Professional Documents
Culture Documents
دور جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية الاقتصادية بالمغرب PDF
دور جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية الاقتصادية بالمغرب PDF
1
أهدي هذا العمل المتواضع إلى :معلم البرية ومحرر اإلنسانية سيدنا محمد عليه
أفضل الصلوات وأزكى التسليم .إلى الذين أدباني وعلماني،
والدي الكريمين رحمهما هللا .إلى زوجتي التي تحفزني دائما على الجد واإلخالص
في العمل ،وحاولت دوما
محبي البحث العلمي ،الذين ال يقصدون به إال منفعة المسلمين في كل زمان ومكان .
إلى أبنائي الذين أهملت الكثير من حقوقهم -قسرا -وفرضت عليهم التعايش مع
انشغالي الدائم بقضايا هذا البحث ،ورحلتي المستمرة في عوالمه
المعرفية الواسعة ،إخواني وأصدقائي وجميع من امتدت يده إلي بالعون والمدد في
إنجاز هذا العمل المتواضع.
إلى كل هؤالء أهدي ثمرة جهدي المتواضع هذا ،سائال المولى عز وجل أن يجعله
خالصا لوجه الكريم.
2
استجابة لهدي النبي صلى هللا عله وسلم الذي يقول :
الذي تلقيت على يديه العلم وأصول البحث ولم يدخر وسعا في مساعدتي ،متحمال ما
أثقلت به عليه من استفسارات شجعني عليها حلمه وعلمه وكرمه الذي
ال يمكن وصفه فجزاه هللا عني وعن طلبته خير الجزاء كما أشكر أستاذتي الفاضلة
الدكتورة "خديجة فرحي"
كما اشكر الذين تفضلوا بقبول قراءة هذا العمل وتوجيهي إلى أماكن عجزي
وتقصيري ،بارك هللا في علمهم ونفع بهم.
3
الئحة فك الرموز:
-م.ش :مدونة الشغل.
-م.س :مرجع سابق.
-ج.ر.ع :الجريدة الرسمية عدد.
-ص :الصفحة.
-ق.و.ع :قانون الوظيفة العمومية.
-ق.ج :القانون الجنائي.
-ق.ل.ع :قانون االلتزامات والعقود.
-ط.ع.م :طبعة غير مذكورة.
-ق.م.ج :قانون المسطرة الجنائية.
4
مقدمة:
تعتبر وظيفة القانون االجتماعي سواء على المستوى االجتماعي أو االقتصادي أو
السياسي وآثاره على السلم االجتماعي داخل الدولة ،أهم ما دفع التشريعات المقارنة بما فيها
التشريع المغربي إلى خلق هيئات إدارية كلفت بفرض احترام تطبيق القانون االجتماعي
داخل المؤسسات الخاضعة لهذا القانون.
إذ أوكل المشرع هذه المهمة لجهاز تفتيش الشغل ،والتي تعتبر من أهم األقسام التي
تتكون منها مديرية الشغل بوزارة الشغل واإلدماج المهني والتي تقوم بدور أساسي في
استقرار عالقات الشغل والحفاظ على السلم االجتماعي الضروري لكل تنمية اقتصادية
واجتماعية.1
وبالرجوع إلى أصول جهاز تفتيش الشغل ،المالحظ على أن هذا الجهاز ظهر في القدم
حيث يعود ظهوره إلى القرن 81تحديدا في النمسا سنة ،8811بعد ذلك تبنته مجموعة من
الدول األوربية كإنكلترا سنة ،8181فرنسا ،8181ألمانيا سنة .8181حيث الدول األوربية
الصناعية سباقة إلحداث أجهزة تفتيش الشغل ،2عكس أقطارنا العربية التي كانت متأخرة
زمنيا في إنشاء هذه األجهزة ،ذلك أن الهيمنة االستعمارية على الوطن العربي من جهة
والتخلف االقتصادي من جهة أخرى أدى إلى تأخر دخول الصناعة الحديثة إليه وتأخر في
ضوء ذلك ظهور قوانين الشغل.3
وأما تفتيش الشغل في الدول العربية فقد ارتبط بظهور القاعدة القانونية وحصول هذه
الدول على استقاللها ،ذلك أن الدول العربية كانت تخضع لالستعمار لسنوات طويلة من قبل
دول أوربا ،وامتد هذا االستعمار حتى القرن العشرين ،وبالتالي فان أغلب الدول العربية لم
تكن تعرف قبل نيل استقاللها تشريعا منظما للشغل.
1عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،عالقات الشغل الفردية ،الجزء األول ،المطبعة والوراقة الوطنية مراكش .الطبعة
األولى ،1881ص .831
2تجدر اإلشارة في هذا الصدد أن التشريعات المقارنة واالتفاقيات الدولية والعربية وآراء الفقهاء قد اختلفت في تسمية العالقة بين
أطراف العالقة الشغلية و موضوعها إذ هناك من يستعمل العمل والعامل ،رب العمل ،
لكن حرصا على توحيد المصطلحات سنقتصر على استعمال مصطلح األجير ،المشغل والشغل وفاءا لمنطوق مدونة الشغل
3يوسف إلياس ،تفتيش العمل في الدول العربية بين أزمات الحاضر وتحديات المستقبل ،منشورات المركز العربي إلدارة العمل
والتشغيل تونس ،ص.21 :
5
في المغرب فلم يظهر جهاز تفتيش الشغل قبل الحماية ،على اعتبار أن تنظيم الشغل
داخل طوائف الصناعة التقليدية لم تكن خاضعة لتنظيم قانوني ،بل خاضعة لقواعد الفقه
اإلسالمي ولألعراف المحلية المتوارثة وكان يقوم بهذه المهمة شخص يدعى أمين الطائفة
المهنية ،الذي يرفع األمر عند فشله إلى المحتسب وهو شخص خبير له إطالع واسع
باألحوال االقتصادية واالجتماعية ،وذلك لفض النزاع والنظر في المخالفات التي يفشل
األمناء في الحكم فيها.4
أما التنظيم الفعلي لجهاز تفتيش الشغل فقد كان بمقتضى ظهير 1يوليوز ،8118الذي
حل محل ظهير 3يوليوز ،58111ومجموعة من النصوص التي تشير إلى تفتيش الشغل،
م.ش والمرسوم المتعلق بجهاز تفتيش الشغل ،6وإلى الوقت الراهن مر جهاز تفتيش الشغل
بالمغرب بمجموعة تطورات تمخض عنها لم شتات النصوص القانونية المنظمة لهذا الجهاز.
ومما الشك فيه أن أداء المفتشين لوظائفهم على نحو يساهم في تحقيق التنمية
االقتصادية يقتضي منحهم السلطات القانونية الضرورية التي تمكنهم من ذلك ،وفي مقدمة
هذه السلطات إطالعهم المباشر على الكيفية التي يجري بها تطبيق القوانين التي يناط بهم
مهمة ضمان إنفاذها ،في أماكن الشغل المختلفة التي تخضع إلشرافهم ،وهذا اإلطالع يستلزم
الدخول إلى هذه األماكن وفحص أماكن الشغل فيها ،وكذلك فحص السجالت والوثائق التي
تبين الطريقة التي تطبق وفقا لها قواعد القانون ذات الصلة بوظائف التفتيش .7ويترتب على
اكتشاف المفتشين مخالفات في أماكن الشغل ،أن تكون لهم سلطة اتخاذ التدابير المناسبة
للتعامل معها مما ينعكس إيجابا على التنمية االقتصادية.
4صباح كوتو ،مفتشية الشغل و دورها في ضمان الحماية العمالية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،قانون خاص ،جامعة الحسن
الثاني ،عين الشق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء ،1881 ،1883 ،ص 88و .81
5تم إلغاء هذه الظهائر بمقتضی م.ش ،ظهير شريف رقم 8.83.811صادر في 81من رجب 88 ،8111سبتمبر ،1883بتنفيذ
القانون رقم 12.11المتعلق ب.م.ش ،.المنشور ج.ر.ع 182بتاريخ 83شوال 1( 8111ديسمبر ،)1883ص .3111
6المرسوم رقم 111.88.1صادر في 11رجب ( 8131فاتح يوليو )1888بتغيير المرسوم رقم 11.81.1الصادر في 2رجب
( 1يوليو )1881بشأن النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل منشور ج.ر.ع 2121الصادر بتاريخ 1شعبان 8131فاتح يوليو
1888ص.3333
7يوسف إلياس ،م س ،ص 812
6
إال أن هذه السلطات الممنوحة لمفتشي الشغل يجب أن تؤدي في حدودها القانونية وأال
يساء استعمالها في غير أغراضها ،ولهذا تقع على عاتق المفتشين مجموعة من االلتزامات
التي ينبغي عليهم التحلي بها.
لذا نجد كل من المعايير الدولية ،كاالتفاقية الدولية رقم ( 8)18واالتفاقية الدولية رقم
( ،9)811ومعها المعايير العربية المتمثلة في االتفاقية العربية رقم ( )18والقوانين الوطنية
تلقي على كاهلهم مجموعة من االلتزامات حتى تكون رافعة للتنمية االقتصادية ألن إساءة
استعمال هذه السلطات تفوت على الدولة فرص استثمارية وتجعل جهاز التفتيش عرضة
للمساءلة.
أهمية الموضوع:
لهذا فإن موضوع وظيفة جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية له أهمية
بالغة سواء على المستوى العلمي والعملي واالقتصادي.
فعلى مستوى األهمية العلمية :تتجلى لنا في اإلطار القانوني المنظم لسلطات جهاز
تفتيش الشغل ومدى فعاليتها في تحقيق التنمية االقتصادية على مستوى التشريع الوطني
وتشخيص الصعوبات التي تحد من مردودية مفتشية الشغل ،من خالل مالمسة حجم النقاش
الفقهي والتصور القضائي للموضوع ،كما تتجلى هذه األهمية في ندرة األبحاث والدراسات
التي تطرقت لعالقة مفتشية الشغل بالتنمية االقتصادية ،بحيث أن كثيرا من األبحاث
والمقاالت تطرقت لموضوع وظائف مفتشية الشغل دون الحديث عن أثارها على التنمية
االقتصادية.
أما على مستوى األهمية العملية :فالموضوع يعرض للسلطات الممنوحة لمفتش الشغل
للمساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية مما ينعكس على وضعية األجراء بصفة خاصة
ووضعية المقاولة والدولة بصفة عامة.
8االتفاقية رقم 18الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة 8118المتعلقة بتفتيش العمل في الصناعة والتجارة المؤتمر العام لهيئة
العمل الدولية المنعقد في دورته الثالثين سنة .8118
9االتفاقية الدولية رقم 811الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة 8111بشأن تفتيش العمل في الزراعة المؤتمر العام لمنظمة العمل
الدولية المنعقد في دورته الثالثة والخمسون www.un.org 8111
7
وبذلك فأهمية مفتشية الشغل تتجلى في الحفاظ على السلم االجتماعي داخل المقاولة
وبالتالي فهي تساهم في توفير المناخ المالئم إلنعاش االستثمار وتحقيق التنمية الكفيلة
بالقضاء على آفة الفقر ،بل وتساهم في بناء دولة القانون والمؤسسات وترسيخ مبادئ وآليات
الحكامة الجيدة في الميدان االجتماعي ،والحفاظ على النظام العام الذي يمثل الحجر األساس
لكل تنمية اقتصادية التي من مقتضياتها ضرورة تقوية جهاز تفتيش الشغل وإصالح القضاء
االجتماعي على النحو الذي يمكن من إخراج قواعد القانون االجتماعي من عوامل النظرية
10
ألن نجاعة عمل مفتشية الشغل تبقى رهينة بطبيعة عالقتها لتعرف طريقها للتطبيق
بالجهاز القضائي إذ بدون تعاون حقيقي بين الجهازين لن يتأتى تطبيق نصوص القانون
االجتماعي وبث الروح فيها ،وبالتالي نقلها من وضع السكون والجمود إلى طور الحركة
والتفعيل لتحقيق األهداف المشتركة بينهما والتي تشكل التنمية االقتصادية عمادها.
أما األهمية االقتصادية :فتتجلى في كون مفتشية الشغل تشكل صمام أمان في
استمرارية المؤسسات الصناعية في اإلنتاج وبالتالي تقليص نسبة البطالة ،وربح الوقت
والمصاريف .هذه الغايات وغيرها ثمرة من ثمرات السلم االجتماعي القائم على التسامح بين
أطراف العالقة الشغلية ،خصوصا بعد الربيع العربي حيث أصبح السلم االجتماعي من أهم
العناصر المحفزة في جلب االستثمارات األجنبية وتشجيع االستثمار الداخلي وهو ما ساهم
فيه جهاز تفتيش الشغل بشكل جلي من خالل حله لنزاعات الشغل الفردية والجماعية
المصحوبة باإلضراب أو غير المصحوبة باإلضراب.
أما من حيث أسباب اختيار الموضوع فأجملها في ماهية العالقة بين وظائف مفتشية
الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية ،على اعتبار أن دمج ما هو خارج الفائدة المالية يعتبر
نظرية حديثة في مواجهتها التنافسية االقتصادية للدول الناشئة في االقتصاد العالمي لهذا جاء
رأس المال غير المادي كنظام آخر إضافي أو موازيا يقوي ويعزز النظام الكالسيكي العادي.
واختيار هذا الموضوع هو محاولة لمالمسة كيف يمكن لمفتشية الشغل من خالل
الوظائف المسندة لها أن تساهم في خلق وتنمية الرأسمال المادي انطالقا من الخطاب الملكي
10محمد طارق " :واقع القانون االجتماعي بين التطبيق ومحدوديته" مجلة القانون المغربي REDMARالعدد 22يناير ،2102
ص .42
8
ليوم 38يوليوز ،1881بمناسبة عيد العرش حيث دعا جاللة الملك إلى إجراء دراسة لتقدير
القيمة اإلجمالية لثروة المغرب من بداية سنة 8111إلى نهاية سنة 1883وأوضح أن
الغرض من هذه الدراسة ليس فقط تسليط الضوء على قيمة رأس المال غير المادي للمغرب
ولكن أيضا وبصفة خاصة التشديد على ضرورة االستناد على هذا الرأسمال كمعيار أساسي
في وضع السياسات العامة حيث يتمكن جميع المغاربة من اإلستفاذة من ثروة بالدهم لضمان
السلم االجتماعي الذي أصبح أولوية منذ أحداث الربيع العربي خالل سنة .1888
فانقدح في ذهني أن يكون موضوع وظائف مفتشية الشغل -كرأسمال ال مادي -في
تحقيق التنمية االقتصادية كثمرة من ثمرات السلم االجتماعي ،فاستشرت أستاذي المشرف
فرحب بالفكرة وكان لي خير سند ومعين.
ويطرح موضوع جهاز تفتيش الشغل في عالقته بالتنمية االقتصادية مجموعة من
اإلشكاليات تم البحث واإلجابة عنها قدر المستطاع وتبقى اإلشكالية المحورية للموضوع هي:
9
ولإلحاطة بالموضوع فقد تم اعتماد المنهج الوظيفي لرصد الوظائف الظاهرة لمفتشية
الشغل والوظائف الباطنة المتجلية في تأثير هذا الجهاز على التنمية االقتصادية.
كما أن الموضوع يفرض سلوك منهج تحليلي نقدي حتى يتسنى إبراز عالقة وظائف
مفتشية الشغل بالتنمية االقتصادية ،وماهية الصعوبات التي تعترض هذا الجهاز لتحقيق
التنمية المنشودة؟ مع الرجوع إلى التشريع المقارن كلما اقتضى األمر ذلك.
وقد اشتمل البحث على مقدمة وفصلين وخاتمة.
الفصل األول :وظائف جهاز تفتيش الشغل وعالقتها بتحقيق التنمية
االقتصادية بالمغرب.
الفصل الثاني :واقع حال جهاز تفتيش الشغل بالمغرب في تحقيق التنمية
االقتصادية؟
10
الفصل األول
11
إن دراسة نظام تفتيش الشغل ،يقتضي منا بداية وضع هذا الجهاز في إطاره التاريخي،
ولهذا سنسلط الضوء على البدايات األولى لبروز هذا الجهاز على المستوى الدولي (المبحث
األول ) ،ثم بعد ذلك سنتناول إحداث هذا الجهاز بالمغرب (المبحث الثاني).
المطلب األول :تطور نظام تفتيش الشغل قبل و بعد إحداث منظمة العمل الدولية
باإلحاطة بالموضوع سنعرض في فقرة أولى جهاز تفتيش الشغل قبل إحداث منظمة
العمل الدولية وفي فقرة ثانية سنعرض لنضام تفتيش الشغل في ظل منظمة العمل الدولية.
الفقرة األولى :جهاز تفتيش الشغل قبل إحداث منظمة العمل الدولية
كانت البداية في إصدار تشريع للشغل في بريطانيا ،و ذلك ألن المشاكل األولى الناتجة
عن الثورة الصناعية ،عرفت انطالقتها في هذا البلد.11
ومع نهاية القرن ، 81شهدت بريطانيا نموا صناعيا كبيرا تمثل في ازدياد وحدات
صناعية على حساب وحدات الحرف التقليدية ،مما ساهم بشكل كبير في تغيير البنية المكانية
حيث ازدادت نسبة السكان الحضريين ،وتم إحداث جهاز تفتيش الشغل بهذا البلد ،أطلق عليه
"تشريع المعامل " أو " قانون المصانع " ، La législation des fabriquesوالذي
اقتضی تطبيقه إحداث جهاز المراقبة ،12وأصبح النموذج البريطاني محل تقليد من طرف
بعض الدول كالنمسا وألمانيا وفرنسا.13
11يوسف رزوق ،تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالحة ،بحث لنيل دبلوم السلك العالي ،المدرسة الوطنية
لإلدارة ،الرباط 1994/1995ص .1
12موسى عبود ،دروس في القانون االجتماعي ،المركز التهاني العربي الدار البيضاء ،8111 ،ص81 ،
13
Yves Fromont et Jacques Barthelemy , inspecteur du travail, Rev liais Soc, No 9675, Paris, 1986 p
9.
12
وقد اتخذت أول اإلجراءات بالتنصيص على قانون 11يونيو ،8181لحماية الصحة
البدنية والعقلية للمتمرنين ،وكذا العمال المشغلين في الخياطة والنسيج ،وعهد لتطبيق هذا
القانون ،إلى جمعيات خيرية تضم نبالء من بينهم قضاة وصناعيون.
وفي سنة ،8111أصبح مفتشو الشغل موظفين تابعين إلدارة الدولة ،وأصبح هذا
النظام فيما بعد ساريا في جميع دول أوروبا.14
ولقد عرفت النمسا أيضا نظام التفتيش في القطاع الصناعي وذلك سنة ،8811حيث
نصت على أحكام تتعلق بحماية األحداث ،أسندت مهمة تطبيقها إلى األطباء ،وفي سنة
8181أصدرت الحكومة قانونا يقضي بوضع سلطة تنفيذ هذه األحكام على عاتق السلطات
المحلية ،هذا و إن قانونا صدر في النمسا بتاريخ 88يونيو ، 8133نص على اختصاصات
من السلطة الحكومية فيما يخص تفتيش العمل في المصانع.15
وفي فرنسا ،وتحت تأثير شخصيات مثل الدكتور " فيليرم " Villermeوالصناعي "
دانييل لكرون ،" Daniel le grandتم تبني قانون 11مارس ،8118المتعلق بمنع تشغيل
األطفال الذين تقل أعمارهم عن ثماني سنوات ،16وقد عهد تطبيق هذا القانون للجان محلية
وضعت تحت مراقبة عمال األقاليم ،الذين أسندت إليهم مهمة القيام بتعيين أعضاء من بين
هذه اللجان للقيام بوظيفة المراقبة وذلك بشكل مجاني ،إال أن هذا النظام لم تكن له نتائج تنكر
نظرا لوضعية القائمين به وكذا مجانيته.
وفيما بعد ،عهد إلى رجال الشرطة بفرنسا ،بتنفيذ قانون 1شتنبر 8111المتعلق
بتحديد مدة العمل اليومية ،إلى أن صدر قانون 81ماي 8181المتعلق بتشغيل األحداث في
المؤسسات الصناعية والذي نص على إحداث مجموعتين من المراقبين :مجموعة أولى
تابعة لإلدارة المركزية ،وأخرى تابعة للمراكز الجهوية أي المحافظات ،ومن إيجابيات هذا
القانون أنه أناط مهام التفتيش بموظفين ،وخول لهم سلطات معينة تمكنهم من إجراء مراقبة
فعالة.
إال أن قانون 1نونبر ،8111وإن كان يشكل طفرة نوعية في قانون الشغل الفرنسي ،
فإن األهداف التي كانت مرجوة منه أبانت عن محدوديتها ،وبالتالي وجب انتظار عشرات
السنوات قبل سن قانون العشر ساعات في اليوم من العمل بالمؤسسات التي تشغل الرجال
والنساء وكذا األحداث ،وأكثر من ثالثين سنة قبل التنصيص على قانون الثماني ساعات في
اليوم ،والذي كان مطلبا للمنظمة النقابية ( )C.G.Tمنذ إنشائها سنة .198112
وفي أواخر القرن التاسع عشر ،أخذت األمور تتطور بسرعة ،وأصبحت الدول
الصناعية تتوفر على مركزيات نقابية كبرى ،كما أن حكوماتها أصبحت واعية بضرورة
تدخل الدولة في تنظيم عالقات الشغل ،وكذا تحديد ظروف تنفيذ الشغل ،وقد أصبحت بعض
الدول تتوفر على مكاتب تقوم بهذه المهمة ،ستغدو فيما بعد وزارات العمل ( المانيا سنة
- 8111المملكة المتحدة سنة - 8118فرنسا سنة - 8118الواليات المتحدة األمريكية سنة
،20)... 8111حيث أضحت هذه الدول تتوفر على نظام مراقبة تطبيق تشريع الشغل الذي
أصبح يحمي جل الفئات العمالية.
21
،كانت معظم الدول الصناعية وقبل نشوب الحرب العالمية األولى سنة 8181
المتقدمة تتوفر على مفتشيات للشغل والتي كان حجم سلطاتها يختلف من دولة إلى أخرى،
وفي نفس الوقت فإن فكرة التشريع الدولي بدأت تتبلور ،وهكذا أفضى اجتماع برلين سنة
17عصام يوسف القيسي ،التنظيم االجتماعي للعمل ،بحث مقارن في تشريعات العمل العربية ،منشورات المعهد العربي للثقافة العمالية
وبحوث العمل ،بغداد 8118-8118ص 182 :وما بعدها
18يوسف رزوق ،م ،س ،ص.1 :
19
William Grassin, La création de l'inspection du travail, Rev. france des affaires Soc, No4, 46 Annee
1992,n: 122 e suiv.
20
Inspection du travail, Manuel d'éducation ouvrière, B.I.T, Genève, 1986, P:3.
21موسی عبود ،م ،س ،ص 21:و ما بعدها.
14
8118إلى إحداث مكتب دولي للشغل ببال ( )BALEسنة ،8188ثم خلق منظمة الشغل
الدولية بجنيف ( ) Geneveسنة ،8181كان لوجودها أثر كبير على نظام تفتيش الشغل.
وقد تبني المؤتمر الدولي ابتداء من دورته األولى المنعقدة بواشنطن سنة ،8181عدة
اتفاقيات وتوصيات ،تهدف إلى الحد من التعسف واالستغالل في مجال العمل ،والوقاية من
بعض المخاطر المهنية ،والتي تهم على الخصوص:
-حماية األمومة
-حماية العمال ضد بعض األمراض المهنية التي يكون مصدرها بعض المواد المضرة
( كالفحم -الفسفور 22)...وفي هذا الخصوص ،أصدرت هذه المنظمة التوصية رقم 2لسنة
،8181حيث عبر المجتمعون في المؤتمر عن رغبتهم في أن تكون الدول األعضاء متوفرة
على جهاز التفتيش الشغل في المصانع والمعامل و مصلحة خاصة بالوقاية و حفظ صحة
األجراء.23
وفي سنة 8113تبنى المؤتمر التوصية رقم ،18التي نصت على المبادئ العامة
لتنظيم وتسيير مصالح تفتيش الشغل على الصعيد الوطني ،كما حددت أهداف التفتيش
ووظائفه وسلطاته وقواعد تنظيمه وكذا التقارير الواجب إنجازها.24
وتحدد االتفاقية المذكورة ،المبادئ العامة التي يجب على الدول األعضاء احترامها
بخصوص تفتيش الشغل ،28ومن هذه المبادئ أن يكون الجهاز المنوطة به هذه المهمة ،مكونا
من موظفين عموميين خاضعين لنظام خاص ،29يضمن لهم االستقرار واالستقالل عن لل
مؤثرات خارجية غير مشروعة ،30ويحثهم على االلتزام في ممارسة مهامهم بالحياد
والمحافظة على أسرار المهنة التي يزاولونها ،31كما يخول لهم الدخول إلى المقاوالت
الخاضعة للرقابة بكل حرية ،وكذا مساءلة األجراء ومشغليهم عن كل المسائل المتعلقة
بتطبيق األحكام القانونية ،واالطالع على جميع الوثائق والمستندات الخاصة بالشغل.32
25
Jean-Michel servais, droit en synergie sur le travail Bruylant, Bruxelles, 1997, p : 126.
26دخلت هذه االتفاقية حيز التنفيذ في 8ابريل ،8128وصادق عليها المغرب بمقتضى ظهير 1ابريل ، 8121ج.ر.ع 1388بتاريخ
81ماي ،8121ص .82 :
27التوصية :عبارة عن تمنيات تعرضها المنظمة على الدول لتقتبس منها في تشريعها الداخلي ،وليس على الدول تجاهها من التزام
سو ی تبليغها للهيئات الحكومية التي تدخل ضمن اختصاصها المسالة التي تتعلق بها التوصية ،وذلك داخل أجل سنة أو استثناء داخل
أجل 81شهرا وان تعلم المكتب الدولي للشغل بما آلت إليه ،والتوصيات تستعمل سواء لتحضير اتفاقية او تكملتها
-موسی عبود ،م.س.ص 11 :
28في نفس السنة ( )8118وخالل نفس دورة المؤتمر الدولي للعمل ،تم تبني االتفاقية رقم 12حول تفتيش الشغل باألراضی غير
المتروبولية ،والتي كان لها أثر كبير على األراضى الخاضعة إلدارة الحماية ،وعلى أساس هذه االتفاقية احدثت مصالح تفتيش العمل
بعدة دول انجلوسكسونية وفرنكوفونية ،والتي حصلت على االستقالل في الحقبة الموالية .
-يوسف رزرق ،م .س ،ص.88 :
29إن مفتشي الشغل بالمغرب هم بمثابة موظفين عموميين خاضعين لظهير 11فبراير 8121المتعلق بالوظيفة العمومية
30المادة 1من االتفاقية الدولية رقم 18الخاصة بتفتيش العمل في الصناعة و التجارة
31المادة 82من االتفاقية رقم 18السالفة الذكر مرجع سابق.
32المادة 81من نفس االتفاقية:
-حول الحقوق المخولة لمفتشي الشغل أثناء ممارسة مهامهم ،وكذا االلتزامات الملقاة على عاتقهم أثناء هذه المزاولة،
-صباح كوتو ،مرجع سابق.
-محمد ايبوزير ،مفتشية الشغل بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم السلك العالي ،المدرسة الوطنية لإلدارة العمومية ،الرباط ،8118-8181
ص 11وما بعدها .
-عزيز اردرني ،دور مفتشية الشغل في استقرار السلم االجتماعي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،
السنة الجامعية 8111-8111ص 13 :و ما بعدها
16
وفي سنة ،8111تم تبني االتفاقية رقم ،811الخاصة بتفتيش الشغل في القطاع
الفالحي 33وكذا التوصية المرافقة لها رقم .833
يتضح مما سبق ،أنه منذ إنشاء منظمة الشغل الدولية ،صارت هذه األخيرة مصدر
قانون اجتماعي دولي حقيقي والذي يجد منبعه في االتفاقيات والتوصيات المصادق عليها،
وقد تميزت هذه المرحلة بمنح جهاز تفتيش الشغل استقالال وتوسعا في اختصاصاته ،وقد
ساعد على ذلك صدور ترسانة من االتفاقيات كتلك المتعلقة بإحداث لجان للمقاولة ،وكذا
مؤسسة مندوبي األجراء ،إضافة إلى تنظيم األجور.34
وسوف يتم التطرق في (فقرة أولى) لسمات نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية ،ثم
تعقبها (فقرة ثانية) نتناول فيها مميزات هذا النظام في مرحلة االستقالل.
سنعرض في هذه الفقرة لنظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية (أوال) ثم نظام تفتيش
الشغل بعد حصول المغرب على االستقالل ( ثانيا).
و في عهد الحماية ،ونظرا لقيام السلطات الفرنسية بإحداث بعض الصناعات من
منطلق تأسيس اقتصاد استعماري ،فقد انصب اهتمامها على إصالح البنية التحتية ،كبناء
الطرق ،وقد تطلب ذلك يدا عاملة تم جلبها من فرنسا ،ويدا عاملة محلية تم استقطابها من
البوادي ،37حيث كان يتم توجيه هذه الفئة إلى كل عمل يتطلب جهدا عضليا فقط ،بعيدا عن
كل جهد فكري.38
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ،فقد كان العمل متشابها وال يحتاج إلى أي تخصص ،إذ
كان هذا األخير امتيازا لألوروبيين الذين كانوا يتقاضون أجرة مرتفعة تفوق أجرة األجير
المغربي.39
أمام هذه األوضاع المزرية التي كان يعيشها األجير المغربي ،كان البد من إيجاد
نصوص لتنظيم الشغل ،تضمن حقوق األجراء ولو في حدها األدنى ،وقد كانت البداية
بصدور قانون االلتزامات والعقود ،40الذي نظم عقد إجارة الخدمة ،تلته بعد ذلك حركة
تشريعية مهمة في هذا الصدد.41
18
وغير خاف أن هذه القوانين لم تكن تطبق إال في المؤسسات التابعة لسلطة الحماية ،
كما أن الضغوطات التي كانت تمارسها إدارة الحماية من خالل مؤسساتها على األجراء
المغاربة ،قد ساهم في ظهور ردود فعل عنيفة من طرف هذه الفئة ،تجسدت في شن
إضرابات امتدت آثارها إلى بلدان المغرب العربي.42
في ظل هذه األوضاع ،سيتقوى جهاز تفتيش الشغل نسبيا ،حيث صدر في أبريل
8131قرار وزيري بإحداث ثماني وظائف لمفتشين مساعدين ،من بينهم مفتش مغربي ،و
كذلك مفتشية لتعزيز الهيئة الموجودة و التي كانت تتألف من خمسة مفتشين و أربعة
مراقبين.43
هذا وإن الحرب العالمية الثانية قد ألقت بظاللها على تشريع الشغل المغربي أنذاك،
حيث تم إصدار جملة من النصوص ،أهمها ،44ظهير 1يوليوز 8118المتعلق بسن ضابط
الخدمة و العمل في المجال الصناعي و التجاري و الحر ،والمعتبر بمثابة المصدر الرئيسي
الختصاصات و مهام أعوان مفتشي الشغل ،إضافة إلى ذلك فقد تم تطوير األجهزة المكلفة
بشؤون الشغل ،وموازاة مع ذلك صدر قرار وزيري بتاريخ 81غشت 8111يتعلق بموظفي
مفتشية الشغل ،أعقبه قرار بتاريخ 18غشت ، 8123أضاف مفتشي الشؤون االجتماعية.
19
خاص بموظفين وزارة الشغل والشؤون االجتماعية 45الذي ألغي القرار الوزيري الصادر في
81غشت .8111
كما شهدت هذه المرحلة أيضا صدور مجموعة من النصوص ،لها عالقة بتفتيش الشغل
سواء من قريب أو من بعيد ،وأهمها:
-ظهير 38دجنبر 8121بشأن إنشاء نظام الضمان االجتماعي الذي عوض بظهير
45المرسوم الملكي رقم 8882-11بتاريخ 11شوال الموافق ل 1فبراير ،8118بشأن النظام األساسي الخام بوزارة الشغل والشؤون
االجتماعية ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 1131بتاريخ 1فبراير .8118
هذا وتجدر اإلشارة إلى أن الوزارة المكلفة بقطاع الشغل ،أصبحت تعمل حاليا اسم وزارة التشغيل و اإلدماج المهني عروض وزارة
الشغل و الشؤون االجتماعية سابقا.
46القانون رقم 12.11المتعلق بمدونة الشغل و الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،8-83-811بتاريخ 81رجب 8111الموافق
88شتنبر ،1883ج .ر ،ع ،2818بتاريخ 1دجنبر .1883
و لقد سبق أن تم إعداد عدة مشاريع قوانين الشغل ،بداية مشروع ،8181ثم تاله مشروع ،8113ثم مشروع 8111ثم مشروع
،8112فمشروع 8111الذي تمت إحالته على البرلمان.
للمزيد من اإليضاح حول هذه المشاريع ،انظر على الخصوص:
-عبد العزيز العتيقی ،قانون الشغل المغربي ،دراسات و أبحاث ،دار النشر المغربية ،البيضاء .8118،
20
حيث عرفت مندوبيات التشغيل تزايدا ملحوظا ،ذلك أن عدد هذه المصالح الذي كان ال
يتجاوز في أواخر السبعينات 11مصلحة ،بلغ 31في سنة .8118
وفي الوقت الراهن ،فإن عدد مفتشي الشغل يصل إلى 111عونا مكلفا بالتفتيش ،رغم
أن هذا العد د قد أخذ يتقلص بحكم اإلحالة على التقاعد ،في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة إلى
المزيد من مفتشي الشغل ،بحكم االتساع الكمي للمؤسسات والمقاوالت على الصعيد
الوطني.47
47عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول ،عالقات الشغل الفردية ،المطبعة و الوراقة الوطنية ،مراكش ،1881
ص.813 :
21
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 88من مرسوم 11نونبر 811148المتعلق بتحديد
اختصاصات وزارة التشغيل والتكوين المهني ،نجده يحدد لنا مديريات وأقسام وزارات
الشغل واإلدماج المهني كاألتي:
الوزير
الكتابة العامة
مديرية التشغيل
48مرسوم رقم 1-12-318صادر في 88رجب 11/8188نونبر 8111المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل
والشؤون االجتماعية ،ج ر.ع 1121بتاريخ 11رمضان 8188الموافق ل 1فبراير ،8118ص 822 :
22
مديرية الشغل
قسم المراقبة وتنشيط مفتشية الشغل
مصلحة البرمجة والمراقبة
مصلحة اإلحصائيات والتقييم
قسم النهوض بالعالقات المهنية
مصلحة تتبع نزاعات الشغل
مصلحة المفاوضات الجماعية واتفاقيات الشغل
قسم التشريع ومعايير العمل
مصلحة الشؤون القانونية
مصلحة المعايير الدولية للشغل
قسم طب الشغل والصحة والسالمة المهنية
مصلحة طب الشغل
مصلحة الصحة والسالمة المهنية
23
مديرية الموارد البشرية ،الميزانية و الشؤون العامة
قسم المعلوميات واالتصال
مصلحة االتصال
مصلحة الـشبكة وتطـويرالنظم الـمعلوماتية
قسم الموارد المالية والتجهيز
مصلحة المعدات و التجهيز والصيانة
مصلحة الصفقات و اإلنجازات
مصلحة الميزانية والمحاسبة
قسم الموارد البشرية
مصلحة تدبير الموارد البشرية واألعمال االجتماعية
مصلحة تدبير الكفاءات والمسار اإلداري والتكوين المستمر
مصلحة التنظيم والشؤون العامة والمنازعات
قسم التكوين
24
ثانيا :المصالح الالممركزة
تتكون المصالح الخارجية لوزارة الشغل واإلدماج المهني المهني أساسا ،من مديريات
إقليمية تضم من بين مرافقها األساسية دوائر للشغل ،هذه األخيرة هي االمتداد الترابي
والتقني لمصلحة تفتيش الشغل المركزية
وتاريخيا ،فإن عدد دوائر الشغل لم يكن يتعدى 83دائرة في عهد الحماية ،وكان عدد
األعوان المكلفين بتفتيش الشغل 11عونا ،من بينهم مفتش إقليمي واحد مقره بالرباط
ومفتشان إقليميان مساعدان ،األول مقره بالرباط يشمل نفوذه الجهة الشمالية والثاني مقره
بالدار البيضاء وتوجد تحت سلطته الدوائر الواقعة في المنطقة الجنوبية.49
وبعد االستقالل ،اتسع عدد هذه الدوائر ،وفي هذا اإلطار عملت وزارة الشغيل و
اإلدماج المهني على خلق مديريات إقليمية للتشغيل ،كان أولها بتاريخ 81شتنبر ، 8188ثم
بعد ذلك تطور عدد المديريات منذ تلك الفترة ليصل إلى 31في أواسط التسعينيات ،وحاليا
أصبح عددها يصل إلى 12مندوبية.
تجميع مختلف المصالح الخارجية لوزارة التشغيل والتكوين المهني داخل كل إقليم من
األقاليم وجعلها تحت رئاسة نواب إقليميين للشغل.50
وتضم مندوبية الشغل عموما أربع مصالح وهي :دائرة الشغل ،مكتب التشغيل ،دائرة
القوانين االجتماعية في الفالحة ،والمفتشية الطبية للشغل ،باإلضافة إلى وحدات أو مكاتب
إدارية داخل المندوبية ،كمكتب حوادث الشغل ومكتب الشؤون االجتماعية.51
وسنتناول فيما يلي أهمية الدور الذي يقوم به المندوب اإلقليمي للشغل ،ثم دور دائرة
الشغل بوصفها المصلحة األكثر ارتباطا بميدان تفتيش الشغل.
يعتبر المندوب اإلقليمي ممثال لوزير التشغيل والتكوين المهني ،كما أنه منسق ألنشطة
المرافق التابعة لوزارة التشغيل و التكوين المهني في دائرته الترابية ،باإلضافة إلى أنه
مراقب لسير العمل اإلداري والمهني للعاملين تحت إشرافه.
ومن الناحية التقنية فهو يمارس مهمة تأطير األعوان المكلفين بتفتيش الشغل ،بمساعدة
رئيس دائرة الشغل.52
دائرة الشغل:
تشكل دائرة الشغل النواة المحلية لتفتيشية الشغل ،وتتكون من أعوان التفتيش وموظفين
إداريين ،ويقوم برئاستها مفتش للشغل ،ويعتبر هذا األخير المسؤول الثاني داخل المندوبية،
ويقوم باإلشراف على مراقبة تطبيق مقتضيات تشريع الشغل داخل دائرته بمساعدة أعوان
التفتيش.
52الدورية الثانية رقم 318بتاريخ 88أكتوبر 8112و المتعلقة بتحديد منهجية مفتشية الشغل و تحسين جودة المراقبة ،و التي تحدد
مهام مندوبي الوزارة في مجال تحسين جودة المراقبة
53حسب مذكرة صادرة من وزارة التشغيل والتكوين المهني تحت رقم 1221بتاريخ 1أبريل ،8111فإن الحد األدنى الشهري لعدد
الزيارات الذي يتعين على العون المكلف بالتفتيش القيام بها هي:
82 -زيارة شهريا بالنسبة لرؤساء دوائر الشغل.
18 -زيارة شهريا بالنسبة لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل.
82 -زيارة شهريا بالنسبة لرؤساء دوائر القوانين االجتماعية في الفالحة.
-وحاليا الوزارة تقوم بدراسة حول الوقت الممكن اعتماده لكل زيارة تفتيش حسب القطاعات وحسب اليد العاملة.
26
-إنجاز تقارير شهرية حول الحالة االقتصادية واالجتماعية للمقاوالت والمؤسسات
الخاضعة لمراقبته في إطار اختصاصه الترابي.
من خالل ما سبق و الذي استعرضنا فيه المرحلة التاريخية لنشأة جهاز تفتيش الشغل،
وكذا الهيكلة اإلدارية والتنظيمية لهذا المرفق الحيوي حسب النموذج المغربي ،يتبين لنا أن
والدة مفتشية الشغل كانت نابعة من الحاجة إلى حماية األجراء زال اهتمام لها بالتنمية
االقتصادية.
وإذا كانت والدة مفتشية الشغل قد عرفت تحديات كبيرة ،فإن تطورها واستمرارها
عرف نوعا آخر من التحدي ،وفي هذا اإلطار أصدرت منظمة العمل الدولية اتفاقيتين
دوليتين تهمان تفتيش الشغل ،األولى تحمل رقم 18وتهم الميدان الصناعي والتجاري،
والثانية تحمل رقم 811وتهم الميدان الفالحي ،في محاولة منها لجعل التشريعات الوطنية
مالئمة ألحكام هاتين االتفاقيتين.
ولتوضيح األمر سنعمل على تعريف جهاز مفتشية الشغل التنمية االقتصادية (المطلب
األول) ،بينما نعرض الختصاصات والمهام المخولة لمفتشية الشغل (المطلب الثاني ).
54بشرى العلوي :الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي .الطبعة الثانية سنة 1888مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء
ص818:
للمزيد من التوضيح راجع:
-محمد بلهاشمي :تأمالت في أحكام مدونة الشغل :مجلة المعيار العدد 38يونيو 1888ص 38وما يليها
27
المطلب األول :مفهوم مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية
ولتفادي تطور هذه النزاعات مع ما يترتب عن ذلك من مساوئ اجتماعية واقتصادية
بالنسبة لطرفي العالقة الشغلية ،اهتمت التشريعات بسن قواعد قانونية كفيلة لحل هذه
النزاعات سلميا.
ولهذا الغرض تم إحداث هيئات تختلف طبيعتها ومن بين هذه الهيئات نجد مفتشية
الشغل ،التي تقوم بمهام واختصاصات متنوعة؛ أهمها العمل على ضمان احترام مقتضيات
قانون الشغل ،وحماية أطراف العالقة الشغلية ومحاولة التوفيق بين مصالحها من أجل توفير
استقرار الشغل باإلضافة إلى دورها التصالحي فيما يتعلق بنزاعات الشغل الفردية
والجماعية.
وعليه سنخصص (الفقرة األولى) لتعريف جهاز مفتشية الشغل بينما سنتطرق في
(الفقرة الثانية) لمفتشية الشغل ومفهوم التنمية االقتصادية.
55وإذا كانت مفتشية الشغل تتكون في معظم أعضائها من موظفين تابعين لوزارة التشغيل باعتبارها الوزارة الوصية على قطاع
الشغل ،فإن مهمة التفتيش تسند في بعض الميادين إلى فئة من الموظفين غير التابعين لوزارة التشغيل حيث يحلون محل مفتش الشغل
في مهامه .وهكذا أوكلت مقتضيات الفصل 21من ظهير 1يوليوز 8118مهمة كتفتيش الشغل في المعادن ومناجم الحجر التي يتطلب
استغاللها القيام بالحفر في باطن األرض إلى مهندسي المعادن كما أن الفصل 23من الظهير أو كال مهمة المراقبة الفنية في المعامل
التابعة إلدارة األشغال العمومية إلى الموظفين المنوطة لهم هذه المراقبة وأناط الفصل 23مكرر من نفس الظهير مهمة المراقبة
الجارية على المراكب المعدة للمالحة البحرية إلى رؤساء األقسام البحرية وإلى متفقدي المالحة البحرية وذلك عوضا من مفتش الشغل
راجع بهذا الخصوص :عبد اللطيف خالفي :مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات .م س .ص 182 :وما يليها.
حسن صحيب :هيأة تفتيش الشغل من خالل مدونة الشغل وتشريع منظمة الشغل الدولية المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد
88شتنبر أكتوبر 1881ص 13 :وما يليها.
28
يسمون بمفتشي ومراقبي الشغل والشؤون االجتماعية ومفتشي ومراقبي القوانين االجتماعية
في الفالحة 56و يوجد على رأس كل مصلحة مفتش شغل يسمى مندوب الشغل يمثل الوزارة
في العمالة أو اإلقليم ومن بين اختصاصاته أنه يسعى إلى تسوية النزاعات الناشئة عن عالقة
الشغل عبر قيامه بإجراء محاولة التصالح لتحقيق نوع من التوازن بين أطراف النزاع.57
واعت بارا لكون مفتشي الشغل موظفون عموميون فهم يخضعون لقانون الوظيفة
العمومية الصادر بظهير 11فبراير 8121وتبعا لذلك فهم يخضعون كذلك لكافة النصوص
القانونية التي وضعها المشرع لحماية الموظفين العموميين من كل ما قد يتعرض له من
اعتداءات .وزيادة على ذلك أفرد المشرع لهم مجموعة من النصوص القانونية تعاقب كل من
يحول دون تطبيق مقتضيات قانون الشغل أو النصوص التنظيمية الصادرة تطبيقا له.
و يتم ولوج سلك تفتيش الشغل بناء على المؤهالت العلمية للمترشح وذلك من بين
حاملي دبلوم المدرسة الوطنية لإلدارة بشكل مباشر أو بواسطة مباراة تفتح لفائدة حاملي
دبلوم الدراسات العليا المعمقة أو ما يعادلها.
ويعين المرشحون الناجحون في المباراة أو المعنيون بصفة مباشرة متمرنين .وال يجوز
ترسيمهم إال بعد قضاء مدة سنة من التمرين أو التدريب ،ويقضون هذه السنة التدريبية في
مفتشيات الشغل يتلقون ويكتسبون خاللها التجارب والخبرات الالزمة ألداء ومزاولة مهامهم
فيما بعد ويتم هذا التدريب إما في المصالح الخارجية أو اإلدارة المركزية ويتضمن هذا
التدريب جوانب إدارية وأخرى تقنية.
تتميز فترة التمرين بقيام المفتشين المتمرنين أثناء هذه السنة بزيارات تفتيشية وذلك
صحبة المفتشين الرسميين بهدف التمرن والتدرب على طرق ومناهج التفتيش وطرق
االطالع على وثائق وسجالت المقاولة الخاصة بالشغل.
وبعد انتهاء فترة التمرين يمكن إما ترسيم العون المتمرن أو تجديد فترة التمرين لمدة
سنة جديدة وأخيرة من التمرين وذلك بالنسبة للمتمرن الذي لم يوفق وفي حالة فشله على إثر
- 62مرسوم رقم 1 - 12 - 318صادر في 88رجب 8188الموافق ل 11نونبر 8111المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة
التشغيل والشؤون االجتماعية الجريدة الرسمية عدد 1112بتاريخ 11رمضان 8188الموفق ل 1فبرابر 8118ص.822 :
30
-1مراقبة تطبيق قانون الشغل
إن مهمة السهر على تطبيق قانون الشغل منوطة بمفتشية الشغل 63فمراقبة هذا التطبيق
64
وفي هذا اإلطار فإن ظهير 1يوليوز 8118 هي المهمة األساسية والتقليدية لهذه اإلدارة
المتعلق بنظام الشغل في المؤسسات الصناعية والتجارية والمهن الحرة وكذا ظهير 11أبريل
65
في المؤسسات الفالحية ،يختص مفتش الشغل بمراقبة تطبيق 8183بشأن نظام الشغل
قانون الشغل في المؤسسات العمومية والخصوصية والتعاونيات والمؤسسات الخاصة
بالتعليم الصناعي أو األعمال الخيرية والمؤسسات التجارية والمؤسسات الصناعية والمهن
الحرة والنقابات والجمعيات والجماعات كيفما كان نوعها ،والمؤسسات التي ال يستخدم فيها
إال األعضاء من نفس األسرة ،وباقي األنشطة التي يحددها الفصل األول من ظهير 1يوليوز
8118وقد مدد القرار المقيمي الصادر في 1شتنبر 8123مراقبة مفتشية الشغل إلى
مؤسسات الدولة والجماعات المحلية التي تنجز فيها أشغال ذات طابع صناعي أو عمليات
ذات طبيعة خاصة ما يتعلق باألوراش والمعامل والمستودعات والمكاتب.66
وتتمثل الوظيفة الرقابية التي حددتها مدونة الشغل في السهر على تطبيق األحكام
التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل ،وذلك بقصد الوقوف على مدى التزام المشغلين
بالمقتضيات الواردة في قانون الشغل خصوصا ،والقانون االجتماعي بشكل عام ،ولهذه الغاية
سمح المشرع لمفتش الشغل بالصالحيات التالية:67
-إمكانية ولوج ما بين السادسة صباحا والعاشرة ليال ،المؤسسات واألماكن التي توجد
أسباب معقولة و وجيهة لدى مفتشي الشغل بأنها خاضعة لرقابة مفتشية الشغل ،وكذا جميع
المحالت التي يعمل بها األجراء.
63علي الصقلي :نزاعات الشغل الجماعية وطرق تسويتها السلمية في القانون المغربي والمقارن أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في
القانون الخاص موسم 8111-8111جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ص.331 :
64
jean Blaise: Traité de droit du travail – Dalloz 1966 p 377.
65
P.Ramackere. et L. vibouluf: l'inspection du travail l'institut de l'emploi et de la formation
professionnelle, ministre de l'emploi et de la formation professionnelle. Paris 1996 p:196.
66
- M.Fakkak " Répertoire de la législation marocaine du travail" librairie AL Wahda Al Arabia,
Casablanca 1994 p811.
67المادة 231من مدونة الشغل الصادرة بموجب ظهير شريف رقم 88.83.811المؤرخ ب 81من رجب 11 ( 8111سبتمبر
)1883الصادر بتنفيذ القانون رقم 12-11المتعلقة بمدونة الشغل.
31
-القيام بجميع إجراءات المراقبة والبحث والتحري التي تبدو لمفتش الشغل ضرورية للتأكد
من مدى تطبيق األحكام القانونية والتنظيمية سواء فرديا أو باالستعانة.
-انتقاء وأخذ عينات من المواد األولية المستعملة من طرف العمال وذلك قصد
وعند وقوف مفتش الشغل على مخالفات لمقتضيات قانون الشغل ،يقوم بتنبيه المشغل
بمالحظاته حول المخالفات المعينة ،ويمكنه أن يثبتها في محضر يكتسب القوة الوثوقية ،
.
ويوجه إلى المحكمة المختصة من قبل المصالح المختصة التابعة للوزارة المكلفة بالشغل
وإذا كانت المخالفات تتعلق بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحفظ الصحة
والسالمة ،وجب على المفتش أن ينبه المشغل إلى اتخاذ جميع التدابير بصفة استعجالية ،وإذا
رفض أو أهمل المشغل هذا التنبيه يحرر المفتش محضرا بهذا االمتناع عن االمتثال
لمضمون التنبيه.
68وفقا للمادة 233من مدونة الشغل تمتد هذه الصالحيات إلى األطباء والمهندسين المكلفين بتفتيش الشغل كل في نطاقه وتخصصه.
32
إمكان إسناد مه ام أخرى إلى مفتش الشغل شريطة أال تتعارض مع عملهم األصلي واألداء
الفعال لواجباتهم األولية ،وأال تخل بأي حال من األحوال بالسلطة والحياد اللذان يجب
توافرهم لدى المفتشين في عالقاتهم بأصحاب العمل والعمال ،وقد تم التنصيص على نفس
المقتضى في الفقرة الثالثة من المادة السادسة من االتفاقية رقم .811
لذلك نالحظ أن منظمة العمل الدولية قد تحرت الحيطة والحذر في تضمين وظائف
مفتش الشغل مهمة فض نزاعات الشغل.
ويرجع أساسا إلى أن هذه النقطة المتعلقة بتسوية الخالفات من المسائل التي تثير
نقاشات صاخبة بين الدول األعضاء بمنظمة العمل الدولية بين مؤيد ومعارض لفكرة تدخل
جهاز التفتيش لفض نزاعات الشغل.
كما أن الواقع والممارسة كرس هذا الدور لمفتش الشغل ،وجعل األطراف تفضل
اللجوء إلى هذه المرحلة أو تحكيم المفتش قبل المرور إلى القضاء الذي بدوره يحبذ هذه
الخطوة ،رغم أن مسألة حل نزاعات الشغل تدخل ضمن االختصاصات األكيدة للمحاكم.
فبعد فشل المحاكم االجتماعية المحدثة بظهير 18يوليوز 8118الذي أوجب على
رئيس المحكمة االجتماعية ،إجراء محاولة الصلح بها ،وعند تعذر ذلك يرخص لألطراف في
رفع القضية إلى المحكمة ،عدل المشرع عن هذه المحاكم خاصة وأن محاولة الصلح بها
أصبح إجراء شكليا ،إذ نادرا ما يتم الصلح خالل هذه الجلسة كما أن األطراف تلجأ قبل ذلك
إلى مفتش الشغل ،وقد أبانت الممارسة العملية أن القضايا التي وقع الصلح فيها أمام مفتشي
69
الشغل تفوق بكثير القضايا التي سوتها المحكمة المذكورة
وباختفاء المحاكم االجتماعية تكرس عرف إجراء الصلح أمام مفتش الشغل ،70مما
جعل المشرع ينقل هذا العرف إلى مستوى القانون حيث نصت المادة 231من مدونة الشغل
المتعلقة بوظائف العون المكلف بتفتيش الشغل في النقطة الرابعة على مهمة المفتش في
إجراء التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية ،يحرر في شأنها محضرا يمضيه طرفا
69أحمد بودراع :تطبيق االتفاقيات الدولية للشغل في إطار الممارسة المغربية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام السنة الجامعية
18881 - 1881جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط أكدال ص.381 :
70
Ahmed Bouharrou. Le système marocain des relations professionnelles" publications RE MALD,
éditions maghrébines, Casablanca 1997 page 95-96.
33
النزاع ،ويوقعه بالعطف العون المكلف بالتفتيش وتكون لهذا المحضر قوة إبرائية في حدود
المبالغ المبين فيه.
وهكذا وانطالقا من مدونة الشغل ،تكون جميع خالفات الشغل التي من شأنها أن تؤدي
71
إلى نزاعات جماعية موضوع محاولة تتم أمام أعوان التفتيش
إال أنه ما يمكن مالحظته أن مدونة الشغل لم تشر إلى إلزامية مسطرة إجراء الصلح
لدى مفتش الشغل ،فهل يجب على المشتكي أن يمر ضرورة عبر عون تفتيش الشغل ،أم له
حق التقدم مباشرة إلى القضاء؟ كما كان عليه األمر من قبل ،غير أنه يتضح أن اللجوء إلى
مسطرة الصلح وإن سعى المشرع إلى ترجيح كفتها في النزاعات الفردية للشغل ،تبقى
اختيارية ،إذ ينص المشرع على أي إجراء آخر يمكن القاضي االجتماعي من معرفة ما إذا
كانت القضية المعروضة عليه قد استوفت مسطرة المصالحة أمام جهاز التفتيش أم ال،
خاصة وأن مدونة الشغل قد التزمت الصمت حيال الجهة التي تحتفظ بمحضر محاولة الصلح
أهي مفتشية الشغل أم أطراف النزاع يأخذون نظيرا منه ،أم يحال إلى المحكمة.
باإلضافة إلى هذه االختصاصات التي نصت عليها المادة 231من مدونة الشغل فإن
مفتش الشغل يضطلع بمهام تقريرية في الكثير من الحاالت ومنها.
-إعالم المفتش بكل حادثة أو مرض مهني يتعرض لها أحد أجراء المؤسسات وقد
أناط المشرع لمفتش الشغل القيام باختصاصات استشارية ،حيث يعين على فهم وتنفيذ
القاعدة القانونية سواء تعل قت بالعالقات المهنية أو بالصحة والسالمة المهنية أو بالحرية
النقابية أو الضمان االجتماعي وحوادث الشغل وغير ذلك من الموضوعات التي تشكل مادة
قانون الشغل خاصة ،والقانون االجتماعي عموما .
34
وعليه فمن خالل تطرقنا لمختلف االختصاصات والمهام التي تقوم بها مفتشية الشغل
بالمغرب ،تبين لنا بجالء أنها اختصاصات ومهام تكاد تكون شاملة لمختلف جوانب الحياة
االقتصادية واالجتماعية ويعزى ذلك إلى التداخل الموجود بين االختصاصات القانونية
لمفتشية الشغل والمتمثلة في مراقبة تطبيق تشريع الشغل والمهام التصالحية التي أنيطت لها
من أجل إيجاد حلول حبية لنزاعات الشغل .هذا فضال عن كونها الساهر األساسي على تنمية
روح وثقافة الحوار االجتماعي بين أطراف العالقة الشغلية والسير به قدما في أفق تحقيق
سلم اجتماعي وتنمية اقتصادية مستدامة.
للوقوف على ماهية التنمية االقتصادية سنحاول في أوال التطرق لمفهوم وأهداف التنمية
االقتصادية ،أما ثانيا (فسنتطرق فيها إلبراز العالقة بينها وبين مفتشية الشغل.
مما الشك فيه أنه يصعب إعطاء تعريف واحد للتنمية االقتصادية شامال و ملما بمختلف
الجوانب ،لذلك سنتطرق إلى مجموعة من التعاريف لبعض الفقهاء في االقتصاد والتي
تناولت موضوع التنمية االقتصادية.
72عبد العزيز عجمية (محمد) وعلي الليتي (محمد) :التنمية االقتصادية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،1002 ،ص.21 :
35
لقد عرف أحد الباحثين التنمية االقتصادية بأنها العملية التي من خاللها تحقق زيادة
متوسط نصيب الفرد من الدخل على مدار الزمن والتي تحدث من خالل التغيرات في كل من
هيكل اإلنتاج ونوعية السلع والخدمات المنتجة ،إضافة إلى إحداث تغير في هيكل توزيع
الدخل لصالح الفقراء " ،73فهي سياسية اقتصادية طويلة األجل تهدف لتحقيق النمو
االقتصادي.
كما تعني الزيادة المستمرة في الدخل القومي الناتج عن زيادة اإلنتاج المحلي من السلع
والخدمات التي يترتب عليها تأثيرا في القضاء على الفقر ،والبطالة ،والضعف الغذائي ،بما
يؤدي إلى رفع مستوى الدخل الفردي ،ويترتب عليه رفع المستوى الثقافي ،والصحي،
والسياسي ،والتنظيمي في المجتمع.74
كما يعرفها بكري كامل بأنها سياسة اقتصادية طويلة األجل لتحقيق النمو االقتصادي،
فهي عملية يزداد بواسطتها الدخل القومي الحقيقي لالقتصاد خالل فترة زمنية طويلة.75
وقد اعتبر كل من أحمد العمراني وعبد المجيد الكوهن أن التنمية االقتصادية ال يمكن
تحديد تعريف واحد لها من خالل النظريات االقتصادية التي تطرقت لها ،بل يجب األخذ
بعين االعتبار عند تحديد مفهوم التنمية االقتصادية من خالل التقارير والمعطيات المكروا-
اقتصادية ،السياسية ،السوسيولوجية ،الثقافية ،فالتنمية االقتصادية هي تحقيق النمو
االقتصادي والزيادة الكمية في الناتج الداخلي الخام ،حيث أن هذا النمو شرط أساسي لإلقالع
االقتصادي للدولة.76
ومن المنظور االقتصادي فإن التنمية االقتصادية يقصد بها تنشيط االقتصاد القومي
وتحويله من حالة الركود والثبات إلى مرحلة الحركة والديناميكية عن طريق زيادة مقدرة
االقتصاد القومي لتحقيق زيادة سوية ملموسة في إجمالي الناتج القومي مع تغيير في هياكل
اإلنتاج ووسائله ومستوى العمالة وتزايد في االعتماد على القطاع الصناعي والحرفي يقابله
73
عبد العزيز عجمية (محمد) وعطية ناصف (إيمان) :التنمية االقتصادية دراسة نظرية وتطبيقية ،الدار الجامعية ،القاهرة ،1001
ص.67 :
74وحمد فروان (حسين) :التنمية والتحديث في اغلوطن العربي ،المفاهيم ،المحددات ،المتطلبات ،المعوقات ،مطابع المتفوق للطباعة
والنشر والتوزيع صنعاء ،طبعة وولى نونبر ،1002ص.11 :
75بكري (كامل) :التنمية االقتصادية ،دار النهضة العربية ،بيروت ،2897ص.27 :
76
Lamrani (A) et El Kohen (AM): la dynamique de l'investissement au Maroc, les paradoxes
du développement, R.E.M.A.L.D, thèmes Actuels N° 45, 2003, P : 15.
36
انخفاض في األنشطة التقليدية ويعني ذلك تغيير البنية االقتصادية وذلك بالتحويل إلى اقتصاد
الصناعة ولهذا اعتبرت الزيادة السنوية الملموسة في إجمالي الناتج القومي ومتوسط دخل
الفرد المرتفع من المؤشرات األساسية للتنمية االقتصادية.77
ومن خالل التعاريف السابقة يمكن القول بأن التنمية االقتصادية هي مجموعة من
اإلجراءات التحديثية وال تدابير الهادفة إلى بناء آلية اقتصادية ذاتية تؤدي إلى زيادة معدالت
النمو االقتصادي وتواصله لفترة طويلة من الزمن من أجل تلبية حاجات األفراد وتحقيق أكبر
قدر ممكن من العدالة االجتماعية.
تختلف التنمية االقتصادية من بلد إلى آخر ومن فترة زمنية إلى أخرى في البلد الواحد
نظرا الختالف الظروف االقتصادية والسياسية بين الدول المختلفة ومع ذلك فإن هناك
مجموعة من األهداف ل لتنمية االقتصادية حيث تهدف إلى زيادة الدخل القومي بغرض زيادة
الدخل الفردي ،وتوسيع فرص العمل ،والقضاء على الفقر والبطالة والحرمان االجتماعي
والضعف الغذائي ورفع المستوى المادي لألفراد والمجتمع .والدخل القومي يمثل القيمة
النقدية للناتج المحلي من السلع والخدمات التي ينتجها المجتمع خالل العام .وارتفاع معدل
الدخل القومي يؤدي إلى زيادة نصيب األفراد من الدخل ،وتمكينهم من الحصول على السلع
والخدمات التي يحتاجونها ،وبذلك يتقلص حجم الفقر ،والحرمان ،والضعف الغذائي ،واختفاء
ظاهرة البطالة ،أما انخفاض مستوى الدخل القومي الناتج عن انخفاض الناتج المحلي من
السلع والخدمات ،يترتب عن ذلك انخفاض مستوى الدخل الفردي ،على أنه ال يعني أن الفقر
الفردي ينحصر على انخفاض الدخل المادي ،بل يشمل القدرات الفردية.78
إن زيادة الدخل القومي يعتبر من بين أهم أهداف التنمية االقتصادية على اإلطالق،
وذلك من خالل إتاحة الفرص للحصول على احتياجاتهم األساسية من مأكل وملبس وحماية
وهذا راجع للدافع الحقيقي للتنمية والمتمثل في تجاوز الفقر ،وانخفاض مستوى المعيشة
77وسامة (عبد الرحمان) :البيروقراطية النفطية ومعضخات التنمية ،سلسلة عالم المعرفة عدد 26يونيو ،2891ص.21 :
78وحمد فروان (حسن) :مرجع سابق ،ص.19 :
37
باإلضافة إلى زيادة نمو عدد السكان غير المتماشية مع النمو االقتصادي ،79وهذا إلى جانب
الهدف الثاني الذي ال يقل أهمية عن سابقيه أال وهو رفع مستوى المعيشة ،حيث أنها تعتبر
كذلك من بين األهداف التي تسعى لها التنمية االقتصادية لتحقيقها في الدول المتخلفة اقتصاديا
وذلك ألنه من المتعذر تحقيق الضروريات المادية للحياة ،فالتنمية االقتصادية ليست مجرد
وسيلة لزيادة الدخل القومي فحسب ،وإنما هي أيضا وسيلة لرفع مستوى المعيشة ومن هذا
نجد هدف رفع المعيشة إنما هو من أهم األهداف الذي يجب أن تعمل التنمية االقتصادية على
تحقيقه في كافة البلدان المتخلفة التي تقوم بتنمية مواردها االقتصادية في الوقت الحاضر،80
كما تهدف إلى تقليل الفوارق في الدخل والثروات وتعديل التركيب النسبي لالقتصاد الوطني:
التراكم الرأسمالي.
79الدكتور محمد الداودي وطروحة لنيل الدكتوراه "اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية االقتصادية بالمغرب" جامعة عبد المالك
السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية موسم 2104-2102ص .66
80بكري (كامل) :مرجع سابق ،ص.62 :
81وحمد فروان (حسين) :مرجع سابق ،ص.16 :
38
ثانيا :العالقة بين مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية
إن تطور المجتمعات أصبح مرهونا بتطوير اإلدارة و عقلنتها و تطويعها إلى األهداف
المرسومة في التنمية االجتماعية و االقتصادية و السياسية للمجتمع ،أي العمل مع التنمية
االجتماعية و هي المحرك األساسي للتنمية االقتصادية ،فالتنمية االقتصادية و التنمية
االجتماعية وجهان لعملة واحدة ،تؤثر إحداهما في األخرى وتتأثر بها ،إذ أنه من غير
82
الممكن التخطيط للتنمية االقتصادية وتحقيق أهداف خطة التنمية بدون جهاز إداري فعال
علما أن مفتشية الشغل هي الهيئة المسندة إليها مهام مراقبة عالقات الشغل ،ووفق هذا
المنظور تمثل مفتشية الشغل ركنا أساسيا من أركان النظام السياسي و االقتصادي واإلنتاجي
في أي مجتمع ،حيث أنها هي عملية اجتماعية مستمرة تعمل على استغالل الموارد المتاحة
استغالال أمثال عن طريق التخطيط والتوجيه والرقابة للوصول إلى هدف محدد.83
بعدما تطرقنا لمفهوم التنمية و التنمية االقتصادية والفرق بينهما والعالقة الوطيدة بين
مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية واستخالص أن مفتشية الشغل هي أداة لتحقيق التنمية
االقتصادية سنحاول التطرق في المطلب الموالي للوظيفة التصالحية كأهم آلية لحل نزاعات
الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية.
المطلب الثاني :الوظيفة التصالحية كأهم آلية لحل نزاعات الشغل في تحقيق
التنمية االقتصادية.
نظرا للتطورات االقتصادية والسياسية التي عرفها العالم في العقود األخيرة ،أصبحت
نزاعات الشغل تعد من المظاهر المميزة للمجتمعات المعاصرة خصوصا ذات التقدم الكبير
في مجال الصناعة ،وذلك راجع باألساس إلى تباين المصالح بين األطراف االجتماعية.
82
حداد(عبد هللا) :صفقات األشغال العمومية ،دراسة نظرية وتطبيقية ،وطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام ،كلية الحقوق ،
وكدال ،الرباط ، 2892 ،ص.108 :
83محمد عبد الوهاب (علي) :محاضرات المركز العربي لإلستشارة والتدريب ،منشورات المركز العربي لخاستثمارات والتدريب،
القاهرة ،1001 ،ص.1 :
39
فعالقة الشغل باعتبارها عالقة قانونية تحمل في طياتها مجموعة من المتناقضات تشكل
عناصر نزاع قابل لالندالع في أي وقت ،84ما يمكن أن يترتب عنه عواقب وخيمة وخاصة
على المستوى االقتصادي.
وبالتالي فتباين مصالح العالقة الشغلية غالبا ما يؤدي إلى نشوب نزاعات تختلف حدتها
باختالف طبيعتها فردية كانت أو جماعية ،ولتفادي تطور هذه النزاعات ،اهتمت التشريعات
بسن قواعد كفيلة لحل هذه النزاعات سلميا ،إذ لم يعد األمر مقتصرا على تدخل القضاء
كجهاز تقليدي بل تم إيجاد هيئات إدارية أخرى ،كجهاز تفتيش الشغل الذي أصبحت مهمته
تتجاوز حد المراقبة لتشمل التدخل لحل خالفات الشغل سواء أكانت فردية أو جماعية.85
الشيء الذي يساهم في إرساء السلم االجتماعي ،واستقرار العالقات المهنية والرقي
بالمقاوالت وتدعيم االستثمار.
نظرا لتضارب مصالح طرفي العالقة الشغلية ،فإن النزاع غالبا ما يطرح بين هذين
العنصرين كنتيجة طبيعية للمواجهة اليومية التي يعرفانها ،فكل طرف يسعى إلى تحقيق
مصالحه على حساب اآلخر غير مكترث بالنتائج التي سيخلفها ذلك ،ومستغال جميع الوسائل
ألجل الوصول إلى أغراضه.86
وعادة ما يفضل األجراء اللجوء إلى أعوان تفتيش الشغل إليجاد حل ودي للنزاع الذي
يمكن أن ينشب بينهم وبين مشغليهم ،وذلك حتى قبل أن يقرر المشرع تقنين عملية التصالح
لدى مفتش الشغل والتي تسبق اإلحالة على المحكمة من خالل المادة 231من مدونة
الشغل ،87نظرا للنتائج اإليجابية التي تحققها سواء بالنسبة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية أو
الفردية.
وباإلضافة إلى التخفيف من الضغط الذي يمكن أن تسببه كثافة القضايا االجتماعية على
المحاكم.
84عبد اللطيف التالفي" :مرجع سابق ،ص.21-22:
85زوهير المروصي" :دور مفتشية الشغل في إقرار السلم االجتماعي" ،المجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية ،ع 7ماي
1022ص .212
86صباح كوتو ،م س ،ص 110
87تنص المادة 211من م ش على ما يلي ":تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية .....:
-1إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية......
40
فالوظيفة التصالحية التي أسندها المشرع المغربي لجهاز تفتيش الشغل بمقتضى نص
صريح كما ذكرت سابقا تهدف إلى فض مختلف النزاعات التي قد تنشأ بين الطبقات العمالية
من جهة أولى ،وأرباب المؤسسات من جهة ثانية سواء كانت هذه النزاعات فردية أو
جماعية.
وتروم أساسا إلى التخفيف من الضغط المستمر على المحاكم من جهة ،ومن جهة
أخرى محاولة وضع حد نهائي للنزاع أمام مفتشية الشغل من خالل إقرار منهجية جديدة
للتعامل مع األطراف المتنازعة.
ولدراسة اإلطار القانوني لهذه الوظيفة سنتطرق لها في فقرتين ،حيث نخصص األولى
لدراسة الجدل الفقهي حول تدخل الجهاز في تسوية نزاعات الشغل فيما تخصص الثانية
لدراسة موقف القضاء من االختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل.
الفقرة األولى :موقف الفقه من إسناد الوظيفة التصالحية لجهاز تفتيش الشغل
لقد أدى الدور االجتماعي واالستشاري الذي يقوم به مفتش الشغل إلى ضرورة إجرائه
لمحاولة الصلح بين طرفي النزاع في العالقة الشغلية ،88وهو األمر الذي عملت مدونة الشغل
على تكريسه ،عبر إقرارها لالختصاص التصالحي لمفتش الشغل ،مما أدى إلى بروز جدل
فقهي بين مؤيد لالختصاص التصالحي (أوال) ومعارض له (ثانيا).
88زهور الحر " :دور مفتشية في استقرار عخاقات الشغل" ،المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون المقارن عدد ، 2861- 11ص
.289
89تنص الفقرة الثالثة من المادة 12من م ش على ما يلي ...":يمكن لألجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء إلى
مسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليه في الفقرة 1من المادة 211ودناه من وجل الرجوع إلى شغله وو الحصول على تعويض"..
-تنص الفقرة الرابعة من المادة 211من م ش على ما يلي " :تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية...:
-إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية."...
41
ولقد ذهب جانب من الفقه إلى تأييد مفتش الشغل في القيام بالوظيفة التصالحية،
واعتبروا أن ال صواب هو إسناد مهمة الصلح لمفتش الشغل ،على اعتبار أن أعوان التفتيش
كثيرا ما يوفقون في مهمتهم هذه أكثر من توفقهم في باقي مهامهم القانونية األخرى ،خاصة
متى كانت لهم عالقات طيبة وودية مع طرفي النزاع.90
فتموقع مفتش الشغل في قلب الصراعات االجتماعية ،بفعل احتكاكه واتصاله المباشر
بالعمال وأصحاب العمل ،وإلمامه بواقع المقاولة ومحيطها ،يجعالن منه عنصرا قادرا على
التوفيق بين مصالح طرفي النزاع أكثر من أية جهة أخرى ،91ولعل هذا ما يفسر نجاح هذا
الجهاز في حل عدد كبير من القضايا المعروضة أمام المحاكم بشكل يومي ،92كما نجح في
التخفيف من الضغط الذي تعرفه المحاكم من جراء كثرة الملفات المعروضة عليها .
وبالتالي فهو يقوم بدور فعال في الحفاظ على السلم االجتماعي والتنمية االقتصادية
باعتبارهما الهدف المتوخى من وضع التشريعات االجتماعية بصفة خاصة ،93حيث يوظف
جل إمكانياته من مؤهالت وخبرات من أجل تسوية النزاعات ،إذ يعمل على إقناع الطرفين
بالحل السلمي من خالل تهيئتهم للتفاوض ،خصوصا كون مسطرة الصلح أمام مفتش الشغل
تتسم بالبساطة والسرعة والمجانية ،بخالف مسطرة القضايا االجتماعية بالمحاكم االبتدائية.94
وفي هذا اإلطار قد اعتمد الفقه الفرنسي المهمة التصالحية لعون التفتيش ضمن مهمة
اإلرشاد والنصح الذي يقدمه لألجير والمشغل .
وبالتالي فإن التكريس القانوني للدور التصالحي في مدونة الشغل ،ماهو إال تأكيد للدور
األساسي الذي يضطلع به مفتش الشغل وهو السهر على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية
المتعلقة بالشغل ،حيث أنه وقبل كل شيء يعمل على استقرار العالقات الشغلية ،وضمان
الحماية القانونية لكل من المشغل واألجير ،ويتحقق ذلك من خالل العمل على تقريب وجهات
"مرجع سابق ،ص .77 90محمد الكشبور "نظام تفتيش الشغل في المغرب ،الواقع الحالي واآلفاق المستقبلية
91زوهير المروصي " :دور مفتشية الشغل في إقرار السلم االجتماعي" ،م س ،ص .217
92
Mohamed Tadili : « la réforme de la législation social au maroc »,impremerie el maarif el jadidarabat -2004.p
418.
93دنيا مباركة ":القانون االجتماعي المغربي ،دراسة مقارنة في ظل التشريع الحالي ومدونة الشغل المرتقبة ،مشروع ،" 1000
مطبعة دار النشر الجسور ،طبعة غير مذكورة ،وجدة ،السنة ،1001/1001ص .20
94عبد الرزاق لعلح " :حجية محاضر مفتشية الشغل بإنهاء المنازعة االجتماعية بالصلح" ،ندوة تحت عنوان عقود العمل
والمنازعات االجتماعية من تخال اجتهادات المجلس األعلى ،نظمها هذا األتير بمناسبة الذكرى التمسينية لتأسيسه بمقر محكمة
االستئناف ،بحي رياض السخام بأكادير ،يومي 2و 7يوليوز ،1006ص .168
42
النظر والعمل على التوفيق بين أطراف اإلنتاج في حالة قيام نزاع بينهما والذي من شأنه أن
يؤثر سلبا على مردودية المقاولة وبالتالي اإلنتاج.
كان هذا موقف الفقه المؤيد لالختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل لننتقل بعد ذلك
للحجج التي استند عليها االتجاه الرافض لهذا االختصاص.
كما أن مفتشية الشغل تهتم بالبحث عن المؤسسات المشمولة بمراقبة السلطة التفتيشية
والمتكونة من إطار مراقبي الشغل والشؤون االجتماعية ومراقبة القوانين االجتماعية في
الفالحة ،وفي بعض الميادين األخرى كالمناجم.96
كما أنه من شأن إسناد الوظيفة التصالحية لجهاز تفتيش الشغل التعارض مع روح
اتفاقية العمل الدولية رقم 97،18حيث ال تشير هذه األخيرة إال للوظائف القانونية والتقريرية
لمفتش الشغل دون وظيفة المصالحة ،على اعتبار أن الوظيفة األساسية لجهاز تفتيش الشغل
تتمثل في المراقبة والتفتيش لتطبيق القانون ،بما يتطلبه من صرامة ،في حين أن التصالح
يتطلب أحيانا غض النظر عن تطبيق القانون وتزكية التنازالت.98
وذهب هذا االتجاه المعارض إلى القول أن حل أي نزاع أكثر وديا ،يتطلب نوعا من
المرونة والدبلوماسية التي أحيانا تكون على حساب ما يجب أن يتمتع به مفتش الشغل من
باإلضافة إلى التكوين المحدود ألعوان التفتيش ال يساعدهم على القيام بالمهمة
التصالحية على أحسن وجه ،وهو نفس الموقف الذي ذهبت إليه اللجنة الدولية المتعددة
االختصاص ما بين 83مارس و 82أبريل 8181في إطار البرنامج الدولي لتحسين العمل
( ) PIACTفي تقريرها الذي قدمته للحكومة المغربية ،حيث أوصت فيه بضرورة عدم قيام
مفتش الشغ ل بدور المصالح ،ألن تدخله لتسوية النزاع قد يكون على حساب مهمة المراقبة
التي تهدف إلى ضمان احترام قانون الشغل ،وقد عبرت هذه اللجنة عن موقفها من خالل
بعض األمثلة التي تعبر أحسن تعبير عن تسامح وتساهل مفتش الشغل في تطبيق قانون
الشغل للوصول إلى اتفاق ينهي النزاع ،حيث الحظت من خالل إحدى االتفاقيات التي تم
التوصل إليها نتيجة للمصالحة تتضمن توقيف أحد العمال لمدة تزيد عن 1أيام ،في حين أن
الفصل السادس من النظام النموذجي قرار 13أكتوبر 8111ينص على أن التوفيق كإجراء
تأديبي ال يمكن أن يزيد عن 1أيام.100
وفي نفس الوقت ذ هب البعض إلى القول أن السبب األساسي في عدم تخويل المصالحة
لمفتش الشغل أنهم ليسوا أكفاء في معرفة الحالة النفسية لمسؤولي المقاوالت ،كما تنقصهم
الخبرة في معرفة تركيبة المقاولة.101
وبالتالي يرى هذا االتجاه أن المهمة التصالحية التي يقوم بها مفتش الشغل تتعارض مع
م همته في القيام بمراقبة تطبيق النصوص القانونية الخاصة بالشغل ،حيث أن من شأن القيام
بالمهمة التصالحية أن يؤثر سلبا على القيام بمهمة المراقبة.
باإلضافة إلى هذين االتجاهين هناك اتجاه وسط قبل بقيام مفتش الشغل بالمهمة
التصالحية ،لكن شريطة أن تضم هيأة تفتيش الشغل أطرا وأعوان متخصصين بالعمل
فيما يخص هذا الجدل الفقهي يتضح أن المشرع المغربي وفق حين أسند الوظيفة
التصالحية الجهاز تفتيش الشغل بنص صريح من خالل المادة 231من مدونة الشغل ،حيث
أثبت الواقع العملي توفق مفتشي الشغل في حل عدد هائل من نزاعات الشغل الفردية منها أو
الجماعية ،إضافة إلى كون المسطرة أمام مفتش الشغل مجانية و سريعة غير معقدة مما
يخفف العناء على األجير ،داعين في نفس الوقت المشرع المغربي إلى تبني ما ذهب إليه
المشرع التونسي حول إنشاء هيئة للمصلحين من بين أعوان التفتيش متخصصين في عملية
المصالحة.
102جليلة البحري ":عمل مفتش الشغل بين العمل القانوني والواقع العملي" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون التاص جامعة
محمد التامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية السويسي الرباط ،السنة الجامعية ،1020-1008ص .29
103حسن الحطاب" :عخاقة مفتشية الشغل بالقضاء وي رهان " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون التاص جامعة محمد التامس
السويسي كلية العلوم القانونية الرباط ،السنة الجامعية ،1009-1006ص .21
45
ولقد ذهب بعض الفقه إلى القول بان إحداث المشرع المغربي لتقنية التوصيل عن
صافي كل حساب عند أي إعفاء ،يعني أن المشرع تخلى عن الصلح المدني في إطار
المنازعات الشغلية.104
إال أن المشرع المغربي وبالرغم من نصه على ضرورة اتباع تقنية التوصيل عن
صافي كل حساب ورغم أن هذه التقنية أكثر حماية لحقوق األجير ،إال أن المشرع لم يلغي
من خالل الفصل 812من ق ل ع الصيغ الصلحية األخرى ،وعليه فإن لجوء األجراء
والمؤاجرين إلى الصلح المدني إلنهاء نزاعاتهم يبقى صحيحا وسليما من الناحية القانونية،
فهو صلح نابع من إرادة مشتركة مفروض فيها أنها حرة ،105كما أن الصلح عقد مسمی نظمه
المشرع المغربي في قانون االلتزامات والعقود الذي لم يرد فيه أي استثناء للمادة االجتماعية
من نطاق الصلح المدني.106
وهكذا ،ورغم كون الصلح يفترض أن يكون طرفاه على قدم المساواة وبالتالي تتحقق
فيه العدالة بين الطرفين مما ال ينطبق على طرفي العالقة الشغلية ،107ورغم مناداة أحد الفقه
بعدم األخذ به ،لكونه يؤدي إلى االنتقاص من حقوق األجراء التي تعتبر من النظام العام.108
إال أن العمل القضائي سار في اتجاه معاكس للفقه والنصوص التشريعية خاصة
الفصلين 821و 8888من ق ل ع ،109وقد قرر صحة الصلح المبرم بين األجير ومشغله
بشكل مباشر وبدون وسيط ،ومن األولى صحة الصلح المبرم بين األجير والمشغل بمحضر
104محمد سعيد بناني " :اإلعفاءات االقتصادية ووسائل اإلبراء منها "المجلة المغربية للقانون االجتماعي ،العدد ،2السنة ،2889
ص .17
105الفصل 2222من ق ل ع.
106وحمد وزدوفال " :واقع تفتيش الشغل في المغرب "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون األعمال ،جامعة محمد
األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ، 1000-2888ص.21
107بشرى العلوي " :الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي" ،دار النشرة المغربية ،الطبعة األولى ،الدار البيضاء ،السنة
،1006ص .128
108
Gérard Couturier : « nullités de transactions » revue en droit social, No 1 janvier 2001, p
23.
109تنص الفقرة التاسعة من الفصل 621من ق ل ع على مايلي ..." :ال يصح التنازل مقدما من الطرفين عن الحق الذي قد يثبت
ألحدهما في طلب التعويضات وفقا لما تقضي به األحكام السابقة...
-والفصل 2200من ق ل ع ينص على مايلي" ال يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشتصية وو بالنظام العام"..
46
مفتش الشغل ،وهو ما يشكل تعاونا حقيقيا بين جهاز القضاء وجهاز تفتيش الشغل وينبئ
بوعي األول بأهمية الدور التصالحي للثاني.110
" ...وحيث إن المشرع المغربي وإن كان يروم في ميدان الشغل التخلي عن الصلح
بمفهومه المدني لفائدة وصل تصفية الحساب المنظم بمقتضى الفصل 812من ق ل ع إال أنه
لم يلغ الصيغ األخرى ..وحيث أن توقيع عقد الصلح من طرف المدعي في تاريخ الحق عن
الوصل يكون مما أفرغ حق مراجعة وصل تصفية كل حساب من محتواه ورضخ إلى وسيلة
إبراء مدنية أخرى".111
وفي حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بوجدة جاء فيه مايلي ..." :وحيث إنه بالرجوع
إلى محضر الصلح المبرم بين الطرفين ،ثبت للمحكمة بأنه وقع اتفاق بين الطرفين على إنهاء
العقد القائم بينهما بعد توصل المدعية بحقوقها المترتبة في ذمة المدعى عليه...
وحيث إن اتفاق الطرفين على إنهاء العقد بعد توصل المدعية بالحقوق يؤدي إلى إبراء
ذمة المدعى عليه من المبالغ والتعويضات المستحقة للمعنية ،وهو ما يتماشى مع مقتضيات
الفصل 8811من ق ل ع...112
وقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض ما يلي ..." :إن القرار المطعون فيه رد
ذلك الدفع بتعليل خاطئ عندما نص بأن مقتضيات الفصل 8811المتعلق بالصلح ال تسري
على القضايا االجتماعية التي تخضع في الصلح المبرم فيها إلى مقتضيات الفصل 812من
ق ل ع وإنما يتعلق بالوصل الذي يعطيه األجير لرب العمل عند فسخ أو انقضاء عقدة العمل
بتصفية الحسابات اتجاهه ،فإن مقتضيات الصلح المنصوص عليها بداية من الفصل 8811
من ق ل ع تبقى ثابتة .
وبرد القرار المطعون الدفع على النحو المذكور ،يكون معلال تعليال خاطئا ،ينزله
113
منزلة انعدام خارقا بذلك مقتضيات الفصل 8811من ق ل ع مما يعرضه للنقض...
" ..حيث ثبت صحة ما عابته الوسيلة على القرار المطعون فيه ،وذلك ما دفع سائر
مراحل الدعوى بأن النزاع تم حسمه بمقتضى الصلح المبرم أمام مفتش الشغل ،والمشرع لما
خول لمفتش الشغل إجراء محاولة التوفيق بين األجير ومشغله لوضع حد للنزاع عن عقد
العمل الرابط بينهما ،فإن التجاء األجير إلى مفتش الشغل كان من أجل تحقيق ذلك الهدف ،و
ما دام مفتش الشغل قد أكد بمقتضى إشهاده المؤرخ في 8111/82/18أنه بعد البحث الذي
أجراه تبين له بان األجير كان قد تقدم بشكاية ضد مشغله ،فقام مفتش الشغل باستدعاء
الطرفين قصد التوفيق بينهما ،فأسفرت مقابلة الصلح بموافقة المشغل أداء تعويض جزافي
لألجير ،وتبين من وثائق الملف أن األجير قام بالفعل بسحب المبلغ من البنك مما يدل على
أنه أبرم صلحا نهائيا لجعل حد للنزاع القائم بينه وبين مشغله في نطاق مقتضيات الفصل
8811من ق ل ع ،وأن الفصل 8882ينص على أنه يترتب على الصلح أن تنقضي نهائيا
الحقوق واالدعاءات التي كانت محال له ،والقرار المطعون فيه عندما قضى من جديد على
المشغل باألداء رغم الصلح الذي أبرمه مع أجيره يكون غير مرتكز على أساس ويعرض
للنقض".114
وهكذا يتضح لنا من خالل هذه األحكام والقرارات الصادرة في المادة االجتماعية ،أن
الصلح المقرر في ق ل ع أمر معمول به في مجال النزاعات الشغلية دون استثناء ،رغم
الخصوصيات التي يتميز بها قانون الشغل ،وأن القضاء أخذ بالصلح المبرم بمعية مفتش
الشغل بالرغم من عدم التكريس القانوني لها ،حيث يعد ذلك مظهرا من مظاهر التعاون بين
جهاز القضاء وجهاز تفتيش الشغل ،حيث يتعاون األول مع الثاني عن طريق األخذ بالصلح
113قرار صادر عن محكمة النقض ،م .ج .ع ،8926/89بتاريخ 7/01/2889منشور بمجلة اإلشعاع ،ع 28يونيو ،2888
ص .219
114قرار صادر عن محكمة النقض في تاريخ ،1001/20/22رقم ،622في م.ج .ع ،1002/01/07وورده :
-وحمد تويس " :دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل" م س ،ص .12
-مليكة بنزاهير ":الصلح والتحكيم االتتياري لحل نزاعات الشغل الفردية" ،الندوة الثالثة للقضاء االجتماعي ،نشر دار السخام ،
الرباط ،السنة ، 1001ص 220وما بعدها.
48
المبرم تحت إشرافه ،ويساعد األول الثاني من خالل الحسم في العديد من المنازعات الفردية
عن طريق الصلح ليساهم في التخفيف من عبء القضايا التي تثقل كاهله.
إال أن القرار الصادر سنة 1881وإن اعتبر أن الصلح المبرم أمام مفتش صحيحا ،فإن
ما يعاب عليه اعتباره أن المشرع المغربي أسند له المهمة التصالحية ،بالرغم من أنه لم يتم
التكريس القانوني لهذه الوظيفة إال بعد صدور مدونة الشغل من خالل المادة 231من م ش،
حيث كان المفتش سابقا يمارس المهام التصالحية استنادا إلى العادات والعرف وليس استنادا
ألي سند قانوني.
لننتقل في (ثانيا) لمعرفة موقف القضاء من الصلح الذي يبرمه مفتش الشغل باعتباره
قانونيا.
ليطرح التساؤل عن موقف القضاء بعد التكريس القانوني لهذه المهمة ،ومدی توفق
المشرع المغربي في تنظيمه للصلح وفي حالة العكس مدى توفق القاضي في البحث عن
اإلرادة الحقيقية للمشرع سواء على مستوى الصلح التمهيدي أو على مستوى الصلح في
مرحلة الفصل التعسفي.
-1الصلح التمهيدي
بعيدا عن المنطق المدني للصلح والذي حسمت فيه المادة 83من مدونة الشغل فقد
بادرت المدونة إلى تعويض ذلك بمسطرة جديدة للصلح لرست من خاللها الممارسة العملية
لمفتش الشغل التي كانت أقوى من حدود التشريع.
49
وهكذا نجد المشرع المغربي نص وألول مرة في المادة 231من مدونة الشغل على
الصلح التمهيدي.
ومن الناحية العملية يتم تدخل المفتش إلجراء محاولة التصالح عن طريق تقديم طلب
أو شكاية من طرف األجير المتضرر الذي يسلم استدعاء قصد تبليغه للمشغل لحضور جلسة
الصلح ،وهنا يجب تسجيل مالحظة مهمة وهي غياب أي مقتضى قانوني يلزم المشغل
االستجابة لالستدعاء ،مما يفرض على مفتش الشغل تكرار عملية االستدعاء أمال في
االستجابة إليه.
وهو الوضع الذي دفع بالبعض إلى المطالبة باعتبار واقعة عدم استجابة المشغل
لالستدعاء جنحة قياسا على تجنيح عرقلة قيام مفتش الشغل بمهامه ،115وسيرا على نهج
المشرع الموريطاني ،116فيما اكتفي المشرع المصري بالتنصيص على وجوب استجابة
المشغل االستدعاء مفتش الشغل دون إقرار أي جزاء لعدم االستجابة.117
وفي حالة حضور كل من المشغل واألجير لجلسة الصلح ونجح مفتش الشغل في
التوفيق بينهما يقوم هذ ا األخير بتحرير محضر يوقعه بالعطف بعد توقيعه من طرف أطراف
النزاع .ولقد اعتبر المشرع المغربي المحضر المحرر من قبل عون التفتيش ذا إبراء جزئي.
أي يعد النزاع منتهيا لكن في حدود ما هو متصالح به أمام مفتش الشغل ،118خالفا للصلح
المدني ،كما أنه قابل للطعن أمام القضاء.
115محمد إيبوزير " :مفتشية الشغل بالمغرب " ،مذكرة لنيل دبلوم السلك العلي ،المدرسة الوطنية لإلدارة العمومية ،الرباط ،فوج
، 2896 / 2868ص .2
116تنص المادة 118من م ش المريطانية على ما يلي " :المتالفات المعاقب عليها بغرامات مدنية
-يعاقب بغرامة قدرها تمسة آالف ووقية عضو محكمة الشغل الذي ال يحضر ألداء مهمته دون عذر مقبول ،وذلك بناء على
استدعاء تم تبليغه إليه وفي حالة العود تخال مدة سنة تصبح الغرامة المدنية عشرة آالف ووقية .
-ويقضي بنفس الغرامات المدنية وطبقا لنفس الشروط وبنفس المبالغ على كل شتص لم يستجب لخاستدعاء الموجه إليه لمحاولة
التوفيق بالنسبة لنزاع فردي وو جماعي....
117المادة 271من قانون العمل المصري.
118تنص الفقرة األتيرة من المادة 211من م ش على ما يلي ":يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع،
ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل .وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود المبالغ المبينة فيه".
50
تعطي لوثيقة الصلح قوة أو مناعة افتقدتها في ظل ش119 وإذا كانت المادة 18من م
قواعد الصلح المدني ،فإن القواعد المنصوص عليها الحقا في مدونة الشغل توحي بأن هذه
القوة أو الصالبة نسبية وبأن الصلح غير محصن من الطعن فيه على اإلطالق وهو ما أكدته
المادة 83من م ش التي جاء فيها ":يعتبر باطال كل إبراء أو صلح ،طبقا للفصل 8811من
قانون االلتزامات والعقود ،يتنازل فيه األجير عن أي أداء وجب لفائدته بفعل تنفيذ العقد أو
بفعل إنهائه".
وهكذا فتح باب الطعن في الصلح على مصراعيه بعدما حاولت المادة 18من م ش
إغالقه بدون جدوى ،120بمعنى أن الصلح ال يبرئ ذمة المشغل من باقي المبالغ أو الديون
التي يمكن لألجير أن يطالب بها وهو ما أكده المشرع ولو بصيغة مغايرة في المادة 231في
فقرتها األخيرة والتي جاء فيها ما يلي " :تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية:
...
يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع ،ويوقعه بالعطف العون
المكلف بتفتيش الشغل .وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود المبالغ المبينة فيه".
وسنحاول من خالل الفقرات اآلتية دراسة بشكل من التفصيل هذا التناقض الحاصل بين
المادتين 18و 231من م ش.
ويرى أحد الباحثين أنه على القضاء االجتماعي بدل مزيد من الجهد في تقصي روح
النص ومنح محاضر الصلح التي حررها مفتش الشغل حجية ثبوتية ال يمكن الطعن فيها أمام
المحاكم إال بالزور.121
119تنص المادة 12من م ش على ما يلي : " ...يعتبر االتفاق الذي تم التوصل إليه في إطار الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل
للطعن ومام المحاكم...".
120إدريس فجر" :مدونة الشغل حصيلة سنتين من التطبيق القضائي ،الغرامة اليومية في قضايا حوادث الشغل " ،مطبعة النجاح،
الطبعة األولى ،الجديدة ،السنة ، 1006ص .71
121حسن الحطاب :مرجع سابق ،ص .27
51
وإذا كانت المادة 231أطرت االختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل في
النزاعات الفردية ،فإنها لم تحدد لهذا االختصاص إطارا قانونيا واضحا ودقيقا يؤطر العالقة
التي تجمع جهاز تفتيش الشغل بالقضاء.122
لقد نظم المشرع المغربي الصلح في حالة الفصل التعسفي في المادة 18من م ش حيث
يلتجئ األجير الذي فصل تعسفيا من الشغل إلى عون التفتيش من أجل القيام بإجراءات
محاولة الصلح بينه وبين مشغله من أجل العودة إلى عمله أو الحصول على تعويضات ،ولقد
حددت المادة 18شروطا متى توافرت أنتج الصلح المبرم بحضور مفتش الشغل آثاره.
وهكذا نصت المادة 18من م ش أنه في حالة الحصول على التعويض يوقع األجير
توصيل استالم مبلغ التعويض وكذلك المشغل أو من ينوب عنه ويكون مصادقا على صحة
إمضائه من طرف الجهة المختصة ويوقعه بالعطف العون المكلف بالتفتيش ومتى توفرت
هذه الشروط أنتج الصلح المبرم آثاره ،بأن أصبح نهائيا ويضع حدا للنزاع وغير قابل للطعن
أمام القضاء ،ولذلك ذهب بعض الفقه إلى القول بأنه يتعين تشجيع الصلح المنصوص عليه
في المادة 18وتمديد في حالة اإلنهاء الودي لعقد الشغل.123
ومن خالل ما ذكر يتضح أن المشرع المغربي حسنا فعل حينما نظم الصلح في حالة
الفصل التعسفي من خالل المادة 18من م.ش ،حيث يشكل هذا المقتضی ضمانة أساسية
لحماية األجراء من تعسف المشغل ،كما من شأن ذلك تخفيف الضغط على المحاكم جراء
كثرة الملفات المعروضة عليه مما يكرس تعاونا بين جهازي القضاء وتفتيش الشغل.
كما أنه بالعودة إلى المادة 81من م ش نجد أن المشرع المغربي عمل على إضفاء
حماية فعالة لألجير األمي من خالل السماح لعون التفتيش بالتوقيع بالعطف على توصيل
تصفية الحساب في إطار الصلح المنصوص عليه في المادة ،231عكس ما هو منصوص
عليه في المادة 812من ق ل ع الذي تستبدل توقيع األجير األمي بتوقيع شاهدين يعينهما
األجير نفسه.
وما تجدر اإلشارة إليه إلى أن المشرع المغربي لم يشر إلى كتابة اتفاق الصلح الذي
أنهى النزاع وإنما أشار فقط إلى كتابة مبلغ التعويض في التوصيل ،كما أنه لم يشر إلى
ضرورة كتابة اتفاق الصلح الذي ينتهي بإرجاع األجير إلى عمله.
وفيما يخص األحكام والقرارات الصادرة عن محاكم المملكة بعد التكريس القانوني
لالختصاص التصالحي لجهاز تفتيش الشغل ،فالمالحظ أن معظمها ذهب في اتجاه األخذ
بالصلح المبرم أمام مفتش الشغل.
ففي أحد األحكام الصادرة عن ابتدائية سطات ذهبت فيه إلى االعتداد بالصلح المبرم
تحت إشراف مفتش الشغل ورفض التماس بإلغاء محضر للصلح.
" ...حيث جاء في إحدى حيثيات هذا الحكم ..." :وحيث إنه بالرجوع إلى محضر
االتفاق المؤرخ في 1888/81/88والذي حصل بمقتضاه األجير على مبلغ 188211.11
درهم نجده يتضمن كافة الشروط الشكلية التي تطلبتها المادة 18من مدونة الشغل ،حيث
تمت اإلشارة إلى أن هذا االتفاق يعتبر في نفس الوقت توصيل استالم مبلغ التعويض ،وتم
التوقيع عليه من طرف األجير والمشغل والمصادقة على صحة اإلمضاء من طرف الجهة
المختصة ،باإلضافة إلى التوقيع عليه بالعطف من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل.
....كما أن القضاء المغربي وفي مقدمته محكمة النقض قد استقر على أن الصلح
المبرم بين األجير والمشغل في إطار المادة 18من مدونة الشغل يحسم النزاع بين الطرفين،
وغير قابل حتى بالنسبة للتعويضات التي لم تكن في اتفاق الصلح .
وجاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط ما يلي ...." :وحيث دفع
المدعى عليه كون المدعي تغيب عن العمل بدون مبرر فضال على انه تم االتفاق امام السيد
مقتش الشغل قصد التحاقه بالعمل ولم يحترم االتفاق واستمر في الغياب...
....وحيث إنه فضال عن ذلك فالثابت من محضر التصالح المدلى به بالملف أنه تم
االتفاق أمام مفتش الشغل على رجوع المدعي للعمل إال أن هذا األخير لم يدل للمحكمة بما
ثبت أنه فعال التحق بالعمل ومنع من استئنافه.126"...
وفي قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط اعتبر أن محضر عدم التصالح بمثابة
حجة إلثبات الصفة ،حيث جاء فيه:
" ....وحيث إنه فيما يخص بقية الدفوع المتعلقة بصفة المستأنف عليها كمستخدمة،
وشهادة الشاهدة المستمع إليها ابتدائيا ،فإنه ثابت من خالل االطالع على وثائق الملف ،أن
المستأنف عليها ثابتة في النزاع ،وذلك استنادا إلى محضر تبليغ إنذار الموجه من طرف
الجهة المستأنف عليها إلى المستأنفة بتاريخ ،81/81/11المنجز من طرف العون القضائي
عدنان السعيد ملف عدد .12-22-1
وحيث إنه من جهة أخرى ،فإن محضر عدم التصالح لمفتشية الشغل يفيد أيضا ما يثبت
127
صفة المستأنف عليها ،ومن تم فإن هذا الدفع ال أثر له أيضا ،ويتعين رده....
125حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بسطات ،بتاريخ ،1020 / 12 / 07رقم ،200في م.ج .ع ،21/ 20 / 218غير منشور
.
126حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط ،بتاريخ ،1006/06/06رقم ،2260في م.ج .ع ،07/ 2126 /22غير منشور .
127قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط ،بتاريخ ،2112/14/12رقم ،254م.ج.ع ،05/16/696غير منشور ،ووردته يامنة
حركات :م.س.ص .44
54
الفصل الثاني
55
بعد التطرق في الفصل األول للتطور التاريخي لجهاز تفتيش الشغل ومفهوم التنمية
االقتصادية ،سنحاول خالل هذا الفصل مالمسة واقع حال جهاز تفتيش الشغل ومدى
مساهمته في تحقيق التنمية االقتصادية خصوصا أن المغرب وضع ترسانة قانونية تنظم عمل
هذا الجهاز ،وانطالقا منها سنتدارس إمكانات هذا الجهاز في تحقيق السلم االجتماعي الذي
أصبح في صلب السياسات العمومية المغربية بل والعربية عموما بعد أحداث الربيع العربي
وما خلفه من اضطرابات اجتماعية.
وقد أصبح جهاز تفتيش الشغل عامال مهما في استتباب السلم االجتماعي باعتباره
ركيزة أساسية في جلب االستثمارات األجنبية وتحقيق ،الرخاء االقتصادي وقد تم تعزيز هذه
المؤشرات ببعض اإلحصائيات.
وعليه فإننا سنتطرق في المبحث األول لاللتزامات عمل جهاز تفتيش الشغل
وانعكاساتها على تحقيق التنمية االقتصادية في حين سنخصص المبحث الثاني للحديث عن
الصعوبات التي تحد من مساهمة جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية.
المبحث األول :إكراهات عمل جهاز تفتيش الشغل وانعكاساتها على تحقيق
التنمية االقتصادية بالمغرب.
إذا كان المشرع في م .ش قد أناط بمفتش الشغل مهمة مراقبة مدى التزام أصحاب الشغل
بتطبيق أحكام القانون من جهة أولى ،وإلى كفالة تطبيق هذه األحكام من جهة ثانية ،فإنه
وبمقابل ذلك وحتى يستطيع تحقيق هذه األهداف ،كان لزاما عليه أن يمنحه مجموعة من
الصالحيات و السلطات والتي تخوله حق اتخاذ القرارات المالئمة ،وتمكنه من أداء
االختصاصات و المهام الموكولة إليه ،بما يساهم في تحسين الوضعية االقتصادية للطبقة
العاملة ،ويمكن إجمال أهم هذه السلطات الممنوحة لمفتشي الشغل في األتي:
56
المطلب األول :سلطات المراقبة والمتابعة في تحقيق التنمية االقتصادية
ال ينكر أحد أن لسلطات جهاز تفتيش تأثير على التنمية االقتصادية لذلك سيتم التطرق
إلى سلطة المراقبة وأثرها على التنمية في فقرة أولى ثم لسلطة المتابعة في فقرة ثانية.
وتكتسي مهمة القيام بالزيارات المنوطة بأعوان التفتيش أهمية بالغة ،لكونها تعد المحور
الذي تدور حوله باقي االختصاصات التي يقوم بها هؤالء األعوان ،ألن مصطلح "التفتيش ال
يمكن أن يتصور بدون القيام بالزيارات ألماكن الشغل على أساس أن هذين المصطلحين
متالزمين ،ألنه بدون القيام بزيارة ال يكون هناك تفتيش ،وبغياب التفتيش تنعدم الزيارة ،ومن
هنا يمكن القول بأن مهمة القيام بالزيارات تجب باقي صور المراقبة التي يمكن ممارستها
بدون القيام بهذا اإلجراء.128
128صفاء العزوزي ،مفتشية الشغل كهيئة إدارية متدخلة في عالقات الشغل ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الرباط 1881/1881 ،ص81 :
57
- 2األساس القانوني لزيارة أماكن الشغل
تجد زيارات التفتيش أساسها القانوني في المادة 233129من م.ش التي تخول لألعوان
المكلفين بتفتيش الشغل الدخول إلى مؤسسات و أماكن الشغل في أي وقت من األوقات بالليل
أو بالنهار ،شريطة أن يحملوا معهم الوثائق التي تثبت صفتهم.
كما ال يتقيد مفتش الشغل بضرورة إخبار المشغل مسبقا بزيارته له ،مادامت المادة 231
130
توجب مبدئيا إخبار المشغل أو من ينوب عنه بوجوده ،ما لم يعتبر هذا اإلشعار من م.ش
يضر بفعالية المراقبة حيث تبقى السلطة التقديرية بيد مفتش الشغل الذي يقدر ما إذا كان
األمر يستدعي اإلشعار بقيامه بالزيارة أم ال ،فحق الزيارة ال يخضع ألي شرط شكلي أو
131
جوهري ،سوى اإلدالء بالوثائق المثبتة لمهنة مفتش الشغل عند االقتضاء
132
مهمة مفتش الشغل بمهام الشرطة القضائية سواء منها هذا وقد شبه بعض الفقه
اإلدارية ،وذلك لما يعمل على الوقاية من حدوث أي خرق للمقتضيات القانونية ،أو منها
القضائية وذلك عندما يعمل على التأكد من وجود خروقات ،كقيامه بتفتيش المقاولة ليال.
وتجدر اإلشارة إلى أن الحق في الزيارة ألماكن الشغل من طرف مفتش الشغل والذي
يعد استثناء لقاعدة عدم انتهاك حق الملكية ال يمارس بطريقة فوضوية ،بل يقتضى قبال
ضرورة احترام المفتش للشروط المقررة قانونا ،خاصة فيما يتعلق باحترام حرمة المسكن
129تنص المادة 233من م.ش على ما يلي ":يرخص لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل إذا كانوا يحملون الوثائق التي تثبت المهام
الموكولة إليهم ،في أن :
أ -يدخلوا بحرية .ودون سابق إعالم ,كل مؤسسة تخضع لمراقبة متفشية الشغل في أي وقت من ليل أو نهار.
ب -يدخلوا فيما بين السادسة صباحا و العاشرة ليال جميع األماكن التي يحملهم سبب وجيه على افتراض أنها خاضعة لمراقبة متفشية
الشغل وكدا جميع األماكن التي يعمل فيها أجراء يشتغلون في منازلهم غير انه عندما ينجز شغل في محل مسكون ،فانه ال يمكن
لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل دخوله إال بعد إذن ساكنيه"......
130تنص المادة 231من م.ش على أنه :يجب على األعوان المكلفين بتفتيش الشغل ،حين قيامهم بزيارة من زيارات المراقبة ،أن
يخبروا المشغل أو من ينوب عنه بوجودهم ،ما لم يعتبروا أن هذا اإلشعار قد يضر بفعالية المراقبة.
يجب على األعوان المكلفين بتفتيش الشغل ،حين قيامهم بزيارة من زيارات المراقبة ،أن يحرروا تقريرا عن كل زيارة يقومون بها
تحدد السلطة الحكومية المكلفة بالشغل نموذج هذا التقرير.
131أسماء الشرقاوي ،الرقابة على سلطة المشغل في القانون المغربي المعاصر ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد
الخامس ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكدال ،السنة الجامعية ، 1881 /1883ص812 :
132محمد سعيد بناني ،قانون الشغل بالمغرب ،عالقات الشغل الجماعية ،في ضوء مدونة الشغل بالمغرب ،الجزء الثالث ،مطبعة
النجاح الجديدة ،1881 ،ص183:
58
والحياة الخاصة ،وذلك في الحالة التي يلتصق فيها مكان الشغل بمحل السكنى ،وهو نفس
التوجه الذي سارت عليه االتفاقية الدولية رقم .133811
134
ومن خالل هذه الزيارات فإن وزارة الشغل واإلدماج المعني أصدرت إحصائيات
لعدد المالحظات المسجلة من طرف مفتشي الشغل خالل الدورة األولى من سنة .1881
Nombre
d'observations dans le
Observations secteur industrie
commerce et services
et agricole
SMIG 13'475
Santé 817
Sécurité 5'518
Médecine de travail 361
Travail des femmes
et des enfants
63
Accidents de travail 8'792
Sécurité sociale 18'577
Délégués des
salariés
769
Délégués syndicaux 3
Comité d'hygiène et
de sécurité
395
Comité de
l'entreprise
341
Observations
d'ordre général
180'312
Total 229'423
-الزيارة المطلوبة :visite sollicitéeوذلك لحل خالف يتعلق بتطبيق نص قانوني أو
الوقاية من خطر ما ،أو ممارسة الحقوق النقابية أو أي قضية أخرى كإعطاء رأي مثال لخلق
مؤسسة معنية وقد تكون بناءا على شكاية من أحد العمال.
-الزيارة في إطار برنامج عمل ذات أسبقية :وتنجز في حاالت خاصة تستدعي
استعجاال بسبب ظهور مخاطر من شانها اإلخالل أو الخرق للمقتضيات التشريعية الحمائية.
هذا وال يتمكن مفتش الشغل بمجرد دخوله إلى مكان الشغل من التحقق من مدى االلتزام
بانفاد األحكام القانونية المتعلقة بحماية الشغل ،وإنما ينبغي لمعرفة ذلك أن يقوم بإجراء
الفحوص واالختبارات الالزمة ،وأن يطلع على السجالت والوثائق التي يلزم القانون المشغل
باالحتفاظ بها ويخضعها لمراقبة جهاز التفتيش .
وللغرض أعاله تضمنت المعايير الدولية و العربية نصوصا منحت المفتشين السلطات
الالزمة للقيام بإجراءات البحث و التحري و االختبارات ،الالزمة للتحقق مما تقدم ،هذا وقد
اقتفت القوانين الوطنية في دول العالم ومنها قوانين الدول العربية أثر هذه المعايير ،وعليه
135
لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل ،الحق في إمكانية استفسار كل من فقد خولت م ش
فمن حيث تحديد األشخاص الذين يجوز لمفتش الشغل أن يوجه أسئلة إليهم باالستفسار
منهم .قصرتهم االتفاقية الدولية رقم 18على صاحب الشغل أو المشتغلين في المقاولة ،بينما
ضمت االتفاقية رقم 811أي شخص آخر في المقاولة وبذلك أتاحت للمفتش أن يوجه أسئلة
إلى األشخاص الموجودين في المقاولة ،غير صاحب الشغل أو المشتغلين بها ،سعيا إلى
توسيع الفرصة أمام مفتش الشغل في الحصول على المعلومات التي يرغب في الحصول
عليها ،أما االتفاقية العربية فقد حددت األشخاص الذين يجوز لمفتش الشغل أن يوجه أسئلة
إليهم في ( صاحب الشغل أو من يمثله أو المشتغلين في المقاولة) وبذلك تكون قد اختلفت عن
النص الوارد في االتفاقية الدولية رقم 18بإضافة (من يمثله) أي من يمثل صاحب الشغل إلى
هؤالء ،وهذه اإلضافة تعتبر تحصيل حاصل ألن ممثل صاحب الشغل يعتبر بمثابة -النائب
القانوني عنه في حالة غيابه.
كما أجمعت النصوص المعيارية الثالثة على أنه ،لمفتش الشغل أن يوجه أسئلة إلى
األشخاص الذين يختارهم (على إنفراد أو أمام شهود) هذا من جهة ،أما من جهة أخرى فإن
الفصالن المعياريان الدوليان الوردان في االتفاقية 18و 811قد حددا سلطة مفتش الشغل
في توجيه األسئلة بخصوص( :أي مسألة تتعلق بتطبيق األحكام القانونية) ، 138أما االتفاقية
-يستفسروا المشغل أو أجراء المؤسسة ،على حدة أو بحضور شهود ،حول جميع الشؤون المتعلقة بتطبيق األحكام القانونية والتنظيمية
المتعلقة بالشغل.
136موسی عبود ،دروس في القانون االجتماعي ،المركز الثقافي العربي ،الطبعة الثانية ،8111ص 31
137نصت المادة (/81ج )8/من االتفاقية الدولية رقم 18على أن لمفتش العمل( :توجيه األسئلة لصاحب العمل أو العاملين
في المنشاة أو أمام شهود عن أي مسألة تتعلق بتطبيق األحكام القانونية
138كررت المادة (/81ج )8/من االتفاقية الدولية رقم 811النص الوارد في االتفاقية رقم 18مع إضافة عبارة ( أو أي شخص آخر
فيها) لتوسيع دائرة األشخاص الذين يمكن أن يتوجه المفتش إليهم بأسئلة.
.وتضمنت االتفاقية العربية رقم 81نصين يتعلقان بهذه المسألة :
61
العربية فقد نصت في مادتها 11على أن تنصب االستفسارات على أية معلومات ضرورية
تتعلق بتطبيق تشريعات الشغل ،وهي بذلك تكون قد ضيقت مفهوم األحكام القانونية ،وأخيرا
تميزت المادة 11من االتفاقية العربية عن المعايير الدولية في أنها أجازت للمفتش (استدعاء
صاحب الشغل أو من يمثله أو أي أجير في المؤسسة ،إلى مكتبه لكي يوجه له ما يرى
ضرورته من استفسارات.
ومن القوانين العربية التي أغفلت معالجة هذه المسألة نجد كالّ من القانون األردني
والعراقي والعماني و الكويتي والليبي والمصري واليمني.
بالرجوع إلى نص الفقرة الثالثة من المادة 233من م.ش ،فانه من حق األعوان المكلفين
بتفتيش الشغل ،أ ن يستفسروا المشغل أو أجراء المؤسسة على حدة أو بحضور شهود حول
جميع الشؤون المتعلقة بتطبيق األحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالشغل ،وعليه فإذا كانت
هذه الفقرة األخيرة تتضمن كل ما يتعلق بتطبيق األحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالشغل،
فانه ينبغي التم ييز من جهة بين ما هو مرتبط بما تقوم به المقاولة من أشغال ،وما تتوفر عليه
من وثائق حيث يستلزم وجود مفتش الشغل ،حيث نسجل إمكانية استدعاء األطراف المعنية
-نصت المادة 11على أنه :لمفتش الشغل أثناء تأدية مهمته ،االستفسار من صاحب العمل أو من يمثله أو العاملين في المنشأة -على
إنفراد ،أو أمام شهود عن أي معلومات ضرورية تتعلق بتطبيق تشريعات العمل .
-نصت المادة :11يجوز لمفتش الشغل استدعاء صاحب العمل أو من يمثله ،أو أي عامل في المؤسسة...
-المقصود باألحكام القانونية ،هنا هو ما حددته كل من المادة 18من االتفاقية الدولية رقم 811من أنها تشمل باإلضافة إلى القوانين و
اللوائح قرارات التحكيم واالتفاقيات الجماعية التي تعطى لها قوة القانون.
- 139قانون العمل اإلماراتي (م/888 / 1 /أ) أو القانون االتحادي رقم 1لسنة 8118والذي تم تعديله بالقانون االتحادي رقم 11لعام
.8118
و القانون االتحادي رقم 82لعام 8112و القانون االتحادي رقم 81لعام 8111الذي يشمل 813مادة تغطي قضايا العمل كحقوق
الموظفين و عقود العمل و تسوية النزاعات العمالية و قواعد التأديب و تفتيش العمل و غيرها.
-قانون العمل التونسي (الفصل /1/ 881أ) والذي نقح بالقانون عدد 11لسنة 8111المؤرخ في 18فيفري 8111من مجلة الشغل
التونسية
قانون العمل الجزائري (م 2 -1أ من القانون رقم ) 18-3المؤرخ في 1فيفري 8118المتعلق بمفتشية الشغل و المعدل و المتمم باألمر
رقم 18-88المتعلق باختصاصات مفتشية الشغل .قانون العمل الفلسطيني رقم 8لسنة ( 1888م )888 /1
62
واالستماع إليها140و اإلطالع على وثائقها ،السيما إذا تعلق األمر أساسا بإيجاد أرضية
.141
للتصالح
ال يتمكن مفتش الشغل من التحقق من مدى سالمة تطبيق األحكام القانونية المناط به
تأمين نفاذها ،إال باإلطالع المباشر على مجموعة من السجالت والدفاتر والوثائق التي تبين
الطريقة التي تطبق بها هذه األحكام وتتضمن البيانات المتعلقة بها وعادة ما تلزم قوانين
الشغل المشغلين بإمساك سجالت ودفاتر وتنظيم وثائق و االحتفاظ بها ،ووضعها تحت رقابة
مفتش الشغل ليقوموا بالتدقيق فيها في كل ما يتعلق بمراعاة األحكام الخاصة بتنظيم تشغيل
األحداث والنساء و أجور األجراء و ساعات الشغل واإلجازات المدفوعة و غيرها.142
ونالحظ أن المعايير الدولية تقصر سلطة مفتش الشغل على االطالع على أي دفاتر أو
سجالت أو وثائق تقضي القوانين أو اللوائح الوطنية المتعلقة بشروط الشغل إمساكها) ،في
حين أن النص المعياري العربي أورد عبارة (أن يطلع على السجالت أو الدفاتر أو أية وثائق
أخرى) دون وصفها بأي وصف أو تقييدها بأي قيد.
وحتى بخصوص هذه النقطة نجد أغلب قوانين الدول العربية مجمعة على إعطاء مفتش
الشغل سلطة اإلطالع على السجالت ،و الدفاتر والوثائق و أخد صور و مستخرجات
143
عنها
بالرجوع دائما إلى مقتضيات الفقرات (ب .ج) من الفقرة الثالثة من المادة 233من
م.ش فإن لمفتشي الشغل بصفة خاصة.
140وبالتالي نالحظ أن المشرع المغربي هو من بين التشريعات التي سايرت المعايير الدولية و العربية في هذا المجال
141أسماء الشرقاوي ،م .س ،ص818 :
142في ذلك نصت المادة (/81ج )1/من االتفاقية الدولية رقم 18أن لمفتش الشغل (طلب االطالع بالطريقة التي تقررها القوانين أو
اللوائح الوطنية على أية دفاتر أو سجالت أو وثائق أخرى.
143المادة ( /888 / 1ب) من قانون العمل اإلماراتي أو االتحادي رقم 1لسنة - 8118الفصل ( /881 / 1ب) من مجلة الشغل
التونسية نقع بالقانون عدد 11لسنة 8111المؤرخ في 18فيفري . 8111المادة ( )888 / 3من قانون العمل الفلسطيني رقم 8لسنة
( 1888م )1/888
63
ب) أن يطلبوا االطالع على جميع الدفاتر ،والسجالت ،والوثائق ،التي اوجب التشريع
المتعلق بالشغل مسكها ،ليتحققوا من مدى مطابقتها لألحكام القانونية ولهم أن يستنسخوها ،
أو أن يأخذوا ملخصات منها.
ج) يأمروا بإلصاق اإلعالنات التي توجب األحكام القانونية عرضها على األنظار ،و
بوضع ملصقات تدل على اسم و عنوان العون المكلف بتفتيش الشغل لدى المؤسسة.
كما هو الحال بالنسبة ألعوان مفتشي الشغل التي تقع المؤسسة في دائرة اختصاصه.144
-دفتر األداء
-سجل المتعلق بالتدابير الخاصة بالوقاية في المؤسسات التي يكون فيها األجراء
145
متعرضين لإلصابة ببعض األمراض المهنية
هل سلطة العون المكلف بتفتيش الشغل في المراقبة هي سلطة مطلقة ،بحيث يمكنه
االطالع على جميع الوثائق التي يرغب االطالع عليها ،أم أن سلطته في ذلك محدودة؟
حري بالبيان أن سلطة العون المكلف بتفتيش الشغل في االطالع على مختلف وثائق
الم ؤسسة محل الرقابة ليست مطلقة ،بل إنها محددة بما هو مسطر قانونا ،ذلك أن عون
التفتيش ال يمكن له أن يطلع إال على الوثائق ذات الصلة بتطبيق قانون الشغل ،وما عدا ذلك
فيثبت للمشغل الحق في رفض االستجابة لطلب االطالع ،دون إمكانية تكييف عمله على انه
عرقلة لعمل أعوان التفتيش ،ومثاله أن يطلب مفتش الشغل االطالع على سجالت المحاسبة
144عبد العالي بناني سميرس ،مفتشية الشغل ودورها في عالقات الشغل ،مجلة اإلشعاع ،العدد 11دجنبر .8118
145بدر الصيلي ،مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة ,تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة الحسن
الثاني ،عين الشق -كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،البيضاء 1881 /1888 ،ص .811
64
الخاصة بالمقاولة ،فهذه السجالت ال تدخل ضمن الوثائق و المستندات التي أوجب التشريع
146
المتعلق بالشغل مسكها داخل المقاولة
يقتضي قيام المفتشين بالتحقق من توفر شروط الصحة والسالمة التي تلزم القوانين
النافدة المشغلين بتوفيرها لضمان حماية األجراء أثناء الشغل من المخاطر المهنية التي يمكن
أن تلحق بهم ،أن يجروا فحصا دقيقا لبيئة الشغل بما في ذلك المباني واألجهزة والمعدات
والمواد المستعملة والمنتجات الرئيسية والثانوية ،بما فيها من أبخرة أو غازات ...الخ،
147
باإلضافة إلى التهوية واإلنارة والضجيج ،وأدوات وأجهزة الوقاية الشخصية لألجراء
ويحتاج المفتشون للقيام بذلك أن يستعينوا بأجهزة فحص إلجراء الفحوصات المطلوبة
في مكان الشغل ،إال أن حاالت خاصة قد تقضي إجراء هذه الفحوصات خارج أماكن الشغل،
حيث يمكن أن تتوفر أجهزة واختصاصيون مؤهلون للقيام بها.
وللغرض أعاله ،نصت المعايير الدولية والعربية ،على تمكين المفتشين من أخذ عينات
من المواد والمنتجات المستعملة في مكان الشغل بغية تحليليها لمعرفة مدى تأثيريها على
صحة وسالمة األجراء.
كما نشير أنه على العو ن المكلف بتفتيش الشغل أن يخطر المشغل بأخذ عينات في حالة
أخذها ،وأن يخطره بنتيجة التحليل ومن تم متابعة اإلجراءات الضرورية للتعامل مع هذه
النتيجة ،وإزالة المخاطر التي تهدد صحة وسالمة األجراء وبخصوص هذه النقطة نجد أغلب
قوانين الشغل العربية مجمعة على إعطاء المفتشين صالحية اخذ العينات لعرض تحاليلها،
148
شريطة إبالغ المشغل أو ممثله بذلك
146محمد إيبوزير ،مفتشية الشغل بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية لإلدارة العمومية بالرباط السنة الجامعية
8118/8181
147نصت المادة (/81ج )1/من االتفاقية رقم 18وكذلك المادة (/81ج )3/من االتفاقية رقم 811أنه للمفتشين (أخد عينات من المواد
والمنتجات المستعملة أو التي يجري تداولها ،ألغراض تحليلها بشرط إخطار صاحب العمل أو ممثله بالعينات أو المواد التي أخذت أو
اقتطعت لهذه األغراض.
148المادة /1 / 888ج من قانون العمل االماراتي االتحادي رقم 1لسنة – 8118
الفصل /1/ 881د من مجلة الشغل التونسية نقح بالقانون عدد 11لسنة 8111المؤرخ في 18فيفري 8111
-المادة 1اب من القانون رقم 18 - 3الجزائري 888المؤرخ في 1فيفري 8118
1 -من قانون العمل الفلسطيني رقم 8لسنة ( 1888م )1/888
65
فماذا عن موقف المشرع المغربي؟
نجد أن المشرع المغربي منح للعون المكلف بتفتيش الشغل صالحية أخذ عينات من
المواد األولية أو من المواد التي يستعملها األجراء أو يعالجوا منها باأليدي إلجراء تحليالت
149
عليها حسب مقتضيات الفقرة 3من المادة 233من م.ش
بقي أن نشير إلى إن المشرع المغربي لما ألزم ،العون المكلف بتفتيش الشغل بضرورة
تحرير تقارير حول زيارة التفتيش المنجزة داخل المؤسسات ،كان ذلك لغاية الوقوف على
األفعال المخالفة لمقتضيات م.ش ومراسيمها التطبيقية ،و مدی توفير شروط حفظ الصحة و
السالمة في الشغل ،وكذا معرفة وضعية المؤسسة وإعطاء فكرة عن النشاط السنوي لمفتش
الشغل.
وعليه سنتطرق في الفقرة الثانية إلى الحديث عن سلطات المتابعة التي يتمتع بها مفتش
الشغل في مواجهة المشغل.
66
تمكن المفتشين من سلطات اتخاذ القرار المناسب بشأن اإلجراءات االّزمة إلزالة المخالفة ،
و هي التي أجملتها المادة 32من االتفاقية العربية رقم 81فيما يلي:
وهذه الخيارات التي بلورتها االتفاقية العربية على نحو متقدم ،تلتقي مع ما ذهبت إليه
المعايير الدولية في االتفاقيتين 18و 811والتي يمكن إجمالها في ثالثة نقط.
-اتخاذ اإلجراءات الفورية إلزالة خطر وشيك يهدد صحة أو سالمة األجراء .
-إحالة المخالف على الجهة التي تملك سلطة فرض العقوبة عليه ،وفقا للنصوص
القانونية.
ومن خالل اإلطالع على المواد 231إلى 212من م.ش ،يتضح لنا أن المشرع
المغربي ،وان أناط بمفتش الشغل مهمة إتخاذ اإلجراءات القانونية في مواجهة المشغل
المخالف ،فإنه قيد ذلك ببعض اإلجراءات ۔ خصوصا و أن مفتش الشغل و أثناء زيارته
التفتيشية قد يجد نواحي قصور في الموقع ،أو في ترتيب مكان الشغل أو أسلوبه ،ويكون
لدي ه من األسباب المعقولة ما يجعله يعتقد أنه يهدد صحة األجراء أو سالمتهم والتي تتمثل
على الخصوص فيما يلي:
-المالحظة والتنبيه أو اإلنذار :أن مثل هذه المالحظة التي يمكن أن يالحظها مفتش
150
بحد الشغل ،هي واحدة من أهم ما يسعى إليه التفتيش من غايات ،غير أن المالحظة
ذاتها تبقى عقيمة ،ما لم تقترن بتخويل المفتش سلطة معالجتها ،لهذا قضت المادة 88من
150المالحظة هي عملية تتم من خالل عمليات التفتيش ،يسجل فيها مفتش الشغل ما يعاينه تغطية لجوانب عديدة من تشريعات الشغل
خاصة فيما يتعلق بحفظ السجالت ودفع األجور والحد األدنى لألجور والصحة والسالمة في العمل ".ورد في الحصيلة االجتماعية
لوزارة التشغيل والشؤون االجتماعية ل 1882ص.13
67
االتفاقية الدولية رقم 18الصادرة عن منظمة العمل الدولية بشأن تفتيش الشغل في الصناعة
والتجارة،بأحقية مفتش الشغل في توجيه التنبيهات أو إسداء النصح.
وإن كان المشرع المغربي قد اكتفي في الفقرة الثانية من المادة 231من م.ش باإلشارة
إلى مهمة إعطاء المعلومات والنصائح دون توجيه تنبيهات ،األمر الذي يجعلنا نتساءل هل
التنبيه يبقى مقتصرا على حاالت معينة حددها القانون بصريح العبارة ،كما هو الشأن في
المادة 218و 211من م.ش ،أم أنه أمر ممكن في كل الحاالت وأن الحالة المحددة في
151
المادتين تقتضي فقط احترام مسطرة معينة؟
ّ
إن المشرع المغربي بالرغم من عدم ذكر عبارة النصائح الواردة في الفقرة الثانية من
152
على ضرورة فتح المشغل لسجل المادة 231من م.ش فقد أكد في المادة 231من م ش
يخصصه للعون المكلف بتفتيش ا لشغل ،كي يدون فيه التنبيهات والمالحظات التي يوجهها
إلى المشغل تطبيقا للمادة 211من م.ش وأن يسجل كذلك ما لديه من مالحظات ترمي إلى
ضمان تطبيق األحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالشغل.
والحقيقة أن ما يعانيه مفتش الشغل في هذا الشأن يتباين في درجة خطورته لذا فالبد من
االختالف في الصالحية الممنوحة للمفتش في التعامل مع كل حالة ،إذ يخضع األمر للسلطة
التقديرية لمفتش الشغل بين توجيه مالحظات بصفة شفوية أو ما يعبر عنه بلفت النظر
لمظاهر اإلخالل والتقصير ،أو تسجيل مالحظات كتابية في السجل ،علما بأن الواقع العملي
أب ان بأن مفتش الشغل قد يستعمل وسيلة التنبيه الشفوي في كثير من األحيان ،وذلك باإلشارة
إلى المقتضيات القانونية التي تم خرقها ،والمؤدية إلى إمكانية إنزال العقوبات عند عدم
احترامها ،وذلك لمساهمة مفتش الشغل في تلطيف القاعدة الزجرية والتوفيق بين األطراف
المتعارضة لخلق السلم االجتماعي بمساعدته على التعايش وتحقيق التنمية االقتصادية،
وليجعل عمله يتسم بطابع وقائي أكثر منه ردعي .
ففي حالة اإلخالل الذي ال يعرض صحة األجراء أو سالمتهم لخطر حال:
نجد أن المشرع المغربي ينص على أنه يقوم األعوان المكلفون بتفتيش الشغل ،بمعاينة
المخالفات المتعلقة باألحكام التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالشغل ،والقيام بتثبيتها في
محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس ،فانه وعلى العكس من ذلك إذا ما تعلق األمر
بأحكام تشريعية أو تنظيمية خاصة بالسالمة وحفظ الصحة ،وكان اإلخالل بها ليس من شأنه
أن يعرض األجراء لخطر حال ،فانه ال يمكن لهؤالء األعوان أن يحرروا محاضر ضبط
المخالفات الخاصة بها ،إال بعد أن يوجهوا تنبيها إلى المشغل المخالف و حته على ضرورة
احترام المقتضيات القانونية ،مع تحديد أجل له التخاذ جميع التدابير الالزمة لدرء كل ما من
شأنه المساس بصحة وسالمة األجراء وذلك على نحو تدريجي ،فأوامر مفتش الشغل في هذه
الحالة هي أوامر بآجال ،وذلك ألن درجة الخطر ليست جادة وتحتمل اإلمهال لفترة من
الوقت حسب السلطة التقديرية لمفتش الشغل وتبعا لظروف المؤسسة .
أما في حالة اإلخالل الذي يعرض صحة األجراء أو سالمتهم لخطر حال:
فيجب على مفتش الشغل أن يوجه في الحال تنبيها بدون آجال ،يضمن فيه إشعار
مكتوب يسلم إلى المشغل يدا بيد إذا كان حاضرا ،وفي حالة غيابه فيسلم لممثله القانوني .
ولعل في هذه الصورة ما يبرز دور مفتش الشغل الذي ينقسم بين دوره كشرطة إدارية
تتمحور مهمتها في الحفاظ على النظام العام ،بشكل يجعلها وظيفة وقائية تسعى إلى اتقاء ما
153ويمكن تعريف اإلنذار بأنه تذكير الشخص الذي قام بخرق القانون ،بالقانون الذي قام بخرقه لاستثناء من المبدأ القانوني ال يعذر
أحد بجهله للقانون وهذه االنذارت توجه قبل تحرير المحاضر أورده بدر الصيلي مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة تقرير لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار
البيضاء الموسم ،1888-1881ص.28
69
قد يعرض صحة األجراء وسالمتهم لخطر حال ،ودوره لشرطة قضائية ،تتدخل بعد انتهاء
مسطرة التنبيه ،وتتعلق قانونا بتحرير محضر ضبط في الموضوع.154
وهكذا نستنتج أن مفتش الشغل وفي حالة ضبطه لمخالفة معينة فإنه ال يحرر مباشرة
محضرا بشأنها بل يسبقه بتوجيه مالحظاته وتنبيهاته إلى المشغل ،ألنه يسعى إلى تشجيع هذا
األخير على احترام القانون بدل متابعته ،األمر الذي قد يؤدي إلى تعنته واستمراره في خرق
المقتضيات التشريعية والتنظيمية ،ولهذا يقوم مفتش الشغل بتقديم مالحظاته في كل المجاالت
التي ال تسبق فيها مسطرة اإلنذار تحرير المحضر ،وبالتالي تكون هذه المسطرة قديمة
155
وإذا لم يستجب المشغل لهذه المالحظات يتوارثها جهاز التفتيش من خالل مكونيه
والتنبيهات هنا يبادر مفتش الشغل إلى تحرير محضر في الموضوع.
غير أن القوانين الوطنية في دول العالم ،و على اختالفها تضفي هذه الصفة على
موظفين عموميين آخرين ،بغرض القيام بالوظائف المذكورة في حدود اختصاصات محددة
،حيث يقوم هؤالء بتحديد المخالفات المنسوبة لمرتكبيها ،وجمع األدلة الخاصة بها وتحرير
محاضر بها ،وإحالة المخالفين إلى السلطة القضائية عادة ،التي تقرر فرض العقوبة عليهم
متى توافرت البينة الالّزمة لذلك.
وقد أوردت المادة 81من االتفاقية العربية رقم 81بالنص الصريح على انه يعتبر
مفتش الشغل أحد أفراد الضابطة القضائية /العدلية.
واستنادا لهذه الصفة ،يكون لمفتش الشغل أن يقوم باالستقصاء عن المخالفات التي تقع
مخالفة لألحكام القانونية المناط به تأمين إنفاذها ،وجمع األدلة الثبوتية التي تؤكد وقوعها
70
،وإحالة المخالفين وفقا لإلجراءات التي يحددها القانون الوطني ،إلى المحاكم المختصة
وتحرير محضر بالمخالفة في كل حالة فيها تهديد لسالمة األجراء أو صحتهم.
أما على مستوى التشريع المغربي واستنادا إلى المقتضيات القانونية التي تؤطر عمل
مفتش الشغل ،وخاصة فيما يتعلق باتخاذ اإلجراءات والتدابير القانونية في مواجهة المشغل
المخل بااللتزامات المفروضة عليه بمقتضى تشريعات الشغل ،فإن أبرز تجليات هذه اآللية
تتمثل فيما نصت عليه المواد من 231إلى 212من م.ش والمتعلقة بضبط المخالفات،
إضافة إلى حرية الدخول إلى أماكن الشغل دون سابق إعالم واالطالع على جميع الدفاتر
والمستندات الواجب مسكها في تشريع الشغل.
فبحكم وظيفته وإطالعه على ظروف االشتغال داخل المقاولة وإحاطته بالجوانب التقنية
والفنية الواجب التقيد بها ،فإن المشرع المغربي خول لمفتش الشغل السهر على تحرير
وضبط المخالفات ،التي يمكن أن يالحظها بمناسبة قيامه بعمله المتمثل في تنفيذ المقتضيات
التشريعية والتنظيمية والتعاقدية داخل المقاوالت بجميع أصنافها ،وكذا في القطاع الفالحي
والغابوي.
غير أن ما يمكن مالحظته باستقراء المواد التي خصصها المشرع لضبط المخالفات
المتعلقة بالشغل والتي أوكل مهمة القيام بها لمفتش الشغل ،نجد أن هذا األخير يجب عليه
التقيد ببعض اإلجراءات ،ونعتقد أن هدف المشرع من ذلك هو ضبط حدود سلطات مفتش
الشغل وجعل الغاية من اتخاذ التدابير القانونية في مواجهة المشغل هي المالحظة والتنبيه
أوال عن التمادي في خرق القانون قبل معاقبته عن ذلك ،ألن الهدف األساسي يبقى هو
استقرار الشغل داخل المقاولة ،ثم اإلنذار فالمحضر الذي يبقى هو آخر وسيلة يمكن أن يلجأ
إليها مفتش الشغل.
حيث يتو لى أساسا معاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون ،والمقتضيات التنظيمية
156
يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها ، الصادرة بتطبيقه ،وتثبيتها في محاضر
ويجب أن تحرر هذه المحاضر في ثالثة نظائر يوجه واحد منها مباشرة إلى المحكمة
156بالرجوع إلى م.ش نجدها لم تتطرق إلى تعريف المحضر لكن بالرجوع إلى المادة 11من قانون المسطرة الجنائية نجدها عرفت
لنا المحضر بأنه :الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه و يضمنها ما عاينه و ما تلقاه من
تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع الختصاصه .
71
المختصة من قبل المدير اإلقليم ي المكلف بالشغل ،والثاني إلى مديرية الشغل بالمصالح
المركزية ،ويحتفظ بالنظير الثالث في الملف الخاص بالمؤسسة.
لكن م ش لم تحدد شكال معينا له ،إال أن وزارة التشغيل و التكوين المهني و ضعت رهن
إشارة هذا الجهاز نماذج من هذه المحاضر تبعا لنوع الفعل المخالف.
و بالرجوع إلى هذه المحاضر يتبين لنا أنها تتضمن ثالث بيانات رئيسية:
-الديباجة :و يشار فيها إلى هوية محرر المحضر ،و صفته ،و مكان و ساعة تحريره
،ثم المسؤول عن المخالفة .
-نص المحضر :و يتضمن عرض مختلف األفعال التي تم ضبطها ،و اإلحالة على
النصوص القانونية.
-خاتمة المحضر :و يتم فيها التذكير بالفعل المخالف و العقوبات المطبقة ،و ينتهي
المحضر بالتذكير بالقوة الثبوتية له ،وتاريخ الختم ،و توقيع العون المكلف بتفتيش الشغل.157
إذا ما نحن عدنا إلى م ش نجد أن هذه األخيرة أحجمت عن هذه النقطة ،و بالرغم من
ذلك فإن هذه المحاضر البد أن تستجيب لعدد من الشروط لتوافق الصيغة المتبعة في
158
كما أن هذه المحاضر تتميز بمجموعة من الخصائص . :فالمحضر هو التوصيات الدولية
ورقة رسمية ،محرر من قبل شخص له صفة رسمية ،و يوجد في وضعية نظامية اتجاه
الدولة.
157و في نظرنا فهذه البيانات تقترب إلى تلك التي يجب أن تتضمنها المحاضر المحررة من طرف ضباط الشرطة القضائية حيث
نصت الفقرة الثانية من المادة 11من قانون المسطرة الجنائية { دون اإلخالل بالبيانات المشار إليها في مواد أخرى من هذا القانون أو
في نصوص أخرى يتضمن المحضر خاصة ،اسم محرره و صفته و مكان عمله و توقيعه ،و يشار فيه إلى تاريخ و ساعة انجاز
األجراء و ساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف ساعة انجاز األجراء
158نادية أكاو ،مفتشية الشغل كهيئة متدخلة في عالقة الشغل ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الرباط أكدال ،السنة الجامعية ،1888-1881ص18:
159راجع المادة 181من ق ل ع التي تنص على ما يلي " الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية
التوثيق في مكان تحرير العقد ،و ذلك في الشكل الذي يحدده القانون .راجع كذلك ،إدريس العبدالوي ،وسائل اإلثبات في التشريع
72
من النازلة ،و بالتالي تحديد النصوص القانونية الواجبة التطبيق هذا من جهة ،ومن جهة
أخرى فهو ي شكل وسيلة هامة لمراقبة نشاط المكلفين بتحرير المحاضر ،كما أنها تعتبر بمثابة
وثائق يتم اعتمادها إلقامة اإلحصائيات.160
كما أن للمحضر حجية حيث يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس و ذلك وفق ما تنص
161
عليه مقتضيات المادة 231من م.ش )
ونالحظ أن المشرع المغربي من خالل مقت ضيات المادة المذكورة بخصوص اإلثبات
قد سوى بين المحاضر التي يحررها مفتشو الشغل ،وتلك التي يحررها ضباط الشرطة
القضائية في الجنح و المخالفات عمال بمقتضيات المادة 118من ق.م .ج.162
وكخالصة لما سبق نقول أن هذه المحاضر تعتبر قرينة على صحة ما ورد فيها من
بيانات ،وم ا ضمن بها من وقائع مادية شهد هؤالء بمعاينتها أو بحدوثها أمامهم ،و على من
يشكك في صحة ما ورد بالمحضر ،أن يثبت خالف ذلك بكافة وسائل اإلثبات ،لشهادة
الشهود و القرائن و الخبرة.
غير أن مسألة إثبات عكس ما ضمن بهذا المحضر من جانب المشغل تعترضه
مجموعة من الصعوبات ،فمثال في حالة تشغيله بعض األجراء في ظروف تنعدم فيها وسائل
الوقاية و السالمة ،فال يمكن بعد وقوفه أمام القضاء إدعاء أنه كان ينتظر وصول تلك
المعدات و األجهزة ،حتى و لو كان يتوفر على وثائق تؤكد ذلك ،على اعتبار أن المخالفة قد
163
تثبت وقت غياب تلك المعدات ،الشيء الذي كان يهدد صحة األجراء و سالمتهم في حينه
المدني المغربي ،القواعد العامة لوسائل اإلثبات :الكتابة الشهادة القرائن اإلقرار -اليمين ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة
8118ص 18
160لحسن هوداية ،محاضر الضابطة القضائية ،مكتبة دار السالم ،الطبعة األولى ،دار السالم ،سنة ،1888ص.31 :
161تنص المادة 549من م.ش على ونه :
" يقوم األعوان المكلفون بتفتيش الشغل ،بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون ،والمقتضيات التنظيمية الصادرة بتطبيقه ،وتثبيتها
في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها".
162تنص هذه المادة :المحاضر و التقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح و المخالفات ،يوثق
بمضمونها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل اإلثبات
163بدر الصيلي ،مرجع سابق ،ص 21
73
وعند تحرير المحضر يمكن لمفتش الشغل أن يوجه األمر فورا إلى رئيس المحكمة
االبتدائية بصفته قاضيا لألمور المستعجلة ، 164بمقتضی مقال مرفق بالمحضر المشار إليه
في المادة 211من م.ش.165
ويأمر رئيس المحكمة االبتدائية بكل التدابير التي يراها مالئمة إليقاف الخطر الحال،
وله أن يمنح المشغل أجال لهذه الغاية ،كما له أن يأمر باإلغالق عند االقتضاء ،مع تحديد
المدة الضرورية لذلك اإلغالق.
ويجب على وكيل الملك ،أن يحيل المحضر خالل مدة ال تتجاوز ثمانية أيام من تاريخ
التوصل به ،إلى المحكمة االبتدائية التي تطبق عندئذ المقتضيات الزجرية المنصوص عليها
في الباب األول من القسم الرابع من الكتاب الثاني من ق.م.ج وهي المواد من 111إلى
.388
وبناءا على القاعدة التي تضفي للمحضر المنجز من طرف مفتش الشغل القوة الثبوتية
إلى أن يثبت عكس ما فيه ،وهو الشيء الذي ال يمنع القاضي من االعتماد على هذه
المحاضر في إصدار األحكام موضوع النزاع وهو ما ذهبت إليه الغرفة الجنائية بمحكمة
166
النقض كذلك في بعض من قراراتها
غير أننا نشير إلى أن تكليف مفتش الشغل بتحرير محضر جديد بنفس المخالفة
المرتكبة في المقاولة ،بعد بقاء أمر قاضي األمور المستعجلة دون امتثال ،أمر يثير لديه
164بالتالي فان الواقع العملي اثبت أن المحاضر ضد المخالفات المرتكبة من قبل المشغل ،و المنجزة من قبل مفتشي الشغل ،قبل صدور
مدونة الشغل كانت تتميز بعدم الفعالية و الجدوى ،إال أنه اآلن أصبحت العقوبات رادعة بالمقارنة فقط مع ما كان عليه الوضع ،مما
ساهم في إعطاء فعالية لهذه المحاضر لزيادة في التوضيح ،الرجوع إلى :محمد الشرقاني ،المالحظات و االقتراحات المطروحة بشان
إصالح نظام تفتيش الشغل ،المجلة المغربية لالقتصاد و القانون المقارن العدد 11سنة ،8111ص . 882
165تنص المادة 211من م.ش على أنه :يجب على العون المكلف بتفتيش الشغل ،أن ينبه المشغل باتخاذ جميع التدابير الالزمة فورا،
عند إخالله بالمقتضيات التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بحفظ الصحة ،وبالسالمة ،إخالال يعرض صحة األجراء أو سالمتهم لخطر
حال.
إذا رفض ،أو أهمل ،المشغل أو من يمثله االمتثال لألوامر الموجهة إليه في التنبيه ،فإن العون المكلف بتفتيش الشغل ،يحرر محضرا
يثبت فيه امتناع المشغل عن االمتثال لمضمون التنبيه.
166قرار صادر عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض بتاريخ 11 / 81 /1882ملف جنحي عدد .81/1/1/88121
74
مفتش الشغل۔ االشمئزاز و يقل ل من عزمه على القيام بعمله بما يلزم من الصرامة و الردع،
و يجعل من دور القضاء االستعجالي في مادة الصحة و السالمة خصوصا ،قضاء غير
فعال ،حيث أبقت المدونة على تجاوز المشغل لألمر االستعجالي دون عقاب.167
و على العموم فهذه السلطات و على اتساعها ،ال تعدو أن تكون تكريسا ومحافظة على
سلطة المشغل في االنتهاك حتى في مواجهة القضاء ،فكيف نتحدث عن فعالية تفتيش الشغل
في فرض احترام مقتضيات الصحة و السالمة خصوصا ،و اإلسهام بالتالي في بلوغ
األهداف الوقائية من خالل الردع ؟
فإذا كانت كل هذه السلطات الممنوحة لمفتشي الشغل يجب أن تؤدي في حدودها
القانونية ،وأال يساء استعمالها في غير أغراضها ،فبمقابل ذلك نجد المعايير الدولية و
العربية و حتى التشريعات المقارنة توقع على عاتق المفتشين مجموعة من االلتزامات ،التي
ينبغي عليهم التحلي بها.
وإذا كانت المقتضيات المتعلقة بسلطات والتزامات مفتش الشغل داخل نصوص م.ش
المغربية ال تطرح إشكاالت كثيرة ،فان األمر على خالفه بالنسبة لتفتيش الشغل في القانون
ولم تورد االتفاقية الدولية رقم 18واالتفاقية العربية رقم 81نصوصا تعالج هذه
المسألة ،بينما تضمنت المادة 81في فقرتها الثانية من االتفاقية الدولية رقم 811169نصا جاء
167ظهير شريف رقم 8 . 81 .818صادر في 1ذي الحجة 88( 8138أغسطس )1881بتنفيذ القانون رقم 81/81بتحديد شروط
الشغل والتشغيل المتعلقة بالعامالت والعمال المنزليين ،ج.ر.ع 1113ص .1882وما يالحظ هنا هو أن المشرع المغربي إذا كان قد
عمل على توحيد المصطلحات للتعبير عن العالقة الشغلية وأطرافها وحصر هذه التسميات في المشغل واألجير والشغل ،فانه لم يظل
وفيا لذلك ذلك أنه عاد في القانون 81 .81واستعمل مصطلح عامل .وباعتبار هذا القانون هو قانون خاص واسثناءا فإننا سنحتفظ
بتسمية عمال المنازل وذلك لتمييز ما بين هذه الفئة التي استثناها المشرع المغربي من الخضوع ل م.ش وبين باقي األجراء الخاضعين
لها.
75
فيه أنه ال يجوز لمفتش الشغل دخول المسكن الخاص بالمشرف على المنشأة ...إال بموافقة
المشرف أو بتصريح خاص صدر عن السلطة المختصة ".ويمثل هذا النص أخذ بعض
القوانين في عدد من دول العالم بهذا المقتضي ،بينما تستثني قوانين أخرى المنازل عندما
تكون هي األماكن التي يتم فيها العمل من رقابة التفتيش مما يؤدي إلى حرمان العاملين فيها
من الحماية التي توفرها هذه الرقابة .
وهذا التوجه ال ينسجم مع نهج كل من االتفاقية الدولية رقم 888بشأن العمل في
المنزل 170واالتفاقية الدولية رقم 811بشأن العمال المنزليين " 171بشأن إخضاع مكان العمل
(المنزل) لنظام تفتيش شغل يتناسب مع القوانين والممارسات الوطنية.
ولم تحظى هذه المسألة الحيوية باهتمام يذكر في القوانين العربية ،ويعد القانون
172
حيث التونسي نموذجا في ايراد معالجة صريحة لها في الفصل 881في فقرته الثالثة
خول هذا الفصل لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل دخول المحالت التي يتعاطي فيها عمال
بمنازلهم أشغاال عهد لهم بها من طرف أصحاب المؤسسات.
غير أنه عندما يقع القيام بأشغال في محالت مسكونة ،ال يجوز لألعوان المكلفين بتفتيش
الشغل دخول هذه المحالت إال بعد أن يأذن لهم بذلك شاغلوها .وعلى النهج ذاته سار المشرع
173
التي نصت على أنه يرخص المغربي في م.ش في المادة 233منها في الفقرة الثانية
لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل في أن يدخلوا فيما بين الساعة السادسة والعاشرة ليال ،...
جميع األماكن التي يعمل فيها أجراء يشتغلون في منازلهم غير أنه عندما ينجز الشغل في
محل مسكون ،فانه ال يمكن لألعوان المكلفين بتفتيش الشغل دخوله اال بعد إذن ساكنه.
ومن هنا يتضح لنا أن سلطة مفتش الشغل في الدخول إلى هذه األماكن مقيدة بشرط
موافقة شاغليها .174وإذا كانت مجمل هذه االتفاقيات الدولية تمنع مفتش الشغل من تفتيش
173دخول المحالت التي يتعاطى فيها عمال بمنازلهم أشغاال عهد لهم بها من طرف أصحاب المؤسسات .على أنه عندما يقع القيام
بأشغال في محالت مسكونة ال يجوز لألعوان المكلفين بتفقد الشغل دخول هذه المحالت إال بعد أن يؤذن لهم بذلك شاغلوها".
174يوسف الياس ،م .س ،ص 181-188
76
أماكن الشغل متى تم تأدية هذه األشغال داخل المنازل وتجيز ذلك متى تم الحصول على إذن،
فانه حسب رأينا الشخصي فالمشرع المغربي قد سار على نفس النهج في القانون 81.81
ولكن ليس على إطالقه ،ذلك أنه عندما نص على تفتيش الشغل في المنازل لم يخول له
صالحية زيارة هذه األماكن وهو الشيء الذي تأخذ به االتفاقيات كمبدأ عام .ولكن االستثناء
هو أنها تجيزه متی توفر مفتش الشغل على اإلذن .175ومن خالل الرجوع إلى القانون . 81
81نجده يطرح العديد من اإلشكاالت ،ذلك أن المراقبة ال تتم من خالل زيارة أماكن الشغل ،
ولكن من خالل استدعاء األطراف وبعد تلقيه شکايات من طرف العامل أو المشغل فيما
يخص تنفيذ عقد الشغل المبرم بينهما.176
و للتحقق من مدى تنفيذ أحكام القانون السالف الذكر ،فقد خول المشرع المغربي لمفتش
الشغل إمكانية طلب الوثائق التي يمكن أن تساعده على القيام بهذه المهمة ،وإذا ما رصد
مفتش الشغل إحدى المخالفات فانه يقوم بتحرير محضر يحيله إلى النيابة العامة.177
ف إذا كان مفتش الشغل يملك صالحية الدخول إلى أماكن الشغل في إطار العمل على
مراقبة تطبيق مقتضيات م.ش .فان المشرع المغربي لم يخول له هذه السلطة في قانون
81.81ويمكن القول على أن المشرع المغربي بذلك قد حاول مراعاة حرمة المساكن.
وحسب رأينا الشخصي فان هذه الطريقة التي سيمارس بها مفتش الشغل وظائفه من
خالل السلطات الممنوحة له ،تبقى غير سليمة على اعتبار أن مراقبة تطبيق أحكام هذا
القانون لن تتم إال بناءا على الوثائق التي يتقدم بها األطراف ،ومن خالل استدعائهم أي
باالعتماد على أقوالهم .وبالتالي يطرح اإلشكال المتعلق بكيفية إثبات هذه المخالفات.
والمالحظ على أن هذه السلطات التي منحها المشرع المغربي لمفتش الشغل في إطار
قانون 81 . 81 ،تبقى سلطات ضيقة تتمثل في تلقي الشكايات ،استدعاء األطراف وإمكانية
175تنص مقتضيات المادة 11من القانون 81 .81في فقرتها الثانية على أنه" :يستدعي مفتش الشغل الطرفين للتحقق من مدى تطبيق
أحكام هذا القانون
176تنص المادة 11من القانون 81 . 81في فقرتها األولى على أنه" :يتلقى األعوان المكلفون بتفتيش الشغل الشكايات التي يتقدم بها
كل من العاملة أو العامل المنزلي ضد مشغل ،أو المشغل ضد عاملته أو عامله المنزلي في كل ما يخص تنفيذ عقد العمل المبرم
بينهما".
177نصت المادة 11من القانون 81.81في فقرتها األخيرة على أنه "يمكن لمفتش الشغل أن يطلب من الطرفين مده بالوثائق التي من
شأنها أن تساعده على القيام بالمهمة الذكورة .وفي حالة معاينة | مخالفة أحكام هذا القانون يحرر محضرا في الموضوع إلى النيابة
العامة المختصة".
77
معاينة الوثائق ثم تحرير محضر متى تم ضبط إحدى المخالفات بالمقارنة مع السلطات التي
منحها له في القانون 11 . 12المتعلق ب م.ش .وتحرير محضر في الموضوع مباشرة
وإحالته إلى النيابة العامة ،على خالف األمر بالنسبة ل م.ش التي ال تمنحه الصالحية للقيام
بتحرير محضر بطريقة مباشرة إال في حاالت استثنائية.
فالحماية التي يستفيد منها األجراء الخاضعون ل م.ش ليست هي نفسها الحماية المقررة
العمال قانون 81 . 81فيما يخص مراقبة تطبيق مقتضيات هذين القانونين .ونرى بأن منح
الصفة الضبطية لمفتش الشغل في هذا المجال تبقى هي الضمانة القانونية التي ستمكنه من
تفتيش المنازل ،التي يشتغل بها هؤالء العمال ،وبالتالي الوقوف على مدى تطبيق أحكام
القانون 81 . 81بشكل سليم يساهم في حماية هذه الفئة المستضعفة.
المطلب الثاني :التزامات مفتشية الشغل ومدى تأثيرها على التنمية االقتصادية
تفرض طبيعة العمل الذي يقوم به أعوان تفتيش الشغل ،والتي تهدف إلى حماية
األجراء ومراقبة تطبيق تشريع الشغل ،الدخول إلى أماكن الشغل ،واالطالع على الوسائل
والمواد وكذا الوثائق والمستندات وغيرها ،وذلك للوقوف على مدى التطابق ما بين روح
التشريع وما عليه الحال داخل المؤسسات وإسداء النصح واإلرشاد لكل من األجراء
والمشغلين لإلطالع على حقوقهم والتزاماتهم ،وهذا ما يتطلب الثقة التي يجب أن تكون
متوفرة في الشخص القائم بعملية المراقبة والتفتيش.
وذلك بهدف الموازنة بين السلطات الواسعة المخولة للمفتشين من أجل تمكينهم من أداء
وظائفهم التنموية ،وضمان استعمالهم لهذه السلطات لألغراض التي تمكنهم من اتخاذ
قراراتهم بحياد واستق اللية ،مما يكسبهم ثقة كل من المشغلين واألجراء ،فان كل من المعايير
الدولية ومعها المعايير العربية ،والقوانين الوطنية تلقي على كاهلهم التزامات يقصد بها عدم
إساءة استعمال هذه السلطات ،وتوظيفها لغير األغراض التي يجب أن تستعمل من أجل
تحقيقها كالتزامه بالحيادية واالستقاللية (فقرة أولى) .باإلضافة إلى التزامه بالنزاهة وحفاظه
على السر المهني (فقرة ثانية).
78
الفقرة األولى :االلتزام بالحياد واالستقالل و حدودهما.
لما كانت التزامات مفتش الشغل نابعة أساسا من طبيعة مهنته ذلك أن مصداقيته تقتضي
منه التعامل مع الطرفين على قدم المساواة ،فإنه بالتالي كان لزاما عليه الحياد في ممارسة
مهامه ،وكذلك االستقاللية عن األطراف االجتماعية التي يتعامل معها.
لهذا فان مفتش الشغل وألجل ذلك يلتزم بعدة واجبات حتى يقوم بعمله في ظروف أفضل
وحتى ال تهتز الثقة التي يتمتع بها لدى طرفي العالقة الشغلية ويكون عامال في جلب
االستثمارات الداخلية واألجنبية ويتجلى هذا من خالل حياده واستقالله (أوال) ،إال أن هذه
االلتزامات تواجهها بعض الحدود التي ال تساعد مفتش الشغل على القيام بمهامه على الوجه
المطلوب (ثانيا).
إذ تم حضر وجود أية عالقة مباشرة أو غير مباشرة بالمنشآت الخاضعة إلشرافهم ،أي
تلك التي يقومون بتفتيشها.
178ونصت المادة 82من االتفاقية رقم 18الصادرة سنة 8118المتعلقة بتفتيش العمل في الصناعة والتجارة في بندها الثاني على أنه:
مع مراعاة االستثناءات التي تقررها القوانين أو اللوائح الوطنية .أن يحظر على مفتشي العمل أن تكون لهم مصالح مباشرة أو غير
مباشرة في المنشات الخاضعة إلشرافهم.
179نصت المادة 18من االتفاقية الدولية رقم 811الصادرة عن منظمة العمل الدولي سنة 8111بشأن العمل في الزراعة في بندها
األول على أنه ":مع مراعاة الستثناءات التي تقررها القوانين أو اللوائح الوطنية
أ -يحظر على مفتشي العمل أن تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في المنشأة الخاضعة إلشرافهم.
79
القوانين الوطنية القيام بهذه المهمة ،لكن هذه القوانين ال تورد كما الحظت لجنة الخبراء في
المنظمة الدولية إال نادرا تحديدا دقيقا لمعنى المصلحة المباشرة أو غير المباشرة لغرض
تحديد نطاق هذا الحظر.وترى هذه اللجنة أن المقصود بهذا المصطلح يجب أن يفسر تفسيرا
واسعا ،بحيث ال يقتصر الهدف منه على منع قيام حالة (صراع المصالح) كالمساهمة في
اإلدارة أو ملكية حصص في المؤسسة ،وإنما يجب أن يستوعب أيضا المصالح ذات الطبيعة
180
الذاتية للمفتش ،كالمصالح ذات الخصوصية النفسية أو العاطفية أو السياسية
ومن خالل االطالع على بعض التشريعات المقارنة ،ال نجدها كلها تنص
أما بالنسبة للتشريع المغربي فالمالحظ على أنه ليست هناك أية إشارة إلى هذا االلتزام
سواء في المرسوم الخاص بالنظام األساسي لهيئة تفتيش الشغل 185وال في نصوص م.ش.م.
وقبل أن نشير إلى هذه االلتزامات نشير إلى أن مفتش الشغل يقع على عاتقه التزام قبل
البدء في مزاولته لوظيفته .والتي تتمثل في أداء اليمين طبقا لمقتضيات الفقرة األولى من
80
المادة 238من م.ش ،186.والتي تنص على ضرورة أداء اليمين المنصوص عليها في
الظهير الشريف المتعلق باليمين الواجب أداؤها على الموظفين المنصبين لتحرير محاضر
الضبط ،وبما أن المادة 231من م.ش" 187.التي أناطت بمفتش الشغل مهمة معاينة المخالفات
المتعلقة بأحكام المدونة والمقتضيات التنظيمية الصادرة بتطبيقه وتثبيتها في محاضر ،وبناء
على هذين الفصلين فإن مفتش الشغل ملزم قبل أداء مهامه وخصوصا ضبط المخالفات أن
يؤدي اليمين القانوني أمام المحكمة المختصة ،وبالعودة إلى نص الظهير الشريف الذي تحيل
عليه مدونة الشغل ،يظهر أن هذا النص صدر سنة 8128فقط ليغير و يتمم الظهير الشريف
الصادر في 2جمادى الثانية 8331188الموافق لفاتح مايو ،8181بخصوص الفصل األول
و الذي يضيف مجمو عة من األعوان الذين يجب عليهم تأدية اليمين ،باإلضافة إلى تعديل
الفصل الثاني من الظهير الذي يربط صحة اليمين بمجرد تأديتها داخل مجموع التراب
المغربي في الوقت الذي كان الظهير ينص على سريان اليمين على المنطقة الخاضعة
للحماية الفرنسية.
وأمام غياب نص قانوني ينص على التزام مفتش الشغل بالحياد واالستقاللية نقول أنه
باعتبار مفتش الشغل موظفا عموميا ،وإذا كان القانون المنظم للوظيفة العمومية قد نص على
هذا المبدأ .فعلى هذا األساس يلتزم مفتش الشغل أثناء ممارسته لوظيفته باحترام قواعد الحياد
189
وذلك لمنع أي تضارب محتمل الوقوع بين مصالحه باعتباره موظفا خاضعا "ق.و.ع"،
190
والهدف من العمل الذي يقوم به .ولهذا منعه المشرع المغربي في الفصل 82من ق.و.ع
186تنص المادة 238من م.ش على أنه " :يؤدي األعوان المكلفون بتفتيش الشغل اليمين المنصوص عليها في الظهير الشريف
المتعلق باليمين الواجب أداؤها على الموظفين المنصبين لتحرير محاضر الضبط
187تنص المادة 231من م ش " يقوم األعوان المكلفون بتفتيش الشغل ،بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون ،والمقتضيات
التنظيمية الصادرة بتطبيقه وتثبيتها في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها .يمكن لهؤالء األعوان ،قبل اللجوء إلى
تحرير المحاضر ،أن يوجه تنبيهات أو مالحظات للمشغلين الذين يخالفون األحكام المشار إليها إلى الفقرة األولى أعاله .يجب عليهم أن
يحرروا هذه المحاضر في ثالثة نظائر ،يوجه واحد منها مباشرة إلى المحكمة المختصة من قبل المدير اإلقليمي
188ظهير شريف بشأن قاعدة تحليف أعوان المحاكم ،الجريدة الرسمية عدد 22بتاريخ 12جمادی الثاني 11(8331مايو )8181
ص . 182 :وتجدر اإلشارة إلى أن هذا الظهير قد عدل بمقتضى ظهير 8128
189ظهير شريف رقم 8-21-881بتاريخ 1شعبان 11 ( 8388فبراير )8121ج.ر.ع 1381بتاريخ 18رمضان 88-8388أبريل
،8121ص181
190ينص الفصل 82من القانون المنظم ق.و.ع على أنه" :ممنوع على كل موظف أن يمارس بصفة مهنية أي نشاط يدر عليه
مدخوال ،وال يمكن مخالفة هذا المنع إال بموجب استثنائي وبموجب مقرر يتخذه ،لكل حالة على حدة ،الوزير الذي ينتمي إليه الموظف
المعني باألمر ،بعد موافقة رئيس الوزارة .ويبقى هذا المقرر المتخذ بصفة مؤقتة قابال لإللغاء لصالح اإلدارة .إذا كان زوج الموظف
بصفة مهنية يقوم بنشاط خاص يدر عليه دخال يجب التصريح بذلك لإلدارة أو المصلحة التي ينتمي إليها الموظف ،فتتخذ السلطة ذات
النظر ،إن اقتضى الحال ،التدابير الالزمة للمحافظة على صالح اإلدارة .وال يشمل المنع المنصوص عليه في الفقرة األولى إنتاج
81
أن يمارس أي نشاط يدر عليه مدخوال ،وال يمكن مخالفة هذا المنع إال بموجب استثنائي
وبموجب مقرر يتخذه لكل حالة على حدى الوزير الذي ينتمي إليه الموظف العمومي المعني
باألمر ،كما أضاف الفصل 81191من نفس القانون منعه باعتباره موظفا عموميا ومهما
كانت وضعيته أن تكون له مباشرة أو بواسط ما ،أو تحت أي اسم كان في مقاولة موضوعة
تحت مراقبة اإلدارة أو المصلحة التي ينتمي إليها ،أو على اتصال بهما مصالح من شأنها أن
تمس بحريته ،وتدفعه إلى استغالل نفوذه تحقيقا ألغراض شخصية بشكل يجعله معرضا
للضغط أو ممارساله على الغير بصفة غير شرعية .ويستمد هذا المنع مبرره من منفعة
المصلحة والحرص على نزاهة وسالمة تعامل الموظف مع أصحاب المصالح الخاصة ،
وألن الموظف ملزم بتكريس كل وقته للوظيفة التي يشغلها والتفرغ الكلي للمهام المنوطة به
،كما أن نشاطه األصلي قد يتضرر من مزاولة نشاط آخر ،مع العلم أنه يخشى أن يفقد
الموظف حريته واستقالله في العمل.192
فااللتزام بالحياد واالستقاللية الذي يقع على عاتق مفتش الشغل باعتباره موظف عمومي
يؤدي واجباته وأعماله في نطاق ما تقضي به الوظيفة العمومية ،أال يميز بين األطراف
ومحاباة فئة معينة على حساب األخرى وظهور حاالت الفساد والمحسوبية ،ومن هنا تدخلت
أغلب قوانين الوظيفة العمومية لتفرض على الموظف العمومي واجب الحيادية واالستقاللية
وهو بصدد ممارسته العمل الوظيفي.
والحياد يشكل مرجعية للسلوك ،ويكتسي أهمية كبرى في ممارسة مفتش الشغل ألنه
يعطى شرعية لمكانتها ،ويؤمن لها مصداقية ضرورية لممارسة مهامه ويلزمه هذا المبدأ أن
يكون قادرا وبطريقة موضوعية على أن يوضح للمشغل ولألجراء القاعدة القانونية .وأن
المؤلفات العلمي ة واألدبية أو الفنية ،على أنه ال يجوز للموظفين أن يذكروا صفاتهم أو مراتبهم اإلدارية بمناسبة نشر هذه المؤلفات إال
بموافقة الوزير التابعين له.
88191ينص الفصل 81من ق.و.ع على أنه" :يمنع على كل موظف مهما كانت وضعيته ،أن تكون له ،مباشرة أو بواسطة ما أو تحت
أي اسم كان ،في مقاولة موضوعة تحت مراقبة اإلدارة أو المصلحة التي ينتمي إليها أو على اتصال بهما ،مصالح من شأنها أن تمس
بحريته.
ويتضح استقالل مفتش الشغل من خالل القرارات التي يتخذها والسلطة التي يتميز بها
في تحديد الطريق الواجب اتخاذه عند كل زيارة لمؤسسة خاضعة لمراقبته ،بين تحرير
محضر فوري بالمخالفة أو االكتفاء بإسداء النصح واإلرشاد ،خاصة وأن العديد منهم يدعون
جهلهم لقاعدة قانونية معينة خاصة بتشريع الشغل "194لمساعدة المشغلين على تجاوز
الخروقات بطريقة تضمن الحماية لألجير.
وإلزامية الحياد واالستقالل أيضا تمنع كل مظاهر األحكام المسبقة في السلوك و األقوال
و األفعال ،هذا مع عدم اإلعالن عن أراء سياسية أو نقابية ،ومعاملة األطراف على قدم
المساواة.195
كذلك يمكن للمفتش أن يكون مستقال من خالل األحكام التي يصدرها والتي تضع
األطراف في مستوى واحد دون تمييز أو تحيز لطرف دون اآلخر ،وان كانت غالبية الطبقة
الشغيلية تنظر إلى المفتش باعتباره المساعد للمشغل في مواجهته لألجير بالنظر إلى كونه
صاحب النفوذ االقتصادي .
وعليه فإذا كان مفتش الشغل يلتزم بواجب الحياد واالستقالل في عالقته بأطراف العالقة
الشغلية ،طبقا لما تنص عليه التشريعات الوطنية والتشريع الدولي فألن هذا المبدأ يعتبر
أساس الفعالية في أداء مفتش الشغل لمهامه وشرطا لها ،والتي يمكن تأكيدها من خالل
استقالله الفعلي عن األطراف وعن الظروف المحيطة به ،ومن خالل تحديد الهدف من
193محمد طارق ،أخالقيات جهاز تفتيش الشغل بالمغرب بين المعايير الدولية والتشريع الوطني المجلة المغربية للسياسات العمومية
REMAPPالعدد 88ربيع 1881ص ،11
194في تصريح ألحد مفتشي الشغل بمندوبية التشغيل بالحي المحمدي عين السبع ذكر أنه خالل الزيارات التي يقوم بها المؤسسات
الخاضعة لمراقبته يفاجئ بإدعاءات المشغلين خاصة بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة بجهلهم لقاعدة قانونية معينة تتعلق بهذا المجال
أو ذلك خاصة تلك التي تهم ميدان الصحة والسالمة ويطلبون من المفتش منحهم فرصة لتصحيح الوضع والقيام بزيارات مضادة
لالطالع والتأكد من احترامها ،كما أضاف أن هناك العديد من المؤاجرين يعتقدون أن دور المفتش يقتصر على النصح والتوضيحات
الخاصة بتشريع الشغل والتشجيع على احترامها".أشارت إليه صباح كوتو في أطروحتها مفتشية الشغل ودورها في ضمان الحماية
العمالية ،م .س ،ص .82
195الدليل المنهجي لزيارات تفتيش الشغل ،من إعداد وزارة التشغيل و الشؤون االجتماعية سنة ،1881ص11 :
83
التفتيش والمتمثل في فرض احترام القاعدة القانونية الخاصة بالشغل ،سواء كانت تشريعية أو
تنظيمية دون أن ننسی أن السلطة اإلدارية أو التسلسلية التي يخضع لها المفتش تعمل على
توجيه عمل هؤالء المفتشين وتحديد األهداف المطلوب الوصول إليها.
إال أن التزام مفتش الشغل بالحيادية واالستقاللية يجد حدودا له وهو ما سنتناوله.
خاصة أن مجال ممارسة مهامه تتضارب فيه المصالح ،الشيء الذي يجعل منه مصدر
ارتياب من طرف األجراء والمشغلين.196
إال أن الواقع يكشف ممارسات ال تراعي مبدأ حياد مفتش الشغل ،مثل مقتضيات الفقرة
األخيرة من المادة 11من م.ش ، 197بخصوص اإلمكانية التي خولتها هذه األخيرة لألطراف
في حالة رفض اللجوء إلى المسطرة أو رفض إتمامها والتي تتمثل في اللجوء إلى مفتش
الشغل قصد استكمال أو إجراء مسطرة االستماع .فهناك من يذهب إلى اإلعمال الحرفي لهذه
المقتضيات وذلك عبر استدعاء األطراف و إجراء مسطرة االستماع لألجير أمام مفتش
الشغل وبحضور المشغل ،ويحرر وثيقة االستماع وهناك من يذهب إلى تأويل هذه
المقتضيات وإعادة استدعاء األطراف بناء على المسطرة القانونية المقررة في المادة 231
من مدونة الشغل و يحرر محضر محاولة التصالح.
196وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية ،المناظرة الوطنية" مدونة الشغل بعد عشر سنوات من صدورها ،بين متطلبات التنمية
االقتصادية وضمان العمل الالئق" مشروع تقرير الورشة الرابعة المتعلقة" العالقات الجماعية للشغل وآليات إعمال وتطبيق مدونة
الشغل" بتاريخ 11و 13شتنبر ،1881ص 12
197تنص الفقرة األخيرة من المادة 11من م.ش .على أنه" :إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة ،يتم اللجوء إلى مفتش
الشغل"
84
وعند معالجة مفتش الشغل للنزاعات الجماعية للشغل بناء على ما كرسته المادة 228
و 221198من م.ش.م ،من االختصاصات التصالحية في مجال نزاعات الشغل الجماعية،
وهو ما نصت عليه الما دة الثالثة من النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل ،199علما أن
هذه المواد لم تبين هل يملك مفتش الشغل قوة اقتراحيه لحل النزاع ،أم أن المطلوب منه فقط
التذكير بالقانون ،وهذا ما قد يترك المجال لمفتش الشغل الذي قد يقترح بعض الحلول تمس
في جوهرها بحياده،
هذا باإلضافة إلى ما تطرحه إشكالية حرية االنتماء النقابي لمفتش الشغل أثناء نظره في
نزاعات الشغل الجماعية التي تكون أحد أطرافها النقابة المنخرط فيها.
إذ نجد أنه هناك من يعتبر أن انضمام أعوان تفتيش الشغل النقابة ما ،يعتبر تحيزا لفئة
أو جانب من األجراء ،وبالتالي استحالة لقيام االلتزام بالحياد بين طرفي اإلنتاج ،وهذا
200
الموقف يتبناه معظم المشغلين.
إال أن هناك جانب من الفقه يرى ،أن مفتش الشغل يعتبر موظفا عموميا يحق له الدفاع
عن مطالبه بتأسيس جمعية أو ودادية أو االنضمام إلى نقابة معينة ،ألن من يحمي األجراء
201
يجب أن يعرف حماية حقوقه أيضا.
198تنص مقتضيات المادة 228من م .ش .معلي أنه يكون كل خالف بسبب الشغل ،من شأنه أن يؤدي إلى نزاع جماعي ،موضوع
محاولة التصالح ،تتم أمام المندوب المكل ف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم ،أو العون المكلف بتفتيش الشغل أو أمام اللجنة اإلقليمية
للبحث والمصالحة أو اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة ،أو بناءا على نوعية الخالف الجماعي ،طبقا للمواد 221 ،221و 212أدناه.
في حين نصت المادة 221منم .ش.م على أنه :إذا كان الخالف الجماعي يهم أكثر من مقاولة ،فان محاولة التصالح تجري أمام
المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم .إذا كان الخالف الجماعي يهم مقاولة واحدة ،فان محاولة التصالح تجري أمام العون
المكلف بتفتيش الشغل.
199تنص المادة الثالثة من القانون المنظم لجهاز تفتيش الشغل السالف الذكر على أنه :يضطلع مفتشو الشغل المهام المحددة في مدونة
الشغل والسيما .إجراء التصالح في نزاعات الشغل الفردية وتحرير محاضر االتفاق النهائي أو الجزئي أو عند عدم التصالح ،وذلك
حسب الحالة ،والتوقيع عليها بالعطف وكذا تحرير وصول تصفية الحساب الخاصة باإلجراء األميين وتوقيعها بالعطف؛ .إجراء
محاوالت التصالح في نزاعات الشغل الجماعية وتحرير محاضر االتفاق النهائي بالصلح أو عدمه والتوقيع عليها بصحبة األطراف ،
أو إحالة النزاع عند فشل محاولة الصلح على اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة ،مع القيام بدور الكتابة داخل هذه اللجنة باإلضافة إلى
التتبع المستمر لإلضرابات وموافاة المصالح المعينة ،من سلطات محلية ومركزية ،بتطور جميع النزاعات؛
200بوس ف رزوق ،تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالح ،بحث لنيل دبلوم السلك العالي ،المدرسة الوطنية لإلدارة
السنة الجامعية ،8112-8111ص.82
201موقف عبد العزيز العتيقي ،في مقال له بجريدة االتحاد االشتراكي ،بتاريخ 11يوليو ،8111تحت عنوان تعقيب على مقال مفتشو
الشغل أي واقع وأي آفاق ،كيف يمكن إصالح وضعية مفتشي الشغل ،عن بوسف رزوق ،م س ،ص .82
85
ومبدأ االستقاللية سترتب عليه اإلقرار بحرية اتخاذ القرار ،والذي يتطلب أن يكون
مفتش الشغل حرا في اختيار اإلجراءات التي يمكن أن يتخذها تتويجا لمراقبة هذا المبدأ
الناجم عن ضمان االستقاللية.202
لكن هذا يطرح إشكاال خاصة على مستوى المذكرات اإلدارية و التوجيهات الرئاسية
التي يتلقاها مفتش الشغل خالل مزاولته لمهامه ،فمن خالل الرجوع إلى مقتضيات الفصل 1
من المرسوم المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية،203
تتكون وزارة التشغيل والتكوين المهني من مصالح مركزية تتضمن عدة مديريات ،نجد من
ب ينها مديرية التشغيل ،فهي مكلفة بشكل أساسي بتتبع عملية مراقبة تطبيق النصوص القانونية
والتنظيمية المرتبطة بالشغل والتشغيل والحماية االجتماعية لألجراء ،وبالتالي تنظيم
الزيارات التفتيشية وتتبعها.
إذن فاإلشكال يتمثل في تحديد مجال تدخل مفتشي الشغل ،وكذا القيام بعدد محدد من
زيارات تفتيش الشغل خالل الشهر ،باإلضافة إلى ضبط عملية تحرير محاضر المخالفات،
رغم أن تدخل جهاز تفتيش الشغل مرتبط أساسا بقناعته في إطار ضمان استقاللية التدخل.
باإلضافة إلى ذلك تطرح إشكالية استقاللية مفتش الشغل في العالقة التي تربط بينه
وبين اإلدا رة المحلية ،علما أن سلطة الوصاية المجسدة في العامل أن جزءا كبيرا من
202تم التنصيص عليه في الفصل 88الفقرة 1من اتفاقية الشغل رقم 18التي تنص على أن "يترك لتقدير مفتشي العمل توجيه إنذار
أو نصيحة بدال من اتخاذ اإلجراءات القانونية أو التوصية باتخاذها".
203مرسوم رقم 118 . 81 .1صادر في 18من شعبان 81 ( 8132يونيو ) 1881بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل
والشؤون االجتماعية ،الجريدة الرسمية عدد 1182الصادرة بتاريخ 13رمضان 18( 8132يوليو .)1881ص .1888تنص المادة 1
على أنه" تناط بمديرية الشغل مهمة إعمال السياسة العمومية في مجال تحسين ظروف العمل والنهوض بالعالقات المهنية والوقاية من
األخطار المهنية والسهر على تطبيق تشريع الشغل.
ويعهد إليها لهذا الغرض ،بالمهام التالية:
إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بالشغل؛ تنشيط مفتشيات الشغل ومراقبة تطبيق تشريع الشغل؛
تشجيع المفاوضات الجماعية بين الشركاء االجتماعيين والنهوض بالعالقات المهنية والمساهمة في تسوية نزاعات الشغل الفردية
والجماعية و تفعيل مسطرة التحكيم والمصالحة؛
دعم ثقافة الحوار االجتماعي؛
النهوض بطب الشغل واقتراح التدابير الالزمة للمحافظة على صحة العمال وسالمتهم والسهر على مراقبتها وتتبعها بتعاون مع
القطاعات الوزارية المعنية؛
تتبع األنظمة الداخلية للمؤسسات الخاضعة لتشريع الشغل؛ تتبع معايير العمل الدولية والعمل على تنفيذها؛
النهوض بالبرامج الخاصة المتعلقة بالنوع االجتماعي وبمحاربة تشغيل األطفال ،وتطوير الشراكات مع المجتمع المدني في هذه
المجاالت؛ تنشيط اآلليات التشاورية في مجال إنعاش التشغيل.
86
التدخالت االقتصادية و االجتماعية الالمركزية ترتبط به ،وهو ما نستشفه من خالل ظهير
204
،إذ نص الفصل األول على أنه يعتبره 8188/81/81المتعلق باختصاصات العمال
ممثال للملك ،والفصل الثاني يعتبر بمثابة مندوب للحكومة .وبالتالي نتساءل هل عامل العمالة
أو اإلقليم هو فقط منسق للمصالح الخارجية للوزارات؟ ،أم أنه متدخل أساسي؟؟.
نقول على أن عامل العمالة أو اإلقليم ،يعتبر فاعال محوريا في المجال االقتصادي و
االجتماعي العمومي الجهوي و المحلي ،و ذلك راجع إلى الهاجس األمني ،واألهمية التي
يكتسيها السلم االجتماعي بالنسبة لألمن العمومي.
كما أن الوقوف على طبيعة العالقة بين مفتش الشغل و رئيس الدائرة و المدير اإلقليمي
للشغل وواقعها ،يبين غياب الخط الفاصل بين العالقات والسلطات واالختصاصات المخولة
لكل من المصالح المركزية أو مصالح اإلقليمية وخصوصا في عالقة مفتش الشغل برئيس
الدائرة وكذلك بالمدير اإلقليمي ،إال أن شخصية مفتش الشغل هي التي تحدد مجال وفضاء
استقالليته عن محيطه المهني و اإلداري .205
فإذا كانت هذه بعض المقتضيات المتعلقة بالتزام مفتش الشغل بالحيادية واالستقاللية،
وكذا بعض الحدود التي ال تساعد مفتش الشغل على القيام بهذه المهام على أحسن وجه.فانه
يلتزم أيضا بالنزاهة في ممارسة وظيفته وكذا حفاظه على السر المهني وهو ما سنتناوله في
الفقرة الثانية.
الفقرة الثانية :االلتزام بالحفاظ على السر المهني والنزاهة كرافعة للتنمية
االقتصادية.
يلعب مفتش الشغل دورا كبيرا بالنظر إلى طبيعة المجال الذي يتحرك فيه ،لذلك ألزمه
المشرع المغربي بالتحلي بمجموعة من األخالقيات المهنية والتي هي في نفس الوقت
204ظهير شريف بمثابة قانون رقم 811 . 82 .8بتاريخ 12صفر 8318( 82فبراير 8188المتعلق باختصاصات العامل كما تم
تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم 12 . 31الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ، 1 . 11 .8بتاريخ 11من ربيع الثاني 8188 (11
ديسمبر )8111وبالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم ، 113 . 13 .8الصادر في 81من ربيع الثاني ( 1أكتوبر ،)8113
الجريدة الرسمية عدد 1113بتاريخ ، 81 / 88 /8113ص8188
205محمد طارق،م.س ص 11
87
التزامات ملقاة على عاتقه .ومن بينها نجد واجب الحفاظ على السر مهني (أوال) هذا فضال
على تحليه بالنزاهة ( ثانيا).
وتجدر اإلشارة إلى أن هذه االتفاقيات والتوصيات نصت على نفس األخالقيات المهنة
تفتيش الشغل هذا من جهة.
أما من جهة أخرى فنجد أن مفتش الشغل موظفا عموميا تابعا للنظام القانوني المغربي
الذي يجد سنده في النظام األساسي العام ل ق.و.ع ،الذي يربط واجبات الموظف العمومي
بالمصلحة العامة التي تسعى الدولة إلى تحقيقها للجماعة ،ومن ثم فإن أي تهاون أو امتناع
206المادة 82من االتفاقية رقم 18بشأن تفتيش العمل
207المادة 18من االتفاقية رقم 811المتعلقة تنص على أنه " :يلزم مفتش العمل بعد اعتزالهم الخدمة بعدم إفشاء أي أسرار صناعية أو
تجارية .
208الفقرة الرابعة من المادة 1من االتفاقية العربية رقم 81بشأن تفتيش العمل لسنة 12 8111التوصية العربية رقم 1لسنة 8111
بشأن تتفتيش العمل 11محمد طارق ،مقال ،م .س ،تاريخ الزيارة ، 2 / 81 /1881على الساعة83.28 :
209الفصل 111من القانون الجنائي ينص على أنه " :يعد موظف عموميا ،في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ،كل شخص كيفما كانت
صفته ،يعهد إليه ،في حدود معينة مباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر و يساهم بذلك في خدمة الدولة ،أو المصالح
العمومية أو الهيئات البلدية ،أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام .وتراعي صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع
ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمة ،إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها
88
عن القيام بالواجبات يعتبر مساسا بالمصلحة العامة ،و إذا كان النظام األساسي للوظيفة
العمومية لم يشر إلى أخالقيات الموظف بشكل دقيق و مفصل ،فإنه يمكن استنباط أهمها من
نص المقتضيات الخاصة التي توضح التزامات الموظف التي يجب احترامها أثناء مزاولة
210
ومن أهم هذه األخالقيات كتمان السر المهني ،و نجد أن الفصل 81من نشاطه وعبرها
ق.ورع صار على نفس نهج االتفاقيات الدولية و العربية التي سبق التطرق لها حيث اعتبر
أن كل موظف يكون ملزما بكتمان السر المهني في كل ما يخص األعمال و األخبار التي
يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها وقد عرف المشرع الجنائي المغربي الموظف
العمومي وفق منطوق الفصل .211 111
وبما أن مفتش الشغل هو موظف عمومي فهو ملزم بالحفاظ على السر المهني تحت
طائلة الجزاء ،حيث نص الفصل 111من ق.ج على أنه يعاقب كل شخص من األمناء على
األسرار بحكم مهنته أو وظيفته ،سواء الدائمة أو المؤقتة ،إذا أفشي سرا أودع لديه ،حيث
212
يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر ،وغرامة من 8188إلى .18 888درهم.
(الفصل 111من ق.ج).
وبالتالي فإن كثمان السر هو واجب أخالقي ينبغي على مفتش الشغل االلتزام به ،وما
يجب تسجيله في التزام مفتش الشغل ب كتمان السر المهني هو أن هذا االلتزام ليس التزاما
خاصا بهؤالء حصرا ،ذلك ألن ق.و.ع وق.ج .و يلزمون جميع الموظفين العموميين بالحفاظ
على األسرار التي يطلعون عليها بحكم أدائهم لوظائفهم ،تحت طائلة توقيع جزاءات تأديبية،
جنائية و مدنية عليهم في حالة إخاللهم بذلك ،وقد أجمعت القوانين العربية على إلزام
المفتشين بعدم إفشاء األسرار التي يطلعون عليها رغم اختالف المعايير الدولية و العربية في
"212تنص المادة 238من مدونة الشغل على أنه يؤدي األعوان المكلفون بتفتيش الشغل اليمين المنصوص عليها في الظهير الشريف
المتعلق باليمين الواجب أداؤها على الموظفين المنصبين لتحرير محاضر الضبط.888
يخضع هؤالء األعوان للمقتضيات الخاصة بحفظ السر المهني ،888الواردة في الظهير الشريف رقم 8-21-881الصادر في 1
شعبان 11( 8388فبراير )8121بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية ،888كما وقع تغييره وتتميمه.
يعاقب األعوان المكلفون بتفتيش الشغل على إفشاء األسرار التي اطلعوا عليها ،طبقا ألحكام الفصل 111من القانون الجنائي المصادق
عليه بموجب الظهير الشريف رقم 8-21-183الصادر بتاريخ 11من جمادى اآلخرة 11( 8311نوفمبر )8111كما وقع تغييره
وتتميمه ،مع مراعاة االستثناءات المشار إليها في الفصل المذكور".
89
213
و بالعودة إلى بيان وصف األسرار التي يحظر على مفتش الشغل إفشاؤها إلى الغير
م.ش خاصة المادة 214 238نجدها هي األخرى أخضعت مفتشي الشغل للمقتضيات الخاصة
بالسر المهني الواردة في ق.و .ع ،وفيما يخص العقوبات تمت اإلحالة على العقوبات
المنصوص عليها في ق.ج و التي سبق اإلشارة إليها سلفا ،وفي نفس اإلطار نجد أن المشرع
المصري من خالل المادة 88من قانون المدنيين بالدولة رقم 18سنة ، 8181215منع على
الموظف ين إفشاء أسرار المهنة حتى ولو بعد ترك العمل ،هذا من جهة وبالرجوع إلى بعض
التشريعات العربية األخرى ،مثل نظام العمل السعودي حيث نصت المادة 181على أن
مفتش الشغل ينبغي أن يلتزم بالسرية التامة بخصوص الشكاوى التي تصل إليه بشأن أي
نقص في األجهزة أو أي مخالفة ألحكام النظام ،وأال يبوح لصاحب الشغل أو من يقوم مقامه
بوجود هذه الشكاوي.216
وقد أحدث المشرع البحريني أمرا حسنا ،عندما ألزم مفتش الشغل بعدم إفشاء إسم مقدم
الشكوى و لم يجعل هذا اإللزام مقتصرا على المفتشين فحسب ،بل مد نطاقه إلى جميع
العاملين بالوزارة من ذوي العالقة ،حيث نصت المادة 81من القرار الوزاري 1883/11
الصادر بمملكة البحرين بأنه ":يجب على المفتشين و سائر موظفي الوزارة عدم اإلفصاح
عن هوية مقدم الشكوى ،وعدم إطالع الخاضعين لتفتيش عليها ،على أن تقتصر مهمة
التفتيش على التحقق من صحة ما ورد بالشكوى.217
213قانون العاملين المدنيين بالدولة ( ،القانون رقم 18لسنة )8181و المعدل بالقانون رقم 281لسنة 1888
214تنص المادة 181من نظام العمل السعودي" :على مفتش العمل أن يحيط بالسرية المطلقة الشكاوى التي تصل إليه بشأن أي في
األجهزة أو أي مخالفة ألحكام النظام ،وأال يبوح لصاحب العمل أو من يقوم مقامه بهذه الشكاوى"
215علي فيصل ،تفتيش العمل ودوره في كفالة إنفاذ تشريعات العمل -دراسة مقارنة ،سلسلة الدراسات االجتماعية و العمالية العدد
،11الطبعة األولى ،1881 ،ص ،811 :تاريخ اإلطالع ، 88 / 88 /1881على الساعة 82:82
http://gcclsa.org/uploaded/files/82-2013.pdf
216تنص الفقرة 3من المادة 1من التوصية العربية رقم 1بشأن تفتيش العمل ،والتي أقرها مؤتمر العمل العربي في دورة انعقاده
الخامس و العشرين األقصر بتاريخ مارس ،8111ص ،331 :والتي جاء فيها ":يجب على مفتش العمل ... :أال تكون له أية مصلحة
شخصية مباشرة أو غير مباشرة في المنشآت التي يقوم بالتفتيش عليها"...
217محمد طارق ،م.س ص .18
90
ومراعاتها تبعا لمقتضيات وظيفته .بحيث نجد المادة 82من االتفاقية رقم 18تحضر على
مفتشي الشغل أن تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في المنشآت الخاضعة إلشرافهم
ونفس األمر تبنته االتفاقية رقم 811في المادة 18التي جاءت بنفس مضمون المادة 82من
االتفاقية رقم .18
إلى جانب االتفاقيات الدولية ،نجد بأن المنظمات العربية هي األخرى تأكد على ضرورة
أن يؤدي مفتش الشغل عمله بنزاهة ،مع حظر أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة أو غير
مباشرة في المنشآت التي يقوم بتفتيشها وذلك من خالل المادة 1من التوصية العربية رقم
.1218
ونشير إلى أن التوصيات العربية في إطار تناولها األخالقيات مفتش الشغل لم تخرج عما
نصت عليه االتفاقيات الدولية في هذا المجال .أما على مستوى التشريع الوطني نجد بأن
الدستور المغربي يلزم الموظف العمومي وعبره مفتش الشغل بأن يمارسوا وظائفهم وفقا
لمبادئ احترام القانون و الحياد و الشفافية والنزاهة والمصلحة العامة.
ومن خالل اإلطالع على نصوص م.ش المغربية و كذا المرسوم المنظم لجهاز تفتيش
الشغل ال نجد أي ذكر لهذا االلتزام ،وهو ما دعانا إلى العودة ق.و.ع باعتبار مفتش الشغل
موظف عمومي ،ورغم أن هذا األخير لم يشر إلى أخالقيات الموظف العمومي بشكل دقيق
ومفصل إال أنه يمكن استنباط أهمها من نص المقتضيات الخاصة التي توضح التزامات
الموظف التي يجب احترامها أثناء مزاولة نشاطه وعبرها نستنتج االلتزامات األخالقية
لجهاز تفتيش الشغل والتي من بينها :منع الموظف العمومي عن ممارسة عمل آخر متعارض
مع وظيفته ،إذ ال يجوز بأي حال من األحوال الجمع بين وظيفته و عمل آخر سواء أكان
عمله في القطاع العام أو الخاص ،والغاية من ذلك هي أن الموظف -وعبره مفتش الشغل -
ملزم بتكريس وقته لخدمة الجماعة ،وأن نشاطه األصلي قد يتضرر من مزاولة نشاط آخر،
91
وهذا ما أكد عليه الفصل 82من قانون الوظيفة العمومية .غير أنه أجاز بعض االستثناءات،
ومن خالل هذا الفصل يقر قانون الوظيفة العمومية بمبدأ نزاهة وحياد الموظف العمومي.219
وفي نفس اإلطار نجد المشرع الجنائي المغربي عمل على حماية مبدأ النزاهة وذلك من
خالل تجريم مجموعة من األفعال التي يمكن أن يقوم بها الموظف العمومي وعبره مفتش
الشغل و تنصيصه على عقوبات تطال مرتكبها و من بينها نجد:
-الرشوة التي تأتي كجريمة لتجريم عدم تحلي الموظف باألمانة و النزاهة .إذ تعتبر من
أخطر و أبلغ أنواع الفساد التي تصيب الوظيفة العمومية و أكثر شيوعا وأخطرها ،إذ أنه
يخون المجتمع الذي ينتمي إليه معتمدا على ما يجب أن يتصف به من أمانة و نزاهة.220
والمشرع المغربي اهتم بجريمة الرشوة ونص على عقوبتها ضمن المواد من 111إلى
121من ق .ج .221
-الزور :يعتبر من الجرائم الماسة بالثقة العامة ،بحيث يعاقب مرتكبها بعقوبة المؤبد
طبقا للفصل 321من القانون الجنائي .222وهي جريمة يمكن أن يرتكبها مفتش الشغل على
اعتبار أن القانون أسند له عدة اختصاصات مرتبطة باألوراق و المحررات الرسمية،
وأبرزها ضبط ارتكاب المشغل لمخالفة أحكام تشريع الشغل ،والتي تقتضي أن يحرر المفتش
223
محضر بشأنها
وفي هذا السياق جاءت الجمعية العالمية لتفقد الشغل من خالل المدونة العامة للسلوكيات
المهنية و األخالقية ألجهزة تفقد الشغل ،من أجل توفير إطار مرجعي من شأنه تأسيس
االرتقاء باألداء المهني و األخالقي لنظم تفتيش الشغل ،إلضفاء الشفافية و المسؤولية على
إن إقرار هذا المبدأ بالنسبة لجهاز تفتيش الشغل ،يكمن في منع أي عمل أو عدمه خاضعا
لمنح امتيازات ،ويؤمن حماية المرتفق ضد كل أشكال التعسف ويضمن حرية التقييم لمفتش
الشغل .ويظهر اإلخالل بهذا المبدأ بالخصوص في االستفادة من امتياز مقابل القيام بفعل
شيء أو عدمه أثناء ممارسة الوظائف. 225
وإعمال هذا المبدأ ينتج عنه حضر أن تكون لمفتش الشغل أي مصلحة مباشرة أو غير
مباشرة في المنشآت الخاضعة إلشرافه .و نفس األمر نجده في سلطنة عمان ،بحيث يشترط
في مفتش الشغل التحلي بصفة النزاهة و الترفع عن أي عمل من شأنه المساس بمهام
وظيفته ،ويتجنب وفقا لذلك عن االستفادة من امتياز وأي منفعة ،كما يتجنب قبول الهدايا و
العروض والخدمات الخاصة ولو كانت زهيدة الثمن ،على اعتبار أن المهام الواسعة التي
يستوجبها قيام مفتش الشغل بمقتضيات وظيفته ،تتطلب منه تخصيص كل وقته لمعالجة
المشاكل و اإلشكاليات التي تعرض عليه من جوانبها المختلفة ،فيعمل على تسويتها بروح
تتسم بالنزاهة و بترفع هذا المفتش طالما أنه ال يستهدف من مداخالته إال المساعدة على
تحسين العالقات في المجتمع المهني للحفاظ على البنية المستقرة في عالقات الشغل التي
يسودها بف ضل هذه النزاهة ،التفاهم و التعاون ،األمر الذي يكسبه تقدير وثقة أصحاب العالقة
المعنيين.226
224علي فيصل علي ،م .س ،ص ،811812 :تمت الزيارة ، 88 / 88 /1881على الساعةhttp://gcclsa.org/uploaded/files/82- 3.88 :
2013.pdf
225محمد طارق ،م.س ،ص .18
226
علي فيصل علي ،م .س ،ص ،811812 :تمت الزيارة ، 88 / 88 /1881على الساعة3.88 :
93
المبحث الثاني :الصعوبات التي تحد من مساهمة مفتشية الشغل في التنمية
االقتصادية
سنعالج هذه النقطة المتعلقة بالصعوبات التي تحد من مساهمة مفتشية الشغل في التنمية
االقتصادية في مطلبين :نخصص (المطلب األول) لمحدودية التعاون بين مفتشية الشغل
والقضاء .بينما (المطلب الثاني) نخصصه لمحدودية تدخل مفتشية الشغل في المصالحة
كسبيل لتحقيق التنمية االقتصادية.
ولما كانت نجاعة عمل مفتشية الشغل باعتبارها آلية حاسمة في تفعيل مدونة الشغل
وتحقي ق الرهانات المعقودة عليها ،ترتبط بطبيعة عالقتها بالجهاز القضائي ،فإنه من الطبيعي
أن يطرح التساؤل حول طبيعة اإلكراهات والمعيقات التي تشوش على سهولة التواصل
الفعال والبناء بين مفتشية الشغل والقضاء ،وأين تتجلى مظاهر المحدودية في عالقة مفتشية
الشغل بالقضاء على مستوى الصلح باعتباره االختصاص الحديث قانونا والقديم ممارسة
وواقعا.
وبالتالي فهل يكفي تكريس االختصاص التصالحي لمفتش الشغل بمقتضى نص قانوني
لتأطير التعاون والتشارك بين مفتشية الشغل والقضاء على مستوى محاضر الصلح.
فمن خالل التكريس القانوني لالختصاص التصالحي لمفتش الشغل ،أراد المشرع
المغربي قطع دابر الجدل الفقهي والقضائي الذي كان قائما حول االختصاص المذكور قبل
صدور مدونة الشغل.
لكن التساؤل يبقى مطروحا حول ما إذا كان تنظيم الصلح التمهيدي دقيقا وكفيال بان
يؤطر لعالقة تعاون جدي بين مفتشية الشغل والقضاء .أم أن تنظيم الصلح المذكور يتسم
94
بالمحدودية والقصور اللذان يؤثران سلبا على عالقة جهازي الرقابة على القانون االجتماعي
(الفقرة األولى).
يمكن أن نتساءل عن موقف القضاء بعد صدور مدونة الشغل حيال المهمة التصالحية
القانونية لمفتشي الشغل ،هل تم تنظيم الصلح التمهيدي بشكل يقوي العالقة ما بين جهازي
مفتشية الشغل والقضاء االجتماعي (ثانيا).
ال يمكن تطبيقه في البيضاء227 وفي السياق ذاته رفضت المحكمة االبتدائية بالدار
المادة االجتماعية وكل محاولة للصلح بهذه الطريقة تعد مرفوضة وال عمل بها ،بدليل الصلح
المدني المطبق في المادة االجتماعية يتعارض مع مقتضيات الفصل 8888الذي يمنع الصلح
في المسائل المتعلقة بالنظام العام ،والفصل 8888من قانون االلتزامات والعقود الذي يمنع
بالطعن في عقد الصلح بسبب اإلكراه أو التدليس أو الغلط المادي ،باإلضافة إلى الفقرة
227وربعة وحكام صادرة عن ابتدائية البيضاء في 07ابريل في الملفات وعداد 96/619و /9/610 91 /618و 96/612ووردها
عز الدين الكتاني في مقاله:
- Transaction et droit social, Revue Marocaine de droit et d'économie du développement N°
22 Année 1990 Page 161
95
التاسعة من الفصل 821من ذات القانون التي تمنع التنازل المسبق عن الحق في التعويض
عن اإلنهاء التعسفي لعقد الشغل.
وفي نفس االتجاه عملت المحكمة االبتدائية بالمحمدية على استبعاد عقد الصلح المبرم
بين األجير والمشغل في مجال إنهاء عقد الشغل ؛ كيفما كانت الصورة والكيفية التي ابرم
بها ،على أساس أن األجير ال يجوز له التنازل عن حقوقه المترتبة عن الفصل التعسفي ألنها
من النظام العام.228
وهو نفس التوجه الذي سار عليه المجلس األعلى في قرار جاء في إحدى حيثياته ما
يلي ..... " :لكن حيث أن اإلشهاد المدلى به والمحرر من طرف السلطة المحلية ال يوجد به
ما يفيد أن المطلوب في النقض غادر عمله تلقائيا ألنه ينص فقط على أن رئيس الدائرة
استدعى الطرفين وأدى المشغل ما بذمته من واجبات ....وليس به أي تنازل عن حقوقه
والتي لو وقعت لكانت باطلة حسب مقتضيات الفصل 821من قانون االلتزامات والعقود.229
وفي نفس اإلطار دائما ،اعتبرت المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء أن مفتش الشغل
ليس بعدل وال موث ق ،وبالتالي فان الوثيقة التي يحررها والمتمثلة في محضر الصلح ال تلزم
القاضي في شيء ،وان كان لهذا األخير أن يأخذها بعين االعتبار ويضيفها إلى عناصر
أخرى قد تساعده على الفصل النهائي في النازلة المعروضة عليه.230
231
أن هذا االتجاه القضائي يستند غالبا الستبعاد عقد وقد ذهب بعض الفقه المغربي
الصلح المدني في مجال عالقات الشغل ،وعلى الخصوص في مجال اإلنهاء على ثالثة
قواعد قانونية ،وهي:
.الفصل 8888من قانون االلتزامات والعقود ،الذي يمنع الصلح في المسائل المتعقلة
بالنظام العام.232
228حكم المحكمة االبتدائية بالمحمدية بتاريخ 29شتنبر 2897في م اح ع 212/2192 :اشار اليه:
- Azzeddine kettani : OP. Cit. P. 162
229قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 12شتنبر 2896منشور بمجلس األعلى العدد 12ص 72وما يليها.
230حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء تحت رقم 96/8/11م ا ج ع97/122 :
وورده - :إدريس فجر:مفتشية الشغل االتتصاصات والفعالية م.س .ص.291 .
231محمد الكشبور :التعسف في إنهاء عقد الشغل ،وحكام التشريع ومواقف الفقه والقضاء دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح الجديدة بالدار
البيضاء 2881ص .220
96
.الفصل 8888من قانون االلتزامات والعقود ،الذي يسمح بالطعن في عدم الصلح
بسبب اإلكراه أو التدليس أو الغلط المادي.233
الفصل "821الفقرة التاسعة " من قانون االلتزامات والعقود ،التي تمنع التنازل عن
التعويضات المتعلقة باإلنهاء التعسفي.234
فيما يرى البعض اآلخر من الفقه أن جانبا من القضاء اعتبر اإلشهاد بالمصالحة أو
التنازل أمام مفتش الشغل بعد التوصل بمبالغ مالية ال يشكل إنهاء للنزاع وإنما يبقى مجرد
وصل بسيط بالمبالغ التي تم تسليمها لألجير ،والمحكمة تبقى لها الصالحية في المراقبة
والنظر في التعويضات الممنوحة هل هي مطابقة للقواعد المقررة أم ال ،وهل األمر يكتسي
مغادرة تلقائية أم انه يتعلق بطرد تعسفي مقنع .وحجتهم في ذلك انه ال يوجد نص قانوني
يحمل لمحضر المصالحة قوة تنهي النزاع.235
وإذا استثنينا هذه أحكام القليلة الصادرة عن ابتدائية المحمدية والدار البيضاء والتي
بموجبها استبعدتا الصلح المدني في مجال عالقات الشغل فان القضاء المغربي -قبل صدور
مدونة الشغل -اقر في العديد من أحكامه مشروعية الصلح في مجال عالقات الشغل،
97
متجاهال بذلك القواعد اآلمرة التي تمنع التنازل عن حقوق األجير ،وهكذا أخذت ابتدائية الدار
البيضاء في تغيير موقفها السابق ،وقد اعتمدت المحكمة في هذا الحكم 236على الفصل 8881
من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص على ما يلي:
" ال يجوز الرجوع في الصلح ،ولو باتفاق الطرفين ما لم يكن قد أبرم باعتباره مجرد
عقد معاوضة".
كما أن المحكمة االبتدائية بوجدة سارت في نفس االتجاه .فقد جاء في أحد أحكامها ما
يلي... " :وحيث انه بالرجوع إلى محضر الصلح المبرم بين الطرفين أمام السيد مفتش الشغل
بتاريخ 1888/88/12تبت للمحكمة بأنه قد وقع اتفاق بين الطرفين ينص على إنهاء العقد
القائم بينهما بعد توصل المدعية ،بحقوقها المترتبة في ذمة المدعى عليه ،وحيث أن المدعية،
أبرمت صلحا مع المدعى عليه توصلت في إطاره بحقوقها ،وانفصال عن بعضها البعض
برضي وامتياز ،وبدون متابعة ،مما يجعل طلبها في هذا الشأن " التعويض عن الطرد
التعسفي " غير مؤسس ويتعين رفضه.237
ونعتقد أن القضاء المغربي لم يكن صائبا فما ذهب إليه بشان تطبيق الصلح المدني في
مجال الع القة الشغلية ،حيث انه تارة يذهب في اتجاه اعتماده وتارة يقول بفكرة االستبعاد
حيث يرى احد الباحثين 238أن طرفي العالقة التعاقدية في عقود العمل تتميز بتفاوت المراكز
بن األجير المؤاجر فهذا األخير ذو مرلز اقتصادي قوي ،في حين أن األجير ذو مركز
ضعيف مما قد يكون مدعاة لالستغالل من قبل المشغل في فرض مختلف الشروط التي تخدم
مصالحه ولو أدى ذلك إلى إهدار حقوق األجير.
236حكم ابتدائية الدار البيضاء بتاريخ 7دجنبر 2899م ج ع 117/96وشار إليه عز الدين الكتاني في مرجعه السابق ص .272
237حكم ابتدائية وجدة رقم 1217بتاريخ 1001/22/10م ج ع ( 1 /222.غير منشور).
238محمد ووزيان :مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة بين ضرورات اإلبقاء على
السلم االجتماعي وحتميات التنمية االقتصادية :مجلة القصر :العدد 26ماي 106مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص .206
98
ثانيا :غموض الصلح التمهيدي
أمام الجدل الفقهي والقضائي بخصوص قيام مفتشي الشغل بالمهمة التصالحية بدون
سند قانوني ونظرا لما أثبتته من نجاعة وفعالية في الحد من نزاعات الشغل التي تنشأ من
طرفي اإلنتاج ،دفعت بالمشرع المغربي إلى تقنين تدخله من خالل مدونة الشغل.
لكن صدور وتطبيق مدونة الشغل في الواقع ،أبان عن مجموعة من المسائل التي تحد
من تدخله منها عدم دقة تنظيم المحاوالت التصالحية التي يقوم بها مفتش الشغل ،حيث يعرف
الص لح التمهيدي نوعا من الغموض والقصور سواء من حيث الصياغة الفنية للنص
التشريعي أو من حيث الممارسة.
فبالرجوع إلى مقتضيات المادة 231في فقرتها األخيرة نجدها تنص على أن " يحرر
في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع ويوقعه بالعطف العون لمكلف بتفتيش
الشغل"...
فالمشرع هنا لم يكلف نفسه عناء التنصيص على البيانات الجوهرية الالزمة لصحة
الصلح التمهيدي ،واألهم من ذلك عدم قيامه بتعريف المحضر .غير أن هذا ال يمنع من
االستئناس بالتعريف الوارد في المادة 11من قانون المسطر الجنائية المغربية.239
فالتعريف الذي جاء في المادة 11من قانون المسطرة الجنائية المغربية ،وان كان
يخص المحاضر المحررة من طرف ضباط الشرطة القضائية ،فإنه يمكن أن ينطبق على تلك
التي يحررها األعوان المكلفون بتفتيش الشغل ،وهذا الطرح يستفاد من الفقرة الثانية من
المادة أعاله التي أحالت وهي في معرض حديثها عن بيانات المحضر على نصوص خاصة
أخرى.240
239تنص المادة 11من قانون المسطرة الجنائية المغربية التي عرفت المحضر بأنه:
" الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية وثناء ممارسة مهامه ويضمنها ما عاينه وما تلقاه من تصريحات وو ما قام به
من عمليات ترجع التتصاصه"
240تنص الفقرة الثانية من المادة 11من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:
دون اإلتخال بالبيانات المشار إليها في مواد وترى من هذا القانون وو في نصوص وترى ،يتضمن المحضر تاصة اسم محرره
وصفته ومكان عمله وتوقيعه ،ويشار فيه إلى تاريخ انجاز اإلجراء وساعة تحرير المحضر إذا كانت تتالف ساعة انجاز اإلجراء".
99
وبالنسبة للبيانات التي ينبغي أن تتضمنها المحاضر التي ينجزها أعوان التفتيش فان
مدونة الشغل لم تحدد شكال معينا ،إال أن وزارة التشغيل والتكوين المهني وضعت رهن
إشارة هذا الجهاز نماذج من هذه المحاضر.
وما قد يضفي على المحضر المشار إليه في مقتضيات المادة 231من مدونة الشغل
من اشكال ،هو عدم تبيان المشرع المغربي لمصير محضر الصلح في حالة غياب احد
البيانات المشار إليها في المادة أعاله كما هو الحال في عدم توقيع المحضر من قبل احد
طرفي النزاع.
حيث يرى جانب من الفقه 241أن عدم توقيع احد طرفي النزاع على المحضر يعد مجرد
بيان يستأنس به القاضي في حل النزاع وال يلزمه في شيء ويضيفها إلى عناصر قد تساعده
على الفصل النهائي في القضية المعروضة عليه .
وكان على المشرع المغربي من أجل تفادي الغموض وسد الباب أمام التأويل أن ينص
على مصير المحضر الموقع من قبل مفتش الشغل وأحد طرفي النزاع دون الطرف األخر.
ونعتقد أن من األفضل أن يأخذ به مادام ورقة رسمية محررة من طرف موظف عمومي
محلف ومختص ،طبقا مقتضيات الفصلين 181و 181من قانون االلتزامات والعقود.
أما بخصوص الجانب المتعلق بالممارسة الواقعية للصلح من طرف مفتش الشغل ،فان
األجير قد يلجا في بعض الحاالت إلى الطعن أمام القضاء في الصلح الذي يكون ابرمه مع
مشغله تحت إشراف مفتش الشغل ،فيستجيب القضاء لطلب األجير مما ينتج عنه من جهة لوم
المشغل المفتش الشغل وعدم االستجابة الستدعائه مرة أخرى 242ويخلق لدى أعوان التفتيش
شعورا باإلحباط ومس اسا بهيبتهم وسلطتهم وتقويضا لدعائم التعاون و التشارك الواجب قيامه
بين مفتشية الشغل و القضاء من جهة ثانية.243
241عبد العزيز العتيقي ،محمد الشرقاني ،محمد القري اليوسفي ،دراسة تحليلية نقدية المدونة الشغل المرتقبة مشروع 2881
دار النشر الجسور وجدة 2888ص .118
242سعد لماني :دور مفتشية الشغل في تطبيق قانون الشغل مجلة المرافعة العدد 1- 1ماي 2881ص .182
243عبد اللطيف تالفي :مفتشية الشغل بن جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون المقارن العدد
11السنة 2881ص .111
100
يرى بعض الفقه 244انه في ظل مدونة الشغل المغربية ،التي حددت التعويضات وبينت
طريقة احتسابها يمكن تجاوز هذا الوضع الذي من شأنه أن يساعد مفتش الشغل على تحرير
محاضر لن يكون أمام القضاء إال أن يأخذ بها مادامت مشتملة على كافة التعويضات
المستحقة لألجير بشكل واضح و مفصل.
245
كان أكثر دقة من كما تجب اإلشارة في هذا السياق إلى أن المشرع الموريتاني
المشرع المغربي في كيفية تنظيم محاولة التوفيق أمام مفتش الشغل :والتي تعتبر إلزامية قبل
عرض أي قضية على القضاء ،سواء تعلق األمر بمحضر الصلح الذي ميز فيه بين الصلح
الكلي والصلح الجزئي أو بمحضر عدم الصلح.
وأكثر من ذلك ،نجد المشرع الموريتاني خضع محضر الصلح للتذييل بالصيغة
التنفيذية من طرف رئيس محكمة الشغل بعد تأكده من احترام المحضر للمقتضيات
القانونية.246
244بشرى العلوي :الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي :الطبعة الثانية السنة ،1006مطبعة النجاح الجديدة الدار
البيضاء ص .172
245تنص المادتان 187و 189من مدونة الشغل الموريتاني ما يلي:
المادة " :187إن محضر التوفيق إذا توصل الطرفان إلى اتفاق يثبه المفتش تخال نفس الجلسة في محضر التوفيق الذي يجب ون
يتضمن كي ال يعتبر باطخا :توقيع الطرفين مع توقيع مفتش الشغل ،تاريخ المحضر نص متتلف عناصر الشكوى ،النقاط التي حصل
بشأنها التوفيق وعند االقتضاء المبالغ المتفق عيها بالنسبة لكل عنصر من عناصر الشكوى عناصر الشكوى التي تم التتلي عنها .في
حالة التوفيق الجزئي للطلبات التي لم يتضمنها التوفيق وال يجوز ون تستتدم في المحضر وية عبارة مثل على وجه التصوص "
متفرقات وو متالصة لكل حساب وو كافة المبالغ مندمجة " " وإال يعتبر المحضر باطخا ".
وتنص المادة :189على ما يلي في حالة عدم التوفيق يثبت مفتش الشغل التخاف في موعد ال يمكن ون يتجاوز سبعة ويام في محضر
يبين فيه وسباب اإلتفاق.
246تنص المادة 186من مدونة الشغل الموريتانية على ما يلي :وثار محضر التوفيق ...ويضع رئيس المحكمة الصيغة التنفيذية بعد
التأكد من مطابقته لمقتضيات هذه المادة وتم إجراء تنفيذ هذا المحضر كما لو كان حكما صادرا عن محكمة".
247محمد سعيد بناني :قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل :عخاقات الشغل الفردية – عقد الشغل ،إنهاء عقد الشغل ،الجزء
الثاني المجلد الثاني .ص .2177
101
فالبرجوع إلى مقتضيات المادة 18من مدونة الشغل في فقرتها الثانية نجدها توحي بان
الصلح يجد محال له في التعويضات المتعلقة بإنهاء عقد الشغل ويشمل حالة اإلنهاء التعسفي
عالوة على حالة اإلنهاء الودي.
بينما قراءة الفقرة الثانية تبين أن نطاق الصلح ضيق ال من حيث صفة طالبه المحدد في
األجير وحده دون المشغل من خالل إيراد عبارة " يحق لألجير " ،أو سبب اللجوء إليه
المتمثل في الفصل الذي يعتبره األجير تعسفيا دون حالة اإلنهاء الودي ،وال من حيث الهدف
من اللجوء إليه الذي اقتصرته على الرجوع إلى العمل أو الحصول على تعويض.
وبالتالي فان الفقرة المشار إليها أعاله تثير مجموعة من التساؤالت من قبيل التساؤل
عن مصير الصلح المبرم بطلب من المشغل ،وهل تكون له نفس الحجية فيما لو كان األجير
من طلبه؟ وماذا لو لجأ إليه هذا األخير لسبب أعتبره تعسفيا ثم اتضح بعد ذلك أن صفة
التعسف في الفصل غير قائمة؟ ثم ماذا لو تم اللجوء إلى الصلح المذكور في حالة اإلنهاء
الودي؟ هل سيكون نهائيا و غير قابل للطعن أمام المحاكم؟
وماذا أيضا لو وقع الصلح بشأن مجموعة من التعويضات بعضها معلق باإلنهاء سواء
كان تعسفيا أم ال والبعض األخر يتصل بتنفيذ العقد ،فهل يكون الصلح الموقع بشان
التعويضات المتعلقة باالنهاء نهائيا وغير قابل للطعن فيه ،في حين تبقى التعويضات الناتجة
عن تنفيذ العقد قابلة للطعن.
وهل يتعين البحث عن اإلرادة الحقيقية للمشرع من خالل الفقرة الثانية من المادة 18
التي يفهم منها توسيع مجال الصلح ليشمل كال الطرفين من جهة ،والتعويضات الناتجة عن
اإلنهاء التعسفي والودي من جهة أخرى؟ أم يجب الوقوف عند حرفية منطوق الفقرة الثالثة
من المادة 18من مدونة الشغل ،مما يفرض القول بان الفقرة الثانية ،وان جاءت مطلقة من
حيث صفة طالب الصلح ومحله ،فقد قيدتها الفقرة الثالثة بعدها؟
في هذا اإلطار ذهب بعض الفقه 248إلى القول بأن الفقرة الثانية من المادة 18من مدونة
الشغل وإن كانت تفيد أن األمر يتعلق بالرجوع إلى العمل أو الحصول على تعويضات ،إال
248محمد سعيد بناني :قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل :عخاقات الشغل الفردية .الجزء الثاني .م.س .ص .2177
102
أنه ال مانع من التنصيص على األداءات األخرى المتعلقة بتنفيذ العقد مادام األطراف
محترمين لمسطرة الصلح ،وذلك حتى ال يتم سلوك مسطرة الصلح ،فيما يعتبره األجير ناتجا
عن الفصل التعسفي ،إضافة إلى مسطرة التوصيل عن تصفية كل حساب بالنسبة لالداءات
موضوع تنفيذ العقد ،مما يؤدي إلى إرهاق الطرفين بتعدد المساطر وتعقدها.
كما أن صياغة المادة 18من مدونة الشغل تثير غموضا حول مفهوم الضرر الذي
يستحق عنه األجير تعويضا ،فهل يتعلق األمر بالتعويض عن الضرر الناتج عن الفصل
التعسفي فقط؟ أم أن األمر يشمل التعويض عن األضرار المترتبة عن اإلخطار وعن الفصل
عن العطلة السنوية المؤدى عنها ،...أي شمول مفهوم التعويض لكافة األداءات المترتبة عن
تنفيذ العقد أو إنهائه؟
وفي هذا السياق يرى األستاذ الحاج الكوري 249انه يمكن إجراء الصلح في كل المسائل
الناتجة عن انتهاء عقد الشغل ،سواء تعلق األمر بالتعويضات أو بالمسائل األخرى مثل تسليم
شهادة العمل للعامل ،وبخصوص التعويضات فالمقصود هو كل التعويضات المستحقة للعامل
اثر إنهاء عقد الشغل من طرف المشغل ،والدليل على ذلك ما تنص عليه المادة 21من
المدونة التي جاء فيها ..." :يستفيد األجير عند فصله تعسفيا من التعويض عن الضرر
والتعويض عن أجل اإلخطار المنصوص عليهما على التوالي في المادتين 18و 28أعاله".
والحقيقة أن االمتياز المنصوص عليه في المادة 18في إطار مسطرة الصلح التمهيدي
غير ذي أهمية بالنظر إلى إمكانية الطعن فيه على ضوء ما هو مقرر في المادة 231من
المدونة فكان حريا على المشرع أن يسند اختصاصا متكامال لمفتشية الشغل ،بحيث أن
الصلح يكون منهيا للنزاع بشكل قطعي وتام و غير قابل للمراجعة القضائية.250
249الحاج الكوري :مدونة الشغل الجديدة :القانون رقم 88 / 72وحكام عقد الشغل طبعة ،1001مطبعة النجاح الجديدة الدار
البيضاء ص .100
250وفي معرض تحليله للمادة 12تحدث األستاذ الحاج الكوري على ونه يجب ون يتضمن الصلح التمهيدي تلك التعويضات التي
يستحقها األجير ...الن هذه التعويضات من النظام العام بدليل ون الفصل 12من المدونة ينص صراحة على ونه ال مكن للطرفين ون
يتنازال مقدما عن حقهما المحتمل في المطالبة بالتعويضات الناتجة عن إنهاء العقد سواء كان اإلنهاء تعسفيا وو ال "...ويستطرد قائخا:
" إذا تبين لألجير انه لم يتوصل في إطار الصلح التمهيدي بتعويض مستحق له ون يطالب بهذا التعويض وذلك كان يتم الحسم فقط في
نطاق مسطرة الصلح التمهيدي في التعويض عن الفصل التعسفي دون التعويض عن الفصل التعسفي دون التعويض عن اجل اإلنذار
"...
103
251
وهذا الوضع اعتبره البعض تناقضا افرغ الصلح أمام مفتش الشغل من محتواه
وهناك من يرى أن محضر الصلح الذي تضمن استيفاء األجير لتعويضاته ومستحقاته عن
الفصل ومهلة اإلشعار مع التنازل عن كل أو جزء من التعويض عن الضرر هو الغير القابل
للطعن ،أما الصلح الذي تضمن تنازل األجير عن مستحقاته وتعويضاته بخصوص مهلة
اإلشعار وتعويضات الفصل وعن الضرر ،فانه ال يعتبر نهائيا وبالتالي يمكن لألجير الطعن
252
وهناك فيه أمام القضاء وهذا ما يتم العمل وفقه في كثير من مفتشيات الشغل بالمغرب
بعض الفقه الذي يناد ي بضرورة منح محاضر تفتيش الشغل في قضايا الفصل التعسفي نفس
حجية محاضر الصلح عموما اقتراح تعديل الفقرة الرابعة من المادة 18من مدونة الشغل
لتخول إمكانية الطعن في الصلح المتوصل إليه أمام المحاكم.253
لكن في اعتقادنا أن األخذ بطرح من الطروح ،سيرتب من جهة عدم جدوى مهام
الصلح الملقاة على عاتق مفتش الشغل مع العلم أن المهمة الصالحية لمفتش الشغل تخفق
العبء عن القضاء ومن جهة ثانية أن ذلك سيؤدي إلى إطالة مدة حسم النزاع ،األمر الذي
يتنافى ومصلحة األجير وال يستقيم وخصوصيات البث في المادة االجتماعية لذا على
المشرع أن يتدخل ليحل الخالف القائم بين المادتين والتوفيق بينهما إلضفاء الصفة النهائية
على الصلح في كلتا الحالتين:
وفي هذا اإلطار يرى األستاذ محمد سعيد بناني بضرورة الجمع بين المادتين
المذكورتين ،على اعتبار أن المادة 231من مدونة الشغل حددت مهام مفتش الشغل ،والتي
من بينها إجراء محاوالت التصالح فان توصل إلى التوفيق بين األطراف وبقي النزاع عند
حدود مفتش الشغل اعتبر في حدود المبالغ المبينة فيه ،أما إذا تجاوز األمر ذلك بان تمت
المصادفة على توقيعات األطراف ،فان الصلح يصبح نهائيا وغير قابل للطعن فيه أمام
القضاء.254
251نادية وكاو :مفتشية الشغل كهيئة متدتلة في عخاقة الشغل .م س .ص .98
252عبد الرزاق لعلج :حجية محاضر مفتش الشغل بإنهاء النزاع االجتماعية بالصلح م.س .ص 192وما يليها.
253بدر الصيلي :مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة م .س .ص .67وفي هذا الصدد يقترح الباحث بدر الصيلي تعديل الفقرة
الرابعة من المادة 12من مدونة الشغل لتكون على الشكل التالي "يجوز الطعن في االتفاق الذي تم التوصل إليه في إطار الصلح
التمهيدي ومام المحاكم".
254محمد سعيد بناني :قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل :عخاقات الشغل الفردية -الجزء الثاني -المجلد الثاني م س
.ص .2179
104
المطلب الثاني :حدود تدخل مفتشية الشغل في المصالحة كسبيل لتحقيق التنمية
االقتصادية
لقد أبان تدخل مفتشية الشغل لحل نزاعات الشغل الفردية وكذا الجماعية عن نجاعتها
في القيام بهذه المهمة ،خاصة وأن اإلحصائيات التي سبقت اإلشارة إليها ،تبين ذلك بشكل
واضح ،وبالتالي ال أحد يجادل أن مفتشية الشغل التقوم بدور فعال في تكريس المصالحة
وتجنيب األطراف مظاهر التشنج والحقد ،مع ما يستتبع ذلك من تأثير سلبي على التنمية
االقتصادية.
وبالتالي يمكن اعتبار جهاز مفتشية الشغل صمام أمان بالدرجة األولى ،لكونه يسهر
للحفاظ على السلم االجتماعي وما يشمله من أمن وسكينة.
255
عن الوضع االجتماعي في مقارنة بين سنتي ويمكن عرض بعض اإلحصائيات
1888و.1881
GREVES DECLENCHEES
121 119 -1,65
NOMBRE D'ETABLISSEMENTS
154 134 -12,99
NOMBRE DE GREVES
28361 33444 17,92
EFFECTIFS GLOBAUX
12977 22196 71,04
NOMBRE DE GREVISTES
178289,25 116851,5 -34,46
NOMBRE DE JOURNEES PERDUES
GREVES EVITEES
1175 1056 -10,13
NOMBRE D'ETABLISSEMENTS
1784 1644 -7,85
NOMBRE DE CONFLITS
101924 128841 26,41
EFFECTIFS GLOBAUX
Protocoles d'accords
CONFLITS INDIVIDUELS
58181 52897 -9,08
NOMBRE DE CONFLITS
142627 135245 -5,18
NOMBRE DE RECLAMATIONS
80085 72501 -9,47
RECLAMATIONS SATISFAITES
56,15% 53,61% -4,53
TAUX DE SATISFACTION DES RECLAMATIONS
4126 3447 -16,46
OUVRIERS REINTEGRES
1206621922 1327370622 10,01
SOMMES RECUPEREES
-5,64
CONFLITS TRANSMIS AU TRIBUNAL 15167 14312
وإذا كان جهاز مفتشية الشغل في جل الدول تعترضه صعوبات وعوائق كثيرة في القيام
بمهامه ،والتي أدت إلى تضارب في اآلراء حول قبول هذا االختصاص من عدمه.257
إال أن بعض العوائق والصعوبات القانونية التي كانت تحد من فعالية تدخل جهاز تفتيش
الشغل قد تم تجاوزها بفضل تدخل المشرع المغربي في إطار قانون 12-11المتعلق بمدونة
الشغل ،فإن أخرى مازالت تحد من فعاليته منها ماله طابع تشريعي وآخر يرتبط باإلمكانيات
المادية والبشرية ،التي كان من المفروض أن يتمتع بها هذا الجهاز قصد الحفاظ على السلم
واألمن االجتماعي ،بغية منح سرعة التدخل والفعالية في العمل على اعتبار أن المشرع أناط
لمفتشي الشغل مهام متعددة.
في ظل هذه العوائق والصعوبات التي تحول ال محالة ووصول جهاز مفتشية الشغل
على تحقيق أهدافه ،سنعمل على التطرق إلى الحدود القانونية لدور مفتشية الشغل في عملية
المصالحة (الفقرة األولى) ،بينما سنعالج في (الفقرة التالية) الحدود الواقعية لدور مفتشية
الشغل في عملية المصالحة.
إن ارتفاع عدد المؤسسات التي تدخل ضمن مجال اختصاص مفتش الشغل ،إضافة
إلى وظيفته القانونية المتمثلة في مراقبة حسن تطبيق القانون حسب ظهير 1يوليوز 8118
الملغى ،هي المهمة الرئيسية واألولى لعمل مفتش الشغل إضافة إلى قيامه بدور المصالحة
في نزاعات الشغل الفردية وا لجماعية ،الدور الذي كرسه الواقع في عالقة العمال والنقابات
بمفتش الشغل مما سيزيد من إثقال كاهل مفتش الشغل على الرغم من أن في هذه النزاعات ما
قد أدى بالفعل إلى تفادي العديد منها.258
وإذا كانت مهمة مراقبة تطبيق التشريعات الخاصة بشروط وظروف الشغل هي
الوظيفة األس اسية التي تنظمها المقتضيات القانونية لمفتش الشغل وذلك استنادا إلى مقتضيات
ظهير 1يوليوز 8181الملغى ،إال أن الواقع العملي المعيش افرز مهام أخرى ،منها مهمة
المصالحة بين طرفي العالقة الشغلية فيما قد يثار بينهما من خالفات ونزاعات ،سواء كانت
فردية أو جماعية ،ح يث أن أطراف العالقة الشغلية كثيرا ما تلجأ إلى مفتش الشغل لعرض
خالفاتها عليه قبل عرضها على القضاء ،اعتقادا منها بأن هذا اإلجراء هو اختصاص قانوني
لجهاز مفتشية الشغل.259
وإذا كانت مهمة المصالحة التي يقوم بها مفتش الشغل سواء في النزاعات الفردية أو
النزاعات الجماعية ،باإلضافة إلى االختصاصات المنوطة به قانونا ،تؤدي في نظر بعض
إلى إضعاف مهمة المراقبة كوظيفة قانونية أساسية طالما أن المصالحة تتطلب المهتمين260
258محمد الشرقاوي :المخاحظات واالقتراحات المطروحة إصخاح نظام تفتيش مؤسسات الشغل ،المجلس المغربي لخاقتصاد والقانون
المقارن العدد 11سنة 2881ص .206
259عبد اللطيف تالفي :م.س .ص .222
260محمد الشرقاوي :م.س .ص .222
108
التوفيق بين األطراف المتنازعة والذي قد يكون على حساب حسن تطبيق القانون يكون حل
أي نزاع أو خالف سواء بين طرفين أو أكثر وديا يتطلب من المدونة والدبلوماسية مما قد
يفقد مفتش الشغل سلطته على المؤسسة في تطبيق القانون التي كان من المفروض أن يتمتع
بها في مواجهة المشغل مما قد يؤثر سلبا على مهمة المراقبة.
وبالتالي (فإن كثرة المهام القانونية باإلضافة) فإن إسناد المشرع مهمة المصالحة
لمفتشية الشغل ،إضافة إلى المهام القانونية المتعددة يجعلها تتعارض مع مهامهم في مجال
المراقبة ،مما يكاد يجعل دور هذا الجهاز يكون شامال لكل جوانب الحياة االجتماعية
واالقتصادية والقانونية مما قد يؤثر ال محالة على نجاعة الدور األصلي واألساسي لهذه
الهيئة ،والتي تتمثل في مدى مراقبة تطبيق قواعد قانون الشغل.261
وفي إطار سعي أعوان تفتيش الشغل في التوفيق بين مختلف المهام واالختصاصات
الموكولة لهم قانونيا ،يجدون أنفسهم ملزمين بالتصرف وفي آن واحد تصرف المراقب
والمصلح االجتماعي واالقتصادي والمحلل النفسي ،مما يخلف نوعا من اإلحراج بين
المهتمين يمكن أن يؤدي إلى اإلخالل بالوظيفة األولى ،إذ كيف يعقل مثال في الصباح أن
يلعب مفتش الشغل دور المراقب المنقب عن المخالفات والمعتمد على الصرامة والزجر عن
طريق تقرير محاضر المخالفات عند زيارة المؤسسات ،وفي فترة الزوال يلعب دور المصلح
الذي عليه أن يستميل عطف نفس المشغل الذي زجره الصباح ،ويتوسل له أن يرجع عامال
مطرودا لعمله ،أو على األقل أن يمكنه من تعويضاته وحقوقه القانونية.
وبالتالي فإن مهمتي المراقبة والمصالحة غير منسجمتين ،فكلتا المهمتين قد تتطلب
تعامال متناقضا عن اآلخر ،كما أن لكل منهما إكراهاته وخصوصياته حسب الموقع
المتوخى ،وقيام المفتش بهما معا ،قد يؤثر سلبا في الفعالية والردع ،مما قد يمس بهيبة
وسلطة أعوان التفتيش.
109
-2محدودية وسائل المتابعة
من المطالب األساسية التي ظل مفتشوا الشغل يرفعونها مطلب إعطاء المحاضر حجية
تماثل حجية المحاضر المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية ،لكن مدونة الشغل
الجديدة لم تمنح للمحاضر هذه الحجية ،وبالتالي ظلت المدونة في هذا الجانب أقل حماية
لمفتشي الشغل.
وقد اختلفت التفسيرات وتعددت التأويالت الفقهية ،بخصوص حجم وحدود القوة
262
يذهب إلى القول بأن هذه المحاضر الثبوتية لمحاظر مفتشية الشغل ،بجانب من الفقه
تستمد صحتها من كون محررها محلفا أي أنه سبق له أن أدى اليمين قبل مباشرته لوظيفته،
ذلك ما يضفي عليها قوة تبوثية إلى أن يثبت عكس ما جاء فيها ،وبالتالي تعد في الحقيقة
عبارة عن دليل كتابي رسمي وقطعي ،ال يمكن الطعن في مضمونها عن طريق التزوير،
طبقا لمقتضيات الفصلين 181و 181ق ل ع غير أنه البد في هذا الصدد التمييز بين حالتين:
الحالة األولى :وهي كون مفتش الشغل قد عاين المخالفة بنفسه أو اطلع عليه
واستنتجه أي وقوفه عليها شخصيا ،فهي تكون القرينة في هذا الجانب قرينة قوية ودامغة
ع لى اعتبار أن الشخص الذي قام بهذه المعاينة شخص محلف سبق له أن أدى اليمين
القانونية.
الحالة الثانية :كون مفتش الشغل قد حرر المحضر بناء على ما بلغ إلى علمه عن
طريق معلومات نقلت إليه سماعا عن طريق العمال أو أحد األغيار ،مثال فالمحضر هنا ال
يكتسب حجية الورقة الرسمية ،وبالتالي يمكن إثبات عكسها عن طريق وسائل أخرى،
كالكتابة الرسمية أو العرفية ،أو الشهادة ،أو حتى القرائن بل وللقاضي أن يستعبدها جملة
وتفصيال.263
264
أن مفتش الشغل ال يتمتع بصفة ضابط الشرطة بينما يرى جانب فقهي آخر
القضائية ،ومن ثم فإن محاضره ال تكون ملزمة للقاضي ،وال تحد من سلطته التقديرية.
وغني عن البيان أن المدونة لم تمتع مفتش الشغل بصفة ضابط الشرطة القضائية ،رغم
ما تعطيه تلك الصفة للمحاضر التي يحررها مفتش الشغل من حجية ،وذلك على خالف
قوانين كثير من الدول العربية التي منعتهم بتلك الصفة ،267وبالتالي ظلت المدونة في هذا
الجانب أقل حماية لمفتش الشغل ،كما أن دراسة المدونة الجديدة للشغل ،كشفت لنا كثيرا من
اإلشكاالت بل وأحيانا التناقضات بين نصوصها ،وقد اختزلنا واحدة من تلك اإلشكاالت
المرتبطة بالموضوع في الطعن وذلك في اتفاقية الصلح الذي يتم بحضور مفتش الشغل
وبرضى ووعي تام بين طرفي اإلنتاج.
265راجع الفقرة األولى من المادة 218
266ونظر بتصوص هذا الموضوع :قضية قاشة لموالي ادريس المودن األيام 17-10وبريل 1002العدد 290ص .21-21
انظر كذلك سعيد لماني :مقال بجريدة األيام .تحت عنوان" :سنمتنع عن حل نزاعات الشغل" .عدد 268بتاريخ 28-21وبريل
.1002
267انظر في هذا العدد:
-الفصل 220من قانون العمل الليبي.
-الفصل 270من قانون العمل المصري.
-الفصل 9من قانون العمل األردني.
-مرسوم 7وكتوبر 2879من القانون الجزائري.
للمزيد من التوضيح بتصوص هذا الموضوع راجع :مراشي المصطفى :مفتش الشغل بين المراقبة والمصالحة ،تقرير نهاية الدورة
التكنولوجية بالمعهد الوطني للشغل واالحتياط االجتماعي ،فوج .1002-1001
111
فطبقا للمادة 231من مدونة الشغل ،فإن مفتش الشغل تناط به مهمة إجراء محاوالت
الصلح في نزاعات الشغل الفردية ،حيث يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه
طرفا النزاع ويوقعه كذلك بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل ويعتبر االتفاق الذي تم
التوصل إليه في إطار هذا الصلح التمهيدي نهائيا بحيث ال يقبل أي طعن أمام المحاكم ،وذلك
حسبما تنص عليه المادة 18من المدونة ،هذا مع العلم أن الفقرة األخيرة من المادة 231من
المدونة تنص صراحة على أن المحضر الذي يحرره عون التفتيش بخصوص محاوالت
الصلح في مجال نزاعات الشغل الفردية ال تكون له قوة اإلبراء إال في حدود المبالغ المبينة
فيه ،وهو ما يستشف منه أنه في حالة ما إذا كان هناك اتفاق للصلح يتضمن ألي انتقاص لما
هو مستحق قانونيا لألجير ،فإنه يبقى للعامل دائما في إمكانية اللجوء إلى المحكمة المختصة
للمطالبة بما يستحقه رغم إمضائه على محضر الصلح.268
كذلك نفس الشيء بالنسبة للمادتين 83و 81من مدونة الشغل والمتعلقة بتوصيل
تصفية كل حساب ،حيث يحصل العامل على ما تيسر من المال ،وبعد ذلك قد يبادر إلى
الطعن في هذا الصلح أمام القضاء ولذلك يثور التساؤل حول القيمة القانونية لمثل هذه
المحاضر التي يحررها مفتش الشغل ،السيما إذا علمنا بأن القضاء المغربي كان ال يعترف
إال نادرا باتفاقية الصلح المبرمة على صعيد مفتشية الشغل.
وال يشك أحد بأن من شأن ذلك الطعن في اتفاقية الصلح أن يساهم في فقدان الثقة في
جهاز مفتشية الشغل ،ويقلص من مصداقيته ويدفع بأطراف النزاع وخاصة المشغلين إلى
عدم قبول وساطة مفتش الشغل الحبية إذا ما لمسوا بأن االتفاقات التي يوقعون عليها
واإليصاالت التي يمضيها العمال بحضور مفتش الشغل ال قيمة لها وال يعيرها القضاء
االجتماعي أدنى اهتمام.
112
ثانيا :ضعف الجزاءات وتعقيد المسطرة
إن ضعف الجزاءات يعتبر مشكل خطير يعاني منه تفتيش الشغل في المغرب مما
ينعكس سلبا على عمل المفتشين و على تدخالتهم ،حيث أن العديد من المخالفات المرتكبة ال
269
وقيمة الغرامات المنصوص عليها ضعيفة بشكل يفقدها كل تأثير يعاقب عليها القانون
رادع.270
" وإن عدم توفر مفتش الشغل على سلطة فعلية للعقاب ال يخدم التنمية االقتصادية
والمجتمع بقدر ما يخدم التعنت واإلمعان في خرق القانون وتوفير الجو وتفريخ مواقف
متصلبة في صفوف المشغلين والعمال اتجاه اإلدارة ،وهذا الوضع بالذات يفرز تواطؤات
ومساومات على حساب الطرف الضعيف في العالقة ،مادام الطرف القوي ال يقهر وال
يمتثل ،ومادام القانون ال يتسع الحتواء كل مظاهر التجاوز وال يضع الحلول الكفيلة
بمعالجتها ،ومن بينها تزويد مفتش الشغل بالصالحيات القانونية التي تؤهله للتدخل
والحسم.271
وبالتالي لكي يتمكن مفتش الشغل من فرض تدخله على األطراف المتنازعة خاصة
وأن أرباب العمل ،غالبا ما يتعنتون في االستجابة لإلستدعاءات التي يتقدم بها مفتش الشغل،
أو حتى تكليف غيرهم بالنيابة عنهم طالما ال يملكون سلطة اتخاذ القرار النهائي بخصوص
موضوع النزاع ،من أجل اللقاء مع أجرائهم والتفاوض معهم بشأن النقاط المتنازع عليها أو
الحقوق التي يطالبون بها ،خاصة وان كل طرف يتشبت بمطالبه دون الرغبة في التنازل
عنها أو عن بعضها باعتبارها ستكون بمثابة هزيمة لمطالبه وانتصارا للطرف اآلخر.
ولهذا يفضل األجراء اللجوء إلى اإلضراب والمؤاجر إلى اإلغالق كمظهرين للقوة
وعليه فإن اكتفاء المشرع بالنص عن حق اإلضراب في الفصل 81من الدستور دون أن
يضع قانونا منظما يوضح الشروط والحدود الممارسة ،هذا الحق يجعل تدخل المفتش صعبا
وإذا كان المشرع المغربي قد تدارك هذا الفراغ التشريعي من خالل مدونة الشغل ،فال
زالت هناك بعض النقاط التي تشوب هذا التدخل وتحتاج إلى مراجعة ،273وتشير المادة 228
من مدونة الشغل إلى أنه يكون كل خالف بسبب الشغل من شأنه أن يؤدي إلى نزاع جماعي،
موضوع محاولة للتصالح ،تتم أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم أو العون
المكلف بتفتيش الشغل أو أمام اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة أو اللجنة الوطنية للبحث
والمصالحة ،وذلك بناء على نوعية الخالف الجماعي ،طبقا للمواد 221و 221و 212أدناه.
وتبعا لما سبق فإن محاولة التصالح تكون أمام العون المكلف بتفتيش الشغل إذا كان
الخالف يهم مقاولة واحدة ،في حين أنه إذا كان الخالف الجماعي يهم أكثر من مقاولة ،فإن
هذه المحاولة تتم أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم.274
يتم الشروع في محاولة التصالح بمبادرة من العون المكلف بتفتيش الشغل في المقاولة
إلى جانب الراغب في التعجيل أو المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو اإلقليم .275وفي
ختام جلسات الصلح يحرر حسب األحوال هذا األخير أو عون تفتيش الشغل فورا محضرا
يثبت فيه ما توصل إليه األطراف من اتفاق تام أو جزئي ،أو عدم التصالح وكذا عدم
272سعيد لماني :مقال منشور بجريدة األيام .تحت عنوان" :سنمتنع عن حل نزاعات الشغل م ,س.ص .80
273يراجع في هذا الصدد:
عبد العزيز العتيقي -محمد الشرقاوي -محمد القري اليوسفي :دراسة تحليلية نقدية لمدونة الشغل المرتقبة م.س.ص 110وما يليها.
274المادة 221من مدونة الشغل.
275المادة 221من مدونة الشغل.
114
حضورهم عند غيابهم ،وعند فشل محاولة التصالح يتم رفع النزاع أمام اللجنة اإلقليمية
للبحث والمصالحة داخل أجل ثالثة أيام.276
277
على مخالفة األحكام المنظمة إال أن المشرع المغربي إذا كان قد رتب جزاءات
لمرحلتي المصالحة والتحكيم ،وذلك كعدم تلبية األطراف االستدعاء الحضور أمام لجنة
المصالحة اإلقليمية أو الوطنية أو أمام الحكم أو الغرفة التحكيمية بدون عذر مقبول،278
وكعدم تقديم األطراف للوثائق والمستندات والمعلومات المطلوبة من طرف رئيس لجنة
الصلح الوطنية أو اإلقليمية ،279فإنه لم يرتب أي جزاء لمخالفة األحكام المنظمة لمرحلة
التصالح التي تتم على مستوى مفتشية الشغل ،مما سيؤثر على تدخل مفتش الشغل وعدم
استجابة األطراف الستدعاءاته رغم وجود النص القانوني.
وعليه إذا تركنا هذه الصعوبات ،والتي تكمن في قصور النصوص التشريعية التي تنظم
مسطرة تسوية لنزاعات التي من شأنها أن تعرقل تدخل مفتش الشغل في الحد من هذه
النزاعات.
وأمام هذا الوضع ال يستطيع مفتش الشغل التغلب على هذه الصعوبات إال باستعمال ما
يتوفر عليه من إمكانيات تقنية وقانونية ونفسية واجتماعية ،وخبرة اكتسبها نتيجة احتكاكه
اليومي بالعمال وأرباب العمل ،مما يصل به في األخير إلى الغاية المرجوة سواء كان النزاع
قانونيا أو كان اقتصاديا ،فإذا كان النزاع القانوني يدور حول تفسير نص قانوني أو تنظيمي،
فإن مفتش الشغل يحاول حله عن طريق إرشاد أطرافه وتنويرهم بشرح المقتضيات القانونية
لهم وحثهم على احترامها.
إال أن بعض الفقه 281ينتقد بشدة أن يكون لمفتشي الشغل مثل هذا الدور ،فإن النزاعات
باعتبار أنهم موظفون إداريون ال يملكون تكوين القضاة وال نظامهم وال حريتهم ،ويرون
بالتالي أن القضاء وحده يمكنه النظر في الصعوبات القانونية ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى
يرى البعض ،282والذي نشاطره الرأي بأن التدخل القضائي ال يعني بالضرورة حال للنزاع
وإنهاء له .
فالحكم القضائي يكتفي بترجيح كفة أحد الطرفين وإعطائه الحق دون الطرف الثاني
لكنه ال ينهي الحالة التنازعية إال نادرا ،فهذه الحالة تبقى موجودة في الغالب وتبقى معها
المواجهة بين الطرفين قائمة ،حيث يعبران عنها بكل الوسائل السلبية واإليجابية المناسبة ،مع
ما يتبع ذلك من أخطار وأضرار ،هذا بخالف تدخل مفتش الشغل الذي يمكنه الوصول إلى
تسوية النزاع فعال والحد منه ،بما يملكه من تجارب ووسائل ال يملكها القاضي ،وبما له من
معرفة سابقة برب العمل وممثلي العمال تجعل له سلطة معقولة تساعده في التأثير واإلقناع
كما سبقت اإلشارة لذلك.
280وحمد وزد وفال :واقع نظام تفتيش الشغل في المغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة البحث والتكوين
والضمانات التشريعية في قانون األعمال المغربي ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية وجدة موسم 1000-2888
ص .11
281علي الصقلي :م.س .ص 122
282
Jean Claude Javillier: Rechercher sur les conflits du travail, thèse Paris I. 1973 page 849.
116
ثانيا :العراقيل اإلدارية
تتمثل هذه العراقيل اإلدارية التي يعرفها تدخل مفتشية الشغل في تسوية نزاعات الشغل
في قيود تعرقل نشاط المفتشية ككل وتتجلى في قلة عدد العاملين بهذه المفتشيات من جهة
وضعف تكوينهم من جهة ثانية.
من اإلشكاالت األساسية التي تواجه هيئة تفتيش الشغل وستحول دون مواكبتها لتطبيق
بنود مدونة الشغل الجديدة إشكال التقلص العددي للهيئة ،ونعتبر األطر الموجودة حاليا
بمصالح التفتيش ضئيلة جدا ،حيث ال تتجاوز 331مفتش الشغل على العموم إذا ما قورنت
بالرقعة الترابية الخاضعة لنفوذها ،283إذ إن عدد األطر هذا ال يكفي للقيام بهذا الدور على
أحسن وجه ،فغالبا ما يكون القيام بمهمة ما على حساب األخرى 284بالنظر إلى تعدد وتنوع
المهام واالختصاصات المنوطة بأعوان تفتيش الشغل ،وخصوصا مع التكريس القانوني
للوظيفة التصالحية لهؤالء ،فإن عددهم على مستوى كل دائرة ال يسمح لهم مطلقا
باالضطالع بمهامهم على النحو المطلوب ،وبتطبيق قانون الشغل كما أريد أن يطبق من
المشرع.285
إن عدد األطر العاملة بمقتضيات الشغل بالمغرب الزال قليال بالنسبة لعدد المؤسسات
التي يسهرون على تطبيق مقتضيات قانون الشغل فيها ،وبالنسبة لعدد المأجورين التابعين
فحتى حدود سنة ،1881بلغ عدد هؤالء حوالي 388مفتشيا وهذا العدد في تناقص 286
لها
مقارنة مع سنة 1881حيث كان يناهز عددهم 111مفتشا على الصعيد الوطني يتوزعون
إلى عشرة مراقبين ممتازين للشغل و 31مفتشا مساعدا للشغل و 18مفتشا مساعدا ممتازا
للشغل ،و 811مفتشا للشغل و 11مفتشا إقليميا للشغل و 11مفتشا إقليميا رئيسيا للشغل.287
ويزداد الوضع تدهورا إذا علمنا أن عددهم سيتقلص بسبب اإلحالة على التقاعد ،ناهيك
عن أولئك الذين استفادوا من عملية المغادرة الطوعية في الوقت الذي ال يتم فيه تدعيم جهاز
تفتيش الشغل بأطر جديدة.
لذلك يتعين الرفع من عدد األعوان المكلفين بتفتيش الشغل لضمان التطبيق الجيد
290
األحكام مدونة الشغل ،ولمواجهة التزايد الحاصل في عدد المؤسسات الخاضعة للمراقبة
وللرفع من مستوى التنمية االقتصادية.
وتجدر اإلشارة إلى أن نسبة تغطية ومراقبة ميدان الشغل ،ال تتعدى 12%أي أن ما
يقارب 82%من المؤسسات ال تشملها التغطية من طرف أعوان التفتيش ،وهذا يفسر
استعجالية دعم الموارد البشرية علما أن المتوسط المفروض توفره لتغطية المؤسسات
اإلنتاجية من ناحية المراقبة من طرف مفتشي الشغل تتحدد في 188مقاولة لكل مفتش شغل،
في حين أن ما هو معروف على الصعيد العالمي هو التوفر على نسبة أقل من 828و 188
مقاولة لكل مفتش شغل.291
ففي فرنسا مثال ،يضم جهاز تفتيش الشغل 8188مفتش و 1888مراقب يساعدون
المفتشين موزعين على 888دائرة للشغل.292
وفي إطار تعزيز الموارد البشرية ،قامت وزارة التشغيل خالل سنة 1881بتعيين ()...
مفتشيا جديدا ...وذلك من بين حاملي دبلوم الدراسات العليا المعمقة ولكن رغم أهميته هذه
288المهندسون في الصحة والسخامة عددهم قليل جدا في بخادنا ،كما ون عدد المتتصين في علم التخاؤم (ارگونوميا) ال يتجاوز
بضعة وفراد.
289يبلغ عدد األطباء (عامون وو من متتلف التتصصات الممارسون الطب الشغل 791طبيبا ،بينما تتطلب الحاجيات توفر 1000
طبيبا.
290عبد اللطيف تالفي :م.س ص 271وما يليها.
291
Salah aguenion, un inspecteur de travail pour 800 entreprises, lavie économique N° 4255
,5 mars2004.
292
Daniel Marchand, le droit du travail en pratique Ed d'organisation Paris 2002 P35.
118
العملية فإنها تظل غير كافية وقاصرة ،بالنظر إلى تعدد وتنوع المهام واالختصاصات
المنوطة بأعوان التفتيش.
فعلى سبيل المثال تضم مفتشية الشغل بوجدة أربعة أعوان للتفتيش ،ثالثة منهم من
درجة مفتش مساعد من بينهم رئيس الدائرة وعون واحد من درجة مراقب ممتاز ،بينما يصل
العدد اإلجمالي للمؤسسات الخاضعة للتفتيش إلى حوالي 1888مؤسسة (صغيرة وكبيرة
ومتوسطة تشغل حوالي 38888عامل.
فبمقارنة هذه األرقام يتضح مدى اتساع الهوة بين اإلمكانيات المتوفرة والمهام التي
ينبغي لمفتشية الشغل القيام بها ،فقد حددت الوزارة الوصية على قطاع التشغيل بالمغرب حدا
أدنى لعدد الزيارات التي يجب على مفتش الشغل القيام بها شهريا ،فبالنسبة للمندوب الجهوي
عليه القيام بعشرين زيارة وحددت في ثالثين زيارة بالنسبة لرئيس الدائرة ،أما األعوان
العاملين تحت إمرته فقد حددت لهم الوزارة عدد الزيارات في خمسين زيارة.293
أمام قلة اإلمكانيات وكثرة عدد الزيارات الواجب على عون الشغل القيام بها ،يجد هذا
األخير نفسه أمام معادلة صعبة ال يمكن حلها إال عن طريق القيام بزيارات يكون التركيز
فيها على الكم دون الكيف ،والكل في النهاية على حساب القانون وحساب الطبقة العاملة
والتنمية االقتصادية عامة.
يرجع ضعف مستوى التكوين لدى أطر مفتشية الشغل أساسا ألسباب تاريخية فرضتها
ظروف االستقالل وتجديد أطر المفتشيات وتوسيعها 294وإن كان يظهر أن وزارة التشغيل قد
تنبهت لهذا المشكل الذي من شأنه إضعاف وعرقلة عمل المفتشيات ،سواء فيما يتعلق
بالمراقبة أو تسوية النزاعات ،باعتبار أن هذه المهمة يجب أن يكون لها التكوين القانوني
والتقني واالجتماعي الكافي.
293عبد اللطيف تالفي :مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات المحلية المغربية لمفتشي الشغل المجلة المغربية
لخاقتصاد والقانون المقارن العدد 22السنة 0995ص .25
294علي الصقلي :م س .ص .454
119
وإن كان ال يكفي أن يكون ذا تكوين قانوني متين فحسب ،بل يجب باإلضافة إلى ذلك
أن يلقن بعض العلوم من شأنها أن تعينه أثناء قيامه بعمله ،خاصة دوره التصالحي.
فالتكوين االقتصادي لمفتشي الشغل مثال ،قد يمكنه من مجابهة المشغل عند اتخاذه
اإلجراءات قد تمس األجراء ،تمليها عوامل اقتصادية ،ومن ذلك مثال اإلنقاص من ساعات
العمل بكيفية قد تؤثر في مبالغ األجور التي يتقاضاها األجراء عادة.295
حيث لوحظ وبشهادات مفتشي الشغل أنفسهم ،أن اإلمكانيات المعرفية المتاحة لهذه الفئة
بفضل تكوينها الجامعي المتواضع ،تظل قاصرة عن استيعاب التقنيات الدقيقة ألحكام قانون
الشغل ،بل ومعارف أخرى متعددة تطرحها وظيفة تفتيش الشغل.
وبالتالي إ ن ما يجب التأكيد عليه في هاته الفترة هو وجوب التنبه إلى الجانب التقني
والنفسي في التكوين ،باإلضافة إلى الجانب القانوني بطبيعة فالمهام المسندة له تقتضي
الدراية الكافية بأساليب الشغل ،خاصة منها األساليب الحديثة والمعقدة ،وكذا تكوينا في علم
النفس االجتماعي ،مادام أن نزاعات الشغل تقوم في كثير من األحيان ألسباب نفسية شخصية
أو اجتماعية ،سواء لدى العمال أو أرباب العمل.
"أمام استمرار هذا الوضع ال يكفي وصف المدونة إال بالمولود الذي إزداد ميتا،
وبالتالي ال يمكن أن نتباهی بالمدونة مادام تطبيقها لحد اآلن غير مضمون ويبقى التساؤل
مطروحا.
هل بإمكاننا تطبيق مدونة الشغل في غياب تكوين حقيقي لمفتشي الشغل ،تماما كما لو
كان باإلمكان إقالع مركبة بدون ربانها ".296
وأمام هذا الوضع ،فمفتش الشغل مدعو إلى أن يقوم بتكوين نفسه بنفسه ،إذ أن عليه أال
يكتفي بتكوينه القانوني فحسب خاصة ونحن نعلم أن النظري شيء والعملي شيء آخر ،بل
يجب عليه باإلضافة إلى ذلك أن يكتسب بعض المبادئ العملية التي من المفروض أن
كما أن مفتش الشغل مدعو اليوم بحكم مهامه الكثيرة والمتشعبة إلى اإللمام بجميع
األنماط الثقافية ولو في حدودها الدنيا خصوصا فيما يتعلق بمحاولته إجراء الصلح بين طرفي
النزاع.
يقترح خلق مدرسة وطنية خاصة بتكوين مفتشي الشغل أو على األقل فتح تخصص
داخل إحدى كليات الحقوق بالمغرب أو بالمعهد العالي للقضاء.
وعلى صعيد الممارسة العملية تم تأسيس الجمعية المغربية لمفتشي الشغل في 88
يوليوز ،8113فجعلت أول انشغاالتها بت الروح في النشاط الثقافي ،وأقامت عدة ندوات
حول موضوعات مختلفة ،تمحورت حول مدونة الشغل ،كما حرصت الجمعية وبانتظام على
إصدار مجلة سمتها "نشرة اتصال" تضمنت محاور متعددة ومتنوعة أنصبت أساسا حول
اهتمامات مفتش الشغل ،ومجاالت عملهم.299
وفي اعتقادي ،يجب على الدولة إعادة النظر في طريقة تكوين مفتش الشغل ،وذلك
بشكل يتماشى مع المهام الموكولة إليهم ،وكذا أهمية وحساسية القطاع الذي يشتغلون فيه.
سعيا منا للوقوف على هذه العوائق المادية من خالل نقطتين أساسيتين أولهما على
مستوى الوضعية المالية لمفتشي الشغل وثانيهما على مستوى ضعف الحوافز المصاحبة
للعمل.
إن الوضعية المالية التي يعيشها أطر مفتشي الشغل ،وضعية مزرية من شأنها أن تؤثر
على أدائهم للمهام المتعددة الموكول لهم للقيام بها ،إذ أن مدة الوضعية الحالية ال تحفزهم على
الحماس والنشاط للقيام بعملهم في مأمن عن كل الضغوطات ،فالراتب ال يختلف عما يتقاضاه
زمالؤهم المعينون في أدنى ساللم الوظيفة العمومية ،بل وأكثر تدنيا مقارنة مع مفتشي المالية
ومفتشي الضمان االجتماعي مثال مع بعض االستثناءات القليلة المتعلقة ببعض رؤساء
المصالح ذوي األقدمية الطويلة والمسؤولية الكبيرة.300
كما تجدر اإلشارة أن التعويضات الممنوحة لمفتش الشغل عن الزيارات التي يقومون
بها وال تي تختلف باختالف السلم اإلداري وتحمل في طياتها تناقضا وتمييزا بين المفتشين
وهي تتميز في عمومها بالضآلة مما يجعل الحوافز المادية ضعيفة وال تساهم في قيام
المفتشين بمهامهم أحسن قيام رغم أنهم ملزمين بها بمقتضى نصوص مدونة الشغل بمقتضى
نصوص مدونة الشغل.301
إن غياب حوافز مادية ومعنوية من شأنها تشجيع أعوان تفتيش الشغل على الرفع من
مردوديتهم المهنية وتحسين تكوينهم المهني التقني والثقافي .302إذن حرمان مفتشي الشغل
من تعويضات و امتيازات مادية واجتماعية تتمتع بها أصناف عديدة من موظفي الدولة ،فال
سكن وال مراكز لالصطياف والعالج وال حوافز لتحسين المردودية والكفاءة زيادة على ذلك
كله ،ال تمنح لهم تعويضات عن التنقالت التي قد يقومون بها من حسابهم الخاص ،وال على
الساعات اإلضافية التي كثيرا ما يكونون ملزمين للقيام بها لحل نزاع معين ال يحتمل
التأخير ،زد على عدم حصولهم على مكافأة عن التوفيق في حل نزاعات الشغل الفردية
300سعيد لمانی :مفتشية الشغل "الحصيلة واآلفاق " ،مقال منشور بالمجلة المغربية لخاقتصاد و القانون المقارن ع 22س 0992
ص .219
301في هذا اإلطار يقول األستاذ سعيد لماني:
" إن هناك شبه إنعدام للحوافز المادية ،بل وحتى الحوافز المعنوية ،فخا وذكر حسب علمي ون مفتشا للشغل توصل في يوم ما بتنويه
كتابي يشيد بفعاليته وجديته ومردوديته ،بل ال وذكر ون مفتشا للشغل ومضي زهرة شبابه في تدمة مفتشية الشغل وقيمت له حفلة تكريم
عند إحالته على التقاعد" سعيد لماني :م.س ص.219
302نشر اتصال :نشرة اتصال :مجلة تصدرها الجمعية المغربية لمفتشي الشغل .ع 9 :مارس 2112ص .02
122
والجماعية وال منح للتكوين المستمر الملقن للمعرفة بقانون الشغل والضمان االجتماعي
ومقتضيات الصحة والسالمة المهنية داخل المعامل.303
كما يمكن تسجيل غياب تعويضات لمفتشي الشغل في حالة إصابتهم ببعض األمراض
أثناء مزاولتهم لمهامهم (كداء السكري واألمراض النفسية ،والعصبية ،وأمراض القلب)
بسبب الخطورة المتزايدة للضغط الكبير الذي يتعرضون له والمصاحب لعملية انتزاع
اتفاقا ت الصلح من األطراف اإلنتاجية المتعارضة المصالح ،إبان مراحل النزاع الجماعي
من إضرابات ،إغالق المقاوالت ،التقليص من مدة العمل والتسريح الجماعي للعمال.
وبالتالي نرى أن الوضعية المالية لمفتشي الشغل وضعية جد مزرية ومتردية رغم
خطورة وحساسية الدور المنوط بهم مما يوجب الرفع من المستوى المادي لهذه الفئة،
لوقايتهم من مختلف اإلغراءات التي قد يتعرضون لها أثناء قيامهم بواجباتهم على اعتبار أن
هذه الفئة هي في اتصال دائم ومستمر بالمشغلين ،وهم غالبا أصحاب ثروات ضخمة ونفوذ.
رغم تعدد المهام المنوط لمفتش الشغل ،تفرض عليهم القيام بها في أحس الظروف ،إال
أن الواقع عكس ذلك فهم يشتغلون في ظل ظروف عمل صعبة ومرهقة وجد سيئة ال تسمح
لهم بإنجاز مهامهم على الوجه المطلوب ،ذلك أنهم يعملون بوسائل جد ضعيفة ،فهذه الفئة
نفسها تسجل أن المكاتب جد قديمة قدم البنايات التي تضمها ،باإلضافة إلى انعدام المعلومات
والتقنيات المتطورة والحديثة في عمل مفتش الشغل والتي أصبحت من الضروريات اإلنجاز
304
أي عمل ب سهولة ،فضال عن مشاكل الهاتف والمطبوعات والفاكس وأجهزة الحاسوب
والغريب في األمر عدم توفر العديد من المفتشين على مكاتب الئقة وكراسي الستقبال
الوافدين على اإلدارة بل إنهم أحيانا يضطرون لتوفير الطوابع واألقالم والمطبوعات
واللوازم األولية من حسابهم الخاص.
في هذا الصدد يقول أحد الممارسين" :إن بنايات المنذوبيات ال توحي بمظاهر الهيبة
إلدارة توجد وسط الصراع االجتماعي ومشاكله ،إذ أن جل المندوبيات في العماالت واألقاليم
يقال إن جل الوزارات دأبت على استغالل منازل لضعف الميزانية ،إال أن األمر لدى
وزارة التشغيل الزمها من زمان عصر األزمة ،فطبيعة عمل مفتش الشغل يختلف عن باقي
مهمات الوزارات األخرى ،فهو يعقد اجتماعات داخل مكتبه (بحضور ممثلي الشركة
ومندوبي األجراء وممثلي النقابات) ،مما يفترض أن يكون المكتب في المستوى وملبيا
305
لحاجيات مثل هذا العمل...
وتجدر اإلشارة أنه من جهة أخرى أن مفتش الشغل ال يتوفرون على وسائل النقل
الضرورية ،الشيء الذي يعرقل ويضاعف متاعبهم المهنية وباألخص في المناطق المترامية
األطراف ،وأيضا بالنسبة ألعوان التفتيش العاملين بالقطاع الفالحي ،إذ كيف يعقل على سبيل
المثال أن يطالب مفتش الشغل بزيارة المؤسسات الخاضعة لمدونة الشغل والبعيدة جغرافيا
عن مقر الدائرة التي يعمل فيها ،دون أن توفر له وسيلة نقل ،وال يعقل أن يطالب بمراقبة
الضوضاء ،أو مستوى اإلضاءة أو مستوى الرطوبة أو الحرارة داخل المؤسسة ،دون أن
تمكنه من الوسائل التقنية التي تسمح لهم بإجراء هذه االختيارات وغيرها مما تفرضه عليهم
المقتضيات القانونية في مثل هذه الظروف.
إضافة على ما سبق ،هناك عوامل أخرى تحد من فعالية مفتشي الشغل ،إذ نجد قطيعة
بين المصلحة المركزية والمصالح الخارجية ،لذلك يفضل البعض تحويل مفتشية الشغل إلى
مديرية تابعة لوزارة المالية أو وزارة الداخلية أو وزارة العدل.
تلكم إذن هي العوائق القانونية والواقعية التي تقف حجرة عثرة ،وتتحكم إلى حد كبير
في فعالية وأداء مفتشية الشغل ودوره في تحقيق التنمية االقتصاية ،وال أعتقد أن هناك من
سيتورع عن إتهام أعوان تفتيش الشغل باالرتشاء والتواطؤ مع المشغل على حساب األجير،
124
وذلك إذا انطلق من الواقع العملي لقانون الشغل والذي يتعرض لخروقات مهولة كما أننا ال
نشك لحظة واحدة في أن مصدر تلك االتهامات قاصرة على إدراك أن محدودية أداء مفتشية
الشغل تتحكم فيه اعتبارات عديدة ،وهي اعتبارات تتمثل فيما تعرضنا له ،فال يسع كل مطلع
عليها إال أن يتفق معنا على أنه من الظلم أن نحاسب أحدا على إخفاقه في القيام بما ال يمكن
لغيره أن يقوم به في نفس الظروف وبنفس الوسائل .
125
خاتمة:
يعتبر جهاز تفتيش الشغل محركا أساسيا في تحقيق التنمية االقتصادية ،بحكم احتكاكه اليومي
والدائم مع الواقع االقتصادي واالجتماعي ومشاركا أساسيا في هندسة السلم االجتماعي داخل
سوق الشغل باعتباره الشرط األساسي لإلقالع االقتصادي واالستقرار االجتماعي.
ومن المتفق عليه فقها وقضاء أن المغرب تأخر كثيرا في تحديث تشريعه االجتماعي وتجميع
نصوصه في مدونة الشغل على غرار باقي المدونات األخرى سواء العربية أو الدولية ،وهذا
التأخر راجع لعدة أسباب منها ما هو موضوعي و منها ما هو ذاتي و أهم هذه األسباب هي
الصراعات بين الفرقاء االجتماعيين سواء الطبقة الشغيلة أو منظمات المهنية للمشغلين أو
من جهة الدولة في شخص الحكومة أو ممثليها مما أثر سلبا على التنمية االقتصادية.
وبصدور مدونة الشغل استطاعت جمع شتات النصوص القانونية المتشعبة والمتفرقة ،إال أن
الواقع العملي سيفرض عليها مستقبال كما هو الشأن بالنسبة للمدونات بصفة عامة أن يضيف
إليها ما سيراه المشرع ضروريا لتكملتها ،ألنها حاليا تعتبر غير تامة رغم صدور نصوص
تنظيمية مكملة لها و ما زالت أمور عالقة يأمل الباحثين و الفقهاء إلى إيجاد حل لها مستقبال.
ف رغم صدور المدونة متأخرة نظرا للصعوبات التي واجهتها ،إال أنها استطاعت مقارنة مع
التشريعات السابقة للمدونة أن تجد البديل للكثير من الموضوعات و الصراعات الحساسة بين
األجراء و المشغلين ،فالمشغل يرغب في المزيد من المرونة في التشغيل و الفصل وذلك من
تقليل الجان ب التشريعي لصالح حرية التقاعد و تجاوز مفهوم االمتياز المكتسب ،و الزيادة
في الضمانات االجتماعية ،فالمدونة تحاول خلق التوازن من أجل الحفاظ على مبدأ استقرار
الشغل ألن قانون الشغل يتضمن بالنسبة للبعض أمانا مفروضا لصالح األجير يتعارض مع
التطورات التي ال تتوقف في االقتصاد العالمي ،ومن خالل الظروف التي أحاط بإعداد
المدونة األخذ بعين االعتبار المرونة من منطق الحقائق الواقعية والحلول العملية ،فالدراسات
النظرية بل واالجتهادات القضائية تنطلق أساسا من تشريع يأخذ ميكانيزمات معينة وضعت
فوق أرضية لم تكن لتؤمن لها العقلية المغربية بسهولة تفرضها ضرورة التنمية االقتصادية.
126
وإذا كان جهاز تفتيش الشغل نتاجا لتدخل الدولة في تنظيم عالقات الشغل ومراقبة تنفيذ
التشريعات واألنظمة للمساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية فإن من أهم مقتضيات مدونة
الشغل هي إعطاء السند القانوني لعون تفتيش الشغل للقيام بمحاوالت التصالح ،حيث كانت
ممارسة هذه المهام تفتقر إلى المرجعية القانونية مما أثر بشكل سلبي على فعالية ومرودية
مفتشية الشغل ألنها تمارس مهامها باعتبارها أمرا واقعا ال غير ،كما زكت المدونة وظيفة
المراقبة لدى مفتشية الشغل بأن عززت من وسائلها وأدواتها لتصبح ذات تأثير ايجابي على
التنمية االقتصادية وإذا كان من نافلة القول أن مفتشية الشغل هي أداة تعمل في إطار سياسة
اجتماعية معينة لها تأثير على التنمية االقتصادية فإن إصدار مدونة الشغل ال يكفي وحده
لتحقيق هذه الغايات ،كما ال يكفي لضمان تطبيق سليم لمحتوياتها في غياب االعتناء بالمرفق
اإلداري الذي يشرف على تنفيذ هذه المقتضيات للمساهمة في التنمية االقتصادية ،من هنا
نرى أنه من الالزم اتخاذ إجراءات مرافقة كي تكون وظائف مفتشية الشغل رافعة للتنمية
االقتصادية ومن هذه اإلجراءات:
-تعزيز جهاز تفتيش الشغل بموارد بشرية كافية ومؤهلة من أجل تدارك النقص الحاصل.
-إخراج النظام األساسي لمفتشي الشغل إلى حيز الوجود بشكل يساهم في الرفع من مستواهم
المادي والمعنوي ويمنحهم الحماية القانونية الالزمة باعتبارهم يمارسون مهام الضابطة
القضائية.
-الفصل بين مهمتي المراقبة والصلح تفاديا لكل تداخل أو تناقض بين أسلوب عمل اجتماعي
وتحسيسي وآخر زجري وتبليغي.
-التنسيق بين وزارة التشغيل ووزارتي الداخلية والعدل من أجل خلق لجان خاصة على
المستوى المحلي تهدف إلى تبادل المعلومات والتعاون لتحقيق األهداف التي تسعى إليها كل
مصلحة على حسب اختصاصاتها.
-تكوين المفتشين بشكل مستمر خاصة في تقنيات التواصل والمعلوميات والقانون والصحة
والسالمة المهنية.
127
-توحيد مساطر التفتيش أو ما يمكن أن نسميه منهجية عمل التفتيش دون التأثير على
استقاللية المفتشين في أداء وظيفتهم.
-تدارك بعض النصوص القانونية التي تحمل في طياتها نوع من التناقض من خالل المادتين
18و 231من مدونة الشغل حتى يتم تجاوز الجدل الفقهي القائم على هاتين المادتين.
-منح مفتشي الشغل صفة ضابط شرطة قضائية حتى يتسنى لهم إحالة محاضرهم مباشرة
على النيابة العامة دون وسيط لتجاوز إشكالية طول مسطرة إحالة هذه المحاضر.
-توطيد العالقة بين جهاز تفتيش الشغل والقضاء من خالل منح محاضر التفتيش الشغل
حجية ثبوتية ال يطعن فيها إال بالزور.
تلك بعض االقتراحات التي إن تحققت من شأنها أن تجعل من مفتش الشغل رافعة أساسية
لتحقيق الحكامة والتنمية االقتصادية بالمغرب.
128
الئحة المراجع:
المراجع باللغة العربية:
الكتب العامة:
-أحمد فروان حسين :التنمية والتحديث في الوطن العربي ،المفاهيم ،المحددات ،المتطلبات ،المعوقات،
مطابع المتفوق للطباعة والنشر والتوزيع صنعاء ،طبعة أولى نونبر .1882
-أسامة عبد الرحمان :البيروقراطية النفطية ومعضالت التنمية ،سلسلة عالم المعرفة عدد 28يونيو
.8111
-الحاج الكوري ،القانون االجتماعي المغربي ،مطبعة الحرف المعتدل سال 8111
-أمل جالل ،مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل واألمراض المهنية في التشريع المغربي ،مطبعة
النجاح الجديدة ،بالدار البيضاء .8188
-بكري كامل :التنمية االقتصادية ،دار النهضة العربية ،بيروت .8111
-دنيا مباركة ":القانون االجتماعي المغربي ،دراسة مقارنة في ظل التشريع الحالي ومدونة الشغل
المرتقبة ،مشروع ،" 1888مطبعة دار النشر الجسور ،طبعة غير مذكورة ،وجدة ،السنة .1881/1883
-عبد العزيز العتيقی ،قانون الشغل المغربي ،دراسات و أبحاث ،دار النشر المغربية ،البيضاء .8118،
-عبد العزيز عجمية (محمد) وعطية ناصف (إيمان) :التنمية االقتصادية دراسة نظرية وتطبيقية ،الدار
الجامعية ،القاهرة .1883
-عبد العزيز عجمية وعلي الليتي :التنمية االقتصادية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية.1888 ،
-عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،عالقات الشغل الفردية ،الجزء األول ،المطبعة والوراقة
الوطنية مراكش .طبعة األولى .1881
-عصام يوسف القيسي ،التنظيم االجتماعي للعمل ،بحث مقارن في تشريعات العمل العربية ،منشورات
المعهد العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل ،بغداد . 8118-8118
-لحسن هوداية ،محاضر الضابطة القضائية ،مكتبة دار السالم ،الطبعة األولى ،دار السالم ،سنة .1888
-محمد بلهاشمي :تأمالت في أحكام مدونة الشغل :مجلة المعيار العدد 38يونيو . 1888
-محمد عبد الوهاب علي :محاضرات المركز العربي لإلستشارة والتدريب ،منشورات المركز العربي
لالستثمارات والتدريب ،القاهرة.1881 ،
129
-موسى عبود ،دروس في القانون االجتماعي ،المركز التهاني العربي الدار البيضاء .8111 ،
الكتب الخاصة:
-إدريس فجر" :مدونة الشغل حصيلة سنتين من التطبيق القضائي ،الغرامة اليومية في قضايا حوادث
الشغل " ،مطبعة النجاح ،الطبعة األولى ،الجديدة ،السنة . 1888
-بشرى العلوي :الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي .الطبعة الثانية سنة 1888مطبعة
النجاح الجديدة الدار البيضاء .
-عبد الباقي سليم ،نشاة و تطور تشريعات تفتيش العمل ،منشورات مكتب العمل العربي والمعهد العربي
للثقافة العالية وبحوث العمل ،بغداد .8181
-عبد الرزاق لعلح " :حجية محاضر مفتشية الشغل بإنهاء المنازعة االجتماعية بالصلح" ،ندوة تحت
عنوان عقود العمل والمنازعات االجتماعية من خالل اجتهادات المجلس األعلى ،نظمها هذا األخير
بمناسبة الذكرى الخمسينية لتأسيسه بمقر محكمة االستئناف ،بحي رياض السالم بأكادير ،يومي 2و 1
يوليوز .1888
-عبد العزيز العتيقي ،محمد الشرقاني ،محمد القري اليوسفي ،دراسة تحليلية نقدية المدونة الشغل المرتقبة
مشروع 8111دار النشر الجسور وجدة .8111
-محمد الكشبور :التعسف في إنهاء عقد الشغل ،أحكام التشريع ومواقف الفقه والقضاء دراسة مقارنة،
مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء .8111
-محمد ايبوزير ،مفتشية الشغل بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم السلك العالي ،المدرسة الوطنية لإلدارة
العمومية ،الرباط .8118-8181
-محمد سعيد بناني ،قانون الشغل بالمغرب ،عالقات الشغل الجماعية ،في ضوء مدونة الشغل بالمغرب
مطبعة النجاح الجديدة.1881 ،
-مليكة بنزاهير ":الصلح والتحكيم االختياري لحل نزاعات الشغل الفردية" ،الندوة الثالثة للقضاء
االجتماعي ،نشر دار السالم ،الرباط ،السنة . 1881
-يوسف إلياس ،تفتيش العمل في الدول العربية بين أزمات الحاضر وتحديات المستقبل ،منشورات
المركز العربي إلدارة العمل والتشغيل تونس .1881
130
المجالت:
-زهور الحر " :دور مفتشية الشغل في استقرار عخاقات الشغل" ،المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون
المقارن عدد . 2861- 11
-زوهير المروصي" :دور مفتشية الشغل في إقرار السلم االجتماعي" ،المجلة المغربية للدراسات
القانونية والقضائية ،ع 7ماي .1022
-سعد لماني :دور مفتشية الشغل في تطبيق قانون الشغل مجلة المرافعة العدد 1- 1ماي .2881
-سعيد لماني :مقال بجريدة األيام .تحت عنوان" :سنمتنع عن حل نزاعات الشغل" .عدد 268بتاريخ
28-21وبريل .1002
-سعيد لمانی :مفتشية الشغل "الحصيلة واآلفاق " ،مقال منشور بالمجلة المغربية لخاقتصاد و القانون
المقارن ع 22س .0992
-ع بد العالي بناني سميرس ،مفتشية الشغل ودورها في عالقات الشغل ،مجلة اإلشعاع ،العدد 11دجنبر
.8118
-عبد اللطيف تالفي :مفتشية الشغل بين جسامة المسؤوليات ومحدودية اإلمكانيات المحلية المغربية
لمفتشي الشغل المجلة المغربية لخاقتصاد والقانون المقارن العدد 22السنة .0995
-محمد الشرقاوي :المخاحظات واالقتراحات المطروحة ؟؟إصخاح نظام تفتيش مؤسسات الشغل ،المجلس
المغربي لخاقتصاد والقانون المقارن العدد 11سنة .2881
-محمد ووزيان :مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة
بين ضرورات اإلبقاء على السلم االجتماعي وحتميات التنمية االقتصادية :مجلة القصر :العدد 26ماي
1006مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
-محمد سعيد بناني " :اإلعفاءات االقتصادية ووسائل اإلبراء منها "المجلة المغربية للقانون االجتماعي
،العدد ،2السنة . 2889
-محمد طارق " واقع القانون االجتماعي بين التطبيق ومحدوديته" مجلة القانون المغربي REDMAR
العدد 22يناير . 2102
-محمد طارق ،وتخاقيات جهاز تفتيش الشغل بالمغرب بين المعايير الدولية والتشريع الوطني المجلة
المغربية للسياسات العمومية REMAPPالعدد 00ربيع .2102
131
الرسائل واألطروحات:
-أحمد أزد وفال :واقع نظام تفتيش الشغل في المغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة وحدة البحث والتكوين والضمانات التشريعية في قانون األعمال المغربي ،جامعة
محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية وجدة موسم .1888-8111
-أحمد بودراع :تطبيق االتفاقيات الدولية للشغل في إطار الممارسة المغربية أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام السنة الجامعية.
-أحمد تويس" :دور مفتشية الشغل في الحد من نزاعات الشغل "رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القضاء والتحكيم ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،
وجدة ،السنة الجامعية . 1881-1881
-أسماء الشرقاوي ،الرقابة على سلطة المشغل في القانون المغربي المعاصر ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية
أكدال ،السنة الجامعية .1881 /1883
-بدر الصيلي مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية الدار البيضاء الموسم .1888-1881
-جليلة البحري ":عمل مفتش الشغل بين العمل القانوني والواقع العملي" ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية السويسي
الرباط ،السنة الجامعية . 1888-1881
-حداد عبد هللا :صفقات األشغال العمومية ،دراسة نظرية وتطبيقية ،أطروحة لنيل دكتوراه
الدولة في القانون العام ،كلية الحقوق ،أكدال ،الرباط. 8112 ،
-صباح كوتو ،مفتشية الشغل و دورها في ضمان الحماية العمالية ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في الحقوق ،قانون خاص ،جامعة الحسن الثاني ،عين الشق ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء.1881 ،1883 ،
132
-صفاء العزوزي ،مفتشية الشغل كهيئة إدارية متدخلة في عالقات الشغل ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في العلوم القانونية ،جامعة محمد الخامس ،كلية العوم القانونية و االقتصادية و
االجتماعية الرباط.1881/1881 ،
-علي الصقلي :نزاعات الشغل الجماعية وطرق تسويتها السلمية في القانون المغربي
والمقارن أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص موسم 8111-8111جامعة
سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس.
-فؤاد الفارسي " :الصلح في نزاعات الشغل ،بين القواعد العامة ومدونة الشغل "رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية .1888-1881
-محمد الداودي أطروحة لنيل الدكتوراه "اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية االقتصادية
بالمغرب" جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية موسم
.1883-1881
-محمد إيبوزير ،مفتشية الشغل بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية
لإلدارة العمومية بالرباط السنة الجامعية .8118/8181
-مراشي المصطفى :مفتش الشغل بين المراقبة والمصالحة ،تقرير نهاية الدورة التكنولوجية
بالمعهد الوطني للشغل واالحتياط االجتماعي ،فوج . 1882-1881
-نادية أكاو ،مفتشية الشغل كهيئة متدخلة في عالقة الشغل ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و
االجتماعية الرباط أكدال ،السنة الجامعية.1888-1881
-يامنة حركات :الصلح بيمن مفتشية الشغل والقضاء "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المتخصصة في المهن القضائية والقانونية ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية السويسي -الرباط السنة الجامعية . 1881/1881
-يوسف رزوق ،تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالحة ،بحث لنيل
دبلوم السلك العالي ،المدرسة الوطنية لإلدارة ،الرباط . 1994/1995
133
-عزيز اردرني ،دور مفتشية الشغل في استقرار السلم االجتماعي ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،السنة الجامعية .8111-8111
القوانين:
-القانون رقم 12.11المتعلق بمدونة الشغل و الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،8-83-811بتاريخ
81رجب 8111الموافق 88شتنبر ،1883ج .ر ،ع ،2818بتاريخ 1دجنبر .1883
-قانون العمل اإلماراتي (م/888 / 1 /أ) أو القانون االتحادي رقم 1لسنة 8118والذي تم تعديله بالقانون
االتحادي رقم 11لعام .8118
-قانون العمل التونسي (الفصل /1/ 881أ) والذي نقح بالقانون عدد 11لسنة 8111المؤرخ في 18
فيفري 8111من مجلة الشغل التونسية.
-قانون العمل الفلسطيني رقم 8لسنة .1888
-قانون العمل االماراتي االتحادي رقم 1لسنة .8118
-قانون العمل للمملكة األردنية رقم ( )28لسنة .1881
-قانون العمل العراقي الصادر رقم 18الصادر سنة .1882
-المدونة العامة للسلوكيات المهنية و األخالقية ألجهزة تفقد الشغل ،من منشورات الجمعية العالمية لتفقد
الشغل ،منشورات ،1881مترجمة للغة العربية من طرف شاكر الساحلي ،المتفقد الرئيس للشغل وزارة
الشؤون االجتماعية.
الظهائر:
-ظهير شريف رقم 8 . 81 .818صادر في 1ذي الحجة 88( 8138أغسطس )1881بتنفيذ القانون
رقم 81/81بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعامالت والعمال المنزليين ،ج.ر.ع .1113
-ظهير شريف رقم 8-21-881بتاريخ 1شعبان 11 ( 8388فبراير )8121القانون المنظم للوظيفة
العمومية.
-ظهير شريف بمثابة قانون رقم 811 . 82 .8بتاريخ 12صفر 8318( 82فبراير 8188المتعلق
باختصاصات العامل كما تم تعديله وتتميمه.
-ظهير 81غشت 8183المتعلق بقانون االلتزامات والعقود ،الذي نظم عقد إجارة الخدمة في الفصول
من 813إلى 818
-ظهير 83يوليوز 8111المتعلق بتنظيم األجور.
-ظهير 2ماي 8138المتعلق بتنظيم العطلة السنوية
134
-ظهير 11فبراير 8131المتعلق بإبرام االتفاقيات الجماعية
-الظهير الشريف رقم 821 - 881الصادر بتاريخ 11فبراير 8121بمثابة النظام األساسي العام
للوظيفة العمومية كما وقع تغييره وتتميمه.
االتفاقيات:
-االتفاقية رقم 18الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة 8118المتعلقة بتفتيش العمل في الصناعة
والتجارة المؤتمر العام لهيئة العمل الدولية المنعقد في دورته الثالثين سنة .8118
-االتفاقية الدولية رقم 811الصادرة عن منظمة العمل الدولية سنة 8111بشأن تفتيش العمل في الزراعة
المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية المنعقد في دورته الثالثة والخمسون .8111
-االتفاقية الدولية رقم 888المتعلقة بالعمل في المنزل لسنة .8111
-االتفاقية الدولية رقم 811الصادرة عن منظمة العمل العربية المتعلقة بالعمل الالئق للعمال المنزليين
الصادرة سنة .1888
-االتفاقية الدولية رقم 811الصادرة عن منظمة العمل الدولي سنة 8111بشأن العمل في الزراعة.
المراسيم:
-المرسوم رقم 111.88.1صادر في 11رجب ( 8131فاتح يوليو )1888بتغيير المرسوم رقم
11.81.1الصادر في 2رجب
( 1يوليو )1881بشأن النظام األساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل منشور ج.ر.ع 2121الصادر بتاريخ
1شعبان 8131فاتح يوليو 1888ص.3333
-المرسوم الملكي رقم 8882-11بتاريخ 11شوال الموافق ل 1فبراير ،8118بشأن النظام األساسي
الخام بوزارة الشغل والشؤون االجتماعية ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 1131بتاريخ 1فبراير .8118
-مرسوم رقم 1-12-318صادر في 88رجب 11/8188نونبر 8111المتعلق بتحديد اختصاصات
وتنظيم وزارة التشغيل و الشؤون االجتماعية ،ج ر.ع 1121بتاريخ 11رمضان 8188الموافق ل 1
فبراير 8118
-مرسوم رقم 1 - 12 - 318صادر في 88رجب 8188الموافق ل 11نونبر 8111المتعلق بتحديد
اختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية الجريدة الرسمية عدد 1112بتاريخ 11
رمضان 8188الموفق ل 1فبرابر 8118
-المرسوم رقم 11.81.1الصادر في 2رجب 1( 8111يوليو )1881بشأن النظام األساسي الخاص
بهيئة تفتيش الشغل منشور بالجريدة الرسمية عدد .2121
135
مرسوم رقم 118 . 81 .1صادر في 18من شعبان 81 ( 8132يونيو ) 1881بتحديد اختصاصات
وتنظيم وزارة التشغيل والشؤون االجتماعية ،الجريدة الرسمية عدد .1182
القرارات واألحكام:
-حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالقنيطرة ملف رقم 18/312بتاريخ 8111/8/13منشور بمجلة
اإلشعاع ،ع 81يونيو .8111
-حكم صادر عن ابتدائية وجدة ،ع 1831بتاريخ 18نونبر ،1881في الملف رقم ( 882/81غير
منشور).
-قرار صادر عن محكمة النقض ،م .ج .ع ،1188/11بتاريخ 1/81/8111منشور بمجلة اإلشعاع ،ع
81يونيو . 8111
-قرار صادر عن محكمة النقض في تاريخ ،1881/88/88رقم ،828في م.ج .ع ،1888/81/81
-حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بسطات ،بتاريخ ،1888 / 18 / 81رقم ،888في م.ج .ع / 211
83/ 88
-حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط ،بتاريخ ،1888/88/88رقم ،8888في م.ج.
ع 81/ 8128 /88
-قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط ،بتاريخ ،1881/83/81رقم ،123م.ج.ع ،82/81/118
-قرار صادر عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض بتاريخ 11 / 81 /1882ملف جنحي عدد
.81/1/1/88121
-أربعة أحكام صادرة عن ابتدائية البيضاء في 81ابريل في الملفات أعداد 18/831و11 /831
/1/818و .18/818
-حكم المحكمة االبتدائية بالمحمدية بتاريخ 81شتنبر 8111في م اح ع.832/8312 :
-قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 18شتنبر 8118منشور بمجلس األعلى العدد .18
-حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء تحت رقم .18/1/13
-حكم ابتدائية الدار البيضاء بتاريخ 1دجنبر 8111م ج ع 111/18
-حكم ابتدائية وجدة رقم 1831بتاريخ 1881/88/18م ج ع1 /882.
-قرار صادر بتاريخ 1مارس ،8118منشور بمجلة المجلس األعلى العدد 18ص 818وما بعدها.
-قرار صادر بتاريخ 18شتنبر 8118منشور بمجلة قضاء المجلس العلى العدد 18ص 818وما بعدها.
136
:المراجع باللغة الفرنسية
- Yves Fromont et Jacques Barthelemy , inspecteur du travail, Rev liais Soc, No
9675, Paris, 1986.
-William Grassin, La création de l'inspection du travail, Rev. france des affaires
Soc, No4, 46 Annee 1992,n: 122 e suiv.
-Inspection du travail, Manuel d'éducation ouvrière, B.I.T, Genève, 1986, P:3.
- Paul ramackers et Laurent vil boeuf, l'inspection du travail, 1ère éd. P.U.F,
Paris 1997 p : 7 et suiv.
- Jean-Michel servais, droit en synergie sur le travail Bruylant, Bruxelles, 1997,
p : 126.
- L’inspection du travail, Manuel d'éducation ouvrière, op cit, p: 10 et suiv.
-René Gallisot, le patronat européen au Maroc, 1931-1942, Ed, technique Nord
Africaines, Rabat 1964.
- A .Zitouni. Les conflits individuels de travail. Revue Algérienne du travail
.N5" sous édition" Année 1998
- jean Blaise: Traité de droit du travail – Dalloz 1966
- P.Ramackere. et L. vibouluf: l'inspection du travail l'institut de l'emploi et de la
formation professionnelle, ministre de l'emploi et de la formation
professionnelle. Paris 1996
- M.Fakkak " Répertoire de la législation marocaine du travail" librairie AL
Wahda Al Arabia, Casablanca 1994 .
-Lamrani (A) et El Kohen (AM): la dynamique de l'investissement au Maroc,
les paradoxes du développement, R.E.M.A.L.D, thèmes Actuels N° 45, 2003,
-Auvergnons Philippe : « l'inspection du travail vue par les patrons » , actes «
inspections du travail »; N° 5 année 1997
-Gérard Couturier : « nullités de transactions » revue en droit social, No 1
janvier 2001
-Ahmed Bouharrou. Le système marocain des relations professionnelles"
publications RE MALD, éditions maghrébines, Casablanca 1997
137
-Transaction et droit social, Revue Marocaine de droit et d'économie du
développement N° 22 Année 1990.
-Jean Claude Javillier: Rechercher sur les conflits du travail, thèse Paris I. 1973.
-Salah aguenion, un inspecteur de travail pour 800 entreprises, lavie
économique N° 4255 ,5 mars2004.
-Daniel Marchand, le droit du travail en pratique Ed d'organisation Paris 2002.
-Karim mariami :Status sous effectifs formation pour quoi les inspecteurs du
travail inougurant l'application du code par une grève ? Libération No 4124, 3
Juin 2004.
:المواقع اإللكترونية
- www.un.org
138
الفهرس
مقدمة2 ........................................................................................................... :
وظائف جهاز تفتيش الشغل وعخاقتها بتحقيق التنمية االقتصادية بالمغرب 00 ..........................
المبحث األول :تطور نظام تفتيش الشغل على المستوى الدولي 02 ..........................................
المطلب األول :تطور نظام تفتيش الشغل قبل و بعد إحداث منظمة العمل الدولية 02 .......................
الفقرة األولى :جهاز تفتيش الشغل قبل إحداث منظمة العمل الدولية 02 ......................................
الفقرة الثانية :تطور نظام تفتيش الشغل في ظل منظمة العمل الدولية05 ..................................
المطلب الثاني :تطور نظام تفتيش الشغل بالمغرب 06 ......................................................
الفقرة األولى :نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية وبعد االستقخال 06 ..................................
ووال :نظام تفتيش الشغل في مرحلة الحماية 06 ................................................................
ثانيا :نظام تفتيش الشغل بعد حصول المغرب على االستقخال09 ...........................................
الفقرة الثانية :التنظيم الهيكلي لمفتشية الشغل في المغرب 20 ................................................
ووال :المصالح المركزية 20 ......................................................................................
ثانيا :المصالح التارجية الخاممركزة 25 ........................................................................
المبحث الثاني :مفتشية الشغل وعخاقة وظائفها بالتنمية االقتصادية 26 ........................................
المطلب األول :مفهوم مفتشية الشغل والتنمية االقتصادية 22 ...................................................
الفقرة األولى :التعريف بجهاز مفتشية الشغل والوظائف المسندة لها 22 ......................................
ووال :مفهوم مفتشية الشغل 22 .......................................................................................
ثانيا :االتتصاصات والمهام المتولة لمفتشية الشغل 41 .....................................................
-8مراقبة تطبيق قانون الشغل 40 ..............................................................................
المبحث األول :إكراهات عمل جهاز تفتيش الشغل وانعكاساتها على تحقيق التنمية االقتصادية
بالمغرب56 ........................................................................................................... .
المطلب األول :سلطات المراقبة والمتابعة في تحقيق التنمية االقتصادية 55 .........................
140
الفقرة الثانية :وثر سلطات المتابعة على التنمية االقتصادية 66........................................
ووال :وجوب التقيد بالمقتضيات القانونية عند تفعيل سلطة المتابعة66 ....................................... .
ثانيا :حق اتتاذ اإلجراءات القانونية في مواجهة المشغل 61 ...................................................
المطلب الثاني :التزامات مفتشية الشغل ومدى تأثيرها على التنمية االقتصادية 62 .........................
الفقرة األولى :االلتزام بالحياد واالستقخال و حدودهما69 ..................................................... .
ووال :االلتزام بالحياد واالستقخالية 69 ..............................................................................
ثانيا :حدود االلتزام بحياد و استقخالية مفتش الشغل 22 .........................................................
الفقرة الثانية :االلتزام بالحفاظ على السر المهني والنزاهة كرافعة للتنمية االقتصادية26 ................. .
ووال :االلتزام بالحفاظ السر المهني 22 .............................................................................
ثانيا :االلتزام بالنزاهة 91 ...........................................................................................
المبحث الثاني :الصعوبات التي تحد من مساهمة مفتشية الشغل في التنمية االقتصادية 92 ...............
المطلب األول :محدودية التعاون بين مفتشية الشغل والقضاء 92 ..............................................
الفقرة األولى :المحدودية على مستوى الصلح التمهيدي 95 ....................................................
ووال :رفض القضاء للصلح في النزاعات قبل صدور مدونة الشغل 95 .......................................
ثانيا :غموض الصلح التمهيدي99 ..................................................................................
الفقرة الثانية :محدودية تنظيم الصلح في حالة الفصل التعسفي 010 .........................................
المطلب الثاني :حدود تدتل مفتشية الشغل في المصالحة كسبيل لتحقيق التنمية اإلقتصادية 015 ........
الفقرة األولى :الحدود القانونية لدور مفتشية الشغل في تحقيق التنمية االقتصادية016 ....................
ووال :ضعف سلطات مفتش الشغل012 ............................................................................
-8تعدد مهام مفتش الشغل 012 ................................................................................
141
ثالثا :العوائق المادية 020 .........................................................................................
-8تردي الوضعية المالية لمفتشي الشغل 022 ...............................................................
142