Professional Documents
Culture Documents
إعادة صياغة نصوص الربط و التسلسيل
إعادة صياغة نصوص الربط و التسلسيل
ويُنظر إىل التسويق احلديث على أنه هنج شامل ومرن يهدف لتعزيز العالقات مع العمالء من
خالل مجع البيان ات املتعلقة بالعالمة التجاري ة ع رب أس س منهجية وعلمي ة مما ي ؤدي إىل نت ائج
أعمال أقوى وأكثر إجيابية ،ومنه فإن التسويق احلديث يعتمد على التفكري اإلبداعي والتنفيذ
والبحث واالس رتاتيجية والتكنولوجي ا والتحلي ل لتحقي ق األه داف التنظيمي ة املعلن ة املتمثل ة يف
2
زيادة عدد العمالء وزيادة احلصة السوقية و أيضا زيادة األرباح و إرضاء املوظفني.
2
Erkin, G., & Muborak, R. P62.
1
ميكن الق ول أن التس ويق احلديث يق وم على جمموع ة من االجتاه ات الفلس فية املبني ة على ع دة
مبادئ رئيسية متمثلة يف:
oالرتكيز على مفاهيم اجلودة والقيمة ورضا املستهلك لبناء عالقات إجيابية معه.
oالتكامل بني األنشطة املختلفة.
oزيادة الرتكيز على بناء حتالفات اسرتاتيجية وشبكة األعمال.
oاالهتمام للتفكري والتخطيط االسرتاتيجي وف ًقا ملتطلبات األسواق احمللية املستهدفة.
oاالهتمام بالتفاعل والتسويق اإللكرتوين.
oاالهتمام بالقضايا البيئية والسلوك األخالقي للتسويق.
3
oالتسويق عرب العالقات كمؤشر مهم ملفهوم التسويق احلديث.
وق د ق ام البعض بتعريف ه على أن ه نظ ام اجتم اعي متكام ل ومتط ور ،حتص ل في ه املؤسس ات
واألفراد على احتياجاهتم ومطالبهم من خالل تبادل اخلدمات والسلع األمر الذي يفيد و ينفع
اجملتمع ككل .بينما يرى آخرون أنه نشاط بشري تقوم به اإلدارات املتخصصة حتت إشراف
وتوجي ه اإلدارة العلي ا ويتم ترش يده من خالل تلبي ة احتياج ات ورغب ات املس تهلكني من
املنتجات املادية واخلدمية مع اإللتزام باملسؤولية جتاه اجملتمع لتحقيق مربر وجود منظمة سواء
4
كانت هادفة أو غري هادفة للربح يف إطار البيئة
ومنه فإن اهلدف الرئيسي للتسويق احلديث هو خلق عالقة مرضية مع العميل ،تعود بالفائدة
على كل من العميل واملؤسسة ،حيث أن هذه اجلهود التسويقية احلديثة تؤدي لتحقيق فوائد
كب رية يف معظم املنظم ات ،مما خيل ق يف النهاي ة حال ة من االس تقرار و الرض ا ال وظيفي ،إىل
ج انب حتس ني ه وامش ربح حمقق ة ،وهن ا يص بح االختالف الرئيس ي بني التس ويق احلديث
وأشكاله التقليدية جليا ،حيث أن األخري (التسويق التقليدي) ال يعطي لرضا العمالء ورأيهم
نزار عبد اجمليد الربواري وامحد حممد فهمي الربزخي ،ص 25 4
2
الكثري من االهتمام بعكس ما حيدث يف عصرنا احلايل وهو األمر الذي نشأ بفعل زيادة عدد
األس واق وك ثرة املنافس ني وك ذلك ص عوبة حتقي ق النج اح يف الواق ع احلايل الغ ري املس تقر من
5
جوانب خمتلفة
يف ض وء م ا س بق ،ميكنن ا تعري ف التس ويق احلديث على أن ه مفه وم ش امل ومط ور لعملي ة
التس ويق التقلي دي بطريق ة منظم ة ومتكامل ة وال يت يتم الرتك يز فيه ا على اجلوانب األخالقي ة
واملسؤولية االجتماعية ،حيث تكون محاية مصاحل املستفيدين النهائيني بشكل خاص واجملتمع
بشكل عام اهلم األول يف عملياهتا .فيتم تلبية الرغبات واالحتياجات بشكل أعمق وأكثر نفعا
وفائدة ،ماديًا ومعنويًا.
شهد العصر احلديث ظهور منتجات خمتلفة وأسواق متعددة ،مما مكن املستهلكني من
االختي ار ،وأص بح من املس تحيل جتاه ل املنافس ة ،األم ر ال ذي دف ع أص حاب املص لحة إلجياد
متاما مثل التوزيع ،بصرف النظر عن الرتكيز على عناصر طرق غري تقليدية للرتويج ملنتجاهتمً .
أخرى مثل التسويق ،الذي ال ميكن عادةً التخلي عنه يف إطار عمل منظمة تريد بيع منتجاهتا
بنج اح ،اذا ف ان التس ويق يق وم على التعام ل م ع اإلنت اج الزائ د ،وحماول ة زي ادة األرب اح ،
والرتكيز على مندويب املبيعات ،وتطوير األنشطة الرتوجيية.
ميكن القول أن مرحلة البيع هي انعكاس ملرحلة اإلنتاج ،حيث أن البيع عرف قبل اإلنتاج و
الذي مت اكتشافه يف عشرينيات القرن املاضي ،لذا فإن عملية البيع هي احلافز لظهور مرحلة
التسويق ،وبدون البيع ال يوجد تسويق ،حيث أن أصحاب العمل يف هذه املرحلة أدركوا
أن ه ال ميكن حتقي ق الرحبية إال من خالل زي ادة املبيع ات وال يت تتطلب ب دورها زي ادة وتنوي ع
5
Rahnama, R., & Beiki, P152.
3
اخلدمات املقدم ة ،وال يت ال ميكن حتقيقه ا إال من خالل دراس ة الس وق واملس تهلكني وحتديد
6
املواقف واالحتياجات املختلفة ،وهذا هو الغرض من عملية التسويق.
يدرك أصحاب جهود املبيعات والتسويق أهنم ال يستطيعون التعايش دون املشاركة يف خلق
قيم ة للمؤسس ة والعم ل من أج ل رض ا العمالء .ل ذلك من أج ل توف ري ال وقت واملال ،ف إن
تصميم املنتج وضمان بيعه يتطلب استشارة قادة التسويق لتحديد احتياجات السوق ،بدالً
7
من تقدمي املنتج للمستهلكني يف صورة عشوائي
اذا فمن خالل مفه وم الس لعي ،يك ون الف رق بني املبيع ات والتس ويق واض ًحا فه و ي بني أن
املستهلكني يفضلون املنتجات بناءً على اجلودة ،فاملنتج اجليد يبيع نفسه كما يقال ولكن مع
كثرة األسواق وزيادة املنافسة أصبح هذا األمر غري كايف فمع احلاجة اىل تقدمي املنتج بأعلى
جودة ممكنة باتت املؤسسات مطالبة أيضا بتقدمي منتجاهتا يف أحسن صورة وبأفضل طريقة،
وهن ا ي أيت دور التس ويق وه و تق دمي املنتج بأمجل طريق ة للمس تهلك ،باإلض افة إىل تتب ع آراء
واقرتاحات املستخدمني اهلادفة اىل التطوير املستمر هلذه املنتجات وحتسينها.
مما س بق يتض ح أن التس ويق أك ثر عمومي ة ومشولية من ال بيع ،حيث إن ه يض م جمموع ة ش املة
ومتكاملة من األنشطة اليت حتدد احتياجات اجلمهور وتقوم بتقدمي السلع بأحسن قيمة وجودة
مقابل السعر ،وكلها تؤسس ملرحلة مبيعات قوية وراحبة ،حيث يبدو أن أصحاب األعمال
غ ري ق ادرين على القي ام بأفض ل املبيع ات دون اس تعمال ط رق تس ويق احرتافي ة للنج اح،
فالتس ويق مص طلح أوس ع من البيع تش مل تص نيع املنتج ،والرتويج للمنتج ،وحتدي د الس عر ،
8
واختيار السوق املناسب ،وأخرياً تعيني خصائص خطوات التوزيع.
7
Kotler, P., Rackham, P3
نبيل حممد خليل ،ص3 8
4
لذلك فإن إدارة املبيعات مسؤولة عن وظيفة أو نشاط البيع الشخصي ،وهو أحد األنشطة
الرتوجيية يف املزيج التسويقي للشركة .يعتمد النشاط التسويقي على أربعة مكونات األساسية
9
واليت تشكل املزيج التسويقي ،وهي املنتج و السعر و الرتويج و املوقع أو التوزيع
كما أن الفرق بني إدارة املبيعات وإدارة التسويق يتضح جليا يف أن إدارة املبيعات هي القسم
املع ين ب البيع الشخص ي واملس ؤول عن اختاذ الق رارات اإلداري ة و التنفيذي ة املتعلق ة باملبيع ات
واختيار قنوات التوزيع املناسبة للعمالء ومساعدة قسم و إدارة التسويق بتزويده بردود فعل
10
املستهلكني اهلادفة لتطوير املنتجات وقرارات التسويق االسرتاتيجة.
ف إدارة املبيع ات تق وم مبراقب ة و رص د حرك ات الس وق وتوجه ات املس تهلك وهلا األولوية يف
اكتس اب عمالء ج دد وأيضا احملافظ ة على العمالء الق دامى ،كم ا أهنا تالمس االحتياج ات
واملش اكل يف األس واق ألهنا ت راقب حترك ات الس وق بش كل مباش ر والعالق ة بني اإلدارتني
(إدارة التس ويق و إدارة املبيع ات )هي عالق ة رئيس -ت ابع حبيث ال ميكن فص ل الف رع عن
الشركة األم .لكن ال تغفل أن هذه العالقة تتضمن جوانب متبادلة ومتكاملة.
أصبحت العروض الرتوجيية أداة ال غىن عنها يف عامل البيع والشراء احلديث ،ويظن الكثري أن
كلميت الرتويج والتسويق حتمالن ذات املعىن ،حيث أن املؤسسات تكون غري قادرة على بيع
منتجاهتا ،مهما ك انت جودهتا ،إذا مل يكن ل ديها معلوم ات دقيقة عن املستهلك املقصود ،
كما ذكرنا ساب ًقا ،الرتويج هو أحد أنشطة املزيج التسويقي املصمم إلقناع الفرد باحلاجة إىل
احلص ول على منتج ،أو الع ودة للش راء من جدي د ،من خالل عملي ة اتص ال مقنع ة مص ممة
نبيل حممد خليلص3 9
5
جلذب املستهلكني و التأثري على سلوكهم الشرائي ،مع األخذ يف االعتبار أن املزيج التسويقي
ه و نظ ام يتض من كالً من اإلعالن والتس ويق املباش ر ،ال بيع الشخص ي والعالق ات العام ة و
11
كذلك الكالم الشفهي وترويج املبيعات.
مث إن ال رتويج العالم ات التجاري ة ليس أم را جدي دا ،لكن ه اكتس ب مكان ة و أمهي ة ب ارزة يف
العق ود األخ رية .فيمكن لل رتويج والتس ويق أن ي دعما السياس ات احلض ارية لل دول املختلف ة ،
أيض ا إىل التغلب على مجي ع حتديات الس وق للوصول كم ا ميكن أن يق ودا العالم ات التجاري ة ً
إىل املستهلكني بأسهل الطرق وأقلها خطورة .كما تعترب العملية الرتوجية جزءًا ال يتجزأ من
12
التسويق جبميع أشكال.
و عليه فالرتويج هو اجلانب املكمل للتسويق و الوجه االخر لذات العملة ميكن اإلشارة إليه
على أن ه عملي ة تعزي ز رض ا العمالء من خالل ثالث مراح ل رئيس ية تتكام ل م ع األنش طة
التسويقية و اليت هي كالتايل :
6
القسم األول – الجزء الثاني
شكل التسويق يف الوقف واحداً من أبرز املطالب الشرعية يف االقتصاد اإلسالمي ،ملا
لحة كب رية يف الوق ف واملوق وف عليهم واجملتم ع بأكمله حيث يفض ل أني رتتب علي ه من مص ٍ
تسوق أموال األوقاف و يتم استثمارها واالستفادة من الريع الناتج عن ذلك و هو التسويق
14
القائم على وسائل و جماالت خمتلفة تكون مباحة شرعا
ويرى أن تسويق الوقف متاما كاالستثمار فيه ،فهو عبادة مالية ،ألنه يوفر عمليات مهمة
تس اعد يف بن اء وتأس يس احلض ارة اإلس المية يف خمتل ف اجملاالت االجتماعي ة والثقافي ة
واالقتص ادية والعلمي ة ،كم ا يق وي ويع زز املؤسس ات الوقفي ة ،و ميكنه ا من خدم ة ال دين
15
اإلسالمي بأفضل طريقة ممكنة
وف ًقا لقاعدة هامة ،و اليت مفادها أن الغرض واهلدف الرئيسي من الوقف هو استمرار الفائدة
وزي ادة اإلنت اج وزي ادة الثم رة ،يق وم املختص ون بالرب ط بني التس ويق والوق ف ،كم ا ق ال
الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم :حبس األص ل وس بل الثم رة ( املرج ع ) ،و ه ذا األم ر يتع ذر
حتقيقه من غري تسويق يقود اىل حتقيق هاته اخلصائص املتمثلة يف االستغالل األمثل للوقف مع
16
ضمان احملافظة على أصوله األوىل
لذلك فإن األوقاف هلا بعد استثماري ،خاصة عندما يكون األمر متعلقا بتسويق مؤسسات
الوق ف واس تثمار أمواهلا االس تثمار ،هبدف حتقي ق أرب اح وتولي د عوائ د تص رف على أغ راض
الوقف ،والذي ينتهي باحلفاظ على القدرة اإلنتاجية للوقف و إنشاء وقف جديد أو إصالح
7
أو استبدال األصل القدمي ،كما وأن البُعد التسويقي للوقف يرتبط أيضا بأبعاد اقتصادية هامة ،
يق وم على حتوي ل األم وال ع وض االس تهالك ،واس تثمار رأس م ال الوق ف لتولي د املن افع
واالي رادات ال ذي ميكن اس تهالكها يف املس تقبل ،لض مان احلف اظ على أص ل الوق ف و ع دم
17
اهداره
ل ذا ف إن أمهي ة التس ويق يف الوق ف ترتب ط ارتباطً ا مباش ًرا ب األمالك العقاري ة ال يت ق ام املال ك
حببسها ،فالتمتع هنا يقتصر على جهات معينة مثل منظمة خريية أو غريها من املنظمات اليت
حتصل من خالهلا على منفعة عامة ،وهنا بات من اجليد تسويق هذه الفكرة هنا لتكرار هذه
18
التجربة مع أصحاب العقارات اآلخرين.
كما يرى طبيب مرمي والسيعاوي صليحة ،ميكن توضيح حكم التسويق يف أموال األوقاف
19
من خالل ثالث جوانب رئيسية ،على النحو التايل:
استثمار أصول الوقف :ميكن القول إن األصول الوقفية باتت قائمة ألمرين ،إما -
موقوفة لالنتفاع أو موقوفة لالستغالل ،أما وقف االستغالل فمعناه احلصول على
ري ع ه ذه املؤسس ات الوقفي ة وص رفها على جه ات حمددة ،وأم ا وق ف االنتف اع
فمعناه أن يتم وقفها لالنتفاع هبا ،ال من أجل احلصول على ريعها أو غلتها ،متاماً
كوقف الكتب أو دار العجزة أو سيارات اإلسعاف وغريها.
-اس تثمار ري ع الوق ف :على املس ؤولني عن الوق ف أن يرك زوا على مص طلح
اس تثمار ري ع الوق ف ،خاص ة وأن ج زء ه ام من دور الوق ف يتمث ل يف التص دق
بربعه دوما ،لذلك ال جيوز منع املستفيدين منه بغية استثماره ،خاصة أن استثمار
8
الريع كامال دون صرف جزء منه للمستحقني هو خمالفة واضحة للوقف ال جيوز
القيام هبا.
-اس تثمار ج زء من ري ع الوق ف لتنمي ة أص وله :وهن ا جند أربعة ح االت حتق ق
استثمار وتسويق ريع الوقف ،وهي كاآليت:
أن يذكر الواقف تنمية أصله جبزء من ريعه خالل صيغة الوقف. o
أن ينظر يف تنمية األصل جبزء من الريع والغلة وذلك عرب شرط وقفي مسبق. o
عدم تنمية األصل من الريع أو الغلة وذلك يف شرط يذكره الواقف مسبقاً. o
أخرياً أال يذكر الواقف أي شيء يتعلق بتنمية الوقف يف صيغة االتفاق األولية. o
يف املقاب ل ،الوق ف ه و عملي ة جامع ة بني االدخ ار واالس تثمار ،وم ا يش تمل علي ه األخ ري
(االستثمار) من مصطلحات أخرى مثل التسويق ،حيث يتم اقتطاع األموال من االستهالك
احلايل ،وحتويلها إىل استثمارات هتدف إىل زيادة الثروة اإلنتاجية للمجتمع .فالوقف اإلسالمي
مثل إنشاء مؤسسة اقتصادية قائمة بشكل دائم ،لفائدة ألجيال احلالية واملستقبلية ،والوقف
20
هو استثمار يف املستقبل وتراكم للثروة املنتجة.
كل هذا يتوافق مع قرار الذي أصدره جملس جممع الفقه االسالمي الدويل املنبثق عن منظمة
املؤمتر اإلسالمي رقم )6/15( 140الذي يعترب االستثمار يف أموال الوقف تنمية هلا ،بغض
21
النظر عما إذا كانت أصوالً .أو ريعا بوسائل استثمارية مباحة شرعا
يلعب نظ ام الوق ف يف اإلس الم دوراً هام اً يف تق دمي من افع علمي ة وخريي ة خمتلف ة ،حيث
يق دمي مص احل عام ة حتم ل ش قاً مادي اً يف كث ٍري من األحي ان ،ف الوقف يف ال دين اإلس المي من ذ
9
سنوات التاريخ مل يقتصر على أماكن العبادة ووسائلها املختلفة ،حيث ابتغى منذ عصر الرسول
حمم د ص لى اهلل علي ه وس لم مقاص د خ ٍري خمتلف ة يف اجملتم ع ،ليتوسع هبذه الثقاف ة نط اق املال
22
املوقوف ،مع توسع الغرض من الوقف.
ميكن الق ول أن الغ رض من تس ويق املوارد املالي ة لألوق اف ه و محاي ة أص ل الوق ف من
خطر االندثار ،خاصة أن اخلرباء يعتقدون أن تسويق الوقف خطوة مهمة ت ؤدي إىل حفظه
عن االن دثار من النفق ة ،فإن ه يس اعد على حتقي ق غاي ة الوق ف .أه داف الوق ف اجتماعي ة
واقتص ادية وتعليمي ة وتنموي ة ،أي اس تثمار أم وال الوق ف وتس ويقها من خالل التص نيع
23
واإلنتاج.
مؤخرا يف
على الرغم من أمهية تسويق الوقف ،إال أن دور األقاف اإلسالمية قد تراجع ً
معظم الدول اإلسالمية بسبب التدخل احلكومي وضعف القدرات اإلدارية والفنية إضافة اىل
نقص ال وعي ال ديين.مما ألقى بظالل ه على تس ويق املوارد املالي ة لألوق اف واس تثمارها األمث ل،
األم ر دف ع املس لمني إىل إيالء املزي د من االهتم ام ملا ميكن أن يتم جني ه من التس ويق للوق ف ،
ح ىت تس تفيد من ه األم ة اإلس المية كث ريًا يف ه ذا اجلانب ،حيث أن تس ويق الوق ف ض د
البطالة ،وتوفري فرص العمل املتنوعة ،وخلق الطلب واستمراريته ،وبالتايل زيادة املعروض
10
من السلع واخلدمات ،والوقف ،من خالل التسويق واالستثمار ،يدعم الدولة بشكل كبري
25
يف أداء مهامها األساسية.
من أج ل اس تعادة ال دور الفع ال لألوق اف اإلس المية يف التنمي ة االقتص ادية ،من
الضروري تنمية موارد هاته األخرية ،سواء تنمية األموال املوقوفة القائمة وايراداهتا ،أو جلذب
أوقاف جديدة .وتتحقق تنمية األموال املوقوفة القائمة وإيراداهتا بتنويع سبل استثمار الوقف،
وتنمي ة الق ائمني علي ه ،و ه و األم ر ال ذي ميكن ترمجت ه إىل واق ع و حقيق ة باالس تثمارات
الص حيحة للم وارد املالي ة لألوق اف والس عي لتس ويقها بط رق احرتافي ة تتماش ى م ع نص وص
26
اإلسالم والشريعة.
لذلك أصبح من الضروري االعتماد على التسويق يف الوقف ،حيث تلعب هذا األخري
مهما يف التنمية االقتصادية ،خاصة يف البلدان اإلسالمية النامية ،حيث تساهم األوقاف دورا ً
ً
اإلس المية يف ع دة جماالت ،منه ا :جمال متوي ل التنمي ة ،وجمال تنمي ة القطاع ات االقتص ادية
املختلف ة من خالل تعزي ز مكافح ة االكتن از ،كم ا تعم ل على توف ري مص در ه ام و حي وي
27
لتمويل و حتقيق األهداف التنموية املسطرة ،واحلفاظ على رؤوس اموال اجملتمع.
11
وجماالت االس تثمار اإلس المية املعاص رة ومواءم ة خمتل ف اآلراء الفقهي ة مبا يس اعد ه ذه
28
الوزارات و اهليئات على تنمية استثماراهتا
وألن مؤسسات الوقف تضمن احلفاظ على األموال املوقوفة ،فالواجب هو إبقاء الوقف يف
حالته املناسبة ليعمل كما وضع ألجله ،ويتم ذلك باالستثمار يف الوقف باعتباره أحد جماالت
حتري ك األم وال ،ب دالً من تركيزه ا يف من اطق و ج وانب معين ة ،من خالل ت داوهلا وإع ادة
توزيعه ا بني أف راد اجملتم ع ممن يس تغلها و يس تفيد منه ا بش كل جي د ،مما يفي د وحيق ق النم و
االقتص ادي للمجتم ع ،وباعتب ار وج ود املص طلحات واملف اهيم االقتص ادية يف ع امل الوق ف،
ص ار لزام ا االعتم اد على التس ويق ك أداة متكامل ة ال ميكن التخلي عنه ا لتحقي ق االس تثمار
29
والنمو املذكورين أعاله.
مبا أن مب دأ املس ؤولية االجتماعي ة يؤس س ملنظوم ة الوق ف يف الفك ر اإلس المي ،وخاصة على
مهم ا يف حتقي ق االس تمرارية ملؤسس ات دورا ًمس توى اجلوانب املالي ة ،فق د لعب التس ويق ً
الوق ف ،خاص ة وأن املال يف الواق ع ه و اهلل س بحانه وتع اىل ،وليس ملك اً خالص اً ملن جيمعه.
12
ألن اهلل س بحانه وتع اىل يض ع املال كوديع ة يف ي د العب د ل ريى م ا س يفعله ب ه وحياس به على
31
ذلك ،فمن هنا ولدت فكرة تسويق الوقف أو استثماره بطريقة تضمن له الدميومة.
م ع التط ور اهلائ ل لوس ائل االتص ال يف عص رنا احلايل ،ووالدة أش كال خمتلف ة وط رق متع ددة
للمع امالت املالي ة ،ظه رت جبانب ذل ك جماالت تس ويق جدي دة ،وكله ا تس اهم يف اح داث
دميومة للوقف ومؤسساته املختلفة ،األمر الذي يتطلب من الباحثني القيام باملزيد من التعمق
و العمل لتوضيح أنواع املعامالت املالية .وأحكامها املختلفة ،وتلك املعامالت اليت تتوافق مع
مب ادئ الش ريعة اإلس المية ،وال يت جيوز االعتم اد عليه ا يف خمتل ف اجملاالت الوق ف ،مبا يض من
32
عدم الدخول يف ما حرم اهلل.
وبالتايل ،فإن أحد أبرز قواعد االستمرارية واالستدامة يف عمليات الوقف املختلفة هي تلك
املتعلقة باملرون ة ال يت خلقتها عملية التطوير والتكامل والتفاعل بني خمتل ف املؤثرات اخلارجية
احمليطة بالوقف ،األمر الذي يتطلب استمرارية للمؤسسات الوقفية إذا ما كانت تريد القيام
33
بوظائفها بنجاح ال سيما من حيث القدرة املالية
وهكذا فإن النظام االقتصادي اإلسالمي حيقق عنصر التوازن يف تشريعاته الوقفية ،من خالل
املزي د من االس تثمارات املنتجة اهلادف ة إىل التوزي ع الع ادل لل ثروة ،من خالل إنش اء مص ارف
متعددة لتقليل و تدوير األموال بني األيدي مبا يضمن توفري املزيد من فرص العمل ،إىل تلبية
أفضل الحتياجات وتطلعات اجملتمع ،مما يستدعي االهتمام بالوقف اإلسالمي على املستويني
األهلي والرمسي ،من خالل العم ل على إحي اء وتفعي ل دوره يف حياتن ا اإلس المية املعاص رة
34
مهمة وبارزة من الناحيتني االقتصادية واالجتماعية للدول اإلسالمية.
باعتباره عبادة مالية ً
13
ميكن القول إن األوقاف تساعد على تشجيع القطاع التجاري داخليًا وخارجيً ا ،حيث تلعب
دورا تنافسيًا يف حتفيز التجارة الداخلية ،من خالل وقف األسواق التجارية ،وتوفرياألوقاف ً
املتاجر بأسعر منخفضة ،مما يؤدي يف النهاية إىل رواج التجارة واستمرار و دميومة النجاح يف
مهم ا يف تشجيع التجارة اخلارجية ألنه باإلضافة
دورا ً أسواق الوقف.كما أن األوقاف لعبت ً
إىل السبيل أو الوقف اجملاين على أحواض املياه الواقعة على طرق التجارة اهلامة ،يتم ختصيص
بعض األوق اف لنق ل البض ائع التجاري ة بني ال دول اإلس المية ،مما ينش ط التج ارة اخلارجي ة
بشكل فعال ،ويسهل مرور القوافل التجارية والتنقل بني املدن و يساعد على خلق الدميومة
35
واالستمرارية للوقف من خالل هذا التسويق
ل ذلك ي رى الب احثون أن التس ويق ه و نقط ة االنطالق احلقيقي ة ملختل ف مؤسس ات الوق ف
لتحقيق الدميومة واالستمرارية ،واليت ميكن حتقيقها من خالل برامج وخطط تسويقية وقفية
ذات اخلص ائص ومع امل الدقيق ة ،تتض من مراقب ة املؤسس ات العامل ة يف نفس اجملال وال يت هلا
اهتمامات مشرتكة ،والبحث عن اخليارات األكثر فائدة .وخصوصية يف هذا اجملال .و حتديد
36
حجم املؤسسة وما ميكن أن تفعله
ميكن تلخيص العالقة بني التسويق ودميومة التربع واستمراريته ،بالقول أن الوقف حبد
ذاته هو استثمار ،وما يربطه من تسويق يرجى به إضافة األرباح اىل رأس املال ،حبيث تأيت
املصروفات من األرباح فقط ،فيبقى رأس املال حمفوظا ،بل مضافا اليه الربح الباقي مما يؤدي
إىل غ ىن األنسان و كفايته وك ذلك الوقف حيث خاص باألموال ال يت ميكن االنتفاع هبا ،و
مع بقاء أصوهلا ،وال شك أن استثمار وتسويق أموال الوقف يرجى هبا االستمرار ،وإال فإن
14
املصاريف والنفقات والصيانة ميكن أن تقضي على أصل الوق ف إذا مل يتم معاجلتها معه من
37
خالل استثمار نافع و مربح.
خيتلف التسويق احلديث عن التسويق التقليدي جبعله أكثر أمهية يف املؤسسات املختلفة
عن الوظائف األخرى ،ليصبح التسويق احلديث أحد أسباب جناح أو فشل مؤسسة معتمداً يف
الوص ول إىل أهداف ه على التط ور التكنول وجي غ ري املس بق ،مما ي ؤدي إىل مف اهيم تس ويقية
أشكال وأنشطة جديدة تعمل على حتسني فرص جناح املؤسسات يف حالة املنافسة الشديدة.
38
يسعى التسويق احلديث إىل دمج االجتاهات االقتصادية مع الرؤية التكنولوجية و التقنية احلديثة
،مع ربط كل ما سبق بالعديد من املفاهيم املختلفة ،وأبرزها العالقات ،والرؤية االجتماعية
،واآلفاق األخالقية ،واآلفاق البيئية ،وصوالً إىل ربط كل ما سبق بآفاق التداخل بني األجيال
39
و أخريا إىل التنمية املستدامة.
ميكن الق ول أن التس ويق احلديث يعتم د بش كل أساس ي على العالق ات ،وال يت تعت رب مؤش را
رئيس يًا ملفه وم التس ويق احلديث ،ألهنا تس اعد على تغي ري طريق ة تفاع ل املؤسس ات م ع
املستهلكني ،واالنتقال من مرحلة أسلوب املعامالت الذي يرتكز على كسب عمالء جدد ،
15
اىل مرحلة أسلوب العالقات الذي ينصب الرتكيز الرئيسي على االحتفاظ بالعمالء احلاليني
40
باعتبارها أفضل طريقة لكسب عمالء جدد
يعتمد االجتاه احلايل للتسويق احلديث على قاعدة مهمة وهي إعطاء األولوية يف اختاذ الق رارات
لص احل العمالء ،ألن معظم الش ركات تعت رب العمالء أهم عام ل يف عملي ة التس ويق بأكمله ا ،
لذلك فإن مجيع أدوات التسويق توجهت إلرضاء العمالء ومنحهم مجيع االحتياجات االزمة ،
ليصبح النموذج التسويقي األكثر أمهية السائد يف التسويق احلديث تلك النماذج اليت تتكون
41
من املنتج واإلنتاج واملبيعات والتوجهات التسويقية.
ميكن الق ول أن التس ويق ق د انتق ل من املفه وم التقلي دي إىل املفه وم احلديث مرورا باملراح ل
التالية :مرحل ة الرتك يز على اإلنت اج وتعظيم ه وك انت يف الق رن التس ع عش ر 42،مث أتت مرحل ة
الرتك يز على املفه وم ال بيعي يف ب دايات الق رن العش رين وم ا حيوي ه من بعض األنش طة البيعي ة
املرافقة له ،مث جاءت مرحلة الرتكيز على التسويق يف منتصف القرن العش رين وظهور اداراته
43
بشكل ملحوظ مبا فيها من اشباع الرغبات واحلاجات للمستهلكني مستهدفني،
44
يف حني أن املفهوم احلديث التسويق يعتمد على الركائز األساسية املوجزة التالية:
oالرتكيز على السوق كنقطة بداية.
oاملستهلك هو حجر الزاوية.
oالتسويق املتكامل لكل مستويات ووظائف املنشئة.
43
Pired,William, p 11.
44
P. Kotler et B. Dubois, P 26-33
16
oالتوجه حنو األرباح طويلة املدى.
التسويق االجتماعي
يُنظ ر إىل التس ويق االجتم اعي على أن ه امت داد مهم ملفه وم املس ؤولية االجتماعي ة ،يف
حني يعد اجلانب اآلخر هلذا املصطلح هو يف جمال التسويق املؤسسات و الشركات ،والذي
يصعب متييزه يف سياق احلداثة والتطورات العظيمة اليت تعيشها املداخل الفلسفية احلالية عن
اجملاالت اإلنس انية املختلف ة .مث ان املس ؤولية االجتماعي ة ملؤسس ات م ا هي ح وايل أربع ة
مستويات للمسؤوليات (االقتصادية ،واألخالقية ،والقانونية ،واخلريية) ،واليت تتبع املعايري
45
والقيم الثقافية ،وهي أداة اسرتاتيجية لتحقيق األهداف االقتصادية للمنظمة وخلق الثروة.
بدأت فكرة التسويق االجتماعي بسؤال وييب عن مدى إمكانية بيع األخوة والتفكري العقالين
متام ا كم ا يب اع الص ابون ،وه و س ؤال طُ رح يف ع ام 1951لدرج ة أن املس وقني ب دأوا يف
وض ع األس باب االجتماعي ة يف اعتب ارهم من حيث املنتج ات واألس عار من ذ ذل ك احلني،
مبس اعدة ال وعي االجتم اعي املتزاي د ،مما س اعد يف تس هيل ظه ور التس ويق يف الس احة
46
االجتماعية.
45
Safi, A.,. 194-202
46
Ling, J. C., Franklin, P342
17
وف ًق ا لذلك ،تطور مفهوم التسويق االجتماعي يف أواخر اخلمسينيات وأوائل الستينيات من
القرن املاضي ،عندما بدأ الباحثون واخلرباء يف دراسة عالقة التسويق وحدوده يف العديد من
47
اجملاالت األخرى ذات الصلة ،مثل السياسة واجملتمع.
ميكن تعري ف التس ويق االجتم اعي على أن ه عملي ة تط بيق مف اهيم وتقني ات التس ويق التج اري
ال يت تق ود لتعزي ز التغي ريات الطوعي ة يف س لوك املس تخدم ،ويُنظ ر إلي ه على أن ه عملي ة حتلي ل
48
النتائج االجتماعية لسياسات وأنشطة التسويق التجاري.
تكمن أمهية التسويق االجتماعي يف قدرته على زيادة مستوى التضامن و التكافل بني خمتلف
عال باالنتماء ووضع عناصر من اجملتمعات الطبقات والفئات يف اجملتمع ،وبالتايل خلق شعور ٍ
املختلفة امام مسؤولياهتم الكاملة اجتاه فئات خاصة مثل املعاقني واألقليات ،االمر الذي يقوي
االستقرار االجتماعي داخل الدول وحيارب األيديولوجية اهلجومية مثل العنصرية واإلرهاب
وي ؤدي إىل م ا يس مى مبب ادئ العدال ة االجتماعي ة وتك افؤ الف رص وص وال إىل تط وير ج ودة
مستويات احلياة اليت حيصل عليها األفراد خاصة يف اجملتمعات الفقرية وزيادة فرص بناء البىن
التحتية و احلي اة الثقافي ة ،وك ذلك زي ادة ال وعي بأمهي ة االن دماج الت ام بني عناص ر ومنظم ات
اجملتمع ات املختلفة حبيث تص بح املس ؤولية االجتماعية رك يزة من رك ائز التس ويق وعنص ر من
49
عناصر جناحه.
يقوم التسويق االجتماعي على أربعة عناصر حبيث ال ميكن التخلي على أي واحدة منها وهي
تش مل املنتج باعتب اره الس لعة أو اخلدم ة أو الفك رة أو املمارس ة ال يت جتلب الرض ا والفائ دة
للمستهلك إضافة اىل السعر وهو قيمة نقدية حيصل من خالهلا املستهلك على املنتج ،وصوالً
48
Grier, S., & Bryant,. P321
عدواين مروة ،ص4 49
18
إىل التوزيع وهو املكان حيث يتم التسويق االجتماعي ،مث الرتويج والذي يُنظر إليه على أنه
50
جهودا تسويقية متنوعة بني طياته.
ً نشاط يتضمن
باعتب ار اجلمه ور مبثاب ة اجملموع ات اخلارجي ة والداخلي ة ال يت يس تهدفها ه ذا التس ويق يتض من
املستهلكني األساسيني واملستهلكني الثانويني وصانعي السياسات وحراس البوابة ،وبالنظر إىل
ه ذا التن وع ميكن للتس ويق االجتم اعي أن يق دم أداءا جي د يف حتف يز التغي ري الس لوكي ل دى
األف راد ،ولكن يب دو من الص عب احلف اظ علي ه م ا مل ت دعم البيئ ة مث ل ه ذا التغي ري على املدى
51
الطويل.
ميكن الرتكيز على مسات التسويق االجتماعي ،وخاصة على مستوى املنتجات غري امللموسة يف
جمموعة من اجلوانب أبرزها القابلية للتجريب ،التخفيف واملخاطر والصورة واملدة والقب ول اىل
جانب التكلفة .يعتم د التسويق إىل حد كبري على احلمالت االجتماعية اليت يُنظ ر إليها على
أهنا الطريق ة الوحي دة لتحقي ق أه داف وغاية املس ؤولية االجتماعي ة باعتباره ا عم ل إنس اين
52
يتطلب عمالً طويل املدى يف جمال التسويق للتأثري عليها.
أما عن أشكال التسويق االجتماعي ،فتشمل التسويق االجتماعي االستجايب وهو الذي يظهر
اس تجابة فعلي ة للحاج ات والرغب ات اخلاص ة ب األفراد واجملتمع ات ويعم ل على اش باعها ،إىل
ج انب التس ويق االجتم اعي االس تباقي وال ذي يه دف إىل التع رف على حاج ات اجلم اهري
الناشئة حديثاً وبناء املبادرات اليت تصيغ اسرتاتيجيات استباقية وتطوعية لتلبية تلك الرغبات،
مث التسويق االجتماعي الذي حيتاج إىل تشكيل احلاجة باعتباره املستوى األكثر جرأة ،حيث
53
تقدم املنظمات بضاعتها دون أن يطلبها أحد أو يفكر فيها.
51
Weinreich, N. K.. P2
عطاوة علي وسعادة مجالص13 52
19
التسويق األخضر
يتماش ى ظه ور التس ويق األخض ر م ع مفه وم التس ويق ال ذي ينس جم م ع االهتم ام بالبيئي ة يف
خمتل ف األنش طة التس ويقية ،ويُنظ ر إلي ه كم دخل ح ديث يف إدارة التس ويق ب دأ بنش ر "دلي ل
املستهلك األخضر" يف الواليات املتحدة عام 1989م ،والذي حيتوي على جمموعة متنوعة
من احملتوي ات واملنتج ات الص ديقة للبيئ ة وليس هلا ت أثري س ليب على املس تهلكني مما انتهى
54
باالتفاق على أمهية ظهور ما يسمى بالتسويق األخضر.
هذا بفضل مجعية التسويق األمريكية ،اليت عرفت ألول مرة التسويق األخضر على أنه تسويق
متضمن منتجات غري ضارة بالبيئة .كما ويعرف التسويق األخضر أيض اً بأنه "كل األنشطة
املصممة إلنتاج وتسهيل كل التبادالت اليت تشبع احلاجات والرغبات البشرية مع إحداث أثل
56
ضرر بالبيئة الطبيعية" ( 55.مرجع إضايف )
تكمن أمهي ة التس ويق األخض ر يف املس اعدة على حتقي ق األم ان والس المة الالزمة عن د تق دمي
املنتج ات للمس تهلكني أو يف إدارة العملي ات املختلف ة ال يت ت ؤدي إىل تق دمي املنتج ات
أيض ا ج وانب أخ رى مث ل حتقي ق القب ول للمس تهلكني ،كم ا تش مل أمهي ة ه ذا التس ويق ً
االجتم اعي للمؤسس اتو املنظم ات املختلف ة وحتقي ق أعلى درج ات الدميوم ة واالس تمرارية يف
57
خمتلف األنشطة.
لذلك فان احلاجة للتسويق األخضر زادت وتنامت يف ظل تنامي قضايا خطرية مثل االحتباس
احلراري و توسع ثقب طبقة األوزون ،مما يهدد سالمة حياة اإلنسان ،وجيعل كل شخص غنيً ا
ك ان أم فق ريًا ،يف حال ة اهتم ام بتحقي ق حي اة جي دة و كرمية مليئ ة بالص حة واحليوي ة ،األم ر
لينا أبو عياش ،ص30 54
55
Surya R., PP 26-30
20
الذي يضع مسؤوليات كبرية و هامة على الشركات املختلفة تتمثل يف جتنب خلق حالة من
58
التعارض بني عمليات حتقيق أرباح اقتصادية وجتنب التسبب يف أضرار بيئية من أي نوع.
ويعتق د بعض الن اس خط ًأ أن التس ويق األخض ر ه و جمرد إعالن أو ت رويج ملنتج ات ذات
خصائص صديقة للبيئة ،وربطها مبصطلحات مثل إعادة التدوير ،وإعادة التعبئة ،وصديقة
لألوزون وصديقة للبيئة ،ولكن مفهوم التس ويق األخض ر ل ه بُعد أك رب بكث ري يف ه ذا الص دد
ألن ه ميكن يتم تطبيق ه على الس لع االس تهالكية والس لع الص ناعية وح ىت اخلدمات ،مما ي دفع
املنتجع ات واملراف ق يف مجي ع أحناء الع امل إىل ت رويج نفس ها كمراف ق س ياحة بيئي ة ،أي املراف ق
59
اليت تعمل بطرق تقلل من اآلثار البيئية السلبية.
يتجلى التسويق األخضر يف عمليات الرتويج املختلفة اليت تستخدمها دولة قطر لتسويق كأس
الع امل ،2022حيث ش هدت إنش اء مثاني ة مالعب قائم ة على االس تدامة بش كل رئيس ي،
باإلض افة إىل وص ف ك أس الع امل األخ رية بأهنا أول بطول ة حماي دة كربوني ة يف الت اريخ ،وه و
األمر الذي يتضح جلياً كجزء من مفاهيم التسويق األخضر.
ترتك ز أبع اد التس ويق األخض ر على أربع ة ج وانب رئيس ية خمتلف ة ،هي الغ اء مفه وم التل وث
املرتبط بالنفايات والقاءها أو العمل على احلد منها وتقليل إىل أقل مستويات ممكنة ،وصوالً
إىل إعادة تشكيل مفهوم املنتجات مبا ينسجم مع البيئة واستدامتها ،إىل جانب تعزيز وضوح
العالقة بني األسعار املعلنة والتكلفة الالزمة لوصول املنتجات إىل املستهلكني ،مع جعل التوجه
60
البيئي مرحبًا مبا مينح و يزود املنظمات املختلفة مبيزة تنافسية ومستدامة لصاحل اجلميع.
58
Mishra, P., & Sharma,. P10
59
Polonsky, M. J.. P1
بن عابد عبد الرمحان وعزاوي حممد ،ص8 60
21
وتش مل عناص ر التس ويق املزجيي األخض ر ص احبة العناص ر املتعلق ة ب املزيج التس ويقي الع ادي
بش رط إض افة كلم ة أخض ر هلا ،حبيث يش مل على عناص ر تتعل ق باجلانب البي ئي وه و املنتج
األخض ر وه و منتج مص مم وف ًق ا للمعي ار حلماي ة البيئة ،والتس عري األخض ر وه و من أهم
الق رارات اإلس رتاتيجية ألن ه يعتم د على تكلف ة تنش أ وف ق اعتب ارات محاي ة البيئ ة ،وال رتويج
األخضر لزيادة وعي الناس ومعرفتهم باملنتجات اخلضراء من أجل شرائها بدل املنتجات غري
الص حية ،وأخ رياً املك ان األخض ر والعملي ة ال يت حتت وي عليه ا ،ت راعي عوام ل بيئي ة تؤخ ذ
61
باالعتبار يف توجيه املنتجات اخلضراء من املصدر إىل املستهلكني.
لكي تتب ىن املؤسس ات التس ويق األخض ر بنج اح ،جيب عليه ا إج راء دراس ة مكثف ة ح ول
اجلوانب البيئية احلالية وإجياد نظام قياس سليم للتأثري البيئي على عمل املنظمة ،وبالتايل صياغة
سياسة بيئية واضحة وواقعية مع مراقبة تطور برامج التسويق األخضر داخل املؤسسة وتأهيل
املوظفني ب ا ينس جم م ع ه ذه ال ربامج ، .واالس تمرار يف إع داد األحباث العلمي ة ملعاجلة مجي ع
املش اكل البيئي ة الناش ئة عن منتج ات الش ركة ودعم اجله ود البيئي ة لتعزي ز التس ويق األخض ر
62
داخل أروقة الشركة.
ميكن تعريف التسويق اإللكرتوين على أنه االستخدام األمثل للتقنيات الرقمي ة ،مبا يف
ذلك تقنيات املعلومات واالتصاالت ،لتفعيل إنتاجية التسويق والعمليات املتمثلة يف الوظائف
والعملي ات واألنش طة التنظيمي ة ال يت هتدف إىل حتدي د احتياج ات األس واق املس تهدفة وتق دمي
أيض ا باهنا :معاملة جتارية
السلع وخدمات اىل العمالء وأصحاب املصلحة يف املنظمة .تُعرف ً
تعتم د على تفاع ل أط راف التب ادل إلكرتونيً ا لش راء وبي ع املنتج ات واخلدمات والس لع ع رب
22
نوع ا من التس ويق يش مل معظم األنش طة ال يت تتم ع رب اإلن رتنت ،جللب
اإلن رتنت ،وتعت رب ً
63
األرباح من خالل جذب العمالء واالحتفاظ هبم.
املزاي ا الرئيس ية للتس ويق اإللك رتوين تتمث ل يف قدرت ه على تقلي ل تك اليف العملي ات التس ويقية
اإلمجالية مع زيادة فرصة الوصول إىل املزيد من املستهلكني ،حيث أن تكلفة منصة التسويق
اإللكرتوين عادة ما تكون أقل بكثري مما يتطلبه إطالق منصة تسويق تقليدية أو تكلفة االعتماد
على مندويب املبيعات واملوزعني ،أيضا مي ّكن التسويق اإللكرتوين الشركات من الوصول إىل
العمالء ال ذين ال ميكن الوص ول إليهم من خالل قن وات التوزي ع التقليدي ة بس بب قي ود ال وقت
واملكان ،وكلها توفر للعمالء مزايا يف ثالثة جوانب :القدرة على توفري معلومات غري حمدودة
للعمالء دون ت دخل بش ري ،م ع تق دمي ه ذه املعلوم ات بطريق ة بس يطة ميكن للعمالء فهمه ا
بسهولة ومن مث إنشاء تفاعالت أفضل مع العمالء ،مما يساعد يف تصميم املنتجات واخلدمات
64
اليت تليب احتياجاهتم ومتطلباهتم.
يتكون التسويق اإللكرتوين أو االفرتاضي من أربعة مستويات متميزة :التسويق الشبكي ،حيث
يربط الشركاء مواقعهم اإللكرتونية ببعضهم البعض مع دعوة العمالء للزيارات املشرتكة ،مث
التسويق بالعرض اإللكرتوين حيث تعرض املتاجر اإللكرتونية منتجاهتا السلعية مثل واجهات
أيضا تسويق السلكي ،يعتمد على تسويق املنتجات عن املتاجر العامة والتقليدية ،وهناك هو ً
طري ق إرس ال املعلوم ات والبيان ات إىل اهلوات ف احملمول ة ورس ائل الربي د اإللك رتوين من خالل
نظام يسمى .WAPأخريًا ،يأيت استخدام حمركات البحث كواحد من مستويات التسويق
إلك رتوين ال يت يبحث من خالهلا املتس وقون عن املنتج ال ذي يريدون ه ،مما يق ودهم إىل نت ائج
65
حبث لشركات خمتلفة.
64
Sheth, . P612
رند األسطل ،ص24 65
23
ميكن تلخيص عي وب التس ويق االلك رتوين يف مس ألتني )1 :انته اك اخلصوص ية ألن ه يتم مجع
معلومات مستخدمني خمتلفة )2 .األمان ،حيث قد يواجه املستخدمون مشاكل مثل السرقة
66
واالحتيال والقرصنة وما إىل ذلك.
وبالتايل فإن التسويق اإللكرتوين له فوائد عديدة أبرزها جتاوز قيود السوق املادية واجلغرافية
م ع تق دمي الس لع واخلدمات وف ق املواص فات ال يت يض عها العمالء وال يت تناس ب احتياج اهتم
ورغب اهتم ،والتط وير املس تمر للس لع واملنتج ات ال يت تل يب احتياج ات العمالء اس تجابة ل ردود
أفع ال املس تهلكني ،األم ر ال ذي ي ؤدي يف النهاي ة إىل خفض التكلف ة ،وبن اء عالق ات قوي ة
وطويلة األمد مع املستهلكني واكتساب ميزة تنافسية حقيقية باستخدام أساليب تسويق جذابة
67
وتفاعلية تعتمد على التكنولوجيا والتقنيات واإللكرتونيات احلديثة.
التسويق االبتكاري
حظي التسويق املبتكر باهتمام العديد من املسوقني وغريهم من الباحثني األكادمييني ملا
دورا
ل ه من ت أثري كب ري على مس تقبل املؤسس ات جبمي ع أنواعه ا بينم ا يلعب يف نفس ال وقت ً
مهم ا يف حتقي ق التم يز داخ ل أروقتهم ،وبالت ايل حتس ني أداء املؤسس ات يف ص ورته العام ة ،مما
ً
جيعله ا ق ادرة على التغلب على الض غط احملي ط ،و تتج اوز العوام ل التنافس ية املختلف ة ،من
68
خالل االعتماد على االبتكار باعتباره أحدث التوجهات يف عامل التسويق.
ظهر مصطلح التسويق االبتكاري ألول مرة يف النصف الثاين من القرن العشرين ،خالل فرتة
ازدهار كبري عاشه االبتكار واإلبداع ،مما دفع الكثريين يف مؤمتر بالواليات املتحدة إىل الربط
بني التس ويق واالبتك ار ،واجلم ع بني اجلانبني للتغلب على املتغ ريات العدي دة يف ع امل ال بيع
24
والش راء ،وأبرزه ا احلص ة الس وقية واس رتاتيجيات التس عري ومواص فات الس لعة ،مما دف ع
الب احثني إىل الق ول إن التس ويق االبتك اري يش به إىل ح د كب ري عملي ة تق دمي و إدخ ال ش يء
69
جديد ومهم إىل السوق.
يف املقاب ل ،ف إن ظه ور مفه وم التس ويق املبتك ر يرج ع إىل الرتك يز الكب ري على مص طلحي
التس ويق واالبتك ار على الت وايل ،مما ي ربز احلاج ة امللح ة لتع ايش ه ذين املفه ومني يف العص ر
احلديث لض مان االس تمرارية املؤسس ية وتفعي ل جناحه ا ،وتعزي ز فرص هم يف التف وق على
منافس يهم وص وال لتلبية احتياج ات املس تهلكني ،وخاص ة أولئ ك ال ذين يعيش ون يف حال ة من
70
عدم االستقرار يف رغباهتم.
ميكن تعريف التسويق االبتكاري على أنه هنج تسويقي حديث يعتمد على االبتكار كأساس
أساسي ألعماهلا ومينح الشركات وخاصة الصغرية واملتوسطة ميزة تنافسية مستمدة من هنج و
أسلوب تسويقي فريد من نوعه ال يلتزم باهلياكل والنماذج الرمسية .فهو عملية وضع أفكار
71
جديدة أو غري تقليدية موضع التنفيذ الفعلى يف ممارسة التسويق.
25
تكمن أمهية التسويق االبتكاري يف درجة الفائدة اليت جيلبها للمؤسسة واليت من خالهلا حتقق
التم يز والتف وق على املنافس ني اآلخ رين يف منتجاهتا ،وعالوة على ذل ك فهي تس اعد يف بن اء
ص ورة ذهني ة جي دة عنه ا و تكتس ب مسعة جتاري ة وزي ادة يف حص تها يف الس وق م ع اكتس اب
عمالء ج دد وزي ادة والء العمالء احلاليني ،يف حني أن التس ويق االبتك اري مي ّكن العمالء من
االستفادة من تلبية رغباهتم واحتياجاهتم ،وفهم توقعاهتم ،وتقليل النفقات اليت يتعني عليهم
دفعه ا للحص ول عليه ا .واجتماعيً ا يس اهم التس ويق املبتك ر يف حتس ني مس تويات املعيش ة
االجتماعية مع زيادة اإلنتاج الوطين ،نشر ثقافة التسويق الدويل واليت هلا انعكاسات رائعة
73
على اقتصاد الدول املختلفة.
من أج ل العم ل ب احرتاف يف جمال التس ويق االبتك اري ،جيب أن ميتل ك الف رد جمموع ة من
امله ارات الشخصية ليصبح مبتك ًرا يف جمال التس ويق ،ولع ل أب رز ه ذه امله ارات هي :الق درة
على ابتكار األفكار األصلية ،والوعي باملشكلة ،املرونة واملثابرة وقبول التحديات ،القدرة
74
على التواصل الفعال.
وف ًق ا للب احثني ، Salmon and Stewartميكن تقس يم التس ويق االبتك اري إىل ثالث ة
أن واع :االبتك ار املس تمر ،أي من خالل إج راء تغي ريات ص غرية على ش كل تغلي ف املنتج
وحماول ة حتس ني رض ا العمالء أو تقلي ل مللهم ،واالبتك ار املس تمر ال ديناميكي و هي تغي ريات
أكرب األوىل ،مصممة للتأثري على جمموعة حمدودة من السلوكيات .مثل إطالق إصدار جديد
من نسخة هاتف حديث يتضمن ميزات مل تكن موجودة من قبل ،و االبتكار املتقطع والذي
حُي دث تغيريات جذرية ويعتمد بشكل كبري على التكنولوجيا مثل السيارات والطائرات وما
75
إىل ذلك.
26
التسويق المستدام
ميكن تعري ف التس ويق املس تدام على أن ه بن اء وص يانة عالق ات مس تدامة م ع العمالء
والبيئة االجتماعية والبيئة الطبيعية ( انظر املصدر ،) Fuxman.2022بينما يرى آخرون
التسويق املستدام كعملية تساعد على حتديد وتلبية احتياجات املستهلك يف احلاضر و املستقبل
76
(املصدر من شارما .)2021
ت رى اجلمعي ة األمريكي ة AMAالتس ويق املس تدام كتس ويق منتج ات س ليمة بيئيً ا من خالل
زيادة اجلهود اليت تبذهلا املؤسسات إلنتاج وترويج وتغليف واسرتجاع املنتجات بطرق ال تؤثر
77
على البيئة..
يع اجل التس ويق املس تدام الع واقب االجتماعي ة للتس ويق ويه دف إىل تغي ري مواق ف املس تهلكني
78
وسلوكهم حنو تبين أمناط حياة مستدامة وتوفري منظور أكثر أمهية لالستهالك.
ل ذلك ،يعتم د التس ويق املس تدام على فلس فة ميكن رؤيته ا باعتب ار أن العالق ة بني املؤسس ة و
مستهلكيها ال ميكن اعتبارها عالقة عابرة ،لذلك جيب أن تستند الوكاالت على اإلبداع يف
تط وير وتق ييم وحتس ني ه ذه العالق ات باس تمرار ،من أج ل أن يش عر املس تهلك أن ه ج زء من
املؤسسة وال ميكنه التخلي عن منتجاهتا.
يش تمل التس ويق املس تدام على ثالث ة أبع اد :هي البع د االجتم اعي وال ذي يس لط الض وء على
اجملتمعات احمللية ويركز كل االعتبارات االجتماعية يف العمل وظروفه وصوالً إىل املساواة بني
العمال وضمان سالمتهم ،إىل جانب البعد البيئي وما حيمله من تركيز على اختاذ قرارات حتد
78
Kemper, , p 271..
27
من اجلوانب الس لبية ض د البيئ ة ،مث البع د االقتص ادي ينص ب ترك يزه على كيفي ة حتقي ق ال ربح
79
وخلق حالة من االستدامة االقتصادية من حيث املبيعات واملوارد وغريها.
ميكن اعتبار خصائص التسويق املستدام مبثابة رؤية جديدة لتحقيق األهداف املؤسسية املختلفة
،وكذلك خطوة أولية يف تصنيع املنتجات اليت حترتم البيئة واجملتمع ،وكذلك نقطة مهمة يف
التنب ؤ بت أثريات املنتج ،م ع األخ ذ يف االعتب ار أن التس ويق املس تدام يس اعد على خل ق البيئ ة
املناس بة لتق دير الس لوك املدين وجتنب ك ل تص رفات التس ويق التقليدي ة ،واالهتم ام مبص احل
الفئات الضعيفة ،وتقدمي مواصفات املنتجات املختلفة للعمالء ،والسماح هلم باملشاركة يف
األنشطة و العمليات التسويقية ،واحلد من توليد النفايات ،ومنع أشكال التلوث املختلفة من
80
اإلضرار باألفراد واجملتمع.
من أج ل حتقي ق التس ويق املس تدام املث ايل بنج اح ،جيب اتب اع العدي د من االس رتاتيجيات.
وتشمل جودة املنتجات املستدامة وقدرهتا على احلد من املشاكل البيئية واالجتماعية ،وكذلك
تقسيم السوق املستدام مبا حيمله من اجراءات لتجزئة السوق بالكامل إىل أقسام فرعية تضم
العمالء ال ذين تتش ابه احتياج اهتم ورغب اهتم ،مث اس تهداف األس واق املس تدامة من خالل
اس تهداف األس واق الفرعي ة املقس مة مس ب ًقا ،وبالت ايل حتدي د املواق ف املس تدامة من خالل
ايص ال املنتج ات للعمالء مقس مني يف أس واق فرعي ة بطريق ة ذكي ة من خالل اس رتاتيجيات
81
التفضيل واخلصم.
28
تعريف االقتصاد اإلسالمي:
م ع ظه ور دراس ة االقتص اد اإلس المي وتط وره ،ب دأ مص طلح م ا يس مى مبوض وعات
االقتصاد اإلسالمي بالظهور ،وبدأ الباحثون يف املنطقة اإلسالمية والعربية بالرتكيز على أمهية
هذا اجملال والعناصر املكونة له ،باإلضافة إىل تناول مفاهيمه املختلفة ،وصوالً إىل مصادرها
وخصائصها ومبادئها ،الذي أصبح فيما بعد هو نفسه نظام منفصل تنبع خصائصه الرئيسية
82
متام ا عن األنظمة االقتصادية األخرى.
من شكله العام لالقتصاد ،ولكنه خيتلف ً
تق وم أس ئلة وقض ايا االقتص اد اإلس المي على األص ول العقائدي ة والفلس فية حيث أن
األصل هو األساس الذي يقوم عليه أي بناء ومبا أن مصطلح األصول يُستخدم هنا كقواعد
يقوم عليها االقتصاد من وجهة نظر إسالمية ويف ضوء هذه القواعد يتم تأسيس املؤسسات
اليت ترتكز على االقتصاد اإلسالمي ،واليت يتم من خالهلا حتديد األنشطة االقتصادية والوسائل
83
واألهداف واألهداف والشرعية.
وعلي ه يع رف االقتص اد اإلس المي باعتب اره العلم باألحك ام الش رعية العملي ة من أدلته ا
التفصيلية ،فيما ينظم كسب املال وإنفاقه وأوجه تنميته ( مرجع ) ،كما ويعرف بأنه العلم
الذي يقوم على دراسة سبل حتقيق أوفر الدخل لتأمني حاجات الفرد واجملتمع والدولة ،مع
84
تنمية املوارد واستغالهلا ،ودراسة توزيعها بأقل النفقات
كم ا أن ه ي رى االقتص اد اإلس المي كمجموع ة من األص ول االقتص ادية العام ة ال يت
نستخلص ها من الق رآن والس نة ،والبن اء االقتص ادي ال ذي نقيم ه على أس اس تل ك األص ول
29
حبس ب ك ل بيئ ة ،كم ا ويع رف بأن ه العلم ال ذي يبحث يف الظ واهر االقتص ادية يف اجملتم ع
اإلسالمي ،وهو العلم باألحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية فيما ينظم كسب املال
85
وإنفاقه وأوجه تنميته.
ف).
(وقَ َ
ف) ،و«خمتار الصحاح مادة» َ
(وقَ َ
«لسان العرب» مادةَ : 86
30
ورث(.)88ب وال يُ ُ وه ُ
فيَ َلز ُم ،وال يُباعُ وال يُ َ
عريف الو ِ
قف: كية تَ ِوعند املالِ ِ
َ
لوك -ولو كا َن مَم لو ًكا بُأجر ٍة-أو نفعة مَم ٍ بس -جعل م ِ
قف -ويُعبَّ ُـر عنه باحلَ ِ َ ُ َ الو ُ َ
ِ ِ ٍ ٍ ِ ِ
ت» ُم َّد َة ما يَراهُ
«وق ْف ُ
ت» أو َ عل غلَّته ملُستح ٍّق بصيغة دالَّة عليه كـ «حبَ ْس ُ َج ُ
َّأبيد(.)89
س ،فال يُشرت ُط فيه الت ُ املُحبِّ ُ
ِ ِِ وقال الشافِعيةُ :الوقف :هو حبس ٍ ِ
مال مُي ك ُن االنتفاعُ به مع بَقاء َعينه ممنوعٌ َ ُ َ ُ َ
قربا إىل ِ
اهلل تَعاىل(.)90 رِب ف يف عينِه ،تُصر ُ ِ التصر ِ
ِمن ُّ
ف َمنافعُه يف ال ِّ تَ ُّ ً َ َ
ف يف َرقبتِه على التصر ِ وقيل :حبس م ٍال مُي كن االنتِفاع به مع ب ِ
قاء َعينِه ب َقط ِع ُّ َ ُ ُ َ َ َُ
باح م ٍ
وجود(.)91 ٍ
َمصرف ُم ٍ َ
بيس فعرفوه بتعاريف متعد ٍ
ابن قُدامةَ و َغريُه بأنهُ :حَت ُفعرفَه ُ ِّدةَّ ، وأما احلَنابلةُ َّ ُ َ َ ُ َّ
قربًا إىل ف ِريعه إىل ِج ِ
هة ٍّبر تَ ُّ ِ 92 ِ
صر ُ ُ سبيل الثَّمرة( ) .وزاد بعضهم بأن يُ َ اَألصل وتَ ُ
اهلل(.)93ِ
31
ماهية الوقف وحكمه واركانه
الوقف هو ممارسة إسالمية يعود تارخيها إىل بداية العقيدة اإلسالمية ،ويسعى إىل تعزيز النمو
الروحي للمسلمني يف هذا العامل واآلخرة .وتركز قواعدها وأركاهنا على تنمية اإلحساس
أيضا على االبتعاد عن األنانية واملادية .من
باإليثار والتقوى واإلحسان ،مع تشجيع األفراد ً
خالل الوقف ،ميكن للمسلمني حتقيق شعور أكرب باخللود والسعي لفعل اخلري لآلخرين .قال
رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم ":إذا مات املاء انقطع عمله إال من ثالث............ :
صدقة جارية (".............املرجع)
ينظ ر البعض إىل الوق ف على أن ه ص يغة إنس انية عريقة ،أق رب إىل معامل ة املوارد ،هبدف توجي ه
املنفعة إىل قضية حمددة .وقد جعل هذا الوقف أحد أبرز رموز احلضارة اإلسالمية ،حيث يتقدم
95
املسلمون بشكل خاص يف ممارسته ،على عكس أتباع الديانات األخرى.
أنواع الوقف
منذ بداية اإلسالم ،كان من املعروف أن الوقف له ثالثة أنواع :الوقف املدين (أو الوقف
الذري) ،والوقف اخلريي ،والوقف املشرتك .ويستند معيار التقسيم يف هذا اجلانب إىل اهليئة اليت
يقام عليها الوقف أو املستفيدين من الوقف.
من حيث املعايري الزمنية ،هناك وقف دائم ووقف مؤقت .من حيث إدارته ،ميكن تقسيم الوقف
96
إىل وقف منهجي ،ووقف مرفق ،ووقف مستقل.
من حيث املكان ،ميكن تقسيم الوقف إىل نوعني :وقف العقار ،الذي اتفق الفقهاء على جوازه
أيض ا (املرجع) .إال أن بعض
(املرجع) ،ووقف املنقول ،الذي اتفق غالبية الفقهاء على جوازه ً
32
طاليب حنف اشرتطوا أن يكون وقف املنقول مرتبط اً بالعقار ،مثل البناء واألشجار ،أو خلدمة
97
العقار ،مثل األبقار واحملاريث.
وق ام آخ رون بتقس يم الوق ف إىل ن وعني :الوق ف الع ام والوق ف اخلاص .يقص د ب الوقف الع ام
احلفاظ على الوقف بأموال املتربع على خمتلف أنواع األراضي ،حيث ينفق اإلجيار على جوانب
األرض ،حىت لو كان لفرتة معينة ،مث ينتقل االستحقاق إىل شخص أو أشخاص معينني .الوقف
اخلاص هو احتجاز األموال اليت ميكن استخدامها بإذن من املتربع عن طريق قطع التصرف يف
98
رقبته على نفس الوقف أو أحفاده من بعده أو أقاربه أو غريه
تاريخ الوقف
كان الوقف معروفًا للبشرية منذ العصور القدمية ،حىت قبل ظهور اإلسالم .على الرغم من أنه مل
واضحا للفراعنة ،حيث مل
ً يكن يسمى الوقف ،إال أن حقيقته كانت موجودة .وذُكر أنه كان
تكن البشرية خالية من وجود املعابد وأماكن العبادة األخرى مثل الكنائس .ومتت مراقبة أماكن
العبادة هذه ،مع متابعة العقارات واألراضي من أجل اإلنفاق من عائداهتا على احتياجات هذه
األماكن ،مثل الرتميم والصيانة واإلعمار ،باإلضافة إىل دفع الرواتب .منذ العصور القدمية ،مل
تكن أماكن العبادة هذه مملوكة ألي شخص ،ولكنها كانت مل ًك ا للجميع ،مما يؤكد وجود
99
الوقف منذ ذلك الوقت.
مل ينكر الشافعي ما فعله العرب يف اجلاهلية من الوقف املعروف وامللموس ،ولكن كل هذا مل
يتحقق من أجل االقرتاب من اهلل سبحانه وتعاىل كما حيدث يف عصر اإلسالم احلايل .بدالً من
33
ذل ك ،ك انوا يقص دون الش هرة واملكان ة والس معة الطيب ة وال ذكرى بني الن اس ،على عكس
املسلمني الذين يقصدون التقوى والطاعة هلل وكسب رصيد إضايف من األعمال الصاحلة لدخول
100
اجلنة (.مرجع شافعي )
ميكن القول أن وقف اإلسالم بدأ بوصول النيب حممد (صلى اهلل عليه وسلم) إىل املدينة املنورة،
عندما أنشأ مسجد قباء كأول وقف ديين يف اإلسالم .وهو املسجد الذي ذكر يف القرآن الكرمي
وم فِ ِيه ۚ فِ ِيه ِر َج ٌ
ال ِ ِ ٍ بقوله سبحانه وتعاىل( :لَّمس ِ
َأح ُّق َأن َت ُق َ
ٱلت ْق َو ٰى م ْن ََّأول َي ْوم َ
س َعلَى ََّ ُأس
ِّ دٌ ج َْ
ين) ( األي ة /الس ورة ) .مت بن اء ه ذا املس جد على أرض ب ٱلْ ُمطَّ ِّه ِر َحُيِ بُّو َن َأن َيتَطَ َّه ُرواْ ۚ َوٱللَّهُ حُيِ ُّ
لاليت ام من ب ين النج ار اش رتاها ح بيب املص طفى (ص لى اهلل علي ه وس لم) مقاب ل 800درهم.
مقدس ا للعب ادة
ك انت ه ذه هي اخلط وة األوىل يف إنش اء املس جد النب وي ،ال ذي ال ي زال مكانً ا ً
101
حىت يومنا هذا.
وطبق أول وقف بعد النيب حممد صلى اهلل عليه وسلم يف عهد سيدنا عمر بن اخلطاب رضي اهلل
عنه ألرض أصاهبا ،وهو ما ذكره ابن عمر بالقول :أصاب عمر أرض اً خبيربـ فأتى النيب يستأمره
فيها ،فقال :يا رسول اهلل ،إين أصبت أرضاً خبيرب مل أصب ماالً قط هو أنفس عندي منه ،قال:
إن شئت حبست أصلها ،وتصدقت هبا ،قال :فتصدق هبا عمر ،أنه ال يباع أصلها ،وال يورق،
وال ي وهب ،فتص دق هبا يف الفق راء ،ويف الق ريب ،ويف الرق اب ،ويف س بيل اهلل ،وابن الس بيل،
والض يف ،ال جن اح على من وليه ا أن يأك ل منه ا ب املعروف ،ويطعم ص ديقاً ع ري متم ول.
102
(مرجع )
34
مث أصبحت هذه قاعدة ملن وقف بعد سيدنا عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه،وكانت ببدايات
اإلس الم تس مى األوق اف ص دقات فيق ال (ه ذه ص دقة فالن) مث اس تخدم ودرج لف ظ األوق اف
( مرجع ) .مث باتت تقيد هذه الثروة يف سجالت األوقاف ،وحتفظ يف دائرة األوقاف واحملاكم
الش رعية .جيب توثي ق الوق ف يف كت اب احلجج ،حبيث ال ت رتك أي ش روط جدي دة تض اف إىل
الشروط األصلية اليت حددها الوقف فارغة .وقد اتبع هذه املمارسة العديد من أصحاب النيب،
مبن فيهم أبو بك ر الص ديق رضي اهلل عنه ،الذي وقف منزله على أوالده ،وعثمان بن عفان،
ال ذي وق ف أموال ه يف دوم ة اجلن دل ،وأرض ه يف ينب ع ووادي الق رى .أخ ًريا ،وق ف خال د بن
103
الوليد ،رضي اهلل عنه ،درعه ومعداته يف سبيل اهلل (.مرجع)
تطلب تس ويق مش اريع الوق ف جمموع ة فري دة من امله ارات املمارس ات ال يت ختتل ف عن
التسويق املنتظم .الوقف هو حجر الزاوية يف االقتصاد اإلسالمي ،مما يسمح لألفراد بعمل اخلري
ويس اعد على خل ق مص در حي وي إلعال ة اجملتم ع .على ه ذا النح و ،جيب أن يك ون مس وقو
األوقاف مدركني بشكل خاص لدورهم كسفراء لكل من التعاليم اإلسالمية واجملتمعات اليت
104
خيدموهنا.
يف قلب التسويق الوقفي تكمن احلاجة إىل تعزيز ثقافة العطاء اخلريي املستدام واملشجع والداعم
إلحياء بعض السنن األقل شهرة ،مثل هبة األموال واملمتلكات خلدمة احملتاجني ،مع إيالء اهتمام
خ اص ألفقرن ا ح ىت يتمكن وا من ج ين مثار الوق ف .يف ال وقت نفس ه ،حيت اج املس وقون إىل فهم
35
جي د لتقني ات وأس اليب التس ويق الص حيحة لض مان ال رتويج الس ليم واالستدامة املالية للوق ف،
كل ذلك يف إطار تفويض الشريعة اإلسالمية ( .مرجع )
جيب أن يك ون املس وقون على دراي ة جبانبني رئيس يني عن دما يتعل ق األم ر ب الوقف -مش اريع
الوقف املسموح هبا إسالمياً وأحدث تقنيات التسويق .إن فهم كيفية تعزيز وتأمني التدفقات
105
املالية هلذه األوقاف بشكل فعال أمر ضروري إلنشاء وقف مستدام.
وبصرف النظر عن الفوائد االقتصادية ،يدعم الوقف أيضا اجملتمعات اإلسالمية من خالل توفري
اخلدمات جلمي ع الفئ ات ،وخاص ة ذوي ال دخل املنخفض .وه ذا يع ود بالفائ دة على ك ل من
األف راد واالقتص اد اإلس المي األوس ع .على س بيل املث ال ،ميكن أن تس اعد يف خل ق ف رص
االستثمار ،وتعزيز التنمية االقتصادية وزيادة املسامهة املالية واالجتماعية للدولة اإلسالمية .يتعلق
األم ر بتهيئ ة بيئ ة س ليمة متكن مجي ع أف راد اجملتم ع اإلس المي من العيش حي اة مرض ية دون قي ود
106
مالية .من خالل الرتكيز على الفقراء لوجه اخلصوص.
36
خالل التأكي د على أمهي ة الوق ف ،ميكن للمس وقني املس اعدة يف خل ق بيئ ة آمن ة ومزده رة ميكن
107
لألفراد أن يزدهروا فيها
إن وق ف اإلج راءات املالي ة املت ربع هبا ه و س لوك غ ري ع ادي ،وبالت ايل جيب أن يك ون لتس ويق
أيضا صياغة خاصة وغري عادية .هذا صحيح بشكل خاص ألن ملكية الوقف ال تبقى يف الوقف ً
أيدي الوقف أو تنتقل إىل املوقوف عليه أو املعتربة على حكم ملك اهلل تعاىل .تعترب مجعية املنفعة
اخلريية بدون األصل مع عدم بقاء امللكية يف أيدي الوقف سلو ًكا غري عادي ملختلف اإلجراءات
واملعامالت املالية .لذلك ،فإن التسويق يف هذا اجملال له خصوصية كبرية ،حيث إنه مبين على
108
خريية املنفعة دون األصل مع عدم بقاء امللكية يف أيدي الوقف.
نظرا لألمهية الكبرية للوقف يف الشريعة اإلسالمية واألنشطة ذات الصلة ،من املهم للمنظمات
ً
احمللية والدولية على حد سواء النظر يف اسرتاتيجيات تسويق الوقف الفعالة .توفر صناديق
جناحا واستدامة.
الوقف األعمال اخلريية الالزمة لتشجيع االستثمار ،وخلق اقتصاد وطين أكثر ً
هناك حاجة إىل أشكال متخصصة من التسويق الوقفي لضمان حتقيق الفوائد املثلى للبيئة
التكنولوجية احلالية من استخدامه .توفر صناديق الوقف الدعم احلاسم للمرافق التعليمية
والصحية والدفاع املدين واألمنية والثقافية ،مما يساعد على صيانتها وتطويرها .لذلك ،جيب أن
109
هتدف املنظمات إىل تعظيم تأثري أموال الوقف على االقتصاد العام والرعاية االجتماعية.
37
ميكن الق ول إن تس ويق الوق ف يعتم د على جمموع ة من اخلط وات األساس ية ،وال يت جيب
عدم جتاهلها .وتستند هذه اخلطوات إىل مبادئ أخالقية قوية من الصدق والنزاهة ،وجتنب أي
شيء يتعارض مع األخالق العامة ،واالمتناع عن نشر أي شيء يشجع الصفات السلبية مثل
اإلفراط والطمع واجلشع .يضمن هذا النوع من التسويق أن يعيش األفراد حياة إجيابية تتماشى
110
مع التعاليم اإلسالمية.
وتتضمن مراحل العملية الوقفة ضرورة معرفة حاجات املستهلكني يف املنطقة وهو األمر الذي
يب دو هام اً للغاي ة قب ل اختاذ ق رارات بش أن الوق ف ،ك ل ذل ك من أج ل رص د احتياج اهتم
واكتشاف رغباهتم ،األمر الذي ينتهي بتكييف الوقف وفق االحتياجات الظاهرة ،فهناك مناطق
تبدو حباجة إىل مدارس وقفية ،وهناك مناطق أخرى تزدحم فيها املدارس ،لكنها تبدو حباجة إىل
وقف يبىن عليه مستشفى متخصص ،لذلك سيكون من اخلطأ بناء املدارس الوقفية فيها ،وهو م ا
يع ين أن ك ل مرحل ة من مراح ل العملي ة الوقفي ة تتطلب تس ويقاً يع ود ب النفع على تفاص يلها
املختلفة ،حبيث يبدأ بدراسة االحتياجات وينتهي بتحويل هذه االحتياجات إىل مشاريع وقفية
111
ختدم الفئات املستهدفة يف هذه املنطقة
تتطلب فك رة دف ع األف راد واملؤسس ات للت ربع مبمتلك اهتم جمانً ا من خالل عملي ات الوق ف
التسويق االحرتايف الذي يسخر قوة اجلوانب الدينية والعاطفية .وهذا أمر أساسي حلشد الفئات
املستهدفة للمشاركة يف عمليات الوقف وحتقيق أهدافها بسرعة أكرب .وبدون هذا التسويق ،فإن
انتظار األفراد للتربع بأنفسهم قد يؤدي إىل فشل مسؤويل األوقاف يف حتقيق أهدافهم .ولذلك،
فإن اسرتاتيجية التسويق املهنية أمر ال بد منه لضمان الوقف ومشاريعها ناجحة.
38
املخاطر املختلفة -وهو مسعى يستلزم استخدام التسويق .أحد هذه االستخدامات هو عمليات
االس تثمار والتس ويق املختلف ة ال يت تق وم هبا مؤسس ة الوق ف نفس ها .ويف ه ذا الس ياق ،جيب أن
يه دف التنوي ع إىل تنوي ع آخ ر يف ط رق احلص ول على التموي ل ،مث ل الق روض اجلي دة
واملراحبةواالستص ناع واإلج ارة ال يت تنتهي بتملي ك .يف ه ذا اجملال ،يع د اس تخدام التس ويق أم ًرا
112
ضروريًا لتقليل املخاطر من التخطيط إىل التنفيذ والتوزيع.
ك انت ث ورة التس ويق املتداخل ة م ع املراح ل املختلف ة للوق ف يف العص ر احلديث مدفوع ة بزي ادة
الوصول إىل مشاركة الوقف وتنوعها .شهد الوقف حتوالً هائالً منذ الستينيات ،حيث تطور من
ممارس ة حمدودة ومعروف ة إىل ح د كب ري إىل جمال متن وع ومعق د بش كل متزاي د .ونتيج ة ل ذلك،
أص بحت جه ود التس ويق املطلوب ة متط ورة بش كل متزاي د ،مما يتطلب جمموع ة واس عة من
األساليب التسويقية اليت تغطي عملية الوقف بأكملها .باإلضافة إىل ذلك ،أصبح سوق الوقف
أكثر تباينً ا ،مما يتطلب تضمني جمموعة متنوعة من العناصر يف املزيج التسويقي من أجل جذب
اهتمام مجيع شرائح املستهلكني .باختصار ،كانت ثورة التسويق عامالً رئيسياً يف جناح عصر
113
الوقف احلديث.
يف ضوء تزايد عدد السكان املتعلمني يف مناطق خمتلفة من العامل ،واالختيار الواسع لألوقاف
املتاحة ،وانتشار اإلنرتنت الذي يسمح للناس باملشاركة بسهولة يف األوقاف خارج وطنهم ،من
الضروري ملؤسسات الوقف استخدام أساليب التسويق الفعالة اليت تساعد على جذب أكرب
عدد من املاحنني .من خالل االستفادة من هذه االسرتاتيجيات ،ميكن ملؤسسات الوقف أن
تنوعا من املؤيدين الذين سيساعدون مهمتهم ورؤيتهم من أجل تضمن جمموعة أكرب وأكثر ً
مستقبل أقوى وأكثر إشراقًا.
التسويق في الوقف
رحيم حسني ،ص64 112
39
عناصر الفكر التسويقي احلديث هلا أوجه تشابه كثرية مع املراحل املختلفة للوقف ،واليت تقوم
على التواصل كأساس للتفاعل بني منظمات الوقف وعمالئها املختلفني ،والثقة ،وهو أمر بالغ
دورا رئيس يًا يف حتس ني األداء ،وح ل
األمهي ة لتط وير العالق ات الوقفي ة واالل تزام .تلعب اجلدارة ً
114
النزاعات ضروري لتحقيق أهداف الوقف وسط اخلالفات.
من املتوقع مستقبال أن يكون هناك تداخل بني أهداف التسويق اإلسالمي وأهداف الوقف ،مما
يتطلب وجود التسويق يف مجيع مراحل الوقف املختلفة .جيب أن يكون هذا احلضور مصمماً
خصيص اً لدعوة التسويق اإلسالمي ،وجيب أن يزيل أي فرصة لالحتكار أو االحتيال يف سوق
الوقف ،أو تقدمي املشورة ،أو ضمان عدم اإلضرار مبصاحل الوقف ،أو جتنب أي تورط يف أنشطة
بغيض ة ،أو خ داع العمالء ب أي ش كل من األش كال .وه ذا يعم ل يف هناي ة املط اف على محاي ة
115
سالمة الوقف والتأكد من أنه حيقق أهدافه املرجوة.
هن اك حاج ة إىل نظ ام تس ويق فع ال ط وال عملي ة الوق ف لض مان وص ول الس لع املناس بة إىل
وجهته ا والعمالء املناس بني .من خالل ض مان إنش اء الوق ف يف املك ان املناس ب ،يف ال وقت
املناسب مع التسعري املناسب ،ميكن للمنظمات ضمان عدم إهدار الوقف .باإلضافة إىل ذلك،
جيب على املنظمات النظر يف تأثري سلوك املستهلك ،والعوامل االجتماعية ،والعوامل الشخصية،
والعوام ل الدينية ،والعوام ل الثقافية طوال العملية ،من أجل إنشاء خطة تسويقية ناجحة .مع
40
وج ود نظ ام مناس ب لتوحي د التس ويق ،ميكن للمنظم ات اختاذ اخلط وات الالزم ة حنو مش اريع
116
الوقف الناجحة.
توفر آلية الوقف قاعدة مهمة للحفاظ على رأس املال ،وضمان إنفاق النمو واألرباح ملساعدة
احملت اجني .ولض مان وجوده ا واس تمراريتها ،جيب االض طالع هبياكله ا وص يانتها وتطويره ا
117
واستثمارها .وال ميكن حتقيق ذلك دون تسويق وقف احرتايف لنقل املفهوم إىل املواطنني.
ي درك خ رباء التنمي ة االقتص ادية ال دور احلاس م ال ذي يلعب ه التموي ل يف إع ادة توزي ع ال ثروة
وال دخل ،مما ي ؤدي إىل زي ادة املدخرات واالس تثمارات على املس توى احمللي ،فض الً عن زي ادة
معدل االلتحاق باملدارس .وتساعد األوقاف على احلد من البطالة وختفيف ضغوط اإلنفاق على
118
اجملموعات اإلقليمية ،وكل ذلك يتطلب التسويق املناسب لتحقيقه.
الوقف هو عملية استثمارية اسرتاتيجية تتطلع إىل املستقبل ،حيث يكمل االستثمار والتسويق
بعضهما البعض .لتحقيق النجاح ،من الضروري اجلمع بني التسويق واالستثمار لضمان حتقيق
أه داف الوق ف واس تدامتها .وهلذا الس بب ،من الض روري ض مان اس تثمار األم وال املخصص ة
لألوق اف يف اإلعالن ات واحلمالت واألنش طة الرتوجيي ة األخ رى لبن اء ث روة منتج ة لألجي ال
119
القادمة.
41
التسويق هو مفتاح اإلدارة الناجحة للوقف ،ألنه يساعد على رفع مستوى الوعي والفهم ملفهوم
الوق ف وأهداف ه املتمثل ة يف توف ري الفوائ د والس لع واإلي رادات احملج وزة لألجي ال القادم ة .ومن
خالل القيام بذلك ،فإنه يزيد من منظور الوقف من النظر إليه على أنه إنفاق لألموال احلالية إىل
120
استثمار يف العائدات املستقبلية.
من خالل التس ويق الفع ال ،ميكن للمؤسس ات الوقفي ة ت أمني ال دعم املايل الالزم لتمكينه ا من
االستمرار يف إرضاء الواقف واملوقوف عليهم .وعالوة على ذلك ،فمن خالل حتسني مستوى
القب ول االجتم اعي ،س تمكن ه ذه املؤسس ات نفس ها من إدارة ناف ذة فعال ة ق ادرة على فهم
احتياج ات اجملتمع ات املختلف ة .ال ميكن تلبي ة ه ذه االحتياج ات إال من خالل تقني ات تس ويقية
121
ناجحة من شأهنا تطوير منتجات وخدمات الوقف ملواكبة متطلبات املشاركني يف الوقف.
يف العص ر احلديث ،جيب أن تك ون مؤسس ات الوق ف قابل ة للتكي ف باس تمرار ألهنا تبحث عن
مصادر إضافية للموارد املالية .أصبح استخدام التسويق من أجل مواجهة املشاكل االجتماعية
املتصاعدة بفعالية واملسامهة يف جهود التنمية مع حتسني العالقة مع الدولة ،ضرورة حيوية لتلك
122
املؤسسات .فقط مع اسرتاتيجيات التسويق الفعالة ميكن حتقيق ذلك.
التسويق هو عنصر أساسي يف عملية الوقف الفعالة واملتكاملة .طوال مراحل الوقف املختلفة،
يضمن احلصول على متويل الوقف بقاء أصول الوقف ثابتة وزيادة عوائدها ،مع السماح بالنمو
والتقدم .ال ميكن حتقيق هذه األهداف دون خطة تسويقية ال تلتزم فقط مببادئ الشريعة ،بل
أيضا على دفع وتعزيز التزام األفراد بالتربع للوقف.
تعمل ً
التسويق في منصات التمويل الجماعي
42
مل يكن مفه وم التموي ل اجلم اعي جدي ًدا ،لكن ه ش هد ث ورة من ذ ظه ور املنص ات اإللكرتوني ة
املتخصص ة ال يت متكن التس ويق يف ه ذا اجملال .وتعتم د ه ذه املنص ات على مب ادئ التض امن
123
والتعاون لتشجيع االستثمار وخلق رابطة قوية بني التسويق الوقفي والتمويل اجلماعي.
.بفضل اإلنرتنت والتقنيات احلديثة ،أصبح التمويل اجلماعي اآلن ممارسة شائعة يف عامل التمويل
واألعمال واألنظمة القانونية .وهو ينطوي على مجع مبالغ صغرية من املال من العديد من الناس
124
من خالل منصات إلكرتونية لتمويل مشروع أو مبادرة أو فكرة متعلقة بالوقف.
ظه ر مص طلح التموي ل اجلم اعي للم رة األوىل ع ام ،2006على ال رغم أن أول األح داث ال يت
ع ربت عن ه ذه الظ اهرة ج اءت ع ام ،1997حيث ق ام جمموع ة من املعج بني جبم ع األم وال
لصاحل فرقة موسيقية من أجل مساعدهتا يف القيام جبولة فنية ،لتشهد منصات التمويل اجلماعي
انتشاراً كبرياً بلغ عددها 450منصة حىت أبريل من عام ،2012مث 536منصة يف ديسمرب
من ذات العام ،لرتتفع املبالغ املستثمرة يف التمويل اجلماعي من 530مليون دوالر عام 2009
125
حىت 2.8مليار دوالر عام ،2012مث 5.1مليار دوالر عام .2013
وتش مل منص ات التموي ل اجلم اعي جمموع ة متنوع ة من اجله ات الفاعل ة ال يت ال ينبغي إغفاهلا:
املمولون واملستثمرون ومنصات التمويل اجلماعي ومدققو احلسابات والرعاة .البحث يف أنواع
خمتلف ة من منص ات التموي ل اجلم اعي أم ر ض روري ،مبا يف ذل ك التموي ل اجلم اعي على أس اس
اإلق راض ،التموي ل اجلم اعي على أس اس امللكي ة املش رتكة ،التموي ل اجلم اعي على أس اس مجع
األموال ،ومنصات التمويل اجلماعي على أساس املكافآت .جيب أخذ مجيع هذه اجلهات الفاعلة
126
يف االعتبار عند إنشاء منصة متويل مجاعي ناجحة.
43
يق دم التموي ل اجلم اعي فوائ د متع ددة ،من حل ول التموي ل البديل ة إىل بن اء قن وات اس تثمارية
وتسويقية جديدة .كما يساهم يف متويل مشاريع األوقاف املختلفة ،فض الً عن إتاحة الوصول
املباشر للعمالء لقياس رغباهتم وانطباعاهتم عن املنتجات واخلدمات املقدمة .عالوة على ذلك،
يوفر التمويل اجلماعي فرصة للمسامهات الرمزية يف صيانة الوقف ،واليت تسهلها آليات الدفع
127
السهلة وشرائح التمويل املوسعة اليت تتجاوز احلدود اجلغرافية وتصل إىل مجهور عاملي.
يوفر التمويل اجلماعي جمموعة من املزايا والعيوب .إن قدرهتا على االنتشار بسرعة من خالل
شبكات مثل وسائل التواصل االجتماعي جتعلها أداة مثالية لرواد األعمال لتقليل مستويات
املخاطر عند إنشاء شركة ناشئة .باإلضافة إىل ذلك ،يوفر التمويل اجلماعي إمكانية األفكار
املستمرة من املشاركني ،واخنفاض تكاليف رأس املال مع عوائد عالية حمتملة ،مما يعين أن رواد
أيضا
األعمال ميكنهم االستفادة يف هناية املطاف من التقدم االقتصادي األعلى ،ومع ذلك هناك ً
عيوب جيب مراعاهتا .غالبًا ما يستغرق مجع التربعات وقتًا أطول من الالزم ،وهناك حاالت قد
ال يتم فيها حتقيق املبلغ الكامل املطلوب .وعالوة على ذلك ،هناك خطر أكرب من االحتيال
واهلجمات السيربانية بسبب التعرض علنا ملثل هذه املنصات.عموما ،يف حني أن التمويل
اجلماعي هو وسيلة رائعة لتوليد رأس املال ،فمن املهم أن تكون على بينة من كل من املزايا
128
والعيوب اليت تأيت معها.
إن الوق ف اجلم اعي مفه وم ه ام جيس د الرتاب ط والتض امن .من خالل االس تفادة من املس امهة
اجلماعية للعديد من اجلهات املاحنة من خالل التمويل اجلماعي ،ميكن مجع مبالغ كبرية من املال
بسرعة إلنشاء مشاريع الوقف .عالوة على ذلك ،يعد التمويل اجلماعي وسيلة مثالية للجهات
املاحنة لاللتقاء والعمل من أجل حتقيق أهدافها املشرتكة .األمر الذي دفع بعض فقهاء األحناف
لتناول هذا النوع من التمويل كما قال السرخسي :وإذا كانت األرض بني رجلني فتصدقا هبا
44
صدقة موقوفة على بعض الوجوه اليت وصفناها ،ودفعاها إىل ويل يقوم هبا كان ذلك جائزاً ،ألن
مثله يف الصدقة املنفذة جائز إذا تصدق رجالن على واحد واملعىن فيه أن املانع من متام الصدقة
ش يوع يف احملل ،وال ش يوع هن ا فق د ص ار الك ل ص دقة م ع ك ثرة املتص دقني هبا ( مرج ع
للسرخسي ) .
ج ودة الوق ف ذات ش قني :اجلودة الداخلي ة واجلودة اخلارجي ة .تتض من اجلودة الداخلي ة تق دمي
اخلدمات وف ًق ا للمواصفات القياسية ويف النهاية الرضا الكامل ملوظفي الوقف .من ناحية أخرى،
ترك ز اجلودة اخلارجي ة على تق دمي اخلدمات للمس تفيدين من الوق ف ،وبالت ايل ض مان الرض ا
129
والوالء الذي سينعكس يف هناية املطاف بشكل إجيايب على االستثمار يف املؤسسة الوقفية.
ولض مان تق دمي خ دمات عالي ة اجلودة ،تل تزم مؤسس ات الوق ف بالتواص ل الس ريع والفع ال م ع
العمالء .كما يتضمن االلتزام توفري مرافق مرئية تعتمد على التقنيات احلديثة اليت جتعل اخلدمات
سهلة الوصول ومرحية .كل هذا سيسمح يف هناية املطاف للعمالء بالوصول إىل اخلدمات بأقل
130
جهد ممكن ويف أقصر وقت ممكن.
دورا أساس يًا وحموريً ا يف جناح املؤسس ات الوقفي ة ،مما ي ؤثر يف هناي ة
يلعب التس ويق ال وقفي ً
املط اف على ج ودة املنتج ات الوقفي ة .ولتحقي ق ذل ك بنج اح ،هن اك حاج ة إىل اس رتاتيجية
نظرا ألن مؤسسات الوقف هي عادة منظمات غري رحبية ،فإن التسويق مسؤول واضحة وفعالةً .
131
أيض ا عن املشاركة يف ختطيط العمليات وتطويرها وحتسينها مع احلفاظ على رضا العمالء. ً
45
كل ذلك يتلخص يف تقنيات التسويق املتقنة لزيادة األصول الوقفية ،وخفض التكاليف املرتبطة
بالعمل الوقفي وبناء املصداقية من العمالء من خالل تقدمي منتجات الوقف عالية اجلودة .عالوة
على ذلك ،فإن وجود األدوات والعمليات املناسبة لقياس األداء واإلنتاجية والناتج يسمح مبعدل
جناح أكرب يف تطوير وتسويق وتوزيع منتجات الوقف عالية اجلودة .يف اخلتام ،يرتبط التسويق
ال وقفي وج ودة املنتج ات الوقفي ة ارتباطً ا مباش ًرا من أج ل ض مان النج اح ال دائم هلذه
132
املؤسسات.
التسويق هو جزء ال يتجزأ من عملية اجلودة الشاملة الناجحة ،فمن خالل تقدمي تقارير دورية
مس تمرة عن عملي ة الوق ف واملس تفيدين املس تهدفني ،وك ذلك املس تفيدين اجلدد احملتملني ،ميكن
أن يساعد التسويق يف حتديد وإدارة املخاطر احلالية واحملتملة .من خالل املوازنة بني الرأي العام
وانطباع ات ه ذه املخ اطر ،س يوفر التس ويق نظ رة ثاقب ة للحل ول احملتمل ة ويس اعد على ض مان
االستثمار األمثل لصناديق الوقف واألصول املرتبطة هبا.
لقد أظهر عمل الوقف يف خمتلف البلدان طلباً عاجالً على الشفافية والقدرة على التكيف مع
الظروف املتغرية يف جمموعة متنوعة من اجملاالت ،ال سيما من حيث مجع األموال وإدارة
األصول .وهذا يتطلب دمج اسرتاتيجيات التسويق يف كل مرحلة من مراحل تطوير الوقف ،من
بدايته وحىت حتقيقه الكامل .من خالل استخدام تقنيات التسويق والبقاء منفتحني على فرص
. 133مجع األموال ،ميكن ملبادرات الوقف أن تضمن النجاح على املدى الطويل واملرونة املالية
46
أمرا ضروريًا لتتبع النمو املستقبلي وتلبية
لضمان جناح برنامج الوقف ،يعد التسويق املناسب ً
رغبات واحتياجات املستفيدين من الوقف .من خالل التسويق ،ميكن ملؤسسات الوقف حتديد
كيفي ة ختص يص أص وهلا ،واألس عار ال يت س تحددها ملنتجاهتا وخ دماهتا الوقفي ة ،وكيفي ة مراقب ة
األم وال املتاح ة وزيادهتا .وه ذا يض من أن الوق ف ق ادر على النم و ودعم مش اريع الوق ف
املتط ورة باس تمرار .عالوة على ذل ك ،ب دون التس ويق املناس ب ،س يكون من املس تحيل على
134
الوقف إنشاء رؤية مفصلة ودقيقة للمستقبل ،وتوفري خارطة طريق للنجاح.
يس تحيل على أي مؤسس ة س واء ك انت وقفي ة أو عادي ة ،أن تتع رف على مالمح العم ل
املس تقبلي دون التس ويق االح رتايف يعم ل من ذ بداي ة التأس يس ،م ع حتدي د م دى اس تعداد
املستفيدين للتربع ،وطبيعة املعامالت التجاري ة ،باإلضافة إىل مراقبة س عر املنتج ات الوقفية
معروضا على بعض األشخاص مقابل مبلغ مايل لتطوير الوقف ،يعد جانبً ا ً سواء كان جمانيًا أو
مهم ا لنجاح أي مشروع وقفي ،و بدون خمتصني يف جمال التسويق يصعب تقدميهم بطريقة ً
135
علمية دقيقة.
من أج ل إطالق أي مش روع ن اجح يف أس واق متنوع ة ،يتطلب مش روع املؤسس ات الوقفي ة
دراسات جدوى متأنية من أجل رصد فرص النجاح والفشل .على الرغم من حمدودية قدرات
مؤسسات الوقف ،إال أنه من املفهوم اخلاطئ أن دراسة جدوى اقتصادية واحدة تكفي إلنشاء
ناجحا ،حيتاج إىل النظر يف عدد من أنواع اجلدوى املختلفة.
مشروع .لكي يكون املشروع ً
47
وتش مل ه ذه دراس ة اجلدوى االقتص ادية ،ودراس ة اجلدوى االجتماعي ة ،واجلدوى البيئي ة،
واجلدوى التقني ة ،واجلدوى القانوني ة ،وحتلي ل حساس ية املش روع ،ودراس ة اجلدوى التس ويقية.
من ه ذه ،تعت رب دراس ة اجلدوى التس ويقية من قب ل اخلرباء هي األهم يف املرحل ة التأسيس ية
136
وتتطلب صياغة دقيقة لتحديد املخاطر املستقبلية وإجياد حلول مبكرة للتغلب عليها.
علي ه ميكن أن نق ول أن ه من اخلط أ الف ادح الب دء يف مش روع الوق ف ،بغض النظ ر عن املنتج ات
الوقفية اليت يقدمها ،دون إجراء أحباث السوق الالزمة مسب ًقا .يلعب دمج علوم التسويق يف سري
دورا أساسيًا يف السرعة
عمل املؤسسة الوقفية وعملية صنع الق رار ،بدءًا من إنشاء املش روعً ،
اليت تصل هبا إىل النجاح وتتخلل السوق احمللية .وهذا بدوره يزيد من احتمال الرحبية وطول
137
عمر الوقف ،مما يؤدي إىل تطوره املستمر.
و ألن لدى املؤسسات الوقفية أهداف واضحة للتسويق -حتقيق الربح ،وتعزيز العالقات بني
املؤسس ة الوقفي ة واملس تفيدين منه ا ،ومض اعفة حجم املبيع ات ،وزي ادة وعي املس تهلك ب املنتج
ال وقفي .لتحقي ق ه ذه األه داف ،جيب اس تخدام نظ ام تس ويق اح رتايف .جيب أن يس اهم ه ذا
النظام يف حتديد وحتديد أهداف وأولويات املشروع ،وصياغة خطط العمل االسرتاتيجية ،والتنبؤ
بالسوق ،وتطوير الربامج املالية ،وتوجيه املوظفني .باإلضافة إىل ذلك ،جيب أن توفر معلومات
كافية عن السوق والعمالء واألسعار واملنافسني واملمولني والكيانات اليت ميكن أن تقدم الدعم
ملؤسسة الوقف .مع وجود هذا النظام ،ميكن للمؤسسة الوقفية التوسع واالنتشار واحلفاظ على
138
ميزهتا التنافسية مع إرضاء العمالء وحتقيق النتائج املرجوة.
كم ا يعتم د جناح املؤسس ات الوقفي ة يف ع امل االس تثمار واملش اريع على وج ود البني ة التحتي ة
واخلدمات املناس بة لفائ دة جمموع ات املس تهلكني ،وال يت جيب أن تك ون أربع ة عناص ر رئيس ية
48
موجودة منذ البداية .وهي :امتالك املهارات ومواكبة االجتاهات املتطورة يف القطاع ؛ وجود
نظ ام إداري يعم ل على أعلى مس تويات االح رتاف ؛ رس م مالمح املنتج ات ال يت س يتم توفريه ا
139
بدقة ؛ وجود آلة تسويق تدعم مجيع العناصر السابقة.
لذلك ،غالبً ا ما تفشل مؤسسات الوقف بسبب جمموعة من العوامل ،مبا يف ذلك عدم كفاية
ج ودة خ دماهتا ،وس وء حتدي د الش رحية املس تهدفة ،وارتف اع التك اليف عن د مقارنته ا باألرب اح
املنخفض ة احملقق ة ،وع دم فهم احتياج ات املس تهلك .ويب دو أن ك ل ه ذه القض ايا متج ذرة يف
الفش ل يف إج راء دراس ة ج دوى تس ويقية ش املة للس وق املس تهدفة .وه ذا يس لط الض وء على
ض رورة إش راك حمرتيف التس ويق يف مجي ع مراح ل عملي ة إنش اء الوق ف ،مبا يف ذل ك مرحل ة
140
التأسيس.
وق د ألقى ظه ور مص طلح "التس ويق الري ادي" الض وء على ض رورة التس ويق يف مجي ع مراح ل
الوق ف .يه دف ه ذا الن وع من التس ويق إىل تلبي ة احتياج ات ورغب ات املس تهلكني من خالل
أفكار مبتكرة ونوعية تقدم قيمة حقيقية للعمالء .وهذا يتماشى بشكل وثيق مع فلسفة العمل
يف مؤسسات الوقف ،والسعي للعثور على منتجات وخدمات ذات جودة عالية من شأهنا أن
حتاف ظ ليس فق ط ،ولكن أيض ا تنم و أص ول الوق ف .يس تفيد ه ذا الن وع من التفك ري من املزيج
141
الصحيح من اإلبداع واجلودة والرحبية لصاحل الوقف وأصحاب املصلحة فيه.
وقد أبرز الباحثون أمهية وجود التسويق خالل املراحل املبكرة من الوقف .قد يكون املسوقون
هم املالكون األوائل الذين يبادرون بفكرة واقرتاح الوقف وحيتاجون إىل تطوير رؤية مالية وفنية
هلذا األص ل .فهم حباجة إىل حتديد أهداف وفوائد الوقف وصياغة التفاصيل التشغيلية الكاملة
لرعايته ومحايته .من الصعب حتقيق مثل هذا اهلدف دون اسرتاتيجيات التسويق ،حيث أن الفهم
49
والتكي ف م ع املتغ ريات والظ روف احمليط ة ب الوقف هي مفت اح جناح ه .التس ويق الس ليم خالل
املراح ل األولية للوق ف أم ر ض روري للتفاع ل م ع املن اطق ال يت ت ؤثر علي ه والتحكم فيه ا وخل ق
االنس جام م ع الظ روف املتغ رية ،وإال ف إن تط بيق التس ويق بع د بن اء الوق ف س يكون ع دمي
142
اجلدوى.
حيث أن الفهم والتكيف مع املتغريات والظروف احمليطة بالوقف هي مفتاح جناحه .التسويق
السليم خالل املراحل األولية للوقف أمر ضروري للتفاعل مع املناطق اليت تؤثر عليه والتحكم
فيها وخلق االنسجام مع الظروف املتغرية ،وإال فإن تطبيق التسويق بعد بناء الوقف سيكون
143
عدمي اجلدوى.
التسويق هو عنصر أساسي لنجاح أي مؤسسة ،مبا يف ذلك مؤسسات الوقف .املزيج التسويقي
الشامل هو عملية تطبيق االسرتاتيجية الشاملة اليت ختططها وترمسها اإلدارة العليا من أجل تلبية
احتياج ات ورغب ات عمالئه ا .ميكن أن ي ؤدي إمهال أي عنص ر من عناص ر املزيج التس ويقي أو
الفش ل يف التفري ق بني املس تهلكني املس تهدفني يف عملي ة التس ويق إىل فش ل برن امج التس ويق
144
وتقليل فرص حتقيق أهدافه.
يتطلب التسويق احلديث حتديد العديد من اخلطوات ،مثل حتديد احتياجات املستهلكني
ورغب اهتم ،والتنب ؤ مبس تويات الطلب والتع رف على أمناط االس تهالك .جتاه ل أي من ه ذه
50
اجلوانب يف املراحل املبكرة ميكن أن يضع مؤسسة الوقف يف وضع غري مؤات ،ألهنا لن تكون
145
قادرة على حتديد والتمييز بني أهداف عملية التسويق وتكييف هنجها لكل منها.
التحدي األكرب الذي يواجه إدارات التسويق يف املؤسسات العربية واإلسالمية هو عدم وجود
دعم من الس لطات العلي ا يف إدراك أمهيته ا وفهم ال دور احلاس م ال ذي تلعب ه يف فهم وتلبي ة
احتياج ات العمالء .كج زء من املزيج التس ويقي ال ذي يش مل اإلنت اج والتوزي ع وال رتويج
والتسعري ،ال ميكن للتسويق أن يعمل بفعالية إال عندما تؤخذ احتياجات العمالء يف االعتبار .لن
يؤدي اتباع هنج واحد يناسب اجلميع إلشراك العمالء إىل حتقيق النتائج املرجوة ،حيث خيتلف
ك ل عمي ل من حيث ص فاته ومساته واحتياجات ه .على ه ذا النح و ،جيب إعط اء أقس ام التس ويق
147
الدعم الالزم من السلطات العليا من أجل أداء دورها بطريقة أكثر مثالية.
147
Išoraitė, M. . P26
51
تتواص ل مؤسس ات الوق ف م ع خمتل ف ال داعمني ،ال ذين ميكن تقس يمهم إىل ثالث جمموع ات
متم يزة – الوق وف واملس تثمرين واملتط وعني .متتل ك ك ل فئ ة من املؤي دين ص فات واهتمام ات
خمتلف ة ،مما يع ين أن ه جيب اتب اع أس اليب تس ويقية خمتلف ة عن د التعام ل معه ا .من خالل فهم
اخلصائص الفريدة لكل جمموعة ،ميكن للمؤسسات تصميم اسرتاتيجياهتا التسويقية بشكل أفضل
للوصول إىل اجلماهري املناسبة وحتقيق أهدافها الوقفية.
أوالً :المتطوعين
ظهرت االحصائيات العاملية أمهيةً كربى للتطوع حول العامل ،وفقاً ملا كشفت عنه األمم املتحدة
ع ام ،2018حيث بل غ ع دد املتط وعني يف الوالي ات املتح دة األمريكي ة وح دها 63ملي ون
متط وع ،بع دد س اعات تطوعي ة يبل غ 8ملي ارات س اعة س نوياً يف جماالت التط وع املختلف ة ،مما
يعم ل على توف ري م ا يق رب من 193ملي ار دوالر ،إىل ج انب وج ود 20ملي ون متط وع يف
اململك ة املتح دة بنس بة تص ل إىل %30من إمجايل الس كان ،كم ا أن التط وع يب دو حاض راً يف
الدول العربية واإلسالمية حيث بلغ امجايل املتطوعني يف اململكة العربية السعودية ما يصل إىل
148
%11.1من إمجايل السكان.
وتعد إدارة املتطوعني وإدماجهم يف منظمات اجملتمع املدين ،مبا يف ذلك مؤسسات الوقف ،هنجا
فع اال وش عبيا يف جمال العم ل التطوعي .يعم ل ه ذا النظ ام على التوفي ق بني الط ابع االستهالكي
الفردي للمجتمعات املعاصرة احلالية واحتياجات املنظمات الوقفية للحصول على اخلدمات من
الن اس دون دف ع أج ور أو رواتب ثابت ة .ومن خالل ه ذه اآللي ة ،يس تفيد املتطوع ون واملنظم ات
149
من ترتيب حيقق املنفعة املتبادلة وخيدم احتياجات كل من الطرفني.
52
وميكن االعتم اد على التس ويق لل داعمني من املتط وعني ع رب ثالث ة عوام ل رئيس ية واملتمثل ة يف:
عوام ل اجلذب للتطوع اعتماداً على القيم اجلوهرية وخاصة اإلسالمية منها لقوله تعاىل {فَ َم ْن
ع َخْي ًرا َف ُه َو َخْي ٌر لَ هُ}( االي ة – الس ورة ).وهن اك عوام ل اجلذب للتط وع اعتم اداً على
تَطَ َّو َ
أسلوب التطوع .من أولئك الذين حيبون كرة القدم واملتطوعني يف مؤسساهتا إىل أولئك الذين
يركزون على املسؤولية الدينية واالجتماعية ،هناك فرص كبرية ميكن العثور عليها .باإلضافة إىل
ذلك ،ميكن للمثقفني احلصول على االعرتاف من خالل العمل التطوعي وجيب احرتام ملكيتهم
الفكرية .وهذا ميكن أن يؤدي يف هناية املطاف إىل زيادة تسويق األنشطة التطوعية واألوقاف.
ديرا
يف مجي ع احلاالت ،تك ون املكاف آت احملتمل ة للتط وع بعي دة املدى ،مما جيعله ا مس عى ج ً
150
باالهتمام.
ومن خالل ما سبق جب أن يدرك مسوقو املتطوعني أن مجهورهم املستهدف يتكون يف املقام
األول من الشباب الواعدين ذوي الوعي االجتماعي القوي وااللتزام بإحداث فرق يف جمتمعهم.
53
يعمل الوق ف يف البحث عن التنمية ،من خالل توفري شكل من أشكال رأس املال االستثماري
مع اهلدف النهائي املتمثل يف حتقيق أعلى العوائد .وهذا ممكن بسبب عنصر التأبيد املوجود يف
الوقف ،مما يسمح بأفضل الطرق وأكثرها شرعية لتعظيم استثمار الوقف .وتتمثل إحدى هذه
الط رق يف حتديد وإشراك املستثمرين الراغبني يف متويل الوقف والتربع ملؤسساته املختلفة .من
خالل هذه االستثمارات ،يكتسب الوقف الزخم الذي حيتاجه إلحداث تغيري ذي مغزى وتأثري
دائم.
151
ويتماشى مفهوم التسويق من خالل املستثمرين بشكل وثيق مع مفهوم احلوكمة ،ويركز على
زيادة الثقة يف املؤسسات الوقفية .وميكن أن حيقق االستثمار يف مثل هذه املبادرات قفزة نوعية
يف فرص النمو ،مما يساعد على التغلب على العديد من القضايا والعقبات احملتملة .ميكن خلطة
التس ويق االحرتافي ة كس ب مس تثمرين ج دد ملش اريع الوق ف املختلف ة وض مان والء املس تثمرين
احلاليني .ومن خالل هذه االسرتاتيجية ،ميكن ملؤسسات الوقف أن تزيد بشكل كبري من وجود
152
وثقة املستثمرين اجلدد ،وبالتايل خلق بيئة استثمارية مستدامة.
54
وعليه فإن املستثمرين هم أولئك األشخاص الذين يقدمون املال للمؤسسات الوقفية ،ويعملون
على دعمه ا بك ل م ا يل زم لض مان احلف اظ على أص وهلا ،والعم ل على تطويره ا ،أو توف ري ك ل
اإلصالحات الالزمة فيها.
وميكن خماطبة هؤالء من خالل خطاب حتفيزي يدعو إىل ضرورة تقدمي الدعم املايل للمؤسسات
الص َدقَ ِ
ات الوقفي ة باعتب اره طريق الوص ول إىل اجلنة ،كقول ه تع اىل يف كتاب ه احلكيمِ( :إ ْن ُتْب ُدوا َّ
وه ا الْ ُف َق َراءَ َف ُه َو َخْي ٌر لَ ُك ْم َويُ َكف ُِّر َعْن ُك ْم ِم ْن َس يَِّئاتِ ُك ْم َواللَّهُ مِب َ ا ِِ ِ
فَنع َّما ه َي َوِإ ْن خُتْ ُف َ
وه ا َوتُْؤ تُ َ
َت ْع َملُ و َن َخبِ ريٌ) (البق رة .)271 :وغريه ا من اآلي ات واألح اديث ال يت حتض على ب ذل املال
واقراض اهلل عز وجل.
يقدم الواقفون مسامهات ال تقدر بثمن ملؤسسات الوقف بثالث طرق أساسية :دينيً ا ،من خالل
أدوار مث ل املؤذنني وال دعاة وعم ال النظاف ة ؛ تربويً ا وثقافيً ا ،من خالل تق دمي مس امهات ثقافي ة
تعمل على حتسني احلياة الفكرية ،ومن خالل توفري الدعم االجتماعي لألفراد املطلقني واألرامل
واليت امى ؛ واقتص اديًا ،من خالل املس امهة يف بن اء وإع ادة بن اء وإع ادة تأهي ل املن اطق وزراع ة
األراضي واالستثمار .ومن خالل القيام بذلك ،ال مت ّكن اهلبات من منو وتطوير املؤسسات اليت
154
أيضا بشكل مسؤول يف اجملتمع احمليط. تدعمها فحسب ،بل تستثمر ً
55
(قسم الثالث /الجزء الثاني )
تواجه مؤسسات الوقف يف خمتلف الدول العربية مشاكل كبرية متعددة ،خاصة عندما
يتعلق األمر بالتوعية بأمهية األنشطة الرتوجيية وتكييف املفاهيم واالجتاهات احلديثة للتسويق .وال
تزال العديد من هذه املؤسسات الوقفية تعمل باستخدام آليات عفا عليها الزمن ،واليت ميكن أن
تش مل الغي اب الت ام إلدارات العالق ات العام ة والتس ويق .وغالبً ا م ا ي ؤدي ذل ك إىل تب ين
مؤسسات الوقف سياسة الرتكيز فقط على املدفوعات ،مع جتاهل عامل اجلذب ،مما جيعلها غري
155
قادرة على فهم احتياجات العمالء وانفصاهلا عن مراقبة هذه االحتياجات.
وبالت ايل ،يواج ه مس وقو املؤسس ات الوقفي ة جمموع ة معق دة من العقب ات مث ل ع دم الق درة على
فك رموز أدوات املزيج التسويقي .غالبًا ما يتوج هذا بالفشل يف وضع خطة تسويقية احرتافية،
أو حتقيق األهداف املرجوة من التسويق الوقفي.
كم ا أن واح دة من أك رب العقب ات يف فهم العناص ر املختلف ة للم زيج التس ويقي ه و ع دم ق درة
املسوقني على حتديد وقياس األنشطة التسويقية ذات الصلة بشكل كاف .وهذا ميكن أن يؤدي
إىل ع دم وج ود أه داف وغاي ات حمددة وملموس ة للس عي حنوه ا ،وك ذلك ع دم الق درة على
وضع معايري واضحة لقياس وتقييم األنشطة التسويقية ،وجمموعة املهارات املناسبة لتتبع ورصد
النتائج مقابل النتائج املستهدفة .بدون مقارنة األداء احلايل باألهداف ،أو اإلجراءات التصحيحية
56
املتخذة لتحسني عمليات التسويق املختلفة ،يصبح من الصعب استخدام أدوات املزيج التسويقي
156
بشكل فعال.
إحلاح ا ال يت يواجهه ا املس ؤولون عن املؤسس ات الوقفي ة هي نقصل ذلك ،ف إن أك ثر القض ايا ً
املس وقني احملرتفني ،مما يعي ق ق درهتم على حتدي د احتياج ات العمالء ورغب اهتم ،مما ق د ي ؤدي إىل
توفري منتجات الوقف اليت ال تتماشى مع احتياجات العمالء .هذا اجلهل يرتك املؤسسة الوقفية
غري قادرة على تقييم رضا العمالء وإجراء التعديالت الالزمة لتحقيق ذلك .وعالوة على ذلك،
ف إن ع دم وج ود خط ة اقتص ادية طويل ة األج ل حيرم املؤسس ة من فرص ة الرتك يز على مف اهيم
157
التسويق األساسية مثل السعر واالحتياجات واملرونة واإلدارة.
ومن أج ل ذل ك ميكن الق ول أن أح د أك رب القض ايا ال يت تس اهم يف ص عوبة التمي يز بني أدوات
املزيج التس ويقي يرج ع إىل نقص التس ويق االح رتايف داخ ل املؤسس ات الوقفي ة .متي ل ه ذه
املؤسسات إىل تفضيل توظيف موظفني من جماالت أخرى ،مثل اإلدارة ،مللء أدوار استثمارية
وتسويقية بسيطة .لسوء احلظ ،يأيت هذا القرار بتكلفة ألنه مينع مؤسسة الوقف من االستفادة
من خربة املسوقني احملرتفني ،واليت يعتربها الكثريون خطأ غري ضرورية أو زائدة عن احلاجة.
وقد ثبت أن الفشل يف خلق شعور بالتكامل املشرتك بني عناصر املزيج التسويقي وإجياد طريقة
إجيابية للتفاعل فيما بينها يشكل عقبة رئيسية أمام حتقيق النجاح يف السوق .ونتيجة لذلك ،فإن
املنتج والتس عري والتوزي ع واالس رتاتيجيات الرتوجيي ة تعم ل مجيعه ا بش كل مس تقل عن بعض ها
البعض ؛ مما يؤدي إىل رضا العمالء تصبح حالة صعبة لضمان .ومع ذلك ،كلما ارتفع مستوى
158
التعاون املتكامل بني عناصر املزيج التسويقي ،ارتفع معدل الرضا.
57
لسوء احلظ ،ال يزال نقص الوعي املقدم إىل أقسام التسويق ميثل مشكلة رئيسية ؛ فالسلطات
غ ري ق ادرة على فهم الق درات احلقيقي ة لف رق التس ويق مما حيد بش دة من كفاءهتا يف التعام ل م ع
العمالء ومراقب ة احتياج اهتم .ه ذه املش كلة ب ارزة بش كل خ اص يف خمتل ف املؤسس ات العربي ة
واإلسالمية ،وإىل أن يتم االعرتاف بدور التسويق بشكل صحيح ،ال ميكن حتقيق رضا العمالء
بشكل كامل.
عد التنبؤ أحد أهم مكونات النجاح يف التسويق للمؤسسات الوقفية وغريها .من خالل
ختمني أو تقدير املستويات االقتصادية اليت ستواجهها مؤسسات الوقف يف املستقبل واملتغريات
اليت سرتبط نفسها بتلك املستويات ،ميكن ملؤسسات الوقف االستفادة املثلى من املوارد املتاحة
هلا ،وتوري د املنتج ات واخلدمات ال يت تل يب احتياج ات املس تفيدين منه ا ،وحتدي د األس عار ال يت
159
تفضي إىل السوق احلالية اليت تعمل فيها.
نظرا لعدم وجود مسوقني ذوي خربة ،غالبًا ما جتد مؤسسات الوقف صعوبة ومع ذلكً ،
يف وض ع رؤى ومه ام وأه داف واض حة ،مما ي ؤدي إىل رؤي ة مس تقبلية ناقص ة وع دم وج ود
التنب ؤات الالزم ة للنج اح .على ه ذا النح و ،من املهم أن تس تثمر مؤسس ات الوق ف يف م وارد
التسويق االحرتافية لضمان أن تكون قدرهتا على التنبؤ من أعلى املستويات.
ويكمن الف رق بني الرس الة واأله داف والرؤي ة يف األه داف ال يت تعم ل كح دود تض عها
مؤسسة الوقف من أجل تقييم جناحها .ومع ذلك ،فإن الرسالة يف عامل التسويق هي احملتوى
58
اإلعالين الذي تستخدمه املؤسسة لكسب ثقة اجلمهور .لذلك ،يعتمد النجاح هنا على ما إذا
160
كانت الرسالة هلا صدى لدى الناس أم ال.
و علي ه فمن الض روري أن تنق ل الرس الة بوض وح معتق دات وأفك ار مؤسس ة الوق ف،
هبدف دفع السلوك حنو سلعة الوقف .يصبح اإلعالن عن الرسالة أولوية للمؤسسة ،ألن غياهبا
ي ؤدي إىل االرتب اك وع دم االهتم ام من املس تفيدين احملتملني .إن ع دم وج ود رس الة وأه داف
غموضا يف تصور اجلمهور
ً ورؤية واضحة ميكن أن يعيق حركة مؤسسة الوقف إىل األمام وخيلق
161
للمؤسسة.
غالب اً ما تضع حمدودية املوارد والقدرات العديد من املؤسسات الوقفية يف الدول العربية
واإلس المية يف وض ع ص عب .والتخطي ط االس رتاتيجي ض روري يف املس اعدة على االس تفادة
162
القصوى من هذه املوارد احملدودة ويف تنشيط طاقاهتا من أجل متكني النجاح.
59
ميكن أن يك ون التخطي ط التس ويقي ع امالً رئيس ياً يف جناح مؤسس ات الوق ف وال ينبغي
االس تهانة ب ه .ميكن أن يك ون ل ه دور فع ال يف اس تقرار مؤسس ات الوق ف ،وتوف ري املؤهالت
163
للموظفني واملساعدة يف حتقيق األهداف قصرية وطويلة األجل.
وقد اصبحت عواقب إمهال التخطيط التسويقي وخيمة .فعندما تفشل املؤسسات الوقفية
واملسؤولون عنها يف دراسة البيئات السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية اليت تعمل فيها،
فإهنا ختاطر بتشكيل حالة غامضة تعمل خالهلا الوقف ،مع جناحها باالعتماد على جمرد
"مصادفة" أو مما يؤدي إىل فشل كارثي .دون حتليل املنافسني واالجتاهات التقنية الالزمة
للنجاح ،ودون مراعاة البيئة اخلارجية لضمان جناح الوقف ،فإهنم يضعون منظمتهم أمام عقبات
غري ضرورية وفشل حمتمل .تأخذ خطة التسويق الفعالة يف االعتبار كل هذه العناصر وتوفر
164
خارطة طريق واضحة للنجاح.
ميكن أن يكون إلمهال التخطيط التسويقي عواقب مدمرة على مؤسسات الوقف .بدون
خطة ،تصبح اإلدارة ضعيفة ،وتنشأ املزيد من الصعوبات اليت حتول دون حتقيق أهداف الوقف.
وبدون تنسيق املوارد والقدرات املتاحة للمؤسسة ،فإن منظمة الوقف غري قادرة على التكيف
مع بيئتها املتغرية ،مما يؤدي إىل اسرتاتيجية إدارة قد تكون غري كافية للموارد والبيئة .من خالل
التخطيط السليم ،ميكن ملنظمات الوقف التأكد من أهنا دائما يف وئام مع البيئة احمليطة هبا ولديها
165
املوارد الالزمة الختاذ خطوات استباقية للوصول إىل أهدافها املرجوة.
وبدون التخطيط السليم للتسويق ،لن تتمكن املؤسسات الوقفية من االستفادة من السلع
الوقفية اليت تنتجها ،وستجد صعوبة يف االستفادة من مزاياها على أفضل وجه .وسيؤدي ذلك
إىل زيادة عدم السيطرة على عملهم ،مما جيعلهم غري قادرين على االستفادة من الفوائد املكانية
60
والزمنية واحليازة للمؤسسة الوقفية وغري قادرين على اخرتاق األسواق األخرى ،مما يضطرهم
166
إىل التنافس مع املؤسسات الوقفية األخرى العاملة يف أنشطة مماثلة.
وبدون ختطيط تسويقي واضح ،لن تكون املؤسسات الوقفية قادرة على حتديد أهدافها،
وتفشل يف مراعاة الفرص التسويقية والتخطيط هلا ،وتفتقر إىل خيار تصميم اسرتاتيجية تسويقية
ناجحة ،وتكون غري قادرة على إنشاء جدول زمين فعال لتنفيذ ومراقبة خطط التسويق .وهذا
ميكن أن يؤدي إىل استخدام غري فعال وعشوائي للموارد ،مما يؤدي إىل عدم القدرة على تعظيم
167
فوائد الوقف.
غالبًا ما يرتكب خرباء التسويق الوقفي أخطاء ميكن أن تضر بنتائجهم ومكانتهم بشكل
شيوعا هو عدم وضوح رؤيتهم وخططهم التسويقية ،وكذلك عدم توافقهم كبري .اخلطأ األكثر ً
م ع بيئ ة التش غيل واخلط ط واملع ايري .وت ربز ه ذه الص عوبات بش كل خ اص عن د التعام ل م ع
األوق اف اإللكرتوني ة -مث ل ت راكم املعلوم ات املرتاكم ة ،وبطء ال ردود على االستفس ارات،
وس وء خدم ة العمالء .جيب أن تك ون إدارة عملي ات الوق ف يقظ ة لض مان جتنب ه ذه
168
القضايا.
وغالبًا ما يتجاهل املسوقون أمهية مواكبة سوق الوقف ،مما يؤدي إىل الفشل عندما يتعلق
األمر خبدمات الوقف التسويقية .قد ال حتتاج العديد من اجملتمعات إىل مدارس الوقف ،بل إىل
مستش فيات الوق ف ،ويتطلب فهم ذل ك دراس ة مهني ة .ب دون معلوم ات موثوق ة ح ول مستوى
تشبع السوق ،فإن خدمات الوقف التسويقية هي مشروع عايل املخاطر للغاية .جتاهل نطاق
61
الس وق وسياس ات التس ويق ال يت وض عتها مؤسس ة الوق ف ميكن أن يس بب بس رعة االختالالت
169
اليت ميكن أن تؤدي يف هناية املطاف إىل كارثة جلهود التسويق.
البحوث التسويقية
حباث التسويق أمر بالغ األمهية للمؤسسات الوقفية اليت هتدف إىل النجاح والبقاء قادرة
على املنافس ة يف أس واقها .ي وفر رؤى وبيان ات قيم ة إلبالغ عملي ة ص نع الق رار ح ول إنش اء
منتج ات أو خ دمات أو أفك ار جدي دة .من خالل االس تفادة من ال رؤى من البيان ات النوعي ة
والكمية ،ميكن للمسوقني التنبؤ مبتطلبات العمالء ،وإنشاء اسرتاتيجيات تنافسية تتوقع تغريات
الس وق ،وفهم س لوكيات املس تهلك ،وإجياد النج اح ملنتج اهتم الوقفي ة اجلدي دة .وب دون أحباث
التسويق ،تتعرض املؤسسات الوقفية خلطر الفشل الشديد عند إطالق منتجات جديدة وتكافح
170
ملواكبة التغريات االقتصادية والتكنولوجية والتنافسية.
مشل أحباث األوق اف التس ويقية جمموع ة واس عة من األدوات والتقني ات واملواد املص ممة
الكتس اب رؤى ح ول مواق ف املس تهلكني وس لوكهم وتفض يالهتم .وتش مل ه ذه البح وث
التس ويقية االستكش افية والس ببية والوص فية وميكن تقس يمها إىل ط رق كمي ة ونوعي ة .مث ل ه ذا
البحث ض روري لعملي ة التس ويق االحرتايف لألوق اف ألنه يسمح للمؤسس ات باكتس اب رؤى
حامسة يف أسواقها املستهدفة قبل الشروع يف مشاريع الوقف .تزداد أمهية هذا البحث مع كل
مشروع وقف ،مما يضمن فرصة أفضل للنجاح للمشروع.
171
62
لذلك ،دون إجراء أحباث تسويقية فعالة ،ستواجه املؤسسات الوقفية صعوبات كبرية يف
فهم سلوك املستهلك ،وخصائص السوق املتوقعة ،واسرتاتيجيات التسويق الالزمة .عالوة على
ذلك ،لن يتمكنوا من حتديد املنتجات اليت ستكون ناجحة بشكل فعال ،وقياس أدائها ،ولديهم
القدرة على توقع ومعاجلة املشاكل احملتملة قبل أن تتحقق .ونتيجة لذلك ،فإن قدرهتا على اختاذ
172
قرارات سليمة وتنفيذ توصيات فعالة يف جمال اهلبات ستكون حمدودة للغاية
التغذية الراجعة
دورا حامسًا يف جناح واس تمرارية أي مؤسس ة هب ات .إهنا أداة مهم ة تلعب التغذي ة الراجع ة ً
لتص حيح السياس ات واخلط ط التس ويقية ،وك ذلك املنتج ات الوقفي ة .واألك ثر من ذل ك ،أن ه
يساعد على خلق شعور بالثقة بني مؤسسات الوقف ومؤيديها .ويتحقق ذلك من خالل توفري
منص ة للش فافية املؤسس ية ،مما يس مح للمواط نني بالبق اء على اطالع على كيفي ة إدارة أم واهلم
ومسامهاهتم.
كما تعمل التغذية الراجعة كشكل قيم من أشكال املساءلة االجتماعية ،حيث إهنا تشجع
املؤسس ات الوقفي ة على أن تك ون منفتح ة ومتيقظ ة ألص وات وآراء األه داف – األوق اف أو
املستثمرين أو املستفيدين النهائيني .يف هناية املطاف ،هذا يساعد على تعزيز الثقة وخلق عالقة
173
عمل أكثر إنتاجية.
ردود الفع ل هي أداة حامسة لعملي ات التق ييم ،وخاص ة عن دما يتعل ق األم ر بالتس ويق من
أج ل حتقي ق النج اح املنش ود .من الض روري أن تس تخدم املؤسس ات الوقفي ة التغذي ة الراجع ة
كوس يلة للتوجي ه والتوجي ه ملوظفيه ا واملتط وعني واملم ولني لقي اس دق ة عملهم والتمي يز بني
براهيمي مسري ،ص5 172
63
القرارات الصحيحة واخلاطئة وف ًق ا ملعايري خمتلفة .من خالل االستفادة من قوة ردود الفعل هبذه
174
الطريقة ،ميكن ملؤسسات الوقف ضمان تنفيذ عملياهتا على النحو األمثل.
قواعد البيانات
حتت اج املؤسس ات الوقفي ة إىل م يزة تنافس ية للنج اح وحتقي ق أه دافها التس ويقية املرغوب ة،
خصيص ا هلذا اجملال .وينبغي أن
ً األم ر ال ذي يتطلب اس رتاتيجيات متخصص ة مص ممة
تكون هذه االسرتاتيجية التنافسية خطة شاملة ومتكاملة ،تربط املزايا التنافسية للمؤسسة
بالتحديات البيئية اليت تواجهها ،وتساعد املسؤولني على حتقيق رؤيتهم وأهدافهم الوقفية
طويل ة األج ل .من خالل االس تفادة من ه ذه االس رتاتيجيات ،ميكن لألوق اف ج ذب
االنتب اه والتم يز من اآلخ رين الض روريني للتم يز يف جماهلم 176.امليزة التنافس ية هي الق درة
على التف وق على املنافس ني ،ومتكني املنظم ات من حتقي ق أه داف مث ل الرحبي ة والنم و
واالس تقرار والتوس ع واالبتك ار .إهنا ق درة املنظم ة على متي يز نفس ها عن منافس يها من
64
وجهة نظر املستفيدين منها .ميكن أن يكون هذا االختالف من حيث التكلفة أو السرعة
أو اجلودة أو العالمة التجارية أو خدمة العمالء ،من بني أمور أخرى .مع املزيج الصحيح
177
من االسرتاتيجية والتنفيذ ،ميكن للمنظمات تأمني ميزة تنافسية دائمة يف السوق.
مكن القول أنه بدون ميزة تنافسية ،تفتقر مؤسسات الوقف إىل التوجيه واالستقرار
الالزمني للبقاء على املدى الطويل .عدم وجود رؤية طويلة األجل يؤدي إىل عدم القدرة
على التكيف والتطور جنبا إىل جنب مع التقدم يف التكنولوجيا واالحتياجات والرغبات
املتغرية للمستهلكني .ونتيجة لذلك ،فإن املؤسسة غري قادرة على دفع االبتكار
والتحسينات اليت حتتاجها للمنافسة ،وغالبا ما تتخلف عن األدوات واألساليب اليت عفا
عليها الزمن .باإلضافة إىل ذلك ،فإن االعتماد على العشوائية يعين أن األهداف اليت
حددهتا املؤسسة ميكن أن يكون من الصعب الوصول إليها واحلفاظ عليها.كما أن هذا
االفتقار إىل امليزة التنافسية جيعل من الصعب على املؤسسة البقاء يف صدارة هذا االجتاه،
حيث يعتمد الكثري من جناحها على احلظ ،وليس على اسرتاتيجية خمططة ومدروسة.
لذلك ،من الضروري أن جتد املؤسسات الوقفية ميزة تنافسية وتستفيد منها لدفع
178
جناحاهتا املستقبلية.
تعتمد مؤسسات الوقف بشكل كبري على امليزة التنافسية من أجل النجاح واالزدهار يف
الس وق احلالي ة .وب دون ه ذه امليزة ،ف إهنم غ ري ق ادرين على التف وق على منافس يهم
ويفق دون ح افزهم ،مما ي ؤدي إىل اخنف اض يف ج ودة عملهم وإنت اجهم .وه ذا يض ع
65
املؤسس ات الوقفي ة يف خط رين رئيس يني :الفش ل يف توف ري قيم ة الوق ف والفوائ د احلقيقي ة
179
للعمالء ،وعدم القدرة على مواكبة املنافسة من املؤسسات الوقفية األخرى.
ويف ظ ل ض عف اعتم اد املؤسس ات الوقفي ة على امليزة التنافس ية ،ف إن ه ذه املؤسس ات
تصعب عاجزة عن التفوق على بقية املؤسسات الوقفية املنافسة ،كما أهنا تبدو مؤسسة
بال حافز ،ضعيفة يف أداءها وخمرجاهتا ،مما يعين تراجع كبري يف مستوى أعماهلا وضعف
اجلودة املقدمة ،مما ينتهي خبطرين :عدم انتاج قيم وقفية أو منافع حقيقية للعمالء ،تراجع
180
مستوى املؤسسة الوقفية وعدم قدرهتا على منافسة املؤسسات الوقفية األخرى.
إن عدم االستفادة من امليزة التنافسية ميكن أن يضر بشكل كبري بأداء مؤسسة الوقف ،مما
جيعلها غري قادرة على مكافحة التضخم وتكون ذات صلة يف سوق اليوم .وهذا بدوره
ق د ي ؤدي إىل اخنف اض الطلب على ه ذه اخلدمات يف البل دان النامي ة .ولض مان جناح
املنظم ات الوقفي ة على املدى الطوي ل ،من األمهي ة مبك ان حتدي د وتق دمي اس رتاتيجيات
181
مبتكرة للتغلب على هذه التحديات.
تواج ه مؤسس ات الوق ف حاج ة ملح ة إىل تعزي ز جهوده ا يف جمال العالق ات العام ة من
أج ل تعزي ز مس تويات أك رب من االنس جام م ع اجلمه ور .ويكتس ي ه ذا أمهي ة خاص ة يف ض وء
التغريات السريعة يف البيئة اإلقليمية والدولية ،فضال عن التطورات اهلامة يف توقعات اجلمهور.
66
وقد وضعت هذه االجتاهات مؤسسات الوقف يف أوضاع متزايدة التعقيد ،حيث جيب عليها
182
االعتماد على تدابري العالقات العامة الفعالة لضمان أهدافها.
دورا أساسيًا يف عمليات الوقف ،حيث تتيح الوصول إىل ص انعي وتلعب العالقات العامة ً
الق رار ،وتزي د من وض وح ودعم أص ول الوق ف ،وتط ور وعي املاحنني واملس تفيدين احملتملني،
وتشجع يف النهاية على املزيد من التربعات واالستثمار .كما تقلل العالقات العامة من املخاطر
املرتبطة بعمليات الوقف ،مما يسمح بإدارة آمنة ومأمونة لألصول .من خالل استخدام أساليب
العالق ات العام ة ،تك ون مؤسس ات الوق ف جمه زة بش كل أفض ل إلقن اع املاحنني واملس تفيدين
183
احملتملني ،وتوليد اهتمام جديد بالوقف ،وبالتايل زيادة فعاليته وضمان طول عمره.
ميكن الق ول أن ه ب دون عالق ات عام ة س ليمة ،تق ع املؤسس ات الوقفي ة يف فخ التواص ل
الضعيف ،واألساليب اإلدارية القدمية ،والعقلية العالقة يف املاضي واليت ال تستفيد من إمكانات
التقنيات احلديثة .هذا النقص يف االستثمار ميكن أن يؤدي إىل تصور غري مهين يف نظر اجلمهور،
184
ومضاعفة قلق مؤسسات الوقف لتصوير واجباهتا بدقة أمام حشد أكرب.
وتواجه املؤسسات الوقفية يف املنطقة العربية واإلسالمية حتدياً كبرياً يف فهم أمهية ووظيفة
العالق ات العام ة .وق د أدى نقص ال وعي واملعرف ة هبذا اجملال إىل ش ل عملي ات العالق ات العام ة
هلذه املؤسس ات ،وحرماهنا من األدوات واملوارد الالزم ة لنج اح اجله ود .وه ذا ي ؤدي يف هناي ة
املط اف إىل ع دم ق درهتم على احلف اظ على احملادث ات م ع البيئ ة والبق اء يف طليع ة االجتاه ات
العاملية .ومما يزيد من تفاقم هذه املسألة العوملة ،بقوانينها وشروطها ،اليت تتطلب مستوى كبريا
185
من املعرفة يف جمال العالقات العامة للبقاء يف املنافسة.
67
فيمكن القول أن العالقات العامة أداة أساسية عند حتديد اجتاه أنشطة املؤسسة الوقفية،
حيث أن نقصها أو قصورها قد يؤدي إىل دورة ال هناية هلا من اخلسائر وعدم االستقرار الذي
مينع الوقف من الوصول إىل أهدافه .كما أن ضعف التواصل مع أصحاب املصلحة (الداعمني
واملستفيدين) هو قضية أخرى ،واليت هي هدف عملية تسويق الوقف ،الذين يدعمون الوقف
ويستفيدون منه يف هناية املطاف .ولذلك ،فإن وجود اسرتاتيجية فعالة للعالقات العامة أمر بالغ
األمهية لنجاح عمل ومنو املؤسسات الوقفية.
ينظ ر إىل االس رتاتيجيات والتخطي ط االس رتاتيجي باعتب اره "العملي ة ال يت يتم من خالهلا ص ياغة
تص ور للمس تقبل ،واختي ار الوس ائل والعملي ات الالزم ة لتحقي ق ه ذا املس تقبل ،وه ذه العملي ة
تكون واعية ومدروسة ،وتعتمد على الوضع القائم ،وتساهم هبا املؤسسة بكل مقوماهتا ،هبدف
اختي ار أفض ل االحتم االت ال يت تس اعد املؤسس ة يف إجناح مهمته ا ،يف الض وء البيئ ة اخلارجي ة
186
املتغرية ،باعتبارها عملية تأملية وتقييمية".
وعلي ه تركز اس رتاتيجيات التس ويق يف مؤسس ة الوق ف على تشكيل مستقبل املؤسس ة ،ووضع
خصيص ا للظ روف
ً أه داف قابل ة للتحقي ق باس تخدام األدوات والعملي ات الص حيحة املص ممة
املتغرية .يعد التخطيط االسرتاتيجي للتسويق جزءًا أساسيًا من هذه العملية ،مما يسمح ملؤسسة
الوقف بتحديد الفرص املتاحة يف البيئة املتغرية واالستفادة منها .من خالل اتباع خطة مدروسة
جيدا ،ميكن ملؤسسة الوقف ضمان مستقبل ناجح وآمن. ً
68
ويتطلب تعظيم إمكان ات قط اع األوق اف اس رتاتيجيات دقيق ة ومهني ة لتس ويق قدرات ه وض مان
جيدا
جتهيزا ً
احلفاظ على األصول وتطويرها .ولتحقيق ذلك ،جيب أن تكون املؤسسات جمهزة ً
بقن وات متوي ل موثوق ة وط رق توزي ع فعال ة ح ىت تتمكن األوق اف من الوص ول إىل أص حاب
أمرا ضروريًا من أجل خلق
املصلحة بكفاءة .يعد استخدام أحدث تقنيات التسويق واالتصال ً
ال وعي وزي ادة اس تيعاب الوق ف بني اجلم اهري الرئيس ية .عالوة على ذل ك ،ميكن للش راكات
االسرتاتيجية مع املنظمات ذات الصلة وأصحاب املصلحة أن تساعد يف دفع العائدات وتسهيل
187
النمو وضمان االستدامة.
كمؤسس ة خريي ة تق دم اخلدمات األساس ية للعدي د من املس تفيدين ،حتت اج املؤسس ات الوقفي ة
بشكل خاص إىل التخطيط االسرتاتيجي لضمان جناح اسرتاتيجياهتا التسويقية .من خالل إجراء
حبث ش امل ووض ع خط ط ش املة ،ميكن هلذه املؤسس ات ص ياغة اس رتاتيجية تس مح هلا بتعظيم
وص وهلا وإف ادة أك رب ع دد ممكن من الن اس .م ع وج ود االس رتاتيجيات الص حيحة ،ميكن هلذه
املنظمات التخطيط ملستقبل ناجح واالستمرار يف تقدمي خدمات ال تقدر بثمن للمحتاجني.
على الصعيد العاملي ،تتطور بيئة األعمال باستمرار ومتتلئ باجتاهات التسويق املختلفة املرتبطة
باألنش طة املختلف ة باس تخدام التقني ات اإللكرتوني ة احلديث ة .وق د جع ل ه ذا النم و الس ريع يف
صناعة التسويق املؤسسات الوقفية تدرك احلاجة إىل اختاذ خطوات اسرتاتيجية ملواكبة أحدث
التطورات وتكييف اسرتاتيجياهتا وفقا لذلك .إن مواكبة هذه التغيريات أمر ضروري إذا أردنا
188
النجاح يف هذا العامل الرقمي سريع التطور.
كانت فكرة تسويق الوقف ذات يوم خميفة بسبب ارتباطها بالعبادة الدينية فقط ؛ ومع ذلك،
مع تزايد الوعي بأدوار الوقف األخرى العديدة مثل توفري التعليم واخلدمات الصحية وأكثر من
ذل ك ،أص بحت احلاج ة إىل اس رتاتيجيات حديث ة وج ودة لتس ويق مؤسس ات الوق ف واض حة.
ملياين صليحة ،ص3 187
69
ميكن أن تساعد هذه االسرتاتيجيات منظمات الوقف يف احلصول على األموال الالزمة لتعزيز
قضيتها ،وحتسني جودة اخلدمات اليت تقدمها.
لذلك ،من الواضح أن أكرب التحديات اليت تواجه املؤسسات الوقفية اليوم تكمن يف ميلها إىل
اتب اع هنج مغل ق وع دم االنفت اح على األفك ار واالس رتاتيجيات اجلدي دة .مل يع د ه ذا االل تزام
بتقنيات التسويق والرتويج التقليدية جيذب املستفيدين احملتملني ،خاصة من اجليل احلايل ،الذين
دورا كب ًريا يف حي اهتم اليومي ة .وللتغلب على ذل ك ،جيب على املؤسس ات تلعب التكنولوجي ا ً
الوقفية االلتزام بتبين تكتيكات تسويقية أكثر حداثة من أجل مواكبة العصر املتغري.
ختصص ا وفعالية للوقف ،من الضروري العثور على ً للحصول على اسرتاتيجيات التسويق األكثر
خربة خاصة يف هذا اجملال .جيب أن يكون هؤالء اخلرباء قادرين على حتديد املفاهيم التسويقية
والرتوجيية الرئيسية لألوقاف ،وأن ميتلكوا املهارة واملعرفة إلنشاء املزيج التسويقي األمثل للوقف
بنجاح .ولكي يكون هؤالء املتخصصون يف التسويق أكثر كفاءة ،جيب أن يفهموا ليس فقط
189
أيضا رؤية البيئة احمللية والبلد املضيف.
مناذج الوقف املستخدمة يف البلدان األخرى ،ولكن ً
ويكمن التح دي يف إحج ام املؤسس ات الوقفي ة عن االع رتاف بأمهي ة التس ويق والس ماح لغ ري
املتخصص ني بش غل مناص ب املس ؤولية داخ ل املؤسس ة ،مما يقل ل من ف رص إنش اء اس رتاتيجية
تسويقية شاملة وفعالة.
أص بحت اس رتاتيجيات التس ويق حج ر الزاوي ة للمؤسس ات الوقفي ة يف احلف اظ على أص وهلا
الوقفية ،واملسامهة يف منوها وتطورها ،وبناء مستويات أعلى من الثقة مع املستفيدين منها .وهبذه
االس رتاتيجيات ،ميكن ملؤسس ات الوق ف أن تش جع املس تفيدين منه ا على تق دمي ال دعم املايل
الالزم للعدي د من املش اريع واملب ادرات الض رورية لنجاحه ا على املدى الطوي ل .وهبذه الطريق ة،
تكون املؤسسات الوقفية أكثر قدرة على محاية أصوهلا وضمان جناحها يف املستقبل.
70
أنواع استراتيجيات تسويق الوقف
قب ل حتدي د اس رتاتيجيات التس ويق ال وقفي الفعال ة ،من الض روري أوالً حتدي د مهم ة مؤسس ات
الوق ف .وه ذا مبثاب ة اخلط وة األوىل لص ياغة خط ة تس ويقية فعال ة ،حيث أن املؤسس ات الوقفي ة
ل ديها حاج ة ملح ة لرؤي ة واض حة وه دف واقعي من أج ل حتدي د طري ق النج اح .إن وج ود
اس رتاتيجية جي دة ألي مؤسس ة وقفي ة أم ر ب الغ األمهي ة الس تدامتها على املدى الطوي ل واحلف اظ
190
على أصوهلا.
آلن أكثر من أي وقت مضى ،من الضروري حتديد واستخدام مصادر متويل موثوقة يف البلدان
العربية واإلسالمية .برز الوقف واسرتاتيجياته املختلفة كحلول قابلة للتطبيق ؛ ميكن تقسيم هذه
االس رتاتيجيات إىل فئ تني متم يزتني .يتض من الوق ف ال دائم تكتيك ات تس ويقية ترك ز على دعم
مؤسسات الوقف طويلة األجل ؛ يف حني أن مساعي الوقف املؤقتة تطبق اسرتاتيجيات موجهة
191
حنو تعزيز مشاريع الوقف احملدودة بنقطة بداية وهناية.
ومن أج ل وض ع اس رتاتيجية فعال ة ،جيب أن يتب ع الوق ف هنج ا ش امال .ويش مل ذل ك دراس ة
األسواق وقطاع الوقف يف الدولة ،وحتليل منتجات الوقف احلالية ،وابتكار منتج وقف جديد،
واختي ار االس رتاتيجية األنس ب للتس ويق وال رتويج .سيس اعد ه ذا النهج يف ض مان أن تك ون
خصيص ا لتلبي ة االحتياج ات احملددة للوق ف وس تكون فعال ة يف
ً االس رتاتيجية املخت ارة مص ممة
192
الوصول إىل مجهورها املستهدف.
وكثريا ما يقال إن ثالث اسرتاتيجيات تسويقية رئيسية ميكن أن تكون مفيدة ملؤسسات الوقف
وهي اعط اء اس رتاتيجية التس ويق احمللي ة األولوي ة ملنطق ة معين ة وتعم ل ض من احلدود اجلغرافي ة،
71
واعتم اد اس رتاتيجية التس ويق املومسي على محالت تس ويقية حمددة جغرافيً ا وتتعل ق بأح داث
أوقاف معينة ،مثل موسم احلج .وأخريا ،فإن اسرتاتيجية التسويق العامة هي اسرتاتيجية واسعة
وشاملة جيب أن تكون مصممة خصيصا الحتياجات مؤسسة الوقف .كل ثالثة تتطلب إعادة
193
ترتيب لتحقيق الفعالية املثلى.
وقب ل استكش اف األن واع املختلف ة الس رتاتيجيات التس ويق ال وقفي ،من املهم فهم الف رق بني
اس رتاتيجية التس ويق واخلط ة التس ويقية ملؤسس ة الوق ف .وتعكس اس رتاتيجية التس ويق العالق ات
القائمة بني املؤسسة الوقفية وبيئتها اخلارجية ؛ يف حني حتدد خطة التسويق عالقاهتا املرغوبة أو
املقصودة مع البيئة احمليطة .وبالتايل ،فإن اسرتاتيجية التسويق تعمل كأساس للخطة التسويقية يف
194
كل من مؤسسات الوقف واملنظمات األخرى.
ويف ض وء ه ذه االس رتاتيجيات ،يواج ه التس ويق ال وقفي العدي د من التح ديات -من التص ور
اجملتمعي لألوق اف كوهنا وح دة ت ديرها احلكوم ة وال حتت اج إىل دعم أو متوي ل ،إىل ع دم اإلميان
بقدرهتا على املسامهة يف التنمية االجتماعية والقضايا املختلفة داخل املؤسسات الوقفية نفسها،
مث ل ض عف الكف اءة والفعالي ة الداخلي ة ونقص املوارد البش رية املتخصص ة – وك ل ذل ك يع وق
تنفي ذ اس رتاتيجية تس ويقية فعال ة .معاجلة ه ذه القض ايا أم ر ض روري إذا ك ان التس ويق الوق ف
195
لتحقيق كامل إمكاناهتا.
وعليه فإن مؤسسات الوقف قبل كل شيء ،عليها زيادة وعي العاملني لديها مبعىن اسرتاتيجيات
التسويق وأمهيتها وضرورة االستفادة القصوى منها ،مع التطرق إىل متاشي هذه االسرتاتيجيات
يف طري ق واح د م ع مس اعي الق ائمني على املؤسس ة الوقفي ة يف احلف اظ على أص وهلا ،والقي ام
بتطويرها مبا يعود بالنفع على املستفيدين كافة.
72
من أج ل ض مان جناح اس رتاتيجيات التس ويق يف مؤسس ات الوق ف ،جيب إعط اء املوظفني
التدريب املناسب واملعرفة بأمهية التسويق وكيف ميكن استخدامه للحفاظ على أصول الوقف
وتنميتها لصاحل مجيع املستفيدين .عالوة على ذلك ،جيب وضع تدابري صارمة لضمان الشفافية
واالستقاللية واملساءلة واملسؤولية والعدالة يف عمليات قسم التسويق ،من أجل تعزيز ممارسات
التس ويق اجلي دة والس ليمة للمؤسس ات الوقفي ة .من خالل القي ام ب ذلك ،س تكون مؤسس ات
الوق ف ق ادرة على ض مان مواءم ة االس رتاتيجيات املس تخدمة بش كل ص حيح وإف ادة مجي ع
196
املعنيني.
اس تندت مؤسس ات الوق ف يف البداي ة إىل اس رتاتيجية تقليدي ة لتحدي د النس بة املئوي ة إلي رادات
الوق ف مقاب ل إمجايل النفق ات .ح ددت ه ذه املعادل ة مس تويات جناح ه ذه املؤسس ات وق درهتا
على االنتش ار واحلف اظ على أص وهلا وتطويره ا بش كل أك رب .ولكن قب ل وض ع اس رتاتيجية
التسويق ،من املهم أن يكون هناك فهم جلرد قيمة األموال واملمتلكات الوقفية ،ومن مث تسويقها
بش كل فع ال م ع ض مان ص رف إي رادات الوق ف حنو األغ راض احملددة .وم ع أخ ذ ذل ك يف
197
االعتبار ،من املمكن ضمان منو قوي وموثوق هلذه املؤسسات.
وقد استندت فكرة تسويق الوقف يف البداية إىل أربعة عناصر رئيسية :حتسني جودة اخلدمات
املقدمة للمستهلكني ،وتعزيز جودة العمليات القيادية واإلدارية يف مؤسسات الوقف ،وتضخيم
مستويات الفائدة اليت يتمتع هبا مستخدمو خدمات الوقف ،وأخرياً تشجيع املزيد من املشاركة
اجملتمعية مع مؤسسات الوقف ،مما يؤدي يف النهاية إىل نتائج أكثر إجيابية للمستقبل .من خالل
73
االستفادة من هذه املفاهيم ،ميكن ملؤسسات الوقف زيادة وصوهلا وتأثريها وتأثريها ،مما خيلق يف
198
تأثريا أكثر فاعلية يف حياة أصحاب املصلحة.
هناية املطاف ً
وي أيت تس ويق الوق ف واس تثماره حاض راً ع رب آي ات كث رية ك انت ت دعو إىل فع ل اخلري وتق دمي
الصدقات ،من أجل التقرب إىل اهلل عز وجل ،لقوله تعاىل( :لَن َتنَالُوا الْرِب َّ َحىَّت ٰ تُ ِنف ُق وا مِم َّا حُتِ بُّو َن)
( االية والسورة ) ،كما ورد عن النيب حممد صلى اهلل وسلم ما رواه أيب هريرة رضي اهلل عنه:
إذا مات ابن آدم ،انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو لد صاحل يدعو
199
له".
مهم ا
مصدرا ً
ً مصدرا رئيسيًا لتمويل الوقف يف العامل القدمي ،وال تزال
ً كانت التربعات النقدية
للدخل للعديد من منظمات الوقف املعاصرة .وتوفر هذه الصناديق دعما حيويا لعمل العديد من
املؤسسات الوقفية واخلدمات اليت ميكن أن تقدمها .ومبساعدة اجلهات املاحنة السخية ،تستطيع
مؤسس ات الوق ف االس تمرار يف خدم ة جمتمعاهتا وتعزي ز منو التنمي ة االجتماعي ة واالقتص ادية.
200
تشكر مؤسسات الوقف اجلهات املاحنة على دعمها ،حيث أهنا ضرورية لنجاح مساعيها.
وتش مل اس رتاتيجيات الوق ف النش طة حالي ا اس رتاتيجيات التس عري القائم ة على قيم ة العمالء،
واس رتاتيجيات التس ويق الش املة على التجزئ ة ،واالس تهداف ،وحتدي د املواق ع وكلي ات إدارة
األعم ال ،جنب ا إىل جنب م ع اس رتاتيجيات التس ويق القائم ة على املس ؤولية االجتماعي ة،
واس رتاتيجية إدارة سلس لة التوري د املتقدم ة واالتص االت التس ويقية املتكامل ة .مت تص ميم ه ذه
74
االسرتاتيجيات للمساعدة يف خلق فرص منو مستدامة ومرحبة للمؤسسات .من خالل االستفادة
من الرؤى املستندة إىل البيانات ،ميكن للمؤسسات تطوير اسرتاتيجيات تسعري فعالة من حيث
التكلفة ،وفهم احتياجات العمالء ،واستهداف األسواق املناسبة باملنتجات واخلدمات املناسبة،
وختصيص الرسائل لتتوافق مع قاعدة عمالئها ،وتطوير اسرتاتيجية تسويق رقمية متكاملة تتسم
بالكف اءة والفعالي ة .عالوة على ذل ك ،ميكن للمنظم ات االس تفادة من اس رتاتيجيات التس ويق
القائم ة على املس ؤولية االجتماعي ة إلثب ات التزامه ا بالبيئ ة واجملتم ع ،وخل ق م يزة تنافس ية ترك ز
201
على العمالء وحتركها أخالقيا.
وينبغي ملؤسسات الوقف أن تستخدم اسرتاتيجية توسع فعالة جلذب ماحنني حمتملني جدد وبناء
شبكات اتصاالهتا .ميكن أن يساعد استخدام املزيج الصحيح من الوسائط ،مثل وسائل التواصل
االجتم اعي ،يف نش ر رس الة املؤسس ة .باإلض افة إىل ذل ك ،جيب على املؤسس ات تط وير
اسرتاتيجية تنافسية للبقاء يف صدارة منافسيها مع احلفاظ على أخالقيات تكتيكاهتا التسويقية.
وه ذا يض من بق اء وج ودهم قويً ا ،م ع ع دم اللج وء إىل ممارس ات أق ل من املرغ وب فيه ا مث ل
اإلعالن ات الرخيص ة ال يت هتاجم املؤسس ات األخ رى .وأخ ريا ،ينبغي للمنظم ات الوقفي ة زي ادة
202
مشاريعها وتنويعها السرتضاء طائفة أوسع من املاحنني ومصاحل كل منهم.
هن اك ع امالن حامسان حيددان اس رتاتيجية التس ويق اخلاص ة بوق ف معني :العوام ل الداخلي ة ال يت
ت ؤثر على اس رتاتيجيات التس ويق والعوام ل النفس ية ال يت ت ؤثر على س لوك املس تفيدين .العوام ل
الداخلية ،مثل الدوافع واإلدراك والتعلم والذاكرة ،هي عناصر أساسية ال ميكن جتاهلها عند بناء
اس رتاتيجية التس ويق .العوام ل اخلارجي ة هي تل ك الت أثريات البيئي ة اخلارجي ة ال يت ت ؤثر على
املس تهلك وتت أثر ب ه .وتش مل ه ذه العوام ل اخلارجي ة العوام ل الشخص ية والثقاف ة والع ادات
75
والتقاليد .فهم واستخدام كل من العوامل الداخلية واخلارجية هي مكونات أساسية عند إنشاء
203
اسرتاتيجيات التسويق الفعالة للمؤسسات الوقف
ومن الواضح أن املؤسسات الوقفية اليت تفتقر إىل خطة تسويق اسرتاتيجية لن تكون قادرة على
حتديد العوامل الداخلية واخلارجية بشكل فعال ،مما يؤدي إىل فشل كبري يف وضع اسرتاتيجية
تس ويقية مثالي ة للمس اعدة يف حتقي ق أه دافها طويل ة األج ل بأق ل وقت وجه د ،وك ذلك بأق ل
تكلفة ممكنة .وبدون ه ذا النهج ،لن تتمكن املؤسسات الوقفية من النمو والنجاح على النحو
األمثل.
وجيب أن تتض من االس رتاتيجية اجلي دة يف مؤسس ات الوق ف أربع ة عناص ر رئيس ية :املرون ة
والوحدة واالستمرارية والدقة .املرونة ضرورية يف بيئة اليوم املتغرية بسرعة ،مما يسمح ملؤسسة
الوقف لتكييف وتعديل اسرتاتيجيتها .تضمن الوحدة أن تكون االسرتاتيجية متسقة مع خطة
شاملة ومشرتكة داخل مؤسسة الوقف .وتسمح االستمرارية بأن تظل االسرتاتيجية فعالة مع
م رور ال وقت لتحقي ق األه داف الطويل ة األج ل للمؤسس ة .وأخ ريا ،تتطلب الدق ة أن حتدد
االسرتاتيجية الطرق الدقيقة اليت سيعمل هبا الوقف ،وحتتوي على أدوات قياس ومعايري للتقييم.
204
مع وجود هذه العناصر ،ستكون مؤسسة الوقف يف وضع جيد للنجاح.
عالوة على ذلك ،جيب أن تستند أي اسرتاتيجية مستخدمة يف تسويق الوقف إىل مبادئ مهمة
ال ميكن جتاهله ا ،مث ل حتقي ق األه داف املش روعة للوق ف ،ووض ع الوق ف كنم وذج للعط اء
اخلريي .ويف الوقت نفسه ،من الضروري تعزيز فكرة الوقف كإطار إمنائي وتنظيمي فعال ميكن
أن يس اعد يف خل ق جمتمع ات نابض ة باحلي اة .ه ذه االعتب ارات ض رورية للنج اح يف ج ذب
76
استثمارات جديدة ومستمرة ملختلف مؤسسات الوقف ،وإدارة هذه األموال بأكرب قدر ممكن
205
من الكفاءة لتأمني األصول وتطويرها.
من االس رتاتيجيات التسويقية املعمول هبا اليت تفيد املش اريع الوقفي ة حمل الدراسة اسرتاتيجيات
206
بورتر:
207
.1اسرتاتيجية التميز التسويقي ( الكفاءة – اجلودة – االبتكار – التواصل )
التميز واالنفراد خبصائص استثنائية للمنتجات أو اخلدمات . 208على اجلانب التنافسي
التج اري ،يع د التم يز يف اخلدمات واملنتج ات أم ًرا ض روريًا جلع ل من الص عب على
املنافس ني ال دخول وإجياد فج وة تنافس ية للبق اء يف ص دارة الس وق .يف قطاعن ا الث الث،
يكمن التميز يف رفع مستوى قطاع الوقف ووضع مناذج حيت ذى هبا لتعظيم فائدة هذا
القط اع اخلريي لالقتص اد كك ل .من خالل االس تثمار يف منتج ات وخ دمات عالي ة
اجلودة ،باإلضافة إىل السعي لزيادة الوعي العام والفهم ،ميكن حتقيق التميز واحلفاظ عليه
تأثريا أكرب على اجملتمع ،مؤسسة خريية واحدة يف كل مرة.يف هذا القطاع ،مما خيلق ً
.2اسرتاتيجية األسعار أو التكاليف :
وتستفيد هذه االسرتاتيجية التسويقية من وفورات احلجم خلفض تكاليف اإلنتاج وتقدمي السلع
واخلدمات بسعر أقل من أسعار املنافسني ،مع احلفاظ على مستوى مرض من اجلودة .من خالل
االستفادة من وفورات احلجم ،ميكن للمؤسسة احلفاظ على اخنفاض إمجايل تكاليف اإلنتاج عن
طريق توزيع التكاليف الثابتة عرب املزيد من الوحدات املنتجة ،مما يؤدي إىل اخنفاض متوسط
77
التكلفة لكل وحدة .هذه االسرتاتيجية مفيدة بشكل خاص يف األسواق حيث السعر حساس
209
بشكل ال يصدق واملستهلكني يبحثون عن اخليار األكثر اقتصادا.
وهي اجلم ع بني االس رتاتيجيتني الس ابقتني م ع ه دف واض ح يف االعتب ار ه و وس يلة فعال ة
للحص ول على أقص ى اس تفادة من جه ود التس ويق اخلاص ة ب ك .من خالل الرتك يز على
شرحية مستهدفة حمددة أو منطقة جغرافية أو اهتمامات معينة والتأكيد على التميز واهليمنة
على األس عار ،ميكن ك التأك د من أن محالت ك تص ل إىل أقص ى إمكاناهتا .ميكن أن يس اعد
210
هذا النهج املركز يف ضمان تقليل معدل االرتداد وحتقيق النتيجة املرجوة.
يع د مفه وم مناذج األعم ال الفعال ة ،أو " ،"Business modelsأح د أب رز املف اهيم
دورا حيويًا يف تطوير اسرتاتيجيات األعمال ،وحتديد األساليب اليت
احلديثة اليوم ،حيث يلعب ً
ميكن تنفي ذها وتطبيقه ا يف بيئ ات العم ل املتغ رية باس تمرار .وه ذا ينطب ق بش كل خ اص على
خمتل ف املؤسس ات الوقفي ة ،ال يت هتدف إىل احلف اظ على قيم ة أص وهلا وزي ادة قيمته ا.من خالل
تبين مناذج واسرتاتيجيات أعمال فعالة ،ميكن هلذه املؤسسات ضمان طول عمرها ،مما يسمح هلا
211
بالبقاء قادرة على املنافسة يف السوق وحتقيق أهدافها على املدى الطويل يف هناية املطاف.
211
Rita Gunther McGrath, Business Models: P248
78
وعلي ه أص بح مص طلح "منوذج التس ويق الفع ال" يس تخدم بش كل متزاي د من قب ل املديرين
واالستش اريني واملتخصص ني يف العدي د من اجملاالت املختلف ة .ولكن إذا كنت ت رغب يف ضمان
النج اح والوص ول إىل األه داف املرج وة ،واحلص ول على املس وقني ال ذين هم من ذوي اخلربة
العالية مع هذا النموذج هو اسرتاتيجية أساسية .هذا النموذج مبثابة خارطة طريق ،املؤسسات
212
الرائدة مثل املنظمات الوقفية حنو النجاح.
وكما ميكن لنماذج التسويق الفعالة أن تساعد املؤسسات ،مبا يف ذلك املؤسسات الوقفية ،على
حتديد رؤيتها وإدارهتا بشكل أفضل من خالل جمموعة من القواعد اإلجرائية اليت تتماشى مع
هيكله ا التنظيمي .وه ذا يض من توزي ع امله ام واملس ؤوليات بني العدي د من املوظفني ،ب دالً من
االحتف اظ هبا بني ع دد قلي ل من األش خاص يف ش كل من أش كال الديكتاتوري ة اإلداري ة .من
خالل القي ام ب ذلك ،فإن ه يس مح لك ل ف رد بتحم ل مس ؤوليات خمتلف ة ،ومتكينهم من حتقي ق
213
األهداف التنظيمية بشكل أكثر فعالية.
ميكن القول إن أحد أكرب التحديات اليت تواجه مؤسسات الوقف اليوم هو االفتقار إىل منوذج
أعمال موثوق ومتسق .يتم تكليف املنظمات الوقفية بإدارة التربعات من األفراد الذين ميكن أن
يك ون ل ديهم توقع ات وتفض يالت متنوع ة للغاي ة ،مما جيع ل من الص عب إدارة محالت تس ويقية
فعال ة .ه ذا االفتق ار إىل الوض وح والتوجي ه ميكن أن يض ر ب أداء ه ذه املنظم ات ،س واء على
مستوى التسويق أو يف جماالت أخرى.
فقد اصبح جيب على مؤسسات الوقف مواكبة املشهد التقين املتطور بسرعة لالقتصاد العاملي
احلديث ،والذي يتميز باملشهد املتغري لالتصاالت واحلوسبة واملالية .يوفر هذا املشهد اجلديد من
فريدا يتمثل يف احلاجة إىل وجود مناذج فعالة من أجل احلفاظ
الفرص ملؤسسات الوقف حتديًا ً
على قدرهتا التنافسية يف السوق وتلبية متطلبات املستفيدين منها .عالوة على ذلك ،فإن البيئة
212
Baden-Fuller, C, ,P2
213
Ramon Casadesus-Masanell ,P6
79
االقتص ادية املتغ رية باس تمرار جترب املؤسس ات على أن تك ون مرن ة وقابل ة للتكي ف بس رعة م ع
ال ديناميات اجلدي دة من أج ل احلف اظ على االس تدامة واحلف اظ عليه ا .وبالت ايل ،جيب أن تعتم د
مؤسس ات الوق ف على مناذج تش غيل فعال ة من أج ل ض مان النج اح واالنس جام يف بيئ ة متغ رية
214
باستمرار.
من أج ل وض ع منوذج أعم ال فع ال لتس ويق مش اريع الوق ف ،من الض روري ط رح األس ئلة
الصحيحة على العاملني يف هذا اجملال .أسئلة مثل :من هم العمالء املستهدفون ملشاريع الوقف ؟
م ا هي الفوائ د ال يت تق دمها ه ذه املش اريع للمس تفيدين منه ا ؟ كي ف ميكن حتقي ق األرب اح من
خالل ه ذه املش اريع ،وكي ف يس اعد ذل ك على تط وير الوق ف ؟ م ا ه و املنط ق االقتص ادي
واإلداري الذي يقوم عليه منوذج اإلدارة الفعال هلذا الوقف ؟ ستوفر اإلجابة على هذه األسئلة
215
أساسا لنموذج أعمال فعال لتسويق مشاريع الوقف. ً
غالبً ا ما تفتقر املؤسسات الوقفية يف العديد من الدول العربية واإلسالمية إىل املعرفة املتخصصة
والفهم ألمهي ة ط رح األس ئلة الص حيحة عن دما يتعل ق األم ر بتس ويق وإدارة مش اريعها .ونتيج ة
لذلك ،ال يتم يف كثري من األحيان احلصول على صورة واضحة للعميل املستهدف ملؤسسات
الوقف ،وسبل تعزيز أصول الوقف ،وكيفية احلصول على التمويل الالزم للتنمية .وعالوة على
ذلك ،فإن مهامهم كثريا ما يعوقها االفتقار إىل املنطق االقتصادي واإلداري ووجود العشوائية.
ومن املهم أن يكون املسؤولون عن املؤسسات الوقفية أكثر وعي اً بض رورة طرح هذه األسئلة
لضمان إدارة هذه املؤسسات بطريقة تتسم بالكفاءة والفعالية.
ومنه فمن الواضح أن فعالية منوذج األعمال أمر ضروري ملؤسسات الوقف ،مثل أي مؤسسة
عاملة أخرى .يساعد منوذج العمل األمثل يف شرح كيفية تقدمي خدمات الوقف للعمالء بطريقة
أيضا بتحديد اجلماهري املستهدفة وهياكل الدعم القابلة للتطبيق
فعالة من حيث التكلفة ويسمح ً
214
Teece, P179
215
Magretta, P86.
80
ومس ارات التق دم املطلوب ة للحص ول على متوي ل ملؤسس ات الوق ف .ه ذه العناص ر األساس ية
216
ضرورية السرتاتيجية تسويق الوقف الناجحة.
إن مؤسسات الوقف يف الدول العربية واإلسالمية يف حاجة ماسة إىل فهم الدور احليوي لنماذج
التسويق الفعالة يف تأمني النجاح وزيادة وصوهلا إىل املستثمرين واملاحنني .وبدون هذه املعرفة،
ميكن أن يتعرض احلفاظ على الوقف وتنميته للخطر .لذلك من املهم معرفة أمهية هذه النماذج،
وآثاره ا يف حتقي ق النج اح ،وم ا هي اخلدمات ال يت ميكن أن تق دمها من حيث اكتس اب
املس تثمرين واملاحنني .م ع الفهم الص حيح ،س تكون مؤسس ات الوق ف جمه زة بش كل أفض ل
ملواجهة التحديات اليت تواجهها حاليًا واختاذ خطوات استباقية لضمان طول عمرها.
تعت رب مناذج التس ويق الفعال ة حامسة يف مس اعدة مؤسس ات الوق ف على تق دمي
خدمات عالية اجلودة تليب احتياجات عمالئها .مع النماذج الفعالة ،ميكن ملؤسسات الوقف أن
تكون على يقني من أهنا تقدم اخلدمات األنسب من خالل تقدمي إجابات عن هذه األسئلة :ما
هي اخلدمات ال يت تق دمها املؤسس ة الوقفي ة؟ من هم الفئ ة ال ذين س يتم اس تهدافهم؟ ملاذا س نقدم
هذه اخلدمات الوقفية بالتحديد؟ إىل من سيتم تقدمي هذه اخلدمات الوقفية؟ كيف سيتم تقدمي
ه ذه اخلدمات الوقفي ة؟ م ا ه و الثمن املطل وب مقاب ل تق دمي ه ذه اخلدمات الوقفي ة؟ عن دما تتم
216
Ibid, P86.
217
Ramon Casadesus-Masanell, P6
81
اإلجاب ة على مجي ع ه ذه األس ئلة ،تك ون مؤسس ة الوق ف ج اهزة للعم ل بكف اءة مثلى لتلبي ة
احتياجات ورغبات عمالئها .يبسط النموذج عملية صنع القرار ملؤسسة الوقف ،مما يضمن أهنا
218
ميكن أن تقدم أفضل اخلدمات بسعر يضمن الرحبية.
ساعد مناذج التسويق الفعالة أولئك الذين يديرون مؤسسات الوقف على صياغة سرد واضح
ومقنع ينقل كي ف نقلتهم جهودهم التسويقية من الفك رة األولية إىل املنتج النهائي .توفر هذه
النم اذج وس يلة س هلة لفهم اهني ار مجي ع مراح ل التس ويق ،من البحث األويل والعص ف ال ذهين
اإلبداعي إىل التخطيط االسرتاتيجي واالنطالق النهائي .من خالل االستفادة من هذا النموذج،
ميكن ملؤسس ات الوق ف التأك د من أن جهوده ا التس ويقية خمطط ة بش كل جي د وفعال ة
219
وناجحة.
تعترب مناذج األعمال التسويقية الفعالة ضرورية لتسويق مشاريع الوقف ،ألهنا ميكن أن تساعد يف
حتديد املفاهيم والعناصر الرئيسية اليت تدفع النجاح يف مؤسسات الوقف .ومن أهم هذه العناصر
ما يلي:
القيمة والسعر :يساعد منوذج التسويق الفعال مؤسسات الوقف يف إنشاء هيكل قيمة مالية
مناسب مقابل خدماهتا.
هوية العمالء ( المستهدفين ) :حتتاج املؤسسات الوقفية إىل منوذج تسويقي فعال لتحديد
واستهداف شرائح العمالء اليت ترغب يف الوصول إليها مبنتجاهتا وخدماهتا بشكل فعال.
النظام العام :تتطلب التقنيات اإللكرتونية احلديثة واجتاهات السوق من املؤسسات الوقفية
أن يكون لديها نظام شامل وهيكل إداري ،وهو ما ال ميكن حتقيقه إال مبساعدة اسرتاتيجية
تسويقية ناجحة.
218
Lotta Olofsson P6
219
Magretta, J. P86.
82
شبكة العالقات :وجود شبكة قوية من العالقات احمليطة مبؤسسة الوقف أمر بالغ األمهية
لنجاحها ،ومنوذج التسويق الفعال ضروري إلنشاء واحلفاظ على هذه العالقات.
ومن أج ل احلص ول على منوذج فع ال للتس ويق يف املش اريع الوقفي ة الض روري تط وير إجاب ات
حمددة وقابلة للتنفيذ للجوانب التالية:
منتج الوقف :ما هي ميزاته وفوائده ،وكيف سيوفر النمو واألمن على املدى الطويل ؟ o
املعلومات الضرورية :ما هي املعلومات اليت جيب توفريها ملشروع وقف ناجح ؟ o
اهلدف الدميوغرايف :من هم الكيانات واألفراد املستهدفون الذين جيب الوصول إليهم ؟ o
الربح :ما هي األرباح املتوقعة اليت جيب حتقيقها من أجل احلفاظ على األصول الوقفية o
وتطويرها ؟
من خالل معاجلة هذه العناصر الرئيسية ،سيصبح من املمكن بناء منوذج تسويقي سليم وفعال
ملشاريع الوقف اليت ميكن أن حتقق أهدافها وغاياهتا املقصودة.
كما يتطلب حتقيق جناح تسويقي فعال قنوات اتصال موثوقة ومهنية ،وصلة غري قابلة للكسر
بني مؤسسة الوقف والعميل .تعمل هذه القنوات كواجهة ملؤسسة الوقف ،مما يؤثر على تصور
العمالء -س واء بش كل إجيايب أو س ليب -مما ي ؤدي إىل جترب ة كامل ة للعمالء .ويتم ذل ك من
220
خالل العناصر الرئيسية التالية:
oمقدار رفع مستوى معرفة العمالء مبنتجات املؤسسة وخدماهتا
oمقدار متكني العمالء من شراء السلع أو اخلدمات.
oمقدار التعريف بالقيم اليت تتوافر عليها السلع أو اخلدمات.
oمقدار مساعدة العمالء يف تقومي السلع واخلدمات.
oمقدار توفري دعم ما بعد البيع للعمالء.
83
فمن أج ل إنش اء منوذج فع ال ملزيج التس ويق ال وقفي ،جيب على املس وقني النظ ر يف طبيع ة
االس تثمارات ،وط رق تش جيع وتس هيل عملي ات املنح ،واحلاج ة إىل م وظفني أكف اء إلدارة
املؤسسات الوقفية واألنشطة التسويقية .كما جيب أن يأخذوا يف االعتبار املخاطر احملتملة هلذه
االس تثمارات ،واجلدول الزم ين للمش اريع ،وفعالي ة اس رتاتيجيات التس ويق ال يت سيس تخدموهنا.
سيساعد طرح هذه األسئلة املسوقني على صياغة منوذج مزيج تسويقي هبايت فعال وجيد يليب
221
أهدافهم ويزيد من عائد استثماراهتم.
وعلي ه تواج ه مؤسس ات الوق ف بش كل متزاي د حتدي حتديث هياكله ا وتك ييف عروض ها م ع
احتياج ات الس وق املتط ورة باس تمرار .ولض مان جناحه ا على املدى الطوي ل ،جيب عليه ا تب ين
مناذج تسويقية فعالة ميكن أن تساعد يف تنويع خيارات الوقف ،واالستجابة بسرعة للمتطلبات
املتغ رية للمس تفيدين ،وتعزي ز ق درهتم على التن افس م ع قط اع األعم ال .ميكن حتقي ق ذل ك من
خالل إع ادة تنظيم أس اليب عملهم وأدائهم وعالق اهتم مبا يتماش ى م ع مناذج التس ويق اجلدي دة
فرص ا جديدة ملؤسسات الوقف جلذب املاحنني والعمالء هذه .ومن شأن القيام بذلك أن يفتح ً
222
واملستثمرين.
يتطلب الوصول إىل منوذج فعال لتسويق الوقف حتلياًل دقي ًق ا للمكونات والعناصر اليت ال ينبغي
إغفاهلا .جيب أن ميتل ك النم وذج درج ة عالي ة من الواقعي ة ،تعكس البيئ ة احلالي ة ،وجيب البحث
عن خربة حمرتيف التسويق لضمان التنفيذ السليم .سيؤدي القيام بذلك إىل ضمان زيادة الكفاءة
وحتسني نتائج التسويق بشكل عام.
222
Teece, D. J. (2010). P179
84
فيجب أن تس تند مناذج التس ويق الفعال ة إىل م ا يع رف باس م "خرائ ط احلال ة" .ال تأخ ذ ه ذه
أيض ا
اخلرائط يف االعتبار فقط خربات ومهارات وأدوار العاملني يف املؤسسات الوقفية ،ولكن ً
منتجي اخلدمات الوقفي ة ال ذين يعت ربون ض روريني لنج احهم واملوزعني ال ذين يس اعدون يف
احلصول على هذه اخلدمات للعمالء .وأخريا ،فإهنا تنظر أيضا يف احتياجات ورغبات العمالء،
س واء ك انوا مس تهلكني أو م احنني لألم وال ،من أج ل ض مان النج اح يف تق دمي اخلدمات
223
الوقفية.
وقد أصبحت شبكة اإلنرتنت وشبكات تكنولوجيا املعلومات ومواقع الشبكات االجتماعية
عنصرا أساسيا يف تسويق املنتجات -مبا يف ذلك املنتجات الوقفية -اليت تتطلب هنجا
مستكمال لنماذج التسويق .جيب أن يأخذ هذا النهج يف االعتبار عناصر مثل الصانعني
والشركات التابعة والتسويق واإلعالن واسرتاتيجيات إشراك العمالء واستجابات العمالء
واملعايري اجملتمعية والقيمة والفوائد األساسية .من خالل القيام بذلك ،ميكن للشركات الوصول
بشكل أفضل إىل مجهورها املستهدف وإشراكه وحتويله وزيادة عائداهتا.
من الواضح مما سبق أن ظهور التكنولوجيا واإلنرتنت قد زاد بشكل كبري من أمهية التسويق يف
مناذج األعمال احلديثة .ونتيجة لذلك ،أصبح التسويق أداة حيوية يف ربط العناصر املختلفة وهو
224
جزء أساسي لتحقيق النجاح يف العمل الوقفي.
223
Prescott, J. E., & Filatotchev, I, P47
224
Prescott, J. E., & Filatotchev, I. P47
85
ل ذلك ،حتت اج املؤسس ات الوقفي ة بش كل عاج ل إىل اختي ار املب دعني يف تص نيع املنتج ات
واخلدمات الوقفية من أجل زيادة فرص جناحها .ويتمثل أحد العناصر اهلامة للنجاح يف حتديد
األفراد واملؤسسات الذين سيتعاونون معهم يف بيع هذه اخلدمات أو املنتجات ،فضال عن تأمني
التمويل الالزم منها .باإلضافة إىل ذلك ،ميكن أن يساعد إشراك اخلرباء يف تكنولوجيا اإلنرتنت
يف تبسيط عملية عمل الوقف.
كما يتجاوز دور املؤسسات الوقفية جمرد وضع خطة تسويقية ناجحة للرتويج ملنتجاهتا .لضمان
فهم ا متعم ًق ا للثقاف ة والبيئ ة احمللي ة ال يت يعمل ون فيه ا .عالوة على ذل ك ،لكي
النج اح ،يتطلب ً
تصبح خطة التسويق ناجحة ،جيب أن تستفيد من التكنولوجيا احلديثة من أجل نشر رسالتها
بش كل فع ال .من خالل فهم الثقاف ة والبيئ ات احمللي ة ،باإلض افة إىل االس تفادة من التكنولوجي ا
احلديث ة ،س تتمكن مؤسس ات الوق ف من تق دمي منتجاهتا إىل األش خاص املناس بني ،يف ال وقت
املناسب.
وقبل عرض املنتجات للبيع ،جيب حتديد القيمة املناسبة بعناية ومراعاة -وهي خطوة أساسية
أيض ا متابع ة مالحظ ات العمالء باس تمرار ،من أج ل ض مان
لض مان النج اح .من الض روري ً
الرضا واكتساب املزيد من األفكار حول كيفية حتسني املنتجات يف املستقبل .من خالل القيام
بذلك ،ميكنك االستفادة من نقاط القوة يف املنتج ،مع حتديد أي نقاط ضعف وحلها يف املرحلة
التالية.
جيب أن يتضمن منوذج العمل التسويقي الفعال ملؤسسات الوقف أربعة عناصر رئيسية .أوالً،
يتطلب خطة اسرتاتيجية حتدد النظرة العامة والرؤية ملستقبل مؤسسة الوقف ،فض الً عن أهدافها
طويلة األجل وقصرية األجل واالحتياجات املادية املرتبطة هبا .ثاني اً ،جيب أن يتضمن النموذج
شبكة من الروابط اليت تسهل التعاون بني األفراد واملؤسسات اليت تسعى لالستفادة من خدمات
الوقف ،وكذلك تلك اليت توفر املوارد املالية والعينية .بعد ذلك ،جيب أن يغطي النموذج إنتاج
86
منتج أو خدمة الوقف وكيفية حتديد قيمتها ،وأخرياً كيفية الرتويج لألصل الوقفي وتنميته من
خالل التس ويق االس رتاتيجي يف الس وق .ك ل ه ذه العناص ر جمتمع ة خلل ق منوذج ش امل وفع ال
225
لنجاح مؤسسات الوقف.
من خالل االس تفادة من مناذج التس ويق الفعال ة ،تس تطيع املؤسس ات الوقفي ة ت أمني أص وهلا
وتنميته ا ،وتظ ل ق ادرة على املنافس ة يف الس وق ،وحتدي د العمالء واملاحنني احملتملني ،وحتلي ل
احتياج اهتم وخصائص هم جلذهبم بش كل أفض ل ،وتط وير عملي اهتم وعروض هم .وه ذا سيض من
226
استمرار املؤسسة الوقفية ،وليس زواهلا ،وبالتايل توفري فرص أكرب للنمو والنجاح.
225
Erno Vanhala & Matti, P2
226
Komleh, Ramin Abolghasemi, P1
87