Professional Documents
Culture Documents
تؤكد الكتب المقدسة ،وعلى رأسها القرآن الكريم ،أن اإلنسان مخلوق من طين ،وأن اسم "آدم"
عليه السالم تعنى "رجل الصلصال" ،ولو شئنا الدقة فإن معناها "الترابى" ،لكن األساطير القديمة
كانت لها آراء متعددة ،منها ما يذهب إلى أن البشرى األول مخلوق من تراب ،لكن أخرى تذهب
إلى أنه من دم آلهة قديمة ,يقول المفكر فراس سواح" :األسطورة السومرية المتعلقة بخلق
اإلنسان هى أول أسطورة خطتها يد اإلنسان عن هذا الموضوع ،وعلى منوالها جرت أساطير
المنطقة ،والمناطق المجاورة ،التى استمدت منها عناصرها األساسية ،وخصوصا فكرة تكوين
دعا اإلله "أنكى" الصناع المهرة وقال ألمه "نمو":إن الكائنات التى ارتأت خلقها .ستظهر للوجود
ولسوف نعلق عليها صورة اآللهة امزجى حفنة طين ،من فوق مياه األعماق وسيقوم الصناع
اإللهيون المهرة بتكثيف الطين ثم كونى أنت له أعضاءه وستعمل معك (ننماخ) يدا بيد وتقف
إلى جانبك ،عند التكوين ،ربات الوالدة ولسوف تقدرين للمولود الجديد ،يا أماه مصيره وتعلق
الموضوع
األساطير األكادية والبابليةُ .ب ِدَئت عبادته بوصفه الراعي األكبر إلريدو" في سومر ،ثم انتشرت
عبادته في جميع أنحاء بالد الرافدين ،وتعدتها إلى بالد الحثيين والحوريين .كان إله ِ
الح َرف
َّنعات واالختراعات ( َج َشم) ،والذكاء والحكمة ( ِج ْستو ،وتعني حرفياً "األذن" ،وهذه ِ
والمهَن والص ْ
ديم مود ،يحمل ،أي "حامل الشبه" ،وهو اإلنسان ،وهذا أصل قديم" للمفهوم الديني في األديان
المعافي من األمراض (إله الدواء) ،وهو محيي الموتى ،وحامي" الحضارة البشرية والوجود
"األرض"؛ ولكن هناك نظريات أخرى تقول بأن كي في هذا االسم تعود ألصل آخر ،ربما كور
الماعز السمكية :يعتقد أنها تجسيد لرب الحياة على األرض وفي" المياه العذبة ،أو شالالت المياه
العذبة الساقطة بقوة ،ويعتقَد أنها تدل على منطقة الرب إيا إله الحياة .وهو تفصيل من حوض
ادعى آخرون
أما اسم "إيا" فمنهم من يزعم بأنه من أصل حوري" ،بينما ّ
يفسر وصفه بأنه ينبوع المعرفة السرية والسحرية للحياة والخلود .تعني "إي-
"نبع الماء" ،وهذا ما ّ
ئا" بالسومرية "بيت الماء" ،وقد أشير إلى أنه كان االسم األصلي للمزار المقدس لإلله في إريدو،
كان السومريون يعتقدون أن إنكي فرض النظام في العالم ،فمأل األنهار باألسماك ،وعلّم البشر
الزراعة.
كائن أسطوري نصفه األمامي يحمل رأس ماعز ورجليه األماميتين ،ونصفه األخير هو ذيل
وس ِّم َي بـ"عنزة الماء" ،تم تطويره في العهد البابلي إلى اسم "الجدي" ،وتم وسم اسمه على
سمكةُ ،
كوكبة برج فلكي في قبة السماء ،هو برج الجدي ،ويعود تاريخ تلك التسمية إلى ما قبل /1000/
تسمية مدار الجدي في النصف الجنوبي من الكرة األرضية وربطه مع االنقالب الشتوي ألنه كان
يحدث في زمن برج الجدي في الشتاء (مع العلم أن التسمية الحالية لمدار الجدي أصبحت خاطئة
مع الزمن ،ألن االنقالب الشتوي" قد تغير وقته من برج الجدي إلى برج القوس خالل األلفي سنة
الماضية) .كل تلك الرموز" واألسماء تعود بأصلها األول إلى أحد رموز" إنكي السومري.
هناك أكثر من فكرة ورأي عن إنكي وعن عالقته باألديان اإلبراهيمية الالحقة ،فيرجح البعض
فكرة أن إله العبرانيين "يهوه" يستند في كثير من صفاته إلى إنكي ،بينما يعارض آخرون بأن
وجود معظم صفات األلوهية في إنكي القديم ال يدل بالضرورة على التأثير بصورة اإلله الواحد
"اهلل" في األديان اإلبراهيمية الالحقة به ،ويجد فريق ثالث أن هذه الصفات هي سلسلة واحدة
مستمرة منذ القدم ،تطورت" وتجمعت من آلهة متعددة يحمل كل منها صفة أو أكثر ،إلى إله واحد
يحمل كل صفات األلوهية والربوبية ،وهناك وجهة نظر رابعة ترى تلك اآللهة القديمة ليست أكثر
من مفهوم المالئكة في األديان اإلبراهيمية (مالك الموت ،مالك الوحي...،الخ) تتبع جميعها إلله
واحد أكبر.
أساطير إنكي
نانا :تنظيم األرض ،بناء الثقافة ،فنون حضارة إريدو ،معامالت أوروك
إنكي وإ ّ
العبادة
غور-إيه الذي يعني «بيت المياه الجوفية») وهو معبد زقورة محاط بأهوار الفرات بالقرب
ني في جنوب
من ساحل الخليج العربي القديم في مدينة إريدو .كان هذا أول معبد معروف" ُب َ
العراق .أظهرت أربع عمليات تنقيب منفصلة في موقع إريدو" وجود ضريح يعود تاريخه إلى
فترة العبيد األقدم ،منذ أكثر من 6500عام .على مدى السنوات 4500التاليةُ ،وسِّع المعبد
18مرة ،حتى ُهجر خالل الحقبة الفارسية .وعلى هذا األساس ،افترض تويكيل ياغوبسين
ثمة بركة
ننهورساج) ،إذ شغل دور القرين اإللهي أو الكاهن األعلى ،ليحظى الحقًا باألولويةّ .
من الماء العذب عند مدخل معبد إنكي ،وقد" عثرت أعمال التنقيب على العديد من عظام
أسماك الشبوط ،ما يشير إلى إقامة الوالئم الجماعية .يظهر سمك الشبوط" في النهرين التوأمين
مصطدما مع اإلله الالحق إنكي ،ما يشير إلى استمرارية سمات الحياة هذه على مدى فترة
ً
جداُ .و ِجدت هذه السمات في كل المعابد السومرية الالحقة ،ما يشير" إلى أن هذا المعبد
طويلة ً
قد وضع حجر األساس لنمط جميع المعابد السومرية الالحقة «جميع القواعد التي وضعت في
إريدو.
غالبا مع تاج
سماة مي ،التي تعني هدايا الحضارة .يظهر ً
الم ّ
كان إنكي حارس القوى اإللهية ُ
ص ِّور إنكي مع نهرين يتدفقان إلى كتفيه :أحدهما دجلة واآلخر" الفرات.
على ختم آدا االسطوانيُ ،
مرتديا" تنورة
ً إلى جانبه تُوجد شجرتان ترمزان إلى عناصر الطبيعة المذكرة والمؤنثة .يظهر
مموجة وقبعة مخروطية الشكل .يهبط نسر من األعلى ليحط على ذراعه األيمن الممدود .تعكس
هذه الصورة دور إنكي كإله الماء والحياة والتجديد.باعتباره المبدع الرئيسي للكون وإ له الحكمة
وكل السحر ،و ِ
صف إنكي بكونه لورد األبزو (أبسو باآلكادية) بحر المياه العذبة أو المياه الجوفية ُ
الموجودة ضمن األرض .في الملحمة البابلية الالحقة «إنوما إليش» ،كان أبزو «منجب اآللهة»
الذي اختير لتمثيل اآللهة الشابة ،يلقي تعويذة على أبزو «تُذهبه في نوم عميق» وبالتالي يحجزه
شيد إنكي بعد ذلك منزله «في أعماق األبزو» .وهكذا يتولى إنكي جميع وظائف"
تحت األرضّ .
األلفية الثالثة قبل الميالد «قصب إنكي» .ش ّكل القصب مادة بناء محلية هامة استُخدمت في صناعة
»Abيعني ً
أيضا «المني» .ضمن إحدى المقاطع المذكورة في التراتيل السومرية ،يقف إنكي عند
الطوفان
حيا
في النسخة السومرية من أسطورة الطوفان القديمة ،كانت أسباب الطوفان وأسباب بقاء البطل ً
غير معروفة نتيجة أن بداية اللوح الذي يصف القصة قد ُد ِّمرت .ومع ذلك ،ذكر صموئيل" نوح
كريمر أنه من الممكن استنتاج بشكل محتمل وعقالني أن البطل زيوسودرا" يتمكن من البقاء على
في أسطورة أترا هاسس الالحقة ،فإن إنليل -ملك اآللهة -يخطط" لمحو الجنس البشري الذي يعكر
تباعا الجفاف والقَ ْحط والوباء للقضاء على البشرية ،لكن إنكي يحبط
صفو راحته .يرسل ً
ضجيجه َ
خطط أخيه غير الشقيق بتعليم أترا هاسس كيفية مواجهة هذه التهديدات .في كل مرة ،يطلب أترا
هاسس من السكان التخلي عن عبادة جميع اآللهة باستثناء" اإلله المسؤول عن الكارثة ،ويبدو" أن
هذا يحرج ذلك اإلله ويحثه على التراخي والليونة .والبشر بالمقابل يتكاثرون للمرة الرابعة .يدعو
غضبا لعقد مجلس اآللهة ويجبرهم" على التعهد بعدم إخبار البشرية بأنه يخطط
ً طا
إنليل مستشي ً
سرا عبر ٍ
جدار إلبادتهم بالكامل .ال يخبر إنكي أترا هاسس بشكل مباشر ،إنما يتحدث إليه ً
بعد الطوفان الذي استمر سبعة أيام ،يطلق بطل الطوفان طائر سنونو وغراب وحمامة في محاولة
منه لمعرفة فيما إذا كانت مياه الطوفان قد انحسرت أم ال .عند رسو السفينة على اليابسة ،تُذبح
إنكي أن إنليل غير عادل بمعاقبة األبرياء ،وأن اآللهة تتخذ تدابير لضمان عدم اكتظاظ البشرية في
المستقبل أكثر مما ينبغي .هذه واحدة من أقدم الخرافات الشرق أوسطية الباقية حول الطوفان.
في أقدم نسخة باقية من أسطورة ذبح الكور ،إنكي هو البطل المسؤول" عن قتل كور .لسوء الحظ،
هذه األسطورة مجزأة ومتناثرة بشكل كبير ،والشيء القليل المعروف عنها مستمد فقط من
االستهالل في بداية القصيدة الملحمية «جلجامش وإ نكيدو والعالم السفلي» .في نسخ الحقة من هذه
تخبرنا هذي الرواية هوية الفائز في المعركة على اإلطالق ،ولكن من الممكن االفتراض أن إنكي
السامية الغربية
ّ إيا واآللهة
في عام ،1964أجرى فريق من علماء اآلثار اإليطاليين تحت إشراف باولو ماتييه من جامعة
روما سابينزا" سلسلةً من أعمال التنقيب عن المواد في مدينة إبال من األلفية الثالثة قبل الميالد.
بيتيناتو.
من ضمن استنتاجات أخرى ،اكتُشف وجود نزعة بين سكان إبال بعد عهد سرجون األكدي إلى
استبدال اسم إيل ،ملك آلهة ديانات الكنعانييين الفينيقيين ( ُذكر بأسماء أخرى مثل ميكائيل
(كنعانية) للفظ إييا ،))Eaوهو اسم أكادي إلنكي يربط" بين لفظ اسم اإلله يهوه ()Yahu
بالكنعانية ،وفي نهاية المطاف َي ْه َو ْه ( )YHWHبالعبرية .ما يزال بعض العلماء متشككين حول
أيضا باإلله
تفسيرها.شبه ويليام هالو إيا ً
ّ النظرية ويشرحون" كيف يمكن أن يكون قد أسيء
أيضا حاكم النهر) الذي كان اسمه السابق" في مصدر" قديم واحد
األوغاريتي يم (البحر)( ،ويسمى ً
و تم ذكر أيضا المعبود انكي الذي أراد أن يثأر من الوحش كور الختطافه الربة إرشكيجال
واغتنامه إياها لنفسه في عالمه السفلي ،فتتبعه في قاربه ،وأخذ كور يرشق سفينة إنكي باألحجار"
ويضرب قاعدتها وصورت" أسطورة لهم شدة حسد المعبود" إنكي للمعبود إنليل على اجتماع الناس
على عبادته بلسان واحد ،األمر الذي أدى به إلى أن أشاع الوقيعة بينهم وبين ربهم إنليل ،وبلبل
وأعاد التابع الكرة على المعبود" ننار رب القمر فلقي منه مثلما لقي من إنليل ،فاتجه إلى إنكي رب
الحكمة ووجد" عنده بغينه ،فخلق إنكي معبودين من درن قالمة ظفره المصبوغ" باللون األحمر،
ووهب أحدهما طعام الحياة وأوصاه ولما مات أورنمو خلفه ولده "شولجي" "Chulgiالذي سار
على نهج والده في سياسة التعمير؛ ولكنه اهتم بمدينة "أريدو"" التي كانت على شاطئ البحر وكانت
وروى" أهل إريدو" أن إنكي ظل يحتفظ بنواميس الحضارة في أعماق آبسو بأرضهم" حتى أغوته
عنها إنانا ربة الزهرة وربة مدينة أوروك "،فأغرته بجمالها وشجعته على الشراب واللهو معها،
المخنث" ،وشاء إنكي أن يلهو بدوره ويجرب حظه من الخلق ،فقبض قبضة من الطين وشكلها،
ولكنه فشل وصنع مخلوقًا" ال روح فيه ،ال يعرف الكالم وال أكل الطعام ولكن كان ينقصها الماء
إلى أن أوحى إنكي "رب الحكمة" إلى أوتو "رب الشمس" بأن يزودها" بينابيع المياه العذبة ،ففعل،
بستانا" أنبتت فيه ننخرساج" "اإللهة األم" ثمانية أنواع من النباتات على غفلة من إنكي نفسه
ً وتحولت
وروى" أهل إريدو" أن إنكي ظل يحتفظ بنواميس الحضارة في أعماق آبسو بأرضهم" حتى أغوته
عنها إنانا ربة الزهرة وربة مدينة أوروك "،فأغرته بجمالها وشجعته على الشراب واللهو معها،
على الرغم من أنه كان منها في منزلة الوالد م" يظهر عليه المعبود هالل وشخص يقدم قرابين.
الخاتمة