Professional Documents
Culture Documents
-1ﻗﺎﻋﺪة ﻋﺪم رﺟﻌﻴﺔ اﻟﻨﺺ اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن أﺻﻠﺢ ﻟﻠﻤﺘﻬﻢ " اﺳﺘﺜﻨﺎءا " :ﻟﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ﺷﺨﺺ
ﻻﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻗﺪ ﺣﺪدت أرﻛﺎﻧﻬﺎ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻄﺒﻖ وﻗﺖ ارﺗﻜﺎﺑﻬﺎ ،وﻻ ﻳﺠﻮز
ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ ﺷﺨﺺ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﻛﺎن ﻣﺒﺎﺣﺎ وﻗﺖ ارﺗﻜﺎﺑﻪ ﺛﻢ ﺻﺪر ﻗﺎﻧﻮن ﻳﺠﺮﻣﻪ.
-2ﺣﺼﺮ ﻣﺼﺎدر اﻟﺘﺠﺮﻳﻢ واﻟﻌﻘﺎب ﻓﻲ ﻧﺼﻮص ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ :وﻫﺬا اﺳﺘﺒﻌﺎد ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺼﺎدر
اﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ ﻓﻲ ﻓﺮوع اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻷﺧﺮى ﻛﺎﻟﻌﺮف ،وﻣﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ، ...واﻟﻨﺺ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ
اﻟﻤﻜﺘﻮب هو اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ اﻟﺒﺮﻟﻤﺎن أو رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ،أو اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل
اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎت ) ﻟﻮاﺋﺢ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ(
-3ﺣﺼﺮ اﻟﻘﻴﺎس ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﺠﺮﻳﻢ :ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﻳﻘﻴﺲ ﻓﻌﻼ ﻟﻢ ﻳﺮد ﻧﺺ ﺑﺘﺠﺮﻳﻤﻪ
ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ورد ﻧﺺ ﺑﺘﺠﺮﻳﻤﻪ ﻓﻴﻘﺮر اﻷول ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻟﺜﺎﻧﻲ.
هذا ﻻ ﻳﻤﻨﻊ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺧﻀﻮع اﻟﻨﺺ اﻟﺘﺠﺮﻳﻤﻲ ﻟﻠﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻀﻴﻖ أي اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي
ﻳﺮﻣﻲ إﻟﻴﻪ اﻟﻤﺸﺮع ﻣﻦ وراء اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻳﻠﺘﺰم ﺑﺤﺮﻓﻴﺔ
اﻟﻨﺺ اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺠﺮم ﻓﻌﻼ ﻟﻢ ﻳﻘﺼﺪﻩ اﻟﻤﺸﺮع.
-4ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺸﻚ ﺗﻔﺴﺮ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺘﻬﻢ :ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟﻮد ﻏﻤﻮض ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ واﺳﺘﺤﺎل ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ وﺗﺴﺎوت ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ وﺟﻮﻩ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺸﻚ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﺼﺎﻟﺢ
اﻟﻤﺘﻬﻢ واﻟﻤﺠﺎل اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ هذه اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻹﺛﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻮاد اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ إذا ﺗﻌﺎدﻟﺖ
أدﻟﺔ اﻹداﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﺒﺮاءة رﺟﺢ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻷن اﻹداﻧﺔ ﺗﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻘﻴﻦ واﻷﺻﻞ ﻓﻲ إﺛﺒﺎت اﻟﺒﺮاءة.
ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أهﻣﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺪأ واﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻪ إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ:
اﻟﻨﻘﺪ اﻷول:
ذهب اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻗﺎﻋﺪة ﺟﺎﻣﺪة ورﺟﻌﻴﺔ أﻣﺎ اﻟﺠﺎﻣﺪة ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﺘﻄﻮرات واﻟﻤﺴﺘﺠﺪات
اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮأ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻈﻬﺮ أﻓﻌﺎل ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺨﻠﺔ ﺑﺄﻣﻦ وﻧﻈﺎم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻟﻢ ﻳﻨﺺ اﻟﻘﺎﻧﻮن
ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺮﻳﻤﻬﺎ ,و ﻳﺰداد ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﻴﺚ ﺧﻠﻔﺖ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﺘﺸﻌﺒﺔ
و اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻜﺔ أﻧﻮاﻋﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ أﻧﻤﺎط اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﺸﺮي ﺳﺮﻳﻌﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ و اﻟﺘﺠﺪد ﺑﺤﻴﺚ
ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﻢ ﺑﺠﻤﻮد اﻟﻨﺼﻮص و ﺛﺒﺎﺗﻪ وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺄن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ
اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ و إﻧﻤﺎ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺺ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻘﺎﻋﺲ اﺣﻴﺎﻧﺎ ﻋﻦ ﺻﺪور
اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻟﻤﻮاﺟﻪ اﻟﻤﺴﺘﺠﺪات ،ﺑﺤﻴﺚ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ هذه اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺑﻮﺟﻮد ﺳﻠﻄﺔ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻳﻘﻈﺔ
و ﺗﺰوﻳﺪﻩ ﺑﺠﻤﻴﻊ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻼﺣﻘﺔ اﻟﺼﻮر اﻹﺟﺮاﻣﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺤﺪﺛﺔ.
أﻣﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﺎ رﺟﻌﻴﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﻔﺮض اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻛﻜﻴﺎن ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻣﺘﺠﺮاً ﻣﻦ ﺷﺨﺺ اﻟﻤﺠﺮم ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺤﺪد
اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺣﺴﺐ اﻷﺿﺮار اﻟﻤﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ وﻓﻖ اﻟﺨﻄﻮرة اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﺷﺨﺺ
اﻟﻤﺠﺮم ﻣﺜﻼً ﻓﻲ ﺟﺮﻳﻤﺔ اﻟﺴﺮﻗﺔ ﻳﻔﺮض اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﺪر دون أن ﻳﺮاﻋﻲ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺮم
ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮﻗﺔ ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﻔﻘﺮ ﻫﻮ أﻗﻞ ﺧﻄﻮرة ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺪاﻓﻊ
اﻟﻤﺎل واﻟﺠﺸﻊ .ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺎدو ﺑﻀﺮورة ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺠﺮاﺋﻢ ﻓﻠﻴﺲ اﻟﻤﻬﻢ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ
ﻛﻮاﻗﻌﺔ ﻣﺎدﻳﺔ وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﻤﺘﻬﻢ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﺤﻮر اﻟﺪﻋﻮى اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ وﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ أن اﻟﻤﺸﺮع
رﺟﻊ ﻋﻦ ﻧﻈﺎم اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﻤﺤﺪدة إﻟﻰ ﻧﻈﺎم ﺗﻔﺮﻳﺪ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺣﻴﺚ أﻋﻄﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮﻳﺔ واﺳﻌﺔ
ﻧﻮﻋﺎً ﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﺑﺤﻴﺚ ﺣﺪد ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﺮاﺋﻢ ﺣﺪﻳﻦ ﻟﻠﻌﻘﻮﺑﺔ ﺣﺪ أدﻧﻰ – ﺣﺪ أﻋﻠﻰ
وﺗﺮك ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠﻄﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﺿﻤﻦ ﻫﺎذﻳﻦ اﻟﺤﺪﻳﻦ ﺣﺴﺐ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻬﻢ واﻟﻈﺮوف
اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﺣﺪد ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺠﺮاﺋﻢ ﻋﺪة ﻋﻘﻮﺑﺎت وﺗﺮك اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ
اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺸﺨﺺ ﻛﻞ ﻣﺠﺮم.
وﻟﻜﻦ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻷن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺤﺪد ﺣﺪود اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ وﻳﺠﺐ
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺮاﻋﺎة ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺪود وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻌﺎرض ﺑﻴﻦ ﺗﻔﺮﻳﺪ اﻟﻌﻘﺎب وﻣﺒﺪأ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ .ﻛﻤﺎ
ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺄن اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺠﺮم و ﻋﻼﺟﻬﺎ إﻻ أن
ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻗﺪ ﺗﺴﺎء اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ وﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﺴﻦ أن ﻳﻨﻮع اﻟﻤﺸﺮع اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت و اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ ﻟﻜﻞ ﺟﺮﻋﺔ و
أن ﻳﻤﻨﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﺨﺘﺎر ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻼءم ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺠﺮم.
اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
وذهب اﻵﺧﺮون إﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺪأ ﻻ ﻳﻮﻓﺮ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸﻓﺮاد ﺿﺪ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺠﺪﻳﺮة ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﻳﻢ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻗﺎﺻﺮة ﻋﻦ اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺠﻤﻴﻊ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺨﻠﺔ ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻧﺰع أﻳﺔ
ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ اﻟﻌﺎﺑﺜﻴﻦ ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻟﻨﻈﺎم ﺑﺤﺠﺔ ﻋﺪم وﺟﻮد ﻧﺺ ﻳﺠﺮم ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﺳﻮاء
ﺗﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻟﻔﺮدي أو ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ.
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻟﻔﺮدي ﻓﻜﺜﻴﺮاً ﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد أﻓﻌﺎل ﻣﺨﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم وﻣﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﻸﺧﻼق ﻻ ﺗﺠﺮﻣﻬﺎ
اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻓﻤﻦ ﻳﺘﻨﺎول ﻃﻌﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺧﺎص ﻛﺎﻟﻤﻄﺎﻋﻢ واﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﺛﻢ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ دﻓﻊ ﺛﻤﻦ
اﻟﻄﻌﺎم ﻓﻔﻌﻠﻬﺎ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻘﻞ ﺧﻄﻮرة ﻋﻦ اﻟﺴﺮﻗﺔ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻻ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺮﻳﻤﻬﺎ.
أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ :ﻓﺎﻟﻤﺸﺮع ﻟﻴﺲ ﻓﻲ وﺳﻌﻪ ﺣﺼﺮ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻀﺎرة واﻟﻤﺨﻠﺔ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﺪوﻟﺔ.
اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﻘﺎدات :إن اﻟﻤﺸﺮع ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻧﺼﻮص اﻟﺘﺠﺮﻳﻢ واﻟﻌﻘﺎب ﻋﺒﺎرات ﺑﺤﻴﺚ
ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺘﻮازن ﺑﻴﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺣﻘﻮق اﻷﻓﺮاد ﻓﻼ ﺗﻜﻮن هذﻩ اﻟﻌﺒﺎرات ﺿﻴﻘﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻄﺒﻘﻬﺎ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﺮﻓﻴﺎً وﻻ واﺳﻌﺎً ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻐﻞ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻘﻄﺔ وﻳﺠﺮم أﻓﻌﺎل ﻟﻢ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ
إﻫﺪار ﺣﻘﻮق اﻷﻓﺮاد ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻳﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ
اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻓﺈذا ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻠﻤﺸﺮع أن ﻓﻌﻼً ﻣﺎ ﻣﻨﺎﻓﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ أو اﻻﻗﺘﺼﺎدي أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎدر إﻟﻰ
ﺗﺠﺮﻳﻤﻪ ﺑﻨﺺ.