You are on page 1of 58

‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫أثر نقص األوراق النقدية (السيولة) يف ادلصارف الليبية على انتشار الراب يف ليبيا‬
‫"دراسة مقارنة"‬
‫د‪ .‬علي دمحم افريو ‪ -‬عضو ىيئة التدريس بكلية اآلداب جامعة ادلرقب‬

‫ادلقدمة‬
‫ا‪ٟ‬تمد هلل الذي أابح لنا الطيبات‪ ،‬وحرم علينا ا‪٠‬تبائث واحملرمات‪ ،‬والصبلة والسبلم على ا‪١‬تبعوث‬
‫ٓتامت الرساالت‪.‬‬
‫وبعد‪ :‬فنظرا ‪١‬تا تعانيو ببلدان ا‪ٟ‬تبيبة من حروب وأزمات؛ بسبب تكالب األمم وا‪ٞ‬تماعات داخل‬
‫الببلد وخارجها‪ ،‬ومن بينها أزمة نقص السيولة (األوراق النقدية) يف ا‪١‬تصارف‪.‬‬
‫ونظرا ‪١‬تا يًتتب على ىذه األزمة من أحكام تدور بُت ا‪ٟ‬تل وا‪ٟ‬ترمة‪ ،‬ومن ابب نشر العلم وتبيان‬
‫اب لَتُبَ يِّنُنَوُ لِلن ِ‬
‫َاس َوالَ تَكْتُ ُمونَوُﮊ‬ ‫ِ‬
‫ين أُوتُواْ الْكتَ َ‬
‫اّلل ِميث َ َ ِ‬
‫اق الذ َ‬ ‫َخ َذ َُ َ‬‫األحكام تنفيذا لقولو تعاىل‪ :‬ﮋ َوإِ ْذ أ َ‬
‫[آل عمران‪ ]187 :‬أردت أن أخوض غمار البحث يف ىذا ا‪١‬توضوع؛ لعلي أسد اباب‪ ،‬أو أفتحو أمام‬
‫غَتي لدراسة ىذا ا‪١‬توضوع دراسة وافية مستفيضة‪.‬‬
‫وابلرغم من أنو ثبت يف الشرع أنو ما من واقعة إالَ و‪٢‬تا حكم فإن معرفة ا‪ٟ‬تكم ٭تتاج إىل تفصيل وبيان‪،‬‬
‫وذلك ابلوقوف على أقوال الفقهاء وأدلتهم يف ا‪١‬تسألة وتكييفها الفقهي‪.‬‬
‫و‪١‬تا كان ىذا ا‪١‬توضوع يتعلق ٔتسائل كثَتة كالراب‪ ،‬والنصب واالحتيال‪ ،‬وا‪٠‬تطف واالبتزاز‪ ،‬والسرقة‪،‬‬
‫والغصب‪ ،‬وا‪ٟ‬ترابة‪ ،‬واالحتكار‪ ،‬وبيع التورق‪ ،‬وبيع العينة‪ ،‬وبيع التلجئة‪ ،‬والبيع ابآلجل‪ ،‬وأثر التغَت يف‬
‫قيمة النقود يف سداد الديون‪ ،‬وتسديد الديون مع الزايدة‪ ،‬وغَت ذلك رأيت االقتصار على جانب منها‪،‬‬
‫وىو أثر نقص األوراق النقدية (السيولة) يف ا‪١‬تصارف الليبية على انتشار الراب‪ ،‬فا‪١‬توضوع ذو جوانب‬
‫متعددة يصلح لدراسة معمقة‪.‬‬
‫ومن ا‪١‬تعلوم أن ا‪١‬تصارف ال ٖتتفظ اب‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية فيها نقدا‪ ،‬وإ‪٪‬تا تعتمد يف ذلك على أن‬
‫أصحاب ىذه ا‪ٟ‬تساابت ال يقدمون على استخراج نقودىم يف فًتة واحدة‪ .‬و‪٢‬تذا ال ٕتد ىذه األزمة يف‬
‫أغلب بلدان العامل إال يف حاالت ا‪ٟ‬تروب وعدم االستقرار‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫أمهية البحث‪:‬‬
‫يكتسي ىذا البحث أ‪٫‬تيتو ‪-‬ال سيما يف الظروف الراىنة بعد معايشة التضخم ا‪١‬تتسارع يف ببلدان؛‬
‫حيث ا‪٩‬تفضت القيمة الشرائية للدينار اللييب ا‪٩‬تفاضا كبَتا بسبب غبلء األسعار ورخص النقد‪ -‬يف‬
‫كونو يتعلق ْتياة الناس اليومية‪ ،‬ومعامبلهتم ا‪١‬تالية اليت قد يقعون هبا يف الراب‪ ،‬وكيفية مساعدهتم للخروج‬
‫من ىذه األزمة‪.‬‬
‫كما أنو يسلط الضوء على بعض األحكام الشرعية اليت ٘تس ا‪ٟ‬تاجة إىل معرفتها‪ ،‬لعل ا‪١‬تسؤولُت‬
‫وأصحاب رؤوس األموال يدركون حقيقة ما وصل إليو حال الببلد‪ ،‬ويسهمون يف ٗتفيف ا‪١‬تعاانة عن‬
‫أفراد ىذا الشعب‪.‬‬
‫أسباب اختيار ادلوضوع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ا‪ٟ‬تاجة ا‪١‬تاسة إىل ْتث ا‪١‬تسائل ا‪١‬تًتتبة على أزمة السيولة حىت يكون ا‪١‬تسلم على بيِّنة من األحكام‬
‫الشرعية ا‪١‬تتعلقة هبذا ا‪١‬توضوع‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬إثراء الدراسات الشرعية ٔتواضيع حيّة معاصرة تعاجل قضااي انزلة‪ ،‬ومسائل حادثة ببيان األحكام‬
‫الفقهية ا‪١‬تًتتبة على أزمة السيولة‪ ،‬وتقدَل ا‪ٟ‬تلول ا‪١‬تقًتحة ‪١‬تعا‪ٞ‬تتها وفق األدلة الشرعية ا‪١‬تعتربة‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬إظهار كمال الشريعة‪ ،‬وصبلحيتها لكل زمان ومكان‪ ،‬ببيان ما يتصف بو الفقو اإلسبلمي من‬
‫القوة والسعة واالستجابة ‪١‬تتطلبات العصر‪ ،‬وتقدٯتو ا‪ٟ‬تلول اليت تتحقق هبا ا‪١‬تصاحل‪ ،‬وتندفع هبا ا‪١‬تفاسد‪.‬‬
‫منهج البحث وخطواتو‪:‬‬
‫سلكت يف ىذا البحث ا‪١‬تنهج الوصفي التحليلي ا‪١‬تقارن مع مناقشة األقوال‪ ،‬وترجيح ما توصلت إىل‬
‫رجحانو من اآلراء مع بيان سبب الًتجيح‪ ،‬وذلك من خبلل‪:‬‬
‫‪ -‬تصوير ا‪١‬تسألة ا‪١‬تراد ْتثها قبل بيان حكمها؛ ليتضح ا‪١‬تقصود من دراستها‪.‬‬
‫‪ -‬االقتصار على أقوال ا‪١‬تذاىب الفقهية األربعة مع عرض أدلتها وبيان وجو الداللة إذا احتاج األمر‬
‫إىل ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬عرض اآلراء يف ا‪١‬تسائل حسب االٕتاىات الفقهية‪ ،‬ونسبة كل رأي إىل من قال بو من أصحاب‬
‫ا‪١‬تذاىب الفقهية‪ ،‬ومن ا‪٢‬تيئات الشرعية واجملامع الفقهية مع توثيق األقوال من كتب أصحاب‬
‫ا‪١‬تذىب‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬

‫‪174‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫يشتمل البحث على مقدمة‪ ،‬ومبحث ٘تهيدي‪ ،‬ومبحثُت‪ ،‬وخا٘تة‪ .‬وذلك على النحو اآليت‪:‬‬
‫ا‪١‬تقدمة‪ :‬وتشتمل على أ‪٫‬تية ا‪١‬توضوع‪ ،‬وأسباب اختياره‪ ،‬ومنهج البحث‪ ،‬وخطتو‪.‬‬
‫ا‪١‬تبحث التمهيدي‪ :‬يف أسباب أزمة السيولة وأضرارىا وعبلجها‪.‬‬
‫وفيو ثبلثة مطالب‪:‬‬
‫ا‪١‬تطلب األول‪ :‬أسباب أزمة السيولة‪.‬‬
‫ا‪١‬تطلب الثاٍل‪ :‬أضرار األزمة االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬طرق عبلج أزمة السيولة‪.‬‬

‫ا‪١‬تبحث األول‪ :‬ا‪ٞ‬تانب االقتصادي‪.‬‬


‫وٖتتو مطلبان‪:‬‬
‫ا‪١‬تطلب األول‪ :‬حقيقة األوراق النقدية وتكييفها الفقهي‪.‬‬
‫ا‪١‬تطلب الثاٍل‪ :‬نظرة يف بعض األعمال ا‪١‬تصرفية‪.‬‬
‫ا‪١‬تبحث الثاٍل‪ :‬ا‪ٞ‬تانب الفقهي‪.‬‬
‫وٖتتو ثبلثة مطالب‪:‬‬
‫ا‪١‬تطلب األول‪ :‬الراب يف األوراق النقدية‪.‬‬
‫ا‪١‬تطلب الثاٍل‪ :‬عقد الصرف‪.‬‬
‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬عقد القرض‪.‬‬
‫ا‪٠‬تا٘تة‪ .‬وذكرت فيها أىم النتائج اليت توصلت إليها‪ ،‬وضمنتها التوصيات اليت رأيت ا‪ٟ‬تاجة ماسة إىل‬
‫ذكرىا‪.‬‬
‫فهرس ا‪١‬تصادر وا‪١‬تراجع‪.‬‬
‫ادلبحث التمهيدي‪ :‬يف أسباب أزمة السيولة وأضرارىا‬
‫تعاٍل الدولة الليبية ىذه الفًتة أزمة اقتصادية حادة بسبب النقص ا‪١‬تتزايد يف األوراق النقدية يف‬
‫مصارفها ‪٦‬تا رتب أضرارا عدة يف ‪٣‬تاالت ‪٥‬تتلفة‪ ،‬وسأتناول ىذا ا‪١‬تبحث يف مطلبُت‪ :‬األول يف أسباب‬
‫أزمة السيولة‪ ،‬والثاٍل يف أضرار األزمة االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫ادلطلب األول‪ :‬أسباب أزمة السيولة‬

‫‪174‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫أسباب أزمة السيولة عديدة‪ :‬منها ما ىو خارجي‪ ،‬ومنها ما ىو داخلي‪.‬‬


‫أوال‪ :‬األسباب اخلارجية‬
‫‪ - 1‬من األسباب ا‪٠‬تارجية ما تدبره وترعاه ا‪١‬تخابرات اإلسرائيلية‪ ،‬فقد جاء يف كتاب‪( :‬ا‪٠‬تطر اليهودي‬
‫بروتوكوالت حكماء صهيون) موضوع خاص لبيان كيفية التحكم يف اقتصاد العامل‪ ،‬والوسائل اليت ‪٬‬تب‬
‫أن تتخذ لتنفيذ ىذا ا‪١‬تخطط‪ ،‬وذلك إب‪٬‬تاد األزمات االقتصادية ا‪١‬تفتعلة لزايدة ثرواهتم‪ ،‬يبُت ذلك قول‬
‫أحد كتاهبم‪" :‬إن األزمات االقتصادية اليت دبرانىا بنجاح ابىر يف الببلد اإلسبلمية‪ -‬قد أ‪٧‬تزت عن‬
‫طريق سحب العملة من التداول‪ ،‬فًتاكمت ثروات ضخمة ‪.)1(" ...‬‬
‫‪ - 2‬ومن األسباب –أيضا‪ -‬أطماع الدول الصديقة والعدوة يف النيل من النعم اليت حبا هللا هبا ىذا‬
‫البلد من موارد اقتصادية متعددة‪ ،‬وموقع جغرايف متميز‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬األسباب الداخلية‬
‫األسباب الداخلية كثَتة‪ :‬منها ما ذكره مصرف ليبيا ا‪١‬تركزي بطرابلس‪ ،‬ومنها ما مل يذكره‪ ،‬وىذه أبرزىا‪:‬‬
‫‪ - 1‬قيام رجال األعمال والتجار بسحب أموا‪٢‬تم من ا‪١‬تصارف ‪٦‬تا أسهم يف األزمة ا‪ٟ‬تالية(‪.)2‬‬
‫‪ - 2‬عدم وجود عملة أجنبية نقدا كانت أو حواالت أو اعتمادات مستندية أدى إىل عدم اكتمال‬
‫الدورة النقدية للتاجر‪ ،‬األمر الذي يضطره إىل شرائها من السوق السوداء‪ ،‬وذلك يتطلب منو توفر‬
‫السيولة النقدية معو(‪.)3‬‬
‫‪ - 3‬تعرض القطاع ا‪١‬تصريف ‪ٟ‬تاالت اعتداء متكررة ٕتاوزت ‪ 220‬حادثة وفقا إلحدى‬
‫اإلحصائيات(‪ ،)4‬منها جرائم قتل وخطف وسرقة واستحواذ على شحنات مالية مرسلة للمدن‬
‫وا‪١‬تناطق(‪.)5‬‬
‫‪ - 4‬االنقسام القائم بُت الشرق والغرب الذي يؤثر يف إ٘تام عمليات ا‪١‬تقاصة‪ ،‬والتحويل بُت‬
‫ا‪١‬تصارف(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ا‪٠‬تطر اليهودي بروتوكوالت حكماء صهيون ‪206/1‬‬


‫(‪ )2‬انظر األمن وسحب األرصدة من أسباب نقص السيولة بليبيا ‪ tweet‬أجواء نت‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر ا‪١‬تصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )4‬اإلحصائية كانت يف أوائل سنة ‪ 2016‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر األمن وسحب األرصدة من أسباب نقص السيولة بليبيا ‪ tweet‬أجواء نت‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر ا‪١‬تصدر السابق‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ - 5‬فقدان الكثَتين للثقة يف عودة األمن واالستقرار أدى إىل قيام ا‪١‬تواطنُت بسحب أموا‪٢‬تم من‬
‫ا‪١‬تصارف التجارية(‪ ،)1‬فإذا أبقى ا‪١‬تواطن أموالو يف ا‪١‬تصرف فقد ال ‪٬‬تدىا عند الطلب‪.‬‬
‫‪ - 6‬غياب بوادر الوفاق يف األفق‪ ،‬وانفصال الشرق والغرب‪ ،‬ووجود ا‪ٟ‬تروب‪ ،‬وفقدان الثقة يف األمن‪،‬‬
‫وحوادث السطو ا‪١‬تتكررة(‪.)2‬‬
‫‪ - 7‬ا‪٠‬توف من ا‪ٟ‬ترب والتهجَت وعواقب الزمان كا‪١‬ترض وا‪ٟ‬توادث وا‪ٟ‬ترائق وغَت ذلك‪.‬‬
‫‪ - 8‬االستعداد للعبلج يف ا‪٠‬تارج؛ إذ كثَت من الليبيُت يف قناعة اتمة أبن العبلج يف ليبيا مل يعد ‪٣‬تداي‪،‬‬
‫وىذا السبب بدوره ٭تتاج إىل توفَت مبلغ من ا‪١‬تال؛ ليكون جاىزا عند ا‪ٟ‬تاجة‪.‬‬
‫‪ - 9‬ادخار مبلغ من ا‪١‬تال كاجملنب الذي يسعى إىل عدم ا‪١‬تساس بو واالقًتاب منو‪.‬‬
‫‪ - 10‬وجود فرص استثمار بعوائد عالية جدا قد تتجاوز ا‪١‬تائة اب‪١‬تائة يف مدة وجيزة بسبب التضخم‬
‫واالرتفاع ا‪ٞ‬تنوٍل يف أسعار السلع‪ ،‬فصاحب ا‪١‬تال بدال من أن ٭تتفظ أبموالو يف ا‪١‬تصارف دون أن‬
‫٭تصل على أي عائد يكون من األفضل لو ا‪١‬تضاربة هبا يف األسواق‪.‬‬
‫‪ - 11‬تدٍل قيمة ال عملة احمللية وا‪٩‬تفاض سعر صرف الدينار أمام العمبلت األخرى من شأنو أن يدفع‬
‫أصحاب رؤوس األموال إىل سحب أموا‪٢‬تم من ا‪١‬تصارف؛ ألهنا ال ٖتقق عائدا‪ ،‬ومع ىذا ال ٖتافظ على‬
‫قيمتها‪ ،‬فا‪١‬تليون دينار لييب بعد أن كان يقابل حوايل ‪ 800‬ألف دوالر أضحى يف خبلل سنة واحدة ال‬
‫يبل غ سدس ىذا ا‪١‬تبلغ‪ ،‬فأي عاقل يًتك أموالو تتناقص أمام عينيو هبذه ا‪١‬تعدالت يف زمن قياسي وال‬
‫٭ترك ساكنا؟!‪.‬‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬أضرار نقص السيولة‬
‫إن ىذه األزمة أفضت إىل مفاسد وأضرار كبَتة هتدد الليبيُت يف ‪٥‬تتلف جوانب ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬وٯتكن تقسيم‬
‫ىذه األضرار إىل أضرار اقتصادية واجتماعية وسياسية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األضرار االقتصادية‬
‫من األضرار االقتصادية ا‪١‬تًتتبة على أزمة نقص السيولة يف القطاع ا‪١‬تصريف‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر ا‪١‬تصدر السابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ‪https://www.libyaakhbar.com‬‬

‫‪174‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ - 1‬تغيب الناس عن أعما‪٢‬تم بسبب ذىاهبم إىل ا‪١‬تصارف ووقوفهم الساعات الطوال؛ ألجل سحب‬
‫قوت عيا‪٢‬تم ‪٦‬تا يؤثر سلبا على زايدة اإلنتاج‪ ،‬ويًتتب عليو تدٍل مستوى تقدَل ا‪٠‬تدمات‪ ،‬وتراكم العمل‬
‫يف بعض األوقات‪.‬‬
‫‪ – 2‬استطاعة من لديو ا‪١‬تال التحكم يف السوق‪ ،‬فتشاىد ا‪٩‬تفاض أسعار بعض السلع كا‪١‬تواشي‬
‫واحملاصيل الزراعية نظرا لعدم القدرة الشرائية لعامة ا‪١‬تواطنُت‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن كثَتا من ا‪١‬تواطنُت البسطاء يبيعون سلعهم اضطرارا كبيعهم ذىب نسائهم أو ماشيتهم أو‬
‫مركباهتم من أجل توفَت السيولة النقدية اليت تكفيهم أايما إىل حُت انفراج األزمة ا‪١‬تالية‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن السيولة الزائدة اليت تصدرىا الدولة ‪٤‬تاولة منها لسد النقص يف العجز تضاعف أسعار السلع‬
‫وا‪٠‬تدمات يف الدولة‪ ،‬حيث يرخص النقد‪ ،‬وتغلو السلع‪ ،‬وىو ما يعرف ابلتضخم الناشئ من زايدة‬
‫إصدار العملة‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن تكديس النقود يف البيوت ‪٬‬تعلها عرضة للسرقة‪ ،‬وا‪ٟ‬تريق‪ ،‬وسوء التخزين‪ ،‬والنصب‪ ،‬وا‪٠‬تطف‪،‬‬
‫واالبتزاز‪.‬‬
‫‪ - 6‬اللجوء بكثرة إىل استخدام الشيكات ا‪١‬تصدقة اليت تتقاضى عليها ا‪١‬تصارف عموالت كبَتة‪.‬‬
‫‪ - 7‬تسديد الديون مع الزايدة على أصل الدين ‪٬‬تعل الناس يقعون يف الراب من أوسع أبوابو‪.‬‬
‫‪ - 8‬إن الراب واالٕتار يف العمبلت والصرف اليت ال تلتزم أبحكام الشريعة اإلسبلمية‪ ،‬من أىم أسباب‬
‫األزمات والتقلبات االقتصادية اليت عصفت ابقتصادايت بعض الدول(‪.)1‬‬
‫‪ - 9‬التهرب من سداد األقساط أو األموال اليت تستحقها الدولة أو الشركات العامة من األفراد يؤدي‬
‫إىل إحداث عجز يف ميزانياهتا‪.‬‬
‫‪ - 10‬اكتناز النقود يؤثر على تبادل السلع وا‪٠‬تدمات‪ ،‬ويتسبب يف حصول األزمات االقتصادية‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬األضرار االجتماعية‬
‫من األضرار االجتماعية ا‪١‬تًتتبة على أزمة نقص السيولة‪:‬‬
‫‪ - 1‬ظهور الطبقات يف اجملتمع‪ ،‬وارتفاع الفوارق بُت أبناء اجملتمع الواحد‪.‬‬
‫‪ - 2‬انعدام اإلقراض ا‪ٟ‬تسن بُت الناس؛ لعدم استطاعة ا‪١‬تقًتضُت سداد القرض يف الوقت احملدد‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪٣‬تلة ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي ‪319/11‬‬

‫‪174‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ - 3‬يف تكديس النقود يف البيوت أتخَت الزكاة عن وقتها مع اشتداد حاجة الفقراء إليها؛ حيث ال ‪٬‬تد‬
‫بعض من بلغ ما‪٢‬تم النصاب السيولة الكافية ألنفسهم‪ ،‬فيؤخرون إخراج الزكاة عن وقتها‪.‬‬
‫‪ - 4‬سحب الرصيد أو ا‪١‬تعاش مقابل عمولة (رشوة) تدفع ‪١‬توظفي ا‪١‬تصارف أو القائمُت على حراستها‬
‫وأتمينها‪.‬‬
‫‪ٞ - 5‬توء ا‪١‬توظفُت إىل أتمُت حاجاهتم ا‪١‬تادية عن طريق استغبلل وظائفهم‪ ،‬فيقدمون خدماهتم‬
‫ا‪١‬تشروعة وغَت ا‪١‬تشروعة عن طريق الرشوة‪.‬‬
‫‪ - 6‬احملاابة يف السحب من قبل موظفي ا‪١‬تصارف‪ ،‬فتجد بعضهم قد أحضر معو أايم توفر السيولة‬
‫عدة شيكات ألقاربو وأصدقائو‪ ،‬فيسحب ‪٢‬تم‪ ،‬وىذا على حساب ا‪١‬تنتظرين أمام شباك ا‪١‬تصرف‪.‬‬
‫‪ - 7‬وجود عدة بيوع مل تكن منتشرة ىذا االنتشار من قبل مع ما فيها من خبلف بُت الفقهاء يف‬
‫إابحتها وحظرىا كبيع التورق‪ ،‬وبيع التلجئة‪ ،‬والبيع ابآلجل‪ ،‬وبيع العينة‪.‬‬
‫‪ - 8‬انتشار جرائم السرقة والسطو ا‪١‬تسلح والنصب واالحتيال انتشارا مل يعهد لو مثيل من قبل‪.‬‬
‫‪ - 9‬انتشار الراب بُت األفراد الطبيعيُت الذي كان إىل حد كبَت منتفيا بينهم‪ ،‬حيث كان مقتصرا بُت‬
‫األفراد وا‪١‬تصارف‪.‬‬
‫‪ – 10‬انتشار ظواىر جديدة مل تكن موجودة من قبل كظاىرة ٖتديد النسل‪ ،‬وظاىرة التسول يف‬
‫الطرقات ويف األماكن العامة وأمام ا‪١‬تساجد بسبب تدٍل مستوى ا‪١‬تعيشة‪ ،‬وارتفاع معدالت الفقر‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬األضرار السياسية‬
‫من األضرار السياسية ا‪١‬تًتتبة على ىذه األزمة‪:‬‬
‫‪ - 1‬النقد لو دور كبَت يف ا‪٢‬تيمنة السياسية‪ ،‬فهو عصب ا‪ٟ‬تياة االقتصادية‪ ،‬وقد أصبح وسيلة ضغط‬
‫على الدولة‪.‬‬
‫‪ٖ - 2‬تكم البلدان االستعمارية يف البلدان الفقَتة عن طريق تبعيتها ‪٢‬تا‪.‬‬
‫‪ - 3‬انعدام ثقة ا‪١‬تواطنُت ابلدولة‪ ،‬وانتشار حالة من السخط وعدم الرضا على الساسة وأصحاب القرار‬
‫والسلطة يف الدولة‪.‬‬
‫ادلطلب الثالث‪ :‬طرق عالج أزمة السيولة‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪-‬من طرق العبلج ما صرح بو مصرف ليبيا ا‪١‬تركزي الذي نشر على صفحتو الر‪ٝ‬تية أبن قيمة األموال‬
‫اليت تتداول خارج ا‪١‬تصارف ىي ‪ 24‬مليار دينار‪ ،‬وأنو يف حال إيداع ‪ %10‬منها فقط اب‪١‬تصارف‪،‬‬
‫كفيلة إبهناء أزمة السيولة فورا(‪.)1‬‬
‫‪ -‬تسهيل فتح االعتمادات ا‪١‬تستندية بسعر الصرف الر‪ٝ‬تي‪ ،‬و٘تييز التجار وا‪١‬توردين الذين ٭تتفظون‬
‫أبرصدهتم يف حساابهتم ا‪١‬تصرفية‪ ،‬وعدم ٖتديد سقف مايل عند سحبهم من ا‪١‬تصارف خبلل ىذه‬
‫الفًتة‪ ،‬وتسريع عملية ا‪١‬تقاصة بُت فروع ا‪١‬تصارف التجارية(‪.)2‬‬
‫‪ -‬أن يتم توزيع السيولة على حسب تسلسل األرقام يف ا‪١‬تصارف‪ ،‬وال يكون ذلك عن طريق السحب‬
‫اليومي؛ إذ ىذه الطريقة جعلت العاطلُت عن العمل ىم ا‪١‬تستفيدون من ذلك‪ ،‬حيث ٕتدىم يوميا أمام‬
‫ا‪١‬تصارف مًتبصُت ينتظرون إيداع ا‪١‬تواطنُت أو ‪٣‬تيء العملة إىل ا‪١‬تصرف من قبل ا‪١‬تصارف الرئيسة‪،‬‬
‫ويبقى أصحاب األعمال فًتات طويلة دون سحب معاشاهتم‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع ا‪١‬تودعُت أبسبقية السحب عند ا‪ٟ‬تاجة‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي على األئمة والوعاظ وا‪٠‬تطباء أن ينبهوا ا‪١‬تواطنُت إىل االبتعاد عن فكرة اجملنب‪ ،‬وا‪٠‬توف من‬
‫عدم ا‪ٟ‬تصول على السيولة مستقببل‪ ،‬وأن ىذا من قبيل األرزاق اليت بيد هللا‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي على الناس الذين لديهم سيولة تكفيهم أن ال يزا‪ٛ‬توا إخواهنم على ا‪١‬تصارف‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ َوَم ْن‬
‫ِ‬
‫فﮊ [النساء‪ .]6 :‬وإن كانت ىذه اآلية قد وردت يف أموال اليتامى إال أهنا ٯتكن‬ ‫َكا َن َغنِيًّا فَلْيَ ْستَ ْعف ْ‬
‫تنزيلها على ىذه الواقعة‪.‬‬
‫‪ -‬على ا‪١‬تصارف أن تشجع أصحاب رؤوس األموال على إيداع أموا‪٢‬تم فيها ابلعمل فيها مضاربة يف‬
‫شركات مضمونة الربح‪.‬‬
‫‪ -‬ا‪ٟ‬تد من اإلنفاق على الكماليات‪ ،‬فيبتعد الناس عن مظاىر الًتف والتفاخر والتباىي‪.‬‬
‫ين إِ َذا أَن َف ُقوا َملْ يُ ْس ِرفُوا َوَملْ يَ ْقتُ ُروا‬ ‫َِ‬
‫‪ -‬ينبغي التوسط يف اإلنفاق ببل إفراط وال تفريط‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ َوالذ َ‬
‫ك قَ َو ًاماﮊ [الفرقان‪ ]67 :‬فضبل عن التبذير ا‪١‬تنهي عنو‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ َوالَ تُبَ ِّذ ْر تَْب ِذ ًيرا إِ َن‬ ‫وَكا َن ب ِ‬
‫ُت ذَل َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َكانُواْ إ ْخ َوا َن الشَيَاطُت َوَكا َن الشَْيطَا ُن لَربّو َك ُف ًوراﮊ [اإلسراء ‪.]27 ،26‬‬ ‫ِِ‬
‫الْ ُمبَ ّذر َ‬
‫‪٬ -‬تب وضع عقوابت رادعة على من يثبت استغبللو لوظيفتو من عمال ا‪١‬تصارف‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر األمن وسحب األرصدة من أسباب نقص السيولة بليبيا ‪ tweet‬أجواء نت‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر األمن وسحب األرصدة من أسباب نقص السيولة بليبيا ‪ tweet‬أجواء نت‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ -‬عدم ا‪١‬تغاالة يف قيمة ا‪١‬تصاريف اإلدارية اليت تتقاضاىا ا‪١‬تصارف يف نظَت الصكوك ا‪١‬تصدقة؛ ألن‬
‫ذلك يرىق كاىل ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬و‪٬‬تعلهم ٭تجمون عن التعامل هبا‪.‬‬
‫‪ -‬عدم قبول التحويل عن طريق اإليداع ا‪١‬تصريف أو الشيكات ا‪١‬تصدقة من ا‪ٞ‬تهات اليت تتبع الدولة من‬
‫مؤسسات وشركات و‪ٚ‬تعيات تعاونية حىت تتوفر السيولة يف ا‪١‬تصارف‪ ،‬وال تبقى حكرا على ا‪١‬تتعاملُت‬
‫مع تلك ا‪ٞ‬تهات‪.‬‬

‫ادلبحث األول‪ :‬اجلانب االقتصادي‬


‫يستعمل كثَت من الناس –ال سيما يف ىذه األزمة اليت ٘تر هبا ببلدان ا‪ٟ‬تبيبة‪ -‬الشيك بدال من‬
‫األوراق النقدية يف حياهتم اليومية بسبب نقص السيولة يف ا‪١‬تصارف الليبية؛ لكونو أداة وفاء وإبراء‪.‬‬
‫لكنهم يقعون أحياان يف الراب أثناء معامبلهتم سواء كانت ا‪١‬تعاملة قرضا أو صرفا‪ ،‬والكتمال تصور‬
‫ا‪١‬توضوع ‪٨‬تتاج إىل معرفة حقيقة األوراق وتكييفها الفقهي‪ ،‬كما ‪٨‬تتاج إىل معرفة بعض األعمال ا‪١‬تصرفية‬
‫اليت تتعلق ٔتسألة البحث‪ ،‬لذا جاء ىذا ا‪١‬تبحث يف مطلبُت‪ :‬ا‪١‬تطلب األول‪ :‬يف حقيقة األوراق النقدية‬
‫وتكييفها الفقهي‪ ،‬وا‪١‬تطلب الثاٍل‪ :‬يف بعض األعمال ا‪١‬تصرفية‪.‬‬
‫ادلطلب األول‪ :‬األوراق النقدية وتكييفها الفقهي‬
‫انتهى عصر التعامل ابلذىب والفضة كنقدين‪ ،‬وحلت ‪٤‬تلهما األوراق النقدية اليت تعد يف وقتنا‬
‫ا‪ٟ‬تاضر أكثر الوسائل انتشارا يف ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تالية بُت األفراد؛ ابعتبارىا وسيطا للتبادل يلقى قبوال عاما‬
‫لدى الناس‪ .‬فما ا‪١‬تراد ابألوراق النقدية؟ وكيف نشأت وتطورت؟ وما التكييف الفقهي ‪٢‬تا؟ ىذا ما‬
‫سأتناولو يف ىذا ا‪١‬تطلب‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف النقود وتطورىا‪:‬‬
‫النقود لغة‪ٚ :‬تع نقد‪ :‬والنقد‪ :‬خبلف النسيئة‪ ،‬والنقد والتنقاد‪٘ :‬تييز الدراىم وإخراج الزيف منها‪ ،‬وأتيت‬
‫ٔتعٌت اإلعطاء والقبض‪ ،‬يقال‪ :‬نقدتو الدراىم‪ ،‬ونقدت لو الدراىم‪ ،‬أي‪ :‬أعطيتو‪ ،‬فانتقدىا‪ ،‬أي‪ :‬قبضها‬
‫(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر الصحاح (نقد) ص ‪ ، 1062‬ولسان العرب (نقد) ‪ ، 4517/6‬والتضخم النقدي يف الفقو اإلسبلمي ص ‪32‬‬

‫‪174‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وىي قطع من ورق خاص‪ ،‬تزين بنقوش خاصة‪ ،‬وٖتمل أعدادا صحيحة‪ ،‬يقابلها يف العادة رصيد‬
‫معدٍل بنسبة خاصة ٭تددىا القانون‪ ،‬وتصدر إما من ا‪ٟ‬تكومة أو من ىيئة تبيح ‪٢‬تا ا‪ٟ‬تكومة إصدارىا؛‬
‫ليتداو‪٢‬تا الناس عملة (‪.)1‬‬
‫والنقد اصطالحا‪ :‬ىو كل شيء يلقى قبوال عاما كوسيط للتبادل (‪.)2‬‬
‫نشأة النقود وتطورىا‪:‬‬
‫مرت النقود يف اتريخ البشرية أبطوار متعددة‪ ،‬وقبل أن تعرفها البشرية كانت تتعامل اب‪١‬تقايضة(‪ )3‬اليت‬
‫كانت تبلئم ذلك الزمن؛ ابعتبارىا وسيلة لتبادل السلع فيما بينهم‪ ،‬لكن تطور ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬وما يف األخذ‬
‫اب‪١‬تقايضة من صعوابت جعلها عاجزة عن تلبية حاجات األفراد من السلع وا‪٠‬تدمات‪ ،‬ففكرت البشرية‬
‫يف ابتداع وسيلة أخرى تتبادل هبا ما ٭تتاجو الناس من سلع وخدمات‪ ،‬فظهرت فكرة النقود يف صورة‬
‫نقود سلعية ٗتتلف ابختبلف األمم وا‪ٞ‬تماعات؛ حيث اختارت كل أمة وسيطا يناسب البيئة اليت‬
‫تعيشها‪ ،‬لكنهم انصرفوا عنها لصعوبة نقلها و‪ٛ‬تلها‪ ،‬فبحثوا عن وسيلة أخف منها‪ ،‬فتعاملوا ابلنقود‬
‫ا‪١‬تعدنية (الفلوس)‪ ،‬مث اىتدوا يف فًتة الحقة إىل النقود الورقية ا‪١‬تعمول هبا يف وقتنا ا‪ٟ‬تاضر(‪.)4‬‬
‫ومل يكن األخذ ابلنقود الورقية دفعة واحدة‪ ،‬وإ‪٪‬تا كان على مراحل‪ ،‬فخوفا من ضياع النقد يف‬
‫األسفار التجارية اختار التجار طريق التحويل ‪١‬تن يريدون التعامل معو‪ ،‬مث رأوا عدم تعيُت أشخاصهم يف‬
‫ا‪ٟ‬توالة(‪ ،)5‬و‪١‬تا كثر التعامل هبذه الطريقة‪ ،‬ووجدت األوراق التحويلية قبوال أصدر الصيارفة أوراقا مصرفية‬
‫جديدة بقدر ا‪ٞ‬تزء ا‪١‬تتداول يف األسواق(‪.)6‬‬
‫وهبذا صارت النقود الورقية ‪ٙ‬تنا‪ ،‬هبا تقوم األشياء‪ ،‬و٭تصل هبا الوفاء واإلبراء؛ ابعتبارىا وسيطا يف‬
‫التبادل والتداول‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر ‪٣‬تلة ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي ‪ ،842 /3‬بًتقيم الشاملة آليا‬
‫(‪)2‬‬
‫زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪28‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ا‪١‬تقايضة‪ :‬ىي مبادلة السلع بسلع أخرى مباشرة أو مبادلة سلع ٓتدمات‪ .‬معجم مصطلحات االقتصاد وا‪١‬تال وإدارة األعمال‬
‫ص ‪.50‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر أحكام ٖتويل النقود ص ‪ ، 40‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪201/1‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ا‪ٟ‬توالة شرعا‪ :‬انتقال مال من ذمة احملال إىل ذمة احملال عليو‪ .‬شرح منتهى اإلرادات ‪135/2‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪201/1‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ومنذ ظهور النقود اعتٌت الفقهاء بتكييفها الفقهي؛ إلنزال ا‪ٟ‬تكم الشرعي ا‪١‬تناسب ‪٢‬تا‪ ،‬وىو ما‬
‫سأدرسو يف الفقرة التالية‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬التكييف الفقهي لألوراق النقدية‪:‬‬


‫اختلف الفقهاء يف تكييف األوراق النقدية نظرا الختبلف تصورىم ‪ٟ‬تقيقتها‪ ،‬وأبرز األقوال يف ذلك‬
‫‪ٜ‬تسة(‪:)1‬‬
‫القول األول‪ :‬أن األوراق النقدية سند بدين على جهة إصدارىا‪ ،‬وٯتثل ىذا الدين الرقم ا‪١‬تكتوب عليها‪.‬‬
‫ويوجو أصحاب ىذا القول قو‪٢‬تم ٔتا أييت‪:‬‬
‫‪ - 1‬التعهد ا‪١‬تسجل على كل ورقة نقدية بتسليم قيمتها ‪ٟ‬تاملها عند طلبو‪.‬‬
‫َع ُّه َد ا‪١‬تكتوب على كل ورقة نقدية بدفع قيمتها ‪ٟ‬تاملها وقت الطلب ليس لو يف حقيقة‬ ‫ونوقش‪ :‬أبن الت َ‬
‫نقش على ورق؛ فلو تقدَم شخص مثبل ‪١‬تؤسسة من مؤسسات النقد أو لغَتىا من‬ ‫األمر معٌت‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىو ٌ‬
‫البنوك ا‪١‬تركزية ا‪١‬تختصة إبصدار األوراق طالبا االستعاضة عنها ٔتا ٖتويو من ذىب أو فضة ‪١‬تا وجد وفاءً‬
‫‪٢‬تذا التعهد أو ما يعُت لذلك (‪" ،)2‬وإ‪٪‬تا يرجع اإلبقاء على ىذا ا‪١‬تتعهد ‪-‬ابلرغم من أن الوفاء بو ال‬
‫يتم‪ -‬إىل أتكيد مسؤوليتو على جهات إصداره" (‪.)3‬‬
‫‪ - 2‬ضرورة تغطيتها ابلذىب والفضة‪ ،‬أو بواحد منهما يف خزائن مصدريها (‪.)4‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن االستدالل على سنديَتها بضرورة تغطيتها بذىب أو فضة أو هبما معا غَت الزم‪ ،‬فبل مانع‬
‫أن تكون التغطية أوراقًا ٕتارية أو عقارا أو بًتوال أو ‪٨‬تو ذلك ‪٦‬تا تقوم عليو دعائم االقتصاد (‪ ،)5‬حيث‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر مزيدا من األقوال يف ىذه ا‪١‬تسألة كتاب التضخم النقدي يف الفقو اإلسبلمي ص ‪ 45‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 40‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪205/1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 206/1‬وانظر نوازل الزكاة ص ‪151‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 167‬ونوازل الزكاة ص ‪ ، 150‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 39‬و‪٣‬تلة‬
‫البحوث اإلسبلمية ‪204/1‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر نوازل الزكاة ص ‪ ، 151‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪206/1‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫"‪٧‬تد أن الغالب يف النقد الورقي أنو غَت مغطى بنقد معدٍل‪ ،‬وإ‪٪‬تا غطاؤه التزام سلطاٍل بضمان قيمتو‬
‫يف حال تعرضو للبطبلن‪ ،‬وإذن فبل يصلح ىذا الدليل سندا ‪٢‬تذا القول" (‪.)1‬‬
‫‪ - 3‬انتفاء القيمة الذاتية ‪٢‬تذه األوراق حيث إن ا‪١‬تعترب ما تدل عليو من العدد ال قيمتها الورقية‪.‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن األ وراق النقدية ما دامت متصفة ابلقابلية العامة ابعتبارىا وسيطا للتبادل‪ ،‬فإن انتفاء‬
‫القيمة الذاتية ‪٢‬تذه األوراق غَت معترب‪ ،‬وال فرق بُت أن تكون ىذه األوراق قيمتها يف ذاهتا أو يف أمر‬
‫خارج عنها‪" ،‬ويؤيد ىذا أن سلطات سك النقود ا‪١‬تعدنية جرت على أن ٕتعل للنقود ا‪١‬تعدنية قيما أكثر‬
‫من قيمتها الذاتية حفاظا على بقائها‪ ،‬ومنعا من صهرىا سبائك معدنية‪ ،‬ومىت كنا نرى جزءا من قيمة‬
‫النقد ا‪١‬تعدٍل ليس لو مقابل إال االلتزام السلطاٍل‪ ،‬ومل نقل أبن الزايدة على قيمتو الذاتية سند على‬
‫الدولة‪ ،‬فليبطل القول أبن األوراق النقدية سند على الدولة‪ ،‬على أن ىذا القول ال يعٍت انتفاء مسؤولية‬
‫الدولة عن ا‪٢‬تيمنة على ثبات قيمتها يف حدود ا‪١‬تستوى االقتصادي العام‪ ،‬أو ضمان قيمتها يف حال‬
‫إبطا‪٢‬تا"(‪.)2‬‬
‫‪ - 4‬ضمان سلطات إصدارىا قيمتها عند إبطا‪٢‬تا ومنع التعامل هبا(‪.)3‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن األوراق النقدية ليست سندا‪ ،‬بل ورقة عملة موضوعة للتعامل أبعياهنا‪ ،‬كالتعامل أبعيان‬
‫النقود الذىبية والفضية وغَت‪٫‬تا من ا‪١‬تعادن‪ ،‬وأن ماليَتَها مربوطة أبعياهنا‪ ،‬وأن رواجها عند ا‪١‬تتعاملُت هبا‬
‫بسبب التزام واضعها دفع قيمتها ا‪١‬ترقومة فيها لكل من أتى ليبيعها لو‪ ،‬ومن أتلفها فقد أتلف قيمتها‪،‬‬
‫بتمو‪٢‬تا وتداو‪٢‬تا وترويج التعامل‬
‫وضمان سلطات إصدارىا قيمتها وقت إبطا‪٢‬تا ىو سر اعتبارىا والثقة ُّ‬
‫هبا‪ٓ ،‬تبلف ورقة السند؛ فإهنا موضوعة للتذكر‪ ،‬وال يتعامل أبعياهنا‪ ،‬وال مالية ‪٢‬تا إال بقدر قيمتها‬
‫األصلية‪ ،‬وال تروج يف ا‪١‬تعامبلت ‪ ،‬وأن ما رقم فيها ليس قيمة ‪٢‬تا‪ ،‬بل دين يف ذمة ا‪١‬تدين ال يضيع بتلف‬
‫السند‪ ،‬ومن أتلفها ٕتب عليو قيمتها األصلية(‪.)4‬‬
‫مث إن القول بسنديتها فيو حرج وضيق على الناس وإيقاعهم يف مشقة عظيمة يف معامبلهتم ال سيما بعد‬
‫أن عم التعامل هبذه األوراق النقدية بُت الشعوب اإلسبلمية‪ ،‬وأصبحت ىي العملة الوحيدة السائدة‬

‫(‪)1‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪206/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ا‪١‬ترجع نفسو‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص‪ ، 168‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 39‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪204/1‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪42‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ص على حكمو إذا دار بُت ما‬ ‫الرائجة‪ .‬ومن األصول العامة يف الشريعة اإلسبلمية أن األمر الذي مل يُنَ ّ‬
‫يقتضي التشديد على الناس وما يقتضي التخفيف عنهم يف معامبلهتم وعباداهتم تَ َر َجح جانب‬
‫التخفيف على جانب التشديد‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ َوَما َج َع َل َعلَْي ُك ْم ِيف ال ِّدي ِن ِم ْن َحَرٍجﮊ [ا‪ٟ‬تج‪ ،]78 :‬وعن‬
‫أنس ‪ -‬هنع هللا يضر ‪ -‬عن النيب ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬قال‪« :‬يَ ِّسروا وال تُ َع ِّسروا‪ ،‬وبَ ِّشروا وال تُنَ ِّفروا» (‪ .)1‬وغَت ذلك من‬
‫اآلايت واألحاديث اليت تدل على يسر الشريعة و‪ٝ‬تاحتها (‪.)2‬‬
‫ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية اآلتية‪:‬‬
‫‪ – 1‬عدم جواز السلم هبا فيما ‪٬‬توز السلم فيو؛ إذ يشًتط يف صحة السلم قبض رأس مال السلم يف‬
‫‪٣‬تلس العقد(‪ ،)3‬وقبض البائع األوراق النقدية وا‪ٟ‬تال أهنا سندات يعترب حوالة هبا على مصدريها‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم جواز صرفها بنقد معدٍل من ذىب أو فضة ولو كان يدا بيد؛ ألن الورقة النقدية ‪-‬على رأي‬
‫أصحاب ىذا القول‪ -‬وثيقة بدين غائب عن ‪٣‬تلس العقد‪ ،‬ومن شروط الصرف التقابض يف ‪٣‬تلس‬
‫العقد(‪.)4‬‬
‫‪ - 3‬يعترب التعامل ابألوراق النقدية ٔتوجب ىذا القول من قبيل ا‪ٟ‬توالة اب‪١‬تعاطاة على ا‪ٞ‬تهة اليت‬
‫أصدرهتا‪ ،‬ويف القول بصحة العقود اب‪١‬تعاطاة(‪ )5‬خبلف بُت أىل العلم(‪ ،)6‬وعلى فرض أن القول ابعتبار‬
‫ابعتبار ا‪١‬تعاطاة موضع اتفاق بُت أىل العلم فمن شروط ا‪ٟ‬توالة أن يستطيع احملال استيفاء حقو من‬
‫احملال عليو‪ ،‬ويف ىذه ا‪١‬تسألة ال ٯتكن أن يستويف احملال مقابل الورقة من رصيدىا كما يدل على ذلك‬
‫التطبيق العملي‪ ،‬فتعترب ا‪ٟ‬توالة بذلك ابطلة (‪.)7‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أخرجو البخاري يف صحيحو ‪ 28/1‬كتاب العلم‪ ،‬ابب ما كان النيب ملسو هيلع هللا ىلص يتخو‪٢‬تم اب‪١‬توعظة والعلم كي ال ينفروا‪ ،‬رقم (‪.)68‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ،43‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪207/1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫جوز ا‪١‬تالكية أتخَت رأس ا‪١‬تال ‪١‬تدة يومُت أو ثبلثة وإن بشرط على ا‪١‬تشهور‪ .‬انظر الشامل يف فقو اإلمام مالك ‪، 615/1‬‬
‫والبهجة يف شرح التحفة ‪ ، 261/2‬ومواىب ا‪ٞ‬تليل يف شرح ‪٥‬تتصر خليل ‪517/4‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 168‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 43‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪،207/1‬‬
‫وستأيت شروط الصرف يف ا‪١‬تبحث الثاٍل‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ا‪١‬تعاطاة‪ :‬ىي أن يعطيو الثمن فيعطيو ا‪١‬تثمون أو العكس من غَت إ‪٬‬تاب من البائع وال استيجاب من ا‪١‬تشًتي‪ .‬حاشية العدوي‬
‫على شرح كفاية الطالب الرابٍل ‪180/2‬‬
‫(‪)6‬‬
‫ا‪١‬تشهور يف مذىب الشافعي ر‪ٛ‬تو هللا عدم صحتها مطلقا؛ الشًتاط أن يكون اإل‪٬‬تاب والقبول فيها لفظُت‪ .‬انظر اجملموع‬
‫شرح ا‪١‬تهذب ‪162/9‬‬
‫(‪)7‬‬
‫انظر ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪205/1‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ - 4‬القول ابعتبارىا سندات بديون على جهة إصدارىا يدخلها يف خبلف أىل العلم يف زكاة الدين‬
‫ىل ٕتب زكاتو قبل قبضو أو بعده؟ وابلتايل عدم وجوب زكاهتا لدى من يقول بعدم وجوب الزكاة يف‬
‫الدين قبل قبضو؛ المتناع قبض مقابل ىذه السندات(‪.)1‬‬
‫‪ - 5‬بطبلن بيع ما يف الذمة من عروض أو أ‪ٙ‬تان هبذه األوراق؛ لكوهنا واثئق بديون غائبة‪ ،‬وىو من‬
‫قبيل بيع الكالئ ابلكالئ‪ ،‬وقد هنى النيب ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬عن بيع الكالئ ابلكالئ(‪.)3( )2‬‬
‫القول الثاٍل‪ :‬أن األوراق النقدية َع ْرض من عروض التجارة ‪٢‬تا ما للعروض من ا‪٠‬تصائص واألحكام‪.‬‬
‫ويوجو القائلون هبذا القول قو‪٢‬تم ابلتوجيهات اآلتية‪:‬‬
‫‪ - 1‬إذا عمدت ا‪ٞ‬تهات ا‪١‬تختصة إىل نوع من جنس الورق‪ ،‬فأخرجت للناس منو قصاصات صغَتة‬
‫مشغولة ابلنقش والصور والكتاابت‪ ،‬وقررت التعامل هبا‪ ،‬وتلقاىا الناس ابلقبول‪ ،‬فقد انتقل ىذا الورق‬
‫من جنسو ابعتبار‪ ،‬وانتفى عنو حكم جنسو لذلك االعتبار؛ النتفاء فوائد االنتفاع بو ورقا يكتب فيو‬
‫وٖتفظ فيو األشياء‪ ،‬فإذا كان الناس ٭ترصون على ا‪ٟ‬تصول عليو ويرضونو ‪ٙ‬تنا لسلعهم سواء أكانت‬
‫سلعا عينية أم خدمات فليس ابعتباره ماال متقوما مرغواب فيو بعد تقطيعو قصاصات صغَتة مشغولة‬
‫ابلن قش والكتابة والصور‪ ،‬بل ألنو انتقل إىل جنس ‪ٙ‬تٍت بدليل فقده قيمتو كليا يف حال إبطال السلطان‬
‫التعامل بو‪.‬‬
‫أما ‪٥‬تالفة ذاتو ومعدنو ذات النقدين الذىب والفضة ومعدهنما فا‪ٞ‬تواب عن ذلك فرع عن ٖتقيق القول‬
‫يف علة الراب يف النقدين ىل ىي الثمنية ‪-‬كما ىو رأي احملققُت من أىل العلم‪ ،‬فينتفي الفارق ا‪١‬تؤثر‬
‫بينهما الشًتاكهما فيها‪ -‬أم أن العلة غَتىا؟(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 169‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 40‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪205/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قال ا‪ٟ‬تاكم‪" :‬ىذا حديث صحيح على شرط مسلم ومل ٮترجاه‪ ،‬وقيل‪ :‬عن موسى بن عقبة عن عبد هللا بن دينار"‪ ،‬وعلق‬
‫الذىيب قي تلخيصو بقولو‪ :‬على شرط مسلم‪ .‬لكن قال ابن ا‪١‬تلقن‪ :‬ومن ىذا يتبُت وىم ا‪ٟ‬تاكم يف حكمو على ىذا‬
‫ا‪ٟ‬تديث أبنو على شرط مسلم حيث ظن أن راويو موسى بن عقبة‪ ،‬وقد سعى يف ذلك البيهقي حيث قال يف سننو بعد ما‬
‫رواه من رواية موسى غَت منسوب عن انفع كما سلف‪ .‬وقال ا‪ٟ‬تافظ ابن حجر‪" :‬قال أ‪ٛ‬تد‪ :‬ليس يف ىذا حديث يصح‪،‬‬
‫لكن إ‪ٚ‬تاع الناس على أنو ال ‪٬‬توز بيع دين بدين"‪ .‬انظر ا‪١‬تستدرك على الصحيحُت للحاكم مع تعليقات الذىيب عليو يف‬
‫التلخيص ‪ ، 65/2‬والبدر ا‪١‬تنَت ‪ ،568/6‬والتلخيص ا‪ٟ‬تبَت ‪71/3‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 40‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪205/1‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أْتاث ىيئة كبار العلماء ‪68/1‬‬

‫‪141‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ - 2‬ما كتب عليها من تقدير قيمتها وتعيُت ا‪ٝ‬تها يعترب أمرا اصطبلحيا ‪٣‬تازاي ال ٗترج بو عن حقيقتها‬
‫من أهنا مال متقوم ليست من جنس الذىب وال الفضة وال غَت‪٫‬تا من األموال الربوية (‪.)1‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن تسمية ىذه األوراق بدينار أو دوالر أو غَت‪٫‬تا تعترب حقائق عرفية ال ‪٣‬تازية ال سيما يف‬
‫وقتنا ىذا الذي اختفى فيو الذىب والفضة عن األسواق كنقد سائد يف التداول‪ ،‬وحلت ىذه ا‪١‬تسميات‬
‫‪٤‬تلها يف الثمنية (‪.)2‬‬
‫‪ - 3‬انتفاء ا‪ٞ‬تامع بُت الورق النقدي والنقد ا‪١‬تعدٍل يف ا‪ٞ‬تنس وإمكان التقدير وا‪١‬تماثلة‪ ،‬أما ا‪ٞ‬تنس‬
‫فالورق النقدي قرطاس‪ ،‬والنقد ا‪١‬تعدٍل معدن نفيس من ذىب أو فضة أو غَت‪٫‬تا من ا‪١‬تعادن‪ ،‬وأما‬
‫إمكان التقدير فالنقد ا‪١‬تعدٍل موزون‪ ،‬وأما القرطاس فبل دخل للوزن وال للكيل فيو (‪.)3‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبنو بعد ٖتقيق القول يف علة الراب يف النقدين‪ ،‬وأن القول الراجح فيها ىي الثمنية فا‪ٞ‬تامع‬
‫موجود(‪.)4‬‬
‫‪ - 4‬الورق النقدي مال متقوم مرغوب فيو يباع ويشًتى‪ ،‬وٗتالف ذاتو ومعدنو ذات الذىب والفضة‪،‬‬
‫وليس مكيبل وال موزوان‪ ،‬فتعُت أن يكون عروضا (‪.)5‬‬
‫‪ - 5‬أن ىذه األوراق تقوم مقام النقد يف جراين ا‪١‬تعامبلت ووجوب العبادات ا‪١‬تالية من زكاة وغَتىا‪،‬‬
‫وٗتالف النقد يف أنو ال ‪٬‬تري فيها الراب؛ ألهنا ورق‪ ،‬وال تدخل يف منصوص الذىب والفضة‪ ،‬وال جامع‬
‫بُت الورق والنقد ا‪١‬تعدٍل يف ا‪ٞ‬تنس‪ ،‬وال يف القدر(‪.)6‬‬
‫وٯتكن مناقشة ىذين الدليلُت‪ :‬أبن يف القول بعرضية األوراق النقدية تفريطا تنفتح بو أبواب الراب على‬
‫مصارعها‪ ،‬وتسقط بو الزكاة عن غالب األموال ا‪١‬تتمولة يف زماننا ىذا‪ ،‬ويتضح ذلك اب‪١‬تثال اآليت‪ :‬مسلم‬
‫ٯتلك مليون جنيو إسًتليٍت أودعو أبحد ا‪١‬تصارف بفائدة قدرىا ‪ % 8‬مل يقصد هبذا ا‪١‬تبلغ التجارة‪ ،‬وإ‪٪‬تا‬
‫يريده ابقيا عند البنك بصفة مستمرة على أن أيخذ فائدتو ليقوم بصرفها على نفسو يف شؤون حياتو‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪44‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 47‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪208/1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪207/1‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر ا‪١‬ترجع نفسو ‪209/1‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر نوازل الزكاة ص ‪ ، 151‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 207/1‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪44‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 175‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪44‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫مثبل‪ ،‬فبل أبس ٔتقتضى ىذا القول بصنيعو ىذا؛ ألن ىذا ا‪١‬تبلغ ليس نقدا فيجري فيو الراب‪ ،‬وال زكاة‬
‫فيو؛ لكونو عرضا مل يقصد بو التجارة (‪.)1‬‬
‫‪ - 6‬أن ىذه األوراق إذا سقط التعامل هبا أو اهنارت دولتها أو ا‪ٞ‬تهة اليت أصدرهتا بقيت ال قيمة ‪٢‬تا‪،‬‬
‫وبطل التعامل هبا(‪.)2‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن ىذا دليل على أهنا ليست سلعة؛ ألن الغرض من السلع االنتفاع بذاهتا‪ ،‬واألوراق النقدية‬
‫غَت منتفع هبا كبقية السلع؛ إذ ال غرض فيها‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىي وسيلة للحصول على السلع وا‪٠‬تدمات‪ ،‬ولو‬
‫كانت سلعة لبقيت قيمتها حىت عند إبطال حكوماهتا ‪٢‬تا؛ ألن ا‪ٟ‬تكومات ال تستطيع إلغاء منفعة‬
‫السلعة (‪.)3‬‬
‫‪ - 7‬األصل يف ا‪١‬تعامبلت ا‪ٟ‬تل حىت يرد دليل ا‪١‬تنع‪ ،‬وليس عندان دليل ٯتنع ذلك (‪.)4‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبنو مع التسليم هبذه القاعدة فإن دليل ا‪١‬تنع وارد بناء على أن علة الراب يف النقدين الثمنية(‪.)5‬‬
‫ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬عدم جواز السلم هبا لدى من يقول ابشًتاط أن يكون رأس مال السلم نقدا من ذىب أو فضة‬
‫أو غَت‪٫‬تا من أنواع النقد؛ ألن األوراق النقدية ٔتقتضى ىذا القول عروض‪ ،‬وليست أ‪ٙ‬تاان (‪.)6‬‬
‫‪ - 2‬عدم جراين الراب بنوعيو فيها‪ ،‬فبل أبس ببيع بعضها ببعض متفاضبل‪ ،‬فيجوز بيع العشرة ٓتمسة‬
‫عشر أو أقل أو أكثر‪ ،‬كما ‪٬‬توز بيع بعضها بثمن من األ‪ٙ‬تان األخرى كالذىب أو الفضة أو غَت‪٫‬تا من‬
‫ا‪١‬تعادن واألوراق النقدية نسيئة (‪.)7‬‬
‫‪ - 3‬عدم وجوب الزكاة فيها ما مل تعد للتجارة؛ ألن من شروط وجوب الزكاة يف العروض أن تعد‬
‫للتجارة (‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 45‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪208/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 175‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪44‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪178‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪207/1‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر ا‪١‬ترجع نفسو ‪209/1‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 46‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪207/1‬‬
‫(‪)7‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 176‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 46‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪، 208/1‬‬
‫ونوازل الزكاة ص ‪151‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ – 4‬عدم جواز جعل ىذه األوراق رأس مال شركة مضاربة؛ إذ يشًتط فيو أن يكون ‪ٙ‬تنا من األ‪ٙ‬تان‪،‬‬
‫عرض(‪.)2‬‬ ‫وىي ْ‬
‫القول الثالث‪ :‬أن ىذه األوراق النقدية كالفلوس يف طروء الثمنية عليها‪ ،‬فما ثبت للفلوس من أحكام‬
‫يف الراب والزكاة وال َسلَم ثبت مثلها لؤلوراق النقدية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ويرى أصحاب ىذا القول أن األوراق النقدية كالفلوس النحاسية يف ‪ٚ‬تيع أحكامها ظاىرا وابطنا ويف‬
‫نفس األمر فبل تكون من األموال الزكوية‪ ،‬فتباع وتقرض متساواي ومتفاضبل أبجل وغَته؛ لعدم وجود‬
‫علة الراب فيها‪ ،‬وتُوىب ويوصى هبا‪ ،‬ويتصرف فيها صرف العملة الرائجة من غَت النقدين؛ فهي بنفسها‬
‫ليست ذىبا وال فضة‪ ،‬وإ‪٪‬تا ىي أ‪ٙ‬تان تتغَت كما تتغَت القروش ابلكساد والرواج وتقرير ا‪ٟ‬تكومات‪.‬‬
‫ونوقش ىذا القول أبمور عدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن األوراق النقدية ليس ‪٢‬تا قيمة إذا أبطل التعامل هبا أو كسدت‪ٓ ،‬تبلف الفلوس فإن ‪٢‬تا قيمة‬
‫إذا أبطل التعامل هبا أو كسدت‪ ،‬وقيمتها يف نفسها‪ ،‬فأشبهت سائر العروض (‪.)4‬‬
‫‪ - 2‬األوراق النقدية ٔتزيد قبو‪٢‬تا وكثرة رواجها يف ا‪١‬تعامبلت وطغياهنا على سائر األ‪ٙ‬تان يف سوق‬
‫ا‪١‬تعاوضات صارت موغلة يف الثمنية اآلن أكثر من الفلوس(‪.)5‬‬
‫‪ - 3‬األوراق النقدية يف غبلء قيمتها اآلن كالنقدين‪ ،‬بل بعضها أغلى بكثَت‪ٓ ،‬تبلف الفلوس؛ فإهنا‬
‫تستخدم يف تقوَل احملقرات من السلع‪ ،‬وىذه احملقرات ‪٦‬تا تعم ا‪ٟ‬تاجة إليها‪ ،‬فالتخفيف يف أحكامها أمر‬
‫حاجي(‪ )6‬تقتضيو ا‪١‬تصلحة العامة كالعرااي‪ ،‬والتجاوز عن يسَت الغرر وا‪ٞ‬تهالة‪ .‬ولعل ىذا ىو التعليل يف‬
‫منع جراين راب الفضل فيها‪ٓ ،‬تبلف األوراق النقدية(‪.)7‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر ا‪١‬تراجع السابقة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪176‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الفلوس لغة‪ٚ :‬تع فلس للكثرة ‪ ،‬و‪ٚ‬تع القلة أفلس‪ ،‬وابئعها فبلس‪ ،‬وأفلس الرجل‪ :‬إذا صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراىم‪،‬‬
‫فكأ‪٪‬تا صارت درا‪٫‬تو فلوسا وزيوفا‪ ،‬وفلسو القاضي تفليسا‪ :‬حكم إبفبلسو‪ .‬والفلوس‪ :‬عملة يتعامل هبا مضروبة من غَت‬
‫الذىب والفضة‪ ،‬وكانت تقدر بسدس الدرىم‪ .‬انظر ا‪١‬تعجم الوسيط ‪ ،700 /2‬وا‪١‬توسوعة الفقهية الكويتية ‪204 /32‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 49‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 210/1‬ونوازل الزكاة ص ‪152‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر ا‪١‬تراجع نفسها‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫ا‪ٟ‬تاجي‪ :‬ىو ما يقع يف ‪٤‬تل ا‪ٟ‬تاجة ال يف ‪٤‬تل الضرورة كاإلجارة فإهنا مبنية على مسيس ا‪ٟ‬تاجة إىل ا‪١‬تساكن مع القصور عن‬
‫٘تلكها وامتناع مالكها عن بذ‪٢‬تا عارية‪ .‬إرشاد الفحول ‪24/2‬‬
‫(‪)7‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 49‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 210/1‬ونوازل الزكاة ص ‪152‬‬

‫‪147‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ - 4‬أن لؤلورا ق النقدية مزيد فضل على الفلوس؛ حيث تتم هبا أو ابلنقدين صفقات ذات قيمة عالية‪،‬‬
‫والراب يف الغالب ال يكون إال يف صفقات ذات قيمة عالية نسبيا(‪.)1‬‬
‫‪ - 5‬أن الذين قالوا إب‪ٟ‬تاق األوراق النقدية ابلفلوس أعطوا أحكامها أحكام الفلوس ومل ٭تددوا ‪٤‬تل‬
‫اإل‪ٟ‬تاق؛ بينما الفقهاء ‪ -‬ر‪ٛ‬تهم هللا ‪ -‬اختلفوا يف ‪٤‬تل اإل‪ٟ‬تاق‪ ،‬وانقسموا يف ذلك االختبلف إىل‬
‫قسمُت‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬نظر إىل أصلها‪ ،‬ففرق بينها وبُت النقدين يف الراب والصرف والسلم والزكاة‪ ،‬وقال هبذا‬
‫القول األئمة األربعة‪.‬‬
‫القسم الثاٍل‪ :‬نظر إىل واقعها بعد انتقا‪٢‬تا عن أصلها‪ ،‬فاعتربىا أ‪ٙ‬تاان‪ ،‬وأثبت ‪٢‬تا أحكام األ‪ٙ‬تان يف الراب‬
‫والصرف والسلم والزكاة‪ ،‬وقال هبذا القول بعض الفقهاء من ا‪ٟ‬تنفية وا‪١‬تالكية ا‪ٟ‬تنابلة(‪.)2‬‬
‫ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية التالية‪:‬‬
‫اختلف القائلون هبذا القول فيما بينهم‪ ،‬فبعضهم جعلها كالفلوس من كل وجو يف أهنا ال زكاة فيها وال‬
‫راب‪ ،‬وال ٕتب الزكاة فيها إال بنية التجارة‪ ،‬وهبذا يتفقون مع القائلُت أبهنا عروض ٕتارة‪.‬‬
‫وبعضهم أجرى فيها راب النسيئة فقط؛ التفاقها مع النقدين يف الثمنية‪ ،‬ومنع جراين راب الفضل فيها‬
‫ْتجة أهنا ليست كالنقدين من كل وجو(‪.)3‬‬
‫القول الرابع‪ :‬األوراق النقدية متفرعة عن ذىب أو فضة‬
‫ويتلخص ىذا القول يف أن األوراق النقدية بدل ‪١‬تا استعيض هبا عنو‪ ،‬و‪٫‬تا النقدان الذىب والفضة‪،‬‬
‫وللبدل حكم ا‪١‬تبدل عنو مطلقا‪.‬‬
‫ويوجو أصحاب ىذا القول قو‪٢‬تم أبن ىذه األوراق النقدية قائمة يف الثمنية مقام ما تفرعت عنو من‬
‫ذىب أو فضة حالَة ‪٤‬تلها جارية ‪٣‬تراىا معتمدة على تغطيتها ٔتا تفرعت عنو منهما‪ ،‬واألمور الشرعية‬
‫ٔتقاصدىا‪ .‬ويؤيد القول بثمنيتها أنو إذا زالت عنها الثمنية أصبحت ‪٣‬ترد قصاصات ورق ال تساوي بعد‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 49‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪210/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 49‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 210/1‬ونوازل الزكاة ص ‪153‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 192‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 47‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪209/1‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫إبطا‪٢‬تا شيئا ‪٦‬تا كانت تساويو قبل اإلبطال‪ ،‬ويلزم سلطة اإلصدار تعويض حاملها إما ٔتقابلها من جنس‬
‫رصيدىا ‪ ،‬وإما أبوراق أخرى تقوم مقام مقابلها من الرصيد حسب ما تراه الدولة من ا‪١‬تصلحة (‪.)1‬‬
‫ونوقش ىذا القول‪ :‬أبنو مبٍت على افًتاض أن األوراق النقدية مغطاة غطاء كامبل بذىب أو فضة‪،‬‬
‫وحيث إن الواقع خبلف ذلك‪ ،‬وأن غالب األوراق النقدية ‪٣‬ترد أوراق وثيقية مستمدة من َس ِّن الدولة‬
‫التعامل هبا‪ ،‬وتلقي الناس إايىا ابلقبول‪ ،‬وأن القليل ا‪١‬تغطى ال يلزم أن يغطى ابلذىب أو الفضة‪ ،‬بل قد‬
‫يغطى بغَت‪٫‬تا من عقار أو أوراق مالية من أسهم أو سندات ال تقدر قيمتها بذىب وال فضة‪ ،‬وإ‪٪‬تا‬
‫تُق َدر ُبع َمل ورقية‪ ،‬فضبل عن ا‪ٟ‬ترج وا‪١‬تشقة يف القول هبذا الرأي يف مسائل الصرف عند اشًتاط ا‪١‬تماثلة‬
‫يف ا‪ٞ‬تنس‪ ،‬ال سيما مع اختبلف جهات إصدارىا‪ ،‬وتفاوت أسباب الثقة والقوة بينها (‪.)2‬‬
‫وأجيب‪ :‬أبن ما قيل من أن ىذا الرأي يستلزم ا‪ٟ‬ترج وا‪١‬تشقة يف مسائل الصرف؛ الشًتاط ا‪١‬تماثلة يف‬
‫ا‪ٞ‬تنس غَت مسلم؛ فإن ما اشًتط من ا‪١‬تماثلة يف حال معاوضة بديل الذىب مثبل بعضو ببعض قد‬
‫اشًتط يف حال معاوضة الذىب نفسو بعضو ببعض‪ ،‬ومل يعترب ذلك حرجا‪ ،‬فكذا ال يعترب اشًتاط‬
‫ا‪١‬تماثلة يف حال ا‪١‬تعاوضة يف البديل حرجا‪ ،‬ويؤيد ما ذكر من البدلية واعتبار الرصيد قائما أن قيمة‬
‫عرضا وطلبا فقط‪ ،‬بل ٗتضع يف‬ ‫األوراق النقدية ال ٗتضع يف صعودىا وىبوطها ‪ٟ‬تالة السوق التجارية ْ‬
‫ذلك أيضا ‪ٟ‬تالة رصيدىا قوة وضعفا‪ ،‬فإن كان ‪٢‬تا نسبة معتربة من الرصيد مع مبلءة الدولة‪ ،‬أو‬
‫ارتبطت بعملة لدولة أخرى مليئة معتربة‪ ،‬كعملة الدوالر أو اإلسًتليٍت يف الوقت ا‪ٟ‬تاضر أثبتت وجودىا‬
‫وعلت قيمتها‪ ،‬وإال تزلزلت وىبطت قيمتها‪ ،‬ويشهد لذلك حالة الورق النقدي يف بعض الدول العربية‬
‫حينما انفصل عن اإلسًتليٍت‪ ،‬فهبط بعد أن كان صاعدا مرتفعا سعره يف السوق العا‪١‬تية‪ ،‬ويؤيد اعتبار‬
‫الرصيد ‪-‬أيضا‪ ،‬وأنو مل يزل قائما‪ -‬أن الدولة إذا أبطلت نوعا من األوراق النقدية لزمها تعويض من‬
‫بيده األوراق إما أبصل الرصيد أو أبوراق أخرى تقوم مقام نصيبها من الرصيد‪ ،‬وإ‪٪‬تا منعت الدولة‬
‫التعويض عن األوراق ٔتا يقابلها من نفس الرصيد ‪٤‬تافظة على خاماهتا الثمينة و‪ٛ‬تاية ‪٢‬تا من تبلعب‬
‫الناس فيها‪ ،‬أو هتريبها إىل غَت ىذا من أنواع العبث‪ ،‬وقد يكون احتفاظها ابلرصيد ‪١‬تعٌت اقتصادي‬
‫جعل الدولة ٖتل األوراق ‪٤‬تل الذىب أو الفضة (‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 204‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 51‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪208/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر نوازل الزكاة ص ‪ ، 153‬وانظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 51‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪208/1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪212/1‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية التالية‪:‬‬


‫‪ - 1‬جراين الراب بنوعيو يف األوراق النقدية(‪.)1‬‬
‫نصااب واستكملت شروط الزكاة "مع مبلحظة أن ما كان بدال‬ ‫‪ - 2‬ثبوت الزكاة فيها مىت بلغت قيمتها ً‬
‫عن ذىب فبل ٕتب زكاتو حىت تبلغ ‪ٙ‬تنيتو نصاب الذىب‪ ،‬وما كان بدال عن فضة فبل ٕتب زكاتو حىت‬
‫تبلغ ‪ٙ‬تنيتو نصاب الفضة" (‪.)2‬‬
‫‪ - 3‬جواز السلم هبا (‪.)3‬‬
‫‪ - 4‬اعتبارىا بغض النظر عن أشكا‪٢‬تا وأ‪ٝ‬تائها وجنسياهتا متفرعة عن جنسُت ‪٫‬تا الذىب والفضة‪ ،‬فما‬
‫كان عن ذىب فلو حكم الذىب‪ ،‬وما كان عن فضة فلو حكم الفضة(‪.)4‬‬
‫‪ - 5‬يشًتط التساوي يف القيمة عند اتفاق نوعُت من الورق متفرعا عن ذىب أو فضة كالرايل‬
‫السعودي واللَتة اللبنانية مثبل‪ ،‬وٯتتنع التفاضل حينئذ بينهما‪ ،‬وإذا بودل بُت جنسُت من الورق النقدي‪،‬‬
‫يدا بيد‪ ،‬وامتنع فيهما‬
‫أحد‪٫‬تا متفرع عن ذىب‪ ،‬واآلخر متفرع عن فضة جاز فيهما التفاضل إذا كان ً‬
‫التأخَت(‪.)5‬‬
‫‪ – 6‬جواز جعل ىذه األوراق رأس مال شركة مضاربة (‪.)6‬‬
‫القول ا‪٠‬تامس‪ :‬األوراق النقدية نقد قائم بنفسو‬
‫وىو قول أكثر العلماء(‪ ،)7‬وبو أفتت ىيئة كبار العلماء يف السعودية(‪ ،)8‬واجملمع الفقهي اإلسبلمي‬
‫ٔتكة(‪ ،)9‬و‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي ا‪١‬تنبثق من منظمة ا‪١‬تؤ٘تر اإلسبلمي(‪.)10‬‬

‫(‪ )1‬انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 206‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 51‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪208/1‬‬
‫(‪٣ )2‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 208/1‬وانظر األوراق النقدية ص ‪204‬‬
‫(‪ )3‬انظر زكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 51‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪208/1‬‬
‫(‪٣ )4‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪211/1‬‬
‫(‪ )5‬انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 204‬وزكاة األسهم والسندات والورق النقدي ص ‪ ، 51‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪208/1‬‬
‫(‪ )6‬انظر األوراق النقدية ص ‪204‬‬
‫(‪ )7‬األوراق النقدية ص ‪209‬‬
‫(‪ )8‬انظر أْتاث ىيئة كبار العلماء ‪92/1‬‬
‫(‪ )9‬انظر قرار اجملمع الفقهي اإلسبلمي للرابطة رقم ‪ 5/6 22‬حول العملة الورقية‪.‬‬
‫(‪ )10‬انظر قرار ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي التابع ‪١‬تنظمة ا‪١‬تؤ٘تر اإلسبلمي رقم ‪/9‬د‪ ، 86/07/3‬ونوازل الزكاة ص ‪154‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ويتلخص ىذا القول يف أن الورق النقدي نقد قائم بنفسو كالذىب والفضة وغَت‪٫‬تا من األ‪ٙ‬تان ‪٦‬تا‬
‫يلقى قبوال عاما كوسيط للتبادل بُت الناس‪ ،‬وأن العمبلت الورقية أجناس تتعدد بتعدد جهات إصدارىا‬
‫(‪.)1‬‬
‫ويوجو ىذا القول ٔتا أييت‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما عليو الببلد من حال اقتصادية‪.‬‬
‫‪ - 2‬ثقة الناس هبا ثقة اتمة جعلتها صا‪ٟ‬تة لتكون مستودعا عاما لبلدخار‪ ،‬وقوة للشراء‪ ،‬ومقياسا‬
‫للقيم(‪.)2‬‬
‫بس ِّن الدولة ‪٢‬تا و‪ٛ‬تايتها إايىا‪ ،‬واالعًتاف بذلك أكسبها قوة اإلبراء العام (‪.)3‬‬
‫‪ - 3‬قانونيتها َ‬
‫‪ - 4‬ال ٭تتم قانون إصدار األوراق النقدية تغطيتها ‪ٚ‬تيعها‪ ،‬فيكفي تغطية بعضها بغطاء مادي لو قيمة‬
‫يف نفسو ولو مل يكن ذىبا وال فضة‪ ،‬على أن يكون الباقي أوراقا وثيقية ال غطاء ‪٢‬تا إال التزام سلطة‬
‫اإلصدار ٔتا سجل عليها عند إبطا‪٢‬تا‪.‬‬
‫‪ - 5‬التعهد ا‪١‬تسجل على ىذه األوراق ال يقصد بو إال تذكَت ا‪١‬تسؤولُت عن مسؤوليتهم ٕتاىها‪ ،‬وا‪ٟ‬تد‬
‫من اإلفراط يف اإلصدار دون استكمال أسباب الثقة هبا‪ ،‬فهي ليست إسنادا‪ ،‬وليس التعهد هبا سر‬
‫قبو‪٢‬تا‪.‬‬
‫‪ - 6‬ليس لؤلوراق النقدية قيمة يف نفسها‪ ،‬وإ‪٪‬تا قيمتها يف أمر خارج عنها‪ ،‬فليست عروضا‪.‬‬
‫‪ - 7‬رجحان القول أبن علة الراب يف النقدين الثمنية مع االعًتاف بثمنية األوراق النقدية‪.‬‬
‫‪ٖ - 8‬تقق الشبو بينها وبُت الذىب والفضة ا‪١‬تسكوكتُت يف الثمنية‪ ،‬ويف وقوع الظلم والعدوان‬
‫واالضطراب يف ا‪١‬تعامبلت إذا جعل كل من ىذه األ‪ٙ‬تان سلعا كالعروض تباع وتشًتى‪ ،‬فأعطيت‬
‫حكمها ال حكم العروض‪.‬‬
‫‪ - 9‬اختبلف جهات اإلصدار فيما تتخذه من أسباب الثقة ابألوراق النقدية؛ لتحل ‪٤‬تل الذىب‬
‫والفضة‪ ،‬وتكسب قبوال عاما‪ ،‬وإبراء اتما‪ ،‬واختبلف ىذه ا‪ٞ‬تهات –أيضا‪ -‬قوة وضعفا وسعة وضيقا‬
‫يف االقتصاد والسلطان وغَت ذلك ‪٦‬تا يقضي أبهنا أجناس ‪٥‬تتلفة ابختبلف جهات إصدارىا‪ ،‬فكما أن‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪ ، 209‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪212/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ص ‪ 98‬و ‪ 99‬من كتاب قصة النقود نقبل عن ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 214/1‬ونوازل الزكاة ص ‪154‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 214/1‬ونوازل الزكاة ص ‪154‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫الذىب والفضة جنسان؛ الختبلف كل منهما عن اآلخر يف القيمة الذاتية‪ ،‬فكذلك العمبلت الورقية‬
‫أجناس؛ الختبلف كل منها عن األخرى ٔتا تقدرىا بو جهات إصدارىا‪ ،‬وفيما تتخذه من أسباب‬
‫لقبو‪٢‬تا وإحبلل الثقة هبا(‪.)1‬‬
‫ويستلزم ىذا القول األحكام الشرعية اآلتية‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ - 1‬جراين الراب بنوعيو فيها كما ‪٬‬تري الراب بنوعيو يف الذىب والفضة وغَت‪٫‬تا من األ‪ٙ‬تان ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عدم جواز بيع ا‪ٞ‬تنس الواحد بعضو ببعض‪ ،‬أو بيع جنس منها بغَته من األجناس الثمنية األخرى‬
‫من ذىب أو فضة أو غَت‪٫‬تا نسيئة‪.‬‬
‫‪ - 3‬عدم جواز بيع ا‪ٞ‬تنس الواحد بعضو ببعض متفاضبل سواء كان ذلك نسيئة أو يدا بيد‪.‬‬
‫‪ - 4‬جواز بيع األوراق النقدية بعضها ببعض متفاضبل إذا اختلف ا‪ٞ‬تنس وكان يدا بيد‪ ،‬فيجوز بيع‬
‫رايل الفضة برايلُت من الورق مثبل‪ ،‬وبيع اللَتة برايل سعودي فضة كان أو ورقا‪ ،‬وبيع الدوالر ٓتمسة‬
‫رايالت أو أقل أو أكثر إذا كان يدا بيد؛ ألن ذلك يعترب بيع جنس بغَت جنسو‪ ،‬وال أثر جملرد االشًتاك‬
‫يف االسم مع االختبلف يف ا‪ٟ‬تقيقة‪.‬‬
‫‪ - 5‬وجوب زكاهتا إذا بلغت أدٌل النصابُت من ذىب أو فضة‪ ،‬أو تكمل النصاب معهما أو مع‬
‫أحد‪٫‬تا إذا كانت ‪٦‬تلوكة ألىل وجوهبا وحال عليها ا‪ٟ‬تول(‪.)3‬‬
‫‪ - 6‬جواز السلم هبا (‪.)4‬‬
‫‪ – 7‬جواز جعل ىذه األوراق رأس مال شركة مضاربة (‪.)5‬‬
‫وىذه األحكام ‪ٚ‬تيعها نص عليها قرار اجملمع الفقهي اإلسبلمي للرابطة مكة (ص ‪ )22‬يف القرار رقم‪:‬‬
‫‪ )5/6( 22‬حول العملة الورقية‪.‬‬
‫وٗتتلف األحكام الفقهية –كما رأينا‪ -‬ابختبلف ىذه األقوال‪ ،‬فبعضها ال يعدىا من األموال‬
‫الربوية‪ ،‬وال ٕتب فيها الزكاة‪ ،‬وال ‪٬‬توز اٗتاذىا رأس مال شركة مضاربة كالقول الثاٍل‪ ،‬ويف بعضها عكس‬

‫(‪)1‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪213/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫األوراق النقدية ص ‪209‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر ا‪١‬تصدر نفسو ص ‪210‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر ص ‪ 6‬و ‪ 7‬من ا‪١‬توجز يف اقتصادايت النقود لؤلستاذ ج ‪ .‬ف‪ .‬كراوذ‪ .‬نقبل عن ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪، 214/1‬‬
‫ونوازل الزكاة ص ‪154‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر األوراق النقدية ص ‪210‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ذلك ٘تاما كالقولُت الرابع وا‪٠‬تامس‪ ،‬ويف بعض آخر خبلف بُت ا‪١‬تذاىب الفقهية‪ .‬ومن أبرز ما‬
‫اختلفت فيو ىذه األقوال مسألة الراب‪ ،‬وىي مدار ىذا البحث‪.‬‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬األعمال ادلصرفية‬
‫تصدر الشيكات عن طريق مؤسسة مالية تعرف اب‪١‬تصرف (البنك)‪ ،‬ومن أغراضو قابليتو للسحب‬
‫عن طريق ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية ا‪١‬تسجلة يف ا‪١‬تصارف اليت تعتربىا نقودا؛ لقيامها بدور الوسيط يف التبادل‪،‬‬
‫وتسدد هبا قيم السلع وا‪٠‬تدمات عن طريق الشيكات‪ .‬ويف ىذا ا‪١‬تطلب سأعطي تعريفا للمصرف‪ ،‬وأىم‬
‫األعمال اليت تقوم هبا ا‪١‬تصارف‪ ،‬مث أتناول تعريف ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية والتكييف الفقهي ‪٢‬تا‪ ،‬وأخَتا‬
‫تعريف الشيك ا‪١‬تصريف والتكييف الفقهي لو‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف ادلصرف وأىم أعمالو‬
‫ادلصرف يف اللغة‪ :‬مكان الصرف‪ ،‬ويف األوساط ا‪١‬تالية ا‪١‬تصرف ىو البنك‪ ،‬فكلمة مصرف ىي تر‪ٚ‬تة‬
‫للكلمة البلتينية [بنك]‪" ،‬ولفظ البنك مشتق من اللفظة اإليطالية (بنكو) أي مائدة؛ إذ كان لكل‬
‫(‪.)1‬‬
‫صَتيف يف القرون الوسطى مائدة يضعها يف الطريق عليها نقود يتجر فيها"‬
‫ويعرف ادلصرف‪ :‬أبنو مؤسسة مالية متخصصة يف اقًتاض النقود‪ ،‬مث إقراضها والتمويل هبا (‪.)2‬‬
‫أىم أعمال ادلصارف‪:‬‬
‫ٗتتلف األعمال اليت تقوم هبا ا‪١‬تصارف التجارية وا‪١‬تتخصصة عن األعمال اليت يقوم هبا ا‪١‬تصرف‬
‫ا‪١‬تركزي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬األعمال اليت يقوم هبا ا‪١‬تصرف ا‪١‬تركزي‪:‬‬
‫‪ – 1‬إصدار البنكنوت‪.‬‬
‫‪ – 2‬القيام اب‪٠‬تدمات ا‪١‬تصرفية اليت تطلبها ا‪ٟ‬تكومة‪.‬‬
‫‪ – 3‬مراقبة االئتمان‪.‬‬
‫‪ – 4‬إدارة احتياطات الدولة من العمبلت األجنبية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬األعمال اليت تقوم هبا ا‪١‬تصارف التجارية‪:‬‬
‫‪ – 1‬االقًتاض من الغَت‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ا‪١‬تفصل يف أحكام الراب ‪136/2‬‬
‫(‪)2‬‬
‫األسهم وا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تعاصرة ‪18/4‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ – 2‬إقراض الغَت‪.‬‬
‫‪ – 3‬خصم األوراق التجارية‪.‬‬
‫‪ – 4‬فتح االعتمادات‪.‬‬
‫‪ – 5‬إصدار خطاابت الضمان‪.‬‬
‫‪ – 6‬فتح ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية(‪.)1‬‬
‫اثنيا‪ :‬تعريف احلساابت اجلارية والتكييف الفقهي ذلا‬
‫احلساابت اجلارية‪ :‬ىي ا‪١‬تبالغ اليت يودعها أصحاهبا يف البنوك بقصد أن تكون حاضرة التداول‪،‬‬
‫والسحب عليها ‪ٟ‬تظة ا‪ٟ‬تاجة ْتيث ترد ٔتجرد الطلب‪ ،‬ودون توقف على أي إخطار سابق من أي‬
‫نوع(‪.)2‬‬
‫و‪ٝ‬تيت اب‪ٞ‬تارية؛ نظرا الرتفاع معدل السحب منها واإلضافة إليها اب‪١‬تقارنة مع غَتىا من الودائع خبلل‬
‫فًتة زمنية معينة(‪.)3‬‬
‫وكما تسمى اب‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية تسمى أيضا ابلودائع ا‪ٞ‬تارية‪ ،‬والودائع ا‪ٟ‬تالَة‪ ،‬والودائع ٖتت الطلب(‪.)4‬‬
‫التكييف الفقهي للحساب اجلاري‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء ا‪١‬تعاصرون يف تكييف ا‪ٟ‬تساب ا‪ٞ‬تاري على أقوال‪ ،‬أبرزىا قوالن(‪:)5‬‬
‫القول األول‪ :‬أنو وديعة(‪ )6‬اب‪١‬تعٌت الفقهي‪ ،‬وبو قال بعض الباحثُت ا‪١‬تعاصرين (‪.)7‬‬
‫واستدل القائلون بو ابآليت‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تالية ا‪١‬تعاصرة يف ميزان الفقو اإلسبلمي ص ‪ 120‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الودائع ا‪١‬تصرفية النقدية واستثمارىا يف اإلسبلم‪ ،‬د‪ .‬حسن عبد هللا األمُت ص‪ 209‬نقبل عن ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها‬
‫تكييفها ص ‪ ،21‬وانظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪203‬‬
‫(‪)3‬‬
‫األوراق النقدية قيمتها وأحكامها ص ‪ ، 303‬وانظر النقود وا‪١‬تصارف لكمال شرف وآخر ص ‪184‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪208‬‬
‫(‪)5‬‬
‫يف ا‪١‬تسألة أقوال أخر‪ ،‬ىي‪ :‬أنو عقد إجارة‪ ،‬أنو وديعة شاذة أو انقصة‪ ،‬أنو عقد ذو طبيعة خاصة‪ ،‬أنو ليس من العقود‬
‫ا‪١‬تسماة‪ .‬انظر ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪.9‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الوديعة لغة‪ :‬واحدة الودائع‪ ،‬وأتيت ٔتعٌت الدفع والقبول‪ ،‬يقال‪ :‬أودعتو ماال‪ :‬أي دفعتو إليو ليكون وديعة عنده‪ ،‬وأودعتو أيضا‪:‬‬
‫إذا دفع إليك ماال ليكون وديعة عندك فقبلتها‪ .‬وىو من األضداد‪ .‬واستودعتو وديعة‪ :‬إذا استحفظتو إايىا‪.‬‬
‫ويف االصطبلح‪ :‬ىي ا‪١‬تال ا‪١‬توضوع عند أجنيب ليحفظو‪ .‬انظر الصحاح (ودع) ص ‪ ، 1130‬وروضة الطالبُت ‪285/5‬‬
‫(‪)7‬‬
‫انظر نوازل الزكاة ص ‪ ، 164‬والعموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪207‬‬

‫‪141‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ - 1‬أن أموال ا‪ٟ‬تساب ا‪ٞ‬تاري عبارة عن مبالغ توضع لدى ا‪١‬تصرف‪ ،‬ويسحب منها يف الوقت الذي‬
‫ٮتتاره ا‪١‬تودع‪ ،‬وذلك كل ما يطلب يف الوديعة ا‪ٟ‬تقيقية‪ ،‬وال توجد أي شائبة يف ذلك (‪.)1‬‬
‫ونوقش ىذا االستدالل‪ :‬بعدم التسليم؛ وذلك ألن الوديعة وإن كان ا‪١‬تقصود ردىا عند الطلب‪ ،‬إال أنو‬
‫يقصد هبا ‪-‬أيضا‪ -‬عدم التصرف فيها‪ ،‬وأموال ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية يتصرف فيها ا‪١‬تصرف ٔتجرد‬
‫استبلمها‪ ،‬مث يرد بد‪٢‬تا‪ ،‬وىذا ينطبق على القرض ٔتعناه الشرعي ال على الوديعة (‪.)2‬‬
‫‪ - 2‬أن ا‪١‬تصرف ال يتسلم ىذه الوديعة على أهنا قرض‪ ،‬بدليل أنو يتقاضى أجرة (عمولة) على حفظ‬
‫الوديعة ٖتت الطلب‪ ،‬بعكس الوديعة ألجل اليت يدفع ىو عليها فائدة (‪.)3‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن األجور اليت أيخذىا ا‪١‬تصرف من صاحب ا‪ٟ‬تساب ا‪ٞ‬تاري ال يُسلم على أهنا يف مقابل‬
‫ا‪ٟ‬تفظ‪ ،‬بل ىي يف مقابل ا‪٠‬تدمات اليت يقدمها ا‪١‬تصرف لصاحب ا‪ٟ‬تساب؛ كإصدار دفًت الشيكات‪،‬‬
‫وبطاقة السحب اآليل‪ ،‬وكشوف ا‪ٟ‬تساب وغَتىا من ا‪٠‬تدمات‪ ،‬مع أن الواقع أن أغلب ا‪١‬تصارف ال‬
‫أتخذ أجورا يف مقابل فتح ا‪ٟ‬تساب(‪.)4‬‬
‫‪ - 3‬أن ا‪١‬تصرف يتعامل ْتذر شديد عند استعمال أموال ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية والتصرف فيها‪ ،‬مث يبادر‬
‫بردىا فورا عند طلبها ‪٦‬تا يدل على أهنا وديعة(‪.)5‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن ىذا التصرف من ا‪١‬تصرف ال يغَت من حقيقة العقد‪ ،‬والواقع أن ا‪١‬تصرف يتصرف يف مال‬
‫ا‪ٟ‬تساب ا‪ٞ‬تاري ٓتبلف ما ذكر حيث يقوم ٓتلطها ٔتالو ومال العمبلء اآلخرين ٔتجرد استبلمها‪ ،‬مث‬
‫يتصرف فيها كما لو كانت ملكو‪.‬‬
‫وأما كونو يبادر بردىا عند طلبها فهذا ال ينفي كوهنا قرضا؛ ألن ا‪١‬تقرض لو طلب بدل القرض يف ِّ‬
‫ا‪ٟ‬تال‬
‫حاال‪ ،‬فكان لو طلبو كسائر الديون ا‪ٟ‬تالَة‪ ،‬وألنو سبب يوجب رَد‬ ‫مطلقا؛ ألن القرض يثبت يف الذمة ًّ‬
‫ا‪١‬تثل أو القيمة فكان ًّ‬
‫حاال (‪.)6‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪ ، 10‬وانظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪208‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪ ، 10‬وانظر ا‪١‬تنفعة يف القرض ص ‪304‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 210‬وا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪10‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 211‬وا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪10‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪10‬‬
‫(‪)6‬‬
‫ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪10‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وكذلك فإن ا‪١‬تبادرة بردىا عند طلبها فيو حفاظ على ‪ٝ‬تعة ا‪١‬تصرف‪ ،‬وٖتفيز للتعامل معو‪ ،‬ويف ىذا‬
‫التعامل فوائد ترجع إىل ا‪١‬تصرف كما ىو معلوم(‪.)1‬‬
‫ا‪١‬تودع عندما يدفع ا‪١‬تال يف ا‪ٟ‬تساب ا‪ٞ‬تاري للمصرف ال يقصد أبدا أن يق ِرض ا‪١‬تصرف‪ ،‬وال‬ ‫‪ - 4‬أن ِ‬
‫ا‪١‬تودع ومال غَته‪ ،‬وإ‪٪‬تا مقصوده ‪ -‬أي ِ‬
‫ا‪١‬تودع‬ ‫أن يشاركو يف األرابح العائدة للمصرف من استغبلل ‪١‬تال ِ‬
‫‪ -‬حفظ مالو‪ ،‬مث طلبو عند ا‪ٟ‬تاجة إليو‪ ،‬وىذا مقتضى عقد الوديعة‪ ،‬فبل يسمى فعلو إقراضا (‪.)2‬‬
‫ا‪١‬تودع ال يقصد إقراض ا‪١‬تصرف ال يؤثر يف حقيقة العقد؛ ألن عامة ا‪١‬تتعاملُت مع‬ ‫ونوقش‪ :‬أبن كون ِ‬
‫ا‪١‬تصارف ال يدركون الفرق بُت معٌت القرض ومعٌت الوديعة‪ ،‬وال يستحضرون الفروق بينهما‪ ،‬فهم ال‬
‫هتمهم ا‪١‬تصطلحات بقدر ما هتمهم النتائج والغاايت‪ ،‬وا‪ٟ‬تاصل أن ا‪١‬تتعاملُت مع ا‪١‬تصارف بوضع أموا‪٢‬تم‬
‫يف ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية يريدون حفظ أموا‪٢‬تم مع ضماهنا من ا‪١‬تصرف‪ ،‬وىذا يف حقيقتو قرض ال وديعة‪،‬‬
‫ومن ا‪١‬تعلوم كذلك أن ا‪١‬تصرف ال يقبل حفظ ىذه األموال إال ألجل التصرف فيها‪ ،‬وىذا ىو معٌت‬
‫القرض‪ ،‬والقاعدة أن العربة يف العقود اب‪١‬تقاصد وا‪١‬تعاٍل ال ابأللفاظ وا‪١‬تباٍل(‪.)3‬‬
‫‪ – 5‬أن يف تكييف الودائع على أهنا قرض فيو ‪٥‬تاطرة على العميل ا‪١‬تودع ٔتالو وتعريضو للضياع‪ ،‬وذلك‬
‫يف حال إفبلس ا‪١‬تصرف؛ إذ يدخل يف ا‪١‬تنافسة مع الغرماء اآلخرين‪ٓ ،‬تبلف ما لو اعتربت وديعة‪ ،‬فإنو‬
‫يك ون لو ا‪ٟ‬تق يف أخذ وديعتو أوال ابعتبارىا أمانة من غَت أن يدخل منافسا ْتصتو مع الغرماء‬
‫اآلخرين(‪.)4‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن مراعاة مصلحة أحد طريف العقد (العميل) ليست أبوىل من مراعاة الطرف اآلخر‬
‫(ا‪١‬تصرف)‪ ،‬مث إن مصلحة العميل –أحياان‪ -‬يف تكييفها على أهنا قرض؛ إذ لو كيفت على أهنا وديعة‬
‫وتلفت بدون تفريط مل يضمنها‪ٓ ،‬تبلف ما لو كيفت على أهنا قرض (‪.)5‬‬
‫القول الثاٍل‪ :‬أنو قرض(‪ ،)6‬فا‪١‬تودع ىو ا‪١‬تقرض‪ ،‬وا‪١‬تصرف ىو ا‪١‬تقًتض‪ ،‬وبو قال أكثر الفقهاء ا‪١‬تعاصرين‬
‫ا‪١‬تعاصرين (‪ ،)1‬وقرره ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي رقم ‪ )9/3( 86‬بشأن الودائع ا‪١‬تصرفية (حساابت‬

‫(‪)1‬‬
‫ا‪١‬تصدر نفسو ص ‪11‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 210‬وا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪11‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪10‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 211‬وا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪20‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪212‬‬
‫(‪)6‬‬
‫سيأيت تعريف القرض لغة وشرعا يف ا‪١‬تطلب ا‪١‬تخصص للقرض‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ا‪١‬تصارف) ا‪١‬تنعقد يف دورة مؤ٘تره التاسع أبيب ظيب بدولة اإلمارات العربية ا‪١‬تتحدة من ‪ 6 -1‬ذي القعدة‬
‫‪1415‬ى ا‪١‬توافق ‪ 6 -1‬نيسان (أبريل) ‪1995‬م حيث جاء فيو‪ :‬بعد اطبلعو على البحوث قرر‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الودائع ٖتت الطلب (ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية)‪ ،‬سواء أكانت لدى البنوك اإلسبلمية أو البنوك الربوية‬
‫ىي قروض اب‪١‬تنظور الفقهي‪ ،‬حيث إن ا‪١‬تصرف ا‪١‬تستلم ‪٢‬تذه الودائع يده يد ضمان ‪٢‬تا‪ ،‬وىو مل زم شرعا‬
‫ابلرد عند الطل ب‪ ،‬وال يؤثر على حك م القرض ك ون البنك (ا‪١‬تقًتض) مليئا ‪.)2("...‬‬
‫واستدل القائلون بو ابألدلة اآلتية‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬أن ا‪١‬تصرف ٯتتلك الودائع ا‪ٟ‬تالة‪ ،‬ويكون لو ا‪ٟ‬تق يف التصرف فيها‪ ،‬ويلتزم برد مثلها عند‬
‫الطلب‪ ،‬وىذا معٌت القرض الذي ىو دفع مال ‪١‬تن ينتفع بو ‪-‬أي يستخدمو ويستهلكو يف أغراضو‪-‬‬
‫ويرد بدلو‪ ،‬وىذا ٓتبلف الوديعة يف االصطبلح الفقهي اليت ىي ا‪١‬تال الذي يوضع عند إنسان ألجل‬
‫ا‪ٟ‬تفظ‪ْ ،‬تيث ال يستخدمها ويردىا بعينها إىل صاحبها(‪.)3‬‬
‫ونوقش‪ :‬أبن تصرف ا‪١‬تصرف فيها ال ٮترجها عن كوهنا وديعة؛ ألنو تصرف مأذون فيو‪ ،‬وقد نقل‬
‫اإل‪ٚ‬تاع على جواز التصرف يف الوديعة إبذن مالكها (‪.)4‬‬
‫وأجيب‪ :‬أبن التصرف يف الوديعة ابستهبلكها ‪٬‬تعلها مضمونة فتنقلب قرضا‪ ،‬وقد ذكر الفقهاء أن إعارة‬
‫الدراىم والداننَت إلنفاقها يقلب عقد اإلعارة إىل عقد قرض‪ ،‬فكذلك ا‪ٟ‬تال ابلنسبة للوديعة (‪.)5‬‬
‫الدليل الثاٍل‪ :‬أن ا‪١‬تصرف يلتزم برد مبلغ ‪٦‬تاثل عند طلب الوديعة ا‪ٞ‬تارية‪ ،‬ويكون ضامنا ‪٢‬تا إذا تلفت‬
‫سواء أكان بتفريط منو أو تَ َع ٍّد أم ال‪ ،‬وىذا مقتضى عقد القرض‪ٓ ،‬تبلف الوديعة يف االصطبلح‬
‫بتعد منو أو تفريط ضمن‪ ،‬وإال مل يضمن(‪.)6‬‬ ‫الفقهي حيث تكون الوديعة أمانة عند ا‪١‬تودع‪ ،‬فإن تلفت ٍ‬
‫ونوقش‪ :‬أبن الضمان شرط عريف ‪٥‬تالف لطبيعة الوديعة يف الشريعة(‪.)7‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر نوازل الزكاة ص ‪ ، 163‬والعموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪207‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪٣‬تلة اجملمع الفقو اإلسبلمي‪ ،‬العدد التاسع ‪667/1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 208‬وا‪١‬تنفعة يف القرض ص ‪ ، 8‬وا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪9‬‬
‫(‪)4‬‬
‫العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 208‬وانظر اإل‪ٚ‬تاع البن ا‪١‬تنذر ص ‪ ، 35‬رقم (‪.)566‬‬
‫(‪)5‬‬
‫العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 208‬وانظر البناية شرح ا‪٢‬تداية ‪ ، 150 /10‬وا‪١‬تغٍت ‪516/5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪ ، 208‬وا‪١‬تنفعة يف القرض ص ‪ ، 9‬وا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪9‬‬
‫(‪)7‬‬
‫العموالت ا‪١‬تصرفية ص ‪209‬‬

‫‪147‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وأجيب‪ :‬أبن الذي أبطل ىذا الشرط ىو االلتزام بتكييف الودائع ا‪ٞ‬تارية على أهنا وديعة اب‪١‬تعٌت‬
‫الفقهي‪ ،‬ولو كيفت على أهنا قروض مل ٭تصل اإلشكال(‪.)1‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬أن ا‪١‬تصرف ال أيخذ أموال ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية أمانة عنده ٭تتفظ بعينها لًتد إىل‬
‫أصحاهبا‪ ،‬وإ‪٪‬تا يستهلكها ويستثمرىا يف أعمالو‪ ،‬ال سيما أموال ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية اليت تدفع بعض‬
‫ا‪١‬تصارف عليها فوائد ربوية‪ ،‬فما كان ا‪١‬تصرف ليدفع ىذه الفوائد مقابل االحتفاظ ابألماانت وردىا إىل‬
‫أصحاهبا فقط(‪.)2‬‬
‫ومن التطبيقات اليت حدثت يف ىذا الوقت ما يكون بُت األفراد الطبيعيُت‪ ،‬حيث يلجأ بعض ا‪١‬تواطنُت‬
‫الذين ‪٬‬تدون صعوبة يف سحب مرتباهتم وأموا‪٢‬تم يف مصارفهم إىل أن يعملوا شيكا مصدقا إىل مواطن‬
‫آخر تكون إمكانية السحب يف مصرفو أفضل حاال من األول‪ ،‬فما نوع ىذه العبلقة؟ وما ا‪ٟ‬تكم يف‬
‫تصرف ا‪١‬تودع لديو هبذا ا‪١‬تبلغ بناء على ىذا التكييف؟‬
‫ا‪١‬تودع لديو) على أساس عقد الوديعة والوكالة‪ .‬أما‬ ‫ِ‬
‫تقوم العبلقة التعاقدية بُت ىذين ا‪١‬تواطنُت (ا‪١‬تودع و َ‬
‫(ا‪١‬تودع لديو) دون أن‬ ‫ِ‬
‫وجو كوهنا وديعة فؤلن ا‪١‬تودع ىو الذي أراد وضع مبلغ مايل يف حساب اآلخر َ‬
‫للمودع لديو أي منفعة يف ذلك‪ ،‬وىذا ىو مقتضى عقد الوديعة‪ .‬فيده يد أمانة ال يضمن إال يف‬ ‫يكون َ‬
‫(‪)3‬‬
‫حال التعدي أو التفريط ‪.‬‬
‫أما وجو كوهنا عقد وكالة فلما يف قيام الوكيل (ا‪١‬تودع لديو) مقام صاحب ا‪١‬تال يف سحبو‪ ،‬والوكيل‬
‫أمُت فيما يقبضو وفيما يصرفو‪ ،‬وال يضمن إال ابلتعدي‪.‬‬
‫ا‪١‬تودع لديو هبذا ا‪١‬تبلغ بناء على أنو عقد وديعة فبل ‪٬‬توز لو إال إذا كان مأذوان لو‬
‫وأما حكم تصرف َ‬
‫يف ذلك‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬التعريف ابلشيك وتكييفو الفقهي‬
‫نظرا للعجز ا‪١‬تستمر يف السيولة النقدية يف ببلدان أصبح التعامل ابلشيكات ٯتثل جانبا كبَتا من‬
‫ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تالية يف حياة ا‪١‬تواطنُت‪ .‬فما ا‪١‬تراد ابلشيك؟ وما التكييف الفقهي لو؟‬

‫(‪)1‬‬
‫ا‪١‬تصدر نفسو‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها تكييفها ص ‪9‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر نيل األوطار ‪354/5‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫الشيك‪ :‬ىو أمر مكتوب وفقا ألوضاع معينة حددهتا األنظمة يطلب بو شخص يسمى الساحب من‬
‫شخص آخر يسمى ا‪١‬تسحوب عليو أن يدفع ٔتقتضاه أو ٔتجرد االطبلع عليو مبلغا معينا من النقود‬
‫للساحب‪ ،‬أو لشخص معُت‪ ،‬أو ‪ٟ‬تاملو (‪.)1‬‬
‫ومن خبلل ىذا التعريف يتضح أن عملية السحب تشمل غالبا ثبلثة أطراف ىي‪ :‬الساحب‪،‬‬
‫وا‪١‬تسحوب عليو‪ ،‬وا‪١‬تستفيد‪ .‬وقد تقتصر على طرفُت‪٫ ،‬تا‪ :‬الساحب وىو ا‪١‬تستفيد‪ ،‬وا‪١‬تسحوب عليو‬
‫(‪.)2‬‬
‫والساحب‪ :‬ىو ‪٤‬ترر الشيك‪ ،‬أو ىو الشخص الذي ينشئ ويصدر الشيك إىل البنك (ا‪١‬تصرف) ليقوم‬
‫البنك بدفع ا‪١‬تبلغ ا‪١‬تدون فيو للمستفيد‪.‬‬
‫وا‪١‬تسحوب عليو‪ :‬ىو البنك ا‪١‬تو َجو إليو أمر الساحب بدفع مبلغ من النقود للمستفيد ‪.‬‬
‫وا‪١‬تستفيد‪ :‬ىو من ُحِّرر الشيك من أجلو سواء كان الساحب نفسو أو شخصا آخر(‪.)3‬‬
‫التكييف الفقهي للشيك‪:‬‬
‫تكيف الشيكات على أن ‪٢‬تا حكم النقود اليت أصدرت هبا؛ ألن ‪٢‬تا قبوال عاما‪ ،‬وتؤدي وظائف‬
‫النقود‪ ،‬ويعترب قبضها يف قوة قبض ‪٤‬تتواىا من النقود ما مل يدل العرف على خبلف ذلك‪.‬‬
‫وىذا ما قرره ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي يف دورتو ا‪ٟ‬تادية عشرة يف القرار السابع بشأن‪ :‬قيام الشيك مقام‬
‫القبض يف صرف النقود ابلتحويل يف ا‪١‬تصارف‪.‬‬
‫القرار‪ :‬أوال‪ :‬يقوم استبلم الشيك مقام القبض عند توفر شروطو يف مسألة صرف النقود ابلتحويل يف‬
‫ا‪١‬تصارف(‪.)4‬‬
‫استخدام الشيك يف الصرف‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء ا‪١‬تعاصرون يف استخدام الشيك يف الصرف على مذىبُت‪:‬‬
‫األول‪ :‬عدم صحة استخدام الشيك يف عمليات الصرف ابعتباره وثيقة إبراء ٭تميها القانون‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 142/26‬وانظر األسهم والسندات وأحكامهما يف الفقو اإلسبلمي ص ‪31‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪144 /26‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر أحكام الشيك ص ‪ ، 48‬والضوابط الشرعية للشيكات ص ‪1‬‬
‫(‪)4‬‬
‫راجع قرار اجملمع الفقهي للرابطة يف الدورة ا‪ٟ‬تادية عشرة ‪ 1989‬م يف ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 245 /42‬وفقو ا‪١‬تعامبلت‬
‫ا‪ٟ‬تديثة ص ‪556‬‬

‫‪144‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫الثاٍل‪ :‬جواز صحة استخدام الشيك يف عمليات الصرف؛ ألن قبض الشيك يقوم مقام قبض بدل‬
‫الصرف ذاتو‪ ،‬وألن إعطاء الشيك يف الصرف يعد ٔتثابة التقابض ا‪ٟ‬تال يف ‪٣‬تلس العقد‪.‬‬
‫وقد اشًتط القائلون ّتواز استخدامو شرطُت‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن يكون الشيك مؤرخا بتاريخ اليوم الذي وقع فيو الصرف(‪.)1‬‬
‫‪ – 2‬أن يكون ‪٤‬ترر الشيك مليئا ْتيث يكون للشيك غطاء مايل بقيمتو يف ا‪١‬تصرف الذي حرر عليو‪،‬‬
‫فإن مل يكن للشيك غطاء مايل وطلب ‪٤‬ترر الشيك من صاحبو أال يقوم بصرف الشيك إال بعد مضي‬
‫فًتة ‪٤‬تددة يقوم بتدبَت أمره فيها وتوفَت رصيد مايل ‪٢‬تذا الشيك فإن الصرف حينئذ غَت جائز؛ ألنو صار‬
‫وثيقة ضمان‪ ،‬وليس بدال للصرف‪ ،‬فلم ٭تصل التقابض ا‪ٟ‬تال يف ‪٣‬تلس العقد (‪.)2‬‬
‫وهبذا الصدد سأتعرض للخبلف الناشيء عن قبض الشيك‪ ،‬ىل يعد قبضا حملتواه أو ال؟ وذلك يف‬
‫ا‪١‬تسألة اآلتية‪.‬‬
‫ىل قبض الشيك يعد قبضا حملتواه؟‬
‫اختلف الفقهاء ا‪١‬تعاصرون يف ىذه ا‪١‬تسألة على ثبلثة أقوال‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن قبض(‪ )3‬الشيك ليس يف قوة قبض ‪٤‬تتواه‪ ،‬وبو قال بعض ا‪١‬تعاصرين ‪ ،‬وحجتهم أن التصرف‬
‫(‪)4‬‬

‫الذي ٯتلكو حامل الشيك من قبض ‪٤‬تتواه ىو هنائي‪ ،‬يف حُت أن قابض الشيك ٯتارس عند قبض‬
‫الشيك بعض التصرفات‪ ،‬وىي ا‪١‬توقوفة على الوفاء الفعلي‪ ،‬وقد يكون الشيك بدون رصيد‪ ،‬وبذلك‬
‫يظهر الفارق(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬جرت كثَت من القوانُت الوضعية على أن الشيك واجب الدفع لدى االطبلع‪ ،‬وال عربة ٔتا كتب عليو من اتريخ متأخر عن‬
‫وقت تقدٯتو‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر أحكام صرف النقود والعمبلت يف الفقو اإلسبلمي وتطبيقاتو ا‪١‬تعاصرة ص ‪102 101‬‬
‫(‪ )3‬القبض لغة‪ :‬األخذ‪ ،‬يقال‪ :‬قبضت الشيء قبضا‪ :‬أخذتو‪ .‬والقبض‪ :‬خبلف البسط‪ ،‬يقال‪ :‬صار الشيء يف قبضتك‪ ،‬أي يف‬
‫ملكك‪ ،‬واالنقباض‪ :‬خبلف االنبساط‪ ،‬وانقبض الشيء‪ :‬صار مقبوضا‪.‬‬
‫واصطبلحا‪ :‬عبارة عن حيازة الشيء والتمكن من رقبتو‪ ،‬سواء أكان ‪٦‬تّا ٯتكن تناولو ابليد أو مل يكن‪.‬‬
‫انظر الصحاح (قبض) ص ‪ ، 834‬ومعجم ا‪١‬تصطلحات ا‪١‬تالية واالقتصادية يف لغة الفقهاء ص ‪.358‬‬
‫(‪ )4‬انظر أحكام الشيك ص ‪88‬‬
‫(‪ )5‬انظر ا‪ٟ‬توالة والسفتجة بُت الدراسة والتطبيق ص ‪ ، 203‬وأحكام الشيك ص ‪88‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وأجيب‪ :‬أبن ىذا الفرق ال يؤثر يف اإل‪ٟ‬تاق؛ حيث إن قبض احملتوى (النقد) ىو اآلخر ليس ابلنهائي؛‬
‫إذ قد يكون مزورا أو معيبا‪ ،‬بل إن ‪٥‬تاطر الشيك بدون رصيد قد تقل عن ‪٥‬تاطر األوراق النقدية ا‪١‬تزيفة‬
‫من حيث إن النقود ال ٯتكن معرفة أول من َزَورىا؛ ألهنا تتداول اب‪١‬تناولة‪ ،‬يف حُت أن الشيك يتداول‬
‫بطريق يتمكن فيو من معرفة من تداولو‪ ،‬حيث إن كثَتا من الدول تفرض عقوبة جنائية على ‪٤‬ترر‬
‫الشيك بدون رصيد‪ ،‬وىذه العقوبة تقف حاجزا ‪١‬تصدره بدون رصيد‪ ،‬وعلى ذلك ٯتكن القول أبن‬
‫ُ‬
‫مسؤولية ساحب الشيك عن صدق ‪٤‬تتواه يشبو ضمان الدول لؤلوراق النقدية اليت تصدرىا‪ ،‬وما بينهما‬
‫من فروق ال يؤثر يف اإل‪ٟ‬تاق(‪.)1‬‬
‫لكن قد يرد ىنا أبن كون األوراق النقدية مزورة أمر اندر ا‪ٟ‬تدوث‪ٓ ،‬تبلف كون الصك بدون رصيد‪،‬‬
‫ص ِدري تلك الصكوك‪.‬‬ ‫فالسجون َم ْؤلَى ٔتُ ْ‬
‫الثاٍل‪ :‬أن قبض الشيك الذي لو رصيد يقوم مقام قبض ‪٤‬تتواه‪.‬‬
‫ذىب كثَت من ا‪١‬تعاصرين(‪ )2‬إىل أن قبض الشيك قبض حملتواه؛ ألنو ‪٤‬تاط بضماانت وضوابط ٕتعل‬
‫القابض لو مالكا حملتواه‪ ،‬ويستطيع أن يتصرف فيو فيبيع بو ويهب‪ ،‬ويستطيع أن يظهر الشيك إىل آخر‬
‫إذا مارس أي عملية من بيع أو شراء و‪٨‬تو‪٫‬تا (‪ ،)3‬وىو ما أيدتو اجملامع الفقهية‪ ،‬من ذلك أن ‪٣‬تمع‬
‫الفقو اإلسبلمي برابطة العامل اإلسبلمي يف دورتو ا‪ٟ‬تادية عشرة أصدر قرارا ابعتبار قبض الشيك ا‪١‬تعترب‬
‫قبضا حملتواه‪ ،‬ونص قراره‪ :‬بعد الدراسة والبحث قرر اجمللس ابإل‪ٚ‬تاع ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬يقوم استبلم الشيك(‪ )4‬مقام القبض عند توفر شروطو يف مسألة صرف النقود ابلتحويل يف‬
‫ا‪١‬تصارف‪.‬‬

‫(‪ )1‬ا‪ٟ‬توالة والسفتجة بُت الدراسة والتطبيق ص ‪.203‬‬


‫(‪ )2‬انظر ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 172/26‬وأحكام الشيك ص ‪87‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪172/26‬‬
‫(‪ )4‬اختلف الفقهاء ا‪١‬تعاصرون يف تفسَت معٌت الشيك ا‪١‬تعترب‪ ،‬فذىب بعضهم إىل أن االعتبار يف الشيك أن يكون مصدقا من‬
‫البنك ا‪١‬تسحوب عليو؛ ألن تصديقو يعٍت ‪ٛ‬تايتو من الساحب أن يعود فيو‪ ،‬كما يعٍت وجود رصيد كامل للساحب لتغطية‬
‫سداد الشيك‪ ،‬وىذا ا‪١‬تعٌت يعطي القناعة الكاملة ابلقدرة على التصرف يف مشمول الشيك يف أي وقت يريده ا‪١‬تستفيد‬
‫منو‪ ،‬وىذا معٌت القبض‪.‬‬
‫وذىب آخرون إىل أن ا‪١‬تراد ابلشيك ا‪١‬تعترب ىو الذي يكون لو رصيد يف البنك ا‪١‬تسحوب عليو؛ لتغطيتو‪.‬‬
‫انظر ا‪١‬تفصل يف أحكام الراب ‪139/5‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫اثنيا‪ :‬يعترب القيد يف دفاتر ا‪١‬تصرف يف حكم القبض ‪١‬تن يريد استبدال عملة بعملة أخرى سواء كان‬
‫الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيو‪.‬‬
‫وقد أفتت اللجنة الدائمة أبنو يعترب تسليم الشيك قبضا كما يف ا‪ٟ‬توالة‪.‬‬
‫كما أصدرت ىيئة الرقابة الشرعية يف بنك ديب اإلسبلمي فتوى يف ا‪١‬تسألة جاءت ردا على سؤال‬
‫يقول‪ :‬ىل يقوم قبض الشيك مقام قبض العمبلت؟ فأجابت‪ :‬استقر العرف التجاري ا‪ٟ‬تديث على أن‬
‫الشيك ورقة ٕتارية تقوم مقام النقود وتعترب أداة وفاء كالنقود‪ ،‬و‪ٚ‬تيع القوانُت يف العصر ا‪ٟ‬تاضر تقر ىذا‬
‫العرف وتسبغ عليو ا‪ٟ‬تماية القانونية بسلطة الدولة‪ ،‬و‪١‬تا كان ا‪١‬تتفق عليو عند ‪ٚ‬تيع الفقهاء أن القبض‬
‫مرجعو إىل عرف الناس حيث ال حد لو يف اللغة وال يف الشرع‪ ،‬فإن استبلم الشيك ٔتقتضى عقد صرف‬
‫يعترب ٔتثابة قبض النقود يف ‪٣‬تلس العقد(‪.)1‬‬
‫كذلك أفتت ‪ٞ‬تنة اإلفتاء يف وزارة األوقاف الكويتية ٔتا يلي‪ :‬القيد يف ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية على ما ىو‬
‫قبض‬
‫معمول بو بصورة ال ٯتكن الرجوع فيها إال إبرادة صاحب ا‪ٟ‬تساب يعترب من قبيل القبض‪ ،‬وىو ٌ‬
‫حكما بناءً على العرف ا‪ٞ‬تاري يف ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تصرفية‪ ،‬ألن القبض ورد الشرع ابألمر بو ومل ٭تدد كيفية‬
‫معينة لو(‪.)2‬‬
‫ومن أدلة ىذا الرأي األدلة اآلتية (‪:)3‬‬
‫أ ‪ -‬أن قبض الشيك كا‪ٟ‬توالة‪ ،‬فإن من خصائصو أنو ال ينبغي أن يسحب إال على من لديو مقابل‬
‫وفائو‪ ،‬وأنو ال يلزم العتباره شيكا قبول ا‪١‬تسحوب عليو‪ ،‬وىذه خصائص ا‪ٟ‬توالة‪ ،‬فيأخذ حكمها‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن قبض الشيك ٔتثابة قبض النقود يف عرف الناس‪ ،‬قال ابن قدامة‪" :‬وقبض كل شيء ْتسبو"(‪،)4‬‬
‫وألن القبض مطلق يف الشرع‪ ،‬فيجب الرجوع فيو إىل العرف كاإلحراز والتفرق‪.‬‬
‫لكن ينبغي التنبيو إىل أن الشيك إذا كان مؤجبل –عند من يقول‪ :‬ليس واجب الدفع لدى االطبلع‪-‬‬
‫فإن قبضو ال يعترب قبضا حملتواه‪ ،‬وعليو ال ‪٬‬توز أن يتم التقابض بو يف العقود اليت يشًتط فيها التقابض‬
‫للبدلُت أو أحد‪٫‬تا يف ‪٣‬تلس العقد(‪.)5‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فقو ا‪١‬تعامبلت ‪203/2‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ْتوث لبعض النوازل الفقهية ا‪١‬تعاصرة ‪6/11‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر ا‪١‬ترجع نفسو‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ا‪١‬تغٍت ‪442/4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر أحكام الشيك ص ‪92‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫الثالث‪ :‬أن قبض الشيك ا‪١‬تصدق قبض حملتواه‪.‬‬


‫ذىب بعض ا‪١‬تعاصرين إىل التفريق بُت الشيكات ا‪١‬تصدقة وغَتىا‪ ،‬فقالوا إن قبض الشيك ا‪١‬تصدق يعترب‬
‫قبضا حملتواه‪ ،‬وأما قبض الشيك غَت ا‪١‬تصدق فليس قبضا حملتواه‪.‬‬
‫واستدلوا أبدلة القول الثاٍل وجعلوىا منطبقة على الشيك ا‪١‬تصدق فقط(‪.)1‬‬
‫لكن لو مت التقابض يف صورة الشيك غَت ا‪١‬تصدق يدا بيد ومل يكن بو رصيد مقابل ما استلمو من‬
‫الطرف اآلخر فإنو ال يعد من قبيل الراب‪ ،‬بل ىي جرٯتة نصب واحتيال‪ ،‬وذلك يف حال إرجاع ا‪١‬تبلغ‬
‫ا‪١‬تدون يف الصك إىل صاحبو على صورتو اليت أخذىا دافع الصك‪ ،‬أما لو دفع قيمتو فيما بعد فقد وقعا‬
‫يف راب النسيئة‪.‬‬
‫وقد صدر عن ‪٣‬تلس ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي ا‪١‬تنعقد يف دورة مؤ٘تره السادس ّتدة يف ا‪١‬تملكة العربية‬
‫السعودية من ‪ 23-17‬شعبان ‪1410‬ى ا‪١‬توافق ‪ 20-14‬آذار (مارس) ‪1990‬م القرار رقم ‪53‬‬
‫(‪ )6/4‬بشأن القبض‪ :‬صوره وٓتاصة ا‪١‬تستجدة منها وأحكامها‪ ،‬ونصو‪:‬‬
‫بعد اطبلعو على البحوث الواردة إىل اجملمع ٓتصوص موضوع القبض‪ :‬صوره وٓتاصة ا‪١‬تستجدة منها‬
‫وأحكامها‪ ،‬واستماعو للمناقشات اليت دارت حولو‪ ،‬قرر ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬قبض األموال كما يكون حسيا يف حالة األخذ ابليد‪ ،‬أو الكيل أو الوزن يف الطعام‪ ،‬أو النقل‬
‫والتحويل إىل حوزة القابض‪ ،‬يتحقق اعتبارا وحكما ابلتخلية مع التمكُت من التصرف ولو مل يوجد‬
‫القبض حسا‪ .‬وٗتتلف كيفية قبض األشياء ْتسب حا‪٢‬تا واختبلف األعراف فيما يكون قبضا ‪٢‬تا‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬إن من صور القبض ا‪ٟ‬تكمي ا‪١‬تعتربة شرعا وعرفا‪:‬‬
‫‪ -1‬القيد ا‪١‬تصريف ‪١‬تبلغ من ا‪١‬تال يف حساب العميل يف ا‪ٟ‬تاالت التالية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬إذا أودع يف حساب العميل مبلغ من ا‪١‬تال مباشرة أو ْتوالة مصرفية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬إذا عقد العميل عقد صرف انجز بينو وبُت ا‪١‬تصرف يف حال شراء عملة بعملة أخرى ‪ٟ‬تساب‬
‫العميل‪.‬‬
‫ج ‪ -‬إذا اقتطع ا‪١‬تصرف ‪ -‬أبمر العميل ‪ -‬مبلغا من حساب لو إىل حساب آخر بعملة أخرى‪ ،‬يف‬
‫ا‪١‬تصرف نفسو أو غَته‪ ،‬لصاحل العميل أو ‪١‬تستفيد آخر‪ ،‬وعلى ا‪١‬تصارف مراعاة قواعد عقد الصرف يف‬
‫الشريعة اإلسبلمية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر ا‪١‬ترجع نفسو ص ‪ 88‬و ‪89‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ويغتفر أتخَت القيد ا‪١‬تصريف ابلصورة اليت يتمكن ا‪١‬تستفيد هبا من التسلم الفعلي‪ ،‬للمدد ا‪١‬تتعارف عليها‬
‫يف أسواق التعامل‪ ،‬على أنو ال ‪٬‬توز للمستفيد أن يتصرف يف العملة خبلل ا‪١‬تدة ا‪١‬تغتفرة إال بعد أن‬
‫٭تصل أثر القيد ا‪١‬تصريف إبمكان التسلم الفعلي‪.‬‬
‫‪ -2‬تسلم الشيك إذا كان لو رصيد قابل للسحب ابلعملة ا‪١‬تكتوب هبا عند استيفائو وحجزه للمصرف‪.‬‬
‫وهللا أعلم(‪.)1‬‬
‫ومن األحكام الفقهية اليت تتعلق ٔتسألة البحث يف بيع النقد ابلشيك‪:‬‬
‫إذا كانت ا‪١‬تبادلة بنقد من جنس العملة اليت أصدر هبا الشيك فيجب حينئذ التقابض والتماثل‪ ،‬وال‬
‫صرف بنفس العملة(‪.)2‬‬ ‫‪٬‬توز صرف الشيك أبقل من قيمتو إذا ُ‬
‫وإذا كانت ا‪١‬تبادلة بنقد من غَت جنس العملة اليت أصدر هبا الشيك –حاال كان أو مصدقا‪ -‬فيجب‬
‫حينئذ التقابض يف ‪٣‬تلس العقد فقط‪ ،‬ويكون سعر الصرف حسب ما يتفقان عليو(‪ ،)3‬وكذا ا‪ٟ‬تال لو‬
‫كان البدالن شيكُت(‪.)4‬‬
‫ويتحقق التقابض يف بيع الشيكات وشرائها أبن يتسلم البنك العملة‪ ،‬أو ٗتصم من حساب العميل‪،‬‬
‫ويتسلم العميل الشيك يف الوقت نفسو‪ ،‬على أن يكون الشيك مستحق الدفع فورا عند تقدٯتو‬
‫للمسحوب عليو‪ .‬وقد ذكر الفقهاء أن من القبض ا‪ٟ‬تكمي الذي يقوم مقام القبض ا‪ٟ‬تقيقي ما‬
‫يسمى ابلقيد ا‪١‬تصريف يف حال أودع أحد الطرفُت ا‪١‬تال يف حساب الطرف اآلخر مباشرة أو ْتوالة‬
‫مصرفية‪ ،‬ومن ذلك أيضا تسليم شيك مصدق‪.‬‬
‫ال ‪٬‬توز بيع الشيك ا‪١‬تؤجل بنقد مطلقا؛ النعدام شرط التقابض والتناجز بُت البدلُت يف ‪٣‬تلس العقد‬
‫(‪ ،)5‬ولكن ‪٬‬توز أن ‪٬‬تعل ‪ٙ‬تنا لسلعة حالة معينة(‪.)6‬‬
‫و‪٦‬تا كثر وانتشر يف اآلونة األخَتة شراء الذىب والعمبلت الورقية دوالرا كانت أم أسًتلينيا من احملبلت‬
‫التجارية مقابل شيك مصدق‪ ،‬فهذا جائز بشرط التقابض يف ‪٣‬تلس العقد يدا بيد يف حال القدرة على‬

‫(‪)1‬‬
‫‪٣‬تلة اجملمع ع ‪ ،6‬ج‪ 1‬ص ‪453‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الضوابط الشرعية للشيكات ص ‪ ، 3‬وانظر أحكام الشيك ص ‪127‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر أحكام الشيك ص ‪128‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر ا‪١‬ترجع نفسو ص ‪127‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر ا‪١‬ترجع نفسو ص ‪126‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر الضوابط الشرعية للشيكات ص ‪5‬‬

‫‪441‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫سحب قيمة الصك مىت أراد حاملو‪ ،‬وال ‪٬‬توز شراؤه نسيئة‪ ،‬أي مع أتخَت قبض الثمن‪ ،‬أو ابلدَين‪ ،‬بل‬
‫البد من البيع نقدا مع التقابض يف ‪٣‬تلس العقد‪ ،‬وأما إذا كانت الشيكات مؤجلة أبن كتب عليها‬
‫اتريخ متأخر عن اتريخ شراء الذىب ولو بيوم واحد فهذه ا‪١‬تعاملة ‪٤‬ترمة؛ ألهنا أخلت بشرط التقابض‬
‫يف ‪٣‬تلس العقد(‪ .)1‬لكن واقع ما ‪٬‬تري يف مصارفنا ٮتتلف أمره بسبب أزمة السيولة‪ ،‬والذىب والعمبلت‬
‫صارت ال تراد لذاهتا‪ ،‬وإ‪٪‬تا تراد للحصول على النقد (السيولة) مقابل الشيكات اليت يصعب ا‪ٟ‬تصول‬
‫على النقد من خبل‪٢‬تا بسبب األزمة‪ ،‬وألنو لو كان الشيك يقوم مقام النقد يف مثل ىذه األحوال ‪١‬تا‬
‫وجد فرق كبَت بُت سعر البيع نقدا وسعر البيع ابلشيك ا‪١‬تصدق‪ .‬وعليو فالشيك ا‪١‬تصدق يكون دينا‬
‫على ا‪١‬تصرف‪ ،‬وال يكون للشيك حينئذ حكم القبض‪.‬‬
‫وعليو فبل ‪٬‬توز أن يشًتى بو الذىب والدوالرات وما يف حكمهما؛ ألن من أيخذ منك الشيك ال‬
‫ٯتكنو أخذ العملة ٔتجرد مراجعتو ا‪١‬تصرف‪ ،‬بل يتأخر يف استبلم ا‪١‬تال إىل توفر السيولة(‪.)2‬‬
‫وىناك من ذىب إىل جواز مثل ىذه ا‪١‬تعامبلت بشرط أن يتم االتفاق وتقابض العوضُت يف ا‪١‬تصرف‬
‫أبن يستلم ا‪١‬تشًتي العملة‪ ،‬ويستلم البائع الشيك ا‪١‬تصدق أو تودع القيمة يف حسابو‪.‬‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬اجلانب الفقهي‬
‫ال ٯتكن إصدار حكم صحيح على شيء إال بعد تصوره تصورا يزيل إهبامو‪ ،‬ويبُت ا‪١‬تراد منو‪ ،‬وٖتديد‬
‫العبلقة بُت طريف العقد يف ا‪١‬تعاملة ضروري؛ إذ األحكام قد ٗتتلف من عقد آلخر‪ ،‬فيدخل الراب يف‬
‫بعضها دون بعضها اآلخر‪ ،‬وىذا ‪٬‬تعل الكبلم يف ىذا ا‪١‬تبحث على ثبلثة مطالب‪ :‬ا‪١‬تطلب األول‪ :‬الراب‬
‫يف األوراق النقدية‪ ،‬وا‪١‬تطلب الثاٍل يف عقد الصرف‪ ،‬وا‪١‬تطلب الثالث يف عقد القرض‪.‬‬
‫ادلطلب األول‪ :‬الراب يف األوراق النقدية‬
‫سأتعرض يف ىذا ا‪١‬تطلب لبعض ا‪١‬تسائل اليت تتعلق ابلراب ‪٦‬تا ‪٢‬تا عبلقة ابلبحث‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الراب لغة وشرعا‬
‫الراب لغة‪ :‬الزايدة‪ ،‬يقال‪َ :‬راب الشيءُ يَْربُو ُربُ ّوا وِرابءً‪ :‬زاد و‪٪‬تا‪ ،‬وأ َْربَْيتو‪٪َ :‬تَيتو‪ ،‬ويف الكتاب العزيز‪ :‬ﮋويُْريب‬
‫الصدقاتﮊ [البقرة‪ ،]276 ،‬ومنو أ ُِخ َذ ِ‬
‫الراب ا‪ٟ‬تَرام قال هللا تعاىل‪ :‬ﮋوما آتَْي تُم من رابً ليَ ْربُ َو يف أَمو ِال‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الناس فبل يَْربُو عند هللاﮊ [الروم‪. ]39 ،‬‬ ‫ِ‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر يسألونك عن ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تالية ا‪١‬تعاصرة ص ‪214‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر موقع اإلسبلم سؤال وجواب‪ ،‬رقم الفتوى ‪268052‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وشرعا‪ :‬عقد على عوض ‪٥‬تصوص غَت معلوم التماثل يف معيار الشرع حالة العقد أو مع أتخَت يف‬
‫البدلُت أو أحد‪٫‬تا(‪.)2‬‬
‫أو ىو فضل مال ببل عوض يف معاوضة مال ٔتال(‪.)3‬‬
‫وىو ينقسم –عند ‪ٚ‬تهور الفقهاء‪ -‬إىل قسمُت(‪:)4‬‬
‫‪ 1‬راب الفضل‪ :‬وىو بيع ا‪١‬تال الربوي ّتنسو مع زايدة يف أحد العوضُت‪.‬‬
‫‪ 2‬راب النّساء‪ :‬ىو بيع ا‪١‬تال الربوي ٔتال ربوي آخر فيو نفس العلّة إىل أجل (‪.)5‬‬
‫اثنيا‪ :‬حكم الراب وحكمة حترميو‬
‫حكم الراب‪ٖ :‬ترَل الراب أمر معلوم من الدين ابلضرورة‪ ،‬دل على ٖترٯتو الكتاب والسنة واإل‪ٚ‬تاع(‪ ،)6‬فأما‬
‫الكتاب فقول هللا تعاىل‪ :‬ﮋوحرم الرابﮊ [البقرة‪ ]275 ،‬وما بعدىا من اآلايت‪.‬‬
‫وأما السنة فما روي عن النيب ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنو قال‪" :‬اجتنبوا السبع ا‪١‬توبقات‪ ،‬قيل‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬وما ىن؟‬
‫قال‪ :‬الشرك ابهلل‪ ،‬والسحر‪ ،‬وقتل النفس اليت حرم هللا إال اب‪ٟ‬تق‪ ،‬وأكل الراب‪ ،)7( "... ،‬وروي عن رسول‬
‫هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنو لعن آكل الراب‪ ،‬وموكلو‪ ،‬وكاتبو‪ ،‬وشاىديو‪ ،‬وقال‪ :‬ىم سواء" (‪ ،)8‬وأ‪ٚ‬تعت األمة على أن‬
‫الراب ‪٤‬ترم(‪.)9‬‬
‫حكمة حترمي الراب‪ :‬الراب كبَتة من كبائر الذنوب‪ ،‬وقد حرمو هللا ورسولو ‪١‬تا فيو من األضرار العظيمة‪،‬‬
‫والعواقب الوخيمة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر الصحاح (راب) ص ‪ ، 382‬ولسان العرب ‪1572/3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مغٍت احملتاج ‪ ، 21/2‬وزاد احملتاج ‪21/2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫البناية شرح ا‪٢‬تداية ‪260/8‬‬
‫(‪)4‬‬
‫قسمو الشافعية إىل ثبلثة أقسام‪ :‬راب الفضل‪ :‬وىو البيع مع زايدة أحد العوضُت عن اآلخر‪ ،‬وراب اليد‪ :‬وىو البيع مع أتخَت‬
‫قبضهما أو قبض أحد‪٫‬تا‪ ،‬وراب النساء‪ :‬وىو البيع ألجل‪ .‬انظر زاد احملتاج ‪21/2‬‬
‫(‪)5‬‬
‫الراب وبدائلو يف اإلسبلم ص ‪8‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر ا‪١‬تغٍت ‪ ، 338/4‬والشرح ا‪١‬تمتع ‪392/8‬‬
‫(‪)7‬‬
‫متفق عليو‪ .‬صحيح البخاري ‪ 261/4‬كتاب احملاربُت من أىل الكفر والردة‪ ،‬ابب رمي احملصنات‪ ،‬رقم (‪ ،)6857‬وصحيح‬
‫مسلم ‪ 60/1‬كتاب اإلٯتان‪ ،‬ابب بيان الكبائر وأكربىا‪ ،‬رقم (‪.)145‬‬
‫(‪)8‬‬
‫أخرجو مسلم يف صحيحو ‪ 69/2‬كتاب ا‪١‬تساقاة‪ ،‬ابب لعن آكل الراب ومؤكلو‪ ،‬رقم (‪.)1598‬‬
‫(‪)9‬‬
‫انظر اإلقناع ‪ ، 230/2‬وا‪١‬تغٍت ‪ ، 338/4‬والشرح ا‪١‬تمتع ‪393/8‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ – 1‬أن فيو ظلما واضحا السيما يف راب القرض؛ ألن فيو أخذ مال الغَت بغَت عوض وال جهد وال‬
‫عمل‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن يف تعاطي الراب الركون إىل الراحة والكسل وا‪٠‬تمول‪ ،‬واالبتعاد عن االشتغال ابلكسب‪.‬‬
‫‪ – 3‬أنو يفضي إىل انقطاع ا‪١‬تعروف وا‪١‬تواساة بُت الناس ابلقرض ا‪ٟ‬تسن‪.‬‬
‫‪ – 4‬أن فيو استغبلل الغٍت للفقَت أبخذ مالو والتضييق عليو‪ ،‬و‪٬‬تعل أموال األمة يف يد طبقة معينة‬
‫تتحكم يف رقاب الناس واقتصاد الببلد‪.‬‬
‫‪ - 5‬الراب مصادم لؤلخبلق انقض للفضيلة ال يعرف ا‪٠‬تلق والفضيلة وال يتقبلهما أبدا؛ ألن ا‪١‬ترابُت ال‬
‫تزيد ثرواهتم إال إذا كثرت مصائب الناس وعظمت حاجتهم‪ ،‬والذين يتعاطون الراب أعداء ألداء للمجتمع‬
‫ال يرجون لو خَتا‪ ،‬بل يعملون نزول ا‪١‬تصائب وخلق األزمات (‪.)1‬‬
‫‪ _ 6‬يف الراب معصية كبَتة هلل تعاىل حيث ينطوي على خيانة أمانة ا‪١‬تال الذي استخلف عليو اإلنسان؛‬
‫إذ ا‪١‬ترايب ٮتون هللا ورسولو‪ ،‬ويتمرد على أوامر هللا ورسولو(‪.)2‬‬
‫اثلثا‪ :‬علة الراب يف النقدين‬
‫ليس من متعلق ىذا البحث دراسة علة الراب يف األصناف الربوية كلها‪ ،‬وإ‪٪‬تا سأكتفي بدراسة علة‬
‫الراب يف النقدين؛ لتعلقها ٔتوضوع البحث‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء يف ىذه العلة على عدة مذاىب‪،‬‬
‫أشهرىا ثبلثة‪:‬‬
‫ا‪١‬تذىب األول‪ :‬أن العلة ىي الوزن مع ا‪ٞ‬تنس‪ ،‬وىو مذىب ا‪ٟ‬تنفية‪ ،‬وأشهر الرواايت عن اإلمام‬
‫أ‪ٛ‬تد(‪.)3‬‬
‫و٭تتج أصحاب ىذا ا‪١‬تذىب بقولو ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬ال تبيعوا الذىب ابلذىب إال وزان بوزن"(‪ ،)4‬وبقولو‪:‬‬
‫"الذىب ابلذىب وزان بوزن مثبل ٔتثل‪ ،‬والفضة ابلفضة وزان بوزن مثبل ٔتثل"(‪ ،)5‬وجو االستدالل من‬
‫ىذين ا‪ٟ‬تديثُت أن ذكر الوزن فيهما يدل على أنو ىو ا‪ٞ‬تزء ا‪١‬تؤثر يف ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬فجعل ضابط ما ‪٬‬تري فيو‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر البنوك اإلسبلمية ص ‪67‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر الفقو ا‪١‬تالكي وأدلتو ‪ ، 54/5‬والبنوك اإلسبلمية ص ‪67‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪ ، 44/7‬وا‪١‬تغٍت ‪ ، 341/4‬والشرح ا‪١‬تمتع ‪396/8‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أخرجو مسلم يف صحيحو ‪ 66/2‬كتاب ا‪١‬تساقاة‪ ،‬ابب بيع القبلدة فيها خرز وذىب‪ ،‬رقم (‪.)1591‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أخرجو مسلم يف صحيحو ‪ 64/2‬كتاب ا‪١‬تساقاة‪ ،‬ابب الصرف وبيع الذىب ابلورق نقدا‪ ،‬رقم (‪.)1588‬‬

‫‪447‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫الراب‪ ،‬وٕتب فيو ا‪١‬تماثلة الوزن يف ا‪١‬توزوانت‪ ،‬وطرد أصحاب ىذا ا‪١‬تذىب القاعدة يف جراين الراب يف كل‬
‫ما يوزن كا‪ٟ‬تديد والنحاس وغَت‪٫‬تا (‪.)1‬‬
‫ونوقش ىذا القول ٔتا يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التعليل ابلوزن وصف طردي(‪٤ )2‬تض ال مناسبة فيو‪ٓ ،‬تبلف التعليل ابلثمنية‪ ،‬فإن الدراىم والداننَت‬
‫أ‪ٙ‬تان ا‪١‬تبيعات‪ ،‬والثمن ىو ا‪١‬تعيار الذي بو يعرف تقوَل األموال‪ ،‬فيجب أن يكون ‪٤‬تدودا مضبوطا ال‬
‫يرتفع وال ينخفض‪ ،‬حىت ال تفسد معامبلت الناس‪ ،‬ويقع االختبلف‪ ،‬ويشتد الضرر‪ ،‬فبل تكون الدراىم‬
‫والداننَت ‪٣‬تاال صا‪ٟ‬تا للتجارة (‪.)3‬‬
‫ب ‪ -‬وألنو لو كانت العلة يف األ‪ٙ‬تان الوزن مل ‪٬‬تز إسبلمهما يف ا‪١‬توزوانت؛ ألن كل شيئُت ‪ٚ‬تعتهما علة‬
‫فدل ذلك على أن‬ ‫واحدة يف الراب ال ‪٬‬توز إسبلم أحد‪٫‬تا يف اآلخر كإسبلم الذىب يف الفضة والعكس‪ّ ،‬‬
‫غَت‪٫‬تا مل يشاركهما يف العلة (‪.)4‬‬
‫ج ‪ -‬أن حكمة ٖترَل الراب ليست مقصورة على ما يوزن‪ ،‬بل ىي متعدية إىل غَته ‪٦‬تا يعد ‪ٙ‬تنا وال‬
‫يتعامل بو وزان كالفلوس والورق النقدي؛ فإن الظلم ا‪١‬تراعى إبعاده يف ٖترَل الراب يف النقدين واقع يف‬
‫التعامل ابلورق النقدي وبشكل واضح يف غالبو تتضاءل معو صورة الظلم الواقع يف التعامل ابلذىب‬
‫والفضة متفاضبل يف ا‪ٞ‬تنس‪ ،‬أو نسيئة يف ا‪ٞ‬تنسُت نظرا الرتفاع القيمة الثمنية يف بعضها كفئات ا‪١‬تائة‬
‫رايل واأللف دوالر(‪.)5‬‬
‫ا‪١‬تذىب الثاٍل‪ :‬أن العلة ىي غلبة الثمنية‪ ،‬وىو مذىب الشافعية‪ ،‬وا‪١‬تشهور عند ا‪١‬تالكية(‪.)6‬‬
‫ويقصر أصحاب ىذا ا‪١‬تذىب علة الراب يف النقدين على الذىب والفضة دون غَت‪٫‬تا‪ ،‬فالعلة عندىم‬
‫قاصرة (‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪ ، 46/7‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪217/1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الوصف الطردي‪ :‬وصف مقارن للحكم وال مناسبة بينو وبُت ا‪ٟ‬تكم ال ابلذات وال ابلتبع‪ .‬معجم غريب الفقو واألصول ص‬
‫‪659‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر إعبلم ا‪١‬توقعُت ‪ ، 175/2‬والفقو اإلسبلمي وأدلتو للزحيلي ‪3725/5‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر كفاية النبيو يف شرح التنبيو ‪128/9‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪217/1‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر بداية اجملتهد ‪ ، 220/2‬وشرح ‪٥‬تتصر خليل للخرشي ‪ ، 444 /14‬وا‪ٟ‬تاوي الكبَت ‪ ، 91/5‬وزاد احملتاج ‪، 24/2‬‬
‫وا‪١‬تغٍت ‪342/4‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫واستدلوا على ما ذىبوا إليو ابآليت‪:‬‬


‫أ ‪ -‬أن النيب –ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬نص على الذىب والفضة‪ ،‬ومل ينص على ما سوا‪٫‬تا‪ ،‬فدل ذلك على أهنما‬
‫‪٥‬تتصان اب‪ٟ‬تكم؛ ألنو ال يوجد ‪٢‬تما مشارك يف وضعهما األخص(‪.)2‬‬
‫ب ‪ -‬إ‪٪‬تا كانت علة الراب يف النقود ما ذكر؛ ألنو لو مل ٯتنع الراب فيها ألدى ذلك إىل قلتها‪ ،‬فيتضرر‬
‫الناس(‪.)3‬‬
‫ج ‪ -‬أنو ال ‪٬‬توز أن يكون ٖترَل الراب ‪١‬تعٌت يتعدا‪٫‬تا إىل غَت‪٫‬تا من األموال؛ ألنو لو كان ‪١‬تعٌت يتعدا‪٫‬تا‬
‫إىل غَت‪٫‬تا مل ‪٬‬تز إسبلمهما فيما سوا‪٫‬تا من األموال؛ ألن كل شيئُت ‪ٚ‬تعتهما علة واحدة يف الراب ال‬
‫‪٬‬توز إسبلم أحد‪٫‬تا يف اآلخر كالذىب والفضة وا‪ٟ‬تنطة والشعَت‪ ،‬فلما جاز إسبلم الذىب والفضة يف‬
‫ا‪١‬توزوانت وا‪١‬تكيبلت وغَت‪٫‬تا من األموال دل على أن العلة فيهما ‪١‬تعٌت ال يتعدا‪٫‬تا‪ ،‬وىو أنو من جنس‬
‫األ‪ٙ‬تان (‪.)4‬‬
‫ونوقش ىذا القول ٔتا يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن العلة القاصرة ال يصح التعليل هبا يف اختيار األكثر؛ ألهنا منقوضة(‪ )5‬ط ردا(‪ )6‬ابلفلوس؛ لوجود‬
‫العلة‪ ،‬وىي الثمنية‪ ،‬وٗتلف ا‪ٟ‬تكم عنها‪ ،‬وىو الراب‪ ،‬وعكسا(‪ )7‬اب‪ٟ‬تلي؛ لوجود ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬وىو الراب‪،‬‬
‫وٗتلف العلة‪ ،‬وىو عدم كوهنا أ‪ٙ‬تاان (‪.)8‬‬
‫ب ‪ -‬أن حكمة ٖترَل الراب يف النقدين ليست مقصورة عليهما‪ ،‬بل تتعدا‪٫‬تا إىل غَت‪٫‬تا من األ‪ٙ‬تان‬
‫كالفلوس والورق النقدي (‪.)9‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر بداية اجملتهد ‪ ، 220/2‬والعلة القاصرة‪ :‬ىي اليت ال تتعدى ‪٤‬تل النص‪ .‬نثر الورود ص ‪312‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الفقو ا‪١‬تالكي وأدلتو ‪69/5‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرابٍل ‪183/2‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر اجملموع شرح ا‪١‬تهذب ‪392/9‬‬
‫(‪)5‬‬
‫النقض‪ :‬ىو وجود الوصف ا‪١‬تدعى كونو علة يف ‪٤‬تل مع ٗتلف ا‪ٟ‬تكم عنو يف ذلك احملل‪ .‬معجم غريب الفقو واألصول‬
‫‪632‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الطرد‪ :‬ىو مبلزمة ا‪ٟ‬تكم للوصف حال وجود الوصف‪ .‬نثر الورود ص ‪353‬‬
‫(‪)7‬‬
‫العكس‪ :‬ىو ا‪١‬تبلزمة يف النفي ْتيث ينتفي ا‪١‬تعلول ابنتفاء علتو‪ .‬ا‪١‬تصدر السابق ‪357‬‬
‫(‪)8‬‬
‫انظر الفروع وتصحيح الفروع ‪ ، 294/6‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪ ، 218/1‬و‪٤‬تاضرات يف الفقو ا‪١‬تقارن ص ‪52‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪218/1‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ا‪١‬تذىب الثالث‪ :‬أن العلة ىي مطلق الثمنية‪ ،‬وىو غَت ا‪١‬تشهور عند ا‪١‬تالكية‪ ،‬ورواية عن اإلمام أ‪ٛ‬تد (‪.)1‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫وعليو فكل ما كان ‪ٙ‬تنا فإنو ‪٬‬تري فيو الراب‪ ،‬والفرق بُت ىذا ا‪١‬تذىب وسابقو أن التعليل بغلبة الثمنية‬
‫يؤدي إىل قصر الراب على الذىب والفضة‪ ،‬فبل يقاس غَت‪٫‬تا عليهما‪ ،‬فبل ‪٬‬تري الراب يف الفلوس‪ ،‬وال يف‬
‫األوراق النقدية حىت ولو اكتسبت القوة نفسها‪ ،‬وراج استعما‪٢‬تا بُت الناس‪ ،‬وأن التعليل ٔتطلق الثمنية‬
‫‪٬‬تعل العلة متعدية إىل غَت‪٫‬تا كالفلوس واألوراق النقدية (‪.)2‬‬
‫قال ابن تيمية (ت ‪ 726‬ه)‪" :‬والتعليل ابلثمنية تعليل بوصف مناسب؛ فإن ا‪١‬تقصود من األ‪ٙ‬تان أن‬
‫تك ون معيارا لؤلموال يتوسل هبا إىل معرفة مقادير األموال‪ ،‬وال يقصد االنتفاع بعينها‪ ،‬فمىت بيع بعضها‬
‫ببعض إىل أجل قصد هبا التجارة اليت تناقض مقصود الثمنية"(‪. )3‬‬
‫وىو ما يتناسب مع الرأي الراجح الذي قررتو ا‪٢‬تيئات العلمية‪ ،‬وعليو أغلب ا‪١‬تعاصرين من اعتبار‬
‫األوراق النقدية نقدا قائما بذاتو‪ .‬جاء يف ‪٣‬تلس ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي ا‪١‬تنعقد يف دورة مؤ٘تره الثالث‬
‫بعمان عاصمة ا‪١‬تملكة األردنية ا‪٢‬تامشية من ‪ 13 -8‬صفر ‪1407‬ى ‪ 16 - 11/‬تشرين األول‬
‫(أكتوبر) ‪ 1986‬م قرار رقم ‪ )3/9( 21‬بشأن أحكام النقود الورقية وتغَت قيمة العملة‪:‬‬
‫بعد اطبلعو على البحوث الواردة إىل اجملمع ٓتصوص موضوع أحكام النقود الورقية وتغَت قيمة العملة‪،‬‬
‫قرر ما يلي ‪:‬‬
‫أوال‪ٓ :‬تصوص أحكام العمبلت الورقية‪ :‬أهنا نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة‪ ،‬و‪٢‬تا األحكام‬
‫الشرعية ا‪١‬تقررة للذىب والفضة من حيث أحكام الراب والزكاة والسلم وسائر أحكامهما (‪.)4‬‬
‫ومن تطبيقات ىذا ا‪١‬تطلب‪ :‬مسألة دفع شيك مصدق مقابل نقد‪.‬‬
‫من ا‪١‬تسائل ا‪١‬تنتشرة بُت األفراد الطبيعيُت من يقول ‪ٞ‬تاره أو صديقو‪ :‬إذا وصل مرتبك إىل ا‪١‬تصرف‬
‫فأودع يف حسايب ا‪١‬تبلغ أو اعمل ابلقيمة شيكا مصدقا وتعال خذه نقدا‪ ،‬أو العكس من ذلك‪ ،‬فيستلم‬
‫احملتاج السيولة أوال‪ ،‬مث يودع يف حساب اآلخر قيمتو‪ ،‬وقد يكون ذلك يدا بيد‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر شرح ‪٥‬تتصر خليل للخرشي ‪ ، 444 /14‬وا‪١‬تغٍت ‪342/4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تالية أصالة ومعاصرة ‪152 /11‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪٣‬تموع الفتاوى البن تيمية ‪471/29‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪٣‬تلة اجملمع‪ ،‬العدد الثالث ‪ ، 1650/3‬والعدد ا‪٠‬تامس ‪1609/3‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫كما أن بعض األفراد من ذوي ا‪ٟ‬تساابت يف ا‪١‬تصرف الواحد يودعون ما يف حساابهتم ا‪ٞ‬تارية على‬
‫حساب واحد‪ ،‬مث يعملون شيكا مصدقا ‪١‬تن يريد ا‪ٟ‬تجز يف ا‪ٟ‬تديد أو اإل‪ٝ‬تنت‪ ،‬ويستلمون منو القيمة‬
‫نقدا يف الوقت نفسو أو قبلو أو بعده‪.‬‬
‫فهل ىذه ا‪١‬تعامبلت وما شاهبها تعد من قبيل القرض أو من قبيل الصرف؟ ومن ا‪١‬تعلوم أن ا‪ٟ‬تكم‬
‫ٮتتلف أحياان ابختبلف تكييف العقد‪.‬‬
‫فإذا نظران إىل ىذه ا‪١‬تعامبلت على أهنا عقود صرف فاستبدال عملة بعملة أخرى من جنسها كما ىو‬
‫واقع ا‪١‬تسألة يشًتط فيو التماثل والتقابض يف اجمللس‪ .‬وعليو فبل ‪٬‬توز منها إال ما كان يدا بيد‪.‬‬
‫لكن إذا نظران إىل ىذه ا‪١‬تعامبلت على أهنا عقود قرض –وىو األقرب‪ -‬فبل يشًتط فيها إال الوفاء‬
‫بنفس قيمة القرض‪ ،‬وال يضر العقد طلب ا‪١‬تقرض إيداع ا‪١‬تبلغ يف حسابو أوال؛ ألن من حقو أن يطلب‬
‫ذلك توثيقا ‪ٟ‬تقو‪ ،‬فيعد الشيك ا‪١‬تصدق من ىذا القبيل‪.‬‬
‫ومن األحسن ىنا أن تكون نية ا‪١‬تتعاقدين القرض ا‪ٟ‬تسن حىت ال يكون ىناك شبهة من شبو الراب‪.‬‬
‫ومن الوقائع اليت يكثر السؤال عنها يف الوقت ا‪ٟ‬تاضر شراء ا‪١‬تواد الغذائية أو ا‪١‬تبلبس أو قطع غيار‬
‫السيارات عن طريق الشيكات فهذه البيوع جائزة؛ ألن أحد العوضُت مال غَت ربوي كما يف أغلب ما‬
‫ذكر‪ ،‬أو ألن ا‪ٞ‬تنس ‪٥‬تتلف‪ ،‬والعلة ‪٥‬تتلفة‪ ،‬فبل يشًتط فيها التقابض‪ ،‬وال ا‪ٟ‬تلول؛ ألن العقد غَت‬
‫ربوي‪.‬‬
‫ولكن من صور الراب الصريح ما ‪ٝ‬تعنا بو عن بعضهم من أنو يدفع تسعمائة دينار نقدا مقابل ألف‬
‫دينار شيكا‪.‬‬
‫ومن ذلك –أيضا‪ -‬أن بعضا من ٕتار األعبلف يبيع كمية من األعبلف بسعر معُت على أن يكون‬
‫الثمن عن طريق شيك مصدق أو إيداع يف حسابو‪ ،‬مث يشًتي ىذه األعبلف ا‪١‬تباعة نقدا من أصحاهبا‪،‬‬
‫وىذا ال شك يف أنو من بيوع العينة (‪ )1‬ا‪١‬تنهي عنها(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫بيع العينة‪ :‬ىو أن يبيع غَته سلعة بثمن مؤجل‪ ،‬مث يشًتيها منو أبقل من الثمن حاال‪ .‬الكايف يف فقو اإلمام أ‪ٛ‬تد ‪، 16/2‬‬
‫وروضة الطالبُت ‪86/3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يرى الشافعية جواز بيع العينة‪ ،‬قال الشافعي‪ :‬ومن ابع سلعة من السلع إىل أجل من اآلجال‪ ،‬وقبضها ا‪١‬تشًتي فبل أبس أن‬
‫يبيعها من الذي اشًتاىا أبقل من الثمن‪ .‬األم للشافعي ‪38/3‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وا‪١‬تخرج يف مثل ىذه األفعال أن يعطي تسعمائة دينار نقدا مقابل تسعمائة دينار شيكا يف الصورة‬
‫األوىل؛ الشًتاط التماثل يف حال اٖتاد ا‪ٞ‬تنس‪ ،‬أو يقرضو قرضا حسنا‪ ،‬أو يشًتي منو السلعة ويبيعها‬
‫لغَت من اشًتاىا منو يف الصورة الثانية‪ ،‬فيكون من بيع التورق‪ ،‬وىو جائز عند ‪ٚ‬تهور أىل العلم‪.‬‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬عقد الصرف‬
‫الصرف نوع من ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تالية اختص أبحكام ال توجد يف غَته؛ ‪١‬تا يكتنفو من أحوال يقع فيها‬
‫كثَت من الناس يف الراب‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الصرف لغة وشرعا‪.‬‬
‫الصرف لغة‪ :‬الفضل والزايدة‪ ،‬يقال‪ :‬بُت الدر‪٫‬تُت صرف‪ :‬أي فضل؛ ‪ٞ‬تودة فضة أحد‪٫‬تا‪ .‬ومنو‬
‫اشتقاق الصَتيف‪ ،‬والصَتيف‪ :‬الصراف من ا‪١‬تصارفة‪ ،‬وقوم صيارفة‪ ،‬ا‪٢‬تاء للنسبة (‪ ،)1‬و‪ٝ‬تي صرفا؛ لوجوب‬

‫دفع ما يف يد كل واحد من ا‪١‬تتعاقدين إىل صاحبو يف اجمللس (‪.)2‬‬


‫وشرعا‪ :‬ىو بيع األ‪ٙ‬تان بعضها ببعض (‪ .)3‬وقصره ا‪١‬تالكية على بيع النقد بنقد مغاير لنوعو‪ ،‬أما بيع‬
‫النقد بنقد مثلو كبيع الذىب ابلذىب‪ ،‬والفضة ابلفضة فسموه مراطلة إن كان ابلوزن‪ ،‬ومبادلة إن كان‬
‫ابلعدد (‪.)4‬‬
‫اثنيا‪ :‬حكمو‬
‫اّللُ الْبَ ْي َع َو َحَرَم ِ‬
‫الرَابﮊ [البقرة‪،]275 :‬‬ ‫َح َل َ‬
‫الصرف نوع من أنواع البيوع‪ ،‬والبيع جائز‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ َوأ َ‬
‫ّ‬
‫وعن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ :-‬الذىب ابلذىب‪ ،‬والفضة ابلفضة‪ ،‬والرب ابلرب‪،‬‬
‫والشعَت ابلشعَت‪ ،‬والتمر ابلتمر‪ ،‬وا‪١‬تلح اب‪١‬تلح‪ ،‬مثبل ٔتثل‪ ،‬سواء بسواء‪ ،‬يدا بيد‪ ،‬فإذا اختلفت ىذه‬
‫األصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد(‪.)5‬‬
‫اثلثا‪ :‬أركان العقد‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر مادة (صرف) يف الصحاح ص ‪ ، 587‬وا‪١‬تصباح ا‪١‬تنَت ص ‪ ، 203‬ولسان العرب ‪2434/4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ا‪١‬تغٍت ‪ ، 397/4‬واالختيار لتعليل ا‪١‬تختار ‪39/2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر ا‪١‬تفصل يف أحكام الراب ‪468/6‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر مواىب ا‪ٞ‬تليل ‪ ، 332/4‬والشرح الكبَت للشيخ الدردير ‪ ، 41/3‬والفقو ا‪١‬تالكي وأدلتو ‪70/5‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أخرجو مسلم يف صحيحو ‪ 64/2‬كتاب ا‪١‬تساقاة‪ ،‬ابب الصرف وبيع الذىب ابلورق نقدا‪ ،‬رقم (‪.)1587‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫لعقد الصرف أربعة أركان‪ ،‬ىي‪:‬‬


‫‪ - 1‬الصيغة‪.‬‬
‫‪ - 2‬العاقدان‪.‬‬
‫‪ – 3‬تراضي العاقدين على ما تعاقدا عليو‪.‬‬
‫‪ - 4‬احملل الذي وقع عليو العقد(‪.)1‬‬
‫رابعا‪ :‬شروط الصرف‬
‫نظرا أل‪٫‬تية ىذا العقد اشًتط لو الفقهاء أربعة شروط (‪ )2‬ىي‪:‬‬
‫‪ - 1‬تقابض البدلُت يف اجمللس قبل افًتاق ا‪١‬تتصارفُت‪ ،‬فإن افًتق ا‪١‬تتصارفان أببداهنما قبل قبض‬
‫العوضُت أو أحد‪٫‬تا بطل العقد منعا من الوقوع يف راب النسيئة؛ ‪١‬تا روي عن عبادة بن الصامت ‪-‬هنع هللا يضر‪-‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ :-‬الذىب ابلذىب‪ ،‬والفضة ابلفضة‪ ،‬والرب ابلرب‪ ،‬والشعَت ابلشعَت‪ ،‬والتمر‬
‫ابلتمر‪ ،‬وا‪١‬تلح اب‪١‬تلح‪ ،‬مثبل ٔتثل‪ ،‬سواء بسواء‪ ،‬يدا بيد"‪ ،‬وقال ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬الذىب ابلورق راب إال ىاء وىاء"‬
‫(‪ ،)3‬قال ابن ا‪١‬تنذر (ت ‪ 318‬ه)‪" :‬أ‪ٚ‬تع كل من ‪٨‬تفظ عنو من أىل العلم على أن ا‪١‬تتصارفُت إذا‬
‫افًتقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد" (‪.)4‬‬
‫و‪٬‬تزئ التقابض عند ‪ٚ‬تهور الفقهاء يف اجمللس ولو طال‪ ،‬أو ٘تاشيا مصطحبُت إىل منزل أحد‪٫‬تا أو إىل‬
‫الصراف(‪ . )5‬وذىب مالك إىل عدم اعتبار االفًتاق ابألبدان‪ ،‬فيشًتط عنده أن يتم التقابض عند‬
‫اإل‪٬‬تاب والقبول‪ ،‬فإذا أتخر عن ذلك فبل يصح الصرف ولو مل يتفارقا أببداهنما (‪.)6‬‬
‫وإذا حصل التقابض يف بعض الثمن دون بعض وافًتقا بطل الصرف فيما مل يقبض ابتفاق الفقهاء‪.‬‬
‫واختلفوا فيما مت فيو التقابض على قولُت‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر أحكام صرف النقود والعمبلت يف الفقو اإلسبلمي وتطبيقاتو ا‪١‬تعاصرة‪ ،‬ص ‪39‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ىذه الشروط يف بدائع الصنائع ‪ ، 124/7‬وا‪١‬تقدمات ا‪١‬تمهدات ‪ ، 507/2‬وزاد احملتاج ‪ ، 24/2‬وا‪١‬تغٍت ‪، 397/4‬‬
‫والبنوك اإلسبلمية ص ‪17‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ا‪١‬توطأ ‪ 441‬كتاب البيوع‪ ،‬ابب ما جاء يف الصرف‪ ،‬رقم (‪ ،)40‬وسنن النسائي ‪ 273 /7‬ابب بيع التمر ابلتمر متفاضبل‪،‬‬
‫وقال األلباٍل‪ :‬صحيح‪ .‬انظر إرواء الغليل ‪ ، 195/5‬رقم (‪.)1347‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ا‪١‬تغٍت ‪397/4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪ ، 125/7‬وروضة الطالبُت ‪ ، 104/3‬وا‪١‬تغٍت ‪397/4‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر بداية اجملتهد ‪320/2‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫األول‪ :‬صحة العقد فيما قبض‪ ،‬وبطبلنو فيما مل يقبض‪ .‬وىذا رأي ‪ٚ‬تهور الفقهاء من ا‪ٟ‬تنفية‬
‫والشافعية‪ ،‬وىو ا‪١‬تذىب عند ا‪ٟ‬تنابلة‪ ،‬وقول عند ا‪١‬تالكية‪.‬‬
‫الثاٍل‪ :‬بطبلن العقد يف الكل‪ ،‬وىو قول عند ا‪١‬تالكية‪ ،‬ووجو آخر عند ا‪ٟ‬تنابلة (‪.)1‬‬
‫والتقابض يف النقود يتحقق أبن يسلم العميل البنك ا‪١‬تبلغ تسليما فعليا يف ا‪ٟ‬تال‪ ،‬أو ٮتصم من رصيده‬
‫فورا اآلن‪ ،‬أو يقول للبنك‪ :‬اخصموا من رصيدي ىذا ا‪١‬تبلغ‪ .‬واب‪٠‬تصم من الرصيد يتحقق تسليم البنك‬
‫للعميل‪ ،‬وبقي الطرف اآلخر وىو البنك‪ ،‬عليو أن يسلم النقود‪ ،‬ويف الشيك ‪٬‬تب أن يتسلم العميل‬
‫الشيك يف ا‪١‬تكان نفسو‪ ،‬وال ‪٬‬توز أن أييت الشخص إىل البنك ويعطيو مثبل ألف دوالر‪ ،‬ويقول‪ :‬سآيت‬
‫العصر وآخذ منك الشيك مثبل؛ لعدم ٖتقق التقابض(‪.)2‬‬
‫‪ - 2‬التماثل يف البدلُت إذا كان البدالن من جنس واحد كفضة بفضة أو ذىب بذىب؛ لقولو ‪-‬صلى‬
‫هللا عليو وسلم‪ -‬يف حديث عبادة السابق‪" :‬الذىب ابلذىب مثبل ٔتثل"‪.‬‬
‫وعلى ىذا فإذا كان ا‪١‬تبلغ الذي يقدمو العميل بنفس عملة الشيك ا‪١‬تصريف‪ ،‬كأن أييت العميل أبلف‬
‫دوالر والبنك سيعطيو شيكا ابلدوالرات‪ ،‬فيجب أن يكون الشيك أبلف دوالر ال يزيد وال ينقص‪،‬‬
‫لكن البنوك قد أتخذ أجورا مقابل عملية إصدار الشيك‪ .‬فهذه األجور اليت أيخذىا البنك جائزة‬
‫بشرطُت‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن تكون مبلغا مقطوعا اثبتا ال يزيد بزايدة ا‪١‬تبلغ ا‪١‬تدون ابلشيك‪.‬‬
‫الشرط الثاٍل‪ :‬أن تكون ىذه األجور بقدر التكلفة الفعلية اليت تكبدىا البنك(‪ )3‬إلصدار الشيك‪ ،‬فهو‬
‫يستحق مثبل أن أيخذ تلك األجور لتغطية مصاريفو إلصدار الشيك‪ ،‬أما أن يربح يف عملية إصدار‬
‫الشيك ىنا فهذا ال ‪٬‬توز‪.‬‬
‫ىذا إذا كان ا‪١‬تبلغ الذي قدمو العميل بنفس عملة ا‪١‬تبلغ ا‪١‬تدون ابلشيك‪ .‬أما إذا اختلفت العملة كما لو‬
‫جاء شخص برايالت ويريد شيكا بدوالرات‪ ،‬فهنا يشًتط التقابض يف ا‪ٟ‬تال فقط (‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر ا‪١‬تبسوط للسرخسي ‪ ،295/20‬وبداية اجملتهد ‪ ، 322/2‬وا‪ٟ‬تاوي الكبَت ‪ ،80/5‬وا‪١‬تغٍت ‪ ، 397/4‬و‪٣‬تلة ‪٣‬تمع الفقو‬
‫اإلسبلمي ‪ ، 80/9‬و‪٣‬تلة البحوث اإلسبلمية ‪48/37‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر فقو ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تصرفية ص ‪46‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ىذا الشرط غَت متحقق يف كثَت من مصارفنا‪ ،‬فتصل مصاريف إصدار الشيك ا‪١‬تصدق يف بعضها إىل ‪ٜ‬تسة وعشرين دينارا‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر فقو ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تصرفية ص ‪46‬‬

‫‪441‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ – 3‬أن يكون العقد خاليا عن األجل‪ ،‬فبل يصح أن يبيع ذىبا بذىب‪ ،‬أو فضة بفضة‪ ،‬أو ذىبا بفضة‬
‫مع أتجيل قبض البدلُت أو أحد‪٫‬تا؛ ألن قبض كل واحد من العوضُت مستحق قبل االفًتاق‪ ،‬واألجل‬
‫يؤخر القبض لقولو ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬يف حديث أيب سعيد ا‪٠‬تدري – هنع هللا يضر‪" :-‬وال تبيعوا منها غائبا بناجز"(‪.)1‬‬
‫فإن اشًتط ا‪١‬تتعاقدان أو أحد‪٫‬تا إدخال األجل يف العقد فسد الصرف؛ ألن قبض البدلُت مستحق قبل‬
‫االفًتاق‪ ،‬واألجل يفوت القبض ا‪١‬تستحق ابلعقد شرعا‪ ،‬فيفسد العقد (‪.)2‬‬
‫وذكر ا‪ٟ‬تنفية أنو إن اشًتط األجل‪ ،‬مث أبطل صاحب األجل أجلو قبل االفًتاق‪ ،‬فنقد ما عليو‪ ،‬مث افًتقا‬
‫عن تقابض ينقلب العقد جائزا عندىم‪ ،‬خبلفا لزفر(‪. )3‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون العقد خاليا من خيار شرط‪ ،‬فإن شرط ا‪٠‬تيار فيو لكبل العاقدين أو ألحد‪٫‬تا فسد‬
‫الصرف؛ "ألن الصرف شرطو القبض يف ا‪ٟ‬تال دون أتخَت‪ ،‬وا‪٠‬تيار ال يتم معو العقد إال مع التأخَت‪،‬‬
‫وا‪٠‬تيار ٯتتنع معو اشًتاط النقد يف ا‪ٟ‬تال‪ ،‬والصرف البد فيو من النقد يدا بيد"(‪ ،)4‬لكن ا‪ٟ‬تنفية قالوا‪:‬‬
‫إذا أسقط ا‪٠‬تيار يف اجمللس يعود العقد إىل ا‪ٞ‬تواز؛ الرتفاعو قبل تقرره‪ ،‬خبلفا لزفر(‪.)5‬‬
‫وقال ا‪ٟ‬تنابلة‪ :‬ال يبطل الصرف و‪٨‬توه ابشًتاط ا‪٠‬تيار فيو كسائر الشروط الفاسدة يف البيع‪ ،‬فيصح العقد‬
‫ويَ َلزم ابلتفرق(‪.)6‬‬
‫قال الكاساٍل (ت ‪ 587‬ى )‪" :‬وىااتن الشريطتان على ا‪ٟ‬تقيقة فرعيتان لشريطة القبض إال أن إحدا‪٫‬تا‬
‫تؤثر يف نفس القبض‪ ،‬واألخرى يف صحتو"(‪.)7‬‬
‫وإذا كان إعطاء الشيك يف مقابل استبلم ا‪١‬تبلغ مؤجبل‪ ،‬فإما أن يكون مساواي للمبلغ ا‪١‬تكتوب على‬
‫الشيك أو ‪٥‬تتلفا عنو‪ ،‬فإن كان مساواي لو كان من ابب راب النسيئة‪ ،‬وإن كان ‪٥‬تتلفا عنو زايدة أو‬

‫(‪)1‬‬
‫رواه البخاري ومسلم يف صحيحيهما‪ .‬صحيح البخاري ‪ 34/2‬كتاب البيوع‪ ،‬ابب بيع الفضة ابلفضة‪ ،‬رقم (‪،)2177‬‬
‫وصحيح مسلم ‪ 63/2‬كتاب ا‪١‬تساقاة‪ ،‬ابب الراب‪ ،‬رقم (‪.)1584‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪ ، 135/7‬ومغٍت احملتاج ‪ ،24/2‬وكشاف القناع للبهويت ‪ ، 264/3‬وا‪١‬توسوعة الفقهية الكويتية‬
‫‪355/26‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪ ، 135/7‬وا‪١‬توسوعة الفقهية الكويتية ‪355/26‬‬
‫(‪)4‬‬
‫مدونة الفقو ا‪١‬تالكي ‪269/3‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪135/7‬‬
‫(‪)6‬‬
‫انظر شرح منتهى اإلرادات ‪201/2‬‬
‫(‪)7‬‬
‫بدائع الصنائع ‪135/7‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫نقصاان فهو من راب الفضل والنسيئة معا؛ ألن ىذا عقد صرف يشًتط فيو ا‪١‬تناجزة والتماثل يف العدد يف‬
‫صرف النقود‪.‬‬
‫لكن إذا كان صرف العملة بعملة أخرى نقدا كانت أو شيكا فيشًتط فيهما التناجز فقط‪.‬‬
‫ومن تطبيقات ىذا ا‪١‬تطلب‪:‬‬
‫ما ‪ٝ‬تعت عنو من أن أحد األفراد اشًتى عملة من أحد التجار‪ ،‬وذلك أبن استلم منو العملة يف احملل‪،‬‬
‫ووكل أحدا يعمل يف ا‪١‬تصرف بيده شيك للمشًتي إبيداع ا‪١‬تبلغ يف حساب البائع يف الوقت نفسو‪.‬‬
‫وىذه ا‪١‬تسألة إذا ٘تت على ىذه الصورة فإهنا جائزة على اعتبار أن القبض ا‪ٟ‬تكمي يقوم مقام القبض‬
‫ا‪ٟ‬تقيقي‪ ،‬قال النووي‪" :‬ولو وكل أحد‪٫‬تا وكيبل ابلقبض‪ ،‬فقبض قبل مفارقة ا‪١‬توكل اجمللس جاز‪ ،‬وبعده‬
‫ال ‪٬‬توز"(‪.)1‬‬
‫كما ٯتكن أن يقوم مقام القبض الفعلي للنقد الوسائل العصرية ا‪١‬تختلفة كا‪ٟ‬توالة والشيك وكل ما يعد‬
‫عرفا قبضا كما قامت السفتجة(‪ )2‬قدٯتا مقام القبض‪ ،‬ولكن ال ‪٬‬توز أتخَت القبض أو ما يقوم مقامو‬
‫(‪.)3‬‬
‫وىذا الذي استقر عليو رأي اجملمع الفقهي اإلسبلمي‪ ،‬وجاء فيو‪ :‬إن ‪٣‬تلس ‪٣‬تمع الفقو اإلسبلمي‬
‫ا‪١‬تنعقد يف دورة مؤ٘تره التاسع أبيب ظيب بدولة اإلمارات العربية ا‪١‬تتحدة من ‪ 6 -1‬ذي القعدة‬
‫‪1415‬ى ‪ ،‬ا‪١‬توافق ‪ 6 -1‬نيسان (أبريل) ‪1995‬م‪.‬‬
‫بعد اطبلعو على البحوث الواردة إىل اجملمع ٓتصوص موضوع‪ٕ(( :‬تارة الذىب‪ ،‬ا‪ٟ‬تلول الشرعية‬
‫الجتماع الصرف وا‪ٟ‬توالة))‪ ،‬وبعد استماعو إىل ا‪١‬تناقشات اليت دارت حولو قرر ما يلي‪" :‬أوال‪ :‬بشأن‬
‫ٕتارة الذىب‪:‬‬
‫أ ‪٬ -‬توز شراء الذىب والفضة ابلشيكات ا‪١‬تصدقة‪ ،‬على أن يتم التقابض ابجمللس"(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر روضة الطالبُت ‪381/3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫السفتجة‪ :‬بضم السُت‪ ،‬وقيل‪ :‬بفتحها فارسي معرب‪ ،‬وٕتمع على سفاتج‪ ،‬وىي أن يعطي آخر ماال‪ ،‬ولآلخر مال يف بلد‬
‫ا‪١‬تعطي‪ ،‬فيوفيو إايه ىناك‪ ،‬فيستفيد أمن الطريق‪ .‬ويف علم االقتصاد‪ :‬حوالة صادرة من دائن يكلف فيها مدينو دفع مبلغ‬
‫معُت يف اتريخ معُت إلذن شخص اثلث‪ ،‬أو إلذن الدائن نفسو‪ ،‬أو إلذن ا‪ٟ‬تامل ‪٢‬تذه ا‪ٟ‬توالة‪ .‬انظر ا‪١‬تصباح ا‪١‬تنَت‬
‫(سفتجة) ص ‪ ، 168‬وا‪١‬تعجم الوسيط ‪ ، 432 /1‬وا‪ٟ‬توالة والسفتجة بُت الدراسة والتطبيق ص ‪140‬‬
‫(‪)3‬‬
‫موسوعة القضااي الفقهية ا‪١‬تعاصرة ص ‪397‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪٣‬تلة اجملمع‪ ،‬ع ‪ ،9‬ص ‪65‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وأنقل ىنا فتوى تتعلق اب‪١‬تسألة ا‪١‬تطروحة ذكرىا صاحب كتاب فقو ا‪١‬تعامبلت(‪ ،)1‬وىي‪:‬‬
‫السؤال‪ :‬إذا قامت الشركة لنفسها أو لعمبلئها بشراء أو بيع دوالر أو عمبلت أخرى من ذمتها (أوت‬
‫رايت) على أن يتم القبض واالستبلم يف وقت الحق‪ ،‬أو تدفع الشركة جزءا من ا‪١‬تبلغ يف حالة الشراء‬
‫أو تستلم جزءا من ا‪١‬تبلغ يف حالة البيع لتجنب نزول أو ارتفاع سعر العملة ا‪١‬تراد شراؤىا أو بيعها‪.‬‬
‫وٯتكن أن يطلب العميل بعد ذلك أن يبيع ىذه العملة على الرغم أنو مل يستلمها‪ .‬فهل ىذا ‪٬‬توز؟‪.‬‬
‫ا‪ٞ‬تواب‪ :‬ىذه ا‪١‬تعاملة ا‪١‬تسؤول عنها مصارفة‪ ،‬وال بد أن تتحقق فيها شروط الصرف الشرعية‪ ،‬ومنها‬
‫قبض العمبلت ا‪١‬تصروفة يف ‪٣‬تلس العقد الذي ىو شرط لتمام صحة عقد الصرف‪ ،‬وعدم قبض أحد‬
‫النقدين أو كليهما يفسد عقد الصرف لقولو ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬بيعوا الذىب ابلفضة كيف شئتم يدا بيد"(‪،)2‬‬
‫وهنى النيب ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬عن بيع الذىب ابلورق دينا(‪ ،)3‬وهنى ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أن يباع غائب منها بناجز(‪ .)4‬وكلها‬
‫أحاديث صحاح‪ ،‬ولقد أ‪ٚ‬تع أىل العلم على أن ا‪١‬تتصارفُت إذا افًتقا قبل أن يتقابضا أن الصرف ال‬
‫يصح(‪. )5‬‬
‫ومعلوم أن األوراق النقدية ّتميع أجناسها قد صارت كالذىب والفضة يف كوهنا أ‪ٙ‬تاان للسلع‬
‫وا‪٠‬تدمات‪ ،‬وقيما للمتلفات‪ ،‬ومقياسا للقيم‪ ،‬وعلى ذلك فإنو ال ‪٬‬توز للشركة أتخَت استبلم أو تسليم‬
‫العمبلت اليت تقوم بشرائها أو بيعها‪ ،‬وينطبق ىذا على ‪ٚ‬تيع أجناس العمبلت‪ ،‬كما ينطبق ىذا من‬
‫ابب أوىل على الذىب والفضة عند بيعهما أو شرائهما‪.‬‬
‫ومهما كان االسم الذي يطلق على عقد صرف العمبلت بعضها ببعض‪ ،‬أو الذىب والفضة إذا كان‬
‫يتضمن أتخَت أحد النقدين أو كليهما فبل ‪٬‬توز للشركة أن تدخل فيها ْتال‪ ،‬وذلك مثل عقود الصرف‬
‫ا‪١‬تسماة عقد الصرف اآلجل‪ ،‬أو عقد الصرف العاجل‪ ،‬وىو يف االصطبلح التجاري ينفذ فيما بُت‬
‫ثبلثة أايم إىل ثبلثة أشهر‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪203/2‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أخرجو الًتمذي عن عبادة بن الصامت وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬وقال األلباٍل‪ :‬صحيح‪ .‬سنن الًتمذي ‪ 532/2‬كتاب‬
‫أبواب البيوع عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ابب ما جاء أن ا‪ٟ‬تنطة اب‪ٟ‬تنطة مثبل ٔتثل وكراىية التفاضل فيو‪ ،‬رقم (‪ ،)1240‬وصحيح‬
‫ا‪ٞ‬تامع الصغَت وزايدتو‪ ،‬رقم (‪.)3444‬‬
‫(‪)3‬‬
‫صحيح البخاري ‪ 34/2‬كتاب البيوع‪ ،‬ابب بيع الورق ابلذىب نسيئة‪ ،‬رقم (‪.)2180‬‬
‫(‪)4‬‬
‫سبق ٗتر‪٬‬تو‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر كتاب اإل‪ٚ‬تاع لئلمام ابن ا‪١‬تنذر ص ‪30‬‬

‫‪447‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫والقبض ا‪١‬تقصود يف عقد الصرف الذي ال يصح الصرف بدونو ىو أن يكون بقبض عُت ما جرت‬
‫ا‪١‬تصارفة عليو من عملة ورقية أو ذىب أو فضة أو بشيك مقبول الدفع؛ ألنو أصبح أداة للوفاء‬
‫كاألوراق النقدية‪ ،‬أو بقيد يف حساب مصريف مغطى‪.‬‬
‫وبذلك يتضح أن ا‪١‬تعاملة ا‪١‬تسؤول عنها مل يتوفر فيها شرط القبض‪ ،‬ولذلك ال تصح شرعا‪.‬‬
‫ادلطلب الثالث‪ :‬عقد القرض‬
‫عقد القرض مستثٌت من قاعدة راب النسيئة؛ حيث جاز التأخَت فيو مع اٖتاد ا‪ٞ‬تنس يف النقد وغَته‬
‫سواء كان من األموال الربوية أو غَتىا؛ لًتجيح مصلحة اإلحسان على مصلحة ا‪١‬تنع‪ ،‬لكن إذا وقع‬
‫القرض ليجر نفعا للمقرض دخل يف الراب(‪ .)1‬وٯتكن تناول ىذا ا‪١‬تطلب يف نقاط على النحو اآليت‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف القرض لغة وشرعا‬
‫ت الشيءَ أقْ ِر ُ‬
‫ضوُ قَ ْرضا‪:‬‬ ‫ضُ‬‫القرض لغة‪ :‬بفتح القاف وكسرىا‪ ،‬والفتح أشهر‪ ،‬ومعناه القطع‪ ،‬يقال‪ :‬قَ َر ْ‬
‫ت من فبلن‪ :‬أي طلبت منو القرض فأقرضٍت‪،‬‬ ‫ضُ‬ ‫قطعتو‪ ،‬والقرض‪ :‬ما تعطيو من ا‪١‬تال لتقضاه‪ ،‬و َ‬
‫استقر ْ‬
‫جازيتُو(‪.)2‬‬
‫ضتُو‪ :‬أَي َ‬
‫وقار ْ‬
‫ضتو قَ ْرضا َ‬
‫ض‪ ،‬وقَ َر ْ‬
‫ت منو‪ :‬أي أخذت منو ال َق ْر َ‬
‫ضُ‬‫واقْ تَ َر ْ‬
‫وشرعا‪ :‬عرفو الفقهاء بتعريفات متعددة ‪٥‬تتلفة األلفاظ متقاربة ا‪١‬تعاٍل منها‪ :‬أنو ٘تليك الشيء على أن‬
‫يرد بدلو(‪ ،)3‬أو ىو دفع مال إرفاقا ‪١‬تن ينتفع بو ويرد بدلو(‪.)4‬‬
‫اثنيا‪ :‬حكم القرض وحكمة مشروعيتو‬
‫ِ‬
‫أ ‪ -‬حكمو‪ :‬القرض مندوب ابلنسبة للمق ِرض ؛ لقولو تعاىل‪ :‬ﮋ َم ْن َذا الَذي يُ ْق ِر ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫اّللَ قَ ْرضاً َح َسناً‬
‫ض َ‬
‫َجٌر َك ِرَلٌﮊ [ا‪ٟ‬تديد‪ ،]11 :‬و‪١‬تا روى أبو ىريرة ‪-‬هنع هللا يضر‪ -‬أن النيب ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬قال‪" :‬من‬ ‫فَي ِ‬
‫ضاع َفوُ لَوُ َولَوُ أ ْ‬
‫َُ‬
‫نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس هللا عنو كربة من كرابت يوم القيامة‪ ،‬ومن يسر على معسر‬
‫يسر هللا عليو يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وهللا يف عون العبد ما دام العبد يف عون أخيو" (‪.)6‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر الفقو ا‪١‬تالكي وأدلتو ‪321/5‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر مادة (قرض) يف الصحاح ص ‪ ، 851‬ولسان العرب ‪3588/5‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مغٍت احملتاج ‪ ، 117/2‬وزاد احملتاج ‪130/2‬‬
‫(‪)4‬‬
‫اإلقناع يف فقو اإلمام أ‪ٛ‬تد بن حنبل ‪146/2‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر روضة الطالبُت ‪ ، 273/3‬والشرح ا‪١‬تمتع ‪94/9‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أخرجو مسلم يف صحيحو ‪ 512/2‬كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار‪ ،‬ابب فضل االجتماع على تبلوة القرآن وعلى‬
‫الذكر‪ ،‬رقم (‪.)2699‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫وأما ابلنسبة للمق ًِتض فهو مباح يف حقو (‪ ،)1‬فقد استقرض رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بَ ْكرا من اإلبل‪ ،‬ورد‬
‫‪ٚ‬تبل خيارا‪ ،‬وقال‪" :‬أعطوه‪ ،‬فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء" (‪.)2‬‬
‫ب ‪ -‬حكمة مشروعية القرض‬
‫عقد القرض من عقود اإلحسان واإلرفاق‪ ،‬فيو تنفيس الكرب‪ ،‬ومساعدة احملتاجُت‪ ،‬وتوثيق عرى ا‪١‬تودة‬
‫واحملبة واالئتبلف بُت الناس‪ ،‬وتيسَت سبل ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬وليس وسيلة من وسائل الكسب‪ ،‬وال أسلواب من‬
‫أساليب االستغبلل‪ ،‬وقد دل على مشروعيتو الكتاب والسنة واإل‪ٚ‬تاع‪.‬‬
‫َج ٍل ُم َس ًّمى فَا ْكتُبُوهُﮊ [البقرة‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬
‫ين َآمنُوا إذا تَدايَْن تُ ْم ب َديْ ٍن إىل أ َ‬
‫فمن الكتاب قولو تعاىل‪ :‬ﮋاي أَيُّ َها الذ َ‬
‫‪ ]282‬وىذه اآلية وإن كان سبب نزو‪٢‬تا بيع ال َسلَم إال أهنا عامة تتناول ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تداينات من قرض أو‬
‫بيع أو غَت ذلك(‪)3‬؛ ‪١‬تا ىو مقرر يف أصول الفقو أن العربة بعموم اللفظ ال ٓتصوص السبب(‪.)4‬‬
‫ومن السنة ما روي عن أيب رافع ‪ -‬هنع هللا يضر ‪ -‬أن رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬استسلف من رجل بَ ْكرا‪ ،‬فقدمت‬
‫عليو إبل من إبل الصدقة‪ ،‬فأمر أاب رافع أن يقضي الرجل بَ ْكره‪ ،‬فرجع إليو أبو رافع‪ ،‬فقال‪ :‬مل أجد فيها‬
‫إال خيارا َرابعيا‪ ،‬فقال‪" :‬أعطو إايه‪ ،‬إن خيار الناس أحسنهم قضاء"(‪.)5‬‬

‫وروى ابن مسعود‪ -‬هنع هللا يضر ‪ -‬أن النيب ‪-‬صلّى هللا عليو وسلم‪ -‬قال‪" :‬ما من مسلم يقرض مسلما قرضا‬
‫مرتُت إال كان كصدقتها مرة" (‪.)6‬‬
‫وأ‪ٚ‬تع ا‪١‬تسلمون على جواز القرض(‪.)7‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر الشرح ا‪١‬تمتع ‪94/9‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أخرجو الشيخان واللفظ للبخاري‪ .‬صحيح البخاري ‪ 89/2‬كتاب االستقراض وأداء الديون‪ ،‬ابب ىل يعطى أكرب من سنو؟‪،‬‬
‫رقم (‪ ، )2392‬وصحيح مسلم ‪ 72/2‬كتاب ا‪١‬تساقاة‪ ،‬ابب من استسلف شيئا فقضى خَتا منو و «خَتكم أحسنكم‬
‫قضاء»‪ ،‬رقم (‪.)1600‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر تفسَت القرطيب ‪ ، 243/3‬والفقو ا‪١‬تالكي وأدلتو ‪321/5‬‬
‫(‪)4‬‬
‫انظر نثر الورود ص ‪206‬‬
‫(‪)5‬‬
‫صحيح مسلم ‪ 72/2‬كتاب ا‪١‬تساقاة‪ ،‬ابب من استسلف شيئا فقضى خَتا منو و"خَتكم أحسنكم قضاء"‪ ،‬رقم (‪.)1600‬‬
‫(‪)6‬‬
‫رواه ابن ماجو يف سننو ‪ 500/3‬كتاب الصدقات‪ ،‬ابب القرض‪ ،‬رقم (‪ ،)2430‬قال ‪٤‬تققو شعيب األرانؤوط‪ :‬حديث‬
‫حسن‪ ،‬وىذا إسناد ضعيف لضعف سليمان بن يسَت‪ ،‬وجهالة قيس بن رومي‪ ،‬وحسنو األلباٍل يف اإلرواء رقم (‪، )1389‬‬
‫وقال يف صحيح الًتغيب والًتىيب ‪ : 538/1‬صحيح لغَته‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫انظر ا‪١‬تغٍت ‪586/4‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫اثلثا‪ :‬أركان القرض وشروطو‬


‫أ ‪ -‬أركان القرض‬
‫للقرض أربعة أركان‪:‬‬
‫‪ 1‬و ‪ – 2‬العاقدان‪ ،‬و‪٫‬تا ا‪١‬تقرض وا‪١‬تقًتض‪.‬‬
‫‪ – 3‬الصيغة‪ ،‬وىي اإل‪٬‬تاب والقبول‪.‬‬
‫‪ - 4‬احملل (وىو ا‪١‬تال ا‪١‬ت ْقَرض) (‪.)1‬‬
‫ُ‬
‫وذىب ا‪ٟ‬تنفية إىل أن ركن القرض ىو الصيغة ا‪١‬تؤلفة من اإل‪٬‬تاب والقبول الدالُت على اتفاق اإلرادتُت‬
‫وتوافقهما على إنشاء ىذا العقد (‪ ،)2‬ويف رواية عن أيب يوسف أن الركن فيو اإل‪٬‬تاب(‪.)3‬‬
‫ب ‪ -‬شروط القرض‬
‫‪ - 1‬أن يتم القرض ابلصيغة‪ ،‬وىي اإل‪٬‬تاب والقبول‪.‬‬
‫‪ - 2‬أىلية التعاقد‪ :‬أبن يكون العاقد ُمق ِرضا أو ُم َِ‬
‫قًتضا ابلغا عاقبل راشدا ‪٥‬تتارا أىبل للتربع؛ ألن‬
‫القرض عقد تربع(‪ ، )4‬فبل يصح من الصيب واجملنون والسفيو احملجور عليو وا‪١‬تكره‪ ،‬وال من الويل لغَت‬
‫ضرورة أو حاجة؛ ألن ىؤالء ليسوا من أىل التربع‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يكون مال القرض مثليا عند ا‪ٟ‬تنفية‪ ،‬ويصح عند ا‪ٞ‬تمهور أي مال قابل للثبوت يف الذمة من‬
‫النقود وا‪ٟ‬تبوب والقيميات من حيواانت وعقارات وغَتىا‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون ا‪١‬تال ا‪١‬تقرض معلوم القدر كيبل أو وزان أو عددا أو ذرعا؛ ليتمكن من رده‪ ،‬وأن يكون‬
‫جنسا مل ٮتتلط بغَته كقمح ‪٥‬تلوط بشعَت؛ ألنو يتعذر رد بدلو (‪.)5‬‬
‫رابعا‪ :‬ما يصح فيو القرض‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر روضة الطالبُت ‪ ، 273/3‬وا‪١‬توسوعة الفقهية الكويتية ‪114/33‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪ ، 653/10‬وا‪١‬توسوعة الفقهية الكويتية ‪114/33‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪653/10‬‬
‫(‪)4‬‬
‫التحقيق أن عقد القرض تربع ابتداء‪ ،‬معاوضة انتهاء‪ .‬انظر الفقو اإلسبلمي وأدلتو ‪ ، 3097/4‬وا‪١‬توسوعة الفقهية الكويتية‬
‫‪25/2‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر زاد احملتاج ‪ ، 131/2‬وروضة الطالبُت ‪ ، 275/3‬ومنار السبيل ‪ ، 306/1‬والبنوك اإلسبلمية ص ‪ ، 101‬والفقو‬
‫اإلسبلمي وأدلتو ‪3792/5‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫اختلف الفقهاء فيما يصح القرض فيو‪ ،‬فذىب ا‪ٞ‬تمهور إىل صحة القرض يف كل مال يصح فيو‬
‫السلم؛ لصحة ثبوتو يف الذمة إال ا‪ٞ‬تارية اليت ٖتل للمقًتض(‪.)1‬‬
‫وذىب ا‪ٟ‬تنفية إىل صحة القرض يف ا‪١‬تثلي كا‪١‬تكيبلت وا‪١‬توزوانت والعددايت ا‪١‬تتقاربة دون القيميات؛‬
‫لتعذر رد ا‪١‬تثل فيها؛ فيؤدي ذلك إىل ا‪١‬تنازعة (‪ .)2‬وعلى ىذا فالقرض يف النقود صحيح عند ‪ٚ‬تيعهم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬ادلنفعة يف القرض‬
‫القرض ‪ٚ‬تيعو يدخلو الراب سواء كان من األموال الربوية أو غَتىا‪ ،‬وعليو فأي زايدة مشًتطة على‬
‫أصل القرض تعد راب قليلة كانت أم كثَتة‪ .‬وا‪١‬تنفعة فيو أتخذ صورا متعددة‪ ،‬فقد تكون ‪١‬تصلحة ا‪١‬تق ِرض‪،‬‬
‫أو ‪١‬تصلحة ا‪١‬تق ًِتض‪ ،‬أو ‪٢‬تما معا‪ ،‬كما أن ا‪١‬تنفعة قد تكون مشروطة أو غَت مشروطة‪.‬‬
‫و٭ترم كل قرض جر منفعة للمق ِرض‪ ،‬كشرط رد الصحيح عن ا‪١‬تكسر‪ ،‬أو ا‪ٞ‬تيد عن الرديء‪ ،‬أو شرط‬
‫رده ببلد آخر‪ ،‬فإن شرط زايدة يف القدر‪ ،‬حرم سواء كان ا‪١‬تال ربواي أو غَت ربوي(‪.)3‬‬
‫قال القرطيب (ت ‪ 671‬ه)‪" :‬وأ‪ٚ‬تع ا‪١‬تسلمون نقبل عن نبيهم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أن اشًتاط الزايدة يف السلف‬
‫راب ولو كان قبضة من علف‪ -‬كما قال ابن مسعود‪ -‬أو حبة واحدة" (‪.)4‬‬
‫فإن مل تكن مشروطة وال متعارفا عليها فللمق ًِتض أن يقضي خَتا يف الصفة أو يزيد يف ا‪١‬تقدار‪ ،‬واألصل‬
‫يف ذلك حديث أيب رافع السابق‪ ،‬ولكونو من ابب ا‪١‬تعروف وحسن القضاء‪ ،‬وىو أمر مندوب إليو(‪.)5‬‬
‫ومن تطبيقات ىذا ا‪١‬تطلب‪:‬‬
‫إذا أقرض شخص شخصا آخر نقودا‪ ،‬مث عند الوفاء رد لو نقودا أو شيكا ابلقيمة نفسها فهذا جائز‪.‬‬
‫ففي قضائو نقودا يكون عامبل ابألصل؛ حيث قضى جنس ما اقًتضو‪ ،‬ويف حال قبول ا‪١‬تقرض الشيك‬
‫يكون من حسن االقتضاء‪ ،‬وىو جائز‪ ،‬كما أن النفع ٘تحض ‪١‬تصلحة ا‪١‬تقًتض‪ ،‬وىو غَت ‪٦‬تنوع‪.‬‬
‫وكذلك ا‪ٟ‬تال إذا أقرض شخص شخصا آخر نقودا عن طريق شيك‪ ،‬مث عند الوفاء رد لو شيكا ابلقيمة‬
‫نفسها فهذا جائز‪ .‬ويف ىذه ا‪ٟ‬تالة ‪٬‬توز ٖتميل ا‪١‬تقًتض أجور نفقات الوفاء والتسليم‪ ،‬كرسم إيداع‬
‫الشيك ا‪١‬تصدق يف ا‪١‬تصرف‪ ،‬وليست تلك زايدة ربوية ‪٤‬ترمة؛ إذ ال تعود منفعتها للمق ِرض‪ ،‬بل ا‪١‬تقًتض‬
‫(‪)1‬‬
‫انظر الذخَتة ‪ ، 287/5‬وزاد احملتاج ‪ ، 132/2‬وا‪١‬تغٍت ‪588/4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪654/10‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر روضة الطالبُت ‪275/3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫تفسَت القرطيب ‪157/3‬‬
‫(‪)5‬‬
‫انظر بدائع الصنائع ‪ ، 656/10‬وروضة الطالبُت ‪ ، 275/3‬والفقو اإلسبلمي وأدلتو للزحيلي ‪3746/5‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫ىو ا‪١‬تنتفع‪ ،‬قال ا‪ٟ‬تنفية‪٬ :‬توز ٖتميل ا‪١‬تستقرض أجرة كتابة الدين(‪ ،)1‬وقال الشيخ الدردير (ت ‪1201‬‬
‫ى )‪" :‬من اقًتض إرداب(‪ )2‬مثبل فأجرة كيلو على ا‪١‬تقًتض‪ ،‬وإذا رده فأجرة كيلو عليو ببل نزاع" (‪.)3‬‬
‫لكن لو أقرض شخص شخصا آخر نقودا عن طريق شيك‪ ،‬مث اشًتط عليو أن يرد لو القيمة عند الوفاء‬
‫نقدا فهذا غَت جائز؛ ألن فيو نفعا للمق ِرض‪ ،‬ويشهد لذلك أن البيع ابلشيك صار كالبيع ابآلجل يف‬
‫أايمنا ىذه؛ إذ البيع عن طريق الشيكات أعلى سعرا بنسبة زايدة قد تصل إىل ‪ 40‬أو ‪ % 50‬من سعر‬
‫البيع ابلنقد ا‪ٟ‬تال ‪٦‬تا يدل على أهنما غَت متساويُت‪ ،‬ولو ٘تت ىذه ا‪١‬تعاملة دون شرط لكانت جائزة؛‬
‫لكوهنا تدخل يف القضاء أبفضل يف الصفة‪ ،‬وىو من حسن القضاء ا‪ٞ‬تائز شرعا‪.‬‬
‫ومن الوقائع اليت تتعلق هبذه ا‪١‬تسألة أن بعض أصحاب مصانع طوب البناء يطلب من احملتاج إىل‬
‫السيولة أن يودع قيمة النقد الذي يريده ابسم ا‪١‬تصنع يف حساب شركة اإل‪ٝ‬تنت‪ ،‬ويشًتط عليو أن ال‬
‫يدفع إليو النقد إال بعد التصنيع والبيع‪ ،‬وىذه ا‪١‬تعاملة فيها قرض جر نفعا للمقًتض وىو ِ‬
‫مودع القيمة‬
‫ىنا‪ ،‬وذلك من حيث حصولو على السيولة‪ ،‬وفيها نفع للمقرض وىو صاحب ا‪١‬تصنع من حيث انتظاره‬
‫إىل التصنيع والبيع‪ ،‬وقد نص الفقهاء على أن يكون النفع للمقًتض ال للمقرض إال إذا كان بغَت شرط‬
‫أو عادة فيجوز‪.‬‬
‫ومنهم من جعل ضابط ا‪١‬تنفعة ا‪ٞ‬تائزة كل منفعة يف القرض متمحضة للمقًتض‪ ،‬أو كل منفعة مشًتكة‬
‫بُت ا‪١‬تقًتض وا‪١‬تقرض إذا كانت منفعة ا‪١‬تقًتض أقوى‪ ،‬أو مساوية(‪.)4‬‬
‫وا‪ٞ‬تائز يف مثل ىذه ا‪١‬تعاملة أن يستلم احملتاج إىل السيولة ا‪١‬تبلغ ‪٦‬تن يريد ا‪ٟ‬تجز من الشركة يف مقابل أن‬
‫يتم اإليداع من حسابو يف الوقت نفسو أو بعده‪ ،‬أو قبلو لكن بدون شرط‪.‬‬
‫اخلامتة‬
‫ا‪ٟ‬تمد هلل الذي بنعمتو تتم الصا‪ٟ‬تات‪ ،‬والصبلة والسبلم على ا‪١‬تبعوث ٓتامت الرساالت‪ ،‬سيدان دمحم‬
‫وعلى آلو وصحبو ومن اىتدى هبديو وسار على هنجو إىل يوم الدين‪ .‬وبعد رحلة مع ىذا البحث‬
‫ليست ابلقصَتة ىا ىي ‪ٙ‬تارىا أوجزىا يف النتائج والتوصيات اآلتية‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫انظر ‪https://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2834‬‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلردب‪ :‬كيل معروف ٔتصر‪ ،‬وىو أربعة وعشرون صاعا‪ .‬انظر كشاف القناع عن منت اإلقناع ‪206/2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الشرح الكبَت ‪145/3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ا‪١‬تنفعة يف القرض دراسة أتصيلية تطبيقية ص ‪7‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫أوال‪ :‬أىم النتائج اليت توصل إليها البحث‪:‬‬


‫‪-‬الراب من ا‪١‬تسائل اجملمع على ٖترٯتها‪ ،‬وال ‪٬‬توز اإلقدام عليو إال عند الضرورة كأكل ا‪١‬تيتة أو ‪ٟ‬تم ا‪٠‬تنزير‬
‫اضطُ ِرْرُْمت إِلَْي ِوﮊ [األنعام‪ ،]119 :‬واإلسبلم‬
‫ص َل لَ ُك ْم َما َحَرَم َعلَْي ُك ْم إِال َما ْ‬
‫للمضطر؛ قال تعاىل‪ :‬ﮋ َوقَ ْد فَ َ‬
‫إذا أغلق اباب من أبواب ا‪ٟ‬ترام كالراب فتح أبوااب مشروعة للكسب ا‪ٟ‬تبلل كالقرض ا‪ٟ‬تسن والقراض‬
‫وا‪١‬تشاركة وغَت ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬يف الراب تركيز للثروة يف يد عدد قليل من األفراد‪ ،‬وذلك بسبب زايدة الكسب غَت ا‪١‬تشروع‪.‬‬
‫‪-‬أن كثَتا من أنواع الراب ا‪١‬تنتشرة اآلن سببها أزمة السيولة النقدية‪ ،‬وغالبا ما تكون نتيجة عقد قرض أو‬
‫صرف ٗتالف فيهما قواعد الشريعة وأحكامها‪.‬‬
‫‪-‬الراب يسبب األزمات االقتصادية اليت تعصف ابلدول‪ ،‬ويقطع أواصر احملبة وا‪١‬تودة بُت الناس‪ ،‬ويزرع‬
‫روح ا‪ٟ‬تقد وا‪ٟ‬تسد والكراىية والعداوة والبغضاء بينهم‪ ،‬مع ما فيو من أكل ألموال الناس ابلباطل‪،‬‬
‫مفاسد كبَتة وأضرار كثَتة تلحق األفراد وا‪ٞ‬تماعات‪.‬‬ ‫و َ‬
‫‪-‬أن يف الراب ‪٤‬تاربة هلل ورسولو‪ ،‬ولعل ما نشاىده يوميا يف ىذه الفًتة ىو نتيجة انتشار الراب بصوره‬
‫ا‪١‬تختلفة‪ ،‬وأشكالو ا‪١‬تتعددة‪.‬‬
‫‪٬-‬تب ٕتنب الراب ‪١‬تا فيو من وعيد شديد وعواقب وخيمة على الفرد واجملتمع‪ ،‬فهو ‪٬‬تر على الببلد‬
‫ا‪٠‬تراب والدمار‪ ،‬ففي ا‪ٟ‬تديث‪" :‬إذا ظهر الزٌل والراب يف قرية فقد أحلوا أبنفسهم عذاب هللا"(‪.)1‬‬
‫‪٬-‬تب الرجوع إىل أىل العلم عند وجود معاملة مستحدثة ٖتتاج إىل بيان ا‪ٟ‬تكم الشرعي فيها‪.‬‬
‫‪-‬ٯتكن عد إيداع األموال يف ا‪١‬تصارف من قبيل اإلقراض ا‪ٟ‬تسن الذي يبتغى بو وجو هللا تعاىل إذا كان‬
‫ا‪١‬تودع التخفيف عن ا‪١‬تواطنُت بسبب ىذه األزمة‪ ،‬أو على األقل يكون من قبيل التعاون على الرب‬ ‫قصد ِ‬
‫والًتاحم بُت أفراد اجملتمع‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬التوصيات‬
‫أما التوصيات اليت رأيت ا‪ٟ‬تاجة ماسة إىل ذكرىا فهي‪:‬‬
‫‪-‬أوصي بتوعية أفراد اجملتمع وتثقيفو‪ ،‬وذلك بعقد ا‪١‬تؤ٘ترات والندوات وورش العمل اليت تبُت مضار‬
‫تكديس العمبلت يف البيوت‪ ،‬وما ‪٢‬تا من أضرار دنيوية وأخروية‪ ،‬وما يف إيداعها يف ا‪١‬تصارف من منافع‬
‫دنيوية وأخروية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أخرجو ا‪ٟ‬تاكم يف ا‪١‬تستدرك ‪ 37/2‬وقال‪ :‬ىذا حديث صحيح اإلسناد ومل ٮترجاه‪ ،‬ووافقو الذىيب‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ -‬كما ‪٬‬تب على األئمة والوعاظ يف ا‪١‬تساجد أن يقوموا بدورىم بتوعية ا‪١‬تواطنُت هبذه األخطار‪ ،‬ال سيما‬
‫خطبة ا‪ٞ‬تمعة اليت ٭تضرىا ‪ٚ‬تع غفَت من أفراد اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتناول الباحثون يف اجملاالت الشرعية واالقتصادية والسياسية والقانونية كل حسب ٗتصصو ىذا ا‪١‬توضوع‬
‫بشكل أوسع ْتثا‪ ،‬وأكثر عمقا‪ ،‬ال سيما وأن معامبلت الناس بشىت صورىا ٕترى ابألوراق النقدية‪ ،‬وىي أكثر‬
‫أنواع النقود عرضة للتغَتات التضخمية‪.‬‬
‫ويف ختام ىذا البحث أقول‪ :‬ىذا جهد ا‪١‬تقل‪ ،‬فما كان فيو من صواب فمن هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ ،-‬وما كان‬
‫فيو من خطأ أو تقصَت فمن نفسي ومن الشيطان‪ ،‬وأسأل هللا ‪-‬سبحانو وتعاىل‪ -‬العفو وا‪١‬تغفرة‪ ،‬وأشكره على‬
‫ما مدٍل بو من العون والتيسَت؛ لبلنتهاء من كتابتو‪ ،‬وأتضرع إليو أن ٭تفظ ببلدان‪ ،‬ويفرج كربنا‪ ،‬ويكشف ىذه‬
‫الغمة عنا‪ ،‬إنو على ما يشاء قدير‪ ،‬وابإلجابة جدير‪ ،‬وال حول وال قوة إال ابهلل العلي العظيم‪ ،‬وصلى هللا وسلم‬
‫على سيدان دمحم وعلى آلو وصحبو أ‪ٚ‬تعُت‪.‬‬
‫فهرس ادلصادر وادلراجع‬
‫القرآن الكرَل‪ ،‬برواية اإلمام حفص عن عاصم الكويف‪.‬‬
‫‪ .1‬أحكام الشيك "دراسة فقهية أتصيلية مقارنة ابلقانون"‪ ،‬أتليف‪ :‬عيسى ‪٤‬تمود عيسى العواودة‪ ،‬دار‬
‫النفائس للنشر والتوزيع األردن‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1434‬ه – ‪ 2013‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬أحكام صرف النقود والعمبلت يف الفقو اإلسبلمي وتطبيقاتو ا‪١‬تعاصرة‪ ،‬أتليف‪ :‬عباس أ‪ٛ‬تد دمحم‬
‫عمان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1419‬ى ‪ 1999 -‬م‪.‬‬ ‫الباز‪ ،‬دار النفائس ّ‬
‫‪ .3‬األوراق النقدية يف االقتصاد اإلسبلمي قيمتها وأحكامها‪ ،‬أتليف‪ :‬د‪ .‬أ‪ٛ‬تد حسن‪ ،‬دار الفكر‬
‫دمشق‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1420‬ى – ‪ 1999‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع‪ ،‬أتليف‪ :‬اإلمام عبلء الدين أيب بكر بن مسعود الكاساٍل ا‪ٟ‬تنفي‬
‫ت ‪ 587‬ى ‪ٖ ،‬تقيق‪ :‬د‪ .‬دمحم دمحم اتمر‪ ،‬دار ا‪ٟ‬تديث القاىرة‪ ،‬طبع سنة ‪ 1426‬ى ‪ 2005 -‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬بداية اجملتهد وهناية ا‪١‬تقتصد‪ ،‬أتليف‪ :‬أيب الوليد دمحم بن أ‪ٛ‬تد بن دمحم بن رشد‪ ،‬وثقو وحقق أصولو‬
‫وخرج أحاديثو‪ :‬طو عبد الرؤوف سعد‪ ،‬مكتبة الكليات األزىرية القاىرة‪ ،‬دار ا‪ٞ‬تيل بَتوت‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪ 1409‬ى – ‪ 1998‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬البناية شرح ا‪٢‬تداية‪ ،‬أتليف‪ :‬أيب دمحم بدر الدين العيٍت ا‪ٟ‬تنفى ت ‪ 855‬ى ‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية بَتوت لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1420‬ى ‪ 2000 -‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬البنوك اإلسبلمية‪ ،‬رسالة دكتوراه منشورة يف ا‪١‬تكتبة الشاملة‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ .8‬تفسَت القرطيب‪ ،‬أليب عبد هللا دمحم بن أ‪ٛ‬تد األنصاري القرطيب‪ ،‬دار الكتب العلمية بَتوت لبنان‪،‬‬
‫الطبعة ا‪٠‬تامسة ‪ 1417‬ى – ‪ 1996‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬ا‪ٟ‬تساابت ا‪ٞ‬تارية حقيقتها – تكييفها‪ ،‬أتليف‪ :‬حسُت بن معلوي الشهراٍل‪.‬‬
‫‪ .10‬ا‪ٟ‬توالة والسفتجة بُت الدراسة والتطبيق‪ ،‬إعداد‪ :‬الطالب بسام حسن العف‪ ،‬رسالة ماجستَت يف‬
‫الفقو ا‪١‬تقارن من كلية الشريعة اب‪ٞ‬تامعة اإلسبلمية بغزة‪ ،‬العام ا‪ٞ‬تامعي ‪1420‬ى ‪1999 -‬م‪،‬‬
‫منشورة يف ا‪١‬تكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪.11‬ا‪٠‬تطر اليهودي بروتوكوالت حكماء صهيون‪ ،‬أتليف‪ :‬دمحم خليفة التونسي‪ ،‬تقدَل وتر‪ٚ‬تة‪ :‬عباس‬
‫‪٤‬تمود العقاد‪ ،‬الطبعة ا‪٠‬تامسة ‪1400‬ى ‪1980 -‬م‪.‬‬
‫‪ .12‬الذخَتة‪ ،‬أتليف‪ :‬أيب العباس شهاب الدين أ‪ٛ‬تد بن إدريس القرايف (ت ‪684‬ى )‪ٖ ،‬تقيق‪ :‬دمحم‬
‫حجي وآخرين‪ ،‬نشر دار الغرب اإلسبلمي بَتوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1994‬م‪.‬‬
‫‪ .13‬روضة الطالبُت لئلمام ٭تِت بن شرف النووي الدمشقي ت ‪ 676‬ى ‪ٖ ،‬تقيق‪ :‬عادل أ‪ٛ‬تد عبد‬
‫ا‪١‬توجود وعلي دمحم معوض‪ ،‬دار الكتب العلمية بَتوت لبنان‪.‬‬
‫‪ .14‬زاد احملتاج بشرح ا‪١‬تنهاج‪ ،‬للعبلمة الشيخ عبد هللا ابن الشيخ حسن ا‪ٟ‬تسن الكوىجي‪ ،‬حققو‬
‫وراجعو‪ :‬عبد هللا بن إبراىيم األنصاري‪ ،‬ا‪١‬تكتبة العصرية صيدا بَتوت لبنان‪ 1409 ،‬ى ‪1988 -‬‬
‫م‪.‬‬
‫‪ .15‬زكاة األسهم والسندات والورق النقدي‪ ،‬ا‪١‬تؤلف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬صاحل بن غاًل بن عبد هللا السدالن‪ ،‬نشر‬
‫دار بلنسية للنشر والتوزيع الرايض السعودية‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1417‬ى ‪.‬‬
‫‪ .16‬سنن ابن ماجو‪ ،‬للحافظ أيب عبد هللا دمحم بن يزيد القزويٍت ت ‪ 275‬ى ‪ٖ ،‬تقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‬
‫وآخرين‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الرسالة العا‪١‬تية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1430‬ى ‪ 2009 -‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬شرح ‪٥‬تتصر خليل للخرشي‪ ،‬أتليف‪ :‬أبو عبد هللا دمحم بن عبد هللا ا‪٠‬ترشي ا‪١‬تالكي ت ‪1101‬ى ‪،‬‬
‫دار الفكر للطباعة بَتوت‪ ،‬بدون طبعة وبدون اتريخ‪.‬‬
‫‪.18‬الشرح ا‪١‬تمتع على زاد ا‪١‬تستقنع يف اختصار ا‪١‬تقنع‪ ،‬للعبلمة الشيخ دمحم بن صاحل العثيمُت ت‬
‫‪ 1421‬ى ‪ ،‬خرج أحاديثو واعتٌت بو‪ :‬أبو عبد الر‪ٛ‬تن عادل بن سعد‪ ،‬نشر الكتاب العا‪١‬تي للنشر‬
‫بَتوت لبنان‪ ،‬طبع سنة ‪ 1426‬ى ‪ 2005 -‬م‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ .19‬الصحاح‪ ،‬لئلمام إ‪ٝ‬تاعيل بن ‪ٛ‬تاد ا‪ٞ‬توىري ت ‪ 393‬ى ‪ ،‬اعتٌت بو‪ :‬خليل مأمون شيحا‪ ،‬دار‬
‫ا‪١‬تعرفة بَتوت لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1428‬ى – ‪ 2007‬م‪.‬‬
‫‪ .20‬صحيح البخاري‪ ،‬لئلمام أيب عبد هللا دمحم بن إ‪ٝ‬تاعيل البخاري ا‪ٞ‬تعفي‪ ،‬راجعو‪ :‬إ‪ٝ‬تاعيل عبد‬
‫ا‪ٞ‬تواد عبد الغٍت‪ ،‬ا‪١‬تكتبة التوفيقية القاىرة مصر‪ ،‬الطبعة ا‪٠‬تامسة ‪ 2012‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬صحيح مسلم‪ ،‬لئلمام أيب ا‪ٟ‬تسُت مسلم بن ا‪ٟ‬تجاج القشَتي النيسابوري ت ‪ 261‬ى ‪ٖ ،‬تقيق‪:‬‬
‫عماد زكي البارودي‪ ،‬ا‪١‬تكتبة التوفيقية القاىرة مصر‪.‬‬
‫‪.22‬الضوابط الشرعية للشيكات‪ ،‬صادر عن ا‪٢‬تيئة الشرعية لبنك الببلد يف جلستها (الثالثة والعشرين‬
‫بعد ا‪١‬تائتُت) ا‪١‬تنعقدة يوم االثنُت ‪1426/07/24‬ى ا‪١‬توافق ‪2005/08/29‬م يف مدينة الرايض‪،‬‬
‫ا‪١‬تكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪.23‬العموالت ا‪١‬تصرفية حقيقتها وأحكامها الفقهية‪ ،‬أتليف‪ :‬د‪ .‬عبد الكرَل بن دمحم بن أ‪ٛ‬تد‬
‫السماعيل‪ ،‬دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرايض السعودية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1430‬ى –‬
‫‪ 2009‬م‪.‬‬
‫‪ .24‬الفقو اإلسبلمي وأدلتو للزحيلي‪ ،‬أتليف‪ :‬د‪ .‬وىبة الزحيلي‪ ،‬دار الفكر دمشق‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪ 1404‬ى – ‪ 1984‬م‪.‬‬
‫‪ .25‬الفقو ا‪١‬تالكي وأدلتو‪ ،‬أتليف‪ :‬ا‪ٟ‬تبيب بن طاىر‪ ،‬مؤسسة ا‪١‬تعارف بَتوت لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪ 1430‬ى – ‪ 2009‬م‪.‬‬
‫‪ .26‬الكايف يف فقو اإلمام أ‪ٛ‬تد‪ ،‬أتليف‪ :‬شيخ اإلسبلم موفق الدين عبد هللا بن قدامة ا‪١‬تقدسي‪ ،‬حققو‬
‫وعلق عليو‪ :‬دمحم فارس ومسعد عبد ا‪ٟ‬تميد السعدٍل‪ ،‬دار الكتب العلمية بَتوت لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪ 1414‬ى ‪ 1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ .27‬كشاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬للشيخ منصور بن يونس البهويت‪ ،‬راجعو وعلق عليو‪ :‬الشيخ ىبلل‬
‫مصيلحي مصطفى‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بَتوت لبنان‪ ،‬طبع سنة ‪ 1402‬ى –‬
‫‪ 1982‬م‪.‬‬
‫‪ .28‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور‪ٖ ،‬تقيق‪٩ :‬تبة من العلماء بدار ا‪١‬تعارف األساتذة‪ :‬عبد هللا علي الكبَت‬
‫وآخرين‪ ،‬دار ا‪١‬تعارف القاىرة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪٣ .29‬تلة البحوث اإلسبلمية‪ ،‬دورية تصدر عن الرائسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة‬
‫واإلرشاد الرايض‪.‬‬
‫‪ .30‬اجملموع شرح ا‪١‬تهذب‪ ،‬لئلمام أيب زكراي ‪٤‬تيي الدين ٭تِت بن شرف النووي ت ‪ 676‬ى وآخرين‪،‬‬
‫دار الفكر‪.‬‬
‫‪٣ .31‬تموع فتاوى شيخ اإلسبلم أ‪ٛ‬تد بن تيمية‪ٚ ،‬تع وترتيب‪ :‬عبد الر‪ٛ‬تن بن دمحم بن قاسم النجدي‬
‫ا‪ٟ‬تنبلي‪ ،‬وابنو دمحم‪.‬‬
‫‪.32‬ا‪١‬تستدرك على الصحيحُت‪ ،‬لئلمام ا‪ٟ‬تافظ أيب عبد هللا ا‪ٟ‬تاكم النيسابوري‪ ،‬وبذيلو التلخيص‬
‫للحافظ الذىيب‪ ،‬طبعة مزيدة بفهرس األحاديث الشريفة إبشراف‪ :‬د‪ .‬يوسف عبد الر‪ٛ‬تن‬
‫ا‪١‬ترعشلي‪ ،‬دار ا‪١‬تعرفة بَتوت لبنان‪.‬‬
‫ا‪١‬تقري ت ‪770‬ى ‪ ،‬دار ا‪ٟ‬تديث القاىرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.33‬ا‪١‬تصباح ا‪١‬تنَت‪ ،‬أتليف‪ :‬أ‪ٛ‬تد بن دمحم بن علي الفيومي‬
‫‪1429‬ه‪ 2008 -‬م‪.‬‬
‫‪ .34‬ا‪١‬تعامبلت ا‪١‬تالية ا‪١‬تعاصرة يف ميزان الفقو اإلسبلمي‪ ،‬أتليف‪ :‬د‪ .‬عصام أبو النصر‪ ،‬دار النشر‬
‫للجامعات القاىرة مصر‪ 1428 ،‬ى – ‪ 2007‬م‪.‬‬
‫‪ .35‬معجم غريب الفقو واألصول‪ ،‬أتليف‪ :‬دمحم إبراىيم ا‪ٟ‬تفناوي‪ ،‬دار ا‪ٟ‬تديث القاىرة‪ ،‬سنة الطبع‬
‫‪1430‬ى ‪ 2009 -‬م‪.‬‬
‫‪.36‬ا‪١‬تعجم الوسيط ‪٣‬تمع اللغة العربية‪ ،‬قام إبخراجو‪ :‬إبراىيم أنيس وآخرون‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ .37‬ا‪١‬تغٍت‪ ،‬أتليف‪ :‬الشيخ أيب دمحم عبد هللا بن أ‪ٛ‬تد بن قدامة ت ‪ 620‬ى ‪ ،‬دار الغد العريب القاىرة‪.‬‬
‫‪ .38‬مغٍت احملتاج إىل معرفة ألفاظ ا‪١‬تنهاج‪ ،‬شرح الشيخ دمحم ا‪٠‬تطيب الشربيٍت على منت منهاج الطالبُت‪،‬‬
‫لئلمام أيب زكراي ٭تِت بن شرف النووي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بَتوت لبنان‪.‬‬
‫‪.39‬ا‪١‬تفصل يف أحكام الراب‪ٚ ،‬تع وإعداد‪ :‬علي بن انيف الشحود‪ ،‬ا‪١‬تكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪ .40‬منار السبيل يف شرح الدليل على مذىب اإلمام أ‪ٛ‬تد بن حنبل‪ ،‬أتليف‪ :‬الشيخ إبراىيم بن دمحم بن‬
‫سامل بن ضواين‪ ،‬خرج أحاديثو‪ :‬فريد عبد العزيز ا‪ٞ‬تندي‪ ،‬دار ا‪ٟ‬تديث القاىرة‪ ،‬طبع سنة ‪1422‬‬
‫ى – ‪ 2001‬م‪.‬‬
‫‪ .41‬ا‪١‬تنفعة يف القرض دراسة أتصيلية تطبيقية‪ ،‬ا‪١‬تؤلف‪ :‬عبد هللا بن دمحم العمراٍل‪ ،‬ا‪١‬تكتبة الشاملة‪.‬‬

‫‪447‬‬
‫يناير ‪8102‬‬ ‫العدد احلادي عشر‬ ‫رللة البحوث األكادميية‬

‫‪ .42‬مواىب ا‪ٞ‬تليل لشرح ‪٥‬تتصر خليل‪ ،‬أتليف‪ :‬أيب عبد هللا دمحم بن دمحم ا‪ٟ‬تطاب ت ‪ 954‬ى ‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1398‬ى – ‪ 1978‬م‪.‬‬
‫‪ .43‬ا‪١‬توسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬صادرة عن وزارة األوقاف والشؤون اإلسبلمية الكويت‪ ،‬الطبعة من‬
‫‪ 1427 - 1404‬ى ‪.‬‬
‫‪ .44‬موسوعة القضااي الفقهية ا‪١‬تعاصرة‪ ،‬أتليف‪ :‬د‪ .‬علي السالوس‪ ،‬مكتبة دار القرآن‪ ،‬الطبعة السابعة‬
‫‪ 2002‬م‪.‬‬
‫‪ .45‬ا‪١‬توطأ‪ ،‬إلمام األئمة وعامل ا‪١‬تدينة مالك بن أنس‪ٗ :‬تريج وتعليق وترقيم‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي‪:‬‬
‫أشرف على ىذه الطبعة‪ :‬الدكتور مصطفى دمحم الذىيب‪ ،‬دار ا‪ٟ‬تديث القاىرة‪ ،‬سنة الطبع ‪1426‬‬
‫ى ‪ 2005 -‬م‪.‬‬
‫‪ .46‬نثر الورد على مراقي السعود‪ ،‬شرح الشيخ دمحم األمُت بن دمحم ا‪١‬تختار الشنقيطي ت ‪ 1393‬ى ‪،‬‬
‫ا‪١‬تكتبة العصرية بَتوت لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1425‬ى – ‪ 2004‬م‪.‬‬
‫‪ .47‬نوازل الزكاة "دراسة فقهية أتصيلية ‪١‬تستجدات الزكاة"‪ ،‬أتليف‪ :‬د‪ .‬عبد هللا بن منصور العقيلي‪ ،‬دار‬
‫ا‪١‬تيمان للنشر والتوزيع الرايض السعودية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1429‬ى – ‪ 2008‬م‪.‬‬

‫‪444‬‬

You might also like