Professional Documents
Culture Documents
ازمة السيولة PDF
ازمة السيولة PDF
أثر نقص األوراق النقدية (السيولة) يف ادلصارف الليبية على انتشار الراب يف ليبيا
"دراسة مقارنة"
د .علي دمحم افريو -عضو ىيئة التدريس بكلية اآلداب جامعة ادلرقب
ادلقدمة
اٟتمد هلل الذي أابح لنا الطيبات ،وحرم علينا ا٠تبائث واحملرمات ،والصبلة والسبلم على ا١تبعوث
ٓتامت الرساالت.
وبعد :فنظرا ١تا تعانيو ببلدان اٟتبيبة من حروب وأزمات؛ بسبب تكالب األمم واٞتماعات داخل
الببلد وخارجها ،ومن بينها أزمة نقص السيولة (األوراق النقدية) يف ا١تصارف.
ونظرا ١تا يًتتب على ىذه األزمة من أحكام تدور بُت اٟتل واٟترمة ،ومن ابب نشر العلم وتبيان
اب لَتُبَ يِّنُنَوُ لِلن ِ
َاس َوالَ تَكْتُ ُمونَوُﮊ ِ
ين أُوتُواْ الْكتَ َ
اّلل ِميث َ َ ِ
اق الذ َ َخ َذ َُ َاألحكام تنفيذا لقولو تعاىل :ﮋ َوإِ ْذ أ َ
[آل عمران ]187 :أردت أن أخوض غمار البحث يف ىذا ا١توضوع؛ لعلي أسد اباب ،أو أفتحو أمام
غَتي لدراسة ىذا ا١توضوع دراسة وافية مستفيضة.
وابلرغم من أنو ثبت يف الشرع أنو ما من واقعة إالَ و٢تا حكم فإن معرفة اٟتكم ٭تتاج إىل تفصيل وبيان،
وذلك ابلوقوف على أقوال الفقهاء وأدلتهم يف ا١تسألة وتكييفها الفقهي.
و١تا كان ىذا ا١توضوع يتعلق ٔتسائل كثَتة كالراب ،والنصب واالحتيال ،وا٠تطف واالبتزاز ،والسرقة،
والغصب ،واٟترابة ،واالحتكار ،وبيع التورق ،وبيع العينة ،وبيع التلجئة ،والبيع ابآلجل ،وأثر التغَت يف
قيمة النقود يف سداد الديون ،وتسديد الديون مع الزايدة ،وغَت ذلك رأيت االقتصار على جانب منها،
وىو أثر نقص األوراق النقدية (السيولة) يف ا١تصارف الليبية على انتشار الراب ،فا١توضوع ذو جوانب
متعددة يصلح لدراسة معمقة.
ومن ا١تعلوم أن ا١تصارف ال ٖتتفظ ابٟتساابت اٞتارية فيها نقدا ،وإ٪تا تعتمد يف ذلك على أن
أصحاب ىذه اٟتساابت ال يقدمون على استخراج نقودىم يف فًتة واحدة .و٢تذا ال ٕتد ىذه األزمة يف
أغلب بلدان العامل إال يف حاالت اٟتروب وعدم االستقرار.
174
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
أمهية البحث:
يكتسي ىذا البحث أ٫تيتو -ال سيما يف الظروف الراىنة بعد معايشة التضخم ا١تتسارع يف ببلدان؛
حيث ا٩تفضت القيمة الشرائية للدينار اللييب ا٩تفاضا كبَتا بسبب غبلء األسعار ورخص النقد -يف
كونو يتعلق ْتياة الناس اليومية ،ومعامبلهتم ا١تالية اليت قد يقعون هبا يف الراب ،وكيفية مساعدهتم للخروج
من ىذه األزمة.
كما أنو يسلط الضوء على بعض األحكام الشرعية اليت ٘تس اٟتاجة إىل معرفتها ،لعل ا١تسؤولُت
وأصحاب رؤوس األموال يدركون حقيقة ما وصل إليو حال الببلد ،ويسهمون يف ٗتفيف ا١تعاانة عن
أفراد ىذا الشعب.
أسباب اختيار ادلوضوع:
أوال :اٟتاجة ا١تاسة إىل ْتث ا١تسائل ا١تًتتبة على أزمة السيولة حىت يكون ا١تسلم على بيِّنة من األحكام
الشرعية ا١تتعلقة هبذا ا١توضوع.
اثنيا :إثراء الدراسات الشرعية ٔتواضيع حيّة معاصرة تعاجل قضااي انزلة ،ومسائل حادثة ببيان األحكام
الفقهية ا١تًتتبة على أزمة السيولة ،وتقدَل اٟتلول ا١تقًتحة ١تعاٞتتها وفق األدلة الشرعية ا١تعتربة.
اثلثا :إظهار كمال الشريعة ،وصبلحيتها لكل زمان ومكان ،ببيان ما يتصف بو الفقو اإلسبلمي من
القوة والسعة واالستجابة ١تتطلبات العصر ،وتقدٯتو اٟتلول اليت تتحقق هبا ا١تصاحل ،وتندفع هبا ا١تفاسد.
منهج البحث وخطواتو:
سلكت يف ىذا البحث ا١تنهج الوصفي التحليلي ا١تقارن مع مناقشة األقوال ،وترجيح ما توصلت إىل
رجحانو من اآلراء مع بيان سبب الًتجيح ،وذلك من خبلل:
-تصوير ا١تسألة ا١تراد ْتثها قبل بيان حكمها؛ ليتضح ا١تقصود من دراستها.
-االقتصار على أقوال ا١تذاىب الفقهية األربعة مع عرض أدلتها وبيان وجو الداللة إذا احتاج األمر
إىل ذلك.
-عرض اآلراء يف ا١تسائل حسب االٕتاىات الفقهية ،ونسبة كل رأي إىل من قال بو من أصحاب
ا١تذاىب الفقهية ،ومن ا٢تيئات الشرعية واجملامع الفقهية مع توثيق األقوال من كتب أصحاب
ا١تذىب.
خطة البحث:
174
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
يشتمل البحث على مقدمة ،ومبحث ٘تهيدي ،ومبحثُت ،وخا٘تة .وذلك على النحو اآليت:
ا١تقدمة :وتشتمل على أ٫تية ا١توضوع ،وأسباب اختياره ،ومنهج البحث ،وخطتو.
ا١تبحث التمهيدي :يف أسباب أزمة السيولة وأضرارىا وعبلجها.
وفيو ثبلثة مطالب:
ا١تطلب األول :أسباب أزمة السيولة.
ا١تطلب الثاٍل :أضرار األزمة االقتصادية واالجتماعية والسياسية.
ا١تطلب الثالث :طرق عبلج أزمة السيولة.
174
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
171
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
- 5فقدان الكثَتين للثقة يف عودة األمن واالستقرار أدى إىل قيام ا١تواطنُت بسحب أموا٢تم من
ا١تصارف التجارية( ،)1فإذا أبقى ا١تواطن أموالو يف ا١تصرف فقد ال ٬تدىا عند الطلب.
- 6غياب بوادر الوفاق يف األفق ،وانفصال الشرق والغرب ،ووجود اٟتروب ،وفقدان الثقة يف األمن،
وحوادث السطو ا١تتكررة(.)2
- 7ا٠توف من اٟترب والتهجَت وعواقب الزمان كا١ترض واٟتوادث واٟترائق وغَت ذلك.
- 8االستعداد للعبلج يف ا٠تارج؛ إذ كثَت من الليبيُت يف قناعة اتمة أبن العبلج يف ليبيا مل يعد ٣تداي،
وىذا السبب بدوره ٭تتاج إىل توفَت مبلغ من ا١تال؛ ليكون جاىزا عند اٟتاجة.
- 9ادخار مبلغ من ا١تال كاجملنب الذي يسعى إىل عدم ا١تساس بو واالقًتاب منو.
- 10وجود فرص استثمار بعوائد عالية جدا قد تتجاوز ا١تائة اب١تائة يف مدة وجيزة بسبب التضخم
واالرتفاع اٞتنوٍل يف أسعار السلع ،فصاحب ا١تال بدال من أن ٭تتفظ أبموالو يف ا١تصارف دون أن
٭تصل على أي عائد يكون من األفضل لو ا١تضاربة هبا يف األسواق.
- 11تدٍل قيمة ال عملة احمللية وا٩تفاض سعر صرف الدينار أمام العمبلت األخرى من شأنو أن يدفع
أصحاب رؤوس األموال إىل سحب أموا٢تم من ا١تصارف؛ ألهنا ال ٖتقق عائدا ،ومع ىذا ال ٖتافظ على
قيمتها ،فا١تليون دينار لييب بعد أن كان يقابل حوايل 800ألف دوالر أضحى يف خبلل سنة واحدة ال
يبل غ سدس ىذا ا١تبلغ ،فأي عاقل يًتك أموالو تتناقص أمام عينيو هبذه ا١تعدالت يف زمن قياسي وال
٭ترك ساكنا؟!.
ادلطلب الثاين :أضرار نقص السيولة
إن ىذه األزمة أفضت إىل مفاسد وأضرار كبَتة هتدد الليبيُت يف ٥تتلف جوانب اٟتياة ،وٯتكن تقسيم
ىذه األضرار إىل أضرار اقتصادية واجتماعية وسياسية.
أوال :األضرار االقتصادية
من األضرار االقتصادية ا١تًتتبة على أزمة نقص السيولة يف القطاع ا١تصريف:
()1
انظر ا١تصدر السابق.
()2
انظر https://www.libyaakhbar.com
174
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
- 1تغيب الناس عن أعما٢تم بسبب ذىاهبم إىل ا١تصارف ووقوفهم الساعات الطوال؛ ألجل سحب
قوت عيا٢تم ٦تا يؤثر سلبا على زايدة اإلنتاج ،ويًتتب عليو تدٍل مستوى تقدَل ا٠تدمات ،وتراكم العمل
يف بعض األوقات.
– 2استطاعة من لديو ا١تال التحكم يف السوق ،فتشاىد ا٩تفاض أسعار بعض السلع كا١تواشي
واحملاصيل الزراعية نظرا لعدم القدرة الشرائية لعامة ا١تواطنُت.
- 3أن كثَتا من ا١تواطنُت البسطاء يبيعون سلعهم اضطرارا كبيعهم ذىب نسائهم أو ماشيتهم أو
مركباهتم من أجل توفَت السيولة النقدية اليت تكفيهم أايما إىل حُت انفراج األزمة ا١تالية.
- 4أن السيولة الزائدة اليت تصدرىا الدولة ٤تاولة منها لسد النقص يف العجز تضاعف أسعار السلع
وا٠تدمات يف الدولة ،حيث يرخص النقد ،وتغلو السلع ،وىو ما يعرف ابلتضخم الناشئ من زايدة
إصدار العملة.
- 5أن تكديس النقود يف البيوت ٬تعلها عرضة للسرقة ،واٟتريق ،وسوء التخزين ،والنصب ،وا٠تطف،
واالبتزاز.
- 6اللجوء بكثرة إىل استخدام الشيكات ا١تصدقة اليت تتقاضى عليها ا١تصارف عموالت كبَتة.
- 7تسديد الديون مع الزايدة على أصل الدين ٬تعل الناس يقعون يف الراب من أوسع أبوابو.
- 8إن الراب واالٕتار يف العمبلت والصرف اليت ال تلتزم أبحكام الشريعة اإلسبلمية ،من أىم أسباب
األزمات والتقلبات االقتصادية اليت عصفت ابقتصادايت بعض الدول(.)1
- 9التهرب من سداد األقساط أو األموال اليت تستحقها الدولة أو الشركات العامة من األفراد يؤدي
إىل إحداث عجز يف ميزانياهتا.
- 10اكتناز النقود يؤثر على تبادل السلع وا٠تدمات ،ويتسبب يف حصول األزمات االقتصادية.
اثنيا :األضرار االجتماعية
من األضرار االجتماعية ا١تًتتبة على أزمة نقص السيولة:
- 1ظهور الطبقات يف اجملتمع ،وارتفاع الفوارق بُت أبناء اجملتمع الواحد.
- 2انعدام اإلقراض اٟتسن بُت الناس؛ لعدم استطاعة ا١تقًتضُت سداد القرض يف الوقت احملدد.
()1
٣تلة ٣تمع الفقو اإلسبلمي 319/11
174
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
- 3يف تكديس النقود يف البيوت أتخَت الزكاة عن وقتها مع اشتداد حاجة الفقراء إليها؛ حيث ال ٬تد
بعض من بلغ ما٢تم النصاب السيولة الكافية ألنفسهم ،فيؤخرون إخراج الزكاة عن وقتها.
- 4سحب الرصيد أو ا١تعاش مقابل عمولة (رشوة) تدفع ١توظفي ا١تصارف أو القائمُت على حراستها
وأتمينها.
ٞ - 5توء ا١توظفُت إىل أتمُت حاجاهتم ا١تادية عن طريق استغبلل وظائفهم ،فيقدمون خدماهتم
ا١تشروعة وغَت ا١تشروعة عن طريق الرشوة.
- 6احملاابة يف السحب من قبل موظفي ا١تصارف ،فتجد بعضهم قد أحضر معو أايم توفر السيولة
عدة شيكات ألقاربو وأصدقائو ،فيسحب ٢تم ،وىذا على حساب ا١تنتظرين أمام شباك ا١تصرف.
- 7وجود عدة بيوع مل تكن منتشرة ىذا االنتشار من قبل مع ما فيها من خبلف بُت الفقهاء يف
إابحتها وحظرىا كبيع التورق ،وبيع التلجئة ،والبيع ابآلجل ،وبيع العينة.
- 8انتشار جرائم السرقة والسطو ا١تسلح والنصب واالحتيال انتشارا مل يعهد لو مثيل من قبل.
- 9انتشار الراب بُت األفراد الطبيعيُت الذي كان إىل حد كبَت منتفيا بينهم ،حيث كان مقتصرا بُت
األفراد وا١تصارف.
– 10انتشار ظواىر جديدة مل تكن موجودة من قبل كظاىرة ٖتديد النسل ،وظاىرة التسول يف
الطرقات ويف األماكن العامة وأمام ا١تساجد بسبب تدٍل مستوى ا١تعيشة ،وارتفاع معدالت الفقر.
اثلثا :األضرار السياسية
من األضرار السياسية ا١تًتتبة على ىذه األزمة:
- 1النقد لو دور كبَت يف ا٢تيمنة السياسية ،فهو عصب اٟتياة االقتصادية ،وقد أصبح وسيلة ضغط
على الدولة.
ٖ - 2تكم البلدان االستعمارية يف البلدان الفقَتة عن طريق تبعيتها ٢تا.
- 3انعدام ثقة ا١تواطنُت ابلدولة ،وانتشار حالة من السخط وعدم الرضا على الساسة وأصحاب القرار
والسلطة يف الدولة.
ادلطلب الثالث :طرق عالج أزمة السيولة.
177
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
-من طرق العبلج ما صرح بو مصرف ليبيا ا١تركزي الذي نشر على صفحتو الرٝتية أبن قيمة األموال
اليت تتداول خارج ا١تصارف ىي 24مليار دينار ،وأنو يف حال إيداع %10منها فقط اب١تصارف،
كفيلة إبهناء أزمة السيولة فورا(.)1
-تسهيل فتح االعتمادات ا١تستندية بسعر الصرف الرٝتي ،و٘تييز التجار وا١توردين الذين ٭تتفظون
أبرصدهتم يف حساابهتم ا١تصرفية ،وعدم ٖتديد سقف مايل عند سحبهم من ا١تصارف خبلل ىذه
الفًتة ،وتسريع عملية ا١تقاصة بُت فروع ا١تصارف التجارية(.)2
-أن يتم توزيع السيولة على حسب تسلسل األرقام يف ا١تصارف ،وال يكون ذلك عن طريق السحب
اليومي؛ إذ ىذه الطريقة جعلت العاطلُت عن العمل ىم ا١تستفيدون من ذلك ،حيث ٕتدىم يوميا أمام
ا١تصارف مًتبصُت ينتظرون إيداع ا١تواطنُت أو ٣تيء العملة إىل ا١تصرف من قبل ا١تصارف الرئيسة،
ويبقى أصحاب األعمال فًتات طويلة دون سحب معاشاهتم.
-تشجيع ا١تودعُت أبسبقية السحب عند اٟتاجة.
-ينبغي على األئمة والوعاظ وا٠تطباء أن ينبهوا ا١تواطنُت إىل االبتعاد عن فكرة اجملنب ،وا٠توف من
عدم اٟتصول على السيولة مستقببل ،وأن ىذا من قبيل األرزاق اليت بيد هللا.
-ينبغي على الناس الذين لديهم سيولة تكفيهم أن ال يزاٛتوا إخواهنم على ا١تصارف ،قال تعاىل :ﮋ َوَم ْن
ِ
فﮊ [النساء .]6 :وإن كانت ىذه اآلية قد وردت يف أموال اليتامى إال أهنا ٯتكن َكا َن َغنِيًّا فَلْيَ ْستَ ْعف ْ
تنزيلها على ىذه الواقعة.
-على ا١تصارف أن تشجع أصحاب رؤوس األموال على إيداع أموا٢تم فيها ابلعمل فيها مضاربة يف
شركات مضمونة الربح.
-اٟتد من اإلنفاق على الكماليات ،فيبتعد الناس عن مظاىر الًتف والتفاخر والتباىي.
ين إِ َذا أَن َف ُقوا َملْ يُ ْس ِرفُوا َوَملْ يَ ْقتُ ُروا َِ
-ينبغي التوسط يف اإلنفاق ببل إفراط وال تفريط ،قال تعاىل :ﮋ َوالذ َ
ك قَ َو ًاماﮊ [الفرقان ]67 :فضبل عن التبذير ا١تنهي عنو ،قال تعاىل :ﮋ َوالَ تُبَ ِّذ ْر تَْب ِذ ًيرا إِ َن وَكا َن ب ِ
ُت ذَل َ َ َْ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ين َكانُواْ إ ْخ َوا َن الشَيَاطُت َوَكا َن الشَْيطَا ُن لَربّو َك ُف ًوراﮊ [اإلسراء .]27 ،26 ِِ
الْ ُمبَ ّذر َ
٬ -تب وضع عقوابت رادعة على من يثبت استغبللو لوظيفتو من عمال ا١تصارف.
()1
انظر األمن وسحب األرصدة من أسباب نقص السيولة بليبيا tweetأجواء نت.
()2
انظر األمن وسحب األرصدة من أسباب نقص السيولة بليبيا tweetأجواء نت.
174
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
-عدم ا١تغاالة يف قيمة ا١تصاريف اإلدارية اليت تتقاضاىا ا١تصارف يف نظَت الصكوك ا١تصدقة؛ ألن
ذلك يرىق كاىل ا١تواطنُت ،و٬تعلهم ٭تجمون عن التعامل هبا.
-عدم قبول التحويل عن طريق اإليداع ا١تصريف أو الشيكات ا١تصدقة من اٞتهات اليت تتبع الدولة من
مؤسسات وشركات وٚتعيات تعاونية حىت تتوفر السيولة يف ا١تصارف ،وال تبقى حكرا على ا١تتعاملُت
مع تلك اٞتهات.
()1
انظر الصحاح (نقد) ص ، 1062ولسان العرب (نقد) ، 4517/6والتضخم النقدي يف الفقو اإلسبلمي ص 32
174
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وىي قطع من ورق خاص ،تزين بنقوش خاصة ،وٖتمل أعدادا صحيحة ،يقابلها يف العادة رصيد
معدٍل بنسبة خاصة ٭تددىا القانون ،وتصدر إما من اٟتكومة أو من ىيئة تبيح ٢تا اٟتكومة إصدارىا؛
ليتداو٢تا الناس عملة (.)1
والنقد اصطالحا :ىو كل شيء يلقى قبوال عاما كوسيط للتبادل (.)2
نشأة النقود وتطورىا:
مرت النقود يف اتريخ البشرية أبطوار متعددة ،وقبل أن تعرفها البشرية كانت تتعامل اب١تقايضة( )3اليت
كانت تبلئم ذلك الزمن؛ ابعتبارىا وسيلة لتبادل السلع فيما بينهم ،لكن تطور اٟتياة ،وما يف األخذ
اب١تقايضة من صعوابت جعلها عاجزة عن تلبية حاجات األفراد من السلع وا٠تدمات ،ففكرت البشرية
يف ابتداع وسيلة أخرى تتبادل هبا ما ٭تتاجو الناس من سلع وخدمات ،فظهرت فكرة النقود يف صورة
نقود سلعية ٗتتلف ابختبلف األمم واٞتماعات؛ حيث اختارت كل أمة وسيطا يناسب البيئة اليت
تعيشها ،لكنهم انصرفوا عنها لصعوبة نقلها وٛتلها ،فبحثوا عن وسيلة أخف منها ،فتعاملوا ابلنقود
ا١تعدنية (الفلوس) ،مث اىتدوا يف فًتة الحقة إىل النقود الورقية ا١تعمول هبا يف وقتنا اٟتاضر(.)4
ومل يكن األخذ ابلنقود الورقية دفعة واحدة ،وإ٪تا كان على مراحل ،فخوفا من ضياع النقد يف
األسفار التجارية اختار التجار طريق التحويل ١تن يريدون التعامل معو ،مث رأوا عدم تعيُت أشخاصهم يف
اٟتوالة( ،)5و١تا كثر التعامل هبذه الطريقة ،ووجدت األوراق التحويلية قبوال أصدر الصيارفة أوراقا مصرفية
جديدة بقدر اٞتزء ا١تتداول يف األسواق(.)6
وهبذا صارت النقود الورقية ٙتنا ،هبا تقوم األشياء ،و٭تصل هبا الوفاء واإلبراء؛ ابعتبارىا وسيطا يف
التبادل والتداول.
()1
انظر ٣تلة ٣تمع الفقو اإلسبلمي ،842 /3بًتقيم الشاملة آليا
()2
زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص 28
()3
ا١تقايضة :ىي مبادلة السلع بسلع أخرى مباشرة أو مبادلة سلع ٓتدمات .معجم مصطلحات االقتصاد وا١تال وإدارة األعمال
ص .50
()4
انظر أحكام ٖتويل النقود ص ، 40و٣تلة البحوث اإلسبلمية 201/1
()5
اٟتوالة شرعا :انتقال مال من ذمة احملال إىل ذمة احملال عليو .شرح منتهى اإلرادات 135/2
()6
انظر ٣تلة البحوث اإلسبلمية 201/1
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ومنذ ظهور النقود اعتٌت الفقهاء بتكييفها الفقهي؛ إلنزال اٟتكم الشرعي ا١تناسب ٢تا ،وىو ما
سأدرسو يف الفقرة التالية.
()1
انظر مزيدا من األقوال يف ىذه ا١تسألة كتاب التضخم النقدي يف الفقو اإلسبلمي ص 45وما بعدىا.
()2
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 40و٣تلة البحوث اإلسبلمية 205/1
()3
٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 206/1وانظر نوازل الزكاة ص 151
()4
انظر األوراق النقدية ص ، 167ونوازل الزكاة ص ، 150وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 39و٣تلة
البحوث اإلسبلمية 204/1
()5
انظر نوازل الزكاة ص ، 151و٣تلة البحوث اإلسبلمية 206/1
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
"٧تد أن الغالب يف النقد الورقي أنو غَت مغطى بنقد معدٍل ،وإ٪تا غطاؤه التزام سلطاٍل بضمان قيمتو
يف حال تعرضو للبطبلن ،وإذن فبل يصلح ىذا الدليل سندا ٢تذا القول" (.)1
- 3انتفاء القيمة الذاتية ٢تذه األوراق حيث إن ا١تعترب ما تدل عليو من العدد ال قيمتها الورقية.
ونوقش :أبن األ وراق النقدية ما دامت متصفة ابلقابلية العامة ابعتبارىا وسيطا للتبادل ،فإن انتفاء
القيمة الذاتية ٢تذه األوراق غَت معترب ،وال فرق بُت أن تكون ىذه األوراق قيمتها يف ذاهتا أو يف أمر
خارج عنها" ،ويؤيد ىذا أن سلطات سك النقود ا١تعدنية جرت على أن ٕتعل للنقود ا١تعدنية قيما أكثر
من قيمتها الذاتية حفاظا على بقائها ،ومنعا من صهرىا سبائك معدنية ،ومىت كنا نرى جزءا من قيمة
النقد ا١تعدٍل ليس لو مقابل إال االلتزام السلطاٍل ،ومل نقل أبن الزايدة على قيمتو الذاتية سند على
الدولة ،فليبطل القول أبن األوراق النقدية سند على الدولة ،على أن ىذا القول ال يعٍت انتفاء مسؤولية
الدولة عن ا٢تيمنة على ثبات قيمتها يف حدود ا١تستوى االقتصادي العام ،أو ضمان قيمتها يف حال
إبطا٢تا"(.)2
- 4ضمان سلطات إصدارىا قيمتها عند إبطا٢تا ومنع التعامل هبا(.)3
ونوقش :أبن األوراق النقدية ليست سندا ،بل ورقة عملة موضوعة للتعامل أبعياهنا ،كالتعامل أبعيان
النقود الذىبية والفضية وغَت٫تا من ا١تعادن ،وأن ماليَتَها مربوطة أبعياهنا ،وأن رواجها عند ا١تتعاملُت هبا
بسبب التزام واضعها دفع قيمتها ا١ترقومة فيها لكل من أتى ليبيعها لو ،ومن أتلفها فقد أتلف قيمتها،
بتمو٢تا وتداو٢تا وترويج التعامل
وضمان سلطات إصدارىا قيمتها وقت إبطا٢تا ىو سر اعتبارىا والثقة ُّ
هبآ ،تبلف ورقة السند؛ فإهنا موضوعة للتذكر ،وال يتعامل أبعياهنا ،وال مالية ٢تا إال بقدر قيمتها
األصلية ،وال تروج يف ا١تعامبلت ،وأن ما رقم فيها ليس قيمة ٢تا ،بل دين يف ذمة ا١تدين ال يضيع بتلف
السند ،ومن أتلفها ٕتب عليو قيمتها األصلية(.)4
مث إن القول بسنديتها فيو حرج وضيق على الناس وإيقاعهم يف مشقة عظيمة يف معامبلهتم ال سيما بعد
أن عم التعامل هبذه األوراق النقدية بُت الشعوب اإلسبلمية ،وأصبحت ىي العملة الوحيدة السائدة
()1
٣تلة البحوث اإلسبلمية 206/1
()2
ا١ترجع نفسو.
()3
انظر األوراق النقدية ص ، 168وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 39و٣تلة البحوث اإلسبلمية 204/1
()4
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص 42
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ص على حكمو إذا دار بُت ما الرائجة .ومن األصول العامة يف الشريعة اإلسبلمية أن األمر الذي مل يُنَ ّ
يقتضي التشديد على الناس وما يقتضي التخفيف عنهم يف معامبلهتم وعباداهتم تَ َر َجح جانب
التخفيف على جانب التشديد ،قال تعاىل :ﮋ َوَما َج َع َل َعلَْي ُك ْم ِيف ال ِّدي ِن ِم ْن َحَرٍجﮊ [اٟتج ،]78 :وعن
أنس -هنع هللا يضر -عن النيب -ملسو هيلع هللا ىلص -قال« :يَ ِّسروا وال تُ َع ِّسروا ،وبَ ِّشروا وال تُنَ ِّفروا» ( .)1وغَت ذلك من
اآلايت واألحاديث اليت تدل على يسر الشريعة وٝتاحتها (.)2
ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية اآلتية:
– 1عدم جواز السلم هبا فيما ٬توز السلم فيو؛ إذ يشًتط يف صحة السلم قبض رأس مال السلم يف
٣تلس العقد( ،)3وقبض البائع األوراق النقدية واٟتال أهنا سندات يعترب حوالة هبا على مصدريها.
-2عدم جواز صرفها بنقد معدٍل من ذىب أو فضة ولو كان يدا بيد؛ ألن الورقة النقدية -على رأي
أصحاب ىذا القول -وثيقة بدين غائب عن ٣تلس العقد ،ومن شروط الصرف التقابض يف ٣تلس
العقد(.)4
- 3يعترب التعامل ابألوراق النقدية ٔتوجب ىذا القول من قبيل اٟتوالة اب١تعاطاة على اٞتهة اليت
أصدرهتا ،ويف القول بصحة العقود اب١تعاطاة( )5خبلف بُت أىل العلم( ،)6وعلى فرض أن القول ابعتبار
ابعتبار ا١تعاطاة موضع اتفاق بُت أىل العلم فمن شروط اٟتوالة أن يستطيع احملال استيفاء حقو من
احملال عليو ،ويف ىذه ا١تسألة ال ٯتكن أن يستويف احملال مقابل الورقة من رصيدىا كما يدل على ذلك
التطبيق العملي ،فتعترب اٟتوالة بذلك ابطلة (.)7
()1
أخرجو البخاري يف صحيحو 28/1كتاب العلم ،ابب ما كان النيب ملسو هيلع هللا ىلص يتخو٢تم اب١توعظة والعلم كي ال ينفروا ،رقم (.)68
()2
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ،43و٣تلة البحوث اإلسبلمية 207/1
()3
جوز ا١تالكية أتخَت رأس ا١تال ١تدة يومُت أو ثبلثة وإن بشرط على ا١تشهور .انظر الشامل يف فقو اإلمام مالك ، 615/1
والبهجة يف شرح التحفة ، 261/2ومواىب اٞتليل يف شرح ٥تتصر خليل 517/4
()4
انظر األوراق النقدية ص ، 168وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 43و٣تلة البحوث اإلسبلمية ،207/1
وستأيت شروط الصرف يف ا١تبحث الثاٍل.
()5
ا١تعاطاة :ىي أن يعطيو الثمن فيعطيو ا١تثمون أو العكس من غَت إ٬تاب من البائع وال استيجاب من ا١تشًتي .حاشية العدوي
على شرح كفاية الطالب الرابٍل 180/2
()6
ا١تشهور يف مذىب الشافعي رٛتو هللا عدم صحتها مطلقا؛ الشًتاط أن يكون اإل٬تاب والقبول فيها لفظُت .انظر اجملموع
شرح ا١تهذب 162/9
()7
انظر ٣تلة البحوث اإلسبلمية 205/1
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
- 4القول ابعتبارىا سندات بديون على جهة إصدارىا يدخلها يف خبلف أىل العلم يف زكاة الدين
ىل ٕتب زكاتو قبل قبضو أو بعده؟ وابلتايل عدم وجوب زكاهتا لدى من يقول بعدم وجوب الزكاة يف
الدين قبل قبضو؛ المتناع قبض مقابل ىذه السندات(.)1
- 5بطبلن بيع ما يف الذمة من عروض أو أٙتان هبذه األوراق؛ لكوهنا واثئق بديون غائبة ،وىو من
قبيل بيع الكالئ ابلكالئ ،وقد هنى النيب -ملسو هيلع هللا ىلص -عن بيع الكالئ ابلكالئ(.)3( )2
القول الثاٍل :أن األوراق النقدية َع ْرض من عروض التجارة ٢تا ما للعروض من ا٠تصائص واألحكام.
ويوجو القائلون هبذا القول قو٢تم ابلتوجيهات اآلتية:
- 1إذا عمدت اٞتهات ا١تختصة إىل نوع من جنس الورق ،فأخرجت للناس منو قصاصات صغَتة
مشغولة ابلنقش والصور والكتاابت ،وقررت التعامل هبا ،وتلقاىا الناس ابلقبول ،فقد انتقل ىذا الورق
من جنسو ابعتبار ،وانتفى عنو حكم جنسو لذلك االعتبار؛ النتفاء فوائد االنتفاع بو ورقا يكتب فيو
وٖتفظ فيو األشياء ،فإذا كان الناس ٭ترصون على اٟتصول عليو ويرضونو ٙتنا لسلعهم سواء أكانت
سلعا عينية أم خدمات فليس ابعتباره ماال متقوما مرغواب فيو بعد تقطيعو قصاصات صغَتة مشغولة
ابلن قش والكتابة والصور ،بل ألنو انتقل إىل جنس ٙتٍت بدليل فقده قيمتو كليا يف حال إبطال السلطان
التعامل بو.
أما ٥تالفة ذاتو ومعدنو ذات النقدين الذىب والفضة ومعدهنما فاٞتواب عن ذلك فرع عن ٖتقيق القول
يف علة الراب يف النقدين ىل ىي الثمنية -كما ىو رأي احملققُت من أىل العلم ،فينتفي الفارق ا١تؤثر
بينهما الشًتاكهما فيها -أم أن العلة غَتىا؟(.)4
()1
انظر األوراق النقدية ص ، 169وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 40و٣تلة البحوث اإلسبلمية 205/1
()2
قال اٟتاكم" :ىذا حديث صحيح على شرط مسلم ومل ٮترجاه ،وقيل :عن موسى بن عقبة عن عبد هللا بن دينار" ،وعلق
الذىيب قي تلخيصو بقولو :على شرط مسلم .لكن قال ابن ا١تلقن :ومن ىذا يتبُت وىم اٟتاكم يف حكمو على ىذا
اٟتديث أبنو على شرط مسلم حيث ظن أن راويو موسى بن عقبة ،وقد سعى يف ذلك البيهقي حيث قال يف سننو بعد ما
رواه من رواية موسى غَت منسوب عن انفع كما سلف .وقال اٟتافظ ابن حجر" :قال أٛتد :ليس يف ىذا حديث يصح،
لكن إٚتاع الناس على أنو ال ٬توز بيع دين بدين" .انظر ا١تستدرك على الصحيحُت للحاكم مع تعليقات الذىيب عليو يف
التلخيص ، 65/2والبدر ا١تنَت ،568/6والتلخيص اٟتبَت 71/3
()3
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 40و٣تلة البحوث اإلسبلمية 205/1
()4
أْتاث ىيئة كبار العلماء 68/1
141
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
- 2ما كتب عليها من تقدير قيمتها وتعيُت اٝتها يعترب أمرا اصطبلحيا ٣تازاي ال ٗترج بو عن حقيقتها
من أهنا مال متقوم ليست من جنس الذىب وال الفضة وال غَت٫تا من األموال الربوية (.)1
ونوقش :أبن تسمية ىذه األوراق بدينار أو دوالر أو غَت٫تا تعترب حقائق عرفية ال ٣تازية ال سيما يف
وقتنا ىذا الذي اختفى فيو الذىب والفضة عن األسواق كنقد سائد يف التداول ،وحلت ىذه ا١تسميات
٤تلها يف الثمنية (.)2
- 3انتفاء اٞتامع بُت الورق النقدي والنقد ا١تعدٍل يف اٞتنس وإمكان التقدير وا١تماثلة ،أما اٞتنس
فالورق النقدي قرطاس ،والنقد ا١تعدٍل معدن نفيس من ذىب أو فضة أو غَت٫تا من ا١تعادن ،وأما
إمكان التقدير فالنقد ا١تعدٍل موزون ،وأما القرطاس فبل دخل للوزن وال للكيل فيو (.)3
ونوقش :أبنو بعد ٖتقيق القول يف علة الراب يف النقدين ،وأن القول الراجح فيها ىي الثمنية فاٞتامع
موجود(.)4
- 4الورق النقدي مال متقوم مرغوب فيو يباع ويشًتى ،وٗتالف ذاتو ومعدنو ذات الذىب والفضة،
وليس مكيبل وال موزوان ،فتعُت أن يكون عروضا (.)5
- 5أن ىذه األوراق تقوم مقام النقد يف جراين ا١تعامبلت ووجوب العبادات ا١تالية من زكاة وغَتىا،
وٗتالف النقد يف أنو ال ٬تري فيها الراب؛ ألهنا ورق ،وال تدخل يف منصوص الذىب والفضة ،وال جامع
بُت الورق والنقد ا١تعدٍل يف اٞتنس ،وال يف القدر(.)6
وٯتكن مناقشة ىذين الدليلُت :أبن يف القول بعرضية األوراق النقدية تفريطا تنفتح بو أبواب الراب على
مصارعها ،وتسقط بو الزكاة عن غالب األموال ا١تتمولة يف زماننا ىذا ،ويتضح ذلك اب١تثال اآليت :مسلم
ٯتلك مليون جنيو إسًتليٍت أودعو أبحد ا١تصارف بفائدة قدرىا % 8مل يقصد هبذا ا١تبلغ التجارة ،وإ٪تا
يريده ابقيا عند البنك بصفة مستمرة على أن أيخذ فائدتو ليقوم بصرفها على نفسو يف شؤون حياتو
()1
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص 44
()2
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 47و٣تلة البحوث اإلسبلمية 208/1
()3
انظر ٣تلة البحوث اإلسبلمية 207/1
()4
انظر ا١ترجع نفسو 209/1
()5
انظر نوازل الزكاة ص ، 151و٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 207/1وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص 44
()6
انظر األوراق النقدية ص ، 175وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص 44
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
مثبل ،فبل أبس ٔتقتضى ىذا القول بصنيعو ىذا؛ ألن ىذا ا١تبلغ ليس نقدا فيجري فيو الراب ،وال زكاة
فيو؛ لكونو عرضا مل يقصد بو التجارة (.)1
- 6أن ىذه األوراق إذا سقط التعامل هبا أو اهنارت دولتها أو اٞتهة اليت أصدرهتا بقيت ال قيمة ٢تا،
وبطل التعامل هبا(.)2
ونوقش :أبن ىذا دليل على أهنا ليست سلعة؛ ألن الغرض من السلع االنتفاع بذاهتا ،واألوراق النقدية
غَت منتفع هبا كبقية السلع؛ إذ ال غرض فيها ،وإ٪تا ىي وسيلة للحصول على السلع وا٠تدمات ،ولو
كانت سلعة لبقيت قيمتها حىت عند إبطال حكوماهتا ٢تا؛ ألن اٟتكومات ال تستطيع إلغاء منفعة
السلعة (.)3
- 7األصل يف ا١تعامبلت اٟتل حىت يرد دليل ا١تنع ،وليس عندان دليل ٯتنع ذلك (.)4
ونوقش :أبنو مع التسليم هبذه القاعدة فإن دليل ا١تنع وارد بناء على أن علة الراب يف النقدين الثمنية(.)5
ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية التالية:
- 1عدم جواز السلم هبا لدى من يقول ابشًتاط أن يكون رأس مال السلم نقدا من ذىب أو فضة
أو غَت٫تا من أنواع النقد؛ ألن األوراق النقدية ٔتقتضى ىذا القول عروض ،وليست أٙتاان (.)6
- 2عدم جراين الراب بنوعيو فيها ،فبل أبس ببيع بعضها ببعض متفاضبل ،فيجوز بيع العشرة ٓتمسة
عشر أو أقل أو أكثر ،كما ٬توز بيع بعضها بثمن من األٙتان األخرى كالذىب أو الفضة أو غَت٫تا من
ا١تعادن واألوراق النقدية نسيئة (.)7
- 3عدم وجوب الزكاة فيها ما مل تعد للتجارة؛ ألن من شروط وجوب الزكاة يف العروض أن تعد
للتجارة (.)1
()1
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 45و٣تلة البحوث اإلسبلمية 208/1
()2
انظر األوراق النقدية ص ، 175وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص 44
()3
انظر األوراق النقدية ص 178
()4
انظر ٣تلة البحوث اإلسبلمية 207/1
()5
انظر ا١ترجع نفسو 209/1
()6
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 46و٣تلة البحوث اإلسبلمية 207/1
()7
انظر األوراق النقدية ص ، 176وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 46و٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 208/1
ونوازل الزكاة ص 151
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
– 4عدم جواز جعل ىذه األوراق رأس مال شركة مضاربة؛ إذ يشًتط فيو أن يكون ٙتنا من األٙتان،
عرض(.)2 وىي ْ
القول الثالث :أن ىذه األوراق النقدية كالفلوس يف طروء الثمنية عليها ،فما ثبت للفلوس من أحكام
يف الراب والزكاة وال َسلَم ثبت مثلها لؤلوراق النقدية.
()3
ويرى أصحاب ىذا القول أن األوراق النقدية كالفلوس النحاسية يف ٚتيع أحكامها ظاىرا وابطنا ويف
نفس األمر فبل تكون من األموال الزكوية ،فتباع وتقرض متساواي ومتفاضبل أبجل وغَته؛ لعدم وجود
علة الراب فيها ،وتُوىب ويوصى هبا ،ويتصرف فيها صرف العملة الرائجة من غَت النقدين؛ فهي بنفسها
ليست ذىبا وال فضة ،وإ٪تا ىي أٙتان تتغَت كما تتغَت القروش ابلكساد والرواج وتقرير اٟتكومات.
ونوقش ىذا القول أبمور عدة ،منها:
- 1أن األوراق النقدية ليس ٢تا قيمة إذا أبطل التعامل هبا أو كسدتٓ ،تبلف الفلوس فإن ٢تا قيمة
إذا أبطل التعامل هبا أو كسدت ،وقيمتها يف نفسها ،فأشبهت سائر العروض (.)4
- 2األوراق النقدية ٔتزيد قبو٢تا وكثرة رواجها يف ا١تعامبلت وطغياهنا على سائر األٙتان يف سوق
ا١تعاوضات صارت موغلة يف الثمنية اآلن أكثر من الفلوس(.)5
- 3األوراق النقدية يف غبلء قيمتها اآلن كالنقدين ،بل بعضها أغلى بكثَتٓ ،تبلف الفلوس؛ فإهنا
تستخدم يف تقوَل احملقرات من السلع ،وىذه احملقرات ٦تا تعم اٟتاجة إليها ،فالتخفيف يف أحكامها أمر
حاجي( )6تقتضيو ا١تصلحة العامة كالعرااي ،والتجاوز عن يسَت الغرر واٞتهالة .ولعل ىذا ىو التعليل يف
منع جراين راب الفضل فيهآ ،تبلف األوراق النقدية(.)7
()1
انظر ا١تراجع السابقة.
()2
انظر األوراق النقدية ص 176
()3
الفلوس لغةٚ :تع فلس للكثرة ،وٚتع القلة أفلس ،وابئعها فبلس ،وأفلس الرجل :إذا صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراىم،
فكأ٪تا صارت درا٫تو فلوسا وزيوفا ،وفلسو القاضي تفليسا :حكم إبفبلسو .والفلوس :عملة يتعامل هبا مضروبة من غَت
الذىب والفضة ،وكانت تقدر بسدس الدرىم .انظر ا١تعجم الوسيط ،700 /2وا١توسوعة الفقهية الكويتية 204 /32
()4
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 49و٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 210/1ونوازل الزكاة ص 152
()5
انظر ا١تراجع نفسها.
()6
اٟتاجي :ىو ما يقع يف ٤تل اٟتاجة ال يف ٤تل الضرورة كاإلجارة فإهنا مبنية على مسيس اٟتاجة إىل ا١تساكن مع القصور عن
٘تلكها وامتناع مالكها عن بذ٢تا عارية .إرشاد الفحول 24/2
()7
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 49و٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 210/1ونوازل الزكاة ص 152
147
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
- 4أن لؤلورا ق النقدية مزيد فضل على الفلوس؛ حيث تتم هبا أو ابلنقدين صفقات ذات قيمة عالية،
والراب يف الغالب ال يكون إال يف صفقات ذات قيمة عالية نسبيا(.)1
- 5أن الذين قالوا إبٟتاق األوراق النقدية ابلفلوس أعطوا أحكامها أحكام الفلوس ومل ٭تددوا ٤تل
اإلٟتاق؛ بينما الفقهاء -رٛتهم هللا -اختلفوا يف ٤تل اإلٟتاق ،وانقسموا يف ذلك االختبلف إىل
قسمُت:
القسم األول :نظر إىل أصلها ،ففرق بينها وبُت النقدين يف الراب والصرف والسلم والزكاة ،وقال هبذا
القول األئمة األربعة.
القسم الثاٍل :نظر إىل واقعها بعد انتقا٢تا عن أصلها ،فاعتربىا أٙتاان ،وأثبت ٢تا أحكام األٙتان يف الراب
والصرف والسلم والزكاة ،وقال هبذا القول بعض الفقهاء من اٟتنفية وا١تالكية اٟتنابلة(.)2
ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية التالية:
اختلف القائلون هبذا القول فيما بينهم ،فبعضهم جعلها كالفلوس من كل وجو يف أهنا ال زكاة فيها وال
راب ،وال ٕتب الزكاة فيها إال بنية التجارة ،وهبذا يتفقون مع القائلُت أبهنا عروض ٕتارة.
وبعضهم أجرى فيها راب النسيئة فقط؛ التفاقها مع النقدين يف الثمنية ،ومنع جراين راب الفضل فيها
ْتجة أهنا ليست كالنقدين من كل وجو(.)3
القول الرابع :األوراق النقدية متفرعة عن ذىب أو فضة
ويتلخص ىذا القول يف أن األوراق النقدية بدل ١تا استعيض هبا عنو ،و٫تا النقدان الذىب والفضة،
وللبدل حكم ا١تبدل عنو مطلقا.
ويوجو أصحاب ىذا القول قو٢تم أبن ىذه األوراق النقدية قائمة يف الثمنية مقام ما تفرعت عنو من
ذىب أو فضة حالَة ٤تلها جارية ٣تراىا معتمدة على تغطيتها ٔتا تفرعت عنو منهما ،واألمور الشرعية
ٔتقاصدىا .ويؤيد القول بثمنيتها أنو إذا زالت عنها الثمنية أصبحت ٣ترد قصاصات ورق ال تساوي بعد
()1
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 49و٣تلة البحوث اإلسبلمية 210/1
()2
انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 49و٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 210/1ونوازل الزكاة ص 153
()3
انظر األوراق النقدية ص ، 192وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 47و٣تلة البحوث اإلسبلمية 209/1
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
إبطا٢تا شيئا ٦تا كانت تساويو قبل اإلبطال ،ويلزم سلطة اإلصدار تعويض حاملها إما ٔتقابلها من جنس
رصيدىا ،وإما أبوراق أخرى تقوم مقام مقابلها من الرصيد حسب ما تراه الدولة من ا١تصلحة (.)1
ونوقش ىذا القول :أبنو مبٍت على افًتاض أن األوراق النقدية مغطاة غطاء كامبل بذىب أو فضة،
وحيث إن الواقع خبلف ذلك ،وأن غالب األوراق النقدية ٣ترد أوراق وثيقية مستمدة من َس ِّن الدولة
التعامل هبا ،وتلقي الناس إايىا ابلقبول ،وأن القليل ا١تغطى ال يلزم أن يغطى ابلذىب أو الفضة ،بل قد
يغطى بغَت٫تا من عقار أو أوراق مالية من أسهم أو سندات ال تقدر قيمتها بذىب وال فضة ،وإ٪تا
تُق َدر ُبع َمل ورقية ،فضبل عن اٟترج وا١تشقة يف القول هبذا الرأي يف مسائل الصرف عند اشًتاط ا١تماثلة
يف اٞتنس ،ال سيما مع اختبلف جهات إصدارىا ،وتفاوت أسباب الثقة والقوة بينها (.)2
وأجيب :أبن ما قيل من أن ىذا الرأي يستلزم اٟترج وا١تشقة يف مسائل الصرف؛ الشًتاط ا١تماثلة يف
اٞتنس غَت مسلم؛ فإن ما اشًتط من ا١تماثلة يف حال معاوضة بديل الذىب مثبل بعضو ببعض قد
اشًتط يف حال معاوضة الذىب نفسو بعضو ببعض ،ومل يعترب ذلك حرجا ،فكذا ال يعترب اشًتاط
ا١تماثلة يف حال ا١تعاوضة يف البديل حرجا ،ويؤيد ما ذكر من البدلية واعتبار الرصيد قائما أن قيمة
عرضا وطلبا فقط ،بل ٗتضع يف األوراق النقدية ال ٗتضع يف صعودىا وىبوطها ٟتالة السوق التجارية ْ
ذلك أيضا ٟتالة رصيدىا قوة وضعفا ،فإن كان ٢تا نسبة معتربة من الرصيد مع مبلءة الدولة ،أو
ارتبطت بعملة لدولة أخرى مليئة معتربة ،كعملة الدوالر أو اإلسًتليٍت يف الوقت اٟتاضر أثبتت وجودىا
وعلت قيمتها ،وإال تزلزلت وىبطت قيمتها ،ويشهد لذلك حالة الورق النقدي يف بعض الدول العربية
حينما انفصل عن اإلسًتليٍت ،فهبط بعد أن كان صاعدا مرتفعا سعره يف السوق العا١تية ،ويؤيد اعتبار
الرصيد -أيضا ،وأنو مل يزل قائما -أن الدولة إذا أبطلت نوعا من األوراق النقدية لزمها تعويض من
بيده األوراق إما أبصل الرصيد أو أبوراق أخرى تقوم مقام نصيبها من الرصيد ،وإ٪تا منعت الدولة
التعويض عن األوراق ٔتا يقابلها من نفس الرصيد ٤تافظة على خاماهتا الثمينة وٛتاية ٢تا من تبلعب
الناس فيها ،أو هتريبها إىل غَت ىذا من أنواع العبث ،وقد يكون احتفاظها ابلرصيد ١تعٌت اقتصادي
جعل الدولة ٖتل األوراق ٤تل الذىب أو الفضة (.)3
()1
انظر األوراق النقدية ص ، 204وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 51و٣تلة البحوث اإلسبلمية 208/1
()2
انظر نوازل الزكاة ص ، 153وانظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 51و٣تلة البحوث اإلسبلمية 208/1
()3
٣تلة البحوث اإلسبلمية 212/1
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
( )1انظر األوراق النقدية ص ، 206وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 51و٣تلة البحوث اإلسبلمية 208/1
(٣ )2تلة البحوث اإلسبلمية ، 208/1وانظر األوراق النقدية ص 204
( )3انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 51و٣تلة البحوث اإلسبلمية 208/1
(٣ )4تلة البحوث اإلسبلمية 211/1
( )5انظر األوراق النقدية ص ، 204وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ، 51و٣تلة البحوث اإلسبلمية 208/1
( )6انظر األوراق النقدية ص 204
( )7األوراق النقدية ص 209
( )8انظر أْتاث ىيئة كبار العلماء 92/1
( )9انظر قرار اجملمع الفقهي اإلسبلمي للرابطة رقم 5/6 22حول العملة الورقية.
( )10انظر قرار ٣تمع الفقو اإلسبلمي التابع ١تنظمة ا١تؤ٘تر اإلسبلمي رقم /9د ، 86/07/3ونوازل الزكاة ص 154
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ويتلخص ىذا القول يف أن الورق النقدي نقد قائم بنفسو كالذىب والفضة وغَت٫تا من األٙتان ٦تا
يلقى قبوال عاما كوسيط للتبادل بُت الناس ،وأن العمبلت الورقية أجناس تتعدد بتعدد جهات إصدارىا
(.)1
ويوجو ىذا القول ٔتا أييت:
- 1ما عليو الببلد من حال اقتصادية.
- 2ثقة الناس هبا ثقة اتمة جعلتها صاٟتة لتكون مستودعا عاما لبلدخار ،وقوة للشراء ،ومقياسا
للقيم(.)2
بس ِّن الدولة ٢تا وٛتايتها إايىا ،واالعًتاف بذلك أكسبها قوة اإلبراء العام (.)3
- 3قانونيتها َ
- 4ال ٭تتم قانون إصدار األوراق النقدية تغطيتها ٚتيعها ،فيكفي تغطية بعضها بغطاء مادي لو قيمة
يف نفسو ولو مل يكن ذىبا وال فضة ،على أن يكون الباقي أوراقا وثيقية ال غطاء ٢تا إال التزام سلطة
اإلصدار ٔتا سجل عليها عند إبطا٢تا.
- 5التعهد ا١تسجل على ىذه األوراق ال يقصد بو إال تذكَت ا١تسؤولُت عن مسؤوليتهم ٕتاىها ،واٟتد
من اإلفراط يف اإلصدار دون استكمال أسباب الثقة هبا ،فهي ليست إسنادا ،وليس التعهد هبا سر
قبو٢تا.
- 6ليس لؤلوراق النقدية قيمة يف نفسها ،وإ٪تا قيمتها يف أمر خارج عنها ،فليست عروضا.
- 7رجحان القول أبن علة الراب يف النقدين الثمنية مع االعًتاف بثمنية األوراق النقدية.
ٖ - 8تقق الشبو بينها وبُت الذىب والفضة ا١تسكوكتُت يف الثمنية ،ويف وقوع الظلم والعدوان
واالضطراب يف ا١تعامبلت إذا جعل كل من ىذه األٙتان سلعا كالعروض تباع وتشًتى ،فأعطيت
حكمها ال حكم العروض.
- 9اختبلف جهات اإلصدار فيما تتخذه من أسباب الثقة ابألوراق النقدية؛ لتحل ٤تل الذىب
والفضة ،وتكسب قبوال عاما ،وإبراء اتما ،واختبلف ىذه اٞتهات –أيضا -قوة وضعفا وسعة وضيقا
يف االقتصاد والسلطان وغَت ذلك ٦تا يقضي أبهنا أجناس ٥تتلفة ابختبلف جهات إصدارىا ،فكما أن
()1
انظر األوراق النقدية ص ، 209و٣تلة البحوث اإلسبلمية 212/1
()2
انظر ص 98و 99من كتاب قصة النقود نقبل عن ٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 214/1ونوازل الزكاة ص 154
()3
٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 214/1ونوازل الزكاة ص 154
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
الذىب والفضة جنسان؛ الختبلف كل منهما عن اآلخر يف القيمة الذاتية ،فكذلك العمبلت الورقية
أجناس؛ الختبلف كل منها عن األخرى ٔتا تقدرىا بو جهات إصدارىا ،وفيما تتخذه من أسباب
لقبو٢تا وإحبلل الثقة هبا(.)1
ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية اآلتية:
()2
- 1جراين الراب بنوعيو فيها كما ٬تري الراب بنوعيو يف الذىب والفضة وغَت٫تا من األٙتان .
- 2عدم جواز بيع اٞتنس الواحد بعضو ببعض ،أو بيع جنس منها بغَته من األجناس الثمنية األخرى
من ذىب أو فضة أو غَت٫تا نسيئة.
- 3عدم جواز بيع اٞتنس الواحد بعضو ببعض متفاضبل سواء كان ذلك نسيئة أو يدا بيد.
- 4جواز بيع األوراق النقدية بعضها ببعض متفاضبل إذا اختلف اٞتنس وكان يدا بيد ،فيجوز بيع
رايل الفضة برايلُت من الورق مثبل ،وبيع اللَتة برايل سعودي فضة كان أو ورقا ،وبيع الدوالر ٓتمسة
رايالت أو أقل أو أكثر إذا كان يدا بيد؛ ألن ذلك يعترب بيع جنس بغَت جنسو ،وال أثر جملرد االشًتاك
يف االسم مع االختبلف يف اٟتقيقة.
- 5وجوب زكاهتا إذا بلغت أدٌل النصابُت من ذىب أو فضة ،أو تكمل النصاب معهما أو مع
أحد٫تا إذا كانت ٦تلوكة ألىل وجوهبا وحال عليها اٟتول(.)3
- 6جواز السلم هبا (.)4
– 7جواز جعل ىذه األوراق رأس مال شركة مضاربة (.)5
وىذه األحكام ٚتيعها نص عليها قرار اجملمع الفقهي اإلسبلمي للرابطة مكة (ص )22يف القرار رقم:
)5/6( 22حول العملة الورقية.
وٗتتلف األحكام الفقهية –كما رأينا -ابختبلف ىذه األقوال ،فبعضها ال يعدىا من األموال
الربوية ،وال ٕتب فيها الزكاة ،وال ٬توز اٗتاذىا رأس مال شركة مضاربة كالقول الثاٍل ،ويف بعضها عكس
()1
٣تلة البحوث اإلسبلمية 213/1
()2
األوراق النقدية ص 209
()3
انظر ا١تصدر نفسو ص 210
()4
انظر ص 6و 7من ا١توجز يف اقتصادايت النقود لؤلستاذ ج .ف .كراوذ .نقبل عن ٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 214/1
ونوازل الزكاة ص 154
()5
انظر األوراق النقدية ص 210
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ذلك ٘تاما كالقولُت الرابع وا٠تامس ،ويف بعض آخر خبلف بُت ا١تذاىب الفقهية .ومن أبرز ما
اختلفت فيو ىذه األقوال مسألة الراب ،وىي مدار ىذا البحث.
ادلطلب الثاين :األعمال ادلصرفية
تصدر الشيكات عن طريق مؤسسة مالية تعرف اب١تصرف (البنك) ،ومن أغراضو قابليتو للسحب
عن طريق اٟتساابت اٞتارية ا١تسجلة يف ا١تصارف اليت تعتربىا نقودا؛ لقيامها بدور الوسيط يف التبادل،
وتسدد هبا قيم السلع وا٠تدمات عن طريق الشيكات .ويف ىذا ا١تطلب سأعطي تعريفا للمصرف ،وأىم
األعمال اليت تقوم هبا ا١تصارف ،مث أتناول تعريف اٟتساابت اٞتارية والتكييف الفقهي ٢تا ،وأخَتا
تعريف الشيك ا١تصريف والتكييف الفقهي لو.
أوال :تعريف ادلصرف وأىم أعمالو
ادلصرف يف اللغة :مكان الصرف ،ويف األوساط ا١تالية ا١تصرف ىو البنك ،فكلمة مصرف ىي ترٚتة
للكلمة البلتينية [بنك]" ،ولفظ البنك مشتق من اللفظة اإليطالية (بنكو) أي مائدة؛ إذ كان لكل
(.)1
صَتيف يف القرون الوسطى مائدة يضعها يف الطريق عليها نقود يتجر فيها"
ويعرف ادلصرف :أبنو مؤسسة مالية متخصصة يف اقًتاض النقود ،مث إقراضها والتمويل هبا (.)2
أىم أعمال ادلصارف:
ٗتتلف األعمال اليت تقوم هبا ا١تصارف التجارية وا١تتخصصة عن األعمال اليت يقوم هبا ا١تصرف
ا١تركزي.
أ -األعمال اليت يقوم هبا ا١تصرف ا١تركزي:
– 1إصدار البنكنوت.
– 2القيام اب٠تدمات ا١تصرفية اليت تطلبها اٟتكومة.
– 3مراقبة االئتمان.
– 4إدارة احتياطات الدولة من العمبلت األجنبية.
ب -األعمال اليت تقوم هبا ا١تصارف التجارية:
– 1االقًتاض من الغَت.
()1
ا١تفصل يف أحكام الراب 136/2
()2
األسهم وا١تعامبلت ا١تعاصرة 18/4
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
– 2إقراض الغَت.
– 3خصم األوراق التجارية.
– 4فتح االعتمادات.
– 5إصدار خطاابت الضمان.
– 6فتح اٟتساابت اٞتارية(.)1
اثنيا :تعريف احلساابت اجلارية والتكييف الفقهي ذلا
احلساابت اجلارية :ىي ا١تبالغ اليت يودعها أصحاهبا يف البنوك بقصد أن تكون حاضرة التداول،
والسحب عليها ٟتظة اٟتاجة ْتيث ترد ٔتجرد الطلب ،ودون توقف على أي إخطار سابق من أي
نوع(.)2
وٝتيت ابٞتارية؛ نظرا الرتفاع معدل السحب منها واإلضافة إليها اب١تقارنة مع غَتىا من الودائع خبلل
فًتة زمنية معينة(.)3
وكما تسمى ابٟتساابت اٞتارية تسمى أيضا ابلودائع اٞتارية ،والودائع اٟتالَة ،والودائع ٖتت الطلب(.)4
التكييف الفقهي للحساب اجلاري:
اختلف الفقهاء ا١تعاصرون يف تكييف اٟتساب اٞتاري على أقوال ،أبرزىا قوالن(:)5
القول األول :أنو وديعة( )6اب١تعٌت الفقهي ،وبو قال بعض الباحثُت ا١تعاصرين (.)7
واستدل القائلون بو ابآليت:
()1
انظر ا١تعامبلت ا١تالية ا١تعاصرة يف ميزان الفقو اإلسبلمي ص 120وما بعدىا.
()2
الودائع ا١تصرفية النقدية واستثمارىا يف اإلسبلم ،د .حسن عبد هللا األمُت ص 209نقبل عن اٟتساابت اٞتارية حقيقتها
تكييفها ص ،21وانظر العموالت ا١تصرفية ص 203
()3
األوراق النقدية قيمتها وأحكامها ص ، 303وانظر النقود وا١تصارف لكمال شرف وآخر ص 184
()4
انظر العموالت ا١تصرفية ص 208
()5
يف ا١تسألة أقوال أخر ،ىي :أنو عقد إجارة ،أنو وديعة شاذة أو انقصة ،أنو عقد ذو طبيعة خاصة ،أنو ليس من العقود
ا١تسماة .انظر اٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص .9
()6
الوديعة لغة :واحدة الودائع ،وأتيت ٔتعٌت الدفع والقبول ،يقال :أودعتو ماال :أي دفعتو إليو ليكون وديعة عنده ،وأودعتو أيضا:
إذا دفع إليك ماال ليكون وديعة عندك فقبلتها .وىو من األضداد .واستودعتو وديعة :إذا استحفظتو إايىا.
ويف االصطبلح :ىي ا١تال ا١توضوع عند أجنيب ليحفظو .انظر الصحاح (ودع) ص ، 1130وروضة الطالبُت 285/5
()7
انظر نوازل الزكاة ص ، 164والعموالت ا١تصرفية ص 207
141
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
- 1أن أموال اٟتساب اٞتاري عبارة عن مبالغ توضع لدى ا١تصرف ،ويسحب منها يف الوقت الذي
ٮتتاره ا١تودع ،وذلك كل ما يطلب يف الوديعة اٟتقيقية ،وال توجد أي شائبة يف ذلك (.)1
ونوقش ىذا االستدالل :بعدم التسليم؛ وذلك ألن الوديعة وإن كان ا١تقصود ردىا عند الطلب ،إال أنو
يقصد هبا -أيضا -عدم التصرف فيها ،وأموال اٟتساابت اٞتارية يتصرف فيها ا١تصرف ٔتجرد
استبلمها ،مث يرد بد٢تا ،وىذا ينطبق على القرض ٔتعناه الشرعي ال على الوديعة (.)2
- 2أن ا١تصرف ال يتسلم ىذه الوديعة على أهنا قرض ،بدليل أنو يتقاضى أجرة (عمولة) على حفظ
الوديعة ٖتت الطلب ،بعكس الوديعة ألجل اليت يدفع ىو عليها فائدة (.)3
ونوقش :أبن األجور اليت أيخذىا ا١تصرف من صاحب اٟتساب اٞتاري ال يُسلم على أهنا يف مقابل
اٟتفظ ،بل ىي يف مقابل ا٠تدمات اليت يقدمها ا١تصرف لصاحب اٟتساب؛ كإصدار دفًت الشيكات،
وبطاقة السحب اآليل ،وكشوف اٟتساب وغَتىا من ا٠تدمات ،مع أن الواقع أن أغلب ا١تصارف ال
أتخذ أجورا يف مقابل فتح اٟتساب(.)4
- 3أن ا١تصرف يتعامل ْتذر شديد عند استعمال أموال اٟتساابت اٞتارية والتصرف فيها ،مث يبادر
بردىا فورا عند طلبها ٦تا يدل على أهنا وديعة(.)5
ونوقش :أبن ىذا التصرف من ا١تصرف ال يغَت من حقيقة العقد ،والواقع أن ا١تصرف يتصرف يف مال
اٟتساب اٞتاري ٓتبلف ما ذكر حيث يقوم ٓتلطها ٔتالو ومال العمبلء اآلخرين ٔتجرد استبلمها ،مث
يتصرف فيها كما لو كانت ملكو.
وأما كونو يبادر بردىا عند طلبها فهذا ال ينفي كوهنا قرضا؛ ألن ا١تقرض لو طلب بدل القرض يف ِّ
اٟتال
حاال ،فكان لو طلبو كسائر الديون اٟتالَة ،وألنو سبب يوجب رَد مطلقا؛ ألن القرض يثبت يف الذمة ًّ
ا١تثل أو القيمة فكان ًّ
حاال (.)6
()1
اٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص ، 10وانظر العموالت ا١تصرفية ص 208
()2
اٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص ، 10وانظر ا١تنفعة يف القرض ص 304
()3
انظر العموالت ا١تصرفية ص ، 210واٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 10
()4
انظر العموالت ا١تصرفية ص ، 211واٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 10
()5
اٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 10
()6
اٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 10
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وكذلك فإن ا١تبادرة بردىا عند طلبها فيو حفاظ على ٝتعة ا١تصرف ،وٖتفيز للتعامل معو ،ويف ىذا
التعامل فوائد ترجع إىل ا١تصرف كما ىو معلوم(.)1
ا١تودع عندما يدفع ا١تال يف اٟتساب اٞتاري للمصرف ال يقصد أبدا أن يق ِرض ا١تصرف ،وال - 4أن ِ
ا١تودع ومال غَته ،وإ٪تا مقصوده -أي ِ
ا١تودع أن يشاركو يف األرابح العائدة للمصرف من استغبلل ١تال ِ
-حفظ مالو ،مث طلبو عند اٟتاجة إليو ،وىذا مقتضى عقد الوديعة ،فبل يسمى فعلو إقراضا (.)2
ا١تودع ال يقصد إقراض ا١تصرف ال يؤثر يف حقيقة العقد؛ ألن عامة ا١تتعاملُت مع ونوقش :أبن كون ِ
ا١تصارف ال يدركون الفرق بُت معٌت القرض ومعٌت الوديعة ،وال يستحضرون الفروق بينهما ،فهم ال
هتمهم ا١تصطلحات بقدر ما هتمهم النتائج والغاايت ،واٟتاصل أن ا١تتعاملُت مع ا١تصارف بوضع أموا٢تم
يف اٟتساابت اٞتارية يريدون حفظ أموا٢تم مع ضماهنا من ا١تصرف ،وىذا يف حقيقتو قرض ال وديعة،
ومن ا١تعلوم كذلك أن ا١تصرف ال يقبل حفظ ىذه األموال إال ألجل التصرف فيها ،وىذا ىو معٌت
القرض ،والقاعدة أن العربة يف العقود اب١تقاصد وا١تعاٍل ال ابأللفاظ وا١تباٍل(.)3
– 5أن يف تكييف الودائع على أهنا قرض فيو ٥تاطرة على العميل ا١تودع ٔتالو وتعريضو للضياع ،وذلك
يف حال إفبلس ا١تصرف؛ إذ يدخل يف ا١تنافسة مع الغرماء اآلخرينٓ ،تبلف ما لو اعتربت وديعة ،فإنو
يك ون لو اٟتق يف أخذ وديعتو أوال ابعتبارىا أمانة من غَت أن يدخل منافسا ْتصتو مع الغرماء
اآلخرين(.)4
ونوقش :أبن مراعاة مصلحة أحد طريف العقد (العميل) ليست أبوىل من مراعاة الطرف اآلخر
(ا١تصرف) ،مث إن مصلحة العميل –أحياان -يف تكييفها على أهنا قرض؛ إذ لو كيفت على أهنا وديعة
وتلفت بدون تفريط مل يضمنهآ ،تبلف ما لو كيفت على أهنا قرض (.)5
القول الثاٍل :أنو قرض( ،)6فا١تودع ىو ا١تقرض ،وا١تصرف ىو ا١تقًتض ،وبو قال أكثر الفقهاء ا١تعاصرين
ا١تعاصرين ( ،)1وقرره ٣تمع الفقو اإلسبلمي رقم )9/3( 86بشأن الودائع ا١تصرفية (حساابت
()1
ا١تصدر نفسو ص 11
()2
انظر العموالت ا١تصرفية ص ، 210واٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 11
()3
اٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 10
()4
انظر العموالت ا١تصرفية ص ، 211واٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 20
()5
انظر العموالت ا١تصرفية ص 212
()6
سيأيت تعريف القرض لغة وشرعا يف ا١تطلب ا١تخصص للقرض.
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ا١تصارف) ا١تنعقد يف دورة مؤ٘تره التاسع أبيب ظيب بدولة اإلمارات العربية ا١تتحدة من 6 -1ذي القعدة
1415ى ا١توافق 6 -1نيسان (أبريل) 1995م حيث جاء فيو :بعد اطبلعو على البحوث قرر:
أوال :الودائع ٖتت الطلب (اٟتساابت اٞتارية) ،سواء أكانت لدى البنوك اإلسبلمية أو البنوك الربوية
ىي قروض اب١تنظور الفقهي ،حيث إن ا١تصرف ا١تستلم ٢تذه الودائع يده يد ضمان ٢تا ،وىو مل زم شرعا
ابلرد عند الطل ب ،وال يؤثر على حك م القرض ك ون البنك (ا١تقًتض) مليئا .)2("...
واستدل القائلون بو ابألدلة اآلتية:
الدليل األول :أن ا١تصرف ٯتتلك الودائع اٟتالة ،ويكون لو اٟتق يف التصرف فيها ،ويلتزم برد مثلها عند
الطلب ،وىذا معٌت القرض الذي ىو دفع مال ١تن ينتفع بو -أي يستخدمو ويستهلكو يف أغراضو-
ويرد بدلو ،وىذا ٓتبلف الوديعة يف االصطبلح الفقهي اليت ىي ا١تال الذي يوضع عند إنسان ألجل
اٟتفظْ ،تيث ال يستخدمها ويردىا بعينها إىل صاحبها(.)3
ونوقش :أبن تصرف ا١تصرف فيها ال ٮترجها عن كوهنا وديعة؛ ألنو تصرف مأذون فيو ،وقد نقل
اإلٚتاع على جواز التصرف يف الوديعة إبذن مالكها (.)4
وأجيب :أبن التصرف يف الوديعة ابستهبلكها ٬تعلها مضمونة فتنقلب قرضا ،وقد ذكر الفقهاء أن إعارة
الدراىم والداننَت إلنفاقها يقلب عقد اإلعارة إىل عقد قرض ،فكذلك اٟتال ابلنسبة للوديعة (.)5
الدليل الثاٍل :أن ا١تصرف يلتزم برد مبلغ ٦تاثل عند طلب الوديعة اٞتارية ،ويكون ضامنا ٢تا إذا تلفت
سواء أكان بتفريط منو أو تَ َع ٍّد أم ال ،وىذا مقتضى عقد القرضٓ ،تبلف الوديعة يف االصطبلح
بتعد منو أو تفريط ضمن ،وإال مل يضمن(.)6 الفقهي حيث تكون الوديعة أمانة عند ا١تودع ،فإن تلفت ٍ
ونوقش :أبن الضمان شرط عريف ٥تالف لطبيعة الوديعة يف الشريعة(.)7
()1
انظر نوازل الزكاة ص ، 163والعموالت ا١تصرفية ص 207
()2
٣تلة اجملمع الفقو اإلسبلمي ،العدد التاسع 667/1
()3
انظر العموالت ا١تصرفية ص ، 208وا١تنفعة يف القرض ص ، 8واٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 9
()4
العموالت ا١تصرفية ص ، 208وانظر اإلٚتاع البن ا١تنذر ص ، 35رقم (.)566
()5
العموالت ا١تصرفية ص ، 208وانظر البناية شرح ا٢تداية ، 150 /10وا١تغٍت 516/5
()6
انظر العموالت ا١تصرفية ص ، 208وا١تنفعة يف القرض ص ، 9واٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 9
()7
العموالت ا١تصرفية ص 209
147
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وأجيب :أبن الذي أبطل ىذا الشرط ىو االلتزام بتكييف الودائع اٞتارية على أهنا وديعة اب١تعٌت
الفقهي ،ولو كيفت على أهنا قروض مل ٭تصل اإلشكال(.)1
الدليل الثالث :أن ا١تصرف ال أيخذ أموال اٟتساابت اٞتارية أمانة عنده ٭تتفظ بعينها لًتد إىل
أصحاهبا ،وإ٪تا يستهلكها ويستثمرىا يف أعمالو ،ال سيما أموال اٟتساابت اٞتارية اليت تدفع بعض
ا١تصارف عليها فوائد ربوية ،فما كان ا١تصرف ليدفع ىذه الفوائد مقابل االحتفاظ ابألماانت وردىا إىل
أصحاهبا فقط(.)2
ومن التطبيقات اليت حدثت يف ىذا الوقت ما يكون بُت األفراد الطبيعيُت ،حيث يلجأ بعض ا١تواطنُت
الذين ٬تدون صعوبة يف سحب مرتباهتم وأموا٢تم يف مصارفهم إىل أن يعملوا شيكا مصدقا إىل مواطن
آخر تكون إمكانية السحب يف مصرفو أفضل حاال من األول ،فما نوع ىذه العبلقة؟ وما اٟتكم يف
تصرف ا١تودع لديو هبذا ا١تبلغ بناء على ىذا التكييف؟
ا١تودع لديو) على أساس عقد الوديعة والوكالة .أما ِ
تقوم العبلقة التعاقدية بُت ىذين ا١تواطنُت (ا١تودع و َ
(ا١تودع لديو) دون أن ِ
وجو كوهنا وديعة فؤلن ا١تودع ىو الذي أراد وضع مبلغ مايل يف حساب اآلخر َ
للمودع لديو أي منفعة يف ذلك ،وىذا ىو مقتضى عقد الوديعة .فيده يد أمانة ال يضمن إال يف يكون َ
()3
حال التعدي أو التفريط .
أما وجو كوهنا عقد وكالة فلما يف قيام الوكيل (ا١تودع لديو) مقام صاحب ا١تال يف سحبو ،والوكيل
أمُت فيما يقبضو وفيما يصرفو ،وال يضمن إال ابلتعدي.
ا١تودع لديو هبذا ا١تبلغ بناء على أنو عقد وديعة فبل ٬توز لو إال إذا كان مأذوان لو
وأما حكم تصرف َ
يف ذلك.
اثلثا :التعريف ابلشيك وتكييفو الفقهي
نظرا للعجز ا١تستمر يف السيولة النقدية يف ببلدان أصبح التعامل ابلشيكات ٯتثل جانبا كبَتا من
ا١تعامبلت ا١تالية يف حياة ا١تواطنُت .فما ا١تراد ابلشيك؟ وما التكييف الفقهي لو؟
()1
ا١تصدر نفسو.
()2
انظر اٟتساابت اٞتارية حقيقتها تكييفها ص 9
()3
انظر نيل األوطار 354/5
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
الشيك :ىو أمر مكتوب وفقا ألوضاع معينة حددهتا األنظمة يطلب بو شخص يسمى الساحب من
شخص آخر يسمى ا١تسحوب عليو أن يدفع ٔتقتضاه أو ٔتجرد االطبلع عليو مبلغا معينا من النقود
للساحب ،أو لشخص معُت ،أو ٟتاملو (.)1
ومن خبلل ىذا التعريف يتضح أن عملية السحب تشمل غالبا ثبلثة أطراف ىي :الساحب،
وا١تسحوب عليو ،وا١تستفيد .وقد تقتصر على طرفُت٫ ،تا :الساحب وىو ا١تستفيد ،وا١تسحوب عليو
(.)2
والساحب :ىو ٤ترر الشيك ،أو ىو الشخص الذي ينشئ ويصدر الشيك إىل البنك (ا١تصرف) ليقوم
البنك بدفع ا١تبلغ ا١تدون فيو للمستفيد.
وا١تسحوب عليو :ىو البنك ا١تو َجو إليو أمر الساحب بدفع مبلغ من النقود للمستفيد .
وا١تستفيد :ىو من ُحِّرر الشيك من أجلو سواء كان الساحب نفسو أو شخصا آخر(.)3
التكييف الفقهي للشيك:
تكيف الشيكات على أن ٢تا حكم النقود اليت أصدرت هبا؛ ألن ٢تا قبوال عاما ،وتؤدي وظائف
النقود ،ويعترب قبضها يف قوة قبض ٤تتواىا من النقود ما مل يدل العرف على خبلف ذلك.
وىذا ما قرره ٣تمع الفقو اإلسبلمي يف دورتو اٟتادية عشرة يف القرار السابع بشأن :قيام الشيك مقام
القبض يف صرف النقود ابلتحويل يف ا١تصارف.
القرار :أوال :يقوم استبلم الشيك مقام القبض عند توفر شروطو يف مسألة صرف النقود ابلتحويل يف
ا١تصارف(.)4
استخدام الشيك يف الصرف:
اختلف الفقهاء ا١تعاصرون يف استخدام الشيك يف الصرف على مذىبُت:
األول :عدم صحة استخدام الشيك يف عمليات الصرف ابعتباره وثيقة إبراء ٭تميها القانون.
()1
٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 142/26وانظر األسهم والسندات وأحكامهما يف الفقو اإلسبلمي ص 31
()2
انظر ٣تلة البحوث اإلسبلمية 144 /26
()3
انظر أحكام الشيك ص ، 48والضوابط الشرعية للشيكات ص 1
()4
راجع قرار اجملمع الفقهي للرابطة يف الدورة اٟتادية عشرة 1989م يف ٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 245 /42وفقو ا١تعامبلت
اٟتديثة ص 556
144
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
الثاٍل :جواز صحة استخدام الشيك يف عمليات الصرف؛ ألن قبض الشيك يقوم مقام قبض بدل
الصرف ذاتو ،وألن إعطاء الشيك يف الصرف يعد ٔتثابة التقابض اٟتال يف ٣تلس العقد.
وقد اشًتط القائلون ّتواز استخدامو شرطُت:
– 1أن يكون الشيك مؤرخا بتاريخ اليوم الذي وقع فيو الصرف(.)1
– 2أن يكون ٤ترر الشيك مليئا ْتيث يكون للشيك غطاء مايل بقيمتو يف ا١تصرف الذي حرر عليو،
فإن مل يكن للشيك غطاء مايل وطلب ٤ترر الشيك من صاحبو أال يقوم بصرف الشيك إال بعد مضي
فًتة ٤تددة يقوم بتدبَت أمره فيها وتوفَت رصيد مايل ٢تذا الشيك فإن الصرف حينئذ غَت جائز؛ ألنو صار
وثيقة ضمان ،وليس بدال للصرف ،فلم ٭تصل التقابض اٟتال يف ٣تلس العقد (.)2
وهبذا الصدد سأتعرض للخبلف الناشيء عن قبض الشيك ،ىل يعد قبضا حملتواه أو ال؟ وذلك يف
ا١تسألة اآلتية.
ىل قبض الشيك يعد قبضا حملتواه؟
اختلف الفقهاء ا١تعاصرون يف ىذه ا١تسألة على ثبلثة أقوال:
األول :أن قبض( )3الشيك ليس يف قوة قبض ٤تتواه ،وبو قال بعض ا١تعاصرين ،وحجتهم أن التصرف
()4
الذي ٯتلكو حامل الشيك من قبض ٤تتواه ىو هنائي ،يف حُت أن قابض الشيك ٯتارس عند قبض
الشيك بعض التصرفات ،وىي ا١توقوفة على الوفاء الفعلي ،وقد يكون الشيك بدون رصيد ،وبذلك
يظهر الفارق(.)5
( )1جرت كثَت من القوانُت الوضعية على أن الشيك واجب الدفع لدى االطبلع ،وال عربة ٔتا كتب عليو من اتريخ متأخر عن
وقت تقدٯتو.
( )2انظر أحكام صرف النقود والعمبلت يف الفقو اإلسبلمي وتطبيقاتو ا١تعاصرة ص 102 101
( )3القبض لغة :األخذ ،يقال :قبضت الشيء قبضا :أخذتو .والقبض :خبلف البسط ،يقال :صار الشيء يف قبضتك ،أي يف
ملكك ،واالنقباض :خبلف االنبساط ،وانقبض الشيء :صار مقبوضا.
واصطبلحا :عبارة عن حيازة الشيء والتمكن من رقبتو ،سواء أكان ٦تّا ٯتكن تناولو ابليد أو مل يكن.
انظر الصحاح (قبض) ص ، 834ومعجم ا١تصطلحات ا١تالية واالقتصادية يف لغة الفقهاء ص .358
( )4انظر أحكام الشيك ص 88
( )5انظر اٟتوالة والسفتجة بُت الدراسة والتطبيق ص ، 203وأحكام الشيك ص 88
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وأجيب :أبن ىذا الفرق ال يؤثر يف اإلٟتاق؛ حيث إن قبض احملتوى (النقد) ىو اآلخر ليس ابلنهائي؛
إذ قد يكون مزورا أو معيبا ،بل إن ٥تاطر الشيك بدون رصيد قد تقل عن ٥تاطر األوراق النقدية ا١تزيفة
من حيث إن النقود ال ٯتكن معرفة أول من َزَورىا؛ ألهنا تتداول اب١تناولة ،يف حُت أن الشيك يتداول
بطريق يتمكن فيو من معرفة من تداولو ،حيث إن كثَتا من الدول تفرض عقوبة جنائية على ٤ترر
الشيك بدون رصيد ،وىذه العقوبة تقف حاجزا ١تصدره بدون رصيد ،وعلى ذلك ٯتكن القول أبن
ُ
مسؤولية ساحب الشيك عن صدق ٤تتواه يشبو ضمان الدول لؤلوراق النقدية اليت تصدرىا ،وما بينهما
من فروق ال يؤثر يف اإلٟتاق(.)1
لكن قد يرد ىنا أبن كون األوراق النقدية مزورة أمر اندر اٟتدوثٓ ،تبلف كون الصك بدون رصيد،
ص ِدري تلك الصكوك. فالسجون َم ْؤلَى ٔتُ ْ
الثاٍل :أن قبض الشيك الذي لو رصيد يقوم مقام قبض ٤تتواه.
ذىب كثَت من ا١تعاصرين( )2إىل أن قبض الشيك قبض حملتواه؛ ألنو ٤تاط بضماانت وضوابط ٕتعل
القابض لو مالكا حملتواه ،ويستطيع أن يتصرف فيو فيبيع بو ويهب ،ويستطيع أن يظهر الشيك إىل آخر
إذا مارس أي عملية من بيع أو شراء و٨تو٫تا ( ،)3وىو ما أيدتو اجملامع الفقهية ،من ذلك أن ٣تمع
الفقو اإلسبلمي برابطة العامل اإلسبلمي يف دورتو اٟتادية عشرة أصدر قرارا ابعتبار قبض الشيك ا١تعترب
قبضا حملتواه ،ونص قراره :بعد الدراسة والبحث قرر اجمللس ابإلٚتاع ما يلي:
أوال :يقوم استبلم الشيك( )4مقام القبض عند توفر شروطو يف مسألة صرف النقود ابلتحويل يف
ا١تصارف.
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
اثنيا :يعترب القيد يف دفاتر ا١تصرف يف حكم القبض ١تن يريد استبدال عملة بعملة أخرى سواء كان
الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيو.
وقد أفتت اللجنة الدائمة أبنو يعترب تسليم الشيك قبضا كما يف اٟتوالة.
كما أصدرت ىيئة الرقابة الشرعية يف بنك ديب اإلسبلمي فتوى يف ا١تسألة جاءت ردا على سؤال
يقول :ىل يقوم قبض الشيك مقام قبض العمبلت؟ فأجابت :استقر العرف التجاري اٟتديث على أن
الشيك ورقة ٕتارية تقوم مقام النقود وتعترب أداة وفاء كالنقود ،وٚتيع القوانُت يف العصر اٟتاضر تقر ىذا
العرف وتسبغ عليو اٟتماية القانونية بسلطة الدولة ،و١تا كان ا١تتفق عليو عند ٚتيع الفقهاء أن القبض
مرجعو إىل عرف الناس حيث ال حد لو يف اللغة وال يف الشرع ،فإن استبلم الشيك ٔتقتضى عقد صرف
يعترب ٔتثابة قبض النقود يف ٣تلس العقد(.)1
كذلك أفتت ٞتنة اإلفتاء يف وزارة األوقاف الكويتية ٔتا يلي :القيد يف اٟتساابت اٞتارية على ما ىو
قبض
معمول بو بصورة ال ٯتكن الرجوع فيها إال إبرادة صاحب اٟتساب يعترب من قبيل القبض ،وىو ٌ
حكما بناءً على العرف اٞتاري يف ا١تعامبلت ا١تصرفية ،ألن القبض ورد الشرع ابألمر بو ومل ٭تدد كيفية
معينة لو(.)2
ومن أدلة ىذا الرأي األدلة اآلتية (:)3
أ -أن قبض الشيك كاٟتوالة ،فإن من خصائصو أنو ال ينبغي أن يسحب إال على من لديو مقابل
وفائو ،وأنو ال يلزم العتباره شيكا قبول ا١تسحوب عليو ،وىذه خصائص اٟتوالة ،فيأخذ حكمها.
ب -أن قبض الشيك ٔتثابة قبض النقود يف عرف الناس ،قال ابن قدامة" :وقبض كل شيء ْتسبو"(،)4
وألن القبض مطلق يف الشرع ،فيجب الرجوع فيو إىل العرف كاإلحراز والتفرق.
لكن ينبغي التنبيو إىل أن الشيك إذا كان مؤجبل –عند من يقول :ليس واجب الدفع لدى االطبلع-
فإن قبضو ال يعترب قبضا حملتواه ،وعليو ال ٬توز أن يتم التقابض بو يف العقود اليت يشًتط فيها التقابض
للبدلُت أو أحد٫تا يف ٣تلس العقد(.)5
()1
فقو ا١تعامبلت 203/2
()2
انظر ْتوث لبعض النوازل الفقهية ا١تعاصرة 6/11
()3
انظر ا١ترجع نفسو.
()4
ا١تغٍت 442/4
()5
انظر أحكام الشيك ص 92
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
()1
انظر ا١ترجع نفسو ص 88و 89
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ويغتفر أتخَت القيد ا١تصريف ابلصورة اليت يتمكن ا١تستفيد هبا من التسلم الفعلي ،للمدد ا١تتعارف عليها
يف أسواق التعامل ،على أنو ال ٬توز للمستفيد أن يتصرف يف العملة خبلل ا١تدة ا١تغتفرة إال بعد أن
٭تصل أثر القيد ا١تصريف إبمكان التسلم الفعلي.
-2تسلم الشيك إذا كان لو رصيد قابل للسحب ابلعملة ا١تكتوب هبا عند استيفائو وحجزه للمصرف.
وهللا أعلم(.)1
ومن األحكام الفقهية اليت تتعلق ٔتسألة البحث يف بيع النقد ابلشيك:
إذا كانت ا١تبادلة بنقد من جنس العملة اليت أصدر هبا الشيك فيجب حينئذ التقابض والتماثل ،وال
صرف بنفس العملة(.)2 ٬توز صرف الشيك أبقل من قيمتو إذا ُ
وإذا كانت ا١تبادلة بنقد من غَت جنس العملة اليت أصدر هبا الشيك –حاال كان أو مصدقا -فيجب
حينئذ التقابض يف ٣تلس العقد فقط ،ويكون سعر الصرف حسب ما يتفقان عليو( ،)3وكذا اٟتال لو
كان البدالن شيكُت(.)4
ويتحقق التقابض يف بيع الشيكات وشرائها أبن يتسلم البنك العملة ،أو ٗتصم من حساب العميل،
ويتسلم العميل الشيك يف الوقت نفسو ،على أن يكون الشيك مستحق الدفع فورا عند تقدٯتو
للمسحوب عليو .وقد ذكر الفقهاء أن من القبض اٟتكمي الذي يقوم مقام القبض اٟتقيقي ما
يسمى ابلقيد ا١تصريف يف حال أودع أحد الطرفُت ا١تال يف حساب الطرف اآلخر مباشرة أو ْتوالة
مصرفية ،ومن ذلك أيضا تسليم شيك مصدق.
ال ٬توز بيع الشيك ا١تؤجل بنقد مطلقا؛ النعدام شرط التقابض والتناجز بُت البدلُت يف ٣تلس العقد
( ،)5ولكن ٬توز أن ٬تعل ٙتنا لسلعة حالة معينة(.)6
و٦تا كثر وانتشر يف اآلونة األخَتة شراء الذىب والعمبلت الورقية دوالرا كانت أم أسًتلينيا من احملبلت
التجارية مقابل شيك مصدق ،فهذا جائز بشرط التقابض يف ٣تلس العقد يدا بيد يف حال القدرة على
()1
٣تلة اجملمع ع ،6ج 1ص 453
()2
الضوابط الشرعية للشيكات ص ، 3وانظر أحكام الشيك ص 127
()3
انظر أحكام الشيك ص 128
()4
انظر ا١ترجع نفسو ص 127
()5
انظر ا١ترجع نفسو ص 126
()6
انظر الضوابط الشرعية للشيكات ص 5
441
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
سحب قيمة الصك مىت أراد حاملو ،وال ٬توز شراؤه نسيئة ،أي مع أتخَت قبض الثمن ،أو ابلدَين ،بل
البد من البيع نقدا مع التقابض يف ٣تلس العقد ،وأما إذا كانت الشيكات مؤجلة أبن كتب عليها
اتريخ متأخر عن اتريخ شراء الذىب ولو بيوم واحد فهذه ا١تعاملة ٤ترمة؛ ألهنا أخلت بشرط التقابض
يف ٣تلس العقد( .)1لكن واقع ما ٬تري يف مصارفنا ٮتتلف أمره بسبب أزمة السيولة ،والذىب والعمبلت
صارت ال تراد لذاهتا ،وإ٪تا تراد للحصول على النقد (السيولة) مقابل الشيكات اليت يصعب اٟتصول
على النقد من خبل٢تا بسبب األزمة ،وألنو لو كان الشيك يقوم مقام النقد يف مثل ىذه األحوال ١تا
وجد فرق كبَت بُت سعر البيع نقدا وسعر البيع ابلشيك ا١تصدق .وعليو فالشيك ا١تصدق يكون دينا
على ا١تصرف ،وال يكون للشيك حينئذ حكم القبض.
وعليو فبل ٬توز أن يشًتى بو الذىب والدوالرات وما يف حكمهما؛ ألن من أيخذ منك الشيك ال
ٯتكنو أخذ العملة ٔتجرد مراجعتو ا١تصرف ،بل يتأخر يف استبلم ا١تال إىل توفر السيولة(.)2
وىناك من ذىب إىل جواز مثل ىذه ا١تعامبلت بشرط أن يتم االتفاق وتقابض العوضُت يف ا١تصرف
أبن يستلم ا١تشًتي العملة ،ويستلم البائع الشيك ا١تصدق أو تودع القيمة يف حسابو.
ادلبحث الثاين :اجلانب الفقهي
ال ٯتكن إصدار حكم صحيح على شيء إال بعد تصوره تصورا يزيل إهبامو ،ويبُت ا١تراد منو ،وٖتديد
العبلقة بُت طريف العقد يف ا١تعاملة ضروري؛ إذ األحكام قد ٗتتلف من عقد آلخر ،فيدخل الراب يف
بعضها دون بعضها اآلخر ،وىذا ٬تعل الكبلم يف ىذا ا١تبحث على ثبلثة مطالب :ا١تطلب األول :الراب
يف األوراق النقدية ،وا١تطلب الثاٍل يف عقد الصرف ،وا١تطلب الثالث يف عقد القرض.
ادلطلب األول :الراب يف األوراق النقدية
سأتعرض يف ىذا ا١تطلب لبعض ا١تسائل اليت تتعلق ابلراب ٦تا ٢تا عبلقة ابلبحث.
أوال :تعريف الراب لغة وشرعا
الراب لغة :الزايدة ،يقالَ :راب الشيءُ يَْربُو ُربُ ّوا وِرابءً :زاد و٪تا ،وأ َْربَْيتو٪َ :تَيتو ،ويف الكتاب العزيز :ﮋويُْريب
الصدقاتﮊ [البقرة ،]276 ،ومنو أ ُِخ َذ ِ
الراب اٟتَرام قال هللا تعاىل :ﮋوما آتَْي تُم من رابً ليَ ْربُ َو يف أَمو ِال َ
ّ
()1
الناس فبل يَْربُو عند هللاﮊ [الروم. ]39 ، ِ
()1
انظر يسألونك عن ا١تعامبلت ا١تالية ا١تعاصرة ص 214
()2
انظر موقع اإلسبلم سؤال وجواب ،رقم الفتوى 268052
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وشرعا :عقد على عوض ٥تصوص غَت معلوم التماثل يف معيار الشرع حالة العقد أو مع أتخَت يف
البدلُت أو أحد٫تا(.)2
أو ىو فضل مال ببل عوض يف معاوضة مال ٔتال(.)3
وىو ينقسم –عند ٚتهور الفقهاء -إىل قسمُت(:)4
1راب الفضل :وىو بيع ا١تال الربوي ّتنسو مع زايدة يف أحد العوضُت.
2راب النّساء :ىو بيع ا١تال الربوي ٔتال ربوي آخر فيو نفس العلّة إىل أجل (.)5
اثنيا :حكم الراب وحكمة حترميو
حكم الرابٖ :ترَل الراب أمر معلوم من الدين ابلضرورة ،دل على ٖترٯتو الكتاب والسنة واإلٚتاع( ،)6فأما
الكتاب فقول هللا تعاىل :ﮋوحرم الرابﮊ [البقرة ]275 ،وما بعدىا من اآلايت.
وأما السنة فما روي عن النيب -ملسو هيلع هللا ىلص -أنو قال" :اجتنبوا السبع ا١توبقات ،قيل :اي رسول هللا ،وما ىن؟
قال :الشرك ابهلل ،والسحر ،وقتل النفس اليت حرم هللا إال ابٟتق ،وأكل الراب ،)7( "... ،وروي عن رسول
هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -أنو لعن آكل الراب ،وموكلو ،وكاتبو ،وشاىديو ،وقال :ىم سواء" ( ،)8وأٚتعت األمة على أن
الراب ٤ترم(.)9
حكمة حترمي الراب :الراب كبَتة من كبائر الذنوب ،وقد حرمو هللا ورسولو ١تا فيو من األضرار العظيمة،
والعواقب الوخيمة ،منها:
()1
انظر الصحاح (راب) ص ، 382ولسان العرب 1572/3
()2
مغٍت احملتاج ، 21/2وزاد احملتاج 21/2
()3
البناية شرح ا٢تداية 260/8
()4
قسمو الشافعية إىل ثبلثة أقسام :راب الفضل :وىو البيع مع زايدة أحد العوضُت عن اآلخر ،وراب اليد :وىو البيع مع أتخَت
قبضهما أو قبض أحد٫تا ،وراب النساء :وىو البيع ألجل .انظر زاد احملتاج 21/2
()5
الراب وبدائلو يف اإلسبلم ص 8
()6
انظر ا١تغٍت ، 338/4والشرح ا١تمتع 392/8
()7
متفق عليو .صحيح البخاري 261/4كتاب احملاربُت من أىل الكفر والردة ،ابب رمي احملصنات ،رقم ( ،)6857وصحيح
مسلم 60/1كتاب اإلٯتان ،ابب بيان الكبائر وأكربىا ،رقم (.)145
()8
أخرجو مسلم يف صحيحو 69/2كتاب ا١تساقاة ،ابب لعن آكل الراب ومؤكلو ،رقم (.)1598
()9
انظر اإلقناع ، 230/2وا١تغٍت ، 338/4والشرح ا١تمتع 393/8
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
– 1أن فيو ظلما واضحا السيما يف راب القرض؛ ألن فيو أخذ مال الغَت بغَت عوض وال جهد وال
عمل.
– 2أن يف تعاطي الراب الركون إىل الراحة والكسل وا٠تمول ،واالبتعاد عن االشتغال ابلكسب.
– 3أنو يفضي إىل انقطاع ا١تعروف وا١تواساة بُت الناس ابلقرض اٟتسن.
– 4أن فيو استغبلل الغٍت للفقَت أبخذ مالو والتضييق عليو ،و٬تعل أموال األمة يف يد طبقة معينة
تتحكم يف رقاب الناس واقتصاد الببلد.
- 5الراب مصادم لؤلخبلق انقض للفضيلة ال يعرف ا٠تلق والفضيلة وال يتقبلهما أبدا؛ ألن ا١ترابُت ال
تزيد ثرواهتم إال إذا كثرت مصائب الناس وعظمت حاجتهم ،والذين يتعاطون الراب أعداء ألداء للمجتمع
ال يرجون لو خَتا ،بل يعملون نزول ا١تصائب وخلق األزمات (.)1
_ 6يف الراب معصية كبَتة هلل تعاىل حيث ينطوي على خيانة أمانة ا١تال الذي استخلف عليو اإلنسان؛
إذ ا١ترايب ٮتون هللا ورسولو ،ويتمرد على أوامر هللا ورسولو(.)2
اثلثا :علة الراب يف النقدين
ليس من متعلق ىذا البحث دراسة علة الراب يف األصناف الربوية كلها ،وإ٪تا سأكتفي بدراسة علة
الراب يف النقدين؛ لتعلقها ٔتوضوع البحث ،وقد اختلف الفقهاء يف ىذه العلة على عدة مذاىب،
أشهرىا ثبلثة:
ا١تذىب األول :أن العلة ىي الوزن مع اٞتنس ،وىو مذىب اٟتنفية ،وأشهر الرواايت عن اإلمام
أٛتد(.)3
و٭تتج أصحاب ىذا ا١تذىب بقولو -ملسو هيلع هللا ىلص" :-ال تبيعوا الذىب ابلذىب إال وزان بوزن"( ،)4وبقولو:
"الذىب ابلذىب وزان بوزن مثبل ٔتثل ،والفضة ابلفضة وزان بوزن مثبل ٔتثل"( ،)5وجو االستدالل من
ىذين اٟتديثُت أن ذكر الوزن فيهما يدل على أنو ىو اٞتزء ا١تؤثر يف اٟتكم ،فجعل ضابط ما ٬تري فيو
()1
انظر البنوك اإلسبلمية ص 67
()2
انظر الفقو ا١تالكي وأدلتو ، 54/5والبنوك اإلسبلمية ص 67
()3
انظر بدائع الصنائع ، 44/7وا١تغٍت ، 341/4والشرح ا١تمتع 396/8
()4
أخرجو مسلم يف صحيحو 66/2كتاب ا١تساقاة ،ابب بيع القبلدة فيها خرز وذىب ،رقم (.)1591
()5
أخرجو مسلم يف صحيحو 64/2كتاب ا١تساقاة ،ابب الصرف وبيع الذىب ابلورق نقدا ،رقم (.)1588
447
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
الراب ،وٕتب فيو ا١تماثلة الوزن يف ا١توزوانت ،وطرد أصحاب ىذا ا١تذىب القاعدة يف جراين الراب يف كل
ما يوزن كاٟتديد والنحاس وغَت٫تا (.)1
ونوقش ىذا القول ٔتا يلي:
أ -التعليل ابلوزن وصف طردي(٤ )2تض ال مناسبة فيوٓ ،تبلف التعليل ابلثمنية ،فإن الدراىم والداننَت
أٙتان ا١تبيعات ،والثمن ىو ا١تعيار الذي بو يعرف تقوَل األموال ،فيجب أن يكون ٤تدودا مضبوطا ال
يرتفع وال ينخفض ،حىت ال تفسد معامبلت الناس ،ويقع االختبلف ،ويشتد الضرر ،فبل تكون الدراىم
والداننَت ٣تاال صاٟتا للتجارة (.)3
ب -وألنو لو كانت العلة يف األٙتان الوزن مل ٬تز إسبلمهما يف ا١توزوانت؛ ألن كل شيئُت ٚتعتهما علة
فدل ذلك على أن واحدة يف الراب ال ٬توز إسبلم أحد٫تا يف اآلخر كإسبلم الذىب يف الفضة والعكسّ ،
غَت٫تا مل يشاركهما يف العلة (.)4
ج -أن حكمة ٖترَل الراب ليست مقصورة على ما يوزن ،بل ىي متعدية إىل غَته ٦تا يعد ٙتنا وال
يتعامل بو وزان كالفلوس والورق النقدي؛ فإن الظلم ا١تراعى إبعاده يف ٖترَل الراب يف النقدين واقع يف
التعامل ابلورق النقدي وبشكل واضح يف غالبو تتضاءل معو صورة الظلم الواقع يف التعامل ابلذىب
والفضة متفاضبل يف اٞتنس ،أو نسيئة يف اٞتنسُت نظرا الرتفاع القيمة الثمنية يف بعضها كفئات ا١تائة
رايل واأللف دوالر(.)5
ا١تذىب الثاٍل :أن العلة ىي غلبة الثمنية ،وىو مذىب الشافعية ،وا١تشهور عند ا١تالكية(.)6
ويقصر أصحاب ىذا ا١تذىب علة الراب يف النقدين على الذىب والفضة دون غَت٫تا ،فالعلة عندىم
قاصرة (.)1
()1
انظر بدائع الصنائع ، 46/7و٣تلة البحوث اإلسبلمية 217/1
()2
الوصف الطردي :وصف مقارن للحكم وال مناسبة بينو وبُت اٟتكم ال ابلذات وال ابلتبع .معجم غريب الفقو واألصول ص
659
()3
انظر إعبلم ا١توقعُت ، 175/2والفقو اإلسبلمي وأدلتو للزحيلي 3725/5
()4
انظر كفاية النبيو يف شرح التنبيو 128/9
()5
٣تلة البحوث اإلسبلمية 217/1
()6
انظر بداية اجملتهد ، 220/2وشرح ٥تتصر خليل للخرشي ، 444 /14واٟتاوي الكبَت ، 91/5وزاد احملتاج ، 24/2
وا١تغٍت 342/4
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
()1
انظر بداية اجملتهد ، 220/2والعلة القاصرة :ىي اليت ال تتعدى ٤تل النص .نثر الورود ص 312
()2
الفقو ا١تالكي وأدلتو 69/5
()3
انظر حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرابٍل 183/2
()4
انظر اجملموع شرح ا١تهذب 392/9
()5
النقض :ىو وجود الوصف ا١تدعى كونو علة يف ٤تل مع ٗتلف اٟتكم عنو يف ذلك احملل .معجم غريب الفقو واألصول
632
()6
الطرد :ىو مبلزمة اٟتكم للوصف حال وجود الوصف .نثر الورود ص 353
()7
العكس :ىو ا١تبلزمة يف النفي ْتيث ينتفي ا١تعلول ابنتفاء علتو .ا١تصدر السابق 357
()8
انظر الفروع وتصحيح الفروع ، 294/6و٣تلة البحوث اإلسبلمية ، 218/1و٤تاضرات يف الفقو ا١تقارن ص 52
()9
٣تلة البحوث اإلسبلمية 218/1
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ا١تذىب الثالث :أن العلة ىي مطلق الثمنية ،وىو غَت ا١تشهور عند ا١تالكية ،ورواية عن اإلمام أٛتد (.)1
(.)1
وعليو فكل ما كان ٙتنا فإنو ٬تري فيو الراب ،والفرق بُت ىذا ا١تذىب وسابقو أن التعليل بغلبة الثمنية
يؤدي إىل قصر الراب على الذىب والفضة ،فبل يقاس غَت٫تا عليهما ،فبل ٬تري الراب يف الفلوس ،وال يف
األوراق النقدية حىت ولو اكتسبت القوة نفسها ،وراج استعما٢تا بُت الناس ،وأن التعليل ٔتطلق الثمنية
٬تعل العلة متعدية إىل غَت٫تا كالفلوس واألوراق النقدية (.)2
قال ابن تيمية (ت 726ه)" :والتعليل ابلثمنية تعليل بوصف مناسب؛ فإن ا١تقصود من األٙتان أن
تك ون معيارا لؤلموال يتوسل هبا إىل معرفة مقادير األموال ،وال يقصد االنتفاع بعينها ،فمىت بيع بعضها
ببعض إىل أجل قصد هبا التجارة اليت تناقض مقصود الثمنية"(. )3
وىو ما يتناسب مع الرأي الراجح الذي قررتو ا٢تيئات العلمية ،وعليو أغلب ا١تعاصرين من اعتبار
األوراق النقدية نقدا قائما بذاتو .جاء يف ٣تلس ٣تمع الفقو اإلسبلمي ا١تنعقد يف دورة مؤ٘تره الثالث
بعمان عاصمة ا١تملكة األردنية ا٢تامشية من 13 -8صفر 1407ى 16 - 11/تشرين األول
(أكتوبر) 1986م قرار رقم )3/9( 21بشأن أحكام النقود الورقية وتغَت قيمة العملة:
بعد اطبلعو على البحوث الواردة إىل اجملمع ٓتصوص موضوع أحكام النقود الورقية وتغَت قيمة العملة،
قرر ما يلي :
أوالٓ :تصوص أحكام العمبلت الورقية :أهنا نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة ،و٢تا األحكام
الشرعية ا١تقررة للذىب والفضة من حيث أحكام الراب والزكاة والسلم وسائر أحكامهما (.)4
ومن تطبيقات ىذا ا١تطلب :مسألة دفع شيك مصدق مقابل نقد.
من ا١تسائل ا١تنتشرة بُت األفراد الطبيعيُت من يقول ٞتاره أو صديقو :إذا وصل مرتبك إىل ا١تصرف
فأودع يف حسايب ا١تبلغ أو اعمل ابلقيمة شيكا مصدقا وتعال خذه نقدا ،أو العكس من ذلك ،فيستلم
احملتاج السيولة أوال ،مث يودع يف حساب اآلخر قيمتو ،وقد يكون ذلك يدا بيد.
()1
انظر شرح ٥تتصر خليل للخرشي ، 444 /14وا١تغٍت 342/4
()2
انظر ا١تعامبلت ا١تالية أصالة ومعاصرة 152 /11
()3
٣تموع الفتاوى البن تيمية 471/29
()4
٣تلة اجملمع ،العدد الثالث ، 1650/3والعدد ا٠تامس 1609/3
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
كما أن بعض األفراد من ذوي اٟتساابت يف ا١تصرف الواحد يودعون ما يف حساابهتم اٞتارية على
حساب واحد ،مث يعملون شيكا مصدقا ١تن يريد اٟتجز يف اٟتديد أو اإلٝتنت ،ويستلمون منو القيمة
نقدا يف الوقت نفسو أو قبلو أو بعده.
فهل ىذه ا١تعامبلت وما شاهبها تعد من قبيل القرض أو من قبيل الصرف؟ ومن ا١تعلوم أن اٟتكم
ٮتتلف أحياان ابختبلف تكييف العقد.
فإذا نظران إىل ىذه ا١تعامبلت على أهنا عقود صرف فاستبدال عملة بعملة أخرى من جنسها كما ىو
واقع ا١تسألة يشًتط فيو التماثل والتقابض يف اجمللس .وعليو فبل ٬توز منها إال ما كان يدا بيد.
لكن إذا نظران إىل ىذه ا١تعامبلت على أهنا عقود قرض –وىو األقرب -فبل يشًتط فيها إال الوفاء
بنفس قيمة القرض ،وال يضر العقد طلب ا١تقرض إيداع ا١تبلغ يف حسابو أوال؛ ألن من حقو أن يطلب
ذلك توثيقا ٟتقو ،فيعد الشيك ا١تصدق من ىذا القبيل.
ومن األحسن ىنا أن تكون نية ا١تتعاقدين القرض اٟتسن حىت ال يكون ىناك شبهة من شبو الراب.
ومن الوقائع اليت يكثر السؤال عنها يف الوقت اٟتاضر شراء ا١تواد الغذائية أو ا١تبلبس أو قطع غيار
السيارات عن طريق الشيكات فهذه البيوع جائزة؛ ألن أحد العوضُت مال غَت ربوي كما يف أغلب ما
ذكر ،أو ألن اٞتنس ٥تتلف ،والعلة ٥تتلفة ،فبل يشًتط فيها التقابض ،وال اٟتلول؛ ألن العقد غَت
ربوي.
ولكن من صور الراب الصريح ما ٝتعنا بو عن بعضهم من أنو يدفع تسعمائة دينار نقدا مقابل ألف
دينار شيكا.
ومن ذلك –أيضا -أن بعضا من ٕتار األعبلف يبيع كمية من األعبلف بسعر معُت على أن يكون
الثمن عن طريق شيك مصدق أو إيداع يف حسابو ،مث يشًتي ىذه األعبلف ا١تباعة نقدا من أصحاهبا،
وىذا ال شك يف أنو من بيوع العينة ( )1ا١تنهي عنها(.)2
()1
بيع العينة :ىو أن يبيع غَته سلعة بثمن مؤجل ،مث يشًتيها منو أبقل من الثمن حاال .الكايف يف فقو اإلمام أٛتد ، 16/2
وروضة الطالبُت 86/3
()2
يرى الشافعية جواز بيع العينة ،قال الشافعي :ومن ابع سلعة من السلع إىل أجل من اآلجال ،وقبضها ا١تشًتي فبل أبس أن
يبيعها من الذي اشًتاىا أبقل من الثمن .األم للشافعي 38/3
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وا١تخرج يف مثل ىذه األفعال أن يعطي تسعمائة دينار نقدا مقابل تسعمائة دينار شيكا يف الصورة
األوىل؛ الشًتاط التماثل يف حال اٖتاد اٞتنس ،أو يقرضو قرضا حسنا ،أو يشًتي منو السلعة ويبيعها
لغَت من اشًتاىا منو يف الصورة الثانية ،فيكون من بيع التورق ،وىو جائز عند ٚتهور أىل العلم.
ادلطلب الثاين :عقد الصرف
الصرف نوع من ا١تعامبلت ا١تالية اختص أبحكام ال توجد يف غَته؛ ١تا يكتنفو من أحوال يقع فيها
كثَت من الناس يف الراب.
أوال :تعريف الصرف لغة وشرعا.
الصرف لغة :الفضل والزايدة ،يقال :بُت الدر٫تُت صرف :أي فضل؛ ٞتودة فضة أحد٫تا .ومنو
اشتقاق الصَتيف ،والصَتيف :الصراف من ا١تصارفة ،وقوم صيارفة ،ا٢تاء للنسبة ( ،)1وٝتي صرفا؛ لوجوب
()1
انظر مادة (صرف) يف الصحاح ص ، 587وا١تصباح ا١تنَت ص ، 203ولسان العرب 2434/4
()2
ا١تغٍت ، 397/4واالختيار لتعليل ا١تختار 39/2
()3
انظر ا١تفصل يف أحكام الراب 468/6
()4
انظر مواىب اٞتليل ، 332/4والشرح الكبَت للشيخ الدردير ، 41/3والفقو ا١تالكي وأدلتو 70/5
()5
أخرجو مسلم يف صحيحو 64/2كتاب ا١تساقاة ،ابب الصرف وبيع الذىب ابلورق نقدا ،رقم (.)1587
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
()1
انظر أحكام صرف النقود والعمبلت يف الفقو اإلسبلمي وتطبيقاتو ا١تعاصرة ،ص 39
()2
انظر ىذه الشروط يف بدائع الصنائع ، 124/7وا١تقدمات ا١تمهدات ، 507/2وزاد احملتاج ، 24/2وا١تغٍت ، 397/4
والبنوك اإلسبلمية ص 17
()3
ا١توطأ 441كتاب البيوع ،ابب ما جاء يف الصرف ،رقم ( ،)40وسنن النسائي 273 /7ابب بيع التمر ابلتمر متفاضبل،
وقال األلباٍل :صحيح .انظر إرواء الغليل ، 195/5رقم (.)1347
()4
ا١تغٍت 397/4
()5
انظر بدائع الصنائع ، 125/7وروضة الطالبُت ، 104/3وا١تغٍت 397/4
()6
انظر بداية اجملتهد 320/2
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
األول :صحة العقد فيما قبض ،وبطبلنو فيما مل يقبض .وىذا رأي ٚتهور الفقهاء من اٟتنفية
والشافعية ،وىو ا١تذىب عند اٟتنابلة ،وقول عند ا١تالكية.
الثاٍل :بطبلن العقد يف الكل ،وىو قول عند ا١تالكية ،ووجو آخر عند اٟتنابلة (.)1
والتقابض يف النقود يتحقق أبن يسلم العميل البنك ا١تبلغ تسليما فعليا يف اٟتال ،أو ٮتصم من رصيده
فورا اآلن ،أو يقول للبنك :اخصموا من رصيدي ىذا ا١تبلغ .واب٠تصم من الرصيد يتحقق تسليم البنك
للعميل ،وبقي الطرف اآلخر وىو البنك ،عليو أن يسلم النقود ،ويف الشيك ٬تب أن يتسلم العميل
الشيك يف ا١تكان نفسو ،وال ٬توز أن أييت الشخص إىل البنك ويعطيو مثبل ألف دوالر ،ويقول :سآيت
العصر وآخذ منك الشيك مثبل؛ لعدم ٖتقق التقابض(.)2
- 2التماثل يف البدلُت إذا كان البدالن من جنس واحد كفضة بفضة أو ذىب بذىب؛ لقولو -صلى
هللا عليو وسلم -يف حديث عبادة السابق" :الذىب ابلذىب مثبل ٔتثل".
وعلى ىذا فإذا كان ا١تبلغ الذي يقدمو العميل بنفس عملة الشيك ا١تصريف ،كأن أييت العميل أبلف
دوالر والبنك سيعطيو شيكا ابلدوالرات ،فيجب أن يكون الشيك أبلف دوالر ال يزيد وال ينقص،
لكن البنوك قد أتخذ أجورا مقابل عملية إصدار الشيك .فهذه األجور اليت أيخذىا البنك جائزة
بشرطُت:
الشرط األول :أن تكون مبلغا مقطوعا اثبتا ال يزيد بزايدة ا١تبلغ ا١تدون ابلشيك.
الشرط الثاٍل :أن تكون ىذه األجور بقدر التكلفة الفعلية اليت تكبدىا البنك( )3إلصدار الشيك ،فهو
يستحق مثبل أن أيخذ تلك األجور لتغطية مصاريفو إلصدار الشيك ،أما أن يربح يف عملية إصدار
الشيك ىنا فهذا ال ٬توز.
ىذا إذا كان ا١تبلغ الذي قدمو العميل بنفس عملة ا١تبلغ ا١تدون ابلشيك .أما إذا اختلفت العملة كما لو
جاء شخص برايالت ويريد شيكا بدوالرات ،فهنا يشًتط التقابض يف اٟتال فقط (.)4
()1
انظر ا١تبسوط للسرخسي ،295/20وبداية اجملتهد ، 322/2واٟتاوي الكبَت ،80/5وا١تغٍت ، 397/4و٣تلة ٣تمع الفقو
اإلسبلمي ، 80/9و٣تلة البحوث اإلسبلمية 48/37
()2
انظر فقو ا١تعامبلت ا١تصرفية ص 46
()3
ىذا الشرط غَت متحقق يف كثَت من مصارفنا ،فتصل مصاريف إصدار الشيك ا١تصدق يف بعضها إىل ٜتسة وعشرين دينارا.
()4
انظر فقو ا١تعامبلت ا١تصرفية ص 46
441
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
– 3أن يكون العقد خاليا عن األجل ،فبل يصح أن يبيع ذىبا بذىب ،أو فضة بفضة ،أو ذىبا بفضة
مع أتجيل قبض البدلُت أو أحد٫تا؛ ألن قبض كل واحد من العوضُت مستحق قبل االفًتاق ،واألجل
يؤخر القبض لقولو -ملسو هيلع هللا ىلص -يف حديث أيب سعيد ا٠تدري – هنع هللا يضر" :-وال تبيعوا منها غائبا بناجز"(.)1
فإن اشًتط ا١تتعاقدان أو أحد٫تا إدخال األجل يف العقد فسد الصرف؛ ألن قبض البدلُت مستحق قبل
االفًتاق ،واألجل يفوت القبض ا١تستحق ابلعقد شرعا ،فيفسد العقد (.)2
وذكر اٟتنفية أنو إن اشًتط األجل ،مث أبطل صاحب األجل أجلو قبل االفًتاق ،فنقد ما عليو ،مث افًتقا
عن تقابض ينقلب العقد جائزا عندىم ،خبلفا لزفر(. )3
- 4أن يكون العقد خاليا من خيار شرط ،فإن شرط ا٠تيار فيو لكبل العاقدين أو ألحد٫تا فسد
الصرف؛ "ألن الصرف شرطو القبض يف اٟتال دون أتخَت ،وا٠تيار ال يتم معو العقد إال مع التأخَت،
وا٠تيار ٯتتنع معو اشًتاط النقد يف اٟتال ،والصرف البد فيو من النقد يدا بيد"( ،)4لكن اٟتنفية قالوا:
إذا أسقط ا٠تيار يف اجمللس يعود العقد إىل اٞتواز؛ الرتفاعو قبل تقرره ،خبلفا لزفر(.)5
وقال اٟتنابلة :ال يبطل الصرف و٨توه ابشًتاط ا٠تيار فيو كسائر الشروط الفاسدة يف البيع ،فيصح العقد
ويَ َلزم ابلتفرق(.)6
قال الكاساٍل (ت 587ى )" :وىااتن الشريطتان على اٟتقيقة فرعيتان لشريطة القبض إال أن إحدا٫تا
تؤثر يف نفس القبض ،واألخرى يف صحتو"(.)7
وإذا كان إعطاء الشيك يف مقابل استبلم ا١تبلغ مؤجبل ،فإما أن يكون مساواي للمبلغ ا١تكتوب على
الشيك أو ٥تتلفا عنو ،فإن كان مساواي لو كان من ابب راب النسيئة ،وإن كان ٥تتلفا عنو زايدة أو
()1
رواه البخاري ومسلم يف صحيحيهما .صحيح البخاري 34/2كتاب البيوع ،ابب بيع الفضة ابلفضة ،رقم (،)2177
وصحيح مسلم 63/2كتاب ا١تساقاة ،ابب الراب ،رقم (.)1584
()2
انظر بدائع الصنائع ، 135/7ومغٍت احملتاج ،24/2وكشاف القناع للبهويت ، 264/3وا١توسوعة الفقهية الكويتية
355/26
()3
انظر بدائع الصنائع ، 135/7وا١توسوعة الفقهية الكويتية 355/26
()4
مدونة الفقو ا١تالكي 269/3
()5
انظر بدائع الصنائع 135/7
()6
انظر شرح منتهى اإلرادات 201/2
()7
بدائع الصنائع 135/7
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
نقصاان فهو من راب الفضل والنسيئة معا؛ ألن ىذا عقد صرف يشًتط فيو ا١تناجزة والتماثل يف العدد يف
صرف النقود.
لكن إذا كان صرف العملة بعملة أخرى نقدا كانت أو شيكا فيشًتط فيهما التناجز فقط.
ومن تطبيقات ىذا ا١تطلب:
ما ٝتعت عنو من أن أحد األفراد اشًتى عملة من أحد التجار ،وذلك أبن استلم منو العملة يف احملل،
ووكل أحدا يعمل يف ا١تصرف بيده شيك للمشًتي إبيداع ا١تبلغ يف حساب البائع يف الوقت نفسو.
وىذه ا١تسألة إذا ٘تت على ىذه الصورة فإهنا جائزة على اعتبار أن القبض اٟتكمي يقوم مقام القبض
اٟتقيقي ،قال النووي" :ولو وكل أحد٫تا وكيبل ابلقبض ،فقبض قبل مفارقة ا١توكل اجمللس جاز ،وبعده
ال ٬توز"(.)1
كما ٯتكن أن يقوم مقام القبض الفعلي للنقد الوسائل العصرية ا١تختلفة كاٟتوالة والشيك وكل ما يعد
عرفا قبضا كما قامت السفتجة( )2قدٯتا مقام القبض ،ولكن ال ٬توز أتخَت القبض أو ما يقوم مقامو
(.)3
وىذا الذي استقر عليو رأي اجملمع الفقهي اإلسبلمي ،وجاء فيو :إن ٣تلس ٣تمع الفقو اإلسبلمي
ا١تنعقد يف دورة مؤ٘تره التاسع أبيب ظيب بدولة اإلمارات العربية ا١تتحدة من 6 -1ذي القعدة
1415ى ،ا١توافق 6 -1نيسان (أبريل) 1995م.
بعد اطبلعو على البحوث الواردة إىل اجملمع ٓتصوص موضوعٕ(( :تارة الذىب ،اٟتلول الشرعية
الجتماع الصرف واٟتوالة)) ،وبعد استماعو إىل ا١تناقشات اليت دارت حولو قرر ما يلي" :أوال :بشأن
ٕتارة الذىب:
أ ٬ -توز شراء الذىب والفضة ابلشيكات ا١تصدقة ،على أن يتم التقابض ابجمللس"(.)4
()1
انظر روضة الطالبُت 381/3
()2
السفتجة :بضم السُت ،وقيل :بفتحها فارسي معرب ،وٕتمع على سفاتج ،وىي أن يعطي آخر ماال ،ولآلخر مال يف بلد
ا١تعطي ،فيوفيو إايه ىناك ،فيستفيد أمن الطريق .ويف علم االقتصاد :حوالة صادرة من دائن يكلف فيها مدينو دفع مبلغ
معُت يف اتريخ معُت إلذن شخص اثلث ،أو إلذن الدائن نفسو ،أو إلذن اٟتامل ٢تذه اٟتوالة .انظر ا١تصباح ا١تنَت
(سفتجة) ص ، 168وا١تعجم الوسيط ، 432 /1واٟتوالة والسفتجة بُت الدراسة والتطبيق ص 140
()3
موسوعة القضااي الفقهية ا١تعاصرة ص 397
()4
٣تلة اجملمع ،ع ،9ص 65
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وأنقل ىنا فتوى تتعلق اب١تسألة ا١تطروحة ذكرىا صاحب كتاب فقو ا١تعامبلت( ،)1وىي:
السؤال :إذا قامت الشركة لنفسها أو لعمبلئها بشراء أو بيع دوالر أو عمبلت أخرى من ذمتها (أوت
رايت) على أن يتم القبض واالستبلم يف وقت الحق ،أو تدفع الشركة جزءا من ا١تبلغ يف حالة الشراء
أو تستلم جزءا من ا١تبلغ يف حالة البيع لتجنب نزول أو ارتفاع سعر العملة ا١تراد شراؤىا أو بيعها.
وٯتكن أن يطلب العميل بعد ذلك أن يبيع ىذه العملة على الرغم أنو مل يستلمها .فهل ىذا ٬توز؟.
اٞتواب :ىذه ا١تعاملة ا١تسؤول عنها مصارفة ،وال بد أن تتحقق فيها شروط الصرف الشرعية ،ومنها
قبض العمبلت ا١تصروفة يف ٣تلس العقد الذي ىو شرط لتمام صحة عقد الصرف ،وعدم قبض أحد
النقدين أو كليهما يفسد عقد الصرف لقولو -ملسو هيلع هللا ىلص" :-بيعوا الذىب ابلفضة كيف شئتم يدا بيد"(،)2
وهنى النيب -ملسو هيلع هللا ىلص -عن بيع الذىب ابلورق دينا( ،)3وهنى -ملسو هيلع هللا ىلص -أن يباع غائب منها بناجز( .)4وكلها
أحاديث صحاح ،ولقد أٚتع أىل العلم على أن ا١تتصارفُت إذا افًتقا قبل أن يتقابضا أن الصرف ال
يصح(. )5
ومعلوم أن األوراق النقدية ّتميع أجناسها قد صارت كالذىب والفضة يف كوهنا أٙتاان للسلع
وا٠تدمات ،وقيما للمتلفات ،ومقياسا للقيم ،وعلى ذلك فإنو ال ٬توز للشركة أتخَت استبلم أو تسليم
العمبلت اليت تقوم بشرائها أو بيعها ،وينطبق ىذا على ٚتيع أجناس العمبلت ،كما ينطبق ىذا من
ابب أوىل على الذىب والفضة عند بيعهما أو شرائهما.
ومهما كان االسم الذي يطلق على عقد صرف العمبلت بعضها ببعض ،أو الذىب والفضة إذا كان
يتضمن أتخَت أحد النقدين أو كليهما فبل ٬توز للشركة أن تدخل فيها ْتال ،وذلك مثل عقود الصرف
ا١تسماة عقد الصرف اآلجل ،أو عقد الصرف العاجل ،وىو يف االصطبلح التجاري ينفذ فيما بُت
ثبلثة أايم إىل ثبلثة أشهر.
()1
203/2
()2
أخرجو الًتمذي عن عبادة بن الصامت وقال :حديث حسن صحيح ،وقال األلباٍل :صحيح .سنن الًتمذي 532/2كتاب
أبواب البيوع عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،ابب ما جاء أن اٟتنطة ابٟتنطة مثبل ٔتثل وكراىية التفاضل فيو ،رقم ( ،)1240وصحيح
اٞتامع الصغَت وزايدتو ،رقم (.)3444
()3
صحيح البخاري 34/2كتاب البيوع ،ابب بيع الورق ابلذىب نسيئة ،رقم (.)2180
()4
سبق ٗتر٬تو.
()5
انظر كتاب اإلٚتاع لئلمام ابن ا١تنذر ص 30
447
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
والقبض ا١تقصود يف عقد الصرف الذي ال يصح الصرف بدونو ىو أن يكون بقبض عُت ما جرت
ا١تصارفة عليو من عملة ورقية أو ذىب أو فضة أو بشيك مقبول الدفع؛ ألنو أصبح أداة للوفاء
كاألوراق النقدية ،أو بقيد يف حساب مصريف مغطى.
وبذلك يتضح أن ا١تعاملة ا١تسؤول عنها مل يتوفر فيها شرط القبض ،ولذلك ال تصح شرعا.
ادلطلب الثالث :عقد القرض
عقد القرض مستثٌت من قاعدة راب النسيئة؛ حيث جاز التأخَت فيو مع اٖتاد اٞتنس يف النقد وغَته
سواء كان من األموال الربوية أو غَتىا؛ لًتجيح مصلحة اإلحسان على مصلحة ا١تنع ،لكن إذا وقع
القرض ليجر نفعا للمقرض دخل يف الراب( .)1وٯتكن تناول ىذا ا١تطلب يف نقاط على النحو اآليت:
أوال :تعريف القرض لغة وشرعا
ت الشيءَ أقْ ِر ُ
ضوُ قَ ْرضا: ضُالقرض لغة :بفتح القاف وكسرىا ،والفتح أشهر ،ومعناه القطع ،يقال :قَ َر ْ
ت من فبلن :أي طلبت منو القرض فأقرضٍت، ضُ قطعتو ،والقرض :ما تعطيو من ا١تال لتقضاه ،و َ
استقر ْ
جازيتُو(.)2
ضتُو :أَي َ
وقار ْ
ضتو قَ ْرضا َ
ض ،وقَ َر ْ
ت منو :أي أخذت منو ال َق ْر َ
ضُواقْ تَ َر ْ
وشرعا :عرفو الفقهاء بتعريفات متعددة ٥تتلفة األلفاظ متقاربة ا١تعاٍل منها :أنو ٘تليك الشيء على أن
يرد بدلو( ،)3أو ىو دفع مال إرفاقا ١تن ينتفع بو ويرد بدلو(.)4
اثنيا :حكم القرض وحكمة مشروعيتو
ِ
أ -حكمو :القرض مندوب ابلنسبة للمق ِرض ؛ لقولو تعاىل :ﮋ َم ْن َذا الَذي يُ ْق ِر ُ
()5
اّللَ قَ ْرضاً َح َسناً
ض َ
َجٌر َك ِرَلٌﮊ [اٟتديد ،]11 :و١تا روى أبو ىريرة -هنع هللا يضر -أن النيب -ملسو هيلع هللا ىلص -قال" :من فَي ِ
ضاع َفوُ لَوُ َولَوُ أ ْ
َُ
نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس هللا عنو كربة من كرابت يوم القيامة ،ومن يسر على معسر
يسر هللا عليو يف الدنيا واآلخرة ،وهللا يف عون العبد ما دام العبد يف عون أخيو" (.)6
()1
انظر الفقو ا١تالكي وأدلتو 321/5
()2
انظر مادة (قرض) يف الصحاح ص ، 851ولسان العرب 3588/5
()3
مغٍت احملتاج ، 117/2وزاد احملتاج 130/2
()4
اإلقناع يف فقو اإلمام أٛتد بن حنبل 146/2
()5
انظر روضة الطالبُت ، 273/3والشرح ا١تمتع 94/9
()6
أخرجو مسلم يف صحيحو 512/2كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار ،ابب فضل االجتماع على تبلوة القرآن وعلى
الذكر ،رقم (.)2699
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
وأما ابلنسبة للمق ًِتض فهو مباح يف حقو ( ،)1فقد استقرض رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -بَ ْكرا من اإلبل ،ورد
ٚتبل خيارا ،وقال" :أعطوه ،فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء" (.)2
ب -حكمة مشروعية القرض
عقد القرض من عقود اإلحسان واإلرفاق ،فيو تنفيس الكرب ،ومساعدة احملتاجُت ،وتوثيق عرى ا١تودة
واحملبة واالئتبلف بُت الناس ،وتيسَت سبل اٟتياة ،وليس وسيلة من وسائل الكسب ،وال أسلواب من
أساليب االستغبلل ،وقد دل على مشروعيتو الكتاب والسنة واإلٚتاع.
َج ٍل ُم َس ًّمى فَا ْكتُبُوهُﮊ [البقرة: ِ ِ ِ َِ
ين َآمنُوا إذا تَدايَْن تُ ْم ب َديْ ٍن إىل أ َ
فمن الكتاب قولو تعاىل :ﮋاي أَيُّ َها الذ َ
]282وىذه اآلية وإن كان سبب نزو٢تا بيع ال َسلَم إال أهنا عامة تتناول ٚتيع ا١تداينات من قرض أو
بيع أو غَت ذلك()3؛ ١تا ىو مقرر يف أصول الفقو أن العربة بعموم اللفظ ال ٓتصوص السبب(.)4
ومن السنة ما روي عن أيب رافع -هنع هللا يضر -أن رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -استسلف من رجل بَ ْكرا ،فقدمت
عليو إبل من إبل الصدقة ،فأمر أاب رافع أن يقضي الرجل بَ ْكره ،فرجع إليو أبو رافع ،فقال :مل أجد فيها
إال خيارا َرابعيا ،فقال" :أعطو إايه ،إن خيار الناس أحسنهم قضاء"(.)5
وروى ابن مسعود -هنع هللا يضر -أن النيب -صلّى هللا عليو وسلم -قال" :ما من مسلم يقرض مسلما قرضا
مرتُت إال كان كصدقتها مرة" (.)6
وأٚتع ا١تسلمون على جواز القرض(.)7
()1
انظر الشرح ا١تمتع 94/9
()2
أخرجو الشيخان واللفظ للبخاري .صحيح البخاري 89/2كتاب االستقراض وأداء الديون ،ابب ىل يعطى أكرب من سنو؟،
رقم ( ، )2392وصحيح مسلم 72/2كتاب ا١تساقاة ،ابب من استسلف شيئا فقضى خَتا منو و «خَتكم أحسنكم
قضاء» ،رقم (.)1600
()3
انظر تفسَت القرطيب ، 243/3والفقو ا١تالكي وأدلتو 321/5
()4
انظر نثر الورود ص 206
()5
صحيح مسلم 72/2كتاب ا١تساقاة ،ابب من استسلف شيئا فقضى خَتا منو و"خَتكم أحسنكم قضاء" ،رقم (.)1600
()6
رواه ابن ماجو يف سننو 500/3كتاب الصدقات ،ابب القرض ،رقم ( ،)2430قال ٤تققو شعيب األرانؤوط :حديث
حسن ،وىذا إسناد ضعيف لضعف سليمان بن يسَت ،وجهالة قيس بن رومي ،وحسنو األلباٍل يف اإلرواء رقم (، )1389
وقال يف صحيح الًتغيب والًتىيب : 538/1صحيح لغَته.
()7
انظر ا١تغٍت 586/4
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
()1
انظر روضة الطالبُت ، 273/3وا١توسوعة الفقهية الكويتية 114/33
()2
انظر بدائع الصنائع ، 653/10وا١توسوعة الفقهية الكويتية 114/33
()3
انظر بدائع الصنائع 653/10
()4
التحقيق أن عقد القرض تربع ابتداء ،معاوضة انتهاء .انظر الفقو اإلسبلمي وأدلتو ، 3097/4وا١توسوعة الفقهية الكويتية
25/2
()5
انظر زاد احملتاج ، 131/2وروضة الطالبُت ، 275/3ومنار السبيل ، 306/1والبنوك اإلسبلمية ص ، 101والفقو
اإلسبلمي وأدلتو 3792/5
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
اختلف الفقهاء فيما يصح القرض فيو ،فذىب اٞتمهور إىل صحة القرض يف كل مال يصح فيو
السلم؛ لصحة ثبوتو يف الذمة إال اٞتارية اليت ٖتل للمقًتض(.)1
وذىب اٟتنفية إىل صحة القرض يف ا١تثلي كا١تكيبلت وا١توزوانت والعددايت ا١تتقاربة دون القيميات؛
لتعذر رد ا١تثل فيها؛ فيؤدي ذلك إىل ا١تنازعة ( .)2وعلى ىذا فالقرض يف النقود صحيح عند ٚتيعهم.
خامسا :ادلنفعة يف القرض
القرض ٚتيعو يدخلو الراب سواء كان من األموال الربوية أو غَتىا ،وعليو فأي زايدة مشًتطة على
أصل القرض تعد راب قليلة كانت أم كثَتة .وا١تنفعة فيو أتخذ صورا متعددة ،فقد تكون ١تصلحة ا١تق ِرض،
أو ١تصلحة ا١تق ًِتض ،أو ٢تما معا ،كما أن ا١تنفعة قد تكون مشروطة أو غَت مشروطة.
و٭ترم كل قرض جر منفعة للمق ِرض ،كشرط رد الصحيح عن ا١تكسر ،أو اٞتيد عن الرديء ،أو شرط
رده ببلد آخر ،فإن شرط زايدة يف القدر ،حرم سواء كان ا١تال ربواي أو غَت ربوي(.)3
قال القرطيب (ت 671ه)" :وأٚتع ا١تسلمون نقبل عن نبيهم -ملسو هيلع هللا ىلص -أن اشًتاط الزايدة يف السلف
راب ولو كان قبضة من علف -كما قال ابن مسعود -أو حبة واحدة" (.)4
فإن مل تكن مشروطة وال متعارفا عليها فللمق ًِتض أن يقضي خَتا يف الصفة أو يزيد يف ا١تقدار ،واألصل
يف ذلك حديث أيب رافع السابق ،ولكونو من ابب ا١تعروف وحسن القضاء ،وىو أمر مندوب إليو(.)5
ومن تطبيقات ىذا ا١تطلب:
إذا أقرض شخص شخصا آخر نقودا ،مث عند الوفاء رد لو نقودا أو شيكا ابلقيمة نفسها فهذا جائز.
ففي قضائو نقودا يكون عامبل ابألصل؛ حيث قضى جنس ما اقًتضو ،ويف حال قبول ا١تقرض الشيك
يكون من حسن االقتضاء ،وىو جائز ،كما أن النفع ٘تحض ١تصلحة ا١تقًتض ،وىو غَت ٦تنوع.
وكذلك اٟتال إذا أقرض شخص شخصا آخر نقودا عن طريق شيك ،مث عند الوفاء رد لو شيكا ابلقيمة
نفسها فهذا جائز .ويف ىذه اٟتالة ٬توز ٖتميل ا١تقًتض أجور نفقات الوفاء والتسليم ،كرسم إيداع
الشيك ا١تصدق يف ا١تصرف ،وليست تلك زايدة ربوية ٤ترمة؛ إذ ال تعود منفعتها للمق ِرض ،بل ا١تقًتض
()1
انظر الذخَتة ، 287/5وزاد احملتاج ، 132/2وا١تغٍت 588/4
()2
انظر بدائع الصنائع 654/10
()3
انظر روضة الطالبُت 275/3
()4
تفسَت القرطيب 157/3
()5
انظر بدائع الصنائع ، 656/10وروضة الطالبُت ، 275/3والفقو اإلسبلمي وأدلتو للزحيلي 3746/5
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
ىو ا١تنتفع ،قال اٟتنفية٬ :توز ٖتميل ا١تستقرض أجرة كتابة الدين( ،)1وقال الشيخ الدردير (ت 1201
ى )" :من اقًتض إرداب( )2مثبل فأجرة كيلو على ا١تقًتض ،وإذا رده فأجرة كيلو عليو ببل نزاع" (.)3
لكن لو أقرض شخص شخصا آخر نقودا عن طريق شيك ،مث اشًتط عليو أن يرد لو القيمة عند الوفاء
نقدا فهذا غَت جائز؛ ألن فيو نفعا للمق ِرض ،ويشهد لذلك أن البيع ابلشيك صار كالبيع ابآلجل يف
أايمنا ىذه؛ إذ البيع عن طريق الشيكات أعلى سعرا بنسبة زايدة قد تصل إىل 40أو % 50من سعر
البيع ابلنقد اٟتال ٦تا يدل على أهنما غَت متساويُت ،ولو ٘تت ىذه ا١تعاملة دون شرط لكانت جائزة؛
لكوهنا تدخل يف القضاء أبفضل يف الصفة ،وىو من حسن القضاء اٞتائز شرعا.
ومن الوقائع اليت تتعلق هبذه ا١تسألة أن بعض أصحاب مصانع طوب البناء يطلب من احملتاج إىل
السيولة أن يودع قيمة النقد الذي يريده ابسم ا١تصنع يف حساب شركة اإلٝتنت ،ويشًتط عليو أن ال
يدفع إليو النقد إال بعد التصنيع والبيع ،وىذه ا١تعاملة فيها قرض جر نفعا للمقًتض وىو ِ
مودع القيمة
ىنا ،وذلك من حيث حصولو على السيولة ،وفيها نفع للمقرض وىو صاحب ا١تصنع من حيث انتظاره
إىل التصنيع والبيع ،وقد نص الفقهاء على أن يكون النفع للمقًتض ال للمقرض إال إذا كان بغَت شرط
أو عادة فيجوز.
ومنهم من جعل ضابط ا١تنفعة اٞتائزة كل منفعة يف القرض متمحضة للمقًتض ،أو كل منفعة مشًتكة
بُت ا١تقًتض وا١تقرض إذا كانت منفعة ا١تقًتض أقوى ،أو مساوية(.)4
واٞتائز يف مثل ىذه ا١تعاملة أن يستلم احملتاج إىل السيولة ا١تبلغ ٦تن يريد اٟتجز من الشركة يف مقابل أن
يتم اإليداع من حسابو يف الوقت نفسو أو بعده ،أو قبلو لكن بدون شرط.
اخلامتة
اٟتمد هلل الذي بنعمتو تتم الصاٟتات ،والصبلة والسبلم على ا١تبعوث ٓتامت الرساالت ،سيدان دمحم
وعلى آلو وصحبو ومن اىتدى هبديو وسار على هنجو إىل يوم الدين .وبعد رحلة مع ىذا البحث
ليست ابلقصَتة ىا ىي ٙتارىا أوجزىا يف النتائج والتوصيات اآلتية:
()1
انظر https://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2834
()2
اإلردب :كيل معروف ٔتصر ،وىو أربعة وعشرون صاعا .انظر كشاف القناع عن منت اإلقناع 206/2
()3
الشرح الكبَت 145/3
()4
ا١تنفعة يف القرض دراسة أتصيلية تطبيقية ص 7
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
()1
أخرجو اٟتاكم يف ا١تستدرك 37/2وقال :ىذا حديث صحيح اإلسناد ومل ٮترجاه ،ووافقو الذىيب.
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
-كما ٬تب على األئمة والوعاظ يف ا١تساجد أن يقوموا بدورىم بتوعية ا١تواطنُت هبذه األخطار ،ال سيما
خطبة اٞتمعة اليت ٭تضرىا ٚتع غفَت من أفراد اجملتمع.
-أن يتناول الباحثون يف اجملاالت الشرعية واالقتصادية والسياسية والقانونية كل حسب ٗتصصو ىذا ا١توضوع
بشكل أوسع ْتثا ،وأكثر عمقا ،ال سيما وأن معامبلت الناس بشىت صورىا ٕترى ابألوراق النقدية ،وىي أكثر
أنواع النقود عرضة للتغَتات التضخمية.
ويف ختام ىذا البحث أقول :ىذا جهد ا١تقل ،فما كان فيو من صواب فمن هللا -سبحانو وتعاىل ،-وما كان
فيو من خطأ أو تقصَت فمن نفسي ومن الشيطان ،وأسأل هللا -سبحانو وتعاىل -العفو وا١تغفرة ،وأشكره على
ما مدٍل بو من العون والتيسَت؛ لبلنتهاء من كتابتو ،وأتضرع إليو أن ٭تفظ ببلدان ،ويفرج كربنا ،ويكشف ىذه
الغمة عنا ،إنو على ما يشاء قدير ،وابإلجابة جدير ،وال حول وال قوة إال ابهلل العلي العظيم ،وصلى هللا وسلم
على سيدان دمحم وعلى آلو وصحبو أٚتعُت.
فهرس ادلصادر وادلراجع
القرآن الكرَل ،برواية اإلمام حفص عن عاصم الكويف.
.1أحكام الشيك "دراسة فقهية أتصيلية مقارنة ابلقانون" ،أتليف :عيسى ٤تمود عيسى العواودة ،دار
النفائس للنشر والتوزيع األردن ،الطبعة األوىل 1434ه – 2013م.
.2أحكام صرف النقود والعمبلت يف الفقو اإلسبلمي وتطبيقاتو ا١تعاصرة ،أتليف :عباس أٛتد دمحم
عمان ،الطبعة األوىل 1419ى 1999 -م. الباز ،دار النفائس ّ
.3األوراق النقدية يف االقتصاد اإلسبلمي قيمتها وأحكامها ،أتليف :د .أٛتد حسن ،دار الفكر
دمشق ،الطبعة األوىل 1420ى – 1999م.
.4بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع ،أتليف :اإلمام عبلء الدين أيب بكر بن مسعود الكاساٍل اٟتنفي
ت 587ى ٖ ،تقيق :د .دمحم دمحم اتمر ،دار اٟتديث القاىرة ،طبع سنة 1426ى 2005 -م.
.5بداية اجملتهد وهناية ا١تقتصد ،أتليف :أيب الوليد دمحم بن أٛتد بن دمحم بن رشد ،وثقو وحقق أصولو
وخرج أحاديثو :طو عبد الرؤوف سعد ،مكتبة الكليات األزىرية القاىرة ،دار اٞتيل بَتوت ،الطبعة
األوىل 1409ى – 1998م.
.6البناية شرح ا٢تداية ،أتليف :أيب دمحم بدر الدين العيٍت اٟتنفى ت 855ى ،الناشر :دار الكتب
العلمية بَتوت لبنان ،الطبعة األوىل 1420ى 2000 -م.
.7البنوك اإلسبلمية ،رسالة دكتوراه منشورة يف ا١تكتبة الشاملة.
441
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
.8تفسَت القرطيب ،أليب عبد هللا دمحم بن أٛتد األنصاري القرطيب ،دار الكتب العلمية بَتوت لبنان،
الطبعة ا٠تامسة 1417ى – 1996م.
.9اٟتساابت اٞتارية حقيقتها – تكييفها ،أتليف :حسُت بن معلوي الشهراٍل.
.10اٟتوالة والسفتجة بُت الدراسة والتطبيق ،إعداد :الطالب بسام حسن العف ،رسالة ماجستَت يف
الفقو ا١تقارن من كلية الشريعة ابٞتامعة اإلسبلمية بغزة ،العام اٞتامعي 1420ى 1999 -م،
منشورة يف ا١تكتبة الشاملة.
.11ا٠تطر اليهودي بروتوكوالت حكماء صهيون ،أتليف :دمحم خليفة التونسي ،تقدَل وترٚتة :عباس
٤تمود العقاد ،الطبعة ا٠تامسة 1400ى 1980 -م.
.12الذخَتة ،أتليف :أيب العباس شهاب الدين أٛتد بن إدريس القرايف (ت 684ى )ٖ ،تقيق :دمحم
حجي وآخرين ،نشر دار الغرب اإلسبلمي بَتوت ،الطبعة األوىل 1994م.
.13روضة الطالبُت لئلمام ٭تِت بن شرف النووي الدمشقي ت 676ى ٖ ،تقيق :عادل أٛتد عبد
ا١توجود وعلي دمحم معوض ،دار الكتب العلمية بَتوت لبنان.
.14زاد احملتاج بشرح ا١تنهاج ،للعبلمة الشيخ عبد هللا ابن الشيخ حسن اٟتسن الكوىجي ،حققو
وراجعو :عبد هللا بن إبراىيم األنصاري ،ا١تكتبة العصرية صيدا بَتوت لبنان 1409 ،ى 1988 -
م.
.15زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ،ا١تؤلف :أ .د .صاحل بن غاًل بن عبد هللا السدالن ،نشر
دار بلنسية للنشر والتوزيع الرايض السعودية ،الطبعة الثالثة 1417ى .
.16سنن ابن ماجو ،للحافظ أيب عبد هللا دمحم بن يزيد القزويٍت ت 275ى ٖ ،تقيق :شعيب األرنؤوط
وآخرين ،الناشر :دار الرسالة العا١تية ،الطبعة األوىل 1430ى 2009 -م.
.17شرح ٥تتصر خليل للخرشي ،أتليف :أبو عبد هللا دمحم بن عبد هللا ا٠ترشي ا١تالكي ت 1101ى ،
دار الفكر للطباعة بَتوت ،بدون طبعة وبدون اتريخ.
.18الشرح ا١تمتع على زاد ا١تستقنع يف اختصار ا١تقنع ،للعبلمة الشيخ دمحم بن صاحل العثيمُت ت
1421ى ،خرج أحاديثو واعتٌت بو :أبو عبد الرٛتن عادل بن سعد ،نشر الكتاب العا١تي للنشر
بَتوت لبنان ،طبع سنة 1426ى 2005 -م.
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
.19الصحاح ،لئلمام إٝتاعيل بن ٛتاد اٞتوىري ت 393ى ،اعتٌت بو :خليل مأمون شيحا ،دار
ا١تعرفة بَتوت لبنان ،الطبعة الثانية 1428ى – 2007م.
.20صحيح البخاري ،لئلمام أيب عبد هللا دمحم بن إٝتاعيل البخاري اٞتعفي ،راجعو :إٝتاعيل عبد
اٞتواد عبد الغٍت ،ا١تكتبة التوفيقية القاىرة مصر ،الطبعة ا٠تامسة 2012م.
.21صحيح مسلم ،لئلمام أيب اٟتسُت مسلم بن اٟتجاج القشَتي النيسابوري ت 261ى ٖ ،تقيق:
عماد زكي البارودي ،ا١تكتبة التوفيقية القاىرة مصر.
.22الضوابط الشرعية للشيكات ،صادر عن ا٢تيئة الشرعية لبنك الببلد يف جلستها (الثالثة والعشرين
بعد ا١تائتُت) ا١تنعقدة يوم االثنُت 1426/07/24ى ا١توافق 2005/08/29م يف مدينة الرايض،
ا١تكتبة الشاملة.
.23العموالت ا١تصرفية حقيقتها وأحكامها الفقهية ،أتليف :د .عبد الكرَل بن دمحم بن أٛتد
السماعيل ،دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرايض السعودية ،الطبعة األوىل 1430ى –
2009م.
.24الفقو اإلسبلمي وأدلتو للزحيلي ،أتليف :د .وىبة الزحيلي ،دار الفكر دمشق ،الطبعة األوىل
1404ى – 1984م.
.25الفقو ا١تالكي وأدلتو ،أتليف :اٟتبيب بن طاىر ،مؤسسة ا١تعارف بَتوت لبنان ،الطبعة األوىل
1430ى – 2009م.
.26الكايف يف فقو اإلمام أٛتد ،أتليف :شيخ اإلسبلم موفق الدين عبد هللا بن قدامة ا١تقدسي ،حققو
وعلق عليو :دمحم فارس ومسعد عبد اٟتميد السعدٍل ،دار الكتب العلمية بَتوت لبنان ،الطبعة
األوىل 1414ى 1994 -م.
.27كشاف القناع عن منت اإلقناع ،للشيخ منصور بن يونس البهويت ،راجعو وعلق عليو :الشيخ ىبلل
مصيلحي مصطفى ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بَتوت لبنان ،طبع سنة 1402ى –
1982م.
.28لسان العرب ،البن منظورٖ ،تقيق٩ :تبة من العلماء بدار ا١تعارف األساتذة :عبد هللا علي الكبَت
وآخرين ،دار ا١تعارف القاىرة ،الطبعة الثالثة.
444
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
٣ .29تلة البحوث اإلسبلمية ،دورية تصدر عن الرائسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة
واإلرشاد الرايض.
.30اجملموع شرح ا١تهذب ،لئلمام أيب زكراي ٤تيي الدين ٭تِت بن شرف النووي ت 676ى وآخرين،
دار الفكر.
٣ .31تموع فتاوى شيخ اإلسبلم أٛتد بن تيميةٚ ،تع وترتيب :عبد الرٛتن بن دمحم بن قاسم النجدي
اٟتنبلي ،وابنو دمحم.
.32ا١تستدرك على الصحيحُت ،لئلمام اٟتافظ أيب عبد هللا اٟتاكم النيسابوري ،وبذيلو التلخيص
للحافظ الذىيب ،طبعة مزيدة بفهرس األحاديث الشريفة إبشراف :د .يوسف عبد الرٛتن
ا١ترعشلي ،دار ا١تعرفة بَتوت لبنان.
ا١تقري ت 770ى ،دار اٟتديث القاىرة، ّ .33ا١تصباح ا١تنَت ،أتليف :أٛتد بن دمحم بن علي الفيومي
1429ه 2008 -م.
.34ا١تعامبلت ا١تالية ا١تعاصرة يف ميزان الفقو اإلسبلمي ،أتليف :د .عصام أبو النصر ،دار النشر
للجامعات القاىرة مصر 1428 ،ى – 2007م.
.35معجم غريب الفقو واألصول ،أتليف :دمحم إبراىيم اٟتفناوي ،دار اٟتديث القاىرة ،سنة الطبع
1430ى 2009 -م.
.36ا١تعجم الوسيط ٣تمع اللغة العربية ،قام إبخراجو :إبراىيم أنيس وآخرون ،الطبعة الثانية.
.37ا١تغٍت ،أتليف :الشيخ أيب دمحم عبد هللا بن أٛتد بن قدامة ت 620ى ،دار الغد العريب القاىرة.
.38مغٍت احملتاج إىل معرفة ألفاظ ا١تنهاج ،شرح الشيخ دمحم ا٠تطيب الشربيٍت على منت منهاج الطالبُت،
لئلمام أيب زكراي ٭تِت بن شرف النووي ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بَتوت لبنان.
.39ا١تفصل يف أحكام الرابٚ ،تع وإعداد :علي بن انيف الشحود ،ا١تكتبة الشاملة.
.40منار السبيل يف شرح الدليل على مذىب اإلمام أٛتد بن حنبل ،أتليف :الشيخ إبراىيم بن دمحم بن
سامل بن ضواين ،خرج أحاديثو :فريد عبد العزيز اٞتندي ،دار اٟتديث القاىرة ،طبع سنة 1422
ى – 2001م.
.41ا١تنفعة يف القرض دراسة أتصيلية تطبيقية ،ا١تؤلف :عبد هللا بن دمحم العمراٍل ،ا١تكتبة الشاملة.
447
يناير 8102 العدد احلادي عشر رللة البحوث األكادميية
.42مواىب اٞتليل لشرح ٥تتصر خليل ،أتليف :أيب عبد هللا دمحم بن دمحم اٟتطاب ت 954ى ،دار
الفكر ،الطبعة الثانية 1398ى – 1978م.
.43ا١توسوعة الفقهية الكويتية ،صادرة عن وزارة األوقاف والشؤون اإلسبلمية الكويت ،الطبعة من
1427 - 1404ى .
.44موسوعة القضااي الفقهية ا١تعاصرة ،أتليف :د .علي السالوس ،مكتبة دار القرآن ،الطبعة السابعة
2002م.
.45ا١توطأ ،إلمام األئمة وعامل ا١تدينة مالك بن أنسٗ :تريج وتعليق وترقيم :دمحم فؤاد عبد الباقي:
أشرف على ىذه الطبعة :الدكتور مصطفى دمحم الذىيب ،دار اٟتديث القاىرة ،سنة الطبع 1426
ى 2005 -م.
.46نثر الورد على مراقي السعود ،شرح الشيخ دمحم األمُت بن دمحم ا١تختار الشنقيطي ت 1393ى ،
ا١تكتبة العصرية بَتوت لبنان ،الطبعة األوىل 1425ى – 2004م.
.47نوازل الزكاة "دراسة فقهية أتصيلية ١تستجدات الزكاة" ،أتليف :د .عبد هللا بن منصور العقيلي ،دار
ا١تيمان للنشر والتوزيع الرايض السعودية ،الطبعة األوىل 1429ى – 2008م.
444