You are on page 1of 142

‫ماستـ ـ ـ ـر التقنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات البديل ـ ـ ـ ـ ـة لح ـ ـ ـ ـ ـل المنازع ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬

‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‬


‫تحت عنوان‬

‫دور جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية بالمغرب‬

‫تحت إشراف األستاذ ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب ‪:‬‬


‫الدكتور‪ :‬محمد الداودي‬ ‫مصطفى اعويش‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬


‫األستاذة الدكتورة ‪ :‬خديجة فريحي أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق – المحمدية رئيسا‬
‫األستاذ الدكتور‪ :‬محمد الداودي ‪..................................................................‬مشرفا‬
‫عضوا‬ ‫أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق – المحمدية‬ ‫األستاذ الدكتور ‪ :‬محمد طارق‬

‫السنة الجامعية ‪1029/ 1028 :‬‬

‫‪1‬‬
‫أهدي هذا العمل المتواضع إلى ‪ :‬معلم البرية ومحرر اإلنسانية سيدنا محمد عليه‬
‫أفضل الصلوات وأزكى التسليم‪ .‬إلى الذين أدباني وعلماني‪،‬‬

‫رب ارحمهما كما ربياني صغيرا‪...‬‬

‫والدي الكريمين رحمهما هللا‪ .‬إلى زوجتي التي تحفزني دائما على الجد واإلخالص‬
‫في العمل‪ ،‬وحاولت دوما‬

‫‪ -‬دون كلل أو ملل ‪ -‬توفير كل ما يعيني على تذليل الصعاب‪،‬‬

‫وتخفيف األعباء والمعاناة ‪...‬‬

‫محبي البحث العلمي‪ ،‬الذين ال يقصدون به إال منفعة المسلمين في كل زمان ومكان ‪.‬‬

‫إلى أبنائي الذين أهملت الكثير من حقوقهم ‪ -‬قسرا ‪ -‬وفرضت عليهم التعايش مع‬
‫انشغالي الدائم بقضايا هذا البحث‪ ،‬ورحلتي المستمرة في عوالمه‬

‫المعرفية الواسعة ‪ ،‬إخواني وأصدقائي وجميع من امتدت يده إلي بالعون والمدد في‬
‫إنجاز هذا العمل المتواضع‪.‬‬

‫إلى كل هؤالء أهدي ثمرة جهدي المتواضع هذا‪ ،‬سائال المولى عز وجل أن يجعله‬
‫خالصا لوجه الكريم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫استجابة لهدي النبي صلى هللا عله وسلم الذي يقول ‪:‬‬

‫«ال يشكر هللا من ال يشكر الناس»‬

‫أقدم جزيل الشكر لكل من ساعدني في هذا البحث‬

‫وأخص بالذكر أستاذي الفاضل‪ :‬الدكتور "محمد الداودي"‪،‬‬

‫الذي تلقيت على يديه العلم وأصول البحث ولم يدخر وسعا في مساعدتي‪ ،‬متحمال ما‬
‫أثقلت به عليه من استفسارات شجعني عليها حلمه وعلمه وكرمه الذي‬

‫ال يمكن وصفه فجزاه هللا عني وعن طلبته خير الجزاء كما أشكر أستاذتي الفاضلة‬
‫الدكتورة "خديجة فرحي"‬

‫والشكر موصول ألستاذي الفاضل الدكتور "محمد طارق"‬

‫كما اشكر الذين تفضلوا بقبول قراءة هذا العمل وتوجيهي إلى أماكن عجزي‬
‫وتقصيري‪ ،‬بارك هللا في علمهم ونفع بهم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الئحة فك الرموز‪:‬‬
‫‪ -‬م‪.‬ش‪ :‬مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -‬م‪.‬س‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -‬ج‪.‬ر‪.‬ع‪ :‬الجريدة الرسمية عدد‪.‬‬
‫‪ -‬ص‪ :‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ -‬ق‪.‬و‪.‬ع‪ :‬قانون الوظيفة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬ق‪.‬ج‪ :‬القانون الجنائي‪.‬‬
‫‪ -‬ق‪.‬ل‪.‬ع‪ :‬قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫‪ -‬ط‪.‬ع‪.‬م‪ :‬طبعة غير مذكورة‪.‬‬
‫‪ -‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ :‬قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعتبر وظيفة القانون االجتماعي سواء على المستوى االجتماعي أو االقتصادي أو‬
‫السياسي وآثاره على السلم االجتماعي داخل الدولة‪ ،‬أهم ما دفع التشريعات المقارنة بما فيها‬
‫التشريع المغربي إلى خلق هيئات إدارية كلفت بفرض احترام تطبيق القانون االجتماعي‬
‫داخل المؤسسات الخاضعة لهذا القانون‪.‬‬

‫إذ أوكل المشرع هذه المهمة لجهاز تفتيش الشغل‪ ،‬والتي تعتبر من أهم األقسام التي‬
‫تتكون منها مديرية الشغل بوزارة الشغل واإلدماج المهني والتي تقوم بدور أساسي في‬
‫استقرار عالقات الشغل والحفاظ على السلم االجتماعي الضروري لكل تنمية اقتصادية‬
‫واجتماعية‪.1‬‬

‫وبالرجوع إلى أصول جهاز تفتيش الشغل‪ ،‬المالحظ على أن هذا الجهاز ظهر في القدم‬
‫حيث يعود ظهوره إلى القرن ‪ 81‬تحديدا في النمسا سنة ‪ ،8811‬بعد ذلك تبنته مجموعة من‬
‫الدول األوربية كإنكلترا سنة ‪ ،8181‬فرنسا ‪ ،8181‬ألمانيا سنة ‪ .8181‬حيث الدول األوربية‬
‫الصناعية سباقة إلحداث أجهزة تفتيش الشغل‪ ،2‬عكس أقطارنا العربية التي كانت متأخرة‬
‫زمنيا في إنشاء هذه األجهزة‪ ،‬ذلك أن الهيمنة االستعمارية على الوطن العربي من جهة‬
‫والتخلف االقتصادي من جهة أخرى أدى إلى تأخر دخول الصناعة الحديثة إليه وتأخر في‬
‫ضوء ذلك ظهور قوانين الشغل‪.3‬‬

‫وأما تفتيش الشغل في الدول العربية فقد ارتبط بظهور القاعدة القانونية وحصول هذه‬
‫الدول على استقاللها‪ ،‬ذلك أن الدول العربية كانت تخضع لالستعمار لسنوات طويلة من قبل‬
‫دول أوربا‪ ،‬وامتد هذا االستعمار حتى القرن العشرين‪ ،‬وبالتالي فان أغلب الدول العربية لم‬
‫تكن تعرف قبل نيل استقاللها تشريعا منظما للشغل‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية مراكش‪ .‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،1881‬ص ‪.831‬‬
‫‪ 2‬تجدر اإلشارة في هذا الصدد أن التشريعات المقارنة واالتفاقيات الدولية والعربية وآراء الفقهاء قد اختلفت في تسمية العالقة بين‬
‫أطراف العالقة الشغلية و موضوعها إذ هناك من يستعمل العمل والعامل‪ ،‬رب العمل ‪،‬‬
‫لكن حرصا على توحيد المصطلحات سنقتصر على استعمال مصطلح األجير‪ ،‬المشغل والشغل وفاءا لمنطوق مدونة الشغل‬
‫‪ 3‬يوسف إلياس‪ ،‬تفتيش العمل في الدول العربية بين أزمات الحاضر وتحديات المستقبل‪ ،‬منشورات المركز العربي إلدارة العمل‬
‫والتشغيل تونس‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪5‬‬
‫في المغرب فلم يظهر جهاز تفتيش الشغل قبل الحماية‪ ،‬على اعتبار أن تنظيم الشغل‬
‫داخل طوائف الصناعة التقليدية لم تكن خاضعة لتنظيم قانوني‪ ،‬بل خاضعة لقواعد الفقه‬
‫اإلسالمي ولألعراف المحلية المتوارثة وكان يقوم بهذه المهمة شخص يدعى أمين الطائفة‬
‫المهنية‪ ،‬الذي يرفع األمر عند فشله إلى المحتسب وهو شخص خبير له إطالع واسع‬
‫باألحوال االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وذلك لفض النزاع والنظر في المخالفات التي يفشل‬
‫األمناء في الحكم فيها‪.4‬‬

‫أما التنظيم الفعلي لجهاز تفتيش الشغل فقد كان بمقتضى ظهير ‪ 1‬يوليوز ‪ ،8118‬الذي‬
‫حل محل ظهير ‪ 3‬يوليوز ‪ ،58111‬ومجموعة من النصوص التي تشير إلى تفتيش الشغل‪،‬‬
‫م‪.‬ش والمرسوم المتعلق بجهاز تفتيش الشغل‪ ،6‬وإلى الوقت الراهن مر جهاز تفتيش الشغل‬
‫بالمغرب بمجموعة تطورات تمخض عنها لم شتات النصوص القانونية المنظمة لهذا الجهاز‪.‬‬

‫ومما الشك فيه أن أداء المفتشين لوظائفهم على نحو يساهم في تحقيق التنمية‬
‫االقتصادية يقتضي منحهم السلطات القانونية الضرورية التي تمكنهم من ذلك‪ ،‬وفي مقدمة‬
‫هذه السلطات إطالعهم المباشر على الكيفية التي يجري بها تطبيق القوانين التي يناط بهم‬
‫مهمة ضمان إنفاذها‪ ،‬في أماكن الشغل المختلفة التي تخضع إلشرافهم‪ ،‬وهذا اإلطالع يستلزم‬
‫الدخول إلى هذه األماكن وفحص أماكن الشغل فيها‪ ،‬وكذلك فحص السجالت والوثائق التي‬
‫تبين الطريقة التي تطبق وفقا لها قواعد القانون ذات الصلة بوظائف التفتيش‪ .7‬ويترتب على‬
‫اكتشاف المفتشين مخالفات في أماكن الشغل‪ ،‬أن تكون لهم سلطة اتخاذ التدابير المناسبة‬
‫للتعامل معها مما ينعكس إيجابا على التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪ 4‬صباح كوتو‪ ،‬مفتشية الشغل و دورها في ضمان الحماية العمالية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬قانون خاص‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪ ،‬عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء‪ ،1881 ،1883 ،‬ص‪ 88‬و ‪.81‬‬
‫‪ 5‬تم إلغاء هذه الظهائر بمقتضی م‪.‬ش‪ ،‬ظهير شريف رقم ‪ 8.83.811‬صادر في ‪81‬من رجب ‪ 88 ،8111‬سبتمبر ‪ ،1883‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 12.11‬المتعلق ب‪.‬م‪.‬ش‪ ،.‬المنشور ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 182‬بتاريخ ‪ 83‬شوال ‪ 1( 8111‬ديسمبر ‪ ،)1883‬ص ‪.3111‬‬
‫‪ 6‬المرسوم رقم ‪ 111.88.1‬صادر في ‪ 11‬رجب ‪( 8131‬فاتح يوليو ‪ )1888‬بتغيير المرسوم رقم ‪ 11.81.1‬الصادر في ‪ 2‬رجب‬
‫(‪ 1‬يوليو ‪ )1881‬بشأن النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل منشور ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 2121‬الصادر بتاريخ ‪ 1‬شعبان ‪ 8131‬فاتح يوليو‬
‫‪ 1888‬ص‪.3333‬‬
‫‪ 7‬يوسف إلياس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪812‬‬
‫‪6‬‬
‫إال أن هذه السلطات الممنوحة لمفتشي الشغل يجب أن تؤدي في حدودها القانونية وأال‬
‫يساء استعمالها في غير أغراضها‪ ،‬ولهذا تقع على عاتق المفتشين مجموعة من االلتزامات‬
‫التي ينبغي عليهم التحلي بها‪.‬‬

‫لذا نجد كل من المعايير الدولية‪ ،‬كاالتفاقية الدولية رقم (‪ 8)18‬واالتفاقية الدولية رقم‬
‫(‪ ،9)811‬ومعها المعايير العربية المتمثلة في االتفاقية العربية رقم (‪ )18‬والقوانين الوطنية‬
‫تلقي على كاهلهم مجموعة من االلتزامات حتى تكون رافعة للتنمية االقتصادية ألن إساءة‬
‫استعمال هذه السلطات تفوت على الدولة فرص استثمارية وتجعل جهاز التفتيش عرضة‬
‫للمساءلة‪.‬‬

‫‪ ‬أهمية الموضوع‪:‬‬

‫لهذا فإن موضوع وظيفة جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية له أهمية‬
‫بالغة سواء على المستوى العلمي والعملي واالقتصادي‪.‬‬

‫فعلى مستوى األهمية العلمية‪ :‬تتجلى لنا في اإلطار القانوني المنظم لسلطات جهاز‬
‫تفتيش الشغل ومدى فعاليتها في تحقيق التنمية االقتصادية على مستوى التشريع الوطني‬
‫وتشخيص الصعوبات التي تحد من مردودية مفتشية الشغل‪ ،‬من خالل مالمسة حجم النقاش‬
‫الفقهي والتصور القضائي للموضوع‪ ،‬كما تتجلى هذه األهمية في ندرة األبحاث والدراسات‬
‫التي تطرقت لعالقة مفتشية الشغل بالتنمية االقتصادية‪ ،‬بحيث أن كثيرا من األبحاث‬
‫والمقاالت تطرقت لموضوع وظائف مفتشية الشغل دون الحديث عن أثارها على التنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫أما على مستوى األهمية العملية‪ :‬فالموضوع يعرض للسلطات الممنوحة لمفتش الشغل‬
‫للمساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية مما ينعكس على وضعية األجراء بصفة خاصة‬
‫ووضعية المقاولة والدولة بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ 8‬االتفاقية رقم ‪ 18‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة ‪ 8118‬المتعلقة بتفتيش العمل في الصناعة والتجارة المؤتمر العام لهيئة‬
‫العمل الدولية المنعقد في دورته الثالثين سنة ‪.8118‬‬
‫‪ 9‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة ‪ 8111‬بشأن تفتيش العمل في الزراعة المؤتمر العام لمنظمة العمل‬
‫الدولية المنعقد في دورته الثالثة والخمسون ‪www.un.org 8111‬‬
‫‪7‬‬
‫وبذلك فأهمية مفتشية الشغل تتجلى في الحفاظ على السلم االجتماعي داخل المقاولة‬
‫وبالتالي فهي تساهم في توفير المناخ المالئم إلنعاش االستثمار وتحقيق التنمية الكفيلة‬
‫بالقضاء على آفة الفقر‪ ،‬بل وتساهم في بناء دولة القانون والمؤسسات وترسيخ مبادئ وآليات‬
‫الحكامة الجيدة في الميدان االجتماعي‪ ،‬والحفاظ على النظام العام الذي يمثل الحجر األساس‬
‫لكل تنمية اقتصادية التي من مقتضياتها ضرورة تقوية جهاز تفتيش الشغل وإصالح القضاء‬
‫االجتماعي على النحو الذي يمكن من إخراج قواعد القانون االجتماعي من عوامل النظرية‬
‫‪10‬‬
‫ألن نجاعة عمل مفتشية الشغل تبقى رهينة بطبيعة عالقتها‬ ‫لتعرف طريقها للتطبيق‬
‫بالجهاز القضائي إذ بدون تعاون حقيقي بين الجهازين لن يتأتى تطبيق نصوص القانون‬
‫االجتماعي وبث الروح فيها‪ ،‬وبالتالي نقلها من وضع السكون والجمود إلى طور الحركة‬
‫والتفعيل لتحقيق األهداف المشتركة بينهما والتي تشكل التنمية االقتصادية عمادها‪.‬‬

‫أما األهمية االقتصادية‪ :‬فتتجلى في كون مفتشية الشغل تشكل صمام أمان في‬
‫استمرارية المؤسسات الصناعية في اإلنتاج وبالتالي تقليص نسبة البطالة‪ ،‬وربح الوقت‬
‫والمصاريف‪ .‬هذه الغايات وغيرها ثمرة من ثمرات السلم االجتماعي القائم على التسامح بين‬
‫أطراف العالقة الشغلية ‪ ،‬خصوصا بعد الربيع العربي حيث أصبح السلم االجتماعي من أهم‬
‫العناصر المحفزة في جلب االستثمارات األجنبية وتشجيع االستثمار الداخلي وهو ما ساهم‬
‫فيه جهاز تفتيش الشغل بشكل جلي من خالل حله لنزاعات الشغل الفردية والجماعية‬
‫المصحوبة باإلضراب أو غير المصحوبة باإلضراب‪.‬‬

‫أما من حيث أسباب اختيار الموضوع فأجملها في ماهية العالقة بين وظائف مفتشية‬
‫الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬على اعتبار أن دمج ما هو خارج الفائدة المالية يعتبر‬
‫نظرية حديثة في مواجهتها التنافسية االقتصادية للدول الناشئة في االقتصاد العالمي لهذا جاء‬
‫رأس المال غير المادي كنظام آخر إضافي أو موازيا يقوي ويعزز النظام الكالسيكي العادي‪.‬‬

‫واختيار هذا الموضوع هو محاولة لمالمسة كيف يمكن لمفتشية الشغل من خالل‬
‫الوظائف المسندة لها أن تساهم في خلق وتنمية الرأسمال المادي انطالقا من الخطاب الملكي‬

‫‪ 10‬محمد طارق‪ " :‬واقع القانون االجتماعي بين التطبيق ومحدوديته" مجلة القانون المغربي ‪ REDMAR‬العدد ‪ 22‬يناير ‪،2102‬‬
‫ص ‪.42‬‬
‫‪8‬‬
‫ليوم ‪ 38‬يوليوز ‪ ،1881‬بمناسبة عيد العرش حيث دعا جاللة الملك إلى إجراء دراسة لتقدير‬
‫القيمة اإلجمالية لثروة المغرب من بداية سنة ‪ 8111‬إلى نهاية سنة ‪ 1883‬وأوضح أن‬
‫الغرض من هذه الدراسة ليس فقط تسليط الضوء على قيمة رأس المال غير المادي للمغرب‬
‫ولكن أيضا وبصفة خاصة التشديد على ضرورة االستناد على هذا الرأسمال كمعيار أساسي‬
‫في وضع السياسات العامة حيث يتمكن جميع المغاربة من اإلستفاذة من ثروة بالدهم لضمان‬
‫السلم االجتماعي الذي أصبح أولوية منذ أحداث الربيع العربي خالل سنة ‪.1888‬‬

‫فانقدح في ذهني أن يكون موضوع وظائف مفتشية الشغل ‪ -‬كرأسمال ال مادي ‪ -‬في‬
‫تحقيق التنمية االقتصادية كثمرة من ثمرات السلم االجتماعي‪ ،‬فاستشرت أستاذي المشرف‬
‫فرحب بالفكرة وكان لي خير سند ومعين‪.‬‬

‫ويطرح موضوع جهاز تفتيش الشغل في عالقته بالتنمية االقتصادية مجموعة من‬
‫اإلشكاليات تم البحث واإلجابة عنها قدر المستطاع وتبقى اإلشكالية المحورية للموضوع هي‪:‬‬

‫‪ -‬إلى أي حد تسهم وظائف مفتشية الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية بالمغرب ؟‬


‫‪ -‬هذا اإلشكال العام تتفرع عنه مجموعة من األسئلة الفرعية ‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي السلطات التي منحها المشرع المغربي لمفتش الشغل وهو بصدد القيام بمهامه؟‬
‫‪ -‬ما هي االلتزامات التي يتحملها بالمقابل؟‬
‫‪ -‬ما هي تجليات تدخل مفتشية الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية؟‬
‫‪ -‬وهل كان المشرع المغربي موفقا في خلق نوع من التوازن بين السلطات وااللتزامات‬
‫للمساهمة في التنمية االقتصادية؟‬
‫‪ -‬وما هي العراقيل التي تحد من مساهمة مفتشية الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية؟‬
‫‪ -‬ما مدى التعاون بين كل من مفتشية الشغل والقضاء لتحقيق التنمية االقتصادية؟‬
‫‪ ‬صعوبات الموضوع‪:‬‬
‫واجهتني مجموعة من الصعوبات وفي مقدمتها ندرة المادة العلمية خاصة في جانب‬
‫مساهمة مفتشية الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية بالمغرب‪ ،‬حيث تقل اإلحصائيات‬
‫والمؤشرات التي تبرهن على دور مفتشية الشغل المباشر في النمو االقتصادي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ولإلحاطة بالموضوع فقد تم اعتماد المنهج الوظيفي لرصد الوظائف الظاهرة لمفتشية‬
‫الشغل والوظائف الباطنة المتجلية في تأثير هذا الجهاز على التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫كما أن الموضوع يفرض سلوك منهج تحليلي نقدي حتى يتسنى إبراز عالقة وظائف‬
‫مفتشية الشغل بالتنمية االقتصادية‪ ،‬وماهية الصعوبات التي تعترض هذا الجهاز لتحقيق‬
‫التنمية المنشودة؟ مع الرجوع إلى التشريع المقارن كلما اقتضى األمر ذلك‪.‬‬
‫وقد اشتمل البحث على مقدمة وفصلين وخاتمة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬وظائف جهاز تفتيش الشغل وعالقتها بتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية بالمغرب‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬واقع حال جهاز تفتيش الشغل بالمغرب في تحقيق التنمية‬
‫االقتصادية؟‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‬

‫وظائف جهاز تفتيش الشغل‬


‫وعالقتها بتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية بالمغرب‬

‫‪11‬‬
‫إن دراسة نظام تفتيش الشغل‪ ،‬يقتضي منا بداية وضع هذا الجهاز في إطاره التاريخي‪،‬‬
‫ولهذا سنسلط الضوء على البدايات األولى لبروز هذا الجهاز على المستوى الدولي (المبحث‬
‫األول )‪ ،‬ثم بعد ذلك سنتناول إحداث هذا الجهاز بالمغرب (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل على المستوى الدولي‬


‫لتناول تطور نظام تفتيش الشغل على المستوى الدولي‪ ،‬نقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪،‬‬
‫نتطرق في أولهما إلى وضع نظام تفتيش الشغل قبل إحداث منظمة الشغل الدولية‪ ،‬ونبحث في‬
‫ثانيهما وضع هذا الجهاز بعد إحداث هذه المنظمة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل قبل و بعد إحداث منظمة العمل الدولية‬

‫باإلحاطة بالموضوع سنعرض في فقرة أولى جهاز تفتيش الشغل قبل إحداث منظمة‬
‫العمل الدولية وفي فقرة ثانية سنعرض لنضام تفتيش الشغل في ظل منظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬جهاز تفتيش الشغل قبل إحداث منظمة العمل الدولية‬
‫كانت البداية في إصدار تشريع للشغل في بريطانيا‪ ،‬و ذلك ألن المشاكل األولى الناتجة‬
‫عن الثورة الصناعية‪ ،‬عرفت انطالقتها في هذا البلد‪.11‬‬

‫ومع نهاية القرن ‪ ، 81‬شهدت بريطانيا نموا صناعيا كبيرا تمثل في ازدياد وحدات‬
‫صناعية على حساب وحدات الحرف التقليدية‪ ،‬مما ساهم بشكل كبير في تغيير البنية المكانية‬
‫حيث ازدادت نسبة السكان الحضريين‪ ،‬وتم إحداث جهاز تفتيش الشغل بهذا البلد ‪ ،‬أطلق عليه‬
‫"تشريع المعامل " أو " قانون المصانع " ‪ ، La législation des fabriques‬والذي‬
‫اقتضی تطبيقه إحداث جهاز المراقبة‪ ،12‬وأصبح النموذج البريطاني محل تقليد من طرف‬
‫بعض الدول كالنمسا وألمانيا وفرنسا‪.13‬‬

‫‪ 11‬يوسف رزوق‪ ،‬تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالحة‪ ،‬بحث لنيل دبلوم السلك العالي‪ ،‬المدرسة الوطنية‬
‫لإلدارة ‪ ،‬الرباط ‪ 1994/1995‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 12‬موسى عبود‪ ،‬دروس في القانون االجتماعي ‪ ،‬المركز التهاني العربي الدار البيضاء ‪ ،8111 ،‬ص‪81 ،‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Yves Fromont et Jacques Barthelemy , inspecteur du travail, Rev liais Soc, No 9675, Paris, 1986 p‬‬
‫‪9.‬‬
‫‪12‬‬
‫وقد اتخذت أول اإلجراءات بالتنصيص على قانون ‪ 11‬يونيو ‪ ،8181‬لحماية الصحة‬
‫البدنية والعقلية للمتمرنين‪ ،‬وكذا العمال المشغلين في الخياطة والنسيج‪ ،‬وعهد لتطبيق هذا‬
‫القانون‪ ،‬إلى جمعيات خيرية تضم نبالء من بينهم قضاة وصناعيون‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ ،8111‬أصبح مفتشو الشغل موظفين تابعين إلدارة الدولة‪ ،‬وأصبح هذا‬
‫النظام فيما بعد ساريا في جميع دول أوروبا‪.14‬‬

‫ولقد عرفت النمسا أيضا نظام التفتيش في القطاع الصناعي وذلك سنة ‪ ،8811‬حيث‬
‫نصت على أحكام تتعلق بحماية األحداث ‪ ،‬أسندت مهمة تطبيقها إلى األطباء‪ ،‬وفي سنة‬
‫‪ 8181‬أصدرت الحكومة قانونا يقضي بوضع سلطة تنفيذ هذه األحكام على عاتق السلطات‬
‫المحلية‪ ،‬هذا و إن قانونا صدر في النمسا بتاريخ ‪ 88‬يونيو ‪ ، 8133‬نص على اختصاصات‬
‫من السلطة الحكومية فيما يخص تفتيش العمل في المصانع‪.15‬‬

‫وفي فرنسا‪ ،‬وتحت تأثير شخصيات مثل الدكتور " فيليرم ‪ " Villerme‬والصناعي "‬
‫دانييل لكرون ‪ ،" Daniel le grand‬تم تبني قانون ‪ 11‬مارس ‪ ،8118‬المتعلق بمنع تشغيل‬
‫األطفال الذين تقل أعمارهم عن ثماني سنوات‪ ،16‬وقد عهد تطبيق هذا القانون للجان محلية‬
‫وضعت تحت مراقبة عمال األقاليم‪ ،‬الذين أسندت إليهم مهمة القيام بتعيين أعضاء من بين‬
‫هذه اللجان للقيام بوظيفة المراقبة وذلك بشكل مجاني‪ ،‬إال أن هذا النظام لم تكن له نتائج تنكر‬
‫نظرا لوضعية القائمين به وكذا مجانيته‪.‬‬

‫وفيما بعد‪ ،‬عهد إلى رجال الشرطة بفرنسا‪ ،‬بتنفيذ قانون ‪ 1‬شتنبر ‪ 8111‬المتعلق‬
‫بتحديد مدة العمل اليومية‪ ،‬إلى أن صدر قانون ‪ 81‬ماي ‪ 8181‬المتعلق بتشغيل األحداث في‬
‫المؤسسات الصناعية والذي نص على إحداث مجموعتين من المراقبين ‪ :‬مجموعة أولى‬
‫تابعة لإلدارة المركزية‪ ،‬وأخرى تابعة للمراكز الجهوية أي المحافظات‪ ،‬ومن إيجابيات هذا‬
‫القانون أنه أناط مهام التفتيش بموظفين‪ ،‬وخول لهم سلطات معينة تمكنهم من إجراء مراقبة‬
‫فعالة‪.‬‬

‫‪ 14‬يوسف رزوق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8 :‬‬


‫‪ 15‬عبد الباقي سليم‪ ،‬نشاة و تطور تشريعات تفتيش العمل‪ ،‬منشورات مكتب العمل العربي والمعهد العربي للثقافة العالية وبحوث‬
‫العمل‪ ،‬بغداد ‪ ،8181‬ص‪ 1 :‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 16‬موسی عبود‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪18 :‬‬
‫‪13‬‬
‫غير أن هذه التجربة أثبتت أن وجود جهازين من التفتيش ليس له ما يبرره‪ ،17‬ولهذا‬
‫صدر قانون ‪ 1‬نونبر ‪ 8111‬المتعلق بإصالح وتنظيم جهاز تفتيش الشغل‪ ،‬الذي أنشأ جهازا‬
‫موحدا خاضعا لسلطة إدارية واحدة‪ ،‬وقد أصبحت سلطة تعيين جميع المفتشين بيد وزير‬
‫التجارة والصناعة‪ ،‬ويعتبر هذا القانون بمثابة تدشين التشريع الصناعي بفرنسا حيث سمح‬
‫بتدخل الدولة في المؤسسات الصناعية وكذا الممتلكات الخاصة‪.18‬‬

‫إال أن قانون ‪ 1‬نونبر ‪ ،8111‬وإن كان يشكل طفرة نوعية في قانون الشغل الفرنسي ‪،‬‬
‫فإن األهداف التي كانت مرجوة منه أبانت عن محدوديتها‪ ،‬وبالتالي وجب انتظار عشرات‬
‫السنوات قبل سن قانون العشر ساعات في اليوم من العمل بالمؤسسات التي تشغل الرجال‬
‫والنساء وكذا األحداث‪ ،‬وأكثر من ثالثين سنة قبل التنصيص على قانون الثماني ساعات في‬
‫اليوم‪ ،‬والذي كان مطلبا للمنظمة النقابية (‪ )C.G.T‬منذ إنشائها سنة ‪.198112‬‬

‫وفي أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬أخذت األمور تتطور بسرعة‪ ،‬وأصبحت الدول‬
‫الصناعية تتوفر على مركزيات نقابية كبرى‪ ،‬كما أن حكوماتها أصبحت واعية بضرورة‬
‫تدخل الدولة في تنظيم عالقات الشغل‪ ،‬وكذا تحديد ظروف تنفيذ الشغل‪ ،‬وقد أصبحت بعض‬
‫الدول تتوفر على مكاتب تقوم بهذه المهمة‪ ،‬ستغدو فيما بعد وزارات العمل ( المانيا سنة‬
‫‪ - 8111‬المملكة المتحدة سنة ‪ - 8118‬فرنسا سنة ‪ - 8118‬الواليات المتحدة األمريكية سنة‬
‫‪ ،20)... 8111‬حيث أضحت هذه الدول تتوفر على نظام مراقبة تطبيق تشريع الشغل الذي‬
‫أصبح يحمي جل الفئات العمالية‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ ،‬كانت معظم الدول الصناعية‬ ‫وقبل نشوب الحرب العالمية األولى سنة ‪8181‬‬
‫المتقدمة تتوفر على مفتشيات للشغل والتي كان حجم سلطاتها يختلف من دولة إلى أخرى‪،‬‬
‫وفي نفس الوقت فإن فكرة التشريع الدولي بدأت تتبلور‪ ،‬وهكذا أفضى اجتماع برلين سنة‬

‫‪ 17‬عصام يوسف القيسي‪ ،‬التنظيم االجتماعي للعمل‪ ،‬بحث مقارن في تشريعات العمل العربية‪ ،‬منشورات المعهد العربي للثقافة العمالية‬
‫وبحوث العمل ‪ ،‬بغداد ‪ 8118-8118‬ص‪ 182 :‬وما بعدها‬
‫‪ 18‬يوسف رزوق‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.1 :‬‬
‫‪19‬‬
‫‪William Grassin, La création de l'inspection du travail, Rev. france des affaires Soc, No4, 46 Annee‬‬
‫‪1992,n: 122 e suiv.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Inspection du travail, Manuel d'éducation ouvrière, B.I.T, Genève, 1986, P:3.‬‬
‫‪ 21‬موسی عبود‪ ،‬م‪ ،‬س ‪ ،‬ص‪ 21:‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ 8118‬إلى إحداث مكتب دولي للشغل ببال ( ‪ )BALE‬سنة ‪ ،8188‬ثم خلق منظمة الشغل‬
‫الدولية بجنيف (‪ ) Geneve‬سنة ‪ ،8181‬كان لوجودها أثر كبير على نظام تفتيش الشغل‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل في ظل منظمة العمل الدولية‬


‫بعد نهاية الحرب العالمية األولى‪ ،‬قرر المتفاوضون بشأن معاهدة السلم ‪ ،‬إنشاء منظمة‬
‫دائمة لحماية قضايا الشغل واألجراء‪ ،‬وقد عرفت سنة ‪ 8181‬ميالد منظمة العمل الدولية‪،‬‬
‫ويعتبر الفصل ‪ 83‬من معاهدة فرساي بمثابة دستور للمنظمة‪.‬‬

‫وقد تبني المؤتمر الدولي ابتداء من دورته األولى المنعقدة بواشنطن سنة ‪ ،8181‬عدة‬
‫اتفاقيات وتوصيات‪ ،‬تهدف إلى الحد من التعسف واالستغالل في مجال العمل‪ ،‬والوقاية من‬
‫بعض المخاطر المهنية‪ ،‬والتي تهم على الخصوص‪:‬‬

‫‪ -‬مدة الشغل وتحديد السن األدنى للقبول في العمل‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم تشغيل النساء ليال و األطفال بالمصانع‬

‫‪ -‬حماية األمومة‬

‫‪ -‬حماية العمال ضد بعض األمراض المهنية التي يكون مصدرها بعض المواد المضرة‬
‫( كالفحم ‪ -‬الفسفور‪ 22)...‬وفي هذا الخصوص‪ ،‬أصدرت هذه المنظمة التوصية رقم ‪ 2‬لسنة‬
‫‪ ،8181‬حيث عبر المجتمعون في المؤتمر عن رغبتهم في أن تكون الدول األعضاء متوفرة‬
‫على جهاز التفتيش الشغل في المصانع والمعامل و مصلحة خاصة بالوقاية و حفظ صحة‬
‫األجراء‪.23‬‬

‫وفي سنة ‪ 8113‬تبنى المؤتمر التوصية رقم ‪ ،18‬التي نصت على المبادئ العامة‬
‫لتنظيم وتسيير مصالح تفتيش الشغل على الصعيد الوطني‪ ،‬كما حددت أهداف التفتيش‬
‫ووظائفه وسلطاته وقواعد تنظيمه وكذا التقارير الواجب إنجازها‪.24‬‬

‫‪ 22‬يوسف رزوق‪ ،‬م‪ ، .‬ص ‪.88 :‬‬


‫‪23‬‬
‫‪Paul ramackers et Laurent vil boeuf, l'inspection du travail, 1ère éd. P.U.F, Paris 1997 p : 7 et suiv.‬‬
‫‪24‬‬
‫‪L’inspection du travail, Manuel d'éducation ouvrière, op cit, p: 10 et suiv.‬‬
‫‪15‬‬
‫كما صدرت سنة ‪ 8111‬التوصية رقم ‪ 38‬الخاصة بالوقاية من حوادث الشغل‪ ،‬والتي‬
‫تهدف إلى تنبيه المشغلين واألجراء الذين يهملون أخذ االحتياطات الالزمة لتفادي حوادث‬
‫الشغل واألمراض المهنية‪ ،‬وذلك من األخطار التي يمكن أن يتعرضوا لها‪.25‬‬
‫‪26‬‬
‫الخاصة بتفتيش الشغل في القطاع‬ ‫وفي سنة ‪ ،8118‬تبنى المؤتمر االتفاقية رقم ‪18‬‬
‫‪27‬‬
‫الصناعي والتجاري‪ ،‬وكذا التوصية المرافقة لها رقم ‪18‬‬

‫وتحدد االتفاقية المذكورة‪ ،‬المبادئ العامة التي يجب على الدول األعضاء احترامها‬
‫بخصوص تفتيش الشغل‪ ،28‬ومن هذه المبادئ أن يكون الجهاز المنوطة به هذه المهمة‪ ،‬مكونا‬
‫من موظفين عموميين خاضعين لنظام خاص‪ ،29‬يضمن لهم االستقرار واالستقالل عن لل‬
‫مؤثرات خارجية غير مشروعة‪ ،30‬ويحثهم على االلتزام في ممارسة مهامهم بالحياد‬
‫والمحافظة على أسرار المهنة التي يزاولونها‪ ،31‬كما يخول لهم الدخول إلى المقاوالت‬
‫الخاضعة للرقابة بكل حرية‪ ،‬وكذا مساءلة األجراء ومشغليهم عن كل المسائل المتعلقة‬
‫بتطبيق األحكام القانونية‪ ،‬واالطالع على جميع الوثائق والمستندات الخاصة بالشغل‪.32‬‬

‫‪25‬‬
‫‪Jean-Michel servais, droit en synergie sur le travail Bruylant, Bruxelles, 1997, p : 126.‬‬
‫‪ 26‬دخلت هذه االتفاقية حيز التنفيذ في ‪ 8‬ابريل ‪ ،8128‬وصادق عليها المغرب بمقتضى ظهير ‪ 1‬ابريل ‪ ، 8121‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 1388‬بتاريخ‬
‫‪ 81‬ماي ‪ ،8121‬ص ‪.82 :‬‬
‫‪ 27‬التوصية ‪ :‬عبارة عن تمنيات تعرضها المنظمة على الدول لتقتبس منها في تشريعها الداخلي‪ ،‬وليس على الدول تجاهها من التزام‬
‫سو ی تبليغها للهيئات الحكومية التي تدخل ضمن اختصاصها المسالة التي تتعلق بها التوصية‪ ،‬وذلك داخل أجل سنة أو استثناء داخل‬
‫أجل ‪ 81‬شهرا وان تعلم المكتب الدولي للشغل بما آلت إليه‪ ،‬والتوصيات تستعمل سواء لتحضير اتفاقية او تكملتها‬
‫‪ -‬موسی عبود ‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪11 :‬‬
‫‪ 28‬في نفس السنة (‪ )8118‬وخالل نفس دورة المؤتمر الدولي للعمل‪ ،‬تم تبني االتفاقية رقم ‪ 12‬حول تفتيش الشغل باألراضی غير‬
‫المتروبولية‪ ،‬والتي كان لها أثر كبير على األراضى الخاضعة إلدارة الحماية‪ ،‬وعلى أساس هذه االتفاقية احدثت مصالح تفتيش العمل‬
‫بعدة دول انجلوسكسونية وفرنكوفونية‪ ،‬والتي حصلت على االستقالل في الحقبة الموالية ‪.‬‬
‫‪ -‬يوسف رزرق‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.88 :‬‬
‫‪ 29‬إن مفتشي الشغل بالمغرب هم بمثابة موظفين عموميين خاضعين لظهير ‪ 11‬فبراير ‪ 8121‬المتعلق بالوظيفة العمومية‬
‫‪ 30‬المادة ‪ 1‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬الخاصة بتفتيش العمل في الصناعة و التجارة‬
‫‪ 31‬المادة ‪ 82‬من االتفاقية رقم ‪ 18‬السالفة الذكر مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 32‬المادة ‪ 81‬من نفس االتفاقية‪:‬‬
‫‪ -‬حول الحقوق المخولة لمفتشي الشغل أثناء ممارسة مهامهم ‪ ،‬وكذا االلتزامات الملقاة على عاتقهم أثناء هذه المزاولة‪،‬‬
‫‪ -‬صباح كوتو‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-‬محمد ايبوزير ‪ ،‬مفتشية الشغل بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة العمومية‪ ،‬الرباط ‪،8118-8181‬‬
‫ص ‪ 11‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -‬عزيز اردرني ‪ ،‬دور مفتشية الشغل في استقرار السلم االجتماعي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ 8111-8111‬ص ‪ 13 :‬و ما بعدها‬

‫‪16‬‬
‫وفي سنة ‪ ،8111‬تم تبني االتفاقية رقم ‪ ،811‬الخاصة بتفتيش الشغل في القطاع‬
‫الفالحي‪ 33‬وكذا التوصية المرافقة لها رقم ‪.833‬‬

‫يتضح مما سبق‪ ،‬أنه منذ إنشاء منظمة الشغل الدولية‪ ،‬صارت هذه األخيرة مصدر‬
‫قانون اجتماعي دولي حقيقي والذي يجد منبعه في االتفاقيات والتوصيات المصادق عليها‪،‬‬
‫وقد تميزت هذه المرحلة بمنح جهاز تفتيش الشغل استقالال وتوسعا في اختصاصاته ‪ ،‬وقد‬
‫ساعد على ذلك صدور ترسانة من االتفاقيات كتلك المتعلقة بإحداث لجان للمقاولة‪ ،‬وكذا‬
‫مؤسسة مندوبي األجراء‪ ،‬إضافة إلى تنظيم األجور‪.34‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل بالمغرب‬


‫الثابت أن المغرب قبل الحماية‪ ،‬لم يكن يتوفر على قانون الشغل بالشكل المتعارف‬
‫عليه اليوم‪ ،‬ذلك أن معظم القوانين المنظمة لعالقات الشغل قد صدرت في عهد الحماية‬
‫مقتبسة من التشريع الفرنسي‪ ،‬وقد عرفت التغيير بعد مرحلة استقالل نتيجة التطور‬
‫الصناعي‪ ،‬إضافة إلى صدور قوانين جديدة شكلت الدعامة األساسية للقانون المغربي‬
‫للشغل‪.35‬‬

‫وسوف يتم التطرق في (فقرة أولى) لسمات نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية‪ ،‬ثم‬
‫تعقبها (فقرة ثانية) نتناول فيها مميزات هذا النظام في مرحلة االستقالل‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية وبعد االستقالل‬

‫سنعرض في هذه الفقرة لنظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية (أوال) ثم نظام تفتيش‬
‫الشغل بعد حصول المغرب على االستقالل ( ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية‬


‫سبقت اإلشارة‪ ،‬إلى أن المغرب قبل عهد الحماية لم يكن يتوفر على قانون الشغل‬
‫بالكيفية التي أصبح عليها األمر في الوقت الراهن‪ ،‬فعالقات الشغل الفردية منها والجماعية‬
‫‪ 33‬صادق المغرب على هذه االتفاقية بمقتضى ظهير ‪ 1‬نونبر ‪ ، 8181‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 3288‬بتاريخ ‪ 38‬فبراير ‪.8118‬‬
‫‪ 34‬يوسف رزوق ‪ ،‬تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالحة بحث لنيل السلك العالي المدرسة الوطنية لإلدارة الرباط‬
‫‪ ،8112-8111‬ص‪ 88 :‬وما بعدها‬
‫‪ 35‬صباح لرتر ‪ ،‬مفتشية الشغل ودورها في ضمان الحماية العمالية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق الدار‬
‫البيضاء السنة الجامعية غير مذكورة‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫‪17‬‬
‫كانت منظمة وفقا لقواعد الفقه اإلسالمي في إطار ما يسمى بإجارة الخدمة‪ ،‬وكذلك تبعا‬
‫لألعراف والتقاليد المحلية‪ ،‬وهكذا فإن بعض االختصاصات التي يمارسها األعوان المكلفون‬
‫بالتفتيش حاليا‪ ،‬كان يقوم بها كل من األمين والمحتسب‪.36‬‬

‫و في عهد الحماية‪ ،‬ونظرا لقيام السلطات الفرنسية بإحداث بعض الصناعات من‬
‫منطلق تأسيس اقتصاد استعماري‪ ،‬فقد انصب اهتمامها على إصالح البنية التحتية ‪ ،‬كبناء‬
‫الطرق‪ ،‬وقد تطلب ذلك يدا عاملة تم جلبها من فرنسا‪ ،‬ويدا عاملة محلية تم استقطابها من‬
‫البوادي‪ ،37‬حيث كان يتم توجيه هذه الفئة إلى كل عمل يتطلب جهدا عضليا فقط‪ ،‬بعيدا عن‬
‫كل جهد فكري‪.38‬‬

‫هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فقد كان العمل متشابها وال يحتاج إلى أي تخصص‪ ،‬إذ‬
‫كان هذا األخير امتيازا لألوروبيين الذين كانوا يتقاضون أجرة مرتفعة تفوق أجرة األجير‬
‫المغربي‪.39‬‬

‫أمام هذه األوضاع المزرية التي كان يعيشها األجير المغربي‪ ،‬كان البد من إيجاد‬
‫نصوص لتنظيم الشغل‪ ،‬تضمن حقوق األجراء ولو في حدها األدنى‪ ،‬وقد كانت البداية‬
‫بصدور قانون االلتزامات والعقود‪ ،40‬الذي نظم عقد إجارة الخدمة‪ ،‬تلته بعد ذلك حركة‬
‫تشريعية مهمة في هذا الصدد‪.41‬‬

‫‪ 36‬حول هذه المرحلة‪ ،‬انظر‪:‬‬


‫‪ -‬أمل جالل‪ ،‬مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل واألمراض المهنية في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬بالدار البيضاء‬
‫‪ 8188‬ص‪ 21 :‬و ما يليها‪.‬‬
‫‪ 37‬يوسف رزرق‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪82 :‬‬
‫‪38‬‬
‫‪-« .... Il est permet de se demander si un ouvrier européen sera capable d'exécuter les mêmes‬‬
‫‪travaux pénibles qu’une main œuvre indigène ».‬‬
‫‪-Boy Emest, Le problème de la main d'ouvre et la législation du travail au Maroc, thèse, ed : Sirey,‬‬
‫‪Paris 1929, P: 61.‬‬
‫‪ 39‬الحاج الكوري‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬مطبعة الحرف المعتدل سال ‪ ، 8111‬ص‪.88 :‬‬
‫‪ 40‬ظهير ‪ 81‬غشت ‪ 8183‬المتعلق بقانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الذي نظم عقد إجارة الخدمة في الفصول من ‪ 813‬إلى ‪.818‬‬
‫‪ 41‬من ذلك على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 83‬يوليوز ‪ 8111‬المتعلق بتنظيم األجور‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 2‬ماي ‪ 8138‬المتعلق بتنظيم العطلة السنوية‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 11‬فبراير ‪ 8131‬المتعلق بإبرام االتفاقيات الجماعية‬

‫‪18‬‬
‫وغير خاف أن هذه القوانين لم تكن تطبق إال في المؤسسات التابعة لسلطة الحماية ‪،‬‬
‫كما أن الضغوطات التي كانت تمارسها إدارة الحماية من خالل مؤسساتها على األجراء‬
‫المغاربة ‪ ،‬قد ساهم في ظهور ردود فعل عنيفة من طرف هذه الفئة ‪ ،‬تجسدت في شن‬
‫إضرابات امتدت آثارها إلى بلدان المغرب العربي‪.42‬‬

‫في ظل هذه األوضاع‪ ،‬سيتقوى جهاز تفتيش الشغل نسبيا ‪ ،‬حيث صدر في أبريل‬
‫‪ 8131‬قرار وزيري بإحداث ثماني وظائف لمفتشين مساعدين ‪ ،‬من بينهم مفتش مغربي‪ ،‬و‬
‫كذلك مفتشية لتعزيز الهيئة الموجودة و التي كانت تتألف من خمسة مفتشين و أربعة‬
‫مراقبين‪.43‬‬

‫هذا وإن الحرب العالمية الثانية قد ألقت بظاللها على تشريع الشغل المغربي أنذاك‪،‬‬
‫حيث تم إصدار جملة من النصوص ‪ ،‬أهمها‪ ،44‬ظهير ‪ 1‬يوليوز ‪ 8118‬المتعلق بسن ضابط‬
‫الخدمة و العمل في المجال الصناعي و التجاري و الحر‪ ،‬والمعتبر بمثابة المصدر الرئيسي‬
‫الختصاصات و مهام أعوان مفتشي الشغل‪ ،‬إضافة إلى ذلك فقد تم تطوير األجهزة المكلفة‬
‫بشؤون الشغل‪ ،‬وموازاة مع ذلك صدر قرار وزيري بتاريخ ‪ 81‬غشت ‪ 8111‬يتعلق بموظفي‬
‫مفتشية الشغل ‪ ،‬أعقبه قرار بتاريخ ‪ 18‬غشت ‪ ، 8123‬أضاف مفتشي الشؤون االجتماعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظام تفتيش الشغل بعد حصول المغرب على االستقالل‬


‫لقد حاول المغرب بعد حصوله على االستقالل‪ ،‬تمكين جهاز تفتيش الشغل من لعب‬
‫الدور المنوط به في مراقبة تطبيق قانون الشغل ‪ ،‬حيث عمل على إصدار نظام أساسي‬

‫‪ 42‬صباح كوتو ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.11 :‬‬


‫‪43‬‬
‫‪René Gallisot, le patronat européen au Maroc, 1931-1942, Ed, technique Nord Africaines, Rabat‬‬
‫‪1964 p : 149.‬‬
‫‪ 44‬من هذه النصوص كذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 1‬يناير ‪ 8111‬بشأن العطلة السنوية المستحقة عنها األجر‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 81‬يناير ‪ 8111‬بشأن المصالحة و التحكيم ‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 8‬مارس ‪ 8118‬بشأن تشغيل األجراء و فسخ عقودهم بواسطة مكاتب التشغيل‪.‬‬
‫‪ -‬ظهر ‪ 13‬التوبر ‪ 8111‬بشأن النظام النموذجي‬

‫‪19‬‬
‫خاص بموظفين وزارة الشغل والشؤون االجتماعية‪ 45‬الذي ألغي القرار الوزيري الصادر في‬
‫‪ 81‬غشت ‪.8111‬‬

‫كما شهدت هذه المرحلة أيضا صدور مجموعة من النصوص‪ ،‬لها عالقة بتفتيش الشغل‬
‫سواء من قريب أو من بعيد ‪ ،‬وأهمها‪:‬‬

‫‪ -‬ظهير ‪ 88‬أبريل ‪ 8128‬المتعلق باالتفاقيات الجماعية‪.‬‬

‫‪ -‬ظهير ‪ 1‬يوليوز ‪ 8121‬بشأن تنظيم المصالح الطبية للشغل‪.‬‬

‫‪ -‬ظهير ‪ 81‬دجنبر ‪ 8128‬بشأن المصادقة على ‪ 81‬اتفاقية لمنظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬ظهير ‪ 38‬دجنبر ‪ 8121‬بشأن إنشاء نظام الضمان االجتماعي الذي عوض بظهير‬

‫آخر صادر بتاريخ ‪ 18‬يوليوز ‪.8181‬‬

‫‪ -‬ظهير ‪ 11‬أبريل ‪ 8183‬المنظم للشغل بالقطاع الفالحي الذي تضمن بعض‬


‫المقتضيات الخاصة بمهام مفتشي الشغل في هذا القطاع‪ .‬وإذا كانت هذه النصوص التشريعية‬
‫قد تماشت و مقتضيات القانون الدولي للشغل‪ ،‬فإنها بقيت مع ذلك مشتتة‪ ،‬شتاتا ساهم في‬
‫جمود بعضها‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫في محاولة منها لتجميع النصوص القانونية‬ ‫أمام هذا الوضع‪ ،‬جاءت مدونة الشغل‬
‫المتعلقة بالشغل‪ ،‬مع إدخال تعديالت وإصالحات تتوخى ربط القانون بواقع البالد والمساهمة‬
‫في تحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬السيما ما يخص تنظيم جهاز تفتيش الشغل ‪ .‬و لقد ساير تزايد‬
‫عدد مفتشيات الشغل نسبيا تطور هذه النصوص التشريعية في إطار عدم تركيز اإلدارة‪،‬‬

‫‪ 45‬المرسوم الملكي رقم ‪ 8882-11‬بتاريخ ‪ 11‬شوال الموافق ل ‪ 1‬فبراير ‪ ،8118‬بشأن النظام األساسي الخام بوزارة الشغل والشؤون‬
‫االجتماعية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1131‬بتاريخ ‪ 1‬فبراير ‪.8118‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن الوزارة المكلفة بقطاع الشغل‪ ،‬أصبحت تعمل حاليا اسم وزارة التشغيل و اإلدماج المهني عروض وزارة‬
‫الشغل و الشؤون االجتماعية سابقا‪.‬‬
‫‪ 46‬القانون رقم ‪ 12.11‬المتعلق بمدونة الشغل و الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،8-83-811‬بتاريخ ‪ 81‬رجب ‪ 8111‬الموافق‬
‫‪ 88‬شتنبر ‪ ،1883‬ج‪ .‬ر‪ ،‬ع ‪ ،2818‬بتاريخ ‪ 1‬دجنبر ‪.1883‬‬
‫و لقد سبق أن تم إعداد عدة مشاريع قوانين الشغل‪ ،‬بداية مشروع ‪ ،8181‬ثم تاله مشروع ‪ ،8113‬ثم مشروع ‪ 8111‬ثم مشروع‬
‫‪ ،8112‬فمشروع ‪ 8111‬الذي تمت إحالته على البرلمان‪.‬‬
‫للمزيد من اإليضاح حول هذه المشاريع ‪ ،‬انظر على الخصوص‪:‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز العتيقی ‪ ،‬قانون الشغل المغربي‪ ،‬دراسات و أبحاث‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬البيضاء ‪.8118،‬‬

‫‪20‬‬
‫حيث عرفت مندوبيات التشغيل تزايدا ملحوظا‪ ،‬ذلك أن عدد هذه المصالح الذي كان ال‬
‫يتجاوز في أواخر السبعينات ‪ 11‬مصلحة ‪ ،‬بلغ ‪ 31‬في سنة ‪.8118‬‬

‫وفي الوقت الراهن‪ ،‬فإن عدد مفتشي الشغل يصل إلى ‪ 111‬عونا مكلفا بالتفتيش‪ ،‬رغم‬
‫أن هذا العد د قد أخذ يتقلص بحكم اإلحالة على التقاعد ‪ ،‬في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة إلى‬
‫المزيد من مفتشي الشغل‪ ،‬بحكم االتساع الكمي للمؤسسات والمقاوالت على الصعيد‬
‫الوطني‪.47‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التنظيم الهيكلي لمفتشية الشغل في المغرب‬


‫سنحاول في هذه فقرة الوقوف على التنظيم اإلداري والبناء الهيكلي الذي تعتمد عليه‬
‫مصالح تفتيش الشغل‪ ،‬سواء منها المركزية (أوال) أو الالممركزة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المصالح المركزية‬


‫تشمل وزارة الشغل و اإلدماج المهني‪ ،‬باإلضافة إلى ديوان وزيري على إدارة مركزية‬
‫ومصالح خارجية‪ ،‬ومن بين ما تضمه اإلدارة المركزية‪ ،‬نجد مديرية الشغل التي تشتمل على‬
‫عدة أقسام‪.‬‬

‫‪ 47‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬المطبعة و الوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش ‪،1881‬‬
‫ص‪.813 :‬‬

‫‪21‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل ‪ 88‬من مرسوم ‪ 11‬نونبر ‪ 811148‬المتعلق بتحديد‬
‫اختصاصات وزارة التشغيل والتكوين المهني‪ ،‬نجده يحدد لنا مديريات وأقسام وزارات‬
‫الشغل واإلدماج المهني كاألتي‪:‬‬

‫الوزير‬
‫الكتابة العامة‬
‫مديرية التشغيل‬

‫قسم النهوض بالتشغيل‬


‫مصلحة إنعاش التشغيل وبرامج اإلدماج المهني‬
‫مصلحة تشجيع التشغيل الذاتي‬
‫مصلحة المبادرات والشراكات من أجل التشغيل‬
‫قسم الوساطة في التشغيل‬
‫مصلحة الوكاالت الخصوصية للتشغيل‬
‫مصلحة الوكاالت العمومية للتشغيل‬
‫قسم تشغيل المهاجرين و االستمرار في العمل‬
‫مصلحة تدبير تدفقات الهجرة من أجل العمل‬
‫مصلحة االستمرار في العمل‬

‫‪ 48‬مرسوم رقم ‪ 1-12-318‬صادر في ‪ 88‬رجب ‪ 11/8188‬نونبر ‪ 8111‬المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل‬
‫والشؤون االجتماعية‪ ،‬ج ر‪.‬ع ‪ 1121‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 8188‬الموافق ل ‪ 1‬فبراير ‪ ،8118‬ص ‪822 :‬‬
‫‪22‬‬
‫مديرية الشغل‬
‫قسم المراقبة وتنشيط مفتشية الشغل‬
‫مصلحة البرمجة والمراقبة‬
‫مصلحة اإلحصائيات والتقييم‬
‫قسم النهوض بالعالقات المهنية‬
‫مصلحة تتبع نزاعات الشغل‬
‫مصلحة المفاوضات الجماعية واتفاقيات الشغل‬
‫قسم التشريع ومعايير العمل‬
‫مصلحة الشؤون القانونية‬
‫مصلحة المعايير الدولية للشغل‬
‫قسم طب الشغل والصحة والسالمة المهنية‬
‫مصلحة طب الشغل‬
‫مصلحة الصحة والسالمة المهنية‬

‫مديرية الحماية االجتماعية للعمال‬


‫قسم الضمان االجتماعي وحوادث الشغل‬
‫مصلحة نظام الضمان االجتماعي‬
‫مصلحة االتفاقيات الثنائية للحماية االجتماعية‬
‫مصلحة تدبير حوادث الشغل‬
‫قسم التعاضد واألنظمة التكميلية‬
‫مصلحة القطاع التعاضدي‬
‫مصلحة األنظمة التكميلية‬

‫‪23‬‬
‫مديرية الموارد البشرية‪ ،‬الميزانية و الشؤون العامة‬
‫قسم المعلوميات واالتصال‬
‫مصلحة االتصال‬
‫مصلحة الـشبكة وتطـويرالنظم الـمعلوماتية‬
‫قسم الموارد المالية والتجهيز‬
‫مصلحة المعدات و التجهيز والصيانة‬
‫مصلحة الصفقات و اإلنجازات‬
‫مصلحة الميزانية والمحاسبة‬
‫قسم الموارد البشرية‬
‫مصلحة تدبير الموارد البشرية واألعمال االجتماعية‬
‫مصلحة تدبير الكفاءات والمسار اإلداري والتكوين المستمر‬
‫مصلحة التنظيم والشؤون العامة والمنازعات‬
‫قسم التكوين‬

‫مديرية التعاون الدولي والشراكة‬


‫قسم التعاون الدولي‬
‫مصلحة التعاون الثنائي‬
‫مصلحة التعاون المتعدد األطراف‬
‫قسم الشراكة وتتبع األنشطة والتظاهرات الدولية‬
‫مصلحة الشراكة مع المنظمات الوطنية والدولية‬
‫مصلحة تتبع وتقييم األنشطة والتظاهرات الدولية‬

‫‪24‬‬
‫ثانيا‪ :‬المصالح الالممركزة‬
‫تتكون المصالح الخارجية لوزارة الشغل واإلدماج المهني المهني أساسا ‪ ،‬من مديريات‬

‫إقليمية تضم من بين مرافقها األساسية دوائر للشغل‪ ،‬هذه األخيرة هي االمتداد الترابي‬
‫والتقني لمصلحة تفتيش الشغل المركزية‬

‫وتاريخيا ‪ ،‬فإن عدد دوائر الشغل لم يكن يتعدى ‪ 83‬دائرة في عهد الحماية‪ ،‬وكان عدد‬
‫األعوان المكلفين بتفتيش الشغل ‪ 11‬عونا‪ ،‬من بينهم مفتش إقليمي واحد مقره بالرباط‬
‫ومفتشان إقليميان مساعدان‪ ،‬األول مقره بالرباط يشمل نفوذه الجهة الشمالية والثاني مقره‬
‫بالدار البيضاء وتوجد تحت سلطته الدوائر الواقعة في المنطقة الجنوبية‪.49‬‬

‫وبعد االستقالل ‪ ،‬اتسع عدد هذه الدوائر‪ ،‬وفي هذا اإلطار عملت وزارة الشغيل و‬
‫اإلدماج المهني على خلق مديريات إقليمية للتشغيل‪ ،‬كان أولها بتاريخ ‪ 81‬شتنبر ‪ ، 8188‬ثم‬
‫بعد ذلك تطور عدد المديريات منذ تلك الفترة ليصل إلى ‪ 31‬في أواسط التسعينيات‪ ،‬وحاليا‬
‫أصبح عددها يصل إلى ‪ 12‬مندوبية‪.‬‬

‫وقد أسفرت هذه اإلصالحات عن النتائج التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬انضمام مصالح مفتشية القوانين االجتماعية في الفالحة وانصهارها في مصلحة‬


‫واحدة‪.‬‬

‫تجميع مختلف المصالح الخارجية لوزارة التشغيل والتكوين المهني داخل كل إقليم من‬
‫األقاليم وجعلها تحت رئاسة نواب إقليميين للشغل‪.50‬‬

‫وتضم مندوبية الشغل عموما أربع مصالح وهي‪ :‬دائرة الشغل‪ ،‬مكتب التشغيل‪ ،‬دائرة‬
‫القوانين االجتماعية في الفالحة‪ ،‬والمفتشية الطبية للشغل‪ ،‬باإلضافة إلى وحدات أو مكاتب‬
‫إدارية داخل المندوبية ‪ ،‬كمكتب حوادث الشغل ومكتب الشؤون االجتماعية‪.51‬‬

‫‪ 49‬يوسف زروق‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.18‬‬


‫‪ 50‬دورية صادرة عن وزارة التشغيل و التكوين المهني في ‪ 81‬شتنبر ‪ 8188‬تتعلق بإحداث مندوبيات التشغيل‬
‫المصدر‪ :‬المصلحة المركزية لتفتيش الشغل بالرباط غير منشورة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪Ahmed Bouharrou , l'Administration locale du travail , op non cit, p:49 et suiv.‬‬
‫‪25‬‬
‫ويقوم المندوب برئاسة المصالح الخارجية لوزارة التشغيل والتكوين المهني طبقا‬
‫لالختصاص الترابي‪.‬‬

‫وسنتناول فيما يلي أهمية الدور الذي يقوم به المندوب اإلقليمي للشغل‪ ،‬ثم دور دائرة‬
‫الشغل بوصفها المصلحة األكثر ارتباطا بميدان تفتيش الشغل‪.‬‬

‫‪ ‬اختصاصات المدير اإلقليمي للشغل‪:‬‬

‫يعتبر المندوب اإلقليمي ممثال لوزير التشغيل والتكوين المهني ‪ ،‬كما أنه منسق ألنشطة‬
‫المرافق التابعة لوزارة التشغيل و التكوين المهني في دائرته الترابية‪ ،‬باإلضافة إلى أنه‬
‫مراقب لسير العمل اإلداري والمهني للعاملين تحت إشرافه‪.‬‬

‫ومن الناحية التقنية فهو يمارس مهمة تأطير األعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪ ،‬بمساعدة‬
‫رئيس دائرة الشغل‪.52‬‬

‫‪ ‬دائرة الشغل‪:‬‬

‫تشكل دائرة الشغل النواة المحلية لتفتيشية الشغل‪ ،‬وتتكون من أعوان التفتيش وموظفين‬
‫إداريين‪ ،‬ويقوم برئاستها مفتش للشغل‪ ،‬ويعتبر هذا األخير المسؤول الثاني داخل المندوبية‪،‬‬
‫ويقوم باإلشراف على مراقبة تطبيق مقتضيات تشريع الشغل داخل دائرته بمساعدة أعوان‬
‫التفتيش‪.‬‬

‫ومن بين مهام رئيس دائرة الشغل ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬القيام بعدد من الزيارات شهريا‪ 53‬للمؤسسات والمقاوالت الخاضعة لمراقبته‪.‬‬

‫‪ -‬المساهمة في تسوية نزاعات الشغل‪.‬‬

‫‪ 52‬الدورية الثانية رقم ‪ 318‬بتاريخ ‪ 88‬أكتوبر ‪ 8112‬و المتعلقة بتحديد منهجية مفتشية الشغل و تحسين جودة المراقبة‪ ،‬و التي تحدد‬
‫مهام مندوبي الوزارة في مجال تحسين جودة المراقبة‬
‫‪ 53‬حسب مذكرة صادرة من وزارة التشغيل والتكوين المهني تحت رقم ‪ 1221‬بتاريخ ‪ 1‬أبريل ‪ ،8111‬فإن الحد األدنى الشهري لعدد‬
‫الزيارات الذي يتعين على العون المكلف بالتفتيش القيام بها هي‪:‬‬
‫‪ 82 -‬زيارة شهريا بالنسبة لرؤساء دوائر الشغل‪.‬‬
‫‪ 18 -‬زيارة شهريا بالنسبة لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪.‬‬
‫‪ 82 -‬زيارة شهريا بالنسبة لرؤساء دوائر القوانين االجتماعية في الفالحة‪.‬‬
‫‪ -‬وحاليا الوزارة تقوم بدراسة حول الوقت الممكن اعتماده لكل زيارة تفتيش حسب القطاعات وحسب اليد العاملة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬إنجاز تقارير شهرية حول الحالة االقتصادية واالجتماعية للمقاوالت والمؤسسات‬
‫الخاضعة لمراقبته في إطار اختصاصه الترابي‪.‬‬

‫من خالل ما سبق و الذي استعرضنا فيه المرحلة التاريخية لنشأة جهاز تفتيش الشغل‪،‬‬
‫وكذا الهيكلة اإلدارية والتنظيمية لهذا المرفق الحيوي حسب النموذج المغربي‪ ،‬يتبين لنا أن‬
‫والدة مفتشية الشغل كانت نابعة من الحاجة إلى حماية األجراء زال اهتمام لها بالتنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫وإذا كانت والدة مفتشية الشغل قد عرفت تحديات كبيرة‪ ،‬فإن تطورها واستمرارها‬
‫عرف نوعا آخر من التحدي‪ ،‬وفي هذا اإلطار أصدرت منظمة العمل الدولية اتفاقيتين‬
‫دوليتين تهمان تفتيش الشغل‪ ،‬األولى تحمل رقم ‪ 18‬وتهم الميدان الصناعي والتجاري‪،‬‬
‫والثانية تحمل رقم ‪ 811‬وتهم الميدان الفالحي‪ ،‬في محاولة منها لجعل التشريعات الوطنية‬
‫مالئمة ألحكام هاتين االتفاقيتين‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفتشية الشغل وعالقة وظائفها بالتنمية االقتصادية‪.‬‬


‫تعتبر منازعات الشغل إحدى المظاهر المميزة للمجتمعات المعاصرة خصوصا منها‬
‫ذات التقدم الكبير في مجال الصناعة‪ ،‬هذا المجال سمح بتجمع عدد كبير من األجراء‪ ،‬األمر‬
‫الذي نتج عنه خلق الجو المناسب للتكتالت العمالية‪ ،‬وبالتالي لنزاعات الشغل نتيجة للمطالب‬
‫التي تعبر عنها هذه التكتالت‪ ،‬والرفض و التماطل الذي غالبا ما تواجه به من طرف‬
‫المشغلين‪.54‬‬

‫ولتوضيح األمر سنعمل على تعريف جهاز مفتشية الشغل التنمية االقتصادية (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬بينما نعرض الختصاصات والمهام المخولة لمفتشية الشغل (المطلب الثاني )‪.‬‬

‫‪ 54‬بشرى العلوي‪ :‬الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي ‪.‬الطبعة الثانية سنة ‪ 1888‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‬
‫ص‪818:‬‬
‫للمزيد من التوضيح راجع‪:‬‬
‫‪ -‬محمد بلهاشمي‪ :‬تأمالت في أحكام مدونة الشغل‪ :‬مجلة المعيار العدد ‪ 38‬يونيو ‪ 1888‬ص ‪ 38‬وما يليها‬
‫‪27‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية‬
‫ولتفادي تطور هذه النزاعات مع ما يترتب عن ذلك من مساوئ اجتماعية واقتصادية‬
‫بالنسبة لطرفي العالقة الشغلية‪ ،‬اهتمت التشريعات بسن قواعد قانونية كفيلة لحل هذه‬
‫النزاعات سلميا‪.‬‬

‫ولهذا الغرض تم إحداث هيئات تختلف طبيعتها ومن بين هذه الهيئات نجد مفتشية‬
‫الشغل‪ ،‬التي تقوم بمهام واختصاصات متنوعة؛ أهمها العمل على ضمان احترام مقتضيات‬
‫قانون الشغل‪ ،‬وحماية أطراف العالقة الشغلية ومحاولة التوفيق بين مصالحها من أجل توفير‬
‫استقرار الشغل باإلضافة إلى دورها التصالحي فيما يتعلق بنزاعات الشغل الفردية‬
‫والجماعية‪.‬‬

‫وعليه سنخصص (الفقرة األولى) لتعريف جهاز مفتشية الشغل بينما سنتطرق في‬
‫(الفقرة الثانية) لمفتشية الشغل ومفهوم التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف بجهاز مفتشية الشغل والوظائف المسندة لها‬


‫لإل حاطة بالموضوع سيتم التطرق لمفهوم مفتشيات الشغل ووال ثم لخاتتصاصات والمهام‬
‫المتولة لمفتشية الشغل ثانيا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم مفتشية الشغل‬


‫تعتبر مفتشية الشغل الجهاز اإلداري التابع لوزارة التشغيل والتكوين المهني‪ ،‬وهي تقوم‬
‫بدور أساسي وفعال قصد ضمان استقرار عالقات الشغل والحفاظ على السلم االجتماعي‬
‫الضروري لكل تقدم اقتصادي و اجتماعي‪ .‬و يتكون جهاز مفتشية الشغل من موظفين‬
‫‪55‬‬
‫عموميين مصنفين في مختلف السالليم اإلدارية تابعين من حيث المبدأ إلی وزارة التشغيل‬

‫‪ 55‬وإذا كانت مفتشية الشغل تتكون في معظم أعضائها من موظفين تابعين لوزارة التشغيل باعتبارها الوزارة الوصية على قطاع‬
‫الشغل‪ ،‬فإن مهمة التفتيش تسند في بعض الميادين إلى فئة من الموظفين غير التابعين لوزارة التشغيل حيث يحلون محل مفتش الشغل‬
‫في مهامه‪ .‬وهكذا أوكلت مقتضيات الفصل ‪ 21‬من ظهير ‪ 1‬يوليوز ‪ 8118‬مهمة كتفتيش الشغل في المعادن ومناجم الحجر التي يتطلب‬
‫استغاللها القيام بالحفر في باطن األرض إلى مهندسي المعادن كما أن الفصل ‪ 23‬من الظهير أو كال مهمة المراقبة الفنية في المعامل‬
‫التابعة إلدارة األشغال العمومية إلى الموظفين المنوطة لهم هذه المراقبة وأناط الفصل ‪ 23‬مكرر من نفس الظهير مهمة المراقبة‬
‫الجارية على المراكب المعدة للمالحة البحرية إلى رؤساء األقسام البحرية وإلى متفقدي المالحة البحرية وذلك عوضا من مفتش الشغل‬
‫راجع بهذا الخصوص‪ :‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات‪ .‬م س‪ .‬ص‪ 182 :‬وما يليها‪.‬‬
‫حسن صحيب ‪ :‬هيأة تفتيش الشغل من خالل مدونة الشغل وتشريع منظمة الشغل الدولية المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد‬
‫‪ 88‬شتنبر أكتوبر ‪ 1881‬ص‪ 13 :‬وما يليها‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫يسمون بمفتشي ومراقبي الشغل والشؤون االجتماعية ومفتشي ومراقبي القوانين االجتماعية‬
‫في الفالحة‪ 56‬و يوجد على رأس كل مصلحة مفتش شغل يسمى مندوب الشغل يمثل الوزارة‬
‫في العمالة أو اإلقليم ومن بين اختصاصاته أنه يسعى إلى تسوية النزاعات الناشئة عن عالقة‬
‫الشغل عبر قيامه بإجراء محاولة التصالح لتحقيق نوع من التوازن بين أطراف النزاع‪.57‬‬

‫واعت بارا لكون مفتشي الشغل موظفون عموميون فهم يخضعون لقانون الوظيفة‬
‫العمومية الصادر بظهير ‪ 11‬فبراير ‪ 8121‬وتبعا لذلك فهم يخضعون كذلك لكافة النصوص‬
‫القانونية التي وضعها المشرع لحماية الموظفين العموميين من كل ما قد يتعرض له من‬
‫اعتداءات‪ .‬وزيادة على ذلك أفرد المشرع لهم مجموعة من النصوص القانونية تعاقب كل من‬
‫يحول دون تطبيق مقتضيات قانون الشغل أو النصوص التنظيمية الصادرة تطبيقا له‪.‬‬

‫و يتم ولوج سلك تفتيش الشغل بناء على المؤهالت العلمية للمترشح وذلك من بين‬
‫حاملي دبلوم المدرسة الوطنية لإلدارة بشكل مباشر أو بواسطة مباراة تفتح لفائدة حاملي‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة أو ما يعادلها‪.‬‬

‫ويعين المرشحون الناجحون في المباراة أو المعنيون بصفة مباشرة متمرنين‪ .‬وال يجوز‬
‫ترسيمهم إال بعد قضاء مدة سنة من التمرين أو التدريب‪ ،‬ويقضون هذه السنة التدريبية في‬
‫مفتشيات الشغل يتلقون ويكتسبون خاللها التجارب والخبرات الالزمة ألداء ومزاولة مهامهم‬
‫فيما بعد ويتم هذا التدريب إما في المصالح الخارجية أو اإلدارة المركزية ويتضمن هذا‬
‫التدريب جوانب إدارية وأخرى تقنية‪.‬‬

‫تتميز فترة التمرين بقيام المفتشين المتمرنين أثناء هذه السنة بزيارات تفتيشية وذلك‬
‫صحبة المفتشين الرسميين بهدف التمرن والتدرب على طرق ومناهج التفتيش وطرق‬
‫االطالع على وثائق وسجالت المقاولة الخاصة بالشغل‪.‬‬

‫وبعد انتهاء فترة التمرين يمكن إما ترسيم العون المتمرن أو تجديد فترة التمرين لمدة‬
‫سنة جديدة وأخيرة من التمرين وذلك بالنسبة للمتمرن الذي لم يوفق وفي حالة فشله على إثر‬

‫‪ 56‬المادة ‪ 238‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪57‬‬
‫"‪A .Zitouni. Les conflits individuels de travail. Revue Algérienne du travail .N5" sous édition‬‬
‫‪Année 1998 P83‬‬
‫‪29‬‬
‫هذه السنة األخيرة من التمرين أمكن إما إعفائهم أو إرجاعهم إلى أسالكهم األصلية إن كانوا‬
‫ينتمون لإلدارة‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫فإن‬ ‫وكما تجب اإلشارة إلى أنه وإعماال لمقتضيات المادة ‪ 238‬من مدونة الشغل‬
‫جميع الموظفين المكلفين بتفتيش الشغل والذين أشارت إليهم مقتضيات المادة ‪ 238‬يؤدون‬
‫اليمين المنصوص عليها في الظهير الشريف المتعلق باليمين الواجب أداؤها على الموظفين‬
‫‪59‬‬
‫كما يخضعون هؤالء األعوان للمقتضيات الخاصة‬ ‫المنصبين لتحرير محاضر الضبط‬
‫‪60‬‬
‫والتي تفرض عليهم عدم البوح بأسرار الصناعة وال بمختلف أساليب‬ ‫بحفظ السر المهني‬
‫االستغالل المحتمل إطالعهم عليها أثناء قيامهم بأعباء وظيفتهم‪ ،‬بحيث إنه عند مخالفة هذه‬
‫المقتضيات وإفشاء األسرار التي سمحت ظروف عملهم باإلطالع عليها فإنهم يعاقبون طبقا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 111‬من القانون الجنائي المغربي مع مراعاة االستثناءات المشار إليها في‬
‫الفصل المذكورة‪ 61‬كما نصت على ذلك المادة ‪ 238‬من المدونة في فقرتها األخيرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختصاصات والمهام المخولة لمفتشية الشغل‬


‫لقد كان الغرض األساسي من تفتيش الشغل عند ظهوره بالمغرب هو مراقبة تطبيق‬
‫قانون الشغل وضمان احترامه‪ ،‬مع ما يتبع ذلك من مهمة استشارية لمساندة الفرقاء‬
‫االجتما عيين على تفهم القوانين االجتماعية‪ ،‬والتغلب على الصعوبات التي تواجههم في إطار‬
‫عالقات العمل‪ ،‬ومع تجميد العمل بظهير ‪ 81‬يناير ‪ 8111‬المتعلق بالمصالحة والتحكيم عن‬
‫طريق المصالحة والتوفيق بين الفرقاء‪.62‬‬

‫‪ 58‬الفقرة األولى من المادة ‪ 238‬من مدونة الشغل‬


‫‪ 59‬راجع الظهير الشريف رقم ‪ 821 - 881‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ 8121‬بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية كما وقع‬
‫تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫‪ 60‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬م ‪ .‬س ‪.‬ص‪831 :‬‬
‫‪ 61‬تنص مقتضيات الفصل ‪ 111‬من القانون الجنائي في فقرته األولى أن ‪ " :‬األطباء والجراحون ومالحظو الصحة وكذلك الصيادلة‬
‫والمولدات وكل شخص يعتبر من األمناء على األسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشا سرا أودع لديه وذلك في غير‬
‫األحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليها فيها التبليغ يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائة وعشرون إلى‬
‫ألف درهم" ‪.‬‬

‫‪ - 62‬مرسوم رقم ‪ 1 - 12 - 318‬صادر في ‪ 88‬رجب ‪ 8188‬الموافق ل ‪ 11‬نونبر ‪ 8111‬المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة‬
‫التشغيل والشؤون االجتماعية الجريدة الرسمية عدد ‪ 1112‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 8188‬الموفق ل ‪ 1‬فبرابر ‪ 8118‬ص‪.822 :‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -1‬مراقبة تطبيق قانون الشغل‬
‫إن مهمة السهر على تطبيق قانون الشغل منوطة بمفتشية الشغل‪ 63‬فمراقبة هذا التطبيق‬
‫‪64‬‬
‫وفي هذا اإلطار فإن ظهير ‪ 1‬يوليوز ‪8118‬‬ ‫هي المهمة األساسية والتقليدية لهذه اإلدارة‬
‫المتعلق بنظام الشغل في المؤسسات الصناعية والتجارية والمهن الحرة وكذا ظهير ‪ 11‬أبريل‬
‫‪65‬‬
‫في المؤسسات الفالحية‪ ،‬يختص مفتش الشغل بمراقبة تطبيق‬ ‫‪ 8183‬بشأن نظام الشغل‬
‫قانون الشغل في المؤسسات العمومية والخصوصية والتعاونيات والمؤسسات الخاصة‬
‫بالتعليم الصناعي أو األعمال الخيرية والمؤسسات التجارية والمؤسسات الصناعية والمهن‬
‫الحرة والنقابات والجمعيات والجماعات كيفما كان نوعها‪ ،‬والمؤسسات التي ال يستخدم فيها‬
‫إال األعضاء من نفس األسرة‪ ،‬وباقي األنشطة التي يحددها الفصل األول من ظهير ‪ 1‬يوليوز‬
‫‪ 8118‬وقد مدد القرار المقيمي الصادر في ‪ 1‬شتنبر ‪ 8123‬مراقبة مفتشية الشغل إلى‬
‫مؤسسات الدولة والجماعات المحلية التي تنجز فيها أشغال ذات طابع صناعي أو عمليات‬
‫ذات طبيعة خاصة ما يتعلق باألوراش والمعامل والمستودعات والمكاتب‪.66‬‬

‫وتتمثل الوظيفة الرقابية التي حددتها مدونة الشغل في السهر على تطبيق األحكام‬
‫التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪ ،‬وذلك بقصد الوقوف على مدى التزام المشغلين‬
‫بالمقتضيات الواردة في قانون الشغل خصوصا‪ ،‬والقانون االجتماعي بشكل عام‪ ،‬ولهذه الغاية‬
‫سمح المشرع لمفتش الشغل بالصالحيات التالية‪:67‬‬

‫‪ -‬إمكانية ولوج ما بين السادسة صباحا والعاشرة ليال‪ ،‬المؤسسات واألماكن التي توجد‬
‫أسباب معقولة و وجيهة لدى مفتشي الشغل بأنها خاضعة لرقابة مفتشية الشغل‪ ،‬وكذا جميع‬
‫المحالت التي يعمل بها األجراء‪.‬‬

‫‪ 63‬علي الصقلي‪ :‬نزاعات الشغل الجماعية وطرق تسويتها السلمية في القانون المغربي والمقارن أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في‬
‫القانون الخاص موسم ‪ 8111-8111‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ص‪.331 :‬‬
‫‪64‬‬
‫‪jean Blaise: Traité de droit du travail – Dalloz 1966 p 377.‬‬
‫‪65‬‬
‫‪P.Ramackere. et L. vibouluf: l'inspection du travail l'institut de l'emploi et de la formation‬‬
‫‪professionnelle, ministre de l'emploi et de la formation professionnelle. Paris 1996 p:196.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪- M.Fakkak " Répertoire de la législation marocaine du travail" librairie AL Wahda Al Arabia,‬‬
‫‪Casablanca 1994 p811.‬‬
‫‪ 67‬المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل الصادرة بموجب ظهير شريف رقم ‪ 88.83.811‬المؤرخ ب ‪ 81‬من رجب ‪11 ( 8111‬سبتمبر‬
‫‪ )1883‬الصادر بتنفيذ القانون رقم ‪ 12-11‬المتعلقة بمدونة الشغل‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ -‬القيام بجميع إجراءات المراقبة والبحث والتحري التي تبدو لمفتش الشغل ضرورية للتأكد‬
‫من مدى تطبيق األحكام القانونية والتنظيمية سواء فرديا أو باالستعانة‪.‬‬

‫بخدمات خبراء في المجاالت التقنية‪ ،68‬والعملية‪ ،‬ويدخل في هذه اإلجراءات الرقابية‪:‬‬

‫‪ -‬طرح االستفسارات ع لى المشغل والعمال حول مسائل تطبيق قانون الشغل‬

‫‪ -‬اإلطالع على جميع الوثائق والدفاتر والسجالت المنصوص عليها قانونيا‪.‬‬

‫‪ -‬األمر بإلصاق اإلعالنات التي يجب عرضها قانونيا ‪.‬‬

‫‪ -‬انتقاء وأخذ عينات من المواد األولية المستعملة من طرف العمال وذلك قصد‬

‫إجراء تحاليل عليها‪.‬‬

‫وعند وقوف مفتش الشغل على مخالفات لمقتضيات قانون الشغل‪ ،‬يقوم بتنبيه المشغل‬
‫بمالحظاته حول المخالفات المعينة‪ ،‬ويمكنه أن يثبتها في محضر يكتسب القوة الوثوقية ‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫ويوجه إلى المحكمة المختصة من قبل المصالح المختصة التابعة للوزارة المكلفة بالشغل‬

‫وإذا كانت المخالفات تتعلق بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحفظ الصحة‬
‫والسالمة‪ ،‬وجب على المفتش أن ينبه المشغل إلى اتخاذ جميع التدابير بصفة استعجالية‪ ،‬وإذا‬
‫رفض أو أهمل المشغل هذا التنبيه يحرر المفتش محضرا بهذا االمتناع عن االمتثال‬
‫لمضمون التنبيه‪.‬‬

‫‪ -2‬محاولة التصالح في نزاعات الشغل‬


‫لم تتضمن المعايير الدولية خاصة االتفاقيات أي مقتضيات تتعلق بإسناد مهمة فض‬
‫نزاعات الشغل إلى األعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪ ،‬بل األكثر من ذلك أن التوصية رقم ‪18‬‬
‫الملحقة باالتفاقية رقم ‪ 18‬حول تفتيش الشغل في الصناعة والتجارة والتوصية رقم ‪833‬‬
‫الملحقة باالتفاقية رقم ‪ 811‬بتفتيش الشغل في الزراعة‪ ،‬استبعدتا أن تشمل وظائف مفتش‬
‫الشغل مهاما تجعل منه مصالحا أو حكما في نزاعات الشغل‪ ،‬غير أنه بالرجوع إلى الفقرة‬
‫الثانية من المادة الثالثة من االتفاقية رقم ‪ 18‬المتعلقة بوظائف مفتش الشغل نجدها تنص على‬

‫‪ 68‬وفقا للمادة ‪ 233‬من مدونة الشغل تمتد هذه الصالحيات إلى األطباء والمهندسين المكلفين بتفتيش الشغل كل في نطاقه وتخصصه‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫إمكان إسناد مه ام أخرى إلى مفتش الشغل شريطة أال تتعارض مع عملهم األصلي واألداء‬
‫الفعال لواجباتهم األولية‪ ،‬وأال تخل بأي حال من األحوال بالسلطة والحياد اللذان يجب‬
‫توافرهم لدى المفتشين في عالقاتهم بأصحاب العمل والعمال‪ ،‬وقد تم التنصيص على نفس‬
‫المقتضى في الفقرة الثالثة من المادة السادسة من االتفاقية رقم ‪.811‬‬

‫لذلك نالحظ أن منظمة العمل الدولية قد تحرت الحيطة والحذر في تضمين وظائف‬
‫مفتش الشغل مهمة فض نزاعات الشغل‪.‬‬

‫ويرجع أساسا إلى أن هذه النقطة المتعلقة بتسوية الخالفات من المسائل التي تثير‬
‫نقاشات صاخبة بين الدول األعضاء بمنظمة العمل الدولية بين مؤيد ومعارض لفكرة تدخل‬
‫جهاز التفتيش لفض نزاعات الشغل‪.‬‬

‫كما أن الواقع والممارسة كرس هذا الدور لمفتش الشغل‪ ،‬وجعل األطراف تفضل‬
‫اللجوء إلى هذه المرحلة أو تحكيم المفتش قبل المرور إلى القضاء الذي بدوره يحبذ هذه‬
‫الخطوة‪ ،‬رغم أن مسألة حل نزاعات الشغل تدخل ضمن االختصاصات األكيدة للمحاكم‪.‬‬

‫فبعد فشل المحاكم االجتماعية المحدثة بظهير ‪ 18‬يوليوز ‪ 8118‬الذي أوجب على‬
‫رئيس المحكمة االجتماعية‪ ،‬إجراء محاولة الصلح بها‪ ،‬وعند تعذر ذلك يرخص لألطراف في‬
‫رفع القضية إلى المحكمة‪ ،‬عدل المشرع عن هذه المحاكم خاصة وأن محاولة الصلح بها‬
‫أصبح إجراء شكليا‪ ،‬إذ نادرا ما يتم الصلح خالل هذه الجلسة كما أن األطراف تلجأ قبل ذلك‬
‫إلى مفتش الشغل‪ ،‬وقد أبانت الممارسة العملية أن القضايا التي وقع الصلح فيها أمام مفتشي‬
‫‪69‬‬
‫الشغل تفوق بكثير القضايا التي سوتها المحكمة المذكورة‬

‫وباختفاء المحاكم االجتماعية تكرس عرف إجراء الصلح أمام مفتش الشغل‪ ،70‬مما‬
‫جعل المشرع ينقل هذا العرف إلى مستوى القانون حيث نصت المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل‬
‫المتعلقة بوظائف العون المكلف بتفتيش الشغل في النقطة الرابعة على مهمة المفتش في‬
‫إجراء التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬يحرر في شأنها محضرا يمضيه طرفا‬
‫‪ 69‬أحمد بودراع‪ :‬تطبيق االتفاقيات الدولية للشغل في إطار الممارسة المغربية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام السنة الجامعية‬
‫‪ 18881 - 1881‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط أكدال ص‪.381 :‬‬
‫‪70‬‬
‫‪Ahmed Bouharrou. Le système marocain des relations professionnelles" publications RE MALD,‬‬
‫‪éditions maghrébines, Casablanca 1997 page 95-96.‬‬
‫‪33‬‬
‫النزاع‪ ،‬ويوقعه بالعطف العون المكلف بالتفتيش وتكون لهذا المحضر قوة إبرائية في حدود‬
‫المبالغ المبين فيه‪.‬‬

‫وهكذا وانطالقا من مدونة الشغل‪ ،‬تكون جميع خالفات الشغل التي من شأنها أن تؤدي‬
‫‪71‬‬
‫إلى نزاعات جماعية موضوع محاولة تتم أمام أعوان التفتيش‬

‫إال أنه ما يمكن مالحظته أن مدونة الشغل لم تشر إلى إلزامية مسطرة إجراء الصلح‬
‫لدى مفتش الشغل‪ ،‬فهل يجب على المشتكي أن يمر ضرورة عبر عون تفتيش الشغل‪ ،‬أم له‬
‫حق التقدم مباشرة إلى القضاء؟ كما كان عليه األمر من قبل‪ ،‬غير أنه يتضح أن اللجوء إلى‬
‫مسطرة الصلح وإن سعى المشرع إلى ترجيح كفتها في النزاعات الفردية للشغل‪ ،‬تبقى‬
‫اختيارية‪ ،‬إذ ينص المشرع على أي إجراء آخر يمكن القاضي االجتماعي من معرفة ما إذا‬
‫كانت القضية المعروضة عليه قد استوفت مسطرة المصالحة أمام جهاز التفتيش أم ال‪،‬‬
‫خاصة وأن مدونة الشغل قد التزمت الصمت حيال الجهة التي تحتفظ بمحضر محاولة الصلح‬
‫أهي مفتشية الشغل أم أطراف النزاع يأخذون نظيرا منه‪ ،‬أم يحال إلى المحكمة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى هذه االختصاصات التي نصت عليها المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل فإن‬
‫مفتش الشغل يضطلع بمهام تقريرية في الكثير من الحاالت ومنها‪.‬‬

‫‪ -‬الزيادة في ساعات العمل بصفة مؤقتة‬

‫‪ -‬طرد أحد العمال بسب ارتكاب الخطأ الجسيم‬

‫طرد أو توقيف أحد مندوبي العمال‬

‫‪ -‬إعالم المفتش بكل حادثة أو مرض مهني يتعرض لها أحد أجراء المؤسسات وقد‬

‫أناط المشرع لمفتش الشغل القيام باختصاصات استشارية‪ ،‬حيث يعين على فهم وتنفيذ‬
‫القاعدة القانونية سواء تعل قت بالعالقات المهنية أو بالصحة والسالمة المهنية أو بالحرية‬
‫النقابية أو الضمان االجتماعي وحوادث الشغل وغير ذلك من الموضوعات التي تشكل مادة‬
‫قانون الشغل خاصة‪ ،‬والقانون االجتماعي عموما ‪.‬‬

‫‪ 71‬عبد اللطيف خالفي م‪.‬س ص‪.188 :‬‬

‫‪34‬‬
‫وعليه فمن خالل تطرقنا لمختلف االختصاصات والمهام التي تقوم بها مفتشية الشغل‬
‫بالمغرب‪ ،‬تبين لنا بجالء أنها اختصاصات ومهام تكاد تكون شاملة لمختلف جوانب الحياة‬
‫االقتصادية واالجتماعية ويعزى ذلك إلى التداخل الموجود بين االختصاصات القانونية‬
‫لمفتشية الشغل والمتمثلة في مراقبة تطبيق تشريع الشغل والمهام التصالحية التي أنيطت لها‬
‫من أجل إيجاد حلول حبية لنزاعات الشغل‪ .‬هذا فضال عن كونها الساهر األساسي على تنمية‬
‫روح وثقافة الحوار االجتماعي بين أطراف العالقة الشغلية والسير به قدما في أفق تحقيق‬
‫سلم اجتماعي وتنمية اقتصادية مستدامة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مفتشية الشغل و مفهوم التنمية‬


‫تعتبر التنمية االقتصا دية مسألة اجتماعية وسياسة تحتل مكانا بارزا في العالم منذ عام‬
‫‪ 8118‬وكذلك غدت التنمية االقتصادية ومشكالتها تحتل اليوم الصدارة في الفروع التي‬
‫يبحثها الفكر االقتصادي العالمي‪ ،‬بعد أن كانت تحظى باالهتمام الضئيل من علماء االقتصاد‬
‫قبل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ويرجع ذلك االهتمام العالمي إلى اكتشاف مفاجئ لمدى انتشار‬
‫االقتصادي في العالم فحسب بل يرجع أساسا إلى تغير المواثيق اتجاه وجوده‪ .72‬أما اآلن فقد‬
‫أصبحت تحتل أهمية بالغة والعديد من الكتاب أصبحوا يتطرقون لها في بحوثهم‪ ،‬فما‬
‫المقصود يا ترى بالتنمية االقتصادية وما هي أهدافها؟‬

‫للوقوف على ماهية التنمية االقتصادية سنحاول في أوال التطرق لمفهوم وأهداف التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬أما ثانيا (فسنتطرق فيها إلبراز العالقة بينها وبين مفتشية الشغل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلطار المفاهيمي للتنمية االقتصادية وأهدافها‬


‫سنتطرق لمفهوم التنمية االقتصادية وتحديد أهدافها بدقة‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهوم التنمية االقتصادية‬

‫مما الشك فيه أنه يصعب إعطاء تعريف واحد للتنمية االقتصادية شامال و ملما بمختلف‬
‫الجوانب‪ ،‬لذلك سنتطرق إلى مجموعة من التعاريف لبعض الفقهاء في االقتصاد والتي‬
‫تناولت موضوع التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪ 72‬عبد العزيز عجمية (محمد) وعلي الليتي (محمد)‪ :‬التنمية االقتصادية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1002 ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪35‬‬
‫لقد عرف أحد الباحثين التنمية االقتصادية بأنها العملية التي من خاللها تحقق زيادة‬
‫متوسط نصيب الفرد من الدخل على مدار الزمن والتي تحدث من خالل التغيرات في كل من‬
‫هيكل اإلنتاج ونوعية السلع والخدمات المنتجة‪ ،‬إضافة إلى إحداث تغير في هيكل توزيع‬
‫الدخل لصالح الفقراء "‪ ،73‬فهي سياسية اقتصادية طويلة األجل تهدف لتحقيق النمو‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫كما تعني الزيادة المستمرة في الدخل القومي الناتج عن زيادة اإلنتاج المحلي من السلع‬
‫والخدمات التي يترتب عليها تأثيرا في القضاء على الفقر‪ ،‬والبطالة‪ ،‬والضعف الغذائي‪ ،‬بما‬
‫يؤدي إلى رفع مستوى الدخل الفردي‪ ،‬ويترتب عليه رفع المستوى الثقافي‪ ،‬والصحي‪،‬‬
‫والسياسي‪ ،‬والتنظيمي في المجتمع‪.74‬‬

‫كما يعرفها بكري كامل بأنها سياسة اقتصادية طويلة األجل لتحقيق النمو االقتصادي‪،‬‬
‫فهي عملية يزداد بواسطتها الدخل القومي الحقيقي لالقتصاد خالل فترة زمنية طويلة‪.75‬‬

‫وقد اعتبر كل من أحمد العمراني وعبد المجيد الكوهن أن التنمية االقتصادية ال يمكن‬
‫تحديد تعريف واحد لها من خالل النظريات االقتصادية التي تطرقت لها‪ ،‬بل يجب األخذ‬
‫بعين االعتبار عند تحديد مفهوم التنمية االقتصادية من خالل التقارير والمعطيات المكروا‪-‬‬
‫اقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬السوسيولوجية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬فالتنمية االقتصادية هي تحقيق النمو‬
‫االقتصادي والزيادة الكمية في الناتج الداخلي الخام‪ ،‬حيث أن هذا النمو شرط أساسي لإلقالع‬
‫االقتصادي للدولة‪.76‬‬

‫ومن المنظور االقتصادي فإن التنمية االقتصادية يقصد بها تنشيط االقتصاد القومي‬
‫وتحويله من حالة الركود والثبات إلى مرحلة الحركة والديناميكية عن طريق زيادة مقدرة‬
‫االقتصاد القومي لتحقيق زيادة سوية ملموسة في إجمالي الناتج القومي مع تغيير في هياكل‬
‫اإلنتاج ووسائله ومستوى العمالة وتزايد في االعتماد على القطاع الصناعي والحرفي يقابله‬
‫‪73‬‬
‫عبد العزيز عجمية (محمد) وعطية ناصف (إيمان)‪ :‬التنمية االقتصادية دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬القاهرة ‪،1001‬‬
‫ص‪.67 :‬‬
‫‪ 74‬وحمد فروان (حسين)‪ :‬التنمية والتحديث في اغلوطن العربي‪ ،‬المفاهيم‪ ،‬المحددات‪ ،‬المتطلبات‪ ،‬المعوقات‪ ،‬مطابع المتفوق للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع صنعاء‪ ،‬طبعة وولى نونبر ‪ ،1002‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 75‬بكري (كامل)‪ :‬التنمية االقتصادية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت ‪ ،2897‬ص‪.27 :‬‬
‫‪76‬‬
‫‪Lamrani (A) et El Kohen (AM): la dynamique de l'investissement au Maroc, les paradoxes‬‬
‫‪du développement, R.E.M.A.L.D, thèmes Actuels N° 45, 2003, P : 15.‬‬
‫‪36‬‬
‫انخفاض في األنشطة التقليدية ويعني ذلك تغيير البنية االقتصادية وذلك بالتحويل إلى اقتصاد‬
‫الصناعة ولهذا اعتبرت الزيادة السنوية الملموسة في إجمالي الناتج القومي ومتوسط دخل‬
‫الفرد المرتفع من المؤشرات األساسية للتنمية االقتصادية‪.77‬‬

‫ومن خالل التعاريف السابقة يمكن القول بأن التنمية االقتصادية هي مجموعة من‬
‫اإلجراءات التحديثية وال تدابير الهادفة إلى بناء آلية اقتصادية ذاتية تؤدي إلى زيادة معدالت‬
‫النمو االقتصادي وتواصله لفترة طويلة من الزمن من أجل تلبية حاجات األفراد وتحقيق أكبر‬
‫قدر ممكن من العدالة االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -2‬أهداف التنمية االقتصادية‬

‫تختلف التنمية االقتصادية من بلد إلى آخر ومن فترة زمنية إلى أخرى في البلد الواحد‬
‫نظرا الختالف الظروف االقتصادية والسياسية بين الدول المختلفة ومع ذلك فإن هناك‬
‫مجموعة من األهداف ل لتنمية االقتصادية حيث تهدف إلى زيادة الدخل القومي بغرض زيادة‬
‫الدخل الفردي‪ ،‬وتوسيع فرص العمل‪ ،‬والقضاء على الفقر والبطالة والحرمان االجتماعي‬
‫والضعف الغذائي ورفع المستوى المادي لألفراد والمجتمع‪ .‬والدخل القومي يمثل القيمة‬
‫النقدية للناتج المحلي من السلع والخدمات التي ينتجها المجتمع خالل العام‪ .‬وارتفاع معدل‬
‫الدخل القومي يؤدي إلى زيادة نصيب األفراد من الدخل‪ ،‬وتمكينهم من الحصول على السلع‬
‫والخدمات التي يحتاجونها‪ ،‬وبذلك يتقلص حجم الفقر‪ ،‬والحرمان‪ ،‬والضعف الغذائي‪ ،‬واختفاء‬
‫ظاهرة البطالة‪ ،‬أما انخفاض مستوى الدخل القومي الناتج عن انخفاض الناتج المحلي من‬
‫السلع والخدمات‪ ،‬يترتب عن ذلك انخفاض مستوى الدخل الفردي‪ ،‬على أنه ال يعني أن الفقر‬
‫الفردي ينحصر على انخفاض الدخل المادي‪ ،‬بل يشمل القدرات الفردية‪.78‬‬

‫إن زيادة الدخل القومي يعتبر من بين أهم أهداف التنمية االقتصادية على اإلطالق‪،‬‬
‫وذلك من خالل إتاحة الفرص للحصول على احتياجاتهم األساسية من مأكل وملبس وحماية‬
‫وهذا راجع للدافع الحقيقي للتنمية والمتمثل في تجاوز الفقر‪ ،‬وانخفاض مستوى المعيشة‬

‫‪ 77‬وسامة (عبد الرحمان)‪ :‬البيروقراطية النفطية ومعضخات التنمية‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة عدد ‪ 26‬يونيو ‪ ،2891‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ 78‬وحمد فروان (حسن) ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪37‬‬
‫باإلضافة إلى زيادة نمو عدد السكان غير المتماشية مع النمو االقتصادي‪ ،79‬وهذا إلى جانب‬
‫الهدف الثاني الذي ال يقل أهمية عن سابقيه أال وهو رفع مستوى المعيشة‪ ،‬حيث أنها تعتبر‬
‫كذلك من بين األهداف التي تسعى لها التنمية االقتصادية لتحقيقها في الدول المتخلفة اقتصاديا‬
‫وذلك ألنه من المتعذر تحقيق الضروريات المادية للحياة‪ ،‬فالتنمية االقتصادية ليست مجرد‬
‫وسيلة لزيادة الدخل القومي فحسب‪ ،‬وإنما هي أيضا وسيلة لرفع مستوى المعيشة ومن هذا‬
‫نجد هدف رفع المعيشة إنما هو من أهم األهداف الذي يجب أن تعمل التنمية االقتصادية على‬
‫تحقيقه في كافة البلدان المتخلفة التي تقوم بتنمية مواردها االقتصادية في الوقت الحاضر‪،80‬‬
‫كما تهدف إلى تقليل الفوارق في الدخل والثروات وتعديل التركيب النسبي لالقتصاد الوطني‪:‬‬

‫وباختصار يمكن إجمال أهم أهداف التنمية االقتصادية فيما يلي‪:81‬‬

‫‪ ‬زيادة الدخل القومي‪.‬‬

‫‪ ‬زيادة الناتج المحلي‪.‬‬

‫‪ ‬حشد الموارد االقتصادية‪.‬‬

‫‪ ‬التراكم الرأسمالي‪.‬‬

‫‪ ‬زيادة الدخل الفردي‪.‬‬

‫‪ ‬توزيع الثروة والدخل‪.‬‬

‫‪ ‬القضاء على الفقر‪.‬‬

‫‪ ‬القضاء على الجوع والحرمان االجتماعي‪.‬‬

‫‪ ‬القضاء على البطالة‪.‬‬

‫‪ ‬اإلشباع المادي والقضاء على التخلف المادي‪.‬‬

‫‪ ‬تحقيق الوفرة المادية لإلنسان‪.‬‬

‫‪ 79‬الدكتور محمد الداودي وطروحة لنيل الدكتوراه "اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية االقتصادية بالمغرب" جامعة عبد المالك‬
‫السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية موسم ‪ 2104-2102‬ص ‪.66‬‬
‫‪ 80‬بكري (كامل)‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62 :‬‬
‫‪ 81‬وحمد فروان (حسين)‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪38‬‬
‫ثانيا‪ :‬العالقة بين مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية‬
‫إن تطور المجتمعات أصبح مرهونا بتطوير اإلدارة و عقلنتها و تطويعها إلى األهداف‬
‫المرسومة في التنمية االجتماعية و االقتصادية و السياسية للمجتمع‪ ،‬أي العمل مع التنمية‬
‫االجتماعية و هي المحرك األساسي للتنمية االقتصادية‪ ،‬فالتنمية االقتصادية و التنمية‬
‫االجتماعية وجهان لعملة واحدة‪ ،‬تؤثر إحداهما في األخرى وتتأثر بها‪ ،‬إذ أنه من غير‬
‫‪82‬‬
‫الممكن التخطيط للتنمية االقتصادية وتحقيق أهداف خطة التنمية بدون جهاز إداري فعال‬
‫علما أن مفتشية الشغل هي الهيئة المسندة إليها مهام مراقبة عالقات الشغل‪ ،‬ووفق هذا‬
‫المنظور تمثل مفتشية الشغل ركنا أساسيا من أركان النظام السياسي و االقتصادي واإلنتاجي‬
‫في أي مجتمع‪ ،‬حيث أنها هي عملية اجتماعية مستمرة تعمل على استغالل الموارد المتاحة‬
‫استغالال أمثال عن طريق التخطيط والتوجيه والرقابة للوصول إلى هدف محدد‪.83‬‬

‫بعدما تطرقنا لمفهوم التنمية و التنمية االقتصادية والفرق بينهما والعالقة الوطيدة بين‬
‫مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية واستخالص أن مفتشية الشغل هي أداة لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية سنحاول التطرق في المطلب الموالي للوظيفة التصالحية كأهم آلية لحل نزاعات‬
‫الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الوظيفة التصالحية كأهم آلية لحل نزاعات الشغل في تحقيق‬
‫التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫نظرا للتطورات االقتصادية والسياسية التي عرفها العالم في العقود األخيرة‪ ،‬أصبحت‬
‫نزاعات الشغل تعد من المظاهر المميزة للمجتمعات المعاصرة خصوصا ذات التقدم الكبير‬
‫في مجال الصناعة‪ ،‬وذلك راجع باألساس إلى تباين المصالح بين األطراف االجتماعية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫حداد(عبد هللا)‪ :‬صفقات األشغال العمومية‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬وطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق ‪،‬‬
‫وكدال ‪ ،‬الرباط‪ ، 2892 ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ 83‬محمد عبد الوهاب (علي)‪ :‬محاضرات المركز العربي لإلستشارة والتدريب‪ ،‬منشورات المركز العربي لخاستثمارات والتدريب‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،1001 ،‬ص‪.1 :‬‬
‫‪39‬‬
‫فعالقة الشغل باعتبارها عالقة قانونية تحمل في طياتها مجموعة من المتناقضات تشكل‬
‫عناصر نزاع قابل لالندالع في أي وقت‪ ،84‬ما يمكن أن يترتب عنه عواقب وخيمة وخاصة‬
‫على المستوى االقتصادي‪.‬‬

‫وبالتالي فتباين مصالح العالقة الشغلية غالبا ما يؤدي إلى نشوب نزاعات تختلف حدتها‬
‫باختالف طبيعتها فردية كانت أو جماعية‪ ،‬ولتفادي تطور هذه النزاعات ‪،‬اهتمت التشريعات‬
‫بسن قواعد كفيلة لحل هذه النزاعات سلميا ‪ ،‬إذ لم يعد األمر مقتصرا على تدخل القضاء‬
‫كجهاز تقليدي بل تم إيجاد هيئات إدارية أخرى ‪ ،‬كجهاز تفتيش الشغل الذي أصبحت مهمته‬
‫تتجاوز حد المراقبة لتشمل التدخل لحل خالفات الشغل سواء أكانت فردية أو جماعية‪.85‬‬

‫الشيء الذي يساهم في إرساء السلم االجتماعي‪ ،‬واستقرار العالقات المهنية والرقي‬
‫بالمقاوالت وتدعيم االستثمار‪.‬‬

‫نظرا لتضارب مصالح طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬فإن النزاع غالبا ما يطرح بين هذين‬
‫العنصرين كنتيجة طبيعية للمواجهة اليومية التي يعرفانها‪ ،‬فكل طرف يسعى إلى تحقيق‬
‫مصالحه على حساب اآلخر غير مكترث بالنتائج التي سيخلفها ذلك‪ ،‬ومستغال جميع الوسائل‬
‫ألجل الوصول إلى أغراضه‪.86‬‬

‫وعادة ما يفضل األجراء اللجوء إلى أعوان تفتيش الشغل إليجاد حل ودي للنزاع الذي‬
‫يمكن أن ينشب بينهم وبين مشغليهم‪ ،‬وذلك حتى قبل أن يقرر المشرع تقنين عملية التصالح‬
‫لدى مفتش الشغل والتي تسبق اإلحالة على المحكمة من خالل المادة ‪ 231‬من مدونة‬
‫الشغل‪ ،87‬نظرا للنتائج اإليجابية التي تحققها سواء بالنسبة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية أو‬
‫الفردية‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى التخفيف من الضغط الذي يمكن أن تسببه كثافة القضايا االجتماعية على‬
‫المحاكم‪.‬‬
‫‪ 84‬عبد اللطيف التالفي" ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.21-22:‬‬
‫‪ 85‬زوهير المروصي" ‪ :‬دور مفتشية الشغل في إقرار السلم االجتماعي"‪ ،‬المجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬ع ‪ 7‬ماي‬
‫‪ 1022‬ص ‪.212‬‬
‫‪ 86‬صباح كوتو‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪110‬‬
‫‪ 87‬تنص المادة ‪ 211‬من م ش على ما يلي‪ ":‬تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية ‪.....:‬‬
‫‪ -1‬إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪......‬‬

‫‪40‬‬
‫فالوظيفة التصالحية التي أسندها المشرع المغربي لجهاز تفتيش الشغل بمقتضى نص‬
‫صريح كما ذكرت سابقا تهدف إلى فض مختلف النزاعات التي قد تنشأ بين الطبقات العمالية‬
‫من جهة أولى‪ ،‬وأرباب المؤسسات من جهة ثانية سواء كانت هذه النزاعات فردية أو‬
‫جماعية‪.‬‬

‫وتروم أساسا إلى التخفيف من الضغط المستمر على المحاكم من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى محاولة وضع حد نهائي للنزاع أمام مفتشية الشغل من خالل إقرار منهجية جديدة‬
‫للتعامل مع األطراف المتنازعة‪.‬‬

‫ولدراسة اإلطار القانوني لهذه الوظيفة سنتطرق لها في فقرتين‪ ،‬حيث نخصص األولى‬
‫لدراسة الجدل الفقهي حول تدخل الجهاز في تسوية نزاعات الشغل فيما تخصص الثانية‬
‫لدراسة موقف القضاء من االختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه من إسناد الوظيفة التصالحية لجهاز تفتيش الشغل‬
‫لقد أدى الدور االجتماعي واالستشاري الذي يقوم به مفتش الشغل إلى ضرورة إجرائه‬
‫لمحاولة الصلح بين طرفي النزاع في العالقة الشغلية‪ ،88‬وهو األمر الذي عملت مدونة الشغل‬
‫على تكريسه‪ ،‬عبر إقرارها لالختصاص التصالحي لمفتش الشغل‪ ،‬مما أدى إلى بروز جدل‬
‫فقهي بين مؤيد لالختصاص التصالحي (أوال) ومعارض له (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االتجاه المؤيد لالختصاص التصالحي‬


‫لقد اعتاد األجراء عند حصول أي نزاع بينهم وبين مشغليهم اللجوء مباشرة إلى مفتش‬
‫الشغل قصد عرض النزاع عليه والحسم فيه قبل عرضه على المحكمة المختصة‪ ،‬وذلك حتى‬
‫قبل تكريس المشرع المغربي للوظيفة التصالحية من خالل المادة ‪ 18‬و‪ 231‬من مدونة‬
‫الشغل‪.89‬‬

‫‪ 88‬زهور الحر " ‪ :‬دور مفتشية في استقرار عخاقات الشغل"‪ ،‬المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون المقارن عدد ‪ ، 2861- 11‬ص‬
‫‪.289‬‬
‫‪ 89‬تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 12‬من م ش على ما يلي‪ ...":‬يمكن لألجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء إلى‬
‫مسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليه في الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 211‬ودناه من وجل الرجوع إلى شغله وو الحصول على تعويض‪"..‬‬
‫‪ -‬تنص الفقرة الرابعة من المادة ‪ 211‬من م ش على ما يلي‪ " :‬تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية‪...:‬‬
‫‪ -‬إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪."...‬‬

‫‪41‬‬
‫ولقد ذهب جانب من الفقه إلى تأييد مفتش الشغل في القيام بالوظيفة التصالحية‪،‬‬
‫واعتبروا أن ال صواب هو إسناد مهمة الصلح لمفتش الشغل ‪ ،‬على اعتبار أن أعوان التفتيش‬
‫كثيرا ما يوفقون في مهمتهم هذه أكثر من توفقهم في باقي مهامهم القانونية األخرى‪ ،‬خاصة‬
‫متى كانت لهم عالقات طيبة وودية مع طرفي النزاع‪.90‬‬

‫فتموقع مفتش الشغل في قلب الصراعات االجتماعية‪ ،‬بفعل احتكاكه واتصاله المباشر‬
‫بالعمال وأصحاب العمل‪ ،‬وإلمامه بواقع المقاولة ومحيطها ‪ ،‬يجعالن منه عنصرا قادرا على‬
‫التوفيق بين مصالح طرفي النزاع أكثر من أية جهة أخرى‪ ،91‬ولعل هذا ما يفسر نجاح هذا‬
‫الجهاز في حل عدد كبير من القضايا المعروضة أمام المحاكم بشكل يومي‪ ،92‬كما نجح في‬
‫التخفيف من الضغط الذي تعرفه المحاكم من جراء كثرة الملفات المعروضة عليها ‪.‬‬

‫وبالتالي فهو يقوم بدور فعال في الحفاظ على السلم االجتماعي والتنمية االقتصادية‬
‫باعتبارهما الهدف المتوخى من وضع التشريعات االجتماعية بصفة خاصة‪ ،93‬حيث يوظف‬
‫جل إمكانياته من مؤهالت وخبرات من أجل تسوية النزاعات‪ ،‬إذ يعمل على إقناع الطرفين‬
‫بالحل السلمي من خالل تهيئتهم للتفاوض‪ ،‬خصوصا كون مسطرة الصلح أمام مفتش الشغل‬
‫تتسم بالبساطة والسرعة والمجانية‪ ،‬بخالف مسطرة القضايا االجتماعية بالمحاكم االبتدائية‪.94‬‬

‫وفي هذا اإلطار قد اعتمد الفقه الفرنسي المهمة التصالحية لعون التفتيش ضمن مهمة‬
‫اإلرشاد والنصح الذي يقدمه لألجير والمشغل ‪.‬‬

‫وبالتالي فإن التكريس القانوني للدور التصالحي في مدونة الشغل‪ ،‬ماهو إال تأكيد للدور‬
‫األساسي الذي يضطلع به مفتش الشغل وهو السهر على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية‬
‫المتعلقة بالشغل‪ ،‬حيث أنه وقبل كل شيء يعمل على استقرار العالقات الشغلية ‪ ،‬وضمان‬
‫الحماية القانونية لكل من المشغل واألجير‪ ،‬ويتحقق ذلك من خالل العمل على تقريب وجهات‬
‫"مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬ ‫‪ 90‬محمد الكشبور "نظام تفتيش الشغل في المغرب ‪ ،‬الواقع الحالي واآلفاق المستقبلية‬
‫‪ 91‬زوهير المروصي ‪" :‬دور مفتشية الشغل في إقرار السلم االجتماعي" ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫‪92‬‬
‫‪Mohamed Tadili : « la réforme de la législation social au maroc »,impremerie el maarif el jadidarabat -2004.p‬‬
‫‪418.‬‬
‫‪ 93‬دنيا مباركة "‪:‬القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬دراسة مقارنة في ظل التشريع الحالي ومدونة الشغل المرتقبة‪ ،‬مشروع ‪،" 1000‬‬
‫مطبعة دار النشر الجسور‪ ،‬طبعة غير مذكورة ‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة ‪ ،1001/1001‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 94‬عبد الرزاق لعلح " ‪ :‬حجية محاضر مفتشية الشغل بإنهاء المنازعة االجتماعية بالصلح"‪ ،‬ندوة تحت عنوان عقود العمل‬
‫والمنازعات االجتماعية من تخال اجتهادات المجلس األعلى ‪ ،‬نظمها هذا األتير بمناسبة الذكرى التمسينية لتأسيسه بمقر محكمة‬
‫االستئناف‪ ،‬بحي رياض السخام بأكادير ‪،‬يومي ‪ 2‬و ‪ 7‬يوليوز ‪ ،1006‬ص ‪.168‬‬
‫‪42‬‬
‫النظر والعمل على التوفيق بين أطراف اإلنتاج في حالة قيام نزاع بينهما والذي من شأنه أن‬
‫يؤثر سلبا على مردودية المقاولة وبالتالي اإلنتاج‪.‬‬

‫كان هذا موقف الفقه المؤيد لالختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل لننتقل بعد ذلك‬
‫للحجج التي استند عليها االتجاه الرافض لهذا االختصاص‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتجاه المعارض لالختصاص التصالحي‬


‫ذهب هذا االتجاه إلى القول أن المشرع المغربي لم يكن موفقا حين منح مفتش الشغل‬
‫مهمة القيام بفض نزاعات الشغل‪ ،‬ألن من شأن هذا االختصاص أن يتعارض مع مهام مفتش‬
‫الشغل في مجال المراقبة‪.95‬‬

‫كما أن مفتشية الشغل تهتم بالبحث عن المؤسسات المشمولة بمراقبة السلطة التفتيشية‬
‫والمتكونة من إطار مراقبي الشغل والشؤون االجتماعية ومراقبة القوانين االجتماعية في‬
‫الفالحة ‪ ،‬وفي بعض الميادين األخرى كالمناجم‪.96‬‬

‫كما أنه من شأن إسناد الوظيفة التصالحية لجهاز تفتيش الشغل التعارض مع روح‬
‫اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 97،18‬حيث ال تشير هذه األخيرة إال للوظائف القانونية والتقريرية‬
‫لمفتش الشغل دون وظيفة المصالحة‪ ،‬على اعتبار أن الوظيفة األساسية لجهاز تفتيش الشغل‬
‫تتمثل في المراقبة والتفتيش لتطبيق القانون‪ ،‬بما يتطلبه من صرامة‪ ،‬في حين أن التصالح‬
‫يتطلب أحيانا غض النظر عن تطبيق القانون وتزكية التنازالت‪.98‬‬

‫وذهب هذا االتجاه المعارض إلى القول أن حل أي نزاع أكثر وديا ‪ ،‬يتطلب نوعا من‬
‫المرونة والدبلوماسية التي أحيانا تكون على حساب ما يجب أن يتمتع به مفتش الشغل من‬

‫‪ 95‬عبد اللطيف التالفي‪ ،‬م ‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.229‬‬


‫‪ 96‬فؤاد الفارسي "‪ :‬الصلح في نزاعات الشغل ‪ ،‬بين القواعد العامة ومدونة الشغل "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون التاص‪ ،‬جامعة محمد األول ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وجدة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1006-1007‬ص‬
‫‪.29‬‬
‫‪ 97‬المادة الثالثة من االتفاقية الدولية رقم ‪ 92‬بشأن تفتيش العمل في الصناعة والتجارة‪.‬‬
‫‪ 98‬يامنة حركات ‪ :‬الصلح بيمن مفتشية الشغل والقضاء "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتتصصة في المهن القضائية‬
‫والقانونية‪ ،‬جامعة محمد التامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي‪ -‬الرباط السنة الجامعية ‪،1008/1009‬‬
‫ص ‪.12‬‬
‫‪43‬‬
‫صرامة في تطبيق القانون‪ ،‬فالتدخل الحبي لعون التفتيش يرتكز باألساس على استمالة عطف‬
‫المشغل لحل موضوع النزاع‪.99‬‬

‫باإلضافة إلى التكوين المحدود ألعوان التفتيش ال يساعدهم على القيام بالمهمة‬
‫التصالحية على أحسن وجه‪ ،‬وهو نفس الموقف الذي ذهبت إليه اللجنة الدولية المتعددة‬
‫االختصاص ما بين ‪ 83‬مارس و ‪ 82‬أبريل ‪ 8181‬في إطار البرنامج الدولي لتحسين العمل‬
‫(‪ ) PIACT‬في تقريرها الذي قدمته للحكومة المغربية‪ ،‬حيث أوصت فيه بضرورة عدم قيام‬
‫مفتش الشغ ل بدور المصالح ‪ ،‬ألن تدخله لتسوية النزاع قد يكون على حساب مهمة المراقبة‬
‫التي تهدف إلى ضمان احترام قانون الشغل‪ ،‬وقد عبرت هذه اللجنة عن موقفها من خالل‬
‫بعض األمثلة التي تعبر أحسن تعبير عن تسامح وتساهل مفتش الشغل في تطبيق قانون‬
‫الشغل للوصول إلى اتفاق ينهي النزاع‪ ،‬حيث الحظت من خالل إحدى االتفاقيات التي تم‬
‫التوصل إليها نتيجة للمصالحة تتضمن توقيف أحد العمال لمدة تزيد عن ‪ 1‬أيام‪ ،‬في حين أن‬
‫الفصل السادس من النظام النموذجي قرار ‪ 13‬أكتوبر ‪ 8111‬ينص على أن التوفيق كإجراء‬
‫تأديبي ال يمكن أن يزيد عن ‪ 1‬أيام‪.100‬‬

‫وفي نفس الوقت ذ هب البعض إلى القول أن السبب األساسي في عدم تخويل المصالحة‬
‫لمفتش الشغل أنهم ليسوا أكفاء في معرفة الحالة النفسية لمسؤولي المقاوالت ‪،‬كما تنقصهم‬
‫الخبرة في معرفة تركيبة المقاولة‪.101‬‬

‫وبالتالي يرى هذا االتجاه أن المهمة التصالحية التي يقوم بها مفتش الشغل تتعارض مع‬
‫م همته في القيام بمراقبة تطبيق النصوص القانونية الخاصة بالشغل‪ ،‬حيث أن من شأن القيام‬
‫بالمهمة التصالحية أن يؤثر سلبا على القيام بمهمة المراقبة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى هذين االتجاهين هناك اتجاه وسط قبل بقيام مفتش الشغل بالمهمة‬
‫التصالحية‪ ،‬لكن شريطة أن تضم هيأة تفتيش الشغل أطرا وأعوان متخصصين بالعمل‬

‫‪ 99‬عبد اللطيف التالفي ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.228‬‬


‫‪ 100‬وحمد تويس" ‪ :‬دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل "رسالة لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم ‪،‬جامعة محمد‬
‫األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وجدة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪، 1008-1009‬ص ‪.17‬‬
‫‪101‬‬
‫‪Auvergnons Philippe : « l'inspection du travail vue par les patrons » , actes « inspections‬‬
‫‪du travail »; N° 5 année 1997 ,p 20.‬‬
‫‪44‬‬
‫التصالحي‪ ،‬وهذا الموقف جسده التشريع التونسي المحدث لهيئة للمصلحين من بين أعوان‬
‫تفتيش الشغل‪ ،‬الذين يتوفرون على تجربة وخبرة كافيتين‪ ،‬حيث تسند لهم مهمة البحث مع‬
‫األطراف المعنية حول الحلول الحبية لتسوية نزاعات الشغل‪.102‬‬

‫فيما يخص هذا الجدل الفقهي يتضح أن المشرع المغربي وفق حين أسند الوظيفة‬
‫التصالحية الجهاز تفتيش الشغل بنص صريح من خالل المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل ‪ ،‬حيث‬
‫أثبت الواقع العملي توفق مفتشي الشغل في حل عدد هائل من نزاعات الشغل الفردية منها أو‬
‫الجماعية‪ ،‬إضافة إلى كون المسطرة أمام مفتش الشغل مجانية و سريعة غير معقدة مما‬
‫يخفف العناء على األجير‪ ،‬داعين في نفس الوقت المشرع المغربي إلى تبني ما ذهب إليه‬
‫المشرع التونسي حول إنشاء هيئة للمصلحين من بين أعوان التفتيش متخصصين في عملية‬
‫المصالحة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف القضاء من الوظيفة التصالحية لجهاز تفتيش‬


‫يعد الصلح في المادة االجتماعية العنصر المشترك بين مفتشية الشغل والقضاء‬
‫االجتماعي ويمكن أن يشكل مجاال خصبا لبروز نوع من التعاون بينهما‪ ،‬مما يطرح التساؤل‬
‫حول موقف القضاء من االختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل باعتباره اختصاصا‬
‫واقعيا (أوال) وما موقفه منه في ظل التكريس القانوني له (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف القضاء من الصلح كاختصاص واقعي‬


‫أمام الجدل الفقهي حول االختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل ‪ ،‬والذي حسمته‬
‫مدونة الشغل‪ ،‬يجب البحث عن موقف القضاء بخصوص الصلح المبرم أمام مفتش الشغل‬
‫قبل إقراره في مدونة الشغل باعتباره اختصاصا واقعيا وعرفيا ‪ ،‬غير مستند على أي سند‬
‫قانوني‪ ،‬يقتضي منا البحث في مدى صحة وشرعية الصلح المبرم بين المشغل واألجير عن‬
‫طريق التفاوض المباشر ودون تدخل أي وسيط‪.103‬‬

‫‪ 102‬جليلة البحري "‪:‬عمل مفتش الشغل بين العمل القانوني والواقع العملي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون التاص جامعة‬
‫محمد التامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية السويسي الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1020-1008‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 103‬حسن الحطاب" ‪ :‬عخاقة مفتشية الشغل بالقضاء وي رهان "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون التاص جامعة محمد التامس‬
‫السويسي كلية العلوم القانونية الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1009-1006‬ص ‪.21‬‬
‫‪45‬‬
‫ولقد ذهب بعض الفقه إلى القول بان إحداث المشرع المغربي لتقنية التوصيل عن‬
‫صافي كل حساب عند أي إعفاء‪ ،‬يعني أن المشرع تخلى عن الصلح المدني في إطار‬
‫المنازعات الشغلية‪.104‬‬

‫إال أن المشرع المغربي وبالرغم من نصه على ضرورة اتباع تقنية التوصيل عن‬
‫صافي كل حساب ورغم أن هذه التقنية أكثر حماية لحقوق األجير‪ ،‬إال أن المشرع لم يلغي‬
‫من خالل الفصل ‪ 812‬من ق ل ع الصيغ الصلحية األخرى‪ ،‬وعليه فإن لجوء األجراء‬
‫والمؤاجرين إلى الصلح المدني إلنهاء نزاعاتهم يبقى صحيحا وسليما من الناحية القانونية‪،‬‬
‫فهو صلح نابع من إرادة مشتركة مفروض فيها أنها حرة‪ ،105‬كما أن الصلح عقد مسمی نظمه‬
‫المشرع المغربي في قانون االلتزامات والعقود الذي لم يرد فيه أي استثناء للمادة االجتماعية‬
‫من نطاق الصلح المدني‪.106‬‬

‫وهكذا‪ ،‬ورغم كون الصلح يفترض أن يكون طرفاه على قدم المساواة وبالتالي تتحقق‬
‫فيه العدالة بين الطرفين مما ال ينطبق على طرفي العالقة الشغلية‪ ،107‬ورغم مناداة أحد الفقه‬
‫بعدم األخذ به‪ ،‬لكونه يؤدي إلى االنتقاص من حقوق األجراء التي تعتبر من النظام العام‪.108‬‬

‫إال أن العمل القضائي سار في اتجاه معاكس للفقه والنصوص التشريعية خاصة‬
‫الفصلين ‪ 821‬و ‪ 8888‬من ق ل ع‪ ،109‬وقد قرر صحة الصلح المبرم بين األجير ومشغله‬
‫بشكل مباشر وبدون وسيط ‪ ،‬ومن األولى صحة الصلح المبرم بين األجير والمشغل بمحضر‬

‫‪ 104‬محمد سعيد بناني " ‪ :‬اإلعفاءات االقتصادية ووسائل اإلبراء منها "المجلة المغربية للقانون االجتماعي ‪ ،‬العدد ‪ ،2‬السنة ‪،2889‬‬
‫ص ‪.17‬‬
‫‪ 105‬الفصل ‪ 2222‬من ق ل ع‪.‬‬
‫‪ 106‬وحمد وزدوفال " ‪ :‬واقع تفتيش الشغل في المغرب "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون األعمال‪ ،‬جامعة محمد‬
‫األول ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وجدة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪، 1000-2888‬ص‪.21‬‬
‫‪ 107‬بشرى العلوي " ‪:‬الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي"‪ ،‬دار النشرة المغربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،1006‬ص ‪.128‬‬
‫‪108‬‬
‫‪Gérard Couturier : « nullités de transactions » revue en droit social, No 1 janvier 2001, p‬‬
‫‪23.‬‬
‫‪ 109‬تنص الفقرة التاسعة من الفصل ‪ 621‬من ق ل ع على مايلي ‪ ..." :‬ال يصح التنازل مقدما من الطرفين عن الحق الذي قد يثبت‬
‫ألحدهما في طلب التعويضات وفقا لما تقضي به األحكام السابقة‪...‬‬
‫‪ -‬والفصل ‪ 2200‬من ق ل ع ينص على مايلي" ال يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشتصية وو بالنظام العام‪"..‬‬

‫‪46‬‬
‫مفتش الشغل‪ ،‬وهو ما يشكل تعاونا حقيقيا بين جهاز القضاء وجهاز تفتيش الشغل وينبئ‬
‫بوعي األول بأهمية الدور التصالحي للثاني‪.110‬‬

‫فقد جاء في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالقنيطرة ‪:‬‬

‫"‪ ...‬وحيث إن المشرع المغربي وإن كان يروم في ميدان الشغل التخلي عن الصلح‬
‫بمفهومه المدني لفائدة وصل تصفية الحساب المنظم بمقتضى الفصل ‪ 812‬من ق ل ع إال أنه‬
‫لم يلغ الصيغ األخرى‪ ..‬وحيث أن توقيع عقد الصلح من طرف المدعي في تاريخ الحق عن‬
‫الوصل يكون مما أفرغ حق مراجعة وصل تصفية كل حساب من محتواه ورضخ إلى وسيلة‬
‫إبراء مدنية أخرى"‪.111‬‬

‫وفي حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بوجدة جاء فيه مايلي‪ ..." :‬وحيث إنه بالرجوع‬
‫إلى محضر الصلح المبرم بين الطرفين‪ ،‬ثبت للمحكمة بأنه وقع اتفاق بين الطرفين على إنهاء‬
‫العقد القائم بينهما بعد توصل المدعية بحقوقها المترتبة في ذمة المدعى عليه‪...‬‬

‫وحيث إن اتفاق الطرفين على إنهاء العقد بعد توصل المدعية بالحقوق يؤدي إلى إبراء‬
‫ذمة المدعى عليه من المبالغ والتعويضات المستحقة للمعنية‪ ،‬وهو ما يتماشى مع مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 8811‬من ق ل ع‪...112‬‬

‫وقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض ما يلي‪ ..." :‬إن القرار المطعون فيه رد‬
‫ذلك الدفع بتعليل خاطئ عندما نص بأن مقتضيات الفصل ‪ 8811‬المتعلق بالصلح ال تسري‬
‫على القضايا االجتماعية التي تخضع في الصلح المبرم فيها إلى مقتضيات الفصل ‪ 812‬من‬
‫ق ل ع وإنما يتعلق بالوصل الذي يعطيه األجير لرب العمل عند فسخ أو انقضاء عقدة العمل‬
‫بتصفية الحسابات اتجاهه‪ ،‬فإن مقتضيات الصلح المنصوص عليها بداية من الفصل ‪8811‬‬
‫من ق ل ع تبقى ثابتة ‪.‬‬

‫وبرد القرار المطعون الدفع على النحو المذكور‪ ،‬يكون معلال تعليال خاطئا‪ ،‬ينزله‬
‫‪113‬‬
‫منزلة انعدام خارقا بذلك مقتضيات الفصل ‪ 8811‬من ق ل ع مما يعرضه للنقض‪...‬‬

‫‪ 110‬حسن الحطاب" ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 111‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالقنيطرة ملف رقم ‪ 86/182‬بتاريخ ‪ 2889/6/11‬منشور بمجلة اإلشعاع‪ ،‬ع ‪ 28‬يونيو‬
‫‪ 2888‬ص ‪.281‬‬
‫‪ 112‬حكم صادر عن ابتدائية وجدة ‪ ،‬ع ‪ 1217‬بتاريخ ‪ 10‬نونبر ‪ ،1001‬في الملف رقم ‪( 222/01‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 1881/88/88‬جاء في إحدى حيثياته‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫" ‪ ..‬حيث ثبت صحة ما عابته الوسيلة على القرار المطعون فيه‪ ،‬وذلك ما دفع سائر‬
‫مراحل الدعوى بأن النزاع تم حسمه بمقتضى الصلح المبرم أمام مفتش الشغل‪ ،‬والمشرع لما‬
‫خول لمفتش الشغل إجراء محاولة التوفيق بين األجير ومشغله لوضع حد للنزاع عن عقد‬
‫العمل الرابط بينهما‪ ،‬فإن التجاء األجير إلى مفتش الشغل كان من أجل تحقيق ذلك الهدف‪ ،‬و‬
‫ما دام مفتش الشغل قد أكد بمقتضى إشهاده المؤرخ في ‪ 8111/82/18‬أنه بعد البحث الذي‬
‫أجراه تبين له بان األجير كان قد تقدم بشكاية ضد مشغله‪ ،‬فقام مفتش الشغل باستدعاء‬
‫الطرفين قصد التوفيق بينهما‪ ،‬فأسفرت مقابلة الصلح بموافقة المشغل أداء تعويض جزافي‬
‫لألجير‪ ،‬وتبين من وثائق الملف أن األجير قام بالفعل بسحب المبلغ من البنك مما يدل على‬
‫أنه أبرم صلحا نهائيا لجعل حد للنزاع القائم بينه وبين مشغله في نطاق مقتضيات الفصل‬
‫‪ 8811‬من ق ل ع ‪ ،‬وأن الفصل ‪ 8882‬ينص على أنه يترتب على الصلح أن تنقضي نهائيا‬
‫الحقوق واالدعاءات التي كانت محال له‪ ،‬والقرار المطعون فيه عندما قضى من جديد على‬
‫المشغل باألداء رغم الصلح الذي أبرمه مع أجيره يكون غير مرتكز على أساس ويعرض‬
‫للنقض"‪.114‬‬

‫وهكذا يتضح لنا من خالل هذه األحكام والقرارات الصادرة في المادة االجتماعية‪ ،‬أن‬
‫الصلح المقرر في ق ل ع أمر معمول به في مجال النزاعات الشغلية دون استثناء‪ ،‬رغم‬
‫الخصوصيات التي يتميز بها قانون الشغل‪ ،‬وأن القضاء أخذ بالصلح المبرم بمعية مفتش‬
‫الشغل بالرغم من عدم التكريس القانوني لها ‪ ،‬حيث يعد ذلك مظهرا من مظاهر التعاون بين‬
‫جهاز القضاء وجهاز تفتيش الشغل ‪ ،‬حيث يتعاون األول مع الثاني عن طريق األخذ بالصلح‬

‫‪ 113‬قرار صادر عن محكمة النقض ‪ ،‬م‪ .‬ج ‪ .‬ع ‪ ،8926/89‬بتاريخ ‪ 7/01/2889‬منشور بمجلة اإلشعاع ‪ ،‬ع ‪ 28‬يونيو ‪،2888‬‬
‫ص ‪.219‬‬
‫‪ 114‬قرار صادر عن محكمة النقض في تاريخ ‪ ،1001/20/22‬رقم ‪ ،622‬في م‪.‬ج‪ .‬ع ‪ ،1002/01/07‬وورده ‪:‬‬
‫‪ -‬وحمد تويس ‪" :‬دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل" م س ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -‬مليكة بنزاهير ‪ ":‬الصلح والتحكيم االتتياري لحل نزاعات الشغل الفردية" ‪ ،‬الندوة الثالثة للقضاء االجتماعي‪ ،‬نشر دار السخام ‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬السنة ‪، 1001‬ص ‪ 220‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫المبرم تحت إشرافه‪ ،‬ويساعد األول الثاني من خالل الحسم في العديد من المنازعات الفردية‬
‫عن طريق الصلح ليساهم في التخفيف من عبء القضايا التي تثقل كاهله‪.‬‬

‫إال أن القرار الصادر سنة ‪ 1881‬وإن اعتبر أن الصلح المبرم أمام مفتش صحيحا‪ ،‬فإن‬
‫ما يعاب عليه اعتباره أن المشرع المغربي أسند له المهمة التصالحية ‪ ،‬بالرغم من أنه لم يتم‬
‫التكريس القانوني لهذه الوظيفة إال بعد صدور مدونة الشغل من خالل المادة ‪ 231‬من م ش‪،‬‬
‫حيث كان المفتش سابقا يمارس المهام التصالحية استنادا إلى العادات والعرف وليس استنادا‬
‫ألي سند قانوني‪.‬‬

‫لننتقل في (ثانيا) لمعرفة موقف القضاء من الصلح الذي يبرمه مفتش الشغل باعتباره‬
‫قانونيا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء من الصلح كاختصاص قانوني‬


‫بصدور مدونة الشغل كرس المشرع المغربي بصفة قانونية الوظيفة التصالحية لجهاز‬
‫تفتيش الشغل من خالل المواد ‪ 231‬و ‪ 18‬من المدونة في نزاعات الشغل الفردية‪،‬والمواد‬
‫‪ 223-221‬في نزاعات الشغل الجماعية وبالتالي انتقلت الوظيفة التصالحية لعون التفتيش من‬
‫الصبغة العرفية والواقعية إلى الصبغة القانونية الرسمية‪ ،‬وبالتالي إضفاء القوة على الصلح‬
‫المبرم أمام مفتش الشغل‪.‬‬

‫ليطرح التساؤل عن موقف القضاء بعد التكريس القانوني لهذه المهمة ‪ ،‬ومدی توفق‬
‫المشرع المغربي في تنظيمه للصلح وفي حالة العكس مدى توفق القاضي في البحث عن‬
‫اإلرادة الحقيقية للمشرع سواء على مستوى الصلح التمهيدي أو على مستوى الصلح في‬
‫مرحلة الفصل التعسفي‪.‬‬

‫‪ -1‬الصلح التمهيدي‬

‫بعيدا عن المنطق المدني للصلح والذي حسمت فيه المادة ‪ 83‬من مدونة الشغل فقد‬
‫بادرت المدونة إلى تعويض ذلك بمسطرة جديدة للصلح لرست من خاللها الممارسة العملية‬
‫لمفتش الشغل التي كانت أقوى من حدود التشريع‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫وهكذا نجد المشرع المغربي نص وألول مرة في المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل على‬
‫الصلح التمهيدي‪.‬‬

‫ومن الناحية العملية يتم تدخل المفتش إلجراء محاولة التصالح عن طريق تقديم طلب‬
‫أو شكاية من طرف األجير المتضرر الذي يسلم استدعاء قصد تبليغه للمشغل لحضور جلسة‬
‫الصلح‪ ،‬وهنا يجب تسجيل مالحظة مهمة وهي غياب أي مقتضى قانوني يلزم المشغل‬
‫االستجابة لالستدعاء‪ ،‬مما يفرض على مفتش الشغل تكرار عملية االستدعاء أمال في‬
‫االستجابة إليه‪.‬‬

‫وهو الوضع الذي دفع بالبعض إلى المطالبة باعتبار واقعة عدم استجابة المشغل‬
‫لالستدعاء جنحة قياسا على تجنيح عرقلة قيام مفتش الشغل بمهامه‪ ،115‬وسيرا على نهج‬
‫المشرع الموريطاني‪ ،116‬فيما اكتفي المشرع المصري بالتنصيص على وجوب استجابة‬
‫المشغل االستدعاء مفتش الشغل دون إقرار أي جزاء لعدم االستجابة‪.117‬‬

‫وفي حالة حضور كل من المشغل واألجير لجلسة الصلح ونجح مفتش الشغل في‬
‫التوفيق بينهما يقوم هذ ا األخير بتحرير محضر يوقعه بالعطف بعد توقيعه من طرف أطراف‬
‫النزاع‪ .‬ولقد اعتبر المشرع المغربي المحضر المحرر من قبل عون التفتيش ذا إبراء جزئي‪.‬‬
‫أي يعد النزاع منتهيا لكن في حدود ما هو متصالح به أمام مفتش الشغل‪ ،118‬خالفا للصلح‬
‫المدني‪ ،‬كما أنه قابل للطعن أمام القضاء‪.‬‬

‫‪ 115‬محمد إيبوزير ‪ " :‬مفتشية الشغل بالمغرب " ‪ ،‬مذكرة لنيل دبلوم السلك العلي‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة العمومية ‪ ،‬الرباط‪ ،‬فوج‬
‫‪ ، 2896 / 2868‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 116‬تنص المادة ‪ 118‬من م ش المريطانية على ما يلي ‪ " :‬المتالفات المعاقب عليها بغرامات مدنية‬
‫‪ -‬يعاقب بغرامة قدرها تمسة آالف ووقية عضو محكمة الشغل الذي ال يحضر ألداء مهمته دون عذر مقبول‪ ،‬وذلك بناء على‬
‫استدعاء تم تبليغه إليه وفي حالة العود تخال مدة سنة تصبح الغرامة المدنية عشرة آالف ووقية ‪.‬‬
‫‪ -‬ويقضي بنفس الغرامات المدنية وطبقا لنفس الشروط وبنفس المبالغ على كل شتص لم يستجب لخاستدعاء الموجه إليه لمحاولة‬
‫التوفيق بالنسبة لنزاع فردي وو جماعي‪....‬‬
‫‪ 117‬المادة ‪ 271‬من قانون العمل المصري‪.‬‬
‫‪ 118‬تنص الفقرة األتيرة من المادة ‪ 211‬من م ش على ما يلي "‪:‬يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع‪،‬‬
‫ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل‪ .‬وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود المبالغ المبينة فيه‪".‬‬
‫‪50‬‬
‫تعطي لوثيقة الصلح قوة أو مناعة افتقدتها في ظل‬ ‫ش‪119‬‬ ‫وإذا كانت المادة ‪ 18‬من م‬
‫قواعد الصلح المدني ‪ ،‬فإن القواعد المنصوص عليها الحقا في مدونة الشغل توحي بأن هذه‬
‫القوة أو الصالبة نسبية وبأن الصلح غير محصن من الطعن فيه على اإلطالق وهو ما أكدته‬
‫المادة ‪ 83‬من م ش التي جاء فيها‪ ":‬يعتبر باطال كل إبراء أو صلح‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 8811‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬يتنازل فيه األجير عن أي أداء وجب لفائدته بفعل تنفيذ العقد أو‬
‫بفعل إنهائه"‪.‬‬

‫وهكذا فتح باب الطعن في الصلح على مصراعيه بعدما حاولت المادة ‪ 18‬من م ش‬
‫إغالقه بدون جدوى‪ ،120‬بمعنى أن الصلح ال يبرئ ذمة المشغل من باقي المبالغ أو الديون‬
‫التي يمكن لألجير أن يطالب بها وهو ما أكده المشرع ولو بصيغة مغايرة في المادة ‪ 231‬في‬
‫فقرتها األخيرة والتي جاء فيها ما يلي‪ " :‬تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية‪:‬‬
‫‪...‬‬

‫إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪.‬‬

‫يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع‪ ،‬ويوقعه بالعطف العون‬
‫المكلف بتفتيش الشغل‪ .‬وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود المبالغ المبينة فيه"‪.‬‬

‫وسنحاول من خالل الفقرات اآلتية دراسة بشكل من التفصيل هذا التناقض الحاصل بين‬
‫المادتين ‪ 18‬و ‪ 231‬من م ش‪.‬‬

‫ويرى أحد الباحثين أنه على القضاء االجتماعي بدل مزيد من الجهد في تقصي روح‬
‫النص ومنح محاضر الصلح التي حررها مفتش الشغل حجية ثبوتية ال يمكن الطعن فيها أمام‬
‫المحاكم إال بالزور‪.121‬‬

‫‪ 119‬تنص المادة ‪ 12‬من م ش على ما يلي ‪: " ...‬يعتبر االتفاق الذي تم التوصل إليه في إطار الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل‬
‫للطعن ومام المحاكم‪...".‬‬
‫‪ 120‬إدريس فجر" ‪:‬مدونة الشغل حصيلة سنتين من التطبيق القضائي‪ ،‬الغرامة اليومية في قضايا حوادث الشغل "‪ ،‬مطبعة النجاح‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الجديدة‪ ،‬السنة ‪، 1006‬ص ‪.71‬‬
‫‪ 121‬حسن الحطاب ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪51‬‬
‫وإذا كانت المادة ‪ 231‬أطرت االختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل في‬
‫النزاعات الفردية‪ ،‬فإنها لم تحدد لهذا االختصاص إطارا قانونيا واضحا ودقيقا يؤطر العالقة‬
‫التي تجمع جهاز تفتيش الشغل بالقضاء‪.122‬‬

‫‪ -2‬الصلح في حالة الفصل التعسفي‬

‫لقد نظم المشرع المغربي الصلح في حالة الفصل التعسفي في المادة ‪ 18‬من م ش حيث‬
‫يلتجئ األجير الذي فصل تعسفيا من الشغل إلى عون التفتيش من أجل القيام بإجراءات‬
‫محاولة الصلح بينه وبين مشغله من أجل العودة إلى عمله أو الحصول على تعويضات‪ ،‬ولقد‬
‫حددت المادة ‪ 18‬شروطا متى توافرت أنتج الصلح المبرم بحضور مفتش الشغل آثاره‪.‬‬

‫وهكذا نصت المادة ‪ 18‬من م ش أنه في حالة الحصول على التعويض يوقع األجير‬
‫توصيل استالم مبلغ التعويض وكذلك المشغل أو من ينوب عنه ويكون مصادقا على صحة‬
‫إمضائه من طرف الجهة المختصة ويوقعه بالعطف العون المكلف بالتفتيش ومتى توفرت‬
‫هذه الشروط أنتج الصلح المبرم آثاره‪ ،‬بأن أصبح نهائيا ويضع حدا للنزاع وغير قابل للطعن‬
‫أمام القضاء‪ ،‬ولذلك ذهب بعض الفقه إلى القول بأنه يتعين تشجيع الصلح المنصوص عليه‬
‫في المادة ‪ 18‬وتمديد في حالة اإلنهاء الودي لعقد الشغل‪.123‬‬

‫ومن خالل ما ذكر يتضح أن المشرع المغربي حسنا فعل حينما نظم الصلح في حالة‬
‫الفصل التعسفي من خالل المادة ‪ 18‬من م‪.‬ش‪ ،‬حيث يشكل هذا المقتضی ضمانة أساسية‬
‫لحماية األجراء من تعسف المشغل‪ ،‬كما من شأن ذلك تخفيف الضغط على المحاكم جراء‬
‫كثرة الملفات المعروضة عليه مما يكرس تعاونا بين جهازي القضاء وتفتيش الشغل‪.‬‬

‫كما أنه بالعودة إلى المادة ‪ 81‬من م ش نجد أن المشرع المغربي عمل على إضفاء‬
‫حماية فعالة لألجير األمي من خالل السماح لعون التفتيش بالتوقيع بالعطف على توصيل‬
‫تصفية الحساب في إطار الصلح المنصوص عليه في المادة ‪ ،231‬عكس ما هو منصوص‬
‫عليه في المادة ‪ 812‬من ق ل ع الذي تستبدل توقيع األجير األمي بتوقيع شاهدين يعينهما‬
‫األجير نفسه‪.‬‬

‫‪ 122‬عبد الرزاق لعلج‪ :‬مرجع سابق ص ‪.192‬‬


‫‪ 123‬محمد سعيد بناني مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2171‬‬
‫‪52‬‬
‫كما أن المش رع المغربي حدد صراحة قيمة التوصيل الموقع بالعطف من طرف عون‬
‫التفتيش وأعطى له قوة ثبوتية في حدود المبالغ المحددة فيه ليغلق الباب أمام االجتهاد‬
‫والتأويل‪ ،‬وهو ما دفع البعض إلى القول بأنه من األفيد توسيع اختصاص مفتش الشغل‬
‫بالتوقيع بالعطف على وصل إبراء الذمة متى كان األجير أميا‪ ،‬ليشمل جميع األجراء حتى‬
‫يكون الوصل المذكور معبرا عن توصل األجير بمستحقاته القانونية من جهة ويضع حدا‬
‫اإلحالة الموضوع على القضاء من أجل الطعن في الوصل من جهة أخرى‪.124‬‬

‫وما تجدر اإلشارة إليه إلى أن المشرع المغربي لم يشر إلى كتابة اتفاق الصلح الذي‬
‫أنهى النزاع وإنما أشار فقط إلى كتابة مبلغ التعويض في التوصيل‪ ،‬كما أنه لم يشر إلى‬
‫ضرورة كتابة اتفاق الصلح الذي ينتهي بإرجاع األجير إلى عمله‪.‬‬

‫وفيما يخص األحكام والقرارات الصادرة عن محاكم المملكة بعد التكريس القانوني‬
‫لالختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل‪ ،‬فالمالحظ أن معظمها ذهب في اتجاه األخذ‬
‫بالصلح المبرم أمام مفتش الشغل‪.‬‬

‫ففي أحد األحكام الصادرة عن ابتدائية سطات ذهبت فيه إلى االعتداد بالصلح المبرم‬
‫تحت إشراف مفتش الشغل ورفض التماس بإلغاء محضر للصلح‪.‬‬

‫"‪ ...‬حيث جاء في إحدى حيثيات هذا الحكم‪ ..." :‬وحيث إنه بالرجوع إلى محضر‬
‫االتفاق المؤرخ في ‪ 1888/81/88‬والذي حصل بمقتضاه األجير على مبلغ ‪188211.11‬‬
‫درهم نجده يتضمن كافة الشروط الشكلية التي تطلبتها المادة ‪ 18‬من مدونة الشغل‪ ،‬حيث‬
‫تمت اإلشارة إلى أن هذا االتفاق يعتبر في نفس الوقت توصيل استالم مبلغ التعويض‪ ،‬وتم‬
‫التوقيع عليه من طرف األجير والمشغل والمصادقة على صحة اإلمضاء من طرف الجهة‬
‫المختصة‪ ،‬باإلضافة إلى التوقيع عليه بالعطف من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل‪.‬‬

‫‪ ....‬كما أن القضاء المغربي وفي مقدمته محكمة النقض قد استقر على أن الصلح‬
‫المبرم بين األجير والمشغل في إطار المادة ‪ 18‬من مدونة الشغل يحسم النزاع بين الطرفين‪،‬‬
‫وغير قابل حتى بالنسبة للتعويضات التي لم تكن في اتفاق الصلح ‪.‬‬

‫‪ 124‬عبد العزيز العتيقي‪ :‬مرجع سابق ص ‪.292‬‬


‫‪53‬‬
‫‪ ....‬وحيث إنه تبعا لما ذكر أعاله فإن طلب المدعي لم يبقى له ما يبرره ويتعين‬
‫رفضه"‪.125‬‬

‫وجاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط ما يلي‪ ...." :‬وحيث دفع‬
‫المدعى عليه كون المدعي تغيب عن العمل بدون مبرر فضال على انه تم االتفاق امام السيد‬
‫مقتش الشغل قصد التحاقه بالعمل ولم يحترم االتفاق واستمر في الغياب‪...‬‬

‫‪ ....‬وحيث إنه فضال عن ذلك فالثابت من محضر التصالح المدلى به بالملف أنه تم‬
‫االتفاق أمام مفتش الشغل على رجوع المدعي للعمل إال أن هذا األخير لم يدل للمحكمة بما‬
‫ثبت أنه فعال التحق بالعمل ومنع من استئنافه‪.126"...‬‬

‫وفي قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط اعتبر أن محضر عدم التصالح بمثابة‬
‫حجة إلثبات الصفة‪ ،‬حيث جاء فيه‪:‬‬

‫"‪ ....‬وحيث إنه فيما يخص بقية الدفوع المتعلقة بصفة المستأنف عليها كمستخدمة‪،‬‬
‫وشهادة الشاهدة المستمع إليها ابتدائيا‪ ،‬فإنه ثابت من خالل االطالع على وثائق الملف‪ ،‬أن‬
‫المستأنف عليها ثابتة في النزاع‪ ،‬وذلك استنادا إلى محضر تبليغ إنذار الموجه من طرف‬
‫الجهة المستأنف عليها إلى المستأنفة بتاريخ ‪ ،81/81/11‬المنجز من طرف العون القضائي‬
‫عدنان السعيد ملف عدد ‪.12-22-1‬‬

‫وحيث إنه من جهة أخرى‪ ،‬فإن محضر عدم التصالح لمفتشية الشغل يفيد أيضا ما يثبت‬
‫‪127‬‬
‫صفة المستأنف عليها‪ ،‬ومن تم فإن هذا الدفع ال أثر له أيضا‪ ،‬ويتعين رده‪....‬‬

‫‪ 125‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بسطات ‪،‬بتاريخ ‪ ،1020 / 12 / 07‬رقم ‪ ،200‬في م‪.‬ج‪ .‬ع ‪ ،21/ 20 / 218‬غير منشور‬
‫‪.‬‬
‫‪ 126‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1006/06/06‬رقم ‪ ،2260‬في م‪.‬ج‪ .‬ع ‪ ،07/ 2126 /22‬غير منشور ‪.‬‬
‫‪ 127‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2112/14/12‬رقم ‪ ،254‬م‪.‬ج‪.‬ع ‪ ،05/16/696‬غير منشور‪ ،‬ووردته يامنة‬
‫حركات‪ :‬م‪.‬س‪.‬ص ‪.44‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫واقع جهاز تفتيش الشغل‬


‫بالمغرب من التنمية االقتصادية‬

‫‪55‬‬
‫بعد التطرق في الفصل األول للتطور التاريخي لجهاز تفتيش الشغل ومفهوم التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬سنحاول خالل هذا الفصل مالمسة واقع حال جهاز تفتيش الشغل ومدى‬
‫مساهمته في تحقيق التنمية االقتصادية خصوصا أن المغرب وضع ترسانة قانونية تنظم عمل‬
‫هذا الجهاز‪ ،‬وانطالقا منها سنتدارس إمكانات هذا الجهاز في تحقيق السلم االجتماعي الذي‬
‫أصبح في صلب السياسات العمومية المغربية بل والعربية عموما بعد أحداث الربيع العربي‬
‫وما خلفه من اضطرابات اجتماعية‪.‬‬
‫وقد أصبح جهاز تفتيش الشغل عامال مهما في استتباب السلم االجتماعي باعتباره‬
‫ركيزة أساسية في جلب االستثمارات األجنبية وتحقيق‪ ،‬الرخاء االقتصادي وقد تم تعزيز هذه‬
‫المؤشرات ببعض اإلحصائيات‪.‬‬

‫وعليه فإننا سنتطرق في المبحث األول لاللتزامات عمل جهاز تفتيش الشغل‬
‫وانعكاساتها على تحقيق التنمية االقتصادية في حين سنخصص المبحث الثاني للحديث عن‬
‫الصعوبات التي تحد من مساهمة جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إكراهات عمل جهاز تفتيش الشغل وانعكاساتها على تحقيق‬
‫التنمية االقتصادية بالمغرب‪.‬‬
‫إذا كان المشرع في م‪ .‬ش قد أناط بمفتش الشغل مهمة مراقبة مدى التزام أصحاب الشغل‬
‫بتطبيق أحكام القانون من جهة أولى ‪ ،‬وإلى كفالة تطبيق هذه األحكام من جهة ثانية‪ ،‬فإنه‬
‫وبمقابل ذلك وحتى يستطيع تحقيق هذه األهداف‪ ،‬كان لزاما عليه أن يمنحه مجموعة من‬
‫الصالحيات و السلطات والتي تخوله حق اتخاذ القرارات المالئمة‪ ،‬وتمكنه من أداء‬
‫االختصاصات و المهام الموكولة إليه‪ ،‬بما يساهم في تحسين الوضعية االقتصادية للطبقة‬
‫العاملة‪ ،‬ويمكن إجمال أهم هذه السلطات الممنوحة لمفتشي الشغل في األتي‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سلطات المراقبة والمتابعة في تحقيق التنمية االقتصادية‬
‫ال ينكر أحد أن لسلطات جهاز تفتيش تأثير على التنمية االقتصادية لذلك سيتم التطرق‬
‫إلى سلطة المراقبة وأثرها على التنمية في فقرة أولى ثم لسلطة المتابعة في فقرة ثانية‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬سلطات المراقبة‬


‫يتمتع مفتش الشغل في سبيل القيام بمهمة المراقبة بمجموعة من السلطات‪ ،‬التي يمكن‬
‫إجمالها في سلطة زيارة أماكن الشغل ( أوال )‪ ،‬وكذا سلطة التحري داخل أماكن الشغل‬
‫وسلطة اإلطالع على الوثائق المتعلقة بالشغل ( ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬سلطة زيارة أماكن الشغل‬


‫‪ -1‬أهمية الزيارة‬

‫تعد الزيارة ألماكن الشغل في األوراش‪ ،‬والمعامل والمتاجر واالستغالليات الغابوية و‬


‫الفالحية ‪ ...‬المهمة األساسية لمفتش الشغل‪ ،‬ويمكن القول أنه بدون زيارات تفتيشية لن تكون‬
‫لدور هذا الجهاز أي أهمية تذكر على المستوى االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬

‫وتكتسي مهمة القيام بالزيارات المنوطة بأعوان التفتيش أهمية بالغة‪ ،‬لكونها تعد المحور‬
‫الذي تدور حوله باقي االختصاصات التي يقوم بها هؤالء األعوان‪ ،‬ألن مصطلح "التفتيش ال‬
‫يمكن أن يتصور بدون القيام بالزيارات ألماكن الشغل على أساس أن هذين المصطلحين‬
‫متالزمين‪ ،‬ألنه بدون القيام بزيارة ال يكون هناك تفتيش‪ ،‬وبغياب التفتيش تنعدم الزيارة‪ ،‬ومن‬
‫هنا يمكن القول بأن مهمة القيام بالزيارات تجب باقي صور المراقبة التي يمكن ممارستها‬
‫بدون القيام بهذا اإلجراء‪.128‬‬

‫‪ 128‬صفاء العزوزي‪ ،‬مفتشية الشغل كهيئة إدارية متدخلة في عالقات الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الرباط‪ 1881/1881 ،‬ص‪81 :‬‬
‫‪57‬‬
‫‪ - 2‬األساس القانوني لزيارة أماكن الشغل‬
‫تجد زيارات التفتيش أساسها القانوني في المادة ‪ 233129‬من م‪.‬ش التي تخول لألعوان‬
‫المكلفين بتفتيش الشغل الدخول إلى مؤسسات و أماكن الشغل في أي وقت من األوقات بالليل‬
‫أو بالنهار‪ ،‬شريطة أن يحملوا معهم الوثائق التي تثبت صفتهم‪.‬‬

‫كما ال يتقيد مفتش الشغل بضرورة إخبار المشغل مسبقا بزيارته له‪ ،‬مادامت المادة ‪231‬‬
‫‪130‬‬
‫توجب مبدئيا إخبار المشغل أو من ينوب عنه بوجوده‪ ،‬ما لم يعتبر هذا اإلشعار‬ ‫من م‪.‬ش‬
‫يضر بفعالية المراقبة حيث تبقى السلطة التقديرية بيد مفتش الشغل الذي يقدر ما إذا كان‬
‫األمر يستدعي اإلشعار بقيامه بالزيارة أم ال‪ ،‬فحق الزيارة ال يخضع ألي شرط شكلي أو‬
‫‪131‬‬
‫جوهري‪ ،‬سوى اإلدالء بالوثائق المثبتة لمهنة مفتش الشغل عند االقتضاء‬
‫‪132‬‬
‫مهمة مفتش الشغل بمهام الشرطة القضائية سواء منها‬ ‫هذا وقد شبه بعض الفقه‬
‫اإلدارية‪ ،‬وذلك لما يعمل على الوقاية من حدوث أي خرق للمقتضيات القانونية‪ ،‬أو منها‬
‫القضائية وذلك عندما يعمل على التأكد من وجود خروقات‪ ،‬كقيامه بتفتيش المقاولة ليال‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن الحق في الزيارة ألماكن الشغل من طرف مفتش الشغل والذي‬
‫يعد استثناء لقاعدة عدم انتهاك حق الملكية ال يمارس بطريقة فوضوية‪ ،‬بل يقتضى قبال‬
‫ضرورة احترام المفتش للشروط المقررة قانونا‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باحترام حرمة المسكن‬

‫‪ 129‬تنص المادة ‪ 233‬من م‪.‬ش على ما يلي‪ ":‬يرخص لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل إذا كانوا يحملون الوثائق التي تثبت المهام‬
‫الموكولة إليهم ‪ ،‬في أن ‪:‬‬
‫أ‪ -‬يدخلوا بحرية‪ .‬ودون سابق إعالم‪ ,‬كل مؤسسة تخضع لمراقبة متفشية الشغل في أي وقت من ليل أو نهار‪.‬‬
‫ب‪ -‬يدخلوا فيما بين السادسة صباحا و العاشرة ليال جميع األماكن التي يحملهم سبب وجيه على افتراض أنها خاضعة لمراقبة متفشية‬
‫الشغل وكدا جميع األماكن التي يعمل فيها أجراء يشتغلون في منازلهم غير انه عندما ينجز شغل في محل مسكون ‪ ،‬فانه ال يمكن‬
‫لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل دخوله إال بعد إذن ساكنيه‪"......‬‬
‫‪ 130‬تنص المادة ‪ 231‬من م‪.‬ش على أنه‪ :‬يجب على األعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪ ،‬حين قيامهم بزيارة من زيارات المراقبة‪ ،‬أن‬
‫يخبروا المشغل أو من ينوب عنه بوجودهم‪ ،‬ما لم يعتبروا أن هذا اإلشعار قد يضر بفعالية المراقبة‪.‬‬
‫يجب على األعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪ ،‬حين قيامهم بزيارة من زيارات المراقبة‪ ،‬أن يحرروا تقريرا عن كل زيارة يقومون بها‬
‫تحدد السلطة الحكومية المكلفة بالشغل نموذج هذا التقرير‪.‬‬
‫‪ 131‬أسماء الشرقاوي‪ ،‬الرقابة على سلطة المشغل في القانون المغربي المعاصر‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 1881 /1883‬ص‪812 :‬‬

‫‪ 132‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬في ضوء مدونة الشغل بالمغرب‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،1881 ،‬ص‪183:‬‬
‫‪58‬‬
‫والحياة الخاصة‪ ،‬وذلك في الحالة التي يلتصق فيها مكان الشغل بمحل السكنى‪ ،‬وهو نفس‬
‫التوجه الذي سارت عليه االتفاقية الدولية رقم ‪.133811‬‬
‫‪134‬‬
‫ومن خالل هذه الزيارات فإن وزارة الشغل واإلدماج المعني أصدرت إحصائيات‬
‫لعدد المالحظات المسجلة من طرف مفتشي الشغل خالل الدورة األولى من سنة ‪.1881‬‬

‫‪Nombre‬‬
‫‪d'observations dans le‬‬
‫‪Observations‬‬ ‫‪secteur industrie‬‬
‫‪commerce et services‬‬
‫‪et agricole‬‬

‫‪SMIG‬‬ ‫‪13'475‬‬
‫‪Santé‬‬ ‫‪817‬‬
‫‪Sécurité‬‬ ‫‪5'518‬‬
‫‪Médecine de travail‬‬ ‫‪361‬‬
‫‪Travail des femmes‬‬
‫‪et des enfants‬‬
‫‪63‬‬
‫‪Accidents de travail‬‬ ‫‪8'792‬‬
‫‪Sécurité sociale‬‬ ‫‪18'577‬‬
‫‪Délégués des‬‬
‫‪salariés‬‬
‫‪769‬‬
‫‪Délégués syndicaux‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Comité d'hygiène et‬‬
‫‪de sécurité‬‬
‫‪395‬‬
‫‪Comité de‬‬
‫‪l'entreprise‬‬
‫‪341‬‬
‫‪Observations‬‬
‫‪d'ordre général‬‬
‫‪180'312‬‬

‫‪Total‬‬ ‫‪229'423‬‬

‫المصدر‪ :‬وزارة الشغل واإلدماج المهني مديرية التشغيل‪.‬‬

‫‪ 133‬نصت الفقرة الرابعة من المادة ‪ 81‬من االتفاقية رقم ‪ 811‬على أنه‪:‬‬


‫" ال يجب على المفتشين أن يدخلوا طبقا للفقرتين أوب من هذه المادة إلى المسكن الخاص للمشرف على المنشأة الزراعية ما لم يحصلوا‬
‫على موافقته أو يكونوا حائزين على تصريح خاص من السلطة"‬

‫‪ -134‬وزارة الشغل واإلدماج المهني مديرية التشغيل‪.‬‬


‫‪59‬‬
‫‪ -3‬أنواع الزيارات‬

‫يمكن تصنيف الزيارات التي يقوم بها مفتش الشغل إلى‪:‬‬

‫‪ -‬زيارة نظامية‪ visite systématique:‬وهي الزيارة العادية التي تكتسي أهمية‬


‫بالغة‪ ،‬خاصة بالنسبة للمؤسسات التي تشكل خطرا على المشتغلين بها‪ ،‬ولهذا يتم إعداد‬
‫برنامج للزيارات التفتيشية مع إعطائها صبغة مرنة لتفادي التنقالت غير الضرورية‪.‬‬

‫‪ -‬الزيارة المطلوبة ‪:visite sollicitée‬وذلك لحل خالف يتعلق بتطبيق نص قانوني أو‬
‫الوقاية من خطر ما‪ ،‬أو ممارسة الحقوق النقابية أو أي قضية أخرى كإعطاء رأي مثال لخلق‬
‫مؤسسة معنية وقد تكون بناءا على شكاية من أحد العمال‪.‬‬

‫‪ -‬الزيارة في إطار برنامج عمل ذات أسبقية‪ :‬وتنجز في حاالت خاصة تستدعي‬
‫استعجاال بسبب ظهور مخاطر من شانها اإلخالل أو الخرق للمقتضيات التشريعية الحمائية‪.‬‬

‫‪ -‬الزيارة المستعجلة ‪ : visite d ' urgence‬وهي زيارة يفرضها وقوع أحداث‬


‫تستوجب التنقل بشكل مستعجل‪.‬‬

‫هذا وال يتمكن مفتش الشغل بمجرد دخوله إلى مكان الشغل من التحقق من مدى االلتزام‬
‫بانفاد األحكام القانونية المتعلقة بحماية الشغل‪ ،‬وإنما ينبغي لمعرفة ذلك أن يقوم بإجراء‬
‫الفحوص واالختبارات الالزمة‪ ،‬وأن يطلع على السجالت والوثائق التي يلزم القانون المشغل‬
‫باالحتفاظ بها ويخضعها لمراقبة جهاز التفتيش ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحري والبحث واالختبار‪.‬‬


‫‪ -1‬سلطة إجراء المقابالت وتوجيه األسئلة و االستفسارات‪.‬‬

‫وللغرض أعاله تضمنت المعايير الدولية و العربية نصوصا منحت المفتشين السلطات‬
‫الالزمة للقيام بإجراءات البحث و التحري و االختبارات‪ ،‬الالزمة للتحقق مما تقدم ‪ ،‬هذا وقد‬
‫اقتفت القوانين الوطنية في دول العالم ومنها قوانين الدول العربية أثر هذه المعايير‪ ،‬وعليه‬
‫‪135‬‬
‫لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪ ،‬الحق في إمكانية استفسار كل من‬ ‫فقد خولت م ش‬

‫‪ 135‬تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 233‬من م‪.‬ش على أنه‪:‬‬


‫يرخص لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪ ،‬إذا كانوا يحملون الوثائق التي تثبت المهام الموكولة إليهم‪ ،‬في أن‪:‬‬
‫‪60‬‬
‫المشغل وأجراء المؤسسة على حده أو بحضور شهود حول جميع الشؤون المتعلقة بتطبيق‬
‫‪136‬‬
‫وال شك أن المصدر األول لهذه المعلومات‬ ‫األحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‬
‫هم األشخاص ذوا العالقة بإنفاذ هذه األحكام وتمكينا للمفتش من ذلك ‪ ،‬تضمنت المعايير‬
‫الدولية و العربية العديد من النصوص التي تتيح للمفتش سلطة الحصول على المعلومات التي‬
‫‪137‬‬
‫وعلى ضوء النصوص المعيارية المشار إليها‪ ،‬نجدها تجتمع‬ ‫يحتاج إليها من المعنيين‬
‫على معاني متقاربة مع وجود بعض االختالفات فيما بينها‪.‬‬

‫فمن حيث تحديد األشخاص الذين يجوز لمفتش الشغل أن يوجه أسئلة إليهم باالستفسار‬
‫منهم ‪ .‬قصرتهم االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬على صاحب الشغل أو المشتغلين في المقاولة‪ ،‬بينما‬
‫ضمت االتفاقية رقم ‪ 811‬أي شخص آخر في المقاولة وبذلك أتاحت للمفتش أن يوجه أسئلة‬
‫إلى األشخاص الموجودين في المقاولة‪ ،‬غير صاحب الشغل أو المشتغلين بها‪ ،‬سعيا إلى‬
‫توسيع الفرصة أمام مفتش الشغل في الحصول على المعلومات التي يرغب في الحصول‬
‫عليها‪ ،‬أما االتفاقية العربية فقد حددت األشخاص الذين يجوز لمفتش الشغل أن يوجه أسئلة‬
‫إليهم في ( صاحب الشغل أو من يمثله أو المشتغلين في المقاولة) وبذلك تكون قد اختلفت عن‬
‫النص الوارد في االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬بإضافة (من يمثله) أي من يمثل صاحب الشغل إلى‬
‫هؤالء‪ ،‬وهذه اإلضافة تعتبر تحصيل حاصل ألن ممثل صاحب الشغل يعتبر بمثابة ‪ -‬النائب‬
‫القانوني عنه في حالة غيابه‪.‬‬

‫كما أجمعت النصوص المعيارية الثالثة على أنه‪ ،‬لمفتش الشغل أن يوجه أسئلة إلى‬
‫األشخاص الذين يختارهم (على إنفراد أو أمام شهود) هذا من جهة‪ ،‬أما من جهة أخرى فإن‬
‫الفصالن المعياريان الدوليان الوردان في االتفاقية ‪ 18‬و ‪ 811‬قد حددا سلطة مفتش الشغل‬
‫في توجيه األسئلة بخصوص‪( :‬أي مسألة تتعلق بتطبيق األحكام القانونية)‪ ، 138‬أما االتفاقية‬

‫‪ -‬يستفسروا المشغل أو أجراء المؤسسة‪ ،‬على حدة أو بحضور شهود‪ ،‬حول جميع الشؤون المتعلقة بتطبيق األحكام القانونية والتنظيمية‬
‫المتعلقة بالشغل‪.‬‬
‫‪ 136‬موسی عبود‪ ،‬دروس في القانون االجتماعي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،8111‬ص ‪31‬‬
‫‪ 137‬نصت المادة (‪/81‬ج‪ )8/‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬على أن لمفتش العمل‪( :‬توجيه األسئلة لصاحب العمل أو العاملين‬
‫في المنشاة أو أمام شهود عن أي مسألة تتعلق بتطبيق األحكام القانونية‬

‫‪ 138‬كررت المادة (‪/81‬ج‪ )8/‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬النص الوارد في االتفاقية رقم ‪ 18‬مع إضافة عبارة ( أو أي شخص آخر‬
‫فيها) لتوسيع دائرة األشخاص الذين يمكن أن يتوجه المفتش إليهم بأسئلة‪.‬‬
‫‪ .‬وتضمنت االتفاقية العربية رقم ‪ 81‬نصين يتعلقان بهذه المسألة ‪:‬‬
‫‪61‬‬
‫العربية فقد نصت في مادتها ‪ 11‬على أن تنصب االستفسارات على أية معلومات ضرورية‬
‫تتعلق بتطبيق تشريعات الشغل‪ ،‬وهي بذلك تكون قد ضيقت مفهوم األحكام القانونية‪ ،‬وأخيرا‬
‫تميزت المادة ‪ 11‬من االتفاقية العربية عن المعايير الدولية في أنها أجازت للمفتش (استدعاء‬
‫صاحب الشغل أو من يمثله أو أي أجير في المؤسسة ‪ ،‬إلى مكتبه لكي يوجه له ما يرى‬
‫ضرورته من استفسارات‪.‬‬

‫ونجد أن مجموعة من التشريعات المقارنة العربية قد سايرت المعايير الدولية والعربية‬


‫بشأن تمكين المفتش من توجيه األسئلة إلى صاحب الشغل أو ممثله أو إلى المشتغلين في‬
‫المقاولة‪ ،‬على انفراد أو بحضور شهود‪.139‬‬

‫ومن القوانين العربية التي أغفلت معالجة هذه المسألة نجد كالّ من القانون األردني‬
‫والعراقي والعماني و الكويتي والليبي والمصري واليمني‪.‬‬

‫فما موقف المشرع المغربي من هذه النقطة؟‬

‫بالرجوع إلى نص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 233‬من م‪.‬ش‪ ،‬فانه من حق األعوان المكلفين‬
‫بتفتيش الشغل‪ ،‬أ ن يستفسروا المشغل أو أجراء المؤسسة على حدة أو بحضور شهود حول‬
‫جميع الشؤون المتعلقة بتطبيق األحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪ ،‬وعليه فإذا كانت‬
‫هذه الفقرة األخيرة تتضمن كل ما يتعلق بتطبيق األحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪،‬‬
‫فانه ينبغي التم ييز من جهة بين ما هو مرتبط بما تقوم به المقاولة من أشغال‪ ،‬وما تتوفر عليه‬
‫من وثائق حيث يستلزم وجود مفتش الشغل‪ ،‬حيث نسجل إمكانية استدعاء األطراف المعنية‬

‫‪-‬نصت المادة ‪ 11‬على أنه‪ :‬لمفتش الشغل أثناء تأدية مهمته‪ ،‬االستفسار من صاحب العمل أو من يمثله أو العاملين في المنشأة ‪ -‬على‬
‫إنفراد‪ ،‬أو أمام شهود عن أي معلومات ضرورية تتعلق بتطبيق تشريعات العمل ‪.‬‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ :11‬يجوز لمفتش الشغل استدعاء صاحب العمل أو من يمثله‪ ،‬أو أي عامل في المؤسسة‪...‬‬
‫‪-‬المقصود باألحكام القانونية‪ ،‬هنا هو ما حددته كل من المادة ‪ 18‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬من أنها تشمل باإلضافة إلى القوانين و‬
‫اللوائح قرارات التحكيم واالتفاقيات الجماعية التي تعطى لها قوة القانون‪.‬‬
‫‪ - 139‬قانون العمل اإلماراتي (م‪/888 / 1 /‬أ) أو القانون االتحادي رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 8118‬والذي تم تعديله بالقانون االتحادي رقم ‪ 11‬لعام‬
‫‪.8118‬‬
‫و القانون االتحادي رقم ‪ 82‬لعام ‪ 8112‬و القانون االتحادي رقم ‪ 81‬لعام ‪ 8111‬الذي يشمل ‪ 813‬مادة تغطي قضايا العمل كحقوق‬
‫الموظفين و عقود العمل و تسوية النزاعات العمالية و قواعد التأديب و تفتيش العمل و غيرها‪.‬‬
‫‪ -‬قانون العمل التونسي (الفصل ‪/1/ 881‬أ) والذي نقح بالقانون عدد ‪ 11‬لسنة ‪ 8111‬المؤرخ في ‪ 18‬فيفري ‪ 8111‬من مجلة الشغل‬
‫التونسية‬
‫قانون العمل الجزائري (م ‪2 -1‬أ من القانون رقم ‪ ) 18-3‬المؤرخ في ‪ 1‬فيفري ‪ 8118‬المتعلق بمفتشية الشغل و المعدل و المتمم باألمر‬
‫رقم ‪ 18-88‬المتعلق باختصاصات مفتشية الشغل ‪ .‬قانون العمل الفلسطيني رقم ‪ 8‬لسنة ‪( 1888‬م ‪)888 /1‬‬

‫‪62‬‬
‫واالستماع إليها‪140‬و اإلطالع على وثائقها‪ ،‬السيما إذا تعلق األمر أساسا بإيجاد أرضية‬
‫‪.141‬‬
‫للتصالح‬

‫‪ -2‬سلطة االطالع على السجالت وأخذ مستخرجات وصور منها‪.‬‬

‫ال يتمكن مفتش الشغل من التحقق من مدى سالمة تطبيق األحكام القانونية المناط به‬
‫تأمين نفاذها‪ ،‬إال باإلطالع المباشر على مجموعة من السجالت والدفاتر والوثائق التي تبين‬
‫الطريقة التي تطبق بها هذه األحكام وتتضمن البيانات المتعلقة بها وعادة ما تلزم قوانين‬
‫الشغل المشغلين بإمساك سجالت ودفاتر وتنظيم وثائق و االحتفاظ بها‪ ،‬ووضعها تحت رقابة‬
‫مفتش الشغل ليقوموا بالتدقيق فيها في كل ما يتعلق بمراعاة األحكام الخاصة بتنظيم تشغيل‬
‫األحداث والنساء و أجور األجراء و ساعات الشغل واإلجازات المدفوعة و غيرها‪.142‬‬

‫ونالحظ أن المعايير الدولية تقصر سلطة مفتش الشغل على االطالع على أي دفاتر أو‬
‫سجالت أو وثائق تقضي القوانين أو اللوائح الوطنية المتعلقة بشروط الشغل إمساكها)‪ ،‬في‬
‫حين أن النص المعياري العربي أورد عبارة (أن يطلع على السجالت أو الدفاتر أو أية وثائق‬
‫أخرى) دون وصفها بأي وصف أو تقييدها بأي قيد‪.‬‬

‫وحتى بخصوص هذه النقطة نجد أغلب قوانين الدول العربية مجمعة على إعطاء مفتش‬
‫الشغل سلطة اإلطالع على السجالت‪ ،‬و الدفاتر والوثائق و أخد صور و مستخرجات‬
‫‪143‬‬
‫عنها‬

‫فما هو موقف المشرع المغربي من هذه النقطة؟‬

‫بالرجوع دائما إلى مقتضيات الفقرات (ب‪ .‬ج) من الفقرة الثالثة من المادة ‪ 233‬من‬
‫م‪.‬ش فإن لمفتشي الشغل بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ 140‬وبالتالي نالحظ أن المشرع المغربي هو من بين التشريعات التي سايرت المعايير الدولية و العربية في هذا المجال‬
‫‪ 141‬أسماء الشرقاوي ‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪818 :‬‬
‫‪ 142‬في ذلك نصت المادة (‪/81‬ج‪ )1/‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬أن لمفتش الشغل (طلب االطالع بالطريقة التي تقررها القوانين أو‬
‫اللوائح الوطنية على أية دفاتر أو سجالت أو وثائق أخرى‪.‬‬
‫‪ 143‬المادة ( ‪/888 / 1‬ب) من قانون العمل اإلماراتي أو االتحادي رقم ‪ 1‬لسنة ‪ - 8118‬الفصل ( ‪/881 / 1‬ب) من مجلة الشغل‬
‫التونسية نقع بالقانون عدد ‪ 11‬لسنة ‪ 8111‬المؤرخ في ‪ 18‬فيفري ‪ . 8111‬المادة ( ‪ )888 / 3‬من قانون العمل الفلسطيني رقم ‪ 8‬لسنة‬
‫‪( 1888‬م ‪)1/888‬‬

‫‪63‬‬
‫ب) أن يطلبوا االطالع على جميع الدفاتر ‪ ،‬والسجالت‪ ،‬والوثائق‪ ،‬التي اوجب التشريع‬
‫المتعلق بالشغل مسكها‪ ،‬ليتحققوا من مدى مطابقتها لألحكام القانونية ولهم أن يستنسخوها ‪،‬‬
‫أو أن يأخذوا ملخصات منها‪.‬‬

‫ج) يأمروا بإلصاق اإلعالنات التي توجب األحكام القانونية عرضها على األنظار‪ ،‬و‬
‫بوضع ملصقات تدل على اسم و عنوان العون المكلف بتفتيش الشغل لدى المؤسسة‪.‬‬

‫كما هو الحال بالنسبة ألعوان مفتشي الشغل التي تقع المؤسسة في دائرة اختصاصه‪.144‬‬

‫أما عن السجالت الواجب مسكها فهي عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -‬دفتر األداء‬

‫‪ -‬سجل الراحة األسبوعية‬

‫‪ -‬سجل العطلة السنوية المؤدى عنها‬

‫‪ -‬السجل المخصص للتنبيهات‬

‫‪ -‬سجل المتعلق بالتدابير الخاصة بالوقاية في المؤسسات التي يكون فيها األجراء‬
‫‪145‬‬
‫متعرضين لإلصابة ببعض األمراض المهنية‬

‫وفي هذا الصدد يمكن طرح التساؤل التالي‪:‬‬

‫هل سلطة العون المكلف بتفتيش الشغل في المراقبة هي سلطة مطلقة ‪ ،‬بحيث يمكنه‬
‫االطالع على جميع الوثائق التي يرغب االطالع عليها‪ ،‬أم أن سلطته في ذلك محدودة؟‬

‫حري بالبيان أن سلطة العون المكلف بتفتيش الشغل في االطالع على مختلف وثائق‬
‫الم ؤسسة محل الرقابة ليست مطلقة ‪ ،‬بل إنها محددة بما هو مسطر قانونا‪ ،‬ذلك أن عون‬
‫التفتيش ال يمكن له أن يطلع إال على الوثائق ذات الصلة بتطبيق قانون الشغل‪ ،‬وما عدا ذلك‬
‫فيثبت للمشغل الحق في رفض االستجابة لطلب االطالع‪ ،‬دون إمكانية تكييف عمله على انه‬
‫عرقلة لعمل أعوان التفتيش‪ ،‬ومثاله أن يطلب مفتش الشغل االطالع على سجالت المحاسبة‬

‫‪ 144‬عبد العالي بناني سميرس‪ ،‬مفتشية الشغل ودورها في عالقات الشغل‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد ‪ 11‬دجنبر ‪.8118‬‬
‫‪ 145‬بدر الصيلي‪ ،‬مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة ‪ ,‬تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪ ،‬عين الشق‪ -‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬البيضاء‪ 1881 /1888 ،‬ص ‪.811‬‬
‫‪64‬‬
‫الخاصة بالمقاولة‪ ،‬فهذه السجالت ال تدخل ضمن الوثائق و المستندات التي أوجب التشريع‬
‫‪146‬‬
‫المتعلق بالشغل مسكها داخل المقاولة‬

‫‪ -3‬سلطة أخد أو اقتطاع عينات‪.‬‬

‫يقتضي قيام المفتشين بالتحقق من توفر شروط الصحة والسالمة التي تلزم القوانين‬
‫النافدة المشغلين بتوفيرها لضمان حماية األجراء أثناء الشغل من المخاطر المهنية التي يمكن‬
‫أن تلحق بهم‪ ،‬أن يجروا فحصا دقيقا لبيئة الشغل بما في ذلك المباني واألجهزة والمعدات‬
‫والمواد المستعملة والمنتجات الرئيسية والثانوية‪ ،‬بما فيها من أبخرة أو غازات ‪ ...‬الخ‪،‬‬
‫‪147‬‬
‫باإلضافة إلى التهوية واإلنارة والضجيج‪ ،‬وأدوات وأجهزة الوقاية الشخصية لألجراء‬

‫ويحتاج المفتشون للقيام بذلك أن يستعينوا بأجهزة فحص إلجراء الفحوصات المطلوبة‬
‫في مكان الشغل‪ ،‬إال أن حاالت خاصة قد تقضي إجراء هذه الفحوصات خارج أماكن الشغل‪،‬‬
‫حيث يمكن أن تتوفر أجهزة واختصاصيون مؤهلون للقيام بها‪.‬‬

‫وللغرض أعاله‪ ،‬نصت المعايير الدولية والعربية‪ ،‬على تمكين المفتشين من أخذ عينات‬
‫من المواد والمنتجات المستعملة في مكان الشغل بغية تحليليها لمعرفة مدى تأثيريها على‬
‫صحة وسالمة األجراء‪.‬‬

‫كما نشير أنه على العو ن المكلف بتفتيش الشغل أن يخطر المشغل بأخذ عينات في حالة‬
‫أخذها ‪ ،‬وأن يخطره بنتيجة التحليل ومن تم متابعة اإلجراءات الضرورية للتعامل مع هذه‬
‫النتيجة‪ ،‬وإزالة المخاطر التي تهدد صحة وسالمة األجراء وبخصوص هذه النقطة نجد أغلب‬
‫قوانين الشغل العربية مجمعة على إعطاء المفتشين صالحية اخذ العينات لعرض تحاليلها‪،‬‬
‫‪148‬‬
‫شريطة إبالغ المشغل أو ممثله بذلك‬

‫‪ 146‬محمد إيبوزير‪ ،‬مفتشية الشغل بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية لإلدارة العمومية بالرباط السنة الجامعية‬
‫‪8118/8181‬‬
‫‪ 147‬نصت المادة (‪/81‬ج‪ )1/‬من االتفاقية رقم ‪ 18‬وكذلك المادة (‪/81‬ج‪ )3/‬من االتفاقية رقم ‪ 811‬أنه للمفتشين (أخد عينات من المواد‬
‫والمنتجات المستعملة أو التي يجري تداولها‪ ،‬ألغراض تحليلها بشرط إخطار صاحب العمل أو ممثله بالعينات أو المواد التي أخذت أو‬
‫اقتطعت لهذه األغراض‪.‬‬

‫‪ 148‬المادة ‪/1 / 888‬ج من قانون العمل االماراتي االتحادي رقم ‪ 1‬لسنة ‪– 8118‬‬
‫الفصل ‪ /1/ 881‬د من مجلة الشغل التونسية نقح بالقانون عدد ‪ 11‬لسنة ‪ 8111‬المؤرخ في ‪ 18‬فيفري ‪8111‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 1‬اب من القانون رقم ‪ 18 - 3‬الجزائري‪ 888‬المؤرخ في ‪ 1‬فيفري ‪8118‬‬
‫‪ 1 -‬من قانون العمل الفلسطيني رقم ‪ 8‬لسنة ‪( 1888‬م ‪)1/888‬‬
‫‪65‬‬
‫فماذا عن موقف المشرع المغربي؟‬

‫نجد أن المشرع المغربي منح للعون المكلف بتفتيش الشغل صالحية أخذ عينات من‬
‫المواد األولية أو من المواد التي يستعملها األجراء أو يعالجوا منها باأليدي إلجراء تحليالت‬
‫‪149‬‬
‫عليها حسب مقتضيات الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 233‬من م‪.‬ش‬

‫بقي أن نشير إلى إن المشرع المغربي لما ألزم‪ ،‬العون المكلف بتفتيش الشغل بضرورة‬
‫تحرير تقارير حول زيارة التفتيش المنجزة داخل المؤسسات‪ ،‬كان ذلك لغاية الوقوف على‬
‫األفعال المخالفة لمقتضيات م‪.‬ش ومراسيمها التطبيقية‪ ،‬و مدی توفير شروط حفظ الصحة و‬
‫السالمة في الشغل‪ ،‬وكذا معرفة وضعية المؤسسة وإعطاء فكرة عن النشاط السنوي لمفتش‬
‫الشغل‪.‬‬

‫وعليه سنتطرق في الفقرة الثانية إلى الحديث عن سلطات المتابعة التي يتمتع بها مفتش‬
‫الشغل في مواجهة المشغل‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أثر سلطات المتابعة على التنمية االقتصادية‬


‫يتمتع مفتشوا الشغل بمجموعة من السلطات في إطار إنجازهم لواجبهم المهني‪ ،‬ولعل‬
‫أبرز تلك السلطات هو ما يتعلق بسلطة المتابعة‪ ،‬وتتجلى أبرز سلطات المتابعة المخولة‬
‫لمفتش الشغل ‪،‬في وجوب التقيد بالمقتضيات القانونية عند تفعيل سلطة المتابعة (أوال)‪ .‬و حق‬
‫اتخاذ اإلجراءات القانونية في مواجهة المشغل (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬وجوب التقيد بالمقتضيات القانونية عند تفعيل سلطة المتابعة‪.‬‬


‫إذا كان مفتش الشغل يقوم باالستقصاء عن المخالفات التي تقع مخالفة لألحكام القانونية‬
‫المناط بهم تأمين إنفاذها‪ ،‬فان المعايير الدولية والعربية والقوانين الوطنية حرصت على أن‬

‫‪ 149‬تنص مقتضيات المادة ‪ 233‬من م‪.‬ش في فقرتها الثالثة على أنه‪:‬‬


‫يرخص لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪ ،‬إذا كانوا يحملون الوثائق التي تثبت المهام الموكولة إليهم‪ ،‬في أن‪:‬‬
‫‪ -‬يباشروا كل أنواع المراقبة‪ ،‬والبحث‪ ،‬والتحري‪ ،‬التي يرونها ضرورية للتأكد من أن األحكام القانونية والتنظيمية مطبقة فعال‪ ،‬إما‬
‫فرادى‪ ،‬أو باالستعانة بخبراء في المجاالت العلمية والتقنية كالطب والهندسة والكيمياء‪ .‬ويمكن لهم بصفة خاصة أن‪:‬‬
‫‪ -‬يأخذوا معهم وفق الشروط المنصوص عليها في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل‪ ،‬عينات من المواد األولية‪ ،‬ومن المواد التي‬
‫يستعملها األجراء‪ ،‬أو يعالجونها باأليدي‪ ،‬قصد إجراء تحليالت عليها‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫تمكن المفتشين من سلطات اتخاذ القرار المناسب بشأن اإلجراءات االّزمة إلزالة المخالفة ‪،‬‬
‫و هي التي أجملتها المادة ‪ 32‬من االتفاقية العربية رقم ‪ 81‬فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إسداء النصح واإلرشاد بشأن كيفية تالفي المخالفة‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه تنبيه شفهي لتالفي المخالفة‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه إنذار كتابي لتدارك المخالفة خالل مدة معينة‪.‬‬

‫‪ -‬تحرير محضر بكل مخالفة تهدد سالمة األجراء أو صحتهم‪.‬‬

‫وهذه الخيارات التي بلورتها االتفاقية العربية على نحو متقدم‪ ،‬تلتقي مع ما ذهبت إليه‬
‫المعايير الدولية في االتفاقيتين ‪ 18‬و ‪ 811‬والتي يمكن إجمالها في ثالثة نقط‪.‬‬

‫‪ -‬إزالة المخالفة دون اللجوء إلى إجراءات زجرية‬

‫‪ -‬اتخاذ اإلجراءات الفورية إلزالة خطر وشيك يهدد صحة أو سالمة األجراء ‪.‬‬

‫‪ -‬إحالة المخالف على الجهة التي تملك سلطة فرض العقوبة عليه‪ ،‬وفقا للنصوص‬
‫القانونية‪.‬‬

‫ومن خالل اإلطالع على المواد ‪ 231‬إلى ‪ 212‬من م‪.‬ش‪ ،‬يتضح لنا أن المشرع‬
‫المغربي‪ ،‬وان أناط بمفتش الشغل مهمة إتخاذ اإلجراءات القانونية في مواجهة المشغل‬
‫المخالف‪ ،‬فإنه قيد ذلك ببعض اإلجراءات ۔ خصوصا و أن مفتش الشغل و أثناء زيارته‬
‫التفتيشية قد يجد نواحي قصور في الموقع ‪ ،‬أو في ترتيب مكان الشغل أو أسلوبه ‪ ،‬ويكون‬
‫لدي ه من األسباب المعقولة ما يجعله يعتقد أنه يهدد صحة األجراء أو سالمتهم والتي تتمثل‬
‫على الخصوص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬المالحظة والتنبيه أو اإلنذار‪ :‬أن مثل هذه المالحظة التي يمكن أن يالحظها مفتش‬
‫‪150‬‬
‫بحد‬ ‫الشغل ‪ ،‬هي واحدة من أهم ما يسعى إليه التفتيش من غايات ‪ ،‬غير أن المالحظة‬
‫ذاتها تبقى عقيمة ‪ ،‬ما لم تقترن بتخويل المفتش سلطة معالجتها ‪،‬لهذا قضت المادة ‪ 88‬من‬

‫‪ 150‬المالحظة هي عملية تتم من خالل عمليات التفتيش‪ ،‬يسجل فيها مفتش الشغل ما يعاينه تغطية لجوانب عديدة من تشريعات الشغل‬
‫خاصة فيما يتعلق بحفظ السجالت ودفع األجور والحد األدنى لألجور والصحة والسالمة في العمل‪ ".‬ورد في الحصيلة االجتماعية‬
‫لوزارة التشغيل والشؤون االجتماعية ل ‪ 1882‬ص‪.13‬‬
‫‪67‬‬
‫االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية بشأن تفتيش الشغل في الصناعة‬
‫والتجارة‪،‬بأحقية مفتش الشغل في توجيه التنبيهات أو إسداء النصح‪.‬‬

‫وإن كان المشرع المغربي قد اكتفي في الفقرة الثانية من المادة ‪ 231‬من م‪.‬ش باإلشارة‬
‫إلى مهمة إعطاء المعلومات والنصائح دون توجيه تنبيهات‪ ،‬األمر الذي يجعلنا نتساءل هل‬
‫التنبيه يبقى مقتصرا على حاالت معينة حددها القانون بصريح العبارة‪ ،‬كما هو الشأن في‬
‫المادة ‪ 218‬و‪ 211‬من م‪.‬ش‪ ،‬أم أنه أمر ممكن في كل الحاالت وأن الحالة المحددة في‬
‫‪151‬‬
‫المادتين تقتضي فقط احترام مسطرة معينة؟‬
‫ّ‬
‫إن المشرع المغربي بالرغم من عدم ذكر عبارة النصائح الواردة في الفقرة الثانية من‬
‫‪152‬‬
‫على ضرورة فتح المشغل لسجل‬ ‫المادة ‪ 231‬من م‪.‬ش فقد أكد في المادة ‪ 231‬من م ش‬
‫يخصصه للعون المكلف بتفتيش ا لشغل ‪ ،‬كي يدون فيه التنبيهات والمالحظات التي يوجهها‬
‫إلى المشغل تطبيقا للمادة ‪ 211‬من م‪.‬ش وأن يسجل كذلك ما لديه من مالحظات ترمي إلى‬
‫ضمان تطبيق األحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪.‬‬

‫والحقيقة أن ما يعانيه مفتش الشغل في هذا الشأن يتباين في درجة خطورته لذا فالبد من‬
‫االختالف في الصالحية الممنوحة للمفتش في التعامل مع كل حالة ‪ ،‬إذ يخضع األمر للسلطة‬
‫التقديرية لمفتش الشغل بين توجيه مالحظات بصفة شفوية أو ما يعبر عنه بلفت النظر‬
‫لمظاهر اإلخالل والتقصير‪ ،‬أو تسجيل مالحظات كتابية في السجل ‪ ،‬علما بأن الواقع العملي‬
‫أب ان بأن مفتش الشغل قد يستعمل وسيلة التنبيه الشفوي في كثير من األحيان ‪ ،‬وذلك باإلشارة‬
‫إلى المقتضيات القانونية التي تم خرقها ‪ ،‬والمؤدية إلى إمكانية إنزال العقوبات عند عدم‬
‫احترامها ‪ ،‬وذلك لمساهمة مفتش الشغل في تلطيف القاعدة الزجرية والتوفيق بين األطراف‬
‫المتعارضة لخلق السلم االجتماعي بمساعدته على التعايش وتحقيق التنمية االقتصادية‪،‬‬
‫وليجعل عمله يتسم بطابع وقائي أكثر منه ردعي ‪.‬‬

‫‪ 151‬أسماء الشرقاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪818-811‬‬


‫‪ 152‬تنص المادة ‪ 231‬من م‪.‬ش في فقرتها الثانية على أنه‪ " :‬يجب مسك سجل لنفس الغاية في كل مؤسسة‪ ،‬وفي كل ملحقة تابعة لها‪،‬‬
‫وفي كل فرع‪ ،‬وفي كل ورش"‬
‫‪68‬‬
‫إال أن المشرع المغربي حدد مسطرة خاصة بالتنبيهات أو اإلنذارات ‪ 153‬الموجهة إلى‬
‫المشغل بشأن اإلخالل باألحكام القانونية أو التنظيمية المتعلقة بالسالمة وحفظ الصحة ‪،‬حيث‬
‫يفرق في هذا الصدد بين اإلخالل بهذه القواعد الذي ال يعرض صحة وسالمة األجراء لخطر‬
‫حال‪ ،‬وبين اإلخالل الذي يعرضهم لخطر حال‪.‬‬

‫ففي حالة اإلخالل الذي ال يعرض صحة األجراء أو سالمتهم لخطر حال‪:‬‬

‫نجد أن المشرع المغربي ينص على أنه يقوم األعوان المكلفون بتفتيش الشغل‪ ،‬بمعاينة‬
‫المخالفات المتعلقة باألحكام التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالشغل ‪ ،‬والقيام بتثبيتها في‬
‫محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس‪ ،‬فانه وعلى العكس من ذلك إذا ما تعلق األمر‬
‫بأحكام تشريعية أو تنظيمية خاصة بالسالمة وحفظ الصحة ‪ ،‬وكان اإلخالل بها ليس من شأنه‬
‫أن يعرض األجراء لخطر حال ‪ ،‬فانه ال يمكن لهؤالء األعوان أن يحرروا محاضر ضبط‬
‫المخالفات الخاصة بها‪ ،‬إال بعد أن يوجهوا تنبيها إلى المشغل المخالف و حته على ضرورة‬
‫احترام المقتضيات القانونية ‪ ،‬مع تحديد أجل له التخاذ جميع التدابير الالزمة لدرء كل ما من‬
‫شأنه المساس بصحة وسالمة األجراء وذلك على نحو تدريجي‪ ،‬فأوامر مفتش الشغل في هذه‬
‫الحالة هي أوامر بآجال‪ ،‬وذلك ألن درجة الخطر ليست جادة وتحتمل اإلمهال لفترة من‬
‫الوقت حسب السلطة التقديرية لمفتش الشغل وتبعا لظروف المؤسسة ‪.‬‬

‫أما في حالة اإلخالل الذي يعرض صحة األجراء أو سالمتهم لخطر حال‪:‬‬

‫فيجب على مفتش الشغل أن يوجه في الحال تنبيها بدون آجال ‪،‬يضمن فيه إشعار‬
‫مكتوب يسلم إلى المشغل يدا بيد إذا كان حاضرا ‪ ،‬وفي حالة غيابه فيسلم لممثله القانوني ‪.‬‬

‫ولعل في هذه الصورة ما يبرز دور مفتش الشغل الذي ينقسم بين دوره كشرطة إدارية‬
‫تتمحور مهمتها في الحفاظ على النظام العام‪ ،‬بشكل يجعلها وظيفة وقائية تسعى إلى اتقاء ما‬

‫‪ 153‬ويمكن تعريف اإلنذار بأنه تذكير الشخص الذي قام بخرق القانون ‪ ،‬بالقانون الذي قام بخرقه لاستثناء من المبدأ القانوني ال يعذر‬
‫أحد بجهله للقانون وهذه االنذارت توجه قبل تحرير المحاضر أورده بدر الصيلي مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة تقرير لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار‬
‫البيضاء الموسم ‪ ،1888-1881‬ص‪.28‬‬

‫‪69‬‬
‫قد يعرض صحة األجراء وسالمتهم لخطر حال‪ ،‬ودوره لشرطة قضائية ‪ ،‬تتدخل بعد انتهاء‬
‫مسطرة التنبيه‪ ،‬وتتعلق قانونا بتحرير محضر ضبط في الموضوع‪.154‬‬

‫وهكذا نستنتج أن مفتش الشغل وفي حالة ضبطه لمخالفة معينة فإنه ال يحرر مباشرة‬
‫محضرا بشأنها بل يسبقه بتوجيه مالحظاته وتنبيهاته إلى المشغل‪ ،‬ألنه يسعى إلى تشجيع هذا‬
‫األخير على احترام القانون بدل متابعته‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إلى تعنته واستمراره في خرق‬
‫المقتضيات التشريعية والتنظيمية‪ ،‬ولهذا يقوم مفتش الشغل بتقديم مالحظاته في كل المجاالت‬
‫التي ال تسبق فيها مسطرة اإلنذار تحرير المحضر‪ ،‬وبالتالي تكون هذه المسطرة قديمة‬
‫‪155‬‬
‫وإذا لم يستجب المشغل لهذه المالحظات‬ ‫يتوارثها جهاز التفتيش من خالل مكونيه‬
‫والتنبيهات هنا يبادر مفتش الشغل إلى تحرير محضر في الموضوع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حق اتخاذ اإلجراءات القانونية في مواجهة المشغل‬


‫توجب مقتضيات استقصاء الجرائم عموما وجمع أدلة اإلدانة الخاصة بها‪ ،‬والقبض‬
‫على مرتكبيها وإحالتهم على المحاكم المختصة بمحاكمتهم ‪ ،‬بأن تتولى ذلك سلطة مختصة‬
‫في الدولة التي هي النيابة العامة ‪.‬‬

‫غير أن القوانين الوطنية في دول العالم ‪ ،‬و على اختالفها تضفي هذه الصفة على‬
‫موظفين عموميين آخرين‪ ،‬بغرض القيام بالوظائف المذكورة في حدود اختصاصات محددة‬
‫‪،‬حيث يقوم هؤالء بتحديد المخالفات المنسوبة لمرتكبيها ‪ ،‬وجمع األدلة الخاصة بها وتحرير‬
‫محاضر بها ‪ ،‬وإحالة المخالفين إلى السلطة القضائية عادة‪ ،‬التي تقرر فرض العقوبة عليهم‬
‫متى توافرت البينة الالّزمة لذلك‪.‬‬

‫وقد أوردت المادة ‪ 81‬من االتفاقية العربية رقم ‪ 81‬بالنص الصريح على انه يعتبر‬
‫مفتش الشغل أحد أفراد الضابطة القضائية ‪/‬العدلية‪.‬‬

‫واستنادا لهذه الصفة ‪ ،‬يكون لمفتش الشغل أن يقوم باالستقصاء عن المخالفات التي تقع‬
‫مخالفة لألحكام القانونية المناط به تأمين إنفاذها ‪ ،‬وجمع األدلة الثبوتية التي تؤكد وقوعها‬

‫أسماء الشرقاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.818 -811‬‬ ‫‪154‬‬

‫لمزيد من االطالع‪ ،‬راجع‪ ،‬صباح كوتو‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬الصفحة ‪111‬‬ ‫‪155‬‬

‫‪70‬‬
‫‪،‬وإحالة المخالفين وفقا لإلجراءات التي يحددها القانون الوطني ‪ ،‬إلى المحاكم المختصة‬
‫وتحرير محضر بالمخالفة في كل حالة فيها تهديد لسالمة األجراء أو صحتهم‪.‬‬

‫أما على مستوى التشريع المغربي واستنادا إلى المقتضيات القانونية التي تؤطر عمل‬
‫مفتش الشغل‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق باتخاذ اإلجراءات والتدابير القانونية في مواجهة المشغل‬
‫المخل بااللتزامات المفروضة عليه بمقتضى تشريعات الشغل‪ ،‬فإن أبرز تجليات هذه اآللية‬
‫تتمثل فيما نصت عليه المواد من ‪ 231‬إلى ‪ 212‬من م‪.‬ش والمتعلقة بضبط المخالفات‪،‬‬
‫إضافة إلى حرية الدخول إلى أماكن الشغل دون سابق إعالم واالطالع على جميع الدفاتر‬
‫والمستندات الواجب مسكها في تشريع الشغل‪.‬‬

‫فبحكم وظيفته وإطالعه على ظروف االشتغال داخل المقاولة وإحاطته بالجوانب التقنية‬
‫والفنية الواجب التقيد بها‪ ،‬فإن المشرع المغربي خول لمفتش الشغل السهر على تحرير‬
‫وضبط المخالفات ‪ ،‬التي يمكن أن يالحظها بمناسبة قيامه بعمله المتمثل في تنفيذ المقتضيات‬
‫التشريعية والتنظيمية والتعاقدية داخل المقاوالت بجميع أصنافها ‪ ،‬وكذا في القطاع الفالحي‬
‫والغابوي‪.‬‬

‫غير أن ما يمكن مالحظته باستقراء المواد التي خصصها المشرع لضبط المخالفات‬
‫المتعلقة بالشغل والتي أوكل مهمة القيام بها لمفتش الشغل‪ ،‬نجد أن هذا األخير يجب عليه‬
‫التقيد ببعض اإلجراءات‪ ،‬ونعتقد أن هدف المشرع من ذلك هو ضبط حدود سلطات مفتش‬
‫الشغل وجعل الغاية من اتخاذ التدابير القانونية في مواجهة المشغل هي المالحظة والتنبيه‬
‫أوال عن التمادي في خرق القانون قبل معاقبته عن ذلك‪ ،‬ألن الهدف األساسي يبقى هو‬
‫استقرار الشغل داخل المقاولة ‪ ،‬ثم اإلنذار فالمحضر الذي يبقى هو آخر وسيلة يمكن أن يلجأ‬
‫إليها مفتش الشغل‪.‬‬

‫حيث يتو لى أساسا معاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون‪ ،‬والمقتضيات التنظيمية‬
‫‪156‬‬
‫يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها ‪،‬‬ ‫الصادرة بتطبيقه‪ ،‬وتثبيتها في محاضر‬
‫ويجب أن تحرر هذه المحاضر في ثالثة نظائر يوجه واحد منها مباشرة إلى المحكمة‬
‫‪ 156‬بالرجوع إلى م‪.‬ش نجدها لم تتطرق إلى تعريف المحضر لكن بالرجوع إلى المادة ‪ 11‬من قانون المسطرة الجنائية نجدها عرفت‬
‫لنا المحضر بأنه ‪ :‬الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه و يضمنها ما عاينه و ما تلقاه من‬
‫تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع الختصاصه ‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫المختصة من قبل المدير اإلقليم ي المكلف بالشغل‪ ،‬والثاني إلى مديرية الشغل بالمصالح‬
‫المركزية‪ ،‬ويحتفظ بالنظير الثالث في الملف الخاص بالمؤسسة‪.‬‬

‫لكن م ش لم تحدد شكال معينا له‪ ،‬إال أن وزارة التشغيل و التكوين المهني و ضعت رهن‬
‫إشارة هذا الجهاز نماذج من هذه المحاضر تبعا لنوع الفعل المخالف‪.‬‬

‫و بالرجوع إلى هذه المحاضر يتبين لنا أنها تتضمن ثالث بيانات رئيسية‪:‬‬

‫‪ -‬الديباجة ‪ :‬و يشار فيها إلى هوية محرر المحضر‪ ،‬و صفته ‪ ،‬و مكان و ساعة تحريره‬
‫‪،‬ثم المسؤول عن المخالفة ‪.‬‬

‫‪ -‬نص المحضر‪ :‬و يتضمن عرض مختلف األفعال التي تم ضبطها‪ ،‬و اإلحالة على‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬خاتمة المحضر ‪ :‬و يتم فيها التذكير بالفعل المخالف و العقوبات المطبقة‪ ،‬و ينتهي‬
‫المحضر بالتذكير بالقوة الثبوتية له‪ ،‬وتاريخ الختم‪ ،‬و توقيع العون المكلف بتفتيش الشغل‪.157‬‬

‫فما موقف المشرع المغربي من تحديد شروط وشكليات معينة للمحضر؟‬

‫إذا ما نحن عدنا إلى م ش نجد أن هذه األخيرة أحجمت عن هذه النقطة ‪ ،‬و بالرغم من‬
‫ذلك فإن هذه المحاضر البد أن تستجيب لعدد من الشروط لتوافق الصيغة المتبعة في‬
‫‪158‬‬
‫كما أن هذه المحاضر تتميز بمجموعة من الخصائص‪ . :‬فالمحضر هو‬ ‫التوصيات الدولية‬
‫ورقة رسمية‪ ،‬محرر من قبل شخص له صفة رسمية‪ ،‬و يوجد في وضعية نظامية اتجاه‬
‫الدولة‪.‬‬

‫والمحضر كذلك البد أن يراعي الشكليات التي أستوجبها القانون في تحرير‬


‫المحاضر‪ 159‬هذا و أن للمحضر أهمية متعددة الوجوه فهو سيساعد القضاء على تحديد موقفه‬

‫‪ 157‬و في نظرنا فهذه البيانات تقترب إلى تلك التي يجب أن تتضمنها المحاضر المحررة من طرف ضباط الشرطة القضائية حيث‬
‫نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 11‬من قانون المسطرة الجنائية { دون اإلخالل بالبيانات المشار إليها في مواد أخرى من هذا القانون أو‬
‫في نصوص أخرى يتضمن المحضر خاصة ‪ ،‬اسم محرره و صفته و مكان عمله و توقيعه ‪ ،‬و يشار فيه إلى تاريخ و ساعة انجاز‬
‫األجراء و ساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف ساعة انجاز األجراء‬
‫‪ 158‬نادية أكاو‪ ،‬مفتشية الشغل كهيئة متدخلة في عالقة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الرباط أكدال‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1888-1881‬ص‪18:‬‬
‫‪ 159‬راجع المادة ‪ 181‬من ق ل ع التي تنص على ما يلي " الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية‬
‫التوثيق في مكان تحرير العقد‪ ،‬و ذلك في الشكل الذي يحدده القانون‪ .‬راجع كذلك‪ ،‬إدريس العبدالوي‪ ،‬وسائل اإلثبات في التشريع‬
‫‪72‬‬
‫من النازلة‪ ،‬و بالتالي تحديد النصوص القانونية الواجبة التطبيق هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فهو ي شكل وسيلة هامة لمراقبة نشاط المكلفين بتحرير المحاضر‪ ،‬كما أنها تعتبر بمثابة‬
‫وثائق يتم اعتمادها إلقامة اإلحصائيات‪.160‬‬

‫كما أن للمحضر حجية حيث يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس و ذلك وفق ما تنص‬
‫‪161‬‬
‫عليه مقتضيات المادة ‪ 231‬من م‪.‬ش )‬

‫ونالحظ أن المشرع المغربي من خالل مقت ضيات المادة المذكورة بخصوص اإلثبات‬
‫قد سوى بين المحاضر التي يحررها مفتشو الشغل‪ ،‬وتلك التي يحررها ضباط الشرطة‬
‫القضائية في الجنح و المخالفات عمال بمقتضيات المادة ‪ 118‬من ق‪.‬م‪ .‬ج‪.162‬‬

‫وكخالصة لما سبق نقول أن هذه المحاضر تعتبر قرينة على صحة ما ورد فيها من‬
‫بيانات‪ ،‬وم ا ضمن بها من وقائع مادية شهد هؤالء بمعاينتها أو بحدوثها أمامهم‪ ،‬و على من‬
‫يشكك في صحة ما ورد بالمحضر ‪ ،‬أن يثبت خالف ذلك بكافة وسائل اإلثبات‪ ،‬لشهادة‬
‫الشهود و القرائن و الخبرة‪.‬‬

‫غير أن مسألة إثبات عكس ما ضمن بهذا المحضر من جانب المشغل تعترضه‬
‫مجموعة من الصعوبات ‪ ،‬فمثال في حالة تشغيله بعض األجراء في ظروف تنعدم فيها وسائل‬
‫الوقاية و السالمة‪ ،‬فال يمكن بعد وقوفه أمام القضاء إدعاء أنه كان ينتظر وصول تلك‬
‫المعدات و األجهزة‪ ،‬حتى و لو كان يتوفر على وثائق تؤكد ذلك‪ ،‬على اعتبار أن المخالفة قد‬
‫‪163‬‬
‫تثبت وقت غياب تلك المعدات‪ ،‬الشيء الذي كان يهدد صحة األجراء و سالمتهم في حينه‬

‫المدني المغربي‪ ،‬القواعد العامة لوسائل اإلثبات‪ :‬الكتابة الشهادة القرائن اإلقرار‪ -‬اليمين ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪،‬طبعة‬
‫‪ 8118‬ص ‪18‬‬
‫‪ 160‬لحسن هوداية‪ ،‬محاضر الضابطة القضائية‪ ،‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار السالم‪ ،‬سنة ‪ ،1888‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ 161‬تنص المادة ‪ 549‬من م‪.‬ش على ونه ‪:‬‬
‫" يقوم األعوان المكلفون بتفتيش الشغل‪ ،‬بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون‪ ،‬والمقتضيات التنظيمية الصادرة بتطبيقه‪ ،‬وتثبيتها‬
‫في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها"‪.‬‬
‫‪ 162‬تنص هذه المادة‪ :‬المحاضر و التقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح و المخالفات‪ ،‬يوثق‬
‫بمضمونها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل اإلثبات‬
‫‪ 163‬بدر الصيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫‪73‬‬
‫وعند تحرير المحضر يمكن لمفتش الشغل أن يوجه األمر فورا إلى رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية بصفته قاضيا لألمور المستعجلة‪ ، 164‬بمقتضی مقال مرفق بالمحضر المشار إليه‬
‫في المادة ‪ 211‬من م‪.‬ش‪.165‬‬

‫ويأمر رئيس المحكمة االبتدائية بكل التدابير التي يراها مالئمة إليقاف الخطر الحال‪،‬‬
‫وله أن يمنح المشغل أجال لهذه الغاية‪ ،‬كما له أن يأمر باإلغالق عند االقتضاء‪ ،‬مع تحديد‬
‫المدة الضرورية لذلك اإلغالق‪.‬‬

‫وإذا استنفذت اإلجراءات المنصوص عليها في المواد من ‪ 218‬إلى ‪ 211‬من م‪.‬ش‪،‬‬


‫دون أن يستجيب المشغل لما أمر به‪ ،‬فإن العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬يحرر محضرا جديدا‬
‫يوجهه هذه المرة إلى وكيل الملك‪.‬‬

‫ويجب على وكيل الملك‪ ،‬أن يحيل المحضر خالل مدة ال تتجاوز ثمانية أيام من تاريخ‬
‫التوصل به‪ ،‬إلى المحكمة االبتدائية التي تطبق عندئذ المقتضيات الزجرية المنصوص عليها‬
‫في الباب األول من القسم الرابع من الكتاب الثاني من ق‪.‬م‪.‬ج وهي المواد من ‪ 111‬إلى‬
‫‪.388‬‬

‫وبناءا على القاعدة التي تضفي للمحضر المنجز من طرف مفتش الشغل القوة الثبوتية‬
‫إلى أن يثبت عكس ما فيه ‪ ،‬وهو الشيء الذي ال يمنع القاضي من االعتماد على هذه‬
‫المحاضر في إصدار األحكام موضوع النزاع وهو ما ذهبت إليه الغرفة الجنائية بمحكمة‬
‫‪166‬‬
‫النقض كذلك في بعض من قراراتها‬

‫غير أننا نشير إلى أن تكليف مفتش الشغل بتحرير محضر جديد بنفس المخالفة‬
‫المرتكبة في المقاولة ‪ ،‬بعد بقاء أمر قاضي األمور المستعجلة دون امتثال ‪ ،‬أمر يثير لديه‬
‫‪164‬بالتالي فان الواقع العملي اثبت أن المحاضر ضد المخالفات المرتكبة من قبل المشغل‪ ،‬و المنجزة من قبل مفتشي الشغل‪ ،‬قبل صدور‬
‫مدونة الشغل كانت تتميز بعدم الفعالية و الجدوى‪ ،‬إال أنه اآلن أصبحت العقوبات رادعة بالمقارنة فقط مع ما كان عليه الوضع‪ ،‬مما‬
‫ساهم في إعطاء فعالية لهذه المحاضر لزيادة في التوضيح‪ ،‬الرجوع إلى‪ :‬محمد الشرقاني‪ ،‬المالحظات و االقتراحات المطروحة بشان‬
‫إصالح نظام تفتيش الشغل ‪ ،‬المجلة المغربية لالقتصاد و القانون المقارن العدد ‪ 11‬سنة ‪،8111‬ص ‪. 882‬‬
‫‪ 165‬تنص المادة ‪ 211‬من م‪.‬ش على أنه ‪ :‬يجب على العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬أن ينبه المشغل باتخاذ جميع التدابير الالزمة فورا‪،‬‬
‫عند إخالله بالمقتضيات التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بحفظ الصحة‪ ،‬وبالسالمة‪ ،‬إخالال يعرض صحة األجراء أو سالمتهم لخطر‬
‫حال‪.‬‬
‫إذا رفض‪ ،‬أو أهمل‪ ،‬المشغل أو من يمثله االمتثال لألوامر الموجهة إليه في التنبيه‪ ،‬فإن العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬يحرر محضرا‬
‫يثبت فيه امتناع المشغل عن االمتثال لمضمون التنبيه‪.‬‬

‫‪ 166‬قرار صادر عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض بتاريخ ‪ 11 / 81 /1882‬ملف جنحي عدد ‪.81/1/1/88121‬‬

‫‪74‬‬
‫مفتش الشغل۔ االشمئزاز و يقل ل من عزمه على القيام بعمله بما يلزم من الصرامة و الردع‪،‬‬
‫و يجعل من دور القضاء االستعجالي في مادة الصحة و السالمة خصوصا ‪ ،‬قضاء غير‬
‫فعال‪ ،‬حيث أبقت المدونة على تجاوز المشغل لألمر االستعجالي دون عقاب‪.167‬‬

‫و على العموم فهذه السلطات و على اتساعها‪ ،‬ال تعدو أن تكون تكريسا ومحافظة على‬
‫سلطة المشغل في االنتهاك حتى في مواجهة القضاء ‪ ،‬فكيف نتحدث عن فعالية تفتيش الشغل‬
‫في فرض احترام مقتضيات الصحة و السالمة خصوصا ‪ ،‬و اإلسهام بالتالي في بلوغ‬
‫األهداف الوقائية من خالل الردع ؟‬

‫فإذا كانت كل هذه السلطات الممنوحة لمفتشي الشغل يجب أن تؤدي في حدودها‬
‫القانونية ‪ ،‬وأال يساء استعمالها في غير أغراضها‪ ،‬فبمقابل ذلك نجد المعايير الدولية و‬
‫العربية و حتى التشريعات المقارنة توقع على عاتق المفتشين مجموعة من االلتزامات ‪ ،‬التي‬
‫ينبغي عليهم التحلي بها‪.‬‬

‫وإذا كانت المقتضيات المتعلقة بسلطات والتزامات مفتش الشغل داخل نصوص م‪.‬ش‬
‫المغربية ال تطرح إشكاالت كثيرة‪ ،‬فان األمر على خالفه بالنسبة لتفتيش الشغل في القانون‬

‫‪ 81 / 81‬المتعلق بالعمال المنزليين‪ .168‬فسلطة مفتشي الشغل في الدخول إلى األماكن‬


‫التي يؤدي فيها الشغل ‪ ،‬يفترض فيها أنها خاضعة للتفتيش تطرح إشكالية عملية ‪ ،‬حين تكون‬
‫هذه األماكن عبارة عن (منازل) يشتغل فيها عمال منزليون‪.‬‬

‫ولم تورد االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬واالتفاقية العربية رقم ‪ 81‬نصوصا تعالج هذه‬
‫المسألة‪ ،‬بينما تضمنت المادة ‪ 81‬في فقرتها الثانية من االتفاقية الدولية رقم ‪ 811169‬نصا جاء‬

‫‪ 167‬ظهير شريف رقم ‪ 8 . 81 .818‬صادر في ‪ 1‬ذي الحجة ‪ 88( 8138‬أغسطس ‪ )1881‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 81/81‬بتحديد شروط‬
‫الشغل والتشغيل المتعلقة بالعامالت والعمال المنزليين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 1113‬ص ‪ .1882‬وما يالحظ هنا هو أن المشرع المغربي إذا كان قد‬
‫عمل على توحيد المصطلحات للتعبير عن العالقة الشغلية وأطرافها وحصر هذه التسميات في المشغل واألجير والشغل‪ ،‬فانه لم يظل‬
‫وفيا لذلك ذلك أنه عاد في القانون ‪ 81 .81‬واستعمل مصطلح عامل‪ .‬وباعتبار هذا القانون هو قانون خاص واسثناءا فإننا سنحتفظ‬
‫بتسمية عمال المنازل وذلك لتمييز ما بين هذه الفئة التي استثناها المشرع المغربي من الخضوع ل م‪.‬ش وبين باقي األجراء الخاضعين‬
‫لها‪.‬‬

‫‪ 168‬نفس المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ 169‬تنص المادة ‪ 81‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬في فقرتها الثانية على أنه‪" :‬ال يجوز لمفتش العمل دخول المسكن الخاص بالمشرف‬
‫على المنشأة بمقتضى الفقرتين الفرعيتين أ وب من الفقرة األولى من هذه المادة إال بموافقة المشرف أو بتصريح خاص صادر عن‬
‫السلطة المختصة"‬

‫‪75‬‬
‫فيه أنه ال يجوز لمفتش الشغل دخول المسكن الخاص بالمشرف على المنشأة ‪ ...‬إال بموافقة‬
‫المشرف أو بتصريح خاص صدر عن السلطة المختصة‪ ".‬ويمثل هذا النص أخذ بعض‬
‫القوانين في عدد من دول العالم بهذا المقتضي ‪ ،‬بينما تستثني قوانين أخرى المنازل عندما‬
‫تكون هي األماكن التي يتم فيها العمل من رقابة التفتيش مما يؤدي إلى حرمان العاملين فيها‬
‫من الحماية التي توفرها هذه الرقابة ‪.‬‬

‫وهذا التوجه ال ينسجم مع نهج كل من االتفاقية الدولية رقم ‪ 888‬بشأن العمل في‬
‫المنزل‪ 170‬واالتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬بشأن العمال المنزليين‪ " 171‬بشأن إخضاع مكان العمل‬
‫(المنزل) لنظام تفتيش شغل يتناسب مع القوانين والممارسات الوطنية‪.‬‬

‫ولم تحظى هذه المسألة الحيوية باهتمام يذكر في القوانين العربية ‪ ،‬ويعد القانون‬
‫‪172‬‬
‫حيث‬ ‫التونسي نموذجا في ايراد معالجة صريحة لها في الفصل ‪ 881‬في فقرته الثالثة‬
‫خول هذا الفصل لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل دخول المحالت التي يتعاطي فيها عمال‬
‫بمنازلهم أشغاال عهد لهم بها من طرف أصحاب المؤسسات‪.‬‬

‫غير أنه عندما يقع القيام بأشغال في محالت مسكونة ‪ ،‬ال يجوز لألعوان المكلفين بتفتيش‬
‫الشغل دخول هذه المحالت إال بعد أن يأذن لهم بذلك شاغلوها‪ .‬وعلى النهج ذاته سار المشرع‬
‫‪173‬‬
‫التي نصت على أنه يرخص‬ ‫المغربي في م‪.‬ش في المادة ‪ 233‬منها في الفقرة الثانية‬
‫لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل في أن يدخلوا فيما بين الساعة السادسة والعاشرة ليال ‪،...‬‬
‫جميع األماكن التي يعمل فيها أجراء يشتغلون في منازلهم غير أنه عندما ينجز الشغل في‬
‫محل مسكون ‪ ،‬فانه ال يمكن لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل دخوله اال بعد إذن ساكنه‪.‬‬

‫ومن هنا يتضح لنا أن سلطة مفتش الشغل في الدخول إلى هذه األماكن مقيدة بشرط‬
‫موافقة شاغليها‪ .174‬وإذا كانت مجمل هذه االتفاقيات الدولية تمنع مفتش الشغل من تفتيش‬

‫‪ 170‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 888‬المتعلقة بالعمل في المنزل لسنة ‪8111‬‬


‫‪ 171‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬الصادرة عن منظمة العمل العربية المتعلقة بالعمل الالئق للعمال المنزليين الصادرة سنة ‪1888‬‬
‫‪ 172‬ينص الفصل ‪ 881‬من مجلة الشغل التونسية‪ ،‬القانون عدد ‪ 18‬لسنة ‪ 8111‬الذي نقح بالقانون عدد ‪ 11‬لسنة ‪ ،8111‬على أنه‪:‬‬
‫"يرخص لألعوان المكلفين بتفقد الشغل الحاملين لوثيقة تثبث وظيفتهم‪.‬‬

‫‪ 173‬دخول المحالت التي يتعاطى فيها عمال بمنازلهم أشغاال عهد لهم بها من طرف أصحاب المؤسسات‪ .‬على أنه عندما يقع القيام‬
‫بأشغال في محالت مسكونة ال يجوز لألعوان المكلفين بتفقد الشغل دخول هذه المحالت إال بعد أن يؤذن لهم بذلك شاغلوها‪".‬‬
‫‪ 174‬يوسف الياس‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪181-188‬‬
‫‪76‬‬
‫أماكن الشغل متى تم تأدية هذه األشغال داخل المنازل وتجيز ذلك متى تم الحصول على إذن‪،‬‬
‫فانه حسب رأينا الشخصي فالمشرع المغربي قد سار على نفس النهج في القانون ‪81.81‬‬
‫ولكن ليس على إطالقه‪ ،‬ذلك أنه عندما نص على تفتيش الشغل في المنازل لم يخول له‬
‫صالحية زيارة هذه األماكن وهو الشيء الذي تأخذ به االتفاقيات كمبدأ عام‪ .‬ولكن االستثناء‬
‫هو أنها تجيزه متی توفر مفتش الشغل على اإلذن‪ .175‬ومن خالل الرجوع إلى القانون ‪. 81‬‬
‫‪ 81‬نجده يطرح العديد من اإلشكاالت‪ ،‬ذلك أن المراقبة ال تتم من خالل زيارة أماكن الشغل ‪،‬‬
‫ولكن من خالل استدعاء األطراف وبعد تلقيه شکايات من طرف العامل أو المشغل فيما‬
‫يخص تنفيذ عقد الشغل المبرم بينهما‪.176‬‬

‫و للتحقق من مدى تنفيذ أحكام القانون السالف الذكر‪ ،‬فقد خول المشرع المغربي لمفتش‬
‫الشغل إمكانية طلب الوثائق التي يمكن أن تساعده على القيام بهذه المهمة‪ ،‬وإذا ما رصد‬
‫مفتش الشغل إحدى المخالفات فانه يقوم بتحرير محضر يحيله إلى النيابة العامة‪.177‬‬

‫ف إذا كان مفتش الشغل يملك صالحية الدخول إلى أماكن الشغل في إطار العمل على‬
‫مراقبة تطبيق مقتضيات م‪.‬ش‪ .‬فان المشرع المغربي لم يخول له هذه السلطة في قانون‬
‫‪ 81.81‬ويمكن القول على أن المشرع المغربي بذلك قد حاول مراعاة حرمة المساكن‪.‬‬

‫وحسب رأينا الشخصي فان هذه الطريقة التي سيمارس بها مفتش الشغل وظائفه من‬
‫خالل السلطات الممنوحة له ‪ ،‬تبقى غير سليمة على اعتبار أن مراقبة تطبيق أحكام هذا‬
‫القانون لن تتم إال بناءا على الوثائق التي يتقدم بها األطراف‪ ،‬ومن خالل استدعائهم أي‬
‫باالعتماد على أقوالهم‪ .‬وبالتالي يطرح اإلشكال المتعلق بكيفية إثبات هذه المخالفات‪.‬‬

‫والمالحظ على أن هذه السلطات التي منحها المشرع المغربي لمفتش الشغل في إطار‬
‫قانون‪ 81 . 81 ،‬تبقى سلطات ضيقة تتمثل في تلقي الشكايات ‪ ،‬استدعاء األطراف وإمكانية‬
‫‪175‬تنص مقتضيات المادة ‪ 11‬من القانون ‪ 81 .81‬في فقرتها الثانية على أنه‪" :‬يستدعي مفتش الشغل الطرفين للتحقق من مدى تطبيق‬
‫أحكام هذا القانون‬
‫‪ 176‬تنص المادة ‪ 11‬من القانون ‪ 81 . 81‬في فقرتها األولى على أنه‪" :‬يتلقى األعوان المكلفون بتفتيش الشغل الشكايات التي يتقدم بها‬
‫كل من العاملة أو العامل المنزلي ضد مشغل‪ ،‬أو المشغل ضد عاملته أو عامله المنزلي في كل ما يخص تنفيذ عقد العمل المبرم‬
‫بينهما‪".‬‬
‫‪ 177‬نصت المادة ‪ 11‬من القانون ‪ 81.81‬في فقرتها األخيرة على أنه "يمكن لمفتش الشغل أن يطلب من الطرفين مده بالوثائق التي من‬
‫شأنها أن تساعده على القيام بالمهمة الذكورة ‪.‬وفي حالة معاينة | مخالفة أحكام هذا القانون يحرر محضرا في الموضوع إلى النيابة‬
‫العامة المختصة‪".‬‬

‫‪77‬‬
‫معاينة الوثائق ثم تحرير محضر متى تم ضبط إحدى المخالفات بالمقارنة مع السلطات التي‬
‫منحها له في القانون ‪ 11 . 12‬المتعلق ب م‪.‬ش‪ .‬وتحرير محضر في الموضوع مباشرة‬
‫وإحالته إلى النيابة العامة ‪ ،‬على خالف األمر بالنسبة ل م‪.‬ش التي ال تمنحه الصالحية للقيام‬
‫بتحرير محضر بطريقة مباشرة إال في حاالت استثنائية‪.‬‬

‫فالحماية التي يستفيد منها األجراء الخاضعون ل م‪.‬ش ليست هي نفسها الحماية المقررة‬
‫العمال قانون ‪ 81 . 81‬فيما يخص مراقبة تطبيق مقتضيات هذين القانونين‪ .‬ونرى بأن منح‬
‫الصفة الضبطية لمفتش الشغل في هذا المجال تبقى هي الضمانة القانونية التي ستمكنه من‬
‫تفتيش المنازل ‪ ،‬التي يشتغل بها هؤالء العمال ‪ ،‬وبالتالي الوقوف على مدى تطبيق أحكام‬
‫القانون ‪ 81 . 81‬بشكل سليم يساهم في حماية هذه الفئة المستضعفة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التزامات مفتشية الشغل ومدى تأثيرها على التنمية االقتصادية‬
‫تفرض طبيعة العمل الذي يقوم به أعوان تفتيش الشغل‪ ،‬والتي تهدف إلى حماية‬
‫األجراء ومراقبة تطبيق تشريع الشغل ‪ ،‬الدخول إلى أماكن الشغل‪ ،‬واالطالع على الوسائل‬
‫والمواد وكذا الوثائق والمستندات وغيرها‪ ،‬وذلك للوقوف على مدى التطابق ما بين روح‬
‫التشريع وما عليه الحال داخل المؤسسات وإسداء النصح واإلرشاد لكل من األجراء‬
‫والمشغلين لإلطالع على حقوقهم والتزاماتهم ‪ ،‬وهذا ما يتطلب الثقة التي يجب أن تكون‬
‫متوفرة في الشخص القائم بعملية المراقبة والتفتيش‪.‬‬

‫وذلك بهدف الموازنة بين السلطات الواسعة المخولة للمفتشين من أجل تمكينهم من أداء‬
‫وظائفهم التنموية‪ ،‬وضمان استعمالهم لهذه السلطات لألغراض التي تمكنهم من اتخاذ‬
‫قراراتهم بحياد واستق اللية‪ ،‬مما يكسبهم ثقة كل من المشغلين واألجراء‪ ،‬فان كل من المعايير‬
‫الدولية ومعها المعايير العربية‪ ،‬والقوانين الوطنية تلقي على كاهلهم التزامات يقصد بها عدم‬
‫إساءة استعمال هذه السلطات‪ ،‬وتوظيفها لغير األغراض التي يجب أن تستعمل من أجل‬
‫تحقيقها كالتزامه بالحيادية واالستقاللية (فقرة أولى)‪ .‬باإلضافة إلى التزامه بالنزاهة وحفاظه‬
‫على السر المهني (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االلتزام بالحياد واالستقالل و حدودهما‪.‬‬
‫لما كانت التزامات مفتش الشغل نابعة أساسا من طبيعة مهنته ذلك أن مصداقيته تقتضي‬
‫منه التعامل مع الطرفين على قدم المساواة‪ ،‬فإنه بالتالي كان لزاما عليه الحياد في ممارسة‬
‫مهامه‪ ،‬وكذلك االستقاللية عن األطراف االجتماعية التي يتعامل معها‪.‬‬

‫لهذا فان مفتش الشغل وألجل ذلك يلتزم بعدة واجبات حتى يقوم بعمله في ظروف أفضل‬
‫وحتى ال تهتز الثقة التي يتمتع بها لدى طرفي العالقة الشغلية ويكون عامال في جلب‬
‫االستثمارات الداخلية واألجنبية ويتجلى هذا من خالل حياده واستقالله (أوال)‪ ،‬إال أن هذه‬
‫االلتزامات تواجهها بعض الحدود التي ال تساعد مفتش الشغل على القيام بمهامه على الوجه‬
‫المطلوب (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام بالحياد واالستقاللية‬


‫الحياد يعني عدم ا لميل ألي طرف من أطراف الخصومة‪ ،‬واالستقالل هو التحرر من‬
‫أي سلطة خارجية‪ .‬وهما من أهم االلتزامات التي تقع على عاتق مفتش الشغل‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫وقد حددت االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬هذه االلتزامات في المادة ‪ 82‬في بندها األول‬
‫‪179‬‬
‫كما خصصت‬ ‫وأوردت االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬نصا مطابقا بشأنها في المادة ‪18‬‬
‫االتفاقية العربية رقم ‪ 18‬المادتين ‪ 18‬و‪ 18‬منها للغرض نفسه واتفقت المعايير الدولية‬
‫والعربية على تحديد مجموعة من االلتزامات من بينها واجب الحياد واالستقالل‪.‬‬

‫إذ تم حضر وجود أية عالقة مباشرة أو غير مباشرة بالمنشآت الخاضعة إلشرافهم‪ ،‬أي‬
‫تلك التي يقومون بتفتيشها‪.‬‬

‫ولكن في المقابل لم يتم تحديد المصلحة المباشرة أو غير المباشرة في أي من هذه‬


‫النصوص المعيارية سواء الصادرة عن منظمة العمل العربية أو الدولية ويفترض أن تتولى‬

‫‪178‬ونصت المادة ‪ 82‬من االتفاقية رقم ‪ 18‬الصادرة سنة ‪ 8118‬المتعلقة بتفتيش العمل في الصناعة والتجارة في بندها الثاني على أنه‪:‬‬
‫مع مراعاة االستثناءات التي تقررها القوانين أو اللوائح الوطنية‪ .‬أن يحظر على مفتشي العمل أن تكون لهم مصالح مباشرة أو غير‬
‫مباشرة في المنشات الخاضعة إلشرافهم‪.‬‬

‫‪ 179‬نصت المادة ‪ 18‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬الصادرة عن منظمة العمل الدولي سنة ‪ 8111‬بشأن العمل في الزراعة في بندها‬
‫األول على أنه‪ ":‬مع مراعاة الستثناءات التي تقررها القوانين أو اللوائح الوطنية‬
‫أ‪ -‬يحظر على مفتشي العمل أن تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في المنشأة الخاضعة إلشرافهم‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫القوانين الوطنية القيام بهذه المهمة‪ ،‬لكن هذه القوانين ال تورد كما الحظت لجنة الخبراء في‬
‫المنظمة الدولية إال نادرا تحديدا دقيقا لمعنى المصلحة المباشرة أو غير المباشرة لغرض‬
‫تحديد نطاق هذا الحظر‪.‬وترى هذه اللجنة أن المقصود بهذا المصطلح يجب أن يفسر تفسيرا‬
‫واسعا ‪ ،‬بحيث ال يقتصر الهدف منه على منع قيام حالة (صراع المصالح) كالمساهمة في‬
‫اإلدارة أو ملكية حصص في المؤسسة‪ ،‬وإنما يجب أن يستوعب أيضا المصالح ذات الطبيعة‬
‫‪180‬‬
‫الذاتية للمفتش‪ ،‬كالمصالح ذات الخصوصية النفسية أو العاطفية أو السياسية‬

‫ومن خالل االطالع على بعض التشريعات المقارنة‪ ،‬ال نجدها كلها تنص‬

‫على هذا االلتزام باستثناء‪:‬‬


‫‪183‬‬ ‫‪182‬‬ ‫‪181‬‬
‫ثم التشريع‬ ‫والتشريع العراقي‬ ‫والتشريع السعودي‬ ‫‪ -‬التشريع األردني‬
‫الفلسطيني‪.184‬‬

‫أما بالنسبة للتشريع المغربي فالمالحظ على أنه ليست هناك أية إشارة إلى هذا االلتزام‬
‫سواء في المرسوم الخاص بالنظام األساسي لهيئة تفتيش الشغل ‪ 185‬وال في نصوص م‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬

‫وقبل أن نشير إلى هذه االلتزامات نشير إلى أن مفتش الشغل يقع على عاتقه التزام قبل‬
‫البدء في مزاولته لوظيفته‪ .‬والتي تتمثل في أداء اليمين طبقا لمقتضيات الفقرة األولى من‬

‫‪ 180‬يوسف الياس ‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪118‬‬


‫‪ 181‬إذ نص قانون العمل للمملكة األردنية رقم (‪ )1‬لسنة ‪ 8111‬و المعدل على التوالي سنة ‪ 8118‬و‪ 8111‬و‪ 8111‬و‪ 1888‬و أخيرا‬
‫بالقانون رقم ( ‪ )28‬لسنة ‪ 1881‬في مادته السابعة على أنه ‪ ":‬تحدد مؤهالت مفتشي العمل ومهامهم وصالحياتهم وكافاتهم كما تحدد‬
‫التزامات صاحب العمل تجاههم بموجب أنظمة تصدر لهذه الغاية في حين نصت المادة ‪ 1‬في بندها الثالث من نظام مفتشي العمل رقم‬
‫‪ 21‬بمقتضى قانون العمل لسنة ‪ 8111‬على أنه ‪ ":‬يترتب على المفتش في سياق قيامه بواجباته المنصوص عليها في هذا النظام مراعاة‬
‫ما يلي ‪:‬‬
‫ج‪ -‬عدم القيام بالتفتيش على العمل في المؤسسات التي يكون له مصلحة فيها‬
‫‪ 182‬تنص المادة ‪ 812‬من قانون العمل السعودي الصادر في ‪ 8131 / 1 /3‬على أنه‪ " :‬يشترط في مفتش العمل عند ممارسته لعمله‬
‫باإلضافة إلى الشروط العامة في تعيين الموظفين ما يأتي‪ - :‬أن يكون متصفا بالحياد التام‪ - .‬أن ال تكون له أية صفة مباشرة ‪ ،‬أو غير‬
‫مباشرة بالمنشات التي يقوم بتفتيشها‪.‬‬
‫‪ 183‬ينص قانون العمل العراقي الصادر رقم ‪ 18‬الصادر سنة ‪ 1882‬في المادة ‪ 818‬فيفي بندها الثاني على أنه ‪ :‬ثانيا ‪ :‬يشترط في‬
‫المهام التي يكلف بها مفتشو العمل أن ال تتعارض مع قيامهم بمهامهم األساسية أو تؤثر بأي شكل من األشكال على مهمتهم وحيادهم في‬
‫عالقتهم مع العمال او اصحاب العمل‪ .‬في حين نصت المادة ‪ 838‬من نفس القانون على أنه‪ :‬يحضر على لجنة تفتيش العمل ما يأتي‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬تحقيق أية فائدة مباشرة أو مباشرة في المشاريع الخاضعة لرقابتهم ‪.‬‬
‫‪ 184‬ينص قانون العمل الفلسطيني رقم ‪ 8‬لسنة ‪ 1888‬في المادة ‪ 881‬منه على أنه‪ :‬يراعى عند اختيار مفتش العمل للقيام بمهمة تفتيش‬
‫أال تكون له مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في المنشاة الخاضعة لتفتيشه‬
‫‪ 185‬المرسوم رقم ‪ 1 . 88 . 111‬صادر في ‪ 11‬رجب ‪( 8131‬فاتح يوليو ‪ )1888‬بتغيير المرسوم رقم ‪ 11.81.1‬الصادر في ‪ 2‬رجب‬
‫‪ 1( 8111‬يوليو ‪ )1881‬بشأن النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2121‬الصادر بتاريخ ‪1‬‬
‫شعبان ‪ 8131‬فاتح يوليو ‪،1888‬ص‪.3333‬‬

‫‪80‬‬
‫المادة ‪ 238‬من م‪.‬ش‪ ،186.‬والتي تنص على ضرورة أداء اليمين المنصوص عليها في‬
‫الظهير الشريف المتعلق باليمين الواجب أداؤها على الموظفين المنصبين لتحرير محاضر‬
‫الضبط‪ ،‬وبما أن المادة ‪ 231‬من م‪.‬ش‪" 187.‬التي أناطت بمفتش الشغل مهمة معاينة المخالفات‬
‫المتعلقة بأحكام المدونة والمقتضيات التنظيمية الصادرة بتطبيقه وتثبيتها في محاضر‪ ،‬وبناء‬
‫على هذين الفصلين فإن مفتش الشغل ملزم قبل أداء مهامه وخصوصا ضبط المخالفات أن‬
‫يؤدي اليمين القانوني أمام المحكمة المختصة‪ ،‬وبالعودة إلى نص الظهير الشريف الذي تحيل‬
‫عليه مدونة الشغل‪ ،‬يظهر أن هذا النص صدر سنة ‪ 8128‬فقط ليغير و يتمم الظهير الشريف‬
‫الصادر في ‪ 2‬جمادى الثانية ‪ 8331188‬الموافق لفاتح مايو ‪ ،8181‬بخصوص الفصل األول‬
‫و الذي يضيف مجمو عة من األعوان الذين يجب عليهم تأدية اليمين‪ ،‬باإلضافة إلى تعديل‬
‫الفصل الثاني من الظهير الذي يربط صحة اليمين بمجرد تأديتها داخل مجموع التراب‬
‫المغربي في الوقت الذي كان الظهير ينص على سريان اليمين على المنطقة الخاضعة‬
‫للحماية الفرنسية‪.‬‬

‫وأمام غياب نص قانوني ينص على التزام مفتش الشغل بالحياد واالستقاللية نقول أنه‬
‫باعتبار مفتش الشغل موظفا عموميا‪ ،‬وإذا كان القانون المنظم للوظيفة العمومية قد نص على‬
‫هذا المبدأ‪ .‬فعلى هذا األساس يلتزم مفتش الشغل أثناء ممارسته لوظيفته باحترام قواعد الحياد‬
‫‪189‬‬
‫وذلك لمنع أي تضارب محتمل الوقوع بين مصالحه‬ ‫باعتباره موظفا خاضعا "ق‪.‬و‪.‬ع"‪،‬‬
‫‪190‬‬
‫والهدف من العمل الذي يقوم به‪ .‬ولهذا منعه المشرع المغربي في الفصل ‪ 82‬من ق‪.‬و‪.‬ع‬

‫‪ 186‬تنص المادة ‪ 238‬من م‪.‬ش على أنه ‪" :‬يؤدي األعوان المكلفون بتفتيش الشغل اليمين المنصوص عليها في الظهير الشريف‬
‫المتعلق باليمين الواجب أداؤها على الموظفين المنصبين لتحرير محاضر الضبط‬
‫‪ 187‬تنص المادة ‪ 231‬من م ش " يقوم األعوان المكلفون بتفتيش الشغل‪ ،‬بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون‪ ،‬والمقتضيات‬
‫التنظيمية الصادرة بتطبيقه وتثبيتها في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها‪ .‬يمكن لهؤالء األعوان‪ ،‬قبل اللجوء إلى‬
‫تحرير المحاضر‪ ،‬أن يوجه تنبيهات أو مالحظات للمشغلين الذين يخالفون األحكام المشار إليها إلى الفقرة األولى أعاله‪ .‬يجب عليهم أن‬
‫يحرروا هذه المحاضر في ثالثة نظائر‪ ،‬يوجه واحد منها مباشرة إلى المحكمة المختصة من قبل المدير اإلقليمي‬
‫‪ 188‬ظهير شريف بشأن قاعدة تحليف أعوان المحاكم‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 22‬بتاريخ ‪ 12‬جمادی الثاني ‪ 11(8331‬مايو ‪)8181‬‬
‫ص‪ . 182 :‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذا الظهير قد عدل بمقتضى ظهير ‪8128‬‬
‫‪ 189‬ظهير شريف رقم ‪ 8-21-881‬بتاريخ ‪ 1‬شعبان ‪ 11 ( 8388‬فبراير ‪ )8121‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 1381‬بتاريخ ‪ 18‬رمضان ‪ 88-8388‬أبريل‬
‫‪،8121‬ص‪181‬‬
‫‪ 190‬ينص الفصل ‪ 82‬من القانون المنظم ق‪.‬و‪.‬ع على أنه‪" :‬ممنوع على كل موظف أن يمارس بصفة مهنية أي نشاط يدر عليه‬
‫مدخوال‪ ،‬وال يمكن مخالفة هذا المنع إال بموجب استثنائي وبموجب مقرر يتخذه‪ ،‬لكل حالة على حدة‪ ،‬الوزير الذي ينتمي إليه الموظف‬
‫المعني باألمر‪ ،‬بعد موافقة رئيس الوزارة‪ .‬ويبقى هذا المقرر المتخذ بصفة مؤقتة قابال لإللغاء لصالح اإلدارة‪ .‬إذا كان زوج الموظف‬
‫بصفة مهنية يقوم بنشاط خاص يدر عليه دخال يجب التصريح بذلك لإلدارة أو المصلحة التي ينتمي إليها الموظف‪ ،‬فتتخذ السلطة ذات‬
‫النظر‪ ،‬إن اقتضى الحال‪ ،‬التدابير الالزمة للمحافظة على صالح اإلدارة‪ .‬وال يشمل المنع المنصوص عليه في الفقرة األولى إنتاج‬
‫‪81‬‬
‫أن يمارس أي نشاط يدر عليه مدخوال‪ ،‬وال يمكن مخالفة هذا المنع إال بموجب استثنائي‬
‫وبموجب مقرر يتخذه لكل حالة على حدى الوزير الذي ينتمي إليه الموظف العمومي المعني‬
‫باألمر ‪ ،‬كما أضاف الفصل‪ 81191‬من نفس القانون منعه باعتباره موظفا عموميا ومهما‬
‫كانت وضعيته أن تكون له مباشرة أو بواسط ما‪ ،‬أو تحت أي اسم كان في مقاولة موضوعة‬
‫تحت مراقبة اإلدارة أو المصلحة التي ينتمي إليها‪ ،‬أو على اتصال بهما مصالح من شأنها أن‬
‫تمس بحريته‪ ،‬وتدفعه إلى استغالل نفوذه تحقيقا ألغراض شخصية بشكل يجعله معرضا‬
‫للضغط أو ممارساله على الغير بصفة غير شرعية ‪.‬ويستمد هذا المنع مبرره من منفعة‬
‫المصلحة والحرص على نزاهة وسالمة تعامل الموظف مع أصحاب المصالح الخاصة ‪،‬‬
‫وألن الموظف ملزم بتكريس كل وقته للوظيفة التي يشغلها والتفرغ الكلي للمهام المنوطة به‬
‫‪ ،‬كما أن نشاطه األصلي قد يتضرر من مزاولة نشاط آخر ‪ ،‬مع العلم أنه يخشى أن يفقد‬
‫الموظف حريته واستقالله في العمل‪.192‬‬

‫فااللتزام بالحياد واالستقاللية الذي يقع على عاتق مفتش الشغل باعتباره موظف عمومي‬
‫يؤدي واجباته وأعماله في نطاق ما تقضي به الوظيفة العمومية‪ ،‬أال يميز بين األطراف‬
‫ومحاباة فئة معينة على حساب األخرى وظهور حاالت الفساد والمحسوبية‪ ،‬ومن هنا تدخلت‬
‫أغلب قوانين الوظيفة العمومية لتفرض على الموظف العمومي واجب الحيادية واالستقاللية‬
‫وهو بصدد ممارسته العمل الوظيفي‪.‬‬

‫والحياد يشكل مرجعية للسلوك‪ ،‬ويكتسي أهمية كبرى في ممارسة مفتش الشغل ألنه‬
‫يعطى شرعية لمكانتها‪ ،‬ويؤمن لها مصداقية ضرورية لممارسة مهامه ويلزمه هذا المبدأ أن‬
‫يكون قادرا وبطريقة موضوعية على أن يوضح للمشغل ولألجراء القاعدة القانونية‪ .‬وأن‬

‫المؤلفات العلمي ة واألدبية أو الفنية‪ ،‬على أنه ال يجوز للموظفين أن يذكروا صفاتهم أو مراتبهم اإلدارية بمناسبة نشر هذه المؤلفات إال‬
‫بموافقة الوزير التابعين له‪.‬‬
‫‪ 88191‬ينص الفصل ‪ 81‬من ق‪.‬و‪.‬ع على أنه‪" :‬يمنع على كل موظف مهما كانت وضعيته‪ ،‬أن تكون له‪ ،‬مباشرة أو بواسطة ما أو تحت‬
‫أي اسم كان‪ ،‬في مقاولة موضوعة تحت مراقبة اإلدارة أو المصلحة التي ينتمي إليها أو على اتصال بهما‪ ،‬مصالح من شأنها أن تمس‬
‫بحريته‪.‬‬

‫‪"192‬صباح كوتو‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪81-83 :‬‬


‫‪82‬‬
‫يعطي التفسير المناسب بغرض تطبيق القانون كما يمكن لمفتش الشغل أن يطلب تغيير مجال‬
‫اختصاصه الجغرافي وذلك لكي ال يراقب مقاولة يتواجد بها أقرباؤه‪.193‬‬

‫ويتضح استقالل مفتش الشغل من خالل القرارات التي يتخذها والسلطة التي يتميز بها‬
‫في تحديد الطريق الواجب اتخاذه عند كل زيارة لمؤسسة خاضعة لمراقبته‪ ،‬بين تحرير‬
‫محضر فوري بالمخالفة أو االكتفاء بإسداء النصح واإلرشاد ‪،‬خاصة وأن العديد منهم يدعون‬
‫جهلهم لقاعدة قانونية معينة خاصة بتشريع الشغل‪ "194‬لمساعدة المشغلين على تجاوز‬
‫الخروقات بطريقة تضمن الحماية لألجير‪.‬‬

‫وإلزامية الحياد واالستقالل أيضا تمنع كل مظاهر األحكام المسبقة في السلوك و األقوال‬
‫و األفعال‪ ،‬هذا مع عدم اإلعالن عن أراء سياسية أو نقابية‪ ،‬ومعاملة األطراف على قدم‬
‫المساواة‪.195‬‬

‫كذلك يمكن للمفتش أن يكون مستقال من خالل األحكام التي يصدرها والتي تضع‬
‫األطراف في مستوى واحد دون تمييز أو تحيز لطرف دون اآلخر ‪،‬وان كانت غالبية الطبقة‬
‫الشغيلية تنظر إلى المفتش باعتباره المساعد للمشغل في مواجهته لألجير بالنظر إلى كونه‬
‫صاحب النفوذ االقتصادي ‪.‬‬

‫وعليه فإذا كان مفتش الشغل يلتزم بواجب الحياد واالستقالل في عالقته بأطراف العالقة‬
‫الشغلية‪ ،‬طبقا لما تنص عليه التشريعات الوطنية والتشريع الدولي فألن هذا المبدأ يعتبر‬
‫أساس الفعالية في أداء مفتش الشغل لمهامه وشرطا لها‪ ،‬والتي يمكن تأكيدها من خالل‬
‫استقالله الفعلي عن األطراف وعن الظروف المحيطة به ‪ ،‬ومن خالل تحديد الهدف من‬

‫‪ 193‬محمد طارق‪ ،‬أخالقيات جهاز تفتيش الشغل بالمغرب بين المعايير الدولية والتشريع الوطني المجلة المغربية للسياسات العمومية‬
‫‪ REMAPP‬العدد ‪ 88‬ربيع ‪ 1881‬ص ‪،11‬‬
‫‪ 194‬في تصريح ألحد مفتشي الشغل بمندوبية التشغيل بالحي المحمدي عين السبع ذكر أنه خالل الزيارات التي يقوم بها المؤسسات‬
‫الخاضعة لمراقبته يفاجئ بإدعاءات المشغلين خاصة بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة بجهلهم لقاعدة قانونية معينة تتعلق بهذا المجال‬
‫أو ذلك خاصة تلك التي تهم ميدان الصحة والسالمة ويطلبون من المفتش منحهم فرصة لتصحيح الوضع والقيام بزيارات مضادة‬
‫لالطالع والتأكد من احترامها‪ ،‬كما أضاف أن هناك العديد من المؤاجرين يعتقدون أن دور المفتش يقتصر على النصح والتوضيحات‬
‫الخاصة بتشريع الشغل والتشجيع على احترامها‪".‬أشارت إليه صباح كوتو في أطروحتها مفتشية الشغل ودورها في ضمان الحماية‬
‫العمالية‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪195‬الدليل المنهجي لزيارات تفتيش الشغل‪ ،‬من إعداد وزارة التشغيل و الشؤون االجتماعية سنة ‪ ،1881‬ص‪11 :‬‬

‫‪83‬‬
‫التفتيش والمتمثل في فرض احترام القاعدة القانونية الخاصة بالشغل‪ ،‬سواء كانت تشريعية أو‬
‫تنظيمية دون أن ننسی أن السلطة اإلدارية أو التسلسلية التي يخضع لها المفتش تعمل على‬
‫توجيه عمل هؤالء المفتشين وتحديد األهداف المطلوب الوصول إليها‪.‬‬

‫إال أن التزام مفتش الشغل بالحيادية واالستقاللية يجد حدودا له وهو ما سنتناوله‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حدود االلتزام بحياد و استقاللية مفتش الشغل‬


‫لما كانت التزامات مفتش الشغل نابعة أساسا من طبيعة مهنته‪ ،‬فقد يطلع على أسرار‬
‫األجراء والمشغلين‪ ،‬كما أن مصداقيته تقتضي منه اعتبار الطرفين على قدم المساواة‪،‬‬
‫وبالتالي كان لزاما عليه الحياد في ممارسة مهامه‪ ،‬وكذا استقالله عن األطراف التي يتعامل‬
‫معها‪ .‬كما يجب أن يكون مفتش الشغل بعيدا عن كل التأثيرات المحتملة للسلطة االقتصادية‬
‫التي يراقبها و السلطة السياسية واإلدارية التي يزاول مهامه باسمها‪.‬‬

‫خاصة أن مجال ممارسة مهامه تتضارب فيه المصالح‪ ،‬الشيء الذي يجعل منه مصدر‬
‫ارتياب من طرف األجراء والمشغلين‪.196‬‬

‫إال أن الواقع يكشف ممارسات ال تراعي مبدأ حياد مفتش الشغل‪ ،‬مثل مقتضيات الفقرة‬
‫األخيرة من المادة ‪ 11‬من م‪.‬ش‪ ، 197‬بخصوص اإلمكانية التي خولتها هذه األخيرة لألطراف‬
‫في حالة رفض اللجوء إلى المسطرة أو رفض إتمامها والتي تتمثل في اللجوء إلى مفتش‬
‫الشغل قصد استكمال أو إجراء مسطرة االستماع‪ .‬فهناك من يذهب إلى اإلعمال الحرفي لهذه‬
‫المقتضيات وذلك عبر استدعاء األطراف و إجراء مسطرة االستماع لألجير أمام مفتش‬
‫الشغل وبحضور المشغل ‪،‬ويحرر وثيقة االستماع وهناك من يذهب إلى تأويل هذه‬
‫المقتضيات وإعادة استدعاء األطراف بناء على المسطرة القانونية المقررة في المادة ‪231‬‬
‫من مدونة الشغل و يحرر محضر محاولة التصالح‪.‬‬

‫‪ 196‬وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية‪ ،‬المناظرة الوطنية" مدونة الشغل بعد عشر سنوات من صدورها‪ ،‬بين متطلبات التنمية‬
‫االقتصادية وضمان العمل الالئق" مشروع تقرير الورشة الرابعة المتعلقة" العالقات الجماعية للشغل وآليات إعمال وتطبيق مدونة‬
‫الشغل" بتاريخ ‪11‬و‪ 13‬شتنبر ‪ ،1881‬ص ‪12‬‬
‫‪ 197‬تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 11‬من م‪.‬ش‪ .‬على أنه‪" :‬إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة‪ ،‬يتم اللجوء إلى مفتش‬
‫الشغل"‬
‫‪84‬‬
‫وعند معالجة مفتش الشغل للنزاعات الجماعية للشغل بناء على ما كرسته المادة ‪228‬‬
‫و ‪ 221198‬من م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬من االختصاصات التصالحية في مجال نزاعات الشغل الجماعية‪،‬‬
‫وهو ما نصت عليه الما دة الثالثة من النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل‪ ،199‬علما أن‬
‫هذه المواد لم تبين هل يملك مفتش الشغل قوة اقتراحيه لحل النزاع‪ ،‬أم أن المطلوب منه فقط‬
‫التذكير بالقانون‪ ،‬وهذا ما قد يترك المجال لمفتش الشغل الذي قد يقترح بعض الحلول تمس‬
‫في جوهرها بحياده‪،‬‬

‫هذا باإلضافة إلى ما تطرحه إشكالية حرية االنتماء النقابي لمفتش الشغل أثناء نظره في‬
‫نزاعات الشغل الجماعية التي تكون أحد أطرافها النقابة المنخرط فيها‪.‬‬

‫إذ نجد أنه هناك من يعتبر أن انضمام أعوان تفتيش الشغل النقابة ما‪ ،‬يعتبر تحيزا لفئة‬
‫أو جانب من األجراء‪ ،‬وبالتالي استحالة لقيام االلتزام بالحياد بين طرفي اإلنتاج‪ ،‬وهذا‬
‫‪200‬‬
‫الموقف يتبناه معظم المشغلين‪.‬‬

‫إال أن هناك جانب من الفقه يرى‪ ،‬أن مفتش الشغل يعتبر موظفا عموميا يحق له الدفاع‬
‫عن مطالبه بتأسيس جمعية أو ودادية أو االنضمام إلى نقابة معينة‪ ،‬ألن من يحمي األجراء‬
‫‪201‬‬
‫يجب أن يعرف حماية حقوقه أيضا‪.‬‬

‫‪ 198‬تنص مقتضيات المادة ‪ 228‬من م‪ .‬ش‪ .‬معلي أنه يكون كل خالف بسبب الشغل ‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى نزاع جماعي ‪ ،‬موضوع‬
‫محاولة التصالح ‪،‬تتم أمام المندوب المكل ف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم ‪ ،‬أو العون المكلف بتفتيش الشغل أو أمام اللجنة اإلقليمية‬
‫للبحث والمصالحة أو اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة ‪ ،‬أو بناءا على نوعية الخالف الجماعي ‪،‬طبقا للمواد ‪ 221 ،221‬و‪ 212‬أدناه‪.‬‬
‫في حين نصت المادة ‪ 221‬منم‪ .‬ش‪.‬م على أنه ‪ :‬إذا كان الخالف الجماعي يهم أكثر من مقاولة‪ ،‬فان محاولة التصالح تجري أمام‬
‫المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم‪ .‬إذا كان الخالف الجماعي يهم مقاولة واحدة‪ ،‬فان محاولة التصالح تجري أمام العون‬
‫المكلف بتفتيش الشغل‪.‬‬
‫‪ 199‬تنص المادة الثالثة من القانون المنظم لجهاز تفتيش الشغل السالف الذكر على أنه‪ :‬يضطلع مفتشو الشغل المهام المحددة في مدونة‬
‫الشغل والسيما‪ .‬إجراء التصالح في نزاعات الشغل الفردية وتحرير محاضر االتفاق النهائي أو الجزئي أو عند عدم التصالح‪ ،‬وذلك‬
‫حسب الحالة‪ ،‬والتوقيع عليها بالعطف وكذا تحرير وصول تصفية الحساب الخاصة باإلجراء األميين وتوقيعها بالعطف؛ ‪ .‬إجراء‬
‫محاوالت التصالح في نزاعات الشغل الجماعية وتحرير محاضر االتفاق النهائي بالصلح أو عدمه والتوقيع عليها بصحبة األطراف ‪،‬‬
‫أو إحالة النزاع عند فشل محاولة الصلح على اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة‪ ،‬مع القيام بدور الكتابة داخل هذه اللجنة باإلضافة إلى‬
‫التتبع المستمر لإلضرابات وموافاة المصالح المعينة‪ ،‬من سلطات محلية ومركزية‪ ،‬بتطور جميع النزاعات؛‬

‫‪ 200‬بوس ف رزوق‪ ،‬تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالح‪ ،‬بحث لنيل دبلوم السلك العالي‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة‬
‫السنة الجامعية ‪،8112-8111‬ص‪.82‬‬
‫‪ 201‬موقف عبد العزيز العتيقي‪ ،‬في مقال له بجريدة االتحاد االشتراكي‪ ،‬بتاريخ ‪ 11‬يوليو ‪ ،8111‬تحت عنوان تعقيب على مقال مفتشو‬
‫الشغل أي واقع وأي آفاق‪ ،‬كيف يمكن إصالح وضعية مفتشي الشغل‪ ،‬عن بوسف رزوق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪85‬‬
‫ومبدأ االستقاللية سترتب عليه اإلقرار بحرية اتخاذ القرار‪ ،‬والذي يتطلب أن يكون‬
‫مفتش الشغل حرا في اختيار اإلجراءات التي يمكن أن يتخذها تتويجا لمراقبة هذا المبدأ‬
‫الناجم عن ضمان االستقاللية‪.202‬‬

‫لكن هذا يطرح إشكاال خاصة على مستوى المذكرات اإلدارية و التوجيهات الرئاسية‬
‫التي يتلقاها مفتش الشغل خالل مزاولته لمهامه‪ ،‬فمن خالل الرجوع إلى مقتضيات الفصل ‪1‬‬
‫من المرسوم المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية‪،203‬‬
‫تتكون وزارة التشغيل والتكوين المهني من مصالح مركزية تتضمن عدة مديريات‪ ،‬نجد من‬
‫ب ينها مديرية التشغيل‪ ،‬فهي مكلفة بشكل أساسي بتتبع عملية مراقبة تطبيق النصوص القانونية‬
‫والتنظيمية المرتبطة بالشغل والتشغيل والحماية االجتماعية لألجراء‪ ،‬وبالتالي تنظيم‬
‫الزيارات التفتيشية وتتبعها‪.‬‬

‫إذن فاإلشكال يتمثل في تحديد مجال تدخل مفتشي الشغل‪ ،‬وكذا القيام بعدد محدد من‬
‫زيارات تفتيش الشغل خالل الشهر‪ ،‬باإلضافة إلى ضبط عملية تحرير محاضر المخالفات‪،‬‬
‫رغم أن تدخل جهاز تفتيش الشغل مرتبط أساسا بقناعته في إطار ضمان استقاللية التدخل‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك تطرح إشكالية استقاللية مفتش الشغل في العالقة التي تربط بينه‬
‫وبين اإلدا رة المحلية‪ ،‬علما أن سلطة الوصاية المجسدة في العامل أن جزءا كبيرا من‬

‫‪ 202‬تم التنصيص عليه في الفصل ‪ 88‬الفقرة ‪ 1‬من اتفاقية الشغل رقم ‪ 18‬التي تنص على أن "يترك لتقدير مفتشي العمل توجيه إنذار‬
‫أو نصيحة بدال من اتخاذ اإلجراءات القانونية أو التوصية باتخاذها"‪.‬‬
‫‪ 203‬مرسوم رقم ‪ 118 . 81 .1‬صادر في ‪ 18‬من شعبان ‪ 81 ( 8132‬يونيو ‪ ) 1881‬بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل‬
‫والشؤون االجتماعية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1182‬الصادرة بتاريخ ‪ 13‬رمضان ‪ 18( 8132‬يوليو ‪.)1881‬ص‪ .1888‬تنص المادة ‪1‬‬
‫على أنه" تناط بمديرية الشغل مهمة إعمال السياسة العمومية في مجال تحسين ظروف العمل والنهوض بالعالقات المهنية والوقاية من‬
‫األخطار المهنية والسهر على تطبيق تشريع الشغل‪.‬‬
‫ويعهد إليها لهذا الغرض‪ ،‬بالمهام التالية‪:‬‬
‫إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بالشغل؛ تنشيط مفتشيات الشغل ومراقبة تطبيق تشريع الشغل؛‬
‫تشجيع المفاوضات الجماعية بين الشركاء االجتماعيين والنهوض بالعالقات المهنية والمساهمة في تسوية نزاعات الشغل الفردية‬
‫والجماعية و تفعيل مسطرة التحكيم والمصالحة؛‬
‫دعم ثقافة الحوار االجتماعي؛‬
‫النهوض بطب الشغل واقتراح التدابير الالزمة للمحافظة على صحة العمال وسالمتهم والسهر على مراقبتها وتتبعها بتعاون مع‬
‫القطاعات الوزارية المعنية؛‬
‫تتبع األنظمة الداخلية للمؤسسات الخاضعة لتشريع الشغل؛ تتبع معايير العمل الدولية والعمل على تنفيذها؛‬
‫النهوض بالبرامج الخاصة المتعلقة بالنوع االجتماعي وبمحاربة تشغيل األطفال‪ ،‬وتطوير الشراكات مع المجتمع المدني في هذه‬
‫المجاالت؛ تنشيط اآلليات التشاورية في مجال إنعاش التشغيل‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫التدخالت االقتصادية و االجتماعية الالمركزية ترتبط به‪ ،‬وهو ما نستشفه من خالل ظهير‬
‫‪204‬‬
‫‪ ،‬إذ نص الفصل األول على أنه يعتبره‬ ‫‪ 8188/81/81‬المتعلق باختصاصات العمال‬
‫ممثال للملك‪ ،‬والفصل الثاني يعتبر بمثابة مندوب للحكومة‪ .‬وبالتالي نتساءل هل عامل العمالة‬
‫أو اإلقليم هو فقط منسق للمصالح الخارجية للوزارات؟‪ ،‬أم أنه متدخل أساسي؟؟‪.‬‬

‫نقول على أن عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬يعتبر فاعال محوريا في المجال االقتصادي و‬
‫االجتماعي العمومي الجهوي و المحلي‪ ،‬و ذلك راجع إلى الهاجس األمني‪ ،‬واألهمية التي‬
‫يكتسيها السلم االجتماعي بالنسبة لألمن العمومي‪.‬‬

‫كما أن الوقوف على طبيعة العالقة بين مفتش الشغل و رئيس الدائرة و المدير اإلقليمي‬
‫للشغل وواقعها‪ ،‬يبين غياب الخط الفاصل بين العالقات والسلطات واالختصاصات المخولة‬
‫لكل من المصالح المركزية أو مصالح اإلقليمية وخصوصا في عالقة مفتش الشغل برئيس‬
‫الدائرة وكذلك بالمدير اإلقليمي‪ ،‬إال أن شخصية مفتش الشغل هي التي تحدد مجال وفضاء‬
‫استقالليته عن محيطه المهني و اإلداري ‪.205‬‬

‫فإذا كانت هذه بعض المقتضيات المتعلقة بالتزام مفتش الشغل بالحيادية واالستقاللية‪،‬‬
‫وكذا بعض الحدود التي ال تساعد مفتش الشغل على القيام بهذه المهام على أحسن وجه‪.‬فانه‬
‫يلتزم أيضا بالنزاهة في ممارسة وظيفته وكذا حفاظه على السر المهني وهو ما سنتناوله في‬
‫الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االلتزام بالحفاظ على السر المهني والنزاهة كرافعة للتنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫يلعب مفتش الشغل دورا كبيرا بالنظر إلى طبيعة المجال الذي يتحرك فيه‪ ،‬لذلك ألزمه‬
‫المشرع المغربي بالتحلي بمجموعة من األخالقيات المهنية والتي هي في نفس الوقت‬

‫‪ 204‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 811 . 82 .8‬بتاريخ ‪ 12‬صفر‪ 8318( 82‬فبراير ‪ 8188‬المتعلق باختصاصات العامل كما تم‬
‫تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم ‪ 12 . 31‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ، 1 . 11 .8‬بتاريخ ‪ 11‬من ربيع الثاني ‪8188 (11‬‬
‫ديسمبر ‪ )8111‬وبالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم ‪ ، 113 . 13 .8‬الصادر في ‪ 81‬من ربيع الثاني (‪ 1‬أكتوبر ‪،)8113‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 1113‬بتاريخ ‪، 81 / 88 /8113‬ص‪8188‬‬
‫‪205‬محمد طارق‪،‬م‪.‬س ص ‪11‬‬

‫‪87‬‬
‫التزامات ملقاة على عاتقه‪ .‬ومن بينها نجد واجب الحفاظ على السر مهني (أوال) هذا فضال‬
‫على تحليه بالنزاهة ( ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام بالحفاظ السر المهني‬


‫يعتبر السر المهني من أخالقيات جهاز تفتيش الشغل التي تقرها منظمة العمل الدولية‬
‫في االتفاقية الدولية رقم ‪ 18‬بشأن تفتيش الشغل‪ ،‬وتأتي موادها كميثاق أخالقي منظم‬
‫ألخالقيات جهاز تفتيش الشغل‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 82‬من االتفاقية على ضرورة كتمان السر‬
‫المهني وكتمان مصدر الشكايات‪ ،‬حيث يبقى على عاتقهم الحفاظ على أسرار صناعية أو‬
‫تجارية حتى بعد اعتزالهم الخدمة‪ ،‬حيث يجب أن يلتزموا بالسرية المطلقة بخصوص‬
‫الشكاوى المقدمة لهم‪ ،‬وال يبوحوا لصاحب العمل أو ممثله بأن زيارة تفتيش جاءت بناء على‬
‫‪206‬‬
‫هذا وقد نصت االتفاقية رقم ‪ 811‬على نفس المقتضى الذي نصت عليه االتفاقية‬ ‫شكاية‬
‫رقم ‪ 18‬من خالل المادة ‪ ،207 18‬ونفس المبدأ صارت عليه منظمات العمل العربية ونخص‬
‫بالذكر االتفاقية العربية رقم ‪ 81‬وذلك من خالل المادة‪ ،18208‬و كذلك التوصية العربية رقم‬
‫‪ ،1‬حيث صارت على نفس نهج االتفاقية السالفة الذكر وألزمت مفتش الشغل بعدم لشف أي‬
‫سر من أسرار المهنة‪ ،‬أو أن يبوح بمصدر الشكاية وهذا الكتمان يلتزم به مفتش الشغل أثناء‬
‫قيامه بمهامه وبعد انتهائه منها‪.209‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذه االتفاقيات والتوصيات نصت على نفس األخالقيات المهنة‬
‫تفتيش الشغل هذا من جهة‪.‬‬

‫أما من جهة أخرى فنجد أن مفتش الشغل موظفا عموميا تابعا للنظام القانوني المغربي‬
‫الذي يجد سنده في النظام األساسي العام ل ق‪.‬و‪.‬ع‪ ،‬الذي يربط واجبات الموظف العمومي‬
‫بالمصلحة العامة التي تسعى الدولة إلى تحقيقها للجماعة‪ ،‬ومن ثم فإن أي تهاون أو امتناع‬
‫‪ 206‬المادة ‪ 82‬من االتفاقية رقم ‪ 18‬بشأن تفتيش العمل‬
‫‪207‬المادة ‪ 18‬من االتفاقية رقم ‪ 811‬المتعلقة تنص على أنه‪ " :‬يلزم مفتش العمل بعد اعتزالهم الخدمة بعدم إفشاء أي أسرار صناعية أو‬
‫تجارية ‪.‬‬
‫‪ 208‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 1‬من االتفاقية العربية رقم ‪ 81‬بشأن تفتيش العمل لسنة ‪ 12 8111‬التوصية العربية رقم ‪ 1‬لسنة ‪8111‬‬
‫بشأن تتفتيش العمل ‪ 11‬محمد طارق‪ ،‬مقال‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪ ، 2 / 81 /1881‬على الساعة‪83.28 :‬‬
‫‪209‬الفصل ‪ 111‬من القانون الجنائي ينص على أنه‪ " :‬يعد موظف عموميا‪ ،‬في تطبيق أحكام التشريع الجنائي‪ ،‬كل شخص كيفما كانت‬
‫صفته‪ ،‬يعهد إليه‪ ،‬في حدود معينة مباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر و يساهم بذلك في خدمة الدولة‪ ،‬أو المصالح‬
‫العمومية أو الهيئات البلدية‪ ،‬أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام‪ .‬وتراعي صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع‬
‫ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمة‪ ،‬إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها‬
‫‪88‬‬
‫عن القيام بالواجبات يعتبر مساسا بالمصلحة العامة‪ ،‬و إذا كان النظام األساسي للوظيفة‬
‫العمومية لم يشر إلى أخالقيات الموظف بشكل دقيق و مفصل‪ ،‬فإنه يمكن استنباط أهمها من‬
‫نص المقتضيات الخاصة التي توضح التزامات الموظف التي يجب احترامها أثناء مزاولة‬
‫‪210‬‬
‫ومن أهم هذه األخالقيات كتمان السر المهني‪ ،‬و نجد أن الفصل ‪ 81‬من‬ ‫نشاطه وعبرها‬
‫ق‪.‬ورع صار على نفس نهج االتفاقيات الدولية و العربية التي سبق التطرق لها حيث اعتبر‬
‫أن كل موظف يكون ملزما بكتمان السر المهني في كل ما يخص األعمال و األخبار التي‬
‫يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها وقد عرف المشرع الجنائي المغربي الموظف‬
‫العمومي وفق منطوق الفصل ‪.211 111‬‬

‫وبما أن مفتش الشغل هو موظف عمومي فهو ملزم بالحفاظ على السر المهني تحت‬
‫طائلة الجزاء‪ ،‬حيث نص الفصل ‪ 111‬من ق‪.‬ج على أنه يعاقب كل شخص من األمناء على‬
‫األسرار بحكم مهنته أو وظيفته‪ ،‬سواء الدائمة أو المؤقتة‪ ،‬إذا أفشي سرا أودع لديه‪ ،‬حيث‬
‫‪212‬‬
‫يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر‪ ،‬وغرامة من ‪ 8188‬إلى ‪ .18 888‬درهم‪.‬‬
‫(الفصل ‪ 111‬من ق‪.‬ج)‪.‬‬

‫وبالتالي فإن كثمان السر هو واجب أخالقي ينبغي على مفتش الشغل االلتزام به‪ ،‬وما‬
‫يجب تسجيله في التزام مفتش الشغل ب كتمان السر المهني هو أن هذا االلتزام ليس التزاما‬
‫خاصا بهؤالء حصرا‪ ،‬ذلك ألن ق‪.‬و‪.‬ع وق‪.‬ج‪ .‬و يلزمون جميع الموظفين العموميين بالحفاظ‬
‫على األسرار التي يطلعون عليها بحكم أدائهم لوظائفهم‪ ،‬تحت طائلة توقيع جزاءات تأديبية‪،‬‬
‫جنائية و مدنية عليهم في حالة إخاللهم بذلك‪ ،‬وقد أجمعت القوانين العربية على إلزام‬
‫المفتشين بعدم إفشاء األسرار التي يطلعون عليها رغم اختالف المعايير الدولية و العربية في‬

‫‪ 210‬الفصل ‪ 111‬من ق‪.‬ج‬


‫‪ 211‬محمد طارق ‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪ 2/81/1881‬على الساعة ‪81:82‬‬

‫‪ "212‬تنص المادة ‪ 238‬من مدونة الشغل على أنه يؤدي األعوان المكلفون بتفتيش الشغل اليمين المنصوص عليها في الظهير الشريف‬
‫المتعلق باليمين الواجب أداؤها على الموظفين المنصبين لتحرير محاضر الضبط‪.888‬‬
‫يخضع هؤالء األعوان للمقتضيات الخاصة بحفظ السر المهني ‪ ،888‬الواردة في الظهير الشريف رقم ‪ 8-21-881‬الصادر في ‪1‬‬
‫شعبان ‪ 11( 8388‬فبراير ‪ )8121‬بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،888‬كما وقع تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫يعاقب األعوان المكلفون بتفتيش الشغل على إفشاء األسرار التي اطلعوا عليها‪ ،‬طبقا ألحكام الفصل ‪ 111‬من القانون الجنائي المصادق‬
‫عليه بموجب الظهير الشريف رقم ‪ 8-21-183‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬من جمادى اآلخرة ‪ 11( 8311‬نوفمبر ‪ )8111‬كما وقع تغييره‬
‫وتتميمه‪ ،‬مع مراعاة االستثناءات المشار إليها في الفصل المذكور"‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪213‬‬
‫و بالعودة إلى‬ ‫بيان وصف األسرار التي يحظر على مفتش الشغل إفشاؤها إلى الغير‬
‫م‪.‬ش خاصة المادة ‪ 214 238‬نجدها هي األخرى أخضعت مفتشي الشغل للمقتضيات الخاصة‬
‫بالسر المهني الواردة في ق‪.‬و‪ .‬ع‪ ،‬وفيما يخص العقوبات تمت اإلحالة على العقوبات‬
‫المنصوص عليها في ق‪.‬ج و التي سبق اإلشارة إليها سلفا‪ ،‬وفي نفس اإلطار نجد أن المشرع‬
‫المصري من خالل المادة ‪ 88‬من قانون المدنيين بالدولة رقم ‪ 18‬سنة‪ ، 8181215‬منع على‬
‫الموظف ين إفشاء أسرار المهنة حتى ولو بعد ترك العمل‪ ،‬هذا من جهة وبالرجوع إلى بعض‬
‫التشريعات العربية األخرى‪ ،‬مثل نظام العمل السعودي حيث نصت المادة ‪ 181‬على أن‬
‫مفتش الشغل ينبغي أن يلتزم بالسرية التامة بخصوص الشكاوى التي تصل إليه بشأن أي‬
‫نقص في األجهزة أو أي مخالفة ألحكام النظام‪ ،‬وأال يبوح لصاحب الشغل أو من يقوم مقامه‬
‫بوجود هذه الشكاوي‪.216‬‬

‫وقد أحدث المشرع البحريني أمرا حسنا‪ ،‬عندما ألزم مفتش الشغل بعدم إفشاء إسم مقدم‬
‫الشكوى و لم يجعل هذا اإللزام مقتصرا على المفتشين فحسب‪ ،‬بل مد نطاقه إلى جميع‬
‫العاملين بالوزارة من ذوي العالقة‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 81‬من القرار الوزاري ‪1883/11‬‬
‫الصادر بمملكة البحرين بأنه‪ ":‬يجب على المفتشين و سائر موظفي الوزارة عدم اإلفصاح‬
‫عن هوية مقدم الشكوى‪ ،‬وعدم إطالع الخاضعين لتفتيش عليها‪ ،‬على أن تقتصر مهمة‬
‫التفتيش على التحقق من صحة ما ورد بالشكوى‪.217‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االلتزام بالنزاهة‬


‫يقصد بالنزاهة لغة‪ :‬البعد عن السوء‪ .‬و اصطالحا‪ :‬هو التباعد عن الدناءة و األوساخ‬
‫وتعد النزاهة من بين االلتزامات الملقاة على عاتق مفتش الشغل والتي يتعين عليه التمسك بها‬

‫‪213‬قانون العاملين المدنيين بالدولة‪ ( ،‬القانون رقم ‪ 18‬لسنة ‪ )8181‬و المعدل بالقانون رقم ‪ 281‬لسنة ‪1888‬‬
‫‪ 214‬تنص المادة ‪ 181‬من نظام العمل السعودي‪" :‬على مفتش العمل أن يحيط بالسرية المطلقة الشكاوى التي تصل إليه بشأن أي في‬
‫األجهزة أو أي مخالفة ألحكام النظام‪ ،‬وأال يبوح لصاحب العمل أو من يقوم مقامه بهذه الشكاوى"‬
‫‪215‬علي فيصل‪ ،‬تفتيش العمل ودوره في كفالة إنفاذ تشريعات العمل ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬سلسلة الدراسات االجتماعية و العمالية العدد‬
‫‪ ،11‬الطبعة األولى‪ ،1881 ،‬ص‪ ،811 :‬تاريخ اإلطالع ‪ ، 88 / 88 /1881‬على الساعة ‪82:82‬‬
‫‪http://gcclsa.org/uploaded/files/82-2013.pdf‬‬
‫‪ 216‬تنص الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 1‬من التوصية العربية رقم ‪ 1‬بشأن تفتيش العمل‪ ،‬والتي أقرها مؤتمر العمل العربي في دورة انعقاده‬
‫الخامس و العشرين األقصر بتاريخ مارس ‪ ،8111‬ص‪ ،331 :‬والتي جاء فيها‪ ":‬يجب على مفتش العمل‪ ... :‬أال تكون له أية مصلحة‬
‫شخصية مباشرة أو غير مباشرة في المنشآت التي يقوم بالتفتيش عليها‪"...‬‬
‫‪217‬محمد طارق‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.18‬‬

‫‪90‬‬
‫ومراعاتها تبعا لمقتضيات وظيفته‪ .‬بحيث نجد المادة ‪ 82‬من االتفاقية رقم ‪ 18‬تحضر على‬
‫مفتشي الشغل أن تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في المنشآت الخاضعة إلشرافهم‬
‫ونفس األمر تبنته االتفاقية رقم ‪ 811‬في المادة ‪ 18‬التي جاءت بنفس مضمون المادة ‪ 82‬من‬
‫االتفاقية رقم ‪.18‬‬

‫إلى جانب االتفاقيات الدولية‪ ،‬نجد بأن المنظمات العربية هي األخرى تأكد على ضرورة‬
‫أن يؤدي مفتش الشغل عمله بنزاهة‪ ،‬مع حظر أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة أو غير‬
‫مباشرة في المنشآت التي يقوم بتفتيشها وذلك من خالل المادة ‪ 1‬من التوصية العربية رقم‬
‫‪.1218‬‬

‫ونشير إلى أن التوصيات العربية في إطار تناولها األخالقيات مفتش الشغل لم تخرج عما‬
‫نصت عليه االتفاقيات الدولية في هذا المجال‪ .‬أما على مستوى التشريع الوطني نجد بأن‬
‫الدستور المغربي يلزم الموظف العمومي وعبره مفتش الشغل بأن يمارسوا وظائفهم وفقا‬
‫لمبادئ احترام القانون و الحياد و الشفافية والنزاهة والمصلحة العامة‪.‬‬

‫ومن خالل اإلطالع على نصوص م‪.‬ش المغربية و كذا المرسوم المنظم لجهاز تفتيش‬
‫الشغل ال نجد أي ذكر لهذا االلتزام‪ ،‬وهو ما دعانا إلى العودة ق‪.‬و‪.‬ع باعتبار مفتش الشغل‬
‫موظف عمومي‪ ،‬ورغم أن هذا األخير لم يشر إلى أخالقيات الموظف العمومي بشكل دقيق‬
‫ومفصل إال أنه يمكن استنباط أهمها من نص المقتضيات الخاصة التي توضح التزامات‬
‫الموظف التي يجب احترامها أثناء مزاولة نشاطه وعبرها نستنتج االلتزامات األخالقية‬
‫لجهاز تفتيش الشغل والتي من بينها‪ :‬منع الموظف العمومي عن ممارسة عمل آخر متعارض‬
‫مع وظيفته‪ ،‬إذ ال يجوز بأي حال من األحوال الجمع بين وظيفته و عمل آخر سواء أكان‬
‫عمله في القطاع العام أو الخاص‪ ،‬والغاية من ذلك هي أن الموظف ‪ -‬وعبره مفتش الشغل ‪-‬‬
‫ملزم بتكريس وقته لخدمة الجماعة‪ ،‬وأن نشاطه األصلي قد يتضرر من مزاولة نشاط آخر‪،‬‬

‫‪ 218‬محمد طارق م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪91‬‬
‫وهذا ما أكد عليه الفصل ‪ 82‬من قانون الوظيفة العمومية‪ .‬غير أنه أجاز بعض االستثناءات‪،‬‬
‫ومن خالل هذا الفصل يقر قانون الوظيفة العمومية بمبدأ نزاهة وحياد الموظف العمومي‪.219‬‬

‫وفي نفس اإلطار نجد المشرع الجنائي المغربي عمل على حماية مبدأ النزاهة وذلك من‬
‫خالل تجريم مجموعة من األفعال التي يمكن أن يقوم بها الموظف العمومي وعبره مفتش‬
‫الشغل و تنصيصه على عقوبات تطال مرتكبها و من بينها نجد‪:‬‬

‫‪ -‬الرشوة التي تأتي كجريمة لتجريم عدم تحلي الموظف باألمانة و النزاهة‪ .‬إذ تعتبر من‬
‫أخطر و أبلغ أنواع الفساد التي تصيب الوظيفة العمومية و أكثر شيوعا وأخطرها‪ ،‬إذ أنه‬
‫يخون المجتمع الذي ينتمي إليه معتمدا على ما يجب أن يتصف به من أمانة و نزاهة‪.220‬‬

‫والمشرع المغربي اهتم بجريمة الرشوة ونص على عقوبتها ضمن المواد من ‪ 111‬إلى‬
‫‪ 121‬من ق‪ .‬ج ‪.221‬‬

‫‪ -‬الزور‪ :‬يعتبر من الجرائم الماسة بالثقة العامة‪ ،‬بحيث يعاقب مرتكبها بعقوبة المؤبد‬
‫طبقا للفصل ‪ 321‬من القانون الجنائي‪ .222‬وهي جريمة يمكن أن يرتكبها مفتش الشغل على‬
‫اعتبار أن القانون أسند له عدة اختصاصات مرتبطة باألوراق و المحررات الرسمية‪،‬‬
‫وأبرزها ضبط ارتكاب المشغل لمخالفة أحكام تشريع الشغل‪ ،‬والتي تقتضي أن يحرر المفتش‬
‫‪223‬‬
‫محضر بشأنها‬

‫وفي هذا السياق جاءت الجمعية العالمية لتفقد الشغل من خالل المدونة العامة للسلوكيات‬
‫المهنية و األخالقية ألجهزة تفقد الشغل‪ ،‬من أجل توفير إطار مرجعي من شأنه تأسيس‬
‫االرتقاء باألداء المهني و األخالقي لنظم تفتيش الشغل‪ ،‬إلضفاء الشفافية و المسؤولية على‬

‫‪ 219‬محمد طارق‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪ 220‬ظهير شريف رقم ‪ 183 . 21 . 8‬صادر في ‪ 11‬جمادی الثانية ‪ 8311‬الموافق ‪ 11‬نونبر ‪ ،8111‬الجريدة الرسمية عدد ‪1118‬‬
‫مكرر بتاريخ ‪ 11‬جمادى الثانية ‪ 11(8311‬نونبر‪ )8111‬بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪1118‬‬
‫مكرر بتاريخ محرم ‪ 2( 8313‬يونيو ‪ ،)8113‬ص ‪.881‬‬
‫‪ 221‬المدونة العامة للسلوكيات المهنية و األخالقية ألجهزة تفقد الشغل‪ ،‬من منشورات الجمعية العالمية لتفقد الشغل‪ ،‬منشورات ‪،1881‬‬
‫مترجمة للغة العربية من طرف شاكر الساحلي‪ ،‬المتفقد الرئيس للشغل وزارة الشؤون االجتماعية‪.‬‬
‫‪ 222‬الفصل ‪ 321‬من القانون الجنائي ينص على أنه‪ ":‬يعاقب بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أو عدل ارتكب‬
‫أثناء قيامه بوظيفته‪ ،‬تزويرا بإحدى الوسائل اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬وضع توقيعات مزورة ‪ -‬تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع ‪ -‬وضع أشخاص موهومين أو استبدال أشخاص بآخرين ‪ -‬كتابة إضافية‬
‫أو مقحمة في السجالت أو المحررات العمومية‪ ،‬بعد تمام تحريرها أو اختتامها‪".‬‬
‫‪ 223‬محمد طارق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪92‬‬
‫مستوى سير عمل أجهزة تفتيش الشغل‪ .‬ومن بين القيم التي نادت بها المدونة نجد النزاهة‪،‬‬
‫التي سعت إلى تشجيع السلوكيات القائمة على هذا المبدأ‪ ،‬ويحفز على اتخاذ المبادرات‪ ،‬و‬
‫ذلك بااللتزام بالمصلحة العامة الذي يعد أولوية مطلقة‪ ،‬وكذا تحاشي السلوكيات المشبوهة‬
‫التي يمكنها النيل من نزاهة مفتش الشغل أو من ثقة الشركاء االجتماعيين في المؤسسة‪،‬‬
‫برفض قبول الهدايا و الهبات دون أن ننسى التزامه بمقاومة المحاباة و المحسوبية‪. 224‬‬

‫إن إقرار هذا المبدأ بالنسبة لجهاز تفتيش الشغل‪ ،‬يكمن في منع أي عمل أو عدمه خاضعا‬
‫لمنح امتيازات‪ ،‬ويؤمن حماية المرتفق ضد كل أشكال التعسف ويضمن حرية التقييم لمفتش‬
‫الشغل‪ .‬ويظهر اإلخالل بهذا المبدأ بالخصوص في االستفادة من امتياز مقابل القيام بفعل‬
‫شيء أو عدمه أثناء ممارسة الوظائف‪. 225‬‬

‫وإعمال هذا المبدأ ينتج عنه حضر أن تكون لمفتش الشغل أي مصلحة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة في المنشآت الخاضعة إلشرافه‪ .‬و نفس األمر نجده في سلطنة عمان‪ ،‬بحيث يشترط‬
‫في مفتش الشغل التحلي بصفة النزاهة و الترفع عن أي عمل من شأنه المساس بمهام‬
‫وظيفته‪ ،‬ويتجنب وفقا لذلك عن االستفادة من امتياز وأي منفعة‪ ،‬كما يتجنب قبول الهدايا و‬
‫العروض والخدمات الخاصة ولو كانت زهيدة الثمن‪ ،‬على اعتبار أن المهام الواسعة التي‬
‫يستوجبها قيام مفتش الشغل بمقتضيات وظيفته‪ ،‬تتطلب منه تخصيص كل وقته لمعالجة‬
‫المشاكل و اإلشكاليات التي تعرض عليه من جوانبها المختلفة‪ ،‬فيعمل على تسويتها بروح‬
‫تتسم بالنزاهة و بترفع هذا المفتش طالما أنه ال يستهدف من مداخالته إال المساعدة على‬
‫تحسين العالقات في المجتمع المهني للحفاظ على البنية المستقرة في عالقات الشغل التي‬
‫يسودها بف ضل هذه النزاهة‪ ،‬التفاهم و التعاون‪ ،‬األمر الذي يكسبه تقدير وثقة أصحاب العالقة‬
‫المعنيين‪.226‬‬

‫‪224‬علي فيصل علي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ ،811812 :‬تمت الزيارة ‪ ، 88 / 88 /1881‬على الساعة‪http://gcclsa.org/uploaded/files/82- 3.88 :‬‬
‫‪2013.pdf‬‬
‫‪ 225‬محمد طارق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪226‬‬
‫علي فيصل علي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ ،811812 :‬تمت الزيارة ‪ ، 88 / 88 /1881‬على الساعة‪3.88 :‬‬

‫‪93‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الصعوبات التي تحد من مساهمة مفتشية الشغل في التنمية‬
‫االقتصادية‬
‫سنعالج هذه النقطة المتعلقة بالصعوبات التي تحد من مساهمة مفتشية الشغل في التنمية‬
‫االقتصادية في مطلبين ‪ :‬نخصص (المطلب األول) لمحدودية التعاون بين مفتشية الشغل‬
‫والقضاء‪ .‬بينما (المطلب الثاني) نخصصه لمحدودية تدخل مفتشية الشغل في المصالحة‬
‫كسبيل لتحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬محدودية التعاون بين مفتشية الشغل والقضاء‬


‫تعتبر مفتشية الشغل من أهم األجهزة التي تراهن عليها الدول من أجل تفعيل مقتضيات‬
‫القانون االجتماعي قصد بلوغ النماء االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬إال أن فعالية عمل مفتشية‬
‫الشغل تبقى رهينة بمستوى عالقتها بالقضاء‪.‬‬

‫ولما كانت نجاعة عمل مفتشية الشغل باعتبارها آلية حاسمة في تفعيل مدونة الشغل‬
‫وتحقي ق الرهانات المعقودة عليها‪ ،‬ترتبط بطبيعة عالقتها بالجهاز القضائي‪ ،‬فإنه من الطبيعي‬
‫أن يطرح التساؤل حول طبيعة اإلكراهات والمعيقات التي تشوش على سهولة التواصل‬
‫الفعال والبناء بين مفتشية الشغل والقضاء‪ ،‬وأين تتجلى مظاهر المحدودية في عالقة مفتشية‬
‫الشغل بالقضاء على مستوى الصلح باعتباره االختصاص الحديث قانونا والقديم ممارسة‬
‫وواقعا‪.‬‬

‫وبالتالي فهل يكفي تكريس االختصاص التصالحي لمفتش الشغل بمقتضى نص قانوني‬
‫لتأطير التعاون والتشارك بين مفتشية الشغل والقضاء على مستوى محاضر الصلح‪.‬‬

‫فمن خالل التكريس القانوني لالختصاص التصالحي لمفتش الشغل‪ ،‬أراد المشرع‬
‫المغربي قطع دابر الجدل الفقهي والقضائي الذي كان قائما حول االختصاص المذكور قبل‬
‫صدور مدونة الشغل‪.‬‬

‫لكن التساؤل يبقى مطروحا حول ما إذا كان تنظيم الصلح التمهيدي دقيقا وكفيال بان‬
‫يؤطر لعالقة تعاون جدي بين مفتشية الشغل والقضاء‪ .‬أم أن تنظيم الصلح المذكور يتسم‬

‫‪94‬‬
‫بالمحدودية والقصور اللذان يؤثران سلبا على عالقة جهازي الرقابة على القانون االجتماعي‬
‫(الفقرة األولى)‪.‬‬

‫وماذا عن الصلح في حالة الفصل التعسفي؟ هل تعتبر الضمانات واإلجراءات التي‬


‫حفه بها المشرع المغربي كفيلة بأن تؤطر للتعاون المطلوب بين مفتشية الشغل والقضاء أم‬
‫أنها تبقى قاصرة عن بلوغ هذا المسعى (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المحدودية على مستوى الصلح التمهيدي‬


‫قبل صدور مدونة الشغل كانت تظهر بشكل جلي محدودية عالقة التعاون بين جهازي‬
‫مفتشية الشغل والقضاء االجتماعي‪ ،‬حيث رفض هذا األخير الصلح المبرم بحضور مفتش‬
‫الشغل في مجموعة من األحكام استنادا إلى نصوص قانون االلتزامات والعقود (أوال)‪.‬‬

‫يمكن أن نتساءل عن موقف القضاء بعد صدور مدونة الشغل حيال المهمة التصالحية‬
‫القانونية لمفتشي الشغل‪ ،‬هل تم تنظيم الصلح التمهيدي بشكل يقوي العالقة ما بين جهازي‬
‫مفتشية الشغل والقضاء االجتماعي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬رفض القضاء للصلح في النزاعات قبل صدور مدونة الشغل‬


‫يجب اإلشارة إلى أن القضاء االجتماعي كان يتعامل بشكل نسبي في أخده بالصلح‬
‫المبرم بحضور مفتش الشغل في عدة أحكام حتى قبل صدور مدونة الشغل‪ ,‬مما جعل تلك‬
‫األحكام الصادرة عنه تعرف نوع من التدبدب‪.‬‬

‫ال يمكن تطبيقه في‬ ‫البيضاء‪227‬‬ ‫وفي السياق ذاته رفضت المحكمة االبتدائية بالدار‬
‫المادة االجتماعية وكل محاولة للصلح بهذه الطريقة تعد مرفوضة وال عمل بها‪ ،‬بدليل الصلح‬
‫المدني المطبق في المادة االجتماعية يتعارض مع مقتضيات الفصل ‪ 8888‬الذي يمنع الصلح‬
‫في المسائل المتعلقة بالنظام العام‪ ،‬والفصل ‪ 8888‬من قانون االلتزامات والعقود الذي يمنع‬
‫بالطعن في عقد الصلح بسبب اإلكراه أو التدليس أو الغلط المادي‪ ،‬باإلضافة إلى الفقرة‬

‫‪ 227‬وربعة وحكام صادرة عن ابتدائية البيضاء في ‪ 07‬ابريل في الملفات وعداد ‪ 96/619‬و‪ /9/610 91 /618‬و ‪ 96/612‬ووردها‬
‫عز الدين الكتاني في مقاله‪:‬‬
‫‪- Transaction et droit social, Revue Marocaine de droit et d'économie du développement N°‬‬
‫‪22 Année 1990 Page 161‬‬

‫‪95‬‬
‫التاسعة من الفصل ‪ 821‬من ذات القانون التي تمنع التنازل المسبق عن الحق في التعويض‬
‫عن اإلنهاء التعسفي لعقد الشغل‪.‬‬

‫وفي نفس االتجاه عملت المحكمة االبتدائية بالمحمدية على استبعاد عقد الصلح المبرم‬
‫بين األجير والمشغل في مجال إنهاء عقد الشغل ؛ كيفما كانت الصورة والكيفية التي ابرم‬
‫بها‪ ،‬على أساس أن األجير ال يجوز له التنازل عن حقوقه المترتبة عن الفصل التعسفي ألنها‬
‫من النظام العام‪.228‬‬

‫وهو نفس التوجه الذي سار عليه المجلس األعلى في قرار جاء في إحدى حيثياته ما‬
‫يلي‪ ..... " :‬لكن حيث أن اإلشهاد المدلى به والمحرر من طرف السلطة المحلية ال يوجد به‬
‫ما يفيد أن المطلوب في النقض غادر عمله تلقائيا ألنه ينص فقط على أن رئيس الدائرة‬
‫استدعى الطرفين وأدى المشغل ما بذمته من واجبات ‪ ....‬وليس به أي تنازل عن حقوقه‬
‫والتي لو وقعت لكانت باطلة حسب مقتضيات الفصل ‪ 821‬من قانون االلتزامات والعقود‪.229‬‬

‫وفي نفس اإلطار دائما‪ ،‬اعتبرت المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء أن مفتش الشغل‬
‫ليس بعدل وال موث ق‪ ،‬وبالتالي فان الوثيقة التي يحررها والمتمثلة في محضر الصلح ال تلزم‬
‫القاضي في شيء ‪ ،‬وان كان لهذا األخير أن يأخذها بعين االعتبار ويضيفها إلى عناصر‬
‫أخرى قد تساعده على الفصل النهائي في النازلة المعروضة عليه‪.230‬‬
‫‪231‬‬
‫أن هذا االتجاه القضائي يستند غالبا الستبعاد عقد‬ ‫وقد ذهب بعض الفقه المغربي‬
‫الصلح المدني في مجال عالقات الشغل‪ ،‬وعلى الخصوص في مجال اإلنهاء على ثالثة‬
‫قواعد قانونية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ .‬الفصل ‪ 8888‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الذي يمنع الصلح في المسائل المتعقلة‬
‫بالنظام العام‪.232‬‬

‫‪ 228‬حكم المحكمة االبتدائية بالمحمدية بتاريخ ‪ 29‬شتنبر ‪ 2897‬في م اح ع‪ 212/2192 :‬اشار اليه‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Azzeddine kettani : OP. Cit. P. 162‬‬
‫‪ 229‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪ 2896‬منشور بمجلس األعلى العدد ‪ 12‬ص ‪ 72‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 230‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء تحت رقم ‪ 96/8/11‬م ا ج ع‪97/122 :‬‬
‫وورده‪ - :‬إدريس فجر‪:‬مفتشية الشغل االتتصاصات والفعالية م‪.‬س‪ .‬ص‪.291 .‬‬
‫‪ 231‬محمد الكشبور‪ :‬التعسف في إنهاء عقد الشغل‪ ،‬وحكام التشريع ومواقف الفقه والقضاء دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار‬
‫البيضاء ‪ 2881‬ص ‪.220‬‬
‫‪96‬‬
‫‪ .‬الفصل ‪ 8888‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الذي يسمح بالطعن في عدم الصلح‬
‫بسبب اإلكراه أو التدليس أو الغلط المادي‪.233‬‬

‫الفصل ‪ "821‬الفقرة التاسعة " من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬التي تمنع التنازل عن‬
‫التعويضات المتعلقة باإلنهاء التعسفي‪.234‬‬

‫فيما يرى البعض اآلخر من الفقه أن جانبا من القضاء اعتبر اإلشهاد بالمصالحة أو‬
‫التنازل أمام مفتش الشغل بعد التوصل بمبالغ مالية ال يشكل إنهاء للنزاع وإنما يبقى مجرد‬
‫وصل بسيط بالمبالغ التي تم تسليمها لألجير‪ ،‬والمحكمة تبقى لها الصالحية في المراقبة‬
‫والنظر في التعويضات الممنوحة هل هي مطابقة للقواعد المقررة أم ال‪ ،‬وهل األمر يكتسي‬
‫مغادرة تلقائية أم انه يتعلق بطرد تعسفي مقنع‪ .‬وحجتهم في ذلك انه ال يوجد نص قانوني‬
‫يحمل لمحضر المصالحة قوة تنهي النزاع‪.235‬‬

‫وإذا استثنينا هذه أحكام القليلة الصادرة عن ابتدائية المحمدية والدار البيضاء والتي‬
‫بموجبها استبعدتا الصلح المدني في مجال عالقات الشغل فان القضاء المغربي ‪ -‬قبل صدور‬
‫مدونة الشغل ‪ -‬اقر في العديد من أحكامه مشروعية الصلح في مجال عالقات الشغل‪،‬‬

‫‪ 232‬ينص الفصل ‪ 2200‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬


‫"ال يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشتصية وبالنظام العام وو بالحقوق الشتصية األترى التارجة عن دائرة التعامل‪،‬‬
‫ولكن يسوع الصلح على المنافع المالية التي تترتب على مسالة تتعلق بالحالة الشتصية وو على المنافع التي تنشا من الجريمة "‪.‬‬
‫‪ 233‬ينص الفصل ‪ 2222‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬
‫" يجوز الطعن في الصلح‪:‬‬
‫ووال‪ :‬بسبب اإلكراه وو التدليس‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بسبب غلط مادي وقع في شتص المتقاعد األتر‪ ،‬وو في صفته وو في الشيء الذي كان محخا للنزاع‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬النتفاء السبب إذا كان الصلح قد وجري‪:‬‬
‫و‪ -‬على سند مزور‪.‬‬
‫ب‪ -‬على سبب غير موجود‪.‬‬
‫ج ‪ -‬على نازلة سبق فصلها بمقتضی صلح صحيح وو حم غير قابل لخاستئناف وو للمراجعة‪ ،‬كان الطرفان او احدهما يجهل‬
‫وجوده‪."....‬‬
‫‪ 234‬تنص الفقرة التاسعة من الفصل ‪ 621‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬
‫" ‪ ...‬ال يصح التنازل مقدما من الطرفين عن الحق الذي قد يثبت ألحدهما في طلب التعويضات وفقا لما تقضي به األحكام السابقة‬
‫‪."...‬‬
‫‪ 235‬وزهور الحر‪.‬دور مفتشية الشغل في استقرار عخاقات الشغل المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون المقارن ‪.‬ع‪ - 11 .‬السنة ‪2881‬‬
‫الصفحة ‪.289‬‬

‫‪97‬‬
‫متجاهال بذلك القواعد اآلمرة التي تمنع التنازل عن حقوق األجير‪ ،‬وهكذا أخذت ابتدائية الدار‬
‫البيضاء في تغيير موقفها السابق‪ ،‬وقد اعتمدت المحكمة في هذا الحكم‪ 236‬على الفصل ‪8881‬‬
‫من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص على ما يلي‪:‬‬

‫" ال يجوز الرجوع في الصلح‪ ،‬ولو باتفاق الطرفين ما لم يكن قد أبرم باعتباره مجرد‬
‫عقد معاوضة"‪.‬‬

‫كما أن المحكمة االبتدائية بوجدة سارت في نفس االتجاه‪ .‬فقد جاء في أحد أحكامها ما‬
‫يلي‪... " :‬وحيث انه بالرجوع إلى محضر الصلح المبرم بين الطرفين أمام السيد مفتش الشغل‬
‫بتاريخ ‪ 1888/88/12‬تبت للمحكمة بأنه قد وقع اتفاق بين الطرفين ينص على إنهاء العقد‬
‫القائم بينهما بعد توصل المدعية‪ ،‬بحقوقها المترتبة في ذمة المدعى عليه‪ ،‬وحيث أن المدعية‪،‬‬
‫أبرمت صلحا مع المدعى عليه توصلت في إطاره بحقوقها‪ ،‬وانفصال عن بعضها البعض‬
‫برضي وامتياز‪ ،‬وبدون متابعة‪ ،‬مما يجعل طلبها في هذا الشأن " التعويض عن الطرد‬
‫التعسفي " غير مؤسس ويتعين رفضه‪.237‬‬

‫ونعتقد أن القضاء المغربي لم يكن صائبا فما ذهب إليه بشان تطبيق الصلح المدني في‬
‫مجال الع القة الشغلية‪ ،‬حيث انه تارة يذهب في اتجاه اعتماده وتارة يقول بفكرة االستبعاد‬
‫حيث يرى احد الباحثين‪ 238‬أن طرفي العالقة التعاقدية في عقود العمل تتميز بتفاوت المراكز‬
‫بن األجير المؤاجر فهذا األخير ذو مرلز اقتصادي قوي‪ ،‬في حين أن األجير ذو مركز‬
‫ضعيف مما قد يكون مدعاة لالستغالل من قبل المشغل في فرض مختلف الشروط التي تخدم‬
‫مصالحه ولو أدى ذلك إلى إهدار حقوق األجير‪.‬‬

‫‪ 236‬حكم ابتدائية الدار البيضاء بتاريخ ‪ 7‬دجنبر ‪ 2899‬م ج ع ‪ 117/96‬وشار إليه عز الدين الكتاني في مرجعه السابق ص ‪.272‬‬
‫‪ 237‬حكم ابتدائية وجدة رقم ‪ 1217‬بتاريخ ‪ 1001/22/10‬م ج ع‪ ( 1 /222.‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 238‬محمد ووزيان‪ :‬مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة بين ضرورات اإلبقاء على‬
‫السلم االجتماعي وحتميات التنمية االقتصادية‪ :‬مجلة القصر‪ :‬العدد ‪ 26‬ماي ‪ 106‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص ‪.206‬‬

‫‪98‬‬
‫ثانيا‪ :‬غموض الصلح التمهيدي‬
‫أمام الجدل الفقهي والقضائي بخصوص قيام مفتشي الشغل بالمهمة التصالحية بدون‬
‫سند قانوني ونظرا لما أثبتته من نجاعة وفعالية في الحد من نزاعات الشغل التي تنشأ من‬
‫طرفي اإلنتاج‪ ،‬دفعت بالمشرع المغربي إلى تقنين تدخله من خالل مدونة الشغل‪.‬‬

‫لكن صدور وتطبيق مدونة الشغل في الواقع‪ ،‬أبان عن مجموعة من المسائل التي تحد‬
‫من تدخله منها عدم دقة تنظيم المحاوالت التصالحية التي يقوم بها مفتش الشغل‪ ،‬حيث يعرف‬
‫الص لح التمهيدي نوعا من الغموض والقصور سواء من حيث الصياغة الفنية للنص‬
‫التشريعي أو من حيث الممارسة‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 231‬في فقرتها األخيرة نجدها تنص على أن " يحرر‬
‫في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع ويوقعه بالعطف العون لمكلف بتفتيش‬
‫الشغل‪"...‬‬

‫فالمشرع هنا لم يكلف نفسه عناء التنصيص على البيانات الجوهرية الالزمة لصحة‬
‫الصلح التمهيدي‪ ،‬واألهم من ذلك عدم قيامه بتعريف المحضر‪ .‬غير أن هذا ال يمنع من‬
‫االستئناس بالتعريف الوارد في المادة ‪ 11‬من قانون المسطر الجنائية المغربية‪.239‬‬

‫فالتعريف الذي جاء في المادة ‪ 11‬من قانون المسطرة الجنائية المغربية‪ ،‬وان كان‬
‫يخص المحاضر المحررة من طرف ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬فإنه يمكن أن ينطبق على تلك‬
‫التي يحررها األعوان المكلفون بتفتيش الشغل‪ ،‬وهذا الطرح يستفاد من الفقرة الثانية من‬
‫المادة أعاله التي أحالت وهي في معرض حديثها عن بيانات المحضر على نصوص خاصة‬
‫أخرى‪.240‬‬

‫‪ 239‬تنص المادة ‪ 11‬من قانون المسطرة الجنائية المغربية التي عرفت المحضر بأنه‪:‬‬
‫" الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية وثناء ممارسة مهامه ويضمنها ما عاينه وما تلقاه من تصريحات وو ما قام به‬
‫من عمليات ترجع التتصاصه"‬
‫‪ 240‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 11‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي‪:‬‬
‫دون اإلتخال بالبيانات المشار إليها في مواد وترى من هذا القانون وو في نصوص وترى‪ ،‬يتضمن المحضر تاصة اسم محرره‬
‫وصفته ومكان عمله وتوقيعه‪ ،‬ويشار فيه إلى تاريخ انجاز اإلجراء وساعة تحرير المحضر إذا كانت تتالف ساعة انجاز اإلجراء"‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫وبالنسبة للبيانات التي ينبغي أن تتضمنها المحاضر التي ينجزها أعوان التفتيش فان‬
‫مدونة الشغل لم تحدد شكال معينا‪ ،‬إال أن وزارة التشغيل والتكوين المهني وضعت رهن‬
‫إشارة هذا الجهاز نماذج من هذه المحاضر‪.‬‬

‫وما قد يضفي على المحضر المشار إليه في مقتضيات المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل‬
‫من اشكال‪ ،‬هو عدم تبيان المشرع المغربي لمصير محضر الصلح في حالة غياب احد‬
‫البيانات المشار إليها في المادة أعاله كما هو الحال في عدم توقيع المحضر من قبل احد‬
‫طرفي النزاع‪.‬‬

‫حيث يرى جانب من الفقه‪ 241‬أن عدم توقيع احد طرفي النزاع على المحضر يعد مجرد‬
‫بيان يستأنس به القاضي في حل النزاع وال يلزمه في شيء ويضيفها إلى عناصر قد تساعده‬
‫على الفصل النهائي في القضية المعروضة عليه ‪.‬‬

‫وكان على المشرع المغربي من أجل تفادي الغموض وسد الباب أمام التأويل أن ينص‬
‫على مصير المحضر الموقع من قبل مفتش الشغل وأحد طرفي النزاع دون الطرف األخر‪.‬‬
‫ونعتقد أن من األفضل أن يأخذ به مادام ورقة رسمية محررة من طرف موظف عمومي‬
‫محلف ومختص‪ ،‬طبقا مقتضيات الفصلين ‪ 181‬و ‪ 181‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫أما بخصوص الجانب المتعلق بالممارسة الواقعية للصلح من طرف مفتش الشغل‪ ،‬فان‬
‫األجير قد يلجا في بعض الحاالت إلى الطعن أمام القضاء في الصلح الذي يكون ابرمه مع‬
‫مشغله تحت إشراف مفتش الشغل‪ ،‬فيستجيب القضاء لطلب األجير مما ينتج عنه من جهة لوم‬
‫المشغل المفتش الشغل وعدم االستجابة الستدعائه مرة أخرى‪ 242‬ويخلق لدى أعوان التفتيش‬
‫شعورا باإلحباط ومس اسا بهيبتهم وسلطتهم وتقويضا لدعائم التعاون و التشارك الواجب قيامه‬
‫بين مفتشية الشغل و القضاء من جهة ثانية‪.243‬‬

‫‪ 241‬عبد العزيز العتيقي‪ ،‬محمد الشرقاني‪ ،‬محمد القري اليوسفي‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية المدونة الشغل المرتقبة مشروع ‪2881‬‬
‫دار النشر الجسور وجدة ‪ 2888‬ص ‪.118‬‬
‫‪ 242‬سعد لماني‪ :‬دور مفتشية الشغل في تطبيق قانون الشغل مجلة المرافعة العدد‪ 1- 1‬ماي ‪ 2881‬ص ‪.182‬‬
‫‪ 243‬عبد اللطيف تالفي‪ :‬مفتشية الشغل بن جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون المقارن العدد‬
‫‪ 11‬السنة ‪ 2881‬ص ‪.111‬‬
‫‪100‬‬
‫يرى بعض الفقه‪ 244‬انه في ظل مدونة الشغل المغربية‪ ،‬التي حددت التعويضات وبينت‬
‫طريقة احتسابها يمكن تجاوز هذا الوضع الذي من شأنه أن يساعد مفتش الشغل على تحرير‬
‫محاضر لن يكون أمام القضاء إال أن يأخذ بها مادامت مشتملة على كافة التعويضات‬
‫المستحقة لألجير بشكل واضح و مفصل‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫كان أكثر دقة من‬ ‫كما تجب اإلشارة في هذا السياق إلى أن المشرع الموريتاني‬
‫المشرع المغربي في كيفية تنظيم محاولة التوفيق أمام مفتش الشغل‪ :‬والتي تعتبر إلزامية قبل‬
‫عرض أي قضية على القضاء‪ ،‬سواء تعلق األمر بمحضر الصلح الذي ميز فيه بين الصلح‬
‫الكلي والصلح الجزئي أو بمحضر عدم الصلح‪.‬‬

‫وأكثر من ذلك‪ ،‬نجد المشرع الموريتاني خضع محضر الصلح للتذييل بالصيغة‬
‫التنفيذية من طرف رئيس محكمة الشغل بعد تأكده من احترام المحضر للمقتضيات‬
‫القانونية‪.246‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬محدودية تنظيم الصلح في حالة الفصل التعسفي‬


‫لقد نظم المشرع المغربي الصلح في حالة الفصل التعسفي في المادة ‪ 18‬من مدونة‬
‫‪247‬‬
‫وهذا التنظيم المذكور يثير مجموعة من اإلشكاالت التي تساعد على وجود‬ ‫الشغل‬
‫محدودية العالقة بين مفتشية الشغل والقضاء‪.‬‬

‫‪ 244‬بشرى العلوي‪ :‬الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي‪ :‬الطبعة الثانية السنة ‪ ،1006‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء ص ‪.172‬‬
‫‪ 245‬تنص المادتان ‪ 187‬و ‪ 189‬من مدونة الشغل الموريتاني ما يلي‪:‬‬
‫المادة ‪ " :187‬إن محضر التوفيق إذا توصل الطرفان إلى اتفاق يثبه المفتش تخال نفس الجلسة في محضر التوفيق الذي يجب ون‬
‫يتضمن كي ال يعتبر باطخا‪ :‬توقيع الطرفين مع توقيع مفتش الشغل‪ ،‬تاريخ المحضر نص متتلف عناصر الشكوى‪ ،‬النقاط التي حصل‬
‫بشأنها التوفيق وعند االقتضاء المبالغ المتفق عيها بالنسبة لكل عنصر من عناصر الشكوى عناصر الشكوى التي تم التتلي عنها‪ .‬في‬
‫حالة التوفيق الجزئي للطلبات التي لم يتضمنها التوفيق وال يجوز ون تستتدم في المحضر وية عبارة مثل على وجه التصوص "‬
‫متفرقات وو متالصة لكل حساب وو كافة المبالغ مندمجة " " وإال يعتبر المحضر باطخا "‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ :189‬على ما يلي في حالة عدم التوفيق يثبت مفتش الشغل التخاف في موعد ال يمكن ون يتجاوز سبعة ويام في محضر‬
‫يبين فيه وسباب اإلتفاق‪.‬‬
‫‪ 246‬تنص المادة ‪ 186‬من مدونة الشغل الموريتانية على ما يلي‪ :‬وثار محضر التوفيق ‪ ...‬ويضع رئيس المحكمة الصيغة التنفيذية بعد‬
‫التأكد من مطابقته لمقتضيات هذه المادة وتم إجراء تنفيذ هذا المحضر كما لو كان حكما صادرا عن محكمة"‪.‬‬
‫‪ 247‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ :‬عخاقات الشغل الفردية – عقد الشغل‪ ،‬إنهاء عقد الشغل‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني المجلد الثاني‪ .‬ص ‪.2177‬‬

‫‪101‬‬
‫فالبرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 18‬من مدونة الشغل في فقرتها الثانية نجدها توحي بان‬
‫الصلح يجد محال له في التعويضات المتعلقة بإنهاء عقد الشغل ويشمل حالة اإلنهاء التعسفي‬
‫عالوة على حالة اإلنهاء الودي‪.‬‬

‫بينما قراءة الفقرة الثانية تبين أن نطاق الصلح ضيق ال من حيث صفة طالبه المحدد في‬
‫األجير وحده دون المشغل من خالل إيراد عبارة " يحق لألجير "‪ ،‬أو سبب اللجوء إليه‬
‫المتمثل في الفصل الذي يعتبره األجير تعسفيا دون حالة اإلنهاء الودي‪ ،‬وال من حيث الهدف‬
‫من اللجوء إليه الذي اقتصرته على الرجوع إلى العمل أو الحصول على تعويض‪.‬‬

‫وبالتالي فان الفقرة المشار إليها أعاله تثير مجموعة من التساؤالت من قبيل التساؤل‬
‫عن مصير الصلح المبرم بطلب من المشغل‪ ،‬وهل تكون له نفس الحجية فيما لو كان األجير‬
‫من طلبه؟ وماذا لو لجأ إليه هذا األخير لسبب أعتبره تعسفيا ثم اتضح بعد ذلك أن صفة‬
‫التعسف في الفصل غير قائمة؟ ثم ماذا لو تم اللجوء إلى الصلح المذكور في حالة اإلنهاء‬
‫الودي؟ هل سيكون نهائيا و غير قابل للطعن أمام المحاكم؟‬

‫وماذا أيضا لو وقع الصلح بشأن مجموعة من التعويضات بعضها معلق باإلنهاء سواء‬
‫كان تعسفيا أم ال والبعض األخر يتصل بتنفيذ العقد‪ ،‬فهل يكون الصلح الموقع بشان‬
‫التعويضات المتعلقة باالنهاء نهائيا وغير قابل للطعن فيه‪ ،‬في حين تبقى التعويضات الناتجة‬
‫عن تنفيذ العقد قابلة للطعن‪.‬‬

‫وهل يتعين البحث عن اإلرادة الحقيقية للمشرع من خالل الفقرة الثانية من المادة ‪18‬‬
‫التي يفهم منها توسيع مجال الصلح ليشمل كال الطرفين من جهة‪ ،‬والتعويضات الناتجة عن‬
‫اإلنهاء التعسفي والودي من جهة أخرى؟ أم يجب الوقوف عند حرفية منطوق الفقرة الثالثة‬
‫من المادة ‪ 18‬من مدونة الشغل‪ ،‬مما يفرض القول بان الفقرة الثانية‪ ،‬وان جاءت مطلقة من‬
‫حيث صفة طالب الصلح ومحله‪ ،‬فقد قيدتها الفقرة الثالثة بعدها؟‬

‫في هذا اإلطار ذهب بعض الفقه‪ 248‬إلى القول بأن الفقرة الثانية من المادة ‪ 18‬من مدونة‬
‫الشغل وإن كانت تفيد أن األمر يتعلق بالرجوع إلى العمل أو الحصول على تعويضات‪ ،‬إال‬

‫‪ 248‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ :‬عخاقات الشغل الفردية‪ .‬الجزء الثاني ‪.‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.2177‬‬
‫‪102‬‬
‫أنه ال مانع من التنصيص على األداءات األخرى المتعلقة بتنفيذ العقد مادام األطراف‬
‫محترمين لمسطرة الصلح‪ ،‬وذلك حتى ال يتم سلوك مسطرة الصلح‪ ،‬فيما يعتبره األجير ناتجا‬
‫عن الفصل التعسفي‪ ،‬إضافة إلى مسطرة التوصيل عن تصفية كل حساب بالنسبة لالداءات‬
‫موضوع تنفيذ العقد‪ ،‬مما يؤدي إلى إرهاق الطرفين بتعدد المساطر وتعقدها‪.‬‬

‫كما أن صياغة المادة ‪ 18‬من مدونة الشغل تثير غموضا حول مفهوم الضرر الذي‬
‫يستحق عنه األجير تعويضا‪ ،‬فهل يتعلق األمر بالتعويض عن الضرر الناتج عن الفصل‬
‫التعسفي فقط؟ أم أن األمر يشمل التعويض عن األضرار المترتبة عن اإلخطار وعن الفصل‬
‫عن العطلة السنوية المؤدى عنها ‪ ،...‬أي شمول مفهوم التعويض لكافة األداءات المترتبة عن‬
‫تنفيذ العقد أو إنهائه؟‬

‫وفي هذا السياق يرى األستاذ الحاج الكوري‪ 249‬انه يمكن إجراء الصلح في كل المسائل‬
‫الناتجة عن انتهاء عقد الشغل‪ ،‬سواء تعلق األمر بالتعويضات أو بالمسائل األخرى مثل تسليم‬
‫شهادة العمل للعامل‪ ،‬وبخصوص التعويضات فالمقصود هو كل التعويضات المستحقة للعامل‬
‫اثر إنهاء عقد الشغل من طرف المشغل‪ ،‬والدليل على ذلك ما تنص عليه المادة ‪ 21‬من‬
‫المدونة التي جاء فيها‪ ..." :‬يستفيد األجير عند فصله تعسفيا من التعويض عن الضرر‬
‫والتعويض عن أجل اإلخطار المنصوص عليهما على التوالي في المادتين ‪ 18‬و ‪ 28‬أعاله"‪.‬‬

‫والحقيقة أن االمتياز المنصوص عليه في المادة ‪ 18‬في إطار مسطرة الصلح التمهيدي‬
‫غير ذي أهمية بالنظر إلى إمكانية الطعن فيه على ضوء ما هو مقرر في المادة ‪ 231‬من‬
‫المدونة فكان حريا على المشرع أن يسند اختصاصا متكامال لمفتشية الشغل‪ ،‬بحيث أن‬
‫الصلح يكون منهيا للنزاع بشكل قطعي وتام و غير قابل للمراجعة القضائية‪.250‬‬

‫‪ 249‬الحاج الكوري‪ :‬مدونة الشغل الجديدة‪ :‬القانون رقم ‪ 88 / 72‬وحكام عقد الشغل طبعة ‪ ،1001‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء ص ‪.100‬‬
‫‪ 250‬وفي معرض تحليله للمادة ‪ 12‬تحدث األستاذ الحاج الكوري على ونه يجب ون يتضمن الصلح التمهيدي تلك التعويضات التي‬
‫يستحقها األجير‪ ...‬الن هذه التعويضات من النظام العام بدليل ون الفصل ‪ 12‬من المدونة ينص صراحة على ونه ال مكن للطرفين ون‬
‫يتنازال مقدما عن حقهما المحتمل في المطالبة بالتعويضات الناتجة عن إنهاء العقد سواء كان اإلنهاء تعسفيا وو ال‪ "...‬ويستطرد قائخا‪:‬‬
‫" إذا تبين لألجير انه لم يتوصل في إطار الصلح التمهيدي بتعويض مستحق له ون يطالب بهذا التعويض وذلك كان يتم الحسم فقط في‬
‫نطاق مسطرة الصلح التمهيدي في التعويض عن الفصل التعسفي دون التعويض عن الفصل التعسفي دون التعويض عن اجل اإلنذار‬
‫‪"...‬‬

‫‪103‬‬
‫‪251‬‬
‫وهذا الوضع اعتبره البعض تناقضا افرغ الصلح أمام مفتش الشغل من محتواه‬
‫وهناك من يرى أن محضر الصلح الذي تضمن استيفاء األجير لتعويضاته ومستحقاته عن‬
‫الفصل ومهلة اإلشعار مع التنازل عن كل أو جزء من التعويض عن الضرر هو الغير القابل‬
‫للطعن‪ ،‬أما الصلح الذي تضمن تنازل األجير عن مستحقاته وتعويضاته بخصوص مهلة‬
‫اإلشعار وتعويضات الفصل وعن الضرر‪ ،‬فانه ال يعتبر نهائيا وبالتالي يمكن لألجير الطعن‬
‫‪252‬‬
‫وهناك‬ ‫فيه أمام القضاء وهذا ما يتم العمل وفقه في كثير من مفتشيات الشغل بالمغرب‬
‫بعض الفقه الذي يناد ي بضرورة منح محاضر تفتيش الشغل في قضايا الفصل التعسفي نفس‬
‫حجية محاضر الصلح عموما اقتراح تعديل الفقرة الرابعة من المادة ‪ 18‬من مدونة الشغل‬
‫لتخول إمكانية الطعن في الصلح المتوصل إليه أمام المحاكم‪.253‬‬

‫لكن في اعتقادنا أن األخذ بطرح من الطروح‪ ،‬سيرتب من جهة عدم جدوى مهام‬
‫الصلح الملقاة على عاتق مفتش الشغل مع العلم أن المهمة الصالحية لمفتش الشغل تخفق‬
‫العبء عن القضاء ومن جهة ثانية أن ذلك سيؤدي إلى إطالة مدة حسم النزاع‪ ،‬األمر الذي‬
‫يتنافى ومصلحة األجير وال يستقيم وخصوصيات البث في المادة االجتماعية لذا على‬
‫المشرع أن يتدخل ليحل الخالف القائم بين المادتين والتوفيق بينهما إلضفاء الصفة النهائية‬
‫على الصلح في كلتا الحالتين‪:‬‬

‫وفي هذا اإلطار يرى األستاذ محمد سعيد بناني بضرورة الجمع بين المادتين‬
‫المذكورتين‪ ،‬على اعتبار أن المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل حددت مهام مفتش الشغل‪ ،‬والتي‬
‫من بينها إجراء محاوالت التصالح فان توصل إلى التوفيق بين األطراف وبقي النزاع عند‬
‫حدود مفتش الشغل اعتبر في حدود المبالغ المبينة فيه‪ ،‬أما إذا تجاوز األمر ذلك بان تمت‬
‫المصادفة على توقيعات األطراف‪ ،‬فان الصلح يصبح نهائيا وغير قابل للطعن فيه أمام‬
‫القضاء‪.254‬‬

‫‪ 251‬نادية وكاو‪ :‬مفتشية الشغل كهيئة متدتلة في عخاقة الشغل ‪ .‬م س ‪.‬ص ‪.98‬‬
‫‪ 252‬عبد الرزاق لعلج‪ :‬حجية محاضر مفتش الشغل بإنهاء النزاع االجتماعية بالصلح م‪.‬س ‪ .‬ص ‪ 192‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 253‬بدر الصيلي‪ :‬مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة م‪ .‬س‪ .‬ص ‪ .67‬وفي هذا الصدد يقترح الباحث بدر الصيلي تعديل الفقرة‬
‫الرابعة من المادة ‪ 12‬من مدونة الشغل لتكون على الشكل التالي "يجوز الطعن في االتفاق الذي تم التوصل إليه في إطار الصلح‬
‫التمهيدي ومام المحاكم‪".‬‬
‫‪ 254‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل‪ :‬عخاقات الشغل الفردية ‪ -‬الجزء الثاني ‪ -‬المجلد الثاني م س‬
‫‪.‬ص ‪.2179‬‬
‫‪104‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬حدود تدخل مفتشية الشغل في المصالحة كسبيل لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية‬

‫لقد أبان تدخل مفتشية الشغل لحل نزاعات الشغل الفردية وكذا الجماعية عن نجاعتها‬
‫في القيام بهذه المهمة‪ ،‬خاصة وأن اإلحصائيات التي سبقت اإلشارة إليها‪ ،‬تبين ذلك بشكل‬
‫واضح‪ ،‬وبالتالي ال أحد يجادل أن مفتشية الشغل التقوم بدور فعال في تكريس المصالحة‬
‫وتجنيب األطراف مظاهر التشنج والحقد‪ ،‬مع ما يستتبع ذلك من تأثير سلبي على التنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫وبالتالي يمكن اعتبار جهاز مفتشية الشغل صمام أمان بالدرجة األولى‪ ،‬لكونه يسهر‬
‫للحفاظ على السلم االجتماعي وما يشمله من أمن وسكينة‪.‬‬
‫‪255‬‬
‫عن الوضع االجتماعي في مقارنة بين سنتي‬ ‫ويمكن عرض بعض اإلحصائيات‬
‫‪ 1888‬و‪.1881‬‬

‫‪ 255‬وزارة الشغل واإلدماج المهني مديرية التشغيل‪.‬‬


‫‪105‬‬
Climat Social 2017- 2018
(SECTEUR: Commerce industrie professions libérales et agriculture)

2017 2018 Variation en%

GREVES DECLENCHEES
121 119 -1,65
NOMBRE D'ETABLISSEMENTS
154 134 -12,99
NOMBRE DE GREVES
28361 33444 17,92
EFFECTIFS GLOBAUX
12977 22196 71,04
NOMBRE DE GREVISTES
178289,25 116851,5 -34,46
NOMBRE DE JOURNEES PERDUES

GREVES EVITEES
1175 1056 -10,13
NOMBRE D'ETABLISSEMENTS
1784 1644 -7,85
NOMBRE DE CONFLITS
101924 128841 26,41
EFFECTIFS GLOBAUX

Protocoles d'accords

530 152 -71,32


Protocoles d'accords

CONFLITS INDIVIDUELS
58181 52897 -9,08
NOMBRE DE CONFLITS
142627 135245 -5,18
NOMBRE DE RECLAMATIONS
80085 72501 -9,47
RECLAMATIONS SATISFAITES
56,15% 53,61% -4,53
TAUX DE SATISFACTION DES RECLAMATIONS
4126 3447 -16,46
OUVRIERS REINTEGRES
1206621922 1327370622 10,01
SOMMES RECUPEREES
-5,64
CONFLITS TRANSMIS AU TRIBUNAL 15167 14312

TAUX DE TRANSMISSION DES CONFLITS 26,07% 27,06% 3,79


AU TRIBUNAL

106 ‫ وزارة الشغل واإلدماج المهني مديرية التشغيل‬:‫المصدر‬


‫كلها أهداف تسعى هذه الجهة لتحقيقها‪ ،‬لكن كيف يمكن ضمانها في غياب حماية حقيقية‬
‫وفعلية من كل ما قد يقف أمام هذا الجهاز من صعوبات تحول دون قيامه بوظيفته‪.256‬‬

‫وإذا كان جهاز مفتشية الشغل في جل الدول تعترضه صعوبات وعوائق كثيرة في القيام‬
‫بمهامه‪ ،‬والتي أدت إلى تضارب في اآلراء حول قبول هذا االختصاص من عدمه‪.257‬‬

‫إال أن بعض العوائق والصعوبات القانونية التي كانت تحد من فعالية تدخل جهاز تفتيش‬
‫الشغل قد تم تجاوزها بفضل تدخل المشرع المغربي في إطار قانون ‪ 12-11‬المتعلق بمدونة‬
‫الشغل‪ ،‬فإن أخرى مازالت تحد من فعاليته منها ماله طابع تشريعي وآخر يرتبط باإلمكانيات‬
‫المادية والبشرية‪ ،‬التي كان من المفروض أن يتمتع بها هذا الجهاز قصد الحفاظ على السلم‬
‫واألمن االجتماعي‪ ،‬بغية منح سرعة التدخل والفعالية في العمل على اعتبار أن المشرع أناط‬
‫لمفتشي الشغل مهام متعددة‪.‬‬

‫في ظل هذه العوائق والصعوبات التي تحول ال محالة ووصول جهاز مفتشية الشغل‬
‫على تحقيق أهدافه‪ ،‬سنعمل على التطرق إلى الحدود القانونية لدور مفتشية الشغل في عملية‬
‫المصالحة (الفقرة األولى)‪ ،‬بينما سنعالج في (الفقرة التالية) الحدود الواقعية لدور مفتشية‬
‫الشغل في عملية المصالحة‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الحدود القانونية لدور مفتشية الشغل في تحقيق التنمية‬


‫االقتصادية‪.‬‬
‫إذا كان الهدف الرئيسي لمفتشية الشغل هو تحقيق السلم االجتماعي والعمل على تطبيق‬
‫نصوص مدونة الشغل ‪ ،‬فإنها تعرف عدة صعوبات‪ ،‬صعوبات تؤدي ال محالة إلى إضعاف‬
‫قوة هذا الجهاز في تحقيق التنمية االقتصادية بحيث ترجع هذه الصعوبات إلى ضعف سلطات‬
‫مفتشي الشغل (أوال) وإلى غياب نظام أساسي خاص بجهاز التفتيش (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ 256‬بدر صيلي‪ :‬م‪ .‬س‪ .‬ص ‪.92‬‬


‫‪ 257‬صباح كوتو‪ :‬م‪.‬س ‪ .‬ص ‪.198‬‬
‫‪107‬‬
‫أوال‪ :‬ضعف سلطات مفتش الشغل‬
‫بالرجوع إلى مقتضيات مواد مدونة الشغل نالحظ أنها لم تمنح صالحيات من شأنها‬
‫تقوية سلطات جهاز مفتشية الشغل بشكل يجعله قادرا على القيام بالمهام الموكولة له‪ ،‬وتتمثل‬
‫في صعوبة التوفيق بين تعدد مهام مفتش الشغل وتنوعها بين وظيفتي المراقبة والمصالحة‬
‫وعدم كفاية وسائل المتابعة‪ ،‬وسنتناول كل واحدة على حدة‪:‬‬

‫‪ -1‬تعدد مهام مفتش الشغل‬

‫إن ارتفاع عدد المؤسسات التي تدخل ضمن مجال اختصاص مفتش الشغل‪ ،‬إضافة‬
‫إلى وظيفته القانونية المتمثلة في مراقبة حسن تطبيق القانون حسب ظهير ‪ 1‬يوليوز ‪8118‬‬
‫الملغى‪ ،‬هي المهمة الرئيسية واألولى لعمل مفتش الشغل إضافة إلى قيامه بدور المصالحة‬
‫في نزاعات الشغل الفردية وا لجماعية‪ ،‬الدور الذي كرسه الواقع في عالقة العمال والنقابات‬
‫بمفتش الشغل مما سيزيد من إثقال كاهل مفتش الشغل على الرغم من أن في هذه النزاعات ما‬
‫قد أدى بالفعل إلى تفادي العديد منها‪.258‬‬

‫وإذا كانت مهمة مراقبة تطبيق التشريعات الخاصة بشروط وظروف الشغل هي‬
‫الوظيفة األس اسية التي تنظمها المقتضيات القانونية لمفتش الشغل وذلك استنادا إلى مقتضيات‬
‫ظهير ‪ 1‬يوليوز ‪ 8181‬الملغى‪ ،‬إال أن الواقع العملي المعيش افرز مهام أخرى‪ ،‬منها مهمة‬
‫المصالحة بين طرفي العالقة الشغلية فيما قد يثار بينهما من خالفات ونزاعات‪ ،‬سواء كانت‬
‫فردية أو جماعية‪ ،‬ح يث أن أطراف العالقة الشغلية كثيرا ما تلجأ إلى مفتش الشغل لعرض‬
‫خالفاتها عليه قبل عرضها على القضاء‪ ،‬اعتقادا منها بأن هذا اإلجراء هو اختصاص قانوني‬
‫لجهاز مفتشية الشغل‪.259‬‬

‫وإذا كانت مهمة المصالحة التي يقوم بها مفتش الشغل سواء في النزاعات الفردية أو‬
‫النزاعات الجماعية‪ ،‬باإلضافة إلى االختصاصات المنوطة به قانونا‪ ،‬تؤدي في نظر بعض‬
‫إلى إضعاف مهمة المراقبة كوظيفة قانونية أساسية طالما أن المصالحة تتطلب‬ ‫المهتمين‪260‬‬

‫‪ 258‬محمد الشرقاوي‪ :‬المخاحظات واالقتراحات المطروحة إصخاح نظام تفتيش مؤسسات الشغل‪ ،‬المجلس المغربي لخاقتصاد والقانون‬
‫المقارن العدد ‪ 11‬سنة ‪ 2881‬ص ‪.206‬‬
‫‪ 259‬عبد اللطيف تالفي‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.222‬‬
‫‪ 260‬محمد الشرقاوي‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.222‬‬
‫‪108‬‬
‫التوفيق بين األطراف المتنازعة والذي قد يكون على حساب حسن تطبيق القانون يكون حل‬
‫أي نزاع أو خالف سواء بين طرفين أو أكثر وديا يتطلب من المدونة والدبلوماسية مما قد‬
‫يفقد مفتش الشغل سلطته على المؤسسة في تطبيق القانون التي كان من المفروض أن يتمتع‬
‫بها في مواجهة المشغل مما قد يؤثر سلبا على مهمة المراقبة‪.‬‬

‫وبالتالي (فإن كثرة المهام القانونية باإلضافة) فإن إسناد المشرع مهمة المصالحة‬
‫لمفتشية الشغل‪ ،‬إضافة إلى المهام القانونية المتعددة يجعلها تتعارض مع مهامهم في مجال‬
‫المراقبة‪ ،‬مما يكاد يجعل دور هذا الجهاز يكون شامال لكل جوانب الحياة االجتماعية‬
‫واالقتصادية والقانونية مما قد يؤثر ال محالة على نجاعة الدور األصلي واألساسي لهذه‬
‫الهيئة‪ ،‬والتي تتمثل في مدى مراقبة تطبيق قواعد قانون الشغل‪.261‬‬

‫وفي إطار سعي أعوان تفتيش الشغل في التوفيق بين مختلف المهام واالختصاصات‬
‫الموكولة لهم قانونيا‪ ،‬يجدون أنفسهم ملزمين بالتصرف وفي آن واحد تصرف المراقب‬
‫والمصلح االجتماعي واالقتصادي والمحلل النفسي‪ ،‬مما يخلف نوعا من اإلحراج بين‬
‫المهتمين يمكن أن يؤدي إلى اإلخالل بالوظيفة األولى‪ ،‬إذ كيف يعقل مثال في الصباح أن‬
‫يلعب مفتش الشغل دور المراقب المنقب عن المخالفات والمعتمد على الصرامة والزجر عن‬
‫طريق تقرير محاضر المخالفات عند زيارة المؤسسات‪ ،‬وفي فترة الزوال يلعب دور المصلح‬
‫الذي عليه أن يستميل عطف نفس المشغل الذي زجره الصباح‪ ،‬ويتوسل له أن يرجع عامال‬
‫مطرودا لعمله‪ ،‬أو على األقل أن يمكنه من تعويضاته وحقوقه القانونية‪.‬‬

‫وبالتالي فإن مهمتي المراقبة والمصالحة غير منسجمتين‪ ،‬فكلتا المهمتين قد تتطلب‬
‫تعامال متناقضا عن اآلخر‪ ،‬كما أن لكل منهما إكراهاته وخصوصياته حسب الموقع‬
‫المتوخى‪ ،‬وقيام المفتش بهما معا‪ ،‬قد يؤثر سلبا في الفعالية والردع‪ ،‬مما قد يمس بهيبة‬
‫وسلطة أعوان التفتيش‪.‬‬

‫‪ 261‬عبد اللطيف تالفي‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪122‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ -2‬محدودية وسائل المتابعة‬

‫من المطالب األساسية التي ظل مفتشوا الشغل يرفعونها مطلب إعطاء المحاضر حجية‬
‫تماثل حجية المحاضر المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬لكن مدونة الشغل‬
‫الجديدة لم تمنح للمحاضر هذه الحجية‪ ،‬وبالتالي ظلت المدونة في هذا الجانب أقل حماية‬
‫لمفتشي الشغل‪.‬‬

‫وقد اختلفت التفسيرات وتعددت التأويالت الفقهية‪ ،‬بخصوص حجم وحدود القوة‬
‫‪262‬‬
‫يذهب إلى القول بأن هذه المحاضر‬ ‫الثبوتية لمحاظر مفتشية الشغل‪ ،‬بجانب من الفقه‬
‫تستمد صحتها من كون محررها محلفا أي أنه سبق له أن أدى اليمين قبل مباشرته لوظيفته‪،‬‬
‫ذلك ما يضفي عليها قوة تبوثية إلى أن يثبت عكس ما جاء فيها‪ ،‬وبالتالي تعد في الحقيقة‬
‫عبارة عن دليل كتابي رسمي وقطعي‪ ،‬ال يمكن الطعن في مضمونها عن طريق التزوير‪،‬‬
‫طبقا لمقتضيات الفصلين ‪ 181‬و‪ 181‬ق ل ع غير أنه البد في هذا الصدد التمييز بين حالتين‪:‬‬

‫‪ ‬الحالة األولى‪ :‬وهي كون مفتش الشغل قد عاين المخالفة بنفسه أو اطلع عليه‬
‫واستنتجه أي وقوفه عليها شخصيا‪ ،‬فهي تكون القرينة في هذا الجانب قرينة قوية ودامغة‬
‫ع لى اعتبار أن الشخص الذي قام بهذه المعاينة شخص محلف سبق له أن أدى اليمين‬
‫القانونية‪.‬‬

‫‪ ‬الحالة الثانية‪ :‬كون مفتش الشغل قد حرر المحضر بناء على ما بلغ إلى علمه عن‬
‫طريق معلومات نقلت إليه سماعا عن طريق العمال أو أحد األغيار‪ ،‬مثال فالمحضر هنا ال‬
‫يكتسب حجية الورقة الرسمية‪ ،‬وبالتالي يمكن إثبات عكسها عن طريق وسائل أخرى‪،‬‬
‫كالكتابة الرسمية أو العرفية‪ ،‬أو الشهادة‪ ،‬أو حتى القرائن بل وللقاضي أن يستعبدها جملة‬
‫وتفصيال‪.263‬‬
‫‪264‬‬
‫أن مفتش الشغل ال يتمتع بصفة ضابط الشرطة‬ ‫بينما يرى جانب فقهي آخر‬
‫القضائية‪ ،‬ومن ثم فإن محاضره ال تكون ملزمة للقاضي‪ ،‬وال تحد من سلطته التقديرية‪.‬‬

‫‪ 262‬محمد الكشبور‪ :‬م ‪،‬س‪ .‬ص ‪ 21‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ 263‬نفس المرجع السابق‪ .‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 264‬عبد اللطيف تالفي‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.111‬‬
‫‪110‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 265 231‬من مدونة الشغل‪ ،‬يستشف منها أن حجية هذه‬
‫المحاضر التي يحررها مفتش الشغل تبقى نسبية‪ ،‬وذلك أنه يمكن إثبات ما يخالفها بأية وسيلة‬
‫قانونية طبقا للقواعد العامة لإلثبات‪ ،‬أي بجميع وسائل اإلثبات‪ ،‬على اعتبار أن المشرع‬
‫المغربي لم يحدد نوع هذه الوسيلة‪ ،‬مما يفتح الباب على مصراعيه أمام كل ذي مصلحة في‬
‫اختيار الطريقة المالئمة للطعن‪ ،‬وهو ما يعني أن المشغلين الذين ال يحترمون قانون الشغل‬
‫والذين حررت في حقهم محاضر المخالفات‪ ،‬يمكنهم أن يبطلوا مفعول تلك المحاضر ولو‬
‫بمجرد شهادة مثال‪ ،‬وهنا قد تعترض المفتش صعوبات قد تنتهي بمتابعته‪ ،266‬وهنا قد يجد‬
‫مفتش الشغل مجردا من أية حماية حقيقية وفعلية لما قد يتعرض إليه أثناء تأدية عمله‪ ،‬وذلك‬
‫عند تحرير المحاضر ضد المشغلين الذين ال يمتثلون للقانون‪ ،‬مما يضطر معه مفتش الشغل‬
‫إلى العدول عن كتابة أي محضر‪ ،‬ذلك ما ينعكس سلبا على حقوق الطبقة العاملة وعلى قوة‬
‫ومصداقية هذا الجهاز الذي أنيطت له مهمة حليلة تتمثل في ضمان احترام نصوص قانون‬
‫الشغل‪ ،‬وحماية الطبقة العاملة‪ ،‬باألساس مع الحرص على استقرار عالقة الشغل‪.‬‬

‫وغني عن البيان أن المدونة لم تمتع مفتش الشغل بصفة ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬رغم‬
‫ما تعطيه تلك الصفة للمحاضر التي يحررها مفتش الشغل من حجية‪ ،‬وذلك على خالف‬
‫قوانين كثير من الدول العربية التي منعتهم بتلك الصفة‪ ،267‬وبالتالي ظلت المدونة في هذا‬
‫الجانب أقل حماية لمفتش الشغل‪ ،‬كما أن دراسة المدونة الجديدة للشغل‪ ،‬كشفت لنا كثيرا من‬
‫اإلشكاالت بل وأحيانا التناقضات بين نصوصها‪ ،‬وقد اختزلنا واحدة من تلك اإلشكاالت‬
‫المرتبطة بالموضوع في الطعن وذلك في اتفاقية الصلح الذي يتم بحضور مفتش الشغل‬
‫وبرضى ووعي تام بين طرفي اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ 265‬راجع الفقرة األولى من المادة ‪218‬‬
‫‪ 266‬ونظر بتصوص هذا الموضوع‪ :‬قضية قاشة لموالي ادريس المودن األيام ‪ 17-10‬وبريل ‪ 1002‬العدد ‪ 290‬ص ‪.21-21‬‬
‫انظر كذلك سعيد لماني‪ :‬مقال بجريدة األيام‪ .‬تحت عنوان‪" :‬سنمتنع عن حل نزاعات الشغل"‪ .‬عدد ‪ 268‬بتاريخ ‪ 28-21‬وبريل‬
‫‪.1002‬‬
‫‪ 267‬انظر في هذا العدد‪:‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 220‬من قانون العمل الليبي‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 270‬من قانون العمل المصري‪.‬‬
‫‪-‬الفصل ‪ 9‬من قانون العمل األردني‪.‬‬
‫‪ -‬مرسوم ‪ 7‬وكتوبر ‪ 2879‬من القانون الجزائري‪.‬‬
‫للمزيد من التوضيح بتصوص هذا الموضوع راجع‪ :‬مراشي المصطفى‪ :‬مفتش الشغل بين المراقبة والمصالحة‪ ،‬تقرير نهاية الدورة‬
‫التكنولوجية بالمعهد الوطني للشغل واالحتياط االجتماعي‪ ،‬فوج ‪.1002-1001‬‬

‫‪111‬‬
‫فطبقا للمادة ‪ 231‬من مدونة الشغل‪ ،‬فإن مفتش الشغل تناط به مهمة إجراء محاوالت‬
‫الصلح في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬حيث يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه‬
‫طرفا النزاع ويوقعه كذلك بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل ويعتبر االتفاق الذي تم‬
‫التوصل إليه في إطار هذا الصلح التمهيدي نهائيا بحيث ال يقبل أي طعن أمام المحاكم‪ ،‬وذلك‬
‫حسبما تنص عليه المادة ‪ 18‬من المدونة‪ ،‬هذا مع العلم أن الفقرة األخيرة من المادة ‪ 231‬من‬
‫المدونة تنص صراحة على أن المحضر الذي يحرره عون التفتيش بخصوص محاوالت‬
‫الصلح في مجال نزاعات الشغل الفردية ال تكون له قوة اإلبراء إال في حدود المبالغ المبينة‬
‫فيه‪ ،‬وهو ما يستشف منه أنه في حالة ما إذا كان هناك اتفاق للصلح يتضمن ألي انتقاص لما‬
‫هو مستحق قانونيا لألجير‪ ،‬فإنه يبقى للعامل دائما في إمكانية اللجوء إلى المحكمة المختصة‬
‫للمطالبة بما يستحقه رغم إمضائه على محضر الصلح‪.268‬‬

‫كذلك نفس الشيء بالنسبة للمادتين ‪ 83‬و ‪ 81‬من مدونة الشغل والمتعلقة بتوصيل‬
‫تصفية كل حساب‪ ،‬حيث يحصل العامل على ما تيسر من المال‪ ،‬وبعد ذلك قد يبادر إلى‬
‫الطعن في هذا الصلح أمام القضاء ولذلك يثور التساؤل حول القيمة القانونية لمثل هذه‬
‫المحاضر التي يحررها مفتش الشغل‪ ،‬السيما إذا علمنا بأن القضاء المغربي كان ال يعترف‬
‫إال نادرا باتفاقية الصلح المبرمة على صعيد مفتشية الشغل‪.‬‬

‫وال يشك أحد بأن من شأن ذلك الطعن في اتفاقية الصلح أن يساهم في فقدان الثقة في‬
‫جهاز مفتشية الشغل‪ ،‬ويقلص من مصداقيته ويدفع بأطراف النزاع وخاصة المشغلين إلى‬
‫عدم قبول وساطة مفتش الشغل الحبية إذا ما لمسوا بأن االتفاقات التي يوقعون عليها‬
‫واإليصاالت التي يمضيها العمال بحضور مفتش الشغل ال قيمة لها وال يعيرها القضاء‬
‫االجتماعي أدنى اهتمام‪.‬‬

‫‪ 268‬انظر بهذا التصوص‪:‬‬


‫‪ -‬قرار صادر بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪ ،2896‬منشور بمجلة المجلس األعلى العدد ‪ 10‬ص ‪ 282‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار صادر بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪ 2896‬منشور بمجلة قضاء المجلس العلى العدد ‪ 12‬ص ‪ 272‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬وهي قرارات وشار إليها األستاذ محمد الكشبور‪ :‬في مرجعه السابق ‪.‬ص‪.60 ,‬‬

‫‪112‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضعف الجزاءات وتعقيد المسطرة‬
‫إن ضعف الجزاءات يعتبر مشكل خطير يعاني منه تفتيش الشغل في المغرب مما‬
‫ينعكس سلبا على عمل المفتشين و على تدخالتهم‪ ،‬حيث أن العديد من المخالفات المرتكبة ال‬
‫‪269‬‬
‫وقيمة الغرامات المنصوص عليها ضعيفة بشكل يفقدها كل تأثير‬ ‫يعاقب عليها القانون‬
‫رادع‪.270‬‬

‫" وإن عدم توفر مفتش الشغل على سلطة فعلية للعقاب ال يخدم التنمية االقتصادية‬
‫والمجتمع بقدر ما يخدم التعنت واإلمعان في خرق القانون وتوفير الجو وتفريخ مواقف‬
‫متصلبة في صفوف المشغلين والعمال اتجاه اإلدارة‪ ،‬وهذا الوضع بالذات يفرز تواطؤات‬
‫ومساومات على حساب الطرف الضعيف في العالقة‪ ،‬مادام الطرف القوي ال يقهر وال‬
‫يمتثل‪ ،‬ومادام القانون ال يتسع الحتواء كل مظاهر التجاوز وال يضع الحلول الكفيلة‬
‫بمعالجتها‪ ،‬ومن بينها تزويد مفتش الشغل بالصالحيات القانونية التي تؤهله للتدخل‬
‫والحسم‪.271‬‬

‫وبالتالي لكي يتمكن مفتش الشغل من فرض تدخله على األطراف المتنازعة خاصة‬
‫وأن أرباب العمل‪ ،‬غالبا ما يتعنتون في االستجابة لإلستدعاءات التي يتقدم بها مفتش الشغل‪،‬‬
‫أو حتى تكليف غيرهم بالنيابة عنهم طالما ال يملكون سلطة اتخاذ القرار النهائي بخصوص‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬من أجل اللقاء مع أجرائهم والتفاوض معهم بشأن النقاط المتنازع عليها أو‬
‫الحقوق التي يطالبون بها‪ ،‬خاصة وان كل طرف يتشبت بمطالبه دون الرغبة في التنازل‬
‫عنها أو عن بعضها باعتبارها ستكون بمثابة هزيمة لمطالبه وانتصارا للطرف اآلخر‪.‬‬

‫ولهذا يفضل األجراء اللجوء إلى اإلضراب والمؤاجر إلى اإلغالق كمظهرين للقوة‬
‫وعليه فإن اكتفاء المشرع بالنص عن حق اإلضراب في الفصل ‪ 81‬من الدستور دون أن‬
‫يضع قانونا منظما يوضح الشروط والحدود الممارسة‪ ،‬هذا الحق يجعل تدخل المفتش صعبا‬

‫‪ 269‬على صقلي‪ :‬م‪،‬س‪ .‬ص ‪.119‬‬


‫‪ 270‬يمكن ون نذكر كأمثلة على ذلك النماذج المنصوص عليها في مدونة الشغل المغربية‪ ،‬فمثخا امتناع رب العمل عن منح رتص‬
‫التنفيذ المنصوص عليها في المادة ‪ 19‬من مدونة الشغل وو عدم وداء التعويض عن الفصل المنصوص عليه في المادة ‪ .21‬وو عدم‬
‫وداء التعويض عن الفصل من الشغل المنصوص عليه في المادة ‪ .21‬وعني عن الميدان إذ كان جزءا في هذه المتالفة في هذا المجال‬
‫هو بين ‪ 10‬درهم فهل سيؤدي احترام هذا القانون عمليا إن األمثلة كثيرة فيمكن الرجوع إلى الفصول ‪ 10‬و ‪ 82‬و ‪ 88‬و‪221‬‬
‫و‪ 266‬و‪ 269‬من مدونة الشغل فكلها تؤكد ون العقوبات تفتقر على الغرامة المالية فهي ضعيفة جدا‪.‬‬
‫‪ 271‬علي صقلي ‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.120‬‬
‫‪113‬‬
‫إلقناع األطراف عن إيقافه أو الدخول في حوار فيما بينهم‪ ،‬لهذا وفي ظل غياب أي تنظيم‬
‫لحق اإلضراب يكون من األنسب تقنين تدخل مفتش الشغل في كل نزاعات الشغل بدءا من‬
‫االستدعاء وصوال إلى تمكينه من الوسائل المادية والسلطات القانونية‪ .‬ترسيخا لمصداقيته‬
‫ودعما لعملية التدخل الفوري للحفاظ على السلم االجتماعي‪ ،272‬وفي ظل غياب وعي‬
‫األطراف لفائدة هذا التدخل فكل طرف يسعى إلى تسوية النزاع بالطريقة التي يراها مناسبة‬
‫مما يوضح ضعف التكوين لدى العمال بما يكفي لمواجهة مشاكلهم‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي قد تدارك هذا الفراغ التشريعي من خالل مدونة الشغل‪ ،‬فال‬
‫زالت هناك بعض النقاط التي تشوب هذا التدخل وتحتاج إلى مراجعة‪ ،273‬وتشير المادة ‪228‬‬
‫من مدونة الشغل إلى أنه يكون كل خالف بسبب الشغل من شأنه أن يؤدي إلى نزاع جماعي‪،‬‬
‫موضوع محاولة للتصالح‪ ،‬تتم أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم أو العون‬
‫المكلف بتفتيش الشغل أو أمام اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة أو اللجنة الوطنية للبحث‬
‫والمصالحة‪ ،‬وذلك بناء على نوعية الخالف الجماعي‪ ،‬طبقا للمواد ‪ 221‬و‪ 221‬و ‪ 212‬أدناه‪.‬‬

‫وتبعا لما سبق فإن محاولة التصالح تكون أمام العون المكلف بتفتيش الشغل إذا كان‬
‫الخالف يهم مقاولة واحدة‪ ،‬في حين أنه إذا كان الخالف الجماعي يهم أكثر من مقاولة‪ ،‬فإن‬
‫هذه المحاولة تتم أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم‪.274‬‬

‫يتم الشروع في محاولة التصالح بمبادرة من العون المكلف بتفتيش الشغل في المقاولة‬
‫إلى جانب الراغب في التعجيل أو المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم‪ .275‬وفي‬
‫ختام جلسات الصلح يحرر حسب األحوال هذا األخير أو عون تفتيش الشغل فورا محضرا‬
‫يثبت فيه ما توصل إليه األطراف من اتفاق تام أو جزئي‪ ،‬أو عدم التصالح وكذا عدم‬

‫‪ 272‬سعيد لماني‪ :‬مقال منشور بجريدة األيام‪ .‬تحت عنوان" ‪:‬سنمتنع عن حل نزاعات الشغل م‪ ,‬س‪.‬ص ‪.80‬‬
‫‪ 273‬يراجع في هذا الصدد‪:‬‬
‫عبد العزيز العتيقي ‪ -‬محمد الشرقاوي ‪ -‬محمد القري اليوسفي‪ :‬دراسة تحليلية نقدية لمدونة الشغل المرتقبة م‪.‬س‪.‬ص ‪ 110‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 274‬المادة ‪ 221‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ 275‬المادة ‪ 221‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫حضورهم عند غيابهم‪ ،‬وعند فشل محاولة التصالح يتم رفع النزاع أمام اللجنة اإلقليمية‬
‫للبحث والمصالحة داخل أجل ثالثة أيام‪.276‬‬
‫‪277‬‬
‫على مخالفة األحكام المنظمة‬ ‫إال أن المشرع المغربي إذا كان قد رتب جزاءات‬
‫لمرحلتي المصالحة والتحكيم‪ ،‬وذلك كعدم تلبية األطراف االستدعاء الحضور أمام لجنة‬
‫المصالحة اإلقليمية أو الوطنية أو أمام الحكم أو الغرفة التحكيمية بدون عذر مقبول‪،278‬‬
‫وكعدم تقديم األطراف للوثائق والمستندات والمعلومات المطلوبة من طرف رئيس لجنة‬
‫الصلح الوطنية أو اإلقليمية‪ ،279‬فإنه لم يرتب أي جزاء لمخالفة األحكام المنظمة لمرحلة‬
‫التصالح التي تتم على مستوى مفتشية الشغل‪ ،‬مما سيؤثر على تدخل مفتش الشغل وعدم‬
‫استجابة األطراف الستدعاءاته رغم وجود النص القانوني‪.‬‬

‫وعليه إذا تركنا هذه الصعوبات‪ ،‬والتي تكمن في قصور النصوص التشريعية التي تنظم‬
‫مسطرة تسوية لنزاعات التي من شأنها أن تعرقل تدخل مفتش الشغل في الحد من هذه‬
‫النزاعات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحدود الواقعية لدور مفتشية الشغل في عملية المصالحة‬


‫إن العراقيل العملية التي يواجهها مفتش الشغل والتي تحد من فعالية تدخالته لتسوية‬
‫نزاعات الشغل ال تقل أهمية عن سابقتها من العوائق القانونية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬العراقيل المرتبطة بالوسط المهني‬


‫إن مفت ش الشغل يتحرك في ميدان طرفاه على أكبر قدر من التناقض من جميع‬
‫الجوانب‪ ،‬وهو تناقض يلقي بظالله على موقف كل من األجير والمؤاجر من زيارات مفتش‬
‫الشغل‪ ،‬والتي قد يعتبرها األول نوعا من المجاملة لصالح المشغل على حساب حقوقه التي‬

‫‪ 276‬المادة ‪ 277‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ 277‬تنص المادة ‪ 292‬على ونه‪ :‬يعاقب بغرامة تتراوح بين ‪ 20.000‬و‪ 10.000‬درهم عن متالفة مقتضيات المادتين ‪ 291‬و‬
‫‪ 291‬وعخاه‪.‬‬
‫‪ 278‬المادة ‪ 291‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ 279‬المادة ‪ 291‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫يرى أنها مهضومة‪ ،‬وبالمقابل يعتبرها المؤاجر تحامال عليه‪ ،‬وذلك بترجيح كفة مطالب‬
‫األجير على حساب مشاكل مؤسسته‪ ،‬مما يؤثر سلبا على قوة اإلقناع لدى مفتش الشغل‪.280‬‬

‫وأمام هذا الوضع ال يستطيع مفتش الشغل التغلب على هذه الصعوبات إال باستعمال ما‬
‫يتوفر عليه من إمكانيات تقنية وقانونية ونفسية واجتماعية‪ ،‬وخبرة اكتسبها نتيجة احتكاكه‬
‫اليومي بالعمال وأرباب العمل‪ ،‬مما يصل به في األخير إلى الغاية المرجوة سواء كان النزاع‬
‫قانونيا أو كان اقتصاديا‪ ،‬فإذا كان النزاع القانوني يدور حول تفسير نص قانوني أو تنظيمي‪،‬‬
‫فإن مفتش الشغل يحاول حله عن طريق إرشاد أطرافه وتنويرهم بشرح المقتضيات القانونية‬
‫لهم وحثهم على احترامها‪.‬‬

‫إال أن بعض الفقه‪ 281‬ينتقد بشدة أن يكون لمفتشي الشغل مثل هذا الدور‪ ،‬فإن النزاعات‬
‫باعتبار أنهم موظفون إداريون ال يملكون تكوين القضاة وال نظامهم وال حريتهم‪ ،‬ويرون‬
‫بالتالي أن القضاء وحده يمكنه النظر في الصعوبات القانونية‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫يرى البعض‪ ،282‬والذي نشاطره الرأي بأن التدخل القضائي ال يعني بالضرورة حال للنزاع‬
‫وإنهاء له ‪.‬‬

‫فالحكم القضائي يكتفي بترجيح كفة أحد الطرفين وإعطائه الحق دون الطرف الثاني‬
‫لكنه ال ينهي الحالة التنازعية إال نادرا‪ ،‬فهذه الحالة تبقى موجودة في الغالب وتبقى معها‬
‫المواجهة بين الطرفين قائمة‪ ،‬حيث يعبران عنها بكل الوسائل السلبية واإليجابية المناسبة‪ ،‬مع‬
‫ما يتبع ذلك من أخطار وأضرار‪ ،‬هذا بخالف تدخل مفتش الشغل الذي يمكنه الوصول إلى‬
‫تسوية النزاع فعال والحد منه‪ ،‬بما يملكه من تجارب ووسائل ال يملكها القاضي‪ ،‬وبما له من‬
‫معرفة سابقة برب العمل وممثلي العمال تجعل له سلطة معقولة تساعده في التأثير واإلقناع‬
‫كما سبقت اإلشارة لذلك‪.‬‬

‫‪ 280‬وحمد وزد وفال‪ :‬واقع نظام تفتيش الشغل في المغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة البحث والتكوين‬
‫والضمانات التشريعية في قانون األعمال المغربي‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية وجدة موسم ‪1000-2888‬‬
‫ص ‪.11‬‬
‫‪ 281‬علي الصقلي‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪122‬‬
‫‪282‬‬
‫‪Jean Claude Javillier: Rechercher sur les conflits du travail, thèse Paris I. 1973 page 849.‬‬

‫‪116‬‬
‫ثانيا‪ :‬العراقيل اإلدارية‬
‫تتمثل هذه العراقيل اإلدارية التي يعرفها تدخل مفتشية الشغل في تسوية نزاعات الشغل‬
‫في قيود تعرقل نشاط المفتشية ككل وتتجلى في قلة عدد العاملين بهذه المفتشيات من جهة‬
‫وضعف تكوينهم من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪-1‬عدم كفاية عدد المفتشين‬

‫من اإلشكاالت األساسية التي تواجه هيئة تفتيش الشغل وستحول دون مواكبتها لتطبيق‬
‫بنود مدونة الشغل الجديدة إشكال التقلص العددي للهيئة‪ ،‬ونعتبر األطر الموجودة حاليا‬
‫بمصالح التفتيش ضئيلة جدا‪ ،‬حيث ال تتجاوز ‪ 331‬مفتش الشغل على العموم إذا ما قورنت‬
‫بالرقعة الترابية الخاضعة لنفوذها‪ ،283‬إذ إن عدد األطر هذا ال يكفي للقيام بهذا الدور على‬
‫أحسن وجه‪ ،‬فغالبا ما يكون القيام بمهمة ما على حساب األخرى‪ 284‬بالنظر إلى تعدد وتنوع‬
‫المهام واالختصاصات المنوطة بأعوان تفتيش الشغل‪ ،‬وخصوصا مع التكريس القانوني‬
‫للوظيفة التصالحية لهؤالء‪ ،‬فإن عددهم على مستوى كل دائرة ال يسمح لهم مطلقا‬
‫باالضطالع بمهامهم على النحو المطلوب‪ ،‬وبتطبيق قانون الشغل كما أريد أن يطبق من‬
‫المشرع‪.285‬‬

‫إن عدد األطر العاملة بمقتضيات الشغل بالمغرب الزال قليال بالنسبة لعدد المؤسسات‬
‫التي يسهرون على تطبيق مقتضيات قانون الشغل فيها‪ ،‬وبالنسبة لعدد المأجورين التابعين‬
‫فحتى حدود سنة ‪ ،1881‬بلغ عدد هؤالء حوالي ‪ 388‬مفتشيا وهذا العدد في تناقص‬ ‫‪286‬‬
‫لها‬
‫مقارنة مع سنة ‪ 1881‬حيث كان يناهز عددهم ‪ 111‬مفتشا على الصعيد الوطني يتوزعون‬
‫إلى عشرة مراقبين ممتازين للشغل و‪ 31‬مفتشا مساعدا للشغل و ‪ 18‬مفتشا مساعدا ممتازا‬
‫للشغل‪ ،‬و‪ 811‬مفتشا للشغل و ‪ 11‬مفتشا إقليميا للشغل و‪ 11‬مفتشا إقليميا رئيسيا للشغل‪.287‬‬

‫‪ 283‬نادية وكاو ‪ :‬م س ‪ .‬ص ‪.82‬‬


‫‪ 284‬صباح كوتو‪ :‬س ‪.‬ص‪.182 :‬‬
‫‪285‬‬
‫‪Il est difficile pour les inspecteurs du travail de cumuler les fonctions de conciliateur avec‬‬
‫‪leurs habituelles -3 fonctions de surveillance et de dépistage des violations de la loi et de la‬‬
‫‪répression une telle hétérogénéité de fonctions nuit à l'efficacité du contrôle» Observation de‬‬
‫‪P. Laroque rapportée par H. Sinay. La grève Dalloz 440 cité par Yves Fromont. OP cit P 293.‬‬
‫‪ 286‬على الصقلي‪ :‬م س‪ .‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 287‬المصدر ‪:‬مقال بجريدة الصحيفة‪ .‬العدد ‪ 222‬بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ -‬مارس ‪ ،1001‬ص ‪.28‬‬
‫‪117‬‬
‫كما أن هناك خصاصا كبيرا في األطر التقنية والمتخصصة الكفيلة بتقديم الدعم‬
‫و المساعدة ألعوان تفتيش الشغل سيما في مجال الصحة والسالمة المهنية للعمال وخاصة فئة‬
‫المهندسين‪ 288‬وأطباء الشغل‪.289‬‬

‫ويزداد الوضع تدهورا إذا علمنا أن عددهم سيتقلص بسبب اإلحالة على التقاعد‪ ،‬ناهيك‬
‫عن أولئك الذين استفادوا من عملية المغادرة الطوعية في الوقت الذي ال يتم فيه تدعيم جهاز‬
‫تفتيش الشغل بأطر جديدة‪.‬‬

‫لذلك يتعين الرفع من عدد األعوان المكلفين بتفتيش الشغل لضمان التطبيق الجيد‬
‫‪290‬‬
‫األحكام مدونة الشغل‪ ،‬ولمواجهة التزايد الحاصل في عدد المؤسسات الخاضعة للمراقبة‬
‫وللرفع من مستوى التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن نسبة تغطية ومراقبة ميدان الشغل‪ ،‬ال تتعدى ‪ 12%‬أي أن ما‬
‫يقارب ‪ 82%‬من المؤسسات ال تشملها التغطية من طرف أعوان التفتيش‪ ،‬وهذا يفسر‬
‫استعجالية دعم الموارد البشرية علما أن المتوسط المفروض توفره لتغطية المؤسسات‬
‫اإلنتاجية من ناحية المراقبة من طرف مفتشي الشغل تتحدد في ‪ 188‬مقاولة لكل مفتش شغل‪،‬‬
‫في حين أن ما هو معروف على الصعيد العالمي هو التوفر على نسبة أقل من ‪ 828‬و ‪188‬‬
‫مقاولة لكل مفتش شغل‪.291‬‬

‫ففي فرنسا مثال‪ ،‬يضم جهاز تفتيش الشغل ‪ 8188‬مفتش و‪ 1888‬مراقب يساعدون‬
‫المفتشين موزعين على ‪ 888‬دائرة للشغل‪.292‬‬

‫وفي إطار تعزيز الموارد البشرية‪ ،‬قامت وزارة التشغيل خالل سنة ‪ 1881‬بتعيين (‪)...‬‬
‫مفتشيا جديدا‪ ...‬وذلك من بين حاملي دبلوم الدراسات العليا المعمقة ولكن رغم أهميته هذه‬

‫‪ 288‬المهندسون في الصحة والسخامة عددهم قليل جدا في بخادنا‪ ،‬كما ون عدد المتتصين في علم التخاؤم (ارگونوميا) ال يتجاوز‬
‫بضعة وفراد‪.‬‬
‫‪ 289‬يبلغ عدد األطباء (عامون وو من متتلف التتصصات الممارسون الطب الشغل ‪ 791‬طبيبا‪ ،‬بينما تتطلب الحاجيات توفر ‪1000‬‬
‫طبيبا‪.‬‬
‫‪ 290‬عبد اللطيف تالفي‪ :‬م‪.‬س ص ‪ 271‬وما يليها‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫‪Salah aguenion, un inspecteur de travail pour 800 entreprises, lavie économique N° 4255‬‬
‫‪,5 mars2004.‬‬
‫‪292‬‬
‫‪Daniel Marchand, le droit du travail en pratique Ed d'organisation Paris 2002 P35.‬‬
‫‪118‬‬
‫العملية فإنها تظل غير كافية وقاصرة‪ ،‬بالنظر إلى تعدد وتنوع المهام واالختصاصات‬
‫المنوطة بأعوان التفتيش‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال تضم مفتشية الشغل بوجدة أربعة أعوان للتفتيش‪ ،‬ثالثة منهم من‬
‫درجة مفتش مساعد من بينهم رئيس الدائرة وعون واحد من درجة مراقب ممتاز‪ ،‬بينما يصل‬
‫العدد اإلجمالي للمؤسسات الخاضعة للتفتيش إلى حوالي ‪ 1888‬مؤسسة (صغيرة وكبيرة‬
‫ومتوسطة تشغل حوالي ‪ 38888‬عامل‪.‬‬

‫فبمقارنة هذه األرقام يتضح مدى اتساع الهوة بين اإلمكانيات المتوفرة والمهام التي‬
‫ينبغي لمفتشية الشغل القيام بها‪ ،‬فقد حددت الوزارة الوصية على قطاع التشغيل بالمغرب حدا‬
‫أدنى لعدد الزيارات التي يجب على مفتش الشغل القيام بها شهريا‪ ،‬فبالنسبة للمندوب الجهوي‬
‫عليه القيام بعشرين زيارة وحددت في ثالثين زيارة بالنسبة لرئيس الدائرة‪ ،‬أما األعوان‬
‫العاملين تحت إمرته فقد حددت لهم الوزارة عدد الزيارات في خمسين زيارة‪.293‬‬

‫أمام قلة اإلمكانيات وكثرة عدد الزيارات الواجب على عون الشغل القيام بها‪ ،‬يجد هذا‬
‫األخير نفسه أمام معادلة صعبة ال يمكن حلها إال عن طريق القيام بزيارات يكون التركيز‬
‫فيها على الكم دون الكيف‪ ،‬والكل في النهاية على حساب القانون وحساب الطبقة العاملة‬
‫والتنمية االقتصادية عامة‪.‬‬

‫‪ -2‬ضعف مستوى التكوين الثقافي‬

‫يرجع ضعف مستوى التكوين لدى أطر مفتشية الشغل أساسا ألسباب تاريخية فرضتها‬
‫ظروف االستقالل وتجديد أطر المفتشيات وتوسيعها‪ 294‬وإن كان يظهر أن وزارة التشغيل قد‬
‫تنبهت لهذا المشكل الذي من شأنه إضعاف وعرقلة عمل المفتشيات‪ ،‬سواء فيما يتعلق‬
‫بالمراقبة أو تسوية النزاعات‪ ،‬باعتبار أن هذه المهمة يجب أن يكون لها التكوين القانوني‬
‫والتقني واالجتماعي الكافي‪.‬‬

‫‪ 293‬عبد اللطيف تالفي‪ :‬مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات المحلية المغربية لمفتشي الشغل المجلة المغربية‬
‫لخاقتصاد والقانون المقارن العدد ‪ 22‬السنة ‪ 0995‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 294‬علي الصقلي‪ :‬م س‪ .‬ص ‪.454‬‬
‫‪119‬‬
‫وإن كان ال يكفي أن يكون ذا تكوين قانوني متين فحسب‪ ،‬بل يجب باإلضافة إلى ذلك‬
‫أن يلقن بعض العلوم من شأنها أن تعينه أثناء قيامه بعمله‪ ،‬خاصة دوره التصالحي‪.‬‬

‫فالتكوين االقتصادي لمفتشي الشغل مثال‪ ،‬قد يمكنه من مجابهة المشغل عند اتخاذه‬
‫اإلجراءات قد تمس األجراء‪ ،‬تمليها عوامل اقتصادية‪ ،‬ومن ذلك مثال اإلنقاص من ساعات‬
‫العمل بكيفية قد تؤثر في مبالغ األجور التي يتقاضاها األجراء عادة‪.295‬‬

‫حيث لوحظ وبشهادات مفتشي الشغل أنفسهم‪ ،‬أن اإلمكانيات المعرفية المتاحة لهذه الفئة‬
‫بفضل تكوينها الجامعي المتواضع‪ ،‬تظل قاصرة عن استيعاب التقنيات الدقيقة ألحكام قانون‬
‫الشغل‪ ،‬بل ومعارف أخرى متعددة تطرحها وظيفة تفتيش الشغل‪.‬‬

‫وبالتالي إ ن ما يجب التأكيد عليه في هاته الفترة هو وجوب التنبه إلى الجانب التقني‬
‫والنفسي في التكوين‪ ،‬باإلضافة إلى الجانب القانوني بطبيعة فالمهام المسندة له تقتضي‬
‫الدراية الكافية بأساليب الشغل‪ ،‬خاصة منها األساليب الحديثة والمعقدة‪ ،‬وكذا تكوينا في علم‬
‫النفس االجتماعي‪ ،‬مادام أن نزاعات الشغل تقوم في كثير من األحيان ألسباب نفسية شخصية‬
‫أو اجتماعية‪ ،‬سواء لدى العمال أو أرباب العمل‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يقول الباحث عبد هللا بوزيان‪:‬‬

‫"أمام استمرار هذا الوضع ال يكفي وصف المدونة إال بالمولود الذي إزداد ميتا‪،‬‬
‫وبالتالي ال يمكن أن نتباهی بالمدونة مادام تطبيقها لحد اآلن غير مضمون ويبقى التساؤل‬
‫مطروحا‪.‬‬

‫هل بإمكاننا تطبيق مدونة الشغل في غياب تكوين حقيقي لمفتشي الشغل‪ ،‬تماما كما لو‬
‫كان باإلمكان إقالع مركبة بدون ربانها "‪.296‬‬

‫وأمام هذا الوضع‪ ،‬فمفتش الشغل مدعو إلى أن يقوم بتكوين نفسه بنفسه‪ ،‬إذ أن عليه أال‬
‫يكتفي بتكوينه القانوني فحسب خاصة ونحن نعلم أن النظري شيء والعملي شيء آخر‪ ،‬بل‬
‫يجب عليه باإلضافة إلى ذلك أن يكتسب بعض المبادئ العملية التي من المفروض أن‬

‫‪ 295‬محمد الكشبور‪ :‬م س ص ‪.20‬‬


‫‪296‬‬
‫‪Karim mariami :Status sous effectifs formation pour quoi les inspecteurs du travail inougurant‬‬
‫‪l'application du code par une grève ? Liberation No 4124, 3 Juin 2004.‬‬
‫‪120‬‬
‫تصادفه أثناء مساره العملي‪ ،‬خصوصا وأن مفتش الشغل أصبح مطالبا بأخذ عينات من‬
‫المواد المستعملة من طرف األجراء إلجراء تحليالت عليها‪.297‬‬

‫كما أن مفتش الشغل مدعو اليوم بحكم مهامه الكثيرة والمتشعبة إلى اإللمام بجميع‬
‫األنماط الثقافية ولو في حدودها الدنيا خصوصا فيما يتعلق بمحاولته إجراء الصلح بين طرفي‬
‫النزاع‪.‬‬

‫هذا الوضع جعل أحد الفقهاء‪.298‬‬

‫يقترح خلق مدرسة وطنية خاصة بتكوين مفتشي الشغل أو على األقل فتح تخصص‬
‫داخل إحدى كليات الحقوق بالمغرب أو بالمعهد العالي للقضاء‪.‬‬

‫وعلى صعيد الممارسة العملية تم تأسيس الجمعية المغربية لمفتشي الشغل في ‪88‬‬
‫يوليوز ‪ ،8113‬فجعلت أول انشغاالتها بت الروح في النشاط الثقافي‪ ،‬وأقامت عدة ندوات‬
‫حول موضوعات مختلفة‪ ،‬تمحورت حول مدونة الشغل‪ ،‬كما حرصت الجمعية وبانتظام على‬
‫إصدار مجلة سمتها "نشرة اتصال" تضمنت محاور متعددة ومتنوعة أنصبت أساسا حول‬
‫اهتمامات مفتش الشغل‪ ،‬ومجاالت عملهم‪.299‬‬

‫وفي اعتقادي‪ ،‬يجب على الدولة إعادة النظر في طريقة تكوين مفتش الشغل‪ ،‬وذلك‬
‫بشكل يتماشى مع المهام الموكولة إليهم‪ ،‬وكذا أهمية وحساسية القطاع الذي يشتغلون فيه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العوائق المادية‬


‫الشك أن الجانب المادي يشكل الوجه اآلخر لمعاناة أعوان التفتيش‪ ،‬حيث تساهم بشكل‬
‫كبير في تهميش هذا القطاع وتحول دون تمكنه من تعميم وتوسيع أو تطبيق المقتضيات‬
‫القانونية التي أولى المشرع القيام بها من طرف أعوان التفتيش‪.‬‬

‫سعيا منا للوقوف على هذه العوائق المادية من خالل نقطتين أساسيتين أولهما على‬
‫مستوى الوضعية المالية لمفتشي الشغل وثانيهما على مستوى ضعف الحوافز المصاحبة‬
‫للعمل‪.‬‬

‫الشغل‪.‬‬‫‪ 297‬المادة ‪ 544‬من مدونة‬


‫‪ 298‬محمد الكشبور نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي وآفاق المستقبل ‪ ،‬موس‪ .‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 299‬نشرة اتصال ‪ :‬نشرة اتصال ‪ :‬مجلة تصدرها الجمعية المغربية لمفتشي الشغل‪ :‬ع‪ 5 :‬يناير ‪ 0992‬ص ‪.0‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ -1‬تردي الوضعية المالية لمفتشي الشغل‬

‫إن الوضعية المالية التي يعيشها أطر مفتشي الشغل‪ ،‬وضعية مزرية من شأنها أن تؤثر‬
‫على أدائهم للمهام المتعددة الموكول لهم للقيام بها‪ ،‬إذ أن مدة الوضعية الحالية ال تحفزهم على‬
‫الحماس والنشاط للقيام بعملهم في مأمن عن كل الضغوطات‪ ،‬فالراتب ال يختلف عما يتقاضاه‬
‫زمالؤهم المعينون في أدنى ساللم الوظيفة العمومية‪ ،‬بل وأكثر تدنيا مقارنة مع مفتشي المالية‬
‫ومفتشي الضمان االجتماعي مثال مع بعض االستثناءات القليلة المتعلقة ببعض رؤساء‬
‫المصالح ذوي األقدمية الطويلة والمسؤولية الكبيرة‪.300‬‬

‫كما تجدر اإلشارة أن التعويضات الممنوحة لمفتش الشغل عن الزيارات التي يقومون‬
‫بها وال تي تختلف باختالف السلم اإلداري وتحمل في طياتها تناقضا وتمييزا بين المفتشين‬
‫وهي تتميز في عمومها بالضآلة مما يجعل الحوافز المادية ضعيفة وال تساهم في قيام‬
‫المفتشين بمهامهم أحسن قيام رغم أنهم ملزمين بها بمقتضى نصوص مدونة الشغل بمقتضى‬
‫نصوص مدونة الشغل‪.301‬‬

‫إن غياب حوافز مادية ومعنوية من شأنها تشجيع أعوان تفتيش الشغل على الرفع من‬
‫مردوديتهم المهنية وتحسين تكوينهم المهني التقني والثقافي‪ .302‬إذن حرمان مفتشي الشغل‬
‫من تعويضات و امتيازات مادية واجتماعية تتمتع بها أصناف عديدة من موظفي الدولة‪ ،‬فال‬
‫سكن وال مراكز لالصطياف والعالج وال حوافز لتحسين المردودية والكفاءة زيادة على ذلك‬
‫كله‪ ،‬ال تمنح لهم تعويضات عن التنقالت التي قد يقومون بها من حسابهم الخاص‪ ،‬وال على‬
‫الساعات اإلضافية التي كثيرا ما يكونون ملزمين للقيام بها لحل نزاع معين ال يحتمل‬
‫التأخير‪ ،‬زد على عدم حصولهم على مكافأة عن التوفيق في حل نزاعات الشغل الفردية‬

‫‪ 300‬سعيد لمانی‪ :‬مفتشية الشغل "الحصيلة واآلفاق "‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية لخاقتصاد و القانون المقارن ع ‪ 22‬س ‪0992‬‬
‫ص ‪.219‬‬
‫‪ 301‬في هذا اإلطار يقول األستاذ سعيد لماني‪:‬‬
‫" إن هناك شبه إنعدام للحوافز المادية‪ ،‬بل وحتى الحوافز المعنوية‪ ،‬فخا وذكر حسب علمي ون مفتشا للشغل توصل في يوم ما بتنويه‬
‫كتابي يشيد بفعاليته وجديته ومردوديته‪ ،‬بل ال وذكر ون مفتشا للشغل ومضي زهرة شبابه في تدمة مفتشية الشغل وقيمت له حفلة تكريم‬
‫عند إحالته على التقاعد" سعيد لماني ‪:‬م‪.‬س ص‪.219‬‬
‫‪ 302‬نشر اتصال ‪ :‬نشرة اتصال‪ :‬مجلة تصدرها الجمعية المغربية لمفتشي الشغل‪ .‬ع‪ 9 :‬مارس ‪ 2112‬ص ‪.02‬‬
‫‪122‬‬
‫والجماعية وال منح للتكوين المستمر الملقن للمعرفة بقانون الشغل والضمان االجتماعي‬
‫ومقتضيات الصحة والسالمة المهنية داخل المعامل‪.303‬‬

‫كما يمكن تسجيل غياب تعويضات لمفتشي الشغل في حالة إصابتهم ببعض األمراض‬
‫أثناء مزاولتهم لمهامهم (كداء السكري واألمراض النفسية‪ ،‬والعصبية‪ ،‬وأمراض القلب)‬
‫بسبب الخطورة المتزايدة للضغط الكبير الذي يتعرضون له والمصاحب لعملية انتزاع‬
‫اتفاقا ت الصلح من األطراف اإلنتاجية المتعارضة المصالح‪ ،‬إبان مراحل النزاع الجماعي‬
‫من إضرابات‪ ،‬إغالق المقاوالت‪ ،‬التقليص من مدة العمل والتسريح الجماعي للعمال‪.‬‬

‫وبالتالي نرى أن الوضعية المالية لمفتشي الشغل وضعية جد مزرية ومتردية رغم‬
‫خطورة وحساسية الدور المنوط بهم مما يوجب الرفع من المستوى المادي لهذه الفئة‪،‬‬
‫لوقايتهم من مختلف اإلغراءات التي قد يتعرضون لها أثناء قيامهم بواجباتهم على اعتبار أن‬
‫هذه الفئة هي في اتصال دائم ومستمر بالمشغلين‪ ،‬وهم غالبا أصحاب ثروات ضخمة ونفوذ‪.‬‬

‫‪ -2‬ضعف وسائل العمل‬

‫رغم تعدد المهام المنوط لمفتش الشغل‪ ،‬تفرض عليهم القيام بها في أحس الظروف‪ ،‬إال‬
‫أن الواقع عكس ذلك فهم يشتغلون في ظل ظروف عمل صعبة ومرهقة وجد سيئة ال تسمح‬
‫لهم بإنجاز مهامهم على الوجه المطلوب‪ ،‬ذلك أنهم يعملون بوسائل جد ضعيفة‪ ،‬فهذه الفئة‬
‫نفسها تسجل أن المكاتب جد قديمة قدم البنايات التي تضمها‪ ،‬باإلضافة إلى انعدام المعلومات‬
‫والتقنيات المتطورة والحديثة في عمل مفتش الشغل والتي أصبحت من الضروريات اإلنجاز‬
‫‪304‬‬
‫أي عمل ب سهولة‪ ،‬فضال عن مشاكل الهاتف والمطبوعات والفاكس وأجهزة الحاسوب‬
‫والغريب في األمر عدم توفر العديد من المفتشين على مكاتب الئقة وكراسي الستقبال‬
‫الوافدين على اإلدارة بل إنهم أحيانا يضطرون لتوفير الطوابع واألقالم والمطبوعات‬
‫واللوازم األولية من حسابهم الخاص‪.‬‬

‫في هذا الصدد يقول أحد الممارسين‪" :‬إن بنايات المنذوبيات ال توحي بمظاهر الهيبة‬
‫إلدارة توجد وسط الصراع االجتماعي ومشاكله‪ ،‬إذ أن جل المندوبيات في العماالت واألقاليم‬

‫‪ 303‬نشر اتصال ‪ :‬مرجع سابق ص ‪.02‬‬


‫‪ 304‬سعيد لماني‪ :‬م‪ .‬س‪ .‬ص‪.219 .‬‬
‫‪123‬‬
‫عبارة عن دور سكنية مستأجرة‪ ،‬يشغل فيها الصالون وغرفة النوم كمكاتب ألعوان التفتيش‪،‬‬
‫وتدعو الضرورة االستعمال المطبخ والحمام كمكاتب يستقبل فيها العموم‪ ،‬وتنجز فيها‬
‫المهمات اإلدارية‪ ،‬فال تتميز مقرات المندوبيات عن باقي المساكن العادية إال بالعالم الوطني‬
‫واسم الوزارة المكتوب على الجدران بشكل باهت‪...‬‬

‫يقال إن جل الوزارات دأبت على استغالل منازل لضعف الميزانية‪ ،‬إال أن األمر لدى‬
‫وزارة التشغيل الزمها من زمان عصر األزمة‪ ،‬فطبيعة عمل مفتش الشغل يختلف عن باقي‬
‫مهمات الوزارات األخرى‪ ،‬فهو يعقد اجتماعات داخل مكتبه (بحضور ممثلي الشركة‬
‫ومندوبي األجراء وممثلي النقابات) ‪ ،‬مما يفترض أن يكون المكتب في المستوى وملبيا‬
‫‪305‬‬
‫لحاجيات مثل هذا العمل‪...‬‬

‫وتجدر اإلشارة أنه من جهة أخرى أن مفتش الشغل ال يتوفرون على وسائل النقل‬
‫الضرورية‪ ،‬الشيء الذي يعرقل ويضاعف متاعبهم المهنية وباألخص في المناطق المترامية‬
‫األطراف‪ ،‬وأيضا بالنسبة ألعوان التفتيش العاملين بالقطاع الفالحي‪ ،‬إذ كيف يعقل على سبيل‬
‫المثال أن يطالب مفتش الشغل بزيارة المؤسسات الخاضعة لمدونة الشغل والبعيدة جغرافيا‬
‫عن مقر الدائرة التي يعمل فيها‪ ،‬دون أن توفر له وسيلة نقل‪ ،‬وال يعقل أن يطالب بمراقبة‬
‫الضوضاء‪ ،‬أو مستوى اإلضاءة أو مستوى الرطوبة أو الحرارة داخل المؤسسة‪ ،‬دون أن‬
‫تمكنه من الوسائل التقنية التي تسمح لهم بإجراء هذه االختيارات وغيرها مما تفرضه عليهم‬
‫المقتضيات القانونية في مثل هذه الظروف‪.‬‬

‫إضافة على ما سبق‪ ،‬هناك عوامل أخرى تحد من فعالية مفتشي الشغل‪ ،‬إذ نجد قطيعة‬
‫بين المصلحة المركزية والمصالح الخارجية‪ ،‬لذلك يفضل البعض تحويل مفتشية الشغل إلى‬
‫مديرية تابعة لوزارة المالية أو وزارة الداخلية أو وزارة العدل‪.‬‬

‫تلكم إذن هي العوائق القانونية والواقعية التي تقف حجرة عثرة ‪ ،‬وتتحكم إلى حد كبير‬
‫في فعالية وأداء مفتشية الشغل ودوره في تحقيق التنمية االقتصاية‪ ،‬وال أعتقد أن هناك من‬
‫سيتورع عن إتهام أعوان تفتيش الشغل باالرتشاء والتواطؤ مع المشغل على حساب األجير‪،‬‬

‫‪ 305‬سعيد لمانی‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.296‬‬

‫‪124‬‬
‫وذلك إذا انطلق من الواقع العملي لقانون الشغل والذي يتعرض لخروقات مهولة كما أننا ال‬
‫نشك لحظة واحدة في أن مصدر تلك االتهامات قاصرة على إدراك أن محدودية أداء مفتشية‬
‫الشغل تتحكم فيه اعتبارات عديدة‪ ،‬وهي اعتبارات تتمثل فيما تعرضنا له‪ ،‬فال يسع كل مطلع‬
‫عليها إال أن يتفق معنا على أنه من الظلم أن نحاسب أحدا على إخفاقه في القيام بما ال يمكن‬
‫لغيره أن يقوم به في نفس الظروف وبنفس الوسائل ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يعتبر جهاز تفتيش الشغل محركا أساسيا في تحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬بحكم احتكاكه اليومي‬
‫والدائم مع الواقع االقتصادي واالجتماعي ومشاركا أساسيا في هندسة السلم االجتماعي داخل‬
‫سوق الشغل باعتباره الشرط األساسي لإلقالع االقتصادي واالستقرار االجتماعي‪.‬‬

‫ومن المتفق عليه فقها وقضاء أن المغرب تأخر كثيرا في تحديث تشريعه االجتماعي وتجميع‬
‫نصوصه في مدونة الشغل على غرار باقي المدونات األخرى سواء العربية أو الدولية‪ ،‬وهذا‬
‫التأخر راجع لعدة أسباب منها ما هو موضوعي و منها ما هو ذاتي و أهم هذه األسباب هي‬
‫الصراعات بين الفرقاء االجتماعيين سواء الطبقة الشغيلة أو منظمات المهنية للمشغلين أو‬
‫من جهة الدولة في شخص الحكومة أو ممثليها مما أثر سلبا على التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫وبصدور مدونة الشغل استطاعت جمع شتات النصوص القانونية المتشعبة والمتفرقة‪ ،‬إال أن‬
‫الواقع العملي سيفرض عليها مستقبال كما هو الشأن بالنسبة للمدونات بصفة عامة أن يضيف‬
‫إليها ما سيراه المشرع ضروريا لتكملتها ‪ ،‬ألنها حاليا تعتبر غير تامة رغم صدور نصوص‬
‫تنظيمية مكملة لها و ما زالت أمور عالقة يأمل الباحثين و الفقهاء إلى إيجاد حل لها مستقبال‪.‬‬

‫ف رغم صدور المدونة متأخرة نظرا للصعوبات التي واجهتها ‪ ،‬إال أنها استطاعت مقارنة مع‬
‫التشريعات السابقة للمدونة أن تجد البديل للكثير من الموضوعات و الصراعات الحساسة بين‬
‫األجراء و المشغلين ‪ ،‬فالمشغل يرغب في المزيد من المرونة في التشغيل و الفصل وذلك من‬
‫تقليل الجان ب التشريعي لصالح حرية التقاعد و تجاوز مفهوم االمتياز المكتسب ‪ ،‬و الزيادة‬
‫في الضمانات االجتماعية ‪ ،‬فالمدونة تحاول خلق التوازن من أجل الحفاظ على مبدأ استقرار‬
‫الشغل ألن قانون الشغل يتضمن بالنسبة للبعض أمانا مفروضا لصالح األجير يتعارض مع‬
‫التطورات التي ال تتوقف في االقتصاد العالمي‪ ،‬ومن خالل الظروف التي أحاط بإعداد‬
‫المدونة األخذ بعين االعتبار المرونة من منطق الحقائق الواقعية والحلول العملية‪ ،‬فالدراسات‬
‫النظرية بل واالجتهادات القضائية تنطلق أساسا من تشريع يأخذ ميكانيزمات معينة وضعت‬
‫فوق أرضية لم تكن لتؤمن لها العقلية المغربية بسهولة تفرضها ضرورة التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫وإذا كان جهاز تفتيش الشغل نتاجا لتدخل الدولة في تنظيم عالقات الشغل ومراقبة تنفيذ‬
‫التشريعات واألنظمة للمساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية فإن من أهم مقتضيات مدونة‬
‫الشغل هي إعطاء السند القانوني لعون تفتيش الشغل للقيام بمحاوالت التصالح‪ ،‬حيث كانت‬
‫ممارسة هذه المهام تفتقر إلى المرجعية القانونية مما أثر بشكل سلبي على فعالية ومرودية‬
‫مفتشية الشغل ألنها تمارس مهامها باعتبارها أمرا واقعا ال غير‪ ،‬كما زكت المدونة وظيفة‬
‫المراقبة لدى مفتشية الشغل بأن عززت من وسائلها وأدواتها لتصبح ذات تأثير ايجابي على‬
‫التنمية االقتصادية وإذا كان من نافلة القول أن مفتشية الشغل هي أداة تعمل في إطار سياسة‬
‫اجتماعية معينة لها تأثير على التنمية االقتصادية فإن إصدار مدونة الشغل ال يكفي وحده‬
‫لتحقيق هذه الغايات‪ ،‬كما ال يكفي لضمان تطبيق سليم لمحتوياتها في غياب االعتناء بالمرفق‬
‫اإلداري الذي يشرف على تنفيذ هذه المقتضيات للمساهمة في التنمية االقتصادية‪ ،‬من هنا‬
‫نرى أنه من الالزم اتخاذ إجراءات مرافقة كي تكون وظائف مفتشية الشغل رافعة للتنمية‬
‫االقتصادية ومن هذه اإلجراءات‪:‬‬

‫‪ -‬تعزيز جهاز تفتيش الشغل بموارد بشرية كافية ومؤهلة من أجل تدارك النقص الحاصل‪.‬‬

‫‪ -‬إخراج النظام األساسي لمفتشي الشغل إلى حيز الوجود بشكل يساهم في الرفع من مستواهم‬
‫المادي والمعنوي ويمنحهم الحماية القانونية الالزمة باعتبارهم يمارسون مهام الضابطة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل بين مهمتي المراقبة والصلح تفاديا لكل تداخل أو تناقض بين أسلوب عمل اجتماعي‬
‫وتحسيسي وآخر زجري وتبليغي‪.‬‬

‫‪ -‬التنسيق بين وزارة التشغيل ووزارتي الداخلية والعدل من أجل خلق لجان خاصة على‬
‫المستوى المحلي تهدف إلى تبادل المعلومات والتعاون لتحقيق األهداف التي تسعى إليها كل‬
‫مصلحة على حسب اختصاصاتها‪.‬‬

‫‪ -‬تكوين المفتشين بشكل مستمر خاصة في تقنيات التواصل والمعلوميات والقانون والصحة‬
‫والسالمة المهنية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ -‬توحيد مساطر التفتيش أو ما يمكن أن نسميه منهجية عمل التفتيش دون التأثير على‬
‫استقاللية المفتشين في أداء وظيفتهم‪.‬‬

‫‪ -‬تدارك بعض النصوص القانونية التي تحمل في طياتها نوع من التناقض من خالل المادتين‬
‫‪ 18‬و ‪ 231‬من مدونة الشغل حتى يتم تجاوز الجدل الفقهي القائم على هاتين المادتين‪.‬‬

‫‪ -‬منح مفتشي الشغل صفة ضابط شرطة قضائية حتى يتسنى لهم إحالة محاضرهم مباشرة‬
‫على النيابة العامة دون وسيط لتجاوز إشكالية طول مسطرة إحالة هذه المحاضر‪.‬‬

‫‪ -‬توطيد العالقة بين جهاز تفتيش الشغل والقضاء من خالل منح محاضر التفتيش الشغل‬
‫حجية ثبوتية ال يطعن فيها إال بالزور‪.‬‬

‫تلك بعض االقتراحات التي إن تحققت من شأنها أن تجعل من مفتش الشغل رافعة أساسية‬
‫لتحقيق الحكامة والتنمية االقتصادية بالمغرب‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫الكتب العامة‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد فروان حسين‪ :‬التنمية والتحديث في الوطن العربي‪ ،‬المفاهيم‪ ،‬المحددات‪ ،‬المتطلبات‪ ،‬المعوقات‪،‬‬
‫مطابع المتفوق للطباعة والنشر والتوزيع صنعاء‪ ،‬طبعة أولى نونبر ‪.1882‬‬

‫‪ -‬أسامة عبد الرحمان‪ :‬البيروقراطية النفطية ومعضالت التنمية‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة عدد ‪ 28‬يونيو‬
‫‪.8111‬‬
‫‪ -‬الحاج الكوري‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬مطبعة الحرف المعتدل سال ‪8111‬‬
‫‪ -‬أمل جالل‪ ،‬مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل واألمراض المهنية في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة ‪ ،‬بالدار البيضاء ‪.8188‬‬
‫‪ -‬بكري كامل‪ :‬التنمية االقتصادية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت ‪.8111‬‬

‫‪ -‬دنيا مباركة "‪:‬القانون االجتماعي المغربي‪ ،‬دراسة مقارنة في ظل التشريع الحالي ومدونة الشغل‬
‫المرتقبة‪ ،‬مشروع ‪ ،" 1888‬مطبعة دار النشر الجسور‪ ،‬طبعة غير مذكورة ‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة ‪.1881/1883‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز العتيقی ‪ ،‬قانون الشغل المغربي‪ ،‬دراسات و أبحاث‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬البيضاء ‪.8118،‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عجمية (محمد) وعطية ناصف (إيمان)‪ :‬التنمية االقتصادية دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬القاهرة ‪.1883‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عجمية وعلي الليتي ‪:‬التنمية االقتصادية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1888 ،‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المطبعة والوراقة‬
‫الوطنية مراكش ‪ .‬طبعة األولى ‪.1881‬‬
‫‪ -‬عصام يوسف القيسي‪ ،‬التنظيم االجتماعي للعمل‪ ،‬بحث مقارن في تشريعات العمل العربية‪ ،‬منشورات‬
‫المعهد العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل ‪ ،‬بغداد ‪. 8118-8118‬‬

‫‪ -‬لحسن هوداية‪ ،‬محاضر الضابطة القضائية‪ ،‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار السالم‪ ،‬سنة ‪.1888‬‬
‫‪ -‬محمد بلهاشمي‪ :‬تأمالت في أحكام مدونة الشغل‪ :‬مجلة المعيار العدد ‪ 38‬يونيو ‪. 1888‬‬

‫‪ -‬محمد عبد الوهاب علي‪ :‬محاضرات المركز العربي لإلستشارة والتدريب‪ ،‬منشورات المركز العربي‬
‫لالستثمارات والتدريب‪ ،‬القاهرة‪.1881 ،‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ -‬موسى عبود‪ ،‬دروس في القانون االجتماعي ‪ ،‬المركز التهاني العربي الدار البيضاء ‪.8111 ،‬‬

‫الكتب الخاصة‪:‬‬
‫‪ -‬إدريس فجر" ‪:‬مدونة الشغل حصيلة سنتين من التطبيق القضائي‪ ،‬الغرامة اليومية في قضايا حوادث‬
‫الشغل "‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجديدة‪ ،‬السنة ‪. 1888‬‬
‫‪ -‬بشرى العلوي‪ :‬الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي ‪.‬الطبعة الثانية سنة ‪ 1888‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الباقي سليم‪ ،‬نشاة و تطور تشريعات تفتيش العمل‪ ،‬منشورات مكتب العمل العربي والمعهد العربي‬
‫للثقافة العالية وبحوث العمل‪ ،‬بغداد ‪.8181‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق لعلح " ‪ :‬حجية محاضر مفتشية الشغل بإنهاء المنازعة االجتماعية بالصلح"‪ ،‬ندوة تحت‬
‫عنوان عقود العمل والمنازعات االجتماعية من خالل اجتهادات المجلس األعلى ‪ ،‬نظمها هذا األخير‬
‫بمناسبة الذكرى الخمسينية لتأسيسه بمقر محكمة االستئناف‪ ،‬بحي رياض السالم بأكادير ‪،‬يومي ‪ 2‬و ‪1‬‬
‫يوليوز ‪.1888‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز العتيقي‪ ،‬محمد الشرقاني‪ ،‬محمد القري اليوسفي‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية المدونة الشغل المرتقبة‬
‫مشروع ‪ 8111‬دار النشر الجسور وجدة ‪.8111‬‬
‫‪ -‬محمد الكشبور‪ :‬التعسف في إنهاء عقد الشغل‪ ،‬أحكام التشريع ومواقف الفقه والقضاء دراسة مقارنة‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ‪.8111‬‬
‫‪ -‬محمد ايبوزير ‪ ،‬مفتشية الشغل بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة‬
‫العمومية‪ ،‬الرباط ‪.8118-8181‬‬

‫‪ -‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬في ضوء مدونة الشغل بالمغرب‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪.1881 ،‬‬
‫‪ -‬مليكة بنزاهير ‪ ":‬الصلح والتحكيم االختياري لحل نزاعات الشغل الفردية" ‪ ،‬الندوة الثالثة للقضاء‬
‫االجتماعي‪ ،‬نشر دار السالم ‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪. 1881‬‬
‫‪ -‬يوسف إلياس‪ ،‬تفتيش العمل في الدول العربية بين أزمات الحاضر وتحديات المستقبل‪ ،‬منشورات‬
‫المركز العربي إلدارة العمل والتشغيل تونس ‪.1881‬‬

‫‪130‬‬
‫المجالت‪:‬‬
‫‪ -‬زهور الحر " ‪ :‬دور مفتشية الشغل في استقرار عخاقات الشغل"‪ ،‬المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون‬
‫المقارن عدد ‪. 2861- 11‬‬
‫‪ -‬زوهير المروصي" ‪ :‬دور مفتشية الشغل في إقرار السلم االجتماعي"‪ ،‬المجلة المغربية للدراسات‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬ع ‪ 7‬ماي ‪.1022‬‬
‫‪ -‬سعد لماني‪ :‬دور مفتشية الشغل في تطبيق قانون الشغل مجلة المرافعة العدد‪ 1- 1‬ماي ‪.2881‬‬
‫‪ -‬سعيد لماني‪ :‬مقال بجريدة األيام‪ .‬تحت عنوان‪" :‬سنمتنع عن حل نزاعات الشغل"‪ .‬عدد ‪ 268‬بتاريخ‬
‫‪ 28-21‬وبريل ‪.1002‬‬

‫‪ -‬سعيد لمانی‪ :‬مفتشية الشغل "الحصيلة واآلفاق "‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية لخاقتصاد و القانون‬
‫المقارن ع ‪ 22‬س ‪.0992‬‬

‫‪ -‬ع بد العالي بناني سميرس‪ ،‬مفتشية الشغل ودورها في عالقات الشغل‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد ‪ 11‬دجنبر‬
‫‪.8118‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف تالفي‪ :‬مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات المحلية المغربية‬
‫لمفتشي الشغل المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون المقارن العدد ‪ 22‬السنة ‪.0995‬‬

‫‪ -‬محمد الشرقاوي‪ :‬المخاحظات واالقتراحات المطروحة ؟؟إصخاح نظام تفتيش مؤسسات الشغل‪ ،‬المجلس‬
‫المغربي لخاقتصاد والقانون المقارن العدد ‪ 11‬سنة ‪.2881‬‬

‫‪ -‬محمد ووزيان‪ :‬مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة‬
‫بين ضرورات اإلبقاء على السلم االجتماعي وحتميات التنمية االقتصادية‪ :‬مجلة القصر‪ :‬العدد ‪ 26‬ماي‬
‫‪ 1006‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -‬محمد سعيد بناني " ‪ :‬اإلعفاءات االقتصادية ووسائل اإلبراء منها "المجلة المغربية للقانون االجتماعي‬
‫‪ ،‬العدد ‪ ،2‬السنة ‪. 2889‬‬

‫‪ -‬محمد طارق " واقع القانون االجتماعي بين التطبيق ومحدوديته" مجلة القانون المغربي ‪REDMAR‬‬
‫العدد ‪ 22‬يناير ‪. 2102‬‬

‫‪ -‬محمد طارق‪ ،‬وتخاقيات جهاز تفتيش الشغل بالمغرب بين المعايير الدولية والتشريع الوطني المجلة‬
‫المغربية للسياسات العمومية ‪ REMAPP‬العدد ‪ 00‬ربيع ‪.2102‬‬

‫‪131‬‬
‫الرسائل واألطروحات‪:‬‬

‫‪ -‬أحمد أزد وفال‪ :‬واقع نظام تفتيش الشغل في المغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة وحدة البحث والتكوين والضمانات التشريعية في قانون األعمال المغربي‪ ،‬جامعة‬
‫محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية وجدة موسم ‪.1888-8111‬‬

‫‪ -‬أحمد بودراع‪ :‬تطبيق االتفاقيات الدولية للشغل في إطار الممارسة المغربية أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام السنة الجامعية‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد تويس" ‪ :‬دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل "رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫في القضاء والتحكيم ‪،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬‬
‫وجدة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 1881-1881‬‬

‫‪ -‬أسماء الشرقاوي‪ ،‬الرقابة على سلطة المشغل في القانون المغربي المعاصر‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‬
‫أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1881 /1883‬‬
‫‪ -‬بدر الصيلي مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية الدار البيضاء الموسم ‪.1888-1881‬‬
‫‪ -‬جليلة البحري "‪:‬عمل مفتش الشغل بين العمل القانوني والواقع العملي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية السويسي‬
‫الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 1888-1881‬‬
‫‪ -‬حداد عبد هللا‪ :‬صفقات األشغال العمومية‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه‬
‫الدولة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬أكدال ‪ ،‬الرباط‪. 8112 ،‬‬

‫‪ -‬صباح كوتو‪ ،‬مفتشية الشغل و دورها في ضمان الحماية العمالية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في الحقوق‪ ،‬قانون خاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء‪.1881 ،1883 ،‬‬
‫‪132‬‬
‫‪ -‬صفاء العزوزي‪ ،‬مفتشية الشغل كهيئة إدارية متدخلة في عالقات الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في العلوم القانونية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العوم القانونية و االقتصادية و‬
‫االجتماعية الرباط‪.1881/1881 ،‬‬
‫‪-‬علي الصقلي‪ :‬نزاعات الشغل الجماعية وطرق تسويتها السلمية في القانون المغربي‬
‫والمقارن أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص موسم ‪ 8111-8111‬جامعة‬
‫سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس‪.‬‬

‫‪ -‬فؤاد الفارسي "‪ :‬الصلح في نزاعات الشغل ‪ ،‬بين القواعد العامة ومدونة الشغل "رسالة‬
‫لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وجدة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1888-1881‬‬

‫‪ -‬محمد الداودي أطروحة لنيل الدكتوراه "اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية االقتصادية‬
‫بالمغرب" جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية موسم‬
‫‪.1883-1881‬‬

‫‪ -‬محمد إيبوزير‪ ،‬مفتشية الشغل بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية‬
‫لإلدارة العمومية بالرباط السنة الجامعية ‪.8118/8181‬‬
‫‪ -‬مراشي المصطفى‪ :‬مفتش الشغل بين المراقبة والمصالحة‪ ،‬تقرير نهاية الدورة التكنولوجية‬
‫بالمعهد الوطني للشغل واالحتياط االجتماعي‪ ،‬فوج ‪. 1882-1881‬‬
‫‪ -‬نادية أكاو‪ ،‬مفتشية الشغل كهيئة متدخلة في عالقة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و‬
‫االجتماعية الرباط أكدال‪ ،‬السنة الجامعية‪.1888-1881‬‬
‫‪ -‬يامنة حركات ‪ :‬الصلح بيمن مفتشية الشغل والقضاء "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المتخصصة في المهن القضائية والقانونية‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية السويسي‪ -‬الرباط السنة الجامعية ‪. 1881/1881‬‬

‫‪ -‬يوسف رزوق‪ ،‬تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالحة‪ ،‬بحث لنيل‬
‫دبلوم السلك العالي‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة ‪ ،‬الرباط ‪. 1994/1995‬‬
‫‪133‬‬
‫‪ -‬عزيز اردرني ‪ ،‬دور مفتشية الشغل في استقرار السلم االجتماعي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8111-8111‬‬

‫القوانين‪:‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 12.11‬المتعلق بمدونة الشغل و الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،8-83-811‬بتاريخ‬
‫‪ 81‬رجب ‪ 8111‬الموافق ‪ 88‬شتنبر ‪ ،1883‬ج‪ .‬ر‪ ،‬ع ‪ ،2818‬بتاريخ ‪ 1‬دجنبر ‪.1883‬‬
‫‪ -‬قانون العمل اإلماراتي (م‪/888 / 1 /‬أ) أو القانون االتحادي رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 8118‬والذي تم تعديله بالقانون‬
‫االتحادي رقم ‪ 11‬لعام ‪.8118‬‬
‫‪ -‬قانون العمل التونسي (الفصل ‪/1/ 881‬أ) والذي نقح بالقانون عدد ‪ 11‬لسنة ‪ 8111‬المؤرخ في ‪18‬‬
‫فيفري ‪ 8111‬من مجلة الشغل التونسية‪.‬‬
‫‪ -‬قانون العمل الفلسطيني رقم ‪ 8‬لسنة ‪.1888‬‬
‫‪ -‬قانون العمل االماراتي االتحادي رقم ‪ 1‬لسنة ‪.8118‬‬
‫‪ -‬قانون العمل للمملكة األردنية رقم ( ‪ )28‬لسنة ‪.1881‬‬
‫‪ -‬قانون العمل العراقي الصادر رقم ‪ 18‬الصادر سنة ‪.1882‬‬
‫‪ -‬المدونة العامة للسلوكيات المهنية و األخالقية ألجهزة تفقد الشغل‪ ،‬من منشورات الجمعية العالمية لتفقد‬
‫الشغل‪ ،‬منشورات ‪ ،1881‬مترجمة للغة العربية من طرف شاكر الساحلي‪ ،‬المتفقد الرئيس للشغل وزارة‬
‫الشؤون االجتماعية‪.‬‬
‫الظهائر‪:‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 8 . 81 .818‬صادر في ‪ 1‬ذي الحجة ‪ 88( 8138‬أغسطس ‪ )1881‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 81/81‬بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعامالت والعمال المنزليين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪.1113‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 8-21-881‬بتاريخ ‪ 1‬شعبان ‪ 11 ( 8388‬فبراير ‪ )8121‬القانون المنظم للوظيفة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 811 . 82 .8‬بتاريخ ‪ 12‬صفر‪ 8318( 82‬فبراير ‪ 8188‬المتعلق‬
‫باختصاصات العامل كما تم تعديله وتتميمه‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 81‬غشت ‪ 8183‬المتعلق بقانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الذي نظم عقد إجارة الخدمة في الفصول‬
‫من ‪ 813‬إلى ‪818‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 83‬يوليوز ‪ 8111‬المتعلق بتنظيم األجور‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 2‬ماي ‪ 8138‬المتعلق بتنظيم العطلة السنوية‬

‫‪134‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 11‬فبراير ‪ 8131‬المتعلق بإبرام االتفاقيات الجماعية‬
‫‪-‬الظهير الشريف رقم ‪ 821 - 881‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ 8121‬بمثابة النظام األساسي العام‬
‫للوظيفة العمومية كما وقع تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫االتفاقيات‪:‬‬
‫‪ -‬االتفاقية رقم ‪ 18‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة ‪ 8118‬المتعلقة بتفتيش العمل في الصناعة‬
‫والتجارة المؤتمر العام لهيئة العمل الدولية المنعقد في دورته الثالثين سنة ‪.8118‬‬
‫‪ -‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة ‪ 8111‬بشأن تفتيش العمل في الزراعة‬
‫المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية المنعقد في دورته الثالثة والخمسون ‪.8111‬‬
‫‪ -‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 888‬المتعلقة بالعمل في المنزل لسنة ‪.8111‬‬
‫‪ -‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬الصادرة عن منظمة العمل العربية المتعلقة بالعمل الالئق للعمال المنزليين‬
‫الصادرة سنة ‪.1888‬‬
‫‪ -‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 811‬الصادرة عن منظمة العمل الدولي سنة ‪ 8111‬بشأن العمل في الزراعة‪.‬‬

‫المراسيم‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 111.88.1‬صادر في ‪ 11‬رجب ‪( 8131‬فاتح يوليو ‪ )1888‬بتغيير المرسوم رقم‬
‫‪ 11.81.1‬الصادر في ‪ 2‬رجب‬
‫(‪ 1‬يوليو ‪ )1881‬بشأن النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل منشور ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 2121‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1‬شعبان ‪ 8131‬فاتح يوليو ‪ 1888‬ص‪.3333‬‬
‫‪ -‬المرسوم الملكي رقم ‪ 8882-11‬بتاريخ ‪ 11‬شوال الموافق ل ‪ 1‬فبراير ‪ ،8118‬بشأن النظام األساسي‬
‫الخام بوزارة الشغل والشؤون االجتماعية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1131‬بتاريخ ‪ 1‬فبراير ‪.8118‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 1-12-318‬صادر في ‪ 88‬رجب ‪ 11/8188‬نونبر ‪ 8111‬المتعلق بتحديد اختصاصات‬
‫وتنظيم وزارة التشغيل و الشؤون االجتماعية‪ ،‬ج ر‪.‬ع ‪ 1121‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 8188‬الموافق ل ‪1‬‬
‫فبراير ‪8118‬‬
‫‪-‬مرسوم رقم ‪ 1 - 12 - 318‬صادر في ‪ 88‬رجب ‪ 8188‬الموافق ل ‪ 11‬نونبر ‪ 8111‬المتعلق بتحديد‬
‫اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية الجريدة الرسمية عدد ‪ 1112‬بتاريخ ‪11‬‬
‫رمضان ‪ 8188‬الموفق ل ‪ 1‬فبرابر ‪8118‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 11.81.1‬الصادر في ‪ 2‬رجب ‪ 1( 8111‬يوليو ‪ )1881‬بشأن النظام األساسي الخاص‬
‫بهيئة تفتيش الشغل منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪.2121‬‬

‫‪135‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 118 . 81 .1‬صادر في ‪ 18‬من شعبان ‪ 81 ( 8132‬يونيو ‪ ) 1881‬بتحديد اختصاصات‬
‫وتنظيم وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.1182‬‬

‫القرارات واألحكام‪:‬‬
‫‪ -‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالقنيطرة ملف رقم ‪ 18/312‬بتاريخ ‪ 8111/8/13‬منشور بمجلة‬
‫اإلشعاع‪ ،‬ع ‪ 81‬يونيو ‪.8111‬‬
‫‪ -‬حكم صادر عن ابتدائية وجدة ‪ ،‬ع ‪ 1831‬بتاريخ ‪ 18‬نونبر ‪ ،1881‬في الملف رقم ‪( 882/81‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن محكمة النقض ‪ ،‬م‪ .‬ج ‪ .‬ع ‪ ،1188/11‬بتاريخ ‪ 1/81/8111‬منشور بمجلة اإلشعاع ‪ ،‬ع‬
‫‪ 81‬يونيو ‪. 8111‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن محكمة النقض في تاريخ ‪ ،1881/88/88‬رقم ‪ ،828‬في م‪.‬ج‪ .‬ع ‪،1888/81/81‬‬
‫‪ -‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بسطات ‪،‬بتاريخ ‪ ،1888 / 18 / 81‬رقم ‪ ،888‬في م‪.‬ج‪ .‬ع ‪/ 211‬‬
‫‪83/ 88‬‬
‫‪ -‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1888/88/88‬رقم ‪ ،8888‬في م‪.‬ج‪.‬‬
‫ع ‪81/ 8128 /88‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1881/83/81‬رقم ‪ ،123‬م‪.‬ج‪.‬ع ‪،82/81/118‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض بتاريخ ‪ 11 / 81 /1882‬ملف جنحي عدد‬
‫‪.81/1/1/88121‬‬
‫‪ -‬أربعة أحكام صادرة عن ابتدائية البيضاء في ‪ 81‬ابريل في الملفات أعداد ‪ 18/831‬و‪11 /831‬‬
‫‪ /1/818‬و ‪.18/818‬‬
‫‪ -‬حكم المحكمة االبتدائية بالمحمدية بتاريخ ‪ 81‬شتنبر ‪ 8111‬في م اح ع‪.832/8312 :‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 18‬شتنبر ‪ 8118‬منشور بمجلس األعلى العدد ‪.18‬‬
‫‪ -‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء تحت رقم ‪.18/1/13‬‬
‫‪ -‬حكم ابتدائية الدار البيضاء بتاريخ ‪ 1‬دجنبر ‪ 8111‬م ج ع ‪111/18‬‬
‫‪ -‬حكم ابتدائية وجدة رقم ‪ 1831‬بتاريخ ‪ 1881/88/18‬م ج ع‪1 /882.‬‬
‫‪ -‬قرار صادر بتاريخ ‪ 1‬مارس ‪ ،8118‬منشور بمجلة المجلس األعلى العدد ‪ 18‬ص ‪ 818‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار صادر بتاريخ ‪ 18‬شتنبر ‪ 8118‬منشور بمجلة قضاء المجلس العلى العدد ‪ 18‬ص ‪ 818‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪136‬‬
:‫المراجع باللغة الفرنسية‬
- Yves Fromont et Jacques Barthelemy , inspecteur du travail, Rev liais Soc, No
9675, Paris, 1986.
-William Grassin, La création de l'inspection du travail, Rev. france des affaires
Soc, No4, 46 Annee 1992,n: 122 e suiv.
-Inspection du travail, Manuel d'éducation ouvrière, B.I.T, Genève, 1986, P:3.
- Paul ramackers et Laurent vil boeuf, l'inspection du travail, 1ère éd. P.U.F,
Paris 1997 p : 7 et suiv.
- Jean-Michel servais, droit en synergie sur le travail Bruylant, Bruxelles, 1997,
p : 126.
- L’inspection du travail, Manuel d'éducation ouvrière, op cit, p: 10 et suiv.
-René Gallisot, le patronat européen au Maroc, 1931-1942, Ed, technique Nord
Africaines, Rabat 1964.
- A .Zitouni. Les conflits individuels de travail. Revue Algérienne du travail
.N5" sous édition" Année 1998
- jean Blaise: Traité de droit du travail – Dalloz 1966
- P.Ramackere. et L. vibouluf: l'inspection du travail l'institut de l'emploi et de la
formation professionnelle, ministre de l'emploi et de la formation
professionnelle. Paris 1996
- M.Fakkak " Répertoire de la législation marocaine du travail" librairie AL
Wahda Al Arabia, Casablanca 1994 .
-Lamrani (A) et El Kohen (AM): la dynamique de l'investissement au Maroc,
les paradoxes du développement, R.E.M.A.L.D, thèmes Actuels N° 45, 2003,
-Auvergnons Philippe : « l'inspection du travail vue par les patrons » , actes «
inspections du travail »; N° 5 année 1997
-Gérard Couturier : « nullités de transactions » revue en droit social, No 1
janvier 2001
-Ahmed Bouharrou. Le système marocain des relations professionnelles"
publications RE MALD, éditions maghrébines, Casablanca 1997
137
-Transaction et droit social, Revue Marocaine de droit et d'économie du
développement N° 22 Année 1990.
-Jean Claude Javillier: Rechercher sur les conflits du travail, thèse Paris I. 1973.
-Salah aguenion, un inspecteur de travail pour 800 entreprises, lavie
économique N° 4255 ,5 mars2004.
-Daniel Marchand, le droit du travail en pratique Ed d'organisation Paris 2002.
-Karim mariami :Status sous effectifs formation pour quoi les inspecteurs du
travail inougurant l'application du code par une grève ? Libération No 4124, 3
Juin 2004.

:‫المواقع اإللكترونية‬
- www.un.org

138
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪2 ........................................................................................................... :‬‬

‫الفصل األول ‪00 ..................................................................................................‬‬

‫وظائف جهاز تفتيش الشغل وعخاقتها بتحقيق التنمية االقتصادية بالمغرب ‪00 ..........................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل على المستوى الدولي ‪02 ..........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل قبل و بعد إحداث منظمة العمل الدولية ‪02 .......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬جهاز تفتيش الشغل قبل إحداث منظمة العمل الدولية ‪02 ......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل في ظل منظمة العمل الدولية‪05 ..................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطور نظام تفتيش الشغل بالمغرب ‪06 ......................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية وبعد االستقخال ‪06 ..................................‬‬
‫ووال‪ :‬نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية ‪06 ................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظام تفتيش الشغل بعد حصول المغرب على االستقخال‪09 ...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التنظيم الهيكلي لمفتشية الشغل في المغرب ‪20 ................................................‬‬
‫ووال‪ :‬المصالح المركزية ‪20 ......................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المصالح التارجية الخاممركزة ‪25 ........................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مفتشية الشغل وعخاقة وظائفها بالتنمية االقتصادية ‪26 ........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية ‪22 ...................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف بجهاز مفتشية الشغل والوظائف المسندة لها ‪22 ......................................‬‬
‫ووال‪ :‬مفهوم مفتشية الشغل ‪22 .......................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬االتتصاصات والمهام المتولة لمفتشية الشغل ‪41 .....................................................‬‬
‫‪-8‬مراقبة تطبيق قانون الشغل ‪40 ..............................................................................‬‬

‫‪ -1‬محاوالت التصالح في نزاعات الشغل ‪42 ................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مفتشية الشغل و مفهوم التنمية ‪45 ...............................................................‬‬


‫ووال‪ :‬اإلطار المفاهيمي للتنمية االقتصادية ووهدافها ‪45 ......................................................‬‬
‫‪ -8‬مفهوم التنمية االقتصادية ‪45 ................................................................................‬‬

‫‪ -1‬أهداف التنمية االقتصادية ‪46 ...............................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬العخاقة بين مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية ‪49 ......................................................‬‬


‫‪139‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الوظيفة التصالحية كأهم آلية لحل نزاعات الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية‪49 ...‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه من إسناد الوظيفة التصالحية لجهاز تفتيش الشغل ‪20 ........................‬‬
‫ووال‪ :‬االتجاه المؤيد لخاتتصاص التصالحي ‪20 ................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬االتجاه المعارض لخاتتصاص التصالحي ‪24 ...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف القضاء من الوظيفة التصالحية لجهاز تفتيش ‪25 .....................................‬‬
‫ووال‪ :‬موقف القضاء من الصلح كاتتصاص واقعي ‪25 .......................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء من الصلح كاتتصاص قانوني ‪29 ......................................................‬‬
‫‪ -8‬الصلح التمهيدي ‪29 ..........................................................................................‬‬

‫‪ -1‬الصلح في حالة الفصل التعسفي‪52 ........................................................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪55 ..................................................................................................‬‬

‫واقع جهاز تفتيش الشغل بالمغرب من التنمية اإلقتصادية ‪55 ..............................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إكراهات عمل جهاز تفتيش الشغل وانعكاساتها على تحقيق التنمية االقتصادية‬
‫بالمغرب‪56 ........................................................................................................... .‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سلطات المراقبة والمتابعة في تحقيق التنمية االقتصادية ‪55 .........................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬سلطات المراقبة ‪56 .............................................................................‬‬


‫ووال‪ :‬سلطة زيارة وماكن الشغل ‪56 ..............................................................................‬‬
‫‪ -8‬أهمية الزيارة ‪56 .............................................................................................‬‬

‫‪ - 1‬األساس القانوني لزيارة أماكن الشغل ‪52 ................................................................‬‬

‫‪ -3‬أنواع الزيارات ‪61 ...........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحري والبحث واالتتبار‪61 ............................................................................... .‬‬


‫‪ -8‬سلطة إجراء المقابالت وتوجيه األسئلة و االستفسارات‪61 ........................................... .‬‬

‫فما موقف المشرع المغربي من هذه النقطة؟ ‪62 .............................................................‬‬

‫‪ -1‬سلطة االطالع على السجالت وأخذ مستخرجات وصور منها‪64 .....................................‬‬

‫‪ -3‬سلطة أخد أو اقتطاع عينات‪65 ........................................................................... .‬‬

‫‪140‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وثر سلطات المتابعة على التنمية االقتصادية ‪66........................................‬‬
‫ووال‪ :‬وجوب التقيد بالمقتضيات القانونية عند تفعيل سلطة المتابعة‪66 ....................................... .‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق اتتاذ اإلجراءات القانونية في مواجهة المشغل ‪61 ...................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التزامات مفتشية الشغل ومدى تأثيرها على التنمية االقتصادية ‪62 .........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االلتزام بالحياد واالستقخال و حدودهما‪69 ..................................................... .‬‬
‫ووال‪ :‬االلتزام بالحياد واالستقخالية ‪69 ..............................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حدود االلتزام بحياد و استقخالية مفتش الشغل ‪22 .........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االلتزام بالحفاظ على السر المهني والنزاهة كرافعة للتنمية االقتصادية‪26 ................. .‬‬
‫ووال‪ :‬االلتزام بالحفاظ السر المهني ‪22 .............................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االلتزام بالنزاهة ‪91 ...........................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الصعوبات التي تحد من مساهمة مفتشية الشغل في التنمية االقتصادية ‪92 ...............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬محدودية التعاون بين مفتشية الشغل والقضاء ‪92 ..............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المحدودية على مستوى الصلح التمهيدي ‪95 ....................................................‬‬
‫ووال‪ :‬رفض القضاء للصلح في النزاعات قبل صدور مدونة الشغل ‪95 .......................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬غموض الصلح التمهيدي‪99 ..................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬محدودية تنظيم الصلح في حالة الفصل التعسفي ‪010 .........................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬حدود تدتل مفتشية الشغل في المصالحة كسبيل لتحقيق التنمية اإلقتصادية ‪015 ........‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الحدود القانونية لدور مفتشية الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية‪016 ....................‬‬
‫ووال‪ :‬ضعف سلطات مفتش الشغل‪012 ............................................................................‬‬
‫‪ -8‬تعدد مهام مفتش الشغل ‪012 ................................................................................‬‬

‫‪ -1‬محدودية وسائل المتابعة ‪001 ..............................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضعف الجزاءات وتعقيد المسطرة ‪004 .....................................................................‬‬


‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحدود الواقعية لدور مفتشية الشغل في عملية المصالحة ‪005 ...............................‬‬
‫ووال‪ :‬العراقيل المرتبطة بالوسط المهني ‪005 ....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬العراقيل اإلدارية ‪006 .........................................................................................‬‬
‫‪ -8‬عدم كفاية عدد المفتشين ‪881...................................................................‬‬

‫‪ -1‬ضعف مستوى التكوين الثقافي ‪009 .......................................................................‬‬

‫‪141‬‬
‫ثالثا‪ :‬العوائق المادية ‪020 .........................................................................................‬‬
‫‪ -8‬تردي الوضعية المالية لمفتشي الشغل ‪022 ...............................................................‬‬

‫‪ -1‬ضعف وسائل العمل ‪024 ...................................................................................‬‬

‫تاتمة‪026 ............................................................................................................ :‬‬

‫‪142‬‬

You might also like