You are on page 1of 27

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ‪ ,‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‬

‫‪ .‬من يهده هللا فال مضل له ‪ ,‬ومن يضلل فال هادي له ‪ .‬وأشهد أال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه ‪,‬‬

‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ‪ ..‬اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما ص ليت على إب راهيم‬

‫وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ‪.‬‬

‫أيها االخوة ‪ .....‬مضى ذلك اليوم – يوم عاشوراء – الفاضل المبارك الذي كان يوما من أي ام هللا‬

‫تعالى ‪ ,‬نجى هللا فيه موسى وقومه وأهل ك فرع ون وقوم ه {{ إن في ذل ك آلي ات للمتوس مين }} ‪.‬‬

‫ونسأل هللا تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن صامه و ُتقُبل منه صيامه ‪ ,‬إنه على كل شيء قدير ‪.‬‬

‫في هذه الليلة ‪ ..‬ليلة الحادي عشر من شهر هللا المحرم من سنة ‪ 1413‬للهجرة ينعقد هذا المجلس‬

‫المبارك في هذا المسجد بحي اإلسكان بمدينة جدة ‪ .‬وعنوان ه ذه المحاض رة هو حقيقة التط رف‪.‬‬

‫وقد عولج هذا الموضوع كثيرا بأسماء شتى سواء في محاض رات أو دروس أو في كتب قديمة أو‬

‫جديدة ‪ ،‬ولعلي أذكر من الكتب القديمة التي عالجت جانبا من هذا الموض وع كت اب اإلم ام الش يخ‬

‫ابن تيميه‪ -‬رحمه هللا ‪ : -‬اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ‪ ،‬فقد عالج فصوال‬

‫من ذلك في غلو اليهود والنصارى وغلو هذه األمة ‪ .‬أما من المعاصرين فإنني أشيد بكتاب ض خم‬

‫صدر أخيرا بعنوان ‪ :‬الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة لألستاذ عبد الرحمن اللويحق ‪،‬‬

‫ب في موض وع الغلو ‪ ،‬وس أتحدث عن ه ذا‬


‫وهذا الكتاب ه و بحق من أنفس وأحسن وأجمع ما ُكِت َ‬

‫الموضوع في نحو ست نقاط ‪.‬‬

‫األولى ‪ :‬لماذا نناقش هذا الموضوع وما مناسبة طرحه في هذه الظروف بالذات ؟ فأقول ‪...‬‬
‫أوال ‪ :‬ألن الغلو أو ما يسمونه بالتطرف أحيانا هو واقع ال شك فيه ‪ ,‬وال يمكن تجاهله ‪ ,‬و‬

‫ليس يج وز أن يك ون انزعاجنا هو من الح ديث عن األخط اء أو المش اكل ‪ ،‬بل يجب أن يك ون‬

‫انزعاجنا من وجود األخطاء أو من وجود المش اكل في المجتمع المس لم ‪ ,‬وله ذا لست أرى حرجا‬

‫قط في نقد مظاهر االنحراف في المجتمع اإلسالمي بل وفي نقلها عالنية وأمام المسلمين خاصتهم‬

‫وعامتهم ‪ .‬وفي الحديث الذي رواه مسلم يق ول الن بي ص لى هللا عليه وس لم ‪ ( :‬ال دين النص يحة )‬

‫والنصيحة تـقـتضي بأن نتصارح بأخطائنا وعيوبنا سواء كانت أخطاء الخاصة أو أخطاء العامة ‪،‬‬

‫اللهم إال أن تكون تلك األخطاء أخطاء شخصية فحينئ ذ ينبغي أن تك ون النص يحة فيه ا بينك وبين‬

‫الشخص الذي صدر منه الخطأ ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬هذا الموضوع تناوله الكثير ‪ ,‬تحدث عنه الغرب الكافر وأطلق مصطلح األصولية ‪ ,‬تح دث‬

‫عنه العلمانيون عبر أجهزة اإلعالم من صحافة وغيرها وأطلقوا مصطلح التطرف ‪ ,‬وتح دث عنه‬

‫غير المتخصصين س واء ك انوا في المراكز العلمية أو في أجه زة اإلعالم أو في غيرها ‪ ،‬ف وجب‬

‫على حملة العلم الشرعي أن يتن اولوا ه ذا الموض وع أيضا ‪ ،‬ولعلي أذكر لكم نموذج ا واح دا فقط‬

‫لمن يتحدثون في مثل هذه األمور ‪ .‬قبل يومين قرأت في جريدة الحي اة مقابلة مع إح دى المغني ات‬

‫اللبنانيات الشهيرات ‪ ,‬وهي في فرنسا تتجول في مس ارحها ونواديها للتحكيم في بعض المس ابقات‬

‫الفنية ‪ ,‬فس ألوها أخ يرا عن أن هن اك بعض الفنان ات والممثالت يع تزلن الغن اء والتمثيل والفن‬

‫باعتق اد أنه مح رم ‪ ..‬فق الت هي ‪ " :‬أب دا الفن مش ح رام وعم ره ما ك ان ح رام " ‪ ,‬فه ذه فت وى‬

‫نشرت بالخط العريض تدل على أنه تكلم في مثل هذه األم ور كل أح د ‪ ,‬وحق على أهل اإلس الم‬

‫وحملة الدعوة أن يتكلموا عنه ‪.‬‬


‫أحرام على بالبله الدوح ****** حالل للطير من كل جنس‬

‫ثالثا ‪ :‬أن هذا الموضوع يتجدد عرضه مع كل ح دث ‪ ،‬فمثال عند مقتل ال رئيس المص ري الس ابق‬

‫طرحت‬
‫طرحت قضية ما يسمى بالتطرف على أوسع نطاق ثم سكنت قليال ‪ .‬في أحداث أفغانستان ُ‬
‫ُ‬

‫ط رحت ‪ ،‬في قي ام االنقالب في ث ورة‬


‫طرحت ‪ ,‬في أح داث الخليج ُ‬
‫‪ ,‬في سقوط االتحاد السوفييتي ُ‬

‫طرحت ‪ ،‬وهكذا صارت تط رح في كل مناس بة‬


‫طرحت ‪ ،‬في أحداث الجزائر ُ‬
‫اإلنقاذ في السودان ُ‬

‫ويتسامع الناس عن هذا وربما يكون الكثير من عامة الناس يأخذون معلوماتهم عن هذا الموضوع‬

‫من خالل أجهزة اإلعالم ‪.‬‬

‫النقطة الثانية ‪ :‬الحديث عن المصطلح‬

‫التطرف كلمة وردت في العنوان ‪ ,‬وهذا في الواقع مصطلح ص حفي وإن ك ان ص حيحا من حيث‬

‫اللغة ‪ -‬يعني أخذ الشيء من الطرف ‪ -‬لكنه ليس من األلفاظ الشرعية ‪ .‬فهو لم يرد في الق رآن وال‬

‫في السنة النبوية وإنما هو مصطلح صحفي أك ثر من يس تخدمه العلم انيون غالبا دون أن يل تزموا‬

‫بالموضوعية في هذا المصطلح ؛ فهم لم يحددوا أوال ما هو التط رف وما مع نى التط رف ؟ بل ال‬

‫يريدون أن يحددوا له معنى ‪ ,‬يريدون أن يبقى لفظ التطرف لفظا غامضا سياال فضفاضا يحاولون‬

‫إضفاءه وإلصاقه في خصومهم ‪ ,‬سواء ك انت خص ومة سياس ية ‪ ,‬أو فكرية ‪ ,‬أو ش رعية دينية ‪,‬‬
‫أو حتى خصومة شخصية أحيانا ‪ .‬وهم أيضا ال يري دون أن يك ون له ذا المص طلح مع نى خ اص‬

‫حتى يسهل عليهم تقليبه كيف شاءوا ‪ ,‬فهم اليوم يصفون به هذه الجهة وغدا يصفون به تلك الجه ة‬

‫‪ ,‬والي وم يص فون ه ؤالء ب التطرف وغ دا يبعدونه عنهم ويص فونهم باالعت دال ‪ .‬لم اذا ؟ لأن لفظ‬

‫التطرف لفظ غامض فضفاض في استخدامهم ‪.‬‬

‫ففي نظر ه ؤالء مثال يمكن أن يوظف مص طلح التط رف أحيانا في مواجهة بعض المواقف‬

‫السياسية ‪ ,‬فالذين ينتقدون الصلح مع إسرائيل هم متطرفون ول ذلك وج دنا مجلة ك الوطن الع ربي‬

‫تنبز منظمة حماس اإلسالمية الفلسطينية !! تنبزها بأنه ا منظمة متطرفة ‪ ،‬لم اذا ؟ ألن موقفها من‬

‫قضية السالم موقف واضح وصريح أنها ترفضه وتعتبر أن المشاركة في مؤتمرات الس الم خيانة‬

‫لقضية األمة اإلسالمية ‪ .‬وباألمس القريب ك انت منظمة حم اس عند ه ؤالء وغ يرهم رم زا من‬

‫رم وز المقاومة الوطنية الناض جة ال تي ك انت تق اوم االحتالل الص هيوني الغاشم ‪ ،‬هك ذا ك انت‬

‫عباراتهم ‪ .‬فبين عش ية وض حاها تح ولت من منظمة وطنية ومنظمة مقاومة و ‪ . .‬و‪ . . .‬تح ولت‬

‫إلى منظمة متطرفة ‪ .‬وهكذا يبرز ج انب التح الف الجديد بين العلم انيين ال ذين ك انوا ب األمس في‬

‫موقف المعارضة في الغالب فتحولوا اليوم أمام خطر ما يس مونه هم وغ يرهم ب التطرف ال ديني ‪,‬‬

‫تحولوا إلى موقف التحالف مع القوى األخرى مع السلطات ومع الغرب ومع غيرهم وسأزيد ه ذه‬

‫النقطة وض وحا في ال تي بع دها ‪ .‬إذن قد يوظف التط رف أحيان ا أو ما يس مى ب ذلك في مواجهة‬

‫بعض المواقف السياسية ‪.‬‬

‫أحيانا يوظف في مواجهة بعض المواقف الس لوكية ‪ .‬ففي نظر العلم انيين مثلا ‪ -‬من الص حفيين‬

‫وغيرهم ‪ -‬الذي يلتزم بالسنة في ص الته ‪ ،‬في لباسه في تجنبه للمحرم ات ‪ ,‬في حج اب زوجته ‪,‬‬
‫في هيئته ‪ ,‬في سواكه ‪ ,‬في تجنبه للربا ‪ ,‬في تجنبه للفحش ‪ ,‬في تجنبه للغن اء ‪ ،‬ه ذا يعت بر عن دهم‬

‫محس وبا على المتط رفين ‪ .‬وكث يرا ما ترسم الكاريك اتيرات في الص حف الس اخرة من أص حاب‬

‫اللحى الطويلة وأصحاب الثياب القصيرة ‪ ،‬فكأن هذا عن دهم هو رمز التط رف ‪ .‬فمثال في جري دة‬

‫صوت الكويت ‪ -‬لا حياها هللا ‪ -‬رسمت في أحد أعدادها القريبة رجال له لحية كب يرة وكأنها كيس‬

‫كب ير يحمله ‪ ,‬وه ذه اللحية مرس ومة على ش كل مسدس ات – إش ارة إلى أنه إنس ان إره ابي ‪-‬‬

‫وفي ي ده جري دة تعلن اغتي ال رئيس المجلس األعلى في الجزائر بوض ياف وه ذا الرجل يق ول ‪:‬‬

‫اللهم احمنا من اإلره اب ‪ .‬وفي ع دد آخر من الجري دة نفس ها ص ورت إنس انا ك ثيف الح اجبين ‪,‬‬

‫ش اربه محل وق ‪ ,‬لحيته ض خمة طويلة تصل إلى نصف الس اق تقريبا ‪ ,‬وثوبه قص ير وفي ي ده‬

‫مس بحة ‪ ،‬ه ذه المس بحة هي عب ارة عن عق ود من القنابل ‪ ..‬فيرتسم في ذهن الس ذج والبس طاء‬

‫والمغفلين ترتسم هذه الصورة باإلرهاب ‪ ،‬بالتطرف ‪ ,‬بالعنف ‪ ,‬برفض الحوار ‪ ,‬دون أن يتح دثوا‬

‫ودون أن يستخدموا أسلوب النقاش الهادئ العلمي الموضوعي الذي يتحدثون عنه ‪ ،‬لكن من خالل‬

‫صورة بذيئة غير مؤدبة ‪ .‬وبطبيعة الحال فإن الموصومين بما يس مونه ب التطرف ال شك أن منهم‬

‫من يل تزم بالمظ اهر اإلس المية فيعفي لحيته مثالً أو يقصر ثوبه ‪ ,‬لكننا نع رف الخلفية ال تي‬

‫يستبطنها أولئك الصحفيون وهم يتحدثون أو يرسمون ‪ .‬ال نعرفها من باب الرجم ب الغيب ف الغيب‬

‫هلل ولكن نعرفها من مواقف أخ رى واتجاه ات ومن اهج يح اولون أن يج روا كل دع اة‬

‫الإسالم لتصنيفهم تحت عنوان التطرف ومن ثم يحذرون المجتمعات من خطورتهم ‪.‬‬

‫فمثالً جريدة الشرق األوسط ‪ -‬ومع األسف أنها محسوبة على هذه البالد ‪ -‬تعتبر الجبهة اإلسالمية‬

‫في الجزائر أص وليين متط رفين ‪ ,‬وأهل الس ودان أص وليين متط رفين ‪ ,‬وأهل اليمن أص وليين‬
‫متطرفين ‪ ,‬وأهل األردن أصوليين متطرفين ‪ ,‬بل وكثيرا من أهل ه ذا البلد أص وليين متط رفين ‪,‬‬

‫وحزب النهضة في تونس أصوليين متط رفين في نظر جري دة الش رق األوس ط ‪ .‬وله ذا ق ال أحد‬

‫الكاتبين في جري دة المدينة ق ال ‪ ( :‬إن الش رق األوسط ص ورت ما يس مى بالجماع ات اإلس المية‬

‫كلها وكأننا نعيش في غابة من الوح وش ال هم لها إال القتل والتفج ير والح رق والت دمير وغ ير‬

‫ذلك ) ‪ .‬وأقول هذا الوصف الذي أطلقته " خضراء الدمن " على الجماعات اإلسالمية وعلى دعاة‬

‫اإلسالم لم تظفر به كل المجتمعات البشرية !! حتى اليهود لم تصف مجتمعاتهم بذلك ‪ ,‬بل وصفت‬

‫مجتمع ات اليه ود ب أن فيها ص قوراً وحم ائم ‪ ,‬وأن فيها معت دلين ‪ ,‬وأن فيها من ادين للس الم ؛ ولم‬

‫تصف الص رب ال ذين دم روا المس لمين في البوس نة والهرسك به ذا الوصف قط ؛ ولم تصف‬

‫الصليبيين في أي بلد في العالم بذلك ‪ ,‬وال الشيعة ‪ ,‬وال البعث ‪ ,‬وال غيرهم ‪ .‬وقد حشرت في ه ذا‬

‫تناقض ات تمتد ما بين الن واب األردن يين ال ذين دخل وا البرلم ان الحك ومي ‪ ,‬والجبهة القومية في‬

‫السودان التي يقول " مورفي " ‪ -‬وهو مراسل إلح دى الص حف األمريكي ة في الش رق األوس ط ‪-‬‬

‫يقول عن أحد زعماء الجبهة في الس ودان ‪ ( :‬إنه منظ ر إس المي فذ ‪ ,‬لكنه أص ولي يع رف جي داً‬

‫كيف يستغل الظ روف ويس تخدمها لص الحه ‪ ,‬وهو ق ادر على الت أقلم مع الواقع ‪ -‬الحظ األلف اظ ‪-‬‬

‫ويرضى بمهادنة األنظمة بدون أن يتخلى عن مطالبه ) ثم يقول ‪ ( :‬إن الترابي – وه و المقص ود‬

‫بحديثه السابق ‪ -‬بدأ يعلم تالميذه شكلا آخر لألصولية اإلسالمية يمكنهم من التعايش مع اآلخ رين ‪,‬‬

‫والت أقلم مع المتغ يرات والتط ورات ‪ ,‬ويجنبهم العزلة ‪ ,‬في ال وقت ال ذي يل تزمون ب الخطوط‬

‫العريضة لأفكارهم ) ‪.‬‬

‫أولا ‪ :‬ال أحد يس تطيع أن يم دح ال ترابي وال غ يره بأفضل من مثل ه ذا الكالم – أنه يحافظ على‬

‫أصوله ومبادئه ومع ذلك عنده ق درة على ‪ :‬الت أقلم مع الظ روف ‪ ,‬والمتغ يرات ‪ ,‬ومع اآلخ رين ‪,‬‬

‫وأسلوب للحوار النقاش الهادئ ‪ .‬ثاني ا ً ‪ :‬ه ذه ش هادة من رجل نص راني غ ربي يحمل في الغ الب‬
‫عداوات النصارى للمس لمين ومع ذلك وصف الرجل بأنه يت أقلم مع الظ روف وانه يحسن معايشة‬

‫األوض اع ‪ ،‬فكيف ت أتي ص حف كالش رق األوسط أو غيرها لتص فهم ب التطرف واألص ولية‬

‫والوصولية ؟‬

‫كما حشرت الشرق األوسط التجمع اليمني بقيادة الشيخ " عبد المجيد الزنداني " ضمن المتطرفين‬

‫‪ ,‬واعت برت أن التجمع ات والمخيم ات التربوية العلمية ال تي تق ام في اليمن أنها مراكز لتخ ريج‬

‫المتط رفين وت دريب اإلره ابيين دون أن تق دم على ذلك دليالً واح داً ‪ ،‬ونس يت ه ذه الجري دة أنها‬

‫تتكلم عن واقع ال يفص لنا عنه س وى كيلومي ترات قليلة ‪ ,‬وأن التحقق من ه ذه األح وال واألخب ار‬

‫أمر ميسور ‪ ،‬لكن في حمى العداوة الشخصية و السياس ية نس يت كل ش يء وأص بحت تتكلم بمثل‬

‫هذا األسلوب ‪.‬‬

‫كما ش مل ه ذا اللفظ ح زب النهضة التونسي ‪ ,‬وهو من أك ثر االتجاه ات اإلس المية تس امحا ً بل‬

‫رخاوة في أفكاره وفي مص طلحاته وفي عالقاته ‪ .‬أما الجماع ات اإلس المية في مصر فح دث وال‬

‫حرج ‪ .‬بل حتى المجاهدون األفغان صنفوا اآلن ضمن المتطرفين وخرجت علينا مطبوع ات ع دة‬

‫تحذر منهم ومن الشباب العربي المسلم العائد من هن اك ‪ ...‬أص وات تح ذر من ه ؤالء لم نس معها‬

‫يوما ً من األيام تحذر من الشباب العائد من " بانكوك " والذي يحمل جرثومة اإليدز !! في صحف‬

‫محلية في هذه البالد ‪ ,‬ومع األسف أن يتورط في هذا األمر مطبوعات وص حف محلية ك ان يجب‬

‫عليها عل األقل أن تجامل العلم وأهل العلم في هذه البالد ال تي هي محط أنظ ار المس لمين في كل‬

‫مكان ‪.‬‬
‫على أي حال مقصودي من هذا االسترسال أن أقول أن هذه الصحف وهذه الوجوه ال تتح دث عن‬

‫فئة بعينها ‪ ,‬ال ‪ ,‬ولكنها تت ذرع بالح ديث عن التط رف إلى ش فاء غليلها والتـنفـيـس عن أحقادها‬

‫وع داواتها من حملة رس الة اإلس الم ح تى ولو ك انوا معـتدلين ‪ ,‬بل ح تى لو ك انوا مف رطين‬

‫متساهـلين !!‬

‫وقد يوظف لفظ التطرف أحيانا ضد مواقف عقائدية مبدئية ‪ ،‬فمثالً الذي يطلق على النصارى لفظ‬

‫" كفار " يعتبر عند بعضهم متطرفا ً ‪ ،‬والذي يتحدث عن الحكم اإلسالمي والدولة اإلسالمية يعتبر‬

‫متطرفا ‪ ،‬لماذا ؟ ألن هؤالء يقول ون أن اإلس الم لم يطبق أب داً ح تى في عهد الخلف اء الراش دين ‪-‬‬

‫وهذا كالم فرج فودة في كتابه " الحقيقة الغائبة " الذي دفع حياته ثمنا ً لهذا الكتاب ‪ -‬يقول ما معناه‬

‫‪ ( :‬إن اإلسالم حلم وخيال ولم يطبق على محك الواقع يوما ً من الدهر ) !! ول ذلك فال ذين ين ادون‬

‫ب الحكم اإلس المي وتط بيق الش ريعة اإلس المية هم من المتط رفين ‪ ,‬وال ذي ي دعو إلى مخالفة‬

‫المشركين في هديهم وس لوكهم وأعم الهم وأعي ادهم هو من المتط رفين ‪ ,‬وال ذي ين ادي بتص حيح‬

‫عقائد المسلمين وأحوالهم وأخالقهم على ضوء الكتاب والسنة هو من المتطرفين ‪ ,‬وهو من ال ذين‬

‫يدعون إلى الحجر على العقول وتعطيلها ‪.‬‬

‫ملتح وضع خده على يده‬


‫ٍ‬ ‫إحدى الصحف مثالً نشرت أيضا كاريكاتير هو عبارة عن صورة لرجل‬

‫يفكر ‪ ,‬فبصر به أحد أقاربه ‪ -‬ممن يسمونهم بالمتطرفين – فجاء إلى أم ير الجماعة ‪ -‬كما يقول ون‬

‫‪ -‬يقول له ‪ " :‬إني رأيت فالنا ً قد وضع خده على يده بمع نى أنه قد ب دأ يفكر ‪ ,‬ومن فكر كفر فأنا‬

‫أقترح تصفيته جسديا ً " ‪ -‬يعني قتله ‪ -‬وهم بذلك يريدون أن يوصلوا إلى القارئ والمش اهد رس الة‬
‫أن هؤالء ال يفكرون ويحجرون على العقول وأنهم يتع املون دائم ا ً وأب داً مع خص ومهم بأس لوب‬

‫القتل واإلرهاب والتصفية الجسدية ‪.‬‬

‫أما الغرب فإنه يستخدم بدال من لفظ التطرف لفظ الأصولية ‪ ,‬وهو في األصل مص طلح نص راني‬

‫يطلق على أحد المجموعات النصرانية التي تلتزم بحرفية الكتاب المقدس عندهم التزاما ً صارما ً ‪،‬‬

‫وقد نشأت في ظروف وأوضاع خاصة ‪ .‬وقد حاول هؤالء أن يبحثوا عن أوجه شبه بين هذه الفئة‬

‫من النصارى وبين دعاة اإلس الم أو بعض هم ومن ثم نقل وا المص طلح إلى الش رق ‪ .‬هو مص طلح‬

‫غربي له ظروفه ومالبساته الخاصة ‪ ,‬وإن كانت الص حف العلمانية ال تت ورع عن ش يء في نفث‬

‫أحقادها ‪ ،‬فإنها تس تخدم كل مص طلح وتع ده وس يلة أو س الح ضد دع اة اإلس الم ‪ .‬وقد أص در "‬

‫سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبدهللا بن باز " بيانا ً منذ زمن نشر في الصحف يحذر فيه من‬

‫هذا المصطلح ‪ ,‬ويبين ما يقصد به ويدعو إلى تجنبه وإلى العدل في األقوال واألعمال ‪.‬‬

‫إذن قد يطلق لفظ التطرف وقد يطلق لفظ األصولية وكلها كلمات باطل أريد بها باطل في الغالب ‪.‬‬

‫النقطة الثالثة ‪ :‬المعنى الشرعي‬

‫اللفظ الشرعي في مقابل هذا وذاك هو لفظ الغلو ‪ ,‬وقد جاء هذا اللفظ في كت اب هللا عز وجل في‬

‫مواضع كثيرة ‪ .‬ق ال هللا ع ز وج ل ‪ {{ :‬يا أهل الكت اب ال تغل وا في دينكم وال تقول وا على هللا إال‬
‫وم‬
‫الحق }} ‪ ,‬وقال سبحانه ‪ {{ :‬قل يا أهل الكتاب ال تغلوا في دينكم غير الحق وال تتبعوا أه واء ق ٍ‬

‫قد ضلوا من قبل وأضلّوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل }} ‪ .‬كما جاء هذا في حديث النبي ص لى‬

‫هللا عليه وسلم كثيراً ‪ ,‬ومنها حديث ابن عباس رضي هللا عنه لما جمع النبي صلى هللا عليه وس لم‬

‫جمرات أمره أن يلقط له حصى ص غارا ‪ ,‬وق ال ‪ ( :‬بمثل ه ؤالء ف ارموا وإي اكم والغلو في ال دين‬

‫فإنما أهلك من ك ان قبلكم الغلو في ال دين ) ‪ .‬ول ذلك فاألفضل عند االس تخدام ‪ ,‬اس تخدام‬

‫المصطلحات الشرعية وتجنب المصطلحات الغربية أو المصطلحات العلمانية المحدثة التي أصبح‬

‫لها جرس ورنين في آذان مستمعيها ‪ ,‬وأصبح لها انطباع في عقولهم يصعب التخلص منه ‪ ,‬ومع‬

‫ذلك فإنه ليس لها معنى خاص يمكن فهمه ومعرفته ‪ .‬وهذا ال يع ني أيض ا ً أن اس تخدام المص طلح‬

‫الشرعي ينهي المشكلة ‪ ,‬فنحن نجد أن هناك من ي رمي ب الغلو أقوام ا ً ما ج اوزوا الحد وال تع دوا‬

‫الحق لمج رد مخالفته لهم في المنهج أو في الطريقة ‪ ,‬أو جهالً منه بما هم عليه ‪ ,‬أو حس داً من‬

‫عند نفسه ‪ ,‬أو ألي سبب آخر ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك مثال ‪ :‬ما نعلمه جميع ا ً عن خص وم ال دعوة اإلس المية الس لفية في ه ذه البالد أنهم‬

‫يطلق ون عليها لفظ لفظ األص ولية ولفظ التط رف وغ ير ذلك من األلف اظ ‪ ,‬وهم ما ف تئوا ينبزونها‬

‫باأللقاب بدون علم وال هدى وال كتاب منير ‪.‬‬

‫ومع نى الغلو هو مج اوزة الحد ‪ ،‬والحد هو النص الش رعي ‪ :‬كالم هللا عز وجل أو كالم رس وله‬

‫صلى هللا عليه وسلم ‪ .‬والواجب على المسلم أن يكون وقافا ً عند حدود هللا تعالى ‪ {{ :‬فإن تن ازعتم‬

‫في شي ٍء ف ر ّدوه إلى هللا والرس ول }} ‪ ,‬وإذا بحث المس لم مس ألة وجب عليه أن يجمع النص وص‬

‫القرآنية والنبوية فيها وي ألف بينها على وجه ال يض رب بعض ها ببعض ‪ ,‬وال يأخذ نص ا ً ويهمل‬
‫غيره ‪ .‬أما الغالة فيضربون بعض النصوص ببعض أو يقتطعون نصا ً يالئم غلوهم ويسكتون عما‬

‫عداه ‪.‬‬

‫والغلو نوعان ‪ :‬غلو اعتقادي كغلو النصارى في عيسى ابن م ريم عليه الس الم ‪ ,‬أو غلو الرافضة‬

‫في علي واألئمة الإثني عشر ‪ ,‬أو غلو الخوارج أيضا في تكفير أهل اإلس الم بالمعاصي وال ذنوب‬

‫كبيرها وصغيرها ‪ .‬ومن الغلو أيضا في االعتق اد ما أش ار إليه الش اطبي وهو ‪ ( :‬الغلو في بعض‬

‫الف روع بتنزيلها منزلة األص ول ‪ ،‬إذ إن المعارضة الحاص لة ب ذلك للش رع مماثلة للمعارضة‬

‫الحاصلة للشرع بأمر كلي ) ‪ .‬أما القسم الث اني فهو ‪ :‬الغلو العملي ‪ ,‬وهو المتعلق ب األمور العملية‬

‫التفص يلية من ق ول اللس ان أو عمل الج وارح مما ال يك ون فرع ا ً عن عقي دة فاس دة ‪ .‬ومن أصح‬

‫األمثلة على ذلك ‪ ,‬رمي الجمار بالحصى الكبيرة مثالً ‪ ,‬فإن النبي صلى هللا عليه وسلم ع ده غل واً‬

‫كما في ح ديث ابن عب اس الس ابق ‪ ،‬هو غلو عملي ال ي ترتب عليه اعتق اد ‪ ،‬ومثله المبالغة في‬

‫العبادة كما يحدث عند بعض الفرق الصوفية ال تي تب الغ في العب ادة وتزيد فيها عما ش رع هللا عز‬

‫وجل ‪ ،‬كوص ال الص وم أب داً وقي ام الليل كله وما أش به ذلك ‪ .‬وال شك أن الغلو االعتق ادي هو‬

‫األخطر ألنه هو النقطة التي تشعبت عن دها الف رق المختلفة في اإلس الم وب زغت عن دها األه واء‬

‫واختلفت عندها العقول والقلوب ثم سلت السيوف ثم سالت الدماء ‪. .‬‬

‫النقطة الرابعة ‪ :‬أسباب الغلو‬


‫وهذا موض وع مهم ج داً ‪ .‬ه ذه ظ اهرة ليست جدي دة بل هي موج ودة منذ على ما يزيد على ألف‬

‫وثالثمائة سنة ‪ ،‬فلنبحث ما هي أسباب هذا الغلو أو التطرف كما يسمونه ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬الجهل ‪ ..‬بعدم معرفة حكم هللا تعالى ورسوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬ومن ثم ين دفع اإلنس ان‬

‫وراء عاطفته قد يكون هذا اإلنسان غيوراً ‪ ،‬قد يكون معظم ا ً للحرم ات ‪ ,‬قد يك ون ش ديد الخ وف‬

‫من هللا عز وجل ‪ ،‬فإذا رأى إنسانا يعصي ولو ك انت معص ية ص غيرة ‪ ...‬لم يطق أو يتص ور أن‬

‫يكون هذا الشخص مس لما ً أو مغف وراً له أو من أهل الجنة لش دة غيرته ‪ ،‬ف أدى ذلك إلى ل ون من‬

‫الغلو ‪ .‬أو يك ون عن ده محبة لرجل ص الح وأصل ه ذه المحبة مش روع ولكن ه ذه المحبة بس بب‬

‫الجهل زادت وطغت حتى وصلت إلى درجة الغلو في هذا اإلنسان ورفعه فوق منزلته ‪.‬‬

‫األَول يرجع ون عن ب دعتهم بالمن اظرة ‪ ،‬بل‬


‫والجهل يزول بالعلم ‪ ،‬ولهذا كان كثير من الخ وارج ُ‬

‫الب للمناقشة‬ ‫له علي ابن ط‬ ‫اس رضي هللا عنه لما أرس‬ ‫رجع منهم على يد عبد هللا ابن عب‬

‫المناظرة ‪ ,‬رجع منهم في مجلس واحد أكثر من أربعة آالف إنسان ‪ .‬وهكذا في عهد عمر ابن عبد‬

‫العزيز – الخليفة الراشد ‪ -‬رضي هللا عنه نوقشوا فرجع منهم ما يزيد على ألفي إنس ان في مجلس‬

‫واحد ‪ .‬ولهذا الجهل ‪ -‬في الواقع ‪ -‬من أسهل األسباب لأنه سرعان ما يزول بالعلم والتعليم ‪.‬‬

‫قد يك ون الجهل جهالً بال دليل لع دم االطالع عليه أو ع دم معرفته ‪ .‬وقد يك ون جهالً بط رق‬

‫االس تنباط ‪ ,‬جهالً باللغة العربية مثالً ‪ ,‬جهالً بط رق اس تنباط الحكم من ه ذا ال دليل آية ك انت أو‬

‫حديثا ً نبويا ً ‪.‬‬


‫السبب الثاني ‪ :‬الهوى المؤدي إلى تعسف التأويل ورد النصوص ‪ .‬قد يكون الهوى لغرض دنيوي‬

‫من طلب الرياسة أو الشهرة أو نحوهما ‪ .‬وقد يكون الهوى ألن البدعة واالنح راف والباطل س بق‬

‫إلى قلب اإلنسان وإلى عقله واستقر فيه وتعمقت جذوره ورسخت وكما قيل ‪:‬‬

‫فصادف قلبا ً خاليا ً فتمكنا‬ ‫أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى‬

‫فيعز على اإلنس ان حينئذ أن يتخلى عنه ويقر على نفسه بأنه ك ان متحمس ا ً للباطل مناوئ ا ً للحق ‪,‬‬

‫فيتشبث بخطئه ويلتمس له األدلة من هنا وهن اك ‪ .‬وقد يك ون اله وى ألن ه ذا اإلنس ان الغ الي ذو‬

‫نفس ية مريضة معتلة منحرفة ‪ ،‬فهي تميل إلى الح دة والعنف والعسف في مواقفها وآرائها وتنظر‬

‫دائما ً للجانب السلبي ‪ ،‬الجانب المظلم في اآلخرين ‪ ،‬وقد يشعر صاحبها بالعلو والفوقية وغير ذلك‬

‫دون أن ي درك ذلك من نفسه أو يقر أو يع ترف به ‪ .‬وقد يحس بأنه أتيح له في وقت يس ير وفي‬

‫يره في أزمنة طويلة ‪ ،‬ومن هنا تتبخر الثقة‬ ‫وقت مبكر من العلم والفهم واإلدراك ما لم يتح لغ‬

‫بالعلماء المعروفين والدعاة المشهورين ويستقل اإلنسان بنفسه وبرأيه ‪ ,‬فينتج عن ذلك الش ذوذ في‬

‫اآلراء والمواقف والتصورات والتصرفات ‪.‬‬

‫الس بب الث الث ‪ :‬أح وال المجتمع ‪ .‬فمن الخطأ الكب ير أن نعتقد أن المتط رف ش جرة نبتت في‬

‫الص حراء ‪ ,‬ال ‪ ,‬هو ف رع عن ش جرة وهو ج زء من مجتمع ع اش فيه ‪ ,‬وله ذا المجتمع في نفسه‬

‫وتفك يره وعقله أعظم األثر ‪ .‬فمثالً ‪ :‬التط رف في االنح راف ي ؤدي إلى تط رف مقابل س واء‬

‫االنحراف الفكري أو االنحراف العملي ‪ .‬ولذلك فالذين يج رون المجتمع ات اإلس المية إلى الفس اد‬

‫الخُلِقي هم في الحقيقة من المتسببين في حصول الغلو ‪ ,‬وإن أعلنوا الح رب عليه وعلى‬
‫واالنحالل ُ‬
‫ما يس مونه ب التطرف إال أنهم من أول المتس ببين فيه ‪ .‬فمظ اهر الرذيلة في المدرسة والجامعة‬

‫والش ارع والش اطئ والمتجر والحديقة والشاشة واإلذاعة وغ ير ذلك ‪ ,‬إذا أقرها المجتمع وس كت‬

‫عنها فإنه يجب عليه أن يستعد للتعامل مع أنم اط كث يرة من الغلو ‪ .‬ه ذا إذا ك ان دور المجتمع هو‬

‫فقط السكوت عنها ‪ ,‬فما بالك إذا ك ان دور المجتمع بكليته هو تش جيع مظ اهر االنح راف ودعمها‬

‫وحمايتها وحراس تها وتبنيها ‪ ,‬س يكون األمر وال شك أخطر ‪ .‬وقل مثل ذلك في األوض اع الثقافية‬

‫واإلعالمي ة ؛ فمحاص رة فك رة من األفك ار مثالً وإغالق منافذ التعب ير والكالم أمامها ‪ ,‬س واء‬

‫الصحيفة أو اإلذاعة أو التلفاز أو غير ذلك هو س بب ألن تتبل ور ل دى ه ذه المجموعة فك رة الغلو‬

‫أحيانا أو على األقل فكرة المواجهة والسعي إلثبات الذات ‪ .‬ومن الغريب جداً أن اإلعالم الع ربي‬

‫خاصة ‪ ,‬يتهم بمن يسميهم بالمتطرفين ب أنهم ال يتس امحون مع غ يرهم ‪ ,‬أو أنهم يس عون إلس كات‬

‫األصوات األخرى التي تخالفهم ‪ ,‬مع أننا نعلم أن هؤالء الناس ال يملكون شيئا ً أصالً ‪ ،‬ال يملك ون‬

‫أجهزة اإلعالم وال يملكون الصحافة وال يملكون المن ابر ‪ ,‬بل الكث ير منهم ال يملك حق االجتم اع‬

‫بعشرة أو أقل من هذا العدد ‪ ،‬فكيف يقال عنهم أنهم يغلقون منافذ التعبير عن غ يرهم ؟ والواقع أن‬

‫ه ذا اإلعالم المهيمن هو ال ذي أص بح حك راً باتج اه معين أو م ذهب خ اص أو طائفة مح دودة ‪,‬‬

‫وأصبح يبخل على اآلخرين ببضعة أسطر أو ببضع دقائق فضالً عن أن يساويهم بغيرهم في كافة‬

‫األجهزة اإلعالمية ؛ فقد صودرت اآلراء النزيهة المعتدلة فض الً عن اآلراء الغالية أو المتطرفة ‪,‬‬

‫ومثل هذا الوضع البد أن يولد آالفا من األمراض في المجتمعات ‪.‬‬

‫أحد الدعاة المعروفين اعتذرت صحف دولة بأكملها عن نشر بعض مقاالت له مهما كان مضمون‬

‫هذه المقاالت بسيطا ً وعاديا ً وبعيداً عن اإلثارة ‪ ،‬المهم ما دامت المق االت ممه ورة باسم فالن ف إن‬

‫نشرها متع ذر !! وه ذا إن ك ان سياسة عامة فهو مش كلة كب يرة ‪ ,‬وإن ك ان اتفاق ا ً أو أم راً حصل‬
‫باالتفاق والص دفة فهو مش كلة أك بر إذ إنه ي دل على أن المتنف ذين في الص حافة وأجه زة اإلعالم‬

‫العربية هم نسخة مكررة عن بعضهم ‪.‬‬

‫وقل مثل ذلك أيضا بالنسبة لألوضاع السياسية ‪ ,‬فإن الكبت والتسلط والقهر ال يمكن أن يؤدي إلى‬

‫قتل إنس انية الش عوب والقض اء على كرامتها ‪ ,‬ال ‪ ,‬ولكنه ي ؤدي مع ال زمن إلى أن تفقد الثقة‬

‫بقياداتها ثم تعمل في االتجاه المضاد وتعتبر هذه القيادات ضد مص الح األمة وأنها عقبة في س بيل‬

‫اإلنجاز البد من تجاوزها ‪ .‬ومن تناقضات اإلعالم هنا أيضا ً أن يستنكر اإلعالم عمليات االغتي ال‬

‫التي تمارسها بعض الجماعات اإلسالمية أو تنسب إليها أحيانا ‪ ,‬ويعت بر أن ه ذه العملي ات ج رائم‬

‫نكراء على حين أنه ال يستنكر االغتياالت العلنية التي تمارسها كث ير من األنظمة ضد أف راد ‪ ,‬بل‬

‫ضد جماع ات ‪ ,‬بل ضد ش عوب بأكملها ‪ " .‬ت ونس " مثالً كنم وذج ‪ ،‬يوجد في س جونها ما يزيد‬

‫على ثالثين أل ف ‪ ,‬يع انون ألوان ا ً من مص ادرة اإلنس انية جعلت منظمة حق وق اإلنس ان ‪ -‬وهي‬

‫منظمة دولية غربية ليست إس المية بل نص رانية ‪ -‬جعلت ه ذه المنظمة تص در تقري راً مزعج ا ً‬

‫مخيفا ً عن حقوق اإلنس ان المس لم في س جون ت ونس – الرج ال والنس اء ‪ -‬ليس ه ذا فحسب ‪ ,‬ب ل‬

‫أص بح اإلنس ان الع ادي في الش ارع مص ادر الكرامة ‪ .‬من اهج التعليم يبعد عنها كل ما يتعلق‬

‫باإلسالم ‪ .‬اإلعالم يحارب اإلسالم صباح مساء ‪ ,‬حتى أنه ألول مرة تخ رج مس رحيات محلية في‬

‫هذا البلد المنكوب فيها لقطات عارية متكررة تتاجر بالجنس وإثارة الغرائز ‪ .‬والبلد ‪ -‬بلد الزيت ون‬

‫وبلد الجهاد والمجاهدين ‪ -‬أصبح يقدم نفسه للعالم الغ ربي والع الم اإلس المي به ذه الص ورة ‪ .‬ولم‬

‫نجد من تلك الصحف استهجانا لهذا العمل الذي هو اغتي ال لش عب بأكمله أو اغتي ال لمجموع ات‬

‫كبيرة من الناس ‪ ،‬فضالً عن اغتيال جماعات أو أفراد ‪.‬‬


‫إنني أقول أحكام اإلعدام التي تسمعون ونسمع عنها نوعان ‪ :‬األول حكم باإلع دام يتخذ الق رار فيه‬

‫بالمسجد ‪ ,‬وينفذ بطريقة سرية ‪ .‬وهذا ال شك يس تهدف بعض الرم وز المنحرفة فكري ا ً كما حصل‬

‫لف رج ف ودة مثالً ‪ ،‬أو بعض الشخص يات السياس ية أو غيرها كما تعرف ون في مصر والجزائر‬

‫وسواها ‪ .‬وهذا سواء كان الذين اتخ ذوه من أف راد الجماع ات اإلس المية أو غ يرهم ‪ ,‬إال انه يمثل‬

‫جانب ا ً ك ان على تلك الص حف وهي تعرضه أن تع رض الن وع الث اني من أحك ام اإلع دام ‪ .‬وهو‬

‫أحكام اإلعدام التي تتخذ قراراتها في محاكم ص ورية ( مدنية أو عس كرية ) وتنفذ بطريقة علنية ‪.‬‬

‫ستنكر األول وال ُيس تنكر الث اني ‪ ،‬وكلهم بشر !! ُق ِت ل ض ابط أمن في مصر فكتبت‬
‫والعجيب أن ُي َ‬

‫الص حف المص رية كث يرا عن ه ذا الض ابط ‪ ,‬وتكلمت عن زوجته ال تي ك انت تنتظ ره بف ارغ‬

‫الصبر ‪ ,‬وتكلمت عن أطفاله الذين يقلبون عيونهم ببراءة ويقولون ‪ ( :‬أين بابا ؟ متى يأتي بابا ؟ )‬

‫فت ذرف عي ون أمهم دمع ات ح ارة س اخنة ‪ .‬ت رحمت الص حف على ه ذا الض ابط و تكلمت عنه‬

‫وحركت المشاعر باتجاهه ‪ ،‬وأنا أقول حسنا ً هذا الذي قلتم وهذا ال ذي فعلتم ‪ ...‬ولكن أولئك ال ذين‬

‫قتلوا ‪ ,‬قتلهم هذا الضابط أو غيره أو سجنهم وأهدر إنسانيتهم وكرامتهم في السجون والمعتقالت ‪,‬‬

‫أليسوا بشراً ؟ أليس لهم زوج ات ينتظ رنهم وراء األب واب ؟ ألم ُتس كب دم وع كث يرة في انتظ ار‬

‫مجيئهم الذي لم يحدث ؟ أليس لهم أطفال في عيونهم براءة يتلفتون يمنة ويس رة ويقول ون ‪ ( :‬أين‬

‫بابا ؟ متى ي أتي بابا ؟ ) أليس ورائهم قل وب تحن إليهم وتش تاق للقي اهم وتح زن لفق دهم ؟ ما ب ال‬

‫هؤالء يكيلون بمكيالين ؟ هل هم يعتبرون هؤالء من غير المجتمع ‪ ،‬من غير األمة ؟ أليسوا بش راً‬

‫؟ على األقل يع ترفون لهم باإلنس انية والبش رية ‪ .‬إننا إذا أجزنا للص حافة أن تس تنكر االغتي االت‬

‫التي تتخذ قراراتها أحيانا ً في المساجد ‪ ,‬فإننا نوجب عليها أيضا ً أن تستنكر االغتي االت ال تي تتخذ‬

‫قراراتها مح اكم أو مج الس نيابية أو وزارية أو س واها ‪ .‬إذن فاألوض اع السياس ية من أس باب‬

‫الغلو ‪.‬‬
‫وقل مثل ذلك أيضا في األوضاع االقتصادية كاالستئثار بالثروات والمؤسسات والشركات ووجود‬

‫طبقات محرومة من الن اس تعيش دون مس توى الفقر إلى مس توى اإلع دام ال تجد لقمة العيش وال‬

‫تملك شيئا ً قط ‪ ،‬مع أن مصدر الثراء ألولئك األثرياء ليس هو الكسب الحالل المشروع وليس ه و‬

‫العمل المنتج ‪ ,‬بل هي الطرق غير المشروعة ‪ :‬كالرشوة مثالً أو المحسوبية أو استغالل النف وذ أو‬

‫غ ير ذلك ‪ ،‬أما س وى ه ؤالء فال يمكن أن يحصل على الم ال إال عن طريق التس ول وإراقة م اء‬

‫الوجه وإه دار إنس انيته وكرامته ‪ .‬وال حاجة أن أض رب مثالً بعي داً ف أنتم اآلن جميع ا ً تس معون‬

‫أخبار الفضائح في الجزائر ‪ ,‬إذا تخاصم اللصان ظهر المسروق وأصبح كل ط رف يلقي بالالئمة‬

‫على اآلخر ويقول فالن سرق كذا وفالن سرق كذا ‪ ،‬وأصبحت األرق ام تق در بمئ ات الماليين من‬

‫الدوالرات في بلد فقير يعيش العشرة منه أحيانا ً في غرفة واحدة ‪ ,‬يس كنون فيها ال يج دون غيرها‬

‫وعشرات اآلالف من الشباب يتسكعون في الشوارع بال عمل ‪ .‬ح تى اإلعان ات ال تي ت ذهب إليهم‬

‫هناك من دول عديدة غربية وشرقية ال ي زال الشك يس اور الكث يرين كيف ص رفت تلك اإلعان ات‬

‫وما هو مصيرها ؟؟‬

‫ه ذه األح وال كلها فض الً عن غي اب دور العلم اء وت ردي األمة في التبعية الفكرية والسياس ية‬

‫والعسكرية للغرب وتسخير أجهزة اإلعالم لتغيير هوية األمة ومسخ عقولها وتبديل دينها ‪ ,‬بما في‬

‫ذلك السخرية بالدين والسخرية بالمتدينين وتقديم النماذج المنحرفة من الفن انين وغ يرهم على أنهم‬

‫هم المثل العليا التي يجب على الجيل أن يقلدها ويترسم خطاها ؛ كل هذه األحوال واألوض اع هي‬

‫سِّمهِ ما شئت ‪.‬‬


‫سِّمه األصولية أو التطرف أو َ‬
‫البيئة المناسبة لنمو الغلو أو َ‬
‫خامسا ‪ :‬كيف يمكن القضاء على الغلو ؟‬

‫أوالً ‪ :‬ينبغي أن يكون واضحا ً لديكم اآلن أننا نفرق بين أمرين ‪ :‬الغلو الذي هو غلو فعالً في الدين‬

‫ومج اوزة للحد وانح راف عن س واء الس بيل كغلو مثال جماع ات التكف ير والهج رة الموج ودة في‬

‫مصر وعلى قلة في الجزائر وفي بعض البالد األخرى فهذا وال شك غلو وانحراف ‪ .‬األمر الثاني‬

‫‪ :‬ما تسميه أجهزة اإلعالم غربيها وشرقيها ‪ ،‬تسميه غلواً أو تطرفا ً أو أص ولية أو غ ير ذلك وهو‬

‫في الواقع ليس ش يئا ً من ذلك وإنما هو دع وة إلى هللا وإلى دينه وإلى تحكيم ش ريعته وإلى العمل‬

‫بالكتاب والسنة ‪ .‬فنحن نفرق بين هذا وذاك ونقول إن الغلو موجود في كل زمان وفي كل األدي ان‬

‫‪ ,‬وقد أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم أن الخوارج ال ينقطعون بل كل ما انقرض منهم ق رن ظهر‬

‫قرن آخر إلى آخر الزمان ‪.‬‬

‫وها هنا أسئلة يجب أن نجيب عليها ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬هل يمكن القضاء على الغلو أو ح تى قل القض اء على الجماع ات الإس المية وعلى ال دعوة‬

‫اإلس المية ‪ -‬الغالة فيها والمعت دلين وغ يرهم ‪ -‬هل يمكن القض اء عليهم بالس جن وبالرص اص‬

‫وبالمقاصل وبالمجازر ؟‬
‫كال ‪ ,‬فه ذا في النهاية اعتق اد وفكر ‪ ,‬وعلى قاع دة اإلعالم نفسه ف الفكر إنما يح ارب ب الفكر ‪ ,‬ال‬

‫يحارب بالرصاصة وإنما يحارب بالحجة ‪ ،‬تقارع الحجة بالحجة ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬أننا سبق أن قلنا إن الغلو هو نتاج الضغط واإلره اب والتعسف ‪ ،‬إذن فالض غط واإلره اب‬

‫والتعسف ال يزيده إال مض ا ًء وق وة وإص رارا ‪ ,‬وه ذا العسف هو المس وغ ال ذي يح رق حجج‬

‫المعتدلين ‪ .‬فالمعتدل يوما ً بعد ي وم يفقد مواقعه ألنه يجد من شراسة الخص ومة من ِق َب ل المتنف ذين‬

‫والقسوة وإغالق المنافذ في وجه الدعوة ما يك ون مس وغا ً وحجة في رص يد أولئك الغالة ‪ .‬فلم اذا‬

‫تصر كثير من الحكوم ات على مواجهة ما تس ميه ب التطرف ‪ ,‬بل على مواجهة اإلس الم وال دعوة‬

‫اإلسالمية الصحيحة النظيفة باإلرهاب والمداهمة والسجون والمعتقالت ؟ لماذا كان جزاء كتاب "‬

‫معالم في الطريق " و " في ظالل القرآن " هو السجن ثم اإلعدام ؟ هل تعلمون أن كتاب " معالم‬

‫في الطريق " يعلم القارئ كيفية صناعة القنبلة اليدوي ة ؟ كال ‪ ..‬ه ل ه و يعلم اإلنس ان كي ف ينظم‬

‫مسيرة في الشارع ؟ كال ‪ ..‬هل هو يدرب الناس على حرب الش وارع ؟ كال ‪ ..‬ه و يرس م منهج ا‬

‫للدعوة ‪ ,‬وما فيه إال الحجة ‪ ,‬فلماذا يكون جزاء هذا الكتاب ‪ ..‬اإلع دام ؟ وأين ال ذين ي دافعون عن‬

‫فرج فودة – صاحب كت اب " الحقيق ة الغائب ة ‪ -‬؟ لم اذا لم ت دافعوا عن س يد قطب ‪ -‬رحم ه هللا –‬

‫حينما ُأعدم ؟؟ {{ وما نقموا منهم إال أن يؤمنوا باهلل العزيز الحميد }} ‪.‬‬

‫أين حق وق اإلنس ان من ثالثين ألف س جين في الجزائر ‪ ,‬وثالثين ألف س جين في ت ونس ‪ ,‬ومثلهم‬

‫في مصر ‪ ,‬يعيش ون أوض اع مأس اوية ح تى بلغ الح ال أن بعض هم في مصر يحقن ون بعض‬

‫المعتقلين بجرثومة اإليدز والعياذ باهلل ‪ ،‬أم أن المسلم في نظر ه ؤالء ليس إنس انا ؟ أق ول لكم أيها‬

‫االخ وة إنه طريق فاشل ‪ ,‬وها هي األنظمة على م دى خمس ين عام ا ً أو أك ثر تح ارب ال دعوة‬
‫اإلسالمية ب القوة والعسف ؛ فهل ك انت ال دعوة اإلس المية ‪ -‬فيما تعرف ون أنتم وتحس بون ‪ -‬أق وى‬

‫وأشد وأنضج منها اليوم ؟ كال ‪ ...‬إن الذي يقرأ عن المعتقالت التي عملها " جم ال عبد الناصر "‬

‫في مصر وزج فيها بعشرات اآلالف في الس جون الحربية وغيرها ‪ ,‬وفي أوض اع س يئة للغاية ثم‬

‫علق على المشانق أعداداً كبيرة منهم ‪ ...‬الذي يقرأ تلك األخبار خاصة في ذلك ال وقت ك ان يخيل‬

‫إليه أنه لن تق وم لإلس الم في مص ر قائمة ‪ .‬وها هي مصر ب ذاتها الي وم تس تعيد عافيتها ب إذن هللا‬

‫ويمأل ش بابها المت دين وفتياتها المت دينات جامعاتها ومدارس ها ومعاه دها ومس اجدها وأحيائها‬

‫ومؤسساتها ‪ ,‬بل وسجونها ‪ .‬وها هي أجهزة األمن ال تجد نفسها في وضع أس وء مما تج دها عليه‬

‫اآلن ‪ ,‬ليس في صعيد مصر فحسب وال في القاهرة بل في كل مكان ‪ .‬إن ضحايا أسلوب التصعيد‬

‫والمواجهة القاسية الضارية هم رجال السلطة أكثر مما هم دعاة اإلس الم أو ح تى الغالة من دع اة‬

‫اإلسالم ‪ ,‬ولقد استطاعت اليد الخفية أن تغتال السادات ‪ ,‬وتغتال بوضياف ‪ ,‬وتغتال أع دادا غف يرة‬

‫من الضباط وكبار المسؤولين ‪ ,‬وال يدري إال هللا ماذا تك ون عليه األوض اع غ داً وبع د غد ‪ .‬فهل‬

‫يقبل ناصح لهذه األمة أن تستمر هذه الطريقة في المواجهة مع رجال اإلسالم ودعاته بل ح تى مع‬

‫الغالة من الدعاة ؟ إننا نعلم أن في إسرائيل أحزابا أصولية متطرفة متشددة ‪ ,‬فماذا فعلت إس رائيل‬

‫تج اه ه ذه األح زاب ؟ ها أنتم تس معون أنها اآلن تش ارك في الحكم في ائتالفها مع ح زب العمل‬

‫الجديد ال ذي ف از في االنتخاب ات وتصل إلى الحكومة ‪ ،‬فلم اذا ال يقت دون بهم في ه ذا ؟‬

‫كنا نق رأ ونحن ص غار أن القتل والتض ييق والس جن والمداهمة ال يقضي على ال دعوة بل يقويها‬

‫ويرسخ جذورها ويؤلب حولها األنصار ويكثر حولها األتباع ؛ وأصدقكم القول أيها األخوة ‪ ,‬كنت‬

‫آن ذاك وأنا ص غير أش عر في دخيلة نفسي أحيانا أن ه ذا الكالم ن وع من ترض ية النفس أو خ داع‬

‫الذات أو التسلية الوهمية ‪ ,‬أما اآلن فنحن ن رى ما ن رى في المغ رب ومصر والش ام بل والع راق‬

‫وقد جاءت أخبار تدل على أن الصحوة حتى في العراق على قدم وساق وإن لم تكن ظاهرة للعيان‬
‫بسبب العسف والكبت ولكنها قوية ج داً وانتظ روا إنا منتظ رون ‪ ,‬بمج رد ما تنقشع ه ذه الس حابة‬

‫وتعطى الدعوة اإلسالمية نفسا ً ولو يس يراً تتنفس الص عداء وتظهر على الس طح وي بين للن اس كم‬

‫كان عمقها ورسوخها وامتدادها ومقاومتها لري اح الح رب والقتل والتغي ير والت دمير والمداهمة ‪.‬‬

‫أما اآلن ونحن نرى ما نرى فقد آمنا فعالً أن هذا الكالم حق وأن العقائد ال يمكن أن تحارب بالقتل‬

‫وال بالس جن وال بالمص ادرة وال بكبت الحري ات وال بتكميم األف واه وقد رأينا الش باب وهم في‬

‫السجون يرددون آيات القرآن الكريم ويهتف ون وين ادون ويتمن ون الش هادة في س بيل هللا عز وجل‬

‫ويرددون أبياتا ً من الشعر الحماسي المؤثر الذي يشتاقون فيه للموت في سبيل هللا ‪.‬‬

‫أي حيلة في إنسان أغلى شيء هو أن يموت في سبيل الل ه ؟ ف أنت حين تقتله تهديه هدية كب يرة ‪,‬‬

‫فلماذا تظل هذه األجهزة األمنية والسياسية في الع الم الع ربي واإلس المي مص رة على ه ذا الخطأ‬

‫الكبير في مواجهتها مع اإلسالم كله ‪ :‬المعتدلين من ال دعاة وغ ير المعت دلين ؟ ومع ذلك ف إن ه ذا‬

‫األمر ‪ -‬وهو أمر بق اء الحق ورس وخه واس تقراره ‪ -‬أمر ث ابت في الق رآن الك ريم ‪ ,‬وهو دي دن‬

‫المؤم نين كلما ازدادت المحن أو ادلهمت الخط وب ‪ ،‬ق ال هللا عز وجل ‪ {{ :‬ولما رأى المؤمن ون‬

‫األحزاب قالوا ه ذا ما وع دنا هللا ورس وله وص دق هللا ورس وله وما زادهم إال إيمان ا ً وتس ليما ً }}‬

‫حرق أجس ادهم‬


‫وت ْ‬
‫ن ُ‬‫شَوْو َ‬
‫‪ .‬وأصحاب األخدود حرّ قوا بالنار ومع ذلك صبروا وهم يرون إخوانهم ُي ْ‬

‫بالنار ‪ ,‬فصبروا في سبيل هللا عز وجل ح تى أن زل هللا تع الى فيهم ه ذه الس ورة العظيمة ليكون وا‬

‫عبرة للمؤمنين عبر العصور ‪ .‬إن التطرف الحقيقي هو تط رف األح زاب العلمانية ‪ ,‬والحكوم ات‬

‫ال تي جعلت كل إمكاني ات األمة وممتلكاتها رهن إش ارتها وذريعة لتحقيق مص الحها الخاصة‬

‫وحاربت كل من ال يذعن له ا أو يس ير في ركابه ا ‪ ,‬خاص ة ونحن نعلم أن األمة تملك الكث ير من‬

‫اإلمكانيات التي كانت تستطيع أن تكون بها كما أراد هللا عز وجل {{ خير أمة أخرجت للناس }} ‪.‬‬
‫سؤال آخر هل يحارب الغلو بالتجاهل ؟ أيضا كال ‪ . . .‬فقد سبق أن بينت أن للغلو أس بابه ال تي ال‬

‫بد من إزالتها ‪ ,‬ولذلك فإنه البد من ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬تمكين العلماء الربانيين من القيام ب واجبهم وفتح اآلف اق لكلمتهم والس ماح بمرورها إعالميا‬

‫وتسخير إمكاني ات األمة كلها له ذا الغ رض ‪ .‬إن الع الم الش رعي يجب أن يش كل مرجعية حقيقية‬

‫للجميع ‪ ،‬الحاكم والمحكوم على حد سواء وال يجوز أن تكون المن ابر الدينية حك راً على فئ ة من‬

‫الهتافين المصفقين من أمثال بعض المفتين الرسميين ‪ .‬سئل مفتي مصر في جريدة صوت الكويت‬

‫قبل أيام عن التطرف والنصارى وكان من ضمن ما ق ال ‪ -‬يق ول ب الحرف الواحد ‪ ( : -‬أما ك ون‬

‫ل عنها أص حابها وجميع األدي ان‬


‫سَأ ُ‬
‫غيرت فتلك قضية ُي ْ‬
‫حرفت أو ُبدلت أو ُ‬
‫بعض الكتب السماوية ُ‬

‫تتفق في األص ول ) ‪ .‬س بحان هللا !! أوالً ‪ :‬لما يق ول أن األدي ان تتفق في األص ول هل هو يقصد‬

‫األصول التي عليها أهل األديان اليوم أم األصول المنزلة ؟ األصول المنزلة هي التوحيد لكن أهل‬

‫األدي ان الي وم من اليه ود والنص ارى وغ يرهم أهل ش رك ووثنية فكيف يق ول أن األص ول‬

‫متفقة هكذا على اإلجمال ؟ ثاني ا ً ‪ :‬حينما يق ول في الج واب على تحريف الكتب الس ماوية ( ه ذي‬

‫قضية يسأل عنها أصحابها ) يعني يريدنا أن ن ذهب إلى البابا ش نودة ونس أله هل الكت اب المق دس‬

‫مح رف أم ال ؟ ون ذهب إلى رابين أو غ يره ونس أله هل الكت اب المق دس عن دكم مح رف أم‬

‫ال ؟ كيف يكون هذا ؟ ما عندنا نحن المسلمين دين وجواب ؟ نحن المسلمين ما عندنا ج واب له ذه‬

‫المسألة ؟ مفتي اكبر بلد إسالمي يهرب من اإلجابة بمثل ه ذه الطريقة الملبسة ؟ في روز اليوسف‬

‫أيضا تجري حوارات مع من تسميهم بمفك رات اإلس الم ‪ .‬م رة ‪ -‬وه ذا مث ال ‪ -‬أج رت ح وار مع‬

‫عميدة لكلية التربية في جامعة األزهر فتقول هذه العميدة ضمن ح وار طويل مثالً تق ول ‪ ( :‬ح تى‬
‫في عصر النبوة كانت هناك سلبيات ‪ ,‬في المجتمعات المغلقة وجد اللقط اء أم ام المس اكن ) ‪ .‬ه ذا‬

‫الكالم يقال في سبيل تبرير وتسويغ الفساد الموجود ‪ ،‬يع ني مثالً ت أتي لش خص والغ في الرذيلة ‪،‬‬

‫ماله من الربا فاجر ال يصلي عاق لوالديه عاصي مؤذي لجيرانه شارب للخمر مدمن للمخدرات ؛‬

‫فتأتيه وتق ول يا أخي أنت عليك أخط اء وعليك مالحظ ات ‪ ,‬تب إلى هللا عز وجل ‪ .‬فيق ول لك يا‬

‫أخي كل إنسان فيه عيوب والكمال هلل عز وجل ‪ .‬تق ول أيضا ‪ ( :‬الجماع ات اإلس المية ابتالء من‬

‫هللا ‪ ,‬لم أجد في المنقبات من تحفظ القرآن الكريم ) ثم هجوما ً س اخنا ً على اإلم ام ابن تيمية في أنه‬

‫حاد ومتشدد وإلى غير ذلك ‪.‬‬

‫إذن نحن نق ول يجب أن يم ّكن العلم اء الرب انيون من القي ام ب واجبهم ودورهم وفتح اآلف اق أم ام‬

‫كلمتهم ‪ ,‬ومع ذلك فإنه يجب أن يقال للعلماء والدعاة أيضا قوم وا انتم ب واجبكم وخ اطبوا جمه ور‬

‫األمة وأدوا دوركم دون أن تنتظ روا من أحد أن ي أذن لكم ب ذلك أو ي أمركم به ‪ .‬إن المناصب‬

‫الرس مية الدينية أص بحت وقف ا ً في أك ثر من بلد إس المي على فئ ات معلومة ممن يجي دون فن‬

‫المداهن ة والتل بيس ‪ ,‬وأص بح ه ؤالء ‪ -‬في زعم األنظم ة ‪ -‬هم الن اطقين الرس ميين باسم اإلس الم‬

‫والمس لمين مع أنه ال دور لهم إال مس ألتان ‪ ..‬األولى ‪ :‬إعالن دخ ول رمض ان وخروجه ‪ ,‬الثانية‬

‫الهجوم على من يسمونهم بالمتطرفين ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬البد من إيجاد القنوات العلمية والدعوية واإلعالمية التي يمكن لل دعاة إلى هللا عز وجل من‬

‫خاللها عرض الصورة الصحيحة لإلسالم وتنقيته من ال دخائل عليه وتعريف الن اس ب دينهم الحق‬

‫وإثبات أن هذه الدولة أو تلك ليست ضد اإلسالم وال ضد الدعوة ‪ ,‬أما مج رد الخطب الرنانة ال تي‬

‫ينقضها الواقع فإنها لن تغير شيئا ً ‪ .‬حتى االتجاهات التي يصاحبها نوع من الح دة أو الش دة يجب‬
‫أن تحاور وتناقش في الهواء الطلق وليس من وراء القضبان ‪ .‬وإذا لم تع رض ال دعوة اإلس المية‬

‫الصحيحة الناضجة من الكتاب والسنة فإن الب ديل عن ذلك أم ران ‪ ،‬أوالً ‪ :‬ش يوع المنكر الفك ري‬

‫والخلقي بال نكير وهذا يؤدي إلى التطرف كما سبق ‪ ,‬وثانيا ً ‪ :‬الدعوات المنحرفة التي ستجد آذان ا ً‬

‫صاغية فإن الناس إذا لم يعرفوا الحق تشاغلوا بالباطل ‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬ال بد من تنقية أجهزة اإلعالم من كل ما يخالف اإلسالم عقيد ًة وأحكاما ً وأخالقا ‪ ,‬وال بد من‬

‫منع ضحايا الفكر المنحرف من التسلل إلى اإلعالم ومنع المساس بالدين وأهله في تلك األجه زة ‪.‬‬

‫إن مما يؤسف له أن اإلعالم الع ربي يتح دث عن ال دعوة اإلس المية باسم التط رف أو األص ولية‬

‫فيتخلى عن الموضوعية تماما ً ويتناقض وينحاز فال يعرض إال رأيا ً واح داً وال يع رض إال جانب ا ً‬

‫من الحقيقة ‪ .‬مثالً مقتل فرج فوده يسمونه مصادرة للفكر وجريم ة م ع أن ني أق ول أي فكر يحمله‬

‫فرج فوده ؟ وماذا يقول ؟ يقول ‪ ( :‬أفتخر بأنني أول إنسان عارض تطبيق الشريعة اإلسالمية يوم‬

‫لم يكن يعارض ذلك أحد ) ‪ .‬ويقول ‪ ( :‬سبق أنني قلت لك يا وزير الصحة عليك أن تعالج الوضع‬

‫عن طريق زيادة في المهدئات الجنسية ) يعني أن من يسميهم ب المتطرفين أو الش باب المت دين هم‬

‫ض حايا الكبت الجنسي ‪ .‬هل ه ذا ح وار ؟ هل ه ذه حجة ؟ هل ه ذا تعقل ؟ ثم ج اء إلى ت اريخ‬

‫اإلسالم من عهد الخلفاء الراشدين إلى الي وم ‪ ,‬وبالس اطور يض ربه يمنة ويس رة ح تى لم يبقى فيه‬

‫لبنة على أخرى أو عضو على آخر ‪ .‬هل هذا فكر ؟؟ لكن مع ذلك قاموا وقعدوا وقالوا لم اذا يقتل‬

‫فرج فوده ؟ ونحن نقول ‪ :‬حسنا نردد معكم لماذا يقتل فرج فودة ؟ لكن لم اذا يقتل أيضا أل وف من‬

‫المسلمين والدعاة وطلبة العلم ؟ هل صار األمر عندكم كما قيل ‪:‬‬

‫كامل مسألة فيها نظر‬


‫ٍ‬ ‫وقتل شعب‬ ‫قتل امرئ في غابة جريمة ال تغتفر‬
‫لماذا تكيلون بمكيالين ؟ اإلعالم العربي كله صحافته وإذاعته وتلفزته ‪ ،‬هل رأيتموه ع رض يوم ا ً‬

‫من األيام وجهة نظر جماعة من الجماعات اإلسالمية ؟ كال ‪ .‬إنما اإلعالم العربي كله دائما ً وأب داً‬

‫في حالة حماس لحمالت إعالمية ‪ :‬اليوم نحن ض دكم وغ داً انتم ض دنا ‪ ,‬وبعد غد نحن وأنتم ضد‬

‫فالن ‪ ,‬وهكذا عمل كعمل األطفال سواء بسواء ‪ .‬يؤسفني أن أق ول هيئة اإلذاعة البريطانية ‪ -‬وهي‬

‫األخرى أيضا ً ليست موضوعية أو منصفة إلى ذاك الحد ولكنها بال شك أفضل كث يراً من اإلعالم‬

‫الع ربي ‪ -‬أج رت مقابلة مع أحد زعم اء الجماعة اإلس المية في مصر وس جلت أج وبتهم وآرائهم‬

‫وبثتها للناس ‪ ,‬ثم بعد ذلك بفترة أجرت مقابلة سمعتها مع زعيم األقباط البابا شنودة حول التطرف‬

‫وقضايا أخ رى ‪ .‬أما اإلعالم الع ربي فهو يجبن عن ذلك وال يملك ع رض وجهة النظر بح ال من‬

‫األحوال ‪ ,‬إنه ال يعرض إال وجهة نظر واحدة وضعيفة أيضا ً ‪ ,‬وأما وجه ات النظر األخ رى فهو‬

‫ال يجرأ على عرضها أبداً ‪ .‬إذن ال بد من تنقية أجهزة اإلعالم وصياغة سياسته ص ياغة إس المية‬

‫ليكون رافداً من روافد الدعوة ‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬ضرورة ضبط مناهج التعليم وربطها بدين هذه األمة وتاريخها وحاضرها ومستقبلها حتى‬

‫يتخ رج جيل م ؤمن يع رف دينه تق ول التق ارير األمنية إن تك ثيف الم واد الدينية هو ال ذي يولد‬

‫المتطرفين ‪ ,‬وتدريس التاريخ اإلسالمي والجهاد يولد روح الفداء في نف وس الش باب ‪ ,‬والواقع أن‬

‫تكثيف المواد الشرعية واإلسالمية هو الذي ينتج العلم الصحيح ال واقي من االنح راف ‪ ,‬أما أولئك‬

‫الذين يظنون أنهم سيحولون بين األمة ودينها وبين األمة ولغتها وبين األمة وتاريخها فهم مغرقون‬

‫في ال وهم ‪ ,‬فاإلس الم ق ادم ال محالة وإذا ك انوا يح اربون اإلس الم فليبش روا بالخيبة والخس ار‬

‫والهزيمة ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬ضرورة إصالح األوضاع الش رعية واألخالقية في المجتمع ات اإلس المية وحمايتها من‬

‫االنحالل الخلقي وإيجاد ودعم المؤسسات اإلص الحية القائمة على حماية اآلداب واألخالق واألمر‬

‫ب المعروف والنهي عن المنكر ‪ .‬إنه كما يوجد جه از مختص لمكافحة المخ درات يجب أن توجد‬

‫أجهزة قوية ممكنة وذات صالحية واسعة أيضا ً في مكافحة ألوان الجرائم ال تي ال يقرها الش رع ‪.‬‬

‫وأول ما يجب أن يساند هذه الجهات ‪ :‬الق انون نفسه أو النظ ام ‪ ,‬فال مع نى لوج ود جه از لمكافحة‬

‫الرذيلة والبغاء في بلد يسمح قانونه بالزنا ويسكت عنه ‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬

‫سادسا ً ‪ :‬ضرورة العدل وإعطاء ذوي الحقوق حقوقهم ‪ ,‬سواء ك انت ه ذه الحق وق حقوقا مالية أو‬

‫كانت حقوقا شخصية أو سياسية أو غير ذلك ‪ ,‬فإن المجتمعات ال يمكن أن تق وم على الظلم أب داً ‪,‬‬

‫وهللا تعالى ينصر الدولة العادلة ولو كانت ك افرة ‪ ,‬وال ينصر الدولة الظالمة ولو ك انت مس لمة ‪.‬‬

‫ومن الظلم سرقة أقوات الناس وأموالهم ‪ ,‬ومن الظلم بل من أبشع الظلم أخذ الناس بما لم يفعل وا ‪،‬‬

‫ومن الظلم حبس الن اس بالتهمة والظن ‪ ،‬ومن الظلم س رقة نت ائج االنتخاب ات في البالد اإلس المية‬

‫كما حصل في الجزائر ثم يقول ون حصل التط رف وحصل العنف وحص لت االغتي االت في حين‬

‫يس كتون عن إه دار رأي ثم انين بالمائ ة من الش عب الجزائ ري المس لم ‪ .‬وأخشى ما نخش اه أن‬

‫يكرروا هذه العملية نفسها في بالد أخرى كاليمن ال تي هي مقبلة على انتخاب ات بعد ف ترة قريب ة ‪,‬‬

‫ونسأل هللا تع الى أن ال يك ون ذلك وأن يك ون أش غل ه ؤالء بأنفس هم فمصر ال تي دعمت الجزائر‬

‫برج ال األمن والش رطة هي اآلن مش غولة بمش اكلها الداخلية وقالقلها عن غيرها أو لعلها ك ذلك‪.‬‬

‫ومن الظلم أيضا ً التفاوت الش ديد بين الن اس في كل ش يء في أرزاقهم وأم والهم وم راتبهم وغ ير‬

‫ذلك ‪ ,‬فاهلل تعالى يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحش اء والمنكر والبغي ‪,‬‬
‫وإذا أردنا للمجتمع ات اإلس المية أن تك ون مجتمع ات مس تقرة منتجة متآلفة فعلينا أن نقيمها على‬

‫أساس العدل ‪.‬‬

‫فهذه األسباب الخمسة ال بد منها في مقاومة ما يس مى ب الغلو ‪ ,‬ثم ي أتي بع د ذل ك الس بب الس ادس‬

‫واألخير وهو ‪ :‬ال مانع من مناقشة األفك ار والحجج والش بهات ال تي يت ذرع بها ه ؤالء وتفني دها‬

‫وال رد عليها وتطعيم الن اس ض دها لئلا يغ تروا بها ‪ ،‬فنحن نق ول فعالً ب أن الغلو هو اآلخر خطر‬

‫على اإلسالم كما أن التفريط خطر ‪,‬‬

‫كال طرفي قصد األمور ذميم‬ ‫وال تغلو في شيء من األمر واقتصد‬

You might also like