Professional Documents
Culture Documents
*وض ع ميش يل فوك و أداتين أو وس يلتين لمعرف ة كي ف تتش كل الخطاب ات الس لطوية هم ا
الحفريات المعرفية والجينالوجيا ،فالحفريات تحفر فيما اختفى من مفاهيم وأفكار حين تولد
الخطاب ات ،والجينالوجي ا تتب ع األفك ار وتش كلها ببن مختل ف الخطاب ات الس لطوية ،بالمث ال
تتض ح األم ور :كتب فوك و عن الجن ون في العص ر الكالس يكي ووض ح كي ف تغ ير ه ذا
المفه وم بين الحقب التاريخي ة فق د ك ان يعت بر اتص اال ب الغيب في عص ر النهض ة وحينه ا
كانت معاملة المجنون فيها نوع من التبجيل ،أما في العصر الكالسيكي فكان الجنون صفة
قبيح ة ج دا وك ان المجن ون والس فيه واألحم ق والمس تهتر كلهم يوض عون في محتش دات
وتسلط عليهم شتى أنواع العذاب والذل ،وفي العصر الحديث الجنون أصبح مرض عقلي
يوضع صاحبه في مصحة للعالج..
هن ا يتس اءل ميش يل فوك و لم اذا تغ ير مفه وم الجن ون بين ه ذه الف ترات ك ل ه ذا التغي ير
الج ذري..؟! وكذلك لماذا تغ يرت نظرة المجتمع للمجن ون..؟! ويجيب فوكو بأن الخطاب
السلطوي هو الذي تغير ففي عصر النهضة كان الدين مسيطرا على الخطاب وبما أن
الجنون صفة ليست قبيحة في االعتقاد الكنسي (ألنها نوع من االتصال بالغيب وبالمخفي)
فعاملوا المجنون باحترام ،أما في عصر األنوار أصبح فقد أصبح العقل والروح العقالنية
المسيطرة وبالتالي فإن المجنون هو فاقد للعقل وهو قبيح وغير إنسان ،وفي العصر
الحديث أين سيطر العلم وأثبتت الدراسات النفسية أن الجنون هو مرض يجب عالجه ككل
األمراض األخرى ..وعله فحسب ميشيل فوكو فإن التاريخ ليس مترابطا فيما بينه وإ نما
تحدث فيه انقطاعات يتغير فيها الخطاب السلطوي بفعل األفكار أو االكتشافات أو ..وهناك
يحث فوكو على الحفر المعرفي لمعرفة أسباب التغير تلك.
يرى ميشال فوكو بأن حفريات المعرفة ال ترمي إظهار التمثالت واألفكار والصور التي
تنصهر و تتجسد في الخطاب ،بل هي تحدد هذه الخطابات نفسها وذلك باقتحام سديميتها
ألجل الوصول إلى الماهية ،مبتعدة عن خلق خطاب آخر ” أي التحلي بالموضوعية ”
فهي ترى بأن الخطاب العلمي هو ” آثار ” ال يجب أن تؤول لكي ال نسقط في المجاز ،و
هي تحدد خصوصيات الخطاب من خالل اإلحاطة إبستيميه -ميكرو – فيزيائيا بالخطاب ،
و همها هو تحليل الفوارق واالختالفات الموجودة بين صيغ الخطاب ووجوهه فهي تسعى
بكل بساطة إلى تحديد أنماط و قواعد الممارسات الخطابية التي تحكم اآلثار الفردية و
توجهها و هي ال تسلم بأن اآلثار الفردية و توجهها ،وهي ال تسلم بأن اآلثار العلمي هو
مبدأ موحد ناتج عن الذات المبدعة ،ألن حسب فوكو حتى بتاريخ الفكر يوجد صراع
للخطاب و هيمنة ،و لهذا ال تسعى حفريات المعرفة إلى نقل األحاسيس أو إرادة الذوات
المبدعة التي ساهمت في تكوين خطاباتهم ،فهي إذن ال ترد ما قيل بل تصف الخطاب
وصفا منظما .