You are on page 1of 2

‫مقدمة ‪:‬‬

‫عرف المرفق العام في الجزائر‪ ،‬قبل التسعينات أسلوبين في التسيير هما األسلوب الكالسيكي ويتمث ل في‬
‫التس يير المباش ر‪ ،‬وأس لوب المؤسسة العامة ك ون أن الدول ة في ظ ل النظ ام االش تراكي‪ ،‬تتكف ل بمعظم‬
‫النشاطات التي اعتبرت مرافق عامة‪ ،‬وبالنتيجة تقليص دور المبادرة الخاصة ‪.‬‬

‫ولكن بفعل تطور الحاجيات العامة ‪،‬وتجددها وزيادة التكلفة المالية التي يتطلبها التسيير العم ومي‪ ،‬عج ز‬
‫المرفق العام على توفير خدمات في مستوى تطلع المواطنين‪ ،‬مما اس تلزم األم ر على الدول ة اللج وء إلى‬
‫القطاع الخاص إلدارة وتسيير بعض المرافق العامة‪ ،‬بالخصوص المراف ق العمومي ة االقتص ادية‪ ،‬وال تي‬
‫يمكن أن تكون مجاال للمنافسة ‪.‬‬

‫بهدف تخفيف العبء على الخزينة العمومية من جهة‪ ،‬واالستفادة من قدرات الخواص الفنية وكفاءتهم في‬
‫التسيير‪ ،‬من حيث امتالكهم للتقنيات والتكنولوجيات الحديثة‪ ،‬في توف ير الخ دمات ال تي تعج ز الدول ة عن‬
‫التحكم فيها من جهة أخرى ‪.‬‬

‫إن هذا التوجه الجديد يتماشى مع سياسة االنفتاح التي تبنته ا الجزائر بع د س نة ‪ ،1989‬من حيث تط بيق‬
‫قواعد اقتصاد السوق لمسايرة التحوالت االقتصادية ال تي يش هدها الع الم‪ ،‬تحت ت أثير فك رة العولم ة‪ ،‬من‬
‫خالل تقليص دور الدولة خاصة في المجال الصناعي والتج اري عن طري ق آلي ة تف ويض المرف ق الع ام‬
‫ألحد أشخاص القانون العام أو الخاص‪ ،‬يتولى تس ييره واس تغالله دون التن ازل كلي ا على المرف ق الع ام‪،‬‬
‫بغرض الرقي بالخدمة العمومية‪ ،‬وهو أحد عناصر اكتمال وجود المرفق العام ‪.‬‬

‫تم تكريس هذه التقنية الجدي دة في ظ ل المرس وم الرئاس ي ‪ 15/247‬المتعل ق بتنظيم الص فقات العمومي ة‬
‫وتفويضات المرفق الع ام‪ ،‬و في ه ذا الص دد نص ت الم ادة ‪ 210‬من ه ذا المرس وم‪ ،‬على األش كال ال تي‬
‫يمكن أن يتخذها تفويض المرفق العام‪ ،‬منها عقد االمتياز وااليجار وعقد التسيير والوكالة المحفزة ‪.‬‬

‫ولقد وقع االختيار على عقد الوكالة المحفزة كموضوع لبحثنا‪ ،‬بس بب أن ه أدرج ألول م رة في المنظوم ة‬
‫القانونية الجزائرية‪ ،‬مقارنة ببقية أشكال التفويض األخرى‪ ،‬فكان الدافع الرئيسي لمعالجة هذا الموض وع‪،‬‬
‫هو تسليط الضوء عليه لتوضيح معالمه‪ .‬واستنادا إلى ما سبق ذكره يمكن صياغة اإلشكالية التالية ‪:‬‬

‫الى أي مدى وفق المشرع الجزائري في ضبط أحكام عقد الوكالة المحفزة بما يحقق النجاعة في تسيير‬
‫المرفق العام ؟‬

‫المبحث االول ‪ :‬مفهوم عقد الوكالة المحفزة كأسلوب جديد لتسيير المرفق العام ‪.‬‬
‫يعتبرهذا النوع الجديد من العقود يتعلق بتسيير واستغالل المرفق العام‪ ،‬في حين نج د أن موض وع الوكال ة في إب رام العق د‬
‫اإلداري ليس محصورا في هذا المجال‪ ،‬وإنما يمكن أن يمتد إلى مجاالت أخ رى كاألش غال العام ة‪ ،‬ثم إن الوكي ل يتقاض ى‬
‫المقابل المالي في صورة ثمن محدد يدفعه إليه الشخص العام الذي وكله‪ ،‬أم ا في ظ ل عق د الوكال ة المحف زة‪ ،‬ف إن المقاب ل‬
‫المالي يرتبط ‪  ‬بصورة جوهرية بنتائج استغالل المرفق العام‪ ،‬كما يمكن للشخص العام إنهاء عقد الوكال ة في أي وقت ي راه‬
‫مناسبا‪ ،‬وفق ا ألحك ام الوكال ة المنص وص عليه ا في الق انون الم دني‪ ،‬أم ا في ظ ل عق د الوكال ة المحف زة‪ ،‬فال يح ق لم انح‬
‫التفويض إنهاء العقد بإرادته المنفردة إال تحقيقا للمصلحة العامة‪ ،‬أو عند ارتكاب صاحب التفويض لخطأ جسیم أو في حالة‬
‫حدوث قوة قاهرة‪ ،‬تؤدي إلى استحالة تنفيذ العقد بصورة نهائية ‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬التعريف التشريعي لعقد الوكالة المحفزة ‪.‬‬


‫عرف المشرع الجزائري عقد الوكالة المحفزة‪ ،‬في الفقرة الثالث ة من الم ادة ‪ 210‬من المرس وم الرئاس ي‬
‫‪ 247/15‬بأن ‪ " :‬تعهد الس لطة المفوضة للمف وض ل ه بتس يير أو تس يير وص يانة المرف ق الع ام‪ ،‬ويق وم‬
‫المفوض له باس تغالل المرف ق الع ام لحس اب الس لطة المفوض ة ال تي تم ول بنفس ها إقام ة المرف ق الع ام‬
‫وتحتفظ بإدارته‪ .‬ويدفع أجر المفوض له مباشرة من السلطة المفوضة بواس طة منح ة تح دد بنس بة مئوي ة‬
‫من رقم األعمال‪ ،‬تضاف إليها منحة اإلنتاجية وحصة من األرباح‪ ،‬عند االقتضاء ‪.‬‬

‫تحدد السلطة المفوضة باالشتراك مع المفوض له التعريفات التي يدفعها مستعملو المرف ق الع ام ويحص ل‬
‫المفوض له التعريفات لحساب السلطة المفوضة المعنية‪".‬‬

You might also like