You are on page 1of 10

‫والجوع والبؤس‪ ،‬وهي نتيجة مباشرة لالستغالل المكتف لموارد األرض‪ .

‬ال يكفي فقط الدفاع‬


‫عن التنمية المستدامة من المنظور البيئي‪ .‬دون أن نسأل من‪ .‬وأنه أساسي‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫كونه مستداما‪ ،‬كون هذا النموذج الجديد منصفا‪ ،‬أي صحيح‪ ،‬سواء على مستوى توزيع‬
‫العائدات أو على مستوى نوعية الحياة لكل الكائنات الحية‪.1‬‬

‫‪ -2‬مبدأ الوقاية‬

‫يعتبر مبدأ الوقاية‪ 2‬من أحد المبادئ العامة للقانون البيئي فهو يستلزم تنفيذ القواعد‬
‫واإلجراءات الستباق أي مساس بالبيئة‪ ،3‬حيث تتمثل اإلجراءات الوقائية في األساليب التي‬
‫يمكن من خاللها منع حدوث التدهور البيئي في أي صورة من صوره المختلفة‪ ،‬أي منع‬
‫وقوعه أصال‪ ،‬وعليه فإن اإلجراءات الوقائية غير مرتبطة بظهور التدهور البيئي‪ . 4‬لذلك‬
‫يجب أن تأخذ هذه القواعد بعين االعتبار ألحدث التطورات التقنية‪.‬‬

‫يميل هذا المبدأ إلى مبدأ االحتياط دون المزج معه‪ .‬ويطبق في حال معرفة المخاطر‬
‫البيئية والتي تسير عن طريق تنفيذ اإلجراءات القانونية للتراخيص المسبقة واإلدارة البيئية‬
‫(على سبيل المثال‪ :‬المعيار إيزو ‪ .)ISO 14001 – 14001‬أيضا تستلزم الوقاية التدقيق‬
‫البيئي (مثال ‪ :‬تباشر المؤسسات بإجراء تقييمات بيئية لتحسين مرافقها من وجهة نظر بيئية)‬
‫ودراسات التأثير البيئي‪" :‬يضطلع بتقييم األثر البيئي‪ ،‬كأداة وطنية‪ ،‬لألنشطة المقترحة التي‬
‫يحتمل أن تكون لها آثار سلبية كبيرة على البيئة‪ ،‬والتي تكون مرهونة بقرار ألحد السلطات‬
‫الوطنية المختصة"‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Geraldine FROGER et al, « Quels acteur pour quel développement », 2005, 288 p.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Denis ALLAND, « Droit international public », PUF, Paris, 2000, 722, p. 735-736.‬‬
‫‪ - 3‬انظر المبادئ ‪ 17 ،14 :‬و‪ ،19‬من إعالن ريو‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 4‬عبد هللا الصعيدي‪ " ،‬االقتصاد والبيئة‪ ،‬دراسة بعض الجوانب االقتصادية لمشكالت البيئة "‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫‪ ،1993‬ص ‪.100-99‬‬
‫‪ - 5‬إعالن ريو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬المبدأ ‪.17‬‬
‫‪71‬‬
‫كما يهدف هذا المبدأ إلى التقليل وإذا أمكن األمر القضاء على تسرب المواد الخطرة‬
‫وتعزيز المواد والمناهج األقل تلويثا‪" :‬ينبغي التحكم‪ ،‬والسيما الملوثات المحمولة جوا‪ ،‬بما فيها‬
‫تلك التي تؤدي إلى رواسب حمضية‪ ،‬التي تضر بصحة النظم االيكولوجية للغابات على‬
‫األصعدة المحلية والوطنية واإلقليمية والعالمية" ‪ .1‬إن تقييم اآلثار البيئية المترتبة عن أي‬
‫مشروع من المحتمل أن يتسبب في إضرار للبيئة هو واحد من أهم األدوات لمنع التلوث عند‬
‫اتخاذ الق اررات‪ .‬فيجب أن يتم ذلك باستعمال التقنيات المتاحة المتوفرة بتكلفة اقتصادية‬
‫مقبولة‪ .‬حيث أن الوقاية تعتبر بصفة عامة خير من العالج‪.2‬‬

‫كما تم التأكيد على مبدأ الوقاية من قبل البيان المتعلق بالغابات‪ ،‬الذي ينص على ما‬
‫يلي‪" :‬ينبغي أن تدار موارد الغابات وأراضي الغابات إدارة مستدامة للوفاء بالحاجات البشرية‬
‫االجتماعية واالقتصادية واإليكولوجية والثقافية والروحية ألجيال الحاضر والمستقبل‪ .‬وتتعلق‬
‫هذه الحاجات بمنتجات الغابات وخدماتها‪ ،‬مثل الخشب والمنتجات الخشبية والمياه واألغذية‬
‫والعلف والدواء‪ ،‬والوقود‪ ،‬والمأوى والعمالة واالستجمام وموائل الكائنات البرية وتنوع المناظر‬
‫الطبيعية ومصارف الكربون ومستودعاته‪ ،‬وغير ذلك من المنتجات الحراجية‪ .‬وينبغي اتخاذ‬
‫تدابير مناسبة لحماية األحراج من اآلثار الضارة للتلوث بما في ذلك التلوث الجوي‪،‬‬
‫والحرائق‪ ،‬واآلفات واألمراض‪ ،‬من أجل المحافظة على قيمتها المتعددة بالكامل"‪.3‬‬

‫في نفس السياق‪ ،‬على الحكومة منع التلوث المتسبب في تدهور النظم اإليكولوجية‬
‫الغابية من خالل تنفيذ برامج لمنعه‪" :‬ينبغي أن توفر السياسات واالستراتيجيات الوطنية إطا ار‬

‫‪ - 1‬تقرير مؤتمر األمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية ‪ :‬مبادئ إدارة الغابات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬المبدأ ‪.15‬‬
‫‪ - 2‬محمد صافي يوسف‪ " ،‬مبدأ االحتياط لوقوع األضرار البيئة‪ ،‬دراسة في إطار القانون الدولي للبيئة "‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية ‪ ،2007‬ص ‪.59‬‬
‫‪ - 3‬المبدأ ‪( 2‬ب) من بيان الغابات‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫لزيادة الجهود‪ ،‬بما في ذلك تنمية وتعزيز مؤسسات وبرامج إدارة الغابات وأراضي الغابات‬
‫‪1‬‬
‫وحفظها وتنميتها المستدامة"‪.‬‬

‫‪ -3‬مبدأ الحيطة‬

‫دخل مبدأ الحيطة إلى الساحة الدولية في نهاية الثمانينات‪ ،2‬فأصبح موضوع نقاش‬
‫ألنه يطالب بعدم مباشرة أي نشاط دون التحليل الكامل لنتائجه على اإلنسان و البيئة‪ ،‬حيث‬
‫تم تطبيق المبدأ ‪ 15‬من إعالن ريو من قبل العديد من الدول‪ ،3‬لكونه ذات أهمية قصوى من‬
‫حيث اإلدارة المستدامة‪ ،‬ولكنه معقد التنفيذ كونه يتطلب تقييما في سياق عدم اليقين العلمي‬
‫وأخطار األضرار الجسيمة التي ال رجعة فيها على الصحة أو على البيئة‪ ،‬لغرض الوصول‬
‫إلى وسيلة للحد من المخاطر أو البحث عن حل أخر‪ 4‬ومن سوء الحظ لم يندرج في اإلعالن‬
‫المتعلق بالغابات‪.‬‬

‫عرض مبدأ الحيطة يوضح أننا ال نريد تنمية اقتصادية دون األخذ بعين االعتبار‬
‫األخطار التي تدور حول البيئة وصحة اإلنسان‪ .‬حيث ظهر هذا المبدأ في جمهورية ألمانيا‬
‫‪5‬‬
‫االتحادية في أواخر الستينات‪ .‬وذلك استجابة لقضية األمطار الحمضية وتدهور الغابات‬
‫وبحلول عام صدر قانون الحماية ضد اآلثار الضارة للتلوث البيئي التي ينتجها الهواء‬
‫واألمطار واالهتزاز وظواهر مشابهة‪ .‬وقد أشار إلى التزام من منشغلي المرافق السياسية‬
‫العامة إلى اتخاذ جميع التدابير الالزمة والمعقولة للتعامل مع المخاطر المحتملة لحماية‬

‫‪ - 1‬المبدأ ‪( 3‬أ) من بيان الغابات‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Denis ALLAND, op.cit, 723, p. 736.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Raphael ROMI avec la collaboration de Thomas DUBREUIL, Sandrine ROUSSEAUX et Mary SANCY‬‬
‫‪« Droit international et européen de l’environnement », 2e édition, Montchrestien, mars 2013, p. 55-56.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Pascale MARTIN-BIDOU, « Le principe de précaution en droit international de l’environnement », RGDIP‬‬
‫‪octobre-décembre, 1999, N° 3, 631, p. 631-666.‬‬
‫‪- J. M. ARBOUR, « Le principe de précaution dans le contexte du commerce international : une intégration‬‬
‫‪difficile », Lés Cahiers de droit, vol. 43, N° 5, 2002, 5, p. 5-37.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-En 1970 la décennie, Les «Grunen », les écologistes allemands, contribuent à développer le‬‬
‫‪« Vorsorgeprinzip » (principe de prévoyance), qui incite les entreprises à mettre en œuvre les moyens propres à‬‬
‫‪respecter L’environnement, sans nuire à leurs préoccupations économiques. Les recherches devront aussi ne pas‬‬
‫‪épuiser les ressources naturelles.‬‬

‫‪73‬‬
‫البيئة‪ .1‬حيث تمت صياغة المبدأ على النحو التالي‪" :‬إن المسؤولية اتجاه األجيال المقبلة‬
‫تتطلب أن يتم الحفاظ على األسس الطبيعية للحياة‪ ،‬لتجنب أنواع الضرر التي ال رجعة فيها‬
‫مثل تدهور الغابات‪ ،‬كذلك مبدأ الحيطة يتطلب أن األضرار التي لحقت العالم الطبيعي‬
‫(الذي يحيط بنا جميعا) يمكن تجنبها في وقت مبكر اعتمادا على الظروف والفرص"‪ .2‬وتم‬
‫تناوله فيما بعد على المستوى الدولي‪ ،‬والسيما في المبدأ ‪ 15‬من إعالن ريو‪ ،‬الذي يعرفه‬
‫على النحو التالي‪" :‬من أجل حماية البيئة تتخذ الدول على نطاق واسع‪ ،‬تدابير احتياطية‬
‫حسب قدراتها وفي حالة ظهور أخطار ضرر جسيم أو أخطار ضرر ال سبيل إلى عكس‬
‫اتجا هه‪ ،‬ال يستخدم االفتقار إلى اليقين العلمي الكامل‪ ،‬وسببا لتأجيل اتخاذ تدابير تتسع‬
‫بفعالية التكاليف لمنع تدهور البيئة"‪.‬‬

‫يعتبر هذا المبدأ القانوني دليل للعمل وليس "قاعدة" تفرض ق ار ار أو نتيجة معينة‪ .‬كما‬
‫يمكن للق اررات واإلجراءات اإلدارية أو السياسية أن تختلف تبعا للظروف ولكن تطبيق مبدأ‬
‫الحيطة جد فعال في إطار الحماية ومعالجة مشاكل اإلدارة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬من المهم إدراج هذا‬
‫المبدأ في التشريعات والسياسات الملموسة التي تضع تدابير إدارية تتوافق ومشاكل المحافظة‬
‫على الغابات‪ ،‬وكذلك مباشرة اإلجراءات التي يتعين اتخاذها في سياق محدد‪ .‬بدون تطبيقات‬
‫عملية‪ ،‬فإن هذا المبدأ حتى إن تم إدراجه في قانون أو سياسة‪ ،‬قد ال يكون له تأثي ار عمليا‬
‫يذكر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jules HOUTMEYERS, Belgochlor FEDICHEM, Bruxelles, « Livre blanc du Chlore », novembre 2004, p. 5.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-La responsabilité envers les générations futures exige que les bases de la vie soient préservées et que des types‬‬
‫‪irréversibles de dommage, comme le dépérissement des forets, soient évités, ainsi le principe de précaution exige‬‬
‫‪que les dommages causés au monde de la nature (qui nous entoure tous soient évités à l’avance et en fonction‬‬
‫‪des circonstances et des possibilités ».‬‬

‫‪74‬‬
‫كما يجب أن يعزز مبدأ الحيطة تطوير قانون الغابات‪ .1‬طبقا لألستاذ مكوار بعض‬
‫القوانين التابعة للغابات تغطي على نطاق واسع مفهوم االستدامة وتشمل أيضا الحيطة‪:‬‬
‫قوانين بوليفيا لسنة ‪ ،1996‬جزر القمر لسنة ‪ 1999‬والموزمبيق لسنة ‪.21999‬‬

‫يتطلب المبدأ ‪ 15‬فعالية بيئية للتدابير واإلجراءات التي يجب اتخاذها على المدى‬
‫الطويل باعتباره أداة سياسية هامة للبحث عن بدائل وحلول تطبيقية لتوقع‪ ،‬منع وتخفيف‬
‫التهديدات البيئية‪.‬‬

‫إذا يجب إدماج هذا المبدأ في سياسات المحافظة وإدارة الموارد الغابية‪ ،‬حتى إذا تطلب‬
‫تطبيقه الفعال بعض التعديالت القانونية‪ ،‬السياسية والدستورية واإلدارية التي تجعل من‬
‫السهل المصادقة عليه على المستوى الوطني‪.‬‬

‫يستوجب تطبيق مبدأ الحيطة تحليل أفضل المعلومات المتاحة والتعرف على أوجه عدم‬
‫اليقين والفجوات‪ .‬باإلضافة إلى المعلومات العلمية المتوفرة‪ ،‬من المهم أيضا أن ندرك‬
‫المعارف التقليدية للسكان األصليين في العديد من حاالت المحافظة على الموارد الغابية‬
‫وعند اتخاذ الق اررات التي تمس بأراضيهم‪ .‬يتطلب تقييم وتحليل المخاطر غير المؤكدة شفافية‬
‫المؤسسات العلمية‪.‬‬

‫عند استعمال هذا المبدأ لحفظ وإدارة الموارد الغابية‪ ،‬يمكن أحيانا تحديد الحظر الصارم‬
‫لألنشطة‪ ،‬في حالة اتخاذ تدابير طارئة لتفادي األخطار الوشيكة‪ ،‬أو التهديد بحدوث ضرر‬
‫ال رجعة فيه الذي ال يمكن تفاديه‪ ،‬مثل انتشار األنواع الغازية‪ ،‬حيث من المحتمل أن تكون‬
‫اإلجراءات األخرى غير فعالة‪ .‬غالبا ما يكون هذا الوضع نتيجة لخطأ تطبيق تدابير الحيطة‬
‫األكثر اعتداال في مرحلة مبكرة من الخطر‪ .‬في بعض الحاالت‪ ،‬من األفضل إدارة المخاطر‬

‫‪1‬‬
‫‪-Nicolas de SADELLEER, « Les principes de pollueur - payeur, de prévention et de précaution essaie sur la‬‬
‫‪genèse et la portée juridique de quelque principes du droit de l’environnement », Bruylant, Bruxelles‬‬
‫‪universités-Francophones, 1999, 437 p.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Mohamed. Ali. MEKOUAR, op.cit, p.150.‬‬

‫‪75‬‬
‫المحتملة من خالل اإلدارة التكيفية‪ ،‬التي تتألف من نهج إلدارة الموارد مع دمج عدم اليقين‬
‫وعدم كفاية المعلومات‪ .‬ال يوجد هناك مستوى عال من اليقين بشأن تأثير اإلجراءات اإلدارية‬
‫في مواجهة الشك‪ ،‬حتى في سياق التخطيط الدقيق‪ ،‬مع المراقبة الدقيقة المراجعة الدورية‬
‫للتعليقات وتعديل الق اررات في ضوء المعلومات الجديدة‪.1‬‬

‫لمبدأ الحيطة روابط وثيقة مع المبادئ األخرى ذات الصلة للتصدي للتهديدات التي‬
‫تتعرض لها النظم االيكولوجية الغابية‪ .‬يتعلق األمر خاصة بمبادئ الوقاية والعدل بين وداخل‬
‫األجيال‪ ،‬ما يعزز حق الجميع في التنمية‪ ،‬في بيئة صحية وايكولوجية متوازنة ومسؤولية‬
‫الجميع فيما يخص األضرار التي تلحق بالبيئة المحيطة بهم‪ .2‬فيجب أن يحترم هذا المبدأ‬
‫حق اإلنسان في البيئة وفي حالة تعارضه مع مبدأ آخر‪ ،‬يجب تحليل أثار القرار بهدف‬
‫الوصول إلى حل متوازن‪.‬‬

‫‪ -4‬مبدأ الملوث الدافع‬

‫يعد مبدأ الملوث الدافع من بين أهم المبادئ القانونية التي تحقق التنمية المستدامة‬
‫بشكل كبير وفعال‪ ،‬كونه مرتبط بالجانب االقتصادي للنشاطات الملوثة‪ .3‬تم تخصيص المبدأ‬
‫‪ 16‬من إعالن ريو المعني بالبيئة والتنمية للملوث الدافع‪ ،‬الذي ينص على ما يلي‪" :‬ينبغي‬
‫أن تسعى السلطات الوطنية إلى تشجيع استيعاب التكاليف البيئية داخليا‪ ،‬واستخدام األدوات‬
‫االقتصادية‪ ،‬آخذة في الحسبان النهج القاضي بأن يكون المسؤول عن التلوث هو الذي‬
‫يتحمل‪،‬من حيث المبدأ‪ ،‬تكلفة التلوث‪ ،‬مع إيالء المراعاة الواجبة للصالح العام‪ ،‬ودون‬
‫اإلخالل بالتجارة واالستثمار الدوليين"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-J. CAZALA, « Le principe de précaution en droit international », Lyon, Anthemis, 2006, 494 p.‬‬
‫‪-Ph. ICARD, « L’articulation de l’ordre juridique communautaire et des ordres juridique nationaux dans‬‬
‫‪l’application du principe de précaution », RJE, N° spécial, 2000, p. 29.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر إعالن رىو‪ ،‬المبادئ ‪ 13 ،4 ،3 ،1‬و‪ ،14‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪ - 3‬حسونة عبد الغني‪" ،‬الحماية القانونية للبيئة في إطار التنمية المستدامة"‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم في‬
‫الحقوق تخصص قانون أعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2013-2012 ،‬‬
‫‪76‬‬
‫وبالتالي يحمل هذا المبدأ مسؤولية الملوثين عن مخالفات اإلنتاج‪ ،‬عن طريق إسنادها‬
‫إلى المصاريف المتعلقة بالوقاية والتقليل من التلوث الذي تسببوا فيه‪ ،‬وفي بعض الحاالت‬
‫إصالح األضرار‪ ،1‬حسب نوع وكمية النفايات المنبعثة في البيئة‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬ينبغي أن يفهم أن القصد من هذا المبدأ ليس المعاقبة‪ ،‬بل االستعادة‪ ،‬ألنه‬
‫يتعلق بمبدأ نظام اقتصادي‪ ،‬تطبيقه يقلل من تكاليف التلوث في المجتمع ككل‪ ،‬األمر الذي‬
‫يثير الكفاءة االقتصادية‪.‬‬

‫كما أن مبدأ الملوث الدافع هو أيضا مبدأ حماية مفيد لفهم أن الموارد الطبيعية الغابية‬
‫نادرة ولها قيمة وأن استهالكها يؤدي إلى تلوث وتدهور الغابات الذي ينتج عنه نقص في‬
‫هذه الموارد‪.‬‬

‫ينبغي على الدول القضاء أو إلغاء الدعم والسياسات األخرى التي تولد االستخدام غير‬
‫المستدام لموارد الغابات والتأكد من أن التكاليف الكاملة الستخدام هذه الموارد تؤخذ في عين‬
‫االعتبار بمساعدة الصكوك االقتصادية‪ ،‬وفقا للملوث الدافع‪ ،‬مثل الشهادات (نظام إصالح‬
‫األضرار البيئية)‪ ،‬الغرامات‪ ،‬منح االستثمار واإلعانات‪ ،‬الضرائب ورسوم الحوافز وأنظمة‬
‫الترابط أو إيداع الودائع‪.‬‬

‫‪ -5‬مبدأ المسؤولية المشتركة ولكن متباينة‬

‫يقترح إعالن ريو أن تعتمد الدول تشريعات بيئية فعالة‪ ،‬أكثر مالئمة للظروف المحلية‬
‫(المبدأ ‪ .) 11‬وتنعكس هذه الرؤيا في مبدأ اعتراف الدول بالمسؤوليات المشتركة ولكن‬
‫المتباينة فيما يخص قضايا حماية البيئة (المبدأ ‪ 7‬من إعالن ريو) الذي ينص على ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬عنصل كمال‪" ،‬مبدأ الحيطة في إنجاز االستثمار وموقف المشرع الجزائري"‪ ،‬مذكرة ماجستير في الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫جيجل‪ ،2007 ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪-Voir : P. MARTIN-BIDOU, op.cit, p. 660.‬‬

‫‪77‬‬
‫"تتعاون الدول‪ ،‬بروح من المشاركة العالمية‪ ،‬في حفظ وحماية واستعادة صحة وسالمة النظام‬
‫االيكولوجي لألرض‪ ،‬وبالنظر إلى المساهمات المختلفة في التدهور العالمي للبيئة‪ ،‬يقع على‬
‫عاتق الدول مسؤوليات مشتركة وإن كانت متباينة‪ .‬وتسلم البلدان المتقدمة النمو بالمسؤولية‬
‫التي تتحملها في السعي‪ ،‬على الصعيد الدولي‪ ،‬إلى التنمية المستدامة ‪ ،‬بالنظر إلى الضغوط‬
‫التي تلقيها مجتمعاتها على كاهل البيئة العالمية‪ ،‬وإلى التكنولوجيا والموارد المالية التي‬
‫تستأثر بها"‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 3‬فقرة‪ 1‬من اتفاقية التغير المناخي (التي سنتطرق لها الحقا) تمنح مثاال‬
‫أخر أين اعترفت الدول بمسؤوليتها المشتركة‪ ،‬ولكن المتباينة‪ .‬حيث تنص‪" :‬تحمي األطراف‬
‫النظام المناخي لمنفعة أجيال البشرية الحاضرة والمقبلة‪ ،‬على أساس اإلنصاف‪ :‬ووفقا‬
‫لمسؤولياتها المشتركة‪ ،‬وان كانت متباينة‪ ،‬وقدرات كل منها‪ .‬وبناءا على ذلك‪ ،‬ينبغي أن تأخذ‬
‫البلدان المتقدمة النمو األطراف مكان الصدارة في مكافحة تغير المناخ واآلثار الضارة‬
‫المترتبة عليه"‪.‬‬

‫تشمل المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة عنصري ن‪ . 1‬األول يتعلق بالمسؤولية‬


‫المشتركة للدول عن حماية البيئة على المستويات الوطنية واإلقليمية والدولية‪ .‬والثاني يتناول‬
‫الحاجة إلى مراعاة الظروف المختلفة لكل مشكلة بيئية وقدرة الدول على منع أو الحد من‬
‫الخطر‪ .‬لتطبيق هذا المبدأ هناك على األقل عواقبين‪ .‬أوال‪ ،‬يطلب من األطراف المشاركة في‬
‫اتخاذ تدابير دولية للسيطرة على المشاكل البيئية‪ .‬ثانيا‪ ،‬يعترف بأن المعايير البيئية قد تفرض‬
‫التزامات مختلفة على الدول وفقا لدرجة مسؤوليتها والوسائل التقنية‪.‬‬

‫مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة يقر بوجود نوعين من أوجه عدم المساواة بين الدول‪:‬‬
‫أحدهما يتعلق بالموارد المالية المتاحة‪ ،‬واآلخر بشأن المسؤولية المنسوبة لهم نتيجة للحالة‬
‫‪1‬‬
‫‪-A. KISS et J. P. BEURIER, op.cit, p. 134-135.‬‬
‫‪-Philippe SANDS, « Principles of International Environmental Law », 2éme éd, Cambridge University Press‬‬
‫‪2003, p. 285-290.‬‬

‫‪78‬‬
‫السيئة للبيئة‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن هذا المبدأ يرسي عدم المساواة االقتصادية الحقيقية‪ ،‬فضال‬
‫عن التمييز بين درجة االلتزامات القانونية‪ ،‬استنادا إلى المبررات العلمية والحجج التاريخية‬
‫وبالتالي يشكل مبدأ سياسي وقانوني أصلي‪ ،‬مما يجعل من الممكن إعادة التوازن إلى‬
‫العالقات بين الدول في ميزان القانون الدولي والتنمية المستدامة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم تأسس أي‬
‫سيطرة على الشرعية من أجل تنفيذه على نحو فعال‪ .‬ولذلك‪ ،‬في انتظار ظهور نظام ملزم‬
‫قانونا‪ ،‬يجب إقامة شراكة عالمية حقيقية بين الدول والمنظمات الدولية وغيرها من مجموعات‬
‫المجتمع المدني المهتمة‪.1‬‬

‫تتجلى المسؤوليات المشتركة لكن المتباينة بااللتزامات المشتركة للدول فيما يخص‬
‫حماية الموارد البيئية مع األخذ بعين االعتبار الخصائص‪ ،‬الموقع والعوامل التاريخية المتعلقة‬
‫بكل دولة‪ 2‬ويتجلى هذا المبدأ في المعايير البيئية المتباينة‪ ،‬المحددة على أساس مجموعة من‬
‫العوامل‪ ،‬بما في ذلك المتطلبات والظروف الخاصة‪ ،‬ومستقبل التنمية االقتصادية‬
‫والمساهمات التاريخية للمشاكل االيكولوجية‪ .‬كما يمكن تطبيق المسؤوليات المشتركة لكن‬
‫المتباينة حتى وإن لم يكن لدولة ما ملكية الموارد أو عندما تكون خاضعة لوالية قضائية‬
‫حصرية لدولة ما‪ ،‬أو عندما تكون مجرد مسألة ذات مصلحة قانونية مشتركة‪.‬‬

‫في سياق البحث عن حماية الغابات في ظل القانون الدولي‪ ،‬فإن إعادة التأكيد على أن‬
‫"المسؤوليات هي مشتركة‪ ،‬ولكن متباينة" ال تعني إعادة االنتداب‪ ،‬يتعلق األمر باالعتراف‬
‫بالدور األساسي والمالي للدول المتقدمة في تطبيق تدابير التنمية المستدامة‪ .‬وبالنسبة للغابة‬
‫يتجلى هذا المبدأ كما يلي‪" :‬ينبغي االضطالع باإلدارة المستدامة للغابات واستخدامها وفقا‬

‫‪1‬‬
‫‪-Claude IMPERIALI (éd.), « L’effectivité du droit international. Contrôle de la mise en œuvre des conventions‬‬
‫‪internationales », Collection "Coopération et développement" dirigée par Jacques Bourrinet. Centre d’études et‬‬
‫‪Recherches Internationales et Communautaires Université d’Aix-Marseille III, Économica, Paris 1998, p. 7-24,‬‬
‫‪291 p.‬‬
‫‪ - 2‬على سبيل المثال‪ ،‬يشكل حوض الكونغو منطقة غابات شاسعة‪ ،‬معظمها في جمهورية الكونغو الديمقراطية‪ ،‬وتمتد‬
‫غابات حوض الكونغو من الكامرون إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية مرورا بجمهورية أفريقيا الوسطى‪ ،‬والكونغو‬
‫برازافيل‪ ،‬وغينيا االستوائية والغابون‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫للسياسات واألولويات اإلنمائية الوطنية واستنادا إلى مبادئ توجيهية وطنية سليمة بيئيا‪.‬‬
‫وينبغي أن يؤخذ في االعتبار عدد صياغة هذه المبادئ التوجيهية المنهجيات والمعايير ذات‬
‫‪1‬‬
‫الصلة المتفق عليها دوليا‪ ،‬حسب االقتضاء وفي حالة االنطباق"‪.‬‬

‫كذلك اعترف مؤتمر جوهانسبورغ (ريو ‪ )10+‬في مادته ‪ ،71‬أن للدول مسؤوليات‬
‫مشتركة ولكن متباينة‪.‬‬

‫‪ -6‬مبدأ المشاركة‬

‫مبدأ المشاركة الذي تم إق ارره في قمة األرض بريو عام ‪ ،1992‬يستجيب على وجه‬
‫التحديد إلى الحاجة إلى اعتماد نظام قانوني يتكيف والتنمية المستدامة‪ .‬أمام فشل إدارة الدولة‬
‫للنظم االيكولوجية الغابية وتنمية الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬أصبح دور السكان المحليين أم ار ذا‬
‫أهمية مطالبة بحماية الغابات بنفسها‪.‬‬

‫تم تأكيد المشاركة في ريو‪ 92-‬في المبدأ ‪" :10‬تعالج قضايا البيئة على أفضل وجه‬
‫بمشاركة جميع المواطنين المعنيين‪ ،‬على المستوى المناسب‪ .‬وتوفر لكل فرد فرصة مناسبة‬
‫على الصعيد الوطني‪ ،‬للحصول إلى ما في حوزة السلطات العامة من معلومات متعلقة‬
‫بالبيئة‪ ،‬بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالموارد واألنشطة الخطرة في المجتمع‪ ،‬كما تتاح‬
‫لكل فرد فرصة المشاركة في عمليات صنع القرار‪ .‬وتقوم الدول بتيسير وتشجيع توعية‬
‫الجمهور ومشاركته عن طريق إتاحة المعلومات على نطاق واسع‪ .‬وتكفل فرص الوصول‬
‫بفعالية إلى اإلجراءات القضائية واإلدارية‪ ،‬بما في ذلك التعويض وسبل االنتصاف"‪.‬‬

‫يتمحور مبدأ المشاركة العامة حول ثالثة عناصر هي‪ :‬الوصول إلى المعلومات‬
‫المشاركة العامة في صنع القرار والوصول إلى العدالة من أجل البيئة‪ .‬ينمي العنصر األول‬

‫‪ - 1‬تقرير مؤتمر األمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية ‪ :‬مبادئ إدارة الغابات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬المبدأ ‪( 8‬د)‪.‬‬
‫‪80‬‬

You might also like