You are on page 1of 1

‫الفلسفة في اإلسالم‬

‫الكلمة األقرب لكلمة فلسفة هي كلمة "حكمة"‪ ،‬وهي مستخدمة في النصوص اإلسالمية األساسية (القرآن‪ ‬والسنة)‪ ،‬لهذا نجد الكثير‬
‫من‪ ‬الفالسفة‪ ‬المسلمين‪ ‬يستخدمون كلمة "حكمة" كمرادف لكلمة "فلسفة" التي دخلت إلى الفكر العربي اإلسالمي‪ .‬كلمة "الفلسفة" هي كلمة‪ ‬يونانية‪ ‬األصل‪،‬‬
‫وهي تتكون من مقطعين يونانيين هما‪ "philien" :‬ومعناها "يحب"‪ ،‬و"‪ "sophia‬ومعناها "الحكمة"‪ ،‬وعلى هذا يكون الفيلسوف "‪ "philosopher‬هو‬
‫الشخص الذي يحبُّ الحكمة‪ ،‬أو هو "محبُّ الحكمة"‪ ]6[.‬وللفلسفة تعريفات عدة عند فالسفة المسلمين‪ ،‬منها ما ذكره الكندي بقوله‪"« :‬إنها علم األشياء‬
‫بحقائقها بقدر طاقة اإلنسان؛ ألن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق‪ ،‬وفي عمله العمل بالحق"»‪ ]7[.‬وإن كانت كلمة‪ ‬فلسفة ‪ ‬ضمن سياق‪ ‬الحضارة‬
‫اإلسالمية‪ ‬بقيت ملتصقة بمفاهيم‪ ‬الفلسفة اليونانية الغربية‪ ،‬فإنه عندما نحاول أن نتحدث عن‪ ‬فلسفة إسال مية ‪ ‬بالمفهوم العام‪ ‬كتصور كوني‪ ‬وبحث‬
‫في‪ ‬طبيعة‪  ‬الحياة‪ ،‬ال بد أن نشمل معها المدارس األخرى تحت المسميات األخرى‪ ،‬وأهمها‪ ‬علم الكالم‪ ‬وأصول الفقه‪ ‬وعلوم اللغة‪( ‬راجع‪ : ‬تمهيد في تاريخ‬
‫الفلسفة اإلسالمية‪ ،‬مصطفى عبد الرازق)‪.‬‬

‫و أهم ما يواجه الباحث أن كال من هذه المدارس قد قام بتعريف الحكمة أو الفلسفة وفق رؤيته الخاصة واهتماماته الخاصة‪ ،‬في مراحل الحقة‬
‫دخل‪ ‬المتصوفة‪ ‬في نزاعات مع‪ ‬علماء الكالم‪ ‬والفالسفة‪ ‬لتحديد معنى كلمة‪ ‬الحكمة ‪ ‬التي تذكر في‪ ‬األحاديث النبوية‪ ‬وكثيرا ما استخدم العديد من أعالم‬
‫الصوفية لقب (حكيم ) لكبار شخصياتهم مثل‪ ‬الحكيم الترمذي ‪ .‬بأي حال فإن لقب (فيلسوف‪/‬فالسفة) ظل حصرا على من عمل في الفلسفة ضمن‬
‫سياق‪ ‬الفلسفة اليونانية‪  ‬ومن هنا كان أهم جدل حول الفلسفة هو كتابي (تهافت الفالسفة‪ ‬للغزالي‪ ‬وتهافت التهافت‪ ‬البن رشد)‪.‬وللعلم كتاب تهافت الفالسفة‬
‫للغزالى قصد به تهافت الفالسفة على مواضيع الميتافزيقا والغوص فيها هي وشروح ارسطو ألن األمام أبو حامد الغزالى كان من الفالسفة المتصوفه‪.‬‬

‫و يجدر اإلشارة هنا إلى أن تغ ّي ر النظر إلى مفهوم الفلسفة تبعا لتنوع األجوبة على سؤال "ما الفلسفة؟" الذي قد يتحول ‪ -‬نتيجة بزوغ فرع آخر في الفلسفة‬
‫وهو فلسفة الفلسفة أو المصطلح الذي يفضله الدكتور‪ ‬طه عبد الرحمن‪ ‬فقه الفلسفة في كتابه "فقه الفلسفة "‪ -‬إلى (ما "ما الفلسفة؟" ؟)‪ ..‬الخ‪ ،‬إذا رأينا‬
‫تصنيف الفلسفة إلى فلسفة قديمة وأخرى جديدة حيث أن األولى فلسفة في الوجود والثانية فلسفة في المعرفة‪ ،‬فإن اإلتجاه اإلسالمي سيتميز بفلسفة ‪ -‬أي‬
‫بفلسفة في المعرفة ‪ -‬خاصة به إذا نظرنا إلى علوم المناظرة العقدية (مناهج الكالم‪ ،‬مناهج أهل الحديث‪ ).‬وعلوم الحديث وأصول الفقه ومناهج التفسير‬
‫وغيرها من المعارف التي تهتم بتدشين المناهج إلى جانب دراسة المضامين اعتمادا على المصدرين المنقول الصحيح والمعقول الصريح أو الوحي‬
‫ُ‬
‫وخلق هللا‪.‬‬ ‫والعالم أو بتعبير الدكتور‪ ‬جعفر شيخ إدريس‪ ‬وحيُ هللا‬

‫بدايات الفلسفة اإلسالمية‬

‫إذا اعتبرنا تعريف الفلسفة على أنها محاولة بناء وتصور ورؤية شمولية للكون‪ ‬الحياة‪ ،‬فإن بديات هذه األعمال في‪ ‬الحضارة اإلسالمية‪ ‬بدأت‬
‫كتيار‪ ‬فكري‪ ‬في البدايات المبكرة للدولة اإلسالمية بدأ‪ ‬بعلم الكالم‪ ،‬ووصل الذروة في‪ ‬القرن التاسع‪ ‬عندما أصبح‪ ‬المسلمون‪ ‬على اطالع‪ ‬بالفلسفة‬
‫اليونانية‪ ‬القديمة والذي أدى إلى نشوء رعيل من‪ ‬الفالسفة‪ ‬المسلمين‪ ‬الذين كانوا يختلفون عن‪ ‬علماء الكالم‪.‬‬

‫علم الكالم كان يستند أساسا على النصوص الشرعية من‪ ‬قرآن‪ ‬وسنة‪  ‬وأساليب منطقية لغوية لبناء أسلوب احتجاجي يواجه به من يحاول الطعن في‬
‫حقائق‪ ‬اإلسالم‪ ،‬في حين أن‪ ‬الفالسفة المشائين‪ ،‬وهم‪ ‬الفالسفة‪ ‬المسلمين‪ ‬الذين تبنوا‪ ‬الفلسفة اليونانية‪ ،‬فقد كان مرجعهم األول هو التصور‪ ‬األرسطي‪ ‬أو‬
‫التصور‪ ‬األفلوطيني‪ ‬الذي كانوا يعتبرونه متوافقا مع نصوص وروح‪ ‬اإلسالم‪ .‬و من خالل محاولتهم الستخدام‪ ‬المنطق‪ ‬لتحليل ما إعتبروه‬
‫قوانين‪ ‬كونية‪ ‬ثابتة ناشئة من إرادة‪ ‬هللا ‪ ،‬قاموا بداية بأول محاوالت توفيقية لردم بعض الهوة التي كانت موجودة أساسا في التصور لطبيعة الخالق بين‬
‫المفهوم اإلسالمي هلل والمفهوم الفلسفي اليوناني للمبدأ األول أو العقل األول‪.‬‬

‫تطورت الفلسفة اإلسالمية من مرحلة دراسة المسائل التي ال تثبت إال بالنقل والتعبّد إلى مرحلة دراسة المسائل التي ينحصر إثباتها باألدلة‪ ‬العقلية‪ ‬ولكن‬
‫النقطة المشتركة عبر هذا االمتداد التأريخي كان معرفة هللا وإثبات الخالق‪ ]8[.‬بلغ هذا التيار الفلسفي منعطفا بالغ األهمية على يد‪ ‬ابن رشد‪ ‬من خالل تمسكه‬
‫بمبدأ الفكر الحر وتحكيم العقل على أساس المشاهدة والتجربة‪ ]9[.‬أول من برز من فالسفة العرب كان‪ ‬الكندي‪ ‬الذي يلقب بفيلسوف العرب‪ ،‬من ثم‬
‫كان‪ ‬الفارابي‪  ‬الذي لقب بالمعلم األول وتبنى الكثير من الفكر األرسطي من العقل الفعال وقدم العالم ومفهوم اللغة الطبيعية‪ .‬أسس الفارابي مدرسة فكرية‬
‫كان من أهم اعالمها‪ : ‬األميري‪ ‬والسجستاني‪ ‬والتوحيدي‪ .‬كان‪ ‬الغزالي‪  ‬أول من أقام صلحا بين المنطق والعلوم اإلسالمية حين بين أن أساليب المنطق‬
‫اليوناني يمكن ان تكون محايدة ومفصولة عن التصورات‪ ‬الميتافيزيقية‪ ‬اليونانية‪ .‬توسع‪ ‬الغزالي‪ ‬في شرح المنطق واستخدمه في علم‪ ‬أصول الفقه‪ ،‬لكنه‬
‫بالمقابل شن هجوما عنيفا على الرؤى الفلسفية للفالسفة‪ ‬المسلمين‪ ‬المشائين في كتاب‪ ‬تهافت الفالسفة‪ ،‬رد عليه الحقا‪ ‬ابن رشد‪ ‬في كتاب‪ ‬تهافت التهافت‪.‬‬

You might also like