You are on page 1of 14

‫الموضوع ‪ :‬الشراكة بين القطاعين العام و الخاص‬ ‫‪‬‬

‫العام الجامعي ‪2024-2023‬‬


‫الفصل الثالث ‪2023‬م – ‪1444‬ه‬

‫المادة ‪ :‬النشاط اإلداري‬

‫ترجــع مشــاركة القطــاع الخــاص فــي تدبيــر المرافــق العموميــة‬


‫بالمغـرب إلـى عهـد الحمايـة حيـث تـم تطبيـق األشـكال التقليديـة للشـراكة‬
‫بيـن القطـاع العـام والقطـاع الخـاص المسـماة التدبيـر المفــوض‪ .1‬وقــد‬
‫عــرف هــدا النــوع مــن التدبيــر انتعاشــة قويـة فـي التسـعينات مـن القـرن‬
‫الماضـي حيـث انخـرط المغـرب فــي سياســة توفيــر العديــد مــن الخدمــات‬
‫العموميــة مــن خــال إبـرام عقـود الشـراكة بيـن القطاعيـن العـام والخـاص‬
‫فـي شـكلها الحديـث (تعهـد الشـريك الخـاص بمسـؤولية القيـام بمهمـة شـاملة‬
‫تتضمـن التصميـم والتمويـل الكلـي أو الجزئـي والبنـاء أو إعـادة التأهيل‬
‫وصيانة أو استغالل منشأة أو بنية تحتية ) أو التقليدي أي التدبيـر المفـوض‪.‬‬
‫وبالنظــر إلــى شــيوع هــدا النمــط األخيــر مــن الشــراكة بيــن القطاعيــن‬
‫العــام والخــاص بالمغــرب ‪,‬ســنركز تحليلنــا علــى التدبيــر المفــوض‬
‫لتبيــان آثــاره مــن زاويــة الحقــوق اإلقتصاديــة واالجتماعيــة والمجتمــع‬
‫المدنــي‪ .‬نخصــص الجــزء األول مــن هــذا التقريــر لتقديــم رؤيــة عامــة‬
‫ومعطيـات كميـة عـن تجربـة المغـرب فـي مجـال الشـراكة بيـن القطاعيــن‬
‫العــام والخــاص‪ ,‬ثــم نتطــرق فــي الجــزء الثانــي إلــى تحليـل اإلطـار‬
‫المؤسسـاتي والتشـريعي والقانونـي للشـراكة بيـن القطاعيــن العــام‬
‫والخــاص بالمغــرب ‪ .‬أمــا الجــزء الثالــث مــن هـذا التقريـر فيركـز علـى‬
‫التقييـم النقـدي للتدبيـر المفـوض لعـدد مــن الخدمــات العموميــة المحليــة‬
‫بالمــدن المغربيــة مــع رصــد آثـاره مـن وجهـة نظـر حقـوق اإلنسـان‬
‫االقتصاديـة واالجتماعيـة والمجتمــع المدنــي ‪.‬‬

‫لفهم مختلف الجوانب و اإللمام بها سنقسم هذا الموضوع الى األقسام التالية ‪:‬‬

‫‪ 1‬يعتبــر التدبيــر المفــوض عقــدا يفــوض بموجبــه شــخص معنـوي خاضـع للقانـون العـام يسـمى‘‘ المفـوض‘‘ لمـدة محـددة ‪,‬تدبير‬
‫مرفق عام يتولى مسـؤؤليته الى شـخص معنوي خاضع للقانـون العـام او اللخـاص يسـمى ‘‘المفـوض اليـه‘‘ يخـول لـه حـق تحصيـل اجـرة‬
‫مـن المرتفقيـن او تحقيـق اربـاح مـن التدبيـر المذكـور او همـا معا‪.‬يمكـن ان يتعلـق التدبيـر المفـوض كذلـك بانجاز او تدبير منشـاة عمومية‬
‫او هما معا تسـاهم في مزاولة نشـاط المرفـق العـام المفـوض‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬أنواع الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالمغرب‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تاريخ طويل من الشراكة بين القطاعْي ن العام والخاص‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬إطاٌر شراكة بين القطاعين العام والخاص مقّن ن في جانب‬
‫كبير منه‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تقييـم نقـدي للتدبيـر المفـوض بالمغـرب‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬هـدف توفيـر أفضـل جـودة بأقـل سـعر لـم يتحقـق علـى‬
‫أرض الواقـع‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلضــرار بمبــادئ العدالــة اإلجتماعيــة والمحافظــة علــى‬
‫البيئــة‬

‫المطلب األول ‪ :‬أنواع الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالمغرب‬

‫تنطوي تسمية الشراكة بين القطاعْين العام والخاص‪ ،‬بصفة عاّمة‪ ،‬على‬
‫مختلف أنماط خطاطات االتفاقيات التي يمكن‬
‫أْن تربَط شخصَا عاّما بفاعل خاّص ‪ ،‬مع تحّمل تمويلي من طرف القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬لمدة طويلة إلى حّد ما )ما بين‪ 5‬و ‪ 50‬سنة(‪ :‬الوكالة‪ ،‬تفويض‬
‫مصلحة عمومية‪ ،‬أو عقد شراكة‪.‬‬
‫وينبع التْم ييز بين مختلف أشكال الشراكة بين القطاعْين العام والخاص أساسًا‬
‫من العناصر التالية‪:‬‬

‫‪-‬أداء المستحقات‪ :‬يتحملها المستخدم في إطار الوكالة والتدبير‬


‫المفَّو ض )وتتحّملها االدولة في عقود الشراكة(؛‬
‫‪-‬تقاُسم المخاطر‪ :‬يتحّمل كّل من الشريك الخاص والمستفيد من التفويض‬
‫جميع المخاطر‪ ،‬مع أنه منصوص على تقاسمها ضمن بنود عقود الشراكة؛‬

‫‪-‬النطاق‪ :‬ترتبط كّل من الوكالة وتفويض الخْد مة‪ ،‬عموما‪ ،‬بالبنيات التحتية‬
‫والَخ َد ماتية‪ .‬وفي جميع األحوال‪ ،‬فعند انتهاء فترة التفويض‪ ،‬يتّم استرداد‬
‫الممتلكات من ِقبل الشخص المعنوي )الدولة أو الجماعة المحلية(‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تاريخ طويل من الشراكة بين القطاعْي ن العام والخاص‬

‫يعود اللجوُء إلى الشراكة بين القطاعْين العام والخاص‪ ،‬في بالدنا‪ ،‬من أجل‬
‫إْن جاز واستغالل أشغاٍل وخدماٍت عمومّية منذ بداية القرن العشرين‪ ،‬وال سّيما‬
‫في مجال تدبير وتوزيع الماء والتطهير والكهرباء‪ :‬ففي سنة ‪، 1914‬‬
‫أصبحت الشركة المغربية للتزويع ( ‪ ) SMD‬مكلفة بعمليات إنتاج وتوزيع‬
‫الماء الشروب في أْر بع مدن مغربية‪ .‬كما ُأعطي حّق االمتياز لشركات أخرى‬
‫إلنجاز مشاريع أخرى تهّم البنيات التحتية للسكك الحديدية والموانئ‪ :‬الخّط‬
‫السككي طنجة‪-‬فاس سنة‪ ، 1914‬الخط السككي فاس‪-‬مراكش سنة ‪، 1920‬‬
‫أو استغالل موانئ الدار البيضاء وفضالة )المحمدية حاليا(‪ ،‬وطنجة من طرف‬
‫فاعل اقتصادي خاّص سنة ‪. 1916‬‬

‫غْير أن هذا التوّج ه نحو التفويض عرف اتجاها معكوسا‪ ،‬بعد استقالل‬
‫المغرب‪ ،‬رافقته عملية شراء الُمقاوالت المستفيدة من التفويض‪ ،‬وخلق‬
‫احتكارات وطنية‪.‬‬
‫وكان ينبغي انتظار بداية عْق د الثمانينيات‪ ،‬مع تحرير اقتصاده إلعادة‬
‫االستقرار إلى اإلطار الماكرو‪-‬اقتصادي‪ ،‬لكْي يعوَد المغرب ثانية إلى اعتماد‬
‫التدبير الخاص لبعض المصالح العمومية‪ ،‬في أشكال متعددة‪ ،‬أهّمها التدبير‬
‫الُم َفَّو ض‪.‬‬

‫وقْد هّم التدبير المفَّو ض‪ ،‬بصفة أساسية‪ ،‬القطاعات الخدماتية‪ :‬الطرق السيارة‪،‬‬
‫النقل الحضري‪ ،‬توزيع المياه والكهرباء‪ ،‬التطهير وجمع النفايات المنزلية‪،‬‬
‫توليد الكهرباء‪ .‬أّما التفويض المتعّلق بالقطاع الفالحي )الّسقي القروّي وتْد بير‬
‫األراضي الفالحية( فهو مْو جود‪ ،‬إال أنه ال يكون إّال في حاالت نادرة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إطاٌر شراكة بين القطاعين العام والخاص مقّن ن في جانب‬
‫كبير منه‬

‫القانون المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية‬


‫إّن التشريع القانونَّي الوحيد الذي يتعلق بالتدبير المفَّو ض هو الذي يحدده‬
‫القانون رقم ‪ 54.05‬المتعلق بالتدبير‬
‫المفوض للمرافق العامة‪ ،‬الصادر في فبراير ‪ ، 2006‬والذي يعّر فه في المادة‬
‫الثانية من الباب األول كما يلي ‪:‬‬
‫» ُيعتبر التدبير المفوض عقدا يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون‬
‫العام يسمى» المفِّو ض« لمدة محددة‪ ،‬تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى‬
‫شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى «المفَّو ض إليه «‪،‬‬
‫يخول له حق تحصيل أجرة من المْر تفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور‬
‫أو هما معا‬
‫يمكن أْن يتعلق التدبير المفوض كذلك بإنجاز أو تدبير منشأة عمومية أو هما‬
‫معا تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض‪.‬‬
‫َي ْح ُك ُم هذا القانون االتقاقياِت التي تتعلق ب‪:‬‬
‫تفويِض تدبير َم ْر فق عمومي من طرف مؤّسسة عمومية أو جماعة‬ ‫‪‬‬
‫محّلية إلى شريك و‪ /‬أو؛‬
‫تفويض إنجاز و‪ ⁄‬أو تدبير منشأة عمومية تساهم في مزاولة نشاط‬ ‫‪‬‬
‫المرفق العام‪.‬‬

‫ويدمج القانون مسألة االستئجار والكفالة )يدقق القانون بأن الكفالة تهّم إنجاز‬
‫و‪ ⁄‬أو تدبير منشأة عمومية تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفَّو ض( ‪.‬‬

‫غير أّن الّد ولة توجد خارج نطاق تنفيذ القانون رقم ‪ ، 54 - 05‬إّال أّن هذه‬
‫الوضعية تّم تداركها وتصحيحها ضمن أحكام مشروع القانون رقم ‪86 - 12‬‬
‫الذي أدمج ضْم ن نطاقه كّال من الدولة والمقاوالت والمؤسسات العمومية‪،‬‬
‫لكّن ه أقصى هذه المّر ة الجماعات الحلّية‪ .‬ومن نتائج وضع هذا اإلطار‬
‫التشريعي من حصول تقّد م تصاعدّي في اللجوء إلى التدبير المفَّو ض‪.‬‬

‫فمن الناحية التشريعية‪ ،‬يقّد م مشروع القانون ضمانة مزدوجة للقطاع الخاص‪:‬‬
‫إمكانية رْه ن أماك الدولة )المادة ‪ ،(8‬واللجوء إلى التحكيم والمصالحة من‬
‫أجل تسوية النزاعات )المادة ‪ .(9‬وتبدو أحكام القانون منسجمة‪ :‬حيث أّن‬
‫حاالت المنازعات نادرة جّد ا‪ .‬إّن أهّم االختاالت التي تّم تسجيلها تتعلق‬
‫بالتطبيق والممارسة نظرا للتباين الحاصل بين الجماعات المحلية والفاعلين‬
‫االقتصاديين من أجل ضمان تتّبع العقود‪ ،‬فضا عن غياب الضبط واالستفادة‬
‫من التجارب السابقة‪ .‬وإجماًال‪ ،‬فإّن الحكامة والقدرات هما جوهر المشكل‪.‬‬

‫إّن عدم وجود تقييم موضوعي ‪ 1‬لتجربة التدبير المفَّو ض‪ ،‬يجعل من الصعب‬
‫اتخاذ قرار بخصوص نتائجه‪ ،‬غير أّن التْح صيل المختلط من طرف‬
‫المْر تفقين‪ ،‬بسبب بعض الحاالت الّصعبة‪ ،‬تترّتب عنه صورة سلبية إلى حّد ما‬
‫لدى عامة الناس بشأن التدبير المفّو ض والشراكة بين القطاعين العام‬
‫والخاص‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬في بالدنا‪.‬‬

‫إبراُم عقود الشراكة بالمغرب‬

‫على الّر غم من غياب تشريع قانونّي خاص بالشراكة بين القطاعْين العام‬
‫والخاص‪ ،‬فإّن المغرَب أنجز‪ ،‬في حاالت محّد دة وخاّصة )تعاقدية محض(‬
‫مجموعة من المشاريع في إطار عقود شراكة بين القطاعين العام والخاص ‪.‬‬

‫نماذج من الشراكات الُم برمة بين القطاعين العام والخاص‬

‫ومن أْج ل ُمواكبة هذا النوع من الَم شاريع‪ ،‬حسب مديرّية الُمقاوالت الُعمومية‬
‫والخْو صصة‪ ،‬تّم إنشاء خلّية عمل مكلفة بالشراكة بين القطاعين العام‬
‫والخاص‪ ،‬بوزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬سنة ‪ ، 2010‬وهي الخلّية التي شرعت‬
‫في العمل منذ ما يربو على الّسنة‪ .‬وتتكّو ن أساسًا من ُمهندسين ومن أطر‬
‫استفادوا من حصص تكوينية تتعلق بكيفية إبرام شراكات بين القطاعين العام‬
‫والخاص‪ ،‬وال سّيما في إطار تْو َأمة مؤسساتية ما بين الوزارة األلمانية المكلفة‬
‫باالقتصاد والتكنولوجيا بشراكة مع مْج موعة ُمقاوالت القطاع العام بإيرلندا‬
‫الشمالية‪ .‬وباإلضافة إلى مهمتها المتمّثلة في المساعدة التقنية‪ ،‬تتوّلى هذه‬
‫الخلّية مهّمة نشر المعايير‪ .‬وقد عملت‪ ،‬فْض ال عن تْو فير المعلومات‪ ،‬على‬
‫إعداد ُك تّيبات ووثائق ووضعها رهن إشارة الشركاء اإلداريين‪.‬‬

‫وقد جاء اإلطاُر التشريعُّي ‪ ،‬المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعْين العام‬
‫والخاص‪ ،‬لكْي يؤّط ر هذه الممارسة‪ ،‬وبالتالي يسّر ع من االستثمارات‬
‫العمومية في مجال البنيات التحتّية اإلدراية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مع‬
‫الُمحافظة على الجْو دة وعلى ُك لفة الخدمات‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تقييـم نقـدي للتدبيـر المفـوض بالمغـرب‬

‫نهــدف فــي هــذا الجــزء إلــى الوقــوف علــى مــدى مســاهمة التدبيــر‬
‫المفــوض بالمغــرب فــي ضمــان الحقــوق االجتماعيــة إشــراك الســاكنة‬
‫فــي بلــورة واالقتصاديــة للمواطــن المغربــي و عقـود التدبيـر المفـوض‬
‫ومراقبـة تنفيذهـا ‪ .‬وسـنحاول أن نبيـن بـأن التدبيـر المفـوض قـد فشـل فـي‬
‫تحقيـق هـذه األهـداف وأن المســتفيد األكبــر مــن هــذه التجربــة هــي‬
‫الشــركات المتعــددة الجنسـية التـي أوكل اليهـا تدبيـر المرفـق العـام التابـع‬
‫للجماعـات المحليــة ‪.‬‬
‫ســندرس تباعــا نجاعــة هــذا النمــط مــن التدبيــر فــي توفيــر أفضــل‬
‫جــودة بأقــل ســعر )‪ )Money for Value‬إهمــال حقوقــه ثــم نقيــم‬
‫تأثيــره علــى ظــروف عيــش المواطــن و اإلقتصاديـة واإلجتماعيـة بعـد‬
‫ذلـك سـنتطرق لقضايـا المشـاركة الشــعبية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬هـدف توفيـر أفضـل جـودة بأقـل سـعر لـم يتحقـق علـى‬
‫أرض الواقـع‬

‫تســعى الســلطات العموميــة مــن خــال التدبيــر المفــوض إلــى توفيـر‬


‫خدمـة عموميـة ذات جـودة وبأقـل سـعر للمواطـن فـي حيـن تهـدف الشـركة‬
‫المفـوض لهـا إلـى تعظيـم األربـاح التـي تجنيهـا مـن اإلسـتثمار فـي المرافـق‬
‫العموميـة المحليـة‪ .‬فالـى أي مـدى تــم التوفيــق بيــن هاتيــن المقاربتيــن‬
‫للمرفــق العمومــي المحلــي بالمغــرب؟‬
‫ينبغــي التنويــه بــأن التطــرق لتقييــم التدبيــر المفــوض للمرافــق العموميـة‬
‫المحليـة يعتريـه العـدد مـن الصعوبـات أهمهـا صعوبـة الولوج إلى المعلومات‬
‫والمعطيات والحسابات المتعلقة بشركات التدبيـر المفـوض فـي المغـرب‬
‫وعلـى الصعيـد العالمـي علـى حـد ســواء‪ .‬بالتالــي ســنقوم بتقييمنــا النقــدي‬
‫فــي حــدود المعطيــات المتوفـرة مركزيـن علـى المؤشـرات التاليـة‪ :‬األسـعار‬
‫‪ ,‬الكفـاءة ‪ ,‬جـودة الخدمـة‪.‬‬
‫المنحى التصاعدي األسعار شركات التدبير المفوض‪.‬‬
‫لقــد بينــت تجربــة الخصخصــة فــي مختلــف أشــكالها ) التدبيــر‬
‫المفــوض‪ ,‬عقــود االمتيــاز‪ ,‬عقــود اإليجــار ‪ ,‬الــخ (‬
‫أنهـا تـؤدي فـي معظـم األحيـان الـى الزيـادة فـي أسـعار الخدمـات العموميــة‬
‫(المــاء‪ ,‬الكهربــاء‪ ,‬النقــل‪ ,‬اإلتصــاالت‪ ) ......‬وهــذا راجـع الـى عـدة‬
‫أسـباب مـن بينهـا تطبيـق مبـدأ اسـترداد التكاليـف إضافـة هامـش الربـح‬
‫للشـركة المفـوض ‪ ) ,)Recovery-Cost‬و لهــا وضــرورة تمويــل‬
‫‪2‬‬
‫اســتثمارات توســيع الشــبكة أوصيانتهــا وتجديدهــا‬

‫‪2‬‬
‫‪ . Privatization Water , E Lobina and D Hall 2008 April,psiru.‬بالنســبة لقطــاع المــاء انظــر علــى ســبيل المثــال‬
‫وعــادة مــا تلجــأ الشــركات المفــوض لهــا إلــى النفــخ فــي حجــم‬
‫اإلســتثمارات الضروريــة عنــد توقيــع العقــد كــي تحصــل علــى الحــق‬
‫فــي رفــع تســعيرة المتــر مكعــب مــن المــاء مثــال‪ ,‬وذلــك باتفــاق مــن‬
‫الســلطة المفوضــة‪.‬‬
‫بالنسـبة لحالـة المغـرب‪ ,‬أشـار التقريـر األخيـر للمجلـس األعلـى للحســابات‬
‫حــول التدبيــر المفــوض والمشــار إليــه ســابقا إلــى أن مــن أهــم‬
‫المؤاخــذات علــى هــذا النمــط مــن التدبيــر للمرفــق العمومــي المحلــي‬
‫الزيــادات فــي التســعيرة علــى حســاب القــدرة الشـرائية للمسـتهلكين‪.‬‬
‫فالتسـعيرة األعلـى لتوزيـع المـاء سـجلت بمدينة الدارالبيضاء حيث تنشط‬
‫المجموعة الفرنسية ‪ SUEZ‬باإلضافة إلـى مدينتـي وجـدة وآسـفي المسـيرة‬
‫مـن طـرف الوكالـة المسـتقلة التابعة مباشـرة لمجلس الحكم المحلي‪ .‬أما أقل‬
‫تسـعيرة فسـجلت علـى مسـتوى الوكالـة المسـتقلة لمدينـة العرائـش‪ .‬نفـس‬
‫المالحظـة تسـري علـى قطـاع الصـرف الصحـي حيـث سـجلت التسـعيرة‬
‫األعلـى بالدارالبيضـاء – المحمديـة والوكالـة الحضريـة لمدينـة مراكـش‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة لتوزيــع الكهربــاء‪ ,‬فقــد عرفــت مدينــة طنجــة التــي تســير‬
‫‪ VEOLIA‬الشــركة الفرنســية مرفقهــا العمومــي المحلــي أعلــى تســعيرة‬
‫علــى اإلطــالق فــي كافــة المــدن المغربيــة‪.‬‬
‫مــن جهــة أحــرى‪ ,‬الحــظ تقريــر المجلــس األعلــى للحســابات بـأن‬
‫شـركات التدبيـر المفـوض لقطـاع النقـل رفعـت عـدة مـرات مــن تســعيرة‬
‫ركــوب حافالتهــا بشــكل أحــادي وفــي تجاهــل تــام لمعادلـة مراجعـة‬
‫التسـعيرة المنصـوص عليهـا فـي عقـد التدبيـر المفــوض‪ ,‬وقــد عرفــت‬
‫بعــض خطــوط النقــل التابعــة لشــركة ”مدينــا بــاس“ بالدارالبيضــاء‬
‫زيــادة فاقــت ‪ % 60‬منــذ ‪ 2004‬حســب تقريــر المجلــس األعلــى‬
‫للحســابات‪ .3‬كمــا أن هــذه الشـركات لـم تطلـب أي ترخيـص مـن السـلطات‬
‫المفوضـة‪ .‬ان هــذه الزيــادات شــكلت ضربــة قويــة للقــدرة الشــرائية‬

‫‪3‬‬
‫تقرير المجلس ص ‪112‬‬
‫لمســتعملي النقـل العمومـي اذ تشـكل كلفـة التنقـل حسـب وزارة الداخليـة‬
‫‪4‬‬
‫‪ %15‬إلــى ‪ %18‬مــن الحــد األدنــى أللجــور‪.‬‬

‫خيــرا ‪ ,‬تعــرف تســعيرة جمــع النفايــات (قطــاع النظافــة) مــن طــرف‬


‫الخــواص زيــادة ملحوظــة مقارنــة مــع التســعيرة المطبقــة فــي حــال‬
‫التدبيــر المباشــر مــن طــرف الجماعـة المحليـة المنتخبة‪.‬ففـي مدينـة‬
‫أغاديـر‪ ,‬يوفـر المجلـس البلــدي خدمــة جمــع النفايــات فــي شــروط جيــدة‬
‫وبتســعيرة ال تتعــدى ‪ 210‬درهــم للطــن الواحــد مقابــل الضعــف فــي‬
‫المــدن االخــرى )‪.5‬‬

‫وبالنسـبة لواليـة الرباط‪-‬سـا قـدرت تكلفـة جمـع النفايـات عـن طريق الوكالة‬
‫الحضرية بحوالي ‪ 255‬درهم للطن دون احتساب تناقـص القيمـة‪ ,‬فـي حيـن‬
‫بلغـت نفـس التكلفـة ‪ 333‬درهـم للطـن الواحــد فــي ‪ 27‬جماعــة تحــت‬
‫نظــام التدبيــر المفــوض خــالل لفتـرة ‪ 2009-2007,‬بـل وصلـت الـى‬
‫‪ 548‬درهـم للطـن فـي جماعــات النواصــر‪ ,‬بوســكورة‪ ,‬دار بوعــزة واوالد‬
‫صالــح ‪6‬أمـا معـدل التسـعيرة علـى الصعيـد الوطنـي فقـد بلـغ ‪ 417‬درهـم‬
‫للطـن علمـا بـأن شـركات التدبيـر المفـوض اسـتحوذت علـى ‪ % 80‬مـن‬
‫اجمالـي معامـات المرفـق العمومـي لجمـع النفايـات فـي المدن المغربية مقابل‬
‫‪ % 20‬فقط بالنسـبة للتدبير المباشـر من طـرف الجماعـات المحليـة‪.‬‬

‫كفاءة شركة التدبير المفوض‬


‫نظــرا لنــدرة المعطيــات‪ ,‬ســنقتصر علــى قطــاع توزيــع المــاء والكهربـاء‬
‫والصـرف الصحـي (وقطـاع النظافـة)‪ .‬بالنسـبة لمؤشـر الحـد مـن ضيـاع‬

‫‪4‬‬
‫تقرير المجلس ص ‪105‬‬
‫‪5‬‬
‫أنظــر تصريــح الســيد طــارق القبــاج رئيــس المجلــس البلــدي لمدينــة أكاديــر لصحيفــة ليكونوميســت رقــم ‪3/10/2012 3880‬‬
‫‪ . 6‬ينبغـي مراعـاة كـون تسـعيرة التدبيـر المفـوض تتضمـن كذلــك تناقــص القيمــة وتكلفــة رأس المــال واألربــاح والضرائــب بخـاف‬
‫التدبيـر المباشـر‬
‫المـاء‪ ,‬يالحـظ بـأن شـركات التدبيـر المفـوض تمكنت من تحسـين هذا‬
‫المؤشـر مقارنة مع الوكاالت المسـتقلة‪ .‬غيـر أن شـركة ريـدال المدبـرة لهـذه‬
‫الخدمـة بمدينـة الربـاط هـي التــي تمكنــت لوحدهــا مــن اللحــاق بالوكالــة‬
‫المســتقلة لمدينــة أكاديـر التـي سـجلت أقـل نسـبة ضيـاع للمـاء علـى‬
‫اإلطـالق‪.‬‬
‫أمــا المؤشــر الثانــي‪ ,‬فيتعلــق بإنتــاجيــة العمــل التــي تحســنت بشــكل‬
‫ملمــوس بعــد تولــي شــركات التدبيــر المفــوض تســيير قطـاع المـاء‬
‫والكهربـاء والصـرف الصحـي علـى سـبيل المثـال‪ ,‬سـجل معـدل عـدد‬
‫العامليـن لـكل ألـف زبـون انخفاضـا بأكثـر مـن ‪ % 50‬حسـب دراسـة للبنـك‬
‫الدولـي‪ .7‬ونجـم هـذا التحسـن فــي إنتاجيــة العمــل باألســاس عــن تســريح‬
‫مهــم للعمــال قــارب ‪ . %20‬كمـا سـاعدت عوامـل أخـرى كارتفـاع عـدد‬
‫الزبنـاء بفعـل ارتفـاع نسـبة الربـط بشـبكات المـاء والكهربـاء والصـرف‬
‫الصحـي وعصرنـة أسـاليب التدبيـر علـى الزيـادة فـي إنتاجيـة العمـل هاتـه‪.‬‬
‫إضافـة الـى هـذا تمكنـت الـوكاالت المسـتقلة مـن تحقيـق تحسـن أكبـر فـي‬
‫إنتاجيـة العمـل مقارنـة مـع شـركات التدبيـر المفـوض هـذا دون اللجـوء إلـى‬
‫تسـريح العمـال (جـدول رقـم ‪ ,)5‬ممـا يحـدد مـن فعاليـة وكفـاءة التدبيـر‬
‫المفـوض‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلضــرار بمبــادئ العدالــة اإلجتماعيــة والمحافظــة علــى‬


‫البيئــة‬
‫‪Partnerships Private-Publi , P Martin Washington ,Bank World ,Utilities Urban for‬‬ ‫‪7‬‬
‫لقـد اسـتغلت شـركات التدبيـر المفـوض غيـاب أي إلـزام قانونـي باإلحتفــاظ‬
‫بالعمالــة التــي كانــت تشــتغل ســابقا بالــوكاالت المسـتقلة‪ 8‬للتخلـص مـن‬
‫جـزء غيـر يسـير مـن األجـراء كمـا أشـرنا سـابقا بالنسـبة لقطـاع المـاء‬
‫والكهربـاء والصـرف الصحـي مثـال‪ .‬عـالوة علـى ذلـك‪ ,‬لجـأت شـركات التدبيـر‬
‫المفـوض لقطـاع النظافـة الـى التشـغيل المؤقـت بشـكل مفـرط ‪ ,8‬ممـا فاقـم‬
‫مـن وضعيــة الهشاشــة التــي تعانــي منهــا الشــغيلة وســاهم فــي عــدم‬
‫تحقيــق األهــداف المســطرة فــي عقــود التدبيــر المفــوض نظــرا لعــدم‬
‫اســتقرار األجــواء واســتحالة تراكــم الخبــرة وانعــدام فــرص التكويــن‬
‫للعمالــة المؤقتـة‪.‬‬
‫مـن جهـة أخـرى لـم تلتـزم شـركات التدبيـر المفـوض بالتزاماتهـا فيمــا‬
‫يتعلــق بربــط العائــات الفقيــرة بشــبكة المــاء والكهربــاء والصـرف‬
‫الصحـي‪ .‬ففـي مدينـة طنجـة مثـا‪ ,‬لـم تنجـز شـركة أمانديــس التابعــة‬
‫للمجموعــة ‪.‬‬
‫إال ‪ 3030‬عمليــة ربــط مــن أصــل العشــرة آالف (‪ )10000‬التــي‬
‫تعهــدت بتنفيذها ‪ VEOLIA‬الفرنســية ‪.‬‬
‫خالل الخمس سنوات األولى من دخول التدبير المفوض حيز التطبيـق‪ .9‬نفـس‬
‫اإلخفـاق تـم تسـجيله بمدينـة الدارالبيضـاء حيــث ثــم تنفيــذ ‪ 45806‬عمليــة‬
‫ربــط اجتماعــي فــي ظــرف عشـر سـنوات مـن أصـل تسـعين ألـف (‬
‫‪10‬‬
‫‪ )90000‬مـن طـرف شـركة ليديـك التابعـة للمجموعـة الفرنسـية ‪Suez.‬‬
‫علـى مسـتوى آخـر‪ ,‬كان لنشـاط شـركات التدبيـر المفـوض اثـر سـلبي علـى‬
‫البيئـة‪ .‬وهـذا تجلـى علـى الخصـوص فـي قطاعـي النقــل والنظافــة‪.11‬‬
‫فتقــادم حافــالت النقــل العمومــي وقلــة عمليــات المراقبــة التقنيــة‬
‫الدوريــة لهــا وتكــدس هــذه الحافــات فـي عـدد محـدود مـن فضاءلـت‬
‫‪8‬‬
‫‪ -Ma Newsletter ,Lefebvre Francis Bureau CMS 17 no 2006, sept , roc.‬انظــر علــى ســبيل المثــال‬
‫‪ 9‬انظــر ‪Amen’d cas 2005 . oct ,Casablanca ISCAE,Tanger dis Essai , S Oirdighi potable eau’d déléguée - ,‬‬
‫‪gestion la de service du évaluation’d‬‬
‫‪.cit .op ,Saadi 10‬‬
‫‪ 11‬تقريــر المجلــس االعلــى للحســابات ص ‪ 148 106‬و ‪154‬‬
‫الوقـوف‪ ,‬كلهـا عوامـل سـاعدت علـى تدهـور البيئـة فـي عـدد مـن المـدن‬
‫المغربيـة‪ .‬أمـا بالنسـبة لقطـاع النظافـة‪ ,‬فيالحـظ غيـاب دراسـات الجـدوى‬
‫واألثـر القبليـة علــى النظــام البيئــي‪ .‬كمــا ينجــم عــن عمليــات دفــن‬
‫النفايــات انتشــار الروائــح الكريهــة والســائل المرشــح داخــل وخــارج‬
‫المطــارح العموميــة‪.‬‬
‫رغـم أن الشـراكة بيـن القطـاع العـام والقطـاع الخـاص بالمغـرب كنمــط‬
‫لتدبيــر المرفــق العمومــي تعــود الــى عهــد الحمايــة اال انهـا عرفـت‬
‫تطـورا ملحوظـا خـال العقديـن االخيريـن مـن القـرن الماضــي‪ ,‬إذ انخــرط‬
‫المغــرب بدعــم وتوجيــه مــن المؤسســات الماليــة الدوليــة فــي مسلســل‬
‫متواصــل مــن االصالحــات النيوليبراليــة ترمــي الــى لبرلــة اإلقتصــاد‬
‫وخصخصــة القطــاع العـام مـع اعتمـاد سياسـة تقشـفية علـى صعيـد الماليـة‬
‫العموميـة‪ .‬ورغــم ســيطرة الشــكل التقليــدي للشــراكة علــى تدبيرالمرفــق‬
‫العمومــي المحلي‪,‬فقــد أخــذت االشــكال الجديــدة التــي يعهــد بموجبهـا الـى‬
‫الشـريك الخـاص بمهمـة شـاملة تتضمـن التصميـم والتمويــل والبنــاء او‬
‫اعــادة التاهيــل وصيانــة او اســتغاالل منشـاة او بنيـة تحتيـة فـي التبلـور‬
‫خـالل العقـد األول مـن القـرن الواحـد وعشـرين‪ ,‬خاصـة فـي قطـاع الطاقـة‬
‫والموانيء‪.‬وتعكـس سـيطرة الشـركات المتعـددة الجنسـية علـى صفقـات‬
‫الشـراكة بيـن القطاعيـن العـام والخـاص هاجـس البحـث عـن منافـذ واسـواق‬
‫جديـدة للراسـمال الصناعـي والمالـي الكبيـر الـذي يهيمـن علـى اقتصــادات‬
‫البلــدان الراســمالية المتقدمــة والمؤسســات الماليــة الدوليــة التــي تتحكــم‬
‫فيهــا‪.‬‬

You might also like