Professional Documents
Culture Documents
(225) دعاء الوسوسة في الصلاة وفي القراءة - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم واتفل على يسارك - - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
(225) دعاء الوسوسة في الصلاة وفي القراءة - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم واتفل على يسارك - - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
تاريخ النشر / ٢٤ :ذو الحجة ١٤٣٥ / مرات اإلستماع1743 : التحميل1754 :
عرفنا المراد بالوسوسة ،وكان األليُق أن يكون هذا الباُب تابًعا للباب األربعين ،وهو (ُد عاء َم ن أصابته وسوسٌة في اإليمان) ،وأن تكون األبواُب المتعلقة
.بالوسوسة ُمتتابعًة ،كما سيأتي في الباب الخامس واألربعين ،وهو (دعاء طرد الَّش يطان ووساوسه) ،فهذه لو كانت ُمتتابعًة لكان هذا أليق
أَّن ه أتى النبي -صلى هللا عليه وآله وسلم -فقال :يا رسول هللا ،إَّن الشيطان قد :على كل حاٍل ،ذكر هنا حديًث ا واحًد ا ،وهو ما جاء عن عثمان بن أبي العاص
حال بيني وبين صالتي وقراءتيَ ،ي ْلِبُسها علَّي .وضبطه بعُضهم بالَّت شديدُ" :يَلِّبُسها علَّي " ،فهذا يدّل على الَّت كثير ،فقال رسوُل هللا -صلى هللا عليه وآله
وسلم :-ذاك شيطاٌن ُيقال له :خنزب ،وُض ِبَط بغير هذا كما سيأتي -إن شاء هللا :-فإذا أحسسَت ه فتعّو ذ باهلل منه ،واتُفل ،وُيقال أيًضا بالكسر على يسارك ثالًث ا،
[]1
.هذا الحديث أخرجه اإلماُم مسلم -رحمه هللا -في "صحيحه"
قوله" :إَّن الشيطان قد حال بيني وبين صالتي وقراءتي َي ْلِبُسها علَّي " أو "ُيَلِّبُسها علَّي " ،فـ"حال بيني وبين صالتي" يحتمل أن يكون حال بيني وبين الُّد خول
فيها ابتداًء ،كما يحصل لبعض الناس؛ ُيريد أن ُيكّبر ،ثم بعد ذلك يحصل عنده وسواس؛ فُيوهمه الشيطاُن أَّن ه لم ُيكبر تكبيرَة اإلحرام ،ثم ُيعيد ثانيًة وثالثًة
أو أَّن ه قصد بذلك أَّن ه حال بيني وبين الُّش روع في القراءة؛ ألَّن ه قال" :حال بيني وبين صالتي وقراءتي" ،فُيريد أن يقرأ فال يستطيع ،فبعضهم ُيردد الفاتحة،
ويحتمل أَّن ه قصد بذلك أَّن ه يحول بينه وبين صالته وقراءته ،فال يعقل شيًئ ا منها ،كما يحصل ألكثر الناس؛ ُيصلي ولكن ال يتذّك ر أعماَله وأشغاله وما نسيه منها
.إال إذا شرع في الَّصالة؛ فيبدأ ُيذِّك ره بكذا وكذا ،فيحول بينه وبين القراءة؛ فال يعرف ما قرأ
وإذا نظرنا اآلن وسألنا أنفسنا عَّما قرأه اإلماُم في الركعة األولى ،وما قرأه في الركعة الثانية ،ربما أننا ال نعرف الجواب ،والَّسبب أَّن الشيطان يحول بين العبد
في قراءته هو ،يلبس عليه الشيطاُن ،فلربما قرأ السورَة في الركعة األولى ،وقرأها في الركعة الثانية نسياًن ا ،ال قصًد ا ،يعني :يجري ذلك على لسانه من غير
.إرادٍة ،وال ينتبه لذلك ،وقد يكتشف هذا بآخر القراءة
ِإاَّل ِإَذ ا َت َم َّن ى َأْلَقى الَّش ْي َط اُن ِفي ُأْم ِنَّيِتِه[ الحج ،]52:فّسره جمٌع من أهل العلم من : وهكذا يلبس عليه في قراءته في الَّصالة ،وفي خارج الَّصالة ،كما قال هللا
المفّسرين وغيرهم ،أي :في قراءته .هذا أحد األقوال المشهورة في اآلية ،فيقع الخطأ والَّلبس؛ ولذلك قد يقرأ اإلماُم السورَة التي ال ُيخطئ فيها أحٌد من قصار
14:01 -14:48
الُّسور ،وُيخطئ ،مع أَّن ه قد يقرأ هذه السورة وال يحتاج إلى تأمٍل وتبصٍر وإعمال ذهٍن ،تجري على لسانه؛ ألنها أصبحت من األشياء التي ال تحتاج إلى جمٍع
للقلب أو الِّذ هن عند قراءتها ،ليس من جهة الَّت دبر ،وإنما من جهة جريان ذلك على الِّلسان؛ لقوة حفظه لها ،مثل :الفاتحة ،قد ُيخطئ في الفاتحة ،وقد ُيخطئ في
ولعلنا -إن شاء هللا تعالى -إذا يَّسر هللا -تبارك وتعالى -نذكر بعض الجوانب في هذا إذا انتهينا من هذا -إن شاء هللا ،-وهو شيٌء من الَّلطائف في الَّت فسير وفي
.غيره ،فأذكر نماذج نحتاج إليها في الحياة ،وهي مبثوثة في كتب التاريخ ،وفي غيرها
فتجد هذا من كبار األئمة الُقَّر اء الجبال يقرأ سورًة من قصار السور في الَّصالة ،ثم ُيخطئ فيها ،فلربما تعَّج ب ،أو ربما َي ْش َم ت به بعُض َم ن حضر ،فذاك أخطأ
مثًال في سورةُ :قْل ُه َو ُهَّللا َأَح ٌد [ اإلخالص] ،والثاني ُيخطئ في الفاتحة ،وهو نفسه الذي لربما تعّج ب منه ،أو نحو ذلك ،فُيصِّلي في اليوم الثاني بين يدي
.الخليفة ،وقد حضروا جميًعا مجلسه ،فُيخطئ الثاني في الفاتحة ،وهم أئّمة جبال ،أمثال :الكسائي
فعلى كل حاٍل ،الشيطان يلبس على المؤمن في الَّصالة ،ويلبس عليه في قراءته في الَّصالة ،وفي خارج الَّصالة ،وُيذكره أموًر ا تشغله عن هذه القراءة ،وتجد
اإلنسان لربما يقرأ حزَب ه من القرآن ،ثم بعد ذلك لو قام أو التفت إلى شيٍء آخر ،ثم أغلق المصحف ،فأراد أن يرجع لربما يشّك في األجزاء :هل هو في هذا
.الجزء ،أو في الذي قبله ،وكان يقرأ فيه؟ والَّسبب أَّن قلَب ه كان مشغوًال وُمنصرًفا عن ذلك كِّله
فهنا قال" :يلبسها علَّي " يلبس علَّي الَّصالة والقراءة ،ومن ذلك أَّن ه ُيصلي وما يدري ما صَّلى :ثالًث ا ،أم أربًعاُ ،يذِّك ره بكذا ،وُيذِّك ره بكذا ،ونحو ذلك ،فهو يلبس
.عليه هذه الَّصالة والقراءة ،بمعنى أَّن ه يخلط عليه أمره ،وُيشككه في قراءته وصالته
فقال النبي ﷺ :ذاك شيطاٌن يعني :شيطان ُمعينُ ،يقال لهَ :خ نَز ب ،هكذا بفتح الخاءَ :خ نَز ب عند جمٍع من أهل العلم ،وضبطه بعُضهم بالكسرِ :خنزب،
.وضبطه بعُضهم أيًضا بكسر الزايِ :خنِز ب بكسر أَّو له وثالثه ،وبعضهم ضبطه بضِّم الخاء وفتح الزايُ :خ نَز ب ،كل هذا ُض ِبَط به
.وذكر الحافُظ ابن حجر :أَّن ه يصّح فتح الخاء ،مع ضِّم الزاي[َ :]2خ نُز ب ،فهذه -على كل حاٍل -ألفاظه التي ُضبط فيها
.ومعناه في اللغة :الجريء على الفجور ،هذا اسم شيطاٍن َ ،م ن كان يسأل عن أسماء الشياطين فهذا خنزب ،وهو الَّش يطان الذي يحول بين المرء وبين صالته
قال :فإذا أحسسَت ه يعني :أدركَت ه ،أو وجدَت أثَر ذلك في صالتك ،فتعّو ذ باهلل منه ،فإَّن ه ال خالَص من وسوسته إال بحول هللا -تبارك وتعالى -كما سبق ،فال
واتُفل على يسارك يعني :ثالًث ا ،فأمره بقوٍل وفعٍل :يستعيذ باهلل ،ويتفل على يساره ،وإنما كان الَّت فل على اليسار -وهللا أعلم -باعتبار أَّن اليساَر يكون لألمور
.المذمومة ،فيتفل على يساره ،وكما سبق أيًضا فيما يَّت صل بالرؤية الَّسيئة التي يراها الَّن ائُم؛ فإَّن ه يتفل أيًضا على يساره
وهذا الَّت فل أبلغ من الَّن فث؛ ألَّن النفَث عرفنا أَّن ه نفٌخ بريٍق ،وأَّما الَّت فل فهو إخراج الريق ،هذا إذا كان ُيصلي وحده ،وفي مكاٍن يصلح فيه الَّت فل ،كأن يكون في
بريٍة ،أو في صحراء ،ويمكن أن يتفل بمنديٍل ،لكن ال يفعل ذلك في المسجد؛ ألَّن ه سُيؤذي المصلين بهذا ،فهذا ال يمكن ،وليس هذا هو المراد -وهللا أعلم ،-وإنما
فيتفل على يساره ثالًث ا ،ونحن ال نقول شيًئ ا ،أو نقول" :أعوذ باهلل من الَّش يطان الرجيم" بدون نفٍخ ،فهذا ال يكفي؛ ألَّن النبي -صلى هللا عليه وسلم -لم يذكر
.الَّن فخ ،بل لم يذكر الَّن فث ،وإنما ذكر الَّت فل؛ فهو أبلغ ،وهو إخراج الريق
يقول" :ففعلُت ذلك ،فأذهبه هللا" ،فهذا الشيطاُن الذي ُيوسوس للناس ،ويحول بينهم وبين صالتهم ،فال يدري الواحد كم صَّلى؟ وماذا قرأ؟ ولربما ُيشككه في
.قراءته وصالته وتكبيره وقيامه وقعوده ،مثل هذا ُيستعاذ منه كما وصف النبُّي ﷺ
فهذا يدّل على شأن هذه االستعاذة وعظمها؛ ولذلك ُتقال بين يدي القراءة من أجل أن يتهَّيأ القارئ فيتخَّلص من هذا الَّش يطان في قراءته ،فال ُيشوش عليه فكَر ه؛
بمعاٍن مكروهٍة قبيحٍة ،أَّما إذا تسَّلط عليه الشيطاُن ،فإَّن ه قد يبلغ األمُر به إلى أن ُيصِّو ر له المكروه مع اآليات ،يعني :يربط اآليات واأللفاظ وأوصاف هللا
ّذ
.فيتأ ى القارئ من هذه القراءة ،ثم يدع ،وهذا غير صحيٍح
باإلضافة إلى أمٍر آخر ،وهو :أال يسترسل مع هذه الوساوس ،وأن يتفّقه في الِّد ين ،فَم ن ابُتِلَي بشيٍء من هذه الوسوسة التي تتجاوز اإلشغاَل الذي يقع ألكثر
الناس عن الخشوع والَّت دبر وعقل الَّصالة وما تضّمنته ،فإذا كان األمر قد تجاوز ذلك بحيث إَّن اإلنسان هذا صار يشّك في تكبيره وقراءته ،وفي عدد الُّسجود
والركوع ،وفي قيامه وقعوده ،وما إلى ذلك ،وهل قرأ الفاتحَة ،أو لم يقرأ؟ ثم ُيعيد الَّصالة مراًر ا ،وقد يتكرر هذا ساعات طويلة حتى يستثقل المرُء الصالَة،
!وتصير عبًئ ا شاًّقا ثقيًال ُيؤِّر قه ،وُيورثه ضيًقا وألـًما وحسرًة
والَّصالة تشرح الَّصدر ،ويحصل بها من قوة الَّث بات واليقين واالستعانة على أمور الدنيا واآلخرة :اْس َت ِعيُنوا ِبالَّصْب ِر َو الَّص اَل ِة [ البقرة ،]153:لكن حينما
يستجيب لدواعي الَّش يطان فإَّن ه ربما يقضي شطر يومه أو يومه كّله وهو ُيعيد في هذه الَّصالة ،فُيعيد في صالة العصر إلى خروج وقت صالة العشاء ،وإلى
-.قريٍب من الساعة الثانية عشرة ،وهو ال زال ُيعيد صالَة العصر ،فهذا موجوٌد -نسأل هللا العافية
وبعضهم أخبرني أَّن ه َت َر َك الَّصالة ،وبعضهم يقول :صار ال يغتسل من الجنابة؛ ألَّن ه كان يوسوس في غسل الجنابة ،وبعضهم ذكر أَّن ه بقي قريًبا من الشهر
.وهو ال يتوضأ ،وُيصلي بال وضوٍء؛ فهذا الذي ُيريده الشيطان ،لكن هذا يحتاج إلى قوة عزيمٍة بعد االستعانة باهلل ،واالستعاذة من الشيطان ،وما ذكر من الَّت فل
واألمر الثاني :يحتاج إلى فقٍه في الِّد ين ،فالقاعدة في هذا الباب أوًال" :أَّن الشكوك إذا كُثرت ُط ِر َح ْت " ،هذه قاعدة ،فمن كُثرت شكوُك ه لم يلتفت إلى شيٍء منها:
فهذا الذي في كل صالٍة يشّك في الفاتحة ،ويشّك في تكبيرة اإلحرام ،ويشّك كم ركعٍة صَّلى؟ ويشّك هل سجد واحدًة أو سجدتين؟ ُيقال :هذه ال يلتفت إلى شيٍء
القاعدة الثانية" :أَّن الَّش ك في العبادة بعد الفراغ منها ال ُيؤثر" ،هو توّضأ وانتهى ،وبعد ذلك قال :هل مسحُت على رأسي أو ال؟ نقول :ال تمسح .أو انتهى من
.رمي الجمار ،ثم جاءه الشيطاُن وقال له :لعلك رميَت سًّت ا .أو طاف بالبيت وانتهى ،وبعد ذلك قال :لعلي طفُت ستة أشواٍط .فال يلتفت إلى شيٍء من ذلك
14:01 -14:48
".فإذا فتح على نفسه هذا الباب ،فإَّن الشيطان سيتالعب به ،هذه القاعدة الثانية" :الَّش ك في العبادة بعد الفراغ منها ال ُيؤثر
.القاعدة الثالثة" :أَّن اليقيَن ال يزول بالَّش ك" ،فالَّط هارة ُمتيقنة ،شَّك في الحدث ال يلتفت إليه
فلو عمل اإلنساُن بهذا وتفّقه فإَّن ه ال يحتاج إلى إعادة شيٍء من ذلك؛ ولذلك قال النبي ﷺ في الَّط هارة لما ذكر تلبيس الَّش يطان :فال ينصرف حتى يسمع
صوًت ا ،أو يجد ريًح ا[ ،]3فأحاله إلى أمٍر حسٍّي ،أما مجرد الَّت وهم والَّش ك؛ فإَّن الَّش ك ضعيٌف ،وال َي ْر َفع اليقيَن الذي هو قوي ،فاليقين ال يزول بالَّش ك ،فهذا الَّش ك
.تتالشى عنه كّل هذه الوساوس وتنتهي العارض ال يلتفت إليه ،وال يقطع صالته ،وإنما يستمّر فيها ،فإذا استقام أمره على هذا ،ولم يلتفت لشيٍء؛ فبإذن هللا
وكثيٌر من الناس ليس عنده هذه اإلرادة القوّية؛ فُيلّقن ،ثم ُيلّقن ،ثم ُيلّقن ،ثم ُيعيد من جديٍد الُّسؤال والمشكلة ، ،لكن يحتاج إلى قوة إرادٍة بعد االستعانة باهلل
وُيعيد ذلك بصيٍغ مختلفٍة ،ولو كانت آالف الُّسؤاالت بصيٍغ مختلفٍة ،هو تعميٌق للمشكلة ،ودوراٌن معها ،فهذا السؤال خطأ ،فُيقال له :ال تسأل؛ ألَّن هذا السؤال
بخالف ما يقوله العاَّمة فيَم ن أراد أن يستفتي في دينه عن أمٍر ربما يسمع به ما ُيخالف هواه من الُفتيا ،فُيقال له :ال تسأل ،يعني :حتى ال تقع في حرٍج إذا جاء
الجواُب على غير ما ُتريد ،هذا غلٌط ،وال يصّح أَّن اإلنساَن يسترسل مع عمايٍة ،وإنما يسأل ويأتي العبادة من وجهها الَّصحيح ،والمعاملة كذلك :ببيعه،
.هذا ،وهللا تعالى أعلم ،وصَّلى هللا على نبينا محمٍد ،وآله وصحبه
.أخرجه مسلم :كتاب الَّسالم ،باب الَّت عوذ من شيطان الوسوسة في الَّصالة ،برقم (1. )2203
.نقله عنه في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ( ،)146 /1ولم نجده في كتبه 2.
.أخرجه أبو داود :كتاب الَّط هارة ،باب إذا شَّك في الحدث ،برقم ( ،)177وصححه األلباني 3.