You are on page 1of 250

‫جامعة اإلسكندرية‬

‫كلية الحقوق‬
‫الدراسات العليا‬
‫قسم القانون العام‬

‫الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬


‫(دراسة مقارنة)‬

‫رسالة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق‬


‫مقدمه من الباحث‬

‫فيصل بن سعود بن عبد هللا اليعقوبي‬

‫إشراف‬
‫األستاذ الدكتـــور‬
‫محمد رفعت عبد الوهاب‬

‫أستاذ القانون العام‬


‫كلية الحقوق‪ -‬جامعة اإلسكندرية‬
‫‪2018‬م‬ ‫‪1440‬ه‬
‫جلنة املناقشة واحلكم على الرسالة‬
‫و قد تشكلت جلنة املناقشة واحلكم على الرسالة من السادة األساتذة‬

‫مشرفاً ورئيساً‬ ‫حممد رفعت عبد الوهاب‬ ‫األستاذ الدكتور‬


‫أستاذ القانون العام‬
‫كلية الحقوق – جامعة اإلسكندرية‬

‫عضواً‬ ‫حممد باهي أبو يونس‬ ‫األستاذ الدكتور‬


‫أستاذ ورئيس قسم القانون العام‬
‫عميد كلية الحقوق‪ -‬جامعة االسكندرية‬
‫(سابقاً)‬

‫عضواً‬ ‫حممد أمحد عطيه‬ ‫المستشار‬


‫النائب األول لرئيس مجلس الدولة‬ ‫الدكتور‬
‫وزير التنمية المحلية (األسبق)‬

‫وقـــد نوقشــــت هــــذه الرسالــــة بعنوان (الرقابة القضائية على أعمال‬


‫الضبط اإلداري بسلطنة عمان – دراسة مقارنة‪ ،) -‬فــي تاريخ ( ‪11 / 21‬‬
‫‪2018/‬م)‪ ،‬بقاعة كلية الحقوق جامعة االسكندرية ‪.‬‬

‫وقد أوصت اللجنة بمنح الباحث (فيصل بن سعود بن عبد هللا اليعقوبي) درجة‬

‫الدكتوراه في الحقوق بتقدير (جيد جدا مرتفع) ويعادل درجة (‪.) B+‬‬
‫الشكر والتقدير‬
‫من باب االعتراف بالفصل ألولى الفضل‪ ،‬وعمالً بقول النبي (صلى هللا عليه وسلم)‪ :‬من ال‬
‫يشكر الناس ال يشكر هللا‪ ،‬فإننى أقل بالفضل لذويه‪ ،‬وأنسب المعروف ألهله‪ ،‬وأتقدم بأسمى آيات‬
‫الشكر والعرفان إلى أستاذي العالم الجليل األستاذ الدكتور‪ /‬محمد رفعت عبد الوهاب أستاذ‬
‫على فانتقل إشراف هذه الرسالة‬ ‫القانون العام بكلية الحقوق جامعة االسكندرية‪ ،‬والذي َّ‬
‫من هللا به َّ‬
‫إليه‪ ،‬فغمرني بفضله وسعة صدره‪ ،‬وأحاطني بعلمه ونصحه‪ ،‬ووجدت في توجيهاته السديدة‪،‬‬
‫وآرائه الرصينة خير معين لي‪ ،‬أطال هللا في عمره ومتعه بالعافية‪.‬‬
‫كما أتقدم بالشكر والعرفان‪ ،‬إلى أستاذي فقيه القانون العام‪ ،‬العالم الجليل األستاذ‬
‫الدكتور‪ /‬محمد باهي أبو يونس أستاذ ورئيس قسم القانون العام والعميد السابق لكلية الحقوق‪-‬‬
‫جامعة اإلسكندرية‪ -‬لتفضل سيادته مشكو اًر بقبول االشتراك في عضوية لجنة الحكم لمناقشة هذه‬
‫فت به موجهاً ومرشداً‪ ،‬ومعلماً ومقوماً‪ ،‬ومما ال شك‬
‫الرسالة‪ ،‬فقد وهب لي جزءاً من وقته‪َ ،‬ف َشر ُ‬
‫اء فكرياً‪ ،‬ونه اًر متدفقاً في شريان هذا البحث لعلمه الفياض وفكره‬‫فيه أن وجود سيادته سيشكل إثر ً‬
‫المتجدد‪ ،‬فجزاه هللا عني وعن طالب العلم كل خير‪.‬‬
‫كما أتقدم بعاطر الشكر والثناء وعظيم المودة واالمتنان إلى معالي المستشار الدكتور‪/‬‬
‫محمد أحمد عطية وزير التنمية المحلية وشئون مجلسي الشعب والشورى األسبق‪ ،‬والنائب األول‬
‫لرئيس مجلس الدولة األسبق‪ ،‬لتفضل سيادته بقبول عضوية لجنة الحكم على الرسالة‪ ،‬فهو العالم‬
‫الجليل بأدبه وعلمه‪ ،‬والشك أن مشاركته في لجنة الحكم ووجود اسمه على رسالتي المتواضعة‪،‬‬
‫فخر وشرف ال يدانيه شرف‪ ،‬فجزاه هللا عني خير الجزاء‪ ،‬وأغدق عليه من موفور كرمه صحة‬
‫وعافية وعلماً‪.‬‬
‫الباحـــث‬
‫‪‬‬
‫ُوا‬ ‫من‬ ‫ََ‬‫َ آ‬‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫َُّ‬
‫يَ‬ ‫يا أ‬ ‫َ‬
‫ْا‬
‫ًل‬ ‫َو‬‫ولوا ق‬ ‫ُ ُ‬‫َق‬ ‫ُوا َّ‬
‫اَّللَ و‬ ‫َّ‬
‫اتق‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْ َلك‬ ‫ْل‬
‫ِح‬ ‫يص‬‫دا * ُ‬ ‫ِيا‬ ‫سَد‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِر لكم‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫ْ‬‫ُ‬
‫أعمالكم ويغف‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫اَّللَ‬
‫ِ َّ‬ ‫ِع‬‫يط‬‫ْ ُ‬‫من‬‫ََ‬
‫ْ و‬ ‫ُم‬
‫بك‬‫نوَ‬ ‫ُُ‬‫ذ‬
‫اا‬ ‫ْز‬‫َو‬ ‫َ ف‬‫َاز‬ ‫د ف‬‫َْ‬‫َق‬
‫ه ف‬ ‫َسُ َ‬
‫ولُ‬ ‫َر‬‫و‬
‫عَظِيماا‪‬‬
‫(سورة األحزاب‪ ،‬اآليتان ‪)71 ،70‬‬
‫مقدمــــــة‬
‫مقدمة‬
‫اكتسبت الحريات حماية قانونية وهو ما يعبر عنه الحماية الدستورية للحريات‪ ،‬ويقصد‬
‫بتلك الحماية أن تكون للنصوص الدستورية التي تقرر الحريات نفس القيمة القانونية المعترف بها‬
‫لسائر النصوص الدستورية‪ ،‬وأن تكون ذات موقع أسمى في سلم البناء القانوني للدولة‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يجوز ألي سلطة أن تتجاوز مقتضاها مع ما يستتبع ذلك من عدم جواز تعديل القوانين إال في إطار‬
‫النصوص الدستورية‪.‬‬
‫وقد أصبح من حق الفرد في العصر الحاضر أن يتمتع بالحقوق والحريات العامة‪ ،‬ولكن ليس‬
‫بصفة مطلقة أو بدون ضوابط‪ ،‬فكل حرية أو حق إذا ما أطلق استعماله تحول إلى فوضى تمس‬
‫حقوق وحريات اآلخرين‪ .‬لذلك وجب ضبط الحرية من طرف الهيئات أو الجهات المختصة‬
‫وبالضمانات المقررة قانونا‪ ،‬وهذا ما يسمى" بالضبط اإلداري "الذي يعتبر وظيفة إدارية تتمثل في‬
‫حماية النظام العام‪ ،‬وقد أسندها المشرع إلى السلطة التنفيذية بحكم طبيعتها‪ ،‬وما لها من القدرة‬
‫العملية على التدخل السريع لحماية النظام العام‪ ،‬باإلضافة إلى المهمة الموكلة إليها دستوريا وهي‬
‫تنفيذ القوانين‪ ،‬وبالتالي فممارسة نشاط الضبط اإلداري هو نتيجة طبيعية لتنفيذ القوانين التي تنص‬
‫على المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإن السلطة التشريعية تعتبر المشرع األصلي الذي يصنع القوانين للنشاط‬
‫الضبطي‪ ،‬فحرية القيام بالشعائر الدينية‪ ،‬وحرية االجتماع‪ ،‬وحرية الصحافة‪ ،‬وحرية الرأي تنظم‬
‫عادة بتشريعات يتكون منها النظام العام للحريات الفردية‪ ،‬وهي تعتبر قوانين ضبط‪ ،‬كما يوجد ضبط‬
‫إداري تمارسه الهيئات اإلدارية المختصة قانونا‪ ،‬والتي تكون مهمتها تنفيذ القوانين بالوسائل اإلدارية‬
‫لصيانة النظام العام‪.‬‬
‫وتعد ممارسة وظيفة الضبط اإلداري مظهرا ً من مظاهر السلطة العامة في فرض النظام‬
‫العام بواسطة مجموعة من االمتيازات‪ ،‬والسلطات‪ ،‬التي تمارسها هيئات الضبط اإلداري بهدف‬
‫الحفاظ على أمن وصحة وسكينة أفراد المجتمع‪.‬‬
‫هذا وتعتبر أعمال الضبط اإلداري تدابير مانعة وقائية‪ ،‬وسابقة على حدوث التهديد باإلخالل‬
‫بالنظام العام‪ ،‬ويظهر ذلك بالتصدي لكل ما يهدد استقراره‪ ،‬باتخاذ كل اإلجراءات الوقائية قبل وقوع‬
‫اإلخالل‪ ،‬أو حتى بعد وقوعه‪ ،‬إذا لم يصل األمر إلى حد الجريمة الجنائية التي تباشر فيها وظيفة‬
‫الضبط القضائي بهدف معاقبة مرتكبيها‪ .‬غير أنه في بعض األحيان تستمر مهمة الضبط اإلداري‬
‫بعد وقوع االضطرابات‪ ،‬وهذا معناه أن التدابير في هذه الحالة ليست مانعة‪ ،‬وإنما تأخذ أسلوب‬
‫الجزاءات اإلدارية كاالعتقال أو سحب الترخيص أو المصادرة‪.‬‬
‫لذلك فإن الضبط اإلداري يعد ضرورة اجتماعية‪ ،‬فهو مجموعة من الوسائل التي تفرضها‬
‫هيئات الضبط اإلداري على حريات األشخاص‪ ،‬أو نشاطاتهم بهدف الحفاظ على النظام العام‪ ،‬وتأخذ‬
‫شكل لوائح تنظيمية‪ ،‬أو قرارات فردية‪ ،‬أو جزاءات إدارية‪ ،‬ويترتب عليها تقييد حقوق وحريات‬
‫األشخاص بالقدر الذي يضمن إيجاد نوع من التوازن بين متطلبات ممارسة الحقوق والحريات‪،‬‬
‫ومقتضيات الحفاظ على النظام العام‪ ،‬وهذه المالئمة يحددها المشرع‪ ،‬وتنفذها هيئات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫ويجب أن نوضححححح ناحيتين على قدر من األهمية‪ ،‬األولى‪ :‬إن الضححححبط اإلداري هو ضححححرورة‬
‫حتمية ال يقوم المجتمع بدونها‪ ،‬فأين هو المجتمع الذي تقوم له قائمة إذا ما أهدر فيه هدف الضححححححبط‬
‫اإلداري المتمثل في المحافظة على النظام العام بعناصحححححره التقليدية على أقل تقدير (األمن‪ -‬الصححححححة‪-‬‬
‫السحححكنية) ففكرة الضحححبط اإلداري تشحححكل صحححمام األمان ألي مجتمع‪ ،‬فهي الجانب الوقائي الذي يحمي‬
‫المجتمع من العوارض التي تعوق أمنه واستقراره‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬إن السحححلطة اإلدارية وهي تمارش نشحححاطها في الضحححبط اإلداري سحححيتطلب ذلك تقييد‬
‫حريات األفراد وحقوقهم‪ ،‬بل وقد يمس هذه الحريات والحقوق مسححاسحا ً كبيرا ً وال شححك في أن الدسححاتير‬
‫الحديثة تنص على رعاية حقوق اإلنسححححححان وحرياته‪ ،‬باعتبار أن أسححححححمى شححححححيء في الوجود هو تمتع‬
‫اإلنسحححححححان بالحرية التي فطر هللا الناش عليها‪ ،‬ولعل آخر ما يهدد هذه الحرية هو فرض القيود على‬
‫ممارستها‪.‬‬
‫وال شححححححححك أن مالحظححة األمرين المتقححدمين تححدعونححا إلى التسححححححححا ل حول كيفيححة التوفيق بين‬
‫ضحححرورتين حتميتين هما ممارسحححة الضحححبط اإلداري من جهة‪ ،‬والحافح على حقوق األفراد وحرياتهم‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬السححححححيما إن ممارسححححححة األولى قد تددي إلى االعتداء على الثانية‪ ،‬فهل من األفضححححححل‬
‫التضحية بإحداهما أو محاولة التوازن والتوفيق بنيهما؟‪.‬‬
‫إال أن الق ضاء اإلداري قد ح سم اإلجابة عن هذا الت سا ل ب ضرورة التعايش بين ال ضرورتين‬
‫ومحاولة الموازنة بينهم‪ ،‬فالقضححاء يمنح اإلدارة سححلطة واسححعة لتحقيق الصححالح العام‪ ،‬ولكنه في الوقت‬
‫ذاته يُخضحححححع اإلدارة في ممارسحححححتها لهذه السحححححلطات ألكبر قدر ممكن من الرقابة فال سحححححبيل إلى دفع‬
‫خطورة التعدي على حريات األفراد وحقوقهم من سححلطات الضححبط اإلداري إال بإيجاد الضححمانات التي‬
‫تحقق الوقاية والعالج‪ ،‬فاألولى الوقاية‪ ،‬تتمثل في تحذير السححلطة التنفيذية من إسححاءة اسححتعمال السححلطة‬
‫المخولة لها‪ ،‬وبث الخشحححية في نفوش القائمين بها من مغبة اإلسحححاءة‪ ،‬والثانية العالج‪ ،‬يتمثل في تزويد‬
‫األفراد بالوسائل التي تكفل رد االعتداء على حقوقهم وحرياتهم ومسائلة المعتدين عن هذا االعتداء‪.‬‬
‫ومع أهمية أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬يبقى واضحا أن نشاط اإلدارة وما يحتويه من تقييد‬
‫لحريات األشخاص سواء في الظروف العادية‪ ،‬أو في الظروف االستثنائية‪ ،‬يعد من السلطات بالغة‬
‫الخطورة في آثارها على الحريات العامة‪ ،‬كما يعتبر مجاالً النحراف هيئات الضبط اإلداري عن‬
‫هدفها المحدد‪ ،‬وهو المحافظة على النظام العام‪ ،‬مما يلزم معة بسط الرقابة القضائية على اعمال‬
‫الضبط االدارى ‪ ،‬حيث ان هذه الرقابة القضائية هى التى تدكد فكرة سيادة القانون التى هى بالطبع‬
‫أساش الحكم في الدولة ‪ ،‬حيث تمارش سيادة القانون من خالل القضاء الذى يعتبر عدلة ونزاهتة ضمان‬
‫للحقوق والحريات ‪ ،‬وهذا ما أكد علية دستور سلطنة عمان في المادة ‪ 59‬من المرسوم السلطانى رقم‬
‫‪.101/96‬‬
‫سبب اختيار موضوع البحث‪:‬‬
‫إن اختيارنا لهذا الموضوع جاء لكونه متصال اتصاال وثيقا بالحياة اليومية للمجتمع‪ ،‬وأكثرها‬
‫تأثيرا على حقوق وحريات األشخاص‪ ،‬وإيمانا منا بأن الرقابة القضائية هي أفضل ضمانة لحماية‬
‫األشخاص من جهة‪ ،‬وعدم انحراف هيئات الضبط اإلداري عن هدفها في المحافظة على النظام‬
‫العام من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما يرجع سبب اهتمامي بهذا الموضوع إلى عدم وجود دراسة كافية ومتخصصة فيه‪،‬‬
‫فأغلب الدراسات تناولت الضبط اإلداري بصفة عامة‪ ،‬سواء من حيث سلطاته البلدية أو الوالئية‪،‬‬
‫أو التي درست الضبط اإلداري والقضائي‪ ،‬أو التي بحثت في عملية الموازنة بين أعمال الضبط‬
‫اإلداري والحريات العامة‪ ،‬فمعظم هذه الدراسات تعرضت للرقابة القضائية كعنصر من عناصر‬
‫الموضوع فقط‪.‬‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫أبدأ الكالم عن أهمية البحث بعبارة ( ال حرية بال قيود وال سححححححلطة بال حدود) فكلمة‬
‫الحرية لها سحححححححرها وبريقها لكن الحرية بالمطلق أمر غير جائز وغير مقبول‪ ،‬والسححححححلطة‬
‫المطلقة هي مفسدة مطلقة‪ ،‬لذا ال يمكن أن تكون من غير حدود تحدها وتقف عندها‪ ،‬السيما‬
‫ما يتعلق منها مسححاس حا ً بالحريات ونخص بالقول سححلطة الضححبط اإلداري‪ ،‬التي غايتها حماية‬
‫النظام العام وهذه السحححححلطة ليسحححححت غاية بحد ذاتها بل وسحححححيلة لتحقيق غاية باعتبارها هدفا ً‬
‫ومعيارا ً شرعيا ً لها‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن وضع الحقوق والحريات في الدولة ال يقاش بالمبادئ األساسية أو القواعد‬
‫المنصوص عليها في الدستور أو القوانين‪ ،‬بقدر ما يقاش بمدى فعالية الحماية القضائية التي تريدها‬
‫الدولة وتقدمها فعال لها‪ ،‬فمن المسلمات أنه كلما ازدادت واتسعت الحماية القضائية لحقوق وحريات‬
‫األشخاص‪ ،‬كلما تحررت إمكانياتهم‪ ،‬وذلك ألن مخالفة القانون في أي مجتمع هي إهدار لمقومات‬
‫الدولة والنظام العام ‪ ،‬ومن ثم تبرز أهمية الرقابة القضائية كضمانة لحل إشكالية التنازع بين هيئات‬
‫الضبط اإلداري وحقوق وحريات األشخاص‪.‬‬
‫هكذا فإن جناحي البحث هما السلطة والحرية‪ ،‬وهما مفهومان طالما كانا متصارعين‬
‫ومتناقضحححححين‪ ،‬وضحححححمانات التوازن هي هدف بحثنا وهمزة الوصحححححل بينهما ال تعدمهما وال‬
‫تطلقهما فاألمر بين أمر ال إفراط وال تفريط‪.‬‬

‫ومن كل ما تقدم تتجلى لنا أهمية هذا البحث في‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬إن الضححححححبط اإلداري كظاهرة قانونية مرتبط بوجود المجتمع ومرتبط بوجود‬
‫الدولة منذ نشححأتها‪ ،‬فال شححك أن ظاهرة كتلك تسححتحق أن يتوالها الباحثين بالدراسححة والتحليل‬
‫لبيان كينونتها وضوابطها ودور القضاء في الرقابة عليها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إن الضححححححبط اإلداري هو أداة اسححححححتقرار المجتمع بل وتقدمه‪ ،‬وقديما ً قيل (إن‬
‫درهم وقاية خير من قنطار عالج)‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إن دراسة الرقابة على مشروعية قرارات الضبط اإلداري هي دراسة فنية‬
‫عملية لكيفية الموازنة بين اعتبارات حفح النظام العام في المجتمع من جهة‪ ،‬وحقوق اإلنسان‬
‫وحرياته من جهة أخرى‪ ،‬وال شك إن دراسة كتلك تكسب أهميتها لدى أي مجتمع قانوني‬
‫تحقيقا ً لسيادة القانون واحتراما ً لمقتضيات الواقع االجتماعي‪.‬‬
‫صعوبات الدراسة‪:‬‬
‫ال ننكر في البداية أن موضححححوع الدراسححححة قد تناولته أيدي الباحثين بالكتابة من قبل‪،‬‬
‫وكانت تلك إحدى العقبات التي واجهتني في اختيار الموضححححوع فأي دراسححححة علمية البد من‬
‫أن تقححدم الجححديححد وبححالرغم من وجود تلححك المشححححححكلححة إال أنهححا لم تححدعوني إلى اإلحجححام عن‬
‫الموضححوع‪ ،‬بل على العكس زادتني إقباالً واصححرارا ً عليه إذ وضححعت نصححب عيني األمور‬
‫اآلتية‪-:‬‬
‫‪ -1‬أنه على الرغم من تناول الموضححوع في الفقهين الفرنسححي والمصححري تفصححيالً‪ ،‬إال‬
‫أن الفقه في سححلطنة عمان مازال فقيرا ً في هذه الموضححوع‪ -‬على أهميته‪ -‬إذ لم توجد‬
‫المدلفات واألبحاث المفصححححححلة لكامل جوانبه في القانون العمانى‪ ،‬لذلك رأيت أن‬
‫البحث في هذا الموضوع قد يكون مفيد لبلدي‪ ،‬إذ سأقدم فيه دراسة مفصلة للوضع‬
‫القانوني لنظرية الضححححبط اإلداري في التشححححريع المصححححري وسححححلطنة عمان‪ ،‬وعند‬
‫الحاجة نتطرق للوضع في فرنسا‪.‬‬
‫‪ -2‬حيث أنه بعد الثورات العربية التى تغيرت فيها دسحححححححاتير وصححححححيغت فيها قوانين‬
‫وتدخلت فيها السححلطات بالضححبط‪ ،‬فكان من المفيد أن نعيد طرا هذا الموضححوع من‬
‫جديد لحيويته المتجددة والمتمثلة في عدم إمكانية حصحححر أهدافه من عناصحححر النظام‬
‫العام‪ ،‬فهناك الكثير من المسحححائل العلمية والعملية ينبغي إعادة النظر فيها بين الحين‬
‫واآلخر طبقا ً لظروف المجتمع المتجددة‪.‬‬
‫‪ -3‬وقد كانت هناك صححححححعوبة أخرى في انتظارنا عند إعدادنا لهذا البحث وهي ندرة‬
‫ونقص المدلفات والمراجع في سححححلطنة عمان بالمقارنة بمثيلتها المصححححرية أو حتى‬
‫الفرنسية‪ ،‬لكني حاولت قدر اإلمكان االستعانة بكل ما وقع تحت يدي مع بذل أقصى‬
‫جهد في سححححححبيل تجميع الكتب واألبحاث والمراجع في سححححححلطنة عمان على ندرتها‪،‬‬
‫واالستعانة بغيرها من المراجع األخرى ذات الصلة المباشرة بموضوع الدراسة‪.‬‬
‫تساؤالت البحث ‪:‬‬
‫‪ )1‬ما المقصود بالرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري؟‪.‬‬

‫‪ )2‬ما هي وضعيات ومظاهر الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري؟‪.‬‬

‫‪ )3‬ما مدى حتمية الرقابة القضائية كضمانة لحماية الحقوق والحريات من التجاوزات‬
‫الصادرة عن هيئات الضبط اإلداري؟‪.‬‬
‫‪ )4‬ما هو دور الرقابة القضائية في تحقيق التوازن بين متطلبات ممارسة الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬ومقتضيات الحفاظ على النظام العام؟‪.‬‬

‫‪ )5‬هل تمتد رقابة القضاء إلى مالئمة ق اررات الضبط اإلداري؟‪.‬‬

‫‪ )6‬هل الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري ثابتة‪ ،‬أم أنها متناسبة مع مختلف‬
‫الظروف التي تمر بها الدولة؟‪.‬‬

‫‪ )7‬ما مدى فعالية الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري؟‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫إن أي دراسة لن تكون ذات أهمية ما لم يجد جانبها النظري طريقه إلى الجانب العملي‪ ،‬لذلك‬
‫ينشد الباحث من خالل هذه الدراسة الوصول إلى جملة من األهداف العملية والعلمية المتمثلة في‪:‬‬
‫أ‪ .‬تسليط الضوء على دور القضاء في مراقبة هذا النوع من نشاط اإلدارة وتحقيقه لعملية‬
‫التوازن بين الحقوق والحريات‪ ،‬والمحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫ب ‪ .‬التـعــرف على مخــتـلف وضــعـيات الـرقـابة القــضــــائية ســـواء فـي الظــروف‬
‫العـــاديــة أو االســــتثـنائيـة‪ ،‬وكــذلك مـدى رقــابة القضـــاء على مالئــمة تـدابيــر‬
‫الضـــبط اإلداري‪.‬‬
‫ج ‪ .‬كما توضح هذه الدراسة لرجال القانون‪ ،‬السياسة القضائية المرنة التي اتبعها القضاء‬
‫المقارن سواء في فرنسا أو في مصر أو في سلطنه عمان‪ ،‬أثناء فصله في النزاعات‪،‬‬
‫واستخالصه لبعض المبادئ القانونية والضوابط التي ألزم بها هيئات الضبط اإلداري حماية‬
‫للحقوق والحريات‪.‬‬
‫د‪ .‬كما ترمي هذه الدراسة إلى حث القضاء العماني على توسيع الرقابة القضائية على أعمال‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬وجعلها أكثر مرونة‪ ،‬ومحاولة إيجاد بعض االجتهادات القضائية في‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫و ‪ .‬توضيح عملية الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬وذلك من خالل بعض‬
‫القرارات القضائية في كل من فرنسا‪ ،‬مصر‪ ،‬وعمان‪.‬‬
‫ز‪ .‬الوصول إلى توصيات توضح بعض النقائص وتكون مفتاحا لدراسات أخرى في هذا‬
‫الموضوع أو في عنصر منه‪.‬‬
‫منهج الدراسة‪-:‬‬
‫اتبعنا في دراستنا المنهج المقارن من زاويتين‪-:‬‬
‫األولى‪ :‬المقارنة بين القانون المصححري وسححلطنة عمان والفرنسححي‪ ،‬وهذا األخير عند‬
‫الحاجة وإن اقتضححت الضححرورة‪ ،‬ففي كل مسححألة من مسححائل الرسححالة اسححتقصححينا فيها موقف‬
‫القوانين لدى موطن الباحث وبلد الدراسحححححة‪ ،‬وفرنسحححححا عند الحاجة‪ ،‬حتى يكتمل عند القارئ‬
‫النظحام القحانوني لنظر ية الضححححححبط اإلداري في كحل قانون على حدة‪ ،‬وحتى تظهر الر ية‬
‫واضحة لمناطق االتفاق واالفتراق بين القوانين الثالثة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬حرصححححححت الدراسححححححة على التأصححححححيل التاريخي المقارن عند الضححححححرورة‪،‬‬
‫فاسححتعرضححت في المسححائل ذات األهمية الوضححع في الدسححاتير أو القوانين الملغاة ومقارنتها‬
‫بالقوانين النافذة ولعل ذلك من األهمية بمكان‪ ،‬حيث تكشف من ورائه مدى توافق التعديالت‬
‫التشريعية مع حاجات المجتمع وتطوره دون المساش بحقوق الفرد وحرياته‪.‬‬
‫كما حاولت في هذه الدراسة أن استقصى أيضا ً في كل جزئية موقف التشريع والفقه‬
‫والقضحححححححاء‪ ،‬بحيث يجتمع التأصححححححيل مع التحليل‪ ،‬ومن هنا يمكننا القول بأننا إتبعنا المنهج‬
‫التأصححيلي حيث رددت كل مسححألة إلى أصححولها النظرية السححليمة‪ ،‬وبجانب هذا إتبعنا المنهج‬
‫التحليلي وذلك ببسط القول في تطبيقات المسألة المعروضة وتحليلها بشكل قانوني سليم‪.‬‬
‫وبناء على ذلك قسمنا الرسالة إلى فصلين على النحو التالى ‪:‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الضبط اإلداري وحدودة القانونية‬
‫الفصل الثانى ‪ :‬حدود الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫الفصل األول‬
‫ماهية الضبط اإلداري وحدوده‬
‫القانونية‬
‫الفصل االول‬
‫ماهية الضبط اإلداري وحدوده القانونية‬
‫يمثل الضبط اإلداري الوظيفة األساسية لإلدارة العامة والتي تمثل السلطة التنفيذية في كل‬
‫دولة‪ ،‬فتعد هذه الوظيفة هي األكثر خطورة وأهمية ‪ ،‬حيث تبرز هذه الوظيفة كمظهر جوهري لوجود‬
‫الدولة وكتعبير رئيس عن سيادة السلطة الحاكمة‪.‬‬
‫ويرى بعض الفقهاء أن كلمة "ضبط" في مضمونها القديم تعني مجموع الحدود التشريعية‬
‫والالئحية التي ترمي إلى المحافظة على حقوق النظام في الدولة‪ ،‬فهي ترتبط بكفالة هدوئها الذي‬
‫يتناقض مع تعكيره‪ ،‬ويصون الصحة العامة بحكم مسئوليتها عن النظام في مدلوله الرحب‪.‬‬
‫وال يتصور للمجتمع اإلنساني وجود بدون نظام يضبط سلوك األفراد داخل المجتمع في‬
‫ممارسته لحقوقه الطبيعية‪ ،‬ويهدف الضبط اإلداري إلى حماية النظام العام بتنظيم ممارسة األفراد‬
‫لحرياتهم وأنشطتهم الخاصة‪ ،‬وذلك باتخاذ تدابير تقيد بها هذه الحريات وتختلف شدتها حسب نوع‬
‫الحرية المراد تقييدها‪ ،‬كما تتسع سلطات الضبط اإلداري في ظل الظروف االستثنائية لمواجهة هذه‬
‫الظروف‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم رأينا أن نتحدث في هذا الفصل عن الضبط اإلداري وذلك من خالل المباحث‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القيود الدستورية والقانونية للضبط اإلداري‬
‫المبحث الثالث‪ :‬القيود المتعلقة باإلجراء الضابط‬
‫المبحث األول‬
‫مفهوم الضبط اإلداري‬
‫المبحث األول‬
‫مفهوم الضبط اإلداري‬
‫معظم التشريعات في دول العالم‪ ،‬وخاصة في فرنسا ومصر وسلطنة عمان ‪ ،‬لم تتعرض‬
‫لتعريف الضبط اإلداري بصورة محددة وقاطعة‪ ،‬وإنما تناولت فقط أغراض الضبط اإلداري‪ ،‬وحتى‬
‫بالنسبة لألخيرة لم تتكفل بسرد كل أغراضه بصورة واضحة ومحددة‪ ،‬ويرجع ذلك إلى مرونة فكرة‬
‫النظام العام‪ ،‬واختالفها باختالف الزمان والمكان ()‪.1‬‬
‫والهدف من الضبط اإلداري‪ ،‬يتسم بالطابع الوقائي‪ ،‬وهو المحافظة على النظام العام داخل‬
‫الدولة‪ ،‬ويختلف عن مهمة الضبط القضائي التي تتعلق بكشف الجرائم التي وقعت فعالً‪.‬‬
‫واختلف الفقه في مصر وفرنسا‪ ،‬حول تحديد تعريف للضبط اإلداري‪ ،‬وكذلك تحديد طبيعته‪،‬‬
‫هل هي سلطة سياسية؟ أم هي وظيفة ضرورية ومحايدة؟ ومهما يكن من أمر تلك المسألة فإن الدراسة‬
‫في هذا المبحث ستكون مقسمة إلى مطلبين وذلك كما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ذاتية الضبط اإلداري‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الضبط اإلداري وطبيعتة‬

‫المطلب األول‬
‫ذاتية الضبط اإلداري‬
‫لم تتعرض معظم الدول في تشريعاتها لتعريف الضبط اإلداري بصورة قاطعة ومحددة وخاصة في‬
‫كل من فرنسا ومصر وانجلترا‪ ،‬وإنما الشاهد أنها تناولت بعض أغراض الضبط اإلداري فقط‪ ،‬فلم تتعرض‬
‫ً()‪2‬‬
‫تلك التشريعات لكل األغراض بصورة واضحة ومحددة‪ ،‬وسوف نعرض آلراء الفقه في هذا الصدد الحقا‬
‫‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن لفح الضبط لفح عربي يقصد به بمعناه العام تنظيم الدولة تنظيما ً‬
‫وقائيا ً يكفل سالمتها ودفع األضرار عنها‪ ،‬أي بعبارة أخرى تنظيم المجتمع تنظيما ً حكومياً‪ ،‬والنظام‬

‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬الوسيط‪ 1‬في القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،1999 ،‬ص‪.401‬‬ ‫( )‬

‫د‪ .‬ص ال ال الالالل أحمد الس ال ال الاليد جودة‪ 2،‬العيوب الش ال ال الالكلية والموض ال ال الالونية للق اررات اإلدارية‪ ،‬د ارس ال ال الالة مقارنة بالشال ال ال الريعة‬ ‫( )‬

‫اإلسالمية‪ ،‬الكتاب السادس‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2011 ،‬ص‪.171‬‬


‫الذي يسود الدولة وفقا ً لهذا التنظيم الوقائي يطلق عيه نظام الضبط‪ ،‬ويختلف هذا النظام عن النظام‬
‫القانوني اختالفا ً كبيراً()‪.3‬‬
‫فالنظام الوقائي يتم بترك األفراد أحرارا ً في تصرفاتهم يعملون ويتصرفون على مسئوليتهم‬
‫دون قيد ثم يحاسبهم في النهاية على ما يقع منهم من جرائم أو أخطاء‪ ،‬أما نظام الضبط فهو نظام وقائي‬
‫تتولى الدولة في ظله تنظيم المجتمع تنظيما ً وقائيا ً فتراقب نشاط األفراد وتدرش احتماالت اإلخالل‬
‫بالنظام وتعمل على منعها قبل وقوعها‪.‬‬
‫فوظيفة الضبط بمعناها العام تقوم بها الدولة عن طريق سلطة التشريع‪ ،‬أما وظيفة الضبط التي‬
‫تتوالها السلطة اإلدارية()‪ ،4‬فلها معنى آخر أضيق من المعنى السابق ويقصد به صيانة النظام العام في‬
‫الدولة بعناصره المألوفة من أمن عام وصحة عامة وسكينة عامة‪ ،‬وهذه الوظيفة يطلق عليها الضبط‬
‫‪5‬‬
‫()‪.‬‬
‫اإلداري‬
‫وكلمة ضبط مرادفه لكلمة بوليس فإصطالا بوليس نص عليه دستور ‪ 1923‬وقانون هيئة‬
‫البوليس رقم (‪ )140‬لسنة ‪ ،1944‬ورقم (‪ )234‬لسنة ‪ 1955‬ثم عدل عنه المشرع واستخدم اصطالا‬
‫الشرطة وذلك في القانون رقم (‪ )61‬لسنة ‪ 1964‬والقانون رقم (‪ )109‬لسنة ‪ 1971‬الخاصين بنظام‬
‫هيئة الشرطة‪.‬‬
‫وأيضا ً كلمة بوليس مرادفه لكلمة شرطة ولتوحيد المصطلحات في القانون اإلداري أطلق‬
‫الفقهاء كلمة الضبط بدالً من البوليس أو الشرطة‪ ،‬وهنا يجب أن نشير إلى الفارق بين الوظيفة والعضو‬
‫فمن الذي يزاولها فالضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص وظيفة‪ ،‬فمن الذي يقوم بهذه‬
‫الوظيفة؟‪.‬‬
‫فنجد اختالف في رأي الفقهاء‪ ،‬فالبعض يفضل لفح الضبط كالدكتور محمد فداد مهنا والدكتور‬
‫مصطفى أبو زيد فهمي " وزير العدل والمدعي اإلشتراكي األسبق "‪ ،‬والدكتور ماجد الحلو‪ ،‬والبعض‬
‫اآلخر يفضل كلمة بوليس كالدكتور سليمان الطماوي للداللة على وظيفة البوليس واستعمال لفح الشرطة‬
‫()‪6‬‬
‫للدالله على الهيئة القائمة بوظائف البوليس اإلداري‪.‬‬
‫وفي الحقيقة يجب أن نفرق بين الوظيفة وبين الهيئة التي تزاول هذه الوظيفة فتطلق كلمة ضبط‬
‫على الوظيفة فهي أدق وأفضل ونطلق كلمة الشرطة على الهيئة التي تقوم بمهمة وظيفة الضبط‬

‫المالءمة االمنية ومش ال الالرونية ق ار ارت الض ال الالبط االدارى ‪ ،‬رس ال الالالة دكتوراة ‪ ،‬اكاديمية‬
‫‪3‬‬
‫) طارق س ال الاليد أحمد حس ال الالن ‪،‬‬ ‫(‬

‫الشرطة ‪ ، 2008 ،‬ص‪.211‬‬


‫د‪ .‬فؤاد العطار‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬عام ‪ 1972‬ص ‪.254 : 225‬‬
‫‪4‬‬ ‫( )‬

‫اإلداري‪ ،‬عام ‪ ،1964‬ص ‪.570‬‬


‫‪5‬‬ ‫د‪ .‬محمد فؤاد مهنا‪ ،‬القانون‬ ‫( )‬

‫حسال ال ال الالام مرسال ال ال الالي‪ ،‬سال ال ال الاللطة اإلدار‪6‬ة في مجال الضال ال ال الالبط اإلداري‪ ،‬دار الفكر الجامعى – االسال ال ال الالكندرية ‪،2015 -‬‬ ‫( )‬

‫ص‪.129‬‬
‫اإلداري()‪ ،7‬فالضبط اإلداري فكرة لها حدود واسعة في مجاالت كثيرة‪ ،‬تزداد مع األيام سعة تبعا ً‬
‫للمالبسات والظروف‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإن الدراسة في هذا المطلب ستكون مقسمة إلى فرعين ‪:‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬تعريف الضبط اإلداري‪.‬‬
‫الفرع الثانى ‪ :‬وسائل وأغراض الضبط اإلداري‪.‬‬

‫الفرع االول‬
‫التعريف بالضبط اإلداري‬
‫أوالً‪ :‬الضبط لغة واصطالحا ً‪:‬‬
‫من خالل هذا الفرع سنقوم باإلشارة إلى تعريف الضبط اإلداري لغة واصطالحا ً وذلك على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الضبط في اللغة‪:‬‬
‫الضبط في اللغة له عدة مفاهيم‪ ،‬فهو يعني أوالً‪ :‬دقة التحديد فيقال ضبط األمر بمعنى أنه حدده على‬
‫وجه الدقة‪ .‬وهو يعني ثانياً‪ ،‬وقوع العينين ثم إلقاء اليدين على شخص كان خافيا ً ويجرى البحث عنه‪،‬‬
‫فيقال إنه ضبط ذلك الشخص أو هذا الشيء‪ .‬ويعني ثالثاً‪ ،‬التدوين الكتابي المشتمل على معالم يخشى‬
‫لو ترك أمرها دون تسجيل لها أن تبدل معالمها ويزول أثرها من ذاكرة من عاينها وشاهدها‪ ،‬ولذا يقال‬
‫قانونا ً إن ضبط الواقعة يعني تحرير محضر لها‪ ،‬وتعنى رابعا ً وأخيرا ً أن يفهم من العود باألمور إلى‬
‫وضعها الطبيعي المنسجم مع القانون الحاكم لها وذلك عقب اضطراب أصاب منحرفا ً بها عن حكم هذا‬
‫القانون()‪.8‬‬
‫ويعني اإلحكام واالتقان وإصالا الخلل والتصحيح‪ ،‬ويمكن تعريفه أيضا ً في اللغة‪ ،‬بانه حفح‬
‫الشيء بالحزم حفظا ً بليغا ً أي إحكامه واتقانه()‪.9‬‬
‫وتحتوي معاجم اللغة العربية على معان مختلفة لمصطلح الضبط منها "بأنه لزوم الشيء حفظه ولرجل‬
‫ضابط أي حازم"()‪ 10.‬ويقال أيضا ً الضبط لزم الشيء وحبسه ال يفارقه في كل شيء( )‪،‬‬
‫‪ 11‬وعلى ذلك‬

‫) د‪ .‬عبد الغنى بسيونى عبد هللا‪7 ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1996 ،‬ص‪.26‬‬ ‫(‬

‫راجع‪ :‬د‪ .‬عادل السال ال الالعيد محمد ‪8‬أبو الخير‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬أكاديمية الشال ال الالرطة‪ ،‬كلية الشال ال الالرطة‪ ،‬السال ال الالنة الثانية‪،‬‬ ‫( )‬

‫‪ ،2012/2011‬ص‪.189 ،188‬‬
‫المعجم الوسال ال ال ال ال ال الاليط ممالادة الضال ال ال ال ال ال‪9‬الالبطم‪ ،‬مجمع اللغالة العربيالة‪ ،‬القالاهرة‪ ،‬الطبعالة الثالالثالة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعالة دار‬ ‫( )‬

‫المعارف‪ ،‬طبعة ‪1980‬م‪ ،‬ص‪.553‬‬


‫ابع‪ ،‬الناشر دار المعارف‪ ،‬ص‪.2549‬‬
‫‪1‬‬
‫لسان العرب‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬الجزء الر‬
‫‪0‬‬
‫راجع العالمة بن منظور‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الجزء التاسع‪ ،‬الناشر الدار المصرية ‪1‬للتأليف والترجمة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.214‬‬


‫‪1‬‬
‫راجع قاموس لسان العرب‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫فالضبط في اللغة يعني اإلحكام واإلتقان والحزم‪ ،‬وعندما يقترن بصفة اإلدارة فإنه يصبح داالً على‬
‫الوظيفة التي تضطلع بها اإلدارة لحماية النظام العام في المجتمع من الخلل واالضطراب‪.‬‬
‫ب‪ -‬الضبط اصطالحاً‪:‬‬
‫كان مصطلح الضبط اإلداري قد استخدم في فرنسا في القرن الثامن عشر للداللة على مجموعة من‬
‫القواعد واألوامر التي يقتضيها تحقيق أهداف الجماعة السياسية‪ ،‬فقد عرفت الدولة المنضبطة‪ ،‬أو الدولة‬
‫القانونية لينصرف مدلولها إلى الدولة التي تحل قواعد القانون فيها محل استبداد الحكام‪ ،‬وم ثم فإن‬
‫اصطالا الضبط حسب هذا المعنى ال يعدو أن يكون تعبيراً عن تنظيم القانون‪ ،‬ويكاد يكون بإختصار‬
‫مرادفا ً لكلمة القانون ‪.‬‬
‫()‪12‬‬

‫أما الضبط في االصطالا فيقصد به تنيظم الدولة بطريقة وقائية لضمان سالمة رأش المجتمع‪ ،‬فنظام‬
‫()‪13‬‬
‫الضبط في معناه العام هو تنظيم وقائي ‪.‬‬
‫على أن هناك معنى آخر للضبط اإلداري يأخذ بعين االعتبار األجهزة والهيئات المختصة بممارسة‬
‫()‪14‬‬
‫وظيفة اإلدارة في الضبط أكثر من تركيزه على النشاط في المعنى العضوي ‪.‬‬
‫إن الذي يهمنا في هذا المجال هو المعنى االصطالحي‪ ،‬الذي ال يخرج عن كونه‪ " :‬مجموعة القرارات‬
‫واإلجراءات التي تتخذها السلطة اإلدارية بهدف حماية وحفح النظام العام والمحافظة عليه وقد كرش‬
‫الفقه هذا المعنى الوظيفي للضبط اإلداري ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الضبط تشريعا ً وفقهاً‪:‬‬
‫أ‪ -‬معنى الضبط اإلداري تشريعاً‪:‬‬
‫‪ - 1‬في فرنسا‪:‬‬
‫بمراجعة النصوص التشريعية التي تناولت أهداف الضبط اإلداري في فرنسا لم نجد‬
‫تعريفا ً دقيقا ً للضبط اإلداري ذلك أن القانون عندما تناول تعريفه لم يتعرض لتحديد أغراضه‬

‫البط اإلداري‪ ،‬رسالالالة ماجسالالتير‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬


‫‪1‬‬
‫دلشالالاد معروف على‪ ،‬رقابة الق ‪2‬ضالالاء على مشالالرونية ق اررات الضال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫جامعة اإلسكندرية‪ ،‬مكتبة الرسائل ‪2015‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬


‫سالالالم بن ارشالالد العلوي‪ ،‬القضال‪3‬الاء اإلداري العماني‪ ،‬د ارسالالة مقارنة‪ 1،‬أكاديمية السالاللطان قابوبس لعلوم الش الرطة‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سلطنة عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2011 ،‬ص‪.219‬‬


‫وتأكيداُ لهذا المعنى العضالالوى ‪ 4،‬نوضالالن أن من بين سالاللطات الضال‪1‬البط االدارى فى سالاللطنة عمان شالالرطة عمان‬ ‫)‬ ‫(‬

‫السال الاللطانية والتى حددت المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 35‬لسال الالنة ‪ 1990‬سال الاللطات الشال الالرطة فى مجال المحافظة على‬
‫النظام العام بعناصال ال الرة الثالثة (االمن العام – الص ال الالحة العامة – الس ال الالكينة العامة ) للمزيد انظر ‪ :‬س ال الالالم بن ارش ال الالد‬
‫العلوي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 283‬‬
‫بصورة واضحة بل صورة عارضة‪ ،‬وعليه سنحاول أن نستعرض التعريف الذي يمكن‬
‫()‪15‬‬
‫االستدالل منه في النصوص التشريعية المتاحة بالنسبة لفرنسا‪.‬‬
‫حيث حدد الضبط اإلداري أهدافا ً‪ -‬ليس بصورة قاطعة‪ -‬ومنها أنه يقع على عاتقها‬
‫اآلتي‪ ،‬أن تجعل السكان ينعمون بمزايا ضبط حسن‪ ،‬وخاصة النظافة والصحة واألمن‬
‫بالشوارع واألماكن والمنشآت العامة‪ ،‬كذلك جاء في المادة (‪ )97‬الفقرة (‪ )1‬من القانون‬
‫الصادر في ‪ 5‬أبريل عام ‪ 1884‬الخاص بتحديد اختصاصات الهيئات المحلية‪ ،‬ما نصه "‬
‫يختص البوليس المحلي بالمحافظة على حسن النظام واألمن العام والصحة العامة‪ ،‬ولقد عاد‬
‫()‪16‬‬
‫هذا النص للظهور في قانون ‪ 28‬سبتمبر من عام ‪ 1971‬والمتعلق بالتنظيم البلدي ‪.‬‬
‫إذا ً فالمشرع الفرنسي لم يتعرض لتعريف الضبط اإلداري بصورة قاطعة أو محددة‪،‬‬
‫وإنما تناول فقط تحديد أهدافه‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬حيث قام بعرض أهداف البوليس اإلداري‬
‫بعرض صور لها إال أنه لم يتناول تحديد األهداف كلها‪.‬‬
‫وفي القضاء اإلداري الفرنسي أن نصوص قانون ‪ 1884‬ال تفي بالغرض بشكل‬
‫واضح‪ ،‬أيضا ً ولذات السبب‪ ،‬نجد مفوض الحكومة ‪ CORNEILIE‬في قضية ‪BALDY‬‬
‫في أغسطس ‪ 1917‬وضح في مذكرته حدود ومجاالت الضبط العام حيث تشكل العناصر‬
‫التقليدية وهي‪ :‬األمن والسكينة والصحة العمومية ولكن ليكون مجالها في إطار مفهوم النظام‬
‫()‪17‬‬
‫العام ‪.‬‬
‫وعلى هذا نرى أن إحجام المشرع الفرنسي عن وضع تعريف محدد‪ -‬للضبط‪ -‬يرجع‬
‫إلى طبيعة فكرة النظام العام التي تتسم بالمرونة والتطور‪ ،‬بالنظر إلى تغير هذه الفكرة‬
‫بإختالف الزمان والمكان خاصة وأن هذه الفكرة ترتبط بالطرف السائد وطبيعته‪ ،‬فيما إذا‬
‫كان عاديا ً أم استثنائياً‪.‬‬
‫‪ -2‬في مصر‪:‬‬
‫نصت المادة (‪ )184‬من دستور مصر العربية الصادر عام ‪ 1971‬المعدل " الشرطة‬
‫هيئة مدنية نظامية‪ ،‬رئيسها األعلى‪ ،‬رئيس الجمهورية‪ ،‬وتددي الشرطة واجبها في خدمة‬
‫الشعب‪ ،‬وتكفل للمواطنين الطمأنينية واألمن العام واآلداب‪ ،‬وتتولى تنفيذ ما تفرضه عليها‬
‫‪ 18‬وقد جاء في المادة‬
‫القوانين واللوائح من الواجبات وذلك كله على الوجه المبين بالقانون()‪،‬‬

‫( )‪15‬جمال نباس أحمد عثمان ‪ ،‬الضبط االدارى فى مجال البناء والتعمير ‪ ،‬رسالة دكتوراة‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة‬
‫االسكندرية ‪ ، 2001 ،‬ص‪.32‬‬
‫التعمير‪ ،‬رسال ال الالالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫‪1‬‬
‫ضال ال الالبط اإلداري في مجال البناء و‬
‫‪6‬‬
‫جمال نباس أحمد عثمان‪ ،‬ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلسكندرية‪ ،2001 ،‬ص‪.219‬‬


‫العاطي‪ ،‬مسال الالئولية الدولة عن أعمال وق ارر‪1‬ات موافيها‪ ،‬رسال الالالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫عبد العاطي محمد عبد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫جامعة االسكندرية‪ ،2014 ،‬ص‪.79‬‬


‫عبد هللا بن سالالالم بن ناصالالر‪ ،‬ر‪8‬قابة القضالالاء اإلداري العماني على إ‪1‬سالالاءة اسالالتعمال السالاللطة‪ ،‬رسالالالة ماجسالالتير‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫(‪ )206‬من الدستور المصري النافذ ‪ ،2014‬ما بشأنه النص أعاله‪ ،‬إال أن النص الجديد أكد‬
‫على والء الشرطة للشعب بحيث يكفل القانون ضمان ذلك‪.‬‬
‫كما تنص المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 109‬لسنة ‪ 1971‬المعدل بشأن الشرطة‬
‫الحالي في مصر على أن‪ " :‬تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام واألمن العام‬
‫واألداب وحماية األرواا واألعراض واألموال‪ ،‬وعلى األخص منع الجرائم وضبطها‪ ،‬كما‬
‫تختص بكفالة الطمأنينة واألمن للمواطنين في كافة المجاالت‪ ،‬وتنفذ ما تفرضه عليها القوانين‬
‫()‪19‬‬
‫واللوائح من الواجبات" ‪.‬‬
‫يتضح من استقراء ما سبق أن القانون المصري قد تناول كثيرا ً األغراض المتعلقة‬
‫بالضبط إال أن هذه األغراض جاءت في عبارات مبهمة‪ ،‬وبالتالي لم تحدد أغراض الضبط‬
‫بصورة واضحة‪ ،‬ولعل ذلك يرجع بدوره إلى مرونة فكرة النظام العام واألمن العام واآلداب‬
‫العامة الذي جعلت المشرع يعزف عن وضع تعريفا ً محددا ً لفكرة الضبط اإلداري خشية منه‬
‫بأن ال يدرج إحدى الصور حيث يكون واجبا ً أن تندرج تحت هذه المدلوالت الثالثة‪ ،‬فيقع‬
‫الخلط والخلل‪.20)( .‬‬
‫‪ -3‬الضبط اإلداري في سلطنة عمان ‪:‬‬
‫يمكن القول بأن الضبط اإلداري في السلطنة ؛ ينطوي وفقا على تقسيمات القانون اإلداري‬
‫العماني وواقع الحال على معنيين‪ ،‬األول معنى عضوي ‪ ،‬والثاني معنى وظيفي أو مادي‬
‫‪:‬ــــــ‬
‫المعنى العضوي للضبط اإلداري ‪21) ( :‬ويقصد به الهيئة اإلدارية ممثلة بشرطة‬ ‫‪-‬‬
‫عمان السلطانية ‪ ،‬التي أسند لها المشرع العماني استنادا إلى المادة (‪ )11‬من قانون الشرطة‬
‫رقم ‪ 90 / 35‬مهام الحفاظ على النظام واألمن العام واآلداب ‪ ،‬وحماية األرواا ‪ ،‬واألعراض‬
‫واألمـــوال وكفالة الطمأنينة ‪ ،‬والسكينة في كافة المجاالت ‪ .‬والعمل على منع ارتكاب‬
‫الجرائـــم ‪ ،‬وضبط ما يقع منها ‪ ،‬واتخاذ إجراءات التحري وجمع االستدالالت ‪ .‬كما تتولى‬
‫أية صالحيات أخرى تنص عليها القوانين والمراسيم النافدة ‪ ،‬وكل ما تفرضه عليها القوانين‬
‫واللوائح من واجبات أخرى ‪ .‬ونجد أن هذه المادة من قانون الشرطة العماني جاءت متطابقة‬
‫تماما مع نص المادة الثانية من قانون عام ‪1955‬م الخاص بتنظيم البوليس المصري ‪ ،‬والتي‬
‫تنص على أن " تختص هيئة البوليس بالمحافظة على النظام واألمن العام ‪ ،‬وعلى األخص‬

‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،2014 ،‬ص‪.162‬‬


‫سالم بن راشد العلوي‪ ،‬القضاء ‪9‬اإلداري العماني‪ ،‬المرجع السابق‪1 ،‬ص‪.311‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫( )‪20‬امل لطفى حسن ‪ ،‬الرقابة القضائيىة على ق اررات الضبط الخاصة باالجانب ‪ ،‬رسالة دكتوراة ‪ ،‬كلية الحقوق ‪،‬‬
‫جامعة حلوان ‪ ، 2002 ،‬ص‪.51‬‬

‫الضبط االدارى وسلطاتة وحدودة فى ‪2‬دولة قطر ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬رسالة دكتوراة ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫نيسى بن سعد النعيمى ‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ 2009 ،‬ن ص‪. 54‬‬


‫منع الجرائم وضبطها ‪ ،‬وحماية األرواا واألعراض واألموال ‪...‬الخ " ‪ ،‬والتي جاء نص‬
‫المادة الثانية من قانون هيئة الشرطة المصرية لعام ‪1964‬م مشابها تماما لها أيضا ‪ ،‬كما‬
‫أبقى قانون الشرطة المصري عام ‪ 1971‬على نفس الصياغة كذلك ()‪.22‬‬
‫المعنى الوظيفي ‪23)( :‬ينصرف هذا المعنى إلى الضبط الذي تباشره الهيئة اإلدارية‬ ‫‪-‬‬
‫في السلطنة " شرطة عمان السلطانية " من خالل إداراتها الموزعة في الواليات والمحافظات‬
‫‪ ،‬والتي تستهدف من ورائه كفالة النظام العام ‪ ،‬وحمايته ‪ ،‬وفقا لنص المادة الحادية عشر‬
‫السالف ذكرها ‪.‬‬
‫وفى ذلك تقول محكمة القضاء االدارى العمانى " أن مهمة الشرطة السلطانية هي الحفاظ‬
‫على النظام العام ومنع ارتكاب الجرائم والمخالفات بما لها من سلطة وقائية تمنع الجريمة قبل‬
‫وقوعها "()‪24‬‬
‫وبذلك نجد من خالل ماسبق ذكره أن الضبط اإلداري ينطوي على معاني لتقييد النشاط‬
‫والحريات ‪ ،‬التي يمارسها األفراد ‪ ،‬شريطة أن يتم ذلك في إطار من اإللتزام بأحكام النظام‬
‫األساسي للد ولة ‪ ،‬والقوانين المعمول بها ‪ ،‬والمنظمة لألنشطة ذات العالقة بالحريات العامة‬
‫في السلطنة ‪ .‬كما يتبين من التعريف السابق أيضا أن النشاط الخاضع لقيود الضبط اإلداري‬
‫هنا ‪ ،‬والحريات التي تتم ممارستها وفقا له ‪ ،‬إن هي إال حريات ونشاطات فردية خاصة ‪،‬‬
‫تتولى جهة اإلدارة ــــ كممثلة للدولة ومعبرة عن إرادتها ــــ إيراد نوع آخر من التقييد عليها‬
‫‪ ،‬مستهدفة في ذلك ضمان سالمة الدولة ‪ ،‬فضال عن وحدة المجتمع ‪ ،‬والمحافظة على النظام‬
‫العام فيه ‪ .‬وإن اختلف كم وكيف القيود المفروضة ‪ ،‬باختالف المذهب الذي تعتنقه الدولة ‪،‬‬
‫لتسيير وظائفها في المجتمع ‪ ،‬وما إذا كان المذهب مذهبا تدخليا تزداد فيه أوامر وقيود الضبط‬
‫اإلداري ‪ ،‬أم أنه مذهب حر تتضاءل فيه إلى حد كبير تلك التدخالت ‪ ،‬وبالتالي تقل األوامر‬
‫والقيود ‪ .‬وبتطبيق ذلك على األوضاع في السلطنة نجد أن المذهب التدخلي هو األقرب للواقع‬
‫والتطبيق ‪ ،‬إعتمادا ً على الحاالت المسجلة ‪ ،‬ألن فلسفة الدولة السائدة فلسفة تدخلية ‪25) ( .‬‬

‫ب‪ -‬معنى الضبط اإلداري فقهاً‪:‬‬


‫من المالحح أن التشريعات لم تتعرض لتعريف الضبط اإلداري السيما في فرنسا‬
‫ومصر وإنما اكتفت فقط بتحديد أغراضه‪ ،‬لذا تبنى الفقهاء هذه المهمة وبذلوا جهدا ً كبيرا ً من‬
‫أ جل وضع تعريف جامع مانع للضبط اإلداري‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء في تعريفهم له بحسب‬
‫الزاوية التي ينظرون منها إليه وتباينت وجهات النظر بشأن تحديد ماهية الضبط اإلداري‬

‫‪22‬مل لطفى حسن ‪ ،‬الرقابة القضائيىة على ق اررات الضبط الخاصة باألجانب ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 56‬‬
‫() أ‬

‫سالم بن راشد العلوي‪ ،‬القضاء‪ 3‬اإلداري العماني‪ ،‬المرجع السابق‪2 ،‬ص‪.29‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ، 156‬لس ال ال ال الالنة ‪ 5‬ق س مجموعة المبادئ التى‬


‫‪2‬‬
‫العمانى فى الدعوى اإلبتدائية رقم‬
‫‪4‬‬
‫محمكة القض ال ال ال الالاء اإلدارى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫قررتها المحكمة فى عاميها الخامس والسادس ‪ ،‬ص‪. 256‬‬


‫‪2‬‬
‫السابق ‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪5‬‬
‫أمل لطفي حسن‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وتعريفه‪ ،‬فذهب البعض إلى أن الضبط اإلداري مهمة وقائية تنحصر في المحافظة على‬
‫النظام العام‪ ،‬والحيلولة دون وقوع الجرائم‪ ،‬ومن ثم يعرف بأنه " حق اإلدارة في أن تفرض‬
‫على األفراد قيودا ً تحد بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام" ‪.‬‬
‫()‪26‬‬

‫وذهب البعض إلى القول بأن الحقوق والحريات العامة()‪27‬التي يتمتع بها األفراد‬
‫ليست مطلقة‪ ،‬بل هي مقيدة بعدم إضرارها بحقوق وحريات اآلخرين من ناحية‪ ،‬وبعدم‬
‫إهدارها للقواعد العامة التي يستقر عليها التنظيم االجتماعي العام من ناحية أخرى‪ ،‬لذا يعرف‬
‫هذا الرأي الضبط اإلداري بأنه " مجموع ما تفرضه السلطة العامة من أوامر ونواه‬
‫وتوجيهات لألفراد بغرض تنظيم حرياتهم العامة أو بمناسبة ممارستهم لنشاط معين بهدف‬
‫()‪28‬‬
‫صيانة النظام العام في المجتمع ‪.‬‬
‫ويختلف الرأي في تعريف الضبط اإلداري‪ ،‬وذلك لعدم وضع تعريف محدد بمعرفة‬
‫المشرع فقد اختلف الفقهاء في تعريفه سواء الفقه العربي أو الفقه الغربي وذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬التعريف الفقهي العربي للضبط اإلداري‪:‬‬
‫اختلف الفقه العربي اإلداري في تعريف الضبط اإلداري‪ ،‬ويرجع هذا االختالف إلى‬
‫تباين النظرة إلى هذه الوظيفة‪ ،‬فلقد نظر جانب من الفقه إليه على أساش أنه غاية في ذاته‬
‫تسعى إليها سلطات الدولة‪ ،‬ونظر جانب آخر على أنه قيد على الحريات العامة التي كفلها‬
‫الدستور والقانون‪ ،‬وذهب آخرون إلى أنه وظيفة سياسية ترتبط بنظام الحكم‪ ،‬كما اختلف‬
‫الفقهاء المصريون في تعريف الضبط اإلداري طبقا ً الختالف نظراتهم إلى هذه الوظيفة ‪،‬‬
‫وبعض الفقهاء يعرف الضبط اإلداري بأنه حق اإلدارة في أن تفرض على األفراد قيودا ً تحد‬
‫بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام ويرى أن الحريات العامة تتعرض لنوعين من‬
‫()‪29‬‬
‫القيود ‪:‬‬
‫قيود يفرضها المشرع بنفسه " الضبط التشريعي"‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫في نطاق القيود التشريعية تستطيع اإلدارة أن تفرض قيودا ً جديدة إما تنفيذا ً للقوانين‬ ‫‪)2‬‬
‫()‪30‬‬
‫الصادرة في هذا الصدد‪ ،‬وإما قيودا ً مبتدأة عن طريق لوائح البوليس أو الضبط اإلداري‪.‬‬

‫اللطات الض ال الالبط اإلداري في ال الظروف‪ 2‬االس ال الالتثنائية‪ ،‬د ارس ال الالة مقارنة بين الشال ال الريعة‬
‫‪6‬‬
‫أس ال الالامه أحمد محفوظ‪ ،‬س ال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫والتشريعات الوضعية‪ ،‬رسالة دكتو ارة ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة المنوفية‪ ،2002 ،‬ص‪. 111‬‬
‫اإلدارة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسال ال ال ال الالكندرية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬سال ال ال ال الالامي جمال الدين‪ ،‬القضال‪7‬ال ال ال الالاء اإلداري والرقابة على أعمال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،2014‬ص‪.67‬‬
‫ونش ال ال ال ال الالاإل الس ال ال ال ال الاللطات اإلدارية الناش ال ال ال ال الالر دار‬
‫‪2‬‬
‫راجع‪ :‬طعيمة الجرف القانون ‪8‬اإلداري والمبادئ العامة في تنظيم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫النهضة العربية بالقاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1978‬ص‪.487‬‬


‫القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة ‪ ،19732‬ص‪.85‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬مبادئ‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬أمير فرج يوسف‪ ،‬القرار اإلداري ً‬


‫علما وعمالً‪ ،‬دار المطبوعات ‪3‬الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2011 ،‬ص‪.130‬‬ ‫‪0‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫ونجد الدكتور محمود سعد الدين الشريف يعرف الضبط اإلداري بأنه "وظيفة عتيدة‬
‫من وظائف اإلدارة تحقق بوسائلها القسرية أغراضا ً جليلة قابلة للتطور واإلتساع وذلك بسبب‬
‫تطور القضاء اإلداري ويسلك في سبيل هذه األغراض شتى الطرق ومختلف الوسائل وذلك‬
‫()‪31‬‬
‫لتحقيق أغراض معينة هي إقرار النظام العام ‪.‬‬
‫وعرفه الدكتور بعض الفقهاء بأنه مجموعة القواعد التي تفرضها السلطة العامة على‬
‫()‪32‬‬
‫األفراد في عموم حياتهم اليومية أو لممارسة نشاط معين بقصد حماية النظام العام ‪.‬‬
‫نجد كذلك ان عرفه أيضا ً بعض الفقهاء‪ :‬بأنه مجموعة ما تفرضه السلطة العامة من‬
‫()‪33‬‬
‫أوامر ونواهي وتوجيهات ملزمة لألفراد بغرض تنظيم حرياتهم العامة ‪.‬‬
‫وقد عرفه الدكتور محمد عصفور بأنه وظيفة سياسية بطبيعته‪ ،‬فإذا كان النظام العام‬
‫يبدو في ظاهره تحقيق األمن العام فهو في الحقيقة يرمي إلى تحقيق األمن للسلطات‬
‫()‪34‬‬
‫الحاكمة ‪.‬‬
‫أما أستاذنا الدكتور مصطفى أبو زيد فهمي فقد قسم الضبط اإلداري إلى قسمين‪،‬‬
‫ضبط إداري عام وضبط إداري خاص‪.‬‬
‫وعرف سيادته الضبط اإلداري العام بأنه يتكون من مجموعة القيود والضوابط التي‬
‫تهدف إلى حفح األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة في سائر النواحي البشرية بغير‬
‫تخصيص في هذه الناحية أو تلك فهو يمثل الشريعة العامة في مجال الضبط اإلداري‪.‬‬
‫وعرف الضبط اإلداري الخاص بأنه يعني أحد أمرين‪ :‬إما تحقيق نفس األغراض‬
‫السابقة في حفح األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة ولكن في ظل نظام قانون خاص‪،‬‬
‫()‪35‬‬
‫وإما تحقيق أغراض أخرى غير األغراض الثالثة السابقة ‪.‬‬
‫أما أستاذنا الدكتور ماجد راغب الحلو فيعرف الضبط اإلداري أو البلويس اإلداري‬
‫بأنه " هو وظيفة من أهم وظائف اإلدارة وتتمثل في المحافظة على النظام العام في األماكن‬
‫العامة عن طريق إصدار القرارات الالئحية والفردية واستخدام القوة المادية مع ما يستتبع‬
‫‪ 36‬وللضبط‬‫من فرض قيود على الحريات الفردية‪ ،‬يستلزمها انتظام أمر الحياة في المجتمع()‪،‬‬

‫يف‪ ،‬النظرية العامة للضال الالبط اإلداري ‪3‬لطلبة الد ارس ال الالات العليا‪ ،‬سال الالنة ‪ ،1964‬ص‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمود سال الالعد الدين الش ال الر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.70‬‬
‫ص ‪.328‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬شفيق شحاته‪ ،‬مبادئ القانو‪2‬ن اإلداري‪ ،‬طبعة عام ‪،1955‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلداري‪ ،‬طبعة عام ‪ ،1973‬ص ‪.3421‬‬


‫‪3‬‬ ‫د‪ .‬طعمه الجرف‪ ،‬القانون‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.450‬‬
‫‪3‬‬
‫الدولة‪ ،‬طبعة عام ‪ ،1973‬ص‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬محمد عصفور‪ ،‬البوليس و‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬طبعة ‪3‬ثالثة‪ ،‬عام ‪ ،1990‬ص ‪.178‬‬


‫‪5‬‬
‫د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المطبوعالالات الجالالامعيالالة بالالاإلسال ال ال ال ال ال الالكنالالدريالالة‪ ،‬س ال ال ال ال ال ال النالالة‬


‫‪3‬‬
‫الانون اإلداري النالالاشال ال ال ال ال ال الالر‪ ،‬دار‬
‫‪6‬‬
‫راجع‪ :‬مالالاجالالد ارغالالب الحلو القال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪،1994‬ص‪.471‬‬
‫اإلداري عالقة كبيرة بالحريات العامة وحقوق األفراد إذ أن صيانة النظام العام تقتضي في‬
‫()‪37‬‬
‫العادة فرض قيود عليها ‪.‬‬
‫وأخيرا ً يرى الدكتور أحمد كمال أبو المجد أن سلطة البوليس عموما ً هي عبارة عن‬
‫الوسائل القانونية والمقصود بها عادة مجموعة السلطات الحكومية العامة التي تهدف إلى‬
‫الحفاظ على األمن والصحة والسكينة وتحقيق الرفاهية وللدولة في سبيل تحقيق ذلك أن تقيد‬
‫()‪38‬‬
‫الحقوق والحريات الخاصة ‪.‬‬
‫ويترادف الضبط اإلداري أحيانا ً مع الرقابة‪ ،‬فيعني توجيه السلوك سلبيا ً أو إيجابياً‪،‬‬
‫()‪39‬‬
‫والضبط بهذا المعنى اللغوي يشمل مختلف جوانب الحياة االجتماعية والعملية والقانونية ‪.‬‬
‫‪ )2‬التعريف الفقهي الغربي للضبط اإلداري‪:‬‬
‫وإزاء عدم وجود مفهوم محدد للضبط اإلداري في فرنسا‪ ،‬اتجه الفقهاء إلى محاولة‬
‫وضع تعريف محدد للضبط اإلداري‪ ،‬إال أنهم قد اختلفوا في ذلك حيث تعددت آراء الفقه‬
‫لوضع تعريف محدد‪ ،‬ويرجع السبب في ذلك إلى أن كل اتجاه وضع تعريفا ً للضبط من‬
‫منظوره الخاص ومن هذه االتجاهات ما يلي‪-:‬‬
‫‪ .1‬اتجه الفقيه " هوريو" إلى تعريف الضبط بأنه‪ " :‬سيادة النظام والسالم وذلك عن‬
‫طريق التطبيق الوقائي للقانون‪ ،‬وأن كافة وسائل الحكم فيما عدا القضاء الجنائي‪،‬‬
‫تعتبر وسيلة ضبط ومن يراه غاية من جهة أهدافه‪ ،‬وقيدا ً على الحرية الفردية‪ ،‬اعتبارا ً‬
‫()‪40‬‬
‫بنتيجة نشاطه وآثاره ‪.‬‬
‫ويعرفه الفقيه "دي البادير" بأنه أحد أشكال تدخل اإلدارة التي تمارسها السلطات‬ ‫‪.2‬‬
‫()‪41‬‬
‫اإلدارية لتقييد الحريات الفردية بهدف حماية النظام العام ‪.‬‬
‫ومن أحدث تعريفات الفقه الفرنسي تعريف " جاكوبيت" حيث عرفه بأنه‪" :‬أحد‬ ‫‪.3‬‬
‫أشكال التدخل للسلطة العامة لتنظيم األنشطة الخاصة بقصد حماية النظام العام"‪.‬‬
‫وأخيرا ً فالباحث يرى بعد استعراض آراء الفقه المصري والفرنسي‪ ،‬أن الضبط‬
‫اإلداري هو نشاط إداري تمارسه السلطات التنفيذية‪ ،‬في إطار القواعد التنظيمية والتدابير‬

‫قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة‪ 3،‬الناشر دار الجامعة الجديدة باإلسكندرية‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سنة ‪ ،2012‬ص‪.87‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الرؤوف هاش ال ال الالم ‪8‬بس ال ال الاليوني نظرية الض ال ال الالبط اإلداري ‪3‬في النظم الوض ال ال الالعية المعاصال ال ال الرة والشال ال ال الريعة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلسالمية‪ ،‬الناشر دار الفكر العربي باإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.22‬‬
‫الوكيل‪ ،‬حالة الطوارئ وسلطات الضبط ‪3‬اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد مصطفى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫يف‪ ،‬النظرية العامة للض الالبط اإلداري‪4 ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬الس الالنة الحادية عشال الرة‪،‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمود س الالعد الدين الشال الر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫طبعة ‪ ،1962‬ص‪.109‬‬
‫الوكيل‪ ،‬حالة الطوارئ وسلطات اإلدارة‪4،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد مصطفى‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الفردية لتقييد الحريات العامة‪ ،‬مما يهدف إلى حماية النظام العام واآلداب‪ ،‬وتمارسه تحت‬
‫رقابة القضاء والذي يراقب مشروعيته ومدى مالءمته للظروف الواقعية التي تبرره‪.‬‬
‫يمكن القول بأن الضبط اإلداري في السلطنة؛ ينطوي وفقا ً لتقسيمات القانون اإلداري‬
‫العماني‪ ،‬وواقع الحال على معنيين‪ ،‬األول معنى عضوي‪ ،‬والثاني معنى وظيفي أو مادي‪.‬‬
‫المعنى العضوي للضبط اإلداري‪ :‬ويقصد به الهيئة اإلدارية ممثلة بشرطة عمان‬
‫السلطانية‪ ،‬التي أسند لها المشرع العماني استنادا ً إلى المادة (‪ )11‬من قانون الشرطة رقم‬
‫‪ 90/35‬مهام الحفاظ على النظام واألمن العام واآلداب‪ ،‬وحماية األرواا‪ ،‬واألعراض‬
‫واألموال وكفالة الطمأنينة‪ ،‬والسكينة في كافة المجاالت‪ ،‬والعمل على منع ارتكاب الجرائم‪،‬‬
‫وضبط ما يقع منها‪ ،‬واتخاذ إجراءات التحري وجمع االستدالالت‪ ،‬كما تتولى أية صالحيات‬
‫أخرى تنص عليها القوانين والمراسيم النافذة‪ ،‬وكل ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من‬
‫واجبات أخرى‪ ،‬ونجد أن هذه المادة من قانون الشرطة العماني جاءت متطابقة تماما ً مع نص‬
‫المادة الثانية من قانون عام ‪1995‬م الخاص بتنظيم البوليس المصري‪ ،‬والتي تنص على أن‬
‫"تختص هيئة البوليس بالمحافظة على النظام واألمن العام‪ ،‬وعلى األخص منع الجرائم‬
‫وضبطها‪ ،‬وحماية األرواا واألعراض واألموال‪ ...‬الخ"‪ ،‬والتي جاء نص المادة الثانية من‬
‫قانون هيئة الشرطة المصرية لعام ‪1964‬م مشابها ً تماما ً لها أيضاً‪ ،‬كما أبقى قانون الشرطة‬
‫()‪42‬‬
‫المصري عام ‪ 1971‬على نفس الصياغة كذلك‪.‬‬
‫المعنى الوظيفي‪ :‬ينصرف هذا المعنى إلى الضبط الذي تباشره الهيئة اإلدارية في‬
‫السلطنة "شرطة عمان السلطانية" من خالل إداراتها المتوزعة في الواليات والمحافظات‪،‬‬
‫والتي تستهدف من ورائه كفالة النظام العام‪ ،‬وحمايته‪ ،‬وفقا ً لنص المادة الحادية عشر السالف‬
‫ذكرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية الضبط اإلداري‪:‬‬
‫ال شك في ازدياد أهمية وظيفة الضبط اإلداري بإزدياد تدخل الدولة في جميع نواحي‬
‫الحياة‪ ،‬فقد تزايدت مسئولية الدولة واتسع نشاطها وتضاعفت صور تدخلها في أوجه النشاط‬
‫()‪43‬‬
‫الفردي بحكم مذهب التدخل والرقابة ‪.‬‬
‫وأصبحت وظيفة الضبط اإلداري ضرورة اجتماعية‪ ،‬حيث أصبحت بعض الحريات‬
‫التي كان يطلق لها العنان في الماضي بال رقيب من الدولة خاضعة للتنظيم باعتبار أن دواعي‬
‫المحافظة على كيان الدولة وسمعتها تدعو إلى ضبط هذه الحريات حماية للنظام العام‪.‬‬

‫( )‪42‬نيس الالي بن س الالعد النعيمي ‪ ،‬الض الالبط االدارى وس الاللطاتة وحدودة فى دولة قطر ‪ ،‬رس الالالة دكتوراة‪ ،‬كلية الحقوق ‪،‬‬
‫جامعة القاهرة ‪ ، 2009 ،‬ص‪.42‬‬
‫يف‪ ،‬النظرية العامة للضال الالبط اإلداري‪ 4،‬طبعة عام ‪ ،1964‬منشال الالور بمجلة مجلس‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬محمود سال الالعد الدين الش ال الر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الدولة العدد ‪ ،12‬ص‪.108 :106‬‬


‫ودعت ظاهرة اتجاه بعض المصريين للتوجه إلى الدول العربية والتعاقد مع حكومات‬
‫تلك الدول لممارسة نشاط علمي أو فني أو عملي ‪ ،‬أي قيام الدولة بعمل بعض التشريعات‬
‫لمواجهة أي عناصر مندسة يخشىى منها أن تسيء إلى سمعة مصر في الخارج فكان لزاما ً‬
‫ضبط هذه اإلقامة التي قد تتخذ من هذا التعاقد ستارا ً الستخدامها‪ ،‬فحرية النزوا والتنقل‬
‫كانت طليقة ولكن السلطات قدرت ــ بحق ــ ضرورة التدخل لمراقبتها استنادا ً إلى واليتها‬
‫تداركا ً لما قد ينشأ من إخالل بالنظام العام أو األمن الخارجي للدولة ‪.‬‬
‫كذلك تطور األمور اليومية الحالية أدى إلى كثرة اجتماع الجمهور في األماكن‬
‫المحددة والتي تعتبر وثيقة الصلة بالنظام واألمن العام‪ ،‬فكان لتدخل الضبط اإلداري بوسائله‬
‫الواقعية منعا ً لما عسى أن يحدث من إخالل بالنظام لتأثر بعض النفوش بالخطاب العام‪.‬‬
‫وكذلك الحال بالنسبة لحرية التجارة والصناعة في عموم صورها‪ ،‬فإن هذه الحرية‬
‫وهي في الواقع غير محددة تحديدا ً واضحا ً في القانون‪ ،‬فقد ورد عليها تنظيم تبرره أهداف‬
‫الضبط اإلداري وقد أقره مجلس الدولة في حكم له قضى بصحة قرار ضبطي أصدره أحد‬
‫العمد في البالد التابعة لمقاطعة بورتيكس بتقييد مزاولة مهنة مصوري المارة في بعض‬
‫الشوارع بالمدن الخاضعة لسلطتهم الضابطة على اعتبار أن هذا التقييد يساير مبدأ التوفيق‬
‫()‪44‬‬
‫بين حريات كفلها القانون ومقتضيات حماية النظام العام في الطرق المزدحمة‬
‫ثالثا ً‪ -‬مجال تدخل الضبط اإلدارى‬
‫إ ن النظام العام هو محور وأساش فلسفة سياسة الضبط‪ ،‬ولكن كيف يمكن أن تصل‬
‫إلى تحقيق هذا النظام وما هي الحدود التي تقف عندها لتحقيق شرعية النظام العام وبالتالي‬
‫شرعية الضبط وإجراءاته فالتقابل لصيق بين النظام العام وبين الحرية‪ ،‬والمطلوب هو تحقيق‬
‫التآلف وليس التضاد بينهما‪ .‬فأغراض الضبط المحدد في وضع القيود على الحريات تأمينا‬
‫للنظام العام‪ ،‬وهذا يفترض في تصورنا أن إطالق الحريات دون قيود سوف تتبعه فوضى‬
‫بدون حدود وبالتالي يأتي الضبط ليقيم النظام‪.‬‬
‫وفي الحقيقة نجد الفقه قد إنقسم في تحديد مجال تدخل الضبط إلى ثالث اتجاهات هي‪- :‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬يرى أن الحرية هي األصل وأن التنظيم الضبطي هو استثناء فال يحق لسلطة‬
‫الضبط أن تتدخل إال لتنظيم النشاط الذي أخضع صراحة بالنص القانوني للمراقبة الوقائية‪،‬‬
‫وعلى رأش هذا الفريق كاريه دي مالبرج‪.‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬فيرى أن الضبط هو األصل والحريات الفردية هي نتاج هذا الضبط‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فكل الحريات تقع تحت سلطة الضبط ويمكن تناولها بالتقييد بما يحقق النظام العام‪ ،‬وهذا‬
‫األصل يسري بالنسبة لكل الحريات حتى التي تكفلها الدساتير‪ ،‬إذ أن الدستور لم يطلق أية‬
‫حرية وإنما جعلها في إطار تنظيم يحقق النظام العام وهو الهدف األساسي لكل نص قانوني‬
‫بما فيه الدستور ذاته‪.‬‬

‫نقال عن‪ :‬د‪ .‬إسال الالماعيل البدوي‪ 4،‬القضال الالاء اإلداري‪ ،‬د ارسال الالة مقارنة‪4 ،‬الجزء الرابع‪ ،‬أسال الالباب الطعن باإللغاء‪ ،‬دار‬
‫ً‬
‫)‬ ‫(‬

‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص‪.442‬‬


‫االتجاه الثالث‪ :‬وهو الرأي الوسط الذي يفرق بين نوعين من الحريات‪ :‬حريات كفلها‬
‫الدستور‪ ،‬وهنا ال يحق للضبط أن يتدخل إال إذا سمح الدستور أو النص التشريعي حفاظا ً‬
‫على النظام العام‪.‬‬
‫وحريات لم يكفلها الدستور‪ :‬وهنا يحق للضبط أن يتدخل في سبيل المحافظة على‬
‫النظام العام‪ ،‬ولو كان يوجد نص يخوله هذا الحق على أن تتقيد سلطات الضبط في جميع‬
‫الحاالت بالهدف العام‪ ،‬فال يحق له أن يتدخل في سبيل تحقيق هدف آخر غير هدف الضبط‬
‫وال يحق له أن يضع قيودا ً إال بالقدر الضروري الذي يتضمن تحقيق هذا الهدف ‪.‬‬
‫()‪45‬‬

‫وهنا نعود إلى الفلسفة األساسية التي تهيمن على النشاط الضبطي كله وهي إقامة‬
‫التوازن بين الحرية من جهة وبين النظام العام من جهة أخرى‪ ،‬ولكن متى يتحقق هذا التوازن‬
‫وما هي االعتبارات التي تفرض نفسها هنا؟ وما مدى السلطة التقديرية في هذا الصدد‪ ،‬وهل‬
‫نحن بصدد مسألة مالءمة تتسع فيها السلطة التقديرية لجهاز الضبط أم أنها مسألة قانونية‬
‫يتقيد فيها هذا الجهاز بحدود وضوابط قانونية أشد؟‪.‬‬
‫ال شك أنه من الخطورة إطالق تصور المسألة باعتبارها مسألة مالءمة يترك أمر‬
‫تقديرها لإلدارة الضابطة‪ ،‬فهذا ترك لألمور في يد اإلدارة فتكون هي الخصم والحكم في‬
‫ذات الوقت‪ ،‬ومن األفضل أن نتصور طالما أننا بصدد إقامة توازن بين الحرية المملوكة‬
‫للفرد وبي ن النظام الذي تقوم عليه اإلدارة‪ ،‬أننا بصدد تنازع نوعين من القوانين‪ ،‬قوانين‬
‫الضبط من ناحية وقوانين الحرية من ناحية أخرى‪ ،‬والنظر إليها باعتبارها مسألة قانونية‬
‫بحيث يعد مشروعا ً من إجراءات الضبط ما يحقق بالفعل النظام العام‪ ،‬وطالما أن المسألة‬
‫قانونية فالحكم فيها هو السلطة القضائية التي يمكنها ان تراقب مدى سالمة اإلجراء الضبطي‬
‫ومدى فعاليته في تحقيق النظام العام‪.‬‬
‫ففي واقع األمر مرونة النظام العام وعدم ضبطها بدقة فرض علينا أن نتقبل تصور‬
‫اإلدارة لمدى الخطورة الناجمة عن ممارسة الحرية على النظام العام‪ ،‬ولكن من ناحية أخرى‬
‫يجب وضع حدودا ً لهذا التصور أهمها وأبرزها هو إخضاع هذا التقدير للرقابة القضائية‪،‬‬
‫فلكي يكون التقدير الضبطي مشروعا ً يجب‪ -‬أن يوضع في االعتبار باإلضافة إلى مراعاته‬
‫للقواعد القانونية المتعلقة باالختصاص العضوي والموضوعي‪ -‬وهو أمر بديهي‪ -‬أن يكون‬
‫نافعا ً للنظام العام وبأن يكون مناسبا ً مع مقتضيات المحافظة على النظام العام مع ترك نصيب‬
‫عادل للحرية‪.‬‬
‫وقد راعى القضاء بالفعل هذا التصور وأقام هذه الرقابة‪ ،‬ومثال ذلك ما جاء في حكم‬
‫مجلس الدولة الفرنسي الذي قضى بأنه " كان رئيس البلدية بمقتضى سلطاته الضبطية‬
‫يستطيع أن ينظم الحفالت الدينية ومراسمها الخارجية‪ ،‬فينبغي عليه في القيام بمهمته أن‬

‫‪.181‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬عدنان العجالني‪ ،‬الحقوق ‪5‬اإلدارية‪ ،‬ج‪ ،1‬سنة ‪ ،1956‬ص‬ ‫)‬ ‫(‬
‫يضمن حرية ممارسة األمور الدينية في حدود التقييدات التي تتطلبها المحافظة على النظام‬
‫()‪46‬‬
‫العام ‪.‬‬
‫كما جاء في حكم آخر لمحكمة التنازع الفرنسية في قضية الجريدة الفرنسية " حيث‬
‫إن حجز الجرائد قد نظم بالقانون الصادر في ‪ 19‬يوليو ‪ ،1881‬وحيث إنه يجوز لر ساء‬
‫البلديات ولمدير البوليس أن يتخذوا القرارات الضرورية لتأمين المحافظة على النظام العام‬
‫والسالمة العامة‪ ،‬فهذه االختصاصات ال تقتضي القيام بطريق التدابير الوقائية لحجز الجريدة‬
‫بذات الشكل العام الذي تتضمنه األخبار‪ ،‬حينما توجد الصحيفة قيد البيع سواء في باريس أو‬
‫في الضواحي أو في المخازن‪ ،‬دون ما يبرر كونه ضروريا ً للمحافظة على النظام العام‬
‫والسالمة العامة‪ ،‬لذلك فإن التدبير المتخذ ال يشكل سوى اعتداء مادي يعود االختصاص‬
‫()‪47‬‬
‫للفصل فيه إلى المحاكم العادية ‪.‬‬
‫وهذا الحكم يشير إلى أن سلطات الضبط توجد إزاء جميع أنواع الحريات حتى التي‬
‫كفلها الدستور ومنها حرية الصحافة‪ ،‬ولكن لممارسة سلطات الضبط ينبغي أال تتجاوز‬
‫الحدود الضرورية للمحافظة على النظام العام‪ ،‬فالظروف التي حدثت سنة ‪ 1934‬والتي‬
‫كانت تسمح بمنع بيع الصحيفة في كل األمكنة التي يكون بيع هذه الصحيفة فيها من شأنه أن‬
‫يزيد في االضطراب العام ولكنها ال تسمح بتدبير عام كهذا الذي يحجز على الصحيفة في‬
‫باريس والضواحي دون تفرقة بين الطريق العام والمستودعات‪ ،‬وهذا يعني أنه ينبغي على‬
‫الضبط أن يوفق في ممارسته لسلطاته بين احترام الحرية وبين ضرورة المحافظة على‬
‫النظام العام‪.‬‬
‫وهو ما قرره مجلس الدولة الفرنسي في حكم قضية بنيامين حيث أشار إلى أنه " إذا‬
‫كان من واجب رئيس البلدية قانونا ً أن يتخذ التدابير التي تقتضيها المحافظة على النظام‬
‫فينبغي عليه أن يوفق بين ممارسة سلطاته الضبطية وبين احترام حرية االجتماع المكفولة‬
‫()‪48‬‬
‫بالقوانين ‪.‬‬
‫واكده أيضا ً القضاء العمانى " من حق شرطة السلطنة تنظيم المرور من أحد الشوارع‬
‫او منعه بما لها من سلطة تحقيق النظام العام ‪ ،‬ويترتب علية أن األضرار التى تقع نتيجة‬
‫ذلك ‪ ،‬التسأل عنها الدولة طالما صدرت فى إطار القانون ‪ ،‬والهدف منها تحقيق المصلحة‬
‫العامة"( )‪.49‬‬
‫إذا ً يمكننا أن نخلص في النهاية إلى أن التدخل الضبطي هو مسألة قانون وليس مسألة‬
‫مالءمة‪ ،‬ولهذا فإن شرعية هذا التدخل تحكمها القواعد والمبادئ القانونية التي تحكم‬

‫‪4‬‬
‫يوليه سنة ‪ ،1942‬ص‪.61‬‬
‫‪6‬‬
‫مجلس الدولة الفرنسي في ‪4‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪4‬‬
‫محكمة التنازع الفرنسية حكم ‪ 78‬أبريل ‪ ،1935‬ص‪.1226‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.541‬‬
‫‪4‬‬
‫بنيامين ‪ 1943/5/19‬المجموعة‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬حكم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العمانى فى ‪ ،‬االسال ال ال الالننئاف رقم ‪ 43‬لسال ال‪4‬ال الالنة ‪ 5‬ق س فى جلسال ال ال الالة ‪2006 / 4 / 8‬‬
‫‪9‬‬
‫محمكة القضال ال ال الالاء االدارى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة المبادى التى قررتها المحكمة فى عاميها الخامس والسادس ‪ ،‬ص‪. 569‬‬
‫التصرفات القانونية للسلطة اإلدارية وأهمها المشروعية القانونية والتي يحكمها توافر أركان‬
‫التصرف القانونية وأهمها الهدف والسبب‪.‬‬
‫رابعا ً‪ -‬خصائص النشاط الضبطي‬
‫في محاولة لضبط هذه الحدود يمكننا أن نضع إطارا ً أو تصورا ً لمفهوم الضبط‬
‫وخصائصه ومداه من ناحية ونحدد مفهوم النظام العام وحدوده من ناحية أخرى‪.‬‬
‫أما خصائص النشاط الضبطي فتتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫أ – الضبط تنظيم قانوني وقائي‪:‬‬
‫الضبط أو التنظيم الضبطي عملية قانونية شرعية تحكمها القواعد والمبادئ القانونية‬
‫التي تحكم كل التصرفات القانونية للسلطة التنفيذية وأهمها المشروعية القانونية‪ ،‬وهذه‬
‫المشروعية مرتبطة بوجود األركان القانونية للتصرف وعلى رأسها الهدف منه والسبب‬
‫الدافع إليه‪.‬‬
‫فالهدف هو النظام العام‪ ،‬والسبب هو وجود اإلخالل بهذا الهدف بمعنى أن ممارسة‬
‫األفراد لتصرف معين أو لحرية معينة يمثل خطرا ً حقيقيا ً ماديا ً وملموسا ً أو خطرا ً معنوياً‪.‬‬
‫وبالنسبة لركن السبب ينبغي أن تكون ممارسة الحرية تشكل خطرا ً على النظام العام‪،‬‬
‫ويستطيع القضاء أن يفحص الوقائع من حيث وجودها المادي وذلك في إطار سلطته في‬
‫رقابة وجود أسباب التدبير الضبطي ودرجة خطورتها‪ ،‬وهذا ما سبق لمجلس الدولة الفرنسي‬
‫أن أكده بوضوا في أحد أحكامه حيث جاء في هذا الحكم أن للقضاء اإلداري أن يقدر بحسب‬
‫الظروف ما إذا كان القرار المطعون فيه قد اتخذ تدبير تبرره ضرورة المحافظة على النظام‬
‫العام‪.‬‬
‫لهذا نجد أن مجلس الدولة الفرنسي لم يقر تدبير المنع العام والمطلق لنشاط ما في‬
‫أحكام عديدة له منها حكمه في قضية الجريدة الفرنسية‪ ،‬حيث قرر انه يجوز اتخاذ التدابير‬
‫الضرورية لتأمين المحافظة على النظام العام والسالمة العامة وهذه االختصاصات ال تقتضي‬
‫القيام بطريق التدابير الوقائية بحجز الجريدة ذات الشكل العام ودون أن يكون ذلك ضروريا ً‬
‫للمحافظة على النظام العام والسالمة العامة‪ ،‬فسلطة الضبط لم تأخذ بعين االعتبار الظروف‬
‫()‪50‬‬
‫القائمة‪ ،‬ولم تقتصر تدابيرها على ما هو ضروري للمحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫وبالنسبة لركن الهدف ينبغي أن تكون التدابير ناجحة وإال كانت غير مشروعة ولكن‬
‫ليس كل تدبير مشروعا ً لكونه ناجحا ً فالتدابير التي تتناسب مع الغاية المطلوبة هي وحدها‬

‫الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القض ال ال ال ال‪5‬الاء اإلداري‪ ،‬منش ال ال ال الالأة المعارف‪ 1991 ،‬م‪،‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬س ال ال ال الالامي جمال الدين‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.347‬‬
‫المشروعة‪ ،‬فالضبط يجب عليه أن يقدر التضحيات التي يجب فرضها على األفراد في سبيل‬
‫()‪51‬‬
‫صالح النظام العام‪.‬‬
‫فالنشاط الضبطي نشاط وقائي تسيطر عليه فكرة الهدف الذي يسعى إليه وهو تأمين‬
‫النظام العام وهذا األخير يدمن بمنع االضطراب العام‪ ،‬واالضطراب يكون عاما ً حينما‬
‫يصيب مصالح غير معينة والمصالح غير المعينة وحدها هي مصالح الجمهور او المصالح‬
‫العامة أما إذا كان االضطراب يصيب مصالح فردية مهما بلغ عددها فال يكون عاما ً قابالً‬
‫للمنع بوسائل الضبط اإلداري وفي هذا الصدد يمكن أن نبرز عدة افتراضات‪.‬‬
‫فمثالً إذا كانت الدار الكائنة في إطار حديقة متداعية تنذر ساكينها باالنهيار عليهم‪،‬‬
‫فليس في هذه الحالة تهديد للصالح العام‪ ،‬أما إذا كانت هذه الدار الكائنة على حافة الطريق‬
‫()‪52‬‬
‫العام وتهدد المارة باالنهيار عليهم يكون هناك اخالل بالنظام العام ‪.‬‬
‫وأيضا ً بالنسبة لموضوع الضبط يمكن تصور عدة احتماالت إذا تعلق األمر‬
‫بالحريات‪.‬‬
‫أن سلطة الضبط تتوقف ليس فقط على شدة االضطراب والخطر الذي ينبغي انتقاوه‬
‫ولكن أيضا ً على صفة الحرية‪ ،‬هل هي حرية مكفولة بالدستور أم غير مكفولة‪.‬‬
‫أ – فالحريات المعلنة بعبارات عامة (كحرية التجارة والصناعة) تتمتع السلطات‬
‫الضبطية ازاءها بحرية واسعة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أما الحريات التي خصص لها المشرع أحكاما ً تفصيلية بقصد تأمين احترامها‬
‫فتكون سلطة الضبط ازاءها أقل حرية ( حرية العقيدة)‪.‬‬
‫ج‪ -‬أما الحريات المكفولة بالدستور (كحرية الصحافة‪ ،‬االجتماع) فالسلطة ازاءها‬
‫مقيدة‪.‬‬
‫كما أن سلطة الضبط تختلف بإختالف المكان‪ ،‬فبالنسبة للملكية الخاصة ال يملك‬
‫الضبط ازاءها إال سلطة محدودة جداً‪ ،‬فال يحق اتخاذ تدبير المنع ازاءها ولمنع االضطراب‬
‫الذي ينبغي انتقا ه يترك للمالك اختيار الوسيلة‪ ،‬وبالنسبة لألماكن المفتوحة للعامة يملك‬
‫الضبط ازاءها سلطات أوسع‪ ،‬حددها القانون‪ ،‬وفي حالة سكوت القانون فال يملك الضبط‬
‫اتخاذ تدبير المنع‪ ،‬أما بالنسبة للطرقات العامة فالضبط يملك سلطات واسعة جدا ً‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪1 ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬دار الجامعة‪ 5‬الجديدة‪ ،2014 ،‬ص‪222‬؛ د‪ .‬مصطفى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫كامل‪ ،‬رقابة مجلس الدولة اإلدارية والقضالالائية‪ ،‬دار النهضالالة العربية مبدون تاري نشالالرم‪ ،‬ص‪287‬؛ د‪ .‬محمود‬
‫حافظ‪ ،‬القضالاء اإلداري في القانون المصالري المقارن‪ ،‬دار النهضالة العربية‪ ،1992 ،‬ص‪561‬؛ د‪ .‬محمد فؤاد‬
‫مهنا‪ ،‬دروس في القانون اإلداري العربي‪ ،‬دار المعارف‪ ،1965 ،‬ص‪.229‬‬
‫الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء ‪5‬اإلداري‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.349‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وكما يختلف األمر من حيث المكان فهو يختلف أيضا ً من حيث الزمان‪ ،‬وفي جميع‬
‫األحوال فإن سلطة الضبط ليست مطلقة وال عامة بل هي نسبية وتأخذ بعين االعتبار جميع‬
‫الظروف الواقعية‪.‬‬
‫لذا فالخصيصة األولى للنشاط الضبطي هو كونه تنظيما ً قانونيا ً خاضعا ً لسيادة القانون‬
‫()‪53‬‬
‫وللرقابة القضائية ‪.‬‬
‫فالقانون هو الذي وضع اإلطار واألساش لمكنات الجهاز الضبطي وأعطاها سندها‬
‫القانوني‪ ،‬ففي اطار القانون الوضعي تستند صالحيات الضبط اإلداري إلى نصوص تمدها‬
‫بهذا األساش‪ ،‬وفي هذا أشار بوضوا الفقيه جورج فيدل()‪ "54‬أن السلطة العامة التي يعتمد‬
‫عليها الضبط اإلداري ال تنصرف إال إلى مجموع اختصاصات خارجة على القواعد العامة‬
‫وهي اختصاصات تجد سندها في الوثيقة الدستورية التي وزعت بمقتضاها الوظائف على‬
‫الهيئات التي تتولى شئون الدولة‪ ،‬ومن هذه الهيئات السلطة التنفيذية التي تتكلف بتنفيذ القوانين‬
‫بحكم الدستور‪ ،‬ولكن تنفيذ القوانين وإن صح سندا ً لجانب كبير من النشاط الضبطي فهو ال‬
‫يستغرق كل نواحي هذا النشاط‪ ،‬ولذلك رد بعض الفقهاء هذا األساش في هذه الناحية إلى‬
‫طبيعة مهمة السلطة التنفيذية باعتبارها مسئولة عن تهيئة األوضاع التي يستتب بها النظام‬
‫واألمن وبدونهما يستحيل تنفيذ القوانين‪ ،‬وهذه المهمة تتعدى واجب تنفيذ قانون بذاته إلى‬
‫()‪55‬‬
‫الحرص على تنفيذ مجموع القوانين ‪.‬‬
‫وقد طبق هذا األساش القانوني للوظيفة الضابطة في إحدى القضايا في فرنسا فقد‬
‫قضى فيها مجلس الدولة الفرنسي بأن للسلطة التنفيذية أن تضرب صفحا ً عن تطبيق قانون‬
‫بذاته إذا اقتضت الظروف االستثنائية التي تواجهها مثل هذا المسلك‪ ،‬وقد أشار الفقه إلى أن‬
‫()‪56‬‬
‫السلطة الضابطة إنما تقوم في هذا الخصوص على األصول العامة للقانون ‪.‬‬
‫وتمشيا ً مع هذا اإلتجاه الموسع في اختصاص السلطة التنفيذية في شئون الضبط‬
‫اإلداري حكم مجلس الدولة الفرنسي في أحد القضايا بحقها في التنظيم الالئحي في أمور‬
‫ضبطية لم ينظمها التشريع‪.‬‬
‫وما ينبغي التنبيه إليه أن بعض أعمال السيادة المرتبطة بأهداف الضبط‪ ،‬وأن لم تكن‬
‫خاضعة للرقابة القضائية‪ ،‬إال أنها محكومة باألحوال الدستورية الخاصة بالرقابة البرلمانية‬

‫اللطات الض ال الالبط اإلداري في الظروف اال‪5‬س ال الالتثنائية‪ ،‬د ارس ال الالة مقارنة‪ ،‬رس ال الالالة دكتوراه‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬ممدول عبد المجيد‪ ،‬س ال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫أكاديمية الشرطة‪ ،‬غير منشورة‪ ،1991 ،‬ص‪.358‬‬


‫الس الدسال ال الالتورية للقانون اإلداري‪ ،‬مجلة‪ 5‬مجلس الدولة‪ ،‬د ارسال ال الالات ووثائق‪،1954 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫جورج فيدل‪ ،‬مقال عن األسال ال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العدد الثامن‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫اإلداري المقارن‪ ،‬ألقيت على طالب الد ارسال‪5‬ال ال ال ال ال الالات العليا في القانون العام‪ ،‬ص‪ ،56‬س ال ال ال ال ال الالنة‬
‫ن ‪5‬‬
‫جان ريفرو‪ ،‬دروس في القانو‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.1957‬‬
‫)د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القضاء ‪6‬اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندر‪5‬ية‪ ،2000 ،‬ص‪.390‬‬ ‫(‬
‫على أعمال الحكومة‪ ،‬وأخيرا ً فإن هذه الوظيفة استند في مدى حدودها ونطاق صالحياتها‬
‫إلى أحكام القضاء اإلداري‪.‬‬
‫ب‪ -‬الضبط اإلداري نشاط وقائي‪:‬‬
‫الضبط اإلداري وظيفة من وظائف السلطة العامة هدفه وقاية النظام العام في المجتمع‬
‫بوسائل القهر في ظل القانون‪ ،‬فاإلدارة تتدخل لمنع تصرفات األفراد من اإلخالل بالنظام‬
‫العام وإرتكاب أعمال غير مشروعة‪ ،‬فغرض الضبط هو مراقبة نشاط األفراد لمنعه مقدما ً‬
‫من المساش بأمن المجتمع وذلك بممارسة نشاط توجيهي لألفراد في كيفية ممارسة الحق‬
‫والحرية الفردية‪ ،‬وأن اتخذ هذا التوجيه وسيلة األوامر والنواه ليحقق أهدافه ولتفهم هذه‬
‫الطبيعة الوقائية مقارنتها بتنظيم الضبطية القضائية فهذا األخير نشاط يقوم في منطقه على‬
‫االعتراف بالحقوق والحريات لألفراد ويعترف لهم بإمكانية ممارسة النشاط بكل حرية في‬
‫الحدود التي يرسمها القانون على أن يتحملوا مسئولية أعمالهم وتصرفاتهم إذا تجاوزت‬
‫الحدود التي يقرها القانون‪.‬‬
‫ومعنى الوقاية ال يقف عند حدود سبق الضبط لوقوع المخالفة ولكنه يتحقق أيضا ً بمنع‬
‫التمادي في إرتكاب هذه المخالفة‪ ،‬فالضبط اإلداري يمارش أيضا ً لمنع استمرار االضطراب‪،‬‬
‫فالتنظيم وحده غير كاف إذا كانت اإلدارة ال تستطيع اللجوء إلى التنفيذ بالقوة في حالة المخالفة‬
‫وتلجأ في ذلك إلى إجراءات كالتوقيف وتفريق الجماعات واستعمال السالا إذا اقتضت ذلك‬
‫()‪57‬‬
‫ضرورات حفح النظام العام ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الضبط اإلداري نظام أمر‪:‬‬
‫وهذا األمر يسري في مواجهة اإلدارة وفي مواجهة األفراد‪ ،‬فاإلدارة ملزمة بالتدخل‬
‫للحفاظ على النظام العام وهي ملزمة بإحترام حدود وأهداف الضبط وملزمة بإختيار اإلجراء‬
‫المناسب وتقدير الزمن المالئم للتدخل في الحاالت التي تواجهها‪ ،‬فهي ال تملك وال يجوز لها‬
‫االمتناع عن إتخاذ إجراء ضبطي ينبغي عليها إتخاذه لمواجهة حالة معينة‪ ،‬وهو إلزام ال‬
‫نجده في ممارستها ألنشطتها األخرى في إدارة المرافق العامة المخالفة فهنا عنصر اإللزام‬
‫()‪58‬‬
‫واألمر غير متوافر فهي تملك االمتناع عن إنشاء مرفق معين في جهة معينة ‪.‬‬
‫وهو نظام آمر بالنسبة لألفراد‪ ،‬فاإلدارة تمارش نشاطها الضبطي مستخدمة أسلوب‬
‫األمر والنهي مثل إصدار لوائح المرور التي تنظم المرور وفقا ً لقواعد معينة وتأمر باتباع‬
‫أساليب معينة أو تقرر شروطا ً محددة‪ ،‬وبناء عليها تأمر بإغالق مصنع مقلق للراحة أو تأمر‬
‫بهدم منزل آيل للسقوط‪.‬‬
‫فالضبط اإلداري وظيفة قائمة على فكرة السلطة العامة وعلى فرض مشيئة السلطة‬
‫عل ى الجمهور بصورة آمرة وقائية للنظام العام‪ ،‬وهو مظهر من مظاهر السيادة الداخلية في‬

‫القضاء اإلداري ومجلس الدولة‪ ،‬مرجع‪5‬سابق‪ ،‬ص‪.383‬‬


‫‪7‬‬
‫)د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي‪،‬‬ ‫(‬

‫‪.1957/1956‬‬
‫‪5‬‬
‫ريفرو‪ ،‬دراسات القانون اإلداري‪ 8‬المقارن‪ ،‬دبلوم القانون العام‬ ‫)‬ ‫(‬
‫عالقة الدولة بالمحكومين‪ ،‬هذه الطبيعة اآلمرة منطقية نظرا ً لطبيعة الهيئة التي يناط بها أمر‬
‫الضبط أو لطبيعة وأهداف الضبط ذاتها‪.‬‬
‫فالتنظيم الضبطي بهيئة الشرطة‪ ،‬وهذا سواء في مظهرها أو في جوهرها هي سلطة‬
‫اإللزام والجبر‪ ،‬فهي تسعى دائما ً إلى استقرار األمور حتى ولو أدى ذلك إلى استعمال العنف‬
‫بالقدر الذي يبيحه القانون‪ ،‬وهذا اإللزام والجبر إنما يرجع إلى كون هيئة الشرطة هي أداء‬
‫تنفيذ القانون‪ ،‬فما هي إال فرع من السلطة التنفيذية‪ ،‬ولهذا خصها المشرع بحق استعمال القوة‬
‫()‪59‬‬
‫فضالً عن استعمال السالا ألداء واجبها الذي يفرضه عليها القانون‪.‬‬
‫فضالً عن أن تدابير الضبط للسلطة المعهود إليها باتخاذها في استخدام القوة لتنفيذها‬
‫طوعا ً أو كرها ً على المحكومين ألنها تقتضي الخضوع لها فورا ً وأقل تردد في أطاعتها يخل‬
‫بالنظام العام المادي‪ ،‬وهذا يتفق مع طبائع األشياء ويتمشى مع جوهر السلطة التنفيذية‬
‫بحسبانها سلطة تعتمد في التنفيذ على نفسها وترمي بإجراءاتها إلى إزالة الحالة الخطرة التي‬
‫تنذر بوقوع جريمة وذلك قبل أن تقع جريمة بالفعل‪ ،‬وقد ينطوي ذلك على تقيد لدائرة النشاط‬
‫القانوني المشروع لألفراد كحرية التنقل‪ ،‬ولكن هذا التدبير ال يخرج عن كونه تدبيرا ً تنفيذيا ً‬
‫بمعنى أنه ينفذ بمقتضى القاعدة المنطقية في مذهب الشرطة والقائلة بعدم إيجاد أي خطر‬
‫()‪60‬‬
‫ينذر بالضرر ‪.‬‬
‫د‪ -‬الضبط نشاط ضروري‪:‬‬
‫وظيفة الضبط أملتها الحياة االجتماعية فال غنى عنها لكفالة الحفاظ على النظام العام‬
‫في المجتمع‪ ،‬ذلك أنه من األمور المسلم بها‪ ،‬انه إذا تعارضت المصلحة العامة مع المصالح‬
‫الخاصة لألفراد فإن المصلحة العامة تكون مفضلة عن المصالح الخاصة وال شك أن استقرار‬
‫النظام واستقرار األمن وتوفير الصحة والسكينة للمواطنين تعتبر من المصالح العامة التي‬
‫تشرف اإلدارة على رعايتها وتسهر على توفيرها وغالبا ً ما يتم ذلك عن طريق لوائح الضبط‬
‫أي لوائح البوليس وهذه اللوائح توضع لهدف ثابت ومحدد هو المحافظة على النظام العام‬
‫وهي بطبيعتها تفرض قيودا ً على الحريات الفردية ‪.‬‬
‫()‪61‬‬

‫وإذا كان هناك خالف في الرأي حول ما إذا كان يجوز للسلطة اإلدارية أن تضع‬
‫لوائح ضبط مستقلة‪ ،‬أي ال تتصل بأي قانون‪ ،‬وال تصدر تنفيذا ً لقانون‪ ،‬أو بمقتضى نص في‬
‫القانون يجيز إصدارها‪ ،‬فقد حسم هذا األمر بتقرير الدستور‪ 2014‬حق رئيس مجلس الوزراء‬
‫في إصدار لوائح الضبط وحقه في تفويض اصدارها‪ ،‬ولكن حدود هذه السلطة مقصورة على‬
‫أغراض الضبط وهذه مرتبطة بمدى ضرورتها بعد موافقة مجلس الوزراء ‪.‬‬

‫اإلدارية مد ارسال ال ال ال ال الالة مقارنة وتطبيقية في كل من‬


‫‪5‬‬
‫د‪ .‬مصال ال ال ال ال الالطفى عفيفي‪ ،‬الرقابة‪ 9‬على أعمال اإلدارة والمنازعات‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلمارات العربية والقوانينم‪ ،‬الجزء األول‪ ،1990 ،‬ص‪.392‬‬


‫ص‪ .457‬د‪ .‬قدري الشهاوي‪ ،‬مرجع ‪6‬سابق‪ ،‬ص‪4‬‬‫‪0‬‬
‫جورج فيدل‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬د‪ 1‬حس ال ال ال ال الالين عثمان‪ ،‬القض ال ال ال ال الالاء اإلدار‪6‬ي‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬دار النهض ال ال ال ال الالة العربية‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القاهرة‪ ،1997 ،‬ص‪.236‬‬


‫فوظيفة الضبط كما أشرنا ضرورة للمجتمع حيث ترمي إلى ضبط حدود الحريات‬
‫العامة التي ينجم عن إطالقها قيام الفوضى المددية إلى االنتكاسة‪ ،‬وبالتالي فإن أي تدبير‬
‫ضبطي ال يمكن تبريره إال إذا كان ضروريا ً لوقاية النظام العام‪ ،‬ومدى مشروعية هذا‬
‫اإلجراء مرتبطة بمدى نجاحه في تحقيق التوازن بين الحرية الفردية وبين النظام‪ ،‬فإذا اشتبه‬
‫األمر على مصدر القرار في مدى فعالية القرار أو جدواه يجب عليه أن يغلب الحرية‬
‫ومقتضياتها‪ ،‬وهذا اإليثار للحرية هو تحقيق عملي لشرط الضرورة ‪ ،‬ولكن إذا قدر أن وجه‬
‫المصلحة في تغليب مقتضى الصالح العام فهنا أيضا ً ينبغي التضحية بالحرية وإيثار الصالح‬
‫العام وهو أيضا ً تطبيق عملي لشرط الضرورة حيث أن من غير المقبول في مجتمع منظم‬
‫أن يطغى احترام الحرية الفردية على مطالب الصالح الجماعي‪ ،‬إذا اتصل هذا الصالح بالنظام‬
‫العام‪ ،‬فإذا ترك المالك أرضه بغير استزراع والدولة في حاجة إلى الزراعة‪ ،‬أو إذا امتنع‬
‫مواطن عن التطعيم وهدد المجموع بانتشار مرض وبائي‪ ،‬أو إذا تأكد لدى اإلدارة أن شخصا ً‬
‫يودع في مكاتباته سرا ً يطوي قصده في تهريب أمواله إلى الخارج بما يضر بالنظام العام‪،‬‬
‫هنا يجوز لإلدارة أن تقيد حرية المالك أو الحرية الشخصية للمواطن أو تمس حرية‬
‫()‪62‬‬
‫المراسالت وسريتها بإجراء ضبطي يرمي إلى تغليب مقتضيات الصالح العام ‪.‬‬
‫ونود أن نوضح مرة أخرى إلى أن التدخل الضبطي هو مسألة قانونية وليس مالئمة‬
‫ولهذا فإن شرعية هذا التدخل تحكمها القواعد والمبادئ القانونية التي تحكم كل التصرفات‬
‫القانونية للسلطة اإلدارية‪ ،‬وأهمها المشروعية القانونية والتي يحكمها وجود أركان قانونية‬
‫التصرف وعلى رأسها الهدف والسبب‪ ،‬فالهدف هو النظام العام‪ ،‬والسبب هو وجود اإلخالل‬
‫بهذا الهدف مما خلق ضرورة التدبير الضبطي‪ ،‬بمعنى أن ممارسة األفراد لتصرف معين‬
‫أو لحرية معينة يمثل خطرا ً حقيقيا ً ماديا ً وملموسا ً أو معنويا ً وهو ما يدفعنا إلى إيضاا‬
‫المقصود بالنظام العام الذي يشكل ركن السبب ويمثل الضرورة في تصرفات سلطات‬
‫الضبط‪.‬‬

‫ن ‪2‬‬
‫اإلداري‪ ،1952 ،‬صفحة ‪ ،538‬رقم ‪.10056‬‬ ‫دي لوبادير‪ ،‬مطول القانو‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الفرع الثانى‬
‫وسائل وأغراض الضبط اإلدارى‬
‫لسلطة الضبط اإلداري في سبيل تحقيق أهدافها في حفح النظام العام‪ ،‬استخدام وسائل‬
‫متعددة‪ ،‬هي لوائح الضبط‪ ،‬والقرارات الفردية‪ ،‬والقوة المادية‪ ،‬وتتمتع اإلدارة بقدر كبير من‬
‫الحرية في اختيار موضوع إجراء الضبط الذي تتخذه للمحافظة على النظام العام‪ ،‬ولها قبل‬
‫ذلك سلطة تقديرية واسعة في التدخل أو عدم التدخل خاصة ما يتعلق بلوائح الضبط‪.‬‬
‫كما يهدف الضبط اإلداري أساسا ً إلى صيانة النظام العام وإعادته إلى نصابه إذا‬
‫اختل()‪ 63.‬لذا فالمهمة األساسية للضبط اإلداري تكاد تنحصر في المحافظة على النظام العام‬
‫بعناصره الثالثة‪ ،‬هذا ما يجمع عليه الفقه والقضاء اإلداريين‪.‬‬
‫وبناء على ذلك سنتناول في هذا الفرع لوسائل الضبط اإلداري‪ ،‬وألغراض الضبط‬
‫اإلداري في نقطتين وذلك كما يلي‪::‬‬
‫أوالً‪ :‬وسائل الضبط اإلداري‬
‫ثانيا‪ :‬أغراض الضبط اإلداري‬
‫أوالً‪ :‬وسائل الضبط اإلداري‬
‫‪ -1‬لوائح الضبط اإلداري‪:‬‬
‫لسلطة الضبط اإلداري إصدار لوائح الضبط ‪ ،‬وهي قواعد عامة مجردة تهدف إلى‬
‫المحافظة على النظام العام ومن أمثلتها لوائح المرور ولوائح المحال الخطرة والمضرة‬
‫بالصحة العامة والمقلقلة للراحة‪ ،‬واللوائح المتعلقة بمراقبة األغذية ونظافة األماكن العامة‪،‬‬
‫()‪64‬‬
‫والوقاية من األمراض المعدية واألوبئة ‪.‬‬
‫وقد انقسم الرأي حول حق السلطة التنفيذية في إصدار هذه اللوائح في حالة سكوت‬
‫الدستور فرأي البعض جواز إصدارها مدعيا ً وجود عرف دستوري بشأنها مستندا ً إلى‬
‫الضرورات العملية التي تستلزم سرعة المحافظة على النظام العام‪ ،‬وأنكر آخرون حق‬
‫الحكومة في ذلك لما فيه من إعتداء على الحريات ومخالفة الدستور الذي كفلها‪ ،‬وقد أقرت‬
‫محكمة القضاء اإلداري الرأي األخير في حكمها الصادر في ‪ 26‬يونيه سنة ‪ 1951‬في قضية‬
‫()‪65‬‬
‫جريدة " مصر الفتاة " ‪.‬‬
‫وتتخذ لوائح الضبط اإلداري عدة مظاهر في تقييدها للنشاط الفردي‪ ،‬منها حظر‬
‫ممارسة نشاط معين واشتراط الحصول على إذن سابق قبل ممارسة النشاط وإخطار السلطة‬
‫العامة مقدما ً أو تنظيم النشاط الفردي‪.‬‬

‫ص‪.399‬‬
‫‪6‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.135-134‬‬


‫‪6‬‬
‫راجع‪ :‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬قانو‪4‬ن حاية البيئة في ضوء الشريعة‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلداري الناشر‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ 6‬باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص‪.406‬‬


‫‪5‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫والحظر يعني النهي عن إتجاه أي إجراءات معينة أو ممارسة نشاط محدد‪ ،‬ومن‬
‫المسلم به في هذا الصدد أن المقصود هو الحظر الجزئي المدقت‪ ،‬أما الحظر المطلق الشامل‬
‫()‪66‬‬
‫لنشاط معين فيقول البعض بأنه غير مشروع‪ ،‬ألنه يعني إلغاء الحرية ومصادرة النشاط ‪.‬‬
‫في حين يرى أستاذنا الدكتور ماجد راغب الحلو "بأن الحظر إما أن يكون مطلقا ً أو‬
‫نسبيا ً"‪ .‬أما الحظر المطلق يتمثل في منع اإلتيان بأفعال معينة لما لها من آثار ضارة بالبيئة‬
‫منعا ً باتا ً ال استثناء فيه وال ترخيص بشأنه‪ ،‬ومنها مثالً إلقاء القمامة في غير األماكن التي‬
‫تحددها الوحدات اإلدارية وهو ما تقضي به القوانين أو لوائح البلدية في كل دول العالم تقريباً‪،‬‬
‫واستعمال بعض أنواع الكيماويات في الصناعات الغذائية‪ ،‬بقصد الحفح أو إكساب اللون أو‬
‫الشكل أو ألي هدف آخر‪.‬‬
‫أما الحظر النسبي " يتجسد في منع القيام بأعمال معينة يمكن أن تلحق آثارا ً ضارة‬
‫بالبيئة في أي عنصر من عناصرها‪ ،‬إال بعد الحصول على ترخيص أو إذن بذلك من‬
‫السلطات المختصة ووفقا ً للشروط والضوابط التي تحددها القوانين واللوائح‪ ،‬ومن هذه‬
‫األعمال مثالً إقامة المشروعات المتصلة بالصناعات ذات التأثير المحتمل على البيئة‬
‫كالصناعات الكيماوية‪ ،‬أو مرور السفن التي تحمل النفايات الخطرة في البحر اإلقليمي‬
‫‪ 67‬فقد تشترط الالئحة الحصول على إذن سابق على ممارسة النشاط من السلطة‬ ‫للدولة"() ‪،‬‬
‫()‪68‬‬
‫المختصة ‪.‬‬
‫وتعد وسائل الضبط اإلداري من أفضل الوسائل التي يمكن من خاللها الحفاظ على‬
‫النظام العام‪ ،‬وهي تمنح األفراد فرصة معرفة األوضاع التي يمنع عليهم اإلتيان بها وحدود‬
‫حرياتهم والقيود المفروضة عليها‪ ،‬وبفضل هذه اللوائح تبرر اإلدارة تدبيرها الضابط من‬
‫عيوب التحيز والمجاملة‪.‬‬
‫ويشترط في اللوائح عدم مخالفتها لنص تشريعي سواء من الناحية الموضوعية أو‬
‫من الناحية الشكلية‪ ،‬ذلك ألن اللوائح شرعت إلكمال النقص التشريعي الذي قد يظهر من‬
‫خالل التطبيق‪ ،‬لذا وجب أال تعارض الالئحة التشريع ألنها في مرتبة أدنى منه‪ ،‬ويشترط‬
‫كذلك في الالئحة أن تكون عامة مجردة كي ال تنقلب من تدبير ضبطي إلى تدبير ضبطي‬
‫فردي ألن العمومية والتجرد هما اللتان تميزان الالئحة عن القرارات الفردية الصادرة من‬
‫()‪69‬‬
‫اإلدارة مثلها في ذلك مثل الالئحة ‪.‬‬
‫‪-2‬القوة المادية أو التنفيذ الجبري‪:‬‬
‫لإلدارة استخدام القوة المادية‪ ،‬دون اللجوء للقضاء واجراءاته البطيئة‪ ،‬لمنع اختالل‬
‫النظام العام وإجبار األفراد على احترام أحكام القانون غير أنه ال يجوز لها ذلك إال في حالة‬

‫منشآة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬ص‪.391‬‬


‫‪6‬‬
‫عبد هللا‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬النشار‬
‫‪6‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪6‬‬
‫قانون حماية البيئة في ضوء الشر‬
‫يعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.148‬‬ ‫‪7‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سابق‪ ،‬ص‪.396‬‬
‫‪6‬‬
‫عبد هللا‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪8‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني‬ ‫)‬ ‫(‬

‫جع سابق‪ ،‬ص‪.125-124‬‬


‫‪6‬‬
‫بسيوني‪ ،‬نظرية الضبط اإلداري‪ ،‬مر‬
‫‪9‬‬
‫راجع د‪ .‬عبد الرؤوف هاشم‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الضرورة‪ ،‬وحالة تصريح القانون لها بذلك ويجب أن يكون اإلجراء المراد تنفيذه‬
‫‪ 70‬وتعتبر هذه الوسيلة من أخطر الوسائل الممنوحة لسلطات الضبط اإلداري‪،‬‬ ‫مشروعا ً()‪،‬‬
‫ذلك أن اإلقرار لإلدارة بسلطة التنفيذ الجبري أو القصري ينطوي على خطر كبير يهدد‬
‫()‪71‬‬
‫الحريات العامة ويصيبها في مقتل إذ يخشى أن تسي اإلدارة استعمال سلطتها في ذلك ‪.‬‬
‫وتلجأ اإلدارة إلى وسيلة التنفيذ المباشر في مجال الضبط اإلداري لمنع اختالل النظام‬
‫العام وإجبار األفراد على االمتثال لحكم القانون وذلك في الحاالت التي تحتاج إلى إجراءات‬
‫سريعة لمواجهتها‪ ،‬مما ال يجدي معه التجاء اإلدارة إلى القضاء الذي تتسم إجراءاته بالبطء‬
‫والتعقيد‪.‬‬
‫واألصل في التنفيذ الجبري أنه إجراء استثنائي ال يجوز لسلطة الضبط اإلداري أن‬
‫تلجأ إليه إال بإذن سابق من القضاء القتضاء حقها كاألفراد‪ ،‬إال أن اإلدارة تستطيع أن تخرج‬
‫عن هذا األصل وتلجأ إلى استخدام هذه الوسيلة في الحاالت االستثنائية الواردة على سبيل‬
‫()‪72‬‬
‫الحصر ال اإلطالق وبشروط محددة وهذه الحاالت هي ‪:‬‬
‫‪ )1‬إذا وجد نص صريح في القوانين أو اللوائح يبيح لجهة الضبط استعمال هذا الحق‪.‬‬
‫‪ )2‬إذا رفض األفراد تنفيذ قانون أو الئحة لم ينص فيها على جزاء لمن خالفها‪.‬‬
‫‪ )3‬حالة الضرورة ويقصد بها وجود خطر داهم يهدد النظام العام ويتعذر تداركه بوسيلة‬
‫أخرى األمر الذي يبيح لإلدارة التدخل التخاذ كل إجراء تبين ضرورته لدفع‬
‫()‪73‬‬
‫الخطر ‪.‬‬

‫‪ -3‬القرارات الفردية‪:‬‬
‫تتم ممارسة سلطة الضبط اإلداري أيضا ً عن طريق إصدار القرارات الفردية‪،‬‬
‫وتسمى قرارات الضبط الفردية‪ ،‬ويالحح أن نشاط الضبط اإلداري يتحول كله أو يكاد إلى‬
‫هذه القرارات‪ ،‬ويقصد بها القرارات التي تصدرها اإلدارة لتطبق على فرد معين أو مجموعة‬
‫أفراد معين ين بذواتهم أو حالة أو حاالت معينة مع انصراف آثارها إلى عدد غير محدد من‬
‫األفراد بهدف المحافظة على النظام العام‪ ،‬فإن األوامر اإلدارية تمثل الصور الغالبة لنشاط‬
‫الضبط اإلداري ومرد ذلك إلى أن لوائح الضبط تصدر سابقة لممارسة النشاط لكي تتولى‬
‫رسم حدود وتنظيم ممارسته بالنسبة لألفراد‪ ،‬في حين تصدر أوامر الضبط الفردية الحقة‬

‫‪.407‬‬
‫‪7‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪0‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬محمد مص ال ال ال الالطفى الس ال ال ال الاليد ‪1‬عبد العليم‪ ،‬مش ال ال ال الالكلة تنفيذ أحكام الق‪7‬ض ال ال ال الالاء اإلداري والتنيظم الفرنس ال ال ال الالي الحديث‬ ‫)‬ ‫(‬

‫لمواجهاتها‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،2017 ،‬ص‪.62‬‬
‫بسيوني‪ ،‬نظرية الضبط اإلداري‪ ،‬مر‪7‬جع سابق‪ ،‬ص‪.416‬‬
‫‪2‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الرؤوف هاشم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سابق‪ ،‬ص‪.289‬‬
‫‪7‬‬
‫عبد هللا‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪3‬‬
‫راجع د‪ .‬عبد الغني بسيوني‬ ‫)‬ ‫(‬
‫لممارسة النشاط أو مصاحبة له‪ ،‬لكي تمنع النشاط الذي أخل بالنظام العام والذي وقع من‬
‫()‪74‬‬
‫شخص معين بالذات ‪.‬‬
‫وهكذا فإن لسلطة الضبط اإلداري إصدار القرارات الفردية الالزمة للمحافظة على‬
‫النظام العام سواء أكانت هذه القرارات أوامر أم نواه أم تراخيص موجهة لألفراد‪ ،‬ومثال‬
‫ذلك األمر هدم منزل آيل للسقوط أو النهي عن تسيير مظاهرة أو عقد اجتماع عام‪ ،‬ومنه‬
‫الترخيص ألحد األفراد بحمل سالا ناري‪ ،‬وكما قلنا تصدر هذه القرارات تنفيذ ألحكام‬
‫القوانين واللوائح‪ ،‬كما يمكن أن تصدر مستقلة بشرط أن ال تخالفها‪ ،‬وأن تكون الزمة‬
‫للمحافظة على النظام العام‪ ،‬وإال يكون المشرع قد اشترط الئحة من الموضوع الذي‬
‫()‪75‬‬
‫نتناوله ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أغراض الضبط اإلداري‬


‫يهدف الضبط اإلداري أساسا ً إلى صيانة النظام العام وإعادته إلى نصابه إذا ما‬
‫تعرض للخلل()‪ 76.‬لذا فالمهمة األساسية للضبط اإلداري تكاد تنحصر في المحافظة على‬
‫النظام العام بعناصره الثالثة‪ ،‬هذا ما يجمع عليه الفقه والقضاء اإلداريين‪.‬‬
‫وفكرة النظام العام هي فكرة مرنة ونسبية تستعصى مع وضع تعريف محدد‪ ،‬ألنها‬
‫تختلف من دولة ألخرى ومن مكان آلخر داخل الدولة الواحدة بل تختلف من زمان آلخر‪،‬‬
‫وذلك يرجع إلى أن النظام العام يحمي جوانب متعددة‪ ،‬سياسية واقتصادية واجتماعية‬
‫()‪77‬‬
‫وأخالقية ‪.‬‬
‫وينصرف النظام العام في مدلوله التقليدي إلى المحافظة على األمن العام والصحة‬
‫العامة والسكينة العامة تلك هي العناصر التقليدية‪ ،‬ولم يضع المشرع تعريفا ً محددا ً للنظام‬
‫العام ال في فرنسا وال في مصر وإنما اكتفى بتحديد عناصره التي يتكون منها‪.‬‬
‫فقد اختلف الفقه اختالفا ً بينا ً في تحديد مفهوم النظام العام‪ ،‬ولم يتفقوا على مفهوم واحد‬
‫‪ 78‬فذهب رأي من الفقه الفرنسي إلى القول بأن المقصود بالنظام‬ ‫للنظام العام ألسباب كثيرة()‪،‬‬

‫القانون اإلداري‪ ،‬د ارس ال ال الالة قانونية لتنظيم‪ 7‬نش ال ال الالاإل اإلدارة العامة‪ ،‬الناش ال ال الالر دار الفكر‬
‫‪4‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬أحمد حافظ نجم‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص‪.33‬‬


‫‪.407-406‬‬
‫‪7‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪5‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.399‬‬
‫‪7‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بسيوني‪ ،‬نظرية الضبط اإلداري‪ ،‬مر‪7‬جع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬


‫‪7‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الرؤوف هاشم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اقف الفقه إلى كون فكرة النظام العام ‪7‬فكرة مرنة ومتطورة ونس ال ال ال الالبية ال يمكن ثباتها‬
‫‪8‬‬
‫وترجع ااهرة التباين بين مو‬ ‫)‬ ‫(‬
‫العام هو مجموعة الشروط الالزمة لألمن واآلداب العامة التي ال غنى عنها لقيام عالقات‬
‫‪ 79‬بينم ا ذهب آخر من ذات الفقه إلى أن النظام العام فكرة ذات مضمون واسع يشمل‬
‫سليمة()‪،‬‬
‫جميع نواحي النشاط االجتماعي‪.‬‬
‫أما الفقه المصري فلقد اختلف شأنه في ذلك شأن الفقه الفرنسي في تحديد مفهوم‬
‫النظام العام‪ ،‬إال أن الرأي الذي يمثل غالبية الفقه المصري ذهب إلى أن النظام العام عبارة‬
‫عن ظاهرة قانونية الغرض منها حماية األسس التي يقوم عليها المجتمع‪ ،‬ولذلك فإن النظام‬
‫()‪80‬‬
‫العام يشمل النظام المادي والنظام األدبي ‪.‬‬
‫أما مكونات النظام العام التي يهدف الضبط اإلداري المحافظة عليها فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬األمن العام‪:‬‬
‫األمن يقابل الخوف‪ ،‬ومن ذلك قول هللا تعالى" وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً" ‪،‬‬
‫()‪81‬‬

‫ويقصد باألمن العام اطمئنان المرء على نفسه وماله من خطر االعتداء‪ ،‬سواء أكانت الطبيعة‬
‫هي السبب كالفيضانات والزالزل والحرائق وانهيار المباني‪ ،‬أم كان مصدره اإلنسان كسطو‬
‫المجرمين وعبث المرضى العقليين‪ ،‬والمظاهرات العنيفة‪ ،‬وحوادث السيارات‪ ،‬أم كان راجعا ً‬
‫()‪82‬‬
‫إلى الحيوانات الجامحة وما تسببه من اضطرابات ‪.‬‬
‫كما يقصد باألمن العام استتباب األمن والنظام في المدن والقرى واألحياء‪ ،‬بما يحقق‬
‫االطمئنان لدى جمهور المواطنين على أنفسهم وأوالدهم وأعراضهم وأموالهم من خطر‬
‫()‪83‬‬
‫االعتداءات واالنتهاكات عليها في الطرق والشوارع واألماكن العامة ‪.‬‬
‫فالمجتمعات ال يمكن أن تزدهر بدون احترام الحد األدنى لقواعد االنضباط واحترام‬
‫أمن المواطنين‪ ،‬ويعبر عنه بالوقاية من األضرار سواء الناتجة بفعل الطبيعة كالكوارث أو‬
‫الناتجة بفعل اإلنسان كالقتل والسرقة وحوادث السيارات والجرائم الماسة باألخالق واآلداب‬

‫أو اسالالتقرارها‪ ،‬وكذلك تختلف باختالف المذاهب السالالياسالالية واألسالالس الفلسالالفية السالالائدة في المجتمع‪ ،‬بنظر د‪ .‬محمد‬
‫عبد الكريم نامق أمن الدولة الصمرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1991‬ص‪.135‬‬
‫الطالي‪ ،‬القيود الواردة على س ال الاللطات ‪7‬الض ال الالبط اإلداري والرقابة القض ال الالائية عليها‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫راجع س ال الالبهان عبد هللا يونس‬ ‫)‬ ‫(‬

‫رسالة ماجستير كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص‪.98‬‬


‫الماعيل‪ ،‬سال الاللطات الضال الالبط اإلداري في ‪8‬الظروف االسال الالتثنائية‪ ،‬رس ال الالالة دكتو ارة‪ ،‬كلية‬
‫‪0‬‬
‫راجع د‪ .‬محمد شالال الريف إسال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬سنة ‪ ،1979‬ص‪.58‬‬


‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬
‫سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.55‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.400‬‬
‫‪8‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سابق‪ ،‬ص‪.394‬‬
‫‪8‬‬
‫عبد هللا‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪3‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني‬ ‫)‬ ‫(‬
‫العامة مثل هتك العرض واالغتصاب‪ ،‬ويتضح من األمثلة السابقة الطابع الوقائي للضبط‬
‫()‪84‬‬
‫اإلداري والمهام الملقاة على عاتق سلطات الضبط اإلداري ‪.‬‬
‫لذا فإن سلطة الضبط اإلداري تملك سلطة تقديرية واسعة في التدخل لمنع أي اختالل‬
‫باألمن العام ولمنع وقوع الجرائم بما يحافح على أمن واستقرار واطمئنان المواطنين كما‬
‫يدخل في مدلول األمن العام تنظيم الحرف التي تمارش على الطرق العامة وعدم عرض‬
‫()‪85‬‬
‫أشياء على النوافذ أو الطريق يخشى من سقوطها على المارة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصحة العامة‪:‬‬
‫يراد بالصحة العامة وقاية صحة الجمهور من خطر األمراض بمقاومة أسبابها ‪ ،‬من‬
‫ذلك المحافظة على صالحية مياه الشرب وتوفير حد أدنى من نقاء الهواء وضمان سالمة‬
‫األطعمة المعدة للبيع‪ ،‬ومكافحة األمراض المعدية‪ ،‬وحسن التخلص من الفضالت والنفايات‬
‫السائلة والصلبة بإعداد الصرف الصحي وجمع القمامة والمحافظة على نظافة األماكن‬
‫‪ 86‬كذلك مراقبة مخازن المواد الغذائية ومحالت بيعها والتفتيش على المطاعم‬ ‫العامة() ‪،‬‬
‫والمخابز ومحالت الحلوى وبيع األلبان ومنتجاتها‪ ،‬وغيرها من المواد الغذائية التي تحتاج‬
‫()‪87‬‬
‫إلى درجة عالية من النظافة والعناية من أجل األطمئنان على سالمتها ونظافتها ‪.‬‬
‫ولقد ازدادت أهمية الصحة العامة في العصر الحالي نتيجة الزدياد عدد السكان‬
‫وسهولة انتشار األمراض ولقد خول المشرع المصري هيئات الضبط اتخاذ اإلجراءات‬
‫الصارمة لمنع انتقال العدوى ومعاقبة المخالفين للوائح الصحية‪ ،‬والمحافح هو المسدول عن‬
‫سالمة الصحة العامة بالمحافظة‪ ،‬وله أن يصدر اللوائح الضبطية الالزمة لوقاية الصحة‬
‫العامة‪ ،‬وذلك كما جاء في قانون اإلدارة المحلية رقم ‪ 43‬لسنة ‪ ،1979‬وكذلك قانون رقم‬
‫‪ 123‬لسنة ‪ 1981‬بشأن مراقبة األغذية()‪ 88.‬وتتبلور إجراءات الحفاظ على الصحة العامة‬
‫من خالل التدابير واإلجراءات الوقائية أو العالجية‪ ،‬المددية لحماية الناش من مخاطر‬
‫األمراض واألوبئة والجراثيم‪ ،‬وقد صدرت في السلطنة قوانين عديدة ذات عالقة بالحفاظ‬

‫مصطفى الوكيل‪ ،‬حالة الطوارئ‪ ،‬وسلطات ‪8‬الضبط اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪4‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬محمد محمد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الداخلية ألعمال الض الالبط اإلداري‪ ،‬د ارس الالة مقارنة‪،‬‬


‫‪8‬‬
‫قابة القض الالاء على المش الالرونية‬
‫‪5‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬حلمي المقدوفي‪ ،‬ر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الناشر دار المطبوعات الجامعية باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1989‬ص‪.53‬‬


‫المادة األولى من تقنين‬ ‫وتدخل رعاية الص ال الالحة العامة ‪6‬في فرنس ال الالا ض ال الالمن ص ال الالالحيات الس ال ال‪8‬اللطة المحنية فتن‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الصال الالحة العامة الفرنسال الالي على إلزام كل محافظ بإصال الالدار الئحة صال الالحية على جميع البالد‪ ،‬للمزيد ينظر‪ :‬د‪ .‬ماجد‬
‫راغب الحلو‪ ،‬قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.395‬‬
‫‪8‬‬
‫عبد هللا‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪7‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية باإلسال ال ال الالكندرية‪،‬‬


‫‪8‬‬
‫الوهاب‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلدار‬
‫‪8‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬محمد رفعت عبد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سنة ‪ ،2002‬ص‪.236‬‬
‫على الصحة منها على سبيل المثال قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث‪ ،‬وقانون مزاولة مهنة‬
‫الصيدلة وتنظيم المدسسات الصيدالنية‪.‬‬
‫كما نظرت محكمة القضاء اإلداري في عدة قضايا تتعلق بالصحة العامة أهمها قضية‬
‫تعاطي الشيشة في عام ‪2001‬م‪ ،‬المقامة ضد أحد مقاهي مسقط‪ ،‬والتي وإن كانت قد أثارت‬
‫جدالً كبيرا ً حينما نظر بإعتبارها قضية تتصل بالحريات العامة‪ ،‬إال أن مجرد تصدي القضاء‬
‫اإلداري العماني لتلك الدعوى كانت محل تقدير الجميع آنذاك‪ ،‬لما لتدخين الشيشة من أضرار‬
‫على الصحة العامة‪ ،‬وإخاللها بالتالي بالنظام العام‪.‬‬
‫ولقد كان في تفسير المحكمة المفهوم الحرية مدلوالً هاما ً الذي أصدرته محكمة القضاء‬
‫اإلداري تفسيرها لمفهوم الحرية‪ "، ،‬حيث قالت أنه من حيث ال وجه للتحدي أيضا ً في هذا‬
‫المجال بما نصت عليه المادة (‪ )18‬من النظام األساسي للدولة‪ ...‬إال أن كفالة هذه الحرية‬
‫بنص المادة ذاتها يكون وفقا ً للقانون‪ ،‬وليس منحالً من أي قيد‪ ،‬وإال كانت الحرية ضربا ً من‬
‫الفوضى‪ ،‬ال تلك الحرية التي تجد حدها الشرعي والطبيعي عند اإللتزام بالنظام العام‪،‬‬
‫ومراعاة اآلداب العامة وعدم األضرار باآلخرين في اعز ما يملكون من ضرورات النفس‬
‫والعقل والمال والصحة وغيرها‪ ،‬وأنه إذا كانت بعض المواد يصرا بها على سبيل االستثناء‪،‬‬
‫فإن ذلك ليس مبررا ً مقبوالً من الناحية القانونية لكي يطالب المدعون باستنثاء آخر" ‪.‬‬
‫()‪89‬‬

‫‪ -3‬السكينة العامة‪:‬‬
‫يقصد بها منع مظاهر اإلزعاج والمضايقات التي تتجاوز المضايقات العادية التي‬
‫‪ 90‬وتعتبر السكينة العامة أحد العناصر التقليدية للنظام العام‪،‬‬
‫تفرضها الحياة داخل المجتمع()‪،‬‬
‫وتعني كذلك ما يتخذ من إجراءات للمحافظة على النظام العام‪ ،‬وذلك بمنع الضوضاء داخل‬
‫المناطق السكنية وفي الطرقات العامة‪ ،‬وإزالة أسباب اإلزعاج بمنع استعمال مكبرات‬
‫()‪91‬‬
‫الصوت وتنظيم استعمال المذياع ومنع استخدام أبواق السيارات ‪.‬‬
‫وقد أكدت األبحاث العلمية الواردة من منظمة الصحة العالمية على أن للضوضاء‬
‫تأثيرات سلبية خطيرة وصادمة على األطفال ونفسيتهم والتي تجعلهم ينتهجون سلوكا ً عدوانيا ً‬
‫في تعامالتهم مع الغير‪ ،‬خصوصا ً إذا نظرنا ً إلى تضائل الدور الذي أصبحت تلعبه المدارش‬
‫()‪92‬‬
‫تجاه تربية‪ ،‬وتكوين الطالب للجانب األخالقي والنفسي ‪.‬‬

‫للسنة األولى ق بتاري ‪ 1‬مايو ‪2001‬م‪.‬‬


‫‪8‬‬
‫العمانى فى الدعوى االبتدائية ‪ ،‬رقم ‪6‬‬
‫‪9‬‬
‫) محكمة القضاء االدارى‬ ‫(‬

‫الكينة العامة‪ ،‬معالجة لمش الالكلة العص الالر‪ 9‬في فرنس الالا ومص الالر‪ ،‬دراية تأص الاليلية مقارنة‬
‫‪0‬‬
‫راجع‪ :‬داود الباز‪ ،‬حماية الس ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫في القانون اإلداري البيئي والتشريعية اإلسالمية‪ ،‬الناشر دار النهضة العربية بالقاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص‪.128‬‬
‫العدد ‪ ،138‬السنة ‪ 3‬يوليو ‪ ،1992‬ص‪.73-72‬‬
‫‪9‬‬
‫انظر مقال اللواء الدكتور محمد ش‪1‬ريف إسماعيل‪ ،‬مجلة األمن العام‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫راجع‪ :‬د‪ .‬سالالامي جمال الدين‪2 ،‬أصالالول القانون‪ ،‬نظرية العمل اإلدار‪9‬ي‪ ،‬الناشالالر مطابع الطويحي‪ ،‬سالالنة ‪،1993‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.157‬‬
‫ولقد اهتم المشرع بحماية السكينة العامة بالمناطق السكنية‪ ،‬بأن قصر حق الترخيص‪،‬‬
‫في هذه الحالة للمحافح وذلك طبقا ً للمواد رقم ‪ 7 ،4 ،3 ،2 ،1‬من القانون رقم (‪)453‬لسنة‬
‫‪ 1954‬بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة‬
‫بالصحة والخطرة‪.‬‬
‫وقد أيدت المحكمة اإلدارية العليا()‪93‬هذا المبدأ حيث قررت أن المحافح هو المسدول‬
‫عن تطبيق أحكام القانون السابق اإلشارة إليه فيما يتعلق بإصدار التراخيص بالمحالت‬
‫()‪94‬‬
‫الصادر بشأنها هذا القانون ‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك تقوم الجهة المختصة في سلطنة عمان "شرطة عمان السلطانية "‬
‫بإجراءات الحفاظ على السكينة العامة‪ ،‬حيث يتضح ذلك من خالل بعض التدابير واإلجراءات‬
‫في حالة اكتشافها ألية مخالفات سواء كان ذلك بناء على شكوى أو من خالل الدوريات‬
‫والتحريات وغيرها من األنشطة الهادفة لمكافحة الجريمة ومنع انتشار المخدرات ومكافحة‬
‫جرائم اآلداب العامة‪ ،‬وبالطبع لها في هذه الحالة منع أي مظهر من مظاهر التجمع الذي يزيد‬
‫عن عشرة أشخاص أو تجمهر لمجموعة من الناش في األماكن العامة طالما قدرت أن‬
‫تواجدهم سيخل بالسكينة العامة أو يدثر على األمن العام‪.‬‬

‫العدد ‪46‬‬
‫‪9‬‬
‫حكمها بجلسة ‪ 2001/2/7‬في‪ 3‬الطعن رقم ‪ 1850‬ق رقم ‪97‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫التنظيم القانوني للض الالبط اإلداري‪ ،‬الناش ال‪9‬الر دار الجامعة الجديدة باإلس الالكندرية‪ ،‬سال النة‬
‫‪4‬‬
‫راجع‪ :‬د‪ .‬حس الالام مرس الالي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،2011‬ص‪.114‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫أنواع الضبط اإلداري‬
‫وطبيعتة‬
‫المطلب الثاني‬
‫أنواع الضبط اإلداري وطبيعتة‬
‫ينقسم الضبط االداري داخل الدولة إلى ضبط إداري عام وضبط إداري خاص‪ ،‬هذا‬
‫وقد يحدث تداخل بين سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬لذا اتجه الفقه إلى محاولة التمييز بينهما‪،‬‬
‫وبينه وبين الضبط القضائي والضبط التشريعي وهذا ما سنتناوله في هذا المطلب فضال عن‬
‫اإلشارة من خالل هذا المطلب إلى طبيعة الضبط اإلداري‪ ،‬ولما كان األمر هكذا فإن الدراسة‬
‫في هذا المطلب ستكون مقسمة إلى فرعين وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫الفرع االول‬
‫أنواع الضبط اإلداري‬
‫ينقسم الضبط اإلداري بحسب طبيعته إلى نوعين ضبط إداري عام وضبط إداري‬
‫خاص وذلك كما يلي‪-:‬‬
‫اوالً‪ -‬الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص‪.‬‬
‫ينقسم الضبط اإلداري كما ذكرنا إلى نوعين‪ :‬النوع األول واألساسى هو الضبط‬
‫اإلداري العام‪ ،‬والنوع الثاني‪ :‬هو الضبط اإلداري الخاص‪.‬‬
‫‪ -1‬الضبط اإلداري العام‬
‫هو الضبط اإلداري في مفهومه األساسي كوظيفة أولى جوهرية لإلدارة العامة‪ ،‬وهو‬
‫يتضمن تنظيم النشاط الفردي والحريات الفردية بوضع الضوابط والقيود‪ ،‬التي تستهدف‬
‫()‪95‬‬
‫وقاية وحماية النظام العام في المجتمع ‪.‬‬
‫هذا وقد اتسع مفهوم النظام العام ليشمل باإلضافة إلى المفهوم التقليدي مجاالت متعددة‬
‫لجوانب الحياة‪ ،‬وهذا االتساع يتطلب وجود ضبط إداري خاص يهدف إلى حماية النظام العام‬
‫الخاص مثل النظام العام االقتصادي والنظام العام الصحي‪.‬‬
‫والضبط اإلداري العام‪ ،‬عبارة عن مجموعة الصالحيات التي تسبغ بصورة عامة‬
‫على هيئات الضبط للمحافظة على النظام واألمن وصون الصحة العامة‪.‬‬
‫كما تهدف إلى حماية النظام العام في المجتمع من االضطرابات‪ ،‬سواء بمنع وقوعها‬
‫أو وقفها أو منع تفاقمها عند وقوعها‪ ،‬وذلك على مستوى الدولة كلها أو على مستوى إحدى‬
‫وحداتها المحلية‪.‬‬

‫جع سابق‪ ،‬ص‪.233‬‬


‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪5 ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬مر‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وفي تعريف آخر‪ ،‬بأنه أحد مظاهر الليبرالية في المجتمع‪ ،‬وبهدف الحفاظ على النظام‬
‫العام داخل الدولة‪ ،‬بمفهومه التقليدي إلى جانب األنشطة الخاصة ما دامت هذه األنشطة تحمل‬
‫إضرارا ً بالنظام العام ‪.‬‬
‫()‪96‬‬

‫‪ -2‬الضبط اإلداري الخاص‪:‬‬


‫هو الضبط الذي نظمته نصوص قانونية أو الئحية خاصة‪ ،‬بقصد الوقاية من اإلخالل‬
‫بزاوية من زوايا النظام العام في ميدان معين‪ ،‬أو بالنسبة لمرفق محدد أو تجاه طائفة بذاتها‬
‫من األشخاص‪ ،‬بأساليب أكثر دقة وإحكاما ً وأكثر تمشيا ً ومالئمة لهذه الناحية الخاصة‪ ،‬ومرد‬
‫‪ 97‬أي قد يقتصر على‬ ‫هذا إلى النصوص المحددة لمضمون والية الضبط اإلداري الخاص()‪،‬‬
‫مكان معين أو نشاط معين‪.‬‬
‫ويتميز الضبط اإلداري الخاص‪ ،‬بأن له نظاما ً قانونيا ً خاصا ً في مجاالت محددة‬
‫بالذات‪ ،‬فهو يمثل نوعيات خاصة من الضبط‪ ،‬ويكون لكل منها نطاقه القانوني الخاص به‪،‬‬
‫‪ 98‬ومما سبق يمكن‬ ‫يحدد هيئات الضبط المختصة في كل مجال ومدى صالحيتها()‪،‬‬
‫()‪99‬‬
‫استخالص خصائص الضبط اإلداري الخاص فيما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ال يوجد ضبط إداري خاص إال بنا ًء على قانون‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ويتميز الضبط اإلداري الخاص بأنه مقيد بهدفه‪ ،‬حيث قد يواجه عنصرا ً واحدا ً فحسب‬
‫من عناصر النظام العام‪ ،‬ومن هنا يكون مقيدا ً بنظام قانوني خاص يستهدف حماية‬
‫عنصر محدد‪ .‬مثال ذلك الضبط اإلداري الخاص بمكافحة التلوث وحماية البيئة‪،‬‬
‫حيث يمكن أن نطلق عليه في هذه الحالة الضبط اإلداري البيئي‪.‬‬
‫ت ‪ -‬قد يتخصص الضبط اإلداري من حيث موضوع معين‪ ،‬أيا ً كانت الجهة اإلدارية التي‬
‫تباشره‪ .‬مثال ذلك قوانين الضبط الخاصة بتنظيم المباني‪ ،‬كما أنه قد يتخصص بمكان‬
‫معين أو أماكن محددة حيث تمارسه سلطة إدارية ضبطية معينة‪ ،‬وتهدف إلى‬
‫المحافظة على النظام العام في مرفق معين مثال ذلك الضبط المتعلق بمرفق السكك‬
‫الحديدية أو النقل والذي يتولى تنظيمه وزير المواصالت للمحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫ث ‪ -‬يحدد القانون السلطة اإلدارية الخاصة بممارسة هذا الضبط‪ ،‬وقد تكون هيئة من‬
‫هيئات الضبط اإلداري العام‪ ،‬وال يمارش إال من خالل هذه الهيئة فقط‪.‬‬

‫الوكيل‪ ،‬حالة الطوارئ وس ال الاللطات الض ال ال‪9‬البط اإلداري‪ ،‬د ارس ال الالة مقارنة‪ ،‬مرجع س ال الالابق‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد مص ال الالطفى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.29‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمود سعد الدين الشريف‪ 7،‬النظرية العامة للضبط اإلداري‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سابق‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪8 ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الوكيل‪ ،‬حالة الطوارئ وس ال الاللطات الض ال ال‪9‬البط اإلداري‪ ،‬د ارس ال الالة مقارنة‪ ،‬مرجع س ال الالابق‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد مص ال الالطفى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.41‬‬
‫ج ‪ -‬تحدد النصوص القانونية المنشئة للضبط اإلداري الخاص‪ ،‬العقوبات التي يمكن‬
‫توقيعها على مخالفة تلك النصوص باإلضافة إلى الجزاءات اإلدارية‪ ،‬مثل سحب‬
‫التراخيص أو نزع اللوحات المعدنية ألرقام السيارات‪.‬‬
‫ويسوق لنا الدكتور‪ /‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مثاالً تطبيقيا ً للضبط اإلداري الخاص ‪.‬‬
‫()‪100‬‬

‫فالضبط اإلداري الخاص يستهدف نفس أغراض الضبط اإلداري العام في المجاالت‬
‫الخاصة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك الضبط الخاص بالجبانات أو دفن الموتى‪ ،‬فله نظام قانوني خاص‪،‬‬
‫يهدف إلى ذات أغراض الضبط اإلداري العام‪ ،‬فهو يهدف إلى وقاية وحماية النظام العام في‬
‫هذا المجال‪ ،‬وذلك لضمان أن يكون دفن الموتى في أماكن مرخص بها من الدولة‪ ،‬ويتحقق‬
‫فيها الرقابة على الترخيص بالدفن بعد التحقق من حدوث الوفاة‪ ،‬وأن يكون الدفن من أشخاص‬
‫مدربين على ذلك معتمدين من الدولة‪ ،‬ويطبقون أصوالً تضمن حماية الصحة العامة‪.‬‬
‫وفي هذا الشأن نضرب مثاالً تطبيقيا ً للضبط اإلداري الخاص‪ ،‬الذي يهدف إلى حماية‬
‫النظام العام داخل منشآت الجامعات المصرية‪ ،‬التي بلغ عدد طالبها أكثر من خمسة ماليين‬
‫ومائتين ألف طالب وطالبة‪ ،‬وبلغت استثماراتها من معامل ومنشآت أكثر من نصف تريليون‬
‫جنيه‪ ،‬ومن أجل هذا حرصت الدولة على حماية النظام العام داخل هذه المنشأة الجامعية‪،‬‬
‫حيث صدر قرار وزير الداخلية رقم (‪ )1812‬لسنة ‪1981‬م بشأن إنشاء وتنظيم إدارات‬
‫حرش الجامعة ببعض مديريات األمن‪ ،‬حيث إن التشريع المصري الصادر عام ‪1971‬م‬
‫والخاص بتنظيم هيئة الشرطة بالقانون رقم (‪ )109‬قد نص على " أن تختص هيئة الشرطة‬
‫بالمحافظة على النظام واألمن العام واآلداب العامة وحماية األرواا واألعراض‪ ،‬وعلى‬
‫األخص منع وقوع الجرائم وضبطها‪ ،‬كما تختص بكفالة الطمأنينة واألمن للمواطنين في‬
‫كافة المجاالت وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين "‪.‬‬
‫إلى أن قام بعض أساتذة الجامعة برفع دعوى أمام محكمة القضاء اإلداري ضد كل‬
‫من رئيس الوزراء‪ -‬ووزير التعليم العالي‪ -‬ووزير الداخلية‪ -‬ورئيس جامعة القاهرة‪ ،‬بشأن‬
‫إغالق مكاتب الحرش الجامعي التابع لوزارة الداخلية المتواجدة داخل أسوار جامعة القاهرة‪،‬‬
‫وإنشاء وحدة أمن جامعي من الموظفين المدنيين تتبع رئيس الجامعة مباشرة‪ ،‬وبجلسة‬
‫‪2008/11/25‬م أصدرت المحكمة حكمها التاريخي الجديد من نوعه وغير المسبوق للقضاء‬
‫اإلداري كما قال بعض المراقبين جاء فيه‪ " :‬قبول الدعوى شكالً‪ ،‬ويوقف تنفيذ القرار السلبي‬
‫بامتناع الجهة اإلدارية عن إنشاء وحدة لألمن الجامعي بجامعة القاهرة بدالً من إدارة حرش‬
‫الجامعة التابعة لوزارة الداخلية‪ ،‬وما يترتب على ذلك من آثار أخصها منع وجود حرش‬
‫()‪101‬‬
‫الجامعة داخل الحرم الجامعي‪ ،‬وعدم ممارسته أية أنشطة تمس استقالل الجامعة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪0 ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ 2008‬في الدعوى رقم ‪ 17607‬لسال ال ال ال ال الالنة‪62 1‬ق‪،‬‬


‫‪0‬‬
‫حكم محكمة القضال ال ال ال ال الالاء اإلدار‪1‬ي بالقاهرة بجلسال ال ال ال ال الالة ‪/11/25‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫وقائع هذه الدعوى في اآلتي م بتاري ‪ 2008/2/10‬طلب المدعون بصال الالفة مسال الالتعجلة بوقف تنفيذ القرار‬ ‫وتتلخ‬
‫السال ال ال ال ال ال الاللبي باالمتناع عن الرد مع ما يترت على ذلك من آثار وأهمها إغالق مكاتب الحرس الجامعي التابعة لو ازرة‬
‫ونحن نرى أن هيئة المحكمة لم تشر إلى الدور المنوط بجهاز الشرطة والمتمثل في‬
‫الحفاظ على النظام واألمن العام واآلداب العامة وحماية األرواا واألعراض‪ ،‬وعلى األخص‬
‫منع وقوع الجرائم وضبطها‪ ،‬كما تختص بكفالة الطمأنينة واألمن للمواطنين في كافة‬
‫المجاالت وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين‪.‬‬
‫وذلك طبقا ً للقانون رقم (‪ )109‬لسنة ‪ 1971‬الخاص بتنظيم هيئة الشرطة‪ ،‬المعدل‬
‫بالقانون رقم (‪ )64‬لسنة ‪ 2016‬وهذا هو اإلطار العام للضبط اإلداري العام الذي يهدف‬
‫إلى الحفاظ على النظام العام في المجتمع في شتى المجاالت‪.‬‬
‫وهذا االتساع في مفهوم النظام العام يتطلب وجود ضبط إداري خاص يهدف إلى‬
‫حماية النظام واألمن العام في أماكن معينة‪ ،‬مثال ذلك ما تقوم به إدارات حرش الجامعة‬
‫المنشأة بقرار وزير الداخلية رقم ‪ 1812‬لسنة ‪1981‬م حيث تختص بحفح األمن والنظام‬
‫داخل الجامعة وكلياتها ومعاهدها وحراسة وتأمين المنشآت وما بها من معدات وأجهزة‪ .‬مثله‬
‫في ذلك مثل إدارة حرش المحاكم واإلدارة العامة لشرطة مجلس النواب واإلدارة العامة للنقل‬
‫والمواصالت وشرطة السياحة واآلثار وشرطة الكهرباء وإلى غير ذلك‪.‬‬
‫والنظام العام يقتضي وجود إدارات الحرش الجامعي بالجامعات لما له من أهمية‬
‫تسمو على المصالح الخاصة على نحو ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة حيث قررت‬
‫المحكمة اإلدارية العليا في أحد أحكامها بجلسة ‪2005/2/2‬م في الطعن رقم ‪ 3257‬لسنة‬
‫‪ 49‬ق بأن ترجح المصلحة العامة على الخاصة في حالة وجود تهديد خطير للصالح العام‬

‫الداخلية المتواجدة داخل أس ال الوار الجامعة‪ ،‬وعدم السال الالماع ألي من رجال الشال الالرطة س ال الواء بالزي الرسال الالمي أو المدني‬
‫بالتواجد داخل الكليات ومنش ال ال ال الالآت الجامعة‪ ،‬ولقد ذكر المدعون ش ال ال ال الالرحاً للدعوى بأنهم من خالل معايش ال ال ال الالتهم للحياة‬
‫الجامعية عش الرات السالالنين الحظوا أن الحرية االكاديمية قد أصالالابها خلل كبير ألسالالباب عديدة في مقدمتها السالاليطرة‬
‫األمنية الصال الالارخة‪ ،‬ومن أجل وضال الالع األمور في نصال الالابها الصال الالحين تقدموا بتظلم إلى المدعي عليه ال ارس ال ال بتاري‬
‫‪ 2007/10 /29‬طلبوا فيه صال ال ال ال ال ال الالدور أمره بإغالق مكاتب الحرس الجامعي التابع لو ازرة الداخلية المتواجدة داخل‬
‫أس ال ال الوار الجامعة وعدم السال ال الالمال ألي من رجال الشال ال الالرطة التابعين لو ازرة الداخلية سالال ال الواء بالزي الرسال ال الالمي أو المدني‬
‫بالتواجد داخل أسوار الجامعة‪ ،‬ولم يتلقوا منه رداً مما يعد ق ار اًر سلبياً امتناعاً عن الرد‪.‬‬
‫مع المواثيق‬ ‫ونعى المدعون على القرار المطعون فيه أنه ال يسال ال ال ال ال ال الالتند إلى الدسال ال ال ال ال ال الالتور والقانون‪ ،‬بل يتناق‬
‫الدولية‪ ،‬ويؤدي إلى الخلط بين الحرس الجامعي و وحدة األمن الجامعي حيث يتكون األول من رجال الشال ال ال ال ال ال الالرطة‬
‫التابعين لو ازرة الداخلية ويخض الالعون في رئاس الالتهم طبقاً للتسالالاللسالالالل الرئاسالالالي‪ ،‬أما األمن الجامعي فينش الالأ وفقاً للتنظيم‬
‫اإلداري للجامعة ويتبع رئيس الجامعة مباشرة‪.‬‬
‫مما يتعذر تداركه كحدوث فتنه أو تعطيل سير مرفق عام أو تهديد لألمن أو اضطراب جسيم‬
‫()‪102‬‬
‫للنظام العام‪.‬‬
‫وفي ضوء الموازنة بين المصالح العامة والخاصة يحسم التقدير دوما ً للمصالح‬
‫العامة‪ ،‬حيث إنها األجدر بالرعاية مما عداها‪.‬‬
‫هذا وإن كان عمل إدارات الحرش الجامعي يعوق رقي الفكر والتقدم العلمي وتنمية‬
‫اإلنسانية وينقص من استقالل أساتذة الجامعة‪ ،‬ويدثر بالسلب على سير العملية التعليمية كما‬
‫جاء بأقوال المدعين وتأييد هيئة المحكمة الموقرة لذلك‪ .‬فهل عمل حرش المحاكم ينقص من‬
‫استقالل القضاء شيئا ً ويدثر في عملهم؟ كذلك هل عمل حرش مجلسي الشعب والشورى‬
‫ينقص من استقالل أعضائهما شيئاً؟! كذلك الحال في جميع الجهات اإلدارية السابق اإلشارة‬
‫إليها والتي تستلزم طبيعة عملها االستعانة ببعض رجال الشرطة الذين يتمتعون بالخبرة‬
‫الالزمة كل في مجاله‪ ،‬هل االستعانة بهم ينقص من استقالل العاملين بتلك الجهات شيئاً؟!‪.‬‬
‫قطعا ً اإلجابة بالنفي‪ ،‬فالباحث يرى أن االستعانة بهدالء يزيد هذه الهيئات تعظيما ً‬
‫وتقديرا ً لحرصهم على صيانة وحماية النظام العام في مجال عملهم‪ ،‬كما أرى أن المقصود‬
‫باستقالل أعضاء هيئة التدريس هو استقالل أكاديمي يعني أنفرادهم بكيفية تسيير العملية‬
‫التعليمية من محاضرات وخالفه‪ ..‬وهذا االستقالل ال يناله أي نقص بوجود الحرش الجامعي‬
‫داخل الجامعات حيث ال يتدخل بأي صورة في هذا العمل األكاديمي‪.‬‬
‫كما استتندت هيئة المحكمة في حكمها بإلغاء الحرش الجامعي إلى نص المادة ‪317‬‬
‫من الالئحة التنفيذية لقانون الجامعات والتي تنص على أن " تنشأ بكل جامعة وحدة لألمن‬
‫الجامعي تتحدد مهامها في حماية منشآت الجامعة وأمنها‪ ،‬وتتبع رئيس الجامعة مباشرة‪،‬‬
‫وتتلقى منه أو من ينيبه التعليمات الالزمة ألداء هذه المهام‪ ،‬ويكون ألفرادها زي خاص‬
‫يحمل‬
‫()‪103‬‬ ‫شعار الجامعة "‪.‬‬
‫قطعا ً ستسود حالة من الفوضى تعم جميع الجامعات‪ ،‬ألنه بحكم الواقع العملي‬
‫والواقعي أن المجتمع الطالبي يضم عددا ً هائالً من الطالب يزيد على خمسة ماليين طالب‬
‫وطالبة‪ ،‬من بينهم من يتناول المواد المخدرة‪ ،‬ومنهم من يقوم بارتكاب أفعال فاضحة تخدش‬
‫الحياء العام بما يثير حفيظة الطالبات المحترمات‪ ،‬ومنهم من يقوم بارتكاب أعمال البلطجة‬
‫داخل أسوار الجامعات‪ ،‬ومنهم من يقوم بالتعرض للسادة أعضاء هيئة التدريس والعاملين‬
‫بالكليات‪ ،‬مما يدثر بالسلب على سير وانتظام الدراسة‪ ،‬ومما يعرض الطالب بل أعضاء‬

‫العامة للقانون‪ ،‬دار النهضالالة العربية‪1 ،‬القاهرة‪،‬‬


‫‪0‬‬
‫د‪ .‬طعيمة الجرف‪ ،‬مبدأ المشال‪2‬الرونية وض الوابط خضالالوع اإلدارة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،1976‬ص‪.109‬‬
‫د‪ .‬سال الالامي جمال الدين‪ ،‬قضال الالاء المالءمة والسال الاللطة التقديرية للدارة‪ ،‬دار النهضال الالة العربية‪ ،‬القاهرة‪،1992 ،‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.322‬‬
‫هيئة التدريس للخطر‪ ،‬إذن كيف يتسنى لوحدة األمن بالجامعة المكونة من موظفين مدنيين‬
‫بالتصدي لهدالء‪.‬‬
‫كذلك ال نتجاهل دور األمن الجامعي في حماية وتأمين منشآت الجامعة من معامل‬
‫()‪104‬‬
‫ومخازن بلغت استثماراتها آالف الماليين‪.‬‬
‫وبعد عرض هذا المثال التطبيقي الذي نعده من قبيل الضبط اإلداري الخاص‪ ،‬حيث‬
‫يهدف إلى منع وقوع الجرائم وضبطها‪ ،‬وكذلك حفح النظام واألمن العام واألداب داخل‬
‫الجامعات‪ ،‬وليس تقييدا ً للحريات العامة أو فرضا ً لسيطرة أمنية داخل الجامعات أو مساسا ً‬
‫الستقالل الجامعة وحقوق اإلنسان‪ ،‬يتضح لنا دور إدارات حرش الجامعات الذي بمقتضاه‬
‫نوجه الشكر للقائمين عليه بدالً من أن نتهمهم بأنهم يجورون وال يصونون وأن وجودهم‬
‫داخل الجامعات يشكل تهديدا ً لمستقبل العملية التعليمية‪ ،‬وأنهم يعوقون رقي الفكر والتقدم‬
‫العلمي وتنمية القيم اإلنسانية كما يدعون‪.‬‬
‫والضبط اإلداري الخاص يستهدف أغراضا ً أخرى‪ :‬ومن أمثلة ذلك في فرنسا الضبط‬
‫الخاص بالصيد والمالهي‪ ،‬وسباق الخيل‪ ،‬وأوراق اليانصيب واآلثار‪ .‬ومن أمثلة ذلك في‬
‫مصر ولبنان‪ ،‬الضبط الخاص بالسياحة واألماكن السياحية‪ ،‬فهو يستهدف بجانب أمن وراحة‬
‫الزائرين والسائحين‪ ،‬نظافة وحماية المناطق السياحية والحفاظ على كيان الدولة وقيم‬
‫المجتمع وعاداته ونظامه‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬تمييز الضبط اإلداري عن الضبط القضائي‪:‬‬
‫طورت االختصاصات المنوطة بشرطة عمان السلطانية بصدور أول قانون للشرطة بتاريخ‬
‫‪1972 /12/31‬م برقم ‪ 73/5‬وكانت الشرطة وقتها تقوم بدور اإلدعاء العام باإلضافة‬
‫لدورها بالقيام بأعمال االستدالل وبإلغائها القانون بموجب قانون الشرطة الجديد رقم‬
‫‪ 1990/35‬تطور دور الشرطة بشأن اختصاصها بالضبطية القضائية واإلدارية إلى مفهوم‬
‫جديد وتعتبر الضبطية القضائية أساش العدالة الجنائية ‪ ،‬إذ أن مأموري الضبط القضائي‬
‫يقومون بإجراءات جمع األدلة فور ارتكاب الجريمة ‪ ،‬كما أن الضبطية اإلدارية تقوم بحفح‬
‫األمن والنظام ‪ ،‬وتتخذ ما من شأنه منع وقوع الجرائم ‪ ،‬من خالل تقليص فرص ارتكابها ‪،‬‬
‫إذ أن منع الجريمة أجدى وأقل عبئا ً من عالج آثارها بعد وقوعها‪ .‬وعندما يخفق الضبط‬
‫اإلداري في منع اإلخالل بالنظام العام ‪ ،‬بحيث يتجسد هذا اإلخالل في صورة واقعة معاقب‬
‫عليها جنائيا ً ‪ ،‬يبدأ عمل الضبط القضائي‪ ،‬ويهدف الضبط القضائي إلى معاونة سلطة التحقيق‬
‫على الوفاء بدورها‪ .‬ويقوم على أداء مهمة الضبط القضائي مجموعة قادرة بحكم تخصصها‬
‫المهني أو موقعها الوظيفي ‪ ،‬ويسمى أفرادها بمأموري الضبط القضائي وقد نص قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية العماني على أغراض الضبط القضائي بقوله‪" :‬يقوم مأموري الضبط‬
‫القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع اإلستدالالت وإجراءات المعاينات الالزمة‬

‫‪1‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪0‬‬
‫الوسيط في القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪4‬‬
‫د محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫كما أنه نص على تحديد مأموري الضبط القضائي والمهام الموكلة وتبعيتهم اإلدارية‬
‫واإلشرافية‪.‬‬
‫ِ‬
‫وعلى الرغم من ذلك فإن الفقه يتناول عدة معايير للتمييز بين الضبط اإلداري‬
‫والضبط القضائي سوف نتاولها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬المعيار الشكلي‪ :‬يقوم هذا المعيار على أساش مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬حيث‬
‫ينظر للعمل من حيث الجهة التي أصدرته‪ ،‬فيكون عمالً إداريا ً إذا صدر عن السلطة اإلدارية‪.‬‬
‫‪105‬إذ أن الضبط اإلداري يتصل في عملياته‪،‬‬ ‫ويكون قضائيا ً إذا صدر عن السلطة القضائية()‪،‬‬
‫‪106‬أما‬
‫وإجراءاته بالسلطة التنفيذية أو اإلدارية‪ ،‬ومن ثم تخضع إجراءاته للقضاء اإلداري()‪،‬‬
‫()‪107‬‬
‫إجراءات الضبط القضائي يختص بها القضاء العادي أو العدلي ‪.‬‬
‫‪ -2‬المعيار الموضوعي‪ :‬يفترق الضبط اإلداري عن الضبط القضائي‪ ،‬من ناحية‬
‫الموضوع‪ ،‬حيث إن الضبط اإلداري يتميز بصفته الوقائية‪ ،‬فهو يعمل على وقاية النظام‬
‫العام‪ ،‬بمنع اإلخالل به وتوخي كل ما من شأنه إثارة الفتنة ووقوع الكوارث بأنواعها‪.‬‬
‫ومن هنا كانت وظيفة الضبط اإلداري على جانب كبير من األهمية‪ ،‬فهي تعد من‬
‫أولى واجبات الدولة عند ظهورها وتكوينها‪ ،‬بل هي ضرورة اجتماعية في المجتمعات‬
‫الحديثة‪ ،‬فالمشاهد أن االحتياط وتجنب وقوع الجريمة‪ ،‬أنجح في مكافحتها من عالجها بعد‬
‫()‪108‬‬
‫وقوعها بتوقيع العقوبة على مرتكبيها ‪.‬‬
‫أما الضبط القضائي‪ ،‬فيتبع الجريمة بعد وقوعها‪ ،‬ويتولى إثبات معالمها‪ ،‬ثم يعمل‬
‫على إنزال الجزاء بمقترفيها‪ ،‬وإذا كان هدف النشاط هو البحث عن جريمة وقعت وجمع‬
‫األدلة والكشف عن مرتكبيها‪ ،‬لتقديمهم للعدالة وفقا ً لقانون اإلجراءات الجنائية وتوقيع العقاب‬
‫عليهم‪ ،‬وفقا ً لقانون العقوبات‪ ،‬فإن عمل الضبط هنا يندرج تحت أعمال الضبط القضائي ‪.‬‬
‫()‪109‬‬

‫وقد يكون هناك أحيانا ً تقارب وتشابه بين نوعي الضبط الوقائي والقضائي‪ ،‬عندما‬
‫نتداخل وتزدوج والية القائم عليهما‪ ،‬فقد يقوم موظف إداري بالوظيفتين معاً‪ ،‬فنالحح مثالً‬
‫أن الشرطي الذي ينظم حركة المرور في الطريق العام‪ ،‬هو ذاته الذي يأمر السائق بالتوقف‬
‫عن السير‪ ،‬كي يحرر له محضر ضبط عن المخالفة التي اقترفها‪.‬‬

‫الوكيل‪ ،‬حالة الطوارئ وسال الاللطات الضال ال‪0‬البط اإلداري‪ ،‬د ارسال الالة مقارنة‪ ،‬مرجع ‪1‬سال الالابق‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد مصال الالطفى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.31‬‬
‫‪1‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪1984‬م‪ ،‬ص‪.428‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون‪ 6‬اإلداري‪ ،‬المطبوعات الجامعية‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.232‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪7 ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫عبد المجيد‪ ،‬س الاللطات الض الالبط اإلدار‪0‬ي في الظروف االس الالتثنائية‪ ،‬د ارس الالة‪1‬مقارنة‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬محمد شال الريف إس الالماعيل‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬


‫‪1‬‬
‫‪.115‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬عادل أبو الخير‪ ،‬الضبط ‪9‬اإلداري وحدوده‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وليس من شك في أنه قد يحدث فارق التمييز بين الوظيفتين‪ ،‬في صورة تداخل‬
‫الواليتين وازدواجهما في شخص الموظف القائم عليهما‪ ،‬إذ يصعب الجزم بما إذا كان هذا‬
‫الموظف قد قام بوظيفة الضبط اإلداري أم القضائي‪ ،‬خصوصا ً إذا كان نشاطه متعلقا ً بناحية‬
‫غير قاطعة وال واضحة‪ ،‬وعلى ذلك تتحقق المصلحة في إيجاد معيار للتمييز بين‬
‫()‪110‬‬
‫الوظيفتين ‪.‬‬
‫ولقد أوضحت محكمة القضاء اإلداري في حكم لها الفرق بين الضبط اإلداري‬
‫والضبط القضائي‪ ،‬حيث جاء في حيثيات هذا الحكم اآلتي‪:‬‬
‫" ‪ ...‬أن األعمال التي يدديها رجال البوليس إما أن تقع منهم بصفتهم من رجال‬
‫الضبطية اإلدارية‪ ،‬مثل إجراءات المحافظة على النظام العام واألمن ومنع وقوع الجرائم‪،‬‬
‫وإما أن تقع منهم بصفتهم من رجال الضبطية القضائية‪ ،‬فتعد أعمالهم قضائية‪ ،‬وهي التي‬
‫تتصل بالكشف عن الجرائم وجمع االستدالالت الموصلة للتحقيق في الدعوى‪ ،‬كما أنهم في‬
‫قيامهم بهذه األعمال إنما يقومون بها لحساب النيابة العامة وتحت إدارتها‪ ،‬وأعمالهم في‬
‫الحالة األولى تخضع لرقابة محكمة القضاء اإلداري من حيث طلب اإللغاء أو التعويض أما‬
‫في الحالة الثانية فإنها تخرج من والية المحكمة طلب إلغاء أي عمل قضائي أو التعويض‬
‫()‪111‬‬
‫عنه ‪.‬‬
‫والتطبيق اعتمادا ً على الحاالت المسجلة‪ ،‬فإن فلسفة الدولة السائدة فلسفة تدخلية‪ ،‬نفس‬
‫األمر في السلطنة يختلف الضبط اإلداري عن الضبط القضائي الوارد ذكره في قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فاألول مجرد إجراء وقائي أو احترازي‪ ،‬يتمثل في العمل على صيانة‬
‫النظام العام‪ ،‬قبل وقوع الحادث‪ ،‬وذلك بمنع األعمال المسببة لها‪ ،‬أو التي من شأنها اإلخالل‬
‫بالنظام العام قبل وقوعها سواء أكانت هذه األعمال جرائم معاقب عليها أم لم تكن كذلك‪.‬‬
‫فالسلطة المكلفة بأعمال الضبط اإلداري لديها سلطة تقديرية تخولها القيام بممارسة‬
‫أعمالها حتى لمجرد الشك والريب في أشخاص محددين أو إلعتقادها بأن تجمع أو تجمهر‬
‫ما قد يددي إلى أحداث غير حميدة قد تتطور‪ ،‬لتدثر على النظام واألمن العام‪.‬‬
‫وكم من جرائم اكتشفت وحيل دون تنفيذها بسبب يقظة وحدش رجال الضبط اإلداري‪،‬‬
‫ومهاراتهم‪ ،‬وقوة مالحظاتهم‪ ،‬وحساسيتهم التي اكتسبوها من التدريبات‪ ،‬والتي قد تمر على‬
‫الشخص العادي العتقاده بأنها تصرفات بريئة‪ ،‬بينما هي ليست كذلك في بعض األحيان‪.‬‬
‫ومن هنا فإن رجال الضبط اإلداري عندما يصدرون أمرا ً ألشخاص بمغادرة مكان‬
‫ما تجمعوا فيه‪ ،‬فهم يمارسون سلطاتهم التقديرية بأن ذلك المكان والتجمع الذي حدث فيه‪،‬‬
‫من شأنه أن يددي إلى استقطاب آخرين‪ ،‬وقد تحدث فيه ماال يحمد عقباه‪.‬‬
‫وهنا يتوجب على من أصدرت لهم أوامر كهذه بعدم التجمع‪ ،‬أن يغادروا المكان متى‬
‫طلب منهم ذلك امتثاالً ألوامر رجال الضبط‪ ،‬ألن عصيان أوامرهم‪ ،‬يعد مخالفة يتحمل‬

‫‪1‬‬
‫يف‪ ،‬النظرية العامة للضبط اإلداري‪1 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمود سعد الدين الشر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫‪ ،10‬بند‪ ،72‬ص‪.60‬‬
‫‪1‬‬
‫حكم محكمة القضاء اإلداري ‪1‬في ‪ 4‬ديسمبر سنة ‪1955‬م‪ ،‬س‬ ‫)‬ ‫(‬
‫تبعاتها الرافضون لذلك‪ ،‬ألن المادة (‪ )51‬من قانون الشرطة فى سلطنة عمان أعطت رجل‬
‫الشرطة‪ ،‬تنفيذا ً لمباشرة حفح األمن والنظام العام المشار إليها‪.‬‬
‫ولقد أعطى المشرع في سلطنة عمان في المادة (‪ )11‬من قانون الشرطة صالحية‬
‫استعمال القوة بالقدر الالزم ألداء واجباته شريطة أن يكون استخدامها هو الوسيلة الوحيدة‬
‫لذلك‪ ،‬كما أجازت له استخدام السالا لفض أي تجمع أو تجمهر أو تظاهريحدث من عشرة‬
‫أشخاص فأكثر‪ ،‬متى رأى فيه رجال الشرطة أنه يعرض األمن العام للخطر‪ ،‬وهذه هي‬
‫السلطة التقديرية التي نقصدها هنا‪ ،‬والتي مع كل أسف ال يستوعبها البعض‪.‬‬
‫فالسلطة التقديرية هي مكنة خولها القانون لإلدارة لضمان سير المرافق العامة بانتظام‬
‫واضطراد أو بدون عوائق‪ ،‬إذ كما يقول فقهاء القانون بأنه إذا كانت السلطة المطلقة مفسدة‪،‬‬
‫فإن السلطة المقيدة بالكامل هي نوع من أنواع الفساد لما تعنيه من شلل تام لحركة الحياة‪،‬‬
‫ومن هنا حرصت الدول على ضمان التوازن في ممارسة السلطة‪ ،‬بحيث ال تكون مطلقة‬
‫بالكامل‪ ،‬وال مقيدة بالكامل فتشل حركة اإلدارة عن العمل والنشاط‪.‬‬
‫وتعني السلطة التقديرية لإلدارة تمتعها بقسط من حرية التصرف عند ممارستها‬
‫الختصاصها القانوني‪ ،‬بحيث يكون لها تقدير التصرف أو االمتناع عن اتخاذه‪ ،‬أو اتخاذه‬
‫على نحو معين‪ ،‬أو اختيار التوقيت المناسب الذي تراه مالئما ً للتصرف‪ ،‬أما الضبط القضائي‬
‫فمهمته الكشف عن الجرائم ومرتكبيها تمهيدا ً لتقديمهم للمحاكمة‪ ،‬وتنفيذ العقوبة فيهم‪ ،‬عقابا ً‬
‫لهم وردعا ً لغيرهم بيد أنه على الرغم من هذا االختالف فإنه ال يمنع من وجود عالقات‬
‫تبادلية بين جهتي الضبطتين‪ ،‬كما أن للضبط اإلداري آثاره في التقليل من الجرائم التي يتعقبها‬
‫الضبط القضائي‪ ،‬وذلك فضالً عن قيام الشرطة بأداء مهام نوعي الضبط المذكورين أحياناً‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ورغم وحدة واستقاللية رجال الشرطة الذين يتولون مهمتي الضبط اإلداري‬
‫والقضائي‪ ،‬ورغم ما قد يقع من لبس؛ فإن العمل في الحالتين متميز عن اآلخر‪ ،‬فالشرطي‬
‫الذي يقوم بحراسة األماكن والمحال العامة ليالً‪ ،‬يقوم بعمل من أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬ألنه‬
‫يحافح بذلك على النظام العام‪ ،‬لكن إذا ما وقع حادث في نطاق حراسته من حيث الزمان‬
‫والمكان‪ ،‬وجب عليه مدقتا ً متابعة الجاني‪ ،‬والقبض عليه‪ ،‬وجميع االستدالالت عن الحادث‪،‬‬
‫مع أن هذه األعمال من أعمال الضبط القضائي كما هو معلوم‪ ،‬ريثما يتولى اإلدعاء مباشرة‬
‫اختصاصاته بعد اخطاره‪ ،‬ألنه ال يمكن ترك الجاني يفلت في مثل هذه الظروف وشرطي‬
‫المرور حينما يقوم بأعمال تنظيم حركة السير في الطرق العامة فهو إنما يقوم في الواقع‬
‫بعمل من أعمال الضبط اإلداري الستهدافه حماية النظام العام‪.‬‬
‫لكن إذا وقعت مخالفة مرورية حرر محضرا ً بشأنها أما إذا حدث حادث سير‪ ،‬فإنه‬
‫يتولى مهمة إثبات الحالة‪ ،‬والتحقيق االبتدائي فيها‪ ،‬وربما يتحفح على مرتكبي الحادث وبذلك‬
‫فهو يمارش الضبط القضائي هنا إلى جانب ممارسته لمهمة الضبط اإلداري‪ ،‬إذن فتدابير‬
‫الضبط اإلداري وإجراءاته تتحرك أساسا ً قبل وقوع الفعل المخل بالنظام العام‪ ،‬ثم وبصورة‬
‫تلقائية بعد وقوعه‪ ،‬أما الضبط القضائي فال تتحرك تدابيره وإجراءاته دائماً‪ ،‬إال عقب ثبوت‬
‫وقوع الفعل المخل‪ ،‬وبناء على طلب من المتضرر‪ ،‬أو من ذوي الشأن‪ ،‬وليس بصورة‬
‫تلقائية‪ ،‬وقد حددت المادة (‪ )31‬من قانون اإلجراءات الجزائية العماني أنواع مأموري‬
‫الضبط القضائي وبينت اختصاصاتهم في هذا الشأن‪.‬‬
‫أهمية التفريق بين الضبطيتين اإلدارية والقضائية‪-:‬‬
‫تكمن أهمية التفريق أو التمييز بين الضبطيتين في أن الضبط اإلداري يخضع للقانون‬
‫اإلداري‪ ،‬وتراقب مشروعيته المحاكم اإلدارية في حين أن الضبط القضائي يخضع لقانون‬
‫اإلجراءات الجزائية وتختص بمنازعاته المحاكم الجزائية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن أعمال الضبط اإلداري تخضع لمراقبة اإلدارة‪ ،‬أما أعمال‬
‫الضبط القضائي‪ ،‬فإنها تخضع إلشراف اإلدعاء العام الجزائي‪ ،‬وذلك وفقا ً لنص المادة (‪)32‬‬
‫من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ -‬تمييز الضبط اإلداري عن الضبط التشريعي‪:‬‬
‫يتميز الضبط اإلداري عن الضبط التشريعي من حيث المعيار الشكلي والموضوعي‪،‬‬
‫فالضبط اإلداري تمارسه السلطة التنفيذية ومن يمثلها في األقاليم وتتمثل في لوائح الضبط‬
‫أو لوائح البوليس‪ ،‬ولقد استقر العرف الدستوري على حق السلطة التنفيذية في إصدار تلك‬
‫‪112‬من أجل حماية‬ ‫اللوائح التي تنظم استخدام الحريات العامة لألفراد التي كفلها الدستور()‪،‬‬
‫النظام العام في مدلوالته المختلفة والتي تتمثل في األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة‬
‫واآلداب العامة وحماية البيئة والنظام االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وإن لم يرد نص صريح في‬
‫دستور سنة ‪1923‬م‪ ،‬بخصوص لوائح الضبط‪ ،‬ولكن جرى العمل على إصدار تلك اللوائح‬
‫من جانب اإلدارة لتنظيم األمور السابقة‪.‬‬
‫وكذلك حقها في الظروف االستثنائية إصدار لوائح الضرورة لمواجهة اآلثار المترتبة‬
‫()‪113‬‬
‫عليها والنتائج المحتملة ‪.‬‬
‫وقد استقرت الدساتير المصرية المتعاقبة على ان لرئيس الجمهورية إذا حدث في‬
‫غيبة مجلس النواب ما يوجب اإلسراع في اتخاذ تدابير ال تحتمل التأخير أن يصدر في شأنها‬
‫()‪114‬‬
‫قرارات تكون لها قوة القانون ‪.‬‬
‫أما الضبط التشريعي‪ :‬فيمارسه البرلمان أو السلطة التشريعية‪ ،‬ويتمثل في القوانين‬
‫التي يسنها المشرع والتي تنظم الحريات العامة لألفراد بوضع القواعد العامة التي يقتضيها‬
‫هذا التنظيم‪ ،‬وينتهي دور المشرع عند هذا الحد‪ ،‬كما أن الضبط اإلداري وما يتضمنه من‬
‫تنظيم وقيود على النشاط الفردي يجب كأصل عام أن يمارش في إطار القوانين البرلمانية‬

‫‪1‬‬
‫جع سابق‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪2 ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬مر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫‪2005‬م‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪1‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬طبعة‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬ربيع أنور فتن الباب‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬س ال ال ال الالليمان الطماوي‪ ،‬النظر‪4‬ية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬د ارس ال ال ال الالة‪1‬مقارنة‪ ،‬الطبعة الخامس ال ال ال الالة‪ ،‬طبعة ‪،19841‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.163‬‬
‫وتنفيذا ً لها‪ ،‬ولكن هذا األصل العام ال يحرم السلطة التنفيذية من حق استخدام سلطتها المستقلة‬
‫()‪115‬‬
‫في إصدار لوائح الضبط لحماية النظام العام في المجتمع ‪.‬‬

‫الفرع الثانى‬
‫طبيعة الضبط اإلداري‬
‫اختلف الفقه في تحديد طبيعة الضبط اإلداري‪ ،‬فهل هو سلطة سياسية تسخر لخدمة‬
‫نظام الحكم؟ أم يعتبر سلطة إدارية محايدة هدفها حماية األمن والنظام في الدولة تمارش‬
‫سلطتها في حدود القانون؟‪.‬‬
‫إن جهاز الضبط اإلداري والمتمثل في السلطة التنفيذية‪ ،‬يعد أكثر أجهزة الدولة‬
‫احتكاكا ً بالجمهور‪ ،‬ألن غايته األولى والتي يتفق عليها الفقهاء جميعا ً هي تحقيق األمن‬
‫والسكينة والصحة العامة لألفراد‪ ،‬وقد اختلفت آراء الفقهاء حول تحديد طبيعة الضبط‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬الضبط اإلداري سلطة سياسية‪:‬‬
‫يرى الدكتور‪ /‬محمد عصفور‪ ،‬أن هدف الضبط اإلداري‪ ،‬هو حماية النظام العام الذي‬
‫يبدو في ظاهره األمن العام في الشوارع‪ ،‬إال أنه في حقيقة األمر‪ ،‬هو األمن الذي تشعر به‬
‫سلطات الحكم‪ ،‬وحتى األمن في الشوارع نفسه ليس سوى وجه من وجوه األمن السياسي‬
‫الذي ينشده الحكام‪ ،‬ثم أخذ بعد ذلك في شرا طبيعة وظيفة الضبط‪ ،‬فقال‪ " :‬إن هناك في كل‬
‫مجتمع قيما ً وأوضاعا ً مشتركة مع المجتمعات األخرى‪ ،‬كما أن هناك قيما ً تختلف فيها‬
‫المجتمعات وأن كل هذه القيم تدخل في نطاق النظام العام وأن لهذا النظام حدين‪:‬‬
‫الحد األول‪:‬‬
‫وهذا الحد يكاد تتفق المجتمعات عليه‪ ،‬ويتمثل في توخي أوجه العنف والقوة والعدوان‬
‫المادي‪ ،‬فضالً عن أن المحافظة على األمن العام والسكينة العامة والصحة العامة أمر ال‬
‫()‪116‬‬
‫تختلف فيه المجتمعات‪.‬‬
‫الحد الثاني‪:‬‬
‫وهو يتعلق بحماية السلطة في المجتمع‪ ،‬ويقصد به حماية أوضاع الحكم الخاصة‪ ،‬أو‬
‫أوضاع طوائف معينة في الحكم‪ ،‬وهذا الحد تتفاوت فيه المجتمعات من حيث درجة الحماية‪،‬‬
‫ويبدو ذلك بوضوا في القيود التي تفرض على الحريات بدعوى حماية األمن والنظام‪ ،‬في‬
‫حين أنها تتصرف إلى حماية نظام الحكم‪ ،‬كما أنه إذا أقرت بعض سلطات الحكم بأن عمل‬

‫‪1‬‬
‫جع سابق‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪5 ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬مر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫وفقا للمنهل القضال ال ال ال الالائي‪ ،‬دار أبو‪ 1‬المجد‬


‫د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬ض ال ال ال ال الوابط مشال ال ال ال الالرونية الق اررات اإلدارية ً‬
‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫للطباعة‪ ،‬إل‪ ،2008 ،1‬ص‪.766‬‬


‫البوليس هو تنفيذ ما تمليه القواعد الدستورية العليا والقوانين‪ ،‬فذلك يرجع إلى أن هذه القواعد‬
‫القانو نية تعكس مصالح هذه الفئة الحاكمة‪ ،‬والدليل على ذلك أنه في الثورات واالنقالبات‬
‫تقوم الجماعة التي استولت على الحكم بتعطيل الدستور والقوانين القائمة‪ ،‬وتقوم بإصدار‬
‫()‪117‬‬
‫القوانين التي تعكس آرائها وفلسفتها ‪.‬‬
‫وانتهى الدكتور‪ /‬محمد عصفور‪ ،‬بأنه يرى أن استغالل الدولة لسلطتها في مجال‬
‫الضبط ألغراض سياسية‪ ،‬أمر طبيعي نابع من طبيعة النشاط السياسي الذي يفرضه النظام‬
‫الديمقراطي‪ ،‬ويترتب على ذلك أن الدولة تستعين بسلطات الضبط للحد من أي نشاط سياسي‪،‬‬
‫يعتبر خطرا ً على النظام السياسي واالجتماعي‪ ،‬وبالتالي على سلطات الحكم في الدولة ‪.‬‬
‫()‪118‬‬

‫يرى الفقيه الفرنسي " جوليو باسكو" أن الضبط اإلداري بطبيعته وظيفة سياسية‪،‬‬
‫حيث إنه يعد أحد المظاهر الرئيسية لسيادة الدولة‪ ،‬فإذا كان لإلدارة الحق في التنظيم‬
‫والتوجيه‪ ،‬فإن للضبط الحق في الرقابة والدفاع عن الدولة‪ ،‬وهو أيضا ً وسيلة لقهر الناش‬
‫على تنفيذ إرادتها باإلكراه‪ ،‬وقد ذهب الفقيه بيسكو في الدفاع عن رأيه إلى حد بعيد حتى إنه‬
‫كان يعتبر الضبط سلطة رابعة ذات صبغة سياسية بحته بجانب السلطة التشريعية والقضائية‬
‫والتنفيذية‪.‬‬
‫تقدير هذا االتجاه‪:‬‬
‫‪ -1‬إن هذا الرأي يعكس التجارب التي مرت بها الدول الحديثة الديمقراطية وهي دول‬
‫نامية ومعظمها كانت تخضع تحت نفوذ االستعمار األجنبي‪ ،‬فإذا كانت الصورة‬
‫الظاهرة لفكرة الضبط في هذه الدول هو أنه وظيفة سياسية‪ ،‬فإنه يجب أال نسلم بأن‬
‫ذلك يعتبر مبدأ عام يصدق على جميع الدول‪ ،‬وإنما يصدق فقط على الدول ذات‬
‫()‪119‬‬
‫الحكم البوليسي ‪.‬‬
‫‪ -2‬القول بأن النظام العام في حقيقته وجوهره فكرة سياسية قول بعيد عن الحقيقة‪ ،‬فالنظام‬
‫العام تعبير عن األسس والمفاهيم والعقائد السائدة في الدولة وهي قابلة للتطوير‬
‫والتغيير بمرور الوقت‪ ،‬وهذا يبرر التوسع في فكرة النظام العام التقليدي‪.‬‬
‫فالقول بأن النظام العام يبدو في ظاهره أمن السلطة السياسية ال ينطبق إال على الدولة‬
‫ً()‪120‬‬
‫البوليسية وهو نمط ال يستمر كثيرا ‪.‬‬
‫القول بأن الدولة تستغل سلطاتها في مجال الضبط اإلداري ألغراض سياسية تحكم‬
‫مصالحها فقط‪ ،‬قول غير مسلم به‪ ،‬ألن القواعد الدستورية والقانونية ال تعبر عن مصالح‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد عصفور‪ ،‬البوليس و‪7‬الدولة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ ،1972‬ص‪ 2501‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد عصفور‪ ،‬البوليس و‪8‬الدولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪258‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلداري في الظروف االسال الالتثنائية‪ ،‬كلية ‪1‬الحقوق‪،‬‬


‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد ش ال الريف إسال الالماعيل ‪9‬عبد المجيد‪ ،‬سال الاللطات الضال الالبط‬ ‫)‬ ‫(‬

‫جامعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ ،1979‬ص‪.26‬‬


‫‪1‬‬
‫الوكيل‪ ،‬حالة الطوارئ وسلطات الضبط‪ 2‬اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد مصطفى‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الفئة الحاكمة فقط بل تعبر عن مصالح الشعب بأسره‪ ،‬والدليل على ذلك أن الدستور والقوانين‬
‫ال تصدر إال بموافقة الشعب عليها وموافقة ممثليه في البرلمان‪ ،‬وهذا ما رأيناه في األيام‬
‫األخيرة حال تغيير بعض مواد الدستور‪ ،‬وإن ادعى بعض المعارضين بأن ذلك التغيير تم‬
‫لخدمة الفئة الحاكمة ولجعل الدولة دولة بوليسية‪ ،‬بل كان الغرض األول منه هو إصالا‬
‫الفساد في المجتمع‪ ،‬فالقول بأن طبيعة الضبط اإلداري وظيفة سياسية قول غير مسلم به‪.‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬الضبط اإلداري سلطة إدارية‪:‬‬
‫ويرى أصحاب هذا اإلتجاه أن الضبط سلطة إدارية ذو طبيعة محايدة ‪ ،‬تهدف إلى‬
‫حماية وصيانة النظام العام في المجتمع‪ ،‬وتمارش سلطاتها في حدود القانون فهي ال ترتبط‬
‫بالحكم‪ ،‬حيث تخضع أعمالها لرقابة القضاء للتأكد من مشروعيتها‪.‬‬
‫والضبط اإلداري وفقا ً لهذا اإلتجاه يعد سلطة إدارية محايدة‪ ،‬تمارش في نطاق العمل‬
‫اإلداري كأحد أنشطة الوظيفة اإلدارية في حدود القانون‪ ،‬وهذه الوظيفة ال تتحول إلى وظيفة‬
‫()‪121‬‬
‫سياسية إال إذا انحرفت في استعمال صالحيتها وارتبطت بنظام الحكم ‪.‬‬
‫ومن أنصار هذا االتجاه الدكتور‪ /‬محمود سعد الدين الشريف‪ ،‬حيث عرف الضبط‬
‫اإلداري بأنه " وظيفة ضرورية محايدة من وظائف السلطة العامة‪ ،‬تهدف إلى حماية النظام‬
‫‪122‬ويستفاد من هذا التعريف أن هذه‬ ‫العام في الدولة بوسائل القسر التي نص عليها القانون()‪،‬‬
‫الوظيفة تتسم بخصائص متميزة‪ ،‬فهي ضرورية ومحايدة‪ ،‬وتهدف إلى وقاية النظام العام في‬
‫المجتمع في ظل سيادة القانون وبوسائل السلطة العامة‪ ،‬وهذا ما نتولى بيانه بتعقب هذه‬
‫الخصائص بالبحث والتحليل‪ .‬وذلك في النقاط التالية‪:‬‬
‫(أ) الضبط اإلداري وظيفة ضرورية‪:‬‬
‫ترجع ضرورة وظيفة الضبط اإلداري إلى أنه الجهاز المنوط به حماية النظام العام‬
‫في المجتمع‪ ،‬إذ ال يستقيم أي مجتمع بدون ضبط‪ ،‬تمارش سلطاته أعمالها في حدود القانون‪.‬‬
‫وترمى هذه الوظيفة إلى ضبط حدود الحريات العامة التي ينجم عن إطالقها قيام‬
‫الفوضى المددية إلى انتكاسها‪ ،‬وعلى أساش ذلك فكل تدبير تتخذه سلطات الضبط يجب أن‬
‫يكون الغرض منه وقاية النظام العام‪ ،‬وإال انحرف الضبط عن وظيفته األساسية ويترتب‬
‫()‪123‬‬
‫على ذلك نتيجتان ‪:‬‬
‫األولى‪ :‬ضرورة تفسير قدرات الضبط اإلداري تفسيرا ً ضيقا ً احتراما ً للحرية‪.‬‬

‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬حدود‪ 1‬سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬مطبعة ‪2‬جامعة األزهر‪ ،‬طبعة ‪1980‬م‪ ،‬ص‪.41‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪،‬ص‪.112‬‬
‫‪1‬‬
‫يف‪ ،‬النظرية العامة للضبط اإلداري‪2 ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪1964‬م‪ ،‬ص‪77‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬محمود سعد الدين الشر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫عبد المجيد‪ ،‬سال الاللطات الضال الالبط اإلدار‪2‬ي في الظروف االسال الالتثنائية‪ ،‬مرجع ‪1‬سال الالابق‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬محمد ش ال الريف إسال الالماعيل‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.91‬‬
‫الثاني‪ :‬عدم المساش بالحريات العامة‪ ،‬إال إذا دعى إلى ذلك النظام العام وبأقل التدابير‬
‫شدة إذا كان التدبير الملطف كافياً‪.‬‬
‫بيد أنه ينبغي التحرز من إعمال مبدأ إيثار الحرية‪ ،‬في غير مواطنه‪ ،‬ذلك أنه إذا‬
‫استبان وجه المصلحة في تغليب مقتضى النظام العام‪ ،‬وجب تضحية الحرية‪ ،‬ألنه من غير‬
‫المقبول أن يربو احترام الحرية الفردية على مطالب الصالح الجماعى إذا اتصل هذا الصالح‬
‫بالنظام العام‪ ،‬ويقال إن صراع المصالح يحسم في التقدير دوما ً للصالح العام باعتباره األجدر‬
‫()‪124‬‬
‫بالرعاية مما عداها ‪.‬‬
‫(ب) الضبط اإلداري وظيفة محايدة‪:‬‬
‫إن وظيفة الضبط اإلداري‪ ،‬هي حماية األوضاع الرئيسية في المجتمع من أي خلل‪،‬‬
‫وال تصطبغ بالصبغة السياسية إال في األحوال التي يرتبط فيها النظام العام في المجتمع بنظام‬
‫الحكم‪ ،‬وبهذا القيد ال تتفاوت المجتمعات في فهم مدلول هذا النظام‪ ،‬فهو نظام يراد حمايته‬
‫من التهديد باإلخالل به بأنه وجه من وجوه العنف والعدوان المادي‪ ،‬وذلك بتعكير السكينة‬
‫()‪125‬‬
‫العامة‪ ،‬أو بالمساش بالصحة العامة التي يحرص على حمايتها فيما بين أفراد المجتمع ‪.‬‬
‫وبهذا المفهوم المحايد لفكرة النظام العام كغرض أساسي من أغراض الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬تنصرف الوظيفة إلى حماية األوضاع الرتيبه لحياة المجتمع من أي خلل أو‬
‫انتكاش‪ ،‬فال ترتبط غايات هذه الوظيفة بفلسفات عقائدية خاصة أو بقيم سياسية معينة تنسلخ‬
‫()‪126‬‬
‫عن النظام العام المجتمعي ‪.‬‬
‫(ج) خضوع الضبط اإلداري لسيادة القانون‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن وظيفة الضبط اإلداري تخضع لسيادة القانون‪ ،‬حيث يستمد سلطاته‬
‫من القانون الوضعي ومن الدستور‪ ،‬فهذه الوظيفة تخلع على الهيئات التي نبطت بها مكنات‬
‫تعتمد على سند قانوني‪ ،‬ففي دائرة القانون الوضعي تستند صالحيات الضبط اإلداري إلى‬
‫نصوص تمدها بهذا األساش القانوني‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالوثائق الدستورية فإن السلطة العامة‪ ،‬التي يعتمد عليها الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬ال تنصرف إال إلى مجموع اختصاصات خارجة على القواعد العامة‪ ،‬وهي‬
‫اختصاصات نجد سندها في الوثيقة الدستورية‪ ،‬التي وزعت بمقتضاها الوظائف على الهيئات‬
‫التي تتولى شئون الدولة‪ ،‬ومن هذه الهيئات السلطة التنفيذية التي تتكفل بتنفيذ القوانين بحكم‬
‫الدستور‪.‬‬

‫مطبعة دار‬
‫‪1‬‬
‫وقف تنفيذ الحكم اإلداري من محكمة‪2‬الطعن في المرافعات اإلدارية‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬محمد باهي أبو يونس‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.253‬‬


‫‪1‬‬
‫يف‪ ،‬النظرية العامة للضبط اإلداري‪2 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬محمود سعد الدين الشر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الالته وقاية النظام االجتماعي باعتبارها‪ 2‬قيداً على الحريات العامة‪ ،‬طبعة ‪،19611‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬محمد عص الالفور‪ ،‬في رس ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.133‬‬
‫(د) اعتماد الضبط اإلداري على وسيلة السلطة العامة‪:‬‬
‫ال شك في أن تدابير وقرارات الضبط اإلداري‪ ،‬تشفع للسلطة المعهود إليها بإتخاذها‬
‫في استخدام القوة لتنفيذها طوعا ً أو كرها ً على المحكومين‪ ،‬ألنها تقتضي الخضوع لها فوراً‪،‬‬
‫وأقل تردد في إطاعتها مخل بالنظام العام المادي‪ ،‬وهذا يتماشى مع جوهر السلطة التنفيذية‬
‫()‪127‬‬
‫بحسبانها سلطة تعتمد في التنفيذ على نفسها ‪.‬‬
‫تقدير هذا االتجاه‪:‬‬
‫يرى البعض أن هذا االتجاه خيالي ال يتسم بالواقعية‪ ،‬حيث إنه ال يتحقق إال في‬
‫المجتمع المثالي‪ ،‬ألنه من الناحية العملية نالحح أن السلطة الحاكمة تفرض النظام الذي يحقق‬
‫لها البقاء أكبر مدة ممكنة والنظام العام ما هو إال ذريعة لفرض أرائها وفلسفاتها‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالضبط عندما يقوم بحماية النظام العام فهو يحقق مصالح الطبقة الحاكمة‪ ،‬ومن ثم القول بأن‬
‫الضبط وظيفة لحماية األوضاع الرتبية في المجتمع قول يجافي الواقع والحقيقة‪ ،‬فهو يتطلب‬
‫ً()‪128‬‬
‫وجود مجتمع مثالي وهذا لم يتحقق في أي مجتمع من األزمنة الماضية وقد ال يتحقق ابدا ‪.‬‬
‫والباحث يديد الدكتور‪ /‬محمود سعد الدين الشريف في وجهة نظره في هذه المسألة‬
‫بأن طبيعة الضبط اإلداري وظيفة ضرورية ومحايدة والجهة المنوط بها القيام بتلك الوظيفة‬
‫هي السلطة التنفيذية باالشتراك مع بعض الهيئات األخرى‪ ،‬بهدف حفح األمن العام والسكينة‬
‫العامة والصحة العامة واآلداب العامة‪ ،‬وهذا الهدف هو المرجو منها إال أنه في بعض األحيان‬
‫تصطبغ بصبغة سياسية تخضع آلراء وفلسفة الفئة الحاكمة بهدف حماية النظام العام وليس‬
‫حماية مصالح فئة معينة‪.‬‬

‫عبد المجيد‪ ،‬س الاللطات الض الالبط اإلدار‪2‬ي في الظروف االس الالتثنائية‪ ،‬د ارس الالة‪1‬مقارنة‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬محمد شال الريف إس الالماعيل‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.22‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬
‫د‪ .‬محمد عصفور‪ ،‬البوليس و‪8‬الدولة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.250‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫المبحث الثانى‬
‫القيود الدستورية والقانونية للضبط‬
‫اإلداري‬
‫المبحث الثانى‬
‫القيود الدستورية والقانونية للضبط اإلداري‬
‫إن احترام حريات األفراد يشكل التزاما ً قانونيا ً تلتزم به سلطة الضبط‪ ،‬لذا فلقد لزم‬
‫تقييد تلك السلطة بقيود تمثل ضمانات قانونية للحرية بوضع قواعد دستورية وقانونية‪ -‬نابعة‬
‫من المبادئ الدستورية والتشريعية القائمة‪ -‬تكفل الحريات في مواجهة سلطة الضبط‪ ،‬وتشكل‬
‫تلك القواعد حدودا ً وقيودا ً على سلطة الضبط بما تضعه من أسس وضوابط تحكم سالمة‬
‫اإلجراء الضابط وسالمة سنده القانوني والدستوري‪.‬‬
‫وتتفاوت صالحيات الضبط ضيقا ً وسعة تبعا ً لما إذا كانت حدود الحريات العامة‬
‫محددة تحديدا ً واضحا ً أو مصاغة صياغة عامة من غير تحديد‪ ،‬ويستوى في ذلك أن يكون‬
‫تخطيط إطار الحرية حاصالً في صلب الدستور أو في القانون‪ ،‬فالتحديد الدستوري أو‬
‫القانوني يفرض على صالحيات الضبط قيودا ً لصالح الحريات ال تتحلل منها إال في ظل‬
‫الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫وفي مجال التقييد القانوني لسلطة الضبط‪ ،‬نجد أن جميع إجراءات الضبط اإلداري‬
‫تخضع لمبدأ المشروعية شأنها في ذلك شأن سائر األعمال اإلدارية‪ ،‬فيلزم فيها أن تصدر‬
‫من مختص‪ ،‬وفقا ً لإلجراءات واألشكال المقررة‪ ،‬وأن ترد على محل جائز قانوناً‪ ،‬ولسبب‬
‫يبرره‪ ،‬وأن تستهدف اإلدارة بها تحقيق الهدف الذي من أجله منحت االختصاص وهو‬
‫()‪129‬‬
‫المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫غير أنه نظرا ً لما تتمتع به أعمال الضبط اإلداري من طابع خاص وذاتية متميزة فإننا‬
‫لن نتناول كل ما يتعلق بمشروعية تلك األعمال‪ ،‬فسنكتفي بالقواعد الخاصة التي تتميز بها‬
‫إجراءات الضبط في حال الخضوع لمبدأ المشروعية‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم‪ ،‬سوف نتناول في هذا المبحث لبيان الحدود الدستورية والقانونية‬
‫وآثارها في صالحيات الضبط اإلداري وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫المطلب ألول‪ :‬مبدأ المشروعية كقيد على سلطة الضبط‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية الدستورية والقانونية للحريات كقيد على سلطة الضبط‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬مصدر‬ ‫)‬ ‫(‬
‫المطلب األول‬
‫مبدأ المشروعية كقيد على سلطة‬
‫الضبط‬
‫المطلب األول‬
‫مبدأ المشروعية كقيد على سلطة الضبط‬
‫مبدأ المشروعية من المبادئ القانونية العامة واجبة التطبيق في كل الدول‪ ،‬وذلك‬
‫بغض النظر عن االتجاهات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تتبناها الدولة‪،‬‬
‫وتتخذ منها أهدافها وغاياتها المستقبلية‪ ،‬فلقد استقر في الفكر السياسي والقانوني أن‬
‫السلطة القانونية ظاهرتان متالزمتان ومتكاملتان‪ ،‬فالسلطة ضرورة يفرضها اإلحساش‬
‫بالقانون‪ ،‬ثم هي ال تستطيع أن تتعامل مع الخاضعين لها‪ ،‬إال بالقانون وعلى‬
‫()‪130‬‬
‫مقتضاه ‪.‬‬
‫ويكاد الفقه يجمع على أن مبدأ المشروعية يعني سيادة حكم القانون‪ ،‬وتتحقق‬
‫سيادة القانون بخضوع اإلدارة والدولة بصفة عامة للقانون‪ ،‬بحيث تكون تصرفاتها‬
‫اإليجابية والسلبية في دائرة وحدود النظام القانوني المقرر في الدولة‪ ،‬وهذا النظام‬
‫القانوني يشمل كل قواعد القانون الوضعي أيا ً كان مصدرها وشكلها‪ ،‬وسواء كانت‬
‫مدونة أم غير مدونة‪.‬‬
‫وال خالف في أن تقرير مبدأ المشروعية‪ ،‬على هذه الصورة‪ ،‬يمثل في الدولة‬
‫المعاص رة أهم الضمانات الجدية والحاسمة لألفراد في مواجهة السلطة العامة‪ ،‬ألنهم‬
‫يكونون بمقتضاه في مأمن من أن تعتدي عليهم الدولة على خالف ما يجيزه القانون‪،‬‬
‫()‪131‬‬
‫أو بأكثر مما يرخص به ‪.‬‬
‫ترتيبا ً على ما تقدم‪ ،‬يعد مبدأ المشروعية ضرورة عملية وفلسفية‪ ،‬فضرورته‬
‫الفلسفية تكمن في إخضاع الدولة للقانون من خالل وجود مبادئ عليا وتشريعات الدولة‬
‫وتسبق في وجودها وجود الدولة نفسها‪ ،‬أما القيمة العملية فتظهر في مجال حماية‬
‫الحريات وتحقيق ضماناتها‪ ،‬فاالهتمام بمبدأ المشروعية وتأكيده وتحقيق الضمان‬
‫لتطبيقه يعد أحد الضمانات الالزمة الحترام الحريات وكفالتها ويتحقق ذلك بالتصدي‬
‫ألي تعد يقوم على إهدار لمبدأ المشروعية وذلك بعدم االنصياع ألحكام القانون‬
‫‪132‬فمبدأ المشروعية يضع‬‫بخروجها على ضمانات المقررة فيه لممارسة الحريات()‪،‬‬
‫بقواعد على عاتق اإلدارة التزاما ً أو قاعدة مدداها ضرورة توخي المصلحة العامة في‬
‫كل ت صرف‪ ،‬وتوخي الحرص في تنظيم الحريات من خالل التطبيق الصحيح ألحكام‬

‫العامة للقانون القاهرة‪ ،‬دار النهض ال الالة ‪1‬العربية‪،‬‬


‫‪3‬‬
‫د‪ .‬طعيمة الجرف مبدأ المش ال ال‪0‬الرونية وضال ال الوابط خض ال الالوع اإلدارة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الطبعة الثالثة‪ ،1976 ،‬ص‪.13‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪ 3‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬طعيمة الجرف‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المعاصرة‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة من كلية ‪1‬الحقوق‬


‫‪3‬‬
‫ضمانات الحرية في النظم السياسية‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬حسن أحمد على‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بجامعة القاهرة‪ ،1979 ،‬ص‪.28‬‬


‫القانون وقواعده‪ ،‬فهو بذلك يحقق نوع من التأصيل والتنسيق بين المتطلبات‬
‫المتعارضة‪ ،‬حرية المواطنين من ناحية وفاعلية اإلدارة في تحقيق غاياتها والقيام‬
‫بمهامها من ناحية أخرى‪.‬‬
‫غير أنه يالحح أن مبدأ الشرعية ال يعني مصادرة النشاط اإلداري في جميع‬
‫األحوال‪ ،‬بل أنه يتالئ م ويتوافق مع حاجات اإلدارة في تحقيق أهدافها وغاياتها خاصة‬
‫إذا ما عرضت لها ظروف تستدعى هذا الخروج على القواعد العامة تأكيدا ً ألهمية‬
‫تفضيل بقاء الدولة على تقييد حرية ما في إحدى مجاالتها‪ ،‬ولذلك فإن بعض قرارات‬
‫الضبط غير المشروعة في الظروف العادية يعتبرها القضاء مشروعة إذا ما ثبت أنها‬
‫ضرورية لحماية النظام العام بسبب ظروف استثنائية‪ ،‬ولقد عبر عن هذا المعنى الفقيه‬
‫الفرنسي ‪ Maurice Bourjol‬بقوله "أن المفهوم التقليدي المتحرر يخضع سلطة‬
‫الضبط لمبدأ المشرو عية‪ ،‬وعلى هذا األساش‪ ،‬أقام مجلس الدولة نظرية قضائية تقوم‬
‫على أساش التوازن بين الحرية والسلطة‪ ،‬غير أنه في بعض األحيان ينقلب ذلك التوازن‬
‫لصالح مبدأ السلطة وذلك في ظل الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫ونتناول في هذا المطلب مبدأ المشروعية كقيد على سلطة الضبط وذلك على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالمشروعية وبيان ماهيتها ومدلولها ومضمونها وعالقتها بالسلطة التنفيذية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إنعكاسات المشروعية على أعمال الضبط اإلداري‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫التعريف بالمشروعية وبيان ماهيتها‬
‫ومضمونها وعالقتها بالسلطة التنفيذية‬
‫نتناول في هذا المطلب بيان ماهية المشروعية وبيان ماهيتها ومدلولها ومضمونها‪،‬‬
‫مع ما يستتبعه ذلك بالضرورة من تحديد وبيان العالقة بين مبدأ المشروعية‪ ،‬والسلطة‬
‫التنفيذية وترتيبا ً على ما تقدم‪ ،‬فسوف نتناول في هذا الفرع النقاط التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التعريف بالمشروعية وبيان ماهيتها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مضمون مبدأ المشروعية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مبدأ المشروعة والسلطة التنفيذية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬التعريف بالمشروعية وبيان ماهيتها‪:‬‬
‫يقوم مبدأ المشروعية على أساش من التالزم والتكامل بين السلطة والقانون‪ ،‬فالسلطة‬
‫حقيقة اجتماعية ال بديل عنها الستقامة الحياة‪ ،‬فهي ضرورة ال يتصور وجود النظام الجماعي‬
‫واستقراره وتطوره بغيرها‪ ،‬لذلك يسلم الفقه بأن السلطة يعلل قيامها بضرورتها لخدمة‬
‫الصالح العام أو المشترك‪ ،‬ويستوي في ذلك أن تتغيا السلطة خدمة اإلنسان الفرد بحيث ال‬
‫تشغلها الجماعة إال بالقدر الالزم لتوفير األمن وتحقيق العدالة‪ ،‬أو أن تتغيا الجماعة بحيث ال‬
‫يشغلها الفرد إال باعتباره خلية حية وقادرة على خدمة المجموع‪ ،‬أو كانت وسطا ً بين األمرين‬
‫ال تحابي الفرد على حساب الجماعة‪ ،‬وال تفرط في الضغط بإسم الجماعة على الفرد‪ ،‬بل‬
‫‪133‬وعليه كان لزاما ً على السلطة العامة أن تلتزم‬
‫تكون أداه لتحقيق التوازن المقبول بينهما()‪،‬‬
‫القانون في كل ما تأمر به أو تنهي عنه‪ ،‬فذلك وحده هو شرط شرعيتها وهو الكفيل بضمان‬
‫احترام أوامرها ونواهيها وتنفيذ األفراد لها طواعية وعن اقتناع‪.‬‬
‫وترتيبا ً على ما سبق‪ ،‬فإن مبدأ المشروعية يعد حدا ً أعلى على سلطان الحكام‪،‬‬
‫وتصرفات هيئات الضبط والهيئات العامة األخرى‪.‬‬
‫ولقد عرف مبدأ المشروعية في نطاق القانون اإلداري بتعريفات متعددة تتراوا بين‬
‫الضيق والسعة‪ .‬فلقد ذهب البعض إلى أن مبدأ المشروعية إنما يطلق تحديدا ً على العالقة بين‬
‫التشريع واألعمال اإلدارية‪ ،‬غير أنه بعضا ً من فقهاء القانون العام في كل من فرنسا‬
‫ومصر()‪134‬يعطون مبدأ المشروعية مفهوما ً واسعاً‪ ،‬فمبدأ المشروعية عندهم ال يعني فقط‬
‫عالقة الخضوع بين أعمال اإلدارة والقواعد التشريعية‪ ،‬بل يعني باإلضافة إلى ذلك عالقة‬
‫الخضوع بين أعمال اإلدارة وكل أنواع القواعد القانونية التي يمكن أن تترك آثارها في‬
‫التصرف اإلداري‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن الشرعية عبارة عن مجموعة القواعد المستمدة من‬
‫()‪135‬‬
‫مصادرها المختلفة في شكلها ودرجتها وقوتها ‪.‬‬
‫والباحث يتفق مع ما ذهب إليه الرأي األخير‪ ،‬نظرا ً لما يددي إليه من توسيع لمبدأ‬
‫المشروعية وبالتالي تضييق نطاق حرية اإلدارة في التصرف‪ ،‬مما يددي بالتبعية إلى حماية‬
‫حقوق األفراد وحرياتهم‪ ،‬أيضا ً فإن هذا االتجاه يتفق مع أحكام القانون الوضعي في كل من‬
‫فرنسا ومصر‪ ،‬كما أنه موضع تأييد القضاء اإلداري في كل من فرنسا ومصر‪ ،‬لذلك فقد‬
‫قرر مجلس الدولة الفرنسي بغير االعتماد على نصوص الدستور حق النساء في التوظيف‬
‫بالمساواة بينهن وبين الرجال‪ ،‬كما قرر جواز فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي‪ ،‬وبغير‬
‫أسباب جدية تكشف عنها الدراسة الخاصة لحالة كل موظف‪ ،‬أيضا ً فلقد ألتزمت محكمة‬
‫القضاء اإلداري المصرية ذات النهج‪ ،‬فقررت اعتمادا ً على المبادئ العامة للقانون حق المرأة‬
‫()‪136‬‬
‫في المساواة بالرجل في تولي الوظائف العامة ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مدلول مبدأ المشروعية‪:‬‬

‫العامة للقانون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.141 ،13‬‬


‫‪3‬‬
‫المشرونية وضوابط خضوع اإلدارة‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬طعيمة الجرف‪ ،‬مبدأ‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫جع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬مر‬
‫‪4‬‬
‫)د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫(‬

‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬عادل السعيد أبو الخير‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام‬
‫‪1‬‬
‫اإلداري في القضالالية رقم ‪ 43‬لسالالنة ‪3 3‬ق‪ ،‬جلسالالة ‪،1953/11/12‬‬
‫‪6‬‬
‫انظر حكم محكمة القضالالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬ص‪.204‬‬


‫مقتضى مبدأ المشروعية هو التزام اإلدارة بالخضوع للقانون يشمل جميع تصرفاتها‬
‫االيجابية والسلبية التي ينبغي عليها القيام بها سواء كانت تصرفات قانونية أم مادية وذلك‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬مبدأ المشروعية والتصرفات اإليجابية واإلدارية‪:‬‬
‫أن مبدأ المشروعية يقيد أوالً اإلدارة في أعمالها اإليجابية‪ ،‬بحيث أن التصرفات اإليجابية لإلدارة ينبغي عليها أن‬
‫تلتزم باحترام القواعد التي تشكل الشرعية‪ ،‬ومن المسلم به أن هذا التقييد محدود إلى حد ما‪ ،‬وذلك بقدر ما تترك‬
‫القاعدة لإلدارة هامشا ً لالختيار في مبادرتها‪ ،‬وهنا يكمن التمييز األساسي بين السلطة المقيدة والسلطة التقديرية‪.‬‬
‫حيث يحب أال يددي استخدام إجراءات الضبط اإلداري إلى مصادرة الحقوق والحريات الفردية بصورة كاملة‪ ،‬إذ‬
‫أن حدوث ذلك فضالً عما يتضمنه من معارضة ألهداف الضبط اإلداري‪ ،‬ينطوي على مخالفة للمبادئ الدستورية‪،‬‬
‫ومنها ما نصت عليه المادة (‪ )17‬من النظام األساسي للسلطنة بأن " الحرية الشخصية مكفولة وفقا ً للقانون وال‬
‫يجوز القبض على إنسان أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في اإلقامة أو النقل إال وفق‬
‫أحكام القانون"‪.‬‬

‫‪ -2‬مبدأ المشروعية والتصرفات السلبية لإلدارة (االمتناعات)‪:‬‬


‫إن مبدأ المشروعية ليس من آثاره فقط إلزام اإلدارة بإحترام الشرعية في التصرفات‬
‫اإليجابية التي تتخذها تلقائياً‪ ،‬إنما يلزمها أيضا ً بالتصرف وال يسمح لها باالمتناع‪ ،‬فما هي‬
‫الحاالت التي تكون فيها كذلك؟‬
‫أ) عندما يفرض القانون على اإلدارة بطريقة دقيقة ومحددة‪ ،‬أن تتخذ أحد اإلجراءات‪،‬‬
‫فال شك أن اإلدارة تكون ملزمة بالتدخل‪ ،‬ويشكل رفضها التدخل عندئذ ال شرعية‪،‬‬
‫تكون قابلة للطعن باإللغاء‪ ،‬فضالً عن إقامة مسئولية اإلدارة‪.‬‬
‫ب) في حالة عدم وجود نص قانوني محدد يلزم اإلدارة بالتدخل‪ ،‬ففي هذه الحالة يكون‬
‫لإلدارة سلطة تقدير مالءمة التصرف ولكن ليس معنى ذلك أنها تكون سلطة مطلقة‪.‬‬
‫ج) أن اإلدارة ملزمة باتخاذ اإلجراءات الالئحية الالزمة لتنفيذ القوانين‪ ،‬ويجب أن‬
‫تتدخل في هذا الشأن خالل "مهلة معقولة" وامتناعها عن القيام بذلك يعد أحد أوجه‬
‫عدم المشروعية مما يعرضها للمسئولية‪ ،‬ولقد اقرت أحكام مجلس الدولة الفرنسي‬
‫على ضرورة تدخل اإلدارة في هذا الشأن‪.‬‬
‫د) أن اإلدارة ملزمة باستخدام القوة الجبرية عند االقتضاء‪ ،‬وذلك لتنفيذ األحكام‬
‫القضائية‪ ،‬وهذا ما قرره مجلس الدولة الفرنسي في العديد من أحكامه‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مبدأ المشروعية والسلطة التـنفيذية‪:‬‬
‫يقصد بالسلطة التنفيذية تلك السلطة التي يناط بها أساسا ً مهمة وضع كافة القواعد‬
‫‪137‬ونجد أن عالقة السلطة التنفيذية بالمشروعية تتمثل أساسا ً في‬
‫القانونية موضع التنفيذ()‪،‬‬
‫مجاالت ثالثة من مجاالت الضبط اإلداري‪ ،‬والقضائي‪ ،‬باإلضافة إلى دورها في مجال التنفيذ‬
‫العقابي وذلك على التفصيل اآلتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫السلطات الثالث‪ ،‬طبعة ‪ ،1974‬ص‪.1903‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ -1‬عالقة السلطة التـنفيذية بالمشروعية في مجال الضبط اإلداري‪:‬‬
‫يثور التسا ل عن المدى الذي تلتزم به السلطة التنفيذية بقاعدة المشروعية وذلك أثناء‬
‫ممارستها لوظيفتها المتعلقة بالضبط اإلداري؟‪.‬‬
‫تبدو صعوبة اإلجابة على هذا التسا ل نظرا ً لوجود قدر من التعارض الظاهري بين‬
‫آثار ممارسة وظيفة الضبط وبين غايتها األساسية‪ ،‬تلك الغاية التي تتبلور في جواز اتخاذ‬
‫كل ما من شأنه الحفاظ على النظام العام بمدلوالته الثالثة‪ ،‬مع ما يمكن أن يرتبه ذلك من آثار‬
‫تتمثل في إمكان المساش بالحريات الفردية ومن ثم تقييدها‪ ،‬فإذا كان الفكر القانوني الحديث‬
‫بحلول إيجاد صيغة للمالءمة والتوازن بين تدابير الضبط اإلداري وممارسة الحريات العامة‬
‫وضرورة كفالتها‪ ،‬إال أن تحقيق هذا التالئم والتوازن ليس باألمر الهين‪ ،‬وهو أحيانا ً أمر‬
‫متعذر‪ ،‬األمر الذي يترتب عليه التضحية بإحدى القيمتين من أجل األخرى‪ ،‬والتضحية دائما ً‬
‫في حريات األفراد‪ ،‬وما يستتبعه ذلك من إهدار للمشروعية بدعوى أن النظام العام ليس مما‬
‫يمكن التضحية به‪ ،‬أو التساهل في أي من أغراضه لما يترتب على ذلك من نتائج خطيرة‬
‫تهدد مقومات المجتمع‪.‬‬
‫وتكمن الخطورة في أنه في كثير من الحاالت تستطيع سلطة الضبط أن تسد الثغرات‬
‫التشريعية بما تصنعه من قواعد عامة‪ ،‬كما تستطيع في بعض الحاالت أن تصدر تدابير‬
‫ضبط فردية دون أن نستند في ذلك إلى نص‪ ،‬بل أحيانا ً بالمخالفة لنص قائم ‪.‬‬
‫()‪138‬‬

‫غير أن ذلك التحرر ال يمكن إطالقا ً أن يددي إلى التسليم بتحلل اإلدارة من كافة‬
‫ضوابط المشروعية في سبيل الحفاظ على النظام العام‪ ،‬ذلك أن هناك العديد من الضمانات‬
‫القانونية التي تهدف إلى وضع سلطة الضبط في حدود الغاية التي قامت من أجلها‪ ،‬وهذه‬
‫الضمانات سوف نتناولها تفصيليا ً في المباحث القادمة‪.‬‬
‫‪ -2‬عالقة السلطة التـنفيذية بالمشروعية في مجال الضبط القضائي‪:‬‬
‫يقصد بالضبط القضائي تعقب الجريمة بعد وقوعها بالفعل وذلك بالبحث عن فاعليها‬
‫‪139‬وإذا كان الضبط اإلداري يتم مباشرة‬‫وجمع اإلستدالالت الالزمة إلثبات التهمة عليهم()‪،‬‬
‫تحت إشراف السلطة اإلدارية‪ ،‬فإن الضبط القضائي يخضع أساسا ً إلشراف السلطة‬
‫القضائية‪ ،‬ونجد أن غالبية رجال الضبط القضائي يختارون عادة من رجال الضبط اإلداري‪،‬‬
‫وذلك بسبب وجود ارتباط وثيق بين مهام الوظيفتين‪ ،‬ألن القانون يسبغ عليهم وظيفة الضبط‬
‫القضائي بصفة إضافية إلى جانب صفتهم األصلية كمأموري ضبط إداري‪ -‬حسبما بيناه من‬
‫قبل‪ -‬ولذلك فإن مأموري الضبط القضائي هم في األصل موظفون تابعون للسلطة التنفيذية‬
‫أنيط بهم وظيفة أخرى إضافية هي تلك الخاصة بالضبط القضائي‪ ،‬يخضعون بمقتضاها‬
‫إلشراف السلطة القضائية في ممارستهم إلختصاصاتها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬محمد عصفور‪ ،‬البوليس و‪8‬الدولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪398‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫ابعة عشر‪ ،1982 ،‬ص‪.249‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬رؤوف عبيد‪ ،‬مبادئ اإلجر‪9‬اءات الجنائية‪ ،‬القاهرة الطبعة الر‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وعن العالقة التي تربط بين موظفي السلطة التنفيذية وبين المشروعية أثناء ممارستهم‬
‫لمهام تلك الوظيفة اإلضافية‪ ،‬نوضح بادئ ذي بدء أن قاعدة المشروعية تتجه بخطابها إلى‬
‫السلطة القضائية‪ ،‬ومن ثم يوجد قدر من االرتباط الوثيق بينهما‪ ،‬فالسلطة القضائية هي التي‬
‫تسهر على تأكيد سيادة القانون وضمان تحقيق المشروعية وتوقيع الجزاء المناسب على عدم‬
‫‪140‬وذلك من خالل‬ ‫المشروعية‪ ،‬فالقضاء وحده هو الذي يملك تقرير المشروعية من عدمها()‪،‬‬
‫رقابته على اإلجراءات الجنائية في جملتها‪ ،‬بقيامه بالتحقق من مدى مراعاة هذه اإلجراءات‬
‫للضمانات التي كفلها القانون للحرية الشخصية‪ ،‬ألن القضاء يملك سلطات ومكنات نحو‬
‫اإلجراء المخالف وشخص مرتكبه‪ ،‬فيملك القضاء سلطة إهدار اإلجراء وكافة ما يترتب‬
‫عليه من نتائج‪ ،‬وأيضا ً العقاب عما قد يشكله الحصول على مثل هذا اإلجراء من جرائم‪،‬‬
‫وكذلك النظر في إمكان تقرير مسئولية المخالف عنه مدنيا ً أو جنائيا ً أو إدارياً‪ ،‬ومن ثم إلزامه‬
‫()‪141‬‬
‫بتعويض المضرور عما لحقه من أضرار ‪.‬‬
‫‪ -3‬عالقة السلطة التـنفيذية بالمشروعية في مجال التنفيذ العقابي‪:‬‬
‫تنشأ سلطة الدولة في التنفيذ بمقتضى حكم اإلدانة الحائز لحجية الشيء المقضي فيه‪،‬‬
‫ويعد هذا الحكم سندا ً تنفيذيا ً تنتهي إليه الدعوى الجنائية بحيث ال يمكن البدء في التنفيذ بدونه‪،‬‬
‫وذلك فإن جهة اإلدارة تقوم بالتنفيذ على المحكوم عليه بموجب الحكم النهائي‪ ،‬ومن المسلم‬
‫به هو تبعية المدسسات العقابية للسلطة التنفيذية التي تتولى مهمة اإلشراف واإلدارة فيها‪،‬‬
‫ونجد أن العالقة وطيدة بين موظفي السلطة التنفيذية المشرفين على المدسسات العقابية‬
‫وإدارتها وبين قاعدة المشروعية‪ ،‬وذلك عن طريق تقييدهم بمضمون الشرعية التنفيذية من‬
‫خالل التزامهم بعدم جواز الحجز أو الحبس في غير األماكن الخاضعة للقوانين الصادرة‬
‫بتنظيم السجون أو من خالل عدم جواز قبول اإليداع في تلك األماكن إال بمقتضى أمر صادر‬
‫من النيابة العامة على النموذج الذي يقرره وزير العدل وفقا ً للمادة (‪ )478‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجنائية المصري‪ ،‬باإلضافة إلى التزامهم أيضا ً بمضمون المشروعية في إطارها‬
‫العام وذلك بحسن معاملتهم لمن قيدت حريته باألسلوب والطريقة التي تحفح عليه كرامة‬
‫()‪142‬‬
‫اإلنسان‬

‫‪ ،665‬د‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬أحمد ضال ال ال ال ال الالياء الدين محمد‪ 0‬خليل‪ ،‬مشال ال ال ال ال الالرونية الدليل في المو‪4‬اد الجنائية‪ ،‬القاهرة‪ ،1983 ،‬ص‬ ‫)‬ ‫(‬

‫عادل السعيد أبو الخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.290‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬
‫د‪ .‬أحمد ضياء الدين‪ ،‬مرجع ‪1‬سابق‪ ،‬ص‪.663‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الطبعة الثالثة‪( ،‬بدون دار نش ال ال ال ال ال الالر)‪،19731 ،‬‬


‫‪4‬‬
‫د‪ .‬يحيي الجمل‪ ،‬نظرية الض ال ال ال‪2‬ال ال الالرورة في القانون الدس ال ال ال ال ال الالتوري‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.14-10‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫انعكاسات المشروعية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫يترتب على المشروعية خضوع سلطة الضبط للقانون‪ ،‬ومقتضى ذلك أن أي تصرف‬
‫تجريه سلطة الضبط وتخالف به قواعد القانون يقع باطالً غير نافذ مما يجعله جديرا ً باإللغاء‬
‫فضالً عما يترتب عليه من مساءلة اإلدارة بتعويض الضرر عنه‪.‬‬
‫تأسيسا ً على ما تقدم تترتب النتائج اآلتية في مجال خضوع سلطة الضبط للمشروعية‪:‬‬
‫‪ -1‬مبدأ تدرج القواعد القانونية‪ ،‬وفقا ً لذلك المبدأ‪ ،‬تندرج القواعد القانونية تدرجا ً‬
‫شكلياً‪ ،‬أي بحسب السلطة التي أصدرتها‪ ،‬كما أنها تندرج كذلك تدرجا ً موضوعياً‪ ،‬أي بالنظر‬
‫إلى مضمون القاعدة وفحواها‪ ،‬فتأتي األعمال المشروعة المجردة في مرتبة أعلى من‬
‫‪143‬وعن طريق ذلك المبدأ تنفذ‬ ‫األعمال الذاتية أو الشخصية‪ ،‬ولو اتحد مصدر الفاعلتين()‪،‬‬
‫أحكام القانون من القمة إلى القاعدة‪ ،‬فالتدرج يشكل المجرى الذي تسري فيه أحكام‬
‫‪144‬والذي تجري عبره ضمانات القانون في العدالة والمساواة‪ ،‬وبفضل التدرج‬ ‫القانون()‪،‬‬
‫يمكن أن تضمن‪ -‬على مستوى القرارات اإلدارية الفردية‪ -‬المساواة بين األفراد في الحقوق‬
‫واألعباء‪.‬‬
‫وتبدو أهمية التدرج في عالقته بكفالة الحريات ومن ثم تقييد سلطة الضبط واضحة‪،‬‬
‫ذلك أن هيمنة الدستور على قواعد المشروعية يعني ابتداء بطالن قواعد التشريع المخالفة‬
‫ألحكامه‪ ،‬وهو يعني في المقام الثاني تقييد أعمال اإلدارة الضبطية باألعمال المشروعة شكالً‬
‫وموضوعاً‪ ،‬ولهذا يحدد التدرج مضمون المشروعية وحدودها بالنسبة لكل سلطة ضبطية‬
‫حيث يبين لكل منها القواعد التي تلتزم بها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫على‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49 ،48‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع‪3‬سابق‪ ،‬ص‪ ،22‬د‪ .‬حسين أحمد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫االجتمانية يتطلب تدرج وتسال ال ال ال ال ال الاللسال ال ال ال ال ال الالل‪ 1‬القواعد‬


‫‪4‬‬
‫التغلغل في مختلف نواحي الحياة‬
‫‪4‬‬
‫تجد قاعدة التدرج في أن‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القالالانونيالالة‪ ،‬ذلالالك أن القالالانون يهالالدف إلى تنالالاول مختلف دقالالائق الحيالالاة االجتمالالانيالالة بالالالتنظيم‪ ،‬ولمالالا كالالانالالت الحيالالاة‬
‫االجتمانية متناهية التشال ال ال ال ال ال الالعب‪ ،‬فإن ذلك التنظيم يبدو متعذ اًر من الناحية العملية‪ ،‬ولهذا لم يكون هناك بد من أن‬
‫يواجه القانون الحياة االجتمانية بفكرة مواتية هي فكرة تشالالمل القواعد القانونية‪ ،‬ويفضالالل هذا التسالاللسالالل بين عناصالالر‬
‫الكيان القانوني فإن القانون يمكن أن يسمع صوته حتى بالنسبة إلى أبعد األنشطة االنسانية مثاالً‪ ،‬وبالتالي يتحقق‬
‫االنسجام بين الخطة السياسية الشاملة والنمط االجتماعي المرغوب فيه‪ ،‬طالما أن كل القواعد القانونية ستترابط ال‬
‫ترابطاً تسالاللسالاللياً فحسالالب‪ ،‬بل ترابطاً سالالببياً أيض الاً‪ ،‬طالما أن في كل درجة من درجات هذا التسالاللسالالل سالالتكون القاعدة‬
‫مشروطة‪ ،‬من حيث مضمونها‪ ،‬بالقاعدة السابقة عليها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬نعيم عطية‪ ،‬مس الالاهمة في د ارس الالة النظرية العامة للحريات الفردية‪ ،‬رس الالالة دكتوراة مقدمة إلى كلية الحقوق‬

‫بجامعة القاهرة‪ ،1964 ،1963 ،‬ص‪ 104‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬مبدأ سيادة الدستور والرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬يأتي هذا المبدأ في القمة من‬
‫تدرج النظام القانوني في الدولة‪ ،‬فالدستور هو الذي ينشئ السلطات العامة في الدولة بما فيها‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬فيحدد لكل منها االختصاصات ويضع القيود وينظم اإلجراءات التي‬
‫تمارش بها تلك االختصاصات فإذا خالفت السلطة التشريعية الدستور أو خرجت عن حدود‬
‫االختصاصات التي رسمها لها‪ ،‬أو تحللت من القيود التي وضعها‪ ،‬تكون جاوزت سلطاتها‪،‬‬
‫ومن ثم يبطل كل أجراء تتخذه في هذا الشأن لذلك يجب أن تكون السلطة التشريعية خاضعة‬
‫للرقابة‪ ،‬وإذا كانت النظم السياسية المختلفة تسلم بضرورة الرقابة‪ ،‬إال أنها عرفت في قيمها‬
‫()‪145‬‬
‫لطبيعة هذه الرقابة ومداها ‪.‬‬
‫وتشكل الرقابة على دستورية القوانين ضمانة قوية لألفراد في مواجهة سلطة الضبط‪،‬‬
‫فالتحديد الدستوري أو القانوني للحريات‪ -‬على حسب األحوال‪ -‬يفرض على سلطات الضبط‬
‫اإلداري قيودا ً لصالح الحريات ال تستطيع أن تتحلل منها إال في الظروف االستثنائية‪ ،‬وذلك‬
‫من زاوية إمكان تحريك األفراد للرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬وهي زاوية ال يحجبها أن‬
‫يكون التدبير الضبطي صادرا ً من الهيئات اإلدارية الحتمال أن يكون مستندا ً إلى نص‬
‫()‪146‬‬
‫قانوني ‪.‬‬
‫‪ -3‬اإللتزام بالمبادئ العامة للقانون‪ ،‬يتعين على سلطات الضبط اإلداري اإللتزام بتلك‬
‫المبادئ عند ممارستها لمقتضيات الضبط‪ ،‬خاصة وأن كثيرا ً من هذه المبادئ يتعلق بالحريات‬
‫()‪147‬‬
‫العامة التي ترد عليها إجراءات الضبط ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الدستوري وتطور األنظمة الدستورية في ‪4‬مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،1971 ،‬ص‪.80‬‬
‫‪5‬‬ ‫د‪ .‬ثروت بدوي‪ ،‬القانون‬ ‫)‬ ‫(‬

‫يف‪ ،‬فلسفة العالقة بين الضبط اإلدار‪4‬ي والحريات‪ ،‬مقالة السابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬محمود شريف الدين شر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.431‬‬
‫‪4‬‬
‫الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫المطلب الثاني‬
‫حماية الحريات الدستورية‬
‫والقانونية‬
‫كقيد على سلطة الضبط‬
‫المطلب الثاني‬
‫حماية الحريات الدستورية والقانونية‬
‫كقيد على سلطة الضبط‬
‫أن األساليب التي تتبع في تقرير الحريات العامة‪ ،‬وإضفاء حماية دستورية أو قانونية‬
‫عليها تختلف من دولة إلى أخرى ومرد ذلك اختالف األصول الفلسفية والسياسية التي تقوم‬
‫عليها نظم الحكم‪ ،‬فضالً عن اختالف الظروف التاريخية التي صاغت الحياة الدستورية على‬
‫نحو يختلف من دولة إلى أخرى‪.‬‬
‫لذا نتناول الحماية الدستورية والقانونية للحريات في هذا المطلب على النحو التالي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التنظيم التشريعي للحريات‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة اإلدارة في مجال الحريات‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫التنظيم التشريعي للحريات‬
‫األصل هو أن الحريات تجد مكانها الطبيعي في صلب الدساتير‪ ،‬وهو ما درجت عليه‬
‫مختلف النظم السياسية‪ ،‬إال أن االعتبارات القانونية والعملية قد تحول دون أن تتسع نصوص‬
‫الدساتير لتفصيالت تنظيم ممارسة تلك الحريات ولذلك يعهد الدستور بهذه المهمة للقانون‪.‬‬
‫غير أنه يتعين أال يترتب على تنظيم القانون للحريات مخالفة المبادئ األساسية‬
‫المنصوص عليها في الدستور‪ ،‬كما يتعين أن يكون تناوله للحريات قاصرا ً فقط على التنظيم‬
‫المباا والالزم للممارسة الصحيحة من جانب األفراد لهذه الحريات دون أن يصل األمر إلى‬
‫()‪148‬‬
‫حد االنتقاص منها أو وضع قيود تصفية تددي إلى هذا االنتقاص‪. .‬‬
‫ومن خالل هذا الفرع سنشير للنقاط التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التشريع وكفالة الحريات‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬سلطة تنظيم الحريات‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حدود التنظيم التشريعي للحريات‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الشروط والضوابط الواجب توافرها في التشريع المنظم للحرية‪.‬‬
‫خامسا ً‪ -‬الرأي العام وحماية الحريات تجاة سلطات الضبط االدارى ‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬التشريع وكفالة الحريات‪:‬‬
‫تنص الدساتير على أن تنظيم الحريات يجب أن يكون بقانون أو بناء على قانون‪،‬‬
‫ويستند مبدأ إحالة الدساتير إلى القانون لتنظيم حقوق وحريات األفراد إلى أسباب عديدة‪،‬‬

‫في النظرية العامة للحريات الفردية‪4 ،‬القومية للطباعة والنشال ال ال ال ال ال الالر‪11963 ،‬؛ انظر‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬نعيم عطية‪ ،‬مسال ال ال ال ال ال الالاهمة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫كذلك‪ :‬د‪ .‬س ال ال الالعاد الشال ال ال الرقاوي‪ ،‬نس ال ال الالبية الحرية العامة وانعكاس ال ال الالها على التنظيم القانوني‪ ،‬دار النهض ال ال الالة العربية‪،‬‬
‫‪ ،1979‬ص‪.163‬‬
‫فالقانون وحده هو الذي ينطق بالقاعدة القانونية وبالتالي فإن كافة السلطات في الدولة تلتزم‬
‫بإحترامه وال يجوز ألي منها أن تفرض على األفراد قيودا ً ليس لها سند من القانون‪ ،‬كما أنه‬
‫ال يمكن أن يتولد أي التزام قانوني على عاتق األفراد إال متى نص القانون عليه سواء بطريق‬
‫مباشر أو غير مباشر‪ ،‬وترجع هذه األهمية للقانون في مجال تنظيم الحريات إلى أسباب‬
‫كثيرة نوجز أهمها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن وضع القانون يقتضي إجراءات معينة تنطوي على ضمانات فعالة للحريات‪ ،‬وأن‬
‫في استلزام صدور القيد على الحريات من سلطة معينة بعد اتباع إجراءات محددة‬
‫ومرسومة مقدما ً في الدساتير يقلل من اإلفراط في فرض القيود على الحريات ‪.‬‬
‫()‪149‬‬

‫‪ .2‬تنطوي الطبيعة القانونية للتشريع على ضمان وحماية للحريات والتي تتمثل في‬
‫عمومية التشريع وعدم إنصرافه إلى فرد بعينه‪ ،‬وهذه العمومية تضفي على التشريع‬
‫طابعا ً غير ذاتي يستبعد معها كل احتمال للتعسف طالما أن التشريع ال يواجه حالة‬
‫شخصية‪ ،‬بل أنه يقرر قاعدة موضوعية‪ ،‬فالتشريع ال يواجه أشخاصاً‪ ،‬بل هو ينشئ‬
‫أي يعدل مراكز قانونية عامة‪ ،‬بمعنى أنها واحدة بالنسبة لجميع األفراد الذين يوجدون‬
‫في تلك المراكز‪ ،‬فضمانة العمومية إنما تعني أن الحكم القانوني الذي تضمنه القاعدة‬
‫التشريعية ال يخص حالة فردية قائمة وال أفرادا ً معينين بذواتهم‪ ،‬بل هي حكم يوضع‬
‫مقدما ً ليطبق على كل الحاالت وعلى كل األشخاص الذين يتوافر فيهم ما اشترطه‬
‫()‪150‬‬
‫المشرع ‪.‬‬
‫عدم رجعية التشريع من حيث المبدأ‪ ،‬تفرض عدم المرجعية نفسها على سلطة المشرع‬
‫كأصل تق تضيه طبائع األشياء‪ ،‬ألنه إذا قيل بأن يهدم التشريع الروابط القانونية التي نشأت‬
‫صحيحة ومشروعة في ظل تشريع سابق ألدى ذلك إلى الفوضى واالضطراب‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن عدم الرجعية هو مبدأ دستوري ملزم للمشرع ذاته في المسائل‬
‫الجنائية‪ ،‬فهي نتيجة مترتبة على قاعدة " ال جريمة وال عقوبة إال بنص"‪ ،‬أما في المسائل‬
‫المدنية فال تعد عدم الرجعية مبدأ دستورياً‪ ،‬فطالما أن التشريع هو المهيمن على المراكز‬
‫القانونية التي تنحدر عنه فإن المشرع غير ملزم بعدم التعديل في مضمون تلك المراكز وهو‬
‫يعدل القاعدة التي وضعها‪ ،‬وفي القول بأكثر من ذلك ما قد يصيب التنظيم القانوني بجمود‬
‫غير مناسب للمقتضيات االجتماعية‪ ،‬أما بالنسبة للتشريعات المنظمة للسلطات العامة فليس‬
‫()‪151‬‬
‫ألحد أي حق مكتسب في أن يكون ترتيب ممارسة السلطة العامة على نحو دون آخر ‪.‬‬

‫الابق‪ ،‬ص‪ 184‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬حسال ال الالن‪ 4‬أحمد على‪ ،‬المرجع السال ال الالابق‪ ،‬ص‪ ،141‬د‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬نعيم عطية‪ ،‬المرجع السال ال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫س الالعاد الشال الرقاوي‪ ،‬نس الالبية الحريات العامة وانعكاس الالها على التنظيم القانوني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهض الالة العربية‪،1979 ،‬‬
‫ص‪.142‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.440‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1986‬ص‪.151‬‬


‫‪5‬‬
‫على أعمال اإلدارة القضائية‪ ،‬دار‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد كامل ليلة الرقابة‬ ‫)‬ ‫(‬
‫ثانياً‪ :‬السلطة المنظمة للحريات‪:‬‬
‫أصبح المبدأ السائد منذ إعالن حقوق اإلنسان الفرنسي الصادر عام ‪ 1789‬أن تنظيم‬
‫الحريات مجال محجوز للمشرع‪ ،‬فالمشرع وحده هو المختص بتحديد المجال الذي تتم فيه‬
‫ممارسة الحريات‪ ،‬ذلك أن التشريع باعتباره صادرا ً عن اإلدارة العامة تحت رقابة من الرأي‬
‫()‪152‬‬
‫العام يكون أقدر على تحقيق التوافق بين الحريات في إطار من النظام العام ‪.‬‬
‫وال يزال مبدأ االختصاص التشريعي بتنظيم الحريات في فرنسا ساريا ً في ظل دستور‬
‫‪153‬فلقد وزع دستور ‪ 1958‬سلطة التشريع بين البرلمان والحكومة‪ ،‬وأصبحت‬ ‫سنة ‪،)(1958‬‬
‫الحكومة‪ ،‬أي السلطة التنفيذية‪ ،‬صاحبة االختصاص العام بالتشريع في جميع المسائل التي‬
‫ترد على سبيل الحصر في المادة ‪ 34‬والتي جعلها الدستور من اختصاص البرلمان‪ ،‬ومعنى‬
‫ذلك أن اختصاص البرلمان بالتشريع اختصاص محدد على سبيل الحصر وهو يضم الحقوق‬
‫المدنية والضمانات األساسية الممنوحة للمواطنين لممارسة الحريات العامة‪.‬‬
‫مبدأ األختصاص اإلستشارى للمشروع‬
‫وترتيبا ً على ما تقدم‪ ،‬يختص البرلمان في فرنسا بوضع القيود التي ترد على‬
‫ممارسة الحريات بشرط عدم المساش بالحريات األصلية التي قررها الدستور لألفراد‪،‬‬
‫ويختص المجلس الدستوري بالفــصل فـي المنازعات التي قد تتــأثر بيـن الحكومة‬
‫‪154‬فــمن ذلك قــراره في ‪ 19‬مارش‬ ‫والـبرلمـان بصـــــدد اختصاصاتها التشريعية()‪،‬‬
‫‪ 1964‬والذي انــتهى فـيه إلى أن حكومة اإلعالم القومية التي يقوم بها مرفـق الراديــو‬
‫والتـليفـزيون تمس الضمانات األسـاسيــة الممنـوحة للمواطنين لممـارسة الحــريات‬
‫العــامة‪ ،‬ولمــا كـان الدستــور وحده هـو الـذي يختص بتـنظيــم مرفـــق الراديـــــو‬
‫والتليفزيون‪ ،‬أما اإلدارة فإنها تختص بوضع القوانين التي يضعها المشرع في هذا الصدد‬
‫()‪155‬‬
‫موضع التنفيذ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حدود التنظيم التشريعي للحريات‪:‬‬
‫إن حقوق اإلنسان وحرياته أمور ال يستطيع أي مشرع‪ -‬ولو كان المشرع الدستوري‪-‬‬
‫أن يخالفها‪ ،‬فهو فيما يضعه من قواعد في شأنها ال يعدو ان يكون كاشفا ً عن حقوق أصلية‪،‬‬
‫وإذا كان األمر كذلك فإن سلطة تنظيم الحريات ال يمكن أن تبلغ منطقيا ً حد تقييدها‪ ،‬وهذا ما‬

‫‪.147‬‬
‫‪1‬‬
‫التنظيم القانوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬نسبية الح‪2‬ريات العامة وانعكاساتها على‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القضائية‬
‫‪1‬‬
‫على أي فرد تعسفياً‪ ،‬والسلطة‬ ‫‪5‬‬
‫المادة ‪ 66‬من الدستور‪3‬الفرنسي على أنه‪ :‬م ال يجوز القب‬ ‫تن‬ ‫)‬ ‫(‬

‫هي الحارسة على الحرية الفردية وتؤمن احترام هذا المبدأ وفقاً للظروف المنصوص عليها في القانون م‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.5383‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬عبد الحليم عبد السالم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ي‪ ،‬شرل قانون مجلس الدولة المصر‪1‬ي‪ ،‬دار‬


‫‪5‬‬
‫الدولة المبادئ العامة للقضاء اإلدار‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬مصطفى كامل‪ ،‬مجلس‬ ‫)‬ ‫(‬

‫النهضة العربية إل ‪ ،2‬سنة ‪ ،1954‬ص‪.303‬‬


‫أدركته مواثيق الحريات األولى وما عبر عنه الفصل األول من دستور سنة ‪ 1791‬الفرنسي‪،‬‬
‫بل وعبر عنه من قب ل إعالن حقوق اإلنسان والمواطن بوضوا من مادتيه األولى والثانية‬
‫من أن الناش يولدون ويظلون متساوين في الحقوق‪ ،‬وأن هدف كل مجتمع سياسي هو صيانة‬
‫حقوق اإلنسان الطبيعية الخالدة‪.‬‬
‫غير أ ن تقدير التنظيم يتوقف على التأكد من أن هذا التنظيم ال يتخذ ذريعة إلهدار‬
‫الحرية أ و انتقاصها‪ ،‬ومن هذا فلقد أثير التسا ل على الحدود الفاصلة بين التنظيم المباا‬
‫واالنتقاص المحظور؟‪.‬‬
‫وواقع األمر أنه إذا ما فرض الدستور على المشرع قيودا ً معينة في تنظيمه للحرية‬
‫فإنه يجب مراعاتها واحترامها‪ ،‬وإال عد القانون معيبا ً لمخالفته الدستور‪ ،‬وإذا لم يفرض‬
‫الدستور على المشرع قيودا ً معينة‪ ،‬فإن المشرع ال يكون عليه من الناحية القانونية سوى قيد‬
‫قانوني واحد هو عدم إلغاء أو سلب الحرية‪ ،‬فإذا سلبها المشرع وهو في صدد تنظيمها‪ ،‬كان‬
‫القانون مشوبا ً بعيب مخالفة الدستور‪ ،‬وعلى ذلك فعندما يخول الدستور المشرع حق تنظيم‬
‫حرية من الحريات‪ ،‬دون أن يفرض عليه التزام قيود معينة‪ ،‬فإن المشرع يملك سلطة واسعة‬
‫في تنظيم الحرية وفي تقييدها‪ ،‬طالما أنه ال يهدم الحرية‪ ،‬فإن من له حق التنظيم لحرية من‬
‫الحريات كان له وضع القيود على تلك الحرية‪ ،‬وليس هناك حد للمدى الذي يبلغه المشرع‬
‫في تقييده للحرية‪ ،‬وذلك نظرا ً لعدم وجود معيار موضوعي لتقدير خطورة هذا التقييد‪ ،‬وألن‬
‫فكرة مدى ضرورة التشريع ومالئمته هي من أخص مظاهر السلطة التقديرية التي يجب أن‬
‫()‪156‬‬
‫تستأثر بها السلطة التشريعية دون رقابة إال من الرأي العام وحده ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الشروط والضوابط الواجب توافرها في التشريع المنظم للحريات‪:‬‬
‫يجب على المشرع أن يسارع إلى تنظيم أحكام الدستور المتصلة بالحريات والتي تهم‬
‫ا لتنظيم االجتماعي وذلك بما يكفل للضبط اإلداري تأدية وظيفته‪ ،‬وذلك حتى يكون على‬
‫بصيرة من دواعي تقييد الحرية باألسلوب المقرر في الدستور‪ ،‬ويستوجب ذلك أن يتوافر في‬
‫‪157‬والذي يهدف أساسا ً إلى تحديد إطار العمل‬‫التشريع المنظم للحرية والضابط لحدودها( )‪،‬‬
‫وإطار الممارسة لكل من السلطة والفرد الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون التشريع المنظم للحرية قائما ً على أسس دعم الحرية وكفالتها‪:‬‬
‫وهنا نجد أن مصدر تنظيم الحريات وتحقيقها هو التشريع‪ ،‬والذي يهدف أساسا ً إلى‬
‫تحديد إطار العمل وإطار الممارسة لكل من السلطة والفرد بإيضاا كافة جوانب التحديد‬
‫الالزم لبيان ماهية الحرية ووسيلة تنظيمها والضمانات المقررة لها‪ ،‬وحتى يحقق التشريع‬
‫تنظيم الحرية ويكون كامالً وأمينا ً في هذا المجال‪ ،‬فإنه يجب أن يقوم في أسبابه وأسسه على‬
‫دعم الحرية ال الحد منها أو القضاء عليها‪ ،‬بحيث يصبح تنظيم الحرية هو الكافل لممارستها‪،‬‬
‫ذلك أن المشرع وهو يقوم بوضع القانون يجب أن يتجه إلى تدعيم وجود الحرية والتقييد من‬

‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪ 57‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬حدود‪ 6‬سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬أنور أحمد رسالن‪ ،‬الوسيط‪ 7‬في القضاء اإلداري‪ ،‬دار النهضة‪5‬العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص‪.1830‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫استغالل سلطات الضبط للثغرات التشريعية‪ ،‬عن طريق حسن الصياغة ودقتها‪ ،‬ويحمي‬
‫الفرد من تسلط أجهزتها‪ ،‬فإذا لم يحقق ذلك أصبح ال جدوى في تشريعه للحريات‪ ،‬إذ سيكون‬
‫حمالً عليها ال عونا ً لها‪.‬‬
‫كذلك يجب على المشرع أن يسبغ على الحرية القوة التي تتمتع بها النصوص‬
‫الدستورية المنظمة لها‪ ،‬وأن يراعى المشرع هذه القيود بنفسه عند صياغة النصوص‬
‫التشريعية‬
‫المتصلة بالحريات عامة‪ ،‬واألساليب الضابطة على وجه الخصوص‪ ،‬كما يجب أن‬
‫يكون ضامنا ً لها بأال يفرض أية حصانة على تصرف من تصرفات اإلدارة يكون فيه انتهاك‬
‫لتلك الحريات أو مخالفة للحماية التشريعية الضامنة للحرية أو خروجا ً عليها‪ ،‬أو يكون فيه‬
‫اقتحام لمظاهر النشاط الفردي على غير مقتضى من أحكام الدستور ومبادئه‪.‬‬
‫أيضا ً يجب أن يشير التشريع دوما ً إلى كفالة حق المواطنين في اإلتجاه إلى جهات‬
‫اإلدارة بالشكوى أو التظلم من إجراءاتها الخارجية على مقتضى أحكام القانون الضبطي‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون التشريع المنظم للحرية مقررا ً لضمانات الحرية‪:‬‬
‫يجب أن يكون التشريع المنظم للحرية كافالً للحرية محققا ً لضماناتها لردع أي اعتداء‬
‫أو انتهاك لها ويتحقق ذلك من خالل اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون التشريع المنظم للحرية متفقا ً وأحكام الشرعية‪ ،‬وذلك بأن يكون صادرا ً‬
‫عن سلطة خولها الدستور مكنة هذا التنظيم وذلك في نطاق من التدرج الهرمي للسلم‬
‫التشريعي‪ ،‬أيضا ً يجب أن تكون هذه التشريعات مستمدة من مصادرها المعترف بها‪.‬‬
‫ومتفقة مع المبادئ العليا التي تعارف عليها المجتمع والمستخلصة من اتفاق تلك‬
‫المبادئ مع معتقداته ودياناته السماوية وعلى هدى منها ومن أحكامها وبمبادئها‬
‫السلمية وهو ما تعارف عليه بالمشروعية العليا للمجتمع‪.‬‬
‫أن يكفل التشريع المنظم للحرية حق التقاضي‪ ،‬فالمشروعية ال تكتمل جوانبها إذا لم‬ ‫‪‬‬
‫تتضمن نصوص الدستور والتشريعات الضامنة للحرية والنص على كفالة حق التقاضي‬
‫باعتباره أحد مصادر الوصول إلى الحق في حالة االعتداء عليه‪ ،‬فهو الضامن النهائي للحرية‬
‫إلى جانب صور الضمان األخرى‪ ،‬فإذا قيد هذا الحق ضاع القانون من أساسه وضاعت‬
‫الحرية تبعا ً له‪، .‬‬
‫()‪158‬‬

‫أن يقرر التشريع المنظم للحرية الجزاءات الالزمة عند مخالفة نصوصه‪ ،‬إذا كانت‬ ‫‪‬‬
‫النصوص الدستورية والتشريعية تحمي الحريات في نصوص تشريعية إال أنها ال تحميها‬
‫في المستوى اإلداري‪ ،‬ولهذا كانت الحاجة إلى وجوب تضمين النص التشريعي إجراءات‬
‫ونصوص يقصد بها تعريض القائم باإلجراء الماش بالحريات للمسئولية عن نتائج الخروج‬

‫خالد س الاليد محمد حماد‪ ،‬حدود‪ 8‬الرقابة القض الالائية علي س الاللطة اإلدا‪5‬رة التقديرية‪ ،‬د ارس الالة مقارنة‪ ،‬الطبعة ‪1‬الثانية‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.571 ،570‬‬


‫على القواعد المحددة بالنص‪ ،‬مما يددي إلى مراقبة القائم باإلجراءات لشروطه وأوضاعه‬
‫المحددة بالنص‪ ،‬فالتهديد بالجزاءات عند مجاوزة اإلجراء يمكن أن يددي إلى زيادة االهتمام‬
‫باتباع الضمانات المقررة بشأن حماية الحرية‪ ،‬وكنتيجة لذلك نجد أن القواعد التي تحكم‬
‫المسئولية التأديبية أو الجنائية للقائمين على اتخاذ اإلجراءت الضبطية لها أهمية خاصة في‬
‫مجال الحد من المخالفات واألخطاء الممكن وقوعها بسبب ضعف مقاومة الميل إلى التصرف‬
‫بعيدا ً عن الموضوعية والحيدة‪.‬‬
‫خامسا ً‪ -‬الرأى العام وحماية الحريات تجاة سلطات الضبط االدارى ‪.‬‬
‫تُعد رقابة الرأي العام من أقوى ضححمانات حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬لما يبديه‬
‫الراي العام من قوة في الضححححغط والتأثير على أعضححححاء الهيئة النيابية‪ ،‬ولما يبديه من البأش‬
‫‪159‬‬ ‫والغيرة على حماية الحقوق والحريات العامة بأسا ً تخشاه السلطة التنفيذية وحكامها( )‪.‬‬
‫لذا يخشححى الحكام من اتجاهات الرأي العام بوصححفها ضححمانة أسححاسححية لحقوق األفراد‬
‫وحرياتهم العامة ضححححححد أي انتهاك لهذه الحقوق والحريات وما يترتب على هذه االنتهاكات‬
‫من سححححخط للراي العام‪ ،‬ورد فعل لدى المحكومين بجبر الحكام على احترام اتجاهات الرأي‬
‫‪160‬‬‫العام وحقوق األفراد وحرياتهم العامة( )‪.‬‬
‫فححالرأي العححام هو الحححاكم الفعلي والمشححححححرع الحقيقي وراعي الحق والحريححة‪ ،‬وهو‬
‫محور االرتكاز في الحياة السياسية المعاصرة ومصدر التشريع( )‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫وكذلك األمر بالنسححبة للسححلطة التنفيذية إذ يعتبر الرأي العام‪ ،‬مراقبا ً شححديد القوة على‬
‫أعمالها إلجبارها على إعمال مبدأ المشروعية والقيام بتطبيقه على أحسن وجه‪.‬‬
‫فالرأي العام يعتبر من أهم الضمانات الشعبية لنفاذ القاعدة الدستورية ومن ثم صيانة‬
‫الحريات العامة لألفراد إزاء السلطة الحاكمة( )‪.‬‬
‫‪162‬‬

‫ولقد أثبتت التطبيقات العملية إلى أن الضححححححمانات الدسححححححتورية والقضححححححائية ال تكفي‬


‫لوحدها‪ ،‬وإنما البد من وجود ضحححححمانة أخرى إلى جانبهما والمتمثلة بالرأي العام ووسحححححائل‬
‫التعبير عنه من وسحححححائل اإلعالم ومنظمات المجتمع المدني‪ ،‬وسحححححوف نتناول بناء على ذلك‬

‫دكتوراة ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫الظروف العادية د ارسالالالة مقارنة ‪ ،‬رسالالالالة‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬محمد محمود سالالالعيد ‪ ،‬نظ ‪9‬رية الض الالبط االدارى فى ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة االسكندرية ‪ ، 2017 ،‬ص‪. 212‬‬


‫د‪ .‬عبد العظيم عبد الس ال ال ال ال الالالم ‪0‬عبد الحميد‪ ،‬حقوق اإلنس ال ال ال ال الالان وحر‪6‬ياته العامة وفقاً ألحدث الدس ال ال ال ال الالاتير ‪1‬العالمية‬ ‫)‬ ‫(‬

‫والمواثيق الدولية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص‪.165‬‬
‫د‪ .‬س الالعيد سال الراج‪ ،‬الرأي العام ‪1‬ومقوماته وأثره في النظم الس الالياس الالية ‪6‬المعاصال الرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الهيئة ال‪1‬مصال الرية‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العامة للكتاب‪ ،1986 ،‬ص‪.24‬‬


‫‪1‬‬
‫دار نشر‪ ،‬طبعة ‪ ،1961‬ص‪.57‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬محمد عصفور‪ ،‬الحرية في‪ 2‬الفكرين الديمقراطي واالشتراكي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫مفهوم وأهمية الرأي العام في مجال حماية الحقوق والحريات‪ ،‬ونبحث في بعد ذلك وسححائل‬
‫التعبير عن الرأي العام‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم وأهمية الرأي العام في مجال حماية الحقوق والحريات‬
‫إن النظام اإلسالمي قد عرف الرأي العام واهتم به اهتماما ً ال نظير له في كافة األنظمة‬
‫السياسية القديمة أو المعاصرة ووضع له األصول والضوابط المدسسة له‪ ،‬ومنه مبدأ الشورى‬
‫وذلك بضرورة الرجوع إلى الشعب للتشاور فيما بينهم‪ ،‬كذلك اهتم اإلسالم بالحقوق‬
‫والحريات وأقام حرية الرأي وغيرها من الحريات ووضع ضوابط ممارسة هذه الحقوق‬
‫مايوازن بينهما وبين مبادئ التكافل االجتماعي‪ ،‬وجميعها عوامل تدكد قيمة الرأي العام‬
‫والعمل بمقتضاه كما إن اإلجماع في النظام اإلسالمي كان له الدور البارز وإلهام في التشريع‬
‫()‪163‬‬
‫والحكم وتنظيم ممارسة الحريات ‪.‬‬
‫وسنحاول فيما يلي عرض بعض التعريفات المختلفة التي كان لها صدى لدى الفقه العربي‬
‫وعلى النحو اآلتي‪-:‬‬
‫فقد عرف د‪ .‬محمد الشافعي الرأي العام بأنه "تعبير إرادي في وقت معين‪ ،‬ناتج عن تمكين‬
‫كل عضو من أعضاء الجماعة في إبداء رأيه بحرية في مناقشات عامة تدور بشأن مسائل‬
‫‪164‬كما وعرف د‪ .‬أحمد بدر الرأي العام بأنه هو التعبير‬ ‫عامة توصف بأنها ذات مصلحة"( )‪،‬‬
‫عن آراء الناخبين‪ -‬أو من في حكمهم‪ -‬بالنسبة للمسائل العامة المختلف عليها‪ ،‬على أن تكون‬
‫درجة اقتناع الناخبين بهذه اآلراء وثباتهم عليها كافية للتاثير على السياسة العامة واألمور‬
‫ذات الصالح العام‪ ،‬وبحيث يكون هذا التعبير ممثالً لرأي األغلبية ولرضى األقلية‪.‬‬
‫مما تقدم يتضح لنا إن الكتاب والمفكرين اختلفوا في تعريف الرأي العام‪ ،‬حيث لم يتفقوا على‬
‫تعريف جامع مانع وربما يعود ذلك إلى اختالف وجهات نظرهم واهتماماتهم وتخصصاتهم‪،‬‬
‫ولكن مع ذلك يمكننا القول بأن مصطلح الرأي العام يطلق على رأي أغلبية آراء الشعب‬
‫المتعلقة بموضوع أو مسائل ذات اهتمام عام يتم التوصل إليه بعد المناقشة والجدل الحر‪،‬‬
‫وأن الحكمة تقتضي أخذه بالحسبان وعدم تجاهله‪ ،‬ألنه يمارش ضغوطا ً حقيقية على‬
‫الحكومات من شانها التأثير على السياسة العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬عناصر تكوين الرأي العام‬
‫يعد الرأي العام من أكثر الظواهر التي تتأثر بما حولها‪ ،‬وهو المرآة التي ينعكس عليها شكل‬
‫‪165‬وإن الرأي العام –‬
‫المجتمع بجميع ما فيه من عقائد وعادات وتقاليد وظروف متنوعة( )‪،‬‬

‫محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬النظم السال ال ال الاليا‪6‬سال ال ال الالية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسال ال ال ال‪1‬الكندرية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫ينظر أسال ال ال الالتاذنا الدكتور‪/‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،2007‬ص‪.208‬‬
‫الحكم المعاص الالر‪ ،‬د ارس الالة مقارنة في أص‪6‬الالول النظم الس الالياس الالية‪ ،‬الناش الالر عالم‪1‬الكتب‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬محمد الش الالافعي‪ ،‬نظم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القاهرة‪ ،1989 ،‬ص‪.581‬‬


‫د‪ .‬جبار طه‪ ،‬النظرية العامة ‪5‬لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشورات الحلبي ‪6‬الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2009 ،‬ص‪.1217‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫في أي مجتمع‪ -‬يتكون من مقومات أساسية تتميز بالثبات‪ ،‬كما يدثر فيه باإليجاب والسلب‬
‫عوامل أخرى متغيره‪ ،‬وهذا ما سنتناوله تباعاً‪.‬‬
‫أ‪ -‬عناصر تكوين الرأي العام األساسية (الثابتة)‪:‬‬
‫ذكر الباحثون كثيرا ً من هذه العناصر أو العوامل التي تدخل في تكوين الرأي العام ولكننا‬
‫سنتناول بعضا ً من تلك العناصر والتي لها صلة أساسية ومباشرة بالحقوق والحريات وهي‪-:‬‬
‫‪ -‬العقيدة الدينية‪-:‬‬
‫فقد ذهب البعض إلى القول بأن آثار الدين على الرأي العام من الصعب تقييمها‪ ،‬وأن الدين‬
‫كان له سلطاته ونفوذه في الزمن القديم واضحى نفوذه في العصر الحديث غير مباشر‪ ،‬بينما‬
‫يرى آخرون أن العقيدة الدينية تعتبر عامالً معنويا ً مهما ً يجعل الرأي العام ينمو ويزداد نتيجة‬
‫()‪166‬‬
‫التزامه بهذه العقيدة وهنا ما نراه نحن سيما في مجتمعاتنا اإلسالمية ‪.‬‬
‫‪ -‬العادات والتقاليد‪-:‬‬
‫تعد التقاليد إحدى المصادر األساسية للسلطة والشرعية وتعد الشعوب تقاليدها التي توارثتها‬
‫عن إسالفها ومن ثم فقد اهتم الباحثون في الرأي العام بالتقاليد والعادات السائدة في مجتمع‬
‫ما باعتبارها أسبابا ً مهمة وحيوية في تكوين الرأي العام‪ ،‬كما وتلعب التقاليد دورا ً مهما ً في‬
‫تكوين الراي العام‪ ،‬وذلك ألن األفراد متميزون دائما ً فيما تعارفوا عليه من معتقدات ولذلك‬
‫()‪167‬‬
‫فهم يحكمون على المسائل المتنازع بمعيار مدى تماشيها مع هذه التقاليد ‪.‬‬
‫‪ -‬درجة الوعي السياسي‪:‬‬
‫إن الوعي السياسي من العناصر المهمة التي تدخل في تكوين الرأي العام فكلما كانت درجة‬
‫الوعي السياسي كبيرة‪ ،‬كان الرأي العام قويا ً وعلى العكس من ذلك عندما تهبط درجة الوعي‬
‫السياسي‪ -‬أو تكاد تنعدم‪ -‬لدى فئة من فئات المجتمع ال تكون لهذه الفئة ما يمكن أو يوصف‬
‫بأنه رأي عام وتعد النظم الحرة الديمقراطية من أفضل النظم الوضعية لتنمية الرأي العام‬
‫وإزدهاره الهتمامها بحماية الحقوق والحريات ألفراد الشعب‪ ،‬وبما تعرض على الشعب من‬
‫معلومات صحيحة وبيانات حقيقية في أجهزة أعالمها بحيث تقضي على الشائعات وتساهم‬
‫في تكوين الرأي العام على درجة كبيرة من الوعي‪ ،‬قادر على المساهمة اإليجابية في العمل‬
‫السياسي بواسطة منظمات خاصة تضمن الرأي العام نوعا من التكوين والتوعية والتعبير‬
‫()‪168‬‬
‫السليم والصادق والمتزن ‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد ص الالبحى أحمد يوس ال ‪6‬الف ‪ ،‬الرأي العام وأثرة فى التنظيم ال‪6‬س الالياس الالي وحماية الدس الالتور ‪ ،‬رس الالالة ‪1‬دكتوراة‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫جامعة عين شمس ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ، 1990 ،‬ص‪. 71‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 216‬‬
‫‪7‬‬
‫) د‪ .‬محمد محمود سعيد‬ ‫(‬

‫دلشال ال ال الالا معروف علي ‪ ،‬رقابة ‪8‬القض ال ال ال الاء على مشال ال ال الالرونية ق اررات ال‪6‬ضال ال ال الالبط اإلدارى ‪ ،‬رسال ال ال الالالة دكتوراة ‪ 1،‬جامعة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫االسكندرية ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ، 2015 ،‬ص‪.251‬‬


‫ب‪ -‬عناصر تكوين الرأي العام (المتغيرة)‪:‬‬
‫هناك عدة عوامل يتأثر بها الرأي العام منها ما يدثر سلبا ً ومنها ما يدثر إيجابا ً ونكتفي‬
‫بالحديث عن أهمها على الوجه االتي‪-:‬‬
‫‪ -‬اإلعالم وأثره في تكوين الرأي العام‪ :‬يقصد باإلعالم أنه عبارة عن تزويد الجماهير‬
‫بالمعلومات الدقيقة واألخبار والحقائق الصحيحة والواضحة والنتائج المبنية على األرقام‬
‫واالحصاءات‪ ،‬وال يكون اإلعالم صحيحا ً في الغالب مالم يكن مبنيا ً على هذه األسس‪،‬‬
‫فتأثير وسائل اإلعالم في الرأي العام يعد من األمور البديهية ألن الفرد متعلما ً أو أميا ً‬
‫البد له أن يقرأ أو يسمع أو يشاهد إحدى وسائل اإلعالم إذ أن تطورها أدى إلى عالقة‬
‫متبادلة ومتفاعلة مع النظام السياسي المعبر عنه بالحكومة فأجهزة االتصال تشكل في‬
‫أغلب النظم قنوات اتصال بين الحكومة والرأي العام لعرض سياستها ومشاريعها‪ ،‬وهي‬
‫بهذا تدفع المواطن من حيث ال يدري إلى تكوين الرأي العام‪ ،‬لذا تسعى أغلب النظم‬
‫السياسية إلى ضمان سيطرتها أو مراقبتها الشديدة ألغلب وسائل االتصال كي تلعب دورا ً‬
‫مهما ً في قياش استطالع الرأي العام وفي تغييره أيضاً‪.‬‬
‫‪ -‬الحوادث والمشكالت‪ :‬عبارة عن مجموعة من المنبهات المعقدة التي تحدث فتولد استجابة‬
‫من جانب الناش‪ ،‬لذلك تعتبر الحوادث والمشكالت اليومية المتصلة بالحياة السياسية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية من العوامل المهمة التي تهز المجتمع وتعمل على تكوين‬
‫اتجاهات جديدة للرأي العام‪ ،‬وذلك إن المشكالت المتصلة بالمجاالت السياسية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية تثير اهتمامات العامة والخاصة بحيث ينشئ بينها اتجاهات‬
‫فكرية تمثل رد فعل إزاء األحداث التخاذ موقف معين تجاه تلك األحداث ‪.‬‬
‫()‪169‬‬

‫‪ -3‬دور الرأي العام في حماية الحريات العامة‬


‫ال شك إن الرأي العام من أقوى الوسائل التي تكفل لنظام الحكم توازنه واعتداله‪ ،‬فكلما قوى‬
‫الرأي العام في دولة ما حرصت سلطات الدولة على اإللتزام بالمشروعية أي سيادة حكم‬
‫القانون ‪.‬‬
‫()‪170‬‬

‫السلطة التنفيذية والتي تعتبر سلطة الضبط اإلداري جز ًء أساسيا ً منها تقوم بدور مهم في حياة‬
‫الدولة‪ ،‬فهي تعمل على تنفيذ القوانين التي تسنها السلطة التشريعية من إقامة وحماية النظام‬
‫العام في الدولة وإدارة مرافقها بقصد إشباع الحاجات العامة‪ ،‬إضافة إلى هذا الدور فهي ال‬
‫تعد أداة تنفيذية فحسب بل تعد مصدرا ً لتفسير الكثير من القوانين فهي أرسخ وأطول عمرا ً‬
‫من السلطة التشريعية‪ ،‬وإذا فهي تددي دورا ً مكمالً لهذه السلطة التشريعية في مجال سن‬

‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 218‬‬
‫‪9‬‬
‫) د‪ .‬محمد محمود سعيد‬ ‫(‬

‫الحقوق ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫اللطة الدولة ‪ ،‬رس ال ال الالالة دكتوراة ‪ ،‬كلية‬
‫‪7‬‬
‫) د‪ .‬راغب جبريل خميس راغب‪ ،0‬الصال ال ال الراع بين حرية الفرد وس ال ال ال‬ ‫(‬

‫جامعة اإلسكندرية ‪ ، 2016 ،‬ص‪.245‬‬


‫القوانين‪ ،‬وخاصة المنظمة لحقوق اإلنسان وحرياته‪ ،‬ومن خالل هذه األدوار المهمة في سن‬
‫وتفسير القوانين المهمة قد تمس بعض الحقوق والحريات العامة‪ ،‬لذا نجد لزاما ً على الرأي‬
‫العام أن يتدخل ويمارش رقابته على السلطة التنفيذية بشكل عام والسلطة الضبطية بشكل‬
‫خاص من خالل ‪-:‬‬
‫()‪171‬‬

‫أ‪ -‬إن الرأي العام يُعد الموجه لسياسة السلطة التنفيذية بجميع وسائلها التي يستلزم أن تأخذ‬
‫بموقف واتجاه الرأي العام ألفراد المجتمع عند إصدار القوانين والقرارات المنظمة لممارسة‬
‫الحقوق والحريات‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن الرأي العام في أغلب األحيان يلعب دورا ً بارزا ً ومهما في تحديد نطاق مفهوم النظام‬
‫العام وعدم تركه لمشيئة السلطة الضبطية‪ ،‬حيث أن هذه األخيرة تقوم غالبا ً بالتضيق على‬
‫ممارسة الحريات العامة لألفراد بحجة المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫ج‪ -‬إن الرأي ال عام يمارش تأثيره على السلطة التنفيذية من خالل ما يقدمه من ضغط على‬
‫أعضاء البرلمان باستجواب أعضاء الحكومة‪ ،‬فيما يتعلق بالقوانين والقرارات التي تمس‬
‫الحقوق والحريات وألعضاء البرلمان صالحيات رقابية تذهب أبعد من االستجواب فلهم‬
‫الحق في سحب الثقة من الحكومة تطبيقا ً لمبدأ مساءلة الحكومة أمام البرلمان المكفول‬
‫دستورياً‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا يُعد الرأي العام من أقوى الوسائل التي تكفل تحقيق التوازن واالعتدال لنظام‬
‫الحكم‪ ،‬فكلما قوى الرأي العام في دولة ما‪ ،‬حرصت سلطات ذلك النظام على احترام أحكام‬
‫الدستور والقانون المتعلقة بصيانة وحماية الحقوق والحريات وبذلك يبرز الدور الوقائي‬
‫للضمانات‪ ،‬إال أنه ينبغي اإلشارة هنا إلى أن العبرة ليست بالنصوص بقدر ماهو وجود رأي‬
‫عام ناضج يمارش رقابته الشعبية على قرارات سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬لهذا يقول الدكتور‬
‫رمزي الشاعر‪(:‬إنه مهما كانت النصوص التي يتضمنها الدستور ومهما يكن فيها من‬
‫ضمانات كبيرة للحريات وتحقيق الديمقراطية‪ ،‬فإن الضمانة الكبرى دائما ً وجود رأي عام‬
‫ناضج يعمل على حسن تطبيق نصوص الوثيقة الدستورية‪ ،‬حتى ال تكون تلك النصوص‬
‫جوفاء بعيدة عن مجال التطبيق العام)‪ ،‬فالنصوص الدستورية التي تتناول الحقوق والحريات‬
‫العامة وتلك التي تنصب على ضماناتها قدال تسمن وال تغني من جوع مالم يحميها رأي عام‬
‫()‪172‬‬
‫قوي ناضج ‪.‬‬
‫ولتحقيق فاعلية الرأي العام وتأثيره من أجل القيام بوظيفته المشار إليها يجب توافر شروط‬
‫()‪173‬‬
‫معينة في هذا المجال‪ ،‬نذكر أبرزها ‪-:‬‬

‫ماجستير كلية‬
‫‪1‬‬
‫جمال عبد العليم عبد الكريم ‪1‬السيد ‪ ،‬آليات الرقابة الشعبية على ‪7‬نشاإل المراق العامة ‪ ،‬رسالة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الحقوق ‪ ،‬جامعة المنصورة ‪ ، 2012 ،‬ص‪. 18‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 220‬‬
‫‪2‬‬
‫) د‪ .‬محمد محمود سعيد‬ ‫(‬

‫الاتير بع‬
‫‪1‬‬
‫الان وحرياتة د ارسالالة مقارنة فى دسال‬
‫‪7‬‬
‫د ‪ .‬سالالحرمحمد نجيب التنظيم‪3‬الدسالالتورى لضالالمانات حقوق االنسال‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ -‬يجب أن يتسم أفراد المجتمع بالوعي والذكاء الحذر على الدوام في تقبل اآلراء التي تتعلق‬
‫بالشئون العامة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتوافر في األفراد وحدة المصالح والتجانس في البيئة والدين واللغة والجنس‬
‫والطبقة‪ ،‬ألن االختالف البين في ذلك يتعذر معه تكوين رأي عام متجانس منسجم في‬
‫الشئون العامة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون وسائل اإلعالم والتأثير في الرأي العام على أوسع نطاق وأن يتوخى فيها‬
‫األمانة والنزاهة‪ ،‬فال تستخدم في خداع الشعب ‪ ،‬أو تحقيق أغراض خاصة أو منافع‬
‫شخصية مستغلة لآلخرين‪ ،‬خاصة بعد التطور الكبير الذي لحق بوسائل االتصال الحديثة‪،‬‬
‫كاألنترنت وقنوات البث الفضائية ومواقع التواصل االجتماعي وسرعة انتشار األخبار‬
‫واآلراء التي يخشى انتشارها و وضعها فى متناول الجميع ‪.‬‬

‫الفرع الثانى‬
‫سلطة اإلدارة في مجال الحريات‬
‫من الثابت أن المشرع وحده هو المناط به أمر تنظيم الحريات‪ ،‬فهو المختص بتحديد‬
‫المجال الذي تتم ممارسة الحقوق والحريات‪ ،‬ويعني هذا بداهة أنه ليس لجهات اإلدارة‬
‫اختصاص ما في شأن إيراد قيود على استعماالت األفراد لحقوقهم وحرياتهم‪ ،‬غير أن األمر‬
‫ليس دائما ً على النحو المتقدم‪ ،‬ذلك أن اإلدارة وهي مكلفة بالمحافظة على النظام العام فإنه‬
‫يكون من الضرورة منحها السلطات التي تمكنها من القيام بوظائفها في هذا الصدد‪.‬‬
‫ونجد أن سلطات اإلدارة في سبيل أدائها لوظائفها سالفة الذكر تختلف في الظروف‬
‫العادية عنه في الظروف االستثنائية وفي أوقات األزمات‪.‬‬
‫وترتيبا ً على ما تقدم‪ ،‬فسوف نتناول هذا الفرع على النحو التالي‪:‬‬
‫أوال ً ‪ -‬سلطة اإلدارة في الظروف العادية‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ -‬سلطة اإلدارة في الظروف غير العادية‪.‬‬
‫()‪174‬‬
‫أوال ً ‪ -‬سلطة اإلدارة في الظروف العادية‬

‫الدول العربية ‪ ،‬رسالة دكتوراة كلية القانون‪ ،‬جامعة الموصل ‪ ،2003 ،‬ص‪. 246‬‬
‫الابق‪ ،‬ص‪ 202‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬حسال ال الالن‪ 7‬أحمد علي‪ ،‬المرجع السال ال الالابق‪ ،‬ص‪ 221‬وما‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬نعيم عطية‪ ،‬المرجع السال ال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بعدها‪ ،‬د‪ .‬محي شرف أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.326‬‬


‫اإلدارة بما لها من سلطة عامة في كفالة النظام العام‪ ،‬غير أن مدى سلطتها في مواجهة‬
‫الحريات تختلف تبعا ً لوجود نصوص تشريعية خاصة تنظم ممارسة الحرية أو عدم وجود‬
‫مثل هذه النصوص‪.‬‬
‫ففي حالة وجود نصوص تشريعية خاصة ‪ ،‬في شأن تنظيم حرية ما‪ ،‬فإن جهات اإلدارة تلتزم‬
‫بما ورد فيها من قيود‪ ،‬وبالتالي فإن كل إجراء تتخذه اإلدارة متجاوزة به تلك النصوص‬
‫التشريعية الخاصة ينطوي على تجاوز للسلطة‪ ،‬أيضا ً فإنه يتعين أن تفسر القيود التي توردها‬
‫ً()‪175‬‬
‫النصوص التشريعية تفسيرا ً ضيقا ‪.‬‬
‫ويجب التقصي في مواجهة اإلدارة عن الغرض المستهدف من النص القانوني الذي تطبقه‬
‫اإلدارة‪ ،‬فإذا جاء النص صريحا ً في بيان الغرض المستهدف إلتزمت اإلدارة في تطبيقها‬
‫للق انون بذلك الغرض وإال تعرض قرارها لإلبطال‪ ،‬بمعنى ان تهدف االدارة دائما من‬
‫وراءقرارات الضبط االدارى تحقيق الصالح العام ‪ ،‬وفى ذلك تقول محكمة القضاء االدارى‬
‫فى سلطنة عمان " أن إساءة استعمال السلطة الذى يبرر إلغاء القرار االدارى أو التعويض‬
‫عنه يجب أن يسود الغاية من القرار ‪ ،‬بأن تكون جهة اإلدارة قد أصدرت القرار بباعث ال‬
‫()‪176‬‬
‫يحقق المصلحة العامة " ‪.‬‬
‫كما أنه في معظم الحاالت قد ال ينص القانون على الغرض الذي يستهدفه المشرع من‬
‫إصداره‪ ،‬وليس معنى ذلك أن السلطة التي تكون لجهة اإلدارة في هذا الصدد سلطة مطلقة‪،‬‬
‫إذ يتعين خضوع نشاط اإلدارة لفكرة الصالح العام‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن النصوص التشريعية المنظمة للحريات قد توسع من سلطات اإلدارة في‬
‫مواجهة حرية من الحريات مع تخويل األفراد ضمانات مقابلة لهذا التوسع‪ ،‬ومن ثم تكون‬
‫سلطة اإلدارة مقيدة بوجوب مراعاة الضمانات المقررة‪ ،‬فإذا لم ترغب في مراعاة تلك‬
‫()‪177‬‬
‫الضمانات فليس لها أن تستعمل تلك السلطات اإلضافية ‪.‬‬
‫أما في حالة عدم وجود نصوص تشريعية خاصة فإن سلطات اإلدارة تختلف ضيقا ً أو اتساعا ً‬
‫حسب الظروف الزمانية والمكانية المحيطة بممارسة الحرية‪ ،‬دون أن يعني ذلك أن سلطات‬
‫اإلدارة مطلقة من كل قيد‪ ،‬فهي مقيدة بقيدين‪ ،‬أحدهما مستمد من طبيعة سلطة الضبط‪ ،‬واآلخر‬
‫مستمد من طبيعة فكرة الحرية وهو ما سنقوم بإيضاحه تفصيليا ً في الفصل القادم‪.‬‬
‫()‪178‬‬
‫ثانيا ً ‪ -‬سلطة اإلدارة في الظروف غير العادية‬

‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬
‫د‪ .‬عادل أبو الخير‪ ،‬المرجع ‪5‬السابق‪ ،‬ص‪.243‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القانونية الى‬
‫‪1‬‬
‫العمانى فى الدعوى االبتدائية رقم ‪7 160‬لسنة ‪ 5‬ق س مجموة المبادئ‬
‫‪6‬‬
‫محكمة القضاء االدارى‬ ‫)‬ ‫(‬

‫قررتها المحكمة فى عاميها الخامس والسادس ‪.‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬
‫د‪ .‬عادل أبو الخير‪ ،‬المرجع ‪7‬السابق‪ ،‬ص‪.341‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬محي شالالوقي أحمد‪ ،‬المرجع‪ 8‬السالالابق‪ ،‬ص‪ 328‬وما بعدها‪ ،‬د‪7 .‬حسالالن أحمد على‪ ،‬المرجع السالالابق‪1 ،‬ص‪23‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬نعيم عطيه‪ ،‬المرجع الس الالابق‪ ،‬ص‪ 213‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬عادل أبو الخير‪ ،‬المرجع الس الالابق‪ ،‬ص‪342‬‬
‫قد تطرأ على حياة الدولة ظروف استثنائية متعددة الصور‪ ،‬مختلفة المصادر‪ ،‬كنشوب حرب‬
‫أو وقوع كوارث أو حدوث اضطرابات داخلية أو أزمات اقتصادية أو فتنة طائفية‪ ،‬وهي كلها ظروفا ً‬
‫تتصف بالفجائية وعدم التوقع ومن خصائصها الخطورة وعدم االستمرار‪ ،‬ومهما اختلفت هذه الظروف‬
‫من حيث مصدرها أو صورتها فإنها تتحد في األثر والنتيجة‪ ،‬فهي تمثل خطرا ً على كيان الدولة وبقائها‪،‬‬
‫ولذلك وجب إعالء سالمة الدولة على كل االعتبارات األخرى‪ ،‬ومن ثم تكون كل اإلجراءات التي‬
‫تهدف إلى تحقيق تلك السالمة مشروعة في الظروف االستثنائية حتى ولو خالفت في ذلك القانون‪ ،‬فأن‬
‫النصوص التشريعية إنما وضعت لتحكم الظروف العادية‪ ،‬فإذا طرأت ظروف استثنائية ثم أجبرت‬
‫اإلدارة على تطبيق النصوص العادية فإن ذلك يددي حتما ً إلى نتائج غير مستساغة تتعارض حتى ونية‬
‫واضعي تلك النصوص العادية‪ ،‬فالقوانين تنص على اإلجراءات التي تتخذ في األحوال العادية‪ ،‬وما‬
‫دام أنه ال يوجد فيها نص على ما يجب إجرا ه في حالة الخطر العاجل‪ ،‬وإن عندئذ تمكين السلطة‬
‫اإلدارية من اتخاذ اإلجراءات العاجلة التي لم تعمل لغاية سوى المصلحة العامة دون غيرها‪ ،‬وغني‬
‫عن البيان في هذا المجال أن هناك قاعدة تنظم القوانين جميعها ‪ ،‬ومحصلها وجوب اإلبقاء على الدولة‪،‬‬
‫فحماية مبدأ المشروعية يتطلب أوالً وقبل كل شيء العمل على بقاء الدولة األمر الذي يستتبع تخويل‬
‫الحكومة استثناء وفي حالة الضرورة من السلطات ما يسمح لها باتخاذ اإلجراءات التي يتطلبها الموقف‬
‫ولو خالفت في ذلك القانون في مدلوله اللفظي‪ ،‬ما دامت تبغي الصالح العام‪ ،‬غير أن سلطة الحاكم في‬
‫()‪179‬‬
‫هذا المجال ليست وال شك طليقة من كل قيد بل تخضع ألصول وضوابط ‪.‬‬

‫وما بعدها‪.‬‬
‫بجلسال ال ال ال ال الالة‬
‫‪1‬‬
‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪9‬العليا المص ال ال ال ال ال الرية في القضال ال ال ال ال الالية رقم‪ 956 7‬لسال ال ال ال ال الالنة ‪5‬ق‪ ،‬والصال ال ال ال ال الالادرة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،1962/4/14‬مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬السنة السابعة‪ ،‬رقم ‪ ،61‬ص‪.601‬‬


‫المبحث الثالث‬
‫القيود المتعلقة باالجراء‬
‫الضابط‬
‫المبحث الثالث‬
‫القيود المتعلقة باالجراء الضابط‬
‫إن الفكرة األساسية لنشاط الضبط اإلداري تقوم على أساش تحقيق غاياته المتصلة‬
‫بوقاية النظام العام في المجتمع‪ ،‬ولتحقيق ذلك تقوم سلطة الضبط باتخاذ تدابير وإجراءات لم‬
‫يحددها المشرع بنصوص واضحة‪ ،‬وكذلك لم يحدد الوسائل التي تستخدمها في سبيل تحقيق‬
‫غاياتها‪.‬‬
‫لذلك فلقد كان لمجلس الدولة الفرنسي()‪180‬الدور الرئيسي وإلهام في إبراز الضوابط‬
‫والمبادئ التي تقيد سلطة الضبط فيما تتخذه من إجراءات وتدابير‪ ،‬وكان سبيله إلى ذلك‬
‫محاولته العمل على إرساء نوع من الموائمة والتوازن بين متطلبات الحفاظ على النظام العام‬
‫وضرورات حماية الحرية وكفالة ممارستها‪.‬‬
‫ترتيبا ً على ما تقدم‪ ،‬فلقد قام مجلس الدولة الفرنسي باستخالص مجموعة من المبادئ‬
‫التي تتحدد بموجبها سلطة اإلدارة في تقييد الحرية حماية للنظام العام‪ ،‬وهذه المبادئ تحد من‬
‫سلطة اإلدارة في اختيار نوع التدبير الضابط من عدة نواا‪ ،‬فيحرم عليها الحظر المطلق‬
‫لممارسة الحرية‪ ،‬كما أنها تلتزم بعدم فرض وسيلة معينة لمواجهة اإلخالل بالنظام‪ ،‬وأيضا ً‬
‫تلتزم بإحترام حقوق الدفاع إذا كان إجراء الضبط يتضمن عقوبة‪ ،‬وأخيرا ً فإن سلطة الضبط‬
‫تتغاير مع تنوع الحريات الفردية وأهميتها‪.‬‬
‫وانطالقا ً من فكرة أن الحرية هي القاعدة وأن تدابير وإجراءات الضبط هي االستثناء‪،‬‬
‫فلقد وضع مجلس الدولة الفرنسي العديد من الشروط والضوابط الواجب توافرها في وسائل‬
‫الضبط اإلداري والتي بتوافرها يتحقق لإلجراء شرعيته وسالمته والتي تختلف في الظروف‬
‫العادية عنه في الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫وسوف نتناول في هذا المبحث القيود المتعلقة باالجراء بتقسيم هذا المبحث إلى ثالث مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحدود المتعلقة بطبيعة النشاط الذي يستهدفه الضبط‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قيود اإلجراء الضبطي الناتج عن فكرة الحرية ذاتها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري‪.‬‬

‫جانب مجلس الدولة الفرنسال ال الالي وجد له ‪8‬صال ال الالدى لدى زميله مجلس الدولة الم‪1‬صال ال الالري‬
‫‪0‬‬
‫يالحظ أن هذا الدور من‬ ‫)‬ ‫(‬

‫والذي سالالار على نهجه‪ ،‬يتضالالن ذلك من اسالالتقراء جملة األحكام التي أصالالدرتها محكمة القضالالاء اإلداري من ناحية‬
‫والمحكمة اإلدارية العليا من ناحية والتي سنعرض لكل منها في حينه‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫الحدود المتعلقة بطبيعة النشاط الذي يستهدفه‬
‫الضبط‬
‫المطلب األول‬
‫الحدود المتعلقة بطبيعة النشاط الذي يستهدفه الضبط‬
‫لقد سايرت الدائرة اإلدارية لمحكمة االستئناف في فرنسا ومصر وذلك عند تصديها‬
‫لرقابة مشروعية إجراءات الضبط اإلداري‪ ،‬فمن ذلك ما قررته من أن مدى اإلجراء الذي‬
‫تتخذه سلطة الضبط يتوقف على تقدير النشاط الفردي الذي تواجهه‪ ،‬فمن األنشطة الفردية ما‬
‫هو محظور بحيث ال تجوز ممارسته قانوناً‪ ،‬وقد تكون مزاولة النشاط الفردي نتيجة‬
‫الستعمال رخصة أذن بها القانون ال ممارسة إلحدى الحريات العامة‪ ،‬وأخيرا ً فقد تكون‬
‫مزاولة النشاط الفردي نتيجة ممارسة إلحدى الحريات العامة التي يكفلها الدستور أو‬
‫القانون‪ ...‬وسوف نتناول ذلك من خالل الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬النشاطات غير المشروعة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النشاطات المرخص يها‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬نشاطات تشكل حريات يضمنها الدستور أو القانون‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫النشاطات غير المشروعة‬
‫هناك من األنشطة الفردية ما هو محرم قانونا ً ومعاقب عليه جنائياً‪ ،‬ومثل هذه األنشطة‬
‫ال يمكن أن يتقرر للفرد حرية مزاولتها‪ ،‬ثم هناك أنشطة وإن لم تعتبر جرائم معاقبا ً عليها إال‬
‫أن ممارستها تتسم بتعريض السكينة االجتماعية للخطر‪ ،‬وبالتالي حق لسلطة الضبط أن‬
‫‪181‬فإذا صدر قرار منع‬ ‫تمنعها‪ ،‬وهي في هذا المنع ال تتجاوز التذكير بما يحرمه القانون()‪،‬‬
‫الضوضاء أثناء الليل‪ ،‬أو يمنع إلقاء القاذورات في الطرق العمومية‪ ،‬أو بحظر البضائع‬
‫المتراكمة التي تعوق حركة المرور في الطريق العام فإن مثل هذه اإلجراءات ال تعدو أن‬
‫تكون تذكيرا ً لألفراد بالنصوص التشريعية التي تحظر مثل تلك المخالفات‪ ،‬ولهذا فلقد ذهب‬
‫البعض إلى أنه‪ " :‬ليست هناك مشكلة بالنسبة للنشاطات غير المشروعة‪ ،‬ذلك أنه ليس لسلطة‬
‫الضبط مجرد سلطة المنع فحسب‪ ،‬بل أيضا ً أن يكون تدخلها ضرورياً‪ ،‬حيث أن تلك‬
‫النشاطات محظورة منذ البداية‪ ،‬فليست هناك حاجة التخاذ قرارا ً بلديا ً لمنع إحداث ضوضاء‬
‫ليالً‪ ،‬حيث إن مخالفة إقالق راحة النائمين منصوص عليه في القانون الجنائي‪.‬‬
‫تأسيسا ً على ما تقدم‪ ،‬فإذا ما ارتكب األفراد النشاطات الممنوعة كان لإلدارة أن تردهم‬
‫بالطريق اإلداري أو أن تقدمهم للمحاكمة الجنائية‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن منع األنشطة‬
‫المحرمة قانونا ً وتوقيع الجزاء اإلداري عند اللزوم على مخالفتها ال يعتبر دائما ً من أساليب‬

‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.365‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬توفيق شحاته‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬فهو ال يعتبر كذلك إال إذا كان الهدف منه هو المحافظة على النظام‬
‫()‪182‬‬
‫العام ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫النشاطات المرخص بها‬
‫قد تكون مزاولة األنشطة الفردية نتيجة الستعمال رخصة مسموا بها بصفة عامة‪،‬‬
‫دون أن ينص القانون أو الدستور على أنها من الحريات الفردية فهي نشاطات ال تشكل‬
‫حريات عامة حقيقية‪ ،‬ونجد أن سلطة هيئات الضبط إزاء هذه األنشطة تكون متسعة‪ ،‬حيث‬
‫تم لك تنظيم النشاط‪ ،‬كما تملك تقييد ممارسته باشتراط الحصول على إذن سابق‪ ،‬كما يكون‬
‫لها أيضا ً أن تمنعه إذا اقتضى الحال ذلك ‪.‬‬
‫()‪183‬‬

‫ومن أمثلة تلك األنشطة‪ ،‬إقامة األجانب ذوي اإلقامة المدقتة‪ ،‬فهي ال تنشئ لألجنبي حقا ً في‬
‫مواجهة اإلدارة يلزمها بمد مدة االقامة حتى ولو يقم به سبب يدل على خطورته‪ ،‬ذلك ان الدولة بما لها‬
‫من سيادة إقليمية تتمتع بسلطة عامة مطلقة في تقدير مناسبات إقامة أو عدم إقامة األجنبي في أراضيها‪،‬‬
‫وال تلتزم قانونا ً بالسماا له بالدخول فيها وال يعد إقامته بها‪ ،‬إال إذا كانت تشريعاتها ترتب ذلك وال تقل‬
‫حقا ً من هذا القبيل بحسب األوضاع والشروط التي تقررها‪ ،‬فإن لم يوجد وجب عليه مغادرته البالد‬
‫مهما تكن األعذار حتى ولو لم يكن به سبب يدل على خطورته على األمن أو اآلداب‪ ،‬إذ أن إقامته‬
‫العارضة ال تعدو أن تكون صلة وقاية عابرة ال تقوم إال على مجرد التسامح الودي من جانب‬
‫وتطبيقا ً للمعاني السابقة‪ ،‬فلقد قضى مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في‬ ‫()‪184‬‬
‫الدولة‬
‫‪ 1989/10/27‬برفض الطعن المقدم من قرار إبعاد السيد بايسابي‪ ،‬ولقد أسس مجلس الدولة الفرنسي‬
‫قضاءه على أن عملية اإلبعاد ال تنطوي على أي اعتداء على الحرية األساسية وأنها تعتبر من مقتضيات‬
‫المبادئ العامة للقانون‪.‬‬
‫أيضا ً ومن أمثلة النشاط الذي تكون مزاولته نتيجة الستعمال رخصة إذن بها القانون‬
‫وقوف السيارات بملحقات األمالك العامة مخصصة للمرور‪ ،‬فتملك سلطة الضبط أن ترخص‬
‫به إذا كان وقوف تلك السيارات موقفا ً لالستخدام المادي لتلك الملحقات‪ ،‬ويكون لها أيضا ً أن‬
‫تمنعه‪ ،‬كما تملك أن تسحب الترخيص به والسابق منحه‪.‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد‪ ،‬أنه ال يوجد معيار للتمييز بين الحرية والنشاط الذي‬
‫يتسامح فيه القانون‪ ،‬فال يمكن القول بأن الحريات ينص عليها الدستور أو القانون‪ ،‬ذلك أن الحرية‬

‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪ 79‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬حدود‪ 2‬سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬عاطف البنا‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪4‬العليا في مصالالر‪ ،‬القضالالية رقم ‪ 8753‬لسالالنة ‪2‬ق‪ ،‬والصالالادر بجلسالالة ‪19561/4/7‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫منشال الالور بمجموعة الكتب الفني ألحكام المحكمة اإلدارية العليا للسال الالنة األولى تحت رقم ‪ ،76‬صال الالفحة ‪ ،657‬انظر‬
‫كذلك حكم المحكمة اإلدارية العليا في القضال ال الالية رقم ‪ 1679‬لسال ال الالنة ‪2‬ق‪ ،‬والصال ال الالادر بجلسال ال الالة ‪ 1956/8/4‬منشال ال الالور‬
‫بمجموعة المكتب الفني ألحكام المحكمة اإلدارية العليا للسنه األولى تحت رقم ‪ ،192‬ص‪.1009‬‬
‫تفرض من عدم النص‪ ،‬كما أن من أوجه األنشطة التي لم ينص عليها صراحة ما يمكن اعتباره حرية‬
‫عامة وبصفته امتداداً لحرية من الحريات المنصوص عليها‪ ،‬كما يمكن اعتباره على العكس مجرد‬
‫رخصة وذلك بحسب نظرة القضاء والفقه إلى مدى أهمية هذا النشاط وقيمته من الناحية الخلقية أو‬
‫()‪185‬‬
‫اإلقتصادية أو السياسية‪ ،‬بل أن هذه الظروف تختلف من وقت آلخر ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‬
‫نشاطات تشكل حريات يضمنها الدستور أو القانون‬
‫حينما تكون مزاولة النشاط الفردي نتيجة ممارسة إلحدى الحريات العامة التي يكفلها‬
‫الدستور أو القانون‪ ،‬ويتجه القضاء إلى أن يحتم على اإلدارة ضرورة العمل على التوفيق‬
‫بين مقتضيات حفح النظام العام واحترام الحريات الفردية‪ ،‬أي أنه يحتم إيجاد تكافد بين‬
‫خطورة المساش بالحريات العامة وخطورة تهديد النظام العام‪.‬‬
‫غير أن الحريات العامة ليست كلها على قدم المساواة‪ ،‬بل تتفاوت في درجاتها تبعا ً‬
‫ألهميتها‪ ،‬وعلى أساش نص الدستور بشأنها‪ ،‬لهذا يتعين التمييز بيــن اآلتي‪-:‬‬
‫أوالً‪ :‬الحريات المطلقة والحريات النسبية‪:‬‬
‫قد يكون النشاط الفردي ممارسة حرية من الحريات العامة‪ ،‬وقد يكون مجرد استعمال‬
‫‪186‬وتختلف سلطات الضبط‬ ‫لرخصة أذن بها المشرع‪ ،‬وقد يكون نشاط غير مشروع()‪،‬‬
‫اإلداري باختالف كل نوع من هذه النشاطات الفردية‪.‬‬
‫فإذا كان النشاط الفردي يعبر عن ممارسة حرية من الحريات العامة فإن القاعدة هي‬
‫أن الحرية هي األصل‪ ،‬أما القيود الواردة عليها هي استثناء ال يجوز التوسع في تفسيره أو‬
‫القياش عليه‪ ،‬وما دامت الحرية هي القاعدة فإنه ال يجوز تقييدها إال بقدر ما يكون القانون قد‬
‫أفسح المجال لتنظيمها من ناحية‪ ،‬وبقدر التهديد الذي يتعرض له النظام العام من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬غير أن الحريات العامة ليست جميعا ً على نفس المستوى من األهمية في نظر‬
‫المشرع الدستوري‪ ،‬ومن ثم فإن مدى سلطة الضبط اإلداري في تقييد الحرية العامة بقصد‬
‫المحافظة على النظام العام يتناسب عكسيا ً مع األهمية النسبية للحرية العامة محل القيد‬
‫الضبطي‪.‬‬
‫فبعض الحريات العامة قد ترد في الدستور مطلقة دون نص على إمكان تنظيمها من‬
‫جانب المشرع أو اإلدارة‪ ،‬وهذا النوع من الحريات العامة يعامل باحترام خاص‪ ،‬وإذا أثير‬
‫الشك حولها‪ ،‬كانت السلطات التي يمتلكها البوليس مقيدة إلى حد كبير‪ ،‬بحيث ال يجوز له‬
‫االعتداء عليها بإجراءات الئحية أو فردية‪ ،‬بل الحريات ضد التهديد الخارجي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬حدود‪ 5‬سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬عزيزة‬
‫‪1‬‬
‫جع الس ال ال ال ال ال الالابق‪ ،‬ص‪ 79‬وما بعدها‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬عاطف البنا‪ ،‬حدود‪ 6‬س ال ال ال ال ال الاللطة الض ال ال ال ال ال الالبط اإلداري‪ ،‬المر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الشريف‪ ،‬دراسات في التنظيم القانوني للنشاإل الضبطي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 139‬وما بعدها‪.‬‬
‫وهناك نوع آخر من الحريات العامة يجيز المشرع الدستوري تدخل هيئة الضبط‬
‫اإلداري لتقييدها او تنظيمها‪ ،‬وتتسع سلطة الضبط اإلداري تجاه هذا النوع من الحريات‬
‫العامة بالقياش إلى النوع األول السابق ذكره‪.‬‬
‫هذا ولقد أقرت محكمة القضاء اإلداري()‪187‬التمييز بين الحريات المختلفة وتفاوتها‬
‫في درجاتها فتقول‪ " :‬إن هذه النصوص التي تقرر الحقوق العامة للمصريين إنما هي خطاب‬
‫من الدستور للمشرع يقيد فيه من حرية المشرع ذاته‪ ،‬فتارة يقرر الدستور الحرية العامة‬
‫ويتيح للمشرع تنظيمها من غير نقص أو انتقاص‪ ،‬وتارة أخرى يطلق الحرية إطالقا ً ال سبيل‬
‫إلى تقييدها أو تنظيمها ولو بتشريع"‪.‬‬
‫وقد عرض مفوض الدولة للتفرقة السابقة في مذكرته بصدد دعوى بينيميد إذ يقول‪:‬‬
‫" أن ما للعمدة من سلطات ضبط مقيد بضرورة احترام كافة الحريات المعترف بها‬
‫للمواطنين الحرية الشخصية‪ ،‬حرية الصحافة‪ ،‬حرية التعليم‪ ،‬حرية إنشاء الجمعيات‪ ،‬حرية‬
‫العقيدة‪ ،‬حرية التجارة والصناعة‪ ،‬وستكون للقيود التي ترد على السلطات البلدية أكبر عندما‬
‫يكون القانون قد نظم في مزيد من الدقة الشروط التي يتعين بها ممارسة الحرية العامة‪ ،‬فإذا‬
‫كانت النصوص‪ ،‬المتعلقة بممارسة الحرية معلنة بعبارات عامة كما هو الحال بالنسبة لحرية‬
‫التجارة‪ ،‬فإنه يمكن ممارسة سلطات العمد في الضبط بمزيد من الحرية‪ ،‬وعلى العكس من‬
‫ذلك‪ ،‬ففي حاالت أخرى عندما ترد النصوص المتعلقة بالحرية المطلقة وأورد المشرع من‬
‫()‪188‬‬
‫األحكام ما يهدف به ضمان احترامها‪ ،‬فإنكم تبدون أشد قسوة إزاء العمد " ‪.‬‬
‫ومن أمثلة الحقوق والحريات في الدستور المصري الحالى والنافذ فى ‪ 2014‬ما قرره الحق في الكرامة‬
‫اإلنسانية ‪ :‬حيث نصت المادة (‪ )51‬من الدستور على أن "الكرامة حق لكل إنسان‪ ،‬وال يجوز المساش بها‪ ،‬وتلتزم‬
‫الدولة باحترامها وحمايتها"‪.‬‬
‫وكذلك الحق فى السالمة البدنية والنفسية‪ :‬وهو من أهم حقوق اإلنسان‪ ،‬وقد يحدث انتهاكه عن طريق‬
‫التعذيب البدني أو النفسي‪ ،‬كما قد يتم انتهاكه عن طريق المساش بسالمة جسم اإلنسان لغير األغراض‬
‫العالجية‪ .‬وفيما يتعلق بالتعذيب‪ ،‬نصت المادة (‪ )52‬من الدستور الجديد على أن "التعذيب بجميع صوره وأشكاله‬
‫جريمة التسقط بالتقادم"‪ ،‬أما المساش بسالمة جسم اإلنسان لغير أغراض العالج‪ ،‬فقد حظره الدستور فى المادة‬
‫(‪ )60‬منه‪ ،‬التى تنص على أن "لجسد اإلنسان حرمة‪ ،‬واالعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها‬
‫القانون‪ .‬ويحظر االتجار بأعضائه‪ ،‬وال يجوز إجراء أي تجربة طبية أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق‪ ،‬ووفقا‬
‫لألسس المستقرة فى مجال العلوم الطبية‪ ،‬على النحو الذي ينظمه القانون"‪ ،‬وهناك الحق فى الحرية الشخصية‪:‬‬
‫فصل الدستور الجديد هذا الحق بما يليق به فى نص المادة ‪. 54‬؟‬
‫كما يوجد الحق فى حرمة الحياة الخاصة ‪ :‬نصت المادة (‪ )57‬على أنه" للحياة الخاصة حرمة‪ ،‬وهي‬
‫مصونة التمس‪ .‬وللمراسالت البريدية والبرقية وااللكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل االتصال حرمة‬
‫وسريتها مكفولة‪ ،‬والتجوز مصادرتها أو االطالع عليها أو رقابتها إال بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة‪ ،‬وفى‬
‫األحوال التى يبينها القانون‪ .‬كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل االتصال العامة بكافة‬
‫أشكالها‪ ،‬واليجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها بشكل تعسفي‪ ،‬وينظم القانون ذلك"‪..‬‬

‫حكم محكمة القض الالاء اإلداري‪7‬في القض الالية رقم ‪ 587‬لس الالنة ‪5‬ق‪8 ،‬والص الالادرة بجلس الالة ‪1 ،1951/6/26‬مجموعة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫السنة الخامسة‪ ،‬ص‪.1098‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬
‫مشار إليه لدى د‪ .‬عادل أبو ‪8‬الخير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.350‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫حرية التنقل‪ :‬أكدت المادة (‪ )62‬كفالة حرية التنقل واالقامة والهجرة‪" ،‬وال يجوز إبعاد أى مواطن عن‬
‫إقليم الدولة‪ ،‬وال منعه من العودة إليه‪ .‬وال يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة‪ ،‬أو فرض اإلقامة الجبرية عليه‪ ،‬أو‬
‫حظر االقامة فى جهة معينة عليه‪ ،‬إال بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة‪ ،‬وفى االحوال المبينة فى القانون"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نظرية الحقوق المحددة‪:‬‬


‫تتمتع بعض الحريات بحماية خاصة تجاه اإلدارة‪ ،‬وهي تلك الحريات التي عنى المشرع بوضع نظامها‬
‫القانوني‪ ،‬وذلك بتحديد مضمونها ومالمحها وإطارها‪ ،‬فالمشرع يرسم اإلطار القانوني لهذه الحريات إما ألنها كانت‬
‫محل تهديد خاص‪ ،‬أو نظرا ً ألهميتها السياسية في تحديد الجو الفلسفي واإلجتماعي واإلقتصادي لنظام الحكم‬
‫()‪189‬‬
‫القائم ‪.‬‬
‫ويطلق على الحريات التي يعني المشرع بوضع نظامها القانوني في زمان ومجتمع معينين الحقوق‬
‫المحددة‪ ،‬ويترتب على نظرية الحقوق المحددة إبراز أهمية الحرية المحددة مما يضفي عليها حماية وكفالة أزاء‬
‫تصرفات اإلدارة‪ ،‬فقد استقر القضاء اإلداري الفرنسي على أن قيام المشرع بتنظيم ممارسة حرية من الحريات‬
‫يوجب من جانب اإلدارة قدرا ً أكبر من الحرص على تلك الحريات والحذر في تصرفاتها تجاهها مما يخفف على‬
‫الفرد عبء إثبات أن اإلدارة قد تجاوزت سلطتها‪ ،‬فواقعة إخالل اإلدارة بحرية محددة‪ ،‬أي بحرية عامة كفلها‬
‫أيضا ً فإن‬
‫()‪190‬‬
‫ونظمها القانون‪ ،‬تعتبر خطأ أشد من واقعة إخاللها بحرية أخرى لم يتناولها المشرع بالنص والتنظيم‬
‫تلك النظرية ترتب على عاتق اإلدارة التزامات إيجابية إلى جانب التزامها السلبي‪ ،‬فااللتزام اإليجابي يعني أنه يقع‬
‫‪191‬وعلى هذا األساش‬ ‫على عاتق اإلدارة أن تتخذ اإلجراءات الضرورية لحماية الحرية ضد التهديد الخارجي()‪،‬‬
‫فعلى سلطات الضبط أن تتخذ كل اإلجراءات الالزمة لكفالة ممارستها وإبعاد العقبات من طريقها وال تتدخل في‬
‫شأنها إال بالقدر الضروري جدا ً لحفح النظام العام ‪.‬‬
‫()‪192‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه التباع أسلوب الحريات المحددة على النحو سالف الذكر فائدة‬
‫كبيرة تكمن في توضيح الحدود التي يقف عندها تقييد الحرية واألوضاع التي يتم بها هذا‬
‫التقييد‪ ،‬مما يعد ضمانا ً لألفراد في مواجهة اإلدارة‪ ،‬غير أن هذا الضمان ال يتحقق إال إذا كان‬
‫التدخل التشريعي لصالح الحرية وفي جانبها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬نظرية الحريات األساسية‪:‬‬
‫وفقا ً لتلك النظرية توجد حريات أساسية أخرى تعتبر بالنسبة لها ثانوية ‪ ،‬ونجد أن‬
‫الحريات األساسية ال تقتصر على تلك التي يتدخل المشرع لتعريفها وتحديد مضمونها‬
‫وإطارها‪ ،‬فاعتبار حريات معينة من قبيل الحريات األساسية يتوقف على مدى ما يكون لها‬
‫من أهمية اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية بالنظر إلى المبادئ السائدة في المجتمع‪.‬‬
‫وترتيبا ً على ذلك فإن طائفة من الحقوق والحريات العامة ال يتدخل المشرع لتعريفها‬
‫وتحديد مضمونها‪ ،‬حيث أنها ال تقبل بطبيعتها هذا التدخل‪ ،‬ومع ذلك فإنها تعتبر في مقدمة‬
‫الحريات األساسية ومثالها حرية االعتقاد وحرية المسكن‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 87‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬
‫)د‪ .‬نجم عطية‪ ،‬المرجع السابق‪ 0،‬ص‪ 178‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬حدود‪ 1‬سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ 149‬وما‬
‫‪1‬‬
‫التنظيم القانوني‪ ،‬المرجع السالالابق‪ ،‬ص‬
‫‪9‬‬
‫الحريات العامة وانعكاسالالتها على‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬سالالعاد الشالرقاوي‪ ،‬نسالالبية‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بعدها‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن من الحريات التي يقررها الدستور ما يقبل التدخل التشريعي بشأنها‬
‫كحرية االجتماع‪ ،‬وحرية الصحافة وحرية ممارسة الشعائر الدينية‪ ،‬غير أنه إذا لم يتدخل‬
‫()‪193‬‬
‫المشرع لتنظيمها فإن ذلك ال يمنع من االعتراف بها كحريات أساسية ‪.‬‬
‫ومددي هذه الحريات األساسية أولى وأجدر بالحماية من الحريات غير األساسية‪،‬‬
‫ومن ثم يتعين على القضاء أن يحمي الحريات األساسية وال يسمح باالعتداء عليها‪ ،‬أيضا ً‬
‫فإن فرض القيود على الحريات األساسية يكون كقاعدة من اختصاص السلطة التشريعية‬
‫()‪194‬‬
‫بحيث ال يجوز للسلطة اإلدارية االعتداء عليها بإجراءات الئحية أو فردية ‪.‬‬
‫وفي المجمل‪ ،‬فإن سلطة اإلدارة إزاء الحريات تخالف في مداها تبعا ً الختالف الحرية‬
‫موضع التقدير‪ ،‬فتضيق سلطة اإلدارة كلما زادت أهمية الحرية‪ ،‬وقد يحدث أن تتعارض‬
‫الحريات فيما بينها ومن ثم يجب على اإلدارة المفاضلة بينها لتغليب أجدرها وأوالها بالرعاية‬
‫والحماية على غيرها‪ ،‬ولذا فإن التضييق من نطاق حرية ما يصبح مشروعا ً حتى وإذا كان‬
‫()‪195‬‬
‫من أجل توفير حرية أخرى أكبر أهمية ‪.‬‬
‫وتأسيسا ً لما تقدم‪ ،‬فإن حرية ممارسة شعائر األديان‪ ،‬وهي حرية عزيزة على المشرع‬
‫وأجدر بالرعاية‪ ،‬فإن سلطة الضبط أزاءها تكون ضيقة‪ ،‬فليس لإلدارة أن تمارش سلطتها‬
‫لضبطية داخل دور العبادة إال استثنا ًء وفي أضيق الحدود‪ ،‬لذا فلقد قضى مجلس الدولة‬
‫الفرنسي بإلغاء قداش ديني في أحد الفنادق الخاصة ويمنع دخول األهالي وذلك خوفا ً من‬
‫مخاطر الحريق‪.‬‬
‫ولما كانت حرية االجتماع تعتبر من الحريات األساسية في النظام الديمقراطي‬
‫الرتباطها بالحريات الفكرية‪ ،‬لذا فإن القضاء ال يجيز لسلطة الضبط منع االجتماع العام إال‬
‫بقدر افتقار سلطة الضبط للوسائل الضرورية لضمان حفح النظام العام‪ ،‬وإال كان ذلك‬
‫مساعدة للمظاهرات المضادة‪.‬‬
‫وعلى العكس من ذلك‪ ،‬نجد أن حرية العروض السينمائية أقل أهمية من حريات‬
‫أخرى‪ ،‬كحريات االجتماع والصحافة‪ ،‬ومن ثم يباا لسلطة الضبط أن تقيد تلك الحرية‬
‫بإجراءات أشد‪ ،‬ولذا فلقد ذهب البعض بأنها ال تعتبر حرية عامة حقيقية فهي ال تعدو أن‬
‫تكون رخصة من الرخص‪.‬‬
‫وإذا كانت سلطة الضبط تتفاوت على الوجه المتقدم وفقا ً ألهمية الحرية وخطورتها‪،‬‬
‫إال أن ذلك ال يجوز أن يقتصر على تقدير الحرية من الناحية النظرية فحسب‪ ،‬بل يجب أن‬
‫يجرى ذلك التقدير واقعيا ً وفقا ً لظروف ومالبسات الحالة المعروضة‪ ،‬فيجب أن يراعى مقدار‬
‫المضايقة التي سببها اإلجراء الضابط للفرد‪ ،‬ولهذا فلقد أصدر مجلس الدولة الفرنسي العديد‬

‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬
‫د‪ .‬عادل أبو الخير‪ ،‬المرجع ‪3‬السابق‪ ،‬ص‪ 352‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.149‬‬
‫‪1‬‬
‫التنظيم القانوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬نسبية الح‪4‬ريات العامة وانعكاستها على‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪ ،209‬د‪ .‬عادل السعيد أبو ‪9‬الخير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.355‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬نجم عطيه‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫من األحكام التي تبرز أن التبعية أو المضايقات التي تلحقها إجراءات الضبط باألفراد ينبغي‬
‫أن توضع موضع االعتبار‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫قيود اإلجراء الضبطي الناتج عن‬
‫فكرة الحرية ذاتها‬
‫المطلب الثاني‬
‫قيود اإلجراء الضبطي الناتج عن فكرة الحرية ذاتها‬
‫نتناول في هذا المطلب القيود التي ترد على اإلجراء الضبطي والناتجة عن فكرة‬
‫الضبط أو البوليس‪ ،‬ونتعرض في هذا الفرع للقيود والضوابط التي تحكم سلطة الضبط‬
‫اإلداري والناجمة عن فكرة الحرية وطبيعتها الذاتية‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن الحرية في حد ذاتها تعتبر مصدرا ً للقيود التي ترد على سلطات‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬بحيث ال تستطيع هذه األخيرة‪ -‬وهي تواجه ممارسة الحرية‪ -‬أن تفرض‬
‫عليها من القيود ما يددي إلى إهدارها أو إلغائها‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك فإن القضاء اإلداري وهو يتصدى لرقابة مشروعية إجراءات الضبط‬
‫اإلداري استخلص عدة مبادئ تحكم سلطة الضبط اإلداري في هذا الشأن‪ ،‬حيث أمكن للقضاء‬
‫اإلداري في هذا الصدد أن يتبنى معيارا ً حاسما ً وجوهريا ً يقوم على فلسفة التوازن والمواءمة‬
‫بين ضرورات المحافظة على النظام العام ومتطلبات حماية الحريات وكفالة ممارستها‪.‬‬
‫ويمكن لنا أن نجعل هذه المبادئ أو الضوابط التي صاغها القضاء اإلداري وطبقها‬
‫في أحكام في األمور اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬عدم مشروعية الحظر المطلق للحرية‪:‬‬
‫إن سلطة اإلدارة في مواجهة الحرية ال تعني من حيث المبدأ التحريم المطلق والتام‬
‫لممارسة الحرية‪ ،‬ومن ثم فإن الحظر المطلق للحرية من جانب اإلدارة يعتبر غير مشروع‪،‬‬
‫ويرجع ذلك إلى أن الحظر المطلق للحرية ال يعتبر تنظيما ً لها بل هو إلغاء‪ ،‬واألصل أن‬
‫السلطة التشريعية وحدها هي صاحبة االختصاص األصيل في إلغاء أو تقرير ممارسة إحدى‬
‫‪196‬ومن ناحية أخرى فإن صيانة النظام العام في معظم الحاالت‬ ‫الحريات‪ ،‬هذا من ناحية()‪،‬‬
‫ال تس تلزم بالضرورة أن يصل تقييد الحرية إلى درجة الحظر المطلق‪ ،‬ألن مهمة اإلدارة‬
‫ليست فقط كيفية حماية النظام العام‪ ،‬وإنما هي أيضا ً كيفية السماا بممارسة الحرية دون‬
‫اإلخالل بالنظام‪ ،‬وعلى ذلك فإن سلطة اإلدارة في مواجهة الحرية سلطة تنظيمية أصالً‪ ،‬ال‬
‫()‪197‬‬
‫سلطة مقيده وتحريم أو إلغاء ‪.‬‬
‫وقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ في كثير من أحكامه‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
‫قضى في حكمه الصادر في ‪1984/6/22‬م برفض الطعن المقدم من المحافح ضد الحكم‬
‫الصادر من محكمة باريس اإلدارية بتاريخ ‪1981/12/16‬م‪ ،‬والذي ألغت بمقتضاه المحكمة‬
‫القرار الصادر من المحافح في ‪1981/4/10‬م‪ ،‬حيث منع المحافح بموجب هذا القرار شركة‬
‫عالم التنس من القيام بتوزيع الصحف والمجالت على منافذ إستاد روالن جارو أثناء تنظيم‬

‫الرف‪ ،‬دور سال الاللطات الضال الالبط اإلداري‪9‬في تحقيق النظام العام وأثره على ‪1‬الحريات‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬عبد العليم عبد المجيد شال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العامة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1998 ،‬ص‪.241‬‬


‫‪1‬‬
‫يف‪ ،‬أساليب الضبط اإلداري‪ ،‬المرجع ‪9‬السابقن ص‪.80‬‬
‫‪7‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬سعد الدين الشر‬ ‫)‬ ‫(‬
‫البطولة العالمية للتنس في فرنسا‪ ،‬وذلك بحجة المحافظة على النظام العام‪ ،‬واستند مجلس‬
‫الدولة الفرنسي في رفضه للطعن وتأييد حكم المحكمة اإلدارية إلى أن قرار المحافح غير‬
‫مشروع ألن ينطوي على حظر مطلق لممارسة الحرية وهو ماال تملكه سلطة الضبط‬
‫‪198‬وكذلك قضى مجلس الدولة‬ ‫اإلداري‪ ،‬ومن ثم فإن هذا القرار يكون جديرا ً باإللغاء()‪،‬‬
‫الفرنسي في حكمه الصادر في ‪1987/6/26‬م‪ ،‬بإلغاء اإلجراء الذي اتخذته سلطة الضبط‬
‫العام وأغلقت بمقتضاه مدسسة للرقص العام‪ ،‬وذلك بحجة أن النظام العام قد تعرض لإلخالل‬
‫به من جراء ممارسة هذا النشاط‪ ،‬إال أن المجلس لم يقر اإلدارة على ذلك وألغى اإلجراء‬
‫()‪199‬‬
‫الضبطي على أساش أن الحظر المطلق للحرية غير مشروع ‪.‬‬
‫بيد أنه يتعين أن نالحح في هذا الصدد أنه إذا كان من الممتنع على سلطة الضبط‬
‫اإلداري أن تحظر ممارسة الحرية أو النشاط حظرا ً مطلقا ً أو كليا ً‪ -‬كما سبق أن بينا‪ -‬إال أنه‬
‫يجوز لها أن تحظر ممارسة الحرية أو النشاط حظرا ً نسبيا ً أو جزئياً‪ ،‬أي الحظر الذي يكون‬
‫منع ممارسة الحرية أو النشاط فيه مقصورا ً على مكان معين أو وقتا ً محددا ً إذا وجد ما يبرر‬
‫هذا الحظر من مقتضيات المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في ‪1980/1/25‬م‬
‫بمشروعية القرار الذي اتخذته سلطة الضبط اإلداري وحظرت بموجبه ممارسة حرية‬
‫التجارة على الطريق العام حظرا ً نسبيا ً في أماكن معينة وساعات محددة‪ ،‬طالما أنها تهدف‬
‫من وراء ذلك إلى المحافظة على النظام العام‪ ،‬وتتلخص وقائع هذا الحكم في أن عمدة إحدى‬
‫المدن أصدر قرارا ً في ‪1978/2/27‬م‪ ،‬حظر بموجبه ممارسة حرية التجارة آخر أكتوبر‬
‫من الساعة العاشرة صباحا ً حتى الساعة الثامنة مسا ًء‪ ،‬واستند العمدة في إصداره لهذا القرار‬
‫إلى المحافظة على األمن العام داخل المدينة‪ ،‬طعن أصحاب المصلحة في هذا القرار أمام‬
‫المحكمة اإلدارية المختصة فقضت في حكمها الصادر في ‪1978/6/20‬م برفض الطعن‬
‫وتأييد قرار العمدة‪ ،‬استأنف أصحاب المصلحة هذا الحكم أمام مجلس الدولة الفرنسي مطالبين‬
‫بإلغاء حكم المحكمة اإلدارية وإلغاء قرار العمدة بالتبعية‪ ،‬إال أن مجلس الدولة قضى في‬
‫حكمه سالف الذكر برفض الطعن وتأييد حكم المحكمة اإلدارية‪ ،‬ومن ثم فإن القرار الصادر‬
‫من العمدة يكون مشروعا ً ألنه اتخذ في حدود السلطات المخولة للعمدة من أجل المحافظة‬
‫على النظام العام‪ ،‬وبنا ًء على ذلك فإن الطعن في حكم المحكمة اإلدارية الذي أقر مشروعية‬
‫()‪200‬‬
‫القرار الصادر من العمدة ال أساش له من الصحة ويتعين رفضه ‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن تقييد اإلجراء الضبطي الذي يحظر ممارسة الحرية أو النشاط‬
‫بوقت محدد أو مكان معين ال يددي حتما ً إلى القول بمشروعيته‪ ،‬فقد يبقى الحظر مع ذلك‬

‫د‪ .‬عاطف البنا‪ ،‬حدود سال الاللطة‪ 8‬الضال الالبط‪ ،‬المرجع السال الالابق‪ ،‬ص‪ ،994‬د‪ .‬عبد العليم مشال الالرف‪ ،‬المرجع ال‪1‬سال الالابق‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.242‬‬
‫‪1‬‬
‫القاهرة‪ ،1997 ،‬ص‪.201‬‬
‫‪9‬‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬طارق فتن هللا خضر‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬
‫مشرف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬عبد العليم عبد المجيد‬ ‫)‬ ‫(‬
‫من السعة بحيث يعد بمثابة حظر مطلق‪ ،‬أو ال يكون اإلجراء بصفة عامة ضروريا ً أو متناسبا ً‬
‫مع جسامة اإلخالل بالنظام العام‪.‬‬
‫وتأسيسا ً على ما تقدم قضى مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في‬
‫‪1968/3/13‬م بإلغاء اإلجراء الضبطي الذي منعت بموجبه اإلدارة ممارسة مهنة التصوير‬
‫الفوتوغرافي في منطقة شاسعة وتغطي عدة طرق ال تتوافر في بعضها صعوبات خاصة‬
‫بالمرور‪ ،‬فقد اعتبر المجلس هذا اإلجراء مبالغا ً في تعميم الحظر ‪..‬‬
‫()‪201‬‬

‫ثانياً‪ :‬قاعدة حرية األفراد في اختيار وسيلة احترام النظام العام‪:‬‬


‫ومضمون هذه القاعدة أنه ينبغي على سلطات الضبط اإلداري أال تفرض على األفراد‬
‫وسيلة معينة لمواجهة الخطر أو اإلخالل بالنظام العام‪ ،‬بل يجب عليها أن تترك لألفراد‬
‫الحرية في اختيار الوسيلة األقل مشقة واألقل مساسا ً بالحرية‪ ،‬طالما أن هذه الوسيلة من‬
‫شأنها أن تحقق المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫وترتيبا ً على ذلك يجب على سلطة الضبط اإلداري أن تكتفي بتوجيه نظر األفراد إلى‬
‫أوجه اإلخالل بالنظام التي يراد توقيها‪ ،‬وأن تكفلهم بتفادي مصادر تهديد النظام عند‬
‫ممارستهم للحرية‪ ،‬تاركة لهم اختيار الوسيلة المناسبة لتجنب اإلخالل بالنظام‪ ،‬أما إذا‬
‫تجاوزت سلطة الضبط ذلك التوجيه وتدخلت بفرض وسيلة معينة على األفراد‪ ،‬كان هذا‬
‫التدخل مساسا ً بالحرية ال يقتضيه النظام العام ‪.‬‬
‫()‪202‬‬

‫وتطبيقا ً لقاعدة حرية األفراد في اختيار وسيلة احترام النظام العام‪ ،‬فإن مجلس الدولة‬
‫الفرنسي عندما رخص لسلطة الضبط أن تشترط في مواجهة المحال العامة ضرورة استيفاء‬
‫اشتراطات الوقاية من الحريق بوضع األجهزة والمعدات الالزمة لهذا الغرض‪ ،‬إال أن‬
‫المجلس لم يرخص لسلطة الضبط أن تشترط أن تكون هذه األجهزة ذات عالمة تجارية‬
‫معنية‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أنه‪ ،‬وإن كانت قاعدة حرية األفراد في اختيار وسيلة احترام النظام‬
‫العام قاعدة أصولية مقررة من جانب القضاء اإلداري‪ ،‬إال أنه يالحح أن هذه القاعدة ليست‬
‫مطلقة بل ترد عليها بعض االستثناءات‪ ،‬ويمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ال يجوز أن تترك لألفراد حرية اختيار الوسيلة إذا كانت هناك وسيلة واحدة فعالة‬
‫لحفح النظام العام‪.‬‬
‫‪ .2‬ال تطبق القاعدة السابقة في حالة التهديد الخطير واألضرار الجسيمة التي يتعرض‬
‫لها النظام العام‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ص‪.266‬‬
‫‪0‬‬
‫هللا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫عالقة الفرد‬
‫‪2‬‬
‫ص‪ ،92‬د‪ .‬عبد المنعم محفوظ‪،‬‬
‫‪0‬‬
‫انظر د‪ .‬سال ال الالعاد الش ال ال الرقاوي‪2 ،‬القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السال ال الالابق‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بالسلطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 1007‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ .3‬ال تطبق هذه القاعدة عندما تتطلب الظروف ضرورة اتخاذ تدابير موحدة لتجنب‬
‫اإلخالل بالنظام‪ ،‬وإال فقدت هذه التدابير فعاليتها وجدواها‪.‬‬
‫‪ .4‬وأخيرا ً ال تطبق القاعدة السابقة في حالة االستعجال‪ ،‬حيث ال تدع الظروف لألفراد‬
‫فرصة تدبير الوسيلة المناسبة من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى فإنه من غير المعقول‬
‫االعتماد على قدرة األفراد في هذا الشأن ومن ثم يتعين على سلطة الضبط اإلداري‬
‫()‪203‬‬
‫أن تقوم باتخاذ الوسائل الالزمة لمواجهة هذا الخطر العاجل ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬نطاق سلطات الضبط اإلداري يتناسب عكسيا ً مع القيمة القانونية للحرية الذي‬
‫يواجها‪:‬‬
‫سبق وأن أشرنا إلى أن الحريات العامة ليست كلها بنفس األهمية والدرجة‪ ،‬فبعضها‬
‫يعتبر جوهريا ً وذا قيمة أساسية بالنسبة لبعضها اآلخر‪ ،‬ويترتب على ذلك أن سلطات الضبط‬
‫اإلداري تتغير تبعا ً لقيمة الحرية‪ ،‬فهذه السلطات أقل في مواجهة الحرية األساسية منها أمام‬
‫الرخصة أو مجرد التسامح‪ ،‬وبعبارة أخرى يمكن القول بأن سلطة الضبط تتضخم وتزداد‬
‫إتساعا ً في مواجهة الحرية كلما كانت قيمتها وضرورياتها للفرد هامشية‪ ،‬وهو ما يعني تناسبا ً‬
‫ً()‪204‬‬
‫عكسيا ً بين سلطة الضبط التي تندرج تصاعديا ً وقيمة الحرية التي تندرج تنازليا ‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن التعرف على نية المشرع يعتبر عنصرا ً أساسيا ً في‬
‫تحديد سلطة الضبط اإلداري في مواجهة الحرية‪ ،‬ومن ثم إذا كان المشرع قد أبدى أو أظهر‬
‫عداة لحرية معينة فإن هذا يسمح باتساع سلطة الضبط في مواجهتها‪ ،‬والعكس صحيح أيضا ً‬
‫إذا كان المشرع يشجع ممارسة حرية من الحريات‪ ،‬ففي هذه الحالة نجد أن سلطة الضبط‬
‫()‪205‬‬
‫في مواجهة الحرية يضيق نطاقها ‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك فإن مجلس الدولة الفرنسي اعترف لإلدارة بسلطات واسعة إزاء حرية‬
‫التظاهر‪ ،‬حيث قدر المجلس أن نية المشرع ال تشجع بل تعارض التظاهر‪ ،‬فقد قضى مجلس‬
‫الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في ‪ 12‬أكتوبر‪ ،1983‬بمشروعية القرار الذي أصدره‬
‫العمدة ومنع بمقتضاه التظاهرات ذات الطابع السياسي‪ ،‬وذلك على أساش أنها تمثل تهديدا ً‬
‫للنظام العام‪ ،‬وتتضمن في نفس الوقت اعتداء غير مشروع على الملكية الخاصة‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن العمدة إذا قام بحظر هذه المظاهرات فإن تصرفه يكون مشروعا ً طبقا ً لنص المادة‬
‫‪ 2/131‬من قانون المحليات‪.‬‬

‫حدود سالاللطة الضالالبط اإلداري‪ ،‬المرجع ‪2‬السالالابق‪،‬‬


‫‪0‬‬
‫المراجع اآلتية‪ :‬د‪ .‬عاطف البنا‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫انظر في هذه االسالالتثناءات‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪ .99-98‬د‪ .‬عبد المنعم محفوظ‪ ،‬عالقة الفرد بالسالاللطة‪ ،‬المرجع السالالابق‪ ،‬ص‪ 1009‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬عادل أبو‬
‫الخير‪ ،‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.480-479‬‬
‫الابق‪ ،‬ص‪ ،82-81‬د‪ .‬عبد العليم عبد‪ 2‬المجيد‬
‫‪0‬‬
‫الاليب الضالالبط اإلداري‪ ،‬المرجع السال‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬سالالعد الدين الش الريف‪ ،‬أسال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مشرف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.247‬‬


‫‪2‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.89-880‬‬
‫‪5‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬سعاد الشرقاوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وعلى خالف ما تقدم‪ ،‬فإن مجلس الدولة الفرنسي لم يعترف لإلدارة بسلطات واسعة‬
‫إزاء حرية ممارسة الشعائر الدينية‪ ،‬بل كان يقف دائما ً بجانب هذه الحرية‪ ،‬وال يشجع تدخل‬
‫سلطة الضبط في شأنها‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن حرية ممارسة الشعائر الدينية حرية عزيزة‬
‫على المشرع وأجدر بالرعاية واالحترام‪ ،‬ومن ثم فإن سلطة الضبط اإلداري تجاهها تكون‬
‫()‪206‬‬
‫ضيقة ‪.‬‬
‫وتطبيقا ً على ذلك‪ ،‬قضى مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬بأنه ال يجوز لإلدارة أن تعمد إلى‬
‫‪207‬كما قضى‬‫اتخاذ إجراءات ضبطية تحدد بموجبها مواعيد معينة لفتح الكنائس وإغالقها()‪،‬‬
‫المجلس في حكم آخر بأنه ال يجوز لإلدارة أن تتدخل لتنظيم النشاط داخل الكنيسة إال بصفة‬
‫()‪208‬‬
‫استثنائية وفي أضيق الحدود ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬احترام حق الدفاع إذا كان إجراء الضبط يتضمن عقوبة‪:‬‬
‫القاعدة العامة إن إجراءات الضبط اإلداري ال يتعين إعالم أصحاب الشأن بها قبل‬
‫صدورها‪ ،‬بيد أنه إستثناء من هذه القاعدة يتعين على سلطة الضبط اإلداري إعالم صاحب‬
‫الشأن باإلجراء الضبطي المزمع اتخاذه في مواجهته إذا كان هذا اإلجراء يتضمن عقوبة أو‬
‫جزا ًء‪ ،‬والحكمة من ذلك هي إتاحة الفرصة لهذا الشخص حتى يتمكن من تقديم وسائل‬
‫()‪209‬‬
‫دفاعة ‪.‬‬
‫ولقد تقرر هذا المبدأ منذ صدور حكم مجلس الدولة الفرنسي في ‪ 5‬مايو‪1944‬م‪،‬‬
‫والذي قضى فيه بإلغاء القرار الصادر من اإلدارة بسحب الترخيص الممنوا للسيدة ‪veuve‬‬
‫‪ Troumpier‬ببيع الصحف في أحد األكشاك‪ ،‬حيث تبين لمجلس الدولة أن هذا القرار قد‬
‫صدر دون دعوة هذه السيدة لتقديم وسائل دفاعها ضد االتهامات الموجهة إليها ونظرا ً‬
‫لخطورة الجزاء المترتب على هذا اإلجراء فإنه كان يتعين على سلطة الضبط دعوة هذه‬
‫السيدة لمناقشتها وتقديم وسائل دفاعها‪ ،‬احتراما ً لحق الدفاع الذي تقضي به المبادئ العامة‬
‫للقانون‪ ،‬وحيث إن سلطة الضبط لم تراع هذه الضمانة وأصدرت القرار دون احترام حق‬
‫الدفاع‪ ،‬فإنها بذلك تكون قد تجاوزت السلطة المخولة لها‪ ،‬ومن ثم فإن قرارها يكون جديرا ً‬
‫باإللغاء‪.‬‬
‫وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي ضرورة احترام حق الدفاع في أحكامه الحديثة‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل المثال قضى في حكمه الصادر في ‪ 9‬مايو‪ 1980‬بإلغاء الحكم الصادر من محكمة‬
‫‪ Bordeaux‬اإلدارية في ‪ 28‬أكتوبر‪ ،1977‬وكذلك إلغاء قرار وزير الزراعة في ‪13‬‬
‫مايو‪1974‬م‪ ،‬حيث أن هذا القرار قد صدر بتوقيع عقوبة على الشركة الطاعنة المنتجة‬
‫للخمور‪ ،‬وهذه العقوبة عبارة عن سحب الترخيص الممنوا لهذه الشركة إلنتاج نوع معين‬

‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬
‫مشرف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.247‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬عبد العليم عبد المجيد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬
‫مشرف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.248‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬عبد العليم عبد المجيد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91-900‬‬
‫‪8‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬سعاد الشرقاوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫ص‪.1012-1011‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬عبد المنعم محفوظ‪ ،‬عالقة‪ 9‬الفرد بالسلطة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫من الخمور‪ ،‬ألنها قد خالفت األوصاف المطلوبة إلنتاج هذا النوع من الخمور‪ ،‬طعنت الشركة‬
‫في هذا القرار أمام المحكمة اإلدارية فقضت في حكمها سالف الذكر بتأييد قرار الوزير‬
‫ورفض الطعن‪ ،‬استأنفت الشركة هذا الحكم أمام مجلس الدولة فقضى في حكمه الصادر في‬
‫‪ 9‬مايو‪1980‬م‪ ،‬بإلغاء حكم المحكمة اإلدارية‪ ،‬ومن ثم إلغاء قرار وزير الزراعة‪ ،‬حيث تبين‬
‫لمجلس الدولة أن هذا القرار قد صدر دون احتراما ً لحق الدفاع الذي قضت به المبادئ العامة‬
‫للقانون‪ ،‬وبذلك يكون وزير الزراعة قد تجاوز السلطة لتقديم وسائل دفاعها ومن ثم فإن‬
‫قراره يكون جديرا ً باإللغاء‪.‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫الحدود المتعلقة بوسائل الضبط‬
‫اإلداري‬
‫المطلب الثالث‬
‫الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري‬
‫إذا كان من واجب سلطات الضبط اإلداري أن تواجه مقتضيات الحفاظ على النظام‬
‫العام بتدابير وإجراءات لم يحددها المشرع بنصوص واضحة‪ ،‬وكذلك لم يحدد الوسائل التي‬
‫تستخدمها في سبيل تحقيق غاياتها‪.‬‬
‫وحفاظا ً على حقوق األفراد وحرياتهم إزاء سلطات الضبط فإنه يتعين التزام تلك‬
‫السلطات بالشروط القانونية والموضوعية لإلجراءات الصادرة منها‪ ،‬ولقد حاول القضاء‬
‫اإلداري في كل من فرنسا ومصر أن يعالج الشروط والضوابط التي ينبغي أن تتحقق في‬
‫التدابير الضابطة للقول بمشروعيتها‪ ،‬وكان سبيله إلى ذلك محاوالته الد وبة في العمل على‬
‫إرساء نوع من الموائمة والتوازن بين متطلبات الحفاظ على النظام العام وضرورات حماية‬
‫الحريات وكفالة ممارستها‪.‬‬
‫ونجد أن تلك الحدود والضوابط تختلف في الظروف العادية عنه في الظروف‬
‫االستثنائية‪.‬‬
‫وترتيبا ً على ما تقدم‪ ،‬فسوف نتناول هذا المطلب على النحو التالي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري في الظروف العادية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري في الظروف العادية‬
‫لما كان الهدف من اإلجراءات الضبطية هو المحافظة على النظام العام‪ ،‬فإن أي‬
‫إجراء ال يكون من شأنه تحقيق األمن أو السكينة أو الصحة العامة يعتبر إجراء غير مشروع‬
‫وقد تكفل القضاء اإلداري في كل من فرنسا ومصر بوضع نظرية عامة تحد من سلطات‬
‫الضبط اإلداري بحيث ال تتعدى على الحريات العامة‪ ،‬وقد حدد القضاء شروطا ً يجب أن‬
‫تتوافر في اإلجراء الضبطي لكي يكون مشروعاً‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫()‪210‬‬

‫أوالً‪ :‬يكون اإلجراء الضبطي ضرورياً‪:‬‬


‫يكون كذلك متى كانت هناك حالة استعجال أو تهديد باضطراب تستلزم مواجهتها‬
‫تدخل سلطة الضبط لدفعه‪ ،‬فإذا لم يتوافر االستعجال كان القرار الضبطي باطالً يتعين على‬
‫القاضي اإلداري إلغا ه‪.‬‬

‫الفكر العربي‪ ،1984 ،‬ص‪ ،136‬د‪2 .‬سال ال ال ال ال ال الالعاد‬


‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬الوسال ال‪0‬ال ال ال ال الاليط في القانون اإلداري‪ ،‬دار‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الشرقاوي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 91‬وما بعدها‪.‬‬


‫ومفاد هذا القيد أن يستهدف اإلجراء الضبطي القضاء على المخاطر الحقيقية الحالة‬
‫أو الداهمة والفوضى التي قد تلحق بالنظام العام وبعبارة أخرى أن يكون هناك تهديد‬
‫باضطراب جسيم للنظام العام وتقوم اإلدارة باتخاذ اإلجراء لتفادي هذا االضطراب وعلى‬
‫ذلك فإن مجرد الخلل البسيط الذي قد يلحق بالنظام العام أو مجرد تعكير صفوه ال يرخص‬
‫لإلدارة مشروعية اتخاذ اإلجراء‪ ،‬ومن ثم فإنه ال يجوز لسلطة الضبط اإلداري أن تلجأ إلى‬
‫فرض القيود على الحرية في حين أنه كان يكفي لتحقيق متطلبات النظام أن تقوم باتخاذ بعض‬
‫()‪211‬‬
‫االحتياطات الالزمة لحفح النظام ‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء قرارات الضبط اإلداري التي تكلف‬
‫بها جهة اإلدارة مالك المباني غير الصحية باستخدام أجهزة محددة أو القيام بأشغال معينة‬
‫لمواجهة مخاطر األمراض المعدية وذلك لعدم ضرورة هذا اإلجراء ولتجاوز هيئات الضبط‬
‫()‪212‬‬
‫سلطاتها ‪.‬‬
‫وفى ذلك تقول محكمة القضاء االدارى العمانى " أن الحريات العامة من األمور التى‬
‫كفلها الدستور ‪ ،‬والتى ال يجوز تقييدها إال إذا كانت هناك ضرورة تحتم ذلك ‪ ،‬والضرورة‬
‫()‪213‬‬
‫البد أن تتناسب مع األمر الداعى للحد من الحريات " ‪.‬‬
‫ويالحح في هذا الصدد أن الضرورة تقدر بقدرها أي أن ضرورة اإلجراء الضبطي‬
‫تقدر بقدر جسامة التهديد الذي يخشى منه على النظام العام فالبد أن يكون هو اإلجراء الالزم‬
‫دون غيره من اإلجراءات لتوخي الخطر الذي يهدد النظام العام‪ ،‬فإذا كان هناك إجراء أو‬
‫تدبير آخر أقل إعاقة للحرية ففي هذه الحالة يكون التدبير المتخذ من قبل سلطة الضبط‬
‫ً()‪214‬‬
‫اإلداري باطال ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن يكون اإلجراء الضبطي فعاالً ومؤثراً‪:‬‬
‫يشترط في اإلجراء الضبطي أن يكون فعاالً ومدثراً‪ ،‬بمعنى أن يكون منتجا ً وحاسما ً‬
‫وكافيا ً لمنع الخلل أو االضطراب الذي يهدد النظام العام‪ ،‬وعلى ذلك إذا كان اإلجراء الذي‬
‫اتخذته اإلدارة غير فعال وغير مجد في تفادي وقوع االضطرابات‪ ،‬فإنه يكون إجراء غير‬

‫‪2‬‬
‫البوليس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪1‬‬
‫يف‪ ،‬الجهة التي تتولى إصدار لوائن‬
‫‪1‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬سعد الدين الشر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪1947/5/16‬م مشالالار إليه لدى د‪1 .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬حدود الضالالبط‪2،‬المرجع‬
‫‪2‬‬
‫حكم مجلس الدولة الفرنسالالي‬ ‫)‬ ‫(‬

‫السابق‪ ،‬ص‪.470‬‬
‫الدعوى االبتدائية رقم ‪ 80‬لس ال الالنىة ‪1 4‬ق س جلس ال الالة ‪2 ، 2005 / 7/ 29‬مجموعة‬
‫‪3‬‬
‫القض ال الالاء االدارى العمانى ‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المبادى التى قررتها المحكمة فى ال‬

‫سنة الثالثة ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.436‬‬
‫‪1‬‬
‫الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬المرجع‬
‫‪4‬‬
‫‪ .‬محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الزم ومن ثم غير مشروع‪ ،‬ووجب في هذه الحالة إبطالة‪ ،‬وجدوى التدبير الضبطي ليس‬
‫مثار خالف في الغالب ألن هيئات الضبط تتخذ عادة التدابير الكفيلة بدرء اإلخالل بالنظام‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أن يكون اإلجراء الضبطي معقوالً‪:‬‬
‫يجب أن يكون محل القرار الضبطي معقوالً‪ ،‬ويعني ذلك أن يكون اإلجراء الضبطي‬
‫متناسبا ً مع جسامة اإلضطراب الذي تهدف اإلدارة إلى توخيه‪ ،‬ويعتبر هذا التناسب عنصرا ً‬
‫هاما ً في تحديد مدى سلطات الضبط اإلداري ألن الضرورة تقدر بقدرها‪ ،‬والهدف ليس‬
‫صيانة النظام العام مهما كان الثمن‪ ،‬وإنما يجب أن تسعى اإلدارة التي تحقق هذا الهدف بأقل‬
‫تضحية ممكنة تتحملها الحريات العامة‪.‬‬
‫وقد ذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن شرط التناسب يعتبر عنصرا ً هاما ً في تحديد‬
‫مدى سلطات الضبط اإلداري في مواجهة الحريات‪ ،‬حيث أن القضاء اإلداري الفرنسي‬
‫يتطلب دائما ً‪ -‬أثناء ممارسته للرقابة على مشروعية إجراءات الضبط اإلداري‪ -‬ضرورة أن‬
‫يكون اإلجراء الذي اتخذته سلطة الضبط في مواجهة الحرية متناسبا ً مع مقدار الخلل أو‬
‫االضطراب الذي لحق بالنظام العام من جراء ممارسة هذه الحرية‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء إجراء إداري يحتوي على قسوة‬
‫شديدة في تقييده لممارسة الحرية في حين أنه كان يكفي لتفادي االضطراب وتحقيق النظام‬
‫العام أن تقوم اإلدارة باتخاذ بعض االحتياطات التقليدية‪.‬‬
‫وقد سار مجلس الدولة المصري على نهج نظيره الفرنسي في هذا الصدد حيث ذهب‬
‫إلى أنه يشترط لمشروعية اإلجراء الضبطي أن يكون هناك تناسب بين هذا اإلجراء وجسامة‬
‫الخلل أو االضطراب الذي يلحق بالنظام العام‪ ،‬وتطبيقا ً لذلك قضت محكمة القضاء اإلداري‬
‫في حكم لها بأنه‪ " :‬إذا عطلت اإلدارة سوقا ً عمومية بدعوى المحافظة على األمن وكان في‬
‫مقدور اإلدارة اتخاذ إجراءات كفيلة لمنع الحوادث بدالً من التعطيل‪ ،‬فإنه يتعين إلغاء قرار‬
‫()‪215‬‬
‫التعطيل " ‪.‬‬
‫ويالحح في هذا الصدد أن شرط التناسب يقوم على تقدير عناصر ثالثة تشكل دائرة‬
‫الصراع بين السلطة والحرية وهذه العناصر هي‪:‬‬

‫‪ -1‬تقدير جسامة االضطراب أو الخلل‪:‬‬


‫يجب أن يراعى في تقدير اإلجراء الضبطي التناسب بين تعكير صفو األمن المراد‬
‫تفاديه بهذا اإلجراء والحرية التي يواجهها هذا اإلجراء‪ ،‬وعلى ذلك إذا كان االضطراب أو‬
‫الخلل ضئيل األهمية فال يجب التضحية بالحرية‪ ،‬أما إذا كان خطر االضطراب جسيما ً فهو‬

‫ض ال الالية رقم ‪ 167‬الس ال الالنة الخامس ال الالة‪2 ،‬مجموعة‬


‫‪1‬‬
‫حكم محكمة القض ال الالاء اإلداري‪ 5‬الص ال الالادر في ‪1952/1/22‬م‪ ،‬الق‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المكتب الفني بمجلس الدولة‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬رقم ‪ ،114‬ص‪ 340‬وما بعدها‪.‬‬
‫يبرر المساش بالحرية‪ ،‬كما أن الخلل الذي يكون تافها ً في الظروف العادية يضحى أكثر‬
‫()‪216‬‬
‫خطورة في ظل الظروف االستثنائية ‪.‬‬
‫‪ -2‬تقدير النشاط الفردي في حد ذاته (قيمة الحرية)‪:‬‬
‫تتوقف مشروعية اإلجراء الضبطي على مدى تقديره لقيمة الحرية التي يواجهها‪،‬‬
‫وعلة ذلك أن الحريات ليست كلها بنفس األهمية والدرجة فبعض الحريات تعتبر جوهرية‬
‫وذات قيمة أساسية بالنسبة للبعض اآلخر‪ ،‬وفي هذا المجال يمكن التفرقة بين ثالثة أنواع من‬
‫األنشطة الفردية‪:‬‬
‫‪ .1‬األنشطة الفردية التي يحرمها القانون ويعاقب عليها جنائيا ً وهي الجرائم والجنح‬
‫المنصوص عليها في قانون العقوبات‪.‬‬
‫‪ .2‬األنشطة الفردية المسموا بممارستها بصفة عامة ولكن دون أن ينص القانون على‬
‫اعتبارها حرية من الحريات‪.‬‬
‫‪ .3‬األنشطة الفردية التي تعتبر ممارستها حرية من الحريات التي يكفلها الدستور أو‬
‫القانون‪.‬‬
‫ويترتب على التفرقة السابقة نتيجة هامة وهي أن سلطة اإلدارة إزاء األنشطة الفردية‬
‫ليست واحدة وتختلف باختالف النشاط الفردي الذي تواجهه‪ ،‬ومن ثم فإن سلطة اإلدارة تكون‬
‫أكثر اتساعا ً إزاء النوع األول من األنشطة الفردية‪ ،‬حيث تملك اإلدارة التدخل لمنع األفراد‬
‫من ممارسة هذا النشاط منعا ً مطلقاً‪ ،‬مثال ذلك أن تصدر اإلدارة قرارا ً بحظر اجتماع الغرض‬
‫منه تحريض المواطنين على ارتكاب الجرائم أو الجنح التي تقع تحت طائلة قانون العقوبات‪،‬‬
‫أما عن سلطة اإلدارة إزاء النوع الثاني من األنشطة الفردية وهو النشاط المتسامح فيه فإنه‬
‫يالحح أنها تملك أن تخضع هذا النشاط للترخيص أو التنظيم وليس هناك ما يمنع قانونا ً من‬
‫أن يصل األمر إلى درجة التحريم أو الحظر المطلق‪ ،‬ومثال ذلك ممارسة الدعارة في فرنسا‬
‫حيث تملك اإلدارة إزاء هذا النشاط سلطة تقديرية واسعة فلها أن تخضعه للترخيص السابق‬
‫()‪217‬‬
‫أو التنظيم أو تحظر ممارسة هذا النشاط في ساعات محددة أو أماكن معينة ‪.‬‬
‫وأخيرا ً فيما يتعلق بسلطة اإلدارة تجاه النوع الثالث من األنشطة الفردية والذي يعتبر‬
‫ممارسة لحرية من الحريات العامة التي كفلها الدستور أو القانون فإنه يالحح أن سلطة‬
‫اإلدارة تكون ضعيفة إزاء هذه الحريات وتتفاوت هذه السلطة تبعا ً ألهمية الحرية وخطورتها‬
‫وتبعا ً لما إذا كانت منظمة تنظيما ً دقيقا ً أو غير منظمة‪.‬‬
‫واكتفى المشرع بالنسبة لهذه الحرية بالنص عليها في عبارات عامة غير محددة‬
‫وعلى ذلك إذا كانت الحرية منظمة تنظيما ً دقيقا ً بالقانون‪ ،‬فإن سلطة اإلدارة إزاء هذه الحرية‬

‫انظر‪ :‬د‪ .‬محمد عصال ال ال الالفور‪6 ،‬الحرية في الفكرين الديمقراطي واإلشال‪1‬ال ال الالتراكي‪ ،‬دار النشال ال ال الالر غير مذكورة‪ 2،‬الطبعة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫األولى‪ ،1961 ،‬ص‪.114‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.365‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬توفيق شحاته‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫تكون ضعيفة جداً‪ ،‬ومن أمثلة هذه الحريات حرية العبادات وحرية االجتماع وحرية‬
‫الصحافة‪ ،‬أما إذا كانت الحرية‪ -‬على العكس من ذلك‪ -‬غير منظمة تشريعيا ً واكتفى المشرع‬
‫بالنسبة لها بالنص عليها في عبارات عامة غير محددة‪ ،‬فإن سلطة اإلدارة إزاء هذه الحرية‬
‫تكون أكثر اتساعا ً منها تجاه الحرية المنظمة تشريعياً‪ ،‬ومن أمثلة هذه الحريات حرية التجارة‬
‫والصناعة‪.‬‬
‫وإذا كانت سلطة اإلدارة تتفاوت على النحو السابق وفقا ً لقيمة الحرية إال أن تقدير‬
‫قيمة الحرية ال يجوز أن يقتصر على تقديرها من الناحية النظرية فحسب بل يتعين أن يتم‬
‫التقدير من الناحية العملية أيضاً‪ ،‬وذلك من واقع الحالة المعروضة فعالً وفقا ً للظروف‬
‫والمالبسات المحيطة بها‪ ،‬ولذلك يجب أن يوضع في االعتبار مدى المضايقة الحقيقية التي‬
‫()‪218‬‬
‫سببها اإلجراء الضبطي للفرد ومبلغ التضحية الذي يلقيه ذلك اإلجراء على عاتقه ‪.‬‬
‫‪ -3‬تقدير اإلجراء اإلداري في حد ذاته‪:‬‬
‫يشترط في اإلجراء الذي تتخذه اإلدارة أن يكون ضروريا ً بمعنى أن تكون غايته‬
‫تفادي تهديد حقيقي وجسيم للنظام العام‪ ،‬أما اإلخالل أو الخلل البسيط أو الوهمي فال يمكن‬
‫أن يبرر اتخاذ اإلجراء وفرض القيد على الحرية ويجب أيضا ً أن يكون اإلجراء منتجا ً‬
‫وحاسما ً في تفادي االضطراب الذي يهدف إلى منعه‪ ،‬أما إذا كان غير مجد في تفادي‬
‫االضطراب وتضمن في نفس الوقت مساسا ً بالحرية فإنه يعتبر غير مشروع‪.‬‬
‫ويالحح أيضا ً في هذا الصدد أنه يتعين االعتداد بمقدار المساش الذي يورده اإلجراء‬
‫اإلداري على ممارسة الحرية‪ ،‬ومن ثم ال يجوز لسلطة الضبط اإلداري أن تلجأ إلى فرض‬
‫قيود على الحرية طالما أنه كان يكفي‪ -‬لتحقيق النظام العام‪ -‬أن تتخذ من جانبها بعض‬
‫()‪219‬‬
‫االحتياطات ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬أن يكون اإلجراء الضبطي متصفا ً بالعمومية محققا ً للمساواة‪:‬‬
‫يشترط في اإلجراء الضبطي أن يكون متصفا ً بالعمومية في مواجهة األفراد‪ ،‬فهذه‬
‫الصفة تستهدف تحقيق المساواة بين األفراد الموجه إليهم هذا اإلجراء‪ ،‬ومن ثم يمتنع على‬
‫سلطات الضبط اإلداري التمييز في المعاملة بين األفراد وذلك متى كانت ظروفهم متساوية‬
‫ومراكزهم القانونية واحدة‪ ،‬وعلى ذلك فإن صفة العمومية تشكل قيدا ً هاما ً على سلطات‬
‫()‪220‬‬
‫الضبط اإلداري عند ممارستها ألساليب الضبط على اختالف أنواعها ‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك قضت محكمة القضاء اإلداري في أحد أحكامها بأنه‪ " :‬من الواجب على‬
‫السلطة اإلدارية أن تساوي في المعاملة بين األفراد متى اتحدت ظروفهم فيما اعطاها المشرع‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.470‬‬
‫‪8‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬عادل أبو الخير‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.200-199‬‬
‫‪1‬‬
‫العامة للحريات الفردية‪ ،‬المرجع‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬نعيم عطيه‪ ،‬في النظرية‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫السابقة‪ ،‬ص‪ 418‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬منيب ربيع‪ ،‬رسالته‬ ‫)‬ ‫(‬
‫من اختصاصات في تصريف الشئون العامة بحيث يمتنع عليها أن تعطي حقا ً ألحد األفراد‬
‫()‪221‬‬
‫ثم تحرم غيره منه متى كانت ظروفهم متساوية ‪.‬‬
‫وقد ذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن المساواة المقصودة في هذا الصدد هي المساواة‬
‫النسبية وليست المساواة المطلقة بين األفراد‪ ،‬ولذلك فإن سلطات الضبط اإلداري تستطيع أن‬
‫تجري نوعا ً من التمييز أو التفرقة في المعاملة بين األفراد‪ ،‬حيث تمنح طائفة خاصة من األفراد‬
‫امتيازا ً معينا ً او تفرض على أخرى قيدا ً خاصا ً وذلك عن طريق لوائح الضبط اإلدري‪.‬‬
‫ويمضي صاحب هذا الرأي قائالً أنه يتعين على سلطات الضبط اإلداري إذا أقدمت‬
‫على إجراء هذه التفرقة في المعاملة بين األفراد أن تلتزم بمراعاة القيدين اآلتيين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن هذا التمييز في المعاملة بين األفراد يجب أن يكون مدسسا ً على وجود‬
‫موقف خاص بالنسبة إلى ضرورات حفح النظام العام‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن هذه التفرقة في المعاملة بين األفراد يتعين أن تسري على جميع األفراد‬
‫الذين يتواجدون في نفس الموقف وفي تلك الظروف‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه القيود األربعة سالفة الذكر يشترط في اإلجراء الضبطي أن يكون‬
‫مبنيا ً على سبب حقيقي يبرر صدوره‪ ،‬أما إذا كان السبب وهميا ً أو صوريا ً فإن اإلجراء يعتبر‬
‫في هذه الحالة باطالً‪ ،‬وفضالً عن ذلك البد أن يلتزم اإلجراء الضبطي بحدود أغراضه وهي‬
‫المحافظة على النظام العام‪ ،‬وعلى ذلك إذا استهدف اإلجراء تحقيق أغراض أخرى خالف‬
‫أغراض الضبط اإلداري فإنه يكون مشوبا ً بعيب اإلنحراف بالسلطة ويجوز الطعن فيه‬
‫()‪222‬‬
‫باإللغاء ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‬
‫في ظل الظروف االستثنائية يتقرر لإلدارة سلطات واسعة‪ ،‬ولكنها على اية حال‬
‫ليست مطلقة‪ ،‬ولكي ال تسرف اإلدارة في العمل على توسيع سلطاتها‪ ،‬وألجل الحفاظ على‬
‫المبدأ األساش‪ ،‬مبدأ المشروعية‪ ،‬فإن اإلدارة تخضع نشاطها االستثنائي إلى شروط وقيود‬
‫يتفحصها القضاء عند رقابته ألعمالها‪ ،‬ويعد توافر تلك الشروط ضابطا ً لتقرير صحة وسالمة‬
‫تصرفها‪ ،‬وانعدام هذه الشروط كلها أو قسم منها مدعاه العتبار اإلدارة متجاوزة للحدود‬
‫المدشرة لها‪ ،‬وبالتالي الحكم بإلغاء تصرفاتها أو التعويض عنها‪.‬‬
‫ويجب على السلطة التنفيذية شأنها في ذلك شأن السلطات األخرى في الدولة أن تتقيد‬
‫في تصرفاتها بالقانون إعماالً لمبدأ المشروعية الذي يهدف إلى إقامة التوازن بين حقوق‬

‫مجموعة أحكام القض ال الالاء اإلداري‪ ،‬الس ال الالنة‪ 2‬الثالثة‪،‬‬


‫‪2‬‬
‫حكم محكمة القض ال الالاء اإلداري‪ 1‬الصالال الالادر في ‪،1946/6/9‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.985‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬ممدول عبد الحميد‪ 2،‬رسالته السابقة‪ ،‬ص‪.239-238‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫األفراد وحرياتهم‪ ،‬وبين ما للدولة من سلطات ومكنات‪ ،‬وبالتالي ال تكون أعمالها وقراراتها‬
‫صحيحة وملزمة لألفراد إال بقدر التزامها حدود القانون‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد تطرأ ظروف استثنائية وغير مألوفة تجيز لإلدارة أن تخرج موقفا ً على‬
‫مبدأ المشروعية لمواجهة هذه الظروف باتخاذ إجراءات وتدابير سريعة لحماية أمن الدولة‬
‫ونظامها العام ومرافقها األساسية مما يهددها من مخاطر نتجت عن هذه الظروف‪.‬‬
‫وقد ال تكفي سلطات الضبط اإلداري المعترف بها قانونا ً لهيئات الضبط في الظروف‬
‫العادية المحافظة على النظام العام في الظروف االستثنائية‪ ،‬فالقوانين واللوائح قد وضعت‬
‫لتحكم الظروف العادية‪ ،‬ولذلك فإن المشرع كثيرا ً ما يوسع من سلطات الضبط اإلداري على‬
‫حساب الحريات العامة لمواجهة الظروف االستثنائية سواء بنصوص دستورية كالمتعلقة‬
‫بلوائح الضرورة‪ ،‬أو بقوانين خاصة كقانون الطوارئ او األحكام العرفية‪ ،‬كما أن القضاء‬
‫اإلداري قد ابتدع نظرية الظروف االستثنائية لتضفي المشروعية على بعض أعمال اإلدارة‬
‫التي تتخذ لمواجهة هذه الظروف‪ ،‬على أساش أن الدولة قد تتعرض ألبلغ الضرر إذا ما‬
‫تقيدت اإلدارة بالقوانين واللوائح في مواجهة الظروف االستثنائية الطارئة كالحروب‬
‫والكوارث واألزمات‪.‬‬
‫ويجب مالحظة أن هذه الحلول القانونية والقضائية التي أرساها كل من المشرع‬
‫والقضاء اإلداري لتمكين اإلدارة من مواجهة الظروف االستثنائية تددي إلى التضييق على‬
‫الحريات العامة‪ ،‬غير أنها ال تصل إلى حد الغاء مبدأ المشروعية‪ ،‬إذ تظل أعمال وتصرفات‬
‫سلطات الضبط خاضعة لرقابة القضاء الذي يأخذ في االعتبار الظرف االستثنائي عند تقدير‬
‫()‪223‬‬
‫مشروعية العمل اإلداري ‪.‬‬
‫ولما كان األمر هكذا فإننا سنتعرض فيما يلي للنقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬األسلوب التشريعي والقضائي لمواجهة الظروف االستثنائية‬
‫ثانياً‪ :‬ضوابط وقيود اإلجراء الضابط في الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬األسلوب التشريعي والقضائي لمواجهة الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫‪ -1‬األسلوب التشريعي لمواجهة الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫هناك أسلوبان تشريعيان رئيسان لتنظيم صالحيات سلطات الضبط اإلداري في‬
‫الظروف االستثنائية‪ ،‬فتفضل بعض الدول عدم وضع قانون عام للظروف االستثنائية بل‬
‫مواجهة كل حالة على حده وبما يتفق مع طبيعة وخطورة هذه الحالة‪ ،‬في حين تفضل دول‬
‫أخرى وضع قانون دائم يطبق عند وجود حالة استثنائية بحيث تكون قواعد مواجهة الظروف‬
‫()‪224‬‬
‫االستثنائية مقررة ومعرفة سلفا ً ويتم تطبيقها فور إعالن حالة الطوارئ‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد مدحت علي‪ ،‬نظرية‪ 3‬الظروف االسال ال ال ال ال ال الالتثنائية‪ ،‬القاهرة‪2 ،‬الهيئة الصال ال ال ال ال ال الالمرية العامة للكتاب‪،19782 ،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.29‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫دلشاد معروف على ‪ ،‬المرجع‪ 4‬السابق ‪ ،‬ص‪. 123‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫أي هناك األسلوب الذي تأخذ به انجلترا والدول التي سارت على نهجها‪ ،‬واألسلوب‬
‫الفرنسي والذي تأخذ به بعض الدول األخرى‪ ،‬وسوف نتناول األسلوبين فيما يلي‪:‬‬
‫األسلوب األول‪ -:‬ويقوم على أساش إلتزام السلطة التنفيذية باللجوء إلى السلطة‬
‫التشريعية لمنحها الصالحيات الالزمة والضرورية لمواجهة الحاالت االستثنائية عند‬
‫‪225‬بحيث يحدد القانون حالة الطوارئ‬ ‫وقوعها‪ ،‬وذلك بموجب قانون خاص لكل حالة( )‪،‬‬
‫والمناطق التي يشملها‪ ،‬ويبين حدود اختصاصات سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬وهو ما يسمى‬
‫بالتفويض التشريعي‪.‬‬
‫فهو ال ينظم أو يحدد مقدما ً أي اختصاصات استثنائية للسلطة التنفيذية في حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬بل إنه يمنح سلطة الطوارئ حق اتخاذ اإلجراءات التي تستلزمها مواجهة‬
‫الظروف االستثنائية‪ ،‬وبذلك تحدد هذه االختصاصات بالقدر الذي تحتاجه هذه الظروف‪ ،‬كما‬
‫ي تنوع اإلجراء بتنوع الظروف واألحداث‪ ،‬أي أن االختصاصات االستثنائية التي تتمتع بها‬
‫سلطة الطوارئ ال تتخذ مقدماً‪ ،‬وإنما تعتبر معاصرة بقيام حالة الطوارئ‪ ،‬عن طريق‬
‫()‪226‬‬
‫تشريعات استثنائية تصدرها الحكومة بتفويض من البرلمان كلما دعت الحاجة ‪.‬‬
‫وإن هذا األسلوب ينطوي على حماية كبيرة لحريات األفراد وحقوقهم من تعسف‬
‫اإلدارة‪ ،‬حيث ال يجوز للسلطة التنفيذية أن تلجأ إلى استخدام سلطاتها االستثنائية إال بعد أخذ‬
‫موافقة السلطة التشريعية التي تقوم بدورها بالتأكيد من حصول الظروف االستثنائية وطبيعة‬
‫اإلجراءات التي تتالئم مع هذا الظروف‪ ،‬وهناك ظروف استثنائية تستوجب إعطاء اإلدارة‬
‫سلطات استثنائية ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أن ممارسة الحق بإصدار لوائح التفويض ال يكون‬
‫متاحا ً إال بوجود نص دستوري يخول السلطة التنفيذية ذلك‪ ،‬فبدونه ال يمكن لإلدارة إصدار‬
‫()‪227‬‬
‫تلك اللوائح‪.‬‬
‫األسلوب الثاني‪ -:‬وهو الذي أخذ به المشرع الفرنسي والمصري والعمانى()‪،228‬‬
‫حيث يتم وضع قانون معين لمواجهة الظروف االستثنائية قبل حدوثها‪ ،‬ويبين هذا القانون‬
‫عادة ما هي الظروف االستثنائية‪ ،‬وما هي السلطات االستثنائية التي يمكن لإلدارة ممارستها‬
‫لمواجهتها‪ ،‬وأن االضطراب والظروف االستثنائية تبرر إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬ويمتاز هذا‬
‫األسلوب بأنه يضع تحت يد سلطات الضبط اإلداري تشريعات جاهزة ومعدة سلفا ً تستطيع‬

‫‪2‬‬
‫المشرع االنكليزي والذي يمثل موقف ‪2‬الشريعة االنجلوسكسونية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫هذا األسلوب الذي يأخذ به‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القانون المقارن وفي تش الريع الجمهورية‪ 2‬العربية‬


‫‪2‬‬
‫الحميد محفوظ‪ ،‬حالة الطوارئ في‬
‫‪6‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬زكريا محمد عبد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المتحدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1996 ،‬ص‪.132 ،131‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫د ‪ .‬حسام الدين محمد مرسى‪ ،7‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 213‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫القضاء اإلدارى العماني ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ 2،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 241‬‬
‫‪8‬‬
‫سالم بن راشد العلوى ‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫استخدامها‪ ،‬وبمجرد إعالن حالة الطوارئ دون الحاجة إلى االنتظار لحين أخذ موافقة السلطة‬
‫()‪229‬‬
‫التشريعية ‪.‬‬
‫ويرى الباحث أن األسلوب الفرنسي أكثر مالءمة لمتطلبات هذا العصر‪ ،‬وأن اتجاه‬
‫النظم القانونية في الوقت الحاضر يسير نحو إعداد تشريعات مسبقة لتنظيم حالة الطوارئ‪.‬‬
‫أما بشأن موقف الدستور المصري النافذ وفق اإلصالحات الدستورية والتعديالت‬
‫والتي كان آخرها عام ‪ ،2014‬فإن المادة (‪ )154‬منه قد منحت الصالحية إلعالن حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬بعد أخذ رأي مجلس الوزراء‪ ،‬إال أن هذا اإلعالن لحالة الطوارئ مرهون بموافقة‬
‫مجلس النواب بأغلبية الثلثين من أعضائه‪ ،‬مما جعل هذا اإلعالن لحالة الطوارئ مرتبط‬
‫بأكثر من جهة واحدة‪ ،‬وهي رئيس الجمهورية ومجلس النواب‪ ،‬مما يشكل أكبر ضمانة‬
‫()‪230‬‬
‫لحقوق األفراد من تعسف السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫إذا كان من المبادئ األساسية في دستور سلطنة عمان وفقا ً للمادة العاشرة منه‬
‫المحافظة على االستقالل والسيادة وصونه كيان الدولة وأمنها واستقرارها والدفاع عنها ضد‬
‫أي‬
‫‪ 231‬فإن المادة (‪ )42‬من دستور سلطنة عمان عملت على تحديد‬ ‫عدوان( )‪،‬‬
‫اختصاصات السلطان وجعلت من ضمنها مهام السلطان فى المحافظة على استقالل ووحدة‬
‫أراضي السلطنة وحماية أمنها الداخلي والخارجي‪ ،‬ومن ثم إذا قام أي شيء يهدد ذلك فإن‬
‫للسلطان االختصاص بإتخاذ اإلجراءات السريعة لمواجهة أي خطر يهدد سالمة السلطنة من‬
‫()‪232‬‬
‫خالل إعالن حالة الطوارئ والتعبئة العامة والحرب وفقا ً ألحكام القانون‪.‬‬
‫ويالحح أن اآللية التي اعتمدها كل من المشرع المصري والمشرع العماني متشابهة‪ ،‬وذلك‬
‫رغبة من المشرعين بالحفاظ على صفوف األفراد وحرياتهم من التجاوزات التي يمكن أن‬
‫تحدث في فترات الظروف االستثنائية من قبل السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫‪ -2‬األسلوب القضائي لمواجهة الظروف االستثنائية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ممدول عبد المجيد سلطان ‪9 ،‬سلطات الضبط اإلدارى دراسة مقار‪2‬نة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.30‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬
‫) دلشاد معروف على ‪ ،‬المرجع‪0‬السابق ‪ ،‬ص‪. 125‬‬ ‫(‬

‫عبد هللا بن سالم بن ناصر ‪ ،‬رقابة القضاء االداري العماني على اساءة إستعمال السلطة ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪،‬‬
‫( )‪231‬‬
‫كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة االسكندرية ‪ ، 2014 ،‬ص‪. 52‬‬

‫انظر المرسوم السلطاني ‪ ،‬رقم ‪ 96 / 101-‬بإصدار النظام األساسي للدولة ‪ ،‬والذى نشر في الجريالدة‬
‫( )‪232‬‬
‫الرسالمية‪ ،‬ويعمل به وتم العمل بة اعتبا ار من تاري صدوره ‪ ،‬في‪ 24 :‬جمادى األخرة ‪ 1417‬هال ‪،‬‬

‫الموافالق‪ 6 :‬نوفمبالر ‪ 1996‬م ‪.‬‬


‫قد تكون الحلول التشريعية‪ -‬مهما بلغت من الدقة واألحكام‪ -‬غير كافية لمواجهة‬
‫الظروف االستثنائية‪ ،‬إذ قد يتوقع المشرع ظرفا ً استثنائيا ً معينا ً فيضمن الدستور نصا ً أو‬
‫يصدر قانونا ً معالجا ً له‪ ،‬ثم يطرأ ظرف استثنائي جديد لم يكن في الحسبان ولم يسبق توقعه‪،‬‬
‫وبالتالي لم يسبق إعداد نص دستوري أو قانون لمواجهته‪ ،‬كذلك قد يضمن المشرع الدستوري‬
‫نصا ً أو يصدر قانونا ً لمعالجة المشاكل التي قد تنتج عن ظرف استثنائي معين‪ ،‬ثم تطرأ‬
‫مشاكل جديدة لم يتضمن هذا النص الدستوري أو هذا القانون الحلول المناسبة لها‪.‬‬
‫ولهذه االعتبارات اضطر القضاء في كل من فرنسا ومصر وسلطنة عمان أن يتدخل‬
‫لسد ما يشوب الحلول التشريعية للظروف االستثنائية من نقص وقصور‪ ،‬فهو يكمل فراغات‬
‫النصوص ويمد ثغراتها‪ ،‬فيخول اإلدارة بالرغم من قصور النصوص السلطات الواسعة التي‬
‫تمكنها من مواجهة ودفع األخطار حتى تنتهي األزمة‪ ،‬بذلك فهو يغطي ما تعجز عن تغطيته‬
‫النصوص االستثنائية التي يصدرها المشرع لمواجهة األزمات والتي غالبا ً ما تقتصر عن‬
‫()‪233‬‬
‫اإلحاطة باألحداث وسرعة تغيرها وما يقتضيه ذلك من إجراءات سريعة وحازمة ‪.‬‬
‫وتشمل الحلول القضائية للظروف االستثنائية األساليب التي اتبعها كل من القضاء‬
‫الفرنسي والمصري في مواجهة هذه الظروف‪ ،‬وتتمثل في األسلوبين اآلتيين‪:‬‬
‫أ‪ -‬التفسير الواسع لنصوص الدساتير والقوانين‪:‬‬
‫لم يأخذ مجلس الدولة ف ي كل من فرنسا ومصر بالتفسير الحرفي أو الضيق لبعض‬
‫نصوص الدساتير والقوانين السارية عند نظره للقضايا الخاصة بالظروف االستثائية ورأى‬
‫أن يفسر هذه النصوص تفسيرا ً واسعا ً يجعلها أكثر مالئمة مع الضرورات الملحة والمتطلبات‬
‫العاجلة التي تفرضها الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫ولقد طبق أسلوب التفسير القضائي الواسع لنصوص الدساتير والقوانين في مجاالت‬
‫عديدة‪ ،‬من بينها ما يتعلق بموضوع دراستنا وهو مجال الضبط اإلداري‪ ،‬ونعرض فيما يلي‬
‫لبعض أحكام كل من القضاء الفرنسي والمصري في هذا الصدد‪.‬‬
‫استنادا ً إلى التفسير الواسع لبعض نصوص الدساتير والقوانين القضائية‪ ،‬فلقد رخص‬
‫مجلس الدولة الفرنسي لإلدارة أن تمارش في الظروف االستثنائية سلطات ال يسعف وال‬
‫يسمح بها التفسير الحرفي لهذه النصوص‪ ،‬فمن ذلك حكمه الصادر بتاريخ ‪ 1915/8/6‬في‬
‫قضية ‪ Delmotis‬وتتلخص وقائع هذه القضية في أن الحاكم العسكري لمدينة ليون أصدر‬
‫أمرا ً بإغالق الحانة المملوكة للسيد ديلموتي لحدوث مشاجرات فيما تضر بمصالح الدفاع‬
‫القومي‪ ،‬واستند الحاكم العسكري في إصداره لهذا األمر إلى الفقرة الرابعة من المادة التاسعة‬
‫من قانون األحكام العرفية الصادر في ‪ 9‬أغسطس‪ ،1849‬طعن باإللغاء أمام مجلس الدولة‬
‫في قرار اإلغالق تأسيسا ً على أنه إذا كانت الفقرة الرابعة المشار إليها ترخص للسلطة‬
‫العسكرية في أن تمنع االجتماعات التي ترى أنها قد تخل بالنظام‪ ،‬فإن المقصود في حكم هذه‬

‫الخطيب‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬احمد مدحت علي‪ ،‬المرجع‪ 3‬السال ال ال ال الالابق ص‪ 155‬وما بعدها‪ ،‬د‪ 3.‬محمد عبد الحليم شال ال ال ال الالوقي أحمد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 459‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬عادل أبو الخير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫الفقرة‪ ،‬هو االجتماع الذي تعقده مجموعة من األفراد بناء على دعوى لمناقشة أمر خاص‬
‫يتعلق بمصالحهم وحقوقهم‪ ،‬أما تواجد بعض األفراد في المقاهي والحانات‪ ،‬فال يعتبر اجتماعا ً‬
‫بالمعنى القانوني الذي تقصده هذه الفقرة‪ ،‬ولذلك تكون السلطة العسكرية قد تجاوزت سلطاتها‬
‫المنصوص عليها في قانون األحكام العرفية‪.‬‬
‫غير أن المفوض ذهب في مذكرته التي أعدها إلى أن قانون األحكام العرفية هو‬
‫قانون استثنائي يختلف عن القوانين العادية‪ ،‬ولذلك يجب أال يتم تفسيره على النحو الذي تفسر‬
‫به هذه القوانين‪ ،‬ولكن يجب أن يفسر تفسيرا ً واسعا ً يتالئم مع ضرورات الظروف الشاذه‪،‬‬
‫وطبقا ً لهذا التفسير الواسع تعتبر الحانات أماكن معدة لعقد اجتماعات فيها‪ ،‬وبالتالي ينطبق‬
‫عليها حكم الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من قانون األحكام العرفية‪ ،‬لتملك السلطة‬
‫العسكرية أن تصدر أوامر بإغالقها‪.‬‬
‫وقد تبنى مجلس الدولة الفرنسي وجهة نظر مفوضة‪ ،‬فقرر أن الفقرة الرابعة من‬
‫المادة التاسعة من قانون األحكام العرفية تمنح السلطة العسكرية المكلفة بحماية األمن العام‬
‫في المناطق المعلنة فيها هذه األحكام حق منع كافة االجتماعات ولو تمت عرضها في األماكن‬
‫المفتوحة للجمهور كالحانات والمقاهي‪ ،‬وذلك إذا رأت أنها قد تددي إلى اإلخالل بالنظام‬
‫على نحو يعرض مصالح الدفاع الوطني للخطر‪ ،‬وانتهى المجلس إلى رفض الطعن المقام‬
‫من السيد ديلموتي‪.‬‬
‫ولقد سار مجلس الدولة على مسلكه التقليدي في التوسع في تفسير القوانين االستثنائية‬
‫ومنها قانون ‪ 16‬مارش ‪ ،1956‬فاعترف بمشروعية القرارات الصادرة تطبيقا ً له حتى ولو‬
‫كانت مخالفة لمبدأ قانوني عام أو نص دستوري‪ ،‬فقضى بمشروعية قرارات صدرت مخالفة‬
‫لمبدأ المساواة أمام القانون‪ ،‬ولمبدأ المساواة أمام األعباء العامة‪.‬‬
‫أيضا ً فقد توسع مجلس الدولة الفرنسي في تفسير أحكام القرار ‪ 27‬أبريل ‪ ،1961‬فقد‬
‫خول هذا القرار اإلدارة سلطة حظر نشر أي مواد تفصح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‬
‫عن الترويج لمشروع انقالب أو مساندة أو تتضمن إذاعة معلومات سرية عسكرية أو إدارية‪،‬‬
‫فقرر المجلس أن عبارة "معلومات سرية" ال ينصرف مفهومها فقط إلى األسرار التي يحميها‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬وبالتالي فإن حظر النشر يكون مبررا ً إذا كان مستهدفا ً المعلومات التي رأت‬
‫الحكومة عدم إذاعتها تجنبا ً لنتائج غير مرغوبة يكون لها أثرها على النظام العام‪.‬‬
‫وفى مصر إذا وجدت نصوص خاصة لمواجهة ظروف استنثائية فإن القضاء‬
‫اإلداري يعمد إلى التوسع في تفسيرها‪ ،‬فمن ذلك نجد أن الفقرة السابعة من المادة الثالثة من‬
‫قانون األحكام العرفية رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1923‬ترخص للحاكم العسكري في أن يعتقل "المشتبه‬
‫فيهم"‪ ،‬ولقد فسرت محكمة القضاء اإلداري في عدة أحكام لها هذه الفقرة تفسيرا ً واسعا ً لتمد‬
‫نطاق تطبيق السلطة التي تنص عليها للحاكم العسكري على نحو ال يسعف به التفسير الحرفي‬
‫لها‪.‬‬
‫ومن هذه األحكام‪ ،‬حكمها الصادر بتاريخ ‪ 1956/3/18‬حيث تقول "ومن حيث إنه‬
‫ليس من المقنع ما يعنيه المدعي على أمر االعتقال هذا‪ ،‬فلفح(المشتبه فيهم) في قانون األحكام‬
‫العرفية ال ينص إال على المتشردين والمشتبه فيهم بالمعنى االصطالحي الدقيق في قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬فالواقع أن قصد الشارع من لفظي (والمشتبه فيهم) الوارد ذكرهما في الفقرة‬
‫السابعة من المادة الثالثة من قانون األحكام العرفية رقم ‪ 15‬الصادر في ‪ 1923/6/26‬ال‬
‫ينصرف إال إلى المعنى اللغوي والمنطقي الذي يجب أن يسود ميدان القانون العام المنظم‬
‫ألصول الحكم وإرساء قواعد السكينة وأسباب األمن وأركان النظام‪ ،‬فالمشتبه فيه داخل هذا‬
‫النطاق هو كل من تحوم حوله شبهات توحي بأنه خطر على األمن العام والنظام‪ ...‬ومبادئ‬
‫القانون العام تحرص أوالً وقبل كل اعتبار على سالمة الدولة وتمكين أسباب السكينة العامة‬
‫()‪234‬‬
‫وأمن الكافة حيث تهون الحرية الفردية في سبيل المصلحة العامة وحماية كيان المجتمع ‪.‬‬
‫أيضا ً فلقد قضت محكمة القضاء اإلداري بأنه " ال حجة فيما يثيره المدعي من أن‬
‫القرار المطعون فيه مخالف للقانون بمقولة إنه ما كان يجوز إصداره استنادا ً إلى األمر‬
‫العسكري رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 1956‬الذي صدر لتأمين مصالح الدولة بمناسبة االعتداء الثالثي‪،‬‬
‫فهو بعيد عن الهدف من مصادرة كتاب ألمر داخلي كقصد حماية الدين‪ ،‬إذ تكفل بذلك قانون‬
‫العقوبات في المادة ‪ 198‬منه‪ ،‬فهذا القول مردود بأنه نص األمر العسكري المشار إليه في‬
‫منح الرقيب العام سلطة المصادرة وغيرها‪ ،‬هو نص عام مطلق‪ ،‬فال يجوز تجزئته في ظل‬
‫سبب إصداره‪ ،‬إذ أنه عند تطبيق هذا األمر يراعى عموم حكمه وإطالق قصده‪ ،‬دون حاجة‬
‫إلى الرجوع إلى الغرض من هذا األمر ودواعي صدوره‪ ،‬هذا فضالً عن أن حماية األمن‬
‫الداخلي وتجنب بلبلة األفكار‪ ،‬وهي من دواعي صدوره في الظروف التي صدر فيها ودعت‬
‫()‪235‬‬
‫إلى االستمرار بالعمل بأحكامه ‪.‬‬
‫وقد انتهجت المحكمة اإلدارية العليا نفس النهج السابق في تفسرها للنصوص‬
‫االستثنائية وذلك على الرغم مما ذهبت إليه من أن األصل في تفسير النصوص القانونية‬
‫وتفهم مدلولها أن تحمل ألفاظها على ما يقضي به اإلصالا والعرف القانونيان ال تقضي به‬
‫‪236‬لذلك فلقد أخذت بالمعنى اللغوي لعبارة "ذوي شبهة" والمنصوص‬ ‫األوضاع اللغوية()‪،‬‬
‫عليها في البند السابع من المادة الثالثة من قانون األحكام العرفية رقم ‪ 533‬لسنة ‪1954‬‬
‫لتوسيع نطاق تطبيق السلطة المنصوص عليها في هذا البند على نحو ال يسمح به التفسير‬
‫الحرفي له فقد قررت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 1963/3/23‬من أنه " من حيث‬
‫أنه ظاهر مما تقدم أن القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملكه في حدود السلطة االستثنائية‬
‫التي تستدعي إعالن األحكام العرفية كلما تعرض األمن أو النظام العام في البلد للخطر‪ ،‬وما‬

‫انظر‪ :‬حكم محكمة القض الالاء ‪4‬اإلداري في القض الالية رقم ‪ 1880‬لس ال‪3‬النة ‪6‬ق‪ ،‬والص الالادر بجلس الالة ‪،19562/3/18‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬السنة العاشرة‪ ،‬ص‪.251‬‬


‫انظر حكم محكمة القضال ال الالاء ‪5‬االداري في القضال ال الالية رقم ‪ 837‬لسال ال ال ‪3‬النة ‪14‬ق‪ ،‬والصال ال الالادر بجلسال ال الالة ‪،19632/7/9‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة الخمس سنوات (‪ ،)1966-1961‬ص‪.217‬‬


‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪6‬العليا في القضال ال الالية رقم ‪ 368‬لسال ال الالنة‪133‬ق‪ ،‬والصال ال الالادر بجلسال ال الالة ‪،19702/4/11‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة السنة الخامسة عشر‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬ص‪.276‬‬


‫تستوجبه دواعي هذه الحالة من ضرورة اتخاذ تدابير وقائية عاجلة لسالمة المجتمع وضمان‬
‫أمنه تقصر عنها وسائل القانون الذي يطبق في األحوال العادية‪ ،‬ومن بين هذه التدابير األمر‬
‫بالقبض على ذوي الشبهة أو الخطرين على األمن أو النظام العام ووضعهم في مكان أمين‪،‬‬
‫وقد عبر المشرع في البند رقم (‪ )7‬من المادة ‪ 34‬من القانون رقم ‪ 533‬لسنة ‪ 1954‬في‬
‫شأن األحكام العرفية عن هذه الفئة بقوله " األمر بالقبض واعتقال ذوي الشبهة أو الخطرين‬
‫على األمن والنظام العام ووضعهم في مكان أمين" وغني عن البيان أن السلطة المستمدة من‬
‫هذا القانون تختلف في مداها للحكمة والمبررات التي تقوم عليها عن تلك التي تتمتع بها‬
‫الحكومة في الظروف العادية المألوفة‪ ،‬وأن ذوي الشبهة هم غير المشبوهين الذين عناهم‬
‫قانون المتشردين والمشتبه فيهم وحدد لهم أوضاعا ً خاصة‪ ،‬وقد غاير المشرع في العبارة‬
‫التي وصفهم بها استبعادا ً لتلك التسمية االصطالحية مما يدل على انصراف قصده إلى المعنى‬
‫اللغوي للعبارة التي استعملها بحيث تشمل بهذا الوصف كل من تحوم حوله شبهة توحي بأنه‬
‫()‪237‬‬
‫خطر على األمن أو النظام العام ‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن المحكمة الدستورية العليا بجلسة ‪ 1993/1/3‬قضت بعدم دستورية‬
‫المواد ‪ 15 ،13 ،6‬من المرسوم بقانون رقم ‪ 98‬لسنة ‪ 1994‬بشأن المتشردين والمشتبه فيهم‬
‫وبسقوط هذه المواد ثم استبعاد المشتبهة فيهم من حاالت االعتقال المقررة وفقا ً للقانون سالف‬
‫()‪238‬‬
‫الذكر ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الترخيص لإلدارة في مخالفة القوانين وتقرير اختصاصات جديدة لها‪:‬‬
‫درج القضاء اإلداري في فرنسا ومصر على أن يرخص لإلدارة‪ -‬عند قيام ظروف‬
‫استثنائية‪ -‬من أن تهدر أحكام القوانين السارية‪ ،‬وأن تباشر اختصاصات جديدة ال سند لها في‬
‫هذه القوانين وذلك إذا تبين لها أن أعمال هذه األحكام في ظل الظروف االستثائية القائمة ال‬
‫()‪239‬‬
‫يمكنها من المحافظة على األمن والنظام العام ‪.‬‬
‫ولقد طبق هذا األسلوب في مجاالت عديدة من بينها ما يتعلق بموضوع دراستنا وهو‬
‫مجال الضبط اإلداري‪ ،‬حيث أن موقف القضاء اإلداري المدعم للسلطة يبدو أكثر وضوحا ً‬
‫عند قيام الظروف االستثنائية وغياب نصوص تساندها وتوسع من اختصاصاتها‪ ،‬حيث إنه‬
‫يصدر عن الرغبة في مساندة الحكومة لتتمكن من أن تعالج بكافة الوسائل المتاحة لها الموقف‬
‫الذي يتعرض معه للخطر األمن العام‪ ،‬وهو ما يكشف عنه موقف مجلس الدولة الفرنسي‬
‫عندما تواجه الحكومة أزمات اجتماعية كتلك التي واجهتها عندما اجتاحت فرنسا موجه‬
‫االضطرابات عام ‪ ،1910-1909‬وكذلك عندما واجهت الحكومة االضراب العام الذي قرر‬
‫اتحاد النقابات القيام به عام ‪1938‬م‪.‬‬

‫النة ‪6‬ق‪ ،‬والصال ال الالادر بجلسال ال الالة ‪،19632/6/23‬‬


‫‪3‬‬
‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪7‬العليا في القضال ال الالية رقم ‪ 1720‬لسال ال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬مجموعة السنة الثامنة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.872‬‬
‫‪2‬‬
‫‪10‬ق دستورية‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫العليا‪ ،1993/1/3 ،‬القضية ‪ 3‬لسنة‬
‫‪8‬‬
‫حكم المحكمة الدستورية‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬
‫د‪ .‬أحمد مدحت على‪ ،‬المرجع‪ 9‬السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫ففي عام ‪ 1909‬نظمت نقابات العمال الفرنسية اضرابات أخذت تتسع دائرتها وتزداد‬
‫عنفاً‪ ،‬وفي مواجهة هذه االضرابات قامت الحكومة بتوقيع مئات الجزاءات على الفرنسيين‬
‫كما قامت بفصل عدد كبير من الخدمة‪ ،‬دون أن تلتزم بمراعاة ما نص عليها قانون عام‬
‫‪1905‬م من اطالع الموظف على ملفه قبل توقيع أي جزاء عليه‪ ،‬وساند القضاء اإلداري‬
‫الحكومة بتأييد اإلجراءات التي اتخذتها‪ ،‬فعندما طعن أحد الموظفين المفصولين في قرار‬
‫فصله وطرا الموضوع أمام مجلس الدولة لم يتردد في رفض الطعن وتأييد قرار الفصل‪.‬‬
‫وفي قضية أخرى تتلخص وقائعها في أن العاملين بالسكك الحديدية أعلنوا عن عزمهم‬
‫على القيام باضراب‪ ،‬فاستصدرت الحكومة قرارا ً من وزير الحربية في نوفمبر ‪1910‬‬
‫بتكليف العاملين بالسكك الحديدية للخدمة العسكرية وذلك إلحباط االضراب‪ ،‬بادرت نقابة‬
‫العاملين إلى الطعن في قرار وزير الحربية باإللغاء استنادا ً إلى أن وزير الحربية قد تجاوز‬
‫سلطته عندما استعمل حقه في التجنيد الحباط االضراب في حين أن القانون يحدد الغرض‬
‫من التجنيد وهو أداء ضريبة الدم‪ ،‬رفض مجلس الدولة الطعن استنادا ً إلى أنه وإن كان وزير‬
‫الحربية لم يقصد بقراره تحقيق الغرض الذي ينص عليه قانون الخدمة العسكرية إال أنه يكفل‬
‫استمرار سير مرفق السكك الحديدية‪ ،‬وهو مرفق حيوي‪ ،‬في استمرار سيره ضرورة لحماية‬
‫أمن الدولة صالح الدفاع القومي‪.‬‬
‫ومن أحكام مجلس الدولة الفرنسي أيضا ً في هذا المجال‪ ،‬حكمه الصادر في‬
‫‪ 1944/1/7‬في قضية تتلخص وقائع هذه القضية في أنه بعد أن احتل الجيش األلماني بلدة‬
‫فيكامب خالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬هرب معظم سكان هذه البلدة ولم يبق إال عدد قليل من‬
‫األفراد ال يملكون أي موارد يتعيشون منها‪ ،‬ولقد دفع هذا الموقف عمدة المدينة إلى أن يفرض‬
‫تدابير اقتصادية غير منصوص عليها في القوانين السارية‪ ،‬وتتلخص هذه التدابير في فرضه‬
‫ضريبة على الصفقات التجارية والصناعية حتى يستطيع أن يزود هدالء األفراد بالمواد‬
‫التموينية‪ ،‬ولقد طعن بإلغاء اإلجراء الذي اتخذه العمدة غير أن مجلس الدولة رفض إلغاء‬
‫اإلجراء واعتبره مشروعاً‪.‬‬
‫حيث اتضح من التحقيق أن العمليات الحربية قد أوجدت في ‪ 13‬يونية ‪ 1940‬حالة‬
‫استثنائية فرضت على السلطات المحلية ضرورة الحصول على موارد محلية على وجه‬
‫السرعة‪ ،‬وحيث إنه بسبب استحالة اجتماع المجلس والحصول على موافقة حاكم اإلقليم على‬
‫اتخاذ االجراءات الالزمة في هذا الشأن‪ ،‬فإنه يحق للعمدة أن يتخذ التدابير التي تتطلبها الحالة‬
‫االستثنائية القائمة‪ ،‬وأنه في تلك الظروف التي ال تسمح فيه أية موارد محلية نص عليها‬
‫التشريع القائم‪ ،‬لمواجهة االحتياجات غير العادية التي خلقتها األحداث‪ ،‬لذلك يكون مشروعا ً‬
‫ما لجأ إليه العمدة في ‪ 13‬يونيه ‪ 1940‬بالتحصيل المدقت للضريبة على اإليرادات التي‬
‫حققتها المتاجر والمصانع بالمدينة‪.‬‬
‫في القضاء المصري‪ :‬قررت محكمة القضاء اإلداري في حكمها الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1961/3/28‬أن الحاكم العسكري يملك أن يعطل إصدار المجالت التي رأى أن إصدارها‬
‫يددي إلى اإلخالل بالنظام العام‪ ،‬وذلك رغم ما كانت تنص عليه المادة ‪ 45‬من دستور عام‬
‫‪ 1956‬من أن حرية الصحافة مكفولة في حدود القانون‪ ،‬ورغم خلو قانون األحكام العرفية‬
‫من نص يخوله هذه السلطة ولقد أسست المحكمة رأيها على أن المادة ‪ 45‬من دستور عام‬
‫‪ 1956‬لم تتضمن الحظر الذي كانت تنص عليه المادة‪ 15‬من دستور عام ‪ ،1923‬وهو عدم‬
‫جواز وقف الصحف أو إلغا ها بالطريق اإلداري‪ ،‬إال إذا كان ذلك ضروريا ً لوقاية النظام‪،‬‬
‫ومفاد ذلك‪ -‬من وجهة نظر المحكمة‪ -‬بأنه قد أصبح أمرا ً جائزا ً ليست فيه أية مخالفة دستورية‬
‫في ظل دستور جمهورية مصر‪ ،‬بأن تصدر السلطة التنفيذية قرارا ً إداريا ً أو أمرا ً عسكريا ً‬
‫بوقف أو إلغاء الصحف إذا اقتضت الضرورة ذلك للمحافظة على النظام العام ومصلحة‬
‫الشعب‪ ،‬فإذا أصدر الحاكم العسكري مثل هذا األمر‪ ،‬فإنه يكون قد صدر منه في حدود سلطته‬
‫دون أن يتجاوزها‪ ،‬وذلك رغم أن قانون األحكام العرفية رقم ‪ 533‬لسنة ‪ 1954‬قد خال من‬
‫نص يخوله هذه السلطة‪ ،‬ألن السلطات الممنوحة للحاكم العسكري لم ترد في هذا القانون‬
‫سبيل الحصر بدليل جواز توسيع مجلس الوزراء لها‪ ،‬ونظرا ً ألن نظام الحكم في مصر طبقا ً‬
‫لدستور عام ‪ 1956‬يقوم على أساش النظام الجمهوري الرئاسي الذي يمنح رئيس الجمهورية‬
‫باعتباره الحاكم العسكري في ظل هذا النظام وطبقا ً لقانون األحكام العرفية‪ ،‬أن يتخذ أي‬
‫إجراء يراه ضروريا ً للمحافظة على النظام واألمن العام‪ ،‬ولو كان غير منصوص عليه في‬
‫()‪240‬‬
‫هذا القانون ‪.‬‬
‫ولقد بررت محكمة القضاء اإلداري مشروعية قرار باعتقال أحد األشخاص صدر‬
‫من عضو لم يصدر له تفويض في مباشرة سلطات الحاكم العسكري العام وفقا ً للمادة السابعة‬
‫من قانون الطوارئ رقم ‪ 162‬لسنة ‪ 1958‬واستند المدعي في طعنه إلى هذا السبب وإلى‬
‫أن قرار االعتقال صدر بنا ًء على تحريات من نشاط المدعي في تجارة المخدرات وهو سبب‬
‫ال يتصل بالغرض الذي من أجله فرضت حالة الطوارئ أثر العدوان الثالثي على البالد‪.‬‬
‫وقالت المحكمة في ذلك "أن إلغاء القانون بقانون آخر أو تعديله ليس من شأنه سقوط‬
‫اللوائح والقرارات الصادرة في ظل القانون الملغي إال فيما يتعارض مع نصوص القانون‬
‫الجديد"‪.‬‬
‫وإذا كان التفويض في سلطات الحاكم العسكري العام هو ما أجازه أيضا ً قانون‬
‫الطوارئ الجديد رقم ‪ 162‬لسنة ‪ 1958‬في المادة السابعة منه‪ ،‬فإن التفويض السابق صدوره‬
‫في ظل القانون الملغي يظل بهذه المثابة قائماً‪ ...‬أنه وإن كانت حالة الطوارئ قد أعلنت أثر‬
‫العدوان الغاشم على البالد‪ ،‬إال انه متى أعلنت فإن للحاكم العسكري العام أو من ينيبه في‬
‫ذلك أن يتخذ التدابير التي يقدر أنها ضرورية لسالمة البالد سواء في ذلك أكانت دواعي‬
‫اتخاذ هذه التدابير تتصل مباشرة بحالة الحرب أم لم تكن كذلك ما دامت هذه التدابير كلها‬
‫غايتها ال شيء إال سالمة البالد‪ ،‬والذي ال شك فيه أن سموم المخدرات هي أخطر ما يمكن‬
‫أن يصيب شعبا ً في وقت هو أحوج فيه إلى قوة تبني وتدافع عن حقها أمام عدو البالد ‪.‬‬
‫()‪241‬‬

‫انظر حكم محكمة القض ال ال الالاء ‪0‬اإلداري المصال ال ال الرية في القض ال ال الالية رقم‪ 1276 4‬لس ال ال الالنة ‪11‬ق‪ ،‬والص ال ال الالادر ‪2‬بجلس ال ال الالة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،1991/3/28‬مجموعة أحكام محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬السنة الخامسة عشر‪ ،‬ص‪.177‬‬


‫اإلداري في القضال الالية رقم ‪ 172‬لسال الالنة‪16 4‬ق‪ ،‬والصال الالادر بجلسال الالة ‪،19642/1/21‬‬
‫‪1‬‬
‫انظر حكم محكمة القضال الالاء‬ ‫)‬ ‫(‬
‫ثانياً‪ :‬ضوابط وقيود اإلجراء الضابط في الظروف االستثنائية‪:‬‬
‫تقتضي الظروف االستثنائية‪ -‬على ما سبق أن أوضحناه‪ -‬الترخيص لإلدارة بممارسة‬
‫السلطات االستثنائية‪ ،‬حتى ولو خالف مبدأ المشروعية‪ ،‬مع ما يرتبه ذلك من تقييد للحريات‬
‫الفردية‪ ،‬فالضرورات الحيوية للبالد ومصالح الدفاع القومي واألمن العام‪ ،‬أي الدفاع عن‬
‫الدولة‪ ،‬تكون أولى بالرعاية من احترام حقوق وحريات األفراد‪ ،‬ففي األوقات العادية تكون‬
‫الحريات الشخصية في االعتبار األول‪ ،‬أما في الظروف االستثنائية‪ ،‬فإنها تخلي مكان‬
‫الصدارة لمقتضيات الدفاع عن الدولة‪.‬‬
‫ومن مظاهر السلطات االستثنائية في تلك الظروف‪ ،‬اتساع سلطات الضبط اإلداري‬
‫حيث يسمح بأن تتمتع سلطات الضبط بقدر من الممارسات التقديرية أوسع مما تسمح أو‬
‫ترخص به القوانين واللوائح في الظروف العادية المألوفة‪ ،‬وقد يصل األمر في ذلك إلى حد‬
‫إهدار الحريات العامة كلية ومنع ممارستها بصورة كاملة‪ ،‬ألنه وكما تقول محكمة القضاء‬
‫اإلداري في حكم لها "إذا كان للحكومة‪ -‬بصفتها المسئولة عن حفح األمن وسالمة البالد‬
‫وصيانة األرواا واألموال وحماية النظام في المجتمع‪ -‬أن تمارش إجراءات البوليس اإلداري‬
‫فتعتدي على حريات األفراد العامة‪ ،‬فإن هذا الحق أوسع ما يكون لها عندما تواجه ظروفا ً‬
‫استثنائية خطيرة تعمل فيها على دفع خطر محدق اقتضاها إعالن األحكام العرفية‪ ...‬وبقدر‬
‫ما تحدق هذه الظروف ويتفاقم خطرها بقدر ما يتسع إطالق حريتها في تقدير ما يجب اتخاذه‬
‫()‪242‬‬
‫من اإلجراءات والتدابير ‪.‬‬
‫غير أنه إذا كان يسمح لإلدارة في تلك الظروف االستثنائية بسلطات واختصاصات‬
‫وا سعة ال تسمح بها وال تجيزها القوانين السارية‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن تصرفاتها في هذه‬
‫الظروف تكون طليقة من كل قيد‪ ،‬ذلك أنه توجد قيود وضوابط ترد على سلطة اإلدارة في‬
‫تلك الظروف‪ ،‬وهو ما دعا مجلس الدولة إلى اإلفصاا في أكثر من حكم له عن أنه توجد‬
‫قيود وضوابط لسلطة اإلدارة في الظروف االستثنائية‪ ،‬وأن توافرها ال يطلق السلطة من كل‬
‫قيد‪ ،‬وقد عمد مجلس الدولة في أحكامه إلى توضيح القيود والضوابط التي ينبغي أن تلتزمها‬
‫اإلدارة في هذا الصدد‪ ،‬وفي هذا تقول المحكمة اإلدارية العليا " إن قضاء هذا المجلس ثبت‬
‫منذ إنشائه على أن نظام األحكام العرفية في مصر إن كان نظاما ً استثنائيا ً إال أنه ليس بالنظام‬
‫المطلق‪ ،‬بل هو نظام خاضع للقانون أرسى الدستور أساسه وأبان القانون أصوله وأحكامه‬
‫ورسم حدوده وضوابطه‪ ،‬فوجب أن يكون إجرا ه على مقتضى هذه األصول واألحكام وفي‬
‫نطاق تلك الحدود والضوابط‪ ،‬وإال كان ما يتخذ من التدابير واإلجراءات مجاوزا ً هذه الحدود‬
‫أو منحرفا ً عنها عمالً مخالفا ً للقانون تنبسط عليه الرقابة القضائية إلغا ًء وتعويضاً‪ ،‬فكل نظام‬

‫مجموعة أحكام محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬مجموعة الخمس سنوات (‪ ،)1966-1961‬ص‪.286‬‬


‫اإلداري في القضال الالية رقم ‪ 1880‬لسال ال‪4‬النة ‪6‬ق‪ ،‬والصال الالادر بجلسال الالة ‪،19562/3/18‬‬
‫‪2‬‬
‫انظر حكم محكمة القضال الالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬السنة العاشرة‪ ،‬ص‪ ،251‬سابق اإلشارة‪.‬‬
‫أرسى الدستور أساسه ووضع القانون قواعده هو نظام يخضع بطبيعته‪ -‬مهما ً كان نظاما ً‬
‫استثنائيا ً‪ -‬لمبدأ سيادة القانون ومن ثم لرقابة القضاء ‪.‬‬
‫()‪243‬‬

‫تأسيسا ً على ما تقدم تخضع تصرفات سلطات الضبط خالل الظروف االستثنائية لقيود‬
‫وضوابط‪ ،‬ولقد تكفل مجلس الدولة في كل من فرنسا ومصر بوضع المالمح التي تفيد وتحدد‬
‫اإلجراء الضبطي في الظروف االستثنائية‪ ،‬ويمكن حصر هذه القيود في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون اإلجراء الضابط قد اتخذ خالل الظروف االستثنائية‪:‬‬
‫يتعين في إجراء الضبط حتى يكون في إطار من الشرعية االستثنائية أن يكون قد‬
‫اتخذ خالل الظروف االستثنائية‪ ،‬وفي هذا المعنى تقول المحكمة اإلدارية العليا " للحكومة‬
‫في حالة الضرورة سلطة اتخاذ اإلجراءات التي يتطلبها الموقف ولو خالفت في ذلك القانون‬
‫في مدلوله اللفظي‪ ،‬ما دامت تبغي الصالح العام‪ ...‬والقيود التي تخضع لها هذه السلطة هي‬
‫قيام حالة واقعية أو قانونية تدعو إلى التدخل‪ ،‬وأن يكون تصرف الحكومة الزما ً بوصفه‬
‫الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه الحالة‪ ،‬وأن يكون رائد الحكومة ابتغاء مصلحة عامة‪...‬‬
‫وخضوع هذه التصرفات لرقابة القضاء اإلداري‪ ،‬مناطه ليس هو التحقق من مدى مشروعية‬
‫القرار من حيث مطابقته أو عدم مطابقته للقانون‪ ،‬وإنما هو مدى توافر الضوابط سالفة الذكر‬
‫‪244‬وعلى ذلك‪ ،‬فاالضفاء المشروعية االستثنائية على تصرفات هيئات‬ ‫أو عدم توافرها "()‪،‬‬
‫الضب ط في الظروف االستثنائية‪ ،‬ولتبرير ما اتخذ من إجراءات خالل تلك الظروف‪ ،‬يتعين‬
‫على هيئات الضبط اإلداري أن تثبت أن هناك ظروفا ً استنثائية لم تتضمنها القوانين العادية‬
‫أو القوانين االستثنائية‪ ،‬وأن تلك اإلجراءات االستثنائية قد اتخذت خالل تلك الظروف‬
‫()‪245‬‬
‫االستثنائية ‪.‬‬
‫غير أن مجلس الدولة الفرنسي‪ -‬مع تسليمه بقيام الظروف االستثنائية‪ -‬لم يتردد في‬
‫إلغاء اإلجراء الذي تتخذه اإلدارة إذا كان يمثل قيدا ً عاما ً أو مطلقا ً أو دائما ً على الحريات‪،‬‬
‫وهذا االتجاه من جانب مجلس الدولة الفرنسي يتفق مع فكرة الظروف االستثنائية التي ال‬
‫تبرر إال اإلجراء الذي يلزم لمواجهتها وهي بطبيعتها ظروف غير دائمة‪ ،‬ومن ثم عمدت‬
‫اإلدارة إلى اتخاذ إجراءات دائمة مقيدة للحريات تكون قد تجاوزت ما تبيحه لها الظروف‬
‫()‪246‬‬
‫االستثنائية ‪.‬‬

‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪3‬العليا في القضال الالية رقم ‪ 830‬لسال الالنة ‪204‬ق‪ ،‬والصال الالادر بجلسال الالة ‪،19792/12/29‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام المحكمة العليا في خمسة عشر عاماً‪ ،1980-1965 ،‬ص‪.38‬‬


‫مجموعة أحكام‬
‫‪2‬‬
‫انظر حكم المحكمة العليا في‪4‬القضال ال ال ال الالية رقم ‪ 956‬لسال ال ال ال الالنة ‪5‬ق‪4 ،‬والصال ال ال ال الالادر ‪،1962/4/14‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬مجموعة السنة السابعة‪ ،‬ص‪.601‬‬


‫مقدمة إلى‬
‫‪2‬‬
‫لظروف االس الالتثنائية‪ ،‬رس الالالة دكتوراه‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬ممدول عبد الحميد الس الاليد‪ 5،‬س الاللطات الض الالبط اإلداري في ا‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة‪ ،1991 ،‬ص‪ 242‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.4784‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬محمد عبد الحليم شوقي‬ ‫)‬ ‫(‬
‫ولقد ساير مجلس الدولة المصري نظيره الفرنسي في ذلك‪ ،‬فقضت المحكمة اإلدارية‬
‫العليا قرار تكليف صدر استنادا ً إلى إعالن التعبئة العامة تطبيقا ً للقانون رقم ‪ 87‬لسنة‬
‫‪ ،1960‬وقالت في حكمها أنه " إذا كانت المادة التاسعة من القانون رقم ‪ 87‬لسنة ‪ 1960‬لم‬
‫تضع حدا ً أقصى لمدة التكليف‪ ،‬فليس مقتضى ذلك أن يرتبط المكلف بالعمل الذي كلفه للقيام‬
‫به برباط أبدي ال انفصام له‪ ،‬فالتكليف يكون بالنسبة إلى من تدعو الضرورة إلى تكليفه للقيام‬
‫بعمل من األعمال المتعلقة بالمجهود الحربي ويشترط الستمرار التكليف أن تتوافر حالة‬
‫الضرورة التي تدعو إليه في ظل إعالن التعبئة العامة‪ ،‬وينتهي التكليف بحكم اللزوم بانتهاء‬
‫حالة الضرورة التي كانت المسوغ القانوني لبقائه‪ ،‬ومن ثم فإن امتناع جهة اإلدارة عن إنهاء‬
‫التكليف بعد زوال حالة الضرورة يشكل قرارا ً سلبيا ً باالمتناع يصلح أن يكون محالً للطعن‬
‫()‪247‬‬
‫باإللغاء ‪.‬‬
‫ترتيبا ً على ما تقدم‪ ،‬فعندما تطرا على القاضي اإلداري قضية تدعي فيها اإلدارة‬
‫قيام ظروف استثنائية لتبرر ما اتخذته من إجراءات‪ ،‬فإنه يتحقق من وجود هذه الظروف‬
‫ومن أن اإلجراءات االستثنائية قد اتخذت خاللها‪ ،‬فالمسألة أوالً وأخيرا ً مسأله وقائع يقدرها‬
‫()‪248‬‬
‫القاضي اإلداري في ضوء الظروف الزمانية والمكانية التي تحيط بها ‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة اإلجراء االستثنائي ولزومه‪:‬‬
‫إذا كانت ممارسة الحريات ال تدثر‪ -‬بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪ -‬في قدرة اإلدارة‬
‫على مواجهة الظروف االستثنائية‪ ،‬ففي هذه الحالة يسمح لهذه الممارسة بأن تددي دورها‬
‫إلى القدر أو الحدود التي يمكن أن تدثر في قدرة اإلدارة على مواجهة تلك الظروف‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬وبالمفهوم المقابل‪ ،‬تعطل أو تقف ممارسة الحرية عند نقطة تعارضها مع قدرة‬
‫اإلدارة على مواجهة األخطار‪ ،‬وهو ما يمكن أن تعبر عنه بأن المشروعية االستثنائية نجد‬
‫()‪249‬‬
‫سالمتها في ضرورتها ‪.‬‬
‫وحول المعاني السابقة فلقد ذهب البعض إلى القول بأن إجراء الضبط اإلداري ال‬
‫يعتبر مشرعا ً إال إذا كان ضروريا ً من أجل الحفاظ على النظام‪ ،‬وهذا هو السبب الذي يدفع‬
‫بالقضاء إلى كافة الظروف الواقعية المبررة التخاذ هذه اإلجراءات‪.‬‬
‫لذا يقوم القضاء اإلداري في كل من فرنسا ومصر بالتحقق من توافر الضوابط‬
‫السابقة‪ ،‬فهو يقوم بالتحقق من أن مواجهة الظروف االستثنائية تتطلب اتخاذ إجراء استثنائي‬
‫تعسف به التشريعات السارية‪ ،‬وهو ما يعني ضرورة اإلجراءات االستثنائية ولزومه‬
‫لمتطلبات الحالة‪ ،‬فإذا ثبت له أن اإلدارة كانت تستطيع أن تتغلب على المصاعب الناجمة عن‬

‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪7‬العليا في القضال ال الالية رقم ‪ 906‬لسال ال الالنة‪274‬ق‪ ،‬والصال ال الالادر بجلسال ال الالة ‪،19852/6/15‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫منشور بنشرة المكتب الفني المؤقتة‪ ،‬السنة الثالثون‪ ،‬الدائرة األولى‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬
‫د‪ .‬أحمد مدحت على‪ ،‬المرجع‪ 8‬السابق‪ ،‬ص‪.193‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلداري‪ ،‬القاهرة دار النهضة العربية‪ 2،‬الطبعة‬


‫‪4‬‬
‫الوسيط في القانون العام‪ ،‬القضاء‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬محمد أنس قاسم جعفر‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الثانية‪ ،1990 ،‬ص‪.98‬‬


‫الظروف االستثنائية القائمة بما تملكه من سلطات ووسائل تنص عليها التشريعات السارية‪،‬‬
‫ومع ذلك اتخذت إجرا ًء استثنائيا ً ال تجيزه هذه التشريعات فإنه يحكم بإلغاء اإلجراء ‪.‬‬
‫()‪250‬‬

‫وتطبيقا ً لذلك فقد حكم مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر بتاريخ ‪1958/1/31‬‬
‫بإلغاء قرار الحاكم الفرنسي للهند الصينية والصادر في ‪ 1947/9/27‬والخاص بإنشاء نظام‬
‫المساعدات العائلية لصالح العاملين بالمشروعات الخاصة‪ ،‬وأسس مجلس الدولة حكمه على‬
‫أن هذا اإلجراء المخالف للقانون الصادر في ‪ 1854/5/3‬لم يكن ضروريا ً والزما ً لمواجهة‬
‫الموقف االقتصادي واالجتماعي الذي كان قائما ً في الهند الصينية في تاريخ صدور قرار‬
‫الحاكم والناتج عن حالة الحرب التي كانت هذه البالد مسرحا ً لها في ذلك الوقت‪ ،‬وأنه كان‬
‫في أمكان الحاكم أن يتغلب على المصاعب الناتجة عن هذا الموقف بالوسائل والسلطات التي‬
‫يملكها بموجب التشريعات السارية‪.‬‬
‫وقضت محكمة القضاء اإلداري في حكمها بتاريخ ‪ 1961/4/18‬بأنه "إذا جاز لجهة‬
‫اإلدارة في الظروف االستثنائية أن تتخذ من التدابير السريعة ما من شأنه المساش بتلك‬
‫الحريات على وجه ال يجوز لها مباشرته في الظروف العادية‪ ،‬إال أن التصرف أو التدبير‬
‫الذي تتخذه في هذا الشأن يلزم أن يكون ضروريا ً لمواجهة حاالت معينة من دفع خطر يهدد‬
‫()‪251‬‬
‫األمن والنظام باعتبار أن هذا التصرف أو التدبير هو الوسيلة الوحيدة لمنع هذا الخطر ‪.‬‬
‫وفي حكم آخر لها صدر بتاريخ ‪ 1982/2/11‬تقول "‪ ...‬وباإلضافة إلى ذلك فإن ما‬
‫ورد بالخطاب المشار إليه وما نسب إليه من أحزاب األقلية وإلى الجامعات اإلسالمية وإلى‬
‫بعض الشخصيات الدينية فإنه ال يبلغ من الخطورة درجة تبرر القرارات المطعون فيها‪ ،‬فإن‬
‫هذه القرارات ليست الوسيلة الوحيدة لدفع هذا الخطر‪ ،‬وكان يكفي لدفعها االلتجاء إلى القواعد‬
‫()‪252‬‬
‫القانونية المقررة للظروف العادية ‪.‬‬
‫ولقد قررت المحكمة العليا أيضا ً تلك القاعدة في حكمها الصادر بتاريخ‬
‫‪1976/5/15‬م فتقول " يجوز لسلطة الطوارئ أن تتخذ أي تدبير تراه ولو لم يرد من ضمن‬
‫التدابير التي أوردتها المادة الثالثة آنفة الذكر‪ ،‬متى كان هذا التدبير ضروريا ً والزما ً للمحافظة‬
‫()‪253‬‬
‫على األمن أو النظام العام " ‪.‬‬
‫‪ -3‬مالئمة اإلجراء الضابط للظروف االستثنائية‪:‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬
‫د‪ .‬أحمد مدحت علي‪ ،‬المرجع‪ 0‬السابق‪ ،‬ص‪ 229‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلداري في القضال الالية رقم ‪ 869‬لسال الالنة‪14 5‬ق‪ ،‬والصال الالادر بجلسال الالة ‪،19612/4/18‬‬
‫‪1‬‬
‫انظر حكم محكمة القضال الالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬السنة الخامسة عشر‪ ،‬تحت رقم ‪ ،154‬ص‪.215‬‬
‫‪.1982‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلداري في القضية رقم ‪ 3123‬لسنة ‪355‬ق‪ ،‬الصادر بجلسة ‪/6/11‬‬
‫‪2‬‬
‫انظر حكم محكمة القضاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بجلس ال ال ال ال ال الالة‬
‫‪2‬‬
‫الائية عليها (تفس ال ال ال ال ال الالير)‪ ،‬والص ال ال ال ال ال الالادر‬
‫‪5‬‬
‫انظر حكم المحكمة العليا في‪3‬الطلب رقم ‪ 2‬لس ال ال ال ال ال الالنة ‪ 6‬قض ال ال ال ال ال ال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،1976/5/15‬منشور بمجموعة أحكام وق اررات المحكمة العليا الصادرة في الفترة من ‪ 1970‬حتى نهاية ديسمبر‬
‫‪ ،1976‬تحت رقم ‪ ،22‬ص‪.167‬‬
‫يتعين أن يكون اإلجراء الذي تتخذه اإلدارة لمواجهة الظروف االستثنائية مالئما ً‬
‫‪254‬وهو ما يستوجب على اإلدارة أن تتصرف طبقا ً لما‬ ‫ومناسبا ً لمتطلبات هذه الظروف()‪،‬‬
‫تقتضيه مجابهة هذه الظروف االستثنائية‪ ،‬وأن يكون هذا التصرف بالقدر الذي يكفي لمعالجة‬
‫هذه الظروف دون إفراط أو تفريط‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لما تقدم‪ ،‬قضى مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1962/10/19‬في قضية كانال بإلغاء األمر الذي أصدره رئيس الجمهورية في أول يوليو‬
‫‪ 1962‬بإنشاء محكمة عسكرية خاصة لمحاكمة المتهمين باالشتراك في التمرد الذي قام به‬
‫الجيش الفرنسي المرابط بالجزائر بتاريخ ‪ ،1961/4/21‬ذلك أن الظروف التي باالستناد‬
‫إليها تم إنشاء هذا القضاءاالستثنائي لم تكن على درجة كبيرة من الخطورة تبرر االعتداء‬
‫على المبادئ العامة للقانون وبصفة خاصة فيما يخص حقوق الدفاع‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد فلقد قررت محكمة القضاء اإلداري المصرية في حكمها بتاريخ‬
‫‪1969/6/3‬م " ‪ ...‬غير أن هذا ال يمنع جهة اإلدارة من أن تتخذ من التدابير الضرورية‬
‫والمجدية ما تدفع به خطرا ً محققا ً يهدد النظام العام الضبطي في أحد مدلوالته الثالثة المعروفة‬
‫وهي األمن العام أو السكينة العامة أو الصحة العامة‪ ،‬ولو أدى ذلك إلى تقييد بعض الحريات‬
‫خاصة بالقدر الذي يتناسب مع دفع هذا الخطر‪ ،‬وبحيث تقدر الضرورة بقدرها دون إفراط‬
‫()‪255‬‬
‫في زيادة أو إغراق في نقص" ‪.‬‬
‫وفي حكم آخر صدر بتاريخ ‪ 1982/6/29‬تقول " ومن حيث إنه لما تقدم وبعد إذ‬
‫تبين أن القرار المطعون فيه قد اتخذ وقت لم تكن األمور تستلزم اتخاذه‪ ،‬لذلك فإنه ال وجه‬
‫العتبار هذا القرار من أعمال الضرورة‪ ،‬وال يقدا في ذلك ما أشار إليه رئيس الجمهورية‬
‫من خشيته على تكرار هذه األحداث في المستقبل‪ ،‬ومن حيث إنه بعد إذ تبين عدم قيام حالة‬
‫الضرورة التي تستلزم اتخاذ القرار المطعون فيه فإنه باستظهار مدى مشروعية هذا القرار‬
‫طبقا ً للقواعد القانونية العادية‪ ،‬فإن الثابت مما سلف بيانه أن رئيس الجمهورية قد اتخذ قراراته‬
‫استنادا ً إلى ما أفصح عنه من أسباب تتعلق باألحداث التي أشار إليها وقد انتهينا في‬
‫استعراضنا ألركان الضرورة إلى عدم قيام هذه األسباب في تاريخ اتخاذ القرار المطعون‬
‫فيه ألنها في هذا التاريخ كانت قد زالت‪ ،‬لذلك فإن هذا القرار يكون قد جاء فاقدا ً لركن من‬
‫أركانه هو ركن السبب وبالتالي يكون قد جاء مخالفا ً للقانون" ‪.‬‬
‫()‪256‬‬

‫‪2‬‬
‫اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪5‬‬
‫الوسيط في القانون العام‪ ،‬القضاء‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬محمد أنس قاسم جعفر‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلداري في القضال الالية رقم ‪ 1288‬لسال ال‪5‬النة ‪16‬ق‪ ،‬والصال الالادر بجلسال الالة ‪،19592/6/3‬‬
‫‪5‬‬
‫انظر حكم محكمة القضال الالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام محكمة القضاء اإلداري في الفترة من أول أكتوبر عام ‪ 1966‬إلى آخر سبتمبر عام ‪ ،1969‬ص‬
‫‪.421‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلداري فالي القضيالة رقالم ‪1658‬ق‪ ،‬و‪5‬الصالادر بجلسالالة ‪.1982/6/29‬‬
‫‪6‬‬
‫انظر حكم محكمة القضالاء‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ -4‬خضوع إجراءات الضبط الصادرة في ظل الظروف االستثنائية للرقابة القضائية وعدم‬
‫جواز تحصينها‪:‬‬
‫ال تتمتع سلطة الضبط بسلطة مطلقة في اتخاذ ما تشاء في الظروف االستثنائية وإنما‬
‫تخضع في ذلك لرقابة القضاء الغا ًء وتعويضاً‪ ،‬ولقد أفصح مجلس الدولة المصري في أكثر‬
‫من حكم له على أنه توجد قيود وضوابط ترد على سلطة اإلدارة في الظروف االستثنائية‬
‫()‪257‬‬
‫وأن توافرها ال يطلق السلطة من كل قيد ‪.‬‬
‫ولقد دفع ذلك بمجلس الدولة المصري إلى التمييز بين أعمال السيادة وتدابير الضبط‬
‫التي تتخذ في ظل الظروف االستثنائية‪ ،‬لذلك فقد كان من مظاهر الشطط الذي ارتكبته اإلدارة‬
‫في خصوص مالها من سلطات في الظروف االستثنائية‪ ،‬ما تصورته من أن اإلجراءات التي‬
‫تتخذها في ظل نظام األحكام العرفية هي من قبيل أعمال السيادة الحصينة التي تنجو من‬
‫الرقابة القضائية‪ ،‬غير أن مجلس الدولة رد األمر إلى نصابه الصحيح في عديد من األحكام‬
‫التي صدرت عنه‪ ،‬فقضت محكمة القضاء اإلداري بأن " التدابير التي يتخذها القائم على‬
‫إجراء األحكام العرفية سواء أكانت تدابير فردية أو تنظيمية ليست إال قرارات إدارية يجب‬
‫أن تتخذ في حدود القانون ويتعين أن تخضع لرقابة القضاء بالطريقين المباشر وغير‬
‫المباشر"‪.‬‬
‫إال أنه ينبغي من الجهة األخرى كما قررت المحكمة من قبل‪ ،‬أن يترك للسلطة القائمة‬
‫على إجراء األحكام العرفية‪ ،‬وهي تواجه ظروفا ً استثنائية دقيقة تعمل فيها على إقرار األمن‬
‫وحفح النظام في البالد وتقوم على تأمين سالمة جيوشها في الخارج‪ ،‬حرية واسعة في تقدير‬
‫ما يجب اتخاذه من التدابير واإلجراءات بمقتضى سلطة تقديرية تختلف في مداها‪ ،‬ال في‬
‫وجوب بسط الرقابة عليها‪ ،‬عن السلطة التقديرية التي تتمتع بها اإلدارة في الظروف العادية‬
‫‪258‬وقضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه " ومن حيث أن قضاء هذا المجلس ثبت‬ ‫المألوفة() ‪،‬‬
‫منذ إنشائه على أن نظام األحكام العرفية في مصر‪ -‬أي نظام الطوارئ‪ -‬وإن كن نظاما ً‬
‫استثنائيا ً إال أنه ليس بالنظام المطلق‪ ،‬بل هو نظام خاضع للقانون أرسى الدستور أساسه وأبان‬
‫القانون أصوله وأحكامه ورسم حدوده وضوابطه‪ ،‬فوجب أن يكون إجرا ه على مقتضى هذه‬
‫األصول واألحكام وفي نطاق تلك الحدود والضوابط‪ ،‬وإال كان من التدابير واإلجراءات‬
‫مجاوزا ً هذه الحدود أو منحرفا ً عنها عمالً مخالفا للقانون تنبسط عليه الرقابة القضائية إلغا ًء‬
‫وتعويضا ً‪ ،‬فكل نظام أرسى الدستور أساسه ووضع القانون قواعده هو نظام يخضع بطبيعته‪-‬‬
‫مهما كان نظاما ً استثنائيا ً‪ -‬لمبدأ سيادة القانون ومن ثم لرقابة القضاء‪ -‬وليس ثم من شك في‬

‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪7‬العليا في القضال ال ال الالية رقم ‪ 958‬لسال ال ال الالنة‪5 5‬ق‪ ،‬والصال ال ال الالادر بجلسال ال ال الالة ‪،19622/4/14‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬السنة السابعة‪ ،‬ص‪.601‬‬


‫انظر حكم محكمة القض ال ال الاء ‪8‬اإلداري في القضال ال الالية رقم ‪ 568‬لسال ال ال ‪5‬النة ‪3‬ق‪ ،‬والصال ال الالادر بجلسال ال الالة ‪،19522/6/30‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام محكمة القضاء اإلداري في خمسة عشر عاماً ‪ ،1961-1946‬ص‪.2329‬‬


‫ان االختصاصات المخولة للسلطة القائمة على إجراء األحكم العرفية سندها هو القانون الذي‬
‫عين نطاقها فال سبيل لها إلى أن تتجاوزه‪ ،‬وإن كانت اختصاصات تلك السلطة من واقع‬
‫القوانين المقررة لها وعلى غرار ما سبقها من نظام عرفي عسكري‪ ،‬اختصاصات بالغة‬
‫السعة‪ ،‬فإن ذلك أدعى إلى أن تنبسط عليها الرقابة القضائية حتى ال يتحول نظام هو في‬
‫حقيقته ومرماه نظام دستوري يقيده القانون إلى نظام مطلق ال عاصم له وليست له من حدود‬
‫أو ضوابط إذ أن رقابة القضاء هي دون غيرها الرقابة الفعالة التي تكفل للناش حقوقهم‬
‫الطبيعية وتدمن لهم حرياتهم العامة وتفرض للقانون سيادته‪ ،‬ولكل نظام حدوده الدستورية‬
‫المشروعة‪ ،‬وفي ذلك فإنه لئن ساغ القول بأن قرار إعالن حالة الطوارئ من أعمال السيادة‬
‫التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة إدارة بحسبانه من اإلجراءات العليا التي تتخذ في‬
‫سبيل الدفاع عن كيان الدولة أو استتباب األمن أو النظام العام بها‪ ،‬إال أن التدابير التي يتخذها‬
‫القائم على إجراء النظام الحرفي تنفيذا ً لهذا النظام سواء كانت تدابير فردية أو تنظيمية يتعين‬
‫أن تتخذ في حدود القانون وتلتزم حدوده وضوابطه وال تنأى عن رقابة القضاء إذ ال تتجاوز‬
‫دائرة القرارات اإلدارية التي تخضع لالختصاص القضائي لمجلس الدولة‪ ،‬ومن ثم فإن الدفع‬
‫بعدم االختصاص بمقولة أن القرار الطعن من أعمال السيادة دفع على غير أساش أصاب‬
‫()‪259‬‬
‫الحكم الطعين " ‪.‬‬
‫ولقد أتيح لمجلس الدولة المصري أن يعبر عن اتجاهاته السابقة مرة أخرى وذلك لجأ‬
‫الرئيس السادات إلى تطبيق أحكام المادة ‪ 74‬من الدستور عام ‪ ،1981‬فقد قررت محكمة‬
‫القضاء اإلداري في حكمها بتاريخ ‪260)(1986/12/22‬رفض دفع الحكومة بعدم اختصاص‬
‫مجلس الدولة بنظر الطعون في قرارات رئيس الجمهورية الصادر بتاريخ‪1981/9/5‬‬
‫بوصفها من أعمال السيادة التي ال تدخل في اختصاص القضاء عامة‪ ،‬وبالنسبة لمجلس الدولة‬
‫وفقا ً لصريح نص المادة ‪ 11‬من قانون مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬التي تقرر أنه "‬
‫ال تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة "‪.‬‬
‫ولقد قررت المحكمة وهي بصدد رفض الدفع " أنه لتحديد الطبيعة القانونية لما اتخذه‬
‫رئيس الجمهورية من قرارات في هذا الشأن فإنه ينبغي اللجوء في تحديدها إلى المعيار‬
‫السائد فقها ً وقضا ًء في التمييز بين أعمال السيادة وأعمال اإلدارة وهو معيار طبيعة العمل‬
‫المتخذ‪ ،‬فأعمال السيادة بحسب هذا المعيار هي األعمال التي تصدر من السلطة التنفيذية‬
‫باعتبارها سلطة حكم ال سلطة إدارة‪ ،‬فإذا كانت صادرة من السلطة التنفيذية باعتبارها حكومة‬
‫كانت صادرة منها باعتبارها إدارة كانت كلها قرارات إدارية‪ ،‬ومن حيث إنه في ضوء‬
‫المعيار السائد في التمييز بين أعمال السيادة وغيرها من األعمال فإنه ينبغي أن نبحث على‬
‫حده طبيعة كل قرار اتخذه رئيس الجمهورية تطبيقا ً للمادة ‪ 74‬من الدستور لتحديد ما إذا كان‬
‫هذا القرار يعد عمالً من أعمال السيادة أم أنه مجرد قرار إداري"‪.‬‬

‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪9‬العليا في القضال ال الالية رقم ‪ 830‬لسال ال الالنة‪205‬ق‪ ،‬والصال ال الالادر بجلسال ال الالة ‪،19792/12/2‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية العليا في خمسة عشر عاماً ‪ ،1980-1965‬ص‪.38‬‬


‫‪1981‬م‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪36‬ق‪ ،‬والصادر بجلسة ‪/12/22‬‬
‫‪6‬‬
‫انظر حكم المحكمة اإلدارية ‪0‬العليا في القضية رقم ‪ 186‬لسنة‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وقد انتهت المحكمة التي تكييف سائر قرارات رئيس الجمهورية التي طرحت‬
‫المنازعات بشأنها أمام محكمة القضاء اإلداري بأنها ال تعد من أعمال السيادة وأنها مجرد‬
‫قرارات ذات طبيعة إدارية‪ ،‬ال تندرج ضمن النشاط السياسي للسلطة التنفيذية‪ ،‬وإنما تدخل‬
‫في مهامها اإلدارية‪ ،‬وبالتالي تدخل في عداد القرارات اإلدارية التي تخضع لرقابة مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فلقد قررت المحكمة إلى أن القرار الجمهوري رقم ‪ ،498‬والذي‬
‫يدعو الشعب لالستفتاء مستهدفا ً حماية الوحدة الوطنية والسالم االجتماعي‪ ،‬يدخل في طائفة‬
‫()‪261‬‬
‫أعمال السيادة ويتحصن بهذه الصفة من رقابة مجلس الدولة ‪.‬‬
‫ولقد أكدت محكمة القضاء اإلداري()‪262‬في حكمها بتاريخ ‪ 1982/2/11‬بصورة‬
‫قاطعة وحاسمة سلطتها في مباشرة رقابة مشروعية القرارات الجمهورية الصادرة بالتطبيق‬
‫ألحكام رئيس الجمهورية لم تجد المسوغ القانوني أو أسانيدها الشرعية في ظروف اتخاذها‬
‫وقضى بوقف العمل بالقرارات الصادرة بالقبض على بعض األفراد وتلك المتعلقة بإلغاء‬
‫تراخيص بعض الصحف‪.‬‬
‫ولقد استقرت السياسة القضائية لمجلس الدولة الفرنسي في نفس االتجاه السابق‪ ،‬فلقد‬
‫وجد مجلس الدولة الفرنسي نفسه مطالبا ً بتحديد مدى اختصاصه بنظر المنازعات التي تثور‬
‫بشأن استخدام رئيس الجمهوية لسلطاته المقررة وفقا ً للمادة ‪ 16‬وكان ذلك بصدد حكمه‬
‫الشهير بتاريخ ‪ ،1962/3/2‬فلقد ذهب المجلس إلى التفرقة بين القرار الذي يتخذه رئيس‬
‫الجمهورية بإعالن تطبيق المادة ‪ ،16‬وبين القرارات التي يتخذها رئيس الجمهورية تطبيقا ً‬
‫للمادة ‪ ،16‬فقرر المجلس رئيس الجمهوية بااللتجاء إلى استخدام المادة ‪ 16‬من قبيل أعمال‬
‫السيادة وبالتالي ال تخضع الرقابة القضائية‪ ،‬أما بالنسبة للقرارات التي يتخذها رئيس‬
‫الجمهورية تطبيقا ً للمادة ‪ ،16‬فقد فرق المجلس بين اإلجراءات المتخذة بواسطة رئيس‬
‫الجمهورية ذات الطبيعة التشريعية‪ ،‬واالجراءات المتخذة ذات الطبيعة الالئحية والقرارات‬
‫الفردية‪ ،‬فبالنسبة لألولى فقد قرر المجلس عدم خضوعها لرقابته‪ ،‬أما بالنسبة للثانية فقد قرر‬
‫المجلس خضوعها للرقابة القضائية‪ ،‬ولقد اضطرت أحكام مجلس الدولة الفرنسي في هذا‬
‫اإلتجاه‪.‬‬

‫تحدثت اآلراء واالتجاهات الفقهية بالنسال ال ال ال ال ال الالبة لتبيان طبيعة ما يتخذه رئيس الجمهورية من إجراءات تطبيقاً‬
‫‪2‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫للمادة ‪ 74‬من الدسال ال ال ال ال ال الالتور‪ ،‬ف ذهب الدكتور طعيمة الجرف إلى ما يتخذه رئيس الجمهورية من إجراءات يعتبر من‬
‫أعمال الس ال ال الاليادة وبالتالي ال يخض ال ال الالع للرقابة القض ال ال الالائية وال لرقابة مجلس الش ال ال الالعب (انظر مؤلف مبدأ المشالال ال الالرونية‬
‫وضال الوابط خض الالوع اإلدارة العامة للقانون‪ ،‬المرجع الس الالابق‪ ،‬ص‪ ،)173‬وذهب الدكتور محمد فؤاد مهنا إلى أن هذه‬
‫اإلجراءات ال تخض الالع لرقابة قض الالاء مجلس الدولة وأن كنت تخض الالع لرقابة المحكمة الدس الالتورية العليا (انظر مؤلفه‬
‫مبادئ وأحكام القانون اإلداري في جمهورية مصر العربية‪ ،‬طبعة ‪ ،1973‬ص‪.)731‬‬
‫اإلداري في القضية رقم‪ 3213‬لسنة ‪56‬ق‪ ،‬والصادر ‪ 1982/2/11‬سابق‪2‬اإلشارة‬
‫‪2‬‬
‫انظر حكم محكمة القضاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫إليه‪.‬‬
‫الفصل الثانى‬
‫حدود الرقابة القضائية على‬
‫أعمال الضبط اإلداري‬
‫الفصل الثانى‬
‫الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫يمثل مبدأ المشروعية أحد المبادئ الرئيسية الالزمة لقيام الدولة القانونية‪ ،‬حيث تغدو‬
‫السيادة للقانون وليست ألشخاص الحكام‪.‬‬
‫ومن المستقر عليه في تفسير مدى سيادة القانون أن هذه السيادة تتحقق بخضوع كل‬
‫من في الدولة من حكام ومحكومين‪ ،‬سلطات عامة وأفراد للقانون‪ ،‬بحيث تكون تصرفاتهم‬
‫()‪263‬‬
‫اإليجابية والسلبية في دائرة وحدود النظام القانوني المقرر في الدولة ‪.‬‬
‫وال ريب في أن خضوع السلطة اإلدارية على وجه الخصوص للقانون يمثل أهم‬
‫نتائج ومقتضيات مبدأ المشروعية‪.‬‬
‫وتتمثل سلطة اإلدارة في إصدار القرارات اإلدارية‪ ،‬المظهر الرئيس واألساسي‬
‫لوسائل اإلدارة في مباشرة كافة أوجه نشاطها دون استثناء‪ ،‬ولذلك يعدها فقه القانون العام‬
‫أهم وأخطر امتيازات السلطة اإلدارية التي ال غنى عنها‪.‬‬
‫ومن هنا بدت ضرورة العمل على فرض وتنظيم الرقابة المجدية والفعالة على أعمال‬
‫اإلدارة‪ ،‬وخاصة قراراتها اإلدارية‪ ،‬لضمان عدم خروجها على أحكام القانون المنظمة‬
‫الختصاصاتها وأعمالها‪.‬‬
‫ويجب أن نعلم أن اإلدارة ومن خالل األعمال التي تقوم بها بغية تنظيم المجتمع‬
‫وتحق يق المنفعة العامة تخضع لقواعد متميزة تحكمها هي قواعد القانون اإلداري ومع أن‬
‫اإلدارة تتمتع بصالحيات واسعة فإنه يمنع عليها أن تستعمل هذه الصالحيات إال بهدف تحقيق‬
‫المنفعة العامة؛ ألنه في الكثير من األحيان تكون المصلحة العامة أهم من المصلحة الخاصة‬
‫لألفراد لهذا يتم تغليبها‪ ،‬وعلى الرغم من إمكانية نشوء تعارض مع بعض الحقوق والحريات‬
‫األساسية للمواطن فإن القاضي اإلداري يعمل على احترام مبدأ مساواة المواطنين أمام‬
‫()‪264‬‬
‫المرفق العام واالستفادة من خدماته ‪.‬‬
‫وبما أن اإلدارة هي مرآة السلطة العامة وممثلها‪ ،‬فيجب أن تكون عادلة غير متحيزة‬
‫وهذا هو الهدف الذي ينبغي أن ال تخرج عنه وهو توفير العدالة‪.‬‬
‫دورا أساسيًا بين مصالح األفراد وتدخل اإلدارة لتحقيق المنفعة العمومية بإخضاع‬
‫ويلعب القاضي اإلداري ً‬
‫هذه األخيرة لسيادة القانون وتوقيع الجزاء عليها إذا تعدت ذلك الهدف السامي وحاولت المساش بحقوق األفراد‬
‫وحرياتهم األساسية‪ ،‬ويجب تحديد مفهوم المنفعة العمومية إذ يجب أن ال يبقى هذا األساش المطاط بدون تحديد وأن‬
‫تسند للقاضي اإلداري مهمة التحقيق من وجود منفعة عامة من عدمها عكس ما هو معمول به وهو ترك األمر‬
‫للهيئات اإلدارية تتولى هذه المهمة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الوسيط في القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،6‬ص‪.12‬‬
‫‪3‬‬
‫) د‪ .‬محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫(‬

‫المعارف‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ضال ال ال ال ال ال الالاء مجلس الدولة‪ ،‬منشال ال ال ال ال ال الالأة‬
‫‪6‬‬
‫خليفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية في الفقه وق‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.2007‬‬
‫ويجب العمل على أن تكون اإلدارة العامة خاضعة تماما ً للقانون لكي تكون أمام نظام‬
‫يحترم المواطن ويقدش حقوقه وحرياته األساسية ومحاولة وضع اإلدارة العامة في مستوى‬
‫واحد مع المواطن في مواجهة القانون إال ما يلزم لممارسة نشاطها حسب ما يقرره لها‬
‫القانون‪ ،‬ألن اإلدارة العامة وموظفيها ال يمكن لهم التصرف إال حسب ما يقره مبدأ‬
‫()‪265‬‬
‫المشروعية ‪.‬‬
‫ونجد أنه في فرنسا تعد اإلدارة موضوعه في خدمة القانون‪ ،‬وهنا يظهر دور القاضي‬
‫اإلداري بدور محوري وأساسي من خالل العمل على فرض احترام القانون وعدم تعدي‬
‫اإلدارة العامة للحدود المرسومة لها حفاظا على عدم التعدي أو عدم انتهاك حقوق المواطن‬
‫وحرياته األساسية المكرسة دستوريًا‪.‬‬
‫لذلك سنتعرض لمعالجة مضمون هذا الفصل في المباحث الثالثة التالية‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫المبحث الثانى ‪ :‬الرقابة على الشرعية الخارجية والداخلية لقرارات الضبط اإلداري‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬ضمانات األفراد تجاه قرارات الضبط اإلدارى المعيبة‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬القضاء ‪5‬اإلداري‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪2006 6،‬م‪ ،‬ص‪.422‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫المبحث األول‬
‫ماهية الرقابة القضائية على‬
‫أعمال الضبط اإلداري‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫ماهية الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪.‬‬
‫من المسلم به أن القضاء هو أكثر أجهزة الدولة التي لها القدرة على إخضاع أعمال‬
‫هيئات الضبط اإلداري للرقابة‪ ،‬وذلك لكونه سلطة محايدة ومستقلة عن اإلدارة العامة ويهدف‬
‫بذلك إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وإصالا نشاط أجهزة الضبط اإلداري بما يتوافق مع مبدأ‬
‫سيادة القانون‪.‬‬
‫فليس من شك أن االحتكام واللجوء إلى القضاء عن طريق الدعوى اإلدارية من‬
‫طرف ذوي الصفة والمصلحة‪ ،‬يعتبر من أقوى الضمانات الحقيقية للحرية في مواجهة تعسف‬
‫هيئات الضبط اإلداري في استخدام سلطتها‪.‬‬
‫هذا وسيتم توضيح مفهوم الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري في المطالب‬
‫الثالثة التالية‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬رقابة القضاء اإلداري على حدود هيئات الضبط اإلداري‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تناسب الرقابة القضائية مع الظروف المؤثرة في هيئات الضبط‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫مفهوم الرقابة القضائية على‬
‫أعمال الضبط اإلداري‬
‫المطلب األول‬
‫مفهوم الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫هذا وسيتم توضيح مفهوم الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬وكذلك‬
‫وسيلة وأهداف الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬وذلك من خالل الفروع الثالثة‬
‫التالية‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬ماهية الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬وسيلة الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬أهداف الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬

‫الفرع االول‬
‫ماهية الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫أوالً‪ -‬تعريفها‪:‬‬
‫لقد عرف العديد من الفقهاء الرقابة القضائية‪ ،‬ومن أهم هذه التعاريف نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬تعريف د ‪/‬سامي جمال الدين حيث عرفها بأنها‪" :‬تعد الرقابة القضائية هي الضمان‬
‫الفعلي لألفراد في مواجهة تجاوز اإلدارة حدود وظيفتها‪ ،‬وتعسفها في استخدام سلطتها‬
‫وخروجها عن حدود مبدأ المشروعية‪.‬‬
‫‪ -‬أما د ‪/‬مليكة الصروخ فعرفتها بأنها " ‪:‬يقصد برقابة القضاء على أعمال اإلدارة‪،‬‬
‫السلطات القانونية المخولة للجهات القضائية والتي بمقتضاها يكون لها سلطة البث فيما‬
‫يدخل في إختصاصاتها من مسائل تكون اإلدارة– بوصفها سلطة عامة ‪-‬طرفا فيها ‪.‬‬
‫()‪266‬‬

‫ثانيا ً ‪ -‬خصائصها‪.‬‬
‫للرقابة القضائية العديد من الخصائص يمكن إجمالها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن الجهة القضائية المكلفة بالرقابة على أعمال اإلدارة قد إكتسبت اإلختصاص بناءا‬
‫على نصوص دستورية أو قانونية‪.‬‬

‫ن ‪6‬‬
‫‪.370‬‬
‫‪2‬‬
‫االداري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الجديدة‪ 6،‬الرباإل‪ ،‬المغرب‪ ،1992 ،‬ص‬ ‫د‪ .‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانو‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ .2‬ال تتحرك الرقابة القضائية من تلقاء نفسها‪ ،‬وإنما برفع دعوى قضائية من طرف ذوي‬
‫الصفة والمصلحة‪.‬‬
‫‪ .3‬الرقابة القضائية لما لها من قواعد وإجراءات منصوص عليها في القانون لكفالة حق‬
‫الخصوم في الدفاع عن أنفسهم من جهة‪ ،‬ولضمان الموضوعية واإلختصاص في‬
‫الفصل في الدعاوى من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ .4‬الرقابة القضائية هي رقابة مشروعية‪ ،‬حيث ال يملك القاضي سوى الحكم بمشروعية‬
‫التصرف أو بطالنه‪ ،‬باإلضافة إلى التعويض عن اإلضرار الناجمة عنه‪.‬‬
‫‪ .5‬تكون األحكام الصادرة من طرف القضاء لها قوة الشيء المقضي فيه‪ ،‬وما يترتب عن‬
‫()‪267‬‬
‫ذلك من وجوب تنفيذها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫وسيلة الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪.‬‬
‫إن من أهم خصائص الرقابة القضائية التي أشرنا لها سابقا‪ ،‬هي أنها ال يمكن‬
‫ممارستها وال تحريكها إال بناءا على دعوى قضائية مرفوعة من طرف ذوي الصفة‬
‫والمصلحة‪ ،‬بحيث ال يمكن للقاضي أن يقحم نفسه في النزاع بين هيئات الضبط اإلداري‬
‫واألشخاص من تلقاء نفسه‪ ،‬بل يجب لكي يتدخل أن ترفع إليه دعوى قضائية‪.‬‬
‫بذلك تكون الدعوى القضائية هي الوسيلة األساسية لممارسة الرقابة القضائية على‬
‫أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬ألنها طريق صاحب المصلحة والصفة إلى القاضي‪ ،‬وشرط لتصدي‬
‫القاضي للنزاع‪.‬‬
‫وعليه سنقوم بتعريف الدعوى اإلدارية كوسيلة لتحريك الرقابة القضائية على أعمال‬
‫الضبط اإلداري‪.‬‬
‫أوالً‪ -‬تعريف الدعوى اإلدارية‬
‫لم تظهر الدعوى القضائية اإلدارية كدعوى مستقلة‪ ،‬إال في نهاية القرن التاسع عشر‬
‫وبداية القرن العشرين‪ ،‬وهي تعد الوسيلة القانونية والقضائية الوحيدة في حل المنازعات التي‬
‫()‪268‬‬
‫تطرأ بين اإلدارة العامة‪ ،‬واألشخاص والمراد حلها حال قضائيا ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع لم يعرف الدعوى القضائية اإلدارية‪ ،‬وترك ذلك‬
‫للفقه والقضاء‪ ،‬ومن تعاريفها نذكر منها‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫قابة على أعمال اإلدارة‪ ،‬مرجع سابق‪ 6،‬ص‪.231‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ /.‬سامي جمال الدين‪ ،‬الر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬محمد مصطفى السيد عبد‪ 8‬العليم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 80‬وما‪ 6‬بعدها‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ -‬تعريف د‪/‬فداد العطار حيث عرفها بأنها‪" :‬حق الشخص سواء أكان طبيعيا أو‬
‫معنويا في أن يلجأ إلى القضاء يطالبه في خصومة بينه وبين اإلدارة‪ ،‬وذلك بقصد كفالة‬
‫حماية ما يدعيه من حق أعتدى عليه‪ ،‬أو إلعادة الحال إلى ما كانت عليه أو التعويض عنه‪،‬‬
‫وحق الشخص في اإللتجاء إلى القاضي أو حقه في الدعوى هو حق مطلق في دولة القانون"‪.‬‬
‫‪ -‬أما تعريف د‪ /‬مصطفى كمال وصفي فهو‪" :‬اإلجراءات القضائية التي تتخذ أمام‬
‫القضاء اإلداري للمطالبة بأثر من اآلثار المترتبة على عالقة إدارية"‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬تحريك الدعوى اإلدارية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫لقد اعترفت معظم الدساتير والنظم القانونية في الدولة المعاصرة بالحق في التقاضي‬
‫والمساواة أمام القضاء‪ ،‬والحق في الدعوى اإلدارية من خالل منازعة الهيئات اإلدارية وذلك‬
‫تحقيقا لدولة القانون ومبدأ الشرعية‪ ،‬وما يستلزمه من خضوع هيئات الضبط اإلداري لرقابة‬
‫القضاء لمواجهة أعمالها الغير مشروعة‪.‬‬
‫تماشيا مع ذلك فالدعوى القضائية اإلدارية تعتبر دليال على خضوع أعمال الضبط‬
‫اإلداري لرقابة القضاء‪ ،‬وذلك لكونها وسيلة قانونية تحرك وتجسد سلطات القاضي اإلداري‬
‫في التقرير والحكم بالجزاءات القضائية الموجهة ضد أعمال الضبط اإلداري الغير مشروعة‬
‫()‪269‬‬
‫والضارة‪. .‬‬
‫وهكذا فالرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري ال يمكن تحقيقها إال بتحريك‬
‫ورفع الدعوى القضائية اإلدارية‪ ،‬وذلك طبقا لمبدأ –ال دعوى بدون مطالبة قضائية‪ -‬من أجل‬
‫تقييد وحصر القاضي اإلداري بما ورد في عريضة الدعوى‪ ،‬لضمان حياده وموضوعيته‪،‬‬
‫وال يتجسد ذلك إال بوجود إجراءات قضائية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫أهداف الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫تمارش هيئات الضبط اإلداري سلطاتها وإختصاصاتها باستمرار‪ ،‬وهذا ما يترتب‬
‫عليه في أحيان كثيرة وقوع إلتماسات وإحتكاكات وتصادمات بينها وبين النظام القانوني في‬
‫الدولة من جهة‪ ،‬وحقوق وحريات األشخاص من جهة أخرى‪ ،‬مما قد يددي إلى تحريك عملية‬
‫الرقابة ‪ ،‬وتحقيق العدالة‪ ،‬وحماية المصلحة العامة القضائية‪ ،‬التي تهدف إلى ضمان مبدأ‬
‫الشرعية وحقوق وحريات األشخاص‪ ،‬وهي تعتبر أهداف ساكنة لها قيمتها من الناحية‬
‫النظرية والقانونية والسياسية وحتى من الناحية النفسية‪ ،‬كما يمكنها تحقيق أهداف عملية‬
‫فعلية‪ ،‬ال تكون إال بفضل القاضي اإلداري الذي يحرك األهداف الساكنة أثناء فصله في‬
‫()‪270‬‬
‫النزاع القائم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ص‪.56‬‬
‫‪6‬‬
‫هللا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫سابق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪0 ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وعليه فأهداف الرقابة تنقسم إلى قسمين‪ :‬أهداف ساكنة وأهداف متحركة‪.‬‬
‫أوالً‪ -‬األهداف الساكنة‪:‬‬
‫يستند بمبدأ الشرعية كضمانة فعاله له وجود رقابة قضائية تكفل إحترام القانون‪،‬‬
‫لذلك كان من أهداف الرقابة القضائية الساكنة‪:‬‬
‫‪ )1‬ضمان إحترام مبدأ الشرعية وسالمة النظام القانوني داخل الدولة بما يحقق العدالة للجميع‪.‬‬
‫‪ )2‬تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على مصداقية الوظيفة اإلدارية‪ ،‬وقرينة السالمة‬
‫والشرعية التي تتمتع بها أعمالها‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬األهداف المتحركة‪:‬‬
‫إن الهدف المتحرك من الرقابة القضائية هو هدف عالجي‪ ،‬حيث يقوم القاضي اإلداري‬
‫بتحريك األهداف الساكنة‪ ،‬و‪1‬ذلك بالفصل في النزاع القائم بين الحرية وأعمال الضبط اإلداري ويعكس‬
‫الحكم دور القاضي في إقامة التوازن بين الحريات العامة وأعمال الضبط اإلداري‪ ،‬كما يتحتم عليه في‬
‫بعض األحيان عندما يكون قصور أو فراغ في التشريع إن ينشأ ويخلق ويبدع حلوال قضائية للفصل‬
‫في النزاع‪.‬‬
‫لذلك فاألهداف المتحركة للرقابة القضائية تتمثل في‪:‬‬
‫‪ )1‬الهدف المباشر للرقابة القضائية هو فصل القاضي في النزاع القائم‪ ،‬وال يتعدى دوره‬
‫حدود الحكم ويستعمل في ذلك إجراءات قضائية للوصول إلى اإلنصاف‪ ،‬ويتقيد‬
‫بمذكرات األطراف وطلباتهم‪ ،‬ويسهر على أن يكون فصله في النزاع مطابقا ً للقانون‪.‬‬
‫‪ )2‬باإلضافة إلى الهدف المباشر وهو الفصل في النزاع‪ ،‬قد يكون الهدف المتحرك من الرقابة‬
‫القضائية غير مباشرا ً أو عرضيا ً‪ ،‬ويتمثل في مشاركة القاضي في إنشاء وإبتكار القواعد‬
‫القانونية أثناء فصله في النزاعات‪ ،‬فالقاضي يستوحي الحلول من التشريع واالجتهاد القضائي‬
‫والفقه‪ ،‬كما يستوحي الحلول من إعتبارات سياسية وإجتماعية وإقتصادية‪.‬‬
‫‪ )3‬كما أن الهدف المتحرك للرقابة القضائية هو تحقيق التوازن بين أعمال الضبط اإلداري‬
‫والحريات العامة‪ ،‬وذلك أثناء الفصل في النزاع القائم بينهما‪ ،‬حيث يوازن القاضي اإلداري‬
‫بين طرفي النزاع ويعتمد في ذلك على مبدأ "أن الحرية هي القاعدة أما القيد هو االستثناء"‬
‫ويحكم على تصرف اإلدارة إذا كان غير مشروع باإللغاء‪ ،‬وبذلك يعد الحكم ضابطا ً من‬
‫()‪271‬‬
‫ضوابط التوازن‪ ،‬وهدف متحرك من أهداف الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪.16‬‬
‫‪7‬‬
‫هللا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد‬ ‫)‬ ‫(‬
‫المطلب الثاني‬
‫رقابة القضاء اإلداري على‬
‫حدود هيئات الضبط اإلداري‬
‫المطلب الثاني‬
‫رقابة القضاء اإلداري على حدود هيئات الضبط اإلداري‬
‫إذا نص المشرع على نشاط معين لإلدارة‪ ،‬فهو بذلك يفرض عليها الطريق الذي‬
‫تسلكه للمحافظة على النظام العام‪ ،‬فمهمتها في هذه الحالة هي تنفيذ القانون مع مراعاة حدود‬
‫ممارستها لذلك النشاط‪ ،‬فإذا تجاوزت هيئات الضبط اإلداري تلك الحدود‪ ،‬وصفت أعمالها‬
‫بأنها غير مشروعة‪ ،‬مما يسمح بإخضاعها لرقابة القضاء اإلداري إلغاءا ً وتعويضا ً‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى إمكانية مالحقة ومعاقبة الموظف وفقا لقانون العقوبات‪ ،‬إذا كانت الوقائع لها وصفا ً‬
‫جزائيا ً ‪.‬‬
‫إال أن مشكالت الوقاية من النظام العام ال يمكن التنبد بها‪ ،‬وال التحكم فيها الرتباطها‬
‫بظروف متغيرة ومفاجئة‪ ،‬لذلك فقد ال ينص المشرع عليها‪ ،‬أو ينص عليها وال يحدد مجال‬
‫حدود تدخل هيئات الضبط اإلداري‪ ،‬فيكون لها السلطة في تنظيم بعض المجاالت للمحافظة‬
‫على النظام العام‪ ،‬الذي توسع مدلوله بالموازاة مع اتساع نشاط الدولة‪.‬‬
‫وليس من شك في أن تدخل هيئات الضبط اإلداري كثيرا ً ما يميل إلى الشطط‪ ،‬نظرا ً‬
‫لما تملكه من وسائل القهر‪ ،‬لذلك فإن سلطتها ليست مطلقة بل هي مقيدة بحدود يفرض القضاء‬
‫اإلداري عليها رقابته‪ ،‬من أجل تحقيق التوازن بين الحقوق والحريات والمحافظة على النظام‬
‫العام‪ ،‬بالشكل الذي يجعل فكرة النظام العام وفكرة الحقوق والحريات فكرتين متالزمتين ‪،‬‬
‫()‪272‬‬
‫ومن بين هذه الحدود‪ :‬مبدأ الشرعية‪ ،‬والحقوق والحريات‪ ،‬والنظام العام‪.‬‬
‫لذلك سنتعرض بالدراسة والتحليل لهذه العناصر في الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ -‬رقابة القضاء على تقييد هيئات الضبط اإلداري بمبدأ الشرعية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ -‬رقابة القضاء على تقيد هيئات الضبط اإلداري لتحقيق النظام العام‬

‫الفرع الثالث ‪ -‬الرقابة القضائية على تقيد هيئات الضبط اإلداري بالحريات العامة‬
‫الفرع األول‬
‫رقابة القضاء على تقييد هيئات الضبط اإلداري بمبدأ الشرعية‬
‫من بين الضمانات األساسية التي تحمي األشخاص من انحراف وتعسف وتعدي‬
‫الهيئات اإلدارية‪ ،‬وهذه الضمانة محققة في الضبط‪ ،‬هي إلتزام هذه األخيرة بالقانون فيما تقوم‬
‫به من أعمال وهذه الضمانة محققة في الوقت الحالي بفضل األخذ بمبدأ "الشرعية أو‬
‫المشروعية" وخصائص ومميزات الدولة الحديثة‪ ،‬وذلك بعدما ثبت وإستقر الفكر السياسي‬
‫والقانوني على أن السلطة والقانون ظاهرتان متالزمتان ومتكاملتان‪ ،‬فالسلطة ضرورة‬
‫()‪273‬‬
‫يفرضها اإلحساش بالقانون‪ ،‬وهي ال تستطيع التعامل مع الخاضعين لها إال به‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫) د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى‪2‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1457‬‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫‪.333‬‬
‫‪7‬‬
‫قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫لذلك فقد توصف الدولة بدولة القانون‪ ،‬بإعتبار أن تصرفات حكامها ومحكوميها‬
‫يحكمهم مبدأ الشرعية في كل ما يصدر عنهم من أعمال‪ ،‬أي سيادة حكم القانون‪.‬‬
‫إن مبدأ المشروعية كما عرفه الفقيه‪ André de laubadère /‬هو‪" :‬أن السلطات‬
‫اإلدارية يتعين عليها في قراراتها‪ ،‬أن تكون متطابقة مع أحكام القانون‪ ،‬أو بعبارة أكثر دقة‬
‫بالشرعية‪ ،‬والتي تعني مجموعة القواعد القانونية‪ ،‬على أن يدخذ القانون ليس فقط بالمعنى‪،‬‬
‫الشكلي بل أيضا بمعناه الموضوعي ‪.‬‬
‫كما عرفه د‪/‬سليمان الطماوي‪" :‬يقصد بهذا المبدأ أن تكون جميع تصرفات اإلدارة‬
‫في حدود القانون‪ ،‬ويدخذ القانون في هذا المجال بمدلوله العام‪ ،‬أي جميع القواعد الملزمة‬
‫سواء أكانت مكتوبة أو غير مكتوبة‪ ،‬وأي كان مصدرها مع مراعاة التدرج في قوتها (القانون‬
‫الدستوري‪ ،‬القانون العادي‪ ،‬فالالئحة‪ ،‬فالقرار الفردي)‪ ،‬وأي كان نوع تصرف اإلدارة أي‬
‫‪ )Acte matériel‬ماديا ً أو (‪ )Acte juridique‬قانونيا ً عملها كان سواء‪274)(.‬وعليه‬
‫يمكن القول أن مبدأ المشرعية له أهمية كضمانة جدية في مواجهة تعسف هيئات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬وذلك باالستناد إلى القضاء اإلداري الذي يعمل على محاولة الربط بين فاعلية‬
‫نشاط هيئات الضبط اإلداري في تحقيقها ألهدافها‪ ،‬وحقوق وحريات األشخاص‪.‬‬
‫اوالً‪ -‬أهمية مبدأ الشرعية في أعمال الضبط اإلداري‬
‫تجسيدا ً لمبدأ الشرعية فإن هيئات الضبط اإلداري يجب أن تخضع له في كل‬
‫تصرفاتها‪ ،‬وذلك بإحترامها النظام القانوني وقواعد الشرعية الشكلية والموضوعية‪ ،‬وهذا‬
‫التقييد له أهميته بالنسبة لألشخاص‪ ،‬وكذلك بالنسبة لهيئات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫كما أن إلتزام وتقيد هيئات الضبط اإلداري بإحترام قواعد الشرعية الشكلية‬
‫والموضوعية‪ ،‬يحمي حقوق وحريات األشخاص من اإلستبداد‪ ،‬واإلنحراف‪ ،‬والتعسف في‬
‫ممارسة مظاهر السلطة من طرف أعوان الدولة‪ ،‬وممثلي هيئات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫كما أن إلتزامها بمبدأ الشرعية يحميها من اإلنحرافات واإلنزالقات والتسرع‬
‫وتفضيل المصلحة الخاصة‪ ،‬أي أنه يضع لها اإلطار لكي تكون أعمالها قائمة على أساش‬
‫الشرعية‪ ،‬وكل تصرف تقوم به يخالف القانون يكون محال للطعن فيه أمام القضاء اإلداري‪.‬‬
‫وهكذا ال يكفي النص على إحترام مبدأ الشرعية في القوانين‪ ،‬وإنما لحمايته يجب أن‬
‫يكون للقضاء اإلداري دور في ذلك‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬دور القضاء في إحترام مبدأ الشرعية في قرارات الضبط اإلداري‬
‫إن مقتضى مبدأ الشرعية هو خضوع األشخاص وسلطات الدولة لحكم القانون‪،‬‬
‫ومايهمنا هنا هو دور القاضي اإلداري في إخضاع هيئات الضبط اإلداري لحكم القانون‪،‬‬
‫وهذا اإللزام يعني أن تتفق أعمالها مع القواعد القانونية‪ ،‬بحيث يجب أن تصدر من مختص‬

‫‪2‬‬
‫جع سابق‪ ،‬إل‪ ،5‬ص‪.58‬‬
‫‪7‬‬
‫النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬مر‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وفقا ً لإلجراءات واألشكال القانونية‪ ،‬وأن ترد على محل مشروع‪ ،‬وسبب يبرره‪ ،‬وأن‬
‫()‪275‬‬
‫تستهدف تحقيق النظام العام‪.‬‬
‫إال أن احتماالت خروجها على مبدأ الشرعية كثيرة نظرا ً لتعدد أوجه نشاطاتها‬
‫وتصادمها اليومي مع األشخاص‪ ،‬وما تتمتع به من إمتيازات‪ ،‬لذا كان من الضروري وجود‬
‫سلطة القضاء التي يمنحها القانون اإلختصاص برقابة أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬للتأكد من‬
‫مدى مشروعيتها ومطابقتها للقانون‪.‬‬
‫لذلك فقد ظهرت ضرورة الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري للحفاظ على مبدأ الشرعية وضمانا‬
‫لتأكيده وإحترامه‪ ،‬حتى تكون سيادة القانون فوق الجميع‪ ،‬بهدف حماية حقوق وحريات األشخاص‪.‬‬
‫وتماشيا ً مع ذلك فللقاضي اإلداري دوره في وزن أعمال الضبط اإلداري بميزان القانون‪ ،‬حيث إذا تعلق‬
‫األمر بعيب خارجي‪ ،‬فيجب عليه مراقبة مدى مراعاة قواعد اإلختصاص التي هي من النظام العام‪ ،‬وينبغي عليه‬
‫إثارتها من تلقاء نفسه‪ ،‬كما يتعين عليه أن يفرق بين األشكال الجوهرية التي يجب على اإلدارة اإللتزام بها‪ ،‬واألشكال‬
‫غير الجوهرية التي ال يترتب على عدم اإللتزام بها عدم شرعية التصرف الضبطي‪.‬‬
‫كذلك يراقب القاضي المشروعية الداخلية للقرار الضبطي‪ ،‬وينظر في مدى تطبيق اإلدارة للقانون تطبيقا ً‬
‫سليما ً‪ ،‬ولم تنحرف في استخدام سلطتها‪ ،‬كما يفحص القاضي األسباب التي إستندت إليها هيئات الضبط اإلداري‬
‫إلصدار قرارها‪.‬‬
‫ترتيبا ً على ذلك فكل قرار ضبطي أو إجراء تصدره هيئات الضبط اإلداري‪ ،‬ينبغي أن يكون في حدود‬
‫مبدأ الشرعية‪ ،‬وذلك بإستهدافه المحافظة على النظام العام‪ ،‬فحين تفرض اإلدارة على األفراد عدم الخروج في‬
‫مسيرة دون رخصة‪ ،‬فإن المقصد العام هو توفير األمن العام حتى ال يبادر األفراد وبطريقة فوضوية للخروج‬
‫للشوارع العامة‪ ،‬بما في ذلك من خطر يهدد األرواا والممتلكات‪ ،‬وحين تفرض عليهم عدم إستعمال مكبرات‬
‫األصوات ليالً فإن المقصد هو توفير السكينة العامة‪ ،‬وحين تراقب اإلدارة بعض المواد اإلستهالكية أو تمنع‬
‫عرضها‪ ،‬فذلك بغرض حماية األفراد من مخاطر األمراض‪.‬‬
‫إستنادا ً إلى دور القاضي اإلداري في حماية الشرعية‪ ،‬فإن كافة التدابير واإلجراءات التي تقوم بها هيئات‬
‫الضبط اإلداري خارج إطار القانون تكون غير شرعية وقابلة لإللغاء وذلك إذا تأكد وتحقق من أن اإلدارة إنحرفت‬
‫()‪276‬‬
‫وإستعملت تدابير الضبط اإلداري لتحقيق أهداف غير النظام العام‪.‬‬
‫وعليه فصيانة النظام العام يعتبر قيد على هيئات الضبط اإلداري‪ ،‬أثناء إصدارها لقرارات الضبط‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫رقابة القضاء على تقيد هيئات الضبط اإلداري لتحقيق النظام العام‬
‫إن فكرة النظام العام ظهرت كفكرة مرتبطة بالمجتمع‪ ،‬ونشأت وتطورت معه‬
‫لتحتل()‪277‬مجاالت عديدة‪ ،‬فوظيفة هيئات الضبط اإلداري هي تحقيق النظام العام‪ ،‬كما أن‬
‫القاضي كثيرا ً ما تثور أمامه دفوع شكلية أو موضوعية توصف بأنها من النظام العام زيادة‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى‪ 5‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اف باإلجراء‪ ،‬كوجه من أوجه مجاوزة ‪7‬الساللطة‪ ،‬د ارسالة مقارنة‪ ،‬دار الفكر ‪2‬العربي‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬فؤاد موسالى‪ ،‬فكرة االنحر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫نقال عن‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬أسباب قبول دعوى إلغاء القرار اإلداري‪،‬‬
‫سنة ‪ ،1997‬ص‪184‬؛ ً‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.308‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫على فرض القانون على أطراف العالقات القانونية عدم اإلتفاق على مخالفته‪ ،‬ويبطل محل‬
‫اإللتزام إذا كان مخالفا ً للقانون‪ ،‬كذلك إن إعالن حالة الطوارئ الهدف منه هو الحفاظ على‬
‫النظام العام‪.‬‬
‫لقد تعددت وإختلفت التعاريف لفكرة النظام العام‪ ،‬بإعتبارها فكرة حيوية وضرورية‬
‫لوقاية المجتمع وتلبية حاجاته في االستقرار والسلم‪ ،‬لذلك سنتعرض لتعريفها قانونا ً‪ ،‬وفقها ً‬
‫ً ()‪278‬‬
‫وقضاءا‪.‬‬

‫‪ -1‬قانونا ً‪:‬‬
‫إن وضع تعريف جامع ومانع للنظام العام يعتبر أمرا ً صعبا ً‪ ،‬وذلك نظرا ً ألنه فكرة‬
‫نسبية ومرنة تختلف بإختالف المكان والزمان‪ ،‬لذلك فليس هناك إمكانية للمشرع في تحديدها‬
‫في مضمون مستقر‪ .‬هذا ما جعل المشرع في كل من فرنسا ومصر لم يعرف النظام العام‪،‬‬
‫رغم وجود العديد من النصوص التي تشير إلى عناصره دون تعريفه‪.‬‬
‫‪-2‬فقها ً‪:‬‬
‫تتفق معظم تعاريف الفقهاء على جعل النظام العام هدفا ً للضبط اإلداري إال أنها‬
‫تختلف في تعريفها له‪ .‬ومن تعاريف أهل الفقه نجد‪:‬‬
‫‪ )Blaevoet( ‬الذي عرف النظام العام تعريفا ً سلبيا ً بقوله‪" :‬إن غرض الضبط سلبي‬
‫تماما‪ ،‬إن شعاره ال إضطرابات‬
‫‪ ‬األستاذ (‪ )Hauriou‬فيعرفه‪" :‬النظام العام حالة فعلية معارضة للفوضى‪.‬‬
‫‪ ‬أما األستاذ (‪ )Delaubadère‬فعرفه‪..." :‬إن المعيار لممارسة سلطة الضبط‬
‫اإلداري في الواقع‪ ،‬كان دائما يستند إلى الهدف الذي يرمي إلى تحقيقه والذي يتمثل‬
‫حسب الصيغة المستعملة من طرف القانون فيما يخص الضبط اإلداري البلدي هو‬
‫تأمين حسن النظام والسالمة والصحة العمومية ‪.‬‬
‫‪ -‬أما (‪ )KLEIN‬فقد عرفه‪" :‬إن حفح النظام ليس فقط سلبيا‪ ،‬بل يمكن أن يكتسي‬
‫طابعا إيجابيا ً ووقائيا ً‪ ،‬وأحيانا ً طابعا ً إنشائيا ً‪ ،‬وخاصة في مجال التراخيص البوليسية والتي‬
‫يمكن أن تكون لها أهمية كبرى في حياة المدينة فالنظام العام إذن فكرة نسبية مرنة ومتطورة‬
‫وحيوية وضرورية لتلبية حاجة المجتمع في اإلستقرار‪ ،‬وذلك بوقايته وتحقيق أمنه وسكينته‪،‬‬
‫بالشكل الذي يسمح بممارسة حقوق وحريات األفراد والحفاظ على قيم المجتمع‪.‬‬

‫‪ -3‬قضاءا ً‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫جع سابق‪ ،‬إل‪ ،5‬ص‪.57‬‬
‫‪7‬‬
‫النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬مر‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫لقد كتب مفوض الدولة الفرنسي ( ‪ )Letourneur‬في تقريره‪" :‬إن فكرة النظام‬
‫العام مبهمة وإن غموض غاية النظام العام والطابع الظرفي له يأتيان من المقتضيات التي‬
‫يواجهها‪.‬‬
‫إن الضبط اإلداري ليس مكلف فقط بحماية الدولة ضد األخطار التي ال يمكنه هو‬
‫نفسه إستبعادها‪ ،‬سواء كان مصدرها أفراد آخرون‪ ،‬أم كان مصدرها حيوانات أو ظواهر‬
‫طبيعية‪ ،‬لذلك ليس من الممكن حصر تلك المقتضيات ذات المضمون المتغير داخل صيغة‬
‫محددة‪ ،‬وإن تلك حقيقة قد أدركها القضاء تماما ً‪.‬‬
‫كما عرف مجلس الدولة الفرنسي النظام العام بقوله‪" :‬أنه أحد تلك التعريفات الثابتة‬
‫ذات المضم ون المتغير الذي يتعلق بقضائنا العالي اإلداري‪ ،‬والذي وإن كان يحل بعض‬
‫المشاكل إال أنه‪ ،‬يترك الباب مفتوحا ً أمام التطورات المستقبلية ‪.‬‬
‫()‪279‬‬

‫أما في مصر فقد قررت الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة‪" :‬إن‬
‫النظام العام ‪ ،‬هو األساش السياسي واإلجتماعي واإلقتصادي والخلقي الذي يقوم عليه كيان‬
‫الدولة كما ترسمه القوانين النافذة فيها ‪.‬‬
‫اوالً‪ -‬تحديد النظام العام‪:‬‬
‫إن النظام العام كما رأينا مدلول متطور ومتغير‪ ،‬غير محدد مسبقا ً من طرف‬
‫المشرع‪ ،‬لذلك فإن تحديده هو أمر ضروري لكونه معيار يستند إليه القضاء للحكم بصحة أو‬
‫عدم صحة تصرفات اإلدارة‪.‬‬
‫من أجل ذلك فقد إستقر الفقه التقليدي على أن النظام العام يتضمن عناصر األمن‬
‫‪280‬الصحة العامة‪،‬‬
‫العام‪ ،‬إال أن هذا المدلول قد إمتد وتوسع إلى مجاالت أخرى لذلك( )‪،‬‬
‫السكينة العامة يتطلب األمر دراسة العناصر التقليدية والحديثة للنظام العام‪.‬‬
‫‪ -1‬العناصر التقليدية للنظام العام‪:‬‬
‫تتمثل العناصر المكونة للنظام العام كهدف ألعمال الضبط اإلداري في‪ :‬األمن العام‪،‬‬
‫الصحة العامة‪ ،‬السكينة العامة‪.‬‬
‫أ‪ -‬األمن العام‪:‬‬
‫ويقصد به حماية الجماعة من الحوادث والمخاطر التي تهدد األشخاص أو األموال ‪،‬‬
‫سواء كانت الحوادث والمخاطر من فعل اإلنسان‪ ،‬أو كانت كوارث طبيعية‪ ،‬كما هو كل ما‬
‫يطمئن اإلنسان على نفسه أو ماله من خطر اإلعتداءات التي تقع‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مصادر المخاطر واإلعتداءات التي تهدد األمن العام والسالمة‬
‫العامة‪ ،‬قد تكون مثل المظاهرات والتجمعات واإلضطرابات أو الحوادث التي تقع بفعل‬

‫نقال عن‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز عبد ‪9‬المنعم خليفة‪ ،‬أسالالباب قبول دعوى ‪7‬إلغاء القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سالالابق‪2 ،‬ص‪35‬‬
‫ً‬
‫)‬ ‫(‬

‫‪،‬ص‪37‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬إل‪ ،5‬ص‪.12‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪0‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫اإلنسان‪ ،‬وقد تكون مصادرها طبيعية كالزالزل والفيضانات والحرائق‪ ،‬كما قد تكون مصادر‬
‫األخطار األشياء واآلالت الخطيرة مثل السيارات واألسلحة‪...‬‬
‫وعليه فعلى هيئات الضبط اإلداري القيام بعدة إلتزامات منها‪ :‬تنظيم إالجتماعات‬
‫العامة والمظاهرات‪ ،‬وتدابير منع وقوع الجرائم‪ ،‬والقيام بإجراءات تنظيم المرور‪ ،‬وهدم‬
‫المنازل والبنايات اآليلة للسقوط‪ ،‬وتنظيم األماكن العامة‪ ،‬وإجراءات الدفن والمقابر‪ ،...‬لذلك‬
‫سنتعرض إلى بعض هذه اإللتزامات‪.‬‬
‫‪ .1‬تنظيم اإلجتماعات والمظاهرات وذلك لحماية األمن واالستقرار‪ ،‬فهي تملك التدخل‬
‫للمحافظة على النظام العام بحل اإلجتماع‪ ،‬أو منع المظاهرات في الشوارع‪ ،‬والطرق‬
‫المعدل والمتمم المتعلق باإلجتماعات العمومية‪.‬‬
‫‪ .2‬فيما يخص الكوارث الطبيعية كالحرائق والفيضانات والزالزل‪ ،...‬فعلى هيئات‬
‫الضبط اإلداري القيام بكافة اإلجراءات للحفاظ على أمن األشخاص‪ ،‬وتستخدم في‬
‫ذلك كل اإلمكانيات واألساليب التقنية المتوفرة لديها لحماية المواطنين ‪.‬‬
‫‪ .3‬القيام بالتدابير واإلجراءات الضرورية لتنظيم المرور‪ ،‬كالقيام بإجراءات لتحديد‬
‫السرعة أوتنظيم الوقوف بالسيارات والعربات في أماكن معينة‪ ،‬أو فرض قيود على‬
‫سيارات النقل‪ ،‬وكذلك مثل إنشاء مراكز ولجان للوقاية وأمن الطرقات ‪ ،‬وكلها تدابير‬
‫تهدف إلى الحفاظ على األرواا وصيانة النظام والتفتيش التقني للسيارات العام‪.‬‬
‫‪ .4‬القيام بتدابير الوقاية بهدم المنازل والبنايات اآليلة للسقوط‪ ،‬حيث يخول القانون لهيئات‬
‫الضبط اإلداري القيام بكافة اإلجراءات للحد من األخطار التي تهدد أمن األشخاص‬
‫خاصة‪ ،‬باإلضافة فيما يخص األماكن اآليلة للسقوط وترميمها‪ ،‬وهدمها ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصحة العامة‪:‬‬
‫يقصد بها حماية المواطنين من األخطار التي تهدد صحتهم من األوبئة واألخطار‬
‫الناجمة عن عدم الصحة‪ ،‬من مظاهر حماية الصحة‪ :‬القيود الخاصة بالنظافة وإجراءات‬
‫الوقاية من األمراض المعدية واألوبئة‪ ،‬وحفح مياه الشرب‪ ،‬وجمع األوساخ والفضالت‪،‬‬
‫واإلجراءات الوقائية المتخذة في الرقابة على المحالت‪ ،‬أو المذابح‪ ،‬والمخابز والمقاهي‪...‬‬
‫‪ -3‬السكينة العامة‪:‬‬
‫يقصد بها منع مظاهر اإلزعاج والمضايقات التي تتجاوز المضايقات العادية للحياة‬
‫في المجتمع‪ ،‬ومكبرات الصوت ودق األجراش‪ ،‬ويدخل في ذلك محاربة الضوضاء من‬
‫الباعة‪ ،‬وضجيج المصانع واألعراش الذي يهدد السكينة‪ ،‬فتتخذ هيئات الضبط اإلداري‬
‫إجراءات وتدابير لمنع اإلزعاج العام ‪ ،‬سواء كان صادرا ً عن أفراد أو عن مدسسات‪ ،‬وقد‬
‫أجاز مجلس الدولة الفرنسي لإلدارة تنظيم أجراش الكنائس‪ .‬كما جاء في حكم له صادر في‬
‫‪ 7‬يونيه ‪ 1970‬بأنه‪" :‬ال يمس بمبدأ حرية التجارة والصناعة عند قيام رئيس البلدية بمنع‬
‫مرقص بسبب إخالله براحة الجيران ‪ ،‬في حالة ما إذا كان هذا المنع ال يشكل عائقا أمام‬
‫حرية استعمال المرقص كمدرسة للرقص( )‪281.‬كذلك صدر حكم للمحكمة اإلدارية (لمنبليه)‬
‫في قضية تسمى (أرتلون) بتاريخ ‪ ، 1980/4/11‬حيث جاء فيه‪" :‬بأن سلطات الضبط‬
‫اإلداري التي يستمدها رئيس البلدية بناءا على المادة (‪ )2/131‬من قانون البلديات لضمان‬
‫حماية الراحة العمومية‪ ،‬يمكن إستعمالها ال في مواجهة المدسسات المفتوحة للجمهور‪ ،‬بل‬
‫أيضا لمواجهة المدسسات المسمـاة بـ (النوادي الخاصة) التي حدد دخولها بأصناف معينة‬
‫من الناش كما سارت المحكمة اإلدارية العليا في مصر في جلسة ‪ 1960/4/26‬في نفس‬
‫االتجاه وذلك بتأييدها قرار منع تشغيل المطاحن ليال‪ ،‬وذلك نظرا ً لإلزعاج الذي تحدثه‬
‫للسكان‪.‬‬
‫‪ -2‬العناصر الحديثة للنظام العام‪:‬‬
‫لقد كان النظام العام قديما ً يعرف بالنظر إلى غايته في المحافظة على األمن العام‪،‬‬
‫والصحة العامة‪ ،‬والسكينة العامة أي النظام العام المادي‪ ،‬إال انه بعد تطور دور الدولة وإتساع‬
‫نشاطها‪ ،‬ساير النظام العام هذا التوسع‪ ،‬وذلك بإمتداد فكرته إلى النظام العام الخلقي‪،‬‬
‫والمحافظة على الرونق‪ ،‬وكذلك النظام العام اإلقتصادي‪.‬‬
‫أ‪ -‬النظام العام الخلقي‪:‬‬
‫كان النظام العام التقليدي مرتكز على النظام العام المادي‪ ،‬أي أن هيئات الضبطاإلداري ال‬
‫تحميه إذا كان يفتقر لمدلوالته الثالث‪ ،‬نتيجة لذلك فال يوجد نظام عام معنوي وهذا ما يقودنا إلى القول‬
‫بأن هناك إختالف بين الفقهاء الفرنسيين حول النظام العام الخلقي‪ ،‬رغم أنهم متفقون على عناصر‬
‫النظام العام المادي‪ ،‬وسبب اإلختالف يعود إلى نص المادة (‪ )97‬من قانون ‪ 05‬أبريل ‪ ،1884‬التي ال‬
‫تدخل اآلداب العامة في عناصر النظام العام‪.‬‬
‫غير أن القضاء الفرنسي إعترف لهيئات الضبط اإلداري بالتدخل في حالة وجود‬
‫تهديد لآلداب العامة‪ ،‬حيث اعترف بصحة قرار ضبطي يحرم على النساء إرتداء زي‬
‫الرجال‪ ،‬وكذلك بشرعية قرار ضبطي يحظر عرض مباريات المالكمة بسبب العنف الذي‬
‫تتسم به ومساسها باألخالق‪ ،‬وأيضا ً حكم بمنع عرض المطبوعات المخلة باآلداب ( ما‬
‫يالحح على قضاء مجلس الدولة‪ ،‬أنه كان يرفض تدخل هيئات الضبط اإلداري لحماية اآلداب‬
‫العامة‪ ،‬إال إذا كان هناك إخالل بالنظام العام المادي‪ ،‬أي ارتباط حماية اآلداب بحماية‬
‫العناصر المادية‪ ،‬ثم تطور هذا القضاء نحو اإلجازة لإلدارة التدخل لحماية النظام العام ‪،‬‬
‫الذي تتلخص وقائعه بعيدا ً عن العناصر المادية‪ ،‬وكان ذلك في حكمه الشهير (‬
‫في‪" :‬أن رئيس بلدية (نيس) بالجنوب الفرنسي أصدر قرارا ً إداريا ً بوليسيا ً‪،‬‬
‫()‪282‬‬
‫‪(Lutetia‬‬
‫يقضي بمنع عرض ثالثة أفالم حصلت على ترخيص قانوني من طرف الوزير المختص‬
‫بعد موافقة لجنة الرقابة على األفالم السينمائية المنظمة بموجب قانون ‪ ،1945‬واألفالم التي‬
‫منع عرضها رئيس بلدية نيس هي فيلم "النار في الجسد" ( ‪)Feu dans la peau‬‬
‫و"القمح في الحشائش"‬

‫‪2‬‬
‫جع سابق‪ ،‬إل‪ ،5‬ص‪.27‬‬
‫‪8‬‬
‫النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬مر‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى‪ 2‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1478‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫(‪ )Le blé en herbe‬و"قبل الطوفان"‪ ،‬وكان رئيس البلدية في قراره بمنع عرض‬
‫هذه األفالم واقعا ً تحت تأثير قوى الضغط االجتماعي في المدينة‪ ،‬المتكونة في هذه القضية‬
‫أساسا من جمعية المعلمين وأولياء التالميذ الذين هددوا بالقيام بمظاهرات في المدينة لمنع‬
‫عرض هذه األفالم التي تهدد تربية وأخالق وآداب التالميذ الصغار في رأيهم‪ ،‬ولما رفعت‬
‫شركة األفالم دعوى أمام مجلس الدولة الفرنسي مطالبة بإلغاء القرار الذي أصدره رئيس‬
‫بلدية نيس‪ ،‬والمطالبة بالتعويض عن األضرار والخسائر المترتبة عن عدم عرض هذه‬
‫األفالم‪ ،‬وبعد التحقيق والمداوالت‪ ،‬أصدر مجلس الدولة حكما ً برفض إلغاء قرار رئيس بلدية‬
‫نيس ألنه من سلطاته الضبطية والبوليسية أن يتعرض للمحافظة على اآلداب العامة واألخالق‬
‫العامة‪ ،‬إذا كانت أعمال اإلخالل باآلداب واألخالق العامة تهدد النظام العام وتعرضه للخطر‪.‬‬
‫وبعد حكم (‪ )Lutetia‬صدرت العديد من األحكام التي تقرر لهيئات الضبط التدخل‬
‫لحماية النظام العام الخلقي‪.‬‬
‫ب‪ -‬النظام العام اإلقتصادي‪:‬‬
‫نتيجة للتطورات اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬تزايد تدخل الدولة في كل المجاالت‬
‫ونظمت كثيرا ً من العالقات اإلقتصادية لتحقيق النظام العام اإلقتصادي‪.‬‬
‫ويثور التسا ل هنا حول إمكانية تحقيق هيئات الضبط اإلداري للنظام العام‬
‫االقتصادي؟ إن النظام العام االقتصادي معناه تنظيم النشاطات اإلقتصادية من أجل خلق‬
‫وإحترام النظام العام اإلقتصادي‪.‬‬
‫فهو عبارة عن تدخل الدولة في أوجه نشاط األفراد لتحقيقه‪ ،‬غير أن تقييد حرية‬
‫التجارة والصناعة موكوله للمشرع‪ ،‬وال يجوز لهيئات الضبط اإلداري تقييدها إال ألهداف‬
‫متعلقة بالنظام العام بمفهومه التقليدي ‪.‬‬
‫إال أن هناك من الفقهاء من يذهب إلى اإلعتراف بتدخل هيئات الضبط اإلداري لتقييد‬
‫النشاطات اإلقتصادية‪ ،‬حتى في حالة عدم النص عليه من المشرع‪ ،‬وبالتالي فإن فكرة النظام‬
‫العام اتسعت لتشمل النظام العام اإلقتصادي الذي يهدف إلى إشباع حاجات ضرورية وملحة‪.‬‬
‫بناءا ً على ذلك فإن تدخل هيئات الضبط اإلداري لتقييد النشاطات اإلقتصادية ليس‬
‫بشكل مطلق‪ ،‬وإنما لتحقيق بعض المصالح اإلقتصادية التي تهم النظام العام كإجراءات‬
‫التموين‪ ،‬وتوفير المواد الغذائية‪...‬‬
‫لذلك فإن فكرة النظام العام تتسع‪ ،‬ولكن بحدود معينة مرتبطة بالعناصر التقليدية‬
‫للنظام العام‪ ،‬وإذا خرجت هيئات الضبط اإلداري عن هذه الحدود تتعرض لرقابة القضاء‪،‬‬
‫وتكون أعمالها عرضه لإللغاء‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬رقابة القضاء على التزام هيئات الضبط اإلداري بتحقيق النظام العام‬
‫إن النظام العام امتد إلى عدة مجاالت خاصة‪ ،‬يفرض عليها القانون تنظيما ً معينا ً‪،‬‬
‫فهو بذلك يتجه إلى ضبط نشاط األشخاص‪ ،‬األمر الذي يضفي على فكرة النظام العام صفتها‬
‫اآلمرة‪ ،‬وإذا حدث نزاع فإن القاضي يواجه بقاعدة من القواعد وما عليه إال تطبيقها على‬
‫المنازعة‪ ،‬فيراقب مدى إستهداف تدابير الضبط اإلداري للنظام العام‪ ،‬فإذا إستهدفت غرضا ً‬
‫غير الغرض المنصوص عليه في القانون‪ ،‬كان العيب الذي يصيب أعمالها بعدم المشروعية‬
‫‪ ،‬وهذا ما عبر عنه مجلس الدولة الفرنسي في عدة مواقف هو عيب اإلنحراف في استعمال‬
‫السلطة‪.‬‬
‫ولما كان النظام العام يعبر عن روا النظام القانوني للمجتمع‪ ،‬فهذا ال يعني أنه فكرة‬
‫قانونية جامدة‪ ،‬وإنما هي فكرة متطورة يمكن أن ال تكون نتاج نصوص قانونية‪ ،‬وبذلك فإنه‬
‫يترك المجال للقضاء لفرض الرقابة ويستطيع المشرع أن يحدد مضمونه مسبقا ً على مدى‬
‫إلتزام هيئات الضبط اإلداري بتحقيقه‪.‬‬
‫ترتيبا ً على ذلك فللقاضي اإلداري دور في رقابة هيئات الضبط اإلداري‪ ،‬لكونه لديه‬
‫اإلدراك للضمير الموجود في القانون المطبق في بلده‪ ،‬وروحه المتمثلة في النظام العام‪.‬‬
‫وهكذا فالنظام العام فكرة يحسها القاضي بشعوره‪ ،‬وذلك حينما تطرا عليه النزاعات‬
‫ويكون مضمونه غير محدد من طرف المشرع‪ ،‬فعليه أن يستلهمه من النزاع المطروا عليه‪،‬‬
‫وهو بذلك ال يضع قاعدة عامة يقيد بها نفسه في المستقبل‪ ،‬وإنما يحسم النزاع الذي أمامه‬
‫ويفصل فيه وفقا إلحساسه به‪.‬‬
‫وبناءا ً على ذلك فالقاضي اإلداري بحكم الرقابة التي يسلطها على التدبير الضبطي‬
‫يبحث في مشروعيته ويتساءل‪ :‬هل اإلجراء الضبطي أتخذ فعال لحماية النظام العام أم كان‬
‫النظام ال يقتضيه؟‬
‫فالقاضي يتحسس ويتصور مضمونا ً ثم ينسبه إلى عبارة "النظام العام"‪.‬‬
‫وهذا هو جوهر مهمة القاضي اإلداري‪ ،‬فإذا وجد التدبير الضبطي متوافقا ً مع النظام‬
‫العام حكم بمشروعيته‪ ،‬وفي حالة العكس يقضي بإلغائه‪ ،‬ويعتبر قضائه هذا هو الجواب عن‬
‫التسا ل الذي طرا ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫الرقابة القضائية على تقيد هيئات الضبط اإلداري بالحريات العامة‬
‫عرف الفقيه (ريفيروا) الحريات العامة بأنها‪" :‬هي كفاءات التقدير الذاتي بواسطتها‬
‫يختار الفرد بنفسه تصرفه في مختلف الميادين‪ ،‬فهي كفاءات معترف بها ومنظمة من‬
‫قبل الدولة ومحمية حماية قانونية مدعمة‪.‬‬
‫كما عرفها( ‪ )Jean Morange‬بقوله‪" :‬الحريات العامة تفترض أن تعترف‬
‫الدولة لألفراد بحق ممارسة عدد معين من النشاطات المحددة وذلك في حمى من كل الضغوط‬
‫الخارجية‪ ،‬فهي حريات ألنها تسمح بالتصرف وبالعمل بدون أي ضغط‪ ،‬وهي حريات عامة‬
‫‪ .‬ألن على أجهزة الدولة صاحبة السيادة القانونية مسدولية تحقيق مثل تلك الشروط‪ ،‬ونظرا ً‬
‫العتبارات األصل أن الحريات العامة تجد مكانها وكفالتها في الدستور بطريقة قانونية‬
‫وعملية قد تحول دون توسع النصوص الدستورية في تفاصيل تنظيم الحريات‪ ،‬فقد يعهد‬
‫()‪283‬‬
‫الدستور للقانون بهذه المهمة‬
‫ففي ظل دولة القانون التي يحكمها مبدأ الشرعية‪ ،‬فإن تحديد المشرع للنظام القانوني‬
‫للحريات‪ ،‬يكتسي أهمية بالغة من حيث إحاطته لهذه الحرية بسياج يجب أن تتوقف عنده‬
‫هيئات الضبط اإلداري أثناء ممارستها لصالحياتها في تنظيم الحريات وضبطها‪.‬‬
‫تماشيا ً مع ذلك‪ ،‬فإن النص على الحريات في إطار واضح من القواعد القانونية يلقي‬
‫على عاتق هيئات الضبط اإلداري إلتزاما ً بحمايتها وكفالتها‪ ،‬ألن النظام العام ال يعتبر مشنقة‬
‫لخنق الحريات‪ ،‬لكون هذه األخيرة تمثل قيدا ً على صالحيات الضبط اإلداري‪ ،‬وذلك إذا ما‬
‫حدد القانون سعتها ومعالم حدودها‪.‬‬
‫رغم الواجبات الملقاة على هيئات الضبط اإلداري في اإللتزام بالقواعد القانونية‬
‫المتعلقة بالحريات المحددة عن طريق التشريع‪ ،‬إال أنه يمنح لها جانب من الحرية تحت رقابة‬
‫القضاء‪ ،‬وذلك نظرا للظروف المستعجلة التي تجبر هيئات الضبط اإلداري أحيانا على‬
‫مجانبة النصوص القانونية‪ .‬مهما كان فإن العالقة بين تنظيم المشرع للحريات واختصاصات‬
‫هيئات الضبط اإلداري ليست مضبوطة‪ ،‬وذلك ألن النظام العام فكرة مرنة وغير جامدة‬
‫وكثيرا ما تصطدم اإلدارة بأخطار لم يتنبأ بها المشرع‪ ،‬أو لم يحدد اإلجراءات الكفيلة‬
‫لمواجهتها‪ ،‬فتتدخل وتتخذ اإلجراءات الالزمة للحفاظ على النظام العام‪ ،‬لكونها هي المسدولة‬
‫عن قطع دابر اإلضطرابات وإقامة األمن‪.‬‬
‫هذا ما يقودنا إلى القول بأن إمساك المشرع عن تنظيم الحريات المطلقة ال يددي إلى‬
‫حرمان هيئات الضبط اإلداري من تنظيمها‪ ،‬إال أن فرض النظام وكفالة الحريات ينبغي أن‬
‫يكونا في النطاق الدستوري‪ ،‬فكالهما ال يجب إهماله‪ ،‬إال انه في الواقع أو في ميدان الممارسة‬
‫من الممكن وفقا ً لظروف معينة أن يعيق أحدهما سبيل اآلخر‪ ،‬مما يضطر إلى التضحية‬
‫بأحدهما‪ ،‬ومن هذا المنطلق نشأت فكرة القيد على هيئة الضبط اإلداري وارتباطها بالحريات‪،‬‬
‫ودور القضاء في الفصل في النزاع بتحقيق عملية التوازن بين أعمال الضبط اإلداري‬
‫والحريات‪ ،‬لذلك سنتعرض لعالقة الحريات العامة بأعمال الضبط اإلداري‪ ،‬والحكم في‬
‫النزاع بتحقيق التوازن بين أعمال الضبط اإلداري والحريات وذلك من خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬عالقة الحريات العامة بأعمال الضبط اإلداري‬
‫إن هيئات الضبط اإلداري بما تتمتع به من سلطات وامتيازات للمحافظة على النظام‬
‫العام يمكن لها أن تتدخل لضبط الحريات‪ ،‬إال أن هذه المكنة تختلف في حالة وجود قواعد‬
‫قانونية تنظم الحريات أو عدم وجودها‪ .‬فإذا تم تحديدها من طرف المشرع تقيدت سلطات‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬فال يمكنها وضع قيود أكثر من التي نص عليها القانون‪ ،‬وإال اعتبر ذلك‬
‫تجاوزا ً للسلطة‪ ،‬أما إذا كانت الحريات العامة غير محددة من طرف المشرع‪ ،‬فإن هيئة‬
‫الضبط اإلداري تصبح لها سلطات واسعة في تحديد الحريات‪ ،‬وهذا حسب الظروف المحيطة‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى‪ 3‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1478‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫بممارستها‪ ،‬ولكن حتى ال تطغى قيدت بنطاق الحرية وتحت رقابة القضاء‪ ،‬ليقيس مجال‬
‫()‪284‬‬
‫سلطة الضبط قياسا ً عكسيا ً بخطر الحرية‪ ،‬بحيث ال يجوز دفنها وإنما تنظيم ممارستها‪.‬‬
‫كما ينبغي أن تراعي المراقبة بين أساليب التدخل ونوع الحرية وطبقاتها‪ ،‬فما يصلح‬
‫أسلوب لتقيد حرية ما قد ال يصلح لتنظيم حرية أخرى‪.‬‬
‫بناءا ً على ذلك فإن الضبط اإلداري هو مفهوم ينفعل بمدلول "الحرية" لما بينهما‪،‬‬
‫ولكن للحرية بين الفكرين الديمقراطي واإلشتراكي صالت وارتباطات وثيقة للغاية متغايرة‬
‫الحدود‪ ،‬وبتغاير حدودها يتغير مفهوم الضبط اإلداري كوظيفة من وظائف اإلدارة العامة‪،‬‬
‫فالحرية طبقا للمنهج الديمقراطي تعبر عن حقيقة خاصة هي اإلنكار على السلطة أن تكون‬
‫غاية في حد ذاتها‪ ،‬وإنما هي مجرد وسيلة لتحقيق إزدهار الفرد‪ ،‬وبالتالي فحسب هذه الفلسفة‬
‫فالعالقة بين السلطة والحرية هي عالقة تبعية بالكامل غير مذكورة باتفاق الباحثين‪.‬‬
‫إال أن هناك رأي آخر يرى بأن الضبط اإلداري ضروري لضمان ممارسة الحريات‬
‫في جو من اإلستقرار‪ ،‬لذلك تعمل هيئات الضبط اإلداري على تقييد الحريات بهدف المحافظة‬
‫على النظام العام‪ ،‬ومن ثمة فعالقتها مع الحرية ليست عالقة صراع ولكن عالقة تكامل‬
‫وتوافق بينهما‪ ،‬وهذا ما عبر عنه أحد المفكرين بقوله‪" :‬للمواطن فضيلتان‪ :‬المقاومة‬
‫والخشوع‪ ،‬فالخشوع يضمن النظام‪ ،‬وبالمقاومة يضمن الحرية"‪ ،‬فال يمكن تصور مجتمع‬
‫يقرر الحرية دون النظام وإال عمت الفوضى فيه‪ ،‬أو أن يقرر النظام دون الحرية وإال فعم‬
‫االستبداد فيه‪ ،‬فالبد من تقريرهما‪ ،‬وإجراء التوازن بينهما من أجل التوفيق بين المصالح‪،‬‬
‫وفي حالة وقوع تجاوزات فيتم اللجوء إلى القضاء لضمان ذلك ‪ ،‬فالمصالح المتضاربة في‬
‫المجتمع‪ ،‬التوازن العملي والفعلي‪ ،‬والذي يتحقق أثناء فصل القاضي في النزاع القائم بين‬
‫الحرية وأعمال الضبط اإلداري‪ ،‬فيوازن القاضي بين طرفي النزاع بحكم قضائي ليكون‬
‫بذلك ضابطا ً من ضوابط التوازن‪.‬‬

‫وعليه فعالقة الحرية بأعمال الضبط اإلداري هي عالقة تساند‪ ،‬وتكامل‪،‬‬


‫وتضامن‪،‬وتوازن سواء من الناحية النظرية‪ ،‬أو من الناحية العملية عن طريق سلطة القاضي‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ -‬الفصل في النزاع بتحقيق التوازن بين أعمال الضبط اإلداري والحريات‬

‫إذا كانت بعض الحريات قد نص على حمايتها الدستور‪ ،‬وقامت بتنظيمها بعض‬
‫القوانين‪ ،‬فإن هذه الضمانة ال تمنع هيئات الضبط اإلداري من التعسف بها أثناء تدخلها لتنظيم‬
‫نشاطات األشخاص بهدف الحفاظ على النظام العام‪ ،‬من أجل ذلك كان على كل دولة تكفل‬
‫الحريات أن تضع ضمانات فعلية تصون الحقوق والحريات‪ ،‬وأهم هذه الضمانات ‪ ،‬وذلك‬

‫‪2‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬إل‪ ،5‬ص‪.34‬‬
‫‪8‬‬
‫النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫لما يتمتع به القاضي من ضمير الحرص على صون الحرية‪ ،‬الضمانة القضائية وعلى عدم‬
‫()‪285‬‬
‫تقييدها إال بالقدر الذي يتناسب مع ما تقتضيه الحالة‪.‬‬

‫فإذا كانت سلطة القاضي في تحديد الهدف من تدابير الضبط اإلداري مسلما ً بها‬
‫بالنسبة للحريات المنصوص عليها في القانون‪ ،‬فهي في الحريات الغير المنصوص عليها‬
‫وجوبية أكثر فأكثر‪ ،‬وذلك ألن القاضي هو الذي يقوم وحده بتحديد مضمون الحرية ومدى‬
‫إنعكاسها مع متطلبات الحفاظ على النظام العام‪ ،‬وهو في ذلك يكون منشأ ومبدعا ً للقواعد‪،‬‬
‫نتيجة تصديه في كل نزاع لتحديد المقتضيات التي من أجلها تقيد الحرية ( )‪286.‬لذلك فقد قرر‬
‫مجلس الدولة الفرنسي بأنه‪" :‬لتحديد سلطة الضبط في مالبسة معينة البد من مالحظة أن‬
‫صالحيات هذا الضبط ال تعدو أن تكون قيودا ً على حريات األفراد‪ ،‬وأن نقطة انطالق قانوننا‬
‫العام هو اإليمان بتراث حريات المواطنين‪ ،‬واإلعتقاد بأن إحترام حقوق اإلنسان هو عنوان‬
‫دساتيرنا الجمهورية المتعاقبة‪ ،‬وأن هذا األمر قد إستقر صراحة وضمنا‪ ،‬وكل جدل في نطاق‬
‫قانوننا العام‪ ،‬لكي يقوم على وطيدة ثابتة من المبادئ العامة‪ ،‬البد أن ندمن مقدما بأن الحرية‬
‫هي األصل والقيود الضابطة عليها هي االستثناء"‪.‬‬

‫كما جاء في حكم آخر له صادر بتاريخ ‪ 1958/4/16‬في قضية ( ‪communede‬‬


‫‪ ) roquefort‬الذي قضى فيه "بأن الحظر المطلق للوقوف بالسيارة أو حتى المرور في‬
‫طريق معين يجب أن يراعي حقوق أصحاب منافذ الطرق واحتياجات سيارة اإلسعاف‪"...‬‬

‫وقد عبر الفقيه الفرنسي ( ‪ )Bourjol Maurice‬بقوله‪" :‬إن المفهوم التقليدي‬


‫المتحرر يخضع سلطة الضبط لمبدأ المشروعية‪ ،‬وعلى هذا األساش أقام مجلس الدولة نظرية‬
‫قضائية تقوم على أساش التوازن بين الحرية والسلطة‪ ،‬غير أنه في بعض األحيان ينقلب ذلك‬
‫التوازن‪.‬‬

‫أما القضاء المصري فقد أقرت محكمة القضاء اإلداري بتاريخ ‪ 1951/3/8‬في أحد‬
‫أحكامها بأن‪" :‬الحرية الشخصية هي ملك الحياة اإلنسانية كلها ال تخلقها الشرائع‪ ،‬بل تنظمها‪،‬‬
‫وال توجدها القوانين بل توفق بين شتى مناحيها ومختلف توجهاتها‪ ،‬تحقيقا ً للخير المشترك‬
‫للجماعة‪ ،‬ورعاية للصالح العام‪ ،‬فهي ال تقبل من القيود إال ما كان هادفا ً إلى هذه الغاية ‪.‬‬

‫أما القضاء العماني فقد ساير ما إنتهى إليه كل من القضاء الفرنسي والمصري وذلك‬
‫‪287‬مما تقدم يمكن القول بأنه في حالة عدم نص القانون على سلطات‬ ‫في العديد من األحكام( )‪.‬‬
‫وصالحيات هيئات الضبط اإلداري في تنظيم أو تقييد حرية من الحريات‪ ،‬أو لم يبين التدابير‬
‫أو اإلجراءات أو الوسائل التي تستعملها في تحقيق أهدافها‪ ،‬أو عدم نصه على بعض‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى‪ 5‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1478‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫جع سابق‪ ،‬إل‪ ،5‬ص‪.63‬‬
‫‪8‬‬
‫النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬مر‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى‪ 7‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1478‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الحاالت‪ ،‬فهذا ليس معناه أن سلطات الضبط اإلداري غير مقيدة‪ ،‬وإنما هي محددة بحدود‬
‫وضوابط منها‪:‬‬

‫مبدأ الشرعية‪ ،‬والنظام العام كهدف ألعمال الضبط اإلداري‪ ،‬والحريات العامة‪،‬‬
‫وذلك كله تحت رقابة القضاء الذي يضمن تحقيق التوازن بين أعمال الضبط اإلداري‬
‫والحريات العامة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫تناسب الرقابة القضائية مع‬
‫الظروف المؤثرة في هيئات‬
‫الضبط اإلداري‬
‫المطلب الثالث‬
‫تناسب الرقابة القضائية مع الظروف المؤثرة في هيئات الضبط اإلداري‬
‫إن الحرية من غير الممكن ممارستها في أي دولة بدون قيود وإجراءات تنظمها‪،‬‬
‫وإال تهدم بناء المجتمع وفسدت الحياة اإلجتماعية‪ ،‬فممارسة الشخص لحرياته وحقوقه ينبغي‬
‫أن تتحدد من جهة بإحترام حريات وحقوق اآلخرين‪ ،‬ومن جهة أخرى باإللتزام والخضوع‬
‫لمقتضيات النظام العام‪.‬‬
‫لذلك كانت وال تزال لوظيفة الضبط اإلداري أهمية تمارسها اإلدارة وفقا ً للقانون‪،‬‬
‫باإلضافة إلى مراعاة الحدود الفاصلة بين ما نص عليه المشرع وما هو متروك لهيئات‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬ألن األصل أن حقوق وحريات األفراد ال يختص بتقييدها إال التشريع وفقا‬
‫للنصوص الدستورية‪ ،‬ولكن نظرا لمهام اإلدارة العامة في الحياة اليومية للمجتمع وقربها‬
‫وإحتكاكها الشديد مع واقع هذه الحياة وظروفها المتطورة والمتقلبة‪ ،‬هذا ما جعل من تمكينها‬
‫حق التدخل في نطاق معين ضرورة ال مفر منها‪ ،‬وفي كل األحوال تمارسه تحت رقابة‬
‫سلطة القضاء التي تتسع في الظروف العادية‪ ،‬وتضيق في الظروف اإلستثنائية تبعا لظروف‬
‫الزمان والمكان‪.‬‬
‫لذلك سنتعرض بالدراسة والبحث لجوانب هذا المبحث في الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ -‬مراعاة عامل الزمان والمكان‬
‫الفرع الثاني ‪ -‬اتساع الرقابة القضائية مع تقييد سلطات الضبط اإلداري في الظروف العادية‬
‫الفرع الثالث ‪ -‬تخفيف الرقابة القضائية مع اتساع سلطات الضبط اإلداري في‬
‫الظروف االستثنائية‬

‫الفرع األول‬
‫مراعاة عامل الزمان والمكان‬
‫تطبيقا لقاعدة التناسب‪ ،‬يتعين أن تنصب رقابة القضاء اإلداري في كل حالة مع‬
‫الظروف التي تتدخل هيئات الضبط اإلداري في ظلها‪ ،‬ومن ثم فال يمكن اعتبار تدابير الضبط‬
‫اإلداري مشروعة‪ ،‬إال إذا كانت متوافقة مع الظروف المحيطة بها‪ ،‬بحيث ينبغي أن تتناسب‬
‫الرقابة القضائية مع ظروف ممارسة الحرية‪ ،‬وأن تتغير بتغاير الزمان والمكان‪.‬‬
‫أوالً‪ -‬عامل المكان‬
‫تفرض هيئات الضبط اإلداري تبعا ً لوظيفتها المتمثلة في المحافظة على النظام العام‬
‫قيودا ً على الحريات العامة‪ ،‬يمارش عليها القضاء نوعا من الرقابة بحسب المكان الذي‬
‫تمارش فيه تلك الحريات‪.‬‬
‫لذلك فإرتباط الرقابة القضائية بالنطاق المكاني الذي تمارش فيه الحريات‪ ،‬يجعلها‬
‫متفاوتة حسب اإلقليم ووضعه الخاص‪،‬وما يتعرض له من إضطرابات تهدد النظام العام لهذا‬
‫فقد قرر مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر بتاريخ ‪ 1953/6/19‬في قضية‬
‫(‪ )Houphovet-Boigny‬منع عقد أحد المدتمرات في األراضي األفريقية حيث قرر‪:‬‬
‫"أن سلطة الضبط مع اتساع اإلقليم الذي يجب فيه توفير األمن لم يكن لديها قوات كافية لحفح‬
‫النظام‪ ،‬وانه في تلك األحوال ونظرا ً ألن اإلجتماع المزمع عقده سيتم بالضرورة ولو جزئيا‬
‫على األقل على الطريق العمومي بسبب األحوال التي تم فيها تنظيمه‪ ،‬لذلك يمكن لحاكم‬
‫فولت العليا والمدير وعمدة البلدية في " ‪ "Bobo dioulasso‬أن يمنعوا قانونا ً إجتماع‬
‫المدتمر المذكور سواء على أرض البلدية أم على مجموع أراضي فولت العليا‪ .‬كما تتسع‬
‫سلطات الضبط اإلداري في فرض القيود على الحرية إذا كانت تمارش في الطريق العام‪،‬‬
‫باعتباره الميدان العام الذي يحتاج أكثر من غيره للمحافظة على النظام العام باإلضافة إلى‬
‫ما يترتب عن ذلك من أخطار تتعلق بعرقلة استخدام األموال العامة والخاصة بالجمهور‬
‫وعرقلة حرية التنقل أو المروربالنسبه للمواطنين‪ ،‬لذلك يعتبر الطريق العام مجاال يصلح‬
‫لتنظيمه بواسطة تدابير الضبط اإلداري‪ ،‬وهذا ما أقره مجلس الدولة الفرنسي في العديد من‬
‫أحكامه حول تنظيم البيع على الطرق العمومية‪ ،‬وتنظيم المرور‪ ،‬ووقوف السيارات‪.‬‬
‫إال أن سلطات هيئات الضبط اإلداري يضيق إتساعها إذا كانت الحرية تمارش في‬
‫مكان خاص‪ ،‬ألن ما يحدث فيه ال يدثر في النظام العام‪ ،‬زيادة على تمكين األشخاص فيه من‬
‫ممارسة حقوقهم الشخصية التي يحميها القانون‪ ،‬لذلك يشترط لتدخل اإلدارة في المكان‬
‫الخاص أن يكون له إتصال بالخارج كإثارة الضجيج‪ ،‬والصخب بواسطة مكبرات الصوت‬
‫أو الراديو‪.‬‬
‫وعليه فرقابة القضاء على أعمال الضبط اإلداري يجب أن يراعى فيها عامل المكان‬
‫الذي تمارش فيه الحرية‪ ،‬وخطرها على النظام العام‪ ،‬حيث تنكمش سلطات الضبط اإلداري‬
‫إذا كان ممارسة الحرية في األماكن الخاصة‪ ،‬وتتسع إذا كان ممارستها في األماكن‬
‫()‪288‬‬
‫العامة‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬عامل الزمان‬
‫يأخذ القاضي اإلداري أثناء مراقبته ألعمال الضبط اإلداري بعين االعتبار عامل‬
‫الزمان في تدخل هيئات الضبط اإلداري لتقييد الحريات‪ ،‬حيث يتفاوت تدخلها من ساعة إلى‬
‫ساعة أخرى ومن يوم إلى يوم آخر‪.‬‬

‫اإللغاء‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإل‪8‬س ال الالكندرية‪ ،1989 ،‬ص‪ ،375‬مش ال ال‪2‬الار إليه‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬محس ال الالن خليل‪ ،‬قض ال الالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫لدى‪ :‬عبد هللا محمد عبد الرحيم سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.233‬‬
‫كما يجب التفرقة بين ما إذا كان اإلجراء الضبطي يطبق ليالً أو نهارا ً‪ ،‬فبعض‬
‫القرارات أو التدابير تكون أشد في الليل أكثر منها في النهار‪ ،‬وقد تعتبر مشروعة إذا طبقت‬
‫في الليل وغير مشروعة إذا طبقت في النهار‪ .‬وينبغي كذلك مراعاة المدى الزمني للتدبير‬
‫الضبطي‪ ،‬فهناك فرق بين قرارات الضبط اإلداري التي تضع تنظيما ً مدقتا‪ ،‬والتي تضع‬
‫تنظيما ً دائما ً‪ ،‬فالتنظيم الضبطي المدقت ممكن أن يكون متشددا ً ألنه مفروض بواسطة‬
‫ظروف خاصة قد تزول بعد فترة قصيرة‪ ،‬أما التنظيم الضبطي الدائم فينبغي أن يكون أقل‬
‫شدة ألنه يهدد الحريات بصفة مستمرة‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن القضاء يراعي إعتبارات الزمان التي تدثر على هيئة الضبط‬
‫من ناحيتين‪ :‬األول تقدير مدى خطورة الظروف الزمنية وما يحدث بسببها من أخطار على‬
‫األمن والنظام‪ ،‬والثانية تقدير المدى الزمني المناسب إلجراء الضبط اإلداري لذلك فسلطات‬
‫الضبط اإلداري تتسع وتتشدد في الظروف الغير العادية‪ ،‬ألن مطالب السلطة تكون أكثر من‬
‫مطالب الحرية‪ ،‬وتوصف بالشرعية كثير من قرارات الضبط اإلداري التي كانت غير‬
‫شرعية في الظروف العادية‪.‬‬
‫ومع اتساع سلطات هيئات الضبط اإلداري في الظروف الغير عادية تخفف رقابة‬
‫القضاء على أعمالها‪ ،‬كما تقيد سلطات الضبط اإلداري مع اتساع رقابة القضاء عليها في‬
‫()‪289‬‬
‫الظروف العادية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫اتساع الرقابة القضائية مع تقييد سلطات‬
‫الضبط اإلداري في الظروف العادية‬
‫إن الظروف العادية تفرض على هيئات الضبط اإلداري العديد من القيود والضوابط‬
‫القانونية أثناء ممارستها لسلطاتها في المحافظة على النظام العام‪ ،‬وذلك بشكل مستمر ودائم‬
‫ومتجدد ومتطور وتستخدم في سبيل تحقيق ذلك مجموعة من التدابير التي تحد بها من‬
‫ممارسة األشخاص لحقوقهم وحرياتهم‪ ،‬وهي مقيدة بقواعد المشرعية‪ ،‬وتلتزم بنطاقها‬
‫وحدودها‪ ،‬فإذا خرجت عن تلك الحدود التي وضعها المشرع فإن أعمالها تعتبر غير‬
‫مشروعه وتخضع إلى رقابة قضائية واسعة تنتهي بحكم بإلغاء قرارات الضبط اإلداري‬
‫الغير شرعية لتجاوزها للسلطة‪.‬‬
‫لذا سنتطرق في هذا المطلب إلى أثر الحالة العادية في تقييد سلطات الضبط اإلداري‪،‬‬
‫ومدى الرقابة القضائية على سلطات الضبط في الظروف العادية‪.‬‬
‫أوالً‪ -‬أثر الحالة العادية في تقييد سلطات الضبط اإلداري‬
‫تعود أهمية وضرورة أعمال الضبط اإلداري في أنها أولى األمور حيوية في الدولة‪،‬‬
‫ألنها تهدف إلى حماية نظام الدولة وصيانة الحياة اإلجتماعية والسياسية واإلقتصادية فيها‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫‪.672‬‬
‫‪8‬‬
‫عبد الغني بسيوني عبد هللا‪9 ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫)‬ ‫(‬
‫حيث تتولى هيئات الضبط اإلداري مهمة حماية المجتمع ووقايته من األخطار التي تهدده في‬
‫أمنه وسكينته‪ ،‬وذلك عن طريق سلطتها في إصدار قرارات الضبط اإلداري وتنفيذها‪.‬‬
‫من أجل ذلك خضعت سلطات الضبط اإلداري للتحديد والتقييد‪ ،‬وذلك بوضع ضوابط‬
‫التي يجب أن تلتزم بها على األقل في الظروف العادية‪ ،‬وروعي أن يكون تدخل اإلدارة‬
‫بالشكل الذي ال يددي إلى خنقها أو التضحية بها في سبيل الحفاظ على النظام العام‪.‬‬
‫لضمان ذلك أكد القضاء اإلداري على ضرورة وجود حدود وقيود وضوابط على‬
‫ممارسة هيئات الضبط اإلداري لسلطاتها‪ ،‬كما استقر على إخضاعها لرقابة واسعة ألن‬
‫األصل هي الحرية‪ ،‬وتدخل هيئات الضبط اإلداري هو اإلستثناء‪ ،‬وذلك نظرا ً لخطورتها‬
‫وإنعكاسها المباشر على حقوق وحريات األشخاص‪.‬‬
‫كما تضمن الرقابة القضائية إلتزام هيئات الضبط اإلداري بالحدود والضوابط التي‬
‫ينبغي عليها إحترامها والتقيد بها‪ ،‬وتتمثل هذه القيود والتي تم التطرق إليها سابقا في مبدأ‬
‫المشرعية‪ ،‬والنظام العام‪ ،‬والحقوق والحريات العامة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مدى الرقابة القضائية على سلطات الضبط اإلداري في الظروف العادية‬
‫تهدف هيئات الضبط اإلداري في الظروف العادية إلى الحفاظ على النظام العام‪،‬‬
‫وتستعمل في سبيل تحقيق ذلك مجموعة من السلطات التي تقيد بها ممارسة األشخاص‬
‫لحقوقهم وحرياتهم‪ ،‬ويشترط أن تمارش إختصاصاتها في الحدود التي وضعها المشرع‪ ،‬فإذا‬
‫خرجت عن تلك الحدود فإن أعمالها تعتبر غير مشروعة‪ ،‬ويجوز الطعن فيها باإللغاء أمام‬
‫الجهات القضائية المختصة‪.‬‬
‫حيث يقوم القاضي اإلداري بمراقبة التدبير الضبطي من حيث غايته التي يتعين أن‬
‫تكون تفادي تهديد حقيقي للنظام العام‪ ،‬كما ينبغي أن يكون اإلجراء المتخذ متوافق مع‬
‫الظروف العادية المحيطة به‪.‬‬
‫كما يمارش القاضي رقابة موسعة على سلطات اإلدارة‪ ،‬فال يتحقق فقط عما إذا كان‬
‫يوجد في ظروف الدعوى تهديدا باإلخالل بالنظام العام يمكن أن يبرر التدخل بإجراء الضبط‪،‬‬
‫بل أيضا يبحث إذا كان التدبير متناسبا في طبيعته وخطورته مع أهمية التهديد‪ ،‬فهو بذلك‬
‫()‪290‬‬
‫يراقب مالئمة اإلجراء مع الوقائع التي كانت سببا في اتخاذه ‪.‬‬
‫وهكذا تكون للظروف العادية تأثير في اتساع الرقابة القضائية مع تقييد سلطات‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬وهذا عكس الحالة اإلستثنائية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‬
‫تخفيف الرقابة القضائية مع اتساع‬
‫سلطات الضبط اإلداري في الظروف اإلستثنائية‬

‫‪2‬‬
‫خالد سيد حماد‪ ،‬حدود الرقابة‪ 0‬القضائية على سلطة اإلدارة التقدي ‪9‬رية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.577‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫إن هيئات الضبط اإلداري مقيدة بتطبيق القانون‪ ،‬غير أن هذا النظام القانوني قد‬
‫يعجز أو ال يكفي أحيانا ً لمواجهة الظروف اإلستثنائية التي قد تتعرض لها الدولة كحالة‬
‫الحرب أواالضطرابات أو الكوارث‪...‬‬
‫لذلك تظهر فكرة أساسها أن سالمة الشعب هي القانون األعلى الذي يسمو حتى على‬
‫الدستور‪ ،‬وهذا معناه إجازة كافة األعمال التي تقوم بها اإلدارة حتى إذا إستدعى‬
‫()‪291‬‬
‫الخروج عن القانون‪ ،‬وذلك من أجل الحفاظ على كيان الدولة وسالمتها‪ ،‬ألن بقاء‬ ‫األمر‬
‫الدولة معناه بقاء القانون‪ ،‬وبالتالي ال يمكن التضحية بالكل من أجل الجزء ‪.‬‬
‫إال أن مبدأ الشرعية قد يكون مفهوما ً صالحا ً لكل األوقات وفي شتى الظروف‪ ،‬وذلك‬
‫بتوسيعه ليشمل هذا النطاق اإلستثنائي‪ ،‬حيث يتيح لالدارة الحرية في بعض السلطات للتعامل‬
‫مع هذه الظروف حتى ولو كان ذلك يتعارض مع قواعد الشرعية العادية‪ ،‬غير أن تصرفها‬
‫يبقى قانوني وشرعي‪ ،‬ألنه يدخل في مجال (الشرعية االستثنائية) التي تجد أساسها في نظرية‬
‫الضرورة ‪.‬‬
‫لقد عرف ( ‪ )J. Rivero‬الظروف االستثنائية بأنها‪" :‬األوضاع الفعلية التي تددي‬
‫إلى نتيجتين‪ :‬وقف العمل بالقواعد العادية إتجاه اإلدارة‪ ،‬وذلك لتطبيق إتجاه هذه القواعد‬
‫مشروعية خاصة يقوم القاضي بتحديد مقتضيات هذه المشروعية الخاصة"‪.‬‬
‫كما عرفها األستاذ ( ‪ )A. Delaubadère‬أن‪" :‬هناك بعض القرارات اإلدارية‬
‫التي تعتبر في الظروف العادية قرارات غير مشروعة‪ ،‬قد تصبح قرارات مشروعة في‬
‫بعض الظروف ألنها تصبح ضرورية لتأمين النظام العمومي وسير المرافق العمومية‪ ،‬فيحل‬
‫محل المشروعية العادية (‪ )la légalité normale‬مشروعية الحالة اإلستثنائية (‬
‫‪ )lalégalité d'exception‬في هذه الظروف غير العادية‪ ،‬والتي تستفيد خاللها السلطة‬
‫اإلدارية‪ ،‬من إتساع في الصالحيات لم ينص عليها القانون ‪.‬‬
‫أما د‪ /‬سعاد الشرقاوي فجعلت األسلوب األمثل في تعريف الظروف اإلستثنائية‬
‫بتعداد الشروط التي ينبغي توافرها حتى يمكن أن يقال أننا أمام ظرف إستثنائي‪:‬‬
‫‪ -1‬يجب أن يكون هناك وضع غير عادي‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن يترتب على هذا الوضع غير العادي أن يستحيل على اإلدارة مواجهته‬
‫بإتباع قواعد المشروعية الموضوعية للظروف العادية‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن تنحصر الضرورة وتقدر بقدرها‪ ،‬فال تمارش اإلدارة السلطات‬
‫اإلستثنائية إال بالقدر وفي الحدود التي تتطلبها المصلحة العامة‪.‬‬

‫اونة‪ ،‬القرائن القضالالائية إلثبات عدم مشال‪9‬الرونية القرار المطعون به‪ ،‬د ارسالالة ‪2‬مقارنة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫مصالالطفى عبد العزيز الطر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.78‬‬


‫‪ -4‬كما يشترط كذلك إنتهاء الحالة اإلستثنائية بمجرد انتهاء‪ ،‬أو زوال الظروف‬
‫اإلستثنائية حيث يشترط إقتصار إستخدام اإلدارة للسلطات اإلضافية خالل الفترة‬
‫الزمنية التي تظل الظروف االستثنائية قائمة خاللها‪.‬‬
‫كما ال يشترط أن يكون الظرف اإلستثنائي شامال لكل إقليم الدولة‪ ،‬وإنما يكفي أن‬
‫يكون تطبيق قواعد المشروعية العادية من شأنه تهديد النظام العام بخطر جسيم في أحد‬
‫أجزاء اإلقليم‪ ،‬أو إحدى الواليات‪.‬‬
‫والتسا ل الذي يطرا هنا هو ما أثر الحالة االستثنائية على سلطات الضبط اإلداري؟‬
‫وما مدى إمكانية رقابة القضاء على تلك السلطات في الظروف اإلستثنائية؟ هذا ما سنحاول‬
‫اإلجابة عليه في الفرعين التاليين‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬مدى الرقابة القضائية على سلطات الضبط اإلداري أثناء الظروف االستثنائية‬
‫تتمتع هيئات الضبط اإلداري أثناء الظروف اإلستثنائية بسلطات واسعة قد ال تجيزها‬
‫القوانين العادية‪ ،‬إال أنها تظل في كل الحاالت خاضعة لرقابة القضاء مثلها مثل كافة أعمال‬
‫اإلدارة األخرى‪ ،‬فال تحجب من رقابته بمجرد وجود عنصر اإلستثنائية‪ ،‬وال تتحرر من‬
‫القيود‪ ،‬وبالتالي فهي ال تتساوى مع أعمال السيادة التي ال تخضع للرقابة القضائية‪.‬‬
‫إال أن القضاء اإلداري إعتبر قرار إعالن حالة الطوارئ من أعمال السيادة التي‬
‫تنأى عن رقابة القضاء‪ ،‬وذلك ألنه من األعمال التي تقوم بها الحكومة باعتبارها سلطة‬
‫عامة تهدف إلى سالمة كيان الدولة‪ ،‬غير أن اإلجراءات والتدابير التي تصدر تنفيذا ً إلعالن‬
‫حالة الطوارئ تعتبر قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء‪ ،‬وذلك ألنها مقيدة بالدستور‬
‫وبإعالن حالة الطوارئ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار أقرت المحكمة اإلدارية العليا في مصر خضوع نظرية الظروف‬
‫اإلستثنائية وبشكل خاص حالة الطوارئ لرقابة القضاء‪ ،‬حيث جاء في أحد أحكامها" ‪:‬إن‬
‫قضاء هذا المجلس ثبت منذ إنشائه على أن نظام األحكام العرفية في مصر – أي نظام‬
‫الطوارئ‪ -‬وإن كان نظاما إستثنائيا إال أنه ليس بالنظام المطلق‪ ،‬بل هو نظام خاضع للقانون‬
‫أرسى الدستور أساسه وأبان القانون أصوله وأحكامه‪ ،‬ورسم حدوده وضوابطه‪ ،‬فوجب أن‬
‫يكون إجرا ه على مقتضى هذه األصول واألحكام وفي نطاق تلك الحدود والضوابط‪ ،‬وإال‬
‫كان ما يتخذ من التدابير واإلجراءات مجاوزا هذه الحدود أو منحرفا عنها عمالً مخالفا ً‬
‫للقانون تنبسط عليه الرقابة القضائية إلغاءا ً أو تعويضا ً‪.‬‬
‫فكل نظام أرسى الدستور أساسه‪ ،‬ووضع القانون قواعده‪ ،‬هو نظام يخضع بطبيعته‬
‫–‬
‫"مهما يكن نظاما إستثنائيا ‪ -‬لمبدأ سيادة القانون‪ ،‬ومن ثم لرقابة القضاء ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا لم يوجد نظام معين للحالة اإلستثنائية محددا ً إلجراءات‬
‫وتدابير معينة لمواجهتها‪ ،‬أو وجد ولم توضح نصوصه جوانب معينة‪ ،‬األمر الذي قد يددي‬
‫إلى قيام اإلدارة بإتخاذ تدابير لمواجهة تلك الظروف ألنها هي المسدولة عن المحافظة‬
‫على النظام العام‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني أن تصرفاتها تكون طليقة من كل قيد‪ ،‬ألن معيار‬
‫المشروعية لن يكون موضوعه هنا مدى مطابقة تصرفات اإلدارة لنص القانون‪ ،‬وذلك‬
‫لعدم تنظيم الحالة اإلستثنائية‪ ،‬أو أن حالة الضرورة تجاوزت تلك القوانين‪ ،‬وإنما على‬
‫ضوء ضوابط معينة تتماشى مع الحالة اإلستثنائية وهو ما دعى القضاء في كل من فرنسا‬
‫ومصر إلى التقرير في العديد من األحكام بوجود قيود وضوابط على سلطات الضبط‬
‫اإلداري أثناء الظروف االستثنائية‪ ،‬حيث جاء في حكم المحكمة اإلدارية العليا في ‪1962‬‬
‫قولها" ‪:‬غير أن سلطة الحكومة في هذا المجال ليست والشك طليقة من كل قيد بل تخضع‬
‫ألصول وضوابط‪ ،‬فيجب أن تقوم حالة واقعية أو قانونية تدعو إلى التدخل‪ ،‬وأن يكون‬
‫تصرف الحكومة الزما لمواجهة هذه الحالة بوصفها الوسيلة الوحيدة لمواجهة الموقف وأن‬
‫يكون رائد الحكومة في هذا التصرف إبتغاء المصلحة العامة‪ ،‬وبذلك تخضع مثل هذه‬
‫التصرفات لرقابة القضاء‪.‬‬
‫غير أن المناط في هذه الحالة ال تقوم على أساش التحقق من مدى مشروعية القرار‬
‫من حيث مطابقته أو عدم مطابقته للقانون‪ ،‬وإنما على أساش توافر الضوابط التي سلف‬
‫ذكرها أو عدم توافرها‪.‬‬
‫لذلك فهيئات الضبط اإلداري في الظروف اإلستثنائية تلتزم ببعض الضوابط أثناء‬
‫إتخاذها لتدابير الضبط اإلداري‪ ،‬وتخضع هذه اإلجراءات لرقابة القضاء‪ ،‬فال يجوز‬
‫تحصينها‪ ،‬ويمكن حصر هذه الضوابط في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون اإلجراء الضابط قد إتخذ خالل الظروف اإلستثنائية‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة اإلجراء اإلستثنائي ولزومه‪.‬‬
‫‪ -3‬مالئمة اإلجراء الضابط للظروف اإلستثنائية‪.‬‬
‫‪ -4‬تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬
‫ترتيبا ً على كل ما تقدم يمكن القول بأنه رغم إتساع سلطات الضبط اإلداري أثناء‬
‫الظروف اإلستثنائية‪ ،‬إال أنها ليست مطلقة‪ ،‬وإنما مقيدة بضوابط يفرض عليها قضاء اإللغاء‬
‫رقابته‪ ،‬إال أن ميزان الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري في الظروف اإلستثنائية‬
‫لن يكون نفسه في الظروف العادية‪ ،‬فمفهوم الشرعية في منظور رقابتها سيتسع في الظروف‬
‫اإلستثنائية بالقدر الذي يستقيم مع طبيعة وأهمية الظرف غير العادي‪.‬‬
‫()‪292‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬إشكالية خلو التشريع من معالجة الحالة الطارئة‬
‫لعذر مواجهة هذه الحالة بالوسحححححححائل اإلعتيادية التي يمكن االسححححححتعانة بها في ظل‬
‫الظروف االعتيادية‪ ،‬وذلك بسححححححبب التهديد الخطير الذي تشححححححكله هذه الظروف مما يتطلب‬
‫اتخاذ إجراء اسحححتثنائي مالئم لمواجهة الحالة بوصحححفها الوسحححيلة الوحيدة لذلك‪ ،‬واالضحححطرار‬
‫هنا ال يستوجب قيام حالة االستحالة المطلقة بل يكفي وجود صعوبة شديدة للقيام بالتصرف‬
‫طبقا ً لقواعد المشروعية العادية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ،1971‬ص‪ 17‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫انظر‪ :‬قرار الديوان في مجلة ‪2‬التدوين القانوني‪ ،‬العدد األول‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫فعدم إمكانية التصحححححرف يندرج بين حدين‪ :‬األدنى وهو ما أخذ به القضحححححاء اإلداري‬
‫يتمثل بالصححححعوبة البالغة في التصححححرف وفقا ً لقواعد المشححححروعية العادية‪ ،‬واألعلى‪ ،‬وهو ما‬
‫أخذ به بعض الفقه فيمكن في اسحححتحالة التصحححرف وفقا ً لهذه القواعد‪ ،‬أما إذا أمكن اإلدارة أن‬
‫تواجه الظروف ببعض الوسائل القانونية المتاحة‪ ،‬انتفى بذلك شرط االضطرار‪.‬‬
‫والقاعدة العامة في هذا الشحححأن أن على اإلدارة مواجهة الخطر الجسحححيم طبقا ً لقواعد‬
‫وأسحححححاليب القانون العادي‪ ،‬فإن تعذر درء هذا الخطر بواسحححححطة هذه القواعد يكون لها اتخاذ‬
‫اإلجراءات الضحححححرورية لمواجهته خروجا ً على قواعد القانون العادي‪ ،‬وهذه مسحححححألة وقائع‬
‫فهي تخضع أيضا ً لرقابة القضاء استنادا ً على مبدأ التناسب‪.‬‬
‫اسححححححتلزم الفقه أن توجد مصححححححلحة جديدة تبرر اتخاذ اإلجراءات االسححححححتثنائية وهذه‬
‫المصححلحة تكون محققة‪ ،‬وهذا الشححرط يعني بأنه إذا ما حدث ظرف اسححتثنائي‪ ،‬وكانت هناك‬
‫قواعد قانونية أو دسححححححتورية قادرة على مواجهة هذا الظرف يجب اللجوء إلى نظام قانوني‬
‫اسححححتثنائي لتفادي هذا الظرف على أن يتم ذلك تحت رقابة القضححححاء اإلداري‪ ،‬وهو ما ذهب‬
‫إليه مجلس الدولة الفرن سي في عام ‪ 1958‬حين أكد على أنه إذا كان الموقف االجتماعي أو‬
‫اإلقتصحححادي الناتج عن الحرب التي كانت دائرة في الهند الصحححينية بأن السحححلطات والوسحححائل‬
‫التي يملكهححا الحححاكم بموجححب القوانين القححائمححة تكفي لمواجهححة متطلبححات هححذا الموقف دون‬
‫الحاجة إلى أن يتجاوز نطاق اختصاصاته المقررة في هذه القوانين ‪.‬‬
‫()‪293‬‬

‫وعلى هذا األسحححححححاش فإن التصححححححرف أو اإلجراء الصحححححححادر لمواجهة هذا الظرف‬
‫االسحتثنائي يجب أن يكون مما تقتضحيه الضحرورة القصحوى في حدودها()‪294،‬أي أن الضحرورة‬
‫تقدر بقدرها فإذا ما تجاوزت اإلدارة لهذا القدر فإنها تعرض نفسها للمسائلة وتكون قراراتها‬
‫عرضة للطعن أمام القضاء باإللغاء أو التعويض‪.‬‬
‫وأكدت المحكمة اإلدارية العليا المصححححححرية ذلك حيث قررت أنه ال يكفي أن تثبت‬
‫اإلدارة أو القاضي اإلداري أن هناك مصلحة جدية ومحققة لتبرير استخدامها للوسائل غير‬
‫الشححححححرعية بل البد من أن تقيم الدليل على أن هناك تهديدا ً خطيرا ً لهذه المصححححححلحة‪ ،‬فإذا لم‬
‫ت ستطع تقديم هذا الدليل فإن ت صرفها يكون معيبا ً وغير م شروع وهذا التهديد الخطير يقاش‬
‫باآلثار الخطيرة التي تترتب عليه اإلخالل بالنظام العام وسير المرافق العامة ‪.‬‬
‫()‪295‬‬

‫ومن أحكام مجلس الدولة الفرنسححححححي في هذا الشححححححأن أرسححححححى المجلس معيارا ً تعمل‬
‫بمقتضاه سلطات الدولة‪ ،‬حيث أجاز لها اإللتجاء إلى الوسائل غير العادية أو االستثنائية في‬
‫ظل الظروف االسححتثنائية‪ ،‬مع خضححوعها للقانون وفقا ً لنظرية القرارات االسححتثنائية باعتبار‬

‫‪ .293‬سامى جمال الدين ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬الرقابة على أعمال االدارة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫() د‬
‫هللا‪ ،‬الظروف االس ال الالتثنائية بين النظرية‪ 9‬والتطبيق‪ ،‬بحث منش ال الالور في مجلة‪ 2‬العدالة‬
‫‪4‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬عبد الباقي نعمة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العراقية‪ ،‬العدد ‪ ،2-1‬ص‪ ،1980 ،6‬ص‪.19‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ ،2012‬السنة ‪ ،57‬ص‪.605‬‬
‫‪9‬‬
‫انظر‪ :‬حكم المحكمة اإلدارية ‪5‬العليا الصادر في ‪ 14‬أبريل‬ ‫)‬ ‫(‬
‫البطالن جزا ًء للتصحححححرف غير المشحححححروع‪ ،‬إذا كانت تلك التصحححححرفات تنطوي على انتهاك‬
‫صارخ للحقوق والحريات ‪.‬‬
‫()‪296‬‬

‫(‪296‬‬
‫)‬
‫‪Voir: Stefami (G) Levasseur (G). Boulac (B): procedure penale, dalloz, ed. 1996,‬‬
‫‪p.342.‬‬
‫المبحث الثانى‬
‫الرقابة على الشرعية‬
‫الخارجية والداخلية لقرارات‬
‫الضبط اإلداري‬
‫المبحث الثانى‬
‫الرقابة على الشرعية الخارجية والداخلية لقرارات الضبط اإلداري‬
‫عن مقتضى الرقابة على المشروعية الخارجية هو التحكم في سالمة عنصر‬
‫االختصاص في هذا الشأن" أن المشروعية الخارجية لها أهمية أقل من اإلدارة والشكل‬
‫ويرى األستاذ ‪ Bourjal‬انه تستطيع أن تعيد إصدار العمل المحكوم بعدم شرعيته تحت‬
‫مظهر خارجي مشروع‪".‬‬
‫إذ أن عدم االختصاص يعني أن الشخص الذي أصدر العمل ليس له صالحية‬
‫إتمامه‪ ،‬لكن كان الواجب صدوره عن تخصص آخر‪ ،‬وعيب الشكل له صفة أكثر شكلية‬
‫من عدم االختصاص وبذلك نجد أن عنصري االختصاص والشكل ال يتصالن إال بكيفية‬
‫ممارسة اإلدارة سلطاتها وليس بجوهر هذه السلطات ذاتها‪ ،‬ومن ثم تتمثل فيهما‬
‫()‪297‬‬
‫المشروعية الخارجية ‪.‬‬
‫ودون التقليل من شأن كل فحص يددي إلى تقدير شرعية قرار ضبط إداري من‬
‫خالل عنصر االختصاص أو الشكل فإن المشروعية الخارجية لقرارات الضبط اإلداري‬
‫تخضع بشأنها سائر األعمال اإلدارية األخرى لرقابة الحد األقصى‪ ،‬لكن هذه الرقابة‬
‫تختلف في اختالف الحاالت عادية أو استثنائية وبذلك ستقيم الرقابة على عنصر‬
‫االختصاص والشكل إلى حالتين ‪ :‬الحالة العادية والحالة االستثنائية‪.‬‬

‫أما الرقابة على الشرعية الداخلية أن العادي بتعبير‪ -VEDEL -‬تتحقق من مخالفة‬
‫القانون واالنحراف بالسلطة واإلجراءات‪ ،‬أي مطابقة موضوع العمل القانوني‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن المحل هو موضوع العمل وأن السبب والغاية هما شروط الموضوع‪ ،‬ويقدرها‬
‫األستاذ ‪ Bouljoul‬بقوله" هذه الرقابة لها أهمية بالغة‪ ،‬إذ تتيح للقاضي اختيار الوسيلة‬
‫السهلة التي يكشف بها عن أخف عيوب الشرعية بواسطة فحص طفيف في العمل‬
‫()‪298‬‬
‫المطعون فيه ‪.‬‬
‫وعلى كل حال فإن عناصر الشرعية الداخلية هي وحدها التي تحمل خصائص‬
‫نظرية الضبط اإلداري ونظامه القانوني الخاص به الذي ميزه القضاء بسلطته التقديرية‬
‫والمقيدة معا ‪.‬وبذلك سندرش في هذا المبحث الرقابة على عنصر المحل والرقابة على‬
‫عنصر السبب والغاية وألهمية هذه األخيرة فإنه يستلزم أن نخصص مبحث كامل للرقابة‬
‫على عنصر الغاية‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪9‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬حملي الدقنوقي‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪9‬‬
‫في مجال الضبط اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪8‬‬
‫حسام مرسي‪ ،‬سلطة اإلدارة‬ ‫)‬ ‫(‬
‫المطلب األول ‪ -‬الرقابة على الشرعية الخارجية‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬الرقابة على الشرعية الداخلية‬
‫المطلب األول‬
‫الرقابة على الشرعية‬
‫الخارجية‬
‫المطلب األول‬
‫الرقابة على الشرعية الخارجية‬
‫الفرع األول‬
‫الرقابة في الحاالت العادية‬
‫أوالً‪ -‬الرقابة على اإلختصاص‬
‫يقوم القانون العام على فكرة االختصاص‪ ،‬وفكرة تحديد اختصاصات معينة لرجال‬
‫اإلدارة هي نتيجة من نتائج مبدأ الفصل بين السلطات ألن هذا المبدأ ال يقتضي تحديد‬
‫اختصاص السلطات العامة الثالث فحسب ‪،‬وإنما يستتبع أيضا ً توزيع االختصاصات في‬
‫داخل السلطة الواحدة وبذلك تعرف بصفة عامة بأنها القواعد التي تحدد األشخاص أو‬
‫()‪299‬‬
‫الهيئات التي تملك إبرام التصرفات ‪.‬‬
‫فاالختصاص هو صالحية موطن أو جهة إدارية محددة في اتخاذ قرار إداري‬
‫()‪300‬‬
‫معين وتتحدد هذه الصالحية بموجب أحكام القانون ‪.‬‬
‫وبما أن حاالت عدم االختصاص محددة وفقا ً لعدم االختصاص الموضوعي وعدم‬
‫االختصاص المكاني‪ ،‬وعدم االختصاص الزماني‪ ،‬فإننا سنقوم بعملية إسقاط هذه الحاالت‬
‫عن قرارات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫‪ -1‬عدم االختصاص الموضوعي‬
‫ويتحقق ذلك إذا أصدرت جهة إدارية قرارا ً في موضوع ال تملك قانونا ً صالحية‬
‫إصدار قرار بشأنه‪ ،‬ألنه يفعل في اختصاص جهة إدارية أخرى وبذلك تعتدي هيئة ما‬
‫على ميدان هيئة أخرى‪ ،‬ويمكن حصر ذلك في الحاالت التالية‪:‬‬

‫اعتداء هيئة مرؤوسة على سلطات هيئة عليا‪ ،‬فالوالي ليس بمقدوره اتخاذ تدابير‬ ‫‪‬‬
‫هي من اختصاص الوزير‪ ،‬والوزير ال يمكنه اتخاذ تدابير هي من اختصاص‬
‫رئيس الجمهورية مع مالحظة أنه يوجد أسلوب التفويض ‪.‬‬

‫‪ ‬اعتداء هيئة عليا على صالحيات هيئة دنيا‪ ،‬ألن القانون قد يحدد ويحمي ميدان‬
‫اختصاص الهيئة الدنيا‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪9‬‬
‫جع السابق‪ ،‬ص‪.676‬‬
‫‪9‬‬
‫سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬أصول‪ 0‬القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪0 ،‬ص‪.278‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ ‬اعتداء سلطة إدارية على ميدان سلطة إدارية أخرى موازية لها‪ ،‬مثال ذلك اتخاذ‬
‫وزير تدبير معين يدخل في اختصاص وزير آخر‪ ،‬إال إذا كان مفوضا بذلك‪.‬‬
‫هذا بالنسبة للقرارات اإلدارية بصفة عامة‪ ،‬أما بالنسبة لقرارات الضبط بصفة‬
‫خاصة فإنها ال تخرج عن هذه الحاالت‪ ،‬إذ أن االختصاص بإصدار قرارات الضبط‬
‫اإلداري تحكمه مصادر االختصاص‪ ،‬حيث أن الضبط اإلداري يمارش بناء على القانون‬
‫وال يفترض‪ ،‬فرئيس الجهورية يستمد هذا االختصاص من الدستور‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫اختصاص كل سلطة معروف ومجرد من حيث المبدأ لكنه قد يحدث أن تكون قرارات‬
‫الضبط اإلداري غير شرعية بسبب عدم االختصاص الموضوعي‪.‬‬
‫إن القرار الضبطي يكون غير شرعي بسبب عدم االختصاص في حالة اعتداء‬
‫سلطة ضبط إداري على سلطة ضبط إداري أخرى في ميدان اختصاصها وقد يكون هذا‬
‫االعتداء من سلطة ضبط إداري عليا على سلطة ضبط إداري دنيا أو اعتداء سلطة ضبط‬
‫إداري أدنى على اختصاصات سلطة ضبط إداري عليا‪ ،‬أو اعتداء سلطة ضبط إداري‬
‫عام على سلطة ضبط إداري خاص وقد بينافي الفصل األول في العنوان المخصص‬
‫لتنازع سلطات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم االختصاص الزماني‬
‫المقصود بعدم االختصاص الزماني صدور قرار إداري ممن أصدره في وقت ال‬
‫يكون مختص قانونا ً بإصداره‪.‬‬

‫ويتحقق ذلك في حالتين ‪ :‬إما أن يصدر القرار قبل أن يتقلد الموظف مهام منصبه‬
‫()‪301‬‬
‫أو بعد انتهاء المدة الزمنية التي حددها القانون إلصداره ‪.‬‬
‫بالنسبة لقرارات الضبط اإلداري‪ ،‬فإن عدم االختصاص الزماني فإنه غير متوقع‬
‫حدوثه ألن سلطات الضبط اإلداري ينصبون بشكل رسمي أو بإجراء عملية نقل‬
‫()‪302‬‬
‫السلطة ‪.‬‬
‫لكن اإلشكال يطرا أنه في حالة إنتهاء عمل المختص بإصدار قرارات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬فقد تمضي فترة قبل تنصيب الرئيس الجديد‪ ،‬وفي انتظار ذلك فإنه من الالزم‬
‫أن تسهر اإلدارة في أداء مهامها لحل هذا اإلشكال‪ ،‬فإنه يلجأ إلى نظرية تسيير الشدون‬
‫العادية والتي يستمر بموجبها عمل هذه السلطات وذلك لتأمين السير العادي والمعتاد‬

‫اإللغاء‪ ،‬مصال ال ال الالر‪ ،‬منشال ال ال الالأة المعارف‪،19973 ،‬‬


‫‪0‬‬
‫د‪ .‬عبد الغاني بسال ال ال الاليوني عبد ‪1‬هللا‪ ،‬القضال ال ال الالاء اإلداري‪ ،‬قضال ال ال الالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.197‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬
‫أحمد نحيو‪ ،‬المرجع السابق‪2 ،‬ص‪.183‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫لإلدارة‪ ،‬لكن األخذ بهذه النظرية ال يتبعه اتخاذ هذه السلطات لقرارات ضبطية من شأنها‬
‫إعاقة خلفائهم‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم االختصاص المكاني‬
‫مقتضى عدم االختصاص المكاني أن تتخذ سلطة إدارية قرار إداري يمتد نطاقه‬
‫إلى إقليم سلطة إدارية أخرى‪ ،‬فإذا كانت بعض الهيئات والسلطات اإلدارية تمارش‬
‫اختصاصاتها عبر كامل إقليم الدولة كرئيس الجمهورية‪ ،‬رئيس الحكومة والوزراء‪ ،‬فإن‬
‫هيئات أخرى يقيد القانون وتحدد نطاق اختصاصها اإلقليمي‪.‬‬
‫حيث يترتب على تجاوز هذه السلطات لذلك النطاق بطالن قراراتها ألنها مشوبة‬
‫()‪303‬‬
‫بعدم االختصاص المكاني ‪.‬‬
‫أما في مجال الضبط اإلداري‪ ،‬فإن عدم االختصاص المكاني يكون نادرا ً ألن كل‬
‫سلطة تعرف حدود إقليمها التي تمارش فيه هذا النشاط فغير متوقع أن يلجأ عمدة بلدية‬
‫()‪304‬‬
‫إلى اتخاذ قرار ضبطي يدخل في اختصاص عمدة بلدية مجاورة ‪.‬‬
‫ومن الحاالت النادرة التي عرضت على القضاء اإلداري الفرنسي في هذا الصدد‬
‫قضية اتخاذ محافح مدينة‪ –Morbiham‬قرار تنظيمي يخص تنظيم حركة المرور في‬
‫طرقات توجد في مدينة ‪ Vilaine, Lille‬فقضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء ذلك القرار‬
‫لعدم االختصاص المكاني (مجلس الدولة الفرنسي‪ 3 ،‬فبراير‪. (1926‬‬
‫()‪305‬‬

‫من خالل ما تقدم يتبين أن قواعد االختصاص بالنسبة لسلطات الضبط اإلداري‬
‫محددة قانونا ً‪ ،‬من حيث االختصاص الموضوعي‪ ،‬والزماني والمكاني‪ ،‬فكل قرار ضبطي‬
‫متخذ خارج هذه القواعد يعتبر غير شرعي من حيث عيب عدم االختصاص‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ -‬الرقابة على الشكل‬
‫األصل أنه ال يشترط في القرارات اإلدارية شكل خاص لصدورها ما لم يقرر‬
‫القانون عكس ذلك على سبيل االستثناء‪ ،‬وعندما ال تكون القرارات اإلدارية شرعية إال‬
‫إذا صدرت وفق الشكليات المحددة‪ ،‬وباتخاذ اإلجراءات المقررة‪.‬‬
‫فقد يلزم المشرع ضرورة صدور القرار اإلداري في شكل معين كأن يكون مكتوبا‬
‫كما قد يستلزم ذلك أخذ رأي جهة معينة قبل صدور القرار‪ ،‬فينصب بذلك على بطالن‬
‫القرار الذي يصدر دون مراعاة لهذه القواعد واألشكال‪ ،‬أما إذا سكت عن ذلك فإن األمر‬

‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪70‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬محمد الصغير‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫(‪304‬‬
‫)‬
‫‪Mercel Waline. Op. cit. p. 418.‬‬
‫(‪305‬‬
‫)‬
‫‪Jean Castagne. Op. Cit. p. 99‬‬
‫يرجع للقاضي الذي يبحث في مدى أهمية الشكل المطلوب والذي صدر القرار مخالفا له‬
‫لكي يحدد ما إذا كانت هذه المخالفة تدثر على شرعية القرار أو لها أهمية ثانوية غير‬
‫()‪306‬‬
‫مدثرة ‪.‬‬
‫ويدخل ضمن الشكل اإلجراءات تلك الترتيبات والتصرفات التي تتبعها اإلدارة‬
‫وتقوم بها قبل اتخاذ القرار وإصداره نهائيا ً‪ ،‬وتأخذ هذه اإلجراءات عدة صور أهمها‬
‫االستشارة وتنقسم إلى إلزامية واختيارية‪ ،‬كذلك توجد التقارير المسبقة‪ ،‬كذلك من أهم‬
‫()‪307‬‬
‫الصور هناك حق الدفاع ‪.‬‬
‫وتنقسم الشكليات في القرارات اإلدارية من حيث مدى تأثيرها في شرعية وعدم‬
‫شرعية القرارات اإلدارية إلى شكليات جوهرية وأخرى ثانوية ومعيار التمييز بينهما هو‬
‫مدى تدخل أو عدم تدخل المشرع والنص على ضرورة التزام هذه الشكليات‪ ،‬وكذلك‬
‫()‪308‬‬
‫قيمة المصلحة والهدف الذي تحميه هذه الشكلية أو تلك ‪.‬‬
‫كما إن قرارات الضبط اإلداري مثلها مثل القرارات األخرى ال تخرج عن هذا‬
‫التقسيم‪ ،‬فهناك شكليات جوهرية يجب توفرها عند اتخاذ القرار الضبطي وتخلفها يددي‬
‫إلى عدم شرعية القرار‪ ،‬وهناك الشكليات الثانوية ال تدثر على شرعية القرار‪ ،‬وعلى هذا‬
‫النحو سار القضاء اإلداري الفرنسي في رقابته على عنصر الشكل في قرارات الضبط‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫‪ -1‬الرقابة على الشكليات الجوهرية‬
‫تشكل هذه الطائفة في نوعين أساسيين‪ ،‬فهناك اإلجراءات السابقة عن اتخاذ القرار‬
‫من جهة‪ ،‬والمظهر الخارجي للقرار اإلداري من جهة أخرى‪ ،‬فالرقابة على الشكليات‬
‫الجوهرية في قرارات الضبط اإلداري تظهر بشكل كبير في قرارات الضبط اإلداري‬
‫الخاص‪ ،‬إذ أن القانون ينص على وجوب إتباع شكليات معينة في اتخاذ قرارات الضبط‬
‫اإلداري الخاص‪ ،‬ومن الشكليات واإلجراءات التي غالبا ً ما ينص عليها القانون هي‬
‫ضرورة اتخاذ القرار بناء على تقرير أو تحقيق تقوم به جهات معينة غالبا ً ما تتسم هذه‬
‫الجهات بالطابع التقني‪ ،‬فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي في هذا الصدد بعدم شرعية‬
‫قرار ضبطي لم يأخذ برأي لجنة الصحة‪ ،‬حيث أن القانون يوجب اتباع هذا الشكل (مجلس‬
‫الدولة ‪ 23‬يوليو‪. ) 1916‬‬
‫()‪309‬‬

‫وأصدر كذلك مجلس الدولة الفرنسي عدة أحكام تتعلق بعدم شرعية قرارات‬
‫الضبط اإلداري لتخلق عنصر الشكل الجوهري‪ ،‬لكن الشيء المالحح هو أن هذه القرارات‬

‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬عبد الغاني بسيوني‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬محمد الصغير بعلي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬عمار عوابدي‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫كلها قرارات ضبط إداري خاص ألن الشكليات الجوهرية نجدها بكثرة في ميدان الضبط‬
‫اإلداري الخاص ألنه غالبا ً ما يكون اتخاذ هذه القرارات إال بناء على تقرير تقنية تقوم‬
‫بها جهات مختصة ألزم القانون أخذ رأيها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمظهر الخارجي للقرار‪ ،‬فقد يشترط القانون كتابة القرار من جهة‬
‫وتسبيبه من جهة أخرى‪.‬‬
‫أما بالنسبة لكتابة القرار فإذا كان األصل أنه ال يشترط أن يكون للقرار شكل‬
‫خارجي حيث يجوز أن يكون مكتوبا ً أو شفويا ً‪ ،‬وقد يكون صريحا ً أو ضمنيا ً‪ ،‬فإن القانون‬
‫ً()‪310‬‬
‫قد يشترط في كثير من األحيان أن يتخذ القرار شكالً معينا ‪.‬‬
‫أما التسبيب‪ ،‬فاألصل كذلك أن اإلدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها بحيث يفترض‬
‫صدور القرار بناء على سبب‪ ،‬غير أن القانون قد يلزم اإلدارة أن تذكر أسباب القرار‬
‫المتخذ‪ ،‬وبذلك عليها احترام النص القانوني في هذه الحالة وإال كان القرار معيبا ً بعيب‬
‫الشكل‪.‬‬
‫والجدير بالذكر في هذا الصدد أنه استقر لدى الفقه والقضاء في فرنسا في بداية‬
‫األمر‪ ،‬أن اإلدارة ليست ملزمة بتسبيب قراراتها‪ ،‬وأمام االنتقادات التي تعرض لها مبدأ‬
‫عدم التسبيب‪ ،‬تعذر الوضع نحو ضرورة تسبيب القرارات اإلدارية دعما ً لشفافية العمل‬
‫اإلداري وتسهيالً لرقابة القضاء اإلداري في حالة النزاع اإلداري حولها‪.‬‬
‫أما بالنسبة لقرارات الضبط اإلداري‪ ،‬فنجد أن القضاء اإلداري الفرنسي أقر بشرعية‬
‫القرار الضبطي الذي صدر شفويا ً (مجلس الدولة‪ 9 ،‬يناير ‪ ) 1931‬غير أن سلطة الضبط‬
‫اإلداري ملزمة بإتباع الشكل الكتابي لقرارها إذا ألزمها القانون ذلك‪ ،‬وخروجها عن‬
‫الشكل بعيب قرارها بعيب الشكل وبالتالي عدم شرعيته‪.‬‬
‫أما بالنسبة لتسبيب قرارات الضبط اإلداري‪ ،‬فنرى أنه على سلطات الضبط‬
‫اإلداري أن تسبب قراراتها تسبيبا ً واضحا ً‪ ،‬وخاصة سلطات الضبط اإلداري على المستوى‬
‫المحلي سواء نص القانون على التسبيب أم لم ينص‪ ،‬وهذا نتيجة لخصوصية قرارات‬
‫الضبط اإلداري‬
‫وعالقتها بالحريات الفردية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى حتى يسهل على القاضي اإلداري‬
‫في حالة حدوث نزاعات تتعلق بهذه القرارات التأكد من األسباب التي حملت سلطة الضبط اإلداري‬
‫عن اتخاذ القرار‪ ،‬وبذلك يصبح شكل التسبيب عنصر جوهري يستلزمه كل قرار ضبط إداري‪.‬‬
‫‪ -2‬الرقابة على الشكليات القانونية‬

‫(‪310‬‬
‫)‬
‫‪Jean Castagne Op. Cit. p111.‬‬
‫األشكال الثانوية هي كل األشكال الغير مدثرة في مضمون القرار‪ ،‬بحيث ال يدثر غيابها على جوهر القرار‪،‬‬
‫بمعنى أن القرار كان سيصدر بنفس الجوهر والمضمون حتى لو اتبع ذلك الشكل الذي أغفلته اإلدارة‪.‬‬
‫وفي مجال الضبط اإلداري فإن القضاء اإلداري الفرنسي قد أقر بعدم شرعية‬
‫قرارات ضبط إداري لعيب الشكل رغم كون ذلك الشكل ثانوي‪ ،‬وكان ذلك فيما يخص‬
‫الشكليات العامة لنشر تبليغ قرارات الضبط اإلداري‪ ،‬والشكليات الخاصة في ميدان الضبط‬
‫اإلداري العام‪.‬‬
‫فرغم عدم تأثر مضمون وجوهر قرار الضبط اإلداري بالنشر أو التبليغ‪ ،‬إال أن‬
‫القضاء الفرنسي اعتبر أن عدم وجود التبليغ الكافي المددي إلى تنفيذ القرار يعيب القرار‬
‫من حيث الشكل‪ ،‬وبذلك الحكم حكم مجلس الدولة الفرنسي بعدم شرعية قرارات الضبط‬
‫اإلداري الذي يكون فيها التبليغ غير كافي‪ ،‬فقد قضى بعدم شرعية قرار ضبط إداري‬
‫اتخذه أحد العمد بسبب عدم كفاية التبليغ (مجلس الدولة الفرنسي ‪ 30‬نوفمبر‪) 1939‬‬
‫أما فيما يخص إتباع شكليات خاصة في ميدان الضبط اإلداري العام فقد ينص‬
‫القانون على إتباع شكليات خاصة‪ ،‬ال يدثر عدم إتباعها على مضمون القرار لكن القانون‬
‫ألزم إتباع ذلك الشكل ومثال ذلك اللوائح المحلية الدائمة‪ ،‬حيث ينص القانون المحلي‬
‫الفرنسي في المادة(‪ )82‬منه على ضرورة إيداع هذه اللوائح في المحافظة بحيث ال يجوز‬
‫تنفيذها إال بعد مضي شهر من تاريخ اإليداع‪ ،‬وخالل هذا الشهر ال يمكن تنفيذ هذه‬
‫الالئحة‪.‬‬
‫فرغم أن هذا الشكل ال يدثر على مضمون القرار‪ ،‬ورغم بساطة هذا الشكل حيث‬
‫ال يلزم القانون إال مجرد اإليداع‪ ،‬إال أن القضاء اإلداري الفرنسي اعتبر تخلف هذا الشكل‬
‫بعيب القرار وبالتالي يددي إلى عدم شرعيته (مجلس الدولة الفرنسي‪20 ،‬‬
‫‪311‬‬
‫() ‪.‬‬
‫يويليو ‪)Compagnie normande d’autobus1935‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫الرقابة في الحاالت االستثنائية‬
‫تدثر الظروف االستثنائية تأثير مباشر على مبدأ الشرعية‪ ،‬فيتوسع بذلك نطاقه‬
‫ليصبح أكثر مرونة وتالئما ً مع هذه الظروف‪ ،‬فما يخرج من أعمال اإلدارة عن إطار‬
‫الشرعية في الظروف العادية يعد شرعا ً في ظل الظروف االستثنائية إال أنه حتى تبرز‬
‫الظروف االستثنائية عدم خروج اإلدارة عن مبدأ الشرعية‪ ،‬فيتعين توافر شروط أعمال‬
‫نظرية الظروف االستثنائية أو حالة الضرورة التي شيدت من طرف القضاء اإلداري‬
‫الفرنسي حيث وضع شروط تطبيقها وبالتالي فرض رقابة على توافر هذه الشروط من‬

‫(‪311‬‬
‫)‬
‫‪Jean Castagne. Op. Cit. p 110.‬‬
‫وجود حالة تمثل خطرا ً جسيما ً يهدد المصلحة العامة أو يعوق سير المرافق العامة بحيث‬
‫ال تستطيع اإلدارة دفع هذا الخطر بإتباع قواعد الشرعية العادية‪ ،‬لتعذر إتباعها أو عدم‬
‫كفايتها أو أن يكون من شأن إتباع تلك القواعد تعريض المصلحة العامة للخطر كما يجب‬
‫()‪312‬‬
‫أن تكون اإلجراءات المتخذة من جانب اإلدارة هدفها حماية المصلحة العامة ‪.‬‬
‫وأخيرا ً فإن نشاط الضبط اإلداري يختلف ممارسته في الظروف االستثنائية عن‬
‫الظروف العادية‪ ،‬حيث أن مواجهة الظروف االستثنائية تقتضي السرعة للمحافظة على‬
‫النظام العام ودفع األخطار‪ ،‬فمن الضروري منح سلطات الضبط اإلداري بعض‬
‫الصالحيات الخاصة وإن كان يتعارض ذلك مع مبدأ الشرعية‪ ،‬إال أنه يظل مع ذلك أمرا ً‬
‫قانونيا ً وشرعيا ً في إطار شرعية استثنائية وبذلك فإن لقرارات الضبط اإلداري بعض‬
‫الصالحيات الخاصة وإن كان يتعارض ذلك مع مبدأ الشرعية إال أنه يظل مع ذلك أمرا ً‬
‫قانونيا ً وشرعيا ً‪ ،‬في إطار شرعية استثنائية وبذلك فإن قرارات الضبط اإلداري تتأثر بهذه‬
‫الظروف في ركن االختصاص‪ ،‬وركن الشكل فما مدى هذا التأثير؟ وما هي حدود الرقابة‬
‫على هذين الركنين في ظل الحاالت االستثنائية ؟‬

‫اإلداري‪ ،‬مصال ال ال ال ال ال الالر‪ ،‬دار الفكر العربي‪،20023 ،‬‬


‫‪1‬‬
‫خليفة‪ ،‬أوجه الطعن بإلغاء القرار‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.136‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الرقابة على الشرعية الداخلية‬
‫المطلب الثاني‬
‫الرقابة على الشرعية الداخلية‬
‫تتجلى األهمية القانونية لهذة الرقابه في أنها تعد مظهرا ً التساع نطاق الرقابة القضائية‬
‫على أعمال اإلدارة‪ ،‬فلم تعد هذه الرقابة تقتصر على فحص المشروعية الخارجية ألعمال‬
‫اإلدارة بل امتدت إلى الكشف عن النوايا الداخلية والبواعث النفسية التي تدفع رجل اإلدارة‬
‫إلى مباشرة اختصاصه‪ ،‬لذلك توصف رقابة القضاء على عيب الغاية بأنها أقصى مدى‬
‫()‪313‬‬
‫وصلت إليه الرقابة على مشروعية أعمال اإلدارة ‪.‬‬
‫كما تبرز األهمية القانونية في تعلقها بهدف عمل اإلدارة حال استعمالها لسلطتها التقديرية حيث‬
‫إنه من الخطورة بمكان إطالق العنان لإلدارة في ممارستها لتلك السلطة الطليقة‪ ،‬ومن هنا ظهرت‬
‫أهمية االستناد إلى عيب الغاية باعتباره قيداً على تلك السلطة وصمام أمان لحماية األفراد من تعسفها‪.‬‬
‫ولعيب الغاية أهمية أخرى من الوجهة العملية حيث أدى ظهوره كسبب من أسباب‬
‫إلغاء القرارات اإلدارية إلى زيادة مطردة في طلبات اإللغاء إذ أنه أكثر العيوب ذيوعا ً‬
‫وانتشارا ً وأكثرها وقوعا ً في العمل‪ ،‬ذلك أن اإلدارة يندر أن تخالف قواعد االختصاص أو‬
‫تخرق قواعد القانون من الناحية الموضوعية‪ ،‬أو تغفل الشكل الذي يتطلبه ولكنها غالبا ً ما‬
‫تتنكب جادة الصواب فتنحرف بقرارها عن الغرض الذي ألجله منحت السلطة أو أعطيت‬
‫االختصاص مستهدفة غرضا ً آخر فيصدر قرارها مشوبا ً بعيب االنحراف بالسلطة ‪.‬‬
‫()‪314‬‬

‫إن خفاء عيب االنحراف بالسلطة من ناحية وصعوبة كشف القاضي له من ناحية‬
‫أخرى أدى إلى كثرة إقدام اإلدارة على ارتكاب هذا العيب والذي تكون به اإلدارة في مأمن‬
‫من إلغاء القضاء لقرارها وقد ساهم ذلك في اتساع نطاق وزيادة تطبيقات عيب اإلنحراف‬
‫بالسلطة في الحياة العملية وأضفى عليه أهمية خاصة‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫الرقابة على المحل‬
‫يحدث هذا العيب عند الخروج على أحكام القانون ومخالفة القواعد القانونية أيا ً‬
‫كان مصدرها سواء كان المصدر مكتوبا ً أو غير مكتوب‪ ،‬وبذلك فإن النظر لهذا العيب‬
‫من زاوية شمولية‪ ،‬نجده يشمل جميع العيوب التي تجعل القرارات اإلدارية باطلة ألن‬
‫مخالفة االختصاص المحدد بالقانون‪ ،‬أو الخروج على الشكليات المقررة‪ ،‬أو إساءة استخدام‬
‫السلطة واالنحراف بها تعتبر في جميع األحوال مخالفة للقانون‪.‬‬
‫بيد أن فقه القانون العام والقضاء اإلداري درج على استخدام اصطالا مخالفة‬
‫القانون‪ -la violation de loi-‬بمعنى أضيق من المعنى السابق‪ ،‬حيث ينحصر في‬

‫عبد البر‪ ،‬االنحراف في اسال ال ال ال ال ال الالتعمال ‪1‬اإلجراء مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬العدد ‪3‬ال ثاني‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬عبد الفتال عبد الحليم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ديسمبر ‪ ،1980‬ص‪ 205‬وما بعدها‪.‬‬


‫ن‪1‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلداري في القانون المصري والمقار ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.649‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬محمود حافظ‪ ،‬القضاء‬ ‫)‬ ‫(‬
‫العيب المتعلق بمحل القرار اإلداري فقط‪ ،‬فهذا العيب يقع إذن في محل القرار اإلداري‪،‬‬
‫أي يصيب مضمون القرار أو األثر القانوني الذي يحدثه القرار في المراكز القانونية‬
‫ألفراد المحل في قرارات الضبط اإلداري فيجب أن يكون مطابق للقانون أي احترام‬
‫‪315‬وقد فرض القاضي اإلداري‬ ‫القواعد القانونية سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة ( ) ‪،‬‬
‫الفرنسي رقابة كاملة على عنصر المحل في قرارات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫وأعلن عدم شرعية القرارات الضبطية التي يكون مجالها مخالف للقانون سواء‬
‫كانت هذه المخالفة ناتجة عن تجاهل تام لقاعدة قانونية‪ ،‬أو ناتجة عن تفسير خاطئ‪،‬‬
‫والقاعدة القانونية هنا تشمل كل مصدر لشرعية األعمال القانونية سواء كان مكتوب أو‬
‫غير مكتوب‪ ،‬حيث أن القضاء اإلداري الفرنسي دقق في شرعية محل القرار الضبطي‬
‫على أساش احترام القواعد القانونية المكتوبة(الدستور‪ ،‬النصوص التشريعية والتنظيمية)‪،‬‬
‫وكذلك احترام القواعد الغير مكتوبة(المبادئ العامة للقانون‪ ،‬احترام األحكام الجائرة لحجية‬
‫الشيء المقضي فيه)‪.‬‬
‫وعلى هذا األساش يتحدد منهج دراستنا للرقابة على المحل‪ ،‬إذ ينقسم هذا الفرع‬
‫إلى نقطتين‪ ،‬نقطة خاصة بالمصادر المكتوبة ونقطة خاصة بالمصادر الغير مكتوبة‪.‬‬
‫أوالً ‪ -‬المصادر المكتوبة‬
‫ينبغي أن تتوافق قرارات سلطات الضبط اإلداري مع نصوص القواعد القانونية‬
‫المكتوبة‪ ،‬سواء تمثل مصدرها في دستور أو قانون عادي أو تنظيم‪ ،‬حيث تشمل المصادر‬
‫المدونة جميع القواعد المكتوبة‪ ،‬والتي وضعتها السلطة المختصة على شكل تشريع‪ ،‬وال‬
‫تتمتع هذه القواعد جميعها بذات القيمة القانونية‪ ،‬بل تأتي القواعد الدستورية في قمة النظام‬
‫القانوني للدولة‪ ،‬ثم تليها قواعد القانون العادي‪ ،‬ومن ثم التشريع الفرعي (األنظمة) القرارات‬
‫واللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية وتتمثل المصادر المكتوبة وفقا ً للنظام العماني في‬
‫النظام األساسي للدولة القانون والمرسوم األمر السامي‪ ،‬اللوائح‪ ،‬القرارات‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬احترام القواعد الدستورية‬
‫قرارات الضبط اإلداري المخالفة للدستور‪ ،‬تكون غير شرعية غير أنه توجد‬
‫اختالفات في الرقابة على قرارات الضبط اإلداري لمخالفتها للقواعد الدستورية في‬
‫األنظمة المقارنة‪.‬‬
‫‪ -1‬فرنسا‬
‫إن القضاء الفرنسي في رقابته على القرارات الضبطية المخالفة للقواعد الدستورية‬
‫يميز بين حالتين من عدم دستورية قرار الضبط اإلداري ليعمل رقابته‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫أ ‪-‬صدور قرار ضبط إداري تطبيقا ً لتشريع مخالف للدستور‬
‫في هذه الحالة نجد أن قرار الضبط اإلداري الذي صدر وفقا ً لتشريع مخالف‬
‫للدستور يفلت من جزاء اإلبطال لعدم الدستورية ألن القاضي يطبق التشريع‪ ،‬وال يمكنه‬
‫تجاوز ذلك للبحث في دستورية التشريع من عدمه وقد عهد مفوض الدولة ‪Latournerie‬‬
‫بقوله" الموقف الحالي في القانون الفرنسي بطبيعته ال يشجع على مناقشة موضوع الرقابة‬
‫على دستورية القوانين أمام مجلس الدولة‪".‬‬

‫وفي هذا الصدد يقرر األستاذ‪ Debbach‬أن القضاة اإلداريون والقضائيون ال‬
‫يختصون بمسألة دستورية التشريع وال األعمال اإلدارية الصادرة على أساسه‪ ،‬فالتشريع‬
‫يشكل حاجزا ً بين القاضي وبين الدستور وبذلك فالرقابة يمارسها المجلس الدستوري‪،‬‬
‫وفي حالة جمود وغموض في نص تشريعي فإن القاضي يفسره محترما ً أحكام الدستور‪.‬‬
‫ب ‪-‬عدم وجود تشريع حاجز بين القاضي والدستور‬
‫في هذه الحالة ال يوجد ما يمنع القاضي من اإلعالن عن بطالن قرار الضبط‬
‫المخالف مباشرة للقواعد الدستورية ويدل على ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر‬
‫في ‪ 26‬أكتوبر ‪ ، 1956‬حيث أعلن مجلس الدولة شرعية قرار ضبط صادر برفض‬
‫رخصة‪ ،‬كانت جمعية المحاربين من أجل السلم والحرية قد تقدمت بطلب الحصول عليها‬
‫بسبب أن نشاط هذه الجمعية مخالف للدستور‪ ،‬حيث يتمثل هذا النشاط في استشارات‬
‫قومية واستطالع اآلراء‪ ،‬وبذلك فإن هذا النشاط مخالف لنص المادة ‪ 3‬من دستور‪. 1946‬‬
‫حيثيات الحكم تبين أن نشاط الجمعية غير دستوري وبناء عليه فإن سلطة الضبط‬
‫برفضها لم تحترم إال القانون بقرار ضبطي مطابق للدستور وبهذا فإن مخالفة قرار‬
‫()‪316‬‬
‫الضبط اإلداري لنص في الدستور يكون غير شرعي ‪.‬‬
‫‪ -2‬مصر‬
‫في مصر ال حاجز أمام القضاء في تقرير وإعالن عدم شرعية عمل ضبط إداري‬
‫يخالف الدستور ويستثنى من ذلك في هذا الشأن الرقابة على دستورية اللوائح التي‬
‫اختصت بها المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬حسب المادة ‪ 25‬من قانون ‪ 48‬لسنة ‪1989‬‬
‫الخاص بالمحكمة الدستورية العليا‪.‬‬
‫إذ أبرزت ذلك محكمة القضاء اإلداري في حكم لها‪ ،‬أن سمو القاعدة الدستورية‬
‫مدكدة نهج القضاء المصري ‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.289‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬حلمي الدقنوقي‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬احترام النصوص التشريعية والتنظيمية‬
‫احترام النصوص التشريعية يعني احترام القواعد القانونية التي من بينها البرلمان‪،‬‬
‫فإذا كان من واجب األفراد احترام تلك القواعد القانونية فإن لهم حقا ً يحتم على اإلدارة‬
‫مراعاة أحكام القانون فيما يصدر عنها من قرارات تتصل بهم حيث يكون من شأن تجاهل‬
‫قرارات اإلدارة ألحكام القانون‪ ،‬أو أعمال عكس مقتضاها التأثير بشكل مباشر على‬
‫الحوائز القانونية لألفراد وحقوقهم المشتقات من القانون ‪.‬‬
‫وتشكل مخالفة القانون أحد األوجه أو الحاالت التي يقوم القاضي اإلداري بإلغاء‬
‫القرار اإلداري بسببها سواء كانت مخالفة مباشرة وغير مباشرة ‪.‬‬
‫وزيادة على احترام النصوص التشريعية يستلزم كذلك على سلطات الضبط‬
‫اإلداري أن تحترم القواعد والنصوص التنظيمية‪ ،‬إذ أن هذه النصوص تعد بمثابة تشريع‬
‫()‪317‬‬
‫فرعي لما تتضمنه من قواعد عامة ومجردة ‪.‬‬
‫ويدخل ضمن احترام سلطات الضبط اإلداري في قراراتها للقواعد التشريعية‬
‫والتنظيمية ضرورة احترام قواعد التدرج العضوي والتدرج الموضوعي فيجب أن يكون‬
‫قرار الضبط اإلداري محترم للقرارات الصادرة عن سلطة عليا‪ ،‬وقد قضى مجلس الدولة‬
‫()‪318‬‬
‫في هذا الخصوص قرار ضبط بلدي يناقض قرار محافح المقاطعة ‪.‬‬
‫أما احترام قواعد التدرج الموضوعي فيكفي أن القرار الفردي يحسب أن يحترم‬
‫القاعدة العامة‪ ،‬وهذا االحترام يفرض على سلطة الضبط أن تحترم في التطبيقات ليس‬
‫فقط القواعد العامة الصادرة من سلطة أعلى‪ ،‬ولكن أيضا ً يستلزم ذلك احترام سلطة‬
‫الضبط المصدرة لقرار تنظيمي أن تحترم ذلك في التطبيقات الفردية غير أنه تجدر‬
‫اإلشارة هنا أنها يمكن لسلطات الضبط المحلية أن تخالف أو تزيد شروط خاصة لمواجهة‬
‫الظروف المحلية‪.‬‬
‫ونجد في قضاء مجلس الدولة الفرنسي أنه ألغى قرار فردي لمحافح مقاطعة يعفي‬
‫من خالله صاحب حانة من أحكام قرار تنظيمي أصدره العمدة وجاء في حيثيات الحكم‬
‫أن اتخاذ القرار من طرف المحافح ليس ممارسة لسلطته الرئاسية‪ ،‬وإنما ينطوي على‬
‫اعتداء على سلطة العمدة في الضبط(مجلس الدولة الفرنسي‪ 8 ،‬ديسمبر‪. ) 1892‬‬
‫()‪319‬‬

‫وإلى جانب المخالفة المباشرة لنص أو القاعدة القانونية يمكن أن توجد مخالفة‬
‫غير مباشرة تتمثل في حالة وجود خطأ في تفسير وتطبيق القانون خاصة في حالة‬

‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫(‪318‬‬
‫)‬
‫‪Jean Castagne. Op. Cit. p. 120‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.296‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪.‬حلمي الدقنوقي‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الغموض حيث يصدر القرار بناءا ً على تفسير أو تأويل خاطئ لمضمون القاعدة‬
‫()‪320‬‬
‫القانونية ‪.‬‬
‫ففي هذه الحالة تكون قرارات الضبط اإلداري المتخذة بناء على تفسير أو تأويل‬
‫خاطئ للقانون غير شرعية‪ ،‬وقد أعلن القاضي اإلداري الفرنسي عدم شرعية قرار رفض‬
‫الترخيص بلعبة" الروليت" المبني على نص" لعبة الكرة واأللعاب المماثلة "ألن لعبة‬
‫الروليت والكرة ليستا لعبتان متماثلتين‪ ،‬كذلك عدم شرعية قرار ضبط يحظر لعبة‬
‫"الدومينو"‪ ،‬ألنها ليست من ألعاب القمار أو المشابهة لها التي صدر بمنعها قرار وزير‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬المصادر الغير مكتوبة‬
‫إلى جانب المصادر المكتوية التي تلتزم سلطات الضبط اإلداري باحترامها في‬
‫قراراتها‪ ،‬توجد كذلك المصادر الغير مكتوبة التي تتمثل في المبادئ العامة للقانون واحترام‬
‫حجية الشيء المقضي فيه‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المبادئ العامة للقانون‬


‫استخلصت المبادئ العامة للقانون من عبارة أو روا النصوص وكذلك من المبادئ‬
‫الفلسفية واألخالقية واالجتماعية واالقتصادية بواسطة مجلس الدولة الفرنسي من خالل‬
‫خلقه لقضاء مستقل عن النصوص وللمبادئ العامة للقانون أهمية في عملية الرقابة على‬
‫تدابير الضبط اإلداري‪ ،‬إذ استعملها القضاء اإلداري بكثرة في مجازات قرارات الضبط‬
‫اإلداري المخالفة لهذه المبادئ‪.‬‬
‫وقد مرت هذه المبادئ بمرحلتين من حيث قيمتها‪ ،‬إذ نجد المرحلة الثانية منذ‬
‫دستور‪ 1958‬حيث أصبحت لها مرتبة أعلى من مرتبة التشريع وهذه المرتبة استخلصت‬
‫من كون األوامر التي تصدر بموجب المادة ‪ 38‬من الدستور الفرنسي تخضع الحترام‬
‫‪321‬وبذلك يمكن رفعها فوق القانون‪.‬‬
‫المبادئ العامة للقانون( )‪،‬‬

‫وقد عرفت المحكمة اإلدارية العليا في مصر المبادئ العامة للقانون بأنها" قواعد‬
‫غير مدونة مستقرة في ذهن وضمير الجماعة يعمل القاضي على كشفها بتفسير هذا‬
‫الضمير الجماعي العام‪ ،‬وتلك القواعد المستقرة في الضمير تمليها العدالة المثلى وال‬

‫‪3‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪2‬‬
‫الوجيز في المنازعات اإلدارية‪ ،‬مرجع‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمد الصغير بعلي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫(‪321‬‬
‫)‬
‫‪Charle Debbach, droit administrative, 3 éme 1971, p. 368.‬‬
‫تحتاج إلى من يقررها"‪ ،‬وبذلك تتميز المبادئ العامة للقانون عن المبادئ الدستورية بحيث‬
‫إذا نص الدستور على مبدأ من المبادئ العامة للقانون في متنه أصبح ذلك المبدأ دستوري‬
‫()‪322‬‬
‫مباشرة ‪.‬‬
‫وال شك أن النص على المبادئ العامة للقانون في الدستور يقلل من فرص ظهورها‬
‫في أحكام القضاء ورغم ذلك فإن القضاء اإلداري الفرنسي ما زال يبني أحكامه على‬
‫مخالفة هذه المبادئ للقانون وتكون هذه القواعد القانونية غير المكتوبة في طائفتين طائفة‬
‫متصلة بفكرة الحرية واألخرى متصلة بفكرة المساواة‪.‬‬

‫المبادئ المتصلة بفكرة المساواة‬


‫يقيم القضاء اإلداري الفرنسي قيمة كبيرة لهذه المبادئ المتصلة بفكرة المساواة‬
‫ومن بين هذه المبادئ نجد‪:‬‬

‫أ ‪-‬مبدأ المساواة أمام القانون‪:‬‬


‫وقد طبق كثيرا هذا المبدأ في قرارات الضبط اإلداري ورتب القضاء عدم شرعية‬
‫القرارات المخالفة لهذا المبدأ‪ ،‬ومن بين أحكام القضاء اإلداري الفرنسي عدم شرعية قرار‬
‫ضبط اتخذه إحدى العمد بمنع المواكب والمظاهرات لممارسة شعائر العقيدة‪ ،‬ألن العمدة‬
‫قد خالف مبدأ المساواة‪ ،‬مساواة المواكب الدينية ببقية المواكب واالستعراضات (مجلس‬
‫الدولة ‪ 4‬ديسمبر‪) 1927‬‬

‫ب ‪-‬المساواة في استعمال المال العام‪:‬‬


‫طبق القضاء اإلداري الفرنسي هذا المبدأ في عدة أحكام تخص قرارات الضبط‬
‫اإلداري وخصوصا ً المتعلقة بقرارات الضبط التي تنظم أماكن انتظار السيارات‪ ،‬فقد‬
‫قضى بعدم الشرعية نتيجة للتمييز في المعاملة وكذلك بالنسبة لتراخيص استعمال الطرق‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حجية الشيء المقضي فيه‬


‫تصدر األحكام اإلدارية مشمولة بصيغة تنفيذية‪ ،‬بالرغم من هذه الصيغة فإن تنفيذ‬
‫األحكام اإلدارية تثير عدة مشاكل ميدانية‪ ،‬باعتبار أن أحد أطراف التنفيذ هو اإلدارة‪،‬‬
‫()‪323‬‬
‫شخص عام يتمتع بامتيازات السلطة العامة وبخاصة إذا كانت محكوم عليها ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ص‪.429‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬عاطف البنا‪ ،‬الوسيط في ‪2‬القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬طاهري حسين‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وبذلك تثار مسألة حجية الشيء المقضي فيه إذ برفض اإلدارة تطبيق الحكم الحائز‬
‫على حجية الشيء المقضي فيه‪ ،‬فإنها ترتكب مخالفة تعادل مخالفة القانون‪ ،‬ويجوز‬
‫لصاحب المصلحة أن يرتكز على هذه المخالفة في رفع دعواه أمام القضاء وينجر على‬
‫ذلك الطلب من القاضي بإلغاء جميع القرارات المتخذة بصورة مخالفة للحكم المنطوق‬
‫()‪324‬‬
‫به ‪.‬‬
‫وفي قرارات الضبط اإلداري يكون المحل المخالف لحكم قضائي له حجية الشيء‬
‫المقضي فيه غير شرعي‪ ،‬حيث نجد أن هذه الفكرة لم يضعها أي نص قانوني في القانون‬
‫الفرنسي وبذلك يمكن وصفها بأنها مبدأ عام للقانون‪ ،‬وكذلك بسبب قدم هذه الفكرة وصفتها‬
‫الضرورية والمنطقية‪.‬‬
‫فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي في عدة قضايا بعدم شرعية قرارات ضبط إداري‬
‫بحجية مخالفة حجية الشيء المقضي فيه نذكر منها‪:‬‬

‫قضية اآلنسة ‪ -Noualhier– -‬حيث أنها أقامت مستشفى خاص فأصدر عمدة‬
‫البلدة قرار ضبط يمنع فيه استقبال وتمريض المرضى المصابين بمرض معدي فألغى‬
‫مجلس الدولة القرار(مجلس الدولة‪ 18‬مارش‪.) 1898‬‬
‫وبذلك تنتهي دراستنا للرقابة على عنصر المحل في قرارات الضبط اإلداري‪،‬‬
‫حيث يمكن القول أن عنصر المحل في قرارات الضبط اإلداري الخروج على المحل‬
‫الذي أوجبه القانون نتيجة لوضوا النصوص القانونية‪ ،‬وبذلك في حالة الخروج عن ذلك‬
‫فإنه من اليسر إثبات هذا العيب‪ ،‬وكذلك يمكن إرجاع ذلك إلى جانب التقييد في عنصر‬
‫المحل‪ ،‬حيث قلما نجد سلطة الضبط اإلداري مخيرة بين عدة حلول‪ ،‬عكس عنصر السبب‬
‫والغاية الذي يثير إشكاالت كبيرة في عملية الرقابة القضائية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫الرقابة على عنصر السبب‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬أحمد محبو‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫يشكل عنصر السبب في قرارات الضبط اإلداري سمة مميزة في عملية الرقابة‬
‫القضائية إلى جانب عنصر الغاية ألن سلطات الضبط اإلداري تصدر قراراتها بناء على‬
‫()‪325‬‬
‫سبب اإلخالل بالنظام العام ومن أجل المحافظة عليه ‪.‬‬
‫وبصفة عامة فإن سبب القرار اإلداري هو الحالة الواقعية أو القانونية السابقة‬
‫على القرار أو الدافعة لتدخل اإلدارة إلصداره‪ ،‬فالحالة القانونية أو الظروف المادية هي‬
‫()‪326‬‬
‫المبررة التخاذ القرار اإلداري ‪.‬‬
‫فخروج تظاهرة عن الحد المعقول وتحولها إلى فوضى وشغب مما يهدد النظام‬
‫العام‪ ،‬يعد سببا التخاذ قرارا ً بمنع هذا التظاهرة والتصدي لها‪ ،‬وتعد رقابة القضاء اإلداري‬
‫على سبب القرار اإلداري من الضمانات األساسية الحترام مبدأ الشرعية في إصدار‬
‫القرار ذلك أن القرارات الصادرة من اإلدارة يجب أال تصدر عن الهوى والتسلط وبدون‬
‫مبرر‪ ،‬بل يجب أن تصدر استنادا ً إلى أسباب صحيحة وواقعية تبرر اتخاذها‪ ،‬وبالرغم‬
‫مما تحظى به الرقابة القضائية على سبب القرار اإلداري من أهمية في الوقت الحاضر‬
‫فإنها قد نشأت وظهرت في وقت متأخر لنشأة أوجه دعوى اإللغاء فقد دخل عيب السبب‬
‫()‪327‬‬
‫في قضاء مجلس الدولة الفرنسي كأخذ أسباب الطعن في أوائل القرن العشرين ‪.‬‬
‫إن أسباب عمل الضبط اإلداري‪ ،‬أي الوقائع التي أدت إليه يمكن أن تكون محال‬
‫لدرجات متفاوتة من الفحص القضائي‪ ،‬وتشكل هذه الدرجات محتوى الرقابة على عنصر‬
‫السبب في قرارات الضبط اإلداري حيث أن القضاء اإلداري الفرنسي راقب شرعية‬
‫السبب عبر ثالثة أشكال‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة على الوجود المادي للوقائع‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة على الوجود القانوني (التكييف)‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة على القيمة الذاتية لألسباب‪.‬‬


‫وبذلك سندرش في نقطة أولى هذه األشكال في ثالثة فقرات كل فقرة ندرش فيها‬
‫شكل من هذه األشكال المذكورة ثم ندرش في نقطة ثانية طبيعة الرقابة على عنصر‬
‫السبب هل تعتبر رقابة مشروعة أم رقابة مالئمة ؟‬
‫اوالً‪ -‬محتوى الرقابة على عنصر السبب‬

‫‪R. Bonnar, précis de droit administrative, 3 émé edition, librairie générale de droit‬‬
‫(‪325‬‬
‫)‬

‫‪et de jurisprudence, paris, 1940.‬‬


‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪6‬‬
‫حسين طاهري‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،1907‬ثم‬
‫‪3‬‬
‫مارس مجلس الدولة الفرنسال الالي‪ 7‬رقابته على السال الالبب ألول مرة بمنا ‪2‬سال الالبة قضال الالية ‪ ،MONOD‬سال الالنة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫قضية ‪ DESSAY‬سنة ‪.1910‬‬


‫تتمثل هذه الرقابة في الرقابة على الوجود المادي للوقائع والرقابة على التكييف‬
‫القانوني‪ ،‬والرقابة على القيمة الذاتية لألسباب‪.‬‬
‫‪ -1‬الرقابة على الوجود المادي للوقائع‬
‫الرقابة على الوجود المادي للوقائع بصفة عامة‪ ،‬هي التأكد من وجود الوقائع التي‬
‫استندت إليها اإلدارة في إصدار قرارها‪ ،‬باعتبار تلك الوقائع هي األساش الذي يقوم عليه‬
‫القرار بل هي الدافع إلصداره‪ ،‬ومن ثم يقع القرار باطالً إذا ما ثبت عدم صحة ما استندت‬
‫()‪328‬‬
‫عليه اإلدارة في إصداره من وقائع ‪.‬‬
‫وقرارات الضبط اإلداري ترتكز على وقائع تشكل إخالل بالنظام العام في مكوناته‬
‫الثالثة‪ ،‬أو تهديد له‪ ،‬وعلى هذا األساش يراقب القضاء الوجود المادي لهذه الوقائع‪ ،‬التي‬
‫شكلت سبب لسلطات الضبط اإلداري التخاذ قراراتها‪ ،‬غير أن القضاء اإلداري الفرنسي‬
‫لم يمارش أي رقابة على الوقائع المادية لتدبير الضبط اإلداري ثم لحق بعد ذلك تطور‬
‫عميق‪ ،‬ففي الحالة التي لم يمارش فيها أي رقابة على الوجود المادي للوقائع فقد خص‬
‫هذه الحالة بالحاالت التي يعطي فيها المشرع لإلدارة سلطة تحكمية تتعدى السلطة‬
‫التقديرية‪ ،‬فيمتنع بذلك القاضي عن المراقبة للوقائع ‪ ،‬نجد ذلك في التدابير التي وصفت‬
‫الضبط األعلى ‪ Haute police‬التي تتخذ تطبيقا ً للقوانين التي لها صفة استثنائية وبذلك‬
‫تخول لسلطات الضبط اتخاذ تدابير صارمة تقيد الحرية الفردية‪.‬‬
‫‪ -2‬الرقابة على الوجود القانوني للسبب (التكييف القانوني)‬
‫بعد أن يراقب القاضي اإلداري الوجود المادي للوقائع فإنه ينتقل إلى المرحلة‬
‫الثانية في رقابة السبب وتنصب على التأكد من سالمة التكييف أو الوصف القانوني الذي‬
‫أصبغته اإلدارة على هذه الوقائع فإذا كان هذا الوصف سليما ً من الناحية القانونية كان‬
‫القرار صحيحا ً أما عكس ذلك فإن القرار معيب بعيب انعدام السبب ‪.‬‬
‫()‪329‬‬

‫وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي في مباشرة هذا النوع من الرقابة عندما أصدر‬
‫حكمه الشهير ‪ Gomel‬سنة ‪ 1914‬الذي كانت تدور وقائعه حول رفض اإلدارة منح‬
‫الترخيص بالبناء ألحد باعتبار هذا الميدان من المواقع األثرية‪ ،‬إال أن المجلس ألغى هذا‬
‫ً()‪330‬‬
‫القرار بعد أن اتضح أن الميدان ال يعتبر موقعا ً أثريا ‪.‬‬
‫في قرارات الضبط اإلداري فإن القاضي اإلداري ال يتحقق من الوجود المادي‬
‫للوقائع فقط‪ ،‬بل يتحقق كذلك من أن طبيعة الوقائع الثابتة تصلح لتبرير التصرف وفقا‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.228‬‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.236‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.255‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫للشروط التي حددها القانون‪ ،‬إذن المشكلة في التكييف هي اإلجابة على السدال هل الوقائع‬
‫الثابتة تعد إخالل أو تهديد بالنظام العام ؟‬
‫وطبعا ً فإن اإلجابة على هذا السدال ال تنسينا صعوبة التعريف بالنظام العام خاصة‬
‫في جانبه األدبي‪ ،‬واألمثلة على ذلك كثيرة فهل لمشاركة القصر في المراقص العامة لها‬
‫طبيعة تخل باألخالق العامه؟! منظر طبيعي يدخل في جمال الرواء؟! مظاهرة تلحق‬
‫مخاطر بالنظام العام؟! غير أن القاضي اإلداري الفرنسي حل مشكلة التكييف بصفة نهائية‬
‫لمجموعة من األنشطة‪ ،‬ويسلم في الموضوع بقرينة تخلف األسباب فيها مثل المسيرات‬
‫الدينية‪ ،‬موكب جنائزي‪ ،‬مسيرة خاصة بعبادة محلية‪ ،‬الصالة الجماعية في مكان طلق‪،‬‬
‫فمجلس الدولة هنا أقام قرينة على أن المسيرات الدينية ال تهدد السكينة العامة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا الصدد أن القضاء اإلداري الفرنسي امتنع عن التكييف‬
‫القانوني في بعض القرارات الضبطية واكتفى بالرقابة على الوجود المادي للوقائع فقط‪،‬‬
‫ففي مجال الضبط العام استثنى الرقابة على التكييف القانوني في الضبط في مادة األجانب‬
‫وكذلك بالنسبة لتدابير المنع المتعلقة بدخول وتوزيع الجرائد والمجالت األجنبية‪ ،‬أما مجال‬
‫الضبط الخاص نجده قد امتنع عن التكييف في القرارات التي تتسم بطابع فني معقد يستلزم‬
‫فيه االستعانة بالخبراء‪ ،‬ومن ثم التحقق من الوجود المادي للوقائع‪ ،‬دون التكييف القانوني‪.‬‬
‫ففي هذا الصدد رفض المجلس التحقق من صحة وصف محلول طبي بأنه سام‬
‫وما ترتبه سلطة الضبط الخاص من منع بيعه للجمهور فقد قرر المجلس في تقرير الحالة‬
‫()‪331‬‬
‫الفنية إن الحظر أصدره الوزير بناء على تقرير لجنة فنية من أجل الصحة العامة ‪.‬‬
‫‪ -3‬الرقابة على القيمة الذاتية لألسباب‬
‫امتدت رقابة القضاء في كل من فرنسا ومصر في الرقابة على عنصر السبب‬
‫لتشمل –إضافة إلى ما ذكر‪ -‬نقض مدى تناسب أهمية وخطورة الوقائع واإلجراء المتخذ‬
‫من قبل سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬وبذلك فإن عملية الرقابة تمتد إلى رقابة مالئمة القرار‬
‫الذي اتخذته سلطة الضبط‪.‬‬
‫فقد وجد مجلس الدولة الفرنسي أن رقابته التقليدية على سبب القرار الضبطي‬
‫المتمثلة في رقابة الوجود المادي للوقائع وتكييفها القانوني غير كافية لمواجهة الخطورة‬
‫التي قد تنجم عن القرارات المقيدة للحريات العامة‪ ،‬لذلك مد نطاق رقابته إلى تقدير مدى‬
‫مالئمة إصدار القرار حيث ال يكفي إلقرار شرعيته أن يكون قائما ً على سبب موجود‬
‫ومتفق مع القانون‪ ،‬بل يجب أن يكون سبب هذا القرار متناسبا مع محل‪ ،‬وإال كان هذا‬
‫()‪332‬‬
‫القرار غير مشروع ‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.453-452‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬حلمي الدقنوقي‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬
‫خليفة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬
‫فالرقابة على القيمة الذاتية لألسباب تكتسي أهمية بالغة في تقرير شرعية قرارات‬
‫الضبط اإلداري فالتدبير الضبطي يستلزم أن يكون فعال وضروري ومتناسب مع الحالة‬
‫الواقعية التي تريد سلطة الضبط مواجهتها‪ ،‬أي أن يكون اإلجراء المتخذ كفيالً يتوخى‬
‫()‪333‬‬
‫االضطراب أو اإلخالل بالنظام العام ‪.‬‬
‫فمن غير المنطقي أن تواجه مسيرة أو تظاهرة سلمية انقلبت إلى أعمال شغب‬
‫بسيطة ال تتعدى منطقة صغيرة يسهل السيطرة عليها باستخدام األسلحة النارية فيعتبر‬
‫هذا اإلجراء غير متناسب مع القيمة الحقيقية للسبب أو الوقائع‪ ،‬فالسبب هو إخالل بسيط‬
‫بالنظام العام وقرار التصدي لها كان قاسيا ً‪ ،‬في حين يمكن التصدي لذلك بطرق أخرى‬
‫كاستخدام الهروات أو الغاز المسيل للدموع‪.‬‬
‫قضاء مجلس الدولة الفرنسي يحمل العديد من التطبيقات في مراقبة القيمة الذاتية‬
‫لألسباب‪ ،‬ومن أشهر هذه التطبيقات نجد التدابير المتخذة في مجال الحريات العامة والتي‬
‫تحمل اعتداء على هذه الحريات‪ ،‬نذكر قضية ‪( BENJAMIN‬مجلس الدولة ‪ - 13‬مايو‬
‫‪ ،)1933‬وتتلخص وقائع هذه القضية في أن عمدة بلدة منع المحاضر‪BENJAMIN‬‬
‫من إلقاء محاضرة خاصة بزعم مخاطر اإلخالل بالنظام العام التي قد يثيرها هذا االجتماع‬
‫فدفع المدعي بأن األسباب التي أبداها العمدة ال ترقى إلى حد منع االجتماع‪ ،‬فأعلن مجلس‬
‫الدولة في حيثيات الحكم أنه اتضح من التحقيق أن االضطرابات المحتملة التي تذرع بها‬
‫العمدة ليست من الجسامة بالدرجة التي ال يستطيع معها حفح النظام بما للعمدة من تدابير‬
‫()‪334‬‬
‫ضبط مناسبة بدون منع المحاضرة فألغى قرار المنع ‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬طبيعة الرقابة على عنصر السبب‬
‫من المستقر أن القاضي اإلداري هو قاضي للمشروعية فحسب‪ ،‬فهو يقضي وال‬
‫يدير‪ ،‬واألساش األول الذي يحكم اختصاص القضاء اإلداري هو مبدأ الفصل بين اإلدارة‬
‫والقضاء‪ ،‬ومعنى ذلك أنه حين يطلب من القاضي أن يتدخل في منازعات اإلدارة والقضاء‬
‫‪ ،‬أن ينطق بالقانون في هذه المنازعات وهو بذلك ال يناقش العمل اإلداري موضوع‬
‫الدعوى إال من حيث مخالفته أو مطابقته للشرعية‪ ،‬دون أن يمتد بواليته إلى المالئمة‬
‫()‪335‬‬
‫اإلدارية ألن ذلك من أختصاص وظائف اإلدارة ‪.‬‬
‫غير أنه كما رأينا من قبل في رقابة القضاء على عنصر السبب عن طريق‬
‫األشكال الثالثة من رقابة للوجود المادي لألسباب أو رقابة التكييف القانوني إلى أقصى‬
‫درجة الرقابة المتمثلة في رقابة ذاتية أو قيمة األسباب‪ ،‬طرحت هذه الرقابة سدال حول‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬
‫د‪ .‬عاطف البنا‪ ،‬الوسيط في ‪3‬القانون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.436‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬عاطف البنا‪ ،‬مقالة حدود ‪4‬سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬أصول‪ 5‬القانون االداري‪ ،‬المرجع السابق‪3 ،‬ص‪.299‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫طبيعة الرقابة على عنصر السبب في قرارات الضبط اإلداري هل هي رقابة شرعية ؟‬
‫أم رقابة مالئمة ؟‬
‫ومن أجل تحليل هذه اإلشكالية بطريقة منهجية نقسم هذه النقطة إلى فقرات كل‬
‫فقرة ندرش طبيعة الرقابة على عنصر السبب من خالل األشكال التي راقب بها القاضي‬
‫اإلداري عنصر السبب وهي الرقابة على الوجود المادي‪ ،‬والتكييف القانوني لألسباب ثم‬
‫الرقابة على القيمة الذاتية لألسباب‪.‬‬

‫‪ -1‬طبيعة الرقابة على الوجود المادي والتكييف القانوني للسبب‬


‫يكاد يجمع فقهاء القانون اإلداري على أن طبيعة الرقابة على الوجود المادي‬
‫والتكييف القانوني للسبب على أنها رقابة شرعية‪ ،‬فبالنسبة للرقابة على الوجود المادي‬
‫للوقائع‪ ،‬فمن وجهة نظر بسيطة ومنطقية فإنه يجب معرفة أن كل قرار إداري يستلزم‬
‫استناده على وقائع فعلية وصحيحة‪ ،‬فمن غير المتوقع صدور قرار إداري ال يرتكز على‬
‫أسباب واقعية‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول األستاذ ‪ BONNARD‬قرار إداري بدون سبب ال‬
‫يعتد به‪ ،‬وبذلك فإن لزوم السبب هو مبدأ أساسي له قيمة مبدأ شرعي‪ ،‬وبذلك فإن القرار‬
‫بدون سبب يكون غير شرعي ويجب أخذ كلمة غير شرعي فقط بمعنى واسع يستلزم‬
‫معها فهم عدم الشرعية ‪،‬ال يخرق قاعدة قانونية فقط بل أيضا خرق قاعدة عرفية‪ ،‬ألن‬
‫()‪336‬‬
‫مبدأ استناد القرار لوقائع صحيحة تشكل سبب القرار يعتبر كذلك قاعدة لنظام عرفي ‪.‬‬
‫هذا التحليل السابق الذي يبين أن لزوم توفر السبب من خالل صحيحة في أي‬
‫قرار إداري هو شرعي لصحة القرار اإلداري‪ ،‬وبذلك فإن القاضي اإلداري عندما يمارش‬
‫الرقابة على الوجود المادي للوقائع فإنه يمارش رقابة شرعية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتكييف القانوني للوقائع في قرارات الضبط اإلداري فإن القاضي‬
‫اإلداري يثبت من أن الوقائع المادية تشكل تهديد أو إخالل بالنظام العام فاعتبر معظم‬
‫فقهاء القانون اإلداري أن هذه الرقابة تعتبر رقابة شرعية‪ ،‬وفي هذا الصدد بين األستاذ‬
‫‪ -Vellhienini-‬أنه في قرارات الضبط اإلداري الوقائع والتكييف القانوني عند فضحهما‬
‫من طرف مجلس الدولة فإنهما يشكالن فحص لشرعية تدبير الضبط اإلداري‪ ،‬ال يمكن‬
‫القول أن القاضي قد خرج عن مهمته كقاضي شرعية ‪ ،‬ويضيف أنه في مجال الضبط‬
‫اإلداري العام نجد أن القانون لم ينص على األسباب وبذلك أعطى لسلطات الضبط سلطة‬

‫‪Jean Castagne. Op. Cit. p 176.‬‬


‫(‪336‬‬
‫)‬
‫تقديرية ولكن األمر ال يتعلق إال بنظام عام واحد الذي تبينه المادة (‪ )97‬من قانون ‪5‬‬
‫أبريل‪. 1884‬‬
‫ومعنى ذلك أنه لو ترك المشرع لسلطات الضبط اإلداري سلطة تقديرية فيما‬
‫يخص األسباب فإن الرقابة على هذه السلطة تبقى دائما ً رقابة شرعية‪ ،‬هذا من خالل‬
‫مراقبة األسباب التي قدرتها سلطة الضبط في اتخاذها لقرار ما‪ ،‬وبذلك يراقب القاضي‬
‫تكييف الوقائع التي شكلت سببا ً التخاذ القرار‪ ،‬وهل تصلح هذه الوقائع لكي تكون وقائع‬
‫مكيفة على أساش أنها مهددة للنظام العام أو مخل به أو العكس‪ ،‬حيث أن تدخل سلطات‬
‫()‪337‬‬
‫الضبط اإلداري ال يكون شرعي إال داخل هذا اإلطار ‪.‬‬
‫وبذلك يكون تكييف الوقائع من طرف القاضي هو من صميم عمله وال يخرجه‬
‫عن مهمته‪ ،‬وال بأش أن نورد ما عبرت عنه المحكمة اإلدارية العليا المصرية في إحدى‬
‫أحكامها فيما يخصص الرقابة الشرعية على عنصر السبب من خالل رقابة الوقائع‬
‫والتكييف القانوني حيث عبرت عن ذلك بقولها" إن رقابة القضاء اإلداري تجد حدها‬
‫الطبيعي في التحقق هنا إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستمدة من أصول‬
‫موجودة أو غير موجودة وما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخالصا ً سائغا ً من أصول‬
‫تنتجها ماديا ً أو قانونيا ً أم ال‪ ،‬إذ يتوقف على وجود هذه األصول أو عدم وجودها وعلى‬
‫سالمة استخالص النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذه األصول أو فسادها‪ ،‬وعلى‬
‫صحة التكييف القانوني للوقائع بفرض وجودها ماديا ً أو عدم صحة هذا التكييف يتوقف‬
‫على هذا كله قيام أو عدم قيام ركن السبب في القرار اإلداري ومطابقته أو عدم مطابقته‬
‫()‪338‬‬
‫للقانون ‪.‬‬
‫‪ -2‬طبيعة الرقابة على القيمة الذاتية للسبب‬
‫على القاضي اإلداري عندما يمارش رقابة على القيمة الذاتية للسبب يمارش رقابة‬
‫شرعية ؟ أم أنه يتدخل في صالحيات موكلة لسلطة الضبط اإلداري ؟‬
‫بخصوص الجواب على هذه اإلشكالية‪ ،‬ظهر في الفقه اتجاهين اتجاه يعتبر هذه‬
‫الرقابة خارجة عن الشرعية واتجاه آخر يعتبرها رقابة شرعية في بعض األحيان‪.‬‬
‫أ‪ -‬رقابة القيمة الذاتية للسبب لم تعد رقابة شرعية‬
‫يرى أصحاب هذا االتجاه أن القاضي عندما يفحص الوجود المادي للوقائع وتكييفها‬
‫القانوني‪ ،‬فهو يبقى داخل مهمته المتمثلة في الرقابة على الشرعية ولكن عند مراقبته‬

‫‪Ibid. p177.‬‬
‫(‪337‬‬
‫)‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.252‬‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وفحصه لقيمة األسباب فإنه ينزلق إلى رقابة مالئمة‪ ،‬وبذلك ينصب نفسه كسلطة رئاسية‬
‫()‪339‬‬
‫عليا لإلدارة ‪.‬‬
‫وقد برر البعض استثناء قرارات الضبط وإخضاعها لرقابة مالئمة إنما تجد‬
‫مبررها في الرغبة األكيدة لدى القضاء اإلداري في تحقيق ضمانة لحقوق المواطنين‬
‫وحرياتهم‪ ،‬ولذلك فإن سلك مجلس الدولة حيال قرارات الضبط اإلداري المحلي في فرنسا‬
‫ال تفسره أية اعتبارات قانونية‪ ،‬وإنما تبرره اعتبارات عملية تتعلق في مجموعها بأن‬
‫السلطات المحلية باعتبارها سلطات منتخبة‪ ،‬كثيرا ما تدفعها الظروف المحلية إلى إساءة‬
‫استخدام سلطتها إرضاء للناخبين والتجاهات الرأي العام المحلي حتى ولو كان على‬
‫()‪340‬‬
‫حساب الحريات العامة أحيانا ‪.‬‬
‫فالرقابة التي يمارسها القاضي على األسباب من حيث مدى أهمية وخطورة‬
‫السبب‪ ،‬وضرورة تناسبه مع تدبير الضبط الذي يجب أن يكون فعاال ومناسبا‪ ،‬تدخل في‬
‫صميم عمل اإلدارة‪ ،‬فمن حيث المبدأ فإن سلطة الضبط اإلداري تعرف وقت تدخلها‪،‬‬
‫ومناسبات هذا التدخل والكيفية التي تتدخل بها‪ ،‬فعندما يأتي القاضي اإلداري فيما بعد‬
‫ويراجع ويمحص في ظروف اتخاذ القرار وأسبابه‪ ،‬وهل كان إجراء الضبط متناسبا ً مع‬
‫الخطر‪ ،‬فإنه بذلك يمارش رقابة مالئمة ويبتعد بذلك عن رقابة الشرعية‪.‬‬

‫ب‪ -‬رقابة شرعية‬


‫أصحاب هذا الرأي أو االتجاه يرون أن الرقابة على قيمة األسباب قد تكون في‬
‫بعض األحيان رقابة شرعية‪ ،‬وعلى هذا األساش فإنه نميز بين نوعين من قرارات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬نميز فيها بين قرارات ضبط فيها ارتباط بين الشرعية والمالئمة‪ ،‬وأخرى ال‬
‫يوجد فيها ارتباط‪ ،‬واستنادا ً إلى هذا التمييز فإننا نجد نوعين من قرارات الضبط اإلداري‬
‫‪:‬‬

‫‪ -1‬قرارات ضبط إداري ال تكون فيها المالئمة شرط للشرعية‪ ،‬فهناك استقالل تام بين‬
‫الفكرتين وتكون هذه القرارات شرعية حتى ولو كانت غير مالئمة‪ ،‬وبذلك فإن الرقابة‬
‫على قيمة االسباب شرعية‪ ،‬و األسباب التي تأخذ طابع رقابة مالئمة ال تكون لها عالقة‬
‫بالشرعية‪ ،‬وبذلك يستنتج أن القاضي ال يمكنه رقابة قيمة األسباب في هذه القرارات من‬
‫زاوية الشرعية بل يتعلق األمر برقابة مالئمة‪.‬‬

‫‪Jean Castagne. Op. Cit. p 180.‬‬


‫(‪339‬‬
‫)‬

‫‪3‬‬
‫حدود سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬المرجع ‪4‬السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البناء‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ -2‬قرارات ضبط إداري تكون فيها المالئمة شرط للشرعية وال تكون هذه القرارات شرعية‬
‫إال إذا كان يتوفر فيها عنصر المالئمة‪.‬‬
‫فبالنسبة للنوع الثاني من القرارات فهو يتعلق باألنشطة األساسية لألفراد التي‬
‫حماها الدستور وبذلك تتأكد حماية بعض الحريات األساسية التي يطلق عليها الحريات‬
‫"المحدودة" مثل حرية الفكر والعقيدة‪ ،‬وحرية عقد االجتماعات‪ ،‬وفي هذه الحاالت سلطات‬
‫الضبط اإلداري ال يمكنها المساش بهذه الحريات إال في حالة الضرورة‪ ،‬أما عكس ذلك‬
‫فإنها تخالف إرادة المشرع أو الدستور‪ ،‬وهي من األساش فإن القاضي يفحص قيمة‬
‫األسباب من حيث خطورتها ومن حيث مالئمة التدبير مع الظروف التي اتخذ فيها القرار‪.‬‬
‫وبذلك فهو يراقب المالئمة باعتبارها شرطا للشرعية‪ ،‬أي البحث في مسألة قانونية تتمثل‬
‫في الشروط الشرعية لتقييد هذه الحريات التي كفلها القانون فيمكن وصف هذه الرقابة‬
‫بأنها رقابة شرعية على القيمة الذاتية لألسباب‪.‬‬
‫أما بالنسبة للنوع األول فيجد تطبيقاته في األنشطة التي يكون لها قيمة أقل وال‬
‫تتمتع بتنظيم خاص من طرف المشرع أو الدستور‪ ،‬فأسباب تدخل سلطات الضبط اإلداري‬
‫هنا تكون لها قيمة ضئيلة ومحدودة والقرارات بخصوصها ال تكون بحاجة لعنصر‬
‫المالئمة حتى تكون شرعية‪.‬‬
‫فحرية التظاهر‪ ،‬والمواكب في الطرقات العامة ال تحظى بضمانة المشرع ‪ ،‬ففي‬
‫حالة منع التظاهر من طرف سلطات الضبط اإلداري في الطرقات العامة المشكل هنا‬
‫يطرا على أساش معرفة هذا المنع إن كان بسبب وقائع مادية أملت هذا القرار وبذلك‬
‫فإن الرقابة ال تكون رقابة بما أن القانون ترك لسلطة الضبط اإلداري اتخاذ القرار بناء‬
‫على ما تراه كافيا من األسباب التي تشكل مساش بالنظام العام‪ ،‬فعند رقابة القضاء للقيمة‬
‫الذاتية لألسباب فإنه يمارش رقابة مالئمة بما أن عنصر المالئمة ال يرتبط بشرعية‬
‫القرار‪ ،‬عكس الفئة األولى من الحريات المعرفة التي يوجد فيها ارتباط بين عنصر‬
‫()‪341‬‬
‫المالئمة والشرعية ‪.‬‬
‫وعلى ضوء هذا التمييز بين أصحاب هذا االتجاه رأيهم فما يخص طبيعة الرقابة‬
‫على القيمة الذاتية لألسباب‪ ،‬غير تفريقهم بين األنشطة التي تشكل حريات أساسية معرفة‬
‫ومحددة وأخرى لها قيمة أقل‪.‬‬
‫ونخلص مما تقدم أنه رغم االختالف حول طبيعة الرقابة على عنصر السبب من‬
‫حيث كونها رقابة شرعية أو كونها رقابة مالئمة فإنه يمكن القول أن الطبيعة المميزة‬
‫لقرار الضبط اإلداري تستدعي أن يمارش القاضي اإلداري رقابة أعمق‪ ،‬ولو وصفت‬
‫بأنها رقابة مالئمة‪ ،‬ألن األمر يتعلق هنا بحريات األفراد‪ ،‬فالمالئمة تدخل في هذا المجال‬

‫(‪341‬‬
‫)‬
‫‪Jean Castagne. Op. Cit. p 187.‬‬
‫ضمن الشرعية‪ ،‬وبذلك فإن القاضي يددي دوره اإليجابي ويمارش سلطاته الكاملة حامي‬
‫للحريات العامة والتمكين لدولة القانون‪.‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫الرقابة القضائية على الخروج‬
‫عن الغاية من قرارات الضبط‬
‫اإلداري‬
‫المطلب الثالث‬
‫الرقابة القضائية على الخروج عن الغايه من قرارات الضبط اإلداري‬
‫إن الغاية التي يتعين تحقيقها من إصدار القرار اإلداري هي تحقيق الصالح العام‬
‫ومراعاة الهدف المحدد الذي أراد القانون تحقيقه‪ ،‬حيث يجب أن يسعى مصدر القرار إلى‬
‫‪342‬والمشرع عندما يمنح اإلدارة سلطة‬ ‫تحقيق الغاية التي من اجلها منح سلطة إصداره( )‪،‬‬
‫إصدار القرارات اإلدارية فإنه يشترط صراحة أو ضمنا ً أن يكون الهدف منها الصالح العام‪،‬‬
‫()‪343‬‬
‫والخروج عن ذلك يعنى االنحراف في استعمال السلطة ‪.‬‬
‫جاء ذكر عيب الغاية كأحد أوجه الطعن بإلغاء القرار اإلداري لمجاوزة السلطة بالمادة‬
‫العاشرة الفقرة الثانية من قانون مجلس الدولة الحالي رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬وفق نص فقرتها‬
‫العاشرة المحددة الختصاص مجلس الدولة من أنه "يشترط في إلغاء القرارات اإلدارية‬
‫النهائية أن يكون مرجع الطعن عدم االختصاص‪ ،‬أو عيبا ً في الشكل أو مخالفة القوانين‬
‫()‪344‬‬
‫واللوائح‪ ،‬أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة‪ ...‬الخ" ‪.‬‬
‫بما أن المشرع المصري لم يعرف عيب الغاية (إساءة استعمال السلطة)‪ ،‬فقد تصدى‬
‫القضاء المصري لتعريف هذا العيب‪ ،‬منها على سبيل المثال‪ :‬حكم محكمة القضاء اإلداري‬
‫"إن سوء استعمال السلطة نوع من سوء استعمال الحق والموظف يسيء‬ ‫التي قضت فيه بأن‪َّ :‬‬
‫استعمال سلطته كلما استعمل نصوص القانون ونفذها بقصد الخروج على القانون‪ ،‬وبهذه‬
‫المثابة تكون إساءة استعمال السلطة ضربا ً من تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه‬
‫فهي ال تخرج عن كونها مخالفة متعمدة ألهداف القانون‪ ،‬بل وللقانون ذاته‪ ،‬لتعذر التفرقة‬
‫()‪345‬‬
‫بين نصوص القانون وأهدافه" ‪.‬‬
‫ويعرفه مجلس الدولة المصري بأنه‪" :‬سوء استعمال السلطة تصرف إرادي يقع من‬
‫مصدر القرار بتوخيه في إصداره غرضا ً غير الغرض الذي قصد القانون تحقيقه‪ ،‬وال‬
‫مكروها أن الرئيس اإلداري إذا ما أصدر قرارا ً عن هواه متنكبا ً سبيل المصلحة العامة كان‬
‫قراره مشوبا ً بسوء استعمال السلطة"‪ .‬وطبقا ً لقضاء مجلس الدولة المصري يكون هناك‬
‫انحراف في استعمال السلطة إن اتخذت اإلدارة قرارا ً لحماية أغراض غير التي قصدها‬
‫الشارع من منحها هذه السلطة‪ ،‬حتى ولو كانت هذه األغراض تتصل بالصالح العام‪.‬‬

‫‪.401‬‬
‫‪3‬‬
‫الثانية‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،1999 ،‬ص‬
‫‪4‬‬
‫الوسيط في القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫جودة‪ ،‬العيوب الشال ال الالكلية والموضال ال الالونية ‪4‬للق اررات اإلدارية‪ ،‬د ارسال ال الالة مقارنة بال‪3‬ش ال ال الريعة‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬صال ال الالالل أحمد السال ال الاليد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلسالمية‪ ،‬الكتاب السادس‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2011 ،‬ص‪.171‬‬


‫‪3‬‬
‫) د‪ .‬عبد الغنى بسيونى عبدهللا‪ 4،‬القضاء اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪4 ،‬اإلسكندرية‪ ،1996 ،‬ص‪.26‬‬ ‫(‬

‫الخصومة‬
‫‪3‬‬
‫حكم محكمة القضاء اإلداري‪ 5،‬الصادر بجلسة ‪ ،1949/6/7‬س‪ ،43‬ص‪93‬؛ د‪ .‬عبد الحكم فودة‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلدارية في دعوى اإللغاء والصيغ النموذجية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1996 ،‬ص‪.256‬‬
‫ويعرف أستاذنا الدكتور ماجد الحلو عيب الغاية "هو أن يمارش مصدر القرار السلطة‬
‫()‪346‬‬
‫التي خولها له القانون لتحقيق أهداف غير تلك التي حددها له" ‪.‬‬
‫ذهب بعض الفقه الفرنسي في تعريفه لعيب الغاية إلى تمثله في استخدام سلطة معينة‬
‫عن طريق جهة إدارية‪ ،‬من أجل تحقيق هدف آخر غير ذلك ألجله منحها القانون تلك السلطة‪.‬‬
‫واستطرد هذا الفقه إلى قيام عيب الغاية عند االستخدام العمدي من اإلدارة لسلطتها‬
‫لتحقيق هدف مغاير لذلك الذي ألجله منحت تلك السلطة‪.‬‬
‫هناك من الفقهاء من يفضل تعريفا ً آخر في الفقه الفرنسي للفقيه (فالين ‪ )walin‬لهذا‬
‫العيب يشير إلى قيامه عند استخدام اإلدارة الختصاصها ألجل غرض غير المصلحة العامة‪،‬‬
‫أو يتعلق بالمصلحة العامة‪ ،‬ولكنه أجنبي عن الهدف الذي حدده المشرع إلصدار هذا‬
‫()‪347‬‬
‫القرار ‪.‬‬
‫أما الفقيه موريس يعرف عيب الغاية ‪" :‬هو أن تقوم سلطة إدارية في إطار أدائها‬
‫عمالً معينا ً من اختصاصها ومع مراعاتها الشكليات المقررة لهذا العمل وعدم مخالفتها‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬باستخدام سلطتها لتحقق أهداف خارجة عن األهداف التي منحت ألجلها‬
‫()‪348‬‬
‫هذه السلطة‪ ،‬أي لتحقيق أهداف ال تدخل ضمن الحفاظ على الصالح العام" ‪.‬‬
‫تعتبر القرارات الضبطية أكثر القرارات عرضة لإلنحراف بالسلطة وهذا نظرا ً‬
‫لما هو مخول لسلطات الضبط اإلداري من تقييد للحريات فتزيغ بذلك هذه السلطات عن‬
‫الهدف المخصص لقرارات الضبط اإلداري المتمثل في المحافظة على النظام العام‪،‬‬
‫وبذلك يشكل هذا العيب خطورة بالغة على المستوى القانوني نظرا ً لما يتسم به من خفاء‬
‫يددي ذلك إلى صعوبة كشف هذا العيب مما يغري سلطات الضبط اإلداري بارتكاب‬
‫متعمد لهذا العيب وتزيد أهمية هذا العيب خاصة في الدول التي لم ترسو بعد على معالم‬
‫دولة قانون تلعب فيها اإلدارة دور كبير‪ ،‬وكذلك لم تتوصل بعد إلى إقرار نظام قضائي‬
‫إداري مستقل ومتمرش يراقب هذه القرارات من عيب االنحراف بالسلطة‪ ،‬عكس القضاء‬
‫اإلداري الفرنسي‪ ،‬والمصري بدرجة أقل‪ ،‬حيث بلغ مجلس الدول في هذا الخصوص‬
‫مبلغا ً متقدما ً‪ ،‬حيث قام بإلغاء قرارات الضبط اإلداري بسبب االنحراف بالسلطة مرتكزا ً‬
‫على الحاالت التي يمكن فيها لسلطة الضبط اإلداري أن تنحرف بالسلطة‪.‬‬

‫الجزء الرابع‪ ،‬أسباب الطعن باإللغاء‪ 3،‬دار‬


‫‪4‬‬
‫البدوي‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫نقال عن‪ :‬د‪ .‬إسماعيل‬
‫ً‬
‫)‬ ‫(‬

‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص‪.442‬‬


‫(‪348‬‬
‫)‬
‫‪Melleray Fabrice, Recours pour excès de pouvoir (Moyens d'annulation), Éd.‬‬
‫‪Dalloz, paris, 2015, p. 8. disponible a l'adresse suivante:‬‬
‫‪http://users.unimi.it/ferminio/ParteSpecialeAP2015/MellerayF2014%20%20Recours‬‬
‫‪%20pour%20exc%C3%A8s%20de%20pouvoir%20(Moyens%20d'annulation).pdf‬‬
‫الفرع األول‬
‫دور القاضي االداري في فحص الغاية من القرار اإلداري ‪:‬‬
‫()‪349‬‬

‫حيث إن القاضي اإلداري هو حقا ً قاضي المشروعية دون المالئمة وليس له إال أن يكون‬
‫كذلك‪ ،‬ولكن بمعنى أنه ال يملك الحكم بإلغاء القرار اإلداري لعدم المالئمة أو الحلول محل‬
‫اإلدارة في صميم عملها‪ ،‬دون أن يتعارض ذلك مع سلطته في فحص هذه المالئمة إن كان‬
‫()‪350‬‬
‫من شأن ذلك إثبات عيب من عيوب المشروعية في القرار اإلداري ‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد يتعين مالحظة أن تخلى المشرع عن تقييد اإلدارة في شأن مسألة إدارية ما‪،‬‬
‫ال يفيد حتما تمتع اإلدارة بسلطة تقديرية في الجوانب التي لم يقيدها المشرع فيها إذ من‬
‫المتصور أن يكون مرجع عدم التقييد‪ ،‬هو عجز المشرع من الناحية الفنية أو القانونية عن‬
‫ذلك وليس التخلي بإرادته الحرة عن التقييد مع توافر القدرة عليه بهدف منح اإلدارة السلطة‬
‫()‪351‬‬
‫التقديرية ‪.‬‬
‫ففي مثل هذه األحوال يكون من سلطة القاضي اإلداري أن يبحث عما إذا كانت هناك‬
‫قيود ترد على سلطة اإلدارة في اتخاذ القرار اإلداري محل هذه المسألة من المصادر األخرى‬
‫للقانون وخاصة في المبادئ القانونية العامة التي ال خالف على إلتزام اإلدارة بمثل التزامها‬
‫بالتشريع‪ ،‬فإذا تبين للقاضي وجود بعض المبادئ التي من شأنها تقييد سلطات اإلدارة بصدد‬
‫هذه المسألة كان له إلغاء القرارات المخالفة لتلك المبادئ‪ ،‬دون أن يعد ذلك تدخالً منه في‬
‫صميم عمل اإلدارة أو الحلول محل اإلدارة في ممارسة سلطتها التقديرية‪ ،‬وذلك لسبب وحيد‬
‫وبسيط هو أن اإلدارة ليس لها هذه السلطة بصدد تلك المسألة‪ ،‬واألمر هنا ليس أمر استثناء‬
‫يرد على قاعدة أن القاضي اإلداري قاض للمشروعية دون المالئمة‪ ،‬وإنما هو مجرد انتقال‬
‫عناصر التقييد من دائرة التشريع إلى دائرة المبادئ القانونية العامة وذلك إزاء عجز المشرع‬
‫عن التدخل بتقييد اإلدارة سلفاً‪ ،‬ومن ثم يحل محله القاضي بقدرته على التحديد بدال من‬
‫()‪352‬‬
‫العمومية والتجريد ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فإذا تبين أن لإلدارة بشأن مسألة ما سلطة تقديرية حقيقية حيث لم‬
‫يرد في القانون بالمعنى الواسع أي قيد على هذه السلطة بصدد تلك المسألة فهنا أيضا ال يمكن‬
‫()‪353‬‬
‫التسليم بأن حرية اإلدارة في التقدير هي حرية مطلقة ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ ،1994‬ص‪.10‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪9 ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫‪ ،1987‬ص‪.291‬‬
‫‪5‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪،‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوى‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬قضاء‪ 1‬المالئمة والسلطة التقديرية للدارة‪ 5،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫على أعمال اإلدارة القضائية‪ ،‬مرجع ‪5‬سابق‪ ،‬ص‪.214‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬محمد كامل ليلة‪ ،‬الرقابة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬قضاء‪ 3‬المالئمة والسلطة التقديرية للدارة‪ 5،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وعليه فإن تخلى القانون عن تقييد اإلدارة في مسألة ما ال يستتبع حتما تخلى القضاء‬
‫عن ممارسة وظيفته في الرقابة على أعمال اإلدارة المتصلة بهذه المسألة التي تتمتع اإلدارة‬
‫بشأنها بسلطة تقديرية‪ ،‬فالقاضي اإلداري ال يعاقب في هذه الحالة تلك السلطة ليتأكد من توافر‬
‫كافة شروط مشروعيته‪.‬‬
‫وفى كل األحوال ليس من شأن هذه الرقابة المساش بحرية التقدير المخولة للسلطة‬
‫اإلدارية‪ ،‬فعندما يطبق القاضي المبادئ القانونية العامة فإنه ال يطبقها بهدف إهدار السلطة‬
‫التقديرية لإلدارة وحرمانها من حرية التقدير تماماً‪ ،‬وإنما يطبقها فقط ضمانا ً للمشروعية‬
‫وإعالء لكلمة القانون‪ ،‬على سبيل المثال فإن تطبيق مبدأ التناسب بين عنصري السبب والمحل‬
‫في القرارات التأديبية مثالً‪ ،‬ال يددى إلى الحرمان المطلق لحرية اإلدارة في تقدير مالئمة‬
‫هذه القرارات حيث يبقى لإلدارة مراعاة بعض الوقائع الهامة مثل السوابق التأديبية للموظف‬
‫وموقفه العائلي وحالته الصحية وهى ظروف واقعية تدثر حتما ً على مالئمة القرار التأديبي‬
‫بعيدا ً عن التناسب أو الغلو في تقدير الجزاء ‪.‬‬
‫()‪354‬‬

‫وفى رأينا أنه قد حان الوقت للفصل بين مسألتي السلطة التقديرية والرقابة القضائية‬
‫عليها‪ ،‬ألن دور القاضي في فحص هذا التقدير إنما يدخل ضمن حدود وظيفته األصلية في‬
‫الرقابة على مشروعية أعمال اإلدارة حيث تتحدد سلطته إزاء القرارات اإلدارية عموما ً إما‬
‫باإللغاء أو باإلبقاء فهو إذن ال يحل نفسه محل اإلدارة وال يغتصب سلطتها في اتخاذ القرار‬
‫وليس في استخالص أحد عيوب المشروعية من خالل فحص المالئمة أي مساش باإلدارة‬
‫وسلطاتها واختصاصاتها‪ ،‬فالقاضي ال يقف في طريق اإلدارة وإنما يقف في طريق انحرافها‬
‫بالسلطة بهدف الحيلولة دون أن تكون هذه السلطة التقديرية سلطة تحكمية أو تعسفية أو‬
‫()‪355‬‬
‫مطلقة ‪.‬‬
‫فالمسألة إذن تدور حول سلطات القاضي في دعوى إلغاء القرارات اإلدارية واألصل‬
‫فيها أن القاضي ال يملك إال إلغاء القرار اإلداري لعدم مشروعيته‪ ،‬فإذا رأى اإلبقاء عليه‬
‫لمشروعيته حكم برفض الدعوى موضوعاً‪ ،‬أما إذا انتهى إلى إلغاء القرار اإلداري لعدم‬
‫المشروعية فإن هذا اإللغاء يستوجب أن يشوب القرار أحد عيوب المشروعية المتصلة‬
‫()‪356‬‬
‫بعناصر القرار وهى الشكل واالختصاص والسبب والمحل للغاية ‪.‬‬
‫وهكذا يحق لنا القول بأنه لم يعد سائغا ً الربط بين ممارسة اإلدارة للسلطة التقديرية‬
‫وإفالت هذه الممارسة من رقابة القضاء اإلداري‪ ،‬فالسلطة التقديرية كما أكدنا سلفا ً هي سلطة‬
‫قانونية مصدرها القانون وتخضع لحدود وضوابط القانون وهي سلطة تهدف إلى التوصل‬
‫إلى القرار المالئم بصدد الموضوع محل هذا القرار إذا لم تتحقق هذه المالئمة نتيجة مباشرة‬

‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القضاء‪ 4‬اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫على أعمال اإلدارة القضائية‪ ،‬مرجع ‪5‬سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬محمد كامل ليلة‪ ،‬الرقابة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫ص‪.56‬‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬عبد الغنى بسيونى عبدهللا‪ 6،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫هذه السلطة‪ ،‬فإن مفاد ذلك أن تلك المباشرة لم تكن سليمة بل وغير مشروعة لعدم تحقيق‬
‫()‪357‬‬
‫الغاية منها أي مالئمة القرار اإلداري ‪.‬‬
‫وهكذا فإن القضاء اإلداري يمارش من خالل وظيفته كقاض للمشروعية اإلدارية دورا ً متعاظما ً‬
‫في الحد من السلطة التقديرية للحيلولة دون تحولها إلى سلطة تعسفية‪ ،‬وذلك من خالل فرض احترام‬
‫اإلدارة للمبادئ القانونية العامة عالوة على مصادر القانون األخرى بطبيعة الحال‪ ،‬والتي من شأنها‬
‫سد النقص في التشريع بصدد سلطات اإلدارة في الموضوعات المختلفة‪.‬‬
‫واستنادا ً إلى ما تقدم يمكننا أن نقرر أن السلطة التقديرية لإلدارة لم تعد مرتبطة‬
‫بموقف المشرع‪ ،‬وإنما باتت تعود في النهاية للقاضي اإلداري‪ ،‬فهو الذي يرسم حدود هذه‬
‫السلطة بالنسبة لجهة اإلدارة‪ ،‬مما يدفعنا إلى إعالن زوال مقولة أن القاضي اإلداري قاضى‬
‫مشروعية وليس قاضيا ً للمالءمة‪ ،‬إضافة إلى انتهاء عصر الربط بين ممارسة اإلدارة للسلطة‬
‫()‪358‬‬
‫التقديرية‪ ،‬وإفالت هذه الممارسة من رقابة القضاء ‪.‬‬
‫والخالصة أن مباشرة السلطة التقديرية ال تعنى بأي حال من األحوال ارتكاب مخالفة‬
‫للمشروعية‪ ،‬إذ هي في جوهرها وسيلة لتطبيق القانون وبالتالي تخضع لمبدأ المشروعية‬
‫()‪359‬‬
‫مثلها في ذلك مثل السلطة المقيدة ‪.‬‬

‫الفرع الثانى‬
‫صور (حاالت) عيب الغاية في قرارات الضبط االداري‬
‫يحدث االنحراف بالسلطة في قرارات الضبط اإلداري‪ ،‬عندما تستخدم سلطة‬
‫الضبط اإلداري سلطتها لتحقيق غاية غير مشروعة بعيدة عن المصلحة العامة ‪ ،‬وكذلك‬
‫إذا انحرفت سلطة الضبط عن اإلجراءات التي حددها القانون‪.‬‬
‫‪ -1‬صدور قرار الضبط من أجل مصلحة خاصة‬
‫‪360‬فاألصل العام في القرارات اإلدارية‬
‫وهي أسوأ صور عيب اإلنحراف بالسلطة( )‪،‬‬
‫بكافة أنواعها أن تستهدف المصلحة العامة كغاية لها‪ ،‬وهذه القاعدة تحكم القانون اإلداري‬

‫‪3‬‬
‫اإلداري في القانون المصري والمقارن‪ 5،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬محمود حافظ‪ ،‬القضاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلدارة التقديرية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع ‪3‬سابق‪ ،‬ص‪.251‬‬


‫‪5‬‬
‫حدود الرقابة القضائية على سلطة‬
‫‪8‬‬
‫د‪ .‬خالد سيد محمد حماد‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫إللغاء القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2613‬‬


‫‪5‬‬
‫خليفة‪ ،‬االنحراف بالسلطة كسبب‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القاهرة‪ ،1997 ،‬ص‪ .201‬وقد يرى ‪3‬البع‬


‫‪6‬‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬طارق فتن هللا خضر‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بأن هذه الحالة من هذا العيب يؤدي إلى انعدام القرار وليس مجرد بطالنه‪ ،‬وتعد من حاالت الخطأ الشخصي‬
‫عن األض الرار الناشالالئة عنها في أمواله الخاصالالة‪ .‬المسالالتشالالار‪/‬‬ ‫الذي يتحمل صالالاحب الخطأ فيها مغبة التعوي‬
‫عليوة مصطفى فتن الباب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫دون أن يحتاج تطبيقها إلى نص ‪ ،‬وعلى اإلدارة أن تلتزم بها في ممارستها ألعمالها‪ ،‬ذلك‬
‫أن القانون العام لم يمنح اإلدارة السلطات واالمتيازات إال كوسائل تساعدها على تحقيق الغاية‬
‫الرئيسة وهي المصلحة العامة‪ ،‬وهذا بخالف الوضع بالنسبة للقانون الخاص‪ ،‬حيث تعد‬
‫المصلحة الخاصة هي الغاية التي يتوخاها كل عمل فردي‪ ،‬وعلى هذا النحو‪ ،‬فإنه ينبغي أال‬
‫تخرج القرارات اإلدارية عن الهدف العام المتمثل في المصلحة العامة‪ ،‬وإالا يكون معيبا ً‬
‫بعيب االنحراف بالسلطة وقابالً لإلبطال عند الطعن فيه أمام القضاء اإلداري ‪.‬‬
‫()‪361‬‬

‫فالغاية من منع مظاهرة أو اجتماع ليست هي الحد من حريات األفراد السياسية بل‬
‫هي المحافظة على النظام العام‪ ،‬لذلك فعلى رجل اإلدارة أن يضع نصب عينيه المصلحة‬
‫العامة حين يصدر قراره وليس له أن ينحرف عنها لتحقيق منفعة شخصية أو أن يقصد‬
‫االنتقام أو تحقيق غاية سياسية أو محاباة الغير‪ . . .‬الخ‪ ،‬وإالا كان قراره معيبا ً بعيب اإلنحراف‬
‫بالسلطة‪ ،‬واستهداف الصالح العام هو القيد الذي تخضع له اإلدارة وتلتزم به عند ممارستها‬
‫()‪362‬‬
‫ألعمالها ‪.‬‬
‫وجدير بالذكر بأن جهل الموظف الذي يصدر القرار اإلداري بمقتضيات المصلحة‬
‫العامة يجعل قراره معيبا ً بعيب االنحراف بالسلطة‪ ،‬وذلك رغم عدم تعلق إصداره بغاية‬
‫شخصية أو بسوء النية‪ ،‬وتأكيدا ً لذلك فقد ذهبت محكمة القضاء اإلداري المصري إلى إبطال‬
‫قرار ضبط لما انطوى عليه من رفض لتجديد إقامة أجنبية بالدولة لمدة قصيرة بغرض إتمام‬
‫عالجها من مرض الروماتيزم‪ ،‬بمياه حلوان المعدنية‪ ،‬رغم أنه لم يكن هناك خوف من‬
‫وجودها على اآلداب أو الصحة العامة‪ ،‬حيث أسست حكمها على أن مثل هذا القرار يخالف‬
‫الصالح العام المتمثل في تنشيط مجال السياحة التي تنفق عليها الدولة مبالغ هائلة‪ ،‬إضافة‬
‫إلى مخالفته لمقتضيات اإلنسانية وواجب الرحمة بالمرضى‪ ،‬األمر الذي يجعل القرار منافيا ً‬
‫()‪363‬‬
‫للمصلحة العامة‪ ،‬مما يشوبه باالنحراف بالسلطة ‪.‬‬

‫أ‪ -‬استخدام وسائل الضبط اإلداري لتحقيق مصالح مالية‬


‫فالقانون قد جعل الغاية التي يهدف إليها القرار الضبطي هي المحافظة على النظام‬
‫العام بعناصره الثالثة‪ ،‬وهي األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫عناصره الخاصة إن وجدت‪ ،‬فإذا أصدر عضو الضبط اإلداري قراره لتحقيق غير تلك‬
‫الغاية‪ ،‬كان قراره مشوبا ً حتى لو كانت هذه الغاية التي سعى إلى تحقيقها تتفق مع الصالح‬

‫‪3‬‬
‫ص‪.266‬‬
‫‪6‬‬
‫هللا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الثانية‪ ،‬منشال الالأة المعارف‪ ،‬اإلسال الالكندرية‪،20043 ،‬‬


‫‪6‬‬
‫اإلداري‪ ،‬قضال الالاء اإللغاء‪ ،‬الطبعة‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬عدنان عمرو‪ ،‬القضال الالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.137‬‬
‫حكم محكمة القضال ال الالاء اإلداري‪ ،‬القضال ال الالية رقم ‪ ،777‬لسال ال الالنة ‪10‬ق‪ ،‬جلسال ال الالة ‪ ،1956/12/28‬مجموعة أحكام‬
‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪3‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫السال الالنة الحادية عش ال الرة‪ ،‬ص‪ ،97‬مشال الالار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬أسال الالباب قبول دعوى إلغاء‬
‫القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.263‬‬
‫العام في تقديره‪ ،‬حيث ال محل لهذا التقدير بعد أن حسم القانون ما يحقق هذه المصلحة في‬
‫()‪364‬‬
‫خصوصية موضوع هذا القرار ‪.‬‬
‫وعليه قد تسعى اإلدارة الستخدام وسائل الضبط اإلداري التي في متناولها لتحقيق‬
‫‪365‬وكذلك المصري قد وقف في وجهها‬ ‫منفعة مالية لها‪ ،‬غير أن مجلس الدولة الفرنسي( )‪،‬‬
‫لمنعها من استخدام هذه الوسائل الضبطية للحصول على منافع مالية لها‪.‬‬
‫حيث قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء قرار أصدره عمدة أحد المدن بمنع خلع‬
‫المالبس على الشواطئ‪ ،‬إال في وحدة خلع المالبس‪ ،‬وذلك ألن العمدة وإن كان يملك اتخاذ‬
‫اإلجراءات التي من شأنها الحفاظ على اآلداب العامة‪ ،‬فإن قراره كان يستهدف الحصول‬
‫()‪366‬‬
‫على منفعة مالية لبلدية المدينة في الحقيقة ‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما تقدم فقد تطور قضاء مجلس الدولة الفرنسي في هذا المجال حيث‬
‫قضى في بعض الحاالت بأن استهداف اإلدارة لنفع مالي ال يعد سببا ً لإلبطال‪ ،‬كما في حاالت‬
‫الظروف الطارئة التي تحتم مراعاة المراكز المالية لملتزمي المرافق العامة‪ ،‬إذ أخذ المجلس‬
‫بفكرة قيام اإلدارة بمساعدة المتعاقدين معها في مواجهة المنافسين من خالل استخدامها‬
‫لسلطات الضبط‪ ،‬وعلى ذلك فإنه لم يحكم بإلغاء قرارات اإلدارة برغم استهدافها لمنافع مادية‬
‫()‪367‬‬
‫في هذه الحاالت ‪.‬‬
‫وعليه فإن مجلس الدولة الفرنسي وكذلك المصري قد خفف من شدة هذه الحالة فيما‬
‫يتعلق بالخدمات التي تدديها المجالس المحلية طالما يتفق تحقيق المصلحة المالية مع مصلحة‬
‫المرفق والمنتفعين به‪ ،‬حيث قضى مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 6‬يناير عام ‪ 1933‬بأن‬
‫القرار الصادر بقصر المرور في أحد الشوارع الحديثة على السيارات التي ال تتعدي وزنا ً‬
‫محددا ً ال ينطوي على االنحراف بالسلطة؛ ألنه يستهدف تقليل النفقات التي تتحملها هذه‬
‫()‪368‬‬
‫القرية ‪.‬‬
‫وقد شهد القضاء اإلداري المصري موضوعا ً مماثالً للحالة األخيرة‪ ،‬حيث كان األمر‬
‫يتعلق بالطعن في سحب ترخيص تسيير عربات أوتوبيس بمدينة السويس بناء على أن هناك‬
‫انحرافا ً بالسلطة لتحقيق مصلحة مالية للبلدية‪ ،‬فقضت محكمة القضاء اإلداري برفض الطعن‬

‫‪3‬‬
‫الدعاوى اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6323‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الوص‪ ،‬حكمه في قضالالية ‪carriol3 Laumonicr‬‬


‫‪6‬‬
‫ومن األحكام الشالالهيرة لمجلس‪5‬الدولة الفرنسالالي في هذا الخصال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫بتاري ‪ 26‬نوفمبر سال الالنة ‪ ،1875‬الذي ألغى فيها قرار اإلدارة الصال الالادر تأسال الاليس ال الاً على سال الاللطة الضال الالبط اإلداري‬
‫س ال ال ال الالليم‪ ،‬بعد أن تبين أن نية اإلدارة هي‬ ‫المخولة لها بإغالق مص ال ال ال الالانع الثقاب التي لم تحص ال ال ال الالل على ترخي‬
‫احتكار هذه الصناعة‪ ،‬مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬وسام صبار العاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.253‬‬
‫‪C. E. 4 Juillet 1924, Beauge, Rec. , P. 641.‬‬
‫‪(366‬‬
‫)‬

‫مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬
‫جع سابق‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬طارق فتن هللا خضر‪ ،‬مر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪C. E. , 6 Jan. 1933. Ratto et Autres.‬‬


‫‪(368‬‬
‫)‬
‫باإللغاء تأسيسا ً على أنه متى كان مبني طلب إلغاء القرارين موضوع الدعوى أنهما مشوبان‬
‫بعيب إساءة استعمال السلطة الستهدافهما تحقيق مصلحة مالية خاصة للبلدية هي اإلتاوة التي‬
‫نص عليها الترخيص ورفعت في شأنها دعاوى مدنية ال تزال منظورة أمام القضاء إلى‬
‫اآلن‪ ،‬وأن هذه المصلحة المالية ال تعد غرضا ً مشروعا ً مما يبرر إنهاء أو سحب التراخيص‬
‫بل هو غرض غير مشروع منطوي على إساءة استعمال السلطة‪ ،‬وما دام كذلك فإن هذا‬
‫الطلب يكون على غير أساش سليم من القانون‪ ،‬ألن األسباب التي دعت إلى سحب التراخيص‬
‫المتناع المدعين عن دفع اإلتاوة تدخل ضمن المصلحة العامة‪ ،‬ومن ثم فإن المجلس البلدي‬
‫إذا استهدف بإلغائها أن يفيد مالياً‪ ،‬إنما استهدف هدفا ً مشروعاً‪ ،‬وليس ثمة شك في أن موازنة‬
‫()‪369‬‬
‫الميزانية المحلية من أغراض المصلحة العامة ‪.‬‬
‫وبالرغم من التطور المذكور في كل من القضائين الفرنسي والمصري‪ ،‬إال أنه ال‬
‫يمكن عده اتجاها ً عاماً‪ ،‬إذ أن النطاق الذي يسوغ لإلدارة استخدام بعض سلطات الضبطية‬
‫مستهدفة في ذلك منافع مالية محددة ومنحصر في السلطات المحلية وحدها‪ ،‬فضالً عن أن‬
‫الغاية يجب أال تكون غاية مالية بحتة‪ ،‬يضيف القضاء دوافع أخرى ترتبط بمصلحة المرفق‬
‫()‪370‬‬
‫والمنتفعين به ‪.‬‬
‫إن ما في تقرير مشروعية اإلنحراف عن الغاية المخصصة من خطورة بالغة‪ ،‬لما‬
‫فيه من جعل احترام حقوق األفراد مرهونا ً على احتياجات اإلدارة المحلية المتزايدة وهذا ما‬
‫يعني مزيدا ً من المساش بتلك الحقوق كلما تزايدت احتياجات هذه اإلدارات لزيادة إيراداتها‪،‬‬
‫كما قد يدفعها ذلك إلى اإلسراف في النفقات معتمدة في تغطيتها من عائد االعتداء على حقوق‬
‫األفراد بقرارات تصدرها تحقق لها إيرادات مالية بالمخالفة للغاية المخصصة التخاذ هذه‬
‫()‪371‬‬
‫القرارات ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحقيق مصلحة شخصية أو محاباة للغير‬
‫وهنا يتخذ رجل اإلدارة قراره مستكمالً عناصره األساسية ولكنه مفتقد لعنصر الغاية‬
‫ألنه يهدف إلى تحقيق منفعة شخصية له أو لغيره‪ ،‬ومثال ذلك ما حدث في فرنسا من أحد‬
‫العمد كان يملك مقهى خاص‪ ،‬وكان هنالك مرقص يملكه أحد األفراد ينافس مقهاه ويجتذب‬
‫شباب القرية إليه‪ ،‬فأصدر العمدة بسلطته اإلدارية قرارا ً يحدد األيام والساعات المحددة التي‬
‫طعن في‬ ‫يجب أن تعمل فيها محالت الرقص‪ ،‬وغايته كانت زيادة دخل مقهاه الخاص‪ ،‬فلما ُ‬
‫()‪372‬‬
‫قراره بعيب إساءة استعمال السلطة‪ ،‬قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء القرار ‪.‬‬

‫مصطفى‬
‫‪3‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬السنة التاسعة‪ ،‬ص‪ ،6183‬بند ‪ ،140‬مشار إليه لدى‪ :‬د‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫مجموعة أحكام محكمة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫أبو زيد فهمي‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.337‬‬


‫‪3‬‬
‫هللا خضر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬مرجع‪ 0‬سابق‪ ،‬ص‪278‬؛ د‪ .‬طارق فتن‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫خليفة‪ ،‬أسباب قبول دعوى إلغاء القرار‪ 7‬اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.327‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫سابق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪2 ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وتطبيقا ً لذلك ألغى مجلس الدولة الفرنسي قرار أحد المحافظين بعدم منح تراخيص‬
‫بناء مراكز تجارية لبعض الشركات‪ ،‬إذ ثبت أن المحافح لم يستهدف بهذا القرار تحقيق‬
‫()‪373‬‬
‫مصلحة عامة‪ ،‬وإنما تحقيق مصالح فردية معينة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬تحقيق غرض سياسي أو حزبي‬
‫وهذه الحالة تتمثل في استخدام اإلدارة سلطاتها لتحقيق غايات ذات طبيعة سياسية‬
‫فئوية أو حزبية ال تمت بصلة إلى المصلحة العامة‪ ،‬كأن تصدر اإلدارة قرارا ً بفصل أحد‬
‫الموظفين كونه ينتمي إلى حزب سياسي مناوئ للحزب الحاكم‪ ،‬أو امتناعها عن قبول تعيين‬
‫مرشح لوظيفة عامة بسبب ميوله السياسية‪ ،‬وبعد استبعاد القضاء اإلداري للباعث السياسي‬
‫بوصفه سببا ً يحول دون فحص مشروعية القرار اإلداري منذ الحكم في قضية "نابليون" عام‬
‫‪ ،1875‬أصبح مجلس الدولة الفرنسي يحكم بإلغاء القرار اإلداري المشوب بهذا العيب في‬
‫()‪374‬‬
‫حاالت كثيرة‪.‬‬
‫كما أن هذا اإلنحراف قد يجد مجاله‪ ،‬ويرتكب بكثرة من طرف سلطات الضبط‬
‫اإلداري في الدول التي ما زالت فيها السلطات تخلط بين التوجه السياسي وتحقيق الصالح‬
‫العام المجرد‪ ،‬فبعض الدول النامية تنتمي إلى هذا الصنف وقد تتعمد سلطات الضبط‬
‫اإلداري بإصدار قرارات تحقيقا ً ألهداف سياسية حزبية ضيقة متذرعة بالمحافظة على‬
‫النظام العام كأن يعتمد الوالي بمنع تجمع لحزب معين‪ ،‬وهذا نظرا ً لتوجهات هذا الحزب‬
‫المعارضة للحزب الحاكم أو رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫أو كأن يتخذ وزير الداخلية قرار بمنع أشخاص من الترشح لالنتخابات بحجة‬
‫خطورة هدالء األشخاص على النظام العام‪ ،‬ولكن الغاية من ذلك هي دافع سياسي حيث‬
‫يشكل هدالء األشخاص منافسة كبيرة للحزب الذي ينتمي إليه وزير الداخلية‪.‬‬
‫إن مثل هذا الغرض كثيرا ما يحدث في ظل األنظمة الدكتاتورية أو شبه‬
‫الدكتاتورية حتى لو تلونت بألوان ديمقراطية ‪...‬باألخص‪ -‬مع األسف ‪-‬في أغلب الدول‬
‫العربية وما يزيد في الطين بلة هو وجود قضاء إداري ال حول له وال قوة تجاه الرقابة‬
‫على هذه القرارات المشوبة بعيب االنحراف بالسلطة ألغراض سياسية‪ ،‬ألن القضاء في‬
‫هذه الدول ال يزال مرهون بالسياسة في مثل هذه األمور هذه حقيقة ينبغي ذكرها ومثال‬
‫الجزائر ومصر ليس علينا ببعيد‪.‬‬

‫‪C. E. , 20. 7. 1979, Epoux leboucher et autres, Rec, P. 572.‬‬


‫‪(373‬‬
‫)‬

‫‪3‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪7‬‬
‫الوسيط في القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬محمود عاطف البنا‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫ومن األمثلة على هذا الغرض في ظل القضاء الفرنسي‪ ،‬قيام مجلس الدولة بإلغاء‬
‫قرار ضبط يحضر اجتماعا ً ألن االجتماع ينظمه حزب غير الحزب الحاكم وكذلك قرار‬
‫()‪375‬‬
‫ضبط يمنع بيع جريدة في الطريق العام ألن هذه الجريدة تحمل أفكار معارضة ‪.‬‬
‫وفي مصر قضت محكمة القضاء اإلداري بأن العمدة استدل على أن القرار المطعون‬
‫فيه قد صدر ألغراض حزبية‪ ،‬وأن خصومه تصيدوا له هذه التهم إرضاء لرغباتهم‬
‫وشهواتهم‪ ،‬ألن وزير الداخلية صدق على القرار يوم الجمعة ‪ 25‬يناير سنة ‪ 1952‬الذي‬
‫كانت تجتاز فيه البالد أحداثا ً جساما ً يستغرب معها أن يعني الوزير بمسائل العمد وما إليها‬
‫في أيام عطلة‪ ،‬وترى المحكمة في هذه الشواهد وما حواه الملف من توصيات استعدادات‬
‫صادرة من بعض النواب على المدعي ما يحول دون اطمئنانها إلى توخي القرار المطعون‬
‫فيه وجه المصلحة العامة المنزهة عن الميل أو اإلنحراف ومن ثم يكون القرار قد خالف‬
‫القانون وانحرف عن سنته انحرافا ً حقيقا ً باإللغاء ‪.‬‬
‫()‪376‬‬

‫‪ -2‬صدور عمل الضبط ألجل مصلحة عامة ليست حفظ النظام العام أو إعادته‬
‫إن كل سلطة ينشئها القانون فإنه يحدد لها صراحة أو ضمنا ً غاية محددة ينبغي أن‬
‫تقتصر عليها‪ ،‬وهذه الغاية ثابتة ال تتغير بتغير الظروف‪ ،‬ومن جانب آخر فإن رجل اإلدارة‬
‫عندما يخالف الغاية المحددة لسلطته فإنه يكون منساقا ً وراء بواعث ال يمكن حصرها‪ ،‬وقد‬
‫تكون هذه البواعث شريرة غير مشروعة وقد تكون محمودة تكونت تأسيسا ً على حسن‬
‫المقاصد‪ ،‬ولكن ما يعنينا هنا هو عدم التوافق بين الغاية التي قررها القانون الختصاص معين‬
‫وتلك التي تسعى اإلدارة إلى تحقيقها فعالً‪ ،‬ورجل اإلدارة هنا إنما يتقيد بقيدين‪ ،‬األول سلبي‬
‫يتمثل في عدم قيامه بتحقيق غايات شخصية والثاني أن يلتزم حدود الغاية المخصصة‬
‫()‪377‬‬
‫لسلطته ‪.‬‬
‫عندما يعهد المشرع إلى جهة إدارية معينة ببعض االختصاصات ويحدد لها األهداف‬
‫التي يتوجب عليها تحقيقها عند ممارستها لهذه االختصاصات فإن خروجها عن هذه األهداف‬
‫يعيب تصرفها بعيب االنحراف حتى وإن كانت هذه الجهة تستهدف من تصرفها أهدافا ً أخرى‬
‫تتعلق بالصالح العام‪ .‬وهذا ما أشارت إليه المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ‬
‫‪1974/3/14‬م المشار إليه حيث قالت "إن عيب االنحراف بالسلطة هو من العيوب القصدية‬
‫التي يتعين على من يدعيه أن يقيم الدليل على أن جهة اإلدارة قصدت بإصدار القرار مجرد‬
‫االنتقام الشخصي أو تحقيق غرض ال يتعلق بالصالح العام أو قصد مصدر القرار لتحقيق‬

‫(مجلس الدولة ‪ – 23‬نوفمبر‪) 1951‬‬


‫( )‪375‬‬
‫حكم محكمة القضال الالاء اإلداري‪ ،‬الصال الالادر في ‪ 21‬يونيو سال الالنة ‪ ،1953‬مشال الالار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬
‫()‪376‬‬
‫دعاوي القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.146‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.333‬‬
‫‪7‬‬
‫قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫مصلحة عامة تغاير المصلحة العامة التي ابتغاها القانون‪ . .‬وهو ما يعبر عنه بالخروج على‬
‫()‪378‬‬
‫مبدأ تخصيص األهداف" ‪.‬‬
‫وعليه فإذا كانت القاعدة األولى هي أن القرارات اإلدارية بجميع أنواعها يتعين أن‬
‫‪379‬ذلك فإنه لما‬
‫تستهدف المصلحة العامة‪ ،‬فإن هناك قاعدة أخرى تضاف إليها وتكملها( )‪،‬‬
‫كانت المصلحة العامة واسعة فضفاضة وليس من صالح حسن اإلدارة أن يترك رجل اإلدارة‬
‫وشأنه مطلق الحرية في تحديد فكرة هذه المصلحة‪ ،‬فإن القانون غالبا ً ما يتدخل ويحدد له‬
‫غاية مخصصة ال يمكن له أن يسعى إلى تحقيق غيره باستخدام األساليب التي في متناوله‪،‬‬
‫حتى ولو كانت الغاية التي يسعى إليها مرتبطه بالصالح العام‪ ،‬وهذا هو معنى قاعدة تخصيص‬
‫()‪380‬‬
‫األهداف ‪.‬‬
‫كما قضت ذات المحكمة بأنه يكون هناك انحراف بالسلطة إذا أصدرت اإلدارة قرارا ً‬
‫لحماية أهداف غير التي قصدها المشرع من منحها تلك السلطة‪ ،‬حتى ولو كانت هذه األهداف‬
‫()‪381‬‬
‫تتعلق بالمصلحة العامة ‪.‬‬
‫وكذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا بأنه إذا ما عين المشرع غاية محددة‪ ،‬فإنه ال‬
‫()‪382‬‬
‫يجوز لمصدر القرار أن يستهدف غيرها‪ ،‬ولو كانت هذه الغاية تحقيق مصلحة عامة ‪.‬‬
‫بيد أن الصعوبة كلها في تعرف هذه الغاية المحددة‪ ،‬ومن أجل ذلك يمكن االستعانة‬
‫()‪383‬‬
‫بما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬قد يذكر المشرع صراحة في قلب النصوص التي تنشئ اختصاصاً ما‪ ،‬الغاية أو‬
‫الغايات التي يتعين على اإلدارة تحقيقها عند مباشرة سلطاتها‪.‬‬

‫حكم المحكمة العليا الليبية –‪8‬طعن إداري رقم ‪ 4‬سال ال ال ال ال ال الالنة ‪20‬ق ‪ -7‬الصال ال ال ال ال ال الالادر بتاري ‪31974/3/14‬م مجلة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫المحكمة العليا – السنة ‪ – 10‬العدد الرابع – ص‪.47‬‬


‫‪3‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬إل‪ ،5‬ص‪.327‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬ال‪9‬نظرية العامة للق اررات اإلدارية‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪3‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪8‬‬
‫) د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪0 ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬ ‫(‬

‫) محكمة القض الالاء اإلداري‪ ،‬في ‪ ،1955/11/171‬قض الالية ‪ ،3648‬ل‪8‬س الالنة ‪8‬ق‪ ،‬المجموعة الس الالنة ‪3 ،10‬ص‪،33‬‬ ‫(‬

‫مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬الدعاوى اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫ص‪،550‬‬
‫‪3‬‬
‫المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬طعن‪ 2‬رقم ‪ ،1009‬لسال ال ال ال ال الالنة ‪20‬ق‪ ،‬جلسال ال ال ال‪8‬ال الالة ‪ ،1980/2/6‬مجموعة قيم‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬علي عبد الفتال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫الطماوي‪ ،‬القرار اإلداري أمام مجلس‪8‬الدولة والمحاكم القض ال الالائية‪ ،‬مرجع ‪3‬س ال الالابق‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬س ال الالليمان محمد س ال الالليمان‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪24-23‬؛ ود‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.273‬‬


‫‪ .2‬كما يمكن استخالص هذه الغاية المحددة من نية المشرع حتى ولو لم يعلن عنها‪ ،‬ذلك‬
‫أن للقاضي أن يبحث دائماً عن هذه الغاية‪ ،‬وله أن يستعين من أجل ذلك باألعمال‬
‫التحضيرية‪ ،‬والمذكرات التفصيلية‪ ،‬والمناقشات التي دارت حول التشريع‪.‬‬

‫أخير فقد تفرض طبيعة االختصاص الممنول للدارة نوع الغايات التي يتعين عليها‬
‫‪ .3‬و اً‬
‫أن تسعى إلى تحقيقها‪ ،‬ومثال ذلك سلطات الضبط بطبيعتها ينبغي أن يكون الغاية‬
‫منها تحقيق أحد األهداف الثالثة‪ ،‬السكينة العامة‪ ،‬والصحة العامة‪ ،‬واألمن العام‪.‬‬
‫ومخالفة قاعدة تخصيص األهداف تعد خطورتها أقل وأهون من حالة الخروج على‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬ألن في الحالة األولى عضو اإلدارة لم يتجاوز مجال المصلحة العامة ليعمل‬
‫على تحقيق غاية شخصية بل اقتصر على مخالفة الغاية التي حددها القانون له‪ ،‬وكثيرا ً ما‬
‫تحاول اإلدارة هنا إلى تحقيق غاية ال تدخل في مجال اختصاصها تحقيقها بطرق يسهل عليها‬
‫()‪384‬‬
‫استعمالها ‪.‬‬
‫فقرار الضبط اإلداري المتخذ لمصلحة عامة ولكنها أجنبية عن النظام العام ليس‬
‫كافيا ً لسلطات الضبط اإلداري لكي تأمن االنحراف بالسلطة إذ يجب أن يكون قرار‬
‫الضبط من أجل الغرض الذي حدده القانون خصيصا ً‪ ،‬فقط أو إعادة النظام العام‪.‬‬
‫وقد صدرت عدة أحكام من مجلس الدولة الفرنسي في هذا المجال ومنها إلغاء‬
‫قرار المحافح والصادر بتقرير المنفعة العامة لقطعة أرض مملوكة للسيد "‪"BARON‬‬
‫وذلك لالنحراف بالسلطة حيث تبين للمجلس من الظروف المحيطة بالدعوى أن ما أعلنته‬
‫البلدية من ضرورة المحافظة على الطابع الهادف للمنطقة السكنية المجاورة لألرض ليس‬
‫من األهداف المخصصة (مجلس الدولة ‪ 16‬نوفمبر ‪.(1972‬‬
‫كما ألغى قرار المحافح الصادر بتقرير المنفعة العامة لألرض المملوكة‬
‫للسيد"‪ "Schauartz‬إلنشاء مالهي وحمام سباحة‪ ،‬وذلك أن القرار ال يهدف إلى المحافظة‬
‫على الصحة العامة‪ ،‬وإنما يهدف إلى تطوير أنشطة الترفيه الخاصة بالبلدية (مجلس الدولة‬
‫‪03‬أكتوبر‪.) 1980‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك‪ ،‬قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء قرار أصدرته اإلدارة باالستيالء‬
‫المدقت عل ى قطعة أرض إلنشاء ملعب محلي عليها‪ ،‬وذهب المجلس إلى أن مثل هذا‬
‫التصرف من جانب اإلدارة يمثل حيادا ً على قاعدة تخصيص األهداف‪ ،‬ألن إنشاء المالعب‬
‫له طبيعة دائمية‪ ،‬وعليه كان يتعين عليها اللجوء إلى إجراء نزع الملكية في حالة غياب‬

‫‪3‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دعاوى‪ 4‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1478‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪385‬ومنها أن اإلدارة لجأت إلى طريقة االستيالء المدقت لتقيم على أراضي‬
‫االتفاق الودي( )‪،‬‬
‫بعض المواطنين منشآت حربية غير أن المجلس ألغى القرار الصادر بهذا الخصوص ألن‬
‫()‪386‬‬
‫عليها أن تلجأ إلى إجراءات نزع الملكية ‪.‬‬
‫وفي مصر قضت محكمة القضاء اإلداري بأنه حيث إن المشرع حرص على وصف‬
‫االستيالء بأنه مدقت تميزا ً له عن نزع الملكية ومن حيث أن الحكومة أصدرت القرار‬
‫المطعون فيه باالستيالء‪ ،‬مدقتا ً على أرض المدعيات تمهيدا ً لنزع الملكية على ما جاء في‬
‫دفاعها‪ ،‬فاتجاهها واضح بأن وضع يدها منذ البداية بصفة دائمة‪ ،‬وسبيل ذلك إنما يكون‬
‫باستصدار مرسوم خاص بنزع الملكية‪ ،‬أما االتجاه إلى نظام االستيالء المدقت فهو اتجاه‬
‫غير سليم‪ ،‬ويجافي ما استهدفه الشارع من هذا النظام‪ ،‬ومن ثم فيكون قرار اإلدارة في هذا‬
‫الشأن مشوبا ً بعيب الغاية ‪.‬‬
‫()‪387‬‬

‫وفي القضاء اإلداري المصري‪ ،‬نجد إلغاء المحكمة اإلدارية العليا لقرار ضبط‬
‫بإغالق سوق خاصة يوم اإلثنين من كل أسبوع‪ ،‬ذلك أن القرار مصاب بعيب االنحراف‬
‫بالسلطة ألن القرار كان يستهدف رواج سوق مجلس قروي أصابه الركود‪.‬‬
‫كذلك ألغت قرار ضبط تضمن ترخيص سوق عمومي يستهدف مصلحة مالية‬
‫بتخويل المرخص له تحصيل مقابل إشغال الطريق العام للمجلس المحلي ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن مجلس الدولة الفرنسي منذ عام ‪ 1930‬اتجه نحو تقرير‬
‫مبدأ جديد يتعارض مع ما سبق أن أرساه‪ ،‬حيث أعلن المجلس في أحكام عديدة أن حماية‬
‫المصلحة المالية للهيئات العامة ال تولد اإللغاء النحراف السلطة وقد ظهر هذا المبدأ‬
‫باألخص في مجال النقل العام وتدخل اإلدارة في إدارة المشروعات حيث في مجال النقل‬
‫أقر المجلس بخصوص إحدى القضايا بأن القرار الصادر بقصر المرور في إحدى الطرق‬
‫على النقل العام التي ال تزيد على ثقل معين وذلك حماية للتلف غير العادي الذي يصيب‬
‫()‪388‬‬
‫هذا الطريق إنما هو قرار مشروع ‪.‬‬

‫‪ -3‬االنحراف باإلجراءات‬

‫‪(385‬‬
‫)‬
‫‪C. E. , 26Jullet, 1947. , Consant de cant R. P. , P. 453.‬‬
‫مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬علي عبد الفتال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.410‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪8‬‬
‫بالل أمين زين الدين‪ ،‬مرجع ‪6‬سابق‪ ،‬ص‪.409‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،1950/6/13‬مجموعة مجلس الدولة‪ 3‬ألحكام‬


‫‪8‬‬
‫محكمة القض ال الالاء اإلداري‪ ،‬القض ال‪ 7‬الالية رقم ‪ ،336‬لس ال الالنة ‪4‬ق‪ ،‬جلس ال الالة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القضالالاء اإلداري‪ ،‬السالالنة الرابعة‪ ،‬ص‪ ، 881‬مشالالار إليه لدى‪ :‬عبد هللا بن سالالالم بن ناصالالر المحروقي‪ ،‬مرجع سالالابق‪،‬‬
‫ص‪.66‬‬
‫(‪388‬‬
‫)‬
‫‪Jean Castagne Op. Cit. p. 130.‬‬
‫ويقصد به استعمال بعض اإلجراءات اإلدارية مكان إجراءات أخرى ملزمة باتخاذها‪،‬‬
‫()‪389‬‬
‫وذلك للوصول إلى الغرض الذي تريد تحقيقه ‪.‬‬
‫وقد عبر جانب من الفقه عن هذا النوع من االنحراف تحت عنوان "غرض عام منوط‬
‫برجل اإلدارة تحقيقه ولكن بوسائل محددة" وعده حالة من حاالت االنحراف عن قاعدة‬
‫تخصيص األهداف‪ ،‬ووفقا ً لهذا الجانب فإن االنحراف باإلجراء يتمثل في استعمال رجل‬
‫ً()‪390‬‬
‫اإلدارة في سبيل تحقيق هدف عام منوط به تحقيقه وسيلة غير المقررة قانونا ‪.‬‬
‫ومن ثم فإن فكرة االنحراف باإلجراء تتمثل في استخدام اإلدارة إجرا ًء إداريا ً لتحقيق‬
‫هدف ال يمكن تحقيقه إال باستخدام إجراء إداري آخر‪ ،‬وعلى ذلك فإنه يشترط لتحقيق‬
‫االنحراف باإلجراءات من قبل اإلدارة توفر عدة شروط وهي‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون هناك إجراءان إداريان‪ ،‬وذلك شرط منطقي طالما أن االنحراف باإلجراء‬
‫هو استخدام إجراء بدالً من اآلخر ‪.‬‬
‫()‪391‬‬

‫‪ ‬أن يترتب على هذين اإلجراءين اآلثار القانونية نفسها‪ ،‬أو على األقل آثار قانونية‬
‫متقاربة‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون شكليات اإلجراء الذي استخدمته اإلدارة بدالً من اإلجراء القانوني السليم‬
‫أقل تعقيداً‪.‬‬
‫لذلك فقد تستخدم اإلدارة إجراءا ً إداريا ً غير اإلجراء القانوني السليم لتبتعد عن‬
‫الشكليات القانونية المعقدة‪ ،‬أو بهدف كسب الوقت‪ ،‬أو التحايل على قواعد االختصاص‪ ،‬وقد‬
‫تهدف اإلدارة من ذلك الهروب من رقابة القضاء أو إلغاء بعض ضمانات األفراد‪.‬‬
‫وتبدو أهمية االنحراف باإلجراء في أنه يكشف بسهولة وبوضوا عن عيب االنحراف‬
‫بالسلطة دون الحاجة إلى البحث عن مقاصد متخذ القرار وغاياته‪ ،‬حيث إن االنحراف‬
‫()‪392‬‬
‫باإلجراء يشكل الدليل الموضوعي على االنحراف بالسلطة ‪.‬‬
‫كما أنه ينطوي على إخالل مزدوج بالقانون بمعناه الواسع‪ ،‬فمن ناحية يتضمن إخالالً‬
‫بالنص الذي أنشأ اإلجراء الذي استعملته اإلدارة‪ ،‬ومن ناحية أخري إخالالً بالنص الذي يقرر‬

‫عاطف البنا‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫مرجع سالالابق‪ ،‬ص‪ .179‬محمود‬
‫‪8‬‬
‫صالالالل أحمد جودة‪ ،‬الشالالكلية ‪9‬والموضالالونية للق اررات اإلدارية‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الوس ال الاليط في القض ال الالاء اإلداري‪ ،‬مرجع س ال الالابق‪ ،‬ص‪ .407‬يعقوب يوس ال الالف الحمادي‪ ،‬القض ال الالاء ومراقبة الس ال الاللطة‬
‫التقديرية للدارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.225‬‬
‫‪3‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.344‬‬
‫‪9‬‬
‫سليمان محمد الطماوي‪ ،‬نظر‪0‬ية التعسف في استعمال السلطة‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اونة‪ ،‬القرائن القضالالائية إلثبات عدم مشال‪9‬الرونية القرار المطعون به‪ ،‬د ارسالالة ‪3‬مقارنة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫مصالالطفى عبد العزيز الطر‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.78‬‬


‫‪3‬‬
‫بق‪ ،‬ص‪.437‬‬
‫‪9‬‬
‫عيب االنحراف بالسلطة‪ ،‬مرجع سا‬
‫‪2‬‬
‫عمر عبد الرحمن البوريني‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪393‬لذلك يعد االنحراف باإلجراء بمثابة تطبيق للقانون على خالف‬ ‫اإلجراء واجب اإل ِت اباع( )‪،‬‬
‫إرادة المشرع‪ ،‬إضافة إلى أنه غالبا ً ما يكون مصحوبا ً باالستناد إلى أسباب غير حقيقة ‪.‬‬
‫()‪394‬‬

‫في قرارات الضبط اإلداري نجد أن سلطات الضبط اإلداري تستخدم إجراءات‬
‫مشروعة من أجل حفح النظام العام أو إعادته‪ ،‬ولكن هذه اإلجراءات غير خاصة بالحالة‬
‫التي استخدمت فيها‪ ،‬فااللتواء يكون في توجيه اإلجراءات إلى قرار غير المخصص لها‪.‬‬
‫ويظهر اإلنحراف باالجراءات عندما تستعمل االدارة إجراءات الضبط القضائي‬
‫لتحقيق أهداف الضبط اإلداري‪ ،‬حيث قد تلجأ اإلدارة في بعض األحيان إلى استعمال‬
‫إجراءات الضبط القضائي لتحقيق أحد أهداف الضبط اإلداري المتصلة بالنظام العام‪.‬‬
‫غالبا ً ما يرتكب هذا النوع من االنحراف فئة المحافظين( )‪،‬‬
‫‪ 395‬بما يملكون من‬
‫صالحيات هدفها حفح النظام العام أو إعادته إلى نصابه ولكن باستخدام إجراء ضبطي غير‬
‫الذي يجب إ ِت اباعه لتحقيق ذلك الهدف‪.‬‬
‫الفرع الثالث‬
‫سلطة القاضي اإلداري فى مراقبة‬
‫الهدف من إجراء الضبط اإلداري‬
‫يتعين أن يكون اإلجراء الذي تتخذه اإلدارة لمواجهة الظروف االسححححححتثنائية مالئما ً‬
‫ومناسححححححبا ً لمتطلبات هذه الظروف()‪،‬‬
‫‪396‬إذ ال معنى لشححححححطط اإلدارة في تصححححححرفها بما يجعلها‬
‫تضحححي بمصححلحة األفراد في سححبيل المصححلحة العامة إال بمقدار ما تقتضححيه الضححرورة‪ ،‬وإذا‬
‫حدث ظرف اسححححححتثنائي وكانت هناك قواعد قانونية أو دسححححححتورية قادرة على مواجهة هذا‬
‫الظرف فإنه ينبغي اللجوء إلى هذه القواعد‪ ،‬أما إذا لم تكن هناك نصححححححوص قانونية قادرة‬
‫على مواجهة هذا الظرف‪ ،‬ففي مثل هذه الحالة يجب اللجوء إلى نظام قانوني اسححححححتثنائي‬
‫لتفادي هذا الظرف على أن يتم ذلك تحت رقابة القضاء اإلداري ‪.‬‬
‫()‪397‬‬

‫‪3‬‬
‫خالد سيد حماد‪ ،‬حدود الرقابة‪ 3‬القضائية على سلطة اإلدارة التقدي ‪9‬رية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.577‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.220‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ 4،‬االنحراف بالسلطة كسبب إللغاء ‪9‬القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬عاشالالور س الالليمان ش الوايل‪ ،‬م‪5‬سالالؤولية الدولة عن أعمال الضالالبط ‪9‬اإلداري في القانون الليبي المقارن‪3 ،‬المرجع‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الس ال ال ال الالابق‪ ،‬ص‪ .614‬طارق فتن هللا خض ال ال ال الالر‪ ،‬دعوى اإللغاء‪ ،‬مرجع س ال ال ال الالابق‪ ،‬ص‪212‬؛د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪،‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.399‬‬
‫جعفر‪ ،‬الوسالاليط في القانون العام‪ ،‬الق‪9‬ضالالاء اإلداري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ‪3‬النهضالالة‬
‫‪6‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬محمد أنس قاسالالم‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1990 ،‬ص‪.99‬‬


‫الظروف االسالالتثنائية‪ ،‬د ارسالالة مقارنة‪3 ،‬أطروحة‬
‫‪9‬‬
‫مرسالالي يونس‪ ،‬الحريات العامة في‬
‫‪7‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬عاصالالم رمضالالان‬ ‫)‬ ‫(‬

‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬ص‪.13-12‬‬


‫أي يجب على اإلدارة أن تتصححححرف وفق ما يقتضححححيه الظرف االسححححتثنائي‪ ،‬فيلزم أن‬
‫تكون اختصححاصححاتها الواسححعة موقوته بالمدة التي يوجد فيها الظرف االسححتثنائي ويلزم كذلك‬
‫أن تكون بالقدر الضححححححروري الالزم لمواجهة هذا الظرف أي تناسححححححب اإلجراء المتخذ من‬
‫اإلدارة مع الظرف‪ ،‬بمعنى أن تقدر الضححححححرورة بقدرها فال يضحححححححي بحريات األفراد دون‬
‫مسوغ‪.‬‬
‫ال يجوز لإلدارة أن تتصححححححرف إال بال قدر ا لذي يمل يه الظرف‪ ،‬لذا ي جب أن يكون‬
‫التصحححححرف أو اإلجراء المتخذ من قبلها مما تقضحححححيه الضحححححرورة القصحححححوى وفي حدود هذا‬
‫الظرف‪ ،‬فاإلجراء االسححححتثنائي يجب أال يتجاوز القدر الضححححروري للتغلب على هذا الظرف‬
‫دون إفراط أو تفريط‪ ،‬وفي حالة العكس سيدخل تصرفها ضمن نطاق التعسف أو المغاالة‪.‬‬
‫ولقد أوجب أن تكون اإلجراءات متناسححبة مع درجة الخطر‪ ،‬فالقاضححي اإلداري يقوم‬
‫بمالءمة الوسحححيلة المسحححتخدمة لدرجة جسحححامة الخطر‪ ،‬وحكم بعدم شحححرعية هذه اإلجراءات‬
‫االستثنائية من جانب اإلدارة‪.‬‬
‫وفي هذا الصحححححححدد أقر مجلس الدولة المصححححححري أنه‪ " :‬ال يجوز للقرار اإلداري أن‬
‫يع طل تنف يذ حكم قضحححححححائي ن هائي إال إذا كان يتر تب على تنف يذ الحكم فورا ً إخالل خطير‬
‫بالصححححالح العام يتعذر تداركه كحدوث فتنة أو تعطيل سححححير مرفق عام‪ ،‬وفي الحالة األخيرة‬
‫يرجح الصحححالح العام على الصحححالح الفردي بمراعاة أن تقدر الضحححرورة بقدرها‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫فبدون أن تقوم ضحححرورة ملحة توقن معها جهة اإلدارة من قيام إخالل خطير بالصحححالح العام‬
‫يوجب عليها سححححرعة التدخل وإصححححدار القرار المناسححححب لمجابهة هذه الضححححرورة في حدها‬
‫السابق بيانه" ‪.‬‬
‫()‪398‬‬

‫وفي هذا المجال قررت محكمة القضححححححاء اإلداري المصححححححرية في حكمها بتاريخ ‪3‬‬
‫يوليو ‪ ..." 1969‬غير أن هذا ال يمنع جهة اإلدارة من‪ ...‬وأن تتخذ من التدابير الضحححرورية‬
‫والمجدية ما تدفع به خطرا ً محققا ً يهدد النظام العام الضححححححبطي في أحد مدلوالته الثالثة‬
‫المعروفة‪ ،‬وهي األمن العام أو الصححححححة العامة أو السحححححكينة العامة‪ ،‬ولو أدى ذلك إلى تقييد‬
‫بعض الحريات العامة بالقدر الذي يتناسححححححب مع دفع هذا الخطر‪ ،‬وبحيث تقدر الضححححححرورة‬
‫بقدرها دون إفراط أو تفريط" ‪.‬‬
‫()‪399‬‬

‫العليا‪ ،‬طعن إداري رقم ‪ 2657‬لسال ال ال ال الالنة ‪499‬ق‪ ،‬جلسال ال ال ال الالة ‪ 2‬فبراير‪3 ،2005 ،‬مجموعة‬
‫‪8‬‬
‫انظر‪ :‬المحكمة اإلدارية‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القوانين والمبالالادئ القالالانونيالالة‪ ،16 ،‬المبالالادئ الهالالامالالة في أحكالالام المحكمالالة اإلداريالالة العليالالا‪،2006 ،2005 ،2004 ،‬‬
‫ص‪.408‬‬
‫اإلداري في القضالالية رقم ‪ 1288‬لسالالنة‪16 9‬ق‪ ،‬الصالالادر بجلسالالة ‪ 3‬يونيو ‪،19593‬‬
‫‪9‬‬
‫انظر حكم محكمة القضالالاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعالالة أحكالالام محكمالالة القض ال ال ال ال ال ال الالاء اإلداري في الفترة من أول أكتوبر عالالام ‪ 1966‬إلى آخر سال ال ال ال ال ال الالبتمبر ‪،1969‬‬
‫ص‪.741‬‬
‫وأن يكون الغرض من النظام القانوني تحقيق الم صلحة العامة‪ :‬الم صلحة العامة هو‬
‫شحححححرط جوهري في كل األعمال التي تصحححححدر عن اإلدارة سحححححواء أكانت ظروف العادية أم‬
‫اسححححتثنائية وإن أي عمل تتخذه اإلدارة يجب أن يقصححححد به تحقيق مصححححلحة عامة وأال تكون‬
‫الغاية منه الوصول إلى تحقيق أغراض شخصية‪ ،‬فإذا ما أخلت اإلدارة واستعملت سلطتها‬
‫الواسحححححعة في أي هدف أخر من أهداف المصحححححلحة العامة كان تصحححححرفها مشحححححوبا ً بانحراف‬
‫السلطة‪.‬‬
‫فيجب أن يكون تحقيق المصححححححلحة العامة هو رائد اإلدارة والغاية النهائية من وراء‬
‫اإلجراءات التي تتخذها في هذا الظرف‪ ،‬بحيث إذا اسححححححتهدفت من تلك اإلجراءات تحقيق‬
‫غاية أخرى‪ ،‬عدت جميع تلك اإلجراءات غير مشححححروعة‪ ،‬فإذا انتهت الظروف االسححححتثنائية‬
‫تعين على اإلدارة اتباع القواعد المشروعية العادية‪ ،‬فوجود ظرف استثنائي ال يعني وجوب‬
‫تطبيق القواعد االسححتثننائية خارج حدود التشححريعية‪ ،‬بل البد من توفر شححرط المصححلحة التي‬
‫تبرر اتخاذ هذه اإلجراءات ‪.‬‬
‫()‪400‬‬

‫بمعنى آخر يعد عنصر الهدف في القرارات اإلدارية هو األثر البعيد‪ ،‬والنهائي‪ ،‬وغير‬
‫المباشر للقرار اإلداري الصادر‪ ،‬ويجب‪ -‬كأصل عام‪ -‬أن تستهدف جميع القرارات اإلدارية‬
‫المصلحة العامة كغاية لها‪ ،‬ويعد تلك القاعدة العامة التي تحكم القانون اإلداري‪ ،‬والتي تطبق‬
‫()‪401‬‬
‫بدون نص‪ ،‬وتلتزم بها اإلدارة وفق قاعدة تخصيص األهداف ‪.‬‬
‫وتعد الغاية الحد الفاصل بين ما يعد سلطة تقدير مشروعة‪ ،‬وبين ما يعد سلطة تعسفية‬
‫غير مشروعة‪ ،‬فهي المعيار الدال على وجود عيب في القرار اإلداري‪ ،‬والعيب الذي يلحق‬
‫()‪402‬‬
‫بهدف القرار‪ ،‬هو عيب اإلنحراف في استعمال السلطة ‪.‬‬
‫وفي مجال الضبط اإلداري‪ ،‬فإن الهدف الذي يجب أن تتوخاه إجراءات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬هو المحافظة على النظام العام‪ ،‬وعلى ذلك فإن اإلنحراف بالسلطة في إجراءات‬
‫الضبط اإلداري يتمثل في استهداف عرض غير النظام العام‪ ،‬سواء كان هدفا ً بعيدا ً عن‬
‫الصالح العام أم كان من أهداف المصلحة العامة‪ ،‬ولكنه يغاير النظام العام‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬إذا كان إجراء الضبط اإلداري يهدف إلى حماية النظام العام في أحد‬
‫عناصره فإنه يكون مشروعاً‪ ،‬أما إذا انحرفت سلطات الضبط اإلداري عن هذا الهدف‬
‫المخصص لها‪ ،‬وأبلغت تحقيق أهداف أخرى مغايرة ألهداف الضبط اإلداري‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحالة يكون إجراء الضبط اإلداري مشوبا ً بعيب اإلنحراف بالسلطة‪ ،‬وجدير باإللغاء ‪.‬‬
‫()‪403‬‬

‫‪4‬‬
‫شرل القانون اإلداري‪ ،‬بدون ذكر دار ‪0‬النشر‪ ،‬بغداد‪ ،1949 ،‬ص‪.37‬‬
‫‪0‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬مصطفى كامل‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪4‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2010 ،‬ص‪196‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القضاء‪ 1‬اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪4‬‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2011 ،‬ص‪.67‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪2 ،‬مبدأ المشرونية‪ ،‬دار الجامعة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪3 ،‬أصال الالول القضال الالاء اإلداري‪ ،‬قضال الالاء ‪0‬اإللغاء‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسال ال‪4‬الكندرية‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪ ،2014‬ص‪.213‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬نجد القاضي قد وسع من نطاق رقابته على ممارسة اإلدارة لسلطات‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬بعد أن كان يسمح لها في سلطات تقديرية وساعة في ذلك المجال‪ ،‬فهو يقوم‬
‫بدراسة كافة الظروف والمالبسات التي أحاطت باستخدام اإلدارة لسلطة الضبط اإلداري‪،‬‬
‫وذلك بهدف التحقق من أنها قد استخدمت في موضعها الصحيح‪ ،‬فإذا لم تمارش سلطتها من‬
‫()‪404‬‬
‫أجل تحقيق النظام العام‪ ،‬كانت قراراتها غير مشروعة‪ ،‬لإلنحراف بالسلطة ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القانون العماني قد خول السلطة المختصة بشرطة عمان‬
‫السلطانية‪ ،‬صالحية الموافقة على منح األجنبي إقامة داخل السلطنة‪ ،‬وتجديدها بعد انتهاء‬
‫مدتها‪ ،‬إذا ما توافرت في الطلب الشروط واإلجراءات المقررة لذلك‪ ،‬كما منحها أيضا ً سلطة‬
‫رفض منح هذه اإلقامة أو تجديدها‪ ،‬وذلك دون اشتراط إبدائها ألي سبب من أسباب الرفض‪،‬‬
‫وهو ما يعني أنها تتمتع بسلطة تقديرية في هذا الشأن سواء بالمنح أو الرفض‪ ،‬إال أنه ال‬
‫ينبغي أن نفهم من ذلك أن هذه السلطة مطلقة بال قيد يحدها‪ ،‬وإنما تخضع إلى رقابة القضاء‪،‬‬
‫للتحقق من عدم إساءة استعمالها‪ ،‬فال يجوز الربط بين سلطة اإلدارة في عدم إبداء اسباب‬
‫رفض منح اإلقامة أو تجديدها‪ ،‬وقيام عيب التعسف في استعمال سلطتها في رفض منح‬
‫شخص لهذا الحق دون آخر‪ ،‬وإنما يجب أن نعلم أن الرفض ال يكون إال في إطار ما يقتضيه‬
‫الصالح العام للدولة‪ ،‬والمحافظة على أمنها‪ ،‬وسيادتها واحترام النظام العام واآلداب فيها‪.‬‬
‫وقد أتيح لمحكمة القضاء اإلداري العمانية أن ترسم ضوابط الحدود المشتركة لهذا‬
‫المبدأ‪ ،‬فقد قضت تعليقاً‪ ،‬لذلك أنه‪ .... " :‬تبين أن عاملة المستأنف ضده دخلت السلطنة ألول‬
‫مرة بتاريخ ‪2007/1/4‬م باسم‪ ...‬تحت كفالة أحد المواطنين‪ ،‬وبتاريخ ‪2007/3/14‬م‪،‬‬
‫هربت من مقر عملها بالمخالفة ألحكام القانون‪ ،‬فصدر بحقها بالغ هروب من قبل وزارة‬
‫القوى العاملة‪ ،‬وبعد ضبطها من قبل فريق التفتيش المشترك تم ترحيلها بتاريخ ‪،2008/9/8‬‬
‫ثم أدرج اسمها في قائمة األشخاص غير المرغوب في دخولهم السلطنة‪ ،‬مما حدا بها أثناء‬
‫وجودها في بلدها باستخراج سفر جديد غيرت فيه اسمها إلى ‪ ،...‬كما غيرت تاريخ ميالدها‬
‫إلى ‪1977/10/15‬م‪ ،‬وبذلك تمكنت بتاريخ ‪2009/1/1‬م من العودة للسلطنة بعد أن حصلت‬
‫على تأشيرة عمل لدى المستأنف ضده بموجب جواز سفرها الجديد‪ ،‬إال أنه أثناء الشروع في‬
‫إجراءات تجديد إقامتها‪ ،‬التي انتهت بتاريخ ‪2011/1/1‬م تم اكتشاف أمرها عن طريق‬
‫البصمة العشرية‪ ،‬فرفضت الشرطة طلب تجديد اإلقامة‪ ،‬فيكون قرار الشرطة برفض هذا‬
‫الطلب في محله‪ ،‬وقائما ً على سبب صحيح من الواقع والقانون ‪.‬‬
‫()‪405‬‬

‫المالئمة األمنية لمش ال ال الالرونية ق اررات ال‪0‬ض ال ال الالبط اإلداري‪ ،‬رس ال ال الالالة دكتوراه‪4 ،‬أكاديمية‬
‫‪4‬‬
‫طارق س ال ال الاليد أحمد حس ال ال الالن‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الشرطة‪ ،2008 ،‬ص‪.97‬‬


‫ي العمانية‪ ،‬االسال ال ال الالتئناف رقم ‪ 301‬ل‪0‬سال ال ال الالنة ‪12‬ق‪،‬س ‪ ،‬جلسال ال ال الالة ‪20124/5/21‬‬
‫‪5‬‬
‫حكم محكمة القضال ال ال الالاء اإلدار‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة المبادئي التي قررتها المحكمة للعام القضائي الثاني عشر سنة ‪ ،2012‬ص‪.657‬‬
‫نقالً عن د‪ .‬صالالن بن على بن سالالم الصالوعي‪ ،‬الرقابة اإلدارية والقضالائية على الق اررات اإلدارية‪ ،‬د ارسالة مقارنة ‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،2017 ،‬ص‪.346 ،345‬‬
‫ويتفق الباحث مع ما ذهبت إليه محكمة القضاء اإلداري العمانية في هذا الطعن‪ ،‬إذ‬
‫ال شك في أن قيام أحد األجانب بالهرب من مقر عمله السابق داخل الدولة المستقبلة‪،‬‬
‫واستشعار السلطة العامة لخطورته على األمن العام‪ ،‬ومن ثم القيام بترحيله‪ ،‬ثم قيامه بتغيير‬
‫بياناته بهدف خرق نظام الحاسب اآللي لنظام شرطة المطارات‪ ،‬والدخول إلى الدولة التي‬
‫قامت بترحيله من جديد‪ ،‬يشكل مخالفة جسيمة للنظام العام ألي دولة‪ ،‬ألنه يجب على كل‬
‫أجنبي مقيم في أي دولة‪ ،‬أن يحترم قراراتها‪ ،‬فإن لم يراع مثل هذه القواعد القانونية‪ ،‬حق‬
‫للسلطة اإلدارية المختصة أن تبعده عن البالد‪ ،‬سواء بإلغاء إقامته أم بعدم تجديدها‪.‬‬
‫وتصير إجراءات الضبط اإلداري من منظور القاضي اإلداري مشوبة بعيب‬
‫اإلنحراف بالسلطة في عدة حاالت‪ ،‬أولها‪ :‬أن يستهدف عمل الضبط غاية خاصة‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحالة تقصد هيئات الضبط اإلداري غايات ال تدخل في المجال المقررة لحفح النظام العام‪،‬‬
‫بحيث يكون تدخلها لتحقيق أغراض خاصة كاستهداف المصلحة الشخصية‪ ،‬وذلك لتحقيق‬
‫نفع شخصي‪ ،‬أو االنتقام‪ ،‬أو الكيد‪ ،‬أو المحاباة‪ ،‬او التنكيل‪ ،‬أو لتحقيق أغراض سياسية‪ ،‬أو‬
‫حزبية‪ ،‬وإلى غير ذلك من األغراض‪ ،‬ال تتعلق بالنظام العام من بعيد أو من قريب‪.‬‬
‫وتتضح الحالة الثانية‪ ،‬عندما يستهدف إجراء الضبط اإلداري مصلحة عامة‪ ،‬ليست‬
‫من النظام العام‪ ،‬فإذا كان اإلنحراف بالسلطة يقع حينما يحيد رجل اإلدارة بقرار عن تحقيق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬فإنه يصيب هذا القرار أيضا ً ذات العيب‪ ،‬بالرغم من أن رجل اإلدارة قصد‬
‫به تحقيق مصلحة عامة‪ ،‬وذلك حين يخصص المشرع أهدافا ً بذاتها‪ ،‬يتعين لكي يكون القرار‬
‫مشروعاً‪ ،‬أن يبتغيها‪ ،‬وإال غدت مشوبة باالنحراف بالسلطة‪ ،‬لمخالفة قاعدة "تخصص‬
‫()‪406‬‬
‫األهداف" ولو كان القرار يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة ‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ال يجوز لإلدارة أن تخالف الهدف الخاص للعمل اإلداري‪ ،‬فإذا تصرفت‬
‫اإلدارة تصرفا ً كانت غايته على خالف الغاية الخاصة المقررة له قانوناً‪ ،‬كان قرارها معيباً‪،‬‬
‫يستوجب اإللغاء‪ ،‬ولو كانت الغاية التي يرمى إليها تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬
‫وينطبق ذات الحكم على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬فسلطات الضبط اإلداري يفترض‬
‫فيها أن تمارش سلطتها‪ ،‬فإذا ما استخدمت هذه السلطة‪ ،‬لتحقيق أغراض أخرى‪ ،‬كانت‬
‫قراراتها غير مشروعة لإلنحراف بالسلطة‪.‬‬
‫تطبيقا ً لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي في قضية عيدان الثقاب‪ ،‬بإلغاء قرار غلق‬
‫مصنع‪ ،‬لما ثبت له أن غايته ليس تحقيق النظام العام‪ ،‬وإنما مساعدة اإلدارة ماليا ً وتتلخص‬
‫وقائع هذه القضية في أن الحكومة الفرنسية احتكرت صناعة الثقاب‪ ،‬ولضمان عدم المنافسة‬
‫من المصانع األخرى‪ ،‬قامت بإغالق المصنع‪ ،‬يدخل دلك في نطاق النظام العام الذي تختص‬
‫بتحقيقه سلطة الضبط‪ .‬وأيضا ً قضى مجلس الدولة بإلغاء قرار العمدة بالحظر على خلع‬

‫الجامعي‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫إللغاء الق اررات اإلدارية‪ ،‬دار الفكر‬
‫‪0‬‬
‫عبد العزيز عبدالمنعم خليفة‪6 ،‬اإلنحراف بالسال ال ال ال ال ال الاللطة كسال ال ال ال ال ال الالبب‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2016 ،‬ص‪.191‬‬


‫وارتداء مالبسهم على الشاطئ أو في مكان آخر غير منشآت االستحمام‪ ،‬وسبب القرار ليس‬
‫()‪407‬‬
‫حماية اآلداب العامة‪ ،‬وإنما تحقيق مصلحة مالية لمستأجري المنشآت ‪.‬‬
‫وتبدو الحالة الثالثة جلية‪ ،‬عندما يتم االنحراف باالجراءات‪ ،‬إذ يقع االنحراف‬
‫باإلجراء عند قيام سلطة إدارية من أجل تحقيق أغراض تتعلق بالصالح العام‪ ،‬باستخدام‬
‫إجراء إداري وأية وسيلة قانونية مختلفة عن تلك التي تقررت قانوناً‪ ،‬من اجل بلوغ الهدف‬
‫الذي تسعى الجهة اإلدارية إلى تحقيقه‪ ،‬ومن المتصور اإلنحراف باإلجراءات في مجال‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬ويتحقق ذلك عندما تتبع هيئات الضبط اإلداري إجراء غير الذي يجب‬
‫()‪408‬‬
‫اتباعه‪ ،‬سواء لتجنب بعض الصعوبات الخاصة أم من أجل كسب الوقت ‪.‬‬
‫وإذا كانت الظروف االستثنائية تفرض أحيانا ً ضرورة التحلل من ضوابط المشروعية‬
‫العادية‪ ،‬إال أنه ال يمكن لإلدارة‪ ،‬تحت تأثير مقتضيات تلك الظروف‪ ،‬أن تبرر انحرافها عن‬
‫السلطة‪ ،‬من ثم ليس لها أن تمنح بتلك الظروف للخروج من مقتضيات المصلحة العامة‪.‬‬
‫ويشترط لقيام نظرية الظروف االستثنائية توخي المصلحة العامة‪ ،‬فإن لم يكن رائد‬
‫الحكومة في تصرفها حماية الصالح العام‪ ،‬بأن اتجهت إلى تحقيق مصلحة خاصة مثالً‪ ،‬فإن‬
‫القرار يقع في هذه الحالة باطالً‪.‬‬
‫وتأكيدا ً لقيام حالة االنحراف باإلجراءات قضت محكمة القضاء اإلداري العمانية بأنه‪:‬‬
‫"‪ .....‬ولئن كان المشرع خول جهة اإلدارة الحق في شغل الوظيفة العامة عن طريق الندب خروجا ً‬
‫عن األصل العام في شغلها وهو التعيين أو الترقية‪ ،‬وحيث إنه في الحالة الماثلة وإذا عزت جهة‬
‫اإلدارة شغلها للوظيفة المطعون عليها بطريق الندب إلى أن ظروف العمل والحاجة العاجلة لشغلها‬
‫اقتضت ذلك‪ ،‬سيما وأن إجراءات التعيين أو الترقية عليها تتطلب إجراءات طويلة‪ ،‬وحيث أن‬
‫مبررات جهة اإلدارة جاءت على عواهنها دون تبيان لما هي الحاجة العاجلة‪ ،‬التي استدعتها إلى‬
‫الندب على هذه الوظيفة دون التعيين أو الترقية ضمانا ً الختيار أفضل العناصر لشغلها وإعالن‬
‫لمبدأ المساواة وتكافد الفرص بين كافة الموظفين م من تتوافر بشانه شروط شغلها‪ ،‬ال سيما وأن‬
‫هذه الوظيفة هي وظيفة بينية فهناك مدير عام موجود ويمارش مهامه وهناك مديرو دوائر فأي‬
‫حاجة عاجلة استدعت جهة اإلدارة إلى الندب على الوظيفة‪ ،‬وأن جهة اإلدارة ما قصدت به إال‬
‫ضمان عدم منافسة أي من موظفي الجهة للموظفة المذكورة في شغل هذه الوظيفة مثلما الحال‬
‫في التعيين أو الترقية عليها‪ ،‬آية ذلك أن ندب الموظفة لهذه الوظيفة جاء خلوا ً من تحديد لفترة‬
‫معينة للندب بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية والئحته التنفيذية‪ ،‬كما لمس في القرار على أن الندب‬
‫يكون بذات الدرجة المالية‪ ،‬األمر الذي يو حي بأن الغاية من الندب هو شغل الموظفة للوظيفة‬
‫المطعون عليها بصفة مستمرة وليست مدقتة حسبما تقضي طبيعة الندب‪ ،‬وعليه والحال كذلك‬
‫يضحي القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ندب الموظفة المذكورة لشغل وظيفة مساعد مدير‬

‫‪4‬‬
‫د‪ .‬صالن بن علي الصواعي‪ 7،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.3470‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ممدول عبد المجيد س ال الاللطان‪8 ،‬الض ال الالبط اإلداري‪ ،‬د ارس ال الالة مقارنة‪ ،‬ر‪0‬س ال الالالة دكتو ارة‪ ،‬أكاديمية الش ال الالرطة‪،20014 ،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪.318‬‬
‫عام المديرية العامة للتربية والتعليم‪ ....‬غير قائم على ما يبرره مخالفا ً ألحكام القانون ومشوبا ً‬
‫()‪409‬‬
‫بعيب إساءة استعمال السلطة ‪.‬‬
‫ويستنتج مما تقدم‪ ،‬أنه إذا كان في وسع اإلدارة التحلل من بعض قواعد المشروعية‪،‬‬
‫في ظل الظروف االستثنائية‪ ،‬كلما تعلق األمر بشكل‪ ،‬ومحل القرار اإلداري‪ ،‬أو قواعد‬
‫االختصاص‪ ،‬فإنه ليس لها أن تنحرف بسلطاتها‪ ،‬ولو في ظل الظروف االستثنائية‪ ،‬حيث إن‬
‫االنحراف بالسلطة يمثل انتهاكا ً للمصلحة العامة‪ ،‬ونظرية الظروف االستثنائية ما تقررت‬
‫إال بمقصد حماية المصلحة العامة‪.‬‬

‫حكم محكمة القض ال ال الالاء اإلداري‪ 9‬العمانية‪ ،‬االس ال ال الالتئناف‪ ،‬رقم ‪ 0،300‬لس ال ال الالنة ‪12‬ق‪.‬س‪ ،‬جلس ال ال الالة ‪،20124 /5/28‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة للعام القضائي الثاني عشر سنة ‪ ،2012‬ص‪.699 ،698‬‬
‫نقالً عن د‪ .‬صالن بن على الصواعي‪ ،‬ص‪.349‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫ضمانات األفراد تجاه قرارات‬
‫الضبط اإلداري المعيبة‬
‫المبحث الثالث‬
‫ضمانات األفراد تجاه قرارات الضبط االداري المعيبة‬
‫الغرض األساسي للرقابة القضائية هو حماية األفراد‪ ،‬وذلك بإلغاء قرارات االدارة‬
‫غير المشروعة والتى تكون سببت ضررا ً لألفراد‪ ،‬حيث أن دعوى اإللغاء ليست دعوى بين‬
‫خصوم‪ ،‬بل هي موجهة ضد قرار صادر عن سلطة إدارية بإرادتها المنفردة بقصد التوصل‬
‫إلى إلغائه‪ ،‬وال يملك القاضي سوى سلطة إلغاء القرار إذا تبين له عدم شرعيته‪ ،‬أو رفض‬
‫الطلب إذا ثبت له أنه سليم من الناحية القانونية‪ ،‬أو عدم قبوله إذا انتفت إحدى الشكليات‬
‫()‪410‬‬
‫الالزمة لرفع الدعوى ‪.‬‬
‫كما تهدف الرقابة القضائية الى الحكم بالتعويض عن الضرر الذى يمس االفراد من‬
‫‪411‬وهذا يكون بمقتضى دعوى‬ ‫جراء سير المرافق العامة أو بفعل تصرفات اإلدراة( )‪،‬‬
‫القضاء الشامل فهي خصومة قائمة بين طرفين‪ ،‬يدعي أحدهما أنه وقع المساش بأحد مراكزه‬
‫الذاتية أو الشخصية‪ ،‬ويملك فيها القاضي سلطات واسعة من أجل إرجاع الحق لصاحبه‬
‫()‪412‬‬
‫وتقرير التزامات على الطرف اآلخر ‪.‬‬
‫من خالل ما سبق يظهر لنا أن هناك اختالفا ً واضحا ً بين دعوى اإللغاء ودعوى‬
‫القضاء الكامل‪ ،‬مما يسمح بتمييز كل منهما عن األخرى‪.‬‬
‫وبالرغم من هذا االختالف‪ ،‬فإن القرار اإلداري يكون في بعض األحيان قاسما ً‬
‫مشتركا ً بينهما‪ ،‬وذلك في الحالة التي يترتب فيها عن القرار المطعون فيه بعدم المشروعية‬
‫()‪413‬‬
‫ضرر ما ‪.‬‬
‫بحيث يكون قضاء اإللغاء مختصا بالبت في مشروعية القرار‪ ،‬والقضاء الكامل‬
‫مختصا ً ببحث مسدولية اإلدارة عن الضرر الناتج عن القرار‪،‬عندما يطعن أحد األفراد على‬
‫القرار اإلداري فإنه يهدف من الطعن إلغاء القرار اإلداري لعيب الغاية‪ ،‬والحصول على‬
‫التعويض عندما تتوافر مسدولية اإلدارة‪ ،‬هذا يجعلنا نبحث في مفهوم دعوى اإللغاء ودعوى‬
‫القضاء الكامل لمعرفة الضمانات التي يكفلها القانون لألفراد لتحقيق المشروعية في القرارات‬
‫()‪414‬‬
‫اإلدارية ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫على أعمال اإلدارة القضائية‪ ،‬مرجع ‪1‬سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪0‬‬
‫د‪ .‬محمد كامل ليلة‪ ،‬الرقابة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪168‬‬
‫‪4‬‬
‫عليها ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪-167‬‬
‫‪1‬‬
‫التقديرية للدارة ومدى رقابة القضاء‬
‫‪1‬‬
‫حمد عمر حمد ‪ ،‬السلطة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الجامعية‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫األعمال اإلدارية‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬إب راهيم عبد العزيز شيحا‪2 ،‬مبدأ المشرونية كضابط لصحة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلسكندرية‪ ،2017 ،‬ص‪.20‬‬


‫()‪413‬‬
‫المحكمة العليا الليبية رقم الطعن ق‪ 27/47‬تاريخ الطعن ‪ 2003/6/1‬سنة وعدد المجلة و‪ 37 38‬رقم ال صفحة‬
‫‪100‬‬
‫ي‪ ،‬شرل قانون مجلس الدولة المصر‪4‬ي‪ ،‬دار‬
‫‪1‬‬
‫الدولة المبادئ العامة للقضاء اإلدار‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬مصطفى كامل‪ ،‬مجلس‬ ‫)‬ ‫(‬

‫النهضة العربية إل ‪ ،2‬سنة ‪ ،1954‬ص‪.41‬‬


‫ومما ال شك فيه أن القرار االداري المشوب بعيب اإلنحراف فى استعمال السلطة هو‬
‫قرار غير مشروع‪ ،‬يجوز لكل ذي مصلحة من األفراد أن يطلب من القضاء االداري إلغا ه‬
‫بمجرد أن يصدر نهائيا ً أي قبل التنفيذ‪ ،‬غير أنه قد يحدث أحيانا ً أن ينفذ القرار قبل ألغائه‪،‬‬
‫وينشأ عن هذا التنفيذ ضرر يلحق بعض األفراد‪ ،‬ففى هذه الحالة يكون لصاحب الحق المعتدى‬
‫عليه أن يطالب بتعويض ذلك الضرر‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق سوف نتناول ما يترتب على إثبات تعييب قرارات الضبط االداري‬
‫وذلك من خالل تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو اآلتى‪-:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬إلغاء قرارات الضبط اإلداري المعيبة‬
‫المطلب الثانى ‪ :‬الحق فى التعويض عند توافر أركان المسئولية‬
‫المطلب األول‬
‫إلغاء قرارات الضبط االداري‬
‫المعيبة‬
‫المطلب األول‬
‫إلغاء قرارات الضبط االداري المعيبة‬
‫الفرع األول‬
‫ماهية دعوى اإللغاء‬
‫من الضمانات التي قررها المشرع عندما يصدر قرار بحق أحد األشخاص ويكون‬
‫مشوبا ً بعيب الغاية حق اللجوء إلى القضاء اإلداري ويطلب إلغاء ذلك القرار‪ .‬وذلك عن‬
‫طريق رفع دعوى اإللغاء‪ ،‬غير أنه يجب التقيد بالشروط والضوابط القانونية المطلوبة لرفع‬
‫دعوى اإللغاء وبنا ًء على ذلك سوف نتطرق فيما يلي إلى مفهوم دعوى اإللغاء وخصائصها‬
‫()‪415‬‬
‫وشروطها ‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مفهوم دعوى اإللغاء‬
‫دعوى اإللغاء هي الوسيلة القضائية التي تمكن القاضي من مراقبة عمل اإلدارة بقصد‬
‫()‪416‬‬
‫إلغاء قراراتها بعدم الشرعية ‪.‬‬
‫وهى تهدف إلى إلغاء القرار اإلداري الذي أصدرته اإلدارة وتتميز تلك الدعاوى بأن‬
‫سلطة القاضي اإلداري فيها تقتصر على بحث مشروعية القرار ومدى اتفاقه مع القانون‬
‫وإلغاء ذلك القرار إذا كان مخالفا ً للقانون‪ ،‬فال يستطيع القاضي أن يقوم بتحديد نطاق المركز‬
‫القانوني للطاعن أو أن يقوم بسحب قرار اإلدارة أو تعديله أو أن يصدر قرارا ً آخر محل‬
‫القرار المعيب الذي أصدرته اإلدارة‪.‬‬
‫ولقد استقر الفقه المصري على تعريف دعوى اإللغاء‪ ،‬بأنها دعوى قضائية يرفعها‬
‫أحد األفراد أو إحدى الهيئات للقضاء اإلداري للمطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري صدر‬
‫مخالفا للقانون فدعوى اإللغاء باعتبارها دعوى مشروعية يكون موضوعها دائما قرارا ً إداريا ً‬
‫يفصل القاضي في مدى مشروعية أيا ً كانت السلطة التي أصدرته‪ ،‬ويمكن القول بأن دعوى‬
‫اإللغاء تعد بمثابة مخاصمة القرار اإلداري‪ ،‬وال تخاصم فيها جهة اإلدارة‪ ،‬بمعنى أن الطعن‬
‫يوجه أصال للقرار اإلداري وليس للسلطة اإلدارية التي أصدرته‪ .‬أما في القضاء اإلداري‬
‫الفرنسي‪ ،‬فدعوى اإللغاء هي دعوى قضائية ترفع إلى القضاء إلعدام قرار إداري صدر‬
‫بخالف ما يقضي به القانون‪ ،‬وتسمى أيضا دعوى تجاوز السلطة‪ .‬كما أنها تعد من أهم‬
‫الوسائل لحماية المشروعية وقد كان للقضاء الفرنسي الريادة في إنشاء دعوى اإللغاء وكان‬
‫مجلس الدولة صاحب الوالية العامة بالنظر في الدعاوى اإلدارية منذ ‪ 1872‬وكانت تنظر‬
‫على درجتين‪ :‬تعرض األولى أمام المحاكم اإلدارية‪ ،‬والدرجة األخرى أمام مجلس الدولة‬
‫بوصفه محكمة االستئناف‪ .‬وقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى أن دعوى اإللغاء ليست‬

‫‪4‬‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.262‬‬
‫‪1‬‬
‫على أعمال اإلدارة القضائية‪ ،‬مرجع‬
‫‪5‬‬
‫د‪ .‬محمد كامل ليلة الرقابة‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪Braibant Guy, le droit administratif français.3eme édition, Presses de la fondation‬‬


‫‪(416‬‬
‫)‬

‫‪nationale dessciences politiques & Dalloz, paris, 1992, P.512.‬‬


‫دعوى بين األطراف‪ ،‬ولكنها دعوى موجهة لهذا القرار‪ ،‬وأنه إذا كان هناك مدع في إجراءات‬
‫()‪417‬‬
‫دعوى اإللغاء فإنه ال يوجد بالمعنى الدقيق للكلمة المدعى عليه ‪..‬‬
‫وموضوع دعوى اإللغاء هو دائما ً قرار إداري‪ ،‬أيا كانت السلطة التي تصدره‪ ،‬رئيس‬
‫الجمهورية أو الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظة‪ ...‬والقرار اإلداري الذي توجه ضده‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬قد يكون قرارا ً فرديا ً يخاطب شخصا ً معينا ً بالذات‪ ،‬مثل قرار بالنقض على‬
‫قرار فردي بفصل طالب‪ ،‬والقرارات الفردية الوظيفية مثل القرار بتعيين موظف أو بترقيه‬
‫أو بتوقيع جزاء تأديبي عليه‪ ،‬وقد يكون القرار اإلداري الئحيا ً (الئحة إدارية) وهو الذي‬
‫يضع قاعدة تنظيمية‪ .‬ودعوى اإللغاء ال تخاصم جهة اإلدارة وإنما هي توجه ضد القرار‬
‫()‪418‬‬
‫اإلداري نفسه‪ ،‬فالخصومة التي تنشئها هي خصومة موضوعية ال ذاتية أو شخصية ‪.‬‬
‫والحكم الصادر بإلغاء القرار اإلداري يكون له حجية مطلقة في مواجهة الكافة‪،‬‬
‫فيستطيع أن يتمسك بالحكم بإلغاء القرار كل شخص ذي مصلحة ولو لم يكن طرفا ً في‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬خصائص دعوى اإللغاء‬
‫يمكن أن نلخص خصائص دعوى اإللغاء فيما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن سلطة القاضي اإلداري في دعوى اإللغاء تقتصر على مجرد الحكم بإلغاء‬
‫()‪419‬‬
‫القرار اإلداري غير المشروعة وليس أكثر من ذلك ‪.‬‬
‫‪ )2‬إن دعوى اإللغاء دعوى موضوعية تخاصم القرار اإلداري ذاته وليس مخاصمة‬
‫لإلدارة‪.‬‬
‫‪ )3‬إن الحكم الصادر في الدعوى بإلغاء القرار اإلداري له حجية مطلقة في مواجهة‬
‫الكافة‪ ،‬ويتمسك باإللغاء كل من له مصلحة في ذلك ولو لم يكن طرفا ً في الدعوى‪.‬‬
‫الفرع الثانى‬
‫شروط قبول دعوى الغاء القرار االداري‬
‫إن إلغاء القرار اإلداري يتطلب توافر عدة شروط خاصة به‪ ،‬وذلك بعد توافر‬
‫‪420‬األمر الذى يستوجب بيان الشروط‬
‫الشروط الالزمة إللغاء القرار االداري بصفة عامة( )‪،‬‬

‫‪BAILLEUL David, L'efficacité comparée des recours pour excès de pouvoir et de‬‬
‫‪(417‬‬
‫)‬

‫‪plein contentieux objectif en droit public français, Éd. L.G.D.J, 2002, p. 30 et suiv.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد حسنين عبد العال‪8 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬بالل أمين زين الدين‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الق ارر اإلداري ‪ .‬مرجع س ال ال الالابق ‪ ،‬ص‪.390 4‬‬


‫‪2‬‬
‫االنحراف بالس ال ال الاللطة كس ال ال الالبب إللغاء‬
‫‪0‬‬
‫العزيز عبد المنعم خليفة ‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫محمد علي عطا هللا ‪ ،‬اإلثبات بالقرائن فى القانون اإلداري والشريعة اإلسالمية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.631‬‬
‫العامة والخاصة إللغاء القرار االداري المشوب باإلنحراف فى استعمال السلطة‪ ،‬وهذا‬
‫يقتضي تقسيم هذا المطلب إلى فرعين وذلك على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬الشروط العامة إللغاء قرار المشوب بعيب الغاية ‪:‬‬


‫القرار االداري المشوب بعيب االنحراف شأنه شأن أي قرار إداري آخر غير‬
‫مشروع‪ ،‬يشترط إللغائه أن يكون هذا القرار إداريا ً ‪ ،‬وصادرا ً عن سلطة إدارية وطنية‪ ،‬وأن‬
‫يكون نهائيا ً ‪ ،‬وأن يحدث هذا القرار أثرا ً قانونيا ً‪ ،‬وسوف نتناول هذه الشروط بشيء من‬
‫اإليجاز على النحو االتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون القرار المطلوب إلغاؤه إداريا ً ‪:‬‬
‫إن ما تقوم به االدارة من أعمال أثناء ممارسة نشاطاتها فى سبيل تحقيق الصالن‬
‫العام ال تعتبر جميعها ق اررات إدارية‪ ،‬فاألعمال التي تقوم بها االدارة تنقسم إلى نوعين هما ‪:‬‬
‫أعمال مادية وأعمال قانونية‪ ،‬واألعمال المادية هي التى تقوم بها اإلدارة دون أن تقصد‬
‫‪1‬‬
‫)‪ ،‬اما‬ ‫(‬
‫إحداث آثار قانونية معينة‪ ،‬كاألعمال التي تقوم بها اإلدارة تنفيذاً لق اررات إدارية‬
‫األعمال التي تباشرها اإلدارة باالشتراك مع إدارة أخرى بحيث تتم نتيجة اتفاق اإلدارة واألفراد‪،‬‬
‫بقصد إحداث آثار قانونية معينة‪ ،‬وهذه األعمال بدورها تتقسم إلى أعمال تباشرها اإلدارة‬
‫باالشتراك مع إدارة أخرى‪ ،‬أو بين الجهات اإلدارية نفسها‪ ،‬وهي تعرف بالعقود اإلدارية‪،‬‬
‫وأعمال تباشرها اإلدارة بإرادتها المنفردة‪ ،‬وتصدر من جانب اإلدارة وحدها وهذا النوع من‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫)‪.‬‬ ‫(‬
‫أعمال اإلدارة القانونية يعرف بالق اررات اإلدارية‬
‫إال أن هذا التعريف قد تعرض إلى اإلنتقاد من بعض الفقة على أساش أنه لم يقتصر‬
‫على تحديد المقصود بالقرار اإلداري‪ ،‬وذلك ببيان أركانه فحسب‪ ،‬بل تعدى ذلك إلى شروط‬
‫صحتة أو باألحرى مشروعيته‪ ،‬فالتعريف القضائي يشترط اتفاق مع القوانين واألنظمة‪ ،‬وأن‬
‫يكون محله ممكنا ً وجائزاً‪ ،‬وتلك الشروط تتصل بصحة القرار اإلداري‪ ،‬وهي مسألة تخرج‬
‫‪423‬وذلك ألن القرار يعتبر موجودا ً من الناحية القانونية بمجرد‬
‫عن تعريف القرار وطبيعته( )‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫أبو بكر أحمد النعيمي‪ ،‬حدود‪ 1‬القضاء اإلداري في دعوى اإللغاء ‪ ،2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪4‬‬
‫اإلداري دراسة مقارنة ‪ ،‬دار النهضة ‪2‬العربية ‪ ،‬القاهرة ‪1993‬م ‪ ،‬ص‪6‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود محمد حافظ‪ ،‬القرار‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪4‬‬
‫النظرية العامة للقانون اإلداري‪ ،‬مرجع‪2‬سابق‪ ،‬ص‪525‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد رفعت عبد الوهاب‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫تعبير اإلدارة عن إرادتها المنفردة بقصد إحداث أثر قانوني معين‪ ،‬وحتى وإن لحق بهذا‬
‫القرار عيب يتعلق بشروط صحته التي تجعله قابالً لإللغاء ‪.‬‬
‫()‪424‬‬

‫وبذلك فإن القرار اإلداري باعتباره عمالً قانونيا ً يصدر عن اإلرادة منفردة من جانب‬
‫‪425‬وحيث يفترض‬ ‫السلطة اإلدارية‪ ،‬سواء كان التعبير عن هذه اإلرادة صراحة أو ضمنا ً( )‪،‬‬
‫المشرع في بعض األحوال أن سكوت اإلدارة يعتبر بمثابة إعالن عن إرادتها على نو معين‪،‬‬
‫أي يعتبر ذلك قرارا ً إداريا ً بالموافقة أو الرفض وذلك حماية لألفراد من عنت اإلدارة‬
‫وتعسفها()‪426‬ومن أمثلة ذلك القرار الضمني بقبول االستقالة التي مضى على تقديمها أكثر‬
‫من ثالثين يوما ً دون صدور رد صريح من جانب اإلدارة ‪ ،‬وكذلك القرار الضمني برفض‬
‫التظلم الذي مضي على تقديمه ستون يوما ً دون إجابة من السلطة المختصة‪.‬‬
‫وكون القرار اإلداري قانونيا ً يعني عدم جواز الطعن باإللغاء في األعمال المادية‬
‫‪ 427‬ومن ثم فهو ال يعد‬‫التي تصدر عن اإلدارة‪ ،‬ألن العمل المادي ال تترتب عليه آثار( ) ‪،‬‬
‫قرارا ً إداريا ً حتى وإن رتب القانون عليه آثارا ً قانونية فإن تلك اآلثار تعتبر وليدة اإلدارة‬
‫()‪428‬‬
‫المباشرة للمشروع وليست وليدة إرادة األدارة ‪.‬‬
‫وأيضا يتميز القرار اإلداري عن العقد اإلداري الذي ينشأ عن التقاء إرادة اإلدارة‬
‫مع إراد ة المتعاقد معها بشروط معينة‪ ،‬وبذلك فإنه ال يجوز الطعن باإللغاء في العقد‬
‫‪429‬إال أن ما تصدره اإلدارة من قرارات قابلة لإلنفصال بهدف التمهيد إلبرام‬ ‫اإلداري( )‪،‬‬
‫العقد أو اعتماده‪ ،‬تعد قرارات إدارية يجوز الطعن فيها باإللغاء استقالالً عن العقد ‪.‬‬
‫()‪430‬‬

‫والجدير بالذكر أن صدور القرار باإلرادة المنفردة‪ ،‬ليس معناه أن يصدر القرار‬
‫اإلداري وفقا ً إلدارة شخص واحد بل يمكن أن يشترك في إصداره أكثر من شخص‪ ،‬طالما‬
‫()‪431‬‬
‫أنهم يمثلون إدارة سلطة إدارية واحدة ‪.‬‬

‫يع‪،‬عمان‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫األولى‪ ،‬دار الثقالافالة للنشال ال ال ال ال ال الالر والتوز‬
‫‪2‬‬
‫)حمالد علي الخالليالة‪ ،‬القالانون ‪4‬اإلداري‪ ،‬الكتالاب الثالاني‪ ،‬الطبعالة‬ ‫(‬

‫‪2012‬م‪،‬ص‪.175‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫‪5‬‬
‫زكي محمد النجار‪ ،‬القضاء‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪4‬‬
‫للنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪2004‬م‪،‬ص‪.355‬‬
‫‪2‬‬
‫)د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون ‪6‬اإلداري دار الجامهة الجديدة‬ ‫(‬

‫‪1997‬م‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫دار النهضال ال ال ال ال ال ال الالة العربيالالة ‪ ،‬القالالاهرة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫محمالالد عبالالد الحميالالد أبو زيالالد‪ 7،‬المطول في القالالانون اإلداري ‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫ص‪ .216‬محمد علي الخاليلة ‪ ،‬القانون اإلداري ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪176‬‬


‫ص‪.268‬‬
‫‪4‬‬
‫مصال الالطفى محمود عفيفي‪ ،‬الو‪8‬سال الاليط في مبادئ القانون اإلداري الم‪2‬صال الالري والمقارن‪ ،‬مرجع سال الالابق‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫صالل الدين فوزي‪ ،‬الوسيط في القانون اإلداري مرجع سابق‪ ،‬ص‪.828‬‬


‫ي مرجع‬
‫‪4‬‬
‫أحمد رسال الالالن‪ ،‬وسال الاليط القضال الالاء اإلدار‬
‫‪2‬‬
‫ي‪ ،‬مرجع سال الالابق‪،‬ص‪ .185‬أنور‬
‫‪9‬‬
‫نواف كنعان‪ ،‬القضال الالاء اإلدار‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سابق ‪،‬ص‪.430‬‬
‫‪4‬‬
‫محمود عاطف البنا‪ ،‬الوسيط في القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.226‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫محمد علي‬
‫‪4‬‬
‫اإلداري ‪ ،‬مرجع سال ال ال الالابق‪ ،‬ص‪.182‬‬
‫‪3‬‬
‫األعمال اإلدارية القانونية‪ ،‬القرار‬
‫‪1‬‬
‫محمد فؤاد عبد الباسال ال ال الالط‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫الخاليلة‪ ،‬القانون اإلداري مرجع سابق ص ‪.179‬‬


‫‪ -2‬أن يكون القرار صادرا ً عن سلطة إدارية وطنية‪:‬‬
‫يتضح من هذا الشرط أنه يجب أن يتوافر في القرار اإلداري أمران‪ :‬األول أن يكون‬
‫القرار صادرا ً عن سلطة إدارية‪ ،‬والثاني أن تكون السلطة اإلدارية سلطة وطنية‪.‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون القرار صادرا ً عن سلطة إدارية‪:‬‬
‫يشترط في القرار اإلداري المطعون فيه أن يكون صادرا ً عن رئيس الدولة أو أحد‬
‫الوزراء‪ ،‬كما يمكن أن يصدر من مجلس محلي أو هيئة عامة‪ ،‬أو إحدى النقابات بأعتبارها‬
‫()‪432‬‬
‫من أشخاص القانون العام ‪.‬‬
‫بمعنى يجب أن يكون القرار القابل باإللغاء صادرا ً عن جهة إدارية متمتعة بالشخصية‬
‫االعتبارية العامة‪ ،‬مع استبعاد القرارات الصادرة من الجهات التشريعية والجهات القضائية‬
‫()‪433‬‬
‫وأعمال السيادة‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإن القرارات الصادرة عن السلطة اإلدارية في الدولة هي الميدان‬
‫الذي تمارش فيه دعوى اإللغاء‪ ،‬وبما أن هذه السلطة تشمل جميع الجهات اإلدارية في السلطة‬
‫التنفيذية في الدولة‪ ،‬فإن أعمال السلطتين التشريعية و القضائية تخرج عن نطاق الطعن‬
‫باإللغاء طبقا ً للمعيار الشكلي ‪.‬‬
‫()‪434‬‬

‫ب‪ -‬أن تكون السلطة اإلدارية سلطة وطنية‪:‬‬


‫يقتضي هذا الشرط أن تكون السلطة اإلدارية التي صدر عنها القرار اإلداري سلطة‬
‫‪435‬وتأسيسا ً على ذلك فإنه ال يقبل‬
‫إدارية وطنية تطبق قوانين البالد وتستمد سلطتها منها( )‪،‬‬
‫الطعن باإللغاء في القرارات الصادرة من سلطات إدارية أجنبية‪ ،‬أو من منظمات دولية‪،‬‬

‫الاء اإلداري‪ ،‬مرجع سال ال الالابق‪ ،‬ص‪ 3279‬منصال ال الالور إبراهيم العتوم القضال ال الالاء ‪4‬اإلداري‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫)د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القضال ال ال‬ ‫(‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 79‬نواف كنعان‪ ،‬القضاء اإلداري مرجع سابق ص‪.186‬‬
‫( ‪ )4‬د‪ .‬أرحيم لسميان الكبيسي‪ ،‬المبادئ في القانون اإلدارة الليبي‪ ،‬ب ن‪ ،‬ب م‪ ،‬إل‪، 2005، 1‬ص ‪ 131‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪ ،‬د ارس ال الالة‪ 3‬مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬د ار الحامد‪ 4‬للنش ال الالر‬
‫‪4‬‬
‫أحمد محمد النوايس ال الالة‪ ،‬مبدأ‬ ‫)‬ ‫(‬

‫والتوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،2012‬ص‪ ،.139‬عبد الغني بسالاليوني عبد هللا‪ ،‬القضالالاء اإلداري مرجع سالالابق‪ ،‬ص‪ .449‬هناك‬
‫معياران لتميز الق اررات اإلدارية عن سال ال الالائر أعمال الدولة‪ ،‬أولهما شال ال الالكلي يقوم على أسال ال الالاس النظر إلى الجهة التي‬
‫أص ال الالدرت القرار‪ ،‬والش ال الالكل واإلجراءات التي اتبعت في إص ال الالدارة‪ ،‬دون النظر إلى موض ال الالوعه أو مض ال الالمونه‪ ،‬والثاني‬
‫موضوعي يقوم على أساس النظر إلى مضمون القرار أو موضوعه بصرف النظر عن السلطة التي أصدرتة أو‬
‫الشال الالكل واإلجراءات التي روعيت في إصال الالداره‪ ،‬انظر في ذلك‪ :‬فتحي عبد النبي الوحيدي‪ ،‬محاض ال الرات في الق اررات‬
‫اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬محمود محمد حافظ‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪5‬‬
‫نواف كنعان ‪ ،‬القضاء اإلدار‬ ‫)‬ ‫(‬
‫وكذلك من موظفين وطنيين يستمدون سلطاتهم من قانون أجنبي‪ ،‬ألن القرار في هذه الحاالت‬
‫ال يعتبر قرارا ً صادرا ً عن سلطة وطنية ‪.‬‬
‫()‪436‬‬

‫‪ -1‬أن يكون القرار نهائيا ً‪:‬‬


‫يشترط في القرار اإلداري القابل للطعن باإللغاء أن يكون نهائياا ً‪ ،‬وهو القرار الصادر‬
‫()‪437‬‬
‫من جهة إدارية دون الحاجة إلى اعتماده أو التصديق عليه من سلطة أخرى ‪.‬‬
‫حيث ال يكفي أن يكون محل الطعن باإللغاء قرارا ً إداريا ً حتى يقبل‪ ،‬وإنما يتعين إلى‬
‫ً()‪438‬‬
‫فما هو المقصود بنهائية القرار اإلداري؟‬ ‫جانب ذلك أن يكون نهائيا‬
‫يقصد بنهائية القرار اإلداري أن يكون قرارا ً تنفيذيا ً أو قابالً للتنفيذ وهذا ما كدته‬
‫المحكمة العليا في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 26‬يونيو ‪ 1957‬حيث قالت "إن معيار نهائية‬
‫()‪439‬‬
‫القرار اإلداري هو قابليته للتنفيذ‪"...‬‬
‫فالمقصود إذا ً بنهائية القرار اإلداري هو قابليته للتنفيذ وال يكون القرار كذلك إال إذا‬
‫كان صادرا ً من سلطة إدارية مختصة بإصداره وال يتعلق وجوده على تصديق سلطة إدارية‬
‫()‪440‬‬
‫أعلى" ‪.‬‬
‫ولقد أثارت الصفة النهائية للقرارات اإلدارية الجدل الفقهي‪ ،‬حيث يرى جانب من‬
‫الفقه()‪441‬أن اختيار كلمة نهائي للداللة على القرارات اإلدارية التي تقبل الطعن باإللغاء غير‬
‫موفق‪ ،‬ألن القرار قد يكون نهائي بالنسبة لسلطة معينة وغير نهائي بالنسبة لغيرها‪ ،‬وأن هذا‬
‫التحديد إذا كان جامعا ً إال أنه ليس مانعا ً ‪ ،‬ألن من القرارات ما يصدر عن جهة إدارية معينة‬
‫بغير حاجة إلى التصديق من جهة إدارية أخرى ومع ذلك ال يعتبر قرارا ً نهائياا ً في مجال‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬ويرى هذا الجانب أن كلمة "التنفيذية" أوفى بالغرض من كلمة نهائية ألن‬
‫القرارات اإلدارية تصبح قابلة للطعن باإللغاء من لحظة صيرورتها قابلة للتنفيذ‪.‬‬
‫في حين ذهب جانب آخر – بحق – إلى أن كلمة نهائية كافية لوصف القرارات‬
‫اإلدارية التي يجوز الطعن فيها باإللغاء‪ ،‬وأن العبرة النهائية هي أن تكون القرارات اإلدارية‬

‫الخصومة‬
‫‪4‬‬
‫‪ .421‬عبد الناصر أبو سمهدانة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪6‬‬
‫أنور أحمد رسالن‪ ،‬وسيط‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلدارية ومستقبل القضاء اإلداري في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬


‫المطول في‬
‫‪4‬‬
‫‪ .434‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪7‬‬
‫أنور أحمد رسالن‪ ،‬وسيط‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.219‬‬


‫( ‪ )4‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري ‪ ،‬دراسة مقارنة ألحدث النظريات والمبادئ في‬
‫قضاء مجلس الدولة في فرنسا ومصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.350‬‬
‫( ‪ )4‬طعن إداري رثم ‪ 6/14‬ق بجلسة ‪ ،1957 / 6 / 26‬م‪ ،‬م‪ ،‬ع‪ ،‬س‪ ، 1‬ع‪ ،1‬ص‪. 18‬‬
‫( ‪ )4‬طعن إداري رقم ‪ 3/1‬ق‪ ،‬جلسة ‪، 1970 / 3 / 28‬م‪،‬م ‪،‬ع ‪،‬س‪ ،‬ع ‪ ،1 ،2 ،3‬ص ‪65‬‬
‫‪4‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مرجع ‪4‬سابق‪ ،‬ص ‪.406 -405‬‬
‫‪1‬‬
‫سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫نهائية بذاتها‪ ،‬وذلك إذا استنفذت جميع المراحل التحضيرية الالزمة إلصدارها‪ ،‬دون معقب‬
‫()‪442‬‬
‫عليها من سلطة إدارية أعلى ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يحدث القرار أثرا ً قانونيا ً معينا ً‪:‬‬
‫يجب أن يكون القرار اإلداري المطعون فيه باإللغاء محدثا ً بذاته أثرا ً قانونياا ً‪ ،‬وأن‬
‫يدثر في المركز القانوني للطاعن بأن يلحق به ضررا ً‪ ،‬سواء تمثل هذا في إنشاء مركز‬
‫قانوني جديد‪ ،‬أو بتعديل مركز قانوني قائم‪ ،‬أو بإلغائه ما دام هذا األثر ممكنا ً وجائزا ً‬
‫ً()‪443‬‬
‫قانونا ‪.‬‬
‫وبذلك يخرج عن نطاق الطعن باإللغاء القرار الذي ال يولد أثارا ً قانونية لعدم إلحاقه‬
‫أضرارا ً‪ ،‬أي عدم مساسه بالمركز القانوني للطاعن من ناحية‪ ،‬أو القرار الذي يولد أثارا ً‬
‫قانونية معينة ولكنها غير ممكنة أو جائزة قانونا ً من ناحية أخرى ‪.‬‬
‫()‪444‬‬

‫‪ .437‬طارق فتن هللا خضر‪ ،‬دعوى ‪4‬اإللغاء‪،‬‬


‫‪4‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪2‬‬
‫أنور أحمد رسالن‪ ،‬وسيط‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫منص ال ال الالور إبراهيم العتوم‪ ،‬القض ال ال الالاء اإلداري‪ ،‬مرجع س ال ال الالابق‪ ،‬ص‪ ،52‬نواف كنعان‪ ،‬القض ال ال الالاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫سابق‪ ،‬ص‪.195‬‬
‫عبد الناص الالر أبو س الالمهدانة‪ ،‬الخص الالومة اإلدارية ومس الالتقبل القض الالاء اإلداري في فلس الالطين‪ ،‬مرجع س الالابق‪ ،‬ص‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.184‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الحق فى التعويض عند توافر‬
‫أركان المسئولية‬
‫المطلب الثاني‬
‫الحق فى التعويض عند توافر أركان المسئولية‬
‫قد ال يكون إلغاء القرار اإلداري كافيا ً في مواجهة اآلثار الضارة المترتبة عليه‪ ،‬فقد ينجم عن تنفيذ القرار‬
‫في الفترة ما بين صدوره وحتى إلغائه أضرار تصيب األفراد ال يكفي إلزالتها مجرد إلغاء القرار المعيب‪ ،‬بل يجب‬
‫()‪445‬‬
‫أن يعقب هذا اإللغاء تعويض لجبر الضرر ‪.‬‬
‫فعدم مشروعية القرار اإلداري ‪ ،‬تددي إلى قيام مسدولية اإلدارة‪ ،‬إذا ترتب عليه ضرر‪ ،‬وذلك على اساش‬
‫()‪446‬‬
‫أن هذا العيب يُعد من األخطاء الجسيمة التي تقع من اإلدارة ‪.‬‬
‫طلبات التعويض عن القرارات اإلدارية وعن األعمال المادية المنسوبة لجهة اإلدارة‪ ،‬فقضاء المسئولية‬
‫()‪447‬‬
‫وما ينتج عنه من الحكم بالتعويض للمدعي يدخل ضمن دعاوى القضاء الكامل ‪.‬‬
‫حيث أ َّن دعاوى القضاء الكامل تتميز بأن ال تقتصر سلطة القاضي على تحديد المركز القانوني الذاتي‬
‫للطاعن وبيان الحل الكامل للنزاع‪ ،‬فمثالً لو أن جهة اإلدارة حددت مرتب الموظف أو معاشه برقم معين‪ ،‬ونازع‬
‫الموظف اإلدارة في هذا التحديد‪ ،‬فإن مجلس الدولة إذا وجد أن الموظف على حق‪ ،‬فإنه ال يقتصر على إلغاء الحل‬
‫الذي ارتأته اإلدارة بل يتعدى ذلك إلى وضع الحل النهائي للنزاع‪ ،‬فيحدد المجلس الرقم الذي يستحقه الموظف‬
‫بصفة مرتب أو معاش‪.‬‬
‫وعلى ذلك يمكننا أن نلخص خصائص دعوى القضاء الكامل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إن سلطة مجلس الدولة فيها "كاملة"‪ ،‬بمعنى أنها ال تتوقف على حد إلغاء عمل اإلدارة‬
‫المخالف للقانون بل تتعدى ذلك إلى حسم كافة عناصر النزاع‪ ،‬بتحديد المركز الذاتي‬
‫للطاعن بشكل نهائي‪.‬‬
‫‪ -2‬وترتب على الخصيصة األولى‪ ،‬أن الحكم الصادر في دعوى القضاء الكامل ليست‬
‫تقتصر على أطراف الدعوى ‪ ،‬الطاعن وجهة اإلدارة‪ ،‬وال يستطيع أن يتمسك بالحكم‬
‫شخص آخر لم يكن طرفا ً في هذه الدعوى ‪.‬‬
‫()‪448‬‬

‫ويالحظ أن عيوب القرار الموجبة إللغائه ال تؤدي حتما ً كلها للتعويض عنه فنحن‬
‫نعرف أن عيوب القرار التي يمكن أن يددي أي منهما إلى الحكم بإلغائه‪ ،‬هي خمسة عيوب‪:‬‬
‫عدم االختصاص – عيب الشكل – عيب المحل – عيب السبب – وأخيرا ً عيب الغاية‪( ،‬أو‬
‫إساءة استعمال السلطة)‪ .‬ولكن اتجهت أحكام مجلس الدولة إلى أن هذه العيوب الخمسة ال‬
‫تددي كلها دائما ً إلى قيام مسئولية اإلدارة بالتعويض‪ ،‬فالقضاء اإلداري يتطلب الخطأ اإلداري‬
‫الجسيم‪ ،‬وهو ال يتحقق في كل عيوب القرار‪ ،‬وفي هذا المعنى تقول محكمة القضاء اإلداري‬

‫‪.403‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ 5،‬اإلنحراف بالسلطة كسبب إللغاء ‪4‬القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫)‬ ‫(‬

‫األحكام‪ ،‬دراسة‬
‫‪4‬‬
‫وطرق الطعن في‬ ‫القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬قضاء ‪4‬التعوي‬
‫‪6‬‬
‫سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫عن أعمال السلطات العامة‪،‬‬ ‫مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهر‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪ .139‬سعيد السيد علي‪ ،‬التعوي‬
‫د ارسال ال ال ال ال ال الالة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضال ال ال ال ال ال الالة العربية‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‪ .259‬محمد عبد العال السال ال ال ال ال ال الالناري‪ ،‬مبدأ‬
‫المشرونية والرقابة على أعمال اإلدارة‪ ،‬مرجع سابقال ص ‪.403‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬قضاء‪ 7‬المالئمة والسلطة التقديرية للدارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪4‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.20‬‬
‫‪4‬‬
‫األعمال اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪8 ،‬مبدأ المشرونية كضابط لصحة‬ ‫)‬ ‫(‬
‫في أحد أحكامها‪" ...‬ولئن كان كل وجه من وجوه عدم مشروعية القرار كفيالً بذاته لتقرير‬
‫إلغائه‪ ،‬إال أنه ليس من المحتم أن يكون مصدرا ً للمسئولية وسببا ً للحكم بالتعويض إذا ما‬
‫ترتب على تنفيذ القرار ضرر للفرد"( )‪449.‬وهو ما استقر عليه أيضا ً قضاء مجلس الدولة في‬
‫فرنسا‪.‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك استقرت أحكام مجلس الدولة في مصر أن عيب عدم االختصاص وعيب‬
‫الشكل ال يدديان بالضرورة إلى تقرير مسئولية اإلدارة والحكم عليها بالتعويض‪ ،‬بل يشترط‬
‫للحكم بالتعويض أن يكون عيب عدم االختصاص أو عيب الشكل مدثران في موضوع القرار‬
‫أو جوهره‪ ،‬فإذا كان القرار سليما ً في مضمونه وسببه‪ ،‬وكان في وسع اإلدارة إصدار القرار‬
‫بهذا المضمون والسبب بعد تصحيح عدم االختصاص أو عيب الشكل‪ ،‬فال محل لمسائلة‬
‫اإلدارة التعويض على أساش أحد هذين العيبين‪ ،‬وفي هذا المعنى تقول المحكمة اإلدارية‬
‫العليا في أحد أحكامها ما يلي " أن القضاء بالتعويض ليس من مستلزمات القضاء باإللغاء‬
‫بل لكل من القضائين أساسه الخاص الذي يقوم عليه كما أن عيب عدم االختصاص أو عيب‬
‫الشكل الذي قد يشوب القرار اإلداري فيددي إلى إلغائه ال يصلح حتما ً وبالضرورة أساسا ً‬
‫للتعويض ما لم يكن العيب مدثرا ً في موضوع القرار‪ ،‬فإذا كان القرار سليما ً في مضمونه‬
‫محموالً على أسبابه المبررة برغم مخالفة قاعدة االختصاص أو الشكل فإنه ال يكون ثمة‬
‫محل لمسائلة الجهة اإلدارية عنه والقضاء عليها بالتعويض‪ ،‬ألن القرار كان سيصدر على‬
‫‪450‬‬
‫" ( )‪.‬‬
‫أي حالة بذات المضمون لو أن تلك القاعدة قد روعيت‬
‫أما بالنسبة للعيوب الثالثة الباقية التي يددي كل منها إلى إلغاء القرار اإلداري‪ ،‬وهي‬
‫عيب المحل (مخالفة القانون) وعيب السبب وعيب الغايه (أو االنحراف بالسلطة)‪ ،‬فهذه‬
‫العيوب تددي بذاتها إلى تحقق مسئولية اإلدارة بالتعويض فكل عيب منها كاف لتكوين ركن‬
‫الخطأ‪ ،‬فلو تحققت باقي أركان المسئولية وهي تحقق الضرر وقيام عالقة السببية بين الخطأ‬
‫والضرر حكم القاضي اإلداري بالتعويض‪.‬‬
‫وإذا كان القرار اإلداري المعيب بعيب االنحراف في استعمال السلطة يعتبر سببا ً‬
‫للحكم بالتعويض عن األضرار الناجمة عن تنفيذه‪ ،‬وذلك إذا توافرت الشروط الالزمة لهذا‬
‫التعويض‪ ،‬ومن ثم تعرض المسئولية إلدارة التعويض عن عيب الغاية‪ ،‬وهذا ما سوف نتناوله‬
‫من خالل تقسيم هذا المطلب إلى فرعين على النحو اآلتي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مسؤولية اإلدارة بالتعويض‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مدى إمكانية الجمع بين دعوى التعويض واإللغاء‬

‫الفرع األول‬

‫مجموعة المبادئ التي قررتها‪9‬محكمة القض الالاء اإلداري – الس الالنة ‪4‬التاس الالعة – ص‪ -350‬مش الالار إليه ل‪4‬دى‪ :‬د‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.253‬‬
‫‪4‬‬
‫نقال عن‪ :‬د‪ .‬محمد رفعت عبد‪ 0‬الوهاب‪ ،‬أصول القضاء اإلداري‪5 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.254‬‬
‫ً‬
‫)‬ ‫(‬
‫مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن القرار المشوب بعيب الغاية‬
‫القضاء المصري ال يحكم بالتعويض إال إذا ثبت له أن القرار غير مشروع‪ ،‬بأن شابه‬
‫وجه من أوجه عدم المشروعية المعروفة وهي عيب الشكل واالختصاص‪ ،‬ومخالفة القانون‬
‫واالنحراف‪.‬‬
‫ويتعين اإلشارة فإن هذا الموقف الذي ينهجه القضاء المصري‪ ،‬لم يكن هو المعمول‬
‫به قبل سنة ‪ ،1956‬بحيث أن القضاء اإلداري كان يأخذ بنظرية التعسف في استعمال الحق‪،‬‬
‫بمعنى أن القاضي اإلداري في نطاق قضاء اإللغاء ال يراقب القرار إال في حدود االنحراف‬
‫بالسلطة‪ ،‬أما فيما يتعلق بالتعويض فإن القاضي يحاسب اإلدارة على المسائل التي تكون‬
‫نظرية" التعسف في استعمال الحقوق اإلدارية"‪.‬‬
‫أساش مسدولية اإلدارة في مصر‪ ،‬مدسسة على إصدار قرار غير مشروع يشكل‬
‫في حقها خطأ وينتج عنه ضرر للغير‪ ،‬وبالتالي فإن هذه المسئولية قائمة على الخطأ‪ ،‬وأركانها‬
‫ثالثة‪ :‬الخطأ والضرر والعالقة السببية‪.‬‬
‫وتُعد عدم مشروعية القرار اإلداري أساسا ً لقيام مسدولية اإلدارة‪ ،‬ومن ثم إذا صدر‬
‫القرار سليما ً خالياا ً من العيوب التي تدثر فيه فتلغيه فال تترتب مسدولية على اإلدارة أيا ً كانت‬
‫()‪451‬‬
‫جسامة الضرر الذي لحق باألفراد من جراء تنفيذه ‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬التفرقة بين عدم المشروعية الموضوعية وعدم المشروعية الشكلية‬
‫إن عدم مشروعية القرار اإلداري ليست على درجة واحدة من الجسامة‪ ،‬فهناك بعض‬
‫أوجه عدم المشروعية تكون دائما ً مصدرا ً للمسدولية اإلدارية‪ ،‬وهناك أوجه أخرى قد ال‬
‫‪452‬فالقرارات اإلدارية المشوبة بأحد وجهي عدم المشروعية الشكلية المتمثلة‬ ‫تحقق ذلك( )‪،‬‬
‫في عيب الشكل وعيب عدم االختصاص ال تشكل مصدرا ً للمسدولية اإلدارية في جميع‬
‫األحوال‪ ،‬ويرجع ذلك إلى انتفاء رابطة السببية بين العيب ذاته وبين الضرر الناشئ عن‬
‫القرار‪ ،‬متى كان بإمكان جهة اإلدارة إصدار القرار من جديد بنفس الجوهر‪ ،‬ومعنى ذلك أن‬
‫وجهي عدم المشروعية الشكلية ال يشكالن مصدرا ً حتميا ً للتعويض إال إذا كان من شأنهما‬
‫()‪453‬‬
‫التأثير في مضمون القرار ‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته المحكمة اإلدارية العليا في حكم لها‪ ،‬حيث قضت بأنه‪" :‬قد جرى قضاء‬
‫هذه المحكمة على أن ما قد يشوب القرار اإلداري من عيب يتعلق بعدم االختصاص أو الشكل‬

‫‪ .565‬نداء محمد أمين أبو الهوى‪ ،‬م‪4‬سال الالؤولية‬


‫‪5‬‬
‫ضال الالاء اإلداري‪ ،‬مرجع سال الالابق‪ ،‬ص‬
‫‪1‬‬
‫فهد عبد الكريم أبو العثم‪ ،‬الق‬ ‫)‬ ‫(‬

‫عن الق اررات اإلدارية غير المشروعة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسم القانون العام‪ ،‬جامعة‬ ‫اإلدارة بالتعوي‬
‫الشرق األوسط‪2010 ،‬م‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫النهضال ال الالة‬
‫‪4‬‬
‫عن أعمال السال ال الاللطات العامة‪ ،‬د ار‪5‬سال ال الالة مقارنة‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار‬ ‫‪2‬‬
‫سال ال الالعيد السال ال الاليد علي‪ ،‬التعوي‬ ‫)‬ ‫(‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‪ .257‬أمزيان كريمة‪ ،‬دور القاضال ال ال ال ال الالي اإلداري في الرقابة على القرار المنحرف عن‬
‫‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .182‬إعاد علي حمود القيسي‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.251‬‬ ‫هدفه المخص‬
‫عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬االنحراف بالسلطة كسبب إللغاء القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.415‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫فيددي إلى عدم مشروعيته ال يصلح حكما ً وبالضرورة أساسا ً للتعويض‪ ،‬ما لم يكن هذا العيب‬
‫مدثرا ً في موضوع القرار‪ ،‬فإذا كان القرار سليما ً في مضمونه محموالً على أسبابه فال يكون‬
‫ثمة وجه للحكم بالتعويض عن هذا القرار غير المشروع باعتبار أنه سيصدر حتما ً وبذات‬
‫()‪454‬‬
‫المضمون لو أن الجهة اإلدارية قد راعت قواعد االختصاص والشكل" ‪.‬‬
‫وبالتالي فإنه بالنسبة للقرارات اإلدارية المشوبة بأحد أوجه عدم المشروعية‬
‫الموضوعية والمتمثلة في عيبي مخالفة القانون والسبب‪ ،‬وعيب اإلنحراف في استعمال‬
‫السلطة فإنها تُعد دائما ً مصدرا ً لمسدولية اإلدارة‪ ،‬أي أن هناك تالزم حتمي بين عدم‬
‫‪455‬ألنها تدثر في مضمون القرار وفحواه‪،‬‬
‫المشروعية الموضوعية والحكم بالتعويض( )‪،‬‬
‫‪456‬ومن ثم يعتبر عيب االنحراف في استعمال السلطة مصدرا ً‬‫فتجعله غير قابل للتصحيح( )‪،‬‬
‫‪457‬وذلك في كل األحوال بغض النظر عن جسامة الضرر‪،‬‬ ‫بالغ األهمية لمسدولية اإلدارة( )‪،‬‬
‫حيث يكون تأثيره مدكدا ً على موضوع القرار اإلداري ‪.‬‬
‫()‪458‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الشروط الالزمة لقيام مسؤولية اإلدارة بالتعويض‪:‬‬


‫إن مسدولية اإلدارة هي في األساش مسدولية خطيئة‪ ،‬يشترط لقيامها توافر األركان‬
‫‪ 459‬وتوضيح ذلك على النحو‬ ‫العامة للمسدولية‪ ،‬وهي الخطأ والضرر وعالقة السببية( )‪،‬‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الخطأ الموجب لمسؤولية اإلدارة‪:‬‬
‫إن خطأ اإلدارة في القرارات اإلدارية يتمثل في عدم مشروعيتها‪ ،‬لذا فإن مسدولية‬
‫‪460‬ولما كانت اإلدارة شخصا ً‬‫اإلدارة ال تقوم إال استنادا ً إلى الخطأ الذي يرتب الضرر( )‪،‬‬

‫ق‪ ،‬جلسالالة ‪2001/7/1‬م‪ ،‬أشالالار إليه‪ 4:‬شالريف‬


‫‪5‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية العليا ‪4‬في الطعن رقم (‪ )6072‬لسالالنة ‪42‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلداري في ض ال ال ال ال الالوء الفقه واقض ال ال ال ال الالاء وأحكام المحكمة اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر‬ ‫أحمد الطباخ‪ ،‬التعوي‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪2006 ،‬م‪ ،‬ص‪.218‬‬
‫الابق‪ ،‬ص‬
‫‪4‬‬
‫عن الق اررات‪ 5‬اإلدارية غير المش الالروعة‪ ،‬مرجع س ال‬ ‫نداء محمد أمين أبو الهوى‪ ،‬مس‪5‬الالؤولية اإلدارة بالتعوي‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪.24‬‬
‫الحميد أبو‬
‫‪4‬‬
‫‪6‬عن أعمال الس الاللطات العامة‪ ،‬مرجع‪ 5‬س الالابق‪ ،‬ص ‪ .259‬محمد عبد‬ ‫س الالعيد الس الاليد علي‪ ،‬التعوي‬ ‫)‬ ‫(‬

‫زيد‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬


‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬
‫)د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القضاء ‪7‬اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.468‬‬ ‫(‬

‫عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ 8،‬الموس ال الالوعة اإلدارية الش ال الالاملة في ‪5‬الدعاوي والمرافعات اإلدارية‪ ،‬الكتاب‪ 4‬األول‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫في الفقه وقضالالاء مجلس الدولة‪ ،‬منشالالأة المعارف للنشالالر‪ ،‬اإلسالالكندرية‪ ،‬بدون تاري نشالالر‪،‬‬ ‫دعوى اإللغاء والتعوي‬
‫ص ‪.654‬‬
‫‪4‬‬
‫محمد عبد الوهاب وآخرون‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.597 -596‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫النوايسالالة‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫جع سالالابق‪ ،‬ص‪ .337‬أحمد محمد‬
‫‪6‬‬
‫‪ ،‬مر‬ ‫ضالالاء اإلداري‪ ،‬قضالالاء التعوي‬
‫‪0‬‬
‫سالالليمان محمد الطماوي‪ ،‬الق‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .144‬وقضت المحكمة اإلدارية العليا المصرية بأن‪ :‬مالخطأ‬

‫في الس ال الاللوك اإلداري هو وحده الذي يرتب مس ال الالؤولية اإلدارة عن ق ارراتها‪ ،‬كأن يص ال الالدر القرار مش ال ال ً‬
‫الوبا بعيب إس ال الالاءة‬
‫معنويا ً يباشر تصرفاته عن طريق موظفين تابعين له‪ ،‬فإن الخطأ الذي يقع من التابعين لإلدارة‬
‫إما أن يكون خطأ ً شخصياا ً يسأل عنه مرتكبه‪ ،‬وإما أن يكون خطأ ً مرفقياا ً تسأل عنه‬
‫()‪461‬‬
‫اإلدارة ‪.‬‬
‫والخطأ يكون شخصياا ً إذا صدر عن الشخص التابع لإلدارة دون أن يكون لإلدارة‬
‫()‪462‬‬
‫أي دور في وقوع هذا الخطأ‪ ،‬ولذلك يتحمل هذا الشخص نتيجة هذا الخطأ الصادر منه ‪،‬‬
‫ويكون الخطأ مرفقيا ً إذا صدر عن الموظف أثناء تأديته عمله ولكن بصورة خاطئة‪ ،‬وقد‬
‫()‪463‬‬
‫يكون هذا الخطأ نتيجة سوء إدارة المرفق‪ ،‬أو بسبب خلل في التعليمات المطبقة ‪.‬‬
‫وتأسيسا ً على ذلك يرى جانب من الفقه أن عيب اإلنحراف في استعمال السلطة إذا‬
‫كان في صورة يسعى فيها رجل اإلدارة إلى غرض بعيد عن الصالح العام‪ ،‬كاالنتقام أو‬
‫تحقيق مصلحة شخصية‪ ،‬فإن الخطأ يكون جسيما ً وقد يددي إلى مسدولية الموظف‬
‫الشخصية‪ ،‬أما إذا كان رجل اإلدارة يسعى إلى تحقيق مصلحة لإلدارة لم يخوله القانون سلطة‬
‫تحقيقها‪ ،‬فهنا نكون أمام خطأ قد يترتب عليه ضرر ليس من العدل أن يتحمله الفرد بعينه‪،‬‬
‫وهو بذلك يشكل خطأ ً مرفقيا ً تتحمل اإلدارة آثاره الضارة ‪.‬‬
‫()‪464‬‬

‫‪ -2‬الضرر الموجب لمسؤولية اإلدارة‪:‬‬

‫اسالالتعمال السالاللطة‪ ،‬فيكون بذلك خطأ عمدياً وليد إرادة الجهة اإلداريةم‪ ،‬حكم المحكمة اإلدارية العليا في الطعن رقم‬
‫(‪ )6072‬لسنة ‪42‬ق‪ ،‬جلسة ‪2001/7/1‬م‪ ،‬مشار إليه سابقاً‪.‬‬
‫مرجع سال الالابق‪ ،‬ص ‪ .225‬د‪.‬ماجد راغب‪ 4‬الحلو‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ 1‬عن أعمال السال الاللطات العامة‪،‬‬ ‫سال الالعيد السال الاليد علي‪ ،‬التعوي‬ ‫)‬ ‫(‬

‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.449‬‬


‫لجامعي‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫المادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر ا‬
‫‪6‬‬
‫الئولية اإلدارة عن أعمالها القانونية و‬
‫‪2‬‬
‫حمدي أبو النور السالاليد‪ ،‬مسال‬ ‫)‬ ‫(‬

‫اإلسكندرية‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.93‬‬


‫( ) فهد عبد الكريم أبو العثم‪ ،‬القضال ال ال الالاء اإلداري‪ ،‬مرجع سال ال ال الالابق‪ ،‬ص‪ .563‬وقد حاول الفقه وضال ال ال الالع عدة معايير‬
‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪3‬‬

‫للتفرقة بين الخطأ الشال ال الالخصال ال الالي للمواف والخطأ المرفقي لتحديد المسال ال الالؤول عن تعوي المضال ال الالرور من جراء هذا‬
‫الخطأ من أهمها‪ ،‬معيار الدافع الشخصي‪ ،‬ومعيار الخطأ المنفصل عن الوايفة‪ ،‬ومعيار جسامة الخطأ‪ ،‬ومعيار‬
‫الغاية من العمل‪ ،‬انظر في تفص الاليل ذلك‪ :‬أحمد محمد النوايس الالة‪ ،‬مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع س الالابق‪،‬‬
‫ص‪ 145‬وما بعدها‪ .‬حمدي أبو النور السال ال ال ال ال الاليد‪ ،‬مسال ال ال ال ال الالئولية اإلدارة عن أعمالها القانونية والمادية‪ ،‬مرجع سال ال ال ال ال الالابق‪،‬‬
‫ص‪ 123‬وما بعدها‪ .‬س ال ال الالعيد الس ال ال الاليد علي‪ ،‬التعوي عن أعمال الس ال ال الاللطات العامة‪ ،‬مرجع س ال ال الالابق‪ ،‬ص ‪ 226‬وما‬
‫بعدها‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء التعوي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 108‬ومابعدها‪ .‬عبد العزيز‬
‫عبد المنعم خليفة‪ ،‬الموسالالوعة اإلدارية الشالالاملة في الدعاوي والمرافعات اإلدارية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬مرجع سالالابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 572‬وما بعدها‪ .‬نداء محمد أمين أبو الهوى‪ ،‬مسال الالؤولية اإلدارة بالتعوي عن الق اررات اإلدارية غير المشال الالرونية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 63‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫جع سابق‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ ،‬مر‬ ‫القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء التعوي‬
‫‪4‬‬
‫سليمان محمد الطماوي‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫الضرر هو أحد أركان المسدولية بصفة عامة‪ ،‬إدارية كانت أم مدنية‪ ،‬وهو يعني كل إخالل‬
‫‪465‬ولكي تقوم مسدولية اإلدارة البد من‬
‫بحق أو مصلحة مشروعة للمضرور‪ ،‬مادية كانت أم معنوية( )‪،‬‬
‫()‪466‬‬
‫إثبات الضرر الذي سببه خطأ اإلدارة‪ ،‬حيث يقع على المدعى عبء إثبات الضرر الذي يدعيه ‪.‬‬
‫وأن يكون الضرر الذي ترتب على خطأ محققا ً ومدكدا ً‪ ،‬سواء كان هذا الضرر قد‬
‫وقع بالفعل أو سيقع مستقبالً ما دام أنه محقق الوقوع‪ ،‬وهذا يعني أن الضرر اإلحتمالي ال‬
‫يكون كافيا ً للحكم على اإلدارة بالتعويض ‪.‬‬
‫()‪467‬‬

‫كما يشترط في الضرر الموجب لمسدولية اإلدارة أن يكون قد وقع على حق مشروع‪،‬‬
‫()‪468‬‬
‫أي يحميه القانون سواء تمثل هذا الحق في مركز قانوني أو مصلحة مالية مشروعة ‪.‬‬
‫‪ -3‬عالقة السببية بين خطأ اإلدارة والضرر المترتب عليه‪:‬‬
‫ال يكفي لقيام مسدولية اإلدارة أن يكون هناك خطأ من جانبها‪ ،‬بل يجب أن يكون‬
‫الخطأ هو السبب المباشر في وقوع الضرر‪ ،‬بمعنى أن يكون هذا الضرر قد نتج مباشرة عن‬
‫‪469‬وبالتالي فإذا لم يكن الضرر ناجما ً بشكل مباشر عن خطأ اإلدارة المتمثل‬
‫خطأ اإلدارة( )‪،‬‬
‫في القرار اإلداري المشوب بعيب اإلنحراف في استعمال السلطة‪ ،‬فإنه ال يددي إلى قيام‬
‫مسدولية اإلدارة بالتعويض‪.‬‬
‫قضت محكمة القضاء اإلداري بأن قانون الطوارئ رقم ‪ 162‬لسنة ‪ ،1958‬وقرار‬
‫رئيس الجمهورية رقم ‪ 560‬لسنة ‪ ،1987‬هو قانون استثنائي له أهداف وغايات محددة‬
‫وليس له ما يولد سلطات مطلقة‪ ،‬وعلى ذلك فإن زوج المدعية لم يرتكب واقعة يدل على‬
‫خطورة خاصة على األمن العام والنظام العام‪ ،‬تجيز اعتقاله‪ ،‬وبناء عليه فإن ركن الضرر‬
‫()‪470‬‬
‫متوافر ويحق للمدعية التعويض ‪.‬‬
‫ويتضح مما سبق أن القرار اإلداري المعيب بعيب اإلنحراف في استعمال السلطة‬
‫بشكل خطأ ً إداريا ً‪ ،‬وينبغي لكي تقوم مسدولية اإلدارة بالتعويض عن هذا القرار المعيب أن‬
‫ينتج عن تنفيذه ضرر‪ ،‬وأن تقوم عالقة سببية بين الخطأ الناجم عن القرار االداري المعيب‬
‫بعيب اإلنحراف في استعمال السلطة والضرر المترتب عليه‪.‬‬

‫عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ 5،‬الموس ال الالوعة اإلدارية الش ال الالاملة في ‪6‬الدعاوي والمرافعات اإلدارية‪ ،‬الكتاب‪ 4‬األول‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.594‬‬


‫‪4‬‬
‫عن أعمال السلطات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬
‫سعيد السيد علي‪ ،‬التعوي‬ ‫)‬ ‫(‬

‫نداء محمد‬
‫‪4‬‬
‫المادية‪ ،‬مرجع سالابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪6‬‬
‫الئولية اإلدارة عن أعمالها القانونية و‬
‫‪7‬‬
‫حمدي أبو النور الساليد‪ ،‬مس‬ ‫)‬ ‫(‬

‫عن الق اررات اإلدارية غير المشروعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬ ‫أمين أبو الهوى‪ ،‬مسؤولية اإلدارة بالتعوي‬
‫‪4‬‬
‫‪.269‬‬
‫‪6‬‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪8‬‬
‫) محمد عبد الحميد أبو زيد‪،‬‬ ‫(‬

‫آخرون‪ ،‬القضال ال ال ال الالاء اإلداري‪ ،‬مرجع سال ال ال ال ال‪6‬الابق‪ ،‬ص‪ .631‬حمدي أبو النور ال‪4‬سال ال ال ال الاليد‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫) محمد رفعت عبد الوهاب و‬ ‫(‬

‫مسئولية اإلدارة عن أعمالها القانونية والمادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬


‫( )‪470‬أنظر حكم محكمة القضاء اإلداري رقم ‪ 14165‬لسنة ‪ 56‬تاريخ الجلسة ‪.2005/11/4‬‬
‫ويترتب على قيام مسئولية اإلدارة إلتزام اإلدارة بالتعويض اإلداري عن عيب إساءة‬
‫استعمال السلطة حيث قد يكون هذا التعويض نقدي أو تعويض عيني‪ ،‬وإذا كان التعويض‬
‫النقدي ال يثير أي مشكلة في مجال القانون اإلداري نجد على النقيض من ذلك‪ ،‬يعترض‬
‫التعويض العيني في مجال المنازعات اإلدارية العديد من العقبات حيث ان هدف القانون‬
‫العام يتعلق مباشرة بالصالح العام كهدف أساسي ووحيد أما مصالح األفراد فهي بطبيعتها‬
‫الشخصية ال تتغيا المنفعة العامة بشكل مباشر ولذلك كان تطبيق صورة التنفيذ العيني أو‬
‫التعويض غير النقدي في عالقات القانون العام أمرا ً ضارا ً بالدرجة األولى بالمصلحة العامة‪،‬‬
‫فلو سمح للقاضي اإلداري بتوجيه أمر لإلدارة بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه كان ضروريا ً‬
‫للنفع العام والصالح العام‪ ،‬وهذا هو األهم‪ ،‬فإن أطراف رابطة القانون العام وهم اإلدارة من‬
‫جانب واألفراد من جانب آخر ال يقفون على قدم المساواة كما هو الشأن في روابط القانون‬
‫الخاص‪ ،‬فالواجب القانوني يحظر علينا إقرار مبدأ التعويض العيني وذلك تطبيقا ً لمبدأ الفصل‬
‫بين السلطات‪ ،‬فالقاضي ال يملك أن يوجه أمرا ً لجهة اإلدارة بالقيام بعمل أو باالمتناع عن‬
‫()‪471‬‬
‫عمل ‪.‬‬

‫الفرع الثانى‬
‫جواز الجمع بين دعوى اإللغاء ودعوى التعويض‬
‫بالنسبه لقرارات الضبط االداري المعيبه‬
‫أ‪ -‬إمكانية الجمع بين الدعويين في مصر‪:‬‬
‫أجاز المشرع في مصر هذا األسلوب‪ ،‬إذ أقر إمكانية الجمع بين دعوى اإللغاء‬
‫ودعوى القضاء الشامل في عريضة واحدة هي عريضة دعوى اإللغاء‪ ،‬بحيث يكون طلب‬
‫إلغاء القرار اإلداري غير المشروع هو الطلب األصلي ويكون طلب التعويض عن األضرار‬
‫الناجمة عنه بمثابة طلب تابع لطلب اإللغاء‪.‬‬
‫وتجد هذه اإلمكانية سندها القانوني في البند الثامن من المادة العاشرة من قانون مجلس‬
‫الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ ،1972‬التي أسندت االختصاص لمحاكم المجلس للفصل في " طلبات‬
‫التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة سواء رفعت بصفة أصلية أو‬
‫تبعية"‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪7 ،‬ص‪.417-416‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد عبد هللا الفالل‪،‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫في هذه الحالة يملك القاضي الوالية الكاملة‪ -‬بالمعنى الفني الدقيق‪ -‬ليحكم بإلغاء القرار‬
‫غير المشروع بالنسبة للكافة‪ ،‬عالوة على الحكم بالحقوق الشخصية الواجبة للطاعن‪.‬‬
‫ويرفع طلب التعويض بصفة احتياطية عندما يتم تضمين العريضة طلب إلغاء‬
‫أصلي‪ ،‬مع المطالبة بالتعويض كطلب احتياطي‪ ،‬كأن ترفع الدعوى بصفة أصلية للمطالبة‬
‫بإلغاء قرار من القرارات‪ ،‬مع المطالبة احتياطيا ً بالتعويض عنه باعتباره عمالً خاطئا ً ‪ ،‬وهذا‬
‫يحدث عادة عندما يكون طلب اإللغاء من المحتمل عدم قبوله شكالً لعدم مراعاة مواعيد طلب‬
‫اإللغاء أو لعدم التظلم بالرغم من كونه واجبا ً قبل طلب اإللغاء‪ ،‬ذلك ألن دعوى التعويض ال‬
‫تخضع لميعاد رفع الدعوى أو اشتراط التظلم الوجوبي وإن كانت تخضع لقواعد التقادم‪.‬‬
‫وفي مصر فقد كانت المحاكم العادية تختص وحدها بقضاء التعويض إلى سنة‬
‫‪ ،1946‬فلما أنشئ مجلس الدولة وحتى صدور القانون رقم ‪165‬لسنة‪ 1955‬كان‬
‫االختصاص بالتعويض عن األضرار التي تسببها القرارات اإلدارية مشتركا ً بين جهتي‬
‫القضاء العادي واإلداري‪ ،‬وكان المدعي هو الذي يحدد جهة االختصاص وله الخيار‪ ،‬فإذا‬
‫لجأ إلى إحدى الجهتين أصبحت هي المختصة وامتنع عليه االتجاه إلى األخرى‪ ،‬وكانت كل‬
‫جهة من جهتي القضاء العادي واإلداري تطبق قواعد قانونية مغايرة لتلك التي تأخذ بها‬
‫األخرى مما أدى إلى اختالف األحكام الصادرة في دعاوى متماثلة‪ ،‬وبصدور القانون رقم‬
‫‪165‬لسنة ‪ 1955‬زالت حالة االختصاص المشترك وأصبح القضاء اإلداري دون غيره هو‬
‫المختص بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات اإلدارية المعيبة التي تسبب ضررا ً‬
‫لألفراد‪ ،‬وأيد القانون رقم ‪ 55‬لسنة ‪ 1959‬هذا االتجاه‪.‬‬
‫وتبقى اإلشارة في األخير إلى أن المشرع المصري نص بموجب المادة ‪ 25‬من قانون‬
‫مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬على إلزامية مدازرة المحامي في دعوى اإللغاء‪ ،‬بحيث‬
‫يعد ذلك إجراءا ً جوهريا ً‪ ،‬يترتب على إغفاله بطالن العريضة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إمكانية الجمع بين الدعويين في فرنسا في حاالت محددة‪:‬‬
‫األصل في فرنسا هو استقالل كل من دعوى اإللغاء ودعوى القضاء الكامل‪ ،‬فإذا‬
‫أراد المدعي الطعن في قرار إداري باإللغاء وبالتعويض وجب عليه أن يرفع دعويين‬
‫مستقلين أحداهما لإللغاء واألخرى للتعويض‪.‬‬
‫وقد أجاز مجلس الدولة الفرنسي الجمع بين عريضتي اإللغاء والقضاء الكامل للنظر‬
‫فيهما في وقت واحد تفاديا لطول االنتظار‪ ،‬وذلك مع احتفاظ كل دعوى باستقاللها‬
‫وإجراءاتها‪.‬‬
‫ولم يبح المجلس الجمع بين طلب اإللغاء وطلب التعويض في عريضة دعوى واحدة‬
‫– هي عريضة القضاء الكامل‪ -‬إال في ثالثة أحكام صدرت في ‪ 31‬مارش ‪1911‬هي قضايا‪،‬‬
‫ولكن مجلس الدولة الفرنسي لم يسر في اتجاه هذه األحكام التي بقيت وحيدة‪ ،‬وظلت القاعدة‬
‫هي عدم جواز الجمع بين طلب اإللغاء وطلب التعويض في عريضة واحدة‪ ،‬فإذا ما اشتملت‬
‫عريضة دعوى اإللغاء على طلب التعويض‪ ،‬فإن مجلس الدولة الفرنسي يرفض نظر طلب‬
‫التعويض ويباشر فقط واليته بصدد دعوى اإللغاء والحكم فيها‪ ،‬ولعل مرجع ذلك هو‬
‫التيسيرات التي خص بها المشرع الفرنسي دعوى اإللغاء والتي تتمثل في اإلعفاء من رسوم‬
‫القيد وعدم اشتراط تقديم عريضتها عن طريق أحد المحامين‪.‬‬
‫الخاتمـــــــة‬
‫الخاتمة‬
‫بعد اإلنتهاء بتوفيق من عند سبحانه وتعالى من إعداد هذه الرسالة تبين لنا أن الضبط‬
‫االداري من االجراءات الخطيرة فى يد السلطة التنفذية ‪ ،‬والتي يراقب القضاء االداراة عند‬
‫إتخاذها وان خروج االدارة عن أهداف الضبط اإلداري يعرض قرارتها لإللغاء والتعويض‬
‫عنها وهذا األمر ليس من السهل إثباته ألن عيب اإلنحراف في استعمال السلطة أشد العيوب‬
‫خفا ًء ودقة‪ ،‬التصاله غالبا ً بنوايا ومقاصد مصدر القرار اإلداري‪ ،‬وتستره خلف مظاهر‬
‫المشروعية األخرى‪ ،‬وقد كان لرقابة القضاء الدور الفعال والمدثر على القرارات اإلدارية‬
‫المعيبة ‪ ،‬ومن خالل إلغاء تلك القرارات‪ ،‬وترتيب مسدولية اإلدارة عن األضرار الناتجة‬
‫عنها‪.‬‬
‫في نهاية دراستنا المفصلة نختم حديثنا بخالصة لهذه الدراسة تتضمن أهم النتائج التي‬
‫وصلنا إليها من خالل البحث وبعض التوصيات التي رأينا إبداءها في هذا الخصوص‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬النتائج‬
‫‪ -1‬ان اتساع نشاط الدولة وزيادة تدخلها في مختلف مجاالت الحياة اليومية أدى إلى‬
‫اتساع مدلول فكرة حماية النظام العام والمحافظة عليه في المجتمع باعتبارها الغاية األساسية‬
‫لهيئات الضبط اإلداري‪ ،‬وإنها لم تعد قاصرة على تحقيق هذه الغاية بمدلولها التقليدي المتمثل‬
‫بحماية األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة‪ ،‬بل أخذ يشمل في الوقت الحاضر غايات‬
‫أخرى غير تقليدية أصبحت فيما بعد أهداف رئيسية لإلدارة كحماية النظام العام المعنوي‬
‫(حماية اآلداب واألخالق العامة) والمحافظة على النظام البيئي والمحافظة على النظام العام‬
‫االقتصادي‪ ،‬وتسعى هيئات الضبط اإلداري لتحقيق حماية النظام العام بمدلوالته التقليدية‬
‫وغير التقليدية من خالل ما تملكه من وسائل قانونية كانت أم مادية‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان لهيئات الضبط اإلداري في الدول محل المقارنة أن تعمل على تحقيق‬
‫غاية الضبط اإلداري المتمثلة بالحفاظ على النظام العام‪ ،‬فإن فاعلية الدور الذي تقوم به هذه‬
‫الهيئات في تلك الدول في تحقيق التوازن بين متطلبات ممارسة الحرية ومقتضيات حفح‬
‫النظام العام تتباين تباينا ً ملحوظاً‪ ،‬إذ يتضح ذلك من خالل الدور الذي يقوم به رجال الضبط‬
‫اإلداري وهيئاته‪ ،‬ففي فرنسا مثالً نجد أنه يتسم بالفاعلية من أجل تحقيق التوازن المنشود‪،‬‬
‫كما أنه في ذات الوقت يتسم باإلجادة واالتقان‪ ،‬ويبدو لنا إن السبب في ذلك هو الدقة المتناهية‬
‫والمثالية في توزيع الصالحيات والسلطات على رجال الضبط اإلداري في كافة مستويات‬
‫اإلدارة‪ ،‬فالعمدة في فرنسا على سبيل المثال بالرغم من أنه يمثل أدنى مستوى لإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬إال أنه يتمتع بسلطات وصالحيات عامة في نطاق البلدة أو القرية التي يمثلها في‬
‫التنظيم اإلداري األمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على قدرته في تحقيق حفح النظام العام‬
‫وصيانته عند اختالله‪.‬‬
‫أما الوضع في مصر فيالحح عليه إن هيئات الضبط اإلداري تتسم بطابع المركزية‬
‫اإلدارية‪ ،‬فالمحافح بالرغم من أنه يُعد من رجال الضبط اإلداري إال أنه يمارش سلطاته‬
‫وصالحياته تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية الممثلة بوزير الداخلية وبالطبع إن مثل‬
‫هذا الخضوع له مردودات سلبية تنعكس على قدرة رجل الضبط اإلداري في تحقيق األمن‬
‫والنظام العام بفاعلية وإتقان‪.‬‬
‫‪ -3‬تعد المحافظة على النظام العام أهم القيود التي تقيد بها هيئات الضبط اإلداري‬
‫باعتباره الهدف األساسي لها‪ ،‬لذا يجب أن ال تقيد حقوق األفراد وحرياتهم العامة إال بالقدر‬
‫الضروري والالزم للمحافظة عليه‪ ،‬كونه يمثل غاية محددة لوظيفة الضبط اإلداري‪ ،‬كما أنه‬
‫إذا كانت هيئات الضبط اإلداري تسعى دائما ً إلى ذلك الغرض األساسي فإن سلطتها في هذا‬
‫الخصوص يجب أن ال تكون مطلقة بدون قيود وضوابط فاإلدارة وهي تمارش نشاطها من‬
‫أجل تحقيق تلك الغاية تستخدم أساليب السلطة العامة تجاه األفراد‪ ،‬وذلك بحكم وظائفها العديدة‬
‫ولما لها من إمكانيات تشكل خطرا ً على حقوق وحريات األفراد‪ ،‬وخصوصا ً وإن أعمالها‬
‫تنطوي على تنفيذ السياسة العامة للدولة‪ ،‬لذا فقد بات من الضروري إخضاع قرارات الضبط‬
‫اإلداري لرقابة فعالة تمنعها من االنحراف بسلطتها من أجل تحقيق غايات أخرى غير الغاية‬
‫المحددة لها قانوناً‪.‬‬
‫‪ -4‬لسنا تأكيدا ً واضحا ً على المعاني السابقة في البند آنفا ً من قبل القضاء اإلداري‬
‫الفرنسي والمصري وعمان والتي تقضي بضرورة إخضاع هيئات الضبط اإلداري لقيود‬
‫وضوابط عند ممارستها لسلطاتها وصالحياتها‪ ،‬إذ إننا نالحح إن القضاء اإلداري في الدول‬
‫محل الدراسة قد استقر على خضوع قرارات الضبط اإلداري لرقابة قضائية واسعة تتجاوز‬
‫نطاق الرقابة العادية التي تباشرها على سائر القرارات اإلدارية‪ ،‬ونجد هذه السياسة القضائية‬
‫تفسيرها في خطورة قرارات الضبط اإلداري وانعكاساتها المباشرة على حقوق األفراد‬
‫وحرياتهم العامة‪ ،‬لذلك فقد استقر القضاء اإلداري في تلك الدول على ضرورة تقييد هيئات‬
‫الضبط اإلداري بالسبب في قراراتها الضبطية والتي تتثمل بالنواحي الموضوعية المستمدة‬
‫من الحاالت الواقعية أو القانونية السابقة على قراراتها التي تمثل مبررات لتدخلها‪ ،‬بحيث‬
‫يترتب على عدم قيام تلك الحاالت في الواقع أو القانون أن تصبح قراراتها الصادرة بهذا‬
‫الصدد غير مشروعة وجديرة باإللغاء متى ما طعن بها أمام القضاء اإلداري‪ ،‬ورأينا كيف‬
‫إن هذه الرقابة لم تقتصر على التحقق من قيام الحاالت الواقعية المتمثلة بوجود التهديد أو‬
‫اإلخالل بالنظام العام أو الرقابة على الحاالت القانونية المتمثلة بفحص سالمة التكييف‬
‫القانوني لها للقول بمشروعية قراراتها الضبطية‪ ،‬بل امتدت تلك الرقابة لتدك القالع الحصينة‬
‫للسلطة التقديرية لإلدارة لتشمل الرقابة على أهمية وخطورة السبب في قرارات الضبط‬
‫اإلداري وهو ما يعرف برقابة المالئمة أو التناسب‪ ،‬أي فحص مدى التناسب بين الخطر‬
‫الذي يهدد النظام العام وبين اإلجراء الذي اتخذته هيئة الضبط‪ ،‬ويرجع السبب في ذلك إلى‬
‫أهمية وخطورة القرارات المذكورة التصالها بحقوق األفراد وحرياتهم العامة‪.‬‬
‫‪ -5‬إن إحترام مبدأ المشروعية ال يتحقق إال إذا خضعت قرارات الضبط اإلداري‬
‫لرقابة القضاء اإلداري‪ ،‬حيث يبسط القضاء رقابته على كافة أركان القرار اإلداري للتأكد‬
‫من مدى مطابقتها للقوانين واألنظمة التي تستمد سلطات الضبط اإلداري صالحياتها منها‪.‬‬
‫‪ -6‬إن توفير الحماية الدستورية والقانونية للحريات وذلك من خالل اإلعتراف بها‬
‫من قبل المشرع وتنظيمها‪ ،‬يشكل قيودا ً على اإلجراءات التي تتخذها هيئات الضبط اإلداري‬
‫ال يمكنها التحلل منها إال في الظروف االستثنائية (مشروعية األزمات) وأنه بالرغم من‬
‫اختالف موقف دساتير الدول من هذه المسألة إال أنها تبقى تشكل حصنا ً منيعا ً يحول دون‬
‫المساش بتلك الحريات‪ ،‬وبالتالي يمكن ممارستها من قبل األفراد بكل سهولة ويسر‪ ،‬لكن‬
‫بالمقابل إن تكريس الحريات في الدستور باعتباره القانون األسمى في الدولة ال يعني اطالقها‬
‫بال قيد أو ضابط تأكيدا ً لعبارة ( ال حرية بال قيود وال سلطة بال حدود)‪.‬‬
‫‪ -7‬إن هناك ضحححوابط عامة ومبادئ كان للقضحححاء اإلداري ال سحححيما الفرنسحححي منه دورا ً‬
‫كبيرا ً في إبرازها‪ ،‬تشححكل قيودا ً على وسححائل وإجراءات هيئات الضححبط اإلداري ينبغي‬
‫على تلك الهيئات مراعاتها واحترامها فيما تتخذه من إجراءات وتدابير ضححححححبطية‪ ،‬إذ‬
‫تلعب هذه المبادئ دورا ً هاما ً في الحد من سححححلطة هيئة الضححححبط في اختيار نوع التدبير‬
‫الضحححبطي وتتمثل هذه القيود بالقيود الناجمة عن طبيعة النشحححاط الذي يسحححتهدفه الضحححبط‬
‫اإلداري والقيود الناجمة عن الحرية‪ ،‬أما بخصوص القيود المتعلقة بوسائل الضبط فإنه‬
‫يشحححترط بهذه القيود المقيدة لوسحححائل الضحححبط والناجمة عن فكرة الضحححبط اإلداري توافر‬
‫عدة شححروط‪ ،‬من أهمها أن يكون التدبير الضححبطي ضححروريا ً والزما ً وفعاالً‪ ،‬وأن يكون‬
‫متناسححححححبا ً مع طبيعة وجسححححححامة الخلل أو االضححححححطراب المراد تفادية‪ ،‬وأخيرا ً أن يكون‬
‫التدبير متصفا ً بالعمومية محققا ً للمساواة‪.‬‬
‫‪ -8‬ك ما ال يفوت نا ال تذكير بأهم ية رقابة الرأي ال عام ودورها الف عال وال هام في م جال‬
‫حماية حقوق اإلنسححححححان وحرياته سححححححيما في عصححححححرنا الحالي وأثر التكنولوجيا والتقدم‬
‫اإللكتروني في ذلك‪ ،‬ومن هنا يمكن القول بأن رقابة الرأي العام تعد ضمانة أساسية ال‬
‫تقل أهميتها عن الضحححمانات األخرى (القانونية والقضحححائية) السحححابق ذكرها‪ ،‬فهي تلعب‬
‫دورا ً مهما ً ومكمالً للضمانات األخرى‪.‬‬
‫‪ -9‬اليمكن للظروف االستثنائية تبرير التمادي فى إستعمال ق اررات الضبط اإلداري ‪،‬‬
‫اء في الظروف العادية أو االستثنائية‬
‫باعتبار أن جميع السلطات التي تتمتع بها اإلدارة سو ً‬
‫تهدف دائماً إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وأن الظروف االستثنائية هي بمثابة حماية لهذه‬
‫المصلحة‪.‬‬

‫‪ -10‬إن اإلخالل باإلجراء اإلداري كما يشوب المشرونية الشكلية للقرار اإلداري فإنه قد‬
‫يشوب المشرونية الموضونية‪ ،‬فإذا تعلق اإلجراء بشكل القرار ذاته فإن مخالفته تنصب‬
‫على المشرونية الشكلية للقرار اإلداري‪ ،‬ويصبن القرار معيباً في شكله‪ ،‬أما إذا تعلق‬
‫اإلجراء بموضوع القرار الذي من أجله تم اتخاذ اإلجراء‪ ،‬فإن مخالفته تنصب على‬
‫المشرونية الموضونية وتشكل انحرافاً باإلجراء‪ ،‬وهو ما يمثل الصورة الثالثة من صور‬
‫عيب اإلنحراف في استعمال السلطة‪.‬‬
‫‪ -11‬يتمتع القاضي اإلداري بدور إيجابي في إثبات خروج االدارة عن أهداف الضبط‬
‫االداري‪ ،‬ويظهر ذلك جلياً حال تقديم المدعي ما يثير الشك حول الهدف الذي قصدت‬
‫اإلدارة تحقيقه من وراء إصدارها للقرار اإلداري‪ ،‬وهنا ينتقل عبء اإلثبات إلى اإلدارة ذاتها‬
‫إلثبات صحة الهدف الذي سعت إلى تحقيقه ‪.‬‬
‫‪ -12‬يعتبر تعيب قرارات الضبط أساسا ً للحكم بالتعويض على اإلدارة‪ ،‬وفي جميع األحوال‬
‫سواء كان القرار اإلداري المشوب بهذا العيب قد صدر بعيدا ً عن المصلحة العامة كتحقيق‬
‫مآرب شخصية‪ ،‬أو صدر لتحقيق هدف مغاير للهدف المحدد لإلدارة‪ ،‬أو كان منحرفا ً عن‬
‫اإلجراءات المقررة ‪ ،‬كما أن القانون سواء في فرنسا ومصر قد سمح في حاالت معينة‬
‫بالجمع بين دعوى اإللغاء ودعوى التعويض‪.‬‬

‫توصيات الدراسة‪:‬‬
‫‪ -1‬ندعو السلطات اإلدارية إلى اإللتزام بتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬دون اعتداء على‬
‫حقوق األفراد وحرياتهم‪ ،‬وبما يتوافق مع القوانين واألنظمة المقررة‪ ،‬وذلك لتجنب شبهة‬
‫اإلنحراف في استعمال السلطة‪.‬‬

‫تضع نفسها في أفضل الظروف عند ممارسة‬ ‫‪ -2‬نوصي السلطات اإلدارية أن‬
‫صالحيتها القانونية بعيداً عن المصالن الفئوية‪ ،‬والحياد عن السياسة في أداء مهامها‪،‬‬
‫باعتبار أن جميع الصالحيات التي تتمتع بها السلطات اإلدارية هي لتحقيق المصلحة‬
‫العامة وليس لتحقيق مصالن حزبية‪.‬‬

‫‪ -3‬ندعو المواطنين الذين تهدر مصالحهم جراء أخطاء اإلدارة فى قرارت الضبط‬
‫االداري ‪ ،‬باللجوء إلى القضاء للطعن في إلغاء ق اررات اإلدارة المعيبة‪ ،‬والمطالبة‬
‫عن األضرار التي لحقت بهم‪ ،‬ألن التقصير والتغاضي عن مسائلة اإلدارة‬ ‫بالتعوي‬
‫عن أخطائها فيه تشجيع اإلدارة بإرتكاب المزيد من اإلنحراف في استعمال السلطة‪.‬‬
‫‪ -4‬ضرورة تفعيل الدوائر القانونية بكافة الهيئات اإلدارية للدولة‪ ،‬وتزويدها بالكفاءات‬
‫القانونية المتخصصة‪ ،‬وذلك لمراجعة الق اررات اإلدارية التي تصدرها تلك الهيئات قبل‬
‫اعتمادها‪ ،‬للتأكد من مدى مطابقة هذه الق اررات لمبدأ المشرونية‪.‬‬

‫‪ -5‬ضرورة تكثيف الجهود الخاصة بالتونية اإلدارية‪ ،‬من خالل عقد الندوات والدورات‬
‫التخصصية لموافي اإلدارة‪ ،‬وذلك لمعرفة أسس اإلدارة السليمة‪ ،‬وفقاً لألصول‬
‫واإلجراءات المتبعة‪ ،‬مما يساعد اإلدارة على أداء أعمالها في نطاق المشرونية‪،‬‬
‫والحيلولة دون إنحراف اإلدارة بسلطتها‪.‬‬
‫‪ -6‬تسبيب القرارات اإلدارية ‪ -‬كلما أمكن ذلك – السيما القرارات التي تمس حقوق‬
‫األفراد بشكل مباشر مثل القرارات ذات السمة العقابية ‪.‬‬
‫‪ -7‬جعل رقابة القضاء على قرارات الضبط االداري من النظام العام‪ ،‬بحيث يكون‬
‫للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها‪ ،‬لخطورة هذة القرارات على الحريات العامة‪،‬‬
‫كما أن أغلب قواعد القانون اإلداري من النظام العام‪.‬‬
‫‪ -8‬نذكر مسححئولية المحافظة على النظام العام ليسححت حكرا ً على سححلطات الضححبط اإلداري فحسححب بل تقع هذه‬
‫المسححئولية أيض حا ً على عاتق القضححاء‪ ،‬حيث يسححلتزم األمر منه وهو يقيم التوازن بين السححلطة والحرية في هذا‬
‫المجال أن يقدر األمور بقدرها ويُعنى بقاعدة ترتيب الم صالح‪ ،‬كذلك التي تهدد كيان الدولة وتع صف بنظامها‬
‫االجتماعي واإلقتصادي وإن كان لم يجرمها صراحة نص‪.‬‬
‫‪ -9‬اإلهتمام با لرأي العام‪ ،‬واإلنصياع إلتجاهاته‪ ،‬والعمل على تكوين رأي عام حر مستنير‪ ،‬وعدم التدخل في‬
‫تكوين رأي عام أو توجيهه بما يتماشححححححى مع أهواء ورغبات النخبة الحاكمة‪ ،‬كل ذلك لن يتحقق إال من خالل‬
‫السحححماا بوجود منظمات انسحححانية وطنية مسحححتقلة فعالة في حماية حقوق اإلنسحححان وحرياته‪ ،‬لتمثل جهات ردع‬
‫قوية لل سلطة الحاكمة في مواجهة انتهاكات حقوق اإلن سان‪ ،‬وال يكفي وجود منظمات ان سانية في إطار شكلي‬
‫لمجرد تجميل صورة النظام السياسي الحاكم‪.‬‬

‫وكذلك إطالق حرية اإلعالم والصحححافة وإلغاء صححورة الرقابة التي من شححأنها أن تحد من رسححالة اإلعالم‬
‫التي يبغي من خاللها فرض رقابته على عمل اإلدارة وتقويمها‪ ،‬والتأكيد على إنشحححححححاء إعالم معارض من خالل‬
‫إنهاء احتكار السلطة وحزبها لوسائل اإلعالم واإلقرار بحق المعارضة بإنشاء هذا األعالم المعارض‪.‬‬

‫أخيرا ً نسأل المشرع العماني ونناشد القاضي اإلداري بأن يعمل كالهما حثيثا ً على تأكيد ضمانات الحرية‬
‫ين آ ََمنُوا أَ ْن َتْ َ‬ ‫ِ َِّ ِ‬
‫ش َع‬ ‫بتفعيل دور السلطة في حماية هذه الحريات ال اإلنتقاص منها عمال بقوله تعالى‪[ :‬أَ ََلْ ََيْن للذ َ‬
‫ََ ِم ْن قَِ ْلِ ُ َ َِ َ‬
‫َِ َلَْي ِه ُم ْاْلَ َمِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وُبم لِِ ِذ ْر ِ َِّ‬
‫اِ َمَمَِ َِ َ َِ م َن ا َْ َِو َمََ يَ ُُوَُوا َرَِلِذ َ‬
‫ين أُمكُوا الُْنَِ َ‬ ‫قُِلُ ُُ ْ‬
‫ن] ‪.‬‬ ‫وُبم مَرثِري ِم ْنِهم َ ِ‬
‫َس ُقو َ‬ ‫ت قُِلُ ُُ ْ َ ٌ ُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫َِ َق َ‬
‫()‪472‬‬

‫وفي الختام‪ ...‬توصححححححياتنا ال تزيد على أن تكون مجرد خطوة نأمل أن تتلوها خطوات كثيرة في سححححححبيل‬
‫مسحححاندة جهازنا القضحححائي والتشحححريعي لتالفي أسحححباب القصحححور في تحقيق أهدافه والوصحححول إلى مجتمع الرفاهية‬
‫والسالم والوصول بهذا البلد الحبيب إلى بر األمن واألمان‪.‬‬
‫تم بحمد هللا وتوفيقة‪،...‬‬
‫الباحـــث‬

‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2‬‬


‫سورة الحديد‪ :‬اآلية ‪.16‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬
‫أوالً‪ :‬المراجع العربية‬
‫أ‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مبدأ المشرونية كضابط لصحة األعمال اإلدارية‪ ،‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2017 ،‬‬

‫قانون المرافعات‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬باإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪ -2‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬التعليق على تفوي‬
‫‪.1969‬‬

‫‪ -3‬أحمد رزق رياض‪ ،‬إساءة استعمال السلطة اإلدارية‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2010 ،‬‬

‫‪ -4‬إسماعيل البدوي‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬أسباب الطعن‬
‫باإللغاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬

‫‪ -5‬أمير فرج يوسف‪ ،‬القرار اإلداري علماً وعمالً‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2011‬‬

‫‪ -6‬أنور أحمد رسالن‪ ،‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬المشرونية والرقابة‬
‫القضائية‪( ،‬ب‪.‬د)‪.1997 ،‬‬

‫‪ -7‬الوسيط في القضاء اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬

‫‪ -8‬جالل العدوي‪ ،‬مبادئ اإلثبات في المسائل المدنية والتجارية‪( ،‬ب‪.‬د)‪.1969 ،‬‬

‫‪ -9‬خالد سيد محمد حماد‪ ،‬حدود الرقابة القضائية على سلطة اإلدارة التقديرية‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -10‬الديداموني مصطفى أحمد‪ ،‬اإلجراءات واإلشكال في القرار اإلداري‪ ،‬الهيئة‬


‫المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.1992 ،‬‬

‫‪ -11‬رمزي الشاعر‪ ،‬تدرج البطالن في الق اررات اإلدارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1984‬‬
‫‪( ،‬ب‪.‬د)‪.1995 ،‬‬ ‫‪ -12‬رمزي الشاعر‪ ،‬قضاء التعوي‬

‫‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪ -13‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬قضاء اإللغاء وقضاء التعوي‬
‫‪.1981‬‬

‫‪ -------- -14‬نسبية الحرية العامة وانعكاسها على التنظيم القانوني‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.1979 ،‬‬

‫‪ -15‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري وقضاء اإللغاء‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫القاهرة‪.1986 ،‬‬

‫‪ -16‬ال ال ال ال ال ال‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪2006 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -17‬ال ال ال ال ال ال‪ ،‬النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪( ،‬ب‪.‬د) ‪.1984‬‬

‫‪ -18‬ال ال ال ال ال ال طارق فتن هللا خضر‪ ،‬دعوى اإللغاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬

‫‪ -19‬طعيمة الجرف‪ ،‬رقابة القضاء اإلداري ألعمال اإلدارة العامة‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1984 ،‬‬

‫‪ ------ -20‬رقابة القضاء اإلداري ألعمال اإلدارة‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪.1977 ،‬‬

‫‪ -------- -21‬مبدأ المشرونية وضوابط خضوع اإلدارة العامة للقانون‪ ،‬دار‬


‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1976 ،‬‬

‫‪ -22‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري في القانون‬


‫الليبي والمقارن جنائياً وإدارياً‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪2002 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -23‬عبد الحكم فودة‪ ،‬الخصومة اإلدارية في دعوى اإللغاء والصيغ النموذجية‪ ،‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1996 ،‬‬

‫‪ -24‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬تأديب العاملين في قانون شركات قطاع األعمال‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪1995 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -25‬عبد الرازق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرل القانون المدني الجديد‪ ،‬الجزء الثالث‪،‬‬
‫(د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ -26‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬دعوى إلغاء القرار اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬

‫‪ -------- -27‬اإلنحراف بالسلطة كسبب إللغاء القرار اإلداري‪ ،‬دار الفكر‬


‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2010 ،‬‬

‫‪ ------- -28‬الق اررات اإلدارية في الفقه وقضاء مجلس الدولة‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫‪.2007‬‬

‫‪ -29‬عبد الغني بسيوني عبد هللا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬إل‪( ،4‬د‪.‬ن)‪.2009 ،‬‬

‫‪ -------- -30‬القضاء اإلداري‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.1996 ،‬‬

‫‪ -31‬عبد الغني بسيوني عبد هللا‪ ،‬والية القضاء اإلداري على أعمال اإلدارة العامة‪،‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.1983 ،‬‬

‫‪ -32‬عبد الفتال حسن‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬مكتبة الجالء‪ ،‬المنصورة‪.1982 ،‬‬

‫‪ -33‬عدنان عمرو‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬

‫‪ -34‬عمر محمد السيوي‪ ،‬الوجيز في القضاء اإلداري‪ ،‬دار الفضيل للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بنغازي‪ -‬ليبيا‪.2013 ،‬‬

‫‪ -35‬فؤاد العطار‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1963 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -36‬فؤاد موسى‪ ،‬فكرة اإلنحراف باإلجراء‪ ،‬كوجه من أوجه مجاوزة السلطة‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.1997 ،‬‬

‫‪ -37‬د‪.‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬


‫‪.1994‬‬
‫‪ ، ----------- -38‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2010‬‬

‫‪ ، ---------- -39‬الدعوي اإلدارية ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ال‪ ،‬اإلسكندرية‬


‫‪. 2015‬‬

‫‪ -40‬محسن خليل‪ ،‬القضاء اإلداري ورقابته ألعمال اإلدارة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫‪.1968‬‬

‫‪ ،--------- -41‬القضاء اإلداري‪( ،‬ب‪.‬د)‪.1990 ،‬‬

‫‪ -42‬ال ال ال‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1989 ،‬‬

‫‪ -43‬ال‪ ،-------‬قضاء اإللغاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬

‫‪ -44‬محمد حسنين عبد العال‪ ،‬فكرة السبب في القرار اإلداري ودعوى اإللغاء‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬

‫‪ -45‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪.2014 ،‬‬

‫‪ ---------- -46‬ال‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪( ،‬ب‪.‬د)‪.1994 ،‬‬

‫‪ ،--------- -47‬د حسين عثمان‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬

‫‪ -48‬محمد عبد الحميد أبو زيد‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬

‫‪ -49‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫(ب‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ -50‬محمد فؤاد مهنا‪ ،‬دروس في القانون اإلداري العربي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‬
‫‪1965‬م‪.‬‬

‫‪ -51‬محمد كامل ليلة‪ ،‬الرقابة على أعمال اإلدارة القضائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.1986 ،‬‬
‫‪ -52‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬شرل اإلجراءات التأديبية في الوايفة العامة والمهن الحرة‬
‫النقابية والعمل الخاص‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪2004 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -53‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬ضوابط مشرونية الق اررات اإلدارية وفقاً للمنهل القضائي‪،‬‬
‫دار أبو المجد للطباعة‪ ،‬إل‪.2008 ،1‬‬

‫‪ -54‬محمد مصطفى حسن‪ ،‬السلطة التقديرية في الق اررات اإلدارية‪.1974 ،‬‬

‫‪ -55‬ال ال ال ال ال‪ ،‬القضاء اإلداري في القانون المصري والمقارن‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1993‬‬

‫‪ -56‬محمود حافظ‪ ،‬القضاء اإلداري في القانون المصري المقارن‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪.1992‬‬

‫‪ -57‬محمود حلمي‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬دار الفكر العربي‪.1977 ،‬‬

‫‪ -58‬محمود سامي جمال الدين‪ ،‬اللوائن اإلدارية وضمانة الرقابة القضائية‪( ،‬د‪.‬ن)‪،‬‬
‫‪.1982‬‬

‫‪ -59‬ال ال ال ال ال‪ ،‬الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1991‬‬
‫‪ -60‬ـــــــــ‪ ،‬القضاء اإلداري والرقابة على أعمال اإلدارة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬‬
‫القاهرة‪( ،‬ب‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ -61‬ال ال ال ال ال ال‪ ،‬قضاء المالئمة والسلطة التقديرية للدارة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2014‬‬

‫‪ -62‬محمود عاطف البنا‪ ،‬الوجيز في القضاء اإلداري‪ ،‬دار الفكر العربي‪.1996 ،‬‬

‫‪ -63‬ال ال ال ال ال‪ ،‬الوسيط في القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1999‬‬

‫‪ -64‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬القضاء اإلداري ومجلس الدولة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1986‬‬
‫‪ -65‬ال ال ال ال ال ال‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.1986 ،‬‬

‫‪ -66‬مصطفي عبد الغني أبو زيد‪ ،‬المحل في القرار اإلداري والرقابة القضائية عليه‪،‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ -67‬مصطفى عفيفي‪ ،‬الرقابة على أعمال اإلدارة والمنازعات اإلدارية مدراسة مقارنة‬
‫وتطبيقية في كل من اإلمارات العربية والقوانينم‪ ،‬الجزء األول‪.1990 ،‬‬

‫‪ -68‬مصطفى كامل‪ ،‬رقابة مجلس الدولة اإلدارية والقضائية‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫(د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ -69‬ال ال ال ال‪ ،‬مجلس الدولة المبادئ العامة للقضاء اإلداري‪ ،‬شرل قانون مجلس الدولة‬
‫المصري‪ ،‬إل ‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1954 ،‬‬

‫‪ -70‬نعيم عطية‪ ،‬مساهمة في النظرية العامة للحريات الفردية‪ ،‬القومية للطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪.1963‬‬

‫‪ -71‬يحيي الجمل نظرية الضرورة في القانون الدستوري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪( ،‬ب‪.‬د)‪،‬‬


‫‪.1973‬‬

‫ب‪ -‬الرسائل العلمية‪:‬‬

‫‪ -1‬رسائل الماجستير‪:‬‬

‫‪ -1‬دلشا معروف على رقابة القضاء على مشرونية الضبط اإلداري ‪ ، ،‬رسالة ماجستير‬
‫مقدمة إلي كلية الحقوق ‪ -‬جامعة اإلسكندرية‪.2015 ،‬‬

‫‪ -2‬عبد العاطى محمد عبد العاطى ‪ ،‬مسئولية الدولة عن أعمال وق اررات موافيها ‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير مقدمة إلي كلية الحقوق ‪ -‬جامعة اإلسكندرية‪.2014 ،‬‬

‫‪ -3‬عبد هللا بن سالم بن ناصر ‪ ،‬رقابة القضار االدارى العمانى على إساءة استعمال السلطة‬
‫‪ ،‬رسالة ماجستير مقدمة إلي كلية الحقوق ‪ -‬جامعة اإلسكندرية‪.2014 ،‬‬
‫‪ -4‬صاحب مطر خباإل‪ ،‬ضمانات التوازن بين السلطة والحرية في إجراءات الضبط اإلداري‪،‬‬
‫رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق ‪ -‬جامعة اإلسكندرية‪.2014 ،‬‬

‫‪ -5‬صفاء شكر محمود‪ ،‬االنحراف بالسلطة التقديرية للدارة مإساءة استعمالها – دراسة‬
‫مقارنةم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق – جامعة اإلسكندرية‪.2015 ،‬‬

‫‪ -2‬رسائل الدكتو ارة‪:‬‬

‫‪ -1‬أسامة احمد محفوظ‪ ،‬سلطات الضبط اإلداري فى ال الظروف االستثنائية ‪،‬‬


‫دراسة مقارنة بين الشريعة االسالمية والتشريعلت الوضعية ‪ ،‬رسالة دكتوراة ‪ ،‬كلية الحقوق ‪،‬‬
‫جامعة المنوفية ‪. 2004 ،‬‬

‫‪ -2‬امل لطفى حسن ‪ ،‬الرقابة القضائيىة على ق اررات الضبط الخاصة باألجانب ‪،‬‬
‫رسالة دكتوراة ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة حلوان ‪. 2002 ،‬‬

‫‪ -3‬جمال نباس أحمد عثمان ‪ ،‬الضبط اإلدارى فى مجال البناء والتعمير ‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراة‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة اإلسكندرية ‪. 2001 ،‬‬

‫‪ -4‬حسام الدين محمد مرسى ‪ ،‬السلطة التقديرية فى مجال الضبط اإلداري ‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراة‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة االسكندرية ‪. 2009 ،‬‬

‫‪ -5‬عبد هللا محمد عبد الرحيم‪ ،‬الرقابة القضائية على السلطة التقديرية في مجال التأديب‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق – جامعة اإلسكندرية‪.2012 ،‬‬

‫‪ -6‬نيسي بن سعد النعيمي ‪ ،‬الضبط االدارى وسلطاتة وحدودة فى دولة قطر ‪،‬‬
‫رسالة دكتوراة‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪. 2009 ،‬‬

‫‪ -7‬سالم بن راشد العلوى ‪ ،‬القضاء االدارى العمانى دراسة مقارنة ‪ ،‬أكاديمية السلطان‬
‫قابوس لعلوم الشرطة ‪ ،‬سلطنة عمان ‪. 2011 ،‬‬

‫‪ -8‬سالم بن يحي بن سالم الخروصى ‪ ،‬التظلم لقبول دعوي مراجعة القرار اإلداري‬
‫‪ ،‬رسالة دكتوراة‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة السلطان قابوس ‪ ،‬سلطنة عمان ‪. 2010 ،‬‬
‫‪ -9‬سيف بن سالم بن سعيد السعيدي ‪ ،‬النظام التأديبى للمواف العام ‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة بين مصر وسلطنة عمان ‪ ،‬رسالة دكتوراة ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة عين شمس ‪،‬‬
‫‪. 2006‬‬

‫‪ -10‬صالن بن على بن سالم الصواعي ‪ ،‬الرقابة اإلدارية والقضائية على القرارت‬


‫االدارية دراسة مقارنة ‪ ،‬رسالة دكتو ارة ‪ ،‬كلية الحقوق – جامعة اإلسكندرية‪.2017 ،‬‬

‫‪ -11‬طارق سيد أحمد حسن ‪ ،‬المالءمة األمنية ومشرونية ق اررات الضبط اإلداري‬
‫‪ ،‬رسالة دكتوراة ‪ ،‬أكاديمية الشرطة ‪. 2008 ،‬‬

‫‪ -12‬محمد أبو العينين‪ ،‬اإلنحراف التشريعي‪ ،‬رسالة دكتو ارة‪ ،‬كلية الحقوق ‪ -‬جامعة‬
‫القاهرة‪.1986 ،‬‬

‫‪ -13‬محمد مصطفى السيد عبد العليم‪ ،‬مشكلة تنفيذ أحكام القضاء اإلداري والتنظيم الفرنسي‬
‫الحديث لمواجهاتها‪ ،‬دراسة مقارنة مع مصر‪ ،‬رسالة دكتو ارة ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة‬
‫اإلسكندرية ‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -14‬محمد محمود سعيد ‪ ،‬نظرية الضبط اإلداري فى ال الظروف العادية ‪ ،‬رسالة دكتوراة‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -15‬ممدول عبد المجيد‪ ،‬سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية مدراسة مقارنةم‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬أكاديمية الشرطة‪ ،‬غير منشورة‪1991 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -16‬محمد وليد العبادى ‪ ،‬القضاء اإلداري واألنظمة المقارنة رسالة دكتوراة ‪ ،‬جامعة عمان‬
‫‪،‬األردن ‪.2008 ،‬‬

‫ج ‪ -‬المجالت والدوريات والموسوعات‪:‬‬

‫أحمد حافظ نجم‪ ،‬السلطة التقديرية للدارة ودعاوى اإلنحراف بالسلطة‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-1‬‬
‫العلوم اإلدارية‪.1982 ،‬‬
‫أحمد كمال الدين‪ ،‬فكرة اإلثبات أمام القضاء اإلداري‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫السنة السابعة والعشرون‪ ،‬سنة ‪.1980‬‬
‫ مجلة‬،‫ اإلنحراف في استعمال السلطة وعيب السبب‬،‫ سعاد الشرقاوي‬.‫د‬ -3
.15 ‫ السنة‬،‫العلوم اإلدارية‬

‫ العدد‬3 ‫ س‬،‫ الفصل غير التأديبي من العلوم اإلدارية‬،‫ عبد الفتال حسن‬.‫د‬ -4
.1961 ‫ أغسطس‬- ‫الثاني‬

‫ مجلة‬،‫اإلثبات أمام القضاء اإلداري‬ ‫ خصائ‬،‫ مصطفى كمال وصفي‬.‫د‬ -5


.1970 ‫ سنة‬،‫ فبراير‬،‫ العدد الثاني‬50 ‫ السنة‬،‫المحاماة‬

‫ الجزء التاسع‬،‫ الموسوعة اإلدارية الحديثة‬،‫ حسن الفكهاني‬.‫ أ‬،‫ نعيم عطية‬.‫د‬ -6
.319 ‫ قاعدة‬،511 ،‫عشر‬
‫ مجلة العلوم‬،‫ اإلنحراف في استعمال اإلجراء‬،‫عبد الفتاا عبد الحليم عبد البر‬ -7
.1980 ‫ ديسمبر‬،‫ العدد الثاني‬،‫اإلدارية‬
‫ المراجع األجنبية‬:‫ثانيًا‬
I. OUVRAGES
1- BAILLEUL David, L'efficacité comparée des recours
pour excès de pouvoir et de plein contentieux objectif en droit public
français, Éd. L.G.D.J, 2002.
2- BIGAUT Christian, Le droit administrative en fiches, éd.
Ellipses, Paris, 2004.
3- Henri welter, LE CONTROLE JURIDICTIONNEL de la
MORALITÉ ADMINISTRATIVE, ÉTUDE DE DOCTRINE ET DE
JURISPRUDENCE, éd. SIREY, paris, 1929.
4- M. LETOURNEUR, J. BAUCHET, J.MERIC, Le conseil
d’état et les tribunaux administratifs, éd. Librairie Armand colin,
Paris, 1970.
5- WATTECAMPS Aurélie, les recours contentieux:
recours pour excès de pouvoir, fiche pedagogique virtuelle, Faculté
de Droit de Lyon, 2010. disponible a l'adresse suivante:
http://fdvsrv.univlyon3.fr/moodle//file.php/1/FPV2/Droit_public/Droit_administratif/
07_les_recours- contentieux%20_3__rep%20mis%20%20jour.pdf
II. REVUES ET THESES
1- BRAIBANT Guy, le droit administratif français.3eme
édition, Presses de la fondation nationale dessciences politiques &
Dalloz, paris, 1992.
2- Constantin Taliadoros, Le Contrôle de la légalité des actes
administratifs au moyen du recours pour excès de pouvoir devant le
Conseil d'Etat Egyptien, Thèse de doctorat, paris, 1954.
3- lemasurier Jeanne, La preuve dans le détournement de
pouvoir, Revue du droit public et de la science politique en France et
à l'étranger, tome 75, paris, 1959.
4- départements et des regions, paris, avril 2004.

‫فهرس المحتوريات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫البيان‬
2 ‫مقدمة‬
4 ‫سبب اختيار موضوع البحث‬
‫رقم الصفحة‬ ‫البيان‬
‫‪5‬‬ ‫أهمية البحث‬
‫‪6‬‬ ‫صعوبات الدراسة‬
‫‪7‬‬ ‫تسا الت البحث‬
‫‪8‬‬ ‫أهداف الدراسة‬
‫‪8‬‬ ‫منهج الدراسة‬
‫‪11‬‬ ‫الفصل االول‪ :‬ماهية الضبط اإلداري وحدوده القانونية‬
‫‪13‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري‬
‫‪14‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬ذاتية الضبط اإلداري‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالضبط اإلداري‬
‫‪42‬‬ ‫الفرع الثانى‪ :‬وسائل وأغراض الضبط اإلدارى‬
‫‪54‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الضبط اإلداري وطبيعتة‬
‫‪54‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬أنواع الضبط اإلداري‬
‫‪68‬‬ ‫الفرع الثانى‪ :‬طبيعة الضبط اإلداري‬
‫‪77‬‬ ‫المبحث الثانى‪ :‬القيود الدستورية والقانونية للضبط اإلداري‬
‫‪80‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مبدأ المشروعية كقيد على سلطة الضبط‬
‫‪82‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالمشروعية وبيان ماهيتها ومضمونها وعالقتها بالسلطة التنفيذية‬
‫‪89‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬انعكاسات المشروعية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫‪93‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حماية الحريات الدستورية والقانونية كقيد على سلطة الضبط‬
‫‪93‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬التنظيم التشريعي للحريات‬
‫‪108‬‬ ‫الفرع الثانى‪ :‬سلطة اإلدارة في مجال الحريات‬
‫‪112‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬القيود المتعلقة باالجراء الضابط‬
‫‪115‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الحدود المتعلقة بطبيعة النشاط الذي يستهدفه الضبط‬
‫‪115‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬النشاطات غير المشروعة‬
‫‪116‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬النشاطات المرخص بها‬
‫‪118‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬نشاطات تشكل حريات يضمنها الدستور أو القانون‬
‫‪125‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬قيود اإلجراء الضبطي الناتج عن فكرة الحرية ذاتها‬
‫‪134‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري‬
‫‪134‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري في الظروف العادية‬
‫‪142‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الحدود المتعلقة بوسائل الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‬
‫‪169‬‬ ‫الفصل الثانى‪ :‬الرقابة القضائية على اعمال الضبط االدارى‬
‫‪172‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ماهية الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫‪174‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫‪175‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬ماهية الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫‪176‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬وسيلة الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫‪178‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬أهداف الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫‪181‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬رقابة القضاء اإلداري على حدود هيئات الضبط اإلداري‬
‫‪182‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬رقابة القضاء على تقيد هيئات الضبط اإلداري بمبدأ الشرعية‬
‫‪185‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة القضاء على تقييد هيئات الضبط اإلداري لتحقيق النظام العام‬
‫‪194‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الرقابة القضائية على تقيد هيئات الضبط اإلداري بالحريات العامة‬
‫‪201‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تناسب الرقابة القضائية مع الظروف المدثرة في هيئات الضبط اإلداري‬
‫رقم الصفحة‬ ‫البيان‬
‫‪202‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مراعاة عامل الزمان والمكان‬
‫‪204‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اتساع الرقابة القضائية مع تقييد سلطات الضبط اإلداري في الظروف العادية‬
‫‪206‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬تخفيف الرقابة القضائية مع اتساع سلطات الضبط اإلداري في الظروف اإلستثنائية‬
‫‪214‬‬ ‫المبحث الثانى‪ :‬الرقابة على الشرعية الخارجية والداخلية لقرارات الضبط اإلداري‬
‫‪217‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الرقابة على الشرعية الخارجية‬
‫‪217‬‬ ‫الفرع االول‪ :‬الرقابة في الحاالت العادية‬
‫‪224‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة في الحاالت االستثنائية‬
‫‪227‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة على الشرعية الداخلية‬
‫‪228‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الرقابة على المحل‬
‫‪236‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة على عنصر السبب‬
‫‪248‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الرقابه القضائية على الخروج عن الغايه من قرارات الضبط االدارى‬
‫الفرع االول‪ :‬دور القاضي االداري في فحص الغاية من القرار اإلداري يدخل ضمن حدود وظيفته األصلية في‬
‫‪251‬‬
‫الرقابة على المشروعية والتي تعد عنصرا ً من عناصر دولة القانون‬
‫‪255‬‬ ‫الفرع الثانى‪ :‬صور (حاالت) عيب الغاية في قرارات الضبط االداري‬
‫‪269‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬سلطة القاضي االداري فى مراقبة الهدف من إجراء الضبط االداري‬
‫‪279‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬ضمانات األفراد تجاه قرارات الضبط اإلداري المعيبة‬
‫‪282‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬إلغاء قرارات الضبط االداري المعيبة‬
‫‪282‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬ماهية دعوى اإللغاء‬
‫‪284‬‬ ‫الفرع الثانى‪ :‬شروط قبول دعوى إلغاء القرار االداري‬
‫‪292‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الحق فى التعويض عند توافر أركان المسئولية‬
‫‪295‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مسدولية اإلدارة بالتعويض عن القرار المشوب بعيب الغاية‬
‫‪301‬‬ ‫الفرع الثانى‪ :‬جواز الجمع بين دعوى اإللغاء ودعوى التعويض بالنسبه لقرارات الضبط اإلداري المعيبة‬
‫‪305‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪314‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪325‬‬ ‫الفهرس‬

You might also like