You are on page 1of 132

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية ‪:16‬‬

‫األمن الغذائي في ضوء المتغيرات المحلية والعالمية‬

‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع ‪:15‬‬


‫األسرة في ظل التحديات المعاصرة‬

‫محور خاص‪:‬‬
‫الشاعر محمد الدميني‪ :‬مغامرة االشتغال بالنص الحر‬

‫ ¦دراسات ونقد‬ ‫ ¦معرض فنان في سكاكا فلسفة وفن‬


‫ ¦نصوص‬ ‫ ¦قراءة سيميائيّ ة في تجربة الشاعرة‬
‫ ¦قراءات‬ ‫نبيلة الخطيب‬

‫أمير الجوف يستقبل الفائزين بجائزة مركز‬


‫عبدالرحمن السديري الثقافي ألبحاث الزيتون‬

‫غار حضرة النبطي بمدينة سكاكا‬

‫‪78‬‬
‫الئحة برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية والفكرية ودعم‬
‫البحوث والرسائل العلمية يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف‬

‫‪ -1‬نشر الدراسات واإلبداعات األدبية والفكرية‬


‫يهتم بالدراسات‪ ،‬واإلبداعات األدبية‪ ،‬ويهدف إلى إخراج أعمال متميزة‪ ،‬وتشجيع حركة‬
‫اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز‪.‬‬
‫ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير‪.‬‬
‫مجاالت النشر‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الدراسات التي تتناول منطقة الجوف ومحافظة الغاط في أي مجال من المجاالت‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلبداعات األدبية والفكرية بأجناسها المختلفة (وفقاً لما هو مب ّين في البند «‪ »٨‬من شروط النشر)‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الدراسات األخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف ومحافظة الغاط (وفقاً لما هو مب ّين في البند «‪ »٨‬من‬
‫شروط النشر)‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫‪ -١‬أن تتسم الدراسات والبحوث بالموضوعية واألصالة والعمق‪ ،‬وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن تُكتب المادة بلغة سليمة‪.‬‬
‫‪ -٣‬أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً‪ ،‬وأن يتم الحصول على موافقة صاحب الحق‪.‬‬
‫‪ -٤‬أن تُق ّدم المادة مطبوعة باستخدام الحاسوب على ورق (‪ )A4‬ويرفق بها قرص ممغنط‪.‬‬
‫‪ -٥‬أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومناسبة‬
‫للنشر‪.‬‬
‫‪ -٦‬إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية‬
‫فصيحة‪.‬‬
‫‪ -٧‬أن يكون حجم المادة ‪ -‬وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه ‪ -‬على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الكتب‪ :‬ال تقل عن مئة صفحة بالمقاس المذكور‪.‬‬
‫‪ -‬البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة يصدرها المركز‪ :‬تخضع لقواعد النشر في‬
‫تلك المجالت‪.‬‬
‫‪ -‬الكتيبات‪ :‬ال تزيد على مئة صفحة‪( .‬تحتوي الصفحة على «‪ »250‬كلمة تقريباً)‪.‬‬
‫‪ -٨‬فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر‪ ،‬فيشمل األعمال المقدمة من أبناء وبنات‬
‫منطقة الجوف‪ ،‬إضافة إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام‪ ،‬أما ما يتعلق بالبند (ج)‬
‫فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات المنطقة فقط‪.‬‬
‫‪ -٩‬يمنح المركز صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إصداره‪ ،‬إضافة إلى‬
‫مكافأة مالية مناسبة‪.‬‬
‫‪ -١٠‬تخضع المواد المقدمة للتحكيم‪.‬‬
‫‪ -2‬دعم البحوث والرسائل العلمية‬
‫يهتم بدعم مشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات املتعلقة مبنطقة اجلوف‬
‫ومحافظة الغاط‪ ،‬ويهدف إلى تشجيع الباحثني على طرق أبواب علمية بحثية جديدة يف‬
‫معاجلاتها وأفكارها‪.‬‬
‫(أ) الشروط العامة‪:‬‬
‫‪ -١‬يشمل الدعم املالي البحوث األكادميية والرسائل العلمية املقدمة إلى اجلامعات‬
‫واملراكز البحثية والعلمية‪ ،‬كما يشمل البحوث الفردية‪ ،‬وتلك املرتبطة مبؤسسات غير‬
‫أكادميية‪.‬‬
‫‪ -٢‬يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة متعل ًقا مبنطقة اجلوف ومحافظة الغاط‪.‬‬
‫‪ -٣‬يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة جدي ًدا يف فكرته ومعاجلته‪.‬‬
‫‪ -٤‬أال يتقدم الباحث أو الدارس مبشروع بحث قد فرغ منه‪.‬‬
‫‪ -٥‬يقدم الباحث طل ًبا للدعم مرف ًقا به خطة البحث‪.‬‬
‫‪ -٦‬تخضع مقترحات املشاريع إلى حتكيم علمي‪.‬‬
‫‪ -٧‬للمركز حق حتديد السقف األدنى واألعلى للتمويل‪.‬‬
‫‪ -٨‬ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل إجراء تعديالت جذرية تؤدي إلى تغيير‬
‫وجهة املوضوع إال بعد الرجوع للمركز‪.‬‬
‫‪ -٩‬يقدم الباحث نسخة من السيرة الذاتية‪.‬‬
‫(ب) الشروط اخلاصة بالبحوث‪:‬‬
‫‪ -١‬يلتزم الباحث بكل ما جاء يف الشروط العامة (البند «أ»)‪.‬‬
‫‪ -٢‬يشمل املقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬توصيف مشروع البحث‪ ،‬ويشمل موضوع البحث وأهدافه‪ ،‬خطة العمل ومراحله‪،‬‬
‫واملدة املطلوبة إلجناز العمل‪.‬‬
‫‪ -‬ميزانية تفصيلية متوافقة مع متطلبات املشروع‪ ،‬تشمل األجهزة واملستلزمات‬
‫املطلوبة‪ ،‬مصاريف السفر والتنقل والسكن واإلعاشة‪ ،‬املشاركني يف البحث من‬
‫طالب ومساعدين وفنيني‪ ،‬مصاريف إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة‪.‬‬
‫‪ -‬حتديد ما إذا كان البحث مدعو ًما كذلك من جهة أخرى‪.‬‬
‫(ج) الشروط اخلاصة بالرسائل العلمية‪:‬‬
‫إضافة لكل ما ورد يف الشروط اخلاصة بالبحوث (البند «ب») يلتزم الباحث مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -١‬أن يكون موضوع الرسالة وخطتها قد أق ّرا من اجلهة األكادميية‪ ،‬ويرفق ما يثبت ذلك‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن يُق ّدم توصية من املشرف على الرسالة عن مدى مالءمة خطة العمل‪.‬‬

‫الجـوف ‪ 42421‬ص‪ .‬ب ‪ 458‬هاتف‪ 0 14 6245992 :‬فاكس‪014 6247780 :‬‬


‫‪info@alsudairy.org.sa‬‬
‫هاتف‪ 016 4422497 :‬فاكس‪016 4421307 :‬‬ ‫الغــاط ‪ 11914‬ص‪.‬ب ‪ 63‬‬
‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬ ‫الرياض ‪ 11614‬ص‪ .‬ب ‪ 94781‬هاتف‪ 011 4999946 :‬جوال‪055 3308853 :‬‬

‫‪www.alsudairy.org.sa | info@alsudairy.org.sa‬‬ ‫‪Alsudairy1385‬‬ ‫‪016 4422 497‬‬ ‫‪0553308853‬‬


‫مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري‬
‫رئيسً ا‬ ‫فيصل بن عبدالرحمن السديري ‬
‫عضوًا‬ ‫سلطان بن عبدالرحمن السديري ‬
‫د‪ .‬زياد بن عبدالرحمن السديري العضو المنتدب‬
‫ملف ثقايف ربع سنوي يصدر عن‬
‫عضوًا‬ ‫عبدالعزيز بن عبدالرحمن السديري ‬
‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬سلمان بن عبدالرحمن السديري ‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬عبدالواحد بن خالد الحميد ‬ ‫هيئة النشر ودعم األبحاث‬
‫عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬خليل بن إبراهيم المعيقل ‬ ‫رئيسً ا‬ ‫د‪ .‬عبدالواحد بن خالد الحميد ‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضوًا‬ ‫عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬خليل بن إبراهيم المعيقل ‬
‫سلمان بن عبدالمحسن بن محمد السديري عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن السدير ي عضوًا‬
‫طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري عضوًا‬ ‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬علي دبكل العنزي ‬
‫سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري عضوًا‬ ‫عضوًا‬ ‫محمد بن أحمد الراشد ‬

‫قواعد النشر‬ ‫أسرة التحرير‬

‫‬‪ -1‭‬أن‬ ‪‭‬تكون‬ ‪‭‬املادة‬ ‪‭‬أصيلة‬ ‪.‭‬‬ ‫املشرف العام‬ ‫إبراهيم بن موسى احلميد ‬
‫محررا‬
‫ً‬ ‫ ‬ ‫محمود الرمحي‬
‫‪ ‭‬-2‬لم‬ ‪‭‬يسبق‬ ‪‭‬نشرها‬ ‪‭‬ورق ًيا‬ ‪‭‬أو‬ ‪‭‬رقم ًيا‬‪‭.‬‬
‫محررا‬
‫ً‬ ‫ ‬ ‫محمد صوانة‬
‫‪ ‭‬-3‬تراعي‬ ‪‭‬اجلدية‬ ‪‭‬واملوضوعية‬‪‭.‬‬ ‫اإلخراج الفني‪ :‬خالد الدعاس‬
‫‬‪ -4‭‬تخضع‬ ‪‭‬املواد‬ ‪‭‬للمراجعة‬ ‪‭‬والتحكيم‬ ‪‭‬قبل‬ ‪‭‬نشرها‬‪‭.‬‬ ‫هاتف‪)+966()14(6263455 :‬‬ ‫املراســــــالت‪ :‬‬
‫‬‪ -5‭‬ترتيب‬ ‪‭‬املواد‬ ‪‭‬يف‬ ‪‭‬العدد‬ ‪‭‬يخضع‬ ‪‭‬العتبارات‬ ‪‭‬فنية‬‪‭.‬‬ ‫فاكس‪)+966()14(6247780 :‬‬
‫ص‪ .‬ب ‪ 458‬سكاكا اجلـوف ‪ -‬اململكة العربية السعودية‬
‫‬‪ -6‭‬ترحب‬ ‪‭‬اجلوبة‬ ‪‭‬بإسهامات‬ ‪‭‬املبدعني‬ ‪‭‬والباحثني‪‭‬‬
‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬
‫‬والكتّاب‪‭ ‬ ،‬على‬ ‪‭‬أن‬ ‪‭‬تكون‬ ‪‭‬املادة‬ ‪‭‬باللغة‬ ‪‭‬العربية‬‪‭.‬‬ ‫‪aljoubahmag@alsudairy.org.sa‬‬
‫ردمد ‪ISSN 1319 - 2566‬‬
‫‮«‬اجلوبة‬‪‭‬‮»‬ من‬‪‭‬األسماء‬‪‭‬التي‬‪‭‬كانت‬‪‭‬تُطلق‬‪‭‬على‬‪‭‬منطقة‬‪‭‬اجلوف‬‪‭‬ساب ًقا‬‪‭.‬‬ ‫سعر النسخة ‪ 8‬رياالت ‪ -‬تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع‬
‫املقاالت املنشورة ال تعبر بالضرورة عن رأي املجلة والناشر‪.‬‬ ‫ريال واملؤسسات ‪ً 60‬‬
‫ريال‬ ‫االشتراك السنوي لألفراد ‪ً 50‬‬

‫يُعنى املركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط‪ ،‬ويقيم املناشط املنبرية الثقافية‪،‬‬
‫برنامجا للنشر ودعم األبحاث والدراسات‪ ،‬يخدم الباحثني واملؤلفني‪ ،‬وتصدر عنه مجلة‬ ‫ً‬ ‫ويتبنّى‬
‫ً‬
‫(أدوماتو) املتخصصة بآثار الوطن العربي‪ ،‬ومجلة (اجلوبة) الثقافية‪ ،‬ويضم املركز كل من‪( :‬دار‬
‫العلوم) مبدينة سكاكا‪ ،‬و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط‪ ،‬ويف كل منهما قسم للرجال وآخر‬
‫للنساء‪ .‬ويتم متويل املركز من مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية‪.‬‬

‫‪Alsudairy‬‬ ‫‪1385‬‬ ‫‪0553308853‬‬


‫الـمحتويــــات‬ ‫العدد ‪ - ٧٨‬شتاء ‪١٤٤٤‬هـ (‪٢٠٢٣‬م)‬

‫االفتتاحية ‪٤ .............................................................................‬‬
‫منتــدى األميــر عبدالرحمــن بــن أحمــد الســديري األمــن الغذائــي فــي ضــوء المتغيــرات‬
‫‪٦‬‬ ‫المحلية والعالمية‪.‬‬
‫منتــدى منيــرة بنــت محمــد الملحــم لخدمــة المجتمــع األســرة فــي ظــل التحديــات‬
‫‪١٨‬‬ ‫المعاصرة‪.‬‬
‫َّص الحُ ِّر ‪29 ................‬‬
‫محور خاص‪ :‬الشاعر محمد الدميني‪ :‬مغامرةُ االشتغالِ بالن ِّ‬
‫قراءة في تجربة محمد الدميني الشعرية ‪ -‬أحمد بوقري‪٣٠ ..........................‬‬
‫محمد الدميني‪ ،‬يكتب كمن يبالغ في الصمت‪ - !..‬قاسم حداد ‪٣٧ ....................‬‬
‫محمد الدميني في ديباجة روحانية‪ - !..‬د‪ .‬فوزية أبو خالد ‪٣٩ .......................‬‬
‫درامــا انكســارات الــذات ووعيهــا بفلســفة المــكان فــي ديــوان (ســنابل فــي منحــدر)‬
‫‪٤٣‬‬ ‫‪ -‬د‪ .‬هويدا صالح‪.‬‬
‫قصيــدة محمــد الدمينــي‪ ..‬تنـوّع اإلحســاس بالزمــن هــو شــاعريتها بامتيــاز  ‪ -‬محمــد‬
‫‪٤٩‬‬ ‫الحرز‪.‬‬
‫رؤي ُة العالم في «أيام لم يدّخرها أحد» ‪ -‬د‪ .‬إيمان عبدالعزيز المخيلد ‪٥٢ ............‬‬
‫محمد الدميني‪ ،‬ننتظر معه هبوط المطر‪ - !..‬هناء حجازي‪٥٦ .......................‬‬
‫‪6..........................‬‬
‫الشاعر محمد الدميني ‪ -‬حاوره عمر بوقاسم‪٥٨ ......................................‬‬
‫دراسات ونقد‪ :‬شعرية الطبيعة قراءة سيميائيّة في تجربة نبيلة الخطيب ‪-‬‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫د‪ .‬إبراهيم مصطفى محمّد الدّهون ‪٦٨ ...............................................‬‬ ‫األمن الغذائي في ضوء المتغيرات المحلية والعالمية‬
‫نصوص‪ :‬اإلجاب ُة ‪ -‬د‪ .‬سعاد فهد السعيد‪٧٣ .............................................‬‬
‫مجرّد نظرة! ‪ -‬هشام بنشاوي‪٧٩ .......................................................‬‬
‫الغريبُ الذي صار جزءًا مني؟ ‪ -‬عبدالرحمن محمد األحمدي‪٨٢ .....................‬‬
‫عتب ُة القرية ‪ -‬فتاح المقطري ‪٨٣ .......................................................‬‬
‫حبر في الفجر ‪ -‬عائشة بناني‪85 ......................................................‬‬
‫قصيدة الطفل السعودي في يوم التأسيس ‪ -‬محمد عسيري‪86 .......................‬‬ ‫‪18...............................‬‬
‫‪18‬‬
‫حكاية سمراء ‪ -‬أحمد اللهيب ‪88 .......................................................‬‬
‫امرأةٌ من صلصال ‪ -‬لينا فيصل المفلح‪٨٩ .............................................‬‬
‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‬
‫عيناك أقسى ‪ -‬مالك الخالدي ‪90 .....................................................‬‬
‫ِ‬ ‫األسرة في ظل التحديات المعاصرة‬
‫أبقى بحجم الغياب قُربًا ‪ -‬ليال الصوص ‪91 ...........................................‬‬
‫نوافذ‪ :‬غار حضرة النبطي بمدينة سكاكا ‪ -‬المحرر الثقافي ‪92 .........................‬‬
‫منتدى منيرة الملحم في وجيب األسرة السعودية ‪ -‬د‪ .‬هياء السمهري‪94 ............‬‬
‫ضفاد ُع «ذي الرُمة» تشرب من «بِركة باشو» ‪ -‬عبداهلل بيال ‪97 ........................‬‬
‫وعيُ الحركة األدبية بذاتها ‪ -‬صالح القرشي‪99 .......................................‬‬
‫رفاه ّي ُة التأجيل ‪ -‬أحمد الجميد ‪101 ....................................................‬‬
‫‪31...............................‬‬
‫‪31‬‬
‫عا ُم الشعر ‪ 2023‬ديوا ُن العرب ‪ -‬محمد علي حسن الجفري‪103 .......................‬‬ ‫قراءة في تجربة‬
‫تقاريــر‪ :‬النشــاط الثقافــي (يونيــو ‪ -‬ديســمبر ‪ )2021‬فــي مركــز عبدالرحمــن الســديري‬ ‫محمد الدميني الشعرية‬
‫‪108‬‬ ‫الثقافي ‪ -‬محمد صالح أبو عمر‪..‬‬
‫مركــز عبدالرحمــن الســديري الثقافــي يقيــم معــرض فنــان فلســفة وفــن بمدينــة‬
‫‪115‬‬ ‫سكاكا ويكرم الفنانين المشاركين ‪ -‬كتب فيصل الدغماني‪.......‬‬
‫أميــر منطقــة الجــوف اســتقبل المديــر العــام والفائزيــن بإمــارة منطقــة الجــوف ‪-‬‬
‫‪119‬‬ ‫المحرر الثقافي ‪.‬‬
‫قراءات‪ :‬سب ُع رسائل إلى صالح بن طريف‪122 ...................................................‬‬
‫‪98.............................‬‬
‫‪98‬‬ ‫‪.............................‬‬
‫قراءة في سيرة ماري أنطوانيت ‪ -‬صفية الجفري ‪123 ..................................‬‬
‫الصفحة األخيرة‪ :‬في معنى أن تقرأ ‪ -‬هاشم الجحدلي‪128 ..................................‬‬ ‫غار حضرة النبطي بمدينة سكاكا‬
‫نحت فني وعين‬
‫■ إبراهيم بن موسى احلميد‬

‫يسهم مركز عبدالرحمن السديري الثقافي في الحراك الشامل للثقافة السعودية التي باتت‬
‫إضافة مهمة إلى ثقافتها العربية‪ ،‬بما تضيفه من لَبِنات زاهية تبني على الماضي بطموحات‬
‫المستقبل؛ إذ تقوم رسالة المركز على أن يكون نافذة من نوافذ العلم والمعرفة والثقافة‪ ،‬ومركزًا‬
‫فاعل في خدمة المجتمع‪ ،‬وذلك من خالل السعي لتقديم‬
‫ً‬ ‫رائدًا للبحث العلمي واألدبي‪ ،‬وعضوًا‬
‫البرامج الثقافية والمعرفية بالتفاعل والمشاركة مع المجتمع المحلي‪ ،‬وتفعيل دور مكتباته العامة‬
‫وتطويرها من خالل أنظمة المعلومات وأوعيتها المختلفة‪.‬‬

‫وقد أصبحت مكتبة دار العلوم بالجوف تضم كتبًا تزيد عن (‪ )1٧0.000‬كتاب‪ ،‬إضافة إلى ما‬
‫يزيد عن ‪ 250‬عنوان صحيفة ومجلة‪ ،‬كما بلغ عدد المستفيدين من أنشطة الدار بالمركز‪ ،‬خالل‬
‫العام األخير ‪ ،2022‬أكثر من ‪ 68‬ألف شخص‪ ،‬فيما بلغ عدد البرامج ‪ 85‬برنامجً ا جرى تنفيذها‬
‫لخدمة شتى النواحي الثقافية والعلمية‪.‬‬

‫ولطالما التفتت أعناق المهتمين إلى هذا المركز بوصفه أحد أبرز المؤسسات الثقافية التي‬
‫تعنى بفكر االنسان وقيمته الثقافية وأبعادها الحضارية بما استطاع أن يبنيه من مداميك راسخة‬
‫في الفكر والثقافة الممتدة من األسالف إلى األحفاد‪ ،‬وبما يبنيه من صروح جاوزت حدود المكان‬
‫والزمان لتعانق السحب بطموحات عالية وإستراتيجيات ريادية سبق فيه العديد من المراكز‬
‫والجهات العاملة في المجال الثقافي؛ ما وضعه في مكانه الكبير‪ ،‬الذي يتبوأه اليوم كأحد أبرز‬
‫المؤسسات الثقافية التي تواكب النهضة التي تعيشها المملكة في ظل القيادة الرشيدة‪.‬‬

‫لقد عقد منتدى األمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية ست عشرة دورة‪ ،‬عقدت‬
‫بالتناوب سنويا بين مدينتي سكاكا والغاط‪ ،‬ناقش من خاللها قضايا مهمة من قضايا الوطن على‬
‫امتداد هذه األعوام؛ وهذا يؤكد أن المركز كان على اتصال وثيق بنبض الوطن واهتمامات مواطنيه‬

‫افتتاحية‬ ‫العدد ‪78‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪4‬‬
‫حامل معه رؤاهم‪ ،‬وتطلعاتهم‪ ،‬وأحالمهم‪ ،‬حتى بات منتداه السنوي للدراسات السعودية راسخً ا‬
‫ً‬
‫ومؤثرًا وحلمًا يراود المهتمين أن يبلغوا بعض نجاحاته ومواسمه‪.‬‬

‫كما عقد منتدى منيرة بنت محمد الملحم خمس عشرة دورة من منتداه السنوي في الغاط‬
‫مضيئًا على أحد الموضوعات المهمة للمجتمع السعودي على مستوى المملكة‪.‬‬

‫وإذا كان المركز قد حقق نجاحات مضيئة في منتدياته السنوية بفعل حرص هيئاته الناظمة‬
‫وإدارته االستشرافية على إشراك أكبر قدر من المهتمين والمتخصصين في دوراته وفاعلياته‪ ،‬فإنه‬
‫لم يتوقف عند هذا الحد‪ ،‬بل بادر إلى ابتكار العديد من البرامج والفعاليات ودعمها‪ ،‬ومنها برنامج‬
‫النشر‪ ،‬الذي يقوم بنشر الدراسات واإلبداعات األدبية‪ ،‬ودعم البحوث والرسائل العلمية‪ ،‬ونجد‬
‫عديد من البحوث بجميع أنواعها‪ ،‬والدراسات واإلبداعات األدبية‬
‫ٍ‬ ‫أنه كانت له الريادة في خلق‬
‫بهدف إخراج أعمال متميزة‪ ،‬وتشجيع حركة اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو‬
‫أصيل ومتميّز‪ ،‬ويشمل ذلك أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير‪ ،‬إضافة إلى برنامج دعم‬
‫األبحاث الذي يهتم بمشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات المتعلقة بالجوف والغاط‪ ،‬كما‬
‫أبواب علمية بحثية جديدة في معالجاتها وأفكارها‪ ،‬حتى‬
‫ٍ‬ ‫يهدف إلى تشجيع الباحثين على طَ رْقِ‬
‫أن البرنامج أوجد مكتبة جديدة لم تكن لتتوفر بدون رؤية المركز اإلستراتيجية التي مكّنت من‬
‫استقطاب كتاب وباحثين للكتابة حول القضايا التي يختارها المركز‪ ،‬نتج عنها مؤلفات باتت مراجع‬
‫مهمة للباحثين في قضايا عديدة‪ ،‬إضافة إلى إصدار مجلة الجوبة لخدمة األدب والثقافة‪ ،‬وكذلك‬
‫مجلة أدوماتو المتخصصة في مجال التاريخ واآلثار‪.‬‬

‫ويُحسب للمركز أيضا ريادته في مجال النشاط الثقافي المنبري سواء حضوريًا أم عن طريق‬
‫الشبكية‪ ،‬إذ يقيم عشرات المحاضرات وورش العمل‪ ،‬والمسابقات‪ ،‬والمبادرات‪ ،‬والبرامج العامة‪،‬‬
‫وملتقيات القراءة‪ ،‬وبرامج الطفل‪ ،‬واالستضافات‪ ،‬والمشاركة المجتمعية الخارجية‪ ،‬والمناسبات‬
‫الوطنية‪ ،‬والجوائز‪ ،‬والمنتديات‪ ،‬والمهرجانات‪ ،‬والبرامج التدريبية‪ ،‬ودعم الدراسات الميدانية‪.‬‬

‫وما بين تاريخ إنشاء األمير عبدالرحمن السديري‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬مكتبة دار العلوم بسكاكا عام‬
‫‪1383‬هـ(‪1963‬م)‪ ،‬وعام ‪ 1444‬هجرية (‪2023‬م) قفزات كبيرة وإنجازات مدهشة‪ ،‬جعلت من مركز‬
‫عبدالرحمن السديري الثقافي أحد أبرز المؤسسات الثقافية في المملكة العربية السعودية والعالم‬
‫العربي التي يشار إليها كأحد النجاحات الثقافية الوطنية‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫افتتاحية‬
‫برعاية صاحب السمو الملكي أمير منطقة الجوف‬
‫فيصل بن نواف بن عبدالعزيز‬

‫في دورته السادسة عشرة‬

‫ضوء‬
‫ِ‬ ‫الغذائي في‬
‫ُّ‬ ‫األمن‬
‫ُ‬
‫المتغيّرات المحليّة والعالميّة‬
‫■ كتب‪ :‬محمد صوانة‬

‫برعاية صاحب السمو الملكي األمـيــر فيصل بــن نــواف بــن عبدالعزيز‪ ،‬أمير منطقة‬
‫الجوف‪ ،‬افتتح وكيل إمــارة المنطقة‪ ،‬حسين بن محمد السلطان أعمال منتدى األمير‬
‫عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية في دورته السادسة عشرة‪ ،‬التي عقدت‬
‫في قاعة دار العلوم بالجوف بمدينة سكاكا بعنوان‪ « :‬األمن الغذائي في ضوء المتغيرات‬
‫المحلية والعالمية»‪ ،‬وذلك يوم السبت ‪ 11‬ربيع اآلخر‪1444‬هـ (‪ 5‬نوفمبر ‪2023‬م)‪ ،‬بحضور‬
‫جمع من المشاركين والمدعوين من المختصين واألكاديميين والخبراء والمهتمين‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫لــلــشــؤون التنظيمية‪ ،‬ود‪ .‬ريــم بنت فهد‬ ‫تضمن المنتدى جلستي حوار نوقشت‬
‫السكيت‪ ،‬من قسم علوم صحة المجتمع‪،‬‬ ‫خاللهما الموضوعات المتعلقة باألمن‬
‫بجامعة الملك سعود‪ ،‬وم‪ .‬إبراهيم بن صالح‬ ‫الغذائي على المستوى المحلي وتأثره‬
‫الربدي‪ ،‬مدير مركز التنمية المستدامة‬ ‫بــالــتــطــورات الــتــي تــحــدث على الصعيد‬
‫بجامعة القصيم‪ ،‬وم‪ .‬عــبــداهلل بــن علي‬ ‫العالمي‪ ،‬وشــارك في جلستي الحوار كل‬
‫الدبيخي‪ ،‬الرئيس التنفيذي فــي شركة‬ ‫من أ‪ .‬د‪ .‬سليمان بن علي الخطيب‪ ،‬الوكيل‬
‫األقطار للتطوير العقاري‪ ،‬ود‪ .‬إبراهيم بن‬ ‫المساعد للزراعة‪ ،‬بــوزارة البيئة والمياه‬
‫عبدالعزيز التركي‪ ،‬رئيس اللجنة الوطنية‬ ‫والزراعة‪ ،‬ود‪ .‬محمد بن صالح العمري‪،‬‬
‫للزراعة وصيد األسماك باتحاد الغرف‬ ‫نائب محافظ المؤسسة العامة للحبوب‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪6‬‬
‫التجارية‪ ،‬واألســتــاذ محمد بــن إبراهيم‬
‫الفوزان‪ ،‬نائب محافظ المؤسسة العامة‬
‫للحبوب لشؤون الحبوب والمشرف العام‬
‫على إستراتيجية األمــن الغذائي‪ .‬وأدار‬
‫ندوة المنتدى األستاذ جمال المعيقل‪ ،‬مدير‬
‫اإلدارة االقتصادية في القناة اإلخبارية‪.‬‬

‫كلمة المدير العام‬


‫وألــقــى سلطان بــن فيصل السديري‪،‬‬
‫مدير عام مركز عبدالرحمن السديري‪،‬‬
‫كلمة افتتاح المنتدى‪ ،‬فقال‪ :‬إن اختيار‬
‫سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري‬ ‫موضوع (األمن الغذائي في ضوء المتغيرات‬
‫مدير عام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬ ‫المحلية والعالمية)؛ في هذه الدورة يأتي‬
‫وقــــال ال ــس ــدي ــري نــرجــو أن يسهم‬ ‫استشعارًا ألهمية هــذا الــمــوضــوع؛ بعد‬
‫التطورات األخيرة على المستوى العالمي‪،‬‬
‫المشاركون في هذا المنتدى بتقديم الرؤى‬
‫ابْتداء بجائحة كورنا ثم الحرب الروسية‬
‫األوكرانية‪ ،‬وآثار ذلك على األمن الغذائي والمقترحات التي تستفيد منها الجهات‬
‫ذات العالقة في مجال األمن الغذائي‪.‬‬ ‫العالمي‪.‬‬

‫الحضور أثناء ندوة المنتدى‬

‫‪7‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫السديري‪ ،‬إلــى التقدير الكبير لصاحب‬ ‫وأكد أن المركز َد َرجَ منذ تأسيسه قبل‬
‫السمو الملكي األمير فيصل بن نواف بن‬ ‫ستين عامًا على اإلسهام في خدمة الثقافة‬
‫عبدالعزيز على دعمه المتواصل ألنشطة‬ ‫في المملكة‪ ،‬من خالل ما وفره من مكتبات‬
‫المركز وبرامجه الثقافية‪ ،‬ولكل المبادرات‬ ‫عــامــة‪ ،‬وبــرامــج لــدعــم الــبــحــوث والنشر‬
‫الثقافية والمجتمعية التي تقام في منطقة‬ ‫وأنشطة المركز المنبرية المتنوعة التي‬
‫ال ــج ــوف؛ مــا ك ــان لــه أطــيــب األثـــر لــدى‬
‫تبث من خالل المنصات الرقمية فأضحى‬
‫القائمين على هذه المراكز والمؤسسات‬
‫جمهورها المتلقي مــن مختلف مناطق‬
‫الثقافية‪ ،‬وشكّل حــافـزًا للجميع لتقديم‬
‫المملكة ومــن العديد من الــدول العربية‬
‫المزيد لخدمة وطننا في المجال الثقافي‪.‬‬
‫الشقيقة ودول العالم بشكل عام‪.‬‬
‫مع ّبرًا عن شكره لسمو أمير منطقة الجوف‬
‫على رعايته لهذا المنتدى‪.‬‬ ‫وأشـــــار مــديــر عـــام الــمــركــز سلطان‬

‫ندوة المنتدى‬
‫حلقة الحوار األولى‬
‫المتحدثون‪:‬‬
‫د‪ .‬محمد بن صالح العمري‪ ،‬ود‪ .‬ريم بنت فهد السكيت‪ ،‬وم‪ .‬إبراهيم بن صالح الربدي‪،‬‬
‫وم‪ .‬عبداهلل بن علي الدبيخي‪.‬‬
‫إدارة الندوة‪ :‬أ‪ .‬جمال المعيقل‪.‬‬

‫افتتح مدير الندوة األستاذ جمال المعيقل‪ ،‬بوجه عام‪ .‬وقــال‪ :‬إنني أحمل له الكثير من‬
‫الجلسة األولى‪ ،‬فبدأ بالترحيب بالمشاركين الذكريات الجميلة‪ ،‬وبخاصة هذا المكان‪ ،‬دار‬
‫في هذا المنتدى‪ ،‬وشكر إدارة المركز على العلوم بالجوف‪ ،‬وقد ازداد اليوم رونقًا وبهجة‬
‫تنظيم هذه الندوة‪ ،‬لما لألمن الغذائي الوطني‬
‫بحضور هذا الجمع من المهتمين بموضوع‬
‫من أهمية كبرى‪ ،‬وبخاصة بعد التغيرات التي‬
‫األمن الغذائي الذي يناقشه المنتدى‪ .‬وضجّ‬
‫طرأت على الصعيد الدولي‪ .‬وقال إن مركز‬
‫الجمهور بالتصفيق عندما قال مدير الندوة‪:‬‬
‫عبدالرحمن السديري الثقافي يعد صرحً ا‬
‫ثقافيًا قدّم الكثير للمنطقة‪ ،‬كما أنه يتميز «كما أشعر بالسعادة لحضور والدتي‪ ،‬وهي‬
‫بجودة إنتاجه الفكري واألدبي والثقافي‪ ،‬في واح ــدة مــن ســيــدات منطقة الــجــوف‪ ،‬التي‬
‫خدمة منطقة خدماته بشكل خاص‪ ،‬والمملكة تحضر معنا اليوم‪ ،‬وتجلس بينكم اآلن»‪.‬‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪8‬‬
‫ورحّ ـــب مــديــر الــنــدوة بــفــرســان الجلسة‬
‫األولى التي ستناقش المحور األول عن األمن‬
‫الغذائي في ضوء المتغيرات العالمية‪.‬‬

‫المتحدث األول‪:‬‬
‫الدكتور محمد العمري‪،‬‬
‫نائب محافظ المؤسسة العامة للحبوب‬
‫للشؤون التنظيمية‬
‫قال د‪ .‬العمري‪ ،‬إن مفهوم األمن الغذائي لم‬
‫يكن معروفًا سابقًا‪ .‬لكن مع توسّ ع المجتمعات‬
‫مدير الندوة‪ :‬أ‪ .‬جمال المعيقل‬
‫البشرية‪ ،‬وزيــادة عدد السكان بدأ التفكير‬
‫بتخزين الغذاء‪ ،‬ألوقــات ال تتوافر فيها تلك‬
‫األغذية‪ ،‬ثم تطور االهتمام فأخذت الدول‬
‫تهتم باالدخار والتخزين‪ ،‬لتأمين قوت الناس‪،‬‬
‫ومع زيادة االحتياج للغذاء بشكل واسع‪ ،‬أصبح‬
‫تعريف األم ــن الــغــذائــي حسب المنظمات‬
‫الدولية واألمــم المتحدة هو المقدرة على‬
‫توفير الغذاء الكافي بصفة مستمرة وبشكل‬
‫دائم‪ ،‬وصار من مكونات األمن القومي للدول‬
‫وسيادتها‪.‬‬
‫الدكتور محمد بن صالح العمري‬
‫وقال الدكتور العمري إن الحرب الروسية‬
‫الــيــوم‪ ،‬وتــأثــر سالسل اإلمـ ــداد‪ ،‬واستدامة‬ ‫األوكرانية جعلت مختلف دول العالم تعيد‬
‫اإلنتاج‪ ،‬أحدثت تأثيرات سلبية جدًا‪ ،‬تختلف‬ ‫التفكير من جديد بأمن شعوبها الغذائي؛‬
‫من دولة ألخــرى‪ .‬مثال في المملكة العربية‬ ‫فروسيا وأوكرانيا تنتجان معا ‪ %30‬من الكمية‬
‫المتاحة للبيع في العالم‪ ،‬أي أن ثلث اإلنتاج‬
‫السعودية نعتمد على األرز بشكل كبير جدًا‬
‫العالمي المتاح للتصدير والتبادل التجاري‬
‫في غذائنا اليومي‪ ،‬وهو ما يشكل انعكاسات‬
‫تعرض لتأثير كبير بسبب الحرب‪ ،‬فــزادت‬
‫سلبية إذا حدث ‪-‬ال قدّر اهلل‪ -‬أي خلل ذي بال‬
‫األســعــار بأكثر مــن خمسين دوالرًا للطن‬
‫في سالسل اإلمداد‪ ،‬أو لدى الدول المصدّرة‬ ‫الواحد؛ ما تسبب في حــدوث ارتباك لدى‬
‫لتلك السلعة؛ فاألمن الغذائي يقاس أحيانا‬ ‫الدول غير المنتجة‪.‬‬
‫بمستوى توافر السلع األساس‪.‬‬
‫إن جــائــحــة ك ــورن ــا‪ ،‬وال ــح ــرب الــروســيــة‬
‫ومن الدورس المستفادة من تلك األزمات‬ ‫األوكرانية‪ ،‬والتضخم االقتصادي الحاصل‬

‫‪9‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫الدولية‪ ،‬أشــار الدكتور العمري إلــى سعي‬
‫الــدول ليكون لديها إنتاج محلي يحقق على‬
‫األق ــل األم ــن الــغــذائــي النسبي‪ ،‬مــن خالل‬
‫التركيز على اإلنتاج المحلي لتفادي الصعوبات‬
‫والتذبذبات التي تحصل في األسواق العالمية‪.‬‬
‫وثانيًا‪ ،‬عقد شراكات طويلة المدى مع كبار‬
‫المنتجين والموردين‪ ،‬وثالثًا‪ ،‬التقليل من نسبة‬
‫الفقد والهدر في األغذية والمواد األساس‪:‬‬
‫فهناك فقد كبير جدًا في الغذاء على مستوى‬
‫المهندس عبداهلل بن علي الدبيخي‬ ‫العالم‪ .‬ورابعًا دعم سالسل اإلمداد من خالل‬
‫دعم المالحة البحرية الوطنية بحيث يكون‬
‫الــغــذاء واستهالكه سيبقى‪ .‬وهــنــاك قضية‬
‫لها دوره ــا وإسهامها فــي تأمين استيراد‬
‫مرتبطة ارتباطا قو ّيًا جدًا باألمن الغذائي‪،‬‬
‫الــمــواد الغذائية األســـاس‪ ،‬تفاديا الرتفاع‬
‫هي قضية ال َفقْد والهدر‪ ،‬وهذا أمر إذا لم يتم‬
‫أسعار الشحن وأسعار المنتجات األساس في‬
‫التحكم به وإدارته بشكل جيد‪ ،‬فسيكون عائقًا‬
‫البلدان المنتجة‪ ،‬فهذه من األمور التي ينبغي‬
‫كبيرًا جدًا أمام األمن الغذائي‪.‬‬
‫أن تؤخذ في الحسبان‪ ،‬لتخفيض تكاليف‬
‫وأشار المهندس الدبيخي إلى أن المشكلة‬ ‫أيضا‬
‫االستيراد‪ .‬ومن الــدروس المستفادة ً‬
‫تكمن في التوزيع؛ فالعالم ينتج نحو ‪ 778‬مليون‬ ‫ينبغي على الدول المستوردة أن تتوسع في‬
‫طن من القمح‪ ،‬بينما تبلغ الصادرات منه ‪193‬‬ ‫إنشاء الوحدات التخزينية؛ سواء الصوامع‬
‫مليون طن‪ ،‬أي نحو ‪%25‬؛ ويبلغ إنتاج العالم‬ ‫أو المستودعات الكبيرة لمواجهة مثل هذه‬
‫من األرز ‪ 514‬مليون طن‪ ،‬بينما ال ي َُصدَّ ر منه‬
‫األزمات‪.‬‬
‫إال ‪ %10‬فقط‪ ،‬أي أن نسبة عالية من اإلنتاج‬
‫ُخصص لالستهالك المحلي‪ .‬وكمية اإلنتاج‬ ‫ت َّ‬ ‫المتحدث الثاني‪:‬‬
‫من مادة الشعير تصل إلى ‪ 145‬مليون طن‪،‬‬ ‫المهندس عبداهلل بن علي الدبيخي‪،‬‬
‫بينما يخصص فقط ‪ 30‬مليون طن للتصدير‪،‬‬ ‫أما المهندس عبداهلل الدبيخي‪ ،‬فأشار‬
‫أي ما نسبته ‪ ،%20‬والمملكة تعد من أكبر‬ ‫إلــى أن األمــن الغذائي مصطلح متشعّب‪،‬‬
‫ال ــدول المستوردة للشعير؛ مــا يجعل هذه‬ ‫وله تعريفات كثيرة جدًا‪ ،‬وسيظل الغذاء يُنتج‬
‫السلعة من المواد التي تشكّل لدينا خطورة‬ ‫في أماكن معينة من العالم‪ ،‬ويُحتاج له في‬
‫كبيرة جدًا؛ لكوننا نضطر الستيرادها‪ .‬وهنا‬ ‫أماكن أخرى‪ .‬كما سنظل في المملكة العربية‬
‫يأتي دور التصنيع والتسويق الذكي للمنتج‪.‬‬ ‫السعودية نحتاج الستيراد الغذاء من الخارج‪،‬‬
‫وطــالــب الــمــهــنــدس الــدبــيــخــي بــدراســة‬ ‫ما بقي الزمان‪ ،‬ويشاركنا في ذلك العديد من‬
‫دول العالم‪ .‬وقال إن عدم التوازن في إنتاج فــكــرة مــشــروع اســتــيــراد كميات كبيرة من‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪10‬‬
‫الحبوب وتخزينها‪ ،‬بحيث يخصص ما يكفي‬
‫لالستهالك المحلي داخــل المملكة‪ ،‬ويعاد‬
‫تصدير الجزء المتبقي للدول المجاورة التي‬
‫تبحث عن تلك المواد األساس؛ فيكون لدينا‬
‫مركز استيراد وتصدير للسلع األساس؛ وفق‬
‫برنامج زمني مــدروس؛ وأشــار م‪ .‬الدبيخي‬
‫إلى التفكير جديا في إستراتيجية تصدير‬
‫المنتجات المصنعة مــن الــمــواد األســاس‪،‬‬
‫عوضا عن تصدير المواد الغذائية بشكلها‬
‫الخام؛ ما يزيد من قيمتها التصديرية‪.‬‬
‫الدكتورة ريم بنت فهد السكيت‬
‫المتحدث الثالث‪:‬‬
‫تحديات على صعيد الصحة العامة لألفراد‪،‬‬
‫الدكتورة ريم بنت فهد السكيت‬
‫منها انبعاثات غاز الكربون من قطاع األغذية‪،‬‬
‫وما يترتب على التصدير والشحن بوسائله‬ ‫قالت د‪ .‬ريــم السكيت‪ :‬إننا ال نستطيع‬
‫المختلفة؛ ويمكن أن يكون أحد الحلول لذلك‬ ‫الحديث عن األمــن الغذائي بهدف القضاء‬
‫توجه من منظمة الفاو ليكون التركيز على‬ ‫على الجوع وحسب؛ فقد تطور التعريف‪،‬‬
‫دعم أو زيادة إنتاج الخضار والفواكه محليًا‬ ‫وأض ــي ــف إلــيــه الــبــعــد الــصــحــي‪ ،‬والــنــظــام‬
‫في الدول‪ ،‬وتحفيز إنتاج المحاصيل المفيدة‬ ‫الغذائي الصحي اآلمن للجميع؛ ألن الغذاء‬
‫غير الصحي يعد المسبب األول لألمراض‬
‫صــحـ ًيــا‪ ،‬وكــذلــك االهــتــمــام بــالــجــودة وليس‬
‫المزمنة؛ وأضافت الدكتورة ريم قائلة إن سوء‬
‫الكميات‪..‬‬
‫التغذية يمكن أن يكون العامل األول المسبب‬
‫وأشارت د‪ .‬السكيت إلى أن من الدروس‬
‫للوفيات والعجز‪ ،‬فسوء التغذية مرتبط بمدى‬
‫المستفادة‪ ،‬من المتغيرات الدولية األخيرة‬
‫توافر السعرات الحرارية‪.‬‬
‫أن نفرّق بين الحلول قصيرة المدى التي‬
‫كما أكــدت أهمية تنويع مصادر الغذاء؛ يُلجأ إليها عند األزمات الطارئة‪ ،‬التي تحتاج‬
‫ففي زاويــة االستثمار في النظم الزراعية لتدخل مباشر‪ ،‬والحلول طويلة األمــد التي‬
‫ينبغي االهتمام بــأن تكون مستدامة أكثر‪ ،‬تدعونا للنظر في مدى تأثيرها على الصحة‬
‫وتغطي جانب التنوع في اإلنتاج الزراعي‪ ،‬والغذاء الصحي‪ .‬كذلك من الضروري العناية‬
‫لتغطية االحتياجات المحلية من تلك األنواع‪ .‬بأدوار الحماية االجتماعية‪ ،‬وبرامج الضمان‬
‫وقالت د‪ .‬السكيت نتمنى لسياسات التغذية االجتماعي‪ ،‬لحماية ذوي الدخل المحدود‪،‬‬
‫أن تعالج العوامل التي تهدد األمن الغذائي بشكل خــاص‪ ،‬من تأثيرات تلك التحديات‬
‫بمفهومه الشامل؛ فالغذاء الصحي المستدام‪ ،‬والمتغيرات؛ ألن التكلفة عليهم تكون أعلى‬
‫هو أحد التحديات في وقتنا الحاضر‪ .‬وهناك بكثير من قدراتهم المالية‪ ،‬وتأثرهم يكون أكبر‬

‫‪11‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫من الشرائح ذات الدخل المرتفع‪ .‬فانعدام‬
‫األمــن الغذائي عند النساء أكثر منه عند‬
‫الرجال‪ ،‬وفي كل الدول تتفاوت هذه النسبة‪،‬‬
‫ولكن هذه الحالة مكررة تقريبًا‪ ،‬وأكــدت د‪.‬‬
‫السكيت أن انعدام األمن الغذائي عند النساء‬
‫يبلغ ‪ ،%32‬مقابل ‪ %28‬عند الرجال‪.‬‬

‫المتحدث الرابع‪:‬‬
‫المهندس إبراهيم بن صالح الربدي‬
‫وتحدث المهندس إبراهيم الربدي فأكد أن‬
‫المهندس إبراهيم بن صالح الربدي‬
‫األمن الغذائي أو اإلنتاج الزراعي والحيواني‬
‫لكن كان لها في الوقت نفسه آثار سلبية كبيرة‬ ‫يرتبط بعدد من المتغيرات‪ ،‬من أهمها البنية‬
‫جدًا على المخزون من اإلنتاج الزراعي؛ فقد‬ ‫األساس‪ :‬التربة‪ ،‬والماء‪ ،‬والهواء؛ وهذا يعني‬
‫حصل لدينا نقص بنسبة تقارب الـ ‪ %20‬في‬ ‫أن أحد أبعاد التنمية المستدامة هو البعد‬
‫اإلنتاج الغذائي‪ ،‬كما أنها أ ّثــرت على شعور‬ ‫البيئي؛ فأي خلل يحدث في أي مكان بالعالم‬
‫الناس وسلوكياتهم‪ ،‬بتخزين أغذية بنسبة‬ ‫خلل مؤثرا على باقي‬
‫اليوم‪ ،‬بالنسبة لنا يعد ً‬
‫تصل إلى ‪ %25‬في بعض الدول‪ ،‬ورافق ذلك‬ ‫الدول؛ فلو حصل تلوث بيئي أو إشعاعي‪ ،‬في‬
‫امتناع كثير من الدول عن تصدير المنتجات‬ ‫أي موقع على الكرة األرضية؛ فإن الضرر لن‬
‫الغذائية‪ ،‬نتيجة القلق الــذي حصل ج ـرّاء‬ ‫يكون محصورًا في ذلك الموقع؛ بل سينسحب‬
‫جائحة كــورنــا؛ كما أدى اإلغــاق والتباعد‬ ‫تأثيره إلــى باقي أج ــزاء العالم‪ .‬ومــن أهم‬
‫والحجر الصحي إلى شحّ في اإلنتاج‪ ،‬ونقص‬ ‫األبعاد‪ ،‬الكوارث الطبيعية؛ سواء الحرائق‪،‬‬
‫في التصدير؛ فكل دولة كانت تقدم مصالحها‬ ‫أو األمطار‪ ،‬أو الفيضانات‪ ،‬أو الجفاف‪ ،‬أو‬
‫الذاتية في مجال الغذاء على مصالح الدول‬ ‫األعاصير والــريــاح‪ ،‬وغيرها؛ فهي من أهم‬
‫األخـــرى؛ فتوقفت سالسل اإلمـ ــداد؛ لكن‪،‬‬ ‫المتغيرات التي تؤثر على مساحات شاسعة‬
‫والحمد هلل يمكن أن يكون هذا هو الدرس‬ ‫من الكرة األرضية‪.‬‬
‫األول واألصعب للمملكة العربية السعودية‬ ‫والمتغير الثاني‪ ،‬هو الحروب والصراعات؛‬
‫في تجاوز أزمة تعد من أكبر األزمــات التي‬ ‫والمتغير الثالث‪ ،‬هو سالسل اإلمداد وارتفاع‬
‫مرت في التاريخ الحديث‪ ،‬فيما يتعلق بتأمين‬ ‫األســعــار نتيجة لتأثرها؛ والمتغير الرابع‬
‫الغذاء‪ ،‬وسالسل اإلمداد‪.‬‬ ‫الجوائح الطارئة التي يمكن أن تحدث دون‬
‫وانــتــشــر مــبــدأ الــتــخــزيــن ل ــدى كثير من‬ ‫سابق إنـــذار‪ ،‬كما حــدث بالنسبة لجائحة‬
‫كورونا‪ .‬فقد كان لهذه الجائحة آثــار يمكن المجتمعات‪ ،‬وقد تعلمنا من ذلك درسً ا مهمًا‪،‬‬
‫القول إنها إيجابية نسبيًا على الجانب البيئي‪ ،‬في التوعية اإلعالمية للناس‪ ،‬فينبغي أن‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪12‬‬
‫ويجب علينا اإلفادة من هذه التقنيات‪ ،‬نظرًا‬ ‫تتوافر رؤية واضحة لحملة إعالمية متوازنة‬
‫لقلة المياه عندنا‪ ،‬وتطرّف المناخ‪ .‬أما على‬ ‫لبث الطمأنينة في المجتمع المحلي؛ ألن‬
‫أيضا بحاجة إلى‬ ‫المستوى المحلي‪ ،‬فنحن ً‬ ‫ضرر الهلع أشد من ضرر نقص الغذاء‪.‬‬
‫إع ــادة تصنيف الــمــواد الغذائية بناء على‬ ‫وأكد م‪ .‬الربدي أن العالم اآلن بدأ يبني‬
‫أهميتها؛ فمثال التمور‪ ،‬اإلنتاج عندنا أكثر من‬ ‫رؤيا جديدة إلستراتيجية األمن الغذائي‪ ،‬بناء‬
‫‪ ،%100‬أي أن لدينا اكتفا ًء ذاتيًا وزيادة‪ ،‬كما‬ ‫على المتغيرات الحديثة‪ ،‬وبخاصة أنه إذا‬
‫يصل إنتاجنا لبعض الخضراوات إلى ‪%80‬‬ ‫حصلت أزمــة في منطقة مؤثرة في اإلنتاج‬
‫و‪ %70‬و‪ ،%60‬وإنتاجنا من البيض والدواجن‬ ‫الغذائي‪ ،‬فهذه مؤثرة أمن ّيًا وغذائ ّيًا‪ ،‬ومن‬
‫يتجاوز ‪ ،%60‬فما هي الخطة أو الرؤيا التي‬ ‫شأنها أن تتسبب في إعادة بناء التحالفات‬
‫تــوضــح لنا الــحــد األدن ــى لتحقيق االكتفاء‬ ‫اإلقليمية والــدولــيــة‪ .‬واألمــر الثاني‪ ،‬ظهور‬
‫الــذاتــي؛ ســواء في حالة االستقرار‪ ،‬أو في‬ ‫تقنيات حديثة س ــوا ًء بما يتعلق بتحسين‬
‫حاالت الطوارئ‪.‬‬ ‫التربة‪ ،‬وتوفير استهالك المياه‪ ،‬وغير ذلك‪،‬‬

‫حلقة الحوار الثانية‬


‫واقع األمن الغذائي‬
‫في المملكة العربية السعودية‪ ،‬والتحديات المحلية‬
‫المتحدثون‪:‬‬
‫د‪ .‬سليمان الخطيب‪ ،‬وأ‪ .‬محمد بن إبراهيم الفوزان‪ ،‬ود‪ .‬إبراهيم بن عبدالعزيز‬
‫التركي‪.‬‬
‫إدارة الندوة‪ :‬أ‪ .‬جمال المعيقل‪.‬‬

‫بدأ مدير الندوة األستاذ جمال المعيقل والغذائي في المملكة‪ ،‬بما في ذلك توضيح‬
‫قائل ستناقش هذه الجلسة الفجوة بين اإلنتاج التقدم التقني في تسجيل التحديات التي‬ ‫ً‬
‫واالستهالك المحليين‪ ،‬ومصادر االستيراد‪ ،‬تواجه القطاع الزراعي‪.‬‬
‫وســبــل تجسيرها‪ ،‬والــســيــاســات الــزراعــيــة‬
‫المتحدث األول‪:‬‬
‫المطبّقة‪ ،‬بين متطلبات األمن الغذائي وشحّ‬
‫الدكتور سليمان الخطيب‬
‫الموارد المائية‪ ،‬وكذلك الدروس المستفادة‬
‫أشــار الدكتور سليمان الخطيب إلى‬ ‫من تجارب الماضي من القطاع الزراعي‪،‬‬
‫والتوصيات في ظل تجارب الماضي وتحديات ثالثة مفاهيم ترتبط بالغذاء‪ ،‬هي‪ :‬األنظمة‬
‫الحاضر والمستقبل‪ ،‬وكذلك المجال الزراعي الــغــذائــيــة‪ ،‬واألمــــن الــغــذائــي‪ ،‬واألزمــــات‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫الجديدة لم يسبق أن عُمل بها‪ ،‬ولم يسبق‬
‫تطبيقها‪ ،‬بما فيها األمن الغذائي‪ ،‬أو القطاع‬
‫الــزراعــي بشكل عــام‪ .‬وبالتالي‪ ،‬حاليًا من‬
‫ضمن برامج الرؤيا هناك قضية التخصيص‪،‬‬
‫وقضية جودة الحياة التي تُعنى بتوفير الغذاء‬
‫الصحي واآلمن والمغذّي فعال‪.‬‬
‫وتحدث د‪ .‬سليمان الخطيب عن الدروس‬
‫المستفادة مــن جائحة كــورونــا؛ إذ تفتحت‬
‫العيون على ثغرات موجودة‪ ،‬واستطعنا أن‬
‫نسدها‪ ،‬فكان عندنان بالمملكة نحو ‪ 35‬أو‬ ‫الدكتور سليمان الخطيب‬
‫‪ 37‬مشروعً ا متعثرًا ألسباب مختلفة؛ إما‬
‫لعدم توفير التمويل التشكيلي أو اإلنشائي أو‬ ‫الغذائية‪ .‬كل واحد من هذه المفاهيم الثالثة‬
‫توقف المشروع؛ فجرى دعم هذه المشاريع‬ ‫له اعتبارات‪ ،‬وتدابير‪ ،‬وإجــراءات‪ .‬فمفهوم‬
‫خـ ــال جــائــحــة كـــورونـــا عـ ــام ‪ ،2020‬كي‬ ‫األم ــن الــغــذائــي يختلف تمامًا فــي قضية‬
‫نستطيع أن نفي بمتطلبات السوق المحلية‬ ‫توفير السلعة وحدها على مستوى الوطن أو‬
‫واحتياجاتها من الخضار‪ ،‬وبالتالي تحقق‬ ‫على مستوى المناطق؛ وعندما نتحدث عن‬
‫لدينا اكتفاء ذاتــي من الخضار في معظم‬ ‫النظام الغذائي‪ ،‬فإننا نتحدث عن اإلنتاج‬
‫المحاصيل‪ ،‬من المنتج محليا‪ ،‬وبمستويات‬ ‫واالستهالك والتخزين‪ ،‬فيدخل فيه السلوك‬
‫عالية الجودة‪ ،‬كما تضاعفت أعداد البيوت‬ ‫الغذائي‪ ،‬والسياسات واإلجــراءات المتبعة‬
‫المحمية المنتجة للخضار بنسبة ‪ ،%100‬فقد‬ ‫في االستيراد والتصدير وما إلى ذلك‪ .‬فعلى‬
‫كانت وفق إحصائية عام ‪ 2015‬نحو ‪3100‬‬ ‫مستوى العالم‪ ،‬يبلغ معدل استهالك الفرد‬
‫هكتار‪ ،‬واآلن هناك زادت عن ‪ 6000‬هكتار‪.‬‬ ‫من مــادة السكر ‪ 64‬جرامًا يوميًا‪ ،‬أما في‬
‫المملكة فيبلغ ‪ 104‬جــرامــات يوميًا! وهو‬
‫وقــال د‪ .‬الخطيب إن المملكة ال تصنف‬
‫على أنها دولة زراعية‪ ،‬فهي من ضمن أول‬ ‫نمط يجب أن يتغير؛ أما قضية النشويات‬
‫عشر دول في الشحّ المائي‪ ،‬ولديها ظروف‬ ‫واســتــهــاكــهــا‪ ،‬فــهــي قضية أخـ ــرى‪ ،‬وهــذا‬
‫مناخية صعبة ج ـدًا‪ ،‬ومعظم تربتها رملية؛‬ ‫يضغط علينا في منظومة البيئة‪ ،‬والمياه‪،‬‬
‫لكنها حاليًا العب أساس في الطاقة‪ ،‬وكما‬ ‫والزراعة‪.‬‬
‫تعلمون فإن المحرك األساس لالستثمارات‬ ‫ودعـــا الــدكــتــور الخطيب إل ــى اعتماد‬
‫الزراعية على مستوى العالم هو الطاقة‪.‬‬ ‫الــســيــاســات واإلســتــراتــيــجــيــات؛ ومعالجة‬
‫والمملكة كذلك العب أساس في مدخالت‬ ‫التقاطعات المشتركة بين الجهات الحكومية‪،‬‬
‫ال ــزراع ــة‪ ،‬فهي تنتج ‪ 9.5‬مليون طــن من‬ ‫والمشاكل التي تواجهها‪ ،‬وهذا مفهوم جديد‬
‫األسمدة‪ ،‬يستهلك منها داخل المملكة نصف‬ ‫لم يكن موجودًا من قبل‪ .‬وأن هذه المفاهيم‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪14‬‬
‫مليون طن فقط‪ ،‬والباقي ي َْصدَّ ر لدول العالم‪.‬‬
‫فاقتصاد القطاع الزراعي على مستوى العالم‪،‬‬
‫تلعب المملكة فيه دورًا رئيسً ا‪ ،‬والمملكة لها‬
‫حصة رئيسة من الدول العشر األساس التي‬
‫تصدر األسمدة على مستوى العالم‪.‬‬

‫المتحدث الثاني‪:‬‬
‫األستاذ محمد بن إبراهيم الفوزان‬
‫أك ــد األس ــت ــاذ ال ــف ــوزان أن الــعــمــل على‬
‫إستراتيجية األمــن الغذائي بالمملكة بدأ‬
‫األستاذ محمد بن إبراهيم الفوزان‬
‫منذ عــام ‪ ،2016‬وقــد اعــتــمــدت فــي مايو‬
‫وزير البيئة والمياه والزراعة‪ ،‬وعضوية ‪12‬‬ ‫‪ ،2018‬وهي تعتمد على عدة ركائز‪ ،‬منها‪:‬‬
‫جهة حكومية‪.‬‬ ‫الوفرة‪ ،‬واستدامة الغذاء‪ ،‬وسالمته وصحته‪.‬‬
‫وأشــار األستاذ الــفــوزان إلــى أننا حددنا‬ ‫وتــرجــمــت ه ــذه الــركــائــز إل ــى ع ــدة بــرامــج‪،‬‬
‫‪-‬في مجال الخزن اإلستراتيجي‪ -‬ثماني سلع‬ ‫بلغت ‪ 11‬برنامجً ا‪ ،‬منها‪ :‬صناعة الزراعة‬
‫إستراتيجية‪ ،‬هي‪ :‬القمح‪ ،‬واألرز‪ ،‬والسكر‪،‬‬ ‫المستدامة‪ ،‬وصناعة الغذاء‪ ،‬وبرنامج اإلنذار‬
‫والزيوت النباتية‪ ،‬ومدخالت األعالف‪ :‬الذرة‪،‬‬ ‫المبكر‪ ،‬والبرنامج الوطني للفقد والهدر‬
‫وفول الصويا‪ ،‬والبرسيم‪ ،‬والشعير‪ .‬وقال إن‬ ‫الــغــذائــي‪ ،‬وبــرنــامــج الــخــزن اإلستراتيجي‬
‫استهالكنا من القمح يقدر بـ ‪ 3‬ماليين طن‪،‬‬ ‫لألغذية‪ ،‬وحوكمة األمن الغذائي‪ .‬كما بدأت‬
‫إذا استبعدنا اإلنتاج المحلي البالغ بحدود‬ ‫المملكة في تفعيل حوكمة األمــن الغذائي‬
‫‪.%1.5‬‬ ‫بتشكيل لجنة لألمن الغذائي يرأسها معالي‬

‫الحضور أثناء ندوة المنتدى‬

‫‪15‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫المملكة في عام ‪ 2030‬إلى ‪ 370‬مليار ريال‪،‬‬
‫وهذا رقم كبير جدًا‪ .‬وقد وَضعت وزارة البيئة‬
‫والمياه والزراعة مستهدفات كبيرة في رؤية‬
‫‪ 2030‬في القطاع الخاص‪ ،‬لرفع معدل إسهام‬
‫الناتج المحلي الزراعي من ‪ 65‬مليار ريال في‬
‫بداية الرؤيا إلى ‪ 130‬مليارًا؛ ما يعني مضاعفة‬
‫الــنــاتــج خــال ‪ 12‬ســنــة‪ .‬واآلن بعد أحــداث‬
‫جائحة كورونا‪ ،‬والحرب الروسية األوكرانية‪،‬‬
‫تنامى االهتمام بالميزان التجاري الزراعي‪،‬‬
‫للنهوض بــه‪ .‬كل ذلــك يضع القطاع الخاص‬
‫أمام تحديات كبيرة جدًا‪ .‬فاإلنتاج المحلي جُ لُّه‬ ‫الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز التركي‬

‫من القطاع الخاص‪ ،‬لدينا مئات اآلالف من‬ ‫وفــي عــام ‪ 2018‬جــرى إطــاق البرنامج‬
‫المزارعين وموردي البذور واألسمدة والذين‬ ‫الوطني «لــتــدوم» للفقد والــهــدر الغذائي‬
‫يعملون في سالسل اإلمداد كلهم قطاع خاص‪،‬‬ ‫وهو من الركائز والبرامج المهمة في األمن‬
‫وقد اعتمدت الرؤيا اعتمادًا كبيرًا على القطاع‬ ‫الغذائي‪ .‬وبدأنا بتقدير خط األساس للفقد‬
‫الخاص لإلسهام في برامجها‪ ،‬فالدولة تقوم‬ ‫والهدر‪ ،‬والذي كان ‪%33.1‬؛ فإذا قللنا الفقد‬
‫بعمليات التنظيم‪ ،‬والتشريع‪ ،‬وسن القوانين‬ ‫والهدر الغذائي‪ ،‬نكون بذلك قد وفرنا خزنًا‬
‫لهذا القطاع‪ .‬وهناك فرصة كبيرة لالستثمار‬ ‫إستراتيجيًا عاليًا‪ .‬وقــال األستاذ الفوزان‬
‫في علوم األمن الغذائي‪.‬‬
‫هناك دراسة حصلت على موثوقية من األمم‬
‫وأشــار د‪ .‬التركي إلــى أن المملكة لديها‬ ‫المتحدة‪ ،‬ذكــرت أن قيمة الــهــدر الغذائي‬
‫مشروع بحثي بالتعاون مع الحكومة الهولندية‬ ‫تبلغ ‪ 40‬مليار ريــال سنويًا‪ ،‬حسب اإلنفاق‬
‫لتطوير زراعــة البطاطا‪ ،‬واستمر المشروع‬ ‫األسري‪ ،‬وهو رقم صادم؛ ومثل هذا المبلغ‬
‫نحو ‪ 20‬سنة استطعنا في المملكة العربية‬ ‫يمكن اإلفــادة منه في مجاالت تنموية بدل‬
‫السعودية أن نكون بجدًارة بلدًا منتجً ا للبطاطا‪.‬‬ ‫هــدره‪ .‬وسيتم البدء بالتعاون مع جمعيات‬
‫وهناك شركات أغذية كبيرة ترى أن البطاطا‬ ‫«حفظ النعمة»‪ ،‬ومع وزارة البلديات والشؤون‬
‫السعودية تعد من أجــود أنــواع البطاطا في‬ ‫القروية‪ ،‬وسن تشريعات مستقبلية كي نحد‬
‫العالم‪ .‬فقد كان ترتيب المملكة في البطاطا‬ ‫من الفقد والهدر ونصل إلى ما ال يتجاوز ما‬
‫كما تتبعته منذ أربعين سنة إلى اآلن ‪ 93‬على‬ ‫نسبته ‪ %10‬بإذن اهلل‪.‬‬
‫مستوى العالم‪ ،‬وعندما انتهى المشروع في‬
‫نحو عام ‪ 2000‬أصبح الترتيب ‪ ،24‬أي أنه‬ ‫المتحدث الثالث‪:‬‬
‫قفز نحو ‪ 70‬مرتبة‪ ،‬وهو تحسّ ن كبير جدًا‪.‬‬ ‫الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز التركي‬
‫وأكد الدكتور التركي أن النقطة الرئيسة‬ ‫قــال د‪ .‬إبراهيم التركي إنــه من المتوقع‬
‫أن يصل استهالك األغذية والمشروبات في هي االستثمار في العلم‪ ،‬ولنعلم أنــه ليس‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪16‬‬
‫هناك شــيء مستحيل كما يقال‪ ،‬ومــا فعله تُنتج البقرة في المتوسط أعلى من هولندا‪،‬‬
‫غيرنا يمكن أن نفعله نحن بتوظيف العلم‪ .‬وألمانيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وإيطاليا‪ ،‬وأعلى من كثير‬
‫فالعِ لم هو ذلك السحر الذي يقود للنجاح‪ ،‬من دول العالم‪ ،‬بل إنها في عام ‪ 2020‬الذي‬
‫ففي الحقيقة لــم نكن فــي المملكة نعرف توفر فيه إحصائية لألمم المتحدة‪ ،‬كانت‬
‫زراع ــة البطاطا‪ ،‬لكن الــيــوم تعد البطاطا البقرة لدينا تحتل المرتبة الثانية على مستوى‬
‫المحصول الثاني أو الثالث بعد التمور‪ ،‬لكن العالم‪ ،‬وأقدم هذه األمثلة على سبيل المثل‪،‬‬
‫والمجال مفتوح لمزيد من تحقيق النجاحات‬ ‫هذا المشروع توقف عام ‪.2000‬‬
‫فــي مجال األلــبــان‪ ،‬فــي المملكة اليوم في االستثمار الزراعي المدروس‪.‬‬

‫مداخالت وتوصيات‬
‫وقد شهدت الندوة حــوارًا ومداخالت من الجمهور تناولوا العديد من القضايا‬
‫المتعلقة باألمن الغذائي‪ ،‬مثل الهدر والفقد الغذائي‪ ،‬وتقنية المياه والزراعة المائية‬
‫وإعــادة تدوير المياه‪ ،‬واالستفادة من الطاقات المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة‬
‫الشمسية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ومن أهم التوصيات التي اقترحها المشاركون بالندوة‪:‬‬
‫‪ .1‬تشجيع اإلنتاج الزراعي المحلي‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار المحافظة على المخزون‬
‫اإلستراتيجي للمياه الجوفية‪.‬‬
‫‪ .2‬بناء إستراتيجية لألمن الغذائي تعتمد على مخزون طويل المدى‪ ،‬والتوسّ ع في‬
‫إنشاء المستودعات والصوامع لتخزين المواد األساس‪.‬‬
‫‪ .3‬الح ّد من الفقد والهدر في الغذاء‪.‬‬
‫‪ .4‬تأسيس شركة غذائية متكاملة على غرار الشركات العالمية الكبرى‪.‬‬
‫‪ .5‬إعادة تفعيل شراكات التكامل مع الدول العربية‪.‬‬
‫‪ .6‬تطوير أعمال الشركة الوطنية للحبوب‪ ،‬ومقرها في ينبع‪ ،‬بحيث يكون لها فرع في‬
‫جيزان وآخر في الخليج العربي‪.‬‬
‫‪ .7‬تنفيذ حمالت توعية في مجال األمــن الغذائي وترشيد االستهالك وتخفيض‬
‫الفاقد‪.‬‬
‫‪ .8‬االهتمام بعلوم االستثمار االقتصادي المعرفي‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية ‪١٦‬‬
‫برعاية صاحبة السمو األميرة‬
‫الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود‬
‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‬
‫في دورته الخامسة عشرة‪:‬‬

‫عاصرة‬
‫الم ِ‬
‫حديات ُ‬
‫ظل التَّ َّ‬
‫األسرة في ِّ‬
‫■ كتب‪ :‬جهاد أبو مهنا‬
‫برعاية صاحبة السمو األمـيــرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود عقد‬
‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع منتداه السنوي في دورتــه‬
‫الخامسة عشرة بعنوان‪ :‬األسرة يف ظل التحديات املعاصرة‪ ،‬وذلك يوم األربعاء‬
‫‪ 20‬جمادى األولى ‪1444‬ه ـ (‪ 14‬ديسمبر ‪2022‬م)‪ ،‬والذي يقيمه مركز عبدالرحمن‬
‫السديري الثقافي سنويًا بدار الرحمانية بالغاط‪ .‬وقد شهد المنتدى حضورًا الفتًا‬
‫بمشاركة ‪ 4500‬مشارك من داخل المملكة وخارجها‪.‬‬
‫افتُتح المنتدى بكلمة لرئيسة هيئة تقيمه مكتبة منيرة الملحم سنويًا بدار‬
‫المنتدى‪ ،‬مساعدة المدير العام لشؤون الرحمانية بالغاط‪ ،‬ويهدف في كل دورة‬
‫الــقــســم الــنــســائــي أ‪ .‬د‪ .‬مــشــاعــل بنت إلــى تسليط الــضــوء على مــوضــوع ذي‬
‫عبدالمحسن السديري‪ ،‬فشكرت صاحبة أهمية على مستوى المملكة‪.‬‬
‫السمو األميرة الجوهرة بنت فيصل بن‬
‫وقالت الدكتورة السديري إن المنتدى‬
‫تركي آل سعود‪ ،‬على رعايتها وحضورها‬
‫يتناول في هذا العام موضوع األسرة‬
‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة‬
‫في ظل التحديات المعاصرة‪ ،‬بمشاركة‬
‫المجتمع في دورتــه الخامسة عشرة‪،‬‬
‫وأعربت عن تقديرها الهتمام سموها نخبة مــن األكــاديــمــيــات والمختصات‬
‫ورعــايــتــهــا الــكــريــمــة لــفــعــالــيــات مركز من الجامعات والمؤسسات الوطنية‬
‫عبدالرحمن السديري الثقافي ومكتبة المختلفة‪ ،‬بما يثري الخبرات المكتسبة‬
‫منيرة بنت محمد الملحم‪ .‬وقالت إن للمشاركات في الكشف عن التطورات‬
‫هــذا المنتدى‪ ،‬مــن األنشطة الثقافية والمتغيرات التي تعرضت لها األسرة‬
‫لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي‪ ،‬السعودية في كافة الجوانب االجتماعية‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬ ‫العدد ‪78‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪18‬‬
‫منيرة بنت محمد الملحم)‪ .‬وكان لها اهتمام‬ ‫واالقــتــصــاديــة والــثــقــافــيــة‪ ،‬واقــتــراح حلول‬
‫ملحوظ وب ــارز فــي المجاالت االجتماعية‬ ‫جديدة وعملية لمواجهة التأثيرات السلبية‬
‫واإلنسانية والخيرية التي تخص المرأة في‬ ‫المحتملة‪ ،‬كما يسلط الضوء على التشريعات‬
‫كل من الجوف والغاط‪ ،‬وقد أسهمت كثيرًا‬ ‫ٍ‬ ‫والتنظيمات الــجــديــدة الــتــي استحدثتها‬
‫في تشجيع الفتيات والنساء على التعليم‪،‬‬ ‫الحكومة لحماية كيان األسرة‪.‬‬
‫كما كانت تحفّزهن على التحصيل الدراسي‬
‫وذكرت السديري أن اختيار هيئة المنتدى‬
‫والتفوّق‪ ،‬وخدمة مجتمعهن‪.‬‬
‫لهذا الموضوع المهم لهذا العام جاء نظرًا‬
‫وأعلنت الدكتورة مشاعل السديري عن‬ ‫ألهمية األسرة في بناء المجتمع‪ ،‬والتحديات‬
‫إطــاق عــدة مــبــادرات لمركز عبدالرحمن‬ ‫التي تواجهها في ظل التطور التقني في‬
‫السديري الثقافي تتعلق باألسرة‪ ،‬وتسهم في‬ ‫وسائل التواصل االجتماعي خالل العقدين‬
‫تربية وتأهيل جيل واعد وهي‪:‬‬ ‫الماضيين‪ ،‬ومــا رافــقــه مــن تــأثــيــرات على‬
‫الــمــبــادرة األول ـ ــى‪( :‬بــرنــامــج الطريقة‬ ‫األســرة بشكل خــاص‪ ،‬والحياة االجتماعية‬
‫الصحيحة لتأسيس طفلك) بدورته الثالثة‪،‬‬ ‫بشكل عام؛ وأضافت إن المرأة بوجه عام‪،‬‬
‫تهدف لتثقيف األم بأهم األساسات لتربية‬ ‫واألم بوجه خاص‪ ،‬هي العمود الفقري في‬
‫األطفال وتعليمهم‪.‬‬ ‫األسرة‪ ،‬وتقع عليها مسؤولية كبيرة في تربية‬
‫الــمــبــادرة الــثــانــيــة‪( :‬بــرنــامــج الكشافة)‬‫أبنائها وتنشئتهم لمواجهة تحديات الحياة‪،‬‬
‫الذي يسعى لتنمية قدرات الشباب البدنية‬ ‫واإلسهام في بناء الوطن وتشكيل مستقبله‬
‫والعقلية واالجتماعية‪ ،‬وتمكينهم ليكونوا‬ ‫الواعد بإذن اهلل‪.‬‬
‫وأشــــــارت إلـ ــى االه ــت ــم ــام الــــذي أواله أفرادًا مسؤولين وأعضاء نافعين لمجتمعهم‪.‬‬
‫المبادرة الثالثة‪( :‬برنامج تنمية مهارات‬ ‫مــركــز عــبــدالــرحــمــن الــســديــري الثقافي‬
‫للمرأة منذ تأسيسه قبل نحو ستين عاما‪ ،‬التعامل مع كبار السن)‪ ،‬انطالقًا من مبادئ‬
‫إذ أنــشــأ مــعــالــي األمــيــر عــبــدالــرحــمــن بن ديننا السمح‪ ،‬تقديرًا لعطائهم‪ ،‬واحترامًا‬
‫أحمد الــســديــري‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬أول مكتبة لمشاعرهم‪.‬‬
‫وذكرت أنه خالل الموسم الثقافي للعام‬ ‫نسائية عامة في المملكة‪ ،‬في دار العلوم‬
‫بالجوف‪ ،‬عام ‪1403‬هـ‪ ،‬وحرص على دعمها الــمــاضــي‪ ،‬ن ـ ّفــذت األقــســام النسائية في‬
‫وتطويرها‪ .‬وكذلك فعلت حرمه منيرة بنت مركز عبدالرحمن السديري الثقافي ما‬
‫محمد الملحم ‪-‬رحمها اهلل‪ -‬إذ أوقفت جزءًا يزيد عن (‪ )190‬نشاطً ا ثقافيًا توزعت بين‬
‫من مالها الخاص إلنشاء مكتبة عامة للنساء الجوف والغاط‪ ،‬استفاد منها نحو (‪)58,000‬‬
‫بمحافظة الغاط عام ‪1425‬هـ باسم (مكتبة مستفيد من داخل المملكة وخارجها‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬
‫أهداف الندوة‪:‬‬ ‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم‬
‫لخدمة المجتمع ‪" 15‬األســرة في ظل ¦الـتـعــريــف بخصائص وأن ـمــاط ودور األس ــرة‬
‫السعودية‪.‬‬ ‫التحديات المعاصرة"‬
‫¦إبراز أهم التحديات التي تواجه األسرة‪.‬‬ ‫ ‬
‫محاور الندوة‪:‬‬
‫¦مناقشة عوامل الحماية في الحفاظ على‬ ‫ ‬
‫كيان األسرة‪.‬‬ ‫ ¦األسرة السعودية في عالم متغير‪.‬‬
‫¦تحديد أهم األنظمة والتشريعات المرتبطة‬ ‫ ‬ ‫ ¦الحماية االجتماعية لألسرة بين التشريع‬
‫باألسرة‪.‬‬ ‫والتنظيم‪.‬‬
‫¦إبراز دور األسرة في ترسيخ الهوية الوطنية‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ ¦دور األسرة في ترسيخ الهوية الوطنية‪.‬‬

‫الجلسة األولى‬
‫األسرة السعودية يف عالم متغير‬
‫المتحدثات‪:‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬نورة الصويان (أستاذ علم االجتماع المشارك ‪ -‬مستشارة أسرية)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سناء العتيبي (عضو هيئة تدريس بقسم الدراسات االجتماعية بجامعة الملك‬
‫سعود ‪ -‬مستشار في المرصد الوطني للمرأة)‪.‬‬
‫أدارت اجللسة‪ :‬د‪ .‬النا بن سعيد (أستاذ الخدمة االجتماعية المشارك بجامعة الملك‬
‫سعود ‪ -‬رئيسة لجنة المرأة بمجلس شؤون األسرة)‪.‬‬

‫افتتحت د‪ .‬النا بن سعيد الندوة بالترحيب الوطن واالعتزاز به وبتاريخه المجيد‪.‬‬


‫بصاحبة السمو األميرة الجوهرة بنت فيصل‬
‫وعليه؛ فإن مسؤوليتنا كبيرة ومشتركة‬
‫بن تركي آل سعود‪ ،‬كما رحبت بالحضور‪،‬‬
‫كأفراد ومؤسسات‪ ،‬وكمجتمع لدعم مؤسسة‬
‫وأش ــارت إلــى أهمية األســرة بوصفها نواة‬
‫األســرة وتمكينها من أداء دورهــا بالشكل‬
‫المجتمع‪ ،‬وهي التي تشكل سمات األفراد‬
‫المالئم‪ ،‬وبخاصة في ظل ما نواجهه اليوم‬
‫وتوجهاتهم‪ ،‬كما تعد ثروة ومؤثرة مهمة في‬
‫من تغيرات اجتماعية واقتصادية‪ ،‬وتحديات‪.‬‬
‫نص‬
‫استقرار المجتمعات وازدهارها‪ ،‬وقد َّ‬
‫وأضافت د‪ .‬النا بن سعيد أن التطورات‬ ‫نظام الحكم السعودي في مادته التاسعة على‬
‫تحول كبيرًا في بنية‬
‫ً‬ ‫أن األسرة هي نواة المجتمع السعودي ويُربى التنموية الكبرى أحدثت‬
‫أفــرادهــا على أســاس العقيدة اإلسالمية أفراد األسرة السعودية وفكرهم وسلوكهم‪،‬‬
‫والطاعة هلل ولرسوله ولولي األمــر‪ ،‬وحب وسنتعرف على أبرز تلك المتغيرات وتأثيرها‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬ ‫العدد ‪78‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪20‬‬
‫على األسرة من خالل الحوار مع المشاركات مستوى األهداف والقيم والمعايير التي توجه‬
‫في هــذه الجلسة والتي ستناقش موضوع سلوك أفرادها‪ ،‬وتحدد مكاناتهم وأدوارهم‬
‫االجتماعية‪ ،‬أو على مستوى دور المرأة‬ ‫(األسرة في عالم متغير)‪.‬‬
‫وقدَّ مت بن سعيد المتحدثات ثم بدأت ومكانتها في المجتمع‪ ،‬فالحقوق التي مُنحت‬
‫المتحدثات بتقدماتهن في موضوع الندوة‪ ،‬للمرأة في ظل توجه الدولة لتمكين المرأة‬
‫في مختلف المجاالت السياسية واالجتماعية‬ ‫حسب المحاور‪.‬‬
‫واالقتصادية سيصحبها بالضرورة تغيرات‬
‫د‪ .‬نورة الصويان‬
‫وتــحــوالت تتعلق بمفهوم الـ ــزواج وطبيعة‬
‫(أستاذ علم االجتماع المشارك ‪ -‬مستشارة أسرية)‬
‫العالقة بين الــزوجــيــن‪ ،‬واإلنــجــاب‪ ،‬وتربية‬
‫تحدثت د‪ .‬نــورة الصويان عن التغيرات األبناء؛ فدورها بوصفها شريكًا أساسيًا في‬
‫التي طــرأت على األســرة السعودية خالل التنمية المجتمعية يتعزز يومًا بعد يوم‪.‬‬
‫العقود الماضية‪ ،‬جرّاء التحوالت االجتماعية‬
‫كما أشــارت إلى أنه على صعيد المجال‬
‫واالقتصادية والثقافية التي حدثت على‬
‫األسري فإن سلطة األب قد ضعفت‪ ،‬وتغيرت‬
‫المستوى العالمي واإلقليمي والمحلي‪ ،‬وتغير‬
‫طبيعة عالقته باألبناء؛ إذ صار لديهم مساحة‬
‫سماتها عما كانت عليه سابقًا من حيث البنية‬
‫أكبر إلبداء آرائهم وبالتالي استقاللية أكبر‬
‫والوظائف التي كانت تقوم عليها‪ ،‬مشيرة‬
‫إلى األوضاع الجديدة لألسرة وما صاحبها من قبل؛ فــاألب لم يعد يمثل مركز القرار‬
‫في السنوات األخيرة من تحوالت سريعة لوحده! ألن مكانته ووظائفه تغيرت نتيجة‬
‫وجــوهــريــة مست مختلف جــوانــب الحياة لتغير البناء األسري في المجتمع السعودي؛‬
‫اليومية لألفراد واألسر‪ ،‬وبخاصة فيما يتعلق إذ تحولت األسرة السعودية من أسرة ممتدة‬
‫بالمعايير واألدوار والقيم التقليدية لألسرة إلى أسرة صغيرة الحجم‪ ،‬وما أدى إليه هذا‬
‫الــســعــودي؛ مــا شـ ّكــل مــصــدرًا للتناقضات التغير لبداية تالشي بعض القيم التي كانت‬
‫والصراعات المستمرة داخل األسرة في ظل ســائــدة فــي مرحلة زمنية معينة مــن تطور‬
‫العديد من العوامل والتحديات الخارجية؛ المجتمع السعودي‪ ،‬وبداية والدة قيم جديدة‬
‫سواء العلمية‪ ،‬أو التكنولوجية‪ ،‬أو الثقافية‪ ،‬تتناسب مع هذا التغير؛ ما أدى كذلك إلى‬
‫أو االقتصادية‪ ،‬والتي امتد تأثيرها على صراع بين القيم الجديدة والقديمة‪ ،‬وتأثيره‬
‫السلبي عــلــى البنية الثقافية للمجتمع‪،‬‬ ‫مختلف األصعدة والمستويات‪.‬‬
‫وذك ــرت الــصــويــان أنــه مــن الطبيعي أن وبالتالي على العالقات األسرية‪.‬‬
‫وتناولت الصويان التحوالت التي مر بها‬ ‫تتأثر األسرة بكل هذه التحوالت؛ سوا ًء على‬

‫‪21‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬
‫المجتمع السعودي خالل مراحله االنتقالية األول ال ــذي يشكل حــيــاة الــفــرد ويتناوله‬
‫المختلفة‪ ،‬وتأثيرها على خصائص نواته بالتربية‪ ،‬بما فيها مــن عــاقــات وأنــمــاط‬
‫األساس األسرة‪ ،‬وأنماطها‪ ،‬وتركيبتها‪ ،‬سواء‬
‫ثقافية»‪ ،‬كما أنها تعد حجر الزاوية في عملية‬
‫مــن الجانب االجتماعي كعالقات وأدوار‬
‫الضبط االجتماعي‪ ،‬وهي الوحدة التي تشكل‬
‫وسلطة‪ ،‬أو من الجانب الثقافي كقيم ومعايير‬
‫ومبادئ وسلوك؛ إضافة إلى عوامل التغير شخصية الفرد السعودي؛ بما تعززه من قيم‬
‫الخارجية (العولمة) والتي أسهمت في بروز ومهارات‪ ،‬وما تنميه من مواهب لدى أفرادها‪،‬‬
‫قضايا‪ ،‬وضعف قيم‪ ،‬وب ــروز قيم جديدة‪ ،‬منذ السنوات األولى لحياة اإلنسان‪.‬‬
‫وغيرها من القضايا االجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫واســتــعــرضــت د‪ .‬ســنــاء الــعــتــيــبــي أهــم‬
‫وختمت الصويان بالتحديات التي تمر بها‬
‫التحديات الــتــي تــواجــه األس ــرة السعودية‬
‫األســرة السعودية‪ ،‬وأنه من الطبيعي وجود‬
‫مثل هذه التحديات في ظل المتغيرات التي في الــواقــع االجتماعي‪ ،‬في ظل التحوالت‬
‫نشهدها؛ وهــنــا تكمن أهمية المؤسسات والتغيرات االجتماعية‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬
‫االجتماعية الرسمية‪ ،‬ومؤسسات القطاع‬
‫ال ــص ــراع مــا بــيــن الــقــديــم والــحــديــث‪،‬‬
‫غــيــر الــربــحــي‪ ،‬وض ـ ــرورة تفعيل أدوارهــــا‬
‫والتحديات القيمية‪ ،‬والفجوة ما بين الجيل‬ ‫وحوكمة أدائها‪.‬‬
‫األول (الوالدين) والثاني (األبناء واألحفاد)‪،‬‬
‫د‪ .‬سناء العتيبي‬
‫وعــدم قــدرة بعض األســر في التوفيق بين‬ ‫(عضو هيئة تدريس بقسم الدراسات‬
‫مسؤوليات الــوالــديــن األســريــة ومتطلبات‬ ‫االجتماعية بجامعة الملك سعود‬
‫عملهم المهنية‪ ،‬وضعف التواصل والحوار‬ ‫مستشار في المرصد الوطني للمرأة)‬

‫قــدمــت د‪ .‬ســنــاء العتيبي ورق ــة أشــارت داخــل األســرة‪ ،‬وغياب المهارات الحياتية‪،‬‬
‫فيها إلى أن األسرة هي الكيان االجتماعي والتعامل مع المشكالت‪ ،‬والفجوة الرقمية‬
‫المتفاعل الـــذي يعكس صـــورة المجتمع‬
‫وتأثيراتها على األسرة؛ ومن بين التحديات‬
‫الذي توجد وتتطور فيه‪ ،‬وهي قائمة بطابع‬
‫تــعــدد األدوار وتــداخــلــهــا‪ ،‬وصـــراع األدوار‬ ‫التحوالت المجتمعية السريعة التي نمر بها‪.‬‬
‫وتأثيره‪ ،‬وغيرها من تحديات داخل األسرة‬
‫واألس ــرة بوجه عــام واألس ــرة السعودية‬
‫بشكل خاص ترتبط بثقافة المجتمع الذي نفسها‪ ،‬أو تحديات خارجية تهدد استقرار‬
‫توجد فيه‪ ،‬فهي تعرّف بأنها‪« :‬الوعاء الثقافي استقرارها‪.‬‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬ ‫العدد ‪78‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪22‬‬
‫الجلسة الثانية‬
‫احلماية االجتماعية لألسرة بني التشريع والتنظيم‬
‫المتحدثات‪:‬‬
‫‪ -‬أ‪ .‬أسماء الخميس (عضو لجنة كبار السن لمجلس شؤون األسرة)‪.‬‬
‫‪ -‬أ‪ .‬د‪ .‬مجيدة الناجم (أستاذ الخدمة االجتماعية بقسم الدراسات االجتماعية بجامعة‬
‫الملك سعود)‪.‬‬
‫أدارت اجللسة‪ :‬د‪ .‬خلود العبدالكريم (األمين العام المساعد للمركز الوطني ألبحاث‬
‫الشباب ‪ -‬أستاذ الخدمة االجتماعية المشارك بجامعة الملك سعود)‪.‬‬

‫ت ــح ــدث ــت أ‪ .‬أسـ ــمـ ــاء الــخــمــيــس عــن‬ ‫افتتحت د‪ .‬خلود العبدالكريم الجلسة‬
‫المؤسسات االجتماعية بوصفها الهيكل‬ ‫الثانية‪ ،‬وأشارت إلى أن الحماية االجتماعية‬
‫االجتماعي الذي ينظم المجتمع البشري‪،‬‬ ‫ه ــي الــغــطــاء الــتــأمــيــنــي لــبــرامــج الــدعــم‬
‫ويلبي كافة احتياجات اإلنسان واألسرة‪ ،‬فهي‬ ‫االجتماعي لكافة المواطنين‪ ،‬باختالف‬
‫أول مؤسسة اجتماعية في حياة الفرد تربي‬ ‫أوضــاعــهــم االجــتــمــاعــيــة‪ ،‬وبــالــتــالــي فهي‬
‫النشء على المعايير واألخالق‪ ،‬وتساعدهم‬ ‫تضمن حد األمان المجتمعي الذي تطمئن‬
‫في القيام ببعض وظائف الحياة‪ .‬وتحدثت‬
‫به الدول‪.‬كما ذكــرت أن منظومة الحماية‬
‫الخميس عن المؤسسات االجتماعية التي‬
‫االجتماعية في المملكة العربية السعودية‬
‫تسهم في دعم استقرار األسرة وتماسكها‬
‫تتضمن مجموعة مــن األنظمة والبرامج‬
‫وحمايتها وتحقيق أمنها وأمانها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫المتعددة منها‪ :‬نظام األمــان االجتماعي‪،‬‬
‫املؤسسة الدينية‪ :‬المتمثلة بالمساجد ودور‬
‫وبــرامــج الــخــدمــات الصحية والتعليمية‬
‫العبادة والقائمين عليها‪ ،‬فباإلضافة إلى‬
‫وغيرها‪ .‬وطرحت مجموعة من األسئلة‬
‫عنايتها وتعليمها لألمور الدينية والتعبدية‬
‫على المتحدثات أهمها‪ :‬هل تجد األسرة‬
‫والــعــاقــة بــالــخــالــق فــهــي تــعــلــمــنــا بعض‬
‫السعودية ما يكفي ويتالءم مع التنظيمات‬
‫السلوكيات والــدروس الحياتية والتعامالت‬
‫والــمــؤســســات الــداعــمــة لحمايتها ودعــم‬
‫اليومية لتكون لنا وألسرتنا سوار أمن ودرع‬
‫حماية‪.‬‬ ‫استقرارها ونمائها؟ وما هي مكانة األسرة‬
‫في األنظمة السعودية؟‬
‫املــؤس ـســة الـتـعـلـيـمـيــة‪ :‬هــي البيت الثاني‬
‫للنشء‪ ،‬تؤثر في سلوك األبــنــاء وتكسبهم‬ ‫أ‪ .‬أسماء الخميس‬
‫(عضو لجنة كبار السن لمجلس شؤون األسرة) ال ـ ــدروس الــجــديــدة فــي الــحــيــاة‪ ،‬وكــذلــك‬

‫‪23‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬
‫األخالقيات التي ربما ال يمكن أن يكتسبوها التفكير المجتمعي‪ ،‬وإح ــداث العديد من‬
‫إال داخل المدرسة؛ بما يهيئهم للدخول في التغيرات في األفكار والتقاليد والعادات‬
‫معترك الحياة‪ ،‬وهــم أكثر قــوة وانضباطً ا السلوكية‪.‬‬
‫وأضافت الخميس إن كانت المحافظة‬ ‫وإحساسً ا بالمسؤولية‪.‬‬
‫على األسرة واستقرارها وتماسكها وأمنها‬ ‫املؤسسة السياسية‪ :‬وهي تحقق لإلنسان‬
‫وأمانها ودعمها وتنميتها يتكئ وبشكل كبير‬ ‫االستقرار واألمــان بما تضعه من قوانين‬
‫على تلك المؤسسات سابقة الــذكــر؛ فإن‬ ‫وأنــظــمــة ول ــوائ ــح‪ ،‬تضبط حــيــاة األفـــراد‬
‫هناك مؤسسات أخــرى تتصدر المشهد‬ ‫وعالقتهم باآلخرين‪.‬‬
‫االجــتــمــاعــي والــتــنــمــوي ال ــداع ــم لــأســرة‬ ‫املؤسسة اإلعالمية‪ :‬ال يختلف اثنان على‬
‫السعودية والمحافظة على استقرارها‬ ‫قــوة تأثيرها في المجتمع‪ ،‬وعلى تشكيل‬
‫وتماسكها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫مجلس ش ــؤون األس ــرة‪ :‬أنشىء بقرار من‬
‫مجلس الوزراء عام ‪1437‬هـ‪ ،‬بهدف الرقي‬
‫باألسرة السعودية وتعزيز مكانتها وقدرتها‬
‫في بناء مجتمع سليم‪ ،‬وقادر على مواجهة‬
‫الــتــحــديــات والــتــحــوالت‪ ،‬وكــذلــك لحماية‬
‫األسرة من المهددات والمخاطر المحتملة‬
‫التي يمكن أن تعيق مسيرتها فــي البناء‬
‫والتنمية‪ .‬والمجلس بتنظيمه الحالي يعد‬
‫جهة اعتبارية تشرف على تطبيق الجهات‬
‫المختلفة لألنظمة المتعلقة باألسرة‪ ،‬كما‬
‫أن من مهامه إنشاء قاعدة بيانات‬
‫تخدم قضايا األسرة السعودية‪.‬‬
‫نـظــام الـضـمــان االجـتـمــاعــي‪ :‬هو‬
‫نــظــام أم ــن وحــمــايــة اجتماعية‪،‬‬
‫وضعته الدولة لحماية الفرد في‬
‫حاضره ومستقبله وتحقيق مستوى‬
‫مناسب وثــابــت مــن الــدخــل‪ ،‬يفي‬
‫بمطالب الحياة األس ــاس‪ ،‬ويسد‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬ ‫العدد ‪78‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪24‬‬
‫كما نصت الــمــادة الــعــاشــرة على أنــه‪:‬‬ ‫حاجة الفقراء‪ ،‬وتوفير األمــن االقتصادي‬
‫«تحرص الدولة على توثيق أواصر األسرة‪،‬‬ ‫لجميع األفراد في كافة الفئات االجتماعية‬
‫والحفاظ على قيمها العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫المحتاجة (وتمكين المستفيدين من تحقيق‬
‫ورعــايــة جميع أفــرادهــا‪ ،‬وتوفير الظروف‬ ‫االستقالل المالي والتحول من االحتياج إلى‬
‫اإلنتاج) من خالل برامج التأهيل والتدريب‬
‫المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم»‪ .‬وهذا‬
‫والتمكين‪.‬‬
‫دليل على أهميتها ودورها في الحفاظ على‬
‫اإلدارة العامة للتمكني‪ :‬وهي إدارة خاصة أفراد المجتمع وفي تنشئتهم‪.‬‬
‫بخدمة مستفيدي الضمان االجتماعي‪،‬‬
‫وأضافت الناجم أنه مع التطور المدني‬
‫وتحقق أحد أهداف رؤية ‪ ،2030‬إذ تسعى‬
‫وزارة الموارد البشرية والتنمية االجتماعية الـــذي شــهــدتــه المملكة عــلــى مــر العقود‬
‫إلـــى تــحــويــل الــمــســتــفــيــديــن م ــن متلقين كانت األســرة حاضرة في النص والتشريع‬
‫للمساعدة إلى منتجين متمكنين من تحقيق والتنظيم من خالل أجهزة التشريع والتنفيذ‬
‫االســتــقــال الــمــادي‪ ،‬مــن خــال الـــدورات المختلفة‪ .‬ومما ال شك فيه أن األسرة كانت‬
‫التدريبية‪ ،‬والتأهيل‪ ،‬وتمويل المشاريع جوهرية ولها أهمية بالغة في رؤية المملكة‬
‫‪٢٠٣٠‬؛ فقد جاءت األسرة كمستهدف رئيس‬ ‫الريادية واإلنتاجية‪ ،‬عبر شركائها‪.‬‬
‫تحت ركيزة «مجتمع حيوي بنيانه متين»‪،‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬مجيدة الناجم‬
‫فاألسرة تستمد قيمها من القيم اإلسالمية‬ ‫(أستاذ الخدمة االجتماعية بقسم الدراسات‬
‫الــراســخــة؛ ومــن هــنــا‪ ،‬كــان الــحــرص على‬ ‫االجتماعية بجامعة الملك سعود)‬
‫ذك ــرت أ‪ .‬د‪ .‬مجيدة الــنــاجــم أن كافة مراجعة التشريعات المنظمة والحافظة لها‪.‬‬

‫وختمت الناجم قائلة إن السنوات األخيرة‬ ‫األديان جاءت بتشريعات وسنن تهدف إلى‬
‫تنظيم األســرة‪ ،‬وتبيان ما لها ومــا عليها‪.‬‬
‫شهدت حزمة من اإلصــاحــات صبّت في‬
‫وأن الدولة السعودية منذ تأسيسها حرصت‬
‫صــالــح األس ــرة وتقوية أواصــرهــا لجعلها‬
‫على األسرة؛ فالنظام األساس للحكم نصت‬
‫كيانًا قادرًا على مواجهة التغيرات الحديثة‪،‬‬
‫المادة التاسعة منه على أن «األسرة هي نواة‬
‫لكل فــرد فيه حقوقه وواجباته الواضحة‬
‫المجتمع السعودي‪ ،‬ويُــر َّبــى أفــرادُهــا على‬
‫أساس العقيدة اإلسالمية‪ ،‬وما تقتضيه من والــمــنــظــمــة‪ ،‬وف ــق تــشــريــعــات وإجـــــراءات‬
‫الوالء والطاعة هلل‪ ،‬ولرسوله‪ ،‬وألولي األمر‪ ،‬واضــحــة ومــحــددة؛ مــا يجعل األس ــرة أكثر‬
‫واحــتــرام النظام وتنفيذه‪ ،‬وحــب الوطن‪ ،‬قــدرة فــي الحفاظ على دوره ــا وتوازنها‪،‬‬
‫وإشباع احتياجات أفرداها‪.‬‬ ‫واالعتزاز به وبتاريخه المجيد»‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬
‫الجلسة الثالثة‬
‫دور األسرة يف ترسيخ الهوية الوطنية‬
‫المتحدثات‪:‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬النا بن سعيد (أستاذ الخدمة االجتماعية المشارك بجامعة الملك سعود ‪ -‬رئيسة‬
‫لجنة المرأة بمجلس شؤون األسرة)‪.‬‬
‫‪ -‬أ‪ .‬د‪ .‬نوف آل الشيخ (أستاذ علم االجتماع)‪.‬‬
‫أدارت اجللسة‪ :‬د‪ .‬سناء العتيبي (عضو هيئة تدريس بقسم الدراسات االجتماعية‬
‫بجامعة الملك سعود ‪ -‬مستشار في المرصد الوطني للمرأة)‪.‬‬

‫سعود ‪ -‬رئيسة لجنة المرأة بمجلس شؤون األسرة)‬ ‫بــدأت د‪ .‬سناء العتيبي الجلسة الثالثة‬
‫ذكرت د‪ .‬النا بن سعيد أن شخصية الفرد‬ ‫واألخيرة لمنتدى منيرة بنت محمد الملحم‬
‫لخدمة المجتمع‪ ،‬بوصفها األسرة على أنها تتشكل داخــل األس ــرة‪ ،‬فهي أســاس البناء‬
‫القاعدة األساس في تأصيل الهوية الوطنية لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخها‪ .‬ولمناقشة‬
‫والحس الوطني‪ ،‬وغــرس القيم في نفوس ذلــك ال بد من التطرق لعدد من المحاور‬
‫ّ‬
‫أفرادها‪ ،‬ثم يأتي بعد ذلك دور المؤسسات التي توضح مفهوم الهوية الوطنية وأساليب‬
‫االجتماعية والتعليمية في البناء على ما تعزيزها‪ ،‬ومَن هم المشاركون في ترسيخها‬
‫وتنميتها‪ ،‬وما التحديات الحالية التي قد‬ ‫أسسته األسرة في هذا المجال‪.‬‬
‫وأش ــارت العتيبي إلــى أن تربية األبناء تواجه األســرة في مقابل تنشئتهم ألبنائهم‬
‫على حب الوطن هو من المعاني المهمة والتي يمكن أن تؤثر على هويتهم الوطنية‪.‬‬
‫وأضافت بن سعيد أن الهوية الوطنية هي‬ ‫التي نسعى من أجلها؛ لترسيخ روح االنتماء‬
‫والــوالء والذي يلعب دورًا مهمًا وحيويًا في الخصائص أو السمات المشتركة التي يتميز‬
‫بها مجموعة من أفراد المجتمع‪ ،‬والتي عادة‬ ‫استقرار الوطن وتماسكه‪.‬‬
‫وأَضــافــت أنــه فــي هــذه الجلسة يتركز ما تتشكل من القيم والــعــادات واألعــراف‬
‫الــحــوار على عــدة مــحــاور أهــمــهــا‪ :‬مفهوم الــســائــدة الــتــي تحكم المجتمع‪ ،‬والتاريخ‬
‫الهوية الوطنية ومكوناتها‪ ،‬وأهمية دعم شعور المشترك‪ ،‬الــذي يجعل الجميع يشعرون‬
‫ويؤمنون بأن مصيرهم واحد‪.‬‬ ‫الوطنية بالحفاظ على استقرار المجتمع‪.‬‬
‫وأش ــارت بــن سعيد إلــى أساليب تعزيز‬ ‫د‪ .‬النا بن سعيد‬
‫(أستاذ الخدمة االجتماعية المشارك بجامعة الملك الهوية الوطنية؛ إذ يعد غرس االنتماء وتعزيز‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬ ‫العدد ‪78‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪26‬‬
‫وفي المقابل‪ ،‬هناك انخفاض بوعي األسرة‬ ‫الهوية منظومة متكاملة تشترك فيها مؤسسة‬
‫وافتقادها في كثير من األحيان للمهارات‬ ‫األسرة مع مؤسسة التعليم مع المؤسسات‬
‫واألساليب السليمة والمالئمة لمواجهة هذه‬ ‫اإلعالمية‪ .‬إذ إن تعزيز الهوية من خالل‬
‫التحديات‪.‬‬ ‫األسرة يكون في العادة من خالل المحاكاة‬
‫وختمت د‪ .‬النا بن سعيد حديثها بأنه رغم‬ ‫والتقليد‪ ،‬ثم تكمل المدرسة هذا الدور من‬
‫كل تلك التحديات والتحوالت الهائلة التي‬ ‫خالل المدرّس القدوة الذي يدرك أن دوره‬
‫حصلت في مختلف جوانب الحياة‪ ،‬ما نزال‬ ‫ال يتوقف على الجانب التعليمي فقط‪ ،‬ولكن‬
‫‪-‬وهلل الحمد‪ -‬معتزين بهويتنا الوطنية فهي‬ ‫األهم هو غرس القيم واالنتماء في نفوس‬
‫األســاس الــذي ننطلق منه في تعريفنا عن‬ ‫األبناء‪.‬‬
‫وأكدت أن غرس الهُوية يبدأ منذ الطفولة‪ ،‬أنفسنا‪ ،‬وفي تحديدنا النتمائنا لهذا الوطن‬
‫بسرد الحكايات والقصص التاريخية‪ ،‬وأن الغالي الذي حفظ كرامة اإلنسان‪ ،‬ووفّر لنا‬
‫يــشــاهــدوا ذل ــك مــن خ ــال الــرحــات إلــى السعادة وكل سبل العيش الكريم‪.‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬نوف آل الشيخ‬ ‫األماكن األثرية؛ ما يغرس لديهم روح االنتماء‪،‬‬
‫(أستاذ علم االجتماع)‬ ‫من خالل التعرف على تاريخ البالد؛ فيشعر‬
‫الطفل باالنتماء والفخر بوطنه‪.‬‬
‫ذك ــرت د‪ .‬نــوف آل الشيخ أنــه فــي ظل‬
‫وأشــــــارت ب ــن ســعــيــد إلـ ــى أن األسـ ــرة تسارع التغيرات التي تعيشها المجتمعات‬
‫السعودية اليوم تواجه كغيرها من األسر في اليوم في جوانب الحياة المختلفة السياسية‪،‬‬
‫المنطقة العربية العديد من التحديات التي والثقافية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية؛ ومع‬
‫يمكن أن تؤثر على الهوية الوطنية السعودية‪ ،‬تزايد الحمالت الفكرية التي تقلل من قيمة‬
‫وبخاصة مع التطورات المتسارعة في مجال االنــتــمــاء للوطن‪ ،‬وتُشكِّـك فــي معتقداته‪،‬‬
‫تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬وما أفرزته من وسائل وثقافته‪ ،‬وهويته‪ ،‬تسعى المجتمعات إلى‬
‫اتــصــال جــديــدة جعلت العالم يبدو وكأنه تحقيق األمن الفكري من خالل المحافظة‬
‫على الهوية الوطنية‪.‬‬ ‫«قرية صغيرة»‪.‬‬
‫وقــالــت آل الــشــيــخ‪ :‬إن الــهــويــة الوطنية‬ ‫واليوم ال نستطيع أن نتجاهل أثــر هذه‬
‫هي البعد اإلستراتيجي لألمن الوطني في‬ ‫العولمة وما أحدثته من انفتاح وعبور لألفكار‬
‫المجتمع‪ ،‬ومنظومته الفكرية‪ ،‬وترابطه‪،‬‬ ‫بال حدود‪ ،‬وما نتج عنها من وسائل اتصال‬
‫وتماسكه االجتماعي‪ ،‬ونظامه األخالقي؛ ومن‬ ‫وإعــام غير تقليدية شكّلت تحديًا فعليًا‬
‫الصعب تحقيق ذلك إال بتنمية فكرية نابعة‬ ‫لألسر‪ ،‬إذ ظهرت مظاهر عدة لسلوكيات‬
‫من المعرفة الواقعية للمصادر التي تعزز‬ ‫وتــعــامــل غير رشــيــد مــع تلك المعطيات؛‬

‫‪27‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬
‫القيم الوطنية‪ ،‬ومنحها األولــويــة من خالل االع ــت ــزاز بــالــوطــن‪ ،‬ورم ـ ــوزه‪ ،‬والــوســطــيــة‪،‬‬
‫ترجمتها بالمشاعر وبالسلوك الفعلي‪ ،‬اللذين وبــث روح الــتــعــاون‪ ،‬وتعزيز قيم العدالة‪،‬‬
‫يُعـزِّزان الوالء للوطن‪ ،‬والمشاركة اإليجابية‪ ،‬والــشــفــافــيــة‪ ،‬ونــبــذ الــعــنــف‪ ،‬والــبــعــد عن‬
‫والمسؤولية االجتماعية‪ ،‬وحماية الممتلكات الطائفية‪ ،‬ونشر اإليجابية‪ .‬وقالت إن تحقيق‬
‫العامة‪ ،‬والبعد عن العنصرية القبلية‪ ،‬ودعم ذلــك يتطلب تــعــاون األس ــرة لتنمية الهوية‬
‫الوطنية وتعزيزها لدى األبناء‪ ،‬وتزويدهم‬ ‫القدرات واإلبداع في كافة المجاالت‪.‬‬
‫وأش ـ ــارت آل الــشــيــخ إل ــى تــركــيــز رؤيــة بالمعلومات‪ ،‬ووقايتهم من المهددات األمنية‪،‬‬
‫المملكة ‪ 2030‬على تعزيز الهوية الوطنية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬وتحفيز الشعور لديهم باإليجابية‪،‬‬
‫وغرس المبادئ والقيم الوطنية‪ ،‬ومن ذلك وتوفير احتياجاتهم وتطلعاتهم‪.‬‬

‫توصيات المنتدى‬

‫قالت رئيسة هيئة المنتدى أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن السديري‬


‫مساعدة المدير الــعــام لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي إن أهم‬
‫التوصيات التي انبثقت عن المنتدى تتلخص في ضرورة تسخير كافه الجهود‬
‫من أجل دعم األسرة السعودية لمواصلة دورها المهم في تربية النشء‪ ،‬وبناء‬
‫شخصياتهم وقدراتهم ومهاراتهم اإلبداعية‪ ،‬وكذلك دعم دورهــا الرئيس‬
‫في تحقيق األمن المجتمعي‪ ،‬وكذلك الحرص على نشر الوعي بالتشريعات‬
‫القانونية واإلصالحات المستحدثة‪ ،‬ليعي كل فرد ما له وما عليه من حقوق‬
‫وواجبات‪.‬‬

‫كما أوصــى المنتدى بالتخطيط لبرامج هادفة جاذبة للشباب‪ ،‬تسهم‬


‫في رفع الشعور بالهوية الوطنية‪ ،‬بالتركيز على األبعاد القانونية والثقافية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬ومنها‪ :‬تمكين الشباب من معرفة الضوابط القانونية والحقوق‬
‫والواجبات‪ ،‬والتجاوب مع المستجدات والمتغيرات فيما ال يخالف ثوابت‬
‫العقيدة‪ ،‬مع األخذ باالعتبار الخصوصية الثقافية للمجتمع‪ ،‬وتمكين الشباب‬
‫من المهارات الفكرية والتفكير الناقد ليكونوا أكثر عقالنية‪ ،‬واكتساب آليات‬
‫العالقات والتدرب على أدائها لتحقيق التعايش في ظل التنوع‪.‬‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٥‬‬ ‫العدد ‪78‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪28‬‬
‫محور خاص‬

‫الشاعر محمد الدميني‪:‬‬


‫حر ِّ‬ ‫االشتغال بالنَّ ِّ‬
‫ص ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫مغامر ُة‬
‫■ احملرر الثقايف‬
‫ال ـشــاعــر ال ـم ـبــدع يـعــرفــه م ـتــذوقــو الشعر‬
‫ومريدوه؛ لذا‪ ،‬يفرض نفسه على المجتمع‬
‫الثقافي‪ ،‬بقصائده الالمعة ومواقفه المهمة‪،‬‬
‫وحضوره الثقافي‪.‬‬
‫وإذا نظرنا للعقود الماضية‪ ،‬وجدنا أن‬
‫ه ـنــاك ش ـعــراء سـعــوديـيــن تـمـيــزت تجربتهم‬
‫ال ـش ـع ــري ــة وال ـث ـق ــاف ـي ــة؛ اب ـ ـتـ ــداء م ــن ح ـمــزة‬
‫وصول إلى فوزية‬ ‫ً‬ ‫شحاتة‪ ،‬وغازي القصيبي‪،‬‬
‫أبو خالد‪ ،‬ومحمد الحربي‪ ،‬ومحمد الثبيتي‪،‬‬
‫وقائمة طويلة مــن الـشـعــراء‪ ،‬تتعدد وتتنوع‬
‫تجاربهم؛ ما يعكس ثــراء الساحة الشعرية‬
‫في المملكة‪.‬‬
‫ومــن هــؤالء الشعراء الذين تميزت تجربتهم بالثراء واإلش ــادة من مجتمع الشعر والنقد‪،‬‬
‫تجربة محمد الدميني‪ ،‬الـشــاعــر ال ــذي واك ــب الـحــركــة الشعرية منذ الثمانينيات مــن القرن‬
‫الماضي؛ إذ مــارس الفعل الثقافي بشركة أرامـكــو في مجلتها الثقافية "القافلة"‪ ،‬كذلك في‬
‫الصحافة الثقافية في جريدة اليوم‪ ،‬وفي األندية األدبية ومجالتها الثقافية في مجلة "دارين"‪.‬‬
‫وللداللة على الروح المبدعة لدى شاعرنا‪ ،‬تقول هناء حجازي عن الشاعر‪" :‬شكلُ القصيدة‬
‫هاجسا عند محمد الدميني‪ ..‬هاجسه القبض على روح القصيدة‪ ..‬مغامرة االشتغال‬ ‫ً‬ ‫ليس‬
‫بالنص الحر‪." ..‬‬
‫أصدر الدميني ديوانه األول "أنقاض الغبطة"عام ‪1989‬م‪ ،‬ثم ديوانه الثاني "سنابلُ في منحدر"‬
‫عام ‪1994‬م في بريطانيا عن "دار السراة"‪ ،‬وفي عام ‪2014‬م أصدر ديوانه "أيامٌ لم يدّ خرها أحد"؛‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬فإنه ال يمكننا حصر تجربة الشاعر بدواوينه الشعرية؛ ولكننا نستطيع من خاللها‬
‫قراءة هذه التجربة‪ ،‬للداللة على عمقها وجمالياتها‪ ،‬إضافة إلى مسيرته الثقافية‪.‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫المحتمل الداللي المراوح بين المعرفي والالمعرفي في النص الشعري‬

‫(قراءة في تجربة محمد الدميني الشعرية)‬


‫■ أحمد بوقري*‬

‫(ال مقابر قرب هذا المنزل‪ .‬كان الموتى‬


‫قد سهروا‬
‫حتى أطفأهم الصباح‪.‬‬
‫ورأيـ ـ ـ ــت ال ـم ـع ــاص ــي وه ـ ــي ت ـض ـج ــر ف ــوق‬
‫ثيابهم‪ .‬وهذا الصباح بال ضوء‬
‫لقد كنسته عربة القمامة)(‪! )١‬‬

‫قراءتي لدواوينه الشعرية الثالثة‪-‬‬ ‫(‪)١‬‬


‫حرصا‬
‫ً‬ ‫كان أكثر شعراء قصيدة النثر‬ ‫الشاعر محمد الدميني من الكوكبة‬
‫وتوجسً ا جماليًا وتكثيفًا في نحته‬ ‫الشعرية المؤسِّ سة لحداثة التجربة‬
‫اللغوي‪ ،‬وفي تضمين رؤاه ورؤياه‬ ‫الشعرية الجديدة في السعودية‪،‬‬
‫الشعرية‪ ،‬ورؤى الحلم والوعي باللحظة‬ ‫وشارك بقوّة في تشكيل مشهد قصيدة‬
‫الذاتية واإلنسانية لديه؛ متأنيًا‪ ،‬صارمًا‪،‬‬
‫النثر بعد فوزية أبوخالد؛ بل‪ ،‬وأصبح‬
‫دقيقًا‪ ،‬ال تتخطفه بسهولة التعبيرات‪،‬‬ ‫ركنًا مهمًا من كتابها والمنافحين عنها‪،‬‬
‫بشكل تام على‬
‫ٍ‬ ‫أو تلك التي لم تنضج‬ ‫ومن أعمقهم أصال ًة واتصاال بتراث‬
‫صهد اإلحساس والتشكيالت الشعرية‬ ‫الشعرية العربية وتقاليدها‪ ،‬ومن‬
‫القلقة في اكتماالتها وصيرورتها! إنه‬ ‫أشدهم احتفا ًء بآباء الشعر األُوَل‪،‬‬
‫ذو وسواس فنيٍّ ‪ ،‬وهاجسه جمالي‬ ‫وإنصاتًا لنبض تاريخهم ومنجزهم‬
‫بالضرورة‪ ،‬في إهابه منتجً ا‪ ،‬في هموده‬ ‫الشعري؛ ومن ث ّم هو من هؤالء الشعراء‬
‫نقيضا يتمرأى مع حلمه اللغوي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وعيًا‬
‫األنيقين لغةً‪ ،‬وبصيرة جمالية‪ ،‬وتفردًا‬
‫ورؤيته المغايرة‪ ،‬المتمردة للسائد‬ ‫إبداعيًا‪ ،‬ومغايرة تجربية؛ ومن الذين‬
‫الجمالي!‬
‫نأوا بوعي متفرد في بوحهم اإلبداعي‬
‫الشعر في تجربة محمد الدميني لم‬ ‫عن تلك القضايا والشعارات الزائفة‪،‬‬
‫بحدث آنيٍّ مؤقت‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬ ‫أو األفكار الكبرى في المضامين يكن يومًا متلظيًا‬
‫الشعرية؛ كما أنه ‪ -‬كما خلصتُ من رهينة لحظة يومية متفجرة وفائتة‪ ،‬أو‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪30‬‬
‫محور خاص‬
‫أجوائه وتشكيالته وموضوعاته‪ ،‬وحتى في‬ ‫"متلطيًا" وراء فكرة مركزية حتى لو وجدنا‬
‫نبراته اللغوية التي نلمسها لدى ريلكة‪،‬‬ ‫ذلك واضحً ا ‪-‬على مستوى حاالت شعرية‬
‫وبونفوا‪ ،‬وسان جورج بيرس‪ ،‬ورينيه شار‪،‬‬ ‫أخرى وكتابية متكاثرة ومحايثة له‪ -‬منبعًا‬
‫ومن قبلهم بريفير في شذراته وومضاته‬ ‫غزيرًا للشعرية والبوح الكتابي‪ ،‬ومحركًا‬
‫المجازية‪ ،‬وعربيًا كما لدى أدونيس‪،‬‬ ‫للكمائن الجمالية‪.‬‬
‫وسركون بولص‪ ،‬وعباس بيضون‪ ،‬وقاسم‬ ‫بمعنى‪ ،‬لم يكن شعره مكتويًا على‬
‫حداد‪ ،‬وسيف الرحبي‪ ،‬وآخرين؛ فكل هؤالء‬ ‫وقدة حالة سياسية أو اجتماعية أو ذاتية‬
‫وغيرهم لهم تأثيرهم المندغم‪ ،‬والقلق في‬ ‫آنية‪ ،‬أو لحظة ذاتية منطفئة‪ ،‬الشعر عنده‬
‫تشكيل النص الشعري عند شاعرنا محمد‬ ‫مكتوبٌ بروحية تمزج الحلمي المنبثق من‬
‫الدميني؛ تاركين بعض نكهاتهم وبصماتهم‬ ‫بئر الذات العميقة‪ ،‬بالحلمي البعيد الذي‬
‫الروحية في جسد قصيدته؛ بل إن تجربته‬ ‫يغيب في غابات الواقع وتضاريسه وأفكاره‬
‫تمتح بشكل مكثّف من جذور هذه الشجرة‬ ‫الغائمة غير المحددة أو المتداخلة‪ ،‬أو غير‬
‫الكونية‪ ،‬وتصقل كونيته الرؤيوية الخاصة‪،‬‬ ‫المتعيّنة‪.‬‬
‫وبناءاته التشكيلية اللغوية المبتكرة‪،‬‬ ‫حين نمعن نقديًا في القول الشعري عند‬
‫وإيماءاته‪ ،‬وإشاراته الفنية تلك التي ق ّل‬ ‫شاعرنا محمد الدميني نجد أن أجنحته‬
‫تجارب شعرية مجايلة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫نظيرها في‬ ‫ليست متكسرة‪ ،‬أو أن تحليقه قصير المدى؛‬
‫القصيدة لديه مكثّفة مستقطرة من‬ ‫بل لتحليقاته االستعارية المتكاثرة أجنحة‬
‫كونية ممتدة ومتقاطعة منسوجة من ذاتيته‪،‬‬
‫غيم المعنى‪ ،‬الجموح الذي يمضي سريعًا‬
‫ومن قلق األفق الحضاري المعتم في أفقه‪،‬‬
‫غيمات أخرى من‬‫ٍ‬ ‫كأنه صيّاد لهِ ث‪ ،‬يالحق‬
‫واقترابه الحميمي من مأزق حلمه اإلنساني‬
‫المعاني‪ ،‬أو مستجيبًا لنداءاتها الصامتة‬
‫الجمعي؛ أجنحة مخاطة من نسائجه اللغوية‬
‫الهاربة‪ ،‬يطاردها الوعي الحلمي مغ ّيبًا في‬
‫والقولية وبصيرته الرائية‪ ،‬لها مدياتها‬
‫جحر الواقع‪ ..‬يقبض عليه‪ ،‬فيشعر بوخزته‬
‫واندياحاتها‪ ،‬واستعاراتها واقتحاماتها‬
‫الحارقة‪.‬‬
‫الجمالية الجريئة التي ال نجدها في صور‬
‫وغموض القول الشعري عند شاعرنا‬ ‫تماثلية‪ ،‬كما عند غيره من شعراء قصيدة‬
‫ليس ا ّال كقطعة "‪ "Diamond‬كريستالي‬ ‫النثر‪.‬‬
‫موشوري يشف بما وراءه من ألوان وأطياف‬
‫من خالل القراءة المتمعّنة لتجربته‬
‫اللغة والخطابات المحتملة‪ ،‬والمتماوجة‬
‫بشكل بيّن أنها ليست‬
‫ٍ‬ ‫الشعرية نجدها‬
‫كالضوء الشارد في غابات المعاني‪ ،‬وبين‬
‫مقطوعة عن التأثُّر بشجرة التجربة‬
‫أغصانها‪.‬‬ ‫الشعرية العربية والكونية في آن على م ّر‬
‫في نصوص الدميني لم أ ُعان ‪-‬حقيقة‪-‬‬ ‫التاريخ الشعري العالمي المعاصر في‬

‫‪31‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫عندها يصبح "المحتمل هو معنى الخطاب"‬
‫محتمل عبر آلية تكوّنه" كما‬
‫ً‬ ‫و"المعنى يكون‬
‫تقول كريستيفا‪.‬‬
‫إن النص لدى محمد الدميني يبدو‬
‫للمتلقي كامرأة متمنعة صعبة ال يمكن‬
‫افتضاض مغاليقها ومضايقها‪ ،‬ودهاليزها‬
‫األبعد‪ ،‬كونها تتطلب مكابدة نفسية وعقلية‬
‫وقولية‪ ..‬فالنص المتقن المفعم بالرؤى يخلد‬
‫إلى ليل المعنى‪ ،‬ويتطلب هذه المكابدات‬
‫يلقي قصائده في أمسية شعرية‬
‫والتبصرات واالرتحاالت المضنية‪ ،‬وهذا‬
‫ّ‬
‫ما سنكتشفه هنا في نصه‪:‬‬
‫من ضالالت المعنى وظالالته؛ فالغموض‬
‫(حرائق في الطرقات‬ ‫صوَرِ ِه‬
‫لديه يأتي كضرورة فنية‪ ،‬شفيفًا في ُ‬
‫ال نار نطفئ هذه النار‬ ‫وتشكيالته؛ لكني عانيت من لوعة لغته‬
‫فاتركوني هناك في القرية الهائمة فيّ‬ ‫الشعرية وتشظياتها في أفقها وسياقاتها‬
‫كراهب ف ّر من‬
‫ٍ‬ ‫أنتحر فوق رماد الطفولة‬ ‫الداللية والفكرية‪.‬‬
‫ثيابه‬
‫وإنني في قراءتي هذه سأحاول‪ ،‬ولعلني‬
‫وعلّق نياشينه‬
‫أنجح في أن أستلهم مفهوم (المحتمل‬
‫فوق صدور الجند والفاتنات‬
‫الداللي) للناقدة الفرنسو‪ -‬بلغارية جوليا‬
‫أحمل ساللك يا ابن أمي‬
‫كريستيفا الذي يعني "بكل ما ليس‬
‫ورمم أنثاك الجميلة‬
‫محصورًا في المعرفة والموضوعية مع كونه‬
‫لقد نام الورد في السالل‬
‫ليس ال معنى"‪ ..‬إذ يصبح األثر المحتمل‬
‫واتكأ الحائط على بهجة الغسق‬
‫مسألة عالقة بين الخطابات؛ بمعنى أن‬
‫فال ورد‪،‬‬
‫هناك أثرًا خطابيا ودالليا شديد الوضوح‬
‫ال مساء‪،‬‬
‫في نصوص الدميني‪ ،‬وبخاصة في ديوانيه‬
‫ال خزائن)(‪!)٢‬‬
‫األخيرين (سنابل في منحدر) و(أيام لم‬
‫إن ما يصنع حركة النص الشعري الجميل‬ ‫يدّ خرها أحد)‪ ،‬هذا األثر أدى إلى إنتاجية‬
‫والــفــادح فــي تفجّ عه ومأساويته هنا‪ ،‬هو‬ ‫نصية ذات محتمالت داللية‪ ،‬وأنتجت صورًا‬ ‫ّ‬
‫انفعاله بالمتوقع المعرفي‪ ،‬وصياغته ألفق‬ ‫فنية واستعارية محتملة‪ ،‬وتركيبية تؤول إلى‬
‫التخييل الممتد إلى الال متوقع أو المتحقق‬ ‫المعنى الذاتي القصدي والالموضوعي‬
‫في الواقع المتخيّل؛ احتراق لبهاء المستقبل‬ ‫المشبّع بخطابية تساوق بين المعرفي‬
‫وبهجته‪ .‬وما االنحدار إلى رمــاد الطفولة‬ ‫المحتمل والالمعرفي‪ ،‬فتنتج عالقات لغوية‬
‫والقرية األولــى إ ّال أفـ ٍـق قريب‪ ،‬ربما ينقذ‬ ‫جديدة‪ ،‬وبنية خطابية تركيبية مغايرة‪،‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪32‬‬
‫محور خاص‬
‫بعضا من الورد النائم من الحرائق المقيمة يؤسس أيديولوجية ذاتية مطلقة خاصة به‪،‬‬
‫ً‬
‫وال تشبه كل األيدولوجيا المقموعة والقامعة‬ ‫في األفق البعيد‪.‬‬
‫خارج فضاء قصيدته!‬
‫(‪)٢‬‬
‫(ماذا نُبقي لألمهات اللواتي رميننا على‬
‫حين عزمت على إع ــادة ق ــراءة دواويــن‬
‫حصى الطريق‬
‫الدميني‪ ،‬وكنت قــرأت بعض أشعارها في‬
‫لكي ننبت في صالدتها؟‬
‫أزمنة متفرقة خالل العقود الماضية‪ ،‬أخذت‬
‫كثير هو الدم‬
‫بنصيحة الناقد األمريكي الراحل هارولد‬
‫الذي أهرقناه على عجل‬
‫بلوم‪ ،‬الذي قال‪( :‬أعد قراءة القصيدة مرات‬
‫أمام هذه األرواح المسمومة‪،‬‬
‫عــديــدة بــهــدوء‪ ،‬وأتبعها بترتيالت إلــى أن‬
‫وفادحة هي الوصايا‬
‫تتملكك القصيدة‪ .‬بعدها ستصبح عالقة‬
‫التي يبست في صناديق األجداد‬
‫في الذاكرة وستأسرك‪ ،‬وستبدو قادرًا على‬
‫(‪)٣‬‬
‫والتوت على األلسنة)‬
‫قراءتها بــإحــكــام)‪ ..‬وكنت مــن خــال هذه‬
‫من فضاء الحلم السديمي عــابـرًا إلى‬ ‫اإلعــادات أريد اللحاق بمراوغات المعاني‬
‫فضاءات الحلم الكينوني‪-‬الوجودي‪ ،‬يبني‬ ‫وتلوناتها التي كانت تستقر كالماء المحبوس‬
‫شاعرنا نصه الشعري‪ ،‬ويؤسس لعمارته‬ ‫تــحــت طــبــقــات االســتــعــارات والــمــجــازات‬
‫الــجــمــالــيــة‪ ،‬وم ــن الــحــلــم الــذاتــي البسيط‬ ‫والــتــشــكــيــات الــلــغــويــة‪ ..‬وف ــي كــل ق ــراءة‬
‫بساطة العيش الهانئ‪ ،‬يقطع نصه الشعري‬ ‫بحاالت شعورية متناقضة بين‬ ‫ٍ‬ ‫كنت أخرج‬
‫الــمــســافــة إل ــى مــضــايــق الــحــلــم الــمــر ّكــب‬ ‫الفرح واالنقباض‪ ..‬بين اليأس والبأس‪..‬‬
‫المعجون بأيديولوجيته الذاتية المحلقة‬ ‫بــيــن اإلش ــراق ــات واالن ــط ــف ــاءات‪ ،‬إل ــى أن‬
‫في فضاء المطلق‪ ..‬المتخلّصة من وصايا‬ ‫توصلت إلى بعض االستنتاجات التحليلية‬
‫األجداد وتخشبات القول على األلسن‪.‬‬ ‫"والمقاربات" الحدسية التي تقترب وتنأى‬
‫(أطلب أيامً ا لم يدخرها أحد‬ ‫في الوقت نفسه من تخوم المعاني وبراريها‬
‫أيام بأحذية لكي ال تبترد من الفاقة‬ ‫ومــنــحــدراتــهــا‪ ..‬إذ فــي كثير مــن نصوص‬
‫وعظام كثيرة‬ ‫شاعرنا ما نجده تارة قد أصابه بأس اليأس‬
‫تشبه صرخات غريق‬ ‫من الواقع‪ ،‬وفي لحظة مكتوية أخرى‪ ،‬نجد‬
‫لم أعرف حياة أخرى‬ ‫جــراح روحــه تنز دمــا ًء من وهج القول‪ ،‬بل‬
‫أكثر من هذه الملقاة تحت وسادتي‬ ‫ـاالت مــن وقــدة الــضــوء المحبوس بين‬ ‫شـ ٍ‬
‫أنام فيها‬ ‫صخرات الضلوع‪.‬‬
‫وأصحو فزعً ا‬ ‫محمد الدميني‪ ،‬مهووس بلغته ودالالتها‬
‫ألن جارًا بعيدً ا‬ ‫وتشكيالتها أكثر هــوسً ــا مما يفصح عنه‬
‫يلتهم سمينتي‬ ‫الــواقــع الــصــلــد الــمــريــر‪ ،‬وأيــدولــوجــيــاتــه‪،‬‬
‫(‪)٤‬‬
‫ويتسكع في حجرات صمتي الفسيح)‬ ‫وأزمــاتــه المستدامة‪ ..‬مــن قوله الشعري‬

‫‪33‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫فــي جماليات مكوناته اللغوية والداللية‬ ‫هناك أنا شعرية طاغية في جل نصوصه‪،‬‬
‫واستعاراته الحلمية‪ ،‬كلها في ظني تتضافر‬ ‫ليس بالضرورة تكون في حالة توهّ ج حسيّ‬
‫عند محمد في تشكيل نصه الشعري المتقن؛‬ ‫كثير من اللحظات‬ ‫وفكري‪ ،‬بل نجدها في ٍ‬
‫إذ ال يمكن النظر إلى نصه بمعيارية نقدية‬ ‫التشكيلية المكتوية بجروح الذات ونزيفها‬
‫وجمالية واحدة‪ ..‬كل قصيدة تستدعي رؤية‬ ‫في حالة انكسار أو انحسار وجدانيٍّ مريع‪..‬‬
‫نقدية مغايرة‪!..‬‬ ‫كثيرًا ما تحاول لغته إعادة الترميم أو بعث‬
‫في ديوانه المبدع (سنابل في منحدر)‪،‬‬ ‫الجموح الذاتيّ المُخْ مد‪.‬‬
‫يتوجه شاعرنا بكليّته الجمالية والحلمية‬ ‫(‪)٣‬‬
‫إل ــى المستقبل الـ ــذي يـ ــراه فــي حينها‪،‬‬
‫ما هو الخطاب الشعري الذي كتب به‬
‫غير قابل لــانــوجــاد بتعبيرية أقــرب إلى‬
‫محمد الدميني؟‬
‫التشاؤمية‪ ،‬ويمكن أن نعد هذه النظرة في‬
‫اتساق تام مع الحالة الراهنة المعايشة في‬‫ٍ‬ ‫محمد الدميني قلي ٌل إنتاجه الشعري‪،‬‬
‫تلك الزمنية المضببة‪ ،‬التي عبّر عنها في‬ ‫ففي خالل ثالثة عقود من الكتابة لم يتجاوز‬
‫جزعه الحلمي لتلك السنابل‪ /‬البراعم التي‬ ‫منجزه الشعري ثالثة دواوي ــن‪ ،‬كتبها كلها‬
‫بدل من تباسقها‪ ،‬يتوالى انحدارها‬ ‫يراها ً‬ ‫بنَفَس قصيدة النثر وحداثتها ومغامرتها‬
‫نحو هاوية سحيقة ال قرار لها‪ ..‬إنها بصيرة‬ ‫الجمالية‪.‬‬
‫شاعر راءٍ ومهموم بتحوّل الحلم السديمي‬ ‫مركبه اللغوي شقّ طريقه بثقة في نهر‬
‫عنده إلى حقيقة زائفة‪ ،‬إلى محتمل غير‬ ‫التجربة الشعرية الحديثة‪ ،‬فعانَ َق أعالي‬
‫مقصود في ذاته؛ لكن الحقيقة غير المرئية‬ ‫البحار وول ــج لُــجّ ــة األرخــبــيــات الشعرية‬
‫ليست دائما في حالة انكشاف‪ ..‬هي في‬ ‫الكونية والمتجاورة‪.‬‬
‫حالة تكوّن نَسَ غي‪ ،‬كالماء الذي يسري في‬ ‫فما قدمته شعرية محمد الدميني من‬
‫عروق الشجر يروي ظمأ الجذور‪.‬‬ ‫صـــو ٍَر فنية متالحقة يإيماءاتها اللغوية‬ ‫ُ‬
‫وكثيرًا ما نلمح في نصوص محمد تلك‬ ‫واستعاراتها الدالة فإنما قدّ م أنموذجً ا للغة‬
‫المخيّلة المحتشدة بالرؤى المحتملة القلقة‪،‬‬ ‫أول‪ ،‬وعلى ذاتها الشاعرة‬ ‫الدالة على نفسها ً‬
‫واألحالم المتشظية‪ ،‬أو األوهام التي تغرق‬ ‫ثانيًا‪ ،‬ومــن ثم قــادت هــذه اللغة شجيرات‬
‫في واقعها الصخري‪.‬‬ ‫الــمــعــنــى إلـــى غــابــاتــه الــمــعــتــمــة وآفــاقــهــا‬
‫أدرك شاعرنا أن كتابة الشعر ليست‬ ‫السامقة‪ ،‬منكشفًا تحت وقــدة اإلحساس‬
‫برحلة صيد ترفيهية في تضاريس لغوية‬ ‫الملتهب بالذكرى أو الطفولة أو الحلم أو‬
‫منبسطة مرحة بالنسائم وضــوء الشمس‪،‬‬ ‫الــوعــي الشقيّ الــذي يأخذ فــي التشظّ ي‬
‫بل احتطاب لجذوع المعاني‪ ،‬إنه الشاعر‪/‬‬ ‫بين أجفان الرؤية البصيرة أو بين األصابع‬
‫الحطّ اب الليلي الذي غاب عنه شعاع القمر‪،‬‬ ‫المتقدة بالحنين‪.‬‬
‫إذًا‪ ،‬النموذج الشعري تَــحــدَّ َد كما أرى يبحث عن أشجار اللغة المنداة في األعالي‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪34‬‬
‫محور خاص‬
‫كي يحتطب منها كلماته وصوره ومدلوالته‪ .‬فوق هذه الغيمة الساقطة‬
‫(‪)٦‬‬
‫إن ذات شاعرنا المنفعلة بعمق‪ ،‬وقلقه كتمائم الهنود الحمر)‬
‫أو تلك النبرة الحلمية متخفيّة ما وراء‬ ‫وحــذره الواضحين إزاء ما ينجز من شعر‬
‫النص الويتماني‪ ،‬متماثلة معه‪ ،‬تنهض على‬ ‫أو قص أو فكر في مشهدنا األدبي‪ ،‬بل عدم‬
‫استحياءٍ بين عناصر القول‪ ،‬وفي مراوغات‬ ‫احتفائيته الظاهرة أو الكتومة‪ ،‬ونأيه عن‬
‫اللغة والمعنى‪ ،‬كأننا نقرأ الالتناص في ذات‬ ‫الجدل والمحاججات المسترسلة‪ ،‬وحسّ ه‬
‫الوقت‪:‬‬ ‫الصحافي والثقافي المدقق‪ ،‬أثرت عميقًا‬
‫في طريقة كتابته لنصوصه‪ ،‬فجاءت ج ّل‬
‫(إني أمضي كالهواء‬
‫نصوصه هادئة منسابة محتفية بتفاصيل‬
‫فإن أردتموني مرة أخرى‬
‫الحياة األنقى‪ ،‬والحلم والوعي الحضاري‬
‫فأبحثوا عني تحت كعوب نعالكم‬
‫القلق‪ ..‬ممتزجة بنقاء هــواء أعالي جبال‬
‫سوف أتخلل دماءكم وأنسجها‬
‫الباحة‪.‬‬
‫فإن أخفقتم في البحث عني‬
‫فأحتفظوا بهمتكم‬ ‫(تركت ورقً ا أبيض‬
‫وإن لم تجدوني في موضع‬ ‫في كل أنحاء المنزل‬
‫فانشدوني في سواه‬ ‫قلت إن القصيدة التي‬
‫(‪)٧‬‬
‫فإني واقف في مكان ما بانتظاركم)‬ ‫لن تتدثّ ر باليدين‬
‫ستهبط هناك‬
‫وفــي قصيدته حملة النعش المؤسية‪،‬‬ ‫(‪)٥‬‬
‫روحا بيضاء تلتقطها)‬
‫وستجد ً‬
‫والتي أهــداهــا في رحيل الكاتب الروائي‬
‫عبدالعزيز المشري‪ ،‬تنتقل حالة الرثاء‬ ‫ما أعــذب هذه النبرة الفكرية‪ ..‬النبرة‬
‫الملحمية للراحل المقيم في القلب والذكرى‪،‬‬ ‫الحلمية‪ ..‬النبرة الكونية‪ ،‬مكونات تشكيلية‬
‫إلى حالة الرثاء للذات الحاملة ألحزانها‬ ‫جــذلــة الفــتــة ف ــي ن ــص مــحــمــد الــدمــيــنــي‬
‫وشقائها‪ ،‬أي مــن ال ــذات الوحيدة الدالة‬ ‫الشعري‪.‬‬
‫في مآلها إلــى الــذات الجمعية المحتملة‬ ‫عدد من نصوصه‪ ،‬نلحظ تلك النبرة‬ ‫وفي ٍ‬
‫في مآالتها‪ ،‬أي انتقلت دالليًا من المرثى‬ ‫آت‬
‫الفكرية‪ ،‬متجلية في فضاءٍ ميتافيزيقي ٍ‬
‫ل ــه‪/‬ال ــدال (الــمــشــري) إلــى حملة نعشه‪/‬‬ ‫من األزمنة السحيقة‪ ،‬متخذًا بعدًا كونيًا‪ ،‬أو‬
‫المحتملين المُرثى لهم المثقلين بأحزانهم‬ ‫منقض‪ ،‬ومرثى له‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫زمنًا حضاريًا‬
‫وأحالمهم المتكسرة‪ ،‬فكأنهم كانوا يحملون‬ ‫(م ــرَّ الـتـتــار وأب ـقــوا ثـغــاء سـيــوفـهــم‪ ،‬وم ـ ّر‬
‫نعوشهم‪:‬‬ ‫المعرّي تاركً ا‬
‫(ماذا نصنع بحياتك‬ ‫قسطا من الكآبة‬ ‫ً‬
‫التي تركتها لنا‬ ‫وخَ فَتَ الرصيف‬
‫ألنك ضجرت من حملها‬ ‫كجدول يزدرد أسماكه الميتة‬ ‫ٍ‬
‫وقررت أن تستند‬ ‫وها أنذا أتدحرج‬

‫‪35‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫ثباتها الموضوعي؟ وهل أثّر الزمن الشعري‬ ‫إلى التراب الصلد؟‬
‫على خياراته اللغوية وموضوعاته ؟‬ ‫وبماذا نمألها‬
‫في اعتقادي‪ ،‬إن اإلجــابــة عن كل هذه‬
‫وبأي ماء‬
‫القرَب المصبّرة‬
‫نمأل تلك ِ‬
‫األسئلة ما يحتاج إلى دراسة أخرى مستقلة؟‬
‫على السفوح؟‬
‫غير أن َمــن يــقــرأ ديــوانــه األول (أنــقــاض‬
‫وعلي أي عتبة‬
‫الغبطة) ويقرأ ديوانيه األخيرين‪ ،‬سيلمس‬ ‫سنستذكر األمطار‬
‫فروق التشكيالت اللغوية والحالة التعبيرية‬ ‫سنتجرع موسيقاك الفقيرة‪،‬‬
‫والــوجــدانــيــة المختلفة وب ــك ــارات ال ــرؤى‬ ‫مالئين ثقوب الليالي الجائرة؟)‬
‫والمجازات في هذا الديوان‪ ،‬إذ إن البدايات‬
‫فــي الوقفة األخــيــرة مــن إطاللتي على‬
‫األولى دائمًا تجيء تلقائية وفطرية‪ ،‬نابعة‬ ‫الــعــالــم الــشــعــري لمحمد الدميني أطــرح‬
‫من الخبرات البسيطة‪ ،‬والتصورات األولى‬ ‫سؤالي‪:‬‬
‫للشعرية‪ ،‬وتكويناتها النفسية‪ ،‬والفكرية‪،‬‬
‫هل حدث ارتقاء في مستويات الشعرية‬
‫فــجــاءت نصوصه فــي هــذا الــديــوان أكثر‬
‫وأسلوبيتها لديه من ديوانه األول (أنقاض‬
‫شفافية‪ ،‬وذات نكهة غنائية؛ بل إن بعض‬ ‫الغبطة) ومسار تطورها حتى ديوانه األخير‪:‬‬
‫الــنــصــوص كــانــت تفعيلية‪ ،‬أو أق ــرب إلى‬ ‫(أيام لم يدخرها أحد)؟‬
‫إيقاعات القصيدة التفعيلية والكالسيكية‪.‬‬
‫أم كــانــت الــحــالــة الــشــعــريــة متناغمة‬
‫إ ّال أن محمد الدميني نجح في توظيفه‬ ‫منسجمة في وحدتها البنيوية والتعبيرية‪،‬‬
‫الباهر إليقاعات قصيدة النثر‪ ،‬وتشكيل بنيته‬
‫وفـــي أحــامــهــا وإيــمــاءاتــهــا ورؤاهـــــا في‬
‫الجمالية للنص‪ ،‬وعناصرها ومرتكزاتها‬ ‫سياقاتها التعبيرية والتشكيلية ذاتــهــا؟‬
‫الجمالية‪ ،‬تلك المعروفة نقديًا على حد‬ ‫بمعنى‪ ،‬كيف عبَ َر الزمن الشعري والنفسي‬
‫في فضاء نص الدميني‪ ،‬وهل ترك بصماته‬
‫قــول الناقد صبحي حــديــدي‪( :‬الــتــوازي‪،‬‬
‫والــتــكــرار‪ ،‬والتنظيم المقطعي‪ ،‬وهندسة‬‫بطرق متعددة متباينة‪ ،‬أم ظلّت‬ ‫ٍ‬ ‫الفاصلة‬
‫الصورة‪ ،‬والتحكم بأطوال السطور وبطرائق‬ ‫هذه البصمات ذات توحّ ٍد لوني أو تماثل‬
‫نوعي؟ في العبور الزمني الشعري الطويل‪،‬‬
‫تقطيعها)‪.‬‬
‫هــل ظـلّــت الخصيصة األســلــوبــيــة نفسها‬
‫وهــو مــا نتلمسه فــي كــل نصوصه التي‬ ‫تسري في دم النص‪ ،‬أم ضخّ ها بخصائص‬
‫تعبيرية جديدة لها نكهة الواقع والالمتوقع أنتجها فيما بعد في ديوانيه األخيرين‪ .‬بل‬
‫المحتمل‪ ،‬لها سمات التحوّل الــرؤيــوي أم في كثير من قصائده المطوّلة‪.‬‬
‫(‪ )٤‬أيام لم يدخرها أحد‪.‬‬ ‫ * كاتب وناقد سعودي‪.‬‬
‫(‪ )٥‬بياض‪.‬‬ ‫(‪ )١‬من قصيدة‪( :‬مالك الحسرة)‪.‬‬
‫(‪ )٦‬منذ قرون‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬الورد النائم في السالل‪.‬‬
‫(‪ )٧‬بدايات أخرى لوايتمان‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬دم الكالم البارد‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪36‬‬
‫محور خاص‬

‫محمد الدميني‪،‬‬
‫يكتب كمن يبالغ في الصمت‪!..‬‬
‫■ قاسم حداد*‬

‫كنت أراه بثوبه األبـيــض األثـيــر‪ ،‬أصغيت‬


‫ل ـك ـل ـمــاتــه الـ ـب ــاك ــرة‪ ،‬س ـم ـعــت ص ــوت ــه الـحـيــي‬
‫بأجراس خافتة ودون ضجيج‪!..‬‬

‫‪٢‬‬ ‫‪١‬‬
‫قليل الكالم وقليل الكتابة‬
‫بعد ســنــوات ص ــرت‪ ،‬حين ألتقيه‪،‬‬
‫منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي كنت أقرأ الكلمات مرسوم ًة على بياض‬
‫مالبسه‪ ،‬شغف بالشعر قبل أن يكتبه‪،‬‬ ‫لم يُصدر أشعارا كثيرة‪.‬‬
‫كــنــت أراه بــثــوبــه األبــيــض األثــيــر‪ ،‬وكلما سألته عن جديده‪ ،‬ابتسمَ‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫أصغيت لكلماته الباكرة‪ ،‬سمعت صوته «إنني أقرأ شعرًا كثيرا»‪.‬‬
‫الحييّ بأجراس خافتة ودون ضجيج‪،‬‬
‫ربــمــا ك ــان ال يــريــد أن يصير مثل‬
‫يكتب كمن يبالغ في الصمت‪ ،‬كالمه أقل‬
‫(الكثير) الذي يقرأ‪.‬‬
‫من القصيدة‪ ،‬حينًا يعده بعضهم ظهيرًا‬
‫ومــنــذ منتصف تسعينيات الــقــرن‬ ‫لشعر أخيه علي الدميني‪ ،‬وهــو غير‬
‫ذلــك تمامًا‪ .‬ال يجتهد إليضاح صوته الماضي‪ ،‬كان ما يُنشر من الشعر يفوق‬
‫المختلف‪ ،‬يكتب فقط‪ ،‬وبصمت‪ .‬كأنه طاقتنا على الــفــرز‪ ،‬لكأن محمدًا مع‬
‫يخجل من الكلمات‪ ،‬خشية أن يقتسم المتنبي عن ذلك الكثير الــذي ال يرى‬
‫األبجدية مع غيره‪ ،‬لكأن الحروف ال فيه أحدًا‪.‬‬
‫تكفي لغير شــاعــر‪ .‬يسهر على لغته‪،‬‬
‫‪٣‬‬
‫وينام بعد ذلك لكي يحصي أقمار الليل‬
‫أيضا‪،‬‬
‫كانت السنابل كثيرة‪ ،‬والطحن ً‬ ‫وشموس النهار!‬

‫‪37‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫لكن الدقيق كان يندر‪ ،‬فالشعر ينحسر على على ما يشبه ذلــك في بعض شعر محمد‬
‫الدميني‪ ،‬فربما سيكون من جماليات شعر‬ ‫ذلك المنحدر‪.‬‬
‫سهل أن تجد الــنــص‪ .‬حتى أنني األجيال الجديدة هو (كسر المعنى)‪ ،‬فبعد‬
‫ً‬ ‫ليس‬
‫بدأت أجد صعوبة في العثور على ما يغري أن انشغلتْ أجيالنا بجماليات كسر اإليقاع‪،‬‬
‫باالنتخاب إلع ــادة نشره فــي موقع (جهة علينا اآلن مراقبة تحوالت كسر المعنى‪،‬‬
‫التجربة األخرى في كتابة األجيال الجديدة‪.‬‬ ‫الشعر)‪ ،‬يوم كانت‪.‬‬

‫‪٤‬‬
‫‪٦‬‬
‫سألني صديق في اإلم ــارات‪ ،‬ما الفرق‬
‫لقد بدأ محمد الدميني بجرأة الكتابة‬
‫بين علي الدميني‪ ،‬ومحمد الدميني‪ ،‬خجلت‬
‫منذ أن خرج على شقيقه المرحوم الشاعر‬
‫أن أقــول له‪ :‬كالفرق بين مجلتيّ «اآلداب»‬
‫علي الدميني‪ .‬ليس خروجً ا شكالنيًا‪ ،‬ولكنه‬
‫و«شعر»‪.‬‬
‫االختيار المختلف في سياق الكتابة الشعرية‪.‬‬
‫اآلن‪ ،‬أدرك أن الخجل لــم يكن الئقًا‬
‫بالنسبة لي‪ ،‬كان ذلك انحيازًا للبحث عن‬ ‫بالشعر وال الشاعر‪.‬‬
‫الذات‪ ،‬فيما كان شقيقه (علي) يذهب على‬
‫‪٥‬‬
‫مضض إلى هذا النوع من التجديد‪ ،‬وال يرى‬
‫منذ كتابه األول‪ ،‬كتب قصيدته بأقل‬
‫في الخروجيات خيارًا رشيدًا‪.‬‬
‫األجــراس صوتًا‪ ،‬حتى إنه عندما خرج عن‬
‫‪٧‬‬ ‫الموسيقى المسموعة‪ ،‬وك ــاد أن يرقص‬
‫على هواه‪ ،‬لم يسمع خروجه القارئ‪ ،‬بل إنه‬
‫مقال في ثمانينيات‬
‫ً‬ ‫أتذكر أنني كتبت‬
‫استبدل الصوت بتحريك صمته العميق‪،‬‬
‫القرن الماضي عن محمد الدميني بعنوان‬
‫فمنحنا قصيدته الجديدة في كتابه الثاني‬
‫(الالمكترثون ال أحد يكترث مثلهم)‪.‬‬
‫بقدر أكبر من حرية اإليــقــاع‪ ،‬مثل «ضجر‬
‫وظني أن الالكتراث هو الذي وضع تجربة‬ ‫المعاصي على ثياب الموتى»‪.‬‬
‫هكذا يأتي الشعر من حيث ال تتوقع‪ ،‬كنت محمد الدميني الشاعر في مهب الحداثة بما‬
‫أتحدث في األيام األخيرة عن (كسر المعنى) يليق بها‪ ،‬ليصبح اآلن من كالسيكيات النص‬
‫بعد تجربة كسر الموسيقى‪ ،‬فقد عثرت الجديد في األدب الحديث بهذه المنطقة‪.‬‬
‫ * شاعر بحريني‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪38‬‬
‫محور خاص‬

‫محمد الدميني في ديباجة روحانية‪!..‬‬

‫■ د‪ .‬فوزية أبو خالد*‬

‫كما عرفته وكما تعرفه الساحة الثقافية‬


‫شــاعــرا مستقال عــن الكثير مــن أص ــوات‬
‫جيله الشعرية وإن تقاسم معهم حبر الشعر‬
‫العربي الفصيح الحديث‪!..‬‬

‫محمد زهو الشعر‪ ،‬وزهد الظهور واألنفة‬ ‫إذا أردت أن تكتب عن سمات سامية‬
‫تشغل عمال الثقافة‪ ،‬أو من يسمون بالنخبة من «الترزز»‪.‬‬
‫محمد ضــالــة الكلمة النقية‪ ،‬وظليل‬ ‫المثقفة‪ ،‬ون ــادرا مــا تكون على موائدهم‬
‫خــارج لحظة الكتابة‪ ..‬فلن تجد منهم إال الــقــصــائــد‪ ..‬وإن يــؤخــذ عليه شُ ــ ّح النشر‬
‫القليل‪ ،‬وأحدهم بجدارة‪ ،‬هو الشاعر محمد ألعماله‪.‬‬
‫الدميني‪.‬‬
‫محمد الدميني‪ ،‬الصديق النائي عن حب‬
‫وإذا أردت أن تكتب عــن قــيــم تــؤرق الصديق القريب بكل الحب‪.‬‬
‫ضمير المثقفين وقلة من ينامون على غير‬
‫محمد متأني الــقــراءة‪ ،‬ملتهم الكتب‪،‬‬
‫ضيمها‪ ،‬فعليك بقراءة سيرة وكتابات محمد‬
‫متأمال وليس على عجل‪ ،‬وليس من أجل‬
‫الدميني؛ شعرًا ونثرًا‪.‬‬
‫استعراض معرفي وال لتزيين ما يكتب‪.‬‬
‫وإذا أردت أن تكتب عــن حفر الماء‬
‫محمد ضنين الكالم مفرط األخيلة‪.‬‬
‫في الصلد‪ ،‬وتحويله لخصب بــدون إدعاء‬
‫وكأنه لم يغادر القرية‪!..‬‬ ‫بطوالت‪ ..‬فارهف السمع لشعر مصفّى في‬
‫محمد رجل األسرة المسؤول المنغمس‬ ‫قصائد محمد الدميني‪.‬‬
‫وإذا أردت أن تــرى م ــا ًء ينبجس من في تفاصيل مهامه األبوية‪ ،‬لترى َقوته وكأنه‬
‫وبتعال نبيل مبتعدًا ال ُربّان والمالح‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الصخر بال صخب‪،‬‬
‫محمد الــمــوظــف الــمــثــالــي المنضبط‬ ‫عــن أض ــواء اإلعـ ــام‪ ،‬وغــيــر حفي ببهرج‬
‫المنتج في عمله‪ ،‬وكأنه رب العمل وربيبه‪.‬‬ ‫المهرجات‪ ،‬فأبحث عن محمد الدميني‪.‬‬

‫‪39‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫ومحمد فوق هذا وذاك‪ ،‬الشاعر المتبتل في‬
‫محراب الشعر‪ ،‬وكأن ليس له إال أن يكون شاعرًا‪.‬‬
‫وقد أفردتُ له قصيدة بديواني «ماء السراب‬
‫بــاك ـرًا» ‪1995‬م‪ ..‬وكــانــت تقطر بــهــذا المعنى‬
‫ال ــرق ــراق‪ ،‬وبــالــبــعــد الشجني والــتــمــردي على‬
‫تنوعهما في تجربة كل منا‪ ،‬والــذي نلتقي فيه‬
‫على حياض الشعر وفي مطلقه‪،‬‬
‫ومــن مقتطفات تلك القصيدة الــتــي كانت‬
‫بعنوان (شاعر) ومهداة إليه‪:‬‬ ‫مع األصدقاء أحمد المال وغسان الخنيزي وحمد الفقيه‬
‫في مهرجان الشعر بالدمام‬
‫«حليمٌ على شياطين الشعر‬
‫تستغرقه القصيدة خمسمائة سنة ضوئية‬ ‫ومحمد العنفوان والــتــواضــع‪ ،‬القلم الحر‬
‫وهو يسافر إلى وسوسة خلخالها في األندلس‬ ‫والقلم الملتزم بأمانة الكلمة‪ ،‬الحبر األُجــاج‬
‫يقطر إيقاعها على الحروب في قارات بعيدة‬ ‫والحبر العذب‪ ،‬الموضوعية المعرفية‪ ،‬والتحيز‬
‫يحلب رحيقها من ريحان الفردوس‬ ‫ُ‬ ‫اإلبداعي‪.‬‬
‫يستمطر ماءها من وحش المخيلة‬
‫محمد العاشق للسفر ولألماكن الجديدة‪،‬‬
‫يغرر بغفل اللغة‬
‫وللمعتق والمستجد مــن الــفــنــون والمتاحف‬
‫ويغضب‪ ..‬يغضب الشاعر‬
‫والمعالم‪ ،‬إلى الموسيقى والسينما والقراءات‬
‫كطفل األدغال إذا‬
‫استأنس غزالن الكتابة»‬ ‫والمذاقات‪.‬‬

‫فعلى الرغم من قلة إصــدارات الشاعر فإنه‬ ‫محمد الجبلي‪ ..‬الفالح‪ ..‬البدوي‪« ..‬الجبر»‪..‬‬
‫من ديوانه الشعري األول «سنابل في منحنى»‬ ‫«المتضوع»‪ ،‬وكأنه لم يغادر قرية محضرة‪ ،‬ولم‬
‫مــرورًا بديوانه الثاني بعنوانه الخالب «أنقاض‬ ‫ي َر غير الباحة‪ ،‬ولم ينحدر من عُال جبل مرارة؛‬
‫الغبطة» إلــى ديــوانــه األخير «أيــام لم يدخرها‬ ‫ومحمد «األرامكوي» إن صح التعبير‪ ،‬الدقيق دقة‬
‫أحد»‪ ،‬نجح في أن ال يكرر نفسه‪ ،‬وفي أن ال يكتب‬ ‫أرامكو من خالل خبرته الطويلة معها‪ ،‬المنضبط‪،‬‬
‫إال بأصواته‪ ،‬وتكون كلها نسيج وحدها‪ ،‬وهذا‬ ‫المدرب على قيمة الوقت وميزان القول والفعل‪.‬‬
‫النوع من النجاح هو مشتهى الشعراء والمبدعين‬ ‫محمد كثير المشاغل‪ ،‬متعدد المهام‪ ،‬فقد‬
‫في كل مكان وزمان‪..‬‬
‫عمل بجانب عمله الرسمي‪ ..‬في النادي األدبي‬
‫لنصغي للشاعر محمد الدميني‪:‬‬ ‫بالدمام‪ ،‬وفي اإلشراف على إصدار أجمل مجلة‬
‫«ألن صمتي يطفح في الشارع‬ ‫في المنطقة الشرقية‪ ،‬وهي المجلة اإلبداعية‬
‫سيعثر عليَّ رجال األمن‬ ‫(دارين)‪ ،‬غير عمله في مجلة القافلة وغيرها من‬
‫مسجونا في كتاب‬ ‫مطبوعات شركة النفط‪ ،‬وغير نشاطه على ثغور‬
‫‪....‬‬ ‫أدبية متعددة‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪40‬‬
‫محور خاص‬
‫مــرة أخــرى‪ ،‬وأنــا أكتب هــذه الشهادة بحجم‬ ‫هذه العين‬
‫المفاجآت الجميلة التي كانت شخصية‪..‬‬ ‫جديرة بشاعر ليكتب‬
‫محمد ‪-‬إنسانًا وشاعرًا‪ -‬تدهشني به‪ ،‬فمحمد‬ ‫وسريري ليس للتنهدات‬
‫كما عرفته‪ ،‬وكما تعرفه الساحة الثقافية شاعرًا‬ ‫ولكنه لألحالم‬
‫مستقل عن الكثير من أصوات جيله الشعرية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقريبا من الغيمة‬
‫وإن تقاسم معهم حبر الشعر العربي الفصيح‬ ‫سأعثر على قطاف المطر‬
‫الحديث‪ ،‬وهــو إنسان مستقل لحد بعيد في‬ ‫وسأصنع ملكوتي»‬
‫عالقته بالسائد االجتماعي‪ ،‬وهو بنفس الوعي‬
‫اللقاء األول‪!..‬‬
‫كاتب مستقل عن مسار التيارات الفكرية للكثير‬
‫من مجايليه‪ ،‬وممن تربى وجـدًانـ ًيــا وثقافيًا‬ ‫التقيتُ محمد الدميني أول مــرة مــع" أبو‬
‫معهم‪ ،‬وإن كبروه قليال أو كثيرا؛ كالشاعر‬ ‫طفول" ببيت الفنانة التشكيلية منيرة الموصلي‪،‬‬
‫محمد الــعــلــي‪ ،‬والــقــاص وال ــروائ ــي المبدع‬ ‫في سكن أرامكو بالظهران‪ ،‬وكان الشاب «وقورا»‬
‫عبدالعزيز الــمــشــري‪ ،‬رحــمــه اهلل‪ ،‬واألدي ــب‬ ‫هادئا‪ ،‬صموتًا ومشرئبًا بصحبة أخيه الشاعر‬
‫صالح الصالح‪ ،‬واألديــب محمد سعيد طيب‪،‬‬ ‫علي الدميني الذي كان على مد السمع والبصر‪،‬‬
‫واألكاديمي متروك الفالح‪ ،‬وأخوه الشاعر علي‬ ‫وكان اللقاء بحضور فوزية العيوني وعبدالعزيز‬
‫الدميني‪ ،‬وسواهم من رموز‪ ،‬لتعدد ميول الفكر‬ ‫المشري‪ ،‬وبقدر ما لفت نظري هــدوء محمد‬
‫والثقافة‪ .‬ولعمري‪ ..‬ومن تجربتي‪ ،‬أن تطوير‬ ‫وكأنه يجلس في ظــل‪ ،‬شدني حسه اإلصغائي‬
‫شخصية مستقلة تحت ســقــوف اجتماعية‬ ‫البديع لكل ما قــرأه الشاعر علي الدميني من‬
‫تشجع التشابه‪ ،‬إن لــم تكن تنكر المغايرة‪،‬‬ ‫قصائد في ذلك المساء وكأنه يسمعها ألول مرة‪.‬‬
‫يحتاج لقوة شكيمة في المقاومة من ناحية‪،‬‬ ‫لفتني محمد بـ «حسه القرائي في اإلصغاء»‬
‫وفي تخير سبل االستقالل اإلبداعي والفكري‬ ‫وكأنه يقرأ ما يسمع وال يستمع وحسب‪ ،‬إال إن‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬كما أن تطوير خط مستقل‬ ‫المثير الحقا هو سلسلة األسئلة التي طرحها على‬
‫رهيف مــع اإلبــقــاء على أســاســات مشتركات‬ ‫تجربتي الدراسية بأمري‪ ،‬وكنتُ عائدة للتو بعد‬
‫التنوير الثقافي مع الداعين لذلك من المثقفين‬ ‫تخرجي بدرجة البكالوريوس‪ ،‬وكان كما فهمتُ‬
‫بميولهم المتعددة ليس باألمر السهل‪ ،‬بل إنه‬ ‫فيما بعد على وشك رحلة تدريبية لنيويورك‪.‬‬
‫أمــر يتطلب بصيرة نــافــذة‪ ،‬وصــبـرًا ال ينفذ؛‬ ‫هذا بجانب قراءته لنص شعري ملفتُ ‪.‬‬
‫جمعتني بمحمد مــواقــف مبدئية‪ ،‬ومواقف‬
‫عابرة معًا‪ ،‬كما جمعتنا مواقف فرح‪ ،‬وأخرى‬ ‫والــذي بدا فيه صادقًا فيما عبر لي به عن‬
‫مرح‪ ،‬ومواقف جادة وأحيانا موجعة‪ ،‬ومن تلك‬ ‫يختطفونك‬
‫ِ‬ ‫إحساسه االحتفائي بديوان «إلى متى‬
‫المواقف الموجعة‪ :‬اعتقاالت علي الدميني‪،‬‬ ‫ليلة العرس» وعــن شعوره الوجدًاني والفكري‬
‫ورحــيــل عبدالعزيز الــمــشــري‪ ،‬ورحــيــل والــده‬ ‫بمستقبله الشعري الشخصي مع قصيدة النثر‪.‬‬
‫وأخيه‪ ،‬ورحيل أخي ووالدتي‪ ،‬ورحيل محمود‬ ‫ومع تعمق العالقة بمحمد الدميني‪ ،‬وتعدد‬
‫درويــش‪ ،‬وغــازي القصيبي‪ ،‬ومحمد الثبيتي‪،‬‬ ‫أبــعــادهــا‪ ،‬ال أستطيع إال أن أقــف متفاجئة‬

‫‪41‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫ومنيرة الموصلي‪ ،‬وحسن السبع‪ ،‬واأللم الذي الشيخ‪ ،‬واألبناء ياسر وخلدون ومجد‪ ،‬وبوجودي‬
‫ال يبرأ لرحيل األخ والصديق الشاعر المناضل مع طفول وطفلها محمد‪ ،‬لنكون جميعًا مع غسان‬
‫ولينا وعبدالرحمن في استقبال المولود الجديد‬ ‫علي الدميني‪ ،‬رحمهم اهلل جميعًا‪.‬‬
‫إال إن استرجاع غصة تلك المواجع ال شيء الثاني محمد بــن غــســان‪( ،‬أثــنــاء زمــالــة والــده‬
‫يخففه إال تذكّر تلك المفاجأة التي ال يخفت الطبية في جامعة فلوريدا)‪.‬‬
‫بريق دهشتها في القلب والعيون‪ ،‬وإن مضى‬
‫أيضا وجــدتُ محمد الدميني‬ ‫وفــي السفر ً‬ ‫عليها عمرًا جعله اهلل دائمًا وأبدًا‪ ،‬وهي مفاجأة‬
‫أن نجتمع معًا محمد وأنــا تحت أق ــواس ورد الشاعر المرهف نفسه‪ ،‬الذي تطلق في داخله‬
‫البنفسج والجوري على منصة فرح واحدة‪ ،‬في الغربة روح المغامرات المعرفية وروح التوق‬
‫موكب من الحب والبخور‪ ،‬والزغاريد والدفوف واالكــتــشــاف بالقوة نفسه الــتــي تــشـدّه تباريح‬
‫ودموع البهجة‪ ،‬فنقرأ قصيدتنا المشتركة لتجلي الحنين نحو تأمل عميق في ظالل التواشج بين‬
‫الشمس والقمر معًا فــي ليلة مــن ليال العمر‬
‫لحظة التوق ولحظة الحنين‪ ،‬فال يــداري حبه‬
‫القليلة الخالدة‪.‬‬
‫لموسيقى الجاز الشجية‪ ،‬وال يتوانى عن السير‬
‫عرفتُ محمد الدميني على أرض الوطن‪،‬‬
‫لمسافات بعيدة لزيارة متحف سلفادور دالي في‬
‫فوجدته ركنًا مكينًا من مكونات عمران المكان‪،‬‬
‫نيبلس فلوريدا‪ ،‬وال ينسى أن يكتب قصيدة تقطر‬
‫مــن ســراة الجنوب إلــى أم ــواج الخليج وعيون‬
‫يمس بالحواس الخمس‪.‬‬ ‫متفاعل مع تنوّع الجغرافيا ومع إيقاعً ا ال ّ‬
‫ً‬ ‫االحساء‪ ،‬إنسانًا‬
‫وفي كال الفضاءين محمد الدميني هو محمد‬ ‫أخيلة التاريخ‪ ،‬وشاعرًا يشتغل بغي على تمثيل‬
‫األطياف في تشكلها الجمعي وفي فــرادات كل األخ والصديق‪ ،‬الموصى في عيون األدب العربي‬
‫منها بحد ذاتــه وعلى حــدة‪ ..‬وكما نشأت بيننا‬
‫بصحبته فــي الــح ـ ِّل وال ـ ِّتــرحــال؛ وهــو الشاعر‬
‫صداقة مبكرة في ظل شجرة الشعر‪ ،‬فقد امتدت‬
‫أغصانها لنرتبط بصداقة عائلية وأبناؤنا بعد الشفاف الشرس‪ ،‬مكتنه األسرار؛ وقد ال أستطيع‬
‫أطفال صغار إلى اليوم الذي توّج الرحمن فيه أن أختم الكتابة عن محمد الدميني دون أن‬
‫هذه الصداقة النادرة في طهرها وبهائها بذلك أُشير إلى عالقة األبوة القوية‪ ،‬وعالقة الصداقة‬
‫الرباط المقدس الذي ربط بين ابنته الجميلة النضرة بين محمد الدميني وبين أحفاده محمد‬
‫وعبدالرحمن بــن غــســان العقبي‪ .‬آهٍ لــو ترى‬ ‫لينا وبين ابني السامق غسان العقبي‪.‬‬
‫الشاعر وهــو يلعب الــكــرة مــع األحــفــاد‪ ،‬وكيف‬ ‫السفر لمسافات طويلة‪!..‬‬
‫عرفتُ محمد الدميني في السفر‪ ،‬فوجدته يصطحبهم للسينما‪ ،‬ولمعرض الكتاب‪ ،‬وكيف‬
‫الرجل األُســري الشهم وهو يسافر من المملكة يغلبونه في لعبة الشطرنج فيما هو يكتب شعرًا‬
‫إلى أمريكا في صحبة زوجته‪/‬صديقتي فاطمة عن استعادة الطفولة ورفض مغادرة الشباب!‬
‫* شاعرة سعودية‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪42‬‬
‫محور خاص‬

‫دراما انكسارات الذات ووعيها بفلسفة المكان‬


‫في ديوان (سنابل في منحدر)‬
‫■ د‪ .‬هويدا صالح*‬

‫بـعــد ال ـصــراعــات ال ـتــي خــاضـتـهــا قصيدة‬


‫النثر مــع الـتـصــورات التي سبقتها للشعر‬
‫(القصيدة العمودية‪ ،‬قصيدة التفعيلة)‪،‬‬
‫وغيرها من تصورات‪ ،‬أصبح شاعر قصيدة‬
‫الـنـثــر مــرتـبـطـ ًا أك ـثــر مــن غ ـيــره ب ــال ــذات في‬
‫تشظيها وانـكـســاراتـهــا وآمــالـهــا وإحباطاتها؛‬
‫معبِّرا من خالل صراعات الذات الفردية وأفقها‬
‫ال ـم ـحــدود ع ــن الـ ــذات الـجـمـعـيــة ف ــي ات ـس ــاعٍ ال مـتـنــاهٍ‬
‫لألفق؛ وأحيانا يكون اهتمام شاعر قصيدة النثر بالذات هو اهتمام بجزئياتها‬
‫الصغيرة والمتناهية في الصغر‪ ،‬وإنصات للمخفي والمضمر في عمق هذه الذات‬
‫من نواحي الصراع وأوجهه‪ ،‬وانطالقا من وعي اإلعالء لخصوصية الذات وإدراكها‬
‫المتميز‪.‬‬
‫وهــذا الوعي بخصوصية قصيدة تمثالت الهوية لهذه الذات الشاعرة‪.‬‬
‫النثر وكيفية تعبيرها عن الذات وعاه‬
‫بعد إصدار محمد الدميني لديوانه‬
‫الــشــاعــر الــســعــودي محمد الدميني‬
‫األول «أنقاض الغبطة» أصــدر ديوانه‬
‫مبكرا‪ ،‬إذ تمرّد في تسعينيات القرن‬
‫الثاني «سنابل في منحدر» عن «دار‬
‫الــمــاضــي على الــتــصــورات الجمالية‬
‫ال ــس ــراة» فــي بريطانيا ع ــام ‪،1994‬‬
‫القارة التي كانت تتنوع ما بين القصيدة‬
‫ا رئــيــسـاً في‬
‫يظهر فيه الــمــكــان بــطـ ً‬
‫العمودية وقصيدة التفعيلة‪ ،‬وبدأ بكتابة‬
‫قصيدة النثر باشتراطاتها الجمالية صراع الذات مع العالم‪ ،‬منذ قصيدته‬
‫التي تُعنَي بالذات المفردة في إشارات األولى والطويلة «مالك الحسرة»‪ ،‬حيث‬
‫فنية للذات الجمعية‪ ،‬وتحتفي بما هو ال مقابر قــرب هــذا المنزل؛ ذلــك أن‬
‫عــاديّ ويوميّ ‪ ،‬وتحاول أن تقدم وعيا الموتى سهروا حتى الصباح وأطفأهم‬
‫خاصا بالمكان‪ ،‬المكان ليس بوصفه الصياح‪ ،‬والبحر تقرفص هادئا تحت‬
‫فضا ًء نصيا فقط‪ ،‬بل بما هو إحدى هدير البوارج!‬

‫‪43‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫«ستصنع القصائد من الرمل‪،‬‬
‫وفي الحيرة ستُ بنى البيوت‪،‬‬
‫وع ـ ـلـ ــى الـ ـقـ ـضـ ـب ــان س ـت ـن ـت ـح ــب خ ـيــول ـنــا‬
‫المتعبة»(ص‪.)8‬‬
‫ثــمــة وع ــي ل ــدى الــشــاعــر الــدمــيــنــي أن‬
‫الــذات الفردية وتقاطعاتها الدرامية إنما‬
‫هي انعكاس للذات الجمعية باالنتقال من‬
‫ضمير المفرد في «يدرك أن» إلى الضمير‬
‫الجمع في إضافة الخيول لناء الفاعلين‬
‫في«خيولنا»‪ .‬مع هــذا التعب الــذي سوف‬
‫يصيب «خيولنا» تحدث تغيرات زمكانية‬
‫في بنية الوعي بالمكان‪ ،‬فقد تمثلت الذات‬
‫الشاعرة تلكم التغيرات الزمكانية ورصدتها‬
‫حينما صــار «الطلح سيد الـــوادي‪ .‬وفــوق‬
‫عودة إلى القرى التي أصبحت أطالال‬
‫شــجــيــرات الــلــوز تتلبد طفولتي كحرباء‪.‬‬
‫والــفــكــرة الــضــالــة مــزقــت جسد صديقي‪.‬‬ ‫يحضر المكان ليكون شاهدا على الذات‪،‬‬
‫وقريبا من جثته وجدت عينيه‪ ،‬وقرأت بهما‬ ‫والمعادل الموضوعي في القصيدة لها‪ ،‬إذ‬
‫شغب البارحة»‪ .‬ومع تبادل األدوار بين األنا‬ ‫يقول الدميني‪:‬‬
‫والصديق‪ ،‬األنا والمفكر‪ ،‬تعلن األنا أن «هذا‬‫«لـ ــن ي ـض ــيء الـ ـش ــارع سـ ــوى هـ ــذه ال ـم ــرأة‬
‫المطر لن يغسلني من صخورها الملساء‪،‬‬ ‫المغدورة بالعتمة‬
‫وعقاربها اليقظة‪ .‬وفــي حضن أمــي رأيت‬ ‫سالمً ا أيها المفكر لقد انتهت الحفلة‪،‬‬
‫التين يزهر‪ ،‬وسأرتعد كحصى الصبح وهي‬ ‫وان ـت ـص ـبــت األش ـ ـبـ ــاح‪ .‬وق ــري ـب ــا سـيـحــدث‬
‫تغتسل بالندى‪ ،‬وفي حضنها سأواصل موتي‬ ‫ال ـم ــوت أم ــام عـيـنـيــك‪ .‬وسـتـنــدلــق عليك‬
‫ألنه خديعتي المفضلة»(ص‪.)9‬‬ ‫المواعظ الطويـ‬
‫إن الذات الشاعرة في هذا النص الذي‬ ‫الطويلـ‪..‬‬
‫يتصاعد درامـ ًيــا تــدرك أنها تعيد تشكيل‬ ‫الطويلة‪..‬‬
‫عالم ينفلت كما تتفلت حبات الرمل من بين‬ ‫من المنابر المجاورة»(ص‪.)8‬‬
‫ورغم أن الشاعر‪ /‬المفكر يدرك أن الحفلة األصابع! فحين ترحل األم التي هي رمز من‬
‫قد انتهت إال إنه أراد فرصة أخيرة لمقاومة رموز المكان الحميم الذي يمنح الذات معنى‬
‫الــنــهــايــة عــبــر الــشــعــر‪ ،‬لكنه يكتشف أنــه‪ :‬الوجود‪ ،‬ساعتها تتغير كل مفردات العالم‪:‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪44‬‬
‫محور خاص‬
‫«آخ ــر تـلــة ودعـتـهــا تـلــك ال ـتــي جـفــت فوقها المدينة»(ص‪.)18‬‬
‫المدينة هنا لم تكن مــاذا آمنا للذات‬ ‫دموع األم‪ .‬كانت الجنادب تتقافز في حضرة‬
‫ش ـم ــس ت ـن ـهــض م ــن س ــري ــره ــا وتـ ــذكّ ـ ــر األم الــتــي تــركــت الــقــريــة بــأمــطــارهــا وذئــابــهــا‪،‬‬
‫بفتاها الذي سيكبر قبل أن تهطل أدعيتها فالشرطة سوف تقضي على لحظات الحلم‬
‫القليلة فيها‪ ،‬و«الصعاليك» المفردة التي‬ ‫فوق ُج ّنيّاته»(ص‪.)11‬‬
‫يستخدمها هنا الشاعر استخداما مخالفا‬ ‫ويستمر الــتــصــاعــد ال ــدرام ــي للصراع‬
‫للظالل الثقافية التي حُ مّلت للمفردة في‬ ‫الزمكاني داخل الذات الشاعرة‪ ،‬فتعلن أن‬
‫التاريخ الشعري‪« ،‬الصعاليك» هنا مصدر‬ ‫كل هذه التقاطعات الدرامية سوف تلقي بنا‬
‫تهديد ألحــام الــذات المفردة التي تمثل‬ ‫في عالم تراجيدي كنتيجة طبيعية لمعطيات‬
‫الذات الجمعية عبر ضمير «ناء الفاعلين»‪.‬‬ ‫العالقة بين ال ــذات والــعــالــم‪ ،‬حيث يلقي‬
‫الزمان بآثاره على المكان بكل مفرداته‪:‬‬
‫تشكيل الوعي بالمكان ال يتم في األماكن‪،‬‬
‫بل من خالل وعي البشر بالمكان‪ ،‬وعيهم‬ ‫«سأطلب هذه الليلة‬
‫ال ــذي يــؤســس لــذاكــرة جمعية بالتغيرات‬ ‫كفنا آلخر شهيد‬
‫الديموغرافية التي تطرأ عليه‪ ،‬من أجل‬ ‫ومنفى ألصدقائي الموتى‬
‫استعادة ذاكرته أو خلق ذاكرة جديدة مفارقة‬ ‫ومراث لمائدتي‬
‫ٍ‬
‫لــلــذاكــرة الــقــديــمــة‪ ،‬وتثبيت هــذه الــذاكــرة‬ ‫التي مزقها أنيني‪(»..‬ص‪.)14‬‬
‫الجديدة في روح المتلقي؛ من أجــل خلق‬ ‫وف ــي ذات الــقــصــيــدة الــتــي امــتــدت مع‬
‫وتأسيس آفــاق شعرية لهذا المكان‪ ،‬ففي‬ ‫الشاعر ليرصد عالقته بمفردات المكان‬
‫ذات القصيدة كتب مراثيه لألماكن التي‬ ‫ومـــدى تمثله لفلسفة الــزمــن ينتقل من‬
‫غيرت وعي الذات الشاعرة‪ ،‬يقول‪« :‬مــراث‬ ‫المكان‪ /‬القرية والصحراء إلــى المكان‪/‬‬
‫نحاسية‪ ..‬لهذه القبيلة التي نسيت أبناءها‬ ‫المدينة‪ ،‬لنتأمل معه فلسفة الصراع بين‬
‫فــي الـمـصـنــع ال ـم ـجــاور‪ ،‬ورأت ـه ــم فــي األســى‬ ‫المكان والزمان‪ ،‬ومدى تمثل الذات الشاعرة‬
‫الـ ـب ــارد ي ـخــوضــون ف ــي ال ـح ـكــايــات الـمـغـيــرة‬
‫لهذه الفلسفة‪« :‬المدينة التي أثثت جرحك‬
‫كتماثيل‪ ،‬ويتنفسون برئات الموتى‪.‬‬ ‫السري‪ .‬فال مطر هنا يَقِ يْكَ هواجس الليل‬
‫ـراث أخرى لهذه الحرب التي التحف‬ ‫ومـ ٍ‬ ‫والذئاب‪ .‬وستوصد الشرطة هذه المكتبة‬
‫ألن الصعاليك منذ القدم يحيكون أنخابهم فيها الشعراء موتهم المقيت‪ .‬ولمعت فيها‬
‫النصال حتى الـصــدأ‪ ،‬وتلك الـمـنــازل التي‬ ‫المرة‪ ،‬ويتأملون عظام أحالمنا‪.‬‬
‫وفـــي الــمــقــهــى الــــذي مــحــت الــرطــوبــة ل ــم ت ـعــرف سـقــوفـهــا قـبــل أن يــوقـظـنــا ضــوء‬
‫اسمه‪ ،‬ستثرثر عن الجحيم المتساقط فوق الفوانيس وهو يتململ تحت المطر‪..‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫وفي قصيدة «تالل النسيان» نجد الذات‬ ‫وليلنا طويل‪ ،‬ألن شمسنا تشرق من هذه‬
‫تبحث عن ضوئها الخاص‪ ،‬تستعيده؛ في‬ ‫الزجاجة المطاردة»(ص‪.)21‬‬
‫محاولة ألن تتجاوز أزماتها العميقة‪:‬‬
‫المكان في هــذا النص الشعري‪ ،‬ليس‬
‫مــكــانــا فــيــزيــائــيــا فــقــط‪ ،‬هــو مــكــان مميز «وأنا أنظف نافذتي من الكلمات المسوسة‬
‫بالتغيرات التي يحدثها البشر؛ فالبشر تهبطين‬
‫هم الذي يصنعون له ألقه وروحه ووجوده‪ ،‬من تالل نسياني‬
‫ويقدمون له ذاكرة لصيقة بهم‪ .‬إن الحديث كيوم قديم يتسكع في الضباب‬
‫عن أفــق الــذات في الــديــوان‪ ،‬عبر السرد كبرق‬
‫االستعادي الذي تمارسه الذات الشاعرة‪ ،‬يضيء لحم العاصفة‬
‫مثّل حضور الــذات ووعيها بكل ما يحيط أنت فضة العتمة‪..‬‬
‫تهزين‬ ‫بها‪.‬‬
‫خزف الزينة المُ غبر منذ قرون‬
‫وتمشطين‬ ‫معادالت وجود الذات‬
‫في القصيدة التالية والتي أتت قصيرة هضاب السكينة‬
‫نسبيا ‪-‬مقارنة بالنص األول‪ -‬نقرأ «شمس بشفاهك الحارة»(ص‪.)24‬‬
‫وعــى الشاعر أهمية تخليص المفردة‬ ‫مسنة» لنتعرف على تمثالت الــذات لهذه‬
‫الشعرية في قصيدته من ظــال البالغة‬ ‫الشمس التي تركت العالم الذي كانت ترعاه‬
‫القديمة‪ ،‬وعــمــد إلــى لغة تحمل بالغتها‬ ‫بوجودها الجوهري‪ ،‬وتنعزل في السماوات‬
‫الخاصة مــن خــال وجــودهــا فــي التكوين‬ ‫الــبــعــيــدة تــاركــة الــعــالــم يفتقد إشــراقــهــا‬
‫اللغوي داخل القصيدة‪ ،‬وهذه اللغة تحتاج‬ ‫المضيء‪:‬‬
‫من المتلقي إلى إصغاء تام لحفيف المفردة‬ ‫«شاخت الشمس تماما‬
‫داخــل النسق اللغوي الــذي شكّله الشاعر؛‬ ‫لم تعد نديمة الصبا‬
‫حتي يدرك مواطن الجمال‪ ،‬وهذه البساطة‬ ‫وال شــاهــدة الـحــب الـمـطــارد بـيــن حقول‬
‫اللغوية كان لها دور فاعل في إضفاء نوع من‬ ‫الذرة‬
‫الحميمية في تأمل العوالم التي تحيط بأفق‬ ‫لقد ذبلت‬
‫الذات‪ ،‬يقول في «طمأنينة»‪:‬‬ ‫وغرقت في األعالي‬
‫«بـ ـع ــد نـ ـه ــار ع ـص ـيــب ق ـط ـع ـنــاه بــالـحـيـلــة‬ ‫وتركت لنا الفظاظة‬
‫والغضب‬ ‫تتسكع في الشوارع‬
‫وقبل أن ندخل المنزل‬ ‫كدعابات قديمة‬
‫لنطمئن على األطفال‬ ‫يطلقها بائع التوابل العجوز»(ص‪.)22‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪46‬‬
‫محور خاص‬
‫‪3‬‬ ‫وأواني الماء‬
‫من هذه الرماح المغروسة في المخيلة‬ ‫والكتب المترنحة في الردهات‬
‫دجنت أيائلي‪،‬‬ ‫ونفكر في الغد الموصد‬
‫ورشقت أحالمي في اآلفاق‪،‬‬ ‫تستقبلنا الفواتير الملونة‬
‫تقطف‪ ،‬وتصفق‪ ،‬وترعد‪،‬‬ ‫من ثقوب صناديق البريد المهشمة‬
‫وتؤثّ ث خيمةً لمديحي‬ ‫‪...................‬‬
‫ال أنصب فِ خاخا لرعيّتي»(ص‪.)31‬‬ ‫‪.......................‬‬
‫في هذه المقاطع الثالثة يُلخّ ص الشاعر‬ ‫هكذا يختمون النهار في هذه المدينة»!‬
‫محمد الدميني عالم ديــوانــه «سنابل في‬ ‫(ص‪.)66‬‬
‫منحدر»؛ إذ يُخبر في المقطع األول عن‬
‫سيرة اإلنسان في المكان‬
‫المكان الفيزيقي الجغرافي الذي ولد فيه‬
‫وعالقته به‪ ،‬وينتقل في المقطع الثاني إلى‬ ‫يعمد الشاعر إلى كتابة السيرة الذاتية‬
‫التكوين الثقافي للذات‪ ،‬فنحن جميعا ال نولد‬ ‫لــذاتــه الــشــاعــرة فــي الــنــص‪ ،‬بــل يستخدم‬
‫ذكورا أو إناثا إنما تصنعنا الثقافة‪ ،‬ثقافة‬ ‫مفردة «السيرة» بشكل صريح في قصيدة‬
‫المكان لنصير ما نكون عليه في المستقبل‪،‬‬ ‫«سيرة»‪ ،‬التي يجزءها لمقاطع سردية‪ ،‬يمرّر‬
‫فقد توّجته األقدام والبنادق والتمائم ليصير‬ ‫من خــال كل مقطع طرفا من سيرة ذاته‬
‫فتى المنزل الكبير‪ ،‬لكنه فتى يتهدم في‬ ‫الشاعرة‪ .‬يقول‪:‬‬
‫نهاية األمــر‪ ،‬ثم ينتقل في المقطع الثالث‬
‫ليخبرنا أنــه رغــم كــل الفخاخ المنصوبة‬ ‫‪1‬‬
‫للذات‪ ،‬إال إنه حاول النجاة بإنسانيته‪ ،‬فلم‬ ‫ولدت في حضن ينبوع‬
‫يفخخ أو يغتال أحدا‪ ،‬إنما رعى أحالمه بعد‬ ‫وها أنا من حضنه أسيل‪.‬‬
‫أن رشقها في اآلفاق‪ ،‬آفاق الذات ومحيطها‬ ‫‪2‬‬
‫النفسي واالجتماعي‪.‬‬ ‫أقدام‪ ،‬وبنادق‪ ،‬وتمائم‬
‫وفي قصيدة «المرآة» يكتب طرفا آخر‬ ‫توّجتني فتى المنزل الكبير‬
‫من سيرة الذات باعتبار المرايا هي انعكاس‬ ‫الرماة يحرسون المنحدر‪ ،‬واألرائك‬
‫للذات‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫وأنا أتجرّع خيبة القياصرة‬
‫«كل صباح‬ ‫لم أستيقظ‬
‫أُحدّ ق في برية رقادي‬ ‫من كابوسك الوحيد‪ ..‬يا أماه‬
‫وأتربّص بهذه المرآة‬ ‫إني فتى‬
‫الشعر شعري‬ ‫أتهدم‬

‫‪47‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫حرثتها العواصف»(ص‪.)28‬‬ ‫الوجه وجهي‬
‫يدي‬
‫والماء يجهش فوق ّ‬
‫فــي قــصــيــدة «هــــؤالء» يحضر اآلخ ــر‪/‬‬
‫والنافذة تخضها الريح‬
‫اآلخرون بشكل واضح ليؤكدوا على عالقة‬
‫ك ــل ص ـبــح أف ـك ــر بـتـحـطـيــم هـ ــذه ال ـم ــرآة‬
‫األنــا بــاآلخــر‪ ،‬وذلــك الــجــدل الــذي ينهض‬
‫المزورة»(ص‪.)54‬‬
‫واضحا في النص‪:‬‬
‫الذات واآلخر‬
‫«إن هؤالء بشر‬
‫يتمثل الشاعر العالقة الجدلية بين األنا‬
‫كتبتهم ومحوتهم‬
‫واآلخـــر فــي الــنــص على مستويات عــدة‪،‬‬
‫كما يفعل إمضاء رسمي‬
‫فقد أهــدى بعضا من قصائده إلــى بعض‬
‫ل ـســت دول ـ ــة ك ــي أغ ـ ــرس ل ـهــم الـ ـ ــورد فــوق‬
‫األصــدقــاء الــذيــن هــم أحــد أهــم تجليات‬
‫الطحالب‬
‫اآلخر‪ ،‬ما هو خارج الذات وعالقته به؛ فقد‬
‫هنا الجمر‪..‬‬ ‫أهدى قصيدة «أفقر المسرات» إلى الشاعر‬
‫فيما عربة البريد توزع الزهور على القتلة‬ ‫يوسف أبو لوز‪ ،‬كما أهدى قصيدة «بعد كل‬
‫مباركة ليلتكم أيها الشجعان‬ ‫شيء» إلى صالح األشقر‪ ،‬أو رصد العالقة‬
‫مباركة خطواتكم فوق صكوك األجدً اد‬ ‫مع اآلخر في متون القصائد التي لم يحدها‬
‫وعلى الدمع‬ ‫بــإهــدائــهــا ألح ــد‪ ،‬ففي قصيدة «ح ــارس»‬
‫دمعي الفقيد منذ الطفولة»(ص‪.)46‬‬ ‫يكشف عــن عالقة ال ــذات بالسلطة التي‬
‫يمثلها هذا الحارس‪ .‬يقول‪:‬‬
‫إنــهــا نــصــوص واعــيــة بــذاتــهــا وواعــيــة‬
‫بأسئلتها‪ ،‬سواء عالقتها بالمكان وإحساسها‬ ‫«في آخر النهار‬
‫يذهب الحارس إلى منزله شغفا‬
‫بالتغيرات التي يحدثها الــزمــان فيه وفي‬
‫لقد أتمّ وظيفته‬
‫ساكنيه أو عالقتها باآلخر‪ ،‬كل ما هو خارج‬
‫بشكل خارق‬
‫األنــا‪ .‬قدم محمد الدميني هذا العالم في‬
‫لم يعبر عامل إال وتفرس في هويته‬
‫لغة تتغيّا البساطة والــخــروج مــن إهــاب‬ ‫ولم تمرق عربة دون أن يدعك أرقامها‬
‫االستعراض البالغي والمجازي‪ ،‬كما راهن‬ ‫ها هو اآلن في المنزل‬
‫أيضا عن نطاق‬
‫على صــور شعرية تخرج ً‬ ‫يحدق في هويته بهلع‬
‫الصور الشعرية النمطية عن عالقة األنا‬ ‫وجهه نشرته األيام‬
‫بكل ما هو خارجها‪.‬‬ ‫ومنازله‬
‫* كاتبة ‪ -‬مصر‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪48‬‬
‫محور خاص‬

‫قصيدة محمد الدميني‪..‬‬


‫تن ّوع اإلحساس بالزمن هو شاعريتها بامتياز ‬
‫■ محمد احلرز*‬

‫قد ينطفئ فانوس الشعر من قلب الشاعر‪،‬‬


‫قد يعلوه الغبار قليال‪ ،‬لكن زُجاجَ هُ ال ينكسر‬
‫أو يسقط في عتمة آالمــه! وال بإمكان رياح‬
‫عاتية أن تزيحه عــن شرفته أو أبــوابــه‪ ..‬قد‬
‫يخبو ضوؤه بسبب تناقص زيته أو انعدامه؛‬
‫قد تدفعه يد الحياة إلى حافة الهاوية؛ لكن‬
‫قلبه يظل ينبض شعرً ا وال يتعب!‬
‫الـشــاعــر محمد الــدمـيـنــي‪ ،‬فــانــوس شـعــره ‪-‬بـعــد أن‬
‫أصدر مجموعته الشعرية «أنقاض الغبطة» أواخر الثمانينيات‪،‬‬
‫وأتبعه في بدايات التسعينيات بمجموعة «سنابل في منحدر»‪ -‬لم يفلته من يده‪ ،‬ولم‬
‫السرَّاق تقترب منه‪ ..‬هذا الفانوس بعد ثماني عشرة سنة استقر ضوؤه‬ ‫يدع أيدي ُّ‬
‫في مجموعة جديدة صدرت من دار أثر بعنوان «أيامٌ لم يدّ خرها أحد» عام ‪2014‬م‪.‬‬
‫ثم يقول كلمته‪ ،‬بل ينقشها تارة على‬ ‫مراقبة القصيدة‪!..‬‬
‫يمس‬
‫الجسد‪ ،‬وتارة أخرى على ما ّ‬
‫قصائد هذه المجموعة‪ ،‬تنهض على‬
‫تقلبات الذات في عالقتها بمَن حولها‪.‬‬
‫شعرية اإلحساس بالزمن وطغيانه‬
‫محمد الدميني‪ ،‬مثل غيره من شعراء‬ ‫على ما عداه من مقاربات‪ ،‬وال بُ ّد‬
‫جيله الذين انحاز بعضهم إلــى كتابة‬ ‫من االلتفات إلى أن هذا اإلحساس‬
‫القصيدة النثرية بتقنياتها المتعددة‪،‬‬ ‫مصادره متعددة في حياة الشاعر‪ ،‬بل‬
‫لــم ينشغل بالشكل أو الصياغة قدر‬ ‫المسافة الزمنية الفاصلة بين هذه‬
‫انشغاله بمراقبة القصيدة وهي تقول‬ ‫المجموعة وما قبلها‪ ،‬لم تكن سوى‬
‫ما يقبض عليه الزمن تحت مخالبه‪ ،‬ثم‬ ‫رصد بجميع الحواس ‪ -‬كما سنرى‬
‫تحوّله كلماتها إلى عالم آخر له حقيقته‬ ‫‪ -‬لألثر الذي يتركه الزمن على حياة‬
‫الشعرية‪.‬‬ ‫الشاعر بتفاصيلها المتعددة؛ منافذ‬
‫هكذا هي قصيدة الدميني تنساب‬ ‫عديدة يتسلل منها الزمن إلى الحياة‪،‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫في كتابة القصيدة‪ ،‬وكأن قصيدة الدميني‬
‫بعد أن كانت القرية هي االنزياح األول‪ ،‬جاء‬
‫هــذا البياض ليقول لنا‪ :‬إن القصيدة هي‬
‫المالذ األخير الذي ال مالذ بعده‪ ،‬ال تشعر‬
‫بــاألســى والنظرة المأساوية التي تشتمل‬
‫عليها صورها الشعرية‪« :‬إليّ يا ريح‪ ،‬هباء‬
‫كل هــذا المجد المصهور على جثتي»‪ ،‬أو‬
‫«مــن هــذه الرماح المغروسة في المخيلة‪،‬‬
‫دجنت أيائلي‪ ،‬ورشقت أحالمي على اآلفاق»‪،‬‬
‫لذا كانت قصيدته «سنابل في منحدر» ال‬
‫تستحضر الــقــريــة إال لتكسر رتــابــة حياة‬
‫المدنية‪ ،‬وما بين الرتابة واالستحضار تتلقى‬
‫الذات إحساسها باألشياء من المخيلة؛ هي‬
‫ال تبتعد أكثر مــن ذلــك‪ ،‬وال تتعمق خلف‬
‫الزراعة مهنة كل أبناء القرى وأنا منهم‪ ،‬لكنني أظهر‬
‫إحساسها بــالــزمــن‪ .‬بينما فــي المجموعة‬ ‫كسائح هذه المرة‬
‫األخيرة اختلف الوضع تمامًا‪ ،‬القدرة على‬ ‫بصورها الشعرية‪ ،‬وكأن الخيط الذي يربطها‬
‫رصد الزمن وهو ينهش في جسد األيام‪ ،‬هو‬ ‫لم يعقد على عجل‪ ،‬بل انسيابها ال يزعج‬
‫ما تقوله لنا قصيدة محمد الدميني بعد كل‬ ‫حركة القصيدة وال تنفسّ ها‪ ،‬وهذا االنسياب‬
‫هذه السنوات من التأمل وإعادة التأمل‪ ،‬لكن‬ ‫هو من العمق‪ ،‬بحيث يمنع عنها االنجرار‬
‫من داخل القصيدة فقط‪ ،‬أسمعه حين يقول‪:‬‬ ‫وراء السرد المبتذل في مفاصل القصيدة‪.‬‬
‫«في هوانه‪ ،‬يتملى األساطير التي عبثت‬ ‫رأينا ذلك في قصائد «سنابل في منحدر»‪،‬‬
‫فــي هــذه المجموعة لــم تبتعد قصائدها‬
‫بها جرذان الحديقة‪ ،‬ويرمق الوقت وهو يندلق‬
‫عن تلك‪ ،‬على األقــل في جوّها العام‪ ،‬لكن‬
‫من عينيه‪ ،‬أحجار نبيلة رماها في المستنقع‪،‬‬
‫كما قلنا ما يزيد عن تلك‪ ،‬هذا اإلحساس‬
‫كي تصدح القبرات‪ ،‬وأخرى ال بد من ادخارها‬
‫الطاغي بالزمن‪ ،‬بينما في تلك‪ ،‬كان أقرب‬
‫للماضي الذي ينشج فوق أعمدة المرمر»‪.‬‬
‫إلى الذات التي تتغنّى وتمرح‪ ،‬حيث خفتها‬
‫ول ــو توقفنا هــنــا‪ ،‬وعــنــد ه ــذه الــصــورة‬ ‫وقوة حضورها في الحياة‪ .‬‬
‫الشعرية‪ ،‬كــان يمكن أن نقول إن قصيدة‬
‫الدميني ظلت كما حالها فــي المجموعة‬ ‫ما تقوله قصيدته‪!..‬‬
‫هذا البياض هو انزياح إلى درجة الصفر الــســابــقــة؛ لكن الحفر فــي الــصــور ذاتــهــا‪،‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪50‬‬
‫محور خاص‬
‫والوصول بها إلى أدق تفاصيل ما تحتمله لكن في ظني بصورة أبلغ‪ ،‬وذلك بما تشتمل‬
‫الصورة الشعرية من قدرة على التصوير‪ ،‬هو عليه من تكثيف وانحياز إلى التقاط مشهد‬
‫ما يميز شعرية تجربة المجموعة وقصيدة الحياة برمته‪ ،‬دون اإلخالل بتقنية القصيدة‬
‫«الــمــاء الــغــافــي»‪ ،‬وكــذلــك قصيدة «خــادم وشاعريتها‪ ،‬وليست قصيدة «ي ــوم شبيه‬
‫الحياة» هي أكثر القصائد تعبيرا عن هذه بالرشوة» سوى أسطع مثال على ما نقول‪.‬‬
‫الحالة‪:‬‬
‫ربما لم تغفل قصيدة الدميني القصيدة‬
‫«فـ ـ ــي الـ ـعـ ـتـ ـم ــة‪ ،‬صـ ـخ ــور ن ــائـ ـم ــة‪ ،‬ت ـت ـمــرغ‬
‫نفسها‪ ،‬لم تغفل حياة الكلمات وهي تشحذ‬
‫فوقها السالحف‪ ،‬ويتلبد في نتوءاتها‪ ،‬ندم‬
‫سكاكين المخيّلة‪ ،‬وتنصب الفخاخ بين حين‬
‫الـعـشــاق»‪ ،‬أو «كثيرا مــا توقفت أمــام منزله‪،‬‬
‫وآخر‪ ،‬وتظل تدور وتدور حول فريستها؛ كي‬
‫ألرى ب ـعــض س ـن ــوات ــه‪ ،‬وهـ ــي تــرت ـعــش تحت‬
‫يــراق على يديها د ٌم كثير؛ فنهاية المطاف‬
‫مخالب القطط»‪.‬‬
‫تــحــتــاج الــقــصــيــدة إل ــى ضــحــايــا كــي تنزف‬
‫على الــورق‪ ،‬وتحتاج إلى مخيّلة شرسة كي‬ ‫حجرات المنزل خلفها قراصنة‪!..‬‬
‫إن تنوّع اإلحساس بالزمن هو ما يجعل تــقــاوم ذاك اإلحــســاس‪ ،‬وفــي كــل الحاالت‬
‫خبرة القصيدة عند الدميني تعادل خبرة فإن الشاعر يصارع‪ ،‬ويقاوم! نسمعه يقول‬
‫الذات في الحياة‪ ،‬فالوصايا التي تتلوى على في قصيدة «بياض»‪ :‬تركت ورقًا أبيض‪ ،‬في‬
‫ألسنة الجدّات‪ ،‬والرقاد الذي يتكاثر حين كل أنحاء المنزل‪ ،‬قلت إن القصيدة التي لن‬
‫صعوده إلى الغيم‪ ،‬وحجرات المنزل القديم تتدثر باليدين‪ ،‬ستهبط هناك‪ ،‬وستجد روحا‬
‫حيث خلفها قراصنة ينتظرون مطر الحكمة‪ ،‬بيضاء تلتقطها»‪.‬‬
‫وأيامه التي يُحدّق فيها ويراها شواهد قبور‬
‫هذا البياض‪ ،‬هو انزيا ٌح إلى درجة الصفر‬
‫ينتحب تحتها موتى‪ ،‬جميعها صور شعرية‬
‫في كتابة القصيدة! وكأن قصيدة الدميني‬
‫تنتمي إلــى ثيمة واحـ ــدة‪ ،‬ال تــتــجــاوز هذا‬
‫اإلحساس؛ وهذا نوع من الثراء الذي يصعد بعد أن كانت القرية هي االنزياح األول‪ ،‬جاء‬
‫مــن شعرية المجموعة‪ ،‬ويكسبها الخبرة هــذا البياض ليقول لنا‪ :‬إن القصيدة هي‬
‫التي تشتمل عليها حياة الشاعر‪ ،‬وإذا كانت المالذ األخير الذي ال مالذ بعده‪ ،‬وبخاصة‬
‫مفردة «األيام» لها داللة في سياق نبر هذه في هذه األجواء السوداوية التي تدخلنا فيها‬
‫الثيمة‪ ،‬من حيث ارتباطها بقساوة الزمن‪ ،‬المجموعة بضجيج أقل‪ ،‬وبهدوء العائد من‬
‫كذلك تأتي مفردة النهار لتأخذ الدور نفسه‪ ،‬قريته للتو‪.‬‬
‫* ناقد وشاعر سعودي‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫رؤي ُة العالم في «في ّدخرها أحد»‬

‫■ د‪ .‬إميان عبدالعزيز املخيلد*‬

‫يأتي ديوان «أيام لم يدّ خرها أحد» للشاعر السعودي محمد الدميني شاهدً ا على‬
‫اكتمال نضج قصيدة النثر لديه‪ ،‬التي بدأها بــديــوان «أنـقــاض الغبطة» ثم ديــوان‬
‫«سنابل في منحدر»‪ .‬وها هو يعود مجددًا إلصدار هذا الديوان الذي صدر عن دار أثر‬
‫في السعودية عام ‪2014‬م‪ .‬إنه ديوان يراهن على التكثيف الشديد‪ ،‬ليصوّر ذلك القلق‬
‫الوجودي الذي يجتاح الذات الشاعرة‪ ،‬منذ القصيدة األولى التي ينعي فيها حال‬
‫الشعر أمام قسوة العالم‪ ،‬في قصيدة المفتتح «دم بارد»؛ إذ يقول‪:‬‬

‫وفادحة هي الوصايا‬ ‫«ليست هذه كلماتنا‬


‫التي يبست في صناديق األجدً اد‬ ‫طال سهرُ ها‬
‫والتوت على األلسنة»‬ ‫ونامت مرتعدة فوق القضبان‬
‫إن ــه ق ــادر عــلــى أن يبعثر لحظات‬ ‫وها هم يجرونها منذ الصباح‬
‫الــوجــع الــتــي صـــارت جمعية تمثلها‬ ‫من طريق الحراس»‪.‬‬
‫تخص الــذات‬
‫ّ‬ ‫نــاء الفاعلين‪ ،‬وليست‬ ‫والمتأمل لشاعرية محمد الدميني‪،‬‬
‫الشاعرة وحدها‪ ،‬فهي تعبّر عن صوت‬ ‫سيجد أن المتخيل الشعري لديه يعبّر‬
‫الجماعة‪ ،‬فما الــذي صنع هذا الوجع‬ ‫عن القلق النفسي‪ ،‬الــذي يراهن على‬
‫الجمعي؟ ما الذي حدث حتى تيبست‬ ‫تثبيت لحظات الــوجــع وتأملها‪ ،‬حتى‬
‫وصايا األجداد في الصناديق؟‬ ‫فلسفة عبر تخليق العالم من‬
‫ٍ‬ ‫يصل إلى‬
‫يخبرنا الشاعر أنه‬ ‫التفاصيل الصغيرة‪ ،‬واللحظات األكثر‬
‫إنسانية‪ ،‬التي أودت بالذات الشاعرة‬
‫إلــى هــذه الحالة‪ ،‬يقول في القصيدة «ليست طريقا صائبة‬
‫هذه التي سرنا عليها‬ ‫نفسها‪:‬‬
‫«مــاذا نُبقي لألمهات اللواتي رميننا بال قلب‬
‫وما ادّخرناه من كلمات‬ ‫على حصى الطريق‬
‫يغادر من شقوق النوم‬ ‫لكي نُنبِ ت في صالدتها؟‬
‫هذا نصيبنا العادل من الريح»‬ ‫كثير هو الدم‬
‫يمتزج في القصائد الحلم بالواقع‪،‬‬ ‫الذي أهرقناه على عجل‬
‫الــمــاضــي بــالــحــاضــر‪ ،‬والــحــضــور مع‬ ‫أمام هذه األرواح المسمومة‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪52‬‬
‫محور خاص‬
‫الغياب‪ ،‬إنها رغبة ملحة في تثبيت الوجع‬
‫الفردي والجمعي لتأمله رغبة في التخلص‬
‫منها‪.‬‬
‫في القصيدة الثانية «زرقــة على الزبد»‬
‫تحاول الذات الجمعية التي تمثل الجماعة‬
‫أن تلملم الحزن وتدفنه‪ ،‬في محاولة البتعاث‬
‫الــضــوء الـــذي يــضــيء الــعــتــمــة؛ لــكــن هــذه‬
‫المحاوالت لم تفلح في لملمة شتات الذات‪،‬‬
‫يقول‪:‬‬
‫«منذ األصيل‬
‫وهم ينصبون الساللم ويدقون األوتاد‬
‫ليضيئوا البحر في الليل‬
‫ويروا زرقته الموءودة‪،‬‬
‫ويغرسوا ضوءً ا على الزبد‬
‫لكن البحر أعتم‪ ،‬ونشر طحالبه وطيوره‬
‫بعضها جمعته بمقالع أبي‪،‬‬ ‫المُ َصبّرة في الفضاء الخفيض‬
‫وبعضها هبط من خياالت فائضة‪،‬‬ ‫َلَكمْ تنهد مرارًا بقسوة؛‬
‫ع ـلــى س ـطــح م ـنــزلــي وت ـ ـس ـ ـرّب مـخـتـلـ ًـطــا‬ ‫ألن الصيادين طووا شباكهم‪،‬‬
‫بأصوات الهداهد الفاصلة بين الحقول»‪.‬‬ ‫وتركوا لهم الرائحة الغليظة‬
‫التي ال تقتل أحدً ا سواه‪.»...‬‬
‫تمثل للذات‬
‫ً‬ ‫يجعل الــشــاعــر مــن ذات ــه‬
‫الجمعية؛ فيحاول أن يصنع مــن الغياب‬ ‫فالبحر المسكون بالغياب هو اآلخر لم‬
‫حضورًا‪ ،‬ومن العتمة ضــوءًا‪ ،‬ومن النسيان‬ ‫يفلح فيه الضوء الــذي حــاولــوا غرسه في‬
‫ذاك ــر ًة لــن تغيب؛ لكن ال ــذات محملة بكل‬ ‫الزبد‪ ،‬فلم تظهر زرقته الموءودة‪ ،‬ولم يفلح‬
‫مواجع الذات الجمعية‪ ،‬فهل هي قادرة على‬ ‫الصيادون في أن يضيئوا عتمته‪ ،‬فلملموا‬
‫أن تــقــاوم الغياب والــمــوات‪ ،‬أم أن العتمة‬ ‫شباكهم وغادروا!‬
‫سوف تحتويها وتغيبها مرة أخرى؟! يقول في‬ ‫ـؤت ثمارها‪،‬‬
‫إنها مــحــاوالت فاشلة لم تـ ِ‬
‫قصيدة «ال حبًا بأحد» واصفًا تلك الحالة‬ ‫ربما ألن الشاعر لم يحسن صناعة الحالة‬
‫الموغلة في الغياب‪:‬‬
‫الشعرية التي تُمكّنه من الخروج من حالة‬
‫«أتوا من حواف روحي المتقرفصة‪.‬‬ ‫العتمة‪:‬‬
‫أتوا حاملين بخور‬ ‫«لم أصنع كلمات كثيرة‪،‬‬
‫الماضي‬ ‫تليق بعبوسي الصباحي في المرآة‪،‬‬

‫‪53‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫أو‪ ..‬وهي تتدلّى‬ ‫وسعال األجدً اد في الفجر‬
‫بأعناقها الرمادية‬ ‫إنهم يمرون في نسياني‬
‫من صناديق النفايات‬ ‫وفوق براعم صالتي‬
‫كان خالي الذهن‬ ‫ويقرعون أبوابي‬
‫إلى درجة أن ال يفكر بالزمن‪..‬‬ ‫التي نعست من طول مكوثها‬
‫أخيرً ا جلبوا له خادمً ا‬ ‫واقفة لصد غزاةٍ أوجعتهم البدانة‬
‫ليساعده على النسيان والفاقة‬ ‫وخَ رق النصر»‪.‬‬
‫كان خادمً ا شهمً ا‬ ‫الــشــاعــر الــدمــيــنــي ال يــريــد أن يطرح‬
‫ينوء مثلي أحيانًا‬ ‫األسئلة‪ ،‬أو يجيب عليها‪ ،‬هو فقط يدون‬
‫تحت حمولة عمل سفيه‬ ‫مواجعه وأحــامــه؛ لــذا الشاعر فــي أشد‬
‫ويفكر في الرحيل»‪.‬‬ ‫اللحظات إيمانًا بدور الشاعر في التحدث‬
‫تميل بنية قصائد الديوان إلى التناغم بين‬ ‫بصوت الجماعة‪ ،‬نهض ليواجه المواجع‪،‬‬
‫ـوار بين األنا واآلخــر؛ إذ تصبح الكلمات‬ ‫حـ ٍ‬ ‫وي ــرص ــد األح ـ ــام الــمــنــســيــة والــهــامــشــيــة‬
‫وسيلة األنــا في الــدفــاع عن وجــودهــا؛ كما‬ ‫والعابرة‪ ،‬فيجعل من الكلمة سالحً ا يقضي‬
‫أيضا على رصد فلسفة‬ ‫تنهض بنية القصائد ً‬ ‫على العتمة‪ ،‬ويُفسح مكانًا للضوء‪ ،‬ففي‬
‫األنا الفردية والجمعية؛ ما يتيح للقارئ إدراك‬ ‫قصيدة «خادم الحياة» يرصد إشراقات أحد‬
‫عالقة الشاعر ببيئته واألشياء من حوله‪،‬‬ ‫المهمشين‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫فيصبح المعنى مكثفًا برؤى الشاعر للعالم‬ ‫«كان هرمً ا‬
‫عبر جدل الزمان والمكان؛ ما يساعده على‬ ‫ويحتاج دائمً ا إلى نديم‬
‫عالم له خصوصية اختيار المفردة‬ ‫ٍ‬ ‫تشكيل‬ ‫يحمل سنواته معه‪،‬‬
‫وتموضعها في سياق ثقافي له خصوصية‬ ‫أو ينظفها‬
‫في الهوية والزمكانية‪ .‬في قصيدة «الماء‬ ‫أو يلقي ببعضها على قارعة الطريق»‪.‬‬
‫وفــي القصيدة نفسها يضع الدميني الغافي» يعيد تشكيل الميثيولوجيا في صورة‬
‫ذاتــه الشاعرة شــاهـدًا على هــذا النموذج بسيطة وتراكيب لها خصوصيتها‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫الذي يمثل هؤالء المهمشين؛ فتأتي الذات «في العتمة‬
‫الشاعرة كشاهد يرصد تفاصيل حياة بطل أو في الغبش الفضي‬
‫القصيدة؛ ليكشف لنا عن تفاصيله ولحظاته أنين كثير ‪...‬‬
‫نسيته القوارب‬ ‫التي جعلت منه خادما للحياة‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫لم نوقظ فنارًا‬ ‫«كثيرا ما توقفت أمام منزله‬
‫ُحصي السفن‬ ‫لن ِ‬ ‫ألرى بعض سنواته‬
‫ونسينا دمً ا كثيرً ا‬ ‫وهي ترتعش تحت مخالب القط‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪54‬‬
‫محور خاص‬
‫يلتهم سكينتي‬ ‫في أفواه الحيتان»‪.‬‬
‫في القصيدة نفسها تشارك كل مفردات ويتسكع في حجرات صمتي الفسيح‪..‬‬
‫الطبيعة في صنع تلك اللوحة السريالية بغضب أدفع ضريبة العمر‬
‫التي رصد فيها الشاعر المكان بتفاصيله وأواصل الحياة‪..‬‬
‫افتحوا بابا لهذا الضوء المسروق من ألم‬ ‫ومفرداته‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫صديق‪..‬‬
‫«في العتمة‬
‫أردت إنقاذه من مكائد شمس مدربة»‪.‬‬
‫صخو ٌر نائمة‬
‫وألن الــمــوت كــان حــضــوره جوهريًا في‬ ‫تتمرغ فوقها السالحف‬
‫الــديــوان‪ ،‬فيختمه بقصيدة «حملة النعش»‬ ‫ويتلبد في نتوءاتها‬
‫مرثية عبدالعزيز المشري‪ ،‬والتي تعد أطول‬ ‫ندم العشاق‬
‫قصائد الــديــوان‪ ،‬فالصديق ال ــذي هزمه‬ ‫أسماك كثيرة‪..‬‬
‫الموت هو المهدى إليه القصيدة‪ ،‬إنها مرثية‬ ‫تصحو في الغبش‬
‫مترعة باألسى والحزن‪ ،‬تمكّن فيها الشاعر‬ ‫فتتدافع إلى شباك الصيادين‬
‫مــن أن يكتب إحساسه بالموت والحياة‪،‬‬ ‫قبل أن يستيقظ الماء»‪.‬‬
‫في القصيدة التي منحت الديوان عنوانه معبرًا بدقة عن جدل العالقة بينهما‪ ،‬يقول‬
‫«أيام لم يدّخرها أحد»‪ ،‬يقدم الكاتب رؤيته في ختامها‪:‬‬
‫للعالم واضــحــة‪ ،‬يكشف فيها عن مواجده «اقتربنا كثيرا من الحافّ ة‬
‫وآالمه ورغبته في الخالص من قسوة الزمن وجدنا هناك ثغاء أغنام‪،‬‬
‫الحصادين‬‫ّ‬ ‫التي تعيقه عن العيش في سالم‪ ،‬بل يطلب وأقمارًا تنير سهاد‬
‫في هذه القصيدة ما يمكن أن يخرجه من ودخانًا يتصاعد من األودية‬
‫وطرقً ا تتدافع فيها الغيوم‪.‬‬ ‫أزماته‪:‬‬
‫كان صديقنا يمضي معنا‬ ‫«أطلب أيامً ا لم يدخرها‬
‫بالكاد سمعنا سقطته‬ ‫أيامٌ بأحذية كي ال تبترد من الفاقة‬
‫على مشارف الليل‬ ‫وعظام كثيرة‬
‫وتوجب أن نلتقطه‬ ‫تشبه صرخات غريق‬
‫من األغوار السحيقة‬ ‫لم أعرف حياة أخرى‬
‫وكان علينا بين حين وآخر‬ ‫أكثر من هذه الملقاة أسفل وسادتي‬
‫أن نرفع أعضاءه المتناثرة‬ ‫أنام فيها وأصحو فزعً ا‬
‫من الطرقات»‪.‬‬ ‫ألن جارًا بعيدً ا‬
‫ * كاتبة سعودية‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫محمد الدميني‪ ،‬ننتظر معه هبوط المطر‪!..‬‬

‫■ هناء حجازي*‬

‫ه ـ ــذا الـ ـ ـ ــذي ي ـش ـب ــه قـ ـصـ ـي ــدت ــه‪ .‬حـ ـي ــن يـمـشــي‬
‫باتجاهك‪ ،‬تراه كأنَّ أجمل قصائده تقبل عليك‪،‬‬
‫بـكــامــل رهــافـتـهــا ووداع ـت ـه ــا‪ ،‬بــالـحـنـيــن الـســاكــن‬
‫فيها‪ ،‬بالوجع الــذي تنطق به خباياها‪ ،‬باألمل‬
‫المتواري خلف عبارات الحزن واألسى‪.‬‬
‫حين تنظر إليه‪ ،‬تكاد تلمس الشجن الذي يطل‬
‫من عينيه! وال تعرف هل أنت تربت على هذا الشجن‬
‫أم هو يربت عليك!‬

‫البحث الدائم عن الجمال‪ ،‬الذاكرة‬ ‫ال تستسلم لتلك الــوداعــة‪ ،‬ألنها‬


‫ليست ضعفًا أو إدبــــارًا‪ ،‬هــي معرفة الــتــي ال تــــزال تــجــوب أن ــح ــاء قــريــة‬
‫وتــجــربــة‪ ،‬خــلــفــهــا‪ ،‬يــكــمــن التصميم الطفولة‪ ،‬االرتباك الذي تخلقه المدن‬
‫والمغامرة‪ .‬مغامرة االشتغال بالنص فــي النفس الشفافة والحلم الــذي ال‬
‫الـ ــحـ ــر‪ ،‬ش ــع ــر ال ــن ــث ــر‪ ،‬الــبــعــيــد عــن يموت بأيام أجمل؛ هــذه هي مكونات‬
‫الجماهيرية واالحتفالية‪ ،‬المسكون محمد الدميني؛ الحبر الــذي يغمس‬
‫فيه قلمه كي يحدثنا بقلب الشاعر عما‬
‫حتى أعمق أعماقه بالبحث عن روح‬
‫رأى‪ ،‬وعما يريد منا أن نرى معه؛ ألنه‬
‫الشعر‪ ،‬عن الحقيقة‪ ،‬حقيقة الكلمات‪،‬‬
‫برغم اآلمال الضائعة‪ ،‬وبرغم الذكريات‬
‫وليس بهرجتها‪.‬‬
‫الــمــرة‪ ،‬وبــرغــم األصــدقــاء الغائبين‪،‬‬
‫حضوره الهادئ‪ ،‬هدوء روحه يحمل وبرغم شراسة األي ــام‪ ،‬واالنكسارات‪،‬‬
‫إلى المكان تلك السكينة التي تجعلك والهزائم‪ ،‬والخيانات‪ ،‬وال َفقْد‪ ،‬وبرغم‬
‫تــطــرق بــرأســك‪ ،‬وتــتــأمــل كــيــف يمكن الحيرة‪ ،‬يبقى األمل قائما؛ ليس ألننا‬
‫لــلــهــدوء أن يــكــون بــهــذا الــعــمــق‪ ،‬كيف قادرون على خلق المعجزات‪ ،‬ولكن ألنه‬
‫بهذا القلب‪ ،‬قلب الشاعر‪ ،‬يحمل ضوءًا‬ ‫للكلمات القليلة أن تكون بهذه الدقة!‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪56‬‬
‫محور خاص‬
‫جمال والفقراء والشيوخ المنسيين‪ ،‬تشعل عند كل‬
‫ٍ‬ ‫خافتًا‪ ،‬ضوءًا ساحرا‪ ،‬يدلنا به على‬
‫غفلنا عنه! على قصائد هربها لنا كي تهدهد باب لمبة صغيرة؛ قصيدته تمشي على مهل‪،‬‬
‫جروحنا‪ ،‬تبدو قصائده حزينة ومكلومة‪ ،‬لكنه تنتظر الفرح‪ ،‬تؤمن بالفرح‪ ،‬رغــم العتمة!‬
‫من خالل الشجن يفتح أعيننا على الزرقة هذا ما تخبرنا به محاولته إنقاذ الصباح‪..‬‬
‫مَن يحاول ذلك سوى شاعر يؤمن بالصباح!‬ ‫وصخرة الصمود‪.‬‬

‫دم كــامــه لــيــس ب ـ ــاردًا‪ ،‬وبــحــرهــا ليس المحاوالت دليل رغبة في المقاومة والتغيير‪،‬‬
‫فيه زبد‪ ،‬ويمكننا بسهولة سالسة عباراته وبذل الجهد وحده دليل أمل وإيمان‪ ،‬ونحن‬
‫أن نستند على حائطها دون أن نخاف‪ ،‬ال ننتظر معه هبوط المطر‪ ،‬وتدفّق الشيح من‬
‫مقابر خلف الحائط‪ ،‬إنما حبٌ يتسع لبشر يأسه الطويل‪.‬‬
‫عـــال‪ ،‬وأجـــدًاد‬
‫ٍ‬ ‫يستحقون الــحــب‪ ،‬بجبين‬
‫كلماته‪ ..‬يقول يريدها ضريرة وهادئة‬
‫تضيء ذكراهم العتمة‪.‬‬
‫في حشد األذه ــان النابهة‪ .‬هــذا اختصار‬
‫األغــانــي فــي شعره صريحة‪ ،‬واألطــفــال‬
‫صريح لما يريد ولما يصلنا منه‪ ،‬حين نقرر‬
‫يطلقون مرحهم في الفضاء‪ ،‬والفاتنات ال‬
‫أال نغادر‪ ،‬ونبقى معه‪ ،‬فوق سجادته‪ ،‬نجمع‬
‫تجرفهم الصواعق مهما ادعــى ذلــك؛ ألننا‬
‫الملح الذي يرشح من قلبه ونعبث مع آثامه‬
‫نرى ما وراء الكلمات؛ ألننا نستدعي صورته‪،‬‬
‫ثباته وابتسامته الخفيفة ونحن نقرأ؛ ألنه الطليقة‪.‬‬

‫هو الصديق الذي يبقيك صديقًا‪ ،‬مهما‬ ‫يكون قد أهدانا قلبه كي نقرأ على ضوئه‬
‫بعدت المسافات؛ حتى في الرحيل األبدي‪،‬‬ ‫قبل الشروع في الغوص في عالمه!‬
‫يُبقي أصدقاءه‪ ،‬ال يغادر أحدًا ذاكرته؛ يحافظ‬ ‫قصيدته تمشي على مهل‪!..‬‬
‫في هذا العالم السريع والصاخب على ثباته‬
‫شكل القصيدة ليس هاجسً ا عند محمد‬
‫واتزانه‪ ،‬ال تغريه النيونات وال الشعارات‪.‬‬
‫الــدمــيــنــي‪ ،‬بــل هــاجــســه الــقــبــض عــلــى روح‬
‫القصيدة‪ ،‬ثم تقديمها دون زخرفة‪ ،‬ودون يغريه أن يبقى صديقًا لكل األشياء الجميلة‬
‫زفــة‪ ،‬ودون ورق سوليفان؛ قصيدته ليست والــنــاس الجميلة‪ ،‬يحيط نفسه بالشعر‬
‫عــاريــة وجــافــة‪ ،‬وليست صاخبة وعنيفة؛ والجمال؛ كي يبقى أحد األرواح الرهيفة في‬
‫قصيدته ألفاظها رقيقة عميقة‪ ،‬تلملم كل حياةٍ متغيرة وجافة‪ .‬هذا هو حلمه‪ ،‬وهذا هو‬
‫األوجاع من كل الطرقات الممتلئة بالغرباء‪ ،‬مشروعه‪ .‬هكذا عرفته وقرأته‪.‬‬
‫ * روائية وتشكيلية سعودية‪.‬‬

‫‪57‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫الشاعر محمد الدميني‪:‬‬

‫ ¦ال بـ ـ ــد أن تـ ـصـ ـب ــح الـ ـ ـب ـ ــرام ـ ــج ال ـث ـق ــاف ـي ــة‬


‫والخطابات الفكرية والثقافية الجديدة‬
‫ب ـكــل تـجـلـيــاتـهــا جـ ـ ــزءً ا م ــن الـمـنـظــومــة‬
‫التعليمية واألخالقية‪ ،‬ابتداء بالمرحلة‬
‫ـول إلـ ـ ــى ال ـم ــرح ـل ــة‬ ‫االب ـ ـتـ ــدائ ـ ـيـ ــة‪ ،‬وص ـ ـ ـ ـ ً‬
‫كسر مفهوم الثقافة‬ ‫الجامعية‪ ،‬ومن ثم ْ‬
‫الـنـخـبــويــة ودم ـج ـهــا ف ــي ال ـس ـيــاق ال ـعــام‬
‫لحياتنا‪.‬‬
‫ ¦إذا قـ ــارنـ ــت ذيـ ـ ــوع رواي ـ ـ ـ ــات عـ ـب ــده خ ـ ــال م ـثـ ًـا‬
‫بمجموعات محمد الثبيتي الشعرية فسوف تجد‬
‫أن مبيعات روايات خال تطغى‪ ،‬والسبب بديهي فالرواية؛ قصة‪ ،‬أو حـ ـك ــاي ــة‪،‬‬
‫تتضمن عناصر اإلثارة والتشويق‪!..‬‬
‫ ¦ذواتنا الشعرية لم تكن مهمة‪ ،‬كان هاجس التغيير الثقافي وتعميق المعنى‬
‫الحداثي ‪-‬ال في الشعر وحده بل في الفنون األخرى‪ -‬أكثر هيمنةً من البطوالت‬
‫الشعرية الفردية‪!..‬‬
‫تكف األندية األدبية عن ممارسة أنشطتها التقليدية‪ ،‬وأن تفكّ ر برؤية‬
‫ ¦ينبغي أن ّ‬
‫تكف عن إصدار الكتب وأن تحيل‬ ‫مثل أن ّ‬
‫جديدة تتجاوز نمطها القديم‪ .‬عليها ً‬
‫هــذه المهمة إلــى دور النشر المحلية لكي تخضع آلليات الـجــودة والتسويق‬
‫المعمول بها في الدول الناهضة‪!..‬‬
‫أرض اجتماعية وثقافية تشكل محتوى القصيدة ودالالتها‪،‬‬
‫ ¦الفضاء المكاني ٌ‬
‫وال يمكن للشاعر أن يقفز عن هذه الخصائص‪ ،‬وإال فإنه سيبدو كأنه يركض‬
‫في أرض اآلخرين ال فوق تراب حياته‪!..‬‬
‫المنصات حضورًا متفوق ّا ألنها تهجس‬
‫ّ‬ ‫ ¦تشهد القصائد العمودية على بعض‬
‫ال ولغة َوتاريخاَ‪!...‬‬
‫بالماضي الشعري شك َ‬
‫بقشة عائمة ال سلطة لها‪،‬‬
‫ ¦كل هذا الفيضان المعلوماتي يجعل اإلنسان أشبه ّ‬
‫وذلك الفيضان يثير الذعر والملل‪ ،‬وربما القناعة بأن سلطة اإلنسان تتبدّ د‬
‫أمام تسونامي ما يدعى «أرخبيل المعلومات الضخم»‪!..‬‬
‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪58‬‬
‫محور خاص‬
‫محمد الدميني شاعر سعودي من مواليد قرية «محضرة» ‪1959‬م‪ ،‬بالباحة‪ ،‬واسم‬
‫يقودنا للمرحلة التي شهدت ذروة الحراك الحداثي‪ ،‬مرحلة الثمانينيات من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬وهو أحد أهم األسماء التي أثرت الساحة الشعرية والثقافية محليًا وعربيًا‪.‬‬
‫من المناصب التي شغلها الشاعر محمد الدميني‪:‬‬
‫عمل نــائـ ًبــا لرئيس ال ـنــادي األدب ــي بالمنطقة الشرقية‪ ،‬ورئـيـ ًـســا لتحرير مجلة‬
‫«داري ــن» التي تصدر عن نــادي الشرقية األدبــي خــال ‪2007‬م‪2012 -‬م‪ ،‬وكذلك شغل‬
‫منصب رئيس تحرير مجلة «القافلة» التي تصدر عن شركة أرامكو السعودية خالل‬
‫‪2009‬م‪2018 -‬م‪ ،‬كما أسهم في إعداد كتب شركة أرامكو ودورياتها األسبوعية وتقاريرها‬
‫وأيضا شغل منصب مدير اإلعالم والعالقات العامة في الجمعية الدولية‬ ‫السنوية‪ً ،‬‬
‫للعالقات العامة فــرع الخليج‪ ،‬وفــي مرحلة أسبق خــال ‪1981‬م ‪1990 -‬م‪ ،‬أسهم في‬
‫تحرير ملحقي المربد ثم اليوم الثقافي بصحيفة اليوم‪.‬‬
‫شارك في عدد من األمسيات الشعرية محليًا وعربيًا‪ ،‬صدرت له ثالث مجموعات‬
‫شعرية مهمة «أنقاض الغبطة»‪« ،‬سنابل في المنحدر»‪« ،‬أيام لم يدخرها أحد»‪ ،‬ترجمت‬
‫قـصــائــده للغات «االنـجـلـيــزيــة‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬واأللـمــانـيــة»‪ ،‬وحظيت أعـمــالــه الشعرية‬
‫باهتمام كبار النقاد محليًا وعربيًا‪ ،‬وفي الحوار الكثير ما يمتع ويثري القارئ‪..‬‬

‫■ حاوره عمر بوقاسم‬

‫لــم أقـتـنــع بنشرها ي ــومً ــا»‪ ..‬مــا بين‬ ‫رسخت عدالة القول‬ ‫اإلنترنت ّ‬
‫القوسين هــي إجابتك ضمن حــوار‬ ‫واالنتشار‪!..‬‬
‫معك نشر بجريدة «الشرق األوسط»‬ ‫ ¦«الـ ــروايـ ــة ه ــي ح ـلــم ك ــل ك ــات ــب‪ ،‬ومــا‬
‫عام ‪2014‬م‪ ،‬وسؤالي هنا يذهب في‬ ‫أزال أعــدّ الــروايــة العظيمة والعمل‬
‫اتـ ـج ــاهـ ـي ــن‪ ،‬ف ــأن ــت أحـ ـ ــد األسـ ـم ــاء‬ ‫ال ـس ـي ـن ـم ــائ ــي ال ـ ـفـ ــريـ ــد‪ ،‬ال ـم ـثــال ـيــن‬
‫ال ـش ـعــريــة ف ــي ال ـســاحــة ال ـس ـعــوديــة‪،‬‬ ‫ال ـح ـق ـي ـق ـي ـيــن ال ـق ــري ـب ـي ــن مـ ــن روح‬
‫التي شهدت الـحــراك الحداثي في‬ ‫إنسان هذا العصر‪ .‬وأذكر أنني فكرت‬
‫ثـمــانـيـنـيــات ال ـق ــرن ال ـم ــاض ــي‪ ،‬وقــد‬ ‫مع الراحل عبدالعزيز مشري يومً ا‬
‫يُ فهم من إجابتك أنها شهادة على‬ ‫مــا أن نـغــامــر بــروايــة مشتركة على‬
‫أن هذا زمن الرواية ال زمن الشعر‪،‬‬ ‫طريقة منيف وجبرا‪ ،‬في روايتهما‬
‫وأن جسد القصيدة ال يكفي لقلق‬ ‫الـشـهـيــرة «عــالــمٌ بــا خ ــرائ ــط»‪ ،‬لكن‬
‫الشاعر‪..‬؟ وفي اتجاه آخر صافحت‬ ‫ال ـف ـك ــرة ت ـب ـخ ــرت س ــري ــعً ــا‪ .‬وبـحـكــم‬
‫الساحة الشعرية بثالثة إص ــدارات‬ ‫قراءاتي المنتظمة للروائيين الكبار‪،‬‬
‫ف ـق ــط‪ ،‬ف ـفــي عـ ــام ‪1989‬م أص ـ ــدرت»‬ ‫فقد كتبت اجتهادات سردية لكنني‬

‫‪59‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫فهي تحضر وتقترب من الذائقة العامة‬ ‫أنقاض الغبطة»‪ ،‬ثم أصــدرت في ‪1994‬م‬
‫وتختبرها في الوقت نفسه‪ ،‬لكن الشعراء‬ ‫«سنابلُ في منحدر»‪ ،‬وبعده بسنوات‪ ،‬أي‬
‫والمهتمّين ال يبذلون الجهد المطلوب‬ ‫في عام ‪2014‬م أصدرت «أيامٌ لم يدّ خرها‬
‫لنشرها وتسويقها‪.‬‬ ‫أح ــد»‪ ،‬ون ـظــرً ا لقيمة تجربتك األدب ـيــة‪،‬‬
‫بالنسبة للحديث عن الرواية فكلّنا نحب‬ ‫أجـ ــد أنـ ــك م ـق ــلّ ف ــي عـ ــدد اإلصـ ـ ـ ــدارات‪،‬‬
‫الرواية‪ ،‬وخاصة في نماذجها العالمية‬ ‫وربما أوحى لي ما بين القوسين أن يكون‬
‫والعربية العليا‪ ،‬وقد لمستُ أثرها على‬ ‫هاجسا أعاق الكثير من األعمال التي لم‬ ‫ً‬
‫قارئنا المحلي عبر مشاهداتي لمعارض‬ ‫تنشرها‪ .‬ماذا يقول في هذا االتجاه‪..‬؟‬
‫الكتاب والملتقيات األدبية‪ ،‬ولكن لكل فنّ‬ ‫ ‪ρ‬أظن أن الفضاء الرقمي بكل ّ‬
‫منصاته قد‬
‫شروطه الموضوعية؛ وقد وجدت أن تلك‬ ‫كسر تلك القياسات التي بُنيت على حجم‬
‫الــشــروط ال تنطبق عليّ ‪ ،‬لكنني سعي ٌد‬ ‫المبيعات الورقية شعرًا ورواية‪ .‬اإلنترنت‬
‫بتوافّرها في تجارب عدد من األصدقاء‬ ‫رسّ خت عدالة القول واالنتشار‪ ،‬وأتاحت‬
‫مــحــلـ ًيــا وعــربــيًــا‪ .‬قــد أكــتــب ســرديــات‬ ‫فرصا مجانية لوضع نصوصها‬ ‫ً‬ ‫للجميع‬
‫شخصية أو مذكرات حياتية‪ ،‬لكنها لن‬ ‫منصات هذه الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫واجتهاداتها على‬
‫تكون بالضرورة سردية روائــيــة‪ .‬ونحن‬ ‫العمالقة‪ ،‬واستقبال ردود األفعال مهما‬
‫نعرف أن شعراء العالم ال يرابطون طيلة‬ ‫كانت عارمة النجاح أو قليلة الحظ‪.‬‬
‫عمرهم مع القصيدة وحدها‪ ،‬بل يجربون‬
‫مثل‬
‫إذا قارنت ذيوع روايات عبده خال ً‬
‫الرواية‪ ،‬والنقد‪ ،‬والمقالة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫بمجموعات محمد الثبيتي الشعرية‬
‫أمــا ســؤالــك عــن قلة اإلص ـ ــدارات فهو‬ ‫فسوف تجد أن مبيعات روايـــات خال‬
‫سؤال تجنّبت اإلجابة عنه؛ ألنني ال أملك‬ ‫تطغى‪ ،‬والسبب بديهي‪ ،‬فالرواية قصة أو‬
‫ردًا‪ .‬أقــرب تفسير وأبسطه‪ ،‬هــو أنني‬ ‫حكاية تتضمن عناصر اإلثارة والتشويق‪،‬‬
‫بطيء التفاعل مع األحداث الحياتية أو‬ ‫وهي محمّلة بأحداث وشخصيات كُتبت‬
‫اإليقاظات الفردية التي تخترق كياني‬ ‫بلغة مقرّبة إلى نبض الوجدًان الشعبي؛‬
‫أحيانًا‪ ،‬وكأنها تزيدني صمتًا أو انتظارًا‬ ‫فيما يبقى قارئ الثبيتي قارئًا نخبويًا‪،‬‬
‫لكن «غودو» يتأخر دومًا‪ ..‬وقد ال يم ّر بي‬ ‫وقصيدته في نــزاع مزمن مع القصيدة‬
‫أصل!‬
‫ً‬ ‫الكالسيكية والذائقة السائدة‪ .‬ولهذا‬
‫أضيف إلى ذلك أن أغلب جيلي وما قبله‬ ‫مثل تشهد القصائد العمودية‬ ‫السبب ً‬
‫كانوا قليلي اإلصــدارات‪ .‬كانت الصحف‬ ‫المنصات حضورًا متفوقاّ؛‬ ‫ّ‬ ‫على بعض‬
‫والمالحق عامرة بنصوصنا وكتاباتنا‪،‬‬ ‫ال‬
‫ألنها تهجس بالماضي الشعري شك َ‬
‫لكن دور النشر التي تقبل بمجموعاتنا‬ ‫ولغة َوتاريخاَ‪ ،‬وهذا ال يعني أن القصيدة‬
‫نــادرة‪ ،‬ولم يكن أفقنا االجتماعي يبتهج‬ ‫الــجــديــدة‪ ،‬وخــاصــة قــصــيــدة الــنــثــر ال‬
‫بها‪ .‬وهناك استثناءات كسرت القاعدة‬ ‫تحقق حضورها على منصات كثيرة‪،‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪60‬‬
‫محور خاص‬
‫أما تكرار الكلمات داخل النصوص‪ ،‬دون‬ ‫بالطبع بينهم فوزية أبو خالد‪ ،‬ومحمد‬
‫أن يمنحها الشاعر دالالت جديدة‪ ،‬فربما‬ ‫الثبيتي‪ ،‬ومحمد جبر الحربي‪.‬‬
‫دليل على فقر المخزون اللغوي‬ ‫ً‬ ‫كانت‬ ‫أشعر أحيانًا أن ذواتنا الشعرية لم تكن‬
‫لــديــه؛ وهنا ربما تأتي أهمية الــقــراءة‬ ‫مهمة‪ ،‬كــان هــاجــس التغيير الثقافي‪،‬‬
‫الــمــتــأمــلــة ال فــي كــتــب الــشــعــر والنقد‬ ‫وتعميق المعنى الحداثي ال في الشعر‬
‫فحسب‪ ،‬بل وفــي كتب الحياة بتنوّعها‬ ‫وحده بل في الفنون األخرى أكثر هيمن ًة‬
‫وثــرائــهــا‪ ،‬وهــو مــا ال تمنحه لنا ظاهرة‬ ‫من البطوالت الشعرية الفردية‪.‬‬
‫القراءات الخاطفة عبر منصات اإلنترنت‬
‫الشاسعة‪.‬‬ ‫وال يمكن للشاعر أن يقفز على هذه‬
‫الخصائص‪!..‬‬
‫تبقى هناك تحديات قائمة‪!..‬‬
‫ ¦هل الزمن أم التجربة أم المكان ما يفرض‬
‫خاصا؛ إذ ¦وزارة الثقافة ببرامجها التطويرية التي‬ ‫قاموسا ً‬‫ً‬ ‫على الشاعر أن يتبنّى‬
‫نـبـتــت ف ــي ظ ــل «رؤي ـ ــة ‪ ،»2030‬تستوعب‬ ‫تـتـكــرر بـعــض ال ـم ـفــردات داخ ــل نصوصه‬
‫الكثير من األنشطة والفعاليات الثقافية‬ ‫بشكل دائم‪ ،‬بعض النقاد يعدونها ميزةً‪،‬‬
‫التي لها دو ٌر مهم في تشكيل هوية الوطن‬ ‫وآخرون يعدونها تكرارًا ال مبرّر له؟‬
‫وخلق النظرة الشمولية للثقافة‪ ،‬وهو ما‬ ‫ ‪ρ‬أعتقد أن هذه العناصر (الزمن والتجربة‬
‫أكد عليه وزير الثقافة‪ ،‬سمو األمير بدر‬ ‫والمكان) وعناصر أخرى‪ ،‬ربما غير مرئية‬
‫بن عبدهلل بن فرحان آل سعود‪ ،‬وتوثيقً ا‬ ‫تصنع قاموس الشاعر‪ .‬يكتب الشاعر‬
‫اله ـت ـم ــام خ ـ ــادم ال ـحــرم ـيــن الـشــريـفـيــن‪،‬‬ ‫عمله في لحظة زمنية معاصرة ومشبّعة‬
‫الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده‬ ‫براهن الحياة ومكوناتها؛ فهو ال يستطيع‬
‫األمير محمد بن سلمان‪ ،‬حفظهما اهلل‪.‬‬ ‫أن يهجر قومه ويلجأ إلى الصحراء‪ ،‬كما‬
‫فـقــد ص ــرح سـمــوه فــي وق ــت ســابــق‪« :‬أنـنــا‬ ‫فعل امرؤ القيس‪ ،‬لكي يكتب قصيدة عن‬
‫سـنـعـمــل ف ــي الـ ـ ــوزارة عـلــى نـهــج تـشــاركــي‬ ‫فــراق محبوبته أو يهجو بها قبيلته‪ ،‬وال‬
‫مــع المبدع الـسـعــودي‪ ،‬فهو رأس الـمــال‪،‬‬ ‫يقدر على تخيّل مستقبل ما يتنبّأ به عبر‬
‫وسنذهب بعيدً ا لخلق بيئة تدعم اإلبداع‬ ‫قصيدته‪ .‬كذلك فإن تجربة الشاعر هي‬
‫وتسهم في نموه‪ ،‬وسنفتح نوافذ جديدة‬ ‫ما يحدّد إضافته الجمالية‪ ،‬فالتجربة‬
‫ل ـل ـطــاقــة اإلب ــداعـ ـي ــة ع ـنــد ال ـس ـعــودي ـيــن‪،‬‬ ‫العميقة والمتنوعة لكاتب ما تظهر كهويّة‬
‫وستظل الثقافة السعودية نخلة سامقة‬ ‫خــاصــة للشاعر‪ ،‬ويمكن الــحــديــث عن‬
‫المكان بالرؤية نفسها‪ ،‬فالفضاء المكاني‬
‫ف ــي عــال ـم ـنــا»‪ .‬وهـ ــذا بــالـفـعــل م ــا نلمسه‬
‫أرض اجتماعية وثقافية تشكّل محتوى‬ ‫ٌ‬
‫ف ــي الـكـثـيــر م ــن الـفـعــالـيــات واألن ـش ـطــة‪،‬‬
‫القصيدة ودالالتــهــا‪ ،‬وال يمكن للشاعر‬
‫وأنت كمبدع ومثقف‪ ،‬كيف تقرأ المشهد‬
‫أن يقفز عن هذه الخصائص‪ ،‬وإال فإنه‬
‫الثقافي اآلن؟‬
‫سيبدو كأنه يركض في أرض اآلخرين‪ ،‬ال‬
‫ ‪ρ‬كانت الثقافة تعيش على هامش الخطط‬ ‫فوق تراب حياته!‬

‫‪61‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫‪-‬إذًا‪ -‬جزءًا من رأسمال الثقافة الوطنية‪،‬‬
‫وأصبحت الثقافة واجهة حضارية ملفتة‬
‫تدلّ على وطننا‪ ،‬وعلى عراقة ما نملكه‬
‫من مخزون حضاري وثقافي‪ ،‬وكشفت‬
‫عن غنى التنوع في الثقافة والفنون‪ ،‬في‬
‫المعمار واللهجات والمرجعيات‪ ،‬وهذا‬
‫الغنى كتبنا عنه كثيرًا وطالبنا بإبرازه‬
‫طويل دون أن يصغي إلينا‬ ‫ً‬ ‫واستثماره‬
‫أحد‪.‬‬
‫ولكن تبقى هناك تحديات قائمة‪ :‬أولها‬
‫أهمية مــلء ذلــك الفراغ الثقافي الذي‬
‫تــركــه الــتــشــدد والــتــطــرف فــي حياتنا‪،‬‬
‫وهــيــمــنــت فــيــه عــلــى م ــج ــاالت الــفــكــر‪،‬‬
‫الثقافة‪ ،‬والوعي؛ وثانيًا‪ :‬ال بد أن تصبح‬
‫البرامج الثقافية والخطابات الفكرية‬
‫والثقافية الجديدة بكل تجلياتها جزءًا‬
‫من المنظومة التعليمية واألخالقية‪..‬‬
‫وصول إلى‬‫ً‬ ‫ابتداء بالمرحلة االبتدائية‪،‬‬ ‫المكتبة لم تكن مكانا للبحث عن كل زاد معرفي فقط‪،‬‬
‫المرحلة الجامعية‪ ،‬ومن ثم كسْ ر مفهوم‬ ‫ولكنها كانت مكان عملي لسنوات بحكم التخصص‪.‬‬
‫الثقافة النخبوية ودمجها في السياق‬ ‫التنموية الخمسية‪ ،‬وكانت النظرة إليها‬
‫العام لحياتنا‪ .‬وهكذا تتشابك األجيال‬ ‫تعني إما أنها فعالية فائضة عن الحاجة‪،‬‬
‫الجديدة مع النتاجات األدبية والفنية‬ ‫متربص ينبغي حصاره‬‫ٌ‬ ‫أو أنــهــا خــطـ ٌر‬
‫المعاصرة‪ ،‬وتتقلص الغربة بينهما‪.‬‬
‫وتحجيمه‪ .‬أما «رؤية ‪ »2030‬التي يقودها‬
‫الصحافة الثقافية فقط‪!..‬‬ ‫سمو ولي العهد بكل اقتدار‪ ،‬فقد وضعت‬
‫تنمية الثقافة والفنون بكل عناصرها ركنًا ¦لديك تجربة في عالم الصحافة‪ ،‬إذ شغلت‬
‫منصب رئـيــس تـحــريــر مجلة «الـقــافـلــة»‬ ‫أصيل في منظومتها‪ .‬وهكذا انتعشت‬ ‫ً‬
‫الثقافية‪ ،‬التي تصدر عن «أرامكو» ‪-2010‬‬ ‫معارض الكتب لدينا وبـزّت مثيالتها ال‬
‫‪2018‬م‪ ،‬والتي تتمتع بمكانة خاصة لدى‬ ‫بالرفوف البراقة‪ ،‬ولكن باستقبال أحدث‬
‫الشعراء والمثقفين‪ ،‬كما شغلت منصب‬ ‫اإلصدارات وأكفأ دور النشر‪ ،‬كما ازدهرت‬
‫مدير تحرير مجلة «داري ــن»‪ ،‬التي كانت‬ ‫هيئات األدب والترجمة والفنون األدائية‬
‫ت ـص ــدر ع ــن الـ ـن ــادي األدبـ ـ ــي بــالـمـنـطـقــة‬ ‫وفنون السينما والموسيقى واألزياء خالل‬
‫الشرقية‪ ،‬وأسهمت سابقً ا فــي اإلشــراف‬ ‫سنوات قليلة‪ .‬أصبح المثقف واألديــب‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪62‬‬
‫محور خاص‬
‫فيها مختصون‪ ..‬ك ّل في مجال اهتمامه‪.‬‬ ‫على ملحقي «المربد» و«اليوم الثقافي»‬
‫كانت المنابر الجادة قليلة‪ ،‬لكنها تتنافس‬ ‫اللذين كانت تصدرهما صحيفة اليوم‪،‬‬
‫وتتضافر لجعل الحداثة األدبية ظاهرة‬ ‫فضل عــن نشر مجموعة مــن المقاالت‬ ‫ً‬
‫تستقطب األصــدقــاء‪ ،‬وتخلق أعــداءهــا‬ ‫في عدد من الصحف والمجالت المحلية‬
‫بالضرورة‪ .‬وكان من بينها ملحق عكاظ‬ ‫والعربية‪ .‬وبصفتك صحافيً ا وأديبًا‪ ،‬ما‬
‫الذي أشرف عليه د‪ .‬سعيد السريحي‪،‬‬ ‫هو تقييمك للصحافة الثقافية المحلية‬
‫وملحق أصوات بإشراف الشاعر محمد‬ ‫مقارنة بمثيالتها العربية؟‬
‫جبر الحربي‪ ،‬وصفحات الجزيرة الثقافية‬ ‫ ‪ρ‬تنحصر تجربتي الصحفية فــي مجال‬
‫بإشراف الراحل صالح األشقر والقاص‬ ‫الصحافة الثقافية فقط‪ ،‬فهي المكان‬
‫سعد ال ــدوس ــري‪ ،‬وكــانــت هــنــاك مجلة‬ ‫ال ــذي أحببت العمل فيه وتعلمت فيه‬
‫أيضا بقيادة الكُتاب‪ /‬محمد‬ ‫ً‬ ‫اليمامة‬ ‫كثيرًا‪ .‬في «المربد» و«الــيــوم الثقافي»‬
‫علوان‪ ،‬وعبد الكريم العودة‪ ،‬ثم عبداهلل‬ ‫كانت التجربة أكثر متع ًة واندفاعً ا وربما‬
‫الصيخان الحقًا‪.‬‬ ‫تأثيرًا؛ فبعد مغادرة أستاذنا محمد العلي‬
‫أما إصــدار مجلة «داري ــن»‪ ،‬فقد فكرت‬ ‫صحيفة الــيــوم‪ ،‬ومــغــادرة أخــي الشاعر‬
‫ومعي األصدقاء عبداهلل السفر‪ ،‬وغسان‬ ‫الراحل علي الدميني‪ ،‬ملحق «المربد»‬
‫الخنيزي‪ ،‬وعــبــدالــوهــاب أبــو زي ــد‪ ،‬في‬ ‫الــذي أسسه في منتصف السبعينيات‪،‬‬
‫صنع مجلة أدبية رصينة بعض الشيء‪،‬‬ ‫التأمت مجموعة متآلفة من األصدقاء‪:‬‬
‫تــضــم الــنــصــوص وال ــدراس ــات وملفات‬ ‫عــبــدالــرؤوف الــغــزال‪ ،‬ويوسف أبــو لوز‪،‬‬
‫التشكيل والحوارات التي يجريها أحدنا‪،‬‬ ‫ومحمد عبيد الحربي‪ ،‬وأنــا‪ ،‬لمواصلة‬
‫أو نترجمها عن مجالت عالمية‪ .‬وأسهم‬ ‫المهمة‪ .‬وبعد أن توقف المربد لضغوط‬
‫في هذه المجلة كُتاب ونقاد من داخل‬ ‫كثيرة‪ ،‬انطلق «اليوم الثقافي» بإشراف‬
‫جميل‪،‬‬
‫ً‬ ‫المملكة وخارجها‪ ،‬وحققت صدىً‬ ‫الراحل شاكر الشيخ‪ ،‬ورافقته األسماء‬
‫واجتهدنا لكي تكون مجلة يمكن أن تجد‬ ‫نفسها‪ ،‬وانضمت أسماء أخرى‪.‬‬
‫لها مكانًا في رفوف البيع‪ ،‬لكننا فشلنا‪،‬‬ ‫كنا نلتقي يوم ّيًا تقريبًا في مبنى صحيفة‬
‫ألن المكتبات التجارية كــانــت ترفض‬ ‫«الــيــوم»؛ نكتب‪ ،‬ونحرر‪ ،‬ونتناقش حول‬
‫مساندة المنتج األدب ــي المحلي الــذي‬ ‫المواد‪ ،‬وقد نتعارك ثم نغادر إلى أحد‬
‫رف من أدراجها‬ ‫كان يحتاج إلى نصف ّ‬ ‫المنازل‪ ،‬فنكمل حواراتنا الصاخبة‪ .‬تلك‬
‫البراقة‪ ،‬ولــذا عدنا إلى توزيعها مجانًا‬ ‫المالحق جمعت األصـــوات والمواهب‬
‫في مناسبات الــنــادي الثقافية‪ ،‬وبعض‬ ‫األدبية من كافة أرجاء المملكة‪ ،‬وأسهمت‬
‫األمسيات في المنطقة الشرقية‪.‬‬ ‫في توسيع رقعة الكتابة الحداثية‪ ،‬وقد‬
‫مجلة «القافلة» مطبوعة رائ ــدة‪ ،‬لعلها‬ ‫أصدرنا مالحق متخصصة في القصة‬
‫المجلة األولــى التي قادتنا إلى ميادين‬ ‫القصيرة والشعر والفن التشكيلي‪ ،‬أسهم‬

‫‪63‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫ ‪ρ‬بكل صراحة مؤلمة لم أختر أبـدًا شغل‬ ‫فضل‬
‫ً‬ ‫العلم والتقنية ومصادر الطاقة‪،‬‬
‫ذلــك المنصب‪ ،‬لكن ظــرو ًفــا ال مجال‬ ‫عن أبــواب األدب والتاريخ والتحقيقات‬
‫للخوض فيها ذهبت بي إلى ذلك الموقع‪.‬‬ ‫الباهرة في زمنها األول‪ ،‬وقــد رصدت‬
‫قــالــت لنا الــــوزارة آنـــذاك إن التكليف‬ ‫هذه المجلة بذكاء عبر الصور الفريدة‬
‫اإلداري سينتهي خالل بضعة أشهر‪ ،‬لكنه‬ ‫والكلمات مالمح تطور اإلنسان والمجتمع‬
‫امتد لعدة سنوات‪ ،‬ولعله القرار الذي‬ ‫في بالدنا منذ الخمسينيات الميالدية‪.‬‬
‫ندمت عليه دائمًا‪ ،‬فقد كانت صالحيات‬ ‫شــهــدت المجلة عبر تاريخها الطويل‬
‫عملنا مقيّدة‪ ،‬واجتهدنا قدر ما استطعنا‪،‬‬ ‫تحوالت كثيرة‪ ،‬وأصابها بعض الجمود‪،‬‬
‫ولعلها كانت الفرصة التي تعرّفنا فيها‬ ‫لكنها منذ ‪2001‬م أصبحت مجلة ثقافية‬
‫على روح البيروقراطية التي كانت تعيشها‬ ‫وعلمية معاصرة تنبض بالحياة الجديدة؛‬
‫‪ -‬وما تزال‪ -‬بعض مؤسساتنا الثقافية‪.‬‬ ‫بالقصائد‪ ،‬والتحقيقات الثقافية‪ ،‬والمواد‬
‫بنظري أن مهمات األندية األدبية بشكلها‬ ‫العلمية‪ ،‬والفنون الفوتوغرافية والملفات‬
‫القديم قد انتهت اليوم‪ ،‬وقد طلبنا من‬ ‫المتخصصة‪ ،‬وتعنى بالبيئة والطاقة‪،‬‬
‫الــوزارة أن يتم دمج األندية األدبية في‬ ‫وقدمت أبواب األدب والتحقيقات والحياة‬
‫جمعيات الفنون ليعمل الفريقان بميزانية‬ ‫اليومية بحيويّة أكثر وبتصميم مدهش‪.‬‬
‫واح ــدة‪ ،‬لكن األمــر ما يــزال مستعصيًا‬ ‫وما أزال أحمل ابتهاجً ا بتعاون فريقي‬
‫تكف تلك األندية‬ ‫عليها‪ .‬اآلن ينبغي أن ّ‬ ‫التحرير من أرامكو السعودية والمحترف‬
‫عــن ممارسة أنشطتها التقليدية‪ ،‬وأن‬ ‫السعودي‪ ،‬وهــي مؤسسة ثقافية وفنية‬
‫تــف ـ ّكــر بــرؤيــة جــديــدة تــتــجــاوز نمطها‬ ‫ضمت كُتابًا وفنانين لبنانيين متميزين‪،‬‬
‫تكف عن إصدار‬ ‫مثل أن ّ‬ ‫القديم‪ .‬عليها ً‬ ‫ونجاحهما في خلق مجلة متنوعة ونادرة‬
‫الكتب‪ ،‬وأن تحيل هذه المهمة إلى دور‬ ‫الوجود اليوم‪ ،‬وأنجزت برؤية تحريرية‬
‫الــنــشــر المحلية لــكــي تــخــضــع آللــيــات‬ ‫وإخراجية ما تزال تلهمني‪ ،‬رغم صخب‬
‫الجودة والتسويق المعمول بها في الدول‬ ‫الــمــنــصــات الــرقــمــيــة وضــخــامــة النشر‬
‫الناهضة‪ .‬مخازن األندية تمتلئ بالكتب‬ ‫الكثيف!‬
‫والمجالت التي يصدرها كل نــادي‪ ،‬ثم‬
‫القرار الذي ندمت عليه دائمً ا‪!..‬‬
‫تتبادل األندية كتبها‪ ،‬وهكذا تتضاعف‬
‫األزمــة‪ ،‬وهي كتب ال يبحث عنها أحد‪.‬‬ ‫ ¦شغلت منصب نائب رئيس النادي األدبي‬
‫شهدت هذا عن قرب‪ ،‬ولكن لألسف ال‬ ‫بالمنطقة الـشــرقـيــة بـيــن عــامــي ‪-2012‬‬
‫أحد يتقدم ليوقف هذا الهدر‪.‬‬ ‫‪ ،2016‬مــا تقييمك ل ـلــدور ال ــذي تلعبه‬
‫األندية األدبية بالمملكة ثقافيً ا وأدبيً ا‪،‬‬
‫يسير في أرض شعرية جديدة‪!..‬‬ ‫منذ بدايتها وحتى اآلن‪ ،‬خاصة ونحن‬
‫نشهد الكثير من المتغيرات التي تعمقت ¦شاركت في أمسيات ومهرجانات شعرية‬
‫م ـح ـلــيً ــا وع ــرب ــيً ــا ودولـ ــيً ـ ــا‪ ،‬هـ ــذا يــدفـعـنــي‬ ‫في الفضاء اإلعالمي في وسائله ودوره؟‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪64‬‬
‫محور خاص‬
‫ـضــا هي‬
‫مــع الــشــعــريــات الــعــالــمــيــة‪ ،‬وأيـ ً‬ ‫إلــى ســؤالــك عــن أهمية هــذه المشاركات‬
‫تلك الــتــجــارب التي تمتص الشعر من‬ ‫للشعر وال ـشــاعــر‪ ،..‬فـضـ ًـا عــن أن هناك‬
‫تراثه ومرجعياته األدبــيــة‪ ،‬وتعيد خلقه‬ ‫تصنيفً ا يقيّم الساحات الشعرية من بلد‬
‫من جديد‪ .‬ما أزال أعتقد أن القصيدة‬ ‫فمثل هناك شـعــراء يصنفون‬ ‫ً‬ ‫إلــى آخــر‪،‬‬
‫الباقية ال ينبغي أن تنبتّ عن ماضيها‪،‬‬ ‫ساحاتهم بأنها األكثر تألقً ا وجدّ ية‪ ،‬كيف‬
‫حتى لو غامرت باقتحام أشكال جديدة‪،‬‬ ‫تقيّم أنت الساحة الشعرية السعودية؟‬
‫وال أعــرف لــمــاذا أجــد ض ــرورة لتذكير‬
‫ ‪ρ‬أظ ــن أنــنــي أق ــل الــشــعــراء السعوديين‬
‫الكتاب الــجــدد بــهــذا‪ .‬أمــا بالنسبة لما‬
‫مشاركة في الداخل والخارج‪ .‬ورغم هذا‬
‫يكتب اآلن‪ ،‬فأنا أعتقد أن وجوه القصيدة‬
‫فإنني أعد أن تلك المشاركات مهمة لي‬
‫مثل خالل العقود‬ ‫النثرية في المملكة ً‬
‫ولزمالئي الشعراء‪ .‬فحين يختلط الشاعر‬
‫ـوصــا متألقة‬
‫األخ ــي ــرة ق ــد كــتــبــت نــصـ ً‬
‫بتجارب شعرية غريبة عنه لغة ومناخات‬
‫ومدهشة‪ ،‬وهي تحظى بتقدير جيد من‬
‫وينابيع تراثية زمنية ومكانية‪ ،‬فهو يسير‬
‫األوساط الشعرية والنقدية العربية رغم‬
‫في أرض شعرية جديدة حتى وإن كانت‬
‫النقد النصوصي المتراجع هذه األيام‪.‬‬
‫مشاركته لبضعة أيام‪.‬‬
‫أكتب قدر ما يصيبني المزاج‪!..‬‬ ‫كثيرًا ما نعتقد أن القصيدة هي واحدة‬
‫في كل مكان‪ ،‬لكن الحقيقة أن لكل ثقافة ¦ال موعد لكتابة القصيدة‪ ،‬فهي تفاجئ‬
‫الشاعر بحيث يجد نفسه محاصرً ا بها‬ ‫نسغها ومخيالها الشعري‪ ،‬مفرداتها‪،‬‬
‫مــن كــل الجهات فيكتبها‪ ،‬هــذا مــا يــردّده‬ ‫ظاللها‪ ،‬روحها الغريبة‪ ،‬وحتى مفرداتها‬
‫بـعـضـهــم‪ .‬مـحـمــد الــدمـيـنــي كـيــف يكتب‬ ‫الطبيعية والعمق التراثي الذي ينهل منه‬
‫قصيدته‪ ،‬وهل يلتزم بطقس معين أثناء‬ ‫الشعراء هناك‪ ،‬كل هذا مهم ألي شاعر‪،‬‬
‫الكتابة؟‬ ‫فالتجارب تتجاور وال تنفي بعضها‪.‬‬
‫ ‪ρ‬أولئك الذين يتورطون في وظيفة يومية‬ ‫قصيدتنا الجديدة في المملكة تحقق‬
‫تبدأ من السادسة صباحً ا وحتى الخامسة‬ ‫وجودها منذ الثمانينيات وحتى اليوم‪،‬‬
‫عصرًا‪ ،‬لن يتسنى لهم أبدًا الحفاظ على‬ ‫وهي تحضر في اللقاءات والمهرجانات‬
‫طقوس كتابتهم؛ لذا فإنهم يصطادون من‬ ‫العربية والعالمية‪ ،‬لكن كثافة الترويج‬
‫وقتهم الباقي فسحة لكتابة قصائدهم أو‬ ‫التي تتكفل بها السوشيال ميديا اليوم‬
‫مشاركاتهم‪ .‬ولكن هل يستطيع الشاعر‬ ‫تجعلنا أمــام معضلة جديدة‪ .‬أين يكمن‬
‫أن يضرب موعدًا لكتابة قصيدته كل يوم‪،‬‬ ‫الشعر الحقيقي؟ ومــن يــتــذوقــه‪ ،‬ومن‬
‫هذه حالة لم أعرفها‪ ،‬لكن هناك شعراء‬ ‫يبحث عنه فــي هــذه الــزحــام‪ .‬ولكي ال‬
‫كبار نفذوها بمهارة هائلة‪ ،‬ربما ألنهم‬ ‫أبتعد عن سؤالك‪ ،‬فإن الساحات الشعرية‬
‫لم يتورطوا في التزامات يومية تبعدهم‬ ‫األكثر جدية وتألقًا هي الساحات األكثر‬
‫عن صناعتهم األولى‪ ،‬وربما ألنهم صنعوا‬ ‫تجريبًا وتــعــدديــة‪ ،‬وهــي األكــثــر تقاطعًا‬

‫‪65‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫وكتاب مهمّين آخرين قد أسهم في إضاءة‬ ‫ألنفسهم منصة جمالية تختصر عليهم‬
‫طريقي الشعري الضئيل‪ ،‬والتنبيه على‬ ‫الطريق كلما صعدوا عليها‪.‬‬
‫خلل بعض خطواتي‪.‬‬ ‫وهــكــذا‪ ،‬بما أن الــنــهــار للوظيفة‪ ،‬فال‬
‫وتبقى للناقد فضيلة اإلجابة عن مثل هذه‬ ‫يبقى سوى بعض الليل أو أيام اإلجازات‬
‫األسئلة الشائكة التي تراود الشاعر‪ .‬أظن‬ ‫لكي يكتب اإلنــســان بعض هواجسه أو‬
‫أن حالة العناق الشعري النقدي كانت أفضل‬ ‫إبــداعــاتــه‪ .‬هــذه حقيقة مادية بسيطة‪.‬‬
‫في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم‪،‬‬ ‫أكتب قدر ما يصيبني المزاج في أوله أو‬
‫ربما ألن الشعراء كانوا قلّة‪ ،‬وكانت المنابر‬ ‫آخره‪ ،‬والمهم أن تنبثق القصيدة فأكتبها‪،‬‬
‫ضئيلة‪ ،‬والمجموعات شبه مفقودة‪ .‬وهناك‬ ‫دون انــجــرافــات نــحــو الــواقــع الصلد‪،‬‬
‫فضيلة أخرى فُقدت اآلن‪ ،‬وهي أن األدباء‬ ‫وبمقدار منضبط من السرور‪ ،‬وأن أكون‬
‫كانوا يلتقون ويقرأون نصوصهم‪ ،‬وينقدوا‬ ‫في مأمن من هجوم المشقّات العائلية‪.‬‬
‫تجاربهم‪ ،‬ويشعرون باأللفة وربما التصادم‬ ‫طقس عجيب ال يتوافر على الدوام‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫هذا‬
‫حتى وإن كانت أصواتهم ال تتجاوز حدود‬ ‫لكنني أبحث عنه حتى أجده‪ ،‬وقد يكتمل‬
‫الوطن كثيرًا‪ .‬هذا الطقس لم يعد موجودًا‪،‬‬ ‫الطقس الشخصي‪ ..‬لكن الشعر ينفر إلى‬
‫والــهــاجــس اآلن هــو ظــهــور صــور أمسية‬ ‫مكان آخر‪..‬؟‬
‫ما على كل المنصات‪ ،‬فيما يتراجع كل‬
‫حالة العناق الشعري النقدي كانت أفضل‪!..‬‬
‫مضمون ويختفي كل نقاش وتعقيب‪ ،‬وكأننا‬
‫نعزز مفهوم الفرجة ال التخالط والحوار‬ ‫ ¦هناك قراءات نقدية سعَت لقراءة قصيدة‬
‫مثل؟‬
‫الخلق ً‬
‫ّ‬ ‫والتضاد‬ ‫الشاعر محمد الدميني‪ ،‬هل وصل الناقد‬
‫لقصيدتك أم أن لك رأيًا آخر؟‬
‫كافحت أنا وجيلي لبناء مكتبات منزلية‪!..‬‬
‫ ‪ρ‬تم ّر أمام أعين النقاد عشرات النصوص‬
‫ ‪ρ‬عـ ــذرًا‪ ..‬تــع ـوّدت أن أس ــأل ضيوفي هذا‬ ‫والمجموعات كل يوم‪ ،‬وهكذا فإن التقاط‬
‫السؤال‪ ،‬فهو يضيء للقارئ الخصوصية‬ ‫إحدى مجموعاتي ووضعها تحت المجهر‬
‫الثقافية لدى كل ضيف‪ ..‬هذا ما أعتقده‪،‬‬ ‫نصا‬
‫النقدي يجعلني على بعض الثقة أن ً‬
‫هل لنا أن نتعرف على محتويات مكتبة‬ ‫ما قد استثار ذائقة أحدهم‪ .‬لعل الميزة‬
‫الشاعر محمد الدميني؟‬ ‫التي تثري تجربة الشاعر‪ ،‬عبر كتابة نقدية‬
‫نــادرًا ما اعتبرت أن مهمتي كإنسان‪ ،‬هي‬ ‫ما‪ ،‬هي أن كل ناقد سيطرق النص من باب‬
‫وصف دواوين الشعراء‬
‫ّ‬ ‫كتابة الشعر وحده‪،‬‬ ‫مختلف‪ ،‬ربما عبر صورة شعرية نادرة‪ ،‬أو‬
‫أمامي‪ .‬وحتى في مطلع حياتي األدبية كان‬ ‫آالم‬
‫عبر رصد مالمح مكان ما‪ ،‬أو التقاط ٍ‬
‫شغفي بالمعرفة والقراءة ال حدود له‪ .‬ولذا‬ ‫وكسور حياتية ما‪ ،‬وربما من متعة القول‬
‫كافحت أنا وجيلي لبناء مكتبات منزلية‪،‬‬ ‫وحدها هنا‪ ،‬عليّ االعــتــراف أن ما كتبه‬
‫كانت هي الملجأ والمستقر‪ ،‬وسط غياب‬ ‫محمد العلي ود‪ .‬سعد البازعي وقاسم‬
‫صارخ إلصــدارات محلية ترضي شغَفنا‪،‬‬ ‫حداد وعبداهلل السفر ود‪ .‬محمد الشنطي‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪66‬‬
‫محور خاص‬
‫كيف تسبح في هذا المحيط الهادر‪!...‬‬ ‫وتجيب عــن أسئلتنا‪ .‬ولــم تكن بشائر‬
‫اإلنترنت قد أطلّت علينا كما يحدث اليوم‪.‬‬
‫مفضلة الشبكة‬
‫ّ‬ ‫ ‪ρ‬ما المواقع التي تتصدر‬
‫فضل‬
‫ً‬ ‫لذا فقد داومت على رفد مكتبتي‪،‬‬
‫العنكبوتية لديك؟‬
‫عن المجموعات الشعرية والقصصية‬
‫مفضلة لديَّ على اإلنترنت‪ ،‬كان‬
‫ّ‬ ‫ال مواقع‬ ‫بكتب متنوعة فــي مجاالت‬ ‫ٍ‬ ‫والــروائــيــة‪،‬‬
‫لديَّ بعض المفضالت في بداية ظهور هذه‬ ‫الجدل الفكري والسياسي‪ ،‬والدراسات‬
‫الشبكة العمالقة‪ ،‬وكان على رأسها جهة‬ ‫الــنــقــديــة‪ ،‬وكــتــب الــســيــرة والــمــذكــرات‪،‬‬
‫والدراسات االجتماعية‪ ،‬والفكرية‪.‬‬
‫الشعر التي وضع أساسها الشاعر الكبير‬
‫قــاســم حـ ــداد‪ ،‬وبــعــض مــاحــق الصحف‬ ‫أنا على محبة ووالء مطلق لكتب التراث‪،‬‬
‫العربية الثقافية‪ ،‬أما اليوم فماذا تفضل؟‬ ‫بدأت منذ أيام المعهد العلمي بالباحة‪،‬‬
‫إذ لم تض ّم مكتبة المعهد سواها‪ ،‬وحين‬
‫وماذا تترك؟ وكيف تسبح في هذا المحيط‬
‫انتقلت إلى الرياض كانت بعض أمهات‬
‫الهادر‪!...‬‬
‫الــكــتــب حــلــيـ ًفــا لــنــا‪ ،‬وبــمــا أن دراســتــي‬
‫أتصفّح موقعي تويتر والفيسبوك غالبًا‪،‬‬ ‫الــجــامــعــيــة تــمــركــزت ح ــول عــلــم الكتب‬
‫لكنني أنخرط بال إرادة في السيل العارم من‬ ‫والمكتبات‪ ،‬فقد تفتحت أعيننا على‬
‫األخبار والمقاالت والحوارات والتعليقات‬ ‫الــمــزيــد مــن منتجات الــمــعــرفــة‪ ،‬وعلى‬
‫خواص الكتب والمراجع‪ ،‬وفهم محتواها‬ ‫ّ‬
‫التي تجرّني جرًا إلى مثيالتها‪ ،‬قد أندمج‬
‫لكي نقوم بتصنيفها وفهرستها‪ ،‬ومضى‬
‫لوهلة في الكتب وعروضها‪ ،‬لكنني أنغمر‬
‫ـول فــي تاريخ‬ ‫بنا الــشــوط لــنــدرس فــصـ ً‬
‫في النصوص األدبية ثم تنزلق عيناي فجأة‬ ‫الكتب والمكتبات والــوثــائــق‪ ،‬بما فيها‬
‫إلى الفيديوهات والسينمائية والموسيقية‬ ‫أيضا المعاجم والموسوعات‪ ،‬ومصنّفات‬ ‫ً‬
‫والــحــواريــة‪ ،‬ثــم ينعطف بــي المسار نحو‬ ‫المؤلفين القدامى بوجه خاص‪.‬‬
‫محاضرات التنمية الذاتية‪ ،‬وهكذا حين‬ ‫وحــيــن عــمــلــت فــي أرام ــك ــو الــســعــوديــة‪،‬‬
‫أتسكع في هذا الفضاء الح ّر ال أجد طريق‬ ‫تــصــادف تعييني فــي المكتبة المركزية‬
‫العودة إلى موقع قدمي األولى!‬ ‫للشركة‪ ،‬وهــي مكتبة لــم تكن ضخمة‪،‬‬
‫لكنها احتضنت نخبة ن ــادرة مــن الكتب‬
‫كل هذا الفيضان المعلوماتي يجعل اإلنسان‬
‫المؤسّ سة للثقافة العربية والغربية‪ ،‬وبعض‬
‫أشبه بقشّ ة عائمة ال سلطة لها‪ ،‬وذلك‬
‫الدوريات القديمة النادرة‪ ،‬وكنت أستعير‬
‫الفيضان يثير الذعر والملل‪ ،‬وربما القناعة‬
‫منها لنفسي‪ ،‬أو أصوّر بعضها لألصدقاء‬
‫بأن سلطة اإلنسان تتبدّد أمام تسونامي‬ ‫لسنوات حتى انتقلت إلــى إدارة أخــرى‬
‫‪Big‬‬ ‫ما يدعى «أرخبيل المعلومات الضخم‬ ‫في الشركة‪ ،‬لكن العالقة بها وبمكتبات‬
‫‪ »Data‬التي ال مستقر لها وال منجاة منها!‬ ‫الشركة عمومًا لم تنقطع حتى اليوم‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫شعرية الطبيعة‬
‫قراءة سيميائيّة في تجربة الشاعرة نبيلة الخطيب‬

‫الدهون*‬
‫محمد ّ‬
‫ّ‬ ‫■ د‪ .‬إبراهيم مصطفى‬

‫تحفر هــذه الــدراســة نـقــودات سيميائية في شعرية الطبيعةِ من خــال ديــوان‬


‫الشاعرة وقفَت على الطبيعةِ‬ ‫شك أنَّ َّ‬
‫الشاعرة نبيلة الخطيب‪( :‬من أين أبدأ؟)‪ .‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫من حولهِ ا متأملة أنماطَ ها بتفكرٍ وتدبرٍ ليسا مألوفين‪ ،‬فأفادَت من ذلك مادة‬
‫ومحتوى‪ ،‬منهج ًا وأسلوباً‪ ،‬طوّرت أشياءها‪ ،‬ودبّجت ترسيماتِ ها‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالسيمياء تؤدي دوراً مه ّماً حسب ما يــراه‪ .‬يحسن أ ْن نعقّبَ هذا‬
‫آليات القراء ِة النقديّة‪ ،‬وفهم طبيعة التقديم بغورين اثنين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫ِ‬ ‫في‬
‫النص‬
‫َّ‬ ‫المقاصد والمعاني‪ ،‬وبخاصة أنَّ‬
‫سيميائية الطبيعة المتحركة‬
‫يمارس علينا إغراءاتِه‬
‫ُ‬ ‫الشّ عريّ المعاصر‬
‫ثمّة معال ُم إبداعيّة مركوزة في تجربة‬ ‫التفاتات ذكية تحم ُل ثرا َء‬
‫ٍ‬ ‫وإغواءاتِه في‬
‫الخطيب الشعرية‪ ،‬ترتبطُ بالتّعاملِ مع‬ ‫الرؤية وانثيا َل اإلشارات التّعبيريّة‪.‬‬
‫الطبيعةِ ودوائرها ارتباطاً يحيك وشائج‬
‫وحتّى تكتم َل واقعي ُة الدِّراسة وتظ َّل‬
‫وثيقة بين الشّ اعرِ وبيئته‪ ،‬ويمكن أ ْن‬
‫قادر ًة على شحنِ خيال القارئ باإلقناعِ‬
‫يكو َن سياقاً تأمّلياً لكتابات الشّ عراء في‬
‫والتّأثيرِ ‪ ،‬في قراء ِة تصاوير الطبيعةِ بما‬
‫الزّمنِ الحاليّ ‪.‬‬
‫هي أدا ًة أساس في التواصلِ بين طرفي‬
‫وعليه‪ ،‬سأختا ُر ع ـ ّدةَ نماذج وجدت‬ ‫الخطاب‪ ،‬والطبيعة المتحركة وأهميتها‬
‫واندغام‬
‫ٍ‬ ‫تناغم‬
‫ٍ‬ ‫فــي ب ــثِّ شــيــفــرات ودالالت منشرحة الشَّ اعرة نفسَ ها طرفاً في‬
‫للمتلقي يختزنها في ذهــنــهِ ‪ ،‬ويتمثلها مع المحيط ِ‪ ،‬فاندفعت تسوق في هذا‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪68‬‬
‫دراسات ونقد‬
‫ـوص المكتنز ِة‬
‫المضمارِ طائف ًة مــن الـ ّنــصـ ِ‬
‫والعالمات السّ يميائيّة المتحركةِ‬
‫ِ‬ ‫ّالالت‬
‫بالد ِ‬
‫في وعي الذّات بمجاهلِ الطبيعة ومناظرها‪.‬‬
‫ومــن هنا‪ ،‬مضت الخطيب تؤكد أصال َة‬
‫عناصر الطبيعة في أشعارها‪ ،‬وتعده أيقون ًة‬
‫ّص الشّ عريّ ‪ ،‬إضافة‬ ‫مفصل ّي َة في بنائيةِ الن ِّ‬
‫إلــى أنّها وعــاءٌ سيميائيٌ يحم ُل مشاعرَها‬
‫والصادقة‪ ،‬على نحو ما‬‫ّ‬ ‫وأحساسيها الدّفينة‬
‫نلحظ في اآلتي‪:‬‬

‫سيمياء الحيوان‪:‬‬
‫لسيميائيات الحيوان في ديوان‬ ‫ِ‬ ‫الناظ ُر‬
‫والقوة والعنفوان‪ ،‬غير أنها تتحول من الزّمن‬ ‫ال أمام‬ ‫الشَّ اعرة يجدها قد تمحرقت طوي ً‬
‫حاضر تستدعي فيه اآلية‬
‫ٍ‬ ‫الماضي إلى زمن‬ ‫عالم آخر؛ إذ يتمثل في حلمِ‬ ‫اإلفضاءِ إلى ٍ‬
‫ضـبْــحً ــا)(((؛ لتضفي‬
‫ـات َ‬
‫القرآنيّة‪( :‬وَالْ ـ َعــادِ يَـ ِ‬ ‫االنتماء الجديد‪ ،‬الذي يمثّل غرابةً؛ ألنّه يلو ُذ‬
‫معاني الثّبات واالرتفاع واألصالة العتيدة في‬ ‫جديد‪ ،‬عالم فيه الغرابة والدّهشة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بعالم‬
‫ٍ‬
‫مزيّة اللّغة العربيّة(((‪.‬‬ ‫ينتاش أنساقَها‬
‫َ‬ ‫عالم الحيوان‪ ،‬فال مشاح َة أ ْن‬
‫وصفاتِها(((‪.‬‬
‫ال عن هذه التّحوالت‪ ،‬إذ تعمد إلى‬
‫وفض ً‬
‫عالقات‬
‫ٍ‬ ‫ّص القرآنيّ في‬
‫نصها مع الن ِّ‬
‫مزجِ ِّ‬ ‫وفي سياقِ هذه العناية الغامرة بالخيلِ‬
‫متمازجة‬
‫ٍ‬ ‫متآلفة‬
‫ٍ‬ ‫بطريقة‬
‫ٍ‬ ‫متشابكة‬
‫ٍ‬ ‫داخلية‬
‫ٍ‬ ‫تأتي عناي ُة الخطيب في هذه السيلِ ‪ ،‬فهي‬
‫ترنو إلــى تقديمِ اللغة العربية على صهو ِة صاغتها وَفــق رؤيتها الشّ عريّة‪ ،‬على نحو‬
‫تناغمها مع اآليةِ القرآنيةِ عن طريقِ التّصريع‬ ‫الخيولِ ‪ ،‬وأضاميم العاديات بقولها(((‪:‬‬
‫لتؤسس بعداً‬
‫َ‬ ‫ضبْحَ ا)‬
‫(صبْحَ ا‪َ ،‬‬
‫في كلمتي‪ُ :‬‬ ‫هــل الـ ُّـســرا ُة كمن هَ ــبُّ ــوا لها ُصبْحَ ا‬
‫ضبْحَ ا متجانساً لنصوصها عن طريق التّقارب مع‬
‫ـات بــذاك المُ لتقى َ‬ ‫والـعــاديـ ُ‬
‫الخطاب الرّباني‪.‬‬
‫ِ‬
‫ـص الــسّ ــابــقِ‬
‫تضعنا الــشَّ ــاعــرةُ فــي الــ ّن ـ ِّ‬
‫جانب‬
‫ِ‬ ‫ويتراءى من الوقفةِ المتأنيةِ عند‬ ‫لطيفة فــي تعاملها مــع الطبيعةِ‬ ‫ٍ‬ ‫بمحاورة‬
‫المتحركة‪/‬الخيل‪ .‬إ ْذ تحاور مضموناً داالً الطبيعةِ ‪ /‬الخيل في المشهد السّ ابق مسأل ُة‬
‫على قيمةِ الخيلِ في الزّمنِ الماضي‪ ،‬تلك الـ ّتــأثــر المباشر بــمــوضــوعِ الــحــيــوان‪ ،‬التي‬
‫القيمة المرتبطة بالفتوحات والفروسية أفضت إلــى أثــر ِه الالمعِ في إقامةِ أسلوب‬

‫‪69‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫سيمياء الطير‪:‬‬
‫تقارب‬
‫ِ‬ ‫ّجاذبات التي تكشفُ عن‬
‫ِ‬ ‫ومن الت‬
‫الشّ اعرينِ مع الطبيعةِ المتحركةِ ما كا َن قد‬
‫حاالت‬
‫ٍ‬ ‫الخطيب من‬
‫ِ‬ ‫ذات‬
‫فجّ ره الحما ُم في ِ‬
‫شــعــوريـ ٍـة ثــاويـ ٍـة فــي وعيها عبر اســتــدعــاءِ‬
‫النّموذج المليء بالحنينِ واالشتياقِ حينما‬
‫واالنفعاالت‬
‫ِ‬ ‫االحساسات‬
‫ِ‬ ‫راحــتْ تنمّي هذه‬
‫رشيق مشرق‪ ،‬يتقد ببشاشةِ الطبيعة وبقيمها والمشاعرَ؛ إذ غــدا الحما ُم عندها وسيل ًة‬
‫الــوجـدًانـ ّيــة‪ .‬وكلما أمع َن المتتب ُع لشعرها مهم ًة من وسائل التعبير عن النّفس اإلنسانيّة‬
‫مثيرات الحنينِ‬
‫ِ‬ ‫يلحظ ثــرا ًء تصويرياً أحست فيه‪ ،‬وأجادت عمّا يتحرك في دخيلتها؛ من‬
‫متنوعة‪ ،‬وتجلّى‬
‫ٍ‬ ‫بأشكال‬
‫ٍ‬ ‫إج ــاد ًة بالغ ًة عندما اخــتــارت الخي َل كونها والشّ جونِ التي تبدّت‬
‫تجليات حضور الخالل مثل هذا في قولها بقصيدة عنوانها‪( :‬إسراء‬ ‫ِ‬ ‫تحم ُل في تضاعيفها‬
‫المحمودة‪ ،‬كمثل الصرخةِ األبية في حنينها‪ ،‬ومعراجا)(((‪:‬‬
‫واإلصرارِ على التّمتعِ بنعمة الحرية‪.‬‬
‫أرواحنا‪..‬‬‫ُ‬
‫كحمامِ الدّ و ِْح‬ ‫ولمّا كا َن العربيُّ ولي َد بيئته‪ ،‬واب َن عصره‪،‬‬
‫فقد ك ــا َن بدهياً أن تلتص َق طــبــا ُع الخيل‬
‫تقصدُ ُه‬ ‫ِ‬
‫بشخصيتهِ بما فيها من الشّ هامةِ والتّضحيةِ‬
‫والح ِّب‪..‬‬
‫جناح الوَفا ُ‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫والمُثلِ العليا والفضائل‪ .‬كما يتبدّى للمتلقي‬
‫أفواجا‬
‫بصفات الخيل‪ ،‬ومكامنِ‬
‫ِ‬ ‫«أنَّ الشاعرة تحيط‬
‫كأنَّما الطيرُ‬
‫الجمال التي تأس ُر األلــبــابَ بهيمنتها على‬
‫تتلو سور ًة‬ ‫المشهدِ الشِّ عريّ ‪ ،‬ويُبرز دور الطبيعة في‬
‫نزلت في أمرهِ‬ ‫ْ‬ ‫التّعبيرِ عن المنحى الجمالي للقصيدة»(((‪.‬‬
‫فيبيت الدّ هرُ‬ ‫ُ‬
‫وانــدغــامــاً مــع ه ــذه ال ــرؤي ــة‪ ،‬يستحو ُذ‬
‫لهّ اجا‪.‬‬
‫الحضو ُر الحيواني على ملفوظاتها الشّ عريّة‬
‫يقع ق ــارئ األســط ـ َر الــشّ ــعــر ّيـ َة السّ ابق َة‬ ‫وحموالتها المعرفيّة استحواذاً تــا ّمـاً‪ ،‬بما‬
‫والتماعات سيميائي ٍّة ملحوظة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫على خواط َر‬ ‫التهرب من الواقع‬
‫ِ‬ ‫يدغد ُغ الرغبة الدفينة في‬
‫ومسطورة في ركازةِ‪/‬الحمام‪ .‬التماعة تمثّل‬ ‫إلى مغناطيسيةِ الحيوان‪ ،‬وجاذبيته‪ ،‬تعبيراً‬
‫فضاءات الوفاء‬
‫ِ‬ ‫مركز ّي َة الفهمِ واالنفتاحِ على‬ ‫عن نظرتِها اإليجابيّة إلى الحيا ِة الطبيعية‪/‬‬
‫والحبّ واالستقرار في المكان‪.‬‬ ‫الحيوان‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪70‬‬
‫دراسات ونقد‬
‫وبوسعنا أ ْن نتاب َع إشارةَ الحمام‪ ،‬ونرص َد اللّغويّة وتصبها جديل ًة محكم ًة محبوك ًة‬
‫منابعَها ونستخر َج ما في حناياها من حقائق مسبوكةً؛ لتبرز ما تحتويه دوالها اللفظية‪.‬‬
‫أعطاف‬
‫ِ‬ ‫تحرّكُ لواع َج اإلنسان وتشع ُل في‬
‫سيميائية الطبيعة الصامتة‬
‫شــعــوره نــا َر اآلالم والــعــذابــات؛ ألنّــه يــزدا ُد‬
‫تدركُ الشَّ اعرة أهمي َة الطبيعة في المشهدِ‬ ‫غرب ًة عن المكانِ ‪ ،/‬ومع ازديادِ الغربة تتفجر‬
‫الطبيع ُة المتحركة‪ /‬الحمام حنيناً وتلهفاً الشّ عريّ ‪ ،‬وتعبّر من خاللها عن تدفقاتها‬
‫ـدرات‬
‫العاطفيّة‪ ،‬فال عجب أ ْن تجد فيها قـ ٍ‬ ‫وعزاءً‪.‬‬
‫ـس الــروحــانــي‪ ،‬عالم فائقةً‪ ،‬وقــوى خارقة‪ ،‬وأس ــراراً غامضة(((‪،‬‬ ‫إنَّ الــحــمــام‪ /‬الـ َّنــفـ ُ‬
‫الحديث عن مظاهرها‬ ‫ِ‬ ‫الحنين والــبــراءة‪ ،‬مجلس الـزّخــم الـرّوحــي فالشاعرة اتّخذت من‬
‫للتنفيس عن مكبوتاتها‪ ،‬وطريقاً‬ ‫ِ‬ ‫المرتبط باألقصى‪ ،‬وبينما الشّ اعرة مستلبة مجاالً رحباً‬
‫مرتكسة في المكان‪ ،‬فإذا عادتْ إليها تنامتْ لتحميلها منطوقاتها‪ ،‬وخلجاتها الشّ عوريّة‬
‫أحاسيس العذوبة والرّعوبة‪ ،‬وتولدت للمتلقي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لديها‬
‫ـات مكان ٌة‬ ‫وعــلــيــه‪ ،‬كــان لــلــزهــورِ والــنــبــاتـ ِ‬ ‫فــي أطــوائــهــا مــفــرداتُ الــسّ ــعــادة وال ـلّــذاذة‪.‬‬
‫وعلى هذا فإنَّ للحمام أبعاداً دالليّة‪ ،‬ومعانيَ مركوزةٌ في عقلها تتعلم منها عش َق الحياة‪،‬‬
‫متوارية تدخل المتلقي في غواية التأويل(((‪.‬‬
‫وتبثه بالتّالي عبر ما وهبها اهلل من ملكةِ‬
‫وليس غريباً أن نلم َح اس َم الحَ مامِ يترد ُد السّ ردِ والنّظمِ ؛ وقد تعددتْ دالالت النّبات‬
‫في بنيةِ الخطيب الشّ عريّة‪ ،‬ويحت َل مساح ًة والزّهر في شعرها والحالة النّفسيّة وفقاً‬
‫كبير ًة لرسمِ صورة التّلظي‪ ،‬واألسى الشّ فيف عند نظمهِ نصوصه الشّ عريّة‪.‬‬
‫بسبب البعدِ المكاني عن األقصى المبارك‪،‬‬
‫نص شعريّ ‪ ،‬تعود الخطيبُ فيه ثاني ًة‬ ‫وفي ٍّ‬
‫جــغــرافــيــا الــنــور وال ــس ــور‪ ،‬مــصــدر الطاقة‬
‫ـرات التّفاؤل‬ ‫إلــى عهدِ الطفولة ِ‪ ،‬يحم ُل نــبـ ِ‬
‫المؤثرة‪.‬‬
‫واألمـــلِ ‪ ،‬فنالحظ أحساساً فــ ّذاً بمشاهدِ‬
‫فال نجانب الصوابَ إذ قلنا‪ :‬إنَّ الحما َم‬
‫ال عذباً ترتشفُ منه‬ ‫الطبيعةِ الخيرة‪ ،‬ومنه ً‬
‫ّص ينبوعاً للمشاعر اإلنسانية‬ ‫كان في الن ِّ‬
‫لوحات تثير الخيال والذّوق‪ ،‬إذ تقو ُل‬ ‫ٍ‬ ‫الشّ اعرةُ‬
‫ولغتها الموحية المثيرة‪ ،‬مرتشفاً طيباً‪ ،‬مورداً‬
‫موسومة بـ‪( :‬عاشق الزّنبق)(((‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫في قصيدةٍ‬
‫عذباً‪ ،‬ال يفتأ يؤمّها انتجاعاً عاطفياً وملجأ‬
‫ـواب راف ـل ــةٌ‬
‫ـس ال ـ ـ ّزه ـ ـ ْر بـ ــاألثـ ـ ِ‬ ‫ع ــرائ ـ ُ‬ ‫شوقياً‪.‬‬
‫بالح ْس ِن كَمّ لَهُ‬
‫في ُسـ ْنــدُ ٍس مُ ــونِ ـ ٍـق ُ‬
‫ولعلّنا حريون بأ ْن نرصد فيما نقرأ نزع ًة‬
‫نهمي ًة في التغلغلِ إلى أقصى درجات اإلبداع ل ـك ـ ّن ـهــا الـ ـ ّري ــح ت ـل ـهــو ف ـيــه ق ــاص ــد ًة‬
‫وكـ ّلـمــا اش ـتــدّ فِ ـعــلُ ال ـ ّري ـ ِـح أخـجـ َلــهُ‬ ‫الشّ عري عندما تمزج وجدانياتها وأفانينها‬

‫‪71‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫تكلف‪،‬‬
‫ويصل إلى القلوب من المقاصدِ بال ٍ‬ ‫إنْ أبطأَ النَّسيمُ واألفـنــانُ ناعسةٌ‬
‫تعسف‪ ،‬فمنحتها مالح ًة‬
‫ٍ‬ ‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ــراه رف ـ ـ ـي ـ ـ ـق ـ ـ ـ ًا كـ ـ ـ ــي يُ ـ ـ ـ َعـ ـ ـ ّـج ـ ـ ـ َلـ ـ ــهُ ويمتزج باألرواحِ بال‬
‫ونظمت محاسنها وأزالـــت الــكــزازةَ عنها‬
‫ـات حضو ُر الــذَّ ات‬ ‫يتجلّى في هــذ ِه األبــيـ ِ‬
‫واقتدار‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بابتكار‬
‫ٍ‬
‫الــشَّ ــاعــرة الــتــي تــتــحــدثُ عــن نفسها‪ ،‬في‬
‫ـراف في شيء أن يقال‪:‬‬ ‫وليس من اإلسـ ِ‬ ‫أمــداءِ الطبيعةِ ‪ ،‬فسيمياءُ الـزّهــرِ ‪ /‬الريح‪/‬‬
‫النَّسيم وشيفرة التّفتّق يجتمعون في هذ ِه إن تأمل أسلوب الطبيعة في شعر الشاعرة‬
‫الــشّ ــريــحــةِ الــتــي رســمــت خــريــطـ ًة جــديــد ًة يدفعنا إلــى نتيجة مــؤداهــا‪ :‬إنَّ عناصر‬
‫لوعي الشّ اعرة بمرحلةِ الطفولةِ الزّاهيةِ ‪ ،‬الطبيعة الئط ٌة بفؤادها‪ ،‬رئتان تتنفس من‬
‫خاللهما‪ ،‬ومنظا ٌر تطل به إلى عالم الحياة‬
‫ومفردات الحبّ وملصقات الفرح‪ ،‬ومالمح‬
‫واألحياء‪ ،‬وما يكتنفهما من مالبسات؛ وهو‬
‫لمرحلة زمني ّة‬ ‫ٍ‬ ‫الرّشاقة‪ .‬فالشَّ اعرة تؤطر‬
‫أسلوب شديد الخصوصيّة لها‪ ،‬إذ يق ّدم‬
‫تنبش فــي أعــمــاقِ‬ ‫ُ‬ ‫تهيم ُن عليها‪ ،‬فظلّت‬
‫ـوالت مــخــصــوصـ ًة تــرتــبــط بنفسيتها‬
‫م ــدل ـ ٍ‬
‫البّراعم اليانعةِ ‪ ،‬واألغــصــان الـ ّنــد ّيــة‪ ،‬لع ّل‬
‫وتجربتها‪ ،‬وتعبر عــن انتمائها المكاني‪/‬‬
‫صمتَها عاصف ٌة جارف ٌة من التشوّقِ والمعانقةِ‬
‫الطبيعة؛ فالخطيب متمرغة بالصبا وحداثة‬
‫لثيمات اإلفصاح والبوح‪ .‬وذهبتْ إلى أكثر‬ ‫ِ‬
‫السن في استرجاعها خيوط الطفولة في‬
‫من ذلك بحيث أنّها لم تتحدثْ عن تحوالتها‬
‫قريتها األولى‪/‬الباذان‪ ،‬ومراتعها الخصبة‪،‬‬
‫وتعويضاتِها النَّفسيّة‪ ،‬وإنّما جعلتْ ذلك على‬
‫وأحيائها الدافئة‪ ،‬ومجالسها االبتهاجية؛‬
‫وامت‪ /‬الطبيعة‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫لسانِ ّ‬
‫ومن ث َّم فهي‪ /‬الطبيعة منبع إثارة وتحريك‬
‫ولنع ْد إلى ما أخذنا فيه نقولُ‪ :‬أشادَت ألدق مشاعر األمــل وانفعاالت االستئناس‬
‫الشاعرة بالطبيعة إشاد ًة بالغةً‪ ،‬إذ زادتْ من في الخطاب الشعري‪ ،‬أي أنها ذات وظيفتين‬
‫ألفاظها ما يحلو سماعه‪ ،‬ويلطف موقعه دالليّة وإيحائيّة‪.‬‬
‫* ناقد وكاتب من األردن‪.‬‬
‫((( ربابعة‪ ،‬موسى‪ ،‬مقاربات سيميائية في النّصّ الشّعريّ الجاهليّ‪ ،‬دار األهلية‪ ،‬عمّان‪2018 ،‬م‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫((( الخطيب‪ ،‬نبيلة‪ ،‬من أين أبدأ‪ ،‬دار المأمون للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫((( سورة العاديات‪ ،‬اآلية رقم‪.)1( :‬‬
‫((( المراشدة‪ ،‬عبدالباسط‪ ،‬التّناص في الشّعر العربي الحديث‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫((( يــاس‪ ،‬ســراب‪ ،‬والطيــب‪ ،‬عمــر‪ ،‬الطبيعــة فــي الشّ ــعر األندلســي‪ ،‬مجلــة العلــوم اإلنســانيّة والطبيعيــة‪ ،‬كليــة‬
‫التربيــة‪ ،‬جامعــة الجزيــرة‪ ،‬الســودان‪ ،‬مــج‪،3‬ع‪2022 ،8‬م‪ ،‬ص‪.628‬‬
‫((( الخطيب‪ ،‬نبيلة‪ ،‬من أين أبدأ‪ ،‬دار المأمون للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪2012 ،‬م‪،‬ص‪.116‬‬
‫((( الدهون‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬داللة الحمام في شعر المعري‪ ،‬مجلة مجمع اللغة العربية‪ ،‬ع‪2019 ،98‬م‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫((( أبو سويلم‪ ،‬أنور‪ ،‬الطبيعة في الشِّعر العبّاسيّ‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫((( من أين أبدأ‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪72‬‬
‫نصوص‬

‫اإلجاب ُة‬
‫■ د‪ .‬سعاد فهد السعيد*‬

‫الغرفة األولى ‪1‬‬ ‫المطبخ ‪1‬‬


‫استندت إلــى رف السرير‪ ،‬وبــدأت‬ ‫اس ــت ــدارت إل ــى مــوقــد الــغــاز بعد‬
‫بطقس ِطــاء ذاكرتها وفضاء عينيها‬ ‫إغ ــاق صنبور الــحــوض‪ ،‬منتهية من‬
‫باألبيض‪ ،‬طقس تمارسه كلما انفردت‬ ‫شطف األوانـــي‪ ،‬وضعت ركــوة القهوة‬
‫بنفسها‪ .‬في كل عمليات الطَّ ل ْي تضبط‬ ‫لتحضر فنجان قهوتها المعتاد في‬
‫تهريب أنفاسها المحبوسة بدقة‪ ،‬هذه‬ ‫هذا الوقت لتقليل اإلحساس بالتوتر‬
‫الــمــرة انفلتت مــن صــدرهــا خــارج ـ ًة‬ ‫واالكتئاب‪ ،‬أمسكت بالوالعة وأدارت زر‬
‫عن السيطرة تنهيدةٌ مكبوتة‪ ،‬كسرت‬ ‫الشعلة‪ ،‬انتابها شعور بعدم الرغبة في‬
‫قضبان ضلوعها‪ ،‬وانطلقت معها من‬ ‫شيء‪ ،‬أدارت زر الشعلة وأطفأت النار‬
‫وخرجت إلى غرفتها‪.‬‬
‫ُف ـوَّهــة الــذاكــرة صرختُها األول ــى في‬
‫وجه زوجها؛ فرشقت البياض بالصور‬ ‫المطبخ ‪2‬‬
‫واألصوات والحركات‪ ،‬من تلك الصرخة‬ ‫فتح الــثــاجــة‪ ،‬رفــع القنينة ليمأل‬
‫يبدأ تسلس ُل الــذكــريــات‪ :‬اآلن تحجز‬ ‫زمزمية الماء التي تالزمه في الممشى‪،‬‬
‫لنا إلــى مكان يخلو من المرايا‪ ،‬ومن‬ ‫توقف عن سكب الماء‪ ،‬استولى عليه‬
‫الزجاج العاكس‪ ،‬ومن األواني المعدنية‪،‬‬ ‫شعور بعدم الرغبة في الخروج للمشي‬
‫األدوات فيه فخارية‪ ،‬واألثــاث كله من‬ ‫ال ــذي واظ ــب عليه فــي هــذا الــوقــت؛‬
‫الخشب‪ ،‬مكان ليس فيه نهر يجري وال‬ ‫لتحسين م ــزاج ــه وتــخــفــيــف شــعــوره‬
‫بحيرة زرقاء صافية‪ ،‬الماء فيه ينحدر‬ ‫بالقلق‪ ،‬أغلق باب الثالجة‪ ،‬وعاد إلى‬
‫مــن فــجــوات الصخور ثــم يختفي في‬ ‫غرفته‪ ،‬رمى بنفسه على السرير مرتديًا‬
‫التربة ال ينبع وال ينبثق وال يتدفق على‬ ‫كامل لباسه الرياضي‪.‬‬

‫‪73‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫تــفــتــرش نفسيته‪ ،‬ســأحــرســه مــن العنف‬ ‫األرض‪ ،‬مكان ليس فيه أجهزة إلكترونية‪.‬‬
‫ـال يتجنبون مشاركته‬ ‫النفسي‪ ،‬مــن أطــفـ ٍ‬ ‫مكان نعيش فيه وحدنا أنا وانت وهو فقط‪.‬‬
‫بريبة‬
‫ٍ‬ ‫مدرسة ينظرون إليه‬
‫ٍ‬ ‫اللعب‪ ،‬ومراهقي‬
‫الغرفة الثانية ‪1‬‬
‫وشباب في العمل يجفلون إذا‬ ‫ٍ‬ ‫ـان‪،‬‬
‫ووَجَ ــسـ ٍ‬
‫فاجأهم‪ .‬سأحمي ولدي من فظاظة األلفاظ‬ ‫اتكأ على المخدة وقبل أن يترك عينيه‬
‫وجَ هامة النظرات‪ .‬ابني لن يَرى وجهَه أبدًا‪.‬‬ ‫محيط ال يحوي أحدًا؛ ضخ‬ ‫ٍ‬ ‫مفتوحتين في‬
‫دخــا ًنــا وبــخــارًا لتختنق ذاكــرتــه؛ فتتسرب‬
‫الغرفة الثانية ‪2‬‬ ‫الصور واألصوات والمشاهد ضبابية تتطاير‬
‫تذكر دنياه‪ ،‬صــدَّ ق أن العالم الحق هو‬ ‫ال تستقر حتى تَكِ لَّ من الطيران فترسب في‬
‫الــواقــع ال ــذي يعيش فــيــه‪ ،‬كــان راض ـ ًيــا به‬ ‫ـاع آسـ ٍـن طافح بالطحالب‪ .‬هناك صورة‬ ‫قـ ٍ‬
‫وبحنان أمــه‪ ،‬بالطبيعة تُــس ـوِّره؛ الخضرة‬ ‫ما زالت تحلق‪ ،‬تحاول الهبوط والرسو في‬
‫واألشــجــار والحيوانات والــطــيــور‪ ،‬كائنات‬ ‫األرض كطائر يمد منقار الحَ سْ و وااللتقاط‬
‫فاتنة مع ثالثة من الجنس البشري‪.‬‬ ‫بأجنحة تعاكس الريح‪ .‬يجاهد في تغشيتها‪،‬‬
‫لكنها تتملص‪ ،‬أُمُّه! إنها أُمُّه! قدماها على‬
‫الغرفة األولى ‪3‬‬
‫األرض! تبددت األدخنة وانجلى الضباب‪،‬‬
‫طاوعها زوجها في االرتحال والهجرة إلى‬ ‫تشويش حوله؛ وها‬‫ٍ‬ ‫وشفط حضورها كل‬
‫منطقة نائية تتبع دولة أجنبية‪ ،‬أذعن مع أنها‬ ‫هو يراها تدغدغه‪ ،‬تضع ملعقة الخشب في‬
‫هي السبب فيما حدث البنه من تشوّهٍ في‬ ‫فمه‪ ،‬تقرأ له‪ ،‬تَ ُؤمُّه في الصالة‪ ،‬تُملي عليه‬
‫بأل تستخدم أدوي ًة‬
‫الوجه‪ ،‬كم مرة نصحها َّ‬ ‫الحروف‪ ،‬تعدد له األرقام‪ .‬انهمرت الصور‬
‫في فترة الحمل خوفًا على الجنين!‬ ‫الصقيلة وهي تبذل جوارحَ ها آل ًة تخدمه‪،‬‬
‫وفــاضــت المشاهد الــســافــرة وهــي تغدق‬
‫الغرفة الثانية ‪3‬‬
‫عليه كل ما يحتاجه‪ ،‬وانفجرت األصــوات‬
‫لم يشعر بالحرمان ال في طفولته وال في‬ ‫الــواضــحــة وهــي منكبة على تعليمه أمــور‬
‫شبابه‪ ،‬قضاهما في الركض بين الحقول‬ ‫الــديــن واللغة والكتابة والــقــراءة والعلوم‪،‬‬
‫وركوب البغال‪ ،‬ومالحقة األبقار السائمة في‬ ‫عاشت له وبه‪ ،‬تبرعت بفضل دقائق راحتها‬
‫المرعى‪ ،‬والسرح خلف األغنام في التالل‬ ‫لتثقيفه وإسعاده وتلبية طلباته‪.‬‬
‫والمرتفعات‪ ،‬وتربية الدواجن والحيوانات‬
‫األليفة في األحواش المسيّجة‪ ،‬وقراءة كتب‬ ‫الغرفة األولى ‪2‬‬
‫تجرأت الذاكرة ودحرجتْ ‪ ،‬مستغل ًة الثلمة الدين والتاريخ واللغة واألدب القديم‪ ،‬وقطع‬
‫التي أحدثتها الصرخة األولــى‪ .‬صرختَها المسافات الطويلة الخضراء فوق دراجته‬
‫الثانية‪ :‬ابني لن يعيش هنا‪ ،‬لن أدع ال ُعقَد الخشبية‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪74‬‬
‫نصوص‬
‫تستشعر أنفاسَ ه في ظهرها تدفئ كيانها‪،‬‬ ‫الغرفة األولى ‪4‬‬
‫يدخالن هي وزوجها دونه وهما قد خرجا‬ ‫مــا كــان ينبغي ألبيه أن يصنع لــه هذه‬
‫بعيد مقموطً ا يتوسد دفء‬ ‫ٍ‬ ‫أمــد‬
‫ٍ‬ ‫بــه ذات‬ ‫الــدراجــة الخشبية‪ ،‬قلبها منذ اعتالها‪،‬‬
‫وزفير‬
‫ٍ‬ ‫شهيق‬
‫ٍ‬ ‫ثدييها غافيًا على هدهدة‬ ‫ودارتْ عجالتُها الخشبية مبتعدة به في‬
‫نبض يتبادله شريا ٌن ووريدٌ‪ .‬بكت هنا‬ ‫وإيقاع ٍ‬ ‫المساحات الشاسعة‪ ،‬أوجعها‪ .‬ال تطمئن‬
‫ولهًا وفقدًا‪ ،‬بعد أن تفجَّ ر العذاب الروحي‬ ‫إذا ركبها وقادها مفارقًا محيط السكن‪.‬‬
‫مرض‬‫ِ‬ ‫فراش‬
‫ِ‬ ‫وأهلك جسدها وطرحها على‬ ‫زال قلقها بعد فترة طويلة؛ َر َكنَتْ إلى سحق‬
‫الحزنِ في المهجر‪ .‬يَئِسَ ا من العثور عليه‪،‬‬ ‫المنطقة التي يقيمون بها‪.‬‬
‫جابا كل شبر وكل زاوية في المنطقة النائية‪.‬‬
‫امتصته شجرة أو سحبته غيمة أو لَهِ َمتْه‬ ‫الغرفة الثانية ‪4‬‬
‫صخرة؛ خَ بَل َهما االختفاءُ‪ .‬دراجته سليمة‬ ‫قط في سبب غياب والده أوقاتًا‬ ‫لم يشك ُّ‬
‫من الخراب‪ ،‬مركونة في مكان آمن‪.‬‬ ‫طويلة‪ ،‬يثق بقِ يله إنه في حقول أخرى قصيَّة‪.‬‬
‫أنَّى يعلم أن أباه يدير تجارته وأمواله عبر‬
‫الغرفة الثانية ‪5‬‬
‫شبكات االتصال المتنوعة؟ وهو ال يعرف‬
‫تذكر ذعرَه وسط دائرة شباب تحاصره‪،‬‬ ‫أصــا أن فــي هــذا العالم قــنــوات اتصال‬
‫ً‬
‫دراجته بعيدة‪ :‬ترجَّ ل‪ ،‬الممرات الضيقة بين‬ ‫متعددة وأجــهــزة متفاوتة تستخدم للقيام‬
‫الصخور تعرقل العجالت وتنشب فيها‪ ،‬قفز‬ ‫بهذا‪ .‬يحس دائـ ًمــا أن هناك أمــرًا خف ّيًا‪،‬‬
‫من صخرة إلى صخرة ليصل إلى المكان‬ ‫يتحسس وجهه‪ ،‬فيه شيء مختلف‪ ،‬ملمسه‬
‫الــمــكــفــور بــالــشــجــيــرات الــصــغــيــرة وبعض‬ ‫يغاير ملمس وجهَي والديه‪ ،‬لم يكن متأكدًا‪،‬‬
‫اآلجام الملتفة‪ ،‬اقترب تقوده مع رجليه يداه‬ ‫كيف يتأكد؟ ووالداه منذ والدته شنا حرب‬
‫الشَّ ِبثَتان برؤوس الصخر وعيناه المركوزتان‬ ‫إبــادة على المواد العاكسة‪ ،‬ومارسا ضده‬
‫في الحصى الصغير الزلق بين الصخور‪،‬‬ ‫سياسة األرض المحروقة وصادرا كل جسم‬
‫دَهَ مُوه أو هو دَهَ مَهم‪ ،‬ال أحد يدري‪ ،‬الجميع‬ ‫شفاف يعكس الضوء الساقط‪ ،‬حتى حدقتا‬
‫برطين ال يفهمه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مباغت ومبهوت‪ .‬تخاطبوا‬ ‫والديه‪ ،‬أمه بالذات‪ ،‬كانت ال تمنحه الزمن‬
‫فضوا معسكرهم ولم يُفلتوه إال داخل مبنى‬ ‫ّ‬ ‫الكافي ليتأمل عينيها فتنعكس صورته‬
‫عمالق‪ ،‬عرف فيما بعد أنه مركز أبحاث‬ ‫عليهما‪.‬‬
‫األنثروبولوجيا‪.‬‬
‫الغرفة األولى ‪5‬‬
‫الغرفة األولى ‪6‬‬ ‫انهارت وهــي تدير مفتاح بيتها القديم‬
‫أخفته‪ ،‬لم تسجله في دائــرة رسمية أو‬ ‫في موطنها‪ ،‬تفتت قلبها وهي تضع قدمها‬
‫وال أثر لخطواته تتبعها‪ ،‬وَغَ ل َتْ فيه دون أن حكومية أو أهلية‪ .‬لم تبارك عودته إليها دون‬

‫‪75‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫االعتماد عليها‪ ،‬دون اإلمساك بطرف ثوبها غرفتها خدرت يداها‪ ،‬خرجت من غرفتها‬
‫يتعثر في مشيتها إذا أبطأت‪ .‬لم تأسف على ولَهَب االشتياق يُطبِق عينيها‪.‬‬
‫فاجعة مَرآه أفدح وأفتك من ُرزْءِ غيابه‪.‬‬ ‫فجيعته حين رجع إلى مقرهم ولم يجدهم‪،‬‬
‫ُنفّسً ا عنها احتقان المشاعر‬ ‫إشفاق على جَ شامة البحث ردد زوجها م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لم تنطق بكلمة‬
‫تشجيع على مكابدة اإلج ــراءات الضاغطة‪ :‬هذا ولدك! ولدك!‬ ‫ٍ‬ ‫عنهم أو‬
‫المعقدة ليصل إليهم‪.‬‬
‫الغرفة الثانية ‪7‬‬
‫الغرفة الثانية ‪6‬‬
‫غـــاب ع ــن الــعــالــم ف ــي ســهــول بُــعــدهــا‬
‫تردد في ذاكرته صوت المترجم يترجم دائــم‪ ،‬ترحل معه‪ ،‬نهايتها نقطة االبتداء‪،‬‬
‫رأي الخبير‪ :‬كيف يكون هذا الشاب المهندم اخضرارها مقيم مشتعل ال ينطفئ‪ .‬أين‬
‫األنيق اللبق كائنًا نما بدائ ّيًا؟! سلوك الشاب كان هذا العالم؟ هل انشقت خلفي ُة اللوحةِ‬
‫متحضر‪ .‬جاء رأيه بعد االحتجاز في قسم الــخــضــراءُ لــكــونــه‪ ،‬وب ــرز الــعــالــم المتعدد‬
‫علم دراســة السالالت لعدة أيــام‪ ،‬وبعد أن األلــــــوان؟ أهـ ــذه ســتــارة أخـ ــرى مــزخــرفــة‬
‫صــدَّ قــوا ما أخبرهم به عن نفسه‪ .‬ليتهم األشكال ظهرت بعد أن أزاحت أيدي الشباب‬
‫أطلقوه أو أبقوه في القسم ولم يُل ِْحقوه بذاك الستارة الخضراء المطرزة برسوم األشجار‬
‫الجناح السكني المرفق بالمركز إلى حين والصخور والحيوانات‪ ،‬وبعدها ستائر أخرى‬
‫رده إلى مكانه الذي أ ُِخ َذ منه! هناك عرف ستُزاح تِباعً ا؟ متى قام هذا العالم الحديث‬
‫معنى االنعكاس‪ ،‬ويا ليته ما عرف! الكائن المتطور؟ منتهى دهشته وانبهاره دراجــة‬
‫المرسوم على السطح المربع األسيل في صنعها والــده‪ .‬العالم خارج حدود حظيرة‪،‬‬
‫رأس حيواناته األليفة حلم‪ ،‬وهذا العرض الذي‬ ‫رأسهِ الذي ال يشبه َ‬
‫الحمام يُقلِّد حرك َة ِ‬
‫أيضا؛‬
‫تقدَّ م به أحــد أعضاء المركز حلم ً‬ ‫رؤوس أعضاء المركز‪.‬‬ ‫َ‬ ‫والديه وال‬
‫«عملية تجميل» عملية تجميل إن رام ذلك‪.‬‬ ‫الغرفة األولى ‪7‬‬
‫الغرفة األولى ‪8‬‬ ‫تذكرت صرختها األليمة الموجعة في‬
‫تــعــرف أنــه ابنها‪ ،‬قلبها أخــبــرهــا‪ ،‬لكن‬ ‫وجهه‪ :‬قتلتني! هو روحي وأنت سلَل ْتَ روحي‪،‬‬
‫هو قلبي وأنــت اقتلعت قلبي‪ .‬أين جَ ناني؟ مــاذا تفعل؟ ال سلطة لها على وجدًانها‪،‬‬
‫انطفأت الشعلة القديمة المتوقدة بالرفق‬ ‫وهو يردد‪ :‬أنا هو‪ ،‬أنا روحك أنا قلبك‪.‬‬
‫«تــكــذب»‪ ،‬قالتها ولسانها يَنخُ ز قلبَها والعناية والــحــرص‪ .‬تُــورِّي عينيها ال ليرى‬
‫ألنه صــادق‪ ،‬عرفت صوته يُحدِّ ث أبــاه في صورته الجديدة منعكسة فيهما‪ ،‬بل لكيال‬
‫الصالة؛ ركضت وكادت تسقط ألن رجليها يــرى الــوجــه الــقــديــم يسبح فــي دموعها‪.‬‬
‫خارتا من الصدمة‪ ،‬لم تقو على فتح باب تصمت إذا خاطبها بعينيه «تبكين شوقًا‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪76‬‬
‫نصوص‬
‫مستمد من بؤسه وشقاء نفسيته‪ ،‬أن يكون‬ ‫إليّ وأنا بجانبك»‪ ،‬بماذا سترد؟ أتقول ولدي‬
‫تألُّمه من بشاعته هو بُرئي وراحــتــي‪ ،‬أن‬ ‫المنقوش وجهه في عيني ال يشبهك؟ أتنكره‬
‫يعيش تعيسً ا معذبًا مــطــرودًا في أقاصي‬ ‫وهو ولدها لكنها تريد القديم؟‬
‫األرض وحيدًا مُخبَّأ عن أعين الناس هي‬
‫الغرفة الثانية ‪8‬‬
‫قمة هنائي‪ .‬أَرَغَ ُد عيشي بقاؤه مسخً ا يتخذه‬
‫مَن ال يخاف اهلل مسخرة ومَن يخشى اهلل‬ ‫األصاب ُع التي تغوص في تجاعيد شعره‬
‫يكتفي بالفزع منه وعدم النظر إليه؟ أ ُريده‬ ‫وتــفــرز مِ سكًا تمسح بــه عــرق جبهته عند‬
‫محرومًا إلى األبد ألسعد أنا إلى األبد! أَمَتُّ‬ ‫أوبته من ساعة اللهو بين غَ رْس الهضاب؛‬
‫حياتَه في مرضه‪ ،‬حكمت عليها باإلعدام‬ ‫تَمخُ ش صدرَه وهي تشير إليه عند أوبته من‬
‫عُزل ًة عن الناس‪ ،‬واآلن في شفائه عندما‬ ‫المهجر بأنه «قاتل وكــاذب»‪ .‬لسانُها الذي‬
‫عــادت له الحياة أحكم عليه بالموت بُعدًا‬ ‫يَدهَ ق األكوابَ بعسل الكالم لينهل منه لي َل‬
‫ـضــا له بالصمت‪ ،‬الصمت الذي‬ ‫عني ورفـ ً‬ ‫ـاق بعد الضياع‪،‬‬ ‫نهارَ؛ يبصق‪ ،‬عند أول تـ ٍ‬
‫يُبكي مقلتيه ويحجز الكالم بين شفتيه‪.‬‬ ‫االتهاماتُ في وجهه‪.‬‬

‫تركته عاريًا في صخب الحياة الجديدة‪،‬‬ ‫المشقة والهرولة واللهاث الطويل في‬
‫قــذفــتــه مــن عــالــمــي إل ــى عــالــم ال يعرفه‪.‬‬ ‫تقصيهم؟! نــأت بجانبها ولــم تمسح على‬
‫أخرجته من أســوار حصني اآلمــن‪ ،‬حرقت‬ ‫رأسـ ــه‪ .‬الــبــشــارة‪ ،‬الــوجــه الطبيعي الــذي‬
‫سيفاجئ أمَّه‪ ،‬الوجه الشبيه بوجوه الناس‬
‫جذع جسده الجديد بنار لهفي على القديم‪،‬‬
‫المتناسلين في كل أرض؟! أعرضت بوجهها‬
‫أطلب عطب جسده لتتعافى روحي‪ .‬صدقتُ‬
‫ولم تطبع قبلة على خده‪.‬‬
‫في وصف وجهه القديم بأنه منحوتٌ على‬
‫قلبي؛ فوجهه القديم لم يكن سوى قطعة‬ ‫رفضته تنشد ابنها القديم‪ ،‬ابنها المشوّه‪،‬‬
‫لحم حمراء بيضاوية الشكل فيها فتحات‬ ‫التلهف عليه جمَّ د مشاعرها نحو الجديد‪،‬‬
‫لإلبصار والشم واألكــل‪ ،‬وكذبتُ في حبي‬ ‫ذكوة الحب التي تؤجِّ ج مشاعرها غُمِ سَ تْ‬
‫حين غَ دَت الصورةُ الجديدةُ جميل ًة ال تشبه‬ ‫في ماء حياتها البارد‪ .‬تدرعت بالتجاهل‪،‬‬
‫ِنــصــال تــق ـ ُّر ِبــهِ تقصمتْ دون األَوْي إلى‬
‫التي في جوفي‪.‬‬
‫حضنها‪ .‬ال يجرؤ على قول «تبكين شوقًا إليّ‬
‫ألــيــس نــفــوري منه تزييفًا فــي روحــي؟‬
‫وأنا بجانبك» حين يرى الدمع يغمر عينيها‬
‫غاسل جرح وجهه‬ ‫ً‬ ‫عندما يجري نهار الحياة‬
‫والمخاط يقطر من أنفها!‬
‫وال ــروح‪ ،‬ويزدحم الوجود ويضج بهج ًة به‬
‫وفرحً ا؛ تنضب روحي أنا تجاهه وتسكن‪ِ ،‬ل َم‬ ‫الغرفة األولى ‪9‬‬
‫هل أنا أنانية؟ أ ُضحِّ ي بسعادته ورضاه األنانية والقسوة؟‬
‫لــن تــكــابــد بــعــد اآلن‪ ،‬ســأخــرج إلــيــك‪،‬‬ ‫أرضى بمَن أحبُّ ‪ ،‬نعيمي بالحياة‬
‫من أجل أن َ‬

‫‪77‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫سأخلع قناعي الجديد‪ ،‬وجهي المزيف‪،‬‬ ‫سأحتضنك وأمأل شُ روخ روحك التي قرعتها‬
‫مطارق نكراني ب ُكتَلِ الحنان‪ ،‬سأسد الثقوب سأخرج من العالم الفسيح المتعدد وأدخل‬
‫التي خرقتْها صخو ُر جحودي فنفذتْ منها عالم روحك الضيق األوحــد الدافئ جنينًا‬
‫إليك عاصف ُة ثلجِ مشاعري بلَبِنات احتوائي‪ .‬في رحم‪ .‬دائمًا تقولين أنت قلبي النابض؛‬
‫فصدَّ ع وجهي الجدي ُد قلبَك‪ ،‬جوَّفه؛ فضرب‬ ‫الغرفة الثانية ‪9‬‬
‫الجلي ُد جــدرانَــه‪ .‬لــن ي ــدوم هــذا الــصــدع؛‬
‫بوجه جديد‪ ،‬وأ ُعرَّيها‬
‫ٍ‬ ‫هل أنا أناني؟ أَتَ َزيَّا‬
‫سأردمه باالرتماء عليه‪ ،‬سأحشو تجويفه‬ ‫من السعادة والرضا‪ .‬الــرو ُح التي أخرجتْ‬
‫بالحب‪ .‬اآلن يــا أمــي سأفعل مــا يرضيك‬ ‫جسدي وحمتْه من األذى منذ انفصاله عنها‬
‫عني‪.‬‬ ‫تعيس ٌة ساخطةٌ‪ .‬ضحَّ تْ باألهل واألصدقاء‪،‬‬
‫أوقفت حياتها في سبيلي؛ وهبتها لي رعاي ًة‬
‫الصالة‬
‫وعناي َة وتعليمًا واحتواءً؛ تخلت عن دنياها‬
‫جــاشــت أمـــوا ُج ســدفــةِ المساء الهاجم‬ ‫الصاخبة مــن أجــلــي لتعيش دنــيــا جامدة‬
‫على حوائط الصالة الزجاجية‪ .‬في طريقِ‬ ‫ساكنة محاطة بالوحشة‪ .‬مَحَ وْتُ ذكرياتها‬
‫ك ِّل واحـ ٍـد منهما إلى غرفة اآلخــر؛ اقتحما‬ ‫مع ذلك الوجه الذي غسلتُه وكفنتُه واستنبتُ‬
‫الصالة في الوقت ذاته ما َّريْنِ بها عائمَينِ‬ ‫وجهًا آخر يحمله جسدي‪.‬‬
‫صيَّر الشجرةَ الوارف َة في الغبش‪ ،‬توقفا‪ ،‬مدت يديها قائلة‪ :‬تعال!‬ ‫منظري الجديد َ‬
‫التي أظلتني سنينًا بخضرتها ورطوبتها تعال إلى حضني‪.‬‬
‫رد‪ :‬أترينني في عتمة الغروب؟‬ ‫حطبًا محترقًا‪ .‬وجهي الجديد الــذي له‬
‫القدرة على أن يفتر ضاحكًا؛ خاط شفتيها‬
‫قــالــت‪ :‬ال يــهــم‪ ..‬أنــت ول ــدي! ولــو كنتَ‬
‫عن االبتسام‪ ،‬صمتها غصة في حلقي أنا‪.‬‬
‫بوجهك الجديد!‬
‫وجهي الجديد أســاك شائكة تنشب في‬
‫قــال‪ :‬أضيئي مصابي َح الصالة يا أمي؛‬ ‫قلبها وتدمي روحها‪ .‬جمَّ لتُ وجهي‪ ،‬وأتلفتُ‬
‫روحها‪ ،‬نزعتُ به صور ًة قديم ًة وشمتْ بها سرورك بي سيكون أكبر‪.‬‬
‫ـف‪ .‬ضجَّ‬ ‫قلبَها فتخرَّم ونــزف توقًا حتى جـ َّ‬
‫تألألت األنوار وتوهج المكان باإلضاءة‪،‬‬
‫المكان حــولــي ابتهاجً ا بالوجه الجديد؛‬
‫سطع وجهُه وطَ فِ ئَ قلبُها‪.‬‬
‫وسكنت روحها حنينًا للقديم‪ .‬تركتها وحيدة‬
‫قال‪ :‬أَلَ ُم رشقات األسيد على وجهي أقل‬ ‫وهي إذا أشرقت في أوَّل يومي ال تغرب حتى‬
‫أَلَمًا من بُعدك عني يا أمي‪.‬‬ ‫أنام‪ِ .‬ل َم األنانية والقسوة؟‬

‫ * قاصة وباحثة سعودية‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪78‬‬
‫نصوص‬

‫مجرّد نظرة!‬

‫■ هشام بنشاوي*‬

‫لم يستطع أن ينسى بريق الفرح في عيون أفراد أسرته الصغيرة؛ زوجته‪ ،‬ابنته‬
‫وابـنــه‪ ،‬وهــو يلقي األغ ــراض فــوق مائدة متهالكة‪ ،‬تتوسط األثــاث المتواضع في‬
‫الحجرة‪.‬‬
‫ابتاع كل ما دونته زوجته في الورقة الصغيرة‪ ،‬ذات أحد‪ ،‬وفي أعماقه يهدر شالل‬
‫بكاء صامت‪ ،‬لم يفلح في إخفائه‪ ،‬فتمطط في عينيه حــدادا سرمديا‪ ،‬ولم يعبأ‬
‫بمواساة زوجته بأنه سوف يشتري أفضل منها‪ ،‬وهي تطوق جيد الصغيرة بسلسلة‬
‫فضية‪ .‬لــم يستطع أن يسامح نفسه ألنــه خــدع الصغيرة‪ ،‬التي لــن تستطيع أن‬
‫تستوعب ما حدث‪ ،‬في مثل هذا العمر!‬

‫في البدء‪ ،‬عارض الفكرة بضراوة‪ ،‬لكل عين‪ ،‬لكن‪ ،‬حتما؛ لن تعرف سبب‬
‫ألن الذكريات ال تباع وال تشترى‪ ،‬لكن هــذا القهر الــذي يتمطى في عينيه‪،‬‬
‫واقعية الزوجة انتصرت‪ ..‬كان ينبغي كلما نظر إلى ابنته البكر‪ ،‬ولن يبتلع‬
‫لالبن الصغير أن يــزور عيادة طبيبة كذبة أنها ال تتزين بها إال في األعياد؛‬
‫العيون‪ ،‬بعد أن تهشم زجاج نظارتيه‪ ،‬ثالثة أعياد ال غير في السنة‪ ،‬وكان‬
‫ال سيما وأن الدخول المدرسي على ‪ -‬بعد ذلــك‪ -‬يحرص على أن يخبئها‬
‫األب ــواب‪ .‬تستطيع الطبيبة أن تعرف بنفسه مع أشيائه المهمة‪.‬‬

‫ملتاعا حدق في السلسلة الذهبية‪،‬‬ ‫قياس النظر‪ ،‬وتحدد الزجاج المالئم‬

‫‪79‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫وهــي تستكين إلــى جــوار بقية الحلي من أكبر للمراهقتين‪ ،‬ولم يستطع‪ ،‬حينئذ‪ ،‬أن‬
‫خلف الزجاح الالمع‪ ،‬والرجل العجوز يتابعه يستوعب عــبــارة‪« :‬ســارق مسجل السيارة‬
‫بنظرات ذئبية مــن وراء المنضدة‪ .‬فكر عاد»‪ .‬أمسكه ذلك الشاب من معصمه في‬
‫طويل؛‬
‫ً‬ ‫أنه‪ ،‬اآلن‪ ،‬ال يحق له أن يطأ عتبة المتجر‪ ،‬انتصار‪ ،‬كمن ظفر بلص انتظره‬
‫بجيوب مثقوبة‪ ،‬ولم يشغل باله بما يمكن أن ولكن اللص لن يعود إلى مسرح الجريمة‬
‫يقول عنه صاحب المحل أو فيما يفكر في بهذه السذاجة‪ ،‬حتى في حبكة بوليسية‬
‫هذه اللحظة‪ ،‬وقد تكرر وقوفه المريب أمام مهلهلة‪ ..‬همس لنفسه!‬
‫واجهة المحل الزجاجية‪.‬‬
‫قـــال ل ــه بــنــبــرة ال ــواث ــق م ــن نــفــســه إن‬
‫تتدحرج الذكرى كجلمود صخر حطه اللصوص ال يــزاولــون مهنة شاقة تسرق‬
‫السيل من عــل‪ ،‬لكن الصخر لن يستطيع نعومة اليدين‪ ،‬وال يستيقظون مبكرًا‪ ،‬كل‬
‫الصعود أو العودة إلى القمة مجددًا‪ ،‬تمامًا يوم‪ ،‬وهو يختلس نظرة أخيرة إلى الجميلة‪،‬‬
‫كالزمن‪ .‬لم تنقذه سوى خشونة يديه من‬
‫التي أساءت الظن به‪ ،‬واعتقدت أنه لص‪،‬‬
‫قبل‪ ،‬في ذلك الزمن البعيد‪ ،‬وهو يختلس‬
‫يحوم ‪-‬مجددًا‪ -‬حول السيارة لسرقة‬
‫نظرة إلى إحدى الفتاتين الجالستين على‬
‫المسجل مرة أخرى‪.‬‬
‫عتبة الباب في ذلك المساء الخريفي‪ ،‬الذي‬
‫حـــــدث هـــــذا فـ ــي زمـــــن أش ــرط ــة‬ ‫لــن تعود صخرته إلــى القمة‪ ،‬فــي زقــاق‬
‫الــكــاســيــت‪ ،‬قبل أن تظهر األق ــراص‬ ‫شاحب اإلضاءة‪.‬‬
‫المرنة‪ ،‬وتختفي بدورها إال من ذاكرة‬
‫لم يسترق نظرة إلى السيارة الرابضة‬
‫معتوه يدعى مرتضى‪ ،‬بيد أنه لم يستطع‬
‫أمام البيت‪ ،‬لكن عقدت الدهشة لسانه‪،‬‬
‫أن ينسى نظرة احتقار في عيني الفتاة‪،‬‬
‫حين قفز إلى المشهد رجل‪ ،‬تخيله أخا‬
‫وقــد حالت شهامته كرجل شــرقــي‪ ،‬دون‬
‫االعتراف للشاب بأن أخته سرقت إعجابه‪،‬‬
‫وبدأ يجوس المكان‪.‬‬

‫كان بإمكان كلمة واحــدة أن تنهي ذلك‬


‫الموقف السخيف‪ ،‬الــذي طــال أكثر مما‬
‫ينبغي‪..‬‬

‫يذرع سوق الصاغة ذهابًا وإيابا‪ ،‬ومجرد‬


‫التفكير في أنه لن يستطيع شراءها مرة‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪80‬‬
‫نصوص‬
‫لم يدم شروده طويال‪ .‬واسى نفسه بأنه‬ ‫أخرى يذبح قلبه‪ ،‬يغتال رجولته‪ ،‬والعجوز‬
‫رجل مخادعا مثله‪ ،‬تتماوج‬
‫ً‬ ‫لن يصدق أن تلك السلسلة الصغيرة كانت ال يستغرب أن‬
‫بــاســم ابنته البكر‪ ،‬ولــو فتش فــي الــدرج مشاعره بين المد والجزر‪ ،‬وتتأرجح تعابير‬
‫وجهه ونظراته حسب العرض والطلب‪ ،‬بقي‬ ‫سيجدها‪.‬‬
‫بــاألمــس‪ ،‬نظر ابــن التاجر إلــى الورقة بالمنظر الرث نفسه كل هذه السنوات‪ .‬لم‬
‫الصغيرة فــي ارتــيــاب‪ ،‬فأشهر فــي وجهه ينتبه إلى نظرة ذات معنى‪ ،‬تبادلها التاجر‬
‫بطاقة هويته لكي يصدقه‪ ،‬وسأله الشاب العجوز مــع جيرانه‪ ،‬وفــي أقــل مــن ثــوان‪،‬‬
‫إن كان ذلك برضاها‪ ،‬ألنه ليس في حاجة طوّقته مجموعة من الشبان‪ ،‬كما لو كان‬
‫إلى مشاكل من أي نوع‪ .‬لقد حدث لنا مثل قاطع طريق‪ ،‬فأدلى بأقواله في محضر‬
‫هذه األشياء من قبل‪ ..‬تجرع كأس الخسارة رسمي‪ ،‬ولم يتمالك الضابط نفسه‪.‬‬
‫مرة أخرى‪ ،‬وكان يعرف‪ ،‬بحكم المهنة‪ ،‬أن‬
‫أغرق المحقق في الضحك‪ ،‬وهو يردد‪:‬‬
‫هناك فرقًا بين البيع والــشــراء‪ ،‬بيد أنه‬
‫لم يستطع أن ينسى تلك النظرة الباردة‪ ،‬سيديهات مرتضى‪ ...‬م‪ ..‬ن‪ ..‬ص‪ ..‬و‪ ..‬ر‪.‬‬

‫المحايدة‪..‬‬

‫آلمته عجرفة بائع الطيور‪ ،‬الذي اعتاد‬


‫رؤيته في تلك الساحة هاشً ا باشا‪ ،‬قبالة‬
‫مبنى المحكمة الــقــديــم‪ .‬لــم يساومه‬
‫ال ــرج ــل‪ ،‬بــعــد أن وض ــع أمـ ــام طــاولــتــه‬
‫بالمقهى القفص الصغير‪ ،‬كــان يتحدث‬
‫معه‪ ،‬وهو يضع ساقًا على ساق‪ ،‬وقد أشاح‬
‫عارضا ثمنًا بخسً ا في حزم‬
‫ً‬ ‫بوجهه عنه‪،‬‬
‫متعال‪ ،‬وهو يتعمد النظر إلى الالشيء‪ .‬كان‬
‫ينبغي أن يتخلص من بعض الطيور‪ ،‬بعد‬
‫أن تكاثرت‪ .‬لم يعرف أين تبخرت ابتسامة‬
‫تــاجــر الــطــيــور‪ ،‬الــتــي كــانــت تشي بأسنان‬
‫متهدمة‪ ،‬حين كان يطلب منه طائرًا بريًا‪..‬‬

‫ * كاتب ‪ -‬المغرب‪.‬‬

‫‪81‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫جزءا مني؟‬
‫ً‬ ‫الغريب الذي صار‬
‫ُ‬
‫■ عبدالرحمن محمد األحمدي*‬

‫ال يوجد غازٍ أوقح من السرطان‪ ،‬وال مستوطنٌ أكثر صفاقة‪.‬‬


‫تخيل أكثر األشياء وحشيةً وبشاعةً ‪ ،‬وقد حلّ في جسدك فجأةً‪ ،‬وصار جــزءً ا من وجودك‪.‬‬
‫ينافسك على رقعة جسدك‪ ،‬ويأخذ في انتزاع أعضائك عنوة‪ ..‬تتألم كثيرً ا لعجزك عن مواجهته‪،‬‬
‫وتتألم أكثر لعجزك عن االختباء منه؛ فهو هنا‪ ،‬أمام عينيك‪ ،‬وشيئًا فشيئًا يصبح أنت‪.‬‬

‫واإلشعاع المدمر‪ ،‬والجرعات المرّة للعالج‬ ‫كقارب يغرق ببطء!‬


‫ٍ‬ ‫أظل أرقب جسدي‬
‫بأرنب معل ٍّق في مخالب الكيماوي و‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫مصيري أشبه‬
‫وهــكــذا‪ ،‬صــار جسدي ال ــذاوي مسرحً ا‬ ‫نسر‪ ،‬يُخضع جسده لمفاضلة بين التمزق‬
‫على حد المخالب‪ ،‬أو التهشم على صخرة لصراعات محمومة‪ ،‬لم أتصور أني قد أقوى‬
‫على احتمالها يومًا‪ ،‬منذ ظهر هذا الغريب‬ ‫السقوط‪.‬‬
‫على الدوام‪ ،‬أشعر أن السرطان لعنة أكثر المخيف وأخذ يتلبسني‪.‬‬
‫وســط هــذا العبث‪ ،‬أحـــاو ُل أن أعتصم‬ ‫ـرضــا‪ .‬هو انتحار األمــل في مُفترَق‬
‫منه مـ ً‬
‫بروحي‪ ،‬أحــاول أن أجد ذاتي داخل أوعية‬ ‫الخيارات السيئة‪.‬‬
‫أكثر تحصينًا من هذا الجسد الذي أثبت‬ ‫خــايــاي تــخــذلــنــي‪ ،‬وأنــســجــتــي تسقط‬
‫ضعفه وهشاشته‪ ،‬وأعانق أملي في أشياء‬ ‫تباعً ا تحت سطوة هذا البشَ ع المتنامي في‬
‫أكثر أصالة وفاعلية من الطب والكيمياء‪:‬‬ ‫جسدي‪ ،‬واألمل‪ ،‬إن كان هناك أمل‪ ،‬قد يكون‬
‫في إخــاص أهلي‪ ،‬وفي تفاني الممرضة‪،‬‬ ‫حد‬
‫في مبضع الجراح إذا ما نجح في رسم ٍ‬
‫وشهامة الطبيب‪ ،‬الــذي ال يألو جهدًا في‬ ‫دام لهذا التلف المستفحل‪ ،‬أو في قذيفة‬ ‫ٍ‬
‫صنع شيءٍ لمواجهة المرض‪ ،‬ودفء األيادي‬ ‫إشعاعية أو كيماوية تعطبُ السرطان ومعه‬
‫المحسنات‪.‬‬ ‫جزءًا مهمًا كان يومًا أنا‪.‬‬
‫أعتصم بكل هذا وأنجو لبعض الوقت‪،‬‬ ‫كل ما يعرضه العلم من حلول لمأساتي‬
‫هي مأساة بحد ذاتها‪ :‬الجراحة القاسية‪ ،‬وما الحياة‪ ،‬سوى نجاة لبعض الوقت؟‬

‫ * كاتب سعودي‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪82‬‬
‫نصوص‬

‫عتب ُة القرية‬
‫■ فتاح املقطري*‬

‫ُحدث المُ سنينَ عَ لى أنَّ الزَّ ِمنَ األُول َكــانَّ جَ ِميال ً بِ كّ ل‬


‫ُيمَشط الطَ ريق ِ ذَهابًا وإيابًا‪ ،‬ي ِ‬
‫َاصيل‪.‬‬
‫ال َّتف ِ‬
‫يُسَ ِاعد ُ في الحَ َصاد‪ ..‬ولما يأتي الليل يصعد إلى كهف أعلى القرية‪ ،‬هناك يظلُ يَهِ زجُ‬
‫ويغني‪ ،‬حتى يذهب ُ في كرى َ عَ ميِ ق‪.‬‬
‫كانَّ ك ُل من في القرية يحبه‪ ،‬كان العتبة‬ ‫الصباحُ‪ ،‬ولم يتصاعد دخان من كهفه‪،‬‬
‫م َّر َّ‬
‫فبدأ األهالي يتساءلونُ‪ :‬لماذا لم ينهض من بالنسبة لــلــقــريــة‪ ،‬يُــســاعــد الــجــمــيــع‪ ،‬كــان‬
‫الحارس األمِ ين‪ ،‬ولدى األهالي أيقونة القرية‬ ‫ُ‬ ‫النوم بعد‪..‬؟!‬
‫التي حفرت بصماتها في وجدًانهم‪ ،‬بل عتبة‬
‫‪ -‬لماذا لم يهزج بأهازيج الصباح؟!‬
‫القرية‪..‬‬
‫وفــي المساء‪ ،‬لم يسمع أح ـ ٌد أهازيجه‪،‬‬
‫بــحَ ــثــوا عــن ـ ُه « ُهــنــا وهَ ــن ــاك»‪ ،‬وبــوجــلِ ‪..‬‬
‫وحتى الطعام الــذي يتناوب األهــالــي على‬
‫انطلقوا صــوب الجبل والكهف َّ «جميعاً»‪،‬‬
‫وضعه أمام منازلهم‪ ،‬بقي كما هو‪ .‬األلسن ولكن لم يــجــدوه‪ ،‬وجَ ــدوا مالبسه‪ ،‬عَ صاه‪،‬‬
‫إبريق الشاهي‪..‬‬ ‫تتساءل عنه‪:‬‬

‫وبدأ الجميع يتساءل‪:‬‬ ‫‪-‬لم ينزل ألخذ طعامه‪.‬‬

‫‪ -‬ربما أن وحَ شً ا التهمه ليال‪.‬‬ ‫‪ -‬وال اشتعلت النار من كهفه‪.‬‬

‫‪ -‬ربما‪..‬‬ ‫‪ -‬وانطفأت أهازيجه‪.‬‬

‫‪83‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫ولكن سُ ــرعــان ما انتشر الخَّ بر سَّ ريعًا المرة إلى الجن‪ ،‬فهجره ساكنه‪.‬‬
‫أنَّ أسرته قدمت إلى القرية‪ ،‬واصطحبته‬
‫وبدأت اإلشاعة تأخ ُذ مَأخذها‪ ،‬ال أحد‬
‫معها‪ .‬شاعت الرواية وذاع صيتها في أرجاء‬
‫أبــدا ً يقترب منه‪ ،‬أو يمر منه‪ ،‬كــان منزال‬
‫المنازل‪ ،‬باتت حديث األزقة‪ ،‬صدَّ ق األهالي‬
‫ً وحيدا ً‪ ،‬ويبعد عن تجم ُع المنازل مسافة‬
‫البُسطاء‪ ،‬مرت األيام وتناست القرية‪ ،‬ولكن‬
‫متر واحد‪ ،‬ورغ ُم البُعد‪ .ِ .‬كانت أصوات‬
‫كانت الكالب توقظ الجميع‪ ،‬وتبدأ المنازل كيلو ٍ‬
‫الطينية تدب حركتها وتشتعل مصابيحها‪ ،‬غريبة ومخيفة تَنطلق منه‪ ،‬وحينما تنطفيء‬
‫والناس تتحدث عن الغريب‪ ،‬هذا الذي يثير المصابيح‪ ،‬يبرز مصباح خافت في المكان‪،‬‬
‫الفزع‪ ،‬ويخدش السكون في صمت الليل‪ ،‬كان مصدر رعب لألهالي‪.‬‬
‫كــان القمر يبرز الظل حينما يشع القمر‬
‫ولكن لم يق َو أح ُد على الدخول لمعرفة‬
‫بنورهِ‪ ،‬ولكن كان سريع الحركة‪.‬‬
‫حقيقه الشيء الذي يثي ُر الضجة في المنزل‪.‬‬
‫كانت كل ليلة تنهض فيها القرية‪ ،‬يحمل‬
‫مــرتَ األيــام ِ‪ ،‬وظــل الوضع على ما هو‬ ‫الشباب مصابيحهم وينطلقون خلف الكالب‪،‬‬
‫عليه‪ ،‬أصوات مخيفة تنبعث‪ ،‬وضوءٌ خافت‪،‬‬ ‫تجاه الحقول‪ ،‬ولكن لم يتوصلوا إلى شيء‪.‬‬
‫كانت آثار األقدام توحي بهيئة أدمي‪ ،‬وكان وبروز أشباح ليلية تسير بين األزقة‪.‬‬

‫أثار األمر غضب األهالي‪ ،‬فقرروا اقتحام‬ ‫ليل ما يهجم على القرية‪ ،‬ولكن لم يشكُ‬
‫ً‬

‫أحـ ٌد من فقدان شــيء‪ ،‬كانوا ال ينامون في المكان‪ ،‬وفي الصباح الباكر‪ ،‬هجموا على‬
‫الليل‪ ،‬وحينما يه ُل القم ُر بضوئه‪ ،‬كان الجميع‬
‫المنزل‪ ،‬وجــدوا الرجل نائماً على أريكة‪،‬‬
‫يتنفس الصعداء‪.‬‬
‫َّ‬
‫وشخيره يتصاعد منه‪.‬‬
‫وفي ليله ُمن الليالي الهادئة احترق منزل‪،‬‬
‫وبدأت موجة من األسئلة‪:‬‬
‫واشتعلت النار‪ ،‬وأثار الحادث هلعا ً واسعًا‪،‬‬
‫‪ -‬لماذا فعل بنا هكذا؟!‬ ‫واتجهت أصابع االتهام إلى الرجل الليلي‪،‬‬
‫وهرع األهالي إلطفاء الحريق‪ ،‬وبعدها صار‬
‫‪ -‬لم يسافر إذًا!!‬
‫المنزل مهجورا ً‪ ،‬كان مخيفًا للغاية‪.‬‬
‫‪ -‬إذا هو مصدر الرعب!‬
‫وفي ليلة أخرى‪ ،‬شب َّ حَ ري ٌق في منَزل ِ‬
‫ولكن المجنون ما يزال يشخر‪ ،‬ويشخر!‬ ‫مأهول بسكانه‪ ،‬واتجهت أصابع االتهام هذه‬
‫ * شاعر وكاتب ‪ -‬اليمن‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪84‬‬
‫نصوص‬

‫ِحبرٌ في الفجر!‬
‫■ عائشة بناني*‬
‫كنت أنظر لــأرض حولي وقــد أصبحت كريمة بألوانها الزاهية‪ ،‬وأتـســاءل كيف لفصل‬
‫الربيع وحــده أن يحظى بشغفنا فقط؟ أألنــه يشهد تفتّح الــزهــور وتصبح شمسه دافئة‬
‫أكـثــر‪..‬؟ أال تنمو النباتات ِخلسةً فــي فصل الشتاء‪ ،‬وال أحــد يستطيع أن يتذكره كفصل‬
‫محبوب‪..‬؟!‬
‫وقبل وفاتها بثالثة أيام فقط‪ ،‬وكان الجو‬ ‫حين رأيت شقائق النعمان وأنا في طريقي‬
‫دافئا‪ ،‬فتحت النافذة لنراقب معًا نور الظهيرة‬ ‫للمنزل‪ ،‬تمسّ كني فــر ٌح طفولي ألســرع للبيت‬
‫وهــو يخبو روي ـ ـدًا رويــــدا‪ ..‬الــريــاح تتالعب‬ ‫وأخبر أمــي‪ ،‬فما تــزال هي دومــا تلك الفتاة‬
‫بأغصان شجرة اللوز التي تغطي حديقة منزلنا‪،‬‬ ‫الصغيرة التي تعشق األشجار واألزهار‪ ،‬وتفرح‬
‫حيث كنا نجلس هناك معًا من قبل‪ ،‬نراقب‬ ‫لتفتح الورود‪..‬‬
‫الطيور تحلّق نشيطة منها وإليها‪ ،‬طلبت مني‬ ‫أتذكر وأنا طفلة في الخامسة من عمري‪،‬‬
‫وعلى غير عادتها‪ ،‬وتحت استغرابي‪ ،‬أن أغلق‬ ‫حين انسللت مــن فــراشــي فــي منتصف ليلة‬
‫النافذة‪ ،‬مشيحة بنظرها عن منظر الجمال‬ ‫صيفية؛ ألتأمل القمر والنجوم حوله من سطح‬
‫ذاك‪ ،‬ومع جماله وبراءته بدا غريبًا بال مباالته‬ ‫منزلنا‪ ..‬يبدو أنها أحست بصعودي الــدرج‬
‫بعذابها! فأغمضت عينيها‪ ،‬منسحبة من لعبة‬ ‫وتبعتني‪ ،‬وبدال من أن تردني لسريري‪ ،‬انضمّت‬
‫النور والحياة اللذين لم تعد من عالمهما!‬ ‫إليّ ‪ ،‬ننظر للقمر معًا! وقد بدا عروسً ا تتألأل‬
‫وأنا أسارع الخطى للمنزل اليوم ألخبر أمي‬ ‫في ليلة عرسها‪ ،‬نظرت لعينيها وقد أش َّع منهما‬
‫نور يضاهي نور القمر! وإلى شعرها األسود عن البراعم المتخمة بالحياة وقــد تفتحت‪،‬‬
‫فجر وعن رائحة الخزامى النامية حول الممشى‬ ‫مراق في ٍ‬ ‫الطويل الفاحم الذي بدأ كحبر ٍ‬
‫يقترب منا ببطء‪ ،‬ثم غفوت في حضنها‪..‬‬
‫المؤدي لمنزلنا‪ ،‬والذي كانت تصنع منه أكياسً ا‬
‫أمــي لــم تبرح ذهني أبــدًا وهــي تــنــازع في معطرة تخفيها في مالبسنا‪.‬‬
‫الشهرين األخيرين قبل وفاتها‪ ،‬حيث يسارع‬
‫تــذكــرت أن أمــي لــم تعد مــن عالمنا‪ ،‬لقد‬
‫الــداء ليعطل أعضاء جسدها عضوًا عضوًا‪،‬‬
‫تمكن منها السرطان‪ ،‬ولــم يمهلها ألكثر من‬
‫لكأنه يقتات من ضعفها‪ ،‬ومع ذلك ظلت تستمر‬
‫ثالثة أشهر قبل أن تقول وداعً ا ألولئك الذين‬
‫فــي اإلعــجــاب بــضــوء الشمس وهــو يداعب‬
‫تحبهم‪ ،‬وللجمال حولها‪.‬‬
‫جسمها العليل‪ ،‬ويتغلب على النافذة المغلقة‬
‫فقدتها منذ أكثر من عام وما أزا ُل أف ِّك ُر أن‬ ‫خوفًا عليها من رياح الخريف أن تأخذ ما تبقى‬
‫من قوتها‪ ،‬يدخل النور مع ذلك من بين الشقوق أسألها عن أشياء عديدة‪ ،‬وأن آخذ رأيها في‬
‫أشياء أخرى‪..‬‬ ‫ويستقر في حضنها‪..‬‬
‫* كاتبة ‪-‬المغرب‪.‬‬

‫‪85‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫قصيدة الطفل السعودي‬
‫في يوم التأسيس‬
‫‪ρ‬محمد عسيري*‬

‫أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ًوس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ً مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬


‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومِ تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـس ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ‬
‫ا ْن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ وأ ْك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ م دائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمً ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ذِ ْك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراه غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــةُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ‬
‫ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َم بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬ ‫َن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َز َم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َة والـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ‬
‫وأضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َء ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادِ َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َة ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرَى‬
‫ـضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرَت ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدنْ‬ ‫وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َ‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َوّحَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدَتْ‬ ‫وإذا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادُ‬
‫َوتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن كُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـل فـ ـ ـ ـ ـ ــنْ‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي راي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــةٍ خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــةٍ‬
‫ال ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ‬
‫(أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن)‬
‫(أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن)‬
‫***‬
‫وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارَعَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت ُخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـدف ال ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــدْ‬ ‫تـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ــي إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َو َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت أج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫سَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيً ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ــأتـ ـ ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ـ ــزِ ي ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ‬
‫وت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت آمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد نِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪86‬‬
‫نصوص‬

‫ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن كُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـل ِعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـم ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــافِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـع‬


‫ِص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوَطَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ الـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـ ــدْ‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي كُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـل خَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرٍ ِآم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـن‬
‫َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزْهُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوَطَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ ال ـ ـ ـ ـ ــوحـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــدْ‬
‫وَبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـل عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـش هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـئ‬
‫نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــد‬
‫(أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن)‬
‫(أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن)‬
‫***‬
‫ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن شَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرْقِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه فـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن غَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ فـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َـش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ‬
‫بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــشَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـگ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرَم‬
‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫وت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدَت ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًّبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــى‬
‫ـاض عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ــى ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ‬ ‫أن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َّ‬
‫ـواص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم كُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫َفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫وَرِ يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد ًة َب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األُمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ‬
‫(أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن)‬
‫(أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫ * شاعر سعودي‪.‬‬

‫‪87‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫حكاية سمراء‬

‫‪ρ‬أحمد اللهيب*‬

‫ـال مُ ـن ــعّ ــشَ ـ ْه‬


‫سـ ـ ـم ـ ــراءُ فـ ــي أف ـ ـ ـ ِـق الـ ـجـ ـم ـ ِ‬ ‫ـان ل ـت ــده ــشَ ـ ْه‬ ‫وق ـ ـفـ ـ ْـت عـ ـل ــى س ـ ـ ـ ِّر الـ ـ ــزمـ ـ ـ ِ‬
‫ـدك ال تـ ـ ـ ـ ــزالُ مُ ـ ـع ـ ّـطـ ـشـ ـ ْه‬
‫وال ـ ـب ـ ـئـ ــرُ عـ ـ ـن ـ ـ َ‬ ‫ق ـ ــال ـ ـ ْـت‪ :‬فـ ـ ـ ـ ـ ــؤادُ َك ه ـ ــل ي ـ ـظـ ــلّ مـ ـقـ ـي ــدً ا؟‬
‫وجـ ـ ـ ــعً ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ــواري ـ ـ ـ ــه ودم ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــك جـ ـ ّيـ ـش ــه‬ ‫ومـ ـ ـ ـ ـ ــدى عـ ـ ـي ـ ــون ـ ــك ظ ـ ـل ـ ـمـ ــة مـ ـسـ ـك ــون ــة‬
‫ـاحـ ـ ــك أنـ ـع ــشَ ـ ـ ْه‬
‫نـ ـ ـ ـ ـ ــورًا‪ ،‬وال مـ ـعـ ـن ــى ريـ ـ ـ ِ‬ ‫ـك أشـ ــرقـ ـ ْـت‬ ‫ح ـ ـ ــاول ـ ـ ـ ْـت‪ ،‬ل ـ ـكـ ــنْ ال ظ ـ ــال ـ ـ َ‬
‫ـك‪ ،‬والـ ـط ــري ــقُ مُ ـخــربــشَ ـ ْه‬ ‫ع ـبــثً ــا بـ ــروحـ ـ َ‬ ‫ـوت صـ ــاخـ ـ ٌـب‬ ‫م ـ ـ ـتـ ـ ــوحـ ـ ــدً ا‪ ،‬والـ ـ ـ ـي ـ ـ ــمُّ صـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫ـؤادك ب ــالـ ـم ــآس ــي خ ــرب ــشَ ـ ـ ْه‬ ‫م ـ ـ ـ ــأتْ فـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫م ـ ـ ـت ـ ـ ـع ـ ـ ـثـ ـ ــرً ا تـ ـ ـ ـب ـ ـ ــدو ُخ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ــاك كـ ـئـ ـيـ ـب ــةً‬
‫ـاك ل ـت ـن ـب ــشَ ــهُ ؟‬‫قـ ـب ــرٌ ت ـ ـ ـقـ ـ ــادمَ‪ ،‬مَ ـ ـ ــن ج ـ ـفـ ـ َ‬ ‫ـودك قـ ـ ـص ـ ــةٌ مـ ـحـ ـك ــوم ــةٌ‬ ‫ق ـ ـ ــال ـ ـ ـ ْـت‪ :‬وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬

‫أن ــا مَ ــن ُأض ـي ــع‪ ،‬وذي سـبـيـلــي مــوحــشَ ـ ْه‬ ‫ـوت فـ ــي ع ـي ـن ـي ـ ِـك لـ ـس ـ ُـت م ـح ــار ًب ــا‬ ‫فـ ـغـ ـف ـ ُ‬
‫ق ـ ـمـ ــرً ا يـ ـس ــاف ــرُ ‪ ،‬ف ــال ـم ـش ــاع ــرُ مُ ـغ ـب ــشَ ـ ْه‬ ‫ـادري‬‫ـدي ف ـ ـغـ ـ ْ‬ ‫وج ـ ـ ــعُ الـ ـسـ ـنـ ـي ـ ِـن عـ ـل ــى ي ـ ـ ـ ّ‬
‫زخ ـ ـ ـ ــرتْ ‪ ،‬ولـ ـك ــن فـ ــي الـ ـحـ ـي ــاةِ مُ ـه ـم ــشَ ـ ْه‬ ‫ـال ح ــزي ـن ــةً‬
‫أنـ ـ ــا فـ ــي الـ ـحـ ـك ــاي ــةِ كـ ــالـ ــرمـ ـ ِ‬
‫ُرس ـم ـ ْـت عـلــى ص ـحـ ِـف الـ ـف ــؤادِ مــزركــشَ ـ ْه‬ ‫ـروح ـ ـ ـهـ ـ ــا‬
‫أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدو ك ـ ـ ـ ـ ــذاك ـ ـ ـ ـ ــرةٍ تـ ـ ـ ـئ ـ ـ ــنّ جـ ـ ـ ُ‬
‫ـاف معشعشَ ْه‬ ‫بالمفجعات‪ ،‬وفــي الـشـغـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صـ ـ ـ ـح ـ ـ ــراءُ ق ـ ـل ـ ـبـ ــيَ ال تـ ـ ـ ـ ـ ــزالُ خ ـب ـي ـئ ــةً‬
‫ق ـ ـلـ ـ ٌـب أنـ ـ ـ ـ ــا َخ ب ـ ـ ــهِ ال ـ ـ ــزم ـ ـ ــانُ ف ــأعـ ـط ــشَ ـ ـ ْه‬ ‫ال ص ـ ـ ــوتَ فـ ـيـ ـه ــا‪ ،‬ال صـ ــريـ ــخَ فـيـنـتـهــي‬
‫ـات‪ ،‬وهـ ـ ـ ـ ــيَ مـ ــرقـ ــشَ ـ ـ ْه‬
‫تـ ـغـ ـت ــا ُلـ ـه ــا اآله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫هـ ـ ـ ــذا ال ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــداءُ أن ـ ـ ـيـ ـ ــنُ روح ـ ـ ـ ـ ــيَ وحـ ـ ـ ــدةٌ‬
‫إنّ الـ ـ ـعـ ـ ـي ـ ــون ب ـ ـمـ ــا تـ ـخـ ـب ــئ مـ ـجـ ـه ــشَ ـ ـ ْه‬ ‫ـازف‬ ‫م ـ ـ ــا زالَ ف ـ ـ ــي عـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــيّ ج ـ ـ ـ ـ ــرحٌ ن ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫أه ـ ـفـ ــو إل ـ ـيـ ــه ف ـ ـطـ ــول لـ ـيـ ـل ــيَ أعـ ـم ــشَ ـ ـ ْه‬ ‫لـ ــم يُ ـ ـب ــق دهـ ـ ـ ــريَ مـ ــن إطـ ـ ـ ـ ــاريَ ع ــال ــمً ــا‬
‫مـ ـ ـت ـ ــوار ًي ـ ــا‪ ،‬وال ـ ـع ـ ـمـ ــرُ ُجـ ــرحـ ــي أوحـ ــشَ ـ ـ ْه‬ ‫وعـ ـ ـ ـث ـ ـ ــرت‪ ،‬صـ ـمـ ـت ــي يـ ـقـ ـتـ ـف ــي أح ـ ــامَ ـ ــه‬
‫ومـ ـ ـش ـ ــاع ـ ــرً ا ع ـ ــزف ـ ـ ْـت ب ـق ـل ـب ــي وش ـ ــوشَ ـ ـ ـ ْه‬ ‫أمـ ـ ـ ـ ًـا عـ ـل ــى ش ـ ـغـ ـ ٍـف نـ ـسـ ـج ـ ُـت خ ـي ــوطَ ــه‬
‫والـ ـ ـم ـ ــوجُ فـ ــي ق ـ ـلـ ـ ٍـق‪ ،‬وص ـم ـت ــي أدهـ ـ ْـش ـ ـ َه‬ ‫ـرت عـلــى الـشــواطــئ خــائـ ًبــا‪،‬‬ ‫حـتــى انـكـسـ ُ‬
‫وال ـب ـح ــرُ م ــن وج ـ ـ ٍـع ب ـنــا مَ ـ ــنْ أط ــرشَ ـ ـهْ؟‬ ‫فُ ـ ـ ـجـ ـ ـع ـ ـ ْـت مـ ـ ــراف ـ ـ ـئـ ـ ـ ِـك ال ـ ـ ـتـ ـ ــي هـ ـي ــأتِ ـ ـه ــا‬
‫والـ ـ ـح ـ ــزن مـ ــن ع ـي ـن ــيّ بـ ـع ــدك أغ ـط ـشــه‬ ‫وال ـ ـص ـ ـمـ ــت ث ـ ـ ــاو ف ـ ــي ش ـ ـفـ ــاهـ ـ ِـك ح ــال ــم‬

‫* ناقد وشاعر سعودي‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪88‬‬
‫نصوص‬

‫امرأ ٌة من صلصال‬

‫‪ρ‬لينا فيصل املفلح*‬

‫وال يتمردُ فيك مجا ٌز‬ ‫كي ال تتك ّر َر‬


‫حتى يفق َد معناك‬ ‫فيك مشاهدُ ك‬
‫العذريّة‬ ‫العبثية‪،‬‬
‫فن تجاهلها‬ ‫هي تبدعُ في ِ ّ‬ ‫تموت‬
‫ُ‬ ‫تحب وحين‬ ‫حين ُّ‬
‫تفتش عن عذر‬ ‫ُ‬ ‫المقصود وأنت‬ ‫وحين تصارعُ فردً ا‬
‫بحديث ال يتعدّ ى‬
‫ٍ‬ ‫يرضيك كأنْ تقن َع‬ ‫َ‬ ‫حرب‬
‫ما يشبه أعداءَك في ٍ‬
‫ثوان تلقي فيه عليك‬ ‫عش َر ٍ‬ ‫ال تعرف ّإل َك خصيمً ا دون‬
‫تحيّة‬ ‫قضيّة؛‬
‫صلصال‬
‫ٍ‬ ‫مفتونٌ بامرأةٍ من‬ ‫حاولْ‬
‫كيف تشاءُ‬ ‫ستشكّ لُها َ‬ ‫أن ترسم وج َه امرأة‬
‫وتمنحها ثغرً ا‬ ‫ُ‬ ‫واجعلْها تنطقُ شعرً ا‬
‫و هويّة‬ ‫واسألها أن تقبلَ بالشعر‬
‫وتغيّرُ فيها أشياءً‬ ‫هديّة‬
‫تنكرُ ها في كلّ امرأة تعرفها‬ ‫ستحب جموحك‬ ‫ّ‬
‫وتفتش عن أخرى‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ترفضك‬
‫ُ‬ ‫حين تريدُ امرأ ًة‬
‫وتحب مالمحَ ها‬ ‫ُّ‬ ‫تكرهُ ها‬ ‫و تعجز عن إخضاع مفاتنها‬
‫العفوية‬ ‫اللغوية‬
‫كي ال يتكر َر‬ ‫كل األفكارِ‬ ‫ستحارب ّ َ‬ ‫ُ‬
‫الوقت وتتكر ُر فيك‬ ‫ُ‬ ‫فيك‬
‫َ‬ ‫وتبحث عنها ممتلئًا‬
‫رفوف مهملةٍ‬
‫ٍ‬ ‫الكلمات المكتوبةُ فوقَ‬ ‫ُ‬ ‫شعرً ا وتعودُ كأنْ‬
‫وامنحها‬‫ْ‬ ‫عدْ المرأةٍ‬ ‫قصائدك‬
‫ِ‬ ‫تكتب فيها غي َر‬ ‫ْ‬ ‫لم‬
‫مساحات‬
‫ِ‬ ‫بعض‬
‫َ‬ ‫الضائع‬
‫ِ‬ ‫الوقت‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫الثورية‬
‫الحريّة‪..‬‬ ‫وتك ّر ُر أخطا َء األمس‬
‫* شاعرة ‪ -‬سوريا‪.‬‬

‫‪89‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫عيناك أقسى‬

‫‪ρ‬مالك اخلالدي*‬

‫تركتني لـلــدمـ ِـع أن ـحـ ُـب بانتظارك‬ ‫غادرتني وأخذت روحي في جوارك‬
‫و تركت قلبي فارغً ا بعد انحسارك‬ ‫غ ــادرتـ ـن ــي وأخـ ـ ـ ــذت كـ ــل مــام ـحــي‬
‫فيض الربيع وأنتشي بعد انهمارك‬ ‫قد كنت تمطرني فيغشى أضلعي‬
‫أثكلت أزه ــار الــربـيــع بسيف نــارك‬ ‫يعصف بــي غـيــابـ ُـك بعدما‬
‫ُ‬ ‫وال ـيــوم‬
‫أخبرتني فل َم انطويت إلى قفارك‬ ‫إن كـنــتَ قــد أحـبـبــتَ روح ــي مثلما‬
‫يا أنت ما أقساك تمضي باصطبارك؟‬ ‫أن ــا ل ــم أزل وج ــهً ــا يـج ـل ـلــهُ األس ــى‬
‫وتركت أفكاري تطوف على مدارك‬ ‫أوجعتني‪ ،‬أدمـيــت نبض قصائدي‬
‫فاتكأت على جدً ارك‬
‫ُ‬ ‫مرّت طيوفك‬ ‫أغ ـف ــو ع ـلــى ط ـي ـ ٍـف وأصـ ـح ــو كلما‬
‫كالصخر تجفو تستريحُ إلى غبارك‬ ‫هلل مـ ـ ــا أق ـ ـ ـسـ ـ ــاك أطـ ـ ـغ ـ ــى خ ــاف ــقً ــا‬
‫خلقالقصائدفيفميأحياالمدارك‬ ‫لست أنسى خافقً ا‬
‫ُ‬ ‫لست أقسو‬
‫ُ‬ ‫أنــا‬
‫كنتَ السال َم لفكرتي‪ ،‬كنت المعارك‬ ‫الـشـعــرُ حين أض ــاء روح ــي بــالــرؤى‬
‫أنتَ الحياة وكل ضوئي من نهارك‬ ‫ـأي حـ ـ ـ ـ ٍـق لـ ـ ـلـ ـ ـغ ـ ــروب ت ــرك ـت ـن ــي‬
‫ف ـ ـ ـبـ ـ ـ ّ‬
‫فكرت أن رحيل روحــك باختيارك‬
‫ُ‬ ‫وال ـ ـ ـيـ ـ ــوم ي ــرع ـب ـن ــي غـ ـي ــاب ــك كـلـمــا‬
‫إنــي ألجـمــلُ بيتَ شعرٍ فــي بحارك‬ ‫وأق ـ ـ ـ ـ ــول إنـ ـ ـ ــك ال م ـ ـحـ ــالـ ــة عـ ــائـ ــدٌ‬
‫عيناك أقـســى أن تـعــود بــاعـتــذارك‬ ‫فمتى ستشرقُ كي تضيء مالمحي‬

‫ * شاعرة وقاصة سعودية‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪90‬‬
‫نصوص‬

‫أبقى بحجم الغياب ُقر ًبا‬

‫‪ρ‬ليال الصوص*‬

‫كثيرٌ ُحطام الوعود هنا‬


‫إنه منثورة كحصى تؤلم عند المسير قُ دمً ا إليك‪!.‬‬
‫هي‪ ،‬األصابع كأغصان شجر الشتاء‬
‫هو‪ ،‬عانقي معطف العطر لتزهري ربيع األحالم!‬
‫ها نحن نقتسم الغياب كاأليتام‬
‫تأخذ أنت منعطف الصمت‬
‫وأنا أعتزل الكالم‬
‫ترف األيام‬‫فندور في دوامة المكان كأنَّ لنا ُ‬
‫ال يا رجلي االستثنائي‬
‫إنها الحقيقة التي ستنجلي ال محال!‬
‫ابتسم وعلى شفتي السفلى بضع ندى دموع الليل المالح‬
‫أخاف أن اتجرع المفردات حتى ال تفيض ككأس باألسى كاسح‬
‫بت أخاف الوقت أال تبًا له إنه يذبحني بسالح جارح‬
‫طفلتك الصغيرة التي تتهادى على هسهسة الغسق في منتصف المسارح‬
‫وتنام عند حافة صدرك عصفورًا يشدو بمتعة المدائح‬
‫هنا تنهيدة هاربة تتبعتها أنت كأثر الروائح‬
‫وخلف األذن دندنة كلماتٍ بإعالن جارح‬
‫متى ستعلن الحرب‬
‫وتميل شراع الطريق كرجل ال يهاب المعارك‬
‫لقد طال االنتظار عند المفارق‬
‫تنفس‪ ،‬فقد حانت لحظة تحرير الجَ وانِ ح!‬
‫* شاعرة ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫غار حضرة النبطي بمدينة سكاكا‬
‫نحت فني‪ ،‬وشكل عين!‬
‫■ أ‪ .‬إبراهيم احلميد‬

‫تتميز مدينة سكاكا بمنطقة الجوف بوجود عشرات المواقع األثرية المهمة‬
‫الضاربة في أعماق التاريخ‪ ،‬منها موقع نحت الجمل الذي يعود إلى نحو ‪8000‬‬
‫لجمال بالحجم الطبيعي في العالم‪ ،‬وكذلك‬ ‫عــام‪ ،‬ويعد أقــدم موقع نحت بــارز ِ‬
‫موقع أعمدة الرجاجيل التي تعود إلى األلــف الرابع قبل الميالد‪ ،‬وموقع قلعة‬
‫زعبل وتاريخها‪ ،‬إضافة إلى ما تضمه منطقة الجوف من آثار في دومة الجندل‬
‫وهي قلعة مارد ومسجد عمر الذي يضم أقدم مئذنة في تاريخ اإلسالم‪.‬‬

‫منتظمة في جدرانه‪ .‬وطريقة النحت‬ ‫وإذا تجولنا فــي المنطقة األثرية‬


‫في الغار تشبه نحت آثار مدينة البتراء‬ ‫بمدينة سكاكا‪ ،‬نجد بالقرب من موقع‬
‫ومــدائــن صــالــح‪ .‬يعلو الــغــار مــن جهة‬ ‫سيسرا األثري ‪-‬الذي يعود تاريخه ألكثر‬
‫اليمين بعض الرسومات والمخربشات‬ ‫من ثالثة أالف عام‪ -‬غار حضرة األثري‬
‫الصخرية‪ ،‬وهي صــورة جمل‪ ،‬وصورة‬ ‫النبطي الذي نحته أهل سكاكا القدماء‬
‫رجــل يمتطي الجمل‪ ،‬وصــورة لرجلين‬ ‫داخــل الجبل الرملي‪ ،‬وقــد نحتوا بئر‬
‫ممسكين بأيديهما‪ ،‬وهــي تشبه حالة‬ ‫سيسرا بجواره‪ ،‬كما نحت أهل البتراء‬
‫اللعب أو الــرقــص‪ ،‬إلــى جــانــب بعض‬ ‫ومــدائــن صالح بيوتهم ومقابرهم‪ ،‬ما‬
‫الرسوم واألشكال المنحوته المجردة‪.‬‬ ‫يجعل تاريخ نحت غــار حضره قريبًا‬
‫وم ــن أبـ ــرز مــكــونــات الــغــار العين‬ ‫من تاريخ نحت بئر سيسرا‪ ،‬وهو القرن‬
‫السحرية التي تتوسطه والتي تم نحتها‬ ‫األول قبل الميالد‪.‬‬
‫وغار حضرة بسكاكا منحوت داخل بطريقة فنية مدهشة‪ ،‬تواجه أي شخص‬
‫تل جبلي‪ ،‬وتوجد فتحات دائرية صغيرة يهم بالدخول إلى الغار‪ ،‬حتى إن هناك‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪92‬‬
‫نوافذ‬

‫من يشير إلى أن العين السحرية المنحوتة‬


‫في وسط «حضرة» تقوم بالسهر على الغار‬
‫حامية له من عاديات األيام‪.‬‬
‫وثمّة احتمال أن يكون حفر غار حضرة‬
‫بداية لمشروع لم يكتمل‪ ،‬ربما لربطه ببئر‬
‫سيسرا القريب منه‪ ،‬أو المنطقة المحيطة‬
‫بالغار‪.‬‬
‫وقــد زار الــمــؤرخ حمد الــجــاســر الغار‬
‫فقال عنه (يتناقل أهل الجوف أن في سفح‬
‫الحصن «يعني زعبل» قبرًا أو مقامًا ألول‬
‫صحابي يدعى (حضرة) وفد إلى هذه البالد‬
‫يدعونه باسم غريب لم أجــده في أسماء‬
‫الصحابة‪ ،‬وقد يكون هذا الرجل أقدم عهدًا‬
‫مما تصوروا)‪.‬‬

‫‪93‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم في وجيب األسرة السعودية‬

‫■ د‪ .‬هياء السمهري*‬

‫مــن منائر الـغــاط العالية ومنابرها الـثــرة‪ ،‬وفــي محاضن الحضارة الثقافية‬
‫حكيم لألمير عبدالرحمن بن أحمد‬ ‫ٍ‬ ‫باستشراف‬
‫ٍ‬ ‫التي تأسست هناك منذ زمــن‪،‬‬
‫الـســديــري رحـمــه اهلل؛ إلنـمــاء الثقافة وتـقــويــة اآلص ــرة المجتمعية؛ إيـمــا ًنــا من‬
‫مؤسس تلك الكيانات الثقافية التنويرية أن التاريخ تصنعه المجتمعات الواعية‪.‬‬
‫وفي كل عام‪ ،‬وفي منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع «نرقب بكثير من الشوق‬
‫توجها يعانقنا وهجه منذ البدايات في المنتدى األول عام ‪ ٢٠٠٨‬م‪.‬‬

‫ومتمكنة؛ طرحتها المتحدثات في الندوة‬ ‫ففي الرابع عشر من شهر ديسمبر من‬
‫من األستاذات واألكاديميات المتخصصات‬ ‫عام ‪٢٠٢٢‬م الموافق ‪ ٢٠‬من جمادى األولى‬
‫في علم االجتماع والخدمة االجتماعية‪،‬‬ ‫‪١٤٤٤‬ه ـــ‪ ،‬ح ـ َّل منتدى منيرة الملحم في‬
‫وتقنيات التواصل االجتماعي‪ .‬وفي ذلك‬ ‫حلته الخامسة عشرة في مرتبعات الغاط‬
‫السياق احتشدتْ منابر المنتدى بالتعريف‬ ‫الجميلة على نحو مــن ال ــرواء والحيوية‬
‫بخصائص وأنماط و َدوْر األسرة السعودية‪،‬‬ ‫واالمتالء؛ فكانت الندوة وسمًا جديدًا في‬
‫وزخ ــر ه ــذا الــجــانــب االفــتــتــاحــي بجزيل‬ ‫تــاريــخ المنتدى بعنوان (األسرة فــي ظل‬
‫مــن اآلراء الداعمة نحو حضور األســرة‬ ‫التحديات المعاصرة)‪ ،‬وفــي مضامينها‬
‫السعودية في كل منصات التنمية الوطنية‪،‬‬ ‫االهــتــمــام بــالــواقــع المجتمعي‪ ،‬ومقاربة‬
‫تحمل معها حــز ًمــا مــن الــتــغــيــرات التي‬ ‫الــمــطــالــب الــمــلــحــة ل ــأس ــرة الــســعــوديــة‬
‫طرأت على األسرة السعودية خالل العقود‬ ‫مــن خــال التترس الثقافي المجتمعي‪،‬‬
‫الماضية‪ ،‬جـ ـرّاء الــتــحــوالت االجتماعية‬ ‫ومعالجة التحديات والمتغيرات التي تمر‬
‫واالقتصادية والثقافية التي حدثتْ على‬ ‫ممكنَة‬
‫ِّ‬ ‫بها األس ــرة السعودية بمنهجية‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪94‬‬
‫نوافذ‬
‫المستوى العالمي واإلقليمي والمحلي‪ .‬فقد التي تهدف إلى تنظيم األسرة‪.‬‬
‫ومنذ تأسيس الدولة السعودية‪ ،‬كانت األسرة‬ ‫تغيرت سماتها عما كانت عليه سابقًا من حيث‬
‫تتصدر األنظمة‪ ،‬فقد نصت الــمــادة التاسعة‬ ‫البنية والوظائف التي كانت تقوم عليها‪.‬‬
‫فــي النظام األس ــاس للحكم على أن «األســرة‬ ‫هذه األوضاع الجديدة لألسرة صاحبتها ‪-‬‬
‫هي نــواة المجتمع السعودي‪ ،‬ويُربى أفرادها‬ ‫وبخاصة في السنوات األخيرة‪ -‬تحوالت سريعة‬
‫على أســاس العقيدة اإلسالمية‪ ،‬ومــا تقتضيه‬ ‫وجوهرية‪ ،‬مسّ تْ مختلف جوانب الحياة اليومية‬
‫من الوالء والطاعة هلل ولرسوله‪ ،‬وألولي األمر‪،‬‬ ‫لألفراد واألُسر‪ ،‬وبخاصة فيما يتعلق بالمعايير‬
‫واحترام النظام وتنفيذه‪ ،‬وحب الوطن‪ ،‬واالعتزاز‬ ‫واألدوار والقيم التقليدية لألسرة السعودية؛ ما‬
‫به وبتاريخه المجيد»‪ .‬ونصت المادة العاشرة‬ ‫شكّل مصدرًا للتناقضات والصراعات داخل‬
‫على‪« :‬تحرص الدولة على توثيق أواصر األسرة‪،‬‬ ‫األســر‪ ،‬وبخاصة في ظل العديد من العوامل‬
‫والحفاظ على قيمها العربية واإلسالمية‪ ،‬ورعاية‬ ‫والتحديات الخارجية العلمية والتكنولوجية‬
‫جميع أفرادها‪ ،‬وتوفير الظروف المناسبة لتنمية‬ ‫والثقافية واالقتصادية‪ ،‬التي امتد تأثيرها على‬
‫ملكاتهم وقدراتهم»‪.‬‬ ‫كافة األصعدة والمستويات‪ ،‬ومن الطبيعي أن‬
‫ومع التطور المدني الذي شهدته بالدنا على‬ ‫تتأثر األســرة بكل هــذه التحوالت‪ ،‬ســواء على‬
‫مــر العقود‪ ،‬كانت األس ــرة حــاضــرة فــي النص‬ ‫مستوى األهداف أو القيم والمعايير!‬
‫ث َّم توالى الطرح المكين على منابر منتدى والتشريع والتنظيم من خالل أجهزة التشريع‬
‫منيرة الملحم حول أبرز التحديات التي تواجه والتنفيذ المتنوعة‪ .‬كما حظيت األسرة بأهمية‬
‫األســرة السعودية‪ ،‬وتضمن ذلــك الحديث عن بالغة في رؤية المملكة ‪ ،٢٠٣٠‬فقد جاءت األسرة‬
‫ارتباط األســرة العاطفي مع المجتمع‪ ،‬والفهم كمستهدف رئيس تحت ركيزة «مجتمع حيوي‬
‫لواجبات الطرفين تجاه بعضهما‪ ،‬والمشاركة بنيانه متين»؛ ألنها نواة المجتمع‪ ،‬والحامي األول‬
‫مــع التشكيل األس ـ ــري‪ ،‬ومـ ــدى تحقيق ذلــك لألبناء؛ إذ تستمد األسرة السعودية قيمها من‬
‫في الواقع المعاصر‪ ،‬وكــان هناك انتقال آمن القيم اإلسالمية الراسخة‪ .‬ومن هنا كان الحرص‬
‫فــي المنتدى للحديث عــن عــوامــل الحماية‪ ،‬على مراجعة التشريعات الموجهة لألسرة‪ ،‬وقد‬
‫فــي الحفاظ على كيان األس ــرة التي توجهها شهدتْ السنوات األخيرة حزمة من اإلصالحات‬
‫القتناص فرص الوطن لدعم األسرة السعودية التي صبتْ في صالح األسرة وتقوية أواصرها‪،‬‬
‫وحماية كيانها ومصالحها‪ ،‬وترقية مكانتها في لجعلها كيانًا قــادرًا على التعاطي مع معطيات‬
‫المجتمع محليًا وعالميًا بالثقة والتمكين! ومن التغيرات الحديثة!‬
‫وف ــي مجمل ال ــن ــدوة‪ ،‬ب ــدا حــضــور األس ــرة‬ ‫ثم استعرضت المتحدثات األنظمة والتشريعات‬
‫التي تم سنّها واستخالصها لدعم األســرة من السعودية في الوعي والتوجهات والخيارات‬
‫نوافذ السلطة الوطنية بالقرار الناجح والسلطة التنموية مشروعً ا تبناه منتدى منيرة الملحم‬
‫النافذة والقانون العادل! وكان للهوية السعودية لخدمة المجتمع في صياغات عديدة في تلك‬
‫خطاب فاخر في الندوة‪ ،‬بما هو العالقة الدالة‪ ،‬الندوة‪ ،‬وسواها من الحراك المجتمعي الثقافي‬
‫والمكوّن األعلى للذهنية السعودية الواعية؛ إذ الذي ينساب من منتدى منيرة الملحم‪ ،‬ويستهدف‬
‫تتكئ األسرة السعودية على التشريعات والسنن في رؤيته ترقية واقــع األســرة السعودية بكثير‬

‫‪95‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫فمسيرتُها اتسمتْ بالدقة في نقش انعطافات‬ ‫من التفاصيل المحفزة‪ ،‬من خالل استعراض‬
‫االنــطــاق‪ ،‬وأصبحت تحط رحالها في مواقع‬ ‫التحديات والظواهر واألســبــاب؛ إذ اغترفتْ‬
‫ثقافية عديدة‪ ،‬ولقد اهتمت القيادة ‪-‬رعاها‬ ‫المتحدثات في الندوة جملة من اإلستراتيجيات‬
‫اهلل‪ -‬بشئون األســرة منذ مرحلة الطفولة إلى‬ ‫والمبادرات التي يُستشرف من خاللها تحقيق‬
‫كبار السن‪ ،‬فاختطت لهم كيانًا داعمًا لألسرة‬ ‫االستقرار األســري‪ ،‬وأسهمتْ في بسط الرؤى‬
‫السعودية‪ ،‬صدر بموافقة مجلس الوزراء بمسمى‬ ‫لتحييد العقبات التي تــواجــه مسيرة األســرة‬
‫(مجلس شئون األسرة)‪ ،‬يحتضن كل المدارات‬ ‫الــســعــوديــة‪ ،‬وأن ــه ال يمكن إحـــداث النمو إال‬
‫التي تهم األسرة السعودية مما يستحق التفاتًا‬ ‫بوجود تناغم مجتمعي بين المتاح والممكن‪،‬‬
‫وخــروجً ــا عن دوائــر التقليدية‪ ،‬بتنوع أساليب‬ ‫وذلك؛ ألن فوارق االستجابة الفكرية في واقع‬
‫المعالجة ومتانة القرار‪ ،‬واإلضافات الذهنية‬ ‫األسرة السعودية اليوم تُظه ُر التقييم الحقيقي‬
‫الــقــابــلــة لــلــحــراك والــتــطــبــيــق‪ ،‬لتصل األس ــرة‬ ‫في موازين المقارنة‪ ،‬وألن التطور خريطة نامية‬
‫السعودية إلى سقف الكفايات المطلوبة!‬ ‫تتحقق من خاللها معادلة البناء التوافقي داخل‬
‫األســـرة‪ ،‬ومــن قــوة اطالقها وحــضــورهــا يأتي‬
‫وفــي الــنــدوة الحافزة‪ ،‬كــان هناك تنو ٌع في‬
‫االستقرار المفضي إلى التنمية المستدامة!‬
‫أساليب الطرح‪ ،‬وثراء في البحث واالستدالل‪،‬‬
‫وتوصيات تحيط األسرة السعودية باستشراف‬ ‫واألسرة السعودية‬
‫سعيد لمستقبلها‪ ،‬ومن ذلك أن التوازن المطلوب‬ ‫ـوجـ ـ ُد‬
‫ال ــي ــوم تُ ـ ِ‬
‫لتحقيق جــودة الحياة في الوسط المجتمعي‬ ‫نـ ــفـ ــسـ ــهـ ــا‬
‫الذي يتشكل من األسرة‪ ،‬يحتاج حتمًا إلى اتفاق‬ ‫وتُـ ــسـ ــقـ ــي‬
‫ضمني مشترك لاللتفاف حول القيم والمبادئ‪،‬‬ ‫زرع ـ ــه ـ ــا‪،‬‬
‫لتكون مصدر تآلف وتــاحــم؛ ودعــم الشباب‬ ‫وتــحــظــى‬
‫ببرامج هادفة تؤصل للهوية الوطنية‪ ،‬وتركز على‬ ‫بــحــضــور‬
‫الجوانب االجتماعية والثقافية‪ ،‬وتنشر الوعي‬ ‫ت ــن ــم ــوي‬
‫بالقوانين المستحدثة والتشريعات واإلصالحات‬ ‫ف ــاخ ــر‪،‬‬
‫التي تحقق للشباب معرفة عميقة بواجباتهم‬
‫وحقوقهم‪ ،‬وبناء النموذج األسري المتوازن الذي‬
‫يكون مستعدًا للتكيف مع المتطلب العصري؛‬
‫جميل ومحفزًا وأكثر‬
‫ً‬ ‫ما يحقق واقعًا أسريًا‬
‫التصاقًا بالحياة‪ ،‬ليصبح تحالف الشباب مع‬
‫المستقبل واردًا‪ ،‬فممكنات التقارب األســري‬
‫أجيال صالحة‪ ،‬وذلك‬ ‫ً‬ ‫معنوية تتواشج لتصنع‬
‫االستهداف هو ما يسعى له منتدى منيرة الملحم‬
‫‪-‬رحمها اهلل‪ -‬في خدمة المجتمع منذ تأسيسه‪،‬‬
‫وفي حاضره ومستقبله!‬
‫ * كاتبة سعودية‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪96‬‬
‫نوافذ‬

‫ع “ذي الرُمة” تشرب من “ ِبركة باشو”‬


‫ضفاد ُ‬

‫■ عبداهلل بيال*‬

‫ـراح مغامرةٍ‬
‫ُيـقـ ِـدمُ حيدر العبداهلل في أطروحته «مهاكاة ذي الرمة» على اجـتـ ِ‬
‫اقتراف طريقته الذاتية في قراءة‬ ‫ِ‬ ‫إبداعيةٍ فكريةٍ نقديةٍ خطيرة‪ ،‬ويجترئُ على‬
‫ونـقــد فــن الهايكو‪ ،‬ليفتح فـضــاءات التالقي اإلبــداعــي والـتــاريـخــي بين الشاعر‬
‫العربي «ذي الرمة» من القرن الثامن الميالدي‪ ،‬والشاعر الياباني «باشو»‪ ،‬وغيره‬
‫من هُ كاةِ اليابان الذين ابتدعوا هذا الفن ابتداءً من القرن السابع عشر الميالدي؛‬
‫تأسيسا لهذه‬
‫ً‬ ‫مدخل‬
‫ً‬ ‫مستعيرً ا من ذي الرمة «ضفادعه» ومن باشو «بِ ركَته»‪ ،‬لتكون‬
‫المقارنة اإلبداعية اإلمتاعية التي تميزت بها هذه األطروحة‪.‬‬

‫ولعلي هنا ألفت النظ َر إلى أهم ما في استخالص نتائج أطروحته‪ ،‬مع ِّبدًا‬
‫تميزت به أطروحة «مهاكاة ذي الرمة»‪ ،‬الطريق لهُ‪ ،‬ولمن أحبَّ من بعده مواصل َة‬
‫كقارئ لهذا العمل في خوض هذه المغامرة‪ ،‬واكتشاف المزيد‬
‫ٍ‬ ‫من وجهةِ نظري‬
‫من كنوز هــذا الفن الشعري الدقيق‪،‬‬ ‫بضع نقاط‪.‬‬
‫تجاوز حيدر العبداهلل في أطروحته وأسراره‪.‬‬

‫حـــــرص حـــيـــدر الـ ــعـ ــبـ ــداهلل عــلــى‬ ‫الــقــوالــب الــعــاديــة وال ــم ــك ــرورة‪ ،‬إلــى‬
‫االستثنائي والخاص المُبتدَع‪ ،‬وعمل المحافظ على نقاء الفكرة‪ ،‬ورهافةِ‬
‫على التجديد والتجريب قدر اإلمكان؛ المفردة‪ ،‬وشعرية الصورة‪ ،‬دون اإلغراق‬
‫مستفيدًا مــن ذائقته األدبــيــة الفنية‪ ،‬في الشعرنة الملغز ِة والموغلة في بحر‬

‫‪97‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫المجاز‪ ،‬وهــذا األســلــوب يجعل مــن قــراءة ‪-‬منتصرًا للشاعر فيه‪ -‬على صــوغِ نماذج‬
‫عمل ماتعًا ومحفزًا على اكتشاف تطبيقية للهايكو‪ ،‬عــلــى تفاعيل الخليل‬
‫األطروحة ً‬
‫المعروفة‪ ،‬ليدلل بذلك على اتساع بحور‬ ‫جمالياتها‪.‬‬
‫يظهر للقارئ ألطروحة «مهاكاة ذي الرمة» الشعر العربي‪ ،‬وقدرتها على احــتــواءِ فن‬
‫الجه ُد الفكريُ والفنيُ واالستقصائيُ الكبير الهايكو؛ ويؤكد حيدر موقفه ذلــك بقوله‪:‬‬
‫الــذي بذله حيدر الــعــبــداهلل‪ ،‬وبخاصة ما «حــريٌ بالهايكو العربي أن يكون امــتــدادًا‬
‫بديل ناسخً ا‬ ‫ً‬ ‫يتعلق بالتقويم الشعري العربي‪ ،‬والذي جمع عضويًا للشعرية العربية‪ ،‬ال‬
‫فيه حيدر القرائ َن الشعري َة العربي َة لفصول لها»(((‪ ،‬وأظنَّ أنَّ الكثير من تلك النماذج التي‬
‫العام‪ ،‬الربيع‪ ،‬والقيظ‪ ،‬والخريف‪ ،‬والشتاء‪ .‬هكاها حيدر‪-‬حسب اقتراحه في أطروحته‪-‬‬
‫يُــحــم ـ ُد لــحــيــدر إن ــج ــازُه تــلــك المقارنة قد جاءت متسق ًة تمامًا مع القواعد العامة‬
‫والمقاربة بين شعر ذي الرمة العربي الهوى التي اشتملت عليها األطروحة؛ فكرًا‪ ،‬ومعنى‪،‬‬
‫وشكل‪ ،‬وإبداعً ا‪.‬‬
‫ً‬ ‫والهوية‪ ،‬وفن الهايكو الياباني المختلف تمامًا‬
‫في ثقافته ومناخه وهويته‪ ،‬باعتماده في‬
‫يمكن لــقــارئ هــذه األطــروحــة أن يقف‬
‫مقاربته على القواسم اإلنسانية المشتركة‪،‬‬
‫على الكثير من مواطن اإلبداع والجرأة على‬
‫التي تجمع بين شعر ذي الرُمة وهُكا ِة اليابان‪،‬‬
‫منطلقًا من التعريف الشاسعِ والضيِّق في التجديد‪ ،‬بالتفكير خــارج األطــر التقليدية‬
‫«نص شعريٌ الجاهزة؛ وهــذا مما يُحم ُد حيد ُر ويُشكر‬
‫ٌ‬ ‫اآلنِ نفسه لفن الهايكو‪ ،‬بأنه‪:‬‬
‫متصوف‪ ،‬يربط الطبيع َة باإلنسان‪ ،‬ويُقال في عليه‪ ،‬وبخاص ًة أنَّ العمل بمجمله قد خرج‬
‫ٌ‬
‫ترتيب وتنسيق ممكنين؛‬
‫ٍ‬ ‫حلة وأفضل‬
‫بأبهى ٍ‬ ‫نف ٍَس واحد»(((‪.‬‬
‫تجد ُر اإلشــارةُ إلى أنَّ أطروح َة «مهاكاة وال شك أنَّ عين الرضا التي قــرأتُ بهذا‬
‫ذي الرمة»‪ ،‬ليست بحثًا نظريًا بحتًا‪ ،‬يعتمد العمل اإلب ــداع ــي‪ ،‬ال يمكن لها أن تمحو‬
‫قارئ آخر‪ ،‬وحسبُ هذه‬
‫على حصر المصادر والشواهد‪ ،‬ومناقشتها‪ ،‬عين السُ خط عند ٍ‬
‫والتدليل لها أو عليها‪ ،‬ولكنه يتجاوز هذا إلى األطروحة أن أمتعت‪ ،‬ونفعَت‪ ،‬وتركت الباب‬
‫إضافة إبداعية ممكنة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫التطبيق العملي؛ إذ اجترأَ حيدر العبداهلل مفتوحً ا لكل‬

‫* شاعر وناقد‪.‬‬
‫((( مهــاكاة ذي الرمــة أطروحــة الهايكــو العربــي‪ ،‬حيــدر العبــداهلل‪ ،‬دار أدب للنشــر والتوزيــع‪ ،‬الســعودية‪،‬‬
‫الريــاض‪ ،‬الطبعــة األولــى ‪1444‬هـــ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫((( مهاكاة ذي الرمة أطروحة الهايكو العربي‪ ،‬حيدر العبداهلل‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪98‬‬
‫نوافذ‬

‫وعي الحركة األدبية بذاتها‬


‫ُ‬

‫■ صالح القرشي*‬

‫(أكــدت دراســة أنجزها الباحث (أحمد المسعودي) لنيل درجــة الدكتوراه في‬
‫جامعة القصيم بعنوان «تلقي النقاد السعوديين للرواية المحلية من عام (‪1994‬‬
‫إلى عام ‪2015‬م)»‪ ،‬على محدودية البحوث النقدية في الكشف عن جوانب جديدة‬
‫لم تكن معروفة في الرواية المحلية للقراء أو المبدعين بوجه عام)‪.‬‬

‫عندما قــرأت هــذا الخبر عن هذه وقصص عبداهلل ناصر‪ ،‬وطارق الجارد‪،‬‬
‫الــدراســة تــذكــرت مقاال مهمًا للناقد ومحمد العرادي‪.‬‬
‫في ذلــك المقال‪ ،‬يتحدث فايز أبا‬ ‫الكبير (فايز أبا) يحث فيه الكُتاب على‬
‫رعاية إبداعاتهم بأنفسهم والكتابة عنها عن حاجة الحركة اإلبداعية الجديدة‬
‫عالنية‪ ،‬والتخلي عن الحذر والخوف للوعي بذاتها كطريق وحيد للخروج من‬
‫من االتهامات المجانية التي يمكنها أن مأزق (التجاهل النقدي)‪ ،‬أو ما نطلق‬
‫عليه دائما غياب المواكبة النقدية‪.‬‬ ‫تطالهم‪.‬‬

‫(عليهم أن يعتنوا بنشر قراءتهم‬ ‫أيضا وأنا أطالع‬


‫وأتذكر ذلك المقال ً‬
‫لألعمال الفنية التي ينتجها زمالؤهم)‬ ‫الكثير من األعمال المحلية الرائعة؛‬
‫هــذا هــو الطريق األمــكــن لخلق وعي‬ ‫س ــواء على مستوى الــروايــة أم على‬
‫الحركة اإلبــداعــيــة بــذاتــهــا‪ ،‬وال عبرة‬ ‫مستوى القصة القصيرة‪ .‬وأذكــر هنا‬
‫هنا بافتقاد هؤالء المبدعين للمعارف‬ ‫على سبيل التمثيل للحصر رواي ــات‬
‫النظرية النقدية‪ ،‬فما سيكتبونه سيحمل‬ ‫طاهر الزهراني‪ ،‬وروايات أمل الفاران‪،‬‬

‫‪99‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫وعي الفن‪ ،‬يسألهم بحسرة (هل ما زلتم بعد‬
‫كــل هــذا‪ ،‬تعتقدون أن هناك مــن يستطيع‬
‫التعامل مع الحركة االبداعية الحقيقة من‬
‫خارجها؟)‪.‬‬
‫والحق أن (وعي الحركة األدبية) لذاتها‬
‫الذي طالب به ذلك المثقف والناقد الكبير‪،‬‬
‫لم يتحقق منه الكثير لألسف الشديد؛ بل‬
‫يبدو لي أن ذلــك التجاهل النقدي يــزداد‬
‫فايز آبا‬ ‫ض ــراوة فــي هــذا الــزمــن؛ فتمر الكثير من‬
‫ضرورة نشر قراءاتهم لألعمال التي ينتجها‬ ‫األعــمــال الرائعة دون أن تنال ما تستحق‬
‫من قراءات نقدية حقيقية‪ ،‬ما يجعلها تضيع‬
‫زمالؤهم)‪.‬‬
‫وسط ركام أكبر من إنتاج أدبي أقل جودة‪،‬‬
‫(ال مــجــال هــنــا للتشبث بــالــزهــد في‬
‫ولن يعوض هذا الغياب النقدي أي حضور‬
‫األض ــواء‪ ،‬وال البعد عن اللعبة اإلعالمية‬ ‫تحفل به مواقع التواصل االجتماعي تجاه‬
‫بكافة شروطها؛ ألن العمل الثقافي الجاد‬ ‫بعض األعمال األدبية الجديدة‪.‬‬
‫هنا‪ ،‬ال بد من القول أن الحل الحقيقي سيبقى بعيدًا عن الضجيج المفتعل)‪ ،‬فهل‬
‫هو ما قدمه (فايز أبــا) في ذلــك المقال‪ :‬نــرى ما يؤكد هــذا الوعي قريبًا‪ ،‬أم يبقى‬
‫(يجب أن يــدرك الجميع مسئولياتهم في الكتاب دائمًا في انتظار جودو؟‬

‫ * كاتب سعودي‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪100‬‬
‫نوافذ‬

‫رفاهيّ ُة التأجيل‬

‫■ أحمد اجلميد*‬

‫نفس أمريكيّ تجربةً نفسيّةً على مجموعة من‬ ‫فــي عــام ‪1960‬م أجــرى عــالِ ــم ٍ‬
‫األط ـفــال ُت ــراوح أعـمــارهــم مــا بين األرب ــع والـســت س ـنــوات‪ ،‬تحت ع ـنــوان‪« :‬حلوى‬
‫الـمــارشـمـيـلــو»؛ إذ وض ــع حـلــوى الـمــارشـمـيـلــو أم ــام األط ـف ــال مُ ـخ ـ ِّيــرً ا إيــاهــم بين‬
‫ومن‬
‫الحصول على قطعة واحدة اآلن فورًا‪ ،‬أو االنتظار لمدة خمس عشرة دقيقة‪ِ ،‬‬
‫ثَم الحصول على قطعتين من الحلوى مرة واحدة‪ ،‬وقد كانت النتيجة أن معظم‬
‫فضلوا االنتظار والحصول على قطعتين من الحلوى مرة واحدة على‬ ‫األطفال ّ‬
‫تناول قطعة واحدة من الحلوى على الفور!‬

‫هذه الدراسة أتاحت للعالِم معرفة طوال حياتهم وهم يجهلون كيفيّة إرجاء‬
‫ألوقات أخرى مُواتية أكثر‬
‫ٍ‬ ‫ـك‪ ،‬لكن ُمتَعهم اآلنية‬
‫عـــدة أمـ ــور مختلفة ب ــا شـ ـ ٍّ‬
‫مــا يهم هنا هــو أن غالبية األطــفــال من غيرها‪ ،‬لذلك هم غالبًا ال ينالون‬
‫‪-‬وبــذكــاء فــطــريّ ‪ -‬تمكّنوا ليس فقط لذة إضافية وعميقة بالوقت ذاته‪.‬‬
‫أيضا؛‬
‫من مضاعَ فة اللذة‪ ،‬بل وتعميقها ً‬
‫جميعنا لدينا يوم ّيًا شيء ما بإمكانه‬
‫من خالل امتالك القدرة على تأجيل‬
‫حيازة الحلوى أو اللذة على وجه الدقة‪ .‬أن يُشكِّل امتدادًا للمتعة‪ ،‬أو ما نُسمّيه‬
‫وبالمقابل ثمة أطفا ٌل أخفقوا في ذلك؛ بالمؤثر والمُحفّز‪ ،‬كالقهوة أو السيجارة‬
‫وقــد ينسحب هــذا على عــدد قليل أو أو الحلوى على سبيل المثال ال الحصر‪،‬‬
‫على األكثرية من الذين ربما يعيشون إضــاف ـ ًة إل ــى الكثير غــيــرهــا مــمــا قد‬

‫‪101‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫يوفّر لنا إحساسً ا نحن بحاجة إلى إدامته وما يجعلها فيما بعد إحساسً ا في العمق‬
‫واستمراره‪ ،‬بصرف النظر هنا عما إذا كان عذبًا‪ ،‬وال يبين ذلك سوى ما يصبح عليه‬
‫هنالك مضرة أو منفعة عائدة على الشخص‪ ،‬هذا اإلحساس باالشتياق بعد الحيازة؛ إذ‬
‫المهم أن هنالك لذة باإلمكان حيازتها عبر ثمة لذة معلقة بالذاكرة مصدرها مرحلة ما‬
‫هذا الشيء المرتبط باإلحساس المطلوب؛ قبل الحيازة؛ حيث من الوارد جدًا أن يشتاق‬
‫أيضا إمكانية إطالة تلك الشخص إلى ما كان عليه سابقًا قبل أن ينال‬
‫وبالتالي هنالك ً‬
‫اللذة وتعميقها مترتبة على التأجيل وعدم مــراده‪ ،‬وهكذا تبقى القدرة على التأجيل‬
‫الحيازة على الفور! لذا مَن كان يملك تلك ومرحلة االنتظار هي الجانب األكثر حكمة‬
‫مؤجل‬
‫ً‬ ‫الــقــدرة على الــتــأجــيــل‪ ..‬فــإنــه فــي معظم هنا‪ ،‬حتى لو كان ذلك إحساسً ا باللذة‬
‫ال يخلو بالعادة من األلم في وقته اآلنيّ ‪.‬‬ ‫األوقات يجني فوق ما هو منتظ ٌر ومطلوبٌ‬
‫مِ ن قِ بَله‪.‬‬
‫ال تكمن أج ــزاء مــن الــلــذة فــي الحيازة‬
‫أيضا‪ .‬وهذا بالضبط‬‫دائمًا ما يقتصر األمــر على اإلحساس فحسب‪ ،‬بل باالنتظار ً‬
‫مؤثر خارجيّ ‪ .‬فلو أردنا ما نختبره مباشرة ‪-‬جميعنا تقريبًا‪ -‬خالل‬
‫الذي يشترط وجود ٍ‬
‫مثال على ذلــك‪ ،‬وهي صيام شهر رمضان المبارك‪ ،‬تحديدًا أثناء‬ ‫ً‬ ‫أخذ حالة االشتياق‬
‫الحالة التي أ ُفردت لها الكثير من القصائد‪ ،‬انتظار اإلفطار طوال النهار‪ ،‬فإنه إلى جانب‬
‫وتغنَّى بها الكثير‪ ،‬وتنعَّم بها واكتوى منها البعد الروحانيّ الدينيّ في هذا االنتظار‪،‬‬
‫الكثير؛ لقلنا‪ :‬إن المتمكن والــقــادر على هنالك متعة صــادرة عن تأثير تأجيل لذة‬
‫التأجيل وسط هذه الحالة النفسية التي ال األكــل والشرب‪ ،‬باإلضافة إلى وجــود متعة‬
‫تنفك تلحّ على صاحبها‪ ،‬فإنه على األرجح أخرى متزامنة مع مائدة رمضان المبارك‪،‬‬
‫عند حصوله على م ــراده‪ ،‬ســوف ينال من تكمن في إرجاء الشبع وقت اإلفطار‪ ،‬وبهذا‬
‫اإلحساس باللذة ما ليس في الحسبان‪ ،‬ليس يُشكّل االنتظار هنا عنصرًا مه ّمًا في مراكمة‬
‫على مستوى الك ّم فقط‪ ،‬وإنما على مستوى اللذة التي كان مصدرها تأجيل األكل ً‬
‫أول‪،‬‬
‫ثم تأجيل الشبع تاليًا‪ ،‬األمر الذي معه قد‬ ‫أيضا‪.‬‬
‫الكيف ً‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬تُع ّد حالة االشتياق نفسها نستطيع القول أخيرًا وبإيجاز‪ :‬إن في تأجيل‬
‫مرحلة انتظار‪ -‬مهما كانت ممزوجة باأللم‪ -‬اللذة نوعً ا من الرفاهيّة‪ ،‬وإن ما يعمّق اللذة‬
‫تسبق الحصول على الشيء والوصول إليه؛ من خالل المراكمة هو انتظارها‪.‬‬

‫ * كاتب سعودي‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪102‬‬
‫نوافذ‬

‫عام الشعر ‪2023‬‬


‫ُ‬
‫ديوان العرب‬
‫ُ‬
‫■ محمد علي حسن اجلفري*‬

‫يكتشف الطفل أســرارًا كثيرة‪ .‬منها الكالم في الثانية من عمره‪ ،‬والثرثرة في‬
‫الثالثة‪ ،‬والركض حتى يسبق والده في الرابعة‪ ،‬والصفير بشفتيه وحنجرته في‬
‫أيضا‪ ،‬ثم التصفيق في الخامسة‪ .‬لكن التصفيق المنغم ال يدركه إال في‬ ‫الرابعة ً‬
‫السابعة‪ .‬فإذا استطاع أن يرتب كالمه في شعرٍ موزون مقفّ ى‪ ،‬وال يكون ذلك قبل‬
‫وبالدف‬
‫ّ‬ ‫التاسعة من العمر‪ ،‬قيل عنه أنه نابغة‪ .‬وارتبط الشعر بالغناء وبالتصفيق‬
‫إذا تيسر‪ .‬لذلك قال الشاعر العربي‪:‬‬
‫تـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ــنَّ بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــر إم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــت قـ ـ ــائ ـ ـ ـلـ ـ ــه‬
‫إن ال ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــاء لـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــذا الـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـع ـ ـ ــر م ـ ـ ـض ـ ـ ـمـ ـ ــا ُر‬
‫وحسب علمي‪ ،‬لم يذكر لنا أحد متى اهلل‪.‬‬
‫وقالوا إن أبانا آدم عليه السالم قال‬ ‫بدأت صناعة الطبول والدفوف‪ .‬إذ هي‬
‫امتداد للتصفيق الذي يتقنه الجميع‪ ،‬شعرًا في رثاء ولده هابيل الذي قتله‬
‫وكــذلــك ال نــعــرف مــتــى ب ــدأ الــرقــص‬
‫أخوه قابيل في النزاع المعروف على‬
‫الرجالي أو النسائي‪ .‬ونحتاج إلى بحث‬
‫أختهم الجميلة‪ .‬فرووا عنه قوله‪:‬‬
‫كيف بدأ الرقص‪ ،‬ألنه بالنسبة للرجال‬
‫تعبير عن الزهو عندما ينتصرون في ت ـغ ـي ــرت الـ ـب ــاد ومَ ـ ـ ــن عـلـيـهــا‬
‫ف ــوج ــه األرض م ـغ ـب ــرٌّ قـبـيــح‬ ‫الحروب‪ .‬أما بالنسبة للنساء فهو من‬
‫وهــو مشكوك فيه؛ ألن األنبياء ال‬ ‫قبيل التحبب إلى حبيب‪ ،‬والعلم عند‬

‫‪103‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫إبراهيم‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬وعرض عليه قصيدة‬ ‫يقولون الشعر‪ ،‬وحتى إذا كان عليه السالم‬
‫نظمها‪ ،‬فقال له هذه مثل «السالم عليكم»‪،‬‬ ‫قد حــاول التنفيس عن حزنه بهذا البيت‬
‫أي واحد يمكنه قولها‪ .‬فالموهبة ضرورية‪،‬‬ ‫فمن الذي رواه عنه؟! ومن تابع الرواية ثم‬
‫وإال فإن سكان العالم العربي وعددهم أكثر‬ ‫سلسلها حتى وصل إلينا هذا البيت؟‬
‫من ثالثمائة مليون سيكونون كلهم شعراء‪.‬‬
‫وجاء في القرآن الكريم قوله تعالى ﴿وما‬
‫وال علم عندنا عن نسبة الشعراء من بين‬
‫علّمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إال ذكر‬
‫هؤالء الثالثمائة مليون‪ .‬ولألسف فإن بعض‬
‫وقرآن مبين﴾‪ .‬والمرة الوحيدة التي أوردت‬
‫المجالت في أيامنا هذه تطبل لبعض من‬
‫السيرة النبوية بيت شعر للنبي عليه الصالة‬
‫يدّ عي الشعر‪ ،‬وما هم من الشعر في شيء‪.‬‬
‫والسالم‪ ،‬هو عندما انفض الصحابة عنه‬
‫وكان أحرى بهذه البضاعة المزيفة أن يقال‬
‫عــدا عمه الــعــبــاس‪ ،‬وأبــي بكر‪ ،‬وعمر بن‬
‫ألصحابها‪:‬‬
‫الخطاب‪ ،‬وعلي بن أبي طالب‪ ،‬وسفيان بن‬
‫الحارث بن عبدالمطلب‪ ،‬في وقعة حنين إذا ل ـ ــم ت ـس ـت ـط ــع شـ ـيـ ـ ًئ ــا ف ــدع ــه‬
‫وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاوزْه إل ـ ـ ـ ــى م ـ ـ ــا تـ ـسـ ـتـ ـطـ ـي ــعُ‬ ‫بالقرب من الطائف‪ ،‬إذ ترجّ ل عليه السالم‬
‫وتنوعت مجاالت الشعر من مدح‪ ،‬وهجاء‪،‬‬ ‫عن فرسه وأخذ يرتجز‪:‬‬
‫ووصف‪ ،‬وفخر‪ ،‬وشكوى‪ ،‬وابتهال إلى اهلل‪،‬‬ ‫أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ــي ال كـ ـ ـ ـ ـ ــذب‬
‫أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ع ـ ـ ـبـ ـ ــدال ـ ـ ـم ـ ـ ـط ـ ـ ـلـ ـ ــب ورث ــاء وجــهــاد‪ ،‬وغ ــزل‪ ،‬وعــتــاب‪ ،‬وسياسة‪،‬‬
‫وحكمة‪ ،‬حتى قال بعض النقاد إن المتنبي‬
‫وحاول بعض رواة الشعر أن ينسبوا إلى‬
‫وأبــا تمام وهما في القمة من فن الشعر‬
‫امرئ القيس شعرًا قالوا إنه تضمن آية من حكيمان‪ ،‬وأن البحتري هو الشاعر الصافي‪.‬‬
‫القرآن في القول‪:‬‬
‫وأصبح الشعر العربي موسوعة‪ ،‬ال أظن‬
‫أن لغة من اللغات وصلت إلى مستواه في‬ ‫يطلب ال ـمــرء فــي الصيف الشتا‬
‫غزارته وعمقه وسموقه وروعته‪ ،‬وحتى‬ ‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ــإذا جـ ـ ـ ـ ــاء الـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـت ـ ـ ــاءُ أنـ ـ ـ ـك ـ ـ ــر ْه‬
‫في ابتذاله‪ .‬ولما عاب أحد النقاد على‬ ‫ف ـه ــو ال ي ـب ـقــى ع ـل ــى ح ـ ــال واح ــد‬
‫بشار بن برد قوله‪:‬‬ ‫قُ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــل اإلن ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ــان م ـ ـ ـ ــا أك ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــر ْه‬
‫رب ـ ـ ـ ــاب ـ ـ ـ ــة ربـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ال ـ ـب ـ ـيـ ــت‬ ‫والشعر موهبة ربانية‪ ،‬فأحمد شوقي‪،‬‬
‫ت ـ ـصـ ــب الـ ـخ ــل‬ ‫وعباس محمود العقاد شاعران‪ ،‬ولكن شتان‬
‫الزيت‬‫ِ‬ ‫في‬ ‫مــا بينهما‪ ،‬وهيهات أن يبلغ العقاد رغم‬
‫ثقافته الواسعة عُشر ما بلغه أحمد شوقي‬
‫في مضمار الشعر‪.‬‬
‫وقد جاء شويعر إلى شاعر النيل حافظ‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪104‬‬
‫نوافذ‬
‫ل ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ــر دج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات‬
‫ـوت‬
‫وديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـك حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــنُ ال ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫قــال هــذه ربابة جاريتي تخدمني‪ ،‬وأنا‬
‫كفيف‪ ،‬وتــطــرب بهذين البيتين أكــثــر من‬
‫طربها بشعر امريء القيس حين قال‪:‬‬
‫قبل مدبرٍ معً ا‬
‫مك ٍّر مف ٍّر مُ ٍ‬
‫عل‬
‫حطهُ السيلُ من ِ‬
‫كجلمود صخرٍ َّ‬ ‫ُ‬
‫وبلغت الدواوين الشعرية العربية عشرات‬
‫األلوف‪ .‬وما أكثر األبيات الشعرية الرائعة‬
‫التي تتربع على قمة السهل الممتنع‪ .‬خذ‬
‫مثال قــول الــشــاعــر النمر بــن تــولــب وهو‬
‫صحابي‪ ،‬رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫أحمد شوقي‬
‫خــاطــر بـنـفـســك إن أردت غنيمة‬
‫فقال‪ :‬وما هما؟‬ ‫إن ال ـج ـل ــوس م ــع ال ـع ـي ــال قـبـيــحُ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أو قول المتنبي‪:‬‬
‫هالك‬
‫ٍ‬ ‫هالك وابــن‬
‫ٌ‬ ‫ومــا الناس إال‬ ‫النعيم بعقله‬
‫ِ‬ ‫العقل يشقى في‬
‫ِ‬ ‫ذو‬
‫وذو ن ـس ـ ٍـب ف ــي ال ـهــال ـك ـيــن عــريــقُ‬ ‫وأخــو الشقاوة في الجهالة ينعمُ‬
‫فت‬
‫تكش ْ‬
‫وقبل مئة عام‪ ،‬سئل أحد الطالب النجباء إذا امتحن الدنيا لبيب ّ‬
‫لـ ــه عـ ــن ع ـ ـ ــد ٍّو فـ ــي ثـ ـي ــاب صــديــق‬ ‫في الثانوية كم تحفظ من أبيات الشعر‪،‬‬
‫ووجد النقاد متسعًا من القول في التحليل‬‫فقال عشرة آالف بيت‪ .‬قيل له ما هو أفضل‬
‫بيت منها في نظرك؟ فقال‪ :‬قول طرفة بن‬
‫والتعليل والتأصيل والتمثيل‪ .‬بل جاء في‬
‫العبد‪:‬‬
‫تاريخنا قيام محكمة الشعر ومسابقاته في‬
‫سوق عكاظ قبل اإلســام وبعده حتى عام‬ ‫لت أنني‬ ‫إذا القومُ قالوا من فتى ِخ ُ‬
‫عُ ـ ـنـ ـي ـ ُـت فـ ـل ــم أكـ ـس ــل ولـ ـ ــم أتـ ـبـ ـ ّل ـ ِـد ‪ 129‬هجرية‪ ،‬الذي كان يحضره كبار شعراء‬
‫والتقى الشاعران أبو نواس وأبو العتاهية‪ ،‬العرب‪ .‬واهتم الملك فيصل بن عبدالعزيز‬
‫فقال أبو نواس‪ :‬كثير من قصائدك تبهرني‪ .‬رحمه اهلل‪ ،‬قبل سبعين سنة بإحيائه‪ .‬ثم‬
‫فقال أبو العتاهية‪ :‬خذ قصائدي كلها بادر األمير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة‬
‫ببعثه من جديد عام ‪1428‬هـ‪.‬‬ ‫وأعطني بيتين اثنين من أبياتك‪.‬‬

‫‪105‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫وغنت أم كلثوم في عصرنا روائع القصائد‬
‫مثل قصيدة «ولد الهدى» ألحمد شوقي‪،‬‬
‫وقــصــيــدة «إلى عــرفــات اهلل»‪ ،‬وقصيدة‬
‫«مضناك جفاه مــرقــده»‪ ،‬وهــذي األخيرة‬
‫غنتها المطربة أنــغــام‪ ،‬بينما غنت فيروز‬
‫القصيدة األصــلــيــة للحصري القيرواني‬
‫وهي‪..‬‬
‫«ي ـ ـ ــا لـ ـ ـي ـ ــلُ ‪ ،‬الـ ـ ـص ـ ـ ُّـب مـ ـت ــى غ ـ ـ ــدُ ُه‬
‫أق ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــامُ الـ ـ ـ ـس ـ ـ ــاع ـ ـ ــة موعدُ هُ”‬
‫ومن نافلة القول‪ ،‬أن قصيدة الحصري‬
‫هذه عارضها عشرات الشعراء من مصر‬
‫والشام والعراق والمملكة العربية السعودية‬
‫وغيرها من أقطار العالم العربي المترامي‬ ‫حافظ إبراهيم‬
‫األطراف‪.‬‬
‫وقد عكفت قبل سنة على اختيار مئات‬ ‫واشــتــهــرت قــصــائــد كــثــيــرة فــي الشعر‬
‫العربي‪ ،‬وكانوا يعلقون القصائد الجميلة في األبيات الشعرية البديعة منها‪:‬‬
‫جوف الكعبة وسموها المعلقات‪ .‬وسارت‬
‫‪ -‬ال خـ ـ ـي ـ ــر ف ـ ـ ــي حـ ـ ـش ـ ــو الـ ـ ـك ـ ــام‬
‫إذا اهـ ـ ـ ـت ـ ـ ــدي ـ ـ ــت إل ـ ـ ـ ـ ــى صـ ـ ــوابـ ـ ــه‬ ‫أبيات شعرية باأللوف مسير الليل والنهار‪.‬‬
‫وتنازع الناس في اختيار أفضل شاعر‪ ،‬ولكل‬
‫‪ -‬ق ــوم ــي ه ـمــو ق ـت ـلــوا أم ـي ــم أخــي‬
‫إنــســان مشربه وذوق ــه‪ .‬ولما سئل الشيخ‬
‫ف ـ ـ ـ ــإذا رمـ ـ ـي ـ ــت ي ـص ـي ـب ـن ــي س ـه ـمــي‬
‫محمد متولي الشعراوي عن أكبر الشعراء‬
‫‪ -‬الخيل والليل والبيداء تعرفني‬
‫قــال األح ــم ــدان‪ ،‬أحــمــد الطيب المتنبي‪،‬‬
‫والسيف والرمح والقرطاس والقلم‬
‫وأحمد شوقي‪ ،‬ولــوال الحياء لقلت أحمد‬
‫ويــقــال إن هــذا البيت هــو السبب في‬ ‫شوقي‪ ،‬ألن المتنبي ال يصل إلــى مستوى‬
‫مواجهة المتنبي لخصمه‪ ،‬إذ إنه لما شعر‬
‫شوقي في المدائح النبوية!‬
‫بالكمين لقتله أراد الهرب‪ ،‬فقال له غالمه‪:‬‬
‫وصار الشعر في ثقافتنا مح ِّفزًا يحث على أثــبــت فــإنــك قلت الخيل والليل والبيداء‬
‫تعرفني‪ .‬فثبت‪ ،‬وقتل‪.‬‬ ‫الشهامة والنبل والكرم‪ ،‬كما قال أبو تمام‪:‬‬
‫‪ -‬إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه‬ ‫**ولوال ِخالل سنّها الشعرُ ما درى‬
‫وص ـ ـ ـ ــدّ ق م ـ ــا يـ ـعـ ـت ــاده م ـ ــن ت ــوهّ ــم‬ ‫ب ـن ــاة ال ــعُ ــا ك ـيــف ُت ــؤت ــى ال ـم ـك ــارمُ‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪106‬‬
‫نوافذ‬
‫وفي هذه األيام من شهر رجب ‪1444‬هـ‬ ‫وعـ ـ ــادى م ـح ـب ـيــه ب ـق ــول خـصــومــه‬
‫وأصبح في ليل من الشك مظلم وقــعــت فاجعة الــزلــزال فــي كــل مــن تركيا‬
‫وســوريــا‪ ،‬وقــضــى فيها أكــثــر مــن عشرين‬ ‫‪ -‬رأيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ال ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــاس ُخـ ـ ـ ـ ــدّ اعـ ـ ـ ـ ــا‬
‫إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداعِ ألف إنسان‪ ،‬رحمة اهلل عليهم‪ .‬وقد تجاوب‬
‫الشعراء العرب في التعبير عن الحزن‪ .‬ومن‬
‫ي ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـ ــون مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـ ــذئ ـ ـ ـ ـ ــب‬
‫وي ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ــون م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع الـ ـ ـ ـ ـ ــراعـ ـ ـ ـ ـ ــي ذلك قول الدكتور سعد بن عطية الغامدي‪:‬‬
‫وق ــد حــضــر أعــرابــي فــي مجلس أحــد ف ــي ي ـ ــوم ُج ـم ـعــتِ ـكــم ل ـك ــم إخـ ـ ــوانُ‬
‫ج ـم ـع ـ ْت ـه ــمُ ف ـ ــي ك ـف ـه ــا األح ـ ـ ـ ــزانُ‬ ‫خلفاء بني أمية‪ ،‬فسأل الخليفة أي بيت قاله‬
‫فــي لحظة أمـســوا وال م ــأوى لهم‬ ‫الشعراء أغزل‪ ،‬فقال األعرابي قول جرير‪:‬‬
‫إال ال ــدج ــى وال ـ ـخـ ــوف واألك ـ ـفـ ــانُ‬ ‫إن الـعـيــون الـتــي فــي طرفها حــورٌ‬
‫ـصـ ــوهـ ــمُ ب ــدع ــائـ ـك ــم وب ـم ــال ـك ــم‬‫ق ـت ـل ـن ـنــا ثـ ــم لـ ــم ي ـح ـي ـيــن ق ـتــانــا خـ ـ ّ‬
‫وهَ ـ ـ ـ ُبـ ـ ــوا فـ ـم ــا لـ ـلـ ـح ــادث ــات أمـ ـ ــانُ‬ ‫يصرعنَ ذا الل ُِّّب حتى ال حراك به‬
‫وه ـ ــن أضـ ـع ــف خ ـل ــق اهلل إن ـســانــا‬
‫ال تـ ـخ ــذل ــوه ــم‪ ،‬أن ـ ـتـ ــمُ ع ـ ــون لـهــم‬
‫وال ـ ـحـ ــر ي ـق ـص ــر دون ـ ـ ــه ال ـ ـخـ ــذالن‬ ‫فقال الخليفة‪ :‬أي بيت أهجى؟‬
‫فقال األعرابي ‪-‬وكــان ال يعرف جريرًا‬
‫وقد حدث زلزال في مصر عام ‪1908‬م‪،‬‬
‫وال جرير يعرفه‪ -‬قول جرير‪:‬‬
‫فأنشأ شاعر النيل حافظ إبراهيم قصيدة‬
‫فــي وصــف الــحــدث الكبير والــتــوجــه لمن‬ ‫ـرف إن ـ ــك م ــن نـمـيــر‬ ‫ـض ال ـ ـطـ ـ َ‬ ‫ف ــغُ ـ َّ‬
‫ف ـ ـ ــا كـ ـ ـعـ ـ ـ ًب ـ ــا بـ ـ ـلـ ـ ـغ ـ ــتَ وال كـ ــابـ ــا أصيبوا به‪ .‬وفي ذلك مصداق األثر الذي‬
‫يُروى عن الخليفة عمر بن الخطاب‪ ،‬رضي‬ ‫فقال الخليفة‪ :‬أي بيت أمدح؟‬
‫فــقــال األع ــراب ــي ق ــول جــريــر يــا أمير اهلل عنه‪ ،‬أنــه قــال «الشعر ديــوان العرب»‬
‫إذ أنــه يسجل أفراحهم وأحزانهم ووقائع‬ ‫المؤمنين‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬
‫أيامهم‪.‬‬ ‫أل ـس ـتــم خ ـيــر م ــن ركـ ــب ال ـم ـطــايــا‬
‫وإني ألقترح على مجلة «الجوبة» الزاهرة‬ ‫وأنـ ـ ـ ـ ــدى الـ ـع ــالـ ـمـ ـي ــن ب ـ ـطـ ــون راح‬
‫فلم يتمالك جرير نفسه فقام وعانق نشر قصيدة حافظ إبراهيم المذكورة آنفا‬
‫األعــرابــي وقــال‪ :‬يا أمير المؤمنين نصف بما أن هذا العام ‪2023‬م قد اختارته وزارة‬
‫الثقافة ليكون عام الشعر‪.‬‬ ‫عطائي لهذا األعرابي‪.‬‬
‫* نائب مدير مركز معلومات مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر‪ /‬جدة‪ .‬ومترجم‪.‬‬

‫‪107‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫(يونيو ‪ -‬ديسمبر ‪)2021‬‬ ‫تقرير النشاط الثقافي‬
‫في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫■ محمد صالح أبو عمر‬

‫شهد النشاط الثقافي في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي خــال فترة التقرير أنشطة‬
‫جديدة ومتنوعة في الموضوعات المنفذة‪ ،‬التي تختارها المجالس الثقافية في كل من دار العلوم‬
‫بالجوف ودار الرحمانية بالغاط‪ ،‬وفــي قسمَيّ الرجال والنساء فيهما‪ .‬ويستمر المركز في أداء‬
‫رسالته الثقافية‪ ،‬وتحقيق رؤيته وفق ما جاء في أهداف المركز منذ تأسيسه من خالل ما يقدمه‬
‫في برامجه الثقافية‪ ،‬ومنتدياته السنوية‪ ،‬والورش التدريبية المتنوعة‪.‬‬
‫وكانت أبرز المحاضرات واللقاءات والملتقيات في المركز على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المحاضرات والبرامج العامة‪:‬‬

‫التاريخ‬ ‫المنفذ‬ ‫النشاط‬ ‫م‬


‫‪2022/07/28‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬تسويق التمور داخل اململكة وخارجها) قدمها أ‪/‬‬ ‫‪١‬‬
‫عبدالرحمن الكريدا‪.‬‬
‫‪2022/08/17‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬التوحد) قدمها الدكتور هيثم سالم بيبرس‪.‬‬ ‫‪٢‬‬
‫‪2022/08/31‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬أساسيات البحث العلمي) قدمتها أ‪ .‬د‪/.‬سماح سالم‬ ‫‪٣‬‬
‫عوض‪-‬مدير مركز بحوث وتدريب القادة جامعة حلوان‪-‬القاهرة‪.‬‬
‫‪2022/09/16‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫محاضرة‪( :‬سفير احلياة) بالتعاون مع هيئة الهالل األحمر فرع‬ ‫‪٤‬‬
‫اجلوف‪.‬‬
‫‪2022/09/25‬‬ ‫محاضرة‪( :‬غرس حب الوطن يف قلوب أبنائنا) بالشراكة مع كلية دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪٥‬‬
‫العلوم والدراسات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪2022/10/05‬‬ ‫دار العلوم‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬منحوتات موقع اجلِ مال يف منطقة اجلوف) قدمها‬ ‫‪٦‬‬
‫أ‪ .‬حسني بن علي اخلليفة‪.‬‬
‫‪2022/10/25‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬الغبار يف املدن الصحراوية‪ :‬باململكة العربية‬ ‫‪٧‬‬
‫السعودية) شارك فيها د‪ .‬نايف املعيقل‪-‬جامعة اجلوف ود‪ .‬بشير‬
‫جرار ‪-‬جامعة‪ -‬األردن‪.‬‬
‫‪2022/09/30‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫محاضرة‪( :‬دور األعمال التطوعية يف تنمية وتطوير املدن)‬ ‫‪٨‬‬
‫مبناسبة اليوم العاملي للمدن‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪108‬‬
‫تقارير‬
‫‪2022/11/05‬‬ ‫دار العلوم‪-‬رجال‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات‬ ‫‪٩‬‬
‫السعودية‪( :‬الدورة السادسة عشرة) بعنوان‪( :‬األمن الغذائي يف‬
‫ضوء املتغيرات احمللية والعاملية)‪.‬‬
‫‪2022/11/08‬‬ ‫‪ ١٠‬محاضرة (إدارة املهام يف بيئة العمل) قدمها أ‪ .‬فيصل بن سالمة دار الرحمانية‪-‬رجال‬
‫الوقيد‪-‬رئيس قسم التميز املؤسسي بإدارة تعليم اجلوف‪.‬‬
‫‪2022/11/08‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫‪ ١١‬ندوة‪( :‬دور اإلصالح يف التركات) قدمها د‪ .‬سلطان حذيفة‬
‫الطوالة ود‪ .‬الهادي عبداهلل احلسن‪ .‬تنفيذ كرسي محمد بن‬
‫أحمد الفوزان للتركات بجامعة املجمعة‪.‬‬
‫‪2022/11/14‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫‪ ١٢‬محاضرة‪( :‬التوعية بداء السكري) قدمها د‪ .‬أحمد النصار‪.‬‬
‫‪2022/11/16‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫‪ ١٣‬محاضرة‪( :‬واقع الدراسات االستشرافية يف األكادميية الغربية)‬
‫قدمها د‪ .‬محمد دجون الرويلي‪.‬‬
‫‪2022/12/14‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٤‬منتدى منيرة امللحم (الدورة ‪ )15‬بعنوان‪ :‬األسرة يف ظل‬
‫التحديات املعاصرة‪.‬‬
‫‪2022/12/21‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫‪ ١٥‬محاضرة‪ :‬صدور معجم العباب الزاخر‪ .‬إكمال للبنية الغائبة يف‬
‫جدًار املجمعات قدمها د‪ .‬عائض الردادي‪.‬‬
‫‪2022/12/25‬‬ ‫دار العلوم‪-‬رجال‬ ‫‪ ١٦‬محاضرة‪( :‬اللغة العربية يف عيون الشعراء) قدمها د‪ .‬عبداهلل‬
‫البسيوني‪-‬أستاذ اللغة العربية بجامعة املجمعة‪.‬‬
‫‪2022/12/28‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫‪ ١٧‬محاضرة‪( :‬االتصال اللغوي وأثره يف بناء شخصية الشباب)‪،‬‬
‫ألقاها أ‪ .‬أحمد مقرم النهدي‪.‬‬
‫‪2022/12/26‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٨‬احملاضرة األولى من سلسلة محاضرات البحث العلمي بعنوان‬
‫(اختيار موضوع البحث العلمي)‪ ،‬بالتعاون مع عمادة البحث‬
‫العلمي يف جامعة املجمعة‪ ،‬قدمتها د‪ .‬وردة احلقيل‬

‫ثانيا‪ :‬الدورات التدريبية والتعليمية وورش العمل والمسابقات واللقاءات والمبادرات‪:‬‬


‫التاريخ‬ ‫المنفذ‬ ‫النشاط‬ ‫م‬
‫‪2022/07/22‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ١‬ورشـة‪‬‭‬عمل‪‬‭‬بعنوان‪‬:‭‬‮«‬‪‭‬كيف‪‬‭‬تصبح‪‬‭‬متطو ًعا‪‬‭‬ماه ًرا‪‬»‭‬قدمتها‪‬‭‬أ‪‬/‭‬ريم‪‬‭‬ناصر‪‬‭‬الدوسـري‪-‭‬‬
‫‬أخصائية‪‬‭‬اجتماعية‪‬.‭‬‬
‫‪2022/07/02‬‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٢‬مناقشة‪‬‭‬كتابي‪‬( :‭‬القلب‪‬‭‬المؤمن‪‬-‭‬وهل‪‬‭‬يلحد‪‬‭‬القلب؟‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/07/03‬‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٣‬حفل‪‬‭‬ختام‪‬‭‬األنشطة‪‬‭‬وتكريم‪‬‭‬المتطوعين‪‬.‭‬‬
‫‪2022/07/18‬‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٤‬الدورة‪‬‭‬التدريبية‪‬‭‬ألعضاء‪‬‭‬الهيئة‪‬‭‬اإلدارية‪‬‭‬لنادي‪‬‭‬األمل‪‬‭‬للتوست‪‬‭‬ماستر‬
‫‪2022/07/03‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٥‬الورشـة‪‬ ‭‬الحاديـة‪‬ ‭‬عشـرة‪‬ ‭‬ضمـن‪‬ ‭‬سلسـلة‪‬ ‭‬النحـو‪‬ ‭‬الميسـ ‪‭‬ر (‬اسـم‪‬ ‭‬التفضيـل‪‬ ‭‬وحاالتـه‪-‭‬‬
‫‬اسـما‪‬ ‭‬الزمـان‪‬ ‭‬والمكان‪‬-‭‬اسـم‪‬ ‭‬اإللـه‪‬ )‭‬قدمهـا‪‬ ‭‬المـدرب‪ ‭‬أ‪‬ .‬محمـد‪‬ ‭‬صلاح‪‬.‭‬‬
‫دار‪‬‭‬الرحمانية‪-‬‭‬رجال‪‬‭‬ونساء ‪2022/07/17‬‬ ‫‪ ٦‬دورة‪‬‭‬اللغة‪‬‭‬اإلنجليزية‪‬‭‬بإشراف‪‬‭‬شركة‪‬‭‬الخليج‪‬‭‬للتعليم‬
‫‪2022/07/20‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٧‬ورشة‪( :‭‬صحح‪‬‭‬أخطاءك‪‬‭‬اإلمالئية‪‬)‭‬قدمها‪‬‭‬المدرب‪‬‭‬أ‪‬.‭‬محمد‪‬‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫مستمر‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪‬‭ ٨‬مبادرة‪‬( :‭‬دقق‪‬)‭‬اللغوية‪‬.‭‬‬
‫مستمر‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٩‬دورة‪‬‭‬بأصحاب‪‬‭‬الصلة‪‬( ‭‬قالون‪‬‭،‬ابن‪‬‭‬كثير‪‬‭،‬أبي‪‬‭‬جعفر‪‬.)‭‬‬
‫مستمر‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ١٠‬حلقات‪‬‭‬تحفيظ‪‬‭‬القرآن‪‬‭‬الكريم‬

‫‪109‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫مستمر‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ١١‬دورة‪‬‭‬في‪‬‭‬القاعدة‪‬‭‬النورانية‬
‫مستمر‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ١٢‬دورة‪‬‭‬حفظ‪‬‭‬األربعين‪‬‭‬النووية‬
‫‪2022/08/31-3‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ 13‬عـرض‪‬‭‬الكتـب‪‬‭‬التاليـة‪‬( :‭‬علـوم‪‬‭‬الفقـه‪‬( .)‭‬حتـى‪‬‭‬ال‪‬‭‬تذبـل‪‬‭‬قيمنـا‪‬( .)‭‬ألنـك‪‬‭‬اهلل‪‬(-.)‭‬اقرأ‪.)‭‬‬
‫‬فـي‪‬‭‬ملتقـى‪‬‭‬كنـوز‪‬‭‬للقراءة‬
‫‪2022/08/07‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ 14‬الورشة‪‬‭‬األولى‪‬‭‬في‪‬‭‬سلسلة‪( :‭‬صحح‪‬‭‬أخطاءك‪‬‭‬اإلمالئية‪‬)‭‬قدمها‪‬‭‬المدرب‪‬‭‬أ‪‬.‭‬محم ‪‭‬د‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/08/14‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ١٥‬الورشة‪‬‭‬الثاني ‪‭‬ة‬ف ‪‭‬ي‬سلسلة‪( :‭‬صحح‪‬‭‬أخطاء ‪‭‬ك‬اإلمالئية‪‬)‭‬قدمها‪‬‭‬المدرب‪‬‭‬أ‪‬.‭‬محمد‪‬‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/08/21‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ١٦‬الورش ‪‭‬ة‬الثالثة‪‬‭‬في‪‬‭‬سلسلة‪( :‭‬صحح‪‬‭‬أخطاءك‪‬‭‬اإلمالئية‪‬)‭‬قدمها‪‬‭‬المدرب‪‬‭‬أ‪‬.‭‬محمد‪‬‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪ ١٧‬دورة‪‬( :‭‬اإلتيكيـت‪‬ ‭‬والبروتوكـوالت‪‬ ‭‬والعالقـات‪‬ ‭‬العامـة‪‬ )‭‬بالتعـاون مـع‪‬ ‭‬شـركة‪‬ ‭‬الخليـج‪ ‭‬دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‪‬‭‬ونساء ‪2022/08/25-21‬‬
‫‬للتعليـم‪‬ ‭‬والتدريـب‪‬.‭‬‬
‫‪2022/08/28‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ١٨‬الورشـة‪‬‭‬الرابعـة‪‬‭‬فـي‪‬‭‬سلسـلة‪( :‭‬صحـح‪‬‭‬أخطاءك‪‬‭‬اإلمالئية‪‬)‭‬قدمهـا‪‬‭‬المدرب‪‬‭‬أ‪‬.‭‬محمد‪‭‬‬
‫‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/08/01‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ١٩‬ورشـة‪‬‭‬تصميـ ‮م «‬العـروض‪‬‭‬التقديميـة‪‬‭‬باسـتخدام‪‬‭‬برنامـج‪‬»‭YAWS‬ ‭‬قدمتهـا‪‬‭‬أ‪‬.‭‬نـوف‪‭‬‬
‫‬ناصـر‪‬‭‬الدوسـري‪‬‭‬خبيـر‪‬‭‬مايكروسـوفت‪‬‭‬للتعلـم‪‬‭‬اإلبداعـي‪‬.‭‬‬
‫‪2022/08/08‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٢٠‬ورشـة‪‬ ‭‬التعليـم‪‬ ‭‬والتحـول‪‬ ‭‬الرقمـي‪‬ ‭‬قدمتهـ‪‭‬ا أ‪‬ .‬هنـاء‪‬ ‭‬مطلـق‪‬ ‭‬القرشـ ‪‭‬ي‪‬-‬معلمة‪‬ ‭‬وخبيـرة‪‭‬‬
‫‬مايكروسـوفت‬
‫‪2022/08/22‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٢١‬ورشـة‪‬( :‭‬التخطيـط‪‬ ‭‬اإلسـتراتيجي‪‬ )‭‬قدمتهـا‪‬ ‭‬أ‪‬ .‭‬حنـان‪‬ ‭‬عبـد‪‬ ‭‬الرحمـن‪‬ ‭‬السـليماني‪‭‬‬
‫‬مستشـارة‪‬ ‭‬تدريـب‪‬ ‭‬وتعليـم‪‬ ‭‬فـي‪‬ ‭‬مؤسسـة‪‬ ‭‬الجـودة‬
‫مستمر‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٢٢‬لقاء‪‬‭‬التوست‪‬‭‬ماسترز‪‬‭‬بداية‪‬‭‬اإلنجازات‪‬‭‬الصحيحة‬
‫مستمر‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٢٣‬مبادرة‪‬‭‬الطريقة‪‬‭‬الصحيحة‪‬‭‬لتأسيس‪‬‭‬طفلك‪‬‭‬للموسم‪‬‭‬الثالث‪‬.‭‬‬
‫‪٢٠٢٢/٨/١١‬‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٢٥‬أمسية‪‬‭‬أسرية‪‬‭‬بعنوان‪‬( :‭‬الشغف‪‬‭‬الداخلي‪‬‭‬وتقدير‪‬‭‬الذات‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/08/28-7‬‬ ‫دار‪‬‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٢٧‬عــرض‪‬‭‬الكتـب‪‬‭‬التاليـة‪‬( :‭‬رائحـة‪‬‭‬الطفولـة‪‬( .)‭‬الجــوف‪‬‭‬فـي‪‬‭‬عيــون‪‬‭‬مصوريـن‪‬( .)‭‬نشــيد‪‭‬‬
‫‬الحياة‪‬(-.)‭‬العالـم‪‬‭‬علـى‪‬‭‬ظهـر‪‬‭‬دراجـة‪‬.)‭‬فـي‪‬‭‬ملتقـى‪‬‭‬كنــوز‪‬‭‬للقــراءة‬
‫‪2022/09/05‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫ف‬أعــرف‪‬‭‬شــغفي‪‬)‭‬قدمهـ‪‭‬ا‬د‪‬/.‭‬عبـد‪‬‭‬اهلل‪‬‭‬القرشي‪‬-‭‬مستشــار‪‬‭‬أســرى‪‬-‭‬مدرب‪‭‬‬ ‫‪ ٢٨‬ورشـة‪‬( :‭‬كيـ ‪‭‬‬
‫‬معتمـد‪‬‭‬مـن‪‬‭‬المؤسسـ ‪‭‬ة‬العامـة‪‬‭‬للتدريـب‪‬‭‬التقني‪‬-‭‬دكتــورا‪‭‬ه‬فـي‪‬‭‬اإلرشــا ‪‭‬د‬االســري‪‬.‭‬‬
‫‪2022/09/05‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٢٩‬ورشـة‪‬( :‭‬كيـف‪‬‭‬نبنـي‪‬‭‬عالقـة‪‬‭‬إيجابيـة‪‬‭‬مـع‪‬‭‬أطفالنــا؟‪‬)‭‬قدمتهـا‪‬‭‬األســتاذ‪‭‬ة‪‬/‬هناء‪‬‭‬ســليمان‪‭‬‬
‫‬البلــو ‪‭‬ي ‪‬-‬ماجســتير‪‬‭‬طفولـة‪‬‭‬مبكــر‪‭‬ة ‪‬-‬جامعـة‪‬‭‬الملـك‪‬‭‬ســعود‪‬-‭‬مدرب‪‬‭‬معتمـد‪‬.‭‬‬
‫‪2022/09/17‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٣٠‬ورش ـة‪(‬ :‭‬ال‪‬‭‬تك ـن‪‬‭‬ضحيته ـم‪‬‭‬القادمة‪‬-‭‬األم ـن‪‬‭‬الســيبراني‪‬)‭‬قدمه ـا‪‬‭‬األستاذ‪‬/‭‬ســلطان‪‭‬‬
‫‬عب ـد‪‬‭‬اهلل‪‬‭‬عســيري‪‬-‭‬باحث‪‬‭‬أم ـن‪‬‭‬ســيبراني‪‬-‭‬مهتم‪‬‭‬بتتب ـع‪‬‭‬طــرق‪‬‭‬االحتيــال‪‬.‭‬‬
‫‪2022/09/25‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٣١‬مناقشـة‪‬‭‬كتــاب‪‬( :‭‬مالمـح‪‬‭‬مـن‪‬‭‬ســيرة‪‬‭‬الملـك‪‬‭‬عبـد‪‬‭‬العزيـز‪‬‭‬بـن‪‬‭‬عبدالرحمـن‪‬‭‬آل‪‬‭‬ســعود‪)‭‬‬
‫‬بملتقـي‪‬‭‬القــراءة‪‬( ‭‬رجــال‪‬)‭‬‬
‫‪2022/09/26‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٣٢‬إقام ـة‪‬‭‬أمســية‪‬‭‬شــعرية‪‬‭‬للشــاعر‪‬/‭‬مهدي‪‬‭‬ب ـن‪‬‭‬عبــار‪‬‭‬العنــزي‪‬‭،‬أدراه ـا‪‬‭‬مدي ـر‪‬‭‬جمعي ـة‪‭‬‬
‫‬الثقاف ـة‪‬ ‭‬والفنــون‪‬ ‭‬األســتاذ‪‬/‭‬خالد‪‬ ‭‬العيس ـي‪‬.‭‬‬
‫‪2022/09/26‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٣٣‬نــدوة‪‬( :‭‬ف ـي‪‬‭‬ح ـب‪‬‭‬الوط ـن‪‬)‭‬شــارك‪‬‭‬به ـا‪‬:‭‬د‪‬/.‭‬جمي ـل‪‬‭‬الحميد‪‬-‭‬الملح ـق‪‬‭‬الثقاف ـي‪‬‭‬ف ـ ‪‭‬ي‬
‫‬دول ـة‪‬‭‬الكويــت‪‬‭،‬د‪‬.‭‬ة‪‬/‭‬ميســون‪‬‭‬مزكــي‪‬‭،‬د‪‬/.‭‬فيص ـل‪‬‭‬الشــاعل‪‬‭،‬وأداره ـا‪‬‭‬عض ـو‪‬‭‬المجل ـس‪‭‬‬
‫‬الثقاف ـي‪‬‭‬أ‪‬/.‭‬محم ـد‪‬‭‬هلي ـل‪‬‭‬الرويل ـي‪‬.‭‬‬
‫‪2022/09/06‬‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٣٤‬مناقشة‪‬‭‬كتاب‪‬( :‭‬القيادة‪‬‭‬اليوسفية‪‬‭‬والمنظومة‪‬‭‬القيمية‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/09/25‬‬ ‫دار‪‬‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٣٥‬ورش ـة‪‬( :‭‬المنشــآت‪‬ ‭‬الصغيــرة‪‬ ‭‬والمتوســطة‪‬ ‭‬والتســويق‪‬ ‭‬االلكترون ـي‪‬ )‭‬بالتعــاون‪‬ ‭‬م ـع‪‭‬‬
‫‬الســفارة‪‬ ‭‬األمريكي ـة‪‬ ‭‬قدمته ـا‪‬ ‭‬أ‪‬/.‭‬زين ـة‪‬ ‭‬الطال ـب‪‬.‭‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪110‬‬
‫تقارير‬
‫‪2022/09/04‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٣٦‬ورشة‪‬( ‭‬األخطاء‪‬‭‬الشائعة‪‬‭‬في‪‬‭‬الهمزات‪‬)‭‬قدمها‪‬‭‬أ‪‬/.‭‬محمد‪‬‭‬صالح‪‬‭‬أبو‪‬‭‬عمر‪‬.‭‬‬
‫‪2022/9/10-8‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪‬( ‭ ٣٧‬معــرض‪‬‭‬الغــاط‪‬‭‬للتمــور‪‬)‭‬وذلـك‪‬‭‬بهــدف‪‬‭‬إبــراز‪‬‭‬منتـج‪‬‭‬التمــور‪‬‭‬بالغــاط‪‬‭‬وتوســيع‪‬‭‬النطــا ‪‭‬ق‬
‫‬التســويقي‪‬‭‬وجــذب‪‬‭‬القــوة‪‬‭‬الشــرائية‪‬‭‬وتطويـر‪‬‭‬المنتجــات‪‬‭‬ومســاعدة‪‬‭‬المزارعيـن‪‬‭‬علـى‪‭‬‬
‫‬تســويق‪‬‭‬منتجاتهـم‪‬‭‬بمشــاركة‪‬‭‬عــدد‪‬)‭32‬( ‭‬مزرعـة‪‬‭‬بمحافظـة‪‬‭‬الغــاط‪‬.‭‬‬
‫‪2022/09/13‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٣٨‬ملتق ـى‪‬‭‬القــراءة‪‬‭‬رق ـم‪‬)٥٠( ‭‬بــدار‪‬‭‬الرحماني ـة‪‬‭‬لمناقش ـة‪‬‭‬كتــاب‪‬( ‭‬تحقي ـق‪‬‭‬النجــاح‪‬‭‬ف ـي‪‭‬‬
‫‬عص ـر‪‬‭‬الــذكاء‪‬‭‬االصطناع ـي‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/09/18‬‬ ‫دا ‪‭‬ر‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٣٩‬الورشة‪‬‭‬األولى‪‬( :‭‬سلسلة‪‬‭‬التأسيس‪‬‭‬في‪‬‭‬النحو‪‬)‭‬قدمها‪‬‭‬المدرب‪‬‭‬أ‪‬/.‭‬محمد‪‬‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/9/29-28‬‬ ‫دار‪‬‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٤٠‬دورة‪‬( :‭‬التســويق‪‬ ‭‬اإللكترون ـي‪‬ ‭‬للمشــاريع‪‬ ‭‬الصغيــرة‪‬ ‭‬والمتوســطة‪‬ .)‭‬بالشــراكة‪‬ ‭‬م ـع‪‭‬‬
‫‬الملحقي ـة‪‬ ‭‬الثقافي ـة‪‬ ‭‬بالســفارة‪‬ ‭‬األمريكيــة‬
‫‪2022/9/11-8‬‬ ‫دار‪‬‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٤١‬إقام ـة‪‬‭‬رك ـن‪‬‭‬لألس ـر‪‬‭‬المنتج ـة‪‬‭‬والتاج ـر‪‬‭‬الصغي ـر‪‬‭‬ف ـي‪‬‭‬معــرض‪‬‭‬منتجــات‪‬‭‬التمــور‪‬‭‬بــدار‪‭‬‬
‫‬الرحماني ـة‪‬‭‬لمــدة‪‬‭3‬‭‬أيــام‪‬.‭‬‬
‫‪2022/09/21‬‬ ‫دار‪‬‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٤٢‬تنظيم‪‬‭‬احتفال‪‬‭‬بمناسبة‪‬‭‬اليوم‪‬‭‬الوطني‪‬‭29‬‭‬بحضور‪‬‭‬فريق‪‬‭‬الرحمانية‪‬‭‬التطوعي‬
‫‪2022/09/23‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٤٣‬إنشاء‪‬ ‭‬ركن‪‬ ‭‬عن‪‬ ‭‬مكتبة‪‬ ‭‬منيرة‪‬ ‭‬بنت‪‬ ‭‬محمد‪‬ ‭‬الملحم‪‬ ‭‬في‪‬ ‭‬احتفاالت‪‬ ‭‬البلدية‪.‬‬
‫‪2022/10/11‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٤٤‬ورش ـة‪‬( :‭‬توجي ـه‪‬ ‭‬ســلوك‪‬ ‭‬الطف ـل‪‬ )‭‬قدمته ـا‪‬ ‭‬األســتاذة‪‬/‭‬هياء‪‬ ‭‬الســليمي‪‬-‭‬مدرب‪‬ ‭‬معتم ـد‪‭‬‬
‫‬لمعلمــات‪‬ ‭‬ريــاض‪‬ ‭‬األطفــال‪‬ ‭‬والطفول ـة‪‬ ‭‬المبكــرة‪‬.‭‬‬
‫‪2022/10/17‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٤٥‬ورش ـة‪‬( :‭‬اإللقــاء‪‬ ‭‬ومواجه ـة‪‬ ‭‬الجمهــور‪‬ )‭‬قدمه ـا‪‬ ‭‬م ـن‪‬ ‭‬ســلطنة‪‬ ‭‬عمــان‪‬ ‭‬المدرب‪‬/‭‬محم ـد‪‭‬‬
‫‬عب ـد‪‬ ‭‬اهلل‪‬ ‭‬القاســمي‪‬-‭‬مدرب‪‬ ‭‬دول ـي‪‬ ‭‬معتم ـد‪‬ ‭‬م ـن‪‬ ‭‬االكاديمي ـة‪‬ ‭‬العالمي ـة‪‬ ‭‬ببريطاني ـا‪‬.‭‬‬
‫‪2022/10/25‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلوم‪-‬ ‭‬رجال‪‬ ‭‬ونساء‬ ‫‪ ٤٦‬استضافة‪‬ ‭‬مبادرة‪‬( ‭‬سفرة‪‬ ‭‬جوفية‪‬ )‭‬في‪‬ ‭‬حديقة‪‬ ‭‬القسم‪‬ ‭‬النسائي‪،‬‬
‫‪2022/10/10‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪‬ ‭ ٤٧‬ملتق ـى‪‬( :‭‬جع ـل‪‬ ‭‬الصح ـة‪‬ ‭‬النفســية‪‬ ‭‬والرفاهي ـة‪‬ ‭‬للجمي ـع‪‬ ‭‬أولوي ـة‪‬ ‭‬عالمي ـة‪‬ .)‭‬بمناســبة‪‭‬‬
‫‬اليــوم‪‬ ‭‬العالم ـي‪‬ ‭‬للصح ـة‪‬ ‭‬النفســية‪.‬‬
‫‪2022/10/18‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٤٨‬ملتقى‪‬ ‭‬اتجاه‪‬ ‭‬البوصلة‪‬ ‭‬إقامة‪‬ ‭‬لقاء‪‬( :‭‬تجربة‪‬ ‭‬متطوع‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/10/13-9‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪‬ ‭ ٤٩‬دورة‪‬( :‭‬دورة‪‬ ‭‬األم ـن‪‬ ‭‬الســيبراني‪‬ )‭‬لمــدة‪‬ ‭5‬ ‭‬أيــام‪‬ ‭‬بإشــراف‪‬ ‭‬شــركة‪‬ ‭‬الخلي ـج‪‬ ‭‬للتعلي ـم‪‭‬‬
‫‬والتدري ـب‪‬.‭‬‬
‫‪2022/10/12‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٥٠‬محاضــرة‪‬( :‭‬الرخص ـة‪‬ ‭‬المهني ـة‪‬ ‭‬للمعلمي ـن‪‬ :‭‬ضواب ـط‪‬ ‭‬وتطبيقــات‪‬ )‭‬قدمه ـا‪‭‬‬
‫‬األستاذ‪‬/‭‬مســعد‪‬ ‭‬العنــزي‪‬.‭‬‬
‫‪2022/10/18‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحماني ‪‭‬ة‪‬-‬رجال‬ ‫‪ ٥١‬الورشـة‪‬ ‭‬الثانيـة‪‬( :‭‬سلســلة‪‬ ‭‬التأســيس‪‬ ‭‬فـي‪‬ ‭‬النحـو‪‬ )‭‬قدمهـا‪‬ ‭‬المــدرب‪‬ ‭‬أ‪‬/.‭‬محمـد‪‬ ‭‬صــاح‪‭‬‬
‫‬أبـو‪‬ ‭‬عمـ ‪‭‬ر‪‬.‬‬
‫‪2022/10/23‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحماني ‪‭‬ة‪‬-‬رجال‬ ‫‪ ٥٢‬الورشة‪‬ ‭‬الثالثة‪‬( :‭‬سلسلة‪‬ ‭‬التأسيس‪‬ ‭‬في‪‬ ‭‬النحو‪‬ )‭‬قدمها‪‬ ‭‬المدرب‪‬ ‭‬أ‪‬/.‭‬محمد‪‬ ‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/10/24‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحماني ‪‭‬ة‪‬-‬رجال‬ ‫‪‬( ‭ ٥٣‬البرنامج‪‬ ‭‬العلمي‪‬ ‭‬لمنسوبي‪‬ ‭‬المساجد‪‬.)‭‬‬
‫‪ ٥٤‬تنفيذ‪‬ ‭‬إدارة‪‬ ‭‬األوقاف‪‬ ‭‬والمساجد‪‬ ‭‬في‪‬ ‭‬محافظة‪‬ ‭‬الغاط‪.‬‬
‫‪2022/10/30-2‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٥٥‬عــرض‪‬ ‭‬الكتـب‪‬ :)‭‬حيــاة‪‬ ‭‬اإلدارة‪‬-‭‬روائـع‪‬ ‭‬مـن‪‬ ‭‬الشــعر‪‬ ‭‬النبطي‪-‬ ‭‬ســبيلك‪‬ ‭‬إلـى‪‬ ‭‬الوقايـة‪‬ ‭‬مـ ‪‭‬ن‬
‫‬ســرطان‪‬ ‭‬الثدي‪‬-‭‬هكــذا‪‬ ‭‬علمتن ـي‪‬ ‭‬الحيــاة‪-‬ ‭‬ ‭‬هــذا‪‬ ‭‬م ـا‪‬ ‭‬اســتوحيته‪‬ ‭‬م ـن‪‬ ‭‬النــاس‪‬ .)‭‬بملتق ـى‪‭‬‬
‫‬كنــوز‪‬ ‭‬للقــراءة‪.‬‬
‫‪2022/10/9‭ -‬13‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٥٦‬دورة‪‬( :‭‬أمن‪‬ ‭‬المعلومات‪‬ ‭‬الحاسوبية‪‬ )‭‬عن‪‬ ‭‬بعد‪‬.‭‬‬
‫‪2022/10/11‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٥٧‬محاضرة‪‬( :‭‬أساسيات‪‬ ‭‬البحث‪‬ ‭‬العلمي‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/10/27‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٥٨‬ملتقى‪‬ ‭‬القراءة‪‬ ‭‬الثالث‪‬ ‭‬والعشرون‪‬ ‭‬لمناقشة‪‬ ‭‬كتاب‪‬( :‭‬فن‪‬ ‭‬التخلي‪‬.)‭‬‬

‫‪111‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫‪2022/10/31‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٥٩‬ورش ـة‪‬ ‭‬عم ـل‪‬ ‭‬بالتعــاون‪‬ ‭‬م ـع‪‬ ‭‬الملحقي ـة‪‬ ‭‬الثقافي ـة‪‬ ‭‬بالغــاط‪‬ ‭‬بعنــوان‪‬( :‭‬فتيــات‪‬ ‭‬الكشــافة‪‭‬‬
‫‬والعم ـل‪‬ ‭‬التطوع ـي‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/11/‭ ‬3-2‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٦٠‬برنام ـج‪‬( :‭‬فتيــات‪‬ ‭‬الكشــافة‪‬ ‭‬والعم ـل‪‬ ‭‬التطوع ـي‪‬ )‭‬بالتعــاون‪‬ ‭‬م ـع‪‬ ‭‬الســفارة‪‬ ‭‬األمريكي ـة‪‭‬‬
‫‬قدمت ـه‪‬ ‭‬المدرب ـة‪‬ ‭‬نتاش ـا‪‬.‭‬‬
‫‪2022/11/08‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٦١‬الحف ـل‪‬ ‭‬الختام ـي‪‬ ‭‬لمســابقة‪‬ ‭‬تحــدي‪‬ ‭‬البراع ـ ‪‭‬م‪ ‭‬.‬برعاي ـة‪‬ ‭‬ســعادة‪‬ ‭‬أ‪‬ .‭‬د‪‬/‭‬مشــاعل‪‬ ‭‬بن ـت‪‭‬‬
‫‬عبدالمحس ـن‪‬ ‭‬الســديري‪.‬‬
‫‪2022/11/30-8‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٦٢‬برنامج‪‬ ‭‬تدريبي‪‬ ‭‬إلستراتيجية‪‬( ‬SIWI‭ ‭‬اإلرشاد‪‬ ‭‬األسري‪.‬)‭‬‬
‫‪2022/11/08‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٦٣‬الورشة‪‬ ‭‬التعليمية‪‬ ‭‬شرح‪‬ ‭‬طريقة‪‬ ‭‬وأهمية‪‬ ‭‬التعامل‪‬ ‭‬مع‪‬ ‭‬مكتبة‪‬ ‭‬نادي‪‬ ‭‬األمل‪.‬‬
‫‪2022/11/09‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٦٤‬ملتق ـى‪‬ ‭‬القــراءة‪‬ ‭‬رق ـ ‪‭‬م (‬‪‬ )‭15‬بــدار‪‬ ‭‬الرحماني ـة‪‬ ‭‬لمناقش ـة‪‬ ‭‬كتــاب‪‬( ‭‬مالم ـح‪‬ ‭‬انســانية‪‬ ‭‬م ـن‪‭‬‬
‫‬ســيرة‪‬ ‭‬المل ـك‪‬ ‭‬عبدالعزي ـز‪‬.)‭‬‬
‫‪2022/11/13‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٦٥‬الورش ـة‪‬ ‭‬الرابع ـة‪‬ ‭‬م ـ ‪‭‬ن ‬‪‬(‭‬سلســلة‪‬ ‭‬التأســيس‪‬ ‭‬ف ـي‪‬ ‭‬النح ـو‪‬ )‭‬قدمه ـا‪‬ ‭‬المــدرب‪‬ ‭‬أ‪‬/.‭‬محم ـد‪‭‬‬
‫‬صــاح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/11/20‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٦٦‬الورشة‪‬ ‭‬الخامسة‪‬ ‭‬من‪‬( ‭‬سلسلة‪‬ ‭‬التأسيس‪‬ ‭‬في‪‬ ‭‬النحو‪‬ )‭‬قدمها‪‬ ‭‬أ‪‬/.‭‬محمد‪‬ ‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/11/30-29‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٦٧‬ورشـة‪‬( :‭‬البنــاء‪‬‭‬بالطيـن‪‬)‭‬للتعريـف‪‬‭‬بأســاليب‪‬‭‬البنــاء‪‬‭‬الطينـي‪‬‭‬وحفـظ‪‬‭‬التــراث‪‬‭‬الوطنـي‪‭‬‬
‫‬بقريـة‪‬‭‬الغــاط‪‬‭‬التاريخيـة‪‬.‭‬‬
‫‪2022/11/30‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٦٨‬الورشة‪‬ ‭‬السادسة‪‬ ‭‬من‪‬( ‭‬سلسلة‪‬ ‭‬التأسيس‪‬ ‭‬في‪‬ ‭‬النحو‪‬ )‭‬قدمها‪‬ ‭‬أ‪‬/.‭‬محمد‪‬ ‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/11/30-27‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٦٩‬ملتقـى‪‬‭‬الــدرر‪‬‭‬للفتيــات‪‬‭‬مـن‪‬‭‬طالبــات‪‬‭‬المرحلتيـن‪‬‭‬المتوســطة‪‬‭‬والثانويــة‪‬‭،‬والــذي‪‬‭‬يهــدف‪‭‬‬
‫‬لتطويـر‪‬‭‬مهــارات‪‬‭‬اإللقــاء‪‬‭‬وتنميـة‪‬‭‬المواهـب‪‬‭‬اإلبداعيـة‪‬.‭‬‬
‫‪2022/11/14‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٧٠‬ماراثــون‪‬ ‭‬ومحاضــرة‪‬ ‭‬توعي ـة‪‬ ‭‬ع ـن‪‬ ‭‬الســكري‪‬ ‭،‬باإلضاف ـة‪‬ ‭‬لألنشــطة‪‬ ‭‬المصاحب ـة‪‬ ‭‬م ـن‪‭‬‬
‫‬فح ـص‪‬ ‭‬االطمئنــان‪‬ ‭‬وتوزيعــات‪‬ ‭‬الجهــات‪‬ ‭‬المشــاركة‪‬.‭‬‬
‫‪2022/12/12‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬العلوم‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٧١‬اســتضافة‪‬‭‬ملتقـى‪‬‭‬اإلعالمييـن‪‬‭‬القيمـي‪‬‭‬بالتعــاون‪‬‭‬مـع‪‬‭‬مجلـس‪‬‭‬شــباب‪‬‭‬منطقـة‪‬‭‬الجــوف‪‭،‬‬
‫‬حضور ًيـا‪‬‭‬علـى‪‬‭‬مســرح‪‬‭‬دار‪‬‭‬العلــوم‪‬‭‬بالجوف‪‬.‭‬‬
‫‪2022/12/14‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٧٢‬عقد‪‬ ‭‬ملتقى‪‬ ‭‬القراءة‪‬ ‭‬للسيدات‪‬ ‭42‬ ‭‬وتم‪‬ ‭‬مناقشة‪‬ ‭‬كتاب‪‬ ‭‬دهاة‪‬ ‭‬العرب‪.‬‬
‫‪2022/12/17‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬العلو ‪‭‬م‪‬-‬نساء‬ ‫‪ ٧٣‬ملتقى‪‬ ‭‬وهج‪‬ ‭‬القراءة‪‬ ‭‬لمناقشة‪‬ ‭‬كتاب‪‬( ‭‬صور‪‬ ‭‬وخواطر‪‬ )‭‬للشيخ‪‬ ‭‬علي‪‬ ‭‬الطنطاوي‪.‬‭‬‬
‫‪2022/12/25‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٧٤‬الورشة‪ ‭‬السابعة ‬م ‪‭‬ن (‬سلسلة‪‬ ‭‬التأسيس‪‬ ‭‬في‪‬ ‭‬النحو‪‬ )‭‬قدمها‪‬ ‭‬أ‪‬/.‭‬محمد‪‬ ‭‬صالح‪‬.‭‬‬
‫‪2022/12/26‬‬ ‫دار‪‬ ‭‬الرحمانية‪‬-‭‬رجال‬ ‫‪ ٧٥‬ملتقى‪‬ ‭‬القراءة‪‬)‭25‬( ‭‬‬
‫مناقشة‪‬ ‭‬كتا ‪‭‬ب (‬المسألة‪‬ ‭‬اليهودية‪‬ )‭‬المؤلف‪‬/‭‬مالك‪‬ ‭‬بن‪‬ ‭‬نبي‪.‬‬
‫‪2022/12/27‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٧٦‬ورشة‪‬ ‭‬مهارات‪‬ ‭‬التخطيط‪‬ ‭‬الشخصي‪‬ ‭‬الفاعل‪‬ ‭،‬مع‪‬ ‭‬األستاذ‪‬ :‭‬سامي‪‬ ‭‬الحمدان‪.‬‬
‫‪2022/12/29‬‬ ‫دا ‪‭‬ر ‬الرحمانية‪‬-‭‬نساء‬ ‫‪ ٧٧‬مبادرة‪‬ ‭‬شتاؤكم‪‬ ‭‬دافئ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬البرامج والفعاليات واألنشطة الموجهة لألطفال‪:‬‬

‫التاريخ‬ ‫المنفذ‬ ‫النشاط‬ ‫م‬


‫مستمر‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٢‬حلقات حتفيظ القرآن الكرمي‪.‬‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٣‬الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك‪.‬‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٤‬سلسلة دروس لغة اإلشارة‪.‬‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٥‬ملتقى القراءة‪( :‬أنا اقرأ) للطفل‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪112‬‬
‫تقارير‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٦‬برنامج إعادة التدوير‪.‬‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٧‬برنامج قصة األسبوع‪.‬‬
‫‪2022/07/04‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٨‬مبــادرة حتــدي البراعــم للموســم الثانــي وإقامة اللقاء التعريفي لشــرح‬
‫املبــادرة‪( .‬بــدء التدريــب ملبــادرة حتــدي البراعم فــرع االرجتال)‪.‬‬
‫‪2022/07/18 ،4‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٩‬ملتقى القراءة اجلهرية‪« :‬حكايا «وعرضت القصة التالية‪( :‬خط أحمر)‪.‬‬
‫‪2022/07/05‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٠‬بدء التدريب امليداني لطالبات كلية العلوم والدراسات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪2022/08/03‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ١١‬أمسية أسرية بعنوان‪( :‬صناعة احلياة)‪.‬‬
‫‪2022/08/10‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٢‬انطــاق معســكر نــادي الــدار الصيفــي والــذي احتــوى علــى جتــارب‬
‫العلميــة (عبقــور املختــرع‪ ،‬واأللعــاب احلركيــة والذهنيــة‪ ،‬وفاصــل كتابي)‪.‬‬
‫‪2022/08/10‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٣‬اللقــاء املشــترك واالســتثنائي لنــادي األمــل للتوستماســترز ونــادي‬
‫‪ KFD‬الكويتــي‪.‬‬
‫‪2022/08/11‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٤‬أمسية أسرية بعنوان‪( :‬الشغف الداخلي وتقدير الذات)‪.‬‬
‫‪2022/08/14‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫معسكر نادي الدار الصيفي‪.‬‬ ‫‪١٥‬‬
‫‪2022/8/25 - 10‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫مسابقة حتدي البراعم‪.‬‬ ‫‪١٦‬‬
‫‪2022/08/18‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٧‬برنامج‪( :‬تثقيف األم والطفل) لألستاذة أسماء الشفق‪.‬‬
‫‪2022/08/21‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٨‬برنامج صورة وقصة‪.‬‬
‫‪2022-08-29-1‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ١٩‬عرض القصص التالية في ملتقى حكايا‪:‬‬
‫‪ -‬قصص من اختيار األطفال (قراءة مفتوحة)‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب (من صانع الكيك)‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب من اختيار األطفال (قراءة مفتوحة)‪.‬‬
‫‪ -‬قصة (هيا نقرأ)‪.‬‬
‫‪2022-08-30-1‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٢٤‬نادي منيرة الملحم الصيفي‬
‫‪2022/08/10‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٢٥‬برنامــج (ســيدة المنــزل الصغيــرة) ألطفــال جمعيــة األمومــة‬
‫والطفولــة النســائية الخيريــة‬
‫‪2022/08/31‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٢٦‬إقامة مباراة رياضية ألطفال نادي المكتبة بملعب نادي الحمادة‪.‬‬
‫‪2022/09/04‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٢٧‬برنامج الصلصال العجيب‪.‬‬
‫‪2022/09/25‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٢٨‬إقامــة كرنفــال الطفــل الثقافــي تحــت شــعار‪( :‬وطــن واحــد‪ ،‬لجيــل‬
‫واعــد) بالتعــاون مــع جمعيــة ســوار للتنميــة االســرية وجمعيــة‬
‫ترافــق لرعايــة األيتــام‪.‬‬
‫‪2022/09/28-8‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٢٩‬عرض الكتب التالية بملتقى كنوز‪:‬‬
‫‪ -‬غميس الجوع‪ - .‬النجاح في العمل والدراسة‪.‬‬
‫‪ -‬المرأة السعودية‪ - .‬مع نبض الوطن‪.‬‬
‫‪2022/09/26-5‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٣٤‬ملتقى القراءة الجهرية حكايا ومناقشة‪:‬‬
‫قصص من اختيار األطفال‪.‬‬
‫‪2022/09/25‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٣٥‬ملتقــى ريــاض األطفــال الوطنــي الثالــث بحضــور أطفــال الروضــات‬
‫مــن محافظــة الغــاط‪.‬‬
‫‪2022/09/08‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٣٦‬ورشة رسم لرسم النخل والتمر‪.‬‬
‫‪2022/10/13‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٣٧‬برنامج عالم اإلبداع (ألعاب حركية)‪.‬‬

‫‪113‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫‪2022/10/20‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٣٨‬برنامج عالم االبداع (الفنان المبدع)‪.‬‬
‫‪2022/10/27‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٣٩‬برنامج عالم اإلبداع (علوم الكمبيوتر)‬
‫‪،24 ،17 ،10 ،3‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٤٠‬ملتقى القراءة الجهرية حكايا لمدة (‪ )5‬أيام‪.‬‬
‫‪2022/10/31‬‬
‫‪2022/11/20‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٤١‬فعاليــة‪( :‬نحتفــي بثــروة المســتقبل وبــذور األمــل) بمناســبة اليــوم‬
‫العالمــي للطفــل‪.‬‬
‫‪2022/11/09‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬رجال‬ ‫‪ ٤٢‬اللقاء األول لنادي الموهبة والقراءة لطالب مدارس الغاط‪.‬‬
‫‪،20 ،13 ،6‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٤٣‬ملتقى «كنوز مكتبة منيرة الملحم» عرض كتب‪:‬‬
‫‪2022/11/27‬م‬ ‫‪ -‬البحريات‪ - .‬ولدان ألول مرة‪ - .‬عقود في حوار‪ - .‬موعد مع الحياة‪.‬‬
‫‪،21 ،14 ،7‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪ ٤٤‬ملتقى القراءة الجهرية حكايا لمدة (‪ )4‬أيام‪.‬‬
‫‪2022/11/28‬‬
‫‪2022/11/30-1‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫برنامــج التثقيــف المنزلــي لــأم والطفــل‪ ،‬لعشــرين ســيدة مــن‬ ‫‪٤٥‬‬
‫محافظــة الغــاط‪.‬‬
‫‪2022/11/09‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫برنامج األخالق الحميدة لطالب المدرسة االبتدائية‪.‬‬ ‫‪٤٦‬‬
‫‪2022/11/08‬‬ ‫‪ ٤٧‬وتنظيــم فعاليــات لألطفــال مــن مســابقات‪ ،‬وألعــاب حركيــة‪ ،‬دار الرحمانية‪-‬نساء‬
‫وزراعــة الزهــرة‪ ،‬وتزييــن الكــب كيــك‪ .‬ألطفــال زيــارة للروضــة‬
‫األولــى بالغــاط‬
‫‪2022/11/27‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫برنامــج عــن حمايــة الطفــل وشــرح تمثيلــي عــن كيفيــة الدفــاع عــن‬ ‫‪٤٨‬‬
‫النفــس لألطفــال وذلــك بالروضــة األهليــة بالغــاط‪.‬‬
‫‪2022/12/08‬‬ ‫دار العلوم‪-‬رجال‬ ‫مسابقة‪( :‬القارئ المبدع)‬ ‫‪٤٩‬‬
‫‪2022/12/12‬‬ ‫دار العلوم‪-‬رجال‬ ‫مسابقة‪( :‬التالوة والصوت الحسن للقرآن الكريم)‪.‬‬ ‫‪٥٠‬‬
‫‪2022/12/15‬‬ ‫دار العلوم‪-‬رجال‬ ‫مسابقة‪( :‬رسمة في حب الوطن)‪.‬‬ ‫‪٥١‬‬
‫‪2022/12/12‬‬ ‫دار العلوم‪-‬رجال‬ ‫مبادرة‪( :‬التعريف بمهرجان الخط العربي ‪.)2‬‬ ‫‪٥٢‬‬
‫‪2022/12/30-4‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫ملتقى «كنوز مكتبة منيرة الملحم» عرض كتب‪:‬‬ ‫‪٥٣‬‬
‫‪ -‬منزلي يقتلني‪.‬‬ ‫‪ -‬الحوار‪.‬‬
‫‪ -‬أحالم فترة النقاهة‪ - .‬دراسات في المجتمع والثقافة والشخصية‪.‬‬
‫‪2022/12/29-8‬‬ ‫دار الرحمانية‪-‬نساء‬ ‫‪٥٤‬‬
‫ملتقى «حكايا الجهرية» القراءة الحرّة‪.‬‬
‫‪2022/12/28-8‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٥٥‬ملتقى وهج القراءة لألطفال بعنوان معا نقرأ لألطفال‪.‬‬
‫‪2022/12/21‬‬ ‫دار العلوم‪-‬نساء‬ ‫‪ ٥٦‬برنامج عالم اإلبداع لألطفال (الفنان المبدع)‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪114‬‬
‫تقارير‬

‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي يقيم‬


‫معرض فنان فلسفة وفن بمدينة سكاكا‬
‫ويكرم الفنانين المشاركين‬

‫■ كتب فيصل الدغماني*‬

‫أقــام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‪ ،‬معرض (فنان‪ :‬فلسفة وفــن) في دار العلوم‬
‫بمدينة سكاكا بمنطقة الـجــوف‪ ،‬استمر المعرض لمدة ثالثة أيــام من ‪ 13‬إلــى ‪ 15‬مارس‬
‫الماضي‪ .‬وقــد افتتحت المعرض أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل عبد المحسن الـســديــري‪ ،‬مساعدة مدير‬
‫عام المركز‪ ،‬والتقت بفناني منطقة الجوف‪ ،‬وأبــدت إعجابها بالمستوى الفني للمعرض‬
‫والمشاركين فيه‪.‬‬
‫الثقافي‪ ،‬الــذي يوفر مظلة ثقافية تجمع مختلف‬ ‫اشتمل المعرض على لوحات ومنحوتات فنيه‬
‫فروع الثقافة والفن والتراث في صعيد واحد‪ ،‬يلتقى‬ ‫متنوعة‪ ،‬وكذلك على لوحات بالخط العربي‪ .‬وشهد‬
‫فيها المثقفون والفنانون على اختالف مشاربهم مع‬ ‫حضور عدد من ممثلي الجهات الرسمية واألهلية‪،‬‬
‫الجمهور المتابع لهذه األنشطة والفعاليات الثقافية‬ ‫ومحبو الفن التشكيلي من أهالي الجوف‪.‬‬
‫والفنية في الجوف‪.‬‬ ‫ويعد المعرض مبادرة الفتة من مركز عبدالرحمن‬
‫ثقافة مجتمع!‬ ‫السديري الثقافي القت الترحيب الكبير واالهتمام‬
‫الملحوظ من قبل الفنانين التشكيليين والخطاطين‬
‫تحدثت حنين أسعد ‪-‬إحــدى المشاركات في‬ ‫والمهتمين بــالــفــنــون الــبــصــريــة‪ ،‬الــذيــن شــاركــوا‬
‫بلوحاتهم الفنية اإلبداعية والتقوا مع الجمهور في المعرض‪ -‬لـ«مجلة الجوبة» عن أمنياتها بأن يكون‬
‫موقع المعرض‪ ،‬وشهد المعرض حوارات عديدة بين الفن التشكيلي ضمن الثقافة المجتمعية‪ ،‬وهذا ما‬
‫تسعى له‪ ،‬وأضافت‪ :‬إنها قدمت في هذا المعرض‬ ‫الزوار والفنانين أصحاب اللوحات‪.‬‬
‫ثماني لــوحــات مــن المدرسة التعبيرية فــي الفن‬
‫وأبدى المشاركون سعادتهم بهذه الفرصة التي‬
‫وفرها المعرض لعرض لوحاتهم واللقاء بالجمهور التشكيلي‪.‬‬
‫واختتمت الفنانة حنين حديثها بالشكر لمركز‬ ‫المحب للفن في مقر مركز عبدالرحمن السديري‬

‫‪115‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫بمجموعة أعمال واقعية (بروتريه) بالفحم واأللوان‬ ‫عبدالرحمن السديري الثقافي على إقامة هذا‬
‫الزيتية وأعمال أخرى (‪ )sketch‬بالقلم الرصاص‪،‬‬ ‫المعرض ولكل من أسهم في إنجاحه‪ ،‬كما شكرت‬
‫ولدى الفنانة شهد من الطموح والشغف في هذا‬ ‫الدكتورة مشاعل السديري على متابعتها وحرصها‬
‫الفن ما يمكنها من إقامة معرض خاص ألعمالها‬ ‫على إتاحة الفرص للفنانين والفنانات بالجوف‬
‫الــخــاصــة فــي المستقبل‪ ،‬وتــقــول‪« :‬لــم تكن هذه‬ ‫على تقديم منتجهم الفني في معرض جميل يرعاه‬
‫مشاركتي األولى بمعرض فنان‪ ،‬بل أشارك للموسم‬ ‫المركز‪.‬‬
‫الرابع‪ ،‬وهي بالنسبة لي إبراز موهبتي بشكل يليق‬
‫معرض خاص ألعمالي‬
‫بالفن بمستوى محترف ومتقن»‪.‬‬
‫أمــا الفنانة التشكيلية شهد الــزيــد فشاركت‬
‫وقدمت الشكر لمركز عبدالرحمن السديري‬
‫الثقافي إلقامة هذا المعرض‪ ،‬وللقائمين عليه على‬
‫اهتمامهم بأعمال الفنانين خــال أربعة مواسم‪،‬‬
‫وقــد وجــد الفنانون المشاركون التحفيز والدعم‬
‫المستمر‪.‬‬
‫ولفتت الــزيــد إلــى أن المعرض ال يوجد فيه‬
‫تعقيد من خالل تحديد مواضيع األعمال المقدمة‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل السديري تكرم الفنان عبداهلل الحمدان‬
‫من الفنان إذ ترك المجال مفتوحً ا ألي موضوع‪ ،‬ما‬
‫يجعل الفنان يشارك بأعماله اإلبداعية كل حسب‬
‫اهتمامه وتخصصه‪.‬‬
‫تحرير العمل الفني من نظرة الفن للفن‬
‫يقول الفنان التشكيلي والناقد جالل الطالب‪،‬‬
‫أحــد المشاركين بالمعرض‪ :‬إن اإلشكالية لهذه‬
‫الفنون عدم فهم فلسفة الفن التشكيلي‪ ،‬فاألغلب من‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل السديري تكرم الفنانة شهد الزيد‬

‫من أعمال عبداهلل الحمدان‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪116‬‬
‫تقارير‬
‫الفنانين يؤمنون بفلسفة الفن للفن‪ ،‬وهو فهم خاطئ‬
‫انعكس على منجزاتهم بعيدًا عن حقيقة تلك الفنون‪.‬‬
‫ويختم الــطــالــب حديثه بــتــســاؤل عميق‪ :‬أين‬
‫اللوحة؟ ويفسر حديثه بقوله‪ :‬إن ابتعاد الفنان أو‬
‫الفنانة عن محيطه بتبنيه تلك الفلسفة تجعل منه‬
‫منعزل عن محيطه دون أي مشاركة‬ ‫ً‬ ‫إنسانًا ثانويًا‬
‫في هموم المجتمع أو حتى همومه عبر هذه الفنون!‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل تكرم أحد الفنانين المشاركين بالمعرض‬
‫مخزون فني واحتكاك إيجابي‬
‫أمــا الــفــنــان التشكيلي زيــد الــغــنــام‪ ،‬فــقــال إن‬
‫المشاركة بمثل هذه المعارض مهمة جدًا للفنان‪،‬‬
‫وإضافة لسجله الفني بسبب االحتكاك بعدد من‬
‫الفنانين والفنانات لزيادة المخزون الفني‪ ،‬وأضاف‬
‫لقد شاركت بأربعة أعمال تشكيلية‪ ،‬منها عمل‬
‫ينتمي للمدرسة الواقعية باسم (صهيل) إلبــراز‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل السديري تكرم الفنانة حنين أسعد‬ ‫جمال الخيل العربي‪ ،‬وثالثة أعمال من المدرسة‬
‫التجريدية وهي‪( :‬وهم‪ /‬سالم‪ /‬عرضة وطن)‪.‬‬
‫وأضاف الغنام إن معرض (فنان فلسفة وفن) من‬
‫المعارض المميزة وتجربة جميلة جداً‪ ،‬وقد سعدنا‬
‫بالمشاركة والتعرف على زمالء جدد في المجال‬
‫الفني‪ ،‬ونتمنى استمرار تنظيم مثل هذه المعارض‬
‫والمشاركة بعدد أكبر من فناني المنطقة‪.‬‬
‫الفنان جالل خالد الطالب مع لوحاته‬ ‫وشــكــر الــفــنــان الــغــنــام حديثه بالشكر لمركز‬

‫من أعمال الفنانة شهد الزيد‬

‫‪117‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫ال بدار العلوم وإقامة الدورات والورش التدريبية والتعليمية لهذه‬ ‫عبدالرحمن السديري الثقافي ممث ً‬
‫بالجوف على إتاحة الفرصة والمشاركة بالمعرض‪ ،‬الفنون‪.‬‬
‫كــمــا تــقــدم بالشكر الــجــزيــل لــلــدكــتــورة‪ :‬مشاعل‬
‫فلسفة عصور النحت‬
‫السديري على رعاية المعرض واهتمامها بالحركة‬
‫وقــد أقيمت ورش ــة تدريبية بــعــنــوان (فلسفة‬ ‫الفنية‪.‬‬
‫عصور) ضمن برنامج المعرض‪ ،‬بإشراف النحات‬
‫محمد السالمة‪ ،‬والقت اهتمام الفنانين ومحبي فن‬ ‫أدوماتو آرت البداية الحقيقية‬
‫يقول عبداهلل الحمدان‪ ،‬وهو أحد المشاركين‪ ،‬النحت‪ .‬كما قدم الخطاط بدر الزارع ورش ًة أخرى‬
‫إن المعرض أتــاح لي المشاركة مع مجموعة من بعنوان (إخــراج اللوحات الخطية) في توأمة بين‬
‫الفنانين وتبادل اآلراء وتوسعة مفاهيم األعمال اتجاهين مختلفين لم يلتقيا إال في هذا المعرض‪.‬‬
‫ويــقــول الــنــحــات الــســامــة‪ :‬لقد ج ــاءت إقامة‬ ‫الفنية المشاركة‪.‬‬
‫هذه الورشة بدعوة كريمة من مركز عبدالرحمن‬ ‫وعن طموحة الفني يتحدث الحمدان‪ :‬تمكنت من‬
‫السديري الثقافي وتشجيع مشكور من الدكتورة‬ ‫إقامة معرض «أدوماتو آرت» برعاية وزارة الثقافة‪،‬‬
‫مشاعل السديري‪ ،‬كما أرجــو استمرار مثل هذه‬ ‫ونأمل التوسع في المعارض واألعمال الفنية في‬
‫المناشط الفنية ألنــهــا تــطــور مــن الــحــس الفني‬ ‫المرحلة المقبلة وتجديد مفاهيم الفن الحديث‬
‫للمشاركين‪.‬‬

‫الفنانون المشاركون‬
‫أمــا الفنانون المشاركون في المعرض‪ ،‬فهم‪:‬‬
‫جالل الطالب‪ ،‬وبــدر الــزارع‪ ،‬وعبداهلل الحمدان‪،‬‬
‫ومحمد السالمة‪ ،‬وفيصل السهو‪ ،‬وأحمد اإلبراهيم‪،‬‬
‫وزيد الغنام‪ ،‬ومجد المعيقل‪ ،‬وحنين أسعد‪ ،‬وشهد‬
‫الزيد‪ ،‬وبلسم الشافي‪ ،‬وزهرة الكريع‪.‬‬ ‫الفنان زيد الغنام‬

‫من اعمال زيد الغنام‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪118‬‬
‫تقارير‬

‫أمير منطقة الجوف يكرم الفائزين بجائزة مركز عبدالرحمن‬


‫السديري الثقافي ألبحاث الزيتون بالجوف لعام ‪2022‬م‬

‫والمركز يقيم ندوة عن‬


‫الممارسات السليمة في زراعة الزيتون‬
‫■ كتب احملرر الثقايف‬

‫أعلن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي أسماء الفائزين بجائزة المركز‬


‫ألبحاث الزيتون بالجوف في دورتها الرابعة لعام ‪2022‬م‪.‬‬
‫وقــد استقبل صاحب السمو الملكي األمـيــر فيصل بــن نــواف بــن عبدالعزيز‬
‫أمير منطقة الجوف في مكتبه بتاريخ ‪ 23‬شعبان‪1444‬هـ‪ ،‬الفائزين بجائزة أبحاث‬
‫الــزيـتــون بحضور مدير عــام مركز عبدالرحمن الـســديــري الثقافي‪ ،‬سلطان بن‬
‫فيصل السديري الذي قدم شرحا عن أهداف الجائزة ومنها دعم البحث العلمي‬
‫في مجاالت زراعة الزيتون وتقنياتها‪ ،‬واإلسهام في تطوير زراعة الزيتون بمنطقة‬
‫الجوف وحـ ّـث الباحثين على دراســة موضوعات جديدة من شأنها تطوير زراعــة‬
‫الزيتون وصناعاتها واإلسهام في النشر العلمي في هذا المجال‪.‬‬

‫ثــم كــرم ســمــوه الفائزين بالجائزة الثقافي من جهود كبيرة وأعمال تدعم‬
‫وه ــم الــدكــتــور بــســام فـــارس العويش الحراك واألنشطة الثقافية واألبحاث‬
‫‪-‬جامعة الجوف‪ ،‬والدكتورة تغريد سطم بالمنطقة‪.‬‬
‫وفــي تصريح للجوبة قــال الدكتور‬ ‫النصيري‪ -‬جامعة الــجــوف والدكتور‬
‫بسام فــارس العويش الفائز بالجائزة‬ ‫محمد العيسوي‪ -‬جامعة طنطا‪.‬‬
‫وأشـ ــاد ســمــو أمــيــر المنطقة‪ ،‬بما إن ملخص بحثه تمحور حــول تميز‬
‫يقدمه مركز عبدالرحمن السديري منطقة ال ــدراس ــة (ال ــج ــوف) بتفاوت‬

‫‪119‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫صورة جماعية للفائزين بجائزة مركز السديري الثقافي للزيتون مع سمو أمير منطقة الجوف ومدير عام المركز سلطان لسديري‬

‫يــذكــر أن مــجــال الــجــائــزة يشمل جميع‬ ‫درجــات الــحــرارة العظمى والصغرى فيما‬
‫بين (سكاكا) حيث درجات الحرارة مرتفعة األبحاث العلمية والميدانية المتعلقة بتطوير‬
‫بالمقارنة مع منطقتي (بسيطا والقريات)‪ ،‬زراعــة الزيتون وتقنياته وتسويقه ومعالجة‬
‫وكان الهدف الرئيس لبحثه هو تقييم تأثير اآلفــات التي تتعرض لها شجرة الزيتون‪،‬‬
‫درجات الحرارة العالية في مواقع الدراسة وسبل تحسين اإلنــتــاج‪ ،‬وتمنح الجائزة كل‬
‫المختلفة باستخدام العديد من الصفات عام‪ ،‬ومقدار الجائزة ‪ 100.000‬مائة ألف‬
‫ريال‪ ،‬تمنح للبحث الذي يحصل على أعلى‬
‫الفسيولوجية والتشريحية والمحصولية‬
‫درجات التقييم من لجنة التحكيم‪ ،‬وفي حال‬
‫والبيوكيميائية‪ ،‬وجــودة الزيت‪ ،‬مع ربطها‬
‫تساوي بحثين تمنح الجائزة لهما مناصفة‪.‬‬
‫باالختالفات الوراثية على مستوى جينوم‬
‫ندوة الممارسات السليمة في زراعة‬ ‫األصــنــاف الــمــدروســة‪ ،‬بــاســتــخــدام تقنية‬
‫الزيتون للفائزين‬ ‫البصمة الوراثية‪ .‬وقد أظهرت النتائج وجود‬
‫وقد أقام مركز عبدالرحمن السديري‬ ‫اختالفات وراثية ومظهرية بين األصناف‬
‫الثقافي يــوم الــثــاثــاء ‪ 22‬شعبان ‪1444‬‬ ‫والمواقع تحت الدراسة‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪120‬‬
‫تقارير‬

‫ندوة الممارسات السليمة في زراعة الزيتون‪2023-3-14‬‬

‫الموافق ‪ 14‬مارس ‪2023‬م‪ ،‬ندوة بدار الجوف‬


‫للعلوم للفائزين بجائزة المركز ألبحاث‬
‫الزيتون بدورتها الرابعة لعام ‪ 2022‬بعنوان‪:‬‬
‫الممارسات السليمة في زراعة الزيتون‪.‬‬

‫ش ــارك فــي الــنــدوة الــفــائــزان بالجائزة‬


‫د‪ .‬بسام فــارس العويش ‪ -‬جامعة الجوف‬
‫ود‪ .‬محمد العيسوي ‪ -‬جامعة طنطا‪ ،‬وقال‬
‫الدكتور بسام فارس العويش للجوبة إن اهم‬
‫المحاور التي ناقشتها الندوة‪ :‬سبب انتشار‬
‫الزيتون بمنطقة الــجــوف‪ ،‬واهــم المراحل‬
‫لتطور قــطــاع الــزيــتــون بالمنطقة‪ ،‬وأن ــواع‬
‫األصناف السائدة‪ ،‬واإلنتاجية مقارنه مع‬
‫بقية ال ــدول‪ ،‬وأهــم سبل تحسين اإلنــتــاج‪،‬‬
‫من الحضور في الندوة‬
‫والمشكالت التي تواجه القطاع بشكل عام‪.‬‬

‫‪121‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫سبع رسائل‬
‫ُ‬
‫إلى صالح بن طريف‬

‫املؤلف ‪ :‬شعيب حليفي‪.‬‬


‫الناشر ‪ :‬منشورات القلم املغربي‪.‬‬
‫السنة ‪ :‬الطبعة األولى نوفمبر ‪2022‬م‪.‬‬

‫أصــدر الــروائــي والناقد المغربي شعيب احترتُ ‪ ،‬والحيرةُ ظ ُّل اليقين‪..‬‬


‫ليس ألصــحّ ـ َح االفــتــراضــات وأق ـلِّــبَ في‬
‫َ‬ ‫حليفي كتابًا جديدًا بعنوان (سبع رسائل إلى‬
‫النّوايا أو أش ّم رائحة المِ داد الذي كتبوكَ به‪..‬‬ ‫صالح بن طريف)‪،‬‬

‫أكــتــبُ ‪ ،‬ألنني اشتقتُ إلــيــكَ كثيرًا‪ ،‬وأنــا‬ ‫بحَ ثَ المؤلف في كتابه بلغة سردية‪ ،‬عن‬
‫إعــادة كتابة تاريخ أربعة قــرون ضائعة من‬
‫ممتل ٌئ من الخيال نفسه الــذي تــركَ الباب‬
‫التاريخ الرسمي المغربي‪ ،‬والتي تُعرف بإمارة‬
‫ُمــواربــا‪ ،‬وص ــا َن روح ــكَ حتى يمنحنا سببًا‬
‫برغواطة‪ ،‬ببالد بتامسنا‪.‬‬
‫بشموخ فوق هذه األرض‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫راسخً ا للوقوف‬
‫الكتاب ليس بــديـ ًـا عــن الــتــاريــخ‪ ،‬وليس‬
‫تسأل‪ :‬لماذا اآلن بعد كل هذا الصمت؟ ‪.‬‬
‫تاريخً ا‪ ،‬ولكنه رواية أخرى لما جرى انطالقا‬
‫نحن جميعا ننتظركَ ! ننتظر متى نكو ُن ما‬ ‫من العودة إلى كل المصادر المعلومة‪.‬‬
‫نريد نحن‪.‬‬
‫يقول شعيب حليفي في أول صفحة من‬
‫تستفسر‪ :‬هل صرتَ مؤرخا‪..‬؟‬ ‫الكتاب‪ :‬الصمتُ معجزة الــكــام‪ ..‬والكالم‬
‫أبدا‪ ،‬بل أنا كائ ٌن باع نفسه للخيال!‬ ‫قطعة من ال َّنفْس‪.‬‬
‫وقــد صــدر الكتاب عن منشورات القلم‬ ‫نهر عبَ َر‬
‫كل هذه القرون التي مرّت مثل ٍ‬
‫الزمن ولم ينقطع مجراه‪ ..‬وأنتَ أشبه بنجم المغربي‪ ،‬الطبعة األولــى نوفمبر ‪2022‬م‪.‬‬
‫وجــاء الغالف من تصميم الفنان التشكيلي‬ ‫يلمع‪ ،‬ال يحجبه ظالم أو ِحبر أسود‪.‬‬
‫ليس ألنــي شككتُ أو بوشعيب خلدون‪.‬‬ ‫اليوم أكتبُ إليكَ ‪َ ،‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪122‬‬
‫قراءات‬

‫قراءة يف سيرة‬

‫ماري أنطوانيت‬

‫املؤلف ‪ :‬ستيفان زفايغ*‪.‬‬


‫الناشر ‪ :‬دار وسم السعودية‪.‬‬
‫السنة ‪ :‬سبتمبر ‪2022‬م‪.‬‬

‫‪ρ‬صفية اجلفري**‬

‫أن تقرأ كتاباً ليس لموضوعه‪ ،‬ولكن ألنك هذه العناية أسلوبه في الكتابة‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة إلى أن الترجمة تشرق‬ ‫تؤمن أن مؤلفه سيقول لك شيئاً ما يلمس‬
‫روح ــك‪ ،‬وربــمــا يــجــدد زاوي ــة نــظــرك لبعض في تجلية بعض المعاني؛ إشراقا ّ‬
‫يمس القلب‪،‬‬
‫األمــور التي يتناولها؛ هذا هو السبب الذي أو يستفز العقل‪ ،‬ويلهم البصيرة!‬
‫يجعلني أقرأ لستيفان زفايغ أيا كان الموضوع‬
‫منهج البحث التاريخي‬
‫الذي يتناوله‪.‬‬
‫ما يميز المنهج البحثي الذي يتبعه ستيفان‬
‫أعلنت دار وســم السعودية عبر حسابها زفايغ في البحث التاريخي هو اعتماد السمات‬
‫على تويتر عن أول إصداراتها في سبتمبر النفسية للشخصية كمرجح‪ ،‬عندما تتضارب‬
‫‪2022‬م‪ ،‬وهو كتاب ستيفان زفايغ عن سيرة الوثائق التاريخية في نسبة تصرّف ما إلى‬
‫ماري انطوانيت ملكة فرنسا‪ ،‬واقتنيت الكتاب الشخصية التاريخية التي يدرسها ستيفان‬
‫الذي ترجمه األستاذ فارس متري ضاهر في كمؤرخ‪.‬‬
‫دراســة الجانب النفسي في الشخصيات‬ ‫‪ 466‬صفحة‪ ،‬وكــان األمــر يتطلب صــبــراً ال‬
‫سيما في المائتي صفحة األولى من الكتاب‪ ،‬التاريخية هو نهج اعتمده ستيفان في كتابيه‪:‬‬
‫فــستيفان يُعنى بالتفاصيل عناية فائقة‪ ،‬وتميّز عنف الدكتاتورية‪ ،‬ومن يقطف ثمار التغيير‪-‬‬

‫‪123‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫يقود غير المتأمل لمثل هذا االتهام‪ .‬يقول‬ ‫من إصدارات دار ميسكلياني التونسية‪ -‬لكن‬
‫ستيفان زفايغ‪« :‬زُجّ ت الملكة دون علمها في‬ ‫المختلف هنا هــو أن ستيفان لديه روايــات‬
‫هذه القضية المشينة‪ ..‬وعلى الرغم من ذلك‬ ‫متضاربة تتساوى من حيث طريق الثبوت ‪ -‬كما‬
‫فال يمكن تبرئتها تماماً من الناحية المعنوية؛‬ ‫هو التعبير المعتمد في علم مصطلح الحديث‪-‬‬
‫ألنه ما كان باإلمكان تدبير تآمر كهذا‪ ،‬لو لم‬ ‫وقد اجتهد أن يرجّ ح بين الــروايــات ترجيحا‬
‫تكن سمعتها السيئة تشجع المحتالين‪ ،‬ولو‬ ‫موضوعيا ليس وفقا لما يرجو أن يكون في‬
‫ال‬
‫لم يكن أي عمل طائش يبدو من قبلها قاب ً‬ ‫واقع األمر‪ ،‬ولكن لما يظن أنه أقرب للحقيقة‪.‬‬
‫للتصديق بالنسبة إلــى الضحايا‪ ،‬وهــذا من‬
‫تُتهم الملكة ماري أنطوانيت بعملية احتيال‬
‫وجهة نظر التاريخ هو خطؤها األكبر»‪ .‬اهـ‬
‫كبيرة يُــزج فيها باسم زوجها الملك لويس‬
‫باختصار وتصرف‪.‬‬
‫الــســادس عشر للحصول على مجوهرات‬
‫السيرة النفسية لماري أنطوانيت‬ ‫بقيمة مليون وستمائة ألف ليرة ثم التنصل من‬
‫يصحبنا ستيفان زفايغ منذ الصفحات‬ ‫دفع ثمنها‪ ،‬ويرجح ستيفان زفايغ أن خيوط‬
‫الخديعة قد حيكت حــول الملكة؛ ويستدل األولى في نوع خاص من الكتابة التاريخية‪،‬‬
‫على ذلك بالطبيعة النفسية للملكة التي تأنف فيقدّم لنا ما يمكن أن نسميه السيرة النفسية‬
‫الخداع والغش ال سيما إن كان األمر يتعلق للملكة ماري أنطوانيت‪.‬‬
‫بالتعامل مع أشخاص ال تكن لهم االحترام‪.‬‬
‫يدرس ستيفان زفايغ نفسية الملكة‪/‬الطفلة‬
‫لقد كان اتهام الملكة باالحتيال لالستيالء ‪-‬التي تولت المُلك بزواجها من ملك فرنسا‬
‫على مجوهرات باهظة الثمن دون دفع ثمنها‪ ،‬لويس السادس عشر في الخامسة عشرة من‬
‫الذي تزامن مع إذاعة بيان وزير المالية عن عمرها‪ -‬عبر الحكايات التي تواترت عنها‬
‫العجز المالي‪ ،‬قــد فجّ ر تراكمات الغضب والتي تناولت عالقتها بأمها ملكة النمسا‬
‫الشعبي ضد الفساد الذي ينخر جسد الدولة ماريا تيريزا‪ ،‬وعالقتها بمعلميها‪ ،‬واهتماماتها‬
‫الفرنسية‪ ،‬واستنزاف خزينة الدولة في صنوف المعرفية‪.‬‬
‫الــتــرف الــذي تستأثر بــه الملكة وحاشيتها‬
‫وتـ ــؤول نتيجة ه ــذه ال ــدراس ــة النفسية‬
‫والطبقة االرستقراطية دون اكتراث للجوع‬
‫لتفاصيل حياة الملكة ماري أنطوانيت إلى أن‬
‫الذي يعاني منه غالب الشعب الفرنسي‪.‬‬
‫الملكة ولكأنها خلقت للترف الخالص المنبت‬
‫يبرّىء ستيفان زفايغ الملكة ماري أنطوانيت عــن كــل مــا يسمو بــالــفــكــر‪ ،‬ويــرتــقــي بحس‬
‫من أن تكون قد أقدمت على خصوص عملية المسؤولية تجاه القيم العليا للحكم‪ ،‬لكنها‬
‫االحتيال هــذه‪ ،‬لكنه يلتمس العذر لمن لم وهبت مع ذلك قوة ال يكدّرها تردد الجبناء‪ ،‬وال‬
‫يصدّق براءتها؛ ألن سلوكها الملكي المستهتر ضعة الخانعين‪ ،‬فهي تتألق بثباتها‪ ،‬واعتدادها‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪124‬‬
‫قراءات‬
‫أنطوانيت لم تفلح في أي إصالح‪ ،‬إذ لم يعد‬ ‫بنفسها‪ ،‬وزهوها بكرامتها‪ ،‬ووفــور مزاياها‬
‫يثق بها إال قليلون‪ ،‬ففقدت زمام التحكم في‬ ‫األنثوية والعاطفية‪ .‬ويقابل ستيفان زفايغ بين‬
‫شعب قـدّم لها والءه طويال‪ ،‬فلم تصن هذا‬ ‫هذه الطبيعة النفسية للملكة ماري أنطوانيت‬
‫الوالء‪ ،‬ولم تحفظ له إيمانه بها‪ ،‬وأمله بصالح‬ ‫وطبيعة زوجها الملك لويس السادس عشر‬
‫األوضاع في ظل حكمها‪.‬‬ ‫التي يشوشها التردد‪ ،‬وعدم الحسم‪ ،‬والجبن‬
‫يقول ستيفان زفايغ‪« :‬وإذا كان القدر قد‬ ‫عــن مــواجــهــة الــحــيــاة‪ ،‬واالنــشــغــال بــالــقــراءة‬
‫رفــع هــذه الــمــرأة إلــى أسمى قمم السعادة‬ ‫والصيد عــن مهامه كملك‪ ،‬ومهامه كــزوج‪،‬‬
‫بسرعة وسهولة فإنه لم يدعها تهبط بعد‬ ‫ليعوّض عجزه النفسي عن التحقق بما يجب‬
‫ذلك عنها إال ببط وبقسوة منتقاة‪ ..‬وهكذا‬ ‫عليه التحقق به كقائد للبالد وكــزوج يهب‬
‫فــإن هــذه المأساة تضع أكثر المتناقضات‬ ‫زوجته حقوقها الجسدية والنفسية‪.‬‬
‫عنفاً وجهاً لوجه‪ ،‬فترمي بماري أنطوانيت‬ ‫لقد رفلت الملكة مــاري أنطوانيت تسعة‬
‫من القصر اإلمبراطوري ذي المئة صالة إلى‬ ‫عشر عاماً في نعيم البذخ الفاحش‪ ،‬واللهو‬
‫سجن رهيب‪ ،‬ومن العربة المذهبة إلى عربة‬ ‫الذي يقارب حد المجون وال يجاوزه‪ ،‬وتخلّت‬
‫الجلد‪ ،‬ومن البذخ إلى الفاقة‪ ،‬ومن العرش‬ ‫ّ‬ ‫وزوجــهــا الملك لــويــس الــســادس عشر عن‬
‫إلى المقصلة»‪ .‬اهـ بتصرف‪.‬‬ ‫مسؤولية إدارة الــبــاد بما يحقق العدالة‬
‫ما يتوقف عنده ستيفان زفايغ في تصرّف‬ ‫لشعب فرنسا‪ ،‬ولم ترتفع غشاوة االغترار عن‬
‫الملكة مــاري أنطوانيت بعد أن أفاقت من‬ ‫عينيها إال عندما بدأت الثورة الفرنسية تضيّق‬
‫سكرتها الطويلة بالملك هــو أن األحــداث‬ ‫الخناق حولها‪ ،‬وتحاسبها عبر ممثلي الشعب‬
‫الصادمة التي عصف بملكها قد كشفت عن‬ ‫على تفريطها وزوجها الملك لويس السادس‬
‫سماتها النفسية الجيدة‪ ،‬وقدراتها الكامنة‪،‬‬ ‫عشر‪ ،‬وغــدت هيبة الملك تهتز‪ ،‬وأبصرت‬
‫فكانت محاوالتها لإلصالح محاوالت تنم عن‬ ‫واقــع ـاً كراهية الــنــاس‪ ،‬وسخطهم‪ ،‬وتحرك‬
‫ذكاء‪ ،‬وقوة نفس‪ ،‬ولوال أنها تأخرت عن ميقاتها‬ ‫النخب السياسية مع العامّة في غضب ال‬
‫لكان أثرها في التغيير أثرا محمودا‪ .‬وسأتخيّر‬ ‫تحكمه البصيرة فــي أحــيــان كــثــيــرة‪ .‬يقول‬
‫من كالم ستيفان زفايغ ما يمس التغيير الذي‬ ‫ستيفان زفايغ عن الفساد الجديد الذي اقترن‬
‫لمس أوالً تواصلها مــع مشاعرها‪ ،‬والــذي‬ ‫بالثورة الفرنسية ‪ »:‬كل فكرة مهما بلغ نقاؤها‬
‫يؤكد من خالله على أن يقظة الوجدان هي‬ ‫إنما تصبح وضيعة عندما تم ّد أناساً هزيلين‬
‫أساس يقظة السلوك‪ .‬يقول ستيفان زفايغ‪:‬‬ ‫بسلطة تجعلهم يفقدون إنسانيتهم بسببها»‪.‬‬
‫لقد نجحت الــثــورة الفرنسية فــي رفع «ولكن الشقاء الالمتسامح ‪-‬كالفنان الذي ال‬
‫الحجب عن عقل الملكة مــاري أنطوانيت‪ ،‬يدع مادته قبل أن ينتزع منها آخر أغراضه‬
‫لكن الوقت كان متأخرا؛ فجهود الملكة ماري ومنتهى إمكانياتها‪ -‬ال يتوقف عــن ضرب‬

‫‪125‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫لتثبيت الملكية في فرنسا‪ -‬من التعاون مع‬ ‫روح مــاري أنطوانيت الضعيفة حتى ينتزع‬
‫جيش يحارب وطنها وفقاً للقيم الوطنية‪،‬‬ ‫منها الحزم واألنفة‪ ،‬ويكشف عن كل العظمة‬
‫هو خيانة عظمى‪ ،‬لكن ستيفان زفايغ ينفي‬ ‫المتوارثة المدفونة فــي أعماقها‪ ،‬فتُلحظ‬
‫عــن مــاري أنطوانيت هــذه الجريمة‪ ،‬ويعلل‬ ‫أخيرا هذه المرأة المحنّكة التي لم تشعر يوما‬
‫هذا النفي بعدم استقرار المفاهيم الوطنية‬ ‫بالفضول تجاه نفسها‪ ،‬وتكون أحزانها سببا‬
‫في ذلك العصر‪ .‬وتعليله هذا شائك بقدر ما‬ ‫لتغيّر عالقتها بنفسها‪ ،‬وتكون انتهاء سلطتها‬
‫هو موضوعي‪ ،‬وهو ينبّه على أهمية السياق‬ ‫الملكية إيذانا لوالدة شيء عظيم جديد في‬
‫الثقافي في قراءة المواقف القيمية‪.‬‬ ‫نفسها‪ ،‬شيء لم يكن باإلمكان أن تدركه لوال‬
‫هذه المحنة»‪ .‬اهـ بتصرّف‪.‬‬
‫يقول ستيفان زفايغ‪« :‬وقبل الحرب بأربعة‬
‫أيــام أخــذت الملكة مــاري أنطوانيت تفشي‬ ‫المفاهيم النسبية‬
‫وإنصاف القراءة التاريخية‬
‫خطة معارك الجيوش الثورية الفرنسية إلى‬
‫سفير النمسا‪ ..‬ومما ال شــك فيه أن هذه‬ ‫لم يكن لي أن أقدّم قراءة في هذه السيرة‬
‫خيانة مفضوحة ‪-‬وفقاً لثقافة عصرنا‪ -‬ولكن‬ ‫الملتبسة األحداث‪ ،‬دون أن أقف عند تحليل‬
‫يجب أال يغرب عنا أن فكرة الوطن لم تكن قد‬ ‫ستيفان زفايغ لتعاون ملكة فرنسا مع الجيوش‬
‫وجدت بعد في القرن الثامن عشر‪ ،‬والثورة‬ ‫النمساوية التي كانت تحارب ضد فرنسا‪.‬‬
‫الفرنسية فقط هي التي أعطت هذه الفكرة‬ ‫إن مــا فعلته مـــاري أنــطــوانــيــت ‪-‬سعيًا‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪126‬‬
‫قراءات‬
‫بعيداً عن محاكمتها إلــى الــصــورة الذهنية‬ ‫كيانها في أوروبا؛ فثقافة القرن الثامن عشر‬
‫التي يــراد تنميط الملكية فيها بين تطرف‬ ‫التي تنتمي إليها ماري أنطوانيت ال تعرف بعد‬
‫التبجيل أو تطرف التبشيع‪ .‬يقول ستيفان‬ ‫سوى وجهة النظر الساللية الصافية؛ فالبالد‬
‫زفايغ‪« :‬ال يعد التبجيل أو التأليه هو المهمة‬ ‫تنتمي إلى الملك‪ ،‬والحق بجانب الملك أنّى‬
‫األولــى في الدراسة النفسية اإلبداعية؛ بل‬ ‫كــان؛ فالذي يقاتل من أجل الملك والملكية‬
‫األهــم هــو إضــفــاء الطابع اإلنساني عليها؛‬ ‫فهو يناضل في سبيل قضية صالحة‪ ،‬والذي‬
‫فمهمتنا الحقيقية هي عدم التبرير بسيل من‬ ‫يقاتل ضد الملكية فهو متمرد مارق وإن كان‬
‫الحجج بعيدة االحتمال‪ ...‬آمل أن تثير هذه‬ ‫يدافع عن بالده‪ .‬ولكون فكرة الوطن ال تزال‬
‫الشخصية‪ ،‬بعيداً عن المبالغة‪ ،‬التعاطف‪ ،‬وأن‬ ‫فكرة جنينية‪ ،‬فقد تبنى خيرة األلمان سلوكاً‬
‫تحظى بفهم القرّاء في الوقت الحاضر؛ ال‬ ‫عاطفياً ضد أوطانهم متمنين خذالن الجيوش‬
‫سيما وأنها كانت امرأة من لحم ودم مثلنا»‪.‬‬ ‫األلمانية حبّا بفكرة الحرية‪ ،‬بينما كان الملك‬
‫لقد نجح ستيفان زفايغ في تقديم دراسة‬ ‫والملكة في فرنسا يحييان خذالن جيشهما‬
‫متوازنة لهذه السيرة التي اضطربت حولها‬ ‫كنصر شخصي؛ ولــم تكن القضية فــي كال‬
‫الروايات‪ ،‬والمواقف الفكرية واإلنسانية‪ ،‬وقدّم‬ ‫الجانبين قضية مصالح الــبــاد؛ فالصراع‬
‫لنا قراءة موضوعية حققت في سند الروايات‬ ‫هو من أجــل فكرة‪ ،‬فكرة الساللة أو فكرة‬
‫ومتنها‪ ،‬واجتهد في بيان ثقافة العصر الذي‬ ‫الحرية‪ .‬وال شيء يمثل الفرق بين مفهومي‬
‫وقعت فيه األحداث ليكون حكمه القيمي على‬ ‫القرن القديم والجديد خيرا من هذه الحادثة‪:‬‬
‫قبل إعــان الحرب بشهر واحــد‪ ،‬كان الدوق‬
‫المواقف التاريخية حكماً منصفاً‪ ،‬ولم يغيّب‬
‫دي برونزويك متردداً في اختيار أي الموقفين‬
‫الــقــارئ عــن فكرة التعاطف الــعــادل لحفظ‬
‫خــيــر‪ ،‬تسلم قــيــادة الــجــيــوش الفرنسية أو‬
‫الحقوق اإلنسانية واألخالقية للشخصيات‬
‫األلمانية ذلك أن فكرة الوطن لم تكن واضحة‬
‫التاريخية‪.‬‬
‫بعد في سنة ‪1792‬م»‪ .‬اهـ بتصرّف‪.‬‬
‫كــتــاب ث ــري أض ــاف إل ــيّ عــلــى المستوى‬
‫المنهجي‪ ،‬واإلنــســانــي‪ ،‬وفــي طيات الكتاب‬ ‫اإلنسانة الملكة‬
‫يختتم ستيفان زفايغ كتابه عن سيرة الملكة أفكار تأخذ بتالبيب العقل تأمال‪ ،‬وتالبيب‬
‫ماري أنطوانيت (‪1755‬م‪1792-‬م) بالتأكيد الروح إدراكاً‪ .‬شكراً لكل من ساهم في إخراج‬
‫على فكرة حقها العادل في أن تُقرأ سيرتها هذا العمل إلى القارئ العربي‪.‬‬

‫باحثة يف قضايا املرأة واألسرة‪.‬‬ ‫* ‬


‫ * كاتب نمساوي (‪1888‬م‪1942-‬م) يع ّد من أبرز كتّاب أوروبا في بدايات القرن العشرين‪ .‬وقد اشتهر‬
‫بدراساته التي تتناول كبار األدباء تولستوي ودوستويفسكي وبلزاك وغيرهم‪ .‬وكتب العديد من الروايات‪.‬‬
‫وكتب سيرته الذاتية بعنوان‪ :‬عالم األمس وقد ترجمتها مشكورة دار المدى‪.‬‬

‫‪127‬‬ ‫‪ 78‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬
‫الصفحة األخيرة‬
‫إذا كان ‏ أمبرتو أكابال الشاعر الغواتيمالي الذي ينحدر من‬ ‫في معنى‬
‫شعب الكيتشي مايا‪ ،‬ويعد آخــر شعراء الهنود الحمر العظام‪،‬‬
‫قد قال في مديح القراءة‪« :‬تعلمت أن القراءة فعل خشوع‪ ،‬فأنت‬ ‫أن تقرأ‬
‫حين تنهي قراءة كتاب ال تعود الشخص الذي كنته قبل القراءة»!‬
‫هاشم اجلحدلي‬
‫فــإنـنــي هـنــا س ــوف أنـطـلــق مــن ه ــذه الـعـبــارة ال ــدال ــة‪ ،‬والــرؤيــة‬
‫الصوابية ألهمية تلقي القراءة ونوعيتها وبُعد تأثيرها‪ ،‬ألقدّ م‬
‫بـعــض الـ ــرؤى؛ وبـخــاصــة أنـنــي أرى ال ـق ــراءة أق ــرب مــا تـكــون إلــى‬
‫العالقات‪ ،‬فهناك قــراءة تقدير‪ ،‬وق ــراءة مفروضة وواجـبــة شئنا‬
‫أم أبينا‪ ،‬وقــراءة عاطفية‪ ،‬وقــراءة مسؤولية‪ ،‬وقــراءة عمل‪ ،‬وقراءة‬
‫عــابــرة‪ ،‬وق ــراءة خــائـبــة نـنــدم عليها ولـكــن بـعــد أن نـتــورط فيها‪،‬‬
‫ولألسف هناك قراءة مصالح‪.‬‬
‫‪ -‬ال تقرأ وال تكتب وأنت مرهق جسدياً أٔو ذهنياً‪.‬‬ ‫والــرؤى التي أقترح أن نتحصن بها عند معانقة أي كتاب‪ ،‬هي‬
‫‪ -‬حافظ على صفاء ذاكرتك ورهافة بصيرتك‪ ،‬فهي الطاقة االٔولى‬ ‫كالتالي‪:‬‬
‫قبل اللغة والمخيلة في ثراء عوالمك‪.‬‬ ‫‪ -‬العمل اإلبداعي ليس دوا ًء مجبراً على تجرّعه‪ .‬إذا لم يعجبك‪،‬‬
‫وبعد ذلك نضع في اعتبارنا‪:‬‬ ‫دعه وشأنه‪.‬‬
‫‪ -‬ليس كل كتاب نادر هو كتاب مهم لك‪.‬‬ ‫‪ -‬بعض المبدعين سلوكياتهم وأرواحهم تُكرهك ليس في أعمالهم بل‬
‫في اإلبــداع كله‪ ،‬تذكر دائماً‪ ..‬القرب ليس ضرورياً‪ ،‬بل أحياناً‬
‫‏‪ -‬القراءة وحدها ال تغير شيئاً؛ فوعي القراءة هو األساس‪.‬‬ ‫يكون ضارًا!‬
‫‏‪ -‬ما يعجب الجميع ليس شرطاً أن يعجبك‪.‬‬ ‫‪ -‬ليس شرطاً أن تكون شاعراً أو فيلسوفاً‪ ،‬الٔنك قرأت كثيراً في الشعر‬
‫‏‪ -‬نقد النقاد قيمة إضافية عند القراءة‪ ،‬أما االنطباع فهو حق مشاع‪.‬‬ ‫والفلسفة‪ ،‬بل ربما يكون هذا الشيء من المستحيالت‪ .‬استثني‬
‫الرواية‪ ،‬فمن يقرأها بوعي ربما يكتب نصاً سردياً مذهال‪.‬‬
‫‏‪ -‬احذروا وصايات القرّاء الرحّ ل‪.‬‬
‫‪ -‬هناك فرق كبير بين الهوس بجمع الكتب ومفهوم القراءة‪ ،‬وممكن‬
‫‏‪ -‬اصنع قوائمك المؤجلة بشغف اهتمامك السابق‪.‬‬
‫ببساطة أن تجمع بينهما‪ ،‬أو تختار سبيلك بينهما‪.‬‬
‫‏‪ -‬القراءة متعة‪.‬‬
‫‪ -‬ال تفرّط في محفزاتك على القراءة أو الكتابة؛ الٔنك لو هجرتها‬
‫وأخيرًا نصل إلى أهم المهارات التي يجب أن نمتلكها لكي نقرأ‬ ‫ستعود إليهما كطالب األول االبتدائي‪ ،‬عند خوض غمارهما مرة‬
‫جيداً‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أخرى!‬
‫‪ -‬تربية الذائقة‪.‬‬ ‫‪ -‬ال تغتر بما يقولون وال تتجاهله‪ ..‬بوصلتك هي ذائقتك التي يجب أن‬
‫‪ -‬تفعيل آلية النقد‪.‬‬ ‫تنشط حركيتها وتفاعلها مع ما حولك من مستجدات‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على الفرز وتفعيل مهارة االنتقاء‪.‬‬ ‫‪ -‬الرائج ليس دوماً هو الجيد أو الذي يستحق المتابعة‪.‬‬
‫‪ -‬صناعة ذاكرة قرائية خاصة‪.‬‬ ‫‪ -‬هناك كتب أساس ال اختالف حولها‪ ،‬حاول بشدة أن تقرأها‪.‬‬
‫كل هــذه ليست رؤى وليدة تجربة خاصة‪ ،‬وخالصة استجالء‬ ‫‪« -‬ألف ليلة وليلة» محرض هائل لمخيلة أي شغوف بالقراءة وبالسعي‬
‫لتجارب آخرين‪ ،‬ولكن عليك أن تضع نصب عينك دائما‪ ،‬القراءة‬ ‫للكتابة‪.‬‬
‫فعل فردي‪ ،‬ولكل منّا مهاراته الخاصة التي ربما ال يمتلكها اآلخرون‪.‬‬ ‫‪ -‬السينما والموسيقى أقرب اإلبداعات الموازية والمحرّضة للقراءة‬
‫وقراءة ممتعة في كل األحوال‪.‬‬ ‫والكتابة‪ ،‬وليست القهوة أٔبداً‪.‬‬

‫ * كاتب سعودي‪.‬‬

‫العدد ‪78‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٤‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٣‬م)‬ ‫‪128‬‬
‫من إصدارات اجلوبة‬

‫¦ محور خاص ‪ :‬جدلية الوقت والكتابة‬


‫¦ نصوص جديدة ونوافذ‬
‫¦ رحلة الشتاء بني الدخول وحومل‬
‫¦ مواجهات‪ :‬أحمد فضل شبلول‪،‬‬
‫محمود خيراهلل‪ ،‬خالد عبدالكرمي احلَمْ د‪.‬‬

‫ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺳﻤﻮ وﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ‬


‫ﺳﻤﻮ وزﻳﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻳﻔﺘﺘﺢ ﻣﺸﺮوع‬
‫ﻣﺤﻄﺔ ﺳﻜﺎﻛﺎ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ‬

‫‪71‬‬
‫من إصدارات برنامج النشر في‬

‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬


‫فاكس ‪014 6247780‬‬ ‫هاتف ‪ 014 6245992‬‬ ‫الجوف‪ :‬ص‪ .‬ب‪ 854 :‬‬
‫جــوال ‪055 3308853‬‬ ‫هاتف ‪ 011 4999946‬‬ ‫الرياض‪ :‬ص‪.‬ب ‪ 94781‬الرياض ‪ 11614‬‬
‫فاكس ‪016 4421307‬‬ ‫هاتف ‪ 016 4422497‬‬ ‫الغاط‪ :‬ص‪ .‬ب ‪ - 63‬دار الرحمانية ‬
‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬ ‫|‬ ‫‪info@alsudairy.org.sa‬‬
‫‪Alsudairy1385‬‬ ‫‪0553308853‬‬

You might also like