Professional Documents
Culture Documents
فى كوبنهاجن
د.مصطفى عيد مصطفى ابراهيم
dr.mousteid@yahoo.com
بزغت القضية البيئية على الساحة العالمية فى الثلث العقود الخيرة من القرن العشرين
وتحديدا فى عام 1972عندما انعقد مؤتمر ستكهولم وظهور البعد البيئى فى المنهج
القتصادى.واصبح الهتمام بالبيئة ذو طبيعة واقعية تعدت مجرد عقد المؤتمرات والقاء الخطب
فى القاعات وانعكس ذلك فى اداء كل من المنظمات الدولية والحكومات وكذلك فى فكر واداء
المجتمع المدنى.فعلى نطاق المنظمات الدولية نرى قفزات هائلة فى فكر تلك المنظمات بدءا من
المم المتحدة وعبورا بمؤسسات بريتون وودز )صندوق النقد والبنك الدولى ومنظمة التجارة
العالمية(،وانعكس ذلك فى تغيير مفاهيم وتعاريف اقتصادية تنال من النظرية القتصادية
التقليدية التى طالما اعتمدنا عليها فظهرت مفاهيم جديدة للتنمية اعتمادا على المنظور البيئى
فسادت التنمية المتواصلة وحل الناتج القومى الجمالى المعدل بيئيا محل الناتج القومى
الجمالى وحل معيار الثروة محل معيار الدخل وتم الخذ فى العتبار التكلفة الجتماعية لتضع
شكل جديدا لدوال العرض والطلب والنتاج وظهرت نظرية المزايا الجتماعية النسبية لتحل
محل المزايا النسبية واصبحت كل هذه المور تؤثر على سياسات المنظمات الدولية القتصادية
تجاه الدول النامية ولزم على الخيرة ان تراعى البعد البيئى فى سياستها الداخلية حتى تجد
المساعدة من المنظمات الدولية.
وعلى نطاق الحكومات ,فى الدول الغنية ,نجد انها تبنت السياسات البيئية فظهرت القوانين
المنظمة للبيئة واصبح للبيئة بعدا اقتصاديا لما لها من تاثير على المقدرة التنافسية وشرعت
من القوانين مايحمى بيئتها من واردات من الدول الخرى بل وامتد المر الى ،اما فرض توافر
شروط بيئية معينة لتلقى الدول النامية لرؤوس الموال بصوره المختلفة ،واصبح راس المال
اما يذهب الى الدول النامية تحت شروط بيئية ايمانا من الدول الغنية بالبعد الدولى للبيئة ومن
ثم وجب الحفاظ عليها ،او لتخاذ البيئة كسلح موجه ضد الدول النامية لتحقيق اهداف سياسية
او عسكرية معينة .او ان راس المال يهرب من الدول الغنية لوجود تشريعات بيئية صارمة بها
الى الدول النامية للستفادة من التكلفة الجتماعية المنخفضة والمتمثلة فى الجور المنخفضة
والضرائب والتامينات ناهيك عن عدم وجود اى تكلفة اجتماعية لما يسمى بالخارجيات
.externalitiesكما لم تستثنى الجمعيات الهلية والمجتمع المدنى من هذا الهتمام لضمان
بيئة اكثر استمرارية والعيش على فوائد البيئة وليس على راس المال ،فضل عن ان الهتمام
بالبيئة اصبح اداة للوصول الى الراى العام الوروبى والغربى .والواقع ان السياسة البيئية
السليمة يجب ان تعمل على خفض التلوث الى اقصى حد باقل نفقة ممكنة ،ال ان الوصول
بالتلوث الى نقطة "صفر" قد يكون مستحيل عمليا ،كما انه غير مطلوب اقتصاديا لنه يكون
على حساب النتاج " بالنخفاض ،ولكن المطلوب تخفيض التلوث الى نطاق المقدرة التمثيلية
الطبيعية للبيئة.
والواقع ان اقتصاديات السوق لتستعمل الموارد بالطريقة التى تحقق القيمة الكثر .ولو ان
السعار تعكس التكاليف الجتماعية ،فانه سيتم استخدام المقادير المرغوبة اجتماعيا من العمل
وراس المال والموارد الخرى .وفى هذه الظروف ليست هناك مشكلة .ال ان المشكلة تظهر
لن السعار لتعكس التكاليف الجتماعية ،اى ان التكاليف الخاصة لتساوى التكلفة
الجتماعية .مثلما يحدث مثل عند استهلك الماء والهواء ،فهناك افراد ومؤسسات يستطيعون
استعمالهما دون دفع التكاليف .وفى هذه الحالة تختلف التكاليف الخاصة لستعمال الماء
والهواء عن التكاليف الجتماعية .حيث ان السعر الذى دفعه مستعمل الماء والهواء اقل من
التكلفة الحقيقية بالنسبة للمجتمع .واذا كان السترشاد من قبل متخذى القرار بالتكاليف
الخاصة عند اتخاذ قراراتهم ,اى بالسعار التى يدفعونها فعل ,لذلك فانهم سيستعملون كثيرا
من هذه الموارد من وجهة نظر المجتمع .ونفس الوضع اذا قام مصنع ما بطرح نفايات مؤذية
بالبيئة الخارجية بما يضر المحيطين به ،او يلوث الهواء .وليدفع عن هذا اية تكاليف او
تعويضات .وتلك النشاطات المسببة للتلوث تمثل الداء السىء لنظام السوق .وهذا ما يسمى
بفشل السوق ،اى عدم قدرة نظام السوق على عكس اواستيعاب التكلفة الحقيقية للموارد وهى
التكلفة الخاصة بالضافة الى التكلفة الجتماعية .هذا على الصعيد المحلى،أما على الصعيد
العالمى فان الدول الغنية استباحت الموارد الطبيعية للدول النامية وحولتها لملجئ بيئية
وحولوا تربتها الى مقابر للنفايات الصلبة والسامة ،ولقد عمقت الدبيات القتصادية
والممارسات السياسية هذه المفاهيم لفترات طويلة عبر التاريخ النسانى.
فالتلوث البيئى يعد اثرا خارجيا سلبيا لن الضرار التى تنتج عنه ل تدخل فى حسابات السوق
حيث ليوجد الى جانب بند الجور او بند المواد الولية بند محاسبى اخر اخر عنوانه الضرار
الناجمة عن التلوث او تعويضات عن الضرار الناجمة عن التلوث.
ولقد ساهم الفكر القتصادى المعاصر فى ظهور الدراسات فى اطار برجماتى وفى اطار معطيات
نقدية بعيدة عن الهموم الكونية فقط ،بحيث اصبحت العلقة بين القتصاد والبيئة تنعكس فى
السعى نحو بلورة نظرية " للدارة القتصادية الرشيدة للبيئة " او " الستغلل المثل للموارد
البيئية " والتى تمثل وعاء الحضارة.
وحيث ان العلقة بين علمى القتصاد والخلق ليست وثيقة ،اضحى القتصاديون يقبلون نوعا
من تدهور البيئة ولكن تدهور يمكن التحكم فيه ,ولم يصبح الهدف هو كيف نقضى على التلوث
) المستحيل اقتصاديا و عمليا( ولكن اصبح هو كيفية التعامل مع هذا التلوث والى اى مدى
يمكن ان نقبل التلوث وكميته وباى ثمن .وعليه اصبح التعامل مع قضية التلوث لتنبنى على
اسس اخلقية ولكن على اسس اقتصادية ،وحيث انه يستحيل الوصول بالتلوث الى صفر ,
حيث تزيد تكلفة النتاج او يتوقف المشروع تماما عن العمل ,اصبح الهدف هو ترشيد هذا
التلوث والوصول به الى ادنى خطورة على النسان والحيوان والنبات وهو ما يسمى بالكفاءة
البيئية . ENVIRONMENTAL – MANAGEMENT EFFECIENCY
وشهدنا بالفعل تطور فى اداء النظرية القتصادية لتعكس هذا الفهم ,فالطبيعة لتسمح بتدمير
المادة MATTERوان طرق التخلص من المخلفات غير المرغوبة تتجه اساسا الى البيئة
وبصفة خاصة مجارى المياه والطبقات السفلى من الهواء ,ويتجلى هذا فى عوامل النتاج التى
تستخدم لنتاج سلعة معينة ,نجدها لتتحول كلها الى سلع نهائية بل لبد من ظهور مخلفات تنتج
من عملية النتاج ,كما ان المخلفات تظهر من عملية الستهلك ,حيث ل يتصور وجود
استهلك او افناء للسلعة بالمعنى المادى للكلمة ,بحيث لتختفى السلعة بالستعمال ,فقد تختفى
السلعة بخصائص معينة ل تؤهلها لستخدام معين ,ولكن يتولد عنها بقايا ومخلفات بخصائص
اخرى قد تكون اكثر ضررا بالبيئة وهذه المخلفات يتعين التفكير فيها ,وهو ما تسعى اليه النظم
القتصادية الحديثة ,فى شكل اعادة استخدامه او التخلص منه فى البيئة المحيطة ,وايضا توسيع
دائرة الفكر والبداع والستخدام التكنولوجى الذى يوسع بدوره القدرة الستيعابية للبيئة .فمثل
السيارة ل تفنى بالستخدام .فقد تتهالك وتنعدم صلحيتها وفق الخصائص الميكانيكية ,ولكن تبقى
اجزائها ويتعين اعادة استخدامها او اتاحة الفرصة للتخلص منها على نحو ل يضر بالبيئة وهكذا
كافة السلع حتى تصل للسلع الستهلكية والمعلبات .فوفقا لقانون حفظ المواد فان اى زيادة فى
الطاقة النتاجية للسلع لبد وان يصاحبها زيادة مماثلة فى حجم المخلفات والبقايا التى ينبغى
تصريفها فى الوسط البيئى وان حجم الخطورة يتوقف على حجم تلك المخلفات ونوعيتها
والماكن الملقاه فيها وعدد السكان والمقدرة الستيعابية للبيئة المحيطة والمقدرة المالية والفكرية
والبداعية والتصنيعية والتكنولوجية .وهذا يعنى ان الفكر القتصادى الحديث اصبح ليقتصر
على التقسيم التقليدى ) النتاج-الستهلك( اضافة الى التوزيع ,ولكنه يندرج فى منظومة جديدة
اكثر تعقيدا تربط مابين النتاج والستهلك والتوزيع والمخلفات ,,ووفقا لقوانين الطبيعة والمادة
فان قانون المادة يعنى ان المادة لتفنى ولتخلق من عدم ,وجدير بعلم كالقتصاد ,وهو علم
تجريدى وواقعى ومادى ,ان يعى هذا وان تدخل المخلفات ضمن ادارته ,حيث يمكن التعامل
معها كمورد اقتصادى ينبغى ,اما التعامل معها لتقليل الخطورة على البيئة ,واما الستفادة منها
كمورد جديد حيث ليعد الستهلك افناء للسلع.
وترتبط التنمية بالبيئة من خلل زوايا متعددة وهى ان تحقيق التنمية رهن لتحقيق التوازن
الطبيعى للعناصر والموارد الطبيعية .ان تحقيق التنمية من حيث ارتباطها بالبيئة رهن بوجود ما
يسمى بالقدرات المتميزة فى الدولة والتى تستطيع ان تحقق هذا التوازن فى اشارة الى مسئولية
المنظومة الجتماعية او المجال الجتماعى تجاه ادارة التنمية.ان المعيار لتحقيق هذه التنمية او
تحقيق التوازن البيئى هو عدم وجود فجوة بيولوجية بين العمليات الطبيعية والبيولوجية لبناء
الموارد من ناحية وانشطة هدم النسان من ناحية اخرى .اما الرابع والخير ،ان التنمية فى
التطور البيئى لتتم بمعزل عن السياسات القليمية والدولية والعالمية للمحافظة على التوازن
البيئى .للل لل للللل للللللل للللل لل للللل
للللللل لل للللل لل للللللل للللل لل
لللللل للللللللل لللل لل للللللل للللل
للللللللل لللللللل لل لللللللل للل
للللللل لللللللل لللللل للللللل لللللل.
أما عن العتماد المتبادل بين البيئة والقتصاد .فان هذا العتماد اصبح حقيقة واقعة واخذه فى
النمو ,رغم ان التوجه القتصادى الغالب لمجتمعاتنا سواء فى البلدان المتقدمة او البلدان النامية
هو توجه للجل القصير دون الجل الطويل وتكون النتيجة ان احتياجات الجل الطويل ل تؤخذ
فى الحسبان فى حين ان الجل القصير يقوم على نظرة قصيرة الجل ومن ثم فان التقديرات
القتصادية واطر التقييم القتصادى تميل الى تجاهل حقيقة العتماد المتبادل فى الجل الطويل
فضل عن ان الجهزة القتصادية المركزية والوزارات مازالت غير مدرجة بدرجة كافية لحقيقة
العتماد المتبادل بين البيئة والفتصاد.
بممل ان البعممد الممبيئى مممازال ليممدخل ضمممن مممايعرف ببرامممج الصمملح القتصممادى او ممماتعرفه
المنظمات الدولية ببرامج التكيف الهيكلى structural adjustmentوالذى تعتبره شرطا لتجدد
النمممو القتصممادى ،والممذى يرتبممط بالتوجهممات السياسممية اكممثر مممن ارتبمماطه بتوجهممات القتصمماد
الجتماعى .وهذا يعنى انه لم يعد من المقبول النظر الى الفكممر القتصممادى التقليممدى الممذى يحتممل
موقع الصدارة فى تخصيص الموارد والعمل والتمويل والضممرائب وفممى تحديممد النتمماج والممثروة
وتوزيعها واستهلكها ولتوجيه القرارات الخاصة بكل ناحية بهمما ,ولن قمموانينه اصممبحت واسممعة
النتشار اصبحنا ننظر اليها كامر مسلم به الى حد كبير .ال انه فممى ظممل تممدهور الممموارد البيئيممة
واستنزاف راس المال البيئى فان هذا النظممام القتصممادى فممى ظممل هممذا الفكممر يعممد كفيممف البصممر
جزئيا.حيث يرى بعض الشياء وليرى البعض الخر فيتجاهل هممذا النظممام قيممما ضممرورية مثممل
قيمة الماء العذب والهواء النظيف والغابات والجبال والراضممى الخصممبة وكلهما تمدفع الممى اتخماذ
قرارات غير رشيدة فيما يتعلق بالبيئة العالمية.
ومن هنا كان الهتمام بالقتصاد الجتماعى والهتمام بالبعد القتصادى فممى قضممية الممبيئة والبعممد
البيئى فممى التحليممل القتصممادى والهتمممام بدراسمة نظريممات وقموانين اقتصمادية تعمممل فممى اطمار
التوازن البيئى .
اما عن الطبيعة القتصادية للمشكلة البيئية فيمكن تحديدها من خلل ثلث دوال
الولى ما يعرف بدالة الضرار البيئية وهى تشمل النفقات والتكاليف الى لحقت بعناصر النظممام
البيئى مممن جممراء تممدهور الوضمماع البيئيممة وحممدوث التلمموث مثممل الخسممائر الممتى تلحممق بالصممحة
النسانية وما ينجم عنها مممن تغيممب عممن العمممل وانخفمماض فممى مسممتوى النتاجيممة والخسممائر فممى
خصوبة الرض وانتاجيتها وفى الثروة السمكية والمائية والسياحة.
الثانية فهى دالة العلج وتشمل النفقات الممتى يتحملهمما المجتمممع ومؤسسمماته القتصممادية لمعالجممة
وازالة بعض اثار التلوث ان امكن ذلك ,كمما تشممل همذه الدالمة نفقمات غيمر مباشمرة مثمل نفقمات
العلج والدواء واصلح ما اصاب الرض من دمممار وكلهمما لهمما تمماثير علممى نفقممة النتمماج وعلممى
اثمان المنتجات مما ينعكس على التجارة الدولية للدول سواء كانت صادرات او واردات.
اما الدالة الثالثة فتشمل دالة النفقات الوقائية وهممى تلممك النفقممات الممتى تتحملهمما الدولممة وعناصممرها
القتصادية من اجل منع حدوث التلوث او جعله فى حدود مقبوله بيئيا لستحالة جعلممه صممفرا مممن
الناحية العملية مابقيت النشطة النسانية.
والواقع ان التحليلت القتصادية لقضية البيئة ظهرت فى الدول النامية مممن عممدة مممداخل تنمموعت
مابين المدخل الصحى)مياه ملوثه وعدم وجود صممرف صممحى( مممرورا بممالفقر والتلمموث بممانواعه
المحتلفة والذى يؤثر على النتاج فيما يسمى بالمدخل النتاجى ،ثم المدخل الجتماعى الذى يجمع
مابين الثنين والهتمام بمشروعات تطهيممر الهممواء والمجممارى ثممم انتقلممت الدراسممات البيئيممة الممى
تقدير العائد من تطهير البيئة –العائد التقديرى-حيث انه اعتبر مساويا للضرار التى سممتحدث لممو
لم يتم التطهير .وحينما تكممون التكلفممة الحديممة اعلممى مممن العممائد الحممدى بالنسممبة لمكونممات التلمموث
المختلفة كل على حده ,ليصمبح ممن المفيممد اقتصمماديا متابعمة الرتفمماع بالتكلفمة لتخفيممض درجمة
التلوث الى ابعد من وضع الموازنة .
وعلممى ايممة حممال فممأنه خلل عقممدى السممبعينات والثمانينممات مممن هممذا القممرن تركممزت المناقشممات
القتصادية حول افضل النماذج القتصادية معالجة لقضية البيئة وتحددت عموما فى اربعة نماذج
هى -:
النموذج الول :ويركز على رفع المستوى الكلى للنتاج وعلى انماط توزيع الدخل ويهتممم بممراس
المممال لجممذب السممتثمارات ويعتمممد هممذا النممموذج علممى قممدرة نظممام السمموق والتكنولوجيمما علممى
امتصاص التلوث وتحقيق التكيف البيئى والكفاءة فى استغلل الموارد الطبيعية .
النمموذج الثمانى:يتشمابه ممع الول ولكنمه يمدعو المى تموفير نموع ممن السميطرة الجتماعيمة علمى
القتصاد والتركيز على عنصر العمل وزيادة معدلت النمو القتصادى كاسمماس لحممل المشممكلت
الجتماعية والبيئية ولكنه ل يقدم بدائل لحل المشكلت المتعلقة بالموارد الطبيعية.
النموذج الثالث :حيث يركز هذا النموذج على مراقبة التلوث ونفاد الموارد علممى اعتبممار ان راس
المال والعمل وحدهم ليسوا العوامل الحاسمة فى النتماج بمل هنماك المموارد والطاقمة وينظمر المى
التنمية من خلل خفض الحتياجات المتزايدة والمفرطة للسكان من النتاج ومحاولة تثبيت اعممداد
السكان او حتى تقليلها لمواجهة الحلقة المفرغة ) السكان-الفقر-الممبيئة( والتمموازن فممى كثافممة راس
المال واختيار تكنولوجيات متقدمة تزيد من رصيد الموارد الطبيعية واجراء تعديلت فممى السمموق
بحيث تتصمن السعار الخسائر البيئية الحقيقية مع وجود تدابير تنظيمية لمنممع المؤسسممات العامممة
والخاصة على حد سواء من تدمير الموارد .
كما يشكك هذا النموذج فى قدرات التكنولوجيا وحدها على تحقيممق الزيممادة المسممتمرة فممى النتمماج
وتلبية الحتياجات المتزايدة للسكان.
النممموذج الرابممع :ويعتممبر هممذا النممموذج التنميممة والتقممدم ناتجممان عممن العتممماد علممى النفممس ,و
التكنولوجيات المناسبة هى تلك التى تستخدم ادوات يمكن صنعها وصيانتها على المستوى المحلى
والعمالة التى لها المام بالتكنولوجيا على نمط فرق السلم ,والقروض الصغيرة جممدا هممى الطممار
الداعم لتوجيه المؤسسات القتصادية ونظام حوافز السموق همى افضمل الدوات لتحفيمز النشمطة
القتصادية على الستمرار فى اللتزام بمعممايير الجممودة البيئيممة وتحسممين الكفمماءة القصممادية مممن
خلل التكنولوجيا وراس المال والعمالة وان البيئة هى اطار مادى عامل فاعل وليس مادى ساكن
قضايا ومشكلت البيئة ودورها فى اعاقة عملية التنمية .
مشكلت البيئة لتحترم الحدود السياسة ,وهى دولية بطبيعتها .ومع ذلك مممازال هنمماك مشممكلت
بيئية تعد ممن مشمكلت العمالم المتقمدم ولكنهما تمؤثر علمى العمالم النمامى بحكمم طبيعمة المشمكلت
البيئية ,وهناك مشكلت خاصة بالعالم النامى فقط ولكنها يوما ستؤثر على العالم باثرة .
ومن المشكلت التى يمكن ان نطلق عليها انها مشتركة مشكلة مثل ارتفاع درجة الحرارة التى
تنجم من ممارسة النشطة البشرية التى ضاعفت من تركيز الغازات التى ادت بدورها الى رفع
درجة الحرارة ,وهناك مشكلة تاكل طبقة الوزون التى تعمل كدرع واق للرض من اشعة
الشمس فوق البنفسجية الضارة ,ولوحظ انخفاض هذه الطبقة الكونية وان السبب الرئيسى وراء
هذه النشطة النسانية تزايد تركيز ذرات الكلورين والبرومين وغاز الهالونز
والكلوروفلوركاربون ,وهذه المشكلة كونية ولها تاثيرات ضارة فى شكل انتشار مرض سرطان
الجلد وضعف مناعة الجسم وازدياد المراض الطفيلية مثل الدفتيريا والسل لعدم فاعلية
لمضادات الحيوية وهذه المراض تؤثر على النواحى القتصادية والجتماعية للبلدان النامية
والحقيقة ان الدول النامية تعد متلقية لتلك المشكلة واثارها وليست مسببة لها ,ومشكلة انقراض او
فقدان فصائل الحياء المتعددة بسبب فقدانها لما تعتمد عليه فى معيشتها الطبيعية .والفصائل
والحياء المتنوعة لها منافع عدة للنسان لنها مصدر جديد للمكونات الوراثية الى تساهم فى
تحسين السللت وتطوير تكنولوجيا الحياء حيث ان نصف الدوية المستخدمة تستخرج من
الفصائل البرية .كما ان هناك مشكلة تلوث الغلف الجوى للنبعاثات الكبرى التى تنطلق فى
الهواء والذى يؤثر بشكل كبير على صحة البشر والغطاء النباتى وانتشار امراض النسداد
الرئوى المزمن والسرطان النفى البلعومى والتهاب الشعب واللتهابات الرئوية الحادة فضل عن
الثار القتصادية والجتماعية الخرى.اما عن القضايا والمشكلت البيئية التى تخص الدول
النامية خاصة الفريقية منها فهناك الجفاف والتصحر حيث القارة الفريقية تستحوذ على مايزيد
عن %45من صحراء العالم واكثر من %50من اراضيها تغطيها الصحراء الحارة او
المتصحرة بسبب الجفاف وهى لتنال ال قدرا ضئيل من المطار السنوية ,ولذلك فان موسم
المحاصيل السنوية الزراعية قصير واصبح الجفاف هو العامل الرئيسى فى تحديد %44من
الزراعة التى تعتمد على المطار )الزراعة الموسمية( .وتزداد خطورة المشكلة مع ازدياد
معدلت التبخر عن معدلت المطار فى معظم دول افريقيا والتى تعد كمية المياه فيها قليلة جدا
مقارنة بالقارات الخرى.اما الوطن العربى بمساحته الكبيرة )3ر 14كم مربع( وابعاده الشاسعه
وبحكم وقوع معظم اراضيه فى المنطقتين الجافه وشبه الجافه ,يعانى من ظاهرة التصحر
بمختلف انواعه واشكاله ,ويلحظ ان الكثير من موارده قد تعرضت منذ ابد بعيد للستنزاف
الجائر مما ادى الى تدهورها وبروز مشكلة التصحر فيه على شكل تدنى او فقد القدرات النتاجية
للنظم الزراعية.
والجنين الشرعى للتصحر هو الجفاف والنتيجة الحتمية للجفاف هو انحباس المطر وقلته عن
المعتاد فتنخفض الرطوبة الممثلة فى ماء المطر وانخفاض الرطوبة يترك اثاره على البيئة
الطبيعية والسكان الذين يعيشون فى نطاق هذه البيئة وتصعب حياتهم ,ولقد امتد الجفاف ليشمل
شرايين الحياة وهى النهار وكثير من مناهل الحياة التى يتجمع حولها السكان الرحل وتاثرت به
النهار الموسمية والودية ,وظهرهذا التاثير فى النهار الكبرى التى تقطع السنغال والنيجر
وكذلك الوضع فى بحيرة تشاد .كما ان هناك مشكلة ازالة الغابات ,تلك الغابات التى تعد من اهم
الممتلكات الطبيعية للدول النامية ,لنها تحمى الرض من التاكل وهى محل اقامة المليين من
فصائل النباتات والحيوانات وتساعد على اعتدال المناخ لنها العامل الرئيسى فى عملية تبادل
الكربون فى الجو وهى اكبر بالوعة بعد المحيطات لمتصاص الكربون .
ولقد بلغت نسبة ازالة الغابات الستوائية من عام 1976مثل الى عام 1980حوالى مليون
هكتار سنويا ,اما السباب وراء ذلك فتتمثل فى تحويل الغابات الى اراضى زراعية او الى
مراعى كما فى امريكا اللتينية وافريقيا ,كما يشكل قطع الخشاب للستعمال التجارى عامل
رئيسيا اخر يتسبب فى فقد الغابات فى افريقيا ومشكلة تاكل الرض ,حيث ان درجة العتماد
تكون مباشرة وقوية على الموارد الطبيعية لتوفير الطعام والعمل والدخل ,وعموما فان عملية
تاكل الرض له اشكال عديدة منها تعرية التربة والتاكل الطبيعى والكيماوى والبيولوجى
والملوحة والتلوث وجميعها تؤدى الى نقص خصوبة التربة وقدرتها النتاجية ,اما عن اسباب
تفشى هذه الظاهرة فيرجع لعوامل عديدة منها فقد الطبقة النتاجية العليا بسبب التعرية الناجمة
عن حركة التربة من مكانها بسبب الرياح او المطار او الجاذبية ,كما تنتشر عملية تاكل التربة
فى المناطق الرطبة بسبب الماء فى الماكن التى يكثر فيها المطار والعواصف الرعدية وكثيرا
ما يظهر التاكل بسبب الرياح فى المناطق الجافة فى العديد من الدول الفريقية لن الرياح
تعصف ببعض مكونات التربة مثل الطمى والطين مما ينتج عنه غالبا فقدان طبقة التربة التى
تساعد على الزراعة وكلها تخفض من خصوبة التربة .وعلوة على كل ذلك هناك مشكلت بيئية
تواجه العالم النامى ولكنها تتعلق بالهيكل الجتماعى والسياسى والقتصادى .وعلى راسها ظاهرة
التحضر ,حيث تشهد الدول النامية موجه من التحضر السريعة الغير مدروسة وغير المخططة
فتؤدى بدورها الى نمو سريع فى المدن دون اعداد كاف لهذا المر الذى يؤدى الى انتشار
العشوائيات الحضرية وظهور مشاكل بيئية تتمثل فى ظهور مشاكل صحية وفقر وبطالة وغيرها
من مشكلت مياه الشرب والصرف الصحى والتلوث وكلها تهدد مسيرة التنمية بل والوجود
النسانى ذاته .ومشكلة الفقر حيث تذكر هيئة BRUNDLANDان الفقر هو احد السباب
الرئيسية لمشكلت البيئة العالمية مثلما كان احد نتائجها .لذلك فمن غير المجدى القيام بمحاولة
تناول مشكلت البيئة العالمية دون وضع منظور اوسع يشمل العوامل المسببة للفقر والتفاوت فى
العالم ,خاصة وان اهمال وضع مثل هذا المنظور يؤدى الى المزيد من التدهور البيئى لن
الفقراء مجبرون على اختيار الفائدة المضمونة على المدى القصير على حساب الجل الطويل.
وفى هذا الطار يحضرنا تعريف روبرت مكنمارا الرئيس السابق للبنك الدولى للفقر ،حيث يرى
انه " ظرف من الحياة محدود جدا بفعل سوء التغذية والمية والمرض والبيئة المتدهورة
ومعدلت وفيات الرضع المرتفعة ومتوسط عمرمتوقع منخفض .وهذا يبين ان الفقر ليس مجرد
حالة اقتصادية ولكنه يجب ان يطرح فى كافة القضايا القتصادية والبيئية والجتماعية
والسياسية.
ويقدر برنامج المم المتحدة للبيئة ان عدد الفقراء فى البلدان النامية سيقدر بنحو 5ر 1مليار نسمة
بحلول عام . 2025ليس هذا فقط ,بل ان هناك تفاوتمما شممديدا داخممل البلممدان الناميممة ,كممما يمموزع
عبء الفقر بشكل غير متساوى فيما بين اقاليم العالم النامى .ويعيش نصف فقراء العالم تقريبا فى
جنوب اسيا ,غير ان هناك تركيزا للفقر فى افريقيا.
ومع تعثر البلدان النامية تحممت وطمماة القتصمماد العممالمى القاسممى ,اتبممع كممثير مممن البلممدان الناميممة
مايسمى بسياسمميات التكيممف الهيكلممى واتخممذت هممذه السياسممات عممادة شممكل كبممح CURBالطلممب
وخفض قيمة العملة DEVALUATIONوالغاء الدعم على الوقود والمممواد الغذائيممة الساسممية
والخفض الحاد فى النفاق الحكومى .وقد اظهرت الدراسة التى قممام بهمما صممندوق المممم المتحممدة
للطفولةانه فى 37بلد فقير انخفض النفاق على المممدارس بحمموالى %25فممى الثمانينممات وزادت
الصابة بسوء التغذية .ولعممل المشممكلة الساسممية فممى برامممج التكيممف الهيكلممى هممى انهمما ل تممولى
اهتمامها بالفقراء ال فيما ندر وبالتالى تزيد عمليات التدهور البيئى ,وتشير الدلة المتراكمممة الممى
ان كثيرا من تدابير التكيف الهيكلى اضرت بالفقراء على نحو كبير .وتلممك المشممكلت فممى الواقممع
القتصممادى تزيممد مممن التممدهور الممبيئى ENVIRONMENTAL DETERIORATION
وهذا يعنى ان الفقر يعد من اكبر المخاطر على البيئة وقد تلجا بلدان نامية الى خيممارات قممد تممؤدى
الممى تممردى المبيئة بسممبب الضممرورة النيممة للبقماء .وهكممذا يعمممل كممل ممن الحرممان القتصمادى
والتردى البيئى على تعزيز كل منهما الخر لستمرار العمموز فممى كممثير مممن البلممدان الناميممة .ثممم
هنمماك مشممكلة انظمممة الحكممم والسياسممة لهمما دور لينكممر فممى ادارة الممموارد وتشممكيل الهياكممل
والمؤسسات القتصادية والجتماعية وسن القوانين والتشممريعات ووضممع نظممم حيممازة الراضممى
والتشريعات العمالية وبرامج المن الجتماعى والجراءات الدارية ووضع نظام التعليممم وشممكل
الممارسات الحكومية ذاتها كل هذا له دور فى تشكيل سلوكيات البشر التى هى عامل جوهرى فى
التاثير على البيئة .كما ان الممارسات السياسية POLICIESتؤثر على البيئة والنظام البيئى من
خلل توجيه المنح والمساعدات او بالسماح بدفن النفايات وغيرها .ثم تاتى قضية السكان لما لهمما
من تاثيرات عديدة على البيئة من عشوائيات ومايصاحبها من مشمماكل عديممدة .والزراعممة ,فهمى
تتاثر بالبيئة من خلل تاكل الرض والتجريف والتصحر والجفاف وازالة الغابات ,كما انها ذاتها
تؤثر فى البيئة ,فالزراعة مسئولة عن تسرب ما يساوى %13مممن غممازات الصمموبات الزراعيممة
وايضا عملية مكافحة الديدان والحشرات والعشاب والتى هى مممن اهممم مصممادر تصمماعد غممازى
ثانى اكسيد الكربون والميثان والذى يصدر من حقول الرز المغمورة بالماء وعدم تعرض التربة
للكسجين ومن خلله ينتقل التخمر المعوى الى البقر والغنام ,كما تتسرب الغممازات مثممل اكسمميد
النترات نتيجة تنظيف الرض لغراض الزراعة من خلل حرق الغابات واسممتخدام المخصممبات
النيتروجينية واستخدام وقود الحفريات .
ومع هذا فان العالم المتقدم مازال متخاذل فى تقديم المساعدات الفعالة للدول النامية .فلقد اثبتت
الدراسات ان حجم المساعدات الخارجية فى حاجة لن تزيد الى 100-40بليون دولر سنويا .
ولقد تعهدت الدول الصناعية الكبرى فى مؤتمر مونتيرى عام 2002بان اول زيادة فى حجم
المساعدات ستكون بنحو 16بليون دولر بحلول عام . 2016وان تساهم المساعدات فى عمل
ثورة خضراء وان تذهب للدول التى تسعى للتغيير والمشاركة الشعبية والشفافية والحكم الرشيد
والمسئولية وتبنى سياسات السوق وسيادة القانون والحد من الفساد والعمل على رفع مستوى
التنمية البشرية وتشجيع الدارة المحلية واللمركزية وتشجيع مؤسسات العمل المدنى ,ومن هنا
يجب اطلق الحرية فى اطار نظم مؤسسية جديدة للمؤسسات المدنية والهلية خاصة التى تعمل
فى مجال حماية البيئة وتحسين نظم النتاج لجذب المزيد من المساعدات فى هذا التجاه ,فى ظل
القيود التى اصبحت تمارس محليا من خلل القوانين المفروضة على عمل تلك الجمعيات ,او من
خلل القيود الدولية والتى ظهرت بدافع حماية المن ومكافحة الرهاب والتى قلصت من هامش
حركة تلك الجمعيات او لحكام السيطرة على حركتها وادارتها لهداف معينة ,واحيانا تكون
تحت مسمى حماية البيئة ,ولذا فان الشفافية امرا لبد منه بين الدولة وبين المحكومين حتى تعمل
تلك المؤسسات فى اطار من العلنية .
واشار مؤتمر مونتيرى الى ان غياب التنسيق ما بين الدول المانحة قد يسبب مشكلت لولويات
الدول المتلقية ,وان هذا التنسيق ضرورى ل نجاز اهداف اللفية .مع ضرورة تنفيذ تعهداتها
تجاه الدول المتلقية.
ولعل هذا ما حذا بجدول اعمال القرن 21بالحث على اتخاذ بعض التدابير لمكافحة تدهور
الراضى ومنها .
أى ان الهتمام بالبعاد البيئية هو اهتمام بالتنمية القتصادية والجتماعية والسياسية ،وعليه فان
تداول المشاكل البيئية لبد وان يكون جامعا وان تراعى فيه اجندة الدول النامية سواء بالنسبة
للنبعاثات الكربونية او قضية نقل التكنولوجيا النظيفة وليست قضية التكنولوجيا التقليدية وزيادة
كفاءة وترشيد استخدام مصادر الطاقة واليات تمويل برامج التكيف وبناء القدرات الوطنية بما
يتماشى مع قضايا البيئية المختلفة واعطاء مشكلت الفقر والتصحر والوبئة اولويات خاصة
لمكافحتها وتقليص حدتها.وكذلك التاكيد على وعود الدول المتقدمة فى تقديم المساعدات الفعالة
ومساعدة الدول النامية على تفعيل اهداف اللفية .ان مؤتمر كوبنهاجن متعدد الطراف الذى
سيعقد فى منتصف ديسمبر 2009للنظر فى بديل لبروتوكول كيوتو والذى سينتهى فى 2012
سيعكف من خلل الدول المتقدمة والصراع فيما بينها على تحويل واختزال القضية البيئية فى
النبعاثات الكربونية والتغير المناخى وهو على اهميته ،ل تقتصر القضايا البيئية على هذا فقط
وان التغير المناخى سياهم فيه ابعادا متعددة-وليست النبعاثات الكربونية فقك -تكمن معظمها فى
الدول النامية وهى قنبلة موقوتة تهدد الرض وماعليها .كما ينبغى عدم الوقوع فى فك
المسئوليات المشتركة ،فهى وان كانت لتنكر خاصة فى حالة المشكلت البيئية ال انها متباينة
مابين الدول المتقدمة والدول النامية.