You are on page 1of 224

‫إنارة الفكر‬

‫في أحكام صلاة الوتر‬


‫على مذهب الإمام الشافعي‬

‫أصل هذا البحث هو استكمال متطلبات الحصول على‬


‫درجة البكالوريوس في الدراسات اإلسالمية‬
‫جامعة العلوم والتكنولوجيا ـ الجمهورية اليمنية‬
‫‪6341‬هـ ـ ‪5162‬م‬

‫جمع وإعداد‬
‫عبدالله بن محمد بن طاهر بن حسين الكاف‬

‫(‪)1‬‬
‫عنوان الكتاب‬ ‫رقم الإيداع بالهيئة‬
‫إنارة الفكر في أحكام صلاة الوتر‬ ‫العامة للكتاب‬
‫على مذهب الإمام الشافعي‬ ‫(‬ ‫)‬
‫لعام ‪ 2021‬م‬
‫جمع وإعداد‬ ‫الجمهورية اليمنية‬
‫عبدالله بن محمد بن طاهر الكاف‬ ‫محافظة حضرموت‬

‫الكتب والدراسات التي تصدرها‬


‫الطبعة الأولى‪1442 :‬هـ ـ ‪2021‬م‬
‫المكتبة لا تعني بالضرورة تبني‬
‫عدد الصفحات‪224 :‬‬
‫الأفكار الواردة فيها‪ ،‬وهي تعبر عن‬
‫قياس القطع‪17 × 24 :‬‬
‫آراء واجتهادات أصحابها‪.‬‬
‫التنفيد الطباعي‪:‬‬ ‫‪ 1442‬هـ ـ ‪ 2021‬م‬
‫مكتبة تريم الحديثة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‬ ‫يمنع طبع هذا الكتاب أو جزء منه‬
‫حـضـرمـوت ــ تريــم‬ ‫بكل طرق الطبع والتصوير والنقل‬
‫والترجمة والتسجيل المرئي‬
‫‪Tel: 009675417130‬‬ ‫والمسموع والحاسوبي وغيرها من‬
‫‪Fax: 009675418130‬‬
‫الحقوق إلا بإذن خطي‪.‬‬
‫‪obile: 00967777418130‬‬
‫‪Eail: tbs417130@hotail. om‬‬
‫‪OR: mab418130@hotmail.com‬‬
‫مكتبة تريم الحديثة [مجموعة] ‪Facebook‬‬

‫(‪)2‬‬
‫‪f‬‬
‫‪‬‬
‫الحمد لله الواحد األحد الفرد اللطيف‪ ،‬الودود الرحيم الرحمن‬
‫ِّ‬
‫المان على عباده باإليجاد واإلمداد‪ ،‬فهو الكريم الوهاب الرزاق‬ ‫الرؤوف‪،‬‬
‫الجواد‪ ،‬الذي ج َّلت نعمه عن اإلحصاء باألعداد‪ ،‬يداه مألى سحاء يعطي‬
‫بال نفاد‪ ،‬مبسوطة في الوجود موائده ومحاسنه‪ ،‬شاهد ذلك‪َ ﴿ :‬وإِن ِّمن َش ْيء‬
‫إِالَّ ِعندَ نَا َخزَائِنُ ُه﴾ ‪.‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال الله وحده ال شريك له الملك الحق المبين‪ ،‬وأشهد‬
‫أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين‪ ،‬وأشرف المرسلين‪ ،‬وسيد‬
‫الغر المحجلين‪ ،‬وآله األطهار‪ ،‬وصحابته‬
‫األولين واآلخرين‪ ،‬وقائد ِّ‬
‫األخيار‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان وعلى نهجهم سار‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذا كتاب لطيف جمعت فيه ما يتعلق بصالة الوتر على مذهب‬
‫إمامنا الم َّطلبي محمد بن إدريس الشافعي من حيث الفضائل واآلداب‬
‫واألحكام‪ ،‬ووجدت فيها مسائل نافعة عزيزة‪ ،‬وفروع فقهية وجيزة‪ ،‬ال‬

‫(‪)3‬‬
‫يستغني عنها طالب علم‪ ،‬وقد عرضته على سيدي الحبيب عمر بن محمد‬
‫بن سالم بن حفيظ حفظه الله ونفعنا به طلب ًا لتسميته‪ ،‬وسماه‪" :‬إِ َنار ُة ِ‬
‫الف ْك ِر‬ ‫َ‬
‫الو ْت ِر"‪ ،‬وأصل هذا الكتاب استكمال لمتطلبات درجة‬ ‫فِي َأح َكا ِم َصلَةِ ِ‬

‫البكالوريوس في الدراسات اإلسالمية لجامعة العلوم والتكنولوجيا‬


‫بالجمهورية اليمنية لعام ‪6341‬هـ ـ ‪5162‬م‬
‫وقسمت هذا الكتاب إلى ستة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تعريف صالة الوتر‪ ،‬وسبب تسميتها‪ ،‬وحكمها‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فضل صالة الوتر‪ ،‬وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬فضل صالة الوتر في السنة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬فضل صالة الوتر في أقوال السلف وأعمالهم‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬وقت صالة الوتر‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬كيفية صالة الوتر‪ ،‬وفيه أربعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬صور الوتر‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النية في الوتر‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عدد ركعات صالة الوتر‪.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الفصل والوصل‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬سنن في الوتر‪ ،‬وفيه خمسة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التهجد‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ما يقرأ في الوتر‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الجماعة في الوتر‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬القنوت في الوتر‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬ما يسن قوله وفعله بعد الوتر‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬وفيها مسائل في صالة الوتر‪.‬‬
‫أسأل الله تعالى الكريم الوهاب أن يكتب فيه القبول والثواب‪ ،‬ويجعله‬
‫التواب‪ ،‬وأن يكتبنا من الهداة المهتدين غير ضالين‬ ‫خالصاً لوجهه الكريم َّ‬
‫ب لَنَا ِمن لَّدُ َ‬
‫نك َر ْح َم ًة‬ ‫وال مضلين‪َ ﴿ ،‬ر َّبنَا الَ ت ُِز ْغ ُق ُلو َبنَا َب ْعدَ إِ ْذ َهدَ ْيتَنَا َو َه ْ‬
‫نت الْ َو َّهاب﴾ برحمتك يا أرحم الراحمين‪ ،‬وجزى الله خيراً كل من‬ ‫َّك َأ َ‬
‫إِن َ‬
‫انتفعت به وتعلمت منه‪ ،‬وأسأل الله تعالى أن يطيل أعمارهم في عافية تامة‪.‬‬
‫** ** **‬

‫(‪)5‬‬
)6(
‫الفصل الأول‪ :‬تعريف صلاة الوتر‪ ،‬وسبب تسميته‪ ،‬وحكمه‪.‬‬
‫معنى الصلاة‪:‬‬
‫الصلة لغ ًة‪ :‬الدعاء‪ ،‬والصالة من الله تعالى الرحمة‪ ،‬والصالة واحدة‬
‫الصلوات المفروضة‪ ،‬وهو اسم يوضع موضع المصدر‪ ،‬يقال‪ :‬صلى صالة‪،‬‬
‫وال يقال‪ :‬تصلية‪.‬‬
‫قال ابن األعرابي‪ :‬الصالة من الله‪ ..‬رحمة ‪ ،‬ومن المخلوقين المالئكة‬
‫( ‪)6‬‬

‫واإلنس والجن‪ ..‬القيام والركوع والسجود والدعاء والتسبيح‪ ،‬والصالة من‬


‫الطير والهوام‪ ..‬التسبيح‪.‬‬
‫ِ‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬إِ َّن الل َه َو َملَئِ َكتَ ُه ُي َص ُّل َ‬
‫ون َع َلى النَّب ِ ِّي َيا َأ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ين َآمنُوا َص ُّلوا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما﴾ (األحزاب‪ (21:‬فالصالة من المالئكة‪ ..‬دعاء‬ ‫َع َل ْيه َو َس ِّل ُموا ت َْسل ً‬
‫واستغفار‪ ،‬ومن الله‪ ..‬رحمة‪ ،‬وبه سميت الصالة؛ لما فيها من الدعاء‬
‫واالستغفار‪.‬‬

‫)‪ )6‬قال السدِّ ي‪ :‬قالت بنو إسرائيل لموسى‪ :‬أيصلي ربنا؟ َف َكبُ َر هذا الكالم على موسى‪ ،‬فأوحى الله إليه‪:‬‬
‫أن قل لهم‪ :‬إني أصلي‪ ،‬وإن صالتي رحمتي‪ ،‬وقد وسعت رحمتي كل شيء‪ .‬ذكره البغوي في «تفسيره»‬
‫(‪.)647 /3‬‬

‫(‪)7‬‬
‫قال أبو العباس‪ :‬في قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ه َو الَّ ِذي ُي َص ِّلي َع َليْك ُْم َو َملَئِ َكتُ ُه﴾‬
‫(األحزاب‪ )34:‬فيصلي يرحم‪ ،‬ومالئكته يدعون للمسلمين والمسلمات‪.‬‬
‫معنى الوتر‪:‬‬
‫ال ِوتر‪ :‬بالكسر‪ ..‬الفرد‪ ،‬أو ما لم يتشفع من العدد‪ ،‬بفتح الواو وكسرها‬
‫لغتان فصيحتان قرئ بهما في السبع‪ ،‬والفتح لغة أهل الحجاز‪ :‬الفرد‪.‬‬
‫وصلاة الوتر في الاصطلاح‪:‬‬
‫هي صالة تفعل ما بين صالة العشاء وطلوع الفجر‪ ،‬تختم بها صالة الليل‪.‬‬
‫سبب تسميته‪:‬‬
‫ألنها تختم بركعة واحدة‪ ،‬على خالف الصلوات األخرى‪ ..‬فسميت‬
‫الوتر ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫حكم صلاة الوتر‪:‬‬


‫صالة الوتر‪ ..‬سنة مؤكدة‪ ،‬وليست بواجبة ‪ ،‬ويكره تركه‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫والصارف عن وجوبها‪:‬‬

‫)‪ )6‬مختار الصحاح (‪ ،)445/6‬لسان العرب (‪ ،)312/63‬القاموس المحيط (‪ ،)391/6‬المجموع‬


‫(‪ ،)586/6‬فيض القدير (‪ ،)19/4‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪.)589/52‬‬
‫)‪ )5‬وبه قال اإلمام مالك‪ ،‬والثوري‪ ،‬والليث‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬وأبو يوسف‪ ،‬ومحمد‪ ،‬وأكثر أهل العلم‪ .‬البيان‬
‫(‪.)512/5‬‬

‫(‪)8‬‬
‫والصلَةِ الْ ُو ْسطَى﴾ (البقرة‪:‬‬
‫َّ‬
‫قوله تعالى‪﴿ :‬حافِظُو ْا ع َلى الص َلو ِ‬
‫ات‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ،(548‬إذ لو وجب‪ ..‬لم يكن للصلوات وسطى‪.‬‬
‫وعن سيدنا علي بن أبي طالب ‪ ‬وكرم وجهه قال‪( :‬الوتر ليس‬
‫بحتم كهيئة الصالة المكتوبة‪ ،‬ولكن سنة سنها رسول الله‬
‫‪. )‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعن طلحة بن عبيدالله ‪ ‬قال‪ :‬جاء رجل إلى رسول الله‬


‫‪ ‬من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته وال نفقه‬
‫( ‪)5‬‬

‫ما يقول حتى دنا‪ ،‬فإذا هو يسأل عن اإلسالم‪ ،‬فقال رسول الله‬
‫‪« :‬خمس صلوات في اليوم والليلة» فقال‪ :‬هل علي‬
‫غيرها؟ قال‪« :‬ال‪ ،‬إال أن تطَّ َّوع» ‪ ،‬وحديث علي ‪ ‬مرفوع ًا‪« :‬إن الله‬
‫( ‪)4‬‬

‫وتر يحب الوتر‪ ،‬فأوتروا يا أهل القرآن» ‪.‬‬


‫( ‪)3‬‬

‫)‪ )6‬سنن الترمذي (‪.)461/5‬‬


‫)‪ )5‬معنى (ثائر الرأس)‪ :‬قائم شعره منتفشه‪ ،‬ومعنى (دوي صوته)‪ :‬بعده في الهواء ومعناه شدة صوت‬
‫ال يفهم‪ .‬شرح النووي على مسلم (‪.)611/6‬‬
‫)‪ )4‬صحيح البخاري (‪.)68/6‬‬
‫)‪ )3‬سنن الترمذي (‪.)461/5‬‬

‫(‪)9‬‬
‫وهنا جاء بصيغة األمر ال للوجوب فيه‪ ،‬بل إلرادة مزيد التأكيد‪ ،‬وقال اإلمام‬
‫أحمد‪ :‬من ترك الوتر عمد ًا‪ ..‬فهو رجل سوء‪ ،‬وال ينبغي أن تقبل له شهادة‪.‬‬
‫قال الخطابي‪ :‬تخصيصه أهل القرآن باألمر فيه يدل على أن الوتر غير‬
‫واجب‪ ،‬ولو كان واجب ًا لكان عام ًا‪ ،‬وأهل القرآن في عرف الناس‪ :‬القراء‬
‫والحفاظ دون العوام‪.‬‬
‫وذهب أبو حنيفة ـ خالفاً لصاحبيه ـ إلى أن الوتر واجب‪ ،‬وليس بفرض‪،‬‬
‫مستدلين بحديث «الوتر حق‪ ،‬فمن لم يوتر فليس منا» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫مسألة‪ :‬ما حكم الوتر في حق النبي ‪ ‬؟‬

‫اختلف أهل العلم على رأيين‪:‬‬


‫الرأي األول‪ :‬وهو المذهب وعليه اإلمامين البغوي والرافعي أن الوتر‬
‫واجب على رسول الله ‪ ‬لحديث عبدالله بن عباس‬
‫‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬ثلث هن‬
‫علي فرائض‪ ،‬وهن لكم تطوع‪ :‬الوتر‪ ،‬والنحر‪ ،‬وصلة الضحى» ‪،‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)641 - 659 / 5‬‬


‫)‪ )5‬مسند أحمد (‪.)382/4‬‬

‫(‪)11‬‬
‫وعند الدارقطني (وركعتا الفجر) بدال ً من (صالة الضحى) ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫واعترض‪ :‬كيف الوتر واجب على رسول الله ‪ ‬وقد‬


‫ورد «أنه كان يوتر على راحلته» والمكتوبة ال تجوز على الراحلة؟‬
‫( ‪)5‬‬

‫َو ُر َّد على هذا االعتراض‪ :‬بأن من خصائص النبي ‪‬‬


‫جواز هذا الواجب عليه على الراحلة‪ ..‬قاله النووي والسيوطي‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬أن الوتر واجب عليه ‪ ‬في الحضر دون‬
‫السفر‪ ،‬وهو قول الغزالي والعز بن عبدالسالم‪.‬‬
‫الرأي الثالث‪ :‬الوتر غير واجب على النبي ‪‬؛ ألنه صح‬
‫عنه أنه كان يوتر على بعيره‪ ،‬وإنما وجب عليه وعلى أمته حوالً كامالً‪ ،‬ثم‬
‫نسخ فصار تطوع ًا في حقه وحقهم‪ ..‬وهو اختيار اإلمامين النووي وسراج‬
‫الدين البلقيني ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬سنن الدارقطني (‪.)424/5‬‬


‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬
‫)‪ )4‬المجموع (‪ ،)51/3‬التلخيص الحبير (‪ ،)522/4‬تحفة المحتاج (‪ ،)532/5‬عون المعبود‬
‫(‪ ،)512/3‬الرحيمية (ص‪ ،)319‬اإلبريز الخالص (ص‪.)12‬‬

‫(‪)11‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فضل صلاة الوتر‪.‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬فضل صلاة الوتر في السنة‪.‬‬
‫عن علي بن أبي طالب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪« :‬إن الله وتر يحب الوتر‪ ،‬فأوتروا يا أهل القران» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعن أبي أيوب األنصاري ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬


‫«الوتر حق واجب ‪ ،‬فمن شاء أوتر بثلث فليوتر‪ ،‬ومن شاء أن يوتر بواحدة‬ ‫( ‪)2‬‬

‫( ‪)4‬‬
‫فليوتر بواحدة»‪.‬‬

‫)‪ )6‬سنن الترمذي (‪ .)461/5‬الوتر‪ :‬الفرد‪ ،‬ومعناه في حق الله تعالى‪ :‬الواحد الذي ال شريك له وال‬
‫نظير‪ ،‬ومعنى (يحب الوتر) تفضيل الوتر في األعمال وكثير من الطاعات‪ ،‬فجعل الصالة خمساً‪،‬‬
‫والطهارة ثالث ًا ثالث ًا‪ ،‬والطواف سبع ًا والسعي سبع ًا ورمي الجمار سبع ًا‪ ،‬وأيام التشريق ثالث ًا واالستنجاء‬
‫ثالث ًا وكذا األكفان‪ ،‬وفي الزكاة خمسة أوسق وخمس أواق من الورق ونصاب اإلبل وغير ذلك‪ ،‬وجعل‬
‫كثير ًا من عظيم مخلوقاته وتر ًا منها السماوات واألرضون والبحار وأيام األسبوع وغير ذلك‪ .‬شرح‬
‫النووي على مسلم (‪.)1/62‬‬
‫)‪ )5‬حق‪ :‬مشروع‪ ،‬وتسميته واجب ًا في الحديث كتسمية غسل الجمعة واجب ًا‪ ،‬فالمراد به‪ :‬مزيد التأكيد‪،‬‬
‫ولذا كان أفضل مما ال تسن فيه الجماعة‪ .‬بشرى الكريم (ص‪.)465‬‬
‫)‪ )4‬سنن الدارقطني (‪ )431/5‬وقال‪ :‬قوله‪« :‬واجب» ليس بمحفوظ‪.‬‬
‫(‪)12‬‬
‫وعن بريدة بن الحصيب ‪ ‬قال‪ :‬سمعت النبي ‪‬‬
‫يقول‪« :‬الوتر حق‪ ..‬فمن لم يوتر فليس منا‪ ،‬الوتر حق‪ ..‬فمن لم يوتر فليس‬
‫منا‪ ،‬الوتر حق‪ ..‬فمن لم يوتر فليس منا» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وكان رسول الله يصلي الوتر حتى في السفر‪ ،‬فقد روي عن عبدالله بن‬
‫عمر ‪ ‬قال‪« :‬كان النبي ‪ ‬يصلي في السفر على‬
‫راحلته‪ ،‬حيث توجهت به يوميء إيماء صلة الليل إال الفرائض ويوتر على‬
‫راحلته» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫ومن اهتمامه ‪ ‬بصلة الوتر‪:‬‬


‫أنه «كان ‪ ‬يوقظ السيدة عائشة ‪ ‬من نومتها‪،‬‬
‫وكان يصلي وعائشة راقدة معترضة على فراشه‪ ،‬فإذا أراد أن يوتر أيقظها‬
‫فأوترت» ‪ ،‬وقال أبو هريرة ‪« :‬أوصاني النبي ‪‬‬ ‫( ‪)4‬‬

‫بالوتر قبل النوم» ‪.‬‬


‫( ‪)3‬‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)15/5‬‬


‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬
‫)‪ )4‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬
‫)‪ )3‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬

‫(‪)13‬‬
‫وقـال خـارجـة بـن حـذافـة ‪ :‬خـرج عـلـينـا رســول اللــه‬
‫‪ ‬فقال‪ « :‬إن الله عز وجل قد أمدكم بصالاللة‪ ،‬وهي خير‬
‫لكم من حمر النعم‪ ،‬وهي الوتر‪ ،‬فجعلهالا لكم فيما بين العشالالاء إلى طلوع‬
‫الفجر» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعن عبدالله بن عمر ‪ ‬قال‪ :‬سمعت النبي ‪‬‬


‫يقول‪« :‬من صلى الضحى‪ ،‬وصام ثلثة أيام من الشهر‪ ،‬ولم يترك الوتر في‬
‫سفر وال حضر‪ ..‬كتب له أجر شهيد» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫** ** **‬

‫ذكر في حاشية إعانة الطالبين (‪ :) 593/6‬قال الشنواني‪ :‬وليست هذه الوصية خاصة بأبي هريرة‬
‫‪ ،‬فقد وردت وصيته ‪ ‬بالثالث أيض ًا ألبي ذر ‪ ‬كما عند النسائي‪،‬‬
‫وألبي الدرداء ‪ ‬كما عند مسلم‪ ،‬وقيل في تخصيص الثالث للثالثة‪ :‬لكونهم فقراء ال مال لهم‪،‬‬
‫فوصاهم بما يليق بهم وهو الصوم والصالة‪ ،‬وهما من أشرف العبادات البدنية‪.‬‬
‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)16/5‬‬
‫)‪ )5‬المعجم الكبير (‪.)23/64‬‬

‫(‪)14‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬فضل صلاة الوتر في أقوال السلف وأعمالهم‬
‫قال اإلمام الشافعي‪ :‬ال أرخص لمسلم ترك صالة الوتر وإن لم أوجبها‬
‫وإن تركها كان أسوأ حاالً من ترك جميع النوافل أي النوافل التي تصلى‬
‫منفردة‪.‬‬
‫وقال اإلمام أحمد بن حنبل‪ :‬من ترك الوتر عمد ًا‪ ..‬فهو رجل سوء‪ ،‬وال‬
‫ينبغي أن تقبل له شهادة‪.‬‬
‫وكان محمد بن سيرين يستحب الوتر في كل شيء‪ ،‬حتى إنه ليأكل وتر ًا‪.‬‬
‫قال يحيى بن سعيد‪ :‬ال نرى أن يترك أحد الوتر متعمد ًا‪ ،‬فإن فعل رأينا أن‬
‫قد ترك سنة من سنن رسول الله ‪.‬‬
‫وقال التابعي عامر بن شراحيل الشعبي‪ :‬الوتر تطوع وهو من أشرف‬
‫التطوع‪ ،‬وقال أحد السلف‪ :‬لم أعلم من التطوع شيئاً كان أعز عليهم أن‬
‫يتركوا من الوتر ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬مختصر المزني (‪ ،)664/8‬صالة الوتر للمروزي (‪ 512/6‬و‪ ،)522‬المغني البن قدامة‬
‫(‪.)668/5‬‬

‫(‪)15‬‬
‫مسألة‪ :‬أيهما أفضل‪ ..‬الوتر أم سنة الفجر؟‬

‫فيها قوالن‪ :‬في الجديد‪ :‬الوتر أفضل؛ لقوله ‪« ‬إن الله‬


‫تعالى أمدكم بصلة هي خير لكم من حمر النعم هي الوتر» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وقال ‪« ‬من لم يوتر‪ ..‬فليس منا» ‪ ،‬وألنه مختلف في‬


‫( ‪)5‬‬

‫وجوبه‪ ،‬وسنة الفجر مجمع على كونها سنة‪ ،‬فكان الوتر أوكده‪.‬‬
‫وقال في القديم‪ :‬سنة الفجر آكده؛ لقوله ‪َ « ‬ال تَدَ ُعوا‬
‫َر ْك َعتَيِ الْ َف ْج ِر‪َ ،‬وإِ ْن َط َر َد ْتك ُُم الخَ ْي ُل» ‪ ،‬وألنها محصورة التحتمل الزيادة‬
‫( ‪)4‬‬

‫والنقصان‪ ،‬فهي بالفرائض أشبه من الوتر ‪.‬‬


‫( ‪)3‬‬

‫قال الفقهاء‪ :‬ترتيب الوتر من الصلوات النافلة‪ ..‬المرتبة السادسة‪ ،‬إذ‬


‫صلة النفل ترتيبها كالتالي‪:‬‬
‫‪ .6‬عيد النحر‪ .5 ،‬عيد الفطر‪ .4 ،‬الكسوف‪ .3 ،‬الخسوف‪ .2 ،‬االستسقاء‪،‬‬
‫‪ .6‬الوتر‪ .2 ،‬ركعتا الفجر‪ .8 ،‬بقية الرواتب‪ .9 ،‬التراويح‪ .61 ،‬الضحى‪،‬‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)16/5‬‬


‫)‪ )5‬سنن أبي داود (‪.)15/5‬‬
‫)‪ )4‬مسند اإلمام أحمد (حديث ‪.)633/62( )9524‬‬
‫)‪ )3‬المهذب (‪.)628/6‬‬

‫(‪)16‬‬
‫‪ .66‬سنة الطواف‪ .65 ،‬تحية المسجد‪ .64 ،‬سنة اإلحرام‪ .63 ،‬سنة‬
‫الوضوء‪ .62 ،‬سنة الزوال‪ .61 ،‬النفل المطلق ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج (‪.)535/5‬‬

‫(‪)17‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬وقت صلاة الوتر‪.‬‬
‫وقت صلة الوتر‪ :‬ما بين أداء صالة العشاء وطلوع الفجر الثاني‪ ،‬ودليله‬
‫حديث خارجة بن حذافة ‪ ‬أنه قال‪ :‬خرج علينا رسول الله‬
‫حمر‬
‫‪ ‬فقال‪« :‬إن الله أمدكم بصلة هي خير لكم من ْ‬
‫النعم الوتر‪ ،‬جعله الله لكم فيما بين صلة العشاء إلى أن يطلع الفجر» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وقد أوتر رسول الله ‪ ‬في جميع األوقات وانتهى وتره‬


‫إلى السحر؛ كما في حديث عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬من كل الليل قد أوتر‬
‫رسول الله ‪ ‬من أول الليل‪ ،‬وأوسطه‪ ،‬وآخره‪ ،‬فانتهى وتره‬
‫الس َحر» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬
‫إلى َّ‬
‫وعن علقمة أن عبدالله بن مسعود ‪( ‬كان يوتر حين يبقى من‬
‫الليل نحو ما ذهب منه‪ ،‬من حين صلى المغرب‪ ،‬وعن عبدالله بن عباس‬
‫‪ ‬مثله)‪.‬‬

‫)‪ )6‬سنن الترمذي (‪.)463/5‬‬


‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)265 /6‬‬

‫(‪)18‬‬
‫ويحتمل أن يكون اختالف وقت الوتر باختالف األحوال‪ ،‬فحيث أوتر‬
‫في أوله‪ ..‬لعله كان وجع ًا‪ ،‬وحيث أوتر وسطه‪ ..‬لعله كان مسافر ًا‪ ،‬وأما وتره‬
‫في آخره‪ ..‬فكأنه كان غالب أحواله ‪ ‬لما عرف من‬
‫مواظبته على الصالة في أكثر الليل‪.‬‬
‫والسحر هو قبيل الصبح‪ ،‬وحكى الماوردي أنه السدس األخير‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫َّ‬
‫الفجر األول لرواية‪« :‬كان رسول الله ‪ ‬يوتر عند األذان‬
‫األول» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬صالة الوتر للمروزي (‪528/6‬و‪ ،)581‬فتح الباري البن حجر (‪.)382/5‬‬

‫(‪)19‬‬
‫مسائل في وقت الوتر‬
‫المسألة الأولى‪ :‬في الكلام عن وقت أول الوتر‪ ،‬وآخره‪ ،‬ووقت اختياره‪.‬‬

‫أول وقت الوتر‪ ..‬فيه ثلثة أوجه‪:‬‬


‫الوجه األول‪ :‬الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه يدخل بفراغه‬
‫من فريضة العشاء‪ ،‬سواء صلى بينه وبين العشاء نافلة أم ال‪ ،‬سواء أوتر بركعة‬
‫أم بأكثر‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬يدخل وقت الوتر بدخول وقت العشاء‪ ،‬وله أن يصليه قبل‬
‫صالة العشاء‪ ..‬حكاه إمام الحرمين‪ ،‬وقطع به القاضي أبو الطيب‪ ،‬قالوا‬
‫سواء تعمد أم سها‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬إن أوتر بأكثر من ركعة‪ ..‬دخل وقته بفعل العشاء‪ ،‬وإن أوتر‬
‫بركعة فشرط صحتها أن يتقدمها نافلة بعد فريضة العشاء‪ ،‬فإن أوتر بركعة‬
‫قبل أن يتقدمها نفل‪ ..‬لم يصح وتره‪ ،‬وقال إمام الحرمين‪ :‬يكون تطوع ًا‪.‬‬
‫وأما آخر وقت الوتر‪:‬‬
‫فالصحيح الذي قطع به الجمهور‪ :‬أنه يخرج وقته بطلوع الفجر الصادق‪.‬‬

‫(‪)21‬‬
‫وحكى المتولي ً‬
‫قوال للشافعي‪ :‬أنه يمتد إلى أن يصلي فريضة الصبح ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وقيل‪ :‬إلى طلوع الشمس‪ ،‬وفي وجه آخر يمتد إلى صالة الظهر‪.‬‬
‫وفي وجه آخر‪ :‬أنه يصح الوتر قبل العشاء‪.‬‬
‫وعن علي بن أبي طالب ‪ ‬قال‪( :‬ما بينك وبين صالة الغداة‪ ..‬وتر‪،‬‬
‫متى أوترت فحسن)‪.‬‬
‫وقت االختيار‪ :‬في حق من لم يرد تهجداً أو لم يعتمد االستيقاظ آخر‬
‫الليل‪ ..‬فوقت اختياره إلى ثلث الليل كما قاله ابن حجر في التحفة والرملي‬
‫في النهاية‪،‬‬
‫وقال المحاملي في المقنع بأن وقت اختياره إلى نصف الليل‪ ،‬والباقي‬
‫وقت جواز‪ ..‬وتبعه الخطيب في المغني‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬روي هذا القول عن عبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وحذيفة‬
‫وعائشة ‪ ،‬ورجحه ابن عبدالبر‪ .‬االستذكار (‪.)655/5‬‬
‫)‪ )5‬صالة الوتر للمروزي (‪ ،)441/6‬المجموع (‪ ،)63/3‬شرح النووي على مسلم (‪ ،)52/1‬بداية‬
‫المحتاج (‪ ،)466/6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)539/5‬نهاية المحتاج (‪ ،)663/5‬نيل‬
‫األوطار (‪.)21/4‬‬

‫(‪)21‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬إذا فاتته صلاة العشاء‪ ..‬فهل له تقديم الوتر عليها؟‬

‫اختلف أهل العلم إلى رأيين‪:‬‬


‫الرأي األول‪ :‬هو المعتمد أنه ال يجوز؛ ألن األصل في القضاء أنه يحكي‬
‫األداء‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ومحشيها‪ ،‬وابن حجر في‬ ‫وعلى هذا القول‪ ..‬بعض مختصري الروضة‬
‫اإليعاب‪ ،‬وابن عجيل وقال‪ :‬القياس في الراتبة البعدية يقتضي أنه البد من‬
‫الترتيب بينهما وبين الفرض‪ ،‬فكما ال يجوز تقديمها على الفرض في األداء‬
‫فكذلك في القضاء‪.‬‬
‫وينبني على ذلك أنه إن أوتر قبل فعل العشاء ولو بعد دخول وقتها‪ ،‬أو‬
‫بعد فواته‪ ..‬لم يعتد به ال وتر ًا وال غيره إن كان عامد ًا‪،‬‬
‫وإال بأن كان ناسياً أو جاهالً‪ ..‬اعتبر نفالً مطلقاً ال وتر ًا‪،‬‬
‫وكذا لو صلى العشاء ظاناً أنه تطهر ثم أحدث فتوضأ فأوتر فبان أنه كان‬
‫محدث ًا في العشاء‪ ..‬فوتره باطل‪ ،‬وكانت نافلة‪ ،‬قياس ًا على ما لو ظن دخول‬
‫وقت الفريضة فصلى ثم تبين أنه لم يدخل‪.‬‬

‫(‪)22‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬أنه يجوز؛ ألن الوتر تابع للعشاء في وقته‪ ،‬فحيث خرج‬
‫وقته‪ ..‬لم يكن تابعاً‪.‬‬
‫شراح اإلرشاد‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬
‫وعلى هذا القول‪ ..‬بعض َّ‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬إذا جمع العشاء مع المغرب تقديمًا‪ ..‬فهل له أن يقدم‬
‫الوتر كذلك؟‬

‫جاز له أن يصلي الوتر قبل دخول وقت العشاء؛ ألنه قد فعل العشاء‪ ،‬هذا‬
‫وإن لم يفعل سنتها‪ ،‬لكن األفضل تأخير الوتر عن سنة العشاء‪.‬‬
‫فلو صار مقيماً بعد فعل العشاء وقبل فعل الوتر‪ ،‬فهل يجوز له فعل الوتر‬
‫حينئذ أو ال بد من تأخيره إلى وقته الحقيقي؟‬
‫الذي في شرح العباب‪ ..‬أنه ال بد من تأخيره إلى وقته الحقيقي ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬إذا خرج وقت صلاة الوتر‪ ..‬فهل يجوز قضاؤها؟‬

‫في قضاء الوتر‪ ..‬قوالن‪:‬‬

‫)‪ )6‬المجموع (‪ ،)63/3‬اإليعاب (ص‪ ،)554‬حاشية البيجوري (‪.)521/6‬‬


‫)‪ )5‬حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (‪ .)362/6‬وقوله‪ :‬إلى وقته الحقيقي‪ :‬هل المراد مجرد مغيب‬
‫الشفق أو حتى يمضي زمن يسع العشاء حرره‪ ،‬وقال شيخنا‪ :‬المدار على مجرد دخول الوقت ألنها قد‬
‫فعلت‪ .‬تقرير مصطفى الذهبي على حاشية الشرقاوي (‪.)25/5‬‬

‫(‪)23‬‬
‫القول األول‪ :‬أنها ال تقضى‪ ،‬ووجهه أنها صالة نافلة فوجب أن تسقط‬
‫بفوات وقتها كالكسوف والخسوف؛ وألن الصالة إنما تفعل لتعلقها‬
‫بالوقت‪ ،‬أو لتعلقها بالذمة‪ ،‬أو تبع ًا لفعل فريضة‪ ،‬والوتر لم يتعلق بالوقت؛‬
‫ألن وقته قد فات‪ ،‬وهي غير متعلقة بالذمة؛ ألن النافلة ال تتعلق بالذمة‪،‬‬
‫وليس يفعالن على طريق التبع؛ ألن متبوعها قد سقط فعلم أنه ال يفعل‪..‬‬
‫وهو رأي المزني ونقله في المذهب القديم‪.‬‬
‫والقول الثاني‪ :‬تقضى وهو المعتمد؛ ووجهه عموم قوله‬
‫‪« :‬من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكر وإذا‬
‫استيقظ» ؛ وألنها صالة لها وقت راتب فوجب أن ال تسقط بفوات وقتها‬ ‫( ‪)6‬‬

‫كالفرائض‪.‬‬
‫وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة‪ :‬علي بن أبي طالب وسعد بن أبي‬
‫وقاص وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس وعبادة بن‬
‫الصامت وعامر بن ربيعة وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل ‪.‬‬

‫)‪ )6‬سنن الترمذي (‪.)441/5‬‬

‫(‪)24‬‬
‫ومن التابعين‪ :‬عمرو بن شرحبيل وعبيدة السلماني وإبراهيم النخعي‬
‫ومحمد بن المنتشر‪.‬‬
‫ومن األئمة‪ :‬سفيان الثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬ثم اختلف هؤالء‪ :‬إلى متى يقضي؟ على ثمانية أقوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ما لم يصل الصبح‪ ،‬وهو قول عبدالله بن عباس وعطاء بن أبي رباح ومسروق والحسن‬
‫البصري وإبراهيم النخعي وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أنه يقضي الوتر ما لم تطلع الشمس ولو بعد صالة الصبح‪ ،‬وبه قال النخعي‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أنه يقضي بعد الصبح وبعد طلوع الشمس إلى الزوال‪ ،‬روي ذلك عن الشعبي وعطاء‬
‫وطاووس ومجاهد‪ ،‬وروي أيضا عن عبدالله بن عمر ‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬أنه ال يقضيه بعد الصبح حتى تطلع الشمس فيقضيه نهار ًا حتى يصلي العصر‪ ،‬فال يقضيه بعده‬
‫ويقضيه بعد المغرب إلى العشاء‪ ،‬وال يقضيه بعد العشاء لئال يجمع بين وترين في ليلة‪ ،‬حكي ذلك عن‬
‫األوزاعي‪.‬‬
‫خامسها‪ :‬أنه إذا صلى الصبح ال يقضيه نهار ًا ألنه من صالة الليل‪ ،‬ويقضيه ليالً قبل وتر الليلة‬
‫المستقبلة‪ ،‬ثم يوتر للمستقبلة‪ ،‬روي ذلك عن سعيد بن جبير‪.‬‬
‫سادسها‪ :‬أنه إذا صلى الغداة أوتر حيث ذكره نهار ًا ‪ ،‬فإذا جاءت الليلة األخرى ولم يكن أوتر لم يوتر‬
‫ألنه إن أوتر في ليلة مرتين صار وتره شفع ًا‪ ،‬حكي ذلك عن األوزاعي أيض ًا‪.‬‬
‫سابعها‪ :‬أنه يقضيه أبد ًا ليالً ونهار ًا‪ ،‬وهو الذي عليه فتوى الشافعية‪.‬‬
‫ثامنها‪ :‬التفرقة بين أن يتركه لنوم أو نسيان‪ ،‬وبين أن يتركه عمد ًا‪.‬‬

‫(‪)25‬‬
‫ما ينبني على القول بال(عدم قضاء الوتر)‪ :‬هل يسقط فعل الوتر بدخول‬
‫وقت الفجر أم بأداء صلة الفجر؟ فيها وجهان‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬يسقط بدخول وقت الفجر‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬بفعل صالة الفجر فعلى هذا يجوز أن يصلي الوتر بعد‬
‫دخول وقت الفجر وقبل الصالة فإذا صالها سقط فعل الوتر‪.‬‬
‫وما ينبني على القول المعتمد وهو (جواز قضاء الوتر)‪ :‬أنه هل يقضى‬
‫الوتر قبل فعل الفجر أم بعده أم بعد طلوع الشمس قدر رمح؟‬
‫يرى ابن حجر في فتاويه‪ :‬المبادرة في قضاء الوتر قبل فعل الصبح إن‬
‫وسع الوقت‪ ،‬وإال قضى بعد مضي وقت الكراهة وإن جاز فعله فيه ‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫فإن تركه لنوم أو نسيان قضاه إذا استيقظ‪ ،‬أو إذا ذكر في أي وقت كان‪ ،‬ليالً أو نهار ًا‪ ،‬وهو ظاهر‬
‫الحديث‪ ،‬واختاره ابن حزم‪ .‬نيل األوطار (‪.)11-29/4‬‬
‫)‪ )6‬ونص ابن حجر‪ :‬إذا قضاه‪ ..‬فاألولى أن يبادر به‪ ،‬كما أن المبادرة بقضاء الفرائض التي فاتت بعذر‬
‫سنة‪ ،‬وإذا سن له المبادرة به‪ ..‬فاألولى قضاؤه قبل فعل الصبح إن وسع الوقت‪ ،‬وإال‪ ..‬فبعد مضي وقت‬
‫يتحر به الوقت المكروه‪ .‬الفتاوى الفقهية الكبرى‬
‫َّ‬ ‫الكراهة وإن جاز فعله فيه؛ ألنه ذو سبب ما لم‬
‫(‪.)689/6‬‬
‫(‪)26‬‬
‫أما الشبراملسي فيرى تأخير القضاء إلى وقت صالة الضحى ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬هل قضاء وتر رمضان يأخذ حكمه في غيره؟‬

‫من فاته الوتر في النصف الثاني من رمضان األخير فقضاه في غيره‪ ،‬هل‬
‫يأخذ حكم أيام رمضان أم ال؟‬
‫أفتى الريمي وابن ظهيرة وابن قاسم‪ :‬أن من فاته الوتر في نصف رمضان‬
‫األخير فقضاه في غيره‪ ..‬أنه يسن له القنوت‪ ،‬وكذلك يسن له الجماعة كما‬
‫نص على ذلك عبارة السيد عمر البصري على كالم ابن حجر‪.‬‬
‫َّ‬
‫ولو قضى وتر غير رمضان فيه‪ ..‬لم يقنت؛ ألن ظاهر كالمهم أن المراد‬
‫وتر رمضان ال الوتر الواقع فيه ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫** ** **‬

‫قال الشبراملسي‪ :‬ويمكن توجيهه بأنه إن فعله قبل الفرض‪ ..‬كان من التنفل بعد الفجر وقبل فعل الفرض‬
‫وهو مكروه‪ ،‬أو بعد الفجر كان من التنفل في وقت الكراهة‪ ،‬وهو ال ينعقد عند بعض المذاهب فطلب‬
‫تأخيره إلى وقت ال يكره فيه التنفل اتفاق ًا وهو وقت الضحى‪ .‬حاشية الشبراملسي (‪.)663/5‬‬
‫)‪ )6‬الحاوي الكبير (‪ ،)588/5‬الفتاوى الفقهية الكبرى (‪ ،)689/6‬حاشية الشبراملسي (‪.)663/5‬‬
‫)‪ )5‬حاشية على بغية المسترشدين (‪.)694/5‬‬

‫(‪)27‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬كيفية صلاة الوتر‪.‬‬
‫وفيه مباحث‪:‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬صور الوتر‪.‬‬
‫للوتر ثلث صور‪:‬‬
‫أ‪ .‬الوتر أول الليل ثم التهجد بركعتين ركعتين فيكون وتر ًا بما مضى‬
‫ويسمى (تكميل الوتر)‪.‬‬
‫ب‪ .‬الوتر بركعة‪ ،‬فإذا استيقظ شفع وتره بركعة لتنقض ثم يتهجد ما شاء‬
‫ثم يوتر بركعة‪ .‬ويسمى (نقض الوتر)‪.‬‬
‫ج‪ .‬األفضل تأخير الوتر ليكون آخر صالته ‪. 1‬‬
‫( )‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬إحياء علوم الدين (‪.)435/6‬‬

‫(‪)28‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النية في الوتر‪.‬‬
‫النوافل‪ ..‬ضربان‪:‬‬
‫الضرب األول‪ :‬النوافل المطلقة‪ ..‬فيكفي فيها‪ :‬نية فعل الصالة؛ ألنها‬
‫أدنى درجات الصالة‪ ،‬فإذا قصد الصالة‪ ..‬وجب أن يحصل له‪.‬‬
‫الضرب الثاني‪ :‬النوافل المتعلقة بوقت أو سبب‪ ..‬فيشترط فيها أيضاً نية‬
‫فعل الصالة كـ"أص ِّلي"‪ ،‬والتعيين‪ ،‬فيقول‪" :‬أصلي سنة الوتر" أو "ركعتي‬
‫الفجر" أو "راتبة الظهر" أو "سنة العشاء" أو "سنة االستسقاء" أو " سنة‬
‫الخسوف" أو "سنة عيد الفطر" أو "سنة التراويح" أو "سنة الضحى"‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫فإن أوتر بواحدة أو بثالث فأكثر ووصل‪ ..‬نوى الوتر "أصلي ركعة‬
‫الوتر"‪" ،‬أصلي ثالث ركعات الوتر"‪" ،‬أصلي خمس ركعات الوتر"‬
‫وهكذا‪.‬‬

‫(‪)29‬‬
‫وإن سلم من كل ركعتين‪ ..‬نوى بكل تسليمة "أصلي ركعتين من الوتر"‪،‬‬
‫هذا هو المختار‪ ،‬أو ينوي "مقدمة الوتر"‪ ،‬أو "سنة الوتر"‪ ،‬أو "صالة‬
‫الليل" ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ولفظ "ركعتين من الوتر" أفضل مما بعدها‪ ،‬وال يضيفها إلى العشاء‪،‬‬
‫فإنها مستقلة بنفسها‪.‬‬

‫(‪ )6‬نية صالة ال ليل‪ :‬يصح كما في المجموع والروضة للنووي واألسنى لشيخ اإلسالم زكريا األنصاري‬
‫والمغني للخطيب والنهاية للرملي‪ ،‬وخالف القليوبي حيث اتجه فيها عدم صحتها ـ أي‪ :‬نية صالة الليل‬
‫ـ لعدم تعيين الوتر‪ ،‬وال يصح بنية الشفع‪ ،‬وال بنية صالة الليل‪ ،‬وال بنية راتبة العشاء؛ ألنها إذا أطلقت‬
‫تبادر منها ما هو سنة العشاء‪ .‬المجموع (‪ ،)586/4‬الروضة (‪ ،)552/6‬أسنى المطالب (‪،)634/6‬‬
‫نهاية المحتاج (‪ ،)322/6‬حاشية القليوبي (‪ ،)534/6‬حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (‪،)1/5‬‬
‫تقرير الشربيني على ابن قاسم (‪.)492/5‬‬

‫(‪)31‬‬
‫يسن في نية الوتر‪ :‬التعرض الستقبال القبلة‪ ،‬ولعدد الركعات ‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫والتعرض لإلضافة إلى الله تعالى ‪ ،‬والتعرض لكونها أدا ًء أو قضا ًء ‪ ،‬وأن‬
‫( ‪)4‬‬ ‫( ‪)5‬‬

‫يتلفظ بالنية قبيل التكبير ؛ ليساعد اللسان القلب؛ وألنه أبعد عن‬ ‫( ‪)3‬‬

‫الوسواس‪ ،‬وال يضر النطق بخالف ما في القلب ‪.‬‬


‫( ‪)2‬‬

‫والحكم إن نوى في الوتر قضا ًء إن كانت الصالة قضا ًء‪ ،‬وأدا ًء إن كانت‬
‫أدا ًء‪ ..‬سنة‪ ،‬واألصح أنه يصح األداء بنية القضاء ‪ ،‬و [يصح] عكسه‬
‫( ‪)1‬‬

‫)‪ )6‬قال النووي‪ :‬التعرض الستقبال القبلة‪ ،‬وعدد الركعات‪ ..‬المذهب‪ :‬أنه ال يشترط‪ ،‬وقيل‪ :‬يشترط‪،‬‬
‫وهو غلط‪ ،‬لكن لو نوى الظهر ثالثا أو خمسة‪ ..‬لم تنعقد؛ لتالعبه أو مخطئ ًا‪ ..‬فكذلك على الراجح؛ ألن‬
‫ما وجب التعرض له جمل ًة أو تفصيالً‪ ..‬يضر الخطأ فيه‪ .‬الروضة (‪ ،)552/6‬نهاية المحتاج (‪.)324/6‬‬
‫)‪ )5‬وهو األصح عند االكثرين؛ ألن العبادة ال تكون إال لله تعالى‪ ،‬وقال ابن القاص‪ :‬يشترط التعرض‬
‫لإلضافة إلى الله تعالى؛ ليتحقق معنى االخالص‪ .‬فتح العزيز (‪.)318/6‬‬
‫)‪ )4‬والثاني‪ :‬ال يصح بل يشترطان ليتميز كل منهما عن اآلخر‪ .‬نهاية المحتاج (‪.)324/6‬‬
‫)‪ )3‬قال أبو عبدالله الزبيري و الماوردي وغيره‪ :‬أنه يشترط النطق بما ينويه في كل صالة؛ ليساعد اللسان‬
‫القلب‪ .‬كفاية النبيه (‪.)21/4‬‬
‫)‪ )2‬فيقول‪ :‬أصلي ركعتين (من) الوتر مستقبالً القبلة لله تعالى أدا ًء‪ ..‬الله أكبر‪.‬‬
‫)‪ )1‬عند جهل الوقت بغيم أو نحوه ـ كأن ظن خروج الوقت فصالها قضاء فبان بقاؤه ـ‪ .‬مغني المحتاج‬
‫(‪.)435/6‬‬

‫(‪)31‬‬
‫[القضاء بنية األداء] ‪ ..‬وهو قول األكثرين؛ الستعمال كل بمعنى اآلخر‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫تقول‪ :‬قضيت الدين وأديته بمعنى واحد‪ ،‬قال تعالى ﴿ َفإِ َذا َق َضيْتُم‬
‫من ِ‬
‫َاس َكك ُْم﴾ (البقرة‪ (511:‬أي‪ :‬أديتم ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬
‫َّ‬
‫القول الثاني‪ :‬يشترطان؛ ليتميز كل منهما عن اآلخر‪.‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬يشترط التعرض لنية القضاء دون األداء‪ ،‬ألن األداء يتميز‬
‫بالوقت بخالف القضاء‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬إن كان عليه فائتة مثلها‪ ..‬اشترط التعرض لنية األداء‪ ،‬وإال‪..‬‬
‫فال‪ ،‬وبه قطع الماوردي والقفال ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬ـ كأن ظن بقاء الوقت فصالها أداء فبان خروجه ـ‪ .‬مغني المحتاج (‪.)435/6‬‬
‫)‪ )5‬أما إن فعل ذلك عالماً‪ ..‬فالتصح صالته؛ لتالعبه كما نقله النووي في المجموع‪ ،‬نعم إن قصد بذلك‬
‫المعنى اللغوي‪ ..‬لم يضره كما قاله [األردبيلي] في األنوار‪ .‬مغني المحتاج (‪.)435/6‬‬
‫)‪ )4‬النجم الوهاج (‪ ،)82/5‬مغني المحتاج (‪.)435/6‬‬

‫(‪)32‬‬
‫مسائل في النية‪.‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬هل تشترط نية النفلية في الوتر كما أن الفرض تشترط‬
‫فيه نية الفرضية؟‬

‫في اشتراط نية النفلية وجهان‪:‬‬


‫الصحيح‪ :‬أنه التشترط‪ ..‬كما جزم به النووي في الروضة والمنهاج؛ إذ‬
‫نية النفلية مالزمة للنفل‪ ،‬لكن تسن نية النفلية خروج ًا من الخالف‪ ،‬بخالف‬
‫العصر ونحوها من الفروض فإنها قد تكون فرض ًا‪ ،‬وقد ال تكون كصالة‬
‫الصبي‪ ..‬فيشترط نية الفرضية في البالغ دون الصبي؛ ألنها نافلة في حقه‪.‬‬
‫وعدم وجوب نية الفرضية في حق الصبي هو ما صححه النووي في‬
‫التحقيق وصوبه في المجموع واستظهره الدميري واعتمده الخطيب‬
‫والرملي‪ ،‬لكن اعتمد النووي في الروضة كأصلها‪ :‬أنه كالبالغ‪ ،‬ورجحه‬
‫شيخ اإلسالم زكريا األنصاري والشهاب الرملي وابن حجر ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬المجموع (‪ ،)586/4‬روضة الطالبين (‪ ،)551/6‬النجم الوهاج (‪ ،)81/5‬نهاية المحتاج‬


‫(‪ ،)321/6‬اإلقناع (‪ ،)659/6‬حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (‪ ،)1/5‬حاشية البجيرمي على‬
‫شرح المنهج (‪ ،)688/6‬الحواشي المدنية (‪ ،)623/6‬المنهل النضاخ (ص‪.)85‬‬

‫(‪)33‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬إذا أطلق في نية الوتر‪.‬‬

‫اتفقوا على أنه لو نوى عدد ًا في الوتر‪ ..‬وجب عليه التزامه‪ ،‬فيصلي بقدر‬
‫ما نوى‪.‬‬
‫وأما إذا لم ينو عدد ًا بل نوى الوتر مطلقاً‪ ..‬فهل يلغو إلبهامه‪ ،‬أو يصح‬
‫وينصرف إلى عدد معين؟‬
‫اختلف في هذه المسألة على رأيين‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬أن له اختيار ما شاء بعد بدئه‪ ،‬فيحمل على ما يريده من‬
‫األوتار دون األشفاع كركعة أو ثالث أو خمس‪ ،‬واعتمد هذا القول الشيخ‬
‫زكريا األنصاري في أسنى المطالب والعالمة السنباطي وابن حجر‬
‫والخطيب‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬أنه يحمل على الثالث‪ ..‬واعتمده الغزالي والرملي‬
‫ووالده ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫(‪ ) 6‬عقب ابن قاسم على كالم الرملي فقال بما نصه‪ :‬أن من الزم الحمل على الثالث‪ ..‬اإلتيان بها‬
‫موصولة‪ ،‬وقد ورد النهي عن ذلك‪ ،‬إال أن يجاب بحمل النهي على ما إذا قصد الثالث‪ ،‬بخالف ما إذا‬
‫حمل اإلطالق عليها فليتأمل اهـ حاشية ابن قاسم على تحفة المحتاج (‪،)65/5‬‬
‫قال الشرقاوي تعليالً على كالم الرملي واعتماده‪ :‬والفرق بين صلة الوتر وبين الكسوف‪:‬‬

‫(‪)34‬‬
‫ويوجه الرأي الثاني بأنه أقل ما طلبه الشارع فيه‪ ،‬فصار بمثابة أقله؛ إذ‬
‫الركعة يكره االقتصار عليها كما قيل‪ ،‬فلم تكن مطلوبة له بنفسها‪ ،‬وذكر ابن‬
‫قاسم عن الرملي قوالً آخر بأنه يحمل على التخيير ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬لو نذر أن يصلي الوتر ولم ينوِ عدداً‪ ،‬فكم ركعة تلزمه؟‬

‫اختلفت الشافعية في هذه المسألة على رأيين‪:‬‬


‫الرأي األول‪ :‬تلزمه ثالث ركعات‪ ،‬وهذا القول هو ما جرى عليه علي‬
‫الشبراملسي في حاشيته على النهاية وباعشن في بشرى الكريم وبافضل في‬

‫أن في الوتر اختالف ًا في الذات ـ أي‪ :‬العدد ـ‪ ،‬فيحتاج الزائد إلى نية ابتداء ولم توجد‪ ،‬فيحمل على‬
‫أدنى الكمال‪ ،‬وفي الكسوف اختالف في الصفة فسومح فيه‪ .‬أي‪ :‬أن الكسوف ركعتان ولكن صفتها‬
‫تختلف فقد يكون ركعتين كسنة الصبح‪ ،‬أو ركعتين بركوعين وقيامين في كل ركعة من غير تطويل‪ ،‬أو‬
‫مثل هذه الطريقة ولكن بتطويل‪ ..‬فلها ثالث كيفيات‪ ،‬فعند الرملي‪ :‬يتخير بين الكيفيات الثالث‪ ،‬بخالف‬
‫ابن حجر‪ :‬فيحمل على أدناها وهي ركعتين كسنة الصبح‪ .‬حاشية الشرقاوي (‪ ،)598/6‬المنهل النضاخ‬
‫(ص‪.)656‬‬
‫(‪ )6‬أسنى المطالب (‪ ،)143/1‬تحفة المحتاج (‪ ،)551/5‬نهاية المحتاج (‪ ،)321/6‬مغني المحتاج‬
‫(‪ ،)421/6‬الفتاوى الفقهية الكبرى (‪ ،)695/6‬حاشية القليوبي (‪ ،)535/6‬حاشية الشرواني‬
‫(‪ ،)66/5‬فتاوى ابن حامد (ص‪.)549‬‬

‫(‪)35‬‬
‫فتاويه‪ ،‬إال أن بافضل في فتاوى‪ ..‬نص على هذه المسألة باالتفاق بين ابن‬
‫حجر والرملي ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬تخير بين واحدة إلى إحدى عشرة‪ ،‬مثل حكم مسألة‬
‫اإلطالق في النية‪ ،‬وهذا القول هو ما عليه عبدالحميد الشرواني في حاشيته‬
‫على التحفة‪.‬‬
‫وهذه نصوص المسألة المذكورة‪:‬‬
‫عبارة فتاوى بافضل‪( :‬وإذا أحرم بالوتر وأطلق‪ ..‬تخير بين واحدة إلى‬
‫إحدى عشرة قاله ابن حجر‪ ،‬وقال الرملي‪ :‬يقتصر على ثالث‪ ،‬أما إذا نذر‬
‫الوتر وأطلق‪ ..‬لزمه ثلث باالتفاق)‪.‬‬
‫يفهم من هذا النص أن اإلطالق في النذر ال خالف فيه بين ابن حجر‬
‫والرملي‪.‬‬

‫(‪ )6‬لعل المتأخرين اعتمدوا في نقلهم على حاشية الشبراملسي؛ ألن ابن حجر والرملي والخطيب لم‬
‫ينصوا على هذه المسألة‪ ،‬والله أعلم‪( .‬عبدالله الكاف)‬

‫(‪)36‬‬
‫وذكر الشرواني في حاشيته خالف ما قاله الشيخ فضل بافضل في فتاويه‪،‬‬
‫فالشرواني يريد أن يجعل مسألة النذر مثل مسألة اإلطالق في الخالف‬
‫قياس ًا عليه‪.‬‬
‫وهذه عبارة الشرواني‪( :‬لو نذر الوتر وأطلق‪ ..‬فهل يحمل على ثالث‬
‫قياس ًا على ذلك‪ ،‬أو على ركعة‪ ،‬أو إحدى عشرة‪ ،‬أو تلغو نيته؟‪ ..‬فيه نظر‪،‬‬
‫واألقرب األول‪ .‬اهـ "قاله علي الشبراملسي" أي‪ :‬قياساً على ما جرى عليه‬
‫النهاية تبعاً لوالده‪ ،‬وأما على ما مر عن شيخ اإلسالم زكريا األنصاري‬
‫والخطيب في المغني وعن ابن قاسم عن الرملي‪ ..‬فاألقرب التخيير كما هو‬
‫ظاهر) اهـ شرواني‪.‬‬
‫وفي عبارة الشرواني إشكاالت‪:‬‬
‫‪ .6‬أن الشرواني لم يذكر ابن حجر فيمن يقول بمسألة التخيير في مسألة‬
‫النذر‪ ،‬مع أنه يقول بذلك في مسألة إطالق النية مثل قول شيخ اإلسالم زكريا‬
‫األنصاري والمغني‪.‬‬
‫‪ .5‬أنه اليتصور شرع ًا التخيير في عدد ركعات الوتر المنذور‪ ،‬فلو كان‬
‫كل يوم ينذر الوتر فهل يمكن أن يختار في اليوم األول الثالث‪ ،‬واليوم الثاني‬

‫(‪)37‬‬
‫الخمس‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فإذا اختار الخمس ثم أراد أن يزيد في اختياره أو ينقص‬
‫فهل يمكن ذلك‪ ،‬لكن الصحيح أن النذر ينحط على األقل الذي ال كراهة‬
‫فيه وهو الثالث‪ ،‬وما زاد فهو مندوب‪.‬‬
‫‪ .4‬أن النذر الينعقد في ركعة الوتر عند شيخ اإلسالم زكريا األنصاري‬
‫والخطيب في المغني؛ ألن االقتصار عليها مكروه‪ ،‬سواء قلنا الكراهة فيها‬
‫لذاته أو لعارض‪ ،‬والذي يظهر أن الكراهة لعارض‪.‬‬
‫حيث قال ابن حجر‪( :‬قال القاضي أبو الطيب‪ :‬يكره اإليتار بركعة‪،‬‬
‫ومراده‪ :‬أنه يكره االقتصار عليها‪ ،‬ال أن فعلها ال ثواب فيه‪ ،‬ومن ثم قال في‬
‫الجواهر‪ :‬مراده أن االقتصار خالف األولى وهذا أبلغ؛ وحمل الكراهة على‬
‫خالف األولى‪ ،‬وهو متجه ويؤيده حديث عائشة ‪« ‬أن النبي‬
‫‪ ‬كان يوتر بواحدة» ‪ ،‬وحكم على الركعة بخالف‬
‫( ‪)6‬‬

‫األولى لمخالفته ألكثر أحواله ‪ ،‬ال أنها في نفسها‬


‫مكروهة‪ ،‬وال في نفسها خالف األولى‪ ،‬وال ينافيه الخبر؛ ألنه لبيان حصول‬
‫أصل السنة بها)‪ .‬اهـ التحفة واإليعاب‪.‬‬

‫(‪ )6‬صحيح ابن حبان (‪.)681/1‬‬

‫(‪)38‬‬
‫فيفهم من كالم ابن حجر أن ركعة الوتر الكراهة فيها لعارض ال لذاتها‪.‬‬
‫فإذا قلنا‪ :‬أن الكراهة لذاتها‪ ..‬فال ينعقد النذر باالتفاق بين التحفة والنهاية‬
‫والمغني‪.‬‬
‫وإذا قلنا‪ :‬أن الكراهة لعارض ـ وهو الظاهر ـ‪ ..‬ففيه خالف في انعقاد‬
‫النذر‪:‬‬
‫فعند ابن حجر في التحفة أنه ينعقد النذر‪،‬‬
‫وعند شيخ اإلسالم زكريا األنصاري في شرحي الروض والمنهج‬
‫والخطيب في المغني أنه ال ينعقد النذر‪.‬‬
‫فيترتب على هذا إشكال يرد في كالم الشرواني؛ ألنه قال عند شيخ‬
‫اإلسالم زكريا األنصاري والمغني يتخير في النذر‪ ،‬ومن التخيير الركعة‪،‬‬
‫فإذا قلنا أن الركعة الكراهة فيها لعارض‪ ..‬فال ينعقد النذر عند شيخ اإلسالم‬
‫زكريا األنصاري والخطيب في المغني‪.‬‬

‫(‪)39‬‬
‫وممن يذكر أن ركعة الوتر ال يتناوله النذر‪ ..‬الشبراملسي في حاشيته ‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وباعشن في بشرى الكريم ‪.‬‬


‫( ‪)4 ()5‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬إذا أطلق في نذر الوتر وأراد أن يزيد على الثلاث‪ ..‬فهل‬
‫له ذلك؟‬

‫قال الشبراملسي في حاشيته‪:‬‬


‫إذا قلنا‪ :‬لزمه ثالث ركعات‪ ..‬فهل يمتنع عليه الزيادة على الثالث أم ال؟‬
‫فيه نظر‪ ،‬واألقرب الثاني أنه ال يمتنع؛ ألن نذر الثالث يحمل منه على أنه‬
‫ال ينقص عن الثالث‪ ،‬ثم إن أحرم بالثالث ابتداء حصل بها الوتر وبرئ من‬
‫النذر‪ ،‬وال يجوز الزيادة عليها؛ ألنه حيث وجد مسمى الوتر‪ ..‬امتنعت‬

‫)‪ )6‬وعبارة حاشية الشبراملسي (‪( :)665/5‬لو نذر أن يصلي الوتر‪ ..‬لزمه ثالث ركعات؛ ألن أقله وهو‬
‫واحدة يكره االقتصار عليها فال يتناوله النذر‪ ،‬فأقل عدد منه مطلوب ال كراهة في االقتصار عليها هو‬
‫الثالث فينحط النذر عليه)‪.‬‬
‫)‪ )5‬عبارة بشرى الكريم (ص‪( :)465‬ولو نذر الوتر‪ ..‬لزمه ثالث؛ ألن االقتصار على واحدة مكروه‪،‬‬
‫فال يتناولها النذر)‪.‬‬
‫)‪ )4‬تحفة المحتاج (‪ ،)531/5‬اإليعاب (ص‪ ،)554‬حاشية الشبراملسي (‪665/5‬و‪ ،)664‬حاشية‬
‫الشرواني (‪65-66/5‬و ‪ ،)29/61‬فتاوى بافضل (ص‪.)613‬‬

‫(‪)41‬‬
‫الزيادة عليه على ما اعتمده الرملي‪ ،‬وإن أحرم بركعتين ركعتين أو باإلحدى‬
‫عشرة دفعة واحدة‪ ..‬لم يمتنع‪ ،‬ويقع بعض ما أتى به واجباً وبعضه مندوب ًا ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬إذا أحرم بالوتر ولم ينو عدداً‪ ..‬فهل تنصرف إلى الشفع‬
‫أم إلى الوتر؟‬

‫يوجد خالف في كتب الشيخ ابن حجر على قسمين‪:‬‬


‫القسم األول‪ :‬أنه يحمل على األوتار ال األشفاع‪ ،‬كما في التحفة‬
‫والفتاوى‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬بأنه يجوز حمله على األوتار واألشفاع‪ ،‬كما فهمه فتاوى‬
‫ابن حامد من فتح الجواد‪.‬‬
‫وهذه النصوص‪:‬‬
‫قال ابن حجر في الفتاوى‪( :‬ظاهره أنه ليس له أن يعين شفعاً ـ كأربع ـ‬
‫ويسلم منها؛ ويوجه بأنه إنما نوى الوتر وهو حقيقة ال تنصرف إال إلى الوتر‬
‫دون الشفع‪ ،‬وإنما جاز فيما إذا أوتر بأكثر من ركعة أن ينوي بكل شفع‬
‫(ركعتين من الوتر) بل هو األولى على المنقول المعتمد؛ ألنهما من سنة‬

‫)‪ )6‬حاشية الشبراملسي (‪665/5‬و‪)664‬‬

‫(‪)41‬‬
‫هي وتر‪ ،‬نعم‪ ..‬لو لم ينو الوتر ـ بأن نوى من الوتر ـ‪ ..‬فظاهر أن له تعيين‬
‫الشفع ـ كاألربع ـ ويسلم منها حينئذ‪.‬‬
‫والفرق‪ :‬أن األربع تسمى (من الوتر)‪ ،‬وال تسمى (الوتر)‪ ،‬فلزمه في نية‬
‫الوتر أن يعين عدد ًا هو وتر حقيقة بخالفه في نية من الوتر فيجوز له أن يعين‬
‫شفع ًا‪ ،‬هذا ما يتعلق بنية الوتر من غير تعيين عدد)‪ .‬اهـ‬
‫يفهم من هذا النص‪ :‬أنه إذا نوى الوتر‪ ..‬لم يحمل على عدد شفع‪ ،‬وإذا‬
‫نوى (من الوتر)‪ ..‬جاز له أن يصلي عدد ًا سواء كان وتر ًا أو شفع ًا‪.‬‬
‫وفي فتاوى ابن حامد‪َّ ..‬فرق بين كتب ابن حجر في هذه المسألة فقال في‬
‫التحفة‪ :‬يحمل على األوتار ال األشفاع؛ ألن مقتضى العبارة يفهم منها ذلك‪،‬‬
‫يجوز أن يحمل على األوتار واألشفاع كما فهمه‬
‫بخالف فتح الجواد فإنه ِّ‬
‫صاحب الفتاوى من نصهما‪.‬‬
‫وهذه النصوص‪:‬‬
‫قال ابن حجر في التحفة‪( :‬ولو أحرم بالوتر ولم ينو عد ًدا‪ ..‬صح‪ ،‬واقتصر‬
‫على ما شاء منه على األوجه) اهـ‬
‫قوله‪( :‬منه ) أي‪ :‬الوتر‪ :‬أن االقتصار يكون على األوتار‪ ،‬ال األشفاع‪.‬‬

‫(‪)42‬‬
‫وعبارة فتح الجواد‪( :‬واألَولى لمن فصل في غير األخيرة نية سنة الوتر‪،‬‬
‫وتصح نية الوتر من غير عدد ويحمل على ما يريده على األوجه) اهـ‪.‬‬
‫ولم يقل‪( :‬منه) كـ(التحفة)‪ ..‬فدل كالمه أن نية الوتر مطلق ًا تشمل الشفع‪،‬‬
‫ف له أن يختاره عند اإلطالق‪ ،‬بدليل أن الكالم في غير األخيرة ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السادسة‪ :‬هل يلزم استحضار (مِن) التبعيضية في عدد ركعات‬


‫الشفع؟‬

‫ال يلزم الناوي لركعتين من الوتر ونحوها من التراويح استحضار ( ِمن)‬


‫التبعيضية عند ابن حجر في اإليعاب والشبراملسي؛ ألن نيته مع اإلطالق‬
‫صحيحة؛ لتضمنها معنى ( ِمن) إذا أراد التفرقة وإن لم يجرها بقلبه؛ ألنه‬
‫بهذه المثابة مستشعر بالزيادة التي هي مدلول ( ِمن)‪.‬‬
‫ورجح ابن الرفعة في الكفاية والشيخ زكريا األنصاري في شرح المنهج‬
‫والرملي في النهاية وغيرهم‪ ..‬لزوم ( ِمن) التبعيضية‪ ،‬فيقول‪ :‬أص ِّلي ركعتين‬
‫من الوتر؛ ألنه لو نوى بالركعتين أو األربعة الوتر ال أنه من الوتر‪ ..‬لم يقع‬
‫وتر ًا؛ ألنه شفع‪.‬‬

‫)‪ )6‬الفتاوى الفقهية الكبرى (‪ ،)695/6‬فتاوى ابن حامد (ص‪.)549‬‬

‫(‪)43‬‬
‫( ‪)6‬‬ ‫ِ‬
‫األولو َّية ‪.‬‬ ‫قال الشيخ عبدالله الجرهزي‪ :‬المعتمد أن الخالف في‬

‫المسألة السابعة‪ :‬إذا عين عدداً في الوتر‪ ..‬فهل له أن يزيد عنه أو ينقص‬
‫كما في النوافل المطلقة؟‬

‫إذا نوى عدد ًا في الوتر‪ ..‬فليس له أن يزيد عنه أو ينقص؛ ألن ذاك إنما هو‬
‫في النفل المطلق‪ ،‬والفرق بين النفل المطلق وبين غيره‪ ..‬أن الشارع لما لم‬
‫يجعل له عدد ًا وفوضه إلى خيرة المتعبد كان أمره أخف من غيره فجاز لمن‬
‫نوى منه عدد ًا أن يزيد عليه وأن ينقص عنه‪ ،‬بشرط تعيين النية قبل الزيادة‬
‫والنقص‪.‬‬
‫وأما غير النفل المطلق من الرواتب أو صالة الوتر أو غيرها‪ ..‬فمتى نوى‬
‫عدد ًا منه ال يجوز نقصه‪ ،‬وال الزيادة عليه‪.‬‬
‫وإذا أحرم بركعتين أنهما من الراتبة أو ثالث ركعات لصالة الوتر‪ ،‬ثم زاد‬
‫على المذكور‪ :‬إن زاد على ما نواه جاهالً‪ ..‬وقع له جميع ما أتى به نفالً‬

‫)‪ )6‬بغية المسترشدين (‪ ،)81/5‬عمدة المفتي والمستفتي (‪ ،)612/6‬فتاوى ابن حامد (ص‪،)548‬‬
‫تقرير الشربيني على ابن قاسم (‪.)492/6‬‬

‫(‪)44‬‬
‫مطلق ًا‪ ،‬ولم يحسب له عن الراتبة أو الوتر‪ ،‬وإن زاد عالم ًا بعدم جواز‬
‫الزيادة‪ ..‬بطل جميع ما أتى به‪ ،‬ولم يأت بشيء من الراتبة أو الوتر ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثامنة‪ :‬لو قال‪ :‬أصلي خاتمة الوتر‪ ..‬هل تصح نيته؟‬

‫إذا صلى الوتر ركعة واحدة فقال‪ :‬نويت خاتمة الوتر‪ ..‬صحت صالته‪،‬‬
‫وإن لم ِّ‬
‫يصل قبلها ما يكون به خاتمة الوتر؛ ألن المعني الركعة التي يختم‬
‫بها الوتر ويحصل سببه‪ ،‬وهذا المعنى صادق على الركعة األخيرة وإن لم‬
‫ِّ‬
‫يصل قبلها؛ ألنها في حد ذاتها وتر ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫** ** **‬

‫المبحث الثالث‪ :‬عدد ركعات صلاة الوتر‪.‬‬


‫أقله‪ :‬ركعة‪ ،‬وأدنى الكمال‪ :‬ثالث ‪ ،‬وأكمل منه‪ :‬خمس‪ ،‬ثم سبع‪ ،‬ثم‬
‫( ‪)4‬‬

‫تسع‪ ،‬ثم إحدى عشرة‪ ،‬على المعتمد هذا أكثره لألخبار الصحيحة في ذلك‬

‫)‪ )6‬الفتاوى الفقهية الكبرى (‪ ،)695/6‬حاشية إعانة الطالبين (‪.)589/6‬‬


‫)‪ )5‬عمدة المفتي والمستفتي (‪.)664/6‬‬
‫)‪ )4‬وقد روي أن عمر بن الخطاب ‪ ‬لما دفن أبا بكر الصديق ‪ ‬بعد العشاء اآلخرة أوتر‬
‫بثالث ركعات‪ .‬صالة الوتر للمروزي (‪.)593/6‬‬

‫(‪)45‬‬
‫منها‪ :‬أنه سئلت عائشة ‪ ‬كيف كانت صالة رسول الله‬
‫‪ ‬في رمضان؟ فقالت‪« :‬ما كان يزيد في رمضان وال في‬
‫غيره على إحدى عشرة ركعة» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وهناك قول عند الشافعية أن أكثره ثالث عشرة ركعة‪ ،‬لكنه مختلف فيه‬
‫كما سيأتي الكالم عليه بالتفصيل‪.‬‬
‫وقد ورد في الحديث األعداد التي ذكرها رسول الله ‪‬‬
‫لصالة الوتر حيث قال‪« :‬الوتر بثلث عشرة وإحدى عشرة وتسع وسبع‬
‫وخمس وثلث وواحدة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وعن أبي أيوب‪ ،‬خالد بن زيد األنصاري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪« :‬الوتر حق على كل مسلم‪ ،‬فمن أحب أن يوتر بخمس‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)32/4‬‬


‫)‪ )5‬سنن الترمذي (‪ ، )451/5‬وقال أبو عيسى الترمذي عقب هذه الرواية‪ :‬قال إسحاق بن إبراهيم‪:‬‬
‫معنى ما روي أن النبي ‪ ‬كان يصلي من الليل ثالث عشرة ركعة مع الوتر‪ ،‬فنسبت‬
‫صالة الليل إلى الوتر‪.‬‬

‫(‪)46‬‬
‫فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن يوتر بثلث فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن يوتر بواحدة‬
‫فليفعل» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬ال‬


‫توتروا بثلث تشبهوا بصلة المغرب‪ ،‬ولكن أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع‬
‫أو بإحدى عشرة ركعة أو أكثر من ذلك» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫قال الشبراملسي‪ :‬لعل االقتصار في هذا الحديث ـ أي حديث أبي أيوب‬


‫ـ على الخمس فما دونها أنه ‪ ‬خاطب به من لم يرغب‬
‫في الزيادة على الخمس لضعف أو نحوه‪ ،‬وذكر الخمس فما فوقها في‬
‫الحديث الثاني ـ أي‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬ـ لمن علم من عادته‬
‫االقتصار على الثالث‪ ،‬ورأى أن المناسب له الزيادة لنشاطه وصحة‬
‫جسده ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫وعن عبدالله بن أبي قيس قال‪ :‬قلت لعائشة ‪ :‬بكم كان رسول‬
‫الله ‪ ‬يوتر؟ قالت‪« :‬كان يوتر بأربع وثلث‪ ،‬وست‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)15/5‬‬


‫)‪ )5‬المستدرك على الصحيحين (‪.)331/6‬‬
‫)‪ )4‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج (‪.)522/6‬‬

‫(‪)47‬‬
‫وثلث‪ ،‬وثمان وثلث‪ ،‬وعشر وثلث‪ ،‬ولم يكن يوتر بأنقص من سبع‪ ،‬وال‬
‫بأكثر من ثلث عشرة» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)31/5‬‬

‫(‪)48‬‬
‫فروع في عدد ركعات الوتر‪.‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬حكم صلاة الوتر بواحدة‪.‬‬

‫االقتصار على صالة الوتر بواحدة‪ ..‬خالف األولى‪ ،‬والمداومة عليها‪..‬‬


‫مكروهة‪.‬‬
‫وأما قول القاضي أبي الطيب بكراهة اإليتار بركعة‪ ،‬فقد علق ابن حجر‬
‫في اإليعاب على قوله بأن‪ :‬مراده أنه يكره االقتصار عليها‪ ،‬ال أن فعلها ال‬
‫ثواب فيه‪ ،‬ومن ثم قال في الجواهر‪ :‬مراده أن االقتصار خالف األولى وهذا‬
‫أبلغ؛ وحمل الكراهة على خالف األولى وهو متجه؛ ويؤيده حديث عائشة‬
‫‪« ‬أن النبي ‪ ‬كان يوتر بواحدة» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫فقول ابن الصالح لم يحفظ ذلك‪ ..‬مردود بهذا الحديث‪.‬‬


‫وقد يرد أن ذلك لبيان الجواز‪ ،‬فالجواب‪ :‬أن األصل عدم الكراهة إال‬
‫بدليل خاص ولم يوجد‪ ،‬وحكم على الركعة بخالف األولى؛ لمخالفته‬
‫ألكثر أحواله ‪ ‬ولبيان حصول أصل السنة بها‪.‬‬

‫)‪ )6‬صحيح ابن حبان (‪.)681/1‬‬

‫(‪)49‬‬
‫وقد َّفرق الشرقاوي بين االقتصار والمداومة‪ ،‬فقال‪ :‬االقتصار على‬
‫ركعة‪ ..‬خالف األولى‪ ،‬والمداومة عليها‪ ..‬مكروه ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ذكر من صلى الوتر ركعة واحدة‪.‬‬

‫عن عائشة ‪« ‬أن النبي ‪ ‬كان يوتر بواحدة» ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫وأن عثمان بن عفان ‪ ‬كان يحيي الليل بركعة هي وتره‪.‬‬


‫وعن عبدالله بن عباس ‪ ‬أنه أوتر بركعة‪.‬‬
‫وروى التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح أن رجالً أتى إلى عبدالله بن‬
‫عباس ‪ ‬فقال‪ :‬هل لك في معاوية يوتر بركعة ـ يريد أن يعيبه ـ‪ ،‬فقال‬
‫ابن عباس‪ :‬أصاب معاوية‪.‬‬
‫وأتى رجل عبدالله بن عمر ‪ ‬فقال‪ :‬كيف أوتر؟ قال‪ :‬أوتر بواحدة‪،‬‬
‫قال‪ :‬إني أخشى أن يقول الناس إنها البتيراء‪ ،‬قال‪ :‬سنة الله وسنة رسوله‪.‬‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج (‪ ،)531/5‬نهاية المحتاج (‪ ،)665/5‬اإليعاب (ص‪ ،)554‬حاشية إعانة الطالبين‬
‫(‪.)588/6‬‬
‫)‪ )5‬صحيح ابن حبان (‪.)681/1‬‬

‫(‪)51‬‬
‫وفي رواية‪ :‬لم يصب من قال ذلك‪ ،‬إنما البتيراء أن يقوم الرجل فيصلي‬
‫الركعة يقرأ فيها ويتم ركوعها وسجودها‪ ،‬ثم يقوم في الثانية‪ ..‬فال يقرأ فيها‬
‫وال يتم ركوعها وسجودها‪ ،‬فتلك البتيراء‪.‬‬
‫وممن كان يوتر بركعة من الصحابة‪:‬‬
‫الخلفاء األربعة وسعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأبو‬
‫موسى األشعري وأبو الدرداء وحذيفة وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن‬
‫عمر وعبدالله بن عباس ومعاوية بت أبي سفيان وتميم الداري وأبو أيوب‬
‫األنصاري وأبو هريرة وفضالة بن عبيد وعبدالله بن الزبير ‪ ،‬ومعاذ‬
‫بن الحارث القاري ـ وهو مختلف في صحبته ـ‪.‬‬
‫ومن التابعين‪ :‬سالم بن عبدالله بن عمر وعبدالله بن عياش بن أبي ربيعة‬
‫والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير‬
‫ونافع بن جبير بن مطعم والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيرهم‪.‬‬

‫(‪)51‬‬
‫ومن األئمة‪ :‬مالك والشافعي وأحمد واألوزاعي وإسحاق وأبو ثور‬
‫( ‪)6‬‬

‫وداود وابن حزم ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الكلام في عدد الوتر ثلاث عشرة‪ ،‬وخمس عشرة ركعة‪.‬‬

‫ومن أوتر بما يزيد على الحد المنقول عن النبي ‪ ‬مثل‬


‫أن يوتر بخمس عشرة ركعة فصاعد ًا‪ ،‬فهل يصح إيتاره؟‬
‫على وجهين‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬وهو المعتمد‪ :‬ال يصح وتره‪ ،‬فإن الوتر من أفضل السنن‬
‫الراتبة المشروعة‪ ،‬فال يجوز تعديتها عن مراسم الشرع‪ ،‬كركعتي الفجر؛ فإ َّن‬
‫من أقام سنة الصبح أربع ركعات‪ ..‬لم يكن مقيم ًا لهذه السنة‪ ،‬فكذلك من‬
‫زاد الوتر على ما يصح نقله عن رسول الله ‪ ،‬فلو زاد بنية‬

‫)‪ )6‬أجاز الشافعي وأحمد وأبو ثور وداود الظاهري الوتر بواحدة ليس قبلها شيء من صالة النافلة إال‬
‫أنهم يستحبون أن يكون قبلها صالة‪ ،‬أما اإلمام مالك فكان يكره أن يوتر أحد بركعة ال صالة نافلة قبلها‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬أي شيء توتر له الركعة؟‪ ،‬وكره ابن مسعود الوتر بركعة ليس قبلها شيء‪ ،‬وسماها "البتيراء"‪.‬‬
‫االستذكار (‪.)668/5‬‬
‫)‪ )5‬الحاوي الكبير (‪ ،)594/5‬صالة الوتر للمروزي (‪ 585/6‬و‪ ،)581‬نيل األوطار (‪.)36/4‬‬

‫(‪)52‬‬
‫الوتر‪ ..‬لم يصح الكل في الوصل‪ ،‬ولم يصح اإلحرام األخير في الفصل إن‬
‫علم وتعمد‪ ،‬وإال‪ ..‬صحت نفالً مطلق ًا‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬يجزيء في الوتر الزيادة‪ ،‬فإن رسول الله‬
‫‪ ‬ورد بإقامتها على أنحاء ووجوه‪ ،‬ففصل بينهما وبين‬
‫السنن التي كان ال يقيمها قط سفر ًا أو حضر ًا إال على عدة واحدة‪ ،‬فدل على‬
‫عدم انحصاره‪.‬‬
‫وأجاب الجمهور عن هذا‪ ،‬بأن اختالف األعداد إنما هو فيما لم يجاوز‬
‫ثالثة عشرة ولم ينقل مجاوزتها‪ ،‬فدل على امتناعها‪.‬‬
‫وقال جمع‪ :‬أن أكثره ثالث عشرة ركعة‪ ،‬منهم الرافعي في شرح السنة؛‬
‫لحديث أم سلمة ‪ ‬أنها قالت‪« :‬كان النبي ‪ ‬يوتر‬
‫بثلث عشرة‪ ،‬فلما كبر وضعف أوتر بسبع» ‪ ،‬وحكاه جمع من‬
‫( ‪)6‬‬

‫الخراسانيين‪ ،‬وأنها زيادة حفظها من تقبل زيادته بما نقل منها‪.‬‬


‫قال البيهقي‪ :‬الطريق عند أهل العلم جواز كل من اإلحدى عشرة ركعة‬
‫والثالث عشرة ركعة‪ ..‬كما نص عليه الشافعي‪.‬‬

‫)‪ )6‬سنن الترمذي (‪.)451/5‬‬

‫(‪)53‬‬
‫قال السبكي‪ :‬وأنا أقطع بحل اإليتار بثالث عشرة ركعة وصحته‪ ،‬ولكن‬
‫أحب االقتصار على إحدى عشرة فأقل؛ ألنه غالب أحواله‬
‫‪.‬‬
‫فتأول األحاديث‬
‫وأما حجية من يقول‪ :‬أن الوتر إحدى عشرة ركعة‪َّ ،‬‬
‫الواردة عن النبي ‪ ‬بالثالث عشرة كما سيأتي‪ ،‬ور َّد‬
‫النووي تأويله‪ ،‬وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أن عائشة‬
‫‪ ‬قالت‪« :‬كان النبي ‪ ‬يصلي من الليل ثلث‬
‫عشرة ركعة‪ ،‬منها الوتر‪ ،‬وركعتا الفجر» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ويؤيد هذا ما روته عائشة ‪ ‬أنها سئلت «كيف كانت صلة رسول‬
‫الله ‪ ‬في رمضان؟ فقالت‪ :‬ما كان يزيد في رمضان وال‬
‫في غيره على إحدى عشرة ركعة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪ ، )26/5‬وهذا الحديث يبين أن الوتر إحدى عشرة ركعة‪ ،‬والركعتان هما ركعتا‬
‫الفجر‪ ،‬فمجموعهما‪ :‬ثالث عشرة ركعة؛ ألن الظاهر أنه كان يصلي الوتر آخر الليل ويبقى مستيقظ ًا إلى‬
‫الفجر‪ ،‬ويصلي ركعتين سنة الفجر متصالً بتهجده ووتره‪.‬‬
‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)32/4‬‬

‫(‪)54‬‬
‫وعلى القول الراجح‪ :‬فلو زاد على اإلحدى عشرة ركعة بنية الوتر‪ ..‬لم‬
‫يصح الكل في الوصل‪ ،‬ولم يصح اإلحرام األخير في الفصل إن علم‬
‫وتعمد‪ ،‬وإال‪ ..‬صحت نفالً مطلق ًا‪.‬‬
‫وفي حديث آخر عن عائشة ‪ ‬أنه صلى ثالث عشرة ركعة بلفظ‪:‬‬
‫«كان رسول الله ‪ ‬يصلي بالليل ثلث عشرة ركعة‪ ،‬ثم‬
‫يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين» ‪ ..‬فهناك احتماالن لتأويل‬
‫( ‪)6‬‬

‫هذه الرواية‪:‬‬
‫االحتمال األول‪ :‬أن تكون أضافت إلى صالة الليل سنة العشاء؛ لكونه‬
‫كان يصليها في بيته‪ .‬قال النووي‪ :‬وهو تأويل ضعيف مباعد لألخبار‪.‬‬
‫االحتمال الثاني‪ :‬أنه كان يفتتح به صالة الليل‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر‪ :‬وهذا أرجح في نظري؛ لما قد ثبت عن سعد بن‬
‫هشام عن عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬كان رسول الله ‪ ‬إذا‬
‫قام من الليل ليصلي‪ ..‬افتتح صلته بركعتين خفيفتين» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)22/5‬‬


‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)245/6‬‬

‫(‪)55‬‬
‫قال القرطبي‪ :‬أشكلت روايات عائشة ‪ ‬على كثير من أهل العلم‪،‬‬
‫حتى نسب بعضهم حديثها إلى االضطراب‪ ،‬وهذا إنما يتم فيما لو كان‬
‫الراوي عنها واحد ًا‪ ،‬أو أخبرت عن وقت واحد‪ ،‬لكن الصواب‪ :‬أن كل شيء‬
‫ذكرته من ذلك‪ ..‬فهو محمول على أوقات متعددة‪ ،‬وأحوال مختلفة‪،‬‬
‫بحسب النشاط وبيان الجواز ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬نهاية المطلب (‪422/5‬و‪ ،)428‬التمهيد (‪ )19/56‬المجموع (‪ ،)65/3‬فتح الباري البن حجر‬
‫(‪ ،)56/4‬مغني المحتاج (‪ ،)214/6‬اإليعاب (ص‪ ،)553‬عون المعبود (‪.)625/3‬‬
‫(‪)56‬‬
‫مسائل في أعداد الوتر‪.‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬هل يشترط إذا أراد أن يوتر بركعة أن يسبق بنفل؟‬

‫األصح أنه ال يشترط‪ ،‬بل يكفي كونه وتر ًا في نفسه أو وتر ًا لما قبله فرضاً‬
‫كان أو سنة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬من شرط اإليتار بركعة‪ ..‬أن يسبق نفل بعد العشاء من سنتها أو‬
‫غيرها‪ ،‬بناء على أن الوتر يوتر النفل قبله ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬من صلى الوتر ولم يختمها بركعة‪.‬‬

‫لو صلى الوتر عشر ركعات أو أقل شفعاً ما عدا ركعة الوتر‪ ..‬فالظاهر أنه‬
‫أثيب عليه ثواب بعض الوتر ال ثواب النفل المطلق ؛ ألن الوتر نفل فيجوز‬
‫( ‪)5‬‬

‫االقتصار على بعضه وال يلزم تكميله‪ ،‬وألنه ال فرق بين أن يقصد االقتصار‬
‫ابتدا ًء على الشفع وبين أن يع َّن له الشفع بعد عزمه على اإليتار‪.‬‬

‫)‪ )6‬مغني المحتاج (‪.)212/6‬‬


‫)‪ )5‬وخالف في فتح الجواد فقال‪ :‬ولو شفع بأن صلى عشر ركعات‪ ..‬لم يقع وتر ًا بل نف ً‬
‫ال آخر‪ .‬فتاوى‬
‫ابن حامد (ص‪.)531‬‬
‫(‪)57‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬أنه ال تحصل فضيلة الوتر إال إن صلى أخيرته‪ ..‬قال ابن‬
‫حجر‪ :‬وهو متجه إن أراد كمال الفضيلة ال أصلها ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬ما حكم لو زاد في الوتر على الإحدى عشرة ركعة؟‬

‫المعتمد أن أكثر الوتر إحدى عشرة ركعة‪ ،‬فلو زاد على اإلحدى عشرة‬
‫بنية الوتر‪ ..‬لم يصح الكل إن كانت الصالة وصالً‪ ،‬ولو أحرم من كل‬
‫ركعتين‪ ..‬صح ماعدا اإلحرام السادس‪ ،‬فإنه ال ينعقد إن كان عامد ًا عالم ًا‪،‬‬
‫فإن كان ناسي ًا أو جاهالً‪ ..‬وقع نفالً مطلق ًا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يصح الوتر ثالث عشرة ركعة‪ ،‬وهو قول جمع منهم‪ :‬البغوي في‬
‫شرح السنة وصاحب التهذيب وآخرون‪ ،‬قال السبكي‪ :‬وأنا أقطع ِّ‬
‫بحل‬
‫اإليتار بذلك وصحته‪ ،‬ولكن أحب االقتصار على إحدى عشرة فأقل؛ ألنه‬
‫غالب أحواله ‪. ‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪532/5‬و‪ ،)538‬حاشية ابن قاسم على الغرر (‪،)492/5‬‬
‫حاشية البجيرمي على شرح المنهج (‪.)522/6‬‬
‫)‪ )5‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)531/5‬مغني المحتاج (‪ ،)325/6‬حاشية البجيرمي على‬
‫شرح المنهج (‪ ،)522/6‬اإليعاب (ص‪.)553‬‬
‫(‪)58‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬سئل الإمام ابن حجر الهيتمي‪ :‬قال الجلال السيوطي في‬
‫كتاب الأشباه والنظائر‪ :‬إن الإيتار بثلاث ركعات أفضل من الإيتار بخمس‬
‫أو سبع كما قال فما سبب قلة الفضيلة بزيادة الأعمال؟‬

‫وفي الحديث «فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن‬
‫يوتر بثلاث فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل» فهل‬
‫يدل الحديث على أن الزيادة أفضل أو على أن الكل سواء؟‬
‫فأجاب نفع الله به بقوله‪ :‬ما ذكر من تفضيل الثالث على الخمس مثالً‬
‫ليس بصحيح على إطالقه‪ ،‬وكأن قائله نظر إلى قول اإلمام أبي حنيفة ال‬
‫يصح ما زاد على الثالث لكن يلزم عليه تفضيل الثالث على األحد عشر‪،‬‬
‫وليس كذلك باتفاق من يعتد به؛ لحديث أبي هريرة ‪ ‬عن رسول الله‬
‫‪ ‬قال‪« :‬ال توتروا بثلث‪ ،‬وأوتروا بخمس‪ ،‬أو بسبع وال‬
‫تشبهوا بصلة المغرب» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وبهذا يعلم ضعف ما ذهب إليه السادة األحناف من تعيين الثالث وكونها‬
‫موصولة لمخالفته لهذه السنة الصحيحة؛ ولما صح عنه‬
‫‪ ‬من اإليتار بخمس وبسبع وبتسع موصولة ومفصولة‬

‫)‪ )6‬سنن الدارقطني (‪.)432/5‬‬

‫(‪)59‬‬
‫وبثالث‪ ،‬وأخذ ابن خزيمة وتبعه السبكي واإلسنوي واألذرعي والزركشي‬
‫من النهي عن الثالث أنه يكره اإليتار بثالث موصولة‪ ،‬ولم ينظروا إلى ما‬
‫ذكر عن أبي حنيفة‪ ،‬والفصل في كل عدد أفضل من الوصل‪.‬‬
‫وأن ما دل عليه الحديث المذكور في السؤال من تساوي الكل في الفضل‬
‫غير مراد‪ ،‬وإنما المراد التساوي في الجواز‪ ،‬وعليه محمل الحديث‪ ،‬بل هو‬
‫مدلوله كما ال يخفى ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬أيهما أفضل كثرة العدد أم طول القيام؟‬

‫المحافظة على العدد المطلوب في الوتر أفضل من قلة العدد مع طول‬


‫القيام‪ ،‬ففعل الوتر إحدى عشرة في الزمن القصير أفضل من فعل ثالثة مثالً‬
‫في قيام يزيد على زمن ذلك العدد‪ ،‬لكون العدد فيما ذكر بخصوصه مطلوباً‬
‫للشارع ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬الفتاوى الفقهية الكبرى (‪.)692/6‬‬


‫)‪ )5‬حاشية الشبراملسي (‪.)325/6‬‬

‫(‪)61‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬لو صلى الوتر موصولة‪ ..‬فهل الأفضل كثرة العدد مع‬
‫خروج الوقت أم قلته مع كونه في الوقت؟‬

‫إذا صلى خمس ًا أو سبعاً أو تسعاً موصولة أدركها في الوقت‪ ،‬وإذا صلى‬
‫أكثر من ذلك خرج بعضها عن الوقت‪ ..‬فاألفضل الزيادة في العدد؛ لتبعية‬
‫ما بعد الوقت لما وقع فيه‪ ،‬فكأنه صالها كلها في الوقت‪.‬‬
‫قال في اإليعاب‪ :‬واألوجه أنه لو لم يسع الوقت إال ثالثة موصولة‪ ..‬كان‬
‫أفضل من ثالثة مفصولة؛ ألن في قضاء النوافل خالفاً‪ ،‬وبأن ثواب األداء‬
‫أكثر من ثواب القضاء‪.‬‬
‫قال ابن قاسم‪ :‬ولو أحرم بالجميع وأدرك ركعة في الوقت‪ ..‬ينبغي أن‬
‫يصير أداء؛ ألنه صار صالة واحدة ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السابعة‪ :‬من نذر صلاة الوتر فكم مرة يتيمم؟‬

‫يتيمم تيمم ًا واحد ًا‪ ،‬إال إن نذر السالم من كل ركعتين‪ ..‬فيتيمم لكل‬
‫ركعتين ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬حاشية الشبراملسي (‪ ،)662/5‬حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (‪.)361/6‬‬


‫(‪ )5‬حاشية البيجوري (‪.)689 /6‬‬

‫(‪)61‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الفصل والوصل‪.‬‬
‫هناك طريقتان لصلة الوتر‪ :‬إما أن تكون فصلً أو وصلً‪.‬‬
‫ضابط الفصل‪ :‬كل إحرام فصلت فيه الركعة األخيرة عما قبلها‪.‬‬
‫مثال للفصل‪ :‬لو صلى الوتر عشر ًا بإحرام واحد‪ ،‬والركعة األخيرة‬
‫بإحرام‪ ..‬فهو فصل؛ لفصل الركعة األخيرة عما قبلها‪.‬‬
‫وضابط الوصل‪ :‬كل إحرام جمعت فيه الركعة األخيرة مع ما قبلها‪.‬‬
‫مثال للوصل‪ :‬لو صلى الوتر إحدى عشرة ركعة وصالً بدون سالم ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬فتاوى بافضل (ص‪ )614‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪)62‬‬
‫مسائل في الفصل والوصل‪.‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬أيهما أفضل الفصل أم الوصل؟‬

‫في المسألة أربعة أقوال‪:‬‬


‫القول األول‪ :‬الفصل أفضل على المعتمد سواء لإلمام أو المنفرد‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫والفصل من كل ركعتين أفضل من الفصل بأكثر من ذلك‪ ،‬وإنما كان الفصل‬


‫أفضل؛ ألنه أكثر ً‬
‫عمال لما فيه من تجديد النية ودعاء التوجه وغير ذلك من‬
‫التكبير والصالة على رسول الله ‪ ‬والسالم؛ وألن‬
‫أحاديثه أكثر كما في المجموع‪ ،‬منها حديث عائشة ‪ ‬زوج النبي‬
‫‪ ‬قالت‪« :‬كان رسول الله ‪ ‬يصلي فيما‬
‫بين أن يفرغ من صلة العشاء ال وهي التي يدعو الناس العتمة ال إلى الفجر‪،‬‬
‫إحدى عشرة ركعة‪ ،‬يسلم بين كل ركعتين‪ ،‬ويوتر بواحدة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬وحكى العمراني (صاحب البيان) وجه ًا ‪ :‬أن األفضل الوصل إال أن تكون ركعتان لصالة وركعة‬
‫للوتر فاألفضل الفصل‪ .‬قال اإلسنوي‪ :‬وهو غريب يستفاد منه جواز الجمع بين الوتر وغيره‪ .‬قال ابن‬
‫العماد‪ :‬هذا الذي ذكره من جواز الجمع بين الوتر وغيره مخالف للقواعد فإنه ال يجوز الجمع في النية‬
‫الواحدة بين عبادتين من جنسين ال تتأدى إحداهما باألخرى‪ ،‬وليس فيما ذكره [العمراني] صاحب البيان‬
‫حجة له؛ إلمكان حمله على ما إذا نوى باثنتين مقدمة الوتر وبالثالثة الوتر‪ .‬أسنى المطالب (‪.)514/6‬‬
‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)218/6‬‬
‫(‪)63‬‬
‫وعن عبدالله بن عمر ‪ ‬قال «أن رسول الله ‪‬‬
‫كان يفصل بين الشفع والوتر» ‪ ،‬وألن النبي ‪ ‬كان يصلي‬ ‫( ‪)6‬‬

‫من الليل مثنى مثنى‪ ،‬فاستدل به على فضل الفصل؛ لكونه أمر بذلك وفعله‪،‬‬
‫وأما الوصل فورد من فعله فقط‪.‬‬
‫وممن قال بالفصل‪ :‬عثمان بن عفان وسعد وزيد بن ثابت وعائشة‬
‫وعبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس وأبي موسى األشعري ومعاوية‬
‫وعبدالله بن الزبير ‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬الوصل بتسليمة واحدة أفضل‪ ..‬قاله‪ :‬الشيخ أبو زيد‬
‫المروزي؛ للخروج من خالف أبي حنيفة ‪ ،‬فإن أبا حنيفة اليصحح‬
‫( ‪)5‬‬

‫المفصولة‪ ،‬وقد ورد من فعله ‪ ‬أنه وصل‪ ،‬كما في حديث‬

‫(‪ )6‬صحيح ابن حبان (‪.)691/1‬‬


‫(‪ )5‬إنما يراعي اإلمام الشافعي الخالف إذا لم يؤد إلى محظور أو مكروه‪ ..‬وهذا منه‪ ،‬فيراعى إذا لم‬
‫تعارضه سنة صحيحة وردت عنه ‪ ،‬فإن الوصل فيما إذا أوتر بثالث‪ ..‬مكروه كما جزم‬
‫به ابن خيران في اللطيف‪ ،‬وقال القفال‪ :‬ال يصح وصلها‪ ،‬وبه أفتى القاضي حسين لخبر «ال توتروا بثالث‬
‫وال تشبهوا الوتر بصالة المغرب» مغني المحتاج (‪ ،)325/6‬نهاية المحتاج (‪.)664/6‬‬

‫(‪)64‬‬
‫أم سلمة ‪ ‬قالت‪« :‬كان النبي ‪ ‬يوتر بسبع‬
‫وبخمس‪ ،‬ال يفصل بينهن بسلم وال كلم» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعن معمر عن قتادة عن الحسن البصري أنه قال‪« :‬كان أبي بن كعب‬
‫‪ ‬يوتر بثالث ال يسلم إال في الثالثة‪ ،‬وتر ًا مثل المغرب» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وممن قال بالوصل‪ :‬عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن‬
‫عباس ـ على اختالف عنه ـ وعبدالله بن مسعود وأبي بن كعب وأنس بن‬
‫مالك وأبي أمامة‪ ،‬وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة وأصحابه‬
‫‪. ‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫القول الثالث‪ :‬الفصل أفضل في حق المنفرد دون اإلمام؛ ألن اإلمام قد‬
‫يقتدي به حنفي‪ ،‬ومذهب الحنفية عندهم‪ :‬الوتر ثالث ركعات ال يفصل‬
‫بينهن بسالم؛ لما روت السيدة عائشة ‪« ‬أن النبي‬
‫‪ ‬كان يوتر بثلث»‪.‬‬

‫(‪ )6‬مسند أحمد (‪.)88/33‬‬


‫(‪ )5‬مصنف عبدالرزاق (‪.)529/3‬‬
‫(‪ )4‬وعمل اإلمام عبدالله بن علوي الحداد ربما فصل الوتر أحيان ًا وربما وصل‪ .‬غاية القصد والمراد‬
‫(‪)22/6‬‬

‫(‪)65‬‬
‫القول الرابع‪ :‬الوصل أفضل في حق المنفرد عكس القول الثالث‪ ،‬وهو‬
‫قول اإلمام الروياني فقال‪ :‬أنا أصل منفرد ًا وأفصل إماماً؛ لئال يتوهم خلل‬
‫فيما ذهب إليه الشافعي رحمه الله وهو ثابت صحيح‪.‬‬
‫وهذا كله في اإلتيان بثالث‪ ،‬فإن زاد‪ ..‬فالفصل أفضل قطع ًا‪ ،‬كما جزم به‬
‫النووي في التحقيق ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬متى يكون فصل الوتر أفضل من وصله؟‬

‫في حالتين‪ :‬الحالة األولى‪ :‬إن ساواه عدد ًا؛ أما إذا زاد عدد ركعات‬
‫الوصل على الفصل‪ ..‬كان الوصل أفضل ‪ ،‬فإن ثالث ركعات فأكثر‬
‫( ‪)5‬‬

‫موصولة أفضل من ركعة فردة ال شيء قبلها‪.‬‬

‫(‪ )6‬صالة الوتر للمروزي (‪ ،)589 /6‬المجموع (‪ ،)64 /3‬فتح الباري البن حجر (‪ ،)381 /5‬الهداية‬
‫شرح بداية المبتدي (‪ ،)11 /6‬حاشية عميرة (‪ ،)534 /6‬حاشية الترمسي (‪ ،)261 /4‬حاشية الجمل‬
‫(‪.)383 /6‬‬
‫(‪ )5‬قال ابن حجر‪ :‬فإن تفاوت العدد ـ كخمس أو ثالث مفصولة وإحدى عشرة موصولةـ‪ ،‬ففي األولى‪:‬‬
‫الفصل‪ ،‬وهو األكثر من فعله ‪ ،‬وفي الثانية [الوصل]‪ :‬زيادة العمل‪ ،‬فترجيح كل‬
‫محتمل‪ ،‬وأوجه من ذلك أن األولى‪ :‬األ ولى من حيثية زيادة الفصل‪ ،‬والثانية أفضل من حيثية زيادة‬
‫العمل‪ ،‬ولعل زيادة العمل أكثر ثواب ًا ؛ ألن تلك وإن كانت أوفق ألكثر أحواله ‪ ‬إال أن‬
‫هذه أيض ًا موافقة لبعض أحواله‪ ،‬ومجرد التفاوت في موافقة األكثر ال يقتضي أن تعدل زيادة العمل‪،‬‬

‫(‪)66‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬إن اتسع الوقت لإلتيان بها مفصولة‪ ،‬أما إذا لم يسع الوقت‬
‫إال ثالثة موصولة كان أفضل من ثالثة مفصولة؛ ألن في قضاء النوافل‬
‫خالف ًا؛ وبأن ثواب األداء أكثر من ثواب القضاء‪.‬‬
‫فيكون ال على المعتمد‪ :‬الوصل ال أفضل في حالتين هما‪:‬‬
‫إذا زاد العدد الموصول على المفصول‪ ،‬وإذا ضاق الوقت ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬التشهد في صلاة الوتر‪.‬‬


‫أولاً‪ :‬التشهد في حالة الفصل‬
‫لو كانت صالة الوتر فصالً‪ ..‬فاألفضل التشهد بعد كل ركعتين مع‬
‫السالم؛ لإلتباع‪ ،‬كما ورد في حديث عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬كان رسول‬
‫الله ‪ ‬يصلي إحدى عشرة ركعة‪ ،‬يسلم بين كل ركعتين‪،‬‬
‫ويوتر بواحدة» ‪ ،‬وله التشهد بعد أربع‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫بخالف ما هو موافق لالتباع‪ ،‬فإنه أفضل من األكثر الذي ال يوافقه؛ ألن في زيادة االتباع ما يزيد على‬
‫زيادة العمل‪ .‬اإليعاب (ص‪)552‬‬
‫(‪ )6‬مغني المحتاج (‪ ،)325/6‬اإليعاب (‪ ،)552‬حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (‪.)361 /6‬‬
‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)218/6‬‬

‫(‪)67‬‬
‫فلو صلى عشر ركعات بتسليمة‪ ..‬جاز له التشهد بعد كل ركعتين‪ ،‬أو أربع‬
‫من العشرة بدون سالم؛ ألن هذا من الفصل فيجوز الزيادة على التشهدين‪،‬‬
‫ولو وصل ست ًا بإحرام وخمس ًا بإحرام‪ ..‬جاز له بالنسبة للست التشهد بعد‬
‫كل ركعتين‪ ،‬وال يزيد في الخمس على تشهدين‪..‬‬
‫وعبارة الزيادي‪ :‬لو صلى عشر ًا بإحرام واحد والحادية عشرة بإحرام‬
‫واحد‪ ..‬فله أن يتشهد كل ركعتين فيما يظهر؛ ألن هذا فصل ال وصل ولم أر‬
‫في هذه المسألة نقالً فليتأمل‪.‬‬
‫واختار الجوجري‪ :‬أنه لو أوتر بإحدى عشرة‪ ..‬سلم ست تسليمات‪ ،‬وال‬
‫يجوز أنقص من ذلك‪ ،‬ـ كأن يصلي أربعاً بتسليمة وستاً بتسليمة ثم يصلي‬
‫الركعة ـ‪ ،‬وإن وجد مطلق الفصل؛ ألن المرجع في ذلك‪ ..‬االتباع‪ ،‬ولم يرد‬
‫إال كذلك ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬سئل اإلمام الرملي في فتاويه (‪ )518/6‬عن قول الجوجري في شرح اإلرشاد بأن الفصل بين الشفع‬
‫والوتر أولى وذلك بأن يسلم من كل ركعتين‪ ،‬وقضيته أنه لو أوتر بإحدى عشرة ركعة‪ ..‬سلم ست‬
‫تسليمات‪ ،‬وال يجوز أنقص من ذلك ـ كأن يصلي أربع ًا بتسليمة وست ًا بتسليمة ثم يصلي الركعة وإن وجد‬
‫مطلق الفصل؛ ألن المرجع في ذلك‪ ..‬اإلتباع‪ ،‬ولم يرد إال كذلك‪ ..‬فهل المعتمد القضية المذكورة أم‬

‫(‪)68‬‬
‫وأما إيقاع التشهد بعد ثالث أو خمس من الركعات‪ ،‬أو إيقاع التشهد في‬
‫الثالثة والرابعة ‪ ..‬فالظاهر امتناعه‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫استشكال‪ :‬كيف يجمع في الوتر أربع ركعات بتسليمة واحدة مع امتناع‬


‫نظيره في التراويح ‪ ،‬مع أن كلًّ أشبه الفرض بطلب الجماعة؟‬
‫( ‪)2‬‬

‫أجيب على هذا اإلشكال‪ :‬بأن الجماعة في التراويح أصلية؛ ألنه ال‬
‫يتصور لها زمن تطلب فيه فرادى ال جماعة‪ ،‬بخالفها في الوتر؛ فإنه مع‬
‫مشروعيته في غير رمضان‪ ،‬فال تشرع فيه الجماعة‪ ،‬فلم يلزم من مشابهة‬
‫التراويح للفرض لقوة الجماعة فيها مشابهة الوتر له [أي‪ :‬الفرض]‪ ،‬وكذلك‬

‫ال؟ فأجاب‪ :‬بأن المعتمد خالفها ـ وهو الجواز ـ بل ليست هذه قضيته‪ ،‬وإنما قضيته أن ذلك خالف‬
‫األولى‪.‬‬
‫ووافق جواب الرملي ابن حجر في اإليعاب (ص‪ )553‬قال‪ :‬فاألوجه‪ :‬أن له ذلك لما يأتي أن له جمع‬
‫سنة الظهر األربع قبلها بتسليمة فالوتر مثلها‪ ،‬وإذا جاز جمع األربع‪ ..‬جاز جمع الست كذلك‪.‬‬
‫)‪ )6‬ألن في الثالثة والرابعة اختراع هيئة لم تعهد‪ .‬تقرير الشربيني على ابن قاسم (‪.)316/5‬‬
‫)‪ )5‬أي‪ :‬أنه في التراويح يشترط أن يتشهد في كل ركعتين‪ ،‬وال يصلي أربع ًا بتسليمة‪.‬‬
‫(‪)69‬‬
‫صح فيه الوصل من فعله ‪ ،‬بخالف التراويح‪..‬‬
‫بأن الوتر َّ‬
‫لم يرد فيها إال الفصل ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ثانياً‪ :‬التشهد في حالة الوصل‬


‫الوصل يكون فيمن زاد على ركعة ـ كأن كان ثالث ركعات‪ ،‬أو خمس‪،‬‬
‫أو ما زاد عن ذلك بسالم واحد ـ‪.‬‬
‫حكم التشهد في حالة الوصل‪:‬‬
‫يجوز التشهد في حالة الوصل‪ ،‬وقد فعله رسول الله ‪‬‬
‫أسن وأخذه اللحم ‪ ..‬أوتر بسبع ركعات‪ ،‬لم يجلس إال في السادسة‬
‫«لما َّ‬
‫( ‪)2‬‬

‫والسابعة‪ ،‬ولم يسلم إال في السابعة» ‪ ،‬ولحديث عائشة ‪ ‬أنها‬


‫( ‪)4‬‬

‫سئلت عن وتر رسول الله ‪ ‬فقالت «كنا نعد له سواكه‬


‫وطهوره‪ ،‬فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل‪ ،‬فيتسوك‪ ،‬ويتوضأ‪ ،‬ويصلي‬
‫تسع ركعات ال يجلس فيها إال في الثامنة‪ ،‬فيذكر الله ويحمده ويدعوه‪ ،‬ثم‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)532/6‬نهاية المحتاج (‪ ،)662/5‬فتح الجواد (‪،)668/6‬‬
‫حاشية ابن قاسم على الغرر (‪ ،)316/5‬حاشية الجمل (‪ )384/6‬بتصرف‪.‬‬
‫السمن‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه‪ :‬ضعف‪ ،‬وكان ذلك قبل موته بنحو سنة‪ ،‬على ما‬
‫)‪" )5‬أخذه اللحم"‪ .‬قيل‪ :‬أي‪ِّ :‬‬
‫قيل‪ .‬ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (‪.)529/62‬‬
‫)‪ )4‬سنن أبي داود (‪.)36/5‬‬
‫(‪)71‬‬
‫ينهض وال يسلم‪ ،‬ثم يقوم فيصلي التاسعة‪ ،‬ثم يقعد فيذكر الله ويحمده‬
‫ويدعوه‪ ،‬ثم يسلم تسليماً يسمعنا» ‪ ،‬هذا دليل الوصل بتشهدين‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ودليل الوصل بتشهد‪ :‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬كان رسول الله‬


‫‪ ‬يوتر بخمس‪ ،‬ال يجلس في شيء إال في آخرها» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫فمن وصل الوتر ـ كأن صلى الوتر إحدى عشرة ركعة بإحرام واحد ـ‪..‬‬
‫فله أن يتشهد تشهدين في الركعتين األخيرتين‪ ،‬وكذلك له أن يتشهد تشهد ًا‬
‫واحد ًا في الركعة األخيرة فقط لالتباع ‪ ،‬فال يزيد على تشهدين في الوصل‪،‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫والوصل بتشهد أفضل منه بتشهدين‪ ،‬وليس له غير ذلك‪.‬‬


‫فيمتنع في الوصل‪ :‬فعل أول التشهدين قبل الركعتين األخيرتين‪،‬‬
‫ويمتنع في الوصل‪ ..‬فعل أكثر من تشهدين؛ ألنه خالف المنقول من فعله‬
‫‪، ‬‬
‫( ‪)3‬‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)264/6‬‬


‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)218/6‬‬
‫)‪ )4‬صحيح مسلم (‪.)218/6‬‬
‫)‪ ) 3‬بخالف النفل المطلق؛ ألنه ال حصر لركعاته وتشهداته‪ ،‬وحكى الرافعي وغيره قوالً‪ :‬بأنه يجوز أن‬
‫يصلي الوتر موصولة بتشهدات في سالم واحد‪ ،‬كما لو صلى نافلة مطلقة بتشهدات وسالم واحد‪.‬‬
‫المجموع (‪ ،)64/3‬الغرر البهية (‪.)496/6‬‬
‫(‪)71‬‬
‫فإن فعل ذلك‪ ..‬بطلت صالته إن كان عامد ًا عالم ًا‪ ،‬وال تبطل إن كان ناسياً‬
‫جاهالً ويسجد للسهو؛ لفعله ما يبطل عمده وال يبطل سهوه ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ومحل البطالن بالزيادة‪ ،‬أو التشهد في غير األخيرتين‪ ..‬إن قعد قاصداً‬
‫اإلتيان به‪ ،‬وإن لم يزد على جلسة االستراحة ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬ما الحكم إذا وصل الوتر وجلس في غير الركعتين‬
‫الأخيرتين؟‬

‫فيها حالتان‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬إن جلس في غير الركعتين األخيرتين ولم يقصد في‬
‫جلوسه التشهد ‪:‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫)‪ )6‬وال وجه لما قيل‪ :‬إنه ينقلب نفالً مطلق ًا؛ إذ الظاهر عدم انقالبه بعد انعقاده وتر ًا‪ ،‬خالف ًا لصالة النافلة‬
‫المطلقة‪ ..‬فيصح؛ ألنه ال حصر لركعاتها وتشهداتها‪ ،‬بخالف الوتر‪ .‬حاشية الشربيني على الغرر البهية‬
‫(‪.)496/6‬‬
‫)‪ )5‬حاشية الشربيني على الغرر البهية (‪ ،)496/6‬حاشية الجمل (‪.)384/6‬‬
‫)‪ )4‬فتعتبر بذلك هذه الجلسة‪ ..‬جلسة االستراحة‪ ،‬وتكون قدر جلسة االستراحة بقدر أقل الجلوس بين‬
‫السجدتين‪ ،‬فإن زاد على ذلك‪ ..‬كره؛ إذ هي من السنن التي أقلها أكملها كسكتات الصالة‪.‬‬

‫(‪)72‬‬
‫عند ابن حجر‪ :‬بطلت صالته إن طالت الجلسة ‪،‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫بخالف الرملي‪ ..‬فالتبطل صالته وإن طالت جلسة االستراحة جد ًا‪.‬‬


‫الحالة الثانية‪ :‬إن جلس في غير الركعتين األخيرتين وقصد التشهد ‪:‬‬
‫( ‪)2‬‬

‫بطلت صالته مطلق ًا عند الرملي ‪ ،‬وإن لم يزد ما فعله على جلسة‬
‫( ‪)3‬‬

‫االستراحة‪.‬‬
‫وتردد ابن حجر في هذه المسألة بين‪ :‬أن تكون كالفرض في جلوسه‬
‫لجلسة االستراحة‪ ..‬فتبطل إن طالت الجلسة وإال‪ ..‬فال‪،‬‬
‫وبين‪ :‬أن يف َّرق بين الفرض والنفل‪ ..‬فتبطل في النفل بالزيادة على قدر‬
‫الطمأنينة فيه مع العمد‪.‬‬

‫)‪ )6‬ومقدار الزيادة على جلسة االستراحة‪ :‬هو إطالة جلسة االستراحة فوق قدر الذكر المشروع في‬
‫الجلوس بين السجدتين بمقدار أقل التشهد وكان عامد ًا عالم ًا‪ ،‬ففي هذه الحالة‪ :‬تبطل الصالة عند ابن‬
‫حجر‪ ،‬وال تبطل عند الخطيب والرملي ووالده‪ .‬اهـ تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪84/5‬و‪)83‬‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫)‪ )5‬في غير الركعتين األخيرتين ـ بأن كان سيصلي سبع ركعات موصولة وجلس في الثالثة بقصد‬
‫التشهد‪.‬‬
‫)‪ )4‬كما نقل عنه الشبراملسي في حاشيته (‪ ،)659/5‬وعبدالرحمن الشربيني في حاشيته على الغرر‬
‫(‪.)492/6‬‬
‫(‪)73‬‬
‫ذكر صاحب فتاوى ابن حامد عن (النفل المؤقت والمطلق‪ ،‬فابن حجر‬
‫يفرق بينهما‪ :‬بأن‬
‫في التحفة تردد بين أن يكون حكمه كالفرض‪ ،‬وبين أن َّ‬
‫كيفية الفرض استقرت فلم ينظر إلحداث ما لم يعهد فيها بخالف النفل‪،‬‬
‫وعليه‪ :‬فتبطل بالزيادة على قدر الطمأنينة فيه مع العمد)‪ .‬اهـ ونص ابن حجر‬
‫في التحفة‪( :‬وظاهر كالمهم امتناعه في كل ركعة‪ ،‬وإن لم يطول جلسة‬
‫االستراحة وهو مشكل؛ ألنه لو تشهد في المكتوبة الرباعية مثالً في كل‬
‫ركعة ولم يطول جلسة االستراحة لم يضر‪ ،‬كما هو ظاهر فإما أن يحمل ما‬
‫هنا على ما إذا طول بالتشهد جلسة االستراحة لما مر أن تطويلها مبطل أو‬
‫يفرق بأن كيفية الفرض إلحداث ما لم يعهد فيها بخالف النفل) ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬حكم وصل الوتر سواء ختم وتره بتشهد أو بتشهدين‬

‫وقع فيه خالف بين أهل العلم‪ ،‬ومنشأ اختلفهم هو فهمهم للحديث‬
‫الوارد عن أبي هريرة ‪ ‬أن رسول الله ‪ ‬قال‪« :‬ال‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ 83/5‬و‪538‬و‪ ،)512‬نهاية المحتاج (‪ ،)269/6‬حاشية‬


‫الشبراملسي (‪ ،)659/5‬حاشية الشربيني على الغرر البهية (‪ 496/6‬و‪ ،)492‬فتاوى ابن حامد‬
‫(ص‪.)512‬‬

‫(‪)74‬‬
‫توتروا بثلث‪ ،‬وأوتروا بخمس أو بسبع‪ ،‬وال تشبهوا بصلة المغرب» ‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وظاهره النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫فكان الخلف على أربعة آراء‪:‬‬


‫الرأي األول‪ :‬خالف األفضل‪ ،‬وأن وصل الوتر بتشهد أفضل منه‬
‫بتشهدين‪ ،‬وأن تشبيه الوتر للمغرب‪ ..‬إنما يكون بفعل صالة الوتر وصالً‬
‫بتشهدين سواء صالها ثالثة ركعات أم أكثر‪.‬‬
‫أما إن صالها بتشهد واحد‪ ..‬فال تشبه المغرب وإن صالها ثالثة ركعات‬
‫وصالً‪ ..‬هذا رأي الشيخ زكريا في أسنى المطالب‪ ،‬والخطيب في المغني‪،‬‬
‫والرملي في النهاية ‪ ،‬وابن حجر في فتح الجواد‪ ،‬والقليوبي في حاشيته‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫)‪ )6‬سنن الدارقطني (‪.)432/5‬‬


‫)‪ )5‬وجه الشبه إن صلى الوتر بتشهدين أن التشهد األول وقع بعد شفع‪ ،‬والثاني بعد فرد‪ ..‬و َّضحه‬
‫الشبراملسي‪ ،‬ووضح البجيرمي حيث إن فيه تشهدين في الجملة‪ .‬اهـ حاشية الشبراملسي (‪،)663/5‬‬
‫حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (‪.)361/6‬‬
‫(‪ )4‬والوصل بتشهد أفضل من الوصل بتشهدين ـ كما في التحقيق ـ فرق ًا بينه وبين المغرب‪ ،‬وللنهي عن‬
‫تشبيه الوتر بالمغرب‪ .‬نهاية المحتاج (‪.)663/5‬‬

‫(‪)75‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬إن فعلت ثالثة ركعات‪ ..‬فمكروه سواء صالها بتشهد أو‬
‫تشهدين‪.‬‬
‫وزاد األستاذ أبو الحسن البكري‪ :‬إن زاد عن ثالث ركعات‪ ..‬فخالف‬
‫األولى‪ ..‬ذكره المز َّجد في "العباب" واألستاذ أبو الحسن البكري في‬
‫"الكنز"‪.‬‬
‫الرأي الثالث‪ :‬أن الشبه للمغرب حيث وصل الوتر‪ ،‬سواء فعلت بتشهد‬
‫أو بتشهدين‪ ،‬بثالثة ركعات أم بأكثر؛ لمخالفته للسنة الصحيحة؛ وأنه ال‬
‫يمكن وقوع الوتر وصالً متفق ًا على صحته‪ ..‬وهو ظاهر كالم ابن حجر في‬
‫"التحفة" كما يفهم من كالمه ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬عبارة تحفة المحتاج (‪ : )521/5‬والفصل أفضل من الوصل؛ ألن أحاديثه أكثر؛ وألنه أكثر عمال‪،‬‬
‫كره بعض أصحابنا‬
‫والمانع له الموجب للوصل مخالف للسنة الصحيحة‪ ..‬فال يراعى خالفه‪ ،‬ومن ث َّم‪َّ ..‬‬
‫الوصل‪ ،‬وقال غير واحد منهم‪ :‬إنه مفسد للصالة؛ للنهي الصحيح عن تشبيه صالة الوتر بالمغرب‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ فال يمكن وقوع الوتر متفق ًا على صحته أصالً‪ .‬اهـ‬

‫(‪)76‬‬
‫الرأي الرابع‪ :‬اليصح اإليتار بثالث ركعات موصولة من المتعمد‬
‫العالم‪ ..‬وهو قول القفال والقاضي حسين ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السادسة‪ :‬أيهما أفضل الوصل بتشهد أم بتشهدين؟‬

‫الوصل بتشهد أفضل من الوصل بتشهدين ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫المسألة السابعة‪ :‬ما حكم صلاة الوتر إن فعلت موصولة بتشهدين؟‬

‫فيها ثلثة أقوال‪:‬‬


‫القول األول‪ :‬مكروه‪ ..‬قاله القليوبي‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬ليس مكروه ًا‪ ،‬بل هو خالف األفضل‪ ،‬ويفهم ذلك من كالم‬
‫األسنى والنهاية والمغني ‪ ،‬وصرح به الشبراملسي‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫)‪ )6‬أسنى المطالب (‪ ،)514/6‬مغني المحتاج (‪ ،)213/6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني‬


‫(‪ ،)521/5‬نهاية المحتاج (‪ ،)663/5‬اإليعاب (ص‪ ،)551‬فتح الجواد (‪ ،)669/6‬حاشية القليوبي‬
‫(‪.)534/6‬‬
‫)‪ )5‬مغني المحتاج (‪.)213/6‬‬
‫)‪ )4‬وفي وجه‪ :‬الوصل بتشهد أو بتشهدين هما سواء في الفضيلة‪ ،‬قال الرافعي‪ :‬إنه مقتضى كالم كثيرين‪.‬‬
‫مغني المحتاج (‪.)213/6‬‬
‫(‪)77‬‬
‫القول الثالث‪ :‬إذا جلس بعد الركعة الثانية متعمد ًا‪ ..‬بطلت صالته‪ ،‬وإن‬
‫جلس ساهي ًا‪ ..‬لم تبطل ويسجد للسهو‪ ..‬قاله القفال ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثامنة‪ :‬التكبير في صلاة الوتر أيام عيد الأضحى وأيام التشريق‪.‬‬

‫في عيد األضحى وهو يوم النحر [‪ 61‬من ذي الحجة]‪ ،‬أو في أيام‬
‫التشريق [‪ 66‬و ‪ 65‬و ‪ 64‬من ذي الحجة] يكبر بعد صالة الوتر‪ ،‬سواء كانت‬
‫الصالة مفصولة فيكبر بعد كل سالم‪ ،‬أو موصولة فيكبر بعد سالمه منه‪،‬‬
‫وهذا ما يسمى بـ"التكبير المقيد"‪.‬‬
‫ووقت التكبير بعد صلة الوتر‪:‬‬
‫للحاج‪ :‬من ظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وغير الحاج‪ :‬من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫)‪ )6‬كفاية النبيه (‪ ،)456/4‬أسنى المطالب (‪ ،)514/6‬مغني المحتاج (‪ ،)213/6‬حاشية القليوبي‬


‫(‪ ،)534/6‬نهاية المحتاج مع حاشية الشبراملسي (‪.)663/5‬‬
‫)‪ )5‬عند ابن حجر‪ :‬يكبِّر بعد صالة الظهر؛ ألن أول صالة يصليها بعد تحلله هو صالة الظهر‪ ،‬واعتمد‬
‫الرملي والقليوبي‪ :‬أن العبرة بالتحلل تقدم أو تأخر‪ ،‬فمتى تحلل‪ ..‬كبر‪ .‬حاشية البيجوري (‪،)344/6‬‬
‫بشرى الكريم (ص‪.)358‬‬
‫)‪ )4‬عند ابن حجر‪ :‬يبدأ التكبير ـ لغير الحاج ـ بفعل الصبح‪ ،‬وعند الخطيب والرملي بدخول الفجر وإن‬
‫لم يصلها‪ ،‬و ينتهي بعد صالة عصر آخر أيام التشريق عند ابن حجر‪ ،‬وبالغروب عند الرملي‪ ،‬وعلى كال‬

‫(‪)78‬‬
‫المسألة التاسعة‪ :‬أيهما أفضل أن يصلي الوتر مفصولًا بدون جماعة أم‬
‫موصولًا بجماعة؟‬

‫إن ساواه عدد ًا‪ ..‬فاألفضل مفصولة ‪.‬‬


‫( ‪)6‬‬

‫المسألة العاشرة‪ :‬أيهما أفضل وصل الثلاثة أم ركعة فردة؟‬

‫الثالث الموصولة أفضل من ركعة ال شيء قبلها توتره؛ وذلك لكثرة‬


‫العبادة ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫استشكال‪ :‬وقد استشكل على هذا بأن القفال يقول ببطلن الثلث‬
‫الموصولة من المتعمد العالم‪ ،‬وبه أفتى القاضي حسين‪ ،‬فكيف يكون‬
‫أفضل؟‬
‫يجاب عن ذلك‪ :‬بأن كالا منهما فيه خالف فتساقطا‪ ،‬وبقي تميز الثالث‬
‫بكونها أكثر عمالً‪ ،‬وشبهة القفال ضعيفة؛ لمخالفته للسنة الصحيحة وهي‬

‫القولين فإنه يكبر بعد صالة العصر وينتهي به عند ابن حجر‪ ،‬وينتهي بالغروب عند الرملي‪ .‬بشرى الكريم‬
‫(ص‪ ،)358‬المنهل النضاخ (ص‪.)656‬‬
‫)‪ )6‬اإليعاب (ص‪.)553‬‬
‫(‪ )5‬وقيل‪ :‬الفردة أفضل حتى من إحدى عشرة موصولة‪ ،‬قال إمام الحرمين‪ :‬وهو غلو‪ ،‬وقد روي عن‬
‫عمر وعلي وأبي بن كعب وابن مسعود‪ ..‬اإليتار بثالث متصلة‪ .‬اإليعاب (ص‪ ،)551‬نيل األوطار‬
‫(‪.)36/4‬‬
‫(‪)79‬‬
‫الوصل والنهي الصارف عن تشبيه الوتر بالمغرب‪ ،‬حمل إلى أنه نهي تنزيه‬
‫فلم يراع خالفه ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الحادية عشرة‪ :‬هل يجهر في صلاة الوتر؟‬

‫في وتر غير رمضان‪ :‬قال صاحب التتمة‪ :‬يجهر في نوافل الليل ـ غير‬
‫التراويح ـ‪ ،‬وقال القاضي حسين وصاحب التهذيب‪ :‬يتوسط بين الجهر‬
‫واإلسرار‪ ،‬وأما السنن الراتبة مع الفرائض‪ ..‬فيسر بها كلها‪ ،‬كما أفاده كالم‬
‫المجموع وغيره‪ ،‬وأفتى به العز بن عبد السالم‪ ،‬خالفاً لما أفتى به البغوي‬
‫من أنه يتوسط فيها بين اإلسرار والجهر‪.‬‬
‫في وتر رمضان‪ :‬يسن الجهر بالقراءة ـ لغير مأموم ـ في صالة التراويح‬
‫وفي الوتر بعدها‪ ،‬سواء فصله أو وصله بتشهد أو تشهدين‪ ،‬ويسن أن تجهر‬
‫المرأة حيث اليسمع أجنبي‪ ،‬ويكون جهرها دون جهر الرجل‪.‬‬
‫وإذا أوتر في رمضان ووصل‪ ..‬جهر في األوليين‪ ،‬وأسر في الثالثة‪،‬‬
‫وعللوا أن فصل الثالث أفضل؛ ألنه يجهر بالثالثة في رمضان‪ ،‬ولو كانت‬
‫موصولة بالركعتين لما جهر فيها كالثالثة من المغرب‪ ،‬والجهر الذي اقتضاه‬

‫(‪ )6‬اإليعاب (ص‪.)551‬‬


‫(‪)81‬‬
‫الفصل زيادة عمل فاقتضى أفضليته‪ ،‬ولو ترك الجهر فيما يجهر فيه‪ ..‬ال‬
‫يتدارك في غيره؛ ألن السنة فيه اإلسرار فال يفوت بالجهر‪.‬‬
‫قال في اإليعاب‪ :‬إذا وصل الوتر في رمضان‪ ..‬أسر في الثالثة دون‬
‫ويوجه‪ :‬بأنه في رمضان‪ ..‬يسن الجهر فيه‪ ،‬وعند وصله هو شبيه‬
‫َّ‬ ‫األولتين‪،‬‬
‫بالمغرب‪ ،‬فيسن له الجهر في األولتين فقط سواء تشهد تشهدين أم تشهد ًا؛‬
‫ألن المغرب كذلك‪.‬‬
‫وحد الجهر‪ :‬أن يسمع من يليه‪،‬‬
‫وحد اإلسرار‪ :‬أن يسمع نفسه حيث ال مانع‪،‬‬
‫وحد التوسط بينهما‪ :‬قال بعضهم‪ :‬يعرف بـ"المقايسة بهما"‪ ،‬قال‬
‫الزركشي‪ ،‬واألحسن في تفسيره ما قاله بعض األشياخ‪ :‬أن يجهر تارة ويسر‬
‫أخرى كما ورد في فعل رسول الله ‪ ‬في صالة الليل ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬المجموع (‪ ،)496/4‬أسنى المطالب (‪ 621/6‬و‪ ،)621‬اإليعاب (ص‪ ،)541‬حاشية الجمل‬


‫(‪ ،)411/6‬حاشية الترمسي (‪ )265/4‬بتصرف‪ ،‬وقال باعشن‪ :‬والوتر بعدها ـ أي‪ :‬في رمضان‪ ،‬سواء‬
‫أصلّي التراويح قبلها‪ ،‬أم بعدها‪ ،‬أم لم يصلها ـ‪ .‬اهـ بشرى الكريم (ص‪ )553‬بتصرف‪.‬‬

‫(‪)81‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬سنن في الوتر‪.‬‬
‫وفيه مباحث‪:‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬التهجد ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫التهجد لغة‪ :‬دفع النوم بالتكلف‪.‬‬


‫واصطالح ًا‪ :‬هو التنفل بعد نوم وبعد فعل العشاء [ولو بركعة] ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وهل يحصل التهجد بفعل الفرائض ال بأن قضى فوائت ال؟‬

‫)‪ )6‬ذكرت مبحث التهجد؛ لورود أحاديث بأن الوتر فعله في آخر الليل أفضل‪ :‬منها قوله‬
‫‪« :‬من خاف أن ال يقوم من آخر الليل فليوتر أوله‪ ،‬ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر‬
‫الليل‪ ،‬فإن صلة آخر الليل مشهودة‪ ،‬وذلك أفضل» صحيح مسلم (‪ ،)251/6‬وقول عائشة ‪:‬‬
‫«من ِّ‬
‫كل الليل قد أوتر رسول الله ‪ ،‬من أول الليل‪ ،‬وأوسطه‪ ،‬وآخره‪ ،‬فانتهى وتره إلى‬
‫السحر» صحيح مسلم (‪ ،)265/6‬وألن بين الوتر والتهجد عموم وخصوص من وجه كما سيأتي‪.‬‬
‫)‪ )5‬التهجد‪ :‬هو التنفل بعد نوم‪ .‬كذا أطلقه في التحفة والمغني والنهاية‪.‬‬
‫وقيَّد ابن قاسم والشرواني على التحفة وحاشية القليوبي بعد فعل العشاء‪ ،‬ويحصل التهجد لو جمع‬
‫العشاء مع المغرب جمع تقديم ونام قبل وقت العشاء‪ ،‬وقال الماوردي‪ :‬يشترط في التهجد أن يكون في‬
‫ٍ‬
‫وقت الناس فيه نيام ًا‪ ،‬واختار السبكي‪ :‬أن ما يفعل في وقت النوم المعتاد‪ ..‬تهجد وإن لم يسبقه نوم‪،‬‬
‫ووقته عادة عقب العشاء وتابعها‪ .‬اإليعاب (ص‪ ،)559‬حاشية القليوبي (‪ ،)534/6‬حاشية ابن قاسم‬
‫والشرواني (‪.)512/5‬‬

‫(‪)82‬‬
‫إخراج فعل الفرائض هو ما عليه المغني والتحفة والنهاية‪ ،‬لكن الذي‬
‫عليه المحشون أن النفل ليس بقيد‪ ،‬فتقييده بالنفل إنما هو جري على‬
‫الغالب‪ ،‬فالصالة بعد فعل العشاء وبعد نوم‪ ..‬تهجد‪ ،‬سواء كانت نفالً راتباً‬
‫أو غيره‪ ،‬أو فرضاً قضا ًء أو نذر ًا ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫فرع‪ :‬في فضائل في التهجد وقيام الليل‪.‬‬

‫في استحباب اإليتار آخر الليل أحاديث كثيرة‪:‬‬


‫منها‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ :‬أن رسول الله ‪‬‬
‫قال‪« :‬ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل‬
‫اآلخر يقول‪ :‬من يدعوني فأستجيب له‪ ،‬من يسألني فأعطيه‪ ،‬من يستغفرني‬
‫فأغفر له» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫هذه الرواية «ثلث األخير»‪ ،‬وفي رواية أخرى «إذا مضى شطر الليل أو‬
‫ثلثاه»‪ ،‬وفي رواية «ثلث الليل األول» فهي ثالث روايات‪.‬‬

‫)‪ )6‬حاشية الشبراملسي (‪ ،)646/5‬حاشية ابن قاسم والشرواني (‪.)512/5‬‬


‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)24/5‬‬

‫(‪)83‬‬
‫وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬إذا‬
‫مضى شطر الليل‪ ،‬أو ثلثاه‪ ،‬ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫هل من سائل يعطى؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟‬
‫حتى ينفجر الصبح» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫قال النووي‪( :‬ينزل) لها معنيان‪:‬‬


‫المعنى األول‪ :‬تنزل رحمته وأمره ومالئكته‪ ،‬كما يقال فعل السلطان كذا‬
‫إذا فعله أتباعه بأمره‪.‬‬
‫المعنى الثاني‪ :‬أنه على االستعارة‪ ،‬ومعناه اإلقبال على الداعين باإلجابة‬
‫واللطف‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة ‪ ‬أن رسول الله ‪ ‬قال‪« :‬ينزل‬
‫الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل األول‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا‬
‫الملك‪ ،‬أنا الملك‪ ،‬من ذا الذي يدعوني‪ ..‬فأستجيب له‪ ،‬من ذا الذي‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)255/6‬‬

‫(‪)84‬‬
‫يسألني‪ ..‬فأعطيه‪ ،‬من ذا الذي يستغفرني‪ ..‬فأغفر له‪ ،‬فل يزال كذلك حتى‬
‫يضيء الفجر» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫قال النووي‪ :‬قوله في الحديث‪( :‬فاليزال كذلك حتى يضيء الفجر)‪ ،‬فيه‬
‫دليل على امتداد وقت الرحمة واللطف التام إلى إضاءة الفجر‪ ،‬وفيه الحث‬
‫على الدعاء واالستغفار في جميع الوقت المذكور إلى إضاءة الفجر‪ ،‬وفيه‬
‫تنبيه على أن آخر الليل للصالة والدعاء واالستغفار وغيرها من الطاعات‬
‫أفضل من أوله‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبدالله ‪ ‬قال‪ :‬سمعت النبي ‪‬‬
‫يقول‪« :‬إن في الليل لساعة ال يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من أمر‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬إال أعطاه إياه‪ ،‬وذلك كل ليلة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫فيه إثبات ساعة اإلجابة في كل ليلة ويتضمن الحث على الدعاء في‬
‫جميع ساعات الليل رجاء مصادفتها‪.‬‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)255/6‬‬


‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)256/6‬‬

‫(‪)85‬‬
‫وعن عائشة ‪ ‬قالت‪ِ « :‬م ْن ُك ِّل الليل قد أوتر رسول الله‬
‫‪ ‬من أول الليل‪ ،‬وأوسطه‪ ،‬وآخره‪ ،‬فانتهى وتره إلى‬
‫السحر» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعن عبدالله بن عمر ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬


‫«اجعلوا آخر صلتكم بالليل وتر ًا» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫األمر هنا من باب الندب واالختيار‪ ،‬وليس بإيجاب‪ ،‬والدليل على ذلك‬
‫صالة النبي ‪ ‬بعد الوتر‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬اجعلوا آخر صلتكم) أي‪ :‬تهجدكم فيه‪( ،‬وتر ًا) وهو الفرد ما لم‬
‫يشفع من العدد‪ ،‬والمراد‪ :‬صالة الوتر؛ وذلك ألن أول صالة الليل المغرب‬
‫وهي وتر‪ ،‬فناسب كون آخرها وتر ًا‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبدالله ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪« :‬من خاف أن ال يقوم من آخر الليل فليوتر أوله‪ ،‬ومن‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)265/6‬‬


‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬

‫(‪)86‬‬
‫طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل‪ ،‬فإن صلة آخر الليل مشهودة‪ ،‬وذلك‬
‫أفضل» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫(مشهودة)‪ :‬أي‪ :‬محضورة تحضرها وتشهدها مالئكة الرحمة‪.‬‬


‫وعن عبدالله بن عمر ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫«بادروا الصبح بالوتر» ‪ ،‬أي‪ :‬أسرعوا بأداء الوتر قبل الصبح‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وعن أبي أمامة ‪ ‬عن رسول الله ‪ ‬أنه قال‪:‬‬


‫«عليكم بقيام الليل‪ ،‬فإنه دأب الصالحين قبلكم‪ ،‬وهو قربة إلى ربكم‪،‬‬
‫ومكفرة للسيئات‪ ،‬ومنهاة لإلثم» ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫وقال عبدالله بن مسعود ‪( :‬فضل صالة الليل على صالة النهار‬


‫كفضل صدقة السر على العالنية) ‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬

‫وقد ورد أن (صدقة السر تضاعف على صدقة العالنية بسبعين ضعف ًا)‪.‬‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)251/6‬‬


‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)262/6‬‬
‫)‪ )4‬سنن الترمذي (‪.)224/2‬‬
‫)‪ )3‬المعجم الكبير (‪.)512/9‬‬

‫(‪)87‬‬
‫قال اإلمام عبدالله بن علوي الحداد‪ :‬أن من صلى بعد العشاء‪ ..‬فقد قام‬
‫من الليل‪ ،‬وقد كان بعض السلف يصلي ورده من أول الليل‪ ،‬ولكن في القيام‬
‫بعد النوم إرغام للشيطان ومجاهدة للنفس وسر عجيب‪ ،‬وهو التهجد الذي‬
‫ك﴾‬‫أمر الله به رسوله في قوله تعالى ﴿ َو ِم َن ال َّل ْي ِل َفت ََه َّجدْ بِ ِه نَافِ َل ًة لَّ َ‬
‫(اإلسراء‪ )29:‬وأنه يقبح بطالب اآلخرة أن ال يكون له قيام بالليل‪ ،‬وفي‬
‫بعض كتب الله المنزلة‪" :‬كذب من ادعى محبتي‪ ،‬فإذا جنَّه الليل‪ ..‬نام عني‪،‬‬
‫أليس كل محب يحب الخلوة بحبيبه؟"‬
‫وقال الشيخ إسماعيل الجبرتي‪ :‬جمع الخير كله في الليل‪ ،‬وما عقدت‬
‫لولي والية إال بالليل‪ ،‬وقال سيدي عبدالله بن أبي بكر العيدروس‪ :‬من أراد‬
‫الصفاء الرباني فعليه باالنكسار في جوف الليل‪.‬‬
‫وللعارفين بالله في قيامهم بالليل منازالت شريفة‪ ،‬وأذواق لطيفة‬
‫يجدونها في قلوبهم من نعيم القرب من الله‪ ،‬ولذة األنس به وطيب المناجاة‬
‫والمحادثة مع الله‪ ،‬حتى قال آخر‪" :‬أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو‬
‫في لهوهم"‪ ،‬وقال آخر‪" :‬منذ أربعين سنة ما غمني شيء إال طلوع الفجر"‪،‬‬
‫وهذا النعيم اليكون إال بعد تجرع المرارات‪ ،‬وتحمل المشقات في القيام‪،‬‬

‫(‪)88‬‬
‫كما قال عتبة الغالم‪ :‬كابدت قيام الليل عشرين سنة وتنعمت به عشرين سنة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬ماذا أقرأ في صالتي بالليل وكم ركعات ينبغي أن أصلي؟‬
‫فاعلم أن رسول الله ‪ ‬لم يواظب في تهجده على قراءة‬
‫شيء مخصوص‪ ،‬ومن الحسن أن تتبع القرآن فتقرأه شيئ ًا فشيئاً في قيامك‬
‫حتى تختم في شهر أو أقل أو أكثر حسب نشاطك‪.‬‬
‫واعلم أن قيام الليل من أثقل شيء على النفس وال سيما بعد النوم‪ ،‬وإنما‬
‫يصير خفيف ًا باالعتياد والمداومة‪ ،‬والصبر على المشقة‪ ،‬والمجاهدة في أول‬
‫األمر‪ ،‬ثم بعد ذلك ينفتح باب األنس بالله تعالى وحالوة المناجاة له‪ ،‬ولذة‬
‫الخلوة به عز وجل‪ ،‬وعند ذلك ال يشبع اإلنسان من القيام‪ ،‬فضالً عن أن‬
‫يستثقله أو يكسل عنه‪ ،‬كما وقع ذلك للصالحين من عباد الله حتى قال‬
‫بعضهم‪" :‬إن كان أهل الجنة في مثل ما نحن فيه‪ ..‬إنهم لفي عيش طيب"‪.‬‬
‫اهـ‬
‫** ** **‬

‫(‪)89‬‬
‫الأسباب التي بها يتيسر قيام الليل‬
‫هناك أسباب ظاهرة وأسباب باطنة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬األسباب الظاهرة‪ ..‬أربعة‪:‬‬
‫‪ .6‬عدم اإلكثار من األكل والشرب؛ ألنه إذا كثر األكل كثر الشرب فيكثر‬
‫النوم ويثقل عليه قيام الليل‪.‬‬
‫‪ .5‬أن اليتعب نفسه باألعمال في النهار التي تعيا بها الجوارح وتضعف بها‬
‫األعصاب‪.‬‬
‫‪ .4‬أن اليترك القيلولة بالنهار وهي النوم قبل الزوال‪ ،‬وعند المحدثين‪ :‬أنها‬
‫الراحة قبل الزوال ولو بال نوم‪ ،‬فإنها سنة لالستعانة بها على قيام الليل‪.‬‬
‫‪ .3‬أن اليحتقب [اليرتكب] األوزار بالنهار فيقسو قلبه‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬األسباب الباطنة‪..‬أربعة‪:‬‬
‫‪ .6‬سالمة القلب عن الحقد واألوزار على المسلمين‪ ،‬وعن فضول‬
‫الدنيا‪ ،‬فالمستغرق بهموم الدنيا ال يتيسر له قيام الليل‪.‬‬
‫‪ .5‬خوف غالب يلزم القلب مع قصر األمل‪ ،‬فإنه إذا تفكر في أهوال‬
‫اآلخرة ودركات جهنم طار نومه وعظم حذره‪.‬‬

‫(‪)91‬‬
‫‪ .4‬أن يعرف فضل قيام الليل بسماع اآليات واألخبار‪.‬‬
‫‪ .3‬وهو أشرف البواعث‪ ،‬الحب لله وقوة اإليمان بأنه في قيامه اليتكلم‬
‫بحرف إال وهو مناجٍ ربه‪.‬‬
‫ويستحب أن يمسح النوم عن وجهه وأن ينظر إلى السماء ويقرأ عشر‬
‫آيات الخواتم من سورة آل عمران كما ورد في الصحيحين «استيقظ رسول‬
‫الله ‪ ،‬فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده‪ ،‬فخرج فنظر‬
‫في السماء‪ ،‬ثم قرأ العشر اآليات الخواتم من آل عمران من قوله تعالى‪﴿ :‬إِ َّن‬
‫ار آل َيات ِّألُ ْولِي‬ ‫ض واخْ تِل ِ‬
‫َف ال َّل ْي ِل َوالن ََّه ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات َواألَ ْر ِ َ‬
‫ِ‬
‫في َخ ْل ِق َّ‬
‫األلْبَاب﴾ (آل عمران‪. )691:‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ويسن أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين‪ ،‬ويتأكد إكثار الدعاء‪،‬‬


‫واالستغفار في جميع ساعات الليل‪ ،‬وفي النصف األخير آكد‪ ،‬وعند السحر‬
‫أفضل‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬توضيح أن التهجد الواجب عليه ‪ ‬ال يكفي عنه‬
‫الوتر‪ ،‬وأن الذي اختلف في نسخ وجوبه هو التهجد‪ ،‬أما الوتر‪ ..‬فال خالف‬

‫(‪ )6‬صحيح البخاري (‪ ،)32/6‬صحيح مسلم (‪.)556/6‬‬


‫(‪)91‬‬
‫بأنه واجب عليه ‪ ،‬وكان من خصائص النبي‬
‫‪ ‬جواز هذا الواجب الخاص عليه على الراحلة‪.‬‬
‫ذكر الرافعي والنووي أن الوتر هو التهجد‪ ،‬ورجح في موضع آخر أنه‬
‫غيره‪ ،‬وجمع بينهما‪ :‬بأن الوتر والتهجد بينهما عموم وخصوص من وجه؛‬
‫ألنهما يجتمعان في صالة بعد نوم وبعد العشاء بنية الوتر‪ ،‬فإن صالة الوتر‬
‫إن فعلت بعد نوم‪ ..‬حصلت به سنة التهجد‪ ،‬وينفرد الوتر بصالته بنية الوتر‬
‫قبل النوم‪ ،‬وينفرد التهجد بصالة بعد النوم من غير نية الوتر‪ ،‬وتقديم الوتر‬
‫على التهجد‪ ..‬خالف األولى ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬صالة الوتر للمروزي (‪ ،)461/6‬إحياء علوم الدين (‪ 421/6‬و‪ ،)422‬المجموع (‪ ،)51/3‬شرح‬
‫النووي على مسلم (‪ 42/1‬و‪ 42‬و‪ ،)48‬أسنى المطالب (‪ ،)518/6‬نهاية المحتاج (‪ ،)645/5‬المنهاج‬
‫القويم (‪ ،)642/6‬رسالة المعاونة (‪ 31‬و‪ ،)36‬النصائح الدينية (‪631‬و‪ ،)636‬عون المعبود‬
‫(‪ ،)551/3‬فيض القدير (‪ ،)629/6‬حاشية البيجوري (‪ ،)522/6‬حاشية الترمسي (‪،)265/4‬‬
‫الرحيمية (ص‪.)319‬‬
‫(‪)92‬‬
‫مسائل في التهجد‪.‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬لو أوتر ثم أراد صلاة أخرى‪ ،‬فما الحكم؟‬

‫أوالً‪ :‬اليكره التهجد بعد الوتر‪ ..‬نص عليه الدميري في النجم الوهاج‬
‫وشروح المنهاج الثالثة [التحفة والنهاية والمغني]‪ ،‬لكن اليستحب تعمده‪،‬‬
‫ونص الجمل في حاشيته والبجيرمي على شرح المنهج على أن تقديم الوتر‬
‫على التهجد‪ ..‬خالف األولى‪.‬‬
‫نعم قد يستثنى من ذلك المسافر إذا خاف أن اليستيقظ للتهجد فيصلي‬
‫ركعتين بنية التهجد كما سيأتي قريباً‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬روي عن عبدالله بن عمر ‪ ‬أن النبي ‪‬‬
‫قال‪« :‬اجعلوا آخر صلتكم بالليل وتر ًا» ‪ ،‬واألمر هنا من باب الندب‬
‫( ‪)6‬‬

‫واالختيار‪ ،‬وليس بإيجاب وفريضة‪ ،‬والدليل على ذلك صالة النبي‬


‫‪ ‬بعد الوتر كما سيأتي‪.‬‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬

‫(‪)93‬‬
‫وقوله‪( :‬اجعلوا آخر صلتكم) أي‪ :‬تهجدكم فيه‪( ،‬وتر ًا) وهو الفرد ما لم‬
‫يشفع من العدد‪ ،‬والمراد‪ :‬صالة الوتر؛ وذلك ألن أول صالة الليل المغرب‬
‫وهي وتر‪ ،‬فناسب كون آخرها وتر ًا‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬لو أوتر ثم أراد صال ًة في الحال‪ ..‬فاألولى أن يؤخره قليالً‪ ..‬نص‬
‫عليه في البويطي؛ ولعل حكمته‪ :‬المحافظة بحسب الظاهر على جعل الوتر‬
‫آخر صالة الليل صور ًة؛ فإنه لما فصل بين الركعة األخيرة وما بعدها‪ ..‬كان‬
‫ذلك كأنه ليس من صالة الليل؛ لفصله‪ ،‬وبتقدير أنه منها‪ :‬ين َّزل ذلك منزلة‬
‫من أراد االقتصار على الوتر‪ ،‬ثم عرض له ما يقتضي التهجد بعده‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث ثوبان بن بجدد مولى رسول الله ‪ ‬أنه قال‪ :‬كنا‬
‫مع رسول الله ‪ ‬في سفر‪ ،‬فقال‪« :‬إن هذا السفر جهد‬
‫وثقل‪ ،‬فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين‪ ،‬فإن استيقظ وإال كانتا له» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫قال الحافظ ابن حجر‪ :‬والراجح عندي في حديث ثوبان ‪‬‬


‫تخصيصه بالمسافر كما قال ابن حبان‪ ،‬لكنه يستنبط منه ـ إلحاقاً ـ‪ :‬من به‬
‫مرض ونحوه بالعلة الجامعة‪.‬‬

‫)‪ )6‬صحيح ابن حبان (‪.)462/1‬‬

‫(‪)94‬‬
‫استشكال‪ :‬إن قيل‪ :‬ثبت في صحيح البخاري‪ :‬أن رسول الله‬
‫‪ ‬قال‪« :‬إذا مرض العبد‪ ،‬أو سافر‪ ،‬كتب له مثل ما كان‬
‫يعمل مقيماً صحيحاً» ‪ ،‬فإذا كان يكتب للمسافر ما كان يعمل حالة‬
‫( ‪)6‬‬

‫اإلقامة‪ ..‬فما فائدة االعتناء بالصورة التي دل عليها حديث ثوبان وأكثر ما‬
‫فيها تحصيل الحاصل أو بعضه؟‬
‫رد الحافظ ابن حجر على هذا االستشكال‪:‬‬
‫بأن وجهه تحصيل زيادة األجر بالمباشرة؛ ألن لحركات الجوارح‬
‫بالعبادة قولية وفعلية مزية على ما يحصل من أصل األجر المشار إليه في‬
‫الخبر‪ ،‬ومن كانت عادته القيام للنافلة بالليل فغلبته عينه فنام‪ ..‬فقد ثبت أن‬
‫الله يكتب له أجر صالته‪ ،‬ونومه عليه صدقة‪ ،‬وقد ورد من حديث عائشة‬
‫‪ ‬أن رسول الله ‪ ‬قال‪« :‬ما من امرئ تكون له‬
‫صلة بليل‪ ،‬يغلبه عليها نوم‪ ،‬إال كتب له أجر صلته‪ ،‬وكان نومه عليه‬
‫صدقة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)22/3‬‬


‫)‪ )5‬سنن أبي داود (‪.)43/5‬‬

‫(‪)95‬‬
‫وقال الحافظ ابن عبدالبر‪ :‬فيه ما يدل على أن المرء يجازى على ما نوى‬
‫من الخير وإن لم يعمله كما لو أنه عمله وأن النية يعطى عليها كالذي يعطى‬
‫على العمل إذا حيل بينه وبين ذلك العمل‪ ،‬وكانت نيته أن يعمله‪ ،‬ولم‬
‫تنصرف نيته حتى غلب عليه بنوم أو نسيان أو غير ذلك من وجوه الموانع‪،‬‬
‫فإذا كان ذلك‪ ..‬كتب له أجر ذلك العمل وإن لم يعمله فضالً من الله‬
‫ورحمة‪ ،‬جازى على العمل‪ ،‬ثم على النية إن حال دون العمل حائل ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسالة الثانية‪ :‬هل صلاة التهجد أوكد من ركعتي الفجر أم لا؟‬

‫فيه خالف على وجهين‪:‬‬


‫الوجه األول‪ :‬أن صالة التهجد أوكد؛ ألن قيام الليل كان نائباً عن‬
‫ٍ‬
‫فرض‬ ‫الفرائض‪ ،‬فوجب أن يكون أوكد من ركعتي الفجر التي لم تنب عن‬
‫قط‪.‬‬

‫)‪ )6‬التمهيد (‪ ،)513/65‬فتح الباري البن حجر (‪51 /4‬و‪ ،)52‬كشف الستر (ص‪32‬و‪ ،)32‬تحفة‬
‫المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)526/5‬نهاية المحتاج (‪ ،)662/5‬مغني المحتاج (‪،)323/6‬‬
‫الحواشي المدنية (‪ ،)451/6‬حاشية الترمسي (‪ ،)298/4‬حاشية الجمل (‪ ،)383/6‬حاشية البجيرمي‬
‫على شرح المنهج (‪.)528/6‬‬

‫(‪)96‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن ركعتي الفجر آكد من صالة التهجد‪ ،‬وعليه أصحابنا ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬هل يسن بعد الوتر أن يصلي ركعتين قاعداً أم لا يسن؟‬

‫قال ابن المحاملي في اللباب‪ :‬ويصلي بعد الوتر ركعتين قاعد ًا متربع ًا يقرأ‬
‫في األولى بعد الفاتحة ﴿إِ َذا ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫ت األَ ْر ُض ِزلْزَالَ َها﴾‪ ،‬وفي الثانية ﴿ ُق ْل َيا‬
‫َأ ُّي َها الْكَافِ ُرون﴾ ‪ ،‬فإذا ركع‪ ..‬وضع يديه على األرض ويثني رجليه كما‬ ‫( ‪)5‬‬

‫يركع القائم ويثني رجليه في السجود‪.‬‬


‫وممن صرح باستحبابهما من الشافعية‪ :‬الشيخ تاج الدين ابن الفركاح‪،‬‬
‫والمحب الطبري‪ ،‬وتبعهما بعض المتأخرين؛ لقول عائشة ‪« :‬لما‬
‫أسن رسول الله ‪ ‬وأخذ اللحم‪ ..‬صلى سبع ركعات‬
‫َّ‬

‫)‪ )6‬اإلبريز الخالص (ص‪.)25‬‬


‫)‪ )5‬أخرج ابن خزيمة (‪ )6129‬و (‪ )6612‬من طريق مؤمل بن إسماعيل‪ ،‬والطحاوي (‪ )436/6‬من‬
‫طريق أبي غ سان مالك بن إسماعيل النهدي‪ ،‬والبيهقي (‪ )44/4‬من طريق إسحاق بن يوسف‪ ،‬ثالثتهم‬
‫عن عمارة بن زاذان‪ ،‬عن ثابت البناني‪ ،‬عن أنس بن مالك ‪ ،‬قال‪« :‬كان رسول الله‬
‫‪ ‬يوتر بتسع ركعات‪ ،‬فلما أس ّن وثقل‪ ،‬أوتر بسبع‪ ،‬وص ّلى ركعتين وهو جالس‪ ،‬فقرأ‬
‫الواقِ َعة﴾»‪ .‬قال أنس بن مالك ‪ :‬ونحن نقرأ بالسور القصار‪﴿ :‬إِ َذا‬ ‫حمن﴾ و ﴿ َ‬ ‫الر َ‬
‫فيهما ﴿ َّ‬
‫ت﴾ و ﴿ ُق ْل َيا َأ ُّي َها الْكَافِ ُرون﴾‪.‬‬‫ُزلْ ِزلَ ِ‬

‫(‪)97‬‬
‫ال يقعد إال في آخرهن‪ ،‬وصلى ركعتين وهو قاعد بعد ما يسلم» ‪ ،‬وحديث‬
‫( ‪)6‬‬

‫أبي سلمة قال‪ :‬سألت عائشة ‪ ‬عن صالة رسول الله‬


‫‪ ‬فقالت‪« :‬كان يصلي ثلث عشرة ركعة‪ ،‬يصلي ثمان‬
‫ركعات‪ ،‬ثم يوتر‪ ،‬ثم يصلي ركعتين وهو جالس‪ ،‬فإذا أراد أن يركع قام‬
‫فركع‪ ،‬ويصلي ركعتين بين النداء واإلقامة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وأخذ بظاهره األوزاعي وأحمد ـ فيما حكاه القاضي عنهما ـ فأباحا‬


‫ركعتين بعد الوتر جالس ًا‪ ،‬وقال أحمد‪ :‬ال أفعله وال أمنع من فعله‪ ،‬وأنكره‬
‫مالك‪.‬‬
‫وأنكر النووي في المجموع على من اعتقد سنية ذلك‪ ،‬وقال‪ :‬إنه من‬
‫البدع المنكرة‪ ،‬وقال في العباب‪ :‬يندب أن ال يتنفل بعد وتره‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬قد ثبت عنه ‪ ‬فعل ذلك؟‬
‫أجاب النووي عن ذلك‪ :‬الصواب إن هاتين الركعتين فعلهما‬
‫‪ ‬بعد الوتر جالس ًا؛ لبيان الجواز‪ ،‬ولم يواظب على ذلك‪،‬‬

‫)‪ )6‬سنن النسائي (‪.)531/4‬‬


‫)‪ )5‬صحيح ابن خزيمة (‪.)622/5‬‬

‫(‪)98‬‬
‫بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة‪ ،‬ثم قال‪ :‬وال تغتر بقولها ـ أي‪ :‬السيدة‬
‫عائشة ‪ ‬ـ (كان يصلي) فإن المختار الذي عليه األكثرون‬
‫والمحققون من األصوليين أن لفظة (كان) اليلزم منها الدوام وال التكرار ‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وإنما هي فعل ماض يدل على وقوعه مرة‪ ،‬فإن دل دليل على التكرار‪ ..‬عمل‬
‫به وإال فال‪.‬‬
‫وتأول النووي حديث الركعتين؛ ألن الروايات المشهورة مصرحة بأن‬
‫آخر صالته في الليل كانت وتر ًا‪ ،‬وقد يستثنى من ندب عدم التنفل بعد‬
‫الوتر‪ ..‬المسافر‪ ،‬فقد ذكر ابن حبان في صحيحه األمر بالركعتين بعد الوتر‬
‫لمسافر خاف أن اليستيقظ للتهجد‪ ..‬قاله في شرح العباب ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬قالت السيدة عائشة ‪( ‬كنت أطيِّب رسول الله ‪ ‬لح ِّله قبل أن يطوف)‪،‬‬
‫ومعلوم أنه ‪ ‬لم يحج بعد أن صحبته عائشة ‪ ‬إال حجة واحدة وهي حجة‬
‫الوداع‪ ،‬فاستعملت (كان) في مرة واحدة‪ .‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪.)56/1‬‬
‫)‪ )5‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪ ،)56/1‬اللباب (ص‪ ،)642‬كشف الستر (ص‪26‬و‪ ،)25‬مغني‬
‫المحتاج (‪ ،)211/6‬شرح عمدة السالك للجفري (ص‪ ،)412‬حاشية ابن قاسم على تحفة المحتاج‬
‫(‪.)541/5‬‬

‫(‪)99‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬إذا تعارض الجماعة في أول الليل‪ ،‬أو الانفراد في آخره‪..‬‬
‫ماذا يقدم؟‬

‫أفتى الشهاب الرملي‪ :‬فيمن يصلي وتر رمضان جماعة ويكمله بعد‬
‫تهجده بأن األفضل تأخير كله‪ ،‬فقد قالوا‪ :‬إن من له تهجد لم يوتر مع‬
‫الجماعة بل يؤخره إلى الليل‪.‬‬
‫وقال الزيادي‪ :‬لو تعارض عليه [في الوتر] الجماعة والتأخير‪ ..‬قدم‬
‫التأخير‪ ،‬وهذه المسألة تقع كثير ًا ويتوهمون أن الجماعة أفضل من التأخير‪،‬‬
‫قال الحلبي‪ :‬وال يقال‪ :‬يصلي بعضه أول الليل جماعة‪ ،‬ويؤخر بعضه‪ ،‬بل‬
‫األفضل تأخيره كله‪.‬‬
‫استشكال‪:‬‬
‫استشكل بأن فعله في جماعة أولى من تأخيره إذا كان يصليه منفرد ًا‪،‬‬
‫وإنما لم يراع ذلك؛ لحديث عبدالله بن عمر ‪ ‬عن النبي‬
‫‪ ‬قال‪« :‬اجعلوا آخر صلتكم بالليل وتر ًا» ‪ ،‬وإن أراد‬
‫( ‪)6‬‬

‫الصالة معهم‪ ..‬صلى نافلة مطلقة‪ ،‬سواء كان إمام ًا أو مأموم ًا‪ ،‬لكن إن كان‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬

‫(‪)111‬‬
‫إمام ًا وصلى وتر رمضان بنية النفل‪ ..‬كره القنوت في حقه‪ ،‬وأوتر آخر‬
‫الليل‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬ما هو أفضل وقت للتهجد؟‬

‫إذا أحب المصلي أن يجزئ ليله جزأين أحدهما‪ :‬لنومه أو لشغله‪،‬‬


‫واآلخر لصالته‪ ،‬فالجزء األخير أحب أن يجعله لصالته‪ ،‬قال تعالى‬
‫ين بِاألَ ْس َحار﴾ (آل عمران‪ ،(62:‬ولما روي عن عبدالله بن‬ ‫ِ‬
‫الم ْستَغْف ِر َ‬
‫﴿ َو ُ‬
‫ألنظرن إلى صلة‬
‫َّ‬ ‫بت عند خالتي ميمونة فقلت‪:‬‬
‫عباس ‪ ‬أنه قال « ُّ‬
‫رسول الله ‪ ‬فطرحت لرسول الله ‪‬‬
‫وسادة فنام في طولها ونام أهله‪ ،‬ثم قام نصف الليل‪ ،‬أو قبله‪ ،‬أو بعده» ؛‬
‫( ‪)5‬‬

‫وألنه إذا قدم نومه كان ذلك أسكن لجسده‪ ،‬وأخلى لقلبه‪ ،‬وأنقى لروعه‪،‬‬
‫وأمكن له في عادته‪ ،‬ولقلة المعاصي فيه‪.‬‬
‫وأما إن اختار أن يجزئ ليله أثالث ًا‪ ،‬فيجعل ثلثاً لنومه وثلثاً لصالته وثلث ًا‬
‫لنظره في أمره‪ ،‬فالثلث األوسط أحب أن يجعله لصالته؛ قال تعالى ﴿إِ َّن‬

‫)‪ )6‬حاشية الجمل (‪ ،)383/6‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج (‪.)528/6‬‬


‫)‪ )5‬مسند أحمد (‪.)418/2‬‬

‫(‪)111‬‬
‫َاشئَ َة ال َّليْ ِل ِه َي َأ َشدُّ َو ْطئًا َو َأ ْق َو ُم قِيلً﴾ (المزمل‪ ،)1 :‬يعني‪ :‬ناشئة ما تنشأ‬
‫ن ِ‬

‫في أثناء الليل حاالً بعد حال‪.‬‬


‫وعن أبي هريرة ‪ ‬عن رسول الله ‪ ‬قال‪« :‬ينزل‬
‫الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل األول‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا‬
‫الملك‪ ،‬أنا الملك‪ ،‬من ذا الذي يدعوني‪ ..‬فأستجيب له‪ ،‬من ذا الذي‬
‫يسألني‪ ..‬فأعطيه‪ ،‬من ذا الذي يستغفرني‪ ..‬فأغفر له‪ ،‬فل يزال كذلك حتى‬
‫يضيء الفجر» ‪ ،‬وألن أوسط الليل أهدأه وأخاله؛ وألن الغفلة فيه أكثر‬ ‫( ‪)6‬‬

‫والعبادة فيه أثقل؛ فلذلك اختير‪.‬‬


‫وأفضله‪ :‬السدس الرابع والخامس إن قسمه أسداس ًا؛ لحديث عبدالله بن‬
‫عمرو بن العاص ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال «أحب الصلة‬
‫إلى الله‪ ..‬صلة داود‪ ،‬كان ينام نصف الليل‪ ،‬ويقوم ثلثه‪ ،‬وينام سدسه» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)255/6‬‬


‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪ ،)616/3‬وقوله في الحديث‪( :‬كان ينام نصف الليل) الظاهر‪ :‬أن المراد كان ينام‬
‫من الوقت الذي يعتاد فيه النوم إلى نصف الليل‪ ،‬أو المراد بالليل ما سوى الوقت الذي ال يعتاد فيه النوم‬
‫من أول‪ ،‬والقول بأنه ينام من أول الغروب ال يخلو عن بعد والله أعلم‪ .‬حاشية السندي على سنن النسائي‬
‫(‪ ،)563/4‬الحاوي الكبير (‪ ،)595/5‬بشرى الكريم (ص‪.)454‬‬

‫(‪)112‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬أيهما أفضل كثرة العدد في أول الوقت أم قلته في‬
‫آخر الليل؟‬

‫اختلف المتأخرون‪ :‬فذهب علي الشبراملسي والبرماوي والحفني‪ :‬أنه لو‬


‫صلى أول الليل‪ ..‬صلى إحدى عشرة‪ ،‬ولو صلى آخره‪ ..‬صلى ثالث ًا‪،‬‬
‫فالظاهر أن اإلحدى عشرة أولى؛ محافظ ًة على كمال العبادة‪ ،‬خالفاً‬
‫للشوبري والحلبي ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السابعة‪ :‬الجمع بين الأحاديث المتعارضة في الأفضل للوتر أول‬


‫الليل أم آخره‪.‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬أوصاني خليلي ‪‬‬


‫بثالث‪ « :‬صيام ثلثة أيام من كل شهر‪ ،‬وركعتي الضحى‪ ،‬وأن أوتر قبل أن‬
‫أنام» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬حاشية الجمل (‪.)383/6‬‬


‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)36/4‬‬

‫(‪)113‬‬
‫وهذه الوصية ألبي هريرة ‪ ..‬ورد مثلها ألبي الدرداء ‪‬‬
‫فيما رواه مسلم ‪ ،‬وألبي ذر ‪ ‬فيما رواه النسائي ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬ ‫( ‪)6‬‬

‫وقال إمام الحرمين والحجة الغزالي‪ :‬تقديم الوتر في أول الليل أفضل‪،‬‬
‫وهذا خالف ما قاله غيرهما من األصحاب‪.‬‬
‫قال الرافعي‪ :‬يجوز أن يحمل قولهما على من ال يعتاد قيام الليل‪ ،‬ويجوز‬
‫أن يحمل على اختالف ٍ‬
‫قول‪ ،‬واألمر فيه قريب‪ ،‬وكل سائغ‪ ،‬والصواب‬
‫والمعتمد التفصيل‪:‬‬
‫وهو أنه يستحب لمن له تهجد‪ ..‬أن يؤخر الوتر‪ ،‬ويستحب أيضاً لمن لم‬
‫يكن له تهجد ووثق باستيقاظه أواخر الليل إما بنفسه وإما بإيقاظ غيره‪ ..‬أن‬
‫يؤخر الوتر ليفعله آخر الليل؛ لحديث السيدة عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬كان‬
‫النبي ‪ ‬يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه‪ ،‬فإذا أراد أن‬
‫يوتر أيقظني فأوترت» ‪ ،‬وفيه استحباب إيقاظ النائم إلدراك الصالة في آخر‬
‫( ‪)4‬‬

‫الليل‪ ،‬لما فيه من الثواب الكبير‪.‬‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)399/6‬‬


‫)‪ )5‬سنن النسائي (‪.)562/3‬‬
‫)‪ )4‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬

‫(‪)114‬‬
‫وإن كان الرجل ممن ال تهجد له‪ ..‬فينبغي أن يوتر بعد فريضة العشاء‬
‫وراتبتها‪ ،‬وعليه يحمل حديث أبي هريرة ‪( ‬أن أوتر قبل أن أنام) أي‪:‬‬
‫على من لم يثق بيقظته آخر الليل‪ ،‬جمع ًا بين األخبار‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬يمكن حمل (أن أوتر قبل أن أنام) على النومة الثانية آخر‬
‫الليل المأخوذة من قوله ‪« ‬أحب الصلة إلى الله صلة‬
‫داود‪ ،‬كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه‪ ،‬وينام سدسه» ‪ ،‬وعليه‪ ..‬فال‬
‫( ‪)6‬‬

‫تعارض ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫ذكر أبو الوليد النيسابوري أن المتهجد يشفع في أهل بيته‪ ،‬وروي أن‬
‫الجنيد رئي في النوم فقيل له‪ :‬ما فعل الله بك؟ فقال‪ :‬طاحت تلك‬
‫اإلشارات‪ ،‬وغابت تلك العبارات‪ ،‬وفنيت تلك العلوم‪ ،‬ونفدت تلك‬
‫الرسوم وما نفعنا إال ركعات كنا نركعها عند السحر‪ ،‬والمقصود من ذلك أن‬
‫هذه األمور لم نجد لها ثواب ًا؛ القترانها برياء أو نحوه إال الركيعات المذكورة‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)616/3‬‬


‫)‪ )5‬المجموع (‪63/3‬و‪ ،)62‬فتح الباري البن حجر (‪ ،)382/5‬مغني المحتاج (‪ ،)212/6‬الفتاوى‬
‫الفقهية الكبرى (‪ ،)689/6‬تحفة األحوذي (‪.)333/5‬‬

‫(‪)115‬‬
‫لإلخالص فيها‪ ،‬وإنما قال ذلك‪ ،‬حثاً على التهجد‪ ،‬وبيان ًا لشرفه‪ ،‬وإال فيبعد‬
‫على مثله اقتران عمله برياء أو نحوه مع كونه سيد الصوفية ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪.)512/5‬‬

‫(‪)116‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ما يقرأ في الوتر‪.‬‬
‫مسائل في وقت الوتر‪.‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬لو أوتر بركعة‪ ..‬ماذا يقرأ؟‬
‫إن أوتر بركعة واحدة‪ ..‬س َّن له قراءة ﴿ا ِ‬
‫إلخلَص﴾ و﴿المعوذتين﴾ ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬لو أوتر بثلاث ركعات‪.‬‬

‫يسن في الوتر لمن أوتر بثالث‪ ،‬أن يقرأ بعد الفاتحة في األولى ﴿ َسبِّحِ‬
‫ك األَ ْع َلى﴾‪ ،‬وفي الثانية ﴿ ُق ْل َيا َأ ُّي َها الْكَافِ ُرون﴾‪ ،‬وفي الثالثة ﴿ ُق ْل‬
‫اس َم َر ِّب َ‬
‫ْ‬
‫ُه َو الل ُه َأ َحد﴾ ثم ﴿ال َف َلق﴾ ثم ﴿النَّاس﴾ مرة مرة‪ ،‬وإن وصل‪ ،‬وإن أدى‬
‫ذلك إلى تطويل الثالثة على الثانية ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وسئلت السيدة عائشة ‪« ‬بأي شيء كان يوتر رسول الله‬


‫‪‬؟ قالت‪ :‬كان يقرأ في األولى بال ﴿ َس ِّبحِ ْاس َم َر ِّب َ‬
‫ك‬

‫)‪ )6‬اإليعاب (ص‪.)541‬‬


‫)‪ ) 5‬هذه الصورة إذا وصل الثالث الركعات فتكون الركعة الثالثة أطول من الثانية بقراءة ﴿ا ِ‬
‫إل ْخ َ‬
‫لص﴾‬
‫و ﴿المعوذتين﴾‪.‬‬

‫(‪)117‬‬
‫األَ ْع َلى﴾‪ ،‬وفي الثانية ﴿ ُق ْل َيا َأ ُّي َها الْكَافِ ُرون﴾‪ ،‬وفي الثالثة بال﴿ ُق ْل ُه َو الل ُه‬
‫َأ َحد﴾ و ﴿المعوذتين﴾» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وورد في الركعة الثالثة قراءة ﴿ ُق ْل ُه َو الل ُه َأ َحد﴾ فقط؛ لحديث عبدالله بن‬
‫عباس ‪ ‬قال‪« :‬كان النبي ‪ ‬يقرأ في الوتر‪ :‬بال‬
‫ك األَ ْع َلى﴾‪ ،‬و ﴿ ُق ْل َيا َأ ُّي َها الْكَافِ ُرون﴾‪ ،‬و ﴿ ُق ْل ُه َو الل ُه‬
‫﴿ َسبِّحِ ْاس َم َر ِّب َ‬
‫َأ َحد﴾ في ركعة ركعة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫واألولى واألفضل عند الشافعية في الركعة األخيرة‪ :‬قراءة ﴿ ُق ْل ُه َو الل ُه‬


‫َأ َحد﴾ و ﴿المعوذتين﴾‪ ،‬خالف ًا للحنفية فقالوا‪ :‬بدون المعوذتين في الثالثة‪.‬‬
‫وورد في حديث ضعيف عن علي بن أبي طالب ‪ ‬قال‪« :‬كان‬
‫‪ ‬يوتر بتسع سور من المفصل‪ ،‬قال أسود بن عامر ‪ :‬يقرأ‬
‫( ‪)3‬‬

‫﴿ألْ َهاك ُُم التَّكَا ُثر﴾‪ ،‬و﴿إِنَّا َأن َزلْنَا ُه فِي لَ ْي َل ِة الْ َقدْ ر﴾‪ ،‬و ﴿إِ َذا‬
‫في الركعة األولى‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫﴿والْ َع ْصر﴾‪ ،‬و ﴿إِ َذا َجاء ن َْص ُر‬ ‫ُزلْ ِزلَت األَ ْر ُض ِزلْزَالَ َها﴾‪ ،‬وفي الركعة الثانية‪َ :‬‬

‫)‪ )6‬سنن الترمذي (‪.)451/5‬‬


‫)‪ )5‬سنن الترمذي (‪.)452/5‬‬
‫)‪ )4‬أحد رواة الحديث‪ ،‬أسود بن عامر‪ ،‬عن اسرائيل‪ ،‬عن أبي إسحاق‪ ،‬عن الحارث‪ ،‬عن علي بن أبي‬
‫طالب ‪.‬‬

‫(‪)118‬‬
‫َاك الْك َْو َثر﴾‪ ،‬وفي الركعة الثالثة‪ُ ﴿ :‬ق ْل َيا َأ ُّي َها‬
‫الله َوالْ َفتْح﴾‪ ،‬و ﴿إِنَّا َأ ْعطَيْن َ‬
‫( ‪)6‬‬
‫ت َيدَ ا َأبِي لَ َهب َوتَب﴾‪ ،‬و ﴿ ُق ْل ُه َو الل ُه َأ َحد﴾» ‪.‬‬‫الْكَافِ ُرون﴾‪ ،‬و ﴿ َت َّب ْ‬
‫وعن علي بن أبي طالب ‪ ‬موقوف ًا «أنه كان يوتر بسورة ﴿إِنَّا َأن َزلْنَا ُه‬
‫فِي لَ ْي َل ِة الْ َقدْ ر﴾‪ ،‬و ﴿إِ َذا ُزلْ ِزلَت﴾‪ ،‬و ﴿ ُق ْل ُه َو الل ُه َأ َحد﴾» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وعن سعيد بن جبير قال‪« :‬لما أمر عمر بن الخطاب ‪ ‬أب َّي بن كعب‬
‫‪ ‬أن يقوم بالناس في رمضان‪ ..‬كان يوتر بهم فيقرأ في الركعة‬
‫األولى‪﴿ :‬إِنَّا َأن َزلْنَا ُه فِي لَ ْي َل ِة الْ َقدْ ر﴾‪ ،‬وفي الثانية‪ :‬بـ﴿ ُق ْل َيا َأ ُّي َها الْكَافِ ُرون﴾‬
‫وفي الثالثة‪ُ ﴿ :‬ق ْل ُه َو الل ُه َأ َحد﴾» ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫)‪ )6‬مسند أحمد (‪.)98- 92/5‬‬


‫)‪ )5‬مصنف عبد الرزاق (‪.)43/4‬‬
‫)‪ )4‬صالة الوتر للمروزي (‪ ،)413/6‬مغني المحتاج (‪ ،)214/6‬حاشية الجمل (‪ ،)384/6‬حاشية‬
‫ابن عابدين (‪.)1/5‬‬

‫(‪)119‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬لو أوتر بأكثر من ثلاث‪ ..‬ماذا يقرأ فيما قبل الثلاث‬
‫الأخيرة؟‬

‫لو أوتر بأكثر من ثالث ـ كخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة ـ فيسن‬
‫له أن يقرأ في الثالثة األخيرة ما ورد ولو في حالة الوصل ‪ ،‬وال يرد هذه‬
‫( ‪)6‬‬

‫اإلشكاالت؛ لئال يلزم خلو ما قبلها عن السورة‪ ،‬أو تطويلها على ما قبلها‪،‬‬
‫أو القراءة على غير ترتيب المصحف أو على غير تواليه‪ ،‬وكل ذلك خالف‬
‫السنة‪.‬‬
‫فقد ردها ابن حجر في تحفة المحتاج وقال‪ :‬نعم‪ ،‬يمكن أن يقرأ فيما لو‬
‫اال ْن ِش َقاق﴾ في الركعة األولى‪ ،‬و‬
‫أوتر بخمس مثالً‪﴿ :‬المط ِّففين﴾ و ﴿ ِ‬

‫﴿الْ ُب ُروج﴾ و ﴿ َوالطَّ ِ‬


‫ارق﴾ في الركعة الثانية‪ ،‬وفي الباقي يقرأ ما ورد‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال يلزم شيء من ذلك‪.‬‬ ‫و‬
‫وأطلق الرملي في نهاية المحتاج قراءة ما ذكر في الثالثة األخيرة‪ ،‬ونصه‪:‬‬
‫"ويسن لمن أوتر بثالث أن يقرأ في الركعة األولى بعد الفاتحة ﴿األَ ْع َلى﴾‪،‬‬
‫إلخْ لَص﴾‪ ،‬ثم‬ ‫وفي الركعة الثانية ﴿الْكَافِ ُرون﴾‪ ،‬وفي الركعة الثالثة ﴿ا ِ‬

‫)‪ )6‬قال في القالئد (‪ :)654/6‬وهناك قول أنه يقرأ ما ورد في الثالث األول وهو قول محمد أبو شكيل‪.‬‬

‫(‪)111‬‬
‫﴿ال َف َلق﴾‪ ،‬ثم ﴿النَّاس﴾ مرة مرة‪ ،‬ولو أوتر بأكثر من ثالث‪ ..‬قرأ في الثالثة‬
‫األخيرة ما ذكر فيما يظهر" اهـ‪ ،‬وظاهره‪ :‬وإن وصلها بما قبلها‪ ،‬ومثلها‬
‫الخطيب في مغني المحتاج‪.‬‬
‫وماذا يقرأ فيما قبل الثلث األخيرة؟‬
‫يراعي فيها‪ :‬ترتيب المصحف والتوالي وعدم تطويل المتأخرة عما قبلها‪،‬‬
‫مثاله ما مر من كالم ابن حجر‪ ،‬وذكر الحبيب طاهر بن حسين بن طاهر في‬
‫كتابه (المسلك القريب)‪ :‬ويصلي الوتر إحدى عشرة ركعة‪ ،‬يقرأ في كل‬
‫ركعتين؛ مقرأين ‪ ،‬أو ثالثة‪ ،‬أو أقل‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬إن كان حافظ ًا للقرآن يبتدئ‬
‫( ‪)6‬‬

‫السجدَ ة﴾‪ ،‬و‬


‫من أوله إلى أن يختمه‪ ،‬وإن لم يحفظ قرأ ما يحفظه‪ ،‬كـ ﴿ َّ‬
‫الواقِ َعة﴾‪ ،‬و ﴿ َت َب َارك﴾‪ ،‬وإال‪ ..‬كرر من‬
‫﴿ َيس﴾‪ ،‬و ﴿الدُّ خَ ان﴾‪ ،‬و ﴿ َ‬
‫اإلخالص ما تيسر عشر ًا أو أقل أو أكثر‪ ،‬حسب النشاط والهمة هذا في‬
‫الثمان الر كعات‪ ،‬وأما الثالث األخيرة فال يقرأ فيها إال ما ورد‪ ،‬وهو ﴿ َس ِّبحِ‬
‫إلخْ لَص﴾ و ﴿المعوذتين﴾‪.‬‬ ‫ك األَ ْع َلى﴾‪ ،‬و﴿الْكَافِ ُرون﴾‪ ،‬و ﴿ا ِ‬
‫ْاس َم َر ِّب َ‬
‫اهـ‬

‫)‪ )6‬المقرأ من القرآن‪ :‬تجزئة قديمة عند أهل حضرموت أقل من ربع حزب‪.‬‬

‫(‪)111‬‬
‫وذكر بعضهم لمن زاد على الثالث أن يقرأ في األولى من كل ركعتين في‬
‫األولى سورة ﴿إِنَّا َأن َزلْنَا ُه فِي لَ ْي َل ِة الْ َقدْ ر﴾‪ ،‬وفي الثانية ﴿ ُق ْل َيا َأ ُّي َها‬
‫الْكَافِ ُرون﴾‪ ،‬ما عدا األخيرتين وركعة الوتر‪ ،‬فإنه يقرأ ما ورد‪.‬‬
‫وقال الحبيب علي بن محمد الحبشي‪ :‬أن الحبيب أبا بكر بن عبدالله‬
‫العطاس كان يقرأ في الركعتين األوليين بعد الفاتحة في األولى‪ :‬سورة‬ ‫( ‪)6‬‬

‫﴿إِ َذا ُزلْ ِزلَ ِ‬


‫ت﴾ مرتين‪ ،‬وفي الثانية َ‬
‫﴿ألْ َهاك ُُم التَّكَا ُثر﴾ ست مرات‪ ،‬وفي‬
‫رسي﴾‬‫الست الركعات بعدهما تقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة‪﴿ :‬آي ُة ال ُك ِ‬
‫َ‬
‫وثالث من سورة ﴿ا ِ‬
‫إل ْخلَص﴾‪ ،‬وفي الثالث الركعات األخيرة‪ ..‬السور‬
‫المأثورة ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫ويسن قراءة ﴿ ُق ْل َيا َأ ُّي َها الْكَافِ ُرون﴾ و ﴿ا ِ‬


‫إلخْ لَص﴾ في صبح الجمعة‬
‫وغيرها للمسافر‪ ،‬وفي ركعتي الفجر والمغرب والطواف والتحية‬
‫واالستخارة واإلحرام‪ ،‬لالتباع في الكل ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫)‪ )6‬والحبيب أبوبكر بن عبدالله العطاس أخذها عن الحبيب حسن بن صالح البحر الجفري‪.‬‬
‫)‪ )5‬تحفة المحتاج (‪ ،)538/5‬المسلك القريب (ص‪ ،)42‬فتح العالم (‪ ،)42/5‬فتح المعين‬
‫(‪ ،)591/6‬فيوضات البحر الملي (ص‪.)29‬‬
‫)‪ )4‬حاشية إعانة الطالبين (‪ )628/6‬بتصرف‪.‬‬

‫(‪)112‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬هل يسن التعوذ في صلاة الوتر؟‬

‫فيها وجهان مشهوران‪:‬‬


‫الوجه األول‪ :‬أنه يتعوذ في أول كل ركعة‪ ،‬متصالً بقراءة القرآن فيها؛ ألن‬
‫التعوذ للقراءة ال الفتتاح الصالة‪ ،‬وقد حصل الفصل بين القراءتين بالركوع‬
‫ان‬ ‫است َِع ْذ بِال ّل ِه ِم َن َّ‬
‫الش ْيطَ ِ‬ ‫وغيره‪ ،‬وقد قال تعالى ﴿ َفإِ َذا َق َر ْأ َت الْ ُق ْر َ‬
‫آن َف ْ‬
‫الر ِجيم﴾ (النحل‪ ،)98:‬وهذا يريد القراءة‪ ،‬وهو نص الشافعي‪ ،‬واختاره‬ ‫َّ‬
‫القاضي أبو الطيب وإمام الحرمين والروياني وغيرهم وهو المذهب‪،‬‬
‫والركعة األولى آكد مما بعدها؛ لالتفاق عليها‪ ،‬وألن افتتاح القراءة في‬
‫الصالة إنما هو فيها‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬قوالن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬يتعوذ في أول كل ركعة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يتعوذ في الركعة األولى فقط؛ ألن القراءة في الصالة واحدة‪،‬‬
‫وبنا ًء عليه‪ :‬فإن تركه فيها عمد ًا أو سهو ًا‪ ..‬أتى به في الثانية ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬نهاية المطلب (‪ ،)642/5‬روضة الطالبين (‪ ،)536/6‬مغني المحتاج (‪.)424/6‬‬

‫(‪)113‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬لو صلى أربعاً ـ مثلاً ـ بتشهدين‪ ..‬فهل تستحب قراءة‬
‫سورة بعد التشهد الأول؟‬

‫اختلفت الشافعية على قسمين من خالل النصوص‪:‬‬


‫القسم األول‪ :‬استحب قراءة السورة ولو بعد التشهد األول على تفصيل‬
‫بينهم واختالف‪ ،‬فيقرأ إذا اقتصر على ثالث‪ ،‬وكذا يقرأ في الثالث إذا زاد‬
‫عليها‪ ،‬وفي غير الثالث إن لم يتشهد‪ ..‬قرأ‪ ،‬وإن تشهد‪ ..‬فظاهر كالم‬
‫الشبراملسي أنه ال يقرأ‪ ،‬وفي كالم الحفني يحتمل أنه يقرأ‪.‬‬
‫ويقرأ ما ورد في الثالث الركعات األخيرة؛ ألنه وارد وال نظر لقاعدة‬
‫(كل سنة تشهد فيها بتشهدين‪ ..‬ال يقرأ السورة فيما بعد التشهد األول)؛ ألن‬
‫هذه القاعدة محلها في غير الوتر؛ لورود الطلب في الوتر بقراءة الوارد فيه‬
‫بخصوصه‪.‬‬
‫قال في المنهج‪ :‬في النفل المطلق يقرأ السورة في جميع الركعات‪.‬‬
‫قال البجيرمي على المنهج‪ :‬يقرأ السورة‪ ،‬أي‪ :‬يقرأ السورة فيما قبل‬
‫التشهد األول‪ .‬وأما في الوتر فيأتي بالسورة كل ركعة مطلقاً اهـ حفني‬
‫يظهر من قول الحفني أنه يقرأ في الوتر ولو بعد التشهد األول‪ ،‬كأ َّن الوتر‬
‫عنده خاص [أي‪ :‬مستثنى من قاعدة (ال تسن سورة بعد التشهد األول)]‪.‬‬
‫(‪)114‬‬
‫قال الرملي في النهاية‪ :‬ولو أوتر بأكثر من ثالث‪ ..‬قرأ في الثالثة األخيرة‬
‫ما ذكر فيما يظهر‪ ،‬قال الشبراملسي‪( :‬قوله‪ :‬فيما يظهر) ظاهره وإن وصل‪،‬‬
‫وإن لزم تطويل الثالثة على الثانية‪ .‬اهـ ابن قاسم على ابن حجر‪.‬‬
‫قال الشبراملسي‪ :‬وقد يقال‪ :‬هذا مخالف لما تقدم من أنه ال تسن سورة‬
‫بعد التشهد األول‪ ،‬إال أن يقال‪ :‬هذا مخصص له لتعلق الطلب به‬
‫بخصوصه‪ .‬اهـ‪ ،‬يقصد الشبراملسي بأن هناك قاعدة (ال تسن سورة بعد‬
‫التشهد األول)‪ ،‬لكن الوتر قد طلب وورد قراءة سورة في الثالث الركعات‬
‫األخيرة‪ ،‬فهذا أمر خاص بالوتر‪.‬‬
‫قال الشرواني في حاشيته في صالة الضحى‪ :‬قال الشبراملسي‪ :‬قول‬
‫الرملي‪﴿ :‬الْكَافِ ُرون﴾ و ﴿ا ِ‬
‫إلخْ لَص﴾‪ ،‬ويقرؤهما فيما لو صلى أكثر من‬
‫ركعتين‪ ،‬ومحل ذلك ما لم ِّ‬
‫يصل أربعاً أو ستاً بإحرام‪ ،‬وإال‪ ..‬فال تستحب‬
‫قراءة سورة بعد التشهد األول‪ ،‬ومثله كل سنة تشهد فيها بتشهدين‪ ،‬فإنه ال‬
‫يقرأ السورة فيما بعد التشهد األول‪ .‬اهـ‪ .‬أي‪( :‬إال في الوتر) كما تقدم‪.‬‬

‫(‪)115‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ال يقرأ بعد التشهد األول مطلق ًا سواء اقتصر على ثالث أم‬
‫زاد عليها؛ للقاعدة بأن‪ُ ( :‬ك َّل ُسنَّة تشهد فيها بتشهدين ال يقرأ السورة فيما‬
‫بعد التشهد األول)‪.‬‬
‫قال الكاظمي‪ :‬وفي كالم المرقوم‪ :‬لو زاد على ركعتين بتشهد واحد‪..‬‬
‫أتى بالسورة في كل الركعات‪ ،‬وإن أتى بتشهدين‪ ..‬لم يقرأها بعد األول‪.‬‬
‫قال في بشرى الكريم‪ :‬فلو صلى عشر ًا بإحرام‪ ..‬ففصل؛ لفصلها عن‬
‫الركعة األخيرة‪ ،‬وله التشهد بعد كل ركعتين أو أربع؛ ألن هذا فصل اليمتنع‬
‫فيه ذلك‪ ،‬وإذا صاله بتشهدين‪ ..‬لم يأت بسورة بعد التشهد األول ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السادسة‪ :‬من نسي قراءة سورة من السور الواردة في الوتر‪،‬‬


‫ومن ترك سورة ﴿الأَ ْعلَى﴾ و ﴿الْكَافِرُون﴾ في محلهما‪ ،‬فهل يقرؤها في‬
‫الثانية؟‬

‫إن كانت الصالة وصالً في الركعات الثالث‪ ،‬فالقياس أنه يتدارك ذلك‬
‫في الثالثة‪ ،‬وأما إذا فصلها‪ ..‬فالظاهر‪ :‬أنه اليتدارك‪،‬‬

‫)‪ )6‬نهاية المحتاج مع حاشية الشبراملسي (‪ ،)664/5‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج (‪،)583/6‬‬
‫الرحيمية (ص‪ ،)325‬حاشية الشرواني (‪ ،)524/5‬بشرى الكريم (ص‪.)463‬‬

‫(‪)116‬‬
‫ويفرق بأنه بالوصل‪ ..‬صارت الثالثة فيها صالة واحدة‪ ،‬فلحق بعضها‬
‫نقص بعض‪ ،‬فشرع فيها التدارك جبر ًا لذلك البعض‪ ،‬بخالف الفصل‪ ،‬فإن‬
‫الثالثة بالفصل‪ ..‬صارت كأجنبية عن األوليين‪ ،‬فلم يشرع تدارك فيه‪.‬‬
‫ونص الفقهاء على أنه لو ترك إحدى المعينتين في األولى‪ ..‬أتى بهما في‬
‫الثانية؛ لئال تخلو صالته من الوارد فيها‪ ،‬ويكمن هنا استشكال وهو أنه (إن‬
‫قيل) هذا يؤدي إلى تطويل الركعة الثانية على األولى وهذا خالف السنة‪،‬‬
‫(فالجواب) أن ذلك األدب ال يقاوم فضيلة السورتين‪ ،‬فمحل ذلك فيما لم‬
‫يرد الشرع بخالفه كما هنا‪ ،‬وعليه‪ :‬فيقرأ ﴿األَ ْع َلى﴾ مع ﴿الْكَافِ ُرون﴾‪.‬‬
‫ولو قرأ في األولى ما في الثانية‪ ..‬قرأ في الثانية ما في األولى‪ ،‬وعليه‪ :‬فلو‬
‫قرأ في صالة الوتر سورة ﴿الْكَافِ ُرون﴾ في محل سورة ﴿األَ ْع َلى﴾‪ ..‬قرأ في‬
‫الثانية سورة ﴿األَ ْع َلى﴾ وال يعيد سورة ﴿الْكَافِ ُرون﴾ كي ال تخلو صالته‬
‫عنهما‪.‬‬
‫قال ابن حجر في التحفة‪ :‬فإن ترك ﴿ألم﴾ (السجدة) في األولى‪ ..‬أتى‬
‫نس ِ‬
‫ان﴾‬ ‫بهما [أي‪﴿ :‬ألم﴾ و ﴿ َه ْل َأتَى﴾] في الثانية‪ ،‬أو قرأ ﴿ َه ْل َأتَى َع َلى ا ِ‬
‫إل َ‬

‫(‪)117‬‬
‫في األولى‪ ..‬قرأ ﴿ألم﴾ (السجدة) في الثانية؛ لئال تخلو صالته عنهما‪،‬‬
‫وكذا في كل صلة ُس َّن في ُأولييها سورتان معينتان ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ولو شرع في الركعة سورة غير معينة ولو سهو ًا‪ ..‬سن له أن يقطعها ويأتي‬
‫بالمعينة‪ ،‬أما إذا ضاق الوقت عنهما‪ ..‬فيأتي بسورتين قصيرتين على األوجه‬
‫وهو أفضل من بعض السورتين الطويلتين المعينتين ‪ ،‬ولو لم يحفظ إال‬
‫( ‪)5‬‬

‫إحدى المعينتين قرأها ويبدل األخرى بسورة حفظها وإن فاته الوالء ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫المسألة السابعة‪ :‬من اقتدى بإمام في ثانية الوتر‪ ،‬فهل يقرأ إذا قام‬
‫لثانيته سورة ﴿الأَ ْعلَى﴾ أو ﴿الْكَافِرُون﴾ أو غيرهما؟‬

‫لو ترك سورة ﴿األَ ْع َلى﴾ في أولى الوتر‪ ،‬وقرأ بدلها سورة‬
‫﴿الْكَافِ ُرون﴾‪ ..‬قرأ سورة ﴿األَ ْع َلى﴾ في الثانية‪ ،‬وال يعيد سورة‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج (‪ ،)29/5‬الفتاوى الفقهية الكبرى (‪ ،)692/6‬المجموع (‪ ،)246/3‬إعانة الطالبين‬


‫(‪.)628/6‬‬
‫)‪ )5‬قاله ابن حجر‪ ،‬خالف ًا لقول الفارقي وهو قول شيخ اإلسالم زكريا األنصاري في أسنى المطالب‪،‬‬
‫والخطيب في شرح التنبيه‪ ،‬والرملي في نهاية المحتاج حيث قالوا ـ واللفظ لألخير ـ‪ :‬ولو ضاق الوقت‬
‫عن قراءة جميعها‪ ..‬قرأ ما أمكن منها ولو آية السجدة‪ .‬حاشية الشرواني (‪.)21/5‬‬
‫)‪ )4‬حاشية إعانة الطالبين (‪.)628/6‬‬

‫(‪)118‬‬
‫﴿الْكَافِ ُرون﴾ كي ال تخلو صالته عنهما‪ ،‬وإن قرأ في أولى الوتر ـ التي مع‬
‫اإلمام بأن لم يسمع قراءته ـ سورة ﴿الْكَافِ ُرون﴾‪ ..‬قرأ في ثانيته سورة‬
‫﴿األَ ْع َلى﴾‪ ،‬وال يعيد سورة ﴿الْكَافِ ُرون﴾‪.‬‬
‫ولو سمع قراءة اإلمام في أواله ـ أعني‪ :‬المأموم ـ فهو كقراءته‪ ،‬فإن كان‬
‫اإلمام قرأ سورة ﴿الْكَافِ ُرون﴾‪ ..‬قرأ المأموم في ثانيته سورة ﴿األَ ْع َلى﴾‪،‬‬
‫وإن كان قرأ غيرها‪ ..‬قرأ المأموم سورة ﴿األَ ْع َلى﴾ وسورة ﴿الْكَافِ ُرون﴾؛‬
‫ألن قراءة اإلمام التي يسمعها المأموم بمنزلة قراءته‪ ،‬فإن أدركه في ركوع‬
‫الثانية‪ ..‬فكما لو لم يقرأ شيئ ًا فيقرأ سورة ﴿األَ ْع َلى﴾ وسورة ﴿الْ َكافِ ُرون﴾‬
‫في الثانية؛ كيال تخلو صالته عنهما‪ ،‬وقد نقل في إعانة الطالبين عبارة ابن‬
‫حجر في فتاويه عن مسألة تشابهها وقد ذكر قريب ًا وهي ما يلي‪:‬‬
‫(سئل) عمن اقتدى بإمام في ثانية صبح الجمعة‪ ،‬هل يقرأ إذا قام لثانيته‬
‫يل﴾ أو ﴿ َه ْل َأتَى﴾ أو غيرهما؟‬
‫( ‪)6‬‬ ‫﴿ألم * ت ِ‬
‫َنز ُ‬

‫ب فِ ِيه ِمن َّر ِّب الْ َعالَ ِمين﴾ (سورة السجدة)‬ ‫يل الْكِت ِ‬
‫َاب الَ َر ْي َ‬ ‫)‪ )6‬يسن في صبح الجمعة قراءة ﴿ألم * ت ِ‬
‫َنز ُ‬
‫و ﴿ه ْل َأتَى ع َلى ا ِإلنس ِ ِ‬
‫ُورا﴾ (سورة اإلنسان)‪.‬‬ ‫ان حين ِّم َن الدَّ ْه ِر لَ ْم َيكُن َش ْيئًا َّم ْذك ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)119‬‬
‫الج ُم َعة﴾ أو‬
‫فأجاب بقوله‪ :‬يؤخذ حكم هذا من قولهم‪ :‬لو ترك سورة ﴿ ُ‬
‫﴿ َس ِّبح﴾ في أولى الجمعة عمد ًا أو سهو ًا أو جهالً ‪ ،‬وقرأ بدلها‬
‫( ‪)6‬‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ين﴾ أو ﴿الْغَاشيَة﴾‪ ..‬قرأ ﴿ ُ‬
‫الج ُم َعة﴾ أو ﴿ َسبِّح﴾ في الثانية‪ ،‬وال‬ ‫المنَافق َ‬
‫﴿ ُ‬
‫َاش َية﴾ كي ال تخلو صالته عنهما‪ ،‬وال نظر‬ ‫يعيد ﴿المنَافِ ِقين﴾ أو ﴿الْغ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لتطويل الثانية على األولى‪ ،‬ألن محله فيما لم يرد الشرع بخالفه كما هنا‪ ،‬إذ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫المنَافق ْو َن﴾ و ﴿الْغَاش َية﴾ أطول من ﴿ ُ‬
‫الج ُم َعة﴾ و ﴿ َس ِّبح﴾ اهـ‪ ،‬فقضية‬ ‫﴿ ُ‬
‫هذا أنه إن قرأ في أواله ‪ -‬التي مع اإلمام بأن لم يسمع قراءته – ﴿ َه ْل َأتَى﴾‪..‬‬
‫يل﴾‪ ،‬وال يعيد ﴿ َه ْل َأتَى﴾‪ ،‬ولو سمع قراءة اإلمام‬ ‫قرأ في ثانيته ﴿ألم * ت ِ‬
‫َنز ُ‬
‫في أواله ‪ -‬أعني المأموم ‪ -‬فهو كقراءته‪ ،‬فإن كان اإلمام قرأ ﴿ َه ْل َأتَى﴾‪..‬‬
‫قرأ المأموم في ثانيته ﴿ألم * ت ِ‬
‫َنز ُ‬
‫يل﴾‪ ،‬وإن كان قرأ غيرها‪ ..‬قرأ المأموم‬
‫يل﴾ و ﴿ َه ْل َأتَى﴾؛ ألن قراءة اإلمام التي يسمعها المأموم‬ ‫﴿ألم * ت ِ‬
‫َنز ُ‬
‫بمنزلة قراءته‪ ،‬فإن أدركه في ركوع الثانية‪ ..‬فكما لو لم يقرأ شيئ ًا فيقرأ ﴿ألم‬

‫ض الْ َملِ ِك الْ ُقدُّ ِ‬


‫وس الْ َع ِز ِيز‬ ‫ات َو َما فِي األَ ْر ِ‬‫)‪ )6‬يسن في صالة الجمعة قراءة ﴿يسبح لله ما فِي السماو ِ‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬
‫ول الله والل ُه َي ْع َل ُم إِن َ‬
‫َّك لَ َر ُسو ُل ُه‬ ‫اءك الْ ُمنَافِ ُق َ‬
‫ون َقالُوا ن َْش َهدُ إِن َ‬
‫َّك لَ َر ُس ُ‬ ‫الْ َحكِيم﴾ (سورة الجمعة) و ﴿إِ َذا َج َ‬
‫َاذ ُبون﴾ (سورة المنافقون)‪ ،‬أو ﴿ َس ِّبحِ ْاس َم َر ِّب َك األ ْع َلى﴾ (سورة األعلى) و‬ ‫والله ي ْش َهدُ إِ َّن الْمنَافِ ِقين لَك ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫َاش َية﴾ (سورة الغاشية)‪.‬‬ ‫يث الْغ ِ‬ ‫َاك َح ِد ُ‬ ‫﴿ َه ْل َأت َ‬

‫(‪)121‬‬
‫يل﴾ و ﴿ َه ْل َأتَى﴾ في الثانية‪ ،‬أخذاً من قولهم‪ :‬كيال تخلو صالته‬ ‫*ت ِ‬
‫َنز ُ‬
‫عنهما ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬حاشية إعانة الطالبين (‪.)629/6‬‬

‫(‪)121‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الجماعة في الوتر‪.‬‬
‫الوتر إما أن تفعل في رمضان وإما في غيره‪،‬‬
‫ففي غير رمضان‪ :‬ال تسن الجماعة على المعتمد‪ ،‬بل حكمها‪ :‬االباحة‬
‫( ‪)6‬‬

‫فال كراهة وال ثواب‪ ،‬نعم‪ ..‬إن قصد تعليم المصلين وتحريضهم‪ ..‬كان له‬
‫ثواب بالنية الحسنة‪ ،‬هذا إن لم يقترن بذلك محذور كنحو إيذاء‪ ،‬أو اعتقاد‬
‫العامة مشروعية الجماعة‪ ،‬وإال‪ ..‬فال ثواب‪ ،‬بل يحرم‪ ،‬ويمنع منها‪.‬‬
‫وفي رمضان‪ :‬األصح أنها تسن الجماعة في الوتر سواء أفعل الوتر قبل‬
‫صالة التراويح أم بعدها‪ ،‬وسواء أفعلت التراويح جماعة أم ال‪ ،‬بل وإن لم‬
‫تفعل التراويح تبع ًا للرافعي والغرر‪ ،‬وهو كالم التحفة والنهاية وهو‬
‫المعتمد‪.‬‬
‫ومقتضى كالم البهجة كالروضة والروض‪ :‬عدم مشروعية الجماعة في‬
‫الوتر إال إن فعل التراويح‪ ،‬بناء على أن سنة الجماعة في الوتر‪ ..‬مبني على‬
‫سن الجماعة في التراويح‪.‬‬

‫)‪ )6‬وحكى الرافعي ـ وهو قول ضعيف ـ عن حكاية أبي الفضل بن عبدان وجهين في استحبابها فيه‬
‫مطلق ًا‪ .‬المجموع (‪.)62/3‬‬

‫(‪)122‬‬
‫وسنة الجماعة في الوتر مبني على سن الجماعة في التراويح‪ ..‬وهو‬
‫األصح والمعتمد‪ ،‬ومقابل األصح عدم سن الجماعة في التراويح‪ ،‬فال تسن‬
‫في الوتر؛ لبعده عن الرياء ونحوه‪.‬‬
‫وبناء على المعتمد باستحباب الجماعة في الوتر سواء أفعل التراويح أم‬
‫ال‪ ،‬فإن كان اإلمام يصليه ثالثاً وأراد أن يصليه إحدى عشرة‪ ..‬فعليه أن يحرم‬
‫مع اإلمام في الثالثة بركعتين؛ لينال فضيلة الجماعة في تلك الركعة‪ ،‬وله‬
‫ذلك وتحصل له الفضيلة فيما يظهر‪ ..‬قاله عبدالله بلحاج‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫‪ .6‬قال الزيادي ‪ :‬لو تعارض عليه الجماعة في وتر رمضان والتأخير‪..‬‬

‫قدَّ م التأخير‪ ،‬وهذه المسألة تقع كثير ًا ويتوهمون أن الجماعة أفضل من‬

‫التأخير‪ ،‬اهـ‪ .‬قال الحلبي‪ :‬وال يقال‪ :‬يصلي بعضه أول الليل جماعة‪،‬‬

‫ويؤخر بعضه‪ ،‬بل األفضل تأخيره كله‪.‬‬

‫‪ .5‬نص الرملي على أن إمامة التراويح والوتر تابعة لإلمامة في العشاء‪،‬‬

‫فيستحقها إمامها‪.‬‬

‫(‪)123‬‬
‫‪ .4‬تصح قدوة المؤدي بالقاضي‪ ،‬والمفترض بالمنتفل‪ ،‬وفي الظهر‬

‫بالعصر‪ ،‬وبعكس كل مما ذكر؛ نظر ًا التفاق الفعل في الصالتين‪ ،‬وإن‬

‫تخالفت النية ‪.‬‬


‫( ‪)1‬‬

‫المسألة الأولى‪ :‬ما حكم الصلاة في حالة قدوة المؤدي بالقاضي أو‬
‫المفترض بالمتنفل؟‬

‫نص الشافعية على أنها ال تسن لكن اختلفت نقوالتهم في صيغة الحكم‬
‫بين خالف السنة وخالف األولى والكراهة‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬خالف السنة‪ ..‬قال الخطيب في المغني بأنها ال تسن‪،‬‬
‫وكذلك الشرواني في حاشيته‪ ،‬ومحمد نووي جاوي في نهاية الزين بأنها‬
‫خالف السنة‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬خالف األولى‪ ..‬عند الشبراملسي‪ ،‬قال في إعانة الطالبين‬
‫أنها خالف األولى‪ :‬وإن لم تتفق مقضياتهما شخص ًا‪ ..‬فهي خالف األولى‬
‫وال تكره‪.‬‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج (‪ ،)445/5‬نهاية المحتاج (‪ ،)492/5‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج‬
‫(‪ ،)528/6‬حجة المشمرين (ص‪ ،)619‬حاشية على بغية المسترشدين (‪694/5‬و‪)552‬‬

‫(‪)124‬‬
‫القول الثالث‪ :‬مكروهة‪ ..‬قاله القليوبي في حاشيته‪ ،‬والبجيرمي في‬
‫حاشيته على المنهج وفي حاشيته على الخطيب‪ ،‬والجمل في حاشيته عن‬
‫عطية األجهوري‪ ،‬وباعشن في بشرى الكريم ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬هل يجد أجر الجماعة في هذه الحالات ؟‬

‫يحصل له فضيلة الجماعة عند ابن حجر والرملي والزيادي‪ ،‬وكذلك‬


‫الحلبي كما نقله الجمل في حاشيته‪ ،‬وقال عطية األجهوري‪ :‬اليحصل له‬
‫فضل الجماعة؛ ألنه ال تسن‪ ،‬وما اليطلب‪ ..‬ال ثواب فيه‪.‬‬
‫واتفق ابن حجر في التحفة والخطيب في المغني والرملي في النهاية‬
‫والزيادي في حاشية الشبراملسي على أن االنفراد أفضل خروجاً من‬
‫الخالف ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬مغني المحتاج (‪ ،)311/6‬حاشية القليوبي (‪ ،)584/6‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج‬
‫(‪ ،)589/6‬حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (‪ ،)626/6‬حاشية الجمل (‪ ،)214/6‬حاشية‬
‫الشرواني (‪ ،)526/5‬حاشية إعانة الطالبين (‪ ،)2/5‬بشرى الكريم (ص‪ ،)452‬نهاية الزين (ص‪.)662‬‬
‫)‪ )5‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)445/5‬نهاية المحتاج مع حاشية الشبراملسي‬
‫(‪564/5‬و‪ ،)563‬مغني المحتاج (‪ ،)214/6‬حاشية القليوبي (‪ ،)584/6‬حاشية الجمل (‪.)214/6‬‬

‫(‪)125‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬إن فاته وتر رمضان‪ ..‬فهل له قضاؤها جماعة؟‬

‫إن فاته وتر رمضان‪ ..‬صلى جماعة في قضائه مطلق ًا سواء قضاه في‬
‫رمضان أم خارجه؛ ألن القضاء يحكي األداء‪ ،‬وإن فاته وتر غيره وقضاه‬
‫فيه‪ ..‬فال يسن جماعة ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬حاشية على بغية المسترشدين (‪.)694/5‬‬

‫(‪)126‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬القنوت في الوتر‪.‬‬
‫وفيه فروع‪:‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬تعريف القنوت‪.‬‬

‫القنوت لغة‪ :‬الدعاء بخير أو شر‪.‬‬


‫وشرع ًا‪ :‬ذكر مخصوص مشتمل على دعاء وثناء في الصالة في محل‬
‫مخصوص من القيام ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القنوت الوارد عن النبي ‪ ‬ومعانيه‬


‫وضبط ألفاظه‪.‬‬

‫يسن القنوت في الوتر بما ورد عن النبي ‪ ،‬قال سيدنا‬


‫الحسن بن علي ‪« :‬علمني رسول الله ‪ ‬كلمات‬
‫أقولهن في قنوت الوتر‪ :‬اللهم اهدني فيمن هديت‪ ،‬وعافني فيمن عافيت‪،‬‬
‫وتولني فيمن توليت‪ ،‬وبارك لي فيما أعطيت‪ ،‬وقني شر ما قضيت‪ ،‬إنك‬

‫)‪ )6‬فتح الباري البن حجر (‪ ،)391/5‬إعانة الطالبين (‪ ،)682 /6‬قال في حاشية الشرواني (‪:)12/5‬‬
‫اشترط الرملي مع الدعاء‪ ..‬الثناء‪ ،‬ولم يشترطه ابن حجر‪.‬‬

‫(‪)127‬‬
‫تقضي وال ُي قضى عليك‪ ،‬وإنه ال يذل من واليت‪ ،‬وال يعز من عاديت‪،‬‬
‫تباركت ربنا وتعاليت» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫زاد في الروضة‪ :‬قال جمهور أصحابنا‪ :‬ال بأس بهذه الزيادة (فلك الحمد‬
‫على ما قضيت‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك)‪ ،‬وقال أبو حامد والبندنيجي‬
‫وآخرون‪ :‬أنها مستحبة‪.‬‬
‫معاني مفردات القنوت‪:‬‬
‫قوله‪( :‬اهدني فيمن هديت)‪ :‬أي‪ :‬مع من دللته إلى الطريق التي توصل‬
‫إليك‪.‬‬
‫(في)‪ :‬بمعنى (مع)‪.‬‬
‫(وعافني فيمن عافيت)‪ :‬أي‪ :‬مع من عافيته من بالء الدنيا‪.‬‬
‫(وتولني فيمن توليت)‪ :‬أي‪ :‬كن ناصر ًا لي وحافظ ًا لي من الذنوب مع من‬
‫نصرته وحفظته‪.‬‬
‫(وبارك لي فيما أعطيت)‪ :‬أي‪ :‬أنزل يا الله البركة‪ ،‬وهي الخير اإللهي فيما‬
‫أعطيته لي‪ ،‬و (في) هنا على حقيقتها‪ ،‬ال بمعنى (مع)‪.‬‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)14/5‬‬

‫(‪)128‬‬
‫(وقني شر ما قضيت)‪ :‬أي‪ :‬شر ما يترتب على القضاء من السخط وعدم‬
‫الرضا بالقضاء‪ ،‬وإال فالقضاء المحتم البد من نفوذه‪.‬‬
‫(فإنك تقضي وال يقضى عليك)‪ :‬أي‪ :‬تحكم وال يحكم عليك‪ ،‬ال معقب‬
‫لحكمه‪.‬‬
‫إنه (ال َي ِذ ُّل) من واليت‪ :‬ـ بفتح فكسر ـ أي‪ :‬ال يحصل له ذلة في نفسه‪،‬‬
‫أو بضم ففتح (ال يذل) أي‪ :‬ال يذله أحد‪،‬‬
‫وضبطه بعضهم بفتح ثم ضم (ال يذل)‪،‬‬
‫والوجه الثاني والثالث فيه نظر‪ ،‬واقتصر المصباح والمختار على األول‬
‫(ال يذل)‪.‬‬
‫(وال يعز من عاديت)‪ :‬أي‪ :‬ال يحصل لمن عاديته عز‪.‬‬
‫(تباركت)‪ :‬أي‪ :‬تزايد برك وخيرك وإحسانك وارتفعت عما ال يليق بك‪.‬‬
‫(فلك الحمد على ما قضيت)‪ :‬أي‪ :‬من حيث نسبته إليك؛ ألنه ال يصدر‬
‫منك إال الجميل‪ ،‬وإنما يكون شراً بنسبته لنا ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬حاشية الجمل (‪ ،)419/6‬حاشية البيجوري (‪.)464/6‬‬

‫(‪)129‬‬
‫ضبط ألفاظ القنوت‪:‬‬
‫الحديث الوارد عن النبي ‪ ‬من رواية سيدنا الحسن بن‬
‫علي ‪ ‬في قوله‪( :‬فإنك تقضي) بإثبات الفاء في رواية الترمذي‪،‬‬
‫وبإسقاطها في رواية أبي داوود‪.‬‬
‫(وإنه ال َي ِذ ُّل من واليت) أغلب الروايات بإثبات الواو (وإنه)‪ ،‬وفي بعض‬
‫الروايات بإسقاط الواو كرواية ابن ماجه وأحمد‪.‬‬
‫(وال يعز من عاديت ) بعض الروايات تذكر هذه الجملة كما في رواية‬
‫سنن أبي داود‪ ،‬والسنن الكبرى للبيهقي‪ ،‬وأغلب الروايات بعدم ذكرها‪.‬‬
‫وممن زاد رواي ًة بإثبات الصالة على النبي ‪ ..‬اإلمام‬
‫النسائي ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫(‪ )6‬مسند أحمد (‪ ،)532/4‬سنن الترمذي (‪ ،)458/5‬سنن أبي داود (‪ ،)14/5‬سنن النسائي‬
‫(‪ ،)538/4‬سنن ابن ماجه (‪ ،)425/6‬السنن الكبرى (‪.)591/5‬‬

‫(‪)131‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القنوت الوارد عن سيدنا عمر ‪ ،‬ومعانيه‪.‬‬

‫قال أبو رافع‪ :‬صليت خلف عمر بن الخطاب ‪ ‬الصبح فقنت بعد‬
‫الركوع قال‪ :‬فسمعته يقول‪:‬‬
‫(اللهم إنا نستعينك‪ ،‬ونستغفرك‪ ،‬ونثني عليك وال نكفرك‪ ،‬ونؤمن بك‬
‫ونخلع ونترك من يفجرك‪ ،‬اللهم إياك نعبد‪ ،‬ولك نصلي ونسجد‪ ،‬وإليك‬
‫نسعى ونحفد‪ ،‬ونرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد بالكفار‬
‫ملحق‪ ،‬اللهم عذب الكفرة‪ِ ،‬‬
‫وألق في قلوبهم الرعب‪ ،‬وخالف بين كلمتهم‪،‬‬
‫وأنزل عليهم رجزك وعذابك‪ ،‬اللهم عذب الكفرة أهل الكتاب الذين‬
‫يصدون عن سبيلك‪ ،‬ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك‪ ،‬اللهم اغفر‬
‫للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم‪ ،‬وألف‬
‫بين قلوبهم‪ ،‬واجعل في قلوبهم اإليمان والحكمة‪ ،‬وثبتهم على ملة نبيك‪،‬‬
‫وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه‪ ،‬وانصرهم على عدوك‬
‫وعدوهم‪ ،‬إله الحق‪ ،‬واجعلنا منهم) ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬مصنف عبد الرزاق (‪.)661/4‬‬

‫(‪)131‬‬
‫وكان سيدنا الحسين بن علي ‪ ‬يدعو في وتره‪( :‬اللهم إنك تَرى‬
‫وال تُرى‪ ،‬وأنت في المنظر األعلى‪ ،‬وإن لك اآلخرة واألولى‪ ،‬وإن إليك‬
‫الرجعى‪ ،‬وإنا نعوذ بك أن نذل ونخزى)‪.‬‬
‫وكان الشيخ أبو حامد [األسفراييني] يقول في قنوته‪ :‬ال َّل ُه َّم َال ُت ِع ْقنَا َعن‬
‫الْ ِع ْل ِم بِ َعائِق‪َ ،‬و َال ت َْمنَعنَا َعن ُه بِ َمانِع ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫شرح بعض مفردات القنوت‪:‬‬


‫(نستعينك)‪ :‬أي‪ :‬نطلب العون والهداية والمغفرة؛ ألن السين للطلب‪.‬‬
‫(نؤمن)‪ :‬أي‪ :‬نصدق‪.‬‬
‫(ونتوكل)‪ :‬أي‪ :‬نعتمد ونظهر العجز‪.‬‬
‫(ونثني)‪ :‬أي‪ :‬نمدح‪.‬‬
‫(نشكرك) المراد بالشكر هنا‪ :‬نقيض الكفر وهو ستر النعمة‪.‬‬
‫(ونخلع) وفي رواية‪( :‬ونخنع) أي‪ :‬نترك‪.‬‬
‫(و َن ِ‬
‫حفد) أي‪ :‬نسرع‪ ،‬وقيل‪ :‬بضم النون‪.‬‬

‫(‪ )6‬صالة الوتر للمروزي (‪ ،)453/6‬حاشية الشبراملسي (‪ ،)213/6‬وذكر التاج السبكي في طبقاته‬
‫(‪ )23/2‬هذا الدعاء عن والد إمام الحرمين الجويني في دعاء قنوت الصبح‪.‬‬

‫(‪)132‬‬
‫( ِ‬
‫الجد) نقيض الهزل‪ ،‬والمراد به الحق‪.‬‬
‫ملحق)‪ :‬يجوز بالكسر اسم فاعل بمعنى‪ :‬الحق‪ ،‬ويجوز بالفتح اسم‬‫( ِ‬

‫مفعول؛ ألن الله ألحقه بالكفار‪ :‬أي‪ :‬ينزله بهم‪.‬‬


‫(يصدون) أي‪ :‬يمنعون‪( ،‬أولياءك) أي‪ :‬أنصارك‪.‬‬
‫(الحكمة) وهي‪ :‬كل ما منع من القبيح‪.‬‬
‫(أوزعهم) أي‪ :‬ألهمهم‪.‬‬
‫(العهد) أي‪ :‬القيام بأوامر الله واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫** ** **‬

‫(‪)133‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬زمن القنوت في الوتر‪.‬‬

‫يسن أن يكون القنوت في الوتر‪ :‬في النصف الثاني من رمضان؛ لحديث‬


‫أبي بن كعب ‪ ‬عندما جمع عمر بن الخطاب ‪ ‬الناس عليه‬
‫أنه (أ َّمهم في رمضان‪ ،‬وكان يقنت في النصف اآلخر من رمضان) ‪ ،‬ولم‬
‫( ‪)6‬‬

‫يبد من أحد إنكار عليه فكان ذلك إجماعاً‪ ،‬وروي عن عمر ‪ ‬أنه‬
‫قال‪ :‬السنة إذا انتصف الشهر من رمضان أن يلعن الكفرة في الوتر بعدما‬
‫يقول‪ :‬سمع الله لمن حمده‪ ،‬اللهم قاتل الكفرة‪( ،‬وكان عبدالله بن عمر‬
‫‪ ‬اليقنت في الوتر إال في النصف اآلخر من رمضان)‪.‬‬
‫ولو قنت شافعي بعد االعتدال في غير الفجر والنصف اآلخر من‬
‫رمضان‪ ..‬كره وسجد للسهو ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬قدر مدة القنوت‪.‬‬

‫اختلف أهل العلم في قدر مدة القنوت في القيام لصلة الوتر‪:‬‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)12/5‬‬


‫(‪ )5‬صالة الوتر للمروزي (‪ ،)462/6‬المجموع (‪ ،)62/3‬المهمات (‪ ،)511/4‬مغني المحتاج‬
‫(‪ 211/6‬و‪ ،)212‬حاشية الجمل (‪ ،)426/6‬بشرى الكريم (ص‪.)559‬‬
‫(‪)134‬‬
‫انش َّقت﴾‪ ،‬وفي رواية‪:‬‬
‫اء َ‬ ‫ففي رواية إبراهيم النخعي قدر قراءة‪﴿ :‬إِ َذا َّ‬
‫الس َم ُ‬
‫اء ان َفطَ َرت﴾‪ ،‬وفي رواية‪ :‬سئل أحمد عن قول إبراهيم‬ ‫كقدر ﴿إِ َذا َّ‬
‫الس َم ُ‬
‫النخعي هذا‪ ،‬فقال‪ :‬هذا قليل‪ ،‬يعجبني أن يزيد‪ ،‬وفي رواية عمر بن الخطاب‬
‫‪ ‬أنه قنت مقدار ما يقرأ الرجل مائة آية ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬صالة الوتر للمروزي (‪.)453/6‬‬


‫(‪)135‬‬
‫تنبيهات في القنوت‪:‬‬
‫التنبيه الأول‪ :‬الدعاء للإمام في القنوت بصيغة الجمع‪.‬‬

‫يسن لإلمام أن يأتي بالدعاء بلفظ الجمع‪ ،‬فيقول‪ :‬اللهم اهدنا فيمن‬
‫هديت‪ ،‬ويكره تخصيص نفسه بالدعاء كأن يقول‪ :‬اهدني‪ ،‬فعن ثوبان‬
‫‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬ال يؤم رجل قوماً‬
‫فيخص نفسه بالدعاء دونهم‪ ،‬فإن فعل‪ ..‬فقد خانهم»‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ولما روى البيهقي في إحدى روايتيه بلفظ الجمع‪ ،‬وحمل على اإلمام‪،‬‬
‫فعن عبدالله بن عباس ‪ ‬قال‪« :‬كان رسول الله ‪‬‬
‫يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلة الصبح‪ :‬اللهم اهدنا فيمن هديت‪،‬‬
‫وعافنا فيمن عافيت‪ ،‬وتولنا فيمن توليت‪ ،‬وبارك لنا فيما أعطيت‪ ،‬وقنا شر‬
‫ما قضيت‪ ،‬إنك تقضي وال يقضى عليك‪ ،‬إنه ال يذل من واليت‪ ،‬تباركت ربنا‬
‫وتعاليت» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫(‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)55/6‬‬


‫)‪ )5‬السنن الكبرى (‪.)592/5‬‬

‫(‪)136‬‬
‫يستثنى من ذلك‪ :‬ما ورد النص به لخبر «أنه ‪ ‬كان إذا‬
‫كبر في الصلة‪ :‬يقول‪ :‬اللهم نقني‪ ،‬اللهم اغسلني»‪.‬‬
‫وثبت أن دعاءه ‪ ‬في الجلوس بين السجدتين وفي‬
‫فرق عند الجمهور بين اإلمام وغيره إال في‬
‫التشهد بلفظ اإلفراد‪ ،‬ولم ي َّ‬
‫القنوت‪ ،‬فليكن الصحيح اختصاص التفرقة به دون غيره من أدعية الصالة‪.‬‬
‫وعند اإلمام الغزالي والقاضي حسين‪ :‬يستحب لإلمام أن يدعو بصيغة‬
‫الجمع في الجلوس بين السجدتين‪ ،‬وفي التشهد‪.‬‬
‫وفي كفاية األخيار‪ :‬ثم سائر األدعية في حق اإلمام كذلك‪ ،‬أي‪ :‬يكره له‬
‫إفراد نفسه بالدعاء‪ ..‬صرح به الغزالي في اإلحياء‪ ،‬وهو مقتضى كالم‬
‫النووي في األذكار‪.‬‬
‫ور َّد على هذا القول‪ :‬بأن المصلي مأمور بالدعاء في هذه المواطن‪،‬‬
‫بخالف القنوت‪ ..‬فإن المأموم يؤمن فقط‪.‬‬

‫(‪)137‬‬
‫فلو فعل اإلمام ذلك ـ بأن خصص نفسه بدعاء القنوت ـ‪ ،‬فهل يطلب من‬
‫المأمومين التأمين أو القنوت؟ فيه نظر‪ ،‬واألقرب أنه يؤمن؛ ألنه وارد‪ ،‬وإن‬
‫قصر اإلمام بتخصيصه ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬
‫َّ‬
‫التنبيه الثاني‪ :‬يندب القنوت في آخر وتره بثلاث أو أكثر‪،‬‬

‫وكذا لو أوتر بركعة سواء صاله مفصوالً أو موصوالً ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫التنبيه الثالث‪ :‬القنوت الوارد‪ ..‬على ماذا يشتمل؟‬

‫يشتمل على دعاء وثناء‪ ،‬فالدعاء‪ ..‬من أوله حتى قوله‪ :‬وقني شر ما‬
‫قضيت‪ ،‬ومنه إلى آخره‪ ..‬ثناء‪ ،‬فيؤ ِّمن المأموم في الدعاء ويشارك في الثناء‬
‫على المعتمد‪ ،‬وفيه خالف كما سيأتي بيانه‪.‬‬
‫** ** **‬

‫(‪ )6‬مغني المحتاج (‪ ،)491/6‬نهاية المحتاج (‪ ،)213 /6‬حاشية الجمل (‪ ،)421/6‬كفاية األخيار‬
‫(ص‪.)664‬‬
‫)‪ )5‬الرحيمية (‪.)325‬‬

‫(‪)138‬‬
‫مسائل في القنوت‬
‫المسألة الأولى‪ :‬في الدعاء الوارد عن النبي ‪ ‬والدعاء‬
‫الوارد عن سيدنا عمر بن الخطاب ‪.‬‬

‫أ‪ .‬يسن أن يجمع بين الدعاء الوارد عن النبي ‪ ‬ودعاء‬


‫سيدنا عمر ‪ ‬بشروط‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون في مسجد غير مطروق‪.‬‬
‫‪ .2‬وأن يكون بمأمومين محصورين‪.‬‬
‫‪ .3‬وأن يكونوا راضين بالتطويل‪.‬‬
‫‪ .4‬ولم يطرأ غيرهم وإن قل حضوره‪.‬‬
‫‪ .5‬وال تعلق بعينهم حق كأجراء وأرقاء ومتزوجات‪.‬‬
‫ب‪ .‬لو جمع بين الدعاء الوارد عن النبي ‪ ‬ودعاء سيدنا‬
‫عمر ‪ ..‬فماذا يقدم منهما؟‬
‫األصح‪ :‬تقديم الوارد عن النبي ‪ ‬وهو ما عليه‬
‫النووي‪ ،‬وعند الرافعي تقديم الوارد عن سيدنا عمر ثم الوارد عن النبي‬
‫‪.‬‬

‫(‪)139‬‬
‫ج‪ .‬لو أراد االقتصار على أحدهما‪ ..‬فيأتي بالوارد عن النبي‬
‫‪ ‬باالتفاق‪.‬‬
‫د‪ .‬لو أتى بقنوت عمر دون القنوت المشهور‪ ،‬أو بالعكس‪ ..‬لم يسجد‬
‫للسهو؛ ألنه قد أتى بقنوت كامل‪ ،‬ولو أتى بأحدهما وبعض اآلخر كأن أتى‬
‫بالوارد عن النبي ‪ ‬وبعض من دعاء عمر فيسجد؛ ألنهما‬
‫ٍ‬
‫حينئذ كقنوت واحد‪ ،‬وهو يسجد بترك بعضه ولو كلمة ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬هل للقنوت في الوتر زمن معين؟ وهل يترتب على‬
‫الخلاف شيء؟‬

‫زمن القنوت في الوتر‪ ..‬على قولين‪:‬‬


‫القول األول‪ :‬وهو المعتمد أن وقت القنوت في الركعة األخيرة من وتر‬
‫النصف الثاني من رمضان كما تقدم من حديث أبي بن كعب ‪ ‬عندما‬
‫جمع عمر بن الخطاب ‪ ‬الناس عليه أنه (أمهم في رمضان‪ ،‬وكان‬
‫يقنت في النصف اآلخر من رمضان) ‪ ،‬وهذا القول هو ما عليه المنهاج‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬تحفة المحتاج (‪ 43/5‬و‪ ،)525‬عمدة المفتي والمستفتي (‪.)614/6‬‬


‫)‪ )5‬سنن أبي داود (‪.)12/5‬‬

‫(‪)141‬‬
‫وشروحه الثالثة التحفة والنهاية والمغني‪ ،‬وكذلك المجموع للنووي‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫والقول الثاني‪ :‬يقنت في أخيرة الوتر في جميع السنة‪ ،‬وهو ما اختاره‬
‫الروياني‪ ،‬وذكر‪ :‬أنه اختيار مشايخ طبرستان‪ ،‬وقال أبو حاتم القزويني‪ :‬إن‬
‫عليه إجماع العامة وبه الفتوى‪ ،‬واختاره النووي في التحقيق ‪ ،‬وقال‬
‫( ‪)6‬‬

‫الدميري بالفتوى باستحبابه وذلك نقالً عن القزويني‪ ،‬وهو عمل اإلمام‬


‫عبدالله بن علوي الحداد‪ ،‬وهذا الوجه قوي في الدليل؛ لظاهر حديث‬
‫الحسن بن علي ‪ ‬قال‪« :‬علمني رسول الله ‪‬‬
‫كلمات أقولهن في قنوت الوتر‪ :‬اللهم اهدني فيمن هديت‪ ،‬وعافني فيمن‬
‫عافيت‪ ،‬وتولني فيمن توليت‪ ،‬وبارك لي فيما أعطيت‪ ،‬وقني شر ما قضيت‪،‬‬
‫إنك تقضي وال يقضى عليك‪ ،‬وإنه ال يذل من واليت‪ ،‬وال يعز من عاديت‪،‬‬

‫(‪ )6‬وهو قول أربعة من كبار أصحابنا وهم‪ :‬أبو عبدالله الزبيري وأبو الوليد النيسابوري وأبو الفضل بن‬
‫عبدان وأبو منصور بن مهران وهذا الوجه قوي في الدليل‪ ،‬ووقع في الروضة حكاية وجه ثالث‪ :‬أنه يقنت‬
‫في جميع رمضان وهو وهم؛ فإن الرافعي إنما حكاه عن مالك‪ ،‬ويدل له ما في (الموطأ) عن األعرج قال‪:‬‬
‫ما أدركت الناس إال وهم يلعنون الكفرة في رمضان‪ .‬المجموع (‪ ،)62/3‬النجم الوهاج (‪.)599/5‬‬

‫(‪)141‬‬
‫تباركت ربنا وتعاليت» والحديث مطلق لم يقيد بوقت‪ ،‬ولما روي‪ :‬أنه‬
‫( ‪)6‬‬

‫‪« ‬كان إذا أوتر‪ ..‬قنت في الركعة األخيرة» ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫لكن لو ترك‪ ..‬ال يسجد للسهو‪ ،‬بخالف ما لو تركه في النصف األخير من‬
‫رمضان‪ ..‬فإنه يسجد للسهو‪.‬‬

‫ما ينبني على القول األول المعتمد‪:‬‬


‫ينبني على القول المعتمد‪ :‬أنه لو قنت في الوتر في غير النصف األخير‬
‫من رمضان ولم يطل به االعتدال‪ ..‬كره وسجد للسهو‪ ،‬أما إن طال به‬
‫االعتدال‪ ..‬ففيه خالف‪:‬‬
‫عند الخطيب والرملي‪ :‬بطلت صالته إن كان عامد ًا عالم ًا بالتحريم‪،‬‬
‫وإال‪ ..‬فال تبطل ويسجد للسهو‪ .‬وعند ابن حجر‪ :‬تطويل االعتدال من‬
‫الركعة األخيرة‪ ..‬ال يضر مطلق ًا ـ ولو بغير قنوت ـ؛ ألنه عهد تطويله بقنوت‬

‫)‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)14/5‬‬


‫)‪ )5‬سنن الدارقطني (‪.)45 /5‬‬

‫(‪)142‬‬
‫النازلة‪ ،‬فهو محل التطويل في الجملة‪ ،‬وعليه‪ ..‬فال سجود؛ ألنه لم يفعل ما‬
‫يبطل عمده ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬ماذا يفعل الإمام أو المنفرد لو ترك القنوت ساهياً‪.‬‬

‫إن ترك اإلمام أو المنفرد القنوت ساهياً‪ ..‬سجد للسهو؛ ألنه سنة مقصودة‬
‫في محلها‪ ،‬فتعلق السجود بتركها‪ ،‬بل لو ترك كلم ًة أو حر ًفا أو أبدله أو ترك‬
‫الصالة على النبي ‪ ،‬أو على آل النبي‬
‫‪ ،‬ولو عمد ًا من القنوت الراتب‪ ..‬فيسجد للسهو‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬ماذا يفعل الإمام أو المنفرد لو ترك القنوت عامداً‪.‬‬

‫إن ترك اإلمام أو المنفرد القنوت عامد ًا‪ ..‬سجد للسهو‪ ،‬ومنهم من قال‪:‬‬
‫ال يسجد؛ ألنه مضاف إلى السهو‪ ،‬فال يفعل مع العمد‪ ،‬والمذهب األول؛‬
‫ألنه إذا سجد لتركه ساهياً فألن يسجد لتركه عامد ًا أولى‪.‬‬

‫(‪ )6‬فتح العزيز (‪ ،)532/3‬المجموع (‪ ،)62/3‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)525/5‬فتاوى‬


‫الشيخ زكريا األنصاري (ص‪24‬و‪ ،)23‬غاية القصد والمراد (‪.)22/6‬‬
‫(‪ )6‬المجموع ( ‪ ،)652 / 3‬بشرى الكريم (ص ‪.) 595‬‬

‫(‪)143‬‬
‫ولو أبدل (مع) بدل (في) في الدعاء الوارد عن النبي‬
‫‪ ..‬سجد للسهو؛ ألنه بالشروع فيه يتعين؛ وإلبداله بعضاً‬
‫من أبعاض الصالة‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬إذا ترك الإمام أو المنفرد القنوت ثم تذكر‪:‬‬

‫قال النووي في المنهاج‪ :‬لو نسي قنوتاً فذكره في سجوده‪ ..‬لم يعد له‪ ،‬أو‬
‫قبله‪ ..‬عاد ويسجد للسهو إن بلغ حد الراكع‪.‬‬
‫فإذا ترك اإلمام أو المنفرد القنوت ثم تذكر‪:‬‬
‫أ‪ .‬فإما أن يترك القنوت ناسي ًا جاهالً‪،‬‬
‫ب‪ .‬وإما أن يترك القنوت عامد ًا عالم ًا‪،‬‬
‫أ‪ .‬فإن ترك ال اإلمام أو المنفرد ال القنوت ناسياً جاهلً‪ ،‬أو وقف ولم يقنت‬
‫شيئاً ثم هوى للسجود‪ ،‬ثم تذكر أو علم‪ ..‬فله ثالث أحوال‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬يندب له العود للقيام‪ ،‬وذلك إن تذكر قبل أن يضع أعضاء‬
‫السجود السبعة‪ ،‬أو قبل وضع الجبهة وإن وضع غيرها؛ لعدم تلبسه بفرض‪.‬‬

‫(‪ )5‬المجموع (‪ ،)652 /3‬حاشية البيجوري (‪.)464 /6‬‬

‫(‪)144‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬يكره له العود للقيام‪ ،‬وذلك إن تذكر بعد وضع الجبهة وقبل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫وضع بقية األعضاء؛ للخالف في البطالن بذلك‬
‫ففي الحالتين‪ :‬إذا عاد للقنوت قبل أن يضع األعضاء السبعة‪ ..‬فهل يسجد‬
‫للسهو أم ال؟‬
‫والجواب ‪ :‬إن بلغ حد الراكع‪ ..‬سجد للسهو؛ لزيادته ما يبطل عمده‪،‬‬
‫وإن لم يبلغ حد الراكع‪ ..‬لم يسجد للسهو‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬يحرم له العود للقيام وتبطل الصالة‪ ،‬وذلك إن تذكر بعد‬
‫وضع األعضاء السبعة في السجود‪.‬‬
‫وسبب بطلن الصلة إن عاد إلى القيام عامد ًا عالماً بتحريمه‪:‬‬
‫هو أنه تل َّبس بفرض ثم قطعه لسنَّة‪ ،‬فإن عاد ناسياً‪ ..‬ال تبطل الصالة‪،‬‬
‫ويلزمه أن يهوي للسجود عند تذكره ثم يسجد للسهو‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة‪ :‬لو سجد المأموم مع اإلمام فعاد اإلمام للقنوت‪ ..‬لم‬
‫يجز للمأموم العود‪ ،‬بل ينوي مفارقته أو ينتظره‪ ،‬والمفارقة أولى‪.‬‬
‫ب‪ .‬وإن ترك ال اإلمام أو المنفرد ال القنوت عامد ًا‪:‬‬

‫(‪)145‬‬
‫فإن بلغ حد الراكع‪ ..‬لم يعد‪ ،‬فإن عاد‪ ..‬بطلت صالته‪ ،‬وإال‪ ..‬فال تبطل‬
‫‪.‬‬ ‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السادسة‪ :‬إن ترك الإمامُ القنوت‪ ..‬ماذا يفعل المأموم؟‬

‫إن ترك اإلمام القنوت‪ ..‬ندب للمأموم التخلف للقنوت إن أدركه في‬
‫السجدة األولى‪ ،‬ويجوز له التخلف للقنوت إن لم يسبقه بركنيين فعليين ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫أما إذا علم أنه ال يلحقه إال بعد هويه للسجدة الثانية‪ ..‬وجب عليه ترك‬
‫القنوت ويتابع إمامه أو ينوي المفارقة ويأتي بالقنوت ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫المسألة السابعة‪ :‬إن سجد المأموم مع الإمام ثم عاد للقنوت‪:‬‬

‫إن عاد المأموم للقنوت عالم ًا بتحريمه‪ ..‬بطلت صالته‪،‬‬


‫وإن عاد للقنوت ناسي ًا أو جاهالً‪ ..‬لم تبطل ‪. 4‬‬
‫( )‬

‫(‪ )6‬منهاج الطالبين (ص‪ ،)43‬بشرى الكريم (ص‪ ،)592‬رسالة الشيخ محمد الخطيب في سجود السهو‬
‫( ص‪. )4‬‬
‫)‪ )5‬أي‪ :‬ـ إن كان يدركه في الجلوس بين السجدتين ـ‪.‬‬
‫(‪ )4‬رسالة الشيخ محمد الخطيب في سجود السهو (ص‪.)4‬‬
‫)‪ )3‬رسالة الشيخ محمد الخطيب في سجود السهو (ص‪.)4‬‬
‫(‪)146‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬إذا ترك المأموم القنوت ساهياً أو عامداً وفعله الإمام‪:‬‬

‫‪ -‬إن قنت اإلمام وتركه المأموم سهو ًا‪ ..‬وجب عليه العود للقنوت مع‬
‫اإلمام‪ ،‬فإن لم يعد المأموم عامد ًا عالم ًا‪ ..‬بطلت صالته‪ ،‬وإال فال‪.‬‬
‫‪ -‬وإن قنت اإلمام وتركه المأموم عمد ًا‪ ..‬فال يلزمه العود‪ ،‬بل يخ َّير بين‬
‫العود‪ ،‬أو االنتظار في السجود‪ ،‬أو نية المفارقة ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المسألة التاسعة‪ :‬إن قضى وتر رمضان بعد خروج رمضان‪.‬‬

‫إن فاته وتر رمضان‪ ..‬قنت في قضائه مطلقاً سواء قضاه في رمضان أم‬
‫خارجه؛ ألن القضاء يحكي األداء‪ ،‬وإن فاته وتر غيره وقضاه في رمضان‪..‬‬
‫فال يقنت ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة العاشرة‪ :‬محل القنوت في صلاة الوتر‪.‬‬

‫اختلف العلماء في محل القنوت على ثلثة أقوال‪:‬‬

‫)‪ )6‬اعتمد ابن حجر في التحفة‪ ..‬لزوم العود إلى اإلمام مطلقاً‪.‬‬
‫فإن نوى المأموم المفارقة أو لحقه في السجود‪ ،‬فإن علم المأموم ـ أو تذكر ـ واإلمام في االعتدال‪،‬‬
‫أو السجود األول‪ ..‬عاد المأموم لالعتدال‪ .‬وإن رفع اإلمام رأسه من السجدة األولى‪ ..‬فيوافقه المأموم‪،‬‬
‫ويأتي بركعة بعد سالم اإلمام‪ .‬واعتمد الرملي‪ ..‬عدم لزوم العود عليه إال إذا لم ينو المفارقة ولم يلحقه‬
‫في السجود‪ .‬رسالة الشيخ محمد الخطيب في سجود السهو (ص‪.)4‬‬
‫(‪ )5‬حاشية على بغية المسترشدين (‪.)694/5‬‬
‫(‪)147‬‬
‫القول األول‪ :‬وهو المعتمد أنه في االعتدال [بعد الركوع]‪ ،‬ودليلهم عن‬
‫محمد بن سيرين‪ ،‬قال‪ :‬سئل أنس بن مالك ‪ :‬أقنت النبي‬
‫‪ ‬في الصبح؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقيل له‪ :‬أوقنت قبل الركوع؟‬
‫قال‪« :‬بعد الركوع يسير ًا» ‪ ،‬وألن النبي ‪ ‬قنت بعد‬
‫( ‪)6‬‬

‫الركوع في الصبح‪،‬‬
‫وروي فعله بعد الركوع عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان‬
‫وعلي وابن مسعود وعبدالله بن عباس وأبي موسى األشعري والبراء وأنس‬
‫بن مالك ‪.‬‬
‫ومن التابعين‪ :‬عمر بن عبدالعزيز وعبيدة السلماني وحميد الطويل‬
‫وعبدالرحمن بن أبي ليلى ‪ ،‬وبهذا قال مالك وإسحاق‪.‬‬
‫وألن ما قبل الركوع محل القراءة‪ ،‬والقنوت دعاء فهو في موضع الدعاء‬
‫حيث يقول‪( :‬سمع الله لمن حمده) أليق‪.‬‬

‫(‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)51/5‬‬

‫(‪)148‬‬
‫القول الثاني‪ :‬قبل الركوع‪ ،‬وبه قال ابن سريج‪ :‬والقياس يقتضي المخالفة‬
‫بين النفل والفرض‪ ،‬كما فرقوا في الخطبتين فجعلوهما في الجمعة قبل‬
‫الصالة‪ ،‬وفي العيدين واالستسقاء بعدها‪.‬‬
‫قال أنس بن مالك ‪ :‬أول من جعل القنوت قبل الركوع ـ أي‪:‬‬
‫دائم ًاـ‪ ..‬عثمان بن عفان ‪ ،‬لكي يدرك الناس الركعة‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬يتخير إن شاء قنت قبل الركوع‪ ،‬وإن شاء بعده‪ ..‬حكاه ابن‬
‫المنذر عن أنس وأيوب السختياني وأحمد‪.‬‬
‫وبناء على القول بأنه قبل الركوع‪ ..‬فقيل‪ :‬يكبر بعد القراءة ثم يقنت وقد‬
‫روي عن عمر وعلي فعل ذلك‪ ،‬وقيل‪ :‬وهو األصح يقنت من غير تكبير ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الحادية عشرة‪ :‬القنوت قبل ذكر الاعتدال أم بعده؟‬

‫يسن القنوت في اعتدال الركعة األخيرة للوتر بعد ذكر االعتدال ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬فتح العزيز (‪ ،)539/3‬المجموع (‪ ،)211/4‬فتح الباري البن حجر (‪ ،)396/5‬النجم الوهاج‬
‫(‪.)599/5‬‬
‫(‪ )5‬تحفة المحتاج (‪.)18/5‬‬

‫(‪)149‬‬
‫المسألة الثانية عشرة‪ :‬ما مقدار ذكر الاعتدال؟‬

‫فيه خلف على ثلثة أقوال‪:‬‬


‫القول األول‪ :‬وهو المعتمد الذي عليه أكثر الكتب‪ :‬بعد إتيانه الذكر‬
‫الراتب من قوله (ربنا لك الحمد) إلى قوله‪( :‬ملء ما شئت من شيء بعد)‬
‫كما ذكره البغوي وغيره‪ ،‬وصوبه اإلسنوي‪ ،‬وفي العدة ألبي عبدالله الطبري‬
‫نحوه‪ ،‬وذكر مثله ابن حجر في شرح اإلرشاد‪.‬‬
‫وظاهر عبارة التحفة أن استحباب اإلتيان بذكر االعتدال إلى (وملء ما‬
‫شئت من شيء بعد) ال فرق فيه بين المنفرد واإلمام ولو إمام غير محصورين‬
‫أو غير راضين‪ ،‬ويصرح به في شرح العباب‪ ،‬وصنيع المغني‪ ،‬واعتمده‬
‫الحلبي‪ ،‬وقال الرشيدي‪ :‬أنه مختار النهاية ـ أي‪ :‬نهاية المحتاج للرملي ـ‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬األولى أن ال يزيد على‪ :‬ربنا لك الحمد‪.‬‬
‫وقال الماوردي‪ :‬محل القنوت إذا فرغ من قوله‪ :‬سمع الله لمن حمده‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يقنت‪ ،‬وعليه اقتصر ابن الرفعة‪ ،‬وقال في اإلقليد‪ :‬إنه‬‫ربنا لك الحمد ف‬
‫قضية القياس؛ ألن القنوت إذا انضم إلى الذكر المشروع في االعتدال طال‬
‫االعتدال‪ ،‬وهو ركن قصير بال خالف‪.‬‬

‫(‪)151‬‬
‫القول الثالث‪ :‬يزيد المنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل بشروطهم‬
‫السابقة (أهل اثناء والمجد أحق‪ ...‬إلى قوله‪ :‬وال ينفع ذا الجد منك الجد)‪..‬‬
‫كما في البجيرمي عن الحلبي‪ ،‬وذكره في بشرى الكريم ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة عشرة‪ :‬لو قنت في غير الاعتدال‪.‬‬

‫المعتمد‪ :‬أنه لو قنت في غير االعتدال ـ كقبل الركوع ـ‪ ..‬كره وصالته‬


‫صحيحة واليجزئه ذلك القنوت‪ ،‬ويسجد للسهو إذا أتى به بنيته ـ وإن أعاده‬
‫بعد ذلك في محله ـ‪ ،‬وصرح به العباب ويقتضيه كالم الشيخ ابن حجر؛ ألن‬
‫نقل القنوت إلى غير محله من أسباب سجود السهو فهو مستثنى من قاعدة‬
‫(ما ال يبطل عمده ال سجود لسهوه)‪.‬‬
‫وإن أتى به لمجرد الدعاء‪ ،‬أو لم يقصد شيئ ًا‪ ..‬فال يسجد للسهو‪.‬‬
‫وخلصة القول فيمن قنت قبل الركوع‪ ..‬خلف‪:‬‬
‫تقدم ذكر المعتمد وهو‪ :‬ال يجزئه ويسجد للسهو‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬ال يجزئه وال يسجد للسهو‪،‬‬

‫(‪ )6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)18/5‬مغني المحتاج (‪ ،)489/6‬بشرى الكريم‬


‫(ص‪.)558‬‬

‫(‪)151‬‬
‫وقيل‪ :‬يجزئه‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬تبطل صالته وهو غلط ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الرابعة عشرة‪ :‬إذا قدم ركعة الوتر ثم أراد إكماله‪ ..‬فهل يقنت؟‬

‫المقرر أن محل القنوت هو‪ :‬اعتدال الركعة الفردة من الوتر‪.‬‬


‫فلو أداها‪ ..‬فال يأتي بالقنوت فيما بعدها من األشفاع سواء قنت فيها أم‬
‫ال؛ ألن األشفاع من الوتر ليس محل القنوت‪ ،‬بل الركعة محله وإن قدمها؛‬
‫اعتبار ًا باألصل ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة الخامسة عشرة‪ :‬حكم الصلاة على النبي ‪‬‬


‫بعد القنوت‪.‬‬

‫فيها وجهان‪ :‬الوجه األول‪ :‬الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور‪ :‬أنها‬
‫مستحب في آخره ويسجد تاركها للسهو؛ لحديث الحسن بن علي‬
‫‪ ‬قال‪ :‬علمني رسول الله ‪ ‬هؤالء الكلمات في‬

‫(‪ )6‬المجموع (‪ ،)392/4‬فتاوى بافضل (ص‪.)624‬‬


‫)‪ )5‬مجموع الحبيب طه الصافي السقاف (ص‪.)661‬‬

‫(‪)152‬‬
‫الوتر قال‪« :‬قل‪ :‬اللهم اهدني فيمن هديت‪ ،‬وقال في آخرها‪ :‬تباركت ربنا‬
‫وتعاليت‪ ،‬وصلى الله على النبي محمد» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬اليجوز‪ ،‬فإن فعلها‪ ..‬بطلت صالته؛ ألنه نقل ركناً إلى غير‬
‫موضعه‪ ،‬قاله القاضي حسين وحكاه عنه البغوي‪ ،‬وهو غلط صريح ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة السادسة عشرة‪ :‬حكم الإتيان بالسلام والآل والصحب في‬


‫القنوت‪.‬‬

‫على قولين‪ :‬القول األول‪ :‬المعتمد أنه يسن السالم عليه‬


‫‪ ‬في القنوت مع الصالة عليه؛ لآلية الواردة في قوله‬
‫ين َآمنُوا َص ُّلوا َع َل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعالى‪﴿ :‬إِ َّن الل َه َو َملَئ َكتَ ُه ُي َص ُّلو َن َع َلى النَّبِ ِّي َيا َأ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِ‬
‫يما﴾ (األحزاب‪)21:‬؛ وألنه يكره إفراد الصالة بدون السالم‪.‬‬ ‫َو َس ِّل ُموا ت َْسل ً‬
‫ويقاس الصالة والسالم على اآلل والصحب‪ ،‬بالصالة والسالم على‬
‫النبي كما في النهاية للرملي‪ ،‬ويسن ذكر اآلل‪ ..‬جزم به النووي في األذكار‪.‬‬

‫(‪ )6‬سنن النسائي (‪.)538/4‬‬


‫(‪ )5‬المجموع (‪.)399/4‬‬

‫(‪)153‬‬
‫وقال في التحفة‪ :‬ويظهر أن يقاس بهم الصحب؛ لقولهم‪ :‬يستفاد سن‬
‫الصالة عليهم من سنها على اآلل؛ ألنها إذا سنت على اآلل‪ ،‬وفيهم من‬
‫ليسوا صحابة‪ ..‬فعلى الصحابة أولى‪ ،‬وقد استشهد اإلسنوي لسن السالم‬
‫بـ"اآلية الواردة"‪ ،‬واستشهد الزركشي لسن اآلل بخبر‪« :‬كيف نصلي‬
‫عليك‪. »...‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫القول الثاني‪ :‬لم يرتضوا ذكر السالم والصالة على اآلل واألصحاب في‬
‫القنوت‪ ..‬قاله صاحب اإلقليد والتاج الفزاري‪.‬‬
‫وأنكر ابن الفركاح زيادة (وسلم) وكذلك ما اعتيد من ذكر (اآلل‬
‫واألصحاب واألزواج) وقال‪ :‬ال أصل له‪ ..‬كما في أسنى المطالب‪.‬‬
‫وعن أبي الحسن البكري واألشخر‪ :‬أن للذكر من األصول العامة ما‬
‫يقتضي عدم التحجر فيه‪ ،‬وأن زيادات العلماء ـ أي‪ :‬في القنوت ونحوه من‬

‫(‪ )6‬استشكال‪ :‬إن قلت‪ :‬ينافيه إطباقهم على عدم ذكر الصحب في التشهد األول‪.‬‬
‫قلت‪ :‬يفرق بأنهم ثم اقتصروا على الوارد‪ ،‬وهنا لم يقتصروا عليه‪ ،‬بل زادوا ذكر اآلل بحث ًا‪ ،‬فقسنا بهم‬
‫األصحاب لما علمت‪ .‬وإن قلت‪ :‬لِ َم لم يسن ذكر اآلل في التشهد األول؟ وما الفرق بين التشهد األول‬
‫وبين القنوت؟ قلت‪ :‬يفرق بأن القنوت محل دعاء فناسب ختمه بالدعاء لهم بخالف التشهد األول‪ .‬اهـ‬
‫تحفة المحتاج (‪)11/5‬‬
‫(‪)154‬‬
‫األذكار ـ يكون اإلتيان بها أولى‪ ،‬وأنها من البدع الداخلة في حيز‬
‫المسنون ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السابعة عشرة‪ :‬هل يتعين في القنوت الدعاء الوارد عن النبي‬


‫‪‬؟‬

‫فيها وجهان‪ :‬الوجه األول‪ :‬تتعين ككلمات التشهد فإنها متعينة باالتفاق‪،‬‬
‫وبهذا قطع إمام الحرمين والغزالي‪ ،‬وصححه صاحب المستظهري وقال‪:‬‬
‫ولو ترك من هذا كلمة أو عدل إلى غيره‪ ..‬ال يجزئه‪ ،‬ويسجد للسهو‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬وهو الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه ال تتعين‪،‬‬
‫بل يحصل بكل دعاء‪.‬‬
‫وعليه يستشكل كيف اليتعين وقد نصوا على أن من ترك كلم ًة أو حرف ًا‪..‬‬
‫سجد للسهو؟ يجاب‪ :‬بأن محله فيما لو أتى بالوارد وترك كلمة؛ ألنه يتعين‬
‫بالشروع فيه‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫(‪ )6‬تحفة المحتاج (‪ ،)11/5‬نهاية المحتاج (‪ ،)212/6‬حاشية الجمل (‪426/6‬و‪ ،)425‬بشرى‬


‫الكريم (ص‪ ،)546‬أسنى المطالب (‪.)629/6‬‬
‫(‪ )5‬المجموع (‪ ،)392 /4‬بشرى الكريم (ص‪.)595‬‬

‫(‪)155‬‬
‫المسألة الثامنة عشرة‪ :‬إن لم يتعين في القنوت الدعاء الوارد‪ ..‬فبأي دعاء‬
‫يحصل أصل السنة؟‬

‫عند ابن حجر‪ :‬يحصل أصل السنة بدعاء محض‪ ،‬ولو كان هذا الدعاء‬
‫غير مأثور ـ إن كان بأخروي وحده أو [أخروي] مع دنيوي ـ كما في حاشية‬
‫الشرواني نقالً عن ابن حجر في شرح بافضل وااليعاب‪.‬‬
‫وعند األذرعي‪ ،‬وتبعه الجمال الرملي ووالده‪ ،‬واعتمده أصحاب‬
‫الحواشي كالبيجوري والبجيرمي أنه البد في البدل أن يكون دعاء وثناء‬
‫كـ(اللهم اغفر لي يا غفور ـ أو اللهم ارحمني يا رحيم ـ‪ ،‬وصلى الله على‬
‫سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم)‪.‬‬
‫فالدعاء حصل بـ"اغفر وارحم"‪ ،‬والثناء حصل بـ"غفور ورحيم"‬
‫وعند باعشن في بشرى الكريم‪ :‬أن يكون القنوت بدعاء ولو دنيوي غير‬
‫مأثور ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة التاسعة عشرة‪ :‬ما حكم القنوت بآية من القرآن؟‬

‫فيه تفصيل‪ :‬فإما أن تتضمن آية فيها معنى الدعاء ـ كآخر البقرة ـ‪،‬‬

‫(‪ )6‬حاشية الشرواني (‪ ،)12/5‬بشرى الكريم (ص‪.)559‬‬

‫(‪)156‬‬
‫وإما أن ال تتضمن ذلك‪،‬‬
‫فإن تضمنت آية فيها معنى الدعاء‪ ..‬ففيه تفصيل‪:‬‬
‫فإن قصده بها‪ ..‬أجزأت ؛ لحصول الغرض بها‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وإن لم يقصده بها‪ ..‬فال يجزيء‪.‬‬


‫وإن لم تتضمن الدعاء ـ كآية الدين وسورة تبت ـ‪ ..‬ففيها قوالن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬ال تجزئه؛ ألن القنوت للدعاء‪ ،‬وقراءة القرآن في الصالة في‬
‫غير القيام‪ ..‬مكروهة‪ ،‬ورجحه شيخ اإلسالم زكريا األنصاري في أسنى‬
‫المطالب وابن حجر في التحفة‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬تجزئه إذا نوى القنوت؛ ألن القرآن أفضل من الدعاء‪.‬‬
‫وعلى كل‪ ..‬فإن قرأ القرآن في القنوت سواء كان دعاء أو غير ذلك‪ ..‬لم‬
‫تبطل صالته ويسجد للسهو؛ لقراءة نحو سورة في غير محلها ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬قال ابن حجر‪ :‬وال بد من قصده بها؛ لكراهة القراءة في غير القيام‪ ،‬فاحتيج لقصد ذلك حتى يخرج‬
‫عنها‪ .‬التحفة (‪.)12/5‬‬
‫)‪ )5‬المجموع (‪ ،)399 /4‬أسنى المطالب (‪ ،)611 /6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪.)12/5‬‬

‫(‪)157‬‬
‫المسألة العشرون‪ :‬حكم رفع اليدين في القنوت؟‬

‫رفع اليدين فيها وجهان مشهوران‪:‬‬


‫الوجه األول‪ :‬ال يستحب رفع اليدين‪ ،‬واختاره أبو إسحاق الشيرازي في‬
‫المهذب والقفال والبغوي‪ ،‬وحكاه إمام الحرمين عن كثيرين من‬
‫األصحاب‪ ،‬وأشاروا إلى ترجيحه‪ ،‬وكان يزيد ابن أبي مريم ومالك‬
‫واألوزاعي اليستحبون رفع اليدين‪.‬‬
‫واحتجوا بأن الدعاء في الصالة ال ترفع له اليد كدعاء السجود والتشهد‬
‫واالفتتاح‪ ،‬لكن رد ابن حجر والرملي على هذا االحتجاج وفرقا بين‬
‫السجود والتشهد واالفتتاح وبين القنوت؛ بأن ليديه وظيفة هناك‪ ،‬وال وظيفة‬
‫له في القنوت‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬يستحب رفع اليدين‪ ،‬واختاره أبو زيد المروزي إمام طريقة‬
‫الخراسانيين والقاضي أبو الطيب في "تعليقه" والنووي في "المنهاج"‬
‫والشيخ أبو محمد وابن الصباغ والمتولي والغزالي‪ ،‬والشيح نصر المقدسي‬
‫في كتبه الثالث "االنتخاب والتهذيب والكافي"‪ ،‬وآخرين‪ ،‬وقال العمراني‬
‫"صاحب البيان"‪ :‬وهو قول أكثر أصحابنا‪ ،‬واختاره من أصحابنا الجامعين‬

‫(‪)158‬‬
‫بين الفقه والحديث اإلمام الحافظ أبوبكر البيهقي‪ ،‬واعتمده اإلمام النووي‬
‫في "المجموع"‪ ،‬واحتجوا بما روي عن أنس بن مالك عن النبي‬
‫‪ ‬في قصة القراء‪ ،‬قال‪« :‬لقد رأيته كلما صلى الغداة رفع‬
‫يديه يدعو ال يعني‪ :‬على الذين قتلوهم ال» ‪ ،‬وكذلك احتجوا بأن عدد ًا من‬
‫( ‪)6‬‬

‫الصحابة رفعوا أيديهم في القنوت‪ ،‬منهم‪ :‬عمر بن الخطاب وعبدالله بن‬


‫مسعود وعبدالله بن عباس وأبو هريرة ‪ ،‬وبه قال أحمد وإسحاق‬
‫وأصحاب الرأي ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة الحادية والعشرون‪ :‬كيفية رفع اليدين عند القنوت‪.‬‬

‫تحصل السنة برفع اليدين مكشوفتين إلى السماء‪ ،‬وخ َّير في التحفة‬
‫والنهاية سواء كانتا متفرقتين أم ملتصقتين‪.‬‬
‫وفي فتاوى الجمال الرملي‪ :‬الضم أولى‪.‬‬
‫وسواء كانت األصابع والراحة مستويتين أم األصابع أعلى منها‪،‬‬
‫وغاية حد الرفع لليدين‪ :‬إلى المنكب إال إن اشتد األمر‪.‬‬

‫(‪ )6‬السنن الصغير (‪.)621/6‬‬


‫)‪ )5‬المجموع (‪ 211/4‬و‪ ،)212‬تحفة المحتاج (‪ ،)11/5‬نهاية المحتاج (‪.)211/6‬‬

‫(‪)159‬‬
‫ويسن أن اليرفع بصره إلى السماء كما قاله الغزالي‪ ،‬وقال غيره‪ :‬األولى‪:‬‬
‫رفع بصره إلى السماء في غير الصالة ورجح ذلك ابن العماد ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثانية والعشرون‪ :‬كيفية رفع اليدين عند قوله‪( :‬وقني شر ما‬
‫قضيت)؟‬

‫إن دعا لطلب شيء‪ ..‬فإنه يسن أن يجعل بطن كفيه إلى السماء‪.‬‬
‫وإن دعا لالستعاذة من شيء والوقاية منه‪ ..‬ففيه تفصيل‪:‬‬
‫أ‪ .‬أنه يسن جعل بطن كفيه إلى األرض‪ ،‬وظهرهما إلى السماء‪ ..‬إن دعا‬
‫برفع الشر أو عدم حصوله سواء أكان البالء واقع ًا أم ال‪ ،‬وهو رأي‬
‫الجمال الرملي والشوبري والحلبي‪.‬‬
‫ب‪ .‬أنه اليسن جعل بطن كفيه إلى األرض‪ ،‬وهو رأي الشهاب الرملي‬
‫والخطيب الشربيني؛ ألن الحركة في الصالة ليست مطلوبة‪.‬‬
‫ج‪ .‬أنه يسن جعل ظهر كفيه إلى السماء‪ ..‬إذا دعا لرفع بالء وقع‪ ،‬سواء‬
‫كان في نفسه أم في غيره‪ ،‬ويسن جعل بطن كفيه إلى السماء‪ ..‬إذا دعا‬

‫(‪ )6‬حاشية الشرواني (‪.)25/5‬‬

‫(‪)161‬‬
‫لتحصيل شيء ـ كرفع بالء عنه فيما بقي من عمره ـ‪ ،‬وهذا هو رأي‬
‫ابن حجر ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة والعشرون‪ :‬حكم مسح الوجه أو غيره بعد الدعاء في‬
‫القنوت‪.‬‬

‫فيه ثلثة أوجه‪:‬‬


‫الوجه األول‪ :‬وهو الراجح‪ :‬اليسن مسح الوجه مطلق ًا؛ إذ لم يثبت فيه‬
‫شيء‪ ..‬صححه اإلمام البيهقي والرافعي والنووي في المجموع وآخرون‬
‫من المحققين‪ ،‬وتبعهم شيخ اإلسالم زكريا األنصاري في أسنى المطالب‪،‬‬
‫وابن حجر في التحفة‪ ،‬والخطيب الشربيني في المغني‪.‬‬
‫قال البيهقي‪ :‬لست أحفظ في مسح الوجه هنا عن أحد من السلف شيئ ًا‪،‬‬
‫فأما في الصالة‪ ..‬فهو عمل لم يثبت فيه خبر وال أثر وال قياس‪ ،‬فاألولى أن‬
‫اليفعله ويقتصر على ما نقله السلف عنهم من رفع اليدين دون مسحهما‬
‫بالوجه في الصالة‪.‬‬

‫(‪ )6‬المنهج القويم (ص‪615‬و‪ ،)614‬حاشية الشرواني (‪.)25/5‬‬

‫(‪)161‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬يسن مسح الوجه‪ ..‬وبه قطع القاضي أبو الطيب والشيخ أبو‬
‫محمد الجويني وابن الصباغ والمتولي والشيخ نصر في كتبه والغزالي‬
‫والعمراني (صاحب البيان)‪ ،‬وقال النووي في المجموع‪ :‬أنه األشهر‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬إن قلنا ال يرفع اليدين‪ ..‬فاليشرع المسح بال خالف‪.‬‬
‫والحاصل في المسألة ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬وهو الصحيح يستحب رفع يديه دون مسح الوجه‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬يستحبان‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬ال يستحبان‪.‬‬
‫وأما مسح الوجه خارج الصلة‪ ..‬فيندب‪ ،‬كما جزم به النووي في‬
‫( ‪)6‬‬
‫التحقيق‪ ،‬ولم يندبه في المجموع‪.‬‬

‫المسألة الرابعة والعشرون‪ :‬ما حكم مسح غير الوجه؟‬

‫أما مسح غير الوجه ـ كالصدر وغيره ـ‪ ..‬فال يسن مسحه قطع ًا‪ ،‬بل نص‬
‫جماعة على كراهته ـ كما قاله الرملي والخطيب وابن حجر في المنهج‬

‫(‪ )6‬المجموع (‪ ،)211/4‬تحفة المحتاج (‪ ،)25/5‬مغني المحتاج (‪ ،)494/6‬حاشية الشرواني‬


‫(‪.)25/6‬‬

‫(‪)162‬‬
‫القويم ـ ولو في خارج الصالة‪ ،‬وقال الشبراملسي عن تقبيل اليد بعد الدعاء‪:‬‬
‫أما ما يفعله العامة من تقبيل اليد بعد الدعاء‪ ..‬فال أصل له ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الخامسة والعشرون‪ :‬الجهر في القنوت للمنفرد والإمام‪.‬‬

‫المنفرد يسر به بال خالف‪ ..‬كما صرح به الماوردي والبغوي وغيرهما‪.‬‬


‫أما إذا قنت اإلمام في الوتر‪ ..‬ففيها وجهان مشهوران‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬اليجهر اإلمام في القنوت كالتشهد وكسائر الدعوات‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬وهو األصح أنه يستحب الجهر‪ ،‬وبه قطع أكثر العراقيين‪،‬‬
‫ودليله عن أبي هريرة ‪« ‬أن النبي ‪ ‬جهر بالقنوت‬
‫في قنوت النازلة» ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫ويسن الجهر في القنوت حتى في الصالة والسالم على النبي‬


‫‪ ،‬سواء في حالة الجهرية أو السرية ‪ ،‬ويسن أن يجهر به‬
‫( ‪)4‬‬

‫اإلمام وإن كان المأمومون اليسمعون لصمم بهم مثالً‪.‬‬

‫(‪ )6‬المنهج القويم (ص‪ ،)614‬حاشية الشرواني (‪.)25/6‬‬


‫(‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)48 /1‬‬
‫(‪ )4‬ـ أي‪ :‬كأن فعلت بعد طلوع الشمس ـ‪.‬‬
‫(‪)163‬‬
‫أسر اإلما ُم بالدعاء‪ ..‬حصل سنة القنوت وفاته سنة الجهر‪ ،‬خالفاً لما‬
‫فإن َّ‬
‫اقتضاه كالم الحاوي الصغير من فواتهما‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وإن جهر اإلمام في القنوت‪ ..‬فليكن جهره به دون جهره بالقراءة‪ ،‬وقيَّد‬
‫الحفني‪ :‬ما لم يزد المأمومون بعد القراءة وقبل القنوت‪ ،‬وإال‪ ..‬جهر به بقدر‬
‫ما يسمعون‪ ،‬وإن كان مثل جهره بالقراءة ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة السادسة والعشرون‪ :‬هل يقنت المأموم في الصلاة؟‬


‫أ‪ .‬على اعتبار أن األصح‪ :‬هو الجهر لإلمام‪ ،‬فالمأموم في ذلك على‬
‫حالتين‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬إن كان المأموم يسمع قنوت إمامه‪ ..‬فوجهان‬
‫للخراسانين‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬وهو األصح‪ :‬أن المأموم ال يقنت‪ ،‬بل يؤ ِّمن على دعاء‬
‫اإلمام ‪ ،‬وبهذا قطع األكثرون‪ ،‬ودليله‪ :‬ما رواه أبو داود (‪ )18/5‬عن‬ ‫( ‪)4‬‬

‫(‪ )6‬الحاوي الصغير لإلمام القزويني‪.‬‬


‫(‪ )5‬المجموع (‪ ،)216/4‬حاشية الجمل (‪ ،)425/6‬حاشية الشرواني (‪.)25/5‬‬
‫(‪ )4‬قال في الروض وشرحه‪ :‬ويؤ ِّمن المأموم للدعاء كما كانت الصحابة يؤ ِّمنون خلف النبي‬
‫‪ ‬في ذلك ويجهر به كما في تأمين القراءة‪ .‬إعانة الطالبين (‪.)689/6‬‬
‫(‪)164‬‬
‫عبدالله بن عباس ‪ ‬قال‪« :‬قنت رسول الله ‪‬‬
‫شهر ًا متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلة الصبح في دبر كل‬
‫صلة‪ ،‬إذا قال‪ :‬سمع الله لمن حمده من الركعة اآلخرة‪ ،‬يدعو على أحياء‬
‫من بني ُسليم‪ ،‬على ِر ْعل َو َذك َْو َ‬
‫ان َو ُع َص َّي َة [وزاد في البخاري‪ :‬وبنو‬
‫( ‪)1‬‬

‫ويؤمن َم ْن خلفه »‪.‬‬


‫( ‪)2‬‬
‫لحيان]‪ِّ ،‬‬
‫ومن الدعاء‪ :‬الصالة على النبي ‪ ..‬فيؤ ِّمن لها على‬
‫األوجه ـ كما سيأتي ـ‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬يتخير المأموم بين القنوت‪ ،‬وبين التأمين على دعاء اإلمام‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬إن كان المأموم اليسمع قنوت إمامه لب ٍ‬
‫عد‪ ،‬أو صم ٍم‪ ،‬أو‬
‫سمع صوت ًا لم يفهمه‪ ،‬أو فهم منه ما ليس بمفيد‪ ..‬فوجهان‪:‬‬

‫(‪ِ )6‬ر ْعل‪ :‬بطن من بني سليم ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم‪،‬‬
‫وأما ذكوان‪ :‬فينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم‪ ،‬وبئر معونة‪ :‬موضع في بالد هذيل بين مكة‬
‫وعسفان وهذه الوقعة تعرف بسرية القراء‪ .‬فتح الباري (‪.)429/2‬‬
‫(‪ )5‬دعا النبي ‪ ‬على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة غدر ًا‪ ،‬قال أنس بن مالك‬
‫‪ : ‬كنا نسميهم القراء‪ ،‬يحطبون بالنهار ويصلون بالليل‪ ،‬وأنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن‬
‫قرأناه‪ ،‬ثم نسخ بعد‪( :‬بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا‪ ،‬ورضينا عنه)‪ ،‬والذين استشهدوا ببئر معونة‬
‫كانوا من األنصار‪ .‬شرح البخاري البن بطال (‪.)58/2‬‬
‫(‪)165‬‬
‫الوجه األول‪ :‬وهو األصح‪ :‬يقنت المأموم سر ًا كسائر األذكار والدعوات‬
‫التي اليسمعها كما نص عليه في أسنى المطالب والمنهج القويم‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬يؤ ِّمن المأموم على دعاء إمامه‪.‬‬
‫ب‪ .‬وعلى اعتبار القول المقابل لألصح وهو عدم الجهر بالنسبة لإلمام‪..‬‬
‫فالمأموم يقنت ويسر ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السابعة والعشرون‪ :‬حكم التأمين في القنوت‪.‬‬

‫في المسألة وجهان‪:‬‬


‫الوجه األول‪ :‬وهو األصح أن المأموم يؤ ِّمن جهر ًا في الكلمات الخمس‬
‫ـ التي هي دعاء ـ‪ ..‬وبه قطع األكثرون‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أنه يؤ ِّمن في الجميع دعا ًء وثنا ًء ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫(‪ )6‬المجموع (‪ 216/4‬و‪ ،)215‬أسنى المطالب (‪ ،)611/6‬المنهج القويم (ص‪ ،)614‬حاشية‬


‫الجمل (‪.)424/6‬‬
‫(‪ )5‬المجموع (‪ 216/4‬و ‪.)215‬‬
‫(‪)166‬‬
‫المسألة الثامنة والعشرون‪ :‬حكم التأمين في الصلاة على النبي‬
‫‪.‬‬

‫يسن أن يؤ ِّمن المأموم في الصالة على النبي ‪ ‬كما‬


‫صرح به المحب الطبري‪ ،‬وأفتى به الشهاب الرملي‪ ،‬وعليه شروح المنهاج‬
‫ـ التحفة والمغني والنهاية ـ‪ ..‬وهو المعتمد‪.‬‬
‫وخالف ذلك‪ :‬ابن قاسم الغزي والجوجري فقاال‪ :‬بأنه ثناء فيشاركه‪،‬‬
‫واستدال بحديث ورد عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪« :‬رغم أنف رجل ُذكرت عنده‪ ..‬فلم يصل علي» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ور َّد على هذا االستدالل؛ بأن طلب استجابة الصالة عليه بآمين في معنى‬
‫الصالة عليه‪ ،‬فهو في قوة أن يقول‪ :‬استجب يا رب صالة اإلمام‪ ،‬وهو األليق‬
‫بالمأموم؛ ألنه تابع للداعي فناسبه التأمين على دعائه؛ قياساً على بقية‬
‫القنوت‪ ،‬وال شاهد في الخبر؛ ألنه في غير المصلي‪.‬‬
‫واألولى‪ :‬الجمع‪ ،‬فيؤمن ويشارك؛ ألن فيه العمل بالرأيين ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫(‪ )6‬مسند أحمد (‪.)356/65‬‬


‫(‪ )5‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)24/5‬مغني المحتاج (‪ ،)493/6‬نهاية المحتاج مع حاشية‬
‫الشبراملسي (‪.)212/6‬‬
‫(‪)167‬‬
‫المسألة التاسعة والعشرون‪ :‬الثناء في القنوت‪.‬‬

‫يسن أن يجهر اإلمام في الثناء‪ ،‬وهو عند قوله (فإنك تقضي وال يقضى‬
‫سراً‪ ..‬وهو األولى على‬
‫عليك‪ )...‬إلخ‪ ،‬يسن للمأموم أن يأتي بالثناء َّ‬
‫األصح‪ ،‬فيشاركه في قوله؛ ألنه ثناء وذكر ال يليق فيه التأمين‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يؤ ِّمن فيه أيض ًا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يسكت مستمع ًا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يقول (أشهد) كما قاله الغزالي في اإلحياء وتبعه القمولي‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يقول (بلى‪ ،‬وأنا على ذلك من الشاهدين)‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يقول (صدقت وبررت )‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫ت َو َب ِر ْر َت) خلف على قولين‪:‬‬


‫‪ ‬وفي االتيان بال( َصدَ ْق َ‬
‫فعند ابن حجر في التحفة والخطيب في المغني‪ :‬يبطل الصالة بقول‬
‫ذلك‪،‬‬

‫)‪َ ( )6‬و َب ِر ْرت) بكسر الراء األولى‪ ،‬وحكي فتحها‪ ،‬وهو من البر‪ .‬فتح الباري (‪.)531/61‬‬

‫(‪)168‬‬
‫وعند الرملي في النهاية ووالده تبع ًا للغزالي‪ :‬ال يبطل الصالة؛ ألن قوله‬
‫ذلك متضمن للثناء‪ ،‬فهو المقصود منه هنا لذاته‪ ،‬فهو بمعنى‪( :‬فإنك تقضي‬
‫وال يقضى عليك)‪.‬‬
‫وعلى هذه األقوال استشكل السيد عمر البصري‪ ..‬هل يكررها لكل‬
‫مضمون ال أي عند كل جملة من الثناء ال‪ ،‬أو ال يزال يكررها‪ ،‬أو يأتي بها مرة؟‬
‫قال الشرواني‪ :‬لعل األقرب أنه يكررها عند كل جملة من الثناء ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬المجموع (‪ ،)215/4‬نهاية المحتاج (‪ ،)212/6‬حاشية الجمل (‪ ،)425/6‬حاشية الشرواني‬


‫(‪.)24/5‬‬

‫(‪)169‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬ما يسن قوله وفعله بعد الوتر‪.‬‬
‫ويستحب بعد الوتر أن يستاك‪ ،‬ويقول‪ :‬سبحان الملك القدوس (ثالثاً)‪،‬‬
‫سبحان الملك القدوس‪ ،‬رب المالئكة والروح‪ ،‬جللت السماوات‬
‫واألرض بالعظمة والجبروت‪ ،‬وتعززت بالقدرة‪ ،‬وقهرت العباد بالموت‪.‬‬
‫«اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك‪ ،‬وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك‪،‬‬
‫وأعوذ بك منك ال أحصي ثناء عليك‪ ،‬أنت كما أثنيت على نفسك»‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫دليل ذلك‪ :‬ما ورد عن النبي ‪ ‬أنه كان يقول بعد الوتر‬
‫«سبحان الملك القدوس» ثالث ًا‪ ،‬ويرفع صوته بالثالثة‪ ،‬وفي رواية‪( :‬مدَّ ) أي‪:‬‬
‫طول صوته بالثالثة حتى ينقطع نفسه ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬
‫َّ‬
‫(سبحان الملك القدوس‪ ،‬رب المالئكة والروح‪ ،‬ج َّللت السموات‬
‫واألرض بالعظمة والجبروت‪ ،‬وتعززت بالقدرة‪ ،‬وقهرت العباد بالموت)‪..‬‬
‫ذكره أبو طالب المكي في قوت القلوب‪ ،‬والغزالي في اإلحياء‪.‬‬

‫)‪( )6‬وبك منك) أي‪ :‬استجير بك من غضبك‪ .‬تحفة المحتاج (‪.)538/5‬‬


‫)‪ )5‬سنن النسائي (‪.)532/4‬‬

‫(‪)171‬‬
‫وورد عن علي بن أبي طالب ‪ ‬أن النبي ‪ ‬كان‬
‫يقول في وتره‪« :‬اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك‪ ،‬وأعوذ بمعافاتك من‬
‫عقوبتك‪ ،‬وأعوذ بك منك ال أحصي ثناء عليك‪ ،‬أنت كما أثنيت على‬
‫نفسك» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫مسألة‪ :‬هل يسن الاضطجاع بعد الوتر؟‬


‫الذي صرح به السيد السمهودي‪ :‬نعم يسن؛ ألنه ورد من حديث عائشة‬
‫‪« ‬أن رسول الله ‪ ،‬كان يصلي بالليل إحدى‬
‫عشرة ركعة‪ ،‬يوتر منها بواحدة‪ ،‬فإذا فرغ منها اضطجع على شقه األيمن‪،‬‬
‫حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين» ‪ ،‬وورد في حديث أنه يضطجع‬
‫( ‪)5‬‬

‫)‪ )6‬سنن الترمذي (‪ ،)216/2‬قال الخطابي‪ :‬في هذا معنى لطيف‪ ،‬وذلك أنه سأل الله أن يجيره برضاه‬
‫من سخطه‪ ،‬وبمعافاته من عقوبته‪ ،‬والرضا والسخط ضدان متقابالن‪ ،‬وكذلك المعافاة والمآخذة‬
‫بالعقوبة‪ ،‬فلما صار إلى ذكر ما ال ضد وهو الله تعالى أظهر العجز واالنقطاع وفزع منه إليه فاستعاذ به‬
‫منه‪.‬‬
‫وفي قوله (كما أثنيت على نفسك) اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء ورد ذلك إلى المحيط علمه بكل‬
‫شيء جمل ًة وتفصيالً‪ ،‬فكما أنه تعالى ال نهاية لسلطانه وعظمته‪ ،‬فكذلك ال نهاية للثناء عليه تبارك وتعالى‪.‬‬
‫)‪ )5‬صحيح مسلم (‪.)218/6‬‬

‫(‪)171‬‬
‫بعد سنة الفجر‪ ،‬قال النووي‪ :‬فلعله كان ‪ ‬يضطجع قبل‬
‫وبعد‪.‬‬
‫وورد من دعاء اإلمام الشافعي بعد الوتر‪( :‬إلهي تعرضك في هذا الليل‬
‫المتعرضون‪ ،‬وقصدك القاصدون‪ ،‬وأ َّمل معروفك الطالبون‪ ،‬ورغب إلى‬
‫جودك وكرمك الراغبون‪ ،‬ولك في هذا الليل نفحات وعطايا ومواهب‬
‫وجوائز تمن بها على من تشاء من عبادك‪ ،‬فاجعلنا يا رب ممن سبقت له‬
‫العناية‪ ،‬هأنا أدعوك كما أمرتني‪ ،‬فاستجب لي كما وعدتني‪ ،‬إنك ال تخلف‬
‫الميعاد) ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫** ** **‬

‫)‪ )6‬قوت القلوب (‪ ،)31/6‬إحياء علوم الدين (‪ ،)434/6‬شرح النووي على مسلم (‪ ،)51/1‬الوسائل‬

‫الشافعة (ص‪ ،)513‬حاشية الجرهزي (ص‪ ،)429‬تعليق على البيان (‪.)521/5‬‬

‫(‪)172‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬مسائل في صلاة الوتر‪.‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬إعادة الوتر وتكميل الوتر‪.‬‬

‫أ‪ .‬مسألة إعادة الوتر‪ :‬أن يصلي ركعة الوتر ثم يعيد الركعة مرة أخرى‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬ال يجوز عند ابن حجر والرملي؛ لخبر «ال وتران في ليلة» ‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وذلك في حالة األداء‪ ،‬أما في حالة القضاء‪ ..‬فال مانع من وترين أو أكثر في‬
‫ليلة ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫ب‪ .‬مسألة تكميل الوتر‪ :‬بأن يصلي الوتر ثالث ًا مثالً ثم يكمل ما تبقى من‬
‫الركعات‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬اختلف في هذه المسألة على رأيين‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬عدم جواز تكميل الوتر‪.‬‬

‫)‪ )6‬سنن النسائي (‪ ،)559/4‬سنن أبي داود (‪ ،)12/5‬سنن الترمذي (‪ .)443/5‬وهي لغة بني الحارث‬
‫وليست لغة أهل الحجاز‪ ،‬إذ الجاري على القواعد العربية "ال وترين" إال أن يقال‪ :‬إنه على لغة من يلزم‬
‫المثنى األلف في جميع األحوال‪ ،‬فيكون مبني ًا على فتحة مقدرة على األلف‪ ،‬منع من ظهوره التعذر‪.‬‬
‫حاشية البجيرمي على شرح المنهج (‪.)528/6‬‬
‫)‪ )5‬حاشية القليوبي (‪.)533/6‬‬
‫(‪)173‬‬
‫وهو قول الرملي ووالده ‪ ،‬ونص عليه ابن قاسم في حاشية المنهج‪ ،‬وهو‬ ‫( ‪)6‬‬

‫قول ابن الصالح والزيادي والشرواني ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬جواز تكميل الوتر‪.‬‬


‫وهو قول ابن حجر في الفتاوى واإليعاب‪ ،‬والبكري والعمودي واستقربه‬
‫الشبراملسي‪ ..‬قال ابن حجر في فتاويه‪( :‬نعم له أن يصلى الوتر ثلثاً مثلً‪،‬‬
‫وترا أن فيه الوتر‪ ،‬وهو كذلك سواء توسط‬
‫ثم يكمل بعد ذلك؛ إذ معنى كونه ً‬
‫الوتر أم تقدم أم تأخر) ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫ملحظة‪ :‬قد اختلف متأخرو الشافعية في فهم عبارة التحفة‪ ،‬وهل هي‬
‫عائدة على التكميل أو اإلعادة‪:‬‬

‫(‪ )6‬عبارة فتاوى الرملي‪( :‬سئل‪ ):‬عمن صلى الوتر ركعة أو ثالث ًا في أول الليل ثم قام في آخر الليل أو‬
‫أوسطه وصلى باقيه إلى تمام اإلحدى عشرة فهل يكون فعله لذلك وتر ًا ثاني ًا أو يكون وتر ًا واحد ًا‪...‬؟‬
‫(فأجاب‪ ):‬بأنه ال يكون ما فعله ثاني ًا وتر ًا مطلقاً؛ لخبر «ال وتران في ليلة»‪ ،‬ثم إن نوى بالثاني الوتر عامداً‬
‫عالم ًا لم ينعقد‪ ،‬وإال صح نفالً مطلقاً‪568/6( .‬و‪)569‬‬
‫(‪ )5‬فتاوى ابن الصالح (‪ ،)548/6‬حاشية الشبراملسي (‪ ،)665/5‬حاشية الجمل (‪ ،)384/6‬حاشية‬
‫الشرواني (‪.)551/5‬‬
‫(‪ )4‬الفتاوى الفقهية الكبرى (‪ ،)682/6‬ترشيح المستفيدين (‪96‬و‪ ،)95‬حاشية الشرواني (‪.)551/5‬‬

‫(‪)174‬‬
‫فعبارة التحفة مع المنهاج (‪( :)559/5‬فإن أوتر ثم تهجد) أو عكس أو‬
‫لم يتهجد أصالً‪( ..‬لم يعده) أي‪ :‬لم يندب ـ أي‪ :‬يشرع له إعادته ـ فإن أعاده‬
‫بنية الوتر‪ ..‬فالقياس بطالنه من العالم بالنهي اآلتي‪ ،‬وإال انعقد نفالً مطل ًقا‪،‬‬
‫وذلك للخبر الصحيح‪« :‬ال وتران في ليلة»‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫فالطائفة األولى‪ :‬فهمت من هذه العبارة أنه ال يجوز تكميل الوتر عند ابن‬
‫حجر في التحفة‪ ،‬وذهب إلى هذا الفهم‪ :‬الشرواني في حاشيته وفتاوى‬
‫بافضل والمنهل النضاخ‪.‬‬
‫والطائفة الثانية‪ :‬فهمت من هذه العبارة أنه ال يجوز اإلعادة ولم يفهموا‬
‫أنه ال يجوز التكميل‪ ،‬وقد صرحوا أنه لم يتكلم في التحفة عن التكميل بل‬
‫ذكرها في الفتاوى واإليعاب بجواز ذلك‪ ،‬وذهب إلى هذا الفهم مع‬
‫التصريح الذي قلناه‪ :‬السيد علوي بن أحمد السقاف في ترشيح‬
‫المستفيدين‪.‬‬

‫(‪)175‬‬
‫ونصوص الطائفة األولى (القائلين‪ :‬بعدم جواز تكميل الوتر)‪:‬‬
‫نقل الشرواني في حاشيته (‪( :)551/5‬فرع) لو صلى واحدة بنية الوتر‪..‬‬
‫حصل الوتر‪ ،‬وال يجوز بعدها أن يفعل شيئ ًا بنية الوتر؛ لحصوله وسقوطه‪،‬‬
‫فإن فعل عمد ًا‪ ..‬لم تنعقد‪ ،‬وإال انعقدت نفالً مطلق ًا‪ ،‬وكذا لو صلى ثالث ًا بنية‬
‫الوتر وسلم‪ ..‬كذا نقل الرملي عن والده‪ .‬اهـ‬
‫وضعف الشرواني ما استقربه علي الشبراملسي من فتوى ابن حجر‬
‫( ‪)6‬‬

‫بالجواز خالف ًا للرملي بعدم الجواز‪ ،‬فقال الشرواني‪ :‬بأن ذلك [أي‪ :‬جواز‬
‫تكميل الوتر] مخالف لما اتفق عليه الشروح الثالثة ـ أي‪ :‬التحفة والنهاية‬
‫والمغني ـ‪.‬‬
‫وفي فتاوى بافضل (ص‪ :)614‬لو أوتر بثالث أول الليل ثم أراد التكميل‬
‫فالذي اعتمده ابن حجر في التحفة والرملي في النهاية‪ ..‬اليجوز‪ ،‬واعتمد‬
‫ابن حجر في فتاويه الكبرى والبكري والعمودي‪ ..‬الجواز‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫(‪ )6‬تتمة كالم الشبراملسي في حاشيته (‪ :) 665/5‬وقد ينازع في قول الرملي لسقوط الطلب بأن سقوط‬
‫الطلب ال يقتضي منع البقية‪ ،‬أال ترى أن فرض الكفاية يسقط الطلب فيه بفعل واحد ولو فعله غيره بعده‪..‬‬
‫أثيب عليه ثواب الفرض‪.‬‬

‫(‪)176‬‬
‫وفي المنهل النضاخ (ص‪ :)611‬لو صلى ثالث ًا بنية الوتر وسلم‪ ..‬امتنع‬
‫عليه أن يفعل باقيه‪ ،‬كما في التحفة والنهاية والمغني‪ ،‬لكن صرح في الفتاوي‬
‫بجوازه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ونص الطائفة الثانية (القائلين‪ :‬بجواز تكميل الوتر)‪:‬‬
‫قال السيد علوي السقاف في ترشيح المستفيدين (ص‪ :)95-96‬إذا‬
‫صلى ثالث ًا ثم أراد أن يكملها‪ ...‬ولم أر في التحفة ما يخالف ذلك‪ ،‬فادعاء‬
‫محشيها الشرواني أنها موافقة للنهاية والمغني في منع ذلك‪ ،‬وأن ما استقربه‬
‫الشبراملسي ضعيف مخالف للتحفة أيض ًا وهم عجيب وفهم غريب ‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وممن نص على أن ابن حجر يجيز التكميل دون تفريق بين كتبه‪:‬‬
‫ابن قاسم العبادي في حاشيته على المنهج ‪،‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫(‪ )6‬ال يفهم من نص التحفة أنه تكلم عن التكميل بل عن اإلعادة‪ ،‬وهناك فرق بينهما‪ ،‬ولعل الراجح هو‬
‫ما ذهب إليه السيد علوي السقاف في فهمه لكالم التحفة‪ ،‬وذلك أن عدد ًا من الحواشي والفتاوى عندما‬
‫جوز ذلك‪ ،‬دون أن يفرقوا في كالمه بين التحفة أو‬
‫يتكلمون عن مسألة التكميل يذكرون أن ابن حجر ّ‬
‫الفتاوى‪ ،‬فدل ذلك على عدم نصه في التحفة‪ ،‬والله أعلم‪( .‬عبدالله الكاف)‬
‫(‪ )5‬لو صلى واحدة بنية الوتر‪ ..‬حصل الوتر‪ ،‬وال يجوز بعدها أن يفعل شيئ ًا بنية الوتر؛ لحصوله‬
‫وسقوطه‪ ،...،‬كذا نقل الرملي عن والده‪ ،‬ورأيت شيخنا ابن حجر أفتى بخالف ذلك [(ابن قاسم في‬
‫(‪)177‬‬
‫والبجيرمي في حاشيته على الخطيب ‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعمر بافرج في فتح العلي ‪،‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫وباصبرين في إثمد العينين ‪.‬‬


‫( ‪)4‬‬

‫حاشيته على المنهج)]‪ ..‬أي‪ :‬إذا صلى ركعة من الوتر أو ثالثة مثالً‪ ..‬جاز له أن يفعل باقيه‪ .‬حاشية‬
‫الشرواني (‪)551/5‬‬
‫(‪ )6‬قال البجيرمي في حاشيته على شرح الخطيب (‪ :)361/6‬ولو صلى ثالث ًا ثم أراد تكميل اإلحدى‬
‫عشرة أو جعله خمس ًا مثال فهل له ذلك أو ال؛ ألنه لما صلى ركعة الوتر‪ ،‬فالواقع بعدها ليس من الوتر؟‬
‫كل محتمل‪ ،‬واألول أقرب‪ ،‬وتعليل الثاني ممنوع‪ .‬اهـ‪ .‬ابن حجر‪ .‬وقوله‪( :‬واألول أقرب)‪ :‬الذي اعتمده‬
‫الرملي خالفه وعلله بالحديث‪« :‬ال وتران في ليلة» (حفني)‪.‬‬
‫(‪ )5‬قال بافرج في فتح العلي (ص‪ :)226‬لو أوتر بثالث ركعات مثالً له أن يصلي الباقي منه بنية الوتر‬
‫كما استظهره ابن حجر‪ ،‬وخالفه الرملي فقال‪ :‬ال ينعقد من عامد عالم وإال انعقد نفالً مطلق ًا‪.‬‬
‫(‪ )4‬قال باصبرين في إثمد العينين (ص‪ :)52‬أفتى ابن حجر بأن من صلى الوتر ثالث ًا‪ ..‬له أن يصلي باقية‬
‫بنية الوتر‪ ،‬خالف ًا للرملي‪.‬‬
‫(‪)178‬‬
‫أما السيد عبدالرحمن المشهور في (بغية المسترشدين) فنقل عن‬
‫الفتاوى ولم ينقل عن التحفة شيئ ًا ‪ ،‬وكذلك السيد محمد بن حامد السقاف‬
‫( ‪)6‬‬

‫(صاحب فتاوى ابن حامد) صرح بقول ابن حجر في فتاويه ورجح قوله ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫فلعل ما في فتاوى بافضل والمنهل النضاخ قد اعتمدا تحقيق الشرواني‬


‫في حاشيته‪.‬‬
‫والذي يظهر كذلك من عبارة النهاية والمغني أنهما لم ينصا عن مسألة‬
‫تكميل الوتر‪ ،‬وإنما نصا في مسألة إعادة الوتر؛ ألن عبارتهما متوافقة مع‬
‫عبارة التحفة ‪ ،‬ونص الرملي بعدم جواز تكميل الوتر هو ما في فتاويه وما‬ ‫( ‪)4‬‬

‫نقله عنه ابن قاسم في حاشيته على المنهج كما تقدم في حاشية الشرواني‪.‬‬

‫(‪ )6‬قال السيد العالمة عبد الرحمن المشهور في بغية المسترشدين (‪ :)696/5‬ولو أوتر بثالث ثم أراد‬
‫التكميل‪ ..‬جاز‪ ،‬قاله البكري وابن حجر في فتاويه والعمودي‪ ،‬وقال الرملي‪ :‬ال يجوز‪.‬‬
‫(‪ )5‬قال السيد العالمة محمد بن حامد السقاف في فتاويه‪ :‬بأن ابن حجر صرح في فتاويه تبع ًا للمجموع‬
‫يتمم ما أراده إلى أكمله‪ ،‬وعليه عمل سلفنا وخلفنا ونحن نجري مجراهم‪ ،‬وما شربنا في العمل إال‬
‫بأنه ِّ‬
‫من مائهم‪ ،‬وهم لنا قدوة وإن لم نقف لهم على دليل من أهل الفتوة؛ لما نعلم أنهم ال يتجاوزون الشرع‪،‬‬
‫وقد يعملون بالمرجوح عند أهل الظاهر وهم يرونه الراجح بنور السرائر‪ .‬فتاوى ابن حامد (ص‪.)531‬‬
‫(‪ )4‬عبارة الرملي في نهاية المحتاج (‪( :)662/5‬فإن أوتر ثم تهجد أو عكس) أو لم يتهجد ً‬
‫أصال (لم‬
‫يعده) أي‪ :‬ال تطلب إعادته‪ ،‬فإن أعاده بنية الوتر عامدً ا عال ًما حرم عليه ذلك‪ ،‬ولم ينعقد كما أفتى به الوالد‬
‫لخبر (ال وتران في ليلة) وهو خبر بمعنى النهي‪.‬‬
‫(‪)179‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬هل تسن إعادة الوتر في رمضان؟‬

‫إعادة الوتر في رمضان على رأيين‪:‬‬


‫الرأي األول‪ :‬أنه تسن إعادة الوتر في رمضان؛ ألنه تشرع فيه الجماعة‬
‫لقاعدة (كل صالة تشرع فيها الجماعة‪ ..‬سنت إعادته)‪ ،‬وعليه فخبر «ال‬
‫وتران في ليلة» محله‪ :‬في غير رمضان‪ ..‬وبه قال ابن حجر في التحفة‬
‫وعبدالله بن عمر بامخرمة في الفتاوى العدنية‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬ال تعاد صالة وتر ولو رمضان لحديث «ال وتران في ليلة»‬
‫وهو خاص‪ ،‬فيقدم على عموم خبر اإلعادة‪ ،‬وبه قال الرملي ومال إليه‬
‫البصري‪ ،‬وجزم به الزيادي‪ ،‬والحلبي‪ ،‬والشوبري‪ ،‬وعطية األجهوري‪،‬‬
‫والبجيرمي موافقة الرملي‪.‬‬

‫وعبارة مغني المحتاج (‪212/6‬و‪( :)211‬فإن أوتر ثم تهجد) وكذا إن لم يتهجد (لم يعده) أي‪ :‬الوتر‬
‫ثاني ًا‪ ،‬أي‪ :‬ال يسن له إعادته لخبر «ال وتران في ليلة» واألصل في الصالة إذا لم تكن مطلوبة‪ ..‬عدم‬
‫االنعقاد‪ ،‬فلو أوتر ثاني ًا‪ ..‬لم يصح وتره‪.‬‬
‫(‪)181‬‬
‫قال الشرواني‪ :‬وهو األقرب‪ ،‬فلو أعاده بنية الوتر عامد ًا عالماً‪ ..‬لم تنعقد‪،‬‬
‫وإال‪ ..‬انعقد نفالً مطلق ًا ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬ما حكم لو صلى بعض الوتر ولم يختمها بركعة ثم أراد‬
‫صلاة أخرى ثم أراد أن يكمل الباقي من صلاة الوتر؟‬

‫صح ذلك ولكن وصلها أولى كما أفتى به البلقيني ‪.‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬مسألة نقض الوتر‪.‬‬

‫كيفية نقض الوتر‪ :‬إذا أوتر وختم وتره بركعة‪ ،‬وأراد أن يصلي بعد قيامه‬
‫وتهجده‪ ..‬صلى ركع ًة حتى يصير وتره شفع ًا‪ ..‬فيحصل نقض الوتر‪ ،‬ثم‬
‫يتهجد ثم يختم الوتر بركعة؛ ليقع الوتر آخر صالته‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬فيه خلف على قولين‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬المعتمد أنه ال يجوز نقض الوتر؛ لحديث طلق بن علي‬
‫‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬ال وتران في‬

‫(‪ )6‬الغرر البهية (‪ ،)496/6‬تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (‪ ،)582/5‬حجة المشمرين‬


‫(ص‪ ،)619‬حاشية الجمل (‪ ،)383/6‬عمدة المفتي والمستفتي (‪.)655/6‬‬
‫(‪ )5‬تحفة المحتاج (‪ ،)531/5‬قالئد الخرائد (‪.)654/6‬‬

‫(‪)181‬‬
‫ليلة» ؛ وألن الرجل إذا أوتر أول الليل‪ ..‬فقد قضى وتره‪ ،‬فإذا هو نام بعد‬
‫( ‪)6‬‬

‫ذلك ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى‪ ،‬فهذه الصالة غير الصالة األولى‪،‬‬
‫وغير جائز في النظر أن تتصل بهذه الركعة األولى التي صالها في أول‬
‫الليل‪ ،‬فال يصيران صالة واحدة وبينهما نوم وحدث ووضوء وكالم في‬
‫الغالب‪ ،‬وقد كتبها الملك الحافظ وتر ًا فكيف تعود شفع ًا؟‪ ،‬فهما صالتان‬
‫متباينتان كل واحدة غير األولى‪ ،‬والشك أن من فعل ذلك‪ ..‬فقد أوتر‬
‫مرتين‪ ،‬ثم إن وتره أيض ًا في آخر صالته وتر ثالث‪ ،‬والنبي‬
‫‪ ‬يقول «ال وتران في ليلة» وهذا قد أوتر ثالثاً‪ ،‬وقال‬
‫‪« ‬اجعلوا آخر صلتكم بالليل وتر ًا» ‪ ،‬وهذا قد جعل‬
‫( ‪)5‬‬

‫الوتر في مواضع من صالته‪.‬‬


‫وقد سئلت السيدة عائشة ‪ ‬عن الرجل يوتر ثم يستيقظ‪ ،‬فيشفع‬
‫بركعة‪ ،‬ثم يوتر بعد ذلك؟ قالت‪( :‬ذاك الذي يلعب بوتره)‪ ،‬وكانت تقول‪:‬‬
‫أوتران في ليلة؟! إنكار ًا منها لنقض الوتر‪ ،‬وعن عبدالله بن عباس‬

‫(‪ )6‬سنن أبي داود (‪.)12/5‬‬


‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬

‫(‪)182‬‬
‫‪ ،‬لما بلغه فعل عبدالله بن عمر ‪ ..‬لم يعجبه‪ ،‬وقال عبدالله‬
‫بن عباس ‪ ‬عن‪( :‬عبدالله بن عمر ‪ ‬أنه يوتر في ليلة ثالث‬
‫مرات)‪.‬‬
‫وممن قال بمنع نقض الوتر‪:‬‬
‫أبوبكر الصديق وعمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن عباس‬
‫والسيدة عائشة وعائذ بن عمرو ورافع بن خديج ‪.‬‬
‫ومن التابعين‪ :‬علقمة وأبو مجلز وطاووس وإبراهيم النخعي‪ ،‬وهو قول‬
‫مالك واألوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي ثور‪ ،‬وحكاه القاضي‬
‫عياض عن أكثر العلماء‪.‬‬
‫وينبني على هذا القول‪ :‬إذا قام من الليل‪ ..‬صلى مثنى مثنى‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬يجوز نقض الوتر؛ ليقع الوتر آخر صالته؛ لحديث عبدالله‬
‫بن عمر ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪« :‬اجعلوا آخر صلتكم‬
‫بالليل وتر ًا» ‪ ،‬فالمسلم مأمور أن يجعل الوتر آخر صالته من الليل‪ ،‬فمن‬
‫( ‪)6‬‬

‫)‪ )6‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬

‫(‪)183‬‬
‫قام يصلي من الليل مثنى مثنى ولم يوتر‪ ..‬فقد جعل آخر صالته شفعاً ال‬
‫وتر ًا‪.‬‬
‫وممن قال بجواز نقض الوتر‪:‬‬
‫عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة وعبدالله بن مسعود‬
‫وعبدالله بن عمر ‪ ،‬وإسحاق بن راهويه وعمرو بن ميمون وابن‬
‫سيرين ‪ ،‬وهو وجه حكاه إمام الحرمين وغيره من الخراسانيين ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وفائدة نقض الوتر‪:‬‬


‫أن يتهجد ثم يختمها بالوتر‪ ،‬فإن نقض ثم أوتر بعده من غير أن يتخلله‬
‫تهجد‪ ..‬لم يجز جزم ًا‪.‬‬

‫)‪ )6‬صالة الوتر للمروزي (‪ ،)418/6‬المجموع (‪ 62/3‬و‪ ،)53‬شرح عمدة السالك للجفري‬
‫(ص‪ ،)413‬الفوائد والدرر في حكم نقض الوتر (ص‪98‬و‪.)611‬‬

‫(‪)184‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬هل الوتر من الرواتب؟‬

‫فيها قوالن‪ :‬القول األول‪ :‬أنه ليس من الرواتب‪ ،‬وعلى هذا القول‪ :‬اإلمام‬
‫النووي في المنهاج وابن حجر في التحفة والرملي في النهاية والقليوبي في‬
‫حاشيته؛ ألنه التصح إضافته في النية إلى الفرائض‪ ،‬فال يصح أن ينوي‪:‬‬
‫أصلي سنة العشاء أو راتبتها‪.‬‬
‫وأما إذا قال‪ :‬نويت وتر سنة العشاء فإنه يصح؛ لحصول التعيين‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أنه من الرواتب‪ ،‬وعلى هذا القول‪ :‬اإلمام النووي في‬
‫الروضة والشيخ زكريا في المنهج والخطيب في المغني؛ ألن وقته وقت‬
‫راتبة العشاء حتى لو خرج وقت العشاء وأراد فعل الوتر قضاء قبل فعلها لم‬
‫يصح؛ ألن القضاء يحكي األداء‪.‬‬
‫وقد يعترض على هذا القول‪ :‬أن التهجد والتراويح وقتهما وقت راتبة‬
‫العشاء‪.‬‬
‫والجواب عن هذا االعتراض‪ :‬بعدم طلبهما دوام ًا مؤكد ًا بخالف صالة‬
‫الوتر‪.‬‬

‫(‪)185‬‬
‫وبناء على الرأي الثاني فإن الوتر صالة مستقلة‪ ،‬فال يضاف إلى العشاء‪،‬‬
‫إنما الخالف في التسمية بين أن الوتر من الرواتب أم ال؟‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة السادسة‪ :‬أيهما أفضل صلاة الوتر أم سنة الفجر؟‬

‫فيها قوالن ‪:‬‬


‫( ‪)5‬‬

‫القول األول‪ :‬ركعتا الفجر آكد وعليه المذهب القديم؛ لما روت عائشة‬
‫‪« ‬أن النبي ‪ ‬لم يكن على شيء من النوافل أشد‬
‫معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح»‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫وروت عائشة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪« :‬ركعتا الفجر‬


‫خير من الدنيا وما فيها» ؛ وألنها محصورة التحتمل الزيادة وال النقصان‬
‫( ‪)3‬‬

‫)‪ )6‬أسنى المطالب (‪ ،)634/6‬تحفة المحتاج (‪ ،)552/5‬مغني المحتاج (‪ ،)214/6‬نهاية المحتاج‬


‫(‪ ،)665/5‬حاشية القليوبي (‪ ،)535/6‬حاشية الشرقاوي (‪ ،)598/6‬حاشية إعانة الطالبين‬
‫(‪.)621/6‬‬
‫)‪ )5‬حكى صاحب البيان والرافعي وجه ًا أنهما سواء في الفضيلة‪ .‬المجموع (‪.)51/3‬‬
‫)‪ )4‬صحيح مسلم (‪.)216/6‬‬
‫)‪ )3‬صحيح مسلم (‪.)216/6‬‬

‫(‪)186‬‬
‫فكانت بالفرائض أشبه؛ وألنها تبع لصالة الصبح‪ ،‬والوتر تبع للعشاء‪،‬‬
‫والصبح آكد من العشاء‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬الوتر آكد‪ ..‬وهو المعتمد وعليه المذهب الجديد؛ لحديث‬
‫أن خارجة بن حذافة قال‪ :‬خرج علينا رسول الله ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫حمر النعم‪ :‬الوتر جعله الله لكم‬
‫«إن الله أمدكم بصلة هي خير لكم من ْ‬ ‫( ‪)1‬‬

‫فيما بين صلة العشاء إلى أن يطلع الفجر» وهذا أمر وأقل أحواله‬
‫( ‪)5‬‬

‫االستحباب والتأكيد؛ وألنه مختلف في وجوبها‪.‬‬


‫فيترتب على هذا أن ركعة الوتر أفضل من ركعتي الفجر وتهجد الليل وإن‬
‫كثر‪.‬‬

‫حمر النعم‪ :‬بتسكين ميم حمر جمع أحمر أو حمراء وأما بضمها فجمع حمار‪،‬‬
‫)‪ )6‬أمدكم أي‪ :‬أتحفكم‪ْ ،‬‬
‫واألحمر من ألوان اإلبل المحمودة أنفس أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء‪ ،‬وقد تقرر‬
‫فذرة من اآلخرة خير من األرض بأسرها وأمثالها‬
‫أن تشبيه أمور اآلخرة إنما هو للتقريب إلى األفهام‪ ،‬وإال َّ‬
‫معها لو صورت‪ ،‬قيل‪ :‬المراد خير لك من التصدق بها‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد قنيتها وتملكها‪ .‬قاله في فتح الباري‪.‬‬
‫حاشية الجمل (‪.)385/6‬‬
‫)‪ )5‬سنن أبي داود (‪.)16/5‬‬

‫(‪)187‬‬
‫أما بالنسبة للحديث‪ ،‬فحديث ركعتا الفجر أعظم وأبلغ من الوتر فاألولى‬
‫في االستدالل على األفضلية أن يقال لالختالف في وجوبه‪ ،‬فإن قيل أن‬
‫ركعتي الفجر ذهب الحسن البصري إلى وجوبها‪ ،‬وبعض السلف إلى‬
‫وجوب ما يقع عليه اسم قيام الليل‪ ،‬أجيب‪ :‬بأن أبا حنيفة أوجب الوتر وهو‬
‫أحد األئمة األربعة فقوله قوي‪ ،‬ولحديث «أفضل الصالة‪ ،‬بعد الصالة‬
‫المكتوبة‪ ،‬الصالة في جوف الليل) ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعلى كل القولين فإن الكل متفق على أن الوتر وركعتي الفجر أفضل‬
‫مما سواهما مما يتبع الفرائض‪ ،‬وعليه نص الشافعي حيث قال‪ :‬وال أرخص‬
‫لمسلم في ترك واحد منهما وإن لم أوجبهما‪ ،‬ومن ترك واحدة منهما كان‬
‫أسوأ حاالً ممن ترك جميع النوافل ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المسألة السابعة‪ :‬هل ينادى في وتر رمضان؟‬

‫)‪ )6‬صحيح مسلم (‪.)856/5‬‬


‫)‪ )5‬البيان (‪524/5‬و‪ ،)523‬كفاية النبيه (‪ ،)416/4‬تحفة المحتاج (‪ ،)544/5‬حاشية البجيرمي على‬
‫شرح المنهج (‪.)522/6‬‬

‫(‪)188‬‬
‫يندب النداء بقوله (الصالة جامعة) في النفل الذي تطلب فيه الجماعة‬
‫( ‪)6‬‬

‫وفعل فيه جماعة بالفعل كالعيد والكسوف واالستسقاء والتراويح ووتر‬


‫رمضان‪.‬‬
‫خرج بذلك‪ :‬النفل الذي ال تطلب فيه الجماعة كالضحى ووتر غير‬
‫رمضان‪ ،‬أو طلبت فيه الجماعة وفعلت فرادى‪.‬‬
‫وقد ورد (الصالة جامعة) في صالة الكسوف‪ ،‬وقيس به نحوه‪ ،‬فعن‬
‫عبدالله بن عمرو ‪ ،‬قال‪« :‬لما كسفت الشمس على عهد رسول الله‬
‫‪ ‬نودي إن الصلة جامعة» ‪ ،‬فينادى لها بقوله‪( :‬الصالة‬
‫( ‪)5‬‬

‫جامعة) وهذا النداء أفضل؛ لوروده‪.‬‬


‫وتحصل أصل السنة بـ(هلموا إلى الصالة‪ ،‬أو الصالة رحمكم الله‪ ،‬أو‬
‫الصالة الصالة كما في التحفة‪ ،‬أو الصالة فقط كما يفيده كالم المنهج)‪.‬‬

‫)‪ )6‬برفعهما على االبتداء والخبر‪ ،‬أو نصبهما باإلغراء في األول والثاني بالحالية‪ ،‬ورفع أحدهما على‬
‫أنه مبتدأ حذف خبره أو عكسه‪ .‬نهاية المحتاج (‪.)314/6‬‬
‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)42 /5‬‬

‫(‪)189‬‬
‫أما قول (حي على الصالة)‪ ..‬فيكره عند ابن حجر‪ ،‬وال يكره عند‬
‫الرملي ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة الثامنة‪ :‬هل النداء المذكور بدل عن الأذان والإقامة أو بدل عن‬
‫الإقامة فقط؟‬

‫مشى ابن حجر في شرح العباب على األول فيؤتى به مرتين‪:‬‬


‫المرة األولى بدل عن األذان تكون عند دخول الوقت؛ لتكون سببًا‬
‫الجتماع الناس‪ ،‬والمرة الثانية بدل عن اإلقامة تكون عند الصالة‪.‬‬
‫ومشى الرملي على الثاني وهو أنه بدل عن اإلقامة‪ ،‬فيؤتى به مرة‬
‫واحدة ‪،‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫(‪ )5‬تحفة المحتاج (‪315 /6‬و‪ ،)314‬نهاية المحتاج (‪ ،)313 /6‬حاشية القليوبي (‪،)634 /6‬‬
‫حاشية الشرواني (‪316/6‬و‪315‬و‪ ،)314‬حاشية اعانة الطالبين (‪.)526/6‬‬
‫)‪ )5‬فإن قيل‪ :‬اإلقامة تسن ولو منفرد ًا وال يسن النداء للمنفرد‪ ..‬فكيف يكون النداء ً‬
‫بدال عنها؟ أجاب‬
‫على ذلك البيجوري حيث قال‪( :‬ألنه بدل عنها في األصل والغالب‪ ،‬وقال الجرداني في فتح العالم‪:‬‬
‫يمكن أن يجاب بأن البدل قد ال يعطى حكم المبدل منه من كل وجه‪ ..‬واستظهر الشبراملسي أنه ذكر‬
‫شرع لهذه الصالة استنهاضاً للحاضرين وليس بدالً عن شيء‪ .‬حاشية الشبراملسي (‪ ،)314/6‬حاشية‬
‫البيجوري (‪ ،)461/6‬فتح العالم (‪.)613/5‬‬

‫(‪)191‬‬
‫كما يدل عليه كالم النووي في األذكار‪ ،‬واعتمده الزيادي وقليوبي‬
‫والشوبري‪ ،‬وقال البيجوري‪ :‬هو المشهور‪.‬‬
‫وابن قاسم جمع بين قول ابن حجر والرملي حيث قال‪:‬‬
‫إن احتيج لجمع الناس سن مرتان‪ :‬واحدة بدال ً عن األذان لجمع الناس‪،‬‬
‫وأخرى بدالً عن اإلقامة‪ ،‬وإن لم يحتج لجمع الناس لحضورهم‪ ..‬سن‬
‫المرة الثانية فقط‪ .‬اهـ‬
‫ويسن النداء لوتر رمضان لو تراخى فعل صالة الوتر عن التراويح‪.‬‬
‫فإن فعلت صالة الوتر عقب التراويح ففيه خالف على رأيين‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬يسن النداء مطلق ًا سواء تراخى عن التراويح أم لم يتراخ؛‬
‫ألنه نائب عن االقامة‪ ،‬وهذا عند الرملي واعتمده الزيادي والشوبري‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬اليسن النداء؛ ألن النداء للتراويح نداء للوتر وهذا عند ابن‬
‫حجر‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬يكره النداء بـ (الصالة جامعة) لنحو الجنب‪.‬‬

‫(‪)191‬‬
‫ويسن إجابة نداء (الصالة جامعة) بـ (الحول وال قوة إال بالله)‪ ،‬وال يكره‬
‫اإلجابة في حق الجنب والحائض‪ ،‬وال يسن للنوافل أذان وال إقامة؛ لعدم‬
‫ورودهما ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة التاسعة‪ :‬كيفية صلاة الوتر في السفر‪.‬‬


‫عن عبدالله بن عمر بن الخطاب ‪ ‬قال‪( :‬كان النبي‬
‫‪ ‬يصلي في السفر على راحلته‪ ،‬حيث توجهت به يومئ‬
‫إيماء صلة الليل‪ ،‬إال الفرائض ويوتر على راحلته) ‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫فيجوز في السفر المباح ـ ما عدا الحرام ـ التنفل لغير القبلة؛ ألن بالناس‬
‫حاجة‪ ،‬بل ضرورة إلى األسفار‪ ،‬فلو كلفوا االستقبال‪ ..‬لتركوا أورادهم أو‬
‫معاشهم؛ لمشقته فيه‪.‬‬
‫وإذا جاز التنفل راكب ًا‪ :‬فإن كان فيما يسهل فيه االستقبال وإتمام الركوع‬
‫والسجود ـ كأن كان في هودج أو سفينة ـ‪ ..‬أتم وجوب ًا ركوعه وسجوده‬
‫( ‪)4‬‬

‫)‪ )6‬حاشية ابن قاسم (‪ ،)315/6‬حاشية القليوبي (‪ ،)634 /6‬حاشية البجيرمي على شرح المنهج (‪/6‬‬
‫‪ ،)621‬حاشية البيجوري (‪ ،)461/6‬حاشية الشرواني (‪.)315 /6‬‬
‫)‪ )5‬صحيح البخاري (‪.)52/5‬‬
‫)‪ )4‬الهودج‪ :‬أداة ذات قبة توضع على ظهر الجمل لتركب فيها النساء‪ .‬المعجم الوسيط (‪.)921/5‬‬

‫(‪)192‬‬
‫وسائر األركان‪ ،‬أو بعضها إن عجز عن الباقي واستقبل وجوباً؛ لتيسر ذلك‬
‫عليه‪ ،‬ومحل ذلك في غير مالح السفينة‪.‬‬
‫أما ملح السفينة‪ :‬وهو من له دخل في سيرها‪ ،‬بأن يختل سيرها إذا اشتغل‬
‫عنها‪ ..‬فال يلزمه التوجه في جميع صالته‪ ،‬وال إتمام األركان‪ ،‬بل يلزمه‬
‫التوجه في التحرم فقط إن سهل ـ كراكب الدابة ـ‪ ،‬وألحق بـ"المالح"‪:‬‬
‫مس ِّير الدابة‪.‬‬
‫فإن كان راكباً على ما ال يسهل فيه االستقبال وإتمام األركان أو بعضها ـ‬
‫كدابة ـ‪ ..‬استقبل وجوب ًا في إحرامه فقط إن سهل عليه ‪ ،‬ويومئ الراكب‬
‫( ‪)6‬‬

‫وجوب ًا بركوعه وسجوده وإيماء السجود أكثر‪.‬‬


‫وإن كان المسافر ماشياً‪ ..‬استقبل القبلة وجوباً في أربعة أركان‪ :‬اإلحرام‬
‫والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين‪ ،‬ويتم الركوع والسجود؛‬
‫لسهولة ذلك عليه‪.‬‬

‫)‪ )6‬فـ"السهلة" أن تكون الدابة واقفة وأمكن انحرافه عليها أو كانت سائرة وبيده زمامها‪ ،‬و"غير السهلة"‬
‫أن تكون مقطرة أو صعبة‪ .‬المجموع (‪ ،)543/ 4‬بشرى الكريم (‪511‬و‪.)518‬‬

‫(‪)193‬‬
‫وهذا التنفل على الراحلة من غير استقبال‪ ،‬جائز في السفر الطويل‬
‫والقصير؛ ألن التنفل مبني على التخفيف ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫المسألة العاشرة‪ :‬أخبار أهل العلم في صلاتهم الوتر‪.‬‬

‫صح أن النبي ‪( ‬قرأ بمائة آية من سورة النساء في‬


‫الوتر)‪ ،‬وعن أبي مجلز أن أبا موسى ‪ ‬كان بين مكة والمدينة‬
‫« فصلى العشاء ركعتين‪ ،‬ثم قام فصلى ركعة أوتر بها‪ ،‬فقرأ فيها بمائة آية‬
‫من النساء»‪ ،‬فأنكر ذلك عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع‬
‫رسول الله ‪ ‬قدميه‪ ،‬وأن أقرأ بما قرأ به رسول الله‬
‫‪. ‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫وعن عمار بن ياسر ‪ ‬وقد سئل عن الوتر‪ ،‬فقال‪ :‬أما أنا فأوتر قبل‬
‫أن أنام‪ ،‬فإن رزقني الله شيئ ًا‪ ،‬صليت شفعاً شفع ًا إلى أن أصبح‪.‬‬

‫)‪ )6‬المجموع (‪ ،)543/ 4‬بشرى الكريم (ص‪511‬و‪512‬و‪.)518‬‬


‫)‪ )5‬سنن النسائي (‪.)534/4‬‬
‫(‪)194‬‬
‫وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬سأل النبي ‪ ‬أبا بكر‪:‬‬
‫كيف توتر؟ قال‪ :‬أوتر من أول الليل قال‪« :‬كيس حذر» ثم سأل عمر فقال‪:‬‬
‫يا أبا حفص‪ ..‬كيف توتر؟ قال‪ :‬أوتر من آخر الليل قال‪« :‬قوي ُمعان» ‪.‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫وعن عبدالله بن عمر ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال ألبي‬


‫بكر الصديق ‪ :‬متى توتر؟ قال‪ :‬أوتر ثم أنام قال‪« :‬بالحزم أخذت»‬
‫فسأل عمر بن الخطاب ‪ ‬متى توتر؟ قال‪ :‬أنام ثم أقوم من الليل‬
‫فأوتر‪ ،‬فقال‪« :‬فعل القوي أخذت» ‪ ،‬وكان الشعبي رحمه الله يوتر أول‬
‫( ‪)5‬‬

‫الليل ثم ينام‪.‬‬
‫قال القاضي الحسين‪ :‬المختار ـ عندنا ـ فعل الصديق ‪‬؛ ألنه أبعد‬
‫من اآلفة‪ ،‬وأحوط ألمر العبادة‪.‬‬
‫وممن استحب االتيان بالوتر في أول الليل‪:‬‬
‫أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وأبو الدرداء وأبو هريرة ورافع بن خديج‬
‫والشعبي التابعي ‪.‬‬

‫)‪ )6‬المعجم األوسط (‪.)691/2‬‬


‫)‪ )5‬صحيح ابن حبان (‪ ،)699/1‬و(الحزم) هو‪ :‬ضبط الرجل أمره‪ ،‬والحذر من فواته‪ ،‬من قولهم‬
‫حزمت الشيء‪ ،‬أي‪ :‬شددته‪ .‬و(بالقوة) أي‪ :‬بالعمل القوي وبثبت العزيمة على قيام الليل‪.‬‬

‫(‪)195‬‬
‫وممن استحب تأخير الوتر إلى آخر الليل‪:‬‬
‫عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود ومالك‬
‫والثوري وأصحاب الرأي ﵅‪ ،‬وهو الصحيح؛ لكثرة األدلة في ذلك‪.‬‬
‫وقد سأل حبيب بن أبي عمرة عن الوتر سعيد بن جبير؟‬
‫فقال‪ :‬األكياس يوترون أول الليل‪ ،‬وذوو القوة يوترون آخر الليل‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫فكيف أنت‪ ،‬قال‪ :‬آخر الليل‪ ،‬قلت‪ :‬فإن أناساً يوترون أول الليل ثم يقوم‬
‫أحدهم فيشفع بركعة؟ قال‪ :‬قال عبدالله بن عباس ‪ :‬ذاك الذي‬
‫يلعب بوتره‪.‬‬
‫جزأ الليل أثالث ًا‪،‬‬
‫إلي من أوله‪ ،‬وإن َّ‬
‫وقال الشافعي‪ :‬وآخر الليل أحب َّ‬
‫إلي أن يقومه‪.‬‬
‫فاألوسط أحب َّ‬
‫وعمل اإلمام عبدالله بن علوي الحداد تأخير الوتر إلى قريب الفجر‪ ،‬وأما‬
‫قيامه‪ ..‬فقيام داوود عليه الصالة والسالم‪ ،‬فينام بعد القيام ثم يقوم ويتوضأ‬
‫ويوتر ويصلي الفجر‪.‬‬
‫وقال ميمون بن مهران‪ :‬مثل الذي يوتر من أول الليل‪ ،‬وآخر الليل‪ ،‬مثل‬
‫رجلين خرجا في سفر‪ ،‬فلما أمسيا مرا بقرية‪ ،‬فقال أحدهما‪ :‬أنزل في هذه‬

‫(‪)196‬‬
‫القرية‪ ،‬فأكون في حصن حصين‪ ،‬وقال اآلخر‪ :‬أتقدم فأقطع عني من‬
‫الطريق‪ ،‬فآتي قرية كذا وكذا‪ ،‬فأبيت بها‪ ،‬فربما أدرك المنزل وربما لم يدركه‪.‬‬
‫وكان عبدالله بن عمر ‪ ‬يوتر وينام‪ ،‬ثم يقوم ويصلي ركعة فردة‬
‫يصير بها ما يتقدم شفع ًا ثم يصلي متهجد ًا‪ ،‬ثم يوتر بركعة فردة‪ ،‬وكان يسمي‬
‫ذلك "نقض الوتر"‪ ،‬ولما بلغ عبدالله بن عباس ‪ ‬فعل عبدالله بن‬
‫عمر ‪ ..‬لم يعجبه‪ ،‬وقرأ عثمان بن عفان ‪ ‬القرآن في ركعة‬
‫( ‪. )6‬‬
‫أوتر بها‬
‫** ** **‬

‫)‪ )6‬األم للشافعي (‪ ،)618/6‬صالة الوتر للمروزي (‪ 529/6‬و‪ 586‬و‪ 581‬و‪ ،)418‬نهاية المطلب‬
‫(‪ ،)416/5‬المجموع (‪ ،)56/3‬عون المعبود (‪ ،)569/3‬غاية القصد والمراد (‪.)22/6‬‬
‫(‪)197‬‬
)198(
‫الخاتمة‬
‫الحمد لله تعالى الواحد األحد الفرد الصمد على توفيقه ومعونته‪ ،‬وعلى‬
‫تيسيره ومنته على إتمام هذا البحث‪ ،‬وصالة الله تعالى وسالمه األتمان‬
‫األكمالن على أشرف خلقه الخاتم سيدنا محمد المبعوث للخلق رحمة‪،‬‬
‫المربي األعظم‪ ،‬والمرقي األكرم ‪.‬‬
‫وفي ختام هذا البحث نرجو أن يكون بحث ًا نافعاً قيم ًا فيما يتعلق بـ"صلة‬
‫الوتر" من حيث عدد ركعاتها وأوقاتها وآدابها وفضائلها وكيفيتها‪ ،‬وفيما‬
‫يتعلق بفعل القنوت فيها‪ ،‬إضافة إلى الكثير من المسائل المتناثرة واألقوال‬
‫المتفرقة التي جمعتها خالل فترة البحث واالطالع في كتب عديدة ورسائل‬
‫مفيدة ليصل الكتاب للقاريء الكريم واضح ًا مشرق ًا‪.‬‬
‫وقد كان هذا البحث بمثابة الرحلة العلمية الممتعة لالرتقاء بموضوع‬
‫البحث وإحياء لسنة من سنن المصطفى ‪ ‬المشهورة‪،‬‬
‫وفي كتب الحديث والفقه مذكورة‪ ،‬ولذلك بذلنا جهداً في إخراجه على‬
‫المستوى المطلوب‪ ،‬ولكننا ال نجزم أن نقول أنه بحث شامل ويتصف‬

‫(‪)199‬‬
‫بالكمال؛ ألن كل شيء ناقص ويحتاج إلى المزيد ليصل إلى المستوى‬
‫المنشود إليه من العلم والمعرفة‪.‬‬
‫وأخير ًا بعد أن انتهينا من هذا البحث نرجو من الله تعالى أن نكون قد‬
‫وفقنا في الوصول إلى الصواب‪ ،‬وأن ينال ذلك رضا المولى تعالى وهو‬
‫المبتغى وإليه المنتهى‪ ،‬ورضا من تعلمت منه وانتفعت به وتأدبت بأدبه من‬
‫الشيوخ الفضالء والمعلمين العقالء حفظهم الله ودام فضلهم وجزاهم‬
‫خير ًا‪ ،‬كما أنني أشكر كل من أعانني على إنجاز هذا البحث وتذليل‬
‫معضالت عبائره وتوجيهه أو مراجعته والمرور عليه‪ ،‬وأخص بالذكر الشيخ‬
‫الفاضل الفقيه محمد بن علي باعطيه‪ ،‬والشيخ الفقيه حسين بن محمد عبده‬
‫الحداد البيضاوي‪ ،‬وأخواي السيدان عمر وأحمد‪ ،‬وصلى الله وسلم على‬
‫أشرف الخلق سيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫** ** **‬

‫(‪)211‬‬
‫‪ .6‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ .5‬اإلحسان في تقريب صحيح ابن حبان‪ ،‬اإلمام ابن حبان‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬ط‪ 6318 -6/‬هـ‪6988 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬االستذكار‪ ،‬اإلمام ابن عبد البر‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪،‬‬
‫ط‪6356/6‬هـ‪5111-‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلبريز الخالص عن الفضة في إبراز معاني خصائص المصطفى التي‬
‫في الروضة‪ ،‬القاضي جالل الدين عبدالرحمن ابن سراج الدين البلقيني‪،‬‬
‫أروقة‪ ،‬ط‪6341/6‬هـ‪.‬‬
‫‪ .2‬إحياء علوم الدين‪ ،‬اإلمام أبو حامد محمد الغزالي‪ ،‬دار المعرفة –‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ .1‬إثمد العينين في بعض اختالف الشيخين‪ ،‬الشيخ علي باصبرين‪.‬‬
‫‪ .7‬أسنى المطالب في شرح روض الطالب‪ ،‬شيخ اإلسالم زكريا بن محمد‬
‫األنصاري‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪.‬‬

‫(‪)211‬‬
‫‪ .8‬إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين‪ ،‬الشيخ أبو بكر (الشهير‬
‫بـ"البكري") بن محمد شطا‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪6368 -6/‬هـ‪6992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬األم‪ ،‬اإلمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي‪ ،‬دار المعرفة –‬
‫بيروت‪6361 ،‬هـ‪6991،‬م‪.‬‬
‫‪ .61‬اإليعاب شرح العباب‪ ،‬الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي‪ ،‬مخطوط‪.‬‬
‫‪ .66‬اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع‪ ،‬الشيخ محمد بن أحمد الخطيب‬
‫الشربيني‪ ،‬المحقق‪ :‬مكتب البحوث والدراسات ‪ -‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .65‬بداية المحتاج في شرح المنهاج‪ ،‬الشيخ محمد األسدي ابن قاضي‬
‫شهبة‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬ط‪6345-6/‬هـ‪5166 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .64‬بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم‪ ،‬الشيخ سعيد بن محمد باعشن‪،‬‬
‫دار المنهاج‪ ،‬ط‪6352-6/‬هـ‪5113 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .63‬بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض األئمة من العلماء‬
‫المتأخرين‪ ،‬السيد عبدالرحمن بن محمد المشهور‪ ،‬دار الفقيه‪ ،‬ط‪-6/‬‬
‫‪6341‬هـ‪5119 ،‬م‪.‬‬

‫(‪)212‬‬
‫‪ .62‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬اإلمام يحيى العمراني اليمني‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬قاسم محمد النوري‪ ،‬دار المنهاج – جدة‪ ،‬ط‪ 6356-6/‬هـ‪،‬‬
‫‪ 5111‬م‪.‬‬
‫‪ .61‬تفسير البغوي‪ ،‬اإلمام الحسين بن مسعود البغوي‪ ،‬دار احياء التراث‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ .67‬تحفة األحوذي شرح جامع الترمذي‪ ،‬الشيخ محمد عبد الرحمن‬
‫المباركفوري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .68‬التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير‪ ،‬اإلمام ابن‬
‫حجر العسقالني‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬ط‪6361-6/‬هـ‪6992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .69‬التمهيد لما في الموطأ من األسانيد‪ ،‬اإلمام أبو عمر ابن عبدالبر‪،‬‬
‫وزارة عموم األوقاف والشؤون اإلسالمية – المغرب‪6482 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .51‬التجريد لنفع العبيد حاشية البجيرمي على شرح المنهج‪ ،‬الشيخ‬
‫سليمان البجيرمي المصري‪ ،‬مطبعة الحلبي‪6419 ،‬هـ‪6921 ،‬م‪.‬‬

‫(‪)213‬‬
‫‪ .56‬تحفة الحبيب على شرح الخطيب حاشية البجيرمي على شرح‬
‫الخطيب‪ ،‬الشيخ سليمان البجيرمي المصري‪ ،‬دار الفكر‪6362 ،‬هـ‪،‬‬
‫‪6992‬م‪.‬‬
‫‪ .55‬حاشية البيجوري‪ ،‬الشيخ إبراهيم بن محمد البيجوري‪ ،‬دار الكتب‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ط‪6358 -6/‬هـ‪5112 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .54‬تحفة المحتاج في شرح المنهاج‪ ،‬الشيخ أحمد بن محمد بن حجر‬
‫الهيتمي‪ ،‬متبوعاً بحاشيتين‪ :‬حاشية الشيخ عبدالحميد الشرواني‪ ،‬وحاشية‬
‫الشيخ أحمد بن قاسم العبادي‪ ،‬المكتبة التجارية الكبرى ‪ -‬مصر ‪6422‬هـ‪،‬‬
‫‪6984‬م‪.‬‬
‫‪ .53‬ترشيح المستفيدين‪ ،‬السيد علوي بن أحمد السقاف‪ ،‬دار العلوم‪.‬‬
‫‪ .52‬حاشية الجرهزي على المنهج القويم‪ ،‬الشيخ عبدالله بن سليمان‬
‫الجرهزي‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬ط‪6344-6/‬هـ‪5165 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .51‬حاشية الشرقاوي على تحفة الطالب بشرح تحرير تنقيح اللباب‪،‬‬
‫الشيخ عبدالله بن حجازي األزهري المعروف بـ"الشرقاوي"‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي‪.‬‬

‫(‪)214‬‬
‫‪ .57‬حاشيتا القليوبي وعميرة‪ ،‬الشيخ أحمد بن سالمة القليوبي والشيخ‬
‫أحمد البرلسي عميرة‪ ،‬دار الفكر ‪ -‬بيروت‪6362 ،‬هـ‪6992،‬م‪.‬‬
‫‪ .58‬حجة المشمرين وعدة الطالبين السالكين المهتدين‪ ،‬السيد علي بن‬
‫عبدالله بن شهاب الدين‪ ،‬مخطوط‪.‬‬
‫‪ .59‬الحاوي الكبير‪ ،‬اإلمام علي بن محمد البصري الشهير‬
‫بـ"الماوردي"‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪6369 -6/‬هـ‪6999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .41‬الحواشي المدنية‪ ،‬الشيخ محمد بن سليمان الكردي المدني‪ ،‬مكتبة‬
‫الغزالي‪.‬‬
‫‪ .46‬الرحيمية في القيام بوظائف العبودية‪ ،‬السيد حسن خليل الحسيني‬
‫الكاظمي‪ ،‬مخطوط‪.‬‬
‫‪ .45‬حاشية ابن عابدين‪ ،‬الشيخ محمد أمين عابدين الدمشقي الحنفي‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪-‬بيروت‪ ،‬ط‪6365-5/‬هـ‪6995 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .44‬رسالة في أحكام سجود السهو‪ ،‬الشيخ محمد بن علي الخطيب‪.‬‬

‫(‪)215‬‬
‫‪ .43‬روضة الطالبين وعمدة المفتين‪ ،‬اإلمام أبو زكريا يحيى بن شرف‬
‫النووي‪ ،‬تحقيق‪ :‬زهير الشاويش‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت ‪ -‬دمشق‪-‬‬
‫عمان‪ ،‬ط‪6365-4/‬هـ‪6996 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .42‬رسالة المعاونة والمظاهرة والمؤازرة‪ ،‬اإلمام عبدالله بن علوي‬
‫الحداد‪ ،‬دار الحاوي‪.‬‬
‫السجستاني‪ ،‬المكتبة‬
‫‪ .41‬سنن أبي داود‪ ،‬اإلمام أبو داود سليمان َّ‬
‫العصرية‪.‬‬
‫‪ .47‬سنن الترمذي‪ ،‬اإلمام محمد بن عيسى الترمذي‪ ،‬مطبعة البابي‬
‫الحلبي‪ ،‬ط‪6492 -5/‬هـ‪6922 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .48‬سنن ابن ماجه‪ ،‬اإلمام أبو عبدالله محمد القزويني‪ ،‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪ .49‬سنن الدارقطني‪ ،‬اإلمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬ط‪ 6353-6/‬هـ‪ 5113 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .31‬السنن الصغرى للنسائي‪ ،‬اإلمام أحمد بن شعيب النسائي‪ ،‬مكتب‬
‫المطبوعات اإلسالمية – ط‪6311 -5/‬هـ‪6981 ،‬م‪.‬‬

‫(‪)216‬‬
‫‪ .36‬السنن الصعرى للبيهقي‪ ،‬اإلمام أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬جامعة‬
‫الدراسات اإلسالمية‪ ،‬كراتشي ـ باكستان‪ ،‬ط‪6361 -6/‬هـ‪6989 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .35‬سفينة النجاه‪ ،‬الشيخ سالم بن سمير الحضرمي‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬ط‪-5/‬‬
‫‪6358‬هـ‪.‬‬
‫‪ .34‬شرح عمدة السالك وعدة الناسك‪ ،‬السيد علوي بن سقاف الجفري‪،‬‬
‫دار الميراث النبوي‪ ،‬ط‪6345-6/‬هـ‪5166 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .33‬شرح سنن النسائي‪ ،‬المسمى بـ"ذخيرة العقبى في شرح المجتبى"‪،‬‬
‫الشيخ محمد بن علي الو َّلوي‪ ،‬دار المعراج الدولية للنشر‪.‬‬
‫‪ .32‬شرح معاني اآلثار‪ ،‬الطحاوي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪6363/6‬هـ‪.‬‬
‫‪ .31‬صحيح البخاري‪ ،‬اإلمام البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬ط‪-6/‬‬
‫‪6355‬هـ‪.‬‬
‫‪ .37‬صحيح مسلم‪ ،‬اإلمام مسلم بن الحجاج‪ ،‬دار إحياء التراث العربي –‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ .38‬عون المعبود شرح سنن أبي داود ومعه حاشية ابن القيم‪ ،‬الشيخ‬
‫محمد أشرف العظيم آبادي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪6362-5/‬هـ‪.‬‬

‫(‪)217‬‬
‫‪ .39‬عمدة المفتي والمستفتي‪ ،‬السيد محمد بن عبد الرحمن األهدل‪ ،‬دار‬
‫طوق النجاة‪ ،‬ط‪6368-6/‬هـ‪6998 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬الغرر البهية شرح البهجة الوردية‪ ،‬شيخ اإلسالم زكريا بن محمد‬
‫األنصاري‪ ،‬وعليها حاشيتا الشيخ عبدالرحمن الشربيني‪ ،‬والشيخ ابن قاسم‬
‫العبادي‪ ،‬وتقرير الشيخ عبدالرحمن الشربيني على الشيخ ابن قاسم‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪6368-6/‬هـ‪6992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .26‬غاية القصد والمراد في مناقب اإلمام الحداد‪ ،‬الحبيب محمد بن زين‬
‫بن سميط‪.‬‬
‫‪ .25‬فتاوى ابن الصالح‪ ،‬اإلمام عثمان بن عبدالرحمن ـ المعروف بـ"ابن‬
‫الصالح"‪ ،‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬ط‪6312-6/‬هـ‪.‬‬
‫‪ .24‬فتاوى شيخ اإلسالم زكريا األنصاري‪ ،‬المكتبة العربية‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ .23‬فتاوى الرملي‪ ،‬الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي‪ ،‬جمعها‪ :‬ابنه الشيخ‬
‫جمال الدين محمد الرملي‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .22‬الفتاوى الفقهية الكبرى‪ ،‬الشيخ أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي‪،‬‬
‫جمعها‪ :‬تلميذه الشيخ عبدالقادر الفاكهي المكي‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪.‬‬

‫(‪)218‬‬
‫‪ .21‬فتح الجواد بشرح اإلرشاد‪ ،‬الشيخ أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي‪،‬‬
‫إحياء الكتب العربية البابي الحلبي‪.‬‬
‫‪ .27‬فتح العزيز بشرح الوجيز‪ ،‬والشرح الكبير‪ ،‬اإلمام عبدالكريم بن‬
‫محمد الرافعي القزويني‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .28‬فتح العالم بشرح مرشد األنام‪ ،‬الشيخ محمد بن عبدالله الجرداني‪،‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬ط‪6368-3/‬هـ‪6992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .29‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬اإلمام أحمد بن علي بن حجر‬
‫العسقالني‪ ،‬دار المعرفة‪6429 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬فتح العلي بجمع الخالف بين ابن حجر والرملي‪ ،‬السيد عمر بن‬
‫حامد بافرج باعلوي الحسيني الحضرمي‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬ط‪6346-6/‬هـ‪،‬‬
‫‪5161‬م‪.‬‬
‫‪ .16‬فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطالب المعروف بـ"حاشية‬
‫الجمل"‪ ،‬الشيخ سليمان العجيلي المعروف بـ"الجمل"‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .15‬فيوضات البحر الملي من كالم الحبيب علي بن محمد الحبشي‪،‬‬
‫السيد طه بن حسن السقاف‪ ،‬دار الحاوي‪ ،‬ط‪6351-6/‬هـ‪5112 ،‬م‪.‬‬

‫(‪)219‬‬
‫‪ .14‬الفوائد والدرر في حكم نقض الوتر‪ ،‬الشيخ محمد المصطفى‬
‫األنصاري‪ ،‬دار الزمان‪ ،‬ط‪6346-6/‬هـ‪5161 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .13‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ،‬اإلمام عبد الرؤوف المناوي‪،‬‬
‫المكتبة التجارية الكبرى‪ ،‬ط‪6421 -6/‬هـ‪.‬‬
‫‪ .12‬القاموس المحيط‪ ،‬مجد الدين الفيروزآبادي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط‪ 6351 -8/‬هـ‪ 5112 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬قوت القلوب في معاملة المحبوب‪ ،‬اإلمام أبو طالب المكي‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬عاصم الكيالي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ 6351-5/‬هـ‪ 5112،‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬قالئد الخرائد‪ ،‬الشيخ عبدالله بن محمد باقشير الحضرمي‪ ،‬دار القبلة‬
‫للثقافة اإلسالمية‪ ،‬ومؤسسة القبلة للثقافة اإلسالمية‪ ،‬ط‪6361-6/‬هـ‪،‬‬
‫‪6991‬م‪.‬‬
‫‪ .18‬كفاية األخيار في حل غاية االختصار‪ ،‬اإلمام تقس الدين الحصني‪،‬‬
‫دار المنهاج‪ ،‬ط‪6359/5‬هـ‪.‬‬
‫‪ .19‬كفاية النبيه شرح التنبيه‪ ،‬الشيخ أحمد بن محمد األنصاري المعروف‬
‫الرفعة"‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪5119-6/‬م‪.‬‬
‫بـ"ابن ِّ‬

‫(‪)211‬‬
‫‪ .71‬كشف الستر عن حكم الصالة بعد الوتر‪ ،‬اإلمام ابن حجر العسقالني‪،‬‬
‫دار ابن حزم‪ ،‬ط‪6363-6/‬هـ‪6994 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .76‬اللباب في الفقه الشافعي‪ ،‬الشيخ أحمد بن محمد المحاملي‪ ،‬دار‬
‫البخاري‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪6361-6/‬هـ‪.‬‬
‫‪ .75‬لسان العرب‪ ،‬اإلمام ابن منظور‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪-4/‬‬
‫‪6363‬هـ‪.‬‬
‫‪ .74‬المجموع شرح المهذب‪ ،‬اإلمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي‪،‬‬
‫دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .73‬المجموع لمهمات المسائل من الفروع‪ ،‬السيد طه بن عمر الصافي‬
‫السقاف‪ ،‬دار القبلة للثقافة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .72‬منهاج الطالبين‪ ،‬اإلمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .71‬مختصر المزني‪ ،‬اإلمام إسماعيل بن يحيى المزني‪ ،‬دار المعرفة‪،‬‬
‫‪6361‬هـ‪6991،‬م‪.‬‬
‫‪ .77‬مناهل العرفان ـ المعروف بـ ـ "فتاوى بافضل"‪ ،‬الشيخ فضل بن‬
‫عبدالرحمن بافضل‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬ط‪6358 -6/‬هـ‪5112 ،‬م‪.‬‬

‫(‪)211‬‬
‫‪ .78‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج‪ ،‬الشيخ محمد الخطيب‬
‫الشربيني‪ ،‬دار الحديث‪6352 ،‬هـ‪5111 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .79‬المنهل العميم بحاشية المنهج القويم المسماة "حاشية الترمسي"‪،‬‬
‫الشيخ محمد محفوظ بن عبدالله الترمسي‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬ط‪-6/‬‬
‫‪6345‬هـ‪5166 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .81‬المنهل النضاخ في اختالف األشياخ‪ ،‬الشيخ عمر الشهير بابن القره‬
‫داغي‪ ،‬طبعة دار البشائر اإلسالمية ‪ -‬ط‪6358 -6/‬هـ‪5112 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .86‬المهمات في شرح الروضة والرافعي‪ ،‬اإلمام عبد الرحيم اإلسنوي‪،‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬ط‪6341-65/‬هـ‪5119 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .85‬مختار الصحاح‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي‪،‬‬
‫المكتبة العصرية ‪ -‬الدار النموذجية‪ ،‬بيروت – صيدا‪ ،‬ط‪6351 -2/‬هـ ‪،‬‬
‫‪6999‬م‬
‫‪ .84‬المسلك القريب لكل ناسك منيب‪ ،‬السيد طاهر بن حسين بن طاهر‬
‫باعلوي‪ ،‬دار العلم والدعوة‪ ،‬ط‪6364-5/‬هـ‪.‬‬

‫(‪)212‬‬
‫‪ .83‬مختصر قيام الليل‪ ،‬اختصره اإلمام أحمد المقريزي‪ ،‬اإلمام محمد بن‬
‫نصر المروزي‪ ،‬دار حديث أكاديمي‪ ،‬ط‪ 6318-6/‬هـ‪6988 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .82‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة (الشيخ إبراهيم‬
‫مصطفى‪/‬الشيخ أحمد الزيات‪/‬الشيخ حامد عبد القادر‪/‬الشيخ محمد‬
‫النجار)‪ ،‬دار الدعوة‪.‬‬
‫‪ .81‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬اإلمام الحاكم محمد بن عبدالله‬
‫النيسابوري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ 6366-6/‬هـ‪6991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .87‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬مؤسسة الرسالة ط‪ 6356-6/‬هـ‪،‬‬
‫‪ 5116‬م‪.‬‬
‫‪ .88‬مصنف عبدالرزاق‪ ،‬اإلمام عبدالرزاق الصنعاني‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫ط‪6314-5/‬هـ‪.‬‬
‫‪ .89‬المصنف في األحاديث واآلثار‪ ،‬اإلمام ابن أبي شيبة‪ ،‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫ط‪6319-6/‬هـ‪.‬‬
‫‪ .91‬المعجم الطبراني الكبير‪ ،‬اإلمام أبو القاسم الطبراني‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ .96‬المعجم األوسط‪ ،‬اإلمام أبو القاسم الطبراني‪ ،‬دار الحرمين‪.‬‬

‫(‪)213‬‬
‫‪ .95‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬اإلمام أبو زكريا يحيى بن‬
‫شرف النووي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪6495-5/‬هـ‪.‬‬
‫‪ .94‬نيل األوطار‪ ،‬اإلمام محمد بن علي الشوكاني‪ ،‬دار الحديث ‪ -‬مصر‪،‬‬
‫ط‪6364-6/‬هـ‪6994 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .93‬النجم الوهاج في شرح المنهاج‪ ،‬الشيخ محمد الدميري‪ ،‬دار المنهاج‬
‫المحقق‪ :‬لجنة علمية‪ ،‬ط‪6352 -6/‬هـ‪5113 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .92‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج‪ ،‬الشيخ محمد بن أحمد الرملي‪،‬‬
‫متبو ًعا بحاشيتي‪ :‬الشيخ نور الدين علي الشبراملسي‪ ،‬الشيخ أحمد‬
‫المعروف بـ"المغربي الرشيدي"‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪6313 ،‬هـ‪6983 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .91‬نهاية المطلب في دراية المذهب‪ ،‬إمام الحرمين الجويني‪ ،‬دار‬
‫المنهاج‪ ،‬ط‪6358-6/‬هـ‪5112 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .97‬نيل المرام لنفع األنام‪" ،‬فتاوى ابن حامد"‪ ،‬السيد محمد بن حامد‬
‫السقاف‪ ،‬الميراث النبوي‪.‬‬
‫‪ .98‬النصائح الدينية والوصايا اإليمانية‪ ،‬اإلمام عبدالله بن علوي الحداد‪،‬‬
‫دار الحاوي‪.‬‬

‫(‪)214‬‬
‫‪ .99‬الهداية شرح بداية المبتدي‪ ،‬الشيخ أبي الحسن بن أبي بكر‬
‫المرغيناني الحنفي‪ ،‬دار الحديث‪6359 ،‬هـ‪5118 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .611‬الوسائل الشافعة‪ ،‬السيد محمد بن علي خرد باعلوي‪ ،‬دار الحاوي‪،‬‬
‫ط‪6369 -5/‬هـ‪6999 ،‬م‪.‬‬
‫** ** **‬

‫(‪)215‬‬
)216(
‫‪3. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تعريف صالة الوتر‪ ،‬وسبب تسميته‪ ،‬وحكمه‪7 . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪7. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫معنى الصالة‪:‬‬

‫معنى الوتر‪8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . :‬‬

‫وصالة الوتر يف االصطالح‪8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . :‬‬

‫‪8. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫سبب تسميته‪:‬‬

‫‪8. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫حكم صالة الوتر‪:‬‬

‫‪01 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مسألة‪ :‬ما حكم الوتر يف حق النيب ‪ ‬؟‬

‫املبحث األول‪ :‬فضل صالة الوتر يف السنة‪01 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪01 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬فضل صالة الوتر يف أقوال السلف وأعماهلم‬

‫‪01 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مسألة‪ :‬أيهما أفضل‪ ..‬الوتر أم سنة الفجر؟‬

‫‪11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مسائل يف وقت الوتر‬

‫‪11 . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬يف الكالم عن وقت أول الوتر‪ ،‬وآخره‪ ،‬ووقت اختياره‪.‬‬

‫‪11 . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬إذا فاتته صالة العشاء‪ ..‬فهل له تقديم الوتر عليها؟‬

‫‪13 . . . . .‬‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬إذا مجع العشاء مع املغرب تقدميًا‪ ..‬فهل له أ يقدم الوتر ذلل؟؟‬

‫‪13 . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬إذا خرج وقت صالة الوتر‪ ..‬فهل جيوز قضاؤها؟‬

‫‪17 . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬هل قضاء وتر رمضا يأخل حكمه يف غريه؟‬

‫مسائل يف النية‪33 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬هل تشرتط نية النفلية يف الوتر ذما أ الفرض تشرتط فيه نية الفرضية؟ ‪33 . . . .‬‬

‫(‪)217‬‬
‫‪33 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬إذا أطلق يف نية الوتر‪.‬‬

‫املسألة الثالثة‪ :‬لو نلر أ يصلي الوتر ومل ينوِ عدداً‪ ،‬فكم رذعة تلزمه؟ ‪31 . . . . . . . . .‬‬

‫‪31 . . . . . .‬‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬إذا أطلق يف نلر الوتر وأراد أ يزيد على الثالث‪ ..‬فهل له ذل؟؟‬

‫‪30 . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬إذا أحرم بالوتر ومل ينو عدداً‪ ..‬فهل تنصرف إىل الشفع أم إىل الوتر؟‬

‫‪33 . . . . . . .‬‬ ‫املسألة السادسة‪ :‬هل يلزم استحضار (مِن) التبعيضية يف عدد رذعات الشفع؟‬

‫‪33 . .‬‬ ‫املسألة السابعة‪ :‬إذا عني عدداً يف الوتر‪ ..‬فهل له أ يزيد عنه أو ينقص ذما يف النوافل املطلقة؟‬

‫‪31 . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثامنة‪ :‬لو قال‪ :‬أصلي خامتة الوتر‪ ..‬هل تصح نيته؟‬

‫‪31 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬عدد رذعات صالة الوتر‪.‬‬

‫‪34 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬حكم صالة الوتر بواحدة‪.‬‬

‫‪11 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬ذذر من صلى الوتر رذعة واحدة‪.‬‬

‫‪11 . . . . . . . . .‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الكالم يف عدد الوتر ثالث عشرة‪ ،‬ومخ س عشرة رذعة‪.‬‬

‫مسائل يف أعداد الوتر‪17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪17 . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬هل يشرتط إذا أراد أ يوتر برذعة أ يسبق بنفل؟‬

‫‪17 . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬من صلى الوتر ومل خيتمها برذعة‪.‬‬

‫‪18 . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬ما حكم لو زاد يف الوتر على اإلحدى عشرة رذعة؟‬

‫املسألة الرابعة‪ :‬سئل اإلمام ابن حجر اهليتمي‪ :‬قال اجلالل السيوطي يف ذتاب األشباه والنظائر‪ :‬إ اإليتار‬
‫‪14 . . .‬‬ ‫بثالث رذعات أفضل من اإليتار خبم س أو سبع ذما قال فما سبب قلة الفضيلة بزيادة األعمال؟‬

‫‪11 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬أيهما أفضل ذثرة العدد أم طول القيام؟‬

‫املسألة السادسة‪ :‬لو صلى الوتر موصولة‪ ..‬فهل األفضل ذثرة العدد مع خروج الوقت أم قلته مع ذونه يف‬
‫‪10 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الوقت؟‬

‫(‪)218‬‬
‫املسألة السابعة‪ :‬من نلر صالة الوتر فكم مرة يتيمم؟ ‪10 . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪13 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مسائل يف الفصل والوصل‪.‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬أيهما أفضل الفصل أم الوصل؟ ‪13 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪11 . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬متى يكو فصل الوتر أفضل من وصله؟‬

‫‪17 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬التشهد يف صالة الوتر‪.‬‬

‫‪71 . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬ما احلكم إذا وصل الوتر وجل س يف غري الرذعتني األخريتني؟‬

‫‪73 . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬حكم وصل الوتر سواء ختم وتره بتشهد أو بتشهدين‬

‫‪77 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة السادسة‪ :‬أيهما أفضل الوصل بتشهد أم بتشهدين؟‬

‫‪77 . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة السابعة‪ :‬ما حكم صالة الوتر إ فعلت موصولة بتشهدين؟‬

‫‪78 . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثامنة‪ :‬التكبري يف صالة الوتر أيام عيد األضحى وأيام التشريق‪.‬‬

‫‪74 . . . .‬‬ ‫املسألة التاسعة‪ :‬أيهما أفضل أ يصلي الوتر مفصوالً بدو مجاعة أم موصوالً امماعة؟‬

‫املسألة العاشرة‪ :‬أيهما أفضل وصل الثالثة أم رذعة فردة؟ ‪74 . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫املسألة احلادية عشرة‪ :‬هل جيهر يف صالة الوتر؟ ‪81 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪83 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫فرع‪ :‬يف فضائل يف التهجد وقيام الليل‪.‬‬

‫‪41 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫األسباب اليت بها يتيسر قيام الليل‬

‫‪43 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مسائل يف التهجد‪.‬‬

‫‪43 . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬لو أوتر ثم أراد صالة أخرى‪ ،‬فما احلكم؟‬

‫‪41 . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسالة الثانية‪ :‬هل صالة التهجد أوذد من رذعيت الفجر أم ال؟‬

‫‪47 . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬هل يسن بعد الوتر أ يصلي رذعتني قاعداً أم ال يسن؟‬

‫‪011 . . . . .‬‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬إذا تعارض اجلماعة يف أول الليل‪ ،‬أو االنفراد يف آخره‪ ..‬ماذا يقدم؟‬

‫(‪)219‬‬
‫‪010 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬ما هو أفضل وقت للتهجد؟‬

‫‪013 . . . . . . .‬‬ ‫املسألة السادسة‪ :‬أيهما أفضل ذثرة العدد يف أول الوقت أم قلته يف آخر الليل؟‬

‫‪013 . . . . .‬‬ ‫املسألة السابعة‪ :‬اجلمع بني األحاديث املتعارضة يف األفضل للوتر أول الليل أم آخره‪.‬‬

‫‪017 . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬ما يقرأ يف الوتر‪.‬‬

‫‪017 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مسائل يف وقت الوتر‪.‬‬

‫‪017 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬لو أوتر برذعة‪ ..‬ماذا يقرأ؟‬

‫‪017 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬لو أوتر بثالث رذعات‪.‬‬

‫‪001 . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬لو أوتر بأذثر من ثالث‪ ..‬ماذا يقرأ فيما قبل الثالث األخرية؟‬

‫‪003 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬هل يسن التعوذ يف صالة الوتر؟‬

‫‪003 . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬لو صلى أربعاً ـ مثالً ـ بتشهدين‪ ..‬فهل تستحب قراءة سورة بعد التشهد األول؟‬

‫املسألة السادسة‪ :‬من نسي قراءة سورة من السور الواردة يف الوتر‪ ،‬ومن ترك سورة ﴿األَعْلَى﴾ و ﴿ا ْلكَافِرُو ﴾‬
‫‪001 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫يف حملهما‪ ،‬فهل يقرؤها يف الثانية؟‬

‫املسألة السابعة‪ :‬من اقتدى بإمام يف ثانية الوتر‪ ،‬فهل يقرأ إذا قام لثانيته سورة ﴿األَعْلَى﴾ أو ﴿ا ْلكَافِرُو ﴾‬
‫‪008 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫أو غريهما؟‬

‫املبحث الثالث‪ :‬اجلماعة يف الوتر‪011 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬ما حكم الصالة يف حالة قدوة املؤ دي بالقاضي أو املفرتض باملتنفل؟ ‪013 . . . . . .‬‬

‫‪011 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬هل جيد أجر اجلماعة يف هله احلاالت ؟‬

‫‪011 . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬إ فاته وتر رمضا ‪ ..‬فهل له قضاؤها مجاعة؟‬

‫‪017 . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬القنوت يف الوتر‪.‬‬

‫‪017 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫وفيه فروع‪:‬‬

‫(‪)221‬‬
‫‪017 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف القنوت‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القنوت الوارد عن النيب ‪ ‬ومعانيه وضبط ألفاظه‪017 . . . . . .‬‬

‫‪030 . . . . . . . . . .‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬القنوت الوارد عن سيدنا عمر ‪ ،‬ومعانيه‪.‬‬

‫‪033 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬زمن القنوت يف الوتر‪.‬‬

‫‪033 . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الفرع اخلام س‪ :‬قدر مدة القنوت‪.‬‬

‫‪031 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫تنبيهات يف القنوت‪:‬‬

‫‪031 . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫التنبيه األول‪ :‬الدعاء لإلمام يف القنوت بصيغة اجلمع‪.‬‬

‫‪038 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫التنبيه الثاني‪ :‬يندب القنوت يف آخر وتره بثالث أو أذثر‪،‬‬

‫‪038 . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫التنبيه الثالث‪ :‬القنوت الوارد‪ ..‬على ماذا يشتمل؟‬

‫‪034 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مسائل يف القنوت‬

‫املسألة األوىل‪ :‬يف الدعاء الوارد عن النيب ‪ ‬والدعاء الوارد عن سيدنا عمر بن اخلطاب‬
‫‪034 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪.‬‬

‫املسألة الثانية‪ :‬هل للقنوت يف الوتر زمن معني؟ وهل يرتتب على اخلالف شيء؟ ‪031 . . . . . . .‬‬

‫املسألة الثالثة‪ :‬ماذا يفعل اإلمام أو املنفرد لو ترك القنوت ساهياً‪033 . . . . . . . . . . .‬‬

‫املسألة الرابعة‪ :‬ماذا يفعل اإلمام أو املنفرد لو ترك القنوت عامداً‪033 . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪033 . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬إذا ترك اإلمام أو املنفرد القنوت ثم تلذر‪:‬‬

‫‪031 . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة السادسة‪ :‬إ ترك اإلمامُ القنوت‪ ..‬ماذا يفعل املأموم؟‬

‫‪031 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة السابعة‪ :‬إ سجد املأموم مع اإلمام ثم عاد للقنوت‪:‬‬

‫‪037 . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثامنة‪ :‬إذا ترك املأموم القنوت ساهياً أو عامداً وفعله اإلمام‪:‬‬

‫‪037 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة التاسعة‪ :‬إ قضى وتر رمضا بعد خروج رمضا ‪.‬‬

‫(‪)221‬‬
‫املسألة العاشرة‪ :‬حمل القنوت يف صالة الوتر‪037 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪034 . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة احلادية عشرة‪ :‬القنوت قبل ذذر االعتدال أم بعده؟‬

‫‪011 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية عشرة‪ :‬ما مقدار ذذر االعتدال؟‬

‫املسألة الثالثة عشرة‪ :‬لو قنت يف غري االعتدال‪010 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫املسألة الرابعة عشرة‪ :‬إذا قدم رذعة الوتر ثم أراد إذماله‪ ..‬فهل يقنت؟ ‪011 . . . . . . . . .‬‬

‫املسألة اخلامسة عشرة‪ :‬حكم الصالة على النيب ‪ ‬بعد القنوت‪011 . . . . . . .‬‬

‫‪013 . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة السادسة عشرة‪ :‬حكم اإلتيا بالسالم واآلل والصحب يف القنوت‪.‬‬

‫‪011 . . .‬‬ ‫املسألة السابعة عشرة‪ :‬هل يتعني يف القنوت الدعاء الوارد عن النيب ‪‬؟‬

‫املسألة الثامنة عشرة‪ :‬إ مل يتعني يف القنوت الدعاء الوارد‪ ..‬فبأي دعاء حيصل أصل السنة؟ ‪011 . . .‬‬

‫املسألة التاسعة عشرة‪ :‬ما حكم القنوت بآية من القرآ ؟ ‪011 . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪018 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة العشرو ‪ :‬حكم رفع اليدين يف القنوت؟‬

‫املسألة احلادية والعشرو ‪ :‬ذيفية رفع اليدين عند القنوت‪014 . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪011 . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية والعشرو ‪ :‬ذيفية رفع اليدين عند قوله‪( :‬وقين شر ما قضيت)؟‬

‫‪010 . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثالثة والعشرو ‪ :‬حكم مسح الوجه أو غريه بعد الدعاء يف القنوت‪.‬‬

‫‪011 . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الرابعة والعشرو ‪ :‬ما حكم مسح غري الوجه؟‬

‫‪013 . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة والعشرو ‪ :‬اجلهر يف القنوت للمنفرد واإلمام‪.‬‬

‫املسألة السابعة والعشرو ‪ :‬حكم التأمني يف القنوت‪011 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪017 . . . . .‬‬ ‫املسألة الثامنة والعشرو ‪ :‬حكم التأمني يف الصالة على النيب ‪.‬‬

‫‪018 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة التاسعة والعشرو ‪ :‬الثناء يف القنوت‪.‬‬

‫‪073 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬إعادة الوتر وتكميل الوتر‪.‬‬

‫(‪)222‬‬
‫‪081 . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬هل تسن إعادة الوتر يف رمضا ؟‬

‫املسألة الثالثة‪ :‬ما حكم لو صلى بعض الوتر ومل خيتمها برذعة ثم أراد صالة أخرى ثم أراد أ يكمل الباقي من‬
‫صالة الوتر؟ ‪080 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪080 . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬مسألة نقض الوتر‪.‬‬

‫‪081 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة اخلامسة‪ :‬هل الوتر من الرواتب؟‬

‫املسألة السادسة‪ :‬أيهما أفضل صالة الوتر أم سنة الفجر؟ ‪081 . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪041 . . . . .‬‬ ‫املسألة الثامنة‪ :‬هل النداء امللذور بدل عن األذا واإلقامة أو بدل عن اإلقامة فقط؟‬

‫‪043 . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫املسألة العاشرة‪ :‬أخبار أهل العلم يف صالتهم الوتر‪.‬‬

‫‪044 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫اخلامتة‬

‫‪110 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪107 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫(‪)223‬‬
)224(

You might also like