You are on page 1of 24

‫األسطورة ونشأة العين كمفردة تشكيلية في الحضارة المصرية القديمة‬

‫إعداد‬
‫أ‪ .‬شيماء جمال سليم‬
‫إشراف‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬إلهامي صباح أمين‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬آمال حمدي عرفات‬
‫مقدمة‬
‫إن التأم ل العمي ق والبحث المس تمر في مكنون ات فن ون الحض ارات المص رية‪ ,‬وما‬
‫تركت ه لن ا من م يراث زاخ ر ي دل علي الق درة التعبيرية ل دي الفن ان المص ري وفهم ه للطبيع ة‪,‬‬
‫وما تحمل ه في طياتها من س حر وجم ال أث ارت إحساس ه وش عوره ال داخلي به ا ودفعت ه‬
‫لص ياغتها تش كيليًا؛ فالص حراء الشاس عة ال تي يخترقه ا نه ر النيل (ح ابي) مت دفقًا‪ ,‬والس ماء‬
‫واس عة الآف اق تتع اقب فيه ا أش عة الش مس الدافئ ة نه ًارا وض وء القم ر المن ير لياًل ‪ ,‬وتع اقب‬
‫فص ول الس نة األربع ة‪ ,‬جعلت من ه متأمل يق ظ يبحث دائمًا عن الج وهر األساس ي لألش ياء‪,‬‬
‫في ترقب ويحل ل الظ واهر والكائن ات‪ ,‬فك انت لتل ك الطبيعة األث ر األول في تك وين وتش كيل‬
‫معتقداته‪ ,‬فآمن بقوي مقدسة عليا خيرة يطمئن إليها وي وقن بلقائها‪ ,‬وك انت ظاهرت ا الكس وف‬
‫دورا في نشأة معتقد عين اإلله‪ ,‬ونسج حولها األساطير‪.‬‬
‫والخسوف ً‬
‫خلفية مشكلة البحث‬
‫وليدا لق وم تمس كوا بمثل عليا اعتق دوا فيها وأمن وا بها‪,‬‬
‫إن الفن في مصر لم يكن إال ً‬
‫أرض خضراء ونهر يقسمها ويجمعهم حوله‪ ,‬وصحراء تحفهم‬ ‫وطبيعة مهدت لهم بذلك؛ فهي ُ‬
‫وبح ًرا من الش مال وأخر من الش رق‪ ,‬طبيعة جعلته ي أنس بها ويس تقر فيها‪ ,‬فك انت له بمثابة‬
‫أرض خصبة تطلق لخياله العنان‪ ,‬فيذيب العالم حوله ومن ثَم يعيد تشكيله‪ ,‬فتراه يب دع أش كااًل‬
‫رمزية تترجم وتفسر معني الكون وتجسد المعاني الروحية والتعبيرات الوجدانية‪.‬‬
‫فقد بدأت هذه التفسيرات بتأويالت رمزية لألساطير في الفنون البدائية‪ ,‬ويليها‬
‫تطور في تلك األشكال الرمزية في الفن المصري القديم؛ فقد سخر المصري القديم الفن‬
‫لخدمة العقيدة‪ ,‬ويقول عن ذلك المؤرخ اإلغريقي (هيرودوت)‪" :‬إن المصريين أكثر تقوي‬

‫أستاذ ورئيس قسم األشغال الفنية والتراث الشعبي‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة المنيا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬أستاذ أشغال الخشب‪ ,‬قسم األشغال الفنية والتراث الشعبي‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة حلوان‪.‬‬
‫من سائر البشر‪ ...‬ويهتمون كل االهتمام بالشعائر المقدسة‪...‬فقد سبقوا شعوب العالم‬
‫إلى إقامة األعياد العامة والمواكب العظيمة‪ ,‬وعنهم تعلم اإلغريق"‪.1‬‬
‫مشكلة البحث تتضح الحالي في التساؤل االتي‪:‬‬
‫دورا في نشأة العين كمفردة تشكيلية في الحضارة‬
‫هل يمكن لألسطورة أن تلعب ً‬
‫المصرية القديمة؟‪.‬‬
‫هدف البحث‪:‬‬
‫دراسة دور األسطورة في نشأة العين كمفردة تشكيلية في الحضارة المصرية القديمة‪.‬‬
‫أهمية البحث‪ :‬ترجع أهمية البحث إلى‪:‬‬
‫‪ .1‬ضرورة االهتمام بالتراث المصرى القديم من خالل تناول إحدي مفرداته‬
‫وعناصره وهي مفردة العين‪.‬‬
‫‪ .2‬التعريف بالدالالت الرمزية للعين كمفردة تشكيلية في الحضارة المصرية القديمة‪.‬‬
‫أثر الطبيعة في تكوين العقائد المصرية‬
‫دفعا نحو س هول وادي النيل‪ ,‬نحو‬
‫ت رك المص ري الق ديم ميراثه الب دائي خلفه من ً‬
‫األرض الخض راء المنبس طة والم اء الوف ير والجو المعت دل‪ ,‬نحو االس تقرار والعيش الرغد‪,‬‬
‫وس اعدته ح دوده أن تكف أي دي الن اس عنهم فلم تكن غ ير الس كينة تملء أي امهم‪ ,‬وس ماء‬
‫يتع اقب فيها الليل والنه ار حيث ب زوغ الش مس في الس ماء نه ًارا‪ ,‬واختفائها في الليل ال ذي‬
‫دفعا لتأملها‪ ,‬وأدخلته ظواهرها‬
‫ين يره القمر‪ ,‬ونج وم تتألأل‪ ,‬ونهر يفيض ويغيض؛ فدفعته ً‬
‫ال تي أث ارت انفعاالته في ض روب من الدهشة وال ترقب والخ وف والف زع أحياًنا‪ ,‬وتملكته‬
‫الرهبة منها أحياًن ا أخ ري‪ ,‬فأعمل ذهنه لتأملها بنظ رات ورؤى حدس ية إس تبطانية‪ ,‬وك انت‬
‫تختلف تلك الرؤى باختالف الظ واهر الكوني ة المحيط ة ب ه‪ ,‬وال تي دفعت ه لإليم ان بوج ود قوى‬
‫عليا مقدسة تحركها‪ ,‬فنسج خياله حولها العديد من األساطير‪.‬‬
‫فإن الفكر األسطوري عمل إنساني إبداعي لمحاولة وص ف الطبيع ة ال تي ش غلت ذهن ه‬
‫بأحاسيسه وتخيالته‪ ,‬و"ساعد فيض خياله على محاوالت إدراك تلك القوى الخفي ة‪ ,‬وتجس يدها‬
‫وزا وأش كااًل تعين ه على فهمه ا بم ا يالءم تفك يره"‪ , 2‬لخلق وس يلة‬
‫وتش كيلها وإ عطائه ا رم ً‬

‫‪ .1‬ياروسالف تشرني (‪ :)1996‬ترجمة أحمد قدري‪ ,‬الديانة المصرية القديمة‪ ,‬دار الشروق‪ ,‬بيروت‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ه‪.‬‬
‫‪ .1‬جيهان فوزي أحمد (‪" :)2001‬الدالالت الرمزية للون وأهميتها الوظيفية في التصميمات الزخرفية‬ ‫‪2‬‬

‫المعاصرة"‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة حلوان‪ ,‬ص‪.34‬‬

‫‪179‬‬
‫لالتص ال والتواصل مع ه ذه الق وة‪ ,‬فك ان م ع وج ود حاجت ه إلى من يحمي ه من ه ذه الظ واهر‬
‫الكونية‪ ,‬ومن يدفع عنه األذى والشرور‪ ,‬ويهدي إليه النفع والخير‪ ,‬فاهتدى إلى وجود اإلله‪.‬‬
‫ومن ظواهر الطبيع ة ال تي أث ارت دهش ته وزادت من ترقب ه له ا‪ ,‬ودفعت ه لإليم ان‬
‫بوج ود (عين اإلل ه)‪ ,‬ومه دت لظه ور رم ز العين بق وة في أس اطيره‪ ,‬هم ا ظ اهرتين‬
‫الكسوف الكلي للشمس وخسوف القمر؛ فالصحراء الواسعة والس ماء الص افية مكنت ه من‬
‫مراقب ة الش مس والقم ر عن كثب‪ ,‬فلم يكن بي ده أن يق ف خيال ه الخص ب س اك ًنا أمامهم ا‬
‫بدون أن ينسج أساطيره حولهما‪.‬‬
‫ففي ظ اهرة الكس وف الكلي للش مس ال تي يرقبه ا تح دث م رتين بالع ام حيث تظلم‬
‫نهارا‪ ,‬وتنخفض درجة حرارة األرض‪ ,‬وتظهر النجوم‪ ,‬ويبدو القمر فيه ا كق رص‬ ‫السماء ً‬
‫تمام ا مط وق بالض وء‪ ,‬وكأن ه يمث ل بؤب ؤ العين ويش ع من ه خط وط ملون ة س اطعة‬
‫أس ود ً‬
‫تماما وكأنها عي ًنا تحدق بك من السماء في مظهر يزيدها رهبة‬
‫تشكل قزحية للعين فتبدو ً‬
‫وإ جالل‪ -‬كما يظهر الشكل (‪ )1‬ظاهرة الكسوف الكلي للشمس‪.‬‬
‫وقد أوحي هذا التشابه الذي تحفه معاني الروعة والجالل "بأن العين لديها طبيعة‬
‫شمسية وهي مصدر للضوء والمعرفة"‪ , 1‬فإن للعين اإلنسانية تكوين مشابه الحظته عيناه‬
‫المتأملة؛ فإن القمر مثل بؤبؤ العين وهو القرص األسود‪ ,‬والقزحية الملونة هي األجزاء‬
‫التي لم يغطيها القمر من ضوء الشمس ـ ويظهر هذا التشابه الشكل (‪.)2‬‬
‫بدرا‪ ,‬ف إن القم ر ال‬
‫أما ما يحدث لياًل من ظاهرة خسوف القمر عندما يكون القمر ً‬
‫معتم ا إنم ا يب دو باهتً ا في ص ورة ش معية يمي ل للحم رة‪ ,‬يب دو وكأن ه ق رص نحاس ي‬
‫ً‬ ‫يبدو‬
‫متوهج‪ ,‬وكأنه عي ًنا حمراء مصابة‪ ,‬فكان الندماج ظاهرة خسوف القم ر م ع أط وار القم ر‬
‫دورا في نشأة أسطورة خسوف القمر لتفس يرها وهي‬ ‫التي يمر بها خالل الشهر القمري‪ً ,‬‬
‫إش ارة رمزي ة للقم ر؛ وكأن ه مج روح خالل الص راع ال دامي بين ح ورس وعم ه س ت‪,‬‬
‫ويفَسر حينما يدخل القمر في طور المحاق وصواًل إلى طور البدر‪ ,‬ف إن العين تش في عن د‬
‫نمو القمر واكتماله بواسطة تحوت أو إيزيس في بعض األساطير‪ ,‬ويبدو أن هذا الصراع‬
‫تتجدد نيرانه كل شهر‪.‬‬

‫‪ .2‬حنان حنفي محمود صالح (‪" :)2004‬دراسة تحليلية للعين في الفن المصري القديم واالستفادة‬ ‫‪1‬‬

‫منها في مجال الخزف"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة حلوان‪ ,‬ص‪.71‬‬

‫‪180‬‬
‫فقد أصبح من المعتقد من خالل هذه األساطير "أن حورس ق د أكتس ب القم ر في عين ه‬
‫اليس رى والش مس في عين ه اليم ني وه و يح وم ف وق األرض وكأن ه ص قر طرف ا جناحيه أخر‬
‫حدود األرض"‪ - 1‬وفي الشكل (‪ ,)3‬يظهر ظاهرة خسوف القمر ولونه أثناءها‪.‬‬
‫فق د التمس وا المص ريين الق دماء "االتص ال ب القوي ف وق الطبيعة‪ ,‬وارت أوا أن أفضل‬
‫السبل إلى ذلك هو اختيار إطار محدد ومرئي يمكن أن تتجمع فيه الصفات والنعوت التي تعبر‬
‫عن تلك الق وي المقدسة"‪ , 2‬فك ان التجس يد الم ادي لبعض المعب ودات أم ًرا الغ ني عنه لخدم ة‬
‫األساطير ورسوخ العقيدة في نفوسهم‪ ,‬فنجده قام بتجسيد اإلله حورس ـ كما يعتقدون ـ في هيئة‬
‫صقر‪ ,‬لما كانت له من صفات تأملها‪ ,‬والتي تعبر عن تلك القوي المقدسة‪.‬‬
‫فق د اعتقد المص ري الق ديم أن اإلله ال ذي يعب ده عن دما تحل أو تتجسد "البا"‬
‫الخاصة به في ص ورة حي وان يعيش على األرض فهو ب األخرى يمتلك من الص فات ال تي‬
‫تع بر عن ه ذه القوى المقدسة‪ ,‬وهك ذا انبثقت فك رة التق ديس‪ ,‬وك ان ذلك بمثابة خط وة‬
‫أولى أساس ية لرس وخ العقائد المص رية القديمة في العص ور التاريخي ة؛ فالص قر لديه من‬
‫عاليا ومن مسافات بعيدة‪.‬‬
‫الصفات القدرة على الرؤية الحادة الثاقبة‪ ,‬وهو يحلق ً‬
‫فالمص ري الق ديم لم يق دس ‪ -‬لم يعبد‪ -‬ه ذه الموج ودات ل ذاتها‪ ،‬ولكنه اعت بر أن‬
‫القوى الخفية التي يدركها متمثلة فيها؛ أي أنها بمثابة رموز أرض ية له ذه الق وى الخفية‬
‫ال تي ال تعيش معه على األرض‪ ,‬ودلياًل على أنه لم يعبد ه ذه الموج ودات ل ذاتها هو أنه‬
‫رموزا لمعبودات قدس ها على‬
‫ً‬ ‫كان يذبح البقرة‪ ،‬ويقتل التمساح والثعبان‪ ،‬برغم أنها كانت‬
‫مر العص ور‪ ,‬كم ا لم يقدس ها بأس مائها كحي وان‪ ,‬ولكن بص فة من أخص خصائص ه‪ ,‬فق د‬
‫أطل ق على الص قر اس م ‪ bik‬باللغ ة المص رية القديم ة‪ ,‬أم ا ح ور ك انت أخص ص فة وهي‬
‫تعني العالي البعيد‪ ,‬وال تي أطلقه ا على ح ورس (س يد الس ماء)‪ ,‬كم ا ق دم الق رابين إلى ما‬
‫قدسه من الصور الحية لهذه الظ واهر أو (الب ا) للقوى العلي ا في ه ذه الكائن ات‪ ,‬ولم يلبث‬
‫أن ص احب تق ديم الق رابين أداء بعض الحرك ات والرقص ات‪ ،‬وال تي ك انت ن واة أولى لما‬
‫ُعرف بعد ذلك من طقوس وشعائر العبادة‪.‬‬

‫‪ .‬روبير جاك تيبو (‪ :)2004‬ترجمة فاطمة عبد اهلل محمود‪ ,‬موسوعة األساطير والرموز الفرعونية‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫المجلس األعلى للثقافة‪ ,‬ص ‪.241‬‬


‫‪ .‬ياروسالف تشرني (‪ :)1996‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.46‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪181‬‬
‫وملموس ا‪ ,‬فأتخ ذ‬
‫ً‬ ‫مفهوم ا‬
‫ً‬ ‫فق د اس تخدم الرم ز محاول ة من ه لجع ل ع الم اآللهي‬
‫يدا إلل ه الس ماء‪ ,‬فك ان "إل ه الس ماء ح ور إنم ا أص بح اآللة‬
‫المص ري الق ديم الص قر تجس ً‬
‫األعظم في مصر من ُذ بداية العصر التاريخي"‪ ,1‬فالصقر هو أول كائن حي قدسه المص ري‬
‫القديم‪ ,‬وكان الشكل الرئيسي للمعبود "حورس" (سيد الس ماء)‪ ،‬وهو أق دم ص ورة ارتبطت‬
‫به ذا المعب ود‪ ,‬فاسم س يد الس ماء باللغة المص رية الق ديم هو "حـر" أو "ح ور"‪ ،‬وباليونانية‬
‫ورس" ويشير معنى االسم المصري الق ديم "حر" والمش تق من اللفظ المص ري الق ديم (‬
‫" ُح َ‬
‫‪)Hr‬أو(‪ ،)Hry‬بمعني (الذي يعل و‪ ،‬أو البعيد)‪(،‬ذلك ال ذي ف وق)‪ ,‬والمع نى المع بر عنه هو‬
‫(وجه السماء)‪.‬‬
‫فإن كلمة حر تع نى وجه في اللغة المص رية القديمة‪ ,‬وذلك في إش ارة لطبيعة‬
‫عاليا أثن اء الص يد‪ ،‬ه ذا إن لم تكن تش ير إلى الطبيعة الشمس ية‬
‫الص قر الذي يط ير ً‬
‫للمعب ود‪ ,‬فقد "تش ير األس اطير إلى أنه ص قر س ماوي‪ ،‬عينه اليم نى تمثل الش مس‪،‬‬
‫واليسرى تمثل القمر‪ ،‬والنقاط المم يزة لص دره تمثل النج وم‪ ،‬وجناح اه يص وران الس ماء‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ويظهر الشكل (‪ )4‬هيئته‪.‬‬
‫بينما تسبب حركتهم الرياح" ‪ُ -‬‬
‫فقد كانت "عقيدة الصقر ح ورس ذات أهمي ة ك برى من ذ عص ر م ا قب ل الت اريخ"‪,3‬‬
‫كما أنتشر اس تخدام الص قر ح يرو في تجس يد اآلله ة‪ ،‬فنجد أن المعب ود رع ق د تمث ل في ه‪,‬‬
‫وأيضًا المعب ود أت ون تمث ل في الص قر ق ديمًا قب ل أن يأخ ذ الش كل الرمزي المتمث ل في‬
‫قرص الشمس في عهد أخناتون‪ ،‬ولكن حورس الصقر هو أكثر المعبودات المشهورة في‬
‫التجسيد لما أرتبط به المعبود ح ور في األس اطير المص رية القديمة‪ ،‬كما أعط اه المص ري‬
‫رمزا ل ه وه و العين ـ عين ح ورس ـ المقدس ة‪ ,‬وهي كم ا بالش كل (‪ ،)5‬وإن تن اول‬
‫القديم ً‬
‫الرم ز والرمزي ة‪ ,‬ونشـأة العين كرم ز وم ا هي األس اطير ال تي تناولته ا‪ ,‬يس اعد في فهم‬
‫رمز عين حورس والدالالت التي يحملها في طياته في تأم ل المص ري الق ديم للش مس في‬
‫الشروق والغروب‪ ,‬وعودتها مرة أخري للشروق من جديد أيقن أن ه الب د من الغ روب ل ه‬
‫ثم اإلش راق من جدي د‪ ,‬ف إن الم وت لدي ه مج رد مرحل ة يم ر به ا للعيش من جدي د حي اة‬
‫أخري‪ ,‬لذلك أهتم باإلع داد له ذه الحي اة والتجه يز له ا‪ ,‬وأعتقد أن الب ا ‪ -‬روح المت وفى‪-‬‬
‫تعود له من جديد بواسطة عين اه‪ ,‬فج اء اهتمامه به ا ح تى تتع رف ال روح علي ص احبها‪,‬‬

‫‪ .‬محمد بيومي مهران ( ‪ :)1989‬الحضارة المصرية القديمة‪ ,‬دار المعرفة الجامعية‪ ,‬اإلسكندرية‪ ,‬ص ‪.334‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪.http://www.marefa.org/inbox.php.‬‬
‫‪ .‬ياروسالف تشيرني (‪ :)1996‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.36‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪182‬‬
‫وال تهيم الروح علي وجه األرض وال تع ود ل ه‪ ,‬ف دعاه ذل ك لتحني ط الجس د‪ ,‬ودع اه عم ل‬
‫أقنعة من الكارتوناج محاولة منه تعرف الروح علي صاحبها في حالة تلف الجسد‪.‬‬
‫نشأة الرمزية والرمز‬
‫يتمتع اإلنس ان دون الخالئق بالس لوك الرم زي‪ ,‬وبالق درة على اس تعمال الرم وز‬
‫واس تخدامها‪ ,‬فقد لجأ اإلنس ان الس تخدام الرم وز والعالم ات للتعب ير بإيج از‪ ,‬وترتب ط الرم وز‬
‫بحياة اإلنسان ارتباط وثيق ال غ ني عنه ا لتحقي ق التف اهم واالتص ال بين الن اس‪" ,‬الرم ز لم ينش أ‬
‫من ال ش يء ب ل ج اء تعب ًيرا لم ا ي دور في الالش عور عن المواق ف‪ ,‬والعناص ر ال تي اكتس بها‬
‫اإلنسان من خبراته اليومية"‪ , 1‬فقد كان اإلنس ان الب دائي يم ارس الفن ويس تخدم الرم ز في ه‪ ,‬فه و‬
‫يمثل "األداة التي يميز بها ما يجيش في صدره من مشاعر وعما يدور في ذهنه من أفكار"‪.2‬‬
‫فقد نشأة الرمز مع نشـأت الفن بل وم ع نش أة اإلنس ان نفس ه‪ ,‬وق د أب دع اإلنس ان‬
‫الرم ز كوس يلة تربط ه بالع الم الغ ير م رئي‪ ,‬ف إن الرمزية لم يقتصر دورها واس تخداماتها‬
‫على الجوانب العقائدية في مصر القديمة‪ ،‬وإ نما توغلت وامتدت استعمالها لتشمل جوانب‬
‫الحي اة والمعرفة ما بين الفن ون‪ ,‬العم ارة‪ ,‬الس حر‪ ,‬األس اطير‪ ,‬اللغة‪ ,‬األدب وغيرها من‬
‫جوانب الحياة‪.‬‬
‫تعريفات للرمز‬
‫نج د للرم ز العدي د من التعريف ات ال تي ش ملت ع دة مج االت كالمج ال الفلس في‬
‫والنفسي والتشكيلي وكذلك في اللغة؛ فالرمز في اللغة العربية يعني عالم ة أو إش ارة إلى‬
‫ش يء‪ ,‬ومقابله ا في اللغة اإلنجليزي ة "لفظ ‪ Symbol‬ومعناه ا عالم ة ‪ Sign‬أو ش كل‬
‫‪ Shape‬أو غرض ‪ Object‬يعبر عن شخص أو فكرة أو قيمة"‪ ,3‬فالرمز هو "عبارة عن‬
‫بيها آلخر غ ير م رئي‪،‬ولكن ه ذا‬
‫رئي وهو يص ور للعقل ش يء ش ً‬
‫مس مييطلق علىشي م ‪,‬‬

‫‪ .‬نهي محمود نايل (‪" :)2003‬الدالالت الرمزية والقيم الفنية ليتجان اآللهة في النقوش المصرية‬ ‫‪1‬‬

‫القديمة"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة حلوان‪ ,‬ص ‪.52‬‬
‫‪ .‬صالح الدين عبد الحميد حسن (‪" :)1999‬الرمز في النحت الجداري في الحضارة الفرعونية‬ ‫‪2‬‬

‫وحضارة بالد النهرين"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية الفنون الجميلة‪ ,‬جامعة حلوان‪ ,‬ص ‪.4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪. Longman Dictionary of Contemporary English, Published By Longman Group,‬‬
‫‪Great Britain, Pitman, Press, p1126.‬‬

‫‪183‬‬
‫األخ ير ي درك ويفهم بالترابط معه عنطريقت داعي المع اني أو الخ واطر أو األفك ار"‪،4‬‬
‫وذلك وفق أحدث تعريفات دائرة المعارف البريطانية‪.‬‬
‫وعند األدباء والفالسفة يعرفه عدنان الذهبي "بأنه ش يء حس ي يع بر بإش ارة إلى‬
‫شيء معنوي ال يقع تحت الحواس‪ ,‬وهذا االعتبار قائم على وجود مشابهة بين الش يئيين‬
‫في مخيل ة الرام ز"‪ ,1‬ويق ول عن ه هيجل "ينبغي تم يزه بم ا يحوي ه من معنى وتعب ير‪,‬‬
‫فالمعنى يرتبط بتمثيل أو موضوع‪ ,‬فالمعني يرتب ط بموض وع معين أي ا ك ان مض مون ه ذا‬
‫الموضوع‪ ,‬أما التعبير فهو يكون بوجود حسي أو صورة ما"‪.2‬‬
‫ويع بر عن ه ارنست كاس ير بقول ه "أن الرم وز ليس ت مج رد مجموع ة من ال دالالت أو‬
‫العالم ات ال تي تش ير إلي بعض المع اني أو األفك ار أو التص ورات‪ ,‬ب ل هي ش بكة معق دة من‬
‫األشكال أو الصور التي تعبر عن مشاعر اإلنسان وأهوائ ه وانفعاالته وآمال ه ومعتقدات ه"‪ ,3‬كما‬
‫اس تعمل كاس ير بمعن يين‪ ،‬إيج ابي وس لبي‪ ،‬الرمز بوص فه منت وج والرمز بوص فه عملي ة‪،‬‬
‫ف الرمز المنت وج؛ مج رد أثر فيزي ائي يبعث نحو فك رة معينة أو نحو موض وع معين‪ ،‬وتك ون‬
‫وظيفته اإلنابة أو اإلحالة "‪ "Substitution‬عن األش ياء‪ ،‬أما الرمز العملي ة؛ فهو إعط اء‬
‫ش كل للتعب ير بواس طة الفك ر‪ ،‬وهو ما يس مى بعملية الترم يز " ‪،"Symbolization‬‬
‫والوظيفة األساس ية للرمز العملية هو البن اء‪ ،‬بن اء المعطي ات الحس ية‪ ,‬وكالهم ا في ترابط‬
‫وتكامل‪ ،‬ذلك ألنه في الرمز المنتوج نرى كيف أن الفكر يبني وينظم العالم الذي يدركه‪ ,‬فهو‬
‫بذلك يكون من األدوات ووسائل االتصال‪.‬‬
‫وتق ول س وزان النجر "أن الرمز أداة ذهني ة‪ ،‬أو مظهر من مظ اهر فاعلية العقل‬
‫البشري‪ ,‬وحينما ينجح المرء في توصيل فكرته إلي اآلخرين عن طريق بعض الرم وز‪ ،‬فإننا‬
‫نقول عنه أنه قد أحسن التعب ير عن تلك الفك رة"‪ , 4‬هنا تؤكد النجر أن الرمز يس تخدم للتعب ير‬

‫‪ .‬جمال محمد فوزي (‪" :)1990‬الرمزية وأثرها علي القيمة الجمالية في النحت العالمي المعاصر"‪,‬‬ ‫‪4‬‬

‫رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية الفنون الجميلة‪ ,‬جامعة حلوان‪ ,‬ص‪.29‬‬


‫‪ .‬عدنان الذهبي (‪ :)1949‬سيكولوجية الرمزية‪ ,‬مجلة علم النفس‪ ,‬المجلد ‪ ,4‬عدد فبراير‪ ,‬بيروت‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.365 ,364‬‬
‫‪ .‬هيجل (‪ :)1986‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ,‬الفن الرمزي الكالسيكي الرومانسي‪ ,‬دار الطليعة‪,‬‬ ‫‪2‬‬

‫بيروت‪ ,‬ص ‪.11‬‬


‫‪ .‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ .4‬زكريا إبراهيم( ‪ :)1988‬فلسفة الفن في الفكر المعاصر‪ ,‬مكتبة مصر للمطبوعات‪ ,‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.315‬‬

‫‪184‬‬
‫عن الفكرة ‪ ،‬إذن فهو بالفعل أداة أو وسيلة من ابتك ار ال ذهن للتعب ير عن األفك ار ونقلها من‬
‫ح يز المج رد إلى ح يز الملم وس‪ ,‬ولكن عالقة التوحد واالن دماج ال تي تنشأ بين الرمز‬
‫انيا‬
‫والمرم وز إليه من أفك ار داخل س ياق العمل الف ني هي ما تعطي للرمز مض موًنا إنس ً‬
‫واعيا نصبو لجوهره ومعناه الداللي‪.‬‬
‫ً‬ ‫وحسيا‪ ،‬ويجعلنا بتأمله تأماًل‬
‫ً‬
‫يعد الرمز بمثابة الطاقة الفكرية ال تي بواس طتها يص بح مض مون معين من‬
‫طا بعالم ات حس ية وواقعية متطابقة‪ ,‬فيص ير الرم ز لغة مص بوغة‬
‫ال دالالت الفكري ة‪ ،‬مرتب ً‬
‫بص بغة الفكر‪ ,‬فهو لغة ألنه يع بر عن انفع االت‪ ،‬ومص بوغة بص بغة الفكر ألنها قد تكيفت‬
‫للتعب ير عن انفع االت الفكر‪ ,‬وهن ا يرتب ط الرم ز والخي ال‪ ,‬ف إن " الخي ال ه و الق وة الدافع ة‬
‫التي تتحكم في مفهوم الرمز"‪.1‬‬
‫الرمزية في الفن المصري القديم‬
‫إن استخدام الرمز ق ديم ق دم اإلنس ان‪ ,‬وق د ك ان المص ري الق ديم ه و أول من لج أ‬
‫الستخدام الرموز‪ ,‬حيث كان يجسد فكره بالرمز ويع بر عن ه باألس طورة‪ ,‬فهك ذا ك انت لغة‬
‫الب دء‪ ,‬وما ك انت األس طورة وم ا أب دع له ا من مف ردات رمزي ة إال مح اوالت من ه لفهم‬
‫وتطويع الطبيعة وظواهرها المحيطة به‪ ,‬فهي بكل ما تحمله من صور ورموز‪ ,‬فهي الب د‬
‫فلسفيا عميقًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وأن تحمل مضمو ًنا‬
‫يرا حيَّا‪ ,‬وقد اق ترن الرمز‬
‫رمزيا للمعرفة فهو يحمل تعب ً‬
‫ً‬ ‫وباعتب ار الفن ش كاًل‬
‫واألسطورة بالعقيدة‪ ,‬وكذلك ارتبطوا بالفن لأن النشاط الفني هو التعبير عن رغبة‪ ,‬وهذه‬
‫الرغبة لم تجد لها تلبيه في ع الم الواقع‪ ,‬فانص رفت إلى ع الم الخي ال والرمز‪ ,‬وه و م ا‬
‫وزا‪,‬‬
‫اهدا علي ق درة المص ري الق ديم في أب داع رم ً‬
‫يمكن رؤيت ه فيم ا ترك وه لن ا ليبقي ش ً‬
‫ليحيا من خاللها في كافة نشاطاته اليومية المتعددة‪.‬‬
‫ك ان الرمز بالنس بة للمص ري الق ديم بمثابة العم ود الفق ري لرؤيته العقائدية‬
‫والكوني ة‪ ،‬ولقد تجلت أش كاله وأمثلته في ش تى الفن ون المص رية القديمة‪ ,‬وال تي ح اول‬
‫المصري القديم من خاللها تسجيل أفكاره وقيمه بل ومقومات حياته األخرى بع د الم وت‪,‬‬
‫وأن الرمزية الكاملة في الفن المصري القديم تظهر في أسطورة إيزيس وأوزيريس حيث‬
‫يرمزان إلي الشمس والنيل‪ ,‬وهما مصدرا حياة في مصر القديمة‪.‬‬
‫إن "الس مة األساس ية للفن الرم زي تظه ر في الفن المص ري الق ديم هي التواف ق بين‬
‫المدلول ونمط التمثي ل‪ ,‬فليس اله دف من تص وير األش كال الفني ة أو األفع ال اإلنس انية أن تمث ل‬
‫‪1‬‬
‫‪. Fleming (1940): D.Christian Symbols in World Community, New York, p 10.‬‬

‫‪185‬‬
‫لذاتها بما فيها من خصوصية فردية‪ ,‬بل إن الهدف أن تكون بحكم ص فتها ال تي ترتب ط بم دلول‬
‫وتلميح ا ل ه"‪ ,1‬ف الفن المص ري الق ديم م ا ه و إال سلس لة مترابط ة من‬
‫ً‬ ‫أوس ع إش ارة إلي اإلل ه‬
‫الرموز‪.‬‬
‫دور العين كرمز عند المصري القديم‬
‫هاما في حي اة وفكر المص ري الق ديم‪ ،‬فجعله ا ترتبط بكل ما‬
‫دورا ً‬
‫لعبت الرم وز ً‬
‫يحيط به من ظواهر كونية مختلفة في الطبيعة‪ ،‬ثابتة ك انت أو متغ يرة‪ ،‬ومتقلبة كالجف اف‬
‫والس يول والرعد وال برق وخس وف القمر وكس وف الش مس‪ ,‬فاس تمد رم وزه من البيئة‬
‫المحيطة ب ه‪ ،‬بحيث يس هل له فهمها من خالل الربط بينها وبين ما رمز إليه‪ ,‬فنج ده‬
‫استخدمها لإلشارة إلي تلك الق وي الخفي ة ال تي تح رك ه ذه الظ واهر المحيط ة ب ه‪ ,‬وأوجد‬
‫سببا غلب عليه الخيال والرمزية‪.‬‬
‫لكل ظاهرة أثارت ذهنه ً‬
‫أساس ا يس تند على ص فة أو‬
‫ً‬ ‫وك ان لتجس يد وتص وير "إله" ما في هيئة حيوانية‬
‫ص لة بين اإلله وبعض خص ائص ه ذا الحي وان الش كلية والوظائفية – في اعتق اده‪ ،‬إال أن‬
‫اله ام في ه ذا التمثيل أن ه ذه الحيوان ات قد ُوق رت وقدست كرمز له ذه اآللهة المص رية‪,‬‬
‫وأص بح لك ل إل ه على ح دة‪ ,‬تس ميته الخاص ة وص ورة ترم ز وت دل علي ه‪ ,‬وه ذه التس مية‬
‫كش فتها النق وش الجداري ة مكتوب ة باللغ ة المص رية القديم ة‪ ,‬وهي بالكتابة الهيروغليفية‬
‫المليئة بالصور‪ ,‬فكان الصقر كطائر مقدس هو صورة لحورس بكل أسماءه‪.‬‬
‫وإ ن من أسباب استخدام الصقر للداللة على اإلله حورس – في اعتقادهم‪ -‬أنه طائر‬
‫جدا‪ ,‬ومن الطيور المعمرة يعيش لفترة طويل ة‪ ,‬كم ا "أن ه الوحي د بين الطي ور الق ادر علي‬
‫قوي ً‬
‫مواجه ة الش مس المحرق ة‪ ,‬ويس تطيع الط يران لعل و ش اهق ‪ ...‬ول ه ق درة على أن يط ير على‬
‫ظه ره وعين اه في مواجه ة الش مس"‪ ,2‬ول ه من العل و الش اهق ال ذي يبلغ ه في الط يران كأن ه‬
‫يخترق قرص الشمس‪ ,‬وقد أعتقد "أن السماء هي البيت األول لإلل ه‪ ,‬والص قر ه و س اكن الس ماء‪,‬‬
‫ولذا فهو ‪ ....‬جدير أن يتجسد فيه ‪ ...‬وهو رم ز المل ك وس يط اآلله ة بين س اكني الس ماء‬
‫من اآلله ة‪ ,‬وس اكني األرض من البش‪,3‬ر"وبعي ًدا عن الهيئة الحيوانية الص ريحة للمعب ود فقد‬

‫‪ .‬دعاء محمد بهي الدين (‪" :)2009‬الرمزية ودالالتها في الفن القبطي"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية‬ ‫‪1‬‬

‫اآلداب‪ ,‬جامعة اإلسكندرية‪ ,‬ص ‪.109‬‬


‫‪2‬‬
‫‪. P. Lacou ET H.Chevrier : Une Chapelle de Sesostris, Ler A Karnak, Le Caire, p222.‬‬
‫‪ .‬زكية زكي جمال الدين (‪" :)1987‬اإلله حورس نشأته وعالقته بالملكية منذ فجر التاريخ وحتي‬ ‫‪3‬‬

‫نهاية الدولة القديمة"‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية اآلثار‪ ,‬القاهرة‪ ,‬ص ‪.11‬‬

‫‪186‬‬
‫غالبا في شكل آدمي ب رأس ص قر – كما يظه ر في الش كل (‪ ,)6‬واس تخدم‬
‫صور اإلله حورس ً‬
‫ُ‬
‫ذلك بديل مجازي للشكل المقدس‪.‬‬
‫فقد رمز المصري القديم لبعض اآللهة برموز وعالم ات ارتبطت كل منها بمعب ود‬
‫ما وفقًا ألس طورة أو لحادثة أو لعالقة م ا‪ ،‬فقد ك انت "الرم وز والتعب يرات الرمزي ة دع ائم‬
‫أساسية تكمن أهميتها في االستجابات التي تنشأ عنها ‪ ...‬ثم يتضح الدور الرئيسي ال ذي‬
‫تلعب ه األس طورة وأهمي ة الرم وز الفني ة ال تي تنتمي إليه ا"‪ ,1‬واس تلزم لفهم الرم ز دراسة‬
‫هذه األسطورة التي أبثق منها واإلله المرم وز إليه‪" ,‬إن الرم وز بطبيعته ا ب ؤرة الت أمالت‬
‫الخيالية أو العواط ف ال تي تنتمي ب دورها إلي عالم األس طورة ح تى ل و من أص ل دين وي‪,‬‬
‫فالرموز ليست وحدات قائمة بذاتها إنما هي قابلة لإلمتزاج أو التداخل حتى تخل ق أش كال‬
‫معقدة محيرة"‪ , 2‬ويجعل ذلك من الرمز الصيغة المناسبة التي تص لح للتعب ير عن الحق ائق‬
‫المجهول ة‪ ,‬وتب ني العالق ة بين الرم ز واألس طورة على أن األس طورة بم ا تش مله من‬
‫أساليب تعبيري ة‪ ,‬وم ا تس رده داخله ا من ش خوص واآلله ة فهي تحم ل بباطنه ا تفس يرات‬
‫حورس‪.‬‬
‫رمزية‪ ,‬كأن يرمز لإلله حورس برمز عين ُ‬
‫فقد كانت العين من أهم الرموز ال تي ش اع اس تخدامها عن د المص ري الق ديم‪ ,‬فق د‬
‫اس تمدت قوته ا من ق وة األس اطير والعقي دة المتغلغل ة في نفوس هم‪ ,‬فق د اعت بر مص ري‬
‫"رمزا لآللهة الكبرى مهما أختلف االس م ال ذي اس تخدم"‪ ,3‬وحيثأن األس طورة‬
‫القديم العين ً‬
‫ترتبط ب الرمز فهو ب األحرى الم ادة األساس ية فيها ‪ ,‬فقد لج أت الدارس ة إلى دراس ة‬
‫األسطورة‪ ,‬ماهيتها‪ ,‬ودورها في نشأة العين كرمز في الحضارة المصرية ‪.‬‬
‫دور األسطورة في نشأة العين كرمز‬
‫رفت ع رب الجاهلية لفظة "األس اطير" بمع نى" األباطيل"‪ ،‬وهم يقص دون بها‬
‫َع َ‬
‫القصص ال تي ال يوثق من ص حتها‪ ,‬وج اءت في الق رآن الك ريم‪ ,‬فأك د المفه وم الج اهلي‬
‫للفظ‪ ,‬وفكرها تسع م رات حاملة لنفس ه ذا المع نى في كتاب ه العزي ز س ورة "المؤمن ون"‬
‫﴿إن ه ذا إال أس اطير األولين ﴾ اآلية ‪ ,83‬وع رفت في مع اجم اللغ ة العربي ة "األس اطير‬
‫بمعني األباطيل ومفردها أسطورة أو أسطارة"‪.4‬‬

‫‪ .‬جيهان فوزي أحمد(‪ :)2001‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .‬رندل كالرك ( ‪ :)1988‬ترجمة أحمد قدري‪ ,‬الديانة المصرية القديمة‪ ,‬دار الشروق‪ ,‬بيروت‪ ,‬ص ‪.30‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪. Craw Ford, O, G, S (1957): The Eye Goddess, London, sonnt, P33.‬‬

‫‪187‬‬
‫واألس طورة "مش تقة من س طر األح اديث‪ ,‬وموض وعاتها إض افة لآلله ة تن اول‬
‫األبطال الغابرين‪ ,‬وفق لغة وتصورات وتخيالت وت أمالت وأحك ام تناس ب العص ر والمك ان‬
‫التي صيغت فيه‪ ,‬وشكل األنظمة‪ ,‬والمستوي المع رفي‪ ,‬وهي في ذل ك ال وقت تش كل ثقاف ة‬
‫عص رها"‪ ,1‬نش أة األس طورة نتجه ل دوافع نفس ية ل دي المص ري الق ديم تعين ه علي فهم‬
‫الظ واهر الكوني ة المحيط ة ب ه‪ ,‬ف أطلق لخيال ه عن ان تفس يرها وع بر عنه ا في س طر‬
‫األحاديث؛ عبر عن ما يجول ذهنه من صور خيالية‪.‬‬
‫فكانت األس طورة ولي دة ال وعي اإلنس اني والالوعي في ِ‬
‫آن واح د‪ ,‬فهي الس جل األمث ل‬
‫للفكر ودوافعه في مراحله األولي‪ ,‬وهي ثقافة أجيال متعاقبة فلم ي دعي أح د تأليفه ا‪ ,‬فناله ا من‬
‫معرفي ا‪,‬‬
‫ً‬ ‫الح ذف واإلض افة والتع ديل م ا ق د ن ال‪ ,‬فهي ب ذلك نت اج مع رفي جم اعي يجس د وص ًفا‬
‫وله ا من الق درة علي االمت داد ماض ًيا وحاض ًرا ومس تقباًل ‪ ,‬فاألس طورة بني ة مركب ة من ت اريخ‬
‫وفكر وفن وحضارة‪ ,‬فقد اُستخدم فن األسطورة كحاوية لبعض الرموز من أجل توض يح أفك ار‬
‫مجردة يصعب إدراكها كالعقائدية واألحوال االجتماعية واألمور المعنوية‪.‬‬

‫عالقة األسطورة بالعقيدة المصرية القديمة‬


‫دورا‬
‫كانت األسطورة غير مفروضة فيحق للناس تصديقها أو رفضها‪ ,‬ف انبثق للعقائ د ً‬
‫موجها‪ ,‬ومخط ًطا من قبل وعي فئ ة مم يزة تمثلت في الكهن ة‪ ,‬فك انت العقائ د أداة قمعي ة‬
‫ً‬ ‫ليكون‬
‫أقوي من األس طورة لجعله ا تص بح اعتق اد مف روض‪ ,‬فك انت األس طورة ج زء من بني ة العقي دة‬
‫المصرية القديمة وطقوس العب ادة‪ ,‬لكنه ا لم تتخ ذ ص فة اإلل زام‪ ,‬فخض عت لحري ة اإلنس ان مم ا‬
‫جعلها عرضة للتغير من قبل كافة القوي التي يمكن أن تستفيد منها‪ ,‬وقد لعبت األس طورة دور‬
‫الدس تور االعتق ادي لتفس ير الواق ع وت ؤمن المس تقبل‪ ,‬فك انت له ا غاي ات ته دف إلى ترس يخ‬
‫ع ادات إجتماعي ة‪ ,‬وت دعيم س لطة العش يرة‪ ,‬كم ا تعت بر األس طورة أص دق تعب ير عن فلس فة‬
‫الحض ارة المص رية القديم ة؛ فهي بمثابة الش كل الجم الي ال ذي يم دنا باألحاس يس والص ور‬
‫والخياالت والعقائد التي كانت سائدة في األذهان في الزمن القديم‪.‬‬

‫‪ .‬محمود خاطر (‪ :)1926‬مختار الصحاح للشيخ اإلمام محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي‪,‬‬ ‫‪4‬‬

‫القاهرة‪ ,‬ص‪.298‬‬
‫‪ .2‬سيد القمني (‪ :)1999‬األسطورة والتراث‪ ,‬المركز المصري لبحوث الحضارة‪ ,‬القاهرة‪ ,‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.24,25‬‬

‫‪188‬‬
‫وكانت لألسطورة المصرية العديد من الخصائص‪ ,‬منها تجس يد الص فات‪ ,‬وم ا ل ه‬
‫من دور مهم في جعل العالم اإللهي واقع ملم وس‪ ,‬كم ا يوج د به ا تغي ير ولكن ه يمي ل الي‬
‫المحافظة واالستمرار‪ ,‬ورغم التناقض في التصورات األس طورية وت داخلها وتعقي دها إلي‬
‫إنهم أمنوا بها مجتمعة‪ ,‬واستخدم الرمز للتعبير عن التصورات األسطورية للعالم اإللهي‪,‬‬
‫لجعل ه ع الم ملم وس بالنس بة ل ه‪" ,‬ف إن ك ل رم ز لم يكن بتص ور أس طوري ولك ل تص ور‬
‫أس طوري ه و رم ز لك ائن من الع الم اإللهي ويص دق الرم ز إذا اس تطاع تحقي ق الحماي ة‪,‬‬
‫ومن ثم باتت العين رمز للقوة المدمرة والضوء المغشي لألبصار"‪.1‬‬
‫خاص ا في األس اطير والمعتق دات المص رية القديم ة‪ ,‬فهي‬
‫ً‬ ‫ولم ا ك انت للعين مكان ة‬
‫"رمز لإلله الذي خلق البشر من دموع عين ه هك ذا‪ ,‬وض عت العين كأح دي الرم وز الهام ة‬
‫في أساطير مصر القديمة"‪ ,2‬حتى إنه جعل له ا أهمي ة على المس توى الم ادي أي االهتم ام‬
‫به ا كعض و لإلبص ار وحمايته ا وتجميله ا وترص يع موت اه ب أعين ص ناعية‪ ,‬والت وابيت‬
‫أيضا‪ ,‬كما إنها احتلت مكانة في لغته‪ ,‬لما أدركه من قيمته ا ومكانته ا العقائدي ة‬
‫والتماثيل ً‬
‫في أساطيره‪ ,‬فهي في اعتقاده عين اإلله التي ال تغفو عن حمايته ورعايته‪ ,‬لذلك اتخ ذها‬
‫كتميمة تحميه من كل الشرور‪.‬‬
‫ومن أهم األساطير التي تناولت عين حورس (الوچات)‬
‫‪ .1‬األسطورة األوزيرية‪.‬‬
‫‪ .2‬أسطورة خسوف القمر (عين حورس المفقودة)‪.‬‬
‫‪ .3‬أسطورة القرص المجنح (حورس البحتي)‪,‬‬
‫‪ .4‬أسطورة إنقاذ البشر من الفناء (دمار البشر)‪.‬‬
‫‪ .5‬أسطورة عين حورس الغضبى‪.‬‬
‫أواًل ‪ :‬األسطورة األوزيرية‬
‫هي من أقدم وأهم األساطير المصرية القديمة التي ارتبطت بالص راع األزلي بين ق وي‬
‫الخير والشر‪ ,‬وارتبطت بإحداث أزلية وكوني ة‪ ,‬كم ا أنه ا ذات ج ذور تاريخي ة ض اربه في الق دم‬
‫تتعل ق بنش أة وش رعية الملكي ة في مص ر القديم ة‪ ,‬وت دور أح داث األس طورة ح ول أوزي ريس‬
‫وه و االس م اإلغ ريقي لـ(أوزي ر) في اللغ ة المص رية القديم ة‪ ,‬و"يب دو أن معن اه حدق ة العين أو‬

‫‪ .1‬رندل كالرك (‪ :)1988‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.215‬‬


‫‪ .‬طارق حسن(‪" :)1997‬الشكل والمضمون األسطورة في الفن المصري كمدخل لإلستلهام في التصوير‬ ‫‪2‬‬

‫المعاصر"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة حلوان‪ ,‬ص‪.75‬‬

‫‪189‬‬
‫مس تقرها"‪ 1‬فك ان مل ك ع ادل‪ ,‬وقرينت ه (إزت) وهي باإلغريقية ت دعي إي زيس وتع ني الع رش‪,‬‬
‫وأخت ه هي (نبت ح وت) وأس مها اإلغ ريقي نفيتس ومعن اه س يدة القلع ة‪ ,‬وزوجه ا ست وه و‬
‫أيضا معاونيه‪.‬‬
‫حسدا وقتل ً‬
‫أيضا الذي قتله ً‬
‫أخو أوزيريس ً‬
‫أتسع نط اق أهمية األس طورة من الناحي ة‪ ‬الدينية‪ ‬إلى م ا بع د المي دان‪ ‬الجن ائزي‪,‬‬
‫فقد ارتبطت‪ ‬الق رابين‪ ‬من األطعم ة ال تي يق دمها أف راد العائل ة أو‪ ‬كهنة‪ ‬المعابد إلى الم وتى‬
‫منطقي ا بقرب ان‪ ‬عين ح ورس‪ ‬ال تي ق دمها ح ورس ألبي ه أوزوريس‪ ,‬فهم‬
‫ً‬ ‫في غرف ة ال دفن‬
‫يقيس وا على ذلك‪ ،‬ك انت ه ذه الحلق ة من األس طورة متس اوية م ع تف اعالت أخ رى بين‬
‫اإلنس ان والك ائن في‪ ‬المملكة‪ ‬اإللهية‪ ,‬ففي طق وس الق رابين للمعبد‪ ،‬لعب الك اهن الق ائم‬
‫على المعب د دور ح ورس‪ ،‬وأص بحت اله دايا المقدم ة لإلل ه بمثاب ة‪ ‬عين ح ورس‪،‬‬
‫لحظيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مساويا ألوزوريس‬
‫ً‬ ‫وأي‪ ‬إله‪ ‬يتسلم هذه الهدايا يتم اعتباره‬

‫ثانيًا ‪ :‬أسطورة خسوف القمر(عين حورس المفقودة)‬


‫دونت ه ذه األس طورة على ت وابيت الم وتى في عص ر الدول ة الوس طي‪ ,‬وتع د‬
‫الأسطورة أحد مراحل الصراع الدامي بين ح ورس وس ت؛ بين الظلم ات والن ور‪ ,‬وت دور‬
‫أحداث األسطورة "بينما ح ورس يجلس م ع رع‪ ,‬وم ر عليهم ا خ نزير أس ود ف زع ح ورس‬
‫من شكله‪ ,‬وسأل رع هل رأيت هذا الخنزير األسود؟ ‪ ,‬فأجاب رع نعم رأيت ه‪ ,‬فه ل ل ك أن‬
‫تنظر إليه مرة ثاني ة؟‪ ,‬وم ا ك اد ح ورس يلتفت إلي ه ح تى ص رخ ص رخة مدوي ة‪ ,‬ألن ه ذا‬
‫الخ نزير رم اه بس هم ن اري أص اب عين ه‪ ,‬فج زع رع وق ال لق د عرفت ه إن ه ست الش رير‪ ,‬أم ا‬
‫حورس فأخذ ينتحب قائاًل إنه فعاًل ست الذي أصاب عيني‪ ,‬ال ت دع ست يه رب ب دون معاقبت ه‪,‬‬
‫ولكن ست ال ذي ك ان متخفي في ش كل الخ نزير أختفي‪ ,‬وت ألم رع لم ا أص اب ح ورس‪ ,‬وق ال‬
‫دعوا حورس يستلقي على سريره حتى يستريح مما أصابه‪ ,‬إنه اللعين ست الذي أصاب عين‬
‫ح ورس بس هم ن اري‪ ,‬وعن دما أف اق ح ورس من إغمائ ه وأس ترد ص حته ونظ ره‪ ,‬وهب ه رع‬
‫مدينة به‪ ,‬ففرح بهذا العطاء وانقشعت السحب واحتفلت البالد"‪. 2‬‬

‫‪ .1‬ياروسالف تشرني (‪ :)1996‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.40‬‬


‫‪ .‬هدي محمد عبد المقصود (‪ :)1997‬هدي محمد عبد المقصود (‪" :)1997‬الوچات في الحضارة‬ ‫‪2‬‬

‫المصرية القديمة منذ العصور التاريخية حتى نهاية الدولة القديمة"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية اآلثار‪,‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ,‬ص ‪.38‬‬

‫‪190‬‬
‫يرا لظ اهرة خس وف القم ر‬
‫ومن خالل أح داثها يمكن اس تنتج أن هي م ا إال تفس ً‬
‫والص راع بين الن ور والظالم‪ ،‬عن دما يق ع القم ر في ظ ل األرض يح دث خس وف للقم ر‪,‬‬
‫ويظهر القمر بصورته الشمعية التي تميل للحمرة وكأنها عين ح ورس ال تي أص ابها ست‬
‫بسهم ناري‪ ,‬وأصبح من المعتقد أن "عين حورس اليمني وأنها تمثل الشمس‪ ,‬وأن العين‬
‫اليسري التي تعرضت للخطر هي عين الوچات التي تمثل القمر"‪.1‬‬
‫حيث تمثل‪ ‬عين ح ورس‪ ‬المس روقة ه ذه العدي د من المف اهيم في‪ ‬الديانة‪ ‬المص رية‬
‫إلها للس ماء‪ ،‬أن عين ه اليم نى‬
‫القديمة‪ ,‬ومن األدوار الرئيسة التي يقوم بها حورس كو ُنه ً‬
‫هي‪ ‬الشمس‪ ‬واليس رى هي‪ ‬القمر‪ ،‬ف إن س رقة أو إتالف عي ني ح ورس تع ادل إظالم القم ر‬
‫خالل مراحله المختلفة أو أثناء‪ ‬الخسوف‪ ,‬وهذا الصراع فيما يبدو يح دث ك ل ش هر‪ ,‬وفي‬
‫األس طورة س واء أن يق وم ح ورس باس ترجاع عين ه المفق ودة أو تق وم اآلله ة بم ا فيه ا‬
‫إيزيس أو تحوت‪ ‬بإعادتها له أو شفائه‪ ,‬فإن استعادة عين حورس إلى جسده تمثل ع ودة‬
‫القمر إلى‪ ‬كامل إشراقه‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أسطورة القرص المجنح(حورس بحدتي)‬
‫وجدت هذه األسطورة مسجلة علي الجوانب الداخلي ة للج دارين الش رقي والغ ربي‬
‫المحيطين بمعبد إدفو‪ ,‬في نص هيروغليفي طويل يتكون من خمسة نصوص‪ ,‬األول منها‬
‫يتناول هذه األسطورة "ويبدأ من الصف الث اني علي الج دار الغ ربي‪ ,‬وه و مقس م إلى ‪16‬‬
‫منظ ًرا‪ ,‬يحت ل ه ذا الج زء من األس طورة المن اظر من‪ ,13 :5‬وق د نقش ت الكتاب ة‬
‫الهيروغليفية من الش مال إلى الجن وب‪ ,‬بينم ا المن اظر الباقي ة تتج ه من الجن وب إلي‬
‫الشمال‪ ,‬مما يشير إلى محاولة الفنان فصل كل منها عن األخرى يتبع هذا الجزء مباشرة‬
‫اشتراك حورس ابن إيزيس في المرحلة الثانية من األسطورة"‪.2‬‬
‫يعود هذا النقش "إلى عهد الملك بطليموس السادس عشر (قيص رون) ع ام ‪-44‬‬
‫‪ 30‬ق‪.‬م‪ ,‬وإ ن كان هذا النقش يضم بالتأكيد عناصر تعود إلى عهود أقدم من ذل ك بكث ير‪,‬‬
‫تمام ا مث ل دور‬
‫ففي األسطورة يتخ ذ ح ورس دور األبن ال ذي ينتقم ألبي ه رع ح ور أخ تي ً‬
‫حورس ابن إيزيس إلى ينتقم ألبيه أوزريس‪ ,‬وي رجح أنهم ليس بإلهين مختلف ان ب ل هم ا‬
‫آله واحد تعددت صوره‪ ,‬وتعددت طرق تمثيله‪.‬‬

‫‪ .‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪.38‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .‬هدي محمد عبد المقصود(‪ :)1997‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.46‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪191‬‬
‫وكم ا يتج دد الص راع ال دامي بين ح ورس كممث ل للخ ير في مواجه ة ست رئيس‬
‫للمت آمرين وممث ل للش ر‪ ,‬وتق دم األس طورة تفس ير لوج ود ق رص الش مس على واجه ات‬
‫المعاب د واس تبدالها أحيا ًن ا بعين ح ورس المجنح ة‪ ,‬ويمكن اس تنتاج دور العين المجنح ة‬
‫ب دور ق رص الش مس ال ذي أفترض ه رع ح ور أخ تي في س ياق األح داث األس طورية أن‬
‫يؤديه وهو دور الحماية من األعداء‪ -‬كما يظهر في الشكل (‪.)7‬‬
‫راب ًعا‪ :‬أسطورة إنقاذ البشر من الفناء(دمار البشر)‬
‫هي واح دة من أروع األس اطير المص رية ف إن أس طورة دم ار البش ر كم ا يطل ق‬
‫أحيا ًن ا‪ ,‬تَ روي لن ا مي ل اإلنس ان للش ر والخطيئ ة‪ ,‬ال تي جعلت اإلل ه يغض ب غض ب اإلل ه‬
‫ويقرر معاقبتهم‪ ,‬كما تروي لنا مغفرته بعباده‪" ,‬دونت ه ذه األس طورة كامل ة في مق برتين‬
‫من األسرة التاسعة عشر هم ا مق برة س تي األول ومق برة رمس يس الث اني‪ ,‬وفي مق برتين‬
‫من األسرة العشرين هما مقبرتا رمسيس الثالث ورمسيس السادس"‪.1‬‬
‫تنطوي هذه األسطورة على إنها تفسير ميثولوجي لظ اهرة تع اقب اللي ل والنهار‪ ,‬وأن‬
‫غروب الشمس يمثل رحيل رع (الش مس) عن األرض تار ًك ا تح وت وراءه يمثل ه القم ر‪ ,‬حيث‬
‫هام ا لتفس ير ظ اهرة كوني ة محيط ة ب ه فهي م ا ك انت إال محاول ة من ه‬
‫دورا ً‬
‫جاءت األس طورة ب ً‬
‫دورا مختل ًفا لعين اإلله هو العين الخالقة‬
‫لفهم ه ذه الظ اهرة‪ ,‬كما تتض من ه ذه األس طورة " ً‬
‫للبشر من خالل قول رع البشر الذين خلقتهم من عيني‪ ,‬تفوهوا بكلمات ضدي"‪.2‬‬
‫سا‪ :‬أسطورة عين حورس الغضبى‬ ‫خام ً‬
‫تتسم ه ذه األس طورة باس تخدام الرم ز دون ب اقي األس اطير وت داخل التص ورات‬
‫أيض ا‪ ,‬ومن تل ك التص ورات أنه ا ت أتي بع د‬
‫األسطورية فيها على مر العص ور وت داخل أح داثها ً‬
‫أسطورة دمار البشر حيث تواصل أحداث األس طورة حين تتح ول عين رع من ص ورة حتح ور‬
‫الجميلة إلى اإللهة سمخت القوية المنتقمة عن دما بعثه ا أبيه ا لخم د ن ار المت آمرين من البش ر‪،‬‬
‫"ولكنه ا لم ترج ع فأرس ل كاًل من ش و وتح وت إلحض ارها‪ ,‬وبع د استرض ائها تع ود لص ورتها‬
‫الجميلة حتحور‪ ,‬وعندما عادت وجدت عيًنا قد نمت مكانه ا‪ ,‬وعندئ ذ وض عها اإلل ه على جبين ه‬
‫كثعب ان ـ رمز اإلله ة وداچيت ـ يحمي ه ويرم ز لقوت ه"‪ ,3‬حيث يتجلي عن ف س مخت في قوته ا‬
‫كالثعبان على جبهة رع‪ ,‬فعندما يرتفع رع في السماء‪ ,‬فإن تفن وت تس تقر على رأس ه وتطل ق‬

‫‪ .1‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪.50‬‬


‫‪2‬‬
‫‪. Budge, E.A.W (1912): Legends of the Gods, London, p17.‬‬
‫‪ . 3‬هدي محمد عبد المقصود (‪ : )1997‬مرجع سابق‪.42 ,‬‬

‫‪192‬‬
‫زفيرها الناري ضد أع داءه‪ ,‬إن تفن وت عن دما تك ون غاض بة تك ون في هيئ ة س مخت‪ ,‬وتظه ر‬
‫عند الفرح في صورة باستيت وهاتان الصفتين متحدتان في تفنوت‪.‬‬
‫نشأة عين حورس (الوچات) كتميمة‬
‫تغلغلت عين الوچ ات داخ ل حي اة المص ري الق ديم اليومي ة؛ فه و لم يبقيه ا ح يز‬
‫المعاب د وطق وس العب ادة والطق وس الجنائزي ة‪ ,‬فش غلت ح يز كب ير من حيات ه فه و ي ؤمن‬
‫ويعتقد في عين اإلله التي تراقبه وتحميه وترعاه من قوي الطبيعة المحيطة به‪ ,‬ف إلتمس‬
‫الحماية من القوي المقدسة المتحكمة في ظواهر الطبيعة به ذه التم ائم فهي تجعل ه يش عر‬
‫رمزا لآللهة الكبرى‪ ,‬والتميمة "يقصد بها ك ل‬
‫وكأنه في حماية اإلله ومعيته‪ ,‬فقد أعتبرها ً‬
‫ما يحمل أو يعلق أو يوض ع على ش يء م ا لحمايت ه‪ ,‬أو ل دفع جمي ع أن واع األذى عن ه أو‬
‫منح ه الق وي والخص ب والبرك ة أو بغ رض التوفي ق في الص يد والنج اح واالنتص ار في‬
‫الحرب أو جلب الحظ السعيد والفأل الحسن"‪.1‬‬
‫فهي كل ما يحمل ه اإلنس ان ي ؤمن بأن ه يعم ل على حمايت ه ودرء الش ر عن ه والم رض‬
‫واألرواح الش ريرة والنظ رة الش ريرة‪ ,‬وهي في اللغ ة العربي ة "ع وذة تعل ق على اإلنس ان من‬
‫الخ رز"‪ ,2‬فق د ك انت التم ائم ترت دي بغ رض الحماي ة ول دفع الشر‪ ،‬فك انت التميمة تص نع على‬
‫هيئ ة أش كال اآللهة أو الرم وز المقدس ة‪ ,‬وك انت تع رف في اللغ ة المص رية باس م (وج ا) ال تي‬
‫تعني الشفاء أو (مكت حع و) حامي ة الجس د أو (س ا) وتع ني الحماي ة أو (نختو) وتع ني تميم ة‪,‬‬
‫فعين الوچات نشأت باعتبارها عين اإلله السليمة الكاملة المضيئة ضمن األس طورة األوزري ة‪,‬‬
‫فهي ذات أص ول أس طورية‪" ,‬ارتبطت عن د المص ري الق ديم بانتص ار ق وي الخ ير الممثل ة في‬
‫حورس وأوزيريس على قوى الشر واألمراض والعواصف والجفاف الممثلة في اإلله ست"‪. 3‬‬
‫وقد ارتبطت الوچ ات باإلل ه ـ أي أن ك ان اإلله ـ فهي ارتبطت بعدي د من اآلله ة‬
‫الك برى‪ ,‬وص بغت عين الوچ ات بص بغة عقائدي ة لم ا تحمل ه من دالالت رمزي ة في ك ل‬
‫أسطورة تعلقت بها‪ ,‬فهي تمث ل رم ًزا النتص ار الخ ير ورم ًزا للش فاء‪ ,‬والص حة واالكتم ال‬
‫نتجه إلشفاء تحوت لها بعد أن مزقها ست‪ ,‬وهذا طبقًا لألسطورة األوزيرية‪ ,‬وأصبح له ا‬

‫‪ .‬مني محمد أحمد (‪" :)1999‬الصيغ التشكيلية للتمائم واألحجبة المعدنية‪ ,‬واإلفادة منها في عمل‬ ‫‪1‬‬

‫مشغوالت معدنية مبتكرة"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة حلوان‪ ,‬ص‪.19‬‬
‫‪ .‬محمود خاطر(‪ :)1926‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.79‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ .‬هدي محمد عبد المقصود (‪ :)1997‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.144‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪193‬‬
‫أهمية في الطق وس الجنائزي ة كتميم ة توض ع م ع المل ك المت وفى إلحي اء القلب وفتح الفم‬
‫والعينين – كما في الشكل (‪.)8‬‬
‫كما تحم ل دالالت رمزي ة من دور العين كق رص الش مس المجنح ال ذي ظه ر في‬
‫أس طورة الق رص المجنح حيث ك انت رم ًزا للحماي ة واالنتص ار على األع داء‪ ,‬وب ذلك‬
‫أيضا تمثل تميمة تجلب له الق وة‬
‫أصبحت تميمة إلرضاء اإلله وطلب الحماية منه‪ ,‬وكانت ً‬
‫والنشاط والصحة‪ ,‬فهي ارتبطت بالعقيدة الشمسية‪ ,‬فهي عين إله الشمس‪ -‬أي أن كان‪-‬‬
‫رع أو رع حور أختي أو حورس سيد السماء‪.‬‬
‫فك انت "عين رع" وهي حتح ور بحس ب أس طورة هالك البش ر هي الق وة الض اربة لإلل ه‬
‫األعلى‪ ,‬فتجعله هذه التميم ة كأنم ا ملك ق وة الش مس بداخل ه‪ ,‬ولعين الوچ ات ق درة على رؤي ة‬
‫ك ل ش يء وتعطي االزده ار الب دني واإلخص اب الع ام"‪ ,1‬كم ا "اس تخدم المص ري تميم ة الوچ ات‬
‫لتحميه من تأثير النظرة الشريرة‪ irt bint‬أو العين الشريرة التي تسبب المرض"‪.2‬‬
‫تخداما وانتش ًارا عن د المص ري الق ديم لالعتق اد في‬
‫ً‬ ‫فأص بحت من أك ثر التم ائم اس‬
‫مفعولها السحري‪ ,‬ويظهر الشكل (‪ )9‬تميمة للعين اليمني‪ ,‬فقد وضع كل ج زء من الجس د في‬
‫حماية تلك التمائم أو ما قد تحققه له‪ ,‬ولذلك اهتموا أن تكون مع المومياء للمساعدة في العالم‬
‫اآلخر‪ ,‬كما نجده استغل القيمة التمائمية لها في نفوش الحلي‪ -‬كم ا بالش كل (‪ ,)10‬واس تخدم‬
‫مواد بعينها في تلك الص ناعة "ك العقيق‪ ,‬والالزورد‪ ,‬والف يروز‪ ,‬والجمش ت؛ حيث احتفظت ه ذه‬
‫الم واد في داخله ا بل ون الحي اة ال دم‪ ,‬واألخض ر ل ون اإلنب ات والتج دد‪ ,‬وزرق ة الم اء ومملك ة‬
‫السماء‪ ,‬كما احتفظ الذهب بلون أشعة الشمس وأبدية اإلشراق"‪. 3‬‬
‫وقد ك انت ترس م على الم راكب والمج اديف إيما ًن ا من ه بأنه ا رم ز لمنح الق وة‬
‫والحماية‪ ,‬ولم يقتصر دور العين في حياته اليومية بل شملت اس تعداده لرحلت ه في الع الم‬
‫األخر‪ ,‬فكانت "توضع في لفائف المومياء كقربان للمتوفى"‪ ,4‬وك انت ترس م على الت وابيت‬
‫لحماي ة المت وفى ك ذلك رس مت في تص وير ج دران المق ابر‪ ,‬وش كلت العين دور في اللغ ة‬
‫الهيروغليفية عندما ظهرت كإحدى العالمات أو الرموز التي عبرت عن األعمال واألفع ال‬
‫المتص لة ب العين كالرؤي ة واالنتب اه والمالحظ ة‪...‬وغيره ا‪ ,‬فهي ا ُخت يرت كرم ز أس طوري‬

‫‪ .‬سبنسر (‪ :)1987‬ترجمة أحمد صليحة‪" ,‬الموتي وعالمهم في مصر القديمة"‪ ,‬القاهرة‪ ,‬ص‪.215‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪. Budge, E.A.W (1930): Amulet and superstitions, Oxford, p361.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪. Aldred, C (1971): Jewels of the Pharaohs, London, p15.‬‬
‫‪ .‬سريل ألدريد ( ‪ :)1990‬ترجمة مختار السويفي‪" ,‬مجوهرات الفراعنة"‪ ,‬الدار الشرقية‪ ,‬بيروت‪ ,‬ص‪.43‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪194‬‬
‫نظ ًرا ألهميته ا كعض و في الجس م اإلنس اني‪ ,‬وكمح ور أساس ي دار علي ه الص راع بين‬
‫حورس وست في األسطورة‪ ,‬كما استخدمت أجزاؤها في الحساب وكوح دة مكي ال لتقس يم‬
‫الغالل والجرعات الطبية والفلك واألبراج‪ ,‬وما يحتم عليه فعله في هذا اليوم أو ذاك‪.‬‬
‫وقد اهتدي المصري الق ديم إلى دور العين كعض و ين ير ل ه الع الم الخ ارجي‪ ,‬فهي‬
‫س بيله للمعرف ة وإ دراكه لألش ياء والحي اة‪ ,‬وهي ل ه نج اة من األخط ار‪ ,‬ول ه فيه ا س بياًل‬
‫لممارسة حياته اليومية‪ ,‬وهي العنصر الوحيد الذي يظهر ويم يز تعب يرات الوج ه‪ ,‬وبلغت‬
‫من مظاهر الدقة في اهتمامه بها أنه ميزها في رسمه‪ ,‬فكان يرس مها منظ ورة من األم ام‬
‫منحرف ة إلى ج انب فتب دو العين كامل ة مكتمل ة‪ ,‬وليس هن اك م ا يحجب النظ ر‪ ,‬وق د ب دت‬
‫العين فائق ة االتس اع مس حوبة من الط رفين يوض حها نقش خ ط الح اجب من المنظ ور‬
‫األم امي‪ ,‬فق د أراد أن يظهره ا على حقيقته ا‪ ,‬كامل ة مليئ ة بالحيوي ة‪ ,‬وق د أعطي للم رأة‬
‫مالمح لطيفة‪ ,‬وعينان واسعتان لوزيتا الشكل والتكوين‪ ,‬كما م يز عين األعمى والبص ير؛‬
‫فنج ده ص ور عي ون األعمى "بخط وط قص يرة‪ ,‬منحني ة‪ ,‬عميق ة‪ ,‬غ ائرة في محج ر العين‪,‬‬
‫كأنه يجاهد لفتحها قلياًل "‪.1‬‬
‫حتى إنه استخدم العيون الصناعية لتحل محل العيون الطبيعية بعد عملية التحنيط في‬
‫المومياوات‪ ,‬وفي األقنعة الجنائزية التي توضع على المومياوات‪ ,‬وقام بتطعيم تماثيله بتلك‬
‫العيون إيماًنا منه بأن الحياة مازالت تدب في أصحابها‪ ,‬وبها تستطيع األرواح التعرف والعودة‬
‫لألجساد مرة أخري‪ ,‬فإن لم تتعرف الروح على صاحبها تظل هائمة في األرض‪ ,‬وال ترتقي‬
‫لتصير في معية اآللهة‪ ,‬وقد بدأت صناعة العيون فيما قبل التاريخ باستخدام الحجر والقواقع‪,‬‬
‫و"خرزات حلقية من الصدف"‪ , 2‬وتطورت حتى بلغت من الدقة في الدولة القديمة أن العيون‬
‫الصناعية كانت تمثل "أهم أجزاء العين كالجفون‪ ,‬القرنية‪ ,‬إنسان العين‪ ,‬القزحية‪ ,‬والثانيات‬
‫النصف هاللية‪ ,‬وقد صنعت الجفون من النحاس أو الفضة‪ ,‬حيث أضافت على العين شكل‬
‫األهداب"‪ ,3‬وكانت العيون في التماثيل ذات نظرة عميقة تتجه لألعلى‪.‬‬
‫النتائج والتوصيات‪:‬‬
‫ومما سبق توصلت الباحثة إلى عدة نتائج هي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .‬هدي محمود عبد المقصود (‪ :)1997‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .‬الفري ‪SS‬د لوك ‪SS‬اس (‪ :)1991‬ترجم ‪SS‬ة زكي اس ‪SS‬كندر‪ ,‬محم ‪SS‬د زكري ‪SS‬ا‪" ,‬المواد والصناعات عند ق‪uu‬دماء‬ ‫‪2‬‬

‫المصريين"‪ ,‬القاهرة‪ ,‬ص‪.169‬‬


‫‪ .‬هدي محمود عبد المقصود (‪ :)1997‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.18‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪195‬‬
‫هاما في ظهور العين كمفردة تشكيلية‪.‬‬
‫دورا ً‬
‫‪ .1‬لألسطورة لدى المصري القديم ً‬
‫درا إلث راء الحض ارة‬
‫‪ .2‬ش كلت العين كمف ردة تش كيلية في الفن المص ري الق ديم مص ً‬
‫المصرية القديمة‪ ,‬فقد كانت ترسم على جدران المعاب د والمق ابر والت وابيت والحلي‬
‫والتم ائم والم راكب والمج اديف اس تخدمت أجزاؤه ا في الحس اب وكوح دة مكي ال‬
‫لتقسيم الغالل والجرعات الطبية والفلك واألبراج‪.‬‬
‫‪ .3‬رمز العين لدي المصري القديم يحمل العديد من القيم الفنية والجمالية والفلسفية‪.‬‬

‫ومما سبق توصلت الباحثة لعدة توصيات هي‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ 1‬ـ إع ادة رؤي ة الفن المص ري الق ديم من خالل أس س نقدي ة وتش كيلية‪ ,‬كب ديل عن‬
‫الدراسات النقدية األجنبية له‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ البعد عن النقل الشكلي للمفردات التراثية‪ ,‬والتعمق في دراستها وتحليلها‪.‬‬
‫‪3‬ـ االهتمام بالدالالت الرمزية للمفردات التشكيلية في الحضارة المصرية‪.‬‬

‫الشكل (‪)2‬‬ ‫شكل (‪)1‬‬


‫منظر يتضح فيه‪ :‬مدي التشابه بين العين‬ ‫منظر يتضح فيه‪ :‬ظاهرة الكسوف الكلي للشمس‬
‫اإلنسانية وظاهرة الكسوف الكلي للشمس‬ ‫يبدو فيها القمر كالبؤبؤ األسود لعين‪ ,‬ويشع منه‬
‫ويتشابه هنا بؤبؤ العين بقرص القمر المظلم‪,‬‬ ‫خطوط ساطعة تشكل قزحية لهذه العين‪ ,‬فتبدو‬
‫وقزحية العين مع األشعة التي لم يحجبها القمر‪.‬‬ ‫تماما كعين تحدق بك من السماء‪.‬‬
‫ً‬
‫نقاًل عن‪http://www.dailymail.co.uk :‬‬ ‫نقاًل عن‪http://www.dailymail.co.uk :‬‬

‫‪196‬‬
‫شكل (‪)4‬‬ ‫شكل (‪)3‬‬
‫منظر يتضح فيه‪ :‬حورس بن إيزيس فى الهيئة اآلدمية‬ ‫منظر يتضح فيه‪ :‬عين حورس –العين المقدسة ‪-‬‬
‫ً‬
‫رمزا لإلله حورس‪.‬‬
‫ورأس الصقر‪ ،‬يضع التاج المزدوج‪ ،‬ويمسك بشارات‬
‫نقاًل عن‪http://ar.Wikipedia.org :‬‬
‫(عنخ‪ ،‬سا)‪ .‬نقاًل عن‪http://ar.wikipedia.org :‬‬

‫شكل (‪)5‬‬
‫منظر يتضح فيه‪ :‬قرص الشمس المجنح علي واجهة معبد إدفو فوق بوابة المعبد كرمز للحماية منذ عصر الدولة‬
‫الوسطي وخالل العصر البطلمي باعتبارها تميمة للحماية‪ .‬نقاًل عن‪http://www.reshafim.org.il :‬‬

‫‪197‬‬
‫شكل (‪)7‬‬ ‫شكل (‪)6‬‬
‫منظر يتضح فيه‪ :‬تميمة عين الوچات في عين حورس‬ ‫منظر يتضح فيه‪ :‬تميمة لعين حورس اليسرى كما‬
‫توجد بالمتحف البريطاني‪ ,‬وهي من القيشاني الفترة‬ ‫باألسطورة األوزيرية‪ ,‬توجد بمعهد مينيا بوليس للفنون‬
‫االنتقالية (‪.)1069 -945‬‬ ‫للدولة الوسطي (‪ .)1297 -1185‬نقاًل عن‪http://ar. :‬‬
‫نقاًل عن ‪: http://www.britishmuseum.org‬‬ ‫‪wikipedia.org‬‬

‫شكل (‬
‫‪)8‬‬
‫منظر‬
‫يتضح‬
‫فيه‪:‬‬
‫عين‬
‫الوچات من العقيق األحمر‪ ,‬وعلي مقدمتها الحية المقدسة (عين حورس الغضبى)‪ ,‬وهي‬
‫العنصر األساسي للسوار ويرتبط هذا الجزء بتسع صفوف من الخرز من العقيق والخزف والزجاج ويفصل بينهم‬
‫بست فوصل من الذهب‪ ,‬هو سوار للملك توت عنخ آمون من األسرة الثامنة عشر‪ ,‬يوجد بالمتحف المصري‪ .‬نقاًل عن‪:‬‬
‫‪http://www.collector-antiquities.com‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫أواًل ‪ :‬المراجع العربية‬

‫‪198‬‬
‫‪ .1‬القراّن الكريم‪.‬‬
‫‪ .2‬الفريد لوكاس (‪ :)1991‬ترجمة زكي إسكندر‪ ,‬محمد زكريا‪ ,‬المواد والصناعات‬
‫عند قدماء المصريين‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .3‬جيهان فوزي أحمد ( ‪" :)2001‬الدالالت الرمزية للون وأهميتها الوظيفية في‬
‫التصميمات الزخرفية المعاصرة"‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة حلوان‪.‬‬
‫‪ .4‬جمال محمد فوزي (‪" :)1990‬الرمزية وأثرها علي القيمة الجمالية في النحت‬
‫العالمي المعاصر" ‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية الفنون الجميلة‪ ,‬جامعة حلوان‪.‬‬
‫‪ .5‬حنان حنفي محمود صالح (‪" :)2004‬دراسة تحليلية للعين في الفن المصري‬
‫القديم واالستفادة منها في مجال الخزف"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية التربية الفنية‪,‬‬
‫جامعة حلوان‪.‬‬
‫‪ .6‬دعاء محمد بهي الدين (‪" :)2009‬الرمزية ودالالتها في الفن القبطي"‪ ,‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ,‬كلية اآلداب‪ ,‬جامعة اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ .7‬رندل كالرك (‪ :)1988‬ترجمة أحمد قدري‪ ,‬الديانة المصرية القديمة‪ ,‬دار‬
‫الشروق‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .8‬روبير جاك تيبو (‪ :)2004‬ترجمة فاطمة عبد اهلل محمود‪ ,‬موسوعة األساطير‬
‫والرموز الفرعونية‪ ,‬المجلس األعلى للثقافة‪.‬‬
‫‪ .9‬زكريا إبراهيم (‪ :)1988‬فلسفة الفن في الفكر المعاصر‪ ,‬مكتبة مصر للمطبوعات‪,‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪ .10‬زكية زكي جمال الدين (‪" :)1987‬اإلله حورس نشأته وعالقته بالملكية منذ فجر‬
‫التاريخ وحتى نهاية الدولة القديمة"‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية اآلثار‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .11‬سبنسر ( ‪ :)1987‬ترجمة أحمد صليحة‪ ,‬الموتى وعالمهم في مصر القديمة‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .12‬سيد القمني ( ‪ :)1999‬األسطورة والتراث‪ ,‬المركز المصري لبحوث الحضارة‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .13‬صالح الدين عبد الحميد حسن (‪" :)1999‬الرمز في النحت الجداري في الحضارة‬
‫الفرعونية وحضارة بالد النهرين"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية الفنون الجميلة‪ ,‬جامعة‬
‫حلوان‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ .14‬طارق حسن (‪" :)1997‬الشكل والمضمون األسطورة في الفن المصري كمدخل‬
‫لالستلهام في التصوير المعاصر"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬كلية التربية الفنية‪ ,‬جامعة‬
‫حلوان‪.‬‬
‫‪ .15‬عدنان الذهبي (‪ :)1949‬سيكولوجية الرمزية‪ ,‬مجلة علم النفس‪ ,‬المجلد ‪ ,4‬عدد‬
‫فبراير‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .16‬كلير اللويت (‪ :)2003‬ترجمة فاطمة عبد اهلل محمود‪ ،‬الفن والحياة في مصر‬
‫الفرعونية‪ ،‬المجلس األعلي للثقافة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .17‬محمد بيومي مهران (‪ :)1989‬الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬
‫الإسكندرية‪.‬‬
‫‪ .18‬محمود خاطر (‪ :)1926‬مختار الصحاح للشيخ اإلمام محمد بن أبي بكر بن عبد‬
‫القادر الرازي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .19‬مني محمد أحمد (‪" :)1999‬الصيغ التشكيلية للتمائم واألحجبة المعدنية‪ ،‬واإلفادة‬
‫منها في عمل مشغوالت معدنية مبتكرة"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية التربية الفنية‪،‬‬
‫جامعة حلوان‪.‬‬
‫‪ .20‬نهي محمود نايل (‪" :)2003‬الدالالت الرمزية والقيم الفنية ليتجان اآللهة في‬
‫النقوش المصرية القديمة"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية التربية الفنية‪ ،‬جامعة حلوان‪.‬‬
‫‪ .21‬هيجل (‪ :)1986‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬الفن الرمزي الكالسيكي الرومانسي‪،‬‬
‫دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .22‬هدي محمد عبد المقصود (‪":)1997‬الوچات في الحضارة المصرية القديمة منذ‬
‫العصور التاريخية حتى نهاية الدولة القديمة"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية اآلثار‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ .23‬ياروسالف تشرني (‪ :)1996‬ترجمة أحمد قدري‪ ،‬الديانة المصرية القديمة‪ ،‬دار‬
‫الشروق‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬المراجع األجنبية‬
‫‪1.‬‬ ‫‪Aldred, C (1971): Jewels of the Pharaohs, London.‬‬
‫‪2.‬‬ ‫‪Budge, E.A.W (1930): Amulet and superstitions, Oxford.‬‬
‫‪3.‬‬ ‫‪Budge, E.A.W (1912): Legends of the Gods, London.‬‬
‫‪4.‬‬ ‫‪Craw Ford, O, G, S (1957): The Eye Goddess, London,‬‬
‫‪sonnt.‬‬

‫‪200‬‬
5. Fleming (1940): D.Christian Symbols in World Community,
New York.
6. Longman Dictionary of Contemporary English, Published
By Longman Group, Great Britain, Pitman, Press.
7. P. Lacou ET H.Chevrier : Une Chapelle de Sesostris, Ler A
Karnak, Le Caire.
‫ثالثًا المواقع اإللكترونية‬
1. http://en.wikipedia.org/wiki/eye-of-horus.
2. http://www.marefa.org/inbox.php.

201

You might also like