You are on page 1of 37

‫جامعة باجي مختار‪-‬عنابة‬

‫كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫قسم علوم التسيير‪ -‬ليسانس‪-‬‬
‫فرع‪ :‬ميزانية الدولة‪ /‬السنة األولى‬

‫الدكتور‪ :‬عبد العزيز ع ّزة‬

‫مقياس المدخل إلى العلوم القانونية‬

‫مقدمة عامة‬
‫القانون والمجتمع‬
‫‪ -01‬الحياةاإلجتماعية‪:‬‬
‫اإلنسان" كائن إجماعي بطبعه ال يمكنه العيش منعزال عن بقية أفراد الجماعة‪ "،‬بحيث" تعتبر عقوبة العزل‬
‫من أقصى العقوبات التي تفرض على اإلنسان‪.‬‬
‫ويعبر علماء االجتماع عن هذه الظاهرة بأن اإلنسان" مدني بطبعه ‪.‬‬
‫(‪. )1‬‬

‫واإلنسان" الذي عاش حياته منعزال عن الجماعة كما صوره الفيلسوف العربي ابن طفيل " كحي بن‬
‫يقظان" " أو " روبرت سانكروزو " كما تخيل الكاتب االنجليزي" دانيل ريفو ال وجود له في الواقع و الحقيقة ‪.‬‬
‫‪ -02‬القانون" ظاهرة اجتماعية‪":‬‬
‫منذ وجود الجماعة" كظاهرة اجتماعية وجب خضوعها لقواعد سلوك تقتضـي على المنازعات بين‬
‫األفراد‪ ،‬ألن اإلنسان" كائن اجتماعي أناني بالطبع يحب االستئثار بكل شيء‪ ،‬وجميع المنازعات على السلطة" أو‬
‫المال أو السيطرة ترجع أساسا" إلى أنانية اإلنسان‪.‬‬
‫ومتى كانت الجماعة" معرضة للنزاع(‪ )2‬كان من المحتم خضوعها لقواعد السلوك التي تمنع قيام‬
‫المنازعات وتضع القواعد واإلجراءات لفضها وحلها وتوفر العيش في أمان واستقرار‪،‬وهذا هو أحد‬
‫المقاصد الرئيسية" من بعث الرسل منذ سيدنا آدم عليه السالم إلى خاتم األنبياء و المرسلين ‪ ،‬سيدنا محمد صلى‬
‫هللا عليه" وسلم ‪.‬‬
‫‪ -03‬ثالثا‪ -‬القانون و الحق ‪:‬‬
‫تستند الحقوق‪ ،‬في وجودها‪ ،‬إلى القانون" بمفهومه الواسع ( الشـرع‪،‬القانون الوضعي ) ‪ ،‬فهو الذي‬
‫يشنأها" أو يجعل لها قيمة عملية بحمايتها" بحيث ال يتصور الحق بدون القانون ‪.‬‬
‫نظرية القانـون‬
‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫‪ -04‬تقتض""ي دراس""ة النظري""ة العام""ة والق""انون دراس""ة الموض""وعات الرئيس""ية التالي""ة من خالل‬
‫المحاور الخمسة اآلتية‪:‬‬
‫* المحور األول‪ :‬القانون وصلته بالقواعد االجتماعية‪.‬‬
‫* المحور الثاني‪ :‬مصادر القانون‪. .‬‬
‫* المحور الثالث‪ :‬تفسير القانون‬
‫* المحور الرابع‪ :‬نطاق تطبيق القانون‪.‬‬
‫* المحور الخامس‪ :‬إلغاء القانون‪.‬‬

‫المحور األول‪:‬‬
‫القانون وصلته بالقواعد االجتماعية‬
‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم القانون"‬
‫الفصل الثاني‪ :‬نطاق القانون وصلته بالقواعد االجتماعية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ ":‬أنواع القوا عد القانونية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫()‪-‬يقول ابن خلدون في المقدمة " أن االجتماع اإلنساني ض"روري ويع"بر الحكم"اء عن ه"ذا بق"ولهم اإلنس"ان م"دني ب"الطبع‪ ،‬أي الب"د ل"ه من االجتم"اع ال"ذي ه"و‬
‫المدينة في اصطالحهم وهو معنى العمران "‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫" من اآلية ‪ ، 251‬سورة البقرة‬
‫‪2‬‬
‫المحاضرةاألولى‬
‫مفهوم القانون‬
‫ما هو المقصود بالقانون‪ "،‬وماهي الخصائص" التي تتميز بها القاعدة القانونية؟‬
‫‪........................‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف القانون‬
‫‪ -06‬القانون"" ‪)1(" law – le droit‬هو مجموعة القواعد التي تنظم عالقات أفراد الجمتعة البشـرية" بهدف إقامة‬
‫نظام اجتماعي معين‪ ،‬على أن يكفل المجتمع احترامها بالقوة ‪ ،‬عند الضرورة‪.‬‬
‫و بهذا الصدد‪ ،‬تنص المادة ‪ 74‬من قانون الدستور الجزائري‪: ‬‬
‫" ال يعذر بجهل القانون‪.‬‬
‫يجب على كل شخص أن يحترم الدستور وقوانين الجمهورية"‪.‬‬

‫‪-09-26‬‬ ‫كما تنص المادة ‪ 5‬من القانون المد ني الجزائري" الصادر" بموجب األمر رقم ‪ 58-75‬المؤرخ في‬
‫‪1975‬المعدل والمتمم على مايلي ‪:‬‬
‫" يخضع كل سكان القطر" الجزائري" لقوانين" الشرطة و األمن "‬

‫ثانيا‪ -‬خصائص القانون‬


‫تتمتع القاعدة القانونية بمجموعة من الخصائص‪ "،‬تميزها" عن باقي القاعد األخرى‪ ،‬ويتمثل ذلك في ما‬
‫يأتي‪":‬‬
‫‪ -07‬أوال‪ :‬القاعدة القانونية فرض وحكم ‪:‬‬
‫تتكون القاعدة القانونية" من عنصرين" ‪ :‬فرض وحكم‪.‬‬
‫أ‪ -‬الفرض‪ ":‬هو الظاهرة أو الواقعة التي‪ ،‬إن تحققت‪ ،‬يترتب عليها أثر معين‪،‬‬
‫ب‪ -‬الحكم‪ :‬هو الظاهرة التي تتولد عن الواقعة األولى أي النتيجة أو األثر الذي يرتبه القانون" على تحقق‬
‫الفرض‪.‬‬
‫* أمثلة‪:‬‬
‫‪ -‬مثال ‪ :1‬نص قانون العقوبات على أن كل من يقتل نفسا عمدا يعاقب بالسجن" أو اإلعدام‪.‬‬
‫هذه القاعدة القانونية تتضمن‪:‬‬
‫‪ -‬الفرض أو الواقعة األصلية‪ :‬وهي قتل النفس عمداً‪.‬‬
‫‪ -‬الحكم أو األثر القانوني المترتب" على وقوع الفرض‪ :‬هو العقاب بالسجن" أو اإلعدام‪.‬‬
‫‪ -‬مثال‪ :2‬تنص المادة ‪ 168‬من القانون المدني على مايلي‪":‬‬
‫" إذا كان المدين الملزم بالقيام" بعمل يقتضـي تسليم شيء ولم يسلمه بعد إعذاره فإن األخطار" تكون على‬
‫حسابه‪ "،‬ولو كانت" قبل اإلعذار على حساب الدائن‪.‬‬
‫‪-‬الفرض‪ :‬عدم تسليم شيء في ميعاد معين معين بعد اإلعذار‪.‬‬
‫‪ -‬الحكم‪ :‬تحمل المدين لكافة النفقات‪.‬‬
‫‪ -‬مثال ‪ :3‬تنص المادة ‪ 20‬من المرسوم رقم ‪ 59-85‬المؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪ 1985‬المتضمن القانون‬
‫األساسي النموذجي لعمال المؤسسات و اإلدارات العمومية على مايلي‪:‬‬
‫" يتعرض العامل لعقوبة تأديبية‪ ،‬دون المساس بتطبيق القانون الجزائي‪،‬إن اقتضـىاألمر‪،‬إذا" صدرمنه أي‬
‫إخالل بواجباته المهنية أو أي مساس صارخ باالنضباط‪ ،‬أو ارتكب أي خطأ خالل ممارسة مهامه أو بممارسة‬
‫هذه الممارسة" ‪"...‬‬
‫‪ -‬الفرض‪ ":‬ارتكاب" خطأ مهني‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫()‪-‬القانون ‪kanun‬كلمة يونانية أو ‪ kanon‬بالالتينية ‪ ،‬معناها العصا المستقيمة ‪ ،‬ولها معنى مجازي هو‪ :‬القاعدة‪ "،‬المبدأ‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحكم‪ :‬توقيع العقوبة التأديبية" المناسبة" ( إنذار ‪ ،‬تحويل ‪.....،‬فصل )‪.‬‬
‫والحكم الذي تتضمنه القاعدة القانونية" ثالثة أنواع‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحكم اآلمر‪ :‬يعتبر الحكم أمرا إذا كان يوجب القيام بعمل معين على سبيل اإللزام‪obligation‬دون‬
‫التخيير‪.‬‬
‫ومثاله‪:‬‬
‫‪ -‬ما و رد بالمادة ‪ (160‬فقرة أولى ) من القانون" المدني‪ ،‬حينما نصت على أن‪ ":‬المدين ملزم بتنفيذ ما تعهد‬
‫به"‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا نص قانون العمل على أنه‪ :‬يجب أن يؤدي العامل العمل بنفسه ‪ ،‬فال يجوز أن يكلف العامل غيره‬
‫القيام بعمله‪.‬‬
‫أ‪ -‬الحكم الناهي‪ ":‬يكون الحكم ناهيا إذا كان مضمونه االمتناع" عن عمل معين‪.‬‬
‫و مثال ذلك‪ :‬قاعد قانون العقوبات" التي تنص على اعتبار أفعال معينة كالسرقة والتزوير والقتل جرائم‬
‫يعاقب مرتكبها ‪ ،‬مما يقتضي االمتناع عن القيام بها ‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬الحكم التخييري‪ :‬يكون الحكم تخييريا" إذا خير الشخص بين فعله أو تركه وهو الفعل المباح‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬قاعدة القانون" المدني التي تجيز للمتعاقدين" ت قدير قيمة التعويض ويسمى هذا االتفاق بالشرط"‬
‫الجزائي" و لكنها ال توجب عليهم هدا التحديد‪.‬‬
‫‪ -08‬ثانياً‪ :‬القاعدة القانونية اجتماعية‪:‬‬
‫موضوع القاعدة القانونية تنظيم سلوك اإلنسان" في عالقاته وأحكامه بالمجتمع" من أجل تحقيق أهداف‬
‫ومصالح مشتركة‪.‬‬
‫وتهدف القاعدة إلى تحقيق مصلحة الفرد و الجماعة‪ ،‬ولهذا تخاطب القاعدة القانونية" اإلنسان" كوحدة‬
‫داخل تنظيم اجتماعي‪.‬‬
‫والقانون عندما ينظم سلوك اإلنسان" ال ينظم سوى سلوكه الخارجي ويستبعد النوايا" والمشاعر" النفسية"‬
‫والضمائر" غال إذا كان لها مظهر خارجي من قول أو فعل مخالف للقانون‪ "،‬يرتب" عليا" القانون" أثراً معيناً‪.‬‬
‫‪-09‬ثالثا‪ :‬القواعد القانونية عامة ومجردة‪:‬‬
‫الحكم الوارد في القاعدة ينطبق على أي فرض تشمله‪،‬وهو ليس خاصا بشخص معين بالذات أو أشخاص‬
‫معينين بذواتهم‪ ،‬فهو ينطبق على كل شخص تتوافر فيه شروط الفرض‪.‬‬
‫كما أن تجريد القاعدة القانونية" يعني سريانها وانطباقها على كل واقعة تظهر فيها أوصاف الفرض‪.‬‬
‫وإذا فرضنا‪ -‬جدال‪ -‬أن القانون موجه لشخص معين وارتكب مخالفة" ينتهي القانون" بتطبيقه" على الفرد‪،‬‬
‫فالعمومية والتجريد هما أساس استمرار" القانون‪.‬‬
‫والقاعدة القانونية" التي تحدد شروط من يتولى رئاسة الجمهوريـة ( م‪ 73‬مـن الدستـور )‪ ،‬ولو كان فردا‬
‫واحدا‪ ،‬هي عامة مجردة‪ ،‬حيث أنها تنطبق على كل من يشغل منصب رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫‪ -10‬رابعا‪ :‬القاعدة القانونية" قاعدة ملزمة‪:‬‬
‫القاعدة القانونية" هي أمر وتكليف للمخاطب" بها وليست مجرد نصيحة أو توصية يعمل بها الفرد أو‬
‫يتركها‪.‬‬
‫وحتى يكفل المجتمع احترام القواعد القانونية‪ "،‬فإنها ترتبط بالجزء" واإللزام‪.‬‬
‫و الجزء الذي يترتب على مخالفة القاعدة القانونية" يتميز بصفتين‪:‬‬
‫فهو جزاء مادي ‪ ،‬وتوقيعه يكون بواسطة المجتمع‪.‬‬
‫أ‪-‬الجزاء المادي‪ :‬قد يصيب" الجزاء الشخص أو اإلنسان في شخصه كاإلعدام و السجن‪ ،‬أو في ماله‬
‫كالغرامة‪.‬‬
‫ويختلف الجزاء باختالف القواعد القانونية‪":‬‬
‫‪-‬فإذا كانت المخالفة جنائية يعاقب المخالف بالعقوبات كالحبس و السجن" و اإلعدام‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪-‬ومخالفة" قواعد القانون" اإلداري تستوجب جزاء إداري يوقع على الموظفكاإلنذارو الخصم من المرتب أو‬
‫الفصل من الخدمة‪.‬‬
‫‪-‬ومخالفة" قاعد القانون المدني تستوجب جزاءا مدنيا كالبطالن و التعويض و التنفيذ الجبري في حالة‬
‫امتناع" المدين عن تسديد ثمن المبيع‪.‬‬
‫لقد نص القانون" المدني على‪:‬‬
‫‪ -‬عقوبات مدنية كالبطالن في المادة ‪ 84‬التي تنص على مايلي‪:‬‬
‫" يجوز للمتعاقد الذي وقع على غلط جوهري وقت إبرام العقد أن يطلب" إبطاله"‪.‬‬
‫‪-‬وعقوبة التعويض في المادة ‪ 130‬منه التي تنص على مايلي‪":‬‬
‫" من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره ال يكون ملزما إال بالتعويض الذي يراه‬
‫القاضي" مناسبا"‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تنفيذ الجزاء بواسطة هيئات رسمية‪ :‬أن تطبيق الجزاء يتم ‪ -‬في حالة النزاع‪ -‬بواسطة محاكم الدولة‬
‫والسلطات" التنفيذية‪ ،‬أي عن طريق الهيئات والمؤسسات" الشرعية" و الرسمية‪ "،‬ومصدرها جميعا هو القانون‪.‬‬

‫المحاضرة الثانية‬
‫نطاق القانون وصلته بالقاعد االجتماعية‬
‫المبحث األول‬
‫نطاق القانون‬
‫‪ -11‬القانون" هو مجموعة القواعد التي تنظم سلوك األفراد في المجتمع‪ ،‬ويتمثل المجتمع في سلطة عليا"‬
‫تكفل احترام القانون‪.‬‬
‫ومشكلة التعارض بين الحريات" وتطبيق القانون" قد شغلت أذهان الفالسفة" و المفكرين" ووجدت فيها‬
‫مذاهب ونظريات يمكن ردها إلى مذهبين أساسيين‪":‬‬
‫‪ -12‬أوال‪ -‬المذهب الفردي‪:‬‬
‫يرى أصحاب" المذهب الفردي أن الفرد خلق حراً وأن القانون حارس لحريات وحقوق األفراد‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫لذلك يجب عدم المساس للحرية الفردية إال في أضيق الحدود وبالقدير" الذي يتعارض مع عمل الفرد ألنه‬
‫جزء من الجماعة‪ "،‬وبالتالي فإن تحقيق مصلحة الفرد هو تحقيق مصلحة الجماعة‪.‬‬
‫ووظيفة الدولة هي تأمين حرية األفراد لذلك سميت" بالدولة الحارسة"‪ ،"Eta gendarme‬حيث يقتصـر‬
‫دورها على األمن و القضاء والدفاع ويجب إفساح المجال لممارسة الفرد الحرية" االقتصادية في إطار حماية‬
‫الملكية الخاصة و المنافسة الحرة‪.‬‬
‫وفي مجال المعامالت لألفراد حرية إبرام العقود وهو ما يعرف " بمبدأ سلطان" اإلرادة" على أساس‬
‫الرضا و االختيار‪.‬‬

‫‪ -13‬ثانيا‪ -‬المذهب االجتماعي‪":‬‬


‫تنطلق مصلحة الفرد من مصلحة الجماعة و بواسطة التضامن" االجتماعي يمكن للفرد أن يعمل على قدم‬
‫المساواة و العدل مع الغير‪.‬‬
‫ويقوم المذهب االجتماعي على أساس العمل على تحقيق كفاية في اإلنتاج وعدل في التوزيع" مما يتطلب"‬
‫تخطيط التنمية و توفير العدل‪.‬‬
‫ومن ثم فإن القانون" يعتبر" األداة الرئيسية و الوسيلة العملية لفي تنفيذ خطة التنمية" وتجسيد عدالة‬
‫التوزيع‪ "،‬عبر تدخل الدولة أو السلطة في شتى الميادين‪ ،‬وهو ما يعرفبالدولة المتدخلة "‪."Etat interventionist‬‬
‫وهكذا فإن المذهب االجتماعي ال يضع حدا لتخل القانون" في تنظيم العالقات االجتماعية" مما يوسع من‬
‫نطاق القانون‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫صلة القانون بالقواعد االجتماعية‬
‫توجد قواعد اجتماع" أخرى‪ ،‬بجوار القواعد القانونية‪ "،‬تنظيم سلوك األفراد وهي‪:‬‬
‫‪-14‬أوال‪ -‬قواعد الدين‪ :‬الدين‪ ،‬بصورة مطلقة‪ ،‬وبمعناه التيولوجي‪ ،‬هو عبارة عن القواعد المستمدة من‬
‫قوة عليا غيبية يؤمن بها اإلنسان" طمعا فن التواب وخوفا من العقاب" األخروي‪.‬‬
‫ويالحظ أن معظم قواعد القانون" منذ القدم استمدت من أحكام الدين وكانت سلطة القضاء" في يد رجال‬
‫الدين‪ "،‬في العديد من المجتمعات الحضارات‪.‬‬
‫أما بالنسبة للدين اإلسالمي فهو ينظم عالقات اإلنسان في المجتمع كما يحدد عالقة اإلنسان بخالقه‪ "،‬إذ‬
‫أنه دين و دولة يشتمل على القواعد واألسس التي تحكم وتنظم مختلف عالقات" اإلنسان" في شتى مناحي حياته‬
‫المادية والروحية‪.‬‬
‫وهكذا يبدو اتساع" نطاق الدين الدين عن نطاق القانون" و الذي ال يتعرض لعالقة اإلنسان" بخالقه‪.‬‬
‫كما أن الجزاء أخروي ودنيوي في مخالفة القاعد الدينية‪ "،‬أما الجزاء" عن مخالفة القواعد القانونية"‬
‫فدنيوي فقط‪.‬‬
‫وإذا كان القانون مستقال عن الدين فال يعني ذلك انفصالهما في المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬حيث يفترض أن‬
‫تتمثل الشريعة اإلسالمية مصدرا لقوانينها"‪ ،‬حيث ال تكون أية هوة بينهما‪ ،‬كما هو واقع حال معظم البلدان"‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫والواقع أن الشـريعة اإلسالمية تبقى مصدرا رئيسيا لبعض القوانين" في العديد من تلك المجتمعات" بحيث"‬
‫يمكن القول بأنها قاعد قانونية دينية‪ ،‬فالزنى والخمر والميسر" محرمة بحكم القانون" ويعاقب عليها" في اآلخرة‪.‬‬
‫كما أن الدين هو الذي يحدد القواعد التي تنظم العالقات بين أفراد األسرة في غالبية الشـرائع‪ ،‬وليس‬
‫قانون األسرة الجزائري" رقم ‪ 11-84‬المعدل إلى تقنيين ألحكام وقاعد الشريعة اإلسالمية بهذا الشأن‪.‬‬
‫‪-15‬ثانيا‪ "-‬قواعد األخالق‪ :‬األخالق هي مجموعة المثل العليا" في المجتمع وكلما تقدم المجتمع‪،‬اتسع" نطاق‬
‫هذه القاعد‪.‬‬
‫وقواعد األخالق إنما تظهر في مثل الخير" واالحترام والصدق و األمانة‪ "،‬وهي تتطلب" من الفرد تقديم‬
‫المساعدة و النصيحة إلى من يحتاج إليها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وإذا كانت األخالق تهدف إلى السمو باإلنسان" وترقي به إلى المثالية" فإن تحقيق ذلك يسهم في الرقي‬
‫بالمجتمع" وسعادة األفراد‪.‬‬
‫إن الكثير" من القاعد األخالقية ترقى إلى مرتبة القانون" كالوفاء بالعقود والوفاء بالديون وعدم الغش‬
‫والتدليس فالقانون في جزء كبير يعتمد على القواعد األخالقية‪ ،‬وكلما ضاقت المسافات و األبعاد بين األخالق و‬
‫الدين ارتقى المجتمع نحو المثالية‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة‬

‫أنواع القواعد القانونية‬


‫‪ -16‬تنقسم القاعد" القانونية إلى عدة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬من حيث سلطة األفراد في الخضوع لها‪ ،‬تنقسم القاعد القانونية" إلى‪ :‬قواعد آمرة وقواعد مكملة‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حيث الغرض‪ ،‬تنقسم القاعد القانونية" إلى‪ :‬قواعد إجرائية" وقاعد موضوعية‪.‬‬
‫‪-‬كما يمكن توزيع القاعد القانونية" بين فروع‪ :‬القانون العام والقانون الخاص‪.‬‬

‫أوال‪-‬القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‬


‫‪ -‬تنقسم القاعد" القانونية بالنظر إلى مدى التزام خضوع األفراد واألشخاص‬
‫لها إلى قواعد آمرة وأخرى مكملة‪.‬‬
‫‪ -17‬أوال‪ :‬القاعد اآلمر‪les regles imperatives :‬‬
‫هي القواعد التي يجب إتباعها وال يجوز مخالفتها‪ ،‬أو االتفاق على عكسها‪ ،‬ولذلك يترتب عنها جزاء‬
‫(بطالن" التصرف)‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬القاعدة التي تحرم القتل فإذا اتفق شخص على قتل شخص آخر يكون االتفاق باطالً" بطالناً" مطلقاً‪"،‬‬
‫ويعاقب على جريمة القتل‪.‬‬
‫‪ -‬قواعد قانون العمل التي تحدد األجر الوطني األدنى المضمون‪،S.N.M.G"،‬حيث ال يجوز دفع أجر أقل‬
‫منه‪.‬‬
‫واألصل أن غالبية" القواعد القانونية هي قواعد آمرة‪.‬‬
‫‪ -18‬ثانيا‪ :‬القواعد المكملة‪Les reeglessupplétives :‬‬
‫لقد أباح القانون‪ "،‬في بعض األحيان‪ ،‬لألفراد االتفاق على عكس القواعد بشرط عدم مخالفة قواعد النظام‬
‫العام واآلداب العامة‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬القاعدة القانونية التي بمقتضاها أن يدفع الثمن الستالم المبيع‪ ،‬لكن يجوز للمتعاقدين استالم‬
‫المبيع مع تقسيط الثمن‪.‬‬
‫و القاعد المكملة إلزامها" نسبي‪ ،‬فإذا لم يتفق األفراد على عكسها أصبحت قاعدة آمرة‪.‬‬
‫‪ -19‬ثالثا‪ :‬التمييز" بين القواعد اآلمرة والمكملة‪:‬‬
‫‪-1‬القاعدة اآلمرة اليجوزاالتفاق على عكسها‪ ،‬أما القاعدة المكملة يجوز مخالفتها" باتفاق األفراد‪.‬‬
‫‪-2‬البطالن" المطلق‪ Nullité absolue‬هو عقوبة مخالفة القواعد اآلمرة‪ ،‬أما القاعدة المكملة فيترتب عليها‬
‫البطالن النسبي ‪.Nullité relative‬‬
‫‪-3‬تحكم المحكمة (القاضي) من تلقاء نفسها بالبطالن على مخالفة القواعد اآلمرة‪ ،‬أما القواعد المكملة فال‬
‫بد من الدفع ببطالن مخالفتها من طرف صاحب المصلحة‪.‬‬
‫‪-4‬القواعد اآلمرة تتعلق بالنظام" العام واآلداب العامة‪ "،‬أما القاعد" المكملة فال تتعلق بذلك‪.‬‬
‫‪ -20‬رابعا ‪ :‬فكرة النظام العام وآلداب العامة‪:‬‬
‫‪ -1‬النظام العام‪ :Ordre public-‬يمكن تعريف النظام" العام بأنه‪":‬‬
‫مجموعة األسس السياسية واالجتماعية و االقتصادية و الثقافية التي يقوم عليها المجتمع في وقت‬
‫محدد‪.‬‬
‫وهي فكرة نسبية تختلف بحسب المكان والزمان‪ ،‬ألن أسس كل مجتمع تختلف عن اآلخر بحكم العادات‬
‫و التقاليد" واألعراف‪.‬‬
‫فالقاعدة التي تقرر زواج الرجل من زوجة ال يمكن االتفاق على مخالفتها ألنها من النظامالعام في‬
‫بعض المجتمعات‪ ،‬وهي مخالفة للنظام العام في مجتمعات أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬اآلدابالعامة"‪ :Moeurepublique‬هي" مجموعة األسس األخالقية في المجتمع"‬
‫وهي أيضا" فكرة نسبية تختلف من مجتمع آلخر‪.‬‬
‫ومن أهم األسس التي تقوم عليها غالبية" المجتمعات" الحديثة تنظيم العالقة بين الرجل و المرأة حيث‬
‫يجب‪ "،‬تتخذ شكال معينا" حتى تكون مشروعة وأي اتفاق غير مشروع يعتبر باطال لمخافته لقواعد اآلداب العامة‪.‬‬
‫كما جاء على سبيل المثال في نص المادة ‪ 24‬من القانون" المدني الجزائري‪ ":‬ال يجوزتطبيق القانون"‬
‫األجنبي إذا كان مخالفا للنظام العام أو اآلداب في الجزائر"‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬القواعد اإلجرائية" و القواعد الموضوعية‬


‫‪ -21‬أوال‪ -‬القواعد اإلجرائية‪":‬‬
‫هي مجموعة القواعد التي تضع اإلجراءات الالزمة لتطبيق القانون‪،‬ويضمها القانوني" اإلجرائي و‬
‫الشكلي بمختلف فروعه‪ ،‬ومنها خاصة‪:‬‬
‫‪-1‬قانون اإلجراءات المدنية‪( :Code de procédure civile-‬األمر رقم ‪ 145-66‬المؤرخ في ‪ 1966-06-08‬المعدل‬
‫و المتمم )‪ :‬وهو مجموعة القواعد المنظمة لسير الخصومة القضائية من حيث اإلجراءات الواجب إتباعها" عند‬

‫‪8‬‬
‫رفع الدعاوى المدنية‪،‬ويتضمن" بيان" التنظيم" القضائي الذي يحدد أنواع المحاكم‪ "،‬وكيفية إصدار األحكام‪ ،‬وطرق‬
‫الطعن فيها‪ ،‬وإجراءات تنفيذها‪.‬‬
‫‪-2‬قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ( :code de procedure pénale-‬األمر رقم ‪ 155-66‬المؤرخ في ‪-06-08‬‬
‫‪1966‬المعدل و المتمم)‪ :‬ويتضمن مجموعة القواعد المنظمة لجمع األدلة عند وقوع الجريمة‪ ،‬وإجراءات التحقيق‬
‫باتخاذ اإلجراءات" السابقة‪.‬‬
‫‪ -22‬ثانيا‪ :‬القواعد الموضوعية‪:‬‬
‫ينقسم القانون األساسي إلى فسمين أساسيين هما‪ ،‬القانون" العام‪ ،‬والقانون الخاص كما سنرى ( الحقا‪،‬‬
‫فقرة ‪ 26‬وما بعدها)‪.‬‬
‫‪-1‬القانون العام‪ :Le droit public-‬هو مجموعة القاعد القانونية التي تنظم المصلحة" العامة‪ "،‬فهو ينظم‬
‫مجموعة العالقات التي يكون أطرافها ألشخاص المعنوية العامة ( الدولة‪ ،‬البلدية‪ ،‬المؤسسات العامة ذات الطبع‬
‫اإلداري‪ ،‬مثل‪ :‬الجامعة‪ ،‬المستشفى العام‪ . . .‬إلخ)‪.‬‬
‫‪-2‬القانون الخاص‪ :Le droit privé"-‬هو مجموعة القاعد القانونية" التي تنظم المصلحة الخاصة‪ "،‬فهو يحكم‬
‫عالقات األشخاص فيما بينهم‪ ،‬فهو ينظم مجموعة العالقات التي يكزن أطرافها أشخاص خاصة‪ ،‬ساء كانوا‬
‫طبيعيين(أفراد) أو معنويين( هيئات" خاصة‪ "،‬جمعيات‪ "،‬شركات خاصة)‪.‬‬
‫‪ -23‬معيار التمييز‪:‬‬
‫ماهو معيار التفرقة بين القانون" العام والقانون" الخاص؟‬
‫أ‪-‬المعيار الموضوعي‪ :‬يفرق بينهما على أساس المصلحة‪":‬‬
‫‪-‬القانون العام يحمي المصلحة" العامة‪.‬‬
‫‪-‬أما القانون" الخاص فيحمي المصلحة" الخاصة‪.‬‬
‫وهذا المعيار" غير دقيق‪ ،‬ألن كل القاعد القانونية ساء العامة أو الخاصة هدفها النهائي" هو تحقيق‬
‫المصلحة" العامة للمجتمع‪  .‬‬
‫فالزواج وهو يخضع للقانون الخاص ( قانون األسرة) إنما يهدف إلى تحقيق مصلحة المجتمع‪ ،‬أي‬
‫المصلحة" العامة من حيث الحفاظ على النسل وعلى كيان المجتمع وتماسكه وتعففه واستمراره‪.‬‬
‫يوجد رأي آخر يفرق بينهما على أساس الطبيعة المالية‪.‬‬
‫‪-‬القانون الخاص يحمي المصالح الخاصة‪.‬‬
‫‪-‬القانون العام يحقق مصالح اقتصادية أو اجتماعية عامة‪.‬‬
‫وهذا الرأي غير دقيق أيضا‪ ،‬ففي القانون" الخاص" توجد مصالح اجتماعية كالزواج‪ ،‬والقانون" العام به‬
‫مصالح مالية كالضرائب‪.‬‬
‫ب‪ :‬المعير الشكلي‪ ":‬قاعد القانون العام تتعلق بالنظام العام‪ ،‬فهي آمره اليجوز االتفاق علي مخالفتها‪ "،‬أما‬
‫قواعد القانون" الخاص" فهي مكملة يجوز االتفاق على عكسها‪.‬‬
‫وهو أيضا معيار غير دقيق‪ ،‬فمن قاعد القانون الخاص ماهو آمر كقاعد الميراث‪ "،‬ومن قواعد القانون‬
‫العام ماهو مكمل كحق التشريح‪.‬‬
‫جـ‪ :‬المعيار" الشخصـي‪ ":‬يفرق بين قواعد القانون" العام والخاص بالنظر إلى طبيعة األشخاص األطراف في‬
‫العالقة القانونية‪:‬‬
‫‪-‬إذا كان أحد أطراف العالقة القانونية" شخص من األشخاص المعنوية العامة ( دولة‪ ،‬والية‪ ،‬بلدية‪،‬‬
‫مؤسسة عمومية إدارية)‪ ،‬طبقت قاعد القانون العام‪.‬‬
‫أما إذا كان طرفا العالقة القانونية من األشخاص" الخاصة" ( أفراد‪ ،‬شركات تجارية)‪ ،‬طبقت قاعد القانون‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ويرد على هذا الرأي أنه إذا كان صحيحا من الناحية النظرية‪،‬إال أنه في بعض األحيان" تظهر الدولة‬
‫( األشخاص المعنوية العامة) باعتبارها" فردا أو شخصا خاصا عندما تشغل و تستمر أموالها‪ ،‬متخلية عن‬
‫امتيازات السلطة العامة‪ ،Les prérogativesla puissance publique‬وبالتالي تخضع لقاعد القانون الخاص‪ ،‬شأنها‬
‫شأن األفراد‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -24‬الرأي الراجح‪ :‬معيار التمييز" بين قاعد القانون" العام والخاص" هو الصفة التي تتدخل بها الدولة‬
‫واألشخاص المعنوية العامة األخرى‪:‬‬
‫‪-‬فإذا ظهرت بوصفها صاحبة السلطة" العامة تخضع لقاعد القانون" العام‪ "،‬مثل قرار نزع الملكية الخاصة"‬
‫من أجل المنفعة العامة‪.‬‬
‫‪-‬أما لو ظهرت الدولة كطرف عاد شأنه شأن األفراد تخضع لقاعد القانون" الخاص‪ "،‬مثل تصرف اإلدارة‬
‫بالتنازل عن أمالكها الخاصة‪.‬‬
‫‪ -25‬نتائج التقسيم‪":‬‬
‫الدولة بوصفها صاحبة السلطة" العامة‪ ،‬يخول لها القانون العام مجموعة من االمتيازات والسلطات"‬
‫تميزها" عن األفراد‪ ،‬بما يترتب عنه النتائج اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬يرخص القانون العام للدولة سلطات" استثنائية لتحقيق المصلحة" العامة مثال ‪ :‬التنفيذ المباشر دون إذن‬
‫القضاء‪ ،‬أو نزع الملكية الخاصة" للمنفعة العامة‪.‬‬
‫‪-‬تخضع أموال وأمالك الدولة المخصصة للنفع العام لنظام خاص ومتميز‪ :‬فالمال العام‪ -‬على عكس‬
‫الملكية الخاصة‪ "-‬ال يجوز التصـرف فليه أو الحجز عليه أو تملكه بالتقادم بمضي المدة‪ ،‬كما ورد بالمادة ‪ 689‬من‬
‫القانون" المدني‪.‬‬
‫‪-‬تخضع مرافق الدولة وهيئاتها لقاعد معينة في القانون" اإلداري تعتمد على مبدأ سير المرفق العام‬
‫بانتظام واضطراد ( مبدأ االستمرارية)‪ ،‬ومبدأ التكيف مع المستجدات‪ "،‬أما قاعد القانون" الخاص" فيحكمها مبدأ‬
‫المساواة وقاعدة " العقد شريعةالمتعاقدين‪ ، " Le contrat fait la loi des paries-‬كما هو وارد بالمادة ‪ 106‬من‬
‫القانون" المدني‪.‬‬
‫‪ -‬تخضع منازعات" الدولة كصاحبة سلطة إلى القضاء" اإلداري ( المحاكم اإلدارية‪ ،‬مجلس الدولة )‪ ،‬أما‬
‫منازعات" األفراد فيختص بالفصل فيها القضاء" العادي‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‬

‫فروع القانون العام والقانون الخاص‬


‫ينقسم من القانون العام والخاص إلى عدة فروع‪.‬‬
‫المطلب" األول‬
‫فروع القانون" العام‬
‫‪ -26‬أوال‪ :‬القانون الدولي العام‪ :Droit international public"-‬هو مجموعة القاعد التي تنظم العالقات" التي‬
‫تقوم بين‪ :‬أشخاص المجتمع الدولي سواء كانت دوال أو منظمات دولية‪.‬‬
‫وتنظم قواعد القانون الدولي نوعين رئيسيين" من العالقات‪":‬‬
‫‪ -‬األولى‪ :‬العالقات بين الدول في الحرب" و السلم‪.‬‬
‫‪-‬والثانية‪ :‬العالقات التي تكون طرفا فيها المنظمات" الدولية‪ ،‬مثل‪ :‬األمم المتحدة‪ ،‬جامعة الدول العربية‪"،‬‬
‫اإلتحاد اإلفريقي‪ ،‬اإلتحاد المغاربي‪ "،‬اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪ -27‬ثانيا‪ ":‬القانون" الدستوري‪ :Droit constitutional -‬وهو مجموعة القواعد التي تبين‪ ":‬شكل الدولة‬
‫( موحدة‪ ،‬فدرالية)‪ "،‬ونظام الحكم فيها ( جمهوري‪ ،‬ملكي )‪ ،‬والمقومات" األساسية للمجتمع سواء كانت مقومات‬
‫اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية ‪ ،‬وكذلك الحقوق و الوجبات العامة‪ ،‬وأخيرا تنظيم مختلف السلطات فيها‪:‬‬
‫السلطة" التشريعية" و التنفيذية" و القضـائية‪.‬‬
‫ويعتبر القانون الدستوري القانون األساس للدول‪ ،La loifondamentale‬ويوجد‬
‫على قمة التدرج القانوني‪ ،‬ويترتب على ذلك‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون مستمدا وقائما على مقومات وأسس المجتمع حيث يجب –مثال‪ -‬أن يكون منسجما مع الشريعة"‬
‫اإلسالمية‬
‫‪10‬‬
‫‪-‬أن يكون غير دستوري كل قانون يخالفه ( عدم دستورية القوانين" )‪.‬‬
‫‪ -28‬ثالثا‪ :‬القانون" اإلداري‪ Droit administratif-‬يهتم القانون" اإلداري باإلدارة العامة من عدة جوانب‪،‬‬
‫تتمثل أساسا" في‪:‬‬
‫‪ -1‬الجانب التنظيمي‪ "،‬من حيث بين القاعد واألحكام المتعلقة" بتركيب" وتنظيم الجهاز اإلداري بالدولة‬
‫( اإلدارة المركزية‪ "،‬اإلدارة المحلية )‪.‬‬
‫‪ -2‬الجانب الوظيفي‪ ،‬من حيث التطرق إلى القاعد السارية" على اإلدارة العامة لدى قيامها بنشاطها‬
‫ومهامها وخدماتها الموجهة للجمهور‪.‬‬
‫‪ -3‬جانب الوسائل‪ ،‬من حيث التعرض إلى مختلف الوسائل واإلمكانيات" التي يستلزمها" القيام" بالنشاط‬
‫اإلداري‪ ،‬سواء كانت بشـرية (موظفون عموميون) أو مادية ( أموال عامة ) أو قانونية ( قرارات‪ ،‬وصفقات‬
‫عمومية)‪.‬‬
‫‪-4‬الجانب" القضائي‪ ،‬من حيث بيان" الهيئات" القضائية" المختصة بالفصل في المنازعات" اإلدارية ( المحاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬مجلس الدولة‪.‬‬
‫‪ -29‬رابعا‪ :‬القانون المالي‪ Droit financier:-‬هو مجموعة القاعد القانونية التي التي تتعلق باإليرادات"‬
‫والنفقات العامة‪ ،‬وكيفيات" إعداد وتنفيذ ميزانيات" اإلدارات والهيئات العمومية ومراقبتها‪.‬‬
‫وقد صدرت قوانين عديدة تنظم المالية العامة في الجزائر‪ ،‬لعل أهمها‪ :‬القانون" رقم ‪ 17-84‬المؤرخ في‬
‫‪07/07/1984‬و المتعلق بقوانين" المالية‪ ،‬الدي يشكل القانون العضوي اإلطاري للمالية العامة بالجزائر‪ ،‬طبقا للمادة‬
‫‪ 123‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ -30‬خامسا‪ :‬القانون الجنائي‪ :Droit pénal"-‬هو مجموعة القواعد التي تحدد‬

‫الجرائم وعقوباتها" واإلجراءات المتبعة في ذلك‪.‬‬


‫ويعتبر القانون" الجنائي فرعا من فروع القانون" العام باعتبار" أن العقاب من سلطة المجتمع ( أجهزة‬
‫الدولة )‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫فروع القانون الخاص‬
‫‪ -31‬أوال‪ :‬القانون المدني‪ :Droit civil-‬هو أقدم القانون الخاص و أهمها‪.‬‬
‫يمكن رد قاعدة القانون المدني إلى مجموعتين‪:‬‬
‫أ‪ -‬قواعد األحوال الشخصية‪ :Statut personnel-‬هي مجموعة القواعد المنظمة للعالقات" التي تربط‬
‫الشخص بأفراد األسرة‪ ،‬حيث تنظم‪ :‬الزواج والطالق و النسب والوالية على المال والنفس و الميراث" والوصية‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫ومصدرها الشريعة اإلسالمية‬
‫ب‪ -‬قواعد األحوال العينة‪ :Statut réel-‬هي مجموعة القواعد المنظمة للعالقات" المالية للشخص بما‬
‫يترتب" عنها من حقوق على ما يمتلكه من أشياء وأعيان‪ ،‬أو ماله من حقوق وديون لدى غيره من األشخاص‪"،‬‬
‫كما سنوضح لدى الكالم عن أقسام الحق ( الحقا فقرة ‪ 112‬و ما بعدها )‪.‬‬
‫والقانون" المدني هو األصل الذي يرجع إليه لمعرفة القواعد المنظمة للعالقات" المالية أو العينة أو األحوال‬
‫الشخصية" التي تقوم بين األشخاص‪ ،‬إذ لم نجد نصا" يحكمأي نزاع في القانون التجاري أو قانون العمل أو أي‬
‫قانون آخر نطبق قواعد القانون المدني‪.‬‬
‫ولهذا‪ ،‬فإنه يعد الشـريعة العامة ( القانونالمشترك‪،‬أو القانون " العام "‪.) Droit commun-‬‬
‫‪-32‬ثانيا‪ ":‬القانون" التجاري‪ :Droit commercial-‬هو مجموعة القواعد التي تنظم العالقة بين التجار‪":‬‬
‫األعمال التجارية‪ ،‬المحل التجاري‪ "،‬األوراق التجــارية‪ ،‬الشركات التجارية‪ . . .‬إلخ‪.‬‬
‫ولذالك تتصف المعامالت التجارية" بصفة أساسية" بأنه يقصد بها تحقيق ربح مادي‪.‬‬
‫‪ -33‬ثالثا‪ :‬القانون" البحري‪ : Droit maritime -‬هو مجموعة القاعد القانونية" التي تنظم العالقات الناشئة‬
‫عن المالحة في البحار‪ ،‬وينظم الموضوعات" األساسية" التالية‪":‬‬
‫أ‪ -‬السفينة" باعتبارها المالحة البحرية" من حيث ملكيتها وجنسيتها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ب‪-‬عقد العمل البحري كعقد الربان" والمالحين" والعاملين" بالسفن‬
‫جـ‪ -‬العقود المتعلقة" بالمالحة" البحرية" كعقد إيجار" السفينة‪.‬‬
‫‪ -34‬رابعا‪ :‬القانون" الجوي‪Droit aérien-‬هو مجموعة القاعد المنظمة للعالقاتالناشئة عن المالحة الجوية‬
‫وهو قانون حديث نسبيا حيث ارتبط باختراع" الطائرات" واستعمالها" في النقل العام‪.‬‬
‫ونظراً ألن النقل الجوي يرتبط" بدون أخرى فإن معظم قواعد القانون" الجوي مصدرها المعاهدات‬
‫واالتفاقات" الدولية‪.‬‬
‫‪ -35‬خامسا‪ :‬قانون العمل‪ :Droit de travaille-‬هومجموعة القواعد التي تنظم العالقات التي تنشأ بين رب‬
‫العمل ( المستخدم‪ ) Employeur-‬و العامل (المستخدم‪)Employeur-‬‬
‫وينظم هذا القانون" عالقات" العمل الفردية والجماعية من حيث الحقوق و الواجبات‪ ":‬الراتب‪ "،‬العطل‪،‬‬
‫التأديب‪ "،‬التكوين المهني‪ ،‬اإلضراب‪ ،‬االتفاقات" الجماعية‪ . . .‬إلخ‪.‬‬
‫ويرى البعض أن قانون العمل من فروع القانون" العام‪ ،‬نظراً لتدخل الدولة‬
‫في اإلشراف على عالقات العمل ( مفتشية العمل )‪ ،‬وتوقيع جزاءات جنائية" على مخالفة قواعده‪.‬‬
‫‪ -36‬سادسا‪ :‬قانون التأمين" االجتماعي‪ ":‬هو مجموعة القواعد التي تنظم مواجهة‬
‫األخطار" التي يتعرض لها الفرد مهددة ومضـرة بصحتهم أو حياتهم‪ ،‬فتكفل لهم معاشاأو تعويضا في حال‬
‫تحقق خطر‪.‬‬
‫‪ -37‬سابعا القانون" الدولي الخاص‪ :Droit internationale privé -‬تنصب قواعد القانون" الدولي الخاص"‬
‫على تنظيم العالقات بين األشخاص" الخاصة" ذات العنصر األجنبي‪.‬‬
‫ولهذا‪ ،‬فهو يتصل بالموضوعات األساسية التالية‪":‬‬
‫‪ -‬تنازع القوانين‪ ":‬تحديد القانون الواجب التطبيق على نزاع فيه عنصـر أجنبي‪.‬‬
‫‪ -‬تنازع االختصاص" القضائي الدولي‪ :‬بيان قاعد االختصاص القضائي" في حالة التنازع بين الجهات‬
‫القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬الجنسية‪ :‬وهي الرابطة السياسية" والقانونية" بين الفرد والدولة‪.‬‬
‫‪ -‬مركز األجانب‪ ":‬تحديد النظام القانوني الذي يخضع له األجانب" الموجودون بالدولة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫الفروع األخرى‬
‫‪ -38‬مع من تفرزه مقتضيات" الحية البشـرية‪ ،‬وما تعرفه الحضارة اإلنسانية" من مستجدات‪ ،‬ظهرت فروع‬
‫جديدة من القوانين‪ "،‬مثل‪ :‬قانون حماية البيئة" أو المستهلك‪"،‬‬
‫ومنع االحتكار‪ "،‬والجرائم اإلعالمية ( اإلنترنات ‪.)Internet-‬‬
‫وحيث تم المزج والجمع بين فروع القانون العام والخاص في بعض الموضوعات‪ ،‬مثل‪ :‬القانون‬
‫االقتصادي‪ ،‬أو القانون" الجنائي الدولي‪ ،‬فإن التقسيمات السابقة للقانون" أصبحت" تقليدية وال تمثل حقيقة الواقع‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪......‬‬

‫المحورالثاني‪:‬‬
‫مصادر القانون"‬
‫‪Les sources de droit‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ -39‬القانون" مجموعة قواعد سلوك تستمد قوتها الملزمة" من مصادر مختلفة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬المصدر المادي للقانون‪ :‬يقصد به مجموعة الوقائع المادية التي تستمد من الواقع االقتصادي أو‬
‫السياسي" أو االجتماعي‪.‬‬
‫القاعدة التي تحدد عدد ساعات العمل ( المدة القانونية للعمل ) تجد مصدرها المادي في جهد اإلنسان‬
‫وإرهاقه بعد عدد معين من الساعات‪.‬‬
‫ب‪ -‬المصدر التاريخي‪ :‬القانون هو تطور تاريخي مستمر بين الماضي" وتطويره في شكل قانون جديد‪،‬‬
‫وبدون التطور التاريخي ال ينشأ" القانون‪.‬‬
‫القواعد األساسية" للقانون اإلداري‪-‬مثال‪ -‬يعود مصدرها الرئيسـي إلى تاريخ القانون" اإلداري بفرنسا‪.‬‬
‫واألصل في القانون" حرية استخالص األحكام من أي مصدر‪ :‬فقد تراعي القواعد األخالقية االقتصادية‪ ،‬أو‬
‫االعتبارات الدينية على القواعد االقتصادية كما لوحرم المشرع بين الخمور وهنا تعد الشـريعة اإلسالمية‬
‫المصدر الرئيسـي للقانون‪ "،‬كل ذلك في إطار قاعد النظام" العام واآلداب العامة‪.‬‬
‫جـ المصدر الرسمي للقانون‪ ":‬يقصد بالمصدر الرسمي ( المصدر الشكلي ) السبب المنشئ للقاعدة‬
‫القانونية الذي يضفي عليها وصف اإللزام‪.‬‬
‫وتختلف مصادر القانون" في كل دولة ومجتمع بحسب تدرج القواعد القانونية‪.‬‬
‫وقد حدد المشـرع الجزائري المصادر الرسمية للقانون في المادة األولى من القانون المدني الجزائري‬
‫التي تنص على مايلي‪:‬‬
‫" يسر القانون" على جميع التي تتناولها" نصوصه في لفظها أو في فحواها‪.‬‬
‫وإذ ال يوجد نص تشريعي حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فإذا لم يوجد فبمقتدى‬
‫العرف‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقاعد العدالة"‪.‬‬
‫ويستخلص من هذا النص أن المصادر الرسمية أو الشكلية" للقانون الجزائري هي‪:‬‬
‫‪-1‬المصدر الرسمي األصلي‪":‬‬
‫* التشريع‪.‬‬
‫* المصادر الرسمية االحتياطية‪:‬‬
‫* مبادئ الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫* العرف‪.‬‬
‫* مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة‪.‬‬
‫وغني عن البيان‪ "،‬أن هذا الترتيب" الوارد بالمادة األولى ملزم‪ ،‬على الرغم من ضرورة إعادة النظر" فيه‪،‬‬
‫وذلك إلعادة االعتبار للشـريعة اإلسالمية وجعلها مهيمنة على التشريع كله‪ ،‬وبمختلف مراتبه‪ ،‬تطبيقا للمادة‬
‫الثانية" من الدستور التي تنص على أن " دين الدولة اإلسالم "‪.‬‬
‫د‪ -‬الصدر التفسيري" للقانون‪:‬‬
‫يقصد به الجهة المنوط بها تفسير القانون عند غموض القاعدة القانونية‪.‬‬
‫ويعتبر الفقه وأحكام القضاء من المصادر" التفسيرية للقانون" الجزائري‪.‬‬
‫وفي ضوء المصادر" نقسم موضوع دراستنا" في هذا الباب إلى عدة فصول على النحو اآلتي‪:‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬القانونالطبيعي" وقواعد العدالة‪.‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التشـريع‬
‫الفصل الخامس‪ :‬القضاء‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬الفقه‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ ":‬مبادئ الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬العرف‪.‬‬

‫المحاضرة السادسة‬
‫التشريــــــــــع‬
‫‪La législation‬‬

‫أوال‪ -‬تعريف التشريع وخصائصه‬


‫‪ -40‬يأخذ التشريع" معنيين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المعنى الضيق‪ ":‬يطلق اصطالح التشـريع‪ ،‬بمفهومه الضيق‪ ،‬على القواعد القانونية المكتوبة التي‬
‫تصدرها السلطة التشريعية في شكل " قانون "‪.Loi‬‬
‫والسلطة التي تختص بوضع التشـريع" ( القانون" ) في الدولة هي السلطة التشـريعية ‪Le pouvoir-‬‬
‫‪ " -législatif‬البرلمان " ( المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬مجلس الدولة )‪.‬‬
‫ثانيا‪ ":‬المعنى الواسع‪ :‬كما يقصد بالتشريع‪ "،‬في معناه الواسع‪ ،‬القواعد القانوني""ة العام""ة ال""تي تش""تمل إلى‬
‫ج""انب الق""وانين" الص""ادرة عن لبرلم""ان‪ "،‬بمختل""ف األنظم""ة والل""وائح الص""ادرة عن الس""لطة التنفيذي""ة‪ "،‬في ش""كل‬
‫مراسيم وقرارات‪ . . .‬إلخ‪.‬‬

‫خصائص التشريع‬
‫‪ -41‬يتميز التشريع بمجموعة من الخصائص‪ "،‬تتمثل‪-‬أساسا‪ "-‬في مايلي‪":‬‬

‫‪14‬‬
‫‪-1‬المقصود بالتشريع" وضع قواعد قانونية عامة ومجردة‪ ،‬أما إذا أصدر رئيس المجلس الشعبي الوطني أو‬
‫رئيس مجلس األمة قراراً بتعيين" أو ترقية موظف بالمجلس‪ ،‬فإن ذلك اليعد تشـريعا ً بالرغم من صدوره عن أحد‬
‫مجلـسي البرلمان(السلطة التشريعية )‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن يصدر التشريع في شكل وثيقة مكتوبة وهو يتميز بذلك عن العرف غير المكتوب‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن يصدر التشريع عن السلطة المختصة" في الدولة " البرلمان مثال " وبذلك يختلف عن العرف‬
‫الذي ينشأ قواعده تلقائيا" بسبب إتباع الناس لسلوك معين مدة طويلة من الزمن بحيث" يستقر في وجدانهم‬
‫الشعور باإللزام‪ "،‬كما سيتضح ( الحقا‪ ،‬فقرة ‪ 58‬وما بعدها )‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬أنواع التشريع‬


‫‪ -42‬تختلف التشـريعات" في قوتها وطريقة سنها بحسب السلطة التي تصدرها‪ "،‬ويمكن إجمالها في ثالثة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التشريع" األساسي " الدستور "‪.‬‬
‫ثانيا‪ ":‬التشريع" العادي " القانون "‪.‬‬
‫ثالثا‪ ":‬التشريع" الفرعي" " اللوائح "‪.‬‬
‫ويعني هذا التدرج أن التشريع األساسي هو أعلى التشريعات في الدولة‪ ،‬وبالتالي يجب أن يصدر الق""انون‬
‫طبقا ً له وأن تصدر اللوائح وفقا للقانون وعدم المخالفة ألحكام الدستور‪.‬‬

‫أ‪-‬التشريع األساسي‬

‫" الدستور‪"Le constitution -‬‬


‫(‪)1‬‬
‫‪ -43‬أوال‪ :‬التعريف‪ ":‬الدستور هو أعلى أنواع التشريعات في الدولـــة ألنه يح""دد النظ""ام" الع""ام والمب""ادئ‬
‫األساسية" التي يقوم عليها وشكل الحكم وتنظيم السلطة العامة فيها ويبين الحقوق والحريات العامة‪ ،‬كما أشرنا" (‬
‫سابقـــا‪ "،‬فقـرة ‪.) 27‬‬
‫‪ -44‬ثانيا‪ ":‬وضع الدستور‪ :‬تختلف الدول في طريقة وضع الدستور بحسب نظامها السياسي‪.‬‬
‫األسلوب الغير ديمقراطي‪ :‬وأخذ‪ ،‬في الوقع‪ ،‬صورتين‪":‬‬
‫‪-‬المنحة‪ :‬فقد يصدر الدستور في شكل منحة من الحاكم إلى الشعب‪ "،‬ولكنه حقيقة ليس منحة فهو صادر‬
‫عن ضغط شعبي عن الحاكم‪.‬‬
‫‪-2‬العقد‪ :‬وقد يصدر في شكل اتفاق بين ممثلي الشعب والحاكم‪.‬‬
‫األسلوب الديمقراطي‪ :‬حيث تظهر مساهمة الشعب في وضعه‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬وجود جمعية تأسيسية" ساء كانت منتخبة أو معينة لتمثيل الشعب‪.‬‬
‫‪ -‬عرض مشروع الدستور على االستفتاء الشعبي‪.‬‬
‫‪ -45‬ثالثا‪ -‬تعديل الدستور‪ :‬يميز الدستور المرن والدستور الجامد‪:‬‬
‫‪ -1‬الدستـور المـرن‪ :‬يجوز تعديل أو إلغاء الدستور المرن" بالطرق التشـريعية ا‬

‫العادية(‪.)2‬‬
‫‪1‬‬
‫()‪-‬يقتضـي النظام اإلسالمي أن تكون جميع أنولع التشـريع‪ ،‬وعلى رأسها الدستور‪ ،‬غير مخالفة للقرآن والسنة‪ ،‬حيث يستمد التشريع شرعيته‬
‫منهما‪ ،‬وهو ما يتوافق‪-‬ظاهريا‪ "-‬مع نص المادة ‪ 2‬من الدستور الجزائري التي تنص على أن " اإلسالم دين الدولة "‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫(‪ -)1‬تنص المادة ‪ 174‬من الدستور على مايلي‪:‬‬
‫" لرئيس الجمهورية حتى المبادرة بالتعديل" الدستوري‪ ،‬بعد أن يصوت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة بنفس الصيغة حسب‬
‫الشروط نفسها التي تطبق على نص تشـريعي‪ ،‬يعرض التعديل على استفتاء الشعب خالل الخمسين (‪ )50‬يوما الموالية إلقراره‪.‬‬
‫يصدر رئيس الجمهورية التعديل الدستوري الذي صادق عليه الشعب"‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪-2‬الدستور الجامـد‪ :‬يشـترط الدستـور الجامـد إجـراءات خاصــة معقــدة لتعديله(‪ ،)1‬ماعدا األحكام‬
‫والمواد الجامدة جمودا مطلقا‪ "،‬التي ال تقبل أي تعديل(‪.)2‬‬
‫‪ -‬وبفضل الفقه أن تكون الدساتير" جامدة ألنها تمثل النظام" األعلى في الدولة فال يجوز إلغاؤها أو تعديلها‬
‫إال بشـروط معينة حتى يستقراألمن" واألمور السياسية في الدولة‪.‬‬

‫ب‪-‬التشريع العادي‬

‫"القانون‪La loi"-‬‬
‫‪ -46‬أوال‪ :‬تعريف‪ :‬يقصد بالتشريع" العادي مجموعة القاعد القانونية" العامة والمجردة التي تسنها السلطة‬
‫التشريعية ( البرلمان" ) في الدولة في حدود اختصاصها المبين في الدستور ( نخاصة المجاالت الواردة بالمادة‪:‬‬
‫‪ 122‬و ‪ 123‬منه ) ويطلق عليها" اسم "القانون"")‪ ،La loi‬تمييزاً" له عن غيره بالتشريعات‪.‬‬
‫وينص الدستور الجزائري في المادة ‪ 112‬منه على أن‪:‬‬
‫" يمارس السلطة التشـريعية برلمان يتكون من غرفتين‪ ،‬هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة "‪.‬‬
‫وله السيادة في إعادة القانون و التصويت عليه "‪.‬‬
‫‪ -47‬ثانيا‪ ":‬مراحل التشـريع‪ :‬يمر وضع القانون وسنه بالمراحل األساسية التالية‪ :‬المبادرة بالقانون‪"،‬‬
‫مصادقة البرلمان‪ "،‬وعدم اعتراض رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫‪ -48‬أ‪ -‬المبادرة بالقانون‪ :‬ينص الدستور على حق الحكومة‪ ،‬وكذا أعضاء المجلس الوطني‪ ،‬بالمبادرة‬
‫والقوانين‪ ،‬بشروط معينة‪.‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 136‬منه على مايلي‪:‬‬
‫" لكل من الوزير األول والنواب" و أعضاء مجلس األمة حق المبادرة بالقوانين‪":‬‬
‫تكون اقتراحات" القوانين قابلة للمناقشة‪ "،‬إذا قدمها عشرون(‪ )20‬نائبا‪.‬‬
‫تعرض مشاريع القوانين على مجلس الوزراء‪ ،‬بعد أخذ رأي مجلس الدولة‪ ،‬ثم يودعها الوزير" األول‬
‫حسب الحالة مكتب المجلس الوطني ‪ ،‬أو مجلس األمة"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن المبادرة بالتشريع تتم بطريقتين‪":‬‬
‫‪ :1 -49‬مبادرة الحكومة‪ :‬مشروع القانون‪ :Projet de loi"-‬يقدم مشروع القانون من رئيس الحكومة إلى‬
‫المجلس الشعبـي الوطني ويحــال للجنـة التشـريعيـة(" البرلمانية" ) التي تختص بموضوع القانون المقترح‪ "،‬فإذا‬
‫كان خاصاً" بالتعليم" ‪ -‬مثال‪ -‬يحاب للجنة التعليم التي تفحص القانون" وتعد تقريراً" عنه‪ ،‬يناقش بالمجلس" الشعبي‬
‫الوطني ويصادق عليه‪ "،‬طبقا لقانونه الداخلي‪ ،‬قبل أن يحال مشـروع القانون" المصادق عليه إلى مجلس األمة‬
‫‪.‬‬
‫ليناقشه" و يصادقعليه بدوره‪ ،‬طبقا لقانونه الداخلي أيضا‬
‫وقبل عرضه على المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ووفقا للفقرة األخيرة من المادة ‪ 119‬من الدستور‪ ،‬فإنه‬
‫‪.‬‬
‫يجب استشارة مجلس الدولة في كل مشـروع قانون طبقا إلجراءات" وكيفات معينة‬
‫‪ -‬ومع ذلكن فإن الرأي الذي يبديه مجلس الدولة حول مشـروع أي قانون يبقى غير ملزم للحكومة‪ ،‬إذ‬
‫‪.‬‬
‫يمكن لها أن تتقيد به كليا" أو جزئيا" أو تطرحه تماما وال تأخذ بـه‬

‫‪1‬‬
‫(‪ -)2‬تنص المادة ‪ 177‬منه على مايلي‪:‬‬
‫" يمكن ثالثة أرباع (¾) أعضاء غرفتي البرلمان المجتمعين معا‪ ،‬أن يبادروا باقتراح تعديل الدستور على رئيس الجمهورية الذي يمكنه‬
‫عرضه على االستفتاء الشعبي‪ .‬ويصدره في حالة الموافقة عليه "‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫(‪ -)3‬تنص المادة ‪ 178‬من الدستور على مايلي‪:‬‬
‫" ال يمكن ألي تعديل دستوري أن يمس‪:‬‬
‫الطابع الجمهوري للدولة‪.‬‬
‫النظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية‪.‬‬
‫اإلسالم باعتباره دين الدولة‪.‬‬
‫العربية باعتبارها اللغة الوطنية الرسمية‪.‬‬
‫الحريات األساسية وحقوق اإلنسان المواطن‪.‬سالمة التراب الوطني ووحدته "‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫القانون‪Proposition de loi":‬‬ ‫‪ -50-2‬مبادرة النواب‪ :‬اقتراح‬
‫‪-‬يمكن لعشرين" نائبا (‪ )20‬من أعضاء المجلس الشعبي الوطني ن يبادروا باقتراح قانون‪ ،‬ليتم عرضه‬
‫ومناقشته والمصادقة عليه من طرف المجلس" الشعبي الوطني‪ "،‬وفقا لنظامه الدتخلي‪ "،‬كما هو الحال بالنسبة"‬
‫لمشروع القانون‪.‬‬
‫‪-51‬ب‪ :‬مصادقة البرلمان‪ :‬يجب أن يحصل مشروع القانون أو اقتراح القانون" على مصادقة البرلمان‪":‬‬
‫‪-1‬في مرحلة أولى‪ :‬الحصول على األغلبية" المطلقة‪ ،‬أي‪ )1+ %50 ( :‬من عدد أضاء المجلس الشعبي الوطني‬
‫( الغرفة األولى )‪ ،‬وإال اعتبر المشروع مرفوضا‪.‬‬
‫‪-2‬في مرحلة ثانية‪ :‬الحصول على أغلبية" ثالثة أرباع ( ¾ )عدد أعضاء" مجالـس األمـة ( الغرفة الثانية )‪.‬‬
‫وطبقا للمادة ‪ 120‬من الدستور‪ ،‬فإن مجلس األمة ال يناقش إال النص" الذي صوت عليه المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪.‬‬
‫رئيس الحكومة‪ ،‬لجنة‬ ‫‪-3‬وفي مرحلة ثالثة‪ :‬في حالة حدوث خالف بين الغرفتين‪ ،‬تجتمع‪ ،‬بطلب من‬
‫متساوية األعضاء‪Commission paritaire‬تتكون من أعضاء كلتي الغرفتين" من أجل اقتراح نص يتعلق باألحكام‬
‫محل الخالف تعرض الحكومة هذا النص" على الغرفتين" للمصادقة عليه‪ ،‬وال يمكن إدخال أي تعديل عليه إال‬
‫بموافقة الحكومة‪.‬‬
‫وفي حالة استمرار الخالف يسحب النص‪.‬‬
‫‪-52‬جـ‪ -‬عدم اعتراض رئيس الجمهورية ( اإلصدار )‪:‬‬
‫بعد موافقة البرلمان على مشروع القانون‪ ،‬يرسل إلى رئيس الجمهورية حيث يقوم‪ ،‬وفقا للماد ‪ 126‬من‬
‫الدستور‪ ،‬بإصداره خالل ثالثين يوماً‪ ،‬ويصبح‪-‬بعدها‪ -‬قانونا ً ينشر في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يمكن رئيس الجمهورية أن ال يقوم بعملية اإلصدار وإنما يلجأ" إلى طلب قراءة ثانية من‬
‫البرلمان‪ ،‬أو إخطار المجلس الدستوري‪:‬‬
‫‪-1‬القراءة الثانية" ‪ :La deuxième lecture-‬يمكن رئيس الجمهورية أن يطلب من البرلمان" إجراء مداولة‬
‫ثانية" حول مشروع القانون" خالل ثالثين يوما من تاريخ إقرار القانون" والمصادقة عليه‪.‬‬
‫ويلزم في هذه الحلة إلقرار القانون" موافقة ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني ( المادة‪ 127‬من‬
‫‪.‬‬
‫الدستور )‬
‫‪-2‬إخطار المجلس الدستوري‪ :La saisine du conseilconstitutionnel-‬يمكن رئيس الجمهورية ( إلى جانب‬
‫كل من رئيس مجلس األمة‪ ،‬ورئيس المجلس" الشعبي الوطني ) أن يخطر المجلس الدستوري ويحركه لمراقبة‬
‫مدى دستور القانـــون‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 165‬من الدستور‪.‬‬
‫وهكذا إذا ارتأى المجلس الدستوري أن نصا تشريعيا" غير دستوري‪ ،‬يفقد هذا النص أثره‪ ،‬ابتداء من يوم‬
‫قرار المجلس‪ "،‬كما ولرد بالمادة‪ 169‬من الدستور‪.‬‬
‫ثالثا‪ "-‬التشريع" باألوامر‪Les ordonnances :‬‬
‫التشريع" مخول أصال للبرلمان يمارسه طبقا ألحكام الدستور والقانون‪ "،‬ولكن توجد عدة حاالت" تسمح‬
‫لرئيس" الجمهورية أن يشرع فيها بموجب‬
‫إصدار أوامر‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 124‬من الدستور على أنه‪:‬‬
‫"لرئيس" الجمهورية أن يشـرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين دورتي البرلمان‪.‬‬
‫ويعرض رئيس الجمهورية النصوص" التي اتخذها على كل غرفة من البرلمان" في أول دورة له لتوافق‬
‫عليها‪.‬‬
‫تعد الغيه األوامر التي يوافق عليها البرلمان‪.‬‬
‫يمكن رئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في الحالة" االستثنائية" المذكورة في المادة ‪ 93‬من الدستور‪.‬‬
‫تتخذ األوامر في مجلس الوزراء"‪.‬‬
‫‪-‬وعليه‪ ،‬فإن هذه األوامر إنما تتعلق بمجال القانون‪ "،‬حيث تنصب على المجاالت" المخصصة" أصال للسلطة‬
‫التشريعية ( المادة‪ 122.123‬من الدستور )‪ ،‬إال أن الدستور خول لرئيس الجمهورية أن يشرع‪ -‬عوضا عنها –‬
‫في حاالت" معينة هي‪:‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ -1‬حالة شغور المجلس الشعبي الوطني‪ "،‬نتيجة حله‪ -‬مثال ‪ -‬من طرف رئيس الجمهورية بموجب المادة‬
‫‪ 129‬من الدستور‪.‬‬
‫‪-2‬أو أثناء" المدة التي تفصل بين دوري البرلمان‪ ،‬حيث يعد البرلمان" دورتين في السنة‪ "،‬مدة الواحدة‬
‫أربعة أش هر على األقل‪ ،‬كما تشير الفقرة األولى من المادة ‪ 118‬من الدستور‪.‬‬
‫‪-3‬أو الحالة االستثنائية ‪ : Etat d’exception‬إذا ماتزايد" الخطر على أمن الدولة و أصبح النظام العام‬
‫مهددا‪ ،‬يلجأ" رئيس الجمهورية إلى إعالن الحالة االستثنائية‪ ،‬طبقا للقواعد و الشـروط الواردة بالمادة ‪ 93‬من‬
‫الدستور‪ ،‬ويمكنه‪ ،‬حينئذ التشريع باألوامر‪.‬‬
‫أما حالة الحصار ‪ Etat de siège‬وحالة الطوارئ‪Etat d’urgence‬فهي‪ -‬في حد ذاتها‪-‬ال تخول لرئيس‬
‫الجمهورية التشريع" باألوامر‪.‬‬
‫‪-4‬أو في حالة عدم مصادقة البرلمان" علة قانون المالية بعد مرور ‪ 75‬يوما من إيداعه لديه‪ ،‬وفقا للمادة‬
‫‪ 120‬من الدستور‪.‬‬
‫ج‪ -‬التشريع الفرعي‬
‫" التنظيم ‪"La règlementation -‬‬
‫‪-53‬أوال‪ -‬تعريف التشـريع الفرعي‪ ":‬هو هو تشـريع ثانوي تصدره السلطة التنفيذية" بمقتضى ما يمنحه لها‬
‫الدستور من سلطة االختصاص بإصداره‪.‬‬
‫وتسمى التشـريعات الصادرة عن السلطة التنفيذية" باللوائح أو التنظيمات ‪.régalements‬‬
‫ولما كانت الالئحة مكملة وشارحة إلجراءات" تنفيذ القانون‪ ،‬فإن األمر يقتضي عدم مخالفتها" للقانون‪.‬‬
‫‪ -54‬ثانيا‪ -‬أنواع اللوائح‪ :‬تأخذ الالئحة في الواقع األنواع األساسية" التالية‪ ":‬الالئحة" التنظيمية‪ ،‬الالئحة‬
‫التنفيذية‪ ،‬والئحة الضبط اإلداري‪.‬‬
‫أ‪ -‬اللوائح التنظيمية‪ ":‬وهي ما تسنه السلطة" التنفيذية من تشريعات" لتنظيم" المصالح والمرافق العامة‪.‬‬
‫وهذا الحق منح لرئيس" الجمهورية بمقتضـى الدستور الذي ينص في مادته ‪ (125‬فقرة أولى ) على أن‪:‬‬
‫" يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية" في المسائل" غير المتخصصة للقانون" "‪.‬‬
‫‪-‬ومن ثم‪ ،‬فإن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية تبقى مستقلة عن السلطة التشريعية‪ "،‬كما أنها واسعة‪،‬‬
‫إذ ال تحدها سوى المجاالت المخصصة للقانون والمسندة للبرلمان" خاصة بموجب المادة ‪122‬و ‪ 123‬من الدستور‪.‬‬
‫ومثال ذلك أن يصدر رئيس الجمهورية المراسيم الرئاسي"ة‪Décretsprésidentiels‬إلنشاء وتنظيم المرافق‬
‫والمصالح العامة‪ ،‬أو إعالن حالة الطوارئ‪.‬‬
‫ب‪-‬اللوائح التنفيذية‪ ":‬وهي التشريعات" التي تضعها السلطـــة التنفيذيـــة ( الحكومة ) بغرض تنفيذ‬
‫القوانين" الصادرة من السلطة التشريعية‪.‬‬
‫ويختص رئيس الحكومة بإصدار هذه اللوائح بموجب ما يوقعه يمن مراسيم تنفيذية ‪، Décretsexécutifs‬‬
‫تطبيقا من الفقرة الثانية" من المادة ‪ 125‬من الدستور التي تنص على مايلي‪":‬‬
‫"يندرج تطبيق القانون في المجال التنظيمي" الذي يعود لرئيس الحكومة"‪.‬‬
‫فالقوانين" تضع الواعد العامة تاركة لالئحة التفصيالت وبيان كيفيات تطبيق وتحديد المسائل العامة‬
‫الواردة في القانون‪.‬‬
‫وبهذا الصدد‪ ،‬فغن السلطة التنفيذية تكون أقد من السلطة التشـريعية ألنها تتصل بالجمهور وبالتالي"‬
‫تعرف حاجته ولهذا من األفضل ‪ ،‬يترك" للسلطة" التنفيذية وضعالقواعد التفصيلية لتطبيق القانون‪ ،‬فضال عن عدم‬
‫شغل السلطة" التشـريعية" بالفروع" حتى تتفرغ" لوضع القواعد الكلية" و الرئيسية للتشـريع وهي وظيفتها‬
‫األساسية‪.‬‬
‫جـ‪ -‬لوائح الضبط اإلداري‪ :‬وهي القواعد التي تضعها السلطة" التنفيذية" للحفاظ على النظام العام بعناصره‬
‫الثالثة‪ :‬األمن العام ‪ -‬الصحة العامة ‪ -‬السكنية العامة‪ ،‬ويطاق عليها" أيضا" لوائح البوليس اإلداري‪ ،‬ومثال ذلك‪:‬‬
‫لوائح المرور‪ ،‬وللوائح المعلقة بالمحال" المقلقة للراحة أو الضارة" بالصحة" العامة‪ ،‬ولوائح تنظيم‬
‫المظاهرات ‪ . . .‬إخ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وحق إصدار هذه اللوائح ممنوح لإلدارة المركزية على المستوى الوطني‪ ،‬كما تتمتع به سلطات" وهيئات"‬
‫‪.‬‬
‫اإلدارة الالمركزية ( القرارات" التنظيمية )‪ ،‬بموجب قوانيناإلدارة المحليــة ( البلدية والوالية )‬

‫ثالثا‪ -‬نفاذ التشريع‬


‫المطلب األول‬
‫النشــر‬
‫‪-55‬إن نشـر القانون بالجريدة الرسمية‪ (Le journal officiel‬ج‪.‬ر‪ )j.o-‬هو الذي يجعل القانون نافذا‪ ،‬ساري‬
‫المفعول واجب العمل به‪.‬‬
‫وتحديد تاريخ النشر يرجع إليه في تحديد موعد نفاذ القانون‪ "،‬وغالبا ما يكون من تاريخ اليوم التالي" على‬
‫النشر" في الجريدة الر سمية‪.‬‬
‫وبهذا الصدد تنص المادة ‪ 4‬من القانون" المدني علىمايلي‪:‬‬
‫" تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية" الديمقراطية" الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة‬
‫الرسمية‪.‬‬
‫تكون نافذة المفعول بالجزائر" العاصمة" بعد مضـي يوم كامل من تاريخ نشـرها‪ ،‬وفي النواحي األخرى في‬
‫نطاق كل دائرة بعد مضـي يوم كامل من تاريــخ وصــواللجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد على ذلك تاريخ‬
‫ختم الدائرة الموضوع على الجريدة "‪.‬‬
‫أما بالنسبى للتنظيم ( أعمال السلطة التنفيذية )‪،‬فقد نصت المادة ‪ 8‬من المرسوم رقم ‪ 131-88‬المؤرخ في‬
‫‪ 1988-07-04‬المتعلق بتنظيم العالقات بين اإلدارة و المواطن على مايلي‪:‬‬
‫" يتعين" على اإلدارة أن تطلع المواطنين" على التنظيمات والتدابير التي تسطرها وينبغي‪ ،‬في هذا اإلطار‪،‬‬
‫أن تستعمل وتطور أي سند مناسب" للنشـر" واإلعالم "‪.‬‬
‫وهو ما تأكده وتفصله المادة ‪ 9‬منه حينما نصت على مايلي‪:‬‬
‫" يتعين" على اإلدارة أن تنشـر بانتظام التعليمات والمناشر والمذكرات واآلراء التي تهم عالقاتها"‬
‫بالمواطن" إال إذا وردت أحكام مخالفة في التنظيم الجاري به العمل‪.‬‬
‫إذالم يتقرر هذا النشـر صراحة في الجريدة الرسمية" للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬فإنه‬
‫ينجز في النشـرة الرسمية لإلدارة المعنية التي يتم إعدادها ونشرها وفقا ألحكام التنظيم" الجاري به العمل "‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ويفترض علم األفراد بالتشـريع" بمجرد نشـره وال يعذر أحد بجهل القانون" ويعتبر تشريعاً" ملزما ً‬
‫وقد يؤدي هذا المبدأ غلى اإلضرار بمصالح بعض األفراد الذين لم يعلموا بالقانون فعالً ولكن المصلحة‬
‫العامة تقتضـي تطبيق مبدأ عدم جوازا العتذار بجهل القانون حتى التضيّع المحاكم وقتها في البحث عن‬
‫ادعاءات الجهل بالقانون" مما يؤدي إلى اإلخالل بالثقة الواجبة نحو القوانين‪.‬‬

‫‪4‬المطلب الثاني‬
‫االستثناء من عدم االعتذار بجهل القانون‬
‫‪ -56‬ال يوجد نص يقرر أي استثناء من مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون إال‪ ،‬الرأي المستقر" في‬
‫الفقه والقضاء عدم تطبيق هذا المبدأ في الحاالت التي يثبت" فيها‬
‫استحالة وصول الجريدة الرسمية إلى منطقة معينة بسبب" قوة قاهرة كحرب أو فيضان أو زلزال تعذر‬
‫فيها وصول الجريدة الرسمية المنشور فيها القانون حتى يستطيع سكان المنطقة االعتذار بجهل القانون‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المحاضرة السابعة‬

‫مبادئ الشريعة اإلسالمية‬


‫‪ -57‬تقرر المادة األولى من القانون" المدني الجزائري بأن" مبادئ الشـريعة اإلسالمية هي المصدر‬
‫الرسمي الثاني" لقواعد القانون‪ ،‬فإذا لم يجد القاضي" نصا" تشريعيا" ( المصدر الرسمي األصـلي ) يحكم بمقتدى‬
‫مبادئ الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫يقصد بالشريعة اإلسالمية مجموعة األحكام والقواعد التي تجد مصدرها في‪:‬‬
‫‪ -2‬السنة النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫‪ -1‬القرآن الكريم‬
‫وتعتبر مبادئ الشـريعة اإلسالمي مصدرا رسميا" لبعض القواعد القانونية‪ "،‬مثل قانون األحوال الشخصية"‬
‫( قانون األسرة لرقم ‪ :) 11-84‬كالخطبة" والزواج والطالق وثبوت النسب‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فإنه في حالة عدم وجود نص تشريعي يتعين اللجوء إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية والحقيقة أن‬
‫مثل هذا الوضع ال ينسجم مع مضمون المادة الثانية" من الدستور التي تنص على أن‪ " :‬اإلسالم دين الدولة "‪،‬‬
‫إال في حالتين‪":‬‬
‫‪ -‬األولى‪ :‬أن تستمد جميع التشـريعات من الشـريعة اإلسالمية‪ ،‬بالعودة إلى كتاب هللا وسنة رسوله‪ ،‬مع‬
‫االستفادة من الفقه اإلسالمي الغزير الذي طالما" عرفته ونهلت منه األمة عبر العصور‪.‬‬
‫‪-‬الثانية‪ :‬جعل الشـريعة اإلسالمية المصدر الرسمي األصلي‪ ،‬على أن يصبح التشـريع‪ -‬بعدها‪ -‬مصدرا‬
‫رسميا احتياطيا‪ "،‬شريطة انسجامه مع أحكام الشريعة‪ "،‬بتفعيل دور هيئات" الرقابة ( ومنها المجلس الدستوري )‪.‬‬

‫العرف‬
‫‪La coutume‬‬
‫‪ -58‬أوال‪ :‬التعريف‪ ":‬العرف هو اعتياد الناس على إتباع" قاعدة معينة من قواعد السلوك مع اعتقادهم‬
‫بإلزاميتها‪ ،‬بوجوب الخضوع لها‪.‬‬
‫فالعرف هو اتخاذ مسلك معين في مسألة معينة ثم يتكرر هذا السلوك حتى يعتقد الناس" بوجوب هذا‬
‫المسلك" وبذلك يتحول إلى قاعدة عامة تنظم عالقات" الناس كلما تحققت الظروف التي نشأت هذه القاعدة‬
‫بمناسبتها‪.‬‬
‫ً‬
‫والعرف تاريخيا أسبق في الظهور كمصدر للقانون" من سائر المصادر" الرسمية األخرى ألن وجوده ال‬
‫يتطلب" سلطة معينة وغنما ينشأ تلقائيا داخل الجماعة لشعورها بضرورة وجود قواعد تنظم عالقات الناس في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫وإذن‪ ،‬فإنه يمكن القول على أن العرف هو الصورة األولى للقانون في المجتمعات" األولى وهي صورة‬
‫ناشئة عن العادات والتقاليد" في المجتمع‪ ،‬بغض النظر عن منبتها ومرجعها القائم التي فطر هللا الناس عليها‪.‬‬
‫‪ -59‬ثانيا‪ :‬أركان العرف‪ :‬للعرف ركنان" أساسين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫أ‪ -‬الركن المادي‪ :Element materiel :‬ويتمثل في االعتياد على تكرار سلوك معين فترة طويلة من الزمن‪.‬‬
‫لكي يوجد عرف يجب أن يكون الناس" قد اعتادوا إتباع" قاعدة معينة زمنية ويشترط في التكرار‪":‬‬
‫‪ -1‬أن يكون عاما‪ ":‬أي مألوفا بين عدد كبير من األفراد‪ ،‬بحيث ال ينشأ العرف من إتباع" فرد أو بعض‬
‫األفراد لسلوك معين‪ ،‬وإنما يجب أن تكون غالبية" أفرادا لمجتمع يتبعون هذا المسلك‪.‬‬
‫والعمومية ال تعني الشمول فالعرف المهني ينشأ من اعتياد طائفة معينة لمسك معين‪ ،‬هم أفراد المهنة‬
‫( خبازون‪ "،‬أطباء‪ "،‬فالحون )‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون قديما‪ :‬ويقصد بالقدم إتباع" األفراد للعرف فترة زمنية كافية للقول بنشوء القاعدة العرفية‬
‫وهي فترة نسبية تختلف بحسب األعراف‪ ،‬فالعرف التجاري" أسرع من العرف الناشئ" في بيئة مدنية‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ -3‬أن يكون ثابتا‪ :‬يقصد ثبات العرف إلزام الناس" للعرف بصورة منتظمة ومستمرة ودائمة‪ ،‬وبدون‬
‫انقطاع‪.‬‬
‫ب‪ -‬الركن المعنوي‪ :Element moral:‬ويتمثل في الشعور واالعتقاد بإلزام القاعدة العرفية وهي نتيجة‬
‫مترتبة على الركن األول‪.‬‬
‫فهو شعور تدريجي يبدأ مع إتباع" تكرار سلوك معين وينتهي بالشعور بإلزام القاعدة العرفية وأن‬
‫المخالفة تستوجب الجزاء والعقاب‪.‬‬
‫إذا توفر الركنان" السابقان وجدت القاعدة العرفية وتصبح قاعدة قانونية عامة واجبة اإلتباع‪.‬‬
‫‪ -60‬ثالثا‪ ":‬العرف التشـريع‪ ":‬التشـريع" هو المصدر الرسمي األصلي للقانون" أما الشـريعة اإلسالمية فهي‬
‫المصدر الثاني وإن كانت مصدراً رسميا ً إال أنها مصدر احتياطي" تأتي بعد التشـريع أما العرف فهو الم صدر‬
‫الثالث" الرسمي واالحتياطي بحيث ال يجوز اإللجاء إليه إال عند عدم وجود نص تشريعي أو مبادئ الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ "،‬ويترتب" على ذالك عدة نتائج‪:‬‬
‫‪ -1‬النص التشـريعي ال يلغى إال بنص تشـريعي‪ ،‬إذا لم يتبع الناس" النص ال يعني ذلك سقوطه أما العرف‬
‫إذا ترك يلغى بعدم االستعمال‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يجوز للقاعدة العرفية مخالفة نص تشـريعي‪ :‬إذا وجد عرف يقضـي بعدم مطالبة النساء بحقوقهم‬
‫في اإلرث بطل مخالفته قاعد الشريعة اإلسالمية ألنها قاعد قانونية متعلقة بالنظام العام وال يجوز مخالفتها" في‬
‫جميع الحاالت‪.‬‬
‫‪ -3‬يجوز للقاعدة العرفية أن تخالف قاعدة تشـريعية مكملة‪ :‬ألن تطبيق القاعدة المكملة يرتبط بعدم وجود‬
‫عرف مخالف ومثال ذلك أن القانون المدني في المادة ‪ 387‬يقرر أن يدفع ثمن البيع" من مكان تسليم المبيع" مالم‬
‫يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك‪.‬‬
‫وال يعني ذلك أن العرف يلغي القاعدة القانونية" وإنما يستبعدها فقط دون أن يلغيها‪.‬‬
‫‪ -61‬رابعا‪ :‬أهمية العرف‪ :‬للعرف دور هام سواء في نطاق القانون" العام أو الخاص‪.‬‬
‫أ‪ -‬القانون" العام‪ :‬لعل أهم دور له هو في مجال إلنشاء القواعد القانونية في نطاق القانون الدولي العام‬
‫الذي يوصف بأنه قانون عرفي ألن غالبية قواعده استندت إلى العرف‪ ،‬ونفس األمر في القانون الدستوري‬
‫وخاصة الدول التي لم تصدر دساتير" مكتوبة كبريطانيا فمعظم قواعدها الدستورية عرفية‪.‬‬
‫ب‪ -‬القانون الخاص‪ :‬لقد تضاءل دور القواعد العرفية‪ ،‬ومعظمها ينتمي للقانون" التجاري أو البحري‪.‬‬
‫ومن قواعد القانون التجاري العرفية مبدأ التضامن بين الشـركاء المدنيين فهذه القاعدة تجيز للدائن‬
‫مطالبة" أي مدين بكل الدين وليس حصة منه‪ ،‬وهي قاعدة عرفية لم ينص عليها المشرع وإنما نشأت من تكرار‬
‫اتباعها بين التجار‪.‬‬
‫وهذه القاعدة التجارية ال توجد في مجال المعامالت" المدنية وإنما بناء على اتفاق بنص القانون" كما جاء‬
‫في نص المادة ‪ 217‬من القانون المدني الجزائري‪ " :‬التضامن" بين الدائنين أو المدنيين" ال يفترض وإنما يكون‬
‫بناء على اتفاق أو نص في القانون" "‪.‬‬
‫وفي نطاق القانون المد ني حدد المشـرع الضار غير المألوفة في العرف كما جاء في نص المادة ‪ 191‬من‬
‫القانون" المدني‪ ،‬إذ‪:‬‬
‫" يجب على المالك أال يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضـر بملك" الجار" وليس للجار" أن يرجع إلى‬
‫جاره في مضار الجوار المألوفة‪ ،‬غير أنه ال يجوز له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف‬
‫وعلى القاضي أن يراعي في ذلك العرف وطبيعة العقارات" وموقع كل منها بالنسبة إلى اآلخرين والغرض الذي‬
‫خصصت له "‪ ،‬كما سنرى الحقا في موضوع التعسف في استعمـال الحق ( الحقا‪ ،‬فقرة ‪ 220‬وما بعها )‪.‬‬
‫أما في نطاق قانون العقوبات فدور العرف ضئيل حيث أن قواعد قانون العقوبات هي التي تحدد األفعال‬
‫التي تعتبر جرائم وتبين عقوباتها‪ "،‬إذ أنه‪ " :‬ال جريمة وال عقوبــة إال بالنص" "‪ ،‬كما تفيد المادة األولى منه‪.‬‬
‫‪ -62‬خامسا‪ :‬العرف والعادة‪ :‬للعرف‪ ،‬كما رأينا‪ "،‬ركنان‪ ":‬مادي يتمثل في التكرار ومعنوي أي شعور نفسي‬
‫باإللزام‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فإذا تخلف الركن المعنوي ال نكون في مواجهة عرف وإنما عادة غير ملزمة للناس ألنها تندرج ضمن‬
‫قواعد األخالق والمجامالت" كالمواساة والتهاني وغيرها من العادات االجتماعية‪ ،‬وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن‬
‫مايميز" العرف عن العادة هو اإللزام في العرف‪ ،‬أما العادة فال تكون ملزمة إال إذا تم االتفاق عليها‪ "،‬ومع ذلك‬
‫تضل غير ملزمة ولذلك سميت بالعادة االتفاقية‪.‬‬
‫ويترتب على التفرقة بين العرف والعادة عدة نتائج أهمها‪:‬‬
‫‪-1‬القاعدة العرفية قاعدة قانونية يلتزم القاضي بتطبيقها أما العادة ال تطبق إال بطلب من الخصوم‪.‬‬
‫‪-2‬ال يجوز االعتذار بجهل القاعدة العرفية فهي في حكم القاعدة القانونية‪ "،‬أما العادة فجهل أحد أطراف‬
‫المعاملة" يمنع تطبيقها‪.‬‬
‫‪-3‬القاعدة العرفية ليست" في حاجة إلى إثباتها‪ "،‬أما العادة فيجب إثبات" التعامل بها حتى تطبق‪.‬‬
‫‪-4‬القاعدة العرفية كالقاعدة القانونية" تخضع لرقابة أحكام القضاء" أما العادة فتتعلق بقواعد التفسير من‬
‫حيث إثبات وجودها‪ ،‬األمر الذي يخرجها من رقابة المحكمة العليا‪.‬‬
‫‪ -63‬سادسا‪ :‬إثبات" العرف‪ :‬العرف اعتياد الناس على إتباع" مسلك معين وهو أمر يجوز إثباته" بجميع‬
‫طرق اإلثبات" العادية‪.‬‬
‫وإذا كان العرف مهنيا" يجوز إثباته عن طريق النظم الخاصة" بهذه المهن كنقابة المحامين والغرف‬
‫التجارية ونقابات" العمال‪ . . .‬إلخ‪.‬‬
‫ولما كان من الواجب إلمام القضاة بالقانون" وجب عليهم ‪ -‬أيضا‪ -‬أن يكونوا على علم بالقواعد العرفية‪.‬‬
‫‪ -64‬سابعا‪ :‬تقدير العرف‪ :‬للعرف مزايا ومحاسن كما له عيوب ومساوئ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مزايا العرف‪:‬‬
‫‪-1‬يراعي العرف العادات" والتقاليد االجتماعية ولهذا يكون أقرب لحاجات المجتمع‪.‬‬
‫‪-2‬القواعد العرفية مرنة تتطور بحسب تطور المجتمع فالناس يشعرون بإلزامية" القاعدة العرفية ألنها‬
‫تلبي حاجاتهم‪ ،‬فإذا شعروا بقصورها تحولوا عنها واتبعوا قاعدة عرفية أخرى‪.‬‬
‫ب‪-‬عيوب العرف‪:‬‬
‫‪-1‬العرف أداة بطيئة إلنشاء القاعدة القانونية‪ "،‬فهو ال يالئم سرعة تطور المجتمعات الحديثة لحاجته إلى‬
‫التكرار" خالل فترة زمنية طويلة‪.‬‬
‫‪-2‬القاعدة العرفية تصبح متخلفة إذا حدث تطور في المجتمع‪.‬‬
‫‪-3‬معرفة الحكم العرفي اليتم بسهولة حيث يختلف بحسب الزمان والمكان أو التخصص فهناك قواعد‬
‫عرفية في القانون" التجاري تختلف عن القانون" الدولي‪.‬‬

‫المحاضرة الثامنة‬

‫القانون الطبيعي وقواعد العدالة‬


‫‪Droit naturel et règles de l’équité‬‬

‫‪-65‬أوال‪ :‬المفهوم‪ :‬في حالة عدم وجود النص ( التشـريع" ) أو مبادئ الشريعة اإلسالمية أو العرف‪ ،‬بماذا‬
‫وكيف يحكم القاضي؟"‬

‫‪22‬‬
‫ال يتطيع القاضي" رفض الدعوى واالمتناع" عن الفصل في النزاع" بحجة غياب" النص وأال ارتكب جريمة‬
‫إنكار العدالة ‪ ،Déni de justice‬وهو ما عبرت عنه المادة ‪ 215‬من قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬حينما نصت على‬
‫مايلي‪":‬‬
‫" يعد امتناعا" عن الحكم رفض القضاة الفصل في العرائض المقدمة إليهم أو إهمالهم الفصل في قضايا"‬
‫صالحة" للحكم فيها "‪.‬‬
‫كما جرم قانون العقوبات" هذا الفعل بموجب المادة ‪ 136‬التي تنص على مايلي‪:‬‬
‫" يجوز محاكمة كل قاض أو موظف إداري يمتنع بأي حجة كانت عن الفصل فيها يجب عليه أن يقضـي‬
‫فيه بين األطراف بعد أن يكون قد طلب إليه ذلك ويصر على امتناعه بعد التنبه" عليه أو أمره بذلك من رؤسائه‪،‬‬
‫ويعاقب بغرامة من ‪ 750‬إلى ‪ 3.000‬دينار وبالحرمان" من ممارسة الوظائف العمومية من خمس سنوات إلى‬
‫عشرين" سنة "‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فإنه يجب على القاضي" ‪ -‬بصورة عامة ‪ -‬أن يحكم قي النزاع المعروض وفقا لقواعد العدالة‬
‫والقانون" الطبيعي في حالة عدم وجود المصادر الرسمية األخرى المنصوص عليها" بالمادة األولى من القانون‬
‫المدني‪.‬‬
‫وعلى القاضي" أن يحكم ضميره ووجدانه وفكر الجماعة" التي ينتمي إليها‪ "،‬ويتعين عليه طرح أفكاره‬
‫ومشاعره الخاصة" إذا تعارضت مع مشاكل الجماعة ألنه يسعى بحكمه تحقيق العدالة والمساواة‪.‬‬
‫‪-‬والحقيقة أن نص المادة األولى من القانون" المدني على القانون الطبيعي وقواعد العدالة إنما يفسح‬
‫المجال أمام القاضي لالجتهاد(‪ ،)1‬بما يحمله مسؤولية كبرى في إقامة مجتمع العدل ودولة الحق والقانون‪.‬‬
‫وإذا كان العدل مسألة نسبية فمن الصعب وضع ضوابط محددة له‪ ،‬فإنه توجد تطبيقات" عملية للعدل أو‬
‫القانون" الطبيعي‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ جواز توقيع عقوبتين" على نفس الشخص وعن ذات الفعل‪،‬‬
‫‪ -‬وحق الدفاع عن النفس‪،‬‬
‫‪ -‬وحق اإلطالع" على الملف لما هو منسوب للموظف لدى تأديبه‪.‬‬
‫وفكرة القانون" الطبيعي" أو العدل ليست فكرة مثالية" بل عملية تتحدد على أساس من الواقع وما يجب أن‬
‫تكون عليه عالقات الناس‪.‬‬
‫‪ -66‬التطور‪ :‬فكرة القانون" الطبيعي وقواعد العدالة متصلة بالتاريخ‪ ":‬فقد عرفت عند اليونان" وهي ترجع‬
‫للشعراء" حيث تحدثوا عن المدينة الفاضلة" التي يحكمها قانون واحدة صالح للتطبيق في كل العصور‪ ،‬وعرفت‬
‫أيضا" عند الرومان باعتباره قانون يحكم جميع الشعوب وبذلك عرف كقانون ال مجرد فلسفة تطورت الفكرة‬
‫لتأخذ صيغة دينية وباعتباره قانونا ً أهليا أبديا ال يتغير بتغير الزمان" أو المكان‪.‬‬
‫ومع ظهور الدولة الحديثة وسيادة التشريـع هو حمت الفكــرة من الفقهـاء وأشهرهـم " ميكافيلي "‪.‬‬
‫ثم ما لبثت" الفكرة ‪ ،‬تحررت" من الشكل الديني ( الالهوتي ) في القرن" ‪ 17‬على يد فقيه هولندي هو‬
‫جروسيوس‪ Grosius‬الذي أبرز أن القانون" الطبيعي" يتكون من قواعد عقلية تستمد من حقائق األشياء‪.‬‬
‫وانتصـرت فكرة القانون" الطبيعي" على يد الثورة الفرنسية" وخاصة في إعالن" حقوق اإلنسان" والمواطن‬
‫الصادر" عام ‪1789‬م حيث قرر تمتع اإلنسان بحقوق خالدة ومقدسة أهمها الحق في الحرية والمساواة‪ ،‬وفي‬
‫القرن" التاسع" عشـر هاجم أصحاب المدرسة التاريخية فكرة القانون الطبيعي باعتبار مرآب المجتمع ويجب أن‬
‫يتطور من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان مما يتعارض" مع قانون ثابت‪ ،‬وهذه النظرية" غير صحيحة ألن‬
‫فكرة القانون" الطبيعي فكرة خالدة‪.‬‬

‫القضـــــــــــــــــــــــــــاء‬
‫‪La jurisprudence‬‬

‫‪1‬‬
‫(‪ -)1‬أنظر‪ ،‬د‪ .‬عمار بوضياف‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية ( النظرية العامة للقانون )‪ ،‬دار الريحانة‪ ،‬الجزائر‪ ،1999،‬ص‪ 153 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -67‬أوال‪ :‬التعريف‪ :‬القضاء هو الهيئات" والجهات القائمة في إطار السلطة القضائية ( المحاكم‪ "،‬المجالس"‬
‫القضائية‪ "،‬المحكمة العليا‪ "،‬مجلس الدولة ) المختصة بالفصل في المنازعات بموجب ما يصدر عنها من قرارات‬
‫وأحكام‪.‬‬
‫‪ -68‬ثانيا‪ :‬األنظمة‪ :‬تختلف النظم القانونية" في اعتبار القضاء ( قرارات وأحكام المحاكم ) مصدراً رسميا‬
‫للقانون‪.‬‬
‫ً‬
‫أ‪ -‬تعتبر النظم األنجلوسكسونية القضاء مصدرا رسميا للقانون" بحيث" يكون الحكم القضائي" بمثابة قاعدة‬
‫قانونية واجبة اإلتباع في جميع مراحل الدعوى القضائية" باعتباره قانونا ً واجب اإلتباع فهو يلزم جميع المحاكم‬
‫من في درجتها أو أدنى منها بحيث إذا عرضت دعوى سبق الحكم فيها تكون ملزمة بتطبيق نفس الحكم الصادر‬
‫في موضوع مماثل دون طلب من الخصوم باعتباره تشـريع وهو ما يعرف بـ‪ " :‬نظام السوابق القضائية "‪.‬‬
‫ب‪-‬أما النظم القانونية" األخرى المأخوذة من الشريعة اإلسالمية أو من القانون الروماني أو ما يعرف‬
‫بالنظام الالتيني" فال تعتبر القضاء مصدراً رسميا ً وإنما مصدراً تفسيريا‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فإن الحكم الصادر" عن المحاكم فغير ملزم وإن كانت أحكام المحاكم العليا والتي تضع مبادئ‬
‫قانونية لها قوة احترام غالبا ما تعتبر سابقة قانونية تطبق على األحكام المماثلة ولكن دون إلزام للمحاكم‬
‫األخرى‪.‬‬
‫جـ‪ -‬وفي النظام" الجزائري‪ "،‬فإن أحكام القضاء" فليست ملزمة ولذلك ال يعتبر القضاء" مصدراً رسميا‬
‫للقانون للقانون" الجزائري‪ ،‬وال يعني ذلك القول عدم قيمة الحكم حيث أن أحكام وقرارات الهيئات القضائية العليا‬
‫( المحكمة العلي‪ ،‬مجلس الدولة ) لها قيمة أدبية‪ ،‬ليستهدى بها القاضي في ألحكامه خاصة في الدعاوي‬
‫المماثلة‪.‬‬
‫كما أن لألحكام دور تفسيري للقانون" وإزالة الغموض عن كثير من القواعد القانونية‪ "،‬ولذلك نجد معظم‬
‫المحاكم تتبع ما تقرره المحاكم العليا بناءاً على إلزام أدبي يرتكز على وقار القضاء" وخبرته في تطبيق القانون‬
‫وخاصة للمحاكم الدنيا التي تفتقد للخبرة‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى لهذه المحاكم العليا" سلطة نقض األحكام التي ال تطبق القانون بشكل علمي وصحيح‪.‬‬
‫وبهذا الصدد جاءت المادة ‪ 152‬من الدستور لتنص على مايلي‪":‬‬
‫" تمثل المحكمة العليا" الهيئة المقومة ألعمال المجالس القضائية والمحاكم‪.‬‬
‫يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية" اإلدارية‪.‬‬
‫تضمن المحكمة العليا" ومجلس الدولة توحيد االجتهاد القضائي في جميع أنحاء البالد ويسهران على‬
‫احترام القانون‪.‬‬
‫تؤسس محكمة تنازع تتولى الفصل في حاالت تنازع االختصاص بين المحكمة العلي و مجلس الدولة "‪.‬‬
‫والتزام المحاكم الدنيا بأحكام" المحاكم العليا يعمل على توفير االستقرار" في العمل القضائي‪.‬‬
‫وفي غالب األحيان تقوم الدول بنشـر موسوعات قضائية تضم أحكام المحاكم العلي وتستخرج المبادئ‬
‫التي تضمنتها تلك األحكام حتى يشغل على المشتغلين بالقانون الرجوع إليها لتطبيقها" في الوقائع المماثلة‪.‬‬
‫وخالصة القول أن أحكام القضاء" تعد في الجزائر مصدراً تفسيرياً" للقانون وليس مصدراً رسميا ً وال يجوز‬
‫للمحاكم وضع أحكام تتصف بالشمول في المنازعات التي صدرت فيها‪.‬‬

‫الفقـــــــــــــــــه‬
‫‪La doctrine‬‬
‫‪ -69‬أوال‪ :‬التعريف‪ :‬يقصد بالفقه مجموع كتابات" رجال الفكر القانوني في شرح وتفسير القواعد القانونية‬
‫واستنباط" المبادئ القانونية من مصادرها المختلفة" التي تستعين بها المحاكم وتستهدي بما تضمنه من تفسير‬
‫القانون‪ ،‬بل ‪ ،‬المشرع" كثيراً ما يأخذ بآراء الفقهاء" في تعديل التشريع أو عند إصدار تشريع جديد‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -70‬ثانيا‪ :‬دو ره‪ :‬كان للفقه" دور كبير في ابتداع القواعد القانونية" حيث كان له دور ملزم في األحكام‬
‫القضائية" في عصر الدولة الرومانية‪ "،‬أما في العصـر الحديث فقد تضائل دور الفقه نظراً لالستقرار" في األوضاع"‬
‫القانونية في كثير من النظم القانونية في العالم‪ ،‬وال يعني ذلك انتفاء" قيمة ودور الفقه‪.‬‬
‫وتختلف قيمة الفقيه" األدبية بحسب منزلته وقوته العلمية‪ "،‬ومهما كانت مكانة الفقيه مرموقة تظل آراؤه‬
‫غير ملزمة وهي مصدر تفسيري للقانون‪.‬‬
‫وترد آراء الفقهاء" في الكتب القانونية" العامة وفي األبحاث والدراسات" العلمية" الواردة في المجاالت‬
‫والدوريات المتخصصة‪.‬‬

‫‪..........‬‬

‫المحاضرة الثاسعة‬

‫المحور الثالث‬
‫تفسير القانون‬
‫‪ -‬تتجلى أهمية تفسير القانون من حيث أن عملية تطبيقه تتطلب" تحديد معناه ومدلوله‪ ،‬خاصة في حاالت‬
‫الغموض‪.‬‬

‫ماهية التفسير‬
‫التعريف‬
‫‪ -71‬التفسير" هو بيان" الحكم القانوني األمثل الذي يستدل عليه من النص لتطبيقه على الفرد لتحديد الحكم‬
‫أمام القاضي" أو الفقيه‪.‬‬
‫ولتفسير" القواعد القانونية يوجد اتجاهان" في الفقه‪:‬‬
‫األول‪ :‬اتجاه موسع‪ :‬يقصد من التفسير" معرفة المعنى الذي تتضمنه القاعدة القانونية‪ ،‬وبالتالي يطبق هذا‬
‫المعنى على جميع القواعد القانونية" أيا كان مصدرها(تشريع‪ ،‬عرف‪.)...‬‬
‫الثاني‪ ":‬اتجاه مضيق‪ :‬يقتصـر" التفسير" على القواعد القانونية" التشـريعية‪ ،‬ألن التشريع يرد في مواد‬
‫مختصرة مما يؤدي إلى صعوبة معرفة حكم النص ولهذا يقتصـر التفسير على التشريع" فقط‪.‬‬

‫أنواع التفسير‬
‫‪25‬‬
‫ينقسم التفسير" إلى ثالثة أنواع‪ :‬تشريعي وقضائي وفقهي‪.‬‬
‫‪ -72‬أوال‪ -‬التفسير التشـريعي‪ :‬هو التفسير" الذي يضعه المشـرع ليبين" حقيقة ما يبينه" من النص إذا ظهر‬
‫له أن الحاكم لن تهتدي إلى حقيقة النص‪.‬‬
‫والتفسير التشريعي له صورتان‪:‬‬
‫‪-1‬الصورة األولى‪ :‬وتتمثل في حالة صدور القاعدة المفسـرة مع نفس النــص األصلي‪ "،‬وفي نفس الوقت‪.‬‬
‫‪-2‬الصورة الثانية‪ :‬في حالة ما إذا وقع خالف‪ ،‬في التطبيق‪ ،‬بين الفقه و القضاء لمعرفة قصد المشرع‪"،‬‬
‫يتدخل هذا األخير بنفسه‪-‬في وقت الحق‪ -‬ويضع نصا ً تفسيرياً‪.‬‬
‫واألصل أن يصدر التشريع التفسيري من نفس السلطة التي أصدرت التشريع‪":‬‬
‫كأن يقوم البرلمان" نفسه بتفسير" القوانين الصادرة عنه‪.‬‬
‫ويرى الفقه في التفسير" التشـريعي أنه ملزم للقاضي" ألن المشـرع يفصح بالتفسير عن قصده بوضوح‬
‫وبالتالي" يعتبر عمال تشـريعيا يلتزم به األفراد وتطبقه المحاكم‪.‬‬
‫‪ -73‬ثانيا‪ "-‬التفسير القضائي‪ ":‬وهو الذي يقوم به القضاة أثناء نظر الدعاوي المطروحة عليهم لمعرة حكم‬
‫القانون‪.‬‬
‫ً‬
‫والقضاء" يعتبر مصدرا تفسيريا للقانون‪ ،‬ويتميز بعدة خصائص‪":‬‬
‫‪-1‬التفسير" القضائي يكون بمناسبة نزاع" مطروح أمام المحاكم‪ "،‬بمعنى أن األفراد ال يستطيعون اللجوء‬
‫للقاضي لتفسير النصوص دون نزاع‪.‬‬
‫‪-2‬المحكمة ملزمة بالتفسير من تلقاء نفسها دون أن يطلبه الخصوم‪.‬‬
‫‪-3‬تفسير القاضي يتأثر" بظروف الدعوى فيأتي مالئما ً لها من أجل تحقيق العدالة‪.‬‬
‫‪-4‬التفسير" القضائي غير ملزم للمحاكم األخرى‪ ،‬فالقاضي" ال يلتزم بالتفسير الذي أصدره فيجوز له أن‬
‫يخالف التفسير" السابق له في دعوى مماثلة‪.‬‬
‫ورغم أن التفسير غير ملزم‪ ،‬إال أن المحكمة العليا ( محكمة النقض ) تختص بتفسير القانون ويكون‬
‫قرارها بالتفسير" ملزما" للمحاكم األخرى‪.‬‬
‫كما أن مجلس الدولة مخول‪ ،‬بموجب نص المادة ‪ 9‬من القانون" العضوي رقم ‪ 01-98‬المتعلق بمجلس‬
‫الدولة‪ ،‬بتفسير التشريع الفرعي خاصة‪ ،‬أي‪ :‬التنظيم" (المراسيم" الرئاسية والتنفيذية والقرارات التنظيمية" )‪.‬‬
‫وهو ما تخوله‪-‬أيضا‪ "-‬المادة‪ 7‬من قانون اإلجراءات المدنية للغرف اإلدارية ( الحاكم اإلدارية)‪ ،‬وذلك‬
‫بالنسبة لقرارات" اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ -&74‬ثالثا‪ :‬التفسير" الفقهي‪ :‬يقوم به فقهاء القانون" في مؤلفاتهم أو أبحاثهم‪ ،‬وهو تفسير نظري ال‬
‫يرتبط" بنزاع" أو حالة معينة بل يهدف إللى إيجاد حلول مجدية لكم القانون‪.‬‬
‫يوجد تعاون وثيق بين الفقه والقضاء" في تفسير القوانين" واستخالص األحكام والمبادئ المالئمة‪ ،‬خاصة‬
‫من خالل التعبيق على األحكام‪.‬‬
‫وخالصة القول أن التفسير غايته تحديد مضمون‪ ،‬معنى القاعدة القانونية سواء من حيث‪ :‬الفرض الذي‬
‫تواجهه ومعرفة شروط تطبيق القاعدة القانونية أو من حيث تحديد معنى الحكم‪.‬‬

‫مذاهب التفسير‬
‫‪ -75‬إذا كان المقصود من التفسير هو توضيح المعنى‪ "،‬أي قصد المشـرع عند إصدار القاعدة القانونية‪،‬‬
‫فإنه على القاضي أو الفقيه البحث عن نية وإرادة المشـرع عند تفسير معين فهذه اإلرادة هي التي تحدد معنى‬
‫التشريع‪.‬‬
‫وقد تعددت االتجاهات والمدارس في تفسير القانون‪ ،‬حيث يمكن أن نجملها في ثالثة مذاهب رئيسية‪":‬‬
‫‪ -‬مذهب الشرح على المتون ( التزام" النص )‬
‫‪ -‬المذهب التاريخي‪.‬‬
‫‪ -‬المذهب العلمي‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫مذهب الشرح على المتون‬
‫‪ -76‬يرجع هذا المذهب إلى فرنسا حيث نشأ مع وضع تقنيات نابليون‪ ،‬حيث نظر رجال القانون" إلى هذا‬
‫التقنيات نظرة إجالل واحترام ورأوا أنها تضمنت كل الحلول التشريعية في كافة المسائل و الحياة القانونية‪"،‬‬
‫بحيث أن شرح القانون وتفسيرهال يتم إال من خالل هذه النصوص" وأن يكون بنفس الترتيب" الذي ورد فيها‪ ،‬أي‬
‫ضرورة االلتزام بالنص" ولذا سميت مدرسة الشـرح على المتون أي النصوص‪.‬‬
‫وترى هذه المدرسة أن القوة الملزمة للقانون" ماهي إال إرادة السلطة العليا" الملزمة في الدولة ولذلك ال‬
‫تعترف بغير التشريع" كمصدر للقواعد القانونية‪.‬‬
‫وترى مدرسة الشـرح على المتون أن المقصود من إرادة المشـرع هو " اإلرادة الحقيقة " وقت وضع‬
‫التشريع" ال تطبيقه حتى إدا تغيرت الظروف‪.‬‬
‫فإذا توصلنا إلرادة المشرع الحقيقة نكون حددنا المعنى المقصود من التشـريع ويجب عندئذ األخذ بهذا‬
‫المعنى وال يجوز تغييره‪.‬‬
‫وإذا تعذر الوصول إلى الحكم عن طريق معرفة إرادة المشـرع الحقيقة" يمكـن األخـذ " بإرادة المشرع‬
‫المفترضة" "ويكون ذلك أيضا بالنظر" إلى وقت وضع التشـريع حيث يفترض عدة فروض ويبني عليها" الحكم‬
‫وقت وضع التشـريع فالعبرة هنا بوقت التشريع كما هو الشأن في اإلرادة الحقيقة‪.‬‬
‫وخالصة القول أن العبرة في اإلرادة سواء كانت حقيقة أو مفترضة هي بوقت وضع التشريع‪.‬‬
‫وتنتقد هذه المدرسة بأنها تجمد النصوص وال تخرج عن معناها ولو تغيرت الظروف نظرا لتقديسها‬
‫للنصوص" واالعتقاد بكاملها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫المذهب التاريخي‬
‫‪ -77‬يقول فكر المذهب التاريخي (الذي ينسب" للفقيه" األلماني" " سافيني‪ " Savigny‬على أن القانون وليد‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ويرى هذا المذهب أن النصوص" القانونية تنفصل عن إرادة المشـرع بعد وضعها ويكون لها كيان مستقل‬
‫وذاتي‪ ،‬ولذلك يجب تفسيرها" بحسب ظروف الزمان" والمكان وحاجات" المجتمع وقت تفسير النصوص‪.‬‬
‫وهذا الفكر مرن يجعل من القانون" نوع من التطور ومسايرة الظروف االجتماعية‪.‬‬
‫وتنتقد هذه المدرسة التاريخية" أنها تهمل إرادة المشـروع كلية بعد وضع التشـريع وجعل دوره مادي‪،‬‬
‫وتوسع من صالحيات المفسـرين مما قد يؤثر على التشريع وفقا ألهوائهم الشخصية مما يحولهم إلى مشرعين‬
‫للقانون‪.‬‬

‫المذهب العلمي‬
‫‪ -78‬ينسب فكر هذا المذهب للفقيه الفرنسـي " جيني‪ ،" Geny‬ويهتم بالمصدر المادي للقانون‪ "،‬إذ أن‬
‫التشريع" ال يمثل المصدر الوحيد للقواعد القانونية‪.‬‬
‫يتفق هذا المذهب مع المذهب التاريخي بأنه يجب لتفسير النص البحث وراء قصد المشرع الحقيقي وقت‬
‫وضع التشـريع فإذا عرف هذا القصد وجب تطبيقه مهما كانت درجة فالءمته مع الظروف االجتماعية‪.‬‬
‫فإذا لم نتوصل إلى القصد الحقيقي" للمشـرع" و جب البحث" عن حكم القانون في المصادر األخرى وأهمها‬
‫العرف‪ ،‬فغدا لم يوجد يبحث في المصادر المادية أي الظروف والمالبسات التي أوجدت النص‪ ،‬والمتمثلة" في‬
‫مختلف العوامل‪ :‬السياسية" واالقتصادية واالجتماعية" والثقافية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وللمفسـر حرية استعمال البحث" العلمي دون النظر لإلرادة المفترضة التي تبحث عنها المدرسة‬
‫التاريخية‪.‬‬

‫طرق التفسير‬
‫‪27‬‬
‫‪ -79‬يقصد بطرق التفسير" الكيفيات والمناهج التي يستعملها" القضاة والفقهاء للوصول إلى تحديد معنى‬
‫القاعدة القانونية‪ "،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬طرق داخليـة‪ :‬تعتمد على النصوص" التشريعية" المراد تفسيرها‪.‬‬
‫‪ -‬طرق خارجية‪ ":‬تعتمد على غير النصوص في تفسيرها‪.‬‬

‫الطرق الداخلية للتفسير‬


‫‪ -80‬تعتمد على استخالص معاني النصوص من خال صيغ النص نفسه سواء كان تفسيراً" للمصطلحات" أو‬
‫للجملة" كاملة‪.‬‬
‫ويعتمد التفسير على األبحاث" اللغوية وهو الناحية الشكلية‪ "،‬أو فحوى النص من الناحية الموضوعية‪.‬‬
‫وقد يحدث أن يكون للنص" معنيان أحدهما لغوي واآلخر اصطالحي أي جرى العمل على استعماله" فيه‬
‫وإن لم يتفق مع المعنى اللغوي‪ ،‬وفي هذه الحالة" يحمل النص بمعناه االصطالحي" إذا تبين أن المشرع" لم يقصد‬
‫المعنى اللغوي‪.‬‬
‫ويعتمد التفسير" في استخالص" معنى النص من فحواه أو روحه عن طريق مايلي‪":‬‬
‫‪ -81‬أوال‪ -‬القياس‪ :‬وهو نوعان‪":‬‬
‫أ‪ -‬القياس" العادي أو مفهوم الموافقة‪ :‬القياس" هو إعطاء واقعة غير منصوص عليها بواقعة أخرى‬
‫منصوص عليها" حكما ً ثابتاً" بالنص الشتراك الواقعتين من الحكم‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن القياس" يفترض واقعتين أحدهما نص على حكمها واألخرى لم ينص فيها على حكم فتأخذ‬
‫حكم الواقعة األولى التفاقها مع العلة أي السبب الذي قام عليه الحكم‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬نص قانون العقوبات على أنه ال تجوز محاكمة جرائم السـرقة التي تقع بين األصول والفروع‬
‫إال بناء على طلب من المجني عليه وذلك للحفاظ" الروابط" األسرية‪.‬‬
‫ولكن ما الحكم إذا كان الفرض وقوع جريمة نصب بين األصول أو الفروع؟‬
‫وفي هذه الحالة" يجوز القياس" على الجريمة األولى وتطبيق ذات الحكم الشتراكهما في العلى" وهي الحفاظ"‬
‫على الروابط األسرية‪.‬‬
‫ب‪-‬القياس" الجلي أومن باب" أولى‪ :‬يفترض" وجود واقعتين أحدهما نص المشرع على حكمها لعلة معينة‬
‫والثانية لم ينص على حكمها ولكن علة األولى تتضح بجالء في الثانية‪ "،‬وفي هذه الحالة تأخذ نفس الحكم‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ "-‬مفهوم المخالفة‪ :‬يفترض قيام واقعتين إحداهما نص على حكمها والثانية لم ينص على الحكم‬
‫ولكن بتطبيق المخالفة نصل إلى الحكم الثاني‪.‬‬
‫مثال‪ :‬نص القانون" المدني في المادة ‪ (42‬فقرة ثانية ) المعدلة بالقانون" رقم ‪ 10-05‬على أن " يعتبر غير‬
‫مميز من لم يبلغ ثالث عشـرة سنة "‪ ،‬ومعنى ذلك أن من بلغ الثالثة" عشر يعد مميزاً‪.‬‬
‫وهذا الحكم عن طريق االستنتاج بمفهوم المخالفة" بالرغم من اختالف الفرضين فيما يتعلق بمسألة السن‪.‬‬

‫الطرق الخارجية للتفسير‬


‫‪-‬يمكن تفسير" النصوص التشـريعية عن طريق وسائل خارجية" عن النص وهي‪:‬‬
‫‪ -83‬أوال‪ -‬حكمة التشريع‪ :‬معرفة الحكمة من النص التشريعي" قد تؤدي إلى تفسير النص‪.‬‬
‫فالنص التشـريعي" في قانون العقوبات" الذي يشدد العقوبة على الموظف العام له حكمة وهي أن الموظف‬
‫مؤتمن بحكم وظيفته على صيانة أموال الدولة وتسيير مصالحها" فإذا ما ارتكب جريمة كانت صفة الموظف العام‬
‫من الظروف المشددة للعقاب‪.‬‬
‫ويالحظ أن استخدام حكمة النص ال يكون إال عند غموض النص أو عندما يحمل أكثر من معنى‪.‬‬
‫‪ -84‬ثانيا‪ "-‬األعمال التحضيرية‪ :‬يمكن معرفة قصد المشـرع من خالل الرجوع إلى األعمال التحضيرية"‬
‫وهي األعمال غير ملزمة وإنما قد تؤدي دوراً هاما ً في تفسير وبيان قصد المشرع‪.‬‬
‫ومن أهم األعمال التحضيرية التي تسبق الصادقة على القانون وإصداره‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫‪48‬‬ ‫‪ -‬اقتراح أو مشروع القانون‪ ،‬الذي يقترحه مجموعة من النواب أو تضعه الحكومــة ( سابقا‪ "،‬فقرة‬
‫وما بعدها )‪.‬‬
‫‪ -‬ومناقشات وتدخالت النواب" في الجلسات" العامة ( التي عادة ما تنشـر في الجريدة الرسمية" لمداوالت‬
‫المجلس الشعبي الوطني )‪.‬‬
‫‪ -85‬ثالثا"‪ -‬المصادر التاريخية‪ :‬عند إصدار القوانين الجديدة يستهدي المشرع بالقوانين القديمة‪ ،‬ألن‬
‫التشـريع" الحديث ماهو إال تطوير للتشـريع السابق‪ ،‬حيث يعدل من أحكامه سواء بالزيادة أو الحذف‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يمكن تفسير التشريعات" الجزائرية الوضعية المستمدة من القوانين الفرنسية بالرجوع" إلى‬
‫نصوص القانون" الفرنسـي" باعتباره مصدراً تاريخياً" لتلك التشريعات ( القانون" االستعماري" )‪ ،‬كذلك يتعين‬
‫الرجوع ألحكام الشـريعة اإلسالمية والفقه اإلسالمي لتفسير" النصوص المستمدة من هذه األحكام‪ ،‬كما هو الحال‬
‫بالنسبة لقانون األسرة رقم ‪.11-84‬‬
‫‪ -86‬رابعا‪ -‬النص األجنبي للتشـريع‪ :‬لكل دولة لغتها الرسمية‪ ،‬وقد نص الدستور الجزائــري ( المادة‪3‬‬
‫منه) على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية في البالد‪.‬‬
‫ونظرا العتبارات معينة‪ ،‬فقد تحرر التشـريعات‪"-‬بداءة‪ -‬باللغة" الفرنسية ثم تترجم إلى اللغة العربية ( وهو‬
‫وضع غير طبيعي يجب العدول عنه )‪ ،‬فإذا كان النص الرسمي غامضاً" وهو النص العربي‪ ،‬جاز للمفسـر أن‬
‫يرجع إلى النص الفرنسـي" (كنص أولي وأصلي ) لمعرفة قصد المشرع" ومعنى النص" ولكن دون إلزام‪.‬‬
‫‪ -87‬خامسا‪ -‬تقريب النصوص‪ :‬إذا كان النص" غامضا‪ ،‬وهو ضمن مجموعة من النصوص‪ ،‬يجوز للمفسر"‬
‫أن يقرب النصوص الستجالء معنى التشـريع عن طريق المقارنة للنصوص بعضها بالبعض" اآلخر‪ ،‬ألن تجميعها‬
‫قد يؤدي إلى تحديد اإلرادة الحقيقية" للمشرع‪.‬‬
‫* أمثلة‪:‬‬
‫‪ -‬قد يَحتاج تفسير" القانون" البلدي الرجوع إلى قانون الوالية أو القانون" الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يُحتاج" لتفسير" قانون األسرة الرجوع إلى القانون المدني‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬

‫نطاق تطبيق القانون‬


‫‪ -88‬يقصد بنطاق تطبيق القانون" تحديد مدى سريانه" من حيث‪ :‬األشخاص (من؟) والمكان (أين؟)"‬
‫والزمان" (متى؟)‪.‬‬

‫تطبيق القانون من حيث األشخاص‬


‫‪ -89‬على ما يسري القانون؟"‬
‫إن تطبيق القانون من حيث األشخاص يحكمه مبدأ أساسي هو‪ :‬مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون‪"،‬‬
‫حيث تسـري القاعدة القانونية‪ "،‬أيا كان مصدرهـا‪ ،‬على جميع األشخـاص المخاطبـين" بهـا سـواء كانـوا عالمـين"‬
‫أو جاهلـين بهـا‪ ،‬إذ ال عـذر ألحـد بجهـل القـانـون "‪."Nul n’est censé ignorer la loi‬‬
‫وعلى الرغم من بعض االستثناءات التي ترد على المبدأ ( مثل حالة القوة القاهرة التي تحول دون العلم‬
‫بالقانون" )‪ ،‬فإن هدفه إنما يكمن في دعم النظام" العام وسيادة القانون" بالمجتمع‪ "،‬ومنع الفوضى والتهرب من‬
‫الخضوع للقانون" بدعوى الجهل به‪.‬‬
‫" ال يعذر بجهل القانون‪.‬‬
‫يجب على كل شخص أن يحترم الدستور وقوانين الجمهورية"‪.‬‬

‫نطاق تطبيق القانون من حيث المكان‬


‫‪ -90‬يثير تطبيق القانون" من حيث المكان مشكلة النطاق اإلقليمي الذي يسري فيه قانون كل دولة ويعتمد‬
‫حل هذه المشكلة على إتباع" أحد مبدأين‪:‬‬
‫‪ -1‬مبدأ شخصية القوانين‪ ":‬ويعني التطبيق الشخصـي للقانون أي تطبيق القانون" على رعايا" الدولة‬
‫( دون األجانب" )‪ ،‬سواء داخل أو خارج أراضيها أو إقليمها‪.‬‬
‫‪ -2‬مبدأ إقليمية القوانين‪ ":‬وبمقتضاه ينطبق قانون الدولة على كل األشخاص المقيمين داخل إقليم الدولة‬
‫سواء كانوا مواطنين أو أجانب‪ ،‬وال يسـرى للخارج" ولو كانوا من لرعايا" الدولة‪.‬‬
‫وهذا المبدأ هو المعمول به في غالبية دول العالم‪ "،‬حيث تنص المادة ‪ 5‬من القانون" المدني الجزائري" على‬
‫أن‪ " :‬يخضع كل سكان القطر الجزائري لقوانين" الشرطة واألمن "‪.‬‬
‫وينطوي هذا المبدأ على شقين‪":‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ -91‬أ‪ -‬الشق اإليجابي‪ ":‬وهو أن القانون" تعبير عن سيادة الدولة على أراضيها فينطبق على جميع‬
‫األشخاص" المقيمين" بالدولة من األجانب أو المواطنين‪ "،‬ويستثني" من هذا المبدأ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬قانون األحوال الشخصية‪ ":‬تخضع عالقات" األجانب" بالنسبة لألحوال الشخصية لقانونهم الخاص"‬
‫فقانون األسرى شخـصي التطبيق وغالباً" ما يكون مصدر هذه القواعد ديننا‪.‬‬
‫وهذا االستثناء" ال يتعارض مع سيادة الدولة ألن تطبيق القانون األجنبي يقتصـر على األحوال الشخصية"‬
‫وبشرط عدم تعارضه" مع قواعد النظام" العام واآلداب العامة‪.‬‬
‫وتطبيقا لذلك نصت المادة ‪ (12‬المعدلة ) من القانون المدني على أن‪:‬‬
‫" يسـرى قانون الدولة الذي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على اآلثار الشخصية والمالية التي‬
‫يرتبها" عقد الزواج‪.‬‬
‫ويسـرى على انحالل الزواج واالنفصال الجسماني القانون الوطني الذي ينتمي إليه الزوج وقت رفع‬
‫الدعوى "‪.‬‬
‫ونفس الحكم في سريان" قانون جنسية الهالك ( الميراث ) أو الموصـي(الوصية)" وقت الموت‪ ،‬أو الواهب‬
‫( الهبة ) أو الواقف ( الوقف ) وقت إجرائها‪ ،‬وذلك وفقا للمادة ‪ 16‬منه‪.‬‬
‫ثانــياً‪ :‬القوانين الدستورية والسياسية‪ ":‬هذه القوانين" شخصية التطبيق كالترشيح واالنتخاب" وحق تولي‬
‫‪.‬‬
‫الوظائف العامـة حيث ال يجـوز لغـير رعايـا الدولة( األجانب ) ممارسة هذه الحقوق‬
‫والعلة في هذا االستثناء" هي ارتباط هذه القوانين" باالنتماء للوطــن وال يفتــرض ‪ -‬مبدئيا‪ -‬توافر االنتماء"‬
‫واإلخالص للوطن" إال لدى المتمتعين" بجنسية" الدولة‪.‬‬
‫ثالثا‪ ":‬الدبلوماسيون‪ :‬عدم تطبيق بعض القوانين على الدبلوماسيين" األجانب" كالقوانين الضـريبية" حتى‬
‫يتمكن المبعوثون والدبلوماسيون من أداء مهامهم بعيداً عن تدخل سلطات الدولة األجنبية‪.‬‬
‫‪ -92‬ب‪ -‬الشق السلبي‪ :‬عدم تطبيق القوانين" خارج حدود الدولة اإلقليمية نظرا العتبارين‪":‬‬
‫* أولهمـا‪ :‬وجود الشخص داخل سيادة دولة أخرى يخضعه لقوانينها‪.‬‬
‫* ثانيهما‪ :‬صعوبة تطبيق وتنفيذ قوانينها خارج حدودها‪.‬‬
‫وتوجد قاعدة استثنائية مقتضاها سريان القانون الجزائري في الخارج على األشخاص" الذين يرتكبون‬
‫جرائم ماسة بأمن وسيادة الدولة الجزائرية‪.‬‬

‫نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان‬


‫‪ -93‬يثير إلغاء وتطبيق القواعد الجديدة مشكلة تحديد النطاق الزمني لكل من القانون‪ ":‬الجديد والقديم‪.‬‬
‫والقاعدة أن المراكز القانونية" التي نشأت ونفذت كلية في ظل القانون القديم تبقى قائمة ولو ثار" عليها‬
‫النزاع طبق عليها القانون" القديم‪.‬‬
‫وقد تنشأ بعض المشاكل وخاصة إذا كان تطبيق القانون" القديم يتم على مراحل الحقة للقانون الجديد‪،‬‬
‫حيث تثور صعوبة في تحديد أي من القانون" واجب التطبيق‪ "،‬أي مشكلة التنازع" بين القوانين‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى العموم يحكم مشكلة تنازع" القوانين" من حيث الزمان مبدأ عام هو مبدأ رجعية لقوانين‪ "،‬مع بعض‬
‫االستثناءات‪.‬‬
‫أوال‪ -‬المبدأ‬
‫عدم رجعية القوانين‬
‫‪La non-rétroactivité des lois‬‬
‫‪ -94‬تحرص الدساتير على النص على عدم رجعية القانون" أي عدم ارتداد القوانين للماضي" واقتصارها‬
‫على المستقبل فينص الدستور الجزائري على أنه ال تسرى القوانين إال على ما يقــع من تاريــخ العمــل بها وال‬
‫‪.‬‬
‫يــترتب عليهــا أثـر فــيما وقع قبلها‬
‫المبدأ العام وهو عدم تطبيق القوانين بأثر رجعي وإنما تطبق على ما يقع من تاريخ العمل بالقانون" وال‬
‫يمكن على ما وقع قبل ذلك التاريخ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -1‬ال يتصور أن يصدر القانون إال لعالج حاالت مستقبلية أو من تاريخ صدوره ألن مبدأ العلم بالقانون يبدأ‬
‫من تاريخ نشـره‪ ،‬والقول بغير ذلك يعني تطبيق قانون لم يكن بوسع األفراد العلم به‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتبارات العدالة تقضـي بوجوب العمل بالقانون" من تاريخ إصداره ونشره ألن الفعل قد يكون مباحا في‬
‫القانون" القديم ويجرم بالقانون" الجديد‪ ،‬نظرا لالحتياجات" التي يقتضيها تطور المجتمع وتغيره‪.‬‬
‫‪-3‬يحقق هذا المبدأ االستقرار" في العامالت ألنه يمكن المتعاملين" على أساس قانون معين هو المطبق وقت‬
‫المعاملة" وفقا للقانون الساري حتى ال تتأثر حقوقهم أو واجباتهم بصدور قوانين جديدة تؤثر على التزاماتهم‪.‬‬
‫ثانيا ‪-‬االستثناء‬
‫رجعيـــة القوانـــين‬
‫‪ -‬المبدأ العام هو عدم رجعية القوانين" وهذا المبدأ يلتزم" به القاضي" دون المشرع حيث يستطيع هذا‬
‫األخير النص على رجعية القانون" وامتداد أثره للماضي‪ "،‬فالمشرع" قد ينص صراحة على هذا المبدأ وال يجوز‬
‫ضمنا رد القوانين" للماضي‪ "،‬حيث يجب أن يشير النص صراحة على الرجعية في ضوء اعتبارات معينة تتعلق‬
‫بالمصلحة والعدالة‪.‬‬
‫كما نجد استثناءات في قانون العقوبات في تطبيق القوانين" األصلح للمتهم كما إذا كان القانون" القديم‬
‫يضع عقوبة الحبس‪ (Emprisonnement‬من شهرين إلى ‪ 5‬سنوات وفقا للمادة ‪ 5‬من قانون العقوبات) الرتكاب‬
‫جرائم‪ ،‬وفي القانون الجديد يقرر لها عقوبة السجن‪ ( Réclusion‬من إلى ‪ 5‬سنوات إلى ‪ 20‬سنة ) فاألصلح للمتهم‬
‫هو القانون الذي ينص على عقوبة الحبس‪.‬‬
‫والعلة في ذلك أن تطبيق القانون" األصلح بأثر رجعي ال يضر المجتمع‪.‬‬
‫ويفرق المشرع" بين حالتين‪":‬‬
‫‪-1‬إذا كانت القوانين" تخفف العقوبة مع إبقاء" الفعل الذي ارتكبه المتهم جريمة معاقبا عليها في هذه‬
‫القوانين‪ ،‬يطبق القانون الجديد بأثر رجعي بشـرط أن تكون قبل النطق بالحكم‪.‬‬
‫فإذا كان القانون يعاقب على الفعل بخمس سنوات ثم جاء القانون" الجديد يخف المدة إلى ثالثة سنوات في‬
‫هذه الحالة" يستفيد المتهم من التخفيف بشـرط‪ ،‬يكون قبل صدور الحكم النهائي‪.‬‬
‫‪-2‬إذا كان القانون" الجديد يبيح الفعل المعاقب عليه في ظل قانون قديم‪ :‬ينطبق القانون الجديد بأثر" رجعي‬
‫ولو بعد الحكم النهائي ألن القاعدة أنه ال جريمة وال عقوبة إال بنص القانون‪.‬‬
‫‪‬تحديد المقصود بعدم رجعية القانون‪:‬‬
‫توجد نظريات ومذاهب عديدة تحدد المقصود من رجعية القانون وأهمها النظرية" التقليدية و النظرية‬
‫الحديثة‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫النظرية التقليدية‬
‫‪ -96‬أوال‪ :‬األساس‪ ":‬مضمون هذه النظرية" مدى تطبيق القانون" الجديد على واقعة معينة أو مركز قانوني‬
‫معين دون تطب يقه بأثر رجعي ( مبدأ عدم رجعية القانون )‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة نبحث عن تطبيق القانون سوف يمس حق مكتسب‪ Droit acquis‬في القانون" القديم؟‬
‫وفي هذه الحالة ال يجوز تطبيقه" ألن تطبيقه يعني رجعية القانون وذلك يخالف مبدأ عدم رجعية القانون‪.‬‬
‫أما إذا لم يمس القانون" الجديد بحق مكتسب وفقا للقانون القديم ال يعتبر ذلك مخالفاً" لمبدأ عدم الرجعية‪.‬‬
‫إذن النظرية التقليدية تفرق بين الحق المكتسب وبين مجرد االحتمال باالعتداء على حق مكتسب وهو ما‬
‫يسمى بمجرد األمل‪.‬‬
‫وبالرغم من بساطة إال أنها أثارت" خالفا في الفقه حول مضمون الحق المكتسب‪ "،‬ومجرد األمل‪:‬‬
‫‪-1‬الحق المكتسب‪ :‬عرف البعض الحق المكتسب تعريفا ضيقا" بأنه " الحق الذي دخل ذمة صاحبه نهائيا"‬
‫بحيث ال يجوز نزعه دون رضائه "‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ومنهم من توسع في التعريف فيعتبر " الحق قد اكتسب متى قام سبب االكتساب ولو لم يدخل الحق ذمة‬
‫صاحبه بعد "‪.‬‬
‫مثال‪ :‬وفقا للتعريف الضيق يكتسب الشخص الحق في الملكية" بعد تسجيلها" وشهرها رسميا‪ ،‬أمل في‬
‫التعريف الموسع يكتسب الحق بمجرد الشـراء ألنه سبب الملكية‪.‬‬
‫‪-2‬أما مجرد األمل فإنه ترقب اكتساب" حق في المستقبل" كاإلرث‪ "،‬الوصية‪ "،‬فال تثبت الحقوق إال بموت‬
‫المورث‪.‬‬
‫‪ -97‬ثانيا‪ ":‬استثناءات" من مبدأ عدم الرجعية‪:‬‬
‫تحيز النظرية" التقليدية تطبيق القانون" بأثر رجعي ولو مس بحقوق مكتسبة في عدة حاالت استثنائية"‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪-1‬حالة النص الصـريح‪ :‬يطبق القانون الجديد بأثر رجعي إذا تضمن القانون" نصا صريحا يجيز تطبيق‬
‫القانون" بأثر" رجعي‪.‬‬
‫‪-2‬القوانين" المتعلقة" بالنظام والقوانين" العامة‪ ":‬ترى النظرية التقليدية" أن احترام الحقوق المكتسبة ال‬
‫يوقف تطبيق القانون" على الماضي متى كانت المصلحة العامة تقتضي ذلك‪.‬‬
‫ولما كان الغرض في القوانين المتعلقة بالنظام" العام واآلداب العامة تحقيق المصالح العامة‪ ،‬فإنها تطبق‬
‫بأثر" رجعي ولو كان ذلك يشكل مساسا بحقوق مكتسبة‪.‬‬
‫ومثال ذلك القوانين" التي تحرم المخدرات‪ :‬فإذا صدر قانون جديد يدخل مادة جديدة ضمن المواد المخدرة‬
‫وكانت مباحة في القانون" القديم يسـرى القانون بأثر رجعي‪ ،‬حيث ال يجوز تملك هذه المواد واالحتفاظ" بها‪ ،‬بل‬
‫يجب تسليمها للسلطات العامة‪.‬‬
‫‪-3‬حالة التشـريع التفسيري‪ ":‬إذا صدر قانون جديد لتفسير" قانون سابق (سابقا فقرة ‪ ،)72‬فإنه يسرى‬
‫اعتبارا من تاريخ نفاذ القانون" السياسي‪.‬‬
‫وفي جميع الحاالت" ال يمتد أثر القانون" الجديد على اكتساب" الحقوق التي حسم النزاع بشأنها سواء بحكم‬
‫القضاء" أو بإنهاء المنازعة بالصلح‪.‬‬
‫‪ -98‬ثالثا‪ :‬تقدير النظرية" التقليدية‪:‬‬
‫نجحت النظرية خالل القرن" التاسع" عشـر والقت رواجا كبيرا بين رجال الفقه والقضاء الفرنسيين‪ "،‬حيث‬
‫كان معيار الرجعية يتحدد على أساس المساس أو عدم المساس بالحقوق المكتسبة‪.‬‬
‫أما الفقه الحديث فينتقد النظرية" من عدة جوانب‪:‬‬
‫‪-1‬مصطلح الحقوق المكتسبة يواجهه معنى عكسيا‪ "،‬هو‪ :‬الحقوق الغير المكتسبة‪ ،‬وهذا غير صحيح في‬
‫اكتساب" الحق يعني وجوده‪.‬‬
‫‪-2‬لم يتفق على تحديد معنى المكتسب وأن كان االتفاق على وجوب احترام المشرع للحق المكتسب‪"،‬‬
‫ولكن ماهو هذا الحق؟‬
‫‪-3‬اختالف المعايير التي تميز بين الحق المكتسب وبمجرد األمل ترتب عليه اختالف النتائج‪.‬‬
‫‪-4‬تحديد معنى الرجعية غير دقيق في النظرية" التقليدية فهي تعتبر" من قبيل الرجعية القانون الجديد الذي‬
‫يرفع سن الرشد وفي الواقع ال توجد رجعية حيث يعد البالغ لسن الرشد في القانون القديم قاصراً في ظل القانون‬
‫الجديد‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫النظرية الحديثة‬
‫‪ -99‬يتحدد نطاق تطبيق القانون من حيث الزمن بمايلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬شق سلبي‪ ":‬وهو أن القانون ليس له أثر رجعي‪ ،‬فهو ال يسـرى على ما تم بالماضي قبل تاريخ العمل‬
‫به‪.‬‬
‫ب‪ -‬شق إيجابي‪ :‬وهو أن القانون سيرى مباشرة على كل ما يحدث من تاريخ البدء في العمل بالقانون‪.‬‬
‫ونتكلم فيما يلي على الشقين‪":‬‬
‫‪ -100‬أوال‪ :‬انعدام األثر الرجعي للقانون‪ :‬لتحديد معنى انعدام األثر الرجعي للقانون" توجد عدة صور‬
‫مختلفة‪:‬‬
‫‪33‬‬
‫‪-1‬القانون" الجديد ينظم تكوين المركز القانوني‪ :‬إذا كان القانون الجديد ينظم المركز القانوني" فإنه ال‬
‫يسرى على المراكز القانونية التي صدرت قبل العمل بالقانون الجديد أي في ظل قانون قديم‪.‬‬
‫فإذا كان القانون" القديم يجيز للزوج تطليق زوجته بإرادته المنفردة دون حاجة إلى اللجوء إلى المحكمة‬
‫ثم صدر قانون جديد يحضر الطالق باإلرادة المنفردة فال ينطبق القانون" على الطالق الذي وقع قبل العمل‬
‫بالقانون" الجديد‪ ،‬وهو ما ذهبت إليه الفقرة الثانية" من المادة ‪ 42‬من القانون" المدني حينما نصت على مايلي‪:‬‬
‫" ويسـرى على انحالل الزواج واالنفصال" الجسماني" القانون" الوطني الذي ينتمي إليه الزوج وقت رفع‬
‫الدعوى "‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون الجديد ينظم آثار المركز القانوني‪ :‬إذا كان القانون الجديد ينظم اآلثار المترتبة على مركز‬
‫قانوني معين فال يسرى على اآلثار التي ترتبت بالفعل في ظل القانون السابق‪.‬‬
‫ومثال ذلك إذا كان القانونالسابق يقرر انتقال الملكية دون شرط التسجيل" وصدر القانون الجديد الذي‬
‫يشترط تسجيل العقود النتقال" الملكية فإنه ال ينطبق على العقود التي أبرمت قبل العمل به(‪.)1‬‬
‫جـ‪ -‬القانون" الجديد ينظم انقضاء المركز القانوني‪ :‬المراكز القانونية التي انقضت" في ظل قانون سابق ال‬
‫يسرى عليها" القانون" الجديد فإذا كان القانون يقرر سقوط الحق في إقامة الدعوى إذا لم يقم الدائن بإنذار المدين‬
‫خالل مدة شهر وانقضـىالشهر" دون اإلنذار يسقط الحق في إقامة الدعوى ثم صدر قانون جديد يطيل مدة اإلنذار‬
‫إلى شهرين فإنه ال ينطبق على الحقوق التي سقطت بفوات مدة اإلنذار‪.‬‬
‫‪-101‬ثانيا‪ "-‬األثر المباشر" أو الفوري للقانون‪ ":‬تنص المادة الثانية من القانون المدني‪:‬‬
‫" ال يسرى القانون إال على ما يقع في المستقبل وال يكون له أثر رجعي‪.‬‬
‫وبمقتضى هذا النص ينطبق القانون" على كل ما يقع بعد نفاذه‪ ،‬طبقا لنص المادة الرابعة منه التي تنص‬
‫على أن‪ " :‬تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في‬
‫الجريدة الرسمية‪ "،‬وتكون نافذة المفعول بالجزائر" العاصمة بعد مضـي يوم كامل من تاريخ نشـرها وفي النواحي‬
‫األخرى في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامـل من تاريــخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد‬
‫على ذلك تاريخ ختم الدائرة الموضوع على الجريدة "‪.‬‬
‫أ‪-‬حاالته‪ :‬نفصل فيما يلي هذا المبدأ على الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-1‬انطباق القانون" الجديد على تكوين المراكز القانونية" الجديدة‪ :‬أي مركز قانون يتم تكوينه بعد صدور‬
‫القانون" الجديد ينطبق عليه هذا القانون‪.‬‬
‫وإذا كان تكوين المركز القانوني" يستغرق زمنا بحيث ينشأ في القانون" القديم ويتم عند العمل بالقانون"‬
‫الجديد في هذه الحالة ينطبق القانون" الجديد‪.‬‬
‫‪ ‬مثال‪ :‬إذا صدر قانون جديد ينظم شروط استحقاق العامل لمكافئة الخدمة ينطبق على كل عالقات العمل‬
‫الناشئة وفقا للقانون القديم والمستمر ال وقت العمل بالقانون" الجديد‪.‬‬
‫‪-2‬انطباق القانون" على اآلثار المستقبلة" للمراكز" القانونية السابقة‪:‬‬
‫يكون المركز القانوني وآثاره المترتبة عليه في ظل قانون جديد خاضعة له‪.‬‬
‫ولكن يثار" األشكال إذا كان تطوين المركز في ظل قانون قديم بينما" آثاره نشأت" بعد صدور قانون جديد‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬إدا صدر قانون جديد ينظم التأمين ضد إصابات العمل ينطبق على اإلصابات" التي حدثت قبل‬
‫العمل به متى كانت" آثارها" لم تحدث وتظهر إال في ظل القانون الجديد ‪.‬‬
‫‪-3‬انطباق القانون" الجديد على انقضاء" المراكز القانونية‪:‬‬
‫إذا انقضـى مركز قانوني في ظل سابق على القانون الجديد يطبق القانون" األخير النقضاء المركز‬
‫بالقانون" القديم ولو تكون خالله المركز القانوني‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫(‪ -)1‬قررت المحكمة العليا في القضية رقم ‪ 44507‬بتاريخ‪:1987-02-23 ":‬‬
‫" بأنه ال يسرى القانون" إال على ما يقع في المستقبل وال يكون له أثر رجعي ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقاً" للقانون‪".‬‬
‫‪-‬ولما كان من الثابت في قضية الحال أن الدعوى رفعت قبل صدور قانون األسرة فإن قضاة الموضوع الذين قضوا برفع النفقة اعتماداً على المادة‬
‫‪ 79‬من قانون األسرة طبقوا قانونا ً غير موجود وقت الواقعة‪.‬‬
‫‪-‬ومتى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه "‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مثال‪ :‬إذا كان القانون" اشترط إلنقضاء الدين قبول المدين لإلبراء" الصادر عن الدائن‪ "،‬وصدر قانون جديد‬
‫يكتفي بإرادة الدائن وحده‪.‬‬
‫ب‪-‬االستثناء من قاعدة األثر المباشر‪ :‬كما سبق وأن رأينا أن األثر المباشر" للقانون يمتد إلى المستقبل‬
‫ويوجد على هذا االستثناء" على هذه القاعدة في حالة اآلثار" الخاصة" بالمراكز" القانونية القدية‪.‬‬
‫ومضمون هذا االستثناء أن اآلثار المستقبلة" للعقود المستمرة والتي أبرمت قبل العمل بالقانون" الجديد‬
‫يسـرى عليها القانون القديم ويطلق على هذا االستثناء " األثر المستمر للقانون القديم " إذ بمقتضاه يستمر‬
‫القانون" القديم في حكم اآلثار المترتبة" على مراكز قانونيةتكونت وفقا للقانون" القديم‪.‬‬
‫وتبرير ذلك االستثناء هو مبدأ " العقد شريعة المتعاقدين " واحترام إرادةالمتعاقدين حتى ال يؤدي ذلك‬
‫إلى اإلخالل بالتوازن" العقدي بالنسبة" ألطرافه وطالما لن يترتب" عليه إهدار الحقوق الغير وال يخالف النظام" العام‬
‫أو اآلداب العامة‪.‬‬
‫وقد نص القانون" المدني في المادة ‪ 106‬على " العقد شريعة المتعاقدين‪ "،‬فال يجوز نقضه وال تعديله إال‬
‫باتفاق الطرفين أو لألسباب التي يقررها" القانون "‪.‬‬
‫وقد استقرت" قرارات المحكمة العليا على تأكيد ذلك في قراراتها بان" العقد شريعة المتعاقدين فال يجوز‬
‫نقضه وال تعديله إال باتفاق الطرفين أو لألسباب التي يقررها القانون‪ ،‬والقضاء" بغير ذلك يعد خرقا ً للقانون"‬
‫وتجاوز للسلطة"(‪.)1‬‬

‫المحاضرة الحادية عشر‬

‫المحور الخامس‬
‫إلغاء القانون‬
‫‪ -102‬يقصد بإلغاء القانون عدم العمل بالقاعدة القانونية سواء بتغييرها أو إلغائها نهائيا‪.‬‬
‫القانون ليس مؤبدا فله بداية ونهاية‪ "،‬حيث له نطاق زمني‪ :‬يبدأ من تاريخ نفاذه والعمل به وينتهي‬
‫باإللغاء أي رفع وإزالة قوته الملزمة" وإنهاء العمل به وعدم ترتيب" آثاره‪.‬‬
‫ويقتصـر إلغاء القانون على آثاره المستقبلية" ( األثر الفوري ) فال يرجع للماضي ( عدم الرجعية )‪.‬‬

‫سلطة اإللغاء‬
‫‪ -103‬القاعدة أن السلطة التي تكلك إلغاء القاعدة القانونية هي التي تملك إنشاءها" أو سلطة أعلى منها‪،‬‬
‫ألن من يملك األكثر يملك األقل‪.‬‬
‫وقد نصت المادة الثانية" ( فقرة أولى ) من القانون" المدني الجزائري على أنه‪:‬‬
‫" ال يجوز إلغاء القانون" إال بقانون" ال حق ينصر صراحة على هذا اإللغاء "‬
‫ومعنى ذلك‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫(‪-)1‬القضية رقم ‪ 29500‬في‪.1983-02-07 :‬‬
‫‪ -‬القضية رقم ‪ 49174‬في‪1987-06-17 :‬‬
‫‪-‬القضية رقم ‪ 182863‬في‪1998 -12-08 :‬‬

‫‪35‬‬
‫أ‪-‬النص الدستوري ال يلغى إال بنص الدستور‪.‬‬
‫ب‪-‬القانون ال يلغى إال بقانون آخر أو بالدستور‪.‬‬
‫جـ‪-‬الالئحة ( مرسوم رئاسي ) ال تلغى إال بنص الئحة أو قانون‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن للدستور أن يلغي القانون" أو الالئحة" ألنه القانون" األعلى" واألسمى ولكن ال يجوز لالئحة" أو‬
‫القانون" إلغاء نص دستوري‪ ،‬ألن التشـريعات" ليست" من نوع واحد وإنما هي متدرجة بحسب قوتها‪ ،‬كما رأينا‬
‫( سابقا‪ ،‬فقرة ‪ 42‬وما بعدها )‪.‬‬

‫أنواع اإللغـــــــــاءـ‬
‫يأخذ إلغاء التشريع" عدة صور‪:‬‬
‫‪ -‬من حيث أثره‪ ،‬يقسم اإللغاء إلى‪ :‬إلغاء كلي وإلغاء جزئي‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حيث الطريقة" التي يتم بها‪ ،‬يقسم إلى‪ :‬إلغاء صريح وإلغاء ضمني‪.‬‬
‫أوال‬
‫اإللغاء الكلي واإللغاء الجزئي‬
‫‪ -104‬يكون اإللغاء كليا أو جزئيا‪":‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬اإللغاء" الكلي‪ :‬إذا ألغي القانون" الجديد القانون" القديم كلية بحيث" تزول جميع آثاره نهائيا ً من تاريخ‬
‫العمل بالقانون الجديد‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬ثانيا‪ ":‬ويكون اإللغاء جزئيا" إذا تم تعديل بعض نصوص وأحكام ومواد القانون فقط دون أن يمتد اإللغاء‬
‫إلى كل وجميع النصوص والمواد‪.‬‬
‫أوال‪-‬‬
‫اإللغاء الصريحـ واإللغاء الضمني‬
‫‪ -105‬أوال‪ :‬اإللغاء" الصـريح‪ :‬ويكون بصدور تشـريع جديد ينص صراحة على إلغاء التشريع السابق‪،‬‬
‫ويأخذ صورتين‪:‬‬
‫* الصورة األولى‪ :‬اإللغاء الصـريح يكون بصدور تشريع جديد ينص صراحة على مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬إلغاء التشريع" القديم أو عبارة ( يستبدل )‪.‬‬
‫‪ -‬أو إلغاء ما يخالفه" من أحكام‪.‬‬
‫* الصورة الثانية‪ ":‬أن يتضمن التشريع القائم بندا ينص على مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل بالقانون مدة مؤقتة ( ‪ 03‬سنوات مثال )‪ ،‬حيث يعتبر القانون" ملغى بعد مرور ثالث سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬العمل بالقانون لحين تحقيق أمر معين فإذا تحقق ألغي القانون‪.‬‬
‫مثال‪ :‬فرض األحكام العسكرية حتى زوال حالة الحرب‪.‬‬
‫‪ -106‬ثاني""ا‪ :‬اإللغ""اء الض""مني‪ ":‬ال ينص المش""رع على إلغ""اء التشـريع الس""ابق ص""راحة ومباش""رة وإنم""ا‬
‫يستخلص" ذلك من ظروف الحال‪ ،‬وهو ما يتجلى" في صورتين‪":‬‬
‫‪ -‬تعارض قاعدة قانونية جديدة مع قاعدة قديمة‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم التشريع" الجديد لموضوع سبق تنظيمه في تشريع قديم‪.‬‬
‫وهو ما أشار إليه القانون المدني الجزائري في الفقرة الثانية من المادة الثانية حينما نصت على أن‪:‬‬
‫" اإللغاء قد يكون ضمينا إذا تضمن القانون الجديد نصا" يتعارض" مع نص القانون القديم أو نظم من جديد‬
‫موضوعا ًسبق أن قرر قواعد ذلك القانون" القديم"‪.‬‬
‫‪ -107‬الصورة األولى‪ :‬التعارض" بين قاعدة قانونية جديدة وقاعدة قديمة‪:‬‬
‫عندما تتعارض قاعدتان معا تطبق القاعدة الجديدة التي تتعارض" مع القاعدة القديمة‪.‬‬
‫والتعارض نوعان‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫* النوع األول‪ :‬التعارض" الكلي‪ :‬إذا كان التعارض كليا ً بين قاعدتين قانونيتين ال تثور صعوبة‪ ،‬حيث‬
‫تطبق القاعدة القانونية الجديدة‪.‬‬
‫مثال‪ :‬القانون القديم يبيح عمال ما‪ ،‬والقانون" الجديد يحرمه‪.‬‬
‫وبالتالي" فإن كل ارتكاب" لذلك العمل يصبح جريمة‪.‬‬
‫* النوع الثاني‪ ":‬التعارض الجزئي‪ :‬إذا كان التعارض بين قاعدة عامة واألخرى خاصة في هذه الحالة"‬
‫نواجه فرضين‪:‬‬
‫‪ -‬الفرض األول‪ :‬إذا كانت القاعدة القانونية القديمة عامة والقاعدة القانونية" الجديدة جزئية في هذه‬
‫الحالة يجب العمل بالقاعدة القديمة ويلغى الجزء القديم المتعارض" مع القاعدة الجديدة‪.‬‬
‫‪ -‬الفرض الثاني‪ :‬إذا كانت القاعدة القانونية القديمة خاصة والقاعدة القانونية الجديدة عامة في هذه‬
‫الحالة ال تلغى القاعدة القديمة إال بقاعدة قانونية خاصة ألن الحكم الخاص" ال يلغى ضمنياً" إال بحكم خاص مثله‪،‬‬
‫إذ القاعدة أن " الخاص" يقيد العام "‬
‫مثال‪ :‬لو صدر قانون يقضـي بنقل الملكية بعد تسجيلها" لدى الموثق وشهرها ثم صدر قانون آخر يتضمن‬
‫حكما ً عاما ً بمقتضاه انتقال الملكية بأي تصـرف ناقل للملكية" يبقي دائما قانون التسجيل" والشهر قائما كحكم‬
‫خاص‪.‬‬
‫‪ -108‬الصورة الثانية‪ ":‬إذا نظم القانون الجديد موضوعا ً سبق أن قرر قواعده القانون" القديم‪ ،‬فإن هذا‬
‫األخير يعتبر ملغى ضمنيا‪.‬‬

‫‪37‬‬

You might also like