Professional Documents
Culture Documents
التطرف
التطرف
.من يهده هللا فال مضل له ,ومن يضلل فال هادي له .وأشهد أال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه ,
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما ص ليت على إب راهيم
أيها االخوة .....مضى ذلك اليوم – يوم عاشوراء – الفاضل المبارك الذي كان يوما من أي ام هللا
تعالى ,نجى هللا فيه موسى وقومه وأهل ك فرع ون وقوم ه {{ إن في ذل ك آلي ات للمتوس مين }} .
ونسأل هللا تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن صامه و ُتقُبل منه صيامه ,إنه على كل شيء قدير .
في هذه الليلة ..ليلة الحادي عشر من شهر هللا المحرم من سنة 1413للهجرة ينعقد هذا المجلس
المبارك في هذا المسجد بحي اإلسكان بمدينة جدة .وعنوان ه ذه المحاض رة هو حقيقة التط رف.
وقد عولج هذا الموضوع كثيرا بأسماء شتى سواء في محاض رات أو دروس أو في كتب قديمة أو
جديدة ،ولعلي أذكر من الكتب القديمة التي عالجت جانبا من هذا الموض وع كت اب اإلم ام الش يخ
ابن تيميه -رحمه هللا : -اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ،فقد عالج فصوال
من ذلك في غلو اليهود والنصارى وغلو هذه األمة .أما من المعاصرين فإنني أشيد بكتاب ض خم
صدر أخيرا بعنوان :الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة لألستاذ عبد الرحمن اللويحق ،
األولى :لماذا نناقش هذا الموضوع وما مناسبة طرحه في هذه الظروف بالذات ؟ فأقول ...
أوال :ألن الغلو أو ما يسمونه بالتطرف أحيانا هو واقع ال شك فيه ,وال يمكن تجاهله ,و
ليس يج وز أن يك ون انزعاجنا هو من الح ديث عن األخط اء أو المش اكل ،بل يجب أن يك ون
انزعاجنا من وجود األخطاء أو من وجود المش اكل في المجتمع المس لم ,وله ذا لست أرى حرجا
قط في نقد مظاهر االنحراف في المجتمع اإلسالمي بل وفي نقلها عالنية وأمام المسلمين خاصتهم
وعامتهم .وفي الحديث الذي رواه مسلم يق ول الن بي ص لى هللا عليه وس لم ( :ال دين النص يحة )
والنصيحة تـقـتضي بأن نتصارح بأخطائنا وعيوبنا سواء كانت أخطاء الخاصة أو أخطاء العامة ،
اللهم إال أن تكون تلك األخطاء أخطاء شخصية فحينئ ذ ينبغي أن تك ون النص يحة فيه ا بينك وبين
ثانيا :هذا الموضوع تناوله الكثير ,تحدث عنه الغرب الكافر وأطلق مصطلح األصولية ,تح دث
عنه العلمانيون عبر أجهزة اإلعالم من صحافة وغيرها وأطلقوا مصطلح التطرف ,وتح دث عنه
غير المتخصصين س واء ك انوا في المراكز العلمية أو في أجه زة اإلعالم أو في غيرها ،ف وجب
على حملة العلم الشرعي أن يتن اولوا ه ذا الموض وع أيضا ،ولعلي أذكر لكم نموذج ا واح دا فقط
لمن يتحدثون في مثل هذه األمور .قبل يومين قرأت في جريدة الحي اة مقابلة مع إح دى المغني ات
اللبنانيات الشهيرات ,وهي في فرنسا تتجول في مس ارحها ونواديها للتحكيم في بعض المس ابقات
الفنية ,فس ألوها أخ يرا عن أن هن اك بعض الفنان ات والممثالت يع تزلن الغن اء والتمثيل والفن
باعتق اد أنه مح رم ..فق الت هي " :أب دا الفن مش ح رام وعم ره ما ك ان ح رام " ,فه ذه فت وى
نشرت بالخط العريض تدل على أنه تكلم في مثل هذه األم ور كل أح د ,وحق على أهل اإلس الم
ثالثا :أن هذا الموضوع يتجدد عرضه مع كل ح دث ،فمثال عند مقتل ال رئيس المص ري الس ابق
طرحت
طرحت قضية ما يسمى بالتطرف على أوسع نطاق ثم سكنت قليال .في أحداث أفغانستان ُ
ُ
ويتسامع الناس عن هذا وربما يكون الكثير من عامة الناس يأخذون معلوماتهم عن هذا الموضوع
التطرف كلمة وردت في العنوان ,وهذا في الواقع مصطلح ص حفي وإن ك ان ص حيحا من حيث
اللغة -يعني أخذ الشيء من الطرف -لكنه ليس من األلفاظ الشرعية .فهو لم يرد في الق رآن وال
في السنة النبوية وإنما هو مصطلح صحفي أك ثر من يس تخدمه العلم انيون غالبا دون أن يل تزموا
بالموضوعية في هذا المصطلح ؛ فهم لم يحددوا أوال ما هو التط رف وما مع نى التط رف ؟ بل ال
يريدون أن يحددوا له معنى ,يريدون أن يبقى لفظ التطرف لفظا غامضا سياال فضفاضا يحاولون
إضفاءه وإلصاقه في خصومهم ,سواء ك انت خص ومة سياس ية ,أو فكرية ,أو ش رعية دينية ,
أو حتى خصومة شخصية أحيانا .وهم أيضا ال يري دون أن يك ون له ذا المص طلح مع نى خ اص
حتى يسهل عليهم تقليبه كيف شاءوا ,فهم اليوم يصفون به هذه الجهة وغدا يصفون به تلك الجه ة
,والي وم يص فون ه ؤالء ب التطرف وغ دا يبعدونه عنهم ويص فونهم باالعت دال .لم اذا ؟ لأن لفظ
ففي نظر ه ؤالء مثال يمكن أن يوظف مص طلح التط رف أحيانا في مواجهة بعض المواقف
السياسية ,فالذين ينتقدون الصلح مع إسرائيل هم متطرفون ول ذلك وج دنا مجلة ك الوطن الع ربي
تنبز منظمة حماس اإلسالمية الفلسطينية !! تنبزها بأنه ا منظمة متطرفة ،لم اذا ؟ ألن موقفها من
قضية السالم موقف واضح وصريح أنها ترفضه وتعتبر أن المشاركة في مؤتمرات الس الم خيانة
لقضية األمة اإلسالمية .وباألمس القريب ك انت منظمة حم اس عند ه ؤالء وغ يرهم رم زا من
رم وز المقاومة الوطنية الناض جة ال تي ك انت تق اوم االحتالل الص هيوني الغاشم ،هك ذا ك انت
عباراتهم .فبين عش ية وض حاها تح ولت من منظمة وطنية ومنظمة مقاومة و . .و . . .تح ولت
إلى منظمة متطرفة .وهكذا يبرز ج انب التح الف الجديد بين العلم انيين ال ذين ك انوا ب األمس في
موقف المعارضة في الغالب فتحولوا اليوم أمام خطر ما يس مونه هم وغ يرهم ب التطرف ال ديني ,
تحولوا إلى موقف التحالف مع القوى األخرى مع السلطات ومع الغرب ومع غيرهم وسأزيد ه ذه
أحيانا يوظف في مواجهة بعض المواقف الس لوكية .ففي نظر العلم انيين مثلا -من الص حفيين
وغيرهم -الذي يلتزم بالسنة في ص الته ،في لباسه في تجنبه للمحرم ات ,في حج اب زوجته ,
في هيئته ,في سواكه ,في تجنبه للربا ,في تجنبه للفحش ,في تجنبه للغن اء ،ه ذا يعت بر عن دهم
محس وبا على المتط رفين .وكث يرا ما ترسم الكاريك اتيرات في الص حف الس اخرة من أص حاب
اللحى الطويلة وأصحاب الثياب القصيرة ،فكأن هذا عن دهم هو رمز التط رف .فمثال في جري دة
صوت الكويت -لا حياها هللا -رسمت في أحد أعدادها القريبة رجال له لحية كب يرة وكأنها كيس
كب ير يحمله ,وه ذه اللحية مرس ومة على ش كل مسدس ات – إش ارة إلى أنه إنس ان إره ابي -
وفي ي ده جري دة تعلن اغتي ال رئيس المجلس األعلى في الجزائر بوض ياف وه ذا الرجل يق ول :
اللهم احمنا من اإلره اب .وفي ع دد آخر من الجري دة نفس ها ص ورت إنس انا ك ثيف الح اجبين ,
ش اربه محل وق ,لحيته ض خمة طويلة تصل إلى نصف الس اق تقريبا ,وثوبه قص ير وفي ي ده
مس بحة ،ه ذه المس بحة هي عب ارة عن عق ود من القنابل ..فيرتسم في ذهن الس ذج والبس طاء
والمغفلين ترتسم هذه الصورة باإلرهاب ،بالتطرف ,بالعنف ,برفض الحوار ,دون أن يتح دثوا
ودون أن يستخدموا أسلوب النقاش الهادئ العلمي الموضوعي الذي يتحدثون عنه ،لكن من خالل
صورة بذيئة غير مؤدبة .وبطبيعة الحال فإن الموصومين بما يس مونه ب التطرف ال شك أن منهم
من يل تزم بالمظ اهر اإلس المية فيعفي لحيته مثالً أو يقصر ثوبه ,لكننا نع رف الخلفية ال تي
يستبطنها أولئك الصحفيون وهم يتحدثون أو يرسمون .ال نعرفها من باب الرجم ب الغيب ف الغيب
هلل ولكن نعرفها من مواقف أخ رى واتجاه ات ومن اهج يح اولون أن يج روا كل دع اة
الإسالم لتصنيفهم تحت عنوان التطرف ومن ثم يحذرون المجتمعات من خطورتهم .
فمثالً جريدة الشرق األوسط -ومع األسف أنها محسوبة على هذه البالد -تعتبر الجبهة اإلسالمية
في الجزائر أص وليين متط رفين ,وأهل الس ودان أص وليين متط رفين ,وأهل اليمن أص وليين
متطرفين ,وأهل األردن أصوليين متطرفين ,بل وكثيرا من أهل ه ذا البلد أص وليين متط رفين ,
وحزب النهضة في تونس أصوليين متط رفين في نظر جري دة الش رق األوس ط .وله ذا ق ال أحد
الكاتبين في جري دة المدينة ق ال ( :إن الش رق األوسط ص ورت ما يس مى بالجماع ات اإلس المية
كلها وكأننا نعيش في غابة من الوح وش ال هم لها إال القتل والتفج ير والح رق والت دمير وغ ير
ذلك ) .وأقول هذا الوصف الذي أطلقته " خضراء الدمن " على الجماعات اإلسالمية وعلى دعاة
اإلسالم لم تظفر به كل المجتمعات البشرية !! حتى اليهود لم تصف مجتمعاتهم بذلك ,بل وصفت
مجتمع ات اليه ود ب أن فيها ص قوراً وحم ائم ,وأن فيها معت دلين ,وأن فيها من ادين للس الم ؛ ولم
تصف الص رب ال ذين دم روا المس لمين في البوس نة والهرسك به ذا الوصف قط ؛ ولم تصف
الصليبيين في أي بلد في العالم بذلك ,وال الشيعة ,وال البعث ,وال غيرهم .وقد حشرت في ه ذا
تناقض ات تمتد ما بين الن واب األردن يين ال ذين دخل وا البرلم ان الحك ومي ,والجبهة القومية في
السودان التي يقول " مورفي " -وهو مراسل إلح دى الص حف األمريكي ة في الش رق األوس ط -
يقول عن أحد زعماء الجبهة في الس ودان ( :إنه منظ ر إس المي فذ ,لكنه أص ولي يع رف جي داً
كيف يستغل الظ روف ويس تخدمها لص الحه ,وهو ق ادر على الت أقلم مع الواقع -الحظ األلف اظ -
ويرضى بمهادنة األنظمة بدون أن يتخلى عن مطالبه ) ثم يقول ( :إن الترابي – وه و المقص ود
بحديثه السابق -بدأ يعلم تالميذه شكلا آخر لألصولية اإلسالمية يمكنهم من التعايش مع اآلخ رين ,
والت أقلم مع المتغ يرات والتط ورات ,ويجنبهم العزلة ,في ال وقت ال ذي يل تزمون ب الخطوط
أولا :ال أحد يس تطيع أن يم دح ال ترابي وال غ يره بأفضل من مثل ه ذا الكالم – أنه يحافظ على
أصوله ومبادئه ومع ذلك عنده ق درة على :الت أقلم مع الظ روف ,والمتغ يرات ,ومع اآلخ رين ,
وأسلوب للحوار النقاش الهادئ .ثاني ا ً :ه ذه ش هادة من رجل نص راني غ ربي يحمل في الغ الب
عداوات النصارى للمس لمين ومع ذلك وصف الرجل بأنه يت أقلم مع الظ روف وانه يحسن معايشة
األوض اع ،فكيف ت أتي ص حف كالش رق األوسط أو غيرها لتص فهم ب التطرف واألص ولية
والوصولية ؟
كما حشرت الشرق األوسط التجمع اليمني بقيادة الشيخ " عبد المجيد الزنداني " ضمن المتطرفين
,واعت برت أن التجمع ات والمخيم ات التربوية العلمية ال تي تق ام في اليمن أنها مراكز لتخ ريج
المتط رفين وت دريب اإلره ابيين دون أن تق دم على ذلك دليالً واح داً ،ونس يت ه ذه الجري دة أنها
تتكلم عن واقع ال يفص لنا عنه س وى كيلومي ترات قليلة ,وأن التحقق من ه ذه األح وال واألخب ار
أمر ميسور ،لكن في حمى العداوة الشخصية و السياس ية نس يت كل ش يء وأص بحت تتكلم بمثل
كما ش مل ه ذا اللفظ ح زب النهضة التونسي ,وهو من أك ثر االتجاه ات اإلس المية تس امحا ً بل
رخاوة في أفكاره وفي مص طلحاته وفي عالقاته .أما الجماع ات اإلس المية في مصر فح دث وال
حرج .بل حتى المجاهدون األفغان صنفوا اآلن ضمن المتطرفين وخرجت علينا مطبوع ات ع دة
تحذر منهم ومن الشباب العربي المسلم العائد من هن اك ...أص وات تح ذر من ه ؤالء لم نس معها
يوما ً من األيام تحذر من الشباب العائد من " بانكوك " والذي يحمل جرثومة اإليدز !! في صحف
محلية في هذه البالد ,ومع األسف أن يتورط في هذا األمر مطبوعات وص حف محلية ك ان يجب
عليها عل األقل أن تجامل العلم وأهل العلم في هذه البالد ال تي هي محط أنظ ار المس لمين في كل
مكان .
على أي حال مقصودي من هذا االسترسال أن أقول أن هذه الصحف وهذه الوجوه ال تتح دث عن
فئة بعينها ,ال ,ولكنها تت ذرع بالح ديث عن التط رف إلى ش فاء غليلها والتـنفـيـس عن أحقادها
وع داواتها من حملة رس الة اإلس الم ح تى ولو ك انوا معـتدلين ,بل ح تى لو ك انوا مف رطين
متساهـلين !!
وقد يوظف لفظ التطرف أحيانا ضد مواقف عقائدية مبدئية ،فمثالً الذي يطلق على النصارى لفظ
" كفار " يعتبر عند بعضهم متطرفا ً ،والذي يتحدث عن الحكم اإلسالمي والدولة اإلسالمية يعتبر
متطرفا ،لماذا ؟ ألن هؤالء يقول ون أن اإلس الم لم يطبق أب داً ح تى في عهد الخلف اء الراش دين -
وهذا كالم فرج فودة في كتابه " الحقيقة الغائبة " الذي دفع حياته ثمنا ً لهذا الكتاب -يقول ما معناه
( :إن اإلسالم حلم وخيال ولم يطبق على محك الواقع يوما ً من الدهر ) !! ول ذلك فال ذين ين ادون
ب الحكم اإلس المي وتط بيق الش ريعة اإلس المية هم من المتط رفين ,وال ذي ي دعو إلى مخالفة
المشركين في هديهم وس لوكهم وأعم الهم وأعي ادهم هو من المتط رفين ,وال ذي ين ادي بتص حيح
عقائد المسلمين وأحوالهم وأخالقهم على ضوء الكتاب والسنة هو من المتطرفين ,وهو من ال ذين
يفكر ,فبصر به أحد أقاربه -ممن يسمونهم بالمتطرفين – فجاء إلى أم ير الجماعة -كما يقول ون
-يقول له " :إني رأيت فالنا ً قد وضع خده على يده بمع نى أنه قد ب دأ يفكر ,ومن فكر كفر فأنا
أقترح تصفيته جسديا ً " -يعني قتله -وهم بذلك يريدون أن يوصلوا إلى القارئ والمش اهد رس الة
أن هؤالء ال يفكرون ويحجرون على العقول وأنهم يتع املون دائم ا ً وأب داً مع خص ومهم بأس لوب
أما الغرب فإنه يستخدم بدال من لفظ التطرف لفظ الأصولية ,وهو في األصل مص طلح نص راني
يطلق على أحد المجموعات النصرانية التي تلتزم بحرفية الكتاب المقدس عندهم التزاما ً صارما ً ،
وقد نشأت في ظروف وأوضاع خاصة .وقد حاول هؤالء أن يبحثوا عن أوجه شبه بين هذه الفئة
من النصارى وبين دعاة اإلس الم أو بعض هم ومن ثم نقل وا المص طلح إلى الش رق .هو مص طلح
غربي له ظروفه ومالبساته الخاصة ,وإن كانت الص حف العلمانية ال تت ورع عن ش يء في نفث
أحقادها ،فإنها تس تخدم كل مص طلح وتع ده وس يلة أو س الح ضد دع اة اإلس الم .وقد أص در "
سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبدهللا بن باز " بيانا ً منذ زمن نشر في الصحف يحذر فيه من
هذا المصطلح ,ويبين ما يقصد به ويدعو إلى تجنبه وإلى العدل في األقوال واألعمال .
إذن قد يطلق لفظ التطرف وقد يطلق لفظ األصولية وكلها كلمات باطل أريد بها باطل في الغالب .
اللفظ الشرعي في مقابل هذا وذاك هو لفظ الغلو ,وقد جاء هذا اللفظ في كت اب هللا عز وجل في
مواضع كثيرة .ق ال هللا ع ز وج ل {{ :يا أهل الكت اب ال تغل وا في دينكم وال تقول وا على هللا إال
وم
الحق }} ,وقال سبحانه {{ :قل يا أهل الكتاب ال تغلوا في دينكم غير الحق وال تتبعوا أه واء ق ٍ
قد ضلوا من قبل وأضلّوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل }} .كما جاء هذا في حديث النبي ص لى
هللا عليه وسلم كثيراً ,ومنها حديث ابن عباس رضي هللا عنه لما جمع النبي صلى هللا عليه وس لم
جمرات أمره أن يلقط له حصى ص غارا ,وق ال ( :بمثل ه ؤالء ف ارموا وإي اكم والغلو في ال دين
فإنما أهلك من ك ان قبلكم الغلو في ال دين ) .ول ذلك فاألفضل عند االس تخدام ,اس تخدام
المصطلحات الشرعية وتجنب المصطلحات الغربية أو المصطلحات العلمانية المحدثة التي أصبح
لها جرس ورنين في آذان مستمعيها ,وأصبح لها انطباع في عقولهم يصعب التخلص منه ,ومع
ذلك فإنه ليس لها معنى خاص يمكن فهمه ومعرفته .وهذا ال يع ني أيض ا ً أن اس تخدام المص طلح
الشرعي ينهي المشكلة ,فنحن نجد أن هناك من ي رمي ب الغلو أقوام ا ً ما ج اوزوا الحد وال تع دوا
الحق لمج رد مخالفته لهم في المنهج أو في الطريقة ,أو جهالً منه بما هم عليه ,أو حس داً من
ومن أمثلة ذلك مثال :ما نعلمه جميع ا ً عن خص وم ال دعوة اإلس المية الس لفية في ه ذه البالد أنهم
يطلق ون عليها لفظ لفظ األص ولية ولفظ التط رف وغ ير ذلك من األلف اظ ,وهم ما ف تئوا ينبزونها
ومع نى الغلو هو مج اوزة الحد ،والحد هو النص الش رعي :كالم هللا عز وجل أو كالم رس وله
صلى هللا عليه وسلم .والواجب على المسلم أن يكون وقافا ً عند حدود هللا تعالى {{ :فإن تن ازعتم
في شي ٍء ف ر ّدوه إلى هللا والرس ول }} ,وإذا بحث المس لم مس ألة وجب عليه أن يجمع النص وص
القرآنية والنبوية فيها وي ألف بينها على وجه ال يض رب بعض ها ببعض ,وال يأخذ نص ا ً ويهمل
غيره .أما الغالة فيضربون بعض النصوص ببعض أو يقتطعون نصا ً يالئم غلوهم ويسكتون عما
عداه .
والغلو نوعان :غلو اعتقادي كغلو النصارى في عيسى ابن م ريم عليه الس الم ,أو غلو الرافضة
في علي واألئمة الإثني عشر ,أو غلو الخوارج أيضا في تكفير أهل اإلس الم بالمعاصي وال ذنوب
كبيرها وصغيرها .ومن الغلو أيضا في االعتق اد ما أش ار إليه الش اطبي وهو ( :الغلو في بعض
الف روع بتنزيلها منزلة األص ول ،إذ إن المعارضة الحاص لة ب ذلك للش رع مماثلة للمعارضة
الحاصلة للشرع بأمر كلي ) .أما القسم الث اني فهو :الغلو العملي ,وهو المتعلق ب األمور العملية
التفص يلية من ق ول اللس ان أو عمل الج وارح مما ال يك ون فرع ا ً عن عقي دة فاس دة .ومن أصح
األمثلة على ذلك ,رمي الجمار بالحصى الكبيرة مثالً ,فإن النبي صلى هللا عليه وسلم ع ده غل واً
كما في ح ديث ابن عب اس الس ابق ،هو غلو عملي ال ي ترتب عليه اعتق اد ،ومثله المبالغة في
العبادة كما يحدث عند بعض الفرق الصوفية ال تي تب الغ في العب ادة وتزيد فيها عما ش رع هللا عز
وجل ،كوص ال الص وم أب داً وقي ام الليل كله وما أش به ذلك .وال شك أن الغلو االعتق ادي هو
األخطر ألنه هو النقطة التي تشعبت عن دها الف رق المختلفة في اإلس الم وب زغت عن دها األه واء
وثالثمائة سنة ،فلنبحث ما هي أسباب هذا الغلو أو التطرف كما يسمونه :
أوالً :الجهل ..بعدم معرفة حكم هللا تعالى ورسوله صلى هللا عليه وسلم ,ومن ثم ين دفع اإلنس ان
وراء عاطفته قد يكون هذا اإلنسان غيوراً ،قد يكون معظم ا ً للحرم ات ,قد يك ون ش ديد الخ وف
من هللا عز وجل ،فإذا رأى إنسانا يعصي ولو ك انت معص ية ص غيرة ...لم يطق أو يتص ور أن
يكون هذا الشخص مس لما ً أو مغف وراً له أو من أهل الجنة لش دة غيرته ،ف أدى ذلك إلى ل ون من
الغلو .أو يك ون عن ده محبة لرجل ص الح وأصل ه ذه المحبة مش روع ولكن ه ذه المحبة بس بب
الجهل زادت وطغت حتى وصلت إلى درجة الغلو في هذا اإلنسان ورفعه فوق منزلته .
الب للمناقشة له علي ابن ط اس رضي هللا عنه لما أرس رجع منهم على يد عبد هللا ابن عب
المناظرة ,رجع منهم في مجلس واحد أكثر من أربعة آالف إنسان .وهكذا في عهد عمر ابن عبد
العزيز – الخليفة الراشد -رضي هللا عنه نوقشوا فرجع منهم ما يزيد على ألفي إنس ان في مجلس
واحد .ولهذا الجهل -في الواقع -من أسهل األسباب لأنه سرعان ما يزول بالعلم والتعليم .
قد يك ون الجهل جهالً بال دليل لع دم االطالع عليه أو ع دم معرفته .وقد يك ون جهالً بط رق
االس تنباط ,جهالً باللغة العربية مثالً ,جهالً بط رق اس تنباط الحكم من ه ذا ال دليل آية ك انت أو
من طلب الرياسة أو الشهرة أو نحوهما .وقد يكون الهوى ألن البدعة واالنح راف والباطل س بق
إلى قلب اإلنسان وإلى عقله واستقر فيه وتعمقت جذوره ورسخت وكما قيل :
فيعز على اإلنس ان حينئذ أن يتخلى عنه ويقر على نفسه بأنه ك ان متحمس ا ً للباطل مناوئ ا ً للحق ,
فيتشبث بخطئه ويلتمس له األدلة من هنا وهن اك .وقد يك ون اله وى ألن ه ذا اإلنس ان الغ الي ذو
نفس ية مريضة معتلة منحرفة ،فهي تميل إلى الح دة والعنف والعسف في مواقفها وآرائها وتنظر
دائما ً للجانب السلبي ،الجانب المظلم في اآلخرين ،وقد يشعر صاحبها بالعلو والفوقية وغير ذلك
دون أن ي درك ذلك من نفسه أو يقر أو يع ترف به .وقد يحس بأنه أتيح له في وقت يس ير وفي
يره في أزمنة طويلة ،ومن هنا تتبخر الثقة وقت مبكر من العلم والفهم واإلدراك ما لم يتح لغ
بالعلماء المعروفين والدعاة المشهورين ويستقل اإلنسان بنفسه وبرأيه ,فينتج عن ذلك الش ذوذ في
الس بب الث الث :أح وال المجتمع .فمن الخطأ الكب ير أن نعتقد أن المتط رف ش جرة نبتت في
الص حراء ,ال ,هو ف رع عن ش جرة وهو ج زء من مجتمع ع اش فيه ,وله ذا المجتمع في نفسه
وتفك يره وعقله أعظم األثر .فمثالً :التط رف في االنح راف ي ؤدي إلى تط رف مقابل س واء
االنحراف الفكري أو االنحراف العملي .ولذلك فالذين يج رون المجتمع ات اإلس المية إلى الفس اد
الخُلِقي هم في الحقيقة من المتسببين في حصول الغلو ,وإن أعلنوا الح رب عليه وعلى
واالنحالل ُ
ما يس مونه ب التطرف إال أنهم من أول المتس ببين فيه .فمظ اهر الرذيلة في المدرسة والجامعة
والش ارع والش اطئ والمتجر والحديقة والشاشة واإلذاعة وغ ير ذلك ,إذا أقرها المجتمع وس كت
عنها فإنه يجب عليه أن يستعد للتعامل مع أنم اط كث يرة من الغلو .ه ذا إذا ك ان دور المجتمع هو
فقط السكوت عنها ,فما بالك إذا ك ان دور المجتمع بكليته هو تش جيع مظ اهر االنح راف ودعمها
وحمايتها وحراس تها وتبنيها ,س يكون األمر وال شك أخطر .وقل مثل ذلك في األوض اع الثقافية
واإلعالمي ة ؛ فمحاص رة فك رة من األفك ار مثالً وإغالق منافذ التعب ير والكالم أمامها ,س واء
أحيانا أو على األقل فكرة المواجهة والسعي إلثبات الذات .ومن الغريب جداً أن اإلعالم الع ربي
خاصة ,يتهم بمن يسميهم بالمتطرفين ب أنهم ال يتس امحون مع غ يرهم ,أو أنهم يس عون إلس كات
األصوات األخرى التي تخالفهم ,مع أننا نعلم أن هؤالء الناس ال يملكون شيئا ً أصالً ،ال يملك ون
أجهزة اإلعالم وال يملكون الصحافة وال يملكون المن ابر ,بل الكث ير منهم ال يملك حق االجتم اع
بعشرة أو أقل من هذا العدد ،فكيف يقال عنهم أنهم يغلقون منافذ التعبير عن غ يرهم ؟ والواقع أن
وأصبح يبخل على اآلخرين ببضعة أسطر أو ببضع دقائق فضالً عن أن يساويهم بغيرهم في كافة
األجهزة اإلعالمية ؛ فقد صودرت اآلراء النزيهة المعتدلة فض الً عن اآلراء الغالية أو المتطرفة ,
أحد الدعاة المعروفين اعتذرت صحف دولة بأكملها عن نشر بعض مقاالت له مهما كان مضمون
هذه المقاالت بسيطا ً وعاديا ً وبعيداً عن اإلثارة ،المهم ما دامت المق االت ممه ورة باسم فالن ف إن
نشرها متع ذر !! وه ذا إن ك ان سياسة عامة فهو مش كلة كب يرة ,وإن ك ان اتفاق ا ً أو أم راً حصل
باالتفاق والص دفة فهو مش كلة أك بر إذ إنه ي دل على أن المتنف ذين في الص حافة وأجه زة اإلعالم
وقل مثل ذلك أيضا بالنسبة لألوضاع السياسية ,فإن الكبت والتسلط والقهر ال يمكن أن يؤدي إلى
قتل إنس انية الش عوب والقض اء على كرامتها ,ال ,ولكنه ي ؤدي مع ال زمن إلى أن تفقد الثقة
بقياداتها ثم تعمل في االتجاه المضاد وتعتبر هذه القيادات ضد مص الح األمة وأنها عقبة في س بيل
اإلنجاز البد من تجاوزها .ومن تناقضات اإلعالم هنا أيضا ً أن يستنكر اإلعالم عمليات االغتي ال
التي تمارسها بعض الجماعات اإلسالمية أو تنسب إليها أحيانا ,ويعت بر أن ه ذه العملي ات ج رائم
نكراء على حين أنه ال يستنكر االغتياالت العلنية التي تمارسها كث ير من األنظمة ضد أف راد ,بل
ضد جماع ات ,بل ضد ش عوب بأكملها " .ت ونس " مثالً كنم وذج ،يوجد في س جونها ما يزيد
على ثالثين أل ف ,يع انون ألوان ا ً من مص ادرة اإلنس انية جعلت منظمة حق وق اإلنس ان -وهي
منظمة دولية غربية ليست إس المية بل نص رانية -جعلت ه ذه المنظمة تص در تقري راً مزعج ا ً
مخيفا ً عن حقوق اإلنس ان المس لم في س جون ت ونس – الرج ال والنس اء -ليس ه ذا فحسب ,ب ل
أص بح اإلنس ان الع ادي في الش ارع مص ادر الكرامة .من اهج التعليم يبعد عنها كل ما يتعلق
باإلسالم .اإلعالم يحارب اإلسالم صباح مساء ,حتى أنه ألول مرة تخ رج مس رحيات محلية في
هذا البلد المنكوب فيها لقطات عارية متكررة تتاجر بالجنس وإثارة الغرائز .والبلد -بلد الزيت ون
وبلد الجهاد والمجاهدين -أصبح يقدم نفسه للعالم الغ ربي والع الم اإلس المي به ذه الص ورة .ولم
نجد من تلك الصحف استهجانا لهذا العمل الذي هو اغتي ال لش عب بأكمله أو اغتي ال لمجموع ات
بالمسجد ,وينفذ بطريقة سرية .وهذا ال شك يس تهدف بعض الرم وز المنحرفة فكري ا ً كما حصل
لف رج ف ودة مثالً ،أو بعض الشخص يات السياس ية أو غيرها كما تعرف ون في مصر والجزائر
وسواها .وهذا سواء كان الذين اتخ ذوه من أف راد الجماع ات اإلس المية أو غ يرهم ,إال انه يمثل
جانب ا ً ك ان على تلك الص حف وهي تعرضه أن تع رض الن وع الث اني من أحك ام اإلع دام .وهو
أحكام اإلعدام التي تتخذ قراراتها في محاكم ص ورية ( مدنية أو عس كرية ) وتنفذ بطريقة علنية .
ستنكر األول وال ُيس تنكر الث اني ،وكلهم بشر !! ُق ِت ل ض ابط أمن في مصر فكتبت
والعجيب أن ُي َ
الص حف المص رية كث يرا عن ه ذا الض ابط ,وتكلمت عن زوجته ال تي ك انت تنتظ ره بف ارغ
الصبر ,وتكلمت عن أطفاله الذين يقلبون عيونهم ببراءة ويقولون ( :أين بابا ؟ متى يأتي بابا ؟ )
فت ذرف عي ون أمهم دمع ات ح ارة س اخنة .ت رحمت الص حف على ه ذا الض ابط و تكلمت عنه
وحركت المشاعر باتجاهه ،وأنا أقول حسنا ً هذا الذي قلتم وهذا ال ذي فعلتم ...ولكن أولئك ال ذين
قتلوا ,قتلهم هذا الضابط أو غيره أو سجنهم وأهدر إنسانيتهم وكرامتهم في السجون والمعتقالت ,
أليسوا بشراً ؟ أليس لهم زوج ات ينتظ رنهم وراء األب واب ؟ ألم ُتس كب دم وع كث يرة في انتظ ار
مجيئهم الذي لم يحدث ؟ أليس لهم أطفال في عيونهم براءة يتلفتون يمنة ويس رة ويقول ون ( :أين
بابا ؟ متى ي أتي بابا ؟ ) أليس ورائهم قل وب تحن إليهم وتش تاق للقي اهم وتح زن لفق دهم ؟ ما ب ال
هؤالء يكيلون بمكيالين ؟ هل هم يعتبرون هؤالء من غير المجتمع ،من غير األمة ؟ أليسوا بش راً
؟ على األقل يع ترفون لهم باإلنس انية والبش رية .إننا إذا أجزنا للص حافة أن تس تنكر االغتي االت
التي تتخذ قراراتها أحيانا ً في المساجد ,فإننا نوجب عليها أيضا ً أن تستنكر االغتي االت ال تي تتخذ
قراراتها مح اكم أو مج الس نيابية أو وزارية أو س واها .إذن فاألوض اع السياس ية من أس باب
الغلو .
وقل مثل ذلك أيضا في األوضاع االقتصادية كاالستئثار بالثروات والمؤسسات والشركات ووجود
طبقات محرومة من الن اس تعيش دون مس توى الفقر إلى مس توى اإلع دام ال تجد لقمة العيش وال
تملك شيئا ً قط ،مع أن مصدر الثراء ألولئك األثرياء ليس هو الكسب الحالل المشروع وليس ه و
العمل المنتج ,بل هي الطرق غير المشروعة :كالرشوة مثالً أو المحسوبية أو استغالل النف وذ أو
غ ير ذلك ،أما س وى ه ؤالء فال يمكن أن يحصل على الم ال إال عن طريق التس ول وإراقة م اء
الوجه وإه دار إنس انيته وكرامته .وال حاجة أن أض رب مثالً بعي داً ف أنتم اآلن جميع ا ً تس معون
أخبار الفضائح في الجزائر ,إذا تخاصم اللصان ظهر المسروق وأصبح كل ط رف يلقي بالالئمة
على اآلخر ويقول فالن سرق كذا وفالن سرق كذا ،وأصبحت األرق ام تق در بمئ ات الماليين من
الدوالرات في بلد فقير يعيش العشرة منه أحيانا ً في غرفة واحدة ,يس كنون فيها ال يج دون غيرها
وعشرات اآلالف من الشباب يتسكعون في الشوارع بال عمل .ح تى اإلعان ات ال تي ت ذهب إليهم
هناك من دول عديدة غربية وشرقية ال ي زال الشك يس اور الكث يرين كيف ص رفت تلك اإلعان ات
ه ذه األح وال كلها فض الً عن غي اب دور العلم اء وت ردي األمة في التبعية الفكرية والسياس ية
والعسكرية للغرب وتسخير أجهزة اإلعالم لتغيير هوية األمة ومسخ عقولها وتبديل دينها ,بما في
ذلك السخرية بالدين والسخرية بالمتدينين وتقديم النماذج المنحرفة من الفن انين وغ يرهم على أنهم
هم المثل العليا التي يجب على الجيل أن يقلدها ويترسم خطاها ؛ كل هذه األحوال واألوض اع هي
أوالً :ينبغي أن يكون واضحا ً لديكم اآلن أننا نفرق بين أمرين :الغلو الذي هو غلو فعالً في الدين
ومج اوزة للحد وانح راف عن س واء الس بيل كغلو مثال جماع ات التكف ير والهج رة الموج ودة في
مصر وعلى قلة في الجزائر وفي بعض البالد األخرى فهذا وال شك غلو وانحراف .األمر الثاني
:ما تسميه أجهزة اإلعالم غربيها وشرقيها ،تسميه غلواً أو تطرفا ً أو أص ولية أو غ ير ذلك وهو
في الواقع ليس ش يئا ً من ذلك وإنما هو دع وة إلى هللا وإلى دينه وإلى تحكيم ش ريعته وإلى العمل
بالكتاب والسنة .فنحن نفرق بين هذا وذاك ونقول إن الغلو موجود في كل زمان وفي كل األدي ان
,وقد أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم أن الخوارج ال ينقطعون بل كل ما انقرض منهم ق رن ظهر
أوالً :هل يمكن القضاء على الغلو أو ح تى قل القض اء على الجماع ات الإس المية وعلى ال دعوة
اإلس المية -الغالة فيها والمعت دلين وغ يرهم -هل يمكن القض اء عليهم بالس جن وبالرص اص
وبالمقاصل وبالمجازر ؟
كال ,فه ذا في النهاية اعتق اد وفكر ,وعلى قاع دة اإلعالم نفسه ف الفكر إنما يح ارب ب الفكر ,ال
ثانيا ً :أننا سبق أن قلنا إن الغلو هو نتاج الضغط واإلره اب والتعسف ،إذن فالض غط واإلره اب
المعتدلين .فالمعتدل يوما ً بعد ي وم يفقد مواقعه ألنه يجد من شراسة الخص ومة من ِق َب ل المتنف ذين
والقسوة وإغالق المنافذ في وجه الدعوة ما يك ون مس وغا ً وحجة في رص يد أولئك الغالة .فلم اذا
تصر كثير من الحكوم ات على مواجهة ما تس ميه ب التطرف ,بل على مواجهة اإلس الم وال دعوة
اإلسالمية الصحيحة النظيفة باإلرهاب والمداهمة والسجون والمعتقالت ؟ لماذا كان جزاء كتاب "
معالم في الطريق " و " في ظالل القرآن " هو السجن ثم اإلعدام ؟ هل تعلمون أن كتاب " معالم
في الطريق " يعلم القارئ كيفية صناعة القنبلة اليدوي ة ؟ كال ..ه ل ه و يعلم اإلنس ان كي ف ينظم
مسيرة في الشارع ؟ كال ..هل هو يدرب الناس على حرب الش وارع ؟ كال ..ه و يرس م منهج ا
للدعوة ,وما فيه إال الحجة ,فلماذا يكون جزاء هذا الكتاب ..اإلع دام ؟ وأين ال ذين ي دافعون عن
فرج فودة – صاحب كت اب " الحقيق ة الغائب ة -؟ لم اذا لم ت دافعوا عن س يد قطب -رحم ه هللا –
حينما ُأعدم ؟؟ {{ وما نقموا منهم إال أن يؤمنوا باهلل العزيز الحميد }} .
أين حق وق اإلنس ان من ثالثين ألف س جين في الجزائر ,وثالثين ألف س جين في ت ونس ,ومثلهم
في مصر ,يعيش ون أوض اع مأس اوية ح تى بلغ الح ال أن بعض هم في مصر يحقن ون بعض
المعتقلين بجرثومة اإليدز والعياذ باهلل ،أم أن المسلم في نظر ه ؤالء ليس إنس انا ؟ أق ول لكم أيها
االخ وة إنه طريق فاشل ,وها هي األنظمة على م دى خمس ين عام ا ً أو أك ثر تح ارب ال دعوة
اإلسالمية ب القوة والعسف ؛ فهل ك انت ال دعوة اإلس المية -فيما تعرف ون أنتم وتحس بون -أق وى
وأشد وأنضج منها اليوم ؟ كال ...إن الذي يقرأ عن المعتقالت التي عملها " جم ال عبد الناصر "
في مصر وزج فيها بعشرات اآلالف في الس جون الحربية وغيرها ,وفي أوض اع س يئة للغاية ثم
علق على المشانق أعداداً كبيرة منهم ...الذي يقرأ تلك األخبار خاصة في ذلك ال وقت ك ان يخيل
إليه أنه لن تق وم لإلس الم في مص ر قائمة .وها هي مصر ب ذاتها الي وم تس تعيد عافيتها ب إذن هللا
ويمأل ش بابها المت دين وفتياتها المت دينات جامعاتها ومدارس ها ومعاه دها ومس اجدها وأحيائها
ومؤسساتها ,بل وسجونها .وها هي أجهزة األمن ال تجد نفسها في وضع أس وء مما تج دها عليه
اآلن ,ليس في صعيد مصر فحسب وال في القاهرة بل في كل مكان .إن ضحايا أسلوب التصعيد
والمواجهة القاسية الضارية هم رجال السلطة أكثر مما هم دعاة اإلس الم أو ح تى الغالة من دع اة
اإلسالم ,ولقد استطاعت اليد الخفية أن تغتال السادات ,وتغتال بوضياف ,وتغتال أع دادا غف يرة
من الضباط وكبار المسؤولين ,وال يدري إال هللا ماذا تك ون عليه األوض اع غ داً وبع د غد .فهل
يقبل ناصح لهذه األمة أن تستمر هذه الطريقة في المواجهة مع رجال اإلسالم ودعاته بل ح تى مع
الغالة من الدعاة ؟ إننا نعلم أن في إسرائيل أحزابا أصولية متطرفة متشددة ,فماذا فعلت إس رائيل
تج اه ه ذه األح زاب ؟ ها أنتم تس معون أنها اآلن تش ارك في الحكم في ائتالفها مع ح زب العمل
الجديد ال ذي ف از في االنتخاب ات وتصل إلى الحكومة ،فلم اذا ال يقت دون بهم في ه ذا ؟
كنا نق رأ ونحن ص غار أن القتل والتض ييق والس جن والمداهمة ال يقضي على ال دعوة بل يقويها
ويرسخ جذورها ويؤلب حولها األنصار ويكثر حولها األتباع ؛ وأصدقكم القول أيها األخوة ,كنت
آن ذاك وأنا ص غير أش عر في دخيلة نفسي أحيانا أن ه ذا الكالم ن وع من ترض ية النفس أو خ داع
الذات أو التسلية الوهمية ,أما اآلن فنحن ن رى ما ن رى في المغ رب ومصر والش ام بل والع راق
وقد جاءت أخبار تدل على أن الصحوة حتى في العراق على قدم وساق وإن لم تكن ظاهرة للعيان
بسبب العسف والكبت ولكنها قوية ج داً وانتظ روا إنا منتظ رون ,بمج رد ما تنقشع ه ذه الس حابة
وتعطى الدعوة اإلسالمية نفسا ً ولو يس يراً تتنفس الص عداء وتظهر على الس طح وي بين للن اس كم
كان عمقها ورسوخها وامتدادها ومقاومتها لري اح الح رب والقتل والتغي ير والت دمير والمداهمة .
أما اآلن ونحن نرى ما نرى فقد آمنا فعالً أن هذا الكالم حق وأن العقائد ال يمكن أن تحارب بالقتل
وال بالس جن وال بالمص ادرة وال بكبت الحري ات وال بتكميم األف واه وقد رأينا الش باب وهم في
السجون يرددون آيات القرآن الكريم ويهتف ون وين ادون ويتمن ون الش هادة في س بيل هللا عز وجل
ويرددون أبياتا ً من الشعر الحماسي المؤثر الذي يشتاقون فيه للموت في سبيل هللا .
أي حيلة في إنسان أغلى شيء هو أن يموت في سبيل الل ه ؟ ف أنت حين تقتله تهديه هدية كب يرة ,
فلماذا تظل هذه األجهزة األمنية والسياسية في الع الم الع ربي واإلس المي مص رة على ه ذا الخطأ
الكبير في مواجهتها مع اإلسالم كله :المعتدلين من ال دعاة وغ ير المعت دلين ؟ ومع ذلك ف إن ه ذا
األمر -وهو أمر بق اء الحق ورس وخه واس تقراره -أمر ث ابت في الق رآن الك ريم ,وهو دي دن
المؤم نين كلما ازدادت المحن أو ادلهمت الخط وب ،ق ال هللا عز وجل {{ :ولما رأى المؤمن ون
األحزاب قالوا ه ذا ما وع دنا هللا ورس وله وص دق هللا ورس وله وما زادهم إال إيمان ا ً وتس ليما ً }}
بالنار ,فصبروا في سبيل هللا عز وجل ح تى أن زل هللا تع الى فيهم ه ذه الس ورة العظيمة ليكون وا
عبرة للمؤمنين عبر العصور .إن التطرف الحقيقي هو تط رف األح زاب العلمانية ,والحكوم ات
ال تي جعلت كل إمكاني ات األمة وممتلكاتها رهن إش ارتها وذريعة لتحقيق مص الحها الخاصة
وحاربت كل من ال يذعن له ا أو يس ير في ركابه ا ,خاص ة ونحن نعلم أن األمة تملك الكث ير من
اإلمكانيات التي كانت تستطيع أن تكون بها كما أراد هللا عز وجل {{ خير أمة أخرجت للناس }} .
سؤال آخر هل يحارب الغلو بالتجاهل ؟ أيضا كال . . .فقد سبق أن بينت أن للغلو أس بابه ال تي ال
أوالً :تمكين العلماء الربانيين من القيام ب واجبهم وفتح اآلف اق لكلمتهم والس ماح بمرورها إعالميا
وتسخير إمكاني ات األمة كلها له ذا الغ رض .إن الع الم الش رعي يجب أن يش كل مرجعية حقيقية
للجميع ،الحاكم والمحكوم على حد سواء وال يجوز أن تكون المن ابر الدينية حك راً على فئ ة من
الهتافين المصفقين من أمثال بعض المفتين الرسميين .سئل مفتي مصر في جريدة صوت الكويت
قبل أيام عن التطرف والنصارى وكان من ضمن ما ق ال -يق ول ب الحرف الواحد ( : -أما ك ون
تتفق في األص ول ) .س بحان هللا !! أوالً :لما يق ول أن األدي ان تتفق في األص ول هل هو يقصد
األصول التي عليها أهل األديان اليوم أم األصول المنزلة ؟ األصول المنزلة هي التوحيد لكن أهل
األدي ان الي وم من اليه ود والنص ارى وغ يرهم أهل ش رك ووثنية فكيف يق ول أن األص ول
متفقة هكذا على اإلجمال ؟ ثاني ا ً :حينما يق ول في الج واب على تحريف الكتب الس ماوية ( ه ذي
قضية يسأل عنها أصحابها ) يعني يريدنا أن ن ذهب إلى البابا ش نودة ونس أله هل الكت اب المق دس
مح رف أم ال ؟ ون ذهب إلى رابين أو غ يره ونس أله هل الكت اب المق دس عن دكم مح رف أم
ال ؟ كيف يكون هذا ؟ ما عندنا نحن المسلمين دين وجواب ؟ نحن المسلمين ما عندنا ج واب له ذه
المسألة ؟ مفتي اكبر بلد إسالمي يهرب من اإلجابة بمثل ه ذه الطريقة الملبسة ؟ في روز اليوسف
أيضا تجري حوارات مع من تسميهم بمفك رات اإلس الم .م رة -وه ذا مث ال -أج رت ح وار مع
عميدة لكلية التربية في جامعة األزهر فتقول هذه العميدة ضمن ح وار طويل مثالً تق ول ( :ح تى
في عصر النبوة كانت هناك سلبيات ,في المجتمعات المغلقة وجد اللقط اء أم ام المس اكن ) .ه ذا
الكالم يقال في سبيل تبرير وتسويغ الفساد الموجود ،يع ني مثالً ت أتي لش خص والغ في الرذيلة ،
ماله من الربا فاجر ال يصلي عاق لوالديه عاصي مؤذي لجيرانه شارب للخمر مدمن للمخدرات ؛
فتأتيه وتق ول يا أخي أنت عليك أخط اء وعليك مالحظ ات ,تب إلى هللا عز وجل .فيق ول لك يا
أخي كل إنسان فيه عيوب والكمال هلل عز وجل .تق ول أيضا ( :الجماع ات اإلس المية ابتالء من
هللا ,لم أجد في المنقبات من تحفظ القرآن الكريم ) ثم هجوما ً س اخنا ً على اإلم ام ابن تيمية في أنه
إذن نحن نق ول يجب أن يم ّكن العلم اء الرب انيون من القي ام ب واجبهم ودورهم وفتح اآلف اق أم ام
كلمتهم ,ومع ذلك فإنه يجب أن يقال للعلماء والدعاة أيضا قوم وا انتم ب واجبكم وخ اطبوا جمه ور
األمة وأدوا دوركم دون أن تنتظ روا من أحد أن ي أذن لكم ب ذلك أو ي أمركم به .إن المناصب
الرس مية الدينية أص بحت وقف ا ً في أك ثر من بلد إس المي على فئ ات معلومة ممن يجي دون فن
المداهن ة والتل بيس ,وأص بح ه ؤالء -في زعم األنظم ة -هم الن اطقين الرس ميين باسم اإلس الم
والمس لمين مع أنه ال دور لهم إال مس ألتان ..األولى :إعالن دخ ول رمض ان وخروجه ,الثانية
ثانيا ً :البد من إيجاد القنوات العلمية والدعوية واإلعالمية التي يمكن لل دعاة إلى هللا عز وجل من
خاللها عرض الصورة الصحيحة لإلسالم وتنقيته من ال دخائل عليه وتعريف الن اس ب دينهم الحق
وإثبات أن هذه الدولة أو تلك ليست ضد اإلسالم وال ضد الدعوة ,أما مج رد الخطب الرنانة ال تي
ينقضها الواقع فإنها لن تغير شيئا ً .حتى االتجاهات التي يصاحبها نوع من الح دة أو الش دة يجب
أن تحاور وتناقش في الهواء الطلق وليس من وراء القضبان .وإذا لم تع رض ال دعوة اإلس المية
الصحيحة الناضجة من الكتاب والسنة فإن الب ديل عن ذلك أم ران ،أوالً :ش يوع المنكر الفك ري
والخلقي بال نكير وهذا يؤدي إلى التطرف كما سبق ,وثانيا ً :الدعوات المنحرفة التي ستجد آذان ا ً
ثالثا ً :ال بد من تنقية أجهزة اإلعالم من كل ما يخالف اإلسالم عقيد ًة وأحكاما ً وأخالقا ,وال بد من
منع ضحايا الفكر المنحرف من التسلل إلى اإلعالم ومنع المساس بالدين وأهله في تلك األجه زة .
إن مما يؤسف له أن اإلعالم الع ربي يتح دث عن ال دعوة اإلس المية باسم التط رف أو األص ولية
فيتخلى عن الموضوعية تماما ً ويتناقض وينحاز فال يعرض إال رأيا ً واح داً وال يع رض إال جانب ا ً
من الحقيقة .مثالً مقتل فرج فوده يسمونه مصادرة للفكر وجريم ة م ع أن ني أق ول أي فكر يحمله
فرج فوده ؟ وماذا يقول ؟ يقول ( :أفتخر بأنني أول إنسان عارض تطبيق الشريعة اإلسالمية يوم
لم يكن يعارض ذلك أحد ) .ويقول ( :سبق أنني قلت لك يا وزير الصحة عليك أن تعالج الوضع
عن طريق زيادة في المهدئات الجنسية ) يعني أن من يسميهم ب المتطرفين أو الش باب المت دين هم
اإلسالم من عهد الخلفاء الراشدين إلى الي وم ,وبالس اطور يض ربه يمنة ويس رة ح تى لم يبقى فيه
لبنة على أخرى أو عضو على آخر .هل هذا فكر ؟؟ لكن مع ذلك قاموا وقعدوا وقالوا لم اذا يقتل
فرج فوده ؟ ونحن نقول :حسنا نردد معكم لماذا يقتل فرج فودة ؟ لكن لم اذا يقتل أيضا أل وف من
المسلمين والدعاة وطلبة العلم ؟ هل صار األمر عندكم كما قيل :
من األيام وجهة نظر جماعة من الجماعات اإلسالمية ؟ كال .إنما اإلعالم العربي كله دائما ً وأب داً
في حالة حماس لحمالت إعالمية :اليوم نحن ض دكم وغ داً انتم ض دنا ,وبعد غد نحن وأنتم ضد
فالن ,وهكذا عمل كعمل األطفال سواء بسواء .يؤسفني أن أق ول هيئة اإلذاعة البريطانية -وهي
األخرى أيضا ً ليست موضوعية أو منصفة إلى ذاك الحد ولكنها بال شك أفضل كث يراً من اإلعالم
الع ربي -أج رت مقابلة مع أحد زعم اء الجماعة اإلس المية في مصر وس جلت أج وبتهم وآرائهم
وبثتها للناس ,ثم بعد ذلك بفترة أجرت مقابلة سمعتها مع زعيم األقباط البابا شنودة حول التطرف
وقضايا أخ رى .أما اإلعالم الع ربي فهو يجبن عن ذلك وال يملك ع رض وجهة النظر بح ال من
األحوال ,إنه ال يعرض إال وجهة نظر واحدة وضعيفة أيضا ً ,وأما وجه ات النظر األخ رى فهو
ال يجرأ على عرضها أبداً .إذن ال بد من تنقية أجهزة اإلعالم وصياغة سياسته ص ياغة إس المية
رابعاً :ضرورة ضبط مناهج التعليم وربطها بدين هذه األمة وتاريخها وحاضرها ومستقبلها حتى
يتخ رج جيل م ؤمن يع رف دينه تق ول التق ارير األمنية إن تك ثيف الم واد الدينية هو ال ذي يولد
المتطرفين ,وتدريس التاريخ اإلسالمي والجهاد يولد روح الفداء في نف وس الش باب ,والواقع أن
تكثيف المواد الشرعية واإلسالمية هو الذي ينتج العلم الصحيح ال واقي من االنح راف ,أما أولئك
الذين يظنون أنهم سيحولون بين األمة ودينها وبين األمة ولغتها وبين األمة وتاريخها فهم مغرقون
في ال وهم ,فاإلس الم ق ادم ال محالة وإذا ك انوا يح اربون اإلس الم فليبش روا بالخيبة والخس ار
والهزيمة .
خامسا ً :ضرورة إصالح األوضاع الش رعية واألخالقية في المجتمع ات اإلس المية وحمايتها من
االنحالل الخلقي وإيجاد ودعم المؤسسات اإلص الحية القائمة على حماية اآلداب واألخالق واألمر
ب المعروف والنهي عن المنكر .إنه كما يوجد جه از مختص لمكافحة المخ درات يجب أن توجد
أجهزة قوية ممكنة وذات صالحية واسعة أيضا ً في مكافحة ألوان الجرائم ال تي ال يقرها الش رع .
وأول ما يجب أن يساند هذه الجهات :الق انون نفسه أو النظ ام ,فال مع نى لوج ود جه از لمكافحة
الرذيلة والبغاء في بلد يسمح قانونه بالزنا ويسكت عنه ،وهكذا .
سادسا ً :ضرورة العدل وإعطاء ذوي الحقوق حقوقهم ,سواء ك انت ه ذه الحق وق حقوقا مالية أو
كانت حقوقا شخصية أو سياسية أو غير ذلك ,فإن المجتمعات ال يمكن أن تق وم على الظلم أب داً ,
وهللا تعالى ينصر الدولة العادلة ولو كانت ك افرة ,وال ينصر الدولة الظالمة ولو ك انت مس لمة .
ومن الظلم سرقة أقوات الناس وأموالهم ,ومن الظلم بل من أبشع الظلم أخذ الناس بما لم يفعل وا ،
ومن الظلم حبس الن اس بالتهمة والظن ،ومن الظلم س رقة نت ائج االنتخاب ات في البالد اإلس المية
كما حصل في الجزائر ثم يقول ون حصل التط رف وحصل العنف وحص لت االغتي االت في حين
يس كتون عن إه دار رأي ثم انين بالمائ ة من الش عب الجزائ ري المس لم .وأخشى ما نخش اه أن
يكرروا هذه العملية نفسها في بالد أخرى كاليمن ال تي هي مقبلة على انتخاب ات بعد ف ترة قريب ة ,
ونسأل هللا تع الى أن ال يك ون ذلك وأن يك ون أش غل ه ؤالء بأنفس هم فمصر ال تي دعمت الجزائر
برج ال األمن والش رطة هي اآلن مش غولة بمش اكلها الداخلية وقالقلها عن غيرها أو لعلها ك ذلك.
ومن الظلم أيضا ً التفاوت الش ديد بين الن اس في كل ش يء في أرزاقهم وأم والهم وم راتبهم وغ ير
ذلك ,فاهلل تعالى يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحش اء والمنكر والبغي ,
وإذا أردنا للمجتمع ات اإلس المية أن تك ون مجتمع ات مس تقرة منتجة متآلفة فعلينا أن نقيمها على
فهذه األسباب الخمسة ال بد منها في مقاومة ما يس مى ب الغلو ,ثم ي أتي بع د ذل ك الس بب الس ادس
واألخير وهو :ال مانع من مناقشة األفك ار والحجج والش بهات ال تي يت ذرع بها ه ؤالء وتفني دها
وال رد عليها وتطعيم الن اس ض دها لئلا يغ تروا بها ،فنحن نق ول فعالً ب أن الغلو هو اآلخر خطر
كال طرفي قصد األمور ذميم وال تغلو في شيء من األمر واقتصد