةَّ ،
ِ
وبامللوك ابن َ
سفيان، ِ
باألمراء ولد أيب ِ
احلديث الطُباين ،ولعل ُه أرا َد يف هذا جورا) ،أخرج ُه
ُ ً
ِ
العباس. ظهر دول ُة بني َ ِ ِ
ثم َ مروانَّ ، وباجلبابرة بني الزبي وأعوان ُه،
ٌ
رجل من بني أم َّي َة) ،أخرج ُه أبو يعىل ،ورو َد: (أو ُل من يبدِّ ُل سنّتي
قد ور َدَّ :
وامللك بالشا ِم) ،أخرج ُه احلاكم.
ُ ِ
باملدينة (اخلالف َة
ويرجع
ُ عرف وجوب ُه ِمن َّ
الَّشعِ، َ (واملسلمون ال بدَّ هلم من إمام) ونصب ُه واجب ،قد
َ
ِ
اخللق طاعته، وجيب عىل ِ
الكفاية نصبه، فيتعني عليهم عىل
ُّ ِ
والعقد أهل ِّ
احلل ِ
اختيار ِ إىل
ُ
مسلم. مات ميت ًة جاهل َّي ًة) ،أخرج ُه
مات ومل َير عىل نفس ُه إما ًما َ
السال ُمَ ( :من َ ِ ِ
ٌ لقوله عليه َّ
ٌ
مقدمة مات ميت ًة جاهل َّي ًة) ،وألن ُه عنقه بيعةَ ، ِ وليس يف مات
ويف أخرى ل ُهَ ( :من َ
َ
األصحاب وقدَّ مو ُه تبادر إلي ُه َ ِ
لَّشائط اإلما ِم، ٍ
برئيس عا ٍّم جام ٍع تنتظم َّإال
ُ ولذلك َ ُ ملصالح ال
َ
يكونَ جوزوا َّأال للخوارج ،وأيب ٍِ كل ٍ
يشء خال ًفا عىل ِّ
األصم ،وهشا ُم بن عمرو فإهنم َّ ُّ بكر
العقل ،والشيع ُة ِ أن وجوبه إنام هو من ج ِ
هة وللمعتزلة فإن مجهورهم زعمواَّ : ِ يف َ
العاملِ إما ٌم،
َ ُ
ِ
ّقصان كام بالز ِ
يادة والن ّغي ّ الَّش ِع عن الت ُّ ِ
حلفظ قوانني َّ ِ فإهنم أوجبوها عىل اهللِ تعاىل عن ُه ،إما
مذهب اإلسامعيل َّي ِة.
ُ هو ِ معر ًفا ِ
هلل تعاىل وصفاته كام َ َ
ليكون ّ مذهب اإلمام َّي ِة منهم ،أو
ُ هو
َ
ِ
(وجتهيز حلوزة امل ّل ِة عن تعدّ ي ال ِ
كفرة، ِ (وسد ثغورهم) محاي ًة للبيضة ،وحف ًظا
ِ
األموال ِ
(وأخذ صدقاهتم) من ِ
وإعزاز اإلسال ِم، ِ
كلمة اهللِ ِ
وإعالء ِ
للجهاد جيوشهم)
ثم أبو ٍ
بكر ُ ُ َ ِ ِ ِ
والباطنةَّ ، ِ
الزكا َة منها َّ
يأخذ ّ رسول اهللِ ﷺ وكان باحلامية، األخذ حق
ألن َّ الظاهرة
ِ
محاية ِ
لقصور مالكها ِ
األمصار إىل ّ ِ
الباطنة يف ِ
األموال ِ
صدقات فو َض عثامنوعمر بعد ُه ،وإنام َّ
َ
اإلما ِم فيها.
ٍ
بتأويل وهلم منعة ،فإن استح ّلوا دما َء املسلمني ِ
كاخلوارج يف النّواحي (وقهر املتغ ّل ِبة)
ِ
وإال فهم ال ُبغا ُة فإن تَركهم يدعو إىل تفاقم َّ ِ
الَّش اخلوارجَّ ،
ُ وأمواهلم وذرارُيم ونسائهم فهم
ِ
إعصار املتأخري َن، الغالب يف
ُ هو
ين كام َ ِ
اختالل ِ
أمر الدّ نيا والدّ ِ وتعاظ ِم ُّ ِ
الرض املؤ ّدي إىل
ِ
العمران بال ِ
خارج ِ
الطريق) يف ِ
املدن( ،وق ّطا ِع ِ
االختفاء يف ِ
منعة عىل (واملتلص َص ِة) بال
ِ
اآلحاد ال يتأيت هلم منعهم. ٍ
تأويلَّ ،
فإن
ِ
واألعياد) فإهنا تقا ُم بجم ٍع عظي ٍم ،والتّقد ُم عليهم يعدُّ ش ًفا ورفع ًة (وإقامة ُ
اجل َم ِع
ِ
الفتنة ِ
ثوران ّجاذب املؤ ّدي إىلّنازع والت ِ فيتسارع ِ
إليه ُّ
ُ فيقع الت ُ
الرياسة ُ مهت ُه إىل ّ
كل من مالت ّ ُ
السال ُم: ِ ٍ
سلطان تعتقدُ طاعت ُه أوختشى عقوبت ُه ،وقد َ
قال عليه َّ ّحارب إذا مل يك ْن عن ذي ُ والت
أمرهّ ،إال والبارك اهللُ يف ِ
مجع اهللِ شمله ،وال َ ٌ
أوعادل أال وال َ ()224
( َمن تركها ول ُه إما ٌم جائر
( )الُّتمذي "223 ،219 ،239 ،238 /6 :؛ " اهلداية " و " فتح القدير "133 ،129 /4 :؛ و" 223
عة بني ِ
العباد ،وقبول ّ
الشهادات القائمة عىل احلقوق ،وتزويجِ الواق ِ
املنازعات ِ
ِ (وقطع
َ
يتوالها َّإال ذو ِ
األمور التي ال ّ ونحو َ
ذلك) من وق ِ
سمة الغنائمِ، َار الذين ال أولياء هلمِ ، الصغ ِ
َ َ َ
للض ِ
عيف من القوي. َّافذة ،كتقوي ِم الغوي ،واأل ِ
خذ ّ والكلمة الن ِ
ِ الوالية العا ّم ِة
ِ
ّ
نظم عبارت ُه يف مجو ٍع مضاف ًة تفيدُ العمو َم ُ ويف كال ِم املصن ِ
حيث َ ِّف رمح ُه اهللُ
بويع اخلليفتان فاقتلوا ِ ِ َ
السال ُم( :إذا َ جيوز تعدُّ د ُه لقوله عليه َّ واالستغراق ،إشار ًة إىل أن ُه ال ُ
اآلخر يف رواي ًة ل ُه وللبخاري ُ
احلديث اآلخ َر منهام)( ،)225أخرج ُه مسلم ،وهذا مق ّيدٌ بام يفيد ُه ِ
ُ
ٍ
رجل السال ُم( :من أتاكم وأمركم ُمجِ َع عىل ِ
قال عليه َّ حيث َ ُ ِ
بالقتل يندفع َّإال
ْ من إن ُه إذا مل
ُ
(سيكون بعدي ٍ
رواية هلام: يفر ُق مجاعتكم فاقتلوه) ،ويف ٍ
يشق عصاكم أو ِّ واحد يريدُ أن َّ
ثم أعطوهم ح ّقهم) ،ويروى عن ببيعة َّ ِ ِ فيكثرون قالوا :فام تأمرنا؟ ََ
األول َّ قال أوفوا خلفاء
أهل ّفق ُ َ
ولذلك ات َ ٍ
واحد)، سيفان يف ٍ
غمد ِ يصلح ِ
لخأنصار( :ال بكر ريض اهللُ عن ُه أن ُه َ
قال أيب ٍ
ُ
جو َز بعضهم إمامت ُه بعدَ تسلي ِم ِ
يكن إما ًما ،وإنام َّ أن معاوي َة يف خالفة ٍّ
عّل واحلسن مل ْ احلق َّ
ِّ
ِ
احلسن له.
ِ
ومعتمد ٍ
معتضد فيها أسام َء ٍ
أندلس ِ
أرض يزهدين يف
ُما ّ
ِ
األسد انتفاخا صول َة
ً ِ
كاهلر حيكي غي موضعها ٍ
ُملكة يف ِ ألقاب
ُ
ِ
وتآلف ِ
الكلمة ويبطله احلديث واإلمجاع املتقدّ م ،وأل ّنه ينايف املقصود من ّاحت ِ
اد َ ُ ُ ُ
الغالب يف هو ٍ ِ ِ
القلوب واندفا ِع
ُ مضار ال ختفى ومفاسدَ ال حتىص ،كام َ املخالفة ،ويفيض إىل
عيان ال حيتاج إىل ٍ
بيان. وذلك ٌ
َ ِ
املحن، ِ
واستيعاب ِ
الفتن ِ
استيالء ِ
األمصار من ِ
هذه
ُ
ٍ
فرقة مخس ٍ
فرق :كيساني ٌة وزيدي ٌة وإمامي ٌة ،وغالةٌ ،وإسامعيلي ٌة ،ومن ِّ
كل وهم ُ
قول أو ٌ
عمل ز ّي َن ل ُه فرآ ُه حسنًا ،فاالثني ٍ
بسوء ٌ ٍ
واحدة منها عن غيها طوابق امتازت ُّ
كل َ
ِ
احلسن العسكري بالن ِ
َّص ٍ
حممد بن ِ
اإلمامية ساقوا اإلمام َة حتى انتهت إىل ِ
عَّشية من
ثم ِ والت ِ
ثم ابن ُه احلس ُن املجتبىَّ ،
عّل املرتىضَّ ،
السال ُم ّ
احلق بعد ُه عليه َّ
َّعيني ،وقالوا :اإلما ُم ُّ
ثم ُ
الصادقَّ ، فر
ثم ابن ُه جع ٌ
الباقرَّ ،
ُ ثم ابن ُه حممدٌ
الس ّجادَّ ،
ثم ابن ُه عّل َّ احلسني َّ
الشهيدُ َّ ، ُ أخو ُه
ثم ابن ُه احلس ُن
ثم ابن ُه عّل التقيَّ ،
ثم ابن ُه حممدٌ التّقيَّ ،
الرضاَّ ،
ثم ابن ُه عّل ّ
الكاظمَّ ،
ُ ابن ُه موسى
الّس ِ
داب. بّس من رأى يف ِّ
غاب َّ
املهديَ ،
ُّ املنتظر
ُ القائم
ُ ثم ابن ُه حممدٌ
الزكيَّ ،
ّ
ِ
الغاية ،وجاوزت عن احلدِّ أن الغيب َة قد امتدت إىل ِ
العجيب أهنم قالواَّ : ومن
ِ
املحدود أضعا ًفا مضاعفة ،وصاحبنا َ
القائم وقد طع َن يف األربعني سن ًة َ
فليس ُ خرج
إن َقالْ :
بصاحبكم.
يموت حتى
َ ٍ
جعفر الصادق ،وقالوا :إن ُه حي بعدَ ولن والناوسي ُة منهم قطعوا عندَ
املهدي.
ُّ القائم
ُ وهو
يظهر أمر ُهَ ،
َ
زين العابدين ،ابنه زيدٌ ،ثم حممدٌ بن ِ
عبد الزيدي ُة قالوا :اإلما ُم بعدَ ِ
واجلارودي ُة من ّ
َّ ُ َ
األرض ً
عدال. َ سيخرج ويم ُ
خأ ُ يقتل ِ
احلسن املثنى ،وزعموا أن ُه مل ْ اهللِ بن
ولذلك َ
قال: َ الرأي،
اعر عىل هذا ّ ثي َّ
الش ُ َ
وكان ُك ِّ ُ ِ
بجبل رضوى(،)226 وقالوا :هو حي
( )الشعر والشعراء
226
َ
إسامعيل التّا ّم ادق إىل ِ
ابنه الص َ ٍ والباطني ُة من اإلسامعيلي ُة ساقوا اإلمام َة من
جعفر َّ
ِ
باألئمة املستورين وبعدهم ِ
السبعة ابتدا ًء من ُه دور ٍ
تم ُ حممد( ،)228وقالوا :إنام َّ
ثم ابن ُه ّ
السابعَّ ،
ظاهر األرض عن إما ٍم ّ
قط إما ُ ٍ
حممد بإفريقي َة ،ولن ختلو كان ظهور املهدي ِ
عبيد اهللِ بن َ
ٌ ُ ُ
مكشوف أو باط ٌن مستور.
ٌ
لقد طفت يف تلك املعاهد كلها ...وسيت طريف بني تلك املعامل
ِ
آالف أليس اخلرض وإلياس يغيبان يف الدنيا من ِ ِ
وإذا ُسئلوا عن الغيبة قالواَ :
كيف
قيل هلم :ومع اختالفكم يف هذا َ ِ
البيت؟ َ أهل ٍ
واحد من ِ جيوز َ
ذلك يف سنني( )233فلم ال ُ
( )
228
إلياس بن مرض
َ (ويكون من قريش) وهم بنو ٍ
نرض بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن ُ
ٍ
قريش وأحيائهم عىل األكثر، أنساب جيمع ّرض هو الذي بن نزار بن ٍ
معد بن عدنان ،والن ِ
َ ُ
ٍ
كعب بن مر َة بن
بن كالب بن ّ وقيل :ق مالك بن الن ِ
ّرضَ ، فهر بن َ وقيلُ :بل َ
هو حفيد ُهٌ ، َ
فهر.
لؤي بن غالب بن َ
ونبطي
ٌ اجتمع قرييش
َ ٍ
قريش حتّى إذا تصلح يف ِ
غي ُ عمر إىل أهنا
رضار بن َ
ٌ وذهب
َ
خالف
ُ وأضعف وسيل ًة ،فيمكننا خلع ُه إذا
ُ وأنقص عد ًدا
ُ َّبطي إذ هو ُّ
أقل عد ًدا قدَّ منا الن ُ
الَّش ِ
يعة. َّ
آلخر
َ ويفوضها َّأو ٌل العباس يتوارثها صاغر عن ٍ
كابرِّ ، ِ واستمرت اخلالف ُة يف بني
املستعصم ِ
بالعراق َ
وكان آخرهم صح ْت واليتهم،
رجال منهم ّ وثالثون ً
َ سبع
حتّى قا َم هبا ُ
ُ
ِ
األربعاء ألرب ِع عَّش َة خلت من قتل شهيدً ا يو َم ِ
املستنْص باهلل َ ِ
العباس عبدُ اهللِ بن باهللِ أبو
ِ
األتراك. وستمئة خارج بغداد يف ِ
فتنة ٍ ومخسني
َ ص َف ٍر سن َة ٍ
ست
َ َ َ
العز
ثبات ِّالعجز عندَ رهبا كناي ًة عن ِ
ِ ِ
بَّشيعته عىل العمو ِم وعد ِم ُ
واألخذ أتباعه يف ِ
دينه ِ مجيع ِ
وبنو عمه ال َ
ِ
وعند رهبا كناي ًة عن ثباَتم عىل حت ِ
صيل ِ
األمة عىل العمو ِم ِ
اخلالفة أو ِ
األمر ومتكُّنهم يف ِ
واستقامة ِ
وامللك
الَّش ِ
يعة كام كانوا ين وال َّث ِ
بات عىل معاملِ َّ ث بالدِّ ِوحسن التشب ِ ِ ِ
الكامل ِ
املعارف واحلك ِم عىل ِ
وكسب العلو ِم
ُّ
اخلالفة العباس َّي ِة من ُه س َّلم ُه اهللُ تعاىل.
ِ ِ
وعهد ِ
الفاضلة ِ
القرون ِ
عليه يف
هلل عن ُه َ
قال :إين ريض ا ُ ٍ
وقاص برواية ٍ
سعد بن أيب ِ السال ُم ِ ِ ذلك ُ ولعل َ َّ
َ حممل قوله عليه َّ
نصف يو ٍم؟ ٍ
لسعد :وكم نصف يو ٍمَ ،
قيل رهبا أن ِّ
يؤخرهم
ُ َ ألرجو أن ال يعجز أمتي عندَ ِّ
مخسامئة ٍ
سنة)( ،)233أخرج ُه أبو داوود. ِ َ
قال:
ً
تكميال ِ
طاعته ِ
خول يف ِ
اخلليفة والدّ ِ
نصب مْص بجملتهم إىل مهة ِ
أهل َ ثم ن ََزعت ّ
َّ
ِ
البيعة أليب القاس ِم َملس ِ
املبني ،فعقدوا الَّش ِع ِ
الكفاية يف َّ ِ
لواجب ً
وحتصيال ين ملراس ِم الدِّ ِ
َ
املستنْص باهللِ ،فبايع ُه العبايس ،وأثبتوا نسب ُه ول َّقبو ُه ِ
لدين اهللِ رص ِ
الظاهر باهللِ بن النَّا ِ أمحدَ بن
َ ُ
ُ
واملشايخ ثم العلام ُء ِ ُ الس ُ ِ
الصاحليَّ ، الُّتكي ّ الفتوح بيُبس ّ الظاهر أبو
ُ امللك لطان باخلالفة ُّ
وستمئة بعدَ انق ِ
ضاء ٍ ومخسني رجب سن َة تس ٍع ِ
اجلمعة من َ
وذلك يو َم واألمرا ُء عىل مراتبهم،
َ َ
وكان آخرهم املتوك ُّل عىل ا ِ َ عَّش ً ِ ِ
هلل رجال، مقتل املستعص ِم ،فتداوهلا مخس ُة َ سنني من
َ ثالٍ
وانقرض اخللفا ُءَ ٍ
وتسعمئة، وأربعني
َ ٍ
مخس وتويف سن َة املستمس ِك باهللِ
ِ أبو ِ
عبد اهللِ حممدٌ بن
َ
بعد ُه بالكل َّي ِة.
ِ
أحوال ِ
قلوب العاملِ ،ومراعاة ِ
ّاموس يف ِ
ومتكني الن ِ
اهليبة إظهار َ
وكان قواعدهم
ُ
ِ
والعمل بأقواهلم وإحضارهم يف َمالسهم واستشارَتم، ِ
العلامء ِ
األمور وتعظي ِم الَّش ِع يف ِّ
كل َّ
وضعف أمرهم
َ للحق هلم أو عليهم إىل أن وقعت الفتن ُة بينهم،
ِّ ِ
االنقياد وكانوا يف ٍ
هناية من
ِ ِ وتالشت عصبتهم وعجزوا عن ِ
ب عليهم الرياسة ،فتغ َّل َ
محل مرسو ِم اخلالفة ومعمو ِم ّ
ِ
اخلالفة أد ًبا ِ
ألقاب َ
يتجافون عن غي أهنم كانوا األعاجم ونوزعوا َ
امللك ،واستبدَّ وا برأُيمَ ، ُ
ون بعهودهم ويظهرون طاعتهم ويتو ّل َ
َ َ
وخيطبون هلم املختص ِة هبا،
ّ ً
وعدوال عن سامَتا معها
واستمر صفحات نقودهم مع استشعار زُيم يف راياَتم ولباسهم، ِ َ
وينقشون أسامءهم عىل
َّ
وحمي اسمها ،ونيس عهدها وذهب رسمها ِ
باجلملة اضمحلت
ْ ِ
اهليئة إىل أن احلال عىل ِ
هذه ُ
َ َ
ذلك ويسلك كل طري ًقا ال يوافق ُه يف َ
ُ ٍ
واحد منهم رأ ًيا مهال يرى ُّ
كل ِ
األطراف ً ُ
ملوك وبقي
َ
غي ُه.
( )
233
مات ميت ًة جاهل َّي ًة؛ عنقه بيع ٌة َ مات وليس يف ِ وأن من َ قريشَّ ، ٍ أن األئم َة من ثبت َّ
وإذا َ
َ
ذهب ِ اخللفاء العباس َّي ِة عىلِ قول من َ
قالَّ : ِ
األزمنة ُ صدق يف ِ َ
اإلشكال ،وإن َ األمر بعدَ
َ إن هذه
مذهبٌ وجواز عقدها لغيهم ،وتعدُّ ِد ِه لكن ُه ُ ِ
القريشية فيها، ِ
اشُّتاط بعضهم إىل نفي
الَّشائط فيمن تصدَّ ى ُ تعذ َر وجو ُد نعم لو َّ ُ ِ ٌ
االسُّتسال بهْ ، جيوز
مطروح ال ُ ٌ وقول مرجوح
ٌ
فيه الَّشائط تولية من وجدَ ِ ِ يقدر عىل فتنة ال ُ رصفه عنها إثار ُة ٍ ِ َ ِ
تطاق ،ومل ْ وكان يف لإلمامة
ِ والعدول عن مراس ِم َّ ِ
آخر وقعدَ مكان ُه ب عليه ُ جيب طاعته ،وإذا تغ َّل َ الَّشيعة ُ ُ اجلور،
ُ لغلبة
ِ
تولية ِ
األمة يف بتعطيل ِ
أمور ِ الرض ِر العا ِّم
ويثبت حكم ُه لل َّثاين ،حتاش ًيا عن لزو ِم َّ األو ُل َ
ُ انعزل َّ
يثبت َ ُ ِ ِ ِ
رضوري ُ
ٌ أمر
وذلك ٌ مْصا،
قْصا وهد َم ً
فيكون كمن بنى ً اخلصومات، وفصل القضاء
احلاجة ِ
إليه ،ويتقدّ ُر بقدرها. ِ عندَ
ِ
كالب ،والدُ ِ
مناف بن ق ِ بن (وال خيتص ببني هاشم) وهو لقب عمرو بن ِ
عبد ُ َ ُ ُّ
ِ
إمامة صح ِة ِ ِ ِ ِ
عبد املطلب جدُّ الن ِ
إلطالق احلديث ،وملا ثبت من ّ والسال ُم
َّبي عليه الصال ُة َّ
أن ِ
العلويةَّ ،إال َّ جيوز عقد اإلمامة ِ
لغي للش ِ
يعة فإهنم زعموا أن ُه ال ِ
اخللفاء الثالثة خالف ًا ِّ
ُ
إن أبا هاش ٍم عبدُ
دون غيهم ،وقالواَّ :العباس َ ِ ِ
إمامة بني ِ
بصحة بعض الكي ِ
سانية منهم قالوا َ
ِ
أوالده الوص ّية وأنجر ْت يف عّل الع ّبايس، ٍ ِ ٍ
َّ اهللِ حممد بن احلنف َّية أوَّص هبا إىل حممد بن ٍّ
السال ُم ِ ُ ِ
التصال الن ََّس ِ ألن هلم فيها ح ًقا ِ
وصارت اخلالف ُة إليهم؛ َّ
رسول اهللِ عليه َّ تويف
ب ،وقد َ
جعفر بن عبد اهللِ بن معاوي َة بن ِ
عبد اهللِ بن بالوراثة ،وبعضهم جوزوا إمام َة ِ
ِ والعباس أوىل
َ َّ ُ
طالب.
َ أيب
ظاهرا، نصا ِ ِ ِ األ ّم ِة ،فإ ّن ُه ُب ِع َث لرف ِع
ً ريض اهللُ عن ُه ً
َ عّل
نص عىل ٍّ الوفاق ،وقد َّ وتقرير اخلالف
ِ
خيرج عنهم وإن
ُ واضحا ،وإهنا ال حمال َة يف أوالده ً
نصا يف إما ٍم بعدَ إما ٍم ،وال ً وع ّين ُه تعيينًا
فبخفية من غيهم ،أو بتق َّي ٍة من عندهم.ٍ خرج
َ
حابة عىل ِ
بيعة سلف من إمجا ِع الص ِ
َ معصوما) ملا قد يكون
َ ُ
يشَّتط يف اإلما ِم أن (وال
َّ ً
يعة فإهنم قاسوها عىل الن ِ
ّبوة من للش ِ ِ
العصمة فيهم ،خال ًفا ِّ ِ
بانتفاء ِ
الثالثة مع القط ِع ِ
اخللفاء
نال َع ْه ِدي قال سبحانهَ :
﴿ال َي ُ ظلم ،واإلمام ُة عهدُ اهللِ ،وقد َ
وألن املعصي َة ٌ
َّ غي جامعٍ، ِ
ِ
فلحوق الظلم ،ولو س َّل َم يوجب ِ
العصمة ال ني﴾[البقرة .]124 :واجلواب :أن عد ُم ال َّظامل ِ َ
َ ُ
ِ
هبدمه. اإلسال ِم
ِ
العصمة مل ِ
غيه ،فلو َع ِر َي عن ً
وناقال ل ُه إىل شع حافظ ًا للَّش ِع ومب ِّينًا
وقالوا :هو َ
ِ يؤمن يف ِ
آخر ويفوت مصلح ُة نصبه ،أو َ
افتقر إىل إما ٍم َ ُ جيب تبعيت ُه، الزيغٍ ،فال ُوهنيه عن ّ أمره ُ َ ْ
جيب طاعت ُه يففيتسلسل .واجلواب :أنَّا ال نس َّل َم أن ُه ُ ُ ِ
األقبح ِ
األصلح وحيفظ ُه عن يثبت ُه عىل
ارع من ٍ ِ ِ ِ كل ٍ ِّ
أمور الش ُ ب للقيا ِم بام ّ
عرف ُه َّ اليسء ،فإن ُه إنام ُن ّص َاملنكر ّ متابعته يف يشء ،حتى يلز َم
ِ
جوع إىل
الر ُ
جيب ّ علم خمالفته ُ وجب متابعته ،ومهام َ َ ظن موافقت ُه ع ّينها وأحكا ٍم ب ّينها ،فمهام َّ
أحب أو السمع والطاع ُة فيام عليه السالم( :عىل ِ
املرء املسل ِم قال ِ االجتها ُد واألد ّل ُة ،وقد َ
َّ ُ َّ ُ
سمع وال طاع َة) ،أخرج ُه الستة. ٍ
بمعصية فال فإن ُأ ِم َر ٍ
بمعصية ْ ؤمر ك َِر َهَّ ،إال ْ
َ أن ُي َ
ِ ٍ
عّل
مر عن ٍّالصحيحني( :ال طاع َة يف معصية إنّام ال ّطاع ُة يف املعروف) ،وقد َّ ويف ّ
هذه األم ِة بأدبني الكتاب والسن ُة ،ال هواد َة عندَ الس ِ
لطان فيهام، هلل أدب ِ ريض اهللُ عن ُهَّ :
ُّ ُّ ُ ّ (أن ا َ َّ َ َ
هلل
ريض ا ُ فإن أبا قاتلو ُه) ،وعن أيب ٍ
بكر خرج عن ُهْ ، ٍ ٍ وأن ُه ْ
َ لطعن أو بدعة ر ُّدو ُه إىل ما َ خرج
إن َ
عصيت فال طاع َة يل عليكم) ،وعن ِ
عبد اهللِ بن عمرو بن ُ أطعت اهللَ ،فإذا
ُ عن ُه( :أطيعوين ما
هلل ِ
طاعة ا ِ ونفعلَ ،
قال :أطع ُه يف َ عم َك معاوي ُة يأمرنا أن َ
نفعل العاص أن ُه َ
قيل ل ُه( :هذا اب ُن ّ
ِ
أمراء ِ
إطاعة ِ
وجوب مسلم وأبو داوود ،وقد أمجعنا عىل ِ
معصية اهللِ) ،أخرج ُه ِ
واعصه يف
ٌ
ونو ِ ِ
اب اإلما ِم مع عد ِم عصمتهم فيام مل ُي ُ
علم خمالفتهم. األطرافّ ،
بقوله تعاىل﴿ :إِنَّام ي ِريدُ ا ُ ِ ِ
ِ ِ عصمة ِ ِ ثم إهنم استد ّلوا عىل
ب َعن ُك ُم هلل ل ُي ْذه َ َ ُ البيت أهل َّ
ٍ
سعيد عّل وفاطم َة وابنيهامَ ،
وقال أبو ت﴾[األحزاب ،]33 :ألن ُه َ الرجس َأه َل ا ْلبي ِ
نزل يف ٍّ َْ ِّ ْ َ ْ
ٍ
رواية واثل ُة والطُباين ،ويف ِ
وهؤالء) ،أخرج ُه أمحدُ ِ
رسول اهللِ اخلدري( :إهنا نزلت يف مخسة:
ُ ُ
أحق) ،أخرج ُه أمحدُ ،وعن عائش َة وأ ِم َس َلم َة وأهل بيتي ُّ ُ هؤالء ُ
أهل بيتي، ِ قال( :ال ّلهم
َ
مثل ٍ
صحيحة َ بطرق متعدّ ٍ
دة ٍ مالك وغيهم َ أرقم وأنس بن ٍ ٍ
وقاص وزيد بن َ َ وسعد بن أيب
َ
ذلك.
نزل قول ُه تعاىلَ ﴿ :ف ُق ْل َت َعا َل ْوا نَدْ ُع َأ ْبنَا َءنَا َو َأ ْبنَا َء ُك ْم َونِ َسا َءنَا َونِ َسا َء ُك ْم َو َأ ْن ُف َسنَا
وأن ُه ملا َ
واحلسني،
َ ُ
رسول اهللِ ﷺ عل ًيا وفاطم َة واحلس َن َو َأ ْن ُف َس ُك ْم﴾ [آل عمران ]61 :اآلي ُة ،دعا
سلم والُّتمذي. ِ
هؤالء ُ َ
أهل بيتي) ،أخرج ُه م ٌ وقال( :اللهم
ِ
بذكر فإن اآلي َة حمفوف ٌة
يناسب املقا َمَّ ، ِ
البيت هبم ال ختصيص ِ
أهل وأجيب :بأن
ُ َ
ِ
االستئناف، ٌ
تعليل ألمره َّن وهنيه َّن عىل فهي األزواج ُفتِ َح ْت بوعده َّن ُ
ِ
وختمت بوعظه َّنَ ،
وإذهاب اإلث ِم، ِ ِ الض ِ
مي للت ِ ِ
ُ املذمومة األحوال ّغليب أو التّعظي ِم ،واملرا ُد الت ُ
ّطهي من وتذكي ّ
ِ
ختصيصه هبم. ٍ
التفات إىل غي ِ
البيت من ِ أهل ِ
واحلديث يقتيض أهنم ُ
قالِ :
أنت رسول اهللِ؟ َ
َ ريض اهللُ عنها قالت( :وأنا معهم يا بأن أ َّم سلم َة
ور َّدَّ :
َ
فتنحي يل عن ِ
أهل ٍ ِ ِ
الُّتمذي ،ويف رواية عنها قالت( :قومي ّ
ُ وأنت إىل خي) ،أخرج ُه مكانك
ِ
البيت ال ُ
فأهل ِ
ّخصيص، األحاديث ك ُّلها ُّ
تدل عىل الت ُ يت قري ًبا) ،بل
فتنح ُ فقمت
ُ بيتي،
ّ
قيل ِ
فيه [شعر](:)235 عم ما ََ ِ وقد ُج َّر َب َ
كذلك ون َ ذلك فوجدَ
َ ِ
(ش ْي َئان يعجز ُذو الرياضة َعن ُْه َام َ ...ر ْأي الن َِّساء وإمرة ّ
الصبيان)
تلف فيها وهي: وشوط أخرى ُخم ٌ ٌ ّفق عليها احلنفية واألشعرية، شوط ات ٌَ ِ
وهذه
ِ شط ِّ
ُ والشجاع ُة،العدال ُة واالجتها ُد ّ
حل التّولية ،ولكن لو ِّ َ
ويل فاقدها واملختار عندنا أهنا
ُ
أن اخلالف َة منعقد ٌة للمتك ِّف ِل هبا من بني
قال( :والذي نرى َّ حيث َ ُ مال الغزا ُيل ِ
وإليه َ جاز،
ِ
الوالية ِ
ببطالن ِ
املصالح ،ولو قضينا ِ
للسالطني تشو ًقا إىل مزايا وأن الوالي َة نافذ ٌة العبا ِ
سَّ ،
مطيع ُ
والسلطان الر ِ
بح، ِ رأس ِ
ٌ طلب ِّ املال يف فو ُت َفكيف ُن ِّ
َ رأسا،
املصالح ً
ُ اآلن لبطلت
ِ
األرض ،والي ٌة( )236نافذة ِ نافذ احلك ِم والقضاء يف
فهو ُ ِ ِ ِ
أقطار والسك ُةَ ،
أصل اخلطبة ِّ للخليفة يف
اإلحكام)( ،)237هذا كالمه.
ُ
شط والشافعي ،وأمحد :إهنا ٍ
مالكَّ ، السهروردي ،وعندَ ٍ ِ
وبمثله َ
حفص ّ قال أبو
(سائسا) أشار إليها بقوله: ِ
الوالية ،ومثل ُه عن أئمتنا ال ّثالث ُةَّ ، صح ِة
ً ِّف رمح ُه اهللُ َ
ولعل املصن َ ّ
رأيه ورو ّي ِته.
اجلمهور بقو ِة ِ
ِ ّ ِ
مصالح ِ
َّْصف يف ِ
األمور والت ِ
لتدبي أي مالكًا
( )األبيات من الكامل ،لـ احلسني بن عّل املروروزي .يتيمة الدّ هر(.)97/4 235
( ) ساقطة من األصل.236
ِ
(واجلور) عىل ِ
العدالة، ِ
وسقوط باخلروج عن ال ّط ِ
اعة ِ ِ
بالفسق) ينعزل اإلما ُم ُ (وال
ِ وفسق ِبه أو ِ ِ ِ
بغيه َ جار يف احلك ِم
ثم َ وهو عدْ ٌل َّ
عباد اهللِ باالرتشاء وغيه ،ولكن لو ُق ِّلد(َ )239
ِ ِ العزلَ ،
ُ
ّس خلع ُهالشوك ُة و َع ُ َ
اجلاهل مهام ساعدت ُه ّ (السلطان الظاملِ قال العزايل: يستحق
ُّ
ِ
املسايرة: وجب ترك ُه والطاع ُة له)(َ ،)243
وقال ابن اهلام ِم يف االستبدال ِبه فتن ٌة ال تطاق،
ِ َ
وكان يف
َ
اخلروج عىل الظاملِ كذا َ
نقل احلنف َّي ُة عن أيب حنيف َة رمحهم اهللُ ،وكلمتهم قاطب ٌة ُ جيب
(وال ُ
اجلمع خلف بني أم َّي َة وانقادوا هلم ،وأقاموا والتابعني ص ّلوا الصحاب َة ِ
توجيه َّ متَّفق ٌة يف
َ َ َ أن َّ
ب ِ
األمر واملتغ ِّل ُ واألعيا َد معهم وقبلوا الوالي َة منهم ،وال خيفى أهنم كانوا ملوكًا تغ ّلبوا عىل
األمور) انتهى. تصح منه ِ
هذه
ُ ُّ ُ
( ) يف األصل :قد.239
َ
ومخسون ف ِ
للحسن املثنَّى ومع ُه ن ِّي ٌ الرمحن بن ٍ
حممد بن األشعث يدعوا ِ وخرج عبدُ
َ
كسعيد بن جبي ،وعبدُ الرمحن بن أيب ليىل ،وأبو ٍ ٍ
رجل فيهم علام ُء صلحا ُء ومائ ُة ِ
ألف
َ
مروان. عبد ِ
امللك بن التابعني وأكابرهم عىل ِ ِ
أعيان الطائي وغيهم من ُّتي
َ ُ ال َبخ ُ
ِ
ومعاونته عىل ِ
بيعته وكان أبو حنيف َة اإلمام عىل
َ ِ
احلسني عّل بن
وخرج اإلما ُم زيدٌ بن ٍّ
َ
عبد ِ
امللك. هشام بن ِ
خلف ِّ
كل َب ٍّر السال ُم( :ص ّلوا ِ ِ َ
َ خلف كل ٍّبر وفاجر) ،لقوله عليه َّ (وجتو ُز الصال ُة
يرضَّ ،
ألن كان ِ
وإن َ
ثقاتْ ، ٍ ٍ
انقطاع فإن ُه ال ُّ
ٌ فيه ٌ بإسناد رجال ُه الدارقطني
ُ وفاجر) ،أخرج ُه
ِ
ولغيه، طرق ل ُه ِ
العلامء ،وقد اعتضدَ بعدّ ِة ٍ ِ
مجهور حج ٌة عندنا وعندَ ُ
وهو ّ اإلرسالَ ، غايت ُه
ِ ِ ِ ِ ِ
وافض ،خال ًفا للشيعة ّ
فإهنم َشطوا الر
الكفر كغالة ّ الفاجر إىل حدِّ
ُ ور
وهذا إذا مل ينته فج ُ
جاهال ِبه.
ً ِ
الكافر خلف
َ جوزوا الصال َة ِ ِ
جلواز اإلمامة العدال َة ،وإن َّ
( )موسى السبالين أو السيالين ،أو السنبالين من أهل القارون (تاريخ واسط 71 :وتصحف فيه إىل: 241
السالين"وتصحف فيه القارون إىل الفاروٍ"وهو َمود بخط مغلطاي فيام نقل من تاريخ واسط
لبحشل"السبالين" (إكامل / 1 :الورقة ، )141وذكر ابن َأيب حاتم :موسى السيالين ومل يذكر عمن
روى أو من روى عنه ،ولكن نقل توثيق حييى بن َم ِعني له ( ،169 / 1 / 4ونقله عنه السمعاين يف
"االنساب" (َ )362 / 7و َقال :السيالين :بفتح السني املهملة والياء آخر احلروف والالم ألف ويف آخرها
مح ِن ْبن َأيب حاتم ...الخ" ،ومل يذكر ما هو ،وعلق حمققه تعليقا
الر ْ َ
النون ،هذه النسبة إىل سيالن ،قال َع ْبد َّ
باردا فقال"لعله منسوب إىل جزيرة عظيمة جنوب اهلند"! ! .قال بشار :هذا كالم يدل عىل قلة املعرفة
فأين العلامء قبل حييى بن َم ِعني من سيالن؟ بل لعله منسوب إىل أحد أجداده ،فاسم"سيالن"معروف
(انظر مشتبه الذهبي . )351 :ثم وجدته َمودا بخط ابن املهندس"السنبالين" -بالنون والباء املوحدة،
فلعله نزل"سنبالن"املحلة املشهورة بأصبهان؟ وهو االشبه واهلل أعلم.
األربعة ،والعبادل ُة اخلمسة ،أوِ ِ
كاخللفاء عرف بالت ِ
ّواتر ثم كون ُه صحاب ًيا ُي ُ َّ
ِ ٍ ِ
ويسيب كحميم ُة الدّ ُبإخبار صحا ٍّ حمصن ،وضام ُم بن ثعلب َة ،أو باالستفاضة كعكاش ُة بن
حكم مات بأصفهان مبطونًا فشهدَ له أبو موسى األشعري أنه سمع النبي ِ
عليه السال ُم الذي َ
َ َ َ ُ ُ ُ
ِ
عدالته إذا مل يكن دعوا ُه خار ًقا ِ
ثبوت َ
بذلك ،بعدَ ِ
نفسه ِ
وإخباره عن ِ
بقوله ل ُه بالشهادة ،وتار ًة
ِ
للعادة.
أهل ٍ
ثم ُ ِ ِ
أصحاب
ُ ثم
بدرَّ ، ثم بقي ُة العَّشةَّ ،
وأفضلهم عىل اإلطالق اخللفا ُء األربع ُةَّ ،
أهل ٍ وقيلُ : ِ
باحلديبية َ ِ ِ
أحد. ضوان الشجرة الذي َن بايعوا بيع َة ّ
الر
ِ
اجلنةَّ ،إال نساء ِ ِ السال ُم( :فاطم ُة سيد ُة ِ ِ ِ ِ ُ
أهل وأفضل نساء األمة فاطم ُة لقوله عليه َّ
ِ
اجلنة َّإال نساء ِ
أهل ِ ِ
(أنت سيد ُة ٍ
رواية: وصححه ،ويف احلاكم َ
عمران) ،أخرج ُه مريم بنت
َّ ُ َ
َ
وهذيك السال ِم هلا( :أنا وإ ّي َ
اك ِ ٍ مريم البتول) ،أخرج ُه ابن أيب شيب َة وابن
جرير ،وقول ُه عليه َّ َ
ِ
وابنيه. ِ
القيامة) ،أخرج ُه أمحد ،يعني عل َّي ًا ٍ
واحد يو َم ٍ
مكان الراقدُ يف
وهذا ّ
البخاري.
ُ وقوله( :فاطم ُة بضع ٌة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني) ،أخرج ُه
( )اآلسية من البناء املحكم والدعامة والسارية واخلاتنة وبنت مزاحم امرأة فرعون .قاموس 242
( )
243
بنت خويلدَ ،وفاطم ُة (حسبك من ِ
عمران ،وخدجي ُة ُ
َ نت
مريم ب ُ
العاملني ُ
َ نساء َ وقول ُه:
َ
حبان ِ
املنذر وابن وصحح ُه اب ُن والُّتمذي َ
فرعون)( ،)244أخرج ُه أمحدُ بنت ٍ
حممد ،وآسي ُة امرأ ُة ُ
َّ ُ
واحلاكم.
ُ وابن أيب شيبب َة
ومسلم
ٌ البخاري
ُ وخي نسائنا خدجي ُة)( ،)248أخرج ُه
ُ مريم،
ُ (خي نسائها
ُ وقوله:
والُّتمذي.
ُ
( )
244
( )
245
( )
246
( )
247
( )
248
( )
249
ِ
النساء بعدَ خدجي َة ،ألن ُه ُ
أفضل (أن عائش َة
هللَّ :
وحكى األكمل عن أيب حنيف َة رمح ُه ا ُ
قال النبي ِ
عليه هلل تعاىل ،وقد َجُبيل ،كام أقرأ خلدجي َة من ا ِ َ ِ
عليه السال ُم أقرأها السال ُم من
ُ
الثريد عىل ِ
سائر الطعا ِم أخرج ُه أمحدُ ِ ِ
كفضل ِ
النساء فضل عاش َة عىلالصال ُة والسال ُم فيها ُ
ُ
عائشة ٍ
امرأة َّإال وقال الوحي مل يأتنِي وأنا يف ِ
ثوب والُّتمذي وابن ماجه َ ومسلم والبخاري
ُ ٌ ُ
املهاجرين واألنصار) هم
َ َ
األولون من َ
والسابقون سائي(
ومسلم والنَّ ُ
ُ البخاري
ُ أخرج ُه
ِ
املسيب وقتاد ُة والذين سيين وابن ِ
احلنفية وابن ٍ
حممد بن الذين صلوا إىل القبلتني عندَ
َ
كعب القرظي وعطاء ٍ ٍ
حممد بن ِ
وغيه وعن هلل
قول الشعبي رمح ُه ا ُ ِ
الرضوان يف ِ شهدوا بيع َة
ِ
السبق ذلك إىلوالنظر يف َ عدد طبقاَتم وأصنافهم ِ ف يف أهل بدر( واختل َبن يسار أهنم ُ
ُ
النيسابوري هلل احلافظ أبو ِ
عبد ا ِ ُ ِ
الفاضلة وقد جعلهم ِ
املشاهد ِ
وشهود ِ
واهلجرة باإلسال ِم
ُ
اق ِ
البعث وهم ُس َّب ُ ِ
وغيه اثنتي عَّش َة طبق ًة( األوىل قو ٌم أسلموا بمك َة َّأو َل املعروف باحلاك ِم
ُ
طالب ومحز ُة بن وجعفر بن أيب ٌ
وبالل وعّل وأيب بكر وزيد بن حارث َة مثل خ ٍ
دجية املسلمني َ
َ
َ ُ ٍّ
اختلف يف َ أعلم خال ًفا أن عل ًيا أوهلم إسال ًما وإنام احلاكم ال قال ِ
العَّشة َ ِ
املطلب وبقي ُة ِ
عبد
ُ ُ
ِ
الندوة بعدَ أصحاب ِ
دار ِ
الناس إسال ًما خدجي ُة ( الثاني ُة أن َّأو َلواإلمجاع عىل َّ ِ
بلوغه إسالم ُه
ُ ُ
عمي( الثالث ُة الذين وذكوان بن ِ
ِ
َ ومصعب بن
ُ عبد قيس عمر كأسعد بن زرار َة إسال ِم َ
العاص األموي ،وأيب موسى األشعري وهشا ُم ِ ٍ
سعيد بن ِ
احلبشة كعمرو بن هاجروا إىل
ورافع بن مالك ،وعباد ُة بن
ُ ِ
األنصار كأيب اهليث ِم بن التيهان، سباقالعايص السهمي( الرابع ُة ُ
وعباس بن عباد ُة وقطب ُة ٍ
كعب ِ
العقبة األوىل الثانية كأيب بن وأصحاب ِ
الصامت وكانوا ست ُة
ُ ُ
ٍ
كسعد بن عباد َة وعبد اهللِ بن ِ
الثانية ِ
العقبة أصحاب عَّش( اخلامس ُة
ُ بن عامر وكانوا اثني َ
السال ُم بقبا َء ِ َ سبعني ( السادس ُة ٍ رواح َة وأيب
املهاجرون الذين حلقوا بالنبي عليه َّ َ أيوب وكانوا
ومسطح أهل ٍ
بدر الكُبى كاملك بن ربيع َة ِ
املدينة ،والسابع ُة ُ ِ
واالنتقال إىل ِ
املسجد قبل ِ
بناء َ
ٌ
َ ٍ ٍ ٍ ٌ
وسبعة ثالثمئة رواية وسهل بن حنيف وغيهم ،وكانوا ثالثمئة ومخس َة َ
عَّش ويف بن أثاث ٌة
ِ
املطلب أقبل احلديبي ُة كعباس بن ِ
عبد عَّش أخرج ُه أبو داوود( والثامن ُة الذي َن هاجروا َ َ
ِ
الرضوان) كُبيد ُة بن أهل ِ
بيعة ِ
احلارٍ وغيهم( التاسع ُة ُ طالب ونوفل بن وعقيل بن أيب
َ
البخاري ٍ
وأربعمئة أخرج ُه ٍ
عازب وكانوا أل ًفا الض ِ
حاك والُبا ُء بن وثابت بن َّ
ٌ ِ
اخلصيب
ُ
الفتح كجبي بن مطعم َ
وأقبل ٍ
ومخسمئة ( العاش ُة الذين هاجروا ألف ٍ
رواية ٌ ومسلم ويف
ُ ٌ
فتح مك َة إما ً
طوعا أو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيهم(واحلادي ُة عَّش َة مسلمو ِ
ٌ
صبيان أدركوا سفيان بن حرب وابن ُه معاوي ُة ( الثاني ُة عَّش َة
َ ٍ
جهل وأيب كرها كعكرم ُة بن أيب
ً
األويس وأيب
ُّ ٍ
سهل الفتح أو بعد ُه كمحمود بن ربيع وأبو أمام ُة أسعدُ بن ِ النبي ﷺ يو َم
َ
ِ
اهلجرة ،وأما مجل ُة األصح سن َة ٍ
مئة من ِ َ
وكان وفات ُه عىل مات منهم،
آخر من َ الطفيل وهو ُ
ٍ مئة ٍ
مات عن ٍ ِ ِ
وأربعة ألف السخأ ُم َفكثي ال يعلم ُه باحلقيقة َّإال اهللُ ،وروى أن ُه عليه َّ
ٌ عددهم
ذلك ِ
التشاجر وال نرى َ كان بينهم من ِ
القول فيام َ ونسكت عنُ وعَّشي َن أل ًفا َّ
(إال بخري)
طه َر اهللُ أيدينا ِ
وغيه َ ِ قادحا فيام سبق هلم من اهللِ احلسنى وعن عمر بن ِ
تلك دما ٌء َّ العزيز عبد
تلك أم ٌة قد عّل وعائش َة َ
فقال َ ِ َ نلو ُ
وسئل أمحد بن حنبل عن أمر ٍّ ٍ ألسنتنا هبا، عنها فال ِّ
السال ُم ال ِ ِ َ
تسألون عام كانوا يعملون لقوله عليه َّ خلت هلا ما كسبت ولكم ما كسبتم وال
مثل ٍ
أحد ذه ًبا ما َ
بلغ ُمدَّ أحدهم وال نصيف ُه أخرج ُه انفق َ
تسبوا أصحايب فإن أحدكم لو َ
السال ُم اهللَ اهللَ يف أصحايب ال تتخذوهم ِ
والُّتمذي وأبو داوود وقول ُه عليه َّ
ُ ومسلم
ٌ البخاري
ُ
عرضا بعدي ،فمن أحبهم فبحبي أحبهم ،ومن أبغضهم فببغيض أبغضهم ،ومن آذاهم فقد ً
السال ُم أنا َأ َمنَ ٌة ِ
الُّتمذي وقول ُه عليه َّ
ُ الُّتمذي
ُ هلل أخرج ُه
آذاين ،ومن آذاين فقد آذى ا َ
ذهب أصحايب َ يوعدون وأصحايب َأ َم َن ٌة ألمتي ،فإذاَ ذهبت أتى أصحايب ما ُ ألصحايب ،فإذا
يموتُ أحد من أصحايبعليه السالم ما من ٍ ِ مسلم وقول ُه َ
يوعدون أخرج ُه أتى أمتي ما
َّ ُ ٌ
ِ
الناس خي ِ ِ ٍ
بأرض َّإال َ
السخأ ُم ُ
الُّتمذي ،وقول ُه عليه َّ ُ القيامة أخرج ُه نورا وقائدً ا يو َم
بعث هلم ً
السخأ ُم أكرموا أصحايب فإهنم ِ
الُّتمذي وقول ُه عليه َّ ُ ثم الذي َن من يلوهنم ،أخرج ُه قرين َّ
السال ُم طوبى ملن رآين وآمن يب وطوبى ملن رأى من ِ
َّسائي وقول ُه عليه َّ خياركم أخرج ُه الن ُ
السال ُم أصحايب كالنجو ِم بأُيم اقتديتم اهتديتم أخرج ُه ِ
الطُباين وقول ُه عليه َّ ُ رآين أخرج ُه
الروافض يف
ُ واملخالف
ُ أحاديث وردت يف مناقبهم ِ ذلك من غي َ الدارمي وابن عدي إىل ِ
ِ
خلفاء السال ُم ِ ِ ِ ِ
النبي عليه َّ
ُ بَّش ُه
بعينه) سوى من َّ والنار ألحد باجلنة (وال نشهدُ
املطلق يف الكافرين.
ُ املطلق يف املحسنني والوعيدُ
ُ ِ
واجلهل باخلوات ِم وإنام الوعد ِ
العواقب
ألن ِ
الكتاب؛ َّ كان زياد ًة عىل ِ
واحلَّض) وإن َ الس ِ
فر املسح عىل الفني يف َّ
َ (ونرى
سبعون ً
رجال َ هلل حدثني
البْصي رمح ُه ا ُ قال احلس ُن ِ
التواتر َ حيز األخبار التي وردت ِ
فيه يف ِ
ُ َ
قلت
هلل ما ُ مسح عىل اخلفنيَ ،
وقال أبوحنيف ُة رمح ُه ا ُ ِ ِ ِ
السال ُم َ
أصحاب رسول اهللِ أن ُه عليه َّ من
وقال أمحدُ بن حنبل ليس يف قلبي منه يشء ِ
فيه ِ
النهار َ ِ
ضوء باملسح حتى جائني فيه ُ
مثل ِ
ٌ ُ َ
احلسن الكرخي رمح ُه ِ رسول اهللِ ما رفعوا وما وقفوا َ
وقال أبو ِ ِ
أصحاب أربعون حدي ًثا عن
َ
ِ
الصحابة إنكار ُه َّإال احد من عبد الُب مل يرو عن ٍ وقال ابن ِ
الكفر عىل من مل ير ُهَ ، أخاف
ُ اهللُ
ِّ َ
سائر يوافق
ُ ِ
باألسانيد احلسان ما ابن عباس وأيب هرير َة وعائش َة ،أما مها فقد جا َء عنهام
َ
ِ
هلل عن ُه،ريض ا ُ
َ أحالت ذل َك إىل عل ِم ٍّ
عّل ْ صحيح مسل ٍم أهنا
ِ الصحابة وأما عائش ُة ففي
ِ ِ الرض ِر ِ
الُبد. كشدة خوف َّ جيوز عندَ
رضوري إنام ُ
ٌ هو خلف وقالت الشيع ُة َ
تنحْص ِ
ووفرة شعوهبا كثرة رضوهبا أن األشب َة عندَ أيب حنيف َة ومن تابعه مع ِ اعلم َّ
ُ ُ َ ْ
ٍ
اخلمر
ُ ويكفر مستح ُّل ُهَ ،
وهو ُ األو ُل ما ُحي َّر ُم قليل ُه وكثي ُه وحيدُّ شارب ُه
مرتبة عىل أقسا ٍم أربعة َّ
ُ
ويضلل شارب ُه وال َ
كذلك، بد ،والثاين ما حير ُم بالز ِ
وقذف َّ الني العنبي الذي غال واشتدَّ
َ أي ُّ
ذهب َّ
أقل ُ
الطبيخ العنبي الذي َ وهو الطال ُء أي
يفسق َ
ُ يكفر مستحل ُه وال ُحيدُّ َّإال إذا َ
سكر وال ُ
كر من ِ
والس ُ
التمري أو البّسي ُّ
ُ الني الزبيبي أو
والنقيع أي ُّ
ُ وقذف،
َ ثلثيه بعد ما غال واشتدَّ
هلو وقصد طرب وال حير ُم ما مل والثالث ما ُّ
حيل شب ُه بال ني ًة ٌ ُ الني الرطبي إذا غال واشتدَّ
وهو ُّ
ُ
الطبيخ البّسي والرطبي والتمري والزبيبي بأدنى العنبي والنبيذ أي
ُ ُ
املثلث وهو
يسكر َ ُ
ِ
العسل وهو ُ
نبيذ ٍ أصال ما مل يكن ِ
بنية ٍ حيل مطل ًقا وال حير ُم ً والرابع ما ُّ ٍ
طربَ ، هلو أو ُ طبخة
وهو ٍ ذلك ،ولكن الفتوى عىل ِ ِ
وغي َ ِ ِ ِ
هللَ ،
حممد رمح ُه ا ُ قول والشعي ُب
والتني واملحبوبات كال ِّ
ٍ
مسكر السال ُم ُّ
كل ِ ِ ِ
وعليه ٌ ٍ أن َّ
َّ
هلل لقوله عليه َّ
والشافعي وأمحدُ رمحهم ا ُ
ُ مالك مسكر حرا ٌم، كل
مخر حرام وكل ٍ الرزاق وابن حبان يف صحيحُّ ، ِ مسلم ويف رواية أمحدُ وعبدُ حرا ٌم أخرج ُه
ٌ
الكف من ُه حرا ٌم أخرج ُه أبو ُ
الفرق منه فامء أسكر ٍ
مسكر حرا ٌم وما السال ُم ُّ
كل ِ
ُّ َ وقول ُه عليه َّ
َ
اإلطالق عىل يدل عىل َّ
أن ِ
األحاديث ما ُّ صح من َ
حبان ،ولكن فيام َّ والُّتمذي وابن
ُ داوود
كنت روي عن أنس أن ُه َ َ ِ كزيد أسدٌ فهو نافع يف ِ ٍ ِ
قال ُ َ وذلك ما التكفي واحلدِّ درء ٌ التشبيه
ومسلم
ٌ البخاري
ُ ِ
والتمر أخرج ُه ِ
اليّس نضيج
ُ اخلمر وما شاهبم َّإال
ُ ساقي القو ِم يوم ُح ِّرمت
البخاري وإذا تيقنت هذا ِ
باملدينة يش ٌء منها) ،أخرج ُه اخلمر وما (حرمت
ُ ُ عمرِّ :
وعن ابن َ
ِ
الشيخ أيب ٍ
وصية كتبها إىل وقع من ُه يف ِ أن ما أشار ِ علمت َّ
تكفي ابن سينا بام َ إليه الغزا ُيل من َ َ
فيهجر شب ُه تله ًيا بل املَّشوب هلل من ِ
قوله وأما اخلي املهلبي الصويف رمحهام ا ُِ سعيد بن أيبٍ
ُ ُ
ُ
وأمثل وقد انبل من ابن سينا حق من هو ُ صدر عن ُه مثل ُه يف َِّ تعصب من ُه ،وقد
ُ تشف ًيا وتداو ًيا
بمثل صنيعه وأنا بري ٌء من كليهام ،واالجُّتا ُء ِبه إليهام ِ عارض ُه مجاع ٌة منهم القايض عياض
ِ
استحالل يدل عىل ِ
الرئيس ُ ِ
الشيخ ٍ
وإنصاف أن ُه لو ُس َّل َم أن كال َم ٍ
معرفة يرتاب ذو وال
ُ
ِ
اإلحسان أن ِ
اإليامن والتزا ِم ِ
صفاء ِ
حاله يف َ
فكان منتهى يصح قول ُه كيف
املَّشوب تداو ًيا َِ
ُّ
ِ
الطالء والنقي ِع ثبت عند ُه أن ُه مل يرد غي ُه من لغرض التَّش ِّفي وبأي ٍ ِ ِ
دليل َ اخلمر شب َ استثنى
ِ
واحلبوبات عىل ما ِ
العسل ُ
واملتخذ من ُ
والنبيذ الواجب أن َ
حيمل أن ُه أرا َد املثلث ِ
والسكر بل
ُ
ِ
تكفيه. حيل تضليل ُه ً
فضال عن وبذلك ال ُّ
َ ِ
مذهبه، هو مقتىض
َ
مكرمون خوف اخل ِ
امتة ِ َ
مأمونون من َ
معصومون ِ
األنبياء) ألهنم (وال يبلغُ ويل درج َة
ُ
يستدل عىل هذا ِ
وإرشاد اآلنا ِم ،وربام َ
مأمورون بتبلي ِغ األحكا ِم ِ
املالئكة ِ
ومشاهدة بالوحي
َ
أفضل احد ِ
األنبياء واملرسلني عىل ٍ الشمس وال غربت بعدَ روي من أن ُه ما طلعت
ُ املدعي بام َ
ِ
والروافض وربام ِ
الكرامية ِ
لبعض كل نبي خال ًفاودون ِّ
َ فوق ِّ
كل ويل من أيب ٍ
بكر فإن ُه يفيدُ أن ُه َ
ِ
بعض ِ
اإلشاق يف صاحب
ُ وقال ِ
االكُب حميي الدين بن عريب رمح ُه اهللَُ ، ِ
الشيخ َ
نقل هذا عن
ُ
يكون ِ
احلقائق بل قد ِ
اخلوارق واإلطال ِع عىل ِ
ظهور ِ
تصانيفه األوليا ُء قد شاركوا األنبيا َء يف
هذه ِ
أولياء ِ كثيا من أعظ ِم ِ
األنبياء َّ ِ
احلقائق من بع ِ ِ
فإن ً ض بعض إطالعا عىل
ً أكثر
بعضهم َ
ِ
واحتياج موسى َ
ارسائيل ِ
أنبياء بني ِ
بعض ِ
املغيبات عىل ِ
األمة ربام ترجحوا يف اإلطال ِع عىل
تم إنام يفيدُ الظ ُن فال ُ
والدليل وإن َّ ظاهر عىل َ
ذلك ،انتهى َ السال ُم شاهد ِ
اخلرض عليهام َّ إىل
ِ
االستغناء عن وليس الكال ُم يف دعوى ِ
املخالف يف هذا احلك ِم، ِ
تكفي حيل أن جيُّت َأ عىل
ُّ
َ
ِ ِ
ريب.
كفر بال َ وساطة األنبياء يف اإلطال ِع عىل أحكا ِم اهللِ تعاىل ،فإن ُه ٌ
اخلاص
ُ القسم
ُ
ِ
اإلطالق ال والس ِنة عىل ِ
الكتاب ُّ (والنصوص) أي األدل ُة السمع َّي ُة من
ُ
حتمل عىل ظواهرها) أي معانيها ُ ِ
والتأويل( ِ
التخصيص ِ
احتامل ُ
اللفظ مع سيق ل ُه
الذي َ
ِ
واالنقياد، واملتشاهبات تتلقى بالتسلي ِم
ُ وإطالق وتعيني وإهبا ٍم ٍ املتبادر ُة إىل األفها ِم من عمو ٍم
ِ
العقل يْصف عنها ُ
دليل) من ْ ِ
علمه سبحان ُه منها املرا ُد( ما مل هلل تعاىل وايل من
ويفوض إىل ا ِ
ُ
ِ
والعني فهي ِ
والوجه ِ
واليد ِ
كاالستواء ِ
الشاهد ِ
النقل فكلام وردمها ظاهر ُة اجلمعي ُة يف أو
هو من لواز ِم اجلسم َّي ِة ُع ِل َم أهنا ليست ِ العقل والن ُ
ُ ثم ملا َّ
َّقل عىل انتفاء ما َ دل هلل تعاىلَّ ،
صفات ٌِ
هلل ٌ
موكول إىل ا ِ كيف ،واملرا ُد منها صفات بال ٍ
ٌ أبعاض وأجزا َء فهيَ بجوارح وأعضا َء وال َ
والتعظيم ،وهذا هو ِ
بجنابه سبحان ُه يليق ِ
التقديس عام ال ُ التسليم مع وليس علينا َّإال تعاىل،
ُ ُ َ
ِ
العامة خيف عىلَ التوقف نعم إذا
ُ ِ
املتشاهبات حكم أن ِ
األصول من َّ ِ
باملذكور يف املعني
َ
ِ
القدرة والوج َه عىل ِ
التنزيه إذا مل حيمل اليدَ عىل ِ
التشبيه وعد ِم وقوفهم عىل حدِّ تورطهم يف
بْصف فهمهم إليها ختليصا هلم من ِ
لغة ِ بأس ِ
االستيالء ً ِ
ً مثال فال َ الذات ،واالستوا َء عىل
ٍ
خللل يف قدر ما يدعو ِ
إليه احلاج ُة حسب ما يسع ُه اللغ ُة عىل ِ ِ
الصفات ِ
واإلحلاد يف ِ
التشبيهات
َ
ِ
ومتواتر ِ
الكتاب ختصيص عا َم جيوز
يصح اجلز ُم بأهنا املرا ُد منها( قطعي) فال ُ ِ
العامة وال فه ِم
ُ ُّ
العراقيني من
َ الواحد ،وما جيري َمراه فإنه قطعي الدَّ ِ
اللة عندَ ِ ِ
بخُب الس ِنة وال تقييد مطلقها
ُ ُ ُ ُّ
أئمة خراسان وما ورا َء النهر كالقايض أيب ٍ
نْص احلسن بن أِئمتنا احلنفي ِة ومن تابعهم من ِ
َّ َ
وفخر اإلسال ِم خال ًفا للشافعي ِ
األئمة وشمس أمحد املرزوي والقايض أيب ٍ
زيد الدبويس
ُ ُ
ٍ
معان ِ
النصوص( إىل ِ
ظواهر ُ
والعدول عنها) أي عن وأيب املنصور املاتريدي ومن تابعهام(
ِ
الصحيح ِ
الظاهر سموا مالحد ًة لعدوهلم عن املعنى الباطل) وهم اإلباح َّي ُة ّ ِ يدعيها ُ
أهل
النصوص أن ٍ
وباطنية الدعائهم َّ ٍ
فارغة ٍ
ومتوُيات ٍ
باطلة ٍ
بتخيالت ِ
الفاسد ِ
املتبادر إىل املعنى
َ
رجل إن اجلن َة ٌ املعلم املعصو ُم كقوهلم َّ باطنة ال يعرفها َّإال ٍ ٍ
معان ليست عىل ظواهرها بل هلا
ُ
ِ ِ رجل ُأ ِم ْرنَا ِ ِ ِ
املحرمات بمعاداته وهو خصم ُهَّ ،
وإن النار ٌ وإن َ الوقت َّ وهو إما ُم ُأم ْرنا بمواالته َ
ِ
التكاليف ُ
إسقاط رجال ُأ ِم ْرنا بمواالَتم ومقصودهم ٌ والفرائض أمر اهللُ بمعاداَتم ٌ
ُ رجال َ
ان﴾[الرمحن ]19 :عّل قوله تعاىل ﴿ :مرج ا ْلبحري ِن ي ْلت َِقي ِ ِ وأن املرا َد من يعة َّ الَّش ِ
ورفع َّ
ََ َ َ َْْ َ َ ُ
الكسفِ واحلسني ،واملرا ُد من ُ قوله خير ُج منهام اللؤلؤ واملرجان احلس ُن ِ وفاطم ُة ،ومن
وعمر وإهنا اإلنسان األمان ُة قد محلها أبو ٍ
بكر ُ قوله تعاىل :ومحلها وأن املراد يف ِ الساقط عّل َِّ
َ َ
الطريق ِ ِ
صواب ٌ
وعدول عن ميل عن ِ
احلق اهلذيان( إحلاد) أي ٌ ِ ذلك من غي َ حق عّل إىل ِ ٌ
ٍّ
وأن املرا َد من ُه ظواهرها حيا رضورةًَّ ، ِ
وكفر باهللِ وبرسوله لكون ُه تكذي ًبا رص ً ٌ
ٍ
وتنبيهات عىل حقائق
َ إشارات إىل ٌ ذلك فيها ِ
الظواهر ومع َ تقرير الواجب واعلم َّ
أن
ُ َ ْ
ِ
واملجاهدة مع ِ
السلوك وأصحاب ِ
الشهود واملكاشف ُة ِ
أرباب تنكشف عىل
ُ دقائق ربام
َ
ُ
اهدُ وا فِينَا َلن َْه ِد َين َُّه ْم ُس ُب َلنَا﴾[العنكبوت: ِ
﴿وا َّلذ َ
ين َج َ قال اهللُ تعاىلَ :
ِ
املحافظة عليها ،كام َ
ِّ
ولكل وباطن ظهر أحرف ِّ ٍ ٍ ٍ َ وقال ِ
عليه السال ُمُ ( :أ َ َ ،]69
ُ لكل آية منها ٌ سبعة القرآن عىل نزل
اخلروج من ُه والشذو ُذ عن ُه وبط ٌن هو ٍ
ألحد جيوز
هو حد ُه الذي ال ُ ُ
ُ ظاهر َ
ٌ فالقرآن ل ُه مطلع
ٌ حدٍّ
ِ
الصغي ما ال منته عندَ حدٍّ وهناي ُة يفتح اهللُ ِ
فيه عىل غاية وال ٍ
مقصور عىل ٍ
ٍ غي
ُ وهو ُ
مطلع ُهَ ،
عذب شاب ُه سقيا ُه ٌ بحر طهور ماؤ ُه وهو ٌ عليمَ ، ٌ كل ذي عل ٍم فوق ِّ فإن َ يفتح ُه عىل العظي ِمَّ ،
ِ
الطوية ِ
وخلوص بصدق الن ِِّية
ٍ ُ
يكون واملرجان وتفهم ُه وتذكر ُه وتدبر ُه إنام ُ اللؤلؤ
ُ خيرج من ُه ُ
العلم ِ
األوصاف إذ األخالق وأردأِ َ
رزائل َّفس عن ِ
وتطهي الن ِ ِ
الطعمة ِ
وطيب ِ
احلرمة وتعظي ِم
ُ
القلب ِ ِ
طهارة حيصل َّإال بعدَ ُ هلل تعاىل ،فال ِ
الباطن إىل ا ِ ِ
وقربة الّس ِ
القلب وصال ُة ِّ ِّ عباد ُة
السعي رس ُه َ ِ ِ ِ ِ ِ
وبذل َمهود ُه يف َّ الّس من خبائث الطبيعة والصفات املذمومة ،فمن صفا ُّ وصفاء ِّ ِّ
وصدر عن ُه ِ
درره ِ
وإصابة ِ
حكمه ِ
الستنباط فهام ِ ِ فيام ُك ِّل َ ِ
َ ف به من حفظ احلدود أعطا ُه اهللُ ً
خلق منهم كل ٍ فيه يأيت ُّ ولذلك ترى الفقهاء إذا تدبروا ِ َ ِ
الزوائد، ِ
بأجزل ورجع ِ
الفوائد بأعظ ِم
َ َ
بعجائب َ شذ عىل املايض ،واحلكام ُء أبدً ا سلف واألدبا ُء يأيت منهم اآليت بام َّ ٌ يأت ِبه بام مل ِ
غموضا ودق ًة وهبا ًء ورق ًة ،ولدى اهللِ املزيدُ وماديت ُه ال تنفدُ وبحر ُه ُ
يفيض ً ُ
العقول حارت هلا
ْ
ونوال ُه ال يبيد
ِ
امليزان وغيهم رمحهم اهللُ تعاىل من ُه ،س َّلم ُه اهللُ. صاحب السمرقندي
ُ الدبوريس واإلما ُم عال ُء الدين َّ
الساذج إنام ك َّفر جاحدَ الر ِ
تبة ِ يصح تكفي ُه و َمن ك َّف َر جاحدَ اإلمجا ِع دس فال ِ
ُّ َ ُّ الس ُ
الصلبية ُّ
ُ
يتصو ُر
َّ مناط الت ِ
َّكفي إنام ُ هو
َّكذيب الذي َ
َ ألن الت ِ
بالتواتر وعلم ثبوت ُه قط ًعا؛ َّ ثبت
األوىل؛ إذ َ
حتقق ُه يف َ
ذلك(.)251
وأكثر ِ
واخلوارج ِ
املعتزلة، وأنكر حج َّي َة اإلمجا ِع بالكل َّي ِة النَّظا ُم والكاشاين من
ُ َ
الباقالين من
ُ
ٍ
وأبوبكر ابن أبان من احلنف َّي ِة
تنصيص اجلمي ِع عيسى ُ ِ وخص عىل َّ ِ
وافض، الر
ّ
ِ
العُّتة الطاهرة الشافعي وعىل ِ
اتفاق وهو رواي ٌة عن َّ ِ املالك َّي ِة وداود
ُ وبعض املعتزلة َ ُ الظاهري
ُ
ِ
الصحابة الفقهاء وهورواي ًة عن مالك وعىل ِ بعض ِ اإلمام َّي ُة والزيد َّي ُة ،وعىل ِ
املدينة ُ أهل
اإلمجاع ونح ُن ال
َ خالف
َ نكفر من
كيف ُ قال أبواملعايل اجلويني َ وهو رواي ٌة عن أمحد َالظاهرية َ
ِ
كون ِ
معرفة ٍ
حامد الغزايل يف أصل اإلمجاعِ ،وإنام ُنبدِّ ُع ُه ونض ِّل ُل ُهَ ،
وقال أبو ُن َك ِّف ُر من ر َّد َ
خمتلف ِ
فيه، ٌ ِ
الفقه وكون ُه حج ًة ِ
أصول لون لعل ِم املحص َ غموض يعرف ُه
ٌ اإلمجا ِع حج ٌة قاطع ٌة
ِّ
أغمض األشيا َء(.)252 ثم تواتر ُه ُمن ِ ُ
َ ودرك وجوده َّ
باإلمجاع واخلُب املشهور فالصحيح من املذهب أنه ال يك َّفر انتهى.والتقويم مشي إليه أيض ً,ا إذ فيه مل ِ
نبال
بخالف الروافض إيانا يف إمامة أيب بكر وال بخالف اخلوارج يف إمامة عّل ريض اهلل عنه لفساد تأويلهم
وإن كنا مل نك ّفرهم للشبة .كتاب التقرير والتيسي بَّشح التحرير(.ولكن عندي حممل كالم ابن اهلامم هو
االمجاع الذي يصاحبه النقل القطعي ال االمجاع من حيث هو امجاع ساذج .منه سلمه اهلل.
ٍ
مباالة غي ِ
املباحات ويرتكبها من ِ (واالستهان ُة هبا) عدَّ ها ه ِّينَ ًة سهل ًة فيجرُيا َمرى
ألن ك ً
ال منا من ِ
السخرية (كفر) َّ عمل هبا عىل ِ
وجه الرشيعة) بأن َ ِ (واالستهزاء عىل (كفر).
َ
ِ َ (واعلم) َّ ِ ِ
َّصديق بجمي ٍع ما جا َء به ُ
النبي ﷺ وحد ُه ُ هو الت
مر َاإليامن كام َّ أن ْ َّكذيبأمارات الت
كتاب اهللِ وإحاطة العدِّ ُما تضمن ُه ِ ِ
وتفاصيله أشيا ٌء كثي ٌة خارج ٌة عن احلدِّ اإلقرار ِبه،
ِ أو مع
ُ
وأن حممدً ا بأن ال إل َه َّإال اهللَّ ، يقر َّ وهو أن َّ
ِ
باإلمجالَ ، الس ِنة ويعوز استقصاؤ ُه فاكتفى ودواوي ُن ُّ
جاذب إىل بحيث لو جذب ُه ُ ِ
ستسالمه ،ولكن ِ
جنانه وا ِ
مطابقة صادرا عن إقرارا ُ
رسول اهللِ
ٌ ً ً
وهي ِ ِ حصل ل ُه َ َ وجب إعطائها حكم ًة فمن ِ تع ُّق ِل
السالمة عن املناقضة َ ذلك مع َّ َ التفاصيل
أهل اإلسال ِم ْ
وإن فهو من ِ ِ ِ تكذيب الر ِ
بالدين واالستهزا ُء عىل الَّشيعة َ واالستخفاف
ُ سول ُ َّ
آراء ،فمن واختالف ٍُ ٌ
أقوال ِ
واألهواء ف من ِ
أهل البد ِع تكفياملخال ِ
ِ تلبس البدع يف ِ
دينه ويف َ َّ َ
طريق آثر ٍ ٍ ِ ِ متعص ٍ مبال ٍغ
َ مواس َ متساهل بكفره ومن فحكم
َ ّص
املخالف ر َّد الن ِّ
َ ملذهبه ألز َم ب ِّ
بكل جيوز تكفيهم ِّ ُ ِ
بالكلمة ال ُ
والقائل ِ
القبلة واحلق أن َ
أهل ُ ِ
أمره وتوقف عن
َ الس ِ
المة َّ
ِ
بإنكار َّكذيب إنام يلز ُم هو الت مدار الت ِ ِ
البطالنَّ ، وإن َ ٍ
هذيان ْ
ُ َّكفي ومناط ُه الذي َ فإن َ ظاهر
ُ كان
ِ
البعيد ال ِ
باملجاز ِ
نفسه ومهام احتمل ُه ولو ِ
التأويل يف نقله ،وأبى عن الشار ِع يف ِ تواتر عن َّ ما
َ
األو ُل :معرف ُة أن ُه َّكفي يتع َّل ُق بأم ٍ
فالنظر يف الت ِ ٍ ٍ يلزم ُه إذا َ
ور َّ ُ صارف إدعاء صادرا عن ً كان
والشخص ِ
القلب، جهة اإلطال ِع عىل ما يف رأيه ،وهي صعب من ِ َّص يف ِ
عَدَ َل عن مقتىض الن ِ
ُ ٌ َ
عدل عن َّص الذي َ ِ
غيه ال َّثاينَّ : ِ ً ِ ِ
أن الن َ عقيدة فضال عن اعتقاده حترير
ُ عليه يصعب
ُ ربام
املاهر
ُ يستقل هبا َّإال
ُّ ذلك ليست هب ِّي ٍنة بل ال
قريب أو بعيدٌ ،ومعرف ُة َ ٌ ٌ
حمتمل حمكم أو
ٌ
ِ
ظاهره
العرب يف استعامهلا واستعارَتا وجتوزها ِ ِ
وبعادات ِ
العارف هبا ِ
اللغة احلاذق يف عل ِم
ُ
ِ
بطريق ِ
باالشتهار أو ِ
بالتواتر أو ثبت
َّص َ أن َ
ذلك الن َ والثالثَّ :
ُ ِ
األمثال، ِ
رضب ومناهجها يف
ِ
انحطاطه عن مبل ِغ يفيدُ الش ِك وعد ِم ِ
إمكان َّ هو عىل شط ِه من عد ِم ِ ِ
واملتواتر هل َ اآلحاد
يتيّس معرف ُة َ ِ ِ يصل ِ أن َ
ذلك يكون للجم ِع الكثي رابط ٌة يف التَّوافق وال َّ ُ ُ إليه ،وأن ال القطع إىل ْ
َ
ِ
الباحثة عن ِ
َّواريخ ِ
املاضية والت ِ
القرون ِ
وأحوال ِ
واألخبار ِ
األحاديث َّإال للبارعني يف عل ِم
األمور ُ
يكون تواتر عند ُه أم ال إذ ال والرابع :يف َّ وأحوال الر ِ
ِ الرج ِ
ُ َّص هل َ
أن هذا الن َ ُ واة، ُّ ال ِّ
ٌ
جاهل فاملخالف
ُ حتصل تدرجي ًيا َّ
وإال ُ مواقع اإلمجا ِع متاميزةٌ ،بل إنام ِ
الوالدة متواترة ،وال عند
َ
الُبهان أم ال؟ و َيكِ ُل
ِ ِ
شط ِ
تأويله أو عىل َ
الباعث عىل اخلامسَّ :
أن دليل ُه ُ خمطئ ال َّ
مكذب، ٌ
فإن َ ِ
االستيفاءْ ، ِ املنغمسني بالعل ِم عن فه ِم
هو برهان ُه قاط ًعا كان َ شوطه عىل َ قرحي ُة ُ
أكثر
ِ
وجود جواز الت ِ
َّكفي معرف ُة ِ ُ
شط ِ
وباجلملة ِ
ظاهره جيب قبوله يف رصفه عن ِ
جام ًعا لَّشائطه ُ
ِ
األخالق وَتذيب
َ النفس َو ِحدَّ َة الفه ِم
ِ الذ ِ
هن ورياض َة مجع صح َة ِّ
تتيّس ملن َ
ُ ِ
َّكذيب وإنام
الت
( )مسألة الكفر عبارة عن إنكار ما علم بالرضورة َميء الرسول عليه السالم عىل هذا اليك َّفر أحد من 253
أهل القبلة ألن كوهنم منكرين ملا جاء به الرسول غي معلوم رضورة بل نظر ًا هذا ٌ
مبني عىل ما مىض من
حد اإليامن وهو أقرب إىل احتياط من قول الباقني فإن يف تكفي املسلمني خطر ًا .تلخيص املحصل
ِ
القبلة، أهل بتكفي ٍ
أحد من عوا ِم ِ ِ فقال اشهدوا عّل أين ال ُ
أقول امج ْع يل أصحايب فجمعتهمَ ،
الصدر وقال ٍ
واحد ،واإلسال ُم يشملهم ويعمهم( َ ٍ
معبود َ
يشيون إىل ألين رأيتهم كلهم
ُ
وجدت رواي ًة أن ُه ال
ُ كافرا متى ُ
اجعل املؤم َن ً عظيم فال
ٌ الكفر يش ٌء
ُ الشهيدُ رمح ُه اهللُ وغي ُه
ٌ
واحتامل ِ
للكفر وتسعون احتامالً
َ تسع
كان هلا ٌ ِ
بالكفر إذا َ أن املسأل َة املتعلق َة
يكفر وذكروا َّ
ُ
ِ
التكفي والشافعي عد ُم نفيه ،فال ينبغي تكفي ُه( َ
قال ابن اهلامم ملا ثبت عن أيب حنيف َة َّ واحدٌ يف ِ
ِ
والشفاعة والكرا ِم ِ
واملعراج ِ
الرؤية ِ
كمنكر أهل البد ِع ِ
إكفار ِ كتب الفتاوى من فام ذكر ُه يف ِ
ذلك حممل ُه ّ
أن ِ
وغي َ ِ
للحيوان ِ
األفعال ِ
وتفويض ِ
بخلق القرآن ُ
والقائل وعذاب ِ
القُب ِ الكاتبني
ٍ
وسعة َمتهدً ا يف نكفر بنا ًء عىل استفرا ٍغ املعتقد نفسه كفر وصاحبه ٌ ِِ َ
قائل به ولكن ال ُ ُ ُ ٌ لذلك
ِ
اإليامن اإلمجايل وما ِ
لالكتفاء بام يقتحم ُه من أن َ
ذلك نظر( واألوج ُه ّ احلق( ُ ِ طلب ِ ِ
أقول فيه ٌ
الصح َة ( َّ
ثم هذا وهو ال ينايف َّ
احللَ ،حممول عىل عد ِم ِّ
ٌ جيوز االقتدا ُء هبم
ذكروا من أن ُه ال ُ
ِ
وتنصيص ِ
األدلة ِ
معرض ٌ
مضمحل يف واحلق أن ُه
ُ ِ
القول( ِ
صحة هذا ِ
اعتبار ِ
تقدير ك ُّل ُه عىل
ِ
الفقهاء ِ
بعض ِ
املحيط ِ
التكفي( يف ِ
الفقهاء عىل عد ِم إمجاع ِ
املنذر ئمة( وقد َ
نقل ابن ِ
رؤساء األ ِ
َ
دليال قطع ًيا( َ
قال ابن اهلام ِم ِ
ببدعته ً خالف يكفر من يكفر أحدً ا من ِ
َ أهل البدعِ ،وبعضهم ُ ال ُ
كثي، ِ يقع يف كال ِم ِ ِ ِ األو ُل ُ ُ
تكفي ٌ
ٌ ذاهب أهل امل بالنقل نعم ُ أعرف
ُ املنذر أثبت وابن والنقل َّ
ِ
الفقهاء بغي ِ
الفقهاء الذين هم املجتهدون ،بل من غيهم وال عُب َة ِ ولكن ليس يف كال ِم
ريض اهللُ عنه. طالب ِ
للفقهاء يف هذا عّل بن أيب قلت والقدو ُة
َ َ انتهى كالم ُه ُ
ِ
لقوله تعاىلَ ﴿ :فال َي ْأ َم ُن َمك َْر اهللَِّ إِال ا ْل َق ْو ُم (واألمن من اهللِ كفر)
أكثر خو ًفا من َّ ْ ِ
ارس َ
السال ُم ليسوا بآمنني ،بل ُ ون﴾[األعراف ]99 :واالنبيا ُء عليهم اخلَ ُ
واإلياس ُ
اإلشاك باهللِ الكبائر أن ِ
احلديث َّ غيهم ،وإن كانوا مأمونني ،فإن َ
قيل :قدر ور َد يف
ُ َ
ِ
الطفيل البزار عن أيب هلل أخرج ُه واألمن من ِ
مكر ا ِ هلل ِ
رمحة ا ِ ُ
والقنوط من هلل ِ
روح ا ِ من
ُ ُ
ظاهر يف أهنام ِ
الكفر ِ
املحمول عىل ِ
اإلشاك والدارقطني عن ابن مسعود ف عطفهام عىل
ٌ
استعظم
َ أن من قلت َ
لعل املرا َد من ُه َّ ولذلك ذهبت الشافعي ُة إىل أهنام كبية ال ٌ
كفر( ُ َ غي ُه،
دخل ِ
الرجاء ما َ اإلياس أو غلب ِ
عليه من ِ ُ
يدخل يف حدِّ العفو عنها استبعا ًدا ذنوب ُه فاستبعدَ
َ َ
كفر هلل ٌ ِ ِ ِ بإنكار ِ
ِ ِ
األمن َّ ِبه يف حدِّ
فكل منهام ٌ مكر ِ
واألمن باعتقاد أن ُه ال ٌ الرمحة سعة فاليأس
ُ وإال
ِ
القرآن. ِ
لْصيح اخلالف ألن ُه ر ٌد
ُ ال حمال َة وال يتصور ِ
فيه َّ ُ
وخيطئ بعضا
فيصيب ً ِ
املضمرات ِ
بعض ُب عن ِ
ُ ُ وهو الذي خي ُ الكهان) َ (وتصديق
ُ
عليه، الوقوف ِ
ِ وحرم ُه وهنى عن َ ويزعم َّ
وهو ُما أبطل ُه اإلسال ُم َّ بذلكَ ، اجلن خيُب ُه أن َ ُ بعضا، ً
الغيب) الذي مل يقل ِ
عليه ِ وفرط فريتهم (بام خيرب ُه عن ِ الكذب فيهم ِ إليه لغ ِ
لبة ِ
واإلصغاء ِ
الش ُ
يخ قال ِّ ٍ
حماذاة ما َ ِ
اإليامن عىل ُب يف ولعل التكفي خمصوص بام َ ِ
َّ
ردع ،اعت َ
كان فيه ٌ ٌ َ
جيب أناإلطالق خط ُّأ ،بل ُِ كفر عىل القول ََّ أبو املن ِ
حر ٌ الس َ
بأن ِّ هلل:
صور املاتريدي رمح ُه ا ُ
ُ
هالك فعل ما ِ
فيه كفر َّ
وإال فال فلو َ ِ كان يف َيبحث عن ُه فإن َ َ
فهو ٌ
ذلك رد ما لزم ُه يف اإليامن َ
ِ
بالفساد هذا كالم ُه، ضيقتل لكون َه ساع ًيا يف األر ِ ِ
امرأته ُ وبني
تفريق بينه َُ ِ
مرضه أو ٍ
إنسان أو
ُ
كفران ِ
كالمه ،أو املرا ُد ِ
واإلصغاء إىل ِ
اتباعه النهي عن تغليضا ومبالغ ًة يف ُ
واحلديث ور َد
ِّ ً
كيف فاته قد حكم النبي ِ
عليه دليل ِ
عليهَ ، طلب األدنى مع التَّمك ُن من األعىل ٌ الن ِ
ِّعمة فإن
ُ َ ُ َ
َ
رسول اهللِ إهنم ٍ
بيشء قالوا يا سئل عنهم َ
قال ليسوا ِ
البعض من ُه حق ًا ،فإن ُه ملا َ ِ
بكون السال ُم
اجلني تلك الكلم ُة من ِ
احلق خيطفها ُ
رسول اهللِ ﷺ َ فيكون حقاَ ،
فقال َ ٍ
ليشء َ
حيدثون أحيانًا
ُ
ومسلم ويف رواي ٌة أخرى البخاري كذبة ،أخرج ُه ٍ فيخلطون معها مئ ُة
َ أذن ِ
وليه فيقذفها يف ِ
ٌ ُ
ويرمون فام جاءوا ِبه عىل
َ َ
فيقذفون إىل أوليائهم، السمع
َ اجلن
طف ُ
يبلغ اخلُب ِ
هذه السام َء فتخ ُ ُ ُ
ُ
يصدق ٍ
رواية: والُّتمذي ويف مسلم َ
ويزيدون أخرج ُه َ
يقرفون حق ولكنهم فهو ٌ ِ
ُ ٌ وجههَ ،
يصدق َ
بتلك ُ ٍ
رواية والُّتمذي ويف مسلم السامء ،أخرج ُهِ الكلمة التي سمعت من ِ َ
بتلك
ُ ٌ
ليس ِ
أبواملنصور َ يخالش ُ والُّتمذي( َ
وقال ِّ ُ البخاري
ُ سمعت من السام ِء أخرج ُه
ُ ِ
الكلمة التي
وجيوز أن َ
جيعل ُ َ
يصدقون ِ
واملتطببة ،وال َّ
شك أهنم ربام ِ
املنجمة ِ
تكذيب يدل عىل يف ِ
اآلية ما ُ
وقال ُ
ويدرك هبا األحكا َمَ ، ُ
يستنبط منها األشيا َء اهللُ تعاىل يف النجو ِم من املعاين واألعال ِم ما
ِ ِ
واملوت فإن ُه ُ ِ ِ ِ
بالقياس يقول الغيث بوقت َّسفي( :املُن َِّج ُم الذي خي ُ
ُب الشيخ أبو الُبكات الن ُ ُ
ِ
كتاب يكون غي ًبا)َ ،
وقال اإلما ُم حج ُة اإلسال ِم يف ُ ِ
بالدليل ال ِ
والنظر يف الطالعِ ،وما ُيدْ َر ُك
ِ ِ ليس يتع ّل ُق من ُه يش ٌء ِ ِ
هي
باألمور الدّ ينية نف ًيا وإثباتًا ،بل َ الضالل)( :علم هيئ ُة العاملِ َ (منقذ
ظن َّ
أن عظم جناي ًة من َّ َ سبيل إىل َماحدَتا بعدَ فهمها ومعرفتها ،وقد َ أمور برهاني ٌة ال
ٌ
أنكر قوهلم يف بإنكار ِ
هذه العلو ِم، ِ
فأنكر مجيعها وا ّدعى جهلهم فيها ،حتّى ََ ْْص
اإلسال َم ُين َ ُ
الَّش ِع تعر ٌض ِ
هلذه وليس يف َّ الَّشعِ، أن ما قالوه عىل خ ِ
الف َّ فزعم َّ ِ
واخلسوف ِ
الكسوف
ّ َ ُ َ
ِ
كتاب َ
وقال يف ِ
الدينية)، ِ
لخأمور تعر ٌض ِ ِ ِ العلو ِم بالنّفي
األمور ّ هذه واإلثبات ،وال يف
ِ
القمر كسوف
َ إن ِ
األنبياء منازعتهم فيها كقوهلم َّ ِ
تصديق ِ
رضورة (ليس من ِ
(التهافت):
َ
كسوفَ وإن ِ
اجلوانب َّ مس واأل ِ
رض كر ٌة والسام ُء حميط ٌة هبا من الش ِوبني َّ ِ
األرض بين ُه َ ِ
بتوسط
ٍ
دقيقة الشمس عند اجتامعهام يف العقدتني عىلِ وبني ِ
الناظر َ بني ِ
القمر َ وقوف جر ِم
ُ ِ
الشمس
فإن ِ
هذه وضعف أمر ُهَّ ، ِ
الدين فقد جنى عىل الدين، أن املناظر َة ِ
فيه من ظن َّ ٍ
َ واحدة( و َمن َّ
ويتحقق أدلتها إذا
ُ يطلع عليها
ُ هني هندسي ٌة ال تبقى معها ريب ٌة فمن ِ
األمور يقو ُم عليها برا ٌ
ِ
ورضر من ينْص ُه الَّش ِع
يسُّتيب يف َّ الَّش ِع مل يسُّتب ِ
فيه ،وإنام ِ
خالف َّ إن هذا عىل َ
قيل ل ُه َّ
ُ ْ
َ
لكان تأويل ُه الَّش ِع ما يناقضها ،ولو َ
كان وليس يف َّ رضر من يطعن ِ
فيه ِ أكثر من
َ ُ بإنكارها َ
ِ
القطعية التي ال تنتهي يف ِ
باألدلة ظواهر أولت ٍ
قطعية ،فكم من ٍ
أمور ِ
مكابرة ُ
أهون من
َ
الَّش ِع ِ
خالف َّ إن هذا وأمثال ُه عىل ِ
امللحدة أن َ
يقال َّ يفرح ِبه ِ
وأعظم ما ُ
ُ الظهور إىل هذا احلدِّ
أهل التف ِ
سي وحذاقهم فّس ُه مهر ُة ِ ِ هذا كالم ُه( ُ
يشي القرآن إىل صحتها وقد َّ
ُ أقول بل ربام
ٍ
وحسن ٍ
صحيح بني ِ
األصحاب َ ِ
املنقولة عن ِ
واآلثار ِ
الباب ُ
واألحاديث يف عىل مذاقها
ليس فيها ما ُ
يدل عىل نفيها. ٍ
وضعيف َ
ِ
املثوبة ورف ِع ِ
ونيل ِ
اخلطيئة ِ
باملغفرة والعفو عن ِ
واألموات) ِ
األحياء ِ
دعاء (ويف
ِ
لخأموات عندنا وعندَ ِ
األحياء( ،عنهم) أي األموات( ،نفع هلم) ِ
الدرجة (وصدقتهم) أي
ِ
البدنية ِ
العبادات ِ
ثواب ِ
وصول والشافعي ومن تابعهام يف ِ
ملالك واجلمهور خال ًفا أمحد
ُّ ُ
بالدعاء للوالدين من ِ األمر ُ
القرآن وتضم َن ِ
العبادات ك ّلها، ِ
وللمعتزلة يف ِ
والتالوة، ِ
كالصالة
َ َّ
ِ
باستغفار واإلخبار
ُ مح ُه َام ك ََام َر َّب َيانِى َص ِغ ًيا ﴾[اإلرساء،]24 : ﴿و ُقل َّر ِّب ٱ ْر َ ْ ِ
قوله تعاىلَ :
ض ون َملِ ْن ِيف ْاألَ ْر ِ
ون بِ َح ْم ِد َر ِّهبِ ْم َو َي ْس َت ْغ ِف ُر َ
بقوله تعاىلَ ﴿ :واملَْ َال ِئ َك ُة ُي َس ِّب ُح َ
ِ ِ
املالئكة للمؤمنني
اجل ِحي ِم اب ْ َ
ِ ِ ِ ِ
﴾[الشورى ]5 :وقول ُه تعاىلَ ﴿ :فا ْغف ْر ل َّلذي َن تَا ُبوا َوا َّت َب ُعوا َسبِي َل َك َوق ِه ْم َع َذ َ
﴿ر َّبنَا ا ْغ ِف ْر َلنَا ِ
الس ِّي َئات ﴾[غافر ،]9 :وقوله تعاىلَ :
ِ ِ ِ
﴾[غافر ]7 :وقوله تعاىلَ ﴿ :وق ِه ُم َّ
فقالَ :
كان النبي ﷺ َ سأل َ رجال َ أن ً وروي َّ
َ اإل َيام ِن﴾[احلَّش،]13 : إل ْخ َوانِنَا ا َّل ِذي َن َس َب ُقونَا بِ ْ ِ
َو ِ ِ
ُب بعدَ السال ُمَّ : ِ فكيف يل بُبمها بعدَ موَتام؟ َ يل أبوان أبرمها َ
أن من ال ِّ فقال عليه َّ َ حال حياَتام،
وقال ِ
عليه قطني َ َ َ ِ
الدار ُ َ صيامك أخرج ُه صالتك وأن تصو َم هلام مع تصّل هلام مع َ املوت أن
ِ
لخأموات وهب أجرها ثم ِ
املقابر وقر َأ ْ
َ هو اهللُ أحدٌ إحدى عَّش مرةًَّ ، قل َ مر عىل السال ُم من َّ َّ
السال ُم اقرأوا عىل موتاكم ِ قطني َ ِ ِ ِ
وقال عليه َّ الدار ُ
َ األموات أخرج ُه بعدد األجر أعطي من
َ
إن أم ٍ َ ريض اهللُ عن ُه أن ُه َ يس أخرجه أبو داوود وعن ٍ
سعد رسول اهللِ َّ َ قال يا َ سعد بن عباد َة ُ
سعد أخرج ُه أبو داودٍ وقال ِ
هذه أل ِم َ بئرا أفضل؟ َ
ُ ِ
فحفر ً
َ قال املا ُء الصدقة فأي
ماتت ُ
ٍ
جارية ٍ
صدقة ٍ
ثالثة َّإال من انقطع عمل ُه َّإال من ُ
اإلنسان مات
السال ُم إذا َ ِ والنسائي َ
َ وقال عليه َّ ُ
والنسائي َ
وقيل والُّتمذي مسلم وأبو داوود صالح يدعو ل ُه ،أخرج ُه ٍ أو عل ٍم ينتفع ِبه أو ٍ
ولد
ُ ُ ٌ ُ
ذلك إليهم؟ َ
قال: يصل َ فهل ُ
ونحج عنهم ،وندعوا هلم َ
ُ ُ
نتصدق عن موتانا َ
رسول اهللِ إنَّا يا
بالطبق إذا أهدي ِ
إليه ،أخرج ُه أبو ِ يفرح أحدكم َ ِ ُ
َ ليفرحون به كام ُ ليصل إليهم ،وإهنم نعم إن ُه
وانتَّش خمرجو ُه وكا َد أن طرق ِ
بعدة ٍ روي عن ُه ٍ
َ استفاض عن ُه ﷺ ما َ
َ العكُبي ،وقد
ُ حفص
وهو ِ ِ ُ
واآلخر عن أمته َ ُ نفسه ضحى بكبشني أحدمها عناملشُّتك من ُه من أن ُه ﷺ َّ القدر
ُ يتواتر
َ
والبزار
ُ وسنن ابن ماج َه ومسانيدُ أمحدَ وابن أيب شيب َة وابن راهوية وأيب يعىل ِ يف الصحيحني
ِ
حصول االنتفا ِع قطعي يف ومستدرك احلاك ِم وغيهاَ ،
وهو ُ ومعجم الطُباين وحلي ُة أيب نعي ٍم
ٌ ُ
إلنْس ِ
ان إِ َّال َما َس َعى﴾[النجم،]39 : ِ ِ
﴿و َأ ْن َل ْي َس ل ْ ِ َ فيتم املرا ُد فإن َ
قيل قول ُه تعاىلَ : بعمل غيه ُِ
ِ
عليه اعة) أي عالماَتا كام َ
قال أرشاط الس ِ ِ السال ُم من ِ أخرب ب ِه
َّ النبي عليه َّ
ُ َ (وما
ِ
الشمس وطلوع ُ
والدجال والداب ُة ُ
الدخان السالم :إهنا لن تقوم حتى تروا قبلها عَّش ٍ
آيات:
ُ َ َ َّ ُ
ِ
باملَّشق خسف
ٌ ٍ
خسوف ومأجوج وثالث ُة ويأجوج ونزول عيسى بن مريم ُ من مغرهبا
َ َ
الناس إىل ِ
اليمن تطر ُد خترج من نار وآخر َ ِ ِ ِ
َ ُ ذلك ٌ ُ العرب بجزيرة خسف
ٌ باملغرب و وخسف
ٌ
والُّتمذي.
ُ مسلم وأبوداود
ُ حمَّشهم أخرج ُه
ِ
ولسياحته ِ
تلبيسه ِ
وكثرة ِ
كذبه، ِ
لفرط سم َي ِبه ِ ِ
(من خروجِ الدجال) من أبنية املبالغة ِّ
قال ِ
كثياَ ، ِ ِ ِ ِ ِ
عليه فيظهر يف آخر الزمان بدعوى اإللوهية و ُيض ُّل خل ًقا ً ُ ِ
باملسيح األرض، يف
اعة أمر ما أكُب من الدَّ ِخلق آدم إىل قيا ِم الس ِ
ومسلمَ ،
وقال ٌ جال أخرج ُه أمحدُ ُ ٌ َّ بني ِ َ السال ُم ما َ
َّ
مكتوب بني
ٌ بأعور،
َ ليس
وإن ربكم َ أعور َّ ٌ اب إال أن ُه األعور َّ
الكذ َ َ نبي َّإال َ
أنذر أمت ُه ما من ٍّ
ِ
األحاديث ذلك من غي َ والُّتمذي إىل ِ ومسلم وأبو داوود بخاري عينيه ك ف ر ،أخرج ُه ال ِ
ُ ٌ ُ
َ
خراسان ويميش خيرج من ِ ِ ِ ِ ِ ِ
الطرق اخلارجة عن التَّعداد ،وفيها أن ُه ُ الكثية اإلسناد الصحيحة
ِ
األرض ِ
معمورة ٍ
وقرية يف كل ٍ
بلدة ويدخل َّ
ُ ويطوف ش ًقا وغر ًباُ راق الشا ِم ِ
والع ِ بني َّ
حلة َ من ٍ
ٍ
كجمعة ٍ
كشهر ،ويو ٌم ٍ
كسنة ويو ٌم أربعني يو ًما يو ٌم
َ ِ
األرض ُ
ويمكث يف غي مك َة واملدين َة،َ
ِ
بالبيت دمشق ِ
املنارة البيضا َء شقي السال ُم عندَ ِ ِ
كهذه األيا ِمُ ، وسائر ِ
َ فينزل عيسى عليه َّ أيامه ُ
س فيقتل ُه ِ
بباب ُلدٍّ املقدَّ ِ
وزعب
ٌ قوائم
ُ ستون ذرا ًعا وهلا َ اجلساس ُة روي أن طوهلا َّ وهي
َ ِ
األرض) (وداب ُة
املساجد حرم ًة ومعها ِ خترج من أعظ ِم ٌ
طالب ُ ٌ هارب وال يدركها ٌ وريش وجناحان ال يفوَتا
ِ
وجه الكافر فيسو ُد وجه ُه ويف ِ ِ
وجه تنكت يف السال ُم
ُ وخاتم سليامن عليهام َّ ُ عىص موسى
ُ
وتقول أال ِ
بالعربية وتتكلم ِ
كفرانه ِ
وبالكافر عن ِ
إيامنه ِ
باملؤمن عن ُب ِ
ُ فيبيض وجه ُه ،خت ُ املؤمن ُ
﴿وإِ َذا َو َق َع ا ْل َق ْو ُل َع َل ْي ِه ْم َأ ْخ َر ْجنَا َهل ُ ْم َدا َّب ًة ِم َن
هلل تعاىلَ : هلل عىل الظاملني ،كام َ
قال ا ُ لعن ُة ا ِ
هلل
ف رمح ُه ا ُ وذكر املصنِّ ُ ون﴾[النمل،]82 : وقنُ َض ُت َك ِّلمهم َأ َّن النَّاس كَا ُنوا بِآياتِنَا َال ي ِْاألَ ْر ِ
َ ُ َ َ ُُ ْ
أوال من أقىص اليمن ،فيفشو ذكرها يف ِ
أهل خترج ً ٍ ُ ِ
(التيسي) مرو ًيا َّ
ثالٍ خروجات ُ أن هلا يف
ِ ً ُ
بالبادية فيفشو ذكرها يف خترج
ُ ثم
طويال َّ دهرا
تتكمن ً
ُ يدخل ذكرها مك َةَّ ،
ثم البوادي وال
طويال فبينا الناس يف أعظ ِم املسا ِ
جد حرم ًة وأكرمها عندَ اهللِ فام ُيوهلم ً
ُ دهرا مك َة َّ
ثم تتكم ُن ً
ُ
فيتفرق ِ
املسجد ِ
اخلارج من ِ
األسود حذا َء داربني خمزو َم عن يمني ِ
الركن َّإال خروجها من ِ
بني
ِ
الُّتك ِ
جيالن من ومأجوج) مها يأجوج وخروج ِ
للنظارة( َ
يبقون َ
ُيربون وقو ٌم الناس قو ٌم
َ َ ُ ُ
ِ
عليه أن عيسى مرفوعا ّ
ً مأجوج من اجليل والديلم وروى نوح َ
وقيل يافث بن ٍَ ِ
أوالد من
َ
ِ ٍ ِ
فيمسح عن ُ يأتيه قو ٌم قد عصمهم اهللُ من ُه، بباب ُلدٍّ فيقتل ُه َّ
ثم الدجال السال ُم يدرك
َّ
كذلك إذ أوحى اهللُ تعاىل إىل عيسى ْ
أن قدْ َ هو ِ
وجوههم وحيدثهم بدرجاَتم يف اجلنة فبينام َ
يأجوج َ ُ
ويبعث اهللُ تعاىل ِ
الطور، فحر َز عبادي إىل
يدان ألحدَ بقتاهلمِّ ، أخرجت عبا ًدا يل ال َُ
ٍ
حدب ينسلون ،أخرج ُه مسلم. ومأجوج ،وهم من ِّ
كل َ
ثم ُ
نزول عيسى ِ ِ ترتيب ِ
ِ ِ اعلم) َّ
خروج الدجال َّ
ُ اآليات هذه اجلمهور يف رأي
أن َ ْ (
تأخر الطلو ِع من ِ ِ
لشمس من مغرهبا ،أما ُ طلوع ا
ُ ثم
ومأجوجَّ ،
َ يأجوج
َ خروج
ُ ثم
السال ُم َّ
عليه َّ
يكون الدعو ُة واحد ًة والكلم ُة
ُ ٍ
وصالح فإن ُه زمان ٍ
تعبد ُ السال ُمَّ ،
فإن زمان ُه ِ ِ
نزول عيسى عليه َّ
يقبل والتحاسد ويدّ عى إىل ِ
املال فال يقبل ُه أحدٌ ،وبعدَ الطلو ِع ال ُ ِ ويذهب الشحنا ُء متفق ًة،
ُ
ِ
خروج عقيب السال ُم: ِ أن َ حاديث الس ِ
ابقة َّ ِ ِ ُ
ُ نزول عيسى عليه َّ َّ مر يف األ الكافر ،وقد َّ إيامن
ِ
العاص هلل بن عمرو بن عبد ا ِ عن ِ روي ِ ِ
وما َ ومأجوج)
َ يأجوج
َ خروج
ُ الدجال وعقيب ُه
الشمس من مغرهبا، ِ طلوع خروجا ِ
اآليات يقولُ :
أول رسول اهللِ صىل الل وس َّلم ُ َ سمعتُ
ُ ً
ِ
عالمات وجودها، أولفلعل املرا َد من ُه أهنا ُ َّ والُّتمذي، مسلم الدابة أخرج ُه ِ وخروج
ُ ٌ ُ
ِ
عالمات قرهبا ،هذا عليه من وغيه ِ ِ ِ
الدجال ِ
خروج وهو ال ينايف تقد َم ِ
وأمارات حصوهلاَ ،
وسكت عن
َ ِ
والضبط، ِ
التأليف ميال إىل َ
النزول ً باخلروج َّ
وأخ َر ِ صدر ِّف قد َم ما أن املصن َ َّإال َّ
َ
األحاديث الوارد َة ِ
فيه َ َّ
وألن العالمات ألن ُه مل يقصدْ االستقصا َء ِ أيضا من وهو ً ِ
ظهور املهدي َ
كثي ِ ِ تدل عىل أنه يف ِ
غاية ِ ِ
املتانة ،وال ُ
ليس يف أمره ُ
الساعة ،وألن ُه َ
قرب َّ ُ ليست تقاو ُم غيها يف
ِ
العباس مل عىل املهدي العبايس عىل ما ورد املهدي من ِ
ولد غرابة كام هي يف ِ
غيه بل ربام ُحت ُ ٍ
َ َ
كان ضعي ًفا ،ومن
وإن َ
مريم ْ
َ مهدي َّإال عيسى بن
َ قطني وروى ال
الدار ُ
َ عمي أخرج ُه
العرب ٌ
رجل َ
يملك تذهب الدنيا حتى السال ُم ال ِ ِ ِ ِ
َ ُ روي عن ُه عليه َّ
األحاديث الواردة فيه ما َ
واسم
ُ والُّتمذي ،ويف أخرى أليب داو َد
ُ يواطئ اسم ُه اسمي أخرج ُه أبوداوو َد
ُ من ِ
أهل بيتي
األرض قس ًطا خأ ِ
األنف يم ُ ِ
اجلبهة أقنى املهدي منِّي أجىل السال ُم ِ ِ
َ ُ اسم أيب ،وعن ُه عليه َّ
أبيه ُ
وصحح ُه ابن
َّ واحلاكم
ُ سنني أخرج ُه أبوداو َد
َ سبع
يملك َُ وجورا
ً ظلام
ملئت ًْ ً
وعدال كام
استطاع فيقول يا مهدي اعطني اعطني فيحثي له يف ِ
ثوبه ما ُ ُ
الرجل العريب ،وعنه فيجيء ِ
إليه
َ ُ ُ ُ
ِ
اجلنة: أهل ِ
املطلب ساد ُة ِ ولد ِ
عبد عليه السالم نحن سبع ُة ِ
أن حيمله أخرجه الُّتمذي ،وعنه ِ
ُ َّ ُ ُ ُ ُ ُ
وأظهر ما ُ
يدل عىل ُ واحلسني ،أخرج ُه ابن ماجه وأبونعي ٍم
ُ وجعفر واحلس ُن
ُ أنا ومحز ُة وعّل
أوالد فاطم َة أخرج ُه أبو داود وابن ماجه ِ السال ُم املهد ُي من عُّتيت من ِ
املدعي قول ُه عليه َّ
ِ
خده ارسائيّل عىل جسم يب وجسم ُه رجل من ولدي لون ُه ٌ املهدي ٌ
ٌ ٌ لون عر ٌ ُ واحلاكم وقول ُه
ُ
املهدي ٌ ِ ِ
األيمن ٌ
رجل ُ دري أخرج ُه أبو نعي ٍم والروياين وقول ُه عليه َّ
السال ُم كوكب ٌ
ٌ خال كأن ُه
ِ
عليه وصحح ُه ابن العريب ،وقول ُه ِ
كالكوكب الدُّ ِّري أخرج ُه الروياين من ولدي وجه ُه
َّ
ِ
األمة أخرج ُه إن منهام يعني احلسن واحلسني مهدي ِ
هذه ِ
باحلق َّ السال ُم لفاطم َة والذي بعثني
ُّ َّ
ِ
احلياة بعدَ املهدي أخرج ُه أبو نعي ٍم، ٍ ِ
عيش خي يف الطُباين وأبو نعي ٍم وقول ُه عليه َّ
السال ُم ال َ ُ
عّل ِ
مريم خلف ُه أخرج ُه أبو نعيم وعن ٍّ املهدي الذي يصّل عيسى بن َ ُ السال ُم منا
وقول ُه عليه َّ
رجل منوسيخرج ٌ النبي ﷺ، ابنه َ
فقالَّ : ريض اهللُ عنه أنه نظر إىل ِ
ُ إن ابني هذا سيدٌ كام سام ُه ُ ُ ُ َ َ
لق وال يشبه ُه يف اخلَ ْل ِق ،أخرج ُه أبو داود وعن ابن
يسمى باسم نبيكم يشبه ُه يف اخلُ ِ ِ
صلبه َّ
ُ
اجلبال َ
استقبل ل ُه ِ
املَّشق ولو احلسن من ِق ِ
بل ِ رجل من ِ
ولد خيرج ٌ
ُ هلل عنهامريض ا َُ عمرَ
ِ يكون ََ
الدجال كام ِ
خروج قبل ثم ينبغي أن نعيم بن محاد َّ واختذ فيها طر ًقا أخرج ُه َُ هلدمها،
املهدي،
ُ الظاهر من األمي حني فتح قسطنطيني َة َ
هو َ َّ
وألن حديث مسل ٍم فيام سبق،
ُ ُي ْش ِع ُر ِبه
ِ
للقتال َ
يعدون جال فبينام همخرج يعني الدَّ ُ السال ُم بعد ُه :فإذا جاءوا الشا َم ِ َ
َ وقال عليه َّ
كيفمسلم وور َد َ
ٌ مريم فأ َّمهم أخرج ُه
فينزل عيسى بن َ الصفوف إذ أقيمت الصال ُة ُ
َ َ
ويسوون
ِ
للدابة ثالث ُة ذكر َّ
أن ُيلك أم ًة أنا أوهلا
ُ
ثم َ واملسيح آخرها ،أخرج ُه زرين َّ
ُ واملهدي وسطها
ُ
مس من مغرهبا.الش ِثم بعدَ طلو ِع َّ ٍ
ثم أيا َم عيسى َّ
خروجات :أيا َم املهدي َّ
ِ
الفقيه طاقت ُه بذل ِ
املقصود وشيع ًة ُ لنيل ِ
املجود ِ (واملجتهدُ ) االجتها ُد لغ ًة ُ
بذل
الفهم بالطب ِع ِ
نقيضه وشط ُه ِ
احتامل الظن ِبه ،مع
ِ الظن بحك ٍم شعي وأثرة غلب ُة ِ ِ
لتحصيل
ُ
والس ِنة متنًا وسندً ا وبمعانيهام لغ ًة وشيع ًة وبأقسامهام دالل ًة وإفاد ًة ُّ ِ
بالكتاب والعلم
ُ
ِ
األمثال ،وبمواق ِع اإلمجا ِع ِ
رضب ِ
االستعامل ومناهجهم يف العرب وعاداَتم يفِ وخطابات
ُ
فهو ٌ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
أهل اتقن هذه اجلمل َة َ القياس واملعاين املؤثرة يف األحكا ِم فمن َ ووجوه الصحابة وأقوال
يتصور االجتها ُد يف غيه فال ِ جيوز ل ُه تقليدُ
باجتهاده ،وال ُِ يعملعليه أن َ لالجتهاد ،فيجب ِ ِ
ُ ُ
الس ِنة أو الكتاب أو ُّ ِ ِ
بنص وهي التي ثبتت َ وبعض العملياتِ القطعيات كاالعتقاديات ِ
ِ ِ
والقرآن هلل املتنيبحبل ا ِ والفرض الالز ُم االعتصا ُمُ الواجب
ُ اشتهر بل
َ علم أو اإلمجا ِع ما َ
رسوله كام وصف ُه عىل ِ كتابه أو سن َةِ وصف ِبه نفس ُه يف َ بكل ما متصف ِّ
ٌ ِ
واعتقاد أن ُه املبني،
ِ ِ ِِ ِ
يعالسم ُيش ٌء َو ُه َو َّ وليس كمثله يش ٌء﴿ َل ْي َس كَم ْثله َ ْ وإن ل ُه األسام ُء احلسنى َ املعنى الذي أراد ُه َّ
ِ
اجلدال ِ
وترك ِ
اإلثبات والنفي ِ
والتقديس يف ا ْلب ِصي ﴾[الشورى ،]11 :مع ِ
غاية التعظي ِم َ ُ
غي مأموري َن ِبه، ِ
معرض اخلزي والوبال ،فإنا ُ ِ فيصي يف
ُ القيل والقالَّ ،
وإال ِ ِ
وااللتفات إىل
باملتفق ِ
عليه ،وما َ
أقبل األم ُة ِ ِ
العمل إثم ولذلك مل يكن املخطئ ِ
َ
مزورا َ
ً معذورا بل عاص ًيا
ً فيه ُ
ِ
واالجتهاد يف ِ
الظاهرة ِ
األدلة اتباع ٍ فالواجب عىل ِّ إليه ،وأما يف ما اختلفوا ِ
كلهم ِ
كل أحد ُ ُ فيه
ِ
املذهب ومهام أو يف ِ
املطلق ِ
االجتهاد ِ
طاقته من الصواب عىل ِ
قدر ِ ِ
طلب
ِ
التعطيل، حذرا عن ِ
التقليد اضطر إىل ِ
غيه فقد متييز املَّشو ِع ِبه عن
عجز عن ُه وعن ِ َ
ً َ
ِ
خطئه أغلب عند ُه عىل ِ
وصوابه أفضل يف ِ
رأيه ُ ِ
األئمة النظر يف أن أي ٍ
حينئذ فالواجب ِ
عليه
ُ ُ ُ
ويتقدر بقدرها ِ
احلاجة بقوله ولكنه أمر رضوري ال يصار ِ
إليه َّإال عندَ ِ ُ
ويعمل ِ
فيستفتيه
ُ ُ ٌ ُ ٌ
سدى، خيلق عب ًثا ومل ْ
يُّتك َ
اإلنسان مل ْ الزب َّ
ألن حتم واجب والتعبدُ أمر ِ
ً ُ ٌ ٌ وباجلملة التدي ُن ٌ
مهمال سوى ً يكون ً
فعال ُ امتثال ما وال ُ ليتحقق
َ ِ
تركه راجحا عىل ُ
العمل َ
يكون وال بدَّ أن
ً
لقوله تعاىل ﴿ :اتَّبِ ُعوا َما ُأن ِْز َل إِ َل ْي ُك ْم ِم ْن َر ِّب ُك ْم َو َال
ِ يرج ُح ِبه ِ
بالدليل ِّ ِ
الُّتجيح فالقادر عىل
ُ
والعاجز عن ُه
ُ دونه أوليا َء َتتَّبِعوا ِمن دونِ ِه َأولِياء ﴾[األعراف ،]3 :من ربكم وال تتبعوا من ِ
ْ َ َ ْ ُ ُ
الذك ِْر إِ ْن
اس َأ ُلوا َأ ْه َل ِّ ِ ِ ِ األفقه األور ِع َ ِِ ِ
ليثق به يف علمه وعمله لقوله تعاىلَ ﴿ :ف ْ بقول يرجح ُه
دليل املق ِّل ِد
يقال ُ الز ُب ِر ﴾[النحل ،]44 :وهذا معنى ما ُ ون ( )43بِا ْلبين ِ
َات َو ُّ َ ِّ ُكنْ ُت ْم َال َت ْع َل ُم َ
حيتمل غي ُه، ُ صواب
ٌ ِ
األصول حق ال حمال َة ويف الفرو ِع األقول املجتهدُ ومذهبنا يفُ ليسَ
ِ
النضباط ِ
األئمة ِ
األربعة من غي ِ
تقليد ِ منع العوا َم عن ِ ِ
بالعكس ولكن َ املخالف ومذهب
ُ
ِ
والتهذيب والذاب عن أقواهلم مع فيها من اجلم ِع ِ
وكثرة اتباعهم ِ
واشتهار مناقبهم مذاهبهم
ُّ
ِ
وانحالل آخر خماف َة اضطراهبم ٍ ِ ِ
والتبويب َ ِ
مذهب إىل َ االنتقال من دون غيهم وعن والتسيي
عقيدَتم
البخاري
ُ حكم فاجتهدَ فأخط َأ فل ُه ٌ
أجر ،أخرج ُه َ فأصاب فل ُه أجران ،وإذا
َ احلاكم فاجتهدَ
ُ حكم
َ ( )( إذا 254
وهو ِ ِ ِ ِ ِ ِ ُ ِ ُ
رسل املالئكة) عندَ احلنفية والشيعة وعامة األشعرية َ أفضل من البرش (ورسل
ِ
مجهور مذهب وهو ِ ان األفضلي َة ٍ
رواية عن ُه َّ الرواي ُة األخي ُة عن أيب حنيف َة ويف
ُ بالعكسَ ، ّ
ِ
األصل ،وينوي عن ٍ
حممد رمح ُه اهللُ يف محل ُ
قول ولذلك َ
َ ِ ( )256
وبعض األشعرية
ُ ِ
املعتزلة(،)255
ِ
املعتزلة وغيهم من ُه س َّلم ُه اهللُ* وبني املتناز ِع ِ
فيه بينناَ ،
أفضل منُ فإن املالئك َة عندهم
خالف األشعري ومن تابع ُه َّ ُ ِ
املالئكة ِ
البَّش من أفضلية ِ
عامة ِ ( )( ويف 256
ِ
البَّش مطل ًقا من ُه س َّلم ُه اهللُ عوا ِم
ِ
الرجال ِ
الصغي من القول األ َّو ِل وقول ُه يف اجلام ِع
ِ ِ
والنساء عىل ِ
والرجال ِ
احلفظة ِ
يمينه من
ِ
واحلفظة ِ
والنساء ِ
الرجال ِ
الصغي من األو ِل ،وقول ُه يف اجلام ِع ِ ِ ِ
القول َّ واحلفظة عىل والنساء
ِ
للُّتتيب. ٍ
موجب غي ِ
ملطلق اجلم ِع ِ كان الواوآخر الكتابني ،وإن َ ِ ِ
األخي ألن ُه ُ القول عىل
باألتقياء منهم ،ويقيد ُه قول ُه تعاىلَ ﴿ :ل َقدْ َخ َل ْقنَا ِ البرش) ق َّيد ُه يف الكايفِ ِ
(وعامة
ني ( )5إِ َّال ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َو َع ِم ُلوا
ان ِيف َأ ْح َس ِن َت ْق ِوي ٍم (ُ )4ث َّم َر َد ْدنَا ُه َأ ْس َف َل َسافِلِ َ
اإلن َْس َِْ
َ
ولذلك ِ
بفضله، ِ
لَّشفه وإيذانًا وإظهارا ِ
لشأنه وتعظيام تكريام ِ
بالسجود ِ
املالئكة وأمرهم
ً ً ً
( )257
َّ
وألن نار وخلقت ُه من طني مت عّل أنا خي من ُه خلقتني من ٍ َ َ
ٌ كر َ َّ أرأيتك هذا الذي ّ إبليس:
ُ قال
رسخت أعراقهم فيها
ْ وموانع ِ
صوارف جبلوا عليها طاعتهم َأمحز وعبادَتم ُ
أشق لكوهنا عن
َ
قدراألجر عىل ِ السال ُم: ِ أفضل كام َ
َ ُ ِ
والغضب ونواز ِع اهلوى، ِ
ُ قال عليه َّ فتكون الشهوة من
ِ
املالئكة أخرج ُه ابن ِ
بعض ومسلم َ
وقال املؤم ُن أكر ُم عىل اهللِ من البخاري ِ
التعب أخرج ُه
ٌ ُ
وسبعني
َ الكتاب يف ٍ
ألف ومئتني وثالٍ ِ ِ
تأليف هذا قد يّس اهللُ الفرا َغ ملصن ِ
ِّفه من َ
عد ُد السنني واحلساب