You are on page 1of 233

‫الحكمة البالغة الجنية في‬

‫شرح العقائد الحنفية‬


‫وهو شرح على العقائد النسفية‬
‫تأليف‬
‫لشهاب الدين المرجاني‬
‫(‪8111 -8181‬م)‬

‫بعناية‬
‫أكرم دمحم إسماعيل‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫[ديباجة الكتاب]‬

‫احلمد هلل املُبدي املعيد‪ ،‬عامل الغيب ذي ال َّطول ال إله إال هو ّ‬


‫رب العرش املجيد‪ ،‬عىل‬
‫والصالة والسالم عىل رسوله‬
‫َّ‬ ‫أن هدانا إىل ال ّط ِّيب من القول‪ ،‬وهدانا إىل رصاط احلميد‪،‬‬
‫ْ‬
‫بالشفاعة والوسيلة‬ ‫والَّشع املُنيف‪ ،‬واألمر ِّ‬
‫الرشيد‪ ،‬املوعود له ّ‬ ‫الصنديد‪ ،‬ذي الدِّ ين احلنيف‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫السجود‪.‬‬
‫الركع ُّ‬
‫الرمحاء ّ‬
‫واملقام املحمود‪ ،‬وعىل آله وأصحابه األشدّ اء ُّ‬

‫عمن سواه‪ ،‬هارون‬


‫الفقي(‪ )1‬إىل مواله‪ ،‬أغناه سبحانه بفضله َّ‬
‫ُ‬ ‫أما بعد‪ :‬فيقول العبد‬
‫بالسبيل املُ ْستبني‪ ،‬إ ْذ ُأوتيت‬
‫بحول اهلل أخذت َّ‬
‫املرجاين شهاب الدّ ين‪ّ :‬إين ْ‬
‫بن هباء الدّ ين ْ‬
‫احلكمة والف ْقه يف الدِّ ين‪.‬‬

‫مْصوعة باأل َدم(‪ )3‬يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫الُبم(‪ْ )2‬‬
‫الع العلم خاوية عىل عروشها‪ ،‬ونخاع ُ َ‬ ‫وهذه ق ُ‬
‫و(من‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ومزارع ال ُعىل ُمع َّطلة‪،‬‬ ‫وسها(‪ ،)4‬ورباع(‪ )5‬اهلُدى ُُم ْ ِحلة‪ ،‬وفِ َراع(‪ )6‬النُّهى(‪ُ )7‬م ْض ِحلة(‪،)8‬‬
‫رم ِ‬
‫ُ‬
‫أحيا أرض ًا مي َت ًة فهي له)(‪.)9‬‬

‫( ) يف األصل‪ :‬الفاقر‪.‬‬‫‪1‬‬

‫احلجر‪ .‬املغرب(‪.)71/1‬‬ ‫ِ‬ ‫)الُب ُم‪ِ :‬‬


‫والُبام مجع ُب ْرمة وهي القدْ ر من َ‬ ‫( َُ‬ ‫‪2‬‬

‫)(األَ َد ُم) بفتحتني مجع (أديم) وقد جيمع عىل (آدمة) كرغيف وأرغفة‪ ،‬وربام سمي وجه األرض‪ .‬خمتار‬
‫( ْ‬ ‫‪3‬‬

‫الصحاح (ص‪.)15‬‬
‫الُّتاب ا َّل ِذي حيثى عىل ا ْل َق ُْب (ج) رموس وأرماس‪ .‬املعجم‬
‫)(الرمس) ا ْل َق ُْب مستويا َم َع َوجه األَ ْرض َو ُّ َ‬
‫( ِّ‬
‫‪4‬‬

‫الوسيط (‪.)372/1‬‬
‫( )(رباع) و (ربوع) و (أرباع) و (أربع) و (الربع) أيضا املحلة‪ .‬خمتار الصحاح (ص‪.)116‬‬ ‫‪5‬‬

‫ب‪ .‬القاموس املحيط (‪.)746/1‬‬ ‫الش ْع ِ‬ ‫( )فِراع مجع ُفروع‪ ،‬وهو‪َ :‬مرى ِ‬
‫املاء إىل ِّ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫‪6‬‬

‫( )(الن َُّهى)‪ :‬العقول ألهنا تنهى عن القبيح‪ .‬خمتار الصحاح (ص‪.)323‬‬ ‫‪7‬‬

‫)(الضحل) ا َملاء ا ْل َقلِيل عىل األَ ْرض َال عمق َل ُه‪ .‬املصدر السابق(‪.)535/1‬‬
‫َّ‬ ‫(‬ ‫‪8‬‬
‫السو ّية‪ ،‬وذلك مذهب‬ ‫َّ‬
‫وإن (العقائد النَّسفية) الستقامتها يف أصول الَّشيعة احلنيفة َّ‬
‫كتاب رفيع‬
‫ٌ‬ ‫أسالفنا األئمة احلنف ّية‪ ،‬ال زال م َن حالفهم منصور ًا‪ ،‬ومن خالفهم مدْ حور ًا‪،‬‬
‫السفهاء‬ ‫بامئه‪ ،‬ويُبي العليل من ِ‬
‫دائه‪ ،‬ب ْيدَ (‪ْ )13‬‬ ‫القدْ ر منيع األمر‪ ،‬يروي الغليل ِ‬
‫أن متادى أيادي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫املصوع(‪،)11‬‬
‫َّ‬ ‫وال ُبدَّ ع‪ ،‬وتعاطى أهل األهواء والتَّبدُّ ع‪ ،‬وتال ُعبهم هبا بتحريف النَّظم عن املعنى‬
‫الر ْضم(‪ )12‬إىل اآلراء املُ ْحدَ ثة ولبئس املصنوع‪ ،‬قد دهش رونقه وماءه‪،‬‬
‫وتداعيهم بتصحيف َّ‬
‫وتَّشدت موارده الصافنة‪ ،‬ولوال ّ‬
‫ختّل‬ ‫الصافية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مشارعه َّ‬ ‫وأفزع منظره ورواءه‪ ،‬فتكدَّ رت‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫الغيضة(‪ )15‬اهلزاع(‪ )16‬مل‬
‫َ‬ ‫الغاب من ال َعشارب(‪ ،)13‬ملا ْأشعر به َض ُ‬
‫بح(‪ )14‬الثعالب‪ ،‬ولو مل يرحتل من‬
‫الوعواع(‪.)18‬‬
‫ُي َر فيها اهللياع(‪ ،)17‬وال سمع ْ‬

‫ورب أعصار من قبله‪ ،‬واهلل املستعان عليه واملشتكى إليه من أهله‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وإن عْصنا هذا ّ‬
‫قد أضحى فيه اهلمم متقارصة‪ ،‬واجلهلة ُمتنارصة‪ ،‬ال يرد فكرهم براد‪ ،‬وال يؤول نظرهم إىل‬
‫اعتقاد‪ ،‬كبيهم يف املعرفة من طالع كتب املتفلسفة‪ ،‬حتريرهم يف احلكمة من ترجم كالم تلك‬
‫ٍ‬
‫باطل مجعه‪ ،‬فذاك أمثلهم‬ ‫حق َمنَ َعه‪ ،‬أو‬
‫مهته إىل تركيب كتاب من ٍّ‬ ‫الفرقة‪ِ ،‬‬
‫وإن ْاشأ َّبت‬
‫َّ‬
‫(‪)19‬‬

‫( )أخرجه البخاري (‪ ،)2335‬وأمحد (‪.)24883‬‬ ‫‪9‬‬

‫( )(بيد) غي‪ .‬خمتار الصحاح‪( .‬ص‪.)42‬‬ ‫‪13‬‬

‫املصوع املنتَّش‪ .‬املحيط يف اللغة (‪.)111/1‬‬


‫ّ‬ ‫()‬ ‫‪11‬‬

‫ِ‬ ‫)الر ْض ُم ِ‬
‫والرضا ُم‪ :‬احلجارة البيض وصخور ع َظام َب ْع َ‬
‫ضها عىل بعض‪ .‬املعجم الوسيط‪.)351/1( .‬‬ ‫( َ‬
‫‪12‬‬

‫الش ِديدُ اجلَ ْري‪ .‬تاج العروس(‪.)375/3‬‬


‫َّش ُب‪َّ :‬‬ ‫رج ٌل ُع َش ِار ٌب‪َ :‬ج ِري ٌء َم ٍ‬
‫اض‪ .‬وال َع ْ َ‬ ‫( )يقال‪ُ :‬‬
‫‪13‬‬

‫الضبح‪ :‬صوت الثعلب‪ .‬مقاييس اللغة(‪.)385/3‬‬ ‫( ) َّ‬ ‫‪14‬‬

‫امللتف ومجعها ‪ِ ( :‬غياض )‪ .‬املغرب(‪.)123/2‬‬


‫ِ‬ ‫مج ِة وهي الشجر‬
‫( )( ال َغ ْيضة ) ‪ :‬األَ َ‬ ‫‪15‬‬

‫( )األَ ْه َز ُع‪ :‬آخر سهم يف الكنانة‪ .‬القاموس املحيط(‪.)775/1‬‬ ‫‪16‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالغني‪ .‬القاموس املحبط(‪.)776/1‬‬
‫واب ْ‬ ‫غي‪ ،‬أو َذك َُر الدالد ِل‪ ،‬أو َّ‬
‫الص ُ‬ ‫( )اهل ْل ُ‬
‫ياع‪َ :‬س ُب ٌع َص ٌ‬
‫‪17‬‬

‫( )(الوعواع) ضجة النَّاس وكل َصوت خمتلط‪ .‬املعجم الوسيط(‪.)1344/2‬‬ ‫‪18‬‬

‫( )اش َأ َّب عنُ ُقه‪ :‬مدّ عنقه‪ ،‬ارتفع لينظر‪ ،‬تط ّلع إىل‪ .‬معجم اللغة العربية املعارصة(‪.)1564/2‬‬‫‪19‬‬
‫املتأخر‬ ‫ٍ‬
‫زمان فهو عن اخلطأ معصوم‪ ،‬ورجا ُء ِّ‬ ‫انض َّم إليه سبق‬ ‫طريقة‪ ،‬وأنبلهم يف احلقيقة‪ِ ،‬‬
‫فإن َ‬
‫كافر أو مبتدع مبغوض‪ ،‬ومقا ُله ك ْفر أو بدع‬
‫دون ال َّلحاق به حمسوم‪ ،‬و َمن خال َف ُه فهو ٌ‬
‫يفضل القائل‪ ،‬وال حلدثانه‬
‫حق القول والقول العجيب‪ ،‬ليس لقدم العهد َّ‬
‫مرفوض‪ ،‬ولكن ّ‬

‫ُُيتضم املُصيب‪ ،‬ومن تسنَّم ُق َل َل(‪ )23‬املعايل اس ْ‬


‫ُّتذل من ال َذ بحضيضها‪ ،‬ومن أحكم النّظر‬
‫ورضبت أذيال العزم يف‬
‫ُ‬ ‫فتشم ْر ُت عن ساق اجلدّ ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أ ْذعنت له العلوم َّ‬
‫قضها بقضيضها(‪،)21‬‬
‫نطاق احلدّ متم ّث ً‬
‫ال بقول القائل(‪:)22‬‬

‫ُ‬
‫األوائل‬ ‫آلت بام مل ت َْستَطِ ْع ُه‬
‫ٍ‬ ‫األخي زما ُن ُه‬
‫َ‬ ‫وإين وإن كن ُْت‬
‫شحه‪ُ ،‬مستمد ًا من عونه إنه هو اجلواد املطلق‪ ،‬ومتعهد ًا‬
‫وشعت بتوفيق اهلل يف ْ‬
‫احلق‪ ،‬فقام بحمد اهلل شح ًا جامع ًا بني‬
‫حقيق عىل أن ال أقول عىل اهلل إال ّ‬
‫ٌ‬ ‫للنّجى يف قوله‬
‫ٍ‬
‫لتحقيقات مل ُي َر مثلها يف كتب‬ ‫اهلداية إىل املطالب‪ ،‬وتعريف اخلالف ثخن(‪ )23‬املذاهب‪ ،‬حاوي ًا‬

‫الصباح‪،‬‬
‫الصدق ّ‬
‫رو شبهها يف صحف اآلخرين‪ ،‬ح ّتى طلع من أفق ّ‬
‫األ َّولني‪ ،‬وتدقيقات مل ُي َ‬
‫املحق شارق ًا تدور به النّجاح‪،‬‬ ‫(‪)24‬‬
‫وأصبح احلواثر‬
‫َ‬ ‫حي عىل الفالح‪،‬‬
‫احلق َّ‬
‫ونادى منادي ّ‬

‫( )ا ْل ُق َّل ُة‪ :‬أعىل اجلبل‪ .‬خمتار الصحاح(ص ‪.)259‬‬


‫‪23‬‬

‫قضهم ب َق ِضيضهم‪ ،‬أي جاؤوا بآخرهم‪ .‬املزهر يف علوم اللغة(‪.)235/2‬‬


‫( )يقال‪ :‬جاؤوا ُّ‬ ‫‪21‬‬

‫املعري (‪ 449 - 363‬هـ) من قصيدة مطلعها‪:‬‬


‫( )البيت أليب العالء ِّ‬ ‫‪22‬‬

‫ُ‬
‫ـــــل‬ ‫فاف وإ ْقدام وح ْزم ِ‬
‫ونائ‬ ‫َع ٌ‬ ‫سبيل ا َمل ْج ِد ما أنا ُ‬
‫فاعل‬ ‫ِ‬ ‫أال يف‬
‫ٌ َ ٌ‬
‫( )(ثخن) اليشء من باب ظرف أي غلظ وصلب‪ .‬خمتار الصحاح(ص‪.)48‬‬ ‫‪23‬‬

‫حلثْ ُر‪ :‬حب ا ْل ِعنَب‪ .‬املحكم واملحيط األعظم(‪.)296/3‬‬


‫( )ا َ‬ ‫‪24‬‬
‫صح يل أن أتلو يف ذلك كالم‬
‫الرياح‪ ،‬وإذ ّ‬
‫زاهق تذروه ّ‬
‫ٌ‬ ‫وانُبح(‪ )25‬ال َّلو(‪ )26‬بد ْم ِغه‪ ،‬فإذا هو‬
‫الس َلكَة [شعر](‪:)27‬‬
‫الس َل ْيك بن ُّ‬
‫الكليم‪ ،‬وما أملكه‪ ،‬وأنشد مقال ُّ‬

‫كذب‬ ‫ٍ‬
‫عاجز لو أنني ال ُأ َّ‬ ‫وال‬ ‫قْص‬
‫سعي غي ُم ّ‬
‫َ‬ ‫َس َع ْي ُت ل َعمري‬

‫َ‬
‫أكـذب‬ ‫ّ‬
‫واملكــذب‬ ‫ب‬ ‫أو ِ‬
‫نور ُل ٍ‬ ‫رس‬ ‫يكذبني ال ُعميان عن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫احلق وهو‬ ‫ِ‬
‫شح العقائد احلنف َّية)‪ ،‬واهلل يقول ُّ‬ ‫حكمـــة ّ‬
‫سميته بـ (احلكم ُة البالغ ُة اجلن َّية‪ ،‬يف‬
‫ُيدي السبيل‪ ،‬عليه تو ّكلت وهو حسبي ونعم الوكيل‪.‬‬

‫[مقدّ مة يف علم العقائد]‬

‫الصاحلني رضوان‬
‫والسلف ّ‬
‫الصحابة وال ّتابعني ومن بعدهم من فقهاء األ ّمة ّ‬
‫أن ّ‬‫اعلم ّ‬
‫اهلل عليهم أمجعني‪ ،‬كانوا يف العقائد احل َّقة التي توارثوها من النَّبي ﷺ راسخني‪ ،‬وعىل اجلا َّدة‬
‫ختوفوا ضياع‬ ‫ِ‬ ‫حدثت ِ‬
‫ِ‬
‫البدع َّ‬
‫ُ‬ ‫وظهرت‬ ‫الفتن‪،‬‬ ‫ثم ملا‬
‫املستقيمة التي تعاطوها من الوحي ثابتني‪َّ ،‬‬
‫احلق وخسار األ ّمة‪ ،‬فأخذوا يف ال َّتدوين وضبط أحكام الدين(‪.)28‬‬
‫ِّ‬

‫( ) َب ِر َح‪َ :‬أ ْي َز َال‪ .‬خمتار الصحاح(ص‪.)31‬‬


‫‪25‬‬

‫( )ال َّل ّو ‪ :‬باطن اليشء‪ .‬املغرب(‪.)252/2‬‬


‫‪26‬‬

‫الس َلكَة‪ ،‬شاعر جاهّل تويف نحو (‪ 17‬ق هـ)‪ .‬ينظر‪ :‬األعالم(‪ .)115/3‬والبيتان الذان‬
‫)الس َل ْيك بن ُّ‬
‫( ُّ‬ ‫‪27‬‬

‫يف ديوانه طبعة العاين بغداد (ص‪:)47‬‬


‫ِّ‬
‫واملكذ ُب أكذب‬ ‫وعمرو بن سعد‬ ‫ٍ‬
‫جندب‬ ‫يكذبني العمران‪ :‬عمرو بن‬
‫وال نأنأٍ لو أنني ال ُأ ّ‬
‫كذ ُب‬ ‫عج ٍز‬‫ُم ّ‬ ‫غي‬ ‫لعمري‬ ‫سم ْي ُت‬

‫( )واإلمام أبو حنيفة هو ّأول من صنف يف أصول الدين‪ ،‬كام ب ّينّا يف كتاب (َمموع كتب ورسائل اإلمام‬ ‫‪28‬‬

‫األعظم)‪.‬‬
‫وملّا كان غرضهم من التَّصنيف يف العقائد حفظها عن خلط البدعة وتشويش‬
‫املبتدعة‪ ،‬ذكروا يف كتبهم ما هو من أصول الدِّ ين حسب ما وجدوه يف كتاب اهلل وسنّة‬
‫رسوله من صفاته سبحانه‪ ،‬وما هبا يلتصق بيانه‪.‬‬

‫فجاء موضوع علمهم هذا عىل نظر أرباب املعقول‪ :‬ذات اهلل تعاىل وصفاته العىل‪،‬‬
‫وإن حتاشوا عن إطالق ال ِّلسان يف أمثاله‪ ،‬عىل هو مجيل دأهبم ومحيد أدهبم‪ ،‬وجعلوه كلمة‬
‫باقية يف عقبهم‪ ،‬فوضع املصنّف(‪ )29‬رمحه اهلل كتابه عىل سننهم‪ ،‬وصدّ ره بال ّتْصيح ّ‬
‫بأن ما‬
‫تضمنه هو مقوهلم‪ ،‬ال من ُحمدثات قوم بغى عليهم عقوهلم‪ ،‬ترغيب ًا وتنشيط ًا لخأخذ بام فيه‪،‬‬
‫ّ‬
‫ال باالتباع ومتجنب ًا عن االبتداع‪.‬‬
‫متجم ً‬
‫ِّ‬ ‫وترهيب ًا وتثبيط ًا عن الغرة بمنافيه‪ ،‬حيث قال‬

‫[أسباب العلم]‬
‫ُ‬

‫أه ُل احلق) أي الذين يدينون بام ثبت ّ‬


‫وتقرر عند اهلل من الدّ ين ويالزمونه‪،‬‬ ‫( َ‬
‫قال ْ‬
‫املتقرر الذي ال يسوغ إنكاره من األعيان ال ّثابتة والعقائد ّ‬
‫الصحيحة واألقوال‬ ‫ّ‬ ‫وأصله‬
‫الصدق يف املورد‪ ،‬إال ّ‬
‫أن املطابقة تعتُب فيه من جهة املحكي عنه‪ ،‬ويف‬ ‫الصادقة‪ ،‬ويشارك ّ‬
‫ّ‬
‫اليشء؛ كونه بحيث يطابقه الواقع‪ ،‬ومعنى ِصدقه‬‫الصدق من جهة احلكاية‪ ،‬فمعنى ح ّق ّية ّ‬
‫ّ‬
‫مطابقته له‪.‬‬

‫أولئك هم الذين قد عرفت حاهلم(‪ ،)33‬وسمعت مقاهلم وقد ب ّينهم النّبي ﷺ حني‬

‫وأصحايب (‪ )32())31‬رواه أمحد وأصحاب السنن‬


‫سأل عن الفرقة الناجية بقوله‪( :‬ما أنا عليه ْ‬
‫األربعة واحلاكم وابن حبان‪ ،‬وقال الُّتمذي رمحه اهلل حسن صحيح‪.‬‬

‫( ) هو اإلمام أبو حفص نجم الدّ ين عمر النسفي (ت‪537‬هـ)‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫الرسوخ يف العقيدة احل ّقة املتوارثة من‬


‫خصوا به من ّ‬
‫احلق بام ّ‬
‫بيان ألهل ّ‬‫( )قوله‪( :‬هم الذين قد عرفت)‪ٌ ،‬‬ ‫‪33‬‬

‫ِ‬
‫املستقيمة املتل ّقاة من الكتاب والسنّة‪ ،‬والتّحايش عن إطالق اللسان‬ ‫الرسالة‪ ،‬وال ّثبات عىل اجلا ّدة‬
‫جناب ّ‬
‫سموا أهل السنة واجلامعة‪ ،‬كام روى عنه‪( :‬ثنتان وسبعون يف النار‪ ،‬وواحدة‬
‫ولذلك ّ‬
‫يف اجلنة وهي اجلامعة)(‪ )33‬رواه أمحد وأبو داود رمحهام اهلل‪.‬‬

‫ون باحلق َوبِ ِه َي ْع ِد ُل َ‬


‫ون﴾[األعراف‪:‬‬ ‫﴿و ُِم َّ ْن َخ َل ْقنَآ ُأ َّم ٌة َ ُْيدُ َ‬
‫وهم املراد بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫احلق حتى يأتيهم أمر‬
‫‪ ،]181‬وبقوله عليه السالم‪( :‬ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين عىل ّ‬

‫اهلل‪ ،‬وهم ظاهرون)(‪ ،)34‬أخرجه الشيخان عن مغية بن شعبة‪.‬‬

‫ويف رواية عمر‪( :‬ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين عىل احلق ح ّتى تقوم الساعة)‪،‬‬
‫أخرجه احلاكم رمحه اهلل(‪ ،)35‬وقوله عليه السالم‪( :‬ال تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر اهلل ال‬
‫يرضها َمن خالفها) أخرجه ابن عساكر(‪.)36‬‬

‫الَّشيعة‪ ،‬مع مالزمة حدود الدّ اللة والتّجانب عن اإللفات لفت النقص والزيادة‪ ،‬عىل ما‬
‫بام مل ترد به ّ‬
‫أشار إليه سابق ًا بقوله‪( :‬كانوا يف العقيدة احلقة)‪( .‬منه)‪.‬‬
‫( )جعلها عني ما هو عليه وأصحابه مبالغة يف مدحها‪ ،‬وبيان ًا لباهر أتباعها له‪( .‬منه)‬ ‫‪31‬‬

‫ذو الن ِ‬
‫َّعل‬ ‫(ليأتني عىل أ َّمتي ما أتى عىل بني إرسائيل َح َ‬ ‫َّ‬ ‫( )وعن عبد اهلل بن عمر قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫‪32‬‬

‫تفرقت‬‫وإن َبني إرسائيل َّ‬ ‫يصنع ذل ِ َك ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫كان يف أ َّمتي من‬‫كان ِمنهم من أتى ُأ َّم ُه عالن َي ًة َل َ‬ ‫بالن ِ‬
‫َّعل ‪ ،‬حتَّى إن َ‬
‫وسبعني م َّل ًة ‪ ،‬ك ُّلهم يف الن َِّار َّإال م َّل ًة ِ‬
‫واحد ًة ‪ ،‬قالوا ‪َ :‬من‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ثالٍ‬ ‫وسبعني م َّل ًة ‪ ،‬وتفُّت ُق أ َّمتي عىل‬
‫َ‬ ‫عىل ثِ ِ‬
‫نتني‬
‫قال ‪ :‬ما َأنا ع َل ِيه و َأصحايب)‪ .‬أخرجه الُّتمذي (‪ )2641‬واللفظ له‪ ،‬والطُباين‬
‫رسول اهللَِّ ؟ َ‬
‫َ‬ ‫هي يا‬
‫َ‬
‫(‪ ،)14646( )53/14‬واحلاكم (‪( .)444‬منه)‪.‬‬
‫( )أخرجه ابن ماجه (‪ ،)3993‬وأمحد (‪ ،)145/3‬وأبو يعىل (‪ )36/7‬وأبو داود (‪ ،)2236‬والُّتمذي‬ ‫‪33‬‬

‫(‪.)1177‬‬
‫( ) أخرجه البخاري(‪ ،)3643‬ومسلم يف باب اإلمارة(‪.)1337‬‬ ‫‪34‬‬

‫( ) ينظر‪ :‬املستدرك عىل الصحيحني للحاكم(‪.)8389‬‬ ‫‪35‬‬

‫( ) تاريخ دمشق(‪.)262/1‬‬ ‫‪36‬‬


‫مسك‬
‫(األصل يف علم ال ّتوحيد والصفات ال ّت ّ‬
‫ْ‬ ‫وقال اإلمام فخر اإلسالم(‪ )37‬رمحه اهلل‪:‬‬
‫بالكتاب والسنة وَمانبة اهلوى والبدعة‪ ،‬ولزوم طريق السنة واجلامعة الذي كان عليه‬
‫الص حابة والتابعون ومىض عليه الصاحلون‪ ،‬وهو الذي أدركنا عليه مشاخينا‪ ،‬ومىض عىل‬
‫ّ‬
‫ذلك سلفنا أعني أباحنيفة وأبا يوسف وحممد أو عامة أصحابنا رمحهم اهلل)(‪ )38‬انتهى كالمه‪.‬‬

‫فاستفيد من ذلك أن مدار النجاة ومناط الفوز بعد املامت هو املعاضدة بالَّشيعة‪،‬‬
‫الصحابة‬ ‫ومظاهرة تلك الطريقة‪ّ ،‬‬
‫وإن أهل احلق وأهل السنة واجلامعة‪ ،‬والفرقة الناجية هم ّ‬
‫فإهنم هم املالزمون عليها‬
‫والتابعون والذين اتبعوهم بإحسان وهم احلنف ّية ومن وافقهم‪ّ ،‬‬
‫أجل املآخذ ا ّلتي ُي ُّ‬
‫عض عليها بالنواجذ يف أصول الدّ ين‬ ‫الَّشع هو ُّ‬ ‫والراسخون فيها‪ّ ،‬‬
‫وإن ّ‬ ‫ّ‬
‫كل الكفاية ومتام اهلداية‪ ،‬كام قال‬ ‫املستقل بأمره املغني عن غيه‪ ،‬وفيه ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وفروعه‪ ،‬وهو‬
‫سبحانه‪ُ ﴿ :‬ق ْل إِ َّن ُهدَ ى اهللَِّ ُه َو ْاهلُدَ ى﴾[البقرة‪ ،]123 :‬وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬أ َو َمل ْ َيك ِْف ِه ْم َأنَّا َأ َنز ْلنَا‬
‫ون﴾[العنكبوت‪ ،]51 :‬وقال‬ ‫مح ًة َو ِذك َْر ٰى ل ِ َق ْو ٍم ُي ْؤ ِمنُ َ‬
‫ْىل َع َل ْي ِه ْم إِ َّن ِيف َٰذل ِ َك َل َر ْ َ‬ ‫ِ‬
‫َع َل ْي َك ا ْلكت َ‬
‫َاب ُيت َ ٰ‬
‫جل ذكره‪﴿ :‬اتَّبِ ُعوا َما ُأ ِنز َل إِ َل ْي ُكم ِّمن َّر ِّب ُك ْم َو َال َتتَّبِ ُعوا ِمن ُدونِ ِه َأ ْول ِ َيا َء﴾[األعراف‪،]3 :‬‬
‫َّ‬
‫أن ثبوته يتو ّقف عىل وجود الشارع‪ ،‬وعلمه وقدرته فلو انعكس األمر لزم‬
‫والذي ُيت ََو َّهم ّ‬
‫الدَّ ور ساقط كيف‪ ،‬فإن النظر يف أحوال النَّبي ومعامالته‪ ،‬والبحث عن حركاته وسكناته‬
‫الرضوري بصدقه فيام يقوله‬
‫التي تضمنها القرآن وكتب األحاديث واآلثار يوجب العلم ّ‬
‫ويفعله وخيُبه عن اهلل تعاىل‪.‬‬

‫( )هو‪ :‬عّل بن حممد بن احلسني بن عبد الكريم‪َ ،‬أبو احلسن‪ ،‬فخر اإلسالم البزدوي‪ :‬فقيه أصويل‪ ،‬بمن‬ ‫‪37‬‬

‫أكابر احلنفية‪ .‬من سكان سمرقند‪ .‬له تصانيف‪ ،‬منها (املبسوط)‪ ،‬و (كنز الوصول) يف أصول الفقه‪ ،‬يعرف‬
‫بأصول البزدوي‪ ،‬و (تفسي القرآن) كبي جد ًا‪ ،‬و (غناء الفقهاء) يف الفقه وغيها(‪ 482 - 433‬هـ)‪.‬‬
‫األعالم(‪ ،)329/4‬الفوائد البهية(ص ‪ )124‬ومفتاح السعادة (‪.)54 /2‬‬
‫( ) أصول البزدوي(ص‪.)3‬‬ ‫‪38‬‬
‫ولذلك كان القرآن معجزة باقية إىل قيام الساعة(‪ ،)39‬وانقراض هذه النشأة عىل ما‬
‫ون ﴾ [احلجر‪ ، ]9 :‬وقوله ﷺ‪:‬‬ ‫حلافِ ُظ َ‬ ‫الذك َْر َوإِنَّا َل ُه َ َ‬
‫يشي إليه قوله تعاىل‪ ﴿ :‬إِنَّا ن َْح ُن ن ََّز ْلنَا ِّ‬
‫فتمسكوا بِ ِه فإ َّن ُكم لن تض ُّلوا ولن َ َْتلِكوا بعدَ ُه‬ ‫ِ‬
‫القرآن َطر ُف ُه بيد اهللَِّ وطر ُف ُه بأيدي ُكم َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫(إن هذا‬
‫أبدً ا) (‪ ،)43‬رواه ال ّطُباين‪.‬‬

‫بالصدق ملن اعتُب واستبْص‪،‬‬


‫ِّ‬ ‫فأوصافه اجلميلة وأخالقه احلميدة سبب للعلم‬

‫والعلم به سبب للعلم برسالته‪َ ،‬أ َل ْس َت إذا عرفت الفقه وال ّط َّ‬
‫ب يمكنك معرفة الفقهاء‬

‫واألط ّباء كأيب حنيفة‪ ،‬وجالينوس(‪ )41‬معرفة باحلقيقة ال بال ّتقليد(‪ ،)42‬بل بالبحث عن أحواهلام‬
‫َّ‬
‫وأدل ُح َّجة وال يبقى عندك ريب وال شبهة‪،‬‬ ‫أبني دليل‪،‬‬
‫وجتارب أفعاهلام‪ ،‬ويكون هذا َ‬
‫بخالف تقليب ال َع صا واليد البيضاء وإبراء األكمه وإحياء املوتى وإنشقاق القمر وتسليم‬
‫خلوها عن القرائن املتكاثرة املحفوفة هبا ال تأمنها أن تكون تلبيس ًا وحيلة‪،‬‬
‫فإهنا عند ِّ‬
‫احلجر؛ ّ‬
‫أو تكون من خاص ّية أو وضع ف َلك‪ ،‬أو إلقاء ج ٍّن أو م َلك يطلع هو عليه دون غيه‪ ،‬أو‬
‫تكون ابتداء عادة أو مسوق ًا ال لغرض تصديقه‪ ،‬بل إجابة لدعوة‪ ،‬من االحتامالت ا ّلتي تقدح‬
‫يف القطعية‪ ،‬ومثل ذلك كمثل من يدَّ عي حفظ القرآن‪ ،‬وجيعل دليل دعواه بقرائته من ّأوله‬
‫إىل آخره من غي مصحف‪ ،‬أو تقليب احلجر إنسان ًا‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬وليت شعري فقلبك بأُيام‬
‫أشدّ تصديق ًا وأكثر اطمئنان ًا؟ بىل‪ ،‬إن العقل ال خيالف النّقل يف مداركه‪ ،‬ويستبدُّ باإلدراك يف‬

‫أن أن َف َسها كقلب العصا ح ّية ونحوها‪ ،‬فإنه‬


‫( )وهذا أبلغ عندنا يف خرق العادة منه باألفعال البديعة‪ ،‬يف ّ‬ ‫‪39‬‬

‫قد يسبق إىل بال الناظرين أن ذلك من اختصاص صاحب ذلك بمزيد معرفة يف ذلك الفن‪ ،‬وفضل علم‬
‫إىل أن َير ّد ذلك صحيح النظر‪( .‬منه)‪.‬‬
‫( )أخرجه ابن أيب شيبة يف «املصنف» (‪ ،)33628‬وابن حبان (‪ ،)122‬والطُباين (‪.)491( )188/22‬‬ ‫‪43‬‬

‫( )طبيب إغريقي ولد يف بيغامون سنة ‪ 129‬وتويف سنة ‪ .216‬كان أكُب أطباء اليونان وأحد أعظم‬ ‫‪41‬‬

‫أطباء العصور القديمة‪.‬‬


‫حصلت العلم اليقيني بأنه حكيم‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫( )أليس إذا نظرت يف كتب ابن سينا رمحه اهلل وأحطت بام فيها‪ّ ،‬‬ ‫‪42‬‬

‫أقواله ِحكمة إن أنت من أهلها‪( .‬منه)‪.‬‬


‫الوهم‬
‫ولكن ْ‬
‫َّ‬ ‫حجة من حجج اهلل تعاىل للعباد‪ ،‬وهي ال تتناقض وال تتضاد‪،‬‬
‫مواضعه‪ ،‬إذ هو َّ‬
‫احلق يف موارده‪ ،‬وحيتاج إىل مزيد جتريد له‬ ‫ربام يعارضه يف مأخذه‪ ،‬والباطل يشاكل َّ‬
‫كل َّ‬
‫احلسية والوساوس العاد َّية‪ ،‬فلم ُي ْع َتدَّ به‬
‫وتصفية للفكر وتدقيق للنظر وانقطاع عن الشوائب ِّ‬
‫بالَّشع ال َبهي‪ ،‬وال يعتمد عليه ما مل يعدله الوضع اإلهلي‪.‬‬
‫يف األمور الدِّ ينية ما مل يعتضد ّ‬

‫وتعمق قد ظفر باحلق‪،‬‬ ‫ثم ترى َّ‬


‫أن من أمعن يف أمر النّقل أو أتقن نظر العقل‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ومن َّ‬
‫وإن السلف وعلامء الَّشيعة قد أطبقوا عىل ذ ِّم الكالم‪ ،‬و ُب ِ‬
‫غض أهله غاية‬ ‫وفاز بالوفق‪ّ ،‬‬
‫السلف‪ ،‬وعدم متكُّنهم من جتريد‬
‫بالَّشيعة وطريقة َّ‬
‫الذم‪ ،‬وذلك لعدم تق ّيدهم َّ‬ ‫البغض َّ‬
‫وكل ّ‬
‫العقل وتصفية الفكر وتدقيق النَّظر‪ ،‬وإنام ساقوه بمحض الظ ّن والتخمني واحلسبان‪،‬‬
‫وَمرد االستحسان‪ ،‬ح ّتى قال اإلمام أبوحنيفة ريض‬
‫ووضعوه عىل حكم الطبيعة والتَّشهي ّ‬
‫اهلل عنه‪( :‬قاتل اهلل عمرو بن عبيد(‪ )43‬فإنه فتح باب ًا من الكالم)(‪.)44‬‬

‫وقال أبو يوسف رمحه اهلل‪( :‬العلم بالكالم جهل‪ ،‬واجلهل بالكالم علم)(‪.)45‬‬

‫وقال مالك رمحه اهلل‪( :‬إياكم والبدع‪ ،‬قيل وما البدع؟ قال‪ :‬أهل الكالم الذين‬
‫يتك ّلمون يف أسامء اهلل تعاىل وصفاته وكالمه وعلمه وقدرته‪ ،‬وال يسكتون عام سكت عنه‬
‫الصحابة والتابعون)(‪.)46‬‬

‫( )عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالوالء‪ ،‬أبو عثامن البْصي‪ :‬شيخ املعتزلة يف عْصه ومفتيها‪ ،‬وأحد‬ ‫‪43‬‬

‫الزهاد املشهورين‪ .‬وفيه قال املنصور اخلليفة‪( :‬كلكم طالب صيد‪ ،‬غي عمرو بن عبيد)‪ .‬له رسائل‬
‫ّ‬
‫(الرد عىل القدرية )‪ .‬ويف العلامء من يراه مبتدع ًا‪ ،‬قال حييى بن معني‪:‬‬
‫وخطب وكتب‪ ،‬منها‪( :‬التفسي) و َّ‬
‫كان من الدَّ هرية الذين يقولون‪ :‬إنام الناس مثل الزرع‪ .‬تويف سنة (‪144‬هـ)‪ .‬ينظر‪ :‬االعالم(‪،)81/5‬‬
‫ووفيات األعيان( ‪.)384 /1‬‬
‫( )اجلواهر املضية يف طبقات احلنفية‪ ،‬للقريش (‪.)31 /1‬‬ ‫‪44‬‬

‫( ) تاريخ بغداد(‪.)372/16‬‬ ‫‪45‬‬

‫( )انظر‪ :‬شح السنة للبغوي (‪.)217 /1‬‬ ‫‪46‬‬


‫أحب إ ّيل من‬
‫الَّشك‪ُّ ،‬‬ ‫بكل ٍ‬
‫ذنب ما خال ّ‬ ‫(ألن ألقى اهلل تعاىل ّ‬
‫وقال الشافعي رمحه اهلل‪ْ :‬‬
‫ٍ‬
‫بيشء من الكالم)(‪.)47‬‬ ‫ْ‬
‫أن ألقاه‬

‫وقال أمحد بن حنبل رمحه اهلل‪( :‬ال يفلح صاحب الكالم أبد ًا‪ ،‬وال تكاد ترى أحد ًا يف‬

‫الكالم إال ويف قلبه دغل(‪.)49())48‬‬

‫وقال شمس األئمة احللواين(‪ )53‬رمحه اهلل‪( :‬يكره الصالة خلف املتك ِّلم‪ ،‬حتى قالوا‪:‬‬

‫وَّص لعلامء بلده‪ ،‬ال يدخل أهل الكالم)(‪.)51‬‬


‫لو َّ‬

‫كل صناعة صادفته ِعل ًام وافي ًا بمقصوده بخالف‬


‫ولعمري إنك لو ف ّتشت عن ّ‬
‫ٍ‬
‫جدل‬ ‫الكالم‪ ،‬فإنّه فن ضائع ال يقوم بحاصل‪ ،‬وال يعود إىل صاحبه بطائل‪ ،‬وإنام هو صناعة‬
‫وضعها املعتزلة بعدما طالعوا كتب الفالسفة حني ُف ّّست يف خالفة املأمون‪ ،‬وأفردوه فنّ ًا‬
‫بحياله‪ ،‬وخلطوا مناهجها بمناهجه وتوارثه األشعرية منهم‪ ،‬وجروا عىل إثرهم‪.‬‬

‫ِ‬
‫فرض‬ ‫ٍ‬
‫جدل ومناظرة عىل البد ِع بعد‬ ‫سموه هبذا االسم(‪ ،)52‬إما ألنه صناعة‬
‫وإ ّنام ّ‬
‫الَّشع‪ ،‬وليست براجعة إىل عمل واعتقاد‪ ،‬وإما ملقابلتهم الفالسفة يف‬
‫املسائل صحيحة من ّ‬

‫( )جامع بيان العلم وفضله ابن عبد الُب(‪.)1788‬‬ ‫‪47‬‬

‫( )الدّ غل بالتّحريك‪ :‬الفساد‪ .‬خمتار الصحاح (‪.)1697 /4‬‬ ‫‪48‬‬

‫( )جامع بيان العلم وفضله ابن عبد الُب(‪.)1796‬‬ ‫‪49‬‬

‫( )عبد العزيز بن أمحد بن نْص بن صالح احللواين البخاري‪ ،‬أبو حممد‪ ،‬امللقب بشمس األئمة‪ :‬فقيه‬‫‪53‬‬

‫حنفي‪ .‬نسبته إىل عمل احللواء‪ ،‬إمام أهل الرأي يف وقته ببخارى‪ .‬من كتبه (املبسوط) يف الفقه‪ ،‬و‬
‫(النوادر) يف الفروع‪ ،‬و (الفتاوى) و (شح أدب القايض) أليب يوسف‪ .‬تويف يف كش ودفن يف بخارى(ت‬
‫‪448‬هـ)‪ .‬األعالم (‪ ،)13/4‬واجلواهر املضية(‪.)318/1‬‬
‫( )ينظر‪ :‬رسائل األركان للكنوي(ص ‪.)238‬‬ ‫‪51‬‬

‫)وسموا َمموعه علم الكالم‪ :‬إ ّما ملا فيه من املناظرة عىل البدع وهي كالم رصف وليست براجعة إىل‬
‫ّ‬ ‫(‬
‫‪52‬‬

‫ّفيس‪ .‬وكثر أتباع ّ‬


‫الشيخ أيب‬ ‫عمل‪ ،‬وإ ّما ّ‬
‫ألن سبب وضعه واخلوض فيه هو تنازعهم يف إثبات الكالم الن ّ‬
‫ألن أظهر مسألة تك ّلموا فيها وتقاتلوا عليها هي‬
‫تسميتهم فنّ ًا من فنون علمهم باملنطق‪ ،‬وإما ّ‬
‫فسمي به النّوع‪.‬‬
‫مسألة الكالم‪ّ ،‬‬

‫ثم أخذوا بالبحث عن حقائق األمور‪ ،‬وخاضوا فيها قبل فهمها واالطالع عىل‬
‫احلق عىل أهله‪ ،‬وأيم‬ ‫ُكنهها‪ ،‬وأحدثوا يف الدّ ين ما ليس هو منه‪ ،‬ف َل َهجوا به ّ‬
‫وشوشوا عقيدة ّ‬
‫الرضورة والُبهان‪ ،‬تب ًا ملعرفتهم‬
‫احلق والعيان‪ ،‬وخماصمة ّ‬
‫اهلل ليس مدار أمرهم إال عىل إنكار ّ‬
‫وتعس ًا لفلسفتهم‪.‬‬

‫والصفات الذي هو أصل الواجبات‪ ،‬وأساس املَّشوعات‬


‫ّ‬ ‫وأما علم ال ّتوحيد‬
‫املوسوم بالفقه األكُب‪ ،‬وعلم أصول الدين‪ ،‬والعقائد‪ ،‬فهو ما ورد به الوحي ونطق به‬
‫الكتاب والسنّة الباحث عن رأس األمر ومالكِه‪ ،‬ومبنى أحكام ّ‬
‫الَّشع ومداره الذي فاقده‬
‫أضل من النَّعم‪ ،‬وال يغنى عنه أسفار ِ‬
‫احل َكم‪ّ ،‬‬
‫وإن َّبز(‪ )53‬فيها احلكامء‪ ،‬أو َّ‬
‫حك بيافوخه‬ ‫ّ‬
‫(‪)54‬‬
‫َ‬
‫تبني املذموم واملحمود‪ ،‬وأمتاز املهروب عن املقصود‪.‬‬
‫السامء‪ ،‬هذا فقد ّ‬
‫ّ‬

‫املتأصل الوجود بحسب العني أو العلم‪ ،‬خالف ًا‬


‫ّ‬ ‫(ح َقائِ ُق) احلقيقة‪ :‬األمر ال ّثابت‬
‫لخأشعرية فإهنم ُينكرون وجود األشياء يف األذهان‪.‬‬

‫فإهنم يرون ثبوت املعدومات عين ًا‪،‬‬ ‫األش ِ‬


‫اليشء‪ :‬املوجود‪ ،‬خالف ًا للمعتزلة َّ‬
‫ياء) َّ‬ ‫( ْ‬
‫اليشء عندنا نفسه‪ ،‬بخالف امله َّية‬
‫وخيصون باملوجود ما يف األعيان‪ ،‬فحقيقة ّ‬
‫ّ‬ ‫ويسموهنا شيئ ًا‪،‬‬
‫ُّ‬

‫شعري واقتفى طريقته من بعده تلميذه كابن َماهد وغيه‪ .‬وأخذ عنهم القايض أبو بكر‬
‫ّ‬ ‫احلسن األ‬
‫وهذهبا ووضع املقدّ مات العقل ّية ا ّلتي تتو ّقف عليها األد ّلة واألنظار‬
‫الباقالين فتصدّ ر لإلمامة يف طريقتهم ّ‬
‫ّ‬
‫وذلك مثل إثبات اجلوهر الفرد واخلالء‪ّ .‬‬
‫وأن العرض ال يقوم بالعرض وأنّه ال يبقى زمانني‪ .‬وأمثال ذلك‬
‫ُمّا تتو ّقف عليه أد ّلتهم‪ .‬وجعل هذه القواعد تبعا للعقائد اإليامن ّية يف وجوب اعتقادها لتو ّقف تلك األد ّلة‬
‫عليها ّ‬
‫وأن بطالن الدّ ليل يؤذن ببطالن املدلول‪ .‬تاريخ ابن خلدون(ص ‪( .)589‬منه)‪.‬‬
‫خص أقرانَه‪ :‬غ َلبهم‪ .‬معجم اللغة العربية املعارصة(‪.)233/1‬‬ ‫)بز َّ‬
‫الش ُ‬ ‫( َّ‬ ‫‪53‬‬

‫( )يأفوخ‪ :‬وهو ملتقى مقدَّ م رأسه مع َّ‬


‫مؤخره‪ .‬معجم اللغة العربية املعارصة(‪.)132/1‬‬ ‫‪54‬‬
‫إن ُف ّّست‬
‫ف َّإهنا‪ :‬األمر احلاصل يف العقل مع عدم اعتبار الوجود اخلارجي‪ ،‬وقد ُيقال‪ :‬امله َّية ْ‬
‫فتعمهام ّ‬
‫كالذات‬ ‫ّ‬ ‫اليشء هو‬
‫ختتص بالكل ّية كاهلو ّية باجلزئ ّية‪ ،‬وبام به ّ‬
‫ّ‬ ‫هو‬
‫عام َ‬
‫بام جياب به ّ‬
‫واحلقيقة‪.‬‬

‫(ثابِتة) موجود ٌة ِّ‬


‫متقر َرة من غي اعتبار ا ُملعتُب‪ ،‬وتقدير املقدِّ ر‪ ،‬كقوهلم‪ :‬واجب‬
‫ورضوري الوجود‪ ،‬بمعنى‪ّ :‬‬
‫أن هلذا العنوان حقيقة يف الواقع‪ ،‬وهلذا املفهوم‬ ‫ُّ‬ ‫الوجود موجود‬
‫الفرضية‪ ،‬أو املعنى‪ :‬أ ّن ما نعتقده حقائق‬
‫مصداق ًا يف نفس األ ْمر‪ ،‬إال أنه كاملفهومات َ‬
‫ونخصه باألسامء فهو موجود وثابت يف الواقع‪ ،‬إما بالعيان أو بالبيان‪ ،‬وال ّثبوت‬
‫ّ‬ ‫األشياء‪،‬‬
‫َّقرر وأمثاله‪.‬‬
‫الكون والوجود والتَّحقق والت ُّ‬
‫وما يراد فيه من ْ‬

‫الراسخة يف العقول‪ ،‬إال ّ‬


‫أن كثرة تشكيكات املتفلسفة‬ ‫وإن كانت من أظهر املعاين ّ‬
‫لب احلكمة ُّ‬
‫ومخ‬ ‫احلق‪ ،‬فأقول‪ُّ :‬‬
‫فيها قد أزعجتها عنها‪ ،‬فوجب علينا إسباغ البيان وحتقيق ّ‬
‫كل يشء‪ّ ،‬‬
‫واحتاد املفهوم املنتزع يوجب وحدة املنشأ‪،‬‬ ‫صحة انتزاع الوجود عن ّ‬
‫املعرفة أن ّ‬
‫وكون اخلصوصيات ملغاة‪ ،‬إذ لو كان خلصوصية ما يف يشء ما أ ّية خصوصية كانت مدخل‬
‫الصحة استحال االنتزاع عام‬
‫صحة االنتزاع‪ ،‬وصدق احلمل بحيث يوجب انتفاؤها انتفاء ِّ‬
‫يف ّ‬
‫ال تصاحبه‪ ،‬بل هناك حقيقة مقدّ سة هي بام هي تلك‪ ،‬أي مع عزل النظر عن أمر خارج‬
‫صحة انتزاع الوجود وصدق محل املوجود بالذات أو‬
‫عنها‪ ،‬وحيثية زائدة عليها توجب َّ‬
‫بالعرض‪.‬‬
‫َ‬

‫يتصور أن تكون‬
‫ّ‬ ‫ورصافة الوجود ومتام الوحدة‪ ،‬فال‬
‫فهي إذن يف حموضة الفعلية َ‬
‫(‪)55‬‬

‫ولكن‬
‫ّ‬ ‫اليشء انضامم احلال أو اجلزء‪ ،‬فليس يف الواقع إال حقيقة اليشء ونفسه‪،‬‬ ‫َّ ً‬
‫منضام إىل ّ‬ ‫أمر ًا‬
‫العقل برضب من التَّحليل ينتزع عنه الوجود‪ ،‬وحيمل عليه املوجود ويصفه به‪.‬‬

‫( )حموضة‪ :‬خالصة‪ .‬املصباح املني(‪.)565/2‬‬‫‪55‬‬


‫فعند ذلك تتح ّقق أمور ثالثة‪ّ :‬‬
‫األول‪ :‬املعنى املصدري االنتزاعي‪ ،‬أعني صيورة‬
‫امله ّية يف ظرف ما‪ ،‬وهو مفهوم واحد بدُيي ال ّتصور‪ ،‬وال يتح ّقق إال يف ظرف املالحظة‬
‫ومرتبة احلكاية‪ ،‬وليس له أفرا ٌد إال ما حيصل له من احلصص باإلضافة إىل ّ‬
‫كل حقيقة‪.‬‬

‫والعرض والبدُيي‬
‫َ‬ ‫اليشء‪ ،‬وينقسم بحسب انقسامه إىل اجلوهر‬
‫والثاين‪ :‬هو نفس ّ‬
‫كاألول بالوجود املطلق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خيتص باسم الوجود اخلاص‪،‬‬
‫والنَّظري‪ ،‬وقد ّ‬

‫والثالث‪َ :‬م نشأ االنتزاع ومصداق احلمل‪ ،‬وهذا هو الذي حكم عليه احلكامء بأنه‬
‫ّ‬
‫يستقل بمصداقية احلمل ومطابقة احلكم‬ ‫عني الواجب‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫أن ذات اهلل تعاىل وتقدَّ س‬
‫يتصور انتزاع الوجود عنه ّإال من حيث استناده‬
‫ّ‬ ‫باملوجود‪ ،‬وزائد عىل املمكن بمعنى أنه ال‬
‫إىل الع ّلة املوجبة له‪ ،‬وهذا بعينه مذهب احلنفية‪ّ ،‬إال أهنم يتحاشون عن إطالق اسم العني‬
‫عارض يف‬
‫ٌ‬ ‫املقرر عندهم يف ِّ‬
‫كل ما مل يرد به الَّشع‪ ،‬وما يقال‪ :‬من أنه زائد‬ ‫وغيه عىل ما هو َّ‬
‫املمكن والواجب‪ ،‬فمام اخُّتعه ُج ّهال أهل الكالم(‪.)56‬‬

‫( ِ‬
‫والع ْل ُم) هو ظهور ّ‬
‫اليشء وتب ّينه عىل ما هو عليه يف نفسه(‪ ،)57‬وحقيقته صفة نورانية‬
‫املجردة كام يف‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫للمدرك وظهوره له حال حضوره عنده‪ ،‬إما هبو ّيته‬ ‫توجب انكشاف اليشء‬

‫الذات‪ ،‬أم عينه؟ ذهب مشايخ احلنفية رمحهم اهلل إىل أن الوجود ليس زائد ًا‬
‫( )الوجود هل هو زائد عىل ّ‬ ‫‪56‬‬

‫عىل ذات واجب الوجود تعاىل وتقدّ س‪ ،‬كام يف [فوائد اإلمام السمرقندي رمحه اهلل يف أصول الدين]‬
‫الرومي‪ .‬الفريدة الثالثة (ص‪( )5‬منه)‪.‬‬ ‫للصدر ّ‬
‫العالمة‪ .‬فرائد عبد احلكيم بن عّل ّ‬ ‫و(تعديل العلوم) ّ‬
‫أن وجود اإلنسان نفس كونه‬‫راجع إىل َّ‬ ‫ِ‬
‫وحاصل اخلالف‬ ‫ينظر‪ :‬املعارف شح الصحائف(‪.)28/2‬‬
‫ٌ‬
‫حيوان ًا ناطق ًا خارج ًا‪ ،‬أو معنى زائد حلقه بعد أن يكون حيوان ًا ناطق ًا‪ .‬ينظر‪ :‬تعديل العلوم(ص‪.)297‬‬
‫( )والشيخ أبو املنصور املاتريدي – ب ّيض اهلل غرته – يشي يف أثناء كالمه إىل أن العلم‪( :‬صفة ّ‬
‫يتجىل هبا‬ ‫‪57‬‬

‫املذكور ملن قامت هي به)‪ ،‬ومل يأت هبذه العبارة عىل هذا النظم والُّتتيب غيه‪ ،‬وهو حدّ صحيح ي ّطرد‬
‫وينعكس وال يرد عليه يشء من االعُّتاضات املفسدة‪( ،‬تبْصة األدلة) أليب املعني النسفي(‪.)137/1‬‬
‫(منه)‪.‬‬
‫عن احلصول‬ ‫(‪)58‬‬
‫احلضوري‪ ،‬أو بصورته املنتزعة أو املخُّتعة كام يف احلصويل‪ ،‬وما ينبو‬
‫ِ‬
‫فيعرض للصورة من جهة انتساهبا إليه حالة إدراكية هي فعلية االنكشاف‪ ،‬تصدق عليها‬
‫توسعوا‬
‫واملشمس عىل املاء‪ ،‬وربام ّ‬
‫َّ‬ ‫عرضي ًا‪ ،‬وحتمل عليها محل الضاحك عىل اإلنسان‪،‬‬
‫صدق ًا َ‬
‫وعرفوها بحصول الصورة عىل إرادة احلاصل باملصدر‪ ،‬وهي يف‬
‫يف إطالق العلم عليها َّ‬
‫حمصلة من الكيف ّيات النفسانية‪،‬‬ ‫احلقيقة دليل العلم شاهد لوجوده‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ألن العلم حقيقة ّ‬
‫يتصور أن يكون ملزومه الصورة احلاصلة املتَّحدة مع‬
‫ّ‬ ‫ومن لوازمها االنكشاف‪ ،‬فال‬

‫أن ّاحتاد اللوازم يلزمه احتاد امللزومات(‪.)59‬‬


‫مقره ّ‬
‫تقرر يف ّ‬
‫املعلومات املتغايرة بالذات‪ ،‬ملا ّ‬

‫باملتصور الساذج‪ ،‬وباملصدّ ق‪ ،‬واملظنون‪ ،‬واملشكوك‪ ،‬واملعقول‪،‬‬


‫ّ‬ ‫ثم هو يتع ّلق‬
‫واملوهوم‪ ،‬واملتخ ّيل‪ ،‬واملحسوس‪ ،‬وما قد يعرض عليه عدم املطابقة من جهة مباينة الصورة‬
‫بالعرض إىل ال ّتصوري وال ّتصديقي‬
‫َ‬ ‫ملنشأها‪ ،‬أو فقد مصداق احلمل فيها‪ ،‬فينقسم‬

‫وغيمها(‪.)63‬‬

‫ّإال ّ‬
‫أن املعتُب يف نظر الشارع واملقصود ّ‬
‫بالذات يف اعتباره ملا كان هو ال ّتصديق البالغ‬
‫ف ال ّتعريف يف عبارة املتن‬
‫فحر ُ‬
‫وخصه به ْ‬
‫ّ‬ ‫إىل حدّ اليقني املطابق للواقع جعله كأنّه هو العلم‪،‬‬
‫جيب أن يكون للعهد واإلشارة إىل ما هو املتعارف منه عند أهل الَّشع‪.‬‬

‫اليشء‪َّ :‬‬
‫شذ‪ .‬معجم اللغة العربية املعارصة (‪.)2162/3‬‬ ‫( )نبا ّ‬ ‫‪58‬‬

‫أن النسبة يف قوله‪( :‬حالة إدراكية) من قبيل نسبة األثر إىل املؤ ِّثر‪ ،‬ويف قوله‪( :‬صورة علمية) من‬
‫( ) اعلم ّ‬ ‫‪59‬‬

‫قبيل نسبة املتع ِّلق إىل املتع َّلق‪ ،‬وأما يف قولنا‪( :‬صفة نورانية) فمن باب نسبة الفرد إىل الطبيعة‪( .‬منه)‪.‬‬
‫( )وأفاد هذا البيان ّ‬
‫أن الذات املجردة التي هي النفس‪ ،‬أو املفارقات يف حدّ ذواَتا غي كافية يف انكشاف‬ ‫‪63‬‬

‫ذواَتا‪ ،‬وانكشاف ما هو حارض عندها باالرتسام أو النعتية‪ ،‬أو بعالقة املعلولية عىل ما زعم بعضهم‪ ،‬فإهنا‬
‫أمور متغايرة ومتباينة بالذات‪ ،‬إذ العلم له الزم واحد هو االنكشاف‪ ،‬وجتويز كوهنا ملزوم ًا له باعتبار‬
‫ٌ‬
‫وإبطال حلقيقته‪ ،‬وإنام يستقيم مع نفي الوجود عن املمكن والكالم مع‬ ‫وجودها‪ ،‬نفي للعلم عن املمكن‬
‫مالحظة وجوده واعتبار حت ّققه‪( .‬منه)‪.‬‬
‫األولية‪،‬‬
‫بالرضورة ّ‬
‫(م َتحقق) ّ‬
‫(هبا) أي باحلقائق‪ ،‬بأهنا ثابتة بأحد الوجهني السابقني‪ُ ،‬‬
‫وليست أوهام ًا باطلة‪ ،‬وخياالت فارغة كّساب بقيعة حيسبه الظمآن ماء‪ ،‬وال أمور ًا تابعة‬
‫لالعتقادات بحسب األمزجة والعادات‪ ،‬وال مشكوك الثبوت والالثبوت‪ ،‬بحيث ال يستند‬
‫ظن‪ ،‬وشتّان بني هذا وبني ما يقوله أهل احلقيقة‪ :‬من ّ‬
‫أن املمكنات‬ ‫إىل علم وال يؤول إىل ّ‬
‫معدومة عين ًا وأثر ًا‪ ،‬بمعنى أهنا باطلة يف حدّ ذاَتا‪ ،‬هالكة يف أنفسها عىل حالة واحدة أزالً‬
‫يش ٍء َهال ِ ٌك إِ َّال‬
‫وأبد ًا‪ ،‬إال من اجلهة التي تّل الوجود‪ ،‬كام قال سبحانه‪ُ ﴿ :‬ك ُّل َ ْ‬
‫اجلال ِل‬ ‫ٍ‬
‫َو ْج َه ُه﴾[القصص‪ ،]88 :‬و ﴿ ُك ُّل َم ْن َع َل ْي َها َفان (‪َ )26‬و َي ْب َقى َو ْج ُه َر ِّب َك ُذو ْ َ‬
‫َواإلك َْرا ِم﴾[الرمحن‪ ،]27 :‬ويرشد إليه إتقان الوجود‪ ،‬واإلمعان فيه كام قد سلف‪ ،‬أو املعنى‬
‫الذرات عند إشاق‬
‫أهنا معدومة من جهة الشهود‪ ،‬فإهنا تتوارى عن نظر السالكني تواري ّ‬
‫ويسمون هذا فنا ًء يف التوحيد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشمس‪،‬‬

‫ِ‬
‫(خال ًفا ُّ‬
‫للسوفسطائية) يعنى الغالطني يف احلكمة الواقعني يف الشبهات املزخرفة(‪،)61‬‬

‫قال بعض الفضالء‪( :‬كل من خيالف الُبهان أو الرضورة‪ ،‬ويغلط يف احلكمة فهو‬
‫يتصور أن يكون قوم ينتحل ذلك مذهب ًا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سوفسطائي يف موضع غلطه)(‪ّ ،)62‬‬
‫وإال فال‬

‫وملّا كان عقائد أهل احلق ال تثبت إال بالتّل ّقي من جناب ِّ‬
‫الرسالة‪ ،‬وتصديق خُب‬
‫ّ‬
‫وألن مسائل الفن بجملتها ترجع إىل ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫النبوة واعتامدها عىل األمور الثالثة‪،‬‬
‫َّ‬

‫( )واملحققون عىل أن السفسطائية مشتقة من سوفاسطا‪ ،‬ألن (سوفا) اسم للعلم و(سطا) للغلط‪ ،‬وال‬ ‫‪61‬‬

‫غلط سوفسطائي يف موضع غلطه‪ .‬شح‬ ‫يمكن أن يكون يف العامل قوم ينتحلون هذا املذهب‪ ،‬بل كل ٍ‬

‫املقاصد للتفتازاين (‪( )33/1‬منه)‪.‬‬


‫املتحيون‬
‫ّ‬ ‫متحيون ال مذهب هلم أصالً‪ ،‬وقد رتّب مثل هذه األسئلة واإليرادات ذلك‬
‫ّ‬ ‫وكثي من الناس‬
‫السوفسطائيني‪ .‬تلخيص املحصل للطويس ( ‪( .)46 / 1‬منه)‪.‬‬
‫من طلبة العلم وأسندوها إىل ّ‬
‫( ) ينظر‪ :‬املواقف لإلجيي(‪.)114/1‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪ -1‬قسم يست ّق ُّل العقل فيه‪ ،‬ويتمكّن من إثباته؛ كوجود القديم‪ ،‬وعلمه‪،‬‬
‫وقدرته‪.‬‬
‫كتغي العامل‪.‬‬
‫يتوصل إليه برضب معاونة من احلواس؛ ّ‬
‫‪ -2‬وقسم ّ‬
‫يتصور إثباته ّإال بالنقل؛ كتفاصيل أحوال النّشأة اآلخرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬وقسم ال‬
‫صدّ ر القوم كتبهم بذكر األسباب الثالثة للعلم‪ ،‬كام قال‪( :‬وأسباب ِ‬
‫العلم) أي‬ ‫ُ‬
‫العلم ا ُملس َّب ُ‬
‫ب عن الكسب يف باب العقائد مطلق ًا‪ ،‬ال خصوص العلم بثبوت احلقائق‪ ،‬وال يف‬
‫ِّ‬
‫كل باب‪ ،‬ولذلك اختار الظاهر عىل البارز‪.‬‬

‫سبب عىل اإلطالق‪ ،‬وهلذا قيل‪ :‬أنه‬


‫أن العلم ُم ٌ‬ ‫وزاد قوله‪( :‬للخَ ْل ِق) (‪ )63‬دفع ًا ّ‬
‫لتوهم ّ‬

‫بانفراده خُب قوله‪( :‬وأسباب)‪ّ ،‬‬


‫فإن علم اخلالق لذاته‪ ،‬وال يتوقف عىل يشء أص ً‬
‫ال(‪.)64‬‬

‫(ثالثة) أي منقسمة إليها ومنحْصة فيها‪ ،‬وليس هذا مبن َّي ًا عىل إنكار املشاعر الباطنة‬
‫بالرضورة والُبهان‪ ،‬وليس هو من دأهبم حاشاهم عنه‪ ،‬بل إنام‬
‫والوجدان وغيها‪ُ ،‬ما ثبت ّ‬
‫وألن وجودها ليس ب ِّين ًا بالنّسبة إىل ِّ‬
‫كل أحد‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬ ‫املدون؛‬
‫الفن ومقصود َّ‬
‫هو بالنّظر إىل غاية ّ‬
‫يناسبه‪ ،‬بل ال يستقيم أن ُيبنى عليه بيان العقائد التي يفتقر إىل حتصيلها آحاد األ َّمة وعا َّمة‬
‫أهل امل َّلة‪ ،‬عىل أن ا َّ‬
‫لبث يف البيان والبحث عن تفاصيل أحواهلا يوجب عول(‪ )65‬املوضوع‪،‬‬
‫والعدول عن املجموع‪.‬‬

‫ِ‬
‫( )أي األمة الذين ُأ ْرسل إليهم ّ‬
‫الرسول‪ ،‬كام هو الشائع يف تعريف النبي‪ ،‬وعلم اخلالق لذاته‪ ،‬وعلم امللك‬ ‫‪63‬‬

‫والنبي غي مسبب عن هذه الثالثة‪( .‬منه)‪.‬‬

‫( )متصف بعلم ذايت حميط باملعلوالت ك ّلها‪ ،‬وقدرة ذاتية ّ‬


‫تعم املقدورات بأرسها تفسي‬ ‫‪64‬‬

‫بيضاوي(‪( .)12/2‬منه)‪.‬‬
‫( )ال َع ْول‪ :‬ا َمل ْيل‪ .‬لسان العرب(‪.)481/11‬‬
‫‪65‬‬
‫القوة وعىل العضو‪ ،‬وكذلك األمر يف أقسامها‬
‫(احلواس) مجع حاسة‪ ،‬تطلق عىل َّ‬
‫ُّ‬
‫املندرجة حتتها‪.‬‬

‫بأن ما يكون سبب ًا‬


‫(السل ْيمة) من اآلفات واملوانع من اإلحساس‪ ،‬ق َّيد هبا لإلشعار ّ‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫بسبب آخر مع نوع من‬ ‫للعلم من املشاعر هو السليمة‪ ،‬فلو حصل اإلبصار لخأكْمه مثالً؛ فهو‬
‫التغاير‪.‬‬

‫الصدق والكذب بالنظر إىل مفهومه‪ ،‬وذلك‬ ‫َ‬


‫(والرب) هو املركَّب الذي حيتمل ِّ‬
‫لصدق‬ ‫ِ‬
‫الشتامله عىل نسبة اعتُبت كوهنا حكاية عن الواقع‪ ،‬وإن انقسم إىل ما هو قطعي ا ّ‬
‫الرسول‪،‬‬
‫احلجة كخُب َّ‬
‫َّ‬ ‫للرضوري‪ ،‬أو بحكم‬
‫بالرضورة بنفسه كاملتواتر‪ ،‬أو بغيه كاملوافق َّ‬
‫ّ‬
‫بالرضورة‪ ،‬أو بالُبهان‪ ،‬وإىل ما هو ظنِّيهام ومشكوكهام‪ ،‬ولك ّن‬
‫وإىل ما هو قطعي الكذب ّ‬
‫املفيد للعلم هو اخلُب‪.‬‬

‫(الصادق) أي الذي ُيعلم مطابقته للواقع من جهة قائله‪ ،‬وأما األخبار التي ليست‬
‫َّ‬
‫كذلك فال يستند العلم إليها‪.‬‬

‫الصدق والكذب‪ ،‬كام يوصف هبا القول فيفّس بمطابقة الواقع وعدمها‪ ،‬كذلك‬
‫ثم ّ‬‫َّ‬
‫الصادق أو الكاذب‪ ،‬وانتساب املحمول إىل‬
‫يوصف هبام القائل فيفّس باإلخبار بالقول ّ‬
‫املوضوع عىل ما هو عليه‪ْ ،‬أو ال عىل ما هو عليه‪ ،‬فشاع توصيف اخلُب هبام وإضافته إليهام‪ ،‬كام‬

‫شاع يف الكتب األمران كالمها(‪.)66‬‬

‫وملا كان كل من اخلُب والصدق واضح املعنى بدُيي املفهوم‪ ،‬ال يلزم من أخذ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ليس ّإال إحضار اليشء يف املدركة بعد‬ ‫أحدمها يف تفسي اآلخر الدَّ ور‪ ،‬إذ املقصود منه‬
‫حصوله يف اخلزانة‪.‬‬

‫( )واملصنف – رمحه اهلل – اختار األول؛ ّ‬


‫ألن صدق اخلُب وكذبه بالذات‪ ،‬وصدق املخُب وكذبه بالعرض‬ ‫‪66‬‬

‫(منه)‪.‬‬
‫الروحاين املانع من‬ ‫ِ‬
‫(وال َعقل) يف األصل احلبس‪ ،‬ومنه العقال ُس ّمي به اإلدراك ُّ‬
‫وأول مراتبها االستعداد‬
‫القوة التي تدرك هبا هذا اإلدراك‪ّ ،‬‬
‫اإلقدام عىل ما ال ينبغي‪ ،‬ثم َّ‬
‫ثم استعداد العلوم النّظرية والصنائع‬
‫خللوها عن الفعلية‪َّ ،‬‬
‫ويسمى العقل اهليوالين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫املحض‪،‬‬
‫سمى العقل بامل َلكة وهي مناط التَّكليف‪ ،‬يتفاوت‬
‫الرضوريات‪ ،‬و ُي ّ‬
‫الفكرية بحصول ّ‬
‫الس ّن الذي حيصل فيه لإلنسان‬
‫حصوله بحسب األشخاص‪ ،‬وللفقهاء اختالف يف تعيني ِّ‬
‫بحسب الغالب تلك املرتبة‪.‬‬

‫ويسمى العقل‬
‫ّ‬ ‫ثم التمكُّن من استحضار النّظريات من غي جتشيم(‪ )67‬كسب جديد‪،‬‬
‫َّ‬
‫الروح اإلنساين‬
‫ويسمى بالعقل باملستفاد‪ ،‬ور ّبام يطلق عىل ُّ‬
‫ّ‬ ‫ثم شهود النّظريات‪،‬‬
‫بالفعل‪َّ ،‬‬
‫الذي هو املك ّلف باحلقيقة واملخاطب بالعاجل‪ ،‬وا ُملجزى عىل وفق املكاسب يف اآلجل‪،‬‬
‫(أو ُل ما َخ َل َق اهلل تعاىل ال َع ْق َل)(‪ ،)68‬واملراد يف‬
‫وعىل اجلوهر القدْ يس‪ ،‬وهو املراد فيام روى‪ّ :‬‬
‫والسامعة‬
‫ّ‬ ‫املقام املعنى الثاين‪ ،‬وهو آله العلم باألشياء كالبارصة خلصوص املبْصات‪،‬‬
‫للمسموعات‪.‬‬

‫)(جت َّش َم ُه) َأ ْي تك َّلفه عىل مش َّقة‪ .‬خمتار الصحاح‪( .‬ص‪.)58‬‬


‫( ََ‬
‫‪67‬‬

‫( ) ينظر‪ :‬كشف اخلفاء ومزيل االلتباس (‪ .)269/1‬واألرسار املرفوعة (‪ ،)154‬قال زين العرب يف‬ ‫‪68‬‬

‫(إن َّأول ما خلق اهلل العقل)‪َّ ،‬‬


‫(إن َّأول ما خلق اهلل‬ ‫(شح املصابيح)‪ :‬يعارض هذا احلديث ما روي‪َّ :‬‬
‫وجياب َّ‬
‫بأن األولوية من األمور‬ ‫ُ‬ ‫(إن أول ما خلق اهلل الروح)‪َّ ،‬‬
‫(إن أول ما خلق اهلل العرش)‪.‬‬ ‫نوري)‪َّ ،‬‬
‫أن كل واحد ُما ذكر ُخلِ َق قبل ما هو من جنسه‪ :‬فالقلم خلق قبل األشجار‪ .‬ونوره ﷺ‬
‫فيؤو ُل َّ‬
‫اإلضافية‪َّ ،‬‬
‫قبل األنوار‪ ،‬وحيمل حديث العقل عىل‪َّ :‬‬
‫أن أول ما خلق اهلل من األجسام اللطيفة العقل‪ ،‬ومن الكثيفة‬
‫العرش‪ ،‬فال تناقض يف يشء من ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬قوت املغتذي عىل جامع الُّتمذي‪ ،‬للسيوطي (‪.)516/1‬‬
‫عرض‪ ،‬وعند‬ ‫وهو‪ :‬جوهر لطيف نوراين حم ُّله القلب أو َّ‬
‫الرأس ‪ ،‬وعند املعتزلة هو َ‬
‫(‪)69‬‬

‫األشعرية نوع من العلم‪.‬‬

‫وتسمى احلواس‬
‫ّ‬ ‫بالرضورة ِّ‬
‫لكل أحد‪( ،‬مخس)‬ ‫(فاحلواس) الب ِّينة الوجود املعلومة َّ‬
‫ّ‬
‫ال َّظاهرة؛ لظهورها وعدم احتياجها إىل ٍ‬
‫دليل مفيد لوجودها‪.‬‬

‫احلس املشُّتك‪ ،‬الذي بالنسبة إىل املشاعر الظاهرة‬


‫َّ‬ ‫احلواس الباطنة‪ ،‬أعني‬
‫ّ‬ ‫ويقابلها‬
‫احلس‪.‬‬
‫الصور اجلزئية حال حضورها عند ّ‬
‫يصب فيه أهنار مخسة به‪ ،‬يدرك ّ‬
‫ّ‬ ‫كحوض‬

‫الصور حال غيبتها‪ ،‬والوهم‪ :‬الذي يدرك‬


‫يدرك به تلك ّ‬
‫واخليال‪ :‬الذي هو خزانته َ‬
‫به املعاين اجلزئية املتع ّلقة ّ‬
‫بالصور حال احلضور‪ ،‬واملذكِّرة‪ :‬التي هبا يدرك تلك املعاين حال‬

‫تسمى باعتبار استعامل العقل إ ّياها‬


‫الصور واملعاين ّ‬
‫واملتْصفة‪ :‬التي هبا تستعمل(‪ )73‬يف ّ‬
‫ّ‬ ‫الغيبة‪،‬‬

‫وإن كانت ُما ال ينكره املنصف‪ّ ،‬إال أهنا ملّا مل تكن يف الظهور‬
‫مفكِّرة‪ ،‬والوهم متخ ّيلة‪ ،‬وهي ْ‬
‫بمثابة تلك مل يل َتفت إليها املصنّف‪.‬‬

‫لكل ٍ‬
‫أحد بام هو ذلك‪ ،‬ال من حيث هو متح ّقق أو‬ ‫فاملحصور يف اخلمس هو املعلوم ِّ‬
‫ُمكن ال ّتح ّقق ح ّتى ينايف قطع َّية احلْص وجود غيها‪.‬‬

‫رصح‬
‫( )قوله‪( :‬القلب أو الرأس)‪ ،‬األول‪ :‬مذهب مجهور األصوليني‪ ،‬ورواية عن أمحد بن حنبل‪ /‬وبه ّ‬
‫‪69‬‬

‫ومتسكوا بقوله تعاىل‪َ {،‬ف َت ُك َ‬


‫ون َهل ُ ْم‬ ‫القايض أبوزيد‪ ،‬وشمس األئمة الّسخيس‪ ،‬وفخر اإلسالم البزدوي‪ّ ،‬‬
‫كالسمع باإلذن‪ ،‬والثاين‪:‬‬ ‫ون ِ َهبا}[احلج‪ ،]46 :‬فجعل العقل بالقلب ّ‬
‫ان َي ْس َم ُع َ‬ ‫وب َي ْع ِق ُل َ‬
‫ون ِ َهبا َأ ْو آ َذ ٌ‬ ‫ُق ُل ٌ‬
‫فيمن‬
‫مذهب األطباء ورواية عن أمحد‪ ،‬ونسب إىل أيب حنيفة وحممد – رمحهم اهلل – لقول حممد يف الدّ ّيات َ‬
‫رضب رأسه فذهب عقله‪[ ،‬فيه الدّ ية]‪ ،‬وهو خمتار أيب املعني النسفي‪ ،‬وعزاه صدر اإلسالم إىل عامة أهل‬
‫السنة واجلامعة‪ ،‬وقال حم ّله الرأس‪ ،‬ويقع أثره عىل القلب‪ .‬التّقرير والتّحرير يف علم األصول‪ ،‬البن أمي‬
‫احلاج(‪.)217/2‬‬
‫يتعمل‪.‬‬
‫( ) يف األصل‪ّ :‬‬ ‫‪73‬‬
‫الصامخ‬
‫(‪)71‬‬
‫الروح املصبوب يف العصب املفروش عىل سطح مق ّعر ِّ‬
‫قوة يف ُّ‬
‫(السمع) َّ‬
‫َّ‬
‫القرع‬ ‫ِ‬
‫املتموج بعنف ْ‬
‫ِّ‬ ‫بتوسط اهلواء‬
‫تدرك هبا األصوات واهليئات العارضة هلا‪ ،‬وهي احلروف ّ‬
‫أو الق ْلع‪ ،‬فإ ّنه إذا تقاوم املقروع القارع أو املقلوع القالع‪ ،‬ينضغط اهلواء‪ ،‬فينفلت من بينهام‬
‫متموج آخر أعظم من‬ ‫ِ‬
‫شكل الدائرة‪ ،‬وحيدٍ هواء ِّ‬ ‫فيتموج عىل‬
‫ّ‬ ‫بشدَّ ة أو يتو َّلج بينهام بعنف‪،‬‬
‫الصامخ‬
‫الراكد يف باطن ِّ‬
‫يتموج ويتك َّيف به اهلواء َّ‬ ‫األول متك ِّيف ًا ّ‬
‫بالصوت‪ ،‬وهكذا إىل أن َّ‬ ‫َّ‬
‫فيدرك‪.‬‬

‫املجوفتني املتالقيتني أو املتقاطعتني‬


‫َّ‬ ‫الروح املصبوب يف العصبتني‬
‫قوة يف ُّ‬
‫(وال َب ََص) َّ‬
‫األضواء‪،‬‬
‫ْ‬ ‫بالذات‬ ‫حسب اختالف املُ ِّ‬
‫َّشحني‪ ،‬ثم تفُّتقان بعده إىل العينني‪ ،‬يدرك هبا َّ‬
‫والوضع واحلركة‬
‫ْ‬ ‫وبواسطتها وساطة يف الثبوت األلوان‪ ،‬ويف العروض املقدار َّ‬
‫والشكل‬
‫والسكون‪.‬‬

‫احلاستان مذكورتان يف التَّنزيل‪ ،‬فلهذا قدّ مهام يف ّ‬


‫الذكر‪ ،‬ولتامم مدخليتهام يف‬ ‫َّ‬ ‫وهاتان‬
‫تلقي العقائد‪ ،‬و َذكر البواقي إما استطراد ًا أو ملدخليتها يف إدراك طائفة من اجلزئيات‬
‫السمع يف نظم القرآن عىل البْص لَّشفها بمدخليتها‬ ‫َّ‬
‫ولعل تقديم ّ‬ ‫وخصوص املعجزات‪،‬‬
‫وألن انتفاؤها ِخلق ًة يستلزم فوات النّطق الذي هو أظهر خواص‬
‫ّ‬ ‫ال ّتامة يف استفادة العلوم؛‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫الشبيهتني بحلمتي ال ّثدي تدرك هبا ّ‬


‫الروائح‬ ‫قوة يف زائديت مقدّ م الدّ ماغ ّ‬ ‫َّ‬
‫(والش ُّم) َّ‬
‫الرائحة إىل اخليشوم‪ ،‬ث َّل َث ّ‬
‫بالشم لقربه إليهام بحسب‬ ‫بوصول اهلواء املتك ّيف بكيفية ذي ّ‬
‫الذوق أشبه بال ّلمس‪ ،‬لتو ّقف إدراكهام عىل املامسة ح ّتى ّ‬
‫أن بعضهم‬ ‫ِّ‬
‫املحل ال ّظاهر‪ ،‬وكون ّ‬
‫أرجع املذوقات إىل امللموسات‪.‬‬

‫)الص َام ُخ‪ :‬بالكّس خرق األذن‪ .‬وقيل‪ :‬هو األذن نفسها‪ .‬والسني لغة فيه‪ .‬خمتار ِّ‬
‫الصحاح(ص‪.)179‬‬ ‫ِّ‬ ‫‪71‬‬
‫(‬
‫قوة منب َّثة يف العصب املفروش عىل ِجرم ال ّلسان‪ ،‬يدرك هبا ال ّطعوم‬ ‫( َّ‬
‫والذوق) ّ‬
‫بواسطة الرطوبة اللعابية الغريبة‪ ،‬التي تتك ّيف بكيفية الطعم الوارد أوالً‪ ،‬بل يمتزج هبا‬
‫األجزاء اللطيفة من ذي الطعم‪ ،‬ويغوص يف العصب املذكور‪ ،‬فتدرك ما فيها من الطعوم‪.‬‬

‫(وال َّل ْمس) ّ‬


‫قوة ُمنب ّثة بواسطة األعصاب يف مجيع بدن احليوان‪ ،‬وهو ّ‬
‫أعم احلواس من‬
‫متحقق يف مجيع احليوانات بخالف أخواَتا؛ ّ‬
‫فإن البْص مفقود يف‬ ‫ٌ‬ ‫األول‪ :‬أ ّنه‬
‫وجوه ثالثة‪ّ :‬‬
‫اخلُ ْل ِد‪ ،‬واألربعة يف بعض احليوانات كاخلراطني(‪.)72‬‬

‫والثاين‪ :‬أنه يف كل البدن ّإال فيام له عدم ِّ‬


‫احلس نافع كالقلب والطحال والرئة‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬أنه يتع ّلق بكل العنارص؛ ّ‬


‫ألن البسائط منها ال ختلو عن الكيفيات امللموسة‬
‫يصح بقاء احليوان بدونه‪ّ ،‬‬
‫ألن صالح مزاجه باعتدال الكيفيات األربعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫دون غيها‪ ،‬وال‬
‫وفساده بارتفاعه بسبب غلبة بعضها‪ ،‬فال بدّ له منه ليم ّيز به بني ما يناسب مزاجه‪ ،‬ليطلبه‪،‬‬
‫وما يضاده ليهرب عنه‪.‬‬

‫ف عىل ما ُو ِض َعت هي له) يعني‬


‫حاسة منها) أي من اخلمس املذكورة‪( ،‬تُو َق ُ‬
‫(وبكل َّ‬
‫كالسمع لخأصوات والبْص‬ ‫ٍ‬ ‫أن اهلل تعاىل خلق ّ‬
‫َّ‬
‫كل واحدة منها آلة إلدراك أشياء خمصوصة َّ‬
‫لخألوان‪ ،‬فال يدرك هبا ما يدرك باألخرى وال ما ال يدرك باحلواس‪ّ ،‬‬
‫وإال يلزم قلب املوضوع‬
‫دركات رضور َة َّ‬
‫أن املدرك هو الذي‬ ‫ٌ‬ ‫وعكس املصنوع‪ ،‬وفيه إشارة إىل أهنا آالت اإلدراك ال ُم‬
‫آالت بعيدة‪ ،‬والباطنة‬ ‫تعت َِوره اإلشارات عىل خالف شأن تلك اآلالت‪َّ ،‬‬
‫ثم املشاعر الظاهرة ٌ‬
‫آالت قريبة‪ ،‬بمعنى كوهنا شوط ًا ل ُف ضيان اإلدراك من اهلل تعاىل باستعامهلا فقط‪ ،‬أو مع‬
‫الصور فيها‪.‬‬
‫حلول ّ‬

‫( )خلَراطني‪ُ :‬مفردها ُخ ْرطون‪ ،‬هو جنس من َصف الّسجيات‪ ،‬وحيتوي عىل بعض ديدان األرض‪.‬‬ ‫‪72‬‬

‫ذكروا أهنا ليس هلا من احلواس إال القوة الالمسة‪ .‬كام يف تاج العروس(‪.)485/34‬‬
‫الصادق) الذي هو أحد أسباب العلم للخلق‪( ،‬عىل نو َعني) ٍّ‬
‫بكل منهام‬ ‫َ‬
‫(والرب ّ‬
‫حيصل العلم‪( :‬أحدمها‪ :‬الرب املتواتر) وهو لغ ًة‪ :‬املتَّتابع‪ ،‬يقال تواترت الكتب‪ :‬إذا جاء‬

‫بعضها إِ ْثر بعض تُّتى من غي أن ينقطع‪ّ ،‬‬


‫سمي بذلك لوروده عىل التعاقب والتوايل‪( ،‬وهو‪:‬‬
‫شك‪ ،‬وال يقارنه شبهة‪( ،‬ال‬ ‫ٍ‬
‫كثية‪ ،‬بحيث ال يطرؤه ّ‬ ‫ٍ‬
‫مجاعة‬ ‫الرب الثابت عىل أ ْل ِسنَة قوم)‬
‫الوضع‪ ،‬ففيه‬
‫جيوز العقل توافقهم‪( ،‬عىل الكذب) واجتامعهم عىل ْ‬
‫يتصور تواطؤهم) أي ال ِّ‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫ينحط‬ ‫الَّشط فيه أن يبلغ كثرة املخُبين مبلغ ًا يفيد خُبهم بنفسه العلم‪ ،‬وأن ال‬
‫أن ّ‬‫إشارة إىل ّ‬
‫قط عن مبل ٍغ يفيد القطع‪ ،‬وأن يكون علمهم مستند ًا إىل اليقني كاملشاهدة‪ ،‬فمصداقه‬
‫عددهم ّ‬
‫الْصيح يف حدّ‬
‫احلق ّ‬ ‫الذي ُّ‬
‫يدل عىل بلوغه حدّ التواتر حصول العلم به بال شبهة‪ ،‬وهذا هو ُّ‬
‫ال ّتواتر‪.‬‬

‫بأن ما دوهنا ب ّينة شعية جيوز للقايض عرضها عىل املزكِّيني‪،‬‬ ‫وأما اشُّتاط اخلمسة؛ ّ‬
‫َّش ن َِقي ًبا﴾[املائدة‪،]12 :‬‬ ‫ِ‬
‫﴿و َب َع ْثنَا من ُْه ُم ا ْثن َْي َع َ َ‬
‫لتحصل غلبة ال ّظن‪ ،‬واثني عَّش لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫بعثهم لتبليغ دين موسى عليه السالم‪ ،‬وأربعني لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬يا َأ ُّ َُيا النَّبِ ُّي َح ْس ُب َك اهللَُّ َو َم ِن‬
‫ني﴾ [األنفال‪ ،]46 :‬وكانوا أربعني‪ ،‬فلو مل يفد قوهلم العلم مل يكن َح ْسب ًا يف‬ ‫ا َّت َب َع َك ِم َن املُْ ْؤ ِمنِ َ‬
‫ني َر ُج ًال‬ ‫وس ٰى َق ْو َم ُه َس ْب ِع َ‬
‫اختَا َر ُم َ‬ ‫﴿و ْ‬
‫نَّش األحكام وتشهي اإلسالم‪ ،‬وسبعني لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ملِِّي َقاتِنَا﴾[األعراف‪ ،]155 :‬اختار هذا العدد حلصول العلم بقوله فيام خيُبون به حتكُّامت‬
‫احلجة ال يرتبط املدَّ عى‪.‬‬
‫فاسدة‪ ،‬وما ذكروه يف معرض ّ‬

‫بالرضورة (يوجب العلم َّ‬


‫الَّضوري) يعني أن إجياب اخلُب‬ ‫(وهو) أي التَّواتر ّ‬
‫بالرضورة‪ ،‬أما إجيابه العلم‪ ،‬فخأنّا نجزم بوجود‬
‫الرضوري‪ ،‬وإفادته إ ّياه ثابت َّ‬
‫املتواتر العلم َّ‬
‫الرضورة يف املقامني‪ ،‬فلعدم‬
‫النَّبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬ومكَّة وليس هو إال باخلُب‪ ،‬وأما َّ‬
‫تو ُّقفه عىل مالحظة املعقول ومراجعة األصول‪.‬‬

‫نص يف ّ‬
‫أن املتواتر يفيد العلم بطريق الوجوب‪ ،‬ومن‬ ‫وكالم املصنِّف – رمحه اهلل – ّ‬
‫احلس كذلك‪ ،‬لكونه مقدّ مة عليه‪ ،‬ولذلك سكت عن بيان حاله‪.‬‬
‫رضورته أن يكون أمر ِّ‬
‫كالرشيد وكِ ّْسى‪( ،‬يف األزمنة املاضية) التي ال يمكن‬
‫(كالعلم بامللوك الالية) َّ‬
‫العلم بام فيها من احلوادٍ اجلزئية إال باخلُب‪( ،‬والبلدان النّائية) واألظهر ّ‬
‫أن هذا عطف عىل‬
‫بالرضورة وهو‬
‫وري احلاصل من اخلُب املتواتر ّ‬
‫الرض ّ‬
‫تنظي للعلم َّ‬
‫ٌ‬ ‫ثم هذا إما‬
‫امللوك اخلالية‪َّ ،‬‬
‫ال ّظاهر‪ ،‬وإ ّما إشارة إىل االستدالل برضورة اخلاص‪ ،‬أو املق ّيد عىل رضورة العام‪ ،‬أو املطلق‬
‫عىل ما هو املشهور‪.‬‬

‫واحلق أن فتح باب االستدالل يف هذا املقام يفيض إىل تطويل الكالم‪ ،‬وإحداٍ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫عاقل ّ‬
‫أن العلم بوجود يشء بمتواتر‬ ‫البني ِّ‬
‫لكل‬ ‫ٍ‬
‫بتدقيق تام‪ ،‬ومن ّ‬ ‫شبهات ال تنقطع ّإال‬
‫ينحط يف ال ّظهور عن إدراكه باألبصار‪ ،‬كالعلم بوجود أيب حنيفة – رمحه اهلل –‬
‫ُّ‬ ‫األخبار ال‬
‫السفسطة والعناد‪.‬‬
‫حمض َّ‬
‫وبغداد‪ ،‬وإنكار ذلك ُ‬

‫كل واحد ال يفيد ّإال الظن‪ ،‬واجتامع الظنون ال يفيد ال ّتي ُّقن‪،‬‬
‫هذا فام يقال‪ :‬إ ّن خُب ِّ‬
‫يستحق‬
‫ُّ‬ ‫وجواز كذب ِّ‬
‫كل واحد يوجب جواز كذب اجلميع‪ ،‬ألنه نفس اآلحاد‪َ ،‬و ْه ٌم ال‬
‫فصح أن حيصل منه ما ال يكون‬
‫ّ‬ ‫اإلصغاء‪ ،‬واجلميع اآلحاد من حيث أنه معروض لالجتامع‪،‬‬
‫بدونه‪ ،‬وخيالف حكم ك ِّلني كامتناع النَّقيضني‪.‬‬

‫وأما اخلُب بتأبيد دين موسى وقتل عيسى عليهام السالم‪ ،‬فتواتره ُمنوع‪ ،‬بل هو‬
‫احلق‪.‬‬
‫املتعصبني عىل ّ‬
‫ِّ‬ ‫ُمسندٌ إىل شذمة قليلة من‬

‫السفارة بني اهلل تعاىل‬


‫الرسالة بمعنى‪ِّ :‬‬ ‫الرسول) َف ُع ٌ‬
‫ول من ِّ‬ ‫(و) النّوع (ال َثاين‪ :‬خرب َّ‬
‫َ‬
‫الرسالة‪،‬‬
‫املقوى يف دعوى ِّ‬
‫بالعصمة والدَّ عوى واملعجزة‪( ،‬املؤ َّيد) أي َّ‬
‫ْ‬ ‫وبني عبادة مقرونة‬
‫القوة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫والبعثة من عند اهلل من قوهلم‪ٌ :‬‬
‫فالن أ ّيد وذو أيد‪ ،‬وذو أيد بمعنى‪ :‬ذي َّ‬

‫نبوته‪ ،‬وصدْ ِق رسالته‪ ،‬إنّام بخُبه َّ‬


‫الصادق عىل ما قد‬ ‫وفيه إشارة إىل أن ثبوت َّ‬
‫فلمجرد التأييد ومزيد ال ّتقوية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫سلف‪ ،‬وإ ّما خصوص املعجزات اجلزئية‬
‫ال يقال‪ :‬اخلُب الصادق املفيد للعلم ال ينحْص يف النَّوعني‪ّ ،‬‬
‫فإن خُب اهلل تعاىل‪،‬‬
‫للصدق ال يكون ّإال مق ّيد ًا‪،‬‬ ‫وامل َلك والنَّبي غي َّ‬
‫الرسول واخلُب املقرون بالقرائن الشاهدة ِّ‬
‫املدون‪ ،‬وهو حفظ‬
‫الفن‪ ،‬ومقصود ّ‬ ‫احلْص عىل ما سبق إنام هو بالنظر إىل غاية ّ‬ ‫ألنّا نقول ْ‬
‫بالسمع من فِ ْيه(‪ ،)73‬أو بال ّتواتر عنه‪.‬‬
‫الرسول‪ ،‬إما َّ‬
‫العقائد الثابتة لخأ ّمة بخُب ّ‬

‫الرسول‬
‫أمر خارق للعادة مقرون بالتَّحدي‪( ،‬وهو) أي خُب َّ‬
‫(بامل ْعجزة) وهي‪ٌ :‬‬
‫االستداليل) أي احلاصل بالدَّ ليل‪ ،‬واملراد منه ما يلزمه العلم بيشء‪ ،‬أ ّما إجيابه‬
‫(يوجب العلم ْ‬
‫ُ‬
‫العلم فلرضورة صدقه وثبوت عصمته‪ ،‬وأ ّما نظر ّية هذا العلم فلتو ُّقفه عىل النَّظر واملالحظة‬
‫ٌ‬
‫صادق ومضمونه‬ ‫ثبت رسالته‪ ،‬ووجب عصمته‪ُّ ،‬‬
‫وكل خُب هذا شأنه فهو‬ ‫بأنه خُب من َ‬
‫واقع‪.‬‬

‫(والعلم ال ّثابت به) بخُب َّ‬


‫الرسول (يضاهى) يشابه (العلم الثابت َّ‬
‫بالَّضورة)‬

‫كاألول ّيات‪ ،‬واملشاهدات‪ ،‬والف ْطريات‪( ،‬يف التَّي ّقن وال ّثبات) يعني أنه يف كامل ال ّثبات َّ‬
‫وقوة‬ ‫َّ‬
‫كالرضوريات ا ّلتي ال حيوم حوهلا شك‪ ،‬وال يعُّتُيا شبهة؛ ّ‬
‫ألن دليل النّقل مستندٌ إىل‬ ‫التّيقن َّ‬
‫املنزه عن‬ ‫ُ‬
‫وكامل العرفان َّ‬ ‫حلق اليقني‪ ،‬واأل ْيد(‪ )74‬اإلهلي املوجب ِ‬
‫لعني اليقني‪،‬‬ ‫الوحي املق ّيد ِّ‬
‫الْصف؛ فإنه ربام ال خيلو من معارضة‬ ‫الوهم ووساوس ّ‬
‫الشيطان بخالف العقّل ِّ‬ ‫هواجس َ‬
‫ثم ال يكاد يتصالح من اسُّتسل به‬
‫الوهم واخليال‪ ،‬وال يصفو عن كدر القيل والقال‪ ،‬ومن َّ‬
‫يف أمر دينه كطوائف املتك ّلمني‪.‬‬

‫اجلر‪ ،‬ويكون مضا ًفا إىل غي ياء املتكلم (أدناه من فيه)‪.‬‬


‫( )(يف) مفرد‪ :‬فم‪ ،‬من األسامء اخلمسة يف حالة ّ‬
‫‪73‬‬

‫معجم اللغة العربية املعْصة(‪.)1756/3‬‬


‫القوة‪ .‬املغرب(‪.)51/1‬‬ ‫ِ‬
‫( )األ ْيد‪َّ :‬‬ ‫‪74‬‬
‫وفيه رد عىل األشاعرة واملعتزلة فإهنم ذهبوا إىل أن الدّ ليل النّقّل ال يفيد ال َقطع‪ ،‬أل ّنه‬

‫يتو ّقف عىل العلم بوضع األلفاظ الواردة يف كالم املخُب ّ‬


‫الصادق للمعاين املفهومة منها‪،‬‬
‫وعىل العلم بإرادته هلا ليلزم ثبوَتا‪.‬‬

‫بعصمة رواة العربية كاخلليل(‪ ،)75‬وسيبويه(‪،)76‬‬


‫ْ‬ ‫واألول‪ :‬يتو ّقف عىل العلم‬
‫ّ‬

‫واألخفش(‪ )77‬لغ ًة ونحو ًا ورصف ًا من الغلط والكذب‪.‬‬

‫ٍ‬
‫معان ُأ َخر‪ ،‬وعىل عدم اشُّتاكه‬ ‫والثاين‪ :‬يتو ّقف عىل عدم النّقل من تلك املعاين إىل‬
‫التجوز وال ّتخصيص والنّسخ وال ّتقديم وال ّتأخي‪ ،‬وهذه األمور جائزة يف‬
‫ّ‬ ‫بينهام‪ ،‬وعدم‬
‫ِ‬
‫املعارض إذ هو يوجب التأويل‪ ،‬لكنه‬ ‫الكالم ال يقطع بعدمها‪ ،‬ثم بعد ذلك ال بدّ من عدم‬
‫َّعمق يف األد َّلة العقلية ال يوجب ّإال عدم الوجدان يف‬
‫غي يقيني‪ ،‬إذ كامل املبالغة يف التَّتبع والت ّ‬
‫مظانِّه‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫يدل عىل عدم الوجود‪.‬‬

‫( )هو‪ :‬اخلليل بن أمحد بن عمرو بن متيم الفراهيدي األزدي اليحمدي‪ ،‬أبو عبد الرمحن‪ :‬من أئمة اللغة‬ ‫‪75‬‬

‫واألدب‪ ،‬وواضع علم العروض‪ ،‬قال الن َّْرض بن ُش َميْل‪ :‬ما رأى ّ‬
‫الرأوون مثل اخلليل وال رأى اخلليل مثل‬
‫نفسه‪ .‬له كتاب (العني) و (معاين احلروف) و (مجلة آالت العرب) و (تفسي حروف اللغة) وكتاب‬
‫(العروض) و (النقط والشكل) و (النغم)‪(.‬ت ‪173‬هـ)‪ .‬ينظر‪ :‬األعالم(‪ .)314/2‬ووفيات األعيان‬
‫(‪.)172/1‬‬
‫يبو ْيه‪ :‬إمام النحاة‪ ،‬وأول من بسط‬ ‫ِ‬
‫( )هو‪ :‬عمرو بن عثامن بن قنُب احلارثي بالوالء‪ ،‬أبو بَّش‪ ،‬امللقب س َ‬
‫‪76‬‬

‫علم النحو‪ .‬صنّف كتابه املسمى (كتاب سيبويه) يف النحو‪ ،‬مل يصنع قبله وال بعده مثله‪( .‬ت‪ 183‬هـ)‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬األعالم(‪ ،)81/5‬ابن خلكان (‪.)385/1‬‬
‫( )هو‪ :‬سعيد بن مسعدة املجاشعي بالوالء‪ ،‬البلخي ثم البْصي‪ ،‬أبو احلسن‪ ،‬املعروف باالخفش‬ ‫‪77‬‬

‫االوسط‪ :‬نحوي‪ ،‬عامل باللغة واألدب‪ ،‬من أهل بلخ‪ .‬سكن البْصة‪ ،‬وأخذ العربية عن سيبويه‪ .‬وصنف‬
‫كتب ًا‪ ،‬منها (تفسي معاين القرآن) و (شح أبيات املعاين) وغيها‪( .‬ت‪215‬هـ)‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫األعالم(‪ .)131/3‬ووفيات األعيان (‪.)238 /1‬‬
‫واجلواب‪ :‬إ ّن من األوضاع اللغوية والقواعد العربية ما هو معلوم بالتَّواتر‪ ،‬ال ُشبهة‬

‫السقوط(‪.)78‬‬ ‫ُّ‬
‫والشك سفسطة ظاهرة ُّ‬ ‫لنا فيه‪،‬‬

‫مشاهدة‪ ،‬أو متواترة ّ‬


‫تدل عىل انتفاء تلك‬ ‫وأما ِ‬
‫العلم باإلرادة فيحصل بمعونة قرائن‬
‫َ‬
‫يدل عليه صدق املُخُب وعصمته‬ ‫ِ‬
‫املعارض العقّل وانتفاؤه يف الواقع ّ‬ ‫ثم عدم‬
‫االحتامالت‪ّ ،‬‬
‫عن الكذب واخلطأ هذا‪.‬‬

‫وأن املراد منه يف املقام هو‪:‬‬ ‫ِ‬


‫املبحث موارد إطالقه‪ّ ،‬‬ ‫عرفت يف صدْ ر‬
‫(وأما العقل) قد َ‬
‫ّ‬
‫درك هبا املعقوالت‪ ،‬كام ُي ُ‬
‫درك باملشاعر املحسوسات‪.‬‬ ‫قوة النفس ُي ُ‬
‫َّ‬

‫ب ِّمن َق ْب ِل َٰه َذا َأ ْو َأ َث َار ٍة‬


‫وين بِكِتَا ٍ‬ ‫وحجة الزمة لقوله تعاىل‪﴿ :‬ا ْئ ُت ِ‬
‫َّ‬ ‫(فهو سبب للعلم)‬ ‫َ‬
‫﴿و َقا ُلوا َل ْو ُكنَّا ن َْس َم ُع َأ ْو َن ْع ِق ُل َما‬
‫ني﴾[األحقاف‪ ،]4 :‬وقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫اد ِق َ‬
‫من ِع ْل ٍم إِن ُكن ُتم ص ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ِّ ْ‬
‫الس ِع ِي﴾[امللك‪.]13 :‬‬ ‫ُكنَّا ِيف َأ ْص َح ِ‬
‫اب َّ‬

‫(أ ْيض ًا) كسبب ّية احلواس واخلُب الصادق‪ ،‬أعاد ذلك تأكيد ًا وحتقيق ًا ملا عليه أهل‬
‫الصانع‪ ،‬وبدون‬
‫بالرضورة‪ ،‬ولو يف اإلهليات ومعرفة ّ‬
‫السنة واجلامعة من إفادة النّظر العلم ّ‬
‫املع ِّلم‪ ،‬ورد ًا ملا ذهب إليه املخالفون‪.‬‬

‫احلس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫السمنية(‪ )79‬قالوا‪ :‬إنه ال يفيد العلم أصالً‪ ،‬وأنَّه ال طريق إىل العلم سوى ِّ‬
‫فإن ُّ‬
‫واملهندسون(‪ )83‬أنكروا إفادته يف اإلهليات؛ ّ‬
‫ألن أقرب األشياء إىل اإلنسان نفسه‪ ،‬وهي غي‬

‫)كالسامء واألرض يف معينيهام‪ ،‬وكون ّ‬


‫كل فاعل مرفوع ًا واملفعول منصوب ًا‪( .‬منه)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫(‬ ‫‪78‬‬

‫( )والسمنية بضم السني املهملة وفتح امليم اسم لطائفة من األوائل أنكروا افادة النظر العلم‪ ،‬وزعموا أن‬ ‫‪79‬‬

‫طريق افادته احلواس‪ :‬السمع والبْص الخ‪ .‬قيل نسبة لسمن كعمر اسم صنم كانوا يعبدونه‪ ،‬وقيل نسبة‬
‫لسومان بلدة باهلند عىل غي قياس‬
‫( )مجع مهندس‪ :‬أي أصحاب اهلندسة‪ ،‬وهي علم يعرف به خواص املقادير‪ :‬أعني اخلط والسطح‪،‬‬ ‫‪83‬‬

‫واجلسم التعليمي‪ .‬وفائدته معرفة كمية مقادير األشياء‪.‬‬


‫َمرد‪ ،‬وقد تعارض فيه األدلة واملناقضات‪،‬‬
‫جوهر ما ّد ٌي أو َّ‬
‫َ‬ ‫عرض أو‬
‫معلومة الكنْه‪ ،‬وإهنا َ‬
‫يتقرر يشء منها سامل ًا عن القدح واجلرح‪ ،‬فام ظنّك بغيها‪.‬‬
‫ومل َّ‬

‫واجلواب‪ّ :‬‬
‫إن ذلك إما المتناع التَّكنيه‪ ،‬أو لفساد النّظر‪ ،‬وقرب اهلو ّية من املدرك ال‬
‫يستلزم سهولة اإل ْدراك‪ ،‬ولو ُس ّلم فعدم إدراك األقرب ال يوجب عدم إدراك األبعد‪ ،‬جلواز‬
‫منقوض بإفادته يف اهلندسيات‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أن يكون ذلك ملان ٍع ُّ‬
‫خيتص باألقرب‪ ،‬وإنه‬

‫بأن الناس حيتاجون إىل املع ِّلم يف‬


‫شطوا يف إفادته اإلمام املعصوم؛ ّ‬
‫َ‬
‫(‪)81‬‬
‫واإلسامعيل َّية‬
‫ثم َك ْث ُر‬
‫كالْصف والنَّحو‪ ،‬فخأن حيتاجوا يف العلوم احلقيقية ْأوىل‪ ،‬ومن َّ‬
‫َّ‬ ‫العلوم الضعيفة‬
‫اختالف العقالء وتناقض اآلراء‪.‬‬

‫أن االحتياج لل ُي ّْس واالختالف لفساد النظر‪ ،‬وهو ال ّ‬


‫يدل عىل عدم‬ ‫واجلواب‪ّ :‬‬
‫العلم مطلق ًا‪ ،‬كاخلالف يف مسألة االحتياج وعدمه إىل اإلمام‪ْ ،‬‬
‫فإن زعموا أن حصول العلم‬
‫بدونه مسلم‪ ،‬لكنّه ال يفيد النَّجاة ما مل ُيؤخذ من املع ِّلم‪ ،‬قلنا‪ :‬كفى بصاحب الَّشع معل ًام‪،‬‬
‫وبالقرآن إمام ًا‪.‬‬

‫واحلق ّ‬
‫أن‬ ‫ُّ‬ ‫واألشعرية عىل أن ُح ْس َن املأمورات وقبح املنهيات ال يعرفان ّإال ّ‬
‫بالَّشع‪،‬‬
‫رضوري بني النّظر‬
‫ٍّ‬ ‫وإن النظر ال يفيد ّإال بطريق ْ‬
‫جري العادة بدون ارتباط‬ ‫قوهلم هذا‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫وقول باال ْتفاق‬ ‫ِ‬
‫احلسن واإلفادة‪،‬‬ ‫الصحيح‪ ،‬والعلم احلاصل به يف احلقيقة‪ ،‬نفي ملعنى‬ ‫َّ‬
‫وأن املُ ْح ِدٍ ال بدّ له من ُحمْدٍ‪،‬‬
‫أن العامل ُحم ْدَ ٍ‪ّ ،‬‬
‫بأن من علم ّ‬
‫والرضورة قاضي ٌة ّ‬‫ال َبحت‪َّ ،‬‬
‫أن العامل ال بدّ له من ُحم ْ ِدٍ‬
‫واجتمع يف ذهنه هاتان املقدّ متان عىل هذه اهليئة‪ ،‬وجب أن يعلم َّ‬
‫بالرضورة‪.‬‬
‫ّ‬

‫( )اإلسامعيلية وهم الباطنية وهم الذين أثبتوا اإلمامة إلسامعيل بن جعفر الصادق ريض اهلل عنه‪ ،‬وقالوا‬
‫‪81‬‬

‫إن اهلل ال موجود وال معدوم وال عامل وال جاهل وال قادر وال عاجز‪ ،‬وكذا سائر الصفات‪ .‬ويسمون‬
‫بأصحاب التّعليم‪ .‬ينظر‪ :‬التعريفات(ص‪.)27‬‬
‫وقبح تكذبيه‪ ،‬واستلزام النَّظر العلم وإجيابه‬
‫ُ‬ ‫وعىل هذه ّ‬
‫الشاكلة ُح ْس ُن تصديق النَّبي‬
‫بدون ال ّتوليد‪ ،‬ال ينافيه استناد مجيع املمكنات إىل اهلل تعاىل ابتداء يف إفاضة الوجود‪ِ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ِ‬ ‫إ ّياه‬
‫ً‬
‫امتنع خت ّلف العلم عن النّظر ملا بينهام من ارتباط الع َّلة واملعلول‪ ،‬كامتناع خت ّلف اجلزء عن ك ِّله‬
‫العرض دون حم ِّله‪.‬‬
‫ووجود َ‬

‫ثبت منه) أي العلم احلاصل من نظر العقل (بالبدهية) هي يف األصل ّأول‬


‫هذا (وما َ‬
‫كل يشء وما يفج ُأ منه كام يف قول األعشى(‪:)82‬‬
‫ِّ‬

‫إال َعاللــة وبداهــة ســائح ِ‬


‫هنــد‬ ‫ال ُنقاتــل بالع ّ ــ وال ُنرامــى‬
‫َ‬
‫زارة‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ِ‬
‫اجلـ‬
‫حصوله‬ ‫يغني عن الفكر والكسب يف‬ ‫باحلجــــــــــــــــــــــــــــــــارة ٍ‬
‫وضوح يف اليشء‬ ‫وأهل النّظر يطلقوهنا عىل‬
‫وبالعرض‪.‬‬
‫َ‬ ‫وبالذات‪ ،‬وللعلم ثاني ًا‬
‫ّ‬ ‫املطلق عند العامل‪ ،‬فهي صفة للمعلوم ّأوالً‬

‫األول بعد تف ّطن االندراج‪،‬‬ ‫ّ‬


‫كالشكل ّ‬ ‫(فهو ََض ّ‬
‫وري) يمتنع انفكاكه عن النَّظر‬ ‫َ‬
‫تصور األطراف ال يتو ّقف عىل يشء آخر‪.‬‬ ‫كالعلم بأن َّ‬
‫الكل أعظم من جزئه يف أنه بعد ّ‬

‫باالستدالل) أي بالنظر يف الدَّ ليل كاألشكال الباقية‪( ،‬فهو اكتسايب)‬


‫ْ‬ ‫ثبت‬
‫(وما َ‬
‫نظر‬
‫أن َ‬‫يتو ّقف عىل االكتساب وترتيب املقدِّ مات‪ ،‬وال يكون الزم ًا من النظر‪ ،‬واحلاصل َّ‬
‫الرسول يوجبه‬
‫العلم ليس كاملتواتر يوجبه بالرضورة‪ ،‬وال كخُب َّ‬
‫َ‬ ‫العل ِم يف إفادته‬

‫( )وهو من شواهد الفراء يف معاين القرآن (‪ ،)321 /2‬واملُبد يف املقتضب (‪ ،)228 /4‬وابن جني يف‬ ‫‪82‬‬

‫اخلصائص( ‪.)437 /2‬‬


‫والعاللة‪ :‬البقية من اليشء‪ .‬والبداهة‪ :‬املفاجأة‪ .‬هند القوائم‪ :‬ضخمها‪ .‬اجلزارة‪ :‬أطراف اجلزور‪ ،‬وهي‬
‫ُ‬
‫القتال‬ ‫اليدان والرجالن والرأس‪ .‬يقول لن يكون بيننا إال مفاجأة فرس طويل العنق والقوائم يستنفد‬
‫البقية من نشاطه‪.‬‬
‫الرضوري‪ ،‬وأخرى العلم االستداليل‪،‬‬
‫باالستدالل‪ ،‬بل عىل التوزيع‪ ،‬فتار ًة يوجب العلم َّ‬
‫هذا هو الظاهر من الكالم واملناسب للمقام‪.‬‬

‫القذف يف القلب من غي ٍ‬
‫نظر واستدالل بِ ُح َّجة‪ ،‬واملراد إهلام غي‬ ‫(واإلهلام) هو ْ‬
‫حج ٌة عليهم وعىل غيهم؛‬ ‫مر‪ ،‬وإهلام األنبياء َّ‬ ‫الفن كام ّ‬ ‫الغرض من ِّ‬ ‫األنبياء عىل ما يقتضيه َ‬
‫أن َن ْف ًسا لن‬ ‫س نفث يف ر ِ‬
‫وعي َّ‬ ‫وح ال ُقدُ ِ‬ ‫خفي‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫(إن ُر َ‬ ‫ّ‬ ‫وحي‬
‫ّ‬ ‫ألنَّه‬
‫ِ‬
‫الطلب)(‪.)83‬‬ ‫تستكمل رز َقها‪ ،‬فاتقوا اهللَ و َأ ْمجِ ُلوا يف‬
‫َ‬ ‫متوت حتى‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫أسباب امل ْعرفة) قال أبوبكر الكالباذي رمحه اهلل يف (معاين األخبار)(‪:)84‬‬ ‫من‬
‫(ليس ْ‬
‫َ‬
‫(املعرفة حكمها ْ‬
‫أن يعلم اليشء بالدّ ليل والعالمة بإجياب حقه‪ ،‬وسمعت أبا القاسم‬
‫احلكيم(‪ )85‬يقول‪ :‬املعرفة معرفة األشياء بصورها وسامَتا‪ ،‬والعلم علم األشياء بحقائقها)(‪.)86‬‬

‫بالروح‬
‫( )مسند الشهاب (‪ ،)1151‬وحلية األولياء(‪ ،)26/13‬وش ح السنة للبغوي(‪ .)4112‬أراد ّ‬ ‫‪83‬‬

‫األمني وبروح القدس‪ :‬جُبيل عليه السالم‪.‬‬


‫يسمى ( َبحر ا ْل َف َو ِائد) واملشهور بـ (معاين ْ‬
‫االخبار)‪ ،‬أليب بكر ُحم َ َّمد بن أبى‬ ‫حلديث ّ‬
‫( )هو كتاب يف أمايل ا ِ‬
‫َ‬ ‫‪84‬‬

‫اسحاق إبراهيم بن َي ْع ُقوب الكالباذى تَاج االسالم َأبو بكر ال ُب َخ ِار ّي احلَ ِنف ّي‪ ،‬من حفاظ احلديث‪،‬‬
‫(التعرف َمل ْذ َهب التصوف)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حل ِديث األشفاع واألوتار)‪،‬‬
‫و(كالباذ) حم َّلة ببخارى‪ ،‬له أيض ًا‪( :‬أربعني ِيف ا َ‬
‫الص َالة) َوغي َذلِك (ت‪383‬هـ)‪ .‬ينظر‪:‬‬‫اخلطاب)‪( ،‬معدّ ل َّ‬‫(فصل ْ‬ ‫التعرف)‪ْ ،‬‬ ‫َّْصف ِيف شح َّ‬ ‫(حسن الت َ ُّ‬
‫ُ‬
‫هدية العارفني(‪ ،)54/2‬األعالم(‪ ،)295/5‬كشف الظنون(‪.)225/1‬‬
‫مر َقندي القايض‪ ،‬نشأ يف‬
‫الس ْ‬
‫( )هو‪ :‬إسحاق بن حممد بن إسامعيل بن إبراهيم بن زيد‪ ،‬أبو القاسم احلكيم َّ‬ ‫‪85‬‬

‫الوراق احلكيم (ت‪243‬هـ)‪ ،‬و أبو نْص العيايض‬ ‫ِ‬


‫ب الشيخ أبا بكر حممد بن عمر ّ‬ ‫وصح َ‬
‫مدينة بلخ‪َ ،‬‬
‫بس َمر َقند‬
‫السمرقندي‪ ،‬واإلمام أبا منصور املاتريدي(ت‪333‬هـ) رمحهم اهلل‪ .‬تويف َ‬
‫األنصاري اخلزرجي َّ‬
‫سنة (‪342‬هـ)‪ .‬ينظر‪ :‬اجلواهر املضية (‪ ،)139/1‬والفوائد البهية (ص‪ .)78 - 77‬والطبقات السنية‬
‫(‪ ،)158/2‬واألعالم (‪.)256/1‬‬
‫( )بحر الفوائد املشهور بمعاين األخبار(ص‪.)333‬‬ ‫‪86‬‬
‫فأوىل أن ال يكون من أسباب العلم‪ ،‬وإنام‬
‫هذا وإذا مل يكن من أسباب املعرفة‪ْ ،‬‬
‫احتيج إىل ذلك َّ‬
‫لئال يقاس إهلام العامة عىل إهلام األنبياء‪.‬‬

‫حجة ال‬
‫بصحة أحكام الدِّ ين وثبوَتا يف الواقع‪ ،‬فال يكون َّ‬
‫َّ‬ ‫(بصحة َّ‬
‫الّشء) أي‬ ‫َّ‬
‫العدو وفتنة الدّ نيا وطريق‬
‫ِّ‬ ‫حجة يف معرفة آفات النَّفس ومكائد‬ ‫لصاحبه وال لغيه‪ْ ،‬‬
‫وإن كان َّ‬
‫االحُّتاز عنها‪ ،‬وضم جوارح النّفس وحفظ أطرافها ومجع حواسها عىل أهله دون غيه‪،‬‬
‫﴿و َن ْف ٍ‬
‫س َو َما َس َّو َاها (‪)7‬‬ ‫بحيث يمكن له مراقبة اخلواطر وتطهي الّسائر‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪َ :‬‬
‫َف َأ ْهل َ َم َها ُف ُج َ‬
‫ور َها َو َت ْق َو َاها﴾[الشمس‪7 :‬ـ ‪.]8‬‬

‫حجة ال تقبل شهادته(‪.)87‬‬


‫(عند أهل احلق) قالوا‪ :‬ومن قال‪ :‬إنه َّ‬

‫[حدوث العامل]‬

‫كل أحد‪ ،‬يعني َ‬


‫عامل األجسام‬ ‫الالم للعهد‪ ،‬ومعناه‪ :‬اإلشارة إىل ما يعرفه ُّ‬ ‫َ‬
‫(والعامل) َّ‬
‫اليشء‪ ،‬كاخلاتَم ملا ُخيتم به‪ ،‬غلب استعامله فيام ُيعلم به اخلالق‬
‫وأعراضها‪ ،‬فإ ّنه اسم ملا ُيعلم به ّ‬
‫َ‬
‫العامل املشاهد‪ ،‬وأما غيه ْ‬
‫وإن شاركه يف‬ ‫توسل به إىل بيان وجوده‪ ،‬وليس هو ّإال هذا‬
‫و ُي ّ‬
‫مفتقر إىل اإلثبات‪ ،‬فكيف ُجيعل ذريعة إىل إثبات‬
‫ٌ‬ ‫خفي الوجود‬
‫ُّ‬ ‫وصف احلدوٍ‪ّ ،‬إال أنه‬
‫ِ‬
‫املحدٍ القديم‪.‬‬ ‫الصانع له‪ ،‬وبيان وجود‬

‫وجد هي احلدوٍ عىل ما يشي إليه‬ ‫وهذا هو املعنى من قوهلم‪ :‬ع ّلة االفتقار إىل املُ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقن ِ َ‬
‫ات ل ِ ْلم ِ‬ ‫﴿و ِيف ْاألَ ْر ِ‬
‫ون﴾[الذاريات‪:‬‬ ‫ني (‪َ )19‬ويف َأ ْن ُفس ُك ْم َأ َف َال ُت ْب ُ‬
‫ْص َ‬ ‫ض آ َي ٌ ُ‬ ‫قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫‪.]23‬‬

‫الّسخيس(‪ )373/1‬واملبسوط‬
‫( ) ينظر‪ :‬كشف األرسار شح أصول البزدوي (‪ ،)26/3‬وأصول َّ َ‬
‫‪87‬‬

‫للّسخيس(‪.)133/16‬‬
‫َّ‬
‫وعن هذا قال الشيخ أبو املنصور املاتريدي رمحه اهلل‪( :‬من نظر إىل نفسه وإىل غيه‪،‬‬
‫يرى آثار احلدوٍ‪ ،‬فيعلم أنه ال بدَّ من ُحم ْ ِدٍ)(‪ .)88‬وأما الع ّلة بمعنى ما يقتيض افتقاره إىل‬
‫الع ّلة‪ ،‬فهي اإلمكان ال حمالة‪.‬‬

‫(حمدَ ٍ) أي ُخمرج من العدم إىل الوجود(‪،)89‬‬


‫(بجميع أجزائه) ما اشتمل هو عليه ُ‬
‫بمعنى أنه سبحانه أبدعه بعد أن مل يكن‪ ،‬ال عىل االنتقال ال ّتدرجيي ح ّتى يكون العدم مبدأ‬
‫والوجود منتهى‪ ،‬ويلزم الواسطة بينهام‪ ،‬وال الدّ فعي ح ّتى يلزم أن يكون هناك موضوع‪،‬‬
‫بالرضورة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫منتف ّ‬ ‫وهو‬

‫واحلدوٍ هبذا املعنى ال حمالة يوجبه التع ّلق بغيه‪ ،‬أليس من الرضورة الفطرية ّ‬
‫أن‬
‫ما تساوي وجوده وعدمه ال يكون وجوده ّإال بتأثي غيه‪ ،‬ومن رضورته تبدّ له من حال كان‬
‫الغرض ّإال يف‬ ‫ٍ‬
‫وحتوله إىل حال آخر حتقيق ًا ملعنى التأثي‪ ،‬وإذ ليس َ‬
‫ّ‬ ‫هو عليه قبل التأثي‪،‬‬
‫الوجود‪ ،‬وجب أن يكون معدوم ًا قبله‪ ،‬وليس من رضورة احلدوٍ أن يكون قبل الوجود‬
‫بل العدم ليس من شأنه أن يتّصف بذلك‪ ،‬إذ هو ليس حمض‬ ‫مقداري يقع فيه العدم‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫امتدا ٌد‬
‫يسمى العدم أو النّفي‪ ،‬كام قد يتبادر إىل األوهام حتى حيكم عليه‬ ‫ِ‬
‫أمر ّ‬ ‫ونفي رصف‪ ،‬ال ٌ‬
‫بمفهو ٍم ثبويت أو يقارن ألمر وجودي‪ ،‬بل هو عبارة عن عدم حت ّقق مصداق محل املوجود يف‬
‫احلقيقة التقديرية‪.‬‬

‫( )مل أجد هذا النقل يف كتب اإلمام املاتريدي‪.‬‬


‫‪88‬‬

‫( )املحدٍ هو الذي يتع ّلق وجوده بإجياد غيه‪ ،‬فأما القديم فمستغن يف وجوده عن غيه‪ .‬تبْصة‬ ‫‪89‬‬

‫األدلة(‪.)65/1‬‬
‫ليس احلدوٍ ّإال الوجود عن العدم‪ ،‬وهذا املعنى ال خيتلف يف حق حادٍ وحادٍ‪ْ ،‬‬
‫وإن كان أحدمها‬
‫حدٍ بعالج وتعب‪ ،‬واآلخر حدٍ ال بعالج وتعب‪ ،‬إذ العالج والتعب معنى وراء معنى نفس احلادٍ‬

‫العالمة املح ّقق سيف الدين أيب ّ‬


‫املعني ميمون بن حممد بن حممد بن معتمد‬ ‫*تبْصة األدلة للشيخ اإلمام ّ‬
‫النسفي احلنفي – رمحه اهلل ‪-‬‬
‫يتوهم حصوله يف نفس األمر ووقوعه يف هذا االمتداد‪ ،‬إذا قيست تلك احلقيقة‬ ‫وإنام ّ‬
‫الزماين بعدم املقارنة‪ ،‬وهو يف احلقيقة بم ٍ‬
‫بعد عن الوقوع يف الزمان واحلكم‬ ‫إىل حدود املقدار َّ‬
‫ُ‬
‫الزمان بخالف ما فوقه‪.‬‬
‫يتصور يف إعدام ما حتت ّ‬
‫ّ‬ ‫عليه باملجاورة أو االقُّتان‪ ،‬وذلك إنام‬

‫وهذا الذي ب ّيناه هو معنى احلدوٍ عند احلنفية أمجعني‪ ،‬واألشعرية األقدمني‪ّ ،‬إال‬
‫معنى آخر سوف ُيتّىل عليك يف حم ِّله ْ‬
‫إن شاء اهلل(‪.)93‬‬ ‫ً‬ ‫أن ّ‬
‫املتأخرين منهم قد اخُّتعوا‬ ‫ّ‬

‫البني الوجود‪( ،‬أعيان) من احليوانات والنّباتات‬


‫(إذ هو) أي العامل املعهود ّ‬
‫واملعدنيات وغيها‪( ،‬وأعراض) من امللموسات واملذوقات واملشمومات واملسموعات‬
‫واملبْصات‪ُ ،‬ما قد ُعرف حدوثه كام شوهد وجوده‪.‬‬

‫وملا حكم باحلدوٍ عىل األجسام واألعراض‪ ،‬وما اشتمال عليه من األجزاء‬
‫واألبعاض أراد أن ين ّبه عىل القسمني بتعريفهام‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫وحتصل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املحل يف قوامه‬ ‫(فاألعيان‪ :‬ما له قيام بذاته) أي يش ٌء له استغناء عن‬
‫حقيقته‪ ،‬واملراد من قيامه بذاته عدم قيامه بيشء‪ ،‬ال ما يومهه حقيقة ال ّلفظ من اإلثنينية بني‬
‫بالرضورة‪.‬‬
‫اليشء وذاته‪ ،‬فإنه مستحيل ّ‬

‫َّ‬
‫يتحاش املصنِّف عن‬ ‫وملا كان التَّحقيق عدم اشُّتاط املساواة يف مطلق التّعريف‪ ،‬مل‬
‫عدم انعكاسه‪ ،‬ثم جرى عىل هذا ال ّتعميم فيام يأيت من ال ّتعاريف وال ّتقاسيم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫( )األشاعرة يزعمون أن القول بِقدم التّكوين يؤدي إىل القول بِقدم ّ‬
‫املكونات مع علمهم أن ما تع ّلق‬ ‫‪93‬‬

‫وجوده بسبب من األسباب‪ ،‬فهو املحدٍ ال القديم‪ّ ،‬‬


‫ألن القديم هو املستغني يف وجوده عن غيه‪،‬‬
‫واملكون وجوده بالتّكوين فكيف يكون قدي ًام؟ حي ّقق هذا أننا مجيعا‬
‫َّ‬ ‫وتع ّلق وجوده به كان حمدث ًا رضورة‬
‫نَدّ عي عىل القائلني بِ ِقدم العامل املعللني لذلك بِ ِقدم ما تع ّلق وجود العامل به من ذات الباري تعاىل‪ ،‬أو صفة‬
‫من صفاته العىل املناقضة حيث ا ّدعوا ِقدَ ِمه مع تع ّلق وجوده بغيه تبْصة األدلة من نفسها بيدي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وأجزاء حدِّ ّية ليست‬ ‫ٍ‬
‫أشياء ذاتية‪،‬‬ ‫(إما مركَّب) من‬
‫(وهو) أي الذي له قيام بذاته‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫إن املركب متأ ِّل ّ‬
‫ف من‬ ‫للمشائيني(‪ )91‬من الفالسفة حيث قالوا‪ّ :‬‬
‫هي هو وال غيه عندنا‪ ،‬خالف ًا َّ‬
‫سمومها اهليويل والصورة‪ ،‬واألشعرية واملعتزلة فإهنم زعموا‪ :‬أنَّه متأ ِّلف من جواهر‬‫جزئني َّ‬
‫ال وال مه ًا وال َفرض ًا‪ ،‬وحسبوا ّ‬
‫أن املراد من‬ ‫ِ‬
‫ذوات أوضا ٍع ال تقبل القسمة ال فع ً‬ ‫ٍ‬
‫فردة‬
‫الفردة‪.‬‬
‫األجزاء التي ال تتجزى هي تلك اجلواهر ْ‬

‫وتنازعوا يف أدنى ما يُّتكّب منه اجلسم‪ ،‬بأنه اثنان أو ثالثة أو أربعة أو ستَّة‪ ،‬من غي‬
‫ٍ‬
‫بخالف ال ثمرة له‪.‬‬ ‫متسك بأصل شعي وال عقّل‪ ،‬فلم يأتوا ّإال‬
‫ّ‬

‫(وهو) أي املركَّب ِ‬
‫(اجل ْسم) ليس ّإال‪ ،‬وأما األرواح فليست بجس ٍم ال جسامنية عند‬ ‫َ‬
‫احلنفية وموافقيهم(‪ ،)92‬فال تكون مركَّبة خالف ًا لخأشعرية واملعتزلة‪.‬‬

‫ويتحصل منه‪ ،‬وإ ّنام‬


‫ّ‬ ‫تقوم به اجلسم‬
‫(كاجلوهر) الذي َي َّ‬
‫َ‬ ‫(أوغري مركَّب) من األجزاء‬
‫َ‬
‫تَرك احلْص إىل ال ّتمثيل تنبيه ًا عىل عدم انحصار غي املركب يف اجلوهر الذي هو جزء‬
‫َمردة عن‬ ‫اجلسم‪ّ ،‬‬
‫فإن األرواح غي مركّبة مع ّأهنا ليست بجواهر‪ ،‬بمعنى جزء اجلسم‪ ،‬بل َّ‬
‫باحلس‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫املادة ولوازمها‪ ،‬وال من جنس ما يدرك‬

‫يتقوم به‬ ‫(وهو) أي اجلوهر (اجلزء الذي ال يتج ّزأ) بمعنى اجلزء ِّ‬
‫االحتادي(‪ )93‬الذي َّ‬
‫اجلسم‪ ،‬ويتَّحد معه وجود ًا ِ‬
‫َّجزي‪ ،‬وال َي ِر ُد عليه اإلنفكاك يوجبه ّ‬
‫صحة‬ ‫وقوام ًا‪ ،‬فال يطرؤه الت ِّ‬

‫( )املدرسة املشائية‪ :‬هي مدرسة فلسفية أسسها أرسطو ومحل لواءها تالمذته وأنصاره‪ .‬واملشائية كلمة‬
‫‪91‬‬

‫تعني يطوف‪ ،‬وذلك إشارة إىل املمشى الظليل أو الرواق الذي كان أرسطو يلقي حمارضاته فيه‪ ،‬أو إىل‬
‫طريقته يف التدريس وهو يطوف بالرواق‪.‬‬
‫( )أصحاب أيب حنيفة – رمحه اهلل – السالكني طريقته يف الفروع واألصول الناكبني عن االعتزال يف مجيع‬
‫‪92‬‬

‫ديار ما وراء النهر وخراسان من مرو وبلخ وغيمها‪ ،‬كلهم يف قديم الزمان كانوا عىل هذا املذهب) تبْصة‬
‫األدلة من نفسها‬
‫انتزاع املفهومات املتخالفة‪ ،‬عىل معنى أ ّنه يف حدّ ذاته بحيث يمكن أن ُينتزع عنه تلك‬

‫املفهومات‪ ،‬ويكون مصداق ًا حلملها ومطابق احلكم هبا يف سنخ(‪ )94‬حقيقته ومرتبة مه ِّيته‪.‬‬

‫وال يمكن للعقل أن ِ‬


‫يفرض عدم بعضها أو بطالنه مع وجود اآلخر وحت ّققه‪ ،‬وال ْ‬
‫أن‬
‫ٍ‬
‫بعض منها مع اإلغامض عن اآلخر‪ ،‬فهذا معنى عدم تعددها‪ ،‬وذلك عدم‬ ‫يلتفت إىل‬
‫صحة قوهلم‪ :‬إن أجزاء اجلسم بالنسبة إليه ال هو وال غيه‪ ،‬وكذا‬ ‫َ‬
‫استبان َّ‬ ‫مغايرَتا‪ ،‬فمن هناك‬

‫وإن َقبِ َل مطلق القسمة وال ّتب ّعض ال إىل هناية؛‬ ‫بعضها بالنسبة إىل األُخرى‪ ،‬وإ ّنه ال َّ‬
‫يتجزأ(‪ْ ،)95‬‬

‫الُّتكُّب بخالف ال ّتب ّعض واالنقسام‪،‬‬


‫َّجزي يعتُب فيه أن يكون االنحالل إىل ما منه ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن الت ِّ‬
‫جتزؤ‪ ،‬وإىل القطعات العجين َّية تب ُّع ٌض وانقسام‪ ،‬عىل‬ ‫مث ً‬
‫ال انحالل العجني إىل املاء والدقيق ُّ‬

‫يتصور انحالله إليها الحتادها معه ومع كل ما هو‬


‫ّ‬ ‫( )األجزاء االحتادية التي ال يتجزأ عليها اجلسم وال‬ ‫‪93‬‬

‫جزئه يف القوام والوجود‪ ،‬مبادئ لخأجزاء التحليلية والعقلية ومنشأ النتزاعها‪ ،‬وجيري فيها اإلهبام‬
‫وإن كان ظاهر كالمهم عىل خالف ذلك‪ّ ،‬إال ّ‬
‫أن التحقيق يلجؤهم إليه‪ ،‬فافهم منه‬ ‫والتحصيل واحلكامء ْ‬
‫ّ‬
‫س ّلمه اهلل‬
‫)السنخ من ّ‬
‫كل يشء‪ :‬أصله‪ ،‬واجلمع أسناخ‪ .‬املصباح املني(‪.)291/1‬‬ ‫( ّ‬ ‫‪94‬‬

‫إن كون الواحد من العَّشة واليد من زيد غيه‪ُ ،‬ما مل يقل به أحد من املتك ّلمني سوى جعفر‬
‫( )وما يقال ّ‬ ‫‪95‬‬

‫وعدّ ذلك من جهاالته‪ ،‬وهذا ّ‬


‫ألن العَّشة اسم جلميع‬ ‫بن احلارٍ‪ ،‬وقد خالف يف ذلك مجيع املعتزلة‪ُ ،‬‬
‫لكل ٍ‬
‫فرد من أفراده مع أغياره‪ ،‬فلو كان الواحد غيها لصار غي نفسها‪ ،‬ألنه من العَّشة‬ ‫متناول ّ‬
‫ٌ‬ ‫األفراد‬
‫ْ‬
‫وإن يوجد العَّشة بدونه‪ ،‬وكذا لو كان يد زيد غيه‪ ،‬لكان اليد غي نفسها‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫أن الواحد مثالً ليس مغاير ًا للعَّشة مباين ًا هلا يف صدق احلكم‪ ،‬وتناول الكلمة ْ‬
‫بأن يصدق‬ ‫فلعل املراد منه ّ‬
‫يتصور ذلك ّإال بأن يصي الواحد غي نفسه‪ ،‬ألنه قد اعتُب‬
‫ّ‬ ‫العَّشة عىل آحادها بدون الواحد منها‪ ،‬إذ ال‬
‫من العَّشة‪ ،‬فلو صدقت بدونه يكون غي نفسه‪ ،‬فالعَّشة يف هذا االعتبار ومن هذه اجلهة ِوزاهنا ِوزان‬
‫الذات والصفة‪ ،‬فعدم مغايرة الذات والصفات القدس ّية يف الوجود واحلقيقة مثل عدم مغايرة الواحد‬
‫اليشء مع أجزائه املحمولة االحتادية‪،‬‬ ‫للعَّشة يف صدق احلكم وتناول احلقيقة‪ ،‬وعىل هذه ّ‬
‫الشاكلة أمر ّ‬
‫وأما عدم عين ّيته هلا فمستغن عن البيان واملقصود من هذا الكالم تصوير سلب العينيّة والغي ّية عن اليشء‬
‫وتقريبه إىل الفهم ال تَّشيك الواحد يف املسألة واحلكم‪ ،‬وعىل هذا فقس أمر اليد تعلم منه س ّلمه اهلل‪.‬‬
‫تتجزى بمعنى جواهر فردة‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫متومهات مجاهي اخللق من أنه مركب من أجزاء ال‬ ‫خالف‬
‫وضع َّية كام سلف‪ ،‬فإنه ٌ‬
‫قول باطل اخُّتعه قدماء املعتزلة‪ ،‬وانتحله األشعرية‪ ،‬وال يقول به‬
‫ال وال يرضونه رأس ًا‪.‬‬
‫احلنفية أص ً‬

‫ثم قال اإلمام أبوحنيفة ريض اهلل عنه‪( :‬قاتل اهلل عمرو بن عبيد فإنه فتح باب ًا‬
‫ومن ّ‬
‫جهة غي ما منه إىل ُأخرى ال حمالة‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫أن ما منه إىل ٍ‬‫من الكالم)(‪ ،)96‬وُما يوجب بطالنه ّ‬
‫تصور حركة فرجار ذي ثالٍ شعب عىل سطح اجلسم يعطي قبوله القسمة ال إىل هناية‪،‬‬
‫ّ‬
‫بمعنى فرض يشء غي يشء‪ ،‬وال يمكن اشتامله عىل جواهر ال تتناهى بالفعل‪ ،‬وإال مل تكن‬
‫اخلردلة أصغر من اجلبل‪.‬‬

‫العني يف مقام التَّعريف إشعار ًا بأن صدق القيام عىل‬


‫َ‬ ‫ومجع‬
‫َ‬ ‫(والعرض) آ َث َر توحيده‪،‬‬
‫َ‬
‫جهة جامعة يصدق عليها باعتبارها‬ ‫ٍ‬ ‫العرض لكونه مفهوم ًا وجودي ًا ال بدّ له من‬‫أقسام َ‬
‫فإن القيام ّ‬
‫بالذات كناية عن عدم القيام بالغي‪،‬‬ ‫أمر العني‪ّ ،‬‬ ‫بالعرض‪ ،‬عىل خالف ِ‬ ‫ّ‬
‫بالذات أو َ‬
‫فاألقسام العالية للعني حقائق خمتلفة‪ ،‬ليست هلا جهة(‪ )97‬الوحدة سوى مفهو ٌم سلبي يكفيه‬
‫عدم حت ّقق مصداق محل الوجودي‪.‬‬

‫ال يقال‪ :‬هذا ينايف ما ح ّقق يف حم ّله ّ‬


‫أن التعريف ال يكون لخأفراد؛ ّ‬
‫ألن ذلك إنام هو‬
‫يورد هاهنا من أن ذاتية اجلوهر توجب‬ ‫يض ُّ‬
‫محل ما عسى أن َ‬ ‫يف ال ّتعاريف احلقيقية‪ ،‬وهبذا ْ‬
‫تركّب أمور قد ثبتت بساطتها‪ ،‬وعرض ّيته إ ّما عموم ّ‬
‫الالزم عن ملزومه‪ ،‬والُبهان قام عىل‬

‫( )قال أبو حنيفة‪« :‬لعن اهلل عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس بابا إىل علم الكالم»‪ .‬وقال أبو حنيفة‪« :‬قاتل‬
‫‪96‬‬

‫اهلل جهم بن صفوان ومقاتل بن سليامن‪ .‬هذا أفرط يف النفي وهذا أفرط يف التشبيه»‪ .‬اجلواهر املض ّية (‪/1‬‬
‫‪.)31‬‬

‫( ) يف األصل‪ :‬جة‪.‬‬‫‪97‬‬
‫والرضورة قاضية‬
‫لخأعم‪ ،‬وأما جواز ارتفاعه عن معروضه ّ‬ ‫األعم الزم‬ ‫خالفه ِ‬
‫إذ الالزم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يت مشُّتك بني أقسامه اخلمسة‪.‬‬
‫ببطالنه‪ ،‬إذ ليس هناك ذا ٌ‬

‫يتصور‪( ،‬بل حيدث يف األجسام‬


‫ّ‬ ‫(ما ال ي ُقوم بذاته) وال يمكن له ذلك وال‬
‫خمتص ًا هبا اختصاص النّاعت باملنعوت‪ ،‬ومناط ًا لالحتاد‬‫ّ‬ ‫واجلواهر)‪ ،‬ويقوم هبا ْ‬
‫بأن يكون‬
‫والعرض‪،‬‬
‫َ‬ ‫إن أمعنت النّظر يف حقيقة ال َع ِ‬
‫ني‬ ‫وصحة احلمل باملواطأة أو باالشتقاق‪ ،‬ولع ّلك ْ‬
‫َّ‬
‫ال ليس حقيقته ّإال االمتداد َ‬
‫العريض‪ ،‬واتصال اجلسم ال يف حدّ ذاته‪،‬‬ ‫الكم مث ً‬ ‫وحصلتهام ّ‬
‫فإن َّ‬ ‫َّ‬
‫العرض يف‬ ‫وتصورته كام هو هذا‪ّ ،‬‬
‫فإن وجود َ‬ ‫ّ‬ ‫علمت ّ‬
‫أن معنى القيام بذاته أو بغيه ما هو‪،‬‬ ‫َ‬
‫نفسه هو وجوده يف املوضوع بخالف العني‪.‬‬

‫إن األوصاف ال يقابلها يشء من ال ّثمن‪ّ ،‬‬


‫وأن منافع‬ ‫وعن هذا قالت احلنفية‪ّ :‬‬
‫املغصوب غي مضمونة خالف ًا للشافعية(‪.)98‬‬

‫وأورد هذا القيد احُّتاز ًا عن صفات اهلل تعاىل‪ ،‬فإهنا كام أهنا ال تقوم بغيها ال تقوم‬
‫بذاَتا‪ ،‬وإشارة إىل قيام الصفات بذاته تعاىل ليس من قبيل قيام األعراض بمحاهلا‪ ،‬ولو قال‪:‬‬
‫والعرض ما يقوم بغيه‪ ،‬مل يكن يف ذكره كثي فائدة‪.‬‬
‫َ‬

‫السواد والبياض‪،‬‬ ‫(كاأل ْلوان) من الكيف ّيات املحسوسة بالبْص وأصوهلا َّ‬
‫والسكون عدم ملك ٍَة هلا‪ ،‬وال‬
‫(واأل ْكوان) أي احلركة بمعنى القطع التي من مقولة الفعل‪ّ ،‬‬
‫تصور معنى األ ْي ِن واحلركة ّ‬
‫والسكون‪.‬‬ ‫تغُّت بُّتبيع األ ْي ِن فإنه ٌ‬
‫مبني عىل عدم ّ‬ ‫ّ‬

‫خاص قد عرف يف حم ِّله‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫(وال ّطعوم) وأصوهلا البسيطة تسعة‪ٍّ ،‬‬
‫لكل منها اسم‬

‫(والروائح) وهي مع كثرة أنواعها ليس هلا أسامء خمصوصة‪ ،‬وهذه املذكورات إنام‬
‫َّ‬
‫املجردات‪ ،‬وهي‬
‫ّ‬ ‫فإهنا ربام تكون يف‬
‫تعرض األجسام وأجزائها بخالف الكيف ّيات النّفسانية؛ ّ‬

‫( ) ينظر‪ :‬العناية شح اهلداية(‪ ،)348/9‬وفتح القدير(‪.)356/9‬‬


‫‪98‬‬
‫أظهر األعراض وجود ًا وأبينها حدوث ًا‪ ،‬فلذلك ّ‬
‫خصها بالذكر‪ ،‬وأشار إىل وجود غيها‬
‫بال ّتمثيل‪.‬‬

‫املشاهد يف الوجود‬
‫َ‬ ‫وغرض املصنّف رمحه اهلل يف هذا املقام التَّنبيه باحتياج هذا العامل‬
‫الرضورة الفطرية أن املقتيض لذلك هو‬
‫إىل غيه عىل احتياج املمكن عىل العموم‪ ،‬ومن َّ‬
‫أن املركّب احلقيقي ال حيصل ّإال‬
‫اإلمكان املحيط بجميع األعراض واألعيان‪ ،‬ونظي ذلك ّ‬
‫جزئي هو عدم حصوله من‬
‫ٍّ‬ ‫باحتياج األجزاء‪ ،‬وقد ن ّبهوا عىل هذا احلكم الرضوري بمثال‬
‫اإلنسان واحلجر املوضوع يف جنبه‪.‬‬

‫[املُ ِ‬
‫حدث للعامل هو اهلل تعاىل]‬

‫َمرداَتا وما ِّد ّياَتا‬ ‫ِ‬ ‫(واملُ ِ‬


‫حد ُ‬
‫ث للعامل) أي مجيع ما سوى اهلل تعاىل من املوجودات من ّ‬
‫وك ِّل ّياَتا وجزئياَتا‪ ،‬وباجلملة أي ًا ما كان من أجناسه‪ ،‬ويف التَّكرير واختيار الظاهر عىل‬
‫﴿و َأن َْز ْلنا إِ َل ْي َك‬ ‫الضمي تنبي ٌه عىل ّ‬
‫أن املراد من العامل هنا غي املراد هناك عىل حماذاة قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫َّ‬
‫ني َيدَ ْي ِه ِم َن ا ْل ِك ِ‬
‫تاب(‪[﴾)99‬املائدة‪.]48 :‬‬ ‫احل ِّق ُم َصدِّ ق ًا ملِا َب ْ َ‬
‫تاب بِ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ا ْلك َ‬

‫فّسه احلنفية تارة بام ُيعلم به اخلالق من األعيان واألعراض‪ ،‬وتارة بام ِسوى‬
‫وهلذا ّ‬
‫الراسخون يف‬
‫وحمصل البيان عىل هذا املسلك الوثيق الذي سلكه ّ‬
‫ِّ‬ ‫اهلل تعاىل من املوجودات‪،‬‬
‫أن ما ثبت وجوده من األعيان واألعراض‪ ،‬وعرف باملشاهدة ثبوته جائز‬ ‫العلم بالتَّحقيق‪ّ :‬‬
‫حمدٍ خارج عنه‪ ،‬وليس‬ ‫الوجود والعدم يف نفسه قابل ال ّتحول والتْصم بذاته‪ ،‬فال بدَّ له من ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ذلك ّإال لإلمكانه وتساوي وجوده وانعدامه(‪.)133‬‬

‫)األول تعريف العهد‪ ،‬ألنّه عني به القرآن والثاين تعريف اجلنس‪ ،‬ألنّه عني به جنس الكتب املنزلة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(‬ ‫‪99‬‬

‫تفسي ّ‬
‫الكشاف‪.‬‬
‫ِ‬
‫يتغي من حال إىل‬ ‫( )إن دهري ًا ناظره يف قدَ ِم العامل وعدم ّ‬
‫الصانع‪ ،‬فقال أبو حنيفة رمحه اهلل‪ :‬أرى العامل ّ‬ ‫‪133‬‬

‫ٍ‬
‫عرصة‪ ،‬بعد ْ‬
‫أن مل‬ ‫غي له كوجود بناء مش ّيد يف‬ ‫غي‪ّ ،‬‬
‫تغيه عىل وجود ُم ّ‬
‫فدل ّ‬ ‫ّغي ال بدّ له من ُم ّ‬ ‫حال‪ ،‬والت ّ‬
‫فإن كان هو يشء يشاركه يف وصف اإلمكان‪ ،‬فحا ُله ال حمالة كحالِه يف لزوم‬
‫ّ‬
‫ويرجحه عىل عدمه‪ ،‬إذ لسنا نعني باحلادٍ‬
‫ّ‬ ‫خيصص وجوده‬ ‫احلدوٍ رضورة احتياجه إىل ما ِّ‬
‫ٍ‬
‫ُمكن حادث ًا‬ ‫حادٍ ال بدّ له من ُحم ْ ِدٍ قديم‪ ،‬وهذا معنى كون ُّ‬
‫كل‬ ‫ٌ‬ ‫ّإال هذا‪ ،‬فجميع املمكنات‬
‫عند احلنفية‪ ،‬ومرادهم باحلدوٍ هو هذا النَّحو‪.‬‬

‫ٍ‬
‫ُمكن حادٍ‪ ،‬وأما‬ ‫إن القديم والواجب مُّتادفان‪ّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫ومن هناك يستقيم قوهلم‪ّ :‬‬
‫فتفسي‬
‫ٌ‬ ‫الزماين‪،‬‬
‫بالزمان وهو ّ‬ ‫لذات‪ ،‬وهو احلدوٍ ّ‬
‫الذايت أو ّ‬ ‫تفسيه باملسبوق ّية بالعدم با ّ‬
‫ّ‬
‫بالالزم قد أصطلح عليه الفالسفة‪ ،‬ونحن ال ننازعهم فيه‪.‬‬

‫ثم املتك ِّلمون من ِّ‬


‫متأخري األشعرية ملا قالوا بتعدد الصفات وتغايرها وزيادَتا عىل‬ ‫َّ‬
‫ّ‬
‫الذات‪ ،‬اضطروا إىل القول بإمكاهنا‪ ،‬فلزمهم حدوثها‪ ،‬فحاولوا سُّته وكتامنه عن نظر‬
‫وقرروه مراد ًا ملشايخ‬
‫العا ّمة‪ ،‬فاستعانوا عليه بالفالسفة‪ ،‬وأخذوا منهم املعنى الثاين ّ‬
‫املتقدّ مني‪ ،‬واحلدوٍ الذي هو من رضور ّيات الدّ ين‪.‬‬

‫تتغي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يكن ّ‬


‫يدل عىل وجود بان بناه‪ .‬فقال له الدّ هري‪ :‬احليوان مركّب من طبائع أربعة‪ ،‬فإذا استوت ال ّ‬
‫اعُّتفت بالغالب واملغلوب‪ ،‬وهو املراد يف‬
‫َ‬ ‫تتغي‪ ،‬فقال أبو حنيفة رمحه اهلل‪:‬‬
‫ومتى غلب بعضها عىل بعض ّ‬
‫إحدى املسألتني‪ ،‬ثم الكالم يف املسألة الثانية ّ‬
‫أن الغالب ما هو صانع العامل أو الطبيعة‪ ،‬فتلك مسألة‬
‫عّل أن أتكلم مع اخلصم حتى ُيذي‪ ،‬وليس عىل أن أتك ّلم معه حتى‬
‫أخرى‪ ،‬فأخذ الدّ هري ُيذي‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬
‫حيُّتس‪.‬‬
‫الستار بن‬
‫ينظر‪ :‬مناقب اإلمام أيب حنيفة – رمحه اهلل – للشيخ اإلمام شمس الدين أيب الوجد حممد بن عبد ّ‬
‫الرازي(‪ .)371/1‬والفروق‬
‫حممد اخلوازمي الكردري احلنفي – رمحه اهلل‪ -‬تفسي الفخر ّ‬
‫للقرايف(‪ .)49/3‬وشح الفقه األكُب للقاري (ص‪ .)14‬وإشارات املرام (ص‪ .)86‬ورواها اإلمام أبو‬
‫نج ِري يف املناقب‪ ،‬والفقيه عطاء بن عّل اجلوزجاين يف شح (الفقه األبسط)‪ ،‬وحافظ‬
‫الز َر َ‬
‫بكر حممد َّ‬
‫الدين الكردري يف املناقب الصغرى‪ ،‬و اإلمام أبو عبد اهلل احلارثي يف الكشف‪ ،‬و اإلمام صارم الدين يف‬
‫نظم اجلامن‬
‫وحي ورد فيه‪ ،‬وأي إمجاع انعقد عليه‪ ،‬وأي رضورة تدعو إليه‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫أي‬
‫وليت شعري ّ‬
‫وهو معهم‪ ،‬عىل أ ّنه قام الُبهان‬ ‫َ‬
‫مهالك َ‬ ‫وإن هربوا عن ُحم ٍ‬
‫ال لزمهم‪ ،‬فقد وقعوا يف‬ ‫فهؤالء ْ‬

‫وإن مل يكن له تع ّلق بالدّ ين ال إثبات ًا وال نفي ًا(‪ ،)131‬وهو أنه قد ثبت ّ‬
‫أن اجلسم‬ ‫عىل ثبوته أيض ًا‪ْ ،‬‬

‫إما فلكي وإما عنْصي‪ ،‬ومن الفلكي ما يفوق األجسام ك ّلها‪ ،‬ويتقدّ م بالوجود عىل‬
‫الُّت ّجح الذي‬
‫حتركه ما دام وجوده لبساطته‪ ،‬واستحالة ّ‬
‫اجلسامنيات مجيعها‪ ،‬وجيب دوام ّ‬
‫السكون يف أجزائه املقدارية بالنّسبة إىل اختصاصها باجلهات‪ ،‬وليتس ّلم ذلك من‬
‫يوجب ّ‬
‫ثم يساق برهان ال ّتطبيق وغيه من الُباهني التي ّ‬
‫تدل عىل بطالن غي املتناهي‪،‬‬ ‫احلكيم(‪ّ ،)132‬‬
‫املقرر عند املح ّققني منهم‪ ،‬فيكون وجوده‬
‫ويمنع اشُّتاط الُّتتُّب واالجتامع فيه‪ ،‬عىل ما هو ّ‬
‫ووجود ما بعده مسبوق ًا بالعدم ال حمالة‪.‬‬

‫ّ‬
‫)إن أبا جعفر الطحاوي – رمحه اهلل – وهو ُمن ال خيفى درجته وعلو رتبته يف معرفة أقاويل سلف‬ ‫(‬ ‫‪131‬‬

‫األمة عىل العموم‪ ،‬ومعرفة أقاويل أصحاب أيب حنيفة – رمحه اهلل – عىل اخلصوص (تبْصة األدلة من‬
‫نفسها‪ .‬قد مجع أبو جعفر الطحاوي – رمحه اهلل – وهو من أكُب ِ‬
‫اآلخذين بمذهبه كتاب ًا أسامه عقيدة أيب‬
‫حنيفة – رمحه اهلل – وهي عقيدة أهل السنة واجلامعة‪ ،‬وليس فيها يشء ُما نسب إليه‪ ،‬وقيل عنه وأصحابه‬
‫أخُب بحاله وبقوله من غيهم‪ ،‬فالرجوع إىل ما نقلوه عنه أوىل ُما نقله غيهم عنه جامع األصول يف‬
‫أحاديث الرسول لإلمام ّ‬
‫العالمة أيب السعادات ابن األثي – رمحه اهلل – من نفسه‪.‬‬
‫وهلذا مل يوجد يف كتب أحد منهم إثبات حدوٍ العامل هبذا املعنى املصطلح والقول املخُّتع ال يف عقيدة‬
‫اإلمام أيب جعفر ال ّطحاوي التي هي مدار عقائد احلنفية‪ ،‬وال يف كالم أيب املنصور املاتريدي – رمحهام اهلل‬
‫– ومن يف طبقتهام‪ ،‬بل ال يف (التبْصة)‪ ،‬وال يف (البداية) وال يف (ال ّتمهيد) وال يف (الفقه األكُب) املنسوب‬
‫إىل اإلمام أيب حنيفة – رمحه اهلل – وال يف غيها‪ّ ،‬إال يف مقاالت من أذعن لخأشعر ّية من أحداٍ املتأخرين‬
‫ُمن ال ُي ْعتَدُّ به وال ُي ْعتمد ما يف كتبه منه‪ .‬س ّلمه اهلل‪.‬‬
‫( )احلَكِيم‪ :‬من أسامء اهلل تعاىل‪ ،‬وتطلق عىل الفيلسوف والطبيب‪ ،‬واجلمع‪ُ :‬حكامء‪ .‬ينظر‪ :‬املعجم‬ ‫‪132‬‬

‫الوسيط (‪ .)193/1‬وهي هنا بمعنى‪ :‬الفيلسوف‪.‬‬


‫تعاوره املتك ّلمون يف هذا املطلب‪ ،‬بل(‪ّ )133‬‬
‫إن املعنى الذي اخُّتعوه‬ ‫َ‬ ‫وهذا أسلم ُما‬
‫يعم احلوادٍ املتعالية عن الزمان كاجلواهر القدْ س ّية وأحواهلا‪.‬‬
‫للحدوٍ ال ّ‬

‫مستحق‬
‫ٍّ‬ ‫ٌ‬
‫هالك يف حدّ ذاته غي‬ ‫كل موجود سواه‬ ‫فإن ّ‬ ‫(هو اهلل تعاىل) ليس ّإال َّ‬
‫َ‬
‫أن يكون ِ‬
‫حمدث ًا للعامل‪.‬‬ ‫يتصور ْ‬ ‫للوجود بذاته‪ ،‬فال‬
‫ّ‬

‫الربوبية جيري عليه‬


‫للصفات األلوهية والنُّعوت ُّ‬ ‫و(اهلل) اسم علم َّ‬
‫للذات اجلامع ّ‬
‫صفاته‪ ،‬ويوصف بأسامئه‪ ،‬وال توصف به(‪ ،)134‬ومعاين األلفاظ ال جيب أن تكون حاصلة يف‬
‫األذهان ال حني الوضع وال حني االستعامل‪ ،‬وقوله تعاىل‪﴿ :‬وهو اهللَُّ ِيف السامو ِ‬
‫ات َو ِيف‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ْاألَ ْر ِ‬
‫ض﴾[األنعام‪ ،]3 :‬معناه املعروف أو املتوحد باإلهل ِّية فيهام‪ ،‬أو هو الذي يقال‪ :‬اهلل فيهام‪.‬‬

‫(الواحد) عىل اإلطالق الذي يستحيل تقدير االنقسام يف ذاته إىل األجزاء الفعلية‬
‫وال ّتحليل ّية واجلزئيات النّوعية واجلنس ّية‪ ،‬ملا أنه من لوازم احلدوٍ واإلمكان وموجبات‬
‫َان فِ ِيهام ِ‬
‫آهل َ ٌة إِ َّال اهللَُّ َل َف َسدَ تَا﴾[األنبياء‪ّ ،]22 :‬‬
‫ألن‬ ‫الفساد والبطالن‪ ،‬كام قال اهلل تعاىل‪َ ﴿ :‬ل ْو ك َ َ‬
‫ٍ‬
‫أجزاء ُمكنة الوجود‬ ‫أن يكون من‬ ‫يتصور ْ‬ ‫الُّتكُّب ولو من األجزاء التّحليلية‪ ،‬مع أنه ال‬
‫ّ‬
‫الذات توجب االفتقار واحلدوٍ‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ألن األفراد إما م ّتفقة احلقيقة‪ ،‬فال بدّ من‬ ‫هالكة ّ‬
‫عريض فيلزم االحتياج إىل غيه‪ ،‬وإما خمتلفة احلقائق ْ‬
‫فإن كان‬ ‫ٍ‬
‫الُّتكُّب‪ ،‬أو َ‬
‫فارق ذايت فيلزم ّ‬
‫وصحة محل املوجود دون غيها‪ ،‬بحيث‬
‫ّ‬ ‫خلصوص ّية واحدة منها مدخل يف انتزاع الوجود‬
‫لوالها المتنع االنتزاع واستحال احلمل‪ ،‬ال يكون الغي واجب ًا‪.‬‬

‫( ) يف األصل‪ :‬بىل‪.‬‬‫‪133‬‬

‫( )جاء يف الفصل (‪ )11‬من رسالة صغية لإلمام املاتريدي‪( :‬إن الصفة تضاف إىل اهلل تعاىل‪ ،‬واهلل تعاىل‬ ‫‪134‬‬

‫ال يضاف إليها‪ ،‬فال يقال‪ :‬عامل ٌ بعلم‪ ،‬لكن يقال‪ :‬عامل ٌ بالعلم‪ ،‬وإذا قيل‪ :‬بعلم من؟ قيل‪ :‬بعلمه‪ .‬وقد روي‬
‫عن أيب حنيفة ريض اهلل عنه أنه سأل عن ِ‬
‫القدَ م فقال‪ :‬كان اهلل تعاىل قدي ًام بال ُقدْ رة‪ ،‬فقيل‪ :‬بقدرة من؟ فقال‪:‬‬
‫بقدرته)‪ .‬والنّص أيضا يف (عقيدة أيب اليّس البزدوي) (ل‪21‬أ)‪ .‬وهو ساقط من الكتاب املطبوع‬
‫باسم(أصول الدين عند البزدوي)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحدة منها ُملغاة اخلصوصية يف‬ ‫أو كان خلصوص ّية غيه أيض ًا مدخل‪ ،‬أو كان ّ‬
‫كل‬
‫ذلك‪ ،‬بل هناك جهة مشُّتكة وحيثية زائدة باعتبارها يصدق املوجود‪ ،‬ال يكون يش ٌء منها‬
‫ِ‬
‫هو يوجب االفتقار‪،‬‬
‫هو َ‬‫واجب ًا بذاته الفتقاره إىل غيه‪ ،‬وباجلملة صدق املوجود ال من حيث َ‬
‫وإنه من مستلزمات اإلمكان‪ ،‬فال ّتعدد بأي وجه يوجب اإلمكان‪ ،‬وهو يوجب بطالن‬
‫تكوهنام بل العوامل مجيعها‪.‬‬
‫الساموات واألرض‪ ،‬وعدم ّ‬

‫وتضمنته رواية ابن ماجه وغيه(‪،)135‬‬


‫ّ‬ ‫(ال َق ِديم) من أسامء اهلل تعاىل‪ ،‬وقد ورد به الَّشع‬
‫كاملوجد واملحدٍ واملوجود‪ ،‬وهلذا اختاره املصنّف رمحه اهلل عىل الواجب‪ْ ،‬‬
‫وإن كانا بمعنى‬
‫والكون عىل حالة بسيطة بحيث‬ ‫فإن ِ‬
‫القدم عندنا عبارة عن الوجود بال ّأول ّية‪،‬‬ ‫واحد‪ّ ،‬‬
‫ْ‬
‫يتصور توسط‬
‫ّ‬ ‫هنايات وأبعاد‪ ،‬أو‬
‫ٌ‬ ‫يتقدّ س عن أن يكون هناك تقدّ ر ًا وامتداد ًا‪ ،‬وتقُّتن له‬
‫ٌ‬
‫وحلوق وامتياز حدٍّ عن حد‪ ،‬فاهلل تعاىل قديم بمعنى أنه‬ ‫حيث وختلل قد‪ ،‬أو يتع ّقل ٌ‬
‫سبق‬ ‫ٌ‬
‫تغي األكوان‬ ‫موجود مل يزل بجميع أسامئه وصفاته عىل ٍ‬
‫هنج واحد‪ ،‬وال يزال أي من غي ّ‬
‫وتبدّ ل األحوال وجتدّ د األحيان‪ْ ،‬‬
‫وأن ينتقل من شأن عىل شأن‪.‬‬

‫ولكن مجيع األزمنة واألمكنة بأرسها واملوجودات عن آخرها حارضة عنده تعاىل‬
‫صباح وال مساء)(‪،)136‬‬
‫ٌ‬ ‫كل يف حدِّ ه ووقته‪ ،‬كام ورد يف احلديث‪( :‬ليس عند ربك‬‫السواء ّ‬
‫عىل ّ‬
‫ماض ٍ‬
‫وآت‬ ‫ٍ‬ ‫أن يكون بالنّسبة إليه قرب وبعد‪ ،‬وال ّأول وآخر‪ْ ،‬‬
‫وأن جيري له‬ ‫يتصور ْ‬ ‫فال‬
‫ّ‬

‫( )كاحلاكم أيب عبد اهلل النيسابوري يف املستدرك وأيب نعيم يف األسامء احلسنى وابن مردويه‪ ،‬وأيب الشيخ‬
‫‪135‬‬

‫كالمها يف التفسي منه – س ّلمه اهلل‪. -‬‬


‫( )ليس بحديث‪ .‬اجع اصطالحات الصوفية لعبد الرزاق بن أمحد بن أيب الغنائم حممد الكاشاين‪ ،‬الباب‬ ‫‪136‬‬

‫االول‪ :‬اآلن الدائم‪ ،‬ص ‪ .32‬مع النظر إىل هامش املحقق وصعوبة العثور عىل سند يقيني هلذا احلديث‪.‬‬
‫(‪ )5‬اصطالحات أو مصطلحات الصوفية لكامل الدين عبد الرزاق بن أيب الغنائم الكاشاين (‪733 -‬‬
‫هـ‪ 1329 /‬م)‪.‬‬
‫وحارض عىل ما يشي إليه قوله تعاىل‪﴿ :‬وما َأمرنَا إِال و ِ‬
‫احدَ ٌة َك َل ْم ٍح بِا ْل َب َ ِ‬
‫ْص﴾ [سورة‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُْ‬
‫القمر‪.]53:‬‬

‫بص َفاتِ ِه‬‫َان ِ‬


‫(وكَام ك َ‬‫وهذا ما رامه اإلمام األعظم أبوحنيفة ر يض اهلل عنه حيث يقول‪َ :‬‬
‫اس َم اخلَال ِ ِق‪َ ،‬وال بإِ ْحدَ اثِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ َزل َّي ًا كَذل َك ال َي َز ُال َع َل ْي َها َأ َبد َّي ًا‪َ .‬ل ْي َس ُمن ُْذ َخ َل َق اخلَ ْل َق ْ‬
‫اس َت َفا َد ْ‬
‫لوق‪َ ،‬وك ََام‬ ‫بوب‪َ ،‬و َم ْعنى اخلَال ِ ِق َّي ِة َوال َخم ْ ٌ‬ ‫ِ‬
‫الربوب َّية َوال َم ْر ٌ‬ ‫الباري‪َ ،‬ل ُه َم ْعنى ُّ‬ ‫اس َم ِ‬ ‫اس َت َفا َد ْ‬ ‫َِ‬
‫الُب َّي َة ْ‬
‫اس َم اخلَال ِ ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االس َم َق ْب َل إِ ْحيائ ِه ْم‪ ،‬كَذل َك ْ‬
‫است ََح َّق ْ‬ ‫اه ْم‪ ،‬ا ْست ََح َّق َهذا ْ‬ ‫َأ َّن ُه ُحم ْ ِيي املَ ْوتَى َب ْعدَ ما َأ ْح َي ُ‬
‫يش ٍء َق ِد ْي ٌر)(‪ )137‬انتهى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َق ْب َل إن َْشائ ِه ْم‪ ،‬ذل َك ب َأ َّن ُه َع َىل ُك ِّل َ ْ‬

‫يتصور قدم غيه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫فالقديم ال يكون إالّ واجب الوجود ّ‬
‫بالذات‪ ،‬وال‬

‫والذي ذهب إليه احلكامء(‪ )138‬من القول بِ ِقدَ م العامل بمعنى دوام وجود العلويات‪،‬‬
‫السفل ّيات املتجدّ دة هبا‪،‬‬
‫وإثبات حوادٍ متعاقبة يف أزمنة غي متناهية‪ ،‬وجعلها ذريعة لربط ُّ‬
‫احلق من القول بحدوٍ العامل بجميع أجزائه املتلقى من الَّشيعة‬
‫فاحلق أنه ال ينايف ما هو ُّ‬
‫ّ‬

‫احل ّقة ‪ ،‬فإنه معنى آخر بائ ٌن َّ‬


‫عام يدعو إليه الَّشع من معنى القديم اصطلحوا عليه‪ ،‬وإنام‬ ‫( ‪)139‬‬

‫القار بام هو قار‪،‬‬


‫ِّ‬ ‫ساقهم إليه استحالة استناد احلادٍ املتجدِّ د بام هو متجدّ د إىل القديم‬
‫السامية من ال ّتحقيق‪،‬‬
‫وكالمهم يف أزل ّية الواجب وتقديسه عام ال ينبغي يف شأنه يف الطبقة ّ‬

‫( )العقيدة الطحاوية‪.‬‬ ‫‪137‬‬

‫( )احلكيم هو املصيب يف أقواله املتقن ألفعاله املحفوظ يف أحواله‪ ،‬كذا ذكره الشيخ اإلمام أبو بكر حممد‬ ‫‪138‬‬

‫بن أيب اسحق إبراهيم بن يعقوب الكال آبادي – رمحه اهلل – يف كتابه معاين األخبار منه س ّلمه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫( ) وللرد عىل كالم املصنف ينظر‪ :‬رضب اخلاتم عىل حدوٍ العامل للكشميي(ص‪ ،)482‬وجاء فيه‪:‬‬ ‫‪139‬‬

‫وحقق دواين وصدر ًا وباقر وزاهدنا بدء الزمان مع الورى‬


‫ُ‬
‫وإيغال وهم وهو عن خلقه ابتدا‬ ‫ومن غلط وضع الزمان برأسه‬
‫وما وضعوا شيئ ًا يشارك شيئه فهل قدم أجىل اخلصائص حيتوى‬
‫وكان وحيد ًا وحدة واقع ّية وما الكون إال فعله حسب ما اقتىض‬
‫وما يورد عليه من برهان ال ّتطبيق‪ ،‬وأمثاله كالم عليل‪ ،‬وخطأ وبيل؛ ّ‬
‫فإن غي املتناهي ال‬
‫ُيذعن لتخ ّيل جذبه وتعقل دفعه قط‪ ،‬وال ينقاد آلخذه بحذافيه بحيث ال ّ‬
‫يشذ منه يشء‪،‬‬
‫يتم‬ ‫وإن أخذه َّ‬
‫الالفظ واعتُبه املالحظ‪ ،‬ولن ّ‬ ‫وال أن يكون فيه سابق مطلق أو مسبوق فقط‪ْ ،‬‬

‫يش ٌء ُما حيسبونه براهني عىل هذه القضية(‪.)113‬‬

‫قالوا‪ :‬نأخذ من احلادٍ اليومي سلسلة ال إىل هناية‪ ،‬وُما قبله بواحد مث ً‬
‫ال أخرى‬
‫الزيادة إىل اجلانب اآلخر‪ ،‬فإما ْ‬
‫أن يقع بإزاء كل فرد من السلسلة‬ ‫كذلك‪ ،‬ثم نط ّبقهام فينتقل ّ‬
‫البني ّ‬
‫أن طبيعة‬ ‫والزائد ‪ ،‬ومن ّ‬
‫( ‪)111‬‬
‫األوىل فرد من الثانية َّأوالً‪ ،‬فعىل ّ‬
‫األول يلزم مساواة الناقص ّ‬
‫أن يساوي ك ّله جزئه‪ ،‬وعىل الثاين يلزم االنقطاع وال ّتناهي‪.‬‬
‫الكم تأبى ْ‬
‫ِّ‬

‫وال ينتقض بمراتب األعداد‪ ،‬وال بمعلومات اهلل تعاىل ومقدوراته‪ ،‬ونِ َع ِم ِ‬
‫اجلنان؛‬
‫ألن للعدد وجود ًا ذهن ّي ًا حمض ًا ال يُّتتب عليه اآلثار‪ ،‬ووجود ًا حيذو حذو الوجود اخلارجي‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫متناه ومنقطع بانقطاع االعتبار‪ ،‬وبحسب‬ ‫األول‬
‫يف ترتب اآلثار‪ ،‬وهو بحسب وجوده ّ‬
‫يصح انتزاعه‪ ،‬وهو يتناهى بتناهي املعدودات‪.‬‬
‫وجوده الثاين نفس كون املعدود بحيث ّ‬

‫يتصور‬
‫ّ‬ ‫ومعنى عدم تناهي معلومات اهلل تعاىل ومقدوراته أهنا ال تقف عند حدٍّ ال‬
‫فوقه آخر‪ ،‬وليس املعنى ّ‬
‫أن ما ال هناية له داخل يف الوجود‪.‬‬

‫(حق البيان والتّصوير ملسألة حدوٍ عامل األمر والتّقدير)‪.‬‬


‫( ) وللمرجاين رسالة يف هذه املسألة اسمها‪ّ :‬‬ ‫‪113‬‬

‫إن حتقق كل غي املتناهي وجزئه وهو غي مس ّلم لك‪ ،‬وأمكنك أخذ الكل بحيث ال ّ‬
‫يشذ منه‬ ‫( )نعم ْ‬ ‫‪111‬‬

‫فإن اعتبار عدم الشذوذ بعينه اعتبار تناهيه‪ ،‬فال يلزم التناهي ّإال من‬
‫يشء‪ ،‬وهو يف حيز املنع‪ ،‬وكيف ال ّ‬
‫فإن ما ال ّ‬
‫يشذ عن حد ما كيف يكون غي متناه؟ وكذلك تعقل اجلذب وخت ّيل الدفع ال‬ ‫هذا االعتبار‪ّ ،‬‬
‫يعطيك انتقال الزيادة إىل جهة أخرى فيام ال يتناهى‪ّ ،‬‬
‫فإن اعتبار الزيادة والنقص ال ينجع طبع غي‬
‫املتناهي‪ ،‬بىل هو عني التناهي‪ ،‬ومل يأت ّإال من اعتبارك‪ ،‬ويف احلقيقة ال حيصل كل أص ً‬
‫ال بل ال يزال يذهب‬
‫وال يتناهى وال ينقطع منه‪ ،‬س ّلمه اهلل‪.‬‬
‫اجلنان‪ ،‬ال تقف عند حدّ بحيث لو وجدت عن‬ ‫فإن قيل‪ :‬احلوادٍ اآلتية كنعم ِ‬
‫ْ‬
‫آخرها لكانت غي متناهية بالفعل‪ ،‬وال ِم ْر َية(‪ )112‬أهنا معلومة هلل تعاىل بأرسها‪ ،‬فينتقض‬
‫الُبهان‪.‬‬

‫توهم علم اهلل تعاىل حصولي ًا‪ّ ،‬‬


‫وإال فام وجد من‬ ‫قلت‪ :‬هذا النّقض مبني عىل ّ‬
‫احلوادٍ فهو ٍ‬
‫متناه بالفعل‪ ،‬وما يف علم اهلل سبحانه فليس هناك تعدُّ د وتك ّثر حتى جيري فيه‬
‫وتصور املساواة والتَّفاوت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال ّتطبيق‪،‬‬

‫ال باط ً‬
‫ال َي ْب ُعد من طائل‪ ،‬فمنهم من قال‪:‬‬ ‫متح ً‬
‫الربط ُّ‬ ‫هذا وامل ّتك ّلمون ّ‬
‫متحلوا يف أمر َّ‬
‫الرابط هو اإلرادة‪ ،‬فإهنا صفة من شأهنا ختصيص املراد وترجيحه عىل غيه مع استوائه‬
‫إن ّ‬‫ّ‬
‫أن تكون اإلرادة القديمة بحسب تع ّلقها‬
‫إن من اجلائز ْ‬
‫وأوجه ما قالوا‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫بالنسبة إىل الطرفني‪،‬‬
‫يتصور ّإال كونه حادث ًا‪ ،‬أال ترى أنه‬
‫ّ‬ ‫متمم ًة لع ّلته‪ ،‬فال‬
‫يف األزل لوجود احلادٍ فيام ال يزال ِّ‬
‫ٍ‬
‫خمصوصة من الكيف ّيات والكم ّيات‬ ‫ٍ‬
‫وأوصاف‬ ‫ٍ‬
‫أحوال مع ّينة‬ ‫سبحانه إذا أراد إجياد جسم عىل‬
‫أن يوجد هذا اجلسم ّإال عىل هذه األحوال واألوصاف فكذا هنا‪.‬‬
‫ال يمكن ْ‬

‫قار الذات بالرضورة‪ ،‬البدّ لْصفه إىل حدٍّ‬


‫الزمان ملا كان غي ّ‬ ‫وال يرتاب متأ ِّم ٌل يف ّ‬
‫أن َّ‬
‫توجه الكالم إىل ع ّل ِة جتددها سقط هذا‬ ‫ٍ‬
‫معني ُأريد وجود احلادٍ فيه من ع ّلة متجدّ دة‪ ،‬فلو ّ‬
‫ّ‬
‫والصفر‪ ،‬فإنه جيوز ْ‬
‫أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫القارة كال ّطول والقْص ّ‬
‫والسواد‬ ‫َّ‬ ‫القول بخالف األوصاف‬
‫متممة لع ّلتها التامة‪ ،‬وهلذا اضطر بعضهم إىل القول‬
‫اإلرادة القديمة بحسب تع ّلقها يف األزل ِّ‬
‫كل تع ّل ٍق تع ّل ٌق آخر ِّ‬
‫خيصصه‪ ،‬وأنت ال ّ‬
‫تشك يف أنه مع كونه‬ ‫بتجدد التع ّلقات بأن يكون قبل ّ‬
‫غي معقول وموجب ًا لكونه تعاىل ً‬
‫حمال لخأمور املتجدِّ دة وباط ً‬
‫ال بُبهان التَّطبيق وغيه‪ ،‬ال‬

‫جيدي نفع ًا؛ فإنه كام ال بدّ لكل واحد من آحاد التع ّلقات من ّ‬
‫مرجح ال بدّ جلملتها أيض ًا من‬
‫ترجح هذه السلسلة من التع ّلقات املنتهية إىل تع ّلق اإلرادة‬
‫مرجح‪ ،‬فحينئذ ُينقل الكالم إىل ّ‬
‫ّ‬

‫اليش ِء َّ‬
‫الش ُّك‪ .‬خمتار الصحاح(ص‪.)293‬‬ ‫ُّتا ُء) يف َّ ْ‬
‫ِ‬
‫)(اال ْم ِ َ ِ‬ ‫(‬
‫‪112‬‬
‫بالوجود يف ما ال يزال عىل السلسلة األخرى املنتهية إىل تع ّلق اإلرادة بالوجود يف األزل‪ ،‬بل‬
‫التع ّلق أمر اعتباري ينتزع بعد حت ّقق املراد بالنسبة إىل اإلرادة‪.‬‬

‫الزمان عىل األول تعاىل‪ ،‬وأطنبوا فيه‬ ‫واحلق أ ّن هؤالء الفرق ْ‬


‫وإن قالوا بعدم جريان ّ‬ ‫ّ‬

‫القول‪ّ ،‬إال أهنم ناقضوه بمذاهبهم هذه‪ ،‬وذلك قوهلم بأفواههم‪َ { :‬يقُولُونَ ِبأ َ ْل ِسنَتِ ِهم َّما لَي َ‬
‫ْس‬
‫فِي قُلُوبِ ِه ْم}[الفتح‪.]11 :‬‬

‫الصفات هلل تعاىل]‬


‫[إثبات ّ‬

‫(احلي) (‪ )113‬الدَّ َّراك الف َّعال عىل الكامل الذي تندرج مجيع اإلدراكات حتت إدراكه‬
‫ّ‬
‫احل ُّي َال إِ َٰل َه إِ َّال ُه َو ﴾[غافر‪َ ،]65 :‬‬
‫﴿واهللَُّ‬ ‫ومجيع األفعال حتت فعله‪ ،‬ويف التنّزيل‪ُ ﴿ :‬ه َو ْ َ‬
‫يم ا ْل َق ِد ُير﴾[الروم‪ ،]54 :‬وغي‬ ‫ِ‬
‫﴿و ُه َو ا ْل َعل ُ‬ ‫يم﴾[التحريم‪َ ،]2 :‬‬
‫مو َال ُكم وهو ا ْلعلِيم ْ ِ‬
‫احلك ُ‬
‫َْ ْ َ ُ َ َ ُ َ‬
‫ذلك من اآليات(‪.)114‬‬

‫ُمكن وإحداثه وإعدامه وتركه عىل حاله مقدّ ر ًا‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬‫القادر) الذي يتمكّن من إجياد ِّ‬ ‫( ِ‬
‫باإلرادة والعلم خمُّتع ًا عىل وفقهام‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪َ ﴿ :‬أو َليس ا َّل ِذي َخ َل َق السامو ِ‬
‫ات َو ْاألَ ْر َض‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫يم﴾[يس‪.]81 :‬‬ ‫ِ‬ ‫خي ُل َق ِم ْث َل ُه ْم َب َىل َو ُه َو ْ‬
‫اخلَ َّال ُق ا ْل َعل ُ‬
‫بِ َق ِ‬
‫اد ٍر َع َىل َأ ْن َ ْ‬

‫يصح له فهو واجب ال يزول‪ ،‬المتناعه من القوة واإلمكان‬ ‫يصح ْ‬


‫أن َيعلم و َيقدر وكل ما ّ‬ ‫( )احلي‪ :‬الذي ّ‬ ‫‪113‬‬

‫أنوار التنزيل (منه)‪.‬‬


‫حي ِّذ ُر ُك ُم اهللَُّ َن ْف َس ُه}[آل عمران‪ ]33 :‬ألهنا متصفة بعلم ذايت حميط باملعلومات كلها‪ ،‬أو قدرة ذاتية‬
‫( ) { َو ُ َ‬ ‫‪114‬‬

‫تعم املقدورات بأرسها‪ ،‬تفسي القايض البيضاوي – رمحه اهلل – من نفسه‪.‬‬


‫ّ‬
‫يم) ِّ‬‫ِ‬
‫أتم ما يمكن‬
‫وأوله وآخره‪ ،‬عىل ّ‬
‫بكل يشء ظاهره وباطنه‪ ،‬ودقيقه وجل ّيه‪ّ ،‬‬ ‫(ا ْل َعل ُ‬
‫يش ٍء‬
‫﴿و ُه َو بِ ُك ِّل َ ْ‬
‫يتصور مشاهدة وكشف مثله(‪ )115‬لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ّ‬ ‫فيه‪ ،‬بحيث ال‬
‫ض َو َال ِيف‬ ‫ال َذ َّر ٍة ِيف ْاألَ ْر ِ‬
‫﴿وما َي ْع ُز ُب َع ْن ر ِّب َك ِم ْن ِم ْث َق ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫يم﴾[احلديد‪،]3 :‬‬
‫َعل ٌ‬
‫ِ‬

‫الس َام ِء﴾[يونس‪ ،]61 :‬ونحوه‪.‬‬


‫َّ‬

‫الّس والنَّجوى‪ ،‬بل ما هو ّ‬


‫أدق منه وأخفى بغي أصمخة‬ ‫(السميع) ِّ‬
‫بكل مسموع من ِّ‬ ‫َّ‬
‫غي واحلدثان‪.‬‬ ‫وآذان‪ ،‬مقدّ س ًا عن ّ‬
‫تطرق ال ّت ّ‬
‫(الب ِصري) الذي ي ِ‬
‫شاهد و َي َرى‪ ،‬وال يفوت عن بْصه ما فوق ال ُّثريا وما حتت ال َّثرى‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫منزه ًا عن احلدقة واألجفان‪ ،‬وانطباع ّ‬
‫الصور واأللوان‪.‬‬ ‫َّ‬

‫ون إِال َأ ْن َي َشا َء ا َُّ‬


‫هلل﴾[التكوير‪ ،]29 :‬وقوله عليه‬ ‫﴿و َما ت ََشا ُء َ‬ ‫َّ‬
‫(الشائي) لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫(‪)116‬‬
‫َان َو َما مل َي َش ْأ َال يكون)‬
‫الصالة والسالم‪َ ( :‬ما َشا َء اهلل ك َ‬

‫(املُريد) لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ف َّع ٌال ملَ ِا ُي ِريدُ ﴾ [الُبوج‪ ،]6 :‬وقوله ﴿إِن ََّام َأ ْم ُر ُه إِ َذا َأ َرا َد َش ْي ًئا‬
‫َأن َي ُق َ‬
‫ول َل ُه ُكن َف َي ُك ُ‬
‫ون﴾[يس‪.]82 :‬‬

‫ٍ‬
‫واحد منها وبني‬ ‫كل‬ ‫وإن كانت متقاربة املعنى ّإال ّ‬
‫أن بني ّ‬ ‫أن األوصاف اإلهلية ْ‬
‫اعلم ّ‬

‫األخرى دقيقة تتاميز هبا وال َي ْع ِر ُفها ّإال خواص أهل اهلل‪ ،‬وطريقة ّ‬
‫السلف يف إثبات صفات‬
‫اهلل تعاىل وأسامئه العىل االقتداء بكتاب اهلل وسنة رسوله واقتفاؤمها‪ ،‬فام أثبته الكتاب والسنة‬

‫( )ويفارق علمنا علم احلق يف شيئني أحدمها انتفاء النهاية عنه‪ ،‬واآلخر ّ‬
‫أن العلوم ليست يف حقه بالقوة‬ ‫‪115‬‬

‫واإلمكان الذي ينتظر خروجه إىل الوجود بل هو بالوجود واحلضور وكل ُمكن يف ح ّقه من الكامل فهو‬
‫حجة اإلسالم الغزايل – رمحه اهلل –‬
‫حارض موجود‪ ،‬جواهر القرآن لإلمام ّ‬
‫( )ليس بحديث بل هو ُما أمجع عليه املسلمون بغي نكي‪ .‬ينظر‪ :‬التوحيد للامتريدي(ص ‪.)291‬‬ ‫‪116‬‬
‫من األسامء والصفات هو الثابت له تعاىل بال تأويل وال إرجاع بعضها إىل بعض‪ ،‬مع نفي‬

‫والغيية والع ّينية عىل احلقيقة(‪.)117‬‬


‫ّ‬ ‫والزيادة‬
‫التَّعدد ّ‬

‫ال عىل املعنى الذي اخُّتعه أحداٍ األشعر ّية‪ ،‬ولذلك مل يرد يف عبارات القدماء‬
‫إطالق الواجب عليه تعاىل‪ ،‬وإنام أطلق من أطلق عىل اصطالح الفلسفة‪ ،‬ومن ا ّدعى اإلمجاع‬
‫يصح‬
‫ّ‬ ‫كل ما ال َ‬
‫دليل عليه جيب نفيه‪ ،‬وال‬ ‫فيه‪ ،‬فقد خالف اإلمجاع‪ ،‬وهذا هو املعنى ُما يقال‪ّ :‬‬
‫تنزيله ّإال يف هذا املقصد‪.‬‬

‫بحصله‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫يقومه وموضو ٍع‬ ‫بعرض) ألنَّه ال يقوم بذاته‪ْ ،‬بل يفتقر إىل ٍّ‬
‫حمل ّ‬ ‫(ليس َ‬
‫َ‬
‫وتعاىل اهلل ْ‬
‫أن حيتاج إىل غيه‪.‬‬

‫(وال جسم) فإنه مركب من األجزاء التي تتجزأ‪ ،‬أو اهليويل والصورة‪ ،‬أو اجلواهر‬
‫ويتصور فيه ْ‬
‫أن يفرض يشء غي يشء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الفردة‪ ،‬وال حمالة من األجزاء التحليلية املقدارية‬

‫املقوم‪ ،‬أو‬
‫(وال جوهر) ألنه اجلزء الذي ال يتجزأ‪ ،‬أواملمكن املستغني عن املحل ّ‬
‫الوضعي‪ ،‬وهو سبحانه متعال عن أمثال ذلك‪.‬‬
‫اجلزء ْ‬

‫مصور) ّ‬
‫ألن الصورة من خواص األجسام حتصل هلا بواسطة الكم ّيات‬ ‫َّ‬ ‫(وال‬
‫والكيف ّيات وإحاطة احلدود واجلهات‪.‬‬

‫ال للكم املتصل كاملقادير‪ ،‬فهذا كالدليل ملا‬ ‫َمدود) أي مقدّ ٌس عن ْ‬


‫أن يكون حم ً‬ ‫(وال َ ْ‬
‫قبله‪.‬‬

‫وصح به النقل وال نتناول ذلك‪ ،‬وال نثبته بقياس وال‬


‫ّ‬ ‫( )نس ّلم أخبار الصفات فيام ثبت به الروايات‬
‫‪117‬‬

‫عقل‪ ,‬ولكن افتقد األسامء والصفات بمعانيها وحقائقها هلل تعاىل‪ ،‬وننفي التشبيه والتكييف عنها‪ ،‬إذ ال‬
‫كفو للمنصوص فيشبه به‪ ،‬وال مثل له فيجنس منه‪ ،‬فنقول كام سمعنا ونشهد بام علمنا عىل أنه ليس كمثل‬
‫يشء يف كل وصف‪ ،‬فنثبت وال نش ّبه ونصف وال نم ّثل‪ ،‬ونعرف وال نك ّيف‪ ،‬قوت القلوب للشيخ‬
‫العارف أيب طالب املكي – رمحه اهلل ‪.-‬‬
‫للكم املنفصل‪ ،‬ومتَّصف ًا به ْ‬
‫بأن يقع يف‬ ‫ِّ‬ ‫ال‬ ‫منز ٌه عن ْ‬
‫أن يكون حم ً‬ ‫(وال َم ْعدود) أي هو ّ‬
‫العدّ ‪ ،‬فال يتّصف بالوحدة العددية‪ ،‬ولذلك قال أبو حنيفة – رمحه اهلل تعاىل‪( :‬واهلل واحد ال‬
‫من طريق العدد‪ ،‬بل من جهة أنه ال شيك له)‪ .‬وقال القايض أبو زيد رمحه اهلل يف (األمد‬
‫األقىص)‪ ( :‬إنه واحد من حيث أنه ّأول‪ ،‬ما قبله يشء ذات ًا فيكون هو ثاني ًا بعده‪ ،‬وفرد ما‬
‫يامثله يشء سواه يف صفات‪ ،‬فيصي له زوج ًا ال إنه واحد من حيث العدد فيكون جز ًء)‪.‬‬

‫ٍ‬
‫منفردة‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫حقيقة‬ ‫أن العدد ليس هو ّإال ما حيصل يف العقل باالنتزاع عن‬
‫وحتقيقه‪ّ :‬‬
‫يتصوره أحد بالكنْه‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬
‫مقُّتنة ألُخرى‪ ،‬ولو يف اعتبار العقل واهلل سبحانه ملا كان متعالي ًا عن ْ‬
‫ّ‬
‫وبالوجه لتعاليه عن الذاتيات املقومة له والعرضيات القائمة به‪ ،‬استحال انتزاع العدد‬
‫خمتص به تعاىل وعلمه سبحانه‬
‫ّ‬ ‫والوحدة عنه ووصفه به ومحله عليه‪ ،‬وأما إدراك كن ِْهه‪ ،‬فهو‬
‫باليشء ليس حصولي ًا يستعني عليه بحصول صورته‪ ،‬كام أنه ليس حضوري ًا يفتقر إىل حضور‬
‫هو ّيته بل هو مقدّ س عن الطورين‪ ،‬وما حيصل عند املمكن بائن له كل املباينة‪ ،‬وبعيد عنه كل‬
‫البعد ال حمالة فال ُّ‬
‫يدل عليه أصالً‪ ،‬كام قال أمي املؤمنني عّل ريض اهلل عنه‪( :‬كل ما خطر‬
‫تصورته يف حال من أحوالك‪ ،‬فاهلل تعاىل وراء ذلك)(‪ ،)118‬وإنام‬ ‫ببالك أو ّ‬
‫تومهته بخيالك أو ّ‬
‫ُّ‬
‫حظ العبد من معرفته تعاىل وراء ذلك‪ ،‬وإنام حظ العبد من معرفته تعاىل هو التَّصديق‬

‫بوجوده‪ ،‬وبجميع صفاته التَّقديسية والتَّمجيدية عىل ما نطق به الكتاب والسنة(‪ ،)119‬مع‬

‫( ) هي ُما ينسب لإلمام أمحد كام يف (كتاب املنح الشافيات بَّشح مفردات اإلمام أمحد‬ ‫‪118‬‬

‫[البهويت])(‪.)15/1‬‬
‫( )وقال الشيخ اإلمام أبو بكر الكال آبادي – رمحه اهلل – يف كتاب معاين األخبار‪ (:‬قال بعض العلامء‬ ‫‪119‬‬

‫سمى‬
‫معنى احلليم والصبور واحد‪ ،‬وهو من الصفات التي لوال ورود السمع ملا جاز وصف اهلل هبا‪ ،‬وقد ّ‬
‫يسمى اهلل حلي ًام أو يوصف باحلليم‪ ،‬وال‬
‫أن ّ‬‫اهلل تعاىل نفسه حل ّي ًام يف غي آية‪ ،‬ومل يسم نفسه صبور ًا‪ ،‬فيجوز ْ‬
‫يسمى صبور ًا‪ ،‬ويوصف بالصُب‪،‬‬
‫أن ّ‬‫يسمى صبور ًا‪ ،‬ألنه مل يرد السمع به‪ ،‬وقال بعضهم جيوز ْ‬
‫أن ّ‬‫جيوز ْ‬
‫ورووا خُب ًا يف الصبور) انتهى( وفيه اتفاق عىل أن املصحح لإلطالق عليه تعاىل ورود السمع سواء كان‬
‫كتاب ًا أو سنة‪ ،‬وبه يظهر بطالن ما قيل ّ‬
‫إن اإلذن بإطالق اسم إذن بإطالق ما يرادفه من تلك اللغة‪ ،‬أو من‬
‫حق املعرفة ومتام اإلدراك عىل ما‬
‫إظهار العجز عن إدراك حقيقته واكتناه صفاته‪ ،‬وهذا هو ُّ‬
‫أ شار إليه اإلمام األعظم أبو حنيفة رمحه اهلل حيث يقول‪( :‬ما عبدناك حق عبادتك‪ ،‬ولكن‬
‫عرفناك حق معرفتك)(‪.)123‬‬

‫رس ّ‬
‫الذات إشاك‪ ،‬والعقل إنام‬ ‫ّ‬
‫فإن العجز عن أقىص اإلدراك إدراك‪ ،‬والبحث عن ّ‬
‫الصمدية إياس عن‬
‫للتْصف يف أمر الربوبية‪ ،‬وإظهار َّ‬
‫ّ‬ ‫هو آلة أعطيت لدرك العبودية ال‬
‫الصفات ّإال من جهة التَّقديس واإلثبات‪ ،‬تعاىل أن حييط به َّ‬
‫الضمي‪،‬‬ ‫الذات‪ ،‬وحقيقة ِّ‬ ‫مطالعة َّ‬
‫يع ا ْل َب ِص ُي﴾[الشورى‪.]11 :‬‬ ‫أن يبلغه البيان والتَّفسي‪َ ﴿ ،‬ليس ك َِم ْثلِ ِه َيشء وهو ِ‬ ‫ّ‬
‫وجل ْ‬
‫السم ُ‬
‫ْ ٌ َ ُ َ َّ‬ ‫ْ َ‬

‫(وال ُم َت َبعض) كانقسام املاء وغيه من األجسام‪( ،‬وال ُمت ََجز) باالنحالل إىل أجزاء‬
‫املقومة واملقدارية ال يف العني وال يف العقل‪ ،‬ملا‬
‫أصلية تركَّب منها‪( ،‬وال مركَّب) من األجزاء ّ‬
‫بينهام من التَّالزم‪ ،‬واستلزام الُّتكيب االحتياج املنايف ِ‬
‫للقدم‪( ،‬وال ُمتَناه) أي هو مقدَّ س عن‬ ‫َ‬
‫أن يتَّصف بالتَّناهي‪ ،‬ال بمعنى أنه غي متناهي املقدار‪ ،‬فإنه ٌ‬
‫حمال مطلق ًا‪.‬‬

‫لغة أخرى‪ ،‬عىل ّ‬


‫أن كتب القوم مشحونة باملنع عن إطالق ما يرادف الوجه واليد والعني واجلنب وغيها‬
‫من الصفات املتشاهبة له تعاىل من الفارس ّية أو الُّتكيّة‪ ،‬أو غيمها من اللغات العجمية منه س ّلمه اهلل‪.‬‬
‫( )أي وإظهار اهلل تعاىل هذه الصفة لنفسه‪ ،‬إياس للخلق عن اطالعهم عىل يشء من حقائق الصفات‪،‬‬ ‫‪123‬‬

‫أي الصفات التي ذكرها للخلق أو لطائف الذات التي مل يذكرها هلم‪ ،‬وهذا حيتمل وجوه ًا أحدها ّ‬
‫أن‬
‫أن ال سبيل ألحد إىل احلق ّإال بثبوته وثبوت صفاته‪،‬‬
‫صفة الصمدية عند أكثر أهل التفسي معناها‪ْ :‬‬
‫فيقرون به ُتعرف‪ .‬من نفسه‪ .‬من يقول أهنا غي الذات‪ ،‬واقع يف قياس احلق تعاىل عىل اخللق يف زيادة‬
‫ّ‬
‫إن اهلل فقي‪ ،‬ونحن أغنياء" ّإال بحسن العبارة‪ ،‬فقط فإنه‬
‫الصفة عىل الذات‪ ،‬فبازاد هذا عىل الذين قالوا‪ّ " :‬‬
‫جعل كامل الذات ال يكون ّإال بغي فنعوذ باهلل ْ‬
‫أن نكون من اجلاهلني ( فتوحات مك ّية للشيخ اإلمام حميي‬
‫الدين العريب – رمحه اهلل –‬
‫يوصف باملائية) أي ال يقع يف جواب ما هو‪ ،‬ال عىل احلقيقة‪ ،‬وال عىل التّوسع‬
‫(وال َ‬
‫تصوره بكن ِْهه أو‬
‫ّ‬ ‫لتباين هو ّيته لخأشياء ك ِّلها‪ ،‬واملفهومات أمجعها كل املباينة‪ ،‬واستحالة‬
‫بوجهه‪.‬‬

‫(وال بالك ْيفية) أي ال يقع يف جواب كيف هو‪ ،‬الحتجاب ذاته عن الوصف هبا‪.‬‬

‫(وال يتمكَّن يف مكان) ألنه من خواص األجسام واجلسامنيات‪ ،‬وحتقيق الكالم يف‬

‫حقيقة املكان أنه أبعاد متقاطعة وحدوده متنافرة حتصل بوجود املُحدِّ د للجهات ِّ‬
‫املقوم‬
‫ٍ‬
‫موجود بنفسه‪ ،‬بل هو أمر حم ّق ٌق موجو ٌد‬ ‫َمرد‬
‫بأسه‪ ،‬وال َّ‬
‫لخأبعاد ‪ ،‬وليس بموهوم معدوم ُ‬
‫( ‪)121‬‬

‫القارة للفلك‬
‫َّ‬ ‫أن الزمان مقدار للهيئة الغي‬ ‫بِ َ‬
‫منشأ انتزاعه الذي هو املحدِّ د املحيط‪ ،‬فكام ّ‬
‫َمر ٌد ينفذ فيه‬
‫متصورات اجلامهي من أنه بعدٌ َّ‬
‫ّ‬ ‫القارة عىل خالف‬
‫املحدِّ د‪ ،‬فكذلك املكان هليئته َّ‬
‫أعم لتناوله ما يشغله اجلوهر‬
‫املتوهم الذي يشغله اجلسم‪ ،‬واحل ّيز ّ‬
‫َّ‬ ‫بعدُ املتمكّن فيه‪ ،‬أو الفراغ‬
‫أعم منه؛ فإنه‬ ‫ِ‬
‫املحوي‪ ،‬واحل ّيز ّ‬ ‫الفرد أو السطح الباطن للحاوي املُ ِ‬
‫امس للسطح الظاهر من‬
‫كمحدِّ د اجلهات املحيط لخأجسام‪ ،‬أو‬ ‫املعني‪ُّ ،‬‬
‫فكل متمكِّن متح ِّيز وال عكس‪ُ ،‬‬ ‫يشمل الوضع ّ‬
‫اجلوهر الفرد عند أهل الكالم‪.‬‬

‫جيري عليه زمان) َّ‬


‫ألن جريانه عىل يشء إنام يكون بتجدّ د أحواله وتبدّ له عام‬ ‫(وال ْ‬
‫بأن حيصل له صفة أو حال مل يك ْن هو قبل ذلك متَّصف ًا به‪ ،‬وهو سبحانه َّ‬
‫منزه عن‬ ‫كان عليه‪ْ ،‬‬
‫خفي‬
‫ُّ‬ ‫بدُيي اآلنية‪ْ ،‬‬
‫وإن كان‬ ‫ُّ‬ ‫ثم الزمان‬
‫التَّجدُّ د والتبدُّ ل‪ ،‬وحصول نسبة البعد والقرب ّ‬
‫امله ِّية‪ ،‬ولذلك قيل‪ :‬إنه متجدّ ٌد معلوم يقدَّ ر به متجدّ ٌد َمهول‪ ،‬فإنك إذا قلت‪ :‬آتيك وقت‬

‫( )يعني أن بوجود ا ُملحدد للجهات‪ ،‬حيصل مسافة ومقدار يشغله ا ُملحدد للجهات بام ّ‬
‫تضمنه من أنواع‬ ‫‪121‬‬

‫األجسام ينفذ يف ذلك املقدار واملسافة ومقادير ا ُملحدد‪ ،‬وما احتوى عليه‪ ،‬ومل يكن تلك املسافة واملقدار‬
‫متحقق ًا قبل وجود املحدد فهو أمره حمقق موجود‪ ،‬وليس بموهوم معدوم‪ .‬وال أمر جسامين أو َمرد‬
‫يتداخل يف جسم املحدد وما فيه‪ ،‬ويشتبك أبعاده يف أبعاده‪ّ ،‬‬
‫ولعل هذا هو املراد من البعد املجرد والفراغ‬
‫املتوهم منه‪ ،‬س ّلمه اهلل‪.‬‬
‫ّ‬
‫اإلراحة‪ ،‬فقد قدَّ رت وقت اإلتيان املجهول بوقت اإلراحة املعلوم وحقيقته عىل ما جزم به‬
‫القايض اإلمام أبو زيد الدبويس‪ ،‬رمحه اهلل يف كتابه املوسوم بـ (األمد األقىص)‪ ،‬وغيه من‬
‫ٌ‬
‫متصل‬ ‫كم وامتناع تأ ُّلفه‬
‫أعالم األئمة‪ :‬أنه مقدار احلركة األوىل‪ ،‬ألنه لتفاوته بالذات ٌ‬
‫واستقراره وفنائه مقدار للحركة املستديرة‪ ،‬ولتقدّ ر مجيع احلركات به مقدار ألرسعها‪ ،‬وهي‬
‫احلركة اليومية‪ ،‬وهذا وإن كان مبن ّي ًا عىل األصول الفلسفية‪ّ ،‬إال ّ‬
‫أن األمر املُبهن‪ ،‬أينام كان ال‬
‫ينكره ّإال أخالف أهل الكالم‪.‬‬

‫أصالً‪ ،‬وال يناسبه بوجه ما‪ّ ،‬‬


‫ألن املشاهبة هي االحتاد يف الك ْيف ّية‪،‬‬ ‫(وال يشبهه يشء) ْ‬
‫أن يتك ّيف وباألعراض ْ‬
‫أن يتَّصف‪.‬‬ ‫واهلل سبحانه تعاىل ْ‬

‫مرت إليه‬ ‫اعلم ّ‬


‫أن طريقة األصحاب التي عهدوها من السلف يف هذا الباب ما ّ‬
‫سمى به نفسه‪ ،‬عىل ما‬
‫اإلشارة من توصيفه سبحانه بكل ما وصف به نفسه وتسميته بكل ما ّ‬
‫جر ًا‬
‫وهلم َّ‬
‫ّ‬ ‫ورد به الكتاب والسنة من الصفات واألسامء التي ذكرها املصنّف – رمحه اهلل –‬
‫والعزة والع َظمة وال َيد والوجه واالستواء(‪.)122‬‬
‫َّ‬ ‫من اجلالل واإلكرام واجلود واإلنعام‬

‫وما تشابه منها معلوم بأصله وَمهول بوصفه‪ ،‬ولن يبطل األصل املعلوم بجهالة‬
‫الوصف‪ ،‬وكل من عند اهلل فوجب اإليامن بظاهره‪ ،‬والتصديق بباطنه وتوكيل علمه إليه‬

‫( ) كون االستواء صفة فهذا ليس عىل مذهب احلنفيةجاء يف تفسي أبو السعود العامدي‪( :‬وعن أصحابنا‬ ‫‪122‬‬

‫أن االستواء عىل العرش صفة له سبحانه بال كيف واملعنى أنه سبحانه استوى عىل العرش عىل الوجه‬
‫الذي عناه منزها عن التمكن واالستقرار)‪ .‬وهذه العبارة نقلها العامدي من تفسي البيضاوي والكالم‬
‫للبيضاوي والضمي عائد عىل الشافع ّية‪ ،‬وهو رواية عن األشعري كام يف اإلبانة‪ ،‬وليس يف مذهبنا أن‬
‫االستواء صفة من صفات اهلل تعاىل ومل يرو ذلك عن أحد من أئمتنا‪ ،‬ومذهبنا يف االستواء‪ :‬نؤمن به‬
‫يوجب التَّشبيه واحلدوٍ‪ ،‬بَّشط ْ‬
‫أن ال ُيذكر إال ما يف القرآن‬ ‫ُ‬ ‫عام‬
‫ونفوض تأويله إىل اهلل تعاىل‪ ،‬مع تنزُيه َّ‬
‫ّ‬
‫واحلديث؛ أي ال نزيد عىل التالوة فال نقول‪ :‬االستواء صفة وال نشتق منه االسم وال نبدِّ له بلفظ آخر‪ .‬كام‬
‫يف شح الشيخ قاسم عىل املسايرة‪.‬‬
‫وتعر ٍ‬
‫ض للتأويل‪ ،‬وال تفرقة بني صفات وصفات‪ ،‬وال‬ ‫سبحانه بعد إثباَتا من غي تعطيل ّ‬
‫بحث عن حقيقتها ّإال من جهة اإلثبات‪ ،‬وال توصيف بعين ّية أو غي ّية أو تعدد وكثرة ّإال من‬
‫جهة األسامء واآلثار يف مرتبة احلكاية‪ ،‬وعامل املظاهر مع التباعد عن التشبيه إىل غاية‬
‫والتجانب عام يومهه إىل هناية‪ ،‬حتى منعوا عن تفسي اليد والوجه واالستواء بالفارسية‬
‫﴿خ َل ْق ُت بِ َيدَ َّي﴾[ص‪ ،]75 :‬أو أشار بإصبعه‬
‫حرك يده عند قراءته‪َ :‬‬
‫وغيها‪ ،‬وقالوا‪ :‬من ّ‬
‫عند رواية‪( :‬قلب املؤمن بني إصبعني من أصابع الرمحن)(‪ ،)123‬قطع يده‪.‬‬

‫ال ملا أخرجه البيهقي وغيه‪:‬‬ ‫جوزوا ْ‬


‫أن يكون هلل سبحانه صفات ال نعرفها تفصي ً‬ ‫بل ّ‬
‫سميت به نفسك وأنزلته يف كتابك أو ع ّلمته أحد ًا من‬
‫(ال ّلهم إين أسألك بكل اسم هو لك ّ‬
‫خلقك‪ ،‬أو استأثرت به يف علم الغيب عندك) احلديث‪.‬‬

‫﴿وهللَِّ ْاألَ ْس َام ُء ْ‬


‫احلُ ْسن َٰى َفا ْد ُعو ُه‬ ‫تضمنته آيتان‪ ،‬قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ّ‬ ‫واملقصود بجملته‬
‫يع ا ْل َب ِص ُي﴾[الشورى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫السم ُ‬ ‫ِ َهبا﴾[األعراف‪ ،]183 :‬وقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ل ْي َس كَم ْثله َ ْ‬
‫يش ٌء َو ُه َو َّ‬
‫‪ ]11‬فإنه بعدما أثبت الصفات لنفسه نفى املشاهبة واملامثلة بأبلغ الوجوه وأوكدها رأس ًا‪ ،‬وملَّا‬
‫أوهم ثبوت السمع والبْص للخلق املامثلة من تلك اجلهة أزاله بنفي السمع والبْص عنه‪،‬‬
‫يع ا ْل َب ِص ُي ﴾[الشورى‪.]11 :‬‬ ‫وختصيصه بنفسه‪ ،‬وقال‪ ﴿ :‬وهو ِ‬
‫السم ُ‬
‫َ ُ َ َّ‬

‫(وال خيرج عن علمه وقدرته يشء) ال غائب وال حارض والباطن والظاهر وال‬
‫جزئي‪ ،‬واملمتنع لو كان شيئ ًا له وجو ٌد وحقيقة عين ًا أو عل ًام فهو‬
‫ّ‬ ‫كّل وال‬
‫خفي وال ّ‬
‫جّل وال ّ‬
‫ّ‬
‫وقادر عليه‪ ،‬ولكنّه أمر ومهي ينتجه العقل املشوب بالوهم‪ ،‬وعلم الباري تعاىل‬
‫ٌ‬ ‫عامل ٌ به‪،‬‬
‫يتع ّلق به من حيث علمه بالوهم والعقل ولوازمهام من ّ‬
‫توهم ما ال وجود له وال عني‬
‫وفرضهام إياه‪ ،‬ال من حيث أ ّن له ذات يف العلم أو العني‪ ،‬فهو بكل يشء عليم‪ ،‬وعىل كل‬
‫يشء قدير‪.‬‬

‫( )" قلب ابن آدم عىل أصبعني من أصابع اجلبار" انظر مسند أمحد‪.173 /2 :‬‬ ‫‪123‬‬
‫وألن العلم بالبعض دون البعض كالقدرة واخللق يوجب التك ّثر يف ّ‬
‫الذات‬ ‫ّ‬
‫والصفات والتب ّعض وتعدد احليثيات‪ ،‬ومن خالف يف شمول العلم أو عموم القدرة فال‬ ‫ّ‬
‫ا ْعتِداد له يف مسلك العقل‪ ،‬وال اعتامد عليه يف طريق النقل‪ ،‬وربام ي ُعزى هذا الرأي إىل‬
‫الفالسفة‪ ،‬والرأي يف نفسه مزيف والعزوة غي صحيحة(‪ ،)124‬فإهنم ال يقولون بخروج ٍ‬
‫يشء‬ ‫ّ‬
‫عن علمه تعاىل وقدرته‪ ،‬ومن نسب ذلك إليهم إنام محله ال َعص َبة أو ضيق احلوصلة‪ ،‬وكيف‬
‫مشحونة بخالفه‪ ،‬بل من أمعن يف مقاالَتم يظهر له أنه ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن تصانيف الفارايب وابن سينا‬

‫يتصور خروج يشء عن علمه وقدرته وخلقه وتكوينه فض ً‬


‫ال عن إمكانه ووقوعه(‪.)125‬‬ ‫ّ‬

‫وذلك ّ‬
‫ألن التفتيش عن جهات الوجود ومظا ّنه والبحث عن حقائق معانيه يعطي‬
‫أن ليس هو ّإال ظهور اليشء وبروزه‪ ،‬فإذن ذاته ظاهر لذاته بذاته‪ ،‬وكل الظهور ونور‬
‫معنوي قائم بذاته‪ ،‬وكل النور فذاته وجوده‪ ،‬ووجوده علمه وعلمه قدرته وقدرته إجياده‪،‬‬
‫فال يعزب عن علمه مثقال ذرة‪ ،‬وال يرضب عن قدرته وإجياد مقدار ح ّبة وال أصغر من هذه‬
‫وال أخفى‪ ،‬إذ لو أمكن سلب كامل ما أي كل ما يرجع إىل الوجود والفعلية‪ ،‬لتحقق يف ذاته‬
‫جهة غي جهة وحيث ّية دون حيث ّية‪ ،‬فيتطرق إليه الكثرة‪ ،‬وينثلم الوحدة‪ ،‬وليس عىل هذه‬
‫الشاكلة سلب ما يتع ّلق باإلعدام ويرجع إىل النقائص‪ّ ،‬‬
‫فإن مصداق احلمل هناك حت ُّقق‬

‫( )وهبذا يندفع ما يُّتاءى وروده من ّ‬


‫أن علم الواجب قديم فصور املمكنات احلادثة بعد وجوده‪ ،‬إما‬ ‫‪124‬‬

‫موجودات قائمة بذاته تعاىل ومتك ّثر يف ذاته‪ ,‬أو قائمة بذواَتا وكل ذلك مستحيل بالرضورة‪ ،‬والبداهة‬
‫حمض‪ ،‬وليس رصف‪ ،‬وذلك ملا عرفت ّ‬
‫أن الصادر عنه‪ ،‬إنام يصدر من‬ ‫حاكمة بامتناع العلم بام هو معدوم ّ‬
‫جهة العلم‪ ،‬فتلك املوجودات مع حدوثها وحدوٍ صورها ومسبوقيتها بالعدم حارضة عنده سبحانه‬
‫دائمة الوجود بني يديه‪ ،‬فعلمه مع تلك الصور‪ ،‬وتلك الصور مع علمه سبحانه وتعاىل أن حييط به اإلفهام‬
‫أن يدرك كنه صفاته جياد األحالم منه‪ ،‬س ّلمه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫أو ْ‬
‫عز وجل باجلزئيات‪ ،‬ولكن علمه هبا بطريق‬
‫( ) صحيح أن متأخري الفالسفي مل ينكروا علم الباري ّ‬ ‫‪125‬‬

‫جزئي‪ ،‬يقول ابن سينا‪ :‬هذه فيكون مدركا لخأمور اجلزئية من حيث هي كليةابن سينا‪ ،‬اإلهليات‪ ،‬ج ‪،2‬‬
‫ص ‪.363‬‬
‫الذات بدون ما يصلح ملصداقية احلمل لتلك املفهومات‪ ،‬فالذي يصدر عنه تعاىل ليس‬
‫يصدر ّإال من جهة العلم‪.‬‬

‫وهذا هو املراد من قوهلم إن وجوده تعاىل ومجيع صفاته عني ذاته‪ ،‬وإنه تعاىل بسيط‬
‫وإن كان فيه خروج ًا عن املقصد‪ّ ،‬إال أن فيه منفعة باهرة ومعونة ظاهرة يف‬
‫احلقيقة‪ ،‬وهذا ْ‬
‫حتقيق إحاطته تعاىل باملعلومات واملقدورات عىل مذهبنا‪ ،‬وبياهنا عىل طور العقل وإذ قد‬
‫َاة فِ َيها‬
‫ور ِه ك َِم ْشك ٍ‬
‫ض َم َث ُل ُن ِ‬
‫األر ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َام َوات َو ْ‬ ‫ور َّ‬ ‫دريت ذلك فات ُْل قوله ّ‬
‫عز َمده‪﴿ :‬اهللَُّ ُن ُ‬
‫يش ٍء ِع ْل ًام ﴾[طه‪.]98 :‬‬ ‫ِ‬
‫﴿وس َع ُك َّل َ ْ‬
‫جل ذكره‪َ :‬‬ ‫اح﴾[النور‪ ،]35 :‬وقوله ّ‬ ‫ِ‬
‫م ْص َب ٌ‬

‫در املصنّف – رمحه اهلل – ملا بلغ النهاية يف جودة النظم وحسن التعليم‪ ،‬حيث‬
‫وهلل ّ‬
‫وهلم‬
‫ّ‬ ‫بدا بنفي ما هو أظهر امتناع ًا وأشدُّ استحالة عند العقل عنه سبحانه وهو َ‬
‫العرض‪،‬‬
‫جر ًا مراعي ًا يف ذلك أسلوب الُّت ِّقي لتأليف الوهم وتأنيسه بتسكني هلَبِه وتوهني شغبِه حتى‬
‫انتهى إىل حدَّ اإلثبات‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫﴿وهللَِّ ْاألَ ْس َام ُء‬


‫(وله صفات) خالف ًا للفالسفة‪ ،‬ومن حيذو حذوهم(‪ ،)126‬لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫احلُ ْسن َٰى َفا ْد ُعو ُه ِ َهبا ﴾[األعراف‪ ،]183 :‬وملِا تواتر من أخبار األنبياء – صلوات اهلل عليهم‬
‫ْ‬
‫– وتكاثر النقل عنهم بإطالق األسامء اإلهلية والصفات القدسية عليه تعاىل‪ ،‬وشهد اللغة‬

‫( )قوم ذهبوا إىل نفي الصفات‪ ،‬وذوق األنبياء يشهد بخالفه‪ ،‬وقوم أثبتوها وحكموا بمغايرَتا للذات‬ ‫‪126‬‬

‫حق املغايرة‪ ،‬وذلك كفر حمض وشك بحت‪ ،‬وقال بعضهم قدس رسه من صار إىل إثبات الذات‪ ،‬ومل‬
‫ال مبتدع ًا‪ ،‬ومن صار إىل إثبات صفات مغايرة للذات حق املغايرة‪ ،‬فهو ثنوي‬
‫يثبت الصفات كان جاه ً‬
‫كافر‪ ،‬ومع كفره جاهل‪ ،‬وقال أيض ًا ذواتنا ناقصة‪ ،‬وإنام يكملها الصفات‪ ،‬وأما ذات اهلل تعاىل فهي كاملة‬
‫ال حتتاج يف يشء إىل يشء‪ ،‬إذ كل ما حيتاج يف يشء إىل يشء فهو ناقص‪ ،‬والنقصان ال يليق بالواجب تعاىل‪،‬‬
‫فذاته كافية للكل يف الكل‪ ،‬فهي بالنسبة إىل املعلومات علم‪ ،‬وبالنسبة إىل املقدورات قدرة‪ ،‬وبالنسبة إىل‬
‫املرادات إرداة‪ ،‬وهي واحدة ليس فيها اثنينية بوجه من الوجوه‪ ،‬كتاب الدرة الفاخرة للعارف املحقق عبد‬
‫الرمحن اجلامي‪ ،‬قدّ س رسه من نفسه‪.‬‬
‫خيصه‪ ،‬ومدلول يطابقه‪ ،‬فإذن ال بدّ‬ ‫أهنا ليست ألفاظ ًا مُّتادفة ْبل ِّ‬
‫لكل واحد منها مفهوم ّ‬
‫لكل واحد منها يف صدقه وإفادته من مصداق احلمل ومطابق احلكم ال حمالة‪.‬‬

‫ْ‬
‫فإن قيل‪ :‬أفال كنتم معاشاحلنفية تشددون األمر‪ ،‬وتبالغون يف احلذر عن تسميته‬
‫تعاىل بال توقيف وتوصيفه بال إذن‪ ،‬فام بالكم جتاوزون حدَّ اإلثبات‪ ،‬وتقولون‪ :‬وله صفات؟‬

‫قلت‪ :‬ال نعني بالصفات ّإال األسامء‪ ،‬وقد ثبتت بالُباهني القاطعة النقلية والعقلية‪،‬‬
‫وأما إطالق اسم الصفات عىل هذه األسامء‪ ،‬فهو أمر عمّل يكفي فيه الدليل الظنّي كخُب‬
‫الواحد‪ ،‬واإلمجاع وقد ورد ذلك‪.‬‬

‫(أزل ّية) الستحالة االستكامل بالغي والنقص بالذات له تعاىل‪ ،‬خالف ًا للكرامية‬
‫وأتباع األشعرية‪.‬‬

‫(قائمة بذاته) وكيف ال وهو سبحانه بجميع صفاته وأسامئه واحد‪ ،‬وبجميع أسامئه‬
‫وصفاته قديم‪ ،‬من غي شائبة تعدّ د وتك ُّثر‪ ،‬خالف ًا للمعتزلة حيث قالوا‪ :‬إنه تعاىل متك ّلم‬
‫بالرضورة‪ّ ،‬إال ّ‬
‫إن‬ ‫الروح بحروفه‪ ،‬وهو باطل ّ‬
‫بكالم قائم يف اللوح برقومه‪ ،‬ويف لسان ّ‬
‫ّسُّت عن نفي صفة الكالم الذي أمجع عليه األنبياء عليهم السالم‪.‬‬
‫مرادهم من ذلك الت ّ‬

‫حتل ذاته أو ذاته ّ‬


‫حتل صفاته‪ ،‬أو صفاته‬ ‫أن صفاته تعاىل ّ‬
‫أن يقال أو يعتقد ّ‬
‫وال جيوز ْ‬
‫معه أو فيه أو َماورة له‪ ،‬إذ كل ذلك يقتيض ال ّتعدد واملغايرة‪ ،‬حتى منع بعض املشايخ –‬
‫رمحهم اهلل – عن القول ّ‬
‫بأن صفاته قائمة بذاته تعاىل إلُيامه ذلك‪ ،‬بل ينبغي أن يقال‪ :‬أنه‬
‫موصوف بصفاته‪ ،‬ومن أطلق ذلك فال خيتلج ّن إىل ومهك ما يناسب قيام الصفات‬
‫اإلمكانية(‪ ، )127‬بل قيام صفاته به واتصافه هبا جيب أن يكون عىل الوجه املقدس العايل‪ ،‬عن أن‬
‫خيطر عىل قلب بَّش أو يطلع عليه أحد‪.‬‬

‫عني الذات (وال‬


‫هو) أي ليست َ‬
‫(وهي) أي صفات اهلل تعاىل وأسامؤه ال ُعىل (ال َ‬
‫َ‬
‫وأعرض املصنّف – رمحه اهلل –‬ ‫أن ّ‬
‫كل صفة بالنسبة إىل األخرى ال هي وال غيها‪َ ،‬‬ ‫غريه) كام ّ‬
‫عن ذكر ذلك لظهوره ُما ذكره‪.‬‬

‫وإن كانت مسألة برأسها من مسائل الفن‪ّ ،‬إال أهنا تنتهض جواب ًا عن‬
‫ثم هذه القضية ْ‬
‫ّ‬
‫ٌ‬
‫وقول بتعدد‬ ‫شبهة املعتزلة يف إثبات الصفات‪ ،‬حيث قالوا‪ّ :‬‬
‫إن ذلك إبطال للتوحيد‪،‬‬
‫الواجبات وتك ُّثر القدماء بالذات‪ ،‬يعني ّ‬
‫إن ذلك إنام يلزم علينا أن لو قلنا بمغايرة الصفات‬
‫وتعددها وزيادَتا عىل الذات‪ ،‬تعاىل عام يقوله الظاملون علو ًا كبي ًا‪.‬‬

‫يمي ملا اعتزل َملس احلسن البْصي رمحه اهلل‬ ‫وتفصيل املقام ّ‬
‫أن واصل بن عطاء ال ّت ّ‬
‫بدوها كانت غي ناضجة‪ ،‬وكان‬
‫انفرد عنه بعقائد ابتدعها منها نفي الصفات‪ ،‬وهذه املقالة يف ِّ‬
‫تومهه‪ ،‬وهو أ ّن إثبات الصفات يوجب التغاير والزيادة عىل الذات‪،‬‬ ‫يعتمد عىل ٍ‬
‫قول ظاهري َّ‬
‫فمن وصفه بصفة قديمة‪ ،‬فقد قال بقديمني‪ ،‬وأثبت إهلني اثنني‪ ،‬وإنام انتهى نظر أصحابه‬
‫الصفات إىل‬ ‫والعالف‪ ،‬واجلاحظ‪ ،‬بعد أن طالعوا كتب الفالسفة إىل ْ‬
‫أن ر ّدوا مجيع ّ‬ ‫ّ‬ ‫كالن ّظام‪،‬‬
‫ِ‬
‫أصل‬ ‫كونه عامل ًا قادر ًا‪ ،‬وملَّا لزم عليهم املُحال الذي هربوا عنه‪ ،‬وهو تعدد القدماء لوجوده يف‬
‫وهو ّأو ُل‬ ‫اجلبائي بأهنام أمران اعتباريان‪ ،‬وابن ُه أبو هاش ٍم بأهنام َ‬ ‫ِ‬
‫حاالن‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫عّل‬
‫حكم أبو ٍّ‬
‫َ‬ ‫الكثرة‬
‫ذلك خملص ًا هلم من نفي‬
‫أن يف َ‬ ‫ِ‬
‫املوجود واملعدو ِم زع ًام منهم َّ‬ ‫أثبت َ‬
‫احلال والواسط ُة َ‬
‫بني‬ ‫من َ‬
‫ِ‬
‫للموجود وكال القولني‬ ‫القديم صف ٌة‬ ‫دة بنا ًء عىل َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫بالقدماء املتعدِّ ِ‬ ‫ُ‬
‫والقول‬ ‫فات بالكل َّي ِة‪،‬‬
‫الص ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬

‫( )قال الشيخ أبو احلسن األشعري – رمحه اهلل – وجود كل يشء يف اخلارج عينه‪ ،‬وليس بيشء زائد‬ ‫‪127‬‬

‫سواء كان واجب ًا‪ ،‬وهو اهلل تعاىل وصفاته الذاتية‪ ،‬أو ُمكن ًا وهو اخللق كتاب اليواقيت واجلواهر للشيخ‬
‫الوهاب بن أمحد الشعراين – رمحه اهلل – من نفسه‪.‬‬
‫عبد ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالرض ِ‬
‫ولذلك ر َّدها أبو احلسني البْصي إىل كونه تعاىل عامل ًا وجعل ُه ُ‬
‫نفس‬ ‫َ‬ ‫ورة‪،‬‬ ‫باطالن َّ‬
‫مذهب املتأخرين منهم عىل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫فاستقر‬ ‫ِ‬
‫الفالسفة‬ ‫مذهب‬ ‫هو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذات‪ ،‬كام َ‬
‫ِ‬
‫املعتزلة‪ ،‬ويف‬ ‫أمور اعتباري ٌة عندَ‬ ‫كتب الكال َم يف بعضها‪َّ :‬‬
‫أن الصفات ٌ‬ ‫ثم ترى َ‬ ‫ومن َّ‬
‫ٍ‬
‫عْص جييبوهنم بمن ِع‬ ‫كل‬ ‫ِ‬
‫واجلامعة يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫السنة‬ ‫وكان علام ُء ِ‬
‫أهل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الذات عندهم‪،‬‬ ‫عني‬
‫بعضها أهنا ُ‬
‫ِ‬
‫اجلواب‬ ‫هلل من‬
‫املصنف رمح ُه ا ُ‬
‫ُ‬ ‫َّعدد والتَّك ُّث ِر بناء عىل أهنا ليست بغي‪ ،‬عىل ما أشار ِ‬
‫إليه‬ ‫لزو ِم الت ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫الصواب‪.‬‬ ‫وحمض‬
‫احلق ُ‬
‫رصيح ِّ‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املتفلسفة من أتبا ِع‬ ‫ِ‬
‫أراذل‬ ‫ٍ‬
‫طائفة من‬ ‫ِ‬
‫السادسة‪ ،‬وانتهى النَّوب ُة إىل‬ ‫كان أواخر ِ‬
‫املئة‬ ‫ثم ملا َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الطريق‪ ،‬وس َّلموا املُالزم َة ومنعوا االستحال َة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السلف وصواب‬ ‫جواب‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫األشعرية عدلوا َ‬
‫وأو ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ستحيل تعدُّ ُد الذوات القديمة كام لز َم النصارى‪ ،‬ال تعدّ د ذات وصفة‪َّ ،‬‬ ‫وقالوا‪ :‬إنام امل‬
‫وهو قدوَتم واإلما ُم‬
‫اخلطيب َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الدين حممدٌ بن عمر بن احلسني الرازي‬ ‫فخر‬
‫تقول ُه ُ‬
‫من َّ‬
‫هو التَّعدُّ ُد والتَّك ُّث ُر ولزو ُم الن ِ‬
‫َّقص‬ ‫َ‬
‫املستحيل إنام َ‬ ‫أحسوا َّ‬
‫أن‬ ‫تالح َق ُه أصحاب ُه‪ ،‬وما ُّ‬
‫عندهم‪ ،‬ثم َ‬
‫ِ‬
‫بالغي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واالستكامل‬

‫ِ‬
‫بالزيادة مل يزيدوا عىل الذين‬ ‫بعض العارفني قدَّ َس رس ُه‪ :‬إ َّن القائلني‬
‫قال ُ‬ ‫ونعم ما َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العبارة‪ ،‬وملا رأوا مبالغ َة‬ ‫ِ‬
‫بحسن‬ ‫قالوا‪﴿ :‬إِ َّن اهللََّ َف ِق ٌي َون َْح ُن َأ ْغنِ َيا ُء﴾[آل عمران‪ ،]181 :‬إال‬
‫األو َل‬ ‫ِ‬ ‫بحدوٍ الص ِ‬‫ِ‬ ‫تضليل من ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواجب والقدي ِم‪ ،‬وجعلوا ّ‬ ‫بني‬
‫فات َّفرقوا َ‬ ‫ّ‬ ‫يقول‬ ‫السلف يف‬
‫ِ‬
‫اإلنسداد‪ ،‬فل َّبسوا‬ ‫ِ‬
‫العامل َّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫حدوٍ‬ ‫باب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مقاب ً‬
‫للممكن‪ ،‬والثاين للحادٍ فانسدَّ عليهم ُ‬ ‫ال‬
‫ُ‬
‫العقول‬ ‫االت ِ‬
‫حت ُي فيها‬ ‫مواضعه‪ ،‬وا ْلتزموا ُحم ٍ‬
‫ِ‬ ‫وحرفوا الكَلِ َم عن‬ ‫ِ‬
‫مواقعه‬ ‫احلق يف‬
‫وجو َه ِّ‬
‫َّ‬
‫الدفاتي واألقال ُم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وضاق عن تفاصيلها‬ ‫واألفها ُم‬

‫َ‬
‫كذلك بل‬ ‫ليس‬ ‫ِ‬ ‫أليس الغيي ُة‬ ‫فإن َ‬
‫رفع النقيضني‪ ،‬قلنا‪َ :‬‬
‫سلب العينية فنفيهام ُ‬
‫ُ‬ ‫قيل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫األمور‬ ‫تتصو ُر إال بني‬ ‫ٍ‬
‫يشء وال‬ ‫ُّ‬
‫املنفك عن‬ ‫هي صف ٌة وجودي ٌة ال يت ُ‬
‫َّصف هبا إال املوجو ُد‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫هلل تعاىل ال‬ ‫ِ‬
‫نقيضان وأسام ُء ا ِ‬ ‫الكثرة واالثني ِ‬
‫نية‪ ،‬فهام ضدِّ ان ال‬ ‫ِ‬ ‫يكون فيها صف ُة‬
‫ُ‬ ‫املتعدِّ ِ‬
‫دة التي‬
‫الْصيح‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العقل‬ ‫الصحيح‪ ،‬ويشهدُ ِبه‬
‫ُ‬ ‫النظر‬
‫ُ‬ ‫تعدد فيها وال تك ُّث َر عىل ما يوجب ُه‬

‫ظاهر فإهنم‬ ‫ُ‬


‫الفرق‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الفالسفة؟ ُ‬ ‫ومذهب‬ ‫ِ‬
‫املذهب‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني هذا‬ ‫فإن قلت‪ :‬فام‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يثبتون الص ِ‬
‫التقديس عن‬ ‫الذات‪ ،‬وأما نح ُن فنثبتها مع‬ ‫بُّتتب آثارها عىل‬ ‫ويوقولون‬ ‫فات‬ ‫َ ِّ‬ ‫ال‬
‫ِ‬
‫والزيادة‪.‬‬ ‫التغاير والتَّعدُّ ِد‬
‫ِ‬

‫َ‬
‫فعليك‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة‪،‬‬ ‫غيه عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذات وال‬ ‫عني‬
‫صفات ليست َ‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬إنا ال نتع ّق ُل‬
‫فإن َ‬
‫والكم ِية وسا ِئر‬
‫ّ‬ ‫وصفاته ال ُعىل قد تقدَّ َس عن الكيف َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫هلل تعاىل‬
‫إن ا َ‬‫قلت‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫بكيفية ما إ َّدعيت َه‪ُ .‬‬
‫ِ‬
‫لدرك‬ ‫صفاته‪ ،‬وإنام هو آل ٌة أعطيت‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واكتناه‬ ‫إدراك ِ‬
‫ذاته‬ ‫ِ‬ ‫عاجز عن‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫والعقل‬ ‫ِ‬
‫اإلمكان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خواص‬
‫ِ‬
‫ولطائف‬ ‫ِ‬
‫الذات‬ ‫ِ‬
‫مطالعة‬ ‫إياس عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َمد َّية ٌ‬
‫الربوب َّية وإظهار ّ‬ ‫العبودية ال لإلشاف عىل ُّ‬
‫آالء اهللِ تعاىل وال تتفكروا يف‬ ‫عليه الصال ُة والسالم‪( :‬تفكَّروا يف ِ‬ ‫سمعت قوله ِ‬ ‫ِ‬
‫الصفات‪ ،‬أما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عّل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقول ٍّ‬ ‫تقدرون قدره)‪،‬‬ ‫اخلالق فإنكم ال‬ ‫اخللق وال تتفكروا يف‬ ‫وقوله (تفكروا يف‬ ‫اهللِ)‪،‬‬
‫رأيت‬ ‫الذات إشاك)‪ ،‬أما َ‬ ‫ِ‬ ‫رس‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والبحث عن ِّ‬ ‫إدراك‬ ‫اإلدراك‬ ‫إدراك‬ ‫(العجز عن‬
‫ُ‬ ‫هلل عن ُه‪:‬‬
‫ريض ا ُ‬ ‫َ‬
‫ره‬‫مطبقني عىل امتنا ِع تصو ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املعرفة‬ ‫واألئمة احلنف َّي ِة وغيهم من ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫والصوف َّي ِة‬ ‫احلكام َء‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫هان ِ‬
‫عليه قيام ًا‬ ‫والوجوه العرضي ِة لقيا ِم الُب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذاتية‬ ‫ِ‬
‫املقومات‬ ‫ِ‬
‫لتعاليه عن‬ ‫ِ‬
‫بالوجه‪،‬‬ ‫بالكنه‪ ،‬بل‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ال مرد له عىل ما سبقت اإلشار ُة ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫َّ ُ‬

‫صفاته التَّمجيد َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وثبوت‬ ‫ِ‬
‫بوجوده‬ ‫َّصديق‬
‫ُ‬ ‫هو الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املمكن من معرفته تعاىل َ‬ ‫وإنام ُ‬
‫حظ‬
‫ويوقفك عن‬ ‫َ‬ ‫يفيدك شيئ ًا من األُ ِ‬
‫نس‬ ‫َ‬ ‫لك مث ً‬
‫ال‬ ‫أرضب َ‬ ‫ِ‬
‫الُبهان‪ ،‬ولكن‬ ‫ِ‬
‫بمعونة‬ ‫والتَّقديس َّي ِة‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫حقائق‬ ‫َ‬
‫البحث عن‬ ‫وهو َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫إنكار ما مل تغن ِ‬ ‫ِ‬
‫السمع وأنت شهيدٌ ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ألقيت‬
‫َ‬ ‫باألمس إن‬ ‫فيه‬ ‫َ‬
‫مطابق احلك ِم بام أنفسها وال‬
‫ُ‬ ‫بمفهومات ليست مصادق محلها‪ ،‬و‬ ‫ٍ‬ ‫يعطيك املعرف َة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املمكنات‬
‫ُ‬
‫واتصال‬ ‫ِ‬
‫االمتداد املقداري‬ ‫حمض‬
‫طح التعليمي الذي ليست حقيقت ُه إال ُ‬ ‫مغايرة‪ ،‬أمل َتر َّ‬
‫الس َ‬‫أن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يصدق ِ‬ ‫اجلس ِم ال يف حدِّ ِ‬
‫عريض أوالً‪ ،‬وبالذات َّ‬
‫ثم عىل‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫طويل وأن ُه‬ ‫نفسه أن ُه‬ ‫عليه يف‬ ‫ُ‬ ‫ذاته‬
‫ٍ‬ ‫ض وال مرية أهنام مفهومان متغايران يقتيض ُّ‬ ‫وبالعر ِ‬ ‫هو حمل ُه ثاني ًا‪،‬‬
‫واحد‬ ‫كل‬ ‫َ‬ ‫اجلس ِم الذي َ‬
‫ِ‬ ‫احلمل ومناط احلك ِم ومنش ُأ االنتزاعِ‪ ،‬وقد‬
‫ِ‬
‫برهن يف حم ّله أن ُه َ‬
‫ليس ل ُه جز ٌء‬ ‫َ‬ ‫منهام مصداق‬
‫ِ‬
‫وباجلملة‬ ‫العر ِ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالفعل أص ً‬
‫واآلخر بمصداقية َ‬ ‫احللول‬ ‫بمصداقية‬ ‫طرف من ُه‬
‫ٌ‬ ‫يتعني‬
‫ال فال ّ ُ‬
‫ثم استحال ُة‬ ‫َ‬
‫لذلك‪َّ ،‬‬ ‫واآلخر‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلمل هلذا‬ ‫ون أحدمها مصداق‬ ‫َ‬
‫هناك أمران متغايران يك ُ‬ ‫ليس‬
‫َ‬
‫يوجب أهنام ليسا‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ببقاء أحدمها وفناء‬ ‫ٍ‬
‫بحال‬ ‫تصو ِر انفكاكهام‬ ‫ٍ‬
‫بوجه وعد ُم‬ ‫حتليلهام‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يلتفت إىل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫للعقل أن‬ ‫يمكن‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫ِ‬
‫بطالن‬ ‫عني‬
‫حقيقة أحدمها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫بطالن‬ ‫بغيين‪ ،‬بل‬
‫ُ‬
‫لكل منهام مصداق ًا خيص ُه‬ ‫دون َ‬
‫ذاك فال تعدُّ َد وال تك ُّث ُر يف مصداقهام‪ ،‬فاستفيدُ من هذا أن ٍّ‬ ‫هذا َ‬
‫ِ‬
‫اآلخر ومناط ُه وال غي ُه‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬
‫مصداق‬ ‫مصداق أحدمها ومناط ُه عني‬ ‫َ‬ ‫ليس‬‫ومدلوالً يطابق ُه‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫واستحال‬ ‫ُ‬
‫احلمل‬ ‫امتنع‬ ‫ِ‬
‫وذاتياته‪ ،‬وإال‬ ‫ِ‬
‫أجزاء اجلس ِم‬ ‫ِ‬
‫الشاكلة يف‬ ‫احلال عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫يكون ُ‬
‫َ‬ ‫جيب ان‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويعلم أن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يتأمل‬ ‫ِ‬
‫العاقل أن‬ ‫فالواجب عىل‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرباب‪،‬‬ ‫ورب‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الُّتاب‬ ‫بني‬
‫وهيهات َ‬
‫َ‬ ‫االحتا ُد‪،‬‬
‫ِ‬
‫العبارات وموارد‬ ‫مراتب‬ ‫ٍ‬
‫بعض إال يف‬ ‫ينفصل بعضها عن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫صفات الباري تعاىل ال يتعدّ د وال‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫معلولة‬ ‫غي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإلشارات‪ ،‬وأن ُه ال ُ‬
‫غي معلولة كام أن ذات ُه ُ‬
‫يتغي صفات ُه‪ ،‬وأهنا ُ‬
‫ُ‬ ‫يتبدل أسامؤ ُه وال‬
‫املستحيل تعددها وتغايرها‬ ‫ُ‬ ‫وأن ُه ال استحال َة يف إثباَتا وال صعوبة يف وجوهبا‪ ،‬وإنام‬
‫العيون َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذ ِ‬
‫توه ِم تكثرها وزيادَتا عىل ّ‬
‫وجل أن‬ ‫ات وإمكاهنا‪ ،‬تعاىل أن تدرك ُه‬ ‫والصعوب ُة يف ّ‬
‫ون ِيف َأ ْس َام ِئ ِه َس ُي ْج َز ْو َن َما كَا ُنوا َي ْع َم ُل َ‬
‫ون﴾‬ ‫ين ُي ْل ِحدُ َ‬ ‫ِ‬
‫﴿و َذ ُروا ا َّلذ َ‬ ‫ُ‬
‫الظنون‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫عليه‬ ‫َتجم‬
‫َ‬
‫[األعراف‪.]183 :‬‬

‫﴿و َما َ ْحت ِم ُل‬ ‫ِ‬


‫(العلم) لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بذاته تعاىل‬ ‫الصفات األزلي ُة القائم ُة‬
‫ُ‬ ‫(وهي) أي‬ ‫َ‬
‫يش ٍء ِّم ْن ِع ْل ِم ِه‬ ‫﴿والَ ُحيِي ُط َ‬
‫ون بِ َ ْ‬ ‫ِم ْن ُأ ْن َثى َو َال ت ََض ُع إِ َّال بِ ِع ْل ِم ِه﴾[فاطر‪ ،]11 :‬وقوله َّ‬
‫جل ثناؤ ُه‪َ :‬‬
‫يكون ُمستفاد ًا من‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‪ .‬وعلم ُه ال‬ ‫ذلك من‬‫غي َ‬ ‫إِالَّ بِ َام َشاء﴾[البقرة‪ ،]255 :‬إىل ِ‬
‫ِ‬
‫املعلومات بل هي مستفاد ٌة من ُه‪.‬‬

‫فّسها بأهنا صف ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كان ُمكن ًا‪ ،‬ومن َّ‬
‫وتركه بعدما َ‬ ‫الفعل‬ ‫ُّن من‬
‫(والقدْ رةُ) القدر ُة التمك ُ‬
‫ِ‬
‫اخللق والتكوين‪.‬‬ ‫إلنكار ِ‬
‫صفة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة فقد جعل ُه ذريع ًة‬ ‫ِ‬
‫املقدروات عىل و ْف ِق‬ ‫تؤثر يف‬
‫ُ‬

‫ٌ‬
‫مفعول‪.‬‬ ‫علمه معلوم وال عن ِ‬
‫فعله‬ ‫ِ‬ ‫وكيف ال‪ ،‬فإ َّن ُه ال ُّ‬
‫يشذ عن‬ ‫َ‬ ‫(واحلياة)‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫احلياة يف‬ ‫لقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬ذو ا ْل ُق َّو ِة املَْتِ ُ‬
‫ني ﴾[الذاريات‪َّ ،]58 :‬‬
‫أخرها عن‬ ‫ِ‬ ‫(والقوة)‬
‫ِ‬
‫جنب‬ ‫ِ‬
‫الصفات‪ ،‬ولو ذكرها يف‬ ‫ِ‬
‫كسائر‬ ‫عني القدر ِة وال غيها‬ ‫الذ ِ‬
‫كر إشعار ًا بأهنا صف ٌة ليست َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫للقدرة‪.‬‬ ‫عطف تفسيي‬ ‫ِ‬
‫األشعرية أهنا‬ ‫ِ‬
‫مزخرفات‬ ‫ٌ‬
‫ركون إىل‬ ‫ِ‬
‫طبعه‬ ‫توه َم من يف‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫القدرة لربام َّ‬

‫ِ‬
‫كاألبصار‪،‬‬ ‫َ‬
‫كذلك ال‬ ‫ِ‬
‫(والبْص)‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة ال كاألسامعِ‪،‬‬ ‫مع) صف ٌة هللِ تعاىل عىل‬ ‫(والس ُ‬
‫َّ‬
‫جوارح وأعضاء‪.‬‬ ‫عاض وأج ٍ‬
‫زاء وال‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫واليد ليست بأ ْب‬ ‫ِ‬
‫كالوجه‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلرادة أو غيها من‬ ‫هلل تعاىل‪( ،‬واملشيئة) صف ٌة ليست عني‬
‫(واإلرادةُ) صف ٌة قديم ٌة ِ‬
‫ِ‬
‫الصفات وال غيها‪.‬‬

‫لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ف َّع ٌال ملَِّا ُي ِريدُ ﴾[الُبوج‪( ،]16 :‬والت ُ‬
‫َّخليق)‬ ‫ِ‬ ‫(وال َف ْع ُل) صف ٌة هللِ تعاىل‬
‫ِ‬
‫اآليات‪،‬‬ ‫غي َ‬
‫ذلك من‬ ‫ض ﴾[غافر‪ ،]57 :‬إىل ِ‬ ‫ات َو ْاألَ ْر ِ‬ ‫لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬خ ْل ِق السامو ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ َ‬
‫لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َما ِم ْن َدا َّب ٍة ِيف األَ ْر ِ‬
‫ض إِالَّ َع َىل اهللَِّ ِر ْز ُق َها ﴾[هود‪ ،]6 :‬وقول ُه‬ ‫ِ‬ ‫زيق)‬
‫(والَّت ُ‬
‫َّ‬
‫الر َّز ُاق ﴾[الذاريات‪.]58 :‬‬
‫تعاىل‪َّ ﴿ :‬ن اهللََّ ُه َو َّ‬
‫ِ‬
‫الصفات ومل يذكرها عىل‬ ‫تيب يف ِ‬
‫ذكر‬ ‫ف رمح ُه اهللُ ُ‬
‫الُّت َ‬
‫حيث جدَّ َد َّ‬ ‫أحسن املصنِّ ُ‬
‫َ‬ ‫ولقد‬
‫ِ‬
‫الصفات‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫الُّتتيب َ‬ ‫إشعارا بأنه ال َ‬
‫دليل عىل‬ ‫القديم احلي)‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬الواحدُ‬‫سبق من ِ‬ ‫ما َ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫العينية‪ ،‬وذكر السمع والبْص حيثام ذك َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغيية أو‬ ‫ِ‬
‫كإثبات‬ ‫تيب بينها‬‫الُّت ِ‬ ‫ِ‬
‫وإثبات َّ‬ ‫القدُّ وس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ص يف املقامني إشار ًة إىل عد ِم‬‫ذلك‪ ،‬وزا َد ون َّق َ‬ ‫القرآن عىل َ‬ ‫إلطراده يف‬ ‫واحد‬ ‫منوال‬ ‫عىل‬
‫والسنة من‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫كل ما ور َد يف‬ ‫ِ‬
‫واحلْص‪ ،‬بل ُّ‬ ‫ذكر‪ ،‬وعدم دخوهلا حتت العدِّ‬‫انحصارها فيام َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحق باملعنى الذي أراد ُه وال‬ ‫ٌ‬ ‫وسامه‬
‫فهو كام وصف ُه َّ‬ ‫تسميته تعاىل باس ِم وتوصيفه بصفة‪َ ،‬‬
‫الصفات الفعل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫حيث زعموا َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األشاعرة‬ ‫بعض‪ِ ،‬‬
‫وفيه رد عىل‬ ‫ٍ‬ ‫إرجاع بعضها إىل‬
‫ُ‬ ‫يصح‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫األزل فإن ُه‬ ‫ٍ هللِ تعاىل صف ٌة مل يستح ّقها يف‬ ‫جيوز أن ُحيدُ َ‬ ‫ِ‬
‫لخأفعال‪ ،‬إذ ال ُ‬ ‫إضافات واعتبارات‬
‫ِ‬
‫ورائحة‬ ‫شائبة التعدُّ ِد‬
‫ِ‬ ‫منزه ًا عن‬
‫زل َّ‬ ‫ِ‬
‫وصفاته‪ ،‬ومل ي ْ‬ ‫ِ‬
‫أسامئه‬ ‫تغي وتبدُّ ٌل‪ ،‬بل ال ُ‬
‫يزال بجمي ِع‬ ‫ُّ ٌ‬
‫ِ‬
‫باأللطاف ملا‬ ‫تعرف إلينا‬
‫َ‬ ‫والعقول مقهور ًة من حقائقها َّإال من ِ‬
‫جهة إثباَتا‪ ،‬ولوال أنه‬ ‫ِ‬ ‫التك ُّث ِر‬
‫اإلحلاد والت ِ‬
‫َّشبيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وقع يف‬ ‫ِ‬ ‫أدركَتها ً‬
‫جتاوز فقد َ‬
‫َ‬ ‫اإلثبات‪ ،‬و َمن‬ ‫َّجاوز عن حدِّ‬
‫ُ‬ ‫جيوز الت‬
‫أصال‪ ،‬وال ُ‬
‫ِ‬
‫والزيادة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املغايرة‬ ‫ِ‬
‫األعداد أو‬ ‫وصف بغيها من‬‫َ‬ ‫إن صفات ُه تعاىل سبع ُة أو ثامني ٌة‪ ،‬أو‬ ‫و َمن َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخالفه‪،‬‬ ‫ْص ْح‬ ‫دون احلقائق إصالح ًا لكالمه بقدر اإلمكان ما مل ُي ِّ‬ ‫املفهومات َ‬ ‫جيب محل ُه عىل‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رص َح ِبه فقد‬
‫ُّت ُوا‬‫املعتدين‪ُ ﴿ ،‬أو َٰلئ َك ا َّلذي َن ْاش َ َ‬
‫َ‬ ‫وصار من‬
‫َ‬ ‫حدود اهللِ تعاىل‪،‬‬ ‫جتاوز عن‬
‫َ‬ ‫و َمن َّ‬
‫اهلُدَ ٰى َف َام َربِ َحت ِّ َجت َار ُ َُت ْم َو َما كَا ُنوا ُم ْهت َِدي َن ﴾[البقرة‪.]16 :‬‬
‫الض َال َل َة بِ ْ‬
‫َّ‬

‫جيب اعتقاد ُه يف هذا املقا ِم‪ :‬أن ُه سبحان ُه متك ِّل ٌم‬‫(والكال ُم صف ُة اهللِ تعاىل) والذي ُ‬
‫فضول من الكال ِم تركها‬ ‫ٌ‬ ‫تزلة والكرام َّي ِة‬
‫واحلنابلة واملع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولخأشاعرة‬ ‫ٍ‬
‫خملوق‪،‬‬ ‫بكال ٍم أزيل غي‬
‫من ُح ِ‬
‫سن اإلسال ِم‪.‬‬

‫(وهو متكلم بكالم)‬ ‫ِ‬


‫التفصيل‬ ‫ِ‬
‫هؤالء فيام يتلو من‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ إىل ر ِّد‬
‫أشار املصن ُ‬
‫َ‬ ‫وقد َ‬
‫ِ‬
‫وقوله سبحان ُه‪:‬‬ ‫ون َأ ْن ُي َبدِّ ُلوا ك ََال َم اهللَِّ﴾ [الفتح‪،]15 :‬‬ ‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬ي ِريدُ َ‬ ‫ِ‬
‫للفالسفة‬ ‫خال ًفا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسى َتكْلِ ًيام﴾ [النساء‪ ،]164:‬إىل ِ‬
‫األنبياء‬ ‫اآليات‪ ،‬وإلمجا ِع‬ ‫ذلك من‬ ‫غي َ‬ ‫﴿و َك َّل َم اهللَُّ ُم َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وجود‬ ‫ِ‬
‫بدون‬ ‫صدق املفهو ِم‬ ‫ِ‬ ‫ذلك‪( ،‬هو صفة) رضور ُة امتنا ِع‬ ‫عليهم الصال ُة والسال ُم عىل َ‬
‫ِ‬
‫الصفات‬ ‫ِ‬
‫سائر‬ ‫ِ‬
‫بغيه كام يف‬ ‫ِ‬
‫االستكامل‬ ‫ِ‬
‫الستحالة‬ ‫ِ‬
‫للمعتزلة‪( ،‬أزل َّية)‬ ‫ِ‬
‫احلمل خال ًفا‬ ‫مصداق‬
‫ِ‬
‫اهليئات‬ ‫ِ‬
‫عروض‬ ‫ٍ من‬ ‫ِ‬
‫احلروف) التي حتدُ ُ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫(ليس من‬ ‫ِ‬
‫واملعتزلة‪،‬‬ ‫خال ًفا للكرام َّي ِة‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتدٍ بع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وانفالته بشدَّ ة‪،‬‬ ‫اهلواء‬ ‫وانضغاط‬ ‫نف القر ِع أو القل ِع‬ ‫ُ ُ‬ ‫(واألصوات) التي‬ ‫للصوت‪،‬‬
‫وقال بِ ِقد ِم‬
‫بالغ بعضهم َ‬ ‫لة‪ ،‬حتى َ‬ ‫ال احلناب ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املخلوقات خال ًفا جل َّه ِ‬ ‫ِ‬
‫صفات‬ ‫وجل عن‬ ‫عز َّ‬ ‫ِ‬
‫لتعاليه َّ‬
‫والص َحاف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكاتب‬ ‫والغالف‪ ،‬فلزمهم ِقدَ ُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجللد‬ ‫احلادثة‪ ،‬بل بِ ِقدَ ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألصوات‬ ‫ِ‬
‫احلروف‬
‫ِ‬
‫لخأدب‬ ‫ِ‬
‫باحلدوٍ رعاي ًة‬ ‫ِ‬
‫القول‬ ‫احلدوٍ ِ‬
‫والقدَ ِم‪ ،‬أو امتنعوا عن‬ ‫ِ‬ ‫ولع َّلهم مل يعرفوا معنى‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صفات ال َّر ِ‬ ‫ِ‬
‫حدوٍ‬ ‫ِ‬
‫ذهاب الوه ِم إىل‬ ‫واحُّتازا عن‬
‫ً‬

‫ِ‬
‫القرآن‬ ‫ِ‬
‫بخلق‬ ‫ِ‬
‫القول‬ ‫حني ُمحلوا عىل‬
‫هلل وأمثال ُه َ‬ ‫ٍ‬
‫حنبل رمح ُه ا ُ‬ ‫ولقد َ‬
‫كان اإلما ُم أمحدُ بن‬
‫ٍ‬
‫خملوق‪،‬‬ ‫غي‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫خملوق أو ُ‬ ‫قديم أو‬
‫ٌ‬ ‫يقولون‪ :‬إن ُه‬ ‫هلل تعاىل‪ ،‬وال‬
‫القول‪ :‬بأن ُه كال ُم ا ِ‬ ‫يزيدون عىل‬ ‫ال‬
‫ِ‬
‫والغموض وصونًا هلم‬ ‫ِ‬
‫الدقة‬ ‫اخلوض ملا يف املسأ ِلة من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لخأمة عن‬ ‫ِ‬
‫الظاهر وزجر ًا‬ ‫ِ‬
‫لخأمر‬ ‫حمافظ ًة‬
‫بني‬ ‫يفر َ‬
‫قون َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العقيدة والوقو ِع يف‬ ‫وحتر ِك‬ ‫ِ‬
‫الناس ال ِّ‬ ‫غالب‬
‫ُ‬ ‫التشبيه‪ ،‬إذ‬ ‫التعطيل أو‬ ‫عن التَّزلزل ُّ‬
‫ِ‬
‫تداول‬ ‫خصوصا عندَ‬ ‫ُ‬
‫النقل‬ ‫ُ‬
‫وخيتلط‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‬ ‫فيجرون صف َة أحدمها عىل‬ ‫ِ‬
‫والقراءة‬ ‫ِ‬
‫املقروء‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اإلثبات‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وديدن‬ ‫ِ‬
‫األدب‬ ‫وذلك غاي َة ال َّث ِ‬
‫بات وهناي ُة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األزمنة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وتطاول‬ ‫ِ‬
‫األلسنة‬

‫القدرة ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هو ُ‬
‫ترك التَّك ُّل ِم مع‬ ‫ِ‬
‫للسكوت) الذي َ‬‫(وهو) أي الكال ُم‪( ،‬صفة منافية ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الف ِ‬
‫بحسب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هي عدَ ُم مطاوع ُة‬
‫القوة أو‬ ‫طرة أو عد ِم بلوغها حدّ‬ ‫اآلالت‬ ‫(واآلف ُة) التي َ‬
‫ِ‬
‫واملرض‪.‬‬ ‫اخلرس والطفول َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫الضعف‪ ،‬كام يف‬‫طريان(‪َّ )128‬‬

‫يتغي ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫بتغي‬ ‫القائم بالذات الذي ال َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫واس ُتشهدَ عىل كون الكال ِم يف الشاهد َ‬
‫هو املعنى‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫وبقول‬ ‫زورت(‪ )129‬يف نفيس مقال ًة)(‪،)133‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ريض اهللُ عنه‪( :‬إين َّ‬
‫َ‬ ‫بقول عمر‬ ‫واملدلوالت‬ ‫األلفاظ‬
‫األخ ُ‬
‫طل‪:‬‬ ‫ْ‬

‫دليال‬ ‫ِ‬
‫الفؤاد ً‬ ‫ِ‬
‫اللسان عىل‬ ‫جعل‬ ‫ِ‬
‫الفؤاد وإنام ُ‬ ‫َّ‬
‫إن الكال َم لفي‬

‫ِ‬
‫اخلطاب بخالفهام‪ ،‬والعبد‬ ‫ِ‬
‫قصد‬ ‫ُ‬
‫يكون مع‬ ‫ِ‬
‫واإلرادة‪ ،‬فإن ُه‬ ‫وبني العل ِم‬
‫وال اشتباه بين ُه َ‬
‫ربام يتك َّل ُم بام ال يريد ُه وال يعلم ُه‪.‬‬

‫والواجب‬ ‫َ‬
‫بذلك‪،‬‬ ‫الَّش ِع ونزو ِل الوحي‬ ‫ِ‬
‫لورود َّ‬ ‫(واهللُ تعاىل متكلم هبا آمر ناه ُُمرب)‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مأمور والنهي بال‬ ‫ِ‬
‫األزل بال‬ ‫األمر يف‬ ‫فإن َ‬
‫قيل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫القدر‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫العاقل أن ال يزيدَ عىل هذا‬ ‫عىل املتد ِّي ِن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫صفة‬ ‫جيب تنزي ُه اهللِ تعاىل عن ُه‪ ،‬فال بدَّ من نفي‬ ‫ِ‬
‫كذب ُ‬‫ٌ‬ ‫امليض‬
‫ّ‬ ‫بطريق‬ ‫واإلخبار‬
‫ُ‬ ‫منهي سف ٌه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينقسم إىل َ‬
‫تلك‬ ‫ُ‬ ‫واإلخبار‪ ،‬والقول بأن ُه إنام‬ ‫األمر والنهي‬ ‫كاملعتزلة‪ ،‬أو نفي‬ ‫الكال ِم ً‬
‫رأسا‬

‫األص ِّّل‬ ‫بعيد فجأ ًة من باب منع ومصدره ال ُّط ِ‬


‫روء و(ال َّطاري)‪:‬‬ ‫فالن ‪ :‬جاء علينا من ِ‬
‫( )طرأ علينا ٌ‬
‫خالف ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪128‬‬

‫اهلم ُز‪ .‬وأما (ال َّطريان) فخط ٌأ أصالً‪ .‬املغرب يف ترتيب املعرب (‪.)18/2‬‬
‫واب ْ‬‫والص ُ‬
‫ّ‬
‫( )زورت يف نفسى كالم ًا‪ ،‬أي هيأت و أصلحت‪ ،‬و التزوير‪ :‬إصالح اليشء‪.‬‬ ‫‪129‬‬

‫( )ينظر‪ :‬تاريخ الطُبي(‪ ،)235 /3‬والكامل يف التاريخ البن األثي (‪ ،)327/ 2‬وتاريخ‬ ‫‪133‬‬

‫دمشق(‪.)285/33‬‬
‫ِ‬
‫األزل‬ ‫توه ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باعتبار تع ُّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫األقسا ِم فيام ال ُ‬
‫قلت‪ :‬هذه الشبهة إنام نشأت من ُّ‬‫كاألشاعرة‪ُ ،‬‬ ‫قه‬ ‫يزال‬
‫ِ‬
‫السلف‬ ‫مذهب‬ ‫وهو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫مر َ‬‫غي متناهية‪ ،‬وأما عىل ما حققنا ُه فيام َّ‬
‫عبار ًة عن الوجود يف أزمنة َ‬
‫فتسقط بالك ِّل َّي ِة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واألئمة احلنف َّي ِة‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫الصحف‬ ‫يطلق عىل‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بذاته تعاىل‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬
‫صفة الكال ِم القائ ِم‬ ‫يطلق عىل‬
‫ُ‬ ‫(والقرآن)‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫أرض‬ ‫ِ‬
‫بالقرآن إىل‬ ‫ِ‬
‫عليه الصال ُة والسال ُم‪( :‬ال تسافروا‬ ‫احلروف كام يف ِ‬
‫قوله‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املنقوش فيها‬
‫ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬
‫قوله‬ ‫ِ‬
‫املنظومة كام يف‬ ‫ِ‬
‫الكلامت‬ ‫حف وعىل‬ ‫فيه اسم املص ِ‬ ‫املتعارف ِ‬
‫ُ‬ ‫العدو)‪ ،‬وإن َ‬
‫كان‬
‫ُ ْ‬ ‫ِّ‬
‫أنازع يف القرآن)‪ ،‬وقول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬فإِ َذا َق َر ْأنَا ُه َفاتَّبِ ْع ُق ْرآ َن ُه ﴾ [القيامة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الصال ُة والسال ُم‪( :‬ما يل‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫ب‬‫فلذلك ع َّق َ‬
‫َ‬ ‫هو كال ُم اهللِ تعاىل‪،‬‬ ‫القديم َ‬
‫ُ‬ ‫الكتاب‪ ،‬وإنام‬ ‫اسم‬
‫املتعارف فيه ُ‬ ‫وإن َ‬
‫كان‬ ‫‪ْ ،]18‬‬
‫ِ‬
‫للمراد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بقوله‪ :‬كال ُم اهللِ تعاىل‪ ،‬تعيينًا‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ‬
‫املصن ُ‬

‫ِ‬
‫األلفاظ‬ ‫ِ‬
‫بتصوير‬ ‫(وهو مكتوب يف مصاحفنا)‬ ‫ِ‬
‫صفاته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كسائر‬ ‫قديم‬ ‫(غري ُملوق) بل‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫العار ِ‬
‫ضة‬ ‫ِ‬
‫باحلروف ِ‬ ‫لة‪( ،‬مقروء بألسنتنا)‬ ‫باأللفاظ املتخي ِ‬
‫ِ‬ ‫بحروف هجائها‪َ( ،‬مفوظ يف قلوبنا)‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫حال فيها) أي يف‬ ‫(غري ٍّ‬ ‫احلروف فيها‪ ،‬ومع َ‬ ‫ِ‬ ‫(مسموع بآذاننا) بانطبا ِع َ‬ ‫ِ‬
‫ذلك ُ‬ ‫تلك‬ ‫ُ‬ ‫لخأصوات‪،‬‬
‫ِ‬
‫واألصوات‬ ‫ِ‬
‫احلروف‬ ‫واأللسنة واألسامعِ‪ ،‬وال يف غيها وال هو من ِ‬
‫مجلة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقلوب‬ ‫ِ‬
‫املصاحف‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫يتصو ُر‬ ‫رة‪ ،‬بل صف ٌة ال يمك ُن إدراكها وال‬ ‫والنقوش املصو ِ‬
‫ِ‬ ‫ور املتخي ِ‬
‫لة‬ ‫والص ِ‬ ‫ِ‬
‫املسموعة‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫غي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واملسموع ُ‬
‫ُ‬ ‫القراءة‪،‬‬ ‫غي‬
‫غي احلفظ‪ ،‬واملقرو ُء ُ‬ ‫واملحفوظ ُ‬ ‫الكتاب‬ ‫غي‬
‫واملكتوب ُ‬
‫ُ‬ ‫اكتناهها‪،‬‬
‫هلل لداللتها ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫السمعِ‪ُ ،‬س ِّميت كال ُم ا ِ‬

‫هو صف ٌة قديم ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫هو من لواز ِم القدَ ِم‪ ،‬فاملرا ُد به حقيق ُة الكال ِم الذي َ‬ ‫يوصف بام َ‬
‫ُ‬ ‫فحيثام‬
‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قائم ٌة‬
‫هو من أمارات احلدوٍ ولوازمه فاملرا ُد به ما َ‬ ‫يوصف بام َ‬ ‫ُ‬ ‫بذاته تعاىل‪ ،‬وحيثام‬
‫ِ‬
‫ببالغته املُنزل‬ ‫ِ‬
‫بفصاحته املتحدّ ى‬ ‫املخصوص املُ ِ‬
‫عجز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األصول من النَّظ ِم‬ ‫املتعارف عندَ ِ‬
‫أهل‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املصاحف‪.‬‬ ‫بني دفتي‬ ‫ُ‬
‫املنقول إلينا َ‬ ‫املتلو‬
‫يب ّ‬ ‫العر ّ‬
‫صورة دح َّي ٍة الكلبي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه السال ُم يف‬ ‫َ‬
‫جُبيل‬ ‫ِ‬
‫ظهور‬ ‫ِ‬
‫باأللفاظ ُ‬
‫مثال‬ ‫ُ‬
‫فمثال الوحي‬
‫وبَّشا‬
‫ً‬ ‫كان ملكًا‬ ‫حمضا وال َملكًا وال َ‬ ‫بَّشا ً‬
‫ظهر فيها ً‬ ‫حني َ‬
‫ريض اهللُ عن ُه وغي ُه‪ ،‬فإن ُه مل يكن َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وحصل‬ ‫أعني الناظرين‬‫املكان‪ ،‬فكام تبدَّ لت صورت ُه يف ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتبديل‬ ‫ِ‬
‫باالنتقال‬ ‫م ًعا‪ ،‬ومل حيرض عند ُه‬
‫َّجر ِد والتعايل عن‬
‫هو من الت ُّ‬‫خاص وجهة مع َّينة ومل تتبدَّ ْل حقيقت ُه التي ه َو عليها‪ ،‬بام َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مكان‬ ‫يف‬
‫بلسان عريب تار ًة وعُبي أو‬‫ٍ‬ ‫والقرآن األحدي يتم َّث ُل‬
‫ُ‬ ‫األزيل‬ ‫َ‬
‫فكذلك الكال ُم‬ ‫ِ‬
‫والزمان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املكان‬
‫ُ‬
‫يسمع كال َم اهللِ وغي ُه‬ ‫عليه السال ُم‬‫ذاته أمر واحدٌ أزيل‪ ،‬فموسى ِ‬ ‫ِرسياين أخرى‪ ،‬وهو يف ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وهيهات بني السامعني‪.‬‬
‫َ‬ ‫بني األمرين‬ ‫يسمع كال َم اهللِ‪ ،‬وشت َ‬
‫َّان َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫املَّشك‬ ‫حتَّى‬

‫والصف ُة‬ ‫فهو بمعنى كال ُم اهللِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ثم إذا ُعرف َّ‬
‫ِّ‬ ‫اسم القرآن يتعاور ُه معان ثالثة‪َ :‬‬ ‫أن َ‬ ‫َّ‬
‫الصفات‪ .‬وبمعنى كتاب اهللِ من‬ ‫ِ‬ ‫غيه عىل طِ ْب ِق ِ‬
‫سائر‬ ‫ِ‬ ‫هو وال‬ ‫القائم ُة ِبه َّ‬
‫قديم‪ ،‬ال َ‬ ‫ٌ‬ ‫جل ذكر ُه‬
‫ِ‬
‫األوراق‬ ‫ِ‬
‫املرسومة يف‬ ‫ِ‬
‫النقوش‬ ‫ِ‬
‫املصحف من‬ ‫ِ‬
‫املنظومة‪ .‬وبمعنى‬ ‫ِ‬
‫كلامت‬ ‫املتلو ِة وال‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬
‫َّ‬
‫قال سبحان ُه‪َ ﴿ :‬ما َي ْأتِ ِيهم ِّمن ِذك ٍْر ِّمن َّر ِّ ِهبم‬ ‫هو ُحم ْدَ ٍ وَمْعول كام َ‬‫ليس بقدي ٍم بل َ‬
‫ِ‬
‫املكتوبة َ‬
‫وقال‪﴿ :‬إِنَّا َج َع ْلنَا ُه ُق ْرآنًا َع َربِ ًيا﴾[الزخرف‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫ون﴾[األنبياء‪َ ،]2 :‬‬‫است ََم ُعو ُه َو ُه ْم َي ْل َع ُب َ‬ ‫ُّحم ْدَ ٍ إِ َّال ْ‬
‫‪.]3‬‬

‫خملوق بدع ٌة مل تصدر عن‬‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫البحث عنه والكالم ِ‬


‫غي‬
‫خملوق أو ُ‬ ‫فيه وإطالق أ َّن ُه‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫لكن‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫املعتزلة إنام‬ ‫وبني‬
‫احلق َ‬ ‫أهل ِ‬
‫بني ِ‬ ‫ِ‬
‫املسألة َ‬ ‫واخلالف يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫الصالح بعده‪،‬‬ ‫والسلف‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‬
‫ُ‬
‫أمي املؤمنني مل‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫واملأمون ُ‬ ‫القديم ونفيها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫هو الكال ُم‬
‫هو يف إثبات صفة حقيقية هللِ تعاىل َ‬ ‫َ‬
‫احلق يف ِ‬
‫كونه صف ًة هللِ العظي ِم‪ ،‬وإنام أخطأ من‬ ‫أهل ِ‬ ‫خالف َ‬
‫َ‬ ‫يوافقهم يف نفي القرآن القديم وال‬
‫البحث عن ُه‪ ،‬ومل يسكت كام‬ ‫ِ‬ ‫وخاض يف‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫خملوق‬ ‫ٍ‬ ‫الذكر املحدَ َ‬ ‫القول يف َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫أطلق‬
‫حيث أن ُه َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫قديم مل يصدر عن‬ ‫َ‬
‫يرون أن ُه‬ ‫بأن القو َم‬ ‫ِ‬
‫االعتزال َّ‬ ‫َ‬
‫املناضلون عن‬ ‫السلف ثم لبس ِ‬
‫عليه‬ ‫ُ‬ ‫سكت‬
‫ٌ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬
‫ذهنه‬ ‫وتقر َر يف‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك إرصارهم عىل االمتنا ِع عن‬ ‫اهللِ تعاىل‪ ،‬وقد أومه ُه َ‬
‫خملوق َّ‬ ‫القول بأن ُه‬
‫ذاهل عن ح ِ‬
‫قيقة‬ ‫وهو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فتشم َر عىل ردهم عن ُه َ‬ ‫َّ‬ ‫غي اهللِ تعاىل‬ ‫قديم َ‬
‫إثبات ٌ‬
‫ٌ‬ ‫احلقيقة‬ ‫وهو يف‬
‫ذلك‪َ ،‬‬
‫وقف عىل‬
‫َ‬ ‫غي حت ُّق ٍق ُّ ٍ‬
‫وتبْص ولو أن ُه‬ ‫صدر من ِ‬ ‫وصدر عن ُه ما‬ ‫ِ‬
‫َّشديد عليهم‪،‬‬ ‫َ‬
‫وبالغ يف الت‬ ‫ِ‬
‫األمر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َّفضيل فيام حررنا ُه من‬ ‫بمحل عظي ٍم من العل ِم والدِّ ِ‬
‫يانة والت‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬
‫ساعته‪ ،‬فإ َّن ُه َ‬
‫كان‬ ‫لرجع يف‬ ‫ِ‬
‫حقيقته‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مفردات األجوبة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كسائر‬ ‫كان صف ًة من صفات اهللِ تعاىل ال َ‬
‫هو وال غي ُه‬ ‫وهو وإن َ‬
‫(والتَّكوين)(‪َ )131‬‬
‫ِ‬
‫َّصوير‬ ‫والُّت ِ‬
‫زيق والت‬ ‫َّخليق َّ‬ ‫ِ‬
‫األفعال عىل العمو ِم كالت ِ‬ ‫صفات‬
‫ُ‬ ‫أن املرا َد هاهنا‬ ‫ِ‬
‫الصفات‪ ،‬إال َّ‬

‫( )هامش ‪38‬‬ ‫‪131‬‬

‫ِ‬
‫وغيه من‬ ‫ٍ أحدث ُه أبو املنصور املاتريدي‬ ‫قول ُحم ْدَ ٌ‬ ‫إثبات ِ‬
‫صفة التَّكوين هللِ تعاىل ٌ‬ ‫ُ‬ ‫الشافع َّي ِة‬
‫بعض َّ‬
‫قال ُ‬ ‫َ‬
‫إثبات التَّكوين صف ًة برأسها كام جرى ِ‬
‫عليه‬ ‫أقول إن أرا َد‬ ‫ذلك‪ُ ،‬‬
‫وليس يف كال ِم املتقدمني َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫متأخري احلنفية َ‬
‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفعال عىل ما َ‬ ‫صفات‬
‫ُ‬ ‫الصفات التي يسميها األشاعر ُة‬ ‫إطالق اسم التَّكوين عىل‬ ‫عبار ُة بعضهم أو‬
‫ِ‬
‫وقدمائهم من العراقيني وغيهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أتباعه‬ ‫مجهور‬ ‫ِ‬
‫عقيدة أيب حنيف َة وال‬ ‫فهو ال يوجدُ يف‬
‫ُ‬ ‫املشهور فيام بينهم َ‬
‫ُ‬
‫فإن احلنفي َة هم‬
‫ذلك فكال َّ‬
‫ونحو َ‬ ‫ِ‬
‫والُّتزيق‬ ‫ِ‬
‫والتخليق‬ ‫ِ‬
‫الفعل‬ ‫ٍ‬
‫قديمة هللِ تعاىل من‬ ‫ٍ‬
‫صفات‬ ‫وإن أرا َد إثبات‬
‫َ‬
‫فيه هم األشاعر ُة وأرضاهبم من ُن ِ‬
‫فات‬ ‫املخالف ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالذات وإنام‬ ‫ِ‬
‫الصفات وإهنا قديم ٌة‬ ‫ِ‬
‫إثبات َ‬
‫تلك‬ ‫َ‬
‫متفقون يف‬
‫رص َح ِبه‬ ‫ِ‬
‫ومجهور أتباعه الكرا ُم عىل ما َّ‬
‫ُ‬
‫الصفات‪ ،‬وإنام مذهب اإلما ِم أيب حنيف َة رمحه اهللُ وأصحابه ِ‬
‫العظا ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬

‫بكل ما‬‫توصيف اهللِ سبحان ُه وتسميت ُه ِّ‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وغيه يف ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫باب العقائد َ‬ ‫جعفر الطحاوي رمح ُه اهللُ تعاىل‬ ‫اإلما ُم أبو‬
‫ٍ‬
‫وتعطيل‬ ‫ِ‬
‫باآلراء‬ ‫ٍ‬
‫تأويل‬ ‫غي‬ ‫عليه إىل ِ‬
‫عامله من ِ‬ ‫حق باملعنى الذي أراد ورد علم ما اشتبه ِ‬ ‫ور َد واعتقاد أن ُه ٌ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬
‫يثبت ِقدَ ُم اإلسال ِم‪.‬‬ ‫كل ما مل يرد ِبه الَّشع ومل ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫باألهواء والتقديس عن ِّ‬
‫حي‪ ،‬وإن ُه ال ُ‬‫ينطق به الو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هامش ‪39‬‬
‫ِ‬
‫صفات‬ ‫فات إىل‬ ‫فيه األشاعر ُة من تقسي ِم الص ِ‬
‫يتحاشون عام وقع ِ‬
‫َ‬ ‫َّسليم واالستسال ُم وهم‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫األعىل ظهر الت ُ‬
‫ِ‬
‫إطالق اس ِم التَّكوين عىل‬ ‫ِ‬
‫السكوت من‬ ‫ِ‬
‫األفعال‪ ،‬وتنوي ِع الكال ِم إىل النفيس واللفظي ويف‬ ‫ِ‬
‫وصفات‬ ‫ِ‬
‫الذات‬
‫ِ‬ ‫يكتفون ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الصفات قائم ٌة‬ ‫تلك الص ِ‬
‫أسامئه‬ ‫بمثل قوهلم إن اهللَ سبحان ُه بجمي ِع‬ ‫بذاته تعاىل‪ ،‬وإنام‬ ‫َ‬ ‫فات‪ ،‬وإن‬ ‫َ ِّ‬
‫ُب‪ .‬من ُه س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قديم‪ ،‬وإن ُه ُمتَك ِّل ٌم أمر ناه خم ٌ‬
‫واحدٌ وبجمي ِع أسامئه ٌ‬
‫ْصة إن اخلصو َم يشن َ‬
‫ِّعون علينا يف‬ ‫كتاب التَّب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّكوين من‬ ‫ِ‬
‫مبحث الت‬ ‫ُ‬
‫الشيخ أبو املعني النسفي رمح ُه اهللُ يف‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫قال ِبه أحدٌ من الس ِ‬
‫لف وإنام‬ ‫ِ‬
‫العراق‪ ،‬وال َ‬ ‫يأت من‬ ‫القول أحدثتم مل ِ‬ ‫َ‬ ‫املسألة من وجهني أحدمها إن هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه‬
‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫بمذاهب الس ِ‬
‫جعفر‬ ‫َ‬
‫وذلك أن أبا‬ ‫لف‪،‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫اجلهل‬ ‫صدر عن‬‫َ‬ ‫قول ٌ‬
‫باطل‬ ‫واجلواب إن هذا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫جا َء من سمرقند‬
‫أقاويل الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطحاوي رمحه اهللُ ُمن ال خيفى درجته وعلو ِ‬
‫ُ‬
‫وأقاويل أيب‬ ‫لف عىل العمو ِم‪،‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫معرفة‬ ‫رتبته يف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالذكر‬ ‫الكتاب والسنُّة‪ ،‬أعاد ُه‬ ‫واإلحداٍ عىل ما ور َد ِبه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلجياد‬ ‫ِ‬
‫والفعل‬ ‫ِ‬
‫واإلحياء‬ ‫ِ‬
‫واإلماتة‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالعتبارات التي حت َّق ُق بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِد عىل األشعر َّي ِة بام زعموا أهنا من‬
‫تعانق‬ ‫اإلضافات‬ ‫مبالغ ًة يف َّ‬
‫ِ‬
‫املقدور‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بإجياد‬ ‫ِ‬
‫والقدرة‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة‬

‫صفات‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصفات عىل وجهني‪:‬‬ ‫ُ‬
‫(يقول األشعر َّي ُة أسام َء‬ ‫ِ‬
‫العقيدة املكحول َّية‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال يف‬
‫ِ‬
‫والبْص والعل ِم والكال ِم‬ ‫ِ‬
‫والقدرة والسم ِع‬ ‫ِ‬
‫كاحلياة‬ ‫ت‬ ‫صفات الذا ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفعل‪ ،‬أما‬ ‫وصفات‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الذات‬
‫ِ‬
‫واإلفضال‬ ‫ِ‬
‫والُّتزيق‬ ‫ِ‬
‫كالتخليق والتكوين‬ ‫ِ‬
‫الفعل‬ ‫صفات‬
‫ُ‬ ‫قديامت‪ ،‬وأما‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫واإلرادة‬ ‫ِ‬
‫واملشيئة‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صفاته‬ ‫هلل تعاىل بجمي ِع‬
‫ونقول ا ُ‬ ‫خملوقات‬
‫ٌ‬ ‫واإلنعا ِم واإلحسان والرمحة واملغفرة واهلداية َ‬
‫فهي‬
‫هو وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأسامئه واحدٌ ‪ ،‬وبجمي ِع‬
‫وصفات اهللِ تعاىل وأسامؤ ُه ال َ‬
‫ُ‬ ‫قديم أزيل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وأسامئه‬ ‫صفاته‬
‫غي ُه هذا كالم ُه‪.‬‬

‫ِ‬
‫اقتضاء‬ ‫ِ‬
‫الصفات يف‬ ‫سائر‬ ‫ِ‬
‫كحال ِ‬ ‫الكتاب والسن ُة وحاهلا‬ ‫نطق ِبه‬
‫(صف ُة اهللِ تعاىل) ملا َ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بعض بالتأوي ِل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّعطيل بإرجا ِع بعضها عىل‬ ‫ِ‬
‫احلمل ومطابق احلك ِم واستحالة الت‬ ‫ِ‬
‫مصداق‬

‫ِ‬
‫خلقه ومل يزد ْد‬ ‫قديام َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العقائد ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلصوص‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫زال بصفاته ً‬ ‫كتاب‬ ‫قال يف‬ ‫وأصحابه رمحهم اهللُ عىل‬ ‫حنيفة‬
‫قال ل ُه معنى الربوب َّي ِة وال مربوب‬
‫ثم َ‬ ‫ٍ‬
‫بكوهنم شي ًئا‪ ،‬مل يكن قبلهم من صفة َّ‬
‫هامش ‪43‬‬
‫قال ومل يزد ْد بكوهنم شي ًئا‪ ،‬ومل ْ‬
‫يقل‬ ‫ِ‬
‫خملوقاته أال ترى أنه َ‬ ‫خلقه أي َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫قبل‬ ‫ِ‬
‫بقوله َ‬ ‫ٌ‬
‫خملوق وأرا َد‬ ‫ِ‬
‫اخلالق وال‬
‫وكان اهللُ مكونًا خال ًقا للعاملِ َ‬
‫لكان‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األزل‬ ‫يقل مل يزد ْد وثانيهام يف‬ ‫ِ‬
‫اخللق مل ْ‬ ‫بكونه وألن ُه لو أرا َد ِبه صف َة‬
‫ِ‬

‫عون الُباع َة يف‬


‫أن قو ًما يدَّ َ‬
‫كل العجب َّ‬‫والعجيب ُّ‬
‫ُ‬ ‫األزل فيلز ُم ِقدَ ُم ال َع َاملِ(‬
‫ِ‬ ‫املكو ُن موجو ًدا خملو ًقا يف‬
‫ِّ‬
‫القول بقد ِم املكو ِ‬
‫نات مع‬ ‫ِ‬ ‫القول بِ ِقدَ ِم التَّكوين يؤدي إىل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يزعمون أن‬ ‫ِ‬
‫الدالئل‬ ‫ِ‬
‫معرفة‬ ‫الكال ِم والت ِ‬
‫َّبحر يف‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫وجوده‬ ‫هو املستغني يف‬ ‫القديم َّ‬ ‫فهو املحدَ ُ‬ ‫بسبب من األسب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫علمهم إن ما تع َّل َق وجود ُه‬
‫القديم َ‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ ال‬ ‫اب َ‬
‫فكيف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫َّكوين‬‫واملكو ُن وجود ُه بالت‬‫ِّ‬ ‫غيه وتع َّل َق وجود ُه ِبه َ‬
‫كان ُحم ْدَ ًثا رضورةً‪،‬‬ ‫يستغن عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬
‫غيه فام مل‬
‫ِ‬
‫الباريء أو صف ًة‬ ‫العاملِ ِبه من ِ‬
‫ذات‬ ‫القائلني بِ ِقدَ ِم ما تع َّل َق وجو ُد َ‬ ‫حيقق هذا أنا مجي ًعا ندَّ عي عىل‬
‫قديام؟ ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫يكون ً‬
‫ِ‬
‫بغيه انتهى كالم ُه من ُه س َّلم ُه اهللُ تعاىل‬ ‫ِ‬
‫وجوده‬ ‫حيث ا َّدعوا ِقدَ مه مع تع ُّل ِق‬
‫صفاته املناقضة ُ‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫بذاته‬ ‫ِ‬
‫احلوادٍ‬ ‫واالستكامل يف ح ِّق ِه تعاىل واستحال ُة قيا ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالذات‬ ‫(أزل َّية) المتنا ِع النَّقص‬
‫ِ‬
‫القدماء وتعدُّ ُد‬ ‫ات والص ِ‬
‫فات قط ًعا‪ ،‬فال يلز ُم تك ُّث ُر‬ ‫الذ ِ‬
‫بني َّ‬ ‫سبحان ُه‪ ،‬وإ ْذ ال تعدُّ َد وال‬
‫ِّ‬ ‫تغاير َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والبْص والعل ِم‬ ‫املكو ِن‪ ،‬كام ال يلز ُم من ِقدَ ِم السم ِع‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫أصال‪ ،‬وال يلز ُم من قدَ مه قدَ ُم َّ‬
‫ِ‬
‫الواجبات ً‬
‫ِ‬
‫واملبْص واملعلو ِم‪.‬‬ ‫ِقدَ ُم املسمو ِع‬

‫ِ‬ ‫املكو ِن بالتكوين ٌ‬ ‫ِ‬


‫القديم ما ال يتع َّل ُق‬
‫ُ‬ ‫بحدوثه‪ ،‬إذ‬ ‫قول‬ ‫القول بتع ُّل ِق وجود ِّ‬
‫َ‬ ‫عىل َّ‬
‫أن‬
‫الَّشع‬
‫ُ‬ ‫احلادٍ باملعنى الذي نط َق ِبه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بغيه‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬
‫واحلادٍ ما يتع َّل ُق وجود ُه‬ ‫ِ‬
‫بالغي‪،‬‬ ‫وجود ُه‬
‫يكون مسبو ًقا بالعد ِم ذا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هو هذا ال غي‪ ،‬وما يتع َّل ُق وجود ُه‬
‫غيه‬ ‫بوجود‬ ‫وشهدت اللغ ُة إنام َ‬
‫ٍ‬
‫بداية‪.‬‬

‫ِ‬
‫احلدوٍ وحقيقت ُه‬ ‫أمر ٍ‬
‫زائد عىل مفهو ِم‬ ‫فاعتبار ٍ‬ ‫الز ِ‬
‫مان‬ ‫ِ‬
‫السبق يف حدِّ َّ‬ ‫وأما اعتبار ِ‬
‫كون‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بحدوٍ‬ ‫ِ‬
‫القول‬ ‫َّسُّت عن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لغر ٍ‬ ‫ِ‬
‫وهو الت ُّ ُ‬
‫ض فاسد دعاهم إليه‪َ ،‬‬ ‫أخالف األشعر َّية َ‬
‫ُ‬ ‫وإنام اعتُب ُه‬
‫سلف‪.‬‬
‫َ‬ ‫فات عىل ما قد‬ ‫الص ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫وجوده كام‬ ‫وجوده) أي يف ِ‬
‫وقت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لوقت‬ ‫ِ‬
‫أجزائه‬ ‫(وهو تكوين ُه للعاملِ‪ ،‬ولكل جزء من‬ ‫َ‬
‫﴿ون ََض ُع ا َْمل َو ِازي َن ا ْل ِق ْس َط ل ِ َي ْو ِم ا ْل ِق َيا َم ِة﴾[األنبياء‪ ،]47 :‬أور َد َّ‬
‫الال َم إيذانًا َّ‬
‫بأن‬ ‫ِ‬
‫يف قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫قديم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليس ظر ًفا للوض ِع والتَّكوين عىل‬
‫ووفق إرادته وقضائه‪ ،‬فالتَّكوي ُن ٌ‬‫َ‬ ‫علمه‬ ‫حسب‬ ‫الوقت َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسمى‬‫واملكونات حادث ٌة عىل التَّوزي ِع يف أوقاَتا مع الت َُّّنزه عن حدوٍ يشء َّ‬ ‫ُ‬ ‫الوقت‪،‬‬ ‫ال يف‬
‫ِ‬
‫صفاته‪.‬‬ ‫التَّع ُّل ُق يف ِ‬
‫ذاته أو يف‬

‫فات الفعلي ُة القائم ُة‬


‫الص ُ‬ ‫هو ِّ‬ ‫معاش احلنف َّي ِة؛ َّ‬
‫ألن املرا َد من ُه َ‬ ‫َ‬ ‫غري املكو ِن عندنا)‬
‫(وهو ُ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫بتون صف َة التَّكوين بل‬
‫فإهنم ال ُي ْث َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يقولون‪:‬‬ ‫مر‪ ،‬خال ًفا لطائفة من األشعر َّية َّ‬‫بذاته تعاىل عىل ما َّ‬
‫ِ‬
‫املفعول‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفاعل إىل‬ ‫العقل من ِ‬
‫نسبة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حيصل يف‬ ‫أمر اعتباري‬
‫إن ُه ٌ‬
‫ِ‬
‫بذاته ال‬ ‫ُ‬
‫حيث زعموا أن ُه تعاىل مريدٌ‬ ‫هلل تعاىل) خال ًفا للنّجار َّي ِة‬ ‫(واإلراد ُة صف ُة ا ِ‬
‫بعض‬
‫زعم ُ‬ ‫ِ‬
‫بذاته تعاىل) ال كام‬ ‫وبعض املعتزلة (قائمة‬ ‫ُ‬ ‫باإلرادة‪( ،‬أزل َّية) خال ًفا للكرام َّي ِة‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫صلحة‬ ‫العلم بامل‬ ‫حمل‪ ،‬ومجهورهم عىل أهنا الدَّ اعي ُة بمعنى‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة من إهنا حادث ٌة ال يف ٍّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫مجلة العل ِم‬ ‫مجلة العل ِم التَّصديقي عندهم‪ ،‬ومن‬ ‫ِ‬ ‫فهي من‬ ‫ِ‬ ‫والفائدة املُّتت ِ‬
‫ِ‬
‫الفعل َ‬ ‫ِّبة عىل‬
‫هي مت ُّث ُل نظا َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫حيث قالوا إهنا عبار ٌة عن العناية األزل َّية التي َ‬ ‫الفالسفة‬ ‫َّصوري عندَ‬ ‫الت ُّ‬
‫ُ‬
‫بحيث ال‬ ‫الس ِ‬
‫ابق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املوجودات بأرسها‪ ،‬والكائنات بأمجعها من األزل إىل األبد يف علمه َّ‬
‫واحلق أن ِ‬
‫هو معنى‬ ‫األقوال ك ُّلها ٌ‬
‫نفي ملا َ‬ ‫َ‬ ‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫ومثال ُ‬
‫أمجل مثل ُه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫أكمل من ُه‪،‬‬ ‫يتصو ُر نظا ٌم‬
‫َّ‬
‫لكل من ِْص ٍ‬
‫ف متأ ِّم ٍل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة املعلو ِم ِّ ُ‬
‫ِ‬
‫مسألة‬ ‫تتفرع عىل‬ ‫ٍ‬
‫أربعة‬ ‫يتصو ُر عىل أنحا َء‬ ‫ِ‬
‫واالختيار‬ ‫ِ‬
‫باإلجياب‬ ‫َ‬
‫القول‬ ‫واعلم أن‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫اإلثبات‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األفعال بالنفي أو‬ ‫ِ‬
‫الصفات وتع ِ‬
‫ليل‬

‫هو مع ِ‬ ‫دور نظرا إىل ِ‬


‫ِ‬
‫النظر عن‬ ‫عزل‬ ‫ِ‬
‫الفاعل من حيث َ‬ ‫ذات‬ ‫الص ِ ً‬ ‫وجوب ُّ‬
‫ُ‬ ‫األو ُل‪:‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫االختيار‬ ‫النحو من‬ ‫ِ‬ ‫يقل أحدٌ بنفي هذا‬ ‫واالختيار الذي يقابل ُه‪ ،‬ومل ْ‬ ‫ِ‬
‫الفعل‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة وغاية‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫صدور‬ ‫متأخري األشعر َّي ِة يف‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫حقه تعاىل إال طائف ًة من‬ ‫ِ‬
‫املقابل ل ُه يف‬ ‫ِ‬
‫الوجوب‬ ‫ِ‬
‫وإثبات‬
‫فات‬ ‫بمغايرة الص ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلكامء ومن ال ُ‬
‫يقول‬ ‫هو عندَ‬ ‫الصفات عن ُه‪ ،‬تعاىل عن َ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫كبيا بل َ‬
‫علوا ً‬
‫ذلك ً‬
‫متصو ٍر ال حمال َة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫غي‬
‫َ‬

‫واالختيار الذي‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫والغاية‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة‬ ‫ِ‬
‫عينيه‬ ‫ِ‬
‫الذات بنا ًء عىل‬ ‫نظرا إىل‬ ‫وال َّثاين‪:‬‬
‫الوجوب ً‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بذاته ع َّل ٌة غائ َّي ٌة‬ ‫ِ‬
‫وكونه تعاىل‬ ‫ِ‬
‫الصفات‬ ‫نفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقابل ُه‪ ،‬فلام ك َ‬
‫الصوف َّية ُ‬‫وبعض ُّ‬
‫ُ‬ ‫احلكامء‬ ‫مذهب‬
‫ُ‬ ‫ان‬
‫خالف غيهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫القول بمقابله عىل‬ ‫اإلجياب هبذا املعنى‪ ،‬ومل يمكنهم‬ ‫العاملِ لزمهم‬ ‫ِ‬
‫لوجود َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وجود‬ ‫للفعل الدَّ اع َّي ِة إىل ال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املقتضية‬ ‫ِ‬
‫الغاية‬ ‫نظرا إىل‬ ‫الص ِ‬ ‫وال َّث ُ‬
‫دور ً‬ ‫وجوب ُّ‬
‫ُ‬ ‫الث‪:‬‬
‫حيذ حذوهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوجوب إال املعتزل ُة ومن ُ‬ ‫يقل هبذا الن ِ‬
‫َّحو من‬ ‫ِ‬
‫املقابل ل ُه‪ ،‬ومل ْ‬ ‫ِ‬
‫واالختيار‬

‫َّحو من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬


‫وجوب اإلرادة واحلكمة‪ ،‬وهذا الن ُ‬ ‫نظرا إىل‬
‫دور ً‬ ‫وجوب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ابع‪:‬‬
‫والر ُ‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫املقابل ل ُه‬ ‫واالختيار‬ ‫ِ‬
‫األشاعرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وقدماء‬ ‫الصوف َّي ِة‬ ‫مذهب احلنف َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ومجهور ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫الوجوب َ‬
‫ِ‬
‫املعتزلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وقدماء‬ ‫املتأخرين من األشعر َّي ِة‬ ‫مذهب ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫االختيار‬ ‫ِ‬
‫انتفاء‬ ‫خيالف يف‬ ‫دور بعدَ االختيار فقد اتفقوا ِ‬
‫عليه ومل‬ ‫الص ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وجوب ُّ‬
‫ُ‬ ‫وأما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املقابل له إال طائف ٌة من ِّ ِ‬
‫يظهر ل ُه‬
‫َ‬ ‫وهو أن‬
‫الشيعة الكيسانية القائلني بالبدْ ء يف اإلرادة واخلَلق َ‬ ‫ِ ُ‬
‫ُ‬
‫ويأخذ بام بدا ل ُه من‬ ‫ِ‬
‫اإلجياد فيُّتك ُه‬ ‫َ‬
‫أوأخذ يف‬ ‫ِ‬
‫خالف ما أراد‬ ‫صواب عىل‬ ‫تعاىل عن َ‬
‫ذلك‬
‫ٌ‬
‫الس ِ‬
‫داد‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اآلخرة ودار احليوان ل ُه‬ ‫الح يف الن ِ‬
‫َّشأة‬ ‫الص ِ‬ ‫(ورؤي ُة اهللِ تعاىل) أي رؤي ُة املؤمنني ُ‬
‫وأهل َّ‬
‫ِ‬
‫العقل) أي ُمكن ٌة‬ ‫ِ‬
‫واملكان‪( ،‬جائزة يف‬ ‫ِ‬
‫اجلهات‬ ‫منز ًها عن‬ ‫ِ‬
‫واملشاهبة َّ‬ ‫ِ‬
‫الكيفية‬ ‫تعاىل مقدَّ ًسا عن‬
‫وضوح رضور ًة ال ّطرفني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫سلب‬
‫ُ‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫املعقول باإل ْمكان العقّل‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫أرباب‬
‫ُ‬ ‫يسم ِيه‬
‫باملعنى الذي ِّ‬
‫ِ‬
‫اإلمكان‬ ‫ُّصوص عىل ظواهرها وهو متح ِّق ٌق‪ ،‬وال حاج َة إىل‬ ‫ِ‬ ‫محل الن‬ ‫كاف يف ِ‬ ‫وهذا القدر ٍ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للمعتزلة وموافقيهم‪( ،‬واجب ُة بالن ِ‬
‫َّقل) أي ثابت ٌة‬ ‫سلب رضورة ال َّطرفني خال ًفا‬ ‫هو‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫الذايت الذي َ‬
‫َارض ٌة * إِ َىل َر ِّب َها نَاظِ َر ٌة ﴾ [القيامة‪،22 :‬‬ ‫ٍِ ِ‬
‫﴿و ُجو ٌه َي ْو َمئذ ن َ‬
‫ِ‬
‫والسنة لقوله تعاىل‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالكتاب ُّ‬
‫احلسنَى و ِزياد ٌة ﴾[يونس‪ ،]26 :‬وقوله ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه الصال ُة‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،]23‬وقول ُه تعاىل‪ِّ ﴿ :‬ل َّلذي َن َأ ْح َسنُوا ْ ُ ْ ٰ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫البدر)‪.‬‬ ‫القمر ليل َة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ترون‬ ‫َ‬
‫سُّتون ربكم كام‬ ‫والسال ُم‪( :‬إنكم‬

‫ُ‬
‫العقل عىل‬ ‫ودل‬ ‫هلل تعاىل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫رؤية ا ِ‬ ‫ِ‬
‫بإجياب‬ ‫السمعي‬ ‫ُ‬
‫الدليل‬ ‫ُ‬
‫واحلاصل‪ :‬أن أن ُه قد ور َد‬
‫ُ‬
‫فالرؤي ُة معلومة‬ ‫ِ‬ ‫اإليامن ِبه والت‬
‫ُ‬
‫َّصديق بموجبه‪ُّ ،‬‬‫ُ‬ ‫فوجب‬
‫َ‬ ‫مر ذكر ُه‬‫إمكاهنا باملعنى الذي َّ‬
‫ِ‬
‫الوجه الذي أراد ُه‬ ‫ذلك بدعة‪ ،‬فنح ُن نعتقدُ ونرى ح ًقا عىل‬ ‫والكيفي ُة َمهولة والزياد ُة عىل َ‬
‫ِ‬
‫أرباب‬ ‫ُ‬
‫الفحول من‬ ‫ٌ‬
‫ففضول ال يرتضيه‬ ‫ِ‬
‫وكيفية وقوعها‬ ‫ببيان إمكاهنا‬‫االشتغال ِ‬
‫ُ‬ ‫سبحان ُه‪ ،‬وأما‬
‫هو صناعة املتفلسفني وبضاع ُة ِّ‬
‫املتأخرين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املنقول‪ ،‬وإنام َ‬ ‫ِ‬
‫وأصحاب‬ ‫ِ‬
‫املعقول‬

‫ٍ‬
‫بنسبة‬ ‫الشاهد مَّشوطة بكون املرئي عىل وض ٍع طبيعي‬ ‫ِ‬ ‫الرؤي ُة يف‬
‫وملا كانت ّ‬
‫ِ‬
‫القرب‬ ‫كون يف ِ‬
‫غاية‬ ‫بحيث ال ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫الرائي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خمصوصة ولون وكيفية حمسوسة ومقابلة عىل جهة من َّ‬
‫قاس عليها املعتزل ُة رؤيت ُه تعاىل‪ ،‬فحكموا‬ ‫ِ‬ ‫غي َ‬ ‫غر إىل ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك من الَّشائط‪َ ،‬‬ ‫أو البعد أو ِّ‬
‫ِ‬
‫بقوله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اجلواب‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ إىل‬
‫وأشار املصن ُ‬ ‫ِ‬
‫األمور ك ِّلها‪،‬‬ ‫لتنز ِه ِه تعاىل عن ِ‬
‫هذه‬ ‫بامتناعها ُّ‬
‫َ‬
‫هلل‬
‫(فريى ال يف مكان وال عىل جهة من مقابلة واتصال شعاع أو ثبوت مسافة بني الرائي وبني ا ِ‬
‫ُ‬
‫ليس‬ ‫َ‬
‫االشُّتاط‬ ‫ٌ‬
‫استدالل فاسدٌ ؛ مع أن هذا‬ ‫ِ‬
‫الشاهد‬ ‫ِ‬
‫الغائب عىل‬ ‫وقياس‬ ‫مر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تعاىل)‪ ،‬ملا َّ‬
‫ِ‬
‫الفطرة كام ال خيفى عىل‬ ‫َّفس وضعفها يف ِ‬
‫بدء‬ ‫ؤية بدوهنا باملر ِة بل لعد ِم ِ‬
‫كامل الن ِ‬ ‫المتنا ِع الر ِ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الناظر‪.‬‬ ‫املتأ ِّم ِل‬

‫﴿ال ُتدْ ِر ُك ُه ْاألَ ْب َص ُار﴾[األنعام‪ ،]133 :‬ال ينفي الرؤي َة‪ ،‬وإنام ينفي‬
‫وقول ُه تعاىل‪َّ :‬‬
‫املشاعر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اخلواطر أو تدرك ُه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سبحان ريب أن يكتنف ُه‬ ‫َ‬
‫إدراك اإلبصار‪،‬‬

‫وخمُّتع إ َّياها عىل‬ ‫ِ‬


‫باالستقالل‬ ‫ِ‬
‫العباد) وموجدٌ هلا‬ ‫ِ‬
‫ألفعال‬ ‫(واهللُ تعاىل خالق‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫إجياد‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة يف‬ ‫وخالف النّ ّظامي ُة من‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخللق وكسبهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بقدرة‬ ‫َ‬
‫ارتبط حصوهلا‬ ‫ِ‬
‫االستبداد‪ ،‬وإن‬
‫بقبح ِه لز َم‬
‫فإن علم ِ‬
‫تصح ُح صدور ُه عن ُه‪َ ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أن املقدوري َة‬
‫زعام منهم َّ‬ ‫ِ‬
‫القبائح ونفوا قدرت ُه عليها ً‬
‫ُ‬
‫فاجلهل‪.‬‬ ‫السف ُه وإال‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫طريقة‬ ‫بالنسبة ِ‬
‫إليه‪ ،‬وعىل‬ ‫ِ‬ ‫األشعرية‪ :‬أن ُه ال حسن وال قبح‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طريقة‬ ‫واجلواب عىل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫التأثي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لَّشائط‬ ‫ِ‬
‫املستجمعة‬ ‫ِ‬
‫القدرة‬ ‫أن املقدور َّي َة ال تنايف عد َم تع ُّل ِق‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة‪َّ :‬‬ ‫اآلخرين من‬
‫َ‬

‫الصادر من اهللِ تعاىل هو جهات ُه‬ ‫إن‬ ‫ِ‬


‫احلكمة‪َّ :‬‬ ‫ُ‬
‫وأهل‬ ‫والصوف َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫احلنفية‬ ‫ِ‬
‫طريقة‬ ‫وعىل‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫األصلية‬ ‫خلط اإلعدا ِم‬ ‫حمض‪ ،‬وأما قبح ُه ونقصان ُه فمن‬ ‫وخي‬
‫ٌ‬ ‫بحت‬
‫ٌ‬ ‫حسن‬
‫ٌ‬ ‫الوجودي ٌة َ‬
‫وهو‬
‫يش ٍء َق ِد ٌير ﴾[آل عمران‪:‬‬ ‫هلل تعاىل‪ ﴿ :‬بِ َي ِد َك ْ ِ‬
‫اخلَ ْ ُي إن ََّك َع َ ٰىل ُك ِّل َ ْ‬ ‫قال ا ُ‬ ‫ِ‬
‫استعداده كام َ‬ ‫ٍ‬
‫لقصور يف‬
‫وقال‪َّ ﴿ :‬ما َأ َصا َب َك ِم ْن َح َسن ٍَة َف ِم َن ا َِّ‬
‫هلل‬ ‫وقال‪ُ ﴿ :‬ق ْل ُكل ِم ْن ِعن ِْد اهللَِّ﴾ [النساء‪َ ،]78:‬‬ ‫‪َ ،]26‬‬
‫َو َما َأ َصا َب َك ِمن َس ِّي َئ ٍة َف ِمن َّن ْف ِس َك﴾[النساء‪.]97 :‬‬

‫ألن فعل ُه إما طاع ٌة أو معصي ٌة أو عبث‪ ،‬وتعاىل‬ ‫ِ‬


‫العبد؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫مقدور‬ ‫والكعب َّي ُة منهم يف ِ‬
‫مثل‬
‫بالنسبة ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اعتبارات يف األفع ِ‬
‫ال تتع ّق ُل‬ ‫ٌ‬ ‫واجلواب‪ :‬أهنا‬ ‫اهللُ عنها‪.‬‬
‫ُ‬

‫واجلواب‪ :‬أ َّن ُه ال‬ ‫ٍ‬


‫واحد‪.‬‬ ‫اجتامع املؤ ّثرين يف ٍ‬
‫أثر‬ ‫ِ‬
‫مقدروه‪ ،‬واأللز ُم‬ ‫واجلبائية منهم يف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وإن تع ُّل َقها ال ينايف كون ُه مقدور اهللِ قبل ُه‪.‬‬
‫أصال‪َّ ،‬‬ ‫لقدرة ِ‬
‫العبد ً‬ ‫ِ‬ ‫تأثي‬
‫َ‬
‫رش ٌح‬ ‫ِ‬
‫العبد ْ‬ ‫ففعل‬ ‫ِ‬
‫أسامء اهللِ تعاىل وأفعال ُه‪ُ ،‬‬ ‫املمكن وآثار ُه من َط ٍو يف‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫أفعال‬ ‫واحلق َّ‬
‫أن‬ ‫ُّ‬
‫واالحتاد واجلزئ َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احللول‬ ‫س العايل عن‬ ‫ِ‬
‫الوجه املقدَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫لقدرته عىل‬ ‫شبح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لفعل اهللِ تعاىل وقدرته ٌ‬
‫ِ‬
‫املرآة‬ ‫ِ‬
‫بواسطة‬ ‫ِ‬
‫املنحرف عنها‬ ‫ِ‬
‫اجلدار‬ ‫الشمس الواق ِع عىل‬‫ِ‬ ‫ذلك مطالع ُة ِ‬
‫نور‬ ‫ويعينك عىل فه ِم َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫وسنحقق َ‬
‫ذلك بام ال مزيدَ‬ ‫ُ‬ ‫ونحوها‪،‬‬

‫مقدور وال‬ ‫ِ‬


‫قدرته‬ ‫خيرج عن‬ ‫والطاعة والعصيان) إذ ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإليامن‬ ‫ِ‬
‫الكفر‬ ‫(كلها من‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫﴿خال ِ ُق ُك ِّل‬
‫﴿ه ْل ِم ْن َخالِ ٍق َغ ْ ُي اهلل﴾ [فاطر‪ ]3 :‬و َ‬ ‫ِ‬
‫مفطور لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫خلقه‬ ‫ينفك عن‬ ‫ُّ‬
‫و﴿واهللَُّ َخ َل َق ُك ْم َو َما‬
‫َ‬ ‫يش ٍء َخ َل ْقنَا ُه بِ َقدَ ٍر﴾[القمر‪،]49 :‬‬ ‫ِ‬
‫يشء﴾[الزمر‪ ،]62 :‬و﴿إنَّا ُك َّل َ ْ‬
‫َ ٍ‬
‫ْ‬
‫ظهور ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫قبل‬‫لف َ‬ ‫أئمة الس ِ‬‫اآليات‪ ،‬واتّفاق ِ‬
‫ِ‬ ‫ذلك من‬ ‫غي َ‬ ‫ون﴾[الصافات‪ ،]96 :‬إىل ِ‬ ‫َت ْع َم ُل َ‬
‫َّ‬
‫احلوادٍ ك َّلها موجود ٌة‬
‫َ‬ ‫خالق سوا ُه‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫هو اهللُ تعاىل وال‬ ‫ِ‬
‫واألهواء عىل َّ‬ ‫البد ِع‬
‫َ‬ ‫اخلالق َ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫بإجياده سبحان ُه وإبداع ُه‪.‬‬

‫ِ‬
‫العبد ويكتفون‬ ‫ِ‬
‫اخلالق عىل‬ ‫إطالق ِ‬
‫لفظ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يتحاشون عن‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة‬ ‫ذلك كانت ُ‬
‫أوائل‬ ‫ول َ‬
‫ِ‬
‫إطالقه‪ ،‬ومجهورهم عىل أهنا‬ ‫اجلبائي وأتباعه عىل‬ ‫جتارس‬ ‫ِ‬
‫الفاعل واملخُّت ِع إىل أن‬ ‫ِ‬
‫بمثل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األشاعرة عىل أهنا‬ ‫ِ‬
‫باالستقالل‪ ،‬وأبواسحاق اإلسفرايني من‬ ‫ِ‬
‫العبد وحدها‬ ‫ِ‬
‫بقدرة‬ ‫حاصل ٌة‬
‫الفعل‪ ،‬والقايض أبو ٍ‬
‫بكر الباقالين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأصل‬ ‫بأن تتع َّلقا مجي ًعا‬
‫هلل تعاىل والعبد َّ‬ ‫درة ا ِ‬ ‫بمجمو ِع ق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(هب َّ‬
‫أن القدر َة‬ ‫ْ‬ ‫وصفه‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫العبد عىل‬ ‫وقدرة‬ ‫ِ‬
‫الفعل‬ ‫منهم بتع ّل ِق قدرة اهللِ عىل ْ‬
‫أص ِل‬
‫دوٍ‬‫جهة احل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ووجوهه عىل‬ ‫ِ‬
‫الفعل‬ ‫صفات‬
‫ُ‬ ‫يقتْص‬ ‫ِ‬
‫لإلجياد‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫تصلح‬ ‫احلادث َة ال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حالة ليست بموجودة وال‬ ‫ٍ‬ ‫احلدوٍ‪ ،‬فليك ْن تأثيها يف‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وراء‬ ‫هناك وجو ٌه أخر‬ ‫َ‬ ‫فقط‪ ،‬بل‬
‫ككونه طاع ًة أو معصي ًة)‪ .‬ويلز ُم عليهام ما يلز ُم عىل‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫والعقاب‬
‫ُ‬ ‫يُّتتب عليها ال َّث ُ‬
‫واب‬ ‫ُ‬ ‫معدومة‬
‫ِ‬
‫املعتزلة وسيأيت‪.‬‬

‫ِ‬
‫ومشيئته) إذ‬ ‫ِ‬
‫إرادته‬ ‫ِ‬
‫العباد ك ِّلها سوا ٌء كانت طاع ًة أو معصي ًة (ب‬ ‫ُ‬
‫أفعال‬ ‫(وهي) أي‬
‫قلت‪ :‬إذا َ‬
‫كان كسب ُه‬ ‫ِّصاف ِبه‪ ،‬ال خلق ُه وإرادت ُه والقضا ُء ِبه‪ ،‬فإن َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القبيح واالت‬ ‫ب‬
‫كس ُ‬
‫القبيح ْ‬
‫ُ‬
‫غي‬‫كان َ‬‫والَّش وإن َ‬
‫القبيح َّ ُ‬
‫ُ‬ ‫إرادته والقضا ُء ِبه( ُ‬
‫قلت‬ ‫ِ‬ ‫وشا فام دعا ُه إىل‬‫قبيحا ً‬
‫ُ ِ‬
‫ِّصاف به ً‬ ‫واالت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫داخل يف القضاء ملعنى يوجب ُه احلكم ُة ويقتضيه املصلح ُه َ‬
‫فهو مرا ٌد ثان ًيا‬ ‫مريض إال أن ُه‬
‫الوجود ش اال‬‫ِ‬ ‫وليس يف‬ ‫ِ‬
‫واخلي‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫ِ‬
‫بالذات‬ ‫ُ‬
‫واملخلوق‬ ‫أوال‬ ‫ِ‬
‫بالعرض وإنام املرا ُد ً‬ ‫ٌ‬
‫وخملوق‬
‫َ‬

‫وقد تضمن خي ًا كثي ًا ولواله لبطل اخلي الكثي وحصل ُّ‬


‫الَّش العظيم‪ ،‬مث ً‬
‫ال قطع اليد‬
‫ٌ‬
‫جزيل وهو سالمة البدن‪ ،‬ولو ترك قطعها‬ ‫املتآكلة ش بحسب الظاهر‪ ،‬ويف ضمنه خي‬
‫خي كثي‪ ،‬ولكن‬
‫ش يف ضمنه ٌ‬
‫الَّش أعظم‪ ،‬فقطعها لتحصيل سالمته ٌ‬
‫حلصل هالكه وكان ُّ‬
‫ثم ملا كان السبيل إليه قطع‬
‫املراد األول السابق إىل نظر القاطع السالمة التي هي حمض اخلي‪َّ ،‬‬
‫اليد ألجلها‪ ،‬كانت السالمة مطلوبة لذاَتا‪ ،‬والقطع مطلوب ًا لغيه‪ ،‬وما َّ‬
‫للذات مقدَّ ٌم ملا‬
‫لغيه‪ ،‬وألجله قال سبحانه‪( :‬سبقت رمحتي غضبي)(‪ ،)132‬فاخلي احلسن مراد لنفسه‪ ،‬والَّش‬
‫القبيح إنام هو لتحصيله‪ ،‬فإن خطر ببالك نوع من الَّش وال حتته خي‪ ،‬أو خطر لك أنه كان‬
‫فاَتم عقلك القارص يف هذا أو يف ذلك اخلاطر‪،‬‬
‫يمكن حتصيل ذلك اخلي ال يف ضمن الَّش‪ِّ ،‬‬
‫ونبوه عن قبول الكامل‬ ‫وال يذهب عليك َّ‬
‫أن لزوم الَّش للممكن إنام هو لقصوره يف نفسه ِّ‬
‫بجميع وجوهه‪ ،‬إال أن الطاعات برضائه وحمبته وأمره دون الفحشاء واملعايص واملنكرات‬
‫ان‬‫اإلحس ِ‬ ‫ِ‬
‫ني﴾[آل عمران‪ ،]134 :‬و ﴿إِ َّن اهللََّ َي ْأ ُم ُر بِا ْل َعدْ ل َو ْ ِ ْ َ‬ ‫ب ا ُْمل ْح ِسنِ َ‬ ‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪َ :‬واهللَُّ ُحي ُّ‬
‫اد ِه‬
‫اء واملُْنْك َِر﴾[النحل‪ ،]93 :‬و ﴿و َال ير ََض لِ ِعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َوإِيتَاء ذي ا ْل ُق ْر َبى َو َين َْهى َع ِن ا ْل َف ْح َش َ‬
‫َان َس ِّي ُئ ُه ِعنْدَ‬
‫ا ْل ُك ْف َر﴾[الزمر‪َ ﴿ ،]7 :‬وإِ ْن ت َْش ُك ُروا َي ْر َض ُه َل ُك ْم ﴾[الزمر‪ ،]7 :‬و ﴿ ُك ُّل َذل ِ َك ك َ‬

‫َر ِّب َك َمك ُْر ً‬


‫وها﴾ [اإلرساء‪ ،]38 :‬إىل غي ذلك من النصوص‪.‬‬

‫وال شطط يف أن يأمر بام ال يريده‪ ،‬وينهى عن ما يريده حلكمة تُّتتَّب عليه‪ ،‬خالف ًا‬
‫﴿و َما‬ ‫للمعتزلة حيث زعموا أن إرادة القبيح قبيح ٌة كخلقه وإجياده‪َّ ،‬‬
‫ومتسكوا بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫اهللَُّ ي ِريدُ ُظ ْلام ل ِ ْل ِعب ِ‬
‫اد﴾[غافر‪ ،]31 :‬عىل ما ُف ّّس أنه ال يريد هلم أن ُيظلموا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫مر‪ ،‬وقد ثبت بالُباهني القاطعة العقلية والنقلية أنه ال خالق غيه‪،‬‬
‫واجلواب‪ :‬ما َّ‬
‫﴿و َل ْو َشا َء َهلَدَ ا ُك ْم‬ ‫وال م ِ‬
‫وجدَ سواه‪ ،‬فهو مريدٌ ملا فعله وشاء إيا ُه‪ ،‬ويف التَّنزيل‪َ :‬‬ ‫ُ‬

‫( )رواه البخاري (‪ ،)7453‬ومسلم (‪.)2751‬‬ ‫‪132‬‬


‫ون إِال َأ ْن َي َشا َء اهللَُّ﴾[التكوير‪ ،]29 :‬ومعنى ما َّ‬
‫متسكوا‬ ‫و﴿و َما ت ََشا ُء َ‬
‫َ‬ ‫مج ِع َ‬
‫ني﴾[النحل‪،]9 :‬‬ ‫َأ ْ َ‬
‫به‪ :‬ال يريد أن يظلمهم‪.‬‬

‫ويف املقام حكاية تكشف عن حال الفرقني‪ ،‬وهي أن القايض عبد اجلبار اهلمذاين من‬
‫املعتزلة دخل عىل الوزير الصاحب بن عباد وعنده أبو اسحق اإلسفراييني األستاذ من‬
‫تنزه عن الفحشاء‪ ،‬فارجتل األستاذ وقال‪ :‬سبحان من ال‬
‫فلام رآه قال‪ :‬سبحان من َّ‬
‫األشعرية‪ّ ،‬‬
‫ربنا‬ ‫؟ وقال األستاذ‪ :‬أنع‬ ‫جيري يف ملكه إال ما يشاء‪ ،‬فقال القايض‪ :‬أيشاء ربنا أن نع‬
‫بالردى‪ ،‬أحسن إ َّيل أم أساء؟ وقال‬
‫عّل َّ‬
‫منعني اهلدى‪ ،‬وقىض َّ‬
‫َ‬ ‫قهر ًا؟ فقال القايض‪ :‬أرأيت إن‬
‫األستاذ‪ :‬إن منعك ما هو لك فقد أساء‪ ،‬وإن منع ما هو له فيختص برمحته من يشاء‪ ،‬فبهت‬
‫القايض‪.‬‬

‫(وحك ُْمه) أي أمره التَّكويني الذي يوجب الوقوع عىل اليشء ويلزمه مع ما تضمنه‬
‫ُ‬
‫من خي أو ش‪ ،‬وما يلزمه من نفع أو رض‪ ،‬عىل ترتيب خاص سبق عليه القول وجرى به‬
‫الرسل وإنزال‬ ‫ِ‬
‫القضاء ومىض القدر‪ ،‬وبحذائه األمر التَّدويني الذي شعه اهلل بإرسال ُّ‬
‫َني َو َأ ْه َل َك إِ َّال َم ْن َس َب َق َع َل ْي ِه ا ْل َق ْو ُل‬ ‫امحِ ْل فِ َيها ِم ْن ُك ٍّل َز ْو َج ْ ِ‬
‫ني ا ْثن ْ ِ‬ ‫الكتب‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ُ ﴿ :‬ق ْلنَا ْ‬
‫َو َم ْن آ َم َن﴾[هود‪ ،]43 :‬وقال عليه السالم‪( :‬قدَّ ر اهلل سبحانه املقادير قبل أن خيلق الساموات‬
‫احلس ُن مدلول األمر‪،‬‬
‫واألرض بخمسني الف سنة) أخرجه أمحد والُّتمذي‪ ،‬فلذلك كان ْ‬
‫والقبيح مدلول النَّهي ال مقتضامها‪.‬‬

‫(وقض ّيته) إذ ال جيري يف سلطانه إال ما يشاء‪ ،‬وال حيصل يف ملكه إال ما سبق به‬
‫القضاء‪.‬‬

‫ٍ‬
‫ملعان ك ُّلها‬ ‫كال من القضاء والقدر بحسب أصل اللغة يستعمل‬ ‫(وت ْقديره) اعلم أن َّ ً‬
‫اليشء بحدٍّ يكون‬ ‫اخلتام والفراغ عن األمر بالتَّامم‪ ،‬ولكن القدر عندنا‪ :‬هو حتديد َّ‬‫ترجع اىل ِ‬
‫وإحكا ُمه‬‫عليه فيام ال يزال مصحوب ًا ملنافعه املنوطة ومصاحله املربوطة به‪ ،‬والقضاء‪ :‬إتْقا ُنه ْ‬
‫يتوصل به إىل كامله‪ ،‬وبقائه اختيار ًا وطبع ًا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وسوقه إىل كامله سوق ًا مالئ ًام حلاله‪ ،‬بإعطاء ما َّ‬

‫ثم‬
‫تدبي‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫ثم مشيئ ٌة‪ ،‬ثم‬
‫ذكر‪َّ ،‬‬
‫ثم ٌ‬‫علم‪َّ ،‬‬
‫قال احلكيم الُّتمذي رمحه اهلل‪ :‬إنه يف البدء ٌ‬
‫إثبات يف ال َّلوح‪ ،‬ثم إرادةٌ‪ ،‬ثم قضا ٌء‪ ،‬فإذا قال‪ :‬كن‪ ،‬فكان عىل اهليئة التي َع ِلم‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ثم‬
‫مقادير‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫أثبت‪ ،‬ثم قىض‪ ،‬فعلم منه أنه ما من يشء من حيث استقام يف‬
‫فذكر ثم شاء فد َّبر‪ ،‬ثم قدَّ ر‪ ،‬ثم َ‬

‫العلم األزيل إىل أن استقام يف ال َّلوح ثم استبان‪ ،‬إال يتعلق به ٌ‬


‫أمور من اهلل تعاىل)‪ .‬انتهى‬
‫كالمه‬

‫وأنكر القضاء والقدر الفالسفة واألشعرية واملعتزلة‪ ،‬أما الفالسفة فقد جروا عىل‬
‫املقرر من نفي الصفات وإرجاعها إىل العلم الذي هو عندهم نفس الذات‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫أصلهم َّ‬
‫إنام القضاء هو‪ :‬العناية األزلية يعنون هبا مت ّثل نظام املوجودات بأرسها‪ ،‬والكائنات عن‬
‫آخرها بام ينبغي عليه الوجود عىل أحسن الوجوه وأكملها‪ ،‬والقدر هو‪ :‬خروجها إىل‬
‫الوجود العيني بأسباهبا عىل الوجه الذي تقرر يف القضاء‪.‬‬

‫تْصف ًا يف اللفظ‬
‫وتش ّبث األشعرية بأذياهلم واتبعوا آثارهم ومل يزيدوا عليهم إال ّ‬
‫والتّعبي‪ ،‬ونوع ًا يسي ًا من التّغيي‪ ،‬حيث قالوا‪ :‬القضاء هو اإلرادة األزلية املتعلقة باألشياء‬
‫معني ومعيار خمصوص يف ذواَتا وصفاَتا وأفعاهلا‪.‬‬
‫عىل ما هي عليه‪ ،‬وقدره‪ :‬إجياده عىل قدْ ر ّ‬

‫وزعمت املعتزل ُة‪ :‬أن ما يستقيم إثبات ُه هللِ تعاىل من معنامها عىل العمو ِم َ‬
‫هو اإلعال ُم‪،‬‬
‫فهو خمتص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإال ْ‬
‫املحاالت‪ ،‬وإن أريدَ اإللزا ُم َ‬
‫ُ‬ ‫وإرادته لز َم‬ ‫وتقديره‬ ‫الفعل‬ ‫خلق‬
‫فإن أريدَ هبام ُ‬
‫ِ‬
‫بالواجبات‪.‬‬

‫والقبح ال يثبت إال‬ ‫ٍ‬


‫َمتهد وعىل أن احلس َن‬ ‫كل‬ ‫ِ‬
‫تصويب ِّ‬ ‫اتفق الطائفتان عىل‬
‫ثم َ‬
‫َ‬ ‫ومن َّ‬
‫ِ‬
‫اليشء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العقل هبام عىل‬ ‫ِ‬
‫األمر والنَّهي أو بحك ٍم من‬ ‫ِ‬
‫وورود‬ ‫ِ‬
‫بنزول الوحي‪،‬‬
‫ِ‬
‫القدرة‬ ‫ِ‬
‫وشمول‬ ‫ِ‬
‫واملشيئة‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة‬ ‫ِ‬
‫إنكار عمو ِم‬ ‫تومه ُه املعتزل ُة ومحلهم عىل‬
‫والذي ّ‬
‫ِ‬
‫املتعال‪ ،‬قد‬ ‫هلل‬ ‫ِ‬
‫اخللق با ِ‬ ‫ِ‬
‫اختصاص‬ ‫ِ‬
‫تقدير‬ ‫القبيح واملُ ِ‬
‫حال عىل‬ ‫ِ‬ ‫وهو ُ‬
‫فعل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القدر والقض ّية َ‬ ‫ونفي‬
‫ِ‬
‫والقدرة قد‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة‬ ‫ِ‬
‫تقدير عمو ِم‬ ‫ِ‬
‫األفعال عىل‬ ‫ِ‬
‫العبد بلزو ِم‬ ‫واض ِ‬
‫طرار‬ ‫ِ‬
‫الشيطان ْ‬ ‫لزمهم يف خلق‬
‫وافتحم عن الدخ ِل ومل َير‬
‫َ‬ ‫الزخمَّشي‬
‫اعُّتف َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ولذلك‬ ‫لزمهم يف ِ‬
‫سبق العل ِم لزو ًما ال مر َّد ل ُه‪،‬‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫فوجب أن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫القبيح فعله‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فاعل‬ ‫وخلق‬
‫ُ‬ ‫أن أفعال ُه تعاىل ك َّلها حسن ٌة‬ ‫إال أن َ‬
‫قال‪ :‬قد علمنا َّ‬
‫ِ‬
‫خملوقاته َج ْه ُلنا‬ ‫حسن ِ‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬ ‫يقدح يف‬ ‫ِ‬
‫حسنه‪ ،‬كام ال‬ ‫يقدح يف‬ ‫ِ‬
‫احلسن ال‬ ‫حسنًا وخفاء وج ُه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خلق املعايص والكفر ال حمال َة عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫أن َ‬ ‫يرتاب ذو حجى يف َّ‬ ‫ِ‬
‫احلكمة إىل خلقها‪ ،‬وال‬ ‫بداعي‬
‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫اكلة‪.‬‬ ‫َّ‬

‫ِ‬
‫األزل ما‬ ‫علم اهللُ تعاىل يف‬
‫هل َ‬ ‫بعض القدر َّي ِة‪َ :‬‬ ‫كي أن أبا حنيف َة رمح ُه اهللُ َ‬
‫سأل َ‬ ‫وح َ‬
‫ُ‬
‫علم كام‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الَّش ِ‬ ‫َ‬
‫ظهر ما َ‬
‫قال هل أرا َد أن َي َ‬ ‫اإلقرار به‪َّ ،‬‬ ‫فاضطر إىل‬
‫َ‬ ‫والقبائح أم ال‪،‬‬ ‫ور‬ ‫كان من ُّ‬
‫وتاب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مذهبه‪،‬‬ ‫فرجع عن‬ ‫فيصي علم ُه جهالً؟‬ ‫علم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يظهر بخالف ما َ‬ ‫علم أم أرا َد أن َ‬
‫َ‬

‫تصدر عنهم بقصدهم واختيارهم مع ّلق ًة عىل قدرَتم‬ ‫ِ‬


‫اختيارية)‬ ‫ِ‬
‫(وللعباد أفعال‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫تصوره‪ ،‬وخت ُّي ُل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فائدته‪،‬‬ ‫يكون مسبوق ًا بام ّديه األربعة من‪ُّ :‬‬‫ُ‬ ‫االختياري ما‬
‫ُ‬ ‫الفعل‬ ‫وإرادَتم إذ‬
‫يفرق‬ ‫ٍ‬ ‫ألن َّ‬ ‫ِ‬
‫األعضاء‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحتصيله وك ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل أحد ّ‬ ‫املودعة يف‬ ‫بْصف القوى‬ ‫سبه‬ ‫وجوده‪،‬‬ ‫وإرادة‪،‬‬
‫ِ‬
‫وقصوده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫دواعيه‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫ِ‬
‫وصعوده‪ ،‬وجيدُ تْصفاته‬ ‫ِ‬
‫هبوطه‬ ‫ِ‬
‫حركات‬ ‫بني‬
‫َ‬

‫ٍ‬
‫إرادة وال‬ ‫ِ‬
‫أفعاله ال قدر َة ل ُه وال‬ ‫َمبور عىل‬ ‫ُ‬
‫حيث زعموا أن العبدَ‬ ‫خال ًفا للجُب َّي ِة‬
‫ٌ‬
‫سائر اجلامدات‪ ،‬وتنسب ِ‬
‫إليه‬ ‫خيلق يف ِ‬ ‫ِ‬
‫حسب ما ُ‬ ‫األفعال ِ‬
‫فيه عىل‬ ‫َ‬ ‫خيلق اهللُ تعاىل‬
‫اختيار‪ ،‬وإنام ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫احلجر‪ ،‬وجرى املا ُء‪ ،‬وتغ ّيمت السام ُء‪ ،‬وغربت‬
‫ُ‬ ‫وحتر َك‬
‫الشجر‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫أثمر‬ ‫َمازا‪ ،‬كام ُ‬
‫يقال َ‬ ‫ُ‬
‫األفعال ً‬
‫ِ‬
‫ببطالنه‪.‬‬ ‫ونصوص القرآن ناطق ٌة‬ ‫ِ‬
‫بخالفه‪،‬‬ ‫األرض‪ ،‬والرضور ُة قاضي ٌة‬
‫ُ‬ ‫واهتزت‬
‫َّ‬ ‫الشمس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫غي َّ‬ ‫ِ‬


‫احلادثة ً‬ ‫ِ‬
‫أن اهللَ تعاىل أجرى سنت ُه بأن‬ ‫أصال‪َ ،‬‬ ‫للقدرة‬ ‫وقالت األشعر َّي ُة‪ :‬ال تأ َ‬
‫ثي‬
‫فيكون خل ًقا من اهللِ تعاىل‬
‫ُ‬ ‫وجتر َد ل ُه‬ ‫عل إذا أراد ُه العبدُ‬ ‫احلادثة ومعها ِ‬
‫الف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القدرة‬ ‫عقيب‬ ‫خيلق‬
‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ليت‬‫َمازا‪ ،‬و َ‬ ‫ِ‬
‫الكسب إال ً‬ ‫ُ‬
‫يصدق عىل‬ ‫ِ‬
‫اخللق‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫الفعل حقيق ٌة يف‬ ‫واسم‬ ‫ِ‬
‫العبد‪،‬‬ ‫وكس ًبا من‬
‫ُ‬
‫يُّتتب عىل تع ُّلقها‪ ،‬وما معنى كوهنا صف ًة‬ ‫ِ‬
‫العبد عندهم‪ ،‬وماذا‬ ‫شعري بامذا يتع َّل ُق قدر ُة‬
‫ُ‬
‫ولذلك َ‬
‫قيل إن‬ ‫َ‬ ‫املجاز‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تصحح‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والكسب‬ ‫ِ‬
‫اخللق‬ ‫مؤثرةً؟ وما معنى تأثيها‪ ،‬وأي مشاهب ٌة بني‬
‫ِ‬
‫للجُب‪.‬‬ ‫املذهب ُك ْف ٌو‬
‫ُ‬ ‫هذا‬

‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫علم أن معنى القدرة َ‬‫َصف من نفسه َ‬ ‫وقال أبو املعايل اجلويني رمح ُه اهللُ‪ :‬و َمن أن َ‬
‫ِ‬
‫واإلجياد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخللق‬ ‫إليه حقيق ًة ال عىل ِ‬
‫وجه‬ ‫العبد ِ‬
‫فعل ِ‬
‫نسبة ِ‬ ‫الفعل‪ ،‬وأنه ال بدَّ من ِ‬
‫ِ‬ ‫التَّم ُّك ُن من‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬
‫الفعل بمجمو ِع القدرتني عىل‬ ‫وذهب أبو اسحاق اإلسفرايني إىل أن وجو َد‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫صفته‪.‬‬ ‫تؤثر يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفعل‪ .‬وبعضهم إىل أهنا ُ‬ ‫أصل‬ ‫التأثي يف‬ ‫املشاركة يف‬

‫تأثي‬ ‫تأثي هلا ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بالرضورة الفطر َّي ِة َّ‬


‫ِ‬ ‫املتْص ِح‬
‫أصال‪ ،‬أو ل ُه ٌ‬ ‫إثبات صفة مؤثرة ال َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫ومن‬
‫يقول‬ ‫ٍ‬
‫بكلمة ال معنى هلا‪ ،‬ومن ُ‬ ‫وتقو ُل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حالة ال ُ‬
‫نفي هلا يف احلقيقة وألثرها ُّ‬ ‫يعقل وجودها ٌ‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫القدرة‬ ‫بالز ِ‬
‫يادة عىل‬ ‫ِ‬
‫عليه التوار ُد ِّ‬ ‫ِ‬
‫وصفه يلز ُم‬ ‫الفعل أو‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إجياد‬ ‫ِ‬
‫احلادثة يف‬ ‫ِ‬
‫القدرة‬ ‫ِ‬
‫بمشاركة‬
‫مذهب‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫املمكنات من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫خلق اهللِ تعاىل‪َ ،‬‬ ‫بعض‬ ‫وخروج‬ ‫العجز‪،‬‬ ‫االحتياج أو‬ ‫الكافية أو‬
‫سائر القدر َّي ِة‪.‬‬
‫ومَّشب ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املعتزلة‬

‫فيه املتفلسف ُة‬ ‫َّوسط بينهام ما ض َّلت ِ‬


‫واجلُب والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القدر‬ ‫ُ‬
‫وتفصيل املقا ِم أن مسألة‬
‫ِ‬
‫للعبد قدر ًة مؤ ّثر ًة وإراد ًة‬ ‫هلل سبحان ُه أوجدَ‬ ‫مون ك ّلهم أمجعون‪ ،‬فاملعتزل ُة عىل َّ‬
‫أن ا َ‬ ‫واملتك ِّل َ‬
‫املحض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫القدر‬
‫ُ‬ ‫أفعاله االختيار َّي ِة‪ ،‬فمذهبهم‬
‫ِ‬ ‫وهو مستبد هبام يف‬ ‫ِ‬
‫مستق ّل ًة فوضها إليه َ‬

‫حمض‪ ،‬واألشعر َّي ٌة‬


‫َمبور ٌ‬
‫ٌ‬ ‫هو‬
‫رأسا‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنام َ‬ ‫ُ‬
‫حيث نفومها من ُه ً‬ ‫وقابلهم اجلهم َّي ُة‬
‫بالرس ِم‪ ،‬والفالسف ُة وإن أثبتومها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االختيار باالس ِم‪ ،‬واكتفوا عن احلقيقة َّ‬ ‫إنام اقتنعوا من‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مؤثرة‪ ،‬إال أهنم قالوا‪ :‬ال مؤ ِّث َر يف‬ ‫ِ‬ ‫ووافقوا احلنفي َة يف ِ‬
‫الوجود‬ ‫مصحح ًة َ‬
‫غي‬ ‫ِّ‬ ‫القدرة صف ًة‬ ‫كون‬ ‫َّ‬
‫رصحوا به(‪.)133‬‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫طر يف صورة خمتار عىل ما قد َّ‬
‫مض ٌ‬
‫اإلنسان ْ‬ ‫القول بأن‬ ‫إال اهلل‪ ،‬فلزمهم‬

‫ِ‬
‫اجلادة‬ ‫ِ‬
‫الثابت عىل‬ ‫ِ‬
‫بالقول‬ ‫ِ‬
‫واجلامعة ح ًقا‪ ،‬والثابتون‬ ‫ِ‬
‫السنة‬ ‫وأما احلنفي ُة وهم ُ‬
‫أهل‬
‫االختيار‬ ‫ِ‬
‫اإلطالق‪ ،‬ول ُه‬ ‫اخلال ُق املستق ُّل عىل‬
‫هو َّ‬ ‫ِ‬
‫املستقيمة قط ًعا‪ ،‬فمذهبهم َّ‬
‫ُ‬ ‫هلل سبحان ُه َ‬‫أن ا َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كيف يشاء‪ ،‬وال مشارك َة‬ ‫ِ‬
‫ُمكن ما خيه وشه ونفعه‬ ‫إجياد‬ ‫ليشء يف‬ ‫ملكه َ‬ ‫ف يف‬ ‫ّْص ُ‬ ‫ُّ‬
‫الكّل والت ُّ‬
‫وأسباب وجودهم ومبادئ حصوهلم‬ ‫اخلالق هلم وألعامهلم‪،‬‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ورضه من العباد وأفعاهلم‪َ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بوساطة من ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العبد وال‬ ‫ٍ‬
‫بمشاركة من‬ ‫ِ‬
‫الكون‪ ،‬ال‬ ‫حتت‬‫يدخل َ‬ ‫ُ‬ ‫كل ما‬ ‫ِ‬
‫صدور ِّ‬ ‫ِ‬
‫باالستقالل يف‬
‫ُ‬
‫يشمل‬ ‫ِ‬
‫الفاعل‬ ‫واسم‬ ‫ٌ‬
‫وفاعل ل ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أفعاله‬ ‫يصدر عن ُه من‬ ‫كل ما‬ ‫ِ‬
‫العبد مؤ ِّث ٌر يف ِّ‬ ‫ومع َ‬
‫ذلك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أصال‬ ‫ٍ‬
‫َمبور ً‬ ‫غي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خمتار يف فعله َ‬ ‫وهو ٌ‬
‫االستعامل‪َ ،‬‬ ‫إلطراد‬ ‫احلقيقة‬ ‫َّأثي يتناول ُه عىل‬
‫الكسب والت َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫إجياد ما كسب ُه‬ ‫ٌ‬
‫مشارك ل ُه تعاىل يف‬ ‫مستقل ِ‬
‫فيه وال‬ ‫ٍّ‬ ‫ض ِ‬
‫إليه أمر ُه قط ًعا‪ ،‬وال‬ ‫مفو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حمجور وال ّ‬ ‫وال‬
‫وكل‬ ‫الفعل االختياري عليها‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ومدار‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫االختيار املبادئ األربع َة‬ ‫َ‬
‫مالك‬ ‫وذلك َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬ ‫وتأثي ُه‪،‬‬
‫ِ‬
‫اإلحداٍ‪ ،‬فهذا‬ ‫ِ‬
‫طريقة‬ ‫التأثي عىل‬ ‫هو‬ ‫ُ‬ ‫وهو مت َِّص ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫الفعل َ‬ ‫ثم‬
‫ف هبا‪َّ ،‬‬ ‫حاصل يف العبد َ‬ ‫ذلك‬
‫ِ‬
‫جهاته‬ ‫تقو َم املمك ُن بجمي ِع‬ ‫خلق اهللِ تعاىل‪َّ ،‬‬ ‫هو فعل ُه وكسب ُه وتأثي ُه‪ُّ ،‬‬
‫وكل َ‬
‫ألن ّ‬ ‫ذلك ُ‬ ‫لتأثي َ‬
‫ا ُ‬
‫املستمر وما مع ُه‬ ‫ّأثي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫بالفيض الدّ ائمي من اهللِ تعاىل‪ ،‬والت ُ‬ ‫هو‬
‫الوجودية وحيثياته الفعل ّية إنام َ‬
‫ِ‬
‫وآثاره‪َ ،‬ر ْش ٌح من‬ ‫ِ‬
‫أفعاله سبحان ُه‬ ‫منطو يف‬ ‫واحليثيات الوجود َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫االعتبارات الفعل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫ٍّ‬
‫وقوابله املعدّ ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هياكله املقدّ ِ‬
‫رة‬ ‫ِ‬ ‫صفاته‪ ،‬قد انبسطت عىل‬ ‫ِ‬

‫ُمنوع‪ ،‬وما‬ ‫عقال‬ ‫ِ‬


‫الُبهان ً‬ ‫( )( وقد َ‬
‫بحث شيخنا ابن اهلام ِم رمح ُه اهللُ يف املساير ُة بأن ما ذكرو ُه من قيا ِم‬
‫ٌ‬ ‫‪133‬‬

‫ُ‬ ‫النقليات فإنام تلج ُأ لو مل تكن‬ ‫تأمل ِ‬


‫يعلم بأدنى ٍ‬
‫حتتمل‬ ‫عمومات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيه‪ ،‬وأما‬ ‫ذلك غي الز ٍم كام ُ‬ ‫فضلو ُه من َ‬
‫وهو أن‬‫عقّل َ‬
‫أمر ٌ‬ ‫وذلك املخصص ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كذلك‬ ‫األمر‬
‫التخصيص‪ ،‬ومل يوجدْ ما يوجب ُه وأما إذا وجدَ فال‪ ،‬لكن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر والنهي‪ ،‬وأما قوهلم إن‬ ‫وبطالن‬ ‫َّكليف‬ ‫املحض املستلزم لضيا ِع الت‬
‫َ‬ ‫إراد َة العمو ِم فيها تستلز ُم اجل َ‬
‫ُب‬
‫ونحن إنام‬ ‫ألفاظ مل حيصلوا هلا معنى‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الكسب فمجر ُد‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫باملقدور ال عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫قدر َة ِ‬
‫العبد تتع َّل ُق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫التأثي‪َ ،‬‬ ‫وجه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كتاب‬
‫وهو اإلجيا ُد انتهى ُ‬
‫ليس إال إدخال ُه يف الوجود َ‬ ‫الفعل املعدو ِم َ‬ ‫وحتصيل‬ ‫َّحصيل‬ ‫الكسب الت‬ ‫نفهم من‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السبكي رمح ُه اهللُ)‬ ‫واجلواهر املنثورة حاشية شحِ مج ِع اجلوام ِع البن َّ‬ ‫املنظومة‬ ‫الدرر‬
‫ِ‬
‫بعض من ُه‪ ،‬فإهنام‬ ‫جل ذكر ُه أو‬ ‫ِ‬
‫صفات اهللِ َّ‬ ‫َ‬
‫خاطرك أن آثار ُه جز ٌء من‬ ‫وال خيتلج َّن يف‬
‫ِ‬
‫ُب حقيق ًة ال نفي‬ ‫نفي القدَ ِر واجل ُ‬
‫مستحيالن ومنفيان عن ُه تعاىل وعن صفاته العىل‪ ،‬فمذهبهم ُ‬
‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مذهب القدَ ر َّي ِة واجلُب َّي ِة‪ ،‬وال نفي‬ ‫ِ‬
‫وإثبات مبادئه كام َ‬
‫ُ‬ ‫التأثي‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫اآلخر كام َ‬ ‫وإثبات‬
‫ُ‬ ‫أحدمها‬
‫ِ‬
‫األشاعرة‪.‬‬ ‫مذهب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العبد‬ ‫ُ‬
‫والفعل من‬ ‫ب‪،‬‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخللق واإلجياد الذين مها من صفات َّ‬ ‫بني‬
‫وهيهات َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو‬ ‫فإن إجيا َد اليشء إفاض ُة الوجود ل ُه وخلقه إجياده إجيا ًدا مراعى فيه الت ُ‬
‫َّقدير‪َ ،‬‬ ‫والكسب‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫املمكن بالكل َّي ِة(‪.)134‬‬
‫ِ‬ ‫وسع‬
‫َ‬ ‫يضيق عن ُه‬
‫ُ‬ ‫أمر‬
‫ٌ‬

‫ات‬ ‫الذ ِ‬
‫جائز ّ‬ ‫هو ُ‬ ‫ِ‬ ‫وال يلزمنا ما يقول ُه الفالسف ُة يف نفي الت ِ‬
‫َّأثي عن غيه سبحان ُه بأن ما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو طبيع ٌة عدم َّية فيلز ُم تأثي العد ِم يف الوجود َ‬
‫وهو‬ ‫اجلواز‪َ ،‬‬ ‫بمشاركة‬ ‫َ‬
‫ألحدٍ‬ ‫َ‬
‫أحدٍ‬ ‫لو‬
‫خارجا من ِ‬ ‫كان تأثي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلق اهللِ‬ ‫ً‬ ‫العبد‬ ‫وذلك ألن ُه إنام يلز ُم لو َ ُ‬
‫َ‬ ‫الفساد‪،‬‬ ‫فطري‬
‫ُّ‬ ‫البطالن‬ ‫رضوري‬
‫ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ور﴾‬ ‫﴿وإِ َىل ٱهللَِّ ُت ْر َج ُع ٱ ْألُ ُم ُ‬ ‫سبحان ُه وإجياد ُه‪ ،‬بل إنام يؤ ّث ُر هو بجهته ّ‬
‫الراجعة إليه سبحان ُه‪ :‬أال َ‬
‫ليس هو اإلجيا ُد‪.‬‬
‫التأثي َ‬
‫َ‬ ‫[آل عمران‪ .]139 :‬عىل أن‬

‫ِ‬
‫للتأثي يف‬ ‫ِ‬
‫وصفه م ًعا إذ ال معنى‬ ‫ِ‬
‫الفعل ويف‬ ‫ِ‬
‫أصل‬ ‫ِ‬
‫احلادثة يف‬ ‫ِ‬
‫القدرة‬ ‫تأثي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫)واملختار عندَ العبد الضعيف ُ‬ ‫ُ‬ ‫(‬
‫‪134‬‬

‫ِ‬
‫الفعل‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬
‫أصل‬ ‫زائد عىل ِ‬
‫تأثي‬ ‫تأثي ٍ‬‫حمتاج إىل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متفرع ل ُه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أثر‬
‫الوصف ٌ‬‫ُ‬ ‫األصل إذ‬ ‫التأثي يف‬ ‫بدون‬ ‫الوصف‬
‫التأثي‬ ‫ذلك عىل األشعري إذ‬ ‫ُب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫بالتأثي وإن ك َ‬ ‫القول‬ ‫حمذور يف‬
‫َ‬ ‫األصل وال‬ ‫وجود‬ ‫الوصف زائدٌ عىل‬ ‫وجو ُد‬
‫األقرب إىل‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بإجياد اهللِ سبحانه كام أن نفس ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫بتأثي القدرة َ‬ ‫والقول‬ ‫بإجياده تعاىل‪,‬‬ ‫قدرة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أيضا‬‫القدرة ً‬ ‫يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دائرة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومذهب األشعري ٌ‬ ‫ِ‬
‫للقدرة‬ ‫اختيار عند ُه حقيق ًة وال َ‬
‫تأثي‬ ‫َ‬ ‫احلقيقة‪ ،‬إذ ال‬ ‫اجلُب يف‬ ‫داخل يف‬ ‫ُ‬ ‫الصواب‬
‫ينسب إىل‬‫ُ‬ ‫الفاعل حقيق ًة وعندَ األشعري‬ ‫ِ‬ ‫ينسب إىل‬ ‫ُ‬ ‫الفعل االختياري عندَ اجلُب َّي ِة ال‬ ‫َ‬ ‫أصال إال أن‬ ‫ِ‬
‫احلادثة ً‬
‫قدرة ِ‬
‫العبد حقيق ًة سوا ًء كانت‬ ‫ِ‬ ‫ينسب إىل‬ ‫الفعل‬ ‫َ‬ ‫االختيار ثابتًا ل ُه حقيق ًة ألن‬ ‫الفاعل حقيق ًة وإن مل يكن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفرق يتميَّ ُز‬ ‫هو مذهب ُه وهبذا‬ ‫ِ‬ ‫غي األشعري من ِ‬ ‫مذهب ِ‬
‫حمضا كام َ‬ ‫مدارا ً‬ ‫أهل السنة أو ً‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫القدر ُة مؤثر ًة كام َ‬
‫مكتوبات َمدد َّي ٍة ‪289‬‬
‫ٍ‬ ‫أهل ِ‬
‫احلق‪.‬‬ ‫هب ِ‬
‫غي ِ‬ ‫أهل ِ‬
‫احلق عن مذ ِ‬ ‫مذهب ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫إدراك‬ ‫َّفس مع ِقواها يف أفعاهلا االختيار ّي ِة‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫حال الن ِ‬‫ذلك مالحظ ُة ِ‬ ‫ويعينك عىل َ‬
‫َ‬
‫عرف نفس ُه فقد‬ ‫أص ًال كام روى‪( :‬أن من‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والبْص ً‬ ‫السم ِع‬
‫َ‬ ‫النفس بال اثنين ّية ْ‬ ‫إدراك‬ ‫مثال بعينه‬ ‫َّ‬
‫بواسطة املص ِّق ِ‬
‫الت‪ ،‬أفُّتا ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املنحرف عنها‬ ‫ِ‬
‫اجلدار‬ ‫مس الواق ِع عىل‬‫الش ِ‬
‫نور َّ‬
‫أرأيت َ‬
‫َ‬ ‫عرف ر َّب ُه)‪،‬‬
‫َ‬
‫اجلدار‪﴿ ،‬‬‫ِ‬ ‫ُّور يف َ‬
‫ذلك‬ ‫حصول هذا الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأثي ل ُه يف‬ ‫تزعم أن ُه ال َ‬ ‫نور املص ِّق ِل أو‬ ‫من ِ‬
‫دخل وال َ‬ ‫ُ‬
‫ار﴾[احلَّش‪َ ﴿ ،]2 :‬مال ِ َك املُْ ْل ِك ُت ْؤ ِيت املُْ ْل َك َم ْن ت ََشا ُء َو َتن ِْز ُع املُْ ْل َك‬ ‫َُبوا َيا ُأ ْو ِيل األَ ْب َص ِ‬ ‫﴿ َفا ْعت ِ ُ‬
‫يش ٍء َق ِد ٌير﴾[آل عمران‪:‬‬ ‫ُِم َّ ْن ت ََشا ُء َو ُت ِع ُّز َم ْن ت ََشا ُء َو ُت ِذ ُّل َم ْن ت ََشا ُء بِ َي ِد َك ْ ِ‬
‫اخلَ ْ ُي إن ََّك َع َىل ُك ِّل َ ْ‬
‫‪.]26‬‬

‫ِ‬
‫األفعال‪ ،‬وإن كانت طاعة وعبادة‪( ،‬ويعاقبون عليها)(‪ )135‬إن‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬ ‫( يثابون هبا) أي‬
‫ف اهللَُّ َن ْف ًسا إِ َّال ُو ْس َع َها َهلَا َما ك ََس َب ْت َو َع َل ْي َها َما‬ ‫لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫﴿ال ُي َك ِّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫كانت معصي ًة وجريم ًة‪،‬‬
‫ا ْكت ََس َب ْت﴾[البقرة‪ ]286 :‬و ﴿ َف َم ْن َي ْع َم ْل ِم ْث َق َال َذ َّر ٍة َخ ْ ًيا َي َر ُه (‪َ )7‬و َم ْن َي ْع َم ْل ِم ْث َق َال َذ َّر ٍة‬
‫﴿ه ْل‬ ‫ني﴾[األعراف‪َ ،]173 :‬‬ ‫يع َأ ْج َر املُْ ْصلِ ِح َ‬ ‫ِ‬
‫شا َي َر ُه ﴾[الزلزلة‪7 :‬ـ ‪ ،]8‬و ﴿إِنَّا َال ُنض ُ‬ ‫ًَ‬
‫ِ‬
‫واألحاديث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫ذلك من‬ ‫غي َ‬ ‫ون﴾[النمل‪ ،]93 :‬إىل ِ‬ ‫ُ ْجت َز ْو َن إِال َما ُكنْ ُت ْم َت ْع َم ُل َ‬

‫ِ‬
‫نفسه‬ ‫وأضاف اجلزا َء إىل‬ ‫ِ‬
‫والعطاء يف ِ‬
‫قوله ‪ ":‬جزا ًء من ر ِّب َك عطا ًء حسا ًبا"‬ ‫ِ‬
‫اجلزاء‬ ‫مجع اهللُ بني‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫)ولذلك َ‬ ‫(‬ ‫‪135‬‬

‫ِ‬
‫عطائه فكون ُه جزا ًء‬ ‫نفس‬ ‫وبدَّ َل من ُه العطا َء‬
‫وإشعارا بأن جزاء ُه سبحان ُه لعملهم الصالح ُ‬
‫ً‬ ‫تكريام للمتقني‬
‫ً‬
‫غي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مقتض ًيا لالستحقاق بالنظر إىل االمتثال الصادر من العبد واتيانه باألعامل الصاحلة وكونه عطا ًء َ‬
‫ِ‬
‫كسبه‪ ،‬إذ‬ ‫ومتكني ِ‬
‫العبد منها يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلسنات كلها من اهللِ بخلقها وإجيادها‬ ‫ِ‬
‫بالنظر إىل أن َ‬
‫تلك‬ ‫ٍ‬
‫مقتض ل ُه‬
‫ِ‬
‫جزاء الطاغني ُ‬
‫حيث مل‬ ‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫ِ‬
‫اخليات بأرسها‬ ‫ٍ‬
‫وخال عن‬ ‫ِ‬
‫الكامالت ك ِّلها‬ ‫عار عن‬ ‫ِ‬
‫املمكن يف حدِّ ذاته ٌ‬
‫ُ‬

‫الذين أساؤوا بام‬ ‫ذلك مسببا عن عملهم كام يف ِ‬


‫قوله‪ ":‬ليجزي‬ ‫َ‬
‫وجعل َ‬ ‫يبدل من ُه العطا ُء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫نفسه ومل ْ‬ ‫يضف ُه إىل‬
‫َ‬ ‫ً‬

‫عملوا وجيزي الذين أحسنوا باحلسنى" من ُه س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬


‫هلل ٌ‬ ‫ِ‬ ‫احل ِ‬
‫كمة ُّ‬ ‫وألن قضي َة ِ‬
‫فضل‪،‬‬ ‫واب من ا ِ‬ ‫ذلك خال ًفا لخأشعرية قالوا‪ :‬ال ّث ُ‬ ‫تدل عىل َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫باملعصية‬ ‫والثواب‬ ‫ِ‬
‫الطاعة‬ ‫العقاب عىل‬ ‫فيجوز‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باألعامل‪،‬‬ ‫عدل ال يستحقها العبدُ‬‫والعقاب ٌ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬م ْن َك َف َر َف َع َل ْي ِه ُك ْف ُر ُه َو َم ْن َع ِم َل‬
‫ِ‬ ‫ومتسكًا‬ ‫ِ‬
‫والقبح ُّ‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫ِ‬
‫عقلية‬ ‫ِ‬
‫إنكار‬ ‫بنا ًء عىل‬
‫ات ِم ْن‬
‫احل ِ‬
‫ِ‬
‫الص َ‬
‫َّ‬ ‫ون (‪ )44‬ل ِ َي ْج ِز َي ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َو َع ِم ُلوا‬
‫خأ ْن ُف ِس ِه ْم َي ْم َهدُ َ‬
‫احلا َف ِ َ‬
‫ِ‬
‫َص ً‬
‫َف ْضلِ ِه﴾[الروم‪44 :‬ـ ‪.]45‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن قول ُه تعاىل‪ ﴿ :‬ل َي ْج ِز َي ا َّلذ َ‬
‫ين‬ ‫ُ‬
‫املنقول‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫املعقول ويصدِّ ق ُه‬ ‫هو الذي حي ِّقق ُه‬ ‫ومذهبنا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط ﴾[يونس‪ ،]4 :‬نص ِ‬
‫فيه وال منافا َة بني ِ‬ ‫ات بِا ْل ِقس ِ‬
‫احل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬ ‫اإلثابة‬ ‫كون‬ ‫ْ‬ ‫الص َ‬ ‫آ َمنُوا َو َعم ُلوا َّ‬
‫قال اهللُ تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫كسبه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫العبد منها يف‬ ‫ِ‬
‫ومتكني‬ ‫ِ‬
‫وإجياده‬ ‫ِ‬
‫بخلقه‬ ‫فض ًال من اهللِ ألهنا‬ ‫الطاع ِة وكوهنا ْ‬
‫ات بِإِ ْذ ِن اهللَِّ َذل ِ َك ُه َو ا ْل َف ْض ُل ا ْلكَبِ ُي﴾[فاطر‪ ،]32 :‬وألهنا يف نفسها‬
‫اخلي ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ومن ُْه ْم َسابِ ٌق بِ ْ َ ْ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أصل‬ ‫ائدة عىل‬ ‫الفضل بالعطايا َّ‬ ‫شكر أدنى يشء من نعمه‪ ،‬وقد ُف ِّ َ‬
‫ّس‬ ‫وإن كثرت ال تكاىف ُء َ‬
‫خأ ْن ُف ِس ِه ْم َي ْم َهدُ َ‬
‫ون﴾[الروم‪.]44 :‬‬ ‫يشعر ِبه قول ُه‪َ ﴿ :‬ف ِ َ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالطاعة عىل ما‬ ‫ِ‬
‫الثواب‬

‫حيث زعموا َّ‬


‫أن عد َم وجوهبا‬ ‫ِ‬
‫للمعتزلة ُ‬ ‫ٍ‬
‫واجب عىل اهللِ تعاىل خال ًفا‬ ‫غي‬ ‫ولكن َ‬
‫ذلك َ‬
‫ِ‬
‫املشاق بال‬ ‫إجياب‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والسيئات‪ّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫الطاعات واالجُّتا ِء عىل املعايص‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه يفيض إىل التواين يف‬

‫نف ٍع يقابلها ٌ‬
‫ظلم‪.‬‬

‫ِ‬
‫املعصية وال‬ ‫توه ُم التّواين واالجُّتا ُء عىل‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫مالحظة قض ّي ِة‬
‫ِ‬
‫يضمحل ُّ‬ ‫احلكمة‬ ‫قلنا‪ :‬عندَ‬
‫ولكل ٍ‬
‫يشء يف عاملِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الغي‬ ‫َّْصف يف ِ‬
‫ملك‬ ‫ُ‬ ‫الظلم يف ح ّق ِه سبحان ُه وتقدَّ َس‪ ،‬أل ّن ُه إما الت‬ ‫يتصو ُر‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫موضعه‬ ‫ِ‬
‫اليشء يف ِ‬
‫غي‬ ‫وض ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املمكنات ملك ُه وال شك َة‬
‫كيف شا َء‪ ،‬وإما ْ‬ ‫َّْصف َ‬‫ُ‬ ‫لغيه‪ ،‬فل ُه الت‬
‫العليم‪.‬‬ ‫احلكيم‬ ‫ٍ‬
‫متعال عن ُه ألن ُه‬ ‫واهللُ سبحان ُه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العباد التي‬ ‫ِ‬
‫أفعال‬ ‫ُ‬
‫العقول حممو ًدا حمب ًبا‪( ،‬منها) أي من‬ ‫َ‬
‫(واحل َس ُن) الذي تعدُّ ُه‬
‫ِ‬
‫وأمره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وحمبته‬ ‫ِ‬
‫(برضائه تعاىل)‬ ‫يئته ويشملها تقدير ُه وقض ّيته‪،‬‬‫تعمها إراد ُة اهللِ ومش ِ‬
‫ّ‬
‫(ليس‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫العقول املستقيم ُة‬ ‫السليم ُة وتستنقص ُه‬ ‫الطباع َّ‬
‫ُ‬ ‫(والقبيح) الذي تستخبث ُه‬
‫ُ‬
‫وافق املعتزل َة‬ ‫ِ‬
‫وأتباعه‪ ،‬فإن ُه َ‬ ‫لخأشعري‬ ‫ِ‬
‫وهنيه خال ًفا‬ ‫ِ‬
‫وبغضه‬ ‫ِ‬
‫بكراهته‬ ‫ٌ‬
‫مقرون‬ ‫هو‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫برضائه) بل َ‬
‫ِ‬
‫كراهة‬ ‫عني‬ ‫ِ‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫الرضا ُء واملح َّب ُة‪ ،‬ولذا َ‬ ‫يف إن اإلراد َة واملشيئ َة ال ُ‬
‫(إن إراد ُة اليشء ُ‬ ‫ينفك عنهام ِّ‬
‫ضدّ ِه)‪.‬‬

‫ُ‬
‫القول بأنه سبحان ُه‬ ‫قدرته تعاىل لزم ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وشمول‬ ‫ِ‬
‫إرادته‬ ‫وافق احلنفي َة يف عمو ِم‬
‫إال أ َّن ُه ملا َ‬
‫اد ِه ا ْل ُك ْف َر ﴾[الزمر‪َ ﴿ ،]7 :‬وا َُّ‬
‫هلل‬ ‫جل شأنه‪ ﴿ :‬و َال ير ََض ل ِ ِعب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫قال َّ‬
‫وحمب ل ُه‪ ،‬وقد َ‬
‫ٍّ‬ ‫ِ‬
‫للكفر‬ ‫ٍ‬
‫راض‬
‫ب املُْ ْف ِس ِدي َن ﴾[املائدة‪ ،]64 :‬وهذا ُما ِعيب عليه‪ ،‬والذي ا ْلتجأ إليه لدى الفزع هو‬ ‫ِ‬
‫َال ُحي ُّ‬
‫كون احلسن والقبح ال يثبت إال بالَّشع‪ ،‬والفصل أهنام يطلقان عىل‪:‬‬

‫ِ‬
‫اليشء مالئ ًام لل َّطبع ومنافر ًا له كاحللو ّ‬
‫واملر‪.‬‬ ‫كون َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫وعىل كونه صف ُة كامل ونقصان كالعلم واجلهل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وعىل كونه موافق ًا لل َغ َرض وخمالف ًا له كاملصلحة واملفسدة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وعىل كونه مناط املدح عاج ً‬
‫ال والثواب آجالً‪ ،‬والذ ُّم يف األوىل‬ ‫‪-4‬‬
‫والعقاب يف ال ُعقبى‪.‬‬
‫ومها باملعاين األوىل عقليان وفاق ًا‪ ،‬وإنام النزاع يف املعنى األخي وملا كان املذهب‬
‫عندنا أن األمر التَّدويني بحذاء األمر التَّكويني‪ ،‬وجب أن يكون يف الفعل جه ٌة مقتضية‬
‫املتعال ال يليق منه اإلمهال‪ ،‬ويف التنزيل‪ ﴿ :‬إِ َّن اهللََّ َي ْأ ُم ُر بِا ْل َعدْ ِل‬ ‫ّ‬ ‫لخأمر والنّهي‪َّ ،‬‬
‫ألن احلكيم‬
‫اخلَ َب ِائ َث﴾[األعراف‪:‬‬ ‫حي ِّر ُم َع َل ْي ِه ُم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿و ُحي ُّل َهل ُ ُم ال َّط ِّي َبات َو ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َو ْ ِ‬
‫اإل ْح َسان ﴾[النحل‪َ ،]93 :‬‬
‫‪ ،] 175‬إىل غي ذلك من اآليات‪ ،‬فاحلسن والقبح بمعنى صفة الكامل والنقصان يوجب‬
‫حلوق املدح والذم‪ ،‬وترتّب الثواب والعقاب وبالعكس‪ ،‬فإثبات أحدمها ونفي اآلخر ٌ‬
‫قول‬
‫ُّ‬
‫يستقل العقل يف إدراكها فيجب عىل املدرك‬ ‫املحسنة واملق ِّبحة قد‬
‫ّ‬ ‫ثم هذه اجلهة‬
‫باملتنافيني‪َّ ،‬‬
‫اإلتيان به يف حكم العقل‪ ،‬وإن مل يأثم بُّتكه كاالمتثال وهلذا قال أبو حنيفة رمحه اهلل‪( :‬ال‬
‫عذر ألحد يف اجلهل بخالقه‪ ،‬ملا يرى من خلق السموات واألرض)‪( ،‬ولو مل يبعث اهلل‬
‫للناس رسوالً مبين ًا هلم ما جيب لوجب عليهم معرفته بعقوهلم)‪ ،‬ومعنى االستقالل يف‬
‫ٌ‬
‫وترك‪.‬‬ ‫الصاحلة بحيث لو ُعرض عىل العقل ٌ‬
‫فعل‬ ‫اإلدراك أن يقف باإلمجال عىل اجلهة َّ‬

‫وقيل‪ :‬إن أحدمها متع َّلق الثواب والعقاب دون اآلخر ا َّطلع عىل تلك اجلهة‪ ،‬وأما‬
‫عدم وقوفه ُبدُ ًوا(‪ )136‬فليس لعدم اطالعه عليها‪ ،‬بل لعدم وقوفه عىل ترتُّب اجلزاء باإلثابة‬
‫والعقوبة يف األجل‪ ،‬وال نزاع ألحد يف أنه شعي ال ُيعرف إال به‪ ،‬وهو ال ينايف إدراك اجلهة‬

‫املذكورة عق ً‬
‫ال(‪.)137‬‬

‫وذلك ألنه تعاىل عاتب الكفار يف غي موضع عىل تركهم النَّظر واالعتبار‪ ،‬ولوال‬
‫َ‬
‫الوصول إىل عواقب األمور بالتَّأمل ونظر العقول ملا عوتبوا بُّتكه كام قال سبحانه‪﴿ :‬أ َو َمل ْ‬
‫َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فك َ ِ‬ ‫َي ِس ُيوا ِيف ْاألَ ْر ِ‬
‫َان َعاق َب ُة ا َّلذي َن من َق ْبله ْم﴾[الروم‪ ،]9 :‬وقال‪﴿ :‬أ َو َمل ْ‬ ‫ض َف َين ُظ ُروا َك ْي َ‬
‫﴿و َقا ُلوا َل ْو ُكنَّا ن َْس َم ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُن َع ِّم ْر ُك ْم َما َيت ََذك َُّر فيه َم ْن ت ََذك ََّر َو َجا َء ُك ُم النَّذير﴾ [فاطر‪ ،]37 :‬وقال‪َ :‬‬

‫( ) َبدَ ا َي ْبدُ و ُبدُ ًوا َظ َه َر‪ .‬املصباح املني(‪.)43/1‬‬


‫‪136‬‬

‫( )هامش ‪49‬‬ ‫‪137‬‬

‫ذهب مجهور أئمتنا خصوصا العراقيني منهم وهم أعرف بمذهب أيب حنيفة وأصحابه وآلف بمأخذه أن‬
‫احلسن والقبح عقليان عىل املعنى الذي بني يف الَّشح وتابعهم يف ذلك أبو املنصور املاتريدي والقايض أبو‬
‫زيد الدبويس وفخر اإلسالم البزدوي وغيهم‪ ،‬ووافقهم من الشافعية أبو بكر الشايش الق ّفال وأبو بكر‬
‫الفاريس وأبو بكر الصييف واحلليمي والقايض أبو حامد وغيهم ( وذهب مجهور الشافعية إىل أهنام‬
‫شعيان ووافقهم من أصحابنا شمس األئمة الّسخيس وفخر الدين قاضيخان رمحهم اهلل‪ .‬منه سلمه اهلل‬
‫واعلم أن مجهور احلنفية من أهل السنة واجلامعة قائلون بعقلية احلسن والقبح ووجوب قض ِّية احلكمة‪،‬‬
‫وما هو األمحد جلملة الُب َّية عن اهلل تعاىل لكامل علمه ومتام قدرته وباهر كرمه وتناهي جوده وفضله‪.‬‬
‫واألشاعرة ملا كانوا يف جانب من هذه العقيدة احل َّقة وال سيام ِّ‬
‫املتأخرون منهم نسبوها إىل أهل االعتزال‬
‫وعدُّ وها من قواعدهم ال َّظاهرة الوبال عىل ما شحنوا به كتبهم‪ ،‬وعن هذا رموا مجاعة كثية من َّ‬
‫أجالء‬
‫الشديد املِحال وهم برئا ُء‪ ،‬منه‬
‫احلنفية وأل ِ َّباء نبالئهم‪ ،‬بل أبا حنيفة رمحه اهلل نفسه هبذا الدَّ اء العضال والنَّبز َّ‬
‫حاشاهم ثم حاشاهم‪ .‬منه سلمه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َأ ْو َن ْع ِق ُل َما ُكنَّا ِيف َأ ْص َح ِ‬
‫السع ِي ﴿‪َ ﴾13‬فا ْع َ َ‬
‫ُّت ُفوا بِ َذنْبِ ِه ْم﴾[امللك‪13 :‬ـ ‪ ،]11‬حيث‬ ‫اب َّ‬
‫السمع‪.‬‬ ‫جعل االعُّتاف بعدم التَّعقل اعُّتاف ًا َّ‬
‫بالذنب بعدَ م َّ‬

‫وال﴾[اإلرساء‪ ،]15 :‬قد ُمحِ َل عىل‬ ‫﴿و َما ُكنَّا ُم َع ِّذبِ َ‬


‫ني َحتَّى َن ْب َع َث َر ُس ً‬ ‫وقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫﴿وإِ َذا َأ َر ْدنَا َأ ْن ُهنْلِ َك َق ْر َي ًة َأ َم ْرنَا‬
‫عذاب االستئصال يف الدنيا‪ ،‬بدليل صيغة املايض‪ ،‬وقوله‪َ :‬‬
‫َاها تَدْ ِم ًيا ﴾[اإلرساء‪ ،]16 :‬عىل أنه ال ّ‬
‫يدل‬ ‫ِ‬ ‫مْ ِ‬
‫ُّتف َيها َف َف َس ُقوا ف َيها َف َح َّق َع َل ْي َها ا ْل َق ْو ُل َفدَ َّم ْرن َ‬
‫ُ َ‬
‫إال عىل عدم الوقوع‪.‬‬

‫نعم َّ‬
‫إن احلاكم يف األفعال والواضع للَّشائع هو اهلل تعاىل‪ ،‬والعقل ال يستلزم ُحك ًام‬

‫شعي ًا للعبد‪ ،‬خالف ًا للمعتزلة حيث زعموا أنه ع ّل ٌة موجب ٌة ملا استحسنه ّ‬
‫وحمرمة ملا استقبحه‬
‫أمارات جيري فيها النَّسخ والتَّبديل‪ ،‬ومل‬
‫ٌ‬ ‫ألهنا‬
‫عىل القطع والبتات فوق العلل الَّشعية َّ‬
‫جيوزوا أن يثبت بالَّشع ما ال يدركه العقل‪.‬‬
‫ّ‬

‫تتأخر يف احلصول خالف ًا للمعتزلة‪،‬‬


‫(واالستطاعة مع الفعل) وال تتقدّ م عليه وال ّ‬
‫والكرامية قالوا‪ :‬لو مل تتح ّقق إال حال وجود الفعل لزم إجياد املوجود وحتصيل احلاصل‬
‫والتكليف بام ال يطاق‪.‬‬

‫واجلواب‪ :‬أن املستحيل حتصيل احلاصل ال هبذا التّحصيل‪ ،‬واالستطاعة التي هي‬
‫سيْصح به املصنف رمحه اهلل‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫مناط التّكليف ليست هي هذه االستطاعة عىل ما‬

‫(وهي حقيقة القدرة التي يكون هبا الفعل) وحيصل بسببها عند حت ُّققها فال يمكن‬

‫فإن الع َّلة التَّامة واجلزاء ُّ‬


‫املتم هلا سواء كانت عقل ّي ًة أو شع ّي ًة يمتنع عنها‬ ‫خت ّلف الفعل عنها؛ َّ‬
‫خت ّلف املعلول ال حمالة‪ ،‬وألنَّه لوال ذلك ملا كان للخلق حاجة وفقر إىل اهلل تعاىل عند‬
‫﴿و َأ ْن ُت ُم ا ْل ُف َق َرا ُء﴾[حممد‪:‬‬ ‫ِ‬
‫﴿واهللَُّ ُه َو ا ْل َغن ُّي﴾ [فاطر‪َ ،]15 :‬‬
‫أفعاهلم(‪ ،)138‬وقد قال سبحانه‪َ :‬‬
‫‪.]38‬‬

‫(وقد يقع) ويطلق (هذا االسم) أي اسم االستطاعة (عىل سالمة األسباب) املؤ ِّدية‬
‫والراحلة بالنّسبة إىل‬ ‫كالزاد ّ‬ ‫إىل الفعل من مبادئه املذكورة فيام سلف (واآلالت) املُفضية إليه ّ‬
‫اع إِ َل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫احلج (واجلوارح) األعضاء كام يف قوله تعاىل‪﴿ :‬وهللَِّ َع َىل الن ِ ِ‬
‫َّاس ح ُّج ا ْل َب ْيت َم ِن ْ‬
‫اس َت َط َ‬ ‫َ‬
‫والراحلة‬
‫الزاد ّ‬ ‫َسبِ ًيال﴾[آل عمران‪َّ ،]97 :‬‬
‫فإن املراد هبا ليست حقيقة القدرة‪ ،‬بل املراد منها ّ‬
‫فّسه النّبي ﷺ فيام أخرجه احلاكم عىل شط الشيخني عن أنس ريض اهلل عنه‪( :‬قيل‬
‫عىل ما ّ‬
‫والراحلة)‪.‬‬
‫الزاد ّ‬
‫السبيل؟ قال‪َّ :‬‬
‫يارسول اهلل‪ :‬ما َّ‬

‫فإن قيل‪ :‬االستطاعة املذكورة صفة املك ّلف‪ّ ،‬‬


‫والسالمة صفة األسباب واآلالت‬
‫بالسالمة ومحلها عليها وكون املكلف بحيث‬
‫يصح تفسي االستطاعة ّ‬
‫ّ‬ ‫واجلوارح‪ ،‬فكيف‬
‫يسلم أسبابه وآالته وجوارحه ليس معنى سالمتها وإن استلزمته وشتان بينهام‪ ،‬قلنا‪ :‬أهنم‬
‫وإن فّسوا االستطاعة هبا إال أهنم تساحموا فيه‪ ،‬اعتامد ًا عىل ظهور املراد‪ ،‬وقصدوا منه ما‬
‫يفهم من كونه بحيث سلمت أسبابه وآالته وجوارحه‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ليس إال‬
‫بالسالمة ومناط ُه َ‬‫املفّس ّ‬‫(وصح ُة التَّكليف تعتمدُ عىل هذه اإلستطاعة) ّ‬ ‫ّ‬
‫ورصف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العبد إال القصدُ‬ ‫يكون من ِ‬
‫جهة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫السالمة ال‬ ‫ِ‬
‫العاجز‪ ،‬إذ بعدَ‬ ‫تكليف‬
‫ُ‬ ‫هي‪ ،‬فال يلز ُم‬
‫للضدين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تصلح َّ‬
‫ُ‬ ‫وإجياده‪ ،‬عىل أن القدر َة الواحد َة‬ ‫بخلق اهللِ تعاىل‬ ‫األعضاء‬ ‫املودعة يف‬ ‫القوى‬

‫( )قال ذو النون املْصي رمحه اهلل ‪ :‬مجيع اخللق حمتاجون إليه سبحانه يف كل َن َف ٍ‬
‫س ويف كل خطرة وحلظة‪,‬‬ ‫‪138‬‬

‫وكيف ال ووجودهم به وبقائهم به‪ ,‬أقول ‪ :‬وذلك مجلة أحواله ومجيع شؤونه يف باطن أجزائه وكامن‬
‫أفعاله وبارزه يف كل حلظة وآن ووقت وزمان‪ .‬منه سلمه اهلل‬
‫ِ‬
‫املأمور‬ ‫ِ‬
‫باش لضدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تكون القدر ُة املْصوف َة إىل‬
‫َ‬
‫فكان امل ُ‬ ‫اإليامن‪،‬‬ ‫ْصف إىل‬
‫ُ‬ ‫الكفر هي التي ُت‬ ‫بأن‬
‫ِ‬
‫ألجله(‪.)139‬‬ ‫فيستحق ّ‬
‫الذم والعقاب‬ ‫ُّ‬ ‫فعله‬ ‫ِ‬
‫وسوء ِ‬ ‫ِ‬
‫باختياره‬ ‫شاغال هلا يف ِ‬
‫غي موضعها‬ ‫ً‬ ‫ِبه‬

‫يثاب ولو َ‬
‫ترك‬ ‫بحيث لو ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫(وال يك ّل ُ‬
‫فعل ُ‬ ‫عليه‬ ‫عليه بأن يلز َم‬ ‫حيمل‬ ‫ف العبدُ ) وال‬
‫فيه‪ ،‬وإنّام يك ّلف ُه بام‬ ‫عليه ويتحرج ِ‬‫يضيق ِ‬ ‫وسعه) طاقت ُه وقدرت ُه ْبل ما‬ ‫ِ‬ ‫ليس يف‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يعاقب (بام َ‬
‫ُ‬
‫ف اهللَُّ َن ْف ًسا إِ َّال‬ ‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫﴿ال ُي َك ِّل ُ‬ ‫ِ‬
‫واملجهود‬ ‫دون مدى ال َّط ِ‬
‫اقة‬ ‫فيه طوقه ويتيّس ِ‬
‫عليه َ‬ ‫يتّسع ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ين ِم ْن َح َر ٍج﴾[احلج‪.]78 :‬‬ ‫﴿و َما َج َع َل َع َل ْي ُك ْم ِيف الدِّ ِ‬
‫ُو ْس َع َها﴾[البقرة‪َ ،]286 :‬‬
‫ِ‬
‫ذاته كجم ِع النّقيضني‬ ‫يمتنع يف‬ ‫ِ‬
‫ثالٍ مراتب‪ :‬ما‬ ‫اعلم أن ما ال يطيق ُه العبدُ عىل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫تتعلق ِبه القدر ُة‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫نفسه ولكن ال‬ ‫الواجب ُما ال تتع ّل ُق ِبه القدر ُة ً‬
‫أصال‪ ،‬وما يمك ُن يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخلق‬
‫ِ‬ ‫اجلبل والص ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كخلق اجلس ِم‪ ،‬أوعاد ًة‬‫ِ‬
‫السامء‪ ،‬وما يمك ُن صدور ُه‬ ‫عود إىل‬ ‫ّ‬ ‫كحمل‬ ‫احلادث ُة ً‬
‫رأسا‬
‫ِ‬ ‫امتنع ِ‬ ‫ِ‬
‫القدر بأن يتع ّل َق ُ‬
‫علم اهللِ سبحان ُه‬ ‫ُ‬ ‫القول وجري القضا ُء وميض‬ ‫لسبق‬ ‫َ‬ ‫العبد إال أن ُه‬ ‫من‬
‫األو َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جوازه ً‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫شعا‪ ،‬كام أن ّ‬ ‫ووقوعه ً‬ ‫عقال‬ ‫ألحد يف‬ ‫خالف‬
‫َ‬ ‫خالفه وال‬ ‫وإرادت ُه وقضاؤ ُه عىل‬
‫عقال‪ ،‬إذ العبا ُد‬ ‫جيوز ً‬ ‫اخلالف يف النو ِع الثاين فقالت األشعري ُة‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫يقع وفا ًقا‪ ،‬وإنام‬
‫جيوز وال ُ‬
‫ال ُ‬
‫وين بِ َأ ْس َام ِء‬
‫يقع ملا تلونا‪ ،‬وقول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬أنبِ ُئ ِ‬
‫وحيكم ما يريدُ ‪ ،‬وال ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فيفعل ما يشا ُء‬ ‫ُماليك ُه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫تعجيز‪.‬‬ ‫خطاب‬
‫ُ‬ ‫بتكليف بل‬ ‫َٰه ُؤ َالء﴾[البقرة‪َ ،]31 :‬‬
‫ليس‬

‫بتصديقه ِ‬
‫عليه الصال ُة والسال ُم فيام ُعلِ َم‬ ‫ِ‬ ‫تكليف أيب ٍ‬
‫هلب‬ ‫َ‬ ‫وما ذهب ِ‬
‫إليه بعضهم‪َّ :‬‬
‫بأن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫نفسه‬ ‫تكليف بأن يصدِّ ق ُه يف أن ال يصدِّ ق ُه و ُي ْذعن ما وجدَ يف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مجلته أن ُه ال يؤم ُن‪،‬‬ ‫َميئ ُه ومن‬
‫خالف الن ِ‬
‫َّص واإلمجاعِ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫مستحيل قط ًعا‬ ‫وهو‬
‫خالف ُه َ‬

‫عرض ال يبقى زمانني‪ ،‬فالقدر ُة‬ ‫ِ‬


‫لقوله القدر ُة ٌ‬ ‫تصلح للضدين‬ ‫ذهب إىل أن القدر َة ال‬
‫ُ‬ ‫ذهب من َ‬ ‫( )وإنام َ‬ ‫‪139‬‬

‫ِ‬
‫اآلخر ال س َّيام أهنم‬ ‫ُ‬
‫تكون مع الضدِّ‬ ‫غي التي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تكون مع أحد الضدين َ‬ ‫عرض ال يققى زمانني فالقدر ُة التي‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫للمحقق الطويس‬ ‫تلخيص املحص ِل‬ ‫ِ‬
‫الُّتك‬ ‫ِ‬
‫الفعل أو‬ ‫وبني مبدأ‬ ‫ِ‬
‫القدرة َ‬ ‫ال يفرقون بني‬
‫ُ‬
‫وصل إلي ِه‬
‫َ‬ ‫بخصوص أن ُه ال يؤم ُن‪ ،‬وإنام يك ِّلف ُه ِبه إذا‬
‫ِ‬ ‫بأن املُ َ‬
‫حال إذعان ُه‬ ‫وأزيح َّ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫اإلذعان اإلمجايل(‪.)143‬‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ُمنوع‪ ،‬وأما َ‬ ‫ِ‬
‫فالواجب َ‬
‫ُ‬ ‫الوصول‬ ‫قبل‬ ‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫بخصوصه َ‬

‫ِ‬
‫احلكمة تأبا ُه‪ ،‬إذ االبتال ُء إنام‬ ‫ألن قض َّي َة‬
‫يقع ش ًعا؛ َّ‬ ‫جيوز ً‬‫وقالت احلنفي ُة‪ :‬ال ُ‬
‫عقال وال ُ‬
‫ٍ‬
‫بحال‬ ‫عليه‪ ،‬فإذا َ‬
‫كان‬ ‫باختياره فيعاقب ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليه أو يُّتك ُه‬‫باختياره فيثاب ِ‬
‫ِ‬ ‫يتح َّق ُق فيام يفعل ُه العبدُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫معذورا يف االمتنا ِع فال يتح َّق ُق معنى‬ ‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫كان َمبورا عىل ِ‬
‫تركه‬ ‫ِ‬
‫الفعل من ُه َ‬ ‫ال يمك ُن وجو ُد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َال ُ َحت ِّم ْلنَا َما َال َطا َق َة َلنَا بِ ِه ﴾[البقرة‪،]286 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التكليف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫االبتالء وحكمة‬
‫تكليفه ِبه‪ ،‬ووافقنا‬
‫ِ‬ ‫َّازلة ملن قبلنا‪ ،‬ال عن‬ ‫لعقوبات الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتميل ما ال يطيق ُه من ا‬‫ِ‬ ‫استعا َذ ٌة عن‬‫ْ‬
‫عليه تعاىل عندهم‪.‬‬ ‫لح ِ‬ ‫األص ِ‬ ‫ِ‬ ‫املعتزل ُة بنا ًء عىل‬
‫وجوب ْ‬

‫ِ‬
‫بطريق‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وملَّا َ‬
‫قسموها إىل ما َ‬ ‫مذهب املعتزلة إسنا َد أفعال العباد إىل أنفسهم َّ‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫حركة ِ‬
‫اليد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ب عن‬‫املفتاح املس َّب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كحركة‬ ‫بطريق الت ِ‬
‫َّوليد‬ ‫ِ‬ ‫هو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املباشة كتحريك اليد‪ ،‬وإىل ما َ‬
‫ِ‬
‫بخلق اهللِ تعاىل‬ ‫أيضا‬
‫دات ً‬ ‫واستأنف الكالم ورصح بأن املتو ِّل ِ‬
‫َ‬ ‫ِّف الر َّد عليهم‪،‬‬
‫فأرا َد املصن ُ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫حيث َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫وإجياده عىل خالفهم ُ‬ ‫ِ‬

‫واإلنكسار يف الزُّ جاجِ‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‪،‬‬ ‫ب‬‫يب ََض ِ‬ ‫املَّض ِ‬
‫وب ُع َق َ‬ ‫(وما يوجدُ من األملِ يف ْ‬
‫ِ‬
‫واالنكسار لوقو ِع‬ ‫اخلالف إنام هو ِ‬
‫فيه‪ ،‬وأما ما يوجدُ من األملِ‬ ‫كرس إنسان) ق َّيد ِبه َّ‬
‫ألن‬ ‫ب ِ‬
‫َ‬ ‫عقي َ‬
‫ِ‬
‫املعرفة بعدَ‬ ‫ِ‬
‫كحصول‬ ‫أصال‪( ،‬وما أشب َه َ‬
‫ذلك)‬ ‫فيه ً‬ ‫للعبد ِ‬
‫ِ‬ ‫صنع‬ ‫ِ‬
‫نحوه‪ ،‬فال‬ ‫ِ‬
‫بطبعه أو‬ ‫ِ‬
‫احلجر‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مر من‬ ‫كسائر املوجودات املمكن ُة ملا َّ‬ ‫ُ‬
‫(ُملوق اهللِ تعاىل)‬ ‫اليقني بعدَ التَّقوى‬ ‫وثبوت‬ ‫النظر‬
‫ِ‬
‫للعبد صن ًعا‬ ‫ألن‬‫وإجياده وإنام ق َّيدَ ِبه َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ختليقه)‬ ‫ِ‬
‫للعبد يف‬ ‫(الصنع‬ ‫ِ‬
‫االدلة‬ ‫ِ‬
‫شمول الُباهني وعمو ِم‬
‫َ‬
‫أسباب حقيقي ٌة‬ ‫ِ‬
‫واألسباب‬ ‫ِ‬
‫الوجود والعد ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واملعلول ارتبا ًطا يف‬ ‫بني الع َّل ِة‬
‫كيف فإن َ‬‫يف ك َْس ِبه‪َ ،‬‬
‫ٌ‬
‫نحو‬ ‫ِ‬
‫واملسببات عىل ٍ‬ ‫األسباب‬ ‫خيلق اهللِ سبحان ُه‬
‫لك بأن َ‬ ‫ِ‬
‫لليشء‪ ،‬وذ َ‬ ‫ُ‬
‫حيصل االستعدا ُد‬ ‫هبا‬
‫َ‬

‫ٍ‬
‫لكبية يرتكبها بعدَ‬ ‫ِ‬
‫جلواز أن يدخلها‬ ‫ِ‬
‫خامتته‬ ‫ِ‬
‫وسوء‬ ‫ِ‬
‫كفره‬ ‫يدل عىل ِ‬
‫تأبيد‬ ‫النار ال ُ‬ ‫ِ‬
‫)ثم تباب ُه ودخوله َ‬ ‫َّ‬ ‫(‬ ‫‪143‬‬

‫ِ‬
‫اإليامن من ُه س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬
‫ألن‬ ‫ِ‬
‫بحسب استعدادها وقبوهلا‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األشياء ك ِّلها‬ ‫ويفيض الوجو ُد عىل‬ ‫الر َ‬
‫بط بينهام‬
‫ُ‬ ‫يقتيض ّ‬
‫ف‬‫جوزوا خت َّل َ‬
‫وبني مسبباَتا كام زعم ُه األشعرية‪ ،‬حتى َّ‬ ‫َ‬
‫ارتباط بينها َ‬ ‫األسباب عاد ّي ٌة حمض ٌة ال‬
‫َ‬
‫هو‬ ‫وغي َ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫إجياب الن ِ‬
‫ِ‬ ‫املعلول عن ع َّلت ِه الت ِ‬
‫َّامة وقالوا بعد ِم‬ ‫ِ‬
‫ذلك ُما َ‬ ‫َ‬ ‫املعرفة‬ ‫حيح حصول‬ ‫َّظر َّ‬
‫ِ‬
‫املكابرة‪.‬‬ ‫رصيح‬
‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واالنكسار‪ ،‬وإن‬ ‫بالكاسب كاألملِ‬ ‫بأن املتو ِّلدات ً‬
‫كثيا ما ال تقو ُم‬ ‫انتصارا هلم‪َّ :‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫وقيل‬
‫ِ‬
‫وعدمه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلصول بصنعنا‬ ‫ِ‬
‫بالنسبة إلينا يف‬ ‫ِ‬
‫كاملعرفة‪ ،‬إال أ َّن ُه ال َ‬
‫فرق بينهام‬ ‫قا َم بعضها ِبه‬
‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫قائام ِبه‪ ،‬وهلذا ال يتم َّك ُن العبدَ من عد ِم حصوهلا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ليس ً‬ ‫كاكتساب ما َ‬ ‫فيستحيل‬
‫ِ‬
‫االختيارية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األفعال‬

‫وعني النِّزاعِ‪،‬‬ ‫ِ‬


‫املسألة‬ ‫ِ‬
‫بالكاسب ّأو ُل‬ ‫قائام‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بأن استحال َة‬
‫وأجيب‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫يكون ً‬ ‫اكتساب ما ال‬
‫ُمنوع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األسباب‬ ‫ِ‬
‫مباشة‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫ِ‬
‫العبد َ‬
‫قبل‬ ‫وبأن عد َم متك ِ‬
‫ّن‬ ‫دليل قىض ِ‬
‫عليه باالمتناعِ‪َّ ،‬‬ ‫وأي ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫واسطة يمتنع تركه بعد متام ع َّلته‪.‬‬ ‫َ‬
‫الفعل بال‬ ‫وبعدها ال ينايف يف ِ‬
‫كونه مكتس ًبا‪ ،‬كام ّ‬
‫أن‬

‫(واملقتول م ّيت بأجله) املقدَّ ر له وهو ميقات بطالن حياته ع ّلة ما قدره اهلل سبحانه‬
‫﴿ول ِ ُك ِّل ُأ َّم ٍة َأ َج ٌل َفإِ َذا َجا َء‬
‫تصور خت ّلفه عنه كام قال اهلل تعاىل‪َ :‬‬ ‫وقىض به وحكم بوقوعه فال ُي ّ‬
‫ون﴾[األعراف‪ ،]34 :‬وفيه تأكيدٌ ومبالغة حيث‬ ‫ون َسا َع ًة َوال َي ْس َت ْق ِد ُم َ‬
‫َأ َج ُل ُه ْم ال َي ْس َت ْأ ِخ ُر َ‬
‫بالرضورة بعدما حان األجل‪ ،‬وما يف احلديث من َّ‬
‫أن‬ ‫جعل ّ‬
‫التأخر أبعد عن التَّقدم املستحيل َّ‬
‫الزيادة بحسب‬ ‫صلة الرحم تزيد يف العمر وأمثاله ظني ال يعارض القطع‪ّ ،‬‬
‫لعل املراد منه ّ‬
‫اخلي والُبكة عىل ما روي عن أيب الدرداء ريض اهلل عنه قال‪( :‬ذكرنا عند رسول اهلل ﷺ‬
‫﴿و َل ْن ُي َؤ ِّخ َر اهللَُّ َن ْف ًسا إِ َذا َجا َء َأ َج ُل َها﴾[املنافقون‪:‬‬
‫زيادة العمر يف الدنيا قال رسول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫‪ ] 11‬ولكن زيادة العمر ذرية صاحلة رزقها هلل العبد يدوعون له بعد موته ويلحقه دعاؤهم‬
‫يف قُبه‪ ،‬وذلك تأويل زيادة العمر)(‪ ،)141‬ال كام زعم املعتزلة‪ :‬من أن املقتول مقطوع األجل‬
‫والضامن‬
‫وقت هو أجل له‪ ،‬وأما وجوب القصاص والدّ ية ّ‬ ‫بمعنى أنه لو مل يقتل لعاش إىل ٍ‬
‫ُ‬
‫املنهي عنه ومباشته إياه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫عىل القاتل فالرتكابه‬

‫احلي أو ضدّ ها وقد يطلق عىل عدمها مطلق ًا كام يف قوله‬ ‫(واملوت) زوال احلياة عن ّ‬
‫ت َو ُخي ِْر ُج املَْ ِّي َت ِم َن‬
‫احلي ِمن املَْي ِ‬
‫﴿خي ِْر ُج ْ َ َّ َ ِّ‬
‫﴿و ُكنْ ُت ْم َأ ْم َواتًا َف َأ ْح َيا ُك ْم﴾[البقرة‪ُ ،]28 :‬‬
‫تعاىل‪َ :‬‬
‫ُملوق اهلل تعاىل) قيل‪ :‬هذا مبني عىل أنه وجودي كام هو‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫احل ِّي﴾[الروم‪( ،]19 :‬قائم بامل ّيت‬
‫ِ‬
‫مذهب اجل ّبائي لقوله تعاىل‪﴿ :‬ا َّلذي َخ َل َق املَْ ْو َت َو ْ َ‬
‫احل َيا َة ﴾[امللك‪ ،]2 :‬واألكثرون عىل أنه‬
‫عدمي‪ ،‬ومعنى خلقه تقديره أو املعنى أوجد احلياة وأزاهلا حسبام قدَّ رها‪ ،‬وال خيفى أن املوت‬
‫وإن كان عدم َّي ًا لكنه ليس عدم َّي ًا حمض ًا‪ ،‬بل له شائبة من الوجود باعتبار ارتباطه بمح ّله‪ ،‬عىل‬
‫صنع للعبد فيه) يف وقوع املوت‬
‫َ‬ ‫أن التأويل املذكور يساعده عبارة املصنف رمحه اهلل (ال‬
‫(ختليق ًا) إلختصاصه باهلل تعاىل (وال اكتساب ًا) لعدم مطاوعته ولزومه القطع أو ّ‬
‫الرضب‪ ،‬عىل‬
‫وتفرق األجزاء وزوال اتِّصال األعضاء ‪ ،‬وهو‬ ‫ّ‬
‫أن املُّتتّب عىل فعله وكسبه إنام هو االنقطاع ّ‬
‫ليس بموت‪.‬‬

‫ٍ‬
‫نفس يف زمانني خالف ًا للكعبي‬ ‫تصور تعدُّ ده بأن يمكن موت‬
‫(واألجل واحد) ال ُي ّ‬
‫من املعتزلة حيث قال‪( :‬إن للمقتول أجلني القتل واملوت‪ ،‬وأنه لو مل يقتل لعاش إىل أجله‬
‫الذي هو املوت‪ ،‬أو يمكن موت واحد عىل نحوين)‪ ،‬خالف ًا أليب اهلذيل العالف منهم حيث‬
‫زعم‪( :‬أن املقتول ال أجل له سوى القتل‪ ،‬ولو مل ُيقتل ملات بغيه يف وقت قتله)‪.‬‬

‫( )ابن حبان (ت ‪ ،)354‬املجروحني ‪[ • 416/1‬فيه] سليامن بن عطاء يروي عن مسلمة بأشياء‬ ‫‪141‬‬

‫موضوعة ال تشبه حديث الثقات فلست أدري التخليط فيها منه أو من مسلمة بن عبد اهلل • أخرجه‬
‫العقيّل يف «الضعفاء الكبي» (‪ ،)134/2‬وابن حبان يف «املجروحني» (‪ )369/1‬واللفظ له‪ ،‬والطُباين‬
‫يف «املعجم األوسط» (‪.)3349‬‬
‫قلنا‪ :‬كام أنه ال يمكن أن يموت يف غي وقته املقدّ ر‪ ،‬ال يمكن أن يموت بغي سببه‬
‫الرضورية البطالن؛‬
‫التقوالت َّ‬
‫جرأهم عىل أمثال تلك ُّ‬
‫املعني له يف القضاء والقدر‪ ،‬والذي َّ‬
‫َّ‬
‫أصلهم الفاسد من نفي القضاء والقدر وعموم اإلرادة وشمول القدرة‪ ،‬وإثبات االستقالل‬
‫وت إِالَّ بِإِ ْذ ِن‬ ‫َان لِنَ ْف ٍ‬
‫س َأ ْن َمت ُ َ‬ ‫للعبد يف أعامله وتفويض أمره إليه‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل‪َ ﴿ :‬و َما ك َ‬
‫أن للحيوان أج ً‬
‫ال‬ ‫ال ﴾[آل عمران‪ ،]145 :‬والذي ذهب إليه الفالسفة من َّ‬ ‫اهلل ِكتَا ًبا ُّم َؤ َّج ً‬
‫طبيعي ًا وهو وقت موته بتح ُّل ِل رطوبته وانطفاء حرارته‪ ،‬وآجاالً احُّتام ّي ًة بحسب اآلفات‬
‫قط يف ّاحتاد وقت املوت‬
‫فإهنم ال خيتلفون ّ‬ ‫يمس ّ‬
‫حمل النّزاع‪ّ ،‬‬ ‫املتوجهة إليه ال ّ‬
‫ِّ‬ ‫واألمراض‬
‫ٍ‬
‫بواحد من‬ ‫وسببه‪ ،‬وإنام حاصل كالمهم‪ّ :‬‬
‫أن احليوان إن كان اهلل سبحانه مل بقدّ ر له املوت‬
‫ال إىل مئة ومخس‬ ‫لبقي رطوبته ِ‬
‫اجلبِ ِّل َّية وحرارته الغريز ّية إىل مدّ ة‪ ،‬مث ً‬ ‫اآلفات واألمراض َ‬
‫وعَّشين سنة ويكون ذلك أجله املرضوب‪ ،‬ووقته املكتوب عىل ما ُيشعر به قوله تعاىل‪:‬‬
‫َاب﴾[فاطر‪ ،]11 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ص ِم ْن ُع ُم ِر ِه إِ َّال ِيف كِت ٍ‬ ‫ِ‬
‫﴿و َما ُي َع َّم ُر م ْن ُم َع َّم ٍر َو َال ُينْ َق ُ‬ ‫َ‬
‫﴿ َيدْ ُعو ُك ْم ل ِ َي ْغ ِف َر َل ُك ْم ِم ْن ُذ ُنوبِ ُك ْم َو ُي َؤ ِّخ َر ُك ْم إِ َىل َأ َج ٍل ُم َس ًمى﴾[إبراهيم‪ ،]13 :‬عىل شاكلة‬
‫ُبه‬
‫الرجل ثالٍ سنني فيجعله اهلل ثالثني سنة ب ّ‬
‫ما روي عىل النبي ﷺ‪( :‬أنه يكون عمر ّ‬
‫الرجل ثالثني سنة فيجعله اهلل ثالٍ سنني بقطعه‬
‫أبويه‪ ،‬أو صلة رمحه‪ ،‬ويكون عمر ّ‬
‫رمحه)(‪.)142‬‬

‫قال أبو بكر الكالباذي رمحه اهلل‪( :‬معناه أن يقدِّ ر اهلل لعبد أج ً‬
‫ال ثالثني سنة‪ ،‬ويقدَّ ر‬
‫له َّبر ًا وصلة رحم‪ ،‬ولو مل يقدّ ر ّبره وصلته مل يقدّ ر عمره إال ثالٍ سنني)‪.‬‬

‫شخص وساقه إليه سوا َء كان ِملك ًا له‬


‫ٍ‬ ‫(واحلرام ِرزق) ألنَّه ما قدَّ ره اهلل سبحانه غذا َء‬ ‫َ‬
‫أو ال‪ ،‬لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َما ِم ْن َدا َّب ٍة ِيف األَ ْر ِ‬
‫ض إِالَّ َع َىل اهللَِّ ِر ْز ُق َها ﴾[هود‪ ،]6 :‬فلو كان‬
‫منحْص ًا يف احلالل ملا كان اهلل رازق ًا لكثي من العباد‪.‬‬

‫العامل رقم(‪ ،)8691‬والفردوس بمأثور‬


‫( ) ينظر‪ :‬اجلامع الصغي للسيوطي رقم(‪ ،)4589‬وكنز ّ‬ ‫‪142‬‬

‫اخلطاب رقم(‪.)755‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿وُمَّا َر َز ْقن ُ‬
‫َاه ْم‬ ‫الرزق عىل امللك كام يف قوله تعاىل‪َ :‬‬‫نعم قد يطلق اسم ِّ‬
‫ٍ‬
‫بمملوك باء ك ّله املالك‪ ،‬أو بام ال يمنع عن االنتفاع‬ ‫ُي ِنف ُق َ‬
‫ون﴾[البقرة‪ ،]3 :‬وملّا ّ‬
‫فّسه املعتزلة‬
‫به‪ ،‬ذهبوا إىل أن احلرام ال يكون رزق ًا‪.‬‬

‫زق ِ‬
‫نفسه حالالً َ‬
‫كان أو‬ ‫(وكل) من اإلنسان وغيه من أنواع احليوانات ( َي ْستويف ِر َ‬‫ٌّ‬
‫ِ‬
‫تصور أن‬
‫الرزق‪( ،‬وال ُي ّ‬
‫مر من معنى ِّ‬ ‫حرام ًا) فال يزيد رزقه عىل عمره وال عمره عىل رزقه ملا َّ‬
‫ال يأكل إنسان رزقه أو يأكل غري رزقه)‪ ،‬المتناع التبدّ ل عىل قضاء اهلل وقدره‪.‬‬

‫ضل من يشاء) ِ‬
‫باخلذالن وتضييق صدره بإحداٍ هيئة يف نفسه‬ ‫(واهلل) سبحانه ( ُي ُّ‬
‫مترنه عىل استحباب الكفر واملعايص‪ ،‬واستقباح اإليامن وال ّطاعات بسبب غ ِّيه وإعراضه عن‬
‫ّ‬
‫صحيح النظر وإستفراغ الفكر ملا فيه من احلكمة الك ّل ّية واملصلحة اجلليلة‪ ،‬فهو بالنسبة إىل‬
‫الشخص الز ٌم من لوازم ما ساق إليه األحوال املاضية التي مل يكن بدَّ من وقوعها‪ ،‬وال من‬
‫توهم من ذلك‬
‫وقوع ما يتبعها لنقص املمكن يف حدِّ ذاته‪ ،‬وضيق وسعه ونطاق قدره‪ ،‬وال ُي ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ليشء من‬ ‫إستحقاق من جهة نفسه‬ ‫تصور ذلك إذا كان للمكن‬‫اجلور وال ّظلم؛ ألنه إنام ُي ّ‬
‫اجلهات الفعلية واحليثيات الوجودية‪.‬‬

‫وليس كذلك ويف التقييد باملشيئة‪ ،‬إشارة إىل أن اإلضالل ليس عبارة عن وجدان‬

‫العبد ضاالً أو تسميته ضاالً‪ ،‬كام ّ‬


‫يتقوله املعتزلة‪ ،‬إذ ال معنى حينئذ للتعليق هبا‪ ،‬وألن فيه‬
‫فوات حسن املقابلة بني اإلضالل واهلداية‪ ،‬واملفهوم من اآليات واملعلوم من املجاورات‬
‫وجودها‪.‬‬

‫(وهيدي) بالتوفيق وشح الصدر (من يشاء) أشار بذلك إىل أن املراد من اهلداية‬
‫ليس بيان طريق احلق فقط كام هو مذهب املعتزلة ألنه عام‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بلطف واإلرشاد ال بعنف وهداية اهلل سبحانه‬ ‫وحتقيق املقام‪ :‬أن اهلداية هي الداللة‬
‫اخللق إرشاده إىل جلب كامله املمكن له‪ ،‬وتوجيهه إىل حتصيل املنفعة املنوطة به‪ ،‬بتعريف‬
‫كيفية اإلرتفاق بام أعطاه باالختيار أو بالطبع‪ ،‬ثم إهنا وإن كثرت من أن يدخل حتت عدد من‬
‫حيث النوع‪ ،‬إال أن أجناسها الشاملة هلا تنحْص مرتَّبة يف أربع‪:‬‬

‫األول‪ :‬إفاضة القوى املمكنة من االهتداء اىل املصالح‪ ،‬كالعاقلة واملشارع الظاهرة‬
‫يش ٍء َخ ْل َق ُه ُث َّم َهدَ ى ﴾[طه‪.]53 :‬‬ ‫ِ‬
‫والباطنة وإليه أشار تعاىل بقوله‪ ﴿ :‬ا َّلذي َأ ْع َطى ُك َّل َ ْ‬

‫والثاين‪ :‬إقامة الدالئل الفارقة بني احلق والباطل والصالح والرشاد وإليه أشار‬
‫﴿و َهدَ ْينَا ُه الن َّْجدَ ْي ِن﴾ [البلد‪.]13:‬‬
‫بقوله‪َ :‬‬

‫َاه ْم َأ ِئ َّم ًة‬


‫﴿و َج َع ْلن ُ‬
‫والثالث‪ :‬الدعوة بإرسال الرسل وإنزال الكتب وإياه عنى بقوله‪َ :‬‬
‫آن َ ُْي ِدي ل ِ َّلتِي ِه َي َأ ْق َو ُم ﴾[اإلرساء‪.]7 :‬‬
‫ون بِ َأ ْم ِرنَا﴾ [األنبياء‪ ]73 :‬و ﴿ إِ َّن َٰه َذا ا ْل ُق ْر َ‬
‫َ ُْيدُ َ‬

‫الصدور وكشف الّسائر عن القلوب وإرا َءة األشياء عىل ما هي‬ ‫والرابع‪ :‬شح ّ‬
‫عليها‪ ،‬وهذا القسم ُما خيتص بنيله األنبياء واألولياء إياه بقوله ﴿ ُأو َل ِئ َك ا َّل ِذي َن َهدَ ى ا َُّ‬
‫هلل‬
‫اهدُ وا فِينَا َلن َْه ِد َين َُّه ْم‬ ‫ِ‬
‫﴿وا َّلذي َن َج َ‬
‫َ‬ ‫َفبِ ُهدَ ُاه ُم ا ْقت َِد ْه﴾[األنعام‪ ،]93 :‬وقوله‪:‬‬
‫ُس ُب َلنَا﴾[العنكبوت‪ ،]69 :‬واهلداة من العباد األنبياء والعلامء الدعا ُة إىل السعادة األخروية‬
‫ِ‬
‫وتدبيه‬ ‫ِ‬
‫قدرته‬ ‫حتت‬
‫رون َ‬ ‫مسخ َ‬ ‫َّ‬ ‫والْصاط املستقيم‪ ،‬بل اهللُ اهلادي هلم عىل ألسنتهم وهم‬
‫قال‪﴿ :‬إِن ََّك َال َ َْت ِدي َم ْن َأ ْح َب ْب َت َو َٰلكِ َّن اهللََّ َ ُْي ِدي َمن َي َشا ُء َو ُه َو َأ ْع َل ُم بِاملُْ ْهت َِدي َن﴾ [‬
‫حيث َ‬
‫ُ‬
‫سورة القصص‪.]56 :‬‬

‫ِ‬
‫للعبد‬ ‫ِ‬
‫بكونه‬ ‫فليس َ‬
‫ذلك بواجب عىل اهللِ تعاىل) ق َّيد األصلح‬ ‫ِ‬
‫األصلح للعبد َ‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫(وما َ‬
‫ِ‬
‫احلكمة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلصول يف‬ ‫واجب‬ ‫ِ ( ‪)143‬‬ ‫ِ‬
‫بالنسبة إىل الفطرة‬ ‫األصلح‬ ‫بكونه ِ‬
‫عليه تعاىل‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬ ‫والوجوب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلود‬ ‫ِ‬
‫القدرة العجز عن ُه‪ ،‬وإىل متا ِم‬ ‫ِ‬
‫شمول‬ ‫اجلهل ِبه‪ ،‬وإىل‬
‫ُ‬ ‫يمتنع‬ ‫بالنظر إىل ِ‬
‫كامل العا ِم‬ ‫ِ‬ ‫فإن‬
‫ُ‬

‫تبديل ِ‬
‫خللق اهللِ" واملعنى أن ُه‬ ‫قوله " ال َ‬ ‫( ) فطر َة اهللِ أي التزموا فطرة اهللِ والفطر ُة اخللق ُة أال ترى إىل ِ‬ ‫‪143‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫للنظر‬ ‫مساو‬ ‫للعقل‬ ‫لكونه َماوبا‬ ‫ودين اإلسال ِم َ‬
‫غي نائني عن ُه وال منكرين ل ُه‬ ‫للتوحيد‬ ‫قابلني‬
‫َ‬ ‫خلقهم‬
‫ِ‬
‫سورة الروم‪.‬‬ ‫َ‬
‫مدارك من‬ ‫آخر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصحيح حتى لو ُتركوا ملا اختاروا عليه دينًا َ‬
‫ِ‬
‫فهو تعاىل ُيراعي احلكم َة ويوجدُ األشيا ُء عىل حسبها‪ ،‬وال ُي ّ‬
‫تصو ُر من ُه‬ ‫والكر ِم البخل به‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫وإحسانه‪.‬‬ ‫هو ُ‬
‫فضل اهللِ‬ ‫َ‬
‫وذلك َ‬ ‫إمهاهلا‪،‬‬

‫ِ‬
‫بالصالح‬ ‫ِ‬
‫والقبح وال‬ ‫ِ‬
‫باحلسن‬ ‫َّصف‬ ‫ِ‬
‫لخأشعرية فإهنم زعموا‪ :‬أن اليش َء ال يت ُ‬ ‫خال ًفا‬
‫ِ‬
‫وخلقه إيا ُه‪.‬‬ ‫باعتبار ِ‬
‫إجياد اهللِ تعاىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والصالح‬ ‫ِ‬
‫باحلسن‬ ‫نفسه‪ ،‬وإنام ُحيكم ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفساد يف‬
‫ُ‬
‫للعبد واجب ِ‬
‫عليه تعاىل‪ ،‬ومجهورهم اجُّتأوا‬ ‫ِ‬ ‫األصلح‬ ‫ُ‬
‫حيث زعموا‪ :‬أن‬ ‫واملعتزل ُة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ومال بعضهم إىل‬ ‫ِ‬
‫العقل‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بالُّتك عندَ‬ ‫ِ‬
‫والعقاب‬ ‫ِ‬
‫استحقاق َّ‬
‫الذ ِم‬ ‫ِ‬
‫بالوجوب بمعنى‬ ‫ِ‬
‫القول‬ ‫عىل‬
‫ِ‬
‫الثواب من‬ ‫تعريض‬
‫ُ‬ ‫فقال بعضهم‪( :‬الواجب ِ‬
‫عليه تعاىل‬ ‫اللزو ِم العقّل وبعضهم إىل العادي‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫التكليف)(‪.)144‬‬ ‫ِ‬
‫تقدير‬ ‫الكفر عىل‬ ‫عل ِم من ُه‬
‫َ‬

‫القاسم الكعبي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫هلل تعاىل نفع ُه)‪َ ،‬‬
‫وقال أبو‬ ‫اجلبائي‪( :‬بل رعاي ُة ما َ‬
‫علم ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقال أبو عّل‬‫َ‬
‫ِ‬
‫بالنسبة إىل نظا ِم‬ ‫ِ‬
‫الشخص ال‬ ‫ِ‬
‫بالنسبة إىل‬ ‫ِ‬
‫والتدبي)‪ ،‬يعني‬ ‫ِ‬
‫احلكمة‬ ‫األوفق يف‬ ‫هو‬
‫ُ‬ ‫(الواجب ما َ‬‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األول تعاىل بكيف ّي ِة ا‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ترتيب‬ ‫لصواب يف‬ ‫(علم‬
‫ُ‬ ‫حيث قالوا‪:‬‬ ‫احلكامء‬ ‫مذهب‬
‫ُ‬ ‫العاملِ كام َ‬
‫هو‬
‫ٍ‬
‫قصود‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫طلب من ُه تعاىل وانبعاٍ‬ ‫غي‬ ‫ِ‬
‫واجلود من ِ‬ ‫اخلي‬ ‫ِ‬
‫لفيضان ِ‬ ‫ِ‬
‫الوجود ُمستَتبِ ٌع‬

‫اجلبائي وربيب ُه‪ ،‬وجرت بينهام‬


‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫أبواحلسن األشعري رمح ُه اهللُ تلميذ أيب عّل‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ُب جانب عل ِم‬ ‫ِ‬
‫املسألة‪ ،‬فألز َم استاذ ُه َ‬ ‫مناظر ٌة يف ِ‬
‫مات عاص ًيا إن ُاعت َ‬ ‫ِ‬
‫األصلح فيمن َ‬ ‫ترك‬ ‫هذه‬
‫ِ‬
‫مذهبه َ‬
‫ومال‬ ‫َ‬
‫وترك‬ ‫فاعرض عن ُه‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بجواب‪،‬‬ ‫صغيا إن مل ُيعتُب ومل خيرج عن ُه‬ ‫مات‬‫اهللِ‪ ،‬وفيمن َ‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫واحلارٍ بن أسد‬ ‫ِ‬
‫العباس القالنيس‪،‬‬ ‫وانحاز إىل عبد اهللِ بن سعيد َّ‬
‫الكاليب‪ ،‬وأيب‬ ‫َ‬ ‫إىل السن َِّة‬

‫فذهب احلكام ُء‬ ‫ِ‬


‫باألغراض أم ال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أفعاله سبحان ُه وتعاىل هل هي معلل ًة‬ ‫)اعلم أهنم اختلفوا يف‬ ‫(‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫‪144‬‬

‫وذهب احلنفي ُة‬ ‫ِ‬


‫بالغي‬ ‫ً‬
‫مستكمال‬ ‫ِ‬
‫بالذات‬ ‫ناقصا‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫معللة ً‬ ‫واألشعري ُة إىل أهنا غي‬
‫َ‬ ‫يكون ً‬ ‫أصال‪ ،‬وإال لز َم أن‬
‫ِ‬
‫بالذات‬ ‫ِ‬
‫النقصان‬ ‫مفارقة عن ِ‬
‫ذاته سبحان ُه حتى يلز َم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بأغراض‬ ‫ليس‬ ‫ُ‬ ‫والصوفي ُة إهنا معلل ٌة لكن‬
‫التعليل َ‬
‫ِ‬
‫العلل‬ ‫ِ‬
‫لسائر‬ ‫ِ‬
‫صفاته عل ًة‬ ‫ِ‬
‫وكامل‬ ‫ذاته فإنه سبحانه ِ‬
‫بذاته‬ ‫بالغي بل معلل ًة بام هو ليس غي ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالستكامل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واختياره‪ .‬من ُه س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بإرادته‬ ‫ِ‬
‫خملوقاته‬ ‫موجب جلمي ِع‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫قاعدة‬ ‫ويذهب عن طريقتهم فنْص مذهبهم عىل‬ ‫ِ‬
‫السلف‬ ‫ُ‬
‫يناضل عن‬ ‫املحاسبي‪ ،‬وأمثاهلم ُمن‬
‫ُ‬
‫دخل الكالم بني ِ‬
‫أهل‬ ‫فكان هذا ّأو ُل ما َ‬ ‫َ‬ ‫وناظر املعتزل ُة عىل مناهجهم بام َ‬
‫أخذ عنهم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كالمية‪،‬‬
‫َ‬
‫كان حممو ًدا عندهم‪ ،‬ولكن ُه ربام يتخ ّطى‬ ‫هو من صناعتهم وال َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السنة واجلامعة وإال فلم يكن َ‬
‫ِ‬
‫بالتزييف‬ ‫ِ‬
‫عليه‬ ‫ولذلك عدَّ أئمتنا احلنفي ُة مذهب ُه مذه ًبا منفر ًدا ور ُّدوا‬
‫َ‬ ‫مذهب السلف‪،‬‬‫ِ‬ ‫عن‬
‫ِ‬
‫أصحابه‪.‬‬ ‫تعمل ُه آرا ُء‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫منحول عليه قد ّ‬ ‫مواضع‪ ،‬إال أن أكثرها‬
‫َ‬ ‫واإلبطال يف‬

‫ِ‬
‫أفعاله وال مستح ًقا‬ ‫خمتارا يف‬ ‫كان ما يفعل ُه شي ًئا واج ًبا عن ُه ملا َ‬
‫يقال‪ :‬لو َ‬ ‫ال ُ‬
‫كان سبحان ُه ً‬
‫ِ‬
‫امتنانه عىل‬ ‫ِ‬
‫الرسل فوق‬ ‫ِ‬
‫إنعامه وملا َ‬
‫كان امتنان ُه عىل أويل العز ِم من‬ ‫ِ‬
‫والثناء يف‬ ‫ِ‬
‫والشكر‬ ‫ِ‬
‫للحمد‬
‫جهل‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أمثال أيب‬

‫االختيار‪ ،‬بل يؤكّد ُه كام ال‬ ‫ِ‬


‫واإلرادة ال ينايف‬ ‫ِ‬
‫والقدرة‬ ‫نقول‪ :‬الوجوب بالعل ِم‬ ‫ألنا ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ليشء من‬ ‫ِ‬
‫املمكن شائب ُة استحقاق‬ ‫وسبق القول‪ ،‬وملا مل يكن يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بسبب العل ِم‬ ‫الوجوب‬ ‫ينافيه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإلحسان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفضل‬ ‫خي ل ُه غاي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو ٌ‬‫جهة نفسه واقتضا ٌء ل ُه بذاته فإعطاؤ ُه ما َ‬
‫ِ‬
‫أفعاله تعاىل‬ ‫ِ‬
‫وإمهال‬ ‫ِ‬
‫األشياء وقبحها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫ِ‬
‫اخلالف يف‬ ‫تتشعب من‬ ‫واملسأل ُة‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مغاير ل ُه سبحان ُه خال ًفا‬ ‫ليس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫بأمر‬ ‫حق‪ ،‬خال ًفا لخأشاعرة لكن ُه َ‬ ‫والتعليل عندنا ٌ‬ ‫وتعليلها‬
‫ً‬
‫عاطال‪ ،‬وتعاىل أن يغي ُه‬ ‫ِ‬
‫احلكمة‬ ‫ُ‬
‫يكون فعل ُه عن‬ ‫ٍ َخل ًقا ً‬
‫باطال‪ ،‬أو‬ ‫سبحان أن ُحيد َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫للمعتزلة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫بواعث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفعل‬ ‫ُ‬
‫احلوادٍ وحيمل ُه عىل‬

‫خلق الدنيا‬ ‫هلل تعاىل َ‬ ‫ِ‬


‫(األمد األقىص)‪( :‬إن ا َ‬ ‫هلل يف‬
‫زيد الدّ بويس رمح ُه ا ُ‬ ‫قال اإلمام أبو ٍ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫بقدر وحك ٍم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مقرون‬ ‫ٍ‬
‫واختيار‬ ‫ٍ‬
‫تدبي‬ ‫ِ‬
‫االبتالء عن‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ٍ‬
‫وعمل عىل‬ ‫ٍ‬
‫وفناء‬ ‫وح ّج ٍة‬ ‫ٍ‬
‫دار شبهة ُ‬ ‫َ‬
‫وفاق ِ‬
‫عمل‬ ‫ٍ‬
‫وجزاء عىل ِ‬ ‫ٍ‬
‫وخلود‬ ‫دار يقني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ماض عليهم يف القسمة واجب يف احلكمة‪ ،‬واآلخر ُة ُ‬
‫عبث‪ ،‬وعىل فناء بعدَ أن محدت عاقبت ُه‬ ‫محيدة ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عاقبة‬ ‫الصنع بال‬ ‫(وذلك َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫العبد)‪ ،‬ثم َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الشاهد عاقب ٌة‬ ‫ِ‬
‫والعجز والسفه‪ ،‬وما للصن ِع يف‬ ‫ِ‬
‫العبث‬ ‫مبدع ال َع َاملِ عن‬ ‫عجز أو سف ٌه‪ ،‬وتعاىل‬ ‫ٌ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بجالله‪،‬‬ ‫بذلك الصن ِع ل ُي َ‬
‫عرف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ظهوره‬ ‫عقال إال قوا ِم مصلح ُة الصان ِع ل ُه يف حاله أو‬
‫محيد ٌة ً‬
‫وتعاىل اهللُ عن األوىل فتع َّينت األخرى)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األغلب‪ ،‬وإال‬ ‫يكون للميت بعدَ ما ُق ِ َ‬
‫ُب يف‬ ‫ُ‬ ‫(وعذاب القرب) بمعنى العذاب الذي‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعذاب‬ ‫املقبور من التَّنعيم‬
‫ُ‬ ‫أصاب ما يصيب ُه‬‫َ‬ ‫السباع‬
‫ُ‬ ‫واحلريق ومن أكلت ُه‬ ‫ُ‬ ‫والغريق‬
‫ُ‬ ‫فاملصلوب‬
‫ُ‬
‫السا َع ُة َأ ْد ِخ ُلوا َآ َل‬ ‫ِ‬
‫ون َع َل ْي َها ُغدُ ًوا َو َعش ًيا َو َي ْو َم َت ُقو ُم َّ‬
‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪﴿ :‬الن َُّار ُي ْع َر ُض َ‬ ‫(للكافرين)‬
‫عليه الصال ُة والسال ُم‪:‬‬ ‫لقوله ِ‬ ‫ِ‬ ‫عصاة املؤمنني)‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ولبعض‬ ‫اب﴾[غافر‪،]46 :‬‬ ‫فِ ْر َع ْو َن َأ َشدَّ ا ْل َع َذ ِ‬

‫القُب من ُه)‪.‬‬‫عذاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن عام َة‬ ‫ِ‬


‫البول َّ‬ ‫(استنزهوا من‬

‫ذنب ل ُه)(‪،)145‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الذنب كمن ال َ‬ ‫ّائب من‬
‫مات عىل العصيان‪ ،‬وإال فـ (الت ُ‬ ‫واملرا ُد الذي َ‬
‫قال‪َ ﴿ :‬ي ْغ ِف ُر‬
‫حيث َ‬ ‫ِ‬
‫مشيئة اهللِ تعاىل‪ُ ،‬‬ ‫مفو ٌض إىل‬ ‫ٍ‬
‫مات بال توبة فأ ْمر ُه َّ‬ ‫ِ‬
‫بالبعض َّ‬
‫ألن من َ‬ ‫ص‬ ‫ُخ َّ‬
‫َمل ِ ْن َي َشا ُء َو ُي َع ِّذ ُب َم ْن َي َشا ُء ﴾[آل عمران‪.]149 :‬‬

‫العذاب اقتدا ًء‬ ‫ِ‬ ‫الطاعة يف القرب) نَسب التَّنعيم ِ‬


‫إليه تعاىل وأمهل‬ ‫ِ‬ ‫ْعيم ُ‬
‫أهل‬
‫(‪)146‬‬
‫َ َ‬ ‫(و َتن ُ‬
‫ِ‬
‫املعرفة‬ ‫ِ‬
‫العبد يف‬ ‫ِ‬
‫بتوفيق‬ ‫هلل‬
‫فضل من ا ِ‬‫وإشعارا بأن ُه ٌ‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بآداب‬ ‫ِ‬
‫القرآن وتأد ًبا‬ ‫ِ‬
‫بأساليب‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫العذاب فإن ُه إنام يوجب ُه تفريط‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫الفوز والكرامة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫إليه من‬ ‫ساق ِ‬ ‫والطاعة‪ ،‬وما َ‬‫ِ‬

‫﴿و َال َ ْحت َس َب َّن‬ ‫ِ‬ ‫املمكن إذا ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫خّل وطبعه لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫يلحق‬
‫ُ‬ ‫وعقائده الذي‬ ‫أعامله‬ ‫وتقصي ُه يف‬
‫َاه ُم اهللَُّ ِم ْن‬ ‫ون (‪َ )169‬ف ِر ِح َ‬
‫ني بِ َام آت ُ‬ ‫يل اهللَِّ َأ ْم َواتًا َب ْل َأ ْح َيا ٌء ِعنْدَ َر ِّ ِهب ْم ُي ْر َز ُق َ‬‫ا َّل ِذي َن ُقتِ ُلوا ِيف َس ِب ِ‬

‫( )( كام يف قوله تعاىل " فريق ًا هدى وفريق ًا حق عليهم الضاللة" وقوله جل ذكره " لكيال تأسوا عىل ما‬ ‫‪145‬‬

‫فاتكم وال تفرحوا بام آتاكم" وقوله سبحانه " أش أريد بمن يف األرض أم أراد رهبم هبم رشدا" إىل غي‬
‫ذلك من اآليات ‪ .‬منه سلمه اهلل‪.‬‬
‫( كام فيام حكاه عن ابراهيم عليه السالم من قوله " وإذا مرضت فهو يشفني"‬
‫" وأيوب إذ نادى ربه أين مسني الشيطان بنصب وعذاب" وقوله " أين مسني الرض وأنت ارحم‬
‫الرامحني" منه سلمه اهلل‬
‫( ) يف األصل‪ :‬امهال‪.‬‬ ‫‪146‬‬
‫ِ‬ ‫ُب روض ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫رياض‬ ‫َف ْضله﴾[آل عمران‪169 :‬ـ ‪ ،]173‬وقوله عليه الصال ُة والسال ُم‪( :‬الق ُ‬
‫ِ‬
‫البدن‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫للروح أو‬ ‫ف يف أن ُه‬
‫حفر النيان)‪( ،‬بام يعلم ُه اهللُ ويريد ُه) واخ ُتل َ‬ ‫ِ‬
‫اجلنة أو حفر ٌة من ِ‬
‫ِ‬
‫البدن أم ال‪.‬‬ ‫الروح إىل‬ ‫احلياة ِ‬
‫فيه سوا ًء ُأعيدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخلق نو ٍع من‬ ‫كليهام‬
‫ُ‬

‫امليت أتا ُه ملكان‬ ‫ُب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫ُ‬ ‫(وسؤال منكر ونكري) لقوله عليه الصال ُة والسال ُم‪( :‬إذا ق َ‬
‫تقول‪ )...‬احلديث‪.‬‬ ‫كنت ُ‬ ‫النكي‪ ،‬فيقوالن ما َ‬ ‫ِ‬
‫ولخأخر‬ ‫املنكر‬
‫ُ‬ ‫أسودان أزرقان ُ‬
‫يقال ألحدمها‬
‫ُ‬
‫بالدالئل الس ِ‬
‫الصادق عىل ما نطقت هبا‬ ‫ُ‬ ‫ُب هبا‬ ‫أمور ُمكن ٌة أخ َ‬
‫ٌ‬ ‫معية) ألهنا‬ ‫ِ َّ‬ ‫(ثابت‬
‫ِ‬
‫قدرة اهللِ تعاىل‬ ‫ِ‬
‫وجهله باتسا ِع‬ ‫ِ‬
‫حوصلته‬ ‫ِ‬
‫لضيق‬ ‫أنكر‬ ‫ُ‬
‫واألحاديث‪ ،‬ومن أنكرها فإنام َ‬ ‫اآليات‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وجُبوته مل‬ ‫ِ‬
‫قدرته‬ ‫ِ‬
‫وغرائب‬ ‫ِ‬
‫وملكوته‬ ‫ِ‬
‫ملكه‬ ‫ِ‬
‫عجائب‬ ‫ِ‬
‫وصنعته‪ ،‬ومن تأ َّم َل يف‬ ‫ِ‬
‫تدبيه‬ ‫وعجائب‬
‫الصور التي‬ ‫نشأة تشاهدُ‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬‫للنفس نشآت هي يف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫فإن‬ ‫ِ‬
‫وأمثاله‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫قبول هذا‬ ‫يستنكف عن‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فكذلك تشاهدُ‬ ‫ِ‬
‫اليقظة‪،‬‬ ‫صورا يف املنا ِم ال تشاهدها يف‬ ‫تلك النّشأ ُة‪ ،‬فكام أهنا تشاهدُ‬‫تقتضيها َ‬
‫ً‬
‫روي عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يشي إليه ما َ‬ ‫أمورا مل تكن تشاهدها يف حال احلياة‪ ،‬عىل ما ُ‬ ‫بعدَ املفارقة عن البدن ً‬
‫ِ‬
‫الشجر‬ ‫النار يف‬
‫(الناس نيا ٌم فإذا ماتوا انتبهوا)(‪ ،)147‬و من أخفى َ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬‫حيث َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه ُ‬ ‫عّل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الصحابة إن‬ ‫ولك أسو ٌة يف‬ ‫امليت‪َ ،‬‬ ‫بدن ِ‬ ‫العذاب والتّنعي ِم يف ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إخفاء‬ ‫قادر عىل‬‫األخرض فهو ٌ‬
‫عليه السالم‪ ،‬وأنه ِ‬
‫عليه السال ُم يشاهد ُه وما كانوا‬ ‫بنزول جُبيل ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫يؤمنون‬ ‫صدَّ قت فإهنم كانوا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وهو يتأمل ُ بذل َك حتّى يرى نفس ُه يف النو ِم‬ ‫ِ‬ ‫يشاهدون ُه‪ ،‬أال ترى َّ‬
‫النائم يرى يف نومه ح ّية َ‬‫َ‬ ‫أن‬
‫نفسه‪ ،‬ويتأ ّذى ِبه كام يتأ ّذى‬
‫ِ‬ ‫ذلك يدرك ُه يف‬‫كل َ‬‫ينزعج من مكان ُه ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويعرق جبين ُه‪ ،‬وربام‬ ‫يصيح‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِبه‬
‫وهي موجود ٌة يف‬ ‫وهو يشاهد ُه وأنت ترى ظاهر ُه ساكنًا وال ترى يف حواليه ح ّي ٌة َ‬ ‫ُ‬
‫اليقظان َ‬
‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ح ّق ِه‬
‫شاهد‪.‬‬ ‫حاصل ل ُه‪ ،‬ولكن ُه يف ح ّق َك َ‬
‫غي ُم‬ ‫والعذاب‬
‫ُ‬

‫( )مال عّل قاري (ت ‪ ،)1314‬األرسار املرفوعة ‪ • 353‬هو من قول عّل كرم اهلل وجهه‬ ‫‪147‬‬
‫ِ‬
‫املعتزلة‬ ‫سب إىل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫املتأخرين من املعتزلة ُحكى إنكار ُه عن رضار بن عمر و ُن َ‬
‫َ‬ ‫بعض‬
‫قال ُ‬
‫امليت مجا ٌد‬ ‫للحق بنا ًء عىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫ِّ‬ ‫السفهاء املعاندين‬ ‫ملخالطته إياهم وهم برا ٌء من ُه‪ ،‬وتبع ُه قو ٌم من‬
‫عرفت ما يزحي ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال حيا َة فيه‪ ،‬وقد َ‬

‫وأكثر من أن حتْص‪،‬‬ ‫نكر‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫أظهر من أن ُت ُ‬
‫ُ‬ ‫ّصوص الوارد ُة يف هذا املعنى‬
‫ُ‬ ‫وباجلملة الن‬
‫َ‬
‫املخالفون‪.‬‬ ‫يظهر‬ ‫الصاحلون َ‬
‫َ‬ ‫واتفق ِ‬ ‫وإن مل ْ‬
‫قبل أن َ‬ ‫السلف‬
‫ُ‬ ‫عليه‬ ‫َ‬ ‫التواتر‪،‬‬
‫َ‬ ‫يبلغ آحادها حدّ‬

‫ِ‬ ‫تفر َق من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عث) ْ ِ‬ ‫(وال َب ُ‬


‫األجزاء‬ ‫وذلك بجم ِع ما َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األرواح‬ ‫وإعادة‬ ‫األجساد‬ ‫بحَّش‬
‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫كان الشخص عليها يف الن ِ‬
‫َّشأة األوىل‪،‬‬ ‫اهليئة التي َ‬ ‫ِ‬ ‫بحيث حيص ُل َ‬
‫مثل‬ ‫ُ‬ ‫األص ِ‬
‫لية وتأليفها‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النفس إىل ٍ‬‫ِ‬
‫األو ُل عىل ما ُ‬
‫ينبئ عن ُه قول ُه تعاىل‪:‬‬ ‫والَّش ِع بدن ُه ّ‬ ‫العرف ّ‬ ‫بحسب‬ ‫بدن ُي َعدُّ‬ ‫عو ُد‬
‫خي ُل َق ِم ْث َل ُهم﴾ [يس آية‪ .]81 :‬وال‬ ‫ات و ْاألَر َض بِ َق ِ‬
‫اد ٍر َع َىل َأن َ ْ‬ ‫ِ‬
‫الس َام َو َ ْ‬
‫ِ‬
‫﴿ َأ َو َل ْي َس ا َّلذي َخ َل َق َّ‬
‫ني يف حم ّل ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إعادة املعدو ِم عىل ما ُب ِّ َ‬ ‫امتناع‬
‫ُ‬ ‫ينايف َ‬
‫ذلك‬

‫الَّش ُع‬
‫رص َح هبام ّ‬ ‫والعقاب اللذ َين َّ‬
‫َ‬ ‫والثواب‬
‫َ‬ ‫واحلكام ُء وإن مل يثبتوا املعا َد اجلسامين‪،‬‬
‫ِ‬
‫املمكنات‪ ،‬ومحلوا‬ ‫الَّشيع ُة بل جعلوها من‬ ‫حيث ّ‬ ‫ُ‬ ‫حيث احلكم ُة‪ ،‬فلم ينكروها من‬ ‫ُ‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫احلكمية وال‬ ‫ِ‬
‫لخأصول‬ ‫ليس خمال ًفا‬ ‫ورصحوا بأن َ‬
‫ذلك َ‬ ‫َّ‬ ‫النصوص الوارد َة فيها عىل ظواهرها‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫كتابيه (الشفاء))‪:‬‬ ‫الرئيس يف‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫اإلهلية‪ ،‬حتى َ‬
‫قال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البالغة‬ ‫ِ‬
‫احلكمة‬ ‫مستبعدُ الوقو ِع يف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫إثباته إال من‬ ‫املقبول من الَّش ِع وال َ‬
‫سبيل إىل‬ ‫ُ‬ ‫هو‬ ‫علم َّ‬
‫أن املعا َد من ُه ما َ‬ ‫جيب أن ُي َ‬
‫(والنجا ُة إن ُه ُ‬
‫ِ‬
‫وشوره‬ ‫ِ‬
‫وخياته‬ ‫ِ‬
‫البعث‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للبدن بعدَ‬ ‫وهو الذي‬ ‫ِ‬ ‫وتصديق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خُب النّبوة‪َ ،‬‬ ‫الَّشيعة‪،‬‬ ‫طريق‬
‫تعلم‪ ،‬وقد بسطت الَّشيع ُة احل ّق ُة التي أتانا هبا سيدنا حممدٌ ﷺ َ‬
‫حال‬ ‫حيتاج إىل أن َ‬
‫ُ‬ ‫معلوم ٌة ال‬
‫الُبهاين وقد‬ ‫والقياس‬ ‫ِ‬
‫بالعقل‬ ‫ُ‬
‫يدرك‬ ‫ِ‬
‫البدن‪ ،‬ومن ُه ما‬ ‫ِ‬
‫بالقياس إىل‬ ‫ِ‬
‫والشقاوة اللتني‬ ‫ِ‬
‫السعادة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األنفس‪ ،‬وإن َ‬
‫كان األوها ُم منا‬ ‫ِ‬
‫بالقياس إىل‬ ‫وهو السعاد ُة والشقاو ُة الثابتتان‬
‫النبو ُة َ‬
‫صدَّ ق ُه ّ‬
‫تقْص عن تصورمها)(‪ )148‬هذا كالم ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وقوله‪ُ ﴿ :‬ق ْل‬ ‫لقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬ث َّم إِ َّن ُك ْم َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة ُت ْب َع ُث َ‬
‫ون﴾[املؤمنون‪،]16 :‬‬ ‫ِ‬ ‫(حق)‬‫ٌّ‬
‫واألخبار‬ ‫ذلك قاطع ٌة‬
‫النصوص يف َ‬ ‫ِ‬
‫وباجلملة‬ ‫نش َأ َها َأ َّو َل َم َّر ٍة﴾[يس‪،]79 :‬‬ ‫حي ِي َيها ا َّل ِذي َأ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫ِ‬
‫باليقني‪.‬‬ ‫الدين وإنكار ُه كفر‬ ‫ِ‬ ‫متواتر ٌة وإثبات ُه من رضوريات‬

‫لكل ٍ‬
‫أحد‬ ‫يتبني ِبه ِّ‬ ‫ِ‬
‫بميزان ّ ُ‬ ‫ِ‬
‫القيامة‬ ‫العباد وعقائدهم يو َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعامل‬ ‫زن) أي ُ‬
‫وزن‬ ‫(والو ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وحّسة‬ ‫كاملها عن ناقصها ويظهر التّميز بني راجحها وخفيفها تتْميام ملّس ِة الس ِ‬
‫عداء‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫قال سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬ك ََذل ِ َك ي ِرُيِم اهللَُّ َأ ْعام َهلم حّس ٍ‬
‫ات َع َل ْي ِه ْم﴾[البقرة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األشقياء كام َ‬
‫َ ُْ َ ََ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫‪.]167‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإلقرار ِبه‬


‫الكيفية‬ ‫إثبات‬
‫َ‬ ‫بموجبه‪ ،‬ال‬ ‫واإليامن‬ ‫ُ‬ ‫جيب علينا يف هذا املقا ِم َ‬
‫هو‬ ‫والذي ُ‬
‫ِ‬
‫واحلنطة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشعي‬ ‫ِ‬
‫موازين‬ ‫ِ‬
‫وقياسه عىل‬

‫لسان وكفتان‪ ،‬وقالت املعتزل ُة‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫بميزان ل ُه‬ ‫ِ‬
‫األعامل‬ ‫صحف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫توزن‬ ‫وقالت األشعري ُة‪:‬‬
‫ُ‬
‫العدل‪.‬‬ ‫واحلكم‬ ‫السوي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫هو عبار ٌة عن القضاء َّ‬
‫بل َ‬

‫احل ُّق َف َم ْن َث ُق َل ْت َم َو ِازينُ ُه َف ُأو َل ِئ َك ُه ُم املُْ ْفلِ ُح َ‬


‫ون‬ ‫ٍِ‬
‫﴿وا ْل َو ْز ُن َي ْو َمئذ ْ َ‬
‫ِ‬
‫(حق) لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ٌّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّسوا َأ ْن ُف َس ُه ْم﴾[األعراف‪.]8 :‬‬ ‫(‪َ )8‬و َم ْن َخ َّف ْت َم َوازينُ ُه َف ُأو َلئ َك ا َّلذي َن َخ ُ‬

‫كسب العبا ُد يف حياَتم من ِّ‬


‫أول‬ ‫(والكتاب) الذي كانت احلفظ ُة تكتب ِ‬
‫فيه ما‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للح ّج ِة‪ ،‬وإظهار ًا‬
‫القيامة‬ ‫للمعذرة‪ ،‬فيعطى يو َم‬ ‫وحسام‬
‫ً‬ ‫للمعدلة‪،‬‬ ‫عمرهم إىل ُماَتم تأكيد ًا ُ‬
‫ِ‬
‫ظهره‪.‬‬ ‫بشامله أو من ِ‬
‫وراء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكافر‬ ‫ِ‬
‫بيمينه وكتاب‬ ‫ِ‬
‫املؤمن‬ ‫كتاب‬

‫( )الشفاء ‪ -‬اإلهليات املؤلف ‪ :‬ابن سينا اجلزء ‪ 1 :‬صفحة ‪[423 :‬الفصل السابع] (ز) فصل [‪ ]1‬يف‬ ‫‪148‬‬

‫املعاد‪ .‬والشيخ الرئيس ابن سينا ‪ ،‬النجاة ‪ ،‬ص ‪.291‬‬


‫رس ُه ْم َون َْج َو ُاهم َب َ ٰىل َو ُر ُس ُلنَا َلدَ ُْيِ ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون َأنَّا َال ن َْس َم ُع َّ‬ ‫(حق) لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬أ ْم َ ْ‬
‫حي َس ُب َ‬ ‫ٌّ‬
‫ب‬ ‫اس ُ‬ ‫حي َ‬
‫ف َُ‬ ‫ويت كِتَا َب ُه بِ َي ِمين ِ ِه (‪َ )7‬ف َس ْو َ‬ ‫ِ‬
‫ون﴾[الزخرف‪ ،]83 :‬وقوله تعاىل‪َ ﴿:‬ف َأ َّما َم ْن ُأ ِ َ‬ ‫َي ْك ُت ُب َ‬
‫ويت كِتَا َب ُه َو َرا َء َظ ْه ِر ِه (‪)13‬‬
‫ورا (‪َ )9‬و َأ َّما َم ْن ُأ ِ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِح َسا ًبا َي ِسيا (‪َ )8‬و َينْ َق ِل ُ ِ‬
‫ب إ َىل َأ ْهله َم ْ ُ‬
‫ّس ً‬ ‫ً‬
‫ورا (‪َ )11‬و َي ْص َىل َس ِع ًيا ﴾[االنشقاق‪7 :‬ـ ‪ ،]12‬وقول ُه سبحان ُه‪﴿ :‬ا ْق َر ْأ‬ ‫ف َيدْ ُعو ُث ُب ً‬
‫َف َس ْو َ‬
‫كِتَا َب َك َك َفى بِنَ ْف ِس َك ا ْل َي ْو َم َع َل ْي َك َح ِسي ًبا﴾ [اإلرساء‪.]14 :‬‬

‫ِ‬
‫للكفرة‪ ،‬وتقري ًعا‬ ‫ً‬
‫توبيخا‬ ‫ِ‬
‫احلساب‬ ‫ِ‬
‫موقف‬ ‫ِ‬
‫واألعامل يف‬ ‫ِ‬
‫العقائد‬ ‫(والس ُ‬
‫ؤال) عن‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫يعُّتفون بأفواههم وتشهدُ عليهم أطرافهم‪.‬‬ ‫للفس ِ‬
‫اق إذ‬ ‫ّ‬

‫﴾[الصافات‪َ ﴿ ]17 :‬ف َو َر ِّب َك‬ ‫وه ْم إِ َّهنُم َّم ْس ُـُٔو ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ون‬ ‫(حق) لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وق ُف ُ‬ ‫ٌّ‬
‫ني ﴾ [احلجر‪َ ﴿ ،]92 :‬ف َلن َْس َئ َل َّن ا َّل ِذي َن ُأ ْر ِس َل إِ َل ْي ِه ْم َو َلن َْس َئ َل َّن املُْ ْر َسلِ َ‬
‫ني‬ ‫مج ِع َ‬
‫َلن َْس َأ َلن َُّه ْم َأ ْ َ‬
‫﴾[األعراف‪.]6 :‬‬

‫ِ‬
‫وقوله‬ ‫ون﴾[القصص‪،]78 :‬‬ ‫وهبِ ُم املُْ ْج ِر ُم َ‬
‫﴿وال ُي ْس َأ ُل َع ْن ُذ ُن ِ‬ ‫ِ‬
‫واملنفي بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫سبحان ُه‪َ ﴿ :‬ف َي ْو َمئذ َال ُي ْس َأ ُل َع ْن َذنْبِه إِن ٌْس َو َال َجان﴾[الرمحن‪ ،]39 :‬سؤال استعال ٍم َّ‬
‫عام ُهم‬
‫عرفون بسيامهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األجداٍ إذ ُي‬ ‫َ‬
‫حيَّشون من‬ ‫حني ما‬
‫أو َ‬

‫لقوله ِ‬
‫عليه السال ُم‪( :‬أنا‬ ‫ِ‬ ‫(واحلوض) الذي أكر َم اهللُ سبحان ُه ِبه رسول ُه ﷺ‪ٌّ ،‬‬
‫(حق)‬ ‫ُ‬
‫شب مل يظمأ أبدً ا)(‪ .)149‬وقول ُه ﷺ‪( :‬حويض‬‫َ‬ ‫شب‪ ،‬ومن‬‫َ‬ ‫عّل‬
‫مر َّ‬
‫احلوض من َّ‬ ‫ِ‬ ‫فرطكم عىل‬
‫ِ‬
‫املسك وكيزان ُه كنجو ِم‬ ‫أطيب من‬ ‫ِ‬
‫اللبن ورحي ُه‬ ‫أبيض من‬
‫مسي َة شهر وزوايا ُه سوا ٌء وماؤ ُه ُ‬
‫ُ‬
‫عليه السال ُم‪( :‬حويض أبعدُ من أيل َة من عدن‬‫السامء من شب منها فال يظمأ أبدَ ًا)‪ ،‬وقوله ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عدد النجو ِم)‪ ،‬من‬ ‫العسل باللبن واآلني ُة ُ‬
‫أكثر من‬ ‫لج وأحىل من‬ ‫بياضا من ال َّث ِ‬
‫ً‬ ‫هلو أشدُّ‬
‫حاح‪.‬‬
‫الص ُ‬
‫تضمنها ِّ‬ ‫َ‬
‫أحاديث ّ‬

‫( )‬
‫‪149‬‬
‫رضب‬ ‫عليه السال ُم‪( :‬و ُي‬‫لقوله ِ‬
‫ِ‬ ‫(حق)‬
‫جهنم‪ٌّ ،‬‬ ‫وب عىل مت ِْن‬ ‫(والَص ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫املرض ُ‬
‫اجلّس ّ‬
‫ُ‬ ‫اط)‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫يؤمئذ أحدٌ إال‬ ‫ِ‬
‫بأمته‪ ،‬وال يتك ّل ُم‬ ‫سل‬‫الر ِ‬ ‫ُ‬ ‫الْصا ُط َ‬
‫جيوز من ُّ‬
‫فأكون ّأول من ُ‬ ‫بني ظهراين جهن ََّم‬
‫ِ‬
‫وكالُبق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العني‪،‬‬ ‫ف‬‫يؤمئذ ال ّلهم س ِّلم س ِّلم‪ ،‬فيمر املؤمنون كطر ِ‬‫ٍ‬ ‫الر ِ‬
‫سل‬ ‫الر َ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫سل‪ ،‬وكال ُم ّ‬ ‫ّ‬
‫جهنم)‬ ‫ومكدوش يف ِ‬
‫نار‬ ‫ٍ‬ ‫مر َس ٌل‬ ‫ٌ‬ ‫فناج ُمس َّل ٌم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكالر ِ‬
‫َ‬ ‫وخمدوش ُ‬ ‫والركاب‪ٍّ ،‬‬
‫اخليل ّ‬ ‫وكأجاويد‬ ‫يح‪،‬‬ ‫ّ‬
‫البخاري ومسلم رمحهام اهلل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أخرجهام‬

‫والس ِ‬ ‫باآليات الْص ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نن‬ ‫ّ‬ ‫حية‬ ‫ّ‬ ‫(حق)‬
‫ٌّ‬ ‫القيامة‪،‬‬ ‫اإلثابة للمطيعني يو َم‬ ‫(واجلن ُة) ُ‬
‫دار‬
‫ِ‬
‫حيحة‪.‬‬ ‫الص‬
‫ّ‬

‫اآليات الناطق ُة هبا‬ ‫(حق) إذ‬ ‫ِ‬


‫واملعصية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكفر‬ ‫ِ‬
‫ألهل‬ ‫ِ‬
‫العقاب‬ ‫دار‬
‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫(والنار) ُ‬
‫ُ‬
‫والنار‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وأكثر من أن ُحتىص‪( ،‬ومها) اجلن ُة‬ ‫ُ‬ ‫أشهر من أن ختفى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واألحاديث الوارد ُة يف بياهنا‬
‫متسكًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض املعتزلة من أهنام إنام ختلقان يو َم اجلزاء ّ‬ ‫(ُملوقتان اآلن موجودتان) ال كام زعم ُ‬
‫ض َو َال‬‫ون ُع ُل ًوا ِيف ْاألَ ْر ِ‬
‫ين َال ُي ِريدُ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقوله تعاىل‪﴿ :‬ت ْل َك الدَّ ُار ْاآلخ َر ُة ن َْج َع ُل َها ل َّلذ َ‬
‫بني األد ّل ِة‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫واالستمرار مج ًعا َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلال‬ ‫َف َسا ًدا﴾[القصص‪ .]83 :‬وأجيب‪ :‬بحمله عىل‬
‫ار ُعوا إِ َ ٰىل َم ْغ ِف َر ٍة ِّمن َّر ِّب ُك ْم َو َجن ٍَّة َع ْر ُض َها‬
‫﴿و َس ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ظواهر صي ِغ املايض(‪ )153‬يف ِ‬ ‫َ‬
‫ني﴾[آل عمران‪ ،]133 :‬وقول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬فا َّت ُقوا الن ََّار ا َّلتِي‬ ‫ات َو ْاألَ ْر ُض ُأ ِعدَّ ْت ل ِ ْل ُمت َِّق َ‬
‫الس َام َو ُ‬
‫َّ‬
‫احل َج َار ُة ۖ ُأ ِعدَّ ْت ل ِ ْلكَافِ ِري َن ﴾[البقرة‪.]24 :‬‬ ‫و ُقودها النَّاس و ِْ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َُ‬

‫عني رأت وال ٌ‬


‫أذن‬ ‫أعددت لعبادي الصاحلني ما ال ٌ‬
‫ُ‬ ‫(قال اهللُ تعاىل‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪َ :‬‬ ‫ويف‬
‫خطر عىل ِ‬
‫قلب بَّش) أخرج ُه الشيخان والُّتمذي وابن ماجه‪ .‬نَص يف وجودها‬ ‫سمعت وال َ‬
‫قصة أد َم وحوا َء عليهام‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بْصيح ٍ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وكذلك ّ‬ ‫داللة‪،‬‬ ‫ووضوح‬ ‫آية‬ ‫العدول عنها إال‬ ‫يصح‬
‫ُّ‬ ‫فال‬
‫السال ُم وإسكاهنام فيها‪.‬‬

‫( ) يف األصل‪ :‬امليض‪.‬‬ ‫‪153‬‬


‫ذاته ومعدو ٌم‬ ‫هالك يف حدِّ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫ُمكن‬ ‫َ‬
‫اهلالك يف حدِّ ذاَتا‪ ،‬فإن َّ‬
‫كل‬ ‫ودوا ُم ُأ ُكلِها ال ينايف‬

‫يش ٍء َهالِ ٌك‬ ‫ِ‬


‫يدل عليه قول ُه تعاىل‪ُ ﴿ :‬ك ُّل َ ْ‬
‫ِ‬
‫نفسه دائ ًام عىل ما ُ‬ ‫ّظر إىل‬ ‫ٍ‬
‫وفان بالن ِ‬ ‫ِ‬
‫حقيقته(‪،)151‬‬ ‫رس‬
‫يف ِّ‬
‫إِ َّال وجهه﴾ [القصص‪ ،]88 :‬و ﴿ ُك ُّل من َع َليها َف ٍ‬
‫ان (‪َ )26‬و َي ْب َقى َو ْج ُه َر ِّب َك﴾ [الرمحن‪26:‬‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ ْ َُ‬
‫سوف يطر ُأ ِ‬
‫عليه العد ُم‪.‬‬ ‫وليس املرا ُد أن ُه‬
‫َ‬ ‫‪َ ]27 -‬‬

‫حيث زعموا أهنام تفنيان بعدَ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬


‫للجهمية‬ ‫(باقيتان ال تنتهيان وال يفنى أهلهام) خال ًفا‬
‫صو ُر‬ ‫أهل الن ِ‬ ‫وتأمل ِ‬
‫اجلنة بنعيمها‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتلذ ُذ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ّار بحميمها‪ ،‬إذ ال يت ّ‬ ‫أهل‬ ‫دخول أهلهام فيهام‪،‬‬
‫ِ‬
‫االستثناء‪،‬‬ ‫وصح ُة‬ ‫حركات ال تتناهى ال أوالً وال آخر ًا وإن حت ّق َق معنى اآلخري ُة ل ُه تعاىل‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ات َو ْاألَ ْر ُض إِ َّال َما َشا َء‬ ‫الس َام َو ُ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعاىل‪ِ ِ ِ َ :‬‬ ‫باملشيئة يف ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿خالدي َن ف َيها َما َدا َمت َّ‬ ‫اخللود‬ ‫وتقييد‬
‫﴿خالِ ِدي َن فِ َيها َأ َبدً ا﴾[النّساء‪،]57 :‬‬ ‫ذلك‪ ،‬ومحلوا قول ُه تعاىل‪َ :‬‬ ‫َر ُّب َك﴾[هود‪ ،]137 :‬يقتيض َ‬
‫ِ‬
‫وصفاته العىل‬ ‫أن اهللَ تعاىل‬ ‫أحسوا َّ‬ ‫ِ ( ‪)152‬‬
‫املديد َ‬‫ِ‬ ‫ّأكيد يف املُ ِ‬
‫املبالغة والت ِ‬
‫ِ‬
‫دون التأبيد ‪ ،‬وما ّ‬ ‫كث‬ ‫عىل‬

‫القياس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الناس وأولو ّيت ُه وأخرو ّيت ُه ال جيري فيهام‬ ‫ِ‬
‫إدراكه أوها ُم‬ ‫يقْص عن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإمجاع األ ّم ِة َ‬ ‫الكتاب والسن َة‬ ‫ُ‬
‫ظهور هذه الفئة‪َّ ،‬‬ ‫قبل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خيالف‬
‫ُ‬ ‫والقول بفنائهام‬
‫العذاب والت ّّأملِ ِبه‪ ،‬ال يف كوهنا‬
‫ِ‬ ‫هو يف دوا ِم‬ ‫ِ‬
‫الشيخ ابن العريب وأتْباعه إنام َ‬ ‫ِ‬ ‫املنسوب إىل‬
‫ُ‬ ‫اخلالف‬
‫ُ‬
‫بالتأبيد إال الكو ُن ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املكث املديدُ ‪ ،‬ومل يق ّيدْ‬ ‫ِ‬
‫اخللود‪ ،‬قالوا‪ :‬حقيقت ُه‬ ‫دار‬
‫ْ‬ ‫ُ‬

‫ذلك ُ‬
‫اتيان‬ ‫ُيلك ُ‬
‫ويدل عىل َ‬ ‫دائام إال أن ُه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫اإلحياء املمكن يف حدِّ ِ‬ ‫َ‬
‫)قال حج ُة اإلسال ِم يف‬
‫هالك ً‬ ‫ذاته‬ ‫ُ‬ ‫(‬ ‫‪151‬‬

‫ِ‬
‫املجاز‬ ‫ِ‬
‫حضيض‬ ‫أيضا ترقى العارفون من‬ ‫ِ‬
‫األنوار ً‬ ‫ِ‬
‫مشكاة‬ ‫وقال يف‬ ‫ِ‬
‫االستمرار ( َ‬ ‫ِ‬
‫الدالة عىل‬ ‫ِ‬
‫االسمية‬ ‫ِ‬
‫اجلملة‬
‫دائام إال إن ُه يصيها‬ ‫ٌ‬ ‫كل ٍ‬ ‫وإن َّ‬ ‫ِ‬
‫الوجود إال اهللُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة فرأوا ِ‬ ‫ِ‬
‫هالك ً‬ ‫يشء‬ ‫ليس يف‬‫بعني البصية إن ُه َ‬ ‫ذروة‬ ‫إىل‬
‫هالك أن ال وأبدً ا من ُه س َّلم ُه اهللُ تعاىل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫هو‬ ‫ِ‬
‫وقت من األوقات بل َ‬ ‫لكايف ُ‬
‫وقال ابن‬ ‫ِ‬
‫ذكره‪َ ،‬‬ ‫وقت‬ ‫املحتاج ِ‬
‫إليه ومنها ُ‬ ‫ِ‬ ‫فمحمول عىل ِ‬
‫بيان‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الكبائر‬ ‫( )( وما ورد يف ِ‬
‫الص ِ‬
‫حاح من عدِّ‬ ‫َ‬ ‫‪152‬‬

‫أصناف‬ ‫أقرب يعني‬ ‫ِ‬


‫السبعمئة‬ ‫أقرب وسعيدٌ بن ٍ‬
‫جبي رمح ُه اهللُ إىل‬ ‫هي إىل السبعني‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ريض اهللُ عنهام َ‬
‫َ‬ ‫عباس‬
‫أنواعها من ُه س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬
‫املوبقات‬
‫ُ‬ ‫بع‬
‫الس ُ‬
‫هي َّ‬ ‫لف يف تفسيها َ‬
‫فقيل‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫الكفر‪ ،‬واخ ُت َ‬ ‫َ‬
‫دون‬ ‫(والكَبريةُ) يعني‬
‫وقيل‪ :‬ما َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪َ ،‬‬ ‫بنص‬ ‫فيه حد‪َ ،‬‬ ‫وقيل‪ :‬ما ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪َ ،‬‬
‫ثبت ُح ْرمت ُه ِّ‬
‫وقيل‪ :‬ما َ‬ ‫املذكور ُة يف‬
‫ِ‬ ‫لعينه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫حمضا‪ ،‬سوا ًء ُس ِّم َي يف الَّش ِع فاحش ًة كاللواطة أو مل َّ‬
‫يسم‬ ‫وقيل‪ :‬ما َ‬
‫كان حرا ًما ً‬ ‫حرا ًما‬
‫والزنى‪ ،‬أو‬
‫قة ّ‬ ‫هبا‪ ،‬لكن شع عليها عقوبة حمضة بنص قاطعٍ‪ ،‬إما يف الدنيا باحلدِّ كالّس ِ‬
‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالنار يف األُ ْخرى‬ ‫ِ‬
‫كأكل مال اليتي ِم ِّ‬
‫والرياء‪.‬‬ ‫الوعيد‬

‫وقتل‬‫والسحر‪ُ ،‬‬ ‫الَّش ُك باهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬


‫املوبقات؛ ُّ‬ ‫بع‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫الس َ‬‫ففي حديث أيب هريرةَ‪( :‬اجتنبوا َّ‬
‫الز ِ‬ ‫وأكل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الن ِ‬
‫وقذف‬
‫ُ‬ ‫حف‬ ‫مال اليتي ِم‪ ،‬والتَّويل يو َم ّ‬ ‫الربا‬
‫وأكل ِّ‬ ‫باحلق‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫هلل إال‬ ‫َّفس ا َّلتي َّ‬
‫حر َم ا ُ‬
‫ٍ‬
‫رواية‬ ‫َّسائي‪ ،‬ويف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومسلم وأبو داوود والن ُ‬ ‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫الغافالت)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫املؤمنات‬ ‫املحصنات‬
‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫الغموس)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫ني‬ ‫ُ‬
‫(وعقوق الوالدين‪ ،‬واليم ُ‬ ‫هلل عنهام‪:‬‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫ابن عمر‬
‫ِ‬
‫األعرابية بعدَ‬ ‫جوع إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(والر ُ‬
‫ّ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪:‬‬
‫َ‬ ‫سعيد‬ ‫رواية أيب‬ ‫َّسائي‪ ،‬ويف‬
‫والُّتمذي والن ُ‬
‫ُ‬
‫الطُباين(‪.)153‬‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة) أخرج ُه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالبيت قبلتكم إحيا ًء وأمواتًا) أخرج ُه‬ ‫هلل عنهام‪( :‬وإحلا ٌد‬‫ريض ا ُ‬ ‫عمر‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ويف رواية البن َ‬
‫الُّتمذي‬ ‫(واجلمع بني الصالتني)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫هلل عنهام‪:‬‬
‫ريض ا ُ‬ ‫ٍ‬
‫عباس‬ ‫ِ‬
‫رواية ابن‬ ‫البيهقي‪ ،‬ويف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هلل واألم ُن من‬ ‫والقنوط من ِ‬
‫رمحة ا ِ‬ ‫ُ‬ ‫(واليأس من ِ‬
‫روح اهللِ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مسعود‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رواية ابن‬ ‫واحلاكم‪ ،‬ويف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وشب‬ ‫والزنا‬ ‫ِ‬
‫املؤمن ِّ‬ ‫(وهب ُت‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫عمر‪ْ َ :‬‬
‫البز ُار والدارقطني‪ ،‬ويف رواية البن َ‬ ‫مكر اهللِ) أخرج ُه َّ‬
‫ومسلم‪ ،‬ويف‬ ‫البخاري‬ ‫الز ِ‬
‫ور) أخرج ُه‬ ‫ُ‬
‫(وقول ُّ‬ ‫ٍ‬
‫رواية‪:‬‬ ‫ومسلم‪ ،‬ويف‬ ‫البخاري‬ ‫ِ‬
‫اخلمر) أخرج ُه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫البخاري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫البول) أخرج ُه‬ ‫ٍ‬
‫رواية‪( :‬النَّميم ُة‪ ،‬وعد ُم التَّنز ُه من‬
‫ُ‬

‫( )أخرجه الطُباين يف «املعجم األوسط» (‪ .)5739‬وهذا َخاص بزمنه كَا ُنوا يعدّ ون من رجع إِ َىل ا ْلب ِ‬
‫اد َية‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫‪153‬‬

‫ٍ‬
‫حينئذ‪ .‬التيسي بَّشح اجلامع‬ ‫اإل َقا َمة َل ُه لنْصته‬ ‫َب ْعدَ َما َهاجر إِ َىل ا ُْمل ْص َطفى كاملرتد ُ‬
‫لو ُجوب ْ ِ‬

‫الصغي(‪.)226/2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّصديق‪ ،‬ومن‬
‫ُ‬ ‫هو الت‬
‫اإليامن) لبقاء حقيقة اإليامن الذي َ‬ ‫رج العبد املؤمن من‬ ‫(ال ُخت ُ‬
‫ذهب‬ ‫احلديث‪ ،‬وخصوص اإلقرار كام‬ ‫ِ‬ ‫طائفة من ِ‬
‫أهل‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫اإليامن جز ًء من ُه‪ ،‬كام روي عن‬ ‫َ‬
‫جعل‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض أصحابنا‪ ،‬فإنَّام جعلها أجزاء عرفي ًة‪ ،‬فال يلز ُم من انتفائها انتفا ُء اإليامن‪ ،‬ملا َ‬
‫شاع من‬ ‫إليه ُ‬
‫ِ‬
‫األمر والنّهي‪.‬‬ ‫وتوج ُه‬ ‫ِ‬
‫العطف والنَّفي‬ ‫ِ‬
‫إثباته مع‬
‫ّ‬
‫احل ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال‪َ ﴿ :‬يا‬ ‫ات﴾[الكهف‪َ ،]137 :‬‬ ‫الص َ‬ ‫قال اهللُ تعاىل‪﴿ :‬إِ َّن ا َّلذ َ‬
‫ين آ َمنُوا َو َعم ُلوا َّ‬ ‫َ‬
‫وقال‪َ ﴿ :‬يا َأ ُّ َُيا ا َّل ِذي َن‬ ‫اص ِىف ا ْل َقت َْىل﴾ [البقرة‪َ ،]178 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ُّ َُيا ا َّلذي َن آ َمنُوا ُكت َ‬
‫ب َع َل ْي ُك ُم ا ْلق َص ُ‬
‫ِ‬ ‫آ َمنُوا ُتو ُبوا إِ َىل اهللَِّ﴾[التّحريم‪َ ،]8 :‬‬
‫ني َيدَ ِي ا َِّ‬
‫هلل‬ ‫وقال‪َ ﴿ :‬يا َأ ُّ َُيا ا َّلذ َ‬
‫ين آ َمنُوا َال ُت َقدِّ ُموا َب ْ َ‬
‫َو َر ُسولِ ِه﴾[احلجرات‪.]1 :‬‬

‫هلل سبحان ُه‬ ‫ُب ا َ‬ ‫ِ‬ ‫ومات َ‬


‫قبل أن يتم َّك َن من‬ ‫واإلمجاع عىل ِ‬
‫العمل‪ ،‬وقد أخ َ‬ ‫َ‬ ‫إيامن من آم َن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل ور ِ‬
‫اإليامن‬ ‫َمر ُد‬ ‫مواضع من كتابه‪ ،‬فدُ خوهلا يكفيه ّ‬ ‫َ‬ ‫سله يف‬ ‫بأن اجلنَّ َة أعدت للذين آمنوا با ِ ُ‬
‫بني‬ ‫ونزلو ُه َ‬ ‫ِ‬
‫اإليامن َّ‬ ‫ِ‬
‫الكبية من‬ ‫مرتكب‬ ‫حيث أخرجوا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للمعتزلة‬ ‫هبام يف استحقاقه‪ ،‬خال ًفا‬
‫َ‬
‫عليه أحكا ُم‬ ‫ِ‬ ‫أجروا‬ ‫عليه اخللو ُد يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخصوه باس ِم‬
‫النار‪ ،‬وإن َ‬ ‫الفاسق‪ ،‬وأوجبوا‬ ‫ُّ‬ ‫املنزلتني‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقوله تعاىل‪﴿ :‬إِنَّام املُْ ْؤ ِمنُ َ ِ‬
‫ِ‬
‫ون ا َّلذي َن إِ َذا ُذك َر اهللَُّ َوج َل ْت ُق ُل ُ ُ‬
‫وهب ْم﴾‬ ‫َ‬ ‫متسكًا‬ ‫املؤمنني يف الدنيا ُّ‬
‫اس ًقا﴾ [السجدة‪ ،]18 :‬وقول ُه‪:‬‬ ‫َان َف ِ‬
‫َان ُم ْؤ ِمنًا ك ََم ْن ك َ‬
‫[األنفال‪ ،]2 :‬وقول ُه‪َ ﴿ :‬أ َف َم ْن ك َ‬
‫﴿و ٰذل ِ َك ِدي ُن ا ْل َق ِّي َم ِة﴾[ال َب ِّينَة‪﴿ ،]5 :‬‬
‫ني﴾ [القلم‪ ،]35:‬وقول ُه‪َ :‬‬ ‫ني كَاملُْ ْج ِر ِم َ‬‫﴿ َأ َفن َْج َع ُل املُْ ْسلِ ِم َ‬
‫اإل ْس َال ُم﴾[آل عمران‪.]19 :‬‬ ‫إِ َّن الدِّ ي َن ِعندَ ا َِّ‬
‫هلل ْ ِ‬

‫[اإلسالم واإليامن واحد]‬

‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫وبمثل قوله ﷺ‪( :‬ال يزين الزاين َ‬ ‫األعامل‬ ‫واإليامن واحدٌ ‪ ،‬واإلشار ُة إىل‬ ‫وهو‬
‫َ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫مؤم ٌن) ‪ ،‬أخرج ُه‬

‫ِ‬
‫الكافر‬ ‫ِ‬
‫وبالفاسق‬ ‫ِ‬
‫العمل‪،‬‬ ‫يقْص يف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫واجلواب‪َّ :‬‬
‫الكامل الذي مل ِّ ْ‬ ‫املؤمن‬ ‫أن املرا َد من‬ ‫ُ‬
‫قال‪َ ﴿ :‬أ َّما ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َو َع ِم ُلوا‬
‫حيث َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الالحق من ُه تعاىل‪،‬‬ ‫بدليل الت ِ‬
‫َّفسي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للحَّش؛‬ ‫ِ‬
‫املنكر‬
‫ون (‪َ )19‬و َأ َّما ا َّل ِذي َن َف َس ُقوا َف َم ْأ َو ُاه ُم الن َُّار‬
‫َّات ا َْمل ْأ َوى ُن ُز ًال بِ َام كَا ُنوا َي ْع َم ُل َ‬ ‫احل ِ‬
‫ات َف َل ُه ْم َجن ُ‬ ‫ِ‬
‫الص َ‬
‫َّ‬
‫َّار ا َّل ِذي ُكنْ ُت ْم بِ ِه‬‫اب الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُك َّل َام َأ َرا ُدوا َأ ْن َخي ُْر ُجوا من َْها ُأعيدُ وا ف َيها َوق َيل َهل ُ ْم ُذو ُقوا َع َذ َ‬
‫املذكور‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكذلك املرا ُد من املجرمني الكفر ُة؛ إذ املعهو ُد‬ ‫ون﴾[السجدة‪19 :‬ـ ‪،]23‬‬ ‫ُتك َِّذ ُب َ‬
‫ساب ًقا ِ‬
‫مَّشكوا م ّك َة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يكون مكاش ًفا يف إيامنه مشاهد ًا ملا آمن به‪ْ ،‬بل َ‬
‫هو‬ ‫ُ‬ ‫احلديث‪ :‬أن ُه حينام يزين ال‬ ‫ومعنى‬
‫إيقانه مسلوب‪ ،‬فإيامنه من ِ‬
‫جهة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شهود‬ ‫ِ‬
‫شهوته عن‬ ‫ِ‬
‫وبغلبة‬ ‫ذلك حمجوب‪،‬‬ ‫فعله عن َ‬ ‫وقت ِ‬‫يف ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للحكمة‪،‬‬ ‫جهة اليقني مطموس‪ ،‬ن َْح ِم ُله عىل َ‬
‫ذلك طل ًبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اتقانه من‬ ‫ونور‬ ‫ثابت‬
‫قلبه ٌ‬ ‫عقد ِ‬‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعقول‪.‬‬ ‫ومبلغ اإلفها ِم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الوصول‬ ‫بني االد َّل ِة عىل ِ‬
‫قدر‬ ‫للح َّج ِة ومج ًعا َ‬ ‫ً‬
‫وإعامال ُ‬
‫ِ‬
‫العباد‬ ‫(حق اهللِ تعاىل عىل‬
‫النبي ﷺ‪ُ :‬‬ ‫ريض اهللُ عن ُه أن ُه َ‬ ‫وقد روى معا ُذ بن ٍ‬
‫قال ُ‬ ‫َ‬ ‫جبل‬
‫يَّشك ِبه شي ًئا‪َ ،‬‬
‫قال يا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العباد عىل اهللِ أن ال ّ‬
‫يعذ َب من ال‬ ‫أن يعبدو ُه وال يَّشكوا ِبه شي ًئا‪ ،‬و ُ‬
‫حق‬
‫تبَّشهم فيتَّكلوا)‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ال ّ‬‫الناس؟ َ‬
‫َ‬ ‫أبَّش ِبه‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ :‬أفال ِّ ُ‬

‫مات عىل‬
‫ثم َ‬ ‫قال النبي ﷺ‪( :‬ما من ٍ‬
‫عبد َ‬ ‫هلل عن ُه َ‬ ‫وعن أيب ٍ‬
‫قال‪ :‬ال إل َه إال اهللُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫ذر‬
‫قلت‪ :‬وإن زنى‬
‫رسق‪ُ ،‬‬ ‫رسق‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬وإن زنى وإن َ‬ ‫قلت‪ :‬وإن زنى وإن َ‬ ‫ذلك إال َ‬
‫دخل اجلن َة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫رسق عىل‬ ‫رسق‪َ ،‬‬
‫قال وإن زنى وإن َ‬ ‫قلت‪ :‬وإن زنى وإن َ‬ ‫رسق‪َ ،‬‬
‫قال وإن زنى وإن َ‬
‫رسق‪ُ ،‬‬ ‫وإن َ‬
‫رغ ِم ِ‬
‫أنف أيب ٍ‬
‫ذر)‪.‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪( :‬من شهدَ أن ال إل َه إال‬ ‫قال‬‫ريض اهللُ عن ُه َ‬ ‫ِ‬
‫الصامت‬ ‫وعن عباد َة بن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ورسوله وابن أ َمت ُه‬ ‫يك ل ُه‪ ،‬وأن حممد ًا عبد ُه ورسول ُه‪ ،‬وإن عيسى عبدُ اهللِ‬
‫اهللُ وحد ُه ال ش َ‬
‫حق‪ ،‬أدخل ُه اهللُ اجلن َة عىل ما َ‬
‫كان‬ ‫والنار ٌ‬
‫ُ‬ ‫وروح من ُه‪ ،‬وأن اجلن َة ٌ‬
‫حق‬ ‫ٌ‬ ‫مريم‬
‫َ‬ ‫وكلمت ُه ألقاها إىل‬
‫ٌ‬
‫تفصيل وتأكيدٌ‬ ‫ومسلم وغيمها‪ ،‬وفيها‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫واألحاديث الثالث ُة أخرجها‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العمل)‪،‬‬ ‫من‬
‫للحك ِم‪.‬‬
‫يعلم أن ُه ال إل َه إال اهللُ‬
‫وهو ُ‬‫مات َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪( :‬من َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عثامن‬ ‫وعن‬
‫مسلم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫دخل اجلن َة) أخرج ُه‬

‫َ‬
‫رسول‬ ‫قال ٌ‬
‫رجل‪ :‬يا‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‪( :‬ثنتان موجبتان‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه َ‬
‫قال‬ ‫وعن ٍ‬
‫جابر‬
‫َ‬
‫هلل شي ًئا‬ ‫ُ‬
‫يَّشك با ِ‬ ‫مات ال‬
‫النار‪ ،‬ومن َ‬
‫دخل َ‬ ‫ُ‬
‫يَّشك باهللِ شي ًئا َ‬ ‫مات‬ ‫اهللِ ما املوجبتان؟ َ‬
‫قال‪ :‬من َ‬
‫َ‬
‫دخل اجلن َة)‪ ،‬أخرج ُه مسلم‪.‬‬

‫(إذهب بنعلتي هاتني فمن‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬


‫رسول اهللِ ﷺ‪:‬‬ ‫قال يل‬‫هلل عن ُه َ‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫وعن أيب هرير َة‬
‫ِ‬
‫باجلنة)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫فبَّش ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلائط يشهدُ أن ال إل َه إال اهللُ مستيقنًا هبا قلب ُه ّ‬ ‫وراء هذا‬ ‫لقيت من‬
‫ِ‬
‫املقاصد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القدر من‬ ‫ِ‬
‫إعطاء هذا‬ ‫ٍ‬
‫متواترة يف‬ ‫أحاديث ِص ٍ‬
‫حاح‬ ‫َ‬ ‫غي َ‬
‫ذلك من‬ ‫هلل‪ ،‬إىل ِ‬
‫سلم رمح ُه ا ُ‬
‫م ٌ‬
‫وإن مل يتواتر الواحد منها فالواحد‪.‬‬

‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫ِ‬
‫بظواهر‬ ‫ومتسكوا‬ ‫ِ‬ ‫سلف خال ًفا‬ ‫ِ‬
‫للخوارج‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الكفر) ملا قد‬ ‫(وال تدخل ُه يف‬
‫حي ُك ْم بِ َام َأن َْز َل اهللَُّ َف ُأو َل ِئ َك ُه ُم‬
‫﴿و َم ْن َمل ْ َ ْ‬
‫ِ‬
‫نحو قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫الواردة يف ُك ْف ِر العصاة تغلي ًظ ًا َ‬
‫ِ‬

‫ون﴾[النور‪،]55 :‬‬ ‫اس ُق َ‬ ‫ون﴾[املائدة‪﴿ ،]44 :‬ومن َك َفر بعدَ َذل ِ َك َف ُأو َل ِئ َك هم ا ْل َف ِ‬ ‫ا ْلكَافِ ُر َ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َع َىل َم ْن ك ََّذ َب‬ ‫نحو قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬أ َّن ا ْل َع َذ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫َتويال‬ ‫بالكافر‬ ‫العذاب‬ ‫وباختصاص‬
‫السو َء َع َىل ا ْلكَافِ ِري َن﴾[النحل‪َ ،]27 :‬‬
‫و﴿ال َي ْص َال َها‬ ‫وتَو َّىل﴾[طه‪﴿ ،]48 :‬إِ َّن ْ ِ‬
‫اخل ْز َي ا ْل َي ْو َم َو ُّ‬ ‫َ َ‬
‫إِ َّال ْاألَ ْش َقى (‪ )15‬ا َّل ِذي ك ََّذ َب َوت ََو َّىل ﴾[الليل‪15 :‬ـ ‪.]16‬‬

‫َّ‬
‫ولعل املرا َد من‬ ‫املبدع للنّزاعِ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ظهور‬ ‫قبل‬ ‫ِ‬
‫الظواهر بإمجاعٍ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫مُّتوك‬ ‫واجلواب‪ :‬إهنا‬
‫احلْص‬
‫َ‬ ‫ومنكرا ل ُه‪ّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫للجنس واملرا ُد عمو ُم النَّفي‪ ،‬أو مستهينًا‬ ‫َّصديق‪ ،‬وأما‬
‫ُ‬ ‫احلك ِم الت‬
‫بالص ِ ِّّل اخللود واملالزم ُة عليها‪.‬‬
‫وأن املراد ِ‬
‫َ‬ ‫عذاب الدنيا‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫حقيقي‪ ،‬واملرا ُد‬
‫ٌ‬

‫وقيل‪ :‬يا إما ُم الدين قد‬ ‫ِ‬


‫الكبية َ‬ ‫البْصي رمح ُه اهللُ عن ِ‬
‫أهل‬ ‫وحكي أن ُه َ‬
‫سئل احلس ُن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يرض مع‬ ‫اخلوارج‪ ،‬وفرق ٌة أخرى يظن َ‬
‫ّون أن ُه ال ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ظهرت يف زماننا مجاع ٌة يك ّفرون ُه هبا يعني‬
‫حتكم لنا يف َ‬
‫ذلك اعتقا ًدا؟‬ ‫فكيف‬ ‫ِ‬
‫الكفر طاع ٌة يعني املرجئ ُة‪،‬‬ ‫ينفع مع‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اإليامن كبي ٌة كام ال ُ‬
‫نقول‪ :‬إن ُه مؤم ٌن مطل ًقا وال‬ ‫ٍ‬
‫عطاء ال ُ‬ ‫قال واصل بن‬ ‫جييب َ‬ ‫ذلك َ‬
‫وقبل أن‬ ‫احلسن يف َ‬ ‫فتفك ََّر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫بني املنزلتني‪ ،‬ثم قام وقد تبعه عمرو بن ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واعتزل إىل‬ ‫عبيد‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫منزلة َ‬ ‫كافر مطل ًقا‪ ،‬بل َ‬
‫هو يف‬ ‫ٌ‬
‫هلل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلسن رمح ُه ا ُ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫املسجد يقرر ما أجاب ِبه عىل مجا ٍ‬
‫عة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسطوانات‬ ‫ِ‬
‫أسطوانة من‬
‫َ‬ ‫ِّ ُ‬
‫ِ‬
‫فقال احلس ُن رمح ُه اهللُ قد اعتزلنا واص َل ُّ‬
‫فسموا معتزل ًة‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫ووجوب‬ ‫ِ‬
‫الصفات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التوحيد‪ ،‬واملعدلة لقوهلم‪ :‬بنفي‬ ‫أصحاب‬ ‫سموا أنفسهم‬
‫ُ‬ ‫وهم َّ‬
‫حدوٍ مذهبهم‪ ،‬وقد‬‫ُ‬ ‫كان‬ ‫َ‬
‫وهناك َ‬ ‫وعقاب العايص عىل اهللِ تعاىل عن َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ثواب املطي ِع‬
‫ِ‬
‫اهلجرة‪ ،‬ثم اخُّتعوا عقائدَ‬ ‫أواخر ِ‬
‫املئة األوىل من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وذلك يف‬ ‫ِ‬
‫اجلهمية‬ ‫ِ‬
‫مذهب‬ ‫ُ‬
‫حدوٍ‬ ‫تال ُه‬
‫فوا دينهم وكانوا شي ًعا‪.‬‬
‫وحر ً‬
‫بد ًعا َّ‬

‫َ‬
‫الَّشك‬ ‫ّوبة بإمجا ِع األ ّم ِة‪َ ،‬‬
‫أطلق‬ ‫يرشك ِبه) أي أن يكفر ِبه‪ ،‬إال بالت ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫يغفر أن‬
‫(واهللُ ال ُ‬
‫ِّف يف‬
‫نص املصن ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغالب‪ ،‬فإ َّن عام َة‬ ‫ِ‬ ‫وأريدَ ِبه‬
‫مَّشكون‪ ،‬وقد َّ‬ ‫الكفرة‬ ‫الكفر بنا ًء عىل‬ ‫مطلق‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكتاب‪.‬‬ ‫وقع عىل ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(الكشاف)‪َّ :‬‬ ‫(الت ِ‬
‫اسم املَّشك قد َ‬ ‫أن َ‬ ‫والزخمَّشي يف‬
‫ُّ‬ ‫ّيسي)‬

‫خمتار‬
‫ُ‬ ‫وهو‬‫عقال؟ قالت األشعري ُة‪ :‬نعم‪َ ،‬‬ ‫الكافر ً‬ ‫ِ‬ ‫جيوز مغفر ُة‬ ‫واختلفوا يف أ َّن ُه هل ُ‬
‫ِ‬
‫اجلناية ال‬ ‫الكفر غاي ُة‬ ‫العقاب ح ّق ُه فل ُه إسقاط ُه‪ ،‬واحلنفي ُة‪ :‬ال؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ِ‬
‫(الكشاف)؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫صاحب‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫حسن‬ ‫بني املُ‬ ‫ِ‬
‫احلكمة التَّفرق ُة َ‬ ‫ألن قضي َة‬ ‫ِ‬
‫الغرامة؛ َّ‬ ‫العفو ورفع‬ ‫ُ‬
‫حيتمل‬ ‫تمل اإلباح ُة ً‬
‫أصال‪ ،‬فال‬ ‫َحي ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وليس هذا‬ ‫َ‬ ‫ار﴾[ص‪،]28 :‬‬ ‫عليه قول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬أ ْم ن َْج َع ُل املُْت َِّق َ‬
‫ني كَا ْل ُف َّج ِ‬ ‫يدل ِ‬ ‫وامليسء عىل ما ُّ‬
‫ِ‬
‫وتسوية املوايل‬ ‫ُ‬
‫إمهال الظاملِ‬ ‫محة والكر ِم ال يقتيض‬ ‫وحمض الر ِ‬ ‫تفر َد ِبه املعتزل ُة كام ظ َّن‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُما َّ‬
‫اف َأن َي َم َّس َك َع َذ ٌ‬
‫اب ِّم َن‬ ‫عر ِبه قول ُه تعاىل‪﴿ :‬إِ ِّين َأ َخ ُ‬ ‫واملطيع والعايص عىل ما ُي ْش ُ‬ ‫ُ‬ ‫واملعادي‬
‫ٌ‬
‫إقناط عن‬ ‫فإن ِ‬
‫فيه‬ ‫مح ِن﴾[مريم‪ ،]45 :‬وقول ُه‪َ ﴿ :‬ما َغ َّر َك بِ َر ِّب َك الكريم ﴾[اإلنفطار‪َّ ،]6 :‬‬ ‫الر ْ َٰ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫العقاب‪.‬‬ ‫وقهار شديدُ‬ ‫عزيز ذو انتقا ٍم‬
‫هلل ٌ‬ ‫ّكال عىل َمر ِد الر ِ‬
‫محة والكر ِم‪ ،‬وا ُ‬ ‫االت ِ‬
‫ٌ‬ ‫ّ ّ‬
‫ِ‬
‫اآلية‪،‬‬ ‫لطيف من‬ ‫اقتباس‬ ‫يشاء)‬ ‫(ملن‬ ‫ِ‬ ‫دون َ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ذلك) مع التوبة وبدوهنا‪ْ ،‬‬ ‫(ويغفر ما َ‬
‫ُ‬
‫احلج ِة‪.‬‬
‫خرج عنها من َّ‬ ‫ُ‬
‫بحيث تستغني يف ثبوَتا عن ما َ‬
‫ِ‬
‫للمسألة‬ ‫وتقرير‬
‫ٌ‬
‫املقرونة بالت ِ‬
‫ّوبة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالكبائر‬ ‫ِ‬
‫بالصغائر‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫املغفرة‬ ‫ختصيص‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة‬ ‫مذهب‬ ‫وملا َ‬
‫كان‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ص اهللََّ َو َر ُسو َل ُه‬ ‫﴿و َم ْن َي ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نحو قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫متسكًا بالعموميات الواردة يف مواعيد العصاة َ‬ ‫ُّ‬
‫ين‬ ‫﴿وإِ َّن ا ْل ُف َّج َار َل ِفي َج ِحي ٍم (‪َ )14‬ي ْص َل ْو َهنَا َي ْو َم الدِّ ِ‬
‫َار َج َهن ََّم﴾[اجلن‪ ،]23 :‬وقول ُه ‪َ :‬‬ ‫َفإِ َّن َل ُه ن َ‬
‫ب َس ِّي َئ ًة َو َأ َحا َط ْت‬ ‫ني﴾[اإلنفطار‪14 :‬ـ ‪ ،]16‬وقول ُه‪َ ﴿ :‬ب َىل َم ْن ك ََس َ‬ ‫(‪َ )15‬و َما ُه ْم َعن َْها بِ َغ ِائبِ َ‬
‫َّار ُه ْم فِ َيها َخالِدُ و َن﴾[البقرة‪.]81 :‬‬
‫اب الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بِه َخطي َئ ُت ُه َف ُأو َلئ َك َأ ْص َح ُ‬

‫(من‬ ‫ِ‬
‫ِّف رمح ُه اهللُ بالر ِّد عليهم بقوله‪َ :‬‬ ‫رص َح املصن ُ‬ ‫تقرير ل ُه وإغرا ٌء لغيه َّ‬
‫ٌ‬ ‫وأل ّن ُه‬
‫كيف‬ ‫للكبية التي مل تقُّتن بالت ِ‬
‫ّوبة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فإن كلم َة (ما) كـ (من) عا ّم ٌة متناول ٌة‬ ‫ِ‬
‫والكبائر) ّ‬ ‫الص ِ‬
‫غائر‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫املثبت‬ ‫وإمجاع األ ّم ِة فيلز ُم التّساوي َ‬
‫بني‬ ‫بالكتاب والسن ِّة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وغيه‬ ‫الَّش َك‬
‫تعم َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫واملغفر ُة بالتوبة ُّ‬
‫ِ‬ ‫غي مق َّي ٍد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باملشيئة‬ ‫واملنفي‪ ،‬واآلي ُة سيقت لبيان التّفرقة بينهام‪ ،‬ومغفر ُة الصغائر وقوعها َ‬
‫عندهم‪.‬‬

‫ِ‬
‫الصغية‬ ‫ومرتكب‬ ‫خلروج الت ِ‬
‫ّائب إمجا ًعا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واجلواب عام متسكوا‪ :‬إن العموم غي ٍ‬
‫مراد‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ّ َّ‬
‫ِ‬
‫باالتفاق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزائدة عليها‬ ‫ِ‬
‫احلسنة‬ ‫ِ‬
‫سابقة عىل‬ ‫ِ‬
‫والكبية ال‬

‫ِ‬
‫الوعيد‬ ‫ِ‬
‫بغاية رؤي ُة‬ ‫هي مغ َّيا ٌة‬ ‫ِ‬ ‫أن اآلي َة األوىل‪ :‬ال ُّ‬
‫عىل َّ‬
‫ثم َ‬
‫تدل إال عىل االستحقاق‪َّ ،‬‬
‫﴿حتَّى إِ َذا َر َأ ْوا َما ُيوعَدُ َ‬
‫ون﴾[مريم‪.]75 :‬‬ ‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪َ :‬‬

‫اب النار الذي ُكن ُت ْم بِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫للحَّش لقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬ذو ُقو ْا َع َذ َ‬ ‫ِ‬
‫املنكرين‬ ‫والثاني ُة‪ :‬يف ِّ‬
‫حق‬
‫ون﴾[السجدة‪ ،]23 :‬ولو ُس ّلم فال ُّ‬
‫تدل إال عىل عد ِم خروجهم عندَ إرادَتم‪،‬‬ ‫ُتك َِّذ ُب َ‬
‫فليخرجوا بعدَ تركها عندَ قنوطهم ومخول درجاَتم‪.‬‬

‫والرابع ُة‪ :‬فيمن تعدّ ى حدو َد اهللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والثالث ُة‪ :‬ال ُّ‬
‫تدل عىل دوا ِم عد ِم الغيبة يو َم القيامة‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫بالكفر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يكون إال‬ ‫َ‬
‫وذلك ال‬ ‫ِ‬
‫االستغراق‪،‬‬ ‫املضاف يفيدُ‬
‫َ‬ ‫اجلمع‬
‫َ‬ ‫مقر ِه أن‬ ‫تعاىل ك ّلها ملا ّ‬
‫تقر َر يف ّ‬
‫ّجاة بأن استولت ِ‬
‫عليه‬ ‫مسالك الن ِ‬
‫َ‬ ‫واخلامس ُة‪ :‬فيمن أحاطت ِبه خطيئته وسدّ ت ِ‬
‫عليه‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ولذلك‬ ‫ذنوبه وشملت مجل َة أحواله حتّى َ‬
‫صار كاملحاط هبا ال خيلو عنها يش ٌء من أطوار ُه‪،‬‬
‫ِ‬
‫املديد واملُكث‬ ‫ِ‬
‫الثبات‬ ‫الكفر‪ ،‬مع أن اخللو َد حقيق ٌة مستعمل ٌة يف‬ ‫ِ‬ ‫فّست اآلي ُة بتنزيلها عىل‬ ‫ّ‬
‫لغوا‪ ،‬واستعامل ُه يف ما ال دوا َم ل ُه كقوهلم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لكان تقييد ُه بالتّأبيد ً‬ ‫الطويل دا َم أو مل يد ْم‪ ،‬وإال‬
‫لخأثايف‪ :‬خوالدٌ ‪،‬‬ ‫ولذلك َ‬
‫قيل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫واألصل بنفيهام‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املجاز‬ ‫ِ‬
‫باالشُّتاك أو‬ ‫وشجر خم ّلدٌ ‪،‬‬ ‫وقف خم ّلدٌ ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫املكث‬ ‫ْ‬
‫فليحمل هاهنا عىل‬ ‫ِ‬
‫حاله ما دا َم ح َّي ًا خلد(‪،)154‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان عىل‬ ‫ِ‬
‫وللجزء الذي يبقى من‬
‫ِ‬
‫بشهادة‬ ‫ِ‬
‫والبقاء ّ‬
‫الالز ِم‬ ‫وأهل اجلن ِّة عىل ال ّث ِ‬
‫بات الدّ ائ ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكفرة‬ ‫حق‬ ‫ِ‬
‫الطويل املنقطعِ‪ ،‬ويف ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني األد ّل ِة‬
‫الوعد‬ ‫عموميات‬ ‫العصاة املسلمني يف‬ ‫وإبقاء‬ ‫والسنن‪ ،‬وإمجا ِع األ ّم ِة مج ًعا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬
‫لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ما ُي َبدَّ ُل ا ْل َق ْو ُل‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫مستحيل‬ ‫واخللف ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫املتظاهرة‪ ،‬عىل أن ُه ال يدو ُم عذاهبم‬ ‫ِ‬

‫يد﴾[ق‪،]29 :‬‬ ‫فإن قوله‪﴿ :‬وما َأنَا بِ َظ َّال ٍم ِّل ْلعبِ ِ‬ ‫الوعد أ ْلصق ّ‬ ‫ِ‬ ‫َلدَ َّي﴾[ق‪ ،]29 :‬ومحل ُه عىل‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫الوعيد فإن بعضهم ومنهم أبو عمرو بن‬ ‫ِ‬ ‫لف يف‬ ‫بخالف اخل ِ‬
‫ِ‬ ‫كالدّ ِ‬
‫ليل ملا قبل ُه‪ ،‬وباإلمجا ِع‬
‫ُ‬
‫هلل عن ُه َّ‬
‫أن‬ ‫ريض ا ُ‬ ‫بمثل ما روي عن أنس بن مالك‬ ‫ِ‬ ‫متسكًا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫جوزو ُه َّ‬‫العالء البْصي املقرىء َّ‬
‫عمله عقا ًبا‬ ‫ِ‬ ‫منجز ل ُه‪ ،‬ومن أوعد ُه عىل‬ ‫فهو‬ ‫ِ‬ ‫هلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫هلل عىل عمله ثوا ًبا َ‬ ‫قال‪( :‬من وعد ُه ا ُ‬ ‫رسول ا ِ‬
‫ِ‬
‫باخليار)‪.‬‬ ‫فهو‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الوعيد عىل‬ ‫سل‪ ،‬قلنا‪ :‬لع ّلهم محلوا ِ‬
‫آيات‬ ‫للر ِ‬ ‫تبديل لل َق ِ‬
‫ٌ‬ ‫فإن َ‬
‫وتكذيب ّ‬
‫ٌ‬ ‫ول‬ ‫هو‬
‫قيل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫املشيئة‬ ‫ِ‬
‫بشأن الكري ِم أن يبني وعيد ُه عىل‬ ‫اإلخبار املبني عىل الت ِ‬
‫ّقييد إذ ّ‬
‫الال ُئق‬ ‫ِ‬ ‫ّهديد أو‬ ‫ِ‬
‫إنشاء الت ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫الوعد‬ ‫العصاة‪ ،‬وإن كانت من ِ‬
‫آيات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالنظر إىل‬ ‫ِ‬
‫املواعيد‬ ‫أن اآلي َة من‬
‫يْص ْح هبا‪ ،‬مع َّ‬
‫وإن مل ّ‬
‫ِ‬
‫بالقياس إىل ِ‬
‫أهل الطاعات‪.‬‬

‫﴿وإِ ْن ُت ْبدُ وا َما ِيف َأ ْن ُف ِس ُك ْم َأ ْو‬ ‫ِ‬


‫الصغرية) لعمو ِم قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫العقاب عىل ّ‬ ‫ُ‬ ‫(وجيو ُز‬
‫اس ْب ُكم بِ ِه اهللَُّ َف َي ْغ ِفر ملَ ِ ْن َي َشاء َو ُي َع ِّذ ُب م ْن َي َشاء﴾[البقرة‪ ،]284 :‬وقول ُه تعاىل‪﴿ :‬م ِ‬ ‫خت ُفوه ُحي ِ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َه َذا ا ْل ِكت ِ‬
‫اها﴾[الكهف‪.]49 :‬‬ ‫َاب َال ُي َغاد ُر َصغ َي ًة َو َال كَبِ َي ًة إِ َّال َأ ْح َص َ‬

‫( )ينظر‪ :‬عمدة احلفاظ يف تفسي أشف األلفاظ (‪.)519/1‬‬ ‫‪154‬‬


‫لقوله تعاىل‪﴿ :‬إِن َ ْجتتَنِ ُبوا َك َب ِائ َر َما ُتن َْه ْو َن َعنْ ُه ُن َك ِّف ْر َعن ُك ْم‬
‫ِ‬
‫وقالت املعتزل ُة‪ ،‬ال ُ‬
‫يقع‬
‫َس ِّي َئاتِ ُك ْم َو ُندْ ِخ ْل ُكم ُّمدْ َخ ًال ك َِر ًيام﴾ [ النساء‪.]31 :‬‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬ف َي ْغ ِف ُر ملَ ِن َي َشا ُء﴾ [البقرة‪،]284 :‬‬


‫بدليل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باملشيئة‬ ‫ّكفي مق َّيدٌ‬
‫أن الت َ‬ ‫واجلواب‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫وهو الكبي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُس ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكفر ك ِّل ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلَّش‪َ ،‬‬ ‫وإنكار‬ ‫وتكذيب ُّ‬ ‫كالَّشك‬ ‫أنواع‬
‫ُ‬ ‫بالكبائر‬ ‫أو املرا ُد‬
‫ِ‬
‫اآلحاد‬ ‫باألفراد بنا ًء عىل أن مقابل َة اجلم ِع باجلم ِع تقتيض انقسا َم‬ ‫ِ‬ ‫املطلق ُة أو ِحصص ُه القائم ُة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وه ُك ْم﴾[املائدة‪ ،]6 :‬عىل‬‫الص َالة َفا ْغس ُلوا ُو ُج َ‬ ‫عىل اآلحاد كام يف قوله تعاىل‪﴿ :‬إِ َذا ُق ْم ُت ْم إِ َىل َّ‬
‫ذلك الت ِ‬
‫ّقدير‪.‬‬ ‫غي َ‬ ‫ّكفي عىل ِ‬ ‫يدل عىل نفي الت ِ‬ ‫أ ّن ُه ال ُّ‬

‫ٍ‬ ‫الكبية الص ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استحالل‬ ‫ادرة عن‬ ‫ّ‬ ‫السابق ملَّا َ‬
‫أوهم جواز ُه مغفر َة‬ ‫ثم عمو ُم احلك ِم‬
‫َّ‬
‫نب‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫العقاب عىل ّ‬ ‫ذلك إىل أن ت َ‬
‫رك‬ ‫تلك املظنّ َة مشي ًا يف َ‬‫ِّف رمح ُه اهللُ إزاح َة َ‬ ‫َ‬
‫حاول املصن ُ‬
‫ِ‬
‫استحالل) واعتقا ٌد‬ ‫ِ‬
‫الكبرية إذا مل تكن عن‬ ‫أيضا َ‬
‫فقال‪( :‬والعفو عن‬ ‫لفظ العفو ً‬ ‫عليه ُ‬ ‫يطلق ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬
‫الوارد بالتّحري ِم‪ ،‬وقد محلوا‬ ‫ّصديق بالن ِ‬
‫ّص‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ملنافاته الت‬ ‫ُ‬
‫تحالل كفر)‬ ‫(واالس‬ ‫حل ّل ِّيتها‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫إليامن عنهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سلب ا‬ ‫ِ‬
‫حدود العصاة أو عىل‬ ‫ّصوص الدّ ال َة عىل‬ ‫الن‬
‫َ‬

‫للر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫سل‬ ‫أذن ل ُه الرمح ُن (ثابت َة ّ‬‫ملن َ‬ ‫(والشفاع ُة) لدف ِع العقوبات ورف ِع الدّ رجات ْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫القيامة ثالث ٌة‪ :‬األنبيا ُء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي عليه السال ُم‪ُ ( :‬ي َّش ُ‬
‫فع يو َم‬ ‫قال ُ‬ ‫َ‬ ‫عثامن‬ ‫واألخيار) عن‬
‫ثم الشهدا ُء) أخرج ُه ابن ماجه‪.‬‬
‫ثم العلام ُء‪َّ ،‬‬
‫َّ‬

‫فالشفاع ُة قد‬
‫وإال َّ‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة فيهم‪َّ ،‬‬ ‫خالف‬ ‫كر َّ‬
‫ألن‬ ‫بالذ ِ‬
‫خصهم ّ‬ ‫ِ‬ ‫(يف حق ِ‬
‫َ‬ ‫الكبائر) َّ‬ ‫أهل‬
‫ِ‬
‫كقوله(‪:)155‬‬ ‫ِ‬
‫واطراد استعامهلا هلا‬ ‫ِ‬
‫املراتب لعمو ِم معناها‬ ‫ِ‬
‫ولرفعة‬ ‫الص ِ‬
‫غائر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تكون من َّ‬

‫تى إِ ْن َت ْاتِ ِه ل ِ َصنِي َع ٍة ‪ ...‬إِىل مال ِ ِه ال َت ْأتِ ِه بِ َش ِفي ِع‬ ‫َ‬


‫فذاك َف ً‬

‫( )البيت لـ احلطيئة جرول بن أوس يمدح طريف بن دفاع احلنفي كام يف كتاب (احلامسة البْصية)‬ ‫‪155‬‬

‫ماله مل ِ‬
‫ضيفه *** إىل ِ‬‫ِ‬ ‫فذك فتى إن ِ‬
‫يأته‬ ‫تأته يف‬ ‫لصدر الدين البْصي (‪ .)183/1‬والبيت يف األصل‪ً َ :‬‬
‫شفيع‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫السلطان حممود‬ ‫أمي املؤمنني إىل‬ ‫ِ‬ ‫منشور ِ‬
‫ِ‬
‫هلل َ‬
‫اخلالفة‪ :‬من حرضة القادر با ِ‬ ‫دار‬ ‫وكام يف‬
‫ٍ‬
‫حامد‬ ‫ِ‬
‫بشفاعة أيب‬ ‫وأمني امل َّل ِة‬
‫َ‬ ‫بناك يمني الدّ ِ‬
‫ولة‬ ‫يناك ُكور َة خراسان‪ ،‬ول َّق َ‬
‫الغزنوي‪ ،‬و ّل َ‬
‫اإلسفرايني‪.‬‬

‫اخلارجة عن الت ِ‬
‫ِّعداد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسناد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حيحة‬ ‫الص‬ ‫ِ‬
‫الكثية ال ّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رق ّ‬ ‫األخبار)‬ ‫(باملستفيض من‬
‫ُ‬
‫(يقال‪ :‬يا حممد ًا‬ ‫ٍ‬
‫طويل‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫ريض اهللُ عن ُه يف‬ ‫ذلك ما أخرج ُه الشيخان عن ٍ‬
‫أنس‬ ‫ومن َ‬
‫َ‬
‫انطلق‬
‫ْ‬ ‫رب أ ّمتي أ ّمتي‪ُ ،‬‬
‫فيقال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫فأقول‪ :‬يا ِّ‬ ‫واشفع تشفع‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وسل َ‬
‫تعط‬ ‫سمع ْ‬ ‫َ‬
‫رأسك وقل ُت ُ‬ ‫ارفع‬
‫النار‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫إيامن ف َأخرج ُه من ِ‬ ‫ٍ‬
‫خردل من‬ ‫مثقال ح ّب ِة‬
‫َ‬ ‫كان يف ِ‬
‫قلبه أدنى أدنى أدنى‬ ‫ف ُأ ْ‬
‫خرج من َ‬
‫ُ‬
‫فافعل)‪.‬‬ ‫فانطلق‬
‫ُ‬

‫قال‪ :‬ال إل َه‬ ‫ِ‬


‫القيامة من َ‬ ‫ِ‬
‫الناس بشفاعتي يو َم‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬أسعدُ‬ ‫ُ‬
‫وحديث أيب هرير َة‬
‫َ‬
‫البخاري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نفسه) أخرج ُه‬ ‫إال اهللُ خالصا من ِ‬
‫قلبه أو‬
‫ُ‬ ‫ً‬

‫املؤمنون من ِ‬
‫النار فوالذي‬ ‫َ‬ ‫خلص‬ ‫هلل عن ُه‪( :‬إذا‬
‫ريض ا ُ‬ ‫ٍ‬
‫سعيد اخلدري‬ ‫ُ‬
‫وحديث أيب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القيامة‬ ‫هلل يو َم‬
‫تبني لكم من املؤمنني ِ‬
‫احلق قد ّ َ‬ ‫ٍ‬
‫مناشدة يف ِ‬ ‫ِ‬
‫بأشد‬ ‫بيده ما من ٍ‬
‫أحد منكم‬ ‫نفيس ِ‬

‫ون‪ُ ،‬‬
‫فيقال هلم‪:‬‬ ‫وحيج َ‬
‫ّ‬ ‫يصومون معنا‪ ،‬ويص ّل َ‬
‫ون‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يقولون‪ :‬ربنا كانوا‬ ‫إلخواهنم الذي َن يف ِ‬
‫النار‬
‫ثم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقال‪:‬‬ ‫أخرجوا من عرفتم‪ ،‬فتحر ُم صورهم عىل النّار‪ ،‬فيخرجون خل ًقا ً‬
‫كثيا‪ ،‬وفيه َّ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ٍ‬ ‫ارجعوا فمن وجدتم يف ِ‬
‫يقولون‬ ‫مثقال ذرة من خي فأخرجو ُه فيخرجون خل ًقا ً‬
‫كثيا ثم‬ ‫قلبه‬
‫الرامحني‬
‫أرحم ّ‬
‫ُ‬ ‫يبق إال‬ ‫َ‬
‫النبيون ومل َ‬ ‫وشفع‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فيقول اهللُ شفعت املالئك ُة‬ ‫خيا‬
‫ربنا مل نذر فيها ً‬
‫خيا ق ُّط قد عادوا ً‬
‫محام)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬ ‫فيقبض قبض ًة من‬
‫فيخرج منها قو ًما مل يعملوا ً‬
‫ُ‬ ‫النار‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫للمعتزلة يف أن‬ ‫َمال‬ ‫ِ‬
‫املتواترة املعنى وال َ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫غي َ‬
‫ذلك من ِ‬ ‫ومسلم‪ .‬إىل ِ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكبائر بعدَ التّوب َة‪.‬‬ ‫الص ِ‬
‫غائر أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫حيملوها عىل ّ‬
‫بالعفو عن ّ‬ ‫الثواب أو‬ ‫بزيادة‬ ‫فاعة‬

‫س َش ْيئ ًا َوال ُي ْق َب ُل ِمنْها‬‫﴿وا َّت ُقوا َي ْوم ًا ال َ ْجت ِزي َن ْف ٌس َع ْن َن ْف ٍ‬


‫وقول ُه تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫فاع ٌة﴾[البقرة‪ ،]48 :‬وقوله‪﴿ :‬ما لِل ّظاملِ َ ِ ِ‬
‫طاع﴾[غافر‪ ،]18 :‬ظاهر ُه‬ ‫ني من َمحي ٍم وال َشفي ٍع ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َش َ‬
‫واحلل أن ُه ال رضور َة يف رجو ِع‬ ‫ُّ‬ ‫يقولون ِبه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الشفاعة‪ ،‬وهم ال‬ ‫ِ‬
‫الورود فإ ّن ُه ينفي َ‬
‫أصل‬ ‫ُ‬
‫مشُّتك‬
‫الوضعِ‪،‬‬
‫بحسب ْ‬‫ِ‬ ‫خاص ٌة‬
‫الرضوري‪ ،‬وهي ّ‬ ‫حيث عمومها العقّل ّ‬ ‫رة املنْف ّي ِة من ُ‬‫مي إىل النّك ِ‬
‫الض ِ‬‫ّ‬
‫ون﴾ [البقرة‪:‬‬ ‫ون ُه ُم ال َّظاملُِ َ‬‫﴿وا ْلكَافِ ُر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الظاملني يف اآلية الثانية الكفر ُة لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫واملراد من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليس فيهام ما ُّ‬
‫بالكفار‬ ‫ّفي‬
‫ص الن ُ‬ ‫بحسب األوقات‪ ،‬فل ُي َخ َّ‬ ‫يدل عىل العمو ِم‬ ‫‪ ،]254‬عىل أن ُه َ‬
‫ِ‬
‫واألخبار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫تألي ًفا َ‬
‫بني‬

‫ني﴾[املد ّثر‪ ،]48 :‬أسلوب ُه ُّ‬


‫يدل عىل‬ ‫الشافِ ِع َ‬
‫وقول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬ف َام َتنْ َف ُع ُه ْم َش َفا َع ُة َّ‬
‫تقبيح حاهلم‪ ،‬وتفظي ِع عاقبتهم‬
‫ِ‬ ‫بالكافرين‪ِ ،‬‬
‫إذ ال َقصدُ إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العقوبة‬ ‫ِ‬
‫املنفعة يف دف ِع‬ ‫ِ‬
‫ختصيص نفي‬
‫وحس ِم رجائهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫حتقيق بأسهم‬ ‫خيصهم من‬
‫يوسموا بام ّ‬
‫ومآهلم يقتيض أن َ‬

‫بقوله‪( :‬من املؤمنني)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫للكفر‪ ،‬ق َّيدَ‬ ‫الكبية متناوالً‬ ‫ِ‬ ‫طلق‬
‫كان ُم ُ‬ ‫ِ‬
‫الكبائر) وملّا َ‬ ‫ُ‬
‫(وأهل‬
‫ِ‬ ‫خيلدون يف ِ‬ ‫بغي ٍ‬ ‫وإن ماتوا ِ‬ ‫احلكم ْ‬
‫هلل‬
‫﴿وعَدَ ا َُّ‬ ‫النار) لعمو ِم قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫توبة‪( ،‬ال‬ ‫ُ‬ ‫ليصح‬
‫َّ‬
‫َّات﴾[التوبة‪ ،]72 :‬وقوله‪﴿ :‬ومن َع ِم َل ص ِ‬
‫احلًا ِّمن َذك ٍَر َأ ْو ُأن َث ٰى َو ُه َو‬ ‫َات جن ٍ‬ ‫ني واملُْ ْؤ ِمن ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫املُْ ْؤمن َ َ‬
‫َك‬ ‫هلل َال َي ْظلِ ُم ِم ْث َقا َل َذ َّر ٍة َوإِن ت ُ‬ ‫ِ‬
‫وقوله‪﴿ :‬إِ َّن ا ََّ‬ ‫ون ْ َ‬
‫اجلنَّ َة﴾[غافر‪،]43 :‬‬ ‫ُم ْؤ ِم ٌن َف ُأو َٰل ِئ َك َيدْ ُخ ُل َ‬
‫تكون َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قبل‬ ‫واملضاعفة ال‬ ‫اإليامن‪،‬‬ ‫ُب من‬‫وأي حسنة أك ُ‬ ‫َح َسنَ ًة ُي َضاع ْف َها﴾[النساء‪ّ ،]43 :‬‬
‫حني عىل ما‬ ‫باخلروج بعدَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫العفو التا ِم‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫وهو مسأل ُة‬ ‫ِ‬
‫بالعفو رأسا‪َ ،‬‬ ‫النار باإلمجا ِع َ‬
‫فهو‬ ‫دخول ِ‬ ‫ِ‬

‫فيخرج منها‬ ‫يقبض قبض ًة من ِ‬


‫النار‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬إ َّن اهللَ تعاىل ُ‬ ‫سعيد اخلدري‬ ‫ٍ‬ ‫حديث أيب‬‫ِ‬ ‫يف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلياة‪،‬‬ ‫هنر‬ ‫أفواه اجلن ِّة ُ‬
‫ِ‬ ‫محام فيلقيهم يف ِ‬
‫يقال ل ُه‪َ :‬‬ ‫هنر يف‬ ‫خيا قط‪ ،‬قد عادوا ً‬ ‫قو ًما مل يعملوا ً‬
‫ُ‬
‫فيقول‬ ‫اخلواتم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فيخرجون كاللؤلؤ يف رقاهبم‬ ‫ِ‬
‫السيل(‪،)156‬‬ ‫خترج احل ّب ُة يف َمحِ ِ‬
‫يل‬ ‫َ‬
‫فيخرجون كام ُ‬
‫عمل عملو ُه‪ ،‬وال ٍ‬
‫خي قدّ مو ُه‪ُ ،‬‬
‫فيقال هلم‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫أدخلهم اجلنّ َة ِ‬
‫بغي‬ ‫محن َ‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أهل اجلنة‪ :‬هؤالء عتقا ُء ّ‬
‫ِ‬
‫الباب متواترة املعنى‪،‬‬ ‫ُ‬
‫واألحاديث يف‬ ‫ومسلم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫لكم ما رأيتهم ومثل ُه مع ُه) أخرج ُه‬
‫وإن مل ْ‬
‫يبلغ آحادها هذا املدى‪.‬‬

‫)(محيل السيل) هو ما جاء به السيل من طني أو غثاء‪.‬‬


‫َ‬ ‫(‬ ‫‪156‬‬
‫واملخالفة‪ ،‬يتعدى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّكذيب‬ ‫ٍ‬
‫بيشء يؤمن ُه من الت‬ ‫ِ‬
‫األمن إذ املؤمن‬ ‫(واإليامن) أفعال من‬
‫ُ‬
‫قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬أ ُن ْؤ ِم ُن َل َك َوا َّت َب َع َك‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلذعان كام يف‬ ‫تضم ِنه معنى‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫باعتبار‬ ‫ّ‬
‫وبالال ِم‬ ‫بنفس ُه‬
‫قوله تعاىل‪:‬‬ ‫واالعُّتاف كام يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫لتضم ِنه معنى اإل ْق ِ‬
‫رار‬ ‫ِ‬
‫وبالباء‬ ‫ون﴾[الشعراء‪،]111 :‬‬ ‫ْاألَ ْر َذ ُل َ‬
‫ّ‬
‫األعراف‪َ ﴿ :‬ق َال فِ ْر َع ْو ُن آ َمنْ ُت ْم‬
‫ِ‬ ‫ب﴾[البقرة‪ ،]3 :‬وقول ُه تعاىل يف‬ ‫﴿ ُي ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون بِا ْل َغ ْي ِ‬

‫بِ ِه﴾[األعراف‪ ،]123 :‬ويف طه‪﴿ :‬ق َال آ َمنْ ُت ْم َل ُه﴾[طه‪.]71 :‬‬

‫ْت بِ ُم ْؤ ِم ٍن َلنَا﴾[يوسف‪،]17 :‬‬


‫﴿و َما َأن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّصديق كام يف قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫اللغة الت‬ ‫(هو) يف‬ ‫َ‬
‫حسب ما ُعلِ َم َميئه‬
‫ِ‬ ‫ّصديق بام جاء ِبه النبي ﷺ من ِ‬
‫عند اهللِ) إمجاالً أو تفصي ً‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ويف الَّش ِع (الت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كفرا باإلمجا ِع‬ ‫ُ‬
‫يكون ً‬ ‫فإن إنكار ُه ال‬ ‫بخالف ما ُظ َّن َميئ ُه ِبه كاالجتهاد ّيات‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫بالرض ِ‬
‫ورة‪،‬‬ ‫ِبه ّ‬
‫ِ‬
‫االستخفاف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫َ‬
‫يكون عىل‬ ‫ّكذيب‪ ،‬إال أن‬ ‫ِ‬
‫استلزامه الت‬ ‫لعد ِم‬
‫َ‬

‫ِّف‪،‬‬‫ّصديق وحده عندَ املصن ِ‬ ‫هو الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فليس َ‬‫إلقرار به) أي بام جا َء به من عند اهللِ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫(وا‬
‫وفخر اإلسال ِم البزدوي‪ ،‬ومن تابعهام(‪ ،)157‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلقرار‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األئمة الّسخيس‪،‬‬ ‫شمس‬ ‫وهو ُخم ُ‬
‫تار‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّصديق‬ ‫وع الت‬
‫هو رأي اإلمامية‪ ،‬وال َمم ُ‬ ‫مذهب الكرامي ُة‪ ،‬وال املعرف ُة القلب ّي ُة كام َ‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫فقط كام َ‬
‫املحكي عن األوزاعي‪ ،‬ومالك‪،‬‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫واخلوارج‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للمعتزلة‬ ‫ُ‬
‫واألعامل خال ًفا‬ ‫واإلقرار‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪.‬‬ ‫والشافعي‪ ،‬ومجاع ُة ِ‬
‫أهل‬

‫ِ‬
‫كتاب (العاملِ واملتعل ِم)‪،‬‬ ‫هلل‪ ،‬واملنصوص ِ‬
‫عليه يف‬ ‫املحفوظ عن أيب حنيف َة رمح ُه ا ُ‬
‫ُ‬ ‫ولكن‬
‫ُ‬
‫مجهور املح ّققني من أصحابنا كأيب جعفر ال ّطحاوي‪ ،‬وأيب املنصور املاتريدي‪ ،‬وأيب‬ ‫ِ‬ ‫وخمتار‬
‫ُ‬
‫هو‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫طائفة من خمالفينا‪َّ :‬‬ ‫حذ ُاق ِّ‬‫وهو الذي أذع َن ل ُه ّ‬ ‫ٍ‬
‫اإليامن َ‬ ‫أن‬ ‫كل‬ ‫بكر الكالباذي وغيهم‪َ ،‬‬
‫َب ِيف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دليل ِ‬ ‫ِ‬
‫وشط إلجراء أحكام ُه‪ ،‬لقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬أو َٰلئ َك َكت َ‬ ‫ٌ‬ ‫عليه‬ ‫واإلقرار ٌ‬
‫ُ‬ ‫َّصديق فقط‪،‬‬ ‫الت‬
‫اإل َيام ِن﴾[النحل‪،]136 :‬‬ ‫﴿و َق ْل ُب ُه ُم ْط َم ِئن بِ ْ ِ‬
‫اإل َيام َن﴾[املجادلة‪ ،]22 :‬وقول ُه‪َ :‬‬ ‫وهبِ ُم ْ ِ‬
‫ُق ُل ِ‬

‫اإليام ُن ِيف ُق ُلوبِ ُك ْم﴾‬ ‫﴿وملََّا َيدْ ُخ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫وهب ْم﴾[املائدة‪ ،]41 :‬وقول ُه‪َ :‬‬ ‫‪﴿:‬و َمل ْ ُت ْؤم ْن ُق ُل ُ ُ‬
‫وقوله َ‬

‫( ) وهو مذهب عا ّمة الفقهاء‪.‬‬ ‫‪157‬‬


‫(خيرج من ِ‬
‫النار من‬ ‫ِ‬
‫وقوله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اإليامن)‪،‬‬ ‫[احلجرات‪ ،]14 :‬وقول ُه ﷺ‪( :‬اللهم ث ّبت قلبي عىل‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫(فهال‬ ‫املقر‪:‬‬ ‫حني َ‬ ‫ِ‬
‫وقوله ألسام َة‬ ‫ِ‬ ‫مثقال ٍ‬
‫ُ‬ ‫كان يف ِ‬
‫َ‬
‫قتل َّ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه َ‬‫َ‬ ‫اإليامن)‪،‬‬ ‫ذرة من‬ ‫قلبه‬
‫ِ‬
‫القلب)‬ ‫ُ‬
‫واإليامن يف‬ ‫ومسلم‪ ،‬وقول ُه‪( :‬اإلسال ُم عالني ًة‬ ‫البخاري‬ ‫شققت عن ِ‬
‫قلبه)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫يرضب‬ ‫لتنتهني أو ليبعثن اهللُ عليكم من‬
‫َ‬ ‫معَّش قريش‬ ‫ِ‬
‫وقوله‪( :‬يا‬ ‫أخرجه ابن أيب شيب َة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫هلل‬ ‫ِ‬
‫اإليامن) أخرج ُه الُّتمذي‪ ،‬وقول ُه‪( :‬وا ُ‬ ‫ِ‬
‫بالسيف عىل الدِّ ين قد امتح َن اهللُ قلب ُه عىل‬ ‫رقابكم‬
‫ذلك‬ ‫هلل ولقرابتي) أخرج ُه أمحد والُّتمذي‪ ،‬إىل ِ‬
‫غي َ‬ ‫إيامن حتى حيبكم ا ُ‬‫امرىء ٌ‬‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫يدخل قلب‬ ‫ال‬
‫والش ِ‬
‫واهد املتظاهرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املتكاثرة ّ‬ ‫من الدّ ِ‬
‫الئل‬

‫ٍ‬
‫ثالثة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫معان‬ ‫يطلق عىل‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫ّصديق يف‬
‫َ‬ ‫لف‪ّ :‬‬
‫أن الت‬ ‫املنطبق لكال ِم الس ِ‬
‫ُ‬ ‫َّحقيق‬
‫ثم الت ُ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫وبصادق وصف ُه‪ ،‬وحقيقت ُه‬ ‫وصف املتك ّل ِم‪ ،‬يتع ّل ُق ِبه‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫دق الذي َ‬ ‫الص ِ‬
‫ماهو املأخو ُذ من ّ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫لق هبا‬ ‫القضية يتع ُ‬ ‫وصف‬
‫ُ‬ ‫هو املأخو ُذ ُما َ‬
‫هو‬ ‫ُب عن كال ٍم واقعي‪ ،‬وما َ‬ ‫ُ‬
‫اإلذعان بأن ُه خم ٌ‬
‫ومطابق للواقعِ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫صادق‬ ‫ويصدقها‪ ،‬وحقيقت ُه أن تذع َن بأن معناها‬

‫دق وتنقاد ل ُه‪ ،‬فإن ُه من‬ ‫الص ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫باختيارك إىل ّ‬ ‫القول‬ ‫القائل أو‬ ‫تنسب‬
‫َ‬ ‫هو أن‬
‫وباجلملة‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫االعتبار‪،‬‬ ‫كونه مك َّل ًفا ِبه هبذا‬
‫باالختيار وصح ِة ِ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املأخذ‬ ‫ِ‬
‫رضورته النّسب ُة إىل‬ ‫باب الت ِ‬
‫ّفعيل ومن‬ ‫ِ‬

‫ُب‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫الوجود والعد ِم ومتالزمان‪ ،‬وبيدَ أن‬
‫اخلُب أوىل واملخ ُ‬ ‫صدق‬ ‫فهذان املعنيان متعانقان يف‬
‫ثانوي‪.‬‬
‫ٌ‬

‫[رد عىل التَّفتازاين]‬

‫هو‬
‫تصديق النّبي‪ ،‬وهذا َ‬
‫ُ‬ ‫ّصديق بام جا َء) ومل يقل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫هو (الت‬
‫املؤلف رمح ُه اهللُ‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ِ‬
‫القلب‬ ‫ِ‬
‫الباطن وتسلي ِم‬ ‫ُّ‬
‫والذل وانقيا ُد‬ ‫وع‬ ‫ِ‬
‫ُب فيه اإلذعان‪ ،‬أي اخلض ُ‬
‫ّصديق اإليامين الذي اعت َ‬ ‫ُ‬ ‫الت‬
‫وربطه ِبه‪ ،‬ومن ُه قوهلم‪ :‬ناق ٌة ِم ْذعان‪ ،‬أي منقادة سلسة الرأس‪.‬‬
‫ِ‬

‫[رد عىل صدر الرشيعة]‬


‫قال اهللُ‬ ‫ِ‬
‫اإليامن‪َ ،‬‬ ‫آخر من‬ ‫ِ‬ ‫وليس املعنى َّ‬
‫َّصديق ورك ٌن َ‬ ‫خارج عن الت‬ ‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫َّسليم ٌ‬
‫أن الت َ‬ ‫َ‬
‫جيدُ وا ِيف َأ ْن ُف ِس ِه ْم َح َر ًجا‬
‫وك فِ َيام َش َج َر َب ْين َُه ْم ُث َّم َال َ ِ‬
‫حيك ُِّم َ‬
‫ون َحتَّى ُ َ‬‫تعاىل‪َ ﴿ :‬ف َال َو َر ِّب َك َال ُي ْؤ ِمنُ َ‬
‫وأساس‬ ‫ِ‬
‫املَّشوعات‪،‬‬ ‫رأس‬ ‫ولذلك َ‬ ‫َ‬ ‫ُِمَّا َق َض ْي َت َو ُي َس ِّل ُموا ت َْس ِلي ًام﴾[النساء‪،]65 :‬‬
‫ُ‬ ‫كان ُ‬
‫املعاندين‬ ‫ِ‬
‫للكفار‬ ‫ِ‬
‫احلاصل‬ ‫بخالف املعنى اآليت‬ ‫ِ‬ ‫وبالذ ِ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫َّكليف ّأوالً‬ ‫العبادات‪ ،‬ومقصود ًا بالت‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫﴿و َج َحدُ وا ِ َهبا َو ْ‬
‫اس َت ْي َقنَت َْها َأن ُف ُس ُه ْم ُظ ْل ًام َو ُع ُل ًوا﴾[النمل‪:‬‬ ‫قال سبحان ُه‪َ :‬‬ ‫ٍ‬
‫اختيار كام َ‬ ‫من ِ‬
‫غي‬
‫ِ‬
‫املذكورة عىل‬ ‫ِ‬
‫النسبة‬ ‫ِ‬
‫بطرح‬ ‫بتنقيص معنا ُه‬ ‫ِ‬
‫وبالذات‬ ‫التصديق أوالً‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ،]14‬وما هو املأخو ُذ هذا‬
‫ُ‬
‫هو مأخذه يتع َّل ُق‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االشتقاق‪ ،‬وثاني ًا‬ ‫ِ‬
‫دق الذي َ‬ ‫وبالعرض من ّ‬ ‫وجوه‬ ‫املعروف من‬
‫ُ‬ ‫هو‬‫ما َ‬
‫صورة الت ِ‬
‫َّأليف ووقو ِع‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حصول‬ ‫األو ِل‪ ،‬وحقيقت ُه‬ ‫ِ‬ ‫وحيصل َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حصول املعنى ّ‬ ‫قبل‬ ‫القول‪،‬‬ ‫بنفس‬
‫التصديق امليزاين الذي ربام جيعلون ُه أحدَ قسمي العل ِم عىل‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫القلب‪ ،‬هذا َ‬ ‫الصدق يف‬ ‫نسبة‬
‫ِ‬
‫امليزانية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القواعد‬ ‫ِ‬
‫احلاجة إىل قسمي‬ ‫ال به إىل ِ‬
‫بيان‬ ‫حارضا توس ً‬ ‫تقسيام‬ ‫يقسمون ُه‬ ‫ِ‬
‫املساحمة ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫حيث ّ‬
‫ِ‬
‫باعتبار‬ ‫ُ‬
‫األعامل فهي تتزايدُ يف نفسها‬ ‫ِ‬
‫وغيه‪ ،‬فأما‬ ‫واملطابق للواق ِع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يتناول اليقيني وال َّظني‬
‫وهو ظاهر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّقصي فيها َ‬
‫اإلتيان هبا والت‬

‫ِ‬
‫األشعرية(‪،)158‬‬ ‫ِ‬
‫وغيه من‬ ‫وهو خمتار أيب املعايل اجلويني‪،‬‬
‫(واإليامن) عند أئمتنا احلنفية َ‬
‫ُ‬
‫القو ِة‬ ‫ِ‬
‫باعتبار ما يع ِرض ُه من ّ‬ ‫وتفاوت‬
‫َ‬ ‫بزيادة املؤ َم ِن ِبه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفسه‪ ،‬وإن زا َد‬ ‫ينقص) يف‬
‫(ال يزيدُ وال ُ‬
‫ِ‬
‫الكيفيات‬ ‫وهو من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والض ِ‬
‫ّبي َ‬ ‫اليقيني بام جا َء به الن ُ‬
‫ّ‬ ‫َّصديق‬
‫ُ‬ ‫مر من أن ُه الت‬‫ومراتب اإليقان ملا َّ‬ ‫عف‬ ‫ّ‬
‫العوارض األو ِ‬ ‫ِ‬
‫للكم‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫لية‬ ‫ِ ّ‬ ‫هو من‬ ‫النّفسانية‪ ،‬والزياد ُة والنقصان إنام َ‬

‫قال يف ِ‬
‫كتابه الشفاء‪،‬‬ ‫حيث َ‬
‫ذلك ُ‬ ‫ِ‬
‫املالكية عىل َ‬ ‫)ويلوح رضا ُء القايض عياض بن موسى اليحصبي من‬ ‫(‬
‫ُ‬ ‫‪158‬‬

‫ِ‬
‫والنقصان وهل التجز ُء‬ ‫ِ‬
‫الزيادة فيهام‬ ‫ِ‬
‫واإليامن وأبواهبام ويف‬ ‫وهذا ُ‬
‫أنبذ يفيض إىل متس ِع الكال ِم يف اإلسال ِم‬
‫معرض ِ‬
‫فيه‬ ‫ٍ‬ ‫عليه من ٍ‬
‫عمل أوقدَ‬ ‫القول مجل ًة وإنام يرجع إىل ما زاد ِ‬
‫ُ‬ ‫التصديق ال يصح ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫ُمتنع عىل ِ‬
‫َمرد‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫حالة وحضور قلب‪,‬‬ ‫معرفة ودوا ِم ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وضوح‬ ‫وتباين حاالت ُه من قوة يقني وتصميم اعتقاد و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صفاته‬ ‫ِ‬
‫الختالف‬
‫انتهى من ُه س َّلم ُه اهلل‬
‫القو ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّشكيك ال جيري يف ّ‬
‫َ‬ ‫وقد ُح ِّق َق يف حم ّل ِه‪ّ :‬‬
‫تصو ُر فيه ّ‬
‫الذاتيات‪ ،‬فال ي ّ‬ ‫أن الت‬
‫ِ‬
‫األصل‪.‬‬ ‫غفل عن‬ ‫ذلك فقد وهم يف ِ‬
‫الفرعِ‪ ،‬كام َ‬ ‫جوز َ‬
‫َ‬ ‫ّقص‪ ،‬ومن َّ‬ ‫والزياد ُة والن ُ‬
‫عف ّ‬‫والض ُ‬
‫ّ‬

‫فرضا ً‬
‫ونفال جز ًء من‬ ‫ُ‬
‫األعامل ً‬ ‫ِ‬
‫العتباره‬ ‫ِ‬
‫ونقصه إما‬ ‫ِ‬
‫نفسه‬ ‫ِ‬
‫زيادته يف‬ ‫ذهب إىل‬ ‫ومن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املعتزلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلبار اهلمداين من‬ ‫ِ‬
‫اهلذيل العالف‪ ،‬وعبد‬ ‫ِ‬
‫اخلوارج‪ ،‬وأيب‬ ‫مذهب‬ ‫هو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫حقيقته كام َ‬
‫ِ‬
‫البْصة‪ ،‬أو االكتفا ُء بال ّظ ِن‬ ‫وأكثر معتزل ُة‬ ‫مذهب اجل ّبائيني‪،‬‬ ‫وهو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فرضا فقط‪َ ،‬‬
‫أو ً‬
‫ِ‬
‫األشعرية‪.‬‬ ‫مذهب‬ ‫هو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الغالب كام َ‬

‫احلديث من أن ُه يزيدُ‬ ‫ِ‬ ‫السلف‪ ،‬وطائف ٌة من ِ‬


‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مجاعة من‬ ‫وأما الذي يروى عن‬
‫﴿وإِ َذا ُت ِل َي ْت َع َل ْي ِه ْم آ َيا ُت ُه َزا َد ْ َُت ْم‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويستدل عليه قول ُه تعاىل‪َ :‬‬ ‫باملعصية‪،‬‬ ‫وينقص‬
‫ُ‬ ‫بالطاعة‬
‫باعتبار زيادة متع ّلقة ونزول املؤ َم ِن ِبه‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫فلعل املراد منه الزيادة‬ ‫إِ َيامنًا﴾[األنفال‪،]2 :‬‬
‫ِ‬
‫عليه‬ ‫هو املتحكّم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باعتباره القو ِة واالت ِ‬
‫ِ‬
‫يصي َ‬ ‫ُ‬ ‫بحيث‬ ‫القلب‬ ‫تيالئة عىل‬ ‫اس‬‫بحسب ْ‬ ‫ْقان‬ ‫ّ‬
‫مؤمن مصدّ ٌق ُيوي ِبه‬ ‫ٍ‬ ‫موق ٍن ذ َّم جوارح ُه واستقا َم كام أمر‪ ،‬ومن‬ ‫فمن ِ‬ ‫ّفس‪ِ ،‬‬
‫واملتْصف يف الن ِ‬
‫ّ‬
‫صح ِة‬ ‫ِ‬
‫اهلباء‪ ،‬ويف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫درجات ال يعلمها إال اهللُ‪ ،‬ولذلك أطبقوا عىل ّ‬
‫ٌ‬ ‫البني‬ ‫كمنثور‬ ‫اهلواء‬ ‫رصرص‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واملعتزلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للخوارج‬ ‫ِ‬
‫الكبية خال ًفا‬ ‫ِ‬
‫مرتكب‬ ‫ِ‬
‫إيامن‬

‫وذلك‬‫َ‬ ‫حاب ال َّظ ِ‬


‫واهر‪،‬‬ ‫ألص ِ‬ ‫(واإليامن واإلسال ُم) ا ُمل ْعت َُِب عندَ الشارعِ‪( ،‬واحد) خال ًفا ْ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫بحيث ال‬ ‫ِ‬
‫واالنقياد أل ْم ِر اهللِ‬ ‫ِ‬
‫الطاعة‬ ‫واإلرساع إىل‬ ‫اخلضوع‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اإلذعان بمعنى‬ ‫هو‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ألن اإلسال َم َ‬
‫ِ‬
‫لخأعراب‬ ‫ثبت‬ ‫ِ‬
‫اإليامن‪ ،‬إال أ َّن ُه قد َ‬ ‫هو حقيق ُة‬ ‫َ‬ ‫تعرف معبود ًا إال إيا ُه‪،‬‬
‫وذلك َ‬ ‫ُ‬ ‫ترى ر ًبا سوا ُه وال‬
‫ِ‬
‫إلطالقه عىل‬ ‫ِ‬
‫العاص)(‪،)159‬‬ ‫الناس وآمن عمرو بن‬ ‫ِ‬ ‫(أسلم‬ ‫ِ‬
‫اإليامن عنهم‪ ،‬وروي‪:‬‬ ‫مع نفي‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫(اإليامن‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪:‬‬ ‫يوجب حت ّق ِق مدْ لول وورد يف‬ ‫ِ‬
‫االنقياد الظاهري واالستسال ُم‪ ،‬عىل أن ُه ال‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫السؤال عن‬ ‫ِ‬
‫لكون‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ)‬ ‫أن تؤم َن باهللِ‪ ،‬واإلسال ُم أن تشهدَ أن ال إل َه إال اهللُ وأن حممدا‬
‫بدون اإلسال ِم وبالعكس‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الَّشيعة ٌ‬
‫إيامن‬ ‫فليس يف‬ ‫ِ‬
‫اإليامن‪ ،‬وشائ ِع اإلسال ِم‪ّ ،‬‬ ‫متع ّل ِق‬
‫وإال َ‬

‫( ) يف مدارك التنزيل للنسفي(‪ )453/1‬عبد اهلل فقط‪.‬‬ ‫‪159‬‬


‫ِ‬ ‫صح ل ُه أن َ‬
‫يقول‪ :‬أنا مؤمن ح ّق ًا)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لشعوره‬ ‫َّصديق واإل ْق ُ‬
‫رار‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫العبد الت‬ ‫وجد من‬ ‫(وإذا‬
‫دليل عىل أن ُه عندَ اهللِ‬‫كذلك ٌ‬
‫َ‬ ‫أن نفسه‬‫نفسه‪ ،‬فوجد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومطلق احلك ِم يف‬ ‫ِ‬
‫احلمل‬ ‫ِ‬
‫مصداق‬ ‫بتح ّق ِق‬
‫التيمي رمح ُه اهللُ‪( :‬قل‪:‬‬ ‫ابراهيم‬ ‫ولذلك َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلضافة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باختالف‬ ‫خيتلف‬
‫ُ‬ ‫الواقع ال‬ ‫َ‬
‫كذلك‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كذبك)‪ ،‬وقد َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫بت فك ْف َ‬
‫رك أشدُّ من‬ ‫كذ َ‬ ‫ِ‬
‫عليه‪ ،‬وإن َ‬ ‫أنا مؤم ٌن ح ًقا؛ فإن صدَ قت فأثبت‬
‫َ‬
‫قولك‪ :‬أنا مؤم ٌن‬ ‫بني‬
‫فرق َ‬‫هلل َو َما ُأن ِْز َل إِ َل ْينَا﴾[البقرة‪ ،]136 :‬وال َ‬ ‫سبحان ُه‪ُ ﴿ :‬قو ُلوا آ َمنَّا بِا َِّ‬
‫ون َح ًقا﴾[األنفال‪ ]4 :‬وهبذا‬ ‫وقال‪ُ ﴿ :‬أو َٰل ِئ َك ُه ُم املُْ ْؤ ِمنُ َ‬ ‫ِ‬
‫احليثية‪َ ،‬‬ ‫آمنت من ِ‬
‫هذه‬ ‫وقولك‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫ح ًقا‬
‫ِ‬
‫القرآن‬ ‫سام َك مؤمنًا يف‬ ‫حيث قال‪َّ َ:‬‬ ‫ُ‬
‫(إن اهللَ َّ‬ ‫احتج عبدُ اهللِ السلموين عىل أمحد بن حنبل‬ ‫َّ‬
‫ذلك)‪.‬‬ ‫َ‬
‫والداك أمحد‪ ،‬وال تستثني يف َ‬ ‫وسام َك‬ ‫َ‬
‫إيامنك َّ‬ ‫وتستثني يف‬

‫إيامنك‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬اتّبا ًعا إلبراهيم‬ ‫َ‬ ‫قال لقتادةَ‪ِ :‬‬
‫(مل َ تستثني يف‬ ‫كي أن أبا حنيف َة رمح ُه اهللُ َ‬ ‫وح َ‬‫ُ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫فهال‬ ‫﴿وا َّل ِذي َأ ْط َم ُع َأن َي ْغ ِف َر ِيل َخطِي َئتِي﴾[الشعراء‪َ ،]83 :‬‬ ‫ِ‬
‫عليه السال ُم يف قوله‪َ :‬‬
‫ِ‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬ب َىل َو َلكِ ْن ل ِ َي ْط َم ِئ َّن َق ْلبِي﴾[البقرة‪.)]263 :‬‬


‫اتّبعته يف ِ‬
‫ُ‬
‫يدخل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لصح أن َ‬
‫اجلنة‬ ‫للواحد‪ :‬إن ُه مؤم ٌن‬ ‫يقال‬ ‫وقالت األشعري ُة‪ :‬العُب ُة للخامتة‪ ،‬وإال َّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫النار‪ ،‬قلنا‪ :‬ال منافا َة ِ‬
‫كافر خي َّلدُ يف ِ‬
‫إليامن‪ ،‬وإال‬ ‫يدخل اجلنّ َة لو َ‬
‫بقي عىل ا‬ ‫املؤمن‬
‫َ‬ ‫فيه؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫وإن ُه ٌ‬
‫هو‬ ‫ِ‬
‫القول َ‬ ‫ألن مفاد هذا‬ ‫يقال‪ :‬أنا مؤم ٌن إن شا َء اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫فهو خم ّلدٌ يف النّيان‪ ،‬وال ينبغي أن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإليامن‬ ‫ِ‬
‫أصل‬ ‫وعدمه‪ ،‬فإن َ‬
‫كان يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حصوله‬ ‫فيكون شا َّك ًا يف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واإليامن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املشيئة‬ ‫بني‬ ‫ُ‬
‫االرتباط َ‬
‫ِ‬
‫اآلخر‬ ‫كان يؤم ُن باهللِ واليو ِم‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪( :‬من َ‬ ‫تلك التُّهم ُة‪ ،‬ويف‬ ‫فيكون كافر ًا ال حمال َة وإال ِ‬
‫ففيه َ‬ ‫ُ‬
‫فيجب التَّق ّي َة عن ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فال يقف َّن يف مواق ِع الته ِم)‪،‬‬

‫ٌ‬
‫حممول عىل‬ ‫السلف رمحهم اهللُ كابن مسعود َّ‬
‫والشافعي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫طائفة من‬ ‫ُ‬
‫واملنقول عن‬
‫ِ‬
‫احلال‪ ،‬وألن رأى الشافعي رمح ُه اهللُ أن‬ ‫ِ‬
‫وإعجاب‬ ‫ِ‬
‫تزكية الن ِ‬
‫ّفس‬ ‫ب والت ِ‬
‫ُّبك والتُّبؤ عن‬ ‫التأ ّد ِ‬

‫فيه شائبة‬ ‫يكون ِ‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلال فال‬ ‫ِ‬
‫الظرف أو‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫هو يف التايل واملقدّ ُم قيدٌ ل ُه‬ ‫ِ‬
‫احلكم يف الَّشطية إنام َ‬
‫َ‬
‫ٍّ‬
‫شك‪.‬‬
‫[القول يف املوافاة]‬

‫ِ‬
‫باإليامن‬ ‫قي قد يسعدُ )‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(والسعيدُ قد َيشقى) العيا ُذ باهللِ‬
‫(والش ُ‬ ‫اإليامن‪،‬‬ ‫باالرتداد بعدَ‬ ‫ّ‬
‫اإل َيام ِن َف َقدْ َض َّل َس َوا َء‬
‫﴿و َمن َي َت َبدَّ ِل ا ْل ُك ْف َر بِ ْ ِ‬
‫قال اهللُ تعاىل‪َ :‬‬
‫الكفر والطغ ِ‬
‫يان‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بعدَ‬
‫يكون‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫وذلك ال‬ ‫يل﴾[البقرة‪َٰ ﴿ ،]138 :‬ذل ِ َك بِ َأ َّهن ُ ْم َءا َمنُو ْا ُث َّم َك َف ُرو ْا﴾[النساء‪،]137 :‬‬
‫السبِ ِ‬
‫َّ‬
‫قاوة وهذا كالدّ ِ‬
‫ليل ملا قبل ُه‪.‬‬ ‫الش ِ‬ ‫وهو منش ُأ ّ‬ ‫ِ‬ ‫اإليامن وهو منش ُأ الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكفر َ‬ ‫عادة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بحصول‬ ‫إال‬

‫حصول الن ِ‬
‫ّجاة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للخامتة‪ ،‬قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬يف‬ ‫ِ‬
‫األشاعرة فإهنم قالوا‪ :‬إنام العُب ُة‬ ‫خالف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وفيه‬
‫ُ‬
‫يصدق‬ ‫َان ِم َن ا ْلكَافِ ِري َن﴾[البقرة‪]34 :‬‬
‫﴿وك َ‬ ‫إبليس‪َ :‬‬‫َ‬ ‫حق‬ ‫ِ‬
‫املامت‪ ،‬وقول ُه تعاىل يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫والفوز بعدَ‬
‫عليه الصال ُة والسال ُم‪( :‬السعيدُ من سعدَ يف ِ‬
‫بطن‬ ‫باعتبار ماله وأخر حاله‪ ،‬وكذا قوله ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بطن ِ‬
‫أمه)‪.‬‬ ‫قي من شقى يف ِ‬ ‫ِ‬
‫أمه ّ‬
‫والش ُ‬

‫ّغري‬ ‫ِ‬
‫للحوادٍ َّ‬ ‫ِ‬
‫صفات اهللِ تعاىل‪ ،‬وكون ُه ً‬ ‫ِ‬ ‫(و) ال يلز ُم من َ‬
‫ألن (الت َ‬ ‫حمال‬ ‫التغي عىل‬ ‫ذلك‬
‫ِ‬
‫اإلسعاد‬ ‫(دون‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫العبد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حادثتان يف‬ ‫قاوة) ال َّلتني مها حالتان‬ ‫والش ِ‬
‫ّ‬ ‫يكون عىل الس ِ‬
‫عادة‬ ‫ُ‬ ‫إنام‬
‫ّ‬
‫هلل‬
‫أن ا َ‬‫تقر َر ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تغري عىل اهللِ تعاىل وال عىل صفاته) ملا ّ‬ ‫واإلشقاء ومها من صفات اهللِ تعاىل‪ ،‬وال ّ َ‬
‫قديم‪ ،‬وال مغاير َة بينهام وال‬ ‫ِ‬
‫وأسامئه‬ ‫ِ‬
‫صفاته‬ ‫وأسامئه واحدٌ ‪ ،‬وبجمي ِع‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صفاته‬ ‫تعاىل بجمي ِع‬
‫ٌ‬
‫قبل‬ ‫وعاقب العايص َ‬ ‫ِ‬
‫إحسانه‪،‬‬ ‫وأثاب املحس َن َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬
‫وجوده‪،‬‬ ‫وهو ك ّل َّم موسى َ‬
‫قبل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫تعدّ َد َ‬
‫(كنت نب ًيا وآد ُم‬
‫ُ‬ ‫عليه السال ُم‪:‬‬ ‫إليه قوله ِ‬‫يلتفت ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وكُبيائه‪ ،‬عىل ما‬ ‫ِ‬
‫بجالله‬ ‫عصيانه‪ ،‬قبل ّي ٌة ُ‬
‫تليق‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫واجلسد) أخرج ُه أمحد والبخاري والُّتمذي والطُباين وغيهم(‪ .)163‬وقول ُه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫وح‬ ‫بني ّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وغيه(‪.)161‬‬ ‫البعث) أخرج ُه ابن الل‬ ‫ِ‬ ‫اخللق وآخرهم يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس يف‬ ‫(كنت َّ‬
‫أول‬ ‫ُ‬

‫( )أخرجه البخاري يف «التاريخ الكبي» (‪ ،)374/7‬وابن سعد يف «الطبقات الكُبى» (‪،)8583‬‬ ‫‪163‬‬

‫والُّتمذي يف «العلل الكبي» (‪)683‬ختريج مشكل اآلثار (‪ ،)5977‬والطُباين (‪.)833( )353/23‬‬


‫( )أخرجه الطُباين يف «مسند الشاميني» (‪ ،)2662‬وابن عدي يف «الكامل يف الضعفاء» (‪)49/3‬‬ ‫‪161‬‬
‫ِ‬
‫الكتاب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صدر‬ ‫سل) مجع الرسول وقد فرغنا عن ِ‬
‫بيان معنا ُه يف‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫(ويف إرسال ّ‬
‫ِ‬
‫وغيه‪ ،‬أو‬ ‫مذهب القايض عياض من املالك ّي ِة‬ ‫وهو‬ ‫الر َ‬ ‫واعلم َّ‬
‫ُ‬ ‫سول والنّبي إ ّما مُّتادفان َ‬ ‫أن ّ‬ ‫ْ‬
‫وفر َق بينهام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شارح التّأويالت َّ‬ ‫ُ‬ ‫هب‬
‫مذهب املعتزلة‪ ،‬أو متباينان وإليه ذ َ‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬
‫متساويان َ‬
‫َمازا‪ ،‬أو بينهام عمو ٌم‬ ‫اآلخر ً‬‫ِ‬ ‫كل منهام عىل‬ ‫إطالق ٍّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫ِ‬
‫وعدمه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلديد‬ ‫ِ‬
‫باإلتيان بالَّش ِع‬
‫احلنفية‪ ،‬ويعضد ُه قول ُه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وغيه من‬ ‫ِ‬
‫املنصور املاتريدي‬ ‫مذهب أيب‬ ‫وهو‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫وخصوص من وجه َ‬ ‫ٌ‬
‫﴿وك َ‬
‫َان‬ ‫ول َو َال نَبِ ٍّي﴾[احلج‪ ]52 :‬اآلي ُة‪ ،‬وقول ُه‪َ :‬‬ ‫﴿وما َأرس ْلنَا ِمن َق ْبلِ َك ِمن رس ٍ‬
‫َّ ُ‬ ‫تعاىل‪َ ْ َ َ :‬‬
‫َر ُسوالً ن َِّب ّي ًا﴾[مريم‪.]54 :‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬


‫(الكشاف)‬ ‫الزخمَّشي ففي‬
‫وخمتار ّ‬
‫ُ‬ ‫األشاعرة‪،‬‬ ‫مذهب‬
‫ُ‬ ‫أخص مطل ًقا َ‬
‫وهو‬ ‫ُّ‬ ‫سول‬ ‫أو ّ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪ ،‬وأجيب‪ :‬بتجويز‬ ‫ِ‬
‫الكتب كام يف‬ ‫أكثر عد ًدا من‬ ‫الر َ‬ ‫اشُّتط ِ‬
‫َ‬
‫سل ُ‬ ‫ور َّد بأن ّ‬
‫الكتاب‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فيه‬
‫اشُّتط ِ‬
‫فيه الَّشيع ُة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫(األنوار)‬ ‫واألكثر‪ ،‬ويف‬ ‫ِ‬
‫االثنني‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫واشُّتاكه َ‬ ‫ِ‬
‫البعض‬ ‫ِ‬
‫نزول‬ ‫تكر ِر‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫شيعة ِ‬
‫أبيه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وكان عىل‬ ‫ً‬
‫رسوال نب ًيا‪،‬‬ ‫بأن اسامعيل ِ‬
‫عليه السال ُم َ‬
‫كان‬ ‫ور َّد َّ‬
‫املجدد ُة‪ُ ،‬‬

‫الشيخ‬ ‫ُ‬ ‫قال‬ ‫ِ‬


‫الكون‪َ ،‬‬ ‫جيب هبا وقوع ُه يف‬ ‫ِ‬
‫(حكمة) أي مصلحة جليلة وعاقبة محيدة‪ُ ،‬‬
‫ألن‬ ‫الوجوب)؛ َّ‬‫ِ‬ ‫كان‪ ،‬بل يف ح ّي ِز‬ ‫سال يف حي ِز اإلم ِ‬
‫(اإلر ُ‬ ‫ِ‬
‫(العمدة)‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الدين رمح ُه اهللُ يف‬ ‫ُ‬
‫حافظ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ولكن لي َس‬ ‫رجة العالية‪،‬‬ ‫يادة والبلو ِغ إىل الدّ ِ‬
‫للز ِ‬
‫ون ّ‬ ‫ِ‬
‫ّقيصة مستعدّ َ‬ ‫َ‬
‫َمبولون عىل الن‬ ‫الناس‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫احلكمة؛ َّ‬
‫فإن كون ُه‬ ‫ِ‬ ‫عليه تعاىل‪ ،‬كام زعمت املعتزل ُة‪ ،‬بل بمعنى أ ّن ُه قض ّي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوجوب‬ ‫بمعنى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حكيام ُ‬
‫للخي العا ِّم‬ ‫سبب‬‫ٌ‬ ‫هو‬
‫وقوع ما َ‬ ‫َ‬ ‫كامل القدرة تا ُّم العل ِم ُ‬
‫باهر الكر ِم يقتيض‬ ‫ً‬ ‫سبحان ُه‬
‫ِ‬
‫اإلمكان‬ ‫(ليس يف‬ ‫ِ‬ ‫وحسن النّظا ِم الذي ال‬ ‫ِ‬
‫خي فوقه وال حس َن مثل ُه‪ ،‬وعن هذا قالوا‪َ :‬‬ ‫يتصو ُر َ‬
‫ّ‬
‫كان‪ ،‬وإال أحدث ُه عىل ما َ‬
‫كان)‪.‬‬ ‫أبدع ُما َ‬
‫ُ‬

‫وية كام زعمت‬‫بممكن طرفاه عىل الس ِ‬‫ِ‬ ‫وال بممتَن ِع الوقو ِع كام زعمت الُبامهة‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يتضمن ُه من النّف ِع ّ ِ‬
‫والرض‬ ‫ِ‬
‫والَّش وما‬ ‫ِ‬
‫واخلي‬ ‫ِ‬
‫والقبح‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫األشعري ُة‪ ،‬ولكن ما يوجدُ ِ‬
‫فيه من‬
‫ّ‬
‫هلل ُ‬
‫امللك‬ ‫ِ‬
‫اخللق وتعاىل ا ُ‬ ‫وترجع إىل‬ ‫ِ‬
‫االستعداد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بموازنة ماهلم من‬ ‫ِ‬
‫العباد‬ ‫مصالح تعو ُد إىل‬ ‫ك ّل ِه‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫َّاس َأن ُت ُم‬ ‫َان َع َىل َر ِّب َك َحت ًْام َم ْق ِض ًيا﴾[مريم‪َ ،]71 :‬‬
‫وقال‪َ ﴿ :‬يا َأ ُّ َُيا الن ُ‬ ‫احلق َ‬
‫قال سبحان ُه‪﴿ :‬ك َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احل ِميدُ ﴾[فاطر‪ ،]15 :‬وك ّل ّي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ا ْل ُف َق َرا ُء إِ َىل ا َِّ‬
‫وجزئياته ُجعل ّية‬ ‫االستعداد ذات ّية‪،‬‬ ‫هلل َواهللَُّ ُه َو ا ْل َغن ُّي ْ َ‬
‫تقتضيه احلكم ُة اإلهلية والرمحة األزلية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حسب ما‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بمأخذها‬ ‫منسوج‪ ،‬ومأخذ ُه‬ ‫َ‬
‫األفعال‬ ‫ِ‬
‫وتعليل‬ ‫ِ‬
‫والقبح‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫ِ‬
‫بمسألة‬ ‫احلكم‬ ‫ثم هذا‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الَّش ليست ُما‬ ‫القبح وشار ُة ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلي وقباح ُة‬‫ِ‬ ‫وخيارة‬ ‫سن َ‬ ‫ذلك إن َحسانَة احلُ ِ‬ ‫ُ‬
‫وبيان َ‬ ‫ُمزوج‪،‬‬
‫ٌ‬
‫الكون بام هلا‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املمكنات يف عاملِ‬ ‫وقوع‬ ‫ِ‬
‫واألمر‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬
‫اخللق‬ ‫حتت‬
‫ويدخل َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلاعل‬ ‫يتع ّل ُق ِبه ُجعل‬
‫َ‬
‫أثر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلهات الفعل ّي ِة‪،‬‬‫ِ‬
‫يكون ُ‬ ‫البسيط اإلبداعي من ُه سبحان ُه عىل أن‬ ‫باجلعل‬ ‫واحليثيات‬ ‫من‬
‫يتصو ُر أن‬ ‫ِ‬
‫الوجود عن ُه‪ ،‬والفعل ّي ُة وال‬ ‫انتزاع‬ ‫يصح‬ ‫بحيث‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة‬ ‫نفس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الفعل ُ‬ ‫اجلعل وثمر ُة‬
‫العبث‬ ‫ِ‬ ‫تنزُيا ل ُه تعاىل عن‬ ‫ِ‬
‫املصلحة‬ ‫احلكمة بعيدً ا عن‬ ‫ِ‬ ‫جود يش ٌء ما خال ًيا عن‬ ‫يكون يف الو ِ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫َ‬
‫تكون‬ ‫جيب أن‬ ‫فهي بام هي َ‬ ‫ِ‬ ‫محل عند ُه ُ‬ ‫يض ُّ‬ ‫ِ‬ ‫فه‪ ،‬ولكن ُ‬ ‫والس ِ‬
‫تلك ُ‬ ‫كامل اجلزئيات َ‬ ‫اجلملة ْ‬ ‫كامل‬ ‫ّ‬
‫جل ذكر ُه‬ ‫اخليات‪ ،‬فاتِّصاف ُه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإفاضة‬ ‫ِ‬
‫الكامل‬ ‫ِ‬
‫إعطاء‬ ‫ات يف‬ ‫بالذ ِ‬ ‫ِ‬
‫املقصود ّ‬ ‫هي املنظور‪ ،‬وال‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وأمجل‬ ‫ِ‬
‫الوجوه وأمجلها‬ ‫ِ‬
‫أحسن‬ ‫واألسامء احلسنى يقتيض إجياد العاملِ عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّمجيدية‬ ‫بالص ِ‬
‫فات الت‬ ‫ِّ‬
‫وإجياده مرتبط ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخلقه‬ ‫ِ‬
‫وقدرته‬ ‫ِ‬
‫وإرادته‬ ‫ِ‬
‫بعمله‬ ‫الكائنات ك ّلها‬ ‫األنحاء وأكلمها‪ ،‬ف ُيحدٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوجود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مراتب‬ ‫بالبعض إىل أقىص‬ ‫ِ‬ ‫بعضها‬

‫ترج َح وجو َد العاملِ‬


‫سلف ما يؤ ّيد ُه إذ ّ‬
‫َ‬ ‫االختيار ْبل يؤكِّد ُه وقد َ‬
‫سبق فيام‬ ‫َ‬ ‫وهذا ال ينايف‬
‫حميط‬ ‫حكيام َ‬
‫كامل العل ِم َ‬ ‫جهة ِ‬
‫كونه سبحان ُه‬ ‫الوجوب‪ ،‬إنام جاء من ِ‬ ‫ِ‬ ‫عىل هذا الن ِ‬
‫َّحو منته ًيا إىل‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫فهو تعاىل يعطي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القدرة تام الكر ِم ذا ال ّط ِ‬
‫والبخل‪َ ،‬‬ ‫والعجز‬ ‫اجلهل‬ ‫عز َمد ُه عن‬
‫تقديسا ل ُه َّ‬
‫ً‬ ‫ول‬ ‫َّ‬
‫هو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للحوادٍ من ِ‬‫ِ‬
‫حتصيل ما َ‬ ‫اإلجياد‬ ‫ليس يف‬ ‫غي أن حيمل ُه عىل اإلجياد بواعث‪ ،‬وإذ َ‬ ‫الوجو َد‬
‫ِ‬
‫املمكن‬ ‫هو إعطا ُء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالذ ِ‬
‫ّقص ّ‬
‫بالغي‪ ،‬بل َ‬ ‫واالستكامل‬ ‫ات‬ ‫وخي ال يلز ُم من ُه الن ُ‬
‫ٌ‬ ‫أوىل ل ُه سبحان ُه‬
‫أفعاله تعاىل بام ليس هو غي ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذاته‪،‬‬ ‫َ َ ُ‬ ‫تعليل‬ ‫احلكمة‪ ،‬وهذا معنى‬ ‫ما يستح ّق ُه من الكامل ً‬
‫نظرا إىل‬
‫حيسن‬ ‫لطف من اهللِ‬ ‫ِ‬
‫األشاعرة‪ٌ :‬‬ ‫فقول‬ ‫ِ‬
‫نفسه‪ُ ،‬‬ ‫قبيحا يف‬ ‫ِ ِ‬ ‫وذلك ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫املأمور به حسنًا واملنهي عن ُه ً‬ ‫كون‬
‫ِ‬
‫بخلق اهللِ تعاىل‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫لكان احلكم ُة ِ‬
‫فيه‪ ،‬إن أرادوا َحسانة‬ ‫َ‬ ‫يقبح ترك ُه‪ ،‬ولو ترك ُه‬
‫فعل ُه وال ُ‬
‫والرضور ُة‬ ‫اليش ِء ُ‬
‫جيعل جاعل ُه ّ‬ ‫أن كون ُه َ‬
‫ذلك ّ‬ ‫ليش ِء بمعنى ّ‬
‫قول بمجعول ّي ِة ا ّ‬
‫فهو ٌ‬ ‫ِ‬
‫وإجياده َ‬
‫وقع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قاضي ٌة‬
‫بخلق اهللِ‪ ،‬ولكن يمك ُن جعل غيه ما َ‬ ‫حقيقته‬ ‫صدور‬
‫َ‬ ‫ببطالنه‪ ،‬وإن أرادوا أن‬
‫قول‬ ‫فهو ٌ‬ ‫فيكون احلكم ُة يف ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقع‪َ ،‬‬ ‫غي الواقعِ‪ ،‬بل يف الذي يمك ُن أن َ‬ ‫واحليثيات‬ ‫اجلهات‬ ‫هبذه‬
‫ِ‬
‫وإجياده‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بخلقه تعاىل‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ِ‬
‫اهلذبة إنام‬ ‫اليش ُء ومال ُه من‬
‫تعني ّ‬
‫فإن ّ َ‬ ‫حمص ًال‪ّ ،‬‬‫معنى ِّ‬
‫ً‬ ‫ينتج‬
‫ليس ُ‬ ‫َ‬
‫كان‬ ‫اليشء عىل أي ٍ‬
‫نحو َ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬وإن أرادوا أن وجو َد‬ ‫اليش ُء وال َ‬ ‫َ‬ ‫ولوال َ‬
‫هناك هذا ّ‬ ‫فليس‬
‫تلك َ‬
‫فيه فمرحب ًا‬‫النحو لعل ِم أن احلكم َة ِ‬
‫ِ‬ ‫وجوده ولو وجدَ ال عىل هذا‬‫ِ‬ ‫أن احلكم َة يف‬
‫يدل عىل ّ‬ ‫ُّ‬
‫بوقوعه عىل ما أشار ِ‬
‫إليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرسال حكمة يف هذا املقا ِم إال‬ ‫نستدل عىل ِ‬
‫كون‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫بالوفاق إذ ال‬
‫َ‬
‫يكون يف ِ‬
‫تركه‬ ‫َ‬ ‫جيوز أن‬
‫يتوه ُم أن ُه ُ‬ ‫أرسل اهللُ تعاىل ُر ً‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫سال) فال َّ‬ ‫بقوله‪( :‬وقد‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ‬
‫املصن ُ‬
‫ِ‬
‫البرش)‬ ‫ّظر إليها‪( ،‬من‬ ‫يضمحل ما يف اإلرس ِ‬
‫ال بالن ِ‬ ‫ُّ‬ ‫لع عليها بخصوصها‬ ‫حكم ٌة خفي ٌة ال ن ّط ُ‬
‫وتنفيذ ِ‬
‫أمره‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتكميل نفوسهم‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وسياسة‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ِ‬
‫إصالح‬ ‫وينوب عن ُه يف‬ ‫خليف ًة خيلف ُه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فيضه‬ ‫لقصوره عن ِ‬
‫قبول‬ ‫ِ‬ ‫البَّش ِ‬
‫إليه‬ ‫ِ‬ ‫حلاجة ِبه تعاىل إىل من ينوب ُه‪ ،‬بل لف ْق ِر‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫البرش) ال‬ ‫فيهم (إىل‬
‫﴿و َل ْو َج َع ْلنَا ُه َم َلكًا‬ ‫قال َّ‬ ‫ولذلك مل يستنبئ َملكًا كام َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫وتل ّقي ِ‬
‫أمره ِ‬
‫جل ذكره‪َ :‬‬ ‫وسيط‪،‬‬ ‫بغي‬
‫ُ‬
‫بحيث‬ ‫قوَتم واشتعلت قرحيتهم‬ ‫جل َع ْلنَا ُه َر ُج ًال ﴾[األنعام‪ ،]9 :‬أال ترى أن األنبيا َء ملا فاقت ّ‬ ‫َّ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫خص ُه منهم‬ ‫أرسل إليهم املالئك ُة ومن ّ‬ ‫َار﴾[النور‪،]35 :‬‬ ‫﴿ َيكَا ُد َز ْي ُت َها ُييض ُء َو َل ْو َمل ْ َمت ْ َس ْس ُه ن ٌ‬
‫واسطة كمحم ٍد وموسى عليهام السالم يف ِ‬
‫ليلة‬ ‫ٍ‬ ‫ورفعة درجات‪ ،‬ك َّل ِ‬
‫مه بال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكامالت‬ ‫ِ‬
‫بمزيد‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫الغذاء من‬ ‫ِ‬
‫قبول‬ ‫العظم عن‬ ‫عجز‬ ‫ِ‬
‫الطبيعة فإ ّن ُه ملا‬ ‫ذلك من‬ ‫واستوضح َ‬ ‫ِ‬
‫وامليقات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلرساء‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رضوف تألي ًفا‬
‫ُ‬ ‫ؤوف أن َ‬
‫جيعل بينهام ال ُغ‬ ‫امللك الر ِ‬ ‫ّباعد اقتضت حكم ُة ِ‬ ‫اللح ِم ملا بينهام من الت ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ّناسب بينهام‪.‬‬ ‫ً‬
‫وحتصيال للت‬ ‫هلام‬

‫َ‬
‫العقل‬ ‫وإال فمردو ٌد؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫العقل ِ‬
‫ففيه عن ُه غني ٌة َّ‬ ‫َ‬ ‫يوافق‬ ‫إن أتى بام‬ ‫الر ُ‬
‫سول ْ‬ ‫ال ُ‬
‫ُ‬ ‫يقال‪َّ :‬‬
‫نقول‪ :‬هو ربام ال يتم ّك ُن من احلك ِم‬ ‫ِ‬
‫بطالنه‪ ،‬ألنا ُ‬ ‫تكون ً‬
‫دليال عىل‬ ‫ُ‬ ‫حج ٌة اتّفاقي ٌة فمخالفته ِ‬
‫عليه‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫العقل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫معرفته‬ ‫عجز عن‬
‫َ‬ ‫ّقل إىل ما‬ ‫فيتوص ُل بالن ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫باإلثبات أو النفي‪،‬‬ ‫ً‬
‫استقالال‬ ‫اليش ِء‬
‫عىل ّ‬
‫ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬
‫إدراكه يؤ ّيد ُه ويفيدُ‬ ‫ُ‬
‫العقل يف‬ ‫ُّ‬
‫يستقل‬ ‫ِ‬
‫القيامة‪ ،‬وفيام‬ ‫ِ‬
‫أحوال‬ ‫ِ‬
‫وتفاصيل‬ ‫ِ‬
‫الساعة‬ ‫كقيا ِم‬
‫ِّف رمح ُه اهللُ بقوله‪:‬‬
‫أشار املصن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وقدر احلقوق‪ ،‬وإليه َ‬ ‫األمور‬ ‫مراتب‬
‫َ‬ ‫الوقوف عىل‬ ‫الوثوق يف‬
‫(ومنذرين)‬ ‫األهنار‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وجنات جتري من حتتها‬ ‫ٍ‬
‫ورحيان‬ ‫وح‬ ‫ِ‬
‫لخأبرار َبر ٍ‬ ‫(مبرشين)‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نني للن ِ‬
‫َّاس ما‬ ‫(ومب ّي َ‬ ‫ُ‬
‫واألغالل ُ‬ ‫والس ُ‬
‫الل‬ ‫ّكال ِّ‬ ‫ِ‬
‫والعذاب األلي ِم واخلزي والن ُ‬ ‫للفج ِ‬
‫ار باجلحي ِم‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫بأصول العلو ِم وقوانني‬ ‫وحتصيل املع ِ‬
‫رفة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العدالة‬ ‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫مور الدُّ نيا) يف‬ ‫تاجون ِ‬
‫إليه من ُأ ِ‬ ‫َ‬ ‫َحي‬
‫ِ‬
‫العقائد‬ ‫ومراتب االستعدادات‪( ،‬والد ِ‬
‫ين) من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقوق‬ ‫قدر‬ ‫ِ‬
‫والوقوف عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫الصناعات‬
‫ِ‬
‫استيفاء ما قدَ َر‬ ‫ِ‬
‫والعقوبات التي جعلت ذريع ًة إىل‬ ‫ِ‬
‫واملعامالت‬ ‫ِ‬
‫العبادات‬ ‫ِ‬
‫واملعارف وأنوا ِع‬
‫ِ‬
‫رجات‪.‬‬ ‫ظهور ما تباينوا ِ‬
‫فيه من املرات ِ‬
‫ب والدَّ‬ ‫ِ‬ ‫هلم من الكامالت ووصلة إىل‬

‫ِ‬
‫واملطالبة‬ ‫ادرة عنهم عندَ دعوى الن ِ‬
‫ُّبوة‬ ‫(باملعجزات) الص ِ‬
‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫سل‬
‫َّ‬ ‫(وأ َّيدهم) أي ُّ‬
‫يعجز من يتحدّ ى ِبه عن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بحيث‬ ‫ِ‬
‫واملعارضة‬ ‫ِ‬
‫للعادة مقرون ٌة بالتَّحدي‬ ‫ٌ‬
‫خارق‬ ‫أمر‬
‫وهي ٌ‬
‫ِ‬
‫باحلجة َ‬
‫َّ‬
‫الصادر ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمثله عىل ما أشار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور ّ‬
‫ُ‬ ‫للعادات) أي‬ ‫ّاقضات‬ ‫بقوله‪( :‬الن‬ ‫إليه‬ ‫َ‬ ‫واإلتيان‬ ‫معارضته‬
‫مر ًة بعدَ أخرى‪.‬‬
‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(وأو ُل‬


‫باألمر‬ ‫ب‬ ‫ص بالوحي وخوط َ‬ ‫املخُب بأن ُه ُخ َّ‬ ‫بالكتاب‬ ‫ثبت ثبوت ُه‬
‫األنبياء آد ُم) َ‬ ‫ّ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫حديث أيب ٍ‬ ‫وساطة النّبي‪ ،‬والسن ِّة ففي‬
‫ِ‬
‫سل آد ُم‬ ‫(أو ُل ّ‬
‫هلل عن ُه‪َّ :‬‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫ذر‬ ‫والنّهي للتبلي ِغ بال‬
‫وأو ُل من َّ‬
‫خط بالقل ِم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وأو ُل‬
‫ارسائيل موسى وآخرهم عيسى‪َّ ،‬‬ ‫أنبياء بني‬ ‫وآخرهم حممدٌ ‪َّ ،‬‬
‫الُّتمذي وابن مردويه وابن حبان وصحح ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫احلكيم‬
‫ُ‬ ‫إدريس) أخرج ُه‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬أنا سيدُ ولد يو ِم القيامة وال َ‬
‫فخر وبيدي لوا ُء‬ ‫َ‬ ‫سعيد‬ ‫حديث أيب‬ ‫ويف‬
‫والُّتمذي‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ آدم فم ْن سوا ُه إال حتت لوائي) أخرج ُه أمحد وابن ماج َه‬ ‫نبي‬ ‫ِ‬
‫احلمد‪ ،‬وما من ٍ‬
‫ُ‬
‫حسن‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫صحيح‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫ُ‬
‫جُبيل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫ِ‬
‫بأفضل‬ ‫ريض اهللُ عنهام‪( :‬أال أخُبكم‬ ‫ٍ‬
‫عباس‬ ‫ِ‬
‫حديث ابن‬ ‫ويف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األمة‪.‬‬ ‫إمجاع‬ ‫النبيني آدم) أخرجه الطُباين‪ ،‬وعىل نبو ِ‬
‫ته‬ ‫ُ‬
‫وأفضل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫وتواتر َ‬ ‫وأظهر املعجز َة‬ ‫نبوت ُه فإ ّن ُه ا َّدعى النّبو َة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫(وآخرهم َممد عليه السال ُم)‪ ،‬أما ّ‬
‫ُ‬
‫الواصل إىل‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫ِ‬
‫الساعة‬ ‫احلالة وأبقاها إىل قيا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معجزاته وأظهرها يف مجي ِع‬ ‫ُب‬
‫عن ُه‪ ،‬وأك ُ‬
‫ِ‬
‫األسلوب‬ ‫اشتمل ِ‬
‫عليه من‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫البالغة‪ ،‬مع ما‬ ‫تبة القصوى من‬‫الفصاحة والر ِ‬
‫ِ‬ ‫الدّ ِ‬
‫رجة العليا من‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫واإلنباء عن‬ ‫ِ‬
‫املاضية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املغيبات‬ ‫ِ‬
‫اإلخبار عن‬ ‫تضمن ُه من‬ ‫ب‪ ،‬وما‬ ‫الغريب والنّظ ِم العجي ِ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫خضع هلا احلكام ُء‬ ‫ِ‬
‫األرسار الذي‬ ‫ِ‬
‫ودقائق‬ ‫ِ‬
‫غوامض احلك ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اآلتية‪ ،‬وما حيتويه من‬ ‫اخلفيات‬
‫َ‬
‫أفحم ِبه من طولب‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫واألبصار‪ ،‬ولقد‬ ‫البارعون‪ُ ،‬أو ُلو األيدي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اسخون والعرفا ُء‬ ‫الر‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫لإلتيان‬ ‫اخلطباء‪ ،‬فلم يتصدّ‬ ‫ِ‬ ‫العرب العربا ِء‪ ،‬وأبكم ِبه من حتدى ِبه من مصاق ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمعارضته من‬
‫ناهض من‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫سورة من ُه‬ ‫ِ‬
‫أقْص‬ ‫ِ‬
‫بمقدار‬ ‫يدانيه واحدٌ من فصحائهم‪ ،‬ومل ينهض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوازيه أو‬ ‫بام‬
‫ينبض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رمال الدهناء‪ ،‬ومل ْ‬ ‫وأوفر عد ًدا من‬ ‫ُ‬ ‫البطحاء‪،‬‬ ‫أكثر من حىص‬ ‫بلغائهم‪ ،‬عىل أهنم كانوا َ‬
‫اش عىل‬ ‫الَّش َ‬ ‫واملضار ِة‪ ،‬وإلقائهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫باإلفراط يف املضا ّد ِة‬
‫ِ‬ ‫العصبية مع اشتهارهم‬‫ِ‬ ‫عرق‬ ‫منهم ُ‬
‫كل ما يرمون ُه‬ ‫املناضلة عن أحساهبم اخلطط‪ ،‬وركوهبم يف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫واملعار ِة ولقائهم َ‬
‫دون‬ ‫ِ (‪)162‬‬
‫املعازة‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫جر َد هلم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الشطط‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬
‫بمآثر‪ ،‬وقد َّ‬ ‫َ‬ ‫بمأثرة رمو ُه‬ ‫بمفاخر‪ ،‬وإن رماهم‬ ‫َ‬ ‫بمفخرة أتو ُه‬ ‫إن أتاهم أحدٌ‬
‫ٌ‬
‫خمراق‬ ‫القاضب‬
‫َ‬ ‫يف‬
‫الس َ‬
‫يف وحده‪ ،‬عىل أن ّ‬ ‫الس َ‬
‫آخرا‪ ،‬فلم يعارضوا إال ّ‬ ‫والسيف ً‬
‫ُ‬ ‫احلج ُة ً‬
‫أوال‬ ‫ّ‬
‫البحر قد‬
‫َ‬ ‫احلج ِة إال لعلمهم َّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫معارضة‬ ‫احلج ُة حدّ ةً‪ ،‬فام أعرضوا عن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫متض‬ ‫العب‪ ،‬إن مل‬‫ٌ‬
‫الكواكب‪ ،‬وقد اجتمع ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫نور‬ ‫ِ‬
‫الكواكب َّ‬
‫وأن ّ‬
‫َ‬ ‫مس قد أشقت فطمست َ‬ ‫الش َ‬ ‫فطم عىل‬ ‫زخر َّ‬ ‫َ‬
‫واألفعال السديد ُة‪ ،‬وادعاء الن ِ‬
‫ّبوة‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫واملحاسن اجلليل ُة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واألخالق احلميد ُة‬ ‫األوصاف اجلميل ُة‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫كتاب هلم وال حكم َة معهم‪.‬‬ ‫أظه ِر قو ٍم ال َ‬ ‫بني ُ‬
‫املعجزة َ‬ ‫وإظهار‬
‫ُ‬

‫هلل‬ ‫﴿ر ُس َ‬
‫ول ا َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأما كون ُه ِ‬
‫وإمجاع األمة لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫والسنة‬ ‫فبالكتاب‬ ‫األنبياء‪،‬‬ ‫آخر‬
‫(أنت مني‬ ‫َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫قوله ﷺ لعّل‬ ‫ني﴾[األحزاب‪ ]43 :‬وملِا تواتر من‬ ‫َو َخات ََم النَّبِ ِّي َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫شمول نبو ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫وكون‬ ‫رسالته‬ ‫ته وعمو ُم‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ‬
‫وكذلك‬ ‫نبي بعدي)‪،‬‬ ‫هارون من موسى‪ ،‬إال أن ُه ال َ‬‫َ‬ ‫بمنزلة‬
‫ُب ِبه ‪.‬‬‫أقر ُه وأخ َ‬
‫ِ‬
‫شيعت ُه ناسخ ًة لَّشائ ِع املرسلني من قبله والنّبيني غي ُه إال ما َّ‬
‫رواية‪( :‬مئ ُة ٍ‬
‫ألف وأربع ُة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث) ففي‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫عدد ِهم يف‬
‫ِ‬ ‫(و َقد ُروي َب ُ‬
‫يان‬
‫ٍ‬
‫رواية‪:‬‬ ‫بان وصححه‪ ،‬ويف‬ ‫البز ُار والطُباين وابن مردويه وابن ِح َ‬
‫وعَّشون أل ًفا)‪ ،‬أخرج ُه َّ‬

‫)[املعازة]‪ :‬املغالبة‪ .‬شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم(‪.)4316/7‬‬


‫َّ‬ ‫(‬ ‫‪162‬‬
‫ِ‬
‫الناس)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫سائر‬ ‫ٍ‬
‫آالف من‬ ‫َ‬
‫ارسائيل‪ ،‬وأربع ُة‬ ‫ٍ‬
‫آالف من بني‬ ‫(بعث اهللُ ثامني َة آالف نبي‪ ،‬أربع ُة‬
‫َ‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان عيسى بن مريم‪،‬‬ ‫(كان يف من خال من إخواين من األنبياء ثامني ُة آالف نبي‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ويف رواية‪:‬‬
‫كنت أنا) أخرج ُه أبو يعىل‪.‬‬
‫ثم ُ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫اشتامله‬ ‫ِ‬
‫تقدير‬ ‫ِ‬
‫الواحد عىل‬ ‫ُب‬ ‫أن ال يقتََص عىل عدد معني يف الت ِ‬
‫ّسمية) َّ‬
‫ألن خ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫واألوىل ْ ُ َ َ‬‫( ْ‬
‫ِ‬
‫الكتاب‪ ،‬ال يفيدُ‬ ‫ِ‬
‫لظاهر‬ ‫ِ‬
‫واملخالفة‬ ‫ِ‬
‫االضطراب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وسالمته عن‬ ‫ِ‬
‫الباب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املعتُبة يف‬ ‫ِ‬
‫الَّشائط‬ ‫عىل‬
‫ِ ِ‬
‫ّإال ظنّ ًا‪ ،‬و﴿إِ َّن ال َّظ َّن َال ُي ْغني م َن ْ َ‬
‫احل ِّق َش ْي ًئا﴾[يونس‪.]36 :‬‬

‫وإثبات لخأولي ِة ِ‬
‫﴿من ُْه ْم َم ْن َق َص ْصنَا َع َل ْي َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السابق‬ ‫تعليال للحك ِم‬
‫ً‬ ‫هلل تعاىل)‬ ‫(فقد َ‬
‫قال ا ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َع َل ْي َك﴾[غافر‪ ،]78‬وإنام َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫الحتامل أن‬ ‫االقتصار ْأوىل؛‬ ‫كان عد ُم‬ ‫َومن ُْه ْم َم ْن َمل ْ َن ْق ُص ْ‬
‫ِ‬
‫نزول‬ ‫يكون املرا ُد َ‬
‫قبل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫وتفصيل أحواهلم‪ ،‬وأن‬ ‫ِ‬
‫َّنصيص عىل أعالمهم‪،‬‬ ‫قصتهم بالت‬ ‫املنفي عد ُم ّ‬
‫ُّ‬
‫ً‬ ‫الر ِ‬
‫سل ك ّلهم‬ ‫ذلك‪ ،‬واآلي ُة ُّ‬ ‫ِ‬
‫تفصيال‬ ‫أن معرف َة ّ‬
‫تدل عىل َّ‬ ‫َّْصيح بعددهم بعد َ‬
‫َ‬ ‫اآلية‪ ،‬فال ينايف الت‬
‫ِ‬
‫شطه أن يؤم َن هبم مجي ًعا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫واحد منهم‪ ،‬بل من‬ ‫لقص َّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫اإليامن ّ‬ ‫لصح ِة‬ ‫ٍ‬
‫وإال َّ‬ ‫ّ‬ ‫بَّشط‬ ‫ليس‬
‫َ‬

‫آمنت‬ ‫الصحيح أن َ‬
‫يقول‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫اجلواب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫يعرف ِبه؟‬
‫ْ‬ ‫فلو َ‬
‫قيل‪ :‬أتؤم ُن بفالن النّبي ومل‬
‫ِ‬
‫الحتامل كال األمرين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلطالق إثبات ونفي ًا‬ ‫يصح عىل‬ ‫ِبه إن َ‬
‫كان نب ًيا‪ ،‬وال ُّ‬
‫ِ‬
‫أكثر‬
‫املذكور َ‬
‫ُ‬ ‫كان العد ُد‬ ‫(وال ُي ْؤ َم ُن يف ذك ِْر العدد أن ُيدْ َخ َل فيهم َم ْن َ‬
‫ليس منهم) إن َ‬
‫ذكر عد ًدا َّ‬
‫أقل‬ ‫ٌ‬
‫داخل فيهم ومن مجلتهم‪ ،‬إن َ‬ ‫هو)‬
‫خيرج منهم من َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األمر‪( ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫نفس‬ ‫هو يف‬
‫ُما َ‬
‫الزياد َة والنقصان‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حيتمل ّ‬ ‫ِ‬
‫مدلوله ال‬ ‫خاص يف‬ ‫اسم‬ ‫من عددهم الواقعي‪ ،‬بنا ًء عىل ّ‬
‫ٌ‬ ‫أن العد َد ٌ‬

‫﴿و َما َينْطِ ُق َع ِن ْاهل َ َوى (‪ )3‬إِ ْن ُه َو إِ َّال‬ ‫ِ‬


‫باألقوال َ‬
‫قال اهللُ تعاىل‪َ :‬‬ ‫ُم ِرب َ‬
‫ين)‬ ‫(و ُك ُّل ُهم كانوا ُ ْ‬
‫وحى﴾[النّجم‪3 :‬ـ ‪.]4‬‬
‫َو ْح ٌي ُي َ‬

‫ّبوة َّإال هذا‪ ،‬ويف‬ ‫ّخصيص‪ ،‬إذ ليس معنى الن ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫تعميم بعدَ الت‬ ‫ٌ‬ ‫غني عن اهلل تعاىل)‬ ‫( ُمب ّل َ‬
‫ول َب ِّل ْغ َما ُأن ِْز َل إِ َل ْي َك ِم ْن َر ِّب َك َوإِ ْن َمل ْ َت ْف َع ْل َف َام َب َّل ْغ َت ِر َسا َل َت ُه﴾[املائدة‪:‬‬ ‫ّنزيل‪َ ﴿ :‬يا َأ ُّ َُيا َّ‬
‫الر ُس ُ‬ ‫الت ِ‬

‫‪.]67‬‬
‫هلل‬
‫قال ا ُ‬‫أصول الَّشائعِ‪ ،‬كام َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫واحدة يف‬ ‫ٍ‬
‫طريقة‬ ‫فيه إشار ٌة إىل أهنم كانوا عىل‬ ‫(صادقني) ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ش َع َل ُك ْم ِم َن الدِّ ِ‬
‫يم‬ ‫وحا َوا َّلذي َأ ْو َح ْينَا إِ َل ْي َك َو َما َو َّص ْينَا بِه إِ ْب َراه َ‬
‫ين َما َو ََّّص بِه ُن ً‬ ‫ََ‬ ‫تعاىل‪:‬‬
‫شائع‬
‫َ‬ ‫يموا الدِّ ي َن َو َال َت َت َف َّر ُقوا فِ ِيه﴾[الشورى‪ ،]13 :‬وإن كانوا عىل‬ ‫ِ‬
‫يسى َأ ْن َأق ُ‬
‫ِ‬
‫وسى َوع َ‬
‫َو ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال سبحان ُه‪﴿ :‬ل ُك ٍّل َج َع ْلنَا منْ ُك ْم ْ‬
‫ش َع ًة‬ ‫بحسب ما تقتضي ُه احلكم ُة‪ ،‬كام َ‬ ‫شتَّى يف الفرو ِع‬
‫اجا﴾[املائدة‪.]48 :‬‬ ‫ِ‬
‫َومن َْه ً‬

‫والوقوع يف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وارتكاب املعايص‬ ‫ِ‬
‫الكذب واخلطأ‬ ‫معصومني عن‬
‫َ‬ ‫لق)‬ ‫(ناصحني للخَ ِ‬
‫َ‬
‫َان‬ ‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ما ك َ‬ ‫أيضا‬ ‫ِ‬
‫الكفر قبلها ً‬ ‫البعثة والقيا ِم بالن ِ‬
‫ّبوة‪ ،‬وعن‬ ‫ِ‬ ‫وسهوا بعدَ‬ ‫املناهي عمدً ا‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫األنبياء وما َ‬
‫كان من شأننا‬ ‫معاش‬ ‫صح لنا‬ ‫َّش َك بِاهللَِّ ِمن َ ٍ‬
‫َلنَا َأ ْن ُن ْ ِ‬
‫َ‬ ‫يشء﴾[يوسف‪ ،]38 :‬أي ما َّ‬ ‫ْ ْ‬
‫ِ‬
‫للحشوية‪.‬‬ ‫أصال خال ًفا‬
‫ً‬

‫فقالت األشعري ُة‪ :‬ال َ‬


‫دليل عىل امتنا ِع‬ ‫َ‬ ‫تلف ِ‬
‫فيه‬ ‫اخ َ‬ ‫ِ‬
‫سائر املعايص فقد ُ‬ ‫وأما عن‬
‫ِ‬
‫يوجب النّفر َة املانع َة عن اتباعهم ِّ‬
‫فيفو ُت‬ ‫ُ‬ ‫املعتزلة‪ :‬هو‬ ‫وبعض‬
‫ُ‬ ‫صدورها‪ ،‬وقالت الشيع ُة‬
‫املصلح َة املقصود َة بإرساهلم‪.‬‬

‫قبل ا ِ‬
‫لبعثة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكبائر ثابت ٌة هلم َ‬ ‫أن العصم َة عن‬ ‫ِ‬
‫باملذهب‪َّ :‬‬ ‫األلصق‬
‫ُ‬ ‫األعذب‬ ‫ُ‬
‫والقول‬
‫ُ‬
‫﴿ال َين َُال َع ْه ِدي‬
‫قال اهللُ تعاىل‪َ :‬‬ ‫ُّدرة‪َ ،‬‬ ‫الصغائر عنهم عىل الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫صدور‬
‫ُ‬ ‫جاز‬
‫َ‬ ‫وإن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال البيضاوي‪ِ :‬‬
‫قبل‬ ‫ِ‬
‫الكبائر َ‬ ‫األنبياء عن‬ ‫عصمة‬ ‫دليل عىل‬‫(فيه ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ني﴾[البقرة‪َ ،]124 :‬‬‫ال َّظامل ِ َ‬
‫جي َع ُل ِر َسا َل َت ُه ﴾[األنعام‪،]124 :‬‬ ‫ِ‬ ‫البعثة‪ ،‬وربام يستأنس ِ‬
‫ِ‬
‫هلل َأ ْع َل ُم َح ْي ُث َ ْ‬
‫بقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ا َُّ‬ ‫عليه‬ ‫ُ‬
‫واقف عىل معاملِ الن ِ‬‫ٍ‬
‫ّبوة وأحكا ِم‬ ‫﴿و َو َجدَ َك َض ًاال﴾[الضحى‪ ]7 :‬معنا ُه‪َ :‬‬
‫غي‬ ‫وأما قول ُه تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫القرآن ومجل ُة أحكا ِم ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫كقوله تعاىل‪:‬‬ ‫الَّش ِع‬ ‫الَّشيعة‪ ،‬وأما طريقه السمعِ‪َ ﴿ ،‬ف َهدى﴾ ّ‬
‫فعر َ‬
‫فك‬
‫َ‬
‫واجلهل‬ ‫الكفر‬
‫َ‬ ‫وليس املرا ُد ِبه‬
‫َ‬ ‫اإل َيام ُن﴾[الشورى‪،]52 :‬‬ ‫ِ‬
‫﴿ َما ُكن َْت تَدْ ِري َما ا ْلكت ُ‬
‫َاب َو َال ْ ِ‬

‫وقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬لنُ ْخ ِر َجنَّ ُك ْم ِم ْن َأ ْر ِضنَا َأ ْو َل َت ُعو ُد َّن ِيف‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصول الَّشائعِ‪،‬‬ ‫هو من‬ ‫بالصان ِع وما َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫القار ك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫احلليب‪،‬‬ ‫اللبن‬ ‫الصيورة كام يف قوله‪ :‬وعا َد ُ‬ ‫م َّلتنَا﴾[إبراهيم‪ ،]13 :‬العو ُد فيه بمعنى ّ‬
‫ِ‬
‫الطريق‬ ‫خارجون عن‬ ‫َ‬ ‫األصل واألنبيا ُء‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يزعمون أهنم عىل‬ ‫ِ‬
‫الكفرة‪ ،‬فإهنم‬ ‫مبني عىل زع ِم‬
‫أو ٌ‬
‫حيث ﴿ َقا ُلوا َيا َصال ِ ُح َقدْ ُكن َْت فِينَا َم ْر ُج ًوا َق ْب َل َه َذا َأ َتن َْهانَا َأ ْن َن ْع ُبدَ َما‬ ‫ِ‬
‫اجلامعة ُ‬ ‫َ‬
‫مفارقون عن‬
‫اك ِيف‬
‫ني﴾[األعراف‪ ]63 :‬و﴿إِنَّا َلن ََر َ‬ ‫اك ِيف َض َال ٍل ُمبِ ٍ‬
‫اؤنَا﴾[هود‪﴿ ،]62 :‬إِنَّا َلن ََر َ‬
‫َي ْع ُبدُ آ َب ُ‬
‫﴿و َما َي ُك ُ‬ ‫حيث َ‬
‫ُ‬ ‫ساق شعيب ِ‬ ‫اه ٍة﴾[األعراف‪ ،]66 :‬وإنام َ‬
‫ون‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫اجلواب‬
‫َ‬ ‫عليه السال ُم‬ ‫ُ‬ ‫َس َف َ‬
‫ٍ‬
‫رسول‬ ‫لكل‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب ِّ‬ ‫ِ‬
‫املشاكلة‪ ،‬أو‬ ‫َلنَآ َأن َّن ُعو َد فِ َيهآ إِالَّ َأن َي َشآ َء اهلل﴾[األعراف‪ ]89 :‬عىل‬
‫والعصيان والظل ِم واخلّسان إليهم‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فغلب عليه اجلامع ُة وإسنا ُد ّ‬
‫الغي‬ ‫َ‬ ‫آمن مع ُه‪،‬‬‫ومل ْن َ‬
‫﴿و َع َىص آ َد ُم َر َّب ُه َف َغ َوى﴾[طه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ينبئ عن ُه قول ُه تعاىل‪َ :‬‬ ‫جرى من معاتبتهم واملؤاخذة عليهم كام ُ‬
‫ِ‬
‫وقوله‪ِ َ :‬‬ ‫الش َج َر َة َف َت ُكو َنا ِم َن ال َّظامل ِ َ‬
‫﴿و َال َت ْق َر َبا َٰه ِذ ِه َّ‬
‫﴿وإن َّمل ْ‬ ‫ني﴾[البقرة‪،]35 :‬‬ ‫‪ ،]121‬وقول ُه‪َ :‬‬
‫ارسي َن﴾[األعراف‪ ]23 :‬وقول ُه‪ُ ﴿ :‬ق ْلنَا ْاهبِ ُطوا ِمن َْها‬ ‫اخلَ ِ ِ‬
‫محنَا َلنَ ُكون ََّن ِم َن ْ‬ ‫َت ْغ ِف ْر َلنَا َوت َْر َ ْ‬
‫وضل عن مطلو ِبه أو‬ ‫َّ‬ ‫آَت َام﴾‪ ،‬وهو إنام غوى‬ ‫َمجي ًعا﴾[البقرة‪ ،]38 :‬وقول ُه‪َ ﴿ :‬ف َبدَ ْت َهل ُ َام َس ْو ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اخلطيئة‬ ‫ِ‬
‫لشأن‬ ‫تعظيام‬ ‫بُّتك األوىل ل ُه فلعل ُه‬ ‫ِ‬ ‫وخّس حظ ُه‬ ‫وظلم نفس ُه‬ ‫املأمور ِبه‬
‫ِ‬ ‫الرشد أو‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫الناس بال ًء‬ ‫عليه السال ُم‪( :‬أشدُّ‬ ‫ِ‬ ‫قال‬‫زجر أ ّمتهم كام َ‬ ‫ِ‬ ‫وتعظيام لز ّلتهم ومبالغ ًة يف‬ ‫عنهم‪،‬‬
‫ً‬
‫للعهد أو‬ ‫ِ‬ ‫أن َّ‬
‫الال َم‬ ‫فيه بأن يظ َن َّ‬ ‫اجتهاد أخط َأ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يكون إقدامه ِ‬
‫عيله عن‬ ‫َ‬ ‫جيوز أن‬ ‫األنبيا ُء)‪ ،‬إذ ُ‬
‫ُ‬
‫كقوله ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه السالم‪( :‬هذان‬ ‫اجلنس‬ ‫تقع عىل‬ ‫النّهي للتّنزيه‪ ،‬والواق ِع بخالفه واإلشار ُة ربام ُ‬
‫ِ‬ ‫ذكور أمتي‪ِ ،‬حل إلناثها)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َيس َو َمل ْ‬ ‫قال اهللُ تعاىل‪َ ﴿ :‬فن َ‬ ‫يكون نسيانًا كام َ‬ ‫َ‬ ‫وجيوز أن‬
‫ُ‬ ‫حرامان عىل‬
‫ِ‬
‫ومقالته‪َ ﴿ :‬ما َهنَا ُك َام‬ ‫إبليس‬ ‫ِ‬
‫مقاسمة‬ ‫حني‬
‫تناول َ‬ ‫دليل عىل أن ُه َ‬ ‫َجدْ َل ُه َع ْز ًما﴾[طه‪ ]115 :‬وال َ‬ ‫ن ِ‬
‫َ‬
‫فلعل‬ ‫اخلَال ِ ِدي َن﴾ [األعراف‪َّ ،]23 :‬‬ ‫َني َأ ْو َت ُكونَا ِم َن ْ‬ ‫الش َج َر ِة إِ َّال َأ ْن َت ُكونَا َم َلك ْ ِ‬
‫َر ُّب ُك َام َع ْن َه ِذ ِه َّ‬
‫املانع‪ ،‬فحمل ُه‬ ‫وزال‬‫ائتامرا إىل أن نيس َ‬ ‫كف نفس ُه عن ُه‬ ‫ثم إ ّن ُه َّ‬ ‫فيه ً‬ ‫أورٍ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ميال طبيع ًيا‪َّ ،‬‬ ‫ما قال ُه‬
‫ِ‬ ‫بُّتك التَّح ُّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفعل من ُه منزل َة‬‫َ‬ ‫عليه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أسباب‬ ‫ظ عن‬ ‫عليه‬ ‫وعوتب‬
‫َ‬ ‫العصيان‬ ‫فنزل هذا‬ ‫ال ّط ُ‬
‫بع‬
‫قدره‪ ،‬ثم أمر بالت ِ‬
‫ّوبة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجاللة‬ ‫ِ‬
‫شأنه‬ ‫غيه لع َظ ِ‬
‫مة‬ ‫ِ‬ ‫حط عن‬ ‫والنسيان‪ ،‬ومل حيط عن ُه كام َّ‬ ‫ِ‬ ‫اخلطأ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫كل ما ُن ِق َل عنهم ُما‬ ‫املنهاج ُّ‬
‫ِ‬ ‫فات عن ُه‪ ،‬وعىل هذا‬ ‫اخلطيئة تالف ًيا واستدراكًا ملا َ‬ ‫ِ‬ ‫و ُل ِّق َن النَّد ُم عىل‬
‫ِ‬
‫األبرار‬ ‫ِ‬
‫حسنات‬ ‫األوىل‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مؤو ٌل أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حممول عىل ترك ْ‬ ‫الكذب واملعصية ّ‬ ‫بصدور‬ ‫شعر‬
‫ُي ُ‬
‫سيئات املقربني‪.‬‬
‫ُ‬
‫لطف من‬
‫ٌ‬ ‫الشيخ أبو املنصور املاتريدي رمح ُه اهللُ‪( :‬العصم ُة ال تز ُيل املحن َة‪ْ ،‬بل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ِ‬
‫واالختبار)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لالبتالء‬ ‫ِ‬
‫االختيار حتقي ًقا‬ ‫الَّش‪ ،‬مع ِ‬
‫بقاء‬ ‫اهللِ تعاىل حيمل ُه عىل ِ‬
‫اخلي ويزجر ُه عن َّ ِ‬

‫الر ُس ُل َف َّض ْلنَا َب ْع َض ُه ْم َع َ ٰىل َب ْع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ض‬ ‫قال اهللُ تعاىل‪﴿ :‬ت ْل َك ُّ‬ ‫األنبياء َممد ﷺ) َ‬ ‫ُ‬
‫(وأفضل‬
‫َان ُحم َ َّمدٌ َأ َبا َأ َح ٍد‬
‫وقال‪َ ﴿ :‬ما ك َ‬ ‫ات﴾ [البقرة‪َ ،]253 :‬‬ ‫هلل ور َفع بع َضهم درج ٍ‬
‫ِّمن ُْهم َّمن َك َّل َم ا َُّ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ‬
‫هلل‬
‫وأخرج الدَّ ارمي رمح ُه ا ُ‬ ‫َ‬ ‫ني﴾ [األحزاب‪،]43 :‬‬ ‫ِم ْن ِر َجال ِ ُك ْم َو َل ِك ْن َر ُس َ‬
‫ول اهللَِّ َو َخات ََم النَّبِ ِّي َ‬
‫خاتم النب ّيني‬ ‫فخر‪ ،‬وأنا‬ ‫ِ‬
‫رجاله ال ّثقات‪( :‬أنا قائدُ‬ ‫ِ‬ ‫عن ٍ‬
‫ُ‬ ‫املرسلني وال َ‬
‫َ‬ ‫بإسناد‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‬
‫َ‬ ‫جابر‬
‫ثم أقو ُم عن‬ ‫ِ‬ ‫األرض ف ُأكسى ُح ّل ًة من ُح ِ‬ ‫وقال‪( :‬أنا َّأو ُل من ُ‬ ‫فخر)‪َ ،‬‬
‫لل اجلنّة‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫تنشق عن ُه‬ ‫وال َ‬
‫الُّتمذي‪َ ،‬‬
‫وقال‪( :‬أنا‬ ‫ُ‬ ‫ذلك املقام غيي) أخرج ُه‬ ‫ِ‬
‫اخلالئق يقو ُم َ‬ ‫ليس أحدٌ من‬ ‫ِ‬
‫العرش َ‬ ‫ِ‬
‫يمني‬
‫مسلم‬ ‫وأو ُل شاف ٍع ومشفعٍ) أخرج ُه‬ ‫وأو ُل من ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُب‪َّ ،‬‬
‫ينشق عن ُه الق ُ‬ ‫س ِّيدُ ولد آد َم يو َم القيامة‪َّ ،‬‬
‫وأبو داوود‪.‬‬

‫ِ‬
‫األرض ومغارهبا‬ ‫َ‬
‫مشارق‬ ‫جُبيل‪ :‬ق َّلبت‬
‫ُ‬ ‫ريض اهللُ عنها‪َ :‬‬
‫(قال يل‬ ‫ِ‬
‫حديث عائش َة‬ ‫ويف‬
‫َ‬
‫َ‬
‫أفضل من بني‬ ‫فلم أجدْ‬
‫األرض ومغارهبا ْ‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫مشارق‬ ‫حمم ٍد‪ ،‬وق َّل ُ‬
‫بت‬ ‫أفضل من ّ‬‫َ‬ ‫فلم أجدْ أحدً ا‬
‫هاش ٍم)‪.‬‬

‫ِ‬
‫وبجملة‬ ‫السال ُم عىل اجلمي ِع ِبه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الكتاب‪ ،‬وفضل ُه عليه ّ‬ ‫بنص‬
‫ّفاضل بينهم ِّ‬ ‫ثبت الت‬
‫وإذا َ‬
‫بني األنبياء‪ ،‬وال‬ ‫احلديث‪( :‬ال تفضلوا َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫فليحمل ما رو َد يف‬ ‫اإلطناب‬ ‫يوجب ذكرها‬ ‫َ‬
‫أحاديث‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اضلة يف‬ ‫يونس بن متَّى)‪ ،‬عىل املف‬ ‫لعبد أن َ‬ ‫ختيوين عىل موسى‪ ،‬وما ينبغي ٍ‬
‫خي من َ‬ ‫يقول‪ :‬أنا ٌ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫تفضيل اهللِ‬ ‫ُ‬
‫ّفاضل يف‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‪ ،‬وإنام الت‬ ‫بني‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفاضل فيها َ‬ ‫معنى واحدٌ ال‬
‫ً‬ ‫ألهنام‬
‫والرسالة ّ‬ ‫النّبوة ّ‬
‫تبني شفهم وفضلهم عند ُه‬ ‫ِ‬
‫األحوال التي ِّ ُ‬ ‫حيدٍ هلم من‬ ‫ُ‬ ‫عز وجل من شاء منهم بعدها وما‬ ‫َّ‬
‫ب والتواضعِ‪ ،‬أو عىل‬ ‫ِ‬
‫املنقصة أو عىل التأ ُّد ِ‬ ‫جتر إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هبا‪ ،‬أو املفضية إىل اخلصومة‪ ،‬أو التي ُّ‬
‫ِ‬
‫املعرفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وروده َ‬
‫قبل‬
‫ثم بق ّي ُة أويل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأمجع األ ّم ُة عىل َّ‬
‫أن أفضلهم عىل اإلطالق حممدٌ عليه الصال ُة والسال ُم‪ّ ،‬‬
‫إبراهيم أو موسى أو‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األفضل بعد ُه يف أن ُه آد ُم أو نوح أو‬ ‫الر ِ‬
‫سل‪ ،‬واختلفوا يف‬ ‫سائر ُّ‬
‫ثم ُ‬ ‫العز ِم‪َّ ،‬‬
‫عيسى عليهم السال ُم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫كالشامئل ملا ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫والقدرة عىل‬ ‫دة‬ ‫فيه من ِّ‬ ‫األصل‬ ‫(واملالئك ُة) ُ‬
‫مجع مالك عىل‬
‫ِ‬
‫وعباده‬ ‫بني اهللِ تعاىل‬ ‫ٌ‬
‫وسائط َ‬ ‫الرسال ُة؛ ألهنم‬ ‫ِ‬ ‫عبة َ‬ ‫الص ِ‬
‫وهي ّ‬
‫وقيل‪ :‬مقلوب مالك من األلوكة َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫كاألنبياء‪.‬‬

‫ِ‬
‫بأمره) ال كام يزعم ُه‬ ‫ِ‬
‫األوثان أهنم بناته‪ ( ،‬العاملون‬ ‫(عبا ُد اهللِ) ال كام يزعم ُه عبدة‬
‫مبعدون عن‬ ‫َ‬ ‫الكفر فيعاقبهم اهللُ تعاىل‪ ،‬بل هم‬
‫َ‬ ‫يرتكبون املعايص حتَّى‬ ‫َ‬ ‫اليهو ُد أهنم ربام‬
‫قال اهللُ تعاىل‪َ ﴿ :‬ب ْل ِع َبا ٌد ُمك َْر ُم َ‬
‫ون‬ ‫ِ‬
‫عبادته ساعة‪َ ،‬‬ ‫يفُّتون عن‬ ‫َ‬ ‫اعة ال‬‫َمبولون عىل ال ّط ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املعصية‬
‫﴿ال َي ْع ُص َ‬
‫ون اهللََّ َما‬ ‫ون﴾[األنبياء‪ ،]26 :‬وقال‪َّ :‬‬ ‫(‪َ )26‬ال َي ْسبِ ُقو َن ُه بِا ْل َق ْو ِل َو ُه ْم بِ َأ ْم ِر ِه َي ْع َم ُل َ‬
‫ون ال َّل ْي َل َوالن ََّه َار َال‬
‫وقال‪ُ ﴿ :‬ي َس ِّب ُح َ‬‫َ‬ ‫ون﴾[التّحريم‪،]6 :‬‬ ‫َأ َم َر ُه ْم َو َي ْف َع ُل َ‬
‫ون َما ُي ْؤ َم ُر َ‬
‫ون﴾[األنبياء‪ ،]23 :‬وأما قوهلم‪َ ﴿ :‬أ َ ْجت َع ُل فِ َيها َم ْن ُي ْف ِسدُ فِ َيها َو َي ْس ِف ُك الدِّ َما َء﴾[البقرة‪:‬‬ ‫ُّت َ‬ ‫َي ْف ُ ُ‬
‫ِ‬
‫والوقيعة فيهم‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬
‫الغيبة‬ ‫طعن يف بني آدم عىل ِ‬
‫وجه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫باعُّتاض عىل اهللِ تعاىل وال‬ ‫فليس‬
‫َ‬ ‫‪َ ،]33‬‬
‫األرض وإصالحها َمن َشأن ُه املعصي ُة واإلفسا ُد فيها َ‬
‫دون من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعامرة‬ ‫يستخلف‬ ‫ب من أن‬
‫َ‬ ‫تعج ٌ‬
‫ّ‬
‫ويزيح‬ ‫واستخبار عام يرشدُ إليها‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلكمة‬ ‫ٍ‬
‫واستكشاف عن‬ ‫اإلصالح وال ّط ِ‬
‫اعة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َمبول عىل‬ ‫ٌ‬ ‫هو‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫للعجب‬ ‫﴿ون َْح ُن ُن َس ِّب ُح بِ َح ْمد َك َو ُن َقدِّ ُس َل َك﴾[البقرة‪َ ]33 :‬‬
‫ليس‬ ‫الشبه َة‪ ،‬وقوهلم‪َ :‬‬
‫املعصومني‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫هو متو ّق ٌع منهم عىل‬ ‫ّفاخر‪ِ ،‬‬‫والت ِ‬
‫َ‬ ‫رجحهم مع ما َ‬ ‫عام ّ‬ ‫استفسار ّ‬
‫ٌ‬ ‫بل‬
‫ِ‬
‫لقوله‪َ ﴿ :‬من ك َ‬
‫َان عَدُ ًوا‬ ‫كافرا‬ ‫ِ‬ ‫جيوز شتمهم وبغضهم وإ ِ‬
‫يصي ً‬
‫ُ‬ ‫األدب معهم‪ ،‬ومن فعل‬ ‫ساءة‬ ‫ُ‬
‫َال﴾[البقرة‪.]98 :‬‬ ‫هللَِِّّ َو َم َال ِئكَتِ ِه َو ُر ُسلِ ِه َو ِج ْ ُِب َيل َو ِميك َ‬

‫قيل‪ :‬ال‪،‬‬ ‫ِ‬


‫األمر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وتناول‬ ‫ِ‬
‫االستثناء‬ ‫لصح ِة‬ ‫فكفر‬ ‫ابليس َ‬
‫كان منهم‬ ‫أليس َّ‬
‫إن‬ ‫فإن َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قيل‪َ :‬‬
‫باأللوف منهم غلبوا ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫مغمورا‬ ‫أمر ر ّب ِه‪ ،‬ولكنَّ ُه ملا نش َأ َ‬
‫بني أظهرهم‬ ‫ففسق عن ِ‬ ‫اجلن‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫بل من ِّ‬
‫ألن األعىل إذا‬ ‫ِ‬
‫املالئكة عن ذكرهم؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫بذكر‬ ‫للجن معهم‪ ،‬ولكن ُه استغنى‬ ‫ً‬
‫شامال‬ ‫األمر‬ ‫أو َ‬
‫كان‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫مأمور ِبه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أيضا‬
‫أن األدنى ً‬ ‫علم ّ‬ ‫ِ‬
‫َّوس ِل به َ‬
‫ٍ‬ ‫أمر بالت ِ‬
‫َّذلل ألحد والت ُّ‬

‫إبليس‪ ،‬وقد َ‬
‫مال اإلما ُم أبو‬ ‫َ‬ ‫املأمورون َّإال‬
‫َ‬ ‫وقول ُه‪َ ﴿ :‬ف َس َجدُ وا﴾[البقرة‪ ،]34 :‬أي‬
‫هلل‬ ‫ُ‬
‫والشيخ حافظ الدين النسفي رمحهم ا ُ‬ ‫ٍ‬
‫بكر الكالباذي‪ ،‬والقايض نارص الدين البيضاوي‪،‬‬
‫غلبت فيهم وأما هاروت وماروت ملكني‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأن العصم َة ال تشملهم وإن‬
‫كان منهم َّ‬
‫تعاىل أن ُه َ‬
‫وصدور الكبي ُة عنهام‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فلم يثبت منهام ما ُّ‬
‫يدل عىل كفرمها‬

‫َ‬
‫حقيقة‬ ‫اعلم َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫اجلسمية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خواص‬ ‫ألهنام من‬
‫ْ‬ ‫يوصفون بذكورة وال أنوثة) َّ‬ ‫َ‬ ‫(وال‬
‫عليه أحدٌ من‬ ‫بعلمه‪ ،‬ومل ي ّطلع ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلنفية ُما استأثر ُه اهللُ‬ ‫ِ‬
‫البَّشية عند أئمتنا‬ ‫ِ‬
‫واألرواح‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‬
‫ْ‬
‫وحجب عنّا ماه ّيت ُه‪ ،‬بل‬ ‫ُّت علينا كيفيته‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫هلل عنّا علمه‪ ،‬وس َ‬
‫عام زوى ا ُ‬ ‫نبحث َّ‬ ‫فليس لنا أن‬
‫خلقه َ‬
‫باإلمساك عن ِ‬
‫أمره‬ ‫ِ‬ ‫بني لنا‪،‬‬
‫وقف بنا‪ ،‬وننتهي إىل احلدِّ الذي َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫نقف‬
‫الواجب علينا أن َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ومتاثيل‬ ‫ٍ‬
‫صور‬ ‫خمتلفة‪ ،‬ويظهرون يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بأشكال‬ ‫وال ّط ِّي عىل َغ ِّره‪ ،‬ولك َّن املالئك ُة بام يتشك َ‬
‫َّلون‬
‫َّشا َس ِو ًيا﴾[مريم‪.]17 :‬‬ ‫ٍ‬
‫قال سبحان ُه وتعاىل‪َ ﴿ :‬فت ََم َّث َل َهلَا َب َ ً‬
‫لطيفة كام َ‬

‫كل كافر‪ ،‬وهذا هو مذهب الس ِ‬


‫لف‬ ‫وح لسجدَ ل ُه ُّ‬ ‫َ‬
‫ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫الر َ‬
‫ُّت اهللِ ُّ‬
‫قال بعضهم‪ :‬لوال س ُ‬
‫ِ‬
‫والفقهاء العارفني‪ ،‬ولذا‬ ‫اسخني‬‫الر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الصحابة والتّابعني ومن بعدهم من العلامء ّ‬ ‫الصاحلني من ّ‬
‫ّ‬
‫ِّف رمحه اهللُ بام ذكره ومل يزد ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫اكتفى املصن ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املادة‬ ‫هو من لواز ِم‬ ‫ِ‬ ‫وفيه إشار ٌة إىل أهنم ليسوا من عاملِ الت ِ‬ ‫ِ‬
‫ّقدير واملساحة‪ ،‬وما َ‬
‫ِ‬
‫واإلدراك‬ ‫ِ‬
‫بالعقل‬ ‫ِ‬
‫االكتناه‬ ‫دس‪ ،‬تأبى حقيقتهم عن‬ ‫ِ‬
‫واجلسامة‪ ،‬بل هم من عاملِ األ ْم ِر وال ُق ِ‬

‫الرو ُح ِم ْن َأ ْم ِر َر ِّيب َو َما ُأوتِي ُت ْم ِم َن ا ْل ِع ْل ِم إِ َّال‬


‫قال سبحان ُه وتعاىل‪ُ ﴿ :‬ق ِل ُّ‬ ‫باحلس‪ ،‬وقد َ‬
‫ِّ‬
‫اخللق والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر َ‬ ‫رص َح َّ‬ ‫ِ‬
‫َّقدير‪ ،‬وإهنا‬ ‫دون‬ ‫بأن حقيقت ُه من عاملِ‬ ‫َقل ًيال﴾[اإلرساء‪ ،]85 :‬فقد َّ‬
‫﴿و َل َقدْ َخ َل ْقنَا ُك ْم‬ ‫ِ‬
‫احلواس‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يصل ِ‬‫ليس ُما ُ‬
‫وقال تعاىل‪َ :‬‬ ‫إدراك‬ ‫حتت‬
‫ويدخل َ‬ ‫الناس‬ ‫إليه أفها ُم‬ ‫َ‬
‫حل ِ‬ ‫غي ما َّ‬
‫فيه‬ ‫هي َ‬ ‫أن احلقيق َة اإلنساني َة َ‬
‫حيث ن َّب َه عىل َّ‬
‫ُ‬ ‫ُث َّم َص َّو ْرنَا ُك ْم﴾ [األعراف‪]11 :‬‬
‫وحمل الص ِ‬ ‫بني املُ َخا َط ِ‬
‫وبني اخللقني بونًا بعيد ًا‪،‬‬
‫ورة فر ًقا مديدً ا َ‬ ‫ب َ ّ‬ ‫اإلشكال والصورة‪َّ ،‬‬
‫وأن َ‬ ‫ُ‬
‫اج ِدي َن﴾[احلجر‪ ،]29 :‬فإ ّن ُه أضاف ُه‬
‫وحي َف َق ُعوا َل ُه س ِ‬
‫َ‬
‫وقال‪َ ﴿ :‬فإِ َذا سوي ُته و َن َف ْخ ُت فِ ِيه ِمن ر ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ َّ ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ذلك يلتفت ما يروى عن ُه ﷺ‪َ ( :‬من‬ ‫قدسه‪ ،‬وإىل َ‬ ‫ِ‬ ‫وإشعارا بأنه من َ‬
‫عاملِ‬ ‫ِ‬
‫لَّشفة‬ ‫ِ‬
‫نفسه إظهار ًا‬ ‫إىل‬
‫ً‬
‫عرف ر َّب ُه)‪.‬‬
‫َ‬ ‫عرف نفس ُه فقد‬
‫َ‬

‫الَّش ُع‬
‫يادة عىل ما تعرف ّ‬ ‫الز ِ‬ ‫أمسك عن ّ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫صالبته‬ ‫هذا فمن َغ َلب ُه التَّث ُّب ُت ومىض عىل‬
‫ِ‬
‫خللقه‬ ‫والشفق ُة‬
‫هلل َّ‬ ‫ذلك احلدَّ ‪ ،‬و َمن أزعج ُه الغية يف ا ِ‬ ‫ِ‬
‫صفاته‪ ،‬ومل يتعدَّ َ‬ ‫وأبرز ل ُه من‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إثباته‪،‬‬ ‫من‬
‫ألخالق األ ّم ِة عن الوقو ِع فيام‬
‫ِ‬ ‫الُّت ُّد َد صونًا‬
‫فيه َّ‬‫يتاملك نفسه إن رصح بالتَّجر ِد‪ ،‬وأزاح ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫مل‬
‫فيه اإلما ُم أبو زيد الدّ بويس من احلنف َّي ِة‪ ،‬واإلما ُم أبو‬ ‫وبالغ ِ‬
‫َ‬ ‫رص َح ِبه‬ ‫ِ‬
‫أهل البدعة‪ ،‬وُمن َّ‬ ‫أحدث ُه ُ‬
‫ذلك‬‫يكون عليهم يف َ‬ ‫َ‬ ‫أعيان األئمة‪ ِ،‬وأنا أرجو َّأال‬‫ِ‬ ‫حامد الغزايل من األشعر َّي ِة وغيمها من‬ ‫ٍ‬

‫بأس‪.‬‬
‫ٌ‬
‫رسيان ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جسم ٍ‬ ‫ُ‬
‫املاء يف‬ ‫اجلسد‬ ‫سار يف‬ ‫ٌ‬ ‫وح‬ ‫بأن املالئك َة أجسا ٌم لطيفة‪ّ ،‬‬
‫والر ُ‬ ‫القول َّ‬ ‫وأما‬
‫ِ‬
‫الفالسفة‪َّ ،‬إال‬ ‫أخذا من‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة ً‬ ‫ِ‬
‫قدماء‬ ‫هو ٌ‬
‫قول أحدث ُه ابراهيم بن س َّيار النَّظام من‬ ‫ِ‬
‫الورد‪ ،‬فإنام َ‬
‫للجواهر القدس َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وأثبت اجلسم َّي ِة‬
‫َ‬ ‫مذهب الطبيعيني منهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مال إىل‬‫تقارص نظر ُه َ‬‫َ‬ ‫أ ّن ُه ملا‬

‫باطل باآل ِية)(‪.)164‬‬ ‫القول ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬


‫(املدارك)‪( :‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫األشاعرة(‪َ ،)163‬‬
‫قال يف‬ ‫وتابعه ِ‬
‫فيه عا ّم ُة‬ ‫ُ‬

‫وكنت تبعت ُه‬


‫ُ‬ ‫بنفوذه ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫لطيف حييى ِبه‬
‫ٌ‬ ‫جسم‬ ‫ِ‬
‫والروح‬ ‫ِ‬
‫سورة ص‬ ‫الشيخ رمح ُه اهللُ َ‬
‫قال يف‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫)أن‬ ‫(‬
‫ٌ‬ ‫‪163‬‬

‫ِ‬ ‫جر ثم رضبت ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ِ‬
‫الروح قل‬ ‫لقوله تعاىل‪{ :‬ويسألونك عن‬ ‫عليه‬ ‫أوال فذ كرت هذا احلديث يف سورة احل ِ َّ‬
‫ِ‬
‫فاإلمساك عن‬ ‫الروح من عل ِم اهللِ ال نعلم ُه‬ ‫فهي رصحي ًة أو كالْصيحِ يف َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫الروح من ِ‬
‫َ‬ ‫أمر ريب} اآلية‪َ ،‬‬ ‫ُ‬

‫يتكلم عليها حممدٌ صىل اهللُ‬ ‫ِ‬


‫اجلواء مع والروحِ مل‬ ‫السبكي يف مج ِع‬ ‫ُ‬ ‫تعريفها أوىل‪ ،‬وكذا َ‬
‫ْ‬ ‫تاج الدين َّ‬
‫الشيخ ُ‬ ‫قال‬
‫ِ‬
‫جالل الدين السيوطي)‬ ‫ِ‬
‫للشيخ‬ ‫ِ‬
‫الدين حممدٌ بن أمحد املحّل‬ ‫ِ‬
‫جالل‬ ‫ِ‬
‫تفسي‬ ‫فتمسك عنها( تكمل ًة‬
‫َ‬ ‫وسلم‬ ‫ِ‬
‫عليه‬
‫َّ‬

‫( ) ينظر‪ :‬االعتامد شج عمدة االعتقاد(ص ‪.)441‬‬ ‫‪164‬‬


‫وصحف آد َم وشيث ونوح‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفرقان‬ ‫والز ِ‬
‫بور‬ ‫ّوراة واإلنجيل ّ‬ ‫(وهللِ تعاىل كتب) كالت ِ‬
‫ِ‬
‫اشتامله‬ ‫ِ‬
‫وباعتبار‬ ‫ِ‬
‫املقروء واملسموعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باعتبار النّظ ِم‬ ‫تفاضل َّإال‬
‫َ‬ ‫والتفاوت بينها وال‬ ‫وابراهيم‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫عباده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والصاحلني من‬ ‫عىل ِ‬
‫ذكر اهللِ‬

‫ِِ‬
‫أنكر كلم ًة منها ُ‬
‫يكفر‪،‬‬ ‫(أنزَ َهلا عىل أنبيائه‪َ ّ ،‬‬
‫وبني فيها ْأم َر ُه وهن ْ َي ُه وو ْعدَ ُه ووعيدَ ُه) َم ْن َ‬
‫الشارع‬ ‫ِ‬
‫بالقرآن‪َّ ،‬إال ما حكا ُه‬ ‫املاضية واستنساخها وأحكامها نسخت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكتب‬ ‫َّإال َّ‬
‫أن تالو َة‬
‫ُ‬
‫وأقره‪.‬‬
‫َّ‬

‫ِ‬
‫املشتمل عىل‬ ‫ِ‬
‫باإلرساء‬ ‫وهو الذي أنعم ُه اهللُ سبحان ُه‬ ‫ِ‬
‫لرسول(‪ )165‬اهللِ)‬ ‫(واملعراج‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وعجائب اجلُبوت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫امللكوت‬ ‫ِ‬
‫غرائب‬ ‫ِ‬
‫ورؤيته‬ ‫ِ‬
‫السامء‬ ‫ِ‬
‫وعروجه إىل‬ ‫ِ‬
‫باألنبياء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اجتامعه‬

‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫بنص‬ ‫ِ‬
‫املسجد األقىص بالشا ِم‪ ،‬فقد َ‬ ‫ِ‬
‫املسجد احلرا ِم إىل‬
‫ثبت ِّ‬ ‫فأ ّما إرساؤ ُه من‬
‫حجاب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ليس دون ُه‬
‫كافر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األخبار‪ ،‬ومنكر ُه ٌ‬ ‫ومشهور‬

‫﴿س ْب َ‬
‫حان‬ ‫وقيل‪ :‬قبلها‪َ ،‬‬
‫البعثة‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫قبل اهلجر ِة بعدَ‬ ‫كان َ‬
‫ذلك َ‬ ‫أن َ‬ ‫واألشب َه َّ‬
‫هلل تعاىل‪ُ :‬‬‫قال ا ُ‬
‫واألخبار يف‬
‫ُ‬ ‫احلرا ِم إِ َىل املَْ ْس ِج ِد ْاألَ ْق َىص﴾[اإلرساء‪،]1 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ا َّلذي َأ ْرسى بِ َع ْبده َل ْي ًال م َن املَْ ْسجد ْ َ‬
‫ِ‬
‫واآلثار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫الصحيحان وغيمها من ِ‬
‫كتب‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫تضمنها ّ‬‫ذلك بطوهلا وتعدّ د طرقها قد َّ‬

‫رين من‬ ‫ّ‬ ‫عليه اجلمهور‪ ،‬ومعظم الس ِ‬


‫لف‪ ،‬وعا ّم ُة‬ ‫احلق الذي ِ‬ ‫ِ‬
‫املتأخ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫وهو ُّ‬
‫(يف ال َيقظة) َ‬
‫ُ‬
‫يعدل عن‬ ‫ِ‬
‫الواردة فيها‪ ،‬فمن طالعها وبحث عنها ال‬ ‫ِ‬
‫األخبار‬ ‫ِ‬
‫لظواهر‬ ‫ثني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء واملحدِّ َ‬
‫وإال‬ ‫ِ‬
‫اإلنكار‪َّ ،‬‬ ‫ولذلك أنكر ُه الك ّف ُار غاي َة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫تأويل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بدليل‪ ،‬وال استحال َة يف محلها إىل‬ ‫ظاهرها َّإال‬
‫ِ‬
‫﴿و َما َج َع ْلنَا ُّ‬
‫الر ْؤ َيا‬ ‫متسكا بقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫فال َم ِز َّي َة(‪ )166‬للنّائ ِم وال فضيل َة للحامل‪ ،‬خال ًفا جلامعة ّ‬

‫( ) يف بعض نسخ النسف ّية برسول‪.‬‬ ‫‪165‬‬

‫( )ا َمل ِز َّية‪ :‬ا ْل َف ِضي َلة‪ .‬خمتار الصحاح(ص‪.)296‬‬


‫‪166‬‬
‫َاك إِال فِ ْتنَ ًة لِلن ِ‬
‫َّاس﴾[اإلرساء‪ ،]63 :‬وبام روي عن معاوي َة بن أيب سفيان‪( :‬أن ُه َ‬
‫كان‬ ‫ا َّلتِي َأ َر ْين َ‬
‫ِ‬
‫بالعني‪.‬‬ ‫بالرؤيا‬ ‫رؤيا صاحل ًة)(‪ ،)167‬وأجيب‪َّ :‬‬
‫بأن املرا َد ّ‬

‫ريض‬ ‫حيث روى عن عائش َة‬ ‫ِ‬


‫بروحه ُ‬ ‫بجسده‪ ،‬خال ًفا ملن َ‬
‫قال‪ :‬أن ُه َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫(بشخْ ِصه) أي‬
‫َ‬
‫تار ًة يف‬ ‫املعراج)(‪ ،)168‬وأجيب‪ :‬بأ ّن ُه َ‬
‫ِ‬ ‫اهللُ عنها‪( :‬ما فقدت جسده ِ‬
‫عليه السال ُم ليل َة‬
‫مكر ًرا َ‬
‫كان ّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ ،‬وتار ًة يف املنام‪.‬‬ ‫فيه‪ ،‬فإهنا مل تكن عنده ِ‬
‫عليه السال ُم‬ ‫اليقظة وقول عائش َة ليس ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫البغل‬ ‫بدابة َ‬
‫دون‬ ‫ٍ‬ ‫(أتيت‬ ‫حاح‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(إىل الس ِ‬
‫ُ‬ ‫الص ُ‬
‫تضمن ُه ِّ‬
‫املشهور‪ ،‬ففي حديث َّ‬ ‫باخلُب‬ ‫امء)‬ ‫َّ‬
‫فانطلق‬
‫َ‬ ‫فحملت عليها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫طرفه‪،‬‬ ‫يضع خطو ُه عندَ أقىص‬ ‫ُ‬
‫الُباق‪،‬‬ ‫أبيض ُ‬
‫يقال هلا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫احلامر‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وفوق‬
‫ُ‬
‫(فعرج ِبه إىل‬
‫َ‬ ‫هلل عن ُه‪:‬‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫ذر‬ ‫ِ‬
‫فاستفتح)‪ ،‬ويف رواية أيب ٍّ‬
‫َ‬ ‫السام َء الدنيا‬ ‫ُ‬
‫جُبيل حتّى أتى ّ‬ ‫يب‬
‫ِ‬
‫السامء)‪.‬‬

‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫فأخرج‬
‫َ‬ ‫فقيل‪ :‬إىل اجلن ِّة‬ ‫ِ‬
‫األقوال‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اختالف‬ ‫شاء اهللُ من العىل) عىل‬
‫(ثم إىل ما َ‬
‫َّ‬
‫وقيل‪ :‬إىل الس ِ‬
‫درة‬ ‫املسك)‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جنابذ(‪ )169‬اللؤلؤ وإذا أتْراهبا‬ ‫جل َة فإذا فيها‬
‫ّ‬ ‫ومسلم‪( :‬أدخلت ا ّ‬
‫ٌ‬
‫فيقبض منها‪ ،‬وإليها ينتهي ما‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫يعرج ِبه من‬ ‫امء الس ِ‬
‫ادسة‪ ،‬إليها ينتهي ما‬ ‫وهي يف الس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫غي َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫مسلم‪َ ،‬‬
‫وقيل َ‬ ‫ٌ‬ ‫فيقبض منها) أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُيبط من فوقها‬

‫ِ‬
‫اآلحاد‬ ‫ِ‬
‫بأخبار‬ ‫ِ‬
‫املشهور‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫باخلُب‬ ‫بالكتاب‪ ،‬وخصوصي ِ‬
‫اته‬ ‫ِ‬ ‫أصل ُه‬
‫ّ‬ ‫ثابت ْ‬
‫(حق) أي ٌ‬
‫ٌّ‬
‫سلف‪.‬‬
‫َ‬ ‫عىل ما قد‬

‫( )أخرجه ا ْبن إِ ْس َحق َوا ْبن جرير‪ .‬ينظر‪ :‬ختريج أحاديث كشاف الزخمَّشي‪ّ ،‬‬
‫للزيلعي(‪ ،)693‬والدّ ر‬ ‫‪167‬‬

‫املنثور للسيوطي(‪.)227/5‬‬
‫( )أخرجه ا ْبن إِ ْس َحق َوا ْبن جرير‪ .‬ينظر‪ :‬الدّ ر املنثور للسيوطي(‪.)227/5‬‬ ‫‪168‬‬

‫مجع ُجنْ َب َذة‪َ :‬و ِه َي ال ُق َّبة‪ .‬النهاية يف غريب األثر(‪.)335/1‬‬


‫جلنَابِذ َ ْ‬
‫( )ا َ‬
‫‪169‬‬
‫ِ‬
‫َّصديق‬ ‫حسب ما يمك ُن معرفت ُه من الت‬ ‫العارف باهللِ‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫(وكرامات األولياء) الو ّيل‪َ :‬‬
‫ذكر اهللِ‪ ،‬املتوج ِه بك ّل ِ‬
‫يته إىل‬ ‫املديم عىل ِ‬ ‫الَّشيعة‪،‬‬ ‫وأسامئه عىل ما نطقت ِبه َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وصفاته‬ ‫ِ‬
‫بوجوده‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫واملجانبة عن الس ِ‬
‫يئات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطاعات‬ ‫ِ‬
‫املواظبة عىل‬ ‫جناب ُقدْ ِ‬
‫سه مع‬ ‫ِ‬
‫ّ‬

‫متتاز عن‬
‫فبذلك ُ‬ ‫َ‬ ‫يده خاليا عن دعوى الن ِ‬
‫ُّبوة‬ ‫للعادة عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫خارق‬ ‫ظهور ٍ‬
‫أمر‬ ‫وكرامت ُه‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫بعض الفس ِ‬ ‫املعتُبة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكفرة مواف ًقا‬ ‫اق‬ ‫ِ َّ‬ ‫يصدر عن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫االستدراج الذي‬ ‫فيه عن‬ ‫وبالقيود‬ ‫املعجزة‪،‬‬
‫اإلهانة الص ِ‬
‫ادرة‬ ‫ِ‬ ‫أمر اهللِ وهم غافلون‪ ،‬وعن‬ ‫لغرضهم تدرجيا هلم يف ّ ِ‬
‫ّ‬ ‫الضاللة حتى يأتيهم ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املعونة التي‬ ‫فصار أعمى‪ ،‬وعن‬ ‫ألعور‬ ‫اب‪ :‬أن ُه دعا‬‫الكذ ِ‬
‫بخالف رأُيم كام روى عن مسيلم َة َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ّب عىل‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملح ِن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫تصدر عن عوا ِم‬
‫حرالذي يُّتت ُ‬ ‫وعن ِّ‬ ‫َ‬ ‫البالء‬ ‫ختليصا هلم من‬
‫ً‬ ‫املسلمني‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّعلم واملعارض ُة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التعليم والت ُ‬
‫ُ‬ ‫والصناعة‪ ،‬وجيري فيها‬ ‫األسباب‬

‫ِ‬
‫األشاعرة‪ ،‬وأيب احلسني البْصي‪ ،‬وأيب‬ ‫ومجهور‬ ‫والش ِ‬
‫يعة‬ ‫(حق) عندَ أئمتنا احلنف َّي ِة ِّ‬ ‫ٌّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫سحاق اإلسفرايني من‬ ‫املعتزلة‪ ،‬وأيب ِ‬
‫عبد اهللِ احلليمي‪ ،‬وأيب إ‬ ‫ِ‬ ‫الزخمَّشي خال ًفا لعا َّم ِة‬‫القاسم َّ‬
‫إثبات النب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األشعر َّي ِة زعام منهم أهنا ُت ِ‬
‫وة‪.‬‬ ‫باب‬ ‫ب اال ْل َ‬
‫تباس باملعجزة فينسدُّ ُ‬ ‫وج ُ‬ ‫ً‬

‫من‬ ‫واملس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخ ِ‬


‫بار) َكتَك ُّل ِم‬ ‫(للمش ِ‬
‫ْ‬
‫تفيض ْ‬ ‫والذئب عىل ما سيأيت‪ْ ( ،‬‬ ‫البقرة‬ ‫من ْ‬ ‫هور َ‬
‫ِ‬
‫بقوله‪:‬‬ ‫أشار إىل تفسيها وتفصيالت ما عسى أن يستبعدَ من جزئياَتا‬ ‫األخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم َ‬ ‫يار) َّ‬ ‫حكايات ْ‬
‫ِ‬
‫واملعارضة‬ ‫ِ‬
‫واقُّتان التَّحدي‬ ‫العادة) خاليا عن دعوى الن ِ‬
‫ُّبوة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نقض‬ ‫ِ‬
‫طريق‬ ‫(فتظهر الكرام َة عىل‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫آصف بن برخيا‬ ‫ُ‬ ‫القليلة) كام أتى‬ ‫ِ‬ ‫البعيدة يف املدّ ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسافة‬ ‫سبق‪( ،‬من قط ِع‬ ‫املوصوف فيام َ‬ ‫ِ‬ ‫للويل‬
‫قال اهللُ تعاىل‪:‬‬ ‫رف‪َ ،‬‬ ‫ارتداد ال ّط ِ‬‫ِ‬ ‫قبل‬‫بلقيس من صنعا َء اليمن َ‬ ‫ِ‬
‫بعرش‬ ‫عليه السال ُم‬‫سليامن ِ‬ ‫َ‬ ‫وزير‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يك بِ ِه َق ْب َل َأ ْن َي ْرتَدَّ إِ َل ْي َك َط ْر ُف َك َف َل َّام َرآ ُه ُم ْست َِق ًرا ِعنْدَ ُه‬
‫َاب َأنَا آتِ َ‬
‫﴿ َق َال ا َّل ِذي ِعنْدَ ُه ِع ْل ٌم ِم َن ا ْلكِت ِ‬
‫سليامن ِ‬
‫عليه السال ُم‪ ،‬إذ مل‬ ‫َ‬ ‫َق َال َه َذا ِم ْن َف ْض ِل َر ِّيب﴾ [النمل‪ ،]43 :‬ومل يكن َ‬
‫ذلك معجز ًة من‬
‫هلل‬
‫حبيب العجمي رمح ُه ا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫يده‪ ،‬ومل يكن مقارنًا لدعوى الن ِ‬
‫ّبوة من ُه‪ ،‬وكام روي عن‬ ‫يصدر عىل ِ‬
‫ْ‬
‫وبعرفات عشي َة يومها‪.‬‬
‫َ‬ ‫الُّت ِ‬
‫وية‬ ‫ِ‬
‫البْصة يو َم ّ‬ ‫كان ُيرى يف‬ ‫أن ُه َ‬
‫وجرى‬ ‫حبلت بال َذ ٍ‬
‫كر‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫مريم ُ‬
‫حيث‬ ‫صدر عن َ‬
‫َ‬ ‫والرش ِ‬
‫اب) كام‬ ‫ِ‬
‫(ظهور ال ّطعا ِم َّ‬ ‫(و) ُ‬
‫مثل‬
‫قال اهللُ تعاىل‪﴿ :‬فنادها‬ ‫سبب‪َ ،‬‬‫ٍ‬ ‫زق بال‬ ‫الر ُ‬
‫طب‪ ،‬ووجدَ عندها ّ‬ ‫الر ُ‬ ‫وتساقط عليها ّ‬ ‫َ‬ ‫ّهر‪،‬‬
‫حتتها الن ُ‬
‫ِ‬
‫عليك رط ًبا‬ ‫النخلة تساقط‬ ‫ِ‬ ‫إليك بجذ ِع‬ ‫حتتك رسيا وهزي ِ‬ ‫ربك ِ‬ ‫جعل ِ‬ ‫من حتتها َّأال حتزين قد َ‬
‫ً‬
‫اب َو َجدَ ِعنْدَ َها ِر ْز ًقا َق َال َيا َم ْر َي ُم َأنَّى َل ِك َه َذا‬ ‫ِ‬
‫وقال‪ُ ﴿ :‬ك َّل َام َد َخ َل َع َل ْي َها َزك َِر َّيا املْ ْح َر َ‬
‫جن ًيا﴾ َ‬
‫وإرهاصا‬ ‫ِ‬
‫األمور معجز ًة لزكريا‬ ‫َقا َل ْت هو ِمن ِعن ِْد اهللَِّ﴾[آل عمران‪ ،]37 :‬وجعل ِ‬
‫هذه‬
‫ً‬ ‫ُ َ ْ‬
‫فإهنام‬ ‫ذلك عن أيب ٍ‬
‫ذر الغفاري‪ ،‬وسفيان ال ّثوري َّ‬ ‫املنصف‪ ،‬وحكي َ‬
‫مثل َ‬ ‫ُ‬ ‫لعيسى ُما ال يرضا ُه‬
‫تغذيا ِ‬
‫بامء زمز َم واكتفيا هبا مدةً‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُب‬
‫ظهر الق ُ‬
‫هلل عن ُه َ‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫أويس القرين‬ ‫باس عندَ احلاجة) كام روى أن ُه ملَّا َ‬
‫تويف‬ ‫(وال ّل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نقل عن ِ‬ ‫امللحودة وما يكفن ِبه‪( ،‬واملّش عىل ِ‬
‫ِ‬
‫اهلواء)‬ ‫كثي من األولياء‪( ،‬وال ّط ُ‬
‫ريان يف‬ ‫املاء) كام َ‬ ‫ُ‬
‫الّس ْخيس(‪ )173‬رمح ُه ا ُ‬
‫هلل وغيمها‪.‬‬ ‫هلل عن ُه‪ ،‬ولقامن َّ َ‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫طالب‬
‫َ‬ ‫جعفر بن أيب‬
‫َ‬ ‫كام َ‬
‫نقل عن‬

‫ريض‬ ‫ِ‬
‫الدرداء‬ ‫ِ‬
‫اجلامد) كام روي أن قصع ًة س َّبحت عندَ سلامن الفاريس وأيب‬ ‫(وكال ُم‬
‫َ‬
‫اهللُ عنهام وسمعا‪.‬‬

‫هي فقالت‪ :‬إين مل‬ ‫ُ‬ ‫قال النبي ِ‬


‫عليه السال ُم‪( :‬بينام ٌ‬ ‫جامء) َ‬
‫يسوق بقر ًة إذا َ‬ ‫رجل‬ ‫ُ‬ ‫(وال َع ُ‬
‫النبي‬ ‫سبحان اهللِ بقر ًة تتك ّل ُم‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫َ‬ ‫الناس‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫ِ‬
‫األرض‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫حلراثة‬ ‫خلقت‬
‫ُ‬ ‫لق هلذا وإنام‬‫ُأ ْخ ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وعمر)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وأبوبكر‬ ‫أؤمن ِبه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عليه السال ُم فإين‬

‫( )هو‪ :‬أبو عّل لقامن بن عّل بن لقامن الّسخيس‪ ،‬من عقالء املجانني‪ .‬قال الشيخ‪ :‬ذات ليلة كان‬ ‫‪173‬‬

‫املريدون قد ناموا وأغلقوا باب اخلانقاه وباب الرباط‪ .‬وجلست مع الشيخ أبى الفضل عىل الصفة‪ ،‬ودار‬
‫احلديث يف املعرفة‪ ،‬وعرضت مسألة مشكلة‪ ،‬فرأيت لقامن الّسخسى وقد طار فوق اخلانقاه‪ ،‬ثم جلس‬
‫أمامنا وأجاب عىل تلك املسألة بحيث اتضحت لنا‪ ،‬وزال ذلك اإلشكال‪ ،‬ثم قام وطار ثانية وخرج من‬
‫النافذة‪ ،‬فقال الشيخ أبو الفضل‪ :‬يا أبا سعيد‪ ،‬هل ترى مكانة هذا الرجل يف هذه احلرضة؟ قلت‪ :‬أجل‪.‬‬
‫قال‪ :‬إنه ال يصلح قدوة‪ .‬قلت‪ :‬ملاذا؟ قال‪ :‬ألنه ال علم له‪ .‬األنساب(‪ .)58/13‬نفحات اإلنس من‬
‫حرضات القدس(‪ .)365‬أرسار التوحيد يف مقامات الشيخ أيب سعيد(ص‪.)44‬‬
‫ٍ‬
‫شاة منها فأخذها‪ ،‬فأدركها‬ ‫الذئب عىل‬ ‫وقال ﷺ‪( :‬بينام ٌ‬
‫رجل يف غن ٍم ل ُه إذا عدا‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫راعي هلا غيي‪ ،‬فقا َل‬
‫َ‬ ‫الذئب‪َ :‬فمن هلا يو َم ّ‬
‫السب ِع يو َم ال‬ ‫ُ‬ ‫صاحبها فاستنقذها‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‬
‫وعمر)‪ ،‬وأخرجاه‪ ،‬وكام روي‪:‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وأبوبكر‬ ‫فقال‪ :‬أؤم ُن ِبه أنا‬
‫الذئب يتك ّل ُم‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سبحان اهللِ‬ ‫الناس‪:‬‬
‫ِ‬
‫املدينة)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كالب‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬
‫الكهف معهم‪ ،‬وكذا ُ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫(تَك ّلم كلب‬

‫ِ‬
‫ببطاقة‬ ‫ِ‬
‫اجلالء‬ ‫مْص‬ ‫هم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كجريان ِ‬ ‫ِ‬
‫أهل َ‬ ‫النيل بعد أن َّ‬ ‫هنر‬ ‫البالء)‬ ‫(واندفاع املتوجه من‬
‫ريض اهللُ عنه‪.‬‬
‫َ‬ ‫عمر‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫بأرض‬ ‫َ‬
‫اجليش‬ ‫ريض اهللُ عن ُه أخط َأ‬ ‫ِ‬
‫األعداء) كام روي‪( :‬أن سفينة‬ ‫(وكفاي ُة املهم من‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلارٍ أنا موىل‬ ‫باألسد‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا أبا‬ ‫هو‬ ‫َ‬
‫اجليش فإذا َ‬ ‫يلتمس‬
‫ُ‬ ‫فانطلق هار ًبا‬
‫َ‬ ‫الرو ِم أو ُأ َ‬
‫رس‬ ‫ّ‬
‫إليه األسدُ يبصبِصه حتى قام إىل ِ‬
‫جنبه كلام‬ ‫فأقبل ِ‬
‫كان من أمري كيت وكيت َ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َُ ْ ُ ُ‬
‫رجع)(‪ ،)171‬وكام روي‬ ‫ثم‬ ‫َ‬ ‫جنبه حتى َ‬ ‫ِ‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اجليش َّ‬ ‫بلغ‬ ‫أقبل يميش إىل‬ ‫أسمع صوتًا أهوى إليه‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجليش ساري َة بن‬ ‫ِ‬
‫ألمي‬ ‫قال‬ ‫ِ‬
‫باملدينة حتى َ‬ ‫وهو‬ ‫ريض اهللُ عن ُه جيش ُه بنهاوندَ‬ ‫عمر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫من رؤية َ‬
‫فسمع ساري ُة كالمه‪.‬‬
‫َ‬ ‫حتذيرا ل ُه من العدو‬
‫ً‬ ‫اجلبل‬ ‫ِ‬
‫حصن‪َ :‬‬

‫بنفسه عىل أيب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫باب الر ِ‬ ‫ِ‬


‫ريض اهللُ‬‫َ‬ ‫بكر‬ ‫وضة‬ ‫انفتاح ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫األشياء) كام روي‬ ‫من‬ ‫(وغري َ‬
‫ذلك َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫للبيعة فجا َء اب ُن ُملج ٍم فر ّد ُه‬ ‫ّاس‬ ‫ِ‬
‫مجع الن َ‬‫ريض اهللُ عن ُه أن ُه َ‬
‫َ‬ ‫موته‪ ،‬وكام روي عن عّل‬ ‫عن ُه بعدَ‬
‫شهر‬ ‫هذه من هذا)(‪ ،)172‬وأن ُه ملا َ‬ ‫قال‪( :‬ما حيبس أشقاها فواهلل ليخضبن ِ‬ ‫ثم َ‬
‫دخل ُ‬ ‫َّ‬ ‫مرتني َّ‬ ‫ّ‬
‫احلسني‪ ،‬وليل ًة عندَ عبد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلسن‪ ،‬وليل ًة عندَ‬ ‫يتعشى ليل ًة عندَ‬
‫جعل ّ‬ ‫رمضان الذي استشهدَ ِ‬
‫فيه َ‬ ‫ِ‬

‫(‪)173‬‬
‫هلل وأنا مخيص‬ ‫ريض اهللُ عنهم‪ ،‬وال يزيدُ عىل ثالث ُة ُل َق ٍم ويقول‪ :‬يأيت ُ‬
‫أمر ا ِ‬ ‫َ‬ ‫جعفر‬
‫َ‬ ‫اهللِ بن‬

‫( )قصة األسد نقلها احلافظ ابن كثي يف «التاريخ» (‪ )147 :6‬عن املصنف‪ ،‬وذكرها السيوطي يف‬ ‫‪171‬‬

‫«اخلصائص الكُبى» ‪ )65 :2( ،‬عن ابن سعد‪ ،‬وأيب يعىل‪ ،‬والبزار‪ ،‬وابن مندة‪ ،‬واحلاكم وصححه‪،‬‬
‫النبوة(‪ ،)46/6‬وأيب نعيم‪.‬‬
‫والبيهقي يف دالئل ّ‬
‫( )ختريج مشكل اآلثار(‪( ،)285/2‬دالئل النبوة ‪.)439/6‬‬ ‫‪172‬‬

‫الضامر البطن‪.‬‬
‫( ) يف األصل‪ :‬محيض‪ .‬واخلميص‪ :‬اجلائع ّ‬ ‫‪173‬‬
‫قال‬ ‫ِ‬
‫وجهه‪َ ،‬‬ ‫اإل َو ُّز يصح ُن يف‬ ‫ِ‬
‫الفجر فاستقبل ُه ِ‬ ‫ِ‬
‫لصالة‬ ‫خرج‬ ‫هي ليل ٌة أو ليلتان‪ ،‬وإن ُه‬
‫َ‬ ‫وإنام َ‬
‫فأصييب(‪.)174‬‬
‫َ‬ ‫وخرج‬
‫َ‬ ‫نوائح‬
‫ٌ‬ ‫الراوي‪ :‬فجعلنا نطرده َّن عن ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬دعوه ّن فإهنن‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫األخية‬ ‫ِ‬
‫العشاء‬ ‫احلسن املؤ ّذ ِن ليل ًة يف‬
‫ِ‬ ‫وعن ٍ‬
‫يزيد بن الكميت َ‬
‫قال‪( :‬قرأ بنا عّل بن‬
‫ِ‬
‫نظرت إىل أيب‬
‫ُ‬ ‫ّاس‬‫وخرج الن ُ‬
‫َ‬ ‫الصال َة‬ ‫﴿إِ َذا ُز ْل ِز َلت﴾[الزلزلة‪ ]1 :‬وأبوحنيفة خلفه‪ّ ،‬‬
‫فلام قىض ّ‬
‫تركت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يشتغل قلب ُه‪ ،‬فلام خرجت‬ ‫فقلت‪ :‬أقو ُم ال‬
‫ُ‬ ‫جالس يتفك ُّر ويتن َّف ُس‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫هلل َ‬ ‫حنفي َة رمح ُه ا ُ‬
‫ِ‬
‫بلحيته يقول‪:‬‬ ‫قائم قد َ‬
‫أخذ‬ ‫القنديل ومل يكن ِ‬
‫فيه َّإال ٌ‬ ‫َ‬
‫وهو ٌ‬‫الفجر َ‬‫َ‬ ‫طلع‬
‫فجئت وقد َ‬ ‫ُ‬ ‫زيت قليل‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫عبدك من‬ ‫شا‪ ،‬أجر النّعامن‬ ‫بمثقال ِ‬‫ِ‬ ‫بمثقال ّ ِ ٍ‬
‫ِ‬
‫ش ً‬ ‫ذرة ٍّ‬
‫ّ‬ ‫خيا‪ ،‬و يا من جيزي‬ ‫ذرة خي ً‬ ‫يا من جيزي‬
‫يزهر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وء‪ ،‬وأدخله يف س ِ‬ ‫ّار‪ ،‬وما يقرب منها من الس ِ‬ ‫الن ِ‬
‫القنديل ُ‬ ‫رمحتك‪ ،‬فأذنت ودخلت فإذا‬ ‫عة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الغداة‪ ،‬قال‪ُ :‬أكتم عىل ما‬ ‫ِ‬
‫لصالة‬ ‫قلت‪ :‬قد أ ّذنت‬ ‫َ‬
‫القنديل؟ ُ‬ ‫َ‬
‫تأخذ‬ ‫قائم‪َ ،‬‬
‫قال يل‪ :‬تريدُ أن‬ ‫وهو ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وضوء َّأو ِل‬ ‫ّ‬
‫وصىل معنا الغدا َة عىل‬ ‫أقمت الصالةَ‪،‬‬ ‫وجلس حتى‬ ‫وركع ركعتي الفجر‬ ‫رأيت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الليل)(‪.)175‬‬

‫األرض وأعطا ُه‬


‫َ‬ ‫كان عبد ًا صاحل ًا‪ ،‬م ّلك ُه ا ُ‬
‫هلل‬ ‫(أن ذا القرنني َ‬ ‫ِ‬
‫(الكشاف)‪َّ :‬‬ ‫وذكر يف‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمامه‬ ‫ّور والظلم َة‪ ،‬فإذا رسى ُيديه ُ‬
‫النور من‬ ‫ّ‬
‫وسخ َر ل ُه الن َ‬ ‫العلم واحلكم َة [وألبسه اهليبة](‪،)176‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ورائه)(‪.)177‬‬ ‫وحيفظ ُه الظلم ُة من‬

‫ِ‬
‫الكرامة من الويل الشتب َه بالنَّبي فينسدُّ‬ ‫ظهور‬ ‫كان شبه ُة املنكري َن‪ :‬أن ُه لو َ‬
‫جاز‬ ‫وملا َ‬
‫ُ‬
‫ذلك معجز ًة للر ِ‬
‫سول‬ ‫ويكون َ‬ ‫ِ‬
‫بقوله‪( :‬‬ ‫ِ‬
‫اجلواب‬ ‫أشار إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الرسول َ‬ ‫طريق الوصول إىل معرفة ّ‬
‫ُ‬
‫حيث نالت‬ ‫ِ‬
‫شأنه ُ‬ ‫ِ‬
‫ورفعة‬ ‫ِ‬
‫قدره‬ ‫يظهر جالل َة‬ ‫َرام ُة لواحد من ّأمتِ ِه) إذ ِبه‬ ‫الذي َظ ْ‬
‫ُ‬ ‫هرت هذه الك َ‬

‫( ) ينظر‪ :‬أسد الغابة(‪.)615/3‬‬ ‫‪174‬‬

‫( ) ينظر‪ :‬فضائل أيب حنيفة البن أيب العوام(‪ ،)47‬وفيات األعيان(‪ ،)412/5‬وتاريخ‬ ‫‪175‬‬

‫بغداد(‪ .)487/15‬والطبقات السنية(‪.)32/1‬‬


‫( )يف األصل‪ :‬والسببي َة اإلهلي َة‪.‬‬
‫‪176‬‬

‫( ) ينظر‪ :‬الكشاف(‪ .)743/2‬واملدارك(‪.)316 /2‬‬ ‫‪177‬‬


‫يكون ُ َِم ًّق ًا يف‬
‫َ‬ ‫يكون ول ًّي ًا إال ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫ولن‬
‫ظه ُر هبا أنّه ويل‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تلك املرتب َة بُبكة اقتدائه؛ (أل ّنه َي َ‬‫أ ّمت ُه َ‬
‫ِ‬ ‫رسوله) مع ال ّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِديانَتِ ِه‪ِ ،‬‬
‫أوامره‬ ‫اعة ل ُه يف‬ ‫برسالة‬ ‫تصديق الويل (واإل ْق ُ‬
‫رار‬ ‫ُ‬ ‫وديانته التَّصديق) أي‬ ‫َ‬
‫ساعته ومل يكن ول ًيا‪ ،‬بل عدو ًا‬ ‫ِ‬ ‫كفر من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنكر برسالته َ‬
‫َ‬ ‫لنفسه‬ ‫ونواهيه حتّى لو ا َّدعى النّبو َة‬
‫يتبني هبا صدقهم‬ ‫ٍ‬
‫معجزات َّ ُ‬ ‫يده‪َّ ،‬‬
‫فإن اهللَ تعاىل يعطي النّبيني‬ ‫الكرامة عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ظهور‬ ‫فيمتنع‬ ‫هللِ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأحدٍ ريب ًة‪ ،‬ومل يتب ّينا‬‫َ‬ ‫ذلك شبه ًة‬
‫ألوجب َ‬
‫َ‬ ‫فيظهر كذهبم‪ّ ،‬‬
‫وإال‬ ‫ُ‬ ‫ويمنعها عن املتنبئني‬
‫صدوره عن املتأ ّل ِه إذ ال اشتبا َه‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫والصورة‪ ،‬بخال ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الُّتكيب‬ ‫ِ‬
‫املنظر واتفاقهام يف‬ ‫الشتباههام يف‬
‫العجز ِ‬
‫فيه ب ِّينة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫احلدوٍ ِ‬
‫فيه ظاهر ٌة وأعال ُم‬ ‫ِ‬ ‫وأثار‬ ‫الربوبي َة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫لتكذيب حاله‪ ،‬أل ّن ُه يدّ عي ّ‬ ‫فيه‬

‫وإليه يشي قوله ِ‬


‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫بني النّبي واملُتنبئ‪،‬‬ ‫احلكمة الت ِ‬
‫ّفرقة َ‬ ‫ِ‬ ‫إن قضي َة‬
‫وهذا معنى قوهلم‪َّ :‬‬
‫ُ ُ‬
‫بني‬
‫مكتوب َ‬
‫ٌ‬ ‫بأعور‪،‬‬
‫َ‬ ‫ليس‬ ‫الكذاب‪َّ ،‬‬
‫وإن اهللَ َ‬ ‫َ‬ ‫األعور‬
‫َ‬ ‫أنذر أمت ُه‬
‫نبي إال وقد َ‬
‫السال ُم‪( :‬ما من ٍّ‬
‫ٍ‬
‫مؤمن)‪.‬‬ ‫كافر يقرأ ُه ُّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫عينيه ٌ‬
‫بالنسبة إىل النّبي معجزةٌ‪ ،‬وبالن ِ‬
‫ّسبة إىل الويل كرام ٌة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫اخلارق الواحدَ‬ ‫ُ‬
‫واحلاصل‪ :‬أن‬
‫ِ‬
‫لكرامة؟ قلنا‪ :‬عدُّ ها من‬ ‫ٍ‬
‫مرفوعة عن ا‬ ‫ٍ‬
‫بأمور‬ ‫ٌ‬
‫مَّشوط‬ ‫ذلك واملعجز ُة‬‫يستقيم َ‬ ‫كيف‬
‫قلت‪َ :‬‬
‫فإن َ‬
‫ُ‬
‫املعجزة إنام هو عىل الت ِ‬
‫ّشبيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬

‫[اإلمامة]‬

‫املسائل االعتقاد ّي ِة‬


‫ِ‬ ‫حابة ليست من‬ ‫بني الص ِ‬
‫ّفاضل َ ّ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلمامة والت‬ ‫َ‬
‫مباحث‬ ‫اعلم َّ‬
‫أن‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫باإليامن‬ ‫أفرط فيها فرق ٌة من ِ‬
‫أهل البدعِ‪ ،‬وقرنوها‬ ‫َ‬ ‫ين‪ ،‬لكن ملّا‬ ‫ِ‬
‫أصول الدّ ِ‬ ‫بحث عنها يف ِ‬
‫كتب‬ ‫ل ُي َ‬
‫وتصديق الر ِ‬
‫سدى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والناس‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫مهمال‬ ‫سول‪ ،‬وأخرى ّنزهلا عن منزلتها وزعموها شي ًئا‬ ‫ِ ّ‬ ‫باهللِ‬
‫الش ِ‬
‫بهة‬ ‫ِ‬
‫وتزييف ّ‬ ‫احلج ِة‬ ‫ِ‬
‫وتقرير‬ ‫احلق‬ ‫ِ‬
‫بتلخيص ِّ‬ ‫املشايخ رمحهم اهللُ إليرادها يف ِ الن ِ‬
‫ّبوة‬ ‫ُ‬ ‫تشم َر‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫لل‪ ،‬وتلميح ًا إىل ِ‬
‫قوله‬ ‫حف ًظا للعا ّم ِة عن اخلطأ واخل َط ِل‪ ،‬وصونًا هلم عن الوقو ِع يف مهاوي ّ‬
‫الز ِ‬
‫قط َّإال اتبعها خالف ٌة‪ ،‬وما كانت خالف ٌة َّإال تبعها ٌ‬
‫ملك)‬ ‫نبو ًة ّ‬ ‫ِ‬
‫(‪)178‬‬
‫عليه السال ُم‪( :‬ما كانت ّ‬

‫( ) تاريخ دمشق(‪.)421 /34‬‬ ‫‪178‬‬


‫وعمر)‬ ‫ٍ‬
‫أبوبكر‬ ‫(خي أمتي من بعدي‬ ‫ِ‬
‫عليه السال ُم‪:‬‬ ‫عساكر رمح ُه اهللُ‪ ،‬وقول ُه‬ ‫أخرج ُه ابن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عساكر(‪.)179‬‬
‫َ‬ ‫أخرج ُه ابن‬

‫ّاس‪ ،‬خي أ ّم ٌة‬ ‫البرش) من أ ّم ِة ِ‬


‫خي الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫(أفضل‬ ‫ِ‬
‫بقوله‪:‬‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ إىل َ‬
‫ذلك‬ ‫فأشار املصن ُ‬
‫َ‬
‫ذلك‬‫حث من َ‬ ‫الباعث عىل الب ِ‬
‫َ‬ ‫من َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫عرفت ْ‬ ‫للناس‪( ،‬بعدَ نب ّينا) إذ الكال ُم فيهم‪ ،‬ملا َ‬ ‫أخرجت‬
‫ِ‬
‫وأعيان املهاجرين‬ ‫وأكابر الص ِ‬
‫حابة‬ ‫ِ ّ‬ ‫أجال ِء األ ّم ِة‪،‬‬
‫حيث قدْ حوا يف ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وافض‬ ‫الر‬ ‫ُ‬
‫إفراط ّ‬ ‫هو‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بأئمة ِ‬
‫أهل‬ ‫وخصوها‬ ‫الع ِ‬
‫صمة‬ ‫سالة وجعلوها ملزوم ِ‬ ‫ونزلوا اإلمام َة منزل َة الر ِ‬ ‫ِ‬
‫واألنصار‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وأحب‬ ‫ِ‬
‫وختنه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ‬ ‫حيث قدحوا يف ابن ع ِم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واخلوراج‬ ‫ِ‬
‫ّواصب‬ ‫البيت‪ ،‬وتفريط الن‬‫ِ‬
‫ُّ‬
‫والناس فيها‬
‫ُ‬ ‫أمر عبث‬ ‫أن اخلالف َة ٌ‬‫وأوهلم ِبه حلو ًقا‪ ،‬وأشدُّ هم لصو ًقا‪ ،‬وزعموا‪َّ :‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الناس إليه ّ‬
‫بالفضيلة الث ِ‬
‫ِ‬ ‫صح َة خالفتهم‬
‫ابتة هلم‬ ‫وثبوت إمامتهم‪ ،‬وجحدوا‬‫َ‬ ‫سدى‪ ،‬فأنكروا عىل التّوزي ِع ّ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫الباهرة عندهم‪.‬‬ ‫واخل ِ‬
‫صلة‬ ‫ِ‬

‫مر َة‬‫عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن ّ‬ ‫(أبو بكر) عبدَ اهللِ بن أيب قحاف َة بن ٍ‬

‫عليه السال ُم‬ ‫هلل عنه‪ ،‬يلتقي نسب ُة مع النّبي ِ‬


‫ريض ا ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫بن كعب بن لؤي القريش التّيمي (الصد ُيق)‬
‫املعراج بال تر ُّد ٍد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ّبوة بال تو ّق ٍ‬
‫ف‪ ،‬ويف‬ ‫لتصديقه يف الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ب ِبه‬ ‫األب ال ّث ِ‬
‫امن كعب بن لؤي‪ ،‬و ُل ِّق َ‬ ‫يف ِ‬

‫الغم ِة عن‬ ‫ِ‬


‫كتاب (كشف ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلمامية يف‬ ‫عّل بن عيسى األردبيّل(‪ )183‬من‬ ‫ذكر ٌ‬ ‫وقد َ‬
‫قال‪ :‬نعم‬ ‫جتوز؟ َ‬ ‫ِ‬
‫السيف هل ُ‬ ‫ِ‬
‫حلية‬ ‫ريض اهللُ عن ُه عن‬ ‫الباقر‬ ‫ٍ‬
‫جعفر‬ ‫سأل اإلما َم أبو‬ ‫ِ‬
‫األئمة)‪ :‬أن ُه َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ن ْع َم‬ ‫ِ‬
‫مكانه َ‬ ‫فوثب عن‬ ‫ُ‬
‫أتقول هكذا!‬ ‫بالفض ِة‪َ ،‬‬
‫فقيل ل ُه‪:‬‬ ‫الصد ُيق سيف ُه‬ ‫حىل أبو ٍ‬‫قد َّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بكر ّ‬

‫( )املصدر السابق(‪.)427 /62‬‬ ‫‪179‬‬

‫( )عّل بن عيسى بن ايب الفتح االربّل‪ ،‬اثنى عَّشي‪ ،‬أديب‪ ،‬ناثر‪ ،‬شاعر‪ ،‬مؤرخ‪( .‬ت‪692 :‬هـ)‪ .‬معجم‬ ‫‪183‬‬

‫املؤلفني(‪.)163/7‬‬
‫ِ‬
‫واآلخرة)(‪.)181‬‬ ‫ديق فال صدّ َق اهللَ قول ُه يف الدنيا‬
‫الص ُ‬ ‫ديق‪ ،‬فمن مل ْ‬
‫يقل ّ‬ ‫الص ُ‬
‫ديق ن ْع َم ّ‬
‫الص ُ‬
‫ّ‬
‫هلل(‪.)182‬‬ ‫وأخرجه الدارقطني عن عرو َة بن ِ‬
‫عبد ا ِ‬ ‫ُ‬

‫أول من يدخل اجلن َة من أمتي)‬ ‫(إنك يا أبا ٍ‬


‫بكر ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫عليه الصال ُة والسال ُم ل ُه‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫أخرج ُه أبو داود(‪.)183‬‬

‫َ‬
‫أفضل من‬ ‫واملرسلني عىل ٍ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫الشمس وال غربت بعدَ‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬ما طلعت‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أيب ٍ‬
‫بكر)(‪ )184‬أخرج ُه ابن اجلوزي‪.‬‬

‫َ‬
‫أفضل ول ُه شفاع ُة‬ ‫خيا من ُه وال‬
‫خيلق اهللُ بعدي ً‬ ‫ٌ‬
‫رجل مل ْ‬ ‫(يطلع عليكم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫اخلطيب(‪.)185‬‬
‫ُ‬ ‫النبيني) أخرج ُه‬
‫َ‬

‫الُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقال‪( :‬ال ينبغي لقو ٍم فيهم أبو ٍ‬
‫بكر أن يؤ ّمهم غي ُه) أخرج ُه‬ ‫َ‬

‫والُّتمذي‪.‬‬ ‫بكر) أخرج ُه أمحد والبخاري‬ ‫ِ‬


‫املسجد إال خوخ ُة أيب ٍ‬ ‫يبقني يف‬
‫َ‬ ‫وقال‪( :‬ال‬
‫ُ‬

‫ً‬
‫خليال‪ ،‬ولكنّ ُه أخي وصاحبي)‬ ‫ذت أبا ٍ‬
‫بكر‬ ‫خليال ّ‬
‫الخت ُ‬ ‫ً‬ ‫كنت مت ً‬
‫ّخذا‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬لو ُ‬
‫والُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫أخرج ُه‬

‫هلل ﷺ) أخرج ُه‬ ‫ِ‬


‫رسول ا ِ‬ ‫هلل عن ُه‪( :‬أبو ٍ‬
‫بكر سيدنا وخينا وأح ّبنا إىل‬ ‫ريض ا ُ‬ ‫عمر‬
‫َ‬ ‫وعن َ‬
‫الُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬

‫( )كشف الغمة املؤلف ‪ :‬ابن أيب الفتح اإلربّل اجلزء ‪ 2 :‬صفحة ‪363 :‬‬‫‪181‬‬

‫الصحابة للدارقطني (‪.)61‬‬


‫( ) فضائل ّ‬ ‫‪182‬‬

‫( ) أبو داود (‪.)4652‬‬


‫‪183‬‬

‫( )أخرجه أبو نعيم يف «حلية األولياء» (‪ ،)325/3‬وابن عساكر يف «تاريخ دمشق» (‪)238/33‬‬ ‫‪184‬‬

‫( ) تاريخ بغداد(‪.)238 /4‬‬‫‪185‬‬


‫قوم األَود‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويف ِ‬
‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬هللِ بالد [وأبوبكر](‪ )186‬لقد َّ‬
‫َ‬ ‫عّل‬
‫(هنج البالغة) عن ٍّ‬
‫أصاب خيها‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫العيب‪،‬‬ ‫قليل‬ ‫ِ‬
‫الثوب ُ‬ ‫نقي‬
‫ذهب َّ‬ ‫َ‬ ‫ف البدع َة‬ ‫وداوى ال َعمد‪ ،‬وأقا َم السنّ َة وخ َّل َ‬
‫ٍ‬
‫تشعبة] ال‬ ‫وسبق شها‪[ ،‬أ ّدى إىل اهلل طاعتَه‪ ،‬واتّقا ُه بِ َح ِّق ِه‪ ،‬ر َح َل](‪ ،)187‬وتركهم يف ُط ٍ‬
‫رق [ ُم‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫الض ُال‪ ،‬وال يستيق ُن املهتدي)(‪.)188‬‬
‫ُيتدي فيها ّ‬

‫رياح بن ِ‬
‫عبد اهللِ بن‬ ‫العزى بن ٍ‬
‫نفيل بن عبد ّ‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب بن ٍ‬ ‫(عمر) بن‬ ‫ٍ‬
‫حفص‬ ‫(ثم) أبو‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ريض اهللُ عن ُه‪ ،‬يلتقي‬
‫َ‬ ‫كعب بن لؤي القريش العدوي (الفاروق)‬ ‫ٍ‬ ‫عدي بن‬
‫ّ‬ ‫قرط بن َرزاح بن‬
‫اختالف و ٍ‬
‫جوه ُف ِّصلت يف حم ّلها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ِبه‬ ‫ِ‬
‫والباطل عىل‬ ‫احلق‬
‫بني ِّ‬
‫لتفرقته َ‬ ‫يف تاس ِع آبائه كعب‪ُ ،‬ل ّق َ‬
‫عمر)(‪ )189‬أخرج ُه‬ ‫ٍ‬ ‫عليه الصال ُة والسالم ِ‬ ‫قال النبي ِ‬ ‫َ‬
‫خي من َ‬ ‫رجل ٌ‬ ‫الشمس عىل‬
‫ُ‬ ‫فيه‪( :‬ما طلعت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والطُباين‬
‫ُ‬ ‫والُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫أمحد‬

‫ِ‬
‫األربعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫َ‬
‫لكان عمر)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫نبي‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬لو َ‬
‫كان بعدي ٌ‬

‫البغوي‪،‬‬ ‫عمر)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫ُ‬ ‫خي من َ‬
‫بني البتي املدينة ٌ‬
‫وقال‪( :‬ما َ‬

‫خي منه)‪ ،‬أخرج ُه ابن‬


‫رجل ٌ‬ ‫ِ‬
‫األرض ٌ‬ ‫قريش‪( :‬لقد ر ّدوا ً‬
‫رجال ما يف‬ ‫حني ر ّد ُه ٌ‬ ‫َ‬
‫وقال َ‬
‫مردويه‪.‬‬

‫( ) يف هنج البالغة‪ :‬فالن‪.‬‬‫‪186‬‬

‫( ) يف األصل‪[ :‬وألقا ُه حم ّبة]‪ .‬والتّصويب من هنج البالغة‪.‬‬‫‪187‬‬

‫( )إبن أيب احلديد املدائني املعتزيل‪ ،‬أبو حامد عز الدين بن هبة اهلل بن حممد بن حممد (املتوفی‪ 655‬هـ)‪،‬‬ ‫‪188‬‬

‫شح هنج البالغة‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪ ،3‬حتقيق حممد عبد الكريم النمري‪ ،‬ناش‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيوت‬
‫‪ /‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األويل‪1418 ،‬هـ ‪1998 -‬م‪.‬‬
‫( )أخرجه الُّتمذي (‪ ،)3684‬وابن أيب عاصم يف «السنة» (‪ ،)1274‬والبزار (‪.)81‬‬ ‫‪189‬‬
‫كان فيام قبلكم من األم ِم حمدّ َ‬
‫ثون‪ ،‬فإن ُ‬
‫يك يف أمتي أحدٌ فإن ُه عمر)‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬لقد َ‬
‫َّسائي وأبو حات ٍم(‪.)193‬‬
‫والُّتمذي والن ُ‬
‫ُ‬ ‫أخرج ُه أمحدُ والشيخان‬

‫ٍ‬
‫واحدة فيقتلها فينَّشها‬ ‫ٍ‬
‫نفس‬ ‫(إن من ِ‬
‫فتنته أن يتس َّل َط عىل‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫وذكر الدَّ ُ‬
‫جال َّ‬ ‫َ‬
‫يزعم َّ‬
‫أن ل ُه‬ ‫يقول‪ :‬انظروا إىل عبدي هذا فإين ابعث ُه َ‬ ‫ِ‬
‫باملنشار حتى يلقى ش ّقني ثم ُ‬
‫ْ‬ ‫اآلن‪ ،‬ثم مل ّ‬
‫وأنت‬
‫َ‬ ‫هلل‬
‫عدو ا ِ‬
‫نت ُّ‬
‫هلل وأ َ‬
‫يب ا ُ‬ ‫ُ‬
‫فيقول‪ :‬ر َ‬ ‫ُ‬
‫اخلبيث‪َ :‬من ر ُّب َك؟‬ ‫ُ‬
‫فيقول ل ُه‬ ‫هلل‬
‫ر ًبا غيي‪ ،‬فيبعث ُه ا ُ‬
‫أرفع أمتي درج ًة يف‬
‫جل ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ذلك ّ‬ ‫بك من اليو ِم‪َّ ،‬‬
‫كنت أشدَّ بصي ًة َ‬
‫هلل ما ُ‬ ‫الدَّ ُ‬
‫جال‪ ،‬وا ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب)(‪ ،)191‬أخرج ُه ابن‬ ‫الرجل َّإال َ‬
‫عمر بن‬ ‫َ‬ ‫هلل ما كنا نرى َ‬
‫ذلك‬ ‫سعيد‪ :‬وا ِ‬ ‫اجلنة‪َ ،‬‬
‫قال أبو‬
‫ماجه‪.‬‬

‫(اللهم إين اجتهدت هلم برأيي‪ ،‬فو ّليت عليهم خيهم‬


‫َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪:‬‬ ‫وعن أيب ٍ‬
‫بكر‬
‫َ‬
‫وأقواهم عليهم) أخرجه ابن ٍ‬
‫سعد‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ليس‬
‫خي من عالنيت ُه‪ ،‬وأن َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬اللهم علمي ِبه ّ‬
‫أن رسيرت ُه ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عثامن‬ ‫وعن‬
‫فينا مثل ُه) أخرج ُه ابن مردويه‪.‬‬

‫ِ‬
‫عمله) أجرجه‬ ‫أحب إ َّيل أن ألقى بمث ِل‬ ‫هلل عن ُه‪( :‬ما خ ّلفت أحد ًا‬
‫ريض ا ُ‬ ‫عّل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وعن ٍّ‬
‫أمحد‪.‬‬

‫واآلخرين َّإال‬ ‫أهل ِ‬


‫اجلنة من األولني‬ ‫ِ‬
‫كهول ِ‬ ‫وعمر س ِّيدا‬ ‫ٍ‬
‫(أبوبكر‬ ‫وقال ِ‬
‫عليه السال ُم‪:‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والطُباين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والُّتمذي وابن ماجه‬
‫ُ‬ ‫واملرسلني) أخرج ُه أمحدُ‬
‫َ‬ ‫النبيني‬

‫الُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫ثم عمر) أخرج ُه‬ ‫ثم أبو ٍ‬
‫بكر َّ‬ ‫األرض‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫تنشق عن ُه‬
‫ُ‬ ‫وقال‪( :‬أنا َّأو ُل من‬
‫َ‬
‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬

‫( )‬
‫‪193‬‬

‫( )‬
‫‪191‬‬
‫والُّتمذي وابن ماجه‬
‫ُ‬ ‫وقال‪( :‬اقتدوا بالذين بعدي أيب ٍ‬
‫بكر وعمر) أخرج ُه أمحد‬
‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬

‫الُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نبعث) أخرج ُه‬ ‫آخذ بأيدُيام َ‬
‫فقال هكذا ُ‬ ‫وهو ٌ‬ ‫َ‬
‫و(دخل املسجدَ َ‬

‫واخلطيب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الُّتمذي وأبو يعىل املوصّل‬
‫ُ‬ ‫والبْص) أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫السمع‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬هذان‬

‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫وعمر) أخرج ُه‬
‫َ‬ ‫األرض أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫(وزيراي من ِ‬
‫أهل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وقال ‪:‬‬

‫إليك؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أحب َ‬‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫(أي‬ ‫َ‬
‫لرسول اهللِ ﷺ‪ُّ :‬‬ ‫وعن عمرو بن العاص أن ُه َ‬
‫قال‬
‫عمر) أخرج ُه الشيخان‪.‬‬ ‫ثم َمن؟ َ‬
‫قال ُ‬ ‫قلت‪َّ :‬‬ ‫فقلت من الرجال؟ َ‬
‫قال‪ :‬أبوها‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫عائش ُة‬

‫خي بعدَ النبي ﷺ؟ َ‬


‫قال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعن ٍ‬
‫الناس ٌ‬ ‫أي‬
‫(قلت أليب‪ُّ :‬‬
‫ُ‬ ‫هلل عن ُه‪:‬‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫احلنفية‬ ‫حممد بن‬
‫قال‪ :‬ما أنا َّإال‬
‫أنت‪َ ،‬‬
‫ثم َ‬‫قلت‪َّ :‬‬ ‫ُ‬
‫عثامن‪ُ ،‬‬ ‫وخشيت أن َ‬
‫يقول‬ ‫ُ‬ ‫ثم َمن؟ َ‬
‫قال عمر‪،‬‬ ‫قلت‪َّ :‬‬ ‫أبو ٍ‬
‫بكر ُ‬
‫لبخاري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫املسلمني) أخرج ُه أمحد وا‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫رجل من‬

‫ٍ‬
‫مناف‬ ‫شمس بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ٍ‬ ‫(ثم) أبو عبد اهللِ (عثامن) بن عفان بن أيب العاص بن أم ّي َة عبدَ‬ ‫َّ‬
‫ب ِبه‬ ‫ٍ‬
‫خامس آبائه عبدَ مناف بن ق ‪ُ ،‬ل ّق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل عن ُه‪ ،‬يلتقي يف‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫القريش‪( ،‬ذو النورين)‬ ‫ُ‬
‫فلام توفيت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‬ ‫تزوج أحدٌ سوا ُه ابنتي نبي‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ابنتيه ﷺ‪ ،‬ويقال‪ :‬ما‬ ‫لتزوجه رق ّي َة َّ‬
‫ثم أ ُم كلثو ٍم‬
‫ٍ‬
‫رواية‪( :‬لو َّ‬ ‫لزو َ‬ ‫ِ‬
‫زوجت‬ ‫ُ‬ ‫أربعني بنتًا‬
‫َ‬ ‫أن يل‬ ‫جناك)‪ ،‬وقال يف‬ ‫النبي عليه السال ُم‪( :‬ولو أن لنا ثالث ًة ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫عثامن واحد ًة بعدَ أخرى)‪ ،‬أخرج ُه ابن مردويه‪.‬‬

‫(عثامن أحيا أمتي وأكرمها) أخرج ُه أبو نعي ٍم‪.‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫ِ‬
‫اآلخرة) أخرج ُه أبو يعىل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫(عثامن ويل يف الدنيا‪ ،‬وويل يف‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫والُّتمذي وابن ماجه‪.‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫عثامن) أخرج ُه أمحدَ‬ ‫رفيق ورفيقي‬
‫نبي ٌ‬ ‫وقال‪ِّ :‬‬
‫(لكل ٍّ‬ ‫َ‬

‫عساكر‪.‬‬
‫َ‬ ‫تستحي من ُه املالئك ُة) أخرج ُه ابن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(عثامن حيي‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫تستحيي من ُه املالئك ُة) أخرج ُه أمحدُ ومسلم وأبو‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫وقال‪َّ :‬‬
‫(أال أستحيي من‬ ‫َ‬
‫حات ٍم‪.‬‬

‫ثم‬ ‫نعدل بأيب ٍ‬


‫بكر أحدً ا‪َّ ،‬‬ ‫ريض اهللُ عنهام‪( :‬كنّا يف ِ‬
‫زمن النبي ﷺ ال ُ‬ ‫عمر‬
‫وعن ابن َ‬
‫َ‬
‫البخاري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نفاضل بينهم) أخرج ُه‬ ‫أصحاب النبي ﷺ ال‬
‫َ‬ ‫ثم ُ‬
‫نُّتك‬ ‫َ‬
‫عثامن َّ‬ ‫ثم‬
‫عمر َّ‬
‫َ‬
‫أفضل أم ِة النبي ِ‬
‫عليه السال ُم بعد ُه أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهللِ ﷺ هو‬ ‫ويف رواية‪( :‬كنا ُ‬
‫نقول‬
‫والُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عثامن) أخرج ُه أبو داود‬ ‫ثم‬
‫عمر َّ‬
‫ثم َ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫املنقبة ل ُه‪ ،‬وأن ُه يّل اخلالف َة‬ ‫وعلو‬ ‫إثبات الفضل ّي ِة‬
‫ِ‬ ‫تدل عىل‬ ‫ِ‬
‫الباب كثي ٌة ُّ‬ ‫ُ‬
‫واألحاديث يف‬
‫ِّ‬
‫أفضل من ِ‬
‫غيه أكثر ثوا ًبا عندَ اهللِ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تعر ٍ‬
‫ض عىل أن ُه‬ ‫ويدخل اجلن َة من ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫غي ّ‬ ‫وينال الشهادةَ‪،‬‬

‫هاشم القريش اهلاشمي‪،‬‬ ‫ِ‬


‫املطلب بن‬ ‫(ثم) أبو احلسن عّل بن أيب طالب بن ِ‬
‫عبد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫أصحابه الذي‬ ‫ِ‬
‫رسوله‪ ،‬وعمد ُة‬ ‫عباد اهللِ واب ُن ع ِم‬ ‫ِ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪ ،‬ومن ُخ َّل ِ‬
‫ص‬ ‫(املرتىض)‬
‫َ‬
‫ومواالته ثاني ًة ملح ّب ِته‪ ،‬وقد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لرتبته‬ ‫وجعل منزلت ُه تالي ًة‬‫َ‬ ‫وأوجب ح ّب ُه أل ّم ِته‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لنفسه‬ ‫استخلص ُه‬
‫ِ‬
‫لرسول‬ ‫واألخو ِة‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫والباطل‪،‬‬ ‫احلق‬
‫بني ِّ‬ ‫ِ‬
‫الفارقة َ‬ ‫دق وفنونًا من العلو ِم‬ ‫ِ‬
‫مجع اهللُ سبحان ُه ِفيه ّ‬
‫الص ُ‬ ‫َ‬
‫أفاضل الص ِ‬ ‫توزع يف ِ‬
‫حابة‪.‬‬ ‫ِ ّ‬ ‫غيه من‬ ‫اهللِ واألمان ُة وغيها‪ُ ،‬ما ّ َ‬

‫قال‬ ‫ِ‬
‫املذاهب وأعوهلا‪ ،‬وُمن َ‬ ‫وأصح‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫األقوال وأثبتها‬ ‫أكثر‬ ‫ِ‬
‫الذكور إسال ًما يف ِ‬ ‫وهو َّأو ُل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املطلب‪ ،‬وابن عبد اهللِ‪ ،‬وسلامن الفاريس‪ ،‬وأبو‬ ‫الناس كلهم إسالما عباس بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫إن ُه َّأو ُل‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫معد يكرب الكندي‪ ،‬وقيس‬ ‫وعفيف بن ِ‬ ‫أرقم‪ ،‬وأنس بن مالك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أيوب األنصاري‪ ،‬وزيدٌ بن َ‬
‫بن مسلم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وُمن َ‬


‫اب بن‬ ‫أبوذر الغفاري‪ ،‬ومقدا ُد بن األسود‪ ،‬وخ ّب ُ‬ ‫قال إن ُه خدجي ُة َّ‬
‫ثم عّل‪:‬‬
‫ِ‬
‫اخلصيب‪ ،‬وخزيم ُة‬ ‫األنصاري‪ ،‬وبريد ُة بن‬ ‫سعيد اخلدري‪ ،‬وجابر بن عبد اهللِ‬ ‫ٍ‬ ‫األرت‪ ،‬وأبو‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫كعب القرظي‪ ،‬وقتاد ُة‪ ،‬وحممد بن‬ ‫البْصي‪ ،‬وحممدٌ بن‬
‫ُ‬ ‫واحلسن‬
‫ُ‬ ‫بن ثابت ذو الشهادتني‪،‬‬
‫اسحاق وغيهم‪.‬‬
‫هذه األ ّم ِة َع َبدَ اهللَ قبّل‪ ،‬لقد عبدت ُه‬
‫وقد روي عنه ريض اهللُ عنه‪( :‬مل أعلم أحدً ا من ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫صىل مع النبي‬‫رواية‪( :‬أنا َّأو ُل َمن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫سبع سنني)‪ ،‬ويف‬ ‫َ‬
‫سنني أو َ‬‫َ‬ ‫مخس‬
‫قبل أن يعبد ُه أحدٌ منهم َ‬
‫ِ‬
‫الرزاق وأبو داود الطياليس‪.‬‬ ‫ﷺ)‪ ،‬روا ُه عبدُ‬

‫ِ‬
‫َ‬
‫وذلك أن ُه‬ ‫سبع سنني‪،‬‬
‫عّل َ‬ ‫هلل ﷺ فيه‪( :‬لقد ص ّل َّت املالئك ُة َّ‬
‫عّل‪ ،‬وعىل ٍّ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫ٍ‬
‫جرير الطُبي‪.‬‬ ‫يصل معي ٌ‬
‫رجل غي ُه)‪ ،‬روا ُه حممدٌ بن‬ ‫مل ِّ‬

‫ِ‬
‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫هارون من موسى‪َّ ،‬إال أن ُه ال َ‬
‫نبي بعدي)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬ ‫بمنزلة‬ ‫(أنت منّي‬ ‫َ‬
‫وقال‪َ :‬‬
‫والُّتمذي وابن ماجه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ومسلم‬
‫ٌ‬

‫ولك من امل ْغنَم ُ‬


‫مثل ما يل)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األجر مثل ما يل‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫يكون َ‬
‫لك من‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬أما ترَض أن‬
‫أخرج ُه ابن ماجه‪.‬‬

‫وعّل بن أيب طالب نظيي)‪ ،‬أخرج ُه ابن‬


‫ٌ‬ ‫نظي يف أ ّمتي‪،‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬ما من نبي إال ل ُه ٌ‬
‫عساكر‪.‬‬
‫َ‬

‫والُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫(عّل منّي وأنا من عّل‪ ،‬وال يؤ ّدي عنّي إال عّل)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫َّسائي وابن ماجه‪.‬‬
‫والن ٌ‬

‫ُّتمذي‪.‬‬ ‫َ‬
‫وغيك) أخرج ُه ال‬ ‫ِ‬
‫املسجد غيي‬ ‫جينب يف هذا‬ ‫ٍ‬ ‫وقال‪( :‬ال ُّ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫حيل ألحد ُ‬

‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سب عل ًيا فقد س ّبني)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬من َّ‬

‫َ‬
‫وقال‪( :‬من آذى عل ًيا فقد آذاين)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪.‬‬

‫اط َّإال َمن َ‬


‫كتب ل ُه عّل)‪ ،‬أخرج ُه الدارقطني‪.‬‬ ‫الْص َ‬
‫جيوز ّ‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬ال ُ‬

‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الطُباين‬
‫ُ‬ ‫ّظر إىل عّل عبادة)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬الن ُ‬

‫وصحح ُه وغي ُه‪.‬‬ ‫احلاكم‬ ‫ِ‬


‫العرب)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫وقال‪( :‬أنا سيدُ ِ‬
‫ولد آد َم‪ ،‬وعّل س ِّيدُ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫الطُباين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬عّل أصّل وجعفر فرعي)‪ ،‬أخرج ُه‬

‫واخلطيب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة رأيس من بدين)‪ ،‬أخرج ُه الديلمي‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬عّل مني‬
‫ُ‬

‫ٍ‬
‫حساب بعدي)‪ ،‬أخرج ُه عّل بن‬ ‫باب اجلن ِّة فتدخلها ِ‬
‫بغي‬ ‫وقال‪( :‬إن ََّك َّأو ُل َمن ُ‬
‫يقرع َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫مسنده‪.‬‬ ‫الرضا يف‬
‫موسى ّ‬

‫َ‬
‫وقال‪( :‬عّل حطة باب)‪ ،‬أخرج ُه الدارقطني‪.‬‬

‫بأربعة عَّش ِ‬
‫ألف عا ٍم)‬ ‫ِ‬ ‫خيلق آد َم‬ ‫بني يدي اهللِ َ‬
‫قبل أن َ‬ ‫نورا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫وعّل ً‬
‫ٍّ‬ ‫(كنت أنا‬
‫ُ‬ ‫وقال‪:‬‬
‫أخرج ُه أمحد‪.‬‬

‫صاحب‬
‫ُ‬ ‫ابق إىل عيسى‬
‫والس ُ‬
‫يوشع بن نون‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ابق إىل موسى‬ ‫(الس ُبق ثالث ٌة ّ‬
‫فالس ُ‬ ‫وقال‪ّ :‬‬‫َ‬
‫الطُباين وابن مردويه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫طالب)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫َ‬ ‫حمم ٍد عّل بن أيب‬
‫والسابق إىل ّ‬
‫ُ‬ ‫ياسني‪،‬‬

‫َ‬
‫فرعون‪،‬‬ ‫مؤمن ِ‬
‫آل‬ ‫ُ‬ ‫ّجار مؤم ُن ِ‬
‫آل ياسني‪ ،‬وحزقيل‬ ‫حبيب الن ِ‬
‫ُ‬ ‫يقون ثالث ٌة‬
‫(الصدّ َ‬ ‫َ‬
‫وقال‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫النجار‪.‬‬ ‫عساكر وابن‬
‫َ‬ ‫وهو أفضلهم)‪ ،‬أخرج ُه أبو نعي ِم وابن‬
‫طالب َ‬
‫َ‬ ‫وعّل بن أيب‬

‫أطال نجوى ابن ِ‬


‫عمه‪( :-‬ما‬ ‫وقيل‪ :‬لقد َ‬
‫طويال َ‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫الطائف بعدما ناجا ُه‬ ‫َ‬
‫وقال‪ -‬يوم‬
‫الُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫انتجيت ُه ولكن اهللَ انتجاه)‪ ،‬أخرج ُه‬

‫ِ‬
‫اخللق‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ألحد من‬ ‫هلل ﷺ‪ ،‬ومل تكن‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬كانت يل منزل ٌة من‬ ‫وعن ُه‬
‫َ‬
‫الُّتمذي والنَّسائي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إذا سئلت أعطاين وإذا سكت ابتدأ يب)‪ ،‬أخرج ُه‬

‫والُّتمذي‬ ‫باب عّل)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫ُ‬ ‫األبواب يف املسجد إال ُ‬ ‫َ‬ ‫وقال‪( :‬سدّ وا‬
‫عّل‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫غي ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمرت بسدِّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫باب ٍّ‬ ‫األبواب َ‬ ‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫رواية ألمحدَ ‪( :‬أما بعدُ فإين‬ ‫والكالباذي‪ ،‬ويف‬
‫أمرت بيشء فأتبعت ُه)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سددت شي ًئا وال فتحت ُه ولكن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فيه قابلكم وإين واهللِ ما‬
‫خصال‪ ،‬ألن يكون يل واحد ٌة منه َّن‬ ‫ٍ‬ ‫طالب ثالٍ‬‫َ‬ ‫يت ابن أيب‬
‫وعن ابن عمر‪( :‬لقد أو َ‬
‫ِ‬
‫األبواب َّإال باب ُه يف‬ ‫ِ‬
‫السال ُم ابنته‪ ،‬وولدت له‪ ،‬وسدَّ‬
‫ّبي عليه َّ‬ ‫محر النَّع ِم‪ّ :‬‬
‫زوج ُه الن ُ‬ ‫أحب إ َّيل من ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ُب)‪ ،‬أخرج ُه أمحد وأخرج ُه أبو يعىل عن عمر‪.‬‬ ‫الراي َة يو َم خي َ‬
‫املسجد‪ ،‬وأعطا ُه ّ‬

‫هلل‬ ‫رجال يفتح اهللُ ِ‬


‫عليه وحي ّب ُه ا ُ‬ ‫الراي َة غدً ا ً‬ ‫َ ِ‬ ‫السال ُم يو َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫(ألعطني هذه ّ‬ ‫خيُب‪:‬‬ ‫وقال عليه َّ‬
‫أين‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫يرجون أن يعطاها‪ ،‬ف َ‬
‫َ‬ ‫غدوا ك ّلهم‬
‫ّاس ً‬ ‫أصبح الن ُ‬
‫َ‬ ‫فلام‬
‫وحيب اهللَ ورسول ُه‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫ورسول ُه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يت ِبه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عينيه فُب َأ‬ ‫فبصق يف‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬فأرسلوا إليه‪ ،‬ف ُأ َ‬
‫عينيه‪َ ،‬‬ ‫رسول اهللِ يشتكي‬‫َ‬ ‫هو يا‬
‫عّل؟ فقالوا‪َ :‬‬ ‫ٍّ‬
‫رسول اهلل‪ :‬أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الراي َة‪َ ،‬‬
‫فقال يا‬ ‫وجع‪ ،‬فأعطا ُه ّ‬‫ٌ‬ ‫كأن مل يكن ِبه‬ ‫حتّى ْ‬
‫جيب عليهم‬ ‫ثم ا ْدعهم إىل اإلسال ِم‪ ،‬وأخُبهم بام ُ‬ ‫تنزل بساحتهم‪َّ ،‬‬‫انفذ عىل َرسلِ َك حتّى َ‬ ‫قال‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫خي‬ ‫بك ً‬‫هلل َ‬ ‫فيه‪ ،‬فإن َأبوا فقاتلوهم حتّى يسلموا‪ ،‬فواهللِ ْ‬ ‫حق اهللِ ِ‬
‫رجال واحدً ا ٌ‬ ‫ُيدي ا ُ‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫من ِّ‬
‫والُّتمذي وابن‬
‫ُ‬ ‫الفتح عىل يده)‪ ،‬أخرج ُه الشيخان‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫محر النَّع ِم‪،‬‬
‫لك ُ‬ ‫َ‬
‫يكون َ‬ ‫َ‬
‫لك من أن‬
‫ٍ‬
‫رواية بريدة‪:‬‬ ‫الشمس)‪ ،‬أخرج ُه الطُباين‪ ،‬ويف‬ ‫رواية‪_ :‬خي لكم ُما طلعت ِ‬
‫عليه‬ ‫ٍ‬ ‫ماجه‪ ،‬ويف‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أخذ عمر من ِ‬ ‫فأخذ اللوا َء أبو ٍ‬
‫ورجع‬
‫َ‬ ‫فخرج‬
‫َ‬ ‫الغد‬ ‫ثم َ ُ‬ ‫تفتح‪َّ ،‬‬
‫فانْصف ومل ْ‬
‫َ‬ ‫بكر‬ ‫َ‬ ‫ُب‬
‫(حارصنا خي َ‬
‫الراي َة ‪ ،)...‬احلديث‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ شدَّ ٌة َ‬
‫ألعطني ّ‬
‫َ‬ ‫السال ُم‪:‬‬
‫فقال عليه َّ‬ ‫الناس‬
‫َ‬ ‫وأصاب‬
‫َ‬ ‫تفتح‪،‬‬
‫ومل ْ‬
‫ٍ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أحببت اإلمار َة َّإال يومئذ َ‬
‫فشار ْف ُت)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ُ‬ ‫أخرج ُه أمحدُ ‪َ ،‬‬
‫وقال عمر‪( :‬فام‬

‫فقال‪ :‬أما‬ ‫تسب أبا ٍ‬


‫تراب؟ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫وعن معاوي َة أن ُه َ‬
‫منعك أن َّ‬ ‫لسعد بن أيب وقاص‪( :‬ما‬ ‫قال‬
‫إيل من ُمح ِر‬
‫أحب َّ‬‫ُّ‬ ‫منهن‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫يكون َّيف واحد ٌة‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‪ ،‬فلن أس َّب ُه ْ‬
‫ألن‬ ‫ُ‬ ‫ذكرت ثال ًثا قاهل َّن‬
‫َ‬
‫فقال عّل‪ :‬خت ّلفني مع الن ِ‬
‫ّساء‬ ‫ِ‬
‫مغازيه َ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫يقول ل ُه وخ َّلف ُه يف‬
‫رسول اهللِ ﷺ ُ‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬ ‫النَّع ِم‪،‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫هارون من‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫َ‬
‫تكون مني‬ ‫والسال ُم‪ :‬أما ترَض أن‬ ‫ِ‬
‫عليه الصال ُة‬ ‫فقال ل ُه‬‫والصبيان؟ َ‬
‫َّ‬
‫وذكر القص َة‪ ،‬وملا‬
‫َ‬ ‫الراي َة‪...‬‬
‫ألعطني ّ‬
‫َ‬ ‫ُب‬ ‫نبي بعدي‪ ،‬وسمعت ُه ُ‬
‫يقول يو َم خي َ‬ ‫موسى؟ َّإال أن ُه ال َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ عل ًيا‬ ‫نزلت ِ‬
‫هذه اآلي ُة‪َ ﴿ :‬ت َعا َل ْوا نَدْ ُع َأ ْبنَا َءنَا َو َأ ْبنَا َء ُك ْم﴾[آل عمران‪ ،]61 :‬دعا‬
‫والُّتمذي‪.‬‬ ‫مسلم‬ ‫أهل بيتي)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬
‫هؤالء ُ‬ ‫وقال‪ :‬اللهم‬ ‫واحلسني َ‬ ‫واحلسن‬ ‫وفاطم َة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن بعدي)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‬ ‫وهو و ُّيل ِّ‬
‫كل‬ ‫عّل‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬عّل مني وأنا من ٍّ‬
‫ٍ‬
‫كثية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بروايات‬ ‫وابن مردويه‬

‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َّسائي‬
‫كنت ولي ُه فعّل ولي ُه)‪ ،‬أخرج ُه أمحد والن ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬من ُ‬

‫ِ‬
‫نفسه؟‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن من‬ ‫بكل‬‫تعلمون أين أوىل ِّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫حجة الوداعِ‪( :‬ألستم‬ ‫ِ‬
‫مرجعه من‬ ‫َ‬
‫وقال يف‬
‫ِ‬
‫وعاد من عاداه)‪،‬‬ ‫كنت موال ُه فعّل موال ُه‪ ،‬اللهم ِ‬
‫وال من واال ُه‬ ‫اللهم‪َ ،‬‬
‫قال‪َ :‬من ُ‬ ‫قالوا‪ :‬بىل‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫صحيح‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بإسناد‬ ‫واحلاكم‬ ‫َّسائي وابن ماجه‬
‫ُ‬ ‫والُّتمذي والن ُ‬
‫ُ‬ ‫أخرج ُه أمحد‬

‫ذلك‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬هني ًئا بابن أيب طالب‪ ،‬أصبحت‬ ‫عمر بعدَ َ‬ ‫ِ‬
‫ويف حديث الُباء‪( :‬فلقي ُه ُ‬
‫ٍ‬
‫مؤمن ومؤمنة)‪ ،‬أخرج ُه أمحدُ وأبويعىل‪.‬‬ ‫اليو َم وأمسيت موىل ِّ‬
‫كل‬

‫َ‬
‫عليك يا‬ ‫السال ُم‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫بالرحبة‪ ،‬فقالوا‪َّ :‬‬
‫عّل ّ‬
‫رهط إىل ٍّ‬ ‫احلارٍ‪( :‬جا َء‬ ‫وعن رباح بن‬
‫هلل ﷺ يقول‪ :‬يوم ٍ‬
‫غد‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫عرب؟ قالوا‪ :‬سمعنا‬ ‫ُ‬
‫أكون موالكم وأنتم‬ ‫كيف‬
‫قال‪َ :‬‬‫موالنا؟ َ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫نفر‬ ‫ِ‬ ‫كنت موال ُه فعّل موال ُه‪َ ،‬‬
‫فسألت َمن هؤالء؟ قالوا‪ٌ :‬‬‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فلام مضوا اتبعتهم‬ ‫ُيرحم من ُ‬
‫ريض اهللُ عنهم)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار فيهم أبو أيوب‬ ‫من‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شف هذه األمة َّإال بوالية ٍّ‬
‫عّل بن أيب‬ ‫ُ‬ ‫يتم‬
‫الناس اعلموا أن ُه ال ُّ‬
‫ُ‬ ‫وعن عمر‪( :‬أُيا‬
‫طالب)‪ ،‬أخرج ُه الدارقطني‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القضاء بينهام‪ ،‬فقىض َ‬
‫فقال أحدمها‪:‬‬ ‫وعن ُه‪( :‬أن ُه جا َءه أعرابيان خيتصامن ف َأ ِذ َن لعّل يف‬
‫َ‬
‫وحيك ما تدري َمن هذا؟ هذا موالي‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بتالبيبه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وأخذ‬ ‫عمر‬ ‫ِ‬
‫فوثب عليه ُ‬ ‫َ‬ ‫هذا يقيض بيننا‬
‫ٍ‬
‫بمؤمن)‪ ،‬أخرج ُه الدارقطني‪.‬‬ ‫فليس‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن‪ ،‬ومن ال يكن هذا موال ُه َ‬ ‫وموىل ِّ‬
‫كل‬

‫ِ‬
‫الطي فجاء ُه‬ ‫إليك ُ‬
‫يأكل معي يف هذا‬ ‫خلقك َ‬
‫َ‬ ‫بأحب‬ ‫السال ُم‪( :‬اللهم ائتني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫وقال عليه َّ‬
‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫عّل َ‬
‫فأكل مع ُه)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫والُّتمذي وأبو‬ ‫ِ‬
‫القيامة)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‬ ‫كان معي يف درجتي يوم‬ ‫وقال‪َ ( :‬من َأ َح َّبه َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫(مات متّب ًعا لسنتي)‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫رواية أيب داو َد‪:‬‬ ‫يعىل‪ ،‬وزا َد يف‬

‫ِ‬
‫موته)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حياته وبعدَ‬ ‫أحب عل ًيا يف‬ ‫َ‬
‫وقال‪َّ :‬‬
‫السعيدُ من َّ‬
‫حق َّ‬
‫السعيدَ ّ‬
‫(إن َّ‬

‫طالب‪،‬‬
‫َ‬ ‫بحب ذي قرابتي أخي ابن عمي عّل بن أيب‬
‫ِّ‬ ‫الناس أوصيكم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬أُيا‬
‫منافق من أحب ُه فقد أحبني‪ ،‬و َمن أبغض ُه فقد أبغضني)‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن وال يبغض ُه َّإال‬ ‫فإن ُه ال حيب ُه َّإال‬
‫أخرج ُه أمحد‪.‬‬

‫مذي‪.‬‬
‫والُّت ُ‬
‫منافق وال يبغض ُه مؤم ٌن)‪ ،‬أخرج ُه أمحدُ ّ‬ ‫وقا َل‪( :‬ال ُّ‬
‫حيب عل ًيا ٌ‬

‫الناس ِ‬
‫ِ‬
‫إليه‬ ‫معنى ما روي عن عائش َة أهنا سألت‪َ ( :‬من ُّ‬
‫أحب‬ ‫ً‬ ‫صح عن النبي ﷺ‬
‫وقد َّ‬
‫الُّتمذي‬ ‫جال؟ قالت‪ :‬زوجها)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫فقيل‪ِ :‬من الر ِ‬
‫السال ُم؟ فقالت‪ :‬فاطم ُة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫عليه َّ‬
‫وحسنه‪.‬‬
‫َّ‬

‫رسول اهلل ﷺ فاطم ُة‪ ،‬ومن الر ِ‬


‫جال عّل)‪،‬‬ ‫َ‬ ‫(كان أحب الن ِ‬
‫ِّساء إىل‬ ‫َ‬ ‫وعن بريد َة ق َال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫مذي‪.‬‬
‫الُّت ُ‬
‫أخرج ُه ّ‬

‫وذلك قول ُه تعاىل‪ُ ﴿:‬ق ْل ال َأ ْس َأ ُل ُك ْم َع َل ْي ِه َأ ْج ًرا إِال املَْ َو َّد َة ِيف ا ْل ُق ْر َبى﴾[الشورى‪.]23 :‬‬
‫َ‬

‫بحلقة اجلن ِّة ما بدأ ُت َّإال بكم)‪ ،‬أخرج ُه‬


‫ِ‬ ‫خذت‬
‫ُ‬ ‫باحلق لو َأ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬والذي بعثني‬
‫أمحد‪.‬‬

‫َ‬
‫أصحابك‪ ،‬ومل تؤاخِ بيني‬ ‫بني‬
‫آخيت َ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫تدمع عينا ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫حني جاء ُه عّل‬
‫وقال ‪َ -‬‬‫َ‬
‫الُّتمذي وغيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واآلخرة)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫(أنت أخي يف الدنيا‬
‫أحد‪َ :-‬‬‫وبني ٍ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫أخا‪،‬‬ ‫َ‬
‫وترك عل ًيا حتى بقي آخرهم(‪ )192‬ال َيرى ل ُه ً‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫بني‬ ‫ٍ‬
‫رواية ألمحد‪( :‬أخي َ‬ ‫ويف‬
‫أنت‬ ‫َ‬
‫تركتك لنفيس َ‬ ‫َ‬
‫تركتك‪،‬‬ ‫الناس وتركتني؟ َ‬
‫فقال‪ :‬أو مل تراين‬ ‫ِ‬ ‫بني‬
‫آخيت َ‬
‫َ‬ ‫هلل‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫كذاب)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسوله‪ ،‬ال يدَّ عيها بعدُ َّإال ّ‬ ‫َ‬
‫ذكرك أحدٌ ْ‬
‫فقل‪ :‬أنا عبدُ اهلل وأخو‬ ‫َ‬
‫أخوك‪ ،‬فإن‬ ‫أخي وأنا‬

‫وخي أعاممي محزة)‪ ،‬أخرج ُه الديلمي‪.‬‬


‫ُ‬ ‫(خي أخويت عّل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫هلل‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫عّل أخو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلنة‪ :‬ال إل َه َّإال اهللُ حممدٌ‬ ‫(مكتوب عىل ِ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ ّ‬ ‫باب‬ ‫ٌ‬ ‫وقال‪:‬‬
‫سنة)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪.‬‬ ‫السموات بألفي ٍ‬
‫ِ‬ ‫خيلق‬ ‫َ‬
‫قبل أن َ‬

‫وزيرا من أهّل أخي عل ًيا‬


‫ً‬ ‫ْ‬
‫اجعل يل‬ ‫قال أخي موسى ال ّل َّ‬
‫هم‬ ‫أقول كام َ‬
‫وقال‪( :‬إين ُ‬
‫َ‬
‫أشد ُد ِبه أزري)‪ ،‬أخرج ُه أمحدُ ‪.‬‬

‫ِ‬
‫حلمه‪،‬‬ ‫ابراهيم يف‬ ‫ِ‬
‫علمه‪ ،‬وإىل نوح يف تقوا ُه‪ ،‬وإىل‬ ‫ينظر إىل آد َم يف‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫وقال‪َ ( :‬من أرا َد أن َ‬
‫فلينظر‬ ‫ِ‬
‫عبادته‬ ‫بطشه‪ ،‬وإىل عيسى يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫عمران يف‬ ‫زهده‪ ،‬وإىل موسى بن‬ ‫ِ‬ ‫وإىل حييى بن زكريا يف‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ابواخلي القزويني‪.‬‬ ‫أخرج‬ ‫طالب)‪،‬‬ ‫عّل بن أيب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إىل ٍّ‬

‫الباب)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬


‫فليأت‬ ‫العلم‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬أنا مدين ُة العل ِم وعّل باهبا‪ ،‬فمن أرا َد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلكمة وعّل باهبا)‪،‬‬ ‫دار‬
‫والعقيّل‪ .‬ويف رواية‪( :‬أنا ُ‬
‫ُ‬ ‫واحلاكم وابن عدي‬
‫ُ‬ ‫والطُباين‬
‫ُ‬ ‫الدارقطني‬
‫ُ‬
‫الُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أخرج ُه‬

‫باب علمي)‪ ،‬أخرج ُه ابن عدي‪َ ،‬‬


‫وقال‪( :‬أقىض أمتي عّل)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬عّل ُ‬
‫ٍ َّ‬
‫أن‬ ‫عمر‪( :‬أقضانا عّل)‪ ،‬أخرج ُه البخاري‪ ،‬وعن ابن مسعود‪( :‬كنَّا نتحدّ ُ‬
‫أبويعىل‪ ،‬وعن َ‬
‫ِ‬
‫املدينة عّل)‪.‬‬ ‫أقىض ِ‬
‫أهل‬

‫( ) يف األصل‪ :‬حتى نفر أحدهم‪.‬‬ ‫‪192‬‬


‫لون بعل ٍم وال أدرك ُه‬
‫األو َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬لقد فارقكم ٌ‬
‫رجل ما سبق ُه َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫وعن‬
‫ِ‬
‫شامله‪ ،‬ال‬ ‫ُ‬
‫وميكائيل عن‬ ‫جُبيل عن يمي ِنه‬
‫ُ‬ ‫بالّس ِية‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان عليه السال ُم يبعث ُه َّ‬ ‫اآلخرون‪،‬‬
‫ينْصف حتى يفتح ِ‬
‫عليه)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬

‫لك يف فاطم ُة‬‫وسلم‪( :‬هل َ‬ ‫هلل ِ‬


‫عيه‬ ‫هلل صىل ا ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫قال‬ ‫ٍ‬
‫يسار َ‬ ‫ٍ‬
‫معقل بن‬ ‫وعن‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫جتدينك؟ قالت‪ :‬لقد اشتدَّ ُحزين واشتدت‬ ‫كيف‬
‫قلت‪ :‬نعم فدخلنا عليها‪ ،‬فقلنا‪َ :‬‬
‫ت ُعودها؟ ُ‬
‫ترضني ّأين زو ِ‬
‫جتك أقدمهم سل ًام‪ ،‬وأكثرهم‬ ‫السال ُم‪ :‬أوما‬ ‫ِ‬ ‫وطال سقمي‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫فقال عليه َّ‬ ‫فاقتي‬
‫حلام)‪ ،‬أخرجه أمحد‪.‬‬
‫علام‪ ،‬وأعظمهم ً‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض ا ّطالعه‬ ‫لع إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ثم‬‫فاختار منها أباك‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫أهل‬ ‫أن اهللَ تعاىل ا َّط َ‬
‫علمت َّ‬ ‫وقال‪( :‬أما‬
‫علك‪ ،‬وأوحى إ َّيل أن ُأنكِ َح ِك إياه)‪ ،‬أخرج ُه أبو نعي ٍم‬ ‫ا َّطلع إليها ا ِّطالعه فاختار منها ب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وغيه‪.‬‬

‫ونجد ًة‬
‫وبأسا ْ‬
‫وعلام ً‬
‫ً‬ ‫حكام‬ ‫(كان عّل قد م َ‬
‫خأ جوف ُه ً‬ ‫َ‬ ‫هلل عنهام‪:‬‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫عباس‬
‫َ‬ ‫وعن ابن‬
‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قرابته من‬ ‫مع‬

‫وأيم اهللِ لقد شاركهم يف العَّشالعاش)‪،‬‬ ‫ِ‬


‫أعشار العلم‪ُ ،‬‬ ‫وعنه‪( :‬لقد ُأ َ‬
‫عطي عّل تسع َة‬
‫أخرج ُه ابن األثي‪.‬‬

‫عَّش‬ ‫َ‬ ‫نعدل ِبه إىل ِ‬


‫عّل مل ْ‬ ‫ٍ‬
‫ثامين َ‬
‫لعّل َ‬
‫(كان ٍّ‬ ‫غيه)‪ ،‬وعنه‪:‬‬ ‫أتيت لنا بيشء من ٍّ‬
‫وعنه‪( :‬إذا َ‬
‫ألحد من ِ‬
‫هذه األ ّمة)‪ ،‬أخرج ُه الطُباين‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫منقبة ما كانت‬

‫ِ‬
‫اخلالئق لوسعهم‬ ‫بني‬ ‫الس ِ‬
‫وابق ما لو أن سابق ًة منها َ‬ ‫لعّل من َّ‬ ‫َ‬
‫(كان ٍّ‬ ‫وعن أيب الطفيل‪:‬‬
‫خيا)‪.‬‬
‫ً‬

‫ِ‬
‫الناس منزل ًة‪ ،‬وأقرهبم قراب ًة‪ ،‬وأفضلهم‬ ‫ينظر إىل أعظ ِم‬
‫رس ُه أن َ‬
‫وعن أيب بكر‪َ ( :‬من َّ‬
‫ِ‬
‫الدارقطني‪.‬‬
‫فلينظر إىل هذا الطالعِ)‪ ،‬أخرج ُه َ‬
‫ْ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫سعاي ًة‪ ،‬وأكثرهم ً‬
‫غنى من‬
‫عّل؟‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عبد ِ‬ ‫وعن ِ‬
‫أعلم من ٍّ‬
‫أصحاب حممد ﷺ ُ‬ ‫(أكان يف‬ ‫قلت لعطاء‪:‬‬
‫سليامن ُ‬ ‫امللك بن‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهلل)‪.‬‬

‫َ‬
‫(كان‬ ‫عّل)‪ ،‬وعنه‪:‬‬
‫غي ٍّ‬ ‫ِ‬
‫الناس يقول‪( :‬سلوين َ‬ ‫املسيب‪( :‬ما َ‬
‫كان أحدٌ من‬ ‫وعن ِ‬
‫ابن َّ‬
‫ليس هلا أبواحلسن)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪َ .‬‬ ‫ٍ‬
‫هلل‬
‫عمر‪( :‬ال أبقاين ا ُ‬
‫وقال ل ُه ُ‬ ‫يتعو ُذ من معضلة َ‬
‫عمر َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلسن)‪ ،‬أخرج ُه احلاكم‪ .‬ويف رواية‪( :‬ال قدَّ َس اهللُ أ ّم ًة َ‬
‫لست فيهم يا‬ ‫ٍ‬
‫بأرض لست هبا يا أبا‬
‫أبا احلسن)‪.‬‬

‫املؤمنني‬
‫َ‬ ‫أمي‬ ‫أعلم‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا َ‬ ‫فهو ُ‬ ‫فقال ْ‬
‫سل عنها عل ًيا َ‬ ‫سأل معاوي َة َ‬
‫رجال َ‬
‫(أن ً‬
‫وروي‪َّ :‬‬
‫هلل ﷺ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫رجال َ‬
‫كان‬ ‫كرهت ً‬ ‫َ‬ ‫عّل‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬بئسام قلت لقد‬ ‫ِ‬
‫جواب ٍّ‬ ‫أحب إ َّيل من‬ ‫َ‬
‫جوابك فيها ُّ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫هارون من موسى َّإال أن ُه ال َ‬
‫نبي بعدي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫منزلة‬ ‫أنت مني ب‬
‫قال له‪َ :‬‬‫عز ًا ولقد َ‬
‫يعز ُه بالعل ِم ّ‬
‫ُّ‬
‫بكر الكالباذي‪.‬‬ ‫شكل ِ‬
‫عليه يش ٌء أخذ عنه)‪ ،‬أخرج ُه أمحد وأبو ٍ‬ ‫عمر إذا ُأ َ‬‫ُ‬

‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأجبن‬ ‫َّاس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أكذب الن ِ‬ ‫جئتك من ِ‬
‫عند‬ ‫َ‬ ‫رجل َ‬
‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وعنه‪( :‬أن ُه جاء ُه‬
‫كيف‬ ‫َ‬
‫وحيك َ‬ ‫ثم َخال ِبه َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫هلل عن ُه‪ ،‬فأعطا ُه معاوي َة وأكثر َّ‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الناس يعني عل ًيا‬ ‫ِ‬
‫وأبخل‬
‫ديق‬
‫الص ُ‬
‫وهو ِّ‬
‫هلل َ‬ ‫وأو ُل من َ‬
‫آمن با ِ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ َّ‬ ‫وهو َّأو ُل َمن صدَّ َق‬
‫قلت‪ :‬أكذب الناس‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫وكيف‬
‫َ‬ ‫أشجع من ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫العرب أن ُه ليس فيها‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وقد علمت‬ ‫قلت‪ :‬أجب ُن‬
‫وكيف َ‬
‫َ‬ ‫األكُب‪،‬‬
‫الرجل‪ :‬فعال َم تقاتل ُه؟ َ‬
‫فقال‪ :‬أن‬ ‫ُ‬ ‫قط صفرا َء وال بيضا َء‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‬ ‫مجع ُّ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وما َ‬ ‫قلت‪ُ :‬‬
‫أبخل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض) ذكر ُه الكالبادي‪.‬‬ ‫جتوز طين َة هذا اخلات ِم يف‬
‫َ‬

‫ٍ‬
‫رضس قاط ٍع يف العل ِم‬ ‫شئت من‬
‫َ‬ ‫لعّل ما‬ ‫َ‬
‫(كان ٍّ‬ ‫َ‬
‫عياش بن ربيعة‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال عبد بن‬
‫لرسول اهللِ ﷺ والفقه يف الٍسن َِّة والن ِ‬
‫ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّجدة يف‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫هر‬ ‫والبسطة يف العشية والقدَ ِم يف اإلسال ِم ّ‬
‫ِ‬
‫باملاعون)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واجلود‬ ‫ِ‬
‫احلرب‬

‫أقسمت‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫فقال‪ :‬اعفني‪َ ،‬‬
‫(صف يل عل ًيا؟ َ‬
‫ْ‬ ‫وعن معاوي َة أن ُه َ‬
‫قال لرضار بن محزةَ‪:‬‬
‫العلم من‬ ‫تفج َر‬ ‫وحيكم ً‬ ‫يقول ً‬ ‫كان واهللِ بعيدُ املدى‪ ،‬شديدُ ِ‬
‫القوى‪ُ ،‬‬ ‫عليك‪َ ،‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫عدال‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فصال‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫ِ‬
‫ووحشته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالليل‬ ‫ويأنس‬ ‫ُ‬
‫يستوحش الدنيا وزهرَتا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لسانه‪،‬‬ ‫وتنطلق احلكم ُة من‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جوانبه‬
‫ُ‬
‫قْص ومن الطعا ِم ما خشن)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عزيز الدّ ِ‬
‫اللباس ما َ‬ ‫ويعجب من‬
‫ُ‬ ‫طويل الفكرة‪،‬‬ ‫معة‬ ‫ُ‬

‫وأين نزلت‬
‫َ‬ ‫فيم نزلت‬
‫علمت َ‬
‫ُ‬ ‫نزلت آي ُة إال وقد‬
‫ْ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪( :‬واهللِ ما‬
‫َ‬ ‫وصح عن ُه‬
‫َّ‬
‫ليس‬ ‫ِ‬
‫كتاب اهللِ فإن ُه َ‬ ‫ً‬
‫عقوال‪ ،‬ولسانًا ناط ًقا‪ ،‬سلوين عن‬ ‫وهب يل قل ًبا‬
‫َ‬ ‫وعىل من نزلت‪َّ ،‬‬
‫إن ريب‬
‫سهل أو ٍ‬
‫جبل)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بليل نزلت أم ٍ‬
‫بنهار‪ ،‬ويف‬ ‫عرفت ٍ‬
‫ُ‬ ‫من ٍ‬
‫آية َّإال وقد‬

‫ِ‬
‫اليمن‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ :‬تبعثني إىل‬ ‫فقلت يا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اليمن‪،‬‬ ‫هلل ﷺ إىل‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫وعنه‪( :‬بعثني‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ُ :‬‬‫علم يل ِبه؟ َ‬ ‫ِ‬
‫فرضب بيده عىل صدري‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فدنوت‬
‫ُ‬ ‫ادن‬ ‫ويسألونني عن القضاء وال َ‬
‫بني‬
‫شككت يف قضاء َ‬
‫ُ‬ ‫فلق احلب َة وبرأ النسم َة‪ ،‬ما‬ ‫اللهم ِ‬
‫اهد قلبه‪ ،‬وث ّبت لسانه‪ ،‬فهو الذي َ‬
‫وصححه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫واحلاكم‬
‫ُ‬ ‫اثنني)‪ .‬أخرج ُه ابن ماجه‬

‫سكت ابتدأ يب)‪.‬‬


‫ُ‬ ‫(كنت إذا سألت ُه أنبأين‪ ،‬وإذا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫الصحابة]‬
‫[مسألة التّفضيل بني ّ‬

‫فيه(‪،)193‬‬‫يتساهلون ِ‬
‫َ‬ ‫لف‬‫الس ُ‬ ‫هي ُمّا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن مسأل َة الت‬
‫اعلم َّ‬
‫كان َّ‬ ‫الصحابة َ‬ ‫بني ّ‬
‫ّفاضل َ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫خمتلفة‪ ،‬فعن أيب هرير َة أن ُه‬ ‫مذاهب شت ًّى وكانوا عىل آرا َء‬ ‫َ‬
‫ويذهبون‬ ‫ويُّتكون األمر عىل ٍ‬
‫سعة‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫اخلالفة موجود ٌة فيهم‬ ‫فإن أهلي َة‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة َّإال بسبب أعامرهم‪َّ ،‬‬ ‫عة مل يتقدموا يف‬ ‫ِ‬
‫اخللفاء األرب ِ‬ ‫اعلم َّ‬
‫أن‬ ‫( )( ْ‬ ‫‪193‬‬

‫سبق يف‬ ‫نص قاطعٍ‪َ ،‬‬


‫قال وملا َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫التفضيل بمجرده وإنام َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫من مجي ِع‬
‫ذلك بوجود ٍّ‬ ‫فكان سبقهم يقتيض‬ ‫الوجوه‪،‬‬
‫وفضل عندَ اهللِ قد َم‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫ولكل حرم ٌة‬ ‫عّل‬ ‫وعثامن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وعمر َ‬ ‫بكر يموت َ‬ ‫أن أبا ٍ‬ ‫عل ِم اهللِ َّ‬
‫قبل ٍّ‬ ‫عثامن‬ ‫قبل‬ ‫ُ‬ ‫قبل عمر‬
‫ُ‬
‫الشيخ رمح ُه‬ ‫َ‬
‫وأطال‬ ‫ريض اهللُ عنهم‬ ‫ِ‬
‫األربعة‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫أجل ِ‬
‫غيه من‬ ‫سبق َ‬‫أن أجل ُه َ‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة من عل ٍم‪َّ ،‬‬ ‫اهللُ يف‬
‫َ‬
‫نقول بُّتتيب هؤالء‬‫رصيح عىل أنا ُ‬ ‫ذلك االبنص‪،‬‬ ‫اخلوض يف َ‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وباجلملة ال ينبغي‬ ‫ذلك َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫اهللُ يف َ‬
‫ٌ‬
‫ونحن ُ‬
‫نقول‬ ‫ُ‬
‫الفضل‬ ‫هي‬ ‫َ‬ ‫اجلمهور‪ ،‬وإنام خالفناهم يف ع َّل ِة التقديم‪ ،‬فهم‬ ‫عة كام ِ‬ ‫ِ‬
‫اخللفاء األرب ِ‬
‫ُ‬ ‫يقولون َ‬ ‫ُ‬ ‫عليه‬
‫ِ‬
‫نفسه)‬ ‫ِ‬
‫الوهاب الشعراين رمح ُه اهللُ من‬ ‫ِ‬
‫للشيخ أمحد بن عبد‬ ‫اليواقيت‬ ‫كتاب‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫هي تقد ُم الزمان ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫ركب الكور بعدَ‬
‫َ‬ ‫ركب املطايا وال‬
‫َ‬ ‫كان يقول‪( :‬ما احتذى الن ُ‬
‫ِّعال وال‬ ‫َ‬
‫طالب)(‪ ،)194‬أخرج ُه الُّتمذي‪.‬‬
‫َ‬ ‫جعفر بن أيب‬
‫َ‬ ‫من‬

‫أحب‬ ‫(إن زيدً ا يعني ابن حارث َة َ‬


‫كان‬ ‫ِ‬
‫البنه عبد اهللِ‪َّ :‬‬ ‫قال‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب أن ُه َ‬ ‫عمر بن‬
‫َّ‬ ‫وعن َ‬
‫هلل ﷺ من َ‬
‫أبيك)(‪ ،)195‬أخرج ُه الُّتمذي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫إىل‬

‫وإن‬ ‫بي بن العوا ِم‪( :‬أما والذي نفيس ِ‬


‫بيده إن ُه خليهم‪ْ ،‬‬ ‫الز ِ‬ ‫َ‬
‫عثامن بن عفان يف ّ‬ ‫وعن‬
‫البخاري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬
‫كان ألح ّبهم إىل‬

‫أحببت عل ًيا ح ًبا مل أح ّب ُه أحدً ا‪َ ،‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫رجل َ‬
‫فقال‪( :‬إين‬ ‫زيد أن ُه جاء ُه ٌ‬‫سعيد بن ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وعن‬
‫عثامن بغض ًا مل أبغض ُه أحدً ا من العاملَني‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أبغضت‬
‫ُ‬ ‫أهل اجلن ِّة‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ال من ِ‬
‫أحببت رج ً‬
‫ِ‬
‫األثي‪.‬‬ ‫أهل اجلن ِّة)‪ ،‬أخرج ُه ابن‬
‫رجال من ِ‬
‫أبغضت ً‬

‫خطب وقال‪( :‬يا أُيا الناس‪ ،‬قد‬ ‫لعّل‬ ‫ِ‬ ‫وعن ٍ‬


‫َ‬ ‫قيس بن سعدَ بن عبادة أن ُه ملا ويل مْص ٍّ‬
‫هلل‬ ‫ِ‬
‫كتاب ا ِ‬ ‫ُ‬
‫الباطل‪ ،‬وبايعنا [خي من نعلم بعد](‪ )196‬نبينا‪ ،‬فقوموا فبايعوا عىل‬ ‫وزهق‬
‫َ‬ ‫احلق‬
‫جا َء ُّ‬
‫ِ‬
‫رسوله)(‪.)197‬‬ ‫ِ‬
‫وسنة‬

‫يفض ُل عل َّي ًا‬ ‫ِ‬


‫أصحابه الكوفيني ّ‬ ‫َ‬
‫سفيان الثوري رأي‬ ‫َ‬
‫(كان رأي‬ ‫ِ‬
‫احلباب‪:‬‬ ‫وعن ٍ‬
‫زيد بن‬
‫ويفضل ُه عىل‬ ‫يفضلهام عليه‪،‬‬
‫وهو ّ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫رجع عنها َ‬
‫َ‬ ‫البْصة‬ ‫صار إىل‬
‫بكر وعمر وعثامن‪ ،‬فلام َ‬ ‫عىل أيب َ‬
‫عثامن)‪ ،‬أخرجه أبو نعي ٍم يف ِ‬
‫(احلل َية)‪.‬‬ ‫ُ‬

‫( )‬
‫‪194‬‬

‫( )‬
‫‪195‬‬

‫( ) يف األصل‪ :‬خي ًا ِ‬
‫بعد‪.‬‬ ‫‪196‬‬

‫( )الكامل يف التاريخ(‪.)523/2‬‬‫‪197‬‬
‫أفضل من أيب ٍ‬
‫بكر ما‬ ‫ُ‬ ‫عمر‬ ‫رجال َ‬
‫أن ً‬ ‫معم ٍر(‪َ )198‬‬
‫قال‪( :‬لو َّ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫وروى عبدُ الرزاق عن ّ‬
‫فذكرت َ‬
‫ذلك‬ ‫ُ‬ ‫فضلهام وأح ّبهام‪،‬‬ ‫أفضل منهام مل ُأ َعنِّف ُه‪ ،‬إذا َ‬
‫ذكر ْ‬ ‫ُ‬ ‫وكذلك لو َ‬
‫قال‪ :‬عّل‬ ‫َ‬ ‫عنَّف ُته‪،‬‬
‫ِ‬
‫لوكي ٍع فأعجب ُه واشتهاه)‪ ،‬أخرج ُه اب ُن عبد ال ِّ‬
‫ُب‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ون عل ًيا(‪ُ ،)199‬‬ ‫ِ‬


‫الكوفة يفض ّل َ‬ ‫فقال‪ُ :‬‬
‫وري رمح ُه اهلل َ‬ ‫ِ‬
‫يفض َ‬
‫لون‬ ‫البْصة ّ‬ ‫وأهل‬ ‫أهل‬ ‫وسئ َل ال ّث ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وعليه احلس ُن‬ ‫ِ‬
‫الكوفة‪،‬‬ ‫قال‪ :‬أنا من ِ‬
‫أهل‬ ‫أنت ِ‬
‫فيه؟ َ‬ ‫َ‬
‫رأيك َ‬ ‫وعمر‪َ ،‬‬
‫فقيل ل ُه‪ :‬وما‬ ‫أبا ٍ‬
‫بكر‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األسود الدؤيل‪،‬‬ ‫بيعي‪ ،‬وطاووس‪ ،‬وأيب‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الس ُ‬‫اسحاق ّ‬ ‫والشعبي‪ ،‬وأبو‬ ‫البْصي‪ ،‬وعلقمة‪،‬‬
‫وحييى بن معمر العدواين‪ ،‬واألعمش‪ ،‬وسلمة بن كهيل‪ ،‬وحبيب بن أيب ثابت‪ ،‬وشعبة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بشي‪ ،‬وحييى بن آدم‪،‬‬ ‫واهليثم بن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫هارون‪ ،‬ووكي ٍع ابن اجلراح‪،‬‬ ‫وعبا ُد بن العوا ِم‪ ،‬ويزيدُ بن‬
‫واحلاكم النيسابوري‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والفضل بن دكني‪ ،‬والنّسائي‪ ،‬والدارقطني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واحلس ُن بن صالح‪،‬‬
‫ِ‬
‫اخللفاء العباسيني‪.‬‬ ‫احلديث وعا ّم ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬ ‫ِ‬
‫فقهاء األ ّم ِة‬ ‫وغيهم من أعيان‬

‫( )هو‪ :‬معمر بن راشد بن أيب عمرو‪ ،‬أبو عروة‪ :‬فقيه‪ ،‬حافظ للحديث‪ ،‬متقن‪ ،‬ثقة‪ .‬من أهل البْصة‪.‬‬ ‫‪198‬‬

‫ولد واشتهر فيها‪ .‬وسكن اليمن‪ .‬وهو أول من ّصنف باليمن (‪ 153 - 95‬هـ)‪ .‬األعالم(‪.)272/7‬‬
‫فعال أواعتقا ًدا‬ ‫أضيف ِ‬
‫إليه وإثبات ُه ل ُه قوالً أو ً‬ ‫وهو الزياد ُة إىل ما‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫التفضيل معنا ُه نسب َة‬ ‫)اعلم َّ‬
‫َ‬ ‫الفضل َ‬ ‫أن‬ ‫ْ‬‫‪199‬‬
‫(‬
‫ِ‬
‫بالنظر‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ِ‬
‫واجلهالة فقد‬ ‫ِ‬
‫والفسق‬ ‫ِ‬
‫الكذب‬ ‫ِ‬
‫والتجهيل نسب َة‬ ‫ِ‬
‫والتفسيق‬ ‫ِ‬
‫والتكذيب‬ ‫ِ‬
‫الصدق‬ ‫ِ‬
‫كالتصديق نسب ُة‬
‫عقل أو ٍ‬
‫دين‬ ‫إثبات فضيل ُة ِ‬
‫ماله من عل ٍم أو ٍ‬ ‫تفضيل ٍ‬
‫زيد‬ ‫ُ‬ ‫املضاف ِ‬
‫إليه وجبلت ُه‪ ،‬فمعنى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليشء‬ ‫أصل َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬ ‫إىل‬
‫ُ‬
‫ذاته عىل ِ‬
‫أحد‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وباين عنه يف حدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جبلة‬ ‫ِ‬
‫أصل‬ ‫خارج عن‬ ‫هو‬ ‫غي َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك ُما َ‬ ‫أو سخاء أو شجاعة أو َ‬
‫يكون مطل ًقا يف ِ‬
‫مجلة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جنسه فتار ًة قد‬ ‫غيه من ِ‬
‫أبناء‬ ‫بالنظر إىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ِ‬
‫واالعُّتاف هبا له وقد‬ ‫ِ‬
‫الثالثة‬ ‫ِ‬
‫األنحاء‬
‫فيمكن‬ ‫ِ‬
‫إلطالق وتار ًة يف بعضها‬ ‫ً‬
‫مفضوال عىل ا‬ ‫واآلخر‬ ‫ً‬
‫فاضال‬ ‫ُ‬
‫فيكون أحدمها‬ ‫ِ‬
‫أوصافه بام هي مجل ٌة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العقل‬ ‫ِ‬
‫خصافة‬ ‫ِ‬
‫الدين أو‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫واآلخر‬ ‫ِ‬
‫بحسب العل ِم‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫ُ‬
‫يكون أحدمها‬ ‫ِ‬
‫الفضل بينهام‬ ‫تعاكس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املشاركة يف ذايت أو‬ ‫وغي َ‬
‫ذلك بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصورة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وحسن‬ ‫ِ‬
‫الصوت‬ ‫ِ‬
‫وطيب‬ ‫ِ‬
‫الوجه‬ ‫ِ‬
‫ومالحة‬ ‫ِ‬
‫النفس‬ ‫ِ‬
‫وسامحة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإال فال معنى للتفا ِ‬ ‫ملحوظ فيهام َّ‬
‫ٌ‬
‫الطاووس‬ ‫ورياش‬ ‫العندليب‬ ‫نغمة‬ ‫بني املاء والطعا ِم وال َ‬
‫ضل َ‬ ‫عريض‬
‫ِ‬
‫الروافض‬ ‫الغالب يف‬ ‫واملشايخ ملا رأوا َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األسد‬ ‫ِ‬
‫وشجاعة‬ ‫ِ‬
‫الفرس‬ ‫ِ‬
‫وجودة‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫ُ‬
‫أفضل‪،‬‬ ‫وعّل‬ ‫خي‬ ‫ٍ‬ ‫كان ُ‬ ‫ِ‬
‫مشاخيه أن ُه َ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫يقول‪( :‬أبو بكر ٌ‬ ‫بعض‬ ‫يب عن‬
‫وحكى اخلطا ُ‬
‫العباس‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫اخلطاب‪ ،‬وبعضهم محز ُة بن ِ‬
‫ِ‬
‫وقال‬ ‫ُ‬ ‫املطلب‪ ،‬وبعضهم‬ ‫عبد‬ ‫عمر بن‬ ‫يفض ُل َ‬
‫بعضهم ِّ‬
‫ّابعني ُمن‬ ‫األثي بعدَ ما ذكر مجاع ًة من الص ِ‬
‫حابة والت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلسن بن‬ ‫الُب‪ ،‬وأبو‬ ‫أبو عمر بن ِ‬
‫عبد َّ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫يفضلونه عىل ِ‬
‫غيه مجل ًة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بسبق إسال ِم عّل عىل ِ‬
‫يقول ِ‬
‫ُ‬ ‫غيه إن هؤالء كانوا ّ‬ ‫ٍّ‬

‫يدل عىل‬ ‫اجلليل حميي الدين بن العريب‪( :‬تقديمهم يف اخلال ِ‬


‫فة ال ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫أمر واألفضل ّي ُة أمر)(‪.)233‬‬ ‫األفضل ّي ِة‪َّ ،‬‬
‫فإن اخلالف َة ٌ‬

‫السهروردي‪( :‬يف أعال ِم اهلدى إن قبلت‬ ‫حفص َّ‬ ‫ٍ‬ ‫شهاب الدين أبو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫للكل عىل الس ِ‬ ‫أمر الص ِ‬
‫ْ‬
‫وامسك عن‬ ‫واء‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫واجعل حم ّب َ‬
‫تك‬ ‫ْ‬ ‫حابة‬ ‫فامسك يف ِ ّ‬‫ْ‬ ‫ّصيح‬
‫ّصح الن َ‬‫الن َ‬
‫َ‬
‫يلزمك إظهار ُه وال‬ ‫َ‬
‫أرسارك‪ ،‬فام‬ ‫فضل أحدهم فاجعله من ِ‬
‫مجلة‬ ‫باطنك ُ‬‫َ‬ ‫خامر‬ ‫ِ‬
‫ّفضيل وإن‬‫الت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بفضل اجلميعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واالعُّتاف‬ ‫يلزمك حم ّب ُة اجلمي ِع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‪ ،‬بل‬ ‫أكثر من‬ ‫َ‬
‫حتب أحدهم َ‬ ‫يلزمك أن َّ‬
‫وعّل) انتهى‪.‬‬ ‫َ‬
‫وعثامن‬ ‫وعمر‬ ‫بكر‬ ‫ِ‬
‫خالفة أيب ٍ‬ ‫صح َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫الصحيحة أن تعتقدَ ّ‬
‫ويكفيك يف العقيدة ّ‬

‫املروي عن‬ ‫وهو‬ ‫الشيخني قطعي(‪،)231‬‬ ‫تفضيل ّ‬ ‫َ‬ ‫يوهم َّ‬


‫أن‬ ‫مالك ما‬‫ٍ‬ ‫كي عن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وح َ‬‫ُ‬
‫يقر ُب أن‬ ‫قيل‪َّ :‬‬ ‫وإتراف‪ ،‬وما َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫لعل تفضيلهام ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وغلو‬
‫ٌ‬ ‫إرساف‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫األشعري ومجاعة من أتباعه‪َ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بيشء؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألن‬ ‫ليس‬‫السلف جعلو ُه وحم ّب َة اخلتنني من عالمات السنّة‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫يكون قطع ّي ًا؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫بنسبته‬ ‫واالعُّتاف‬ ‫الفضيلة هلام‬ ‫إثبات‬ ‫هو بمعنى‬ ‫لف عالم ًة إنام َ‬
‫الس ُ‬ ‫ّفضيل الذي جعل ُه َّ‬ ‫الت‬
‫َ‬
‫ينكرون‬ ‫الش ِ‬
‫يعة فإهنم‬ ‫ال ّ‬ ‫وج َّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّفضيل‪ ،‬ر ّد ًا‬ ‫ِ‬
‫للروافض ُ‬ ‫مطلق صيغة الت‬ ‫هو مفا ُد‬ ‫إليهام‪ ،‬عىل ما َ‬
‫صح عن اإلما ِم‬ ‫ٍ‬ ‫فضائلهام‪ ،‬وليس املراد تفضيلهام بالن ِ‬
‫ّسبة إىل ِّ‬
‫كل أحد‪ ،‬أال ترى إىل ما َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حيث ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫الشافعي رمح ُه اهللُ ُ‬

‫ِ‬
‫اجلهل‬ ‫ِ‬
‫َّفضيل عندَ ذوي‬
‫روافض بالت‬
‫ٌ‬ ‫فضلنا عل ًيا فإننا‬
‫نحن ّ‬
‫إذا ُ‬

‫( )‬
‫‪233‬‬

‫( )‬
‫‪231‬‬
‫ِ‬
‫للفضل‬ ‫ذكري‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بنصب عندَ‬ ‫ميت‬
‫ُر ُ‬ ‫وفضل أيب ٍ‬
‫بكرإذا ما ذكر ُت ُه‬ ‫ُ‬

‫ِ‬
‫بالرمل‬ ‫أوسد‬
‫بحبهام حتى َّ‬ ‫وأنصب كالمها‬
‫ُ‬ ‫أرفض‬
‫زلت ُ‬
‫فال َ‬

‫فإهنم يبغضوهنام‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأوجبوا حم ّب َة اخلتنني ر ّد ًا‬


‫واخلوارج‪ّ ،‬‬ ‫ّواصب‬ ‫للسفهاء من الن‬
‫ِ ٍ‬
‫هو ُما قال ُه اإلما ُم أمحدُ بن حنبل‪:‬‬ ‫وقع من دعوى اإلمجا ِع عن طائفة َف َواه عىل النّهاية‪ ،‬بل َ‬ ‫َ‬
‫فيه وافُّتقوا‬ ‫(من ادعى اإلمجاع فقد كذب)‪ ،‬ولكن األم َة بعدهم شدَّ دوا األمر وبالغوا ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ّهر َّ‬
‫أن‬ ‫أهل ما ِ‬
‫وراء الن ِ‬ ‫رين من ِ‬ ‫وخصوصا ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فذهب طائف ٌة من ِ‬
‫املتأخ َ‬ ‫ً‬ ‫واجلامعة‬ ‫السنة‬ ‫أهل‬ ‫َ‬ ‫فرقتني‪:‬‬
‫وفرق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة‬ ‫ِ‬
‫قدماء‬ ‫مذهب‬ ‫وهو‬ ‫هلل عن ُه‪،‬‬
‫ريض ا ُ‬ ‫عليه السال ُم أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫األفضل بعد ُه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫العاص‪ ،‬وعبدُ‬‫ِ‬ ‫حديث عمرو بن‬ ‫ِ‬ ‫حيا يف‬ ‫وحجتهم أ ّن ُه قد ور َد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك رص ً‬ ‫ّ‬ ‫واخلوراج‪،‬‬ ‫َّواصب‬ ‫الن‬
‫ِ‬
‫تقديمه يف‬ ‫وأن مجهور الص ِ‬
‫حابة اتفقوا عىل‬ ‫سلف‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫احلنفية عىل ما قد‬ ‫عمر‪ ،‬وحممدُ بن‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫اهللِ بن َ‬
‫دليل األفضل ّي ِة‪.‬‬ ‫وهو ُ‬ ‫الصالة َ‬
‫ِ‬
‫السال ُم قدَّ م ُه يف ّ‬
‫ِ‬
‫وكان عليه َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة‪،‬‬

‫ِ‬
‫املعتزلة ومجي ِع‬ ‫متأخري‬ ‫مذهب ّ‬ ‫وهو‬ ‫وذهب طائف ٌة أخرى إىل أن ُه عّل‬
‫َ‬ ‫هلل عن ُه‪َ ،‬‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫وكامالت مل يشارك ُه‬ ‫ّصف بمكار َم‬ ‫ٍ‬
‫وكرامات‪ ،‬وات َ‬ ‫بمناقب‬ ‫اختص‬ ‫ِ‬
‫الشيعة قالوا‪ :‬إن ُه‬ ‫ِ‬
‫طوائف‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫وأمثل‬ ‫ذلك‪ ،‬فإ ّن ُه ُ‬
‫أنبل نس ًبا‬ ‫توجب َ‬ ‫مج ٌة غفي ٌة‬
‫وأخبار ّ‬ ‫فيه أحاديث كثية‪،‬‬ ‫فيها غيه‪ ،‬وورد ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ووالد‬ ‫تول‪،‬‬‫وزوج ال ّب ِ‬ ‫حس ًبا‪ ،‬إذ هو هاشمي ال ّطرفني‪ ،‬وابن العم ألبوين‪ ،‬وصهر الر ِ‬
‫سول‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫خطرا‪ ،‬وأقدمهم‬ ‫قدرا‪ ،‬وأعظمهم‬ ‫ِ‬ ‫وأكثر الن ِ‬
‫ً‬ ‫علام‪ ،‬وأوفرهم ح ًلام‪ ،‬وأكُبهم ً‬ ‫ّاس ً‬ ‫ُ‬ ‫الرحيانتني‪،‬‬
‫ّ‬
‫قوى‪،‬‬ ‫مدى‪ ،‬وأشدّ هم ً‬ ‫إيامن ًا‪ ،‬وأقومهم إيقانًا‪ ،‬وأفصحهم لسانًا‪ ،‬وأشجعهم جنانًا‪ ،‬وأبعدهم ً‬
‫فضائل عدّ ٍة من‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ملطالعة‬ ‫ِ‬
‫احلديث ناظور ًة‬ ‫َ‬
‫ولذلك جعل ُه يف‬ ‫وأعبد وأتقى وأزهدُ وأسخى‪،‬‬
‫وصف‬‫ٍ‬ ‫بأخص‬ ‫وحكم ل ُه‬ ‫ونصب ُه قرينته‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ونزل ُه يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫الفضائل منزلته‪ّ ،‬‬ ‫كثي من‬ ‫أعيان األنبياء‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫يستدعيه‪ ،‬فإ َّن‬ ‫كل عل ٍم‬ ‫وليس ُّ‬ ‫كل عل ٍم‬‫وهو يستدعي ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وهو القضاء‪َ ،‬‬
‫وللكامل أمج ُعه َ‬ ‫ل ُه‪،‬‬
‫باحلق عىل اخلصا ِم يف ِّ‬
‫كل‬ ‫ِّ‬ ‫احلاكم‬ ‫ٍ‬
‫حادثة‬ ‫كل‬ ‫ِ‬
‫القضاة يف ِّ‬ ‫َ‬
‫يكون أقىض‬ ‫مدلول ُه ومقتضا ُه أن‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ولذلك َ‬ ‫ٍ‬
‫أعشار العل ِم ُ‬
‫وأيم اهللِ لقد شاركهم يف‬ ‫تسعة‬ ‫عباس‪( :‬لقد أعطى عّل‬ ‫قال ابن‬ ‫َ‬ ‫واقعة‪،‬‬
‫ِ‬
‫العاش)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العَّش‬
‫ٍ‬
‫معضلة‬ ‫يتعو ُذ من‬ ‫َ‬ ‫نعدل إىل غي ِه)‪،‬‬ ‫بيشء مل ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫عمر َّ‬ ‫وكان ُ‬ ‫عّل‬
‫أتيت لنا من ٍّ‬ ‫وقال‪( :‬إذا َ‬
‫ون﴾‬ ‫ون َوا َّل ِذي َن ال َي ْع َل ُم َ‬
‫قال اهللُ تعاىل‪ُ ﴿:‬ق ْل َه ْل َي ْست َِوي ا َّل ِذي َن َي ْع َل ُم َ‬ ‫ِ‬
‫احلسن‪ ،‬وقد َ‬ ‫ليس هلا أبو‬
‫َ‬
‫عليه الصال ُة‬ ‫ِ‬ ‫وقال‪﴿ :‬إِ َّن َأك َْر َم ُك ْم ِعنْدَ اهللَِّ َأ ْت َقا ُك ْم﴾[احلجرات‪َ ،]13 :‬‬
‫وقال‬ ‫[الزمر‪َ ،]9 :‬‬
‫والُّتمذي وابن ماجه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫والسال ُم‪( :‬خيكم أحسنكم قضا ًء)‪ ،‬أخرج ُه‬

‫والُّتمذي والطُباين‬
‫ُ‬ ‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس أحسنهم خل ًقا)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫(خي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫والبيهقي‪.‬‬

‫البيهقي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬
‫وقال‪( :‬أزهدكم يف الدّ نيا وأرغبكم يف‬
‫ُ‬

‫ينزل عىل أعىل‬ ‫هذه الر ِ‬


‫تبة فإنّام ُ‬ ‫وتنزل عن ِ‬ ‫ِ‬
‫التواتر‪َّ ،‬‬ ‫املنزلة ْ‬
‫وإن مل ْ‬
‫يبلغ حدَّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وحديث‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫واخل ِ‬ ‫الفضائل ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراتب الص ِ‬
‫احلميدة‪ُ ،‬أخرجت منها النّبو ُة‬ ‫صال‬ ‫ِ‬ ‫هارون عا ّم ًة يف‬
‫َ‬ ‫ومنزلة‬ ‫حة‪،‬‬ ‫ِ ّ‬
‫كان بعد ُه نبي‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‪ ،‬وأن ُه لو َ‬ ‫ذلك عىل عمومها‪ِ ،‬‬
‫وفيه إشار ٌة إىل َّ‬
‫أن ل ُه رتْبة‬ ‫وهي فيام عدا َ‬ ‫َ‬
‫عْص الن ِ‬
‫ّبوة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وهو إنقضا ُء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رص َح ِبه يف‬ ‫َ‬
‫مانع َ‬
‫غي أن ُه منع ُه ٌ‬ ‫الروايات َ‬ ‫بعض ّ‬ ‫لكان إ ّيا ُه عىل ما َّ‬

‫العقول‪،‬‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القدر‪ ،‬ما َ‬
‫دهش‬ ‫ِ‬
‫وفخامة‬ ‫ِ‬
‫اخلطر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عظمة‬ ‫ُ‬
‫احلديث ل ُه من‬ ‫ِ‬
‫وباجلملة قد شهدَ‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫والَّش ِ‬
‫افة ا ّلتي ال‬ ‫الفضل ّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهناية‬ ‫ِ‬
‫لكرامة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفوز وا‬ ‫نطق ِبه من ِ‬
‫غاية‬ ‫ُ‬
‫الفحول‪ ،‬بام َ‬ ‫وأخضع‬
‫َ‬
‫ولذلك تع ّل َل ِبه سعدٌ عىل معاوي َة يف االمتنا ِع عن س ِّب ِه‬
‫َ‬ ‫القدر والن ِ‬
‫ّفاسة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أعظم منها يف‬
‫ُ‬ ‫يش ٌء‬
‫احلديث عن عامر بن سعد عن ِ‬
‫أبيه‬ ‫َ‬ ‫(سمعت هذا‬ ‫املسيب مشافهت ًة ِبه‪ ،‬فإن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ب البن‬
‫ُ‬ ‫وح َّب َ‬
‫ِ‬ ‫عنه ِ‬
‫فأحببت‬
‫ُ‬ ‫هارون من موسى َّإال أن ُه ال َ‬
‫نبي بعدي)‬ ‫َ‬ ‫بمنزلة‬ ‫(أنت مني‬‫قول‪َ :‬‬ ‫عليه السال ُم ي ُ‬ ‫ُ‬
‫فأدخل يده يف ِ‬ ‫أنك سمعته ِ‬ ‫ِ‬
‫أذنيه‬ ‫َ ُ‬ ‫عليه السال ُم‬ ‫ُ‬ ‫فذكرت ل ُه َ‬
‫ُ‬ ‫احلديث سعد ًا‪ ،‬فلقيت ُه‬ ‫أن أشاف َه هبذا‬
‫وإال فاِ ْس َت َّكتَا)(‪ ،)232‬أخرج ُه أبو يعىل رمح ُه اهللُ‪.‬‬
‫وقال‪ :‬نعم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬

‫كل ٍ‬
‫يشء سوا ُه‪ ،‬وذكر ُه‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب وابن ُه عبدُ اهللِ‪ ،‬وقدّ ما ُه عىل ّ‬ ‫عمر بن‬ ‫ِ‬
‫وقد متنَّا ُه لنفسه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثبوت أعلم ّيته هبذا‬ ‫وغيه عىل قدَ ٍم سواء يف‬ ‫فهو‬ ‫معاوي ُة يف أثناء احتجاجه عىل أن ُه ُ‬
‫أعلم من ُه‪َ ،‬‬

‫( )عمدة عيون صحاح األخبار يف مناقب إمام األبرار ‪ ,‬اجلزء‪ , 1‬الصفحة‪1۲۱‬‬ ‫‪232‬‬
‫حتت مفاده‪،‬‬‫خول َ‬‫ِ‬ ‫العلم يف الدّ‬ ‫َ‬
‫تساوق‬ ‫ِ‬
‫الفضائل التي‬ ‫ِ‬
‫سائر‬ ‫ِ‬
‫ثبوت‬ ‫ِ‬
‫شاكلته يف‬ ‫ِ‬
‫احلديث عىل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واللسان‪ ،‬قد فهموا من ُه‬ ‫أهل الفه ِم‬ ‫ٍ‬
‫بإحسان الذي َن هم ُ‬ ‫الصحاب َة والت َ‬
‫ّابعني هلم‬ ‫ِ‬
‫وخالصته َّ‬
‫أن ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغز ِ‬ ‫ِ‬ ‫َمر ِد‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫تنويه‬ ‫وة من‬ ‫تلك ْ‬ ‫استخالفه يف َ‬ ‫وليس يف ّ‬
‫َ‬ ‫معنى عظي ًام وأثبتوا به شأنًا ً‬
‫فخيام‪،‬‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫املنزلة ما خيفى عىل معاوي َة‪.‬‬ ‫ورف ِع‬

‫والقدح ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خالفته‬ ‫ثون صحاب ًيا‪ ،‬وشهدوا ِبه ل ُه يف أ ّيا ِم‬ ‫ِ‬
‫املواالة روا ُه ثال َ‬ ‫ُ‬
‫وحديث‬
‫ب ونصب ٌة‪.‬‬
‫تعص ٌ‬
‫ّ‬

‫ِ‬
‫األمور‬ ‫أحق هبم من أنفسهم يف‬ ‫الرسول ِ‬
‫عليه السال ُم ُّ‬ ‫َ‬ ‫يتبادر من معناه‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫والذي‬
‫ُ‬
‫أتم من رأفتهم عليها‪ ،‬ويف َ‬
‫ذلك ما‬ ‫أنفذ عليهم من حكمها ورأفته عليهم ُّ‬ ‫ك ِّلها‪ ،‬وحكم ُه ُ‬
‫أثبت ِ‬
‫هذه املواال ُة بعد أن ع ّلمهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم َ‬ ‫يوجب أن يكو َن رأُيم تاب ًعا لرأيه وأمرهم تلو ًا ألمره‪ّ ،‬‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫املعتق‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪ ،‬ودعا ملن واال ُه وال يتأتّى محل ُه عىل‬ ‫هبا وعرفهم بصفتها عىل ابن ِ‬
‫عمه‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫لقوله ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫وإال مل يكن‬ ‫ِ‬
‫البطالن‪َّ ،‬‬ ‫ظاهر‬ ‫ِ‬
‫واملحبوب‬ ‫واملعتق قط ًعا‪ ،‬ومحل ُه عىل معنى الن ِ‬
‫ّارص‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫بذلك‬ ‫موالي)‪ ،‬وإخبار ُه‬
‫َ‬ ‫أصبحت اليو َم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫بخ يا أبا‬ ‫(بخ ٍ‬ ‫ُ‬
‫وقول عمر‪ٍ :‬‬ ‫السالم‪( :‬بعدي)‬
‫ُ‬
‫أكون‬ ‫(كيف‬ ‫ِ‬
‫األنصار ل ُه‪ :‬يا موالنا‪ ،‬وقول ُه هلم‪:‬‬ ‫ُ‬
‫وقول‬ ‫عّل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫يرض بقضاء ٍّ‬ ‫حني مل َ‬
‫لخأعرايب َ‬
‫ٌ‬
‫وارتباط باملقا ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خالفته معنى صحيح‪،‬‬ ‫عرب)‪ ،‬واستشهاد ُه يو َم‬
‫موالكم وأنتم ٌ‬
‫عليه السالم‪ ،‬وعىل أ َث ِ‬
‫ره ح ّقه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أن اخلالف َة بعد ُه‬ ‫يوجب َّ‬ ‫ِ‬
‫املنزلة‬ ‫ُ‬
‫فحديث‬ ‫ال يقال‪:‬‬
‫ُ‬
‫كان خليف َة موسى ِ‬
‫عليه‬ ‫هارون ِ‬
‫عليه السال ُم َ‬ ‫َ‬ ‫فيكون ّأو َل قائ ٍم هبا بعده‪ ،‬كام يرا ُه الشيع ُة؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫هارون‬ ‫﴿اخ ُل ْفنِي ِيف َق ْو ِمي﴾[األعراف‪ ،]142 :‬ألنا ُ‬
‫نقول‪ :‬خالف َة‬ ‫قوله‪ْ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدليل‬ ‫السال ُم‬
‫قيل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املواالة إذن؟ َ‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫قلت‪ :‬فام ُ‬
‫بال‬ ‫حياة موسى عليهام السال ُم‪ ،‬فإن َ‬ ‫ِ‬ ‫منحْص ٌة بأيا ِم‬
‫إليه ما روي ّأهنم‬‫ملصلحة أقتضته‪ ،‬كام يرشدُ ِ‬‫ٍ‬ ‫لعلهم محلوه عىل األولوي ِة فقدّ موا ِ‬
‫عليه غي ُه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أستخلفت عليكم خليف ًة من بعدي َّ‬
‫ثم‬ ‫ُ‬ ‫فقال‪ْ :‬‬
‫إن‬ ‫تستخلف علينا؟ َ‬
‫ْ‬ ‫رسول اهللِ َأال‬
‫َ‬ ‫قالوا‪( :‬يا‬
‫هلل‬ ‫بكر جتدو ُه قو ًيا يف ِ‬
‫أمر ا ِ‬ ‫األمر أبا ٍ‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬إن تو ُّلوا هذا‬
‫ثم َ‬
‫العذاب‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫عصيتم خليفتي َ‬
‫نزل‬
‫أمر اهللِ قويا يف ِ‬
‫بدنه‪ ،‬وإن تو ُّلوا عل ًيا ولن‬ ‫عمر جتدو ُه قو ًيا يف ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ضعيف ًا يف بدنه‪ ،‬وأن تو ُّلوها َ‬
‫املستقيم) أخرج ُه أمحدُ عن عّل‪ ،‬وأبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫َ‬ ‫يسلك بكم ال ّط َ‬
‫ريق‬ ‫ُ‬ ‫تفعلوا جتدو ُه هاد ًيا مهد ًيا‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫اليامن‪.‬‬ ‫الكالبادي عن حذيف َة بن‬

‫إليه اخلالف ُة‪ ،‬وانتهت ِ‬


‫إليه الوالي ُة لعد ِم‬ ‫حني أفضت ِ‬ ‫وليس املرا ُد من َ‬
‫ذلك أن تولوها َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫والقسط‬ ‫عليه إما بالن ِ‬
‫ّكث‬ ‫ِ‬ ‫الناس ِ‬
‫فيه فر ًقا واختالفهم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫افُّتاق‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ِ‬
‫استقامة املعنى‬
‫ووواليته بعد أن وصلت ِ‬
‫إليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إمامته‬ ‫ِ‬
‫خالفته وثبوت‬ ‫صح َة‬ ‫ِ‬
‫واملروق والعصيان‪ ،‬ال ينايف ّ‬
‫املريض عنهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشجرة‬ ‫أهل ٍ‬
‫بدر املشهود هلم‪ ،‬وأصحاب‬ ‫ِ‬
‫بمبايعة ِ‬ ‫النّوبة‪ ،‬وانتهت ِ‬
‫إليه اإلمرة‬
‫ّ‬

‫ِ‬
‫األمر‪،‬‬ ‫أحق هبذا‬ ‫(قبض النّبي ﷺ‪ ،‬وأنا أرى أين ُّ‬
‫َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪:‬‬ ‫وقد روى عن ُه‬
‫َ‬
‫أصيب وظننت ُه أن ُه ال يعدهلا‬
‫َ‬ ‫إن أبا ٍ‬
‫بكر‬ ‫ثم َّ‬
‫وأطعت‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فسمعت‬
‫ُ‬ ‫فاجتمع املسلمون عىل أيب ٍ‬
‫بكر‬ ‫َ‬
‫ثم إن عمر أصيب فظننت أنه ال يعدهلا عني‪،‬‬ ‫عنّي فجعلها يف عمر فسمعت وأطعت‪َّ ،‬‬
‫عثامن ُقتِ َل فجاءوا‬
‫َ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن‬ ‫وأطعت‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فسمعت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عثامن‪،‬‬ ‫فجعلها يف ست ٍّة أنا أحدهم‪ ،‬فو ّلوها‬
‫الكفر بام‬
‫َ‬ ‫السيف أو‬
‫َ‬ ‫وجدت َّإال‬
‫ُ‬ ‫غي مكرهني‪ ،‬ثم خلعوا بيعتي‪ ،‬فواهللِ ما‬ ‫فبايعوين طائعني َ‬
‫حممد ِ‬
‫عليه السال ُم)(‪.)233‬‬ ‫عزوجل عىل ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أنزل اهللِ‬

‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫أتاك‬ ‫ِ‬
‫الكعبة تؤتَى وال تأيت‪ ،‬فإن َ‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫(أنت‬ ‫وعن النبي ﷺ أن ُه َ‬
‫قال ل ُه‪:‬‬
‫َ‬
‫يأتوك فال تأَتم حتى َ‬
‫أتوك)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫إليك ‪ -‬يعني اخلالف َة ‪ْ -‬‬
‫فاقبل منهم‪ ،‬وإن مل‬ ‫القو ِم فس ّ‬
‫لموها َ‬

‫األمر عّل غي أنه راغب ِ‬


‫فيه)(‪،)234‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس هبذا‬ ‫أحق‬ ‫هلل عن ُه‪َّ :‬‬
‫(إن َّ‬ ‫ريض ا ُ‬ ‫عمر‬
‫ٌ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫وعن َ‬
‫الرازي والقايض‬ ‫ِ‬
‫اخلطيب ّ‬ ‫ابن‬ ‫ٍ‬
‫عباس بن عتب َة‪ ،‬ونسب ُه ُ‬ ‫ُ‬
‫الفضل بن‬ ‫ذلك املعنى ُ‬
‫يقول‬ ‫ويف َ‬
‫األنصاري(‪:)235‬‬ ‫ٍ‬
‫ثابت‬ ‫َ‬
‫حسان بن‬ ‫بيضاوي إىل‬ ‫ال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ثم منها عن أيب احلسن‬


‫هاشم َّ‬
‫َ‬ ‫عن‬ ‫منْصف‬
‫ٌ‬ ‫األمر‬
‫َ‬ ‫أحسب َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬
‫ما ُ‬

‫( )‬
‫‪233‬‬

‫( )‬
‫‪234‬‬

‫( )‬
‫‪235‬‬
‫ِ‬
‫والســــنن‬ ‫ِ‬
‫بــالقرآن‬ ‫وأعلم النـ ِ‬
‫ّـاس‬ ‫أليس َّأو ُل من ّ‬
‫صـىل لــقبلتـكم‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫والكفن‬ ‫ِ‬
‫الغسل‬ ‫ومن جُبيل عونًا يف‬ ‫ِ‬
‫النـــاس عـــهدً ا بالنبي‬ ‫وآخر‬
‫ُ‬
‫وليس فيهم ما ِ‬
‫فيه من حسن‬ ‫ٍ‬
‫صاحلة‬ ‫فيه ما ِ‬
‫فيه من ِّ‬
‫كل‬ ‫من ِ‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫االحتجاج‬ ‫صح ِة‬
‫يقْص عن ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واآلثار ك ِّلها ال‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫ِ‬
‫املناقب من‬ ‫وما ور َد يف‬
‫فكيف مع ِ‬
‫كثرة‬ ‫حل ِ‬
‫سن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فإن معظمها قد تضمنها مسندُ أمحدُ ‪ ،‬وما ِ‬
‫فيه ال ُ‬ ‫هبا‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ينزل عن درجة ا َ‬ ‫ّ‬
‫رق(‪.)236‬‬‫واة وتعدُّ ِد ال ّط ِ‬
‫الر ِ‬
‫ّ‬

‫ُ‬
‫التأويل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫حيتمل‬ ‫ِ‬
‫األفضلية ال‬ ‫ِ‬
‫إعطاء‬ ‫حمكم يف‬ ‫ِ‬
‫واملواالة‬ ‫ِ‬
‫املنزلة‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫ثم كل من‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫قوله‪( :‬ما طلعت)‪ ،‬فإهنام مع تعارضهام وعد ِم داللتهام‬‫بكر وعمر من ِ‬ ‫ِ‬
‫بخالف ما ور َد يف أيب ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الوقت أفضل من ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫يكون يف هذا‬ ‫جيوز أن ال‬
‫حمتمل‪ ،‬إذ ُ‬‫ٌ‬ ‫األفضلية من ِ‬
‫غيه‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬

‫بكرأن يؤ ّمهم غيه)‪،‬‬ ‫عليه السالم‪( :‬ال ينبغي لقو ٍم فيهم أبو ٍ‬ ‫قوله ِ‬‫ولعل احلكم يف ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫صح أن ُه‬ ‫ِ‬ ‫يصّل معهم أبو ٍ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء القو ِم الذي ّ‬ ‫ِ‬
‫بكر يف هذا الوقت‪ ،‬فإ ّن ُه قد َّ‬ ‫بالنسبة إىل‬ ‫هو‬
‫إنام َ‬
‫فقال ِ‬
‫عليه‬ ‫وكان ص ِّيتًا‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وكُب‬ ‫وكان أبو ٍ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمر َّ َ‬‫بكرغائ ًبا فتقدَّ َم ُ‬ ‫بالصالة‪،‬‬ ‫عليه السال ُم أمرهم‬
‫رسول اهللِ عليه السال ُم‬‫ِ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه فيهم‪ ،‬بل َ‬
‫كان عندَ‬ ‫القول ومل يكن عّل‬‫ُ‬ ‫السال ُم‪ :‬هذا‬
‫َ‬
‫بلد ِ‬
‫فيه‬ ‫لغيه يف ٍ‬
‫ِ‬ ‫جيوز أن يؤ َّم أحدٌ‬
‫وإال فظاهر ُه يفيدُ أن ال ُ‬ ‫ِ‬
‫خدمته‪َّ ،‬‬ ‫ً‬
‫مشغوال ب‬ ‫ِ‬
‫لصحبته‬ ‫مالز ًما‬
‫وقدكان معا ُذ بن جبل‬‫َ‬ ‫خالف اإلمجاعِ‪،‬‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫صىل َ‬‫هو قد َّ‬ ‫وإن َ‬ ‫بكر ْ‬
‫ُ‬ ‫الصالة َ‬ ‫تلك ّ‬ ‫كان َ‬ ‫أبو َ‬

‫ومتييزا من‬
‫ً‬ ‫أحسن انتقا ًء‬
‫ُ‬ ‫حجر العسقالين قد نفى الوضع عن مجي ِع أحاديثِه وإن ُه‬ ‫ٍ‬ ‫)شيخ اإلسال ِم ابن‬
‫ُ‬ ‫(‬
‫‪236‬‬

‫األحاديث الزائد ُة ِفي ِه عىل ما‬


‫ُ‬ ‫قال وليست‬ ‫ِ‬
‫األربعة َ‬ ‫كالسنُ ِن‬ ‫ِ‬
‫الكتب التي مل يلتز ْم مؤلفوها الصح َة يف مجيعها ُّ‬
‫والُّتمذي عليهام مرقات‬ ‫سنن أيب داوود‬ ‫ِ‬
‫الزائدة يف ِ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫بأكثر ضع ًفا من‬
‫ُ‬ ‫يف الصحيحني َ‬
‫ِ‬
‫جواز‬ ‫والصحاب ُة قد اتّفقوا عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وغيه يؤ َّم قوم ُه يف املدينة يف حياة النّبي عليه السالم‪ ،‬وبعد ُه‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫وجود أيب بكر(‪.)237‬‬ ‫ِ‬
‫والعباس‪ ،‬وأيب عبيدةَ‪ ،‬وسعدٌ بن عبادةَ‪ ،‬وغيهم مع‬ ‫وعمر‪،‬‬ ‫عّل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫إمامة ٍّ‬

‫لعّل خوخ ٌة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واألبواب ال معارض َة بينهام‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يكون ٍّ‬ ‫جلواز أن ال‬ ‫اخلوخات‬ ‫وحديثا سد‬
‫جيح‬ ‫ثم أبقاؤمها عىل حاهلام لو أفا َد أفضل ّي َة صاحبهام فوجو ُه ّ‬
‫الُّت ِ‬ ‫باب شارعة‪َّ ،‬‬ ‫بكر ٌ‬‫وأليب ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أوسع‬
‫ُ‬ ‫والباب‬
‫ُ‬ ‫البيت‪،‬‬ ‫الضو ُء إىل‬
‫اجلدار تؤ ّدي ّ‬ ‫فإن اخلوخ َة ّ‬
‫كو ٌة يف‬ ‫الباب َّ‬ ‫اعتبار جه َة‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫توج ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‪.‬‬ ‫ُمر‬
‫من ُه‪ ،‬فإن ُه ُ‬

‫ومناقضا‬ ‫ِ‬
‫نفسه‪،‬‬ ‫متناقضا يف‬ ‫َ‬
‫لكان‬ ‫ِ‬
‫غيه‪،‬‬ ‫فهم من ُه األفضلي ُة عىل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحديث السيادة لو َ‬
‫حل ِ‬
‫سنني‪ ،‬وجعفر‪ ،‬ومحزة‪ ،‬وبالل وغيهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حق ا َ‬
‫لغيه فإن ُه قد ور َد يف ِّ‬

‫ِ‬
‫االختصاص‪ ،‬ولئن‬ ‫ِ‬
‫عدمه‪ ،‬وال عىل‬ ‫ِ‬
‫األخذ بل عىل‬ ‫وحديث اخل ّلة ال ُّ‬
‫يدل عىل وقو ِع‬ ‫ُ‬
‫أفاد األفضلي َة ألفاد أفضلي َة إبراهيم عىل حمم ٍد عليهام السالم ُ‪ ،‬وإخوته ِ‬
‫عليه السال ُم تناولت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عمر يف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ِ‬ ‫ثم َ‬ ‫أبا ٍ‬
‫العاص‪ ،‬وابن َ‬ ‫وحديث عمرو بن‬ ‫عليه السال ُم‪( :‬عّل خي أخويت)‬ ‫بكر َّ‬
‫ِ‬
‫األصحاب‪.‬‬ ‫حق‬
‫ِّ‬

‫ِ‬
‫االختصاص واسم‬ ‫مغاير حلك ِم غيهم حليازَتم جه َة‬
‫ٌ‬ ‫وأما ُ‬
‫أهل البيت فحكمهم‬
‫ولذلك َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫ّعارف العا َّم ال ير ُد عليهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫خاصا لك َّن الت‬
‫ً‬ ‫وإن تناوهلم لغ ًة وعر ًفا‬ ‫ِ‬
‫األصحاب‪َّ ،‬‬

‫وسلم جاء ُه ٌ‬
‫بالل يؤذن ُه‬ ‫رسول اهللِ صىل اهللُ ِ‬
‫عليه‬ ‫ُ‬ ‫ثقل‬ ‫ِ‬
‫بطوله عن عائش َة ملا َ‬ ‫َ‬
‫احلديث يف الصحيحني‬ ‫َّ‬
‫)فإن‬ ‫(‬
‫َّ‬ ‫‪237‬‬

‫الصالة وجدَ رسول اهللُ صىل اهلل ِ‬


‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫ثم قالت فلام َ‬
‫دخل يف‬ ‫ِ‬ ‫فقال مروا أبا ٍ‬ ‫ِ‬
‫بالصالة َ‬
‫بالناس ّ‬ ‫بكر أن يصّل‬
‫سلم من نفسه خفة فقام ُيادي بني رجلني‪ ،‬ورجاله خت ّطان األرض حتّى دخل املسجد‪.‬‬
‫و َّ‬
‫وفيهام عن عبيد اهلل بن عبد اهلل قال‪ :‬دخلت عىل عبد اهلل بن عباس ريض اهلل عنهام فقلت‪ :‬أال أعرض‬
‫عليك ما حدثتني عائشة عن مرض النبي ﷺ قال‪ :‬هات‪ ،‬فعرضت عليه حديثها فام أنكر منه شيئ ًا غي أنه‬
‫رصيح يف‬
‫ٌ‬ ‫عّل ريض اهلل عنه‪ ،‬وذلك‬
‫أسمت لك الرجل الذي كان مع الع ّباس؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬هو ّ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫املدّ عى‪[ .‬أخرجه البخاري (‪ ،)687‬ومسلم (‪( .])418‬منه)‪.‬‬
‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أصحابك) أخرج ُه‬ ‫َ‬
‫أسألك عن‬ ‫َ‬
‫أهلك‪ ،‬وإنام‬ ‫َ‬
‫أسألك عن‬ ‫عمر‪( :‬ولست‬
‫والُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬

‫ّبي ﷺ ملّا قدّ م ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فلع ّل ُه َ‬


‫فأجاب الن ُ‬
‫َ‬ ‫وأهله‬ ‫نسائه‬ ‫كان يف عبارته ما ُي ْش ُ‬
‫عر أن ُه يسأل ُه عن‬
‫الناس يف اجليش عند ُه‬‫ِ‬ ‫أحب‬ ‫ظن أن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عىل أيب ٍ‬
‫َّ‬ ‫السل َّ‬ ‫الس‬
‫وعمر باستعامله يف غزوة ذات َّ‬ ‫َ‬ ‫بكر‬
‫أن‬ ‫وأهل ِ‬
‫بيته‪ ،‬وال نس َّلم َّ‬ ‫عقيدته ورأي قوم ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫إخبار عن‬ ‫عمر‬ ‫َ‬ ‫سأل‪َّ ،‬‬ ‫فسأل عام َ‬‫َ‬
‫ٌ‬ ‫حديث ابن َ‬ ‫وإن‬
‫َ‬ ‫ثم ُ‬ ‫ِ‬ ‫الرفعِ‪َّ ،‬‬
‫تفاضل‪.‬‬ ‫نُّتك ال‬ ‫يستقيم خامت ُة قوله‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫وإال‬ ‫حكم َّ‬
‫ُ‬ ‫ل ُه‬

‫يدل ِ‬
‫عليه قول ُه‪( :‬ما أنا َّإال‬ ‫ّفس كام ُّ‬ ‫وحديث ابن احلنف َّي ِة من ِ‬
‫باب التّواض ِع وهض ِم الن ِ‬ ‫ُ‬
‫عليه السالم‪( :‬ال ختيوين عىل موسى)‪ ،‬وقوله‪( :‬ما ينبغي ٍ‬
‫لعبد‬ ‫كقوله ِ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫رجل من املسلمني)‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يت عليكم أمركم‬ ‫(و ِّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫وقول أيب ٍ‬
‫ُ‬ ‫أن َ‬
‫بكر يف خطبته‪ُ :‬‬ ‫يونس بن متَّى)‪،‬‬
‫َ‬ ‫خي من‬‫يقول‪ :‬أنا ٌ‬
‫حج ًة يف‬
‫ينتهض ّ‬
‫ُ‬ ‫فقوموين) فال‬
‫أسأت ّ‬
‫ُ‬ ‫أحسنت فأعينوين‪ ،‬وإن‬
‫ُ‬ ‫ولست بخيكم‪ْ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املطلوب‪.‬‬

‫ِ‬
‫اإلمامة‬ ‫جلواز ِ‬
‫عقد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وأفضل مطل ًقا‬ ‫يدل عىل أنه خي من ِ‬
‫غيه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة ال ُّ‬ ‫ِ‬
‫وتقديمه يف‬
‫ُ ٌ‬
‫ِ‬
‫السقيفة‪( :‬بايعوا‬ ‫قال يف‬‫بكر َ‬ ‫حلكمة تدعو ِ‬
‫إليه‪ ،‬أال ترى أن أبا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الفاضل‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫ِ‬
‫للمفضول مع‬
‫َ‬
‫وترك‬ ‫كان أبو عبيد َة ح َّي ًا الستخلفت ُه)‪،‬‬
‫قال‪( :‬لو َ‬ ‫عمر ملا ُأ َ‬
‫صيب َ‬ ‫وإن َ‬ ‫عمر أو أبا عبيدةَ)‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫واحد منهم مع تفاوت درجاَتم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وجو َز إمامة َّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫بني الستّة َّ‬
‫األمر شورى َ‬‫َ‬

‫َ‬
‫عثامن وتركتم عل ًيا؟‬ ‫كيف بايعتم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الرمحن‬ ‫قلت‪ِ :‬‬
‫لعبد‬ ‫وائل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عاصم عن أيب‬ ‫وعن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رسوله وسي ُة أيب بك ٍر‬ ‫هلل وسن َة‬ ‫ِ‬
‫كتاب ا ِ‬ ‫َ‬
‫أبايعك عىل‬ ‫فقلت‪:‬‬ ‫بعّل‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فقال‪ :‬ما ذنبي قد بدأت ٍّ‬
‫َ‬
‫عثامن فقبلها) أخرج ُه أمحد‪.‬‬ ‫ثم عرضتها عىل‬ ‫ِ‬
‫وعمر قال‪ :‬وباجتهاد رأي‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلمامة‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫ِ‬
‫األفضلية من‬ ‫يمكن محل ُه عىل‬ ‫دل عىل األفضل َّي ِة‬
‫ذلك مهام َّ‬
‫كل َ‬ ‫ثم ُّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫بني األد ّل ِة‪ ،‬وأن ُه‬ ‫ِ‬
‫املرؤوس مج ًعا َ‬ ‫الر ِ‬
‫ئيس عىل‬ ‫وهو تقدُّ ِم ّ‬
‫ِ‬
‫األمر والقيا َم بأعبا َء اخلالفة‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وتويل‬
‫الظاهر يف أكثرها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫َ‬
‫استأنس عىل‬ ‫السال ُم لر ّبام‬ ‫ِ‬ ‫بالص ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ديق عن ُه عليه َّ‬ ‫ِّ‬ ‫تسميته‬ ‫اختصاص‬
‫ُ‬ ‫ثبت‬
‫نعم لو َ‬
‫وليس‬
‫َ‬ ‫ني﴾[النساء‪،]69 :‬‬ ‫الصدِّ ِيق َ‬ ‫بقوله تعاىل‪﴿:‬ا َّل ِذي َن َأ ْن َع َم اهللَُّ َع َل ْي ِه ْم ِم َن النَّبِ ِّي َ‬
‫ني َو ِّ‬
‫ِ‬ ‫أفضل ّي ِته‬
‫ِ‬
‫ّصديق يف دعوى‬ ‫وهو املبادر ُة إىل الت‬
‫وثبوت مقتضا ُه َ‬ ‫ُ‬ ‫كذلك إذا شارك ُه عّل يف هذا االسم‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واملبالغة يف‬ ‫ِ‬
‫عداوته‬ ‫ِ‬
‫فرط‬ ‫أقر ِبه معاوي ُة وشهدَ ل ُه مع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ولذلك َّ‬ ‫اإلرساء‪،‬‬ ‫وقصة‬
‫ّ‬ ‫سالة‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫خماصمته‪.‬‬

‫ذكر فتن ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يصح أن َ‬


‫صح من رواية حممد بن سيين‪( :‬أن ُه َ‬
‫حيمل عىل غيه ما َّ‬ ‫ُّ‬ ‫كيف‬
‫ثم َ‬‫َّ‬
‫بكر‬ ‫ٍ‬
‫بخي من أيب َ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫كان َ‬
‫ذلك فاجلسوا يف بيوتكم حتى ُتسبقوا عىل‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬إذا َ‬ ‫ُ‬
‫تكون َّ‬
‫وعمر) أخرج ُه نعيم بن محاد‪.‬‬
‫َ‬

‫عمر)(‪ )238‬أخرج ُه‬ ‫يفضل ِ‬


‫عليه أبو ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يكون يف ِ‬
‫ُ‬
‫بكر وال َ‬ ‫األمة خليفة‪ ،‬ال‬ ‫هذه‬ ‫وعنه‪( :‬أن ُه‬
‫ابن أيب شيب َة‪.‬‬

‫( )حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن حممد بن سيين أنه ذكر فتنة تكون فقال إذا كان ذلك فاجلسوا يف‬ ‫‪238‬‬

‫بيوتكم حتى تسمعوا عىل الناس بخي من أيب بكر وعمر رَض اهلل عنهام قيل يا أبا بكر خي من أيب بكر‬
‫وعمر قال قد كان يفضل عىل بعض األنبياء‪ «.‬املهدي خي أو أبو بكر وعمر ريض اهلل عنهام ؟ قال ‪ :‬هو‬
‫خي منهام ‪ ،‬ويعدل بنبي »‬
‫املصادر ‪:‬ابن محاد ‪ :‬ص ‪ - 98‬حدثنا حييى ‪ ،‬عن الّسي بن حييى ‪ ،‬عن ابن سيين ‪ ،‬قيل له ‪ - :‬ومل يسنده‬
‫إىل النبي صىل اهلل عليه وآله ‪.‬عقد الدرر ‪ :‬ص ‪ 148‬ب ‪ - 7‬عن ابن محاد ‪ ،‬وفيه « ‪ . .‬ويعدل نبيا » ‪.‬‬
‫ورواه ابن أيب شيبة بإسناد أجود من هذا‪ :‬حدثنا أبو اسامة عن عوف عن حممد قال‪» :‬يكون يف هذه األمة‬
‫خليفة ال يفضل عليه أبو بكر وال عمر« (املصنف حديث‪ 37653‬بإسناد صحيح)‪.‬‬
‫قال الدارقطني‪» :‬يعني يف العدل« (العلل الواردة يف احلديث‪ 38/13‬رقم‪ .)1383‬وهو ما قاله السيوطي‬
‫كام سيأيت‪.‬‬
‫وعوف من أصحاب حممد بن سيين الثقات مع تلبسه ببعض األهواء إال أنه غي مدفوع عن الصدق‬
‫واألمانة كام قال مسلم‪.‬‬
‫وقد تضمنت رواية نعيم بن محاد عن ابن شوذب زيادة (قد كان يفضل‪ )...‬مل تتضمنها رواية عوف وهو‬
‫أوثق منه‪.‬فإما أن يكون اخلطأ فيه من ابن شوذب‪ ،‬ألن عوف أعرف منه بابن سيين‪ ،‬أو من نعيم بن محاد‬
‫ألنه عىل الرغم من أنه حافظ كبي إال أنه خيطئ كام بينه ابن عدي يف الكامل وغيه من احلفاظ فمع سعة‬
‫روايته مل يكن حفظه كأقرانه ورفاقه يف الطلب من احلفاظ كيحيى بن معني وغيه‪.‬‬
‫قال النووي يف األربعني «نعيم بن محاد ذو مناكي»‪« .‬وال تركن النفس إىل رواياته» كام قال الذهبي» (سي‬
‫أعالم النبالء‪.)633 /13‬‬
‫وقوله (ال تركن النفس) يعني التوقف فيام يتفرد به‪ .‬وهذه الزيادة من تفرداته‪.‬‬
‫فإن قال قائل‪ :‬نعيم قد رصح بالتحديث وهو ثقة‪ .‬قلنا‪ :‬ومع هذا فهو يأيت بمناكي ينفرد هبا‪ .‬وقد خالفه‬
‫من هو اوثق منه‪ .‬وهي لفظة خمالفة ليس لعوف فقط‪ .‬بل لعقيدة اإلسالم ورصيح كالم عّل بن أيب طالب‬
‫ريض اهلل عنه‪ .‬وأنتم تقدمون قول عّل قول قول غيه‪ .‬ونحن طبقنا تفضيلكم لعّل يف هذا الشأن‪.‬‬
‫قال احلافظ ابن عساكر «كان نعيم حيدٍ من حفظه وعنده مناكي كثية ال يتابع عليها وسمعت حييى بن‬
‫معني يسأل عنه فقال ليس يف احلديث بيشء ولكنه كان صاحب سنة» (تاريخ دمشق‪.)161/62‬‬
‫عىل انه حيتمل أن يكون من ابن شوذب‪ ،‬ألن عوفا أعرف منه بابن سيين ومن نعيم بن محاد ألنه عىل‬
‫الرغم من أنه حافظ كبي إال أنه خيطئ كام بينه ابن عدي يف الكامل وغيه من احلفاظ فمع سعة روايته مل‬
‫يكن حفظه كأقرانه ورفاقه يف الطلب من احلفاظ كيحيى بن معني وغيه‬
‫وقد تعقب السيوطي هذه الرواية‪ :‬فقال‪ «:‬قلت‪ :‬يف هذا ما فيه‪ ...‬واألوجه عندي تأويل اللفظني عىل ما‬
‫أول عليه حديث «بل أجر مخسني منكم» لشدة الفتن يف زمان املهدي و متالئ الروم بأرسها عليه وحمارصة‬
‫الدجال له‪ ،‬وليس املراد هبذا التفضيل‪ ،‬والراجع إىل زيادة الثواب والرفعة عند اهلل‪ ،‬فاألحاديث‬
‫الصحيحة واإلمجاع عىل أن أبا بكر وعمر أفضل اخللق بعد النبيني واملرسلني» (كتاب العرف الوردي يف‬
‫أخبار املهدي)‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا توجيه مجيل من السيوطي لكالم ابن سيين‪.‬‬
‫فاملقصود أن املهدي سيكون عادال يف خالفته فال جتد فرقا أو فضال بينه وبني الشيخني يف العدل‪ ،‬وهذا ال‬
‫إشكال فيه‪ ،‬وليس معناه أنه يساوي أحدا من أصحاب النبي صىل اهلل عليه وسلم يف الفضل‪.‬‬
‫والراجح أن قول ابن سيين حممول عىل العدالة وثقل مهمته‪ .‬وإذا كان املؤمن العادي املتمسك بسنة‬
‫النبي عند فساد أمته له أجر مخسني من أصحاب النبي فاملهدي أوىل هبذا من من املؤمن العادي‪.‬‬
‫عّل‬
‫واسامعيل بن اسحاق القايض‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وأيب ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫حنبل‪،‬‬ ‫صح عن أمحدَ بن‬
‫وقد َّ‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حفاظ ِ‬
‫األثر وأئم ُة الن ِ‬ ‫ِ‬
‫الصحابة َ‬
‫حق أحد من ّ‬‫َّقل‪( :‬أ ّن ُه مل ير ْد يف ِّ‬ ‫النيسابوري‪ ،‬وغيهم من‬
‫ريض اهللُ عنه‪.‬‬
‫َ‬ ‫عّل‬
‫ُما جاء يف ٍّ‬

‫ُ‬
‫اخلليل بن أمحد رمح ُه اهلل‪َ ( :‬ك َت َم مناقب ُه أحباؤ ُه خو ًفا‪ ،‬وأعداؤ ُه حسدَ ا‪،‬‬ ‫وهو كام َ‬
‫قال‬ ‫َ‬
‫ذلك قد م َ‬
‫خأ اخلافقني)‪.‬‬ ‫بني َ‬
‫وهو فيام َ‬

‫فضائله وإنام الكال ُم يف األفضل ّي ِة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ووفور‬ ‫ِ‬
‫مناقبه‬ ‫وأجيب‪ :‬بأن ُه ال كال َم يف عمو ِم‬
‫ِ‬
‫فضيل‬ ‫ٍ‬
‫مستغن عن ال ّت‬ ‫ليس يف حم ِّل ِه‪ ،‬واملقا ُم‬
‫اخلالف َ‬
‫ُ‬ ‫بمعنى األكثرية ثوا ًبا عندَ اهللِ‪َ ،‬‬
‫أقول هذا‬
‫ِ‬
‫الفضائل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وموفور‬ ‫ِ‬
‫املناقب‬ ‫الباب ليست بمعنى عمو ِم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املبحوٍ عنها يف‬ ‫ك ِّل ِه‪َّ ،‬‬
‫ألن األفضل َّي َة‬
‫ّخذ معتقدً ا ومذهب ًا ُيدعى‬ ‫بحث عنه يف ِ‬
‫كتبه و ُيت َ‬ ‫بالعقائد وينبغي أن ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ليس ُما ل ُه تع ّل ٌق‬
‫ُ‬ ‫فإ ّن ُه َ‬
‫ِ‬
‫والفهد‪ ،‬أو ترن ُُّم‬ ‫َّمر‬ ‫ِ‬
‫وتفضيله عىل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫األسد‬ ‫ِ‬
‫شجاعة‬ ‫تلك العقيد ُة تشب ُه اعتقا َد‬ ‫إليه‪ ،‬بل َ‬ ‫الناس ِ‬
‫ُ‬
‫ومذاهب‬ ‫لف يذروهنا فوَض عىل ٍ‬
‫آراء شت ًّى‬ ‫الس ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الظباء الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫وكان َّ‬ ‫ود‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وصوته عىل‬ ‫البلبل‬

‫ِضيزى(‪.)239‬‬

‫الشار ِع ِ‬
‫عليه‪ ،‬ومل يوجدْ ‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫بتنصص َّ‬ ‫اليعرف َّإال‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األكثر ثوا ًبا‪ ،‬فإن ُه ُما‬ ‫وال بمعنى‬
‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫َ‬
‫تفضيل‬ ‫املاتريدي رمح ُه اهللُ‪َّ :‬‬
‫(إن‬ ‫ِ‬
‫املنصور‬ ‫ناجز عىل ما َ‬
‫قال اإلما ُم أبو‬ ‫حكم ٌ‬ ‫يتع ّلق ِبه‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬
‫وليس لنا إىل‬
‫َ‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫بعض فإنَّا ال نتك ّل ُم فيه ألنَّا ُ‬
‫نعلم َ‬ ‫اخللق بعضهم عىل‬ ‫سل وأتقيا ُء‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫البَّش‬ ‫ش‬ ‫إن ُمجِ َع يف الس ِ‬ ‫هلل نفوضه ِ‬
‫إليه‪ ،‬وأما ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫معرفته حاج ٌة‬
‫بني ِّ‬
‫ؤال َ‬ ‫األمر فيه إىل ا ِ ِّ ُ‬
‫َ‬ ‫فنكل‬

‫ٍ‬
‫رصيح‪ ،‬مع أننا‬ ‫ذلك َّإال مع ٍ‬
‫نص‬ ‫اخلوض يف َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باجلملة ال ينبغي‬ ‫ذلك َ‬
‫وقال‬ ‫ُ‬
‫الشيخ رمح ُه اهللُ يف َ‬ ‫َ‬
‫)وأطال‬ ‫‪239‬‬
‫(‬
‫هي‬ ‫َ‬ ‫عليه اجلمهور وإنام خالفناهم يف ِ‬
‫علة التَّقدي ِم‪ ،‬فهم‬ ‫األربعة كام ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يقولون َ‬ ‫ُ‬ ‫اخللفاء‬ ‫هؤالء‬ ‫بُّتتيب‬ ‫قائلون‬
‫َ‬
‫لكان من تقدَّ َم حممدً ا صىل اهللُ‬ ‫ً‬
‫مفضوال‬ ‫تأخر كا َن‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫الزمان ولو َّ‬ ‫ونحن ُ‬ ‫ُ‬
‫كل من َ‬ ‫هي تقدُّ ُم‬
‫نقول ّ‬ ‫ُ‬ ‫الفضل‬
‫ِ‬
‫الوهاب‬ ‫ِ‬
‫للشيخ عبدُ‬ ‫ِ‬
‫واليواقيت‬ ‫ِ‬
‫اجلواهر‬ ‫كتاب‬ ‫بذلك من املح ِّق َ‬
‫َ‬ ‫أفضل من ُه وال َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫قني‪ ،‬انتهى ُ‬ ‫قائل‬ ‫وسلم‬
‫َّ‬ ‫عليه‬
‫الشعراين رمح ُه اهللُ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وذلك لقيا ِم‬
‫َ‬ ‫بعض)(‪ ،)213‬هذا كالم ُه‬ ‫ٍ‬ ‫بعض عىل‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بتفضيل‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫فنتكلم‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫وبني‬
‫وأفسقهم َ‬
‫ُ‬
‫ني‬‫ان ِيف َأ ْح َس ِن َت ْق ِوي ٍم (‪ُ )4‬ث َّم َر َد ْدنَا ُه َأ ْس َف َل َسافِلِ َ‬
‫اإلن َْس َ‬ ‫ِ‬
‫بقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ل َقدْ َخ َل ْقنَا ْ ِ‬ ‫ليل ِ‬
‫عليه‬ ‫الدّ ِ‬
‫احل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات ﴾[التني‪4 :‬ـ ‪.]6‬‬ ‫الص َ‬ ‫(‪ )5‬إِ َّال ا َّلذي َن آ َمنُوا َو َعم ُلوا َّ‬
‫ِ‬
‫األمة‬ ‫ِ‬
‫وزعامة‬ ‫ِ‬
‫اإلمامة‬ ‫وتويل‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة ّ‬ ‫ِ‬
‫صلوح‬ ‫هو بمعنى‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الباب َ‬ ‫املبحوٍ عنها يف‬ ‫وإنام‬
‫غفل‬ ‫وإن َ‬ ‫ِ‬
‫بقوله‪( :‬بعد نبينا) ْ‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ‬‫وإدارة أمورهم عىل ما يفيد ُه املصن ُ‬ ‫ِ‬ ‫بقيادة مجهورهم‬‫ِ‬

‫وعمر)‪ ،‬فإن ُه‬ ‫عليه قول ُه‪ :‬ﷺ‪( :‬خي أمتي من بعدي أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ويدل ِ‬ ‫هلل عن ُه‪ُّ ،‬‬ ‫التفتازاين عفا ا ُ‬ ‫عن ُه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حياة النّبي ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انقضاء‬ ‫األمة وأفضلهم بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫خي‬ ‫يدل عىل َّ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث ُّ‬
‫أن َ‬ ‫وما يف معنا ُه من‬
‫بكر وعمر‬ ‫ِ‬
‫األمة هو أبو ٍ‬ ‫ِ‬
‫حال‬ ‫ِ‬
‫وحسن‬ ‫ِ‬
‫الوقت‬ ‫ِ‬
‫صالح‬ ‫ِ‬
‫اقتضاء‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫السال ُم مبتد ًيا من ُه‬
‫ُ‬
‫أفضل من‬ ‫أن أبا ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬
‫اخللق‪ ،‬ال بمعنى َّ‬ ‫ِ‬
‫وسياسة‬ ‫ين‬ ‫ِ‬
‫بحراسة الدّ ِ‬ ‫الرياس َة وقيامها‬
‫بحيازَتام ّ‬
‫ُ‬
‫أفضل من اجلميعِ‪،‬‬ ‫كال منهام‬ ‫فإن الكال َم ال يفيد ُه ْبل بمعنى َّ‬
‫أن ً‬ ‫ُمن عداه(‪َّ ،)211‬‬
‫عمر ْ‬ ‫اجلمي ِع َّ‬
‫ثم َ‬
‫الطحاوي رمح ُه اهللُ يف‬ ‫ٍ‬
‫جعفر‬ ‫ِ‬
‫وعليه كال ُم اإلما ِم أيب‬ ‫حياته ِ‬
‫عليه السال ُم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لكن يف ِ‬
‫وقته بعدَ‬
‫ُ‬
‫وتقديام جلمي ِع األ ّم ِة)‪َّ ،‬‬
‫ألن قول ُه‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تفضيال ل ُه‬ ‫الصديق‬
‫بكر ِّ‬ ‫(ونثبت اخلالف َة أليب ٍ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عقيدته‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلملة الس ِ‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫كقوله‬ ‫اخلالفة‬ ‫إثبات‬
‫ُ‬ ‫ابقة‪ ،‬أعني‬ ‫َّ‬ ‫مضمون‬ ‫مطلق مؤ ِّكدٌ لنفسه َ‬
‫وهو‬ ‫ٌ‬ ‫مفعول‬ ‫تفضيال‬
‫نفس‬
‫﴿صن َْع اهللِ﴾ [النمل‪ ،]88 :‬فمعنى تفضيل ُه هو ُ‬
‫تعاىل‪﴿:‬وعْدَ اهللَِّ﴾[الروم‪ ،]6 :‬وقوله‪ُ :‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اخلالفة ل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إثبات‬

‫ُ‬
‫إمامة‬ ‫وجيوز‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الوالية‪،‬‬ ‫وصح ِة‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة‬ ‫ٍ‬
‫بَّشط يف‬ ‫أن األفضل َّي َة ليست‬
‫واملذهب َّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلمامة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وتفويض‬ ‫ِ‬
‫البيعة‬ ‫حابة يف مواق ِع‬ ‫عليه صنائع الص ِ‬
‫يدل ِ‬‫األفضل‪ُّ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫ِ‬
‫املفضول مع‬
‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫الس ِنة‪ ،‬ر ًدا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫للمستحق‬
‫ِّ‬ ‫للمخالف وإثباتًا‬ ‫تفضيل الشيخني وحم ّب َة اخلتنني من عالمات ُّ‬ ‫وجعلوا‬

‫( ) عبارة اإلمام املاتريدي‪( :‬وال جيب أن يتك ّلم يف تفضيل البَّش عىل اإلطالق عىل املالئكة؛ ألهنم‬ ‫‪213‬‬

‫يعملون بالفساد وبكل فسق‪ ،‬إال أن يتكلم يف تفضيل أهل الفضل من البَّش واملعروف منهم بذلك عىل‬
‫املالئكة؛ فذلك حيتمل أن يتكلم فيه)‪ .‬تفسي املاتريدي (تأويالت أهل السنة)(‪.)429/3‬‬
‫أفضل الشافع َّي ِة بعدَ أيب حنيف َة أو ٌ‬
‫مالك‪ ،‬وال معنى ل ُه من ُه س َّلم ُه اهللُ)‬ ‫َ‬ ‫مثل ِ‬
‫قوله زيدٌ‬ ‫( )( وجعل ُه َ‬ ‫‪211‬‬
‫ِ‬
‫بالنسبة إىل‬ ‫إلثبات األفضل َّي ِة واألح ّب َّي ِة‬
‫َ‬ ‫الفضيلة فيهام‪ ،‬وعقدُ املح ّب ِة هلام‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثبوت‬ ‫بمعنى اعتقاد‬
‫غض اآلخري َن‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬
‫اخلوارج ُب ُ‬ ‫لني ويف‬
‫األو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفضل عن ّ‬ ‫سلب‬
‫ُ‬ ‫وافض‬ ‫الر‬
‫الغالب يف ّ‬
‫ُ‬ ‫غيه‪ ،‬إذ‬
‫ِ‬ ‫اجتمع يف ٍّ‬
‫الصفتني‪.‬‬ ‫كل من آحاد ال ّطائفتني كل من ّ‬ ‫َ‬

‫كل موض ٍع مل يقصد‬‫خصوصا احلنف َّي ِة يف ِّ‬ ‫ِ‬


‫األمة‬ ‫ِ‬
‫وعلامء‬ ‫أن طريق َة الس ِ‬
‫لف‬ ‫واحلق ّ‬
‫ّ‬ ‫هذا‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫املراد منها‬ ‫ِ‬
‫طلب‬ ‫ِ‬
‫اخلوض يف‬ ‫واإليامن بباطنها مع َ‬
‫ترك‬ ‫ُ‬ ‫اإلقرار بظاهرها‬ ‫ِ‬
‫ُّصوص‬ ‫َ‬
‫العمل من الن‬
‫ُ‬
‫قول معم ٍر‪ ،‬ووكيعٍ‪ ،‬وعبدُ الر ِ‬
‫زاق‪،‬‬ ‫يلتفت ُ‬
‫ُ‬ ‫ما مل يلجأ ِ‬
‫إليه رضور ُة العل ِم‪ ،‬وإىل هذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملاتريدي‪ ،‬واخل ّطايب‪ّ ،‬‬
‫والسهروردي‪ ،‬وغيهم‪.‬‬

‫والرئاس ُة عىل‬ ‫وهي‪ :‬النّياب ُة يف ِ‬


‫أمور الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين والدّ نيا ّ‬ ‫(وخالفتهم) عن رسول اهللِ ﷺ َ‬
‫أيضا) كاألفضل َّية‪ ،‬فاإلما ُم‬ ‫تيب ً‬‫الَّت ِ‬ ‫جيب إتباع ُه عليهم كافة‪( ،‬عىل هذا ّ‬ ‫اخللق رئاس ًة عا ّم ًة ُ‬‫ِ‬

‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫دق بعده ِ‬ ‫الص ِ‬


‫احلسن‬
‫ُ‬ ‫ثم ابن ُه‬
‫ثم عّل َّ‬ ‫عثامن َّ‬ ‫ثم‬
‫عمر َّ‬
‫ثم َ‬ ‫أبوبكر َّ‬ ‫عليه السال ُم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫احلق واخلليف ُة عىل ِّ‬ ‫ُّ‬
‫خالفة ِ‬
‫أبيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫وإدخاال هلا يف‬ ‫استقصار ًا ملدته‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ مل يذكر ُه‬
‫أن املصن َ‬‫ريض اهللُ عنهم‪َّ ،‬إال َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يته إياه من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعده‪.‬‬ ‫إذ كانت خالفت ُه بعهده وتو ّل ّ ُ‬
‫ِ‬
‫سقيفة بني ساعد َة‪،‬‬ ‫األنصار يف‬ ‫هلل ﷺ اجتمعت‬ ‫رسول ا ُ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫وذلك أل ّن ُه عندما تويف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلراح‬ ‫وعمر وأبو عبيد َة بن‬ ‫فذهب إليهم أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬
‫باخلالفة سعدَ بن عبادةَ‪،‬‬ ‫مهوا أن يبايعوا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫و ّ‬
‫وأنتم الوزرا ُء‬ ‫فقال يف ِ‬
‫أثناء كالمه‪( :‬نح ُن األمرا ُء‬ ‫ثم تك َّل َم َ‬ ‫عمر يتك ّل ُم فأسكت ُه أبو ٍ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫بكر َّ‬ ‫فأخذ ُ‬
‫وأعزهم أحسا ًبا‪ ،‬فبايعوا‬
‫ّ‬ ‫دارا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العرب ً‬ ‫ُ‬
‫أوسط‬ ‫قريش‪ ،‬هم‬ ‫األمر َّإال ٍّ‬
‫حلي من َ‬ ‫َ‬ ‫نعرف هذا‬
‫َ‬ ‫لن‬
‫هلل‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫فأنت سيدنا‪ ،‬وخينا‪ ،‬وأح ّبنا إىل‬
‫أنت‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫نبايعك َ‬ ‫عمر أو أبا عبيدةَ‪َ ،‬‬
‫فقال عمر‪ :‬بل‬ ‫َ‬
‫عمر قتل ُه‬ ‫قائل‪ :‬قتلتم سعدَ بن عبادةَ‪َ ،‬‬
‫فقال ُ‬
‫َّاس‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫فقال ُ‬ ‫هو والن ُ‬
‫عمر بيده وبايع ُه َ‬
‫ﷺ‪ ،‬فأخذ ُ‬
‫البخاري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اهللُ(‪ ،))212‬أخرج ُه‬

‫األنصار خالفونا‬ ‫رسول اهللِ َّ‬


‫وإن‬ ‫ُ‬ ‫(تويف‬ ‫عمر‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ويف روا ٍية ل ُه يف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫طويل عن َ‬ ‫حديث‬
‫فقال‬ ‫بي ومن معهام فانطلقنا َ‬ ‫ِ‬
‫والز ُ‬‫وخالف عنَّا عّل ُّ‬
‫َ‬ ‫سقيفة بني ساعدةَ‪،‬‬ ‫واجتمعوا بأرسهم يف‬
‫األصوات‬ ‫فكثر ال ّلغط وارتفعت‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ِ‬
‫ُ‬ ‫قريش‪َ ،‬‬ ‫يامعَّش‬
‫َ‬ ‫أمي‬
‫أمي ومنكم ٌ‬ ‫قائل من األنصار‪ :‬منَّا ٌ‬
‫ثم بايع ُه‬ ‫َ‬ ‫يدك يا أبا ٍ‬‫ابسط َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫حتّى فِ ِر ْق ُت من‬
‫املهاجرون َّ‬ ‫بكر فبايعت ُه وبايع ُه‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫االختالف‪،‬‬
‫هلل ما وجدنا فيام حرضنا أقوى مبايع ًة من أيب ٍ‬
‫بكر‪ ،‬خشينا إن فارقنا القو ُم ومل‬ ‫األنصار‪ ،‬وإنا وا ُ‬
‫رجال منهم بعدنا‪ ،‬فإ ّما تابعناهم عىل ما ال نرَض‪ ،‬وإما أن نخالفهم‬ ‫تكن بيع ٌة أن يبايعوا ً‬
‫وذلك يوم االثنني الثنتي عَّش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فيكون فسا ٌد‪ ،‬وكانت بيع ُة العا ّم ِة عندَ‬
‫ُ‬
‫ليلة خلت من‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫املنُب‬
‫األو ِل سن َة إحدى عَّشةَ)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫شهر ربي ٍع َّ‬
‫ِ‬ ‫لعّل وج ٌه من الن ِ‬
‫انْصف‬
‫َ‬ ‫فلام توفيت‬‫َّاس يف حياة فاطم َة‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫(كان ٍّ‬ ‫وعن عائش َة قالت‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫َّاس عنه ومكثت بعده ِ‬
‫هري‪َ :‬فلم يبايع ُه ٌ‬
‫عّل‬ ‫للز ُ‬ ‫رجل ّ‬‫فقال ٌ‬ ‫أشهر‪َ ،‬‬ ‫عليه السال ُم س ّت َة‬ ‫ُ‬ ‫وج ُه الن ِ ُ‬
‫فلام رأى‬
‫ريض اهللُ عن ُه‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫هلل وال أحدٌ من بني هاش ٍم حتّى بايع ُه عّل‬ ‫فقال‪ :‬ال وا ِ‬ ‫ٍ‬
‫أشهر؟ َ‬ ‫ست ِّة‬
‫معك‬‫أن ائتنا وال تأتنا َ‬ ‫فأرسل ِ‬
‫إليه ْ‬ ‫َ‬ ‫أرسع إىل مصاحلة أيب ٍ‬
‫بكر‪،‬‬ ‫َّاس عن ُه‬ ‫ِ‬
‫وجوه الن ِ‬ ‫انْصاف‬
‫َ‬ ‫عّل‬
‫َ‬
‫هلل‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫بكر وا ِ‬ ‫َ‬
‫وحدك‪َ ،‬‬ ‫بأحد‪ ،‬وكره أن يأتيه عمر ملا َعلِم من شدّ ِ‬
‫ته‪َ ،‬‬
‫فقال عمر‪ :‬ال تأَتم‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مجع بني هاش ٍم‬
‫عّل وقد َ‬ ‫َ‬ ‫فانطلق أبو ٍ‬
‫فدخل عىل ّ‬ ‫بكر‬ ‫َ‬ ‫ألتينهم وحدي ما عسى أن يصنعوا يب‪،‬‬
‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬أما فلم يمنعنا أن‬ ‫ِ‬ ‫هلل عن ُه َف َح ِمد ا َ‬
‫هو أهل ُه‪َّ ،‬‬
‫هلل وأثنى عليه بام َ‬ ‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫عند ُه‪ ،‬فقا َم عّل‬
‫هلل َ‬
‫إليك‪ ،‬ولك ْن كنّا نرى‬ ‫عليك يف ٍ‬
‫خي ساق ُه ا ُ‬ ‫َ‬ ‫لفضيلتك وال نفاس ٌة‬
‫َ‬ ‫إنكار‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫نبايعك يا أبا بكر‬

‫( )(قتلتم سعد بن عبادة) هو كناية عن اإلعراض واخلذالن‪( .‬قتله اهلل) دعا عليه عمر لعدم نْصته‬ ‫‪212‬‬

‫للحق وختلفه عن مبايعة أيب بكر‪ ،‬لكنه تؤول أن لخأنصار يف اخلالفة استحقاقا فهو معذور يف ختلفه وإن‬

‫كان خمطئ ًا‪ .‬ينظر‪ :‬منحة الباري بَّشح صحيح البخاري زكريا األنصاري(‪.)23/7‬‬
‫رسول اهللِ ﷺ وح ّقهم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال يف‬ ‫قرابته من‬ ‫ذكر‬
‫ثم َ‬‫األمر ح ًقا فاستبددتم علينا‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫أن لنا يف هذا‬
‫أقبل عىل الن ِ‬
‫الظهر َ‬ ‫صىل أبو ٍ‬ ‫ِ‬
‫كالمه‪ :‬موع َ‬ ‫ِ‬
‫َّاس وقا َم عّل فبايع ُه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بكر‬ ‫دك البيع َة العش ّي َة‪ّ ،‬‬
‫فلام ّ‬ ‫آخر‬
‫والبخاري‪.‬‬ ‫مسلم‬ ‫وأحسنت) أخرج ُه‬
‫َ‬ ‫أصبت‬
‫َ‬ ‫فأقبل النَّاس ِ‬
‫عليه فقالوا‪:‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫استخلف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫أشهر وعَّش َة أيا ٍم وحرضت ُه الوفا ُة‬ ‫ِ‬
‫خالفته سنتان وثالث ُة‬ ‫ثم ملّا مىض من‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫رسول‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫َ‬
‫مستخلفك عىل‬ ‫عمر َ‬
‫فقال‪ :‬إين‬ ‫ِ‬
‫عمر‪ ،‬فعن عائشة‪( :‬أن ُه ملا حرضت ُه الوفا ُة دعا َ‬‫َ‬
‫وليت‬ ‫ِ‬
‫اجلند إين‬ ‫ِ‬
‫أمراء‬ ‫وكتب إىل‬ ‫احلق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القيامة باتبا ِع ِّ‬ ‫املوازين يو َم‬ ‫عمر‪ ،‬إنام ثقلت‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اهللِ يا َ‬
‫املسلمني خي)‪.‬‬
‫َ‬ ‫عمر‪ ،‬ومل ُآل نفيس وال‬
‫عليكم َ‬

‫ِ‬
‫الرمحن الرحي ِم‪ ،‬هذا ما عهدَ‬ ‫(اكتب باس ِم اهللِ‬
‫ْ‬ ‫عثامن َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫احترض دعا‬
‫َ‬ ‫وروي أن ُه ملا‬
‫ً‬
‫داخال‬ ‫ِ‬
‫باآلخرة‬ ‫ِ‬
‫عهده‬ ‫خارجا عنها‪ ،‬وعندَ َّأو ِل‬ ‫ِ‬
‫عهده بالدّ نيا‬ ‫بكر بن أيب قحاف َة يف ِ‬
‫آخر‬ ‫أبو ٍ‬
‫ً‬
‫عمر‬ ‫الفاجر ويصدِّ ُق‬ ‫ِ‬ ‫فيها‪ُ ،‬‬
‫أستخلف عليكم بعدي َ‬‫ُ‬ ‫الكاذب‪ ،‬إين‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويوق ُن‬ ‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫حيث يؤم ُن‬

‫اخلطاب فاسمعوا ل ُه وأطيعوا‪ ،‬وإين مل ُآل اهللَ ورسول ُه ودين ُه ونفيس وإياكم ً‬
‫خيا‪ ،‬فإن‬ ‫ِ‬ ‫بن‬
‫أعلم‬ ‫ٍ‬ ‫وإن بدَّ ل ِّ‬ ‫فيه‪ْ ،‬‬ ‫فذلك ظنِّي به‪ ،‬وعلمي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أردت وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫واخلي‬
‫ُ‬ ‫اكتسب‪،‬‬
‫َ‬ ‫امرىء ما‬ ‫فلكل‬ ‫عدل‬
‫والسال ُم عليكم‬
‫ون﴾[الشعراء‪َّ ،]227 :‬‬ ‫﴿و َس َي ْع َل ُم ا َّل ِذي َن َظ َل ُموا َأ َّي ُمنْ َق َل ٍ‬
‫ب َينْ َقلِ ُب َ‬ ‫الغيب‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الكتاب؟‬ ‫َ‬
‫أتبايعون ملن يف هذا‬ ‫فقال عثامن‪:‬‬‫عمر َ‬ ‫بالكتاب خمتو ًما ومع ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫خرج‬
‫َ‬ ‫ورمح ُة اهللِ‪َّ ،‬‬
‫ثم‬
‫بقني من مجادى‬ ‫لثامن َ‬‫وذلك يوم االثنني ٍ‬
‫َ َ‬ ‫بذلك مجي ًعا ورضوا ِبه وبايعوا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فأقروا‬
‫قالوا‪ :‬نعم‪ّ ،‬‬
‫وقال بعدَ أن‬‫َّاس‪َ :‬‬ ‫ب خطي ًبا يف الن ِ‬ ‫عمر بن اخلطا ِ‬
‫ثم قا َم ُ‬
‫ليال َّ‬ ‫ثالٍ عَّشةَ‪ ،‬و ُدفِ َن ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة سن َة‬
‫ِ‬
‫أحرص عىل أمركم‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫عمر ومل‬‫َّاس إين ال أع ّلمكم من نفيس شي ًئا جتهلون ُه أنا ُ‬ ‫َمحدَ اهللَ‪ُّ :‬أُيا الن ُ‬
‫ٍ‬
‫بأهل‪،‬‬ ‫ليس هلا‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫بذلك‪ ،‬واهللُ ْأهل َ َم ُه َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أجعل أمانتي إىل أحد َ‬ ‫وليس‬
‫َ‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫املتوىف أوَّص إ َّيل‬ ‫ولكن‬
‫ثم ملا‬‫أحق هبا ُمن سواهم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫أولئك ُّ‬ ‫للمسلمني‪،‬‬
‫َ‬ ‫ون رغبت ُه يف الت ِ‬
‫َّوقي‬ ‫ولكن أجعلها إىل َمن تك ُ‬
‫ِ‬
‫املغية يف‬ ‫وثالٍ عَّش ٍ‬
‫ليال طعن ُه أبو لؤلؤ َة غال ُم‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫أشهر‬ ‫ِ‬
‫خالفته عَّش سنني وست َة‬ ‫انقىض من‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األمر‬ ‫أحق هبذا‬‫استخلف‪ ،‬قال‪ :‬ما أرى أحدً ا ُّ‬ ‫املؤمنني‬ ‫امي‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أوص يا َ‬ ‫بح‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫صالة ُّ‬
‫ٍ‬ ‫رسول اهللِ صىل اهللُ ِ‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء الن ِ‬
‫فسمى عل ًيا‬
‫راض‪َّ ،‬‬ ‫وسلم وهو عنهم‬ ‫َّ‬ ‫عيه‬ ‫َّفر الذين ّ َ‬
‫تويف‬ ‫من‬
‫ليس ل ُه من‬‫عمر َ‬‫هلل بن َ‬ ‫وقال‪ :‬يشهدكم عبدُ ا ِ‬ ‫ِ‬
‫الرمحن َ‬ ‫والزبي وطلح َة وسعد ًا وعبدَ‬
‫وعثامن ُّ‬‫َ‬
‫الر ِ‬
‫محن‪ :‬امجعوا‬ ‫هط َ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء الر ِ‬ ‫َّعزية له‪ ،‬فلام فر َغ من ِ‬
‫كهيئة الت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فقال عبدُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجتمع‬
‫َ‬ ‫دفنه‬ ‫األمر يش ٌء‬
‫عثامن‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫َ‬ ‫عّل‪َ ،‬‬
‫وقال طلح ُة‪ :‬إىل‬ ‫ٍ‬
‫ثالثة منكم‪َ ،‬‬
‫جعلت أمري إىل ٍّ‬
‫ُ‬ ‫بي قد‬
‫الز ُ‬‫فقال‪ُّ :‬‬ ‫أمركم إىل‬
‫فاسكت‬
‫َ‬ ‫األمر فنجعله ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرمحن‪ :‬أيكام يُب ُأ من هذا‬ ‫عبد الرمحن‪َ ،‬‬
‫فقال عبدُ‬ ‫سعدٌ ‪ :‬إىل ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫فأرسل عبدُ‬ ‫فقال‪ :‬أفتجعلون ُه إ َّيل واهللُ عىل أن ال آلو عن أفضلكم‪ .‬قاال‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الشيخان‪َ ،‬‬
‫عثامن)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اجلند فبايعوا‬ ‫ِ‬
‫وأمراء‬ ‫ِ‬
‫واألنصار‬ ‫خارجا من املهاجري َن‬ ‫كان‬ ‫ِ‬
‫الرمحن إىل َمن َ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫بثالثة أيا ٍم‪.‬‬ ‫عمر‬ ‫ِ‬ ‫املحر ِم سن َة أرب ٍع وعَّشي َن بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫طعن َ‬ ‫غر َة ّ‬‫وذلك يو َم األحد ّ‬ ‫البخاري‪،‬‬
‫ُ‬
‫فته عَّش سنني وسنتان َّإال اثنتي عَّش ٍ‬
‫ليلة قتل ُه األسو ُد التجيبي‪،‬‬ ‫ثم ملا أتى من خال ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫عثامن جا َء‬ ‫قال ابن املسيب‪( :‬ملا َ‬
‫قتل‬ ‫العراق‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫وطائفة من ِ‬
‫أهل‬ ‫ٍ‬ ‫مْص‪،‬‬ ‫وقيل غي ُه يف ِ‬
‫َ‬
‫أهل َ‬
‫املؤمنني عّل‪ ،‬حتّى دخلوا ِ‬ ‫رعون ك ّلهم ُ‬
‫عليه‬ ‫َ‬ ‫أمي‬
‫يقول‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه ُْي‬
‫َ‬ ‫َّاس ك ُّلهم إىل ٍّ‬
‫عّل‬ ‫الن ُ‬
‫ذاك إىل ِ‬
‫أهل‬ ‫ذاك إليكم‪ ،‬إنام َ‬‫ليس َ‬ ‫فقال عّل َ‬ ‫أحق هبا‪َ ،‬‬‫فأنت ُّ‬‫يدك‪َ ،‬‬ ‫نبايعك َف ُمدَّ َ‬
‫َ‬ ‫دار ُه‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫بدر فهو خليفة‪ ،‬فلم يبقى أحدٌ َّإال أتى عل ًيا فقالوا‪ :‬ما نرى أحدً ا‬ ‫أهل ٍ‬ ‫ريض ِبه ُ‬
‫َ‬ ‫بدر‪ ،‬فمن‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫فكان َّأو َل ِمن بايع ُه طلح ُة‬
‫َ‬ ‫منك َف ُمدَّ َ‬
‫بلسانه‪،‬‬ ‫يدك نبايعك َ؟ فقا َم ابن طلح َة‪ ،‬وال ُّز ُ‬
‫بي‬ ‫أحق هبا َ‬ ‫ّ‬
‫فكان أو ُل من ص ِعدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إليه‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫خرج إىل املسجد َف َصعدَ املن َ‬
‫ُب‬ ‫َ‬ ‫فلام رأى عّل َ‬
‫ذلك‬ ‫بي بيده‪ّ ،‬‬ ‫والز ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اجلمعة ِ‬
‫لثامن عَّش َة خلت من‬ ‫َ‬
‫وذلك يو َم‬ ‫وأصحاب النبي ﷺ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫بي‬
‫الز ُ‬
‫ثم بايع ُه ّ‬‫فبايع ُه طلح ُة َّ‬
‫ٍ‬
‫مخس وثالثني)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلجة سن َة‬ ‫ذي‬

‫(ثم قا َم عّل خطي ًبا َف َح ِمدَ اهللَ تعاىل وأثنى‬ ‫ريض اهللُ عنه َ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫وعن ِ‬
‫عبد اهللِ بن سال َم‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫أكون أنا وأنتم قد‬ ‫أخاف أن‬
‫ُ‬ ‫عّل بأسامعكم وأبصاركم ّإين‬ ‫َّاس َأقبلوا َّ‬ ‫عليه‪َ ،‬‬
‫وقال‪ُّ :‬أُيا الن ُ‬
‫هلل أدب ِ‬ ‫ٍ‬
‫والسن ُة‬
‫الكتاب ُّ‬
‫ُ‬ ‫هذه األم َة بأدبني‬ ‫أصبحنا يف فتنة وما علينا فيها َّإال االجتهاد‪ ،‬وإ َّن ا َ َّ َ‬
‫نزل و َع ِمدَ إىل ما تب َّقى من‬
‫ثم َ‬‫ذات بينكم‪َّ ،‬‬ ‫لطان فيهام‪ ،‬فاتّقوا اهللَ وأصلحوا َ‬ ‫ال هواد َة عندَ الس ِ‬
‫ُّ‬
‫بني املسلمني‪.‬‬
‫فقسم ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بيت املال َّ‬
‫ِ‬
‫أمي املؤمنني لقد ِزن َ‬
‫ْت‬ ‫ِ‬
‫العرب‪ :‬واهللِ يا َ‬ ‫حكامء‬ ‫بعض‬ ‫ريض اهللُ عن ُه كام َ‬
‫قال ل ُه ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫منك إليها‪َّ ،‬إال أ ّن ُه مل‬
‫إليك َ‬
‫أحوج َ‬ ‫ُ‬ ‫كانت‬
‫َ‬ ‫وهي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رفعتك‪،‬‬ ‫ورفعتها وما‬ ‫َ‬
‫زانتك َ‬ ‫اخلالف َة وما‬
‫بيعته مجاع ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫ف عن‬ ‫ِ‬
‫أيامه الكدَ ُر‪ ،‬إذ خت َّل َ‬ ‫َ‬
‫واشتمل عىل‬ ‫الفتن‬ ‫هر فعاثت‬
‫ُ‬ ‫يساعد ُه الدَّ ُ‬
‫(أولئك قعدوا عن‬ ‫َ‬ ‫فقال فيهم‪:‬‬‫زيد‪ ،‬واملغي ُة بن شعب َة‪َ ،‬‬‫حابة كابن عمر‪ ،‬وأسام ُة بن ٍ‬
‫الص ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫بي‪ ،‬وابن ُه عبدُ اهللِ وغيهم‪ ،‬وساروا إىل‬ ‫ونكث طلح َة‪ُّ ،‬‬
‫والز ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الباطل)‪،‬‬ ‫احلق‪ ،‬ومل يبْصوا‬
‫ِّ‬
‫حديج يف ِ‬
‫أهل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العاص‪ ،‬ومعاوي ُة بن‬ ‫ِ‬
‫البْصة مع عائش َة‪ ،‬وبغى عليهم معاوية‪ ،‬وعمرو بن‬
‫ين مسعو ُد بن فدك‬ ‫وكان َّأشدّ هم خروجا ِ‬
‫عليه ومرو ًقا من الدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫اخلوارج‬ ‫الشا ِم‪ ،‬ثم خرج ِ‬
‫عليه‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اخلطوب‬ ‫ِ‬
‫وعضال‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫ِ‬
‫صعاب‬ ‫فنهض إىل‬ ‫التَّيمي‪ ،‬وزيدٌ بن حصن الطائي‪ ،‬وذو ال ّث ِ‬
‫دية‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلروب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومداومة‬ ‫ِ‬
‫مالزمة الدّ رو ِع‬ ‫من‬

‫والقاسطني‬
‫َ‬ ‫الناكثني‬
‫َ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ أن َ‬
‫أقاتل‬ ‫ُ‬ ‫(ع ِهدَ إ َّيل‬ ‫هلل عن ُه َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫فروي عن ُه‬
‫واملارقني)‪ ،‬أخرج ُه أبو يعىل‪.‬‬
‫َ‬

‫الناكثني‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بقتال‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫ٍ‬
‫سعيد اخلدري‪َ ( :‬أمرنا‬ ‫ٍ‬
‫أيوب األنصاري وأيب‬ ‫وعن أيب‬
‫احلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عّل)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫واملارقني مع ٍّ‬
‫َ‬ ‫والقاسطني‬
‫َ‬

‫فقال‪ :‬هل جتدين؟‬ ‫ِ‬


‫األسقف بإيليا َء ودعا ُه َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه َ‬
‫بعث إىل‬ ‫عمر‬
‫َ‬ ‫وروي‪( :‬أن َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫قرن‬ ‫قرن مه؟ َ‬ ‫وقال‪ُ :‬‬ ‫أجدك قرنًا فرفع ِ‬
‫عليه الدُّ رة‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فكيف جتدين؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ق َال‪ :‬نعم‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫غي أن ُه يؤ ّث ُر‬ ‫كيف جتدُ الذي بعدي؟ َ‬ ‫شديد‪َ ،‬‬‫ٍ‬ ‫حديد ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حلا َ‬ ‫قال‪ :‬أجد ُه خليف ًة صا ً‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫أمني‬
‫حديد‪،‬‬‫ٍ‬ ‫قال‪ :‬أجد ُه صدء‬ ‫كيف جتدُ الذي بعد ُه؟ َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫عثامن ثال ًثا‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫هلل‬
‫يرحم ا ُ‬ ‫عمر‪:‬‬ ‫قرابت ُه‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫قال ُ‬
‫صالح‪ ،‬لكن ُه‬ ‫أمي املؤمنني إن ُه خليف ٌة‬ ‫وقال يا دفراه يا دفراه‪َ ،‬‬ ‫رأسه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫فقال‪ :‬يا َ‬ ‫فرفع يد ُه عىل‬
‫َ‬
‫مسلم وأبو داوو َد‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مهراق) أخرج ُه‬ ‫ٌ‬
‫مسلول والدّ ُم‬ ‫والسيف‬
‫ُ‬ ‫ُيستخ َل ُ‬
‫ف‬

‫باب‬ ‫ٍ‬
‫أشهر رضبه ابن ملج ٍم املرادي‪ ،‬عىل ِ‬ ‫سنني وتسع َة‬ ‫أربع‬ ‫ِ‬ ‫ثم ملّا َ‬
‫َ‬ ‫كان من خالفته ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلف ابن ُه‬ ‫ومات بعدَ ثالٍ ليال من ليل َة األحد وقد ْ‬
‫اس ُت َ‬ ‫َ‬ ‫اجلمعة‪،‬‬ ‫الكوفة صبيح َة يو ِم‬ ‫جام ِع‬
‫بقني‬ ‫ٍ‬
‫لعَّش َ‬ ‫َ‬
‫وذلك يوم األحد‬ ‫ِ‬
‫بالكوفة‪،‬‬ ‫أربعني أل ًفا‬ ‫أكثر من‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّاس عىل املوت َ‬
‫احلسن‪ ،‬فبايع ُه الن ُ‬
‫ٍ‬
‫لعَّش بقني من شهر رمضان‪،‬‬ ‫أربعني ألف ًا بالكوفة‪ ،‬وذلك يوم األحد‬
‫َ‬ ‫رمضان سن َة‬
‫َ‬ ‫من ِ‬
‫شهر‬
‫ِ‬
‫باإلمامة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باخلالفة وأوالهم‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫أحق‬ ‫وكان إذ َ‬
‫ذاك ُّ‬ ‫َ‬

‫األمر‬ ‫غبة فيام عندَ اهللِ‪ ،‬فس َّل َم‬ ‫ترك الدّ نيا والر ِ‬
‫ثم دعاه ورعه وشفقته عىل األم ِة إىل ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وذلك بعدما مىض من‬ ‫َ‬ ‫أظهر جدّ ُه من املعجز ِة‪،‬‬‫َ‬
‫ِ‬
‫العظيمة وحتقي ًقا ملا‬ ‫ِ‬
‫للفتنة‬ ‫ملعاوي َة تسكينًا‬
‫منتصف مجادى األوىل سن َة إحدى وأربعني‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أشهر َّإال يومني‪ ،‬يو َم االثنني‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ثامنية‬ ‫ِ‬
‫خالفته‬
‫ِ‬ ‫وكمل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتم‬
‫بنيان اخلالفة‪َّ ،‬‬ ‫اإلمامة‬ ‫ديوان‬ ‫فعرفت بعا ِم اجلامعة لالتفاق بعدَ االفُّتاق‪ ،‬فيه ُخ َ‬
‫تم‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫بيشء‬ ‫يطالب أحدٌ‬ ‫بعده‪ ،‬وأن ال‬‫ثالثني سن ًة‪ ،‬وإنام سلمها عىل أن يكو َن األمر له من ِ‬ ‫ميقات‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫كان يف أيا ِم ِ‬
‫أبيه‪ ،‬فقبل ُه معاوي ُة‪.‬‬ ‫ُما َ‬

‫ِ‬
‫اجلبال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أمثال‬ ‫َ‬
‫(استقبل واهللِ احلسن بن عّل بكتائب‬ ‫ِ‬
‫احلسن البْصي رمح ُه اهللُ‪:‬‬ ‫وعن‬
‫تقتل أقراهنا‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه معاوية ‪-‬‬ ‫تويل حتى َ‬
‫كتائب ال ّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫العاص ملعاوي َة‪ :‬إين ألرى‬ ‫َ‬
‫فقال عمرو بن‬
‫ِ‬
‫بأمور‬ ‫جلني ‪: -‬أي عمرو‪ ،‬إن قتل هؤالء هؤالء‪ ،‬وهؤالء هؤالء‪ ،‬فمن يل‬ ‫الر ِ‬ ‫خي ّ‬ ‫َ‬
‫وكان واهللِ َ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بكرة ُ‬ ‫احلسن‪ :‬ولقد سمعت أبا‬ ‫قال‬‫ثم َ‬
‫ُ‬ ‫املسلمني‪ ،‬من يل بنسائهم‪ ،‬ومن يل بضيعتهم؟ َّ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫وعليه‬ ‫مر ًة‬ ‫ِ‬ ‫وه َو يقب ُل عىل‬ ‫ِ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ عىل ِ‬‫َ‬
‫الناس ّ‬ ‫عّل إىل جنبه‪َ ،‬‬ ‫واحلسن بن ٍّ‬‫ُ‬ ‫املنُب‬ ‫رأيت‬
‫ُ‬
‫بني فئتني عظيمتني من املسلمني)‪،‬‬ ‫يصلح ِبه َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ولعل اهللُ‬ ‫إن ابني هذا لس ّيد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪َّ :‬‬ ‫أخرى‪،‬‬
‫البخاري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أخرج ُه‬

‫حرصا عىل‬ ‫عَّش أل ًفا مسلحني‬ ‫ِ‬ ‫قال‪( :‬كنَّا يف مقدّ ِ‬


‫وعن أيب العريف َ‬
‫ً‬ ‫احلسن أثني َ‬ ‫مة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لح‬
‫الص ُ‬
‫وقع ّ‬
‫ثم ملا َ‬
‫لح كأنّام كّست ظهورنا من الغيظ واحلزن‪َّ ،‬‬ ‫قتال معاوي َة‪ ،‬فلام جاءنا ّ‬
‫الص ُ‬
‫س التُّقى‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫أن أك َي َس ال َك ْي ِ‬ ‫فخطب َ‬
‫فقال‪ :‬احلمدُ هللِ الذي هدانا وحق َن بنا دما َءكم‪ ،‬أال َّ‬ ‫َ‬ ‫قا َم‬
‫أحق ِبه‬ ‫َ‬
‫يكون َّ‬ ‫فيه أنا ومعاوي ُة إما أن‬ ‫اختلفت ِ‬
‫ُ‬ ‫األمر الذي‬
‫َ‬ ‫الفجور‪َّ ،‬‬
‫وإن هذا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العجز‬ ‫أعجز‬
‫َ‬
‫إن‬‫وحقن دمائهم‪ ،‬ويا معاوي ُة َّ‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد ﷺ‬ ‫ِ‬
‫مني‪ ،‬أو يكو ُن ح ّقي‪ ،‬وتركت ُه هللِ وإصالح أ ّمة ّ‬
‫السن َِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باجلور وع َّط َل ُّ‬ ‫وليس اخلليف ُة من َ‬
‫دان‬ ‫َ‬
‫وعمل بطاعته َ‬ ‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫بسية‬ ‫اخلليف َة من َ‬
‫سار‬
‫ومتاع إىل حني)(‪.)213‬‬
‫ٌ‬ ‫فقال‪ :‬وإن أدري لع ّل ُه فتْن ٌة لكم‬
‫تفت َ‬
‫ثم ا ْل َ‬ ‫َّ‬
‫واخت َذ الدنيا أ ًما وأ ًبا‪َّ ،‬‬
‫اشدون قوله ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والدَّ ُ‬
‫السال ُم‪:‬‬
‫عليه َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫الر‬
‫صحة خالفة هؤالء اخلمسة وهم اخللفا ُء ّ‬
‫ليل عىل ّ‬
‫ثالثون سن ًة)‪ ،‬وقوله‪( :‬إن تؤ ِّمروا أبا ٍ‬
‫بكر جتدو ُه ل ّينًا زاهدً ا يف الدنيا راغ ًبا يف‬ ‫َ‬ ‫(اخلالف ُة بعدي‬
‫خياف يف اهللِ لوم َة الئ ٍم‪ ،‬وإن تؤ ّمروا عل ًيا وال‬ ‫عمر جتدو ُه قو ًيا أمينًا ال‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اآلخرة‪ ،‬وإن تؤ ّمروا َ‬
‫املستقيم) أخرج ُه أمحد‪.‬‬
‫َ‬ ‫الطريق‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يأخذ بكم‬ ‫فاعلني جتدو ُه هاد ًيا مهد ًيا‬
‫َ‬ ‫أراكم‬

‫َ‬
‫قمصك‬ ‫لعثامن‪َّ :‬‬
‫(لعل اهللَ ُي‬ ‫َ‬ ‫وعمر)‪ ،‬وقول ُه‬
‫َ‬ ‫وقوله‪( :‬اقتدوا بالذين بعدي أيب ٍ‬
‫بكر‬
‫ّ‬
‫ستوىل‬ ‫(إنك‬‫رواية‪َ :‬‬‫ٍ‬ ‫الُّتمذي وابن ماجه‪ ،‬ويف‬ ‫َ‬
‫أرادوك فال ختلع ُه هلم) أخرج ُه‬ ‫قميصا فإن‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫مجهان‪َ :‬‬
‫(قال‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫سعيد بن‬ ‫َ‬
‫املنافقون خلعها فال ختلعها)‪ ،‬وعن‬ ‫َ‬
‫وسييدك‬ ‫اخلالف َة من بعدي‬
‫عليه السالم‪ :‬خالف ُة الن ِ‬
‫قال ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫ثالثون سن ًة‪َّ ،‬‬
‫ثم يؤيت اهللُ َ‬
‫امللك‬ ‫َ‬ ‫ّبوة‬ ‫َّ ُ‬ ‫سفين ُة موىل‬
‫وعّل كذا‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫عَّش‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أمسك أبو ٍ‬ ‫َ‬ ‫من يشا ُء‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وعثامن اثنتي َ‬ ‫عَّشا‬
‫وعمر ً‬
‫ُ‬ ‫بكر سنتني‬ ‫قال سفينة‪:‬‬
‫(‪)214‬‬
‫كذبت استاه بني‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بخليفة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫يزعمون أن عل ًيا مل يكن‬ ‫إن بني أم ّي َة‬
‫قلت لسفينة‪َّ :‬‬
‫سعيدٌ ‪ُ :‬‬

‫الزرقاء(‪ )216())215‬أخرج ُه ابو داوو َد‪.‬‬


‫ّ‬

‫ريض اهللُ عن ُه مبايعت ُه اخللفا ُء الثالث ُة قبل ُه وانقياد ُه هلم‪ ،‬وثناؤ ُه‬
‫َ‬ ‫عّل‬ ‫صح عن ٍّ‬ ‫وقد َّ‬
‫ِ‬
‫البالغة)‬ ‫بكر‪ ،‬ففي ِ‬
‫(هنج‬ ‫بيعة أيب ٍ‬ ‫ف زمنًا عن ِ‬ ‫اجلم َع واألعيا َد معهم‪ ،‬وأن تو ّق َ‬
‫عليهم وإقامت ُه َ‬
‫وأنت بالشا ِم فإن ُه بايعني القو ُم‬‫َ‬ ‫كتبه إىل معاوي َة‪ِ :‬‬
‫(لز َمت َْك‬ ‫كتاب من ِ‬‫ٍ‬ ‫هلل عن ُه يف‬
‫ريض ا ُ‬ ‫عن ُه‬
‫َ‬
‫خيتار وال‬ ‫ِ‬
‫للشاهد أن‬ ‫وعثامن عىل ما بايعوهم ِ‬
‫عليه‪ ،‬فلم يك ْن‬ ‫َ‬ ‫وعمر‬ ‫الذين بايعوا أبا ٍ‬
‫بكر‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫( )‬
‫‪213‬‬

‫( ) يف األصل‪ :‬بنوا‪.‬‬‫‪214‬‬

‫( )زرقا بنت موهب جدة مروان بن احلكم كانت من بغايا اجلاهلية ذوات الرايات التي ينصبن اللواء‬ ‫‪215‬‬

‫ليهتدي إليها الزواين‪ .‬منه سلمه اهلل‬


‫( )سنن أيب داود (‪ )4647‬إسناده حسن‪.‬‬ ‫‪216‬‬
‫وسمو ُه إما ًما‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫فإن اجتمعوا عىل‬ ‫ِ‬
‫واألنصار‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫للغائب أن ير َّد‪ ،‬وإنام الشورى للمهاجرين‬
‫غي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كان هللُ رَض‪ْ ،‬‬‫َ‬
‫خرج من ُه‪ ،‬فإن أبى قاتلو ُه عىل أتباعه َ‬
‫لطعن أو بدعة ر ّدو ُه إىل ما َ‬ ‫خرج‬
‫فإن َ‬
‫مصيا)(‪.)217‬‬
‫ً‬ ‫هلل ما َّ‬
‫توىل وأصاله جهن َّم وسا َءت‬ ‫ِ‬
‫سبيل املؤمنني ووال ُه ا ُ‬

‫(‪)218‬‬
‫ٍ‬
‫جلرح‬ ‫املصاب هبام‬
‫َ‬ ‫وإن‬ ‫أيضا بعدَ ِ‬
‫ذكر الشيخني‪( :‬لعمري إن مكاهنام لعظيم‪َّ ،‬‬ ‫وعن ُه ً‬
‫ِ‬
‫بأحسن ما عمالً)‪.‬‬ ‫يف اإلسال ِم شديدٌ رمحهام اهللُ‪ ،‬وجزامها‬

‫يدل عىل هذا املدعى وأواله وأقوى ما يرشدُ إىل اهلدى وأعاله قول ُه‬ ‫أوضح ما ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬
‫َخلِ َفن َُّه ْم ِيف ْاألَ ْر ِ‬ ‫ات َل َي ْست ْ‬ ‫احل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ك ََام‬ ‫الص َ‬‫ين آ َمنُوا منْ ُك ْم َو َعم ُلوا َّ‬ ‫﴿و َعدَ اهللَُّ ا َّلذ َ‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬
‫ف ا َّل ِذي َن ِم ْن َق ْبلِ ِه ْم َو َل ُي َم ِّكنَ َّن َهل ُ ْم ِدين َُه ُم ا َّل ِذي ْارت ََىض َهل ُ ْم َو َل ُي َبدِّ َلن َُّه ْم ِم ْن َب ْع ِد َخ ْوفِ ِه ْم‬
‫َخ َل َ‬‫است ْ‬ ‫ْ‬
‫ون﴾[النور‪،]55 :‬‬ ‫اس ُق َ‬ ‫ون ِيب َشي ًئا ومن َك َفر بعدَ َذل ِ َك َف ُأو َل ِئ َك هم ا ْل َف ِ‬ ‫َّش ُك َ‬ ‫َأ ْمنًا َي ْع ُبدُ ونَنِي َال ُي ْ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َْ‬
‫َّاه ْم ِيف‬ ‫ِ‬
‫ْْص ُه إِ َّن اهللََّ َل َق ِوي َع ِز ٌيز (‪ )43‬ا َّلذ َ‬
‫ين إِ ْن َم َّكن ُ‬ ‫﴿و َل َين ُ َ‬
‫ْْص َّن اهللَُّ َم ْن َين ُ ُ‬ ‫وقول ُه تعاىل‪َ :‬‬
‫وف وهنوا َع ِن املُْنْك َِر وهللَِّ َع ِ‬ ‫الزكَا َة و َأمروا بِا َْملعر ِ‬ ‫ْاألَ ْر ِ‬
‫اق َب ُة‬ ‫َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َُ‬ ‫الص َال َة َوآت َُوا َّ‬ ‫ض َأ َقا ُموا َّ‬
‫املخاطبني يف ِ‬
‫هذه‬ ‫باخللفاء الراشدين‪ ،‬ومن معهم‬ ‫ِ‬ ‫يلتصق َّإال‬
‫ُ‬ ‫ور﴾[احلج‪]43 :‬؛ أل ّن ُه ال‬ ‫ْاألُ ُم ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإهنم‬ ‫الوصف املحدود َّإال فيهم‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حصل‬ ‫وقت نزوهلا إذ مل جيتمع املوعو ُد وال‬ ‫املؤمنني َ‬
‫َ‬ ‫اآلية‬
‫حون يف‬ ‫ِ‬
‫املدينة يص ّب َ‬ ‫املَّشكني‪ ،‬وكانوا يف‬ ‫خوف من‬ ‫ٍ‬ ‫عَّش سنني عىل‬ ‫ِ‬ ‫مكثوا بم ّك ًة َ‬
‫َ‬ ‫قبل اهلجرة َ‬
‫وفتح هلم بال َد‬ ‫ِ‬
‫العرب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جزيرة‬ ‫أنجز اهللُ وعده فأظهرهم عىل‬ ‫َ‬ ‫يمسون حتّى‬ ‫َ‬ ‫الح ِ‬
‫وفيه‬ ‫الس ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الرو ِم وم ّلكهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والغرب وس ّلطهم عىل‬ ‫ِ‬
‫الفرس وقيارصة ّ‬ ‫وأكارسة‬ ‫العرب‪،‬‬ ‫صناديد‬ ‫الَّشق‬
‫ِ‬ ‫ين والس ِ‬ ‫ّمكني والب ِ‬ ‫خزائنهم وأورثهم أرضهم وديارهم مع ِ‬
‫العادلة‪،‬‬ ‫ية‬ ‫ّ‬ ‫سطة يف الدّ ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫غاية الت‬
‫ِ‬
‫املنكر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باملعروف والنّهي عن‬ ‫واألمر‬ ‫ونفاذ األمر‪،‬‬
‫ُ‬

‫( )هنج البالغة (ص ‪. )367 -366‬‬ ‫‪217‬‬

‫ٍ‬
‫بحرج‪.‬‬ ‫( )يف األصل‪:‬‬ ‫‪218‬‬
‫هلل عن ُه يف‬
‫ريض ا ُ‬ ‫عمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫هلل عنه‪( :‬أن ُه شاور ُه ُ‬
‫ريض ا ُ‬‫عّل َ َ‬
‫(هنج البالغة) عن ٍّ‬ ‫ويف‬
‫األمر مل يك ْن نْصه وال‬ ‫كر َم اهللُ وجه ُه‪َّ :‬‬
‫إن هذا‬ ‫ِ‬
‫الفرس‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بنفسه إىل ِ‬ ‫ِ (‪)219‬‬
‫َ‬ ‫فقال َّ‬ ‫قتال‬ ‫شخوصه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بلغ ما َ‬
‫بلغ‬ ‫أعز ُه وأ َّيد ُه حتّى َ‬ ‫خذالن ُه بكثرة وال لق ّلة َ‬
‫وهو دي ُن اهللِ الذي أظهر ُه وجند ُه الذي َّ‬
‫﴿وعَدَ اهللَُّ ا َّل ِذي َن آ َمنُوا﴾[املائدة‪:‬‬
‫عز اسمه‪َ :‬‬ ‫حيث َ‬
‫قال َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫موعود من اهللِ‬ ‫وطلع ونح ُن عىل‬
‫َ‬
‫َ‬
‫مكان النّظا ِم(‪ )223‬من‬ ‫ومكان القي ِم يف اإلسال ِم‬
‫َ‬ ‫ونارص جند ُه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫منجز ما وعد ُه‬
‫ٌ‬ ‫‪ ]138‬اآلي َة‪ ،‬واهللُ‬
‫والعرب اليو َم وإن كانوا ً‬
‫قليال فهم‬ ‫ُ‬ ‫جيتمع‪،‬‬
‫ْ‬ ‫متفر ٍق مل‬ ‫تفر َق‪ُ ،‬‬
‫ور َّب ِّ‬ ‫انقطع النظا ُم َّ‬
‫َ‬ ‫اخلر ِز‪ْ ،‬‬
‫فإن‬ ‫َ‬
‫دون َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫بالعرب‪ ،‬وأصلهم َ‬ ‫الرحى‬‫عزيزون باالجتام ِع فك ْن ُقط ًبا واستدر ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كثيون باإلسال ِم‬
‫العرب من أطرافها‬ ‫َ‬
‫عليك‬ ‫تنقصت‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫شخصت من‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلرب‪ ،‬فإن ََّك إن‬ ‫نار‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يديك‪ ،‬وقد كان(‪َّ )221‬‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫بني‬ ‫أهم َ‬
‫إليك ُما َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وراءك من العورات َّ‬ ‫تدع‬
‫يكون ما ُ‬ ‫وأقطارها حتى‬
‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫ِ‬
‫العرب فإذا قطعتمو ُه اسُّتحتم‪،‬‬ ‫إليك غدً ا يقولوا‪ :‬هذا ُ‬
‫أصل‬ ‫االعاجم إن ينظروا َ‬
‫َ‬
‫املسلمني‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫َ‬ ‫مسي القو ِم إىل قتا ِل‬
‫ِ‬ ‫ذكرت من‬
‫َ‬ ‫عليك وطمعهم َ‬
‫فيك‪ ،‬فإما ما‬ ‫َ‬ ‫أشدَّ تصلبهم‬
‫ذكرت من ِ‬
‫كثرة‬ ‫قادر عىل ِ‬
‫تغيي ما يكره ُه‪ ،‬وأما ما‬ ‫اهللَ سبحان ُه هو أكر ُه ملسيهم(‪َ )222‬‬
‫َ‬ ‫وهو ٌ‬ ‫منك َ‬
‫ِ‬
‫واملعونة) انتهى كالم ُه‬ ‫نقاتل بالن ِ‬
‫ّْص‬ ‫ِ‬
‫بالكثرة‪ ،‬وإنام كنَّا ُ‬ ‫عددهم‪ ،‬فإنَّا مل نكن ُ‬
‫نقاتل فيام مىض‬
‫ِ‬
‫بلفظه‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(ثالثون سن ًة‪َّ ،‬‬
‫ثم بعدها ملك وإمارة)‬ ‫َ‬ ‫السال ُم‬
‫(والالفة) أي خالفة النبوة بعد ُه عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأصحاب‬
‫ُ‬ ‫يكون ملكًا) أخرج ُه أمحد‪،‬‬ ‫ثالثون سن ًة‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫َ‬ ‫السال ُم‪( :‬اخلالف ُة بعدي‬
‫لقوله عليه َّ‬
‫ِ‬
‫األربعة‪.‬‬ ‫السن َِن‬
‫ُّ‬

‫( ) الشخوص‪.‬‬ ‫‪219‬‬

‫( ) انتقضت‬‫‪223‬‬

‫( ) ساقطة‬
‫‪221‬‬

‫ٍ‬
‫بكثي‬ ‫( ) يف األصل‪:‬‬‫‪222‬‬
‫ٍ‬
‫أشهر‬ ‫ريض اهللُ عن ُه وصلت إىل تس ٍع وعَّشين سن ًة ومخس َة‬ ‫عّل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وكانت عندَ شهادة ٍّ‬
‫ريض اهللُ عن ُه‪ ،‬وزا َد شهران َّإال سبع َة أيا ٍم‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫ِ‬
‫بخالفة‬ ‫ومخس َة وعَّشين يو ًما‪ ،‬ومتت‬
‫َ‬
‫واحلديث ور َد عىل الت ِ‬
‫َّقريب‪.‬‬ ‫ُ‬

‫قال‬ ‫ٌ‬
‫ملوك وأمرا ٌء‪َ ،‬‬ ‫مر فمعاوي ُة وأمثال ُه ليسوا بخلفا َء بل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حديث سفينة فيام َّ‬ ‫وكذلك‬
‫الزرقا‬ ‫أن اخلالف َة فيهم‪َ ،‬‬
‫قال كذبوا‪ :‬بني ّ‬ ‫يزعمون َّ‬
‫َ‬ ‫(إن بني أمي َة‬
‫قلت لسفين َة‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫مجهان ُ‬ ‫سعيدٌ بن‬
‫ِ‬
‫امللوك)‪ ،‬أخرج ُه الُّتمذي‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ٌ‬
‫ملوك من ِّ‬ ‫بل هم‬

‫ِ‬
‫وفاة‬ ‫ِ‬
‫بإمامة معاوي َة عندَ‬ ‫قول من َ‬
‫قال‬ ‫حيمل ُ‬ ‫ِ‬
‫(املسايرة)‪ :‬وينبغي أن َ‬ ‫َ‬
‫قال ابن اهلام ِم يف‬
‫أليس َّ‬
‫أن‬ ‫قيل‪َ :‬‬ ‫األمر له)‪ ،‬فإن َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫وذلك عندَ تسلي ِم‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بقليل‬ ‫ريض اهللُ عن ُه عىل ما بعد ُه‬
‫َ‬ ‫عّل‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫اخللفاء العباس َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبعض‬ ‫ُ‬ ‫خالفة‬ ‫لف وعلامء األ ّم ِة كانوا مت َ‬
‫ّفقني عىل‬ ‫والعقد من الس ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫أهل ِّ‬
‫احلل‬ ‫َ‬
‫ريض اهللُ عن ُه وولد ُه‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫للعباس‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫املرواني ُة كعمر بن ِ‬
‫َ‬ ‫العزيز‪ ،‬وقد دعا الن ُ‬ ‫عبد‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولده)‪،‬‬ ‫هم احفظ ُه يف‬ ‫تغادر ذن ًبا ال َّل َّ‬
‫ُ‬ ‫وولده مغفر ًة ظاهر ًة وباطن ًة‪ ،‬ال‬ ‫للعباس‬ ‫اغفر‬
‫(اللهم ْ‬‫َّ‬
‫وقال‪ :‬املهدي من ِ‬
‫ولد‬ ‫ِ‬
‫عقبه)‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫(واجعل اخلالف َة يف‬ ‫ٍ‬
‫رواية رزين‪:‬‬ ‫الُّتمذي وزا َد يف‬ ‫أخرج ُه‬
‫ُ‬
‫الدارقطني ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عمي)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬
‫العباس َّ‬
‫ِ‬ ‫لتفت هو ِ‬ ‫ِ‬
‫أن اخلالف َة بعد ُه عليه ا َّ‬
‫لسال ُم عىل‬ ‫إليه َّ‬ ‫احلديث واملعنى الذي ُي ُ‬ ‫(قلت‪ :‬مفا ُد‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫االت ِ‬
‫ّصال واستقامتها من ِ‬
‫تكون ملكًا‪ ،‬وهو ال ينايف‬ ‫ثالثون سن ًة‪َّ ،‬‬
‫ثم بعدها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تكون‬ ‫اختالل‬ ‫غي‬
‫يكون بعد ُه خالف ًة‪.‬‬
‫َ‬ ‫يف أن‬

‫ُ‬
‫تكون‬ ‫ثم‬
‫ثم يرفعها اهللُ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫تكون‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫(تكون النّبو ُة فيكم ما شا َء اهللُ أن‬ ‫وقد روي‪:‬‬
‫ُ‬
‫تكون مل ًكا‬ ‫ثم‬ ‫َ‬ ‫منهاج الن ِ‬
‫ِ‬ ‫اخلالف ُة عىل‬
‫ثم يرفعها اهللُ تعاىل‪َّ ،‬‬
‫تكون‪َّ ،‬‬ ‫هلل أن‬
‫ّبوة فيكم ما شا َء ا ُ‬
‫تكون خالف ًة عىل‬
‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫تكون‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫فتكون ما شا َء اهللُ أن‬ ‫تكون جُب َّي ًة‬
‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫عاض ًا‪َّ ،‬‬
‫ثم يرفعها اهللُ‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫منهاج الن ِ‬
‫ّبوة)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪ ،‬والبيهقي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫األمراء‬ ‫بعد‬ ‫ِ‬
‫اخللفاء أمراء‪ ،‬ومن ِ‬ ‫(ستكون من بعدي خلفاء‪ ،‬ومن ِ‬
‫بعد‬ ‫ُ‬ ‫وروي‪:‬‬
‫األرض ً‬
‫عدال كام ملئت‬ ‫أهل بيتي يم ُ‬
‫خأ‬ ‫رجل من ِ‬ ‫خيرج ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ثم ُ‬ ‫ملوك‪ ،‬ومن بعد امللوك جبابرة‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫وبامللوك ابن‬ ‫َ‬
‫سفيان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باألمراء ولد أيب‬ ‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫الطُباين‪ ،‬ولعل ُه أرا َد يف هذا‬ ‫جورا)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫العباس‪.‬‬ ‫ظهر دول ُة بني‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم َ‬ ‫مروان‪َّ ،‬‬ ‫وباجلبابرة بني‬ ‫الزبي وأعوان ُه‪،‬‬

‫ٌ‬
‫رجل من بني أم َّي َة)‪ ،‬أخرج ُه أبو يعىل‪ ،‬ورو َد‪:‬‬ ‫(أو ُل من يبدِّ ُل سنّتي‬
‫قد ور َد‪َّ :‬‬
‫وامللك بالشا ِم)‪ ،‬أخرج ُه احلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باملدينة‬ ‫(اخلالف َة‬

‫ويرجع‬
‫ُ‬ ‫عرف وجوب ُه ِمن َّ‬
‫الَّشعِ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫(واملسلمون ال بدَّ هلم من إمام) ونصب ُه واجب‪ ،‬قد‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اخللق طاعته‪،‬‬ ‫وجيب عىل‬ ‫ِ‬
‫الكفاية نصبه‪،‬‬ ‫فيتعني عليهم عىل‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫والعقد‬ ‫أهل ِّ‬
‫احلل‬ ‫ِ‬
‫اختيار ِ‬ ‫إىل‬
‫ُ‬
‫مسلم‪.‬‬ ‫مات ميت ًة جاهل َّي ًة)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫مات ومل َير عىل نفس ُه إما ًما َ‬
‫السال ُم‪َ ( :‬من َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ٌ‬ ‫لقوله عليه َّ‬

‫ٌ‬
‫مقدمة‬ ‫مات ميت ًة جاهل َّي ًة)‪ ،‬وألن ُه‬ ‫عنقه بيعة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وليس يف‬ ‫مات‬
‫ويف أخرى ل ُه‪َ ( :‬من َ‬
‫َ‬
‫األصحاب وقدَّ مو ُه‬ ‫تبادر إلي ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لَّشائط اإلما ِم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫برئيس عا ٍّم جام ٍع‬ ‫تنتظم َّإال‬
‫ُ‬ ‫ولذلك َ‬ ‫ُ‬ ‫ملصالح ال‬
‫َ‬
‫يكون‬‫َ‬ ‫جوزوا َّأال‬ ‫للخوارج‪ ،‬وأيب ٍ‬‫ِ‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء خال ًفا‬ ‫عىل ِّ‬
‫األصم‪ ،‬وهشا ُم بن عمرو فإهنم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫بكر‬
‫العقل‪ ،‬والشيع ُة‬ ‫ِ‬ ‫أن وجوبه إنام هو من ج ِ‬
‫هة‬ ‫وللمعتزلة فإن مجهورهم زعموا‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫يف َ‬
‫العاملِ إما ٌم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ّقصان كام‬ ‫بالز ِ‬
‫يادة والن‬ ‫ّغي ّ‬ ‫الَّش ِع عن الت ُّ ِ‬
‫حلفظ قوانني َّ‬ ‫ِ‬ ‫فإهنم أوجبوها عىل اهللِ تعاىل عن ُه‪ ،‬إما‬
‫مذهب اإلسامعيل َّي ِة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫معر ًفا ِ‬
‫هلل تعاىل وصفاته كام َ‬ ‫َ‬
‫ليكون ّ‬ ‫مذهب اإلمام َّي ِة منهم‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫َ‬

‫الَّش ِع فيهم‪ ،‬فإ ّن ُه قد‬ ‫بتنفيذ األحكا ِم املُبي ِنة من ِ‬


‫جهة َّ‬ ‫ِ‬ ‫بتنفيذ أحكامهم) أي‬‫ِ‬ ‫( يقو ُم‬
‫َّ‬
‫للشيعة فإهنم زعموا‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫يغادر صغي ًة وال كبي ًة خال ًفا‬ ‫بيان ما حيتاج ِ‬
‫إليه البيان‪ ،‬ومل‬ ‫توىل َ‬
‫َّ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واملتشابه والتّبلي ِغ فيام‬ ‫ِ‬
‫واملشكل‬ ‫ِ‬
‫كاملجمل‬ ‫خفي من األد ّل ِة‬ ‫ُ‬
‫البيان فيام‬ ‫اإلمام هو الذي ِ‬
‫إليه‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫عدا ُه‪.‬‬
‫والس ِنة ملا روى أصحابنا يف كتبهم عن ابن‬ ‫ِ‬
‫الكتاب ُّ‬ ‫(وإقام ُة حدودهم) املع َّي ِنة يف‬
‫ِ‬
‫والصدقات‬ ‫ِ‬
‫الوالة‪ :‬احلدود‬ ‫بي موقو ًفا ومرفو ًعا‪( :‬أرب ِع إىل‬ ‫الز ِ‬‫عباس وابن ُّ‬ ‫مسعو َد وابن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والفيء)(‪.)223‬‬ ‫ِ‬
‫واجلمعات‬

‫ِ‬
‫(وجتهيز‬ ‫حلوزة امل ّل ِة عن تعدّ ي ال ِ‬
‫كفرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫(وسد ثغورهم) محاي ًة للبيضة‪ ،‬وحف ًظا‬
‫ِ‬
‫األموال‬ ‫ِ‬
‫(وأخذ صدقاهتم) من‬ ‫ِ‬
‫وإعزاز اإلسال ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كلمة اهللِ‬ ‫ِ‬
‫وإعالء‬ ‫ِ‬
‫للجهاد‬ ‫جيوشهم)‬
‫ثم أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والباطنة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الزكا َة منها َّ‬
‫يأخذ ّ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫وكان‬ ‫باحلامية‪،‬‬ ‫األخذ‬ ‫حق‬
‫ألن َّ‬ ‫الظاهرة‬
‫ِ‬
‫محاية‬ ‫ِ‬
‫لقصور‬ ‫مالكها‬ ‫ِ‬
‫األمصار إىل ّ‬ ‫ِ‬
‫الباطنة يف‬ ‫ِ‬
‫األموال‬ ‫ِ‬
‫صدقات‬ ‫فو َض عثامن‬‫وعمر بعد ُه‪ ،‬وإنام َّ‬
‫َ‬
‫اإلما ِم فيها‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بتأويل وهلم منعة‪ ،‬فإن استح ّلوا دما َء املسلمني‬ ‫ِ‬
‫كاخلوارج يف النّواحي‬ ‫(وقهر املتغ ّل ِبة)‬
‫ِ‬
‫وإال فهم ال ُبغا ُة فإن تَركهم يدعو إىل تفاقم َّ ِ‬
‫الَّش‬ ‫اخلوارج‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وأمواهلم وذرارُيم ونسائهم فهم‬
‫ِ‬
‫إعصار املتأخري َن‪،‬‬ ‫الغالب يف‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫ين كام َ‬ ‫ِ‬
‫اختالل ِ‬
‫أمر الدّ نيا والدّ ِ‬ ‫وتعاظ ِم ُّ ِ‬
‫الرض املؤ ّدي إىل‬
‫ِ‬
‫العمران بال‬ ‫ِ‬
‫خارج‬ ‫ِ‬
‫الطريق) يف‬ ‫ِ‬
‫املدن‪( ،‬وق ّطا ِع‬ ‫ِ‬
‫االختفاء يف‬ ‫ِ‬
‫منعة عىل‬ ‫(واملتلص َص ِة) بال‬
‫ِ‬
‫اآلحاد ال يتأيت هلم منعهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تأويل‪َّ ،‬‬
‫فإن‬

‫ِ‬
‫واألعياد) فإهنا تقا ُم بجم ٍع عظي ٍم‪ ،‬والتّقد ُم عليهم يعدُّ ش ًفا ورفع ًة‬ ‫(وإقامة ُ‬
‫اجل َم ِع‬
‫ِ‬
‫الفتنة‬ ‫ِ‬
‫ثوران‬ ‫ّجاذب املؤ ّدي إىل‬‫ّنازع والت‬ ‫ِ‬ ‫فيتسارع ِ‬
‫إليه ُّ‬
‫ُ‬ ‫فيقع الت ُ‬
‫الرياسة ُ‬ ‫مهت ُه إىل ّ‬
‫كل من مالت ّ‬ ‫ُ‬
‫السال ُم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫سلطان تعتقدُ طاعت ُه أوختشى عقوبت ُه‪ ،‬وقد َ‬
‫قال عليه َّ‬ ‫ّحارب إذا مل يك ْن عن ذي‬ ‫ُ‬ ‫والت‬
‫أمره‪ّ ،‬إال وال‬‫بارك اهللُ يف ِ‬
‫مجع اهللِ شمله‪ ،‬وال َ‬ ‫ٌ‬
‫أوعادل أال وال َ‬ ‫(‪)224‬‬
‫( َمن تركها ول ُه إما ٌم جائر‬

‫( )الُّتمذي "‪223 ،219 ،239 ،238 /6 :‬؛ " اهلداية " و " فتح القدير "‪133 ،129 /4 :‬؛ و"‬ ‫‪223‬‬

‫البخاري "‪.182 /4 :‬‬


‫( ) يف األصل‪ :‬جابر‪.‬‬‫‪224‬‬
‫ُ‬
‫الواقعة‬ ‫اشُّتط يف لزومها اإلما ُم عىل ما يفيد ُه اجلمل ُة‬
‫َ‬ ‫صال َة ل ُه) أخرج ُه ابن ماجه وغي ُه‪،‬‬
‫ِ‬
‫السلطان وعدَّ منها‪ :‬اجلمع ُة والعيدين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلسن رمح ُه اهللُ أربع إىل‬ ‫ً‬
‫حاال‪ ،‬وعن‬

‫عة بني ِ‬
‫العباد‪ ،‬وقبول ّ‬
‫الشهادات القائمة عىل احلقوق‪ ،‬وتزويجِ‬ ‫الواق ِ‬
‫املنازعات ِ‬
‫ِ‬ ‫(وقطع‬
‫َ‬
‫يتوالها َّإال ذو‬ ‫ِ‬
‫األمور التي ال ّ‬ ‫ونحو َ‬
‫ذلك) من‬ ‫وق ِ‬
‫سمة الغنائمِ‪،‬‬ ‫َار الذين ال أولياء هلم‪ِ ،‬‬ ‫الصغ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫للض ِ‬
‫عيف من القوي‪.‬‬ ‫َّافذة‪ ،‬كتقوي ِم الغوي‪ ،‬واأل ِ‬
‫خذ ّ‬ ‫والكلمة الن ِ‬
‫ِ‬ ‫الوالية العا ّم ِة‬
‫ِ‬
‫ّ‬

‫نظم عبارت ُه يف مجو ٍع مضاف ًة تفيدُ العمو َم‬ ‫ُ‬ ‫ويف كال ِم املصن ِ‬
‫حيث َ‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ‬
‫بويع اخلليفتان فاقتلوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫السال ُم‪( :‬إذا َ‬ ‫جيوز تعدُّ د ُه لقوله عليه َّ‬ ‫واالستغراق‪ ،‬إشار ًة إىل أن ُه ال ُ‬
‫اآلخر يف رواي ًة ل ُه وللبخاري‬ ‫ُ‬
‫احلديث‬ ‫اآلخ َر منهام)(‪ ،)225‬أخرج ُه مسلم‪ ،‬وهذا مق ّيدٌ بام يفيد ُه‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫السال ُم‪( :‬من أتاكم وأمركم ُمجِ َع عىل‬ ‫ِ‬
‫قال عليه َّ‬ ‫حيث َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالقتل‬ ‫يندفع َّإال‬
‫ْ‬ ‫من إن ُه إذا مل‬
‫ُ‬
‫(سيكون بعدي‬ ‫ٍ‬
‫رواية هلام‪:‬‬ ‫يفر ُق مجاعتكم فاقتلوه)‪ ،‬ويف‬ ‫ٍ‬
‫يشق عصاكم أو ِّ‬ ‫واحد يريدُ أن َّ‬
‫ثم أعطوهم ح ّقهم)‪ ،‬ويروى عن‬ ‫ببيعة َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيكثرون قالوا‪ :‬فام تأمرنا؟ َ‬‫َ‬
‫األول َّ‬ ‫قال أوفوا‬ ‫خلفاء‬
‫أهل‬ ‫ّفق ُ‬ ‫َ‬
‫ولذلك ات َ‬ ‫ٍ‬
‫واحد)‪،‬‬ ‫سيفان يف ٍ‬
‫غمد‬ ‫ِ‬ ‫يصلح‬ ‫ِ‬
‫لخأنصار‪( :‬ال‬ ‫بكر ريض اهللُ عن ُه أن ُه َ‬
‫قال‬ ‫أيب ٍ‬
‫ُ‬
‫جو َز بعضهم إمامت ُه بعدَ تسلي ِم‬ ‫ِ‬
‫يكن إما ًما‪ ،‬وإنام َّ‬ ‫أن معاوي َة يف خالفة ٍّ‬
‫عّل واحلسن مل ْ‬ ‫احلق َّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫احلسن له‪.‬‬

‫ائط فاإلما ُم من انعقدت بيعت ُه َّأو ًال عىل ما يفيد ُه‬


‫الَّش َ‬
‫مجع ّ‬
‫اجتمع عد ٌد ُمن َ‬
‫َ‬ ‫ثم إذا‬
‫َّ‬
‫وظاهر كال ِم الغزايل رمح ُه‬
‫ُ‬ ‫احلديث‪ ،‬ولو عقد هلام م ًعا بطال‪ ،‬فتستأنف ألحدمها أو لغيمها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جوزوا‬ ‫احلق‪ ،‬خال ًفا للكرام َّية فإهنم َّ‬
‫االنقياد إىل ِّ‬ ‫األكثر‪ ،‬واملخالف با ٍغ ُ‬
‫جيب ر ُّد ُه إىل‬ ‫اعتبار‬
‫َ‬ ‫اهللُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫وجو َز ُ‬
‫َّ‬ ‫واحلسن‪،‬‬ ‫عقدَ البيعة ألمامني يف قطرين‪ ،‬وأثبتوا إمام َة معاوي َة يف أيا ِم ٍّ‬
‫عّل‬
‫َ‬
‫اسحاق‬ ‫ذلك عن أيب‬ ‫(الصحائف) التَّعدد يف قطرين متباعدين‪َ ،‬و ُن ِق َل َ‬ ‫ِ‬ ‫وصاحب‬
‫ُ‬ ‫الزيد َّي ِة‬
‫ّ‬
‫املغاربة من األندلسيني‬‫ِ‬ ‫اإلسفرايني‪ ،‬وأيب املعايل اجلويني من األشعري ِة‪ ،‬وربام يظهر من ِ‬
‫آراء‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫( )مسلم (‪.)1853‬‬ ‫‪225‬‬


‫ِ‬
‫بألقاب‬ ‫َ‬
‫هنالك‬ ‫َ‬
‫ملوك بني أم ّي َة واملوحدي َن وغيهم‬ ‫حيث ل َّقبوا‬
‫ُ‬ ‫اجلنوح إىل َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وغيهم‬
‫ِ‬
‫بإمرة‬ ‫ِ‬
‫اخلليفة وخاطبو ُه‬ ‫اسم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل‪ :‬الن ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة َ‬
‫لدين اهللِ‪ ،‬واملعتضد باهللِ‪ ،‬وأطلقوا عليهم َ‬ ‫َّارص‬
‫رشيق القيواين ينعى‬‫ٍ‬ ‫ذلك ُ‬
‫يقول ابن‬ ‫اإلمامة‪ ،‬ويف َ‬‫ِ‬ ‫ونعت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة‬ ‫املؤمنني ا ّلتي هي ِس َم ُة‬
‫ِ‬
‫اخللفاء وسامَتم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫نعوت‬ ‫عليهم تو ّثبهم عىل‬

‫ِ‬
‫ومعتمد‬ ‫ٍ‬
‫معتضد فيها‬ ‫أسام َء‬ ‫ٍ‬
‫أندلس‬ ‫ِ‬
‫أرض‬ ‫يزهدين يف‬
‫ُما ّ‬

‫ِ‬
‫األسد‬ ‫انتفاخا صول َة‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫كاهلر حيكي‬ ‫غي موضعها‬ ‫ٍ‬
‫ُملكة يف ِ‬ ‫ألقاب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وتآلف‬ ‫ِ‬
‫الكلمة‬ ‫ويبطله احلديث واإلمجاع املتقدّ م‪ ،‬وأل ّنه ينايف املقصود من ّاحت ِ‬
‫اد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الغالب يف‬ ‫هو‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القلوب واندفا ِع‬
‫ُ‬ ‫مضار ال ختفى ومفاسدَ ال حتىص‪ ،‬كام َ‬ ‫املخالفة‪ ،‬ويفيض إىل‬
‫عيان ال حيتاج إىل ٍ‬
‫بيان‪.‬‬ ‫وذلك ٌ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املحن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واستيعاب‬ ‫ِ‬
‫الفتن‬ ‫ِ‬
‫استيالء‬ ‫ِ‬
‫األمصار من‬ ‫ِ‬
‫هذه‬
‫ُ‬

‫حتصل بدونه‪،‬‬‫ُ‬ ‫ِ‬


‫نصبه ال‬ ‫ألن املصالح املُّتت ِ‬
‫ّبة عىل‬ ‫ظاهرا) َّ‬ ‫يكون اإلما ُم‬
‫َ‬ ‫(ثم ينبغي أن‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫يقول ِبه ِّ‬
‫الشيع ُة‬ ‫لبة كام ُ‬ ‫ِ‬
‫االستيالء وال َغ ِ‬ ‫َّاس خو ًفا من ال َّظ ِ‬
‫لمة ملا هلم من‬ ‫(ال ُمت ّف ًيا) عن ِ‬
‫أعني الن ِ‬
‫ِ‬
‫العدوان‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫واختالل نظا ِم ِ‬ ‫الز ِ‬
‫مان‬ ‫صالح ّ‬‫ِ‬ ‫منتظرا خروج ُه) عندَ‬ ‫ِ‬
‫األئمة‪( ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫يف‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫واالنتظار‬ ‫ِ‬
‫بالتوقف‬ ‫فإن منهم من ُ‬
‫يقول‬ ‫ِ‬
‫للشيعة َّ‬ ‫وتفر ِق منعتهم‪ ،‬خال ًفا‬ ‫ِ‬
‫بانكسار شوكتهم ُّ‬
‫كل‬ ‫كثي وعندَ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق والت ِ‬‫قال‪ :‬بالس ِ‬
‫جعة‪ ،‬ومنهم من َ‬ ‫والر ِ‬
‫خالف ٌ‬
‫ٌ‬ ‫اإلمامة‬ ‫سوق‬ ‫ّعدية وهلم يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بكل‬ ‫ٍ‬
‫جديدة ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ومقالة‬ ‫ٍ‬
‫زمان‬ ‫وخبط يف ِّ‬
‫كل‬ ‫ٌ‬ ‫ومذهب‬ ‫وقول بالر ِ‬
‫جعة‬ ‫ٌ‬ ‫ف‬ ‫ٍ‬
‫خالف تعدي ٌة وتو ّق ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫لسان‪.‬‬

‫ٍ‬
‫فرقة‬ ‫مخس ٍ‬
‫فرق‪ :‬كيساني ٌة وزيدي ٌة وإمامي ٌة‪ ،‬وغالةٌ‪ ،‬وإسامعيلي ٌة‪ ،‬ومن ِّ‬
‫كل‬ ‫وهم ُ‬
‫قول أو ٌ‬
‫عمل ز ّي َن ل ُه فرآ ُه حسنًا‪ ،‬فاالثني‬ ‫ٍ‬
‫بسوء ٌ‬ ‫ٍ‬
‫واحدة منها عن غيها‬ ‫طوابق امتازت ُّ‬
‫كل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلسن العسكري بالن ِ‬
‫َّص‬ ‫ٍ‬
‫حممد بن‬ ‫ِ‬
‫اإلمامية ساقوا اإلمام َة حتى انتهت إىل‬ ‫ِ‬
‫عَّشية من‬
‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫والت ِ‬
‫ثم ابن ُه احلس ُن املجتبى‪َّ ،‬‬
‫عّل املرتىض‪َّ ،‬‬
‫السال ُم ّ‬
‫احلق بعد ُه عليه َّ‬
‫َّعيني‪ ،‬وقالوا‪ :‬اإلما ُم ُّ‬
‫ثم‬ ‫ُ‬
‫الصادق‪َّ ،‬‬ ‫فر‬
‫ثم ابن ُه جع ٌ‬
‫الباقر‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم ابن ُه حممدٌ‬
‫الس ّجاد‪َّ ،‬‬
‫ثم ابن ُه عّل َّ‬ ‫احلسني َّ‬
‫الشهيدُ ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫أخو ُه‬
‫ثم ابن ُه احلس ُن‬
‫ثم ابن ُه عّل التقي‪َّ ،‬‬
‫ثم ابن ُه حممدٌ التّقي‪َّ ،‬‬
‫الرضا‪َّ ،‬‬
‫ثم ابن ُه عّل ّ‬
‫الكاظم‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ابن ُه موسى‬
‫الّس ِ‬
‫داب‪.‬‬ ‫بّس من رأى يف ِّ‬
‫غاب َّ‬
‫املهدي‪َ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫املنتظر‬
‫ُ‬ ‫القائم‬
‫ُ‬ ‫ثم ابن ُه حممدٌ‬
‫الزكي‪َّ ،‬‬
‫ّ‬

‫ِ‬
‫الغاية‪ ،‬وجاوزت عن احلدِّ‬ ‫أن الغيب َة قد امتدت إىل‬ ‫ِ‬
‫العجيب أهنم قالوا‪َّ :‬‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫املحدود أضعا ًفا مضاعفة‪ ،‬وصاحبنا َ‬
‫القائم وقد طع َن يف األربعني سن ًة َ‬
‫فليس‬ ‫ُ‬ ‫خرج‬
‫إن َ‬‫قال‪ْ :‬‬
‫بصاحبكم‪.‬‬

‫يموت حتى‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫جعفر الصادق‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن ُه حي بعدَ ولن‬ ‫والناوسي ُة منهم قطعوا عندَ‬
‫املهدي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫القائم‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫يظهر أمر ُه‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫زين العابدين‪ ،‬ابنه زيدٌ ‪ ،‬ثم حممدٌ بن ِ‬
‫عبد‬ ‫الزيدي ُة قالوا‪ :‬اإلما ُم بعدَ ِ‬
‫واجلارودي ُة من ّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األرض ً‬
‫عدال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سيخرج ويم ُ‬
‫خأ‬ ‫ُ‬ ‫يقتل‬ ‫ِ‬
‫احلسن املثنى‪ ،‬وزعموا أن ُه مل ْ‬ ‫اهللِ بن‬

‫أخيه حممدٌ بن احلنف َّي ِة‬


‫احلسني إىل ِ‬
‫ِ‬ ‫واملختاري ُة من الكيساني ُة ساقوا اإلمام َة من‬

‫ولذلك َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الرأي‪،‬‬
‫اعر عىل هذا ّ‬ ‫ثي َّ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬
‫وكان ُك ِّ ُ‬ ‫ِ‬
‫بجبل رضوى(‪،)226‬‬ ‫وقالوا‪ :‬هو حي‬

‫احلق أربعة سواء‬


‫األيمة من قريش ‪ ...‬والة ّ‬
‫إن ّ‬ ‫أال ّ‬

‫عىل والثالثة من بنيه ‪ ...‬هم األسباط ليس هبم خفاء‬


‫ّ‬

‫وبر ‪ ...‬وسبط غ ّيبته كربالء‬


‫فسبط سبط إيامن ّ‬

‫وسبط ال يذوق املوت حتّى ‪ ...‬يقود اخليل يقدمها ال ّلواء‬

‫تغ ّيب ال يرى عنهم زمانا ‪ ...‬برضوى عنده عسل وماء‬

‫( )الشعر والشعراء‬
‫‪226‬‬

‫[الدينوري‪ ،‬ابن قتيبة](‪.)538/1‬‬


‫ريض اهللُ عن ُه مل ْ‬
‫يقتل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫عبد اهللِ بن سبأٍ زعموا ّ‬
‫أن عل ًيا‬ ‫الغالة أصحاب ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫والسبئي ُة من‬
‫هو‬‫جورا‪ ،‬وابن سبأ َ‬‫ملئت ً‬ ‫ْ‬ ‫خأها ً‬
‫عدال كام‬ ‫ِ‬
‫األرض فيم ُ‬ ‫ُ‬
‫سينزل إىل‬ ‫الس ِ‬
‫حاب‪ ،‬وأن ُه‬ ‫بل هو يف َّ‬
‫والغيبة والر ِ‬
‫جعة‪ ،‬ومن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالتوقف‬ ‫وأو ُل من َ‬
‫قال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّأو ُل من‬
‫ّ‬ ‫عّل‪َّ ،‬‬‫بالنص بإمامة ٍّ‬
‫(‪)227‬‬
‫ّ‬ ‫القول‬ ‫أظهر‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكان قد نفا ُه إىل‬ ‫ريض اهللُ عنه‪،‬‬
‫َ‬ ‫أظهر هذه املقال َة بعدَ وفاة ٍّ‬
‫عّل‬ ‫َ‬ ‫أصناف الغالة‪ ،‬وإنام‬
‫ُ‬ ‫انشعب‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املدائن‪.‬‬

‫َ‬
‫إسامعيل التّا ّم‬ ‫ادق إىل ِ‬
‫ابنه‬ ‫الص َ‬ ‫ٍ‬ ‫والباطني ُة من اإلسامعيلي ُة ساقوا اإلمام َة من‬
‫جعفر َّ‬
‫ِ‬
‫باألئمة املستورين وبعدهم‬ ‫ِ‬
‫السبعة ابتدا ًء من ُه‬ ‫دور‬ ‫ٍ‬
‫تم ُ‬ ‫حممد(‪ ،)228‬وقالوا‪ :‬إنام َّ‬
‫ثم ابن ُه ّ‬
‫السابع‪َّ ،‬‬
‫ظاهر‬ ‫األرض عن إما ٍم ّ‬
‫قط إما‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حممد بإفريقي َة‪ ،‬ولن ختلو‬ ‫كان ظهور املهدي ِ‬
‫عبيد اهللِ بن‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مكشوف أو باط ٌن مستور‪.‬‬
‫ٌ‬

‫عَّش‪ ،‬وعن هذا وقعت‬ ‫ٍ‬ ‫واألئم ُة‬


‫تدور أحكامهم عىل سبعة‪ ،‬والنقبا ُء عىل اثني َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األئمة‬ ‫ِ‬
‫تعيني‬ ‫الش ِ‬
‫يعة مل َيثبتوا يف‬ ‫وأصناف ِّ‬ ‫ِ‬
‫النقباء لخأئمة‪،‬‬ ‫قرروا عد َد‬ ‫ُ‬ ‫الشبه ُة لإلمامي ُة‬
‫ُ‬ ‫حيث ّ‬
‫ّامت بارد ٌة‬
‫ذلك حتك ٌ‬‫رق ك ّلها وهلم غي َ‬ ‫اختالف ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر من‬ ‫ٍ‬ ‫عىل ٍ‬
‫رأي واحد بل اختالفاَتم ُ‬
‫شعرا(‪:)229‬‬ ‫تائهون ونعم ما َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكلامت شارد ٌة وك ّلهم حيارى ضا ّلون جاهلون‬
‫قيل ً‬ ‫اإلمامة‬ ‫بحال‬ ‫ٌ‬

‫لقد طفت يف تلك املعاهد كلها ‪ ...‬وسيت طريف بني تلك املعامل‬

‫فلم أر إال واضعا كف حائر ‪ ...‬عىل ذقن أو قارعا سن نادم‬

‫ِ‬
‫آالف‬ ‫أليس اخلرض وإلياس يغيبان يف الدنيا من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإذا ُسئلوا عن الغيبة قالوا‪َ :‬‬
‫كيف‬
‫قيل هلم‪ :‬ومع اختالفكم يف هذا َ‬ ‫ِ‬
‫البيت؟ َ‬ ‫أهل‬ ‫ٍ‬
‫واحد من ِ‬ ‫جيوز َ‬
‫ذلك يف‬ ‫سنني(‪ )233‬فلم ال ُ‬

‫( ) يف األصل‪ :‬العرض‪ ،‬والتّصحيح من امللل والنحل للشهرستاين‪.‬‬ ‫‪227‬‬

‫( )‬
‫‪228‬‬

‫( ) ذكرها [الشهرستاين] يف (امللل والنحل)‪ ،‬ويف (هناية اإلقدام)‪.‬‬ ‫‪229‬‬

‫( )يف األصل‪ :‬سنة‪.‬‬ ‫‪233‬‬


‫مكلف‬
‫ٌ‬ ‫ضامن‬ ‫ِ‬
‫بضامن مجاعة‪ ،‬واإلما ُم عندكم‬ ‫ف‬‫الغيبة‪ ،‬ثم اخلرض ليس بمك ّل ٍ‬
‫ِ‬ ‫يصح دعوى‬
‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫بسنته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واالستنان‬ ‫ِ‬
‫باالقتداء ِبه‬ ‫ِ‬
‫ومجاعته مك ّل َ‬
‫فون‬ ‫باهلدا ِية‬

‫إلياس بن مرض‬
‫َ‬ ‫(ويكون من قريش) وهم بنو ٍ‬
‫نرض بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫قريش وأحيائهم عىل األكثر‪،‬‬ ‫أنساب‬ ‫جيمع‬ ‫ّرض هو الذي‬ ‫بن نزار بن ٍ‬
‫معد بن عدنان‪ ،‬والن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫كعب بن‬ ‫مر َة بن‬
‫بن كالب بن ّ‬ ‫وقيل‪ :‬ق‬ ‫مالك بن الن ِ‬
‫ّرض‪َ ،‬‬ ‫فهر بن َ‬ ‫وقيل‪ُ :‬بل َ‬
‫هو حفيد ُه‪ٌ ،‬‬ ‫َ‬
‫فهر‪.‬‬
‫لؤي بن غالب بن َ‬

‫َّسائي‬ ‫ٍ‬ ‫السال ُم‪( :‬األئم ُة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قريش)‪ ،‬أخرج ُه الن ُ‬ ‫جيوز من غيهم لقوله عليه َّ‬ ‫ُ‬ ‫وال‬
‫البزار‪ ،‬والطُباين‪ ،‬والبيهقي‪.‬‬ ‫السال ُم‪( :‬قدِّ موا ً‬
‫قريشا وال تَقدَّ موها)‪ ،‬أخرج ُه َّ‬ ‫ِ‬
‫وقول ُه عليه َّ‬
‫ٍ‬
‫رواية وللُّتمذي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األمر)‪ ،‬أخرج ُه أمحدُ ‪ ،‬ويف‬ ‫السال ُم‪( :‬قريش وال َة هذا‬ ‫ِ‬
‫وقول ُه عليه َّ‬
‫السال ُم‪( :‬ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاس يف ِ‬
‫اخلي َّ ِ‬ ‫(قريش وال ُة الن ِ‬
‫األمر‬
‫َ‬ ‫يزال هذا‬ ‫والَّش إىل يو ِم القيامة)‪ ،‬وقول ُه عليه َّ‬ ‫ٌ‬
‫بقي من الن ِ‬
‫َّاس اثنان)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪ ،‬والبخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش ما َ‬ ‫يف‬

‫خمتص ٌة هبم‪ ،‬ومستمر ٌة إىل‬ ‫اديث وما يف معناها ٌ‬ ‫ِ‬


‫أن اخلالف َة َّ‬
‫قاطع عىل َّ‬
‫ٌ‬ ‫دليل‬ ‫وهذه األح ُ‬
‫إمجاع‬
‫ُ‬ ‫جيوز إمهاهلا وال عقدها لغيهم وإخراجها عنهم‪ ،‬وعىل َ‬
‫ذلك‬ ‫ُ‬ ‫آخر الدَّ ِ‬
‫هر فيهم ال‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وعلامء األ ّم ِة ُ‬ ‫الص ِ‬
‫قريش)‪،‬‬ ‫األمر َّإال ٍّ‬
‫حلي من‬ ‫َ‬ ‫العرب هذا‬
‫ُ‬ ‫تعرف‬
‫َ‬ ‫حيث َ‬
‫قال أبو بكر‪( :‬لن‬ ‫حابة‬ ‫َّ‬
‫كنت‬ ‫السالم‪( :‬لو ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فحل َّ‬
‫األنصار بعدَ النّزا ِع َّ‬ ‫فريض ِبه‬
‫ولذلك ّأولوا قول ُه عليه َّ‬ ‫حمل اإلمجاعِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الُّتمذي وابن ماجه‪ ،‬بأنه أرا َد‬ ‫رت عليهم ابن أ ِم ِ‬
‫عبد)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ٍ‬
‫مشورة أل َّم ُ‬ ‫مؤ ِّم ًرا من ِ‬
‫غي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أموره يف حيات ُه‪.‬‬ ‫أمر من‬ ‫ِ‬
‫استخالفه يف ٍ‬ ‫جيش ِ‬
‫بعينه أو‬ ‫ٍ‬ ‫تأمي ُه عىل‬

‫ريض اهللُ عن ُه ملا ُط ِع َن‪( :‬لو َ‬


‫كان سامل ٌ موىل أيب حذيف َة ح ًيا ملا جعلت ُه‬ ‫َ‬ ‫عمر‬
‫وقول َ‬
‫ِ‬
‫اختياره هلا من يرا ُه‬ ‫اخلالفة وتقليدها عن ِ‬
‫رأيه يف‬ ‫ِ‬ ‫يصدر يف ِ‬
‫أمر‬ ‫شورى)‪ ،‬بأن ُه أرا َد أن ُه َ‬
‫كان‬
‫ُ‬
‫باإلمامة ال أنه جيعلها ِ‬
‫ِ‬ ‫أفاضل الص ِ‬
‫فيه؛ ألن ُه من املوايل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حابة وأح ِّقهم‬ ‫ِ َّ‬ ‫ويعين ُه من‬
‫ونصبو ُه إما ًما برأُيم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫للخوارج فإهنم اجتمعوا يف ِّ‬
‫ِ‬ ‫خال ًفا‬
‫كل زمان عىل واحد منهم َّ‬
‫ِ‬
‫العدل يف معامالَتم‪ ،‬وإال خذلوه‬ ‫بَّشط أن يبقى عىل مقتىض اعتقادهم‪ ،‬وجيري عىل سنن‬ ‫ِ‬

‫الراسبي‪ ،‬فخرجوا عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫باإلمامة َ‬ ‫وأو ُل من بايعو ُه‬
‫وهب ّ‬ ‫كان عبدُ اهللِ بن‬ ‫وخلعوه وربام قتلو ُه‪َّ ،‬‬
‫ريض اهللُ عن ُه وحاربو ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫عّل‬
‫ٍّ‬

‫ونبطي‬
‫ٌ‬ ‫اجتمع قرييش‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫قريش حتّى إذا‬ ‫تصلح يف ِ‬
‫غي‬ ‫ُ‬ ‫عمر إىل أهنا‬
‫رضار بن َ‬
‫ٌ‬ ‫وذهب‬
‫َ‬
‫خالف‬
‫ُ‬ ‫وأضعف وسيل ًة‪ ،‬فيمكننا خلع ُه إذا‬
‫ُ‬ ‫وأنقص عد ًدا‬
‫ُ‬ ‫َّبطي إذ هو ُّ‬
‫أقل عد ًدا‬ ‫قدَّ منا الن ُ‬
‫الَّش ِ‬
‫يعة‪.‬‬ ‫َّ‬

‫َّبطي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬


‫قريش‪َّ ،‬إال أهنم ال‬ ‫جوزوا اإلمام َة يف ِ‬ ‫ِ‬
‫يقدمون عليهم الن ُ‬ ‫غي‬ ‫وأكثر املعتزلة وإن َّ‬
‫ُ‬
‫وإن اس ُت ْع ِم َل عليكم عبد‬
‫السال ُم‪( :‬إسمعوا وأطيعوا ْ‬ ‫ِ‬
‫ومستندهم من طريق النقل قول ُه عليه َّ‬
‫السال ُم‪( :‬إذا‬ ‫ِ‬ ‫كأن رأس ُه زبيب ٌة‪ ،‬ما أقا َم فيكم‬
‫حبيش َّ‬
‫البخاري‪ ،‬وقول ُه عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫كتاب اهللِ)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫َ‬
‫مسلم‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫بكتاب اهللِ فاسمعوا ل ُه وأطيعوا)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َمدع أسو َد يقودكم‬
‫ٌ‬ ‫أ ِّم َر عليكم عبدٌ‬
‫َّسائي‪.‬‬
‫والُّتمذي والن ُ‬
‫ُ‬
‫أن املراد من ينصبه اإلمام أمي ًا عىل رسي ٍة‪ ،‬أو حاكام عىل ٍ‬
‫بلدة أو وال َّي ًا عىل‬ ‫واجلواب‪َّ :‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٌ‬
‫قريش عبدً ا حبش ًيا َمدَّ ًعا فاسمعوا ل ُه‬ ‫السال ُم‪( :‬وإن أ َّمرت عليكم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ناحية لقوله عليه َّ‬
‫يدل عىل‬ ‫ِ‬
‫نصبه‪ ،‬بل إنّام ُّ‬ ‫ِ‬
‫جواز‬ ‫والبيهقي‪ ،‬عىل أن ُه ال ُّ‬
‫يدل عىل‬ ‫احلاكم‬ ‫وأطيعوا)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫استعمل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫طاعته إن‬ ‫ِ‬
‫وجوب‬

‫بويع‬ ‫َ‬ ‫كان عندَ معاوي َة بن أيب‬


‫الراشدي َن َ‬ ‫ِ‬ ‫واعلم َّ‬
‫ثم َ‬ ‫َّ‬
‫( ‪)231‬‬
‫سفيان‬ ‫األمر بعدَ اخللفاء َّ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫ودخل يف‬ ‫الز ِ‬
‫بي‬ ‫ثم بويع عبدُ اهللِ بن ُّ‬ ‫يتم أمر ُه َ‬
‫وقتل‪َّ ،‬‬ ‫ريض اهللُ عنهام‪ ،‬ومل ّ‬ ‫عّل‬
‫َ‬ ‫احلسني بن ٍّ‬
‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واالستيالء عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فكان يزيدُ بن معاوي َة و َيل العهدَ من أبيه َ‬
‫ثم‬ ‫َ‬ ‫األمة‬ ‫أمور‬ ‫الغلبة‬ ‫ظاهر‬ ‫بحسب‬ ‫( )وأما‬
‫‪231‬‬

‫األمر بعد ُه بنو ُه إىل أن انقرضت دولتهم‪َ ،‬‬


‫وآل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫وثب مر ُ‬
‫فتداول َ‬ ‫امللك‬ ‫بي وخلف ُه ابن ُه عبدُ‬ ‫ونازع ابن ُّ‬
‫َ‬ ‫وان‬ ‫َ‬
‫أبيه صىل اهللُ ِ‬
‫عليه وس َّل َم من ُه س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬ ‫عباس بنو صنو ِ‬
‫ٍ‬ ‫األمر إىل ِ‬
‫ذويه من ِ‬
‫آل‬ ‫ُ‬
‫مروان وقومه فكانوا خوارج ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سنني‪ ،‬وأما‬ ‫تسع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وبقي يف اخلالفة َ‬
‫َ‬ ‫املسلمني‬
‫َ‬ ‫مجهور‬
‫ُ‬ ‫طاعته‬
‫باخلالفة من بعده حممدٌ بن عّل بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عهده‬ ‫بويع يف‬ ‫ِ‬ ‫أفضت إىل عمر بن ِ‬
‫ٍّ‬ ‫ثم َ‬ ‫العزيز‪َّ ،‬‬ ‫عبد‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ألخيه أيب‬ ‫وهو‬ ‫جعل عهده إىل ِ‬ ‫وهو َ‬ ‫ِ‬ ‫اهللِ بن عباس بن ِ‬
‫إبراهيم اإلمام‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ابنه‬ ‫ُ‬ ‫املطلب‪َ ،‬‬ ‫عبد‬ ‫َ‬
‫هالك األمو ّي ِة وبوي ِع عىل‬
‫ُ‬ ‫وكان عىل ِ‬
‫يده‬ ‫َ‬ ‫فظهرت هلم الدُّ ول ُة‬ ‫ْ‬ ‫الس ِ‬
‫فاح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العباس عبدُ اهللِ َّ‬
‫وثالثني‬
‫َ‬ ‫اآلخر سن َة اثنتني‬ ‫خلت من ِ‬
‫شهر ربي ٍع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫لثالٍ عَّش َة‬ ‫األشهاد يوم اجلم ِ‬
‫عة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رؤوس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأميت ما سنّو ُه من شعائر‬ ‫َّاس من ظل ِم بني مروان‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومئ ٌة من‬
‫َ‬ ‫فاسُّتاح الن ُ‬
‫َ‬ ‫بالكوفة‬ ‫اهلجرة‬
‫وإن ألمتي مئ ُة ٍ‬
‫سنة‪ ،‬فإذا‬ ‫ال َّ‬‫أمة آج ً‬ ‫لكل ٍ‬‫(إن ِّ‬‫السال ُم‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السوء والعدوان‪ ،‬وذلك قول ُه عليه َّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫حسن(‪.)232‬‬ ‫ٍ‬
‫بإسناد‬ ‫الطُباين‬ ‫سنة أتاها ما وعدها اهللُ)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫مرت عىل أمتي مئ ُة ٍ‬
‫ُ‬

‫ف‬‫وخي من ُأخ ِّل ُ‬ ‫عمي وصنو أيب‬ ‫ِ‬ ‫السال ُم َ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫(أنت ّ‬
‫َ‬ ‫للعباس‪:‬‬ ‫قال‬ ‫وروي‪ :‬أن ُه عليه َّ‬
‫املنصور‪ ،‬ومنهم‬ ‫فاح‪ ،‬ومنهم‬ ‫فهي َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بعدي‪ ،‬إذا كانت سن َة‬
‫ُ‬ ‫الس ُ‬
‫لك منهم َّ‬ ‫وثالثني ومئة ّ‬
‫َ‬ ‫مخس‬
‫اخلطيب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫املهدي)‪ ،‬أخرج ُه‬

‫آلخر‬
‫َ‬ ‫ويفوضها َّأو ٌل‬ ‫العباس يتوارثها صاغر عن ٍ‬
‫كابر‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫واستمرت اخلالف ُة يف بني‬
‫املستعصم‬ ‫ِ‬
‫بالعراق‬ ‫َ‬
‫وكان آخرهم‬ ‫صح ْت واليتهم‪،‬‬
‫رجال منهم ّ‬ ‫وثالثون ً‬
‫َ‬ ‫سبع‬
‫حتّى قا َم هبا ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األربعاء ألرب ِع عَّش َة خلت من‬ ‫قتل شهيدً ا يو َم‬ ‫ِ‬
‫املستنْص باهلل َ‬ ‫ِ‬
‫العباس عبدُ اهللِ بن‬ ‫باهللِ أبو‬
‫ِ‬
‫األتراك‪.‬‬ ‫وستمئة خارج بغداد يف ِ‬
‫فتنة‬ ‫ٍ‬ ‫ومخسني‬
‫َ‬ ‫ص َف ٍر سن َة ٍ‬
‫ست‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫أهل ِ‬‫األو ِل خاص ًة‪ ،‬فإهنم من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫بيته‬ ‫العباس أو بنو هاش ٍم كام يف احلديث َّ‬ ‫األمة بنو‬ ‫ُ‬
‫ويكون املرا ُد من‬ ‫( )(‬ ‫‪232‬‬

‫العز‬
‫ثبات ِّ‬‫العجز عندَ رهبا كناي ًة عن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بَّشيعته عىل العمو ِم وعد ِم‬ ‫ُ‬
‫واألخذ‬ ‫أتباعه يف ِ‬
‫دينه‬ ‫ِ‬ ‫مجيع‬ ‫ِ‬
‫وبنو عمه ال َ‬
‫ِ‬
‫وعند رهبا كناي ًة عن ثباَتم عىل حت ِ‬
‫صيل‬ ‫ِ‬
‫األمة عىل العمو ِم‬ ‫ِ‬
‫اخلالفة أو‬ ‫ِ‬
‫األمر ومتكُّنهم يف‬ ‫ِ‬
‫واستقامة‬ ‫ِ‬
‫وامللك‬
‫الَّش ِ‬
‫يعة كام كانوا‬ ‫ين وال َّث ِ‬
‫بات عىل معاملِ َّ‬ ‫ث بالدِّ ِ‬‫وحسن التشب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكامل‬ ‫ِ‬
‫املعارف واحلك ِم عىل‬ ‫ِ‬
‫وكسب‬ ‫العلو ِم‬
‫ُّ‬
‫اخلالفة العباس َّي ِة من ُه س َّلم ُه اهللُ تعاىل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعهد‬ ‫ِ‬
‫الفاضلة‬ ‫ِ‬
‫القرون‬ ‫ِ‬
‫عليه يف‬
‫هلل عن ُه َ‬
‫قال‪ :‬إين‬ ‫ريض ا ُ‬ ‫ٍ‬
‫وقاص‬ ‫برواية ٍ‬
‫سعد بن أيب‬ ‫ِ‬ ‫السال ُم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ذلك ُ‬ ‫ولعل َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫حممل قوله عليه َّ‬
‫نصف يو ٍم؟‬ ‫ٍ‬
‫لسعد‪ :‬وكم‬ ‫نصف يو ٍم‪َ ،‬‬
‫قيل‬ ‫رهبا أن ِّ‬
‫يؤخرهم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ألرجو أن ال يعجز أمتي عندَ ِّ‬
‫مخسامئة ٍ‬
‫سنة)(‪ ،)233‬أخرج ُه أبو داوود‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ً‬
‫تكميال‬ ‫ِ‬
‫طاعته‬ ‫ِ‬
‫خول يف‬ ‫ِ‬
‫اخلليفة والدّ‬ ‫ِ‬
‫نصب‬ ‫مْص بجملتهم إىل‬ ‫مهة ِ‬
‫أهل َ‬ ‫ثم ن ََزعت ّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫البيعة أليب القاس ِم‬ ‫َملس‬ ‫ِ‬
‫املبني‪ ،‬فعقدوا‬ ‫الَّش ِع‬ ‫ِ‬
‫الكفاية يف َّ‬ ‫ِ‬
‫لواجب‬ ‫ً‬
‫وحتصيال‬ ‫ين‬ ‫ملراس ِم الدِّ ِ‬
‫َ‬
‫املستنْص باهللِ‪ ،‬فبايع ُه‬ ‫العبايس‪ ،‬وأثبتوا نسب ُه ول َّقبو ُه‬ ‫ِ‬
‫لدين اهللِ‬ ‫رص‬ ‫ِ‬
‫الظاهر باهللِ بن النَّا ِ‬ ‫أمحدَ بن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫واملشايخ‬ ‫ثم العلام ُء‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫ِ‬
‫الصاحلي‪َّ ،‬‬ ‫الُّتكي ّ‬ ‫الفتوح بيُبس ّ‬ ‫الظاهر أبو‬
‫ُ‬ ‫امللك‬ ‫لطان‬ ‫باخلالفة ُّ‬
‫وستمئة بعدَ انق ِ‬
‫ضاء‬ ‫ٍ‬ ‫ومخسني‬ ‫رجب سن َة تس ٍع‬ ‫ِ‬
‫اجلمعة من‬ ‫َ‬
‫وذلك يو َم‬ ‫واألمرا ُء عىل مراتبهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان آخرهم املتوك ُّل عىل ا ِ‬ ‫َ‬ ‫عَّش ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هلل‬ ‫رجال‪،‬‬ ‫مقتل املستعص ِم‪ ،‬فتداوهلا مخس ُة َ‬ ‫سنني من‬
‫َ‬ ‫ثالٍ‬
‫وانقرض اخللفا ُء‬‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وتسعمئة‪،‬‬ ‫وأربعني‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫مخس‬ ‫وتويف سن َة‬ ‫املستمس ِك باهللِ‬
‫ِ‬ ‫أبو ِ‬
‫عبد اهللِ حممدٌ بن‬
‫َ‬
‫بعد ُه بالكل َّي ِة‪.‬‬

‫ِ‬
‫أحوال‬ ‫ِ‬
‫قلوب العاملِ‪ ،‬ومراعاة‬ ‫ِ‬
‫ّاموس يف‬ ‫ِ‬
‫ومتكني الن‬ ‫ِ‬
‫اهليبة‬ ‫إظهار‬ ‫َ‬
‫وكان قواعدهم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعمل بأقواهلم وإحضارهم يف َمالسهم واستشارَتم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العلامء‬ ‫ِ‬
‫األمور وتعظي ِم‬ ‫الَّش ِع يف ِّ‬
‫كل‬ ‫َّ‬
‫وضعف أمرهم‬
‫َ‬ ‫للحق هلم أو عليهم إىل أن وقعت الفتن ُة بينهم‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫االنقياد‬ ‫وكانوا يف ٍ‬
‫هناية من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتالشت عصبتهم وعجزوا عن ِ‬
‫ب عليهم‬ ‫الرياسة‪ ،‬فتغ َّل َ‬
‫محل مرسو ِم اخلالفة ومعمو ِم ّ‬
‫ِ‬
‫اخلالفة أد ًبا‬ ‫ِ‬
‫ألقاب‬ ‫َ‬
‫يتجافون عن‬ ‫غي أهنم كانوا‬ ‫األعاجم ونوزعوا َ‬
‫امللك‪ ،‬واستبدَّ وا برأُيم‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ون بعهودهم‬ ‫ويظهرون طاعتهم ويتو ّل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وخيطبون هلم‬ ‫املختص ِة هبا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وعدوال عن سامَتا‬ ‫معها‬
‫واستمر‬ ‫صفحات نقودهم مع استشعار زُيم يف راياَتم ولباسهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وينقشون أسامءهم عىل‬
‫َّ‬
‫وحمي اسمها‪ ،‬ونيس عهدها‬ ‫وذهب رسمها‬ ‫ِ‬
‫باجلملة‬ ‫اضمحلت‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اهليئة إىل أن‬ ‫احلال عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذلك‬ ‫ويسلك كل طري ًقا ال يوافق ُه يف َ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫واحد منهم رأ ًيا‬ ‫مهال يرى ُّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫األطراف ً‬ ‫ُ‬
‫ملوك‬ ‫وبقي‬
‫َ‬
‫غي ُه‪.‬‬

‫( )‬
‫‪233‬‬
‫مات ميت ًة جاهل َّي ًة؛‬ ‫عنقه بيع ٌة َ‬ ‫مات وليس يف ِ‬ ‫وأن من َ‬ ‫قريش‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن األئم َة من‬ ‫ثبت َّ‬
‫وإذا َ‬
‫َ‬
‫ذهب‬ ‫ِ‬ ‫اخللفاء العباس َّي ِة عىل‬‫ِ‬ ‫قول من َ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫األزمنة ُ‬ ‫صدق يف ِ‬ ‫َ‬
‫اإلشكال‪ ،‬وإن َ‬ ‫األمر بعدَ‬
‫َ‬ ‫إن‬ ‫هذه‬
‫مذهب‬‫ٌ‬ ‫وجواز عقدها لغيهم‪ ،‬وتعدُّ ِد ِه لكن ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القريشية فيها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اشُّتاط‬ ‫بعضهم إىل نفي‬
‫الَّشائط فيمن تصدَّ ى‬ ‫ُ‬ ‫تعذ َر وجو ُد‬ ‫نعم لو َّ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ٌ‬
‫االسُّتسال به‪ْ ،‬‬ ‫جيوز‬
‫مطروح ال ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وقول‬ ‫مرجوح‬
‫ٌ‬
‫فيه الَّشائط‬ ‫تولية من وجدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقدر عىل‬ ‫فتنة ال ُ‬ ‫رصفه عنها إثار ُة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫تطاق‪ ،‬ومل ْ‬ ‫وكان يف‬ ‫لإلمامة‬
‫ِ‬ ‫والعدول عن مراس ِم َّ ِ‬
‫آخر وقعدَ مكان ُه‬ ‫ب عليه ُ‬ ‫جيب طاعته‪ ،‬وإذا تغ َّل َ‬ ‫الَّشيعة ُ‬ ‫ُ‬ ‫اجلور‪،‬‬
‫ُ‬ ‫لغلبة‬
‫ِ‬
‫تولية‬ ‫ِ‬
‫األمة يف‬ ‫بتعطيل ِ‬
‫أمور‬ ‫ِ‬ ‫الرض ِر العا ِّم‬
‫ويثبت حكم ُه لل َّثاين‪ ،‬حتاش ًيا عن لزو ِم َّ‬ ‫األو ُل‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫انعزل َّ‬
‫يثبت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رضوري ُ‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫وذلك ٌ‬ ‫مْصا‪،‬‬
‫قْصا وهد َم ً‬
‫فيكون كمن بنى ً‬ ‫اخلصومات‪،‬‬ ‫وفصل‬ ‫القضاء‬
‫احلاجة ِ‬
‫إليه‪ ،‬ويتقدّ ُر بقدرها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عندَ‬

‫ِ‬
‫كالب‪ ،‬والدُ‬ ‫ِ‬
‫مناف بن ق ِ بن‬ ‫(وال خيتص ببني هاشم) وهو لقب عمرو بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫إمامة‬ ‫صح ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبد املطلب جدُّ الن ِ‬
‫إلطالق احلديث‪ ،‬وملا ثبت من ّ‬ ‫والسال ُم‬
‫َّبي عليه الصال ُة َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫العلوية‪َّ ،‬إال َّ‬ ‫جيوز عقد اإلمامة ِ‬
‫لغي‬ ‫للش ِ‬
‫يعة فإهنم زعموا أن ُه ال‬ ‫ِ‬
‫اخللفاء الثالثة خالف ًا ِّ‬
‫ُ‬
‫إن أبا هاش ٍم عبدُ‬
‫دون غيهم‪ ،‬وقالوا‪َّ :‬‬‫العباس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إمامة بني‬ ‫ِ‬
‫بصحة‬ ‫بعض الكي ِ‬
‫سانية منهم قالوا‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أوالده الوص ّية‬ ‫وأنجر ْت يف‬ ‫عّل الع ّبايس‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫اهللِ حممد بن احلنف َّية أوَّص هبا إىل حممد بن ٍّ‬
‫السال ُم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫التصال الن ََّس ِ‬ ‫ألن هلم فيها ح ًقا‬ ‫ِ‬
‫وصارت اخلالف ُة إليهم؛ َّ‬
‫رسول اهللِ عليه َّ‬ ‫تويف‬
‫ب‪ ،‬وقد َ‬
‫جعفر بن‬ ‫عبد اهللِ بن معاوي َة بن ِ‬
‫عبد اهللِ بن‬ ‫بالوراثة‪ ،‬وبعضهم جوزوا إمام َة ِ‬
‫ِ‬ ‫والعباس أوىل‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫طالب‪.‬‬
‫َ‬ ‫أيب‬

‫األعم يستلز ُم‬ ‫ِ‬


‫االختصاص من‬ ‫نفي‬ ‫حيث َّ‬‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫أن َ‬ ‫ريض اهللُ عنه) وهذا من‬ ‫َ‬ ‫عيل‬
‫(وأوالد ٍّ‬
‫مستغن عنه‪ ،‬فإنه ريض اهللُ عنه عّل بن أيب طالب بن ِ‬
‫هاشم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املطلب بن‬ ‫عبد‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ ُ‬ ‫األخص‬
‫ِّ‬ ‫نفي ُه من‬
‫الش ِ‬
‫يعة قالوا‪:‬‬ ‫مجهور ِّ‬ ‫وفص َل الكال ِم‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّإال َّ‬
‫َ‬ ‫مذهب املخالف ّ‬ ‫َ‬ ‫الحظ‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ‬‫أن املصن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باختيار ِ‬ ‫تفو ُض إىل األ ّم ِة وتنعقدُ‬
‫ركن‬
‫هي ُ‬ ‫أهل البيعة‪ْ ،‬بل َ‬ ‫اإلمام ُة ليست قض َّي ًة مصلح َّي ًة ّ‬
‫ِ‬
‫العامة إطالق ُه‬ ‫يصح إىل‬ ‫سول إمهال ُه وإغفال ُه‪ ،‬وال‬ ‫جيوز للر ِ‬ ‫ين وقاعد ُة اإلسال ِم‪ ،‬ال‬ ‫الدِّ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ ّ‬
‫قلب عن ِ‬
‫أمر‬ ‫يكون مفارقت ُه الدنيا عن فرا ِغ ٍ‬ ‫َ‬ ‫أهم من تعيينها حتّى‬ ‫ين أمر ُّ‬‫وإرسال ُه‪ ،‬وما يف الدِّ ِ‬

‫ظاهرا‪،‬‬ ‫نصا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األ ّم ِة‪ ،‬فإ ّن ُه ُب ِع َث لرف ِع‬
‫ً‬ ‫ريض اهللُ عن ُه ً‬
‫َ‬ ‫عّل‬
‫نص عىل ٍّ‬ ‫الوفاق‪ ،‬وقد َّ‬ ‫وتقرير‬ ‫اخلالف‬
‫ِ‬
‫خيرج عنهم وإن‬
‫ُ‬ ‫واضحا‪ ،‬وإهنا ال حمال َة يف أوالده ً‬
‫نصا يف إما ٍم بعدَ إما ٍم‪ ،‬وال‬ ‫ً‬ ‫وع ّين ُه تعيينًا‬
‫فبخفية من غيهم‪ ،‬أو بتق َّي ٍة من عندهم‪.‬‬‫ٍ‬ ‫خرج‬
‫َ‬
‫حابة عىل ِ‬
‫بيعة‬ ‫سلف من إمجا ِع الص ِ‬
‫َ‬ ‫معصوما) ملا قد‬ ‫يكون‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يشَّتط يف اإلما ِم أن‬ ‫(وال‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫يعة فإهنم قاسوها عىل الن ِ‬
‫ّبوة من‬ ‫للش ِ‬ ‫ِ‬
‫العصمة فيهم‪ ،‬خال ًفا ِّ‬ ‫ِ‬
‫بانتفاء‬ ‫ِ‬
‫الثالثة مع القط ِع‬ ‫ِ‬
‫اخللفاء‬
‫نال َع ْه ِدي‬ ‫قال سبحانه‪َ :‬‬
‫﴿ال َي ُ‬ ‫ظلم‪ ،‬واإلمام ُة عهدُ اهللِ‪ ،‬وقد َ‬
‫وألن املعصي َة ٌ‬
‫َّ‬ ‫غي جامعٍ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫فلحوق‬ ‫الظلم‪ ،‬ولو س َّل َم‬ ‫يوجب‬ ‫ِ‬
‫العصمة ال‬ ‫ني﴾[البقرة‪ .]124 :‬واجلواب‪ :‬أن عد ُم‬ ‫ال َّظامل ِ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫هبدمه‪.‬‬ ‫اإلسال ِم‬

‫ِ‬
‫العصمة مل‬ ‫ِ‬
‫غيه‪ ،‬فلو َع ِر َي عن‬ ‫ً‬
‫وناقال ل ُه إىل‬ ‫شع حافظ ًا للَّش ِع ومب ِّينًا‬
‫وقالوا‪ :‬هو َ‬
‫ِ‬ ‫يؤمن يف ِ‬
‫آخر‬ ‫ويفوت مصلح ُة نصبه‪ ،‬أو َ‬
‫افتقر إىل إما ٍم َ‬ ‫ُ‬ ‫جيب تبعيت ُه‪،‬‬ ‫الزيغٍ‪ ،‬فال ُ‬‫وهنيه عن ّ‬ ‫أمره‬ ‫ُ َ ْ‬
‫جيب طاعت ُه يف‬‫فيتسلسل‪ .‬واجلواب‪ :‬أنَّا ال نس َّل َم أن ُه ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األقبح‬ ‫ِ‬
‫األصلح وحيفظ ُه عن‬ ‫يثبت ُه عىل‬
‫ارع من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِّ‬
‫أمور‬ ‫الش ُ‬ ‫ب للقيا ِم بام ّ‬
‫عرف ُه َّ‬ ‫اليسء‪ ،‬فإن ُه إنام ُن ّص َ‬‫املنكر ّ‬ ‫متابعته يف‬ ‫يشء‪ ،‬حتى يلز َم‬
‫ِ‬
‫جوع إىل‬
‫الر ُ‬
‫جيب ّ‬ ‫علم خمالفته ُ‬ ‫وجب متابعته‪ ،‬ومهام َ‬ ‫َ‬ ‫ظن موافقت ُه‬ ‫ع ّينها وأحكا ٍم ب ّينها‪ ،‬فمهام َّ‬
‫أحب أو‬ ‫السمع والطاع ُة فيام‬ ‫عليه السالم‪( :‬عىل ِ‬
‫املرء املسل ِم‬ ‫قال ِ‬ ‫االجتها ُد واألد ّل ُة‪ ،‬وقد َ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫سمع وال طاع َة)‪ ،‬أخرج ُه الستة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بمعصية فال‬ ‫فإن ُأ ِم َر‬ ‫ٍ‬
‫بمعصية ْ‬ ‫ؤمر‬ ‫ك َِر َه‪َّ ،‬إال ْ‬
‫َ‬ ‫أن ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عّل‬
‫مر عن ٍّ‬‫الصحيحني‪( :‬ال طاع َة يف معصية إنّام ال ّطاع ُة يف املعروف)‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ويف ّ‬
‫هذه األم ِة بأدبني الكتاب والسن ُة‪ ،‬ال هواد َة عندَ الس ِ‬
‫لطان فيهام‪،‬‬ ‫هلل أدب ِ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪َّ :‬‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫(أن ا َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫هلل‬
‫ريض ا ُ‬ ‫فإن أبا قاتلو ُه)‪ ،‬وعن أيب ٍ‬
‫بكر‬ ‫خرج عن ُه‪ْ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وأن ُه ْ‬
‫َ‬ ‫لطعن أو بدعة ر ُّدو ُه إىل ما َ‬ ‫خرج‬
‫إن َ‬
‫عصيت فال طاع َة يل عليكم)‪ ،‬وعن ِ‬
‫عبد اهللِ بن عمرو بن‬ ‫ُ‬ ‫أطعت اهللَ‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬ ‫عن ُه‪( :‬أطيعوين ما‬
‫هلل‬ ‫ِ‬
‫طاعة ا ِ‬ ‫ونفعل‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬أطع ُه يف‬ ‫َ‬ ‫عم َك معاوي ُة يأمرنا أن َ‬
‫نفعل‬ ‫العاص أن ُه َ‬
‫قيل ل ُه‪( :‬هذا اب ُن ّ‬
‫ِ‬
‫أمراء‬ ‫ِ‬
‫إطاعة‬ ‫ِ‬
‫وجوب‬ ‫مسلم وأبو داوود‪ ،‬وقد أمجعنا عىل‬ ‫ِ‬
‫معصية اهللِ)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬
‫واعصه يف‬
‫ٌ‬
‫ونو ِ‬ ‫ِ‬
‫اب اإلما ِم مع عد ِم عصمتهم فيام مل ُي ُ‬
‫علم خمالفتهم‪.‬‬ ‫األطراف‪ّ ،‬‬
‫بقوله تعاىل‪﴿ :‬إِنَّام ي ِريدُ ا ُ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عصمة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثم إهنم استد ّلوا عىل‬
‫ب َعن ُك ُم‬ ‫هلل ل ُي ْذه َ‬ ‫َ ُ‬ ‫البيت‬ ‫أهل‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫سعيد‬ ‫عّل وفاطم َة وابنيهام‪َ ،‬‬
‫وقال أبو‬ ‫ت﴾[األحزاب‪ ،]33 :‬ألن ُه َ‬ ‫الرجس َأه َل ا ْلبي ِ‬
‫نزل يف ٍّ‬ ‫َْ‬ ‫ِّ ْ َ ْ‬
‫ٍ‬
‫رواية واثل ُة‬ ‫والطُباين‪ ،‬ويف‬ ‫ِ‬
‫وهؤالء)‪ ،‬أخرج ُه أمحدُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ‬ ‫اخلدري‪( :‬إهنا نزلت يف مخسة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحق)‪ ،‬أخرج ُه أمحدُ ‪ ،‬وعن عائش َة وأ ِم َس َلم َة‬ ‫وأهل بيتي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫هؤالء ُ‬
‫أهل بيتي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫قال‪( :‬ال ّلهم‬
‫َ‬
‫مثل‬ ‫ٍ‬
‫صحيحة َ‬ ‫بطرق متعدّ ٍ‬
‫دة‬ ‫ٍ‬ ‫مالك وغيهم‬ ‫َ‬ ‫أرقم وأنس بن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقاص وزيد بن َ‬ ‫َ‬ ‫وسعد بن أيب‬
‫َ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫نزل قول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬ف ُق ْل َت َعا َل ْوا نَدْ ُع َأ ْبنَا َءنَا َو َأ ْبنَا َء ُك ْم َونِ َسا َءنَا َونِ َسا َء ُك ْم َو َأ ْن ُف َسنَا‬
‫وأن ُه ملا َ‬
‫واحلسني‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ عل ًيا وفاطم َة واحلس َن‬ ‫َو َأ ْن ُف َس ُك ْم﴾ [آل عمران‪ ]61 :‬اآلي ُة‪ ،‬دعا‬
‫سلم والُّتمذي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هؤالء ُ‬ ‫َ‬
‫أهل بيتي)‪ ،‬أخرج ُه م ٌ‬ ‫وقال‪( :‬اللهم‬

‫أهل بيتي وخاصتي‬ ‫ِ‬


‫هؤالء ُ‬ ‫اللهم‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫للُّتمذي‪( :‬ج ّل َل عليهم‬ ‫ٍ‬
‫رواية‬ ‫ويف‬
‫(‪)234‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫تطهيا)‪.‬‬
‫ً‬ ‫الرجس وطهرهم‬
‫َ‬ ‫اذهب عنهم‬
‫ْ‬

‫ِ‬
‫بذكر‬ ‫فإن اآلي َة حمفوف ٌة‬
‫يناسب املقا َم‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫البيت هبم ال‬ ‫ختصيص ِ‬
‫أهل‬ ‫وأجيب‪ :‬بأن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫االستئناف‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫تعليل ألمره َّن وهنيه َّن عىل‬ ‫فهي‬ ‫األزواج ُفتِ َح ْت بوعده َّن ُ‬
‫ِ‬
‫وختمت بوعظه َّن‪َ ،‬‬
‫وإذهاب اإلث ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الض ِ‬
‫مي للت ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫املذمومة‬ ‫األحوال‬ ‫ّغليب أو التّعظي ِم‪ ،‬واملرا ُد الت ُ‬
‫ّطهي من‬ ‫وتذكي ّ‬
‫ِ‬
‫ختصيصه هبم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫التفات إىل‬ ‫غي‬ ‫ِ‬
‫البيت من ِ‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫واحلديث يقتيض أهنم ُ‬

‫قال‪ِ :‬‬
‫أنت‬ ‫رسول اهللِ؟ َ‬
‫َ‬ ‫ريض اهللُ عنها قالت‪( :‬وأنا معهم يا‬ ‫بأن أ َّم سلم َة‬
‫ور َّد‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫فتنحي يل عن ِ‬
‫أهل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الُّتمذي‪ ،‬ويف رواية عنها قالت‪( :‬قومي ّ‬
‫ُ‬ ‫وأنت إىل خي)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫مكانك‬
‫ِ‬
‫البيت ال‬ ‫ُ‬
‫فأهل‬ ‫ِ‬
‫ّخصيص‪،‬‬ ‫األحاديث ك ُّلها ُّ‬
‫تدل عىل الت‬ ‫ُ‬ ‫يت قري ًبا)‪ ،‬بل‬
‫فتنح ُ‬ ‫فقمت‬
‫ُ‬ ‫بيتي‪،‬‬
‫ّ‬

‫( )يف األصل‪ :‬وهامتي‪.‬‬ ‫‪234‬‬


‫ترغيبهن‬ ‫عظتهن تأكيدً ا ملا فيها من‬ ‫املفّسي َن‪ ،‬واآلي ُة معُّتض ٌة يف‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫مجهور ّ‬
‫ُ‬ ‫ذهب‬
‫َ‬ ‫وإليه‬ ‫يتناوهل َّن‬
‫ِ‬
‫القناعة‪ ،‬فإهن َّن‬ ‫وإيثار‬ ‫ِ‬
‫الطاعة‬ ‫رسوله والقنوت عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خمالفة حك ِم اهللِ ورضا‬ ‫يف التّقوى عن‬
‫ُ‬
‫للحكم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إرادته تعاىل تأكيدٌ‬ ‫ِ‬
‫حلْص‬ ‫ِ‬
‫وحذارة املآث ِم يف ابتدائها بإنام املفيدُ‬ ‫ِ‬
‫حيازة املكار ِم‬ ‫تلوهم يف‬
‫املنو ِن املنك ِّر إشار ًة إىل وصوهلم منتها ُه واستقرارهم يف‬ ‫ِ‬
‫باملصدر ّ‬ ‫واعتنا ٌء بشأهنم‪ ،‬ويف ختمها‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫ُ‬
‫حيتمل أن‬ ‫املنع‬
‫أن َ‬ ‫عليك َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫جنس ما يتعارف‪ ،‬وال خيفى‬ ‫ليس من‬‫بديع َ‬
‫تطهي ٌ‬
‫ٌ‬ ‫أعاله‪ ،‬وإن ُه‬
‫السال ُم َ‬
‫قال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من دخوهلا معهم فيام جللهم ِبه‪ ،‬ال أهنا ليست من ِ‬
‫كيف فإن ُه عليه َّ‬‫البيت‪َ ،‬‬ ‫أهل‬
‫رسول اهللِ َ‬
‫إليك؟‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬وأنا يا‬ ‫َّار أنا ُ‬
‫وأهل بيتي‪ ،‬قالت‪ُ :‬‬ ‫إليك ال إىل الن ِ‬
‫(اللهم َ‬ ‫ِ‬
‫كالمه‪:‬‬ ‫يف ِ‬
‫آخر‬
‫َّ‬
‫وأنت)‪ ،‬أخرجه أمحد‪ِ ،‬‬
‫وفيه بحث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األوصاف‬ ‫ِ‬
‫وسائر‬ ‫ِ‬
‫والشجاعة‬ ‫ِ‬
‫والعدالة‬ ‫زمانه) يف العل ِم‬ ‫ِ‬ ‫أفضل ِ‬
‫أهل‬ ‫ُ‬ ‫يكون‬
‫َ‬ ‫(وال أن‬
‫ِ‬
‫بأعباء‬ ‫وأقدر عىل القيا ِم‬ ‫ِ‬
‫اإلمامة‬ ‫ِ‬
‫بمصالح‬ ‫كان أعرف‬ ‫ملفضول ربام َ‬ ‫ُ‬ ‫فإن املساوي بل ا‬ ‫ِ‬
‫الفاضلة َّ‬
‫ُ‬
‫حال‬‫وأوفق النتظا ِم ِ‬‫ُ‬ ‫لقلوب العا ّم ِة‬
‫ِ‬ ‫وأطيب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األلفة‬ ‫أقرب إىل‬
‫َ‬ ‫كان نصب ُه‬ ‫خصوصا إذا َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫اخلالفة‪،‬‬
‫التفاوت بينهم‪ ،‬وبدا عبدُ‬ ‫ِ‬ ‫بني الست ِّة مع‬ ‫شورى َ‬ ‫األمر‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‬ ‫عمر‬ ‫عية‪ ،‬وقد َ‬ ‫الر ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جعل ُ‬ ‫ّ‬
‫ريض اهللُ عنهام‪،‬‬ ‫لعّل‬ ‫َ‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َ‬ ‫عباس ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫عثامن‪ ،‬وقال‬ ‫عدل عن ُه إىل‬ ‫عّل‪َّ ،‬‬ ‫محن بن عوف بمبايعة ٍّ‬ ‫ّ‬
‫مرا وأبا‬‫بكر‪( :‬بايعوا ُع ً‬ ‫وقال أبو ٍ‬ ‫أبايعك)‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ريض اهللُ عنهام‪( :‬أمدد َ‬
‫يدك‬ ‫وعمر أليب عبيد َة‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫الزيدية منهم‪ ،‬فإهنم وافقونا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫غي‬ ‫ِ‬
‫للشيعة ِ‬ ‫بكر خال ًفا‬ ‫بويع بعد ُه أبو ٍ‬ ‫ثم َ‬ ‫عبيدةَ)‪َّ ،‬‬

‫ذكرا‪ ،‬أما‬ ‫حرا ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكون من ِ‬ ‫ُ‬


‫عاقال ً‬ ‫سلام ً‬ ‫أهل الوالية املطلقة الكاملة) أي ُم ً‬ ‫َ‬ ‫(ويشَّتط أن‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫جي َع َل اهللَُّ ل ْلكَـف ِر َ‬
‫ين َع َىل‬ ‫﴿و َلن َ ْ‬ ‫ٍ‬
‫لكافر عىل املسل ِم‪ ،‬لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫اإلسال ُم فخأ ّن ُه ال والي َة‬
‫ني َسبِيالً﴾[النساء‪.]141 :‬‬ ‫املُْ ْؤ ِمنِ َ‬

‫واملجنون ال والي َة هلم عىل أنفسهم‪،‬‬


‫َ‬ ‫بي‬
‫والص َ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫فخأن العبدَ‬ ‫ُ‬
‫والعقل؛‬ ‫وأما احلري ُة‬
‫َّاس ال‬ ‫ِ‬
‫أعني الن ِ‬ ‫ِ‬
‫بحقوق املوىل ُمستح َق ٌر يف‬ ‫األوقات‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مستغرق‬ ‫فكيف عىل غيهم‪ ،‬والعبدُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أمور‬ ‫ِ‬
‫بتدبي‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫تدبي أنفسهام‬ ‫ُ‬
‫واملجنون قارصان عن‬ ‫والصبي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يمتثل أمره‪،‬‬ ‫اب وال‬‫ُُي ُ‬
‫العام ِة‪.‬‬
‫حيح‪ ،‬قد ُأ ِم ْرنَا‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ودين بحك ِم احلديث َّ‬ ‫ٍ‬ ‫قارصات ٍ‬
‫عقل‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فخأن النّسا َء‬ ‫وأما الذكور ُة‬
‫تقدر عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلروب‪ ،‬فال ُ‬ ‫ومعارك‬ ‫مشاهد احلكم‬ ‫اخلروج إىل‬ ‫البيوت‪ ،‬ومنعنا عن‬ ‫بالقرار يف‬
‫السال ُم‪( :‬لن ُي ْفلِ َح قو ٌم و َّلوا أمرهم امرأة)‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلدود‪ ،‬وقد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال عليه َّ‬ ‫وإقامة‬ ‫العساكر‬ ‫جر‬
‫ِّ‬
‫أخرج ُه البخاري‪.‬‬

‫قيل ِ‬
‫فيه [شعر](‪:)235‬‬ ‫عم ما َ‬‫َ ِ‬ ‫وقد ُج َّر َب َ‬
‫كذلك ون َ‬ ‫ذلك فوجدَ‬

‫َ ِ‬
‫(ش ْي َئان يعجز ُذو الرياضة َعن ُْه َام ‪َ ...‬ر ْأي الن َِّساء وإمرة ّ‬
‫الصبيان)‬

‫جي ِري بِ َغ ْي عنان)‬


‫الص َبا ْ‬
‫(أما الن َِّساء فميله َّن إىل اهلوى ‪ ...‬وأخو ِّ‬

‫تلف فيها وهي‪:‬‬ ‫وشوط أخرى ُخم ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّفق عليها احلنفية واألشعرية‪،‬‬ ‫شوط ات َ‬‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫وهذه‬
‫ِ‬ ‫شط ِّ‬
‫ُ‬ ‫والشجاع ُة‪،‬‬‫العدال ُة واالجتها ُد ّ‬
‫حل التّولية‪ ،‬ولكن لو ِّ َ‬
‫ويل فاقدها‬ ‫واملختار عندنا أهنا‬
‫ُ‬
‫أن اخلالف َة منعقد ٌة للمتك ِّف ِل هبا من بني‬
‫قال‪( :‬والذي نرى َّ‬ ‫حيث َ‬ ‫ُ‬ ‫مال الغزا ُيل‬ ‫ِ‬
‫وإليه َ‬ ‫جاز‪،‬‬
‫ِ‬
‫الوالية‬ ‫ِ‬
‫ببطالن‬ ‫ِ‬
‫املصالح‪ ،‬ولو قضينا‬ ‫ِ‬
‫للسالطني تشو ًقا إىل مزايا‬ ‫وأن الوالي َة نافذ ٌة‬ ‫العبا ِ‬
‫س‪َّ ،‬‬
‫مطيع‬ ‫ُ‬
‫والسلطان‬ ‫الر ِ‬
‫بح‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫رأس ِ‬
‫ٌ‬ ‫طلب ِّ‬ ‫املال يف‬ ‫فو ُت َ‬‫فكيف ُن ِّ‬
‫َ‬ ‫رأسا‪،‬‬
‫املصالح ً‬
‫ُ‬ ‫اآلن لبطلت‬
‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬والي ٌة(‪ )236‬نافذة‬ ‫ِ‬ ‫نافذ احلك ِم والقضاء يف‬
‫فهو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أقطار‬ ‫والسك ُة‪َ ،‬‬
‫أصل اخلطبة ِّ‬ ‫للخليفة يف‬
‫اإلحكام)(‪ ،)237‬هذا كالمه‪.‬‬

‫ُ‬
‫شط‬ ‫والشافعي‪ ،‬وأمحد‪ :‬إهنا‬ ‫ٍ‬
‫مالك‪َّ ،‬‬ ‫السهروردي‪ ،‬وعندَ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وبمثله َ‬
‫حفص ّ‬ ‫قال أبو‬
‫(سائسا)‬ ‫أشار إليها بقوله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الوالية‪ ،‬ومثل ُه عن أئمتنا ال ّثالث ُة‪َّ ،‬‬ ‫صح ِة‬
‫ً‬ ‫ِّف رمح ُه اهللُ َ‬
‫ولعل املصن َ‬ ‫ّ‬
‫رأيه ورو ّي ِته‪.‬‬
‫اجلمهور بقو ِة ِ‬
‫ِ ّ‬ ‫ِ‬
‫مصالح‬ ‫ِ‬
‫َّْصف يف‬ ‫ِ‬
‫األمور والت‬ ‫ِ‬
‫لتدبي‬ ‫أي مالكًا‬

‫( )األبيات من الكامل‪ ،‬لـ احلسني بن عّل املروروزي‪ .‬يتيمة الدّ هر(‪.)97/4‬‬ ‫‪235‬‬

‫( ) ساقطة من األصل‪.‬‬‫‪236‬‬

‫( ) إحياء علوم الدين(‪.)141/2‬‬ ‫‪237‬‬


‫ِ‬
‫احلدود عىل‬ ‫ِ‬
‫وإقامة‬ ‫ِ‬
‫اجلناة‬ ‫ِ‬
‫االقتصاص من‬ ‫يعجز عن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫تنفيذ األحكامِ) ال‬ ‫(قادرا عىل‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫احلروب‬ ‫العدو ويف‬ ‫حدود دار(‪ )238‬اإلسالمِ) ال جيبن عن ِ‬
‫لقاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(وحفظ‬ ‫ِ‬
‫والزناة‪،‬‬ ‫الّس ِاق‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫كفاية‪.‬‬ ‫وجوب ٍ‬
‫عني أو‬ ‫ِ‬
‫الواجبة‬
‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫احلجج‬ ‫إقامة‬ ‫(وإنصاف املظلو ِم من الظاملِ) بعلمه وعدْ له وشجاعته فيتمك ُ‬
‫ّن من‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األمور‬ ‫اإلخالل ِ‬
‫هبذه‬ ‫ُ‬ ‫نصا واستنباط ًا يف الن ِ‬
‫ّوازل‪ ،‬إذ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِبه يف‬ ‫ِّ‬
‫وحل ّ‬
‫ويستقل بالفتوى ً‬ ‫العقائد‬
‫ورفع‬ ‫ِ‬
‫احلكومات‬ ‫َ‬
‫وفصل‬ ‫ِ‬
‫العقائد‬ ‫َ‬
‫حفظ‬ ‫ِ‬
‫اإلمامة‬ ‫أهم مقاصدَ‬ ‫ِ‬
‫نصبه‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ألن َ‬ ‫للغرض من‬ ‫خمل‬
‫ظاهر‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوالية يف‬ ‫ِ‬
‫لثبوت‬ ‫غور‪ ،‬وإنام مل نشُّتطها‬ ‫ِ‬
‫ومحاية ال ُّث ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلمهور‬ ‫صومات وسياس َة‬ ‫ِ‬ ‫اخل‬
‫ِ‬
‫العلامء‪ ،‬واحلك ِم‬ ‫تفويض مقتضيات العلم إىل‬ ‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬ويمك ُن‬ ‫ِ‬
‫لندرة اجتامعها يف‬ ‫الر ِ‬
‫واية‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫باالستفتاء ومقتضيات الشجاع ُة إىل ِ‬
‫غيه‪.‬‬

‫ِ‬
‫(واجلور) عىل‬ ‫ِ‬
‫العدالة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وسقوط‬ ‫باخلروج عن ال ّط ِ‬
‫اعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالفسق)‬ ‫ينعزل اإلما ُم‬ ‫ُ‬ ‫(وال‬
‫ِ‬ ‫وفسق ِبه أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بغيه‬ ‫َ‬ ‫جار يف احلك ِم‬
‫ثم َ‬ ‫وهو عدْ ٌل َّ‬
‫عباد اهللِ باالرتشاء وغيه‪ ،‬ولكن لو ُق ِّلد(‪َ )239‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العزل‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ّس خلع ُه‬‫الشوك ُة و َع ُ َ‬
‫اجلاهل مهام ساعدت ُه ّ‬ ‫(السلطان الظاملِ‬ ‫قال العزايل‪:‬‬ ‫يستحق‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫املسايرة‪:‬‬ ‫وجب ترك ُه والطاع ُة له)(‪َ ،)243‬‬
‫وقال ابن اهلام ِم يف‬ ‫االستبدال ِبه فتن ٌة ال تطاق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫وكان يف‬
‫َ‬
‫اخلروج عىل الظاملِ كذا َ‬
‫نقل احلنف َّي ُة عن أيب حنيف َة رمحهم اهللُ‪ ،‬وكلمتهم قاطب ٌة‬ ‫ُ‬ ‫جيب‬
‫(وال ُ‬
‫اجلمع‬ ‫خلف بني أم َّي َة وانقادوا هلم‪ ،‬وأقاموا‬ ‫والتابعني ص ّلوا‬ ‫الصحاب َة‬ ‫ِ‬
‫توجيه َّ‬ ‫متَّفق ٌة يف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أن َّ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫األمر واملتغ ِّل ُ‬ ‫واألعيا َد معهم وقبلوا الوالي َة منهم‪ ،‬وال خيفى أهنم كانوا ملوكًا تغ ّلبوا عىل‬
‫األمور) انتهى‪.‬‬ ‫تصح منه ِ‬
‫هذه‬
‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬

‫( ) ساقطة من األصل‪.‬‬ ‫‪238‬‬

‫( ) يف األصل‪ :‬قد‪.‬‬‫‪239‬‬

‫( )إحياء علوم الدين(‪.)143 /2‬‬ ‫‪243‬‬


‫احلسني‬
‫ُ‬ ‫خرج‬
‫َ‬ ‫قول َخ ْلف‪ ،‬فقد‬
‫وهو ٌ‬
‫اخلروج عليهم‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يرون‬ ‫وقد يقال‪ :‬إهنم كانوا ال‬
‫هلل بن حنظل َة‬ ‫الز ِ‬
‫بي‪ ،‬وعبدُ اهللِ بن مطيع‪ ،‬وعبدُ ا ِ‬ ‫ثم اب ُن ُّ‬
‫ريض اهللُ عنهام ومن معه‪َّ ،‬‬ ‫عّل‬
‫َ‬ ‫بن ٍّ‬
‫وغيهم عىل يزيدَ بن معاوي َة‪.‬‬

‫َ‬
‫ومخسون‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫للحسن املثنَّى ومع ُه ن ِّي ٌ‬ ‫الرمحن بن ٍ‬
‫حممد بن األشعث يدعوا‬ ‫ِ‬ ‫وخرج عبدُ‬
‫َ‬
‫كسعيد بن جبي‪ ،‬وعبدُ الرمحن بن أيب ليىل‪ ،‬وأبو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رجل فيهم علام ُء صلحا ُء‬ ‫ومائ ُة ِ‬
‫ألف‬
‫َ‬
‫مروان‪.‬‬ ‫عبد ِ‬
‫امللك بن‬ ‫التابعني وأكابرهم عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫أعيان‬ ‫الطائي وغيهم من‬ ‫ُّتي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال َبخ ُ‬
‫ِ‬
‫ومعاونته عىل‬ ‫ِ‬
‫بيعته‬ ‫وكان أبو حنيف َة اإلمام عىل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلسني‬ ‫عّل بن‬
‫وخرج اإلما ُم زيدٌ بن ٍّ‬
‫َ‬
‫عبد ِ‬
‫امللك‪.‬‬ ‫هشام بن ِ‬

‫بسيف جدّ ِه‪،‬‬


‫ِ‬ ‫احلسني إنام ق َتل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املالكية‪َّ :‬‬
‫(أن‬ ‫بكر بن العريب من‬ ‫قال القايض أبو ٍ‬‫وما َ‬
‫ّصب ونحا نحو ُه الغزايل ومن تبع ُه فإن ُه‬ ‫عرق من الن ِ‬ ‫فانتزاع ٍ‬ ‫ِ‬
‫وقتله)‪،‬‬ ‫اآلمر بس ِّل ِه عىل الباغي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫وأطال يف‬ ‫ِ‬
‫حرمه‬ ‫ِ‬
‫واستباحة‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ‬ ‫حق‬ ‫ِ‬
‫واستيهان ّ‬ ‫واألمر ِبه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بالغ يف براءة يزيدَ من ِ‬
‫قتله‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفسق و ِ‬ ‫ِ‬ ‫والر ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلور والعدوان وقلة الدّ يانة مبل ًغا ُّ‬
‫تصم عنها‬ ‫جل قد َ‬
‫بلغ من‬ ‫حتري ِم س ِّبه ولعنه‪ّ ،‬‬
‫وناهيك من العل ِم‬
‫َ‬ ‫حنبل وغيه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بكفره‪ :‬اإلما ُم أمحدُ بن‬ ‫األعيان‪ ،‬وقد َ‬
‫قال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األذان وتعمى‬
‫ذلك َّإال عن إطالع‪.‬‬
‫يقل َ‬‫والور ِع ِبه شاهد ًاعىل أن ُه مل ْ‬

‫خلف ِّ‬
‫كل َب ٍّر‬ ‫السال ُم‪( :‬ص ّلوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫خلف كل ٍّبر وفاجر)‪ ،‬لقوله عليه َّ‬ ‫(وجتو ُز الصال ُة‬
‫يرض‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫كان ِ‬
‫وإن َ‬
‫ثقات‪ْ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫انقطاع فإن ُه ال ُّ‬
‫ٌ‬ ‫فيه‬ ‫ٌ‬ ‫بإسناد رجال ُه‬ ‫الدارقطني‬
‫ُ‬ ‫وفاجر)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫ِ‬
‫ولغيه‪،‬‬ ‫طرق ل ُه‬ ‫ِ‬
‫العلامء‪ ،‬وقد اعتضدَ بعدّ ِة ٍ‬ ‫ِ‬
‫مجهور‬ ‫حج ٌة عندنا وعندَ‬ ‫ُ‬
‫وهو ّ‬ ‫اإلرسال‪َ ،‬‬ ‫غايت ُه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وافض‪ ،‬خال ًفا للشيعة ّ‬
‫فإهنم َشطوا‬ ‫الر‬
‫الكفر كغالة ّ‬ ‫الفاجر إىل حدِّ‬
‫ُ‬ ‫ور‬
‫وهذا إذا مل ينته فج ُ‬
‫جاهال ِبه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫الكافر‬ ‫خلف‬
‫َ‬ ‫جوزوا الصال َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلواز اإلمامة العدال َة‪ ،‬وإن َّ‬

‫السال ُم‪( :‬ص ّلوا عىل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ّ‬


‫(ونصيل عىل كل َب ٍّر وفاجر) اشتمل ُه دائر ُة اإلسال ِم لقوله عليه َّ‬
‫الدارقطني وغي ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وفاجر)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ّ‬
‫كل ٍّبر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حابة) اسم الص ِ‬ ‫ذكر الص ِ‬
‫غيه‬ ‫صحب‬ ‫ُ‬
‫يتناول من‬ ‫اللغة‬ ‫حبة يف ُمقتىض‬ ‫ُ ّ‬ ‫(ونكف عن ِ َّ‬ ‫ُّ‬
‫خص ُه بمن‬ ‫ّعارف َّ‬
‫ُ‬ ‫وشهرا ويو ًما وساع ًة‪ ،‬والت‬
‫ً‬ ‫كثيا‪ ،‬يقال‪َ :‬ص ِح ْب ُت فالنًا ً‬
‫حوال‬ ‫كان أو ً‬ ‫قليال َ‬ ‫ً‬
‫الشافع َّي ِة‪،‬‬ ‫أكثر ِ‬
‫ميل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّقل عىل مذاق اللغة ومع ُه ُ‬
‫ِ‬
‫احلديث والن ِ‬ ‫وإصطالح ِ‬
‫أهل‬ ‫ُ‬ ‫واشتهر هبا‪،‬‬‫َ‬ ‫عرف‬ ‫َ‬
‫ميل احلنف َّي ِة‪ ،‬وعن موسى‬ ‫أكثر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أهل األصول والفقه عىل مذاق ال ُعرف وإليه ُ‬
‫ِ‬ ‫وإصطالح ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ أحدٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫بقي من‬ ‫السبالين(‪َ )241‬‬
‫فقلت‪ :‬هل َ‬ ‫ُ‬ ‫(أتيت أنس بن مالك‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ٍ ِبه‬ ‫صحبه فال)‪ ،‬إسناد ُه جيد حدَّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األعراب قد رأوه‪ ،‬فأما من‬ ‫ناس من‬‫بقي ٌ‬ ‫قال َ‬ ‫غيك‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الرازي‪.‬‬‫مسلم بحرضة أيب زرع َة ّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ سن ًة أو‬ ‫كان ال َي ُعدُّ صحابي ًا َّإال َمن قا َم مع‬ ‫ِ‬
‫املسيب أن ُه َ‬ ‫وعن ابن‬
‫السال ُم‪( :‬وال تسبوا أصحايب‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الظاهر يف قوله عليه َّ‬‫ُ‬ ‫وهو‬‫سنتني‪ ،‬وغزا مع ُه غزو ًة أو غزوتني‪َ ،‬‬
‫بلغ ُمدَّ أحدهم وال نصيفه)‪.‬‬ ‫مثل ُأ ٍ‬
‫حد ذه ًبا ما َ‬ ‫أنفق َ‬
‫فإن أحدكم لو َ‬‫َّ‬

‫ومات عىل اإلسال ِم‪ ،‬وإن‬


‫َ‬ ‫النبي ﷺ مؤمنًا ِبه‪،‬‬
‫لقي َ‬ ‫يب عىل رأي أهل األثر َمن َ‬
‫فالصحا ُ‬
‫ِ‬
‫األشعث بن قيس‪،‬‬ ‫الرد ُة ك‬ ‫العميان كابن أم مكتو ٍم‪ ،‬ومن َ ِ‬
‫ُ‬ ‫فيدخل ِ‬
‫ُ‬
‫ختلل فيه ِّ‬ ‫ّ‬ ‫فيه‬ ‫الرد ُة‪،‬‬
‫ختللت ّ‬
‫ثبت عليها كابن خطل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يدخل من َ‬ ‫وال‬

‫( )موسى السبالين أو السيالين‪ ،‬أو السنبالين من أهل القارون (تاريخ واسط‪ 71 :‬وتصحف فيه إىل‪:‬‬ ‫‪241‬‬

‫السالين"وتصحف فيه القارون إىل الفاروٍ"وهو َمود بخط مغلطاي فيام نقل من تاريخ واسط‬
‫لبحشل"السبالين" (إكامل‪ / 1 :‬الورقة ‪ ، )141‬وذكر ابن َأيب حاتم‪ :‬موسى السيالين ومل يذكر عمن‬
‫روى أو من روى عنه‪ ،‬ولكن نقل توثيق حييى بن َم ِعني له (‪ ،169 / 1 / 4‬ونقله عنه السمعاين يف‬
‫"االنساب" (‪َ )362 / 7‬و َقال‪ :‬السيالين‪ :‬بفتح السني املهملة والياء آخر احلروف والالم ألف ويف آخرها‬
‫مح ِن ْبن َأيب حاتم ‪ ...‬الخ"‪ ،‬ومل يذكر ما هو‪ ،‬وعلق حمققه تعليقا‬
‫الر ْ َ‬
‫النون‪ ،‬هذه النسبة إىل سيالن‪ ،‬قال َع ْبد َّ‬
‫باردا فقال"لعله منسوب إىل جزيرة عظيمة جنوب اهلند"! !‪ .‬قال بشار‪ :‬هذا كالم يدل عىل قلة املعرفة‬
‫فأين العلامء قبل حييى بن َم ِعني من سيالن؟ بل لعله منسوب إىل أحد أجداده‪ ،‬فاسم"سيالن"معروف‬
‫(انظر مشتبه الذهبي‪ . )351 :‬ثم وجدته َمودا بخط ابن املهندس"السنبالين"‪ -‬بالنون والباء املوحدة‪،‬‬
‫فلعله نزل"سنبالن"املحلة املشهورة بأصبهان؟ وهو االشبه واهلل أعلم‪.‬‬
‫األربعة‪ ،‬والعبادل ُة اخلمسة‪ ،‬أو‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاخللفاء‬ ‫عرف بالت ِ‬
‫ّواتر‬ ‫ثم كون ُه صحاب ًيا ُي ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ويس‬‫يب كحميم ُة الدّ ُ‬‫بإخبار صحا ٍّ‬ ‫حمصن‪ ،‬وضام ُم بن ثعلب َة‪ ،‬أو‬ ‫باالستفاضة كعكاش ُة بن‬
‫حكم‬ ‫مات بأصفهان مبطونًا فشهدَ له أبو موسى األشعري أنه سمع النبي ِ‬
‫عليه السال ُم‬ ‫الذي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عدالته إذا مل يكن دعوا ُه خار ًقا‬ ‫ِ‬
‫ثبوت‬ ‫َ‬
‫بذلك‪ ،‬بعدَ‬ ‫ِ‬
‫نفسه‬ ‫ِ‬
‫وإخباره عن‬ ‫ِ‬
‫بقوله‬ ‫ل ُه بالشهادة‪ ،‬وتار ًة‬
‫ِ‬
‫للعادة‪.‬‬

‫أهل ٍ‬
‫ثم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫بدر‪َّ ،‬‬ ‫ثم بقي ُة العَّشة‪َّ ،‬‬
‫وأفضلهم عىل اإلطالق اخللفا ُء األربع ُة‪َّ ،‬‬
‫أهل ٍ‬ ‫وقيل‪ُ :‬‬ ‫ِ‬
‫باحلديبية َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحد‪.‬‬ ‫ضوان‬ ‫الشجرة الذي َن بايعوا بيع َة ّ‬
‫الر‬

‫ِ‬
‫اجلنة‪َّ ،‬إال‬ ‫نساء ِ‬ ‫ِ‬ ‫السال ُم‪( :‬فاطم ُة سيد ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أهل‬ ‫وأفضل نساء األمة فاطم ُة لقوله عليه َّ‬
‫ِ‬
‫اجلنة َّإال‬ ‫نساء ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(أنت سيد ُة‬ ‫ٍ‬
‫رواية‪:‬‬ ‫وصححه‪ ،‬ويف‬ ‫احلاكم‬ ‫َ‬
‫عمران)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫مريم بنت‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وهذيك‬ ‫السال ِم هلا‪( :‬أنا وإ ّي َ‬
‫اك‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مريم البتول)‪ ،‬أخرج ُه ابن أيب شيب َة وابن‬
‫جرير‪ ،‬وقول ُه عليه َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وابنيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القيامة)‪ ،‬أخرج ُه أمحد‪ ،‬يعني عل َّي ًا‬ ‫ٍ‬
‫واحد يو َم‬ ‫ٍ‬
‫مكان‬ ‫الراقدُ يف‬
‫وهذا ّ‬

‫العاملني‪ ،‬أو نسا َء ِ‬


‫أهل‬ ‫ِ‬
‫نساء‬ ‫ترضني أن تكوين سيد َة‬ ‫السال ُم هلا‪( :‬أال‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وقول ُه عليه َّ‬
‫ومسلم‪.‬‬ ‫البخاري‬ ‫ِ‬
‫اجلنة)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫البخاري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقوله‪( :‬فاطم ُة بضع ٌة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني)‪ ،‬أخرج ُه‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ومريم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫(خي نساء العا َمل َ‬
‫ني خدجي ُة‪ ،‬وفاطمة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عليه السالم‪:‬‬ ‫لقوله‬ ‫ثم خدجي ُة‬
‫َّ‬
‫احلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فرعون)(‪ ،)243‬أخرج ُه‬ ‫وآسي ُة(‪ )242‬امرأ ُة‬

‫( )اآلسية من البناء املحكم والدعامة والسارية واخلاتنة وبنت مزاحم امرأة فرعون‪ .‬قاموس‬ ‫‪242‬‬

‫( )‬
‫‪243‬‬
‫بنت خويلدَ ‪ ،‬وفاطم ُة‬ ‫(حسبك من ِ‬
‫عمران‪ ،‬وخدجي ُة ُ‬
‫َ‬ ‫نت‬
‫مريم ب ُ‬
‫العاملني ُ‬
‫َ‬ ‫نساء‬ ‫َ‬ ‫وقول ُه‪:‬‬
‫َ‬
‫حبان‬ ‫ِ‬
‫املنذر وابن‬ ‫وصحح ُه اب ُن‬ ‫والُّتمذي‬ ‫َ‬
‫فرعون)(‪ ،)244‬أخرج ُه أمحدُ‬ ‫بنت ٍ‬
‫حممد‪ ،‬وآسي ُة امرأ ُة‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫واحلاكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وابن أيب شيبب َة‬

‫مريم‪ ،‬وفاطم ُة‪ ،‬وخدجي ُة‪ ،‬وآسي ُة)(‪،)245‬‬ ‫أربع‪:‬‬ ‫ِ‬


‫اجلنة‬ ‫نساء ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫(سيدات‬ ‫وقول ُه‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫رواية هلام‬ ‫العاملني)(‪ ،)246‬ويف‬ ‫ِ‬
‫نساء‬ ‫(خي‬ ‫ٍ‬
‫رواية أمحدُ والطُباين‪:‬‬ ‫احلاكم‪ ،‬وويف‬ ‫أخرج ُه‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫أهل ِ‬
‫اجلنة)(‪.)247‬‬ ‫(أفضل ِ‬
‫نساء ِ‬ ‫ُ‬ ‫وللحاك ِم‪:‬‬

‫ثم آسي ُة)‪ ،‬أخرج ُه ابن‬ ‫أهل اجلن ِّة‬ ‫ِ‬


‫نساء ِ‬
‫ثم خدجي ُة‪َّ ،‬‬
‫ثم فاطم ُة‪َّ ،‬‬
‫مريم‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وقول ُه‪( :‬سيد ُة‬
‫عساكر‪.‬‬
‫َ‬

‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫وخي نسائنا خدجي ُة)(‪ ،)248‬أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫مريم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫(خي نسائها‬
‫ُ‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫والُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬

‫خيا منها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أن عائش َة‬


‫وصح َّ‬
‫رزقك اهللُ ً‬ ‫لرسول اهللِ ﷺ‪( :‬قد‬ ‫ريض اهللُ عنها قالت‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫حني‬
‫الناس‪ ،‬وأعطتني ماهلا َ‬
‫ُ‬ ‫حني ّ‬
‫كذبني‬ ‫خيا منها‪ ،‬آمنت يب َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ال واهللِ ما رزقني اهللُ ً‬
‫الناس)(‪.)249‬‬
‫حرمني ُ‬
‫نساء أمتي كام ُفضلت مريم عىل ِ‬
‫نساء‬ ‫عليه السالم‪( :‬لقد ُفضلت خدجي ُة عىل ِ‬‫وقوله ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫حسن‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بإساد‬ ‫والطُباين‬ ‫البز ُار‬
‫العاملني)‪ ،‬أخرج ُه َّ‬
‫ُ‬

‫( )‬
‫‪244‬‬

‫( )‬
‫‪245‬‬

‫( )‬
‫‪246‬‬

‫( )‬
‫‪247‬‬

‫( )‬
‫‪248‬‬

‫( )‬
‫‪249‬‬
‫ِ‬
‫النساء بعدَ خدجي َة‪ ،‬ألن ُه‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫(أن عائش َة‬
‫هلل‪َّ :‬‬
‫وحكى األكمل عن أيب حنيف َة رمح ُه ا ُ‬
‫قال النبي ِ‬
‫عليه‬ ‫هلل تعاىل‪ ،‬وقد َ‬‫جُبيل‪ ،‬كام أقرأ خلدجي َة من ا ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫عليه السال ُم أقرأها السال ُم من‬
‫ُ‬
‫الثريد عىل ِ‬
‫سائر الطعا ِم أخرج ُه أمحدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كفضل‬ ‫ِ‬
‫النساء‬ ‫فضل عاش َة عىل‬‫الصال ُة والسال ُم فيها ُ‬
‫ُ‬
‫عائشة‬ ‫ٍ‬
‫امرأة َّإال‬ ‫وقال الوحي مل يأتنِي وأنا يف ِ‬
‫ثوب‬ ‫والُّتمذي وابن ماجه َ‬ ‫ومسلم‬ ‫والبخاري‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫املهاجرين واألنصار) هم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األولون من‬ ‫َ‬
‫والسابقون‬ ‫سائي(‬
‫ومسلم والنَّ ُ‬
‫ُ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫أخرج ُه‬
‫ِ‬
‫املسيب وقتاد ُة والذين‬ ‫سيين وابن‬ ‫ِ‬
‫احلنفية وابن‬ ‫ٍ‬
‫حممد بن‬ ‫الذين صلوا إىل القبلتني عندَ‬
‫َ‬
‫كعب القرظي وعطاء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حممد بن‬ ‫ِ‬
‫وغيه وعن‬ ‫هلل‬
‫قول الشعبي رمح ُه ا ُ‬ ‫ِ‬
‫الرضوان يف ِ‬ ‫شهدوا بيع َة‬
‫ِ‬
‫السبق‬ ‫ذلك إىل‬‫والنظر يف َ‬ ‫عدد طبقاَتم وأصنافهم‬ ‫ِ‬ ‫ف يف‬ ‫أهل بدر( واختل َ‬‫بن يسار أهنم ُ‬
‫ُ‬
‫النيسابوري‬ ‫هلل‬ ‫احلافظ أبو ِ‬
‫عبد ا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفاضلة وقد جعلهم‬ ‫ِ‬
‫املشاهد‬ ‫ِ‬
‫وشهود‬ ‫ِ‬
‫واهلجرة‬ ‫باإلسال ِم‬
‫ُ‬
‫اق‬ ‫ِ‬
‫البعث وهم ُس َّب ُ‬ ‫ِ‬
‫وغيه اثنتي عَّش َة طبق ًة( األوىل قو ٌم أسلموا بمك َة َّأو َل‬ ‫املعروف باحلاك ِم‬
‫ُ‬
‫طالب ومحز ُة بن‬ ‫وجعفر بن أيب‬ ‫ٌ‬
‫وبالل‬ ‫وعّل وأيب بكر وزيد بن حارث َة‬ ‫مثل خ ٍ‬
‫دجية‬ ‫املسلمني َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬
‫اختلف يف‬ ‫َ‬ ‫أعلم خال ًفا أن عل ًيا أوهلم إسال ًما وإنام‬ ‫احلاكم ال‬ ‫قال‬ ‫ِ‬
‫العَّشة َ‬ ‫ِ‬
‫املطلب وبقي ُة‬ ‫ِ‬
‫عبد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الندوة بعدَ‬ ‫أصحاب ِ‬
‫دار‬ ‫ِ‬
‫الناس إسال ًما خدجي ُة ( الثاني ُة‬ ‫أن َّأو َل‬‫واإلمجاع عىل َّ‬ ‫ِ‬
‫بلوغه إسالم ُه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عمي( الثالث ُة الذين‬ ‫وذكوان بن ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ومصعب بن‬
‫ُ‬ ‫عبد قيس‬ ‫عمر كأسعد بن زرار َة‬ ‫إسال ِم َ‬
‫العاص األموي‪ ،‬وأيب موسى األشعري وهشا ُم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫سعيد بن‬ ‫ِ‬
‫احلبشة كعمرو بن‬ ‫هاجروا إىل‬
‫ورافع بن مالك‪ ،‬وعباد ُة بن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األنصار كأيب اهليث ِم بن التيهان‪،‬‬ ‫سباق‬‫العايص السهمي( الرابع ُة ُ‬
‫وعباس بن عباد ُة وقطب ُة‬ ‫ٍ‬
‫كعب‬ ‫ِ‬
‫العقبة األوىل الثانية كأيب بن‬ ‫وأصحاب‬ ‫ِ‬
‫الصامت وكانوا ست ُة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫كسعد بن عباد َة وعبد اهللِ بن‬ ‫ِ‬
‫الثانية‬ ‫ِ‬
‫العقبة‬ ‫أصحاب‬ ‫عَّش( اخلامس ُة‬
‫ُ‬ ‫بن عامر وكانوا اثني َ‬
‫السال ُم بقبا َء‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سبعني ( السادس ُة‬ ‫ٍ‬ ‫رواح َة وأيب‬
‫املهاجرون الذين حلقوا بالنبي عليه َّ‬ ‫َ‬ ‫أيوب وكانوا‬
‫ومسطح‬ ‫أهل ٍ‬
‫بدر الكُبى كاملك بن ربيع َة‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬والسابع ُة ُ‬ ‫ِ‬
‫واالنتقال إىل‬ ‫ِ‬
‫املسجد‬ ‫قبل ِ‬
‫بناء‬ ‫َ‬
‫ٌ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫وسبعة‬ ‫ثالثمئة‬ ‫رواية‬ ‫وسهل بن حنيف وغيهم‪ ،‬وكانوا ثالثمئة ومخس َة َ‬
‫عَّش ويف‬ ‫بن أثاث ٌة‬
‫ِ‬
‫املطلب‬ ‫أقبل احلديبي ُة كعباس بن ِ‬
‫عبد‬ ‫عَّش أخرج ُه أبو داوود( والثامن ُة الذي َن هاجروا َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الرضوان) كُبيد ُة بن‬ ‫أهل ِ‬
‫بيعة‬ ‫ِ‬
‫احلارٍ وغيهم( التاسع ُة ُ‬ ‫طالب ونوفل بن‬ ‫وعقيل بن أيب‬
‫َ‬
‫البخاري‬ ‫ٍ‬
‫وأربعمئة أخرج ُه‬ ‫ٍ‬
‫عازب وكانوا أل ًفا‬ ‫الض ِ‬
‫حاك والُبا ُء بن‬ ‫وثابت بن َّ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫اخلصيب‬
‫ُ‬
‫الفتح كجبي بن مطعم‬ ‫َ‬
‫وأقبل‬ ‫ٍ‬
‫ومخسمئة ( العاش ُة الذين هاجروا‬ ‫ألف‬ ‫ٍ‬
‫رواية ٌ‬ ‫ومسلم ويف‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫فتح مك َة إما ً‬
‫طوعا أو‬ ‫وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيهم(واحلادي ُة عَّش َة مسلمو ِ‬
‫ٌ‬
‫صبيان أدركوا‬ ‫سفيان بن حرب وابن ُه معاوي ُة ( الثاني ُة عَّش َة‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫جهل وأيب‬ ‫كرها كعكرم ُة بن أيب‬
‫ً‬
‫األويس وأيب‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫سهل‬ ‫الفتح أو بعد ُه كمحمود بن ربيع وأبو أمام ُة أسعدُ بن‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ يو َم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اهلجرة‪ ،‬وأما مجل ُة‬ ‫األصح سن َة ٍ‬
‫مئة من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وكان وفات ُه عىل‬ ‫مات منهم‪،‬‬
‫آخر من َ‬ ‫الطفيل وهو ُ‬
‫ٍ‬ ‫مئة ٍ‬
‫مات عن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأربعة‬ ‫ألف‬ ‫السخأ ُم َ‬‫فكثي ال يعلم ُه باحلقيقة َّإال اهللُ‪ ،‬وروى أن ُه عليه َّ‬
‫ٌ‬ ‫عددهم‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫التشاجر وال نرى َ‬ ‫كان بينهم من‬ ‫ِ‬
‫القول فيام َ‬ ‫ونسكت عن‬‫ُ‬ ‫وعَّشي َن أل ًفا َّ‬
‫(إال بخري)‬
‫طه َر اهللُ أيدينا‬ ‫ِ‬
‫وغيه َ‬ ‫ِ‬ ‫قادحا فيام سبق هلم من اهللِ احلسنى وعن عمر بن ِ‬
‫تلك دما ٌء َّ‬ ‫العزيز‬ ‫عبد‬
‫تلك أم ٌة قد‬ ‫عّل وعائش َة َ‬
‫فقال َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نلو ُ‬
‫وسئل أمحد بن حنبل عن أمر ٍّ‬ ‫ٍ ألسنتنا هبا‪،‬‬ ‫عنها فال ِّ‬
‫السال ُم ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫تسألون عام كانوا يعملون لقوله عليه َّ‬ ‫خلت هلا ما كسبت ولكم ما كسبتم وال‬
‫مثل ٍ‬
‫أحد ذه ًبا ما َ‬
‫بلغ ُمدَّ أحدهم وال نصيف ُه أخرج ُه‬ ‫انفق َ‬
‫تسبوا أصحايب فإن أحدكم لو َ‬
‫السال ُم اهللَ اهللَ يف أصحايب ال تتخذوهم‬ ‫ِ‬
‫والُّتمذي وأبو داوود وقول ُه عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬
‫عرضا بعدي‪ ،‬فمن أحبهم فبحبي أحبهم‪ ،‬ومن أبغضهم فببغيض أبغضهم‪ ،‬ومن آذاهم فقد‬ ‫ً‬
‫السال ُم أنا َأ َمنَ ٌة‬ ‫ِ‬
‫الُّتمذي وقول ُه عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫الُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫هلل أخرج ُه‬
‫آذاين‪ ،‬ومن آذاين فقد آذى ا َ‬
‫ذهب أصحايب‬ ‫َ‬ ‫يوعدون وأصحايب َأ َم َن ٌة ألمتي‪ ،‬فإذا‬‫َ‬ ‫ذهبت أتى أصحايب ما‬ ‫ُ‬ ‫ألصحايب‪ ،‬فإذا‬
‫يموت‬‫ُ‬ ‫أحد من أصحايب‬‫عليه السالم ما من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مسلم وقول ُه‬ ‫َ‬
‫يوعدون أخرج ُه‬ ‫أتى أمتي ما‬
‫َّ ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫خي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بأرض َّإال َ‬
‫السخأ ُم ُ‬
‫الُّتمذي‪ ،‬وقول ُه عليه َّ‬ ‫ُ‬ ‫القيامة أخرج ُه‬ ‫نورا وقائدً ا يو َم‬
‫بعث هلم ً‬
‫السخأ ُم أكرموا أصحايب فإهنم‬ ‫ِ‬
‫الُّتمذي وقول ُه عليه َّ‬ ‫ُ‬ ‫ثم الذي َن من يلوهنم‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫قرين َّ‬
‫السال ُم طوبى ملن رآين وآمن يب وطوبى ملن رأى من‬ ‫ِ‬
‫َّسائي وقول ُه عليه َّ‬ ‫خياركم أخرج ُه الن ُ‬
‫السال ُم أصحايب كالنجو ِم بأُيم اقتديتم اهتديتم أخرج ُه‬ ‫ِ‬
‫الطُباين وقول ُه عليه َّ‬ ‫ُ‬ ‫رآين أخرج ُه‬
‫الروافض يف‬
‫ُ‬ ‫واملخالف‬
‫ُ‬ ‫أحاديث وردت يف مناقبهم‬ ‫ِ‬ ‫ذلك من‬ ‫غي َ‬ ‫الدارمي وابن عدي إىل ِ‬

‫والزبي وسعدٌ وسعيدٌ وعائش ُة وحفص ُة وغيهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اخل ِ‬


‫عّل‬
‫واخلوارج يف ٍّ‬
‫ُ‬ ‫الثالثة وطلح ُة ُّ‬ ‫لفاء‬
‫ِ‬
‫البيت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫سادات ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬
‫وابنيه وغيهم من‬ ‫عّل‬ ‫ِ‬
‫وهؤالء ومجاع ُة ِ‬
‫والنواصب يف ٍّ‬
‫ُ‬ ‫غي الشيخني‬
‫فقالت‪ :‬وما يعج َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بون من هذا‬ ‫ْ‬ ‫السال ُم‬
‫أصحاب رسول اهللِ عليه َّ‬
‫َ‬ ‫يتناولون‬ ‫قيل لعائش َة أن ً‬
‫ناسا‬
‫ينقطع عنهم األجرٍ وعنها أمروا أن يستغفروا هلم‬ ‫َ‬ ‫هلل أن ال‬
‫فأحب ا ُ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫العمل‪،‬‬ ‫انقطع عنهم‬
‫َ‬
‫يسبون أصحايب فقولوا لعن ُة ا ِ‬
‫هلل‬ ‫َ‬ ‫السال ُم‪ :‬إذا رأيتم الذي َن‬ ‫ِ‬
‫مسلم وعن ُه عليه َّ‬‫ٌ‬ ‫فسبوهم أخرج ُه‬
‫ِ‬
‫كقذف‬ ‫القطعي‬ ‫النص‬ ‫والطعن فيهم إن َ‬
‫َ‬ ‫خيالف َّ‬
‫ُ‬ ‫كان بام‬ ‫ُ‬ ‫ثم سبهم‬‫الُّتمذي َّ‬
‫ُ‬ ‫عىل شكم أخرج ُه‬
‫الساب‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫اجلمهور َّ‬ ‫ومذهب‬ ‫ِ‬
‫اخلبائث‬ ‫ِ‬
‫الفواحش‪ ،‬وأعظ ِم‬ ‫ففسق من ِ‬
‫أكُب‬ ‫ٌ‬ ‫فكفر َّ‬
‫وإال‬ ‫عائش َة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫سب األنبيا َء ُق َتل‪،‬‬
‫السال ُم َمن َّ‬ ‫يقتل وقد َ‬
‫قال عليه َّ‬ ‫واملالكي ُ‬
‫ُ‬ ‫بعض احلنفي ُة‬ ‫ويوجع َ‬
‫وقال ُ‬ ‫ُ‬ ‫يعزز‬
‫ُ‬
‫سب أصحايب فارضبو ُه‬ ‫ِ‬
‫السال ُم من َّ‬‫الطُباين وعن ُه عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫سب أصحايب ُجلدَ أخرج ُه‬ ‫ومن َّ‬
‫ِ‬
‫رسول‬ ‫فقلت يا خليف َة‬ ‫بكر الصديق فغضب ِ‬
‫عليه‬ ‫سب أبا ٍ‬ ‫األسلمي أن ً‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رجال َّ‬ ‫ُ‬ ‫وعن أيب برز َة‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ذلك ألحد َإال لرسول اهلل ﷺ أخرج ُه الن ُ‬
‫َّسائي‬ ‫ليس َ‬ ‫اجلس َ‬
‫ْ‬ ‫أرضب عنق ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫اهللِ دعنى‬
‫عمر بن‬
‫سب َ‬ ‫ٍ‬
‫رجل َّ‬ ‫استشار يف قتِل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالكوفة وقد‬ ‫ِ‬
‫عامله‬ ‫كتب إىل‬ ‫ِ‬
‫العزيز أن ُه َ‬
‫وعن عمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ صىل‬ ‫سب‬
‫ال َّ‬ ‫ِ‬
‫الناس َّإال رج ً‬ ‫يسب أحد ًا من‬
‫ُّ‬ ‫قتل ٍ‬
‫امرؤ مسلم‬ ‫حيل ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب أ ُن ُه ال ُّ‬
‫ٍ‬
‫حممد بن‬ ‫عياض بن القايض أيب‬
‫ُ‬ ‫عّل وس َّل َم‪ ،‬فمن س َّب ُه فقد َّ‬
‫حل دم ُه‪ ،‬وحكى القايض‬ ‫اهللُ ِ‬
‫خيالف عل ِيه احدٌ ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫نْصأنه مل‬

‫السال ُم هبا) وهم اخللفا ُء األربع ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫النبي عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫للعرشة الذين برشهم‬ ‫باجلنة‬ ‫(ونشهدُ‬
‫زيد أشهدُ عىل‬ ‫قال سعيدٌ بن ٍ‬
‫حيث َ‬ ‫أصحاب الشورى الست ُة وسعيدٌ بن ٍ‬
‫زيد وأبو عبيد ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫وبقي ُة‬
‫ِ‬
‫اجلنة‬ ‫وعمر يف‬ ‫ِ‬
‫اجلنة‬ ‫بكر يف‬ ‫ِ‬
‫اجلنة أبو ٍ‬ ‫يقول عَّش ٌة يف‬ ‫السال ُم‪ :‬أين سمعت ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫رسول ا ِ‬
‫ِ‬
‫اجلنة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مالك يف‬ ‫ِ‬
‫اجلنة وسعدٌ بن‬ ‫بي يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنة وطلح ُة يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫والز ُ‬
‫اجلنة‪ُّ ،‬‬ ‫وعّل يف‬
‫ٍّ‬ ‫اجلنة‪،‬‬ ‫وعثامن يف‬
‫ِ‬
‫العاش‪ ،‬فقالوا‬ ‫ِ‬
‫اجلنة‪ ،‬وسكت عن‬ ‫ِ‬
‫اجلراح يف‬ ‫ِ‬
‫اجلنة وأبو عبيد ُة بن‬ ‫ِ‬
‫الرمحن بن عوف يف‬ ‫وعبدُ‬
‫والُّتمذي وابن ماجه والدارقطني‬
‫ُ‬ ‫العاش؟ َ‬
‫فقال سعيدٌ بن زيد أخرج ُه أمحد وأبو داود‬ ‫ُ‬ ‫ومن‬
‫ثم ختصيصهم هبا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أيضا عن عبد الرمحن بن عوف‪ ،‬ومل يذكره يف رواية‪ّ ،‬‬ ‫الُّتمذي ً‬
‫ُ‬ ‫وأخرج ُه‬
‫ِ‬
‫املختص هبم‪َّ ،‬‬
‫وإال فقد‬ ‫أهل السن ُِّة‬
‫ليس لنفي احلك ِم عمن عداهم بل إنام هو لكوهنا من شعار ِ‬ ‫َ‬
‫خي منهام‪ ،‬أخرج ُه أمحدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شباب ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أهل اجلنة وأبومها ٌ‬ ‫احلسن واحلسني سيدا‬
‫ُ‬ ‫السال ُم‬
‫قال عليه َّ‬
‫ِ‬
‫شباب‬ ‫واحلسني سيدا‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫رواية احلس ُن‬ ‫واحلاكم ويف‬ ‫والطُباين وابن عدي‬ ‫والُّتمذي وابن ماجه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلنة َّإال‬ ‫أهل‬ ‫اخلالة عيسى بن مريم وحييى بن زكريا وفاطم ُة سيد ُة ِ‬
‫نساء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنة ًإال ابني‬ ‫ِ‬
‫أهل‬
‫َ‬
‫رأيت جعفر ًا‬
‫ُ‬ ‫واحلاكم َ‬
‫وقال‬ ‫ُ‬ ‫والطُباين‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عمران أخرج ُه أمحدُ وأبو يعىل‬ ‫بنت‬ ‫ما َ‬
‫كان من مري َم َ‬
‫ِ‬
‫اجلنة‬ ‫وبَّش خدجي ُة ٍ‬
‫ببيت يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الُّتمذي َّ َ‬
‫ُ‬ ‫املالئكة اخرج ُه‬ ‫اجلنة مع‬ ‫يطي يف‬
‫يعني ابن أيب طالب ُ‬
‫سعد بن معاذ يف‬‫ملناديل ٍ‬
‫ُ‬ ‫ومسلم َ‬
‫وقال‬ ‫البخاري‬ ‫فيه وال نصب أخرج ُه‬ ‫صخب ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قصب ال‬ ‫من‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫وقال عبدُ اهللِ بن‬ ‫ٍ‬
‫سندس َ‬ ‫َّسائي يعني جب َة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ومسلم والن ُ‬ ‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫ترون أخرج ُه‬ ‫خي ُما‬
‫اجلنة ٌ‬
‫ليس من‬ ‫ٍ‬ ‫ومسلم‪َ ،‬‬ ‫أهل ِ‬ ‫سالم من ِ‬
‫وقال يف ثابت بن قيس بن شامس أن ُه َ‬ ‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫اجلنة أخرج ُه‬
‫عّل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ومسلم َ‬
‫وقال اجلن َة‬ ‫ِ‬ ‫َّار ولكن ُه من ِ‬ ‫أهل الن ِ‬‫ِ‬
‫تشتاق إىل ثالثة ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫اجلنة أخرج ُه‬ ‫أهل‬
‫فقال اعملوا ما شئتم‬‫بدر َ‬ ‫أهل ٍ‬ ‫لع اهللُ عىل ِ‬ ‫وحسن ُه َ‬
‫وقال ا َّط َ‬ ‫َّ‬ ‫الُّتمذي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وسلامن أخرج ُه‬ ‫وعامر‬
‫َ‬
‫وقال‬ ‫ومسلم وأبو داوو َد َ‬ ‫البخاري‬ ‫رواية قد وجبت لكم اجلن َة أخرج ُه‬ ‫ٍ‬ ‫غفرت لكم ويف‬
‫ُ‬ ‫فقد‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫كذبت ال يدخلها فإن ُه قد شهدَ‬ ‫السال ُم‬ ‫ِ‬ ‫النار َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫َ‬ ‫فقال عليه َّ‬ ‫حاطب َ‬
‫ُ‬ ‫رسول اهللِ ليدخل َّن‬ ‫رجل يا‬
‫ِ‬
‫الشجرة‬ ‫حتت‬
‫بايع َ‬ ‫َ‬ ‫بدرا واحلديبي ُة أخرج ُه‬
‫النار أحدٌ ُمن َ‬
‫يدخل َ‬ ‫والُّتمذي وقال ال‬
‫ُ‬ ‫مسلم‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫الش ِ‬
‫جرة َّإال‬ ‫مسلم وابو داوود والُّتمذي َ‬
‫صاحب‬‫ُ‬ ‫حتت َّ‬
‫بايع َ‬ ‫ليدخلن اجلن َة من َ‬
‫َّ‬ ‫وقال‬ ‫ٌ‬ ‫أخرج ُه‬
‫بدرا‬ ‫ُ‬
‫يدخل الن ََّار أحدٌ شهدَ ً‬ ‫هلل َّأال‬ ‫ِ‬
‫األمحر أخرج ُه الُّتمذي‪َ ،‬‬
‫وقال إين ألرجو إن شا َء ا ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلمل‬
‫ِ‬
‫األحاديث يف‬ ‫ذلك من‬ ‫غي َ‬ ‫مسلم وأبو داوود والُّتمذي وابن ماجه إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫واحلديبية أخرج ُه‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫بخصوص أو بعمو ٍم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مجاعة‬ ‫ِ‬
‫حق‬

‫ِ‬
‫خلفاء‬ ‫السال ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫بَّش ُه‬
‫بعينه) سوى من َّ‬ ‫والنار ألحد‬ ‫باجلنة‬ ‫(وال نشهدُ‬
‫املطلق يف الكافرين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫املطلق يف املحسنني والوعيدُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واجلهل باخلوات ِم وإنام الوعد‬ ‫ِ‬
‫العواقب‬

‫ألن‬ ‫ِ‬
‫الكتاب؛ َّ‬ ‫كان زياد ًة عىل‬ ‫ِ‬
‫واحلَّض) وإن َ‬ ‫الس ِ‬
‫فر‬ ‫املسح عىل الفني يف َّ‬
‫َ‬ ‫(ونرى‬
‫سبعون ً‬
‫رجال‬ ‫َ‬ ‫هلل حدثني‬
‫البْصي رمح ُه ا ُ‬ ‫قال احلس ُن‬ ‫ِ‬
‫التواتر َ‬ ‫حيز‬ ‫األخبار التي وردت ِ‬
‫فيه يف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قلت‬
‫هلل ما ُ‬ ‫مسح عىل اخلفني‪َ ،‬‬
‫وقال أبوحنيف ُة رمح ُه ا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السال ُم َ‬
‫أصحاب رسول اهللِ أن ُه عليه َّ‬ ‫من‬
‫وقال أمحدُ بن حنبل ليس يف قلبي منه يشء ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬
‫النهار َ‬ ‫ِ‬
‫ضوء‬ ‫باملسح حتى جائني فيه ُ‬
‫مثل‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫احلسن الكرخي رمح ُه‬ ‫ِ‬ ‫رسول اهللِ ما رفعوا وما وقفوا َ‬
‫وقال أبو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫أربعون حدي ًثا عن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الصحابة إنكار ُه َّإال‬ ‫احد من‬ ‫عبد الُب مل يرو عن ٍ‬ ‫وقال ابن ِ‬
‫الكفر عىل من مل ير ُه‪َ ،‬‬ ‫أخاف‬
‫ُ‬ ‫اهللُ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫سائر‬ ‫يوافق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باألسانيد احلسان ما‬ ‫ابن عباس وأيب هرير َة وعائش َة‪ ،‬أما مها فقد جا َء عنهام‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫هلل عن ُه‪،‬‬‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫أحالت ذل َك إىل عل ِم ٍّ‬
‫عّل‬ ‫ْ‬ ‫صحيح مسل ٍم أهنا‬
‫ِ‬ ‫الصحابة وأما عائش ُة ففي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرض ِر‬ ‫ِ‬
‫الُبد‪.‬‬ ‫كشدة‬ ‫خوف َّ‬ ‫جيوز عندَ‬
‫رضوري إنام ُ‬
‫ٌ‬ ‫هو خلف‬ ‫وقالت الشيع ُة َ‬

‫جعل يف‬ ‫ينبذ زبيب أو متر أو رطب أو بّس يف ِ‬


‫املاء ف ُي ُ‬ ‫اجلر ِة) هو أن َ‬
‫َ‬ ‫(وال نحر ُم نبيذ ّ‬
‫َ‬
‫وكان ُهن ٌي عن ُه يف‬ ‫ِ‬
‫اإلسكار‪،‬‬ ‫دون أن يشتدَ وينتهي إىل ِ‬
‫حد‬ ‫فيه لدغ َ‬‫فيحدٍ ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلذف‬ ‫ٍ‬
‫إناء من‬
‫ُ‬
‫النبيذ‬ ‫كان َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫للروافض سوا ًء َ‬ ‫نسخ خال ًفا‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدء اإلسال ِم ملا َ‬
‫اخلمور َّ‬ ‫اجلرار أواين‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫َ‬
‫النبيذ‬ ‫شب‬ ‫السال ُم‪َ :‬من‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫خلي ًطا أو فر ًدا ويف‬
‫َ‬ ‫خالف مالك وأمحد استدال بقوله عليه َّ‬ ‫ُ‬ ‫اخلليط‬
‫دة َّ‬
‫ألن‬ ‫الش ِ‬
‫مسلم وأئمتنا محلو ُه عىل ِّ‬ ‫مترا فر ًدا أو بر ًا فر ًدا أخرج ُه‬
‫ٌ‬ ‫منكم فليَّشب ُه زبي ًبا فر ًدا أو ً‬
‫حل منفر ًدا َّ‬
‫حل خملو ًطا‪.‬‬ ‫ما َّ‬

‫تنحْص‬ ‫ِ‬
‫ووفرة شعوهبا‬ ‫كثرة رضوهبا‬ ‫أن األشب َة عندَ أيب حنيف َة ومن تابعه مع ِ‬ ‫اعلم َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫اخلمر‬
‫ُ‬ ‫ويكفر مستح ُّل ُه‪َ ،‬‬
‫وهو‬ ‫ُ‬ ‫األو ُل ما ُحي َّر ُم قليل ُه وكثي ُه وحيدُّ شارب ُه‬
‫مرتبة عىل أقسا ٍم أربعة َّ‬
‫ُ‬
‫ويضلل شارب ُه وال‬ ‫َ‬
‫كذلك‪،‬‬ ‫بد‪ ،‬والثاين ما حير ُم‬ ‫بالز ِ‬
‫وقذف َّ‬ ‫الني العنبي الذي غال واشتدَّ‬
‫َ‬ ‫أي ُّ‬
‫ذهب َّ‬
‫أقل‬ ‫ُ‬
‫الطبيخ العنبي الذي َ‬ ‫وهو الطال ُء أي‬
‫يفسق َ‬
‫ُ‬ ‫يكفر مستحل ُه وال‬ ‫ُحيدُّ َّإال إذا َ‬
‫سكر وال ُ‬
‫كر‬ ‫من ِ‬
‫والس ُ‬
‫التمري أو البّسي ُّ‬
‫ُ‬ ‫الني الزبيبي أو‬
‫والنقيع أي ُّ‬
‫ُ‬ ‫وقذف‪،‬‬
‫َ‬ ‫ثلثيه بعد ما غال واشتدَّ‬
‫هلو وقصد طرب وال حير ُم ما مل‬ ‫والثالث ما ُّ‬
‫حيل شب ُه بال ني ًة ٌ‬ ‫ُ‬ ‫الني الرطبي إذا غال واشتدَّ‬
‫وهو ُّ‬
‫ُ‬
‫الطبيخ البّسي والرطبي والتمري والزبيبي بأدنى‬ ‫العنبي والنبيذ أي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املثلث‬ ‫وهو‬
‫يسكر َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العسل‬ ‫وهو ُ‬
‫نبيذ‬ ‫ٍ‬ ‫أصال ما مل يكن ِ‬
‫بنية ٍ‬ ‫حيل مطل ًقا وال حير ُم ً‬ ‫والرابع ما ُّ‬ ‫ٍ‬
‫طرب‪َ ،‬‬ ‫هلو أو‬ ‫ُ‬ ‫طبخة‬
‫وهو‬ ‫ٍ‬ ‫ذلك‪ ،‬ولكن الفتوى عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫وغي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هلل‪َ ،‬‬
‫حممد رمح ُه ا ُ‬ ‫قول‬ ‫والشعي‬ ‫ُب‬
‫والتني واملحبوبات كال ِّ‬
‫ٍ‬
‫مسكر‬ ‫السال ُم ُّ‬
‫كل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وعليه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫أن َّ‬
‫َّ‬
‫هلل لقوله عليه َّ‬
‫والشافعي وأمحدُ رمحهم ا ُ‬
‫ُ‬ ‫مالك‬ ‫مسكر حرا ٌم‪،‬‬ ‫كل‬
‫مخر حرام‬ ‫وكل ٍ‬ ‫الرزاق وابن حبان يف صحيح‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مسلم ويف رواية أمحدُ وعبدُ‬ ‫حرا ٌم أخرج ُه‬
‫ٌ‬
‫الكف من ُه حرا ٌم أخرج ُه أبو‬ ‫ُ‬
‫الفرق منه فامء‬ ‫أسكر‬ ‫ٍ‬
‫مسكر حرا ٌم وما‬ ‫السال ُم ُّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫وقول ُه عليه َّ‬
‫َ‬
‫اإلطالق عىل‬ ‫يدل عىل َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫األحاديث ما ُّ‬ ‫صح من‬ ‫َ‬
‫حبان‪ ،‬ولكن فيام َّ‬ ‫والُّتمذي وابن‬
‫ُ‬ ‫داوود‬
‫كنت‬ ‫روي عن أنس أن ُه َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫كزيد أسدٌ فهو نافع يف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قال ُ‬ ‫َ‬ ‫وذلك ما‬ ‫التكفي واحلدِّ‬ ‫درء‬ ‫ٌ‬ ‫التشبيه‬
‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والتمر أخرج ُه‬ ‫ِ‬
‫اليّس‬ ‫نضيج‬
‫ُ‬ ‫اخلمر وما شاهبم َّإال‬
‫ُ‬ ‫ساقي القو ِم يوم ُح ِّرمت‬
‫البخاري وإذا تيقنت هذا‬ ‫ِ‬
‫باملدينة يش ٌء منها)‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫اخلمر وما‬ ‫(حرمت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عمر‪ِّ :‬‬
‫وعن ابن َ‬
‫ِ‬
‫الشيخ أيب‬ ‫ٍ‬
‫وصية كتبها إىل‬ ‫وقع من ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫أن ما أشار ِ‬ ‫علمت َّ‬
‫تكفي ابن سينا بام َ‬ ‫إليه الغزا ُيل من‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فيهجر شب ُه تله ًيا بل‬ ‫املَّشوب‬ ‫هلل من ِ‬
‫قوله وأما‬ ‫اخلي املهلبي الصويف رمحهام ا ُ‬‫ِ‬ ‫سعيد بن أيب‬‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫وأمثل وقد‬ ‫انبل من ابن سينا‬ ‫حق من هو ُ‬ ‫صدر عن ُه مثل ُه يف ِّ‬‫َ‬ ‫تعصب من ُه‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫تشف ًيا وتداو ًيا‬
‫بمثل صنيعه وأنا بري ٌء من كليهام‪ ،‬واالجُّتا ُء ِبه إليهام‬ ‫ِ‬ ‫عارض ُه مجاع ٌة منهم القايض عياض‬
‫ِ‬
‫استحالل‬ ‫يدل عىل‬ ‫ِ‬
‫الرئيس ُ‬ ‫ِ‬
‫الشيخ‬ ‫ٍ‬
‫وإنصاف أن ُه لو ُس َّل َم أن كال َم‬ ‫ٍ‬
‫معرفة‬ ‫يرتاب ذو‬ ‫وال‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلحسان أن‬ ‫ِ‬
‫اإليامن والتزا ِم‬ ‫ِ‬
‫صفاء‬ ‫ِ‬
‫حاله يف‬ ‫َ‬
‫فكان منتهى‬ ‫يصح قول ُه‬ ‫كيف‬
‫املَّشوب تداو ًيا َ‬‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الطالء والنقي ِع‬ ‫ثبت عند ُه أن ُه مل يرد غي ُه من‬ ‫لغرض التَّش ِّفي وبأي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دليل َ‬ ‫اخلمر‬ ‫شب‬ ‫َ‬ ‫استثنى‬
‫ِ‬
‫واحلبوبات عىل ما‬ ‫ِ‬
‫العسل‬ ‫ُ‬
‫واملتخذ من‬ ‫ُ‬
‫والنبيذ‬ ‫الواجب أن َ‬
‫حيمل أن ُه أرا َد املثلث‬ ‫ِ‬
‫والسكر بل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫تكفيه‪.‬‬ ‫حيل تضليل ُه ً‬
‫فضال عن‬ ‫وبذلك ال ُّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مذهبه‪،‬‬ ‫هو مقتىض‬

‫َ‬
‫مكرمون‬ ‫خوف اخل ِ‬
‫امتة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مأمونون من‬ ‫َ‬
‫معصومون‬ ‫ِ‬
‫األنبياء) ألهنم‬ ‫(وال يبلغُ ويل درج َة‬
‫ُ‬
‫يستدل عىل هذا‬ ‫ِ‬
‫وإرشاد اآلنا ِم‪ ،‬وربام‬ ‫َ‬
‫مأمورون بتبلي ِغ األحكا ِم‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫ِ‬
‫ومشاهدة‬ ‫بالوحي‬
‫َ‬
‫أفضل‬ ‫احد‬ ‫ِ‬
‫األنبياء واملرسلني عىل ٍ‬ ‫الشمس وال غربت بعدَ‬ ‫روي من أن ُه ما طلعت‬
‫ُ‬ ‫املدعي بام َ‬
‫ِ‬
‫والروافض وربام‬ ‫ِ‬
‫الكرامية‬ ‫ِ‬
‫لبعض‬ ‫كل نبي خال ًفا‬‫ودون ِّ‬
‫َ‬ ‫فوق ِّ‬
‫كل ويل‬ ‫من أيب ٍ‬
‫بكر فإن ُه يفيدُ أن ُه َ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫اإلشاق يف‬ ‫صاحب‬
‫ُ‬ ‫وقال‬ ‫ِ‬
‫االكُب حميي الدين بن عريب رمح ُه اهللُ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الشيخ‬ ‫َ‬
‫نقل هذا عن‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ِ‬
‫احلقائق بل قد‬ ‫ِ‬
‫اخلوارق واإلطال ِع عىل‬ ‫ِ‬
‫ظهور‬ ‫ِ‬
‫تصانيفه األوليا ُء قد شاركوا األنبيا َء يف‬
‫هذه‬ ‫ِ‬
‫أولياء ِ‬ ‫كثيا من أعظ ِم‬ ‫ِ‬
‫األنبياء َّ‬ ‫ِ‬
‫احلقائق من بع ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن ً‬ ‫ض‬ ‫بعض‬ ‫إطالعا عىل‬
‫ً‬ ‫أكثر‬
‫بعضهم َ‬
‫ِ‬
‫واحتياج موسى‬ ‫َ‬
‫ارسائيل‬ ‫ِ‬
‫أنبياء بني‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫املغيبات عىل‬ ‫ِ‬
‫األمة ربام ترجحوا يف اإلطال ِع عىل‬
‫تم إنام يفيدُ الظ ُن فال‬ ‫ُ‬
‫والدليل وإن َّ‬ ‫ظاهر عىل َ‬
‫ذلك‪ ،‬انتهى‬ ‫َ‬ ‫السال ُم شاهد‬ ‫ِ‬
‫اخلرض عليهام َّ‬ ‫إىل‬
‫ِ‬
‫االستغناء عن‬ ‫وليس الكال ُم يف دعوى‬ ‫ِ‬
‫املخالف يف هذا احلك ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تكفي‬ ‫حيل أن جيُّت َأ عىل‬
‫ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ريب‪.‬‬
‫كفر بال َ‬ ‫وساطة األنبياء يف اإلطال ِع عىل أحكا ِم اهللِ تعاىل‪ ،‬فإن ُه ٌ‬

‫والنهي) لعمو ِم‬


‫ُ‬ ‫األمر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يسقط عن ُه‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫ً‬
‫عاقال بالغًا إىل‬ ‫يصل العبدُ ما دا َم‬‫ُ‬ ‫(وال‬
‫هلل‬
‫فرض ا ُ‬‫مجيع ما َ‬ ‫األمة عىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعقل وإمجا ِع‬ ‫ِ‬
‫بالتكليف وحتق ِق مناط ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫الواردة‬ ‫اخلطابات‬
‫يسع‬ ‫جيوز التَّخ ُّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف عنها وال ُ‬ ‫واجب وحتم الز ٌم ال ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فرض‬‫رسوله ٌ‬ ‫وسنة‬ ‫كتابه‬ ‫تعاىل عليهم يف‬
‫ٍ‬
‫صديق وو ٍّيل وإن َ‬
‫بلغ‬ ‫ونبي أو‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫الناس من رسول ٍّ‬ ‫ألحد من‬ ‫الوجوه‬ ‫بوجه من‬ ‫التفريط فيها‬
‫ارع‬ ‫غي ٍ‬
‫عذر اعتُب ُه َّ‬ ‫املقامات من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدرجات وأرف ِع‬
‫الش ُ‬ ‫وأشف‬ ‫املنازل‬ ‫املراتب وأعىل‬
‫َ‬ ‫أهنى‬
‫التكاليف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تسقط‬ ‫ِ‬
‫املحبة‬ ‫القلب والبلو ِغ إىل ِ‬
‫غاية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بصفاء‬ ‫حيث زعموا أن‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لإلباحية‬ ‫خال ًفا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذنب معنا ُه‬
‫احب اهللُ عبدً ا مل يرض ُه ٌ‬
‫السال ُم إذا َّ‬ ‫كفر ال حمال َة وما َ‬
‫روي عن ُه عليه َّ‬ ‫وهو ٌ‬
‫الَّشع َّية َ‬
‫ِّ‬
‫كيف؟‬ ‫فيكون كمن ال ذنب له فال يلحقه رضرها‪ِ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للتوبة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالتوفيق‬ ‫ِ‬
‫بالعصمة أو‬ ‫أن ُه ال يرض ُه‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الذ ِ‬
‫نب‪.‬‬ ‫اسم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أطلق عليه َ‬
‫احلديث َ‬ ‫تبق ذن ًبا و يف‬
‫سقطت مل َ‬
‫ْ‬ ‫فإن ُه إذا‬

‫اخلاص‬
‫ُ‬ ‫القسم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلطالق ال‬ ‫والس ِنة عىل‬ ‫ِ‬
‫الكتاب ُّ‬ ‫(والنصوص) أي األدل ُة السمع َّي ُة من‬
‫ُ‬
‫حتمل عىل ظواهرها) أي معانيها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والتأويل(‬ ‫ِ‬
‫التخصيص‬ ‫ِ‬
‫احتامل‬ ‫ُ‬
‫اللفظ مع‬ ‫سيق ل ُه‬
‫الذي َ‬
‫ِ‬
‫واالنقياد‪،‬‬ ‫واملتشاهبات تتلقى بالتسلي ِم‬
‫ُ‬ ‫وإطالق وتعيني وإهبا ٍم‬ ‫ٍ‬ ‫املتبادر ُة إىل األفها ِم من عمو ٍم‬
‫ِ‬
‫العقل‬ ‫يْصف عنها ُ‬
‫دليل) من‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫علمه سبحان ُه منها املرا ُد( ما مل‬ ‫هلل تعاىل وايل من‬
‫ويفوض إىل ا ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعني فهي‬ ‫ِ‬
‫والوجه‬ ‫ِ‬
‫واليد‬ ‫ِ‬
‫كاالستواء‬ ‫ِ‬
‫الشاهد‬ ‫ِ‬
‫النقل فكلام وردمها ظاهر ُة اجلمعي ُة يف‬ ‫أو‬
‫هو من لواز ِم اجلسم َّي ِة ُع ِل َم أهنا ليست‬ ‫ِ‬ ‫العقل والن ُ‬
‫ُ‬ ‫ثم ملا َّ‬
‫َّقل عىل انتفاء ما َ‬ ‫دل‬ ‫هلل تعاىل‪َّ ،‬‬
‫صفات ِ‬‫ٌ‬
‫هلل‬ ‫ٌ‬
‫موكول إىل ا ِ‬ ‫كيف‪ ،‬واملرا ُد منها‬ ‫صفات بال ٍ‬
‫ٌ‬ ‫أبعاض وأجزا َء فهي‬‫َ‬ ‫بجوارح وأعضا َء وال‬ ‫َ‬
‫والتعظيم‪ ،‬وهذا هو‬ ‫ِ‬
‫بجنابه سبحان ُه‬ ‫يليق‬ ‫ِ‬
‫التقديس عام ال ُ‬ ‫التسليم مع‬ ‫وليس علينا َّإال‬ ‫تعاىل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العامة‬ ‫خيف عىل‬‫َ‬ ‫التوقف نعم إذا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املتشاهبات‬ ‫حكم‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫األصول من َّ‬ ‫ِ‬
‫باملذكور يف‬ ‫املعني‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القدرة والوج َه عىل‬ ‫ِ‬
‫التنزيه إذا مل حيمل اليدَ عىل‬ ‫ِ‬
‫التشبيه وعد ِم وقوفهم عىل حدِّ‬ ‫تورطهم يف‬
‫بْصف فهمهم إليها ختليصا هلم من ِ‬
‫لغة‬ ‫ِ‬ ‫بأس‬ ‫ِ‬
‫االستيالء ً‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫مثال فال َ‬ ‫الذات‪ ،‬واالستوا َء عىل‬
‫ٍ‬
‫خللل يف‬ ‫قدر ما يدعو ِ‬
‫إليه احلاج ُة‬ ‫حسب ما يسع ُه اللغ ُة عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫الصفات‬ ‫ِ‬
‫واإلحلاد يف‬ ‫ِ‬
‫التشبيهات‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ومتواتر‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫ختصيص عا َم‬ ‫جيوز‬
‫يصح اجلز ُم بأهنا املرا ُد منها( قطعي) فال ُ‬ ‫ِ‬
‫العامة وال‬ ‫فه ِم‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫العراقيني من‬
‫َ‬ ‫الواحد‪ ،‬وما جيري َمراه فإنه قطعي الدَّ ِ‬
‫اللة عندَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخُب‬ ‫الس ِنة وال تقييد مطلقها‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬
‫أئمة خراسان وما ورا َء النهر كالقايض أيب ٍ‬
‫نْص احلسن بن‬ ‫أِئمتنا احلنفي ِة ومن تابعهم من ِ‬
‫َّ َ‬
‫وفخر اإلسال ِم خال ًفا للشافعي‬ ‫ِ‬
‫األئمة‬ ‫وشمس‬ ‫أمحد املرزوي والقايض أيب ٍ‬
‫زيد الدبويس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫معان‬ ‫ِ‬
‫النصوص( إىل‬ ‫ِ‬
‫ظواهر‬ ‫ُ‬
‫والعدول عنها) أي عن‬ ‫وأيب املنصور املاتريدي ومن تابعهام(‬
‫ِ‬
‫الصحيح‬ ‫ِ‬
‫الظاهر‬ ‫سموا مالحد ًة لعدوهلم عن املعنى‬ ‫الباطل) وهم اإلباح َّي ُة ّ‬ ‫ِ‬ ‫يدعيها ُ‬
‫أهل‬
‫النصوص‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬
‫وباطنية الدعائهم َّ‬ ‫ٍ‬
‫فارغة‬ ‫ٍ‬
‫ومتوُيات‬ ‫ٍ‬
‫باطلة‬ ‫ٍ‬
‫بتخيالت‬ ‫ِ‬
‫الفاسد‬ ‫ِ‬
‫املتبادر إىل املعنى‬
‫َ‬
‫رجل‬ ‫إن اجلن َة ٌ‬ ‫املعلم املعصو ُم كقوهلم َّ‬ ‫باطنة ال يعرفها َّإال‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معان‬ ‫ليست عىل ظواهرها بل هلا‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رجل ُأ ِم ْرنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املحرمات‬ ‫بمعاداته وهو خصم ُه‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫النار ٌ‬ ‫وإن َ‬ ‫الوقت َّ‬ ‫وهو إما ُم‬ ‫ُأم ْرنا بمواالته َ‬
‫ِ‬
‫التكاليف‬ ‫ُ‬
‫إسقاط‬ ‫رجال ُأ ِم ْرنا بمواالَتم ومقصودهم‬ ‫ٌ‬ ‫والفرائض‬ ‫أمر اهللُ بمعاداَتم‬ ‫ٌ‬
‫ُ‬ ‫رجال َ‬
‫ان﴾[الرمحن‪ ]19 :‬عّل‬ ‫قوله تعاىل‪ ﴿ :‬مرج ا ْلبحري ِن ي ْلت َِقي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأن املرا َد من‬ ‫يعة َّ‬ ‫الَّش ِ‬
‫ورفع َّ‬
‫ََ َ َ َْْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫الكسف‬‫ِ‬ ‫واحلسني‪ ،‬واملرا ُد من‬ ‫ُ‬ ‫قوله خير ُج منهام اللؤلؤ واملرجان احلس ُن‬ ‫ِ‬ ‫وفاطم ُة‪ ،‬ومن‬
‫وعمر وإهنا‬ ‫اإلنسان األمان ُة قد محلها أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعاىل‪ :‬ومحلها‬ ‫وأن املراد يف ِ‬ ‫الساقط عّل َّ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الطريق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صواب‬ ‫ٌ‬
‫وعدول عن‬ ‫ميل عن ِ‬
‫احلق‬ ‫اهلذيان( إحلاد) أي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك من‬ ‫غي َ‬ ‫حق عّل إىل ِ‬ ‫ٌ‬
‫ٍّ‬
‫وأن املرا َد من ُه ظواهرها‬ ‫حيا رضورةً‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وكفر باهللِ وبرسوله لكون ُه تكذي ًبا رص ً‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫وتنبيهات عىل‬ ‫حقائق‬
‫َ‬ ‫إشارات إىل‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك فيها‬ ‫ِ‬
‫الظواهر ومع َ‬ ‫تقرير‬ ‫الواجب‬ ‫واعلم َّ‬
‫أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫واملجاهدة مع‬ ‫ِ‬
‫السلوك‬ ‫وأصحاب‬ ‫ِ‬
‫الشهود واملكاشف ُة‬ ‫ِ‬
‫أرباب‬ ‫تنكشف عىل‬
‫ُ‬ ‫دقائق ربام‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫اهدُ وا فِينَا َلن َْه ِد َين َُّه ْم ُس ُب َلنَا﴾[العنكبوت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫﴿وا َّلذ َ‬
‫ين َج َ‬ ‫قال اهللُ تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫املحافظة عليها‪ ،‬كام َ‬
‫ِّ‬
‫ولكل‬ ‫وباطن‬ ‫ظهر‬ ‫أحرف ِّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وقال ِ‬
‫عليه السال ُم‪ُ ( :‬أ َ‬ ‫‪َ ،]69‬‬
‫ُ‬ ‫لكل آية منها ٌ‬ ‫سبعة‬ ‫القرآن عىل‬ ‫نزل‬
‫اخلروج من ُه والشذو ُذ عن ُه وبط ٌن هو‬ ‫ٍ‬
‫ألحد‬ ‫جيوز‬
‫هو حد ُه الذي ال ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ظاهر َ‬
‫ٌ‬ ‫فالقرآن ل ُه‬ ‫مطلع‬
‫ٌ‬ ‫حدٍّ‬
‫ِ‬
‫الصغي ما ال‬ ‫منته عندَ حدٍّ وهناي ُة يفتح اهللُ ِ‬
‫فيه عىل‬ ‫غاية وال ٍ‬
‫مقصور عىل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫غي‬
‫ُ‬ ‫وهو ُ‬
‫مطلع ُه‪َ ،‬‬
‫عذب شاب ُه سقيا ُه‬ ‫ٌ‬ ‫بحر طهور ماؤ ُه‬ ‫وهو ٌ‬ ‫عليم‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫كل ذي عل ٍم‬ ‫فوق ِّ‬ ‫فإن َ‬ ‫يفتح ُه عىل العظي ِم‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫الطوية‬ ‫ِ‬
‫وخلوص‬ ‫بصدق الن ِِّية‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫واملرجان وتفهم ُه وتذكر ُه وتدبر ُه إنام‬ ‫ُ‬ ‫اللؤلؤ‬
‫ُ‬ ‫خيرج من ُه‬ ‫ُ‬
‫العلم‬ ‫ِ‬
‫األوصاف إذ‬ ‫األخالق وأردأ‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫رزائل‬ ‫َّفس عن‬ ‫ِ‬
‫وتطهي الن ِ‬ ‫ِ‬
‫الطعمة‬ ‫ِ‬
‫وطيب‬ ‫ِ‬
‫احلرمة‬ ‫وتعظي ِم‬
‫ُ‬
‫القلب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طهارة‬ ‫حيصل َّإال بعدَ‬ ‫ُ‬ ‫هلل تعاىل‪ ،‬فال‬ ‫ِ‬
‫الباطن إىل ا ِ‬ ‫ِ‬
‫وقربة‬ ‫الّس‬ ‫ِ‬
‫القلب وصال ُة ِّ ِّ‬ ‫عباد ُة‬
‫السعي‬ ‫رس ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبذل َمهود ُه يف َّ‬ ‫الّس من خبائث الطبيعة والصفات املذمومة‪ ،‬فمن صفا ُّ‬ ‫وصفاء ِّ ِّ‬
‫وصدر عن ُه‬ ‫ِ‬
‫درره‬ ‫ِ‬
‫وإصابة‬ ‫ِ‬
‫حكمه‬ ‫ِ‬
‫الستنباط‬ ‫فهام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيام ُك ِّل َ ِ‬
‫َ‬ ‫ف به من حفظ احلدود أعطا ُه اهللُ ً‬
‫خلق منهم‬ ‫كل ٍ‬ ‫فيه يأيت ُّ‬ ‫ولذلك ترى الفقهاء إذا تدبروا ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الزوائد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بأجزل‬ ‫ورجع‬ ‫ِ‬
‫الفوائد‬ ‫بأعظ ِم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بعجائب‬ ‫َ‬ ‫شذ عىل املايض‪ ،‬واحلكام ُء أبدً ا‬ ‫سلف واألدبا ُء يأيت منهم اآليت بام َّ‬ ‫ٌ‬ ‫يأت ِبه‬ ‫بام مل ِ‬

‫غموضا ودق ًة وهبا ًء ورق ًة‪ ،‬ولدى اهللِ املزيدُ وماديت ُه ال تنفدُ وبحر ُه ُ‬
‫يفيض‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫العقول‬ ‫حارت هلا‬
‫ْ‬
‫ونوال ُه ال يبيد‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫السنة‬ ‫ومتواتر‬
‫ُ‬ ‫بإنكار األحكا ِم القطعية التي دلت عليها الكت ُ‬
‫َّاب‬ ‫ّصوص)‬ ‫(ور ُّد الن‬
‫هلل عن ِ‬ ‫ِ‬
‫شأن اإلمجا ِع إشار ًة إىل‬ ‫ِّف رمح ُه ا ُ‬
‫وسكت املصن ُ‬
‫َ‬ ‫ولرسوله‬ ‫تكذيب هللِ‬
‫ٌ‬ ‫كفر) ألن ُه‬‫قطع ًا( ٌ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ُه إذا مل يصحب ُه الن ُ‬
‫التفصيل‬ ‫يكفر راد ُه مطل ًقا َّ‬
‫ثم‬ ‫السنة ال ُ‬ ‫متواتر ُّ‬ ‫الكتاب‪ ،‬أو‬ ‫القطعي من‬
‫ُ‬ ‫َّقل‬
‫إمجاع من بعدهم عىل‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراتبه إمجاع الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫البعض َّ‬ ‫بسكوت‬ ‫حابة نصائهم إمجاعهم‬ ‫ُ َّ‬ ‫أن أقوى‬
‫اإلمجاع حال ُه‬ ‫خيتلف‬ ‫ثم‬ ‫سبق ِ‬ ‫اإلمجاع عىل حك ٍم َ‬ ‫حك ٍم مل يظهر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خالف َّ‬
‫ٌ‬ ‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫سابق َّ‬
‫خالف ٌ‬‫ٌ‬ ‫فيه‬ ‫ْ‬
‫قني من احلنف َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫واملعتمد عندَ املح ِّق َ‬ ‫ِ‬
‫اآلحاد‬ ‫ِ‬
‫املشهور أو‬ ‫ِ‬
‫املتواتر أو‬ ‫ِ‬
‫بالنقل‬ ‫ِ‬
‫انتقاله إلينا‬ ‫ِ‬
‫بالنظر إىل‬
‫ِ‬
‫اخلمسة لإلسال ِم‬ ‫ِ‬
‫كاألركان‬ ‫الشار ِع‬ ‫متواتر الن ِ‬
‫َّقل عن َّ‬ ‫اإلمجاع الذي يصاحب ُه‬ ‫وغيهم(‪َّ :)253‬‬
‫أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كاستحقاق ِ‬
‫بنت االبن مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتكذيبه إيا ُه‪ ،‬وما ال يصاحب ُه هذا‬ ‫ثبت ِبه‬
‫يك َّف ُر جاحدها ما َ‬

‫َّهر كالقايض أيب ٍ‬


‫زيد‬ ‫خراسان وما ورا َء الن ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مشايخ‬ ‫العراقيون من احلنف َّي ِة و َمن تابعهم من‬
‫َ‬ ‫( )هم‬ ‫‪253‬‬

‫ِ‬
‫امليزان وغيهم رمحهم اهللُ تعاىل من ُه‪ ،‬س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬ ‫صاحب‬ ‫السمرقندي‬
‫ُ‬ ‫الدبوريس واإلما ُم عال ُء الدين َّ‬
‫الساذج إنام ك َّفر جاحدَ الر ِ‬
‫تبة‬ ‫ِ‬ ‫يصح تكفي ُه و َمن ك َّف َر جاحدَ اإلمجا ِع‬ ‫دس فال‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الس ُ‬
‫الصلبية ُّ‬
‫ُ‬
‫يتصو ُر‬
‫َّ‬ ‫مناط الت ِ‬
‫َّكفي إنام‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫َّكذيب الذي َ‬
‫َ‬ ‫ألن الت‬ ‫ِ‬
‫بالتواتر وعلم ثبوت ُه قط ًعا؛ َّ‬ ‫ثبت‬
‫األوىل؛ إذ َ‬
‫حتقق ُه يف َ‬
‫ذلك(‪.)251‬‬

‫وأكثر‬ ‫ِ‬
‫واخلوارج‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة‪،‬‬ ‫وأنكر حج َّي َة اإلمجا ِع بالكل َّي ِة النَّظا ُم والكاشاين من‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الباقالين من‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وأبوبكر‬ ‫ابن أبان من احلنف َّي ِة‬
‫تنصيص اجلمي ِع عيسى ُ‬ ‫ِ‬ ‫وخص عىل‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫وافض‪،‬‬ ‫الر‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫العُّتة الطاهرة‬ ‫الشافعي وعىل ِ‬
‫اتفاق‬ ‫وهو رواي ٌة عن َّ‬ ‫ِ‬ ‫املالك َّي ِة وداود‬
‫ُ‬ ‫وبعض املعتزلة َ‬ ‫ُ‬ ‫الظاهري‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الصحابة‬ ‫الفقهاء وهورواي ًة عن مالك وعىل‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬ ‫اإلمام َّي ُة والزيد َّي ُة‪ ،‬وعىل ِ‬
‫املدينة ُ‬ ‫أهل‬
‫اإلمجاع ونح ُن ال‬
‫َ‬ ‫خالف‬
‫َ‬ ‫نكفر من‬
‫كيف ُ‬ ‫قال أبواملعايل اجلويني َ‬ ‫وهو رواي ٌة عن أمحد َ‬‫الظاهرية َ‬
‫ِ‬
‫كون‬ ‫ِ‬
‫معرفة‬ ‫ٍ‬
‫حامد الغزايل يف‬ ‫أصل اإلمجاعِ‪ ،‬وإنام ُنبدِّ ُع ُه ونض ِّل ُل ُه‪َ ،‬‬
‫وقال أبو‬ ‫ُن َك ِّف ُر من ر َّد َ‬
‫خمتلف ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الفقه وكون ُه حج ًة‬ ‫ِ‬
‫أصول‬ ‫لون لعل ِم‬ ‫املحص َ‬ ‫غموض يعرف ُه‬
‫ٌ‬ ‫اإلمجا ِع حج ٌة قاطع ٌة‬
‫ِّ‬
‫أغمض األشيا َء(‪.)252‬‬ ‫ثم تواتر ُه ُمن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ودرك وجوده َّ‬

‫ثبت كوهنا‬ ‫ٍ‬


‫تأويل (كفر) إذا َ‬ ‫غي‬ ‫ِ‬
‫املعصية) كبي ٌة كانت أو صغي ًة من ِ‬ ‫ُ‬
‫(واستحالل‬
‫ٍ‬
‫بدليل قطعي‪.‬‬ ‫معصي ًة‬

‫حيث أنه َممع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صفي الدِّ ِ‬ ‫َ‬


‫عليه بإمجا ٍع‬ ‫ٌ‬ ‫ين اهلندي يف النِّهاية‪ :‬جاحدُ احلك ِم املجم ِع عليه من ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫)قال‬
‫‪251‬‬
‫(‬
‫حكم اإلمجا ِع‬ ‫ألن جاحد‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء وإنام ُق َّيدَ باإلمجا ِع القطعي َّ‬ ‫ِ‬
‫لبعض‬ ‫ِ‬
‫اجلامهي خال ًفا‬ ‫قطعي ال ُيك َّف ُر عندَ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫شح الت ِ‬
‫َّحرير‪.‬‬ ‫تقرير ِ‬
‫ُ‬ ‫الظني ال يك َّف ُر وفا ًقا انتهى‬
‫ثابت قطع ًا من الَّشعيات بأن علم‬
‫( )نسبة هذا إيل ليست عىل العموم إذ يف امليزان فاما إنكار ماهو ٌ‬ ‫‪252‬‬

‫باإلمجاع واخلُب املشهور فالصحيح من املذهب أنه ال يك َّفر انتهى‪.‬والتقويم مشي إليه أيض ً‪,‬ا إذ فيه مل ِ‬
‫نبال‬
‫بخالف الروافض إيانا يف إمامة أيب بكر وال بخالف اخلوارج يف إمامة عّل ريض اهلل عنه لفساد تأويلهم‬
‫وإن كنا مل نك ّفرهم للشبة‪ .‬كتاب التقرير والتيسي بَّشح التحرير‪(.‬ولكن عندي حممل كالم ابن اهلامم هو‬
‫االمجاع الذي يصاحبه النقل القطعي ال االمجاع من حيث هو امجاع ساذج‪ .‬منه سلمه اهلل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مباالة‬ ‫غي‬ ‫ِ‬
‫املباحات ويرتكبها من ِ‬ ‫(واالستهان ُة هبا) عدَّ ها ه ِّينَ ًة سهل ًة فيجرُيا َمرى‬
‫ألن ك ً‬
‫ال منا من‬ ‫ِ‬
‫السخرية (كفر) َّ‬ ‫عمل هبا عىل ِ‬
‫وجه‬ ‫الرشيعة) بأن َ‬ ‫ِ‬ ‫(واالستهزاء عىل‬ ‫(كفر)‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫(واعلم) َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّصديق بجمي ٍع ما جا َء به ُ‬
‫النبي ﷺ وحد ُه‬ ‫ُ‬ ‫هو الت‬
‫مر َ‬‫اإليامن كام َّ‬ ‫أن‬ ‫ْ‬ ‫َّكذيب‬‫أمارات الت‬
‫كتاب اهللِ‬ ‫وإحاطة العدِّ ُما تضمن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتفاصيله أشيا ٌء كثي ٌة خارج ٌة عن احلدِّ‬ ‫اإلقرار ِبه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أو مع‬
‫ُ‬
‫وأن حممدً ا‬ ‫بأن ال إل َه َّإال اهلل‪َّ ،‬‬ ‫يقر َّ‬ ‫وهو أن َّ‬
‫ِ‬
‫باإلمجال‪َ ،‬‬ ‫الس ِنة ويعوز استقصاؤ ُه فاكتفى‬ ‫ودواوي ُن ُّ‬
‫جاذب إىل‬ ‫بحيث لو جذب ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ستسالمه‪ ،‬ولكن‬ ‫ِ‬
‫جنانه وا‬ ‫ِ‬
‫مطابقة‬ ‫صادرا عن‬ ‫إقرارا‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وهي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حصل ل ُه َ‬ ‫َ‬ ‫وجب إعطائها حكم ًة فمن‬ ‫ِ‬ ‫تع ُّق ِل‬
‫السالمة عن املناقضة َ‬ ‫ذلك مع َّ‬ ‫َ‬ ‫التفاصيل‬
‫أهل اإلسال ِم ْ‬
‫وإن‬ ‫فهو من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تكذيب الر ِ‬
‫بالدين واالستهزا ُء عىل الَّشيعة َ‬ ‫واالستخفاف‬
‫ُ‬ ‫سول‬ ‫ُ َّ‬
‫آراء‪ ،‬فمن‬ ‫واختالف ٍ‬‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أقوال‬ ‫ِ‬
‫واألهواء‬ ‫ف من ِ‬
‫أهل البد ِع‬ ‫تكفياملخال ِ‬
‫ِ‬ ‫تلبس البدع يف ِ‬
‫دينه ويف‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫طريق‬ ‫آثر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫متعص ٍ‬ ‫مبال ٍغ‬
‫َ‬ ‫مواس َ‬ ‫متساهل‬ ‫بكفره ومن‬ ‫فحكم‬
‫َ‬ ‫ّص‬
‫املخالف ر َّد الن ِّ‬
‫َ‬ ‫ملذهبه ألز َم‬ ‫ب‬ ‫ِّ‬
‫بكل‬ ‫جيوز تكفيهم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالكلمة ال‬ ‫ُ‬
‫والقائل‬ ‫ِ‬
‫القبلة‬ ‫واحلق أن َ‬
‫أهل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أمره‬ ‫وتوقف عن‬
‫َ‬ ‫الس ِ‬
‫المة‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫بإنكار‬ ‫َّكذيب إنام يلز ُم‬ ‫هو الت‬ ‫مدار الت ِ‬ ‫ِ‬
‫البطالن‪َّ ،‬‬ ‫وإن َ‬ ‫ٍ‬
‫هذيان ْ‬
‫ُ‬ ‫َّكفي ومناط ُه الذي َ‬ ‫فإن َ‬ ‫ظاهر‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫ِ‬
‫البعيد ال‬ ‫ِ‬
‫باملجاز‬ ‫ِ‬
‫نفسه ومهام احتمل ُه ولو‬ ‫ِ‬
‫التأويل يف‬ ‫نقله‪ ،‬وأبى عن‬ ‫الشار ِع يف ِ‬ ‫تواتر عن َّ‬ ‫ما‬
‫َ‬
‫األو ُل‪ :‬معرف ُة أن ُه‬ ‫َّكفي يتع َّل ُق بأم ٍ‬
‫فالنظر يف الت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يلزم ُه إذا َ‬
‫ور َّ‬ ‫ُ‬ ‫صارف‬ ‫إدعاء‬ ‫صادرا عن‬ ‫ً‬ ‫كان‬
‫والشخص‬ ‫ِ‬
‫القلب‪،‬‬ ‫جهة اإلطال ِع عىل ما يف‬ ‫رأيه‪ ،‬وهي صعب من ِ‬ ‫َّص يف ِ‬
‫عَدَ َل عن مقتىض الن ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫عدل عن‬ ‫َّص الذي َ‬ ‫ِ‬
‫غيه ال َّثاين‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن الن َ‬ ‫عقيدة‬ ‫فضال عن‬ ‫اعتقاده‬ ‫حترير‬
‫ُ‬ ‫عليه‬ ‫يصعب‬
‫ُ‬ ‫ربام‬
‫املاهر‬
‫ُ‬ ‫يستقل هبا َّإال‬
‫ُّ‬ ‫ذلك ليست هب ِّي ٍنة بل ال‬
‫قريب أو بعيدٌ ‪ ،‬ومعرف ُة َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حمتمل‬ ‫حمكم أو‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫ظاهره‬
‫العرب يف استعامهلا واستعارَتا وجتوزها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبعادات‬ ‫ِ‬
‫العارف هبا‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫احلاذق يف عل ِم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بطريق‬ ‫ِ‬
‫باالشتهار أو‬ ‫ِ‬
‫بالتواتر أو‬ ‫ثبت‬
‫َّص َ‬ ‫أن َ‬
‫ذلك الن َ‬ ‫والثالث‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األمثال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رضب‬ ‫ومناهجها يف‬
‫ِ‬
‫انحطاطه عن مبل ِغ يفيدُ‬ ‫الش ِك وعد ِم‬ ‫ِ‬
‫إمكان َّ‬ ‫هو عىل شط ِه من عد ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملتواتر هل َ‬ ‫اآلحاد‬
‫يتيّس معرف ُة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يصل ِ‬ ‫أن َ‬
‫ذلك‬ ‫يكون للجم ِع الكثي رابط ٌة يف التَّوافق وال َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫إليه‪ ،‬وأن ال‬ ‫القطع إىل ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الباحثة عن‬ ‫ِ‬
‫َّواريخ‬ ‫ِ‬
‫املاضية والت‬ ‫ِ‬
‫القرون‬ ‫ِ‬
‫وأحوال‬ ‫ِ‬
‫واألخبار‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫َّإال للبارعني يف عل ِم‬
‫األمور‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫تواتر عند ُه أم ال إذ ال‬ ‫والرابع‪ :‬يف َّ‬ ‫وأحوال الر ِ‬
‫ِ‬ ‫الرج ِ‬
‫ُ‬ ‫َّص هل َ‬
‫أن هذا الن َ‬ ‫ُ‬ ‫واة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ال‬ ‫ِّ‬
‫ٌ‬
‫جاهل‬ ‫فاملخالف‬
‫ُ‬ ‫حتصل تدرجي ًيا َّ‬
‫وإال‬ ‫ُ‬ ‫مواقع اإلمجا ِع متاميزةٌ‪ ،‬بل إنام‬ ‫ِ‬
‫الوالدة متواترة‪ ،‬وال‬ ‫عند‬
‫َ‬
‫الُبهان أم ال؟ و َيكِ ُل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شط‬ ‫ِ‬
‫تأويله أو عىل‬ ‫َ‬
‫الباعث عىل‬ ‫اخلامس‪َّ :‬‬
‫أن دليل ُه‬ ‫ُ‬ ‫خمطئ ال َّ‬
‫مكذب‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫فإن َ‬ ‫ِ‬
‫االستيفاء‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫املنغمسني بالعل ِم عن فه ِم‬
‫هو برهان ُه قاط ًعا‬ ‫كان َ‬ ‫شوطه عىل‬ ‫َ‬ ‫قرحي ُة ُ‬
‫أكثر‬
‫ِ‬
‫وجود‬ ‫جواز الت ِ‬
‫َّكفي معرف ُة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫شط‬ ‫ِ‬
‫وباجلملة‬ ‫ِ‬
‫ظاهره‬ ‫جيب قبوله يف رصفه عن‬ ‫ِ‬
‫جام ًعا لَّشائطه ُ‬
‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫وَتذيب‬
‫َ‬ ‫النفس َو ِحدَّ َة الفه ِم‬
‫ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫هن ورياض َة‬ ‫مجع صح َة ِّ‬
‫تتيّس ملن َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫َّكذيب وإنام‬
‫الت‬

‫عظيم‬ ‫خطر‬ ‫األثر(‪ ،)253‬ومع هذا ك ِّل ِه ِ‬


‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فنون‬ ‫ِ‬
‫وكامل اإل ِّطال ِع عىل‬ ‫ِ‬
‫النظر‬ ‫التحّل بعلو ِم‬
‫ِّ‬ ‫مع‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ومسلم وقول ُه‬ ‫البخاري‬ ‫كافر فقد باء هبا أحدمها‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬ ‫السال ُم من َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫قال ألخيه يا ُ‬ ‫لقوله عليه ّ‬
‫السالم‪ُ ( :‬ك ُّفوا عن ِ‬ ‫ِ‬
‫أهل ال إل َه َّإال اهللَ َ‬
‫فهو إىل‬ ‫هلل ال تك ِّفروهم‪ ،‬فمن ك َّف َر َ‬‫أهل ال إل َه َّإال ا ُ‬ ‫عليه ّ‬
‫ورؤوس املجتهدين‬‫َ‬ ‫كان أعال ُم العل ِم وأئم ُة َّ‬
‫الَّش ِع‬ ‫ولذلك َ‬
‫َ‬ ‫الطُباين‬ ‫أقرب)‪ ،‬أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكفر‬
‫ُ‬
‫كلمة‪ ،‬وحكا ُه عن أيب حنيف َة‬ ‫وشكاء ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القبلة‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫تكفي ِ‬ ‫افعي يك َ‬
‫ُّفون عن‬ ‫كأيب حنيف َة َّ‬
‫والش ُ‬
‫احلسن الكرخي وأيب ٍ‬
‫بكر الرازي‬ ‫ِ‬ ‫خمتار أيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلاكم َّ‬
‫وهو ُ‬ ‫املختْص وغيه‪َ ،‬‬ ‫الشهيدُ يف‬ ‫ُ‬ ‫رمح ُه اهللُ‬
‫كان أبو حنيف َة رمح ُه اهللُ ُّ‬
‫يكف‬ ‫يعقوب احلارثي َ‬
‫َ‬ ‫وغيمها من أئمتنا املح ِّققني( َ‬
‫وقال عبدُ اهللِ بن‬
‫ويتجاوز عن زالَتم‪ ،‬وهذا مذهبنا‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القبلة ويع ِّظ ُم حرماَتم‪ ،‬ويراعي حقوقهم‬ ‫لسان ُه عن ِ‬
‫أهل‬
‫ومذهب سلفنا الصاحلني انتهى‬
‫ُ‬

‫كافر عىل‬‫اخرج عني يا ُ‬ ‫ْ‬ ‫الُّتمذي ‪:‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫صفوان‬ ‫( وعن هذا ُمحِ َل ُ‬
‫قول أيب حنيف َة جلهم بن‬
‫احلسن األشعري ُ‬
‫حيث‬ ‫ِ‬ ‫مذهب أيب‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التشبيه بجام ِع‬
‫ُ‬ ‫أصول العقائد َ‬ ‫أصل من‬ ‫املخالفة يف‬
‫املسلمون بعدَ نبيهم ﷺ يف أشيا َء ض َّل َل‬
‫َ‬ ‫اختلف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مقاالت اإلسالميني‬ ‫ِ‬
‫كتاب‬ ‫قال يف ّأو ِل‬
‫َ‬
‫ُب َأ بعضهم عن بعض‪ ،‬فصاروا فر ًقا متباينني َّإال أن اإلسال َم جيمعهم‬
‫بعضا وت َّ‬
‫بعضهم ً‬
‫الشيخ الوفا ُة يف داري ببغدا َد َ‬
‫قال‬ ‫قال ملا حرضت ِّ‬ ‫الّسخيس َ‬ ‫ويعمهم( وعن أمحدَ بن ٍ‬
‫زاهر‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬

‫( )مسألة الكفر عبارة عن إنكار ما علم بالرضورة َميء الرسول عليه السالم عىل هذا اليك َّفر أحد من‬ ‫‪253‬‬

‫أهل القبلة ألن كوهنم منكرين ملا جاء به الرسول غي معلوم رضورة بل نظر ًا هذا ٌ‬
‫مبني عىل ما مىض من‬
‫حد اإليامن وهو أقرب إىل احتياط من قول الباقني فإن يف تكفي املسلمني خطر ًا‪ .‬تلخيص املحصل‬
‫ِ‬
‫القبلة‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫بتكفي ٍ‬
‫أحد من عوا ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقال اشهدوا عّل أين ال ُ‬
‫أقول‬ ‫امج ْع يل أصحايب فجمعتهم‪َ ،‬‬
‫الصدر‬ ‫وقال‬ ‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬واإلسال ُم يشملهم ويعمهم( َ‬ ‫ٍ‬
‫معبود‬ ‫َ‬
‫يشيون إىل‬ ‫ألين رأيتهم كلهم‬
‫ُ‬
‫وجدت رواي ًة أن ُه ال‬
‫ُ‬ ‫كافرا متى‬ ‫ُ‬
‫اجعل املؤم َن ً‬ ‫عظيم فال‬
‫ٌ‬ ‫الكفر يش ٌء‬
‫ُ‬ ‫الشهيدُ رمح ُه اهللُ وغي ُه‬
‫ٌ‬
‫واحتامل‬ ‫ِ‬
‫للكفر‬ ‫وتسعون احتامالً‬
‫َ‬ ‫تسع‬
‫كان هلا ٌ‬ ‫ِ‬
‫بالكفر إذا َ‬ ‫أن املسأل َة املتعلق َة‬
‫يكفر وذكروا َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫التكفي‬ ‫والشافعي عد ُم‬ ‫نفيه‪ ،‬فال ينبغي تكفي ُه( َ‬
‫قال ابن اهلامم ملا ثبت عن أيب حنيف َة َّ‬ ‫واحدٌ يف ِ‬
‫ِ‬
‫والشفاعة والكرا ِم‬ ‫ِ‬
‫واملعراج‬ ‫ِ‬
‫الرؤية‬ ‫ِ‬
‫كمنكر‬ ‫أهل البد ِع‬ ‫ِ‬
‫إكفار ِ‬ ‫كتب الفتاوى من‬ ‫فام ذكر ُه يف ِ‬

‫ذلك حممل ُه ّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫وغي َ‬ ‫ِ‬
‫للحيوان‬ ‫ِ‬
‫األفعال‬ ‫ِ‬
‫وتفويض‬ ‫ِ‬
‫بخلق القرآن‬ ‫ُ‬
‫والقائل‬ ‫وعذاب ِ‬
‫القُب‬ ‫ِ‬ ‫الكاتبني‬
‫ٍ‬
‫وسعة َمتهدً ا يف‬ ‫نكفر بنا ًء عىل استفرا ٍغ‬ ‫املعتقد نفسه كفر وصاحبه ٌ ِ‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫قائل به ولكن ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫لذلك‬
‫ِ‬
‫اإليامن اإلمجايل وما‬ ‫ِ‬
‫لالكتفاء بام يقتحم ُه من‬ ‫أن َ‬
‫ذلك‬ ‫نظر( واألوج ُه ّ‬ ‫احلق( ُ ِ‬ ‫طلب ِ‬ ‫ِ‬
‫أقول فيه ٌ‬
‫الصح َة ( َّ‬
‫ثم هذا‬ ‫وهو ال ينايف َّ‬
‫احلل‪َ ،‬‬‫حممول عىل عد ِم ِّ‬
‫ٌ‬ ‫جيوز االقتدا ُء هبم‬
‫ذكروا من أن ُه ال ُ‬
‫ِ‬
‫وتنصيص‬ ‫ِ‬
‫األدلة‬ ‫ِ‬
‫معرض‬ ‫ٌ‬
‫مضمحل يف‬ ‫واحلق أن ُه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القول(‬ ‫ِ‬
‫صحة هذا‬ ‫ِ‬
‫اعتبار‬ ‫ِ‬
‫تقدير‬ ‫ك ُّل ُه عىل‬
‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫املحيط‬ ‫ِ‬
‫التكفي( يف‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء عىل عد ِم‬ ‫إمجاع‬ ‫ِ‬
‫املنذر‬ ‫ئمة( وقد َ‬
‫نقل ابن‬ ‫ِ‬
‫رؤساء األ ِ‬
‫َ‬
‫دليال قطع ًيا( َ‬
‫قال ابن اهلام ِم‬ ‫ِ‬
‫ببدعته ً‬ ‫خالف‬ ‫يكفر من‬ ‫يكفر أحدً ا من ِ‬
‫َ‬ ‫أهل البدعِ‪ ،‬وبعضهم ُ‬ ‫ال ُ‬
‫كثي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يقع يف كال ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ُل ُ‬ ‫ُ‬
‫تكفي ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ذاهب‬ ‫أهل امل‬ ‫بالنقل نعم ُ‬ ‫أعرف‬
‫ُ‬ ‫املنذر‬ ‫أثبت وابن‬ ‫والنقل َّ‬
‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫بغي‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء الذين هم املجتهدون‪ ،‬بل من غيهم وال عُب َة ِ‬ ‫ولكن ليس يف كال ِم‬
‫ريض اهللُ عنه‪.‬‬ ‫طالب‬ ‫ِ‬
‫للفقهاء يف هذا عّل بن أيب‬ ‫قلت والقدو ُة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫انتهى كالم ُه ُ‬

‫﴿ال َي ْي َأ ُس ِم ْن َر ْو ِح اهللَِّ إِ َّال ا ْل َق ْو ُم‬ ‫ِ‬


‫لقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫(واليأس من اهللِ تعاىل كفر)‬
‫ُ‬
‫ا ْلكَافِ ُر َ‬
‫ون﴾[يوسف‪.]87 :‬‬

‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬فال َي ْأ َم ُن َمك َْر اهللَِّ إِال ا ْل َق ْو ُم‬ ‫(واألمن من اهللِ كفر)‬
‫أكثر خو ًفا من‬ ‫َّ‬ ‫ْ ِ‬
‫ارس َ‬
‫السال ُم ليسوا بآمنني‪ ،‬بل ُ‬ ‫ون﴾[األعراف‪ ]99 :‬واالنبيا ُء عليهم‬ ‫اخلَ ُ‬
‫واإلياس‬ ‫ُ‬
‫اإلشاك باهللِ‬ ‫الكبائر‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫احلديث َّ‬ ‫غيهم‪ ،‬وإن كانوا مأمونني‪ ،‬فإن َ‬
‫قيل‪ :‬قدر ور َد يف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الطفيل‬ ‫البزار عن أيب‬ ‫هلل أخرج ُه‬ ‫واألمن من ِ‬
‫مكر ا ِ‬ ‫هلل‬ ‫ِ‬
‫رمحة ا ِ‬ ‫ُ‬
‫والقنوط من‬ ‫هلل‬ ‫ِ‬
‫روح ا ِ‬ ‫من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ظاهر يف أهنام‬ ‫ِ‬
‫الكفر‬ ‫ِ‬
‫املحمول عىل‬ ‫ِ‬
‫اإلشاك‬ ‫والدارقطني عن ابن مسعود ف عطفهام عىل‬
‫ٌ‬
‫استعظم‬
‫َ‬ ‫أن من‬ ‫قلت َ‬
‫لعل املرا َد من ُه َّ‬ ‫ولذلك ذهبت الشافعي ُة إىل أهنام كبية ال ٌ‬
‫كفر( ُ‬ ‫َ‬ ‫غي ُه‪،‬‬
‫دخل‬ ‫ِ‬
‫الرجاء ما َ‬ ‫اإلياس أو غلب ِ‬
‫عليه من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يدخل يف حدِّ‬ ‫العفو عنها استبعا ًدا‬ ‫ذنوب ُه فاستبعدَ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كفر‬ ‫هلل ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإنكار ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمن َّ‬ ‫ِبه يف حدِّ‬
‫فكل منهام ٌ‬ ‫مكر ِ‬
‫واألمن باعتقاد أن ُه ال ٌ‬ ‫الرمحة‬ ‫سعة‬ ‫فاليأس‬
‫ُ‬ ‫وإال‬
‫ِ‬
‫القرآن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لْصيح‬ ‫اخلالف ألن ُه ر ٌد‬
‫ُ‬ ‫ال حمال َة وال يتصور ِ‬
‫فيه‬ ‫َّ ُ‬

‫وخيطئ‬ ‫بعضا‬
‫فيصيب ً‬ ‫ِ‬
‫املضمرات‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ُب عن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهو الذي خي ُ‬ ‫الكهان) َ‬ ‫(وتصديق‬
‫ُ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫الوقوف ِ‬
‫ِ‬ ‫وحرم ُه وهنى عن‬ ‫َ‬ ‫ويزعم َّ‬
‫وهو ُما أبطل ُه اإلسال ُم َّ‬ ‫بذلك‪َ ،‬‬ ‫اجلن خيُب ُه‬ ‫أن َ‬ ‫ُ‬ ‫بعضا‪،‬‬ ‫ً‬
‫الغيب) الذي مل يقل ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫وفرط فريتهم (بام خيرب ُه عن‬ ‫ِ‬ ‫الكذب فيهم‬ ‫ِ‬ ‫إليه لغ ِ‬
‫لبة‬ ‫ِ‬
‫واإلصغاء ِ‬

‫خملوق َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬


‫اخلفي الذي ال ينال ُه املشاهد ُة وال يقتضي ُه‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬
‫الغيب َ‬ ‫َ‬ ‫فإن‬ ‫عليه‬ ‫دليل وال إ َّط َ‬
‫لع‬
‫عليه غي ُه وإيا ُه‬ ‫دليال وال اطلع ِ‬ ‫بنفسه ومل ينصب ِ‬
‫عليه ً‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬
‫رضب استأثر ُه ا ُ‬ ‫ِ‬
‫رضبان‪:‬‬ ‫البداه ُة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫نصب‬ ‫َ‬ ‫ورضب‬
‫ٌ‬ ‫ب َال َي ْع َل ُم َها إِ َّال ُه َو﴾[األنعام‪،]59 :‬‬ ‫﴿و ِعنْدَ ُه َم َفاتِ ُح ا ْل َغ ْي ِ‬ ‫عني بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ون‬ ‫بقوله‪﴿ :‬ا َّل ِذي َن ُي ْؤ ِمنُ َ‬
‫ِ‬ ‫وهو املعني‬ ‫ِ‬
‫اآلخر وأحواله‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وصفاته واليو ِم‬ ‫ِ‬ ‫دليال كالصان ِع‬ ‫ِ‬
‫عليه ً‬
‫لقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬قل َّال يع َلم من ِيف السامو ِ‬
‫ات َو ْاألَ ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِا ْل َغ ْي ِ‬
‫ب‬‫ض ا ْل َغ ْي َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ب﴾[البقرة‪( ،]3 :‬كفر)‬
‫ب َف َال ُي ْظ ِه ُر َع َىل َغ ْيبِ ِه َأ َحدً ا﴾[اجلن‪،]26 :‬‬ ‫ِ‬
‫امل ا ْل َغ ْي ِ‬ ‫ِ‬
‫إ َّال اهللَُّ﴾ [ النمل‪ ،]65 :‬وقول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬ع ُ‬
‫برئ ُما َ‬
‫أنزل‬ ‫السال ُم‪( :‬من أتى كاهنًا فصدَّ ق ُه بام يقول‪ ،‬أو أتى امرأ ًة يف دبرها فقد َ‬ ‫ِ‬
‫وقول ُه عليه َّ‬
‫عليه السالم‪( :‬من أتى عرا ًفا فسأله عن ٍ‬
‫يشء فصدَّ ق ُه‬ ‫حممد)‪ ،‬أخرجه أبو داوود‪ ،‬وقوله ِ‬
‫ٍ‬ ‫عىل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مل ْ‬
‫يقبل ل ُه صال ٌة أربعني يو ًما)‪ ،‬أخرج ُه مسلم‪.‬‬

‫الش ُ‬
‫يخ‬ ‫قال ِّ‬ ‫ٍ‬
‫حماذاة ما َ‬ ‫ِ‬
‫اإليامن عىل‬ ‫ُب يف‬ ‫ولعل التكفي خمصوص بام َ ِ‬
‫َّ‬
‫ردع‪ ،‬اعت َ‬
‫كان فيه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫جيب أن‬‫اإلطالق خط ُّأ‪ ،‬بل ُ‬‫ِ‬ ‫كفر عىل‬ ‫القول َّ‬‫َ‬ ‫أبو املن ِ‬
‫حر ٌ‬ ‫الس َ‬
‫بأن ِّ‬ ‫هلل‪:‬‬
‫صور املاتريدي رمح ُه ا ُ‬
‫ُ‬
‫هالك‬ ‫فعل ما ِ‬
‫فيه‬ ‫كفر َّ‬
‫وإال فال فلو َ‬ ‫ِ‬ ‫كان يف َ‬‫يبحث عن ُه فإن َ‬ ‫َ‬
‫فهو ٌ‬
‫ذلك رد ما لزم ُه يف اإليامن َ‬
‫ِ‬
‫بالفساد هذا كالم ُه‪،‬‬ ‫ض‬‫يقتل لكون َه ساع ًيا يف األر ِ‬ ‫ِ‬
‫امرأته ُ‬ ‫وبني‬
‫تفريق بينه َ‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مرضه أو‬ ‫ٍ‬
‫إنسان أو‬
‫ُ‬
‫كفران‬ ‫ِ‬
‫كالمه‪ ،‬أو املرا ُد‬ ‫ِ‬
‫واإلصغاء إىل‬ ‫ِ‬
‫اتباعه‬ ‫النهي عن‬ ‫تغليضا ومبالغ ًة يف‬ ‫ُ‬
‫واحلديث ور َد‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫كيف فاته قد حكم النبي ِ‬
‫عليه‬ ‫دليل ِ‬
‫عليه‪َ ،‬‬ ‫طلب األدنى مع التَّمك ُن من األعىل ٌ‬ ‫الن ِ‬
‫ِّعمة فإن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ إهنم‬ ‫ٍ‬
‫بيشء قالوا يا‬ ‫سئل عنهم َ‬
‫قال ليسوا‬ ‫ِ‬
‫البعض من ُه حق ًا‪ ،‬فإن ُه ملا َ‬ ‫ِ‬
‫بكون‬ ‫السال ُم‬
‫اجلني‬ ‫تلك الكلم ُة من ِ‬
‫احلق خيطفها‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ َ‬ ‫فيكون حقا‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ليشء‬ ‫َ‬
‫حيدثون أحيانًا‬
‫ُ‬
‫ومسلم ويف رواي ٌة أخرى‬ ‫البخاري‬ ‫كذبة‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ٍ‬ ‫فيخلطون معها مئ ُة‬
‫َ‬ ‫أذن ِ‬
‫وليه‬ ‫فيقذفها يف ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ويرمون فام جاءوا ِبه عىل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فيقذفون إىل أوليائهم‪،‬‬ ‫السمع‬
‫َ‬ ‫اجلن‬
‫طف ُ‬
‫يبلغ اخلُب ِ‬
‫هذه السام َء فتخ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫يصدق‬ ‫ٍ‬
‫رواية‪:‬‬ ‫والُّتمذي ويف‬ ‫مسلم‬ ‫َ‬
‫ويزيدون أخرج ُه‬ ‫َ‬
‫يقرفون‬ ‫حق ولكنهم‬ ‫فهو ٌ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وجهه‪َ ،‬‬
‫يصدق َ‬
‫بتلك‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫رواية‬ ‫والُّتمذي ويف‬ ‫مسلم‬ ‫السامء‪ ،‬أخرج ُه‬‫ِ‬ ‫الكلمة التي سمعت من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫بتلك‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ليس‬ ‫ِ‬
‫أبواملنصور َ‬ ‫يخ‬‫الش ُ‬ ‫والُّتمذي( َ‬
‫وقال ِّ‬ ‫ُ‬ ‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫سمعت من السام ِء أخرج ُه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكلمة التي‬
‫وجيوز أن َ‬
‫جيعل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يصدقون‬ ‫ِ‬
‫واملتطببة‪ ،‬وال َّ‬
‫شك أهنم ربام‬ ‫ِ‬
‫املنجمة‬ ‫ِ‬
‫تكذيب‬ ‫يدل عىل‬ ‫يف ِ‬
‫اآلية ما ُ‬
‫وقال‬ ‫ُ‬
‫ويدرك هبا األحكا َم‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫يستنبط منها األشيا َء‬ ‫اهللُ تعاىل يف النجو ِم من املعاين واألعال ِم ما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملوت فإن ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالقياس‬ ‫يقول‬ ‫الغيث‬ ‫بوقت‬ ‫َّسفي‪( :‬املُن َِّج ُم الذي خي ُ‬
‫ُب‬ ‫الشيخ أبو الُبكات الن ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كتاب‬ ‫يكون غي ًبا)‪َ ،‬‬
‫وقال اإلما ُم حج ُة اإلسال ِم يف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالدليل ال‬ ‫ِ‬
‫والنظر يف الطالعِ‪ ،‬وما ُيدْ َر ُك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليس يتع ّل ُق من ُه يش ٌء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هي‬
‫باألمور الدّ ينية نف ًيا وإثباتًا‪ ،‬بل َ‬ ‫الضالل)‪( :‬علم هيئ ُة العاملِ َ‬ ‫(منقذ‬
‫ظن َّ‬
‫أن‬ ‫عظم جناي ًة من َّ‬ ‫َ‬ ‫سبيل إىل َماحدَتا بعدَ فهمها ومعرفتها‪ ،‬وقد‬ ‫َ‬ ‫أمور برهاني ٌة ال‬
‫ٌ‬
‫أنكر قوهلم يف‬ ‫بإنكار ِ‬
‫هذه العلو ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فأنكر مجيعها وا ّدعى جهلهم فيها‪ ،‬حتّى َ‬‫َ‬ ‫ْْص‬
‫اإلسال َم ُين َ ُ‬
‫الَّش ِع تعر ٌض ِ‬
‫هلذه‬ ‫وليس يف َّ‬ ‫الَّشعِ‪،‬‬ ‫أن ما قالوه عىل خ ِ‬
‫الف َّ‬ ‫فزعم َّ‬ ‫ِ‬
‫واخلسوف‬ ‫ِ‬
‫الكسوف‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫كتاب‬ ‫َ‬
‫وقال يف‬ ‫ِ‬
‫الدينية)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لخأمور‬ ‫تعر ٌض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلو ِم بالنّفي‬
‫األمور ّ‬ ‫هذه‬ ‫واإلثبات‪ ،‬وال يف‬
‫ِ‬
‫القمر‬ ‫كسوف‬
‫َ‬ ‫إن‬ ‫ِ‬
‫األنبياء منازعتهم فيها كقوهلم َّ‬ ‫ِ‬
‫تصديق‬ ‫ِ‬
‫رضورة‬ ‫(ليس من‬ ‫ِ‬
‫(التهافت)‪:‬‬
‫َ‬
‫كسوف‬‫َ‬ ‫وإن‬ ‫ِ‬
‫اجلوانب َّ‬ ‫مس واأل ِ‬
‫رض كر ٌة والسام ُء حميط ٌة هبا من‬ ‫الش ِ‬‫وبني َّ‬ ‫ِ‬
‫األرض بين ُه َ‬ ‫ِ‬
‫بتوسط‬
‫ٍ‬
‫دقيقة‬ ‫الشمس عند اجتامعهام يف العقدتني عىل‬‫ِ‬ ‫وبني‬ ‫ِ‬
‫الناظر َ‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫القمر َ‬ ‫وقوف جر ِم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الشمس‬
‫فإن ِ‬
‫هذه‬ ‫وضعف أمر ُه‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الدين فقد جنى عىل الدين‪،‬‬ ‫أن املناظر َة ِ‬
‫فيه من‬ ‫ظن َّ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫واحدة( و َمن َّ‬
‫ويتحقق أدلتها إذا‬
‫ُ‬ ‫يطلع عليها‬
‫ُ‬ ‫هني هندسي ٌة ال تبقى معها ريب ٌة فمن‬ ‫ِ‬
‫األمور يقو ُم عليها برا ٌ‬
‫ِ‬
‫ورضر من ينْص ُه‬ ‫الَّش ِع‬
‫يسُّتيب يف َّ‬ ‫الَّش ِع مل يسُّتب ِ‬
‫فيه‪ ،‬وإنام‬ ‫ِ‬
‫خالف َّ‬ ‫إن هذا عىل‬ ‫َ‬
‫قيل ل ُه َّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫لكان تأويل ُه‬ ‫الَّش ِع ما يناقضها‪ ،‬ولو َ‬
‫كان‬ ‫وليس يف َّ‬ ‫رضر من يطعن ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫أكثر من‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بإنكارها َ‬
‫ِ‬
‫القطعية التي ال تنتهي يف‬ ‫ِ‬
‫باألدلة‬ ‫ظواهر أولت‬ ‫ٍ‬
‫قطعية‪ ،‬فكم من‬ ‫ٍ‬
‫أمور‬ ‫ِ‬
‫مكابرة‬ ‫ُ‬
‫أهون من‬
‫َ‬
‫الَّش ِع‬ ‫ِ‬
‫خالف َّ‬ ‫إن هذا وأمثال ُه عىل‬ ‫ِ‬
‫امللحدة أن َ‬
‫يقال َّ‬ ‫يفرح ِبه‬ ‫ِ‬
‫وأعظم ما ُ‬
‫ُ‬ ‫الظهور إىل هذا احلدِّ‬
‫أهل التف ِ‬
‫سي وحذاقهم‬ ‫فّس ُه مهر ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذا كالم ُه( ُ‬
‫يشي القرآن إىل صحتها وقد َّ‬
‫ُ‬ ‫أقول بل ربام‬
‫ٍ‬
‫وحسن‬ ‫ٍ‬
‫صحيح‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫األصحاب َ‬ ‫ِ‬
‫املنقولة عن‬ ‫ِ‬
‫واآلثار‬ ‫ِ‬
‫الباب‬ ‫ُ‬
‫واألحاديث يف‬ ‫عىل مذاقها‬
‫ليس فيها ما ُ‬
‫يدل عىل نفيها‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وضعيف َ‬

‫لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َقدْ َخ َل ْق ُت َك ِم ْن َق ْب ُل َو َمل ْ ت ُ‬


‫َك َش ْي ًئا ﴾[مريم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ليس بّشء)‬
‫(واملعدو ُم َ‬
‫ِ‬
‫املعتزلة وقالوا َّ‬
‫إن املعدو َم‬ ‫فيه َّإال طائف ٌة من‬ ‫العقل مل ينازع ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ ،]9‬واحلكم رضوري من ِ‬
‫جهة‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوجود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عرائه عن‬ ‫ِ‬
‫اخلارج مع‬ ‫ثابت يف‬
‫املمك َن ٌ‬

‫ِ‬
‫املثوبة ورف ِع‬ ‫ِ‬
‫ونيل‬ ‫ِ‬
‫اخلطيئة‬ ‫ِ‬
‫باملغفرة والعفو عن‬ ‫ِ‬
‫واألموات)‬ ‫ِ‬
‫األحياء‬ ‫ِ‬
‫دعاء‬ ‫(ويف‬
‫ِ‬
‫لخأموات عندنا وعندَ‬ ‫ِ‬
‫األحياء‪( ،‬عنهم) أي األموات‪( ،‬نفع هلم)‬ ‫ِ‬
‫الدرجة (وصدقتهم) أي‬
‫ِ‬
‫البدنية‬ ‫ِ‬
‫العبادات‬ ‫ِ‬
‫ثواب‬ ‫ِ‬
‫وصول‬ ‫والشافعي ومن تابعهام يف‬ ‫ِ‬
‫ملالك‬ ‫واجلمهور خال ًفا‬ ‫أمحد‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫بالدعاء للوالدين من‬ ‫ِ‬ ‫األمر‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫وتضم َن‬ ‫ِ‬
‫العبادات ك ّلها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وللمعتزلة يف‬ ‫ِ‬
‫والتالوة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كالصالة‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫باستغفار‬ ‫واإلخبار‬
‫ُ‬ ‫مح ُه َام ك ََام َر َّب َيانِى َص ِغ ًيا ﴾[اإلرساء‪،]24 :‬‬ ‫﴿و ُقل َّر ِّب ٱ ْر َ ْ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ض‬ ‫ون َملِ ْن ِيف ْاألَ ْر ِ‬
‫ون بِ َح ْم ِد َر ِّهبِ ْم َو َي ْس َت ْغ ِف ُر َ‬
‫بقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬واملَْ َال ِئ َك ُة ُي َس ِّب ُح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة للمؤمنني‬
‫اجل ِحي ِم‬ ‫اب ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫﴾[الشورى‪ ]5 :‬وقول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬فا ْغف ْر ل َّلذي َن تَا ُبوا َوا َّت َب ُعوا َسبِي َل َك َوق ِه ْم َع َذ َ‬
‫﴿ر َّبنَا ا ْغ ِف ْر َلنَا‬ ‫ِ‬
‫الس ِّي َئات ﴾[غافر‪ ،]9 :‬وقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴾[غافر‪ ]7 :‬وقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وق ِه ُم َّ‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫النبي ﷺ َ‬ ‫سأل َ‬ ‫رجال َ‬ ‫أن ً‬ ‫وروي َّ‬
‫َ‬ ‫اإل َيام ِن﴾[احلَّش‪،]13 :‬‬ ‫إل ْخ َوانِنَا ا َّل ِذي َن َس َب ُقونَا بِ ْ ِ‬
‫َو ِ ِ‬

‫ُب بعدَ‬ ‫السال ُم‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫فكيف يل بُبمها بعدَ موَتام؟ َ‬ ‫يل أبوان أبرمها َ‬
‫أن من ال ِّ‬ ‫فقال عليه َّ‬ ‫َ‬ ‫حال حياَتام‪،‬‬
‫وقال ِ‬
‫عليه‬ ‫قطني َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الدار ُ‬ ‫َ‬ ‫صيامك أخرج ُه‬ ‫صالتك وأن تصو َم هلام مع‬ ‫تصّل هلام مع‬ ‫َ‬ ‫املوت أن‬
‫ِ‬
‫لخأموات‬ ‫وهب أجرها‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬
‫املقابر وقر َأ ْ‬
‫َ‬ ‫هو اهللُ أحدٌ إحدى عَّش مرةً‪َّ ،‬‬ ‫قل َ‬ ‫مر عىل‬ ‫السال ُم من َّ‬ ‫َّ‬
‫السال ُم اقرأوا عىل موتاكم‬ ‫ِ‬ ‫قطني َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال عليه َّ‬ ‫الدار ُ‬
‫َ‬ ‫األموات أخرج ُه‬ ‫بعدد‬ ‫األجر‬ ‫أعطي من‬
‫َ‬
‫إن أم ٍ‬ ‫َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه أن ُه َ‬ ‫يس أخرجه أبو داوود وعن ٍ‬
‫سعد‬ ‫رسول اهللِ َّ َ‬ ‫قال يا‬ ‫َ‬ ‫سعد بن عباد َة‬ ‫ُ‬
‫سعد أخرج ُه أبو داود‬‫ٍ‬ ‫وقال ِ‬
‫هذه أل ِم‬ ‫َ‬ ‫بئرا‬ ‫أفضل؟ َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فحفر ً‬
‫َ‬ ‫قال املا ُء‬ ‫الصدقة‬ ‫فأي‬
‫ماتت ُ‬
‫ٍ‬
‫جارية‬ ‫ٍ‬
‫صدقة‬ ‫ٍ‬
‫ثالثة َّإال من‬ ‫انقطع عمل ُه َّإال من‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫مات‬
‫السال ُم إذا َ‬ ‫ِ‬ ‫والنسائي َ‬
‫َ‬ ‫وقال عليه َّ‬ ‫ُ‬
‫والنسائي َ‬
‫وقيل‬ ‫والُّتمذي‬ ‫مسلم وأبو داوود‬ ‫صالح يدعو ل ُه‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ٍ‬ ‫أو عل ٍم ينتفع ِبه أو ٍ‬
‫ولد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ذلك إليهم؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫يصل َ‬ ‫فهل ُ‬
‫ونحج عنهم‪ ،‬وندعوا هلم َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نتصدق عن موتانا‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ إنَّا‬ ‫يا‬
‫بالطبق إذا أهدي ِ‬
‫إليه‪ ،‬أخرج ُه أبو‬ ‫ِ‬ ‫يفرح أحدكم‬ ‫َ ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ليفرحون به كام ُ‬ ‫ليصل إليهم‪ ،‬وإهنم‬ ‫نعم إن ُه‬
‫وانتَّش خمرجو ُه وكا َد أن‬ ‫طرق‬ ‫ِ‬
‫بعدة ٍ‬ ‫روي عن ُه‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫استفاض عن ُه ﷺ ما َ‬
‫َ‬ ‫العكُبي‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫حفص‬
‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫واآلخر عن أمته َ‬ ‫ُ‬ ‫نفسه‬ ‫ضحى بكبشني أحدمها عن‬‫املشُّتك من ُه من أن ُه ﷺ َّ‬ ‫القدر‬
‫ُ‬ ‫يتواتر‬
‫َ‬
‫والبزار‬
‫ُ‬ ‫وسنن ابن ماج َه ومسانيدُ أمحدَ وابن أيب شيب َة وابن راهوية وأيب يعىل‬ ‫ِ‬ ‫يف الصحيحني‬
‫ِ‬
‫حصول االنتفا ِع‬ ‫قطعي يف‬ ‫ومستدرك احلاك ِم وغيها‪َ ،‬‬
‫وهو‬ ‫ُ‬ ‫ومعجم الطُباين وحلي ُة أيب نعي ٍم‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫إلنْس ِ‬
‫ان إِ َّال َما َس َعى﴾[النجم‪،]39 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿و َأ ْن َل ْي َس ل ْ ِ َ‬ ‫فيتم املرا ُد فإن َ‬
‫قيل قول ُه تعاىل‪َ :‬‬ ‫بعمل غيه ُ‬‫ِ‬

‫كان شيع ًة لنا‬ ‫ِ‬


‫بإنكار َ‬ ‫فحيث مل يتعقب ُه‬ ‫ُ‬ ‫ابراهيم وموسى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صحف‬ ‫لبيان ما يف‬‫ِ‬ ‫كان مسو ًقا‬
‫وإن َ‬
‫َ‬
‫شك أن سعي ِ‬
‫غيه‬ ‫اإلنسان َّإال بام سعى وال َّ‬ ‫ُ‬ ‫ينتفع‬ ‫يدل عىل أن ُه ال‬ ‫وهو ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عرف يف حمله‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫عىل ما‬
‫ِ‬
‫غيه‬ ‫االنتفاع بسعي‬ ‫وهو ال ينايف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ليس سعي ُه لنا بل إنام ُ‬
‫َ‬ ‫غي سعيه‪َ ،‬‬ ‫يملك َ‬ ‫يدل عىل أن ُه ال‬ ‫َ‬
‫سعي‬ ‫أعامله َ‬
‫كان كأن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وصالح‬ ‫ِ‬
‫إيامنه‬ ‫كان مبتني ًا عىل‬
‫الكشاف بان نفع ُه ملا َ‬ ‫ِ‬ ‫صاحب‬ ‫وأجاب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫القائم‬ ‫ُ‬
‫والوكيل‬ ‫ِ‬
‫كالنائب عن ُه‬ ‫الَّش ِع‬‫وألن الناوي ل ُه بحك ِم َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫بقيامه‪،‬‬ ‫وقائام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫نفسه لكونه تاب ًعا ل ُه ً‬
‫يوجب نسخ ُه أو ختصيص ُه فليكن‬ ‫ِ‬
‫املتواترة معنى‬ ‫ِ‬
‫األدلة‬ ‫سبق من‬
‫سلم فالذي َ‬
‫ُ‬ ‫مقام ُه ولئ ْن َ‬
‫ِ‬
‫االَتاب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ُ‬
‫يكون عىل‬ ‫املرا ُد من ُه ما‬

‫ب َل ُك ْم ﴾[غافر‪،]63 :‬‬ ‫وين َأست ِ‬ ‫ِ‬


‫لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬ا ْد ُع ِ‬
‫َج ْ‬ ‫ْ‬ ‫جييب الدعوات)‬‫ُ‬ ‫(واهللُ تعاىل‬
‫يستجب أخرج ُه‬ ‫دعوت ريب فلم‬ ‫يعج ْل) ُ‬
‫يقول‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫(يستجاب ألحدكم ما مل ِّ‬
‫ُ‬ ‫السال ُم‪:‬‬
‫وقول ُه عليه َّ‬
‫ِ‬
‫للعبد ما مل يدعو بإث ٍم أو قطيع َة‬ ‫يستجاب‬ ‫السال ُم‪ :‬وال ُ‬
‫يزال‬ ‫ِ‬ ‫اجلامع ُة َّإال‬
‫ُ‬ ‫النسائي وقول ُه عليه َّ‬
‫ُ‬
‫استجيب ل ُه‪ ،‬فإما‬ ‫ٍ‬
‫بدعاء َّإال‬ ‫رجل يدعو اهللَ‬ ‫ٍ‬ ‫مسلم‪َ ،‬‬
‫وقال ما من‬ ‫ْ‬
‫يستعجل أخرج ُه‬ ‫رح ٍم ما مل‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫يدخر ل ُه وإما أن يك ِّف َر عن ُه ذنوب ُه ِ‬
‫بقدر ما دعا ُه ما مل يدعو بإث ٍم أو‬ ‫َ‬ ‫أن َ‬
‫جيعل ل ُه يف الدنيا وإما أن‬
‫استجيب ل ُه‬ ‫ٍ‬
‫بدعاء َّإال‬ ‫هلل‬ ‫ٍ‬
‫رجل يدعو ا َ‬ ‫مسلم َ‬
‫وقال ما من‬ ‫قطيعة رح ٍم أو يستعجل‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫خر ل ُه‪ ،‬وإما أن يك ِّف َر عن ُه ذنوب ُه ِ‬
‫بقدر ما دعا ُه ما مل يدعو‬ ‫فإما أن َ‬
‫جيعل ل ُه يف الدنيا وإما أن يدَّ َ‬
‫ِ‬
‫واآلثار وما‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫غي َ‬
‫ذلك من‬ ‫الُّتمذي إىل ِ‬ ‫قطيعة رح ٍم أو يستعجل أخرج ُه‬ ‫ِ‬ ‫بإث ٍم أو‬
‫ُ‬
‫﴿و َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يستجاب لقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫الكافر ال‬ ‫اجلمهور عىل أن دعا َء‬
‫ُ‬ ‫األبرار لكن‬ ‫حكايات‬ ‫تواتر من‬‫َ‬
‫يستجاب كام َ‬
‫قال سبحان ُه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُد َعا ُء ا ْلكَافِ ِري َن إِ َّال ِيف َض َال ٍل﴾[الرعد‪ ،]14 :‬ومجاع ٌة عىل أن ُه‬
‫﴿إِن ََّك ِم َن املُْنْ َظ ِري َن﴾[األعراف‪.]15 :‬‬

‫هلل ُين َِّجي ُك ْم ِمن َْها َو ِم ْن ُك ِّل ك َْر ٍ‬


‫ب ﴾[األنعام‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لقوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬ق ِل ا َُّ‬ ‫(ويقيض احلاجات)‬
‫‪.]64‬‬

‫ِ‬
‫عليه‬ ‫اعة) أي عالماَتا كام َ‬
‫قال‬ ‫أرشاط الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫السال ُم من‬ ‫ِ‬ ‫أخرب ب ِه‬
‫َّ‬ ‫النبي عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫(وما‬
‫ِ‬
‫الشمس‬ ‫وطلوع‬ ‫ُ‬
‫والدجال والداب ُة‬ ‫ُ‬
‫الدخان‬ ‫السالم‪ :‬إهنا لن تقوم حتى تروا قبلها عَّش ٍ‬
‫آيات‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬
‫باملَّشق‬ ‫خسف‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫خسوف‬ ‫ومأجوج وثالث ُة‬ ‫ويأجوج‬ ‫ونزول عيسى بن مريم‬ ‫ُ‬ ‫من مغرهبا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الناس إىل‬ ‫ِ‬
‫اليمن تطر ُد‬ ‫خترج من‬ ‫نار‬ ‫وآخر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذلك ٌ‬ ‫ُ‬ ‫العرب‬ ‫بجزيرة‬ ‫خسف‬
‫ٌ‬ ‫باملغرب و‬ ‫وخسف‬
‫ٌ‬
‫والُّتمذي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫مسلم وأبوداود‬
‫ُ‬ ‫حمَّشهم أخرج ُه‬

‫ِ‬
‫ولسياحته‬ ‫ِ‬
‫تلبيسه‬ ‫ِ‬
‫وكثرة‬ ‫ِ‬
‫كذبه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لفرط‬ ‫سم َي ِبه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(من خروجِ الدجال) من أبنية املبالغة ِّ‬
‫قال ِ‬
‫كثيا‪َ ،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه‬ ‫فيظهر يف آخر الزمان بدعوى اإللوهية و ُيض ُّل خل ًقا ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باملسيح‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫يف‬
‫اعة أمر ما أكُب من الدَّ ِ‬‫خلق آدم إىل قيا ِم الس ِ‬
‫ومسلم‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫ٌ‬ ‫جال أخرج ُه أمحدُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫بني ِ َ‬ ‫السال ُم ما َ‬
‫َّ‬
‫مكتوب بني‬
‫ٌ‬ ‫بأعور‪،‬‬
‫َ‬ ‫ليس‬
‫وإن ربكم َ‬ ‫أعور َّ‬ ‫ٌ‬ ‫اب إال أن ُه‬ ‫األعور َّ‬
‫الكذ َ‬ ‫َ‬ ‫نبي َّإال َ‬
‫أنذر أمت ُه‬ ‫ما من ٍّ‬
‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫ذلك من‬ ‫غي َ‬ ‫والُّتمذي إىل ِ‬ ‫ومسلم وأبو داوود‬ ‫بخاري‬ ‫عينيه ك ف ر‪ ،‬أخرج ُه ال‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫خراسان ويميش‬ ‫خيرج من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطرق اخلارجة عن التَّعداد‪ ،‬وفيها أن ُه ُ‬ ‫الكثية‬ ‫اإلسناد‬ ‫الصحيحة‬
‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ِ‬
‫معمورة‬ ‫ٍ‬
‫وقرية يف‬ ‫كل ٍ‬
‫بلدة‬ ‫ويدخل َّ‬
‫ُ‬ ‫ويطوف ش ًقا وغر ًبا‬‫ُ‬ ‫راق‬ ‫الشا ِم ِ‬
‫والع ِ‬ ‫بني َّ‬
‫حلة َ‬ ‫من ٍ‬
‫ٍ‬
‫كجمعة‬ ‫ٍ‬
‫كشهر‪ ،‬ويو ٌم‬ ‫ٍ‬
‫كسنة ويو ٌم‬ ‫أربعني يو ًما يو ٌم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ُ‬
‫ويمكث يف‬ ‫غي مك َة واملدين َة‪،‬‬‫َ‬
‫ِ‬
‫بالبيت‬ ‫دمشق‬ ‫ِ‬
‫املنارة البيضا َء شقي‬ ‫السال ُم عندَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كهذه األيا ِم‪ُ ،‬‬ ‫وسائر ِ‬
‫َ‬ ‫فينزل عيسى عليه َّ‬ ‫أيامه‬ ‫ُ‬
‫س فيقتل ُه ِ‬
‫بباب ُلدٍّ‬ ‫املقدَّ ِ‬

‫وزعب‬
‫ٌ‬ ‫قوائم‬
‫ُ‬ ‫ستون ذرا ًعا وهلا‬ ‫َ‬ ‫اجلساس ُة روي أن طوهلا‬ ‫َّ‬ ‫وهي‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األرض)‬ ‫(وداب ُة‬
‫املساجد حرم ًة ومعها‬ ‫ِ‬ ‫خترج من أعظ ِم‬ ‫ٌ‬
‫طالب ُ‬ ‫ٌ‬ ‫هارب وال يدركها‬ ‫ٌ‬ ‫وريش وجناحان ال يفوَتا‬
‫ِ‬
‫وجه‬ ‫الكافر فيسو ُد وجه ُه ويف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجه‬ ‫تنكت يف‬ ‫السال ُم‬
‫ُ‬ ‫وخاتم سليامن عليهام َّ‬ ‫ُ‬ ‫عىص موسى‬
‫ُ‬
‫وتقول أال‬ ‫ِ‬
‫بالعربية‬ ‫وتتكلم‬ ‫ِ‬
‫كفرانه‬ ‫ِ‬
‫وبالكافر عن‬ ‫ِ‬
‫إيامنه‬ ‫ِ‬
‫باملؤمن عن‬ ‫ُب‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فيبيض وجه ُه‪ ،‬خت ُ‬ ‫املؤمن ُ‬
‫﴿وإِ َذا َو َق َع ا ْل َق ْو ُل َع َل ْي ِه ْم َأ ْخ َر ْجنَا َهل ُ ْم َدا َّب ًة ِم َن‬
‫هلل تعاىل‪َ :‬‬ ‫هلل عىل الظاملني‪ ،‬كام َ‬
‫قال ا ُ‬ ‫لعن ُة ا ِ‬
‫هلل‬
‫ف رمح ُه ا ُ‬ ‫وذكر املصنِّ ُ‬ ‫ون﴾[النمل‪،]82 :‬‬ ‫وقنُ َ‬‫ض ُت َك ِّلمهم َأ َّن النَّاس كَا ُنوا بِآياتِنَا َال ي ِ‬‫ْاألَ ْر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ ْ‬
‫أوال من أقىص اليمن‪ ،‬فيفشو ذكرها يف ِ‬
‫أهل‬ ‫خترج ً‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫(التيسي) مرو ًيا َّ‬
‫ثالٍ خروجات ُ‬ ‫أن هلا‬ ‫يف‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫بالبادية فيفشو ذكرها يف‬ ‫خترج‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫طويال َّ‬ ‫دهرا‬
‫تتكمن ً‬
‫ُ‬ ‫يدخل ذكرها مك َة‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫البوادي وال‬
‫طويال فبينا الناس يف أعظ ِم املسا ِ‬
‫جد حرم ًة وأكرمها عندَ اهللِ فام ُيوهلم‬ ‫ً‬
‫ُ‬ ‫دهرا‬ ‫مك َة َّ‬
‫ثم تتكم ُن ً‬
‫ُ‬
‫فيتفرق‬ ‫ِ‬
‫املسجد‬ ‫ِ‬
‫اخلارج من‬ ‫ِ‬
‫األسود حذا َء داربني خمزو َم عن يمني‬ ‫ِ‬
‫الركن‬ ‫َّإال خروجها من ِ‬
‫بني‬
‫ِ‬
‫الُّتك‬ ‫ِ‬
‫جيالن من‬ ‫ومأجوج) مها‬ ‫يأجوج‬ ‫وخروج‬ ‫ِ‬
‫للنظارة(‬ ‫َ‬
‫يبقون‬ ‫َ‬
‫ُيربون وقو ٌم‬ ‫الناس قو ٌم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عليه‬ ‫أن عيسى‬ ‫مرفوعا ّ‬
‫ً‬ ‫مأجوج من اجليل والديلم وروى‬ ‫نوح َ‬
‫وقيل‬ ‫يافث بن ٍ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫أوالد‬ ‫من‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فيمسح عن‬ ‫ُ‬ ‫يأتيه قو ٌم قد عصمهم اهللُ من ُه‪،‬‬ ‫بباب ُلدٍّ فيقتل ُه َّ‬
‫ثم‬ ‫الدجال‬ ‫السال ُم يدرك‬
‫َّ‬
‫كذلك إذ أوحى اهللُ تعاىل إىل عيسى ْ‬
‫أن قدْ‬ ‫َ‬ ‫هو‬ ‫ِ‬
‫وجوههم وحيدثهم بدرجاَتم يف اجلنة فبينام َ‬
‫يأجوج‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويبعث اهللُ تعاىل‬ ‫ِ‬
‫الطور‪،‬‬ ‫فحر َز عبادي إىل‬
‫يدان ألحدَ بقتاهلم‪ِّ ،‬‬ ‫أخرجت عبا ًدا يل ال َ‬‫ُ‬
‫ٍ‬
‫حدب ينسلون‪ ،‬أخرج ُه مسلم‪.‬‬ ‫ومأجوج‪ ،‬وهم من ِّ‬
‫كل‬ ‫َ‬

‫ليوشكن‬ ‫عليه السالم‪ ،‬والذي نفيس ِ‬


‫بيده‬ ‫قال النبي ِ‬
‫السال ُم) كام َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫(ونزول عيسى عليه َّ‬
‫ويفيض‬
‫ُ‬ ‫ويضع اجلزي َة‬
‫ُ‬ ‫خلنزير‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويقتل ا‬ ‫الصليب‬
‫َ‬ ‫فيكّس‬
‫ُ‬ ‫حكام ً‬
‫عدال‬ ‫مريم ً‬
‫َ‬ ‫ابن‬ ‫أن َ‬
‫ينزل فيكم ُ‬
‫ثم َ‬
‫قال‬ ‫خي من الدنيا وما فيها‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫تكون السجد ُة الواحد ُة ٌ‬ ‫ُ‬
‫املال حتى ال يقبل ُه أحدٌ حتى‬
‫البخاري‬ ‫ِ‬
‫موته أخرج ُه‬ ‫ليؤمنن ِبه َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬
‫الكتاب َّإال‬ ‫وإن من ِ‬
‫أهل‬ ‫أبوهرير َة فاقرأوا إن شئتم‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يقاتلون عىل ِ‬
‫احلق ظاهري َن إىل يو ِم‬ ‫َ‬ ‫السال ُم‪ :‬ال ُ‬
‫تزال طائف ٌة من أمتي‬ ‫ِ‬ ‫ومسلم َ‬
‫وقال عليه َّ‬ ‫ٌ‬
‫إن بعضكم عىل‬ ‫ُ‬
‫فيقول ال َّ‬ ‫تعال ِّ‬
‫صل إما ًما لنا‪،‬‬ ‫فيقول أميهم َ‬ ‫ُ‬ ‫مريم‬ ‫ُ‬
‫فينزل عيسى بن‬ ‫ِ‬
‫القيامة‪،‬‬
‫َ‬
‫نزل ابن‬‫كيف أنتم إذا َ‬‫السال ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫مسلم َ‬ ‫بعض أمراء تكرم ُة اهللِ ِ‬
‫هذه األم َة أخرج ُه‬ ‫ٍ‬
‫وقال عليه َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ثم‬ ‫َ‬
‫الدجال فيهلك ُه َّ‬ ‫يطلب عيسى‬
‫ُ‬ ‫والبخاري َ‬
‫وقال‬ ‫ُ‬ ‫مسلم‬
‫ٌ‬ ‫مريم وإمامكم منكم‪ ،‬أخرج ُه‬
‫َ‬
‫امللل كلها َّإالسال ُم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫زمانه َ‬ ‫َ‬
‫وُيلك اهللُ يف‬ ‫مسلم َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫سنني‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫سبع‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األرض َ‬ ‫يمكث يف‬
‫مخسا‬ ‫ُ‬
‫ويمكث ً‬ ‫فيتزوج ويولدُ‬
‫ُ‬ ‫وروي‬
‫َ‬ ‫أربعني سن ًة أخرج ُه أبو داوو َد‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ُ‬
‫يمكث يف‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫يموت فيدف ُن معي يف قُبي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأربعني سن ًة‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫ً‬

‫نفسا إيامهنا‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الشمس من مغرهبا) َ‬
‫ينفع ً‬
‫ثالٍ إذا خرج َن ال ُ‬ ‫السال ُم‬
‫قال عليه َّ‬ ‫(وطلوع‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫والدجال وداب ُة‬ ‫ِ‬
‫الشمس من مغرهبا‬ ‫طلوع‬
‫ُ‬ ‫خيا‬
‫قبل‪ ،‬أو كسبت يف إيامهنا ً‬ ‫مل تك ْن آمنت من ُ‬
‫ِ‬ ‫والُّتمذي‪ ،‬كام َ‬ ‫ِ‬
‫بعض آيات ر ِّب َك‪ ،‬اآلي ُة َ‬
‫فهو‬ ‫قال اهللُ تعاىل‪ :‬يو َم يأيت ُ‬ ‫ُ‬ ‫مسلم‬
‫ٌ‬ ‫األرض‪ ،‬أخرج ُه‬
‫واآلثار مستفيض ًة شهيةً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واألخبار فيها كثي ٌة‬
‫ُ‬ ‫وثابت كائ ٌن ال حمال َة‬
‫ٌ‬ ‫حق‪،‬‬
‫ٌ‬

‫ثم ُ‬
‫نزول عيسى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترتيب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعلم) َّ‬
‫خروج الدجال َّ‬
‫ُ‬ ‫اآليات‬ ‫هذه‬ ‫اجلمهور يف‬ ‫رأي‬
‫أن َ‬ ‫ْ‬ ‫(‬
‫تأخر الطلو ِع من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لشمس من مغرهبا‪ ،‬أما ُ‬ ‫طلوع ا‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫ومأجوج‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬ ‫خروج‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫السال ُم َّ‬
‫عليه َّ‬
‫يكون الدعو ُة واحد ًة والكلم ُة‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وصالح فإن ُه‬ ‫زمان ٍ‬
‫تعبد‬ ‫ُ‬ ‫السال ُم‪َّ ،‬‬
‫فإن زمان ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نزول عيسى عليه َّ‬
‫يقبل‬ ‫والتحاسد ويدّ عى إىل ِ‬
‫املال فال يقبل ُه أحدٌ ‪ ،‬وبعدَ الطلو ِع ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ويذهب الشحنا ُء‬ ‫متفق ًة‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫خروج‬ ‫عقيب‬ ‫السال ُم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫حاديث الس ِ‬
‫ابقة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫نزول عيسى عليه َّ‬ ‫َّ‬ ‫مر يف األ‬ ‫الكافر‪ ،‬وقد َّ‬ ‫إيامن‬
‫ِ‬
‫العاص‬ ‫هلل بن عمرو بن‬ ‫عبد ا ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫روي ِ‬ ‫ِ‬
‫وما َ‬ ‫ومأجوج)‬
‫َ‬ ‫يأجوج‬
‫َ‬ ‫خروج‬
‫ُ‬ ‫الدجال وعقيب ُه‬
‫الشمس من مغرهبا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫طلوع‬ ‫خروجا‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫يقول‪ُ :‬‬
‫أول‬ ‫رسول اهللِ صىل الل وس َّلم ُ‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫عالمات وجودها‪،‬‬ ‫أول‬‫فلعل املرا َد من ُه أهنا ُ‬ ‫َّ‬ ‫والُّتمذي‪،‬‬ ‫مسلم‬ ‫الدابة أخرج ُه‬ ‫ِ‬ ‫وخروج‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عالمات قرهبا‪ ،‬هذا‬ ‫عليه من‬ ‫وغيه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدجال‬ ‫ِ‬
‫خروج‬ ‫وهو ال ينايف تقد َم‬ ‫ِ‬
‫وأمارات حصوهلا‪َ ،‬‬
‫وسكت عن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫والضبط‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التأليف‬ ‫ميال إىل‬ ‫َ‬
‫النزول ً‬ ‫باخلروج َّ‬
‫وأخ َر‬ ‫ِ‬ ‫صدر‬ ‫ِّف قد َم ما‬ ‫أن املصن َ‬ ‫َّإال َّ‬
‫َ‬
‫األحاديث الوارد َة ِ‬
‫فيه‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وألن‬ ‫العالمات ألن ُه مل يقصدْ االستقصا َء‬ ‫ِ‬ ‫أيضا من‬ ‫وهو ً‬ ‫ِ‬
‫ظهور املهدي َ‬
‫كثي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدل عىل أنه يف ِ‬
‫غاية ِ‬ ‫ِ‬
‫املتانة‪ ،‬وال ُ‬
‫ليس يف أمره ُ‬
‫الساعة‪ ،‬وألن ُه َ‬
‫قرب َّ‬ ‫ُ‬ ‫ليست تقاو ُم غيها يف‬
‫ِ‬
‫العباس‬ ‫مل عىل املهدي العبايس عىل ما ورد املهدي من ِ‬
‫ولد‬ ‫غرابة كام هي يف ِ‬
‫غيه بل ربام ُحت ُ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كان ضعي ًفا‪ ،‬ومن‬
‫وإن َ‬
‫مريم ْ‬
‫َ‬ ‫مهدي َّإال عيسى بن‬
‫َ‬ ‫قطني وروى ال‬
‫الدار ُ‬
‫َ‬ ‫عمي أخرج ُه‬
‫العرب ٌ‬
‫رجل‬ ‫َ‬
‫يملك‬ ‫تذهب الدنيا حتى‬ ‫السال ُم ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫روي عن ُه عليه َّ‬
‫األحاديث الواردة فيه ما َ‬
‫واسم‬
‫ُ‬ ‫والُّتمذي‪ ،‬ويف أخرى أليب داو َد‬
‫ُ‬ ‫يواطئ اسم ُه اسمي أخرج ُه أبوداوو َد‬
‫ُ‬ ‫من ِ‬
‫أهل بيتي‬
‫األرض قس ًطا‬ ‫خأ‬ ‫ِ‬
‫األنف يم ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلبهة أقنى‬ ‫املهدي منِّي أجىل‬ ‫السال ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اسم أيب‪ ،‬وعن ُه عليه َّ‬
‫أبيه ُ‬
‫وصحح ُه ابن‬
‫َّ‬ ‫واحلاكم‬
‫ُ‬ ‫سنني أخرج ُه أبوداو َد‬
‫َ‬ ‫سبع‬
‫يملك َ‬‫ُ‬ ‫وجورا‬
‫ً‬ ‫ظلام‬
‫ملئت ً‬‫ْ‬ ‫ً‬
‫وعدال كام‬
‫استطاع‬ ‫فيقول يا مهدي اعطني اعطني فيحثي له يف ِ‬
‫ثوبه ما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرجل‬ ‫العريب‪ ،‬وعنه فيجيء ِ‬
‫إليه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلنة‪:‬‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫املطلب ساد ُة ِ‬ ‫ولد ِ‬
‫عبد‬ ‫عليه السالم نحن سبع ُة ِ‬
‫أن حيمله أخرجه الُّتمذي‪ ،‬وعنه ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأظهر ما ُ‬
‫يدل عىل‬ ‫ُ‬ ‫واحلسني‪ ،‬أخرج ُه ابن ماجه وأبونعي ٍم‬
‫ُ‬ ‫وجعفر واحلس ُن‬
‫ُ‬ ‫أنا ومحز ُة وعّل‬
‫أوالد فاطم َة أخرج ُه أبو داود وابن ماجه‬ ‫ِ‬ ‫السال ُم املهد ُي من عُّتيت من‬ ‫ِ‬
‫املدعي قول ُه عليه َّ‬
‫ِ‬
‫خده‬ ‫ارسائيّل عىل‬ ‫جسم‬ ‫يب وجسم ُه‬ ‫رجل من ولدي لون ُه ٌ‬ ‫املهدي ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫لون عر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫واحلاكم وقول ُه‬
‫ُ‬
‫املهدي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األيمن ٌ‬
‫رجل‬ ‫ُ‬ ‫دري أخرج ُه أبو نعي ٍم والروياين وقول ُه عليه َّ‬
‫السال ُم‬ ‫كوكب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫خال كأن ُه‬
‫ِ‬
‫عليه‬ ‫وصحح ُه ابن العريب‪ ،‬وقول ُه‬ ‫ِ‬
‫كالكوكب الدُّ ِّري أخرج ُه الروياين‬ ‫من ولدي وجه ُه‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األمة أخرج ُه‬ ‫إن منهام يعني احلسن واحلسني مهدي ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬
‫باحلق َّ‬ ‫السال ُم لفاطم َة والذي بعثني‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلياة بعدَ املهدي أخرج ُه أبو نعي ٍم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عيش‬ ‫خي يف‬ ‫الطُباين وأبو نعي ٍم وقول ُه عليه َّ‬
‫السال ُم ال َ‬ ‫ُ‬
‫عّل‬ ‫ِ‬
‫مريم خلف ُه أخرج ُه أبو نعيم وعن ٍّ‬ ‫املهدي الذي يصّل عيسى بن َ‬ ‫ُ‬ ‫السال ُم منا‬
‫وقول ُه عليه َّ‬
‫رجل من‬‫وسيخرج ٌ‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬ ‫ابنه َ‬
‫فقال‪َّ :‬‬ ‫ريض اهللُ عنه أنه نظر إىل ِ‬
‫ُ‬ ‫إن ابني هذا سيدٌ كام سام ُه ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫لق وال يشبه ُه يف اخلَ ْل ِق‪ ،‬أخرج ُه أبو داود وعن ابن‬
‫يسمى باسم نبيكم يشبه ُه يف اخلُ ِ‬ ‫ِ‬
‫صلبه َّ‬
‫ُ‬
‫اجلبال‬ ‫َ‬
‫استقبل ل ُه‬ ‫ِ‬
‫املَّشق ولو‬ ‫احلسن من ِق ِ‬
‫بل‬ ‫ِ‬ ‫رجل من ِ‬
‫ولد‬ ‫خيرج ٌ‬
‫ُ‬ ‫هلل عنهام‬‫ريض ا ُ‬‫َ‬ ‫عمر‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫يكون َ‬‫َ‬
‫الدجال كام‬ ‫ِ‬
‫خروج‬ ‫قبل‬ ‫ثم ينبغي أن‬ ‫نعيم بن محاد َّ‬ ‫واختذ فيها طر ًقا أخرج ُه ُ‬‫َ‬ ‫هلدمها‪،‬‬
‫املهدي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الظاهر من األمي حني فتح قسطنطيني َة َ‬
‫هو‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وألن‬ ‫حديث مسل ٍم فيام سبق‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُي ْش ِع ُر ِبه‬
‫ِ‬
‫للقتال‬ ‫َ‬
‫يعدون‬ ‫جال فبينام هم‬‫خرج يعني الدَّ ُ‬ ‫السال ُم بعد ُه‪ :‬فإذا جاءوا الشا َم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫وقال عليه َّ‬
‫كيف‬‫مسلم وور َد َ‬
‫ٌ‬ ‫مريم فأ َّمهم أخرج ُه‬
‫فينزل عيسى بن َ‬ ‫الصفوف إذ أقيمت الصال ُة ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ويسوون‬
‫ِ‬
‫للدابة ثالث ُة‬ ‫ذكر َّ‬
‫أن‬ ‫ُيلك أم ًة أنا أوهلا‬
‫ُ‬
‫ثم َ‬ ‫واملسيح آخرها‪ ،‬أخرج ُه زرين َّ‬
‫ُ‬ ‫واملهدي وسطها‬
‫ُ‬
‫مس من مغرهبا‪.‬‬‫الش ِ‬‫ثم بعدَ طلو ِع َّ‬ ‫ٍ‬
‫ثم أيا َم عيسى َّ‬
‫خروجات‪ :‬أيا َم املهدي َّ‬
‫ِ‬
‫الفقيه طاقت ُه‬ ‫بذل‬ ‫ِ‬
‫املقصود وشيع ًة ُ‬ ‫لنيل‬ ‫ِ‬
‫املجود ِ‬ ‫(واملجتهدُ ) االجتها ُد لغ ًة ُ‬
‫بذل‬
‫الفهم بالطب ِع‬ ‫ِ‬
‫نقيضه وشط ُه‬ ‫ِ‬
‫احتامل‬ ‫الظن ِبه‪ ،‬مع‬
‫ِ‬ ‫الظن بحك ٍم شعي وأثرة غلب ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتحصيل‬
‫ُ‬
‫والس ِنة متنًا وسندً ا وبمعانيهام لغ ًة وشيع ًة وبأقسامهام دالل ًة وإفاد ًة‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫بالكتاب‬ ‫والعلم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األمثال‪ ،‬وبمواق ِع اإلمجا ِع‬ ‫ِ‬
‫رضب‬ ‫ِ‬
‫االستعامل ومناهجهم يف‬ ‫العرب وعاداَتم يف‬‫ِ‬ ‫وخطابات‬
‫ُ‬
‫فهو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أهل‬ ‫اتقن هذه اجلمل َة َ‬ ‫القياس واملعاين املؤثرة يف األحكا ِم فمن َ‬ ‫ووجوه‬ ‫الصحابة‬ ‫وأقوال‬
‫يتصور االجتها ُد يف‬ ‫غيه فال‬ ‫ِ‬ ‫جيوز ل ُه تقليدُ‬
‫باجتهاده‪ ،‬وال ُ‬‫ِ‬ ‫يعمل‬‫عليه أن َ‬ ‫لالجتهاد‪ ،‬فيجب ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الس ِنة أو‬ ‫الكتاب أو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بنص‬ ‫وهي التي ثبتت‬ ‫َ‬ ‫وبعض العمليات‬‫ِ‬ ‫القطعيات كاالعتقاديات‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقرآن‬ ‫هلل املتني‬‫بحبل ا ِ‬ ‫والفرض الالز ُم االعتصا ُم‬‫ُ‬ ‫الواجب‬
‫ُ‬ ‫اشتهر بل‬
‫َ‬ ‫علم أو‬ ‫اإلمجا ِع ما َ‬
‫رسوله كام وصف ُه عىل‬ ‫ِ‬ ‫كتابه أو سن َة‬‫ِ‬ ‫وصف ِبه نفس ُه يف‬ ‫َ‬ ‫بكل ما‬ ‫متصف ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫واعتقاد أن ُه‬ ‫املبني‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫يع‬‫السم ُ‬‫يش ٌء َو ُه َو َّ‬ ‫وليس كمثله يش ٌء﴿ َل ْي َس كَم ْثله َ ْ‬ ‫وإن ل ُه األسام ُء احلسنى َ‬ ‫املعنى الذي أراد ُه َّ‬
‫ِ‬
‫اجلدال‬ ‫ِ‬
‫وترك‬ ‫ِ‬
‫اإلثبات والنفي‬ ‫ِ‬
‫والتقديس يف‬ ‫ا ْلب ِصي ﴾[الشورى‪ ،]11 :‬مع ِ‬
‫غاية التعظي ِم‬ ‫َ ُ‬
‫غي مأموري َن ِبه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫معرض اخلزي والوبال‪ ،‬فإنا ُ‬ ‫ِ‬ ‫فيصي يف‬
‫ُ‬ ‫القيل والقال‪َّ ،‬‬
‫وإال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وااللتفات إىل‬
‫باملتفق ِ‬
‫عليه‪ ،‬وما َ‬
‫أقبل األم ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫إثم‬ ‫ولذلك مل يكن املخطئ ِ‬
‫َ‬
‫مزورا َ‬
‫ً‬ ‫معذورا بل عاص ًيا‬
‫ً‬ ‫فيه‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واالجتهاد يف‬ ‫ِ‬
‫الظاهرة‬ ‫ِ‬
‫األدلة‬ ‫اتباع‬ ‫ٍ‬ ‫فالواجب عىل ِّ‬ ‫إليه‪ ،‬وأما يف ما اختلفوا ِ‬
‫كلهم ِ‬
‫كل أحد ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيه‬
‫ِ‬
‫املذهب ومهام‬ ‫أو يف‬ ‫ِ‬
‫املطلق‬ ‫ِ‬
‫االجتهاد‬ ‫ِ‬
‫طاقته من‬ ‫الصواب عىل ِ‬
‫قدر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طلب‬
‫ِ‬
‫التعطيل‪،‬‬ ‫حذرا عن‬ ‫ِ‬
‫التقليد‬ ‫اضطر إىل‬ ‫ِ‬
‫غيه فقد‬ ‫متييز املَّشو ِع ِبه عن‬
‫عجز عن ُه وعن ِ‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫خطئه‬ ‫أغلب عند ُه عىل‬ ‫ِ‬
‫وصوابه‬ ‫أفضل يف ِ‬
‫رأيه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األئمة‬ ‫النظر يف أن أي‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫فالواجب ِ‬
‫عليه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويتقدر بقدرها‬ ‫ِ‬
‫احلاجة‬ ‫بقوله ولكنه أمر رضوري ال يصار ِ‬
‫إليه َّإال عندَ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ويعمل‬ ‫ِ‬
‫فيستفتيه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ٌ‬
‫سدى‪،‬‬ ‫خيلق عب ًثا ومل ْ‬
‫يُّتك‬ ‫َ‬
‫اإلنسان مل ْ‬ ‫الزب َّ‬
‫ألن‬ ‫حتم‬ ‫واجب والتعبدُ‬ ‫أمر‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وباجلملة التدي ُن ٌ‬
‫مهمال سوى‬ ‫ً‬ ‫يكون ً‬
‫فعال‬ ‫ُ‬ ‫امتثال ما وال‬ ‫ُ‬ ‫ليتحقق‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫تركه‬ ‫راجحا عىل‬ ‫ُ‬
‫العمل‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫وال بدَّ أن‬
‫ً‬
‫لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬اتَّبِ ُعوا َما ُأن ِْز َل إِ َل ْي ُك ْم ِم ْن َر ِّب ُك ْم َو َال‬
‫ِ‬ ‫يرج ُح ِبه‬ ‫ِ‬
‫بالدليل ِّ‬ ‫ِ‬
‫الُّتجيح‬ ‫فالقادر عىل‬
‫ُ‬
‫والعاجز عن ُه‬
‫ُ‬ ‫دونه أوليا َء‬ ‫َتتَّبِعوا ِمن دونِ ِه َأولِياء ﴾[األعراف‪ ،]3 :‬من ربكم وال تتبعوا من ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫الذك ِْر إِ ْن‬
‫اس َأ ُلوا َأ ْه َل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األفقه األور ِع َ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليثق به يف علمه وعمله لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ف ْ‬ ‫بقول‬ ‫يرجح ُه‬
‫دليل املق ِّل ِد‬
‫يقال ُ‬ ‫الز ُب ِر ﴾[النحل‪ ،]44 :‬وهذا معنى ما ُ‬ ‫ون (‪ )43‬بِا ْلبين ِ‬
‫َات َو ُّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ُكنْ ُت ْم َال َت ْع َل ُم َ‬
‫حيتمل غي ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صواب‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫األصول حق ال حمال َة ويف الفرو ِع‬ ‫األقول املجتهدُ ومذهبنا يف‬‫ُ‬ ‫ليس‬‫َ‬
‫ِ‬
‫النضباط‬ ‫ِ‬
‫األئمة‬ ‫ِ‬
‫األربعة من‬ ‫غي‬ ‫ِ‬
‫تقليد ِ‬ ‫منع العوا َم عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعكس ولكن َ‬ ‫املخالف‬ ‫ومذهب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والتهذيب‬ ‫والذاب عن أقواهلم مع فيها من اجلم ِع‬ ‫ِ‬
‫وكثرة اتباعهم‬ ‫ِ‬
‫واشتهار مناقبهم‬ ‫مذاهبهم‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫وانحالل‬ ‫آخر خماف َة اضطراهبم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتبويب َ‬ ‫ِ‬
‫مذهب إىل َ‬ ‫االنتقال من‬ ‫دون غيهم وعن‬ ‫والتسيي‬
‫عقيدَتم‬

‫ألن األدل َة الَّشعي َة كاشف ٌة عن‬


‫يصيب) َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالنظر إىل احلك ِم‪( ،‬وقد‬ ‫( قد خيطئ)‬
‫ِ‬
‫وجهه‬ ‫َ‬
‫الدليل عىل‬ ‫ِ‬
‫فاملجتهد مهام أجرى‬ ‫ِ‬
‫السابق‬ ‫ِ‬
‫وقدره‬ ‫ِ‬
‫قضاء اهللِ تعاىل‬ ‫ِ‬
‫الثابتة يف‬ ‫األحكا ِم‬
‫ِ‬
‫واألشاعرة‬ ‫ِ‬
‫للمعتزلة‬ ‫فمخطئ(‪ ،)254‬خال ًفا‬ ‫مصيب َّ‬
‫وإال‬ ‫فهو‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫هو يف نفسه‪َ ،‬‬
‫األمر عىل ما َ‬
‫َ‬ ‫وأدرك‬
‫ُ‬
‫األحاديث‬ ‫ُ‬
‫والدليل عىل هذا‬ ‫خمتار املزين والغزا ُيل وأيب ٍ‬
‫بكر الباقالين وعام ُة الشافعي ُة‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬
‫َ‬
‫املتواترة املعنى‪ ،‬فقد صح عنه ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصواب واخلطأ‬ ‫بني‬
‫تردد االجتهاد َ‬‫ِ‬ ‫واآلثار الدال ُة عىل‬
‫َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫أصبت‬ ‫إن‬ ‫ٍ‬
‫رواية ْ‬ ‫أجر واحدٌ ‪ ،‬ويف‬ ‫أخطأت َ‬ ‫فلك أجران‪ْ ،‬‬‫أصبت َ‬ ‫السال ُم أن ُه َ‬
‫قال ْ‬
‫َ‬ ‫فلك ٌ‬ ‫َ‬ ‫وإن‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫استحرض امرأ ًة‬
‫َ‬ ‫ريض اهللُ عن ُه أن ُه‬
‫َ‬ ‫فلك حسن ٌة وعن َ‬
‫عمر‬ ‫أخطأت َ‬
‫َ‬ ‫وإن‬‫حسنات‪ْ ،‬‬ ‫عَّش‬
‫فلك ُ‬ ‫َ‬
‫أنت‬
‫ريض اهللُ عنهام إنام َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وعثامن بن عفان‬ ‫فاجهضت ما يف بطنها‪َ ،‬‬
‫فقال عبدُ الرمحن بن عوف‬
‫ريض اهللُ عن ُه ْ‬
‫إن كانا قد اجتهدا فقد أخطئا وإن مل‬ ‫َ‬ ‫عليك شي ًئا َ‬
‫فقال عّل‬ ‫َ‬ ‫مؤدب ال نرى‬
‫ٌ‬

‫البخاري‬
‫ُ‬ ‫حكم فاجتهدَ فأخط َأ فل ُه ٌ‬
‫أجر‪ ،‬أخرج ُه‬ ‫َ‬ ‫فأصاب فل ُه أجران‪ ،‬وإذا‬
‫َ‬ ‫احلاكم فاجتهدَ‬
‫ُ‬ ‫حكم‬
‫َ‬ ‫( )( إذا‬ ‫‪254‬‬

‫َّسائي عن أيب هرير َة من ُه س َّلم ُه‬


‫الُّتمذي والن ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العاص وأخرج ُه‬ ‫ومسلم وأبو داود عن أيب هرير َة وعمرو بن‬
‫ٌ‬
‫اهللُ تعاىل‪).‬‬
‫ريض‬ ‫بكر‬ ‫ِ‬
‫وقول أيب ٍ‬ ‫الواحد‪ ،‬وهو ِ‬
‫لعبد الرمحن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بضمي‬ ‫ٍ‬
‫رواية البيهقي‬ ‫جيتهدا فقد عشاك ويف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يك صوا ًبا فمن اهللِ‪ْ ،‬‬
‫وإن ُ‬
‫يك خطأ فمن الشيطان‪ ،‬وعن‬ ‫أقول برأيي‪ ،‬فإن ُ‬ ‫ِ‬
‫الكاللة ُ‬ ‫اهللُ عن ُه يف‬
‫ْ‬
‫يدخل‬ ‫تزوج امرأةً‪ ،‬ومل يفرض هلا صدا ًقا‪ ،‬ومل‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫ريض اهللُ عن ُه‪ ،‬أن ُه َ‬
‫سئل عن‬ ‫َ‬ ‫ابن مسعود‬
‫ِ‬
‫الشيطان‪،‬‬ ‫يك خط ًأ فمني ومن‬ ‫يك صوا ًبا فمن اهللِ‪ْ ،‬‬
‫وإن ُ‬ ‫أقول برأيي فإن ُ‬‫فقال ُ‬ ‫مات‪َ ،‬‬
‫هبا حتى َ‬
‫قال من‬ ‫هلل عنهام أن ُه َ‬
‫ريض ا ُ‬
‫َ‬ ‫عباس‬
‫َ‬ ‫والنسائي وعن ابن‬
‫ُ‬ ‫واهللُ ورسول ُه بريئان أخرج ُه أبوداود‬
‫ِ‬
‫الصحابة كام خطؤ ُه‪ ،‬وعن ُه أال‬ ‫ِ‬
‫مجهور‬ ‫جيعل يف ِ‬
‫مال نص ًفا وثل ًثا فخطأ‬ ‫إن اهللَ مل ْ‬ ‫ِ‬
‫باهلته َّ‬ ‫شا َء‬
‫ريض اهللُ عن ُه‬‫َ‬ ‫عمر‬
‫جيعل أب األب أ ًبا‪ ،‬وعن َ‬ ‫جيعل ابن االبن ابنًا‪ ،‬وال ُ‬ ‫هلل زيدٌ بن ثابت ُ‬ ‫يتقي ا َ‬
‫الظن‬ ‫هو منا‬ ‫ِ‬ ‫هلل تعاىل َ‬ ‫رسول اهللَ ﷺ مصي ًبا َّ‬ ‫َ‬ ‫الرأي إنام َ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫كان يريه وإنام َ‬ ‫ألن ا َ‬ ‫كان من‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫حي ُك َام ِن ِيف‬ ‫ِ‬
‫يستدل بقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َد ُاوو َد َو ُس َل ْي َام َن إِ ْذ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ف أخرج ُه أبوداوود‪ ،‬وربام‬ ‫والتَّك ُّل ُ‬
‫َاها ُس َل ْي َام َن ﴾[األنبياء‪:‬‬ ‫ٍ إِ ْذ َن َف َش ْت فِ ِيه َغنَم ا ْل َقو ِم و ُكنَّا ِحلك ِْم ِهم َش ِ ِ‬ ‫احلر ِ‬
‫اهدي َن (‪َ )78‬ف َف َّه ْمن َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َْ ْ‬
‫ورجوع‬ ‫وخمالفته ِ‬
‫ألبيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لصغر سليامن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالجتهاد‬ ‫وكانت‬
‫َ‬ ‫‪ ،]78‬الضمي للحكومة أو الفتياء‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لتخصيصه وج ٌه‪ ،‬ولكن‬ ‫كان اجتها ُد كل منهام ح ًقا مل يك ْن‬
‫حكمه‪ ،‬فلو َ‬‫ِ‬ ‫السال ُم إىل‬ ‫ِ‬
‫داود عليه َّ‬
‫تفض َل‬ ‫ِ‬
‫إلظهار ما َّ‬ ‫ويكون ختصيص ُه بذكر ِه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحتامل توافقهام يف الفتياء‪،‬‬ ‫ضعيف‬
‫ٌ‬ ‫َّمسك ِبه‬
‫الت ُ‬
‫احلكم يف‬ ‫حكام ويؤيد ُه َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫صلحا ال ً‬ ‫ً‬ ‫األمر من سليامن‬
‫ُ‬ ‫يكون هذا‬ ‫وجواز أن‬ ‫صغره‪،‬‬ ‫عليه يف‬
‫نطلع عىل حاهلا‪.‬‬ ‫نقف عليها‪ ،‬ومل‬‫جيوز نقض ُه‪ ،‬والرواي ُة ْ‬
‫جيب امضاؤ ُه وال ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫املجتهد فيه ُ‬

‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رسل املالئكة) عندَ احلنفية والشيعة وعامة األشعرية َ‬ ‫أفضل من‬ ‫البرش‬ ‫(ورسل‬
‫ِ‬
‫مجهور‬ ‫مذهب‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ان األفضلي َة‬ ‫ٍ‬
‫رواية عن ُه َّ‬ ‫الرواي ُة األخي ُة عن أيب حنيف َة ويف‬
‫ُ‬ ‫بالعكس‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫األصل‪ ،‬وينوي عن‬ ‫ٍ‬
‫حممد رمح ُه اهللُ يف‬ ‫محل ُ‬
‫قول‬ ‫ولذلك َ‬
‫َ‬ ‫ِ ( ‪)256‬‬
‫وبعض األشعرية‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة(‪،)255‬‬

‫املتأخرين‪ ،‬ألهنم ال خيالفوننا يف املعنى‬ ‫املشهور يف ِ‬


‫كتب‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫( )ومل ْ يذكر الفالسف ُة يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫املخالفني كام َ‬
‫َ‬ ‫عداد‬ ‫‪255‬‬

‫ِ‬
‫املعتزلة وغيهم من ُه س َّلم ُه اهللُ*‬ ‫وبني‬ ‫املتناز ِع ِ‬
‫فيه بيننا‪َ ،‬‬
‫أفضل من‬‫ُ‬ ‫فإن املالئك َة عندهم‬
‫خالف األشعري ومن تابع ُه َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫ِ‬
‫البَّش من‬ ‫أفضلية ِ‬
‫عامة‬ ‫ِ‬ ‫( )( ويف‬ ‫‪256‬‬

‫ِ‬
‫البَّش مطل ًقا من ُه س َّلم ُه اهللُ‬ ‫عوا ِم‬
‫ِ‬
‫الرجال‬ ‫ِ‬
‫الصغي من‬ ‫القول األ َّو ِل وقول ُه يف اجلام ِع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والنساء عىل‬ ‫ِ‬
‫والرجال‬ ‫ِ‬
‫احلفظة‬ ‫ِ‬
‫يمينه من‬
‫ِ‬
‫واحلفظة‬ ‫ِ‬
‫والنساء‬ ‫ِ‬
‫الرجال‬ ‫ِ‬
‫الصغي من‬ ‫األو ِل‪ ،‬وقول ُه يف اجلام ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القول َّ‬ ‫واحلفظة عىل‬ ‫والنساء‬
‫ِ‬
‫للُّتتيب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫موجب‬ ‫غي‬ ‫ِ‬
‫ملطلق اجلم ِع ِ‬ ‫كان الواو‬‫آخر الكتابني‪ ،‬وإن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخي ألن ُه ُ‬ ‫القول‬ ‫عىل‬

‫والنهار ال‬ ‫يسبحون َ‬


‫الليل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة) وهم ال ُعل ِو ِّيون واملالئك ُة املقربون الذي َن‬ ‫ُ‬
‫(ورسل‬
‫َ‬
‫فإن األئم َة عندهم‬ ‫ِ‬
‫للشيعة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األنبياء خال ًفا‬ ‫البرش) وهم من سوى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عامة‬ ‫ُ‬
‫(أفضل من‬ ‫يفُّتون‬
‫ِ‬
‫املالئكة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسل‬ ‫ُ‬
‫أفضل من‬

‫باألتقياء منهم‪ ،‬ويقيد ُه قول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬ل َقدْ َخ َل ْقنَا‬ ‫ِ‬ ‫البرش) ق َّيد ُه يف الكايف‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(وعامة‬
‫ني (‪ )5‬إِ َّال ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َو َع ِم ُلوا‬
‫ان ِيف َأ ْح َس ِن َت ْق ِوي ٍم (‪ُ )4‬ث َّم َر َد ْدنَا ُه َأ ْس َف َل َسافِلِ َ‬
‫اإلن َْس َ‬‫ِْ‬

‫ات ﴾[التني‪.]6 :‬‬ ‫احل ِ‬


‫ِ‬
‫الص َ‬ ‫َّ‬

‫سبق ِبه‬ ‫ِ‬


‫األرض عىل ما َ‬ ‫ِ‬
‫السامء إىل‬ ‫األمر من‬ ‫َ‬
‫يدبرون‬ ‫ِ‬
‫املالئكة) الذي َن‬ ‫(أفضل من ِ‬
‫عامة‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫فإن املالئك َة‬ ‫ِ‬
‫لخأشاعرة َّ‬ ‫ويفعلون ما يؤمرون خال ًفا‬
‫َ‬ ‫هلل‬ ‫َ‬
‫يعصون ا ُ‬ ‫القلم ال‬ ‫القضا ُء وجرى ِبه‬
‫ُ‬
‫ألن اهللَ تعاىل ع َّل َم آد َم األسام َء كلها‪ ،‬ثم عرضهم عىل‬ ‫ِ‬
‫البَّش مطل ًقا؛ َّ‬ ‫ُ‬
‫أفضل من عوا ِم‬ ‫عندهم‬

‫َ‬
‫ولذلك‬ ‫ِ‬
‫بفضله‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لَّشفه وإيذانًا‬ ‫وإظهارا‬ ‫ِ‬
‫لشأنه‬ ‫وتعظيام‬ ‫تكريام‬ ‫ِ‬
‫بالسجود‬ ‫ِ‬
‫املالئكة وأمرهم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫( ‪)257‬‬

‫َّ‬
‫وألن‬ ‫نار وخلقت ُه من طني‬ ‫مت عّل أنا خي من ُه خلقتني من ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫كر َ َّ‬ ‫أرأيتك هذا الذي ّ‬ ‫إبليس‪:‬‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫رسخت أعراقهم فيها‬
‫ْ‬ ‫وموانع‬ ‫ِ‬
‫صوارف جبلوا عليها‬ ‫طاعتهم َأمحز وعبادَتم ُ‬
‫أشق لكوهنا عن‬
‫َ‬
‫قدر‬‫األجر عىل ِ‬ ‫السال ُم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أفضل كام َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والغضب ونواز ِع اهلوى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫قال عليه َّ‬ ‫فتكون‬ ‫الشهوة‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫املالئكة أخرج ُه ابن‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ومسلم َ‬
‫وقال املؤم ُن أكر ُم عىل اهللِ من‬ ‫البخاري‬ ‫ِ‬
‫التعب أخرج ُه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫اآلخر مطل ًقا والنزاع ِ‬


‫فيه‪ .‬أنوار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنسني عىل‬ ‫فضل ِ‬
‫أحد‬ ‫)وذلك ال يستلز ُم َ‬
‫َ‬ ‫(‬
‫ُ‬ ‫‪257‬‬

‫أب ومتص ًفا‬ ‫املسيح ولد ِ‬ ‫مدحض النصارى ُ‬ ‫ِ‬


‫االستنكاف َ‬ ‫فإن مظن َة‬
‫َّ‬
‫بغي ٍّ‬ ‫َ‬ ‫حيث وجدوا‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬
‫ذلك املعنى َ‬
‫بأن املالئك َة َ املقربني َ‬
‫فوق املسيحِ يف‬ ‫ِ‬
‫وإحياء املوتى فر َّد اهللُ سبحان ُه وتعاىل عليهم َّ‬ ‫ِ‬
‫واألبرص‬ ‫ِ‬
‫األكمه‬ ‫ِ‬
‫بإبراء‬
‫َ‬
‫ذلك املعنى‪.‬‬
‫من ُه س َّلم ُه اهللُ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوجود‪ ،‬وأما قول ُه تعاىل‪َ ﴿ :‬ل ْن‬ ‫ماجه وإما اطرا ُد تقديمهم يف الذكر فلعل ُه لتقدمهم يف‬
‫ون﴾[النساء‪ ،]172 :‬فبعدَ تسلي ِم أن‬ ‫ون َع ْبدً ا هللَِّ َو َال املَْ َال ِئ َك ُة املُْ َق َّر ُب َ‬
‫يح َأ ْن َي ُك َ‬ ‫يس َتن ِْك َ ِ‬
‫ف املَْس ُ‬ ‫َْ‬
‫أصبح‬ ‫َ‬
‫كقولك‬ ‫ِ‬
‫التكثي‬ ‫ِ‬
‫باعتبار‬ ‫ِ‬
‫للمبالغة‬ ‫العطف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫يكون أن‬ ‫َ‬ ‫جاز أن‬
‫الر َّد للنصارى فقط َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املسيح‬ ‫املقربني منهم عىل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تفضيل‬ ‫ِ‬
‫للتكبي فغايت ُه‬ ‫رئيس‪ ،‬وإن َ‬
‫كان‬ ‫مرؤس وال ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫األمي ال خيالف ُه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املنزلة‬ ‫ِ‬
‫الدرجة وعلو‬ ‫ِ‬
‫رفعة‬ ‫ُ‬
‫فالفضل يف‬ ‫ِ‬
‫واملطلوب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القوة‬ ‫ِ‬
‫وشدة‬ ‫ِ‬
‫وسعة العل ِم‬ ‫لتكو ِن‬ ‫ِ‬
‫يف غرابة ا َّ‬
‫ورب العاملني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رب السموات ِّ‬ ‫املبني‪ ،‬فلله احلمدُ ِّ‬
‫الفوز ُ‬
‫ُ‬ ‫وذلك‬ ‫واملثوبة عندَ اهللِ‪،‬‬ ‫األجر‬ ‫وكثرة‬

‫وسبعني‬
‫َ‬ ‫الكتاب يف ٍ‬
‫ألف ومئتني وثالٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تأليف هذا‬ ‫قد يّس اهللُ الفرا َغ ملصن ِ‬
‫ِّفه من‬ ‫َ‬
‫عد ُد السنني واحلساب‬

You might also like