You are on page 1of 5

‫نهج عملي في العلوم االجتماعية‬

‫إن األدبيات التي تناقش مشاكل العلوم االجتماعية التقليدية مثيرة لإلعجاب ‪ ،‬ولكن لم يكن هناك سوى‬
‫القليل من البدائل المفصلة جي ًدا حتى اآلن‪ .‬يتحول هذا المقال إلى أحدهما ‪ ،‬البراغماتية ‪ ،‬أو االقتناع بأن‬
‫المعرفة تنشأ من الممارسة ويجب أن تكون عملية ‪ ،‬ويقارنها بمقاربة أخرى ‪ ،‬وهي نهج فوكو النقدي‬
‫القائم على العالقة بين السلطة والمعرفة والخطاب‪ .‬هذا ما يبرره العالقات المتبادلة المعقدة بينهما ‪ ،‬حيث‬
‫أن لديهما ما يبدو أنه أوجه تشابه أساسية واختالفات غير قابلة للقياس‪ .‬باتباعًا للروح البراغماتية المتمثلة‬
‫في تحقيق توجه أفضل في عالم معقد ‪ ،‬فإن هذا المقال سيرسم أوالً نهجً ا براغماتيًا للعلوم االجتماعية قبل‬
‫مناقشة كيف تشترك البراغماتية والنهج النقدي في نقاط البداية المشتركة ولكنها تختلف اختال ًفا جوهريًا‬
‫في فهمهم ألهداف العلوم االجتماعية‪ .‬من خالل التركيز على المنهجية ‪ ،‬أو االفتراضات األنطولوجية‬
‫والمعرفية الواسعة الموجودة في كل نهج ‪ ،‬بدالً من طرق البحث الخاصة (‪.)Vuketic 2011: 1297‬‬
‫تنطبق التحذيرات المعتادة حول تبسيط التقاليد الفكرية المتنوعة‬

‫نهج عملي في العلوم االجتماعية‬


‫التقليد الفلسفي للبراغماتية‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫تم تطوير الفكر البراغماتي إلى حد كبير في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في الواليات‬
‫المتحدة من قبل أمثال سي إس بيرس وويليام جيمس وجون ديوي وآخرين (هامرسلي ‪ ،)1989‬وتبعًا‬
‫لجيمس‪ ،‬يتكون من عنصرين أساسيين‪ :‬طريقة براغماتية ونظرية حقيقة‪ .‬مفتاح الطريقة البراغماتية هو‬
‫االلتزام باألسباب النهائية ونتائج الممارسة‪ ،‬بدالً من األسباب األولى المجردة‪ .‬ولذلك "يحاول تفسير كل‬
‫فكرة من خالل تتبع نتائجها العملية"؛ إذا لم يكن هناك اختالف في النتائج‪ ،‬فإن الخالف الميتافيزيقي يكون‬
‫عديم الجدوى (‪ .)James 1995: 18‬وبالتالي‪ ،‬تهدف التفسيرات إلى فهم واقعنا المعقد‪ ،‬بينما ترى نظرية‬
‫التماسك الخاصة بجيمس النظريات كأدوات مفيدة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن األفكار صحيحة بشرط أن تساعدنا في‬
‫دمج وربط التجارب الجديدة ضمن مخزوننا الحالي من اآلراء مع الحد األدنى من االضطرابات‬
‫واالشتباكات مع الفوائد الحيوية األخرى‪ ،‬أي "صحيح في الكثير ‪ ...‬صحيح بشكل فعال" (‪James‬‬
‫‪1995: 23‬‬
‫وينبثق من هذا االلتزام بالمعرفة المفيدة التي تركز دائمًا على الممارسة بدالً من "الحقائق" الميتافيزيقية‪.‬‬
‫يتم تحقيق ذلك من خالل طريقة االختطاف‪ ،‬التي تشير إلى أن االعتبار الرئيسي يجب أن يكون "اقتصاد‬
‫المال والوقت والفكر والطاقة" (‪ .)Peirce 1965: 419‬هذا يسمح لنا باالختيار العملي للنظريات التي‬
‫يجب متابعتها من بين العديد من النظريات المعقولة التي اقترحها بالفعل ميلنا الطبيعي من خالل الحكم‬
‫على جدارة السعي وراءها‪ .‬وف ًقا لهذا الرأي‪ ،‬يتم إنشاء المعرفة أوالً من خالل عملية إبداعية‪ ،‬ثم يتم‬
‫التركيز عليها من خالل تطبيق اعتبارات االقتصاد لالختطاف‪ ،‬تليها االستدالالت وتأكيد النظرية‬

‫‪1‬‬
‫االستقرائية (‪ .)McKaughan 2008‬وبالتالي‪ ،‬فإن البراغماتية موجودة بقوة في المعسكر التجريبي‬
‫والتجريبي للفلسفة‪ ،‬وتجادل ضد االفتراضات الميتافيزيقية للعقالنية وتركز على كيفية تكيف البشر مع‬
‫بيئتهم من خالل دمج تجارب جديدة أثناء ممارستهم‪ ،‬وهي بحد ذاتها نقطة بداية ونهاية للمعرفة (‬
‫‪.)Hammersley 1989: 45-46‬‬
‫ب‪ .‬ممارسة العلوم االجتماعية بطريقة براغماتية‬
‫تظل البراغماتية في العلوم االجتماعية‪ ،‬وخاصة العالقات الدولية‪ ،‬ملتزمة بـ "حل" المشكالت في العالم‬
‫الحقيقي من خالل توليد المعرفة المفيدة‪ ،‬والتي تم التحقق من صحتها من خالل نظرية توافق اآلراء‪ .‬بعد‬
‫فريدريكس وكراتوتشويل (‪ ،)2009‬فإنه يقف على النقيض من المنهجيات المعيارية‪ ،‬وينتقد في روايتين‪.‬‬
‫أوالً‪ ،‬ترتبط هذه المنهجيات بالواقعية األنطولوجية التي تفترض وجود عالم مستقل عن المراقبين‪ ،‬في حين‬
‫ضا نظرية المطابقة للحقيقة حيث‬ ‫أن العالم االجتماعي يتميز بالفهم المشترك بين الذات‪ .‬ثانيًا‪ ،‬هذا يبطل أي ً‬
‫تقترب المعرفة أكثر فأكثر من "الواقع" في مكان ما "هناك"‪ .‬وبدالً من ذلك‪ ،‬فإن البراغماتية تمثل‬
‫الذرائعية المعرفية‪ ،‬المستمدة من وجهة النظر أعاله للنظريات كأدوات من شأنها تمكين التوجيه في عالم‬
‫اجتماعي معقد‪ ،‬ومن أجل نظرية إجماع للمعرفة يتم فيها تقييم المعرفة من قبل المجتمعات العلمية‬
‫والخارجية‪.‬‬
‫بنا ًء على هذا النقد‪ ،‬من المرجح أن ينظر النهج البراغماتي للعلوم االجتماعية إلى توليد المعرفة بالطريقة‬
‫التالية‪ .‬أوالً‪ ،‬تظهر المشكالت في عالم الممارسة البشرية‪ ،‬ويُفهم على أنه "العالقة المتبادلة الديناميكية بين‬
‫القواعد [االجتماعية] المولدة للمعنى ومجموعات عوامل التصرف [الفردية]" (‪Franke and Weber‬‬
‫‪ .)2012: 8‬تؤدي هذه المشكالت إلى ظهور جوانب جديدة ال تستطيع مفاهيمنا القديمة تفسيرها‪ ،‬وبالتالي‬
‫تتطلب اإلدراك وتوليد المعرفة‪ ،‬وهي الخطوة الثانية‪ .‬هنا‪ ،‬يستخدم الباحث تقنيات لتوليد المعرفة المفيدة‬
‫مثل االختطاف‪ ،‬والتي يُنظر إليها على أنها "استراتيجية إرشادية ‪ ...‬تهدف إلى نوع من المعرفة المفيدة‬
‫التي ينبغي أن تساعدنا في إيجاد طريقنا من خالل تعقيدات العالم االجتماعي" (فريدريكس وكراتوتشويل‬
‫‪ ، )711 :2009‬أو ‪ ،‬بدالً من ذلك ‪ ،‬استراتيجيات براغماتية أخرى مثل االنتقائية التحليلية (‪Sil and‬‬
‫‪ .)Katzenstein 2010‬أخيرً ا ‪ ،‬يتم استدعاء المجتمعات العلمية والخارجية للحكم على فائدة هذه المعرفة‬
‫؛ بهذه الطريقة تبرز البراغماتية "الممارسة االنعكاسية للمجتمعات الخطابية من العلماء" (فريدريش‬
‫وكراتوتشويل ‪ .)711 :2009‬بشكل حاسم ‪ ،‬يشير هذا إلى أن "الحقيقة" يتم إعادة التفاوض بشأنها‬
‫باستمرار ‪ ،‬ومناقشتها ‪ ،‬وتفسيرها في ضوء فائدتها في المواقف الجديدة غير المتوقعة‪ .‬وبالتالي ‪" ،‬قد‬
‫يُنظر إلى نظرياتنا وفلسفاتنا وحقائقنا الحالية ‪ ...‬يومًا ما على أنها ذات فائدة قليلة ‪ ،‬أي أنها خاطئة" (‬
‫‪ .)Franke and Weber 2012: 16‬وهكذا ‪ ،‬فإن المعرفة العلمية لم تعد صالحة إلى األبد ‪ ،‬ولكنها‬
‫عرضية تاريخيًا‪.‬‬
‫بشكل عام ‪ ،‬يعطينا هذا النهج بديالً للقلق الديكارتي الذي يربك العلوم االجتماعية التقليدية‪ .‬على وجه‬
‫الخصوص ‪ ،‬فإنه يفتح الطريق لكل من ممارسة التنظير واالنعكاس في ممارسة توليد المعرفة‪ .‬ومع‬
‫ذلك ‪ ،‬فهو انشغالها األساسي بالعمل والممارسة البشريين كمصدر للمشاكل وكمجال يجب أن تساهم فيه‬
‫النظريات بشكل مفيد‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫البراغماتية والنهج النقدي‬
‫انضمت البراغماتية في معارضتها للواقعية األنطولوجية والوضعية في العلوم االجتماعية التقليدية‪ ،‬من‬
‫خالل نهج فوكو النقدي‪ .‬في الواقع‪ ،‬عند الفحص الدقيق ‪ ،‬يشترك هذان النهجان في أكثر من مجرد نفور‬
‫من التفسيرات الميتافيزيقية‪ .‬لذلك من المفيد فحص أوجه التشابه واالختالف بينهما مع الهدف العملي‬
‫المتمثل في تحديد ما إذا كانت هناك أوجه تكامل أم ال يمكن التوفيق بينها في األساس‪.‬‬
‫أ‪ .‬أوجه التشابه‪ :‬نقاط البداية المشتركة‬
‫ربما يكون التشابه األكثر أهمية هو أن كال النهجين البراغماتيين والنقدي يأخذان الممارسة البشرية كنقطة‬
‫انطالق وموضوع للتحليل ويتجنب التفكير الميتافيزيقي القائم على المبادئ األولى‪ .‬في الواقع‪ ،‬يركز كال‬
‫النهجين على تأثيرات معرفتنا في العالم االجتماعي‪ .‬وهكذا‪ ،‬في حالة البراغماتية ‪ ،‬فإن العالم الحقيقي هو‬
‫مصدر المشكالت وأرض اختبار فائدة النظريات ‪ ،‬بينما تدرس المناهج النقدية كيفية تشكيل السلوك‬
‫البشري والعمل من خالل تأثيرات الخطابات القوية‪ .‬في الواقع‪ ،‬إلى جانب التجريبية التفصيلية المعروفة‬
‫لفوكو ‪ ،‬يمكن للمرء أيضًا أن يرى التزامًا صريحً ا بالممارسة كنقطة انطالق في المعيار القائل بأن‬
‫األنساب يجب أن تكون `` فعالة '' ‪ ،‬أي التركيز على `` مشكلة '' موجودة في سلوكنا `` الطبيعي '' (‬
‫‪ .)Vuketic 2011 : 1301-1302‬يؤدي هذا التركيز على الممارسة أي ً‬
‫ضا إلى كال المقاربتين إلى ما‬
‫أطلق عليه ‪ Lyotard‬اسم "الشك تجاه ما وراء السرد"‪.‬‬
‫عالوة على ذلك ‪ ،‬يؤدي هذا التشكك المشترك إلى رفض العقل كمعيار للحقيقة‪ .‬وهكذا‪ ،‬في حين أن‬
‫البراغماتية تتجنب التبرير الميتافيزيقي للعقالنية ‪ ،‬فإن المقاربات النقدية تذهب إلى أبعد من ذلك وغالبًا ما‬
‫تضع إشكالية في ادعاء العقل على الحقيقة (‪ .)Scheurich and McKenzie 2006: 844‬بدالً من ذلك‪،‬‬
‫كما هو موضح أعاله ‪ ،‬ترى البراغماتية الحقيقة كما تم تأسيسها من خالل إجماع داخل مجتمع علمي ‪،‬‬
‫وهو مشابه ج ًدا لفكرة فوكو عن "أنظمة الحقيقة" التي يتم تأسيسها من خالل خطاب "علمي" مهيمن‪ .‬بأخذ‬
‫هذه التشابهات مع استنتاجاتهم المنطقية ‪ ،‬يُنظر إلى الحقيقة على أنها غير ثابتة أب ًدا ‪ ،‬وليست صالحة‬
‫عالميًا ‪ ،‬ويتم إعادة تعريفها باستمرار ‪ ،‬وإعادة تفسيرها ‪ ،‬وإعادة تأسيسها‪ .‬تم توضيح المصادفة التاريخية‬
‫للحقيقة أعاله فيما يتعلق بالبراغماتية ‪ ،‬ولكن من المفيد مالحظة أن الهدف األساسي لعلم األنساب ‪ ،‬وهو‬
‫أسلوب نقدي مميز ‪ ،‬هو الكشف عن هذه العملية بدقة (‪ .)Carabine 2001: 275-276‬ومع ذلك ‪ ،‬بينما‬
‫في حالة البراغماتية ‪ ،‬فإن إعادة التفاوض على الحقيقة هي مجرد نتيجة للحكم على الفائدة ‪ ،‬يرى النهج‬
‫النقدي هذا على أنه ديناميكية اجتماعية أساسية‪.‬‬
‫أخيرً ا ‪ ،‬يشير كال النهجين بوضوح إلى مزيد من االنعكاسية لدور المجتمعات العلمية في توليد المعرفة‪.‬‬
‫يتضح هذا في البراغماتية ‪ ،‬حيث استخدم فريدريكس وكراتوتشويل لغة المناهج النقدية الضوء على‬
‫"الممارسة االنعكاسية لمجتمعات العلماء الخطابية" (‪ .)711 :2009‬في النهج النقدي ‪ ،‬تلعب المعرفة‬
‫التي يولدها المجتمع العلمي دورً ا رئيسيًا على مستويين‪ :‬أوالً ‪ ،‬كخطاب مهيمن مبرر بالرجوع إلى ``‬
‫‪.‬وثانيًا ‪ ،‬كأساس للخطاب والخطاب‪ .‬قوة ‪ (Foucault 2008: 319) ،‬العلم '' الموضوعي‬

‫‪3‬‬
‫تركيزا مشابهًا على القوة وصدور الحقيقة وانعكاسية المجتمعات العلمية يؤدي إلى رؤية‬ ‫ً‬ ‫باختصار ‪ ،‬فإن‬
‫متشككة مشتركة حول "التقدم" أحادي االتجاه في العلوم‪ .‬تشترك البراغماتية والنهج النقدي أيضًا في‬
‫جوانب أخرى مثل األساليب التي تقدم ادعاءات سببية وإن لم تكن من النوع الوضعي (فريدريكس‬
‫وكراتوتشويل ‪ ، 2009‬فوكتيك ‪ )2011‬ونقطة ضعف معينة في التعامل مع عملية التغيير (بسبب انحياز‬
‫الوضع الراهن لـ `` الجديد ''‪ `` .‬الحقائق المتأصلة في المعتقدات القديمة للمجتمعات العلمية والتأثير‬
‫الطاغي للخطابات المهيمنة ‪ ،‬على التوالي)‬
‫ب‪ .‬الفروق‪ :‬مساعدة الباحثين أم نقد المجتمع؟‬
‫ربما يكون االختالف األكثر وضوحً ا بين هذه األساليب هو الهدف النهائي لدراسة الممارسات‪ :‬بينما تهدف‬
‫البراغماتية إلى دمج مفاهيم المشاكل الجديدة من أجل تحقيق راحة بال مُرضية والعودة إلى الروتين ‪،‬‬
‫ً‬
‫صراحة على السلطة‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬فإنهم يهدفون إلى كشف عالقات القوة في الحياة‬ ‫تركز المقاربات النقدية‬
‫اليومية (التي قد ال يدركها البشر حتى) من خالل دراسة كيف تشكل القوة ‪ /‬المعرفة الخطاب السائد‬
‫وهذا بدوره يؤدي إلى تركيز مختلف تمامًا ‪ ،‬حيث تعمل البراغماتية على مستوى ‪(Carabine 2001).‬‬
‫الباحث الذي يبحث عن نظريات مفيدة ‪ ،‬بينما تشير مناهج فوكو إلى االلتزام بالنقد على مستوى المجتمع‪.‬‬
‫ينعكس هذا االنقسام بوضوح في االنقسام حول المبادئ التوجيهية للبحث‪ :‬االقتصاد والكفاءة من ناحية ‪،‬‬
‫والتحرر من ناحية أخرى‪ .‬من المشكوك فيه إلى أي مدى يمكن التوفيق بين الروح العلمية وأهداف‬
‫البراغماتية بنجاح مع البعد األخالقي (الضمني) للكشف عن عالقات القوة في المجتمع‪ .‬فائدة المعرفة هنا‬
‫‪.‬تعني أشياء مختلفة بوضوح اعتما ًدا على النهج المفضل‬
‫يمكن العثور على اختالف رئيسي ثان على مستوى منطق االستدالالت‪ .‬في الواقع ‪ ،‬لقد طورت المناهج‬
‫النقدية مجموعة من األساليب لتلبية أهدافها ‪ ،‬ولكن هذه األساليب البحثية نادرً ا ما تكون مكملة للتقاليد‬
‫األخرى‪ .‬في الواقع ‪ ،‬فإن أدوات علم اآلثار ‪ /‬علم األنساب وتحليل الخطاب متشابكة بشدة مع المناهج‬
‫النقدية ومحددة للغاية لدرجة أنه من المشكوك فيه أنه يمكن التوفيق بينها وبين وجهة نظر اقتصاد البحث‬
‫أو وجهة نظر منطق االستدالل لالختطاف ‪ ،‬نفسها نهج أكثر عمومية وانتقائية‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬قد يكون من‬
‫‪.‬الممكن (والمفيد) محاولة تطوير أدوات جديدة لتحليل األساليب النقدية بشكل عملي‬

‫يرتبط هذا باالختالف المعرفي الثالث ‪ ،‬وهو اختالف األماكن التي تم العثور عليها‪ .‬في البحث العملي ‪،‬‬
‫مرض للقضايا التي تحير الباحث وتزعجه‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن المقاربات‬‫ٍ‬ ‫تنشأ المشاكل من البحث عن تفسير‬
‫النقدية تتبع منط ًقا مختل ًفا‪ :‬فهي تبحث عن ما يعتبر طبيعيًا ‪ ،‬وروتينيًا ‪ ،‬وتسعى إلى إضفاء المشاكل على‬
‫هذه الحالة الطبيعية ‪ ،‬والتي عاد ًة ال تمثل مشكلة للبراغماتي‪ .‬ينعكس هذا االختالف بدوره في الكيفية التي‬
‫تسعى بها البراغماتية إلى ربط المفاهيم القديمة والجديدة بالحد األدنى من االضطراب المعرفي ‪ ،‬في حين‬
‫أن عدم االستمرارية هو مفتاح فكر فوكو ‪ ،‬وفي الواقع نهج األنساب للتاريخ الذي يسعى إلى شرح هذه‬
‫االنقطاعات بدقة من حيث الصراع والسلطة‪ .‬والخطاب (‪Scheurich and McKenzie 2006:‬‬
‫‪.)844،852‬‬

‫‪4‬‬
‫خاتمة‬
‫باختصار ‪ ،‬اقترح هذا المقال أوالً نهجً ا براغماتيًا للعلوم االجتماعية ثم ناقش العالقة بين البراغماتية‬
‫والنهج النقدي من حيث أوجه التشابه واالختالف‪ .‬بشكل عام ‪ ،‬هم متحدون في نقاط انطالقهم وفي رفضهم‬
‫للمقاربات التقليدية ‪ ،‬لكنهم يختلفون بشكل حاسم في ما إذا كان هذا الرفض يعني مجرد إهمالهم جانبًا أو‬
‫باألحرى مقاومة تأثيرات القوة ‪ /‬المعرفة بنشاط‪ .‬كانت هناك محاوالت لالندماج (‪Hamati-Ataya‬‬
‫‪ ، )2012‬وعلى األخص من خالل المواقف البراغماتية الجديدة لـ )‪، Rorty (Rorty et al. ، 2004‬‬
‫ولكن في البحث عن أرضية وسطية مقبولة بشكل متبادل ‪ ،‬غالبًا ما تتجنب خياراتهم االنتقائية األسئلة‬
‫األساسية المتعلقة بالتوافق والمزيد‪ .‬هناك حاجة للبحث ‪ ،‬ربما بما يتماشى مع مفاهيم مثل التشابه األسري‪.‬‬
‫إلى حد ما ‪ ،‬ستستفيد البراغماتية والنهج النقدي على التوالي من دمج فكرة القوة والنظر في االختطاف‬
‫كاستراتيجية بحثية‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬كان هدف المقالة هذا هد ًفا عمليًا‪ :‬توضيح االلتباس من أجل مساعدتنا على‬
‫التنقل في العالم االجتماعي المعقد لمنهجيات البحث‬

‫‪5‬‬

You might also like