Professional Documents
Culture Documents
الفصل الأو2
الفصل الأو2
ّ الفصل
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
األول
الفصل ّ
الوطنية
ّ معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة
المحددات القانونية–
ّ -بحث في
الجزائرية للعدالة
ّ نزوالً عند مقتضيات بحثنا الذي يتناول مسألة المقاربة
أن هذه األخيرة تنطلق من فرضية مفادها ضرورة معالجة أثار
االنتقالية ،من حيث ّ
1
أي محاولة
ّ بأن
ّ تسليمنا من وانطالقا ، الماضي لبناء المستقبل في كنف المصالحة الوطنية
طالع بمعالجة دقيقة
لمقاربة قضية أثار الماضي ال يمكن لها أن تتأتّي بمنأى عن االض ّ
بأنه من
للمحددات التي يحكمها سياق كل تجربة بخصوصياتها ،ارتأينا ّ
ّ وقراءة موضوعية
الجزائية ،والتي يمكن أن
ّ الوطنية
ّ محددات مسار المأساة
األهمية بما كان الوقوف علي ّ
ّ
مما أفرز حالة من
الديمقراطي 9التعددي (مبحث ّأول)ّ ،
نختزلها في إخفاق 9عملية البناء ّ
العنف المسلّح التي طرحت 9كإطار 9للمأساة الوطنية(مبحث ٍ
ثان).
األول
المبحث ّ
الوطنية
ّ الديمقراطي التّعددي كخلفية للمأساة
إخفاق مشروع البناء ّ
-قراءة في العوامل –
1
)- YOUSSEF Nada, la transition démocratique et la garantie des droits fondamentaux, U.P.E, Paris,
2010, p.63.
السياسي الجزائري (
النظام ّ
السياسية العربية ،دراسة حالة ّ
النظم ّ
الديمقراطي في ّ
) -بلعور مصطفي ،التحول ّ
2
الديمقراطي
) -لمزيد من التّفاصيل حول خلفيات انتفاضة اكتوبر 1988راجع :طعيبة احمد ،أزمة التّحول ّ
1
الدولية ،فرع
السياسية والعالقات ّ
في الجزائر ،1994-1988رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم ّ
السياسية واإلدارية ،جامعة الجزائر ،1998ص.78-62 .
السياسي واإلداري ،معهد العلوم ّ
التّنظيم ّ
الرأسي على ّأنه قيام قادة الحكم مهما كانت طبيعتهم مدنية أو سياسية بمبادرة تغير
) -يعرف نمط التّحول ّ
2
السلطة الرئاسية كامتداد 9لسلسلة اإلصالحات "المحتشمة" * لقد انبعث مشروع التّحول ّ
الديمقراطي من وحي ّ
والمناسباتية المنتهجة منذ ،1981والتي أعلنت فشلها على وقع الحراك ال ّشعبي الذي اعتبر تجسيما لألزمة
الدستورية السابقة في
الخانقة التي عايشتها الجزائر في تلك الحقبة ،أنظر في ذلك :سكيل رقية" ،التّعديالتّ 9
الدول العربية على ضوء
الدستورية في ّ
الدولي حول التّعديالت ّ
الجزائر" ،مداخلة ملقاة في إطار فعليات الملتقى ّ
الدولية الراهنة –حالة الجزائر ،-جامعة حسيبة بن بوعلي ،ال ّشلف ،يومي 06-05ديسمبر،2012
المتغيرات ّ
ّ
ص.9-8 .
-)3بلعور مصطفي ،مرجع سابق ،ص.27.
13
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الديمقراطي
نعوز هذا اإلخفاق 9بدرجة أولى إلى كل من؛ واجهية مشروع البناء ّ
للدولة التي فشلت
المؤسساتية ّ
ّ السياق الجزائري (مطـلب ّأول) ،ثم هشاشة البنية
في ّ
الدولة (مطلب ٍ
ثان). في ضمان استمرارية ّ
المطلب اّألول
الديمقراطي الّتعددي
واجهية مشروع البناء ّ
شر–
-قصور اإلطار القانوني كمؤ ّ
األول
الفرع ّ
دستور1989
الدستور-
–دستور أزمة أم أزمة ّ
14
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
-)1لقد عرفت الجزائر المستقلة على مدار أزيد من 50سنة ثمانية دساتير يمكن تقسيمها من حيث جهات
وظروف وضعها إلى أربعة دساتير شكلية "كبيرة" ،هذه األخيرة بدورها يمكننا تقسيمها من حيث التّوجه
إلى دساتير برنامج ودساتير قانون ،وأربعة دساتير مادية صغيرة ،وهو ما يعكس ديناميكية األيديولوجي لها
النظام الجزائري ،كترجمة القتران جل
الدستورية الجزائرية التي تعد من مؤشرات عدم استقرار ّ
الحركة ّ
التّعديالت 9التي عرفتها الدساتير الجزائرية بمفهوم األزمة .
صدوق عمر" في تفسيره لمفهوم اإلصالح بأنه" :يعني الحكم المطلق على الوضع السابق
) -يذهب األستاذ" ّ
2
والحالي بأنه فاسد والبد من إصالحه ،وكذلك الحكم على اإلجراءات الجديدة بأنها إيجابية وصالحة" وبالتالي هو
اعتراف بفشل التّوجه السابق من جهة ،وفرض قسري للتّوجه الجديد من جهة أخرى ،أنظر في ذلك :صدوق
عمر ،أراء سياسية وقانونية في بعض قضايا األزمة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1995 ،ص.90.
-)3يعتبر تمرير مشروع تع99ديل دس99تور 1976عن طري99ق االس99تفتاء دون الم99رور على المجلس الش99عبي الوط99ني
الدس 99تور أنظ 99ر في ذل 99ك :دس تور 1976الص 99ادر بم 99وجب المرس 99وم
مخ 99الف لألحك 99ام الدس 99تورية المتعلق 99ة بتع 99ديلّ 9
الرئاسي رقم ،97-76ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،94الصادرة في 24نوفمبر ،1976المواد من 191إلى .193
السياسي الجزائري ،دار الهدي ،الجزائر ،1993 ،ص.192.
) -بو الشعير سعيد ،النظام ّ
4
15
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ّأوالً
بال ّنسبة لتنظيم الحقوق والحريات
-إقرار دون تكريس-
بموجب استفتاء 23فيفري ،ج.ر.ج.ج.د.ش عدد ،09صادرة في 1مارس ،1989المواد من 28إلى.48
16
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
1
)- BRAHIMI Mohamed, Le pouvoir en Algérie et ses formes d’expression institutionnelle, O.P.U ,
Alger, 1995, p.51.
-)2تنص المادة 54من دستور1989على ما يلي" :الحق في اإلضراب معترف به ويمارس في إطار القانون،
الدفاع الوطني واألمن أو في جميع
يمكن أن يمنع القانون ممارس هذا الحق أو يجعل حدودا لممارسته في ميادين ّ
الخدمات أو األعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية للمجتمع" ،مرجع سابق.
النص
والحريات ،وغلبا ما يحيل ّ
ّ والحريات من بين أهم ضمانات تكريس هذه الحقوق
ّ -)3يعتبر تنظيم الحقوق
والحريات إلى التّشريع ،ولما كان من البديهي أن يصاحب هذا
ّ الدولة مسألة تنظيم هذه الحقوق
التّأسيسي في ّ
التنظيم بعض القيود على بعض الممارسات ،وجب ضبط ذلك في حدود معينة وبشروط صارمة من خالل
حصر الحاالت التي يجوز فيها الّتقييد 9،والّتأكيد على ضرورية مشروعية الهدف من التّقييد ،وهو ما ال نلمسه
الدولية
المشرع الجزائري ،أنظر في ذلك :قادري نسيمة ،الممارسة التّشريعية في مجال اآلليات التّشريعية ّ
ّ لدى
الدولة،
الخاصة بحقوق اإلنسان ،مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون ،فرع القانون العام ،تخصص تحوالت ّ
كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري تيزي وزو ،2009 ،ص.90.
ّ
النقابي،
)-نذكر منها :قانون رقم 14-90المؤرخ في 02جوان ،1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق ّ
4
هو ذلك الذي يتعلق بمرونة إجراءات وشروط إعالن الحالة 9االستثنائية ،ومطاطية بعض
المصطلحات وكذا غموض و/أو إبهام البعض اآلخر منها.1
ثانياً
عدم اكتمال أسس بناء دولة القانون
-)11
أن هامشية دور رئيس الحكومة الذي
الرغم من تبني دستور 1989مبدأ ثنائية الجهاز التّنفيذي إالّ ّ
*على ّ
السهر على تنفيذ القوانين والتّنظيمات،التعين في بعض
مجرد؛ تنسيق وتنفيذ برنامج حكومتهّ ،
يتلخص في ّ
السلطات الواسعة
الجمهورية ،هذا في مقابل ّ
ّ الوظائف الحكومية التي ال تنزوي ضمن المجال المحفوظ لرئيس
السلطة
المؤسس الجزائرية لثنائية ّ
ّ الجمهورية ،يدفعنا للقول بصورية اعتناق
ّ وال ّشبه مطلقة التي يتمتع 9بها رئيس
التنفيذية ،لمزيد من التّفاصيل حول اختصاصات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بموجب دستور
،1989راجع:
-BRAHIMI Mohamed, Op.cit, pp.72-80.
الصالحية ،تقصر هذهتشريعية مسبقة ،إالّ ّأنها في المقابل فرضت عليه جملة من القيود في سبيل ممارسة هذه ّ
األمة ،كما جعلت المادة 83
األخيرة على مجرد استشارة كل من رئيس المجلس ال ّشعبي الوطني ورئيس مجلس ّ
ألية جهة كانت،
من هذا الحق حقًا شخصياً لرئيس الجمهورية ،وهو ما يمكن استقراءه من خالل حظر تفويضه ّ
الدور التحكيمي الذي يتمتّع 9به هذا
الجمهورية هذا الحق إلى ّ
ّ ويرد األستاذ "براهيمي"السبب في تخويل رئيس
ّ
المؤسس الجزائري لم يشر صراحة
ّ النموذج الفرنسي للجمهورية الخامسة ،ولئن كان
األخير ،والمستوحى من ّ
المؤسس الفرنسي إالّ ّأنها تجد أساسها في فكرة التّجسيد التي اعتنقها
ّ إلى هذه الوظيفة على عكس لما ذهب إليه
الدستور ،لمزيد من التّفاصيل راجع :محمد براهيمي" ،حق الحل في
المؤسس الجزائري في إطار المادة 67من ّ
ّ
دستور ، "1989م.ج.ع.ق.إ.س ،عدد ،1993 ،1ص.80-74.
19
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
السلطة التّنظيمية
الدستور على سبيل الحصر ،أطلقت المادة ّ 116
مجاالً ،فضالً عن مجاالت أخرى يحددها ّ
يشرع فيها المجلس ال ّشعبي الوطني ،دستور ،1989مرجع سابق.
لرئيس الجمهورية خارج المجاالت التي ّ
-)2يتمتع رئيس الجمهورية بحق أصيل شخصي ومطلق في اللّجوء إلى االستفتاء ،ولما كانت القوانين
السيادة األصلي ،فهي تتبوأ مرتبة أعلى من تلك التي تتبوؤها
اإلستفتائية عبارة عن تعبير عن إرادة صاحب ّ
بالنسبة للمعاهدات
فعالة لتجاوز البرلمان ،أما ّ
للدولة ،مما يعتبر أداة ّ
القوانين العادية في تراتبية الهرم القانوني ّ
الدستور التي تقضي صراحة بسمو المعاهدات التي
الدولية فهي تجد أساس سموها في مضمون المادة 123من ّ
ّ
يصادق عليها رئيس الجمهورية على القانون ،أنظر في ذلك المواد ،169-123-83-74/9-7-6 :دستور
،1989مرجع سابق.
-)3المادة ،163من المرجع نفسه.
الدستور فوق الجميع ،وهو القانون األساسي
"إن ّ
) -تنص الفقرة 10من ديباجة دستور 1989على ما يليّ :
4
الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية ،ويحمي مبدأ حرية اختيار ال ّشعب ،ويضفي ال ّشرعية على
السلطات العمومية في مجتمع تسوده الشرعية ،ويتحقق
ممارسات السلطة ،ويكفل الحماية القانونية ،ورقابة عمل ّ
فيه تفتح اإلنسان بكل أبعاده" ،دستور ،1989مرجع سابق.
-)5تبنى المؤسس الجزائري مبدأ الرقابة على دستورية القوانين بموجب أول دستور للبالد إالّ ّأنه لم يبصر
طريقه إلى التأسيس بحكم تجميد العمل بهذا األخير بعد 23يوم من إصداره من خالل تفعيل السيد الرئيس
الرقابة على
األسبق "بن بلة" – رحمه اهلل -للمادة 59من هذا األخير وقد تراجع دستور 1976عن األخذ بمبدأّ 9
بالسهر على
دستورية القوانين وبقي الحال على ذلك إلى غاية صدور دستور 1989الذي أرسى ّأول هيئة مكلّفة ّ
النظام
الديمقراطية ال ّشعبية ،أنظر في ذلك :بو الشعير سعيدّ ،
الدستور في تاريخ الجمهورية الجزائرية ّ
احترام ّ
السياسي الجزائري ،مرجع سابق ،ص.407.
ّ
20
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المكرسة بموجب المادة 40من دستور ،1989لكن وفقا لنموذج خاص وهو
ّ الحزبية
المؤسس الجزائري لمعترك
ّ مما يوحي (باحتّشام) دخول
السياسي ّ ،
1
الجمعيات ذات الطابع ّ
التّعددية الحزبية.
وفي هذا الصدد ذهب األستاذ "عمر صدوق" في معرض تفسيره لدالالت اعتماد
السياسي دون مصطلح األحزاب
طابع ّ
المؤسس الجزائري لمصطلح الجمعيات ذات ال ّ
ّ
السياسي ،إلى اقتراح ثالث احتماالت ممثّلة في:
السياسية من الجانب ّ
ّ
الرغب 99 9ة في تض 99 9ييق مج 99 9ال نف 99 9وذ التّعددي 99 9ة لينحص 99 9ر دوره 99 9ا في المعارض 99 9ة دون
الفعلية المؤثرة .
ّ المشاركة
استبعاد انتعاش أو قيام أحزاب معينة.
افتراض عدم وجود أو قيام أحزاب مؤهلة أو قادرة على خوض المعركة
االنتخابية.2
يكرسها
أقر التّعددية الحزبية لكنه لم ّ
المؤسس الجزائري قد ّ
ّ بأن
مما يدفعنا إلى القول ّ
في واقع األمر.
الدستورية الجديدة غير المكتّملة البناء ،فتح دستور1989
في إطار هذه الخيارات ّ
جسده عدم اكتّمال النص المنظّم إلجراءات اإلنابة
منفذا قانونيا (لالنقالب على نفسه)ّ ،
الجمهورية باالستقالة ورئيس المجلس ال ّشعبي
ّ في حالة الشغور المزدوج لمنصبي رئيس
الناحية القانونية .3ليدخل
الوطني بالحل ،وهو ما سارع في تجميد العمل بهذا األخير من ّ
دستورية.
ّ األزمة في ّأزمة
بذلك دستور ّ
-)1تنص المادة 40من دستور 1989على ما يلي" :حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به"،
المرجع نفسه.
-)2صدوق عمر ،مرجع سابق ،ص.51.
أي حكم بشأن مساهمة
الناحية القانونية في عدم إيراد دستورّ 1989
األول تبريره من ّ
-في رأينا يجد االحتمال ّ
األغلبية الحزبية في تشكيل الحكومة.
-)3بلودنين أحمد ،األزمة السياسية في الجزائر وتضخم اللّجان الوطنية لإلصالح ،رسالة من أجل الحصول
على شهادة الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة بن يوسف بن خدة ،الجزائر ،2007،ص.16.
22
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الفرع الثّاني
التعددي
تعبئة المنظومة التّشريعية في مواجهة التّكريس ّ
ّأوالً
السياسي
قانون الجمعيات ذات الطّابع ّ
-التّوجه نحو اإلقرار التّعددي المفتوح -
المشرع ،استكماال لعملية هيكلة اإلطار القانوني لتّعددية الحزبية إلى إصدار
ّ عمد
السبيل
السياسي ،مفسحا بذلك ّ
القانون رقم 11-89المتعلق بإنشاء الجمعيات ذات الطابع ّ
إلى الممارسة التّعددية في حدود جملة من األطر القانونية التي يطغى عليها عامل
المرونة ،حيث أوقف القانون رقم 11-89حق إنشاء حزب سياسي على مجرد استيفاء
العامة التي يمكن تلخيصها في عدم مناقضة طبيعة الجمعية ذات الطّابع
جملة من ال ّشروط ّ
السياسي ،وعدم الخروج 9عن أهدافها ،1فضال عن استنفاذ مجموعة أخرى من اإلجراءات
ّ
البسيطة.2
-)1أنظر في ذلك :المواد من 3إلى ،10من قانون رقم ،11-98المؤرخ في 05جويلية ،1989يتعلق
بالجمعيات ذات الطّابع السياسي ،ج.ر.ج.ج.د.ش عدد ،27الصادرة بتاريخ 5جويلية ،1989معدل ومتمم.
-)2أنظر في ذلك :المواد من 11إلى ،20من المرجع نفسه.
23
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
1
بأن االعتراف
الفتية ،إذا ما سلّمنا ّ
هذا،ما أفرز تضخما بالغا في عدد األحزاب ّ
أن يكون إالّ مجرد اعتراف
بالنسبة لمجموعة من األحزاب ّ
ّ التحزب لم يعدو
ّ القانوني بحق
المؤسس
ّ بأن اعتماد
كاشف ،وهو ما يذهب األستاذ "عمر صدوق" بصدده إلى القولّ ،
الدستور لم يسقط بصفة
الجزائري مصطلح معترف به في معرض المادة 40من ّ
السياسي
أن التّعدد الحزبي كان قائما في الواقع ّ
اعتباطية ،وإ ّنما بقصد الداللة على ّ
وأن دور هذا األخير قد اقّتصر على تقنين واقع
الجزائري من قبل إصدار دستورّ ،1989
وطبعه بطابع المشروعية.2
واالستمرارية عن
ّ الديمومة
ساهم هذا اإلقرار التّعددي المفتوح في إسقاط طبيعة ّ
مؤسسة قائمة على تنفيذ مشروع سياسي.
السياسية ،من حيث ّأنها مشروع ّ
األحزاب ّ
ثالثاً
توظيف المنظومة االنتخابية
بعد النتائج غير المتوقعة التي أفرزتها التّجربة التعددية الرائدة في الجزائر ،والتي
3
بد من إعادة هيكلة
أسفرت عن فوز الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) ،لم يكن هنالك ّ
-)1بلغ عدد األحزاب المعتمدة في نهاية سنة51،1991حزبا راجع في ذلك :طعيبة أحمد ،مرجع سابق ،ص.
.136
-)2ي99ذهب األس99تاذ "عم ر ص دوق" إلى الق99ول ب99أن اعتم99اد المؤ ّس 9س مص99طلح مع99ترف ب99ه في مع99رض الم99ادة 40
السياس99ي
من الدس99تور لم تكن بص99فة اعتباطي99ة ،وإ نم99ا بقص99د الدالل99ة على أن التّع99دد 9الح99زبي ك99ان قائم99ا في الواق99ع ّ
الجزائ99ري من قب99ل ص99دور دس99تور 1989ال99ذي اقتص99ر دوره على تق99نين واقع99ا وطبع99ه بط99ابع المش99روعية ،أنظ99ر
في ذلك صدوق عمر ،مرجع سابق ،ص.74.
-)3أسفرت نتائج االنتخابات المحلية التي أجريت بتاريخ 12جوان 1990عن الفوز (الساحق) للجبهة اإلسالمية
لإلنقاذ (المحلّة) بحيث حصدت لوحدها 854مجلسا بلدياً من مجموع 1541مجلسا بلدياً ،و 32مجلسا والئياً
من مجموع 48مجلسا والئياً ،أي بمعدل %45.66من المجالس البلدية و%55.04من المجالس الوالئية ،تليها
مباشرةً جبهة التحرير الوطني التي حصدت 488مجلسا بلديا و 14مجلسا والئيا ،أي بمعدل %36.60من
=المجالس البلدية و %36.61من المجالس الوالئية ،لمزيد من التفاصيل حول نتائج االنتخابات راجع :طعيبة
24
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المنظومة االنتخابية وذلك عن طريق تعديل كل من قانون االنتخابات وقانون تقسيم الدوائر
االنتخابية التي طالت طائفة مهمة من األحكام لع ّل أهمها ما يلي :
-)1أهم التّعديالت التي طالت قانون االنتخابات:
تتجلي أهم التّعديالت التي طالت قانون االنتخابات في:
المشرع الجزائري عن ما كان معموال به في ظل
ّ تعديل نمط االقتراع أين تراجع
النس99 9بي على القائم99 9ة الواح99 9دة م99 9ع
الق99 9انون رقم ،13-89من تب99 9ني نم99 9ط االق99 9تراع ّ
أفض99لية األغلبي99ة في دور واحد ،1إلى تب99ني نظ99ام االق99تراع الف99ردي في دورين ،م99ع
ش99رط تحص99ل أح99د المترش99حين المتنافس99ين لكي يف99وز بالمقع99د في ال99دور األول على
تم إج 99راء دور ث ٍ 9
9ان بين المتنافس 99ين طلَقَ 9ْ 9ة لألص 99وات المع 99بر عنه 99ا ،وإ الّ ّ
الم ْ
األغلبي 99ة ُ
اللّ 99 9ذين احتال المرتب 99 9ة اّألولى والثّاني 99 9ة ،وه 99 9و م 99 9ا يس 99 9مح ألح 99 9دهما بالحص 99 9ول على
طلَقَة.29
الم ْ
األغلبية ُ
إعادة تحديد مسألة الوكالة وتنظيمها بمعدل توكيل واحد فقط لكل ولي.3
لطة: الس
زب ّ دم ح ا يخ ة بم دوائر االنتخابي يم ال ادة تقس -إع
الدوائر االنتخابية ،مع األخذ بمعيار المساحة الجغرافية 9بدالً
تم إعادة تقسيم ّ
ّ
السكانية العالية
السكانية ،وعليه لم تحصل المناطق ذات الكثافة ّ
من األخذ بمعيار الكثافة ّ
مما
السكانية ذات الكثافة البسيطةّ ،
على تمثيل كبير إالّ بفارق ضئيل بالمقارنة مع المناطق ّ
سمح بتمثيل أكبر للمناطق الريفية والمدن الجنوبية التي ٌعرفت بوالئها لجبهة التحرير
-)2الم 99 9واد 84مك 99 9رر ،3-2-1من ق 99 9انون رقم 06-91الم 99 9ؤرخ في 02أفري 99 9ل ،1991متعل 99 9ق باالنتخاب 99 9ات،
ج.ر.ج.ج.د.ش عدد ،14الصادرة بتاريخ ،1991معدل ومتمم.
-)3المادة ،54المرجع نفسه.
25
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الوطني ،على حساب المناطق ذات التّجمعات السكانية المرتفعة ،التي فازت الجبهة
اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) بأغلب أصوات سكانها.1
السياسية ،2في طليعتها الجبهة
قوبلت هذه التّعديالت برفض أغلب التّشكيالت ّ
اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) ،وقد أدى تعاقب األحداث إلى إعالن هذه األخيرة للعصيان
3
السيد
حدة االضطرابات أقدم ّ
المدني مما أفرز ما سمي بأزمة صيف ، 1991ومع تصعيد ّ
الرئيس "شادلي بن جديد"-رحمه اهلل -إلى إعالن حالة الحصار لمدة 4أشهر بهدف
ضمان استتباب األوضاع ،4وإ لغاء المرسوم الرئاسي رقم 84-91المتضمن استدعاء
هيئة الناخبين إلجراء انتخابات تشريعية مسبقة.5
بدأت األوضاع في أخذ منحاها الطّبيعي نسبيا بعد إعالن قيادة الجبهة اإلسالمية
لإلنقاذ (المحلّة) عن توقيف اإلضراب ،في أعقاب سلسلة من المفاوضات جمعت بين
والسيد رئيس الحكومة"سيد أحمد غزالي" ،6الذي
قيادات الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) ّ
المطلب الثّاني
للدولة
المؤسساتية ّ
ّ هشاشة البنية
المدني ،والتى تغيبت عنها مجموعة مهمة من األحزاب في طليعتها الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) بفعل
السيد "سيد أحمد غزالي" إلى تعديل كل من قانون االنتخابات وقانون تقسيم
اعتقال رؤسائها ،انتهى من خاللهما ّ
الدوائر االنتخابية ،لمزيد من التفاصيل راجع :طعيمة أحمد ،مرجع سابق ،ص.180-173.
ّ
الناخبين إلجراء
) -مرسوم رئاسي رقم ،386-91مؤرخ في 16أكتوبر ،1991يتضمن استدعاء هيئة ّ
3
الفرع اّألول
الدولة في ضوء البدائل
الدستورية في ضمان استمرارية ّ
المؤسسات ّ
ّ إخفاق
المتاحة
الدستورية دورا محوريا
المؤسسات ّ
ّ في ضوء جملة من البدائل المطروحة لعبت
في تحديد مآالت األزمة ،منها ما هو إيجابي ويتعلق بدور رئيس الجمهورية في افتعال
الفراغ المؤسساتي ،ومنها ما هو سلبي والذي يتعلق بإحجام رئيسي كل من المجلس
الشعبي الوطني والمجلس الدستوري عن اتخاذ الخطوات القانونية الالّزمة لدرئ األزمة.
ّأوالً
المؤسساتية
ّ شغور ودوره في افتعال األزمة
اقتران ال ّ
-)1لقد كان فوز الجبهة اإلسالمي لإلنقاذ (المحلّة) بأغلبية المقاعد في الدور األول من االنتخابات التشريعية
ِإي َذاناً بتشكل أغلبية ذات شرعية حقيقية في األفق ،وهو ما اعتبار بالنسبة لبعض التّشكيالت ّ
السياسية على رأسها
الديمقراطي في الجزائر ،لمزيد من التفاصيل حول
النخبة الحاكمة بأنه بداية العد العكسي للتأريخ لنهاية الحلم ّ
ردود األفعال عن فوز الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) راجع :طعيبة أحمد ،مرجع سابق ،ص.190-185 .
28
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
قرار التخلي عن مهامه في رئاسة الجمهورية ،1وهو القرار الذي أقرنه بحل المجلس
الشعبي الوطني.2
ة: تقالة رئيس الجمهوري تورية الس ة الدس كالية المطابق إش
السياسية،3
واالستقالة التي تنازعتها مختلف التّشكيالت ّ
ّ بين فرضيتي اإلقالة
وانطالقا من التّسليم جدال بالفرضية الثّانية ،نزوال عند تصريح رئيس الجمهورية في
معرض ّأول لقاء صحفي 9له بعد األزمة التي ألمت بالجزائر ،أين أكد بأنه استقال بمحض
إرادته ودون أي ضغط ،نتساءل عن مدى دستورية هذه االستقالة؟.49
لقد حاول األستاذ "سعيد بو الشعير" اإلجابة عن هذه اإلشكالية ،وقد انتهى في هذا
أن عدم إيراد
الصدد إلى التّأكيد على عدم دستورية استقالة رئيس الجمهورية ،انطالقا من ّ
الجمهورية بشغور
ّ نص المادة 84في معرضها أي حكم بشأن اقتران استقالة رئيس
الدستوري لفكرة
المؤسس ّ
ّ المجلس ال ّشعبي الوطني يتجلي منه بمفهوم المخالفة 9رفض
بأن االستقالة في تلك الظروف غير العادية تتنافي مع
االستقالة في ظل هذه الحالة ،مؤ ّكدا ّ
روح الدستور ألسباب عديدة منها :
بالدستور بصفة
أن االستقالة جاءت في وقت يصعب فيه ضمان استمرارية العمل ّ
ّ
كلّية إالّ إذا كان الرئيس مصرا على إحداث أزمة دستورية.
الدستورية الملقاة 9على
أن االستقالة في تلك الظروف تتنافى مع أبسط الواجبات ّ
عاتق الرئيس.
-)1بوالشعير سعيد" ،وجهة نظر قانونية حول استقالة رئيس الجمهورية في 11جانفي 1992وحل المجلس
ال ّشعبي الوطني" ،إدارة ،مجلة سداسية تصدر عن مركز التّوثيق والبحوث اإلدارية ،1993 ،ص.11-10.
2
-( BOUSSOUMAH Mohamed ,Op.cit,p.47.
بأن االقتراح الذي أورده األستاذ "بوسوماح" لم يكن بأي شكل من األشكال قابال للتّجسيد في ظل غياب
-نجد ّ
دستوري لجهة االتّهام ،اإلجراءات المتّبعة لتقرير هذه المسؤولية ،الجهة التي تتولى النظر في مدى توافر
السيد رئيس الجمهورية
اءلَ ْة ّ
عناصرها وإ صدار الحكم بشأنها ،مما يرهن أي احتمال كان واردا بشأن ُم َس َ
"الشادلي بن جديد"-رحمه اهلل.-
30
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
أن رئيس
أما الثّاني ،فيتعلق بالخيار الذي طرحه 9األستاذ "فوزي أوصديق"من ّ
ّ
الجمهورية كان بمقدوره اللّجوء إلى إعالن حالة الطوارئ استنادا إلى أحكام المادة87
ّ
من الدستور.3
ني: عبي الوط الش
ل المجلس ّ تورية ح دم دس بهة ع
األول
تنازع فكرة مدى دستورية حل المجلس ال ّشعبي الوطني من عدمه اتجاهان؛ ّ
أن دستورية الحل من عدمه ال يجب أن
السيد "علي هارون" والذي يذهب إلى ّ
بقيادة ّ
فإن الحل
تطرح البتّة ذلك أن هذا األخير قد أنهى عهدته بتاريخ 04/01/1992وبالتالي ّ
2
يفنده األستاذ بوسوماح والذي أ ّكد
ال يعدو أن يكون إالّ إجراء شكلي ،وهو الرأي الذي ّ
بأن نهاية عهدة المجلس الشعبي الوطني تتزامن و تاريخ 06مارس .31992
ّ
أماّ االتّجاه الثّاني فهو يثير شبهة عدم دستورية الحل وقد أوردوا في ذلك عدة حجج
نجملها فيما يلي:
أي من آليه الحل الرئاسي أو
أن اعتماد ّ
لما كان بمفهوم المادة 120من الدستور ّ
فإن لجوء السيد رئيس
إجراء انتخابات تشريعية مسبقة يقصي أحدهما اآلخرّ ،
الجمهورية إلى إعمال سلطته في الحل رغم أنه سبق و أن أعلن عن إجراء
انتخابات تشريعية مسبقة يثير شبهة عدم دستورية هذا اإلجراء.1
السيد "عبد العزيز بلخادم"
وقوفا عند تصريح رئيس المجلس الشعبي الوطني ّ
القاضي بعدم استشارة السيد رئيس الجمهورية له قبل اإلعالن عن إجراء الحل،2
السيد رئيس
خالفا ألحكام المادة 120/2من الدستور ،يظهر جليا عدم استنفاذ ّ
المؤسس كشرط لصحة إجراء الحل.3
ّ الجمهورية لإلجراءات الشكلية التي وضعها
وهو ما يجعلنا نذهب إلى تحميل رئيس المجلس الشعبي الوطني مسؤولية عدم
الدستوري للنظر في مدى دستورية إجراء الحل من عدمه ،الذي كان
إخطار المجلس ّ
المؤسساتي الذي تخبطت فيه الدولة في تلك الحقبة.4
ّ من شأنه أن يحول دون افتعال الفراغ
-)1بوالشعير سعيد" ،وجهة نظر قانونية حول استقالة رئيس الجمهورية بتاريخ 11جانفي 1992وحل المجلس
ال ّشعبي الوطني" ،مرجع سابق ،ص.16-15.
السيد رئيس المجلس ال ّشعبي الوطني قائال" :لألمانة فأنا لم أستشر" نقال عن :طعيبة أحمد،
صرح ّ
) -حيث ّ
2
ثانياً
الدستوري
إشكالية تحفظ المجلس ّ
المحدد
ّ الدستور ،والمادة 16من النظام
نزوالً عند مقتضيات المادة 84من ّ
الدستوري بقوة القانون إلثبات الشغور النهائي لمنصب رئاسة
لقواعد عمله اجتمع المجلس ّ
الجمهورية باالستقالة ،1وقد انتهى إلى إصدار بيان يمكن تقسيمه إلى ثالث محاور؛ أما
األول فيتعلق بإثبات الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية باالستقالة ،في حين يذهب المحور
أي حكم
أن المادة 84ال تورد في فحواها ّ
الدستوري من حيث ّ
الثاني إلى تقرير الفراغ ّ
بشأن اقتران استقالة رئيس الجمهورية بحل المجلس ال ّشعبي الوطني ،أماّ بالنسبة للمحور
الدستوري بااللتزام بالسهر على ضمان استمرارية الدولة على
الثالث ُفيلقي فيه المجلس ّ
للمؤسسات والنظام
ّ للسير العادي
الضرورية ّ
الدستورية وتوفير الشروط ّ
المؤسسات ّ
ّ عاتق
الدستوري وهو ما من شأنه أن يرتّب جملة من المالحظات نجملها فيما يلي:
مبرر لتَقٌَّيد
المالحظة األولى التي نوردها في هذا الصدد تتمثل في عدم وجود ّ
المجلس الدستوري في تفسيره لفحوى المادة 84من الدستور بحرفية النص ،وهو ما
يعتبره األستاذ "بوسوماح" قراءة سياسية أكثر منها قانونية لنص المادة ،من حيث أن هذا
األخير رفض قراءة كل من الفقرتين 9و 10من المادة 84قراءة متالزمة ،على الرغم
المشرعين الدستوريين في القانون المقارن قد دأبوا على االستناد إلي روح النص
ّ أن
من ّ
النص األساسي
أو الربط بالحاالت المشابهة لسد الثّغرات ،أو تفسير الغموض الذي يعتري ّ
في الدولة.2
بأنه من غير المنطقي اكتفاء المجلس
أما المالحظة الثّانية فتتمثّل في ّأننا نجد ّ
ّ
السائدة في البالد ،في الوقت
أن االستقالة 9كانت مرتبطة باألوضاع ّ
الدستوري باإلشارة إلى ّ
ّ
،1989مرجع سابق.
2
-(BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.53.
34
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الذي كان من المفترض أن يبحث فيه مدى دستورية االستقالة ،أفال يعتبر ذلك خروجا
الدستورية دون رقابة المالئمة.1
عن صالحياته وهو المناط برقابة ّ
الدستوري التحفظ حول (التّكليف العام)
كما نّؤ كد على عدم مقبولية إيثار المجلس ّ
المؤسس والمتمثل في السهر على احترام الدستور ،2والذي يفرض عليه من
ّ الذي أناطه به
السيد رئيس الجمهورية ،أو تقرير أهلية رئيسه في تولي مهام
إما رفض استقالةّ 9
باب أولى ّ
الدولة إن لم يكن ذلك باعتماد قراءة واسعة لنص المادة 84من الّدستور ،فمن
رئاسة ّ
الدستوري نفسه في فقرته األخيرة ،3بدال من تخويل نفسه سلطة
خالل بيان المجلس ّ
الدولة" ،4غير متفق حول مصداقية
في الكشف عن نظرية "استمرارية ّ قاعدية
اعتمادها في تلك الظّروف ،5والتّنصل من التزاماته بإلقاء هذا االلتزام على جميع
-)1أنظر في ذلك :بو الشعير سعيد" ،وجهة نظر قانونية حول استقالة رئيس الجمهورية بتاريخ 11جانفي
1992وحل المجلس ال ّشعبي الوطني" ،المرجع السابق ،ص.16.
-)2أنظر في ذلك :المادة 153من دستور ،1989مرجع سابق.
-)3بوالشعير سعيد" ،وجهة نظر قانونية حول استقالة رئيس الجمهورية بتاريخ 11جانفي 1992وحل المجلس
ال ّشعبي الوطني" ،مرجع سابق ،ص.16.
الدولة نحيل القارئ إلى :بن مالك بشير ،نظام االنتخابات
النظري لنظرية استمرارية ّ
) -للتّفصيل في اإلطار ّ
4
الرئاسية في الجزائر ،رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أبي
بكر بلقايد ،تلمسان ،2011،ص.200-195 .
-)5في الوقت الذي ذهب فيه األستاذ "براهيمي" إلى أن الجزائر في أعقاب الشغور المزدوج لمنصبي رئاسة
الدولة ،أوالً بفعل شغور منصب
الجمهورية و رئاسة المجلس ال ّشعبي الوطني كانت فعال إزاء معضلة استمرارية ّ
الدولة ،وعلى
شخصية ّ
ّ األمة التي تقوم عليها مقومات
ثانيا بفعل خطر انفجار ّ
الدولة ،و ً
مجسد ّ
ّ رئيس الجمهورية
أن
بالرغم من ّ
النقيض من ذلك ذهب األستاذ بوسوماح إلى أن استمرارية الدولة لم تكن البتّة محل تهديد ،فعلي ّ
الدولة في ظل
يؤدي إلى اندثار ّ
أن غيابه ال ّ
الدستوري الجزائري ،إالّ ّ
النظام ّ
رئيس الجمهورية ُيعتبر مفتاح قبة ّ
الدستورية ،وبقاء اإلدارة تأتمر بأمر الحكومة،
بقاء الحكومة ورئيسها الذي أ ّكد بأنه سوف يمارس سلطاته ّ
الصدد ببعض
ودوران اآللة االقتصادية ،ناهيك عن ممارسة القضاء لمهامه الدستورية ،كما استشهد في هذا ّ
الدولة لم تكن
أن استمرارية ّ
مرت بحالة مماثلة للحالة الجزائرية في 11جانفي 1992إالّ ّ
التّجارب المقارنة أين ّ
محل تساؤل،
-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit,p.90 ; Voir aussi : BOUSSOUMAH Mohamed ,Op.cit ,pp.48-49.
35
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ّأوالً
توقيف المسار االنتخابي
شعبية -
-بين إنقاذ الجمهورية ومصادرة اإلرادة ال ّ
المتضمن تنظيم
ّ -)4المادتين 2 9و ،3من مرسوم رئاسي رقم ،196-89المؤرخ في 24أكتوبر ،1989
،الصادرة بتاريخ 27أكتوبر.1989
المجلّس األعلى لألمن وعمله ،ج.ر.ج.ج.د.ش عددّ 45
1
)- Voir :BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.88.
-)2المادة ،162من دستور ،1989مرجع سابق؛ أنظر كذلك :المادة 3من مرسوم رئاسي رقم ،196-89
مرجع سابق.
صرح األستاذ "علي هارون" بأن قرار توقيف المسار االنتخابي قد تم اتخاذه في مجلس الحكومة بعد
) -لقد ّ
3
مرور 3أيام من تاريخ إعالن نتائج الدوراألول من االنتخابات التشريعية 9،وقد عهد المجلس بمهمة إيجاد حل
مقبول قانونيا ومبرر سياسيا لمنع الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) من الوصول إلى البرلمان -مهما كلف األمر
السيد "سيد
ذلك -إلى لجنة مكونة من أربع شخصيات ،شخصيتين مدنيتين تم انتدابهما من قبل رئيس الحكومة ّ
والسيد "أبوا بكر بلقايد" ،وشخصيتين منتدبتين 9من قبل
السيد "علي هارون" ّ
أحمد غزالي" ممثلتين في كل من ّ
السلطة العسكرية ممثلتين في الجنرالين "عبد المجيد" و "تواتي" ،أنظرفي ذلك:
- ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes(1991-1992), pp.187-192.
-)4أنظر في ذلك :ص من 26-23من هذا البحث.
37
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
للسير
الضرورية ّ
تحت عنوان استحالة مواصلة المسار االنتخابي حتى تتوافر ال ّشروط ّ
للمؤسسات.1
ّ العادي
الديمقراطية ،حماية الدولة من حرب
ولئن كانت ذرائع إنقاذ الجمهوريةّ ،
أهلية ،2توظيفا للخطاب المعارض لهذه المقومات الذي تبنته الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ
3
السياسية للبعض -مع
(المحلّة) ،مسوغا كافيا لتوقيف المسار االنتخابي من الناحية ّ
للدعائم األساسية لهذه المقومات،
إهدار ّ
ً التحفظ ،4 -إالّ ّأنها من الناحية القانونية تعتبر
أن توقيف المسار االنتخابي من منطلق فرض الوصاية على ال ّشعب يعتبر مصادرة
بحيث ّ
لإلرادة ال ّشعبية ومنه تنكرا لمبدأ السيادة ال ّشعبية التي كرسها الدستور في مادته ،57كما
أن توقيف
السيد "رضا مالك" إلى ّ
في اختبار يمكن أن يقود إلى تكريس أحادية حزبية جديدة"؛ في حين ذهب ّ
المسار االنتخابي إنما هو إنقاذ للجمهورية من خطر االندثار غفل عنه البعض رغم تبني الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ
(المحلّة) لخطاب العنف والذي تجلى بعد أحداث صيف ،1991ظهرت معه دالالت قاطعة بتوجه هذا األخير
أن الجبهة
السيد "خالد نزار" فقد ذهب إلى ّ
الجمهورية؛ "أما وزير الدفاع األسبق ّ
ّ الدولة
نحو تفكيك مقومات ّ
حمل نفسه مهمة حماية
الدولة اإلسالمية بالسيف والبندقية وأن الجيش ّ
اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) قد رفعت شعار ّ
الدولة من حرب أهلية محقّقة بتوقيف المسار االنتخابي" ،أنظر في ذلك:
-ALI Haroun et CHANGNOLLAUD Jean-paul, « Il fallait arrêter le processus électoral », In
Confluence Méditerranée, N°40, 2002, p.217 ;Voir aussi :ALI Haroun et autre, Algérie arrêt du processus
électoral enjeux et démocratie, publisud pour le monde hors Algérie, paris, 2002, p p.13-14.
-)3لمزيد من التفاصيل حول التّوجه ال ّشمولي للجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) ،راجع كل من :سيف الدين عبد
الديمقراطية رؤية من خالل الحدث الجزائري ،سلسلة كتب المستقبل
الفتاح إسماعيل ،التيارات اإلسالمية وقضية ّ
العربية ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت 1999 ،ص109-93.؛
-ALI Haroun et autre, Op.cit, pp.32-50.
لع ّل أبرز هذه التّصريحات ما تعلق بتنصيب محاكم شعبية لمحاكمة المسؤولين.
-)4لمزيد من التّفاصيل حول موقف التشكيالت السياسية من توقيف المسار االنتخابي راجع ،طعيبة أحمد،
مرجع سابق ،ص.207-204.
5
-( Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.88.
38
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
-)2لقد عرفت االنتخابات التشريعية تقديم 314طعنا في نتائج 140مقعدا شملت 44والية ،كما تّمت اإلشارة
من طرف الحكومة على لسان رئيسها بحدوث تجاوزات في عملية االقتراع السيما ما تعلق بشطب أسماء
أشخاص يحملون بطاقة انتخابية من لوائح البلديات التي تسيطر عليها الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلّة) ،وعدم
توزيع 300بطاقة ،راجع في ذلك :طعيبة أحمد ،مرجع سابق ،ص.175.
-)3أنظ99 9ر في ذل99 9ك :الم99 9ادة 153من دس99 9تور 1989؛ والم99 9واد من ،39-31من النظ99 9ام المح9ّ 9 9دد لقواع99 9د عم99 9ل
المجلس الدستوري ،مرجع سابق.
السيد" سيد أحمد غزالي" ما يناقضه في قوله :المسألة ليست معرفة إذا كنا في أو
) -وهو ما نجد في موقف ّ
4
الديمقراطية
خارج التّأسيس ّإنما المسألة هي إعطاء نظرة على متطلبات الحياة ومستقبل البالد ،إ ًذا ال نبحث عن ّ
الديمقراطية من أجل كشف حسابات وصيانة سلطة الفريق ،نقال عن:
الديمقراطية و ّإنما نريد ّ
من أجل ّ
-GHOZALI Nasser –eddine, L’Algérie dans tous ses états. de la crise à la démocratie orpheline, In Ou
va l’Algérie, karthala, 2001، p.41.
39
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ثانياً
الدولة
للدولة كهيئة فعلية لضمان استمرارية ّ
تنصيب المجلس األعلى ّ
امتّدت السلطة التّأسيسية التي خولها المجلس األعلى لألمن لنفسه تحت غطاء
فعلية مقصيا بذلك الفقرة9
الدولة ،إلى استحداث هيئة إنابة رئاسية ّ
نظرية استمرارية ّ
الدستوري ل ـ 11جانفي 1992 9من إمكانية التطبيق.1
األخيرة من بيان المجلس ّ
هذا ،وقد عهد المجلس األعلى لألمن بموجب إعالن 14جانفي ،21992 9لهيئة
رئاسية جماعية قائمة على مجموعة من ال ّشرعيات كبديل عن ال ّشرعية الدستورية*،
السلطات التي خولها الّدستور لرئيس الجمهورية ،في محاولة 9فاشلة على
بممارسة جميع ّ
الدستوري على عمل هذه
الناحية القانونية إلضفاء نوع من االمتداد ّ
من ّ األقل
3
الناحية الزمنية باستكمال
األخيرة ،كما ربط إعالن المجلس األعلى لألمن مهمته من ّ
في قراءة خاطئة لمفهوم االستقالة 9التي يتولد عنها إلغاء جميع العهدة الرئاسية
صالحيات ومهام رئيس الجمهورية.4
الشراح أثر ال في األنظمة المقارنة وال في
هذه السابقة ،التي لم يجد لها ّ
تم استبعاد النص التّأسيسي ولو في جزء منه عن طريق هيئة
الممارسة الجزائرية أين ّ
1
(-Voir: BOUSSOUMAH Mohame, Op.cit, p.63.
المتضمن اإلعالن عن إقامة المجلس األعلى
ّ -)2إعالن المجلس األعلى لألمن ،مؤرخ في 14جانفي ،1992
للدولة ،ج.ر.ج.ج.د.ش عدد ،3الصادرة في 5جانفي .1992
ّ
السيد "خالد نزار"
والسيد "علي كافي" عضوا لبعديهما الثوريّ ،
السيد "محمد بوضياف" (رحمه اهلل) رئيسا ّ
* ّ
والسيد "علي هارون" ممثال للبعد الديمقراطي.
السيد "تيجاني هدام" ممثال للبعد اإلسالمي ّ
ممثال للبعد 9الوطنيّ ،
3
-( Voir: BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.91.
4
-( Voir: BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.63.
40
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ألي
فعلية تفتقر ّ
استشارية بموجب معايير قانونية غير مكافئة له ،أسفرت عن نشوء هيئة ّ
شرعية أو مشروعية قانونية ،1وفرضها كأمر واقع إلدارة المرحلة 9االنتقالية.
لم يتوقف الخروج عن النص التّأسيسي عند هذا الحد ،بل تعداه بأن عهد المجلس
للدولة لنفسه متصرفا كسلطة تأسيسية هو اآلخر بمهمة التشريع عن طريق
األعلى ّ
2
جلية الطبيعة الصورية للمجلس االستشاري الوطني -
المراسيم التّشريعية ،كاشفا بصورة ّ
كمحاولة لمقاربة مبدأ الفصل بين السلطات -بحيث لم ينط هذا الجهاز الذي أنشئ بغرض
سد الفراغ المؤسساتي على مستوى الهيئة التشريعية بأي مهمة تشريعية كانت أم رقابية،
وهو ما يجعلنا نقول باعتماد المجلس األعلى للدولة في إدارة المرحلة االنتقالية على مبدأ
تركيز السلطة.3
المبحث الثّاني
العنف المسلح كإطار للمأساة الوطنية
في القانون ،معهد الحقوق والعلوم اإلدارية ،بن عكنون ،جامعة الجزائر ،2006 ،ص.94-92.
للدولة رقم ،02-92مؤرخة في 14أفريل ،1992تتعلق بمراسيم ذات الطّابع
) -مداولة المجلس األعلى ّ
2
4
الدولة لخيار المواجهة
المتطرفة ،وما استتبعها من تبني ّ
ّ التنظيمات اإلسالمية الجزائرية
األمنية.
وقد أفرزت هذه األوضاع األمنية الخطيرة جملة من المقاربات القائلة بالطبيعة
القانونية لحالة 9العنف المسلح الجزائرية (مطلب ّأول) ،أخذت في مجملها 9بالحصيلة
اإلنسانية المأساوية التي خلفتها هذه األوضاع ،والتي نعزيها في حقيقة األمر للممارسة
المعكوسة للتطبيق المتكامل للقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان في
إطار حالة 9العنف المسلح الجزائرية(مطلب ٍ
ثان).
األول
المطلب ّ
طبيعة القانونية لحالة العنف المسلّح الجزائرية
بحث ال ّ
يكتسي البحث في الطّبيعة القانونية لظاهرة العنف المسلّح التي عاشتها الجزائر
أهمية بالغة في تحديد المنظومة القانونية الواجبة اإلنفاذ الحتواء هذه الظاهرة ،بما يحقق
أن هذه العملية على
الدولة وحماية مواطنيها ،إالّ ّ
معادلة التوازن بين الحفاظ 9على هيبة ّ
أهميتها تطرح صعوبات حقيقية لدرجة قد يتمخض معها عن التّباين في التكييف مغالطات9
قانونية.
وفي محاولة منا لتبيان الطبيعة القانونية لظاهرة العنف المسلّح التي عاشتها
الجزائر ،سنعمد في البداية إلى استعراض المقاربة الرسمية لحالة العنف المسلّح الجزائرية
(فرع ّأول) ،ثم ننتقل للبحث في مدى استيفاء حالة العنف المسلّح الجزائرية لعتبة
النزاعات المسلّحة ذات الطابع غير الدولي (فرع ٍ
ثان).
األول
الفرع ّ
الرسمية لحالة العنف المسلّح الجزائرية
المقاربة ّ
-الدفع نحو تأصيل أطروحة الحرب على اإلرهاب-
ّأوالً
الرسمية لحالة العنف المسلّح الجزائرية
المرتكزات القانونية للمقاربة ّ
-الحرب على اإلرهاب-
األولى على مفهوم االضطرابات والتّوترات الداخلية ،لتستقر في نهاية المطاف على
مفهوم الجريمة اإلرهابية كأساس لتوصيف حالة العنف المسلّح الجزائرية.
إلى أنه 99ا » تل 99ك الح 99االت ال 99تي دون أن تس 99مي نزاع 99ات مس 99لحة غ 99ير دولي 99ة ب 99أتّم مع 99نى الكلم 99ة ،توج 99د فيه 99ا على
المستوى ال9داخلي مواجه99ات على درج9ة من الخط9ورة واالس99تمرار ،وتنط9وي على أعم99ال عن99ف ق99د تكتس99ي أش9كاال
مختلفة ،بدأ بانطالق أعمال ثورة تلقائيا ،حتى الصراع بين مجموعات منظمة شيئا ،والسلطات الحاكمة ،وفي هذه
ض 9رورة لص 99راع مفت 99وح ت 99دعو ال ّس 9لطات الحاكم 99ة ق 99وات ش 99رطة كب 99يرة ،وربم 99ا ق 99وات
الح 99االت ال 99تي ال ت 99ؤول بال ّ
مس99لحة ،ح99تى تعي99د النظ99ام ال99داخلي إلى نص99ابه ،وع99دد الض99حايا المرتف99ع يجع99ل من الض99رورة تط99بيق ح99د أدني من
أم99ا بش 99أن التّ 99وترات الداخلي 99ة فق 99د اكتفت ب 99إيراد بعض الخص 99ائص ال 99تي تص 99طبغ به 99ا ه 99ذه
القواع 99د اإلنس 99انية« ؛ ّ
السياس99 9 9يين أو بس99 9 9بب أرائهم
األخ99 9 9يرة وال99 9 9تي جملته99 9 9ا في :انتش 99 9ار اإليقاف 99 9ات الجماعي99 9 9ة ،ارتف 99 9اع ع99 9 9دد المعتقلين ّ
ض9مانات القض99ائية األساس99ية عن99د إعالن
ومعتق99داتهم ،وظ99روف االعتق99ال الالإنس99انية ،والمعامل99ة ال ّس9يئة ،وتعطي99ل ال ّ
حال99ة الط99وارئ مثال ،وظه99ور ح99االت االختف99اء ،وق99د تك99ون ه99ذه الظّ99واهر مجتمع99ة أو منف99ردة ،لكنه99ا تعكس رغب99ة
النظ 99 9ام الح99 9اكم في تطوي 99 9ق أث 99 9ار االض 99 9طرابات والت 99 9وترات من خالل اللج 99 9وء إلى وس99 9ائل وقائي99 9ة لل ّس9 9 9يطرة على
ّ
الزمالي عامر ،م99دخل إلى الق99انون ال9ّ 9دولي اإلنس99اني ،الطّبع99ة الثاني99ة ،منش99ورات المعه99د
األوض99اع ،أنظ99ر في ذل99كّ :
للصليب األحمر ،تونس ،1997 ،ص.40.
العربي لحقوق اإلنسان واللّجنة الدولية ّ
44
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
وجهه
وال ننطلق في تحليلنا هذا من العدم ،وإ نما لنا أن نستند في ذلك إلى الخطاب الذي ّ
لألمة قبيل إعالن حالة
السيد "محمد بوضياف" -رحمه اهللّ -
للدولة ّ
رئيس المجلس األعلى ّ
في تبريره ألسباب اتّخاذ هذا اإلجراء للقول: الطوارئ ،حيث ذهب هذا األخير
»....هذا الحزب رفض اليد التي مددناها له وقد لجأ إلى العنف وخلق توترات و
اضطرابات مهددة ألمن األمة في محاولة لخلق حرب أهلية ،ولهذه األسباب قررنا فرض
حالة الطوارئ« 1.....
في قراءة مقاربتية لتعريف االضطرابات والتوترات الداخلية ومجمل الوقائع التي
أفرزتها األوضاع الجزائرية في أعقاب توقيف المسار االنتخابي ،أين عرفت المواجهات
بين الجيش الجزائري وبعض من أنصار الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ "المحلّة" 9تصعيدا
ملحوظا ،2وهو ما نتج عنه على خلفية إعالن حالة الطوارئ تخويل السلطة التنفيذية
ضخمت من فاتورة انتهاكات حقوق اإلنسان ،على غرار إنشاء مراكز
صالحية واسعة ّ
لالعتقاالت الجماعية ،تنصيب المحاكم االستثنائية ،تمديد نطاق االختصاص الشخصي
للمحاكم العسكرية لتشمل غير العسكريين ،3تسجيل حاالت اختفاء ،تجاوزات وتعسفات
ملحوظة في تطبيق التّدابير األمنية وغيرها من الممارسات ومن المعامالت المسيئة
4
األولية
للكرامة اإلنسانية ،ننتهي إلى استجابة حالة العنف المسلّح الجزائري في مراحلهاّ 9
لعتبة االضطرابات والتّوترات الداخلية.5
1
)-Message a la nation du président du haut comite d’Etat, In El moujahid, du 11fevrier 1992.
22
الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ
الجيش وأنصار ّ
) -لمزيد من التّفصيل حول خلفيات ومالبسات المواجهات بين ّ
(المحلّة) راجع :تاملت محمد ،مرجع سابق ،ص.128-115.
-)33أنظر في ذلك :مرسوم رئاسي ،44-92مرجع سابق.
األول لسنة ،1992م.أ.ن.أ ،الجزائر،
السنوي ّ
) -المرصد الوطني لحقوق اإلنسان (سابقا) ،التّقرير ّ
4
،1993ص.51-21.
االضطرابات والتّوترات الداخلية،
ّ الدولي المعني بمسألة
النظام القانوني ّ
الدولي لحقوق اإلنسان ّ
) -يش ّكل القانون ّ
5
الدولي
الشراح انطالقا من قصور أحكام القانون ّ
االتفاقيات على أنها غير قابلة للتّقييد ،هذا ما دفع بالعديد 9من ّ
الداخلية التي تكون على درجة
لحقوق اإلنسان في حماية المدنيين في بعض حاالت االضطرابات والتوترات ّ
الدولي اإلنساني على هذه
معتبرة من الخطورة ،إلى القول بضرورة تطبيق حد أدنى من قواعد القانون ّ
األول
الضمانات المقررة بموجب المادة 75من البرتوكول اإلضافي ّ
الدول على احترام ّ
الحاالت ،من خالل =حث ّ
الملحق باتفاقيات جنيف واإللتزام بأحكام إعالن طوركوا فلّناد المتعلق بالحد األدنى من القواعد اإلنسانية المطبقة
في حالة االضطرابات والتوترات الداخلية ،لمزيد من التفاصيل راجع:
-MOMTAZ (D), « Les règles humanitaires minimales applicables en période de troubles et tentions
internes », In R.I.C.R, N°831, 1998 ,pp.487-495.
1
من الجزاءات التّحفيزية الهادفة إلى التّشجيع على العدول عن الجرائم اإلرهابية ،1مما
المشرع الجزائري حول مفهوم واحد لتكييف حالة العنف المسلّح الجزائري،
ّ يثبت التفاف9
ـأصال في أدبيات الخطاب
أن المفهوم الذي كان مت ّ
أال وهو الجريمة اإلرهابية ،يبقي ّ
شاملة على اإلرهاب على النحو الذي طرحته المجموعة
السياسي هو مفهوم الحرب ال ّ
الدولية في أعقاب أحداث .11/09/2001
ثانياً
نسبية معيار العتبة كأساس للتّكيف
يطرح معيار العتبة كمؤشر لتحديد نقاط التقاطع بين ما هو نزاع مسلح وما هو
ظاهرة
دون ذلك من أعمال عنف ،بما فيها االضطرابات والتّوترات الداخلية وكذا ال ّ
اإلرهابية.2
الداللة
أن هاتين الحالتين األخيرتين وعلى الرغم من التّوجه إلى القول بانعدام ّ
إالّ ّ
القانونية بشأنهما في إطار القانون الدولي اإلنساني ،3تبقيان مرشحتين الستفاء عتبة
النزاع المسلّح متى انطوت إحداهما على عنصر أطراف النزاع ،وهو ما يدفعنا إلى القول
بنسبية معيار العتبة في شقه السلبي كأساس للتّكيف القانوني لظاهرة العنف الجزائرية،
أن االعتماد على معيار العتبة بهذا المدلول ال يقصي فرضية استغراق حالة العنف
بحيث ّ
الجزائرية لعتبة النزاع المسلّح ذات الطابع غير الدولي ،وإ نما يبقيها منفتحةً على فرضية
-)1برقوق محند ،مرجع سابق ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،2007 ،ص.45.
-)2كاتلين الفاند" ،مقابلة بعنوان النزاعات المسلحة أو حاالت العنف األخرى -ما الفرق بالنسبة للضحايا-؟"،
للصليب األحمر ،مركز المعلومات ،قاعدة البيانات ،مقابلة ،متوفر على الموقع اإللكتروني:
اللّجنة الدولية ّ
htt://www.icrc.org. consulté le :17/05/2015 à 01 :15
الداخلية أوحالة
أي من االضطّرابات والتّوترات ّ
الدولي اإلنساني في نطاقه المادي ليشمل ّ
) -ال ينسحب القانون ّ
3
الدولي
اإلرهاب ،وعليه فإن معالجة هذه الحاالت يقتضي إنفاذ ُنظُ ْم قانونية وطنية أو دولية خارج قواعد القانون ّ
اإلنساني ،أنظر في ذلك كل من :كتلين الفند ،مرجع سابق؛
-SYLVEN Vit , « Typologie des conflits armés en droit international humanitaire : concepts juridiques et
réalités » , In R.I.C.R, N° 873 , mars, 2009, p.09.
47
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
إثبات العكس ،1مما يدفعنا للقول بعدم قطعية التكيف الرسمي لحالة العنف المسلّح
الجزائرية.
الفرع الثّاني
بحث مدى استجابة حالة العنف المسلّح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلّحة ذات
الطابع غير الدولي
-)1لمزيد من التفاصيل حول مدلول معيار العتبة راجع :الفاند كاتلين ،المرجع نفسه.
الدولي اإلنساني :دليل التّطبيق على
الدولية ،القانون ّ
النزاعات المسلحة غير ّ
محمد ،قانون ّ
) -عتلم حازم ّ
2
يعدل من
ويكمل المادة الثّالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربعة المبرمة في 30أغسطس 1949دون أن ّ
ّ
األولي من البرتوكول اإلضافي الثّاني الملحق باتفاقيات
الراهنة لتطبيقها ،" ...أنظر في ذلك :المادة ّ
ال ّشروط ّ
الدولية المسلحة ،المؤرخ في ،10/06/1977دخل جنيف األربعة ،المتعلق بحماية ضحايا المنازعات غير ّ
حيز التنفيذ بتاريخ ،07/12/1978انضمت إليه الجزائر بموجب مرسوم تنفيذي رقم ،68-89ج.ر.ج.ج.د.ش
48
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
سنحاول تبيين مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات ذات الطابع غير
الدولي باالستناد على كل من هاتيتن االتفاقيتين على حدى.
ّأوالً
مدى استيفاء حالة العنف المسلّح الجزائرية لمعايير ال ّنزاعات المسلّحة ألغراض
تطبيق المادة الثالثة المشتركة
ترسي المادة الثّالثة المشتركة المعايير اإلنسانية الدنيا المطبقة في حالة النزاعات
المسلّحة غير الدولية ،لكن دون بيان المقصود بالنزاعات المسلّحة غير الدولية ألغراض
أن أحكامها 9تنصرف لتشمل
انطباق أحكامها ،مكتفية في ذلك بإيراد حكم عام مفاده ّ
السامية
النزاعات المسلّحة التي ليس لها طابع دولي ،والواقعة في أراضي أحد األطراف ّ
المتعاقدة.1
إن عدم إيراد المادة الثّالثة المشتركة لتعريف ملزم قانونا ،يفرض علينا لضرورة
ّ
تبين مدى استجابة حالة العنف المسلّح الجزائري للنطاق المادي للمادة الثالثة المشتركة،
استناد إلى المعايير التي بلورها الفقه 9والقضاء الدوليين بغرض
ً تحليل وقائع هذه الحالة9
تفسير مفهوم النزاعات المسلّحة ذات الطابع غير الدولي بمفهوم المادة الثالثة المشتركة في
هذا الصدد ،2وإ ن لم تنجح هي األخرى في إماطة جميع جوانب الغموض وااللتباس حول
األحمر ( ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ) ،المجلد ،93مختارات من العدد ،881مارس ،2011ص.03.
49
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الد اخلية ،يتجه فريق آخر للقول بأن لجوء المؤتمرين في جنيف إلى اصطالح النزاعات المسلحة غير
والتّوترات ّ
الدقيقّ ،أنظر في
الد ولية لم يكن مؤداه أن انصرفت أذهانهم إلى شيء آخر غير الحروب األهلية بمعناها الفني ّ
ّ
ذلك :عتلم محمد حازم ،مرجع سابق ،ص.218 .
الزم الي ع امر،
-)4لمزي 99د من التّفاص 99يل ح 99ول اآلراء الفقهي 99ة القائل 99ة بتفس 99ير مفه 99وم الم 99ادة 3المش 99تركة راج 99عّ :
مرجع سابق ،ص.40-38.
50
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
اإلسالمية المسلحة وهو المؤشر الذي تبين معالمه من خالل ما أشيع من وجود اتفاق بين
كل من الجيش الجزائري و فصيل من فصائل الجماعات المسلّحة اإلسالمية المتطرفة
1
السلطة
الجزائرية (اإلرهابية) الجيش اإلسالمي لإلنقاذ ( المنحل) * ،فضال عن تبني ّ
الجزائرية لمجموعة من التّدابير االستثنائية في مواجهة هذه األخيرة من قبيلها ،إنشاء
الدفاع الذاتي.2
جهاز 9ال ّشرطة البلدية والسماح بتكوين جماعاتّ 9
الدولية ليوغوسالفيا
الدولي فقد طرحت المحكمة الجنائية ّ
أما على مستوى القضاء ّ
ّ
الدولي بالتعريف ،كل
سابقا من خالل تناولها لمفهوم النزاعات المسلّحة غير ذات الطّابع ّ
من؛ استطالة أمد النزاع و استيفاء الجماعات 9المسلّحة غير النظامية لحد أدنى من شروط
*)41لقد تداولت الصحف الوطنية واألجنبية خبر وجود مفاوضات دائرة بين الجناح المسلّح للجيش اإلسالمي
لإلنقاذ (المنحل) والمخابرات الجزائرية وهو ما أ ّكدته تصريحات الحقة من قبل المدعو "مدني مزراق" أمير
أن هذه األخبار ظلّت محل تفنيد من قبل المخابرات الجزائرية مصرحين بأن
الجيش اإلسالمي لإلنقاذ سابقا ،إالّ ّ
ما كان دائرا بينها لم يعدو أن يكون سوى مجرد دعوات لالستسالم ،لمزيد من التّفاصيل راجع:
;-ISSAMI Mohamed, Le FIS et le terrorisme au cœur de l’enfer ,le MATIN , Algérie,2001, p.317
MARTINEZ Luis, « Algérie les enjeux des négociation entre l’AIS et l’Armée », politique étrangère ,N°
4 , 1997,62em année ,pp.499-512.
-)2أنظر في ذلك :سي صالح نور الدين ،مرجع سابق ،ص.84-79 .
يبقي أننا ننزع للقول بنسبية هذه العناصر وعدم إمكانية توصيفها على ّأنها عناصر فاصلة في التمييز بين حالة
الداخلية ،فبالنسبة
النزاع المسلّح بمفهوم المادة 3المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربعة ومفهوم االضطرابات ّ
للصليب األحمر بشأن مفهوم
الدولية ّ
لعنصر استدعاء الجيش المنظم يشير التّعريف الذي انتهت إليه اللّجنة ّ
أن القول
الدولة إلى استدعاء قواتها المسلحة الحتواء هذه الحالة ،كما ّ
الضطرابات الداخلية إلى احتمال لجوء ّ
بحدوث مفاوضات بين المخابرات الجزائرية وقيادات الجيش اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل) بما يحيل إليه من وجود
اعتراف ضمني من قبل الطرف الحكومي بصفة المقاتل لهؤالء يبقي محل شك أمام تفنيد الخطاب الرسمي
الدفاع ال ّذاتي خاصةً وأنه لم يرد
الجزائري لذلك ،كما يستوقفنا العنصر األخير للبحث في الطّبيعة القانونية ألفراد ّ
في إطار البرتوكول اإلضافي الثَاني حكم مماثل لذلك الذي تقضي به المادة 4/1و 2من اتفاقية جنيف الثالثة
المتعلقة بحماية أسرى الحرب؛ أنظر في ذلك كل من :المادة 4/1و 2من اتفاقية جنيف الثّالثة المتعلقة بحماية
أسرى الحرب ،المؤرخة في ،12/08/1949دخلت حيز التنفيذ في ،21/06/1950انضمت إليها الجزائر أثناء
الثّورة التّحريرية من طرف الحكومة المؤقتة؛ مرسوم تنفيذي رقم ،04-97المؤرخ في ،1997/ 01/ 04
يحدد شروط ممارسة عمل الدفاع المشروع في إطار منظم ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،1الصادرة بتاريخ .1997
51
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
التنظيم ،كمعيارين يتم االعتماد عليهما في تكييف وجود نزاع مسلّح غير دولي من
الدولية الدائمة.2 1
عدمه ،وهو التّوجه الذي تبناه النظام األساسي للمحكمة الجنائية ّ
لقد أفضى بنا البحث في واقع النزاع المسلّح الجزائري ِلتِْبَيان مدى توافر
العناصر التي أوردها االجتهاد القضائي إلى النتائج التالية:
النزاع ،وهو المعيار الذي أشارت األحكام القضائية
فيما يتعلق بأمد استطالة ّ
بشدة الّنزاع أكثر
الالّحقة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا سابقا إلى ّانه يعتّد بشأنه ّ
3
الزمن الذي عاشته الجزائر تحت طائلة العنف
النزاع ،فلع ّل العقد من ّ
مما يعتّد بأمد ّ
ّ
المسلّح مخلّفة 9كارثة إنسانية بأتّم معنى الكلمة ،بلغت حصيلتها حسب المعطيات الرسمية
مهجر
مئة وخمسون ألف قتيل ،أكثر من مليون متضرر ،أكثر من مليون ومائتي ألف ّ
عن الخسائر المادية التي بلغت عشرون مليار دوالر أمريكي ،كفيل داخلي ،فضال
النزاع في الحالة الجزائرية.4
بالقول بتحقق عنصر استطالة أمد ّ
1
-(TPIY, Arrêt relatif a l’appel de la défense concernant l’exception préjudicielle d’incompétence, le
procureur C. Dusko Tadic, affaire n°IT-94-1-A, 2 Octobre 1995,Par 70.
الدولية على ما يلي " :تطبق الفقرة (2ه) على
) -تنص المادة ( 8/2و) من النظام األساسي للمحكمة الجنائية ّ
2
االنتخابي إالّ ّأنها في الحقيقة وليدة ممارسات سابقة ،ال نبالغ إذا ما قلنا بأنها بدأت منذ سنوات ،1982راجع
في ذلك :برقوق محند ،مرجع سابق ،ص.48-40.
52
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ثانياً
مدى استيفاء حالة العنف المسلّح الجزائرية لمعايير البرتوكول اإلضافي الثّاني
1
( - TPIY, jugement, Procureur C. HARADINAJ, Op.cti, Pra 64.
الدولية
) -للتفصيل في األعمال التّحضيرية التفاقيات جنيف األربعة راجع :جبابلة عمار ،مجال تطبيق الحماية ّ
2
الد ولية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية ،تخصص قانون دولي إنساني،
لضحايا النزاعات غير ّ
كلّية الحقوق ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،2009 ،ص.46-43.
53
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
السيطرة
تلك الجماعات 9،ممثلة في ممارسة تحت قيادة مسؤولة على جزء من اإلقليم من ّ
ومنسقة ،ومن االضطالع بتنفيذ
ّ ما يم ّكنها من القيام بعمليات عسكرية(عدائية) متواصلة
هذا البرتوكول.1
سنحاول فيما يلي في سبيل تبيان مدى استغراق البرتوكول اإلضافي الثّاني لحالة
العنف المسلّح الجزائرية ،البحث في مدى استيفاء الجماعات 9المسلّحة اإلسالمية المتطرفة
الجزائرية ( الجماعات اإلرهابية ) لهذه المعايير.
وهو األمر الذي يصعب تحقيقه بفعل كثرة تفرع هذه الجماعات التي لم تنجح رغم
ترتص تحت لواء واحد ،2مما يجعلنا نقتصر في محاولتنا
ّ المحاوالت العديدة للتّوحيد أن
إلسقاط المعايير التي يطرحها البرتوكول اإلضافي الثّاني على تنظيمين من هذه التّنظيمات
ممثلة في كل من الجماعة اإلسالمية المسلحة (سابقا) ،والجيش اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل)
عدتا من أكثر الّتنظيمات اإلسالمية المتطرفة المسلّحة
األول ألنهما ّ
السبب ّ وذلك لسببين؛ ّ
في الجزائر (اإلرهابية) المر ّشحة إلى القول باستيفائها ألحكام البرتوكول اإلضافي الثّاني،
ظت) بعد االنشقاقات
أن أغلب التّنظيمات األخرى مافتئت أن (تش ّ
والسبب الثاني يكمن في ّ
ّ
التي عرفتها لتنتهي إلى االنزواء تحت مظلة أحد هاذين التّنظيمين.3
المتطرفة الجزائرية ( الجماعات اإلرهابية)
ّ مدى استيفاء الجماعات المسلّحة اإلسالمية )1
لمقتضيات التّنظيم :
للصليب األحمر في معرض تعليقها على أحكام المادة
الدولية ّ
أشارت اللّجنة ّ
أن شرط استيفاء الجماعات المسلّحة لمقتضيات
األولى من البرتوكول اإلضافي الثاني إلى ّ
-)1راجع في ذلك :المادة 1/1من البرتوكول اإلضافي الثّاني الملحق باتفاقيات جنيف األربعة ،مرجع سابق.
-)2لمزيد من التّفاصيل حول مختلف الجماعات المسلّحة التي ظهرت في الجزائر منذ سنوات 1991راجع كل
من :بوكراع إلياس ،الجزائر الرعب المقدس ،الطبعة األولي ،دار الفرابي للنشر والتوزيع ،الجزائر،2003،
ص286-273.؛
-MAIZA (A), « L’engagement de l’Armée populaire contre le terrorisme », In acte de colloque
international sur le terrorisme : le précédent Algérien, M.D.N ,Alger, de 26 au 28 octobre 2002, p 248.
-)3بشأن انقسام الجماعات المسلحة الجزائرية راجع :بو كراع إلياس ،الملحق رقم 16ص.220.
54
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
أما عن التّنظيم الهيكلي لهذه األخيرة ،فوفقا لتصريحات من يطلق عليه وصف
ّ
فإن دعائمه قد أرسيت على مستوى
(أمير اللّجنة العسكرية للشرق) المدعو"بن عائشة"ّ ،
الناحية العسكرية ال ّشرقية ،من خالل إنشاء مجلس شوري جهوي وتنصيب أمير جهوي
ّ
قائما عليها ،فضال عن تعيين أمراء والئيين على مستوى كل من والية عين الدفلة،
غيليزان ،مستغانم ،الشلف ،وهران ،معسكر ،تلمسان والبيض وتيارت وبشار.1
هذا ،وقد عمد الملقّب بأمير الجيش اإلسالمي لإلنقاذ المدعو"مداني مزراق"
للسلوك تحدد المبادئ والخطوط ونظام
إلى تزويد الجيش اإلسالمي لإلنقاذ(المنحل) بمدونة ّ
تأديبي يخول له عزل بعض عناصر االضطرابات.2
قدرت بعض الكتابات
وفيما يتعلق بقدرات هذه األخيرة على التّجنيد والتّسلح ،فقد ّ
بأن تعداد المنتسبين للجيش اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل) قد بلغ حوالي سبعة أالف عنصرا
ّ
(إرهابيا) أغلبهم من الشباب الملتحقين طوعا بالجبال ،فضال عن الكميات الهائلة من
للهدنة
تم تسليمها للجيش الجزائري من قبل هذه الجماعة في أعقاب إعالنها ّ
األسلحة التي ّ
األحادية الجانب.3
كما نستدل بالبيان الذي أصدره المدعو "العيادة" والملقب بأمير الجماعة اإلسالمية
المسلّحة في ،1993-1-12للتأكيد على قدرات الجيش اإلسالمي لإلنقاذ ( المنحل)
إن هؤالء الذين يرسلون ممولين
في الحصول على تمويل بما يكفل له التسلّح ،ورد فيهّ " :
سياسيين إلى أوروبا ويجمعون األموال ويتكلمون باسم المجاهدين نقول لهم منذ اآلن لن
يكون لكم تصريحات وإ ّدعاء تمثيل المجاهدين".4
أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في علوم اإلعالم واالتصال ،قسم العلوم اإلعالم واالتّصال ،كلية العلوم السياسية
وعلوم اإلعالم واالتّصال ،جامعة الجزائر 3دالي براهيم ،الجزائر ،2011،ص.283.
3
-(Algéria Watch, Dissolution de l’Armée islamique du salut, disponible en linge sur :
http://www.algeria-watche.org , consulté le: 20/05/2015 à 02 :38.
-)44نقال عن بوكراع إلياس ،مرجع سابق ،ص.288.
56
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
أما عن وحدة الكلمة بين أعضاء الجيش اإلسالمي لإلنقاذ سابقا ،فيمكن تقصي
ّ
دالالتها من خالل تعيين قيادة وطنية موحدة ،وهو األمر الذي يذهب بشأنه الصحفي9
"محمد إيسمي" إلى القول بأن الباعث وراءه سياسي أكثر منه عسكري وهو تعزيز موقع
الجيش اإلسالمي لإلنقاذ(المنحل) ،1وفي ذات السياق يذهب األستاذ "سي صالح نور الدين"
إلى القول بأن التزام جميع أعضاء الجيش اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل) بالهدنة األحادية
الجانب المعلنة من قبل قادتها في 21سبتمبر 1997إلى غاية اإلعالن نفس القيادة عن
حل الجيش اإلسالمي لإلنقاذ سنة ،2000يعتبر دليال على إحكام قيادة هذا األخير سلطتها
على العناصر المنضوية تحت قيادتها.2
وبشأن الجماعة اإلسالمية المسلّحة(سابقا) والتي تم اإلعالن عن تأسيسها في
أعقاب فشل جميع محاوالت التّوحيد بين مختلف التّنظيمات المسلّحة سنة 1992والتي
صنفت على ّأنها من أكثر التّنظيمات دمويةً في الجزائر.3
فلقد أنيطت هذه األخيرة بنظام داخلي منذ بداية تأسيسها ،ويمكن لنا أن نستشف
مدى التزام عناصر هذه الجماعة بأحكام هذا النظام من خالل حرص الجماعة 9اإلسالمية
المسلحة (سابقا) الدائم على االلتزام بتعيين أمير للجماعة في مدة ال تتجاوز 3أيام من
تاريخ موت األمير السابق رغم أن الظروف لم تكن سانحة في الكثير من الحاالت ،4كما
من خالل ال ّشهادات التي ساق لنا األستاذ "إلياس بوكراع" بعضا منها أن يظهر
1
;)-ISSAMI Mohamad, Le FIS et le terrorisme au cœur de l’enfer, le MATIN, Algérie, 2001, p.317
GHEZALI Abdelkarim, Le discours de zeroual confirme les incertitudes actuelles sur un accord
=politique, In La Tribune, du 6/07/1995; MARTINEZ Luis,« Algérie les enjeux des négociation entre
l’AIS et l’Armée », politique étrangère, N° 4, 1997, 62em année, pp.499-512.
-)2سي صالح نور الدين ،مرجع سابق ،ص.88.
-)3لمزيد من التّفاصيل حول فشل محاوالت توحيد التّنظيمات اإلسالمية المسلّحة المتطرفة(اإلرهابية) وأثر ذلك
على نشأة الجماعة اإلسالمية المسلّحة راجع :خيلية ؤريدة ،مرجع سابق ،ص.222-216.
الداخلي للجماعة اإلسالمية المسلّحة راجع :بو كراع إلياس ،مرجع سابق ،ملحق رقم 11ص.
) -حول النظّام ّ
4
.414
57
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
التنظيم كان يطبق نظاما تأديبيا صارما أين كانت العقوبات( إرهابية ودموية) تتراوح بين
القتل ذبحا ،البقر ،بتر وجذع بعض األعضاء أو حرقها.
شنها المدعو "زيتوني" والملقب باألمير السابق
كما تظهر حملة التّصفيات التي ّ
تربعه على رأس هذه األخيرة ،-والتي طالت
للجماعة اإلسالمية المسلّحة(سابقا) -بعد ّ
مجموعة من قيادات التّشكيالت المنضوية تحت لواء الجماعة اإلسالمية المسلّحة (سابقا)،
طاعة على جميع عناصره ،أين تعتبر
جدية هذا التّنظيم في فرض االلتزام بالوالء وال ّ
مدى ّ
أي عصيان ألوامر األمير
أي معارضة لمنهج األمير خروجا عن الجماعة ،في حين يعتبر ّ
ّ
خروجا عن البيعة مما ينجر عنه إهدار دم العناصر المارقة.1
هذا ويتيح لنا الهيكل التّنظيمي للجماعة اإلسالمية المسلّحة (سابقا) القول بوجود
ْأسسَّة على مستوى
الم َ
تسلسل هرمي على مستوى القيادة فضال عن وجود نوع من َ
الهياكل ،2إالّ ّأننا ال يمكن أن نجزم بمدى صالبة هذا التّنظيم بما يخوله تنفيذ أحكام
البروتكول اإلضافي الثّاني ،وفي هذا الصدد يمكننا أن نشير إلى تصريح رئيس الحكومة
بأن ":الجماعة اإلسالمية المسلحة هي
السيد "رضا مالك" الذي ذهب إلى القول ّ
األسبق ّ
مكون من جماعات جهوية متمتعة باستقالليتها على مستوى الجبهات
عبارة عن تنظيم ّ
التي ينشطون بها ،إال أنهم خاضعون لتوجيهات القيادة المركزية التي تضع لهم الخطوط
العريضة بشأن النشاط المسلح."3
على صعيد أخر ،لم تكن مسألة التسلح أو التجنيد من المسائل التي تثير إشكاال
بالنسبة لهذه األخيرة ،فمن حيث عمليات التجنيد فقد أسهم فشل مؤتمر التوحيد واعتقال
مجموعة من قيادات الجماعات 9المسلحة اإلسالمية المتطرفة(اإلرهابية) المتفرقة ،إلى
انشقاق هذه الجماعات وانخراط مجموعة كبيرة من مجنديها تحت لواء الجماعة اإلسالمية
المسلحة.1
الدعاية الخارجية 9دورا محوريا في تأسيس
بالنسبة لعمليات التسلّح فقد لعبت ّ
أما ّّ
شبكات على مستوى أغلب األقطار األوروبية لدعم عمل الجماعة 9اإلسالمية المسلحة
المتطرفة في أغلب بقاع
ّ (اإلرهابية) في الجزائر ،هذا ولم تتوان التّنظيمات اإلسالمية
المتطرف في الجزائر ممثّال في الجماعة9
ّ اإلسالمي
الدعم لظهيرها ّ
العالم من تقديم ّ
اإلسالمية المسلحة (سابقا).2
جليا على ضوء ما سلف بيانه استيفاء الجماعتين المسلحتين(اإلرهابيتين)
يظهر ّ
البارزتين على مستوى التّنظيمات اإلسالمية المتطرفة الجزائرية(التّنظيمات اإلرهابية)
لمعيار التّنظيم بمفهوم البرتوكول اإلضافي الثاني.
-)2مدي استيفاء الجماعات المسلّحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية (اإلرهابية)
لمقتضيات الرقابة اإلقليمية الهادئة والمنتظمة:
الرقابة اإلقليمية
وفيما يتعلق بالبحث عن مدى استيفاء هذه الجماعات 9لشرط ّ
بأنه لم يكن أكثر وضوحا
المنتظمة ،فإنه وبالعودة إلى البحث عن مدلول هذا ال ّشرط نجد ّ
أي من االقتراحات 9القائلة
الدبلوماسي لعام ًّ 1977
المؤتمر ّ
من شرط التّنظيم ،أمام رفض ّ
السيطرة على جزء من اإلقليم يكون غير
السيطرة على اإلقليم بأن تكون ّ
بتحديد فكرة ّ
الرقابة
السيطرة على جزء مهم من اإلقليم ،ومهما كان من أمر حدود ّشرط ّ
مهم ،أو ّ
اإلقليمية ،يبقى أنه كما هوالحال بالنسبة لشرط استيفاء الجماعات 9المسلّحة اإلسالمية
المتطرفة (الجماعات 9اإلرهابية) لمقتضيات التّنظيم ،يتطلب البحث في مدلول هذا األخير
ّ
-)1لمزيد من التفاصيل حول الجماعات التي التحق مجندوها بالجماعة اإلسالمية المسلّحة راجع ،خيلية ؤريدة،
مرجع سابق ،ص.239-229.
-)2راجع في ذلك :خيلية ؤريدة ،مرجع سابق ،ص.226-221.
59
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
قراءة هذا الشرط قراءة متالزمة و كل من شرطي القدرة على القيام بعمليات عدائية
ومنسقة ،والمقدرة على تنفيذ أحكام البرتوكول اإلضافي الثّاني.1
ّ متواصلة
يذهب األستاذ "سي صالح نور الدين" فيما يتعلق باستيفاء الجيش اإلسالمي لإلنقاذ
(المحل) لمتطلبات الرقابة اإلقليمية إلى االستشهاد بالشريط الوثائقي للصحافي 9البريطاني "
في " PHILRESSEالذي استطاع تصوير معاقل الجيش اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل)
منطقة الشلف ،أين وقف في مركز قيادة المنطقة على العديد من المنشآت مثل مراكز
االستشفاء مصنع لصناعة القنابل ومركز لالتّصاالت ،كما يوضح ال ّشريط إحكام الجيش
اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل)سيطرته على تلك المناطق بحيث أنه على مسار 200كلم قطعه
المصورون بالسيارة لم يصادف وأن قابلوا أي عنصر من عناصر األمن ،مع اإلشارة إلى
أن هذا المعقل ال يعدو أن يكون إاّل واحدا من معاقل الجيش اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل).2
ّ
أما فيما يتعلق بالجماعة اإلسالمية المسلّحة (سابقا) فيقدم الملحق رقم 19من كتاب
ّ
"الجزائر الرعب المقدس" تصورا عن التوزيع الجغرافي 9لهذه األخيرة ،3كما تشير بعض
ال ّشهادات التي ساقها الصحفي "لياس بوكراع" إلى وجود بعض المناطق التي أحكمت
السيطرة عليها من
عدت من المناطق التي يصعب ّ
عليها هذه الجماعات 9سيطرتها بحيث ّ
قبل عناصر األمن من قبيلها :مفتاح ،الكاليتوس ،خميس الخشنة ،قصر بوخاري ،بوغار،
ومناطق أخرى عديدة.4
وهذا ،ما يجعلنا نقول باستيفاء على األقل كل من الجماعة اإلسالمية
المسلّحة(سابقا) والجيش اإلسالمي لإلنقاذ (المنحل) ،لشرط الرقابية اإلقليمية بما يكفل لها
ومنسقة وتنفيذ أحكام البرتوكول اإلضافي الثّاني.
ّ القيام بعمليات متواصلة
-)1يتّجه األستاذ "جبابلة عمار" إلى القول بعدم استيفاء الجماعات اإلسالمية المتّطرفة المسلّحة(الجماعات
اإلرهابية) لعنصر أطرف النزاع ،وذلك في ظل غياب منظمة مسلّحة ذات بعد وطني وقادرة علي توجيه
المجموعات األخرى وربطها مركزيا ،أنظر في ذلك :جبابلة عمار ،مرجع سابق ،ص 69.؛ وهو نفس الطرح
الذي يتبناه األستاذ "بويحيى جمال" ،أين يتجه إلي التأكيد على الموقف الرسمي الذي يدفع بتأصيل أطروحة
الحرب على اإلرهاب بالمفهوم الذي كرسته المجموعة الدولية في أعقاب أحداث /11سبتمبر 2001/من
منطلق أن اإلرهاب ليس مرتبط ال بعرق وال بدين محدد بل أنه عابر للقارات ،مع تحفظه على التكييف
القانوني لتوقيف المسار =االنتخابي ،كما يتجه إلى تفنيد أي توجه قائل باستيفاء ( الحرب على اإلرهاب )
لعتبة النزاعات المسلحة غير =الدولية من منطلق أن الجيش الجزائري قد تمكن من احتواء هذه الظاهرة قبل
أن تبلغ عتبة النزاعات المسلحة غير الدولية.
الدولي لحقوق اإلنسان
الدولي اإلنساني والقانون ّ
) -لمزيد من التّفاصيل حول تطبيق مبدأ التّكامل بين القانون ّ
2
الدولية لحقوق
في إطار النزاعات المسلّحة راجع :مفوضية األمم المتّحدة لحقوق اإلنسان ،الحماية القانونية ّ
النزاعات المسلّحة ،وثائق األمم المتّحدة ،رمز الوثيقة.HR/PUB/11/1،2011 ،
اإلنسان في ّ
3
-( JONATHNE Somer, « La justice de la jungle :juger de l’égalité des belligérants dans un conflit
armé non international », In R.I.C.R ,N° 867 , 2007, p.19.
61
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
يجد هذا التوصيف في حالة 9العنف المسلّح الجزائري (الحرب على اإلرهاب)
الدولي اإلنساني من نطاق التطبيق على حالة
انعكاسا واقعيا له ،أين تفاعل إقصاء القانون ّ
العنف المسلح الجزائرية(الحرب 9على اإلرهاب ) (فرع ّأول) ،مع تهمش أحكام القانون
الدولي لحقوق اإلنسان(فرع ٍ
ثان). ّ
األول
الفرع ّ
حدود تطبيق القانون الّدولي اإلنساني في إطار حالة العنف المسلّح الجزائري
النزاعات المسلّحة
الدولي اإلنساني على حالةّ 9
يواجه تطبيق قواعد القانون ّ
غير الدولية مأزقا 9حقيقيا أمام عدم واقعية أحكامه ،التي عادةً ما ال تفلح في إقناع أطراف
النزاع بااللتزام بتطبيقها ،كما هو الحال بالنسبة ألطراف حالة 9العنف المسلّح الجزائري
وهو ما أسفر عن مأساة إنسانية حقيقية.
ّأوالً
اني ّدولي اإلنس انون ال ام الق ة أحك دم واقعي ع
ال- دم االمتث ة لع اس أم ذريع -أس
لم تكن مسألة احترام قواعد القانون الّدولي اإلنساني بالنسبة ألطراف حالة
توحد في مفارقة 9عجيبة موقف كل
العنف المسلّح الجزائري باألهمية التي تبدو عليها ،أين ّ
62
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
من الطرف الحكومي الجزائري والجماعات المسلّحة اإلسالمية المتطرفة (اإلرهابية) من
انطباق هذه األخيرة في مواجهتها.1
يستوقفنا في هذا الصدد الموقف الضعيف للبرتوكول اإلضافي الثّاني من إلزام
أطراف النزاع باحترام وفرض احترام أحكامه ،أين صمت هذا األخير صمتا مطبقا عن
مسألتي اإلنفاذ والتّنفيذ اللهم ما تعلق بما أوردته المادة التاسعة عشر القائلة بنشر
على أوسع نطاق ،فضال عن عدم إشارة هذا األخير بأي شكل من البرتوكول
النزاع.2
األشكال إلى وصف أطراف ّ
،2004ص.42.
63
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
وهو األمر الذي لم يكن من المجدي المراهنة عليه بصدد حالة العنف المسلّح
ألي تصريح قائل بوجوب
الرفض القاطع للطّرف الحكومي الجزائري ّْ
الجزائري ،أمام ّ
الدولي اإلنساني على حالة النزاع المسلّح الجزائرية ،لما قد يحيل إليه
تطبيق أحكام القانون ّ
من إسقاط وصف طرف النزاع على من تصطلح هذه األخيرة على تسميتهم بالجماعات9
اإلرهابية والتّخريبية ،1تأسيسا على أن القول بتمتع (الجماعات اإلرهابية) بوصف طرف
النزاع من شأنه إسباغ نوع من ال ّشرعية على نشاطات هذه األخيرة.2
ّ
إن هذا التّوجه وإ ن كان يجد ما يبرره نسبيا في إطار القواعد القانونية التي تحكم
ّ
فإنه على العكس من ذلك يجد في قصور ال ّشخصية القانونية
النزاعات المسلّحة الدوليةّ ،
للنزاعات المسلّحة ذات الطابع غير
الضابطة ّ
الدولي اإلنساني ّ
التي تسبغها أحكام القانون ّ
الدولي على الجماعات 9المسلّحة ،3فضال عن عدم إسقاط التّجريم على األعمال التي تأتيها
هذه األخيرة في سياق النزاعات المسلّحة ،ما يدحضه.4
الدولي اإلنساني التي تنصرف
الرغم من اعتراف أحكام القانون ّ
ذلك ّأنه على ّ
الدولي بالشخصية القانونية للجماعات9
لتنظيم مجال للنزاعات المسلحة ذات الطابع غير ّ
أن هذا االعتراف بقي مستقال عن نظام االعتراف بالمقاتلين ومقتضياته،5
المسلّحة ،إالّ ّ
الدولي اإلنساني فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة ذات الطّابع
أن أحكام القانون ّ
ومؤدى ذلك ّ
ال تنصرف لكفالة صفة أسير الحرب لهذه الجماعات مما يجعل من الدولي
غير ّ
الدولي اإلنساني في حاالت اإلرهاب ،اللّجنة الدولية للصليب األحمر ،مركز المعلومات،
) -مالئمة القانون ّ
1
في العمليات العدائية أساسا كفيال لمقاضاتهم أمام المحاكم مجرد مشاركتهم
الوطنية.1
هذا ويعزز عنصر التفاعل بين النظام القانوني الداخلي والنظام القانون الدولي
اإلنساني في حالة 9النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي ،من أساس تجريم األعمال
السلم متى ارتكبت في سياق نزاع مسلح ذو طابع غير دولي.
التي تعتبر إرهابية في وقت ّ
بحيث يكفل هذا التّفاعل فضال عن تجريم هذه األعمال التي توصف على أنها
2
الدولي الجنائي
إرهابية وتخريبية تأسيسا على المنظومة الجنائية الوطنية ؛ تفعيل القانون ّ
الدولي الجنائي،3
في مواجهتها متى استوفت مقّتضيات هذا التّجريم وفقا ألحكام القانون ّ
الدولي اإلنساني على التدابير
وفي هذا الصدد يعتبر الحظر الوارد بموجب أحكام القانون ّ
ضد المدنيين بموجب كل من المادة 33من اتفاقية جنيف
واألعمال اإلرهابية الموجهة ّ
الرابعة والمادة ( 4/2د) من البرتوكول اإلضافي الثّاني الملحق باتفاقيات جنيف ،والذي
تقرها كل من
السكان المدنيين والتي ّ
يجد في قاعدة حظر أعمال العنف التي تستهدف ّ
األول والمادة 13/2من البرتوكول اإلضافي الثّاني
المادة 51/2من البرتوكول اإلضافي ّ
تعزيزا له ،4أساسا كفيال بإسقاط مدلول جرائم الحرب على هذه األفعال وفقا لما يقتضيه
2
)-I.C.R.C, International humanitarian law and other legal regimes: interplay in situation of violence,
Op.cti,p.7.
3
)- Voir : SIMON Therrien-Denis, L’autre terrorisme la criminalisation de la violation de l’interdiction
de terrorisme prévue en droit international humanitaire et les éléments constitutifs de crime, mémoire
=présenté pour l’obtention du grade de maitre en droit, faculté de droit, université de Laval, Québec,
2011,pp.72-80.
-)4راجع في ذلك كل من :المادة 33من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية األشخاص المدنيين في وقت
األول الملحق باتفاقيات جنيف األربعة والمتعلق
الحرب ،مرجع سابق؛ المادة 15/2من البرتوكول اإلضافي ّ
بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة المؤرخ في ،06/1977/ 10دخل حيز النفاذ
في ،07/12/1978انضمت إليه الجزائر بموجب مرسوم رئاسي 68-89ج.ر.ج.د.ش ،عدد ،20الصادرة
بتاريخ 17/05/1998؛ والمواد 4/2و 13/2من البرتوكول اإلضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف األربعة،
مرجع سابق.
65
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية من منطلق أنها تعتبر خرقا ألحد المبادئ العرفية
الدولي اإلنساني ممثال في مبدأ التّميز.1
القاعدية في القانون ّ
وهو ما من شأنه ،توسيع حدود الوالية القضائية على هذه األفعال إعماال لمبدأ
التّكاملية ،ومبدأ االختصاص الجنائي العالمي في مواجهة مرتكبيها سواء بسواء بالنسبة
للجماعات المسلحة النظامية أم المتمردين.2
إن الموقف المناوئ الذي اتّخذته الحكومة الجزائرية في مواجهة أي توجه قائل
ّ
باستجابة حاالت العنف(الظاهرة اإلرهابية) لعتبة النزاع المسلح ،يجد تبريره على صعيد
كمطية للتّدخل اإلنساني.
ّ آخر في تّوجس هذه األخيرة من اتخاذ حالة 9النزاع المسلح
3
الناحية
الناحية العملية ،إال ّأنه من ّ
هذا الموقف وإ ن كان يجد ما يبرره من ّ
الدول برفض االعتراف بوجود حالة9
تشبث ّ
القانونية يفتح المجال للتّساؤل حول جدوى ّ
الدولي عن نظام االعتراف
نزاع مسلّح على إقليمها في الوقت الذي عدل فيه القانون ّ
النزاعات المسلحة.4
بالمحاربين كأساس لتكيف ّ
ومن جهة أخرى نجد في الحظر العام الوارد بموجب المادة 3/2من البرتوكول
اإلضافي الثّاني الملحق باتّفاقيات جنيف األربعة ألي تدخل أجنبي في النزاعات المسلحة
1
)- Voir : SIMONT Therrien- denis ,Op.cit, pp.32-36.
-)2راجع في ذلك ،هانز بيتر جاسر" ،األعمال اإلرهابية" ،واإلرهاب "والقانون الدولي اإلنساني" ،المجلّة
للصليب األحمر( ،لجنة الصليب األحمر) ،مختارات من األعداد ،2002ص.131.
الدولية ّ
-)3وهو الموقف الذي اتّخذته الجزائر على لسان رئيسها السيد "عبد العزيز بوتفليقة" أمام الجمعية العامة لألمم
السيد "كوفي عنان" على إثر طلب هذا
المتّحدة في ،20/9/1999عندما رد على األمين العام لألمم المتّحدة ّ
األخير من الحكومة الجزائرية قبول التدخل اإلنساني الدولي للعمل على الحد من أثار النزاع الداخلي المسلح
الجزائري ،و جاء رفض الرئيس الجزائري للتعامل الدولي مع األزمة على أساس أن المعايير اإلنسانية ال يتم
اتخاذها إالّ في مواجهة الدول الصغيرة ،نقال عن :مسعد عبد الرحمان زيدان ،تدخل األمم المتحدة في النزاعات
الدولي ،دار الكتب القانونية ،مصر ،2008 ،ص.24.
المسلحة غير ذات الطّابع ّ
-)4عتلم حازم محمد ،مرجع سابق .ص.216.
66
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الدولي اإلنساني
التشبث بنفاذ أحكام القانون ّ
ّ الدولي ،باعثا على
ذات الطّابع غير ّ
في مواجهتها وليس العكس.1
إذا كان مؤدى المادة 3/2من البرتوكول اإلضافي الثّاني ّأنه ليس في هذا
حجة ،في
يرخص التّدخل المباشر أو غير المباشر وفق أي ستار أو ّ
البرتوكول ما يبيح أو ّ
السامي
طرف ّ
طابع غير الدولي التي تنشب على إقليم ال ّ
النزاعات المسلحة ذات ال ّ
ّ
2
أن أعمال التّدخل التي يتّخذها مجلس األمن ال
فإننا نذهب إلى التّأكيد على ّ
المتعاقد ّ ،
تتوقف بأي شكل من األشكال على الوصف القانوني الذي تّتخذه حاالت العنف وإ نما
الدوليين.3
السلم واألمن َّ
انطالقا من اختصاصه األصيل في حفظّ 9
الدول بوجود حالة نزاع داخلي ،نردها إلى
تطرح فرضية ثانية لرفض اعتراف ّ
الدولي
رغبة هذه األخيرة في التّنصل من االلتزامات التي تّفرضها أحكام القانون ّ
الناحية
النزاع ،إالّ ّأنه من ّ
النظرية تلزم كال طرفي ّ
الناحية ّ
اإلنساني ،والتي إن كانت من ّ
الدولي
وأن أحكام القانون ّ
طرف الحكومي أكثر المعنيين بها ،خاصةً ّ
الواقعية يبدو ال ّ
السلبية بالمثل.4
اإلنساني غير خاضعة لمبدأ المعاملة ّ
-)1راجع في ذلك المادة 3/2من البرتوكول اإلضافي الثاني ،مرجع سابق.
-)2عتلم حازم محمد ،مرجع سابق ،ص.228.
-)3لقد منح ميثاق األمم المتّحدة بموجب المادة 38منه سلطات واسعة لمجلس األمن في تقدير ما يعتبر تهديدا9
الدوليين بمفهوم المادة 4/2من ميثاق األمم المتّحدة سواء تعلق ذلك بحالة نزاعات
بالسلم واألمن ّ
للسلم أو إخالال ّ
ّ
السلطات الواسعة لمجلس األمن
الدولية على ّ
=مسلحة دولية أو ذات طابع غير دولي ،كما قد أكدت محكمة العدل ّ
ّ
الشراح أن كل من المادتين 55و 56من
الضمنية 9،هذا ويعتبر بعض َّ
من خالل إقرارها لنظرية االختصاصات ّ
ميثاق األمم المتّحدة تعتبران أساسا قانونيا خصبا للتّدخل اإلنساني سواء تعلق األمر بنزاع مسلح دولي أو غير
أن مجلس األمن قد اعتمد 9مبدأ مسؤولية الحماية كأساس قانوني جديد للتّدخل في
دولي ،وتجدر اإلشارة إلى ّ
الدوليين ،راجع في ذلك" :تابتي المية" و "بوشباح وسيلة" ،إشكالية
بالسلم و األمن ّ
حاالت التّهديد أو اإلخالل ّ
الدولية ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،شعبة القانون
النزاعات المسلّحة غير ّ
تدخل مجلس األمن في ّ
السياسية ،جامعة عبد الرحمان
الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان ،كلّية الحقوق والعلوم ّ
العام ،تخصص القانون ّ
ميرة ،بجاية ،2013 ،ص.35-23.
-)4هانز بيتر جاسر ،مرجع سابق ،ص.132.
67
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
لتضحي بذلك القواعد القليلة القائلة بالتزام األطّراف الحكومية إزاء الجماعات
تشددا من تلك التي تفرضها أحكام
المتمردة بضمان جملة من الحقوق والتي تبدوا أكثر ّ
ّ
القانون الدولي لحقوق اإلنسان-متى تم تفعيل بند التّحلل من االلتزام ،-تشكل هاجسا لدى
السيطرة على األوضاع
الطّرف الحكومي باعتبارها من معوقات االضطالع بمهمة ّ
الداخلية.1
الدولي للجماعات9
على صعيد آخر ،عادة ما يعزز عدم تخويل أحكام القانون ّ
المسلّحة أهلية متساوية لممارسة الحقوق 9الناجمة عن االلتزامات والمحظورات المنصوص
2
استعداد هذه األخيرة على غرار الجماعات
الدولي اإلنساني ،من عدم ّ
عليها في القانون ّ
المسلّحة اإلسالمية المتطرفة ( الجماعات اإلرهابية) في الجزائر لالمتثال ألحكام هذا
األخير.
الشراح إلى القول بعدم واقعية مبدأ المساواة
الصدد ،يذهب العديد من ّ
وفي هذا ّ
منطقية
ّ الدولية ،وبالمقابل عدم
بين األطراف المتحاربة 9في إطار النزاعات المسلّحة غير ّ
تقر ولو ضمنيا بعدم التّكافؤ بين
الدولي اإلنساني ،التي ّ
المساواة في االلتزام بأحكام القانون ّ
طرفي االلتزام ،3وهو الرأي الذي يدعمه غياب أساس مبرر من الناحية القانونية إللزام
الدولي اإلنساني.4
الجماعات المسلحة باالمتثال ألحكام القانون ّ
منها :نظرية االختصاص التّشريعي ،القوة الملزمة من خالل الفرد ،نظرية المهام الحكومية الفعلية ،نظرية
الرضي كأساس وحيد لاللتزام ،راجع في ذلك :جان كيه كليفنر،
ّ الدولي اإلنساني العرفي،
إلزامية القانون ّ
للصليب األحمر( ،اللّجنة
الدولية ّ
النظامية المسلّحة" ،المجلة ّ
الدولي اإلنساني على الجماعات ّ
"انطباق القانون ّ
68
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ينصرف هذا التوجه إلى حد بعيد ليشمل الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة
(الجماعات اإلرهابية) في الجزائر ،مع اختالف بسيط في الطّرح أين أعربت هذه األخيرة
بالدم
ألية قواعد وضعية ،تحت شعار إقامة "الدولة اإلسالمية ّ
عن ّنيتها في عدم االمتثال ّ
والبندقية" ،متّخذةً من مجموعة من الفتاوى التّكفيرية الشاذة ،1سبيال إلهدار القواعد
بدائية
المتضمنة في أحكام ال ّشريعة اإلسالمية الغراء والتي تسقط عند كمالها ّ
ّ اإلنسانية
الدولي اإلنساني الوضعي.2
قواعد القانون ّ
أي بصيص أمل
وهو ما أسفر ،في الوقت الذي لم يترك فيه الموقف الحكومي ّ
الدولي اإلنساني ،عن مأساة
للتّعويل عليه في حمل هذه األخيرة على تنفيذ أحكام القانون ّ
إنسانية حقيقية.3
ثانياً
الدولية على حاالت االنتهاكات
البحث في مدى إمكانية إطالق وصف الجريمة ّ
الجسيمة للقانون الّدولي اإلنساني في إطار ال ّنزاع المسلّح الجزائري
الدولي اإلنساني
لقد دفعتنا المأساة اإلنسانية التي خلّفتها االنتهاكات الجسيمة للقانون ّ
في إطار حالة 9العنف المسلّح الجزائري(الحرب 9على اإلرهاب) للبحث في اإلطار
الموضوعي لهذه االنتهاكات والتي يمكن أن نجملها فيما يلي:
الدولي
تعد انتهاكا جسيمة لقواعد القانون ّ
النوع من الممارسات التي ّ
) -لقد شهدت الجزائر منذ بداية 1995هذا ّ
1
اإلنساني لكنها اتخذت وتيرة أكثر تصعيدا ،و شغلت حيزا إعالميا أكثر توسعا منذ سنة ،1997أنظر
في ذلك :بوكراع إلياس ،مرجع سابق ،ص.356 .
2
)-Voir : Algeria Watch, Entretien avec Me Ali Yahia Abdenour, propos recueillis par( K) Rachid, le
jeune indépendant, 22et 23septembre1998, disponible (en ligne)sur www.algeria-watch.org, consulté le :
20/05/2015 à 03 :18 ; Voir aussi : MARTINEZ Luise ,« Algérie: les massacres des civils dans la
guerre », In R.I.P.C , Vol 8, N°1,2001, p.47.
الركن المادي في حالة جريمة اإلبادة الجماعية مستوفى عند القيام بعمليات قتل جماعي لجزء من
) -يعتبر ّ
3
تعم9د 9إلح99اق ألم ش99ديد أو معان99اة ش99ديدة ،س99واء ب99دنيا أم عقلي99ا ،بش99خص موج99ود تحت إش99راف المتّهم أو س99يطرته "،
71
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
التّعذيب التي وقعت أثناء المأساة الوطنية لم تعدو أن تكون إالّ تجاوزات فردية ،1يمكن أن
تحصل في أية دولة تواجه الوضع نفسه.
ري: اء القس االت اإلخف كالية ح اب وإ ش رب على اإلره
بملف المفقودين من أكثر الملفّات ال ّشائكة التي أفرزتّها األزمة
ّ يعتبر ما يسمى
القسري ،3والتي 2
األمنية الجزائرية ،وذلك لما لها من ارتباط وثيق بمفهوم جريمة االختفاء ّ
األولى فتتعلق بما تذهب إليه المنظّمات الحقوقية في
نسجل بصددها أطروحتين؛ أما ّ ّ
وجهتا
الدولية" و"منظّمة هيومن رايت واتش" اللتان ّ طليعتها كل من "منظّمة العفو ّ
السلطة الجزائرية.4
إلى ّ اتّهاماتها9
الرسمي ،هذا األخير الذي ّفند هذا التّوجه
أما الثانية ،فهي تّلك المتعلقة بالموقف ّ
ّ
الدولية غير
ظمات ّ
السياق العام الذي تشتغل فيه المن ّ
والذي يندرج -حسبه – ضمن ّ
السياسية الغامضة ،وبالتّالي فهي تفتقد للمصداقية في مثل هذه
الحكومية ذات التّوجهات ّ
الحاالت على اعتبار أنها كانت دوما غافلة عما يجري في الجزائر" 9االعتراف بالحرب
على اإلرهاب وما صاحبه من أطروحة من يقتل من".1
ج) -الجماع ات اإلرهابي ة وجريم ة اإلغتص اب واإلس تعباد الجنس ي:
لقد لعب الجندر الجنسي ،2دورا محوريا في تعزيز معاناة النساء الجزائريات
النزاع المسلح الجزائري ،أين تعرضت حوالي عشرة أالف امرأة جزائرية–
خالل مرحلة ّ
3
اإلسالمية المتّطرفة المسلّحة (اإلرهابية)
على األقل ، -بعد خطفها من قبل الجماعات ّ
القسري في حالة
لالستعباد الجنسي (اإلغتصاب ثم الذبح ،اإلغتصاب الجماعي ،اإلجهاض ّ
ّ
ثبوت الحمل.4)...
ضد المرأة في تقريرها لسنة
هذا ،وقد ذهبت المقررة 9الخاصة المعنية بالعنف ّ
2008إلى تكييف جرائم العنف الجنسي المرتكبة في إطار حالة العنف المسلّح الجزائرية
ضد اإلنسانية.5
على أنها جرائم ّ
الدفع بجرائم الحرب :
-)3في إمكانية ّ
لقد شملت العمليات العدائية(اإلرهابية) الممارسة من قبل الجماعات 9اإلرهابية
ضد المدنيين بصفتهم هذه كأهداف مباشرة سواء عن طريق ،االغتياالت
في الجزائر ّ
12أفريل .2012
ظمة الصحة العالمي9ة بين مص9طلحي الجنس و الجن9در( الن9وع االجتم9اعي) وع9رفت مص9طلح الجن9در
-)2فرقت من ّ
الرج 99ل والم 99رأة كص 99فات مركب 99ة
على أن 99ه" :المص 99طلح ال 99ذي يفي 99د اس 99تعماله في وص 99ف الخص 99ائص ال 99تي يحمله 99ا ّ
اجتماعي99ا ال عالق99ة له99ا باالختالف99ات العض99وية " كم99ا تقض99ي الم99ادة 7/3من نظ9ام روم9ا األساس99ي بم99ايلي ":لغ99رض
أن تعبير " نوع الجنس " يشير إلى الجنسين ,الذكر واألنثى ,في إطار المجتم99ع, النظام األساسي ,من المفهوم ّ هذا ّ
األساس99ي،
وال يش99ير تعب99ير " ن99وع الجنس " إلى أي مع99ني آخ99ر يخ99الف ذل99ك" ،راج99ع الم99ادة 7/3من نظ99ام روم99ا ّ
مرجع سابق.
3
) -مصفي بسطامي ،منح ألكثر من 10000مغتصبة ،النهار الجديد 9،ليوم .12/1/2014
-)4بوكراع إلياس ،مرجع سابق ،ص.386-384.
-)5نقال عن سي صالح نورالدين ،مرجع سابق ،ص.65.
73
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المزيفة،
ّ الفردية أو المجازر الجماعية ،التّفجيرات في األماكن العمومية ،الحواجز9
االختّطافات ،19وهو ما يجعلنا نقول باستيفاء هذه الممارسات لمدلول جرائم الحرب ،2متى
تم تكييف حالة 9العنف المسلّح الجزائري على أنها نزاع مسلّح ذو طابع غير دولي.
الفرع الثاني
الدولي لحقوق اإلنسان في إطار (الحرب على اإلرهاب)
تهميش أحكام القانون ّ
في الجزائر
استثنائية،
بالضرورة اتّخاذ إجراءات ّ
ّ االستثنائية تقتضي
بأن الظّروف ّ
إن التّسليم ّ
ّ
الدولة في اتّخاذ مثل هذه التّدابير ،وهو
يستتبعه التّأكيد على ضرورة عدم إطالق سلطات ّ
االستثنائية ،بحيث
الوصف الذي ينطبق كذلك على موضوع حقوق اإلنسان أثناء الحاالت ّ
بالضرورة تقيد هذه
ّ الدولة اتّخاذ تدابير تقّييدية لحقوق اإلنسان سيتّتبعه
أن تخويل سلطات ّ
ّ
األخيرة في إقرارها لهذه التدابير بجملة من القيود ،منها ما تعلق باألطر القانونية ومنها ما
الدولة
تعلق بالجانب الممارساتي ،وهو ما يبدو بأنه لم يكن محل امتثال من قبل ّ
الجزائرية.
ّأوالً
األساس القانوني النتهاكات حقوق اإلنسان
في إطار الحرب على اإلرهاب في الجزائر
-تقيد حقوق اإلنسان خارج مبدأ المشروعية–
الجمهورية الذي
ّ لألمن ،بفعل غياب كل من رئيس المجلس ال ّشعبي الوطني وغياب رئيس
يستأثر قانونا بسلطة استدعاء هذا األخير و وضع جدول أعماله.1
ّ
للدولة في سياق إعالنه لحالة الطّوارئ لكل
استيفاء المجلس األعلى ّ
ومهما كان من ّ
مدة حالة9
الدستوري ،فضال عن تحديد ّ
من شرط استشارة رئيس الحكومة ورئيس المجلس ّ
الضرورة الملحة ،وهو ال ّشرط الذي يخضع
الطوارئ ب ـ 12شهر دون إغفال توافر شرط ّ
الجمهورية.2
ّ للسلطة التّقديرية الواسعة لرئيس
في تقرير وجوده من عدمه ّ
فإن
الدستور لم يعد يتّم إالّ في حدود ما يمكن أن يكونّ ،
لما كان احترام ّ
إالّ ّأنه ّ
الضمانات الدستورية القائلة بحماية حقوق اإلنسان في ظل حالة الطّوارئ لم
التعويل على ّ
يعد يرجى منه نتيجة تذكر.
أسقط صفة
وهذا ما يجد تأكيده في المرسوم التّشريعي رقم – 02-93الذي ّ
التّأقيت عن حالة الطّوارئ ،أين لم يتم الّتقيد بأدنى شروط الم ّشروعية في إعالن تمديد
طوارئ.3
حالة ال ّ
الدولية القائلة باحترام حقوق اإلنسان
الضمانات ّ
كامتداد لهذه الممارسة ،لم تّكن ّ
االستثنائية هي األخرى محالً للتفعيل في إطار إعالن حالة الطوارئ في السياق
في الحالة ّ
تم اختزال القيود الواردة على بند التحلّل من االلتزام في حدود استيفاء
الجزائري ،بحيث ّ
شرط اإلخطار 9اإللزامي ،أين كانت باقي القيود محالً لالنتهاك ،لع ّل أخطرها على حقوق
اإلنسان تلك المتعلّقة بانتهاك مبدأ حظر تقييد بعض الحقوق.4
كم 99ا ج ّس9 9د ق 99انون مكافح 99ة اإلره 99اب والتّخ 99ريب -في نفس الس 99ياق -أساس 99ا النتهاك 99ات
حق99وق اإلنس99ان في الجزائ99ر بم99ا كرس99ه من ت99دابير اس99تثنائية لمواجه99ة الظ99اهرة اإلرهابي99ة و
التّخريبية. 1
ثانياً
التّرجمة العملية النتهاك حقوق اإلنسان في إطار الحرب على اإلرهاب
الصدد بالتّطرق للمظاهر انتهاكات حقوق اإلنسان المنبثقة عن
سنكتفي في هذا ّ
الق 99انونين ال ّس9 9الفين ال 99ذكر ،وال 99تي ت ّش9 9كل انتهاك 99ا لمب 99دأ حظ 99ر التحلّ 99ل من بعض االلتزام 99ات
الدولي 99ة في مج 99ال حق 99وق اإلنس 99ان في الح 99االت اال ّس9 9تثنائية ،لم 99ا له 99ا من آث 99ار وخيم 99ة على
ّ
الكرامة اإلنسانية.2
-)1الحق في محاكمة عادلة:
على الرغم من عدم ورود الحق في المحاكمة 9العادلة في معرض المادة 4/2
3
أن المادة 5من نفس العهد التي
السياسية ،إالّ ّ
من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و ّ
الدولية
الداخلية والمعاهدات ّ
المقررة في القوانين ّ
الماسة بحقوق اإلنسان ّ
ّ تقر بحظّر التّدابير
ّ
األخرى من شّأنه أن يشكل أرضية خصبة للقول بحظر التحلّل من الحق في المحاكمة
السياسية
الدولية ،فرع تنظيم سياسي وإ داري ،كلية العلوم ّ
لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعالقات ّ
الدولية ،جامعة الجزائر ،2004 ،ص.146.
السياسية والعالقات ّ
واإلعالم ،معهد العلوم ّ
والداخلية إلعمال سلطة الطوارئ كضمانة لحقوق اإلنسان
الدولية ّ
النصوص القانونية ّ
) -جغلول زغدود ،تقييد ّ
2
1
ض9مانات المتعلق99ة بمحاكم9ة9
عن مب99دأ ع99دم رجعي99ة ق99انون العقوب99ات ،وتع99دي ص99ارخ على ال ّ
األحداث.2
االستقاللية سواء العضوية،أو
أي مظّهر من مظاهر ّ
مع تجريد هذه األخيرة من ّ
3
الرئاسية
ّ المراسيم نشر يحظر أين المحكمة تشكيلة عن فافية ش
ّ ال فة ص
ّ وانتفاء ، الوظيفية
وقرارات وزير العدل التي تتضمن تعيين قضاتها ،بل ويحظر تحت طائلة العقوبة اإلعالن
السماح بالتعرف عليهم.4
أي معلومة من شّأنها ّ
عن هويتهم أو إفشاء ّ
السابقة عن مرحلة 9المحاكمة 9فيمكن اإلشارة إلى كل
الضمانات ّ
وفيما يتعلق بإهدار ّ
من تمديد مدة التّوقيف للنظر من 12إلى 48ساعة ،5وهو ما لم يتّم احترامه في أغلب
األحيان ،6إخضاع عملية توكيل المحامي 9العتماد رئيس المجلس القضائي المعني ،7فضال
الدفاع،8
الدفاع مما يعد انتقاصا من الحق في ّ
عن تقليص حرية المحامي 9في ممارسة حق ّ
ضف إلي ذلك إهدار مبدأ التّقاضي على درجتين.9
-)1يستشف من المادة 40من المرسوم التشريعي 03 -92أنه يسري بأثر رجعي على األعمال اإلرهابية و
التخريبية التي وقعت قبل صدوره وهو ما يعتبر انتهاكا للحظر الوارد بموجب المادة 4من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسة ،أنظر كل من :المادة 40من مرسوم تشريعي رقم ،03-92مرجع نفسه؛ والمادة
4من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية 9والسياسية ،مرجع سابق.
-)2تنص المادة 38 ،من القانون رقم 03-92على مايلي ":يختص المجلس القضائي الخاص بمحاكمة القصر،
البالغين من العمر 16عشر سنة كاملة ،مرجع سابق.
-)3أنظر في ذلك ،بولدنين أحمد ،مرجع سابق ،ص.94.
-)4المادة ،17من القانون رقم ،03-92مرجع سابق.
-)5المادة ،22المرجع نفسه.
-)6المرصد الوطني لحقوق اإلنسان ،التقرير السنوي ،1993مرجع سابق ،ص.48.
-)7المادة 24من المرسوم التشريعي ،05-93مرجع سابق.
-)8أنظر في ذلك ك99ل من :الم99ادة 31المرج99ع نفس99ه؛ المرصد الوطني لحق99وق اإلنس99ان ،تقري99ر أولي عن وض99عية
حقوق اإلنسان في الجزائر ،1993مرجع سابق ،ص.46.
-)9المادة ،35من المرسوم التشريعي رقم ،03-92مرجع سابق.
79
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
تم بالنظر إلى المحدودية الوظيفية وضعف نجاعة هذه المجالس ،وكذا تأثيرها
لقد ّ
السلبي على صورة الجزائر في الخارج ،إلغاء العمل بها بموجب األمر 02-95وإ حالة9
ّ
عملية المعالجة 9القضائية لألعمال التّخريبية واإلرهاب إلى قانون العقوبات وقانون
اإلجراءات الجزائية وذلك أمام القضاء العادي.1
-)1يتعلق األمر بكل من :األمر رقم 10-95؛ واألمر ،11-95مرجع سابق.
-)2نذكر منها:
-قرار مؤرخ في 10فيفري ، 1992يتضمن إنشاء كل من مركز رقان (والية أدرار) بالناحية العسكرية الثالثة،
مركز أمن عين صالح (والية تامنغست) بالناحية العسكرية السادسة ،مركز أمن في ورقلة والية (ورقلة)
بالناحية العسكرية الرابعة ،ج.رج.ج.د.ش ،عدد ،11الصادرة بتاريخ 11فبراير .1992
-قرار مؤرخ في 15فيفري ،1992يتضمن إنشاء مركز أمن في الحمر (والية أدرار) الناحية العسكرية
الثالثة ،ج.ج.ج.د.ش،عدد ،14 9الصادرة بتاريخ 23فيفري .1992
-قرار مؤرخ في 19فيفري ،1992يتضمن إنشاء مركز أمن في المنيعة (والية غرداية) بالناحية العسكرية
الرابعة ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،15الصادرة بتاريخ 26 ،فيفري .1992
-)3قرار مؤرخ في 11فيفري ،1992يتضمن تفويض اإلمضاء إلى الوالة فيما يخص الوضع في مراكز
األمن ،ج.ر.ج.ج.د.ش،عدد ،119الصادرة بتاريخ 11فبراير .1992
80
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
يعد مسوغا كافيا للوضع في مراكز األمن دون الحاجة 9إلى توجيه تهمة محددة أو محاكمة9
ّ
مسبقة.1
لقد أطلق على هذه المراكز المتمثّلة في مجموعة من المعتقالت في الصحراء
السلطة العسكرية ،حيث تنعدم فيها أدنى شروط الحياة ،بلغ عددها
موضوعة تحت وصاية ّ
11معتقال غير متّفق حول عدد المحتجزين بها لحد اآلن ،اسم محتشدات الموت.2
الناشطة في مجال حقوق
ظمات ّ
كما شكلت هذه األخيرة هاجسا حقيقيا بالنسبة للمن ّ
3
بأن الوضع في مراكز األمن
الوطنية ،والتي كانت تدفع ّ
ّ الدولية منها أو
اإلنسان سواء ّ
الدولي لحقوق اإلنسان.4
يعتبر من قبيل االنتهاكات الخطيرة 9للقانون ّ
والداخلية تم إغالق جميع هذه
الدولية ّ
للضغوطات ّ
تجدر اإلشارة إلى أنه نظرا ّ
المراكز في ديسمبر .51995
-)1الم99ادة 5من المرس وم الرئاس ي ،44-92مرج99ع س99ابق؛ لق99د أش99ار تق99ري المرص99د الوط99ني لحق99وق اإلنس99ان
إلى أن:لق99 9 9 9د بل99 9 9 9غ ع99 9 9 9دد األش99 9 9 9خاص ال99 9 9 9ذين ك99 9 9 9انوا مح99 9 9 9ل اس99 9 9 9تنطاق في نهاي99 9 9 9ة ش99 9 9 9هر أبري99 9 9 9ل 1992قراب99 9 9 9ة
1200ش99 9خص......،وغالب99 9ا م99 9ا خص 99ت أش99 9خاص ب99 9النظر إلى مظ99 9اهرهم الخارجي99 9ة وأعم99 9ارهم ،وق99 9د خص ه99 9ذا
اإلج99راء بوج99ه خ99اص منتس99بي الجبه99ة اإلس99المية لإلنق99اذ (المحلّ99ة) والمتع99اطفين معه99ا ،بم99ا فيهم العناص99ر ال99تي له99ا
مسؤولية تأطير الحزب ،المرصد الوطني لحقوق اإلنسان ،التّقرير السنوي لسنة ،1993مرجع سابق ،ص.25.
-)2راجع كل من :شطاب كمال ،مرجع سابق ،ص145 .؛ ظروف االعتقال سيئة جدا ،جريدة السالم10 ،
مارس 1992؛ بلخير في ندوة صحفية 6786 :موقوف بالمراكز األمنية اإلفراج عن بعض الموقوفين قريبا،
جريدة المساء 15مارس .1992
-)3أنظر كل من :سي صالح نور الدين ،مرجع سابق ،ص34.؛ يحياوي جمال ،األستاذ علي يحي عبد النور:
ال نتفاوض حول النعوش أو عند أبواب السجون نتفاوض حول طاولة مستديرة ،جريدة النور ،ل ـ 16مارس
.1992
الدولي من عمليات االعتقال راجع :
) -للتّفصيل في موقف القانون ّ
4
األول
خالصة الفصل ّ
82
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
83