Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الأولى سلسلة محاضرات نوعية لطلاب العلم بمعهد آفاق للبناء العقدي 3
المحاضرة الأولى سلسلة محاضرات نوعية لطلاب العلم بمعهد آفاق للبناء العقدي 3
احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده اهلل فال مضل له ومن
يضلل فال هادي له وأشهد أال إله إال اهلل وحده ال شريك له...وأشهد أن حممدا عبده ورسوله اللهم صل عليه وعلى
آله كما صليت على آل إبراهيم وبارك على حممد وآله كما باركت على آل إبراهيم.
ث فِي ِه ْم َر ُسوال ِّم ْن أَن ُف ِس ِه ْم يَْت لُو َعلَْي ِه ْم آيَاِِِه َويََُِّكي ِه ْم َويُ َعلِّ ُم ُه ُم ِِ
قال اهلل تعالى :ﵟ لََق ْد َم َّن اللَّهُ َعلَى الْ ُم ْؤمن َ
ني إِ ْذ بَ َع َ
ني ﵞ. ض َال ٍل ُّمبِ ٍ ِ ِ الْ ِكتَاب و ِْ
ْمةَ َوإِن َكانُوا من قَ ْب ُل لَفي َ احلك َ َ َ
ِ فاحلمد هلل على نِ ِ
ك َزيَّنَّاعمه واحلمد هلل أن مجعنا على طلب الكتاب واحلكمة وزيّن ذلك لنا وقد قال ِعاىل :ﵟ َك ََٰذل َ
ِ ِ ِ ِ ٍ ِ
اح صدر بطاعة اهلل ل ُك ِّل أ َُّمة َع َملَ ُه ْم ُُثَّ إ َ َٰىل َرِِّّبم َّم ْرجعُ ُه ْم فَيُنَبِّئُ ُهم ِبَا َكانُوا يَ ْع َملُو َنﵞ ألهل اإلميان فر ٌح بإمياهنم وانشر ُ
فرب العاملني يَين اإلميا َن والعمل الصاحل ألهل حمبته ،والشيطا ُن أعظم من فرح أهل الفسوق وسعادهتم ِبا هم عليهُ ،
َٰ ِ
اإلميَا َن َوَزيَّنَهُ ِف قُلُوبِ ُك ْم َوَكَّرَه إِلَْي ُك ُم الْ ُك ْفَر يَين ألِباعه الكفر والفسوق والعصيان قال ِعاىل :ﵟ َولَك َّن اللَّهَ َحبَّ َ
ب إِلَْي ُكم ِْ
ُ
الر ِاش ُدو َن ﵞ. صيَا َن أُوَٰلَئِ َ
ك ُه ُم َّ والْ ُفس َ ِ
وق َوالْع ْ َ ُ
فاحلمد هلل ،الذي َم ّن علينا بطلب الوحي وصرف قلوبنا إىل طلب الفقه ف الدين؛ فلواله ما اهتدينا ،فاللهم ربنا
كما مجعتنا على الفقه ف الوحي وبيانه من سنة نبيك فاجعله ابتغاءَ مرضاِك وف سبيلك واربط على قلوبنا واهدنا
إىل احلق وأشرح صدورنا له وانفعنا به ،واقبضنا إليك غري مفتونني وال جتعلنا ظهريا للمجرمني.
وبعد فأنا واهلل ف سعادة كبرية بلقائي األول بكم أيها الطالب الكرام ِ-بعهد آفاق للبناء العقدي -حول معاين
وسبل حتصيل العلوم واالنتفاع باملعرفة.
إصالح القلب ُ
جامعة /معهد) ِعي أمهيةَ ِلك املعاين وحترص على ِذكري الطالب ِّبا ومتابعتِهم ف ذلك هلم
وأقول :إن إدارَة ( ٍ
على هدى ،وِدرك أن التعليم رسالة وعبادة هلل ِعاىل ليس جمرد وسيلة لنيل شهادة أو احلصول على عمل ،وِدرك
مسؤوليتَها ف إصالح طالِّبا وَِكية نفوسهم وهتيئتهم للحياة الدراسية ،وإن طالبا يفرح ِبثل هذه الدورات ويطلبها هلو
ضيعه اهلل األكرم. ِ
واهلل حقيق إن شاء اهلل بأن يُهدى إىل خري ما ينفعُه ولن يُ َ
1
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
فإن من أخص ما أسعى له مع طالب العلم تطييب نفوسهم لتلقي العلم؛ لذلك كانت هذه السلسة وأرجو أهنا
حببت أن أبدأها بتهيئة املسلم واملسلم
نوعيةٌ ف بناء طالب العلم وِكوينه (إميانيّا وخلقيا ومهاريا ومعرفيا) ،واليت أ ُ
ملشروع الفقه ف الدين =
بصره ِبقاصد الطلب واملعاين اليت جيب أن يستحضرها ومعايري ِقييمه لنفسه وفيه مجلة من تلك المقدمات اليت ُِ ّ
املعوقات اليت مجعتها باستقرائي ألحوال طالب العلم زمالة وِدريسا وكانت سببا ف انقطاعهم عن طلب العلم أو عدم
حتقيق مثرِه اإلميانية أو اخلُلقية أو املعرفية أو املهارية.
وأنا أُحب أن يُضاف على برامج إعداد طالب العلم ف املعاهد واجلامعات واملدارس برنامج لتهيئة الطالب للحياة
يرشد
الدراسة أو يكون كدليل ف يده يعرف مقاصد الطلب وحقوقه وواجباِه وخارطة العلم واملهارات وغري ذلك مما ّ
احلياة الدراسية ال سيما من ميارسون التعلم الذايت ال يتوفر هلم مشايخ خيالطوهنم ويتابعوهنم ويَكوهنم.
حديثي معكم بإذن اهلل تعالى في مقدمة دورات رفع كفاءة طالب العلم في محاور:
األول :ملاذا هذا النوع من احملاضرات.
الثاني :هداية اإلنسان ف العلم ِبا ُخلق له.
الثالث :الوحي هو سبيل اهلدى وأعظم املعارف.
الرابع :الفقه ف الدين أشرف املطالب.
الخامس :هتيئة النفس لالنتفاع باملعرفة.
السادس :ظاهرة قلة الكفاءات العلمة والتعليمية والدعوية واإلصالحية.
السابع :شرح برنامج الدورات.
2
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
ِ
طلب العل ِم مثرَِه ّ
املرجوة. حىت يُعط َي ُ
لدنيا ( ُشهرةٍ ،م ٍال ،منَ ٍلة).
طلب العلم قُربة إىل اهلل ِعاىل وعمال صاحلا؛ ليس وسيلة ُ حىت يكو َن ُ
ومشروع عُ ُم ٍر؛ ليس أمرا ثانويا يُعطى ف َ
ضول األوقات. َ طلب العلم قِيمة مركَية ف حياة الطالب، حىت يكون ُ
جمرد مج ِع معلومات ومعارف. حىت يكون وسيلة إلصالح النفس وإصالح املسلمني؛ وليس ّ
الطلب منهجيا؛ وليس عشوائيا.
ُ حىت يكون
األمني) ف جماله.
(القوي َ
َّ طالب العلم
حىت يكون ُ
عبء وملل إىل م ٍ
تعة وقُرةِ ع ٍ
ني. ليتحوَل الدرس العلمي من ٍ
ّ ُ َ ُ ّ
ومشاركة وِفاعُل. ٍ ٍ
وفهم ُالعلمي من حتفيظ وِلقني إىل ُمدارسة ْ ُ الدرس
ُ ليتحول
ّ
فع ٍال ُم ٍ ٍ ٍ
بدع.
نتج وُم ٍ ليتحول الطالب من ُجمّرد ُمستم ٍع ُمستهلك إىل ُمشا ِرك ّ ّ
(خلُقه ،وذكائه) وقدرِه على (الفهم ِذك ِر الطالب للمعلومة إىل قياس ُ مدى ُّ ليتحول التقييم من جمرد قياس َ
والتحليل والتطبيق واحلفظ والبحث واالستدالل والتقرير ،واإللقاء والعرض والنقد واحملاورة والنقاش والكتابة،
واإلبداع )...
فعاال ف اإلصالح. طالب العلم َدورا ّ
ليُؤدي ُ
وأرجو أن تتحقق تلك الثالثيّة( :القلب السليم ،العقل الحكيم ،والمعرفة الصحيحة))
ويتعاهدين بالتذكري بتلك املعاين
َ ويوجهين
َ بصرين
وكم كنت أُحب أن ينصحين من سبقين إىل طريق الفقه ف الدين ويُ َ
كنت أفرح كثريا بذلك -مع قلة من ينصح ِبثله-وأراه أعظم من جمرد مجع املعلومات واملعارف فإن املعارف إذا مل ِرد
و ُ
يد صاحبَها غري ختسري.على قلب سليم وعقل حكيم فما َِ ُ
3
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
وقد ذكر اهلل أولئك الغافلين وأبطل ظنونهم كما في قوله تعالى:
َ َّ َْ َ ون ( )35أَ ْم َخلَ ُقوا َّ
ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َْ ُ َ َْ ُ ُ
ات َواْل ْرض ۚ بَل ّل يُوق ِنُون ﵞ او ِ الس َم َ ْي َش ٍء أم هم اْلال ِق ِ غ ِن
م واِق ﵟ أم خل
ْ ْ
َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ُ َ َ َ َّ ُ َ َ
َّ َ َ ْ ُ َ ً َّ ُ َ َ ُ َ ﵟ أَفَ َ
اْل ُّق ۖ ّل إِل َٰ َه إِّل ه َو َر ُّب ال َع ْر ِش حسِبْ ُت ْم أن َما خلق َناك ْم ع َبثا َوأنك ْم إَِلْ َنا ّل ت ْر َج ُعون ( )115فتعاَل اَّلل المل ِك
ْ َ
الك ِري ِم ﵞ.
َ َ ََ َٰ َّ َ ُ َّ َ َ َ َ َ ً َ َ َ َ َ َٰ َ ْ ُ َّ ََْ َ ُ ُ ْ َ ً ً ُ َ َ ََْ َ ُ ْ َ ُ َ ُْ
ن يمن ( )37ثم َكن علقة فخلق فسوى ( )38فجعل ى ( )36ألم يك نطفة ِمن م ِ ٍ اْلنسان أن يْتك سد ﵟ أَيسب ِ
َ َ َٰ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ََٰ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َّ ْ َ ْ َّ
نَث ( )39أليْ َس ذَٰل ِك بِقاد ٍِر لَع أن َي ِِي الموتﵞ. اذلك َر َواْل َ َٰ ْي
مِنه الزوج ِ
4
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
ادعوا النبوة كذبا أو زعموا أنهم يأتون بالوحي من أنفسهم:
وعن الذين أقروا بالخالق وكذبوا الوحي أو ّ
َ َ
ُ َ َٰ ُ ً ُ
ورا َوه ًدى اء بِهِ موس ن اب َّاذلِي َج َ نز َل الْك َِت َ
َش ٍء ۗ قُ ْل َم ْن أ َ اَّلل َ َ َٰ
لَع ب َ ََش مِن َ ْ نز َل َّ ُ
اَّلل َح َّق قَ ْدره ِ إذْ قَالُوا َما أ َ
ِ ِ
ﵟ َو َما قَ َد ُروا َّ َ
ٍ
َ َّ ِ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ ً َ ُ ْ ُ َّ َ ْ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َ َ ُ ُ ْ ُ َّ ُ ُ َ ُ
ِ ِه ْماَّلل ۖۖ ث َّم ذ ْره ْم ِف خ ْو ِ ل ِلناس ۖۖ َتعلونه قراطِيس تبدونها وُتفون كثِْيا ۖۖ وعل ِمتم ما لم تعلموا أنتم وّل آباؤكم ۖ ق ِل
ْ َ ْ َ َ َٰ َ َ َ َ ْ َ ُ ُ َ َ ُّ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ َّ ْ ُ َ َٰ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ
ِين يُؤم ُِنون بِاْلخ َِرة ِ يُؤ ِم ُنون يَل َع ُبون ( )91وهذا كِتاب أنزْلاه مبارك مصدِق اذلِي بْي يديهِ وِلِ نذِر أم القرى ومن حولهاۖۚ واذل
َ َ ْ َ ْ َ ُ َّ ْ َ َ َٰ َ َ َّ َ ً َ ْ َ َ ُ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ ُ َ َ ُ ْ َ َ َٰ َ
نزل وح إَِل ولم يوح إَِلهِ َشء ومن قال سأ ِ لَع َصَلت ِ ِه ْم َيَاف ِظون ( )92ومن أظلم مِم ِن افْتى لَع اَّلل ِ كذِبا أو قال أ ِ بِهِ ۖ وهم
َ
ْ َ َ َ َ َّ
نزل اَّللﵞ. مِثل ما أ
ولو بلغ إنسان من متاع الدنيا ما بلغ وعنده واحد من تلك الظنون فهو من شر البرية عند اهلل وهو كاألنعام
يتمتع ويأكل:
َ َّ َ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ ْ َ
ار َمث ًوى ل ُه ْم ﵞ. ﵟ واذلِين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل اْلنعام واْل
َ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ َ ْ ُ ْ َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُّ َ ً
َ
ام ۖۖ بل هم أِل سبِيَلﵞ ﵟ أم َتسب أن أكَثهم يسمعون أو يعقِلون ۚ إِن هم إِّل َكْلنع ِ
لذلك كان أعظم ما يميز عب ًدا من عباد اهلل التفكر في آيات اهلل والعلم بأن لها خالقا يحمد ويشكر ويطلب
الهدى منه وإيمانه باهلل وحكمتِه ِ
وخلقه وأم ِره ورسله ووحيه وجزائه والسعي في طلب ذلك ،فهؤالء عند اهلل هم
خير البرية وال يستون أبدا بأولئك المجرمين:
َ َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ً َ َٰ َ َ ُّ َّ َ َ َ ُ َ َ ْ َّ َ َ
ك َف ُروا م َِن اْلَّار ( )27أ ْم ََنْ َع ُل َّاذلِينَ ﵟ وما خلقنا السماء واْلرض وما بينهما باطَِل ۚ ذل ِك ظن اذلِين كفرواۖۚ فويل ل َِّلِين
ِ
َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ َ َ َ ََّ َّ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ُ َّ َ َ ْ ُ َ ْ ْ آم ُنوا َو َعملُوا َّ َ
ِين ِف اْلر ِض أم َنعل المتقِْي َكلفجارِ ( )28كِتاب أنزْلاه إَِلك مبارك َِلدبروا آياتِهِ و َِلتذكر ات َكل ُمف ِ
سد َ الص ِ َ
اْل ِ ِ
َ ُ
ابﵞ. أولُو ْاْل ْْلَ
ِ
خلق اهلل اإلنسان لعبادته:
وقد َ
ﵟ وما خلقت اجلن واْلنس إّل َلعبدون ﵞ.
5
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
وقد جعل اهلل ِعاىل للعبد سبل ِّبا يعرف اخلري من الشر ويصل ِّبا إىل املعرفة واهلدى منها:
الفطرة:
ْ َ َ َّ َّ َ َ َ َّ َ َ َ
اس عليْ َهاﵞ ﵟف ِطرت اَّللِ ال َِف فطر اْل فإن اهلل ِعاىل فطر عباده على العلم به واالستسالم له واالفتقار إليه قال ِعاىل:
[الروم،]03 :
وهذه الفطرة ميزان يزن به اإلنسان أفعالَه وغيرها ،ويشعر بحكمها:
فإن فَ َع َل ما يوافق فطرَِه مثل( :الصدق ،مساعدة احملتاج ،إكرام الضيف ،وحنو ذلك) شعر براحة وفرح.
وإن فعل ما ال يوافق فطرِه مثل( :الظلم ،والكذب والسرقة ،وحنو ذلك) شعر بأمل وحَن ،وهو معىن قول
ص ْد ِرَك".
اك ِف َ النيب َ " :و ِْ
اإل ُْثُ َما َح َ
لكن تلك الفطرة وإن كانت من سبل المعرفة فالمعرفة بها مجملة ليست تامة وال شاملة وهي قابلة للتَّ غَير
والتَّأثر:
صَرانِِه ،أ َْو ميَُ ِّج َسانِِه". ود إَِّال يولَ ُد علَى ِ
الفطَْرةِ ،فَأَبَ َواهُ يُ َه ِّوَدانِِه أ َْو يُنَ ِّ قال النيب " :ما ِمن مولُ ٍ
ُ َ َ ْ َْ
ِ وف احلديث القدسي قال اهلل ِعاىل" :وإِ ِّين خلَ ْق ِ ِ
اجتَالَْت ُه ْم َع ْن ت عبَادي ُحنَ َفاءَ ُكلَّ ُه ْمَ ،وإِنَّ ُه ْم أََِ ْت ُه ُم الشَّيَاط ُ
ني فَ ْ َ َ ُ
ت َهلُ ْمَ ،وأ ََمَرِْ ُه ْم أَ ْن يُ ْش ِرُكوا ِِب َما َملْ أُنْ َِْل بِِه ُس ْلطَانا". ِِ
ت َعلَْي ِه ْم َما أ ْ
َحلَْل ُ دين ِه ْمَ ،و َحَّرَم ْ
وقال سبحانه ف كتابه العَيَ :ﵟ أَفَ َم ْن ُزيِّ َن لَهُ ُسوءُ َع َملِ ِه فَ َرآهُ َح َسناﵞ
للتغري ،وكذلك فاملعرفة ِّبا ليست ِامة شاملة ،فال يَ ُال اإلنسان حباجة إىل مَيد من سبل العلم. فالفطرةُ قابلة ّ
6
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
وإن كانت تلك الوسائل لإلدراك فإنها تبع للقلب وهو ملكها:
لكن العقل الذي هو من أعمال القلب كأي وسيلة للمعرفة مثل البصر ،والسمع ،وحنوها له جمال حمدود ال يتعداه.
فالعين مثالً :من جماهلا املسموعات ،جماهلا املرئيات ،فالعقل كذلك ليس من جماله الغيبيات ف املاضي واملستقبل وحنو
ذلك مما ال يدركه العقل ،فإن أعمل اإلنسان فكره ف غري موضعه ختبط وحتري كما حصل لكثري من املفكرين والفالسفة
وانتهى ِّبم إىل اإلحلاد.
والعين مهما كانت قوية فإهنا عند بعد معني ال ِرى ،فكذلك العقل له جمال حمدود ،وكذلك فالعقل قد خيطأ الظن
وكذلك فالعقل قد يرى اخلري شرا والشر خريا.
وكذلك فالعقول متفاوِة ف الذكاء والقدرة على املعرفة ،وكذلك فهي ختتلف كثريا؛ هذا يستحسن ما يستقبحهُ
اآلخر ،ويرى اخلري احملض ف شيء يراه اآلخر شرا خالصا ،فألجل ذلك كله (جمال العقل حمدود ،وقد خيطأ ،والعقول
متفاوِة ف القدرة على املعرفة ،وختتلف كثريا).
َّ َ َ ُ ْ َ ُ اء ُه ْم لَ َف َس َ َ َ َّ َ َ ْ َ ُّ َ ْ
ات َواْل ْرض ت السماو ِ د َ وَ ه شر عظيم كما في قوله :ﵟ ولوِ اتبع اْلق أ
الحكم للعقل وحده لحصل ٌ فلو ترك
ْ َ
َو َم ْن فِي ِه َّن بَ ْل أتَيْ َن ُاه ْم بِذِك ِره ِْمﵞ ،فيبقى اإلنسان بني ظ ٍن ف األخبار واِباع لألهواء ف ِصرفاِه؛ لذلك جعل اهلل متام
ْ ْ َ َّ ُ َ َّ َّ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ َ َ ُ
اءه ْم م ِْن َرب ِ ِه ُم ال ُه َدىﵞ االهتداء بالوحي فهو اهلدى والنور قال ِعاىل :ﵟ إِن يتبِعون إِّل الظن وما تهوى اْلنفس ولقد ج
[النجم.]60 :
َ َّ ْ َ ْ َ ُ ْ ْ َْ
حك ُم ُه إَِل اَّللﵞ الم َر ُّد إلى حكمه عند التنازع واالختالف :ﵟ َو َما اخ َتلف ُت ْم فِيهِ مِن َش ٍء ف وأمر سبحانه أن يكون َ
ْ
َ ً َ
اَّلل َو ْاَلَ ْو ِم ْاْلخِر َذل َِك َخ ْْي َوأ ْ
ْ ُ ْ ُ ْ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُّ ُ َ َّ
ح َس ُن تأوِيَلﵞ ِ الر ُسو ِل إِن كن ُت ْم تؤم ُِنون ب ِ ِ
اَّلل ِ َو َّ [الشورى ،]03 :ﵟ فإِن تنازعتم ِف َش ٍء فردوه إَِل
[النساء.]95 :
َ ُ َْ ُ َّ ُ َ ْ َ
اَّلل أعل ُم َحيْث َي َعل رِ َساِلَ ُهﵞ نفوسا وأحسنهم قص ًدا هم رسل اهلل عليهم السالم :ﵟ عقوال وأزكاهم ً وأذكى الناس ً
ُ
[األنعام ،]061 :ﵟ َو َر ُّب َك ََيْل ُق َما ي َ َش ُاء َو َي ْخ َت ُارﵞ [القصص.]26 :
ومع هذا فليس اهتداؤهم من أنفسهم بل بفضل من اهلل وبوحي من اهلل:
َ َ ْ ُ َ ك ْم َو َر ْ ََ
َ ْ َ ْ ُ َّ َ ْ ُ َ َ
ك ْم م ِْن أ َح ٍد أبَ ًداﵞ [النور ،]60 :وقال إبراهيم عليه السالم: ْح ُت ُه َما َزَك مِن قال ِعاىل :ﵟ ولوّل فضل اَّللِ علي
َ َ َ َ َ َ ُ َ َّ َ ْ َ ْ ِ َّ َ َ
ِْيﵞ [األنعام ،]77 :وقال يوسف عليه السالم عنه وعن آباءه :ﵟ َما َكن ْلَا الضال َ ﵟلئ ِ ْن ل ْم َي ْهد ِِِن ر ِّب ْلكونن مِن القوم
َ َ َ َ ََ َّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ ْ َ َ
اسﵞ [يوسف ،]06 :وقال اهلل للنيب حممد :ﵟ َوكذل ِك أ ْو َحيْ َنا َش ٍء ذل ِك م ِْن فض ِل اَّللِ َعليْ َنا َولَع اْلَّ ِ َشك بِاَّلل ِ مِن
أن ن ِ
َ ك ْن َج َعلْ َناهُ نُ ً َ ْ َ ُ ََ ْ َ ُ َ َ
َْ َ ُ ً ْ ْ َ َ ُ ْ َ َْ
ورا َن ْهدِي بِهِ َم ْن ن َش ُاء م ِْن ع َِبادِنَاﵞ [الشورى: يمان َول ِ اْل
إَِلك روحا مِن أم ِرنا ما كنت تدرِي ما الكِتاب وّل ِ
َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َّ َ َّ َ َ ا َ
ج َد َك ِاّل ف َه َدىﵞ [الضحى ،]7 :قال سبحانه :ﵟ َوعل َمك َما ل ْم تك ْن تعل ُم َوَكن فضل اَّللِ ،]96وقال ِعاىل :ﵟ َو َو َ
َ
َعليْ َك َع ِظ ًيماﵞ [النساء ،]000 :وكان النيب يرجتَ ويقول" :اللهم لوال أنت ما اهتدينا" ،بل أمر اهلل نبيه أن
َ ََْ ْ ُ َ ُ ْ ْ َ َ ْ ُ َ َّ َ َ ُّ َ َ َ ْ
وح إ ِ ََّل َر ِّبﵞ [سبأ.]93 : ت فب ِ َما يُ ِ ِإَون اهتدي
ِل لَع نف ِِس ِ يبني ذلك للناس :ﵟقل إِن ِللت فإِنما أ ِ
7
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
َّ ُ ْ َّ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ َ
[الكهف.]003 : ﵟقل إِنما أنا بَش مِثلكم يوح إَِلﵞ ضل األنبياء بالوحي:
وإنما ف ّ
لذلك أرسل اهلل ِعاىل الرسل عليهم السالم وأوحى إليهم ما يهتدون به ويهدون الناس ولتذكري من نسي وِنبيه من
غفل وإقامة احلجة على من جحد وإنذاره وِبصري املؤمنني وِبشريهم ،وإنذار املعرضني والبيان والبالغ والتعليم وبيان
ِفاصيل اإلميان والعمل وإقامة الرباهني ِبا معهم من الوحي الذي هو هدى للناس وبينات من اهلدى والفرقان ،موعظة
نفس عن للقلوب ،وشفاء ملا ف الصدور من مرض أو شك ،ويقني يَيح الشبهات عن القلب ،وِقوى ِّبا ُِنهى األ ُ
اهلوى.
ِ ِ ِ ِ ِ عن املغرية ابن شعبة عن النيب قال" :وَال أَح َد أَح ُّ ِ
ابَ ،وأ َْر َس َل
ك أَنْ َََل الْكتَ َ ب إِلَْيه الْعُ ْذ ُر م ْن اهلل ،م ْن أ ْ
َج ِل َذل َ َ َ َ
ين َوُمْن ِذ ِري َن" البخاري.
الر ُس َل ُمبَ ِّش ِر َ
ُّ
َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ
ِين كف ُروا ل ْوّل ن ِزل عليْهِ الق ْرآن براهين صدقه وعدله :ﵟ وقال اذل فالقران هو الدليل والمدلول يحمل في نفسه ْ َ
ح َس َن َت ْفس ً َ ْ
اْلق َوأ ْ َّ ُ َ َ َ َ َ َّ ْ َ ُ َ ْ ً َ َ َ ُ َ َ
ك ب َم َثل إّل جئْ َن َ ُ ْ َ ً َ َ ً َ َ َٰ َ ُ َ َ
ِْياﵞ اك ب َ
ِ ِ ِ ِ ُجلة واحِدة ۚ كذل ِك ْلِ ثبِت بِهِ فؤادك ۖۖ ورتلناه ترتِيَل وّل يأتون ِ ٍ
8
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
ال" :ما ِمن األَنْبِي ِاء ِمن نَِيب إِالَّ قَ ْد أ ُْع ِطي ِمن اآلي ِ َن رس َ ِ ِ
ات َماَ َ َ ول اللّه قَ َ َ َ َ ْ ٍّ هو أعظم اآليات َع ْن أَبي ه َريْ َرةَ أ َّ َ
َل ،فَأ َْر ُجو أَ ْن أَ ُكو َن أَ ْكثَ َرُه ْم َِابِعا يَ ْوَم الْ ِقيَ َام ِة".
يت َو ْحيا أ َْو َحى اهلل إِ ََّ ِ ِ ِ ِ
مثْ لُهُ َآم َن َعلَْيه الْبَ َش ُرَ ،وإََِّّنَا َكا َن الَّذي أُوِ ُ
فرجا أن يكون اآلية الباقية وهو كذلك وبه الكفاية لكل عاقل :ﵟ َوقَالُوا ل َ ْو َّل أُنز َل َعلَيْه آيَات مِن َّربه ۖ قُ ْل إ َّن َما ْاْليَ ُ
ات ِ ِِ ِ ِ
ْ َ َّ
ِيث َب ْع َد اَّللِ َوآيَاتِهِ يُؤم ُِنونﵞ. د حاْلق ۖ فَبأَي َ
َ ْ َ َ ُ َّ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ
ب ك يلع اوهل تن ِ اَّلل اتآي كِل ت ﵟ ﵞ ْي بمِإَون َما َأنَا نَذِير ُّ
َ َّ َّ
عِند اَّللِ
ٍ ِ ِ ِ ِ ، ِ
وال يتم الهداية به إال ببيان النبي محمد ﵟوأنزْلا إَلك اذلكرﵞ ،وهو ِرمجان عملي للقرآن( :ألست ِقرأ القرآن.
كان خلقه القرآن))
وإذا كان الوحي وبيانه من هدي النبي تبيانا لكل شيء يحتاجه المؤمن فإن أعظم ما جاء بيانه هو اإليمان؛
ََ َ َْ َ َ ُ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ
ان َِلَ ُق َ
وم اْلَّ ُ ََ ْ َ ََ ْ َ َْ
اس ات وأنزْلا معهم الكِتاب وال ِمزي فكتاب اهلل وبيانه بهما يقوم الناس بالقسط :ﵟلقد أ ْر َسلنا ُر ُسلنا بِاْلَيِن ِ
َ َْ ُ َّ َ ْ َّ َّ َ َ
َ ْ َ
ْي يَ َديْهِ َوّل م ِْن خلفِهِ ۖ تزنِيل ِم ْن
َْ
ب ِن
م ِل
ط ااْل ِ ه ِي ت أ ي ّل يز زع
َ
ابِت ك َف ُروا باذل ِْكر ل َ َّما َج َ
اء ُه ْم ۖ ِإَونَّ ُه لَك َ ِين اذل ن إﵟ ، ﵞ ط
ِ
بالْق ْ
س ِ ِ
ِ ِ ِ ِ ِ
َ َ
ِيدﵞ.ِيم ْح ٍحك ٍ
ٍ
فقد أنزل اهلل تعالى على نبيه محمد هذا الكتاب؛ ليكون للناس اهلدى الذي يُعصمون به من الضاللة ،و َ
النور
الذي يضيء هلم ظلمةَ الطريق ،والَ َاد لصالحهم ف دنياهم وجناهتم ف أخراهم؛
ْ َ َ َ َ
ات ليْ َس ِِبارِ ٍج مِن َها كذل ِك
َ ُّ ُ ََُ َ قال ِعاىل :ﵟ أَ َو َم ْن ََك َن َميْ ًتا فَأ َ ْ
ح َييْ َناهُ َو َج َعلْ َنا َ َُل نُ ً
اس ك َم ْن مثل ُه ِف الظل َم ِ ورا َي ْم ِِش بِهِ ِف اْلَّ ِ
َ َ َ ُ َ َُْ َ َْ
ونﵞ [األنعام.]066 : ُزي ِ َن ل ِلَكف ِِرين ما َكنوا يعمل
ْ َ ُ ْ َََْ َْ َْ ُ
ك ْم نُ ً َ َ َ ُّ َ َّ ُ َ ْ َ َ ُ
ورا ُمبِينًاﵞ [النساء،]071 : اءك ْم بُ ْرهان مِن ربِكم وأنزْلا إَِل قال اهلل ِعاىل :ﵟ يا أيها اْلاس قد ج
ُّ ُ ْ َّ ُ َ َّ َ َ ْ َ َ ُ ُ ُ َ َّ َ َّ ُ َْ َ َ ُ
اتالسَل ِم َويُخ ِر ُج ُه ْم م َِن الظل َم ِ اءك ْم م َِن اَّللِ نور َوك َِتاب ُمبِْي * َي ْهدِي بِهِ اَّلل م ِن اتبع رِِوانه سبل وقال ِعاىل :ﵟ قد ج
ِص ٍاط ُم ْس َتقِ ٍيمﵞ [املائدة.]02 ،09 : إ ََل اْلُّور بإذْنِهِ َو َي ْهدِيه ْم إ ََل ِ َ
ِ ِ ِ ِِ ِ
ْ
ُّ ُ َ ُ ً َ َ ْ َ ُ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َ ُّ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ُ َ
ِْي * قل بِفض ِل اءتك ْم َم ْوعِظة م ِْن َربِك ْم َوشِفاء ل َِما ِف الصدورِ وهدى ورْحة ل ِلمؤ ِمن وقال ِعاىل :ﵟيا أيها اْلاس قد ج
َّ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ ْ َّ َ ْ َ ُ َ
ونﵞ [يونس،]96 ،97 : اَّللِ وبِرْحتِهِ فبِذل ِك فليفرحوا هو خْي مِما َيمع
َ ْ َ ُ ََ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َْ ُ ُ ً َ ت تَ ْ ََ َ َ َْ َ َْ َْ َ ُ ً ْ ْ َ َ ُ ْ
َ
ورا ن ْهدِي بِهِ َم ْن كن جعلناه ن ِ ل و انيم اْل
ِ ّلو اب ِت
ك ال ام ي ِ رد َ وقال ِعاىل :ﵟوكذل ِك أوحينا إَِلك روحا مِن أم ِرنا ما كن
ِص ٍاط ُم ْستَقِ ٍيمﵞ [الشورى.]96 : ك َِلَ ْهدِي إ ََل ِ َ َ َ ُ ْ َ َ َّ َ
نشاء مِن عِبادِنا ِإَون
ِ
9
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
10
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
والتمسك به:
ّ والحث على حمله وحفظه
ّ وفي السنن الثابتة عن رسول اهلل في األمر بتعلُّم القرآن
ما هو على الوفاق ملا جاء به كتاب اهلل ِعاىل من ذلك مما يَيد املؤمنني طلبا له ،وِسابقا إىل نيل الدرجات بتحصيله.
((خْي ُرُك ْم َم ْن َِ َعلَّ َم ال ُق ْرآ َن َو َعلَّ َمهُ)) أخرجه البخاري- .وف لفظ" :إن َّيب قَ َالَ : فع ْن عُثْ َما َن بن عفانَ ،ع ِن النِ ِّ َ
أفضلكم".
ب أَ ْن يَ ْغ ُد َو ُك َّل يَ ْوٍمالصف َِّة فَ َق َال(( :أَيُّ ُك ْم ُُِي ُّ
ول اللَّ ِه َ وَْحن ُن ِف ُّ وعن عُ ْقبَةَ بْ ِن َع ِام ٍر قَ َالَ :خَر َج إِلَْي نَا َر ُس ُ
ول اللَّ ِه،ني َك ْوَم َاويْ ِن ِف َغ ِْري إِ ٍُْث َوَال قَ ِط َيع ِة َرِح ٍم؟)) ،قُ ْلنَا :بَلَى يَا َر ُس َ إِ َىل بَطْ َحا َن أ َْو الْ َع ِق ِيق فَيَأِْيت ِمْنهُ بِنَاقَتَ ْ ِ
َ
ب اللَّ ِه َخْي ٌر ِم ْن ني ِمن كِتَا ِ ِِ ِ ُكلُّنا ُِحن ُّ ِ
َح ُد ُك ْم إ َىل الْ َم ْسجد فَيُ َعلِّ ُم أ َْو يَ ْقَرأُ آيَتَ ْ ِ ْ ك ،قَ َال(( :أَفَ َال يَ ْغ ُدو أ َ ب َذل َ َ
اإلبِ ِل)) أخرجه مسلم. ثَ ،وأ َْربَ ٌع َخْي ٌر لَهُ ِم ْن أ َْربَ ٍعَ ،وِم ْن أ َْع َد ِاد ِه َّن ِم َن ِْث خي ر لَه ِمن ثََال ٍ
نيَ ،وثََال ٌ َ ْ ٌ ُ ْ نَاقَتَ ْ ِ
طلب الفقه في الدين من أعظم العمل الصالح ،وأهله خير المنتفعين من رسالة اإلسالم:
(م ْن يُِرِد اللَّهُ بِِه
ولَ : صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ َّيب َت النِ َّ
ِ
عن ُم َعا ِويَةَ بن أِب سفيان رضي اهلل عنهما قالَُ :س ْع ُ
ِّههُ ِف الدِّي ِن) .البخاري ( ،)70ومسلم (.)0307 َخْي را يُ َفق ْ
ِ ِ ِ ِِ
ابَص َ ((مثَ ُل َما بَ َعثَِين اللَّهُ بِه م َن ا ْهلَُدى َوالْع ْل ِمَ ،ك َمثَ ِل الْغَْيث الْ َكث ِري أ َ َّيب ،قَ َالَ : وسىَ ،ع ِن النِ ِّ َ ع ْن أَِِب ُم َ
ت الْ َماءَ، ت ِمْن ها أَج ِادب أَمس َك ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ب الْ َكث َريَ ،وَكانَ ْ َ َ ُ ْ َ أ َْرضا فَ َكا َن مْن َها :نَقيَّةٌ قَبلَت الْ َماءَ ،فَأَنْبَتَت الْ َك َألَ َوالْعُ ْش َ
ِ ِ فَنَ َفع اللَّه ِِّبا النَّاس فَ َش ِربوا وس َقوا وزرعوا وأَصاب ِ
تك َماء َوَال ُِْنبِ ُ ُخَرى إََِّّنَا ه َي ق َيعا ٌن َال متُْ ِس ُ ِ
ت مْن َها طَائ َفة أ ْ َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ ََ ُ َ َ َ ْ
ِ ِ ِ ِ
ك َرأْسا َوَملْ ك َمثَ ُل َم ْن فَ ُقهَ ِف دي ِن اللَّ ِه َونَ َف َعهُ َما بَ َعثَِين اللَّهُ بِِه فَ َعل َم َو َعلَّ َمَ ،وَمثَ ُل َم ْن َملْ يَ ْرفَ ْع بِ َذل َ َك َأل ،فَ َذل َ
ت بِِه)). ِ ِ ِ
يَ ْقبَ ْل ُه َدى اللَّه الَّذي أ ُْرس ْل ُ
11
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
فإن من أدرك عل ِم أحكام اهلل ف كتابه نصا واستدالال ،ووفقه اهلل للقول والعمل ِبا علمه = فاز بالفضيلة ف دينه
ونورت ف قلبه احلكمةُ واستوجب ف الدين موضع اإلمامة. الريَب ّ
ودنياه وانتفت عنه ِّ
املبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها املدميَها علينا مع ِقصرينا ف اإلِيان إىل ما أوجب به من شكره ِّبا
َ فنسأل اهلل
ويوجب يؤدي به عنا حقه اجلاعلَنا ف خري أمة أُخرجت للناس= أن يرزقنا فَهما ف كتابهُ ،ث ِ
سنة نبيه ،وقوال وعمال ِّ
ُ
لنا نافلةَ مَيدة.)).
ِناول الوحي قضية العلم واملعرفة من جهة طريقة التلقي وأثره على صاحبه ،فمع بيان أن الوحي هدى وبينات
العلم وسيلةٌ ومقدمةٌ وليست غاية وهناية.
وشفاء ورمحة ونور إال أنه قد ّبني أن َ
وجاء التأكيد على أمرين في قضية المعرفة والعلم:
12
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
ث الْ َكثِ ِري
وبيانه ف حديث عن أَِِب موسى ،ع ِن النَِّيب ،قَ َال (( :مثَل ما ب عثَِين اللَّه بِِه ِمن ا ْهل َدى والْعِْل ِم َ ،كمثَ ِل الْغَي ِ
ْ َ ُ َ ُ َ َ ُ َ ََ َ ْ ُ َ َ ِّ
ت الْ َماءَ ، ت ِمْن ها أَج ِادب أَمس َك ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ب الْ َكث َري َ ،وَكانَ ْ َ َ ُ ْ َ اب أ َْرضا فَ َكا َن مْن َها :نَقيَّةٌ قَبلَت الْ َماءَ ،فَأَنْبَتَت الْ َك َألَ َوالْعُ ْش َ َص َ أَ
ِ ِ ِ فَنَ َفع اللَّه ِِّبا النَّاس فَ َش ِربوا وس َقوا وزرعوا وأَصاب ِ
كت َك َأل ،فَ َذل َ ك َماء َوَال ُِْنبِ ُ ُخَرى إََِّّنَا ه َي ق َيعا ٌن َال متُْ ِس ُ ِ
ت مْن َها طَائ َفة أ ْ َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ ََ ُ َ َ َ ْ
ك َرأْسا َوَملْ يَ ْقبَ ْل ُه َدى اللَّ ِه الَّ ِذي ِ ِ ِ
َمثَ ُل َم ْن فَ ُقهَ ِف دي ِن اللَّ ِه َونَ َف َعهُ َما بَ َعثَِين اللَّهُ بِِه فَ َعل َم َو َعلَّ َمَ ،وَمثَ ُل َم ْن َملْ يَ ْرفَ ْع بِ َذل َ
أُرِس ْل ِ
منبت الَرع ،ومأَِى الثمر. ت بِه)) القلب والرتبة ُ : ْ ُ
ث ََيْ َع ُل ر َساِلَ ُ
َّ ُ ْ ُ َ ْ ُ َ َ َ
أعلم
َ و الكتاب، ِّبذا االعتصام على الناس أحرص
َ النيب أصحاب كان لقدو ﵞ ه ِ ﵟاَّلل أعلم حي
الناس به ،وأعرفهم ِبا جيب ف حقه من العناية ،فحري ِبن بعدهم أن يسلك ُهداهم ف ذلك ،وأن يعرف عنهم كيف
النيب وميسيهم جبديده ،ومل
كانوا يأخذون هذا القرآن ،فإهنم القوم الذين كانوا يُغذون به ف الليل والنهار ،يُصبحهم ُّ
ِكن الكتابة شائعة ،وال املصاحف موجودة مهيَّأة كما صارت ملن بعدهم ،فهم على حفظه ف الصدور يومئذ كانوا
أحوج ممن بعدهم ،فكيف كانوا ُيفظون؟ هذا ما نتَبيَّنه فيما يأتي من صحيح األخبار:
ول اللَّ ِه
ول ،أَنَّهم َكانُوا ((ي ْق َِرتئُو َن ِمن رس ِ
ْ َُ َ ُْ
الرس ِ الر ْمحَ ِن ،قَ َال :حدَّثَنَا من َكا َن ي ْق ِرئُنَا ِمن أ ْ ِ
َص َحاب َّ ُ ْ ُ َ َْ َ ع ْن أَِِب َعْب ِد َّ
ُخَرى َح َّىت يَ ْعلَ ُموا َما ِف َه َذا ِم َن الْ َع َم ِل)) ،قَ َال(( :فَ َعلِ ْمنَا الْ َع َم َل ٍ
َع ْشَر آيَات ،فَ َال يَأْ ُخ ُذو َن ِف الْ َع ْش ِر ْاأل ْ
َوالْعِْل َم)) .أخرجه ابن أِب شيبة (.)65563
ففي هذا أن احلفظ عندهم كان مقرتنا بالعلم باحملفوظ ،وامتثال ما فيه من األمر والنهي واالعتبار وغري ذلك ،فكانوا
لذلك يأخذونه عشر آيات عشر آيات ليكو َن أيسر عليهم.
فلم يكن يشغلهم كثرةُ احلفظ كما صار إليه حال كث ٍري ممن بعدهم ،وإَّنا علموا أن هذا القرآن إَّنا أنَل للعمل ،وال
عمل دون علم وفهم.
َّيب َوَْحن ُن فِْت يَا ٌن َحََا ِوَرةٌ(( ،فَتَ َعلَّ ْمنَا ِْ
اإلميَا َن قَ ْب َل أَ ْن نَتَ َعلَّ َم الْ ُق ْرآ َنُُ ،ثَّ ِ ِ َ عن جْن ُد ِ
ب بْ ِن َعْبد اللَّه ،قَ َالُ :كنَّا َم َع النِ ِّ ْ ُ
َِ َعلَّ ْمنَا الْ ُق ْرآ َن فَ ْازَد ْدنَا بِِه إِميَانا)) .أخرجه ابن ماجة وإسناده صحيح.
13
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
فالقلب :من أعظم نعم اهلل ِعاىل ،وهو ُممتَ َح ٌن كذلك ،وهو أداةٌ يُعَى إليها معاين ف املعرفة والعمل.
تح ُن وهو حمل النظر والتفكر ،واإلميان والكفر ،واهلداية والضالل ،والصدق فالقلب :هو الذي يفقهُ ُ
ويعقل ويتدبُّر وُمي َ
والكذب ،والتصديق والتكذيب ،والعمى واملرض والشفاء ،والثبات والتقلُّب ،واخلْتم ،و َّ
الَيغ ،واالمتحان ،وكذلك
التعمد ،واإلُث ،والتطهريُ ،واملعرفةُ واإلنكار ،وكذلك احلب والتآلُف ،والبغض ،والرضا واإلباء ،واللِّني والقسوة،
الكسب و ُّ
ُ
الرعب ،الفرح واحلَن والسالمة واالطمئنان ،والغيظ وغري ذلك. والتوكل والرجاء واخلوف و ُّ
كل ذلك له أدلتُه من كتاب اهلل ِعاىل ال نُريد التطويل بذكرها
و ُ
ومن األلفاظ التي جاءت في الوحي يعزى إليها بعض تلك المعاني:
لفظ الفؤاد ،واأللباب ،واألحالم والنُّهى ،واحلِجر ،والصدر.
نفي ونهي.
ومن معاني قوله ِعاىل :ﵟّل إكراه ف اَلينﵞ أنه ٌ
نفي لإلمكان = ِبعىن لن ِستطيع إكراه أحد على اإلميان ألن حمله القلب وال سلطان لك عليه،
ونهي عن اإلكراه المستطاع = وهو إكراه اجلوارح واللسان.
ْ ُ ْ كن َّمن َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ٌّ ْ َ َ َ َ َ َ َّ
َش َح بِالكف ِر َص ْد ًرا َٰ
ان و ِ
ل َْ َ َ
ولذلك قال ِعاىل :ﵟمن كفر بِاَّلل ِ مِن بع ِد إِيمانِهِ إِّل من أك ِره وقلبه مطمئِن ب ِ ِ
اْليم ِ
َ َّ َ َ َ َ َ
اَّللِ َول ُه ْم َع َذاب َع ِظيمﵞ .ألن اإلكراه غريُ ممكن على القلب ،وهذا من حكمة اهلل ورمحته. ف َعليْ ِه ْم غضب مِن
ولذلك فهو موضع نظر اهلل تعالى حديث أِب هريرة رضي اهلل عنه عن النيب (( :إن اهلل ال ينظر إىل صوركم
وأموالكم ،ولكن ينظر إىل قلوبكم وأعمالكم))
14
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
اِباعها أعين :العمل ِ
ِبوجبها. والعقل ذُكر على أنه وظيفة من وظائف القلب ف املعرفة و ِ
َ ُ
ٍ
وبكلمة فإن القلب هو األساس وبصالحه يصلح سائر العمل ،وهو محل اإليمان:
ولقد جاء احلديث عن القلب ومكانته وأعماله وصفاِه وأحواله وأسباب قوِه وصحته وهدايته وأسباب ضالله
ومرضه وموِه وعالجه.
فالقلب هو الذي ُِعرض عليه املعارف.
والتعبير باألقفال واألكنة والطبع والختم ،وسد منافذ اهلداية على القلب ،كل ذلك يشعرنا بأن القلب هو الذي
يفتح أبوابه لسماع احلق أو يغلقها وهو يُطبع عليه فال يصغى ،أو ِغشاه الغواش من حب الدنيا واإلقبال على الشهوات
فال يستجيب لداعى اإلميان.
نالحظ عندما يربط القرآن بين صمم اآلذان وعماية األبصار وإقفال القلوب ،وكأن ذلك ُيدث ف وقت واحد
مما يؤكد الصلة بني احلواس وبني القلب ،فإذا رجعنا إىل مبحث العقل وجدنا الظاهرة نفسها حيث يأيت الصمم والبكم
والعماية مع نفى صفة العقل ،وهذا يؤكد ارِباط العقل بالقلب ،وارِباط اإلثنني معا باحلواس فإما هي مغلقة وإما هي
اَّلل َ َ َٰ َّ َّ َ َ َ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ ْ ُ ْ َ ُ ْ ُ َ
ون (َ )6ختَ َم َّ ُ
لَع مفتوحة على احلق والنور واهلداية .ﵟ إِن اذلِين كفروا سواء علي ِهم أأنذرتهم أم لم تنذِرهم ّل يؤمِن
َ ْ َ َ َ َ َ ُُ ْ َ ََ َ ْ ْ َ ََ َ
اوة ۖۖ َول ُه ْم عذاب ع ِظيم ﵞ.لَع أب ْ َصارِهِم غِش
لَع سم ِع ِهم ۖ و َٰ
قلوب ِهم و َٰ
ِ
15
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
اإلنسان إال بقدر صالح قلبه وحكمته وزكاة نفسه فكيف ِبا دون من املعارف ،وإذا كانت قلوب الصحابة حتتاج من
السنن واالنتفاع ِّبا فكيف ِبن دوهنم.
الصالح والتَكية لتلقي القرآن و ُّ
ثانيا :أثر العلم على صاحبه:
َ َ َّ َّ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ َ ُْ َْ َ َ َّ ْ َ ً َ َ ً َ ْ َ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َّ ْ ُ َ َ
ِين ّل َي ْعل ُمون ۗ إ ِن َما ْحة َربِهِ ۗ قل هل ي َ ْس َتوِي اذلِين يعلمون واذل جدا وقائِما َيذر اْلخِرة ويرجو ر
ِ اس ل
ِ يالل اءآن ِت ن ا ﵟأمن هو ق
َ َ َ َّ ُ ُ ْ َْ
ابﵞ. َ ُ
يتذكر أولو اْلْل ِ
ُْ ُ َ َّ َّ َ ُ َ َّ َ َ َ َّ ُ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُّ َ َ ْ ُ َ َ ْ
ِين يُوفون ب ِ َع ْه ِد اَّلل ِ َوّل َينقضون اب * اذل ﵟأفمن يعلم أنما أن ِزل إَِلك مِن ربِك اْلق كمن هو أعِم إِنما يتذكر أولوا اْلْل ِ
امواجهِ َربه ْم َوأَق ُ غاء َو ْ
َبوا ابْت ِ َ اْل ِساب * َو َّاذل َ
ِين َص َ ُ ْ َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َ ُ َ ُ َ ْ
ال ِميثاق *واذلِين ي ِصلون ما أمر اَّلل بِهِ أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء
ِِ ِ
َّ َ َ ْ ُ ْ ا َ َ َ ً َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ُ َ
ك ل َ ُه ْم ُع ْق َب َّ َّ َ َ ْ َ ُ
اَلارِﵞ الصَلة َوأنفقوا مِما رزقناهم ِِسا وعَلنِية ويدرؤن بِاْلسنةِ السيِئة أول ِئ
آثار العلم:
َ َ ْ َ َ َّ َ ُ
اط آم ُنوا إ َ ََٰل ِ َ
ِص ٍ ِ
اَّلل ل َ َهادِ َّاذل َ
ِين َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ُ ُ ُ ْ َّ
ِإَون َّ َ َ َ ْ ِين أوتُوا الْعِلْ َم أنَّ ُه ْ َ
اْل ُّق مِن َّربِك ف ُيؤم ُِنوا بِهِ فتخبِت َل قلوبهم ۗ ﵟو َِلَعلم اذل
يمﵞ ُّ ْ َ
مستقِ ٍ
علماءﵞ، اَّلل م ِْن ع َِبادِه ِ الْ َ
ﵟ إ َّن َما ََيْ َِش َّ َ
ِ
16
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
الخالصة:
سالمة القلب وحكمتِه .حلُسن ِلقي العلم ،وفهمه ،واالنتفاع
ِ القلب موضع العلم وهنا يأتي الحديث عن معنيين:
موضعه .ﵟيتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب واْلكمةﵞ به ،وحسن استثماره ،ووضعه ف
وبت ف ج ْذ ِر قُلُ ِ
األمانَةَ نَََلَ ْ َ أن َ اآلخَرَ :حدَّثَنَاَّ : ِ
أح َد ُمها وأَنَا أنْتَظ ُر َ
ت َ سول اللَِّه َ ح ِديثَ ْ ِ
نيَ ،رأَيْ ُ عن حذيفة َحدَّثَنَا َر ُ
األمانَةُ ِمن قَ ْلبِ ِه، وحدَّثَنَا عن َرفْعِ َها َ آنُُ ،ثَّ علِموا ِمن ُّ ِ الرج ِالُُ ،ثَّ علِموا ِمن ال ُقر ِ
ض َ الر ُج ُل النَّ ْوَمةَ فَتُ ْقبَ ُ
قال :يَنَ ُام َّ السنَّة َ َُ َ َُ َ ْ ِّ َ
ِ ِ
كض فَيَْب َقى ف َيها أثَ ُرَها ِمثْ َل أثَِر امل ْج ِلَ ،ك َج ْم ٍر َد ْحَر ْجتَهُ علَى ِر ْجل َ ُ تُُ ،ثَّ يَنَ ُام الن َّْوَمةَ فَتُ ْقب
َ
فَيظَ ُّل أثَرها ِمثْل أثَِر الوْك ِ
َ َُ َ َ
َ ِ
إن ف بَِين فَُال ٍن الَّ :
األمانَةَ ،فيُ َق ُ
اد أ َح ٌد يُ َؤِّدي َ َّاس يَتَبَايَعُو َن ،فال يَ َك ُ
صب ُح الن ُ
ط ،فَتَ راهُ ُمْنتَِربا وليس فيه شيءٌ ،ويُ ْ ِ
َ فَنَف َ َ
ال حبَِّة خرد ٍل ِمن إميَ ٍ ِِ رجال ِأمينا ،وي َق ُ ِ
ان. أجلَ َدهُ ،وما ف قَ ْلبِه مثْ َق ُ َ َ ْ َ أع َقلَهُ وما أظَْرفَهُ وما ْ ال ل َّلر ُج ِل :ما ْ ُ َُ
السنَّة، القرآن ِ
وم َن ُّ َّبي ُُ ،ثَّ بعد ذلك َِعلَّموا ِمن ِ
َ
ِ
أصحاب الن ِّ جال ِمن
الر ِ قلوب ِّأص ِل ِ استقر في ْ قد َّ أن اإليما َن ِ َّ
زمان ُحذيفةَ ر ِضي اهللُ عنه السن َِّةَّ ،أما األمر اآلخر الَّذي مل يقع ف ِ باألخذ بِ ِ
القرآن و ُّ ِ السبب ف قَ ِ
بوهلمِ
ْ ُ َُ فكا َن إميا ُهنم هو َّ َ
ت يعين َّ جال ،أي :رفع مثرِ قلوب ا ِّلر ِ
األمانة من ِ ِ
بض ْ
فينهض وقد قُ َُ ينام
جل ُ َ الر
َّ إن حىت
َّ ا، هت ُ وقوعه ،فهو رفْ ُعينتظر َ وكان ُ
ينهض ِ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ
جل فَ ُ ينام ا َّلر ُ
األثر اليَسريُ كالنُّقطةُُ ،ثَّ ُ
أثر اإلميان من قلبه ومل يتبَ َّق منه سوى أثرها الذي هو كأثر الوْكت ،وهو ُ ُرف َع ُ
ند كثرةِ ِ َّاخات الَّيت َخت ُر ُج ف األيدي ع َ ِ ِ
العمل اجمل ِل ،وهو النَّف ُ ثل ْ يتبق من أثَره إال م ُ أثره من قلبه فلم َّ ع اإلميا ُن و ُوقد نَُ َ
ب َّ
ثل أث ِر اجلم ِر الذي يُقلَّ ُ
ِ
أثر ذلك م ُ
ِ
ط فرتاه ُمنتَربا وليس فيه شيءٌ ،يعينُ : الفأس ،كجم ٍر دحرجتَهُ على ِر ْجلِك فن َف َ بِنح ِو ِ
أن األمانةَيد َّليس فيه شيءٌ صاحلٌَّ ،إَّنا هو ماءٌ فاس ٌد ،يُر ُ االنتفاخ َ
ُ القدِم ،وهذا ف انتفاخا على َ ويدار على ال َق ِ
دم فُيخلِّ ُ ُ ُ
منامهم مل َجيدوا قلوَِّبم على حىت إذا استيقظوا ِمن ِ نوبَّ ، الذ ِ اج َرتحوا ِمن ُّ ِ ِ ِ فع َع ِن
َ القلوب؛ عقوبة ألصحاِّبا على ما ْ ُِر َ
ثل الْ َم ْج ِل، ِ ِ
مثل الوْكت وِارة م َ أثرِ ،ارة َ كانت عليه ،ويَبقى فيه ٌ ما ْ
17
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
وتحليل)
ٌ (عرض
ٌ ظاهرة قلة الكوادر العلميّة والدعويّة
كثرة طالب العلم ،ووسائل التعليم ،ومعاهد وجامعات ،وداعمون وغري ذلك من املقومات اليت هي جديرةٌ بإخراج
باب ٍ ٍ
أعداد كبرية من النابغني ف خمتلف جماالت التعليم والدعوة واإلصالح ،وف خمتَلف التخصصات حبيث ال يبقى ٌ
الواقع غير ذلك. لكن ِ
َ ِسد احلاجة وَِيدّ ،
مما ُيتاجه املسلمون إال وجدوا فيه الكفاءات الكثريَة اليت ُ
مقومات النجاحِ ،
وقوهتاِ ،
وِنوعها إلخراج الكفاءات ف اجملال التعليمي ِ فإن الذي يلفت النظر = أنّه مع كثرةِ
والدعوي فإ ّن الواقع يشهد خبالف ذلك.
يشهد بقلّ ِة بل بنُّدرةِ الكفاءات في المجال العلمي والتعليمي في مختلف تخصصاته:
السنة ،والعقيدةِ ،و ِ
الفقه، ِ
المقاصد :كالتفس ِري ،وشرِح ِ سواءٌ في ذلك علوم
سمى بعلوم اآللة :كأصول التفسري ،وأصول الفقه ،وعلوم العربيّة ،وعلم مصطلح ت التي ِ
العلوم أو في
ّ
احلديث ،وعلم املنطق.
اب ف العلم الشرعي كالفكر والفلسفة وِاريخ العلوم أو في العلوم اإلنسانيّة :اليت ِتقاطع كثريا مع أبو ٍ
واألفكار والسياسة واالقتصاد واالجتماع وغريه.
ِ
وتوعية الناس بفقه ِ
ودروس المساجد طب الجمعة ِ
الوعظ وخ ِ ِ
كدروس وفي المجال الدعوي بمختلف ص َوِره
المواسم (الصيام ،الحج ،العيدين ،عاشوراء ،عرفة ...ونح ِوها ،وتبصي ِر الناس عند ِ
الفتن وتثبيتهم ،وغير ذلك
من مهام الداعي وطالب العلم.
ظاهر ال
اضح ٌأمر و ٌ
فنُدرة الكفاءات ف كل هذه اجملاالت بالنسبة للمال واجلهد املبذول فيه وبالنسبة حلاجة الناس ٌ
حق الوعي.
التخصص ّ
َ أحسب أحدا ُخيالف فيه إال َمن ال يعي معىن الكفاء َة و
ُ
البحث عن أسباِّبا وحماولة عالجها.
وِصورها ،وحتليلُها ،و ُ
ُ الوقوف عندها
ُ فنحن أمام ظاهرةٍ ينبغي
لكل من أفراد المنظومة التعليمية نصيب في تلك النتيجة:
وغري
ومعيار النجاحُ ،
ُ ومنهج التقييم،
ُ الداعمون،
نامج الدراسة ،واإلدارةُ ،و ُ ومنهج التدر ِ
يس ،وبر ُ ُ املعلم،
الطالب ،و ُ
ُ
ذلك من مفردات املنظومة.
صوده:
والخير مق َ َ وال ي ّبرؤ اإلنسان نفسه من التقصير بال شك ،وال يزال العبد بخير ما جعل َّ
الحق
ت َغْي َرَها َخْي را ِمْن َها، ت َعلَى َميِ ٍ
ني ،فَ َرأيْ َ
عبد الرمحن بن َُسرَة رضي اهلل عنه قَ َال :قَ َال َل رس ُ ِ
ول اهلل َ « :وإِ َذا َحلَ ْف َ َُ َُ
ك» .متفق َعلَْي ِه. فَ ِ ِ
أت الَّذي ُه َو َخريٌ َوَكف ِّْر َع ْن َميِينِ َ
18
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
ْ َ َّ
ِإَون َّ َ َ َ َّ
َ َ َ َ
اَّلل ل َم َع ال ُم ْح ِسن ِ َْيﵞ. ِينا ْلَ ْهد َِي َّن ُه ْم ُس ُبل َنا ۚ
اه ُدوا ف َقال اهلل ِعاىل ﵟواذلِين ج
19
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
المحاضرة األولى:
ِصد عن الشروع ف طلب العلم أو االستمرا ِر عليه. معوقات ُّ
أو ِ
حتقيق أهدفه اخلُلُقية ،واملهاريَّة ،واملعرفية ،والدعويّة.
بل الوقاية منها ،وعالجها. وس ُ
ُ
المحاضرة الثانية:
وحسن اخللق.
حاجة طالب العلم إىل االستقامة وَِكية النفس وسالمة القلب ُ
المحاضرة الثالثة:
( ولكن ينظر إىل قلوبكم وأعمالكم).
وفيها احلديث عن احنرافات ِسربت إىل طالب العلم (األسباب والعالج).
المحاضرة الرابعة:
( يا طالب العلم اهنض لتأخذ مكانك ف اإلصالح (وقفات مع مقومات طالب العلم)
المحاضرة الخامسة:
وشعب اإلميان (ووضع برنامج عملي)
قواعد من الوحي ف َِكية النفس ُ
المحاضرة السادسة:
طالب العلم مع الوحي (القرآن وبيانُه من هدي النيب صلى اهلل عليه)
20
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
21
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
مع المعل م:
االنتفاع من دروس الصف ،والدورات ،واحملاضرات
التعل م الذاتي:
ُ سبل التحصيل وكيفية اإلفادة منها
جدول الدروس املسموعة واملرئية
جدول املطالعة والقراءة السريعة
ُ
جدول الدراسة املرّكَة (التأصيل)
ُ
جدول احلفظ
طولة)
السنن واآلثار واجملموعات العلميّة املُ ّ املطوالت ( ُكتب ُّ جرد ّ جدول ْ
جدول ِلخيص الكتب املهمة ف باِّبا واألحباث املحقَّقة ف باِّبا
ُ
جدول املدارسة اجلماعيّة
ُ
جدول حتضري الكتب للتدريس ،وحتضري املحاضرات واخلُطب
ُ
جدول البحث العلمي ف املسائل املختارة للتدريب على البحث والدراسة
ُ
ما بعد التلقي:
الدراسة واملذاكرة والفهم.
ِ ثبيت املعلومات وِطويرها.
استخراج الفوائد وِقييدها.
حصلت.
التوظيف واالستثمار ملا ّ
22
حسني عن الراز للناا العد سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا
الكفاءة اإلصالحية:
الدعوة.
التعليم.
التدريس.
التصنيف.
الكفاءة البدنية:
المحافظة على الطاعات والعمل الصالح.
اللياقة.
التغذية.
العادات اليومية.
الكفاءة األسرية:
( قواعد إصالح طالب العلم أسرته).
23