You are on page 1of 34

‫مسطرة قسمة العقار بين الورثة في القانون المغربي‬

‫تتميز مواضيع العقار بالكثرة و التنوع‪ ،‬ل يمكن حصرها أو اإلحاطة بها‪ ،‬لكن لما كان مال‬
‫يدرك كله ل يترك جله‪ ،‬فالقسمة تعتبر من أهم العقود و أكثرها شيوعا في ساحة القضاء‪ ،‬فهي‬
‫على خالف األصل و القياس‪ ،‬على اعتبارات القسمة استثناءا عارضا‪ ،‬إذ األصل هو الشياع‬
‫و هو أصل من األصول المقررة في مختلف المذاهب إذ شرعت القسمة لدفع ضرر الشركة و‬
‫الشياع و ليستقل كل شريك بنصيبه المفرز به كيف يشاء‪.‬‬
‫للشركة على الشياع مخاطر و أضرار تنتج عنها مشاكل كبرى تتمثل في عدم اتفاق الشركاء‬
‫في بعض األحيان على طريقة معينة إلدارة المال المشاع‪ ،‬و كذا تقييد حرية كل شريك في‬
‫استغالل ما يملكه كما يشاء مما يؤدي إلى إهمال هذا المال و تقصير الشركاء في المحافظة‬
‫عليه األمر الذي يكون له أثر سلبي على مردوديته‪،‬وتفكيك الروابط األسرية خاصة الناتجة‬
‫عن اإلرث‪ ،‬ألنه غالبا ما يثار نزاعات عائلية مالية ل حصر لها‪ ،‬إضافة إلى ذلك فنظام الشيوع‬
‫يؤدي إلى غياب المبادرة الفردية التي أصبحت تعد أساس كل تقدم إقتصادي و السبب في ذلك‬
‫هو أن المصلحة التي يحققها المشتاع لكل المال الشائع لبد أن يستفيد منها الشركاء األخرون‪،‬‬
‫وهذه نتيجة ينفر منها منطق األنانية اإلنسانية‪ ،‬ويتسبب أيضا في عرقلة تداول األموال العقارية‬
‫حيث يالحظ في غالبية األحيان بقاء هذه األموال جامدة وبعيدة عن أي تداول‪ ،‬والذي يعتبر‬
‫إحدى المقومات األساسية لكل نشاط إقتصادي‪ .‬و بالتالي أضحت وضعية الشياع ل تتوافق و‬
‫طموحات األفراد‪ ،‬ألجل ذلك منح الفقه و القانون لكل شريك حق المطالبة بقسمة المال المشاع‬
‫و تمكينه من حصته‪ ،‬و ل حق لباقي الشركاء في إرغامه على البقاء معهم في حالة الشياع[‪]1‬‬
‫أو بيع حصته وحده ألن النصيب الشائع غالبا ما ل يجد إقبال عليه من طرف المشتري الذي‬
‫يتهرب من ضرر الشركة[‪.]2‬‬
‫فدعوى القسمة من الحقوق التي أقرها المشرع و شرعت لرفع ضرر الشركة بين المشتاعين‪،‬‬
‫وقد عرفها الفقيه المالكي ابن عرفة [‪ ]3‬بأنها "تصيير مشاع من مملوك مالكين فأكثر معينا و‬
‫لو باختصاص تصرف فيه بقرعة أو بتراضي"‪ ،‬والمشرع في تنظيمه للقسمة لم يميز بين قسمة‬
‫العقار و قسمة المنقول فقد نظمهما بشكل عام‪ ،‬و بالنظر إلى أغلب القضايا المطروحة على‬
‫القضاء تتعلق بقسمة العقار‪ ،‬و أن هذه األخيرة هي التي تطرح عدة إشكالت فإن هذا النوع‬
‫من الدعاوي هو الذي سيشكل محور و عنوان الدراسة في عرضنا‪.‬‬
‫و القسمة إما أن تكون اتفاقية رضائية وهي تطبيق من تطبيقات مبدأ سلطان اإلرادة ‪ ،‬و إما أن‬
‫تكون قضائية حيث يتم اللجوء إلى القضاء و تكون بطلب من أحد أو بعض المشاعين‪ ،‬وتخضع‬
‫إلجراءات سطرها المشرع في قانون المسطرة المدنية وتنفرد بخصوصيات دون باقي‬
‫الدعاوي بحيث يجب إناطة الدعوى‬
‫للخبرة القضائية لستصدار حكم تمهيدي يقضي إما بقسمة العقار قسمة عينية [‪]4‬أو قسمته‬
‫عن طريق التصفية [‪ ،]5‬وتكون القسمة قضائية في حالة كون أحد المشاعين قاصرا أو غائبا‬
‫ولو اتفق باقي المالكين على الشياع على إجرائها رضائيا‪.‬‬
‫مجمل هذه النقط ستكون موضوع عرضنا و بالتالي ل بد من تبيان اإلجراءات الواجب اتباعها‪،‬‬
‫وذلك حماية لمصالح المتقاسم خاصة و أن مثل هذه الدعاوي تطرح العديد من اإلشكالت و‬
‫العوائق إن على المستوى القانوني أو الواقعي‪.‬‬
‫وعليه فما هي اإلجراءات المسظرية التي تنظم دعوى قسمة العقار ؟‬

‫‪1‬‬
‫وما هي اإلشكالت و المعيقات العملية التي تثيرها هذه الدعوة على مستوى المحاكم ؟‬
‫وكيف تعامل معها القضاء لحماية المتقاسم ؟‬
‫ولشك أن هذه التساؤلت العامة تتفرع عنها تساؤلت أخرى فرعية ‪ ،‬سنعمل قدر المستطاع‬
‫على تحليلها باإلعتماد على الجانب التشريعي والعمل القضائي و آراء الفقه و ذلك بناء على‬
‫تقسيم ثنائي بشكل يعكس عنوان العرض وذلك على الشكل التالي ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪:‬ضوابط مسطرة القسمة القضائية العقارية و آثارها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكالت العملية لدعوى القسمة القضائية‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬ضوابط مسطرة القسمة القضائية العقارية وآثارها‬
‫تعد عملية القسمة القضائية للعقارات وفرز حصص الشركاء بعضها عن بعض وسيلة هامة‬
‫للخروج من حالة الشياع العقاري‪ ،‬إل أن القيام بمثل هذه العملية باعتبارها من اإلجراءات‬
‫القانونية والتقنية التي تستهدف الرجوع بالملكية إلى وضعها األصلي والطبيعي الذي هو الملكية‬
‫المفرزة مادام الشيوع حالة مؤقتة من الناحية المبدئية‪ ،‬يتطلب مجموعة من الشروط القانونية‬
‫والقواعد التي يجب أن تنضبط لها جميع الجهات الساهرة على إجرائها‪ ،‬وهذا ما سنتطرق إليه‬
‫من خالل (الملطب األول)‪ ،‬في حين سنتطرق في (المطلب الثاني) لمراحل مسطرة القسمة‬
‫القضائية وآثارها‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬شروط وقواعد سلوك مسطرة القسمة القضائية العقارية‬
‫إذا كان الشياع ينتهي بالهالك الكلي‪ ،‬أو بجمع الحصص في يد واحدة أو عن طريق القسمة[‪،]6‬‬
‫فإن القضاء الذي ترفع أمامه دعوى قسمة عقار من العقارات المملوكة على الشياع يكون ملزما‬
‫قبل البت في موضوع الدعوى أن ينظر ما إذا كانت هذه الدعوى قد استوفت شروط صحتها‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬كما أن لدعوى القسمة جوانب موضوعية تشكل إلى جانب نظرتها الشكلية‬
‫القواعد اإلجرائية لدعوى القسمة (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط سلوك مسطرة القسمة القضائية العقارية‬
‫أول ‪ :‬تحقق إحدى حالت القسمة القضائية‪:‬‬
‫ينص الفصل ‪ 1084‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪" :‬إذا اختلف الشركاء في إجراء القسمة أو إذا‬
‫كان أحدهم غير متمتع بأهلية التصرف في حقوقه أو كان غائبا‪ ،‬كان لمن يريد منهم الخروج‬
‫من الشياع أن يلجأ إلى المحكمة التي تجري القسمة طبقا للقانون"‪ .‬يستفاد من هذا الفصل أن‬
‫القسمة القضائية هي التي تجرى بواسطة القضاء‪ ،‬ويلجأ إليها في إحدى الحالت الثالث التالية‪:‬‬
‫حالة اختالف الشركاء حول إجراء القسمة‪ ،‬وحالة وجود من ل تتوافر فيه أهلية التصرف في‬
‫حقوقه‪ ،‬وأخيرا حالة كون أحد الشركاء غائبا‪ ،‬وسوف نبحث كل حالة على حدة[‪.]7‬‬
‫أ‪ -‬اختالف الشركاء حول إجراء القسمة‬
‫قد يختلف الشركاء حول إجراءات القسمة‪ ،‬وهذا اإلجراء يتخذ في الواقع صورا متعددة ل تقع‬
‫تحت حصر‪ ،‬كأن يريد بعض الشركاء إجراء القسمة بينما يرفضها البعض اآلخر‪ ،‬وخاصة‬
‫الطرف الذي يستفيد من غلة المال الشائع‪ ،‬وقد ل يقع الخالف حول القسمة ولكن حول طبيعتها‪،‬‬
‫حيث يحبذ هذا الشريك إجراء القسمة عينا بينما الشريك اآلخر عن طريق التصفية‪ ،‬وقد ينصب‬
‫انحالل حول تكوين الحصص‪ ،‬أو حول مناب كل شريك أو حول صفة أحد الشركاء‪.‬‬
‫وعلى كل حال‪ ،‬فإن المدعي الذي يرفع دعوى القسمة غير مجبر على ذكر السبب الدافع إلى‬
‫رفع هذه الدعوى‪ ،‬مادام أنه ل يجبر أحد على البقاء في الشيوع[‪ ،]8‬مادام أن رفع الدعوى في‬
‫ذاته يقوم قرينة على وجود خالف بين الشركاء حول القسمة[‪.]9‬‬

‫‪2‬‬
‫ب‪ -‬حالة وجود شريك غير متمتع بأهلية التصرف في حقوقه‬
‫إذا كان من بين الشركاء من ل تتوفر فيه أهلية التصرف‪ ،‬كأن يكون أحد المشتاعين قاصر أو‬
‫مجنونا أو سفيها‪ ،‬ففي هذه الحالة ل يمكن إزالة الشيوع عن طريق القسمة الرضائية‪ ،‬بل لبد‬
‫من اللجوء إلى القسمة القضائية‪ ،‬وذلك حماية لحقوق فاقدي األهلية وناقصيها‪ ،‬سواء كانوا‬
‫مدعين أو مدعى عليهم‪ ،‬غير أنه إذا بلغ القاصر سن الرشد أثناء النظر في الدعوى وقبل‬
‫صدور الحكم فيها فإنها تكون صحيحة في حقه‪.‬‬
‫وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإن ثمة إشكال يقع بخصوص إمكانية إجراء قسمة عقارات التركة‬
‫والزوجة حامل في حالة وفاة الزوج؟ وهل يعتبر الحمل في حكم القاصر تتوقف القسمة على‬
‫حكم من القضاء بسببه؟‬
‫الحقيقة أن المشرع المغربي لم ينص على أي مقتضى قانوني في إطار قانون اإللتزامات‬
‫والعقود يجيب من خالله على هذا التساؤل‪ ،‬ولذلك يمكن اإلسترشاد بقواعد الفقه اإلسالمي الذي‬
‫يوجد فيه رأيان بخصوص هذا اإلشكال‪ ،‬الرأي األول يذهب إلى صحة قسمة التركة قبل‬
‫انفصال الحمل عن أمه‪ ،‬بشرط أن يحتجز له أكبر نصيب من المحتمل أن يحصل عليه‪ ،‬أما‬
‫الرأي الثاني فيذهب إلى عدم جواز إجراء القسمة إلى حين انفصال الحمل عن أمه وتحقيق‬
‫مركزه القانوني بين الورثة[‪.]10‬‬
‫والرأي الراجح أنه ل يمكن إجراء القسمة إلى حين انفصال الحمل عن أمه وثبوت حياته‬
‫بصراخ أو رضاع ونحوهما‪ ،‬إذ أنه على خالف القاصر الذي يرث باعتباره وارثا حقيقيا‪ ،‬نجد‬
‫بأن الحمل ل يرث إل باعتباره وارثا احتماليا‪ ،‬ثم إن مناط استحقاقه لإلرث هو أن يولد حيا‬
‫وليس باعتباره حمال‪ ،‬وهذا ما نصت عليه مدونة األسرة[‪.]11‬‬
‫وإضافة إلى ذلك فإن الحمل قد يكون توأمين أو أكثر‪ ،‬وهذا ما من شأنه أن يؤثر على إجراءات‬
‫القسمة إذا لم يتم احتجاز أكبر نصيب من المحتمل أن يتم الحصول عليه بعد الولدة[‪.]12‬‬
‫ت‪ -‬حالة كون أحد الشركاء غائبا‬
‫إن الغائب حسب الفصل ‪ 265‬من قانون المسطرة المدنية قبل إلغائه[‪ ]13‬هو الشخص الذي‬
‫منعته ظروف قاهرة كزلزال أو حرب أو فيضان‪ ،‬والتي حدثت بالمحل الذي يفترض أنه‬
‫موجود به‪ ،‬من الرجوع إلى مكانه األصلي لكي يستطيع إدارته بنفسه أو بواسطة وكيل عنه‪.‬‬
‫وفي حالة الغياب‪ ،‬يمكن للشركاء‪ ،‬كما يمكن للنيابة العامة‪ ،‬أن يقدموا للقاضي المختص مقال‬
‫قصد الحصول على حكم يصرح بوفاة الغائب‪.‬‬
‫والظاهر أن المشرع المغربي يخلط خلطا بينا من حيث المصطلح بين الغيبة والفقد‪ ،‬فمن الناحية‬
‫القانونية يعد مفقودا كل شخص غاب عن أهله وانقطعت أخباره بحيث ل يعرف هل هو حي‬
‫أم ميت‪ ،‬فإن عرف مكانه أو تأكدت حياته كان غائبا وليس مفقودا[‪ ،]14‬ويتبين أن المشرع‬
‫يقصد المفقود ل الغائب‪ ،‬ولعل ما يؤكد ذلك هو أن المفقود الذي يطلب الحكم بتمويته وليس‬
‫الغائب طبقا للمادتين ‪ 74‬و ‪ 327‬من مدونة األسرة‪ ،‬إذن فأموال المفقود أولى بالحماية من‬
‫أموال الغائب‪ ،‬ومقتضيات الفصل ‪ 1084‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يجب أن تطبق على الغائب وتمتد لكي‬
‫تشمل المفقود أيضا عن طريق القياس‪ ،‬فالتساؤل المطروح إذا كان صاحب الحق في الشفعة‬
‫غائبا واستصدر المشتري في مواجهته حكما نهائيا يقضي بفرز نصيبه بمقتضى قسمة عينية‪،‬‬
‫فهل يحق للمحكوم عليه بعد عودته من غيبته ممارسة الشفعة رغم إزالة حالة الشياع؟‬

‫‪3‬‬
‫لقد اتجه اإلمام مالك إلى أن من حق الغائب بعد رجوعه من غيبته نقض القسمة واألخذ بالشفعة‪،‬‬
‫ويرى سحنون أن القسمة ل يسوغ نقضها‪ ،‬فاإلتجاهان يلتقيان في النتيجة وهي أن القسمة التي‬
‫بوشرت أثناء غيبة الشريك‪ ،‬وإن كانت قضائية ل أثر لها على إسقاط حقه في الشفعة[‪.]15‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عدم وجود مانع يحول دون إجراء القسمة‪:‬‬
‫إذا كان المبدأ هو أنه ل يجبر أحد على البقاء في الشيوع‪ ،‬ويسوع دائما ألي واحد من المالكين‬
‫أن يطلب القسمة رغم كل شرط مخالف طبقا للفصل ‪ 978‬من قانون اللتزامات والعقود‪ ،‬فإن‬
‫هذا المبدأ ترد عليه بعض اإلستثناءات يجبر فيها الشريك على البقاء في الشيوع‪ ،‬وهذه‬
‫اإلستثناءات ترجع إما إلى إرادة األطراف أو وجود نص قانوني أو إلى حكم الواقع‪.‬‬
‫أ‪ -‬الموانع القانونية التي تحول دون إجراء القسمة‬
‫استثناءا من المبدأ العام الوارد في الفصل ‪ 978‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ينص الفصل ‪ 980‬من نفس‬
‫القانون على أنه‪" :‬ل يسوغ طلب القسمة إذا كان محل الشياع أعيانا من شأن قسمتها أن تحول‬
‫دون أداء الغرض الذي خصصت له"[‪.]16‬‬
‫يستفاد من هذا الفصل أن المشرع المغربي منع قسمة األعيان المشاعة طالما أنها تتنافى مع‬
‫الغرض الذي خصصت له‪ ،‬وينقسم هذا الشيوع اإلجباري إلى نوعين‪:‬‬
‫‪v‬الشيوع اإلجباري األصلي‪ :‬ويعرف بتخصيص بعض األشياء لإلنتفاع المشترك بين جماعة‬
‫من األفراد‪ ،‬تربطهم رابطة معينة‪ ،‬مثل مقابر األسرة المعدة للدفن‪.‬‬
‫‪v‬الشيوع اإلجباري التبعي‪ :‬ويعرف بتخصيص بعض األشياء لخدمة عقارات معينة متجاورة‪،‬‬
‫أو أجزاء في عقار واحد مملوك لمالك مختلفين‪ ،‬مثل السياقة المشتركة‪ ،‬والحائط المشترك‬
‫الذي يفصل بين عقارين متجاورين مملوك كل منهما ملكية مفرزة‪ ،‬وكذلك كل الحقوق الناجمة‬
‫عن ملكية الشقق كالجدران واألساسات والساللم‪...‬‬
‫ب‪ -‬الموانع اإلرادية التي تحول دون إجراء القسمة العقارية‬
‫من القيود الواردة على حرية رفع دعوى القسمة القضائية للعقار‪ ،‬هناك اتفاق األطراف على‬
‫البقاء في الشيوع مدة معينة‪ ،‬ويجد هذا القيد أساسه القانوني في الفصل ‪ ]17[979‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪،‬‬
‫حيث يتبين من هذا الفصل أن الشركاء يجبرون على البقاء في الشياع طيلة المدة التي اتفقوا‬
‫عليها طبقا للقاعدة العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬غير أن ما يالحظ هو أن المشرع المغربي لم يحدد‬
‫حدا أدنى ول أقصر لهذا اإلتفاق‪ ،‬وذلك على خالف المشرع المصري الذي نص صراحة على‬
‫أن مدة اإلتفاق على البقاء في الشيوع ل يمكن أن تتعدى خمس سنوات[‪ ]18‬قابلة للتجديد عند‬
‫انتهائها‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع المغربي في قانون اإللتزامات والعقود لم يحدد مدة اإلتفاق على البقاء في‬
‫الشيوع‪ ،‬فإنه أجاز للمحكمة أن تأمر بحل الشياع وبإجراء القسمة رغم وجود اإلتفاق بين‬
‫الشركاء‪ ،‬متى توفرت لذلك مبررات معقولة‪.‬‬
‫ت‪ -‬الموانع الواقعية التي تحول دون إجراء القسمة‬
‫من الموانع الواقعية التي تحول دون إجراء القسمة القضائية للعقار نجد ارتباط دعوى القسمة‬
‫بدعوى الشفعة بخصوص بعض الحقوق المشاعة‪ ،‬إذ يحدث في الواقع العملي أن تكون دعوى‬
‫القسمة المقدمة من طرف أحد المالكين على الشياع محل دفع من طرف أحد الخصوم الذي‬
‫يمارس دعوى الشفعة بخصوص بعض الحقوق المشاعة‪ ،‬والتي تم تفويتها من طرف مالك‬
‫آخر‪ ،‬وذلك تحت ذريعة أن نصيبه على األجزاء المشاعة لم يتحدد إل بعد انتهاء دعوى الشفعة‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫فهل يتم إيقاف النظر في دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة ؟ أم يتعين عدم قبول‬
‫دعوى القسمة لكونها سابقة ألوانها ؟‬
‫وإذا كان هذا الدفع يجد أساسه القانوني في الفصول ‪ 49‬و ‪ 109‬و ‪ ]19[110‬من قانون‬
‫واللتزامات والعقود فإن القضاء المغربي ظل موزعا بين اتجاهين‪ ،‬األول يذهب إلى إيقاف‬
‫النظر في دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة‪ ،‬وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض‬
‫في إحدى قراراتها بخصوص إشكالية ارتباط دعوى القسمة بدعوى الشفعة إلى وجوب إيقاف‬
‫البت في دعوى القسمة إلى حين انتهاء دعوى الشفعة‪ ،‬حيث ورد في حيثيات هذا القرار ما‬
‫يلي‪ ..." :‬إذا كانت حصة طالب القسمة في العقار موضوع طلب الشفعة من طرف شركائه‬
‫وطلب هؤلء من المحكمة أن توقف البت في دعوى القسمة إلى أن يبت في دعوى الشفعة‬
‫وجب عليها أن تستجيب لهذا الطلب لما بين الدعويين من ارتباط قانوني"[‪.]20‬‬
‫أما اإلتجاه الثاني القاضي بعدم قبول دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة‪ ،‬يالحظ‬
‫على مستوى قضاء الموضوع أنه أوجد مخرجا آخر‪ ،‬يتمثل في التصريح بعدم قبول دعوى‬
‫القسمة لكونها سابقة ألوانها‪ ،‬وأنه يجب البت في دعوى الشفعة ألنها تتعلق بالملكية‪ ،‬وأن دعوى‬
‫القسمة يجب أن تكون خالية من أية منازعة تتعلق بملكية العقار محل القسمة‪ ،‬وهكذا جاء في‬
‫حيثيات حكم صادر عن قضاء الموضوع[‪ ]21‬ما يلي‪ ..." :‬وحيث أن طلب القسمة يعتبر سابقا‬
‫ألوانه نظرا لكون ملكية أحد شركاء المال المشاع محل طلب شفعة مما يتعين التصريح بعدم‬
‫قبوله‪.]22["...‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إثبات ملكية العقار محل القسمة‬
‫إن القاضي الذي ترفع أمامه دعوى القسمة يكون ملزما بفحصها وتمحيص جميع الوثائق‬
‫المقدمة إليه في ملف الدعوى‪ ،‬ول يصدر حكمه بذلك إل بعد إثبات الملكية الشائعة للعقار محل‬
‫القسمة‪ ،‬غير أن طريقة إثبات هذه الملكية تختلف ما إذا كان العقار محفظا أم غير محفظ‪.‬‬
‫أ) إثبات الملكية بالنسبة للعقار المحفظ‬
‫إن اإلثبات بالنسبة للعقارات المحفظة ل تثير كثيرا من الصعوبات‪ ،‬إذ يكفي على الشريك إثبات‬
‫حالة الشياع‪ ،‬وهذا ما أكدته المادة ‪ 314‬من مدونة الحقوق العينية‪" :‬يشترط إلجراء القسمة أن‬
‫يكون الملك مملوكا على الشياع للشركاء عند إجرائها‪ ،‬وأن يكون قابال للقسمة‪."...‬‬
‫ويمكن القول أن من شروط دعوى القسمة إثبات حالة الشياع‪ ،‬وذلك عن طريق الحجة الكتابية‬
‫المستوفية لشروطه الشرعية مادامت أن القسمة تعتبر عقدا شكلياً يجري في حكمها على البيع‬
‫من البيوع كما هو مستقر عليه فقها والمعمول به قضاءا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القضاء من جهة‪ ،‬والمحافظ العقاري من جهة ثانية ل يقبل إثبات القسمة‬
‫إل عن طريق الكتابة‪ ،‬مما يجعل عقد القسمة عقدا شكليا‪ ،‬فالشريك على الشياع يرفق مقاله‬
‫اإلفتتاحي بشهادة من المحافظ العقاري تثبت صفته كشريك‪ ،‬وتثبت عدد الركاء والمقيدين‬
‫بالرسم العقاري وحصة كل واحد منهم‪ ،‬وبصفة عامة تثبت الوضعية القانونية والمادية للعقار‬
‫المشاع والشركاء على الشياع‪.‬‬
‫ب) إثبات الملكية بالنسبة للعقار غير المحفظ‬
‫مما ل شك فيه أن الحجج التي يتعين اإلدلء بها إلثبات الملكية الشائعة للعقار غير المحفظ‬
‫تختلف من حالة ألخرى‪ ،‬وذلك تبعا ألسباب كسب الملكية‪ ،‬لذلك سنقتصر على بعض الحالت‬
‫التي تعرض بكثرة على القضاء المغربي منها‪:‬‬
‫‪v‬حالة اكتساب العقار الشائع عن طريق اإلرث‬

‫‪5‬‬
‫إذا كان المال المطلوب قسمته قد اكتسب نتيجة الميراث‪ ،‬فالبد للمدعي من أن يرفق مقاله‬
‫اإلفتتاحي بما يثبت صفته‪ ،‬ومن هنا لبد للمدعي أن يرفق طلبه القضائي‪:‬‬
‫‪ -‬برسم اإلراثة ‪ :‬وهو رسم عدلي يكشف عن موت الموروث وعن عدد الورثة‪ ،‬وعن عالقتهم‬
‫بالموروث‪.‬‬
‫ويتعين أن تكون اإلراثة مشتملة على ذكر تاريخ الوفاة بالضبط‪ ،‬وعلى ذكر جميع الورثة‬
‫بأسمائهم وألقابهم العائلية وأعمارهم وصفتهم ومحل سكناهم وحالتهم الشخصية وبيان المتزوج‬
‫من غيره‪ ،‬ثم ذكر مناب كل وارث منهم‪.‬‬
‫‪ -‬رسم التركة ‪ :‬رسم يكشف عن األموال التي خلفها الميت‪ ،‬ولبد من تحديدها بدقة كبيرة سواء‬
‫فيما يتعلق بالمنقول أو العقار‪ ،‬ويجب أن يقدم كل شيء على حدة‪ ،‬بما في ذلك متاع البيت‪ ،‬إن‬
‫كانت له أهمية كبرى‪.‬‬
‫والمالحظ أن اإلحصاء يتعلق باألموال المتروكة في دائرة نفوذ كل محكمة توثيقية على حدة‪،‬‬
‫ومن ثم إذا كانت األموال تدخل في دائرة محكمة أخرى‪ ،‬فالبد من اإلحالة على هذه المحكمة‬
‫التوثيقية قصد تحرير رسم ملحق‪ ،‬وإذا ظهرت أموال أخرى للهالك كانت مختفية عمدا أو خطأ‪،‬‬
‫فال مانع يمنع من تحرير رسم إضافي لها[‪.]23‬‬
‫‪ -‬رسم الملكية ‪ :‬وهذا الرسم عبارة عن وثيقة تنشأ شهادة مجموعة من األشخاص على واقعة‬
‫يعلمونها شخصيا بحكم المجاورة والمخالطة واإلطالع على األحوال‪ ،‬يصرحون بهذا أمام‬
‫العدلين المنتصبين لإلشهاد حول ملكية فالن الفالني للملك الفالني وفق الشروط المحددة‬
‫شرعا[‪.]24‬‬
‫‪v‬حالة اكتساب العقار المطلوب قسمته عن طريق التعاقد‬
‫إذا كان المال المطلوب قسمته قد اكتسبت ملكيته عن طريق العقد‪ ،‬كما لو اشترى شخص عقارا‬
‫معينا‪ ،‬فأصبح تبعا لذلك شائعا بينهما‪ ،‬فالبد للمدعي الذي يرغب في الخروج من حالة الشياع‬
‫يتوجب عليه أن يرفق مقاله اإلفتتاحي بالعقد مصدر الشيوع‪ ،‬كما يجب أن يحتوي هذا األخير‬
‫على نصيب كل شريك‪ ،‬إذ في حالة الشك تعتبر أنصبة المتقاسمين متساوية‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن القسمة تعتبر من العقود الناقلة للملكية‪ ،‬فإن هذه األخيرة ل تثبت إل بإشهاد‬
‫عدلي أو بعقد عرفي أو بلفيف يستند شهودها على مستند خاص‪ ،‬وهذا ما أيدته محكمة‬
‫النقض[‪ ]25‬حيث قضت بما يلي‪" :‬ل تثبت قسمة المشاع إل بحجة صحيحة متنا وسندا‪ ،‬ول‬
‫يتم ذلك إل بما يتم به التفويت‪ ،‬ألنها بيع من البيوع"[‪.]26‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬قواعد فتح مسطرة القسمة العقارية‬
‫إن أطراف دعوى القسمة دائما هم الشركاء في الملك الشائع‪ ،‬حيث يمثلون في الدعوى إما‬
‫بصفتهم مدعين وإما مدعى عليهم‪ ،‬ودعوى القسمة قد ل تقتصر على الشركاء وحدهم بل‬
‫تتعداهم إلى كل الدائنين الذين لهم الحق في التدخل حماية لحقوقهم‪ ،‬كما يمكن أن تمتد حتى إلى‬
‫الغير الذي تؤثر الدعوى على حقوقه‪ ،‬فدعوى القسمة كسائر الدعاوى تفتتح عن طريق مقال‬
‫افتتاحي‪ ،‬ولهذا المقال عناصر أساسية يجب أن يحتوي عليها‪ ،‬وإل اعتبرت الدعوى غير‬
‫مسموعة من الناحية الشكلية‪.‬‬
‫أول ‪ :‬أطراف دعوى القسمة‪:‬‬
‫إن دعوى القسمة التي ترفع من الشريك أو النائب الشرعي الذي يريد فرز نصيبه إما عينا أو‬
‫عن طريق التصفية يمثل في الدعوى كمدع‪ ،‬وهي ترفع على باقي الشركاء اآلخرين حيث‬
‫يمثلون فيها كمدعى عليهم‪ ،‬وتمتد لتشمل الدائنين والغير الذين لهم الحق في التدخل‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أ‪ -‬المدعي‬
‫انطالقا من مقتضيات الفصل ‪ 978‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص على أنه ل يجبر أحد على البقاء في‬
‫الشيوع‪ ،‬ويسوغ دائما ألي واحد من المالكين أن يطلب القسمة‪ ،‬رغم كل شرط مخالف‪ ،‬يمكن‬
‫القول بأن المدعي في دعوى القسمة العقارية هو كل شريك في ملكية العقار الشائع يرغب في‬
‫الخروج من حالة الشياع‪ ،‬ولكي تكون الدعوى مقبولة قانونا‪ ،‬يلزم أن يكون المدعي ذا صفة‬
‫وذا أهلية وذا مصلحة في التقاضي طبقا لنص الفصل األول من ق‪.‬م‪.‬م‪..‬‬
‫وإذا كان شرط المصلحة ل يثير أي إشكال في دعوى القسمة مادام المشرع قد افترض وجود‬
‫هذه المصلحة لدى الشريك بمجرد رفعه لها‪ ،‬ألنه ل يجبر أحد على البقاء في الشيوع‪ ،‬بل اكثر‬
‫من ذلك فإن دعوى القسمة قد تقبل من الشريك في العقار الشائع حتى ولو كانت مصلحته في‬
‫غير ذلك[‪ ،]27‬ونفس الشيء بالنسبة لشرط األهلية الذي يخضع للقواعد العامة[‪.]28‬‬
‫أما المقصود بالصفة فهي توفر سلطة لمباشرة الدعوى‪ ،‬أي إثبات سند المدعي باعتباره طرفا‬
‫في النزاع وقيام عالقة تربطه بالنزاع المعروض على القضاء كمدعي حق لنفسه‪ ،‬أي أن يكون‬
‫شريكا على الشيوع سواء كان شريكا أصليا أو كان خلفا عاما كالوارث أو الموصى له أو خلفا‬
‫خاصا كالمشتري لحصة أحد الشركاء‪ ،‬فإذا توفي شخص ما حل ورثته مكانه كشركاء على‬
‫الشياع‪ ،‬ويستطيع كل واحد منهم أن يرفع دعوى القسمة للمطالبة بنصيبه من التركة يكفيه فقط‬
‫أن يثبت صفته كشريك في المال محل النزاع‪ ،‬فإذا باع أو وهب أحد الشركاء كل حصته للغير‬
‫فإن الشريك البائع أو الواهب يفقد صفته كشريك ويحل محله المشتري أو الموهوب له في‬
‫اكتساب هذه الصفة‪ ،‬ومن ثم فإذا لم تتوفر الصفة في المدعي أو المدعى عليه تحكم المحكمة‬
‫من تلقاء نفسها بعدم قبولها شكال‪ ،‬فإذا كان رافع الدعوى ل يدعي الحق المطلوب لنفسه‪ ،‬ول‬
‫يدعي أنه ينوب عن صاحب الحق الذي يطلبه‪ ،‬فإن الدعوى ل تقبل مهما كانت مصلحة المدعي‬
‫في صدور الحكم في الدعوى واضحة‪ ،‬وعلى ذلك ل تكفي المصلحة وحدها لتخويل شخص‬
‫ما الحق في رفعها إن لم تقترن بالصفة[‪.]29‬‬
‫ب‪ -‬المدعى عليه‬
‫لبد أن يحتوي المقال اإلفتتاحي على من رفعت ضده الدعوى‪ ،‬وهو المدعى عليه الذي قد‬
‫يكون شريكا واحدا أو عدة شركاء‪ ،‬ويتحتم على المدعي أن يبين في مقاله بكل وضوح اسم‬
‫المدعى عليه الشخصي والعائلي وصفته أو مهنته وموطن أو محل إقامته بدقة‪ ،‬وإغفال أحد‬
‫هذه العناصر قد يؤدي إلى عدم قبول الدعوى‪.‬‬
‫فذكر اسم المدعي بشكل واضح يسهل على المدعى عليه معرفة الشخص الذي يخاصمه‪ ،‬كما‬
‫أن ذكر اسم المدعى عليه وموطنه ومحل إقامته بدقة يسهل أمر توجيه اإلستدعاءات والتبليغات‬
‫إليه‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فمهما تعدد الشركاء في المال الشائع‪ ،‬فإن دعوى القسمة تقتضي وجوبا أن‬
‫توجه ضدهم جميعا‪ ،‬ل ضد البعض دون البعض اآلخر[‪.]30‬‬
‫وإذا كان العقار محفظا‪ ،‬فإنه يشترط لختصام باقي الشركاء أن يكونوا قد سجلوا حقوقهم‬
‫بالسجل العقاري لكتساب صفة التقاضي وفق مقتضيات الفصلين ‪ 66‬و ‪ 67‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬لكن هذه الحقيقة القانونية تقابلها حقيقة واقعية تشهد بأن المالك المقيد بالرسم العقاري‬
‫قد يكون متوفيا‪ ،‬وبالتالي انتقلت عنه أهلية الوجوب واألداء‪ ،‬فهل نعتبر بأن الملكية في هذه‬
‫الحالة تنتقل إلى الورثة بحيث يصبحون هم الشركاء الفعليين الذين يتعين إدخالهم في الدعوى‬
‫بصفة أصلية‪ ،‬أم أن هذا اإلنتقال يبقى متوقفا على التسجيل ويظل المتوفى هو الشريك الفعلي؟‬

‫‪7‬‬
‫وبطبيعة الحال ل إشكال إذا بادر فيها الورثة إلى تسجيل إراثتهم بالسجل العقاري‪ ،‬فإذا أراد‬
‫أحد الشركاء الخروج من حالة الشياع‪ ،‬فهل يتعين عليه رفع الدعوى ضد المالك المتوفى الذي‬
‫لزال اسمه مسجال بالرسم العقاري؟ أم يجب عليه مخاصمة الورثة باعتبارهم الشركاء‬
‫الفعليين؟‬
‫لإلجابة عن هذا اإلشكال لبد من تتبع اإلجتهاد القضائي‪ ،‬ففي سنة ‪ 1969‬جاء في قرار‬
‫لمحكمة النقض[‪ ]31‬ما يلي‪ ..." :‬يكون طلب القسمة مقبول إذا أدخل في الدعوى جميع‬
‫الشركاء المقيدين بالرسم العقاري أو ورثتهم حسب ما وقع تعيينهم أثناء سريان المسطرة‪،‬‬
‫وليس على طالب القسمة سد النقص الحاصل في الرسم العقاري من جراء عدم تقييد باقي‬
‫الشركاء فيه‪.‬‬
‫إن المالك على الشياع للعقار المحفظ يعد باقيا على قيد الحياة ما لم تقيد وفاته بالرسم العقاري‪،‬‬
‫وأن الحقوق العينية المنجزة باإلرث من الشريك في العقار المحفظ تعتبر غير موجودة إن لم‬
‫تسجل بالرسم المذكور‪.‬‬
‫وفي حالة ادعاء وفاة شريك دون أن تكون وفاته مسجلة بالرسم العقاري يتعين على طالب‬
‫القسمة توجيه دعواه ضده ل ضد غيره ممن يدعون إرثه ودون تسجيل لحقوقهم‪.‬‬
‫وإذا رجعت شهادة التسليم مشيرة إلى تعذر التبليغ بسبب وفاة المعني باألمر فعلى القاضي‬
‫المختص أن يعتبر المدعى عليه غائبا وأن يعين عنه وكيال عند إنجاز القسمة‪."...‬‬
‫والمالحظ أن هذا القرار قد استند على مندرجات الرسم العقاري ليصرح بأن الموروث لزال‬
‫حيا وذا صفة يتعين توجيه الدعوى ضده‪ ،‬مادامت وفاته لم تقيد بالرسم العقاري‪ ،‬ونالحظ أن‬
‫محكمة النقض من خالل هذا القرار أجازت إمكانية مقاضاة شخص ميت‪ ،‬وهذا التوجه فيه‬
‫خرق واضح لحق الدفاع الذي يعتبر من أهم الركائز التي يقوم عليها مبدأ العدالة‪ ،‬ول يشفع‬
‫لهذا القرار كونه اعتبر المدعى عليه الميت بمثابة غائب يجب أن يعين وكيال عنه‪ ،‬ألن مهمة‬
‫وكيل الغائب تتمثل في المبحث والدفاع عن مصالحه‪ ،‬لكن عمن يبحث وكيل الغائب وهو يعلم‬
‫بأن المدعى عليه ميت‪ ،‬ولهذا فإن محكمة النقض قد تراجعت عن هذا الموقف من خالل قرار‬
‫صادر سنة ‪ 1987‬جاء فيه‪ ..." :‬كون الرسم العقاري مازال مسجال باسم شخص توفي ل‬
‫يعطي لهذا المتوفى أهلية التقاضي‪ ،‬كما ل ينفي عن ورثته الصفة في الدفاع عن حقوقهم في‬
‫التركة‪ ،"...‬والواقع أن ما ذهب إليه هذا القرار من كون بقاء اسم المتوفى مسجال بالرسم‬
‫العقاري ل يجعل منه شخصا حيا يرزق حتى يكون طرفا في الدعوى[‪.]32‬‬
‫ت‪ -‬تدخل دائني الشريك في دعوى القسمة العقارية‬
‫إن الدائنين لهم مصلحة جدية بال شك في التدخل في إجراءات دعوى قسمة المال الشائع في‬
‫هذا اإلطار ينص الفصل ‪ 1241‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن‪" :‬أموال المدين ضمان عام لدائنيه"‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فإن األموال التي يملكها المدين على الشياع تدخل في هذا الضمان الذي‬
‫يمكن أن يتأثر بالقسمة‪ ،‬متى تواطأ وتهاون مع باقي الشركاء على اإلضرار بالدائن كأن يتفق‬
‫معهم على إعطائه نصيبا يقل عن حصته الحقيقية ثم إكمال الباقي بمبلغ من النقود بعيدا عن‬
‫أعين الدائن أو كخصم ديون صورية من أموال المدين على أن ترد إليه بعد ذلك في الخفاء‪،‬‬
‫فالتساؤل هنا يجد مبرره من خالل ما يعرفه الواقع العملي من طرق احتيالية يلجأ إليها أحد‬
‫المالكين على الشياع أو بعضهم لإلضرار بحقوق الدائنين‪.‬‬
‫ومن المبادئ القانونية العامة السائدة في التشريع المغربي أنه ل تركة إل بعد سداد الديون‪،‬‬
‫وتطبيقا لهذه القاعدة على من يتولى عملية تصفية التركة أن يقوم بتحصيل ديون الموروث‬

‫‪8‬‬
‫المترتبة على الغير وتسديد الديون الثابتة في ذمته وتنفيذ الوصايا تطبيقا لآلية الكريمة‪" :‬من‬
‫بعد وصية يوصي بها أو دين"[‪.]33‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬فالغير يمكنه كذلك التدخل في دعوى القسمة مادام له مصلحة أكيدة في‬
‫ذلك طبقا لمقتضيات الفصل ‪ ]34[111‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬فبالرغم من أن المشرع المغربي أقر مبدأ‬
‫نسبية األحكام القضائية من خالل الفصل ‪ 451‬من قانون اللتزامات والعقود[‪ ،]35‬فمن‬
‫الناحية الواقعية هذا المبدأ وحده ل يكفي لصيانة حقوق الغير‪ ،‬ومن ثم فإن التشريعات على‬
‫اختالف مذاهبها تعطي الحق للغير للتدخل في دعوى قائمة ليس طرفا فيها‪ ،‬ومن هذا المنطلق‬
‫نصت المادة ‪ 126‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري ‪" :‬يجوز لكل ذي مصلحة‬
‫أن يتدخل في الدعوى منضما ألحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط‬
‫بالدعوى"[‪.]36‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المحكمة المختصة بالنظر في دعوى القسمة القضائية‬
‫إن القاضي الذي ترفع أمامه دعوى قسمة عقار من العقارات المملوكة على الشياع يكون ملزما‬
‫قبل البت في موضوع الدعوى بأن ينظر إلى ما إذا كانت الدعوى قد رفعت وفق اإلجراءات‬
‫المتطلبة قانونا‪ ،‬وهل هو مختص في البت فيها أم ل‪.‬‬
‫أ‪ -‬شكليات دعوى القسمة‬
‫يقصد بشكليات دعوى القسمة البيانات التي يتعين اإللتزام بها في الطلب الرامي إلى رفع دعوى‬
‫القسمة أمام القضاء‪ ،‬فحسب الفصل ‪ 31‬من ق‪.‬م‪.‬م ترفع دعوى القسمة إلى المحكمة اإلبتدائية‬
‫بمقال مكتوب موقع من طرف المدعي أو وكيله أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر‬
‫به أحد أعوان كتابة الضبط المكلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر‬
‫إلى أنه ل يمكن له التوقيع‪ ،‬وبهذا ل يمكن قبول دعوى القسمة إذا لم تكن متوافرة على هذه‬
‫الشروط الشكلية‪ ،‬فمن الضروري رفع دعوى القسمة بواسطة مقال مكتوب‪ ،‬وهو المقال‬
‫اإلفتتاحي الموقع عليه من طرف المدعي إن باشر الدعوى بنفسه‪ ،‬وكان مأذونا له بالتقاضي‪،‬‬
‫أو من وكيله الذي يكون في الغالب محاميا‪ ،‬ويمكن كذلك للمدعي رفع الدعوى بواسطة تصريح‬
‫شفوي يدلي به شخصيا أمام أحد أعوان كتابة الضبط بالمحكمة اإلبتدائية‪ ،‬الذي يحرر محضرا‬
‫يوقع عليه المدلي بالتصريح‪ ،‬أو يشار إلى أنه ل يمكن له التوقيع‪.‬‬
‫يتضح من هذه القواعد بأن مسطرة دعوى القسمة تكون كتابية‪ ،‬ويؤكد ذلك الفصل ‪ 45‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م الذي ينص على أنه‪" :‬تطبق أمام المحاكم اإلبتدائية قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام‬
‫محاكم اإلستئناف‪."...‬‬
‫وإلى جانب الكتابة في دعوى القسمة هناك شكليات أخرى تتمثل في ضرورة اإلنضباط‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 32‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬بحيث يجب أن يتضمن المقال اإلفتتاحي لدعوى القسمة ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التعريف بأطراف الدعوى‪ ،‬وذلك لتحديد اإلختصاص المحلي للمحكمة وبيان الطرف الذي‬
‫يقع عليه اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -‬بيان موضوع الدعوى الذي هو طلب إجراء قسمة العقار الشائع‪.‬‬
‫‪ -‬ملخص للوقائع المتعلقة بدعوى القسمة‪.‬‬
‫وفي حالة عدم احترام هذه البيانات الشكلية فإن مصير الدعوى يكون هو عدم القبول[‪.]37‬‬
‫ب‪ -‬الجهة المختصة نوعيا للنظر في دعوى القسمة‬

‫‪9‬‬
‫يقصد باإلختصاص النوعي‪ ،‬ذلك اإلختصاص الذي يرجع إلى نوع الدعوى بعض النظر عن‬
‫قيمتها‪ ،‬وتعتبر المحاكم اإلبتدائية هي المرجع العام والعادي أي صاحبة الولية العامة للنظر‬
‫في دعاوى القسمة‪ ،‬فهي تنظر في جميع دعاوى القسمة العقارية‪ ،‬وكذا جميع دعاوى القسمة‬
‫المتعلقة بالتركات[‪ ،]38‬كما تختص محاكم اإلستئناف بالنظر في استئناف أحكام المحاكم‬
‫اإلبتدائية المتعلقة بدعوى القسمة العقارية[‪ ،]39‬أما محكمة النقض فهي من الناحية المبدئية‬
‫محكمة قانون ل محكمة موضوع‪ ،‬وبذلك ل تعتبر درجة ثالثة للتقاضي‪ ،‬بل إن مهمتها تنحصر‬
‫في مراقبة مدى موافقة أحكام المحاكم الدنيا لألصول والقواعد القانونية‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن المحاكم اإلبتدائية تختص بالنظر ابتدائيا مع حفظ حق اإلستئناف أمام‬
‫غرف اإلستئنافات للمحاكم اإلبتدائية إلى غاية ‪ 20‬ألف درهم‪ ،‬وعليه يتضح من خالل هذا‬
‫النص أن جميع دعاوى القسمة التي تتجاوز قيمتها ‪ 20‬ألف درهم يمكن استئنافها أمام محاكم‬
‫اإلستئناف‪ ،‬فالتساؤل المطروح في هذا السياق‪ :‬ما هي الجهة المختصة قضائيا بالنظر في قسمة‬
‫العقار في طور التحفيظ؟‬
‫وبالرجوع إلى اإلجتهاد القضائي نجد محكمة النقض قد أقرت بإمكانية قسمة العقار في طور‬
‫التحفيظ من طرف القضاء العادي‪ ،‬حيث جاء في حيثياتها[‪" :]40‬يتعرض للنقض القرار‬
‫القاضي بعدم قبول الدعوى بعلة أن العقار المطلوب قسمته ضمن أموال التركة هو عقار في‬
‫طور التحفيظ‪ ،‬وبالتالي فاإلختصاص يعود للقضاء العادي"[‪.]41‬‬
‫ت‪ -‬الجهة المختصة مكانيا للنظر في دعوى القسمة‬
‫إذا كان موضوع دعوى القسمة عقارا‪ ،‬فإن الدعوى تقام أمام المحكمة اإلبتدائية التي يوجد‬
‫بدائرتها هذا العقار‪ ،‬غير أنه على الرغم من بداهة هذا اإلجراء إل أنه مع ذلك يطرح بعض‬
‫اإلشكال في الحالة التي توجد فيها عدة عقارات مشتركة ول تقع داخل دائرة نفوذ محكمة‬
‫واحدة‪ ،‬فمن من المحاكم اإلبتدائية يعود لها اإلختصاص بالبت في دعوى قسمة هذه العقارات؟‬
‫وفي هذا الصدد يرى األستاذ محمد الكشبور بأن دعوى القسمة يجب أن ترفع أمام المحكمة‬
‫اإلبتدائية التي يوجد بدائرتها أكبر هذه العقارات قيمة‪ ،‬حيث يقول وإن كانت هذه القاعدة غير‬
‫منصوص عليها في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬ولكنها من المبادئ التي يفرضها المنطق السليم‬
‫وحسن سير العدالة من الناحية اإلجرائية[‪.]42‬‬
‫إل أنه يالحظ بأن هذا الرأي ل يمكن التسليم به مطلقا‪ ،‬ألنه قد يطرح بعض الصعوبات‪ ،‬كما‬
‫هو الشأن بالنسبة للحالة التي تتساوى فيها قيمة العقارات محل القسمة‪ ،‬فما هي المحكمة‬
‫المختصة في هذه الحالة؟ وكيف يتم تحديد قيمة هذه العقارات حتى نعرف العقار األكثر قيمة؟‬
‫فحسب بعض الباحثين أنه إذا تساوت قيمة العقارات المراد قسمتها‪ ،‬فإنه يمكن رفع الدعوى‬
‫أمام أي محكمة وقع عليها اختيار المدعي‪ ،‬وفي حالة النزاع حول تحديد قيمة هذه العقارات‬
‫يرى بأنه يمكن اللجوء إلى الخبرة لتحديد أي العقارات أكثر قيمة[‪.]43‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فنظرا لطبيعة دعوى القسمة بين اعتبارها منشئة للحق أو كاشفة له‪ ،‬فلقد‬
‫تولد التساؤل حول نوع اإلختصاص القضائي الذي ستخضع له هذه الدعوى‪ ،‬لإلجابة عن هذا‬
‫السؤال الذي يختلف بحسب الزاوية التي ينظر منها لهذه الدعوى‪ ،‬فإذا اعتبرنا أن دعوى القسمة‬
‫منشئة للحق‪ ،‬فهي ل محالة ستعتبر مجرد دعوى شخصية لكونها تمنح المتقاضي مجرد حق‬
‫شخصي يمكنه من الحصول على حقه العيني‪ ،‬أما إذا اعتبرناها كاشفة للحق‪ ،‬فإنها ستعتبر‬
‫دعوى عينية لكونها تنصب على حق الملكية الذي هو حق عيني‪ ،‬وبغض النظر عن هذا‬
‫الخالف الفقهي‪ ،‬يالحظ أن المشرع المغربي جزم على أن دعوى القسمة تعتبر كاشفة للحق‬

‫‪10‬‬
‫وليست منشئة له‪ ،‬بحيث نص الفصل ‪ 1088‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن‪" :‬يعتبر كل من المتقاسمين‬
‫أنه كان يملك من األصل األشياء التي أوقعتها القسمة في نصيبه‪ ،‬سواء نصت هذه القسمة عينا‬
‫أو بطريقة التصفية‪ ،‬كما يعتبر أنه لم يملك قط غيرها من بقية األشياء"‪.‬‬
‫ويتضح من خالل هذا النص على كون دعوى القسمة دعوى عينية تدخل ضمن اختصاص‬
‫القضاء الجماعي للمحكمة اإلبتدائية[‪.]44‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مراحل مسطرة القسمة القضائية العقارية وآثارها‬


‫نسعى منهجيا من خالل هذا المطلب التطرق للمراحل التي تمر منها هذه المسطرة‪ ،‬وذلك في‬
‫الفقرة األولى‪ ،‬لكي ننتقل بعذ ذلك لدراسة األثار المترتبة عن هه المسكرة‪ ،‬إذ ماالجدوى من‬
‫دراسة مسطرة بدون معرفة نتائجها وذلك من خالل الفقرة الثانية ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مراحل مسطرة القسمة القضائية العقارية‬
‫بعد تقييد المقال اإلفتتاحي لدعوى القسمة ‪ ,‬يقوم رئيس المحكمة بتعيين القاضي المقرر أو‬
‫القاضي المكلف بالقضية بحسب األحوال‪ ,‬هذا األخير الذي يتتبع مراحل الدعوى ابتداء من‬
‫اإلستدعاء ألول جلسة إلى حين سيرورة القضية جاهزة للبت فيها ‪ ,‬وابتداء من أول جلسة‬
‫يطرح طلب إجراء القسنة العقارية للمناقشة‪ ,‬إذ يتقدم كل طرف بما يعزز طلباته‪ ,‬كما يسمح‬
‫لألطراف باإلنضمام إلى الدعوى بجانب المدعي أو بجانب المدعى عليه‪,‬حفاضا على‬
‫مصالحهم‪ ,‬وهذا ما يعرف بالتدخل اإلرادي[‪ ]45‬بل ويمكن إدخال الغير في دعوى القسمة‬
‫إلزامية[‪ ,]46‬خالل مرحلة المناقشة وقبل إقفال القضية وحجزها للمداولة‪.‬‬
‫وتأتي هذه المراحل تمهيدا لمرحلة إعداد مشروع القسمة التي تعد من أهم المراحل التي تمر‬
‫منها القسمة القضائية العقارية‪ ,‬وذلك لما تتطلبه من إجراءات قانونية وتقنية‪ ,‬ولما يمكن أن‬
‫تحدته م تأتير على حقوق األطراف سواء أكانوا مالما أو أغيارا‪ ,‬بل إن تنفيذ األحكام القضائية‬

‫‪11‬‬
‫بقسمة العقارات برمتها يرتبط أساسا بمدى نجاح األعنال التقنية والقانونية التي عرفتها مرحلة‬
‫إعداد مشروع القسمة ‪ ,‬ثم انتهاء بتنفيذ الحكم القاضي بالقسمة العقارية‪.‬‬
‫أول‪ :‬مرحلة إعداد مشروع القسمة العقارية‬
‫لما كانت مرحلة إنجاز القسمة العقارية عملية معقدة ومركبة في ذاتها‪ ,‬لما تطلبه من إجراءات‬
‫تقنية وقانونية ‪ ,‬فإن األمر يقتضي إسناد هذه المهمة إلى الخبير العقاري باعتباره صاحب‬
‫اإلختصاص في هذا المجال‪ ,‬وذلك عن طريق إصدار حكم تمهيدي يقضي بتعيينه وتحديد‬
‫المهام المنوطة به’‪ ,‬فإذا كان العقار قابال للقسمة العينية أو البتية أعد الخبير مشروعا لقسمته‪,‬‬
‫أما إذا كان غير قابل لها إلغنه يقترح بيعه بالمزاد العلني لتتم قسمته بطريق التصفية ويحدد‬
‫الثمن الذي تنطلق على أساسه المزايدة ‪ ,‬فما هي الجهة التي تقوم بإعداد مشرع القسمة وما هي‬
‫أشكال مشروع القسمة العينية وقسمة التصفية‪.‬‬
‫‪ -1‬الجهة التي تقوم بإعداد مشروع القسمة ‪:‬‬
‫لما كانت القسمة العقارية تتطلب اإللمام بمجموعة من العمليات التقنية والفنية التي يصعب على‬
‫القاضي أن يجيدها كتحديد قيمة العقار أو التعرف على نوع التربة وجودتها أو إعداد مشاريع‬
‫لفرز نصيب كل شريك في العقار وفق رسوم بيانية غاية في الدقة والتحديد‪ ,‬لهذا فإن الن‬
‫األمر يقتضي إناطة هذه المهمة بالخبراء العقاريين باعتبارهم ذوو اإلختصاص في هذا المجال‬
‫ومن هنا تظهر أهمية الخبرة في مجال القسمة العقارية‪ ,‬ولذلك فغالبا ما يعمد القاضي إلى‬
‫إصدار حكم تمهيدي يقضي بتعيين خبير أو عدة خبراء إلعداد مشروع القسمة من خالل تقرير‬
‫يجب أن يكون في حدود المهام المنوطة به ‪ ,‬بحيت ينص الفصل ‪59‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ,‬على أنه " إذا‬
‫أمر القاضي بإجراء خبرة عين الخبير الذي يقوم بهذه المهمة تلقائيا أو باقتراح األطراف‬
‫واتفاقهم‪ "...‬ومعنى ذلك أن للقاضي الحق في اللجوء إلى الخبرة " كلما اقتضت إجراءات‬
‫الدعوى ذلك حيت يقوم بتعيين الخبير إما من تلقاء نفسه ‪ ,‬أو بناء على اقتراح األطراف‬
‫واتفاقهم‪ ,‬فللمدعي أن يطلبها سواء في مقاله اإلفتتاحي أو في مقال إضافي‪ ,‬ويمكن للمدعى‬
‫عليه كذلك أن يطلبها في مقال مقابل أثناء النظر في الدعوى ‪ ,‬كما يمكن للطرفين معا أن يتفقا‬
‫على تقديم عريضة بذلك[‪ .]47‬وتعتبر الخبرة من أهم المراحل التي تمر منها القسمة العقارية‬
‫‪ ,‬حتى أن أحد الفقهاء اعتبرها – أي الخبرة – عرفا قضائيا في مجال القسمة‪ ,‬الشيء الذي‬
‫يجعلنا نتساءل عن مدى إلزامية الخبرة في دعوى القسمة العقارية؟‬
‫على مستوى محكمة النقض من خالل قراراتها أنه يجب على المحكمة قبل الحكم بعدم قابلية‬
‫العقار المتنازع فيه للقسمة ألي سبب كان‪ ،‬الوقوف على عين المكان مستعينة في ذلك بالخبرة‬
‫الضرورية‪.‬‬
‫أما على مستوى قضاء الموضوع فنالحظ بأن جل األحكام والقرارات في مجال القسمة ‪ ,‬تقضي‬
‫بإصدار حكم تمهيدي إلجراء الخبرة كلما تعلق األمر بقسمة عقارية‪.‬؟‬
‫وهذا ما يزكي ما ذهب إليه أحد الفقهاء ؟ من كون الخبرة تعتبر ضرورية في دعوى القسمة‬
‫العقارية‪ .‬ومن الناحية المبدئية يجب أن يكون الخبير الذي يتم تعيينه مسجال بجدول المحكمة؟‪,‬‬
‫وإذا تعلق األمر بعقار محفظ فإن الخبير يجب أن يكون مهندسا طوبوغرافيا لتكون الخبرة‬
‫قانونية وقابلة للتطبيق من طرف المحافظ على المالك العقارية والرهون وهذا ماينسجم مع‬
‫مقتضيات الفصل‪ 54‬من‪ .‬ظ‪ .‬ت‪.‬ع ‪.‬‬
‫‪ -2‬مهام الخبير في دعوى القسمة العقارية ‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫مما ل شك فيه أن مهام الخبير يجب أن تكون محددة بدقة من طرف القاضي في الحكم التمهيدي‬
‫القاضي بتعيينه في دعوى القسمة‪ ,‬على أساس أن تكون فنية ل عالقة لهل بالقانون‪ ,‬طبقا‬
‫للفصل‪ 59‬من ق‪.‬م‪.‬م ويجب على الخبير أن يقدم جوابا محددا وواضحا على كل سؤال فني‪ ,‬؟‬
‫وذلك في شكل تقرير غالبا ما يكون مكتوبا و يرفق بالبيانات والرسوم التي تبين مضمونه‬
‫ويطلق عليه " مشروع القسمة" ‪.‬‬
‫ومن بين مهام الخبير في دعوى القسمة نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫· القيام بقسمة العقار عينا إذا كان قابال للقسمة العينية‪ ،‬وهذه مسألة تفرض أن تكون أنصبة‬
‫الشركاء محددة تحديدا دقيقا‪.‬‬
‫· تحديد ما إذا كان العقار قابال للقسمة العينية أم ل‪ ،‬وإذا كان غير قابل للقسمة العينية اقترح‬
‫ثمنا انطالقا من البيع بالمزاد العلني لقسمته بطريق التصفية‪.‬‬
‫· تحديد مدى مطابقة رسم الشراء على العقار محل دعوى القسمة‪.‬‬
‫· تحديد الجزء الذي وقع عليه الترامي من العقار محل القسمة‪.‬‬
‫هذا ويجب على الخبير أن يستدعي األطراف ووكالئهم لحضور إنجاز الخبرة‪ ،‬ويتضمن هذا‬
‫اإلستدعاء تاريخ ومكان وساعة إنجازها وذلك قبل خمسة أيام على األقل من الموعد‬
‫المحدد[‪ ،]48‬لكن اإلشكال المطروح هو ماذا لو قام الخبير باستدعاء جميع األطراف بصفة‬
‫قانونية وتغيبوا رغم ذلك‪ ...‬؟‬
‫لقد نظم المشرع المغربي هذه الحالة في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 63‬من ق‪.‬م‪.‬م حيث ألزم‬
‫الخبير بأن ل يقوم بمهمته إل بحضور أطراف النزاع ووكالئهم أو بعد التأكد من توصلهم‬
‫باإلستدعاء بصفة قانونية‪ ،‬والمالحظ أن المشرع استعمل عبارة التأكد باإلستدعاء بصفة‬
‫قانونية‪ ،‬فكيف يتأكد الخبير من توصل األطراف باإلستدعاء بصفة قانونية؟‬
‫إن هذه العبارة قد تفتح المجال ألكثر من تأويل‪ ،‬ونعتقد بأنه كان على المشرع أن ينص على‬
‫أنه‪" :‬يجب على الخبير أل يقوم بمهمته إل بحضور أطراف النزاع ووكالئهم بعد استدعائهم‬
‫بصفة قانونية‪ ."...‬وهذه األخيرة تكون في حالة اإلستدعاء عن طريق البريد المضمون مع‬
‫اإلشعار بالتوصل‪ ،‬وتجدر اإلشارة أنه إذا لم يقم الخبير بإنجاز الخبرة داخل األجل المحدد له‬
‫من طرف القاضي أو لم يقبل القيام بها‪ ،‬عين القاضي بدون استدعاء األطراف خبيرا آخر بدل‬
‫منه وأشعر فورا األطراف بهذا التغيير[‪.]49‬‬
‫ثانيا‪ :‬أشكال مشروع القسمة العينية وقسمة التصفية‬
‫إذا كانت القسمة العينية ممكنة‪ ،‬فإن تقرير الخبير لبد أن يحدد شكال من أشكالها‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫غير ممكنة‪ ،‬فيتم اللجوء إلى قسمة التصفية كما سيأتي توضيحه فيما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬مشروع القسمة العينية للعقار الشائع‬
‫إن المشرع المغربي وعلى غرار غيره من التشريعات المقارنة‪ ،‬لم يعرف القسمة العينية‪ ،‬وقد‬
‫عرفها أحد الفقهاء[‪ ]50‬بأنها تلك التي تجري بتقسيم الشيء المشترك إلى عدة أقسام مفرزة‬
‫بعضها عن بعض‪ ،‬بحيث تكون متفقة مع حصص الشركاء الذين يستقل كل واحد منهم بقسم‬
‫يناسب حصته‪ ،‬بكيفية تضع حدا لحالة الشياع‪ .‬وتحديد ما إذا كان العقار قابال للقسمة العينية أم‬
‫ل مسألة غالبا يقرر بشأنها الخبير المختص‪.‬‬
‫ولإللمام بمختلف أنواع مشروع القسمة العينية يتعين علينا أن نوضح أنواع القسمة العينية ثم‬
‫الطريقة الفنية إلعداده وأخيرا المصادقة عليه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫بداية نشير إلى أن القسمة العينية للعقار نوعين‪ ،‬فهناك القسمة العينية الشاملة والقسمة العينية‬
‫الجزئية‪.‬‬
‫أ) القسمة العينية الشاملة‬
‫وهي القسمة التي يخرج منها جميع الشركاء من الشيوع‪ ،‬بحيث يختص كل شريك بملكية‬
‫الحصة التي آلت إليه عن طريق عملية اإلفراز التي يقوم بها الخبير انطالقا من إحدى الطرق‬
‫التالية[‪:]51‬‬
‫‪ -‬فرز حصص المتقاسمين على أساس أصغر نصيب‪.‬‬
‫‪ -‬فرز حصص المتقاسمين على أساس التجنيب‪.‬‬
‫‪ -‬القسمة العينية للعقار مع المدرك أو المعدل‪.‬‬
‫ب) القسمة العينية الجزئية‬
‫وهي التي يقتصر فيها على الخروج من الشياع بعض الشركاء دون البعض اآلخر‪ ،‬كأن‬
‫يخصص جزء من عقار أو عدة عقارات صالح لإلنتفاع به لمجموعة من األشخاص فضلوا‬
‫البقاء على الشيوع في ذلك الجزء‪ ،‬بينما يتم قسمة الجزء اآلخر بين األشخاص الذين فضلوا‬
‫الخروج من الشياع‪ ،‬وهذه الحالة تقتضي تعيين خبير قبل صدور الحكم لتحديد تلك األجزاء‪،‬‬
‫وبيان عدد األشخاص الذين يفضلون البقاء على الشيوع‪ ،‬ثم إطالع المشتاعين على تقرير‬
‫الخبير وتقديم مالحظاتهم بشأنه[‪.]52‬‬
‫‪ )2‬الطريقة الفنية إلعداد مشروع القسمة العينية للعقار‬
‫إذا كانت الخبرة تعتبر عرفا قضائيا في دعاوى القسمة‪ ،‬فإن الواقع العملي أفرز مجموعة من‬
‫اإلشكاليات نتجت عن الفراغ التشريعي في مجال الطريقة الفنية التي يتعين على الخبير اتباعها‬
‫إلعداد مشروع القسمة وفرز حصص الشركاء‪ ،‬فما هي المعايير الفنية التي يجب اعتمادها‬
‫إلعداد مشروع القسمة ؟‬
‫أ) المعايير الفنية لقسمة العقار الفالحي‪:‬‬
‫إن المغرب كبلد فالحي تشكل فيه األراضي الفالحية قطب الرحى لصراع اجتماعي واقتصادي‬
‫غايته اإلستحواذ على األجزاء األكثر إنتاجية‪ ،‬والخبرة رغم بساطتها قد تؤثر بشكل مباشر أو‬
‫غير مباشر على الحياة اإلقتصادية واإلجتماعية ألطراف الصراع‪ ،‬لهذا يتعين على الخبير‬
‫اإلسترشاد بالمعايير التالية‪:‬‬
‫‪ -‬جودة العقار الفالحي محل القسمة‪.‬‬
‫‪ -‬وجود الماء بالعقار أو عدم وجوده‪.‬‬
‫‪ -‬نوع التضاريس التي ينتمي إليها العقار محل القسمة‪.‬‬
‫‪ -‬قرب العقار من الطريق العام‪.‬‬
‫‪ -‬وجود البناءات والمنشآت بالعقار محل القسمة‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫ب) إشكالية قسمة العقار في المدار الحضاري‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 58‬من القانون المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم‬
‫العقارات[‪ ]53‬على أنه‪" :‬في الجماعات الحضرية والمراكز المحددة والمناطق المحيطة بها‬
‫والمجموعات الحضرية والمناطق ذات صبغة خاصة وكل منطقة شملها وثيقة من وثائق‬

‫‪14‬‬
‫التعمير موافق عليها كمخطط توجيه التهيئة العمرانية أو تصميم تنمية تجمع قروي‪ ،‬تتوقف‬
‫على الحصول على إذن سابق للتقسيم‪.‬‬
‫‪ -‬كل بيع أو قسمة يكون هدفها أو يترتب عليها تقسيم عقار إلى بقعتين أو أكثر غير معدة إلقامة‬
‫بناء عليها‪.‬‬
‫‪ -‬بيع عقار لعدة أشخاص على أن يكون شائعا بينهم إذا كان من شأن ذلك أن يحصل أحد‬
‫المشترين على األقل على نصيب شائع تكون المساحة المطابقة له دون المساحة التي يجب أل‬
‫تقل على مساحة البقع األرضية بمقتضى وثيقة من وثائق التعمير أو دون ‪ 2500‬متر مربع‬
‫إذا لم ينص على مساحة من هذا القبيل"‪.‬‬
‫والمالحظ على هذا النص أنه نص فقط على عبارة القسمة بصفة عامة دون تحديد هل يتعلق‬
‫األمر بالقسمة الرضائية أم القضائية؟ لكن الراجح أن المقصود هو القسمة بنوعيها ألن أي‬
‫تفسير غير هذا سيفرغ النص من محتواه‪ ،‬وما تجب اإلشارة إليه أن ما يعرقل الخبرة في المدار‬
‫الحضري كون الوكالت الحضرية تطلب أداء رسوم مقابل تقديم بطاقة المعلومات فضال عن‬
‫عدم تغطيتها لمجموعة من المدن‪.‬‬
‫ت) المصادقة على مشروع القسمة العينية‬
‫عندما ينجز الخبير المطلوب منه في دعوى القسمة العقارية‪ ،‬يضع تقريرا مفصال عن ذلك‬
‫مرفقا بنسخة تصميم القسمة العينية‪ ،‬ونسخة من تصميم للقسمة العينية‪ ،‬ونسخة تصميم عقاري‬
‫مفصل‪ ،‬ونسخة الوكالية في حالة وجودها‪ ،‬وغير ذلك من الوثائق الضرورية بكتابة ضبط‬
‫المحكمة التي عينته‪ ،‬وإذا تبين للمحكمة أن تقرير الخبير جاء كما ينبغي‪ ،‬فإن منطوق الحكم‬
‫يقتصر على المصادقة على تقرير الخبير والتصميم المرفق به واللذان يجسدان مشروعا للقسمة‬
‫العينية الذي يصبح قابال للتنفيذ‪.‬‬
‫ث) قسمة التصفية‬
‫وهي تلك التي تؤدي إلى بيع العقار المطلوب قسمته عن طريق المزاد العلني وتوزيع ثمنه بين‬
‫المشتاعين كل بحسب منابه[‪ ،]54‬ول يلجأ إليها إل إذا تعذرت قسمة العقار عينا‪ ،‬ومن بين‬
‫حالت قسمة التصفية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬حالة تعذر القسمة العينية[‪.]55‬‬
‫‪ -2‬حالة كون القسمة العينية ممكنة لكن بحدوث ضرر[‪.]56‬‬
‫‪ -3‬حالة اتفاق األطراف على قسمة التصفية‪.‬‬
‫وبخصوص الحالة األولى‪ ،‬نالحظ بأنها قد تطرح بعض اإلشكاليات على مستوى الواقع العملي‪،‬‬
‫بحيث تصطدم في بعض األحيان مع قاعدة البت في حدود الطلبات المنصوص عليها في الفصل‬
‫‪ 3‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل قرار للمجلس األعلى[‪.]57‬‬
‫ثالثا ‪ :‬تنفيذ الحكم العقاري القاضي بإجراء القسمة‬
‫إن األحكام القاضية بالقسمة يمكن إدراجها ضمن األحكام التي تأمر بالقيام بعمل‪ ،‬إل أنها ل‬
‫تهدف إلى إفراغ المحكوم عليه من العقار بصفة كلية وإخراجه منه‪ ،‬وإنما تهدف إلى وضع حد‬
‫لحالة الشياع كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫‪ )1‬تنفيذ الحكم القاضي بالقسمة العينية ‪:‬‬
‫بين المشرع كيفية تنفيذ الحكم القاضي بالقسمة العينية من خالل الفصل ‪ 261‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وقد‬
‫جاء فيه‪" :‬إذا أصبح الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬أجريت القرعة بواسطة كتابة الضبط‬

‫‪15‬‬
‫الذي يسلم األنصبة بعد القرعة حال ألصحابها وملخصات محضر القسمة كال أو بعضا‬
‫المطلوبة من األطراف"‪.‬‬
‫وإذا تعلق األمر بقسمة عقار محفظ‪ ،‬فإن تنفيذ الحكم بالقسمة يقتضي تأسيس رسوم عقارية‬
‫بديلة للرسم العقاري األصلي المشاع‪ ،‬مما يجعل عملية التقسيم في حد ذاتها بمثابة تأسيس‬
‫لرسوم عقارية جديدة[‪ ،]58‬وهذا ما تنص عليه الفقرة األولى من الفصل ‪ 54‬من ق‪.‬ت‪.‬ع‪،‬‬
‫وينص الفصل ‪ 77‬و ‪ 67‬من القانون نفسه أن زيادة على هذا لبد لصاحب الحق أن يتوجه إلى‬
‫المحافظة للمطالبة بإنشاء رسم عقاري خاص بالجزء الذي آل إليه‪.‬‬
‫وإذا قضى الحكم بقسمة عينية لعقار غير محفظ‪ ،‬فإن تنفيذه يتم وفقا لمنطوقه‪ ،‬فإذا قضت‬
‫المحكمة بالقسمة العينية تبعا لتقرير الخبرة التي سبق أن عينته‪ ،‬وأعد مشروع القسمة‪ ،‬فإن هذه‬
‫األخيرة تتم عن طريق القرعة إذا كانت حصص الشركاء متساوية أو غير متساوية أو‬
‫بمعدل[‪ ،]59‬أما إذا كانت حصص الشركاء غير متساوية وتمت المصادقة على مشروع‬
‫القسمة‪ ،‬فإن تنفيذ الحكم يتم باستدعاء األطراف لعين المكان‪ ،‬وتجدر اإلشارة على أن عدم‬
‫حضور المحكوم عليه رغم استدعائه ل يؤدي إلى إبطال التنفيذ[‪.]60‬‬
‫‪ )2‬تنفيذ الحكم القاضي بقسمة العقار عن طريق التصفية ‪:‬‬
‫إن تنفيذ الحكم القاضي بقسمة العقار قسمة تصفية تقتضي بيع هذا األخير بالمزاد العلني انطالقا‬
‫من الثمن الذي حددته الخبرة المصادق عليها من طرف المحكمة ثم توزيع ثمنه الذي رسا عليه‬
‫المزاد بين الشركاء‪ ،‬حسب نصيب كل واحد منهم[‪ ،]61‬لكن بالرجوع إلى المقتضيات المنظمة‬
‫للقسمة القضائية يتبين بأن المشرع لم يشر نهائيا إلى اإلجراءات التي يتعين اتباعها من أجل‬
‫بيع العقار بالمزاد العلني وقسمة ثمنه بين الشركاء‪ ،‬الشيء الذي يجعلنا نحيل على إجراءات‬
‫البيع بالمزاد العلني المتعلقة بتحقيق الرهن‪ ،‬والتي يتخللها العديد من اإلشكاليات التي تعوق‬
‫تنفيذ هذا الحكم‪ ،‬إذ غالبا ما يفرز لنا الواقع العملي لجوء بعض الشركاء أو غالبيتهم إلى‬
‫مجموعة من الحيل القانونية إلعاقة بيع العقار بالمزاد العلني‪ ،‬بحيث يقوم الشركاء بالتواطؤ‬
‫مع المتزايدين على عدم تقديم أي عرض أو تقديم عروض غير كافية ل تتناسب مع قيمة العقار‬
‫بغية تطويل المسطرة‪ ،‬واإلضرار بحقوق باقي الشركاء‪ ،‬ويستمر الوضع على هذا الحال رغم‬
‫إعادة المزايدة أكثر من مرة‪ ،‬علما أن رئيس المحكمة هو الذي يشرف على عملية التنفيذ الذي‬
‫ل يملك صالحية إنزال الثمن الذي سبق تحديده من جانب المحكمة‪ ،‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬ما هو‬
‫الحل الذي يمكن اتخاذه؟ بالرجوع إلى الفقرة األولى من الفصل ‪ 26‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي ينص على‬
‫أنه‪" :‬تختص كل محكمة‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات الفصل ‪ 149‬بالنظر في الصعوبات المتعلقة‬
‫بتأويل أو تنفيذ أحكامها أو قراراتها وخاصة في الصعوبات المتعلقة بالمصاريف المؤداة‬
‫أمامها"‪.‬‬
‫يستفاد من خالل ما سبق أن تعديل الثمن اإلفتتاحي للمزايدة ل يمكن أن يتم إل من خالل مراجعة‬
‫المحكمة المصدرة للحكم‪ ،‬وذلك في إطار الصالحية المخولة لها إذا كانت قسمة التصفية تبقي‬
‫الشركاء في حالة الشياع إلى غاية بيع العقار بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه عليهم‪ ،‬فهل يحق لهم‬
‫في هذه الحالة أن يستفيد أحد الشركاء بطلب شفعة العقار موضوع البيع؟‬
‫فقراءة الفصل ‪ 473‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي ينص على أن‪" :‬يخطر في حالة الشياع عون التنفيذ في‬
‫حدود اإلمكان شركاء المنفذ عليه في الملكية بإجراءات التنفيذ المباشرة ضد شريكهم حتى‬
‫يتسنى لهم المشاركة في السمسرة"‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫يتضح من خالل هذا الفصل على أن عدم جواز األخذ بالشفعة في البيع بالمزاد العلني ويضيف‬
‫الفقيه محمد خيري على أن إخطار الشركاء حجة عليهم‪ ،‬إذ يكون بإمكانهم أن يشاركوا في‬
‫المزاد‪ ،‬ويشتروا الحصة المعروضة للبيع ويمنعوا األجنبي من التدخل‪ ،‬ولذلك فال شفعة في‬
‫المزاد العلني‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن القانون المغربي سكت عن هذه الفرضية والفصل ‪473‬‬
‫يعتبر من الملطفات التي يمكن اإلستعانة بها‪ ،‬مما يجعل الفقه ينقسم إلى عدة آراء‪ ،‬بحيث يرى‬
‫األول[‪ ]62‬أن البيوع التي تجيز للشفعة هي البيوع الرضائية‪ ،‬على عكس البيع الجبري‪ ،‬فال‬
‫يعطى للشركاء حق ممارسة الشفعة‪ ،‬ويرى ابن معجوز أن البيع بالمزايدة من البيوعات التي‬
‫تثبت فيها والشفعة سواء كان هذا الشريك حاضرا أثناء المزايدة أم ل‪.‬‬
‫نشير في األخير إلى أن هناك رأي وسط يرى بأن الشفعة للشريك الذي لم يحضر للمزايدة إذا‬
‫لم يتم إعالمنه بها‪ ،‬أما إذا كان حاضرا بها ولم يشارك فيه أو استدعي ولم يحضر فإنه ل شفعة‬
‫له[‪.]63‬‬
‫أما بالنسبة للقضء المغربي‪ ،‬فقد صدر عن محكمة النقض تقضي بأحقية الشركاء على الشياع‬
‫في ممارسة البيع بالمزاد العلني‪ ،‬أما على مستوى القضاء المقارن يرى أنه ل تثبت الشفعة إذا‬
‫كان العقار قد خرج عن ملك المشفوع منه جبرا‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار القسمة‬
‫إذا كانت عملية القسمة العقارية في جانبها القانوني تهدف إلى تحسين الوضعية المادية‬
‫والقانونية للعقارات الشائعة‪ ،‬عن طريق إفراز حصص الشركاء وجعلها محددة ومملوكة ملكية‬
‫خالصة على سبيل النفراد والستئثار لكل شريك متقاسم‪ ،‬والخروج من النمط التقليدي للملكية‬
‫الشائعة الذي يعد عائقا أمام تحقيق الستثمار العقاري المعول عليه للمساهمة في التنمية‬
‫القتصادية والجتماعية على المستوى المحلي والوطني‪ ،‬فإن تحقيق هذه األهداف رهين بمدى‬
‫ضمان الشركاء المتقاسمين لحصص بعضهم البعض مما يقع من تعرض أو استحقاق أو عيب‬
‫خفي‪ ،‬وتمكين كل شريك من حقه في واجب استعمال واستغالل العقار أثناء مرحلة الشيوع‪،‬‬
‫وذلك لما يحققه هذا الضمان من عدالة ومساواة بين الشركاء المتقاسمين ألنه وكما يقال المساواة‬
‫روح القسمة[‪.]64‬‬
‫ووعيا من المشرع المغربي بهذه األمور‪ ،‬فقد نظم مختلف أحكام اإلفراز‪ ،‬كما أحال بخصوص‬
‫أحكام الضمان على تلك المتعلقة بعقد البيع في إطار قانون اإللتزامات والعقود مع مراعاة‬
‫خصوصيات ظهير التحفيظ العقاري فيما يتعلق بقسمة العقار المحفظ‪ ،‬ونظرا لما لعملية إفراز‬
‫حصص الشركاء المتقاسمين من أهمية تجعلها جديرة بالدراسة والتحليل‪ ،‬فإننا سنعمد إلى‬
‫التطرق إلها في (الفقرة األولى) وذلك قبل بحث األسس القانونية للضمان ومقابل استعمال‬
‫واستغالل حصص هؤلء الشركاء في (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫أول‪ :‬إفراز حصص الشركاء في العقار الشائع‬
‫إن من بين أهم اآلثار التي تترتب عن القسمة القضائية العقارية‪ ،‬نجد فرز حصص الشركاء‬
‫في العقار الشائع حيث تتحول حصة الشريك من حصص رمزية مجردة إلى أجراء مادية‬
‫مفرزة‪ ،‬ينحصر حق كل شريك متقاسم في جزء منها‪ ،‬ويكون هذا الجزء معينا ومحددا يمتلكه‬
‫ملكية خالصة على سبيل الستئثار والنفراد‪.‬‬
‫وإذا كان الشريك يعتبر مالكا للحصة التي ستؤول إليه عن طريق القسمة منذ بدء تملكه في‬
‫الشيوع‪ ،‬وأنه لم يملك غيرها من حصص باقي الشركاء‪ ،‬فما هي طبيعة وحدود أثر اإلفراز ؟‬
‫وما مدى تأثير ذلك على المعامالت السابقة عن القسمة ؟‬
‫ولمعالجة هذه اإلشكالية نتعرض بداية ألحكام اإلفراز (أول) على أن نتناول آثر اإلفراز على‬
‫المعامالت السابقة عن القسمة في العقار الشائع (ثانيا) ‪.‬‬
‫أ‪ -‬أحكام اإلفراز‬
‫يقصد بإفراز حصص الشركاء في العقار الشائع اختصاص كل شريك بملكية حصة مفرزة من‬
‫ذلك العقار‪ ،‬وهذا هو األثر الجوهري للقسمة بنوعيها التفاقية والقضائية‪ ،‬حيث يستقل كل‬
‫شريك بملكية الجزء الذي اختص به يمقتضى القسمة‪ ،‬ملكية مفرزة ومستقلة عن غيره من‬
‫الشركاء المتقاسمين[‪ ،]65‬وفي هذا الصدد ينص الفصل ‪ 1088‬من قانون اإللتزامات والعقود‬
‫عل أنه ‪ " :‬يعتبر كل من المتقاسمين أنه كان يملك منذ األصل األشياء التي أوقعتها القسمة في‬
‫نصيبه‪ ،‬سواء تمت هذه القسمة عينا أو بطريق التصفية‪ ،‬كما يعتبر أنه لم يملك قط غيرها من‬
‫بقية األشياء "‪.‬‬
‫يستفاد من هذا الفصل أن فرز حصة الشريك عن طريق قسمة العقار المشاع‪ ،‬يكون بأثر‬
‫رجعي‪ ،‬وكاشف لحق الملكية ل ناقال لها‪ ،‬وعليه سنتناول هذين األثرين كما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬األثر الرجعي للقسمة‬
‫يقصد باألثر الرجعي للقسمة ذلك األثر الذي يفيد أن ما آل إلى الشريك بالقسمة‪ ،‬يعتبر قد آل‬
‫إليه منذ أن تملك في الشيوع‪ ،‬وأن ما لم يؤل إليه يعتبر كأنه لم يكن مملوكا له في يوم من األيام‪،‬‬
‫إذ يفترض بمقتضى األثر الرجعي أن كل وارث قد تملك نصيبه المفرز في التركة منذ موت‬
‫موروثه[‪ .]66‬بحيث يعتبر المتقاسم مالكا للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وأنه‬
‫لم يمتلك غيرها في بقية الحصص‪ ،‬وذلك حماية له من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء‬
‫على العقار الشائع أثناء قيام الشيوع‪ ،‬ومن تم يحصل كل متقاسم على نصيبه المفرز الذي له‬
‫بموجب القسمة مطهرا من هده الحقوق[‪.]67‬‬
‫ويترتب عن ذلك محو مرحلة الشيوع التي أعقبت موت المورث وبقيت إلى أن تمت القسمة‪،‬‬
‫وهي مرحلة قد تطول سنين عديدة‪ ،‬ومع ذلك يتجاهلها األثر الرجعي ويعتبرها كأنها لم تكن ‪.‬‬
‫‪ .2‬األثر الكاشف للحصة المفرزة‬
‫لقد نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 1088‬من قانون للتزامات والعقود على أنه " يعتبر‬
‫كل من المتقاسمين أنه كان يملكؤ‪ è‬منذ األصل األشياء التي أوقعتها القسمة في نصيبه‪ ،‬سواء‬
‫تمت هذه القسمة عينا أو بطريق التصفية كما يعتبر أنه لم يملك قط غيرها من بقية األشياء ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫يتبين من هذا النص أن القسمة ل تنشئ للمتقاسم حقا جديدا‪ ،‬بل تكشف عن حق ثابت له‪ ،‬وهذا‬
‫ما يعرف باألثر الكاشف للقسمة الذي ل يعمل أكثر من أن يقرر وضعا قانونيا قائما من ذي‬
‫قبل دون أن يعدل فيه ‪ .‬ولذلك فالقسمة القضائية كاشفة بطبيعتها لحق الشريك المتقاسم وليست‬
‫منشئة له[‪.]68‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتبين أن القسمة في التشريع المغربي كاشفة لحق الشريك المتقاسم ل ناقلة‬
‫له‪ ،‬وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإلى أي حد يسري هذا األثر على قسمة العقار ؟‬
‫لإلجابة عن هذا التساؤل يجب نميز بين ما إذا كان األمر يتعلق بعقارات محفظة أو بعقارات‬
‫غير محفظة ‪:‬‬
‫‪ -‬األثر الكاشف للقسمة بالنسبة للعقارات المحفظة‬
‫ينص الفصل ‪ 66‬من ظهير التحفيظ العقاري على أن " كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر‬
‫غير موجود بالنسبة للغير إل بتسجيله‪ ،‬وابتداء من يوم التسجيل‪ ،‬في الرسم العقاري من طرف‬
‫المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬ول يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة‬
‫الغير ذي النية الحسنة"‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإن كل ما تم تقييده في السجل العقاري للعقارات المحفظة يعتبر قرينة قانونية‬
‫وحجة قوية يمكن الحتجاج بها تجاه كافة األشخاص‪ ،‬فصاحب الحق لينازعه أحد في حقه‬
‫ألنه بالتسجيل ضمن له الثبات والستقرار [‪.]69‬‬
‫يستفاد من هذا أن قسمة العقار المحفظ ل تنتج أثرها القانوني المتمثل في فرز حصص الشركاء‪،‬‬
‫ل فيما بين المتقاسمين ول بالنسبة للغير إل بتسجيلها‪ ،‬وابتداء من يوم التسجيل في الرسم‬
‫العقاري واستخراج الرسوم التجزيئية للحصص المفرزة من مصلحة القتطاعات بالوكالة‬
‫الوطنية للمحافظة العقارية[‪.]70‬‬
‫ومعنى ذلك أن األثر الكاشف بالنسبة للعقارات المحفظة ينتج عن التسجيل بالرسم العقاري‬
‫وليس عن القسمة‪ ،‬وتسري الملكية المفرزة للعقار الشائع ابتداء من تاريخ هذا التسجيل‪ ،‬وهذا‬
‫ما يعتبر استثناء من مقتضيات الفصل ‪ 1088‬من قانون اللتزامات والعقود‪ ،‬الذي يرتب األثر‬
‫الكاشف ابتداء من تاريخ قسمة العقار[‪. ]71‬‬
‫‪ -‬األثر الكاشف للقسمة بالنسبة للعقارات غير المحفظة‬
‫لقد ظلت العقارات المحفظة سواء قبل الحماية الفرنسية أو أثنائها أو بعدها مبدئيا خاضعة‬
‫لقواعد الفقه المالكي واألعراف المحلية [‪. ]72‬‬
‫وإذا كان الفقه المالكي يعتبر القسمة التفاقية بمثابة بيع‪ ،‬فإنه رتب عنها نفس آثاره حيث اعتبرها‬
‫ناقلة للملكية ل كاشفة لها‪ ،‬وعلى خالف ذلك تعتبر القسمة القضائية كاشفة للملكية وليست ناقلة‬
‫لها‪ ،‬وهذا ما تبناه المشرع المغربي في الفصل ‪ 1088‬من قانون اللتزامات والعقودالمشار‬
‫إليه سابقا‪ ،‬وانطالقا مما سبق يمكننا أن نتسائل عن حدود هذا األثر الكاشف للقسمة بالنسبة‬
‫للعقارات غير المحفظة ؟‬
‫‪ -‬حدود تطبيق األثر الكاشف للقسمة القضائية من حيث التصرفات ‪:‬‬
‫بداية تنبغي اإلشارة إلى اآلثر الكاشف من حيث التصرفات‪ ،‬يطبق على كل تصرف من شانه‬
‫إنهاء حالة الشياع‪ ،‬ويصدق هذا الحكم على القسمة البتية سواء أجريت عينا أم عن طريق‬
‫التصفية وسواء كانت بمعدل أو بغير معدل[‪ ،]73‬أما قسمة المهايئة سواء كانت مكانية أم‬
‫زمانية والتي تعتبر في الحقيقة نوعا من التفاق حول إدارة الشيء الشائع ليس إل‪ ،‬فال يمكن‬
‫أن يطبق بشأنها ألنها ل تنهي الشيوع بكيفية باته[‪. ]74‬‬

‫‪19‬‬
‫وإذا كانت القسمة العينية ل تثير أي إشكال في هذا المجال‪ ،‬فإن قسمة التصفية ‪-‬أي بيع العقار‬
‫بالمزاد العلني واقتسام الثمن بين الشركاء‪ -‬تحتاج إلى توضيح ‪ ،‬بحيث يجب أن ننتبه في هذا‬
‫الشأن إلى أن هناك حالتين ‪:‬‬
‫الحالة األولى ‪ :‬وهي التي يباع فيها العقار المشاع لشخص أجنبي على الشركاء‬
‫ففي هذه الحالة يعتبر الصرف بيعا فيما بين الشركاء والمشتري األجنبي‪ ،‬ومن ثم يجوز‬
‫للمشتري أن يطهر العقار المبيع من الرهون التي ترتب عليه من الشركاء أثناء الشيوع‪ ،‬أما‬
‫توزيع الثمن بين الشركاء فيعتبر قسمة تصفية تترتب عنها جميع آثار القسمة ومنها األثر‬
‫الكاشف [‪.]75‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬وهي التي يتم فيها بيع العقار الشائع ألحد الشركاء‬
‫ففي هذه الحالة يرى بعض الفقه أن البيع قد تم لحساب جميع الشركاء تمهيدا للقسمة ـ وتترتب‬
‫عنه جميع آثار القسمة بما فيها األثر الكاشف‪ ،‬بحيث تسقط تصرفات كل شريك آخر في العقار‬
‫تكون قد صدرت أثناء الشيوع‪ ،‬وبالمقابل تثبت تصرفات الشريك المشتري الذي وقع المال في‬
‫نصيبه‪ ،‬ثم يكون للثمن الراسي به المزاد حكم معدل القسمة‪ ،‬ولكن يتعين دفعه دون إنتهاء عملية‬
‫القسمة[‪.]76‬‬
‫‪ -‬حدود تطبيق اآلثر الكاشف من حيث األشخاص‬
‫يسري اآلثر الكاشف للقسمة على جميع الشركاء المتقاسمين‪ ،‬أي بالنسبة لجميع المالك على‬
‫الشيوع وقت القسمة‪ ،‬يستوي في ذلك من كان يملك في الشيوع منذ البداية ومن كان يملك فيه‬
‫بعذ ذلك مادام أنه مالكا وقت القسمة‪ ،‬ومن ثم يسري األثر الكاشف على جميع الورثة‪ ،‬وكذلك‬
‫على كل شخص غير وارث انتقلت إليه حصة الوارث في الشيوع قبل القسمة‪ ،‬كما يسري في‬
‫حق الغير‪ ،‬فإذا رهن أحد المالك المشتاعين قبل القسمة حصته أو جزءا مفرزا من العقار‬
‫الشائع لدائن مرتهن‪ ،‬فإن هذا الدائن وهو من الغير يسري في حقه األثر الكاشف للقسمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضمان اإلستحقاق والعيب للمتقاسمين‬
‫لقد كان وما يزال اإللتزام بالضمان من اآلثار المترتبة عن القسمة‪ ،‬هذا الضمان الذي يعد بمثابة‬
‫التزام متبادل بين جميع المتقاسمين‪ ،‬وهذا اللتزام بالضمان يستند إلى مبدأ العدالة والمساواة‬
‫حماية لما يفرز لكل متقاسم من نصيب مما قد يصيبه من انتقاص أو استحقاق‪ ،‬ولكي يتحقق‬
‫هذا الضمان لبد من تحقق شروطه (‪ ،)1‬وإذا ما تحققت شروطه فالبد من إعمال آثاره (‪.)2‬‬
‫‪ .1‬شروط الضمان‬
‫لقد عمل المشرع المغربي من خالل مجموعة من المحطات التشريعية تحقيق مبدأ التوازن‬
‫والمساواة بين المتقاسمين وذلك تجسيدا للمبدأ القائل " المساواة روح القسمة"[‪،]77‬‬
‫وتبعا لذلك فقد نص المشرع المغربي على مجموعة من الشروط الواجب توفرها لكي يقوم‬
‫الضمان ويعمل به‪ ،‬وذلك سواء في األحكام العامة أو في القوانين الخاصة‪ ،‬فبداية و بالرجوع‬
‫إلى قانون اإللتزامات والعقود ‪ -‬الذي نضم أحكام ضمان الستحقاق في الفصول من ‪ 533‬إلى‬
‫‪ 548‬ونظم أيضا ضمان العيب في الفصول من ‪ 549‬إلى ‪ 575‬من نفس القانون‪ -‬نجده ينص‬
‫في المادة ‪ 1090‬على أنه ‪ " :‬يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض حصصهم‪ ،‬من أجل األسباب‬
‫السابقة عن القسمة‪ ،‬وفقا ألحكام البيع"‪ ،‬وبالرجوع إلى أحكام الضمان في عقد البيع‪ ،‬وبالضبط‬
‫إلى الفصل ‪ 532‬نجده ينص على أن ‪" :‬الضمان الواجب على البائع للمشتري يشمل أمرين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أولهما حوز المبيع والتصرف بال معارض (ضمان الستحقاق)‪ ،‬ب‪ -‬وثانيهما عيوب الشيء‬
‫المبيع (ضمان العيب)"‪ ،‬إل أن المشرع المغربي ووعيا منه بأهمية القسمة وما تنتج عنها من‬

‫‪20‬‬
‫مشاكل تعرق العمل داخل المحاكم وتجمد العقار محل القسمة مما يخرجه من دائرة التعامل‬
‫والتنمية‪ ،‬باعتبار ان ملفات القمسة القضائية رغم كونها ل تحتل إل نصيبا ضعيفا من الملفات‬
‫العقارية المتنازع بشأنها إلى انها تضل من أشكس هذه الملفات وأعقمها‪ ،‬حتى أن البعض‬
‫يسميها بالملفات المزمنة‪ ،‬وهكذا تدخل المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 324‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية ونص على أنه ‪ " :‬يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض أنصبتهم مما قد يقع عليها‬
‫من تعرص أو استحقاق بسبب سابق عن القسمة إل إذا تم اإلتفاق صراحة على اإلعفاء منه أو‬
‫نشأ بسبب خطأ المتقاسم نفسه"‪.‬‬
‫غير أنه لقيام الضمان يجب توفر بعض الشروط وهي وقوع تعرض أو استحقاق من طرف‬
‫الغير‪ ،‬أو وجود عي خفي في الحصة المقسومة التي آلت غلى المتقاسم نتيجة القسمة‪ ،‬وعدم‬
‫رجوع الستحقاق أو التعرض إلى خطأ المتقاسم المتضرر نفسه ثم عدم وجود شرط يعفي من‬
‫الضمان ‪.‬‬
‫وسنتعرض باختصار لكل شرط من هذه الشروط بالكيفية األتية ‪:‬‬
‫‪ 1.1‬وقوع تعرض أو استحقاق أو عيب خفي في الحصص المفرزة‬
‫ل يتحقق غرض المتقاسم من القسمة لمجرد حصوله على حصة مفرزة من العقار الشائع‪،‬‬
‫وإنما يلزم كل المتقاسمين بضمان انتفاعه انتفاعا مستقرا ل يشوبه أي تعرض أو استحقاق أو‬
‫عيب خفي‪ ،‬فما المقصود بكل من التعرض والستحقاق والعيب الخفي في القسمة القضائية ؟‬

‫‪ -‬التعرض ‪:‬‬
‫إن المقصود بالتعرض في هذا المجال هو التعرض القانوني ل مجرد التعرض المادي كأعمال‬
‫الغصب والتعدي[‪ ،]78‬أي ذلك التعرض الذي يقوم على أساس من القانون‪ ،‬يتمثل في ادعاء‬
‫أحد من الغير حقا على الشيء المفرز في مواجهة المتقاسم‪ ،‬إذا كان من شأن هذا اإلدعاء‬
‫حرمان المتقاسم من إحدى السلطات التي يخولها له القانون[‪.]79‬‬
‫فالتهديد بالستحقاق يجب أن يكون تهديدا له صفة قانونية‪ ،‬مثل رفع دعوى استحقاق أو المطالبة‬
‫بحق ارتفاق‪ ، ...‬ويمكن للمتقاسم أن يعمل على حماية حقه بإحدى الوسائل المتاحة له‪ ،‬وذلك‬
‫ما علم بوجود حق للغير كأن يمتنع عن الوفاء بما التزم به بموجب القسمة بحسب ما التزم به‬
‫من الثمن الذي رسا به المزاد عليه حتى يزول الخطر[‪.]80‬‬
‫ونشير هنا إلى أن مناط تطبيق أحكام ضمان التعرض القانوني هو أن يكون صادرا من الغير‪،‬‬
‫مع العلم بأن الورثة يعتبرون غيرا بخصوص أموالهم الخاصة وهذا ما أكده المجلس األعلى‬
‫"محكمة النقض حاليا" في قرار له جاء فيه ‪ " :‬حيث أن الطرف الحقيقي في الدعوى هو تركة‬
‫الهالك وأن ورثته يعتبرون طرفا فيما تركه‪ ،‬ويعتبرون طرفا في أمالكه الخاصة التي قضت‬
‫بها المحكمة لفائدتهم‪ ،‬ولذلك فهم أغيارا بمقتضى للفصل ‪ 482‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫بالنسبة ألمالكهم ول يعتبرون أغيارا فيما يتعلق بتركة الهالك"[‪.]81‬‬

‫‪21‬‬
‫ويستوي هنا أن يأتي التعرض من الغير أو من أحد المتقاسمين إذ الذي يهم هو حماية النصيب‬
‫الذي آل إلى المتقاسم ل مصدره ‪.‬‬
‫‪ -‬الستحقاق‬
‫يقصد بالستحقاق في مجال القسمة تحقق تجريد المتقاسم من النصيب المفرز المقسوم له لصالح‬
‫الغير‪ ،‬أو بوجه عام إهدار حقوقه أو اإلنتقاص منها عن هذا النصيب نتيجة ثبوت حق الغير‪،‬‬
‫كالحكم له بملكية هذا النصيب‪ ،‬أو بملكية جزء منه أو ثبوت حق انتفاع ويتحقق الضمان كذلك‬
‫متى كانت الحصة التي تمثل نصيب المتقاسم تحت يد الغير ولم يسطع استردادها منهم[‪.]82‬‬
‫‪ -‬العيوب الخفية‬
‫العيوب الخفية الموجبة للضمان هي تلك التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا‪ ،‬أو تلك التي‬
‫تجعلها غير صالحة لالستعمال فيما أعد له بحسب طبيعته‪ ،‬أو بمقتضى عقد قسمة‪ ،‬أما العيوب‬
‫التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو النتفاع وكذلك العيوب التي جرى العرف بالتسامح فيها‪،‬‬
‫فال تخول الضمان‪ ،‬وهذا التمييز يمكن أن يستعين القاضي في القيام به بالخبرة[‪.]83‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أنه بالنسبة للتشريعات المقارنة تستثني العيوب الخفية من‬
‫الضمان في مجال القسمة‪ ،‬فهذه األخيرة تشمل ضمان التعرض والستحقاق ول يمتد إلى‬
‫العيوب الخفية وذلك بنصوص تشريعية صريحة كما هو الشأن بالنسبة للتشريع المغربي الذي‬
‫ينص في المادة ‪ 324‬من مدونة الحقوق العينية على أنه ‪ ":‬يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض‬
‫أنصبتهم مما قد يقع عليها من تعرض أو استحقاق بسبب سابق عن القسمة ‪ ،"...‬وكان على‬
‫المشرع المغربي ضمان العيوب الخفية إلى التعرض والستحقاق‪ ،‬حيث يعتبر وجودها موجبا‬
‫للضمان[‪.]84‬‬
‫‪ 1.2‬أن يكون هذا الضمان ألسباب سابقة عن القسمة‬
‫يشترط لقيام الضمان أن يكون التعرض أو الستحقاق الذي ذهب ضحيته أحد المتقاسمين‪،‬‬
‫مستندا ألسباب سابقة على القسمة‪ ،‬أما إذا كانت هذه األسباب لحقة عليها فال يتحقق أي ضمان‬
‫ويستفاد ذلك صراحة من المادة ‪ 324‬من مدونة الحقوق العينية حينما جاء فيها بأنه ‪ ":‬يضمن‬
‫المتقاسمون بعضهم لبعض أنصبتهم مما قد يقع عليها من تعرض أو استحقاق بسبب سابق عن‬
‫القسمة ‪."...‬‬
‫فإذا كان الغير يستنذ في تعرضه للمتقاسم على حق اكتسبه عن العقار المقسوم قبل أو حين‬
‫القسمة‪ ،‬فإن باقي المتقاسمين يضمنون هذا الحق‪ ،‬أما إذا كان التعرض أو الستحقاق يستند إلى‬
‫حق تم اكتسابه على الشيء المقسوم بعد إجراء القسمة وانتقال الملكية إلى المتقاسم‪ ،‬فإن باقي‬
‫المتقاسمين ل يضمنونه إل إذا كان لهم يدا في اكتساب الغير لهذا الحق[‪.]85‬‬
‫والشرط الذي جاءت به المدونة هو شرط بديهي وقد نصت عليه مختلف التشريعات المقارنة‪،‬‬
‫بحيث نص عليه المشرع المصري وكذا الفرنسي والسويسري‪.‬‬
‫ويرى جانب من الفقه [‪ ]86‬أن المتقاسمين قد يسألون عن الضمان ألسباب لحقة على القسمة‬
‫في بعض الحالت الستثنائية‪ ،‬كما لو ثبت بما ل يدع مجال للشك أن الذي وقع ضحية التعرض‬
‫أو الستحقاق استحال عليه رده كما لو لم يبق إل وقت وجيز لم يتمكن معه المتقاسم من اتخاد‬
‫إجراءات قطع التقادم مثال‪.‬‬
‫‪ 1.3‬أل يكون الستحقاق أو التعرض لسبب ناتج عن خطأ المتقاسم المتضرر‬
‫لكي يستفيذ الشريك المتقاسم من الضمان يجب أل يكون قد ساهم بفعله الخاطئ في مساعدة‬
‫الغير الذي استفاد تبعا لذلك من التعرض أو الستحقاق‪ ،‬إذ يكون طبيعيا في هذه الحالة أن‬

‫‪22‬‬
‫يتحمل المتقاسم المتضرر خطئه دون إجبار المتقاسمين اآلخرين على مشاركته في تحمله‬
‫[‪.]87‬‬
‫ومن التطبيقات القضائية لهذا الشرط ماجاء في قرار [‪ ]88‬صادر عن محكمة النقض والذي‬
‫جاء فيه‪" :‬إن الشريك المتقاسم تقام عليه الدعوى في شأن استحقاق العقار المقسوم‪ ،‬يتعين عليه‬
‫إشعار باقي الشركاء المتقاسمين بها‪ ،‬حتى يتحملوا الضمان الواجب عليهم بمقتضى القانون‬
‫ولما أقيمت عليه الدعوى ولم يشعر بها باقي الشركاء المتقاسمين‪ ،‬واختار مواجهتها بنفسه‪،‬‬
‫سقط حقه في الرجوع عليهم وتحمل هو نتيجة ما يقضي به في هذه الدعوى "‪.‬‬
‫عدم اشتراط اإلعفاء من الضمان‬
‫إن الضمان المتبادل بين المتقاسمين والطي قررته المادة ‪ 324‬من مدونة الحقوق العينية يرمي‬
‫باألساس إلى حماية كل متقاسم مما قد ينقص من نصيبه أو يضيعه عليه لسبب سابق على‬
‫القسمة‪ ،‬فال مساس له إذن بالنظام العام‪ ،‬وبالتالي يستطيع المتقاسمون التحلل من اللتزام‬
‫بالضمان عن طريق التفاق‪ ،‬ومن جهة ثانية فإن المتقاسم المتضرر طبقا للمبادئ العامة‬
‫يستطيع دائما بعد ثبوت حقه في التعرض أن يتنازل عن هذا الحق بكيفية صريحة‪ ،‬ولقد نص‬
‫صراحة الفصل ‪ 544‬من قانون اللتزامات والعقود على مشروعية شرط التفاق على اإلعفاء‬
‫من الضمان وحسب نفس الفصل فإنه ل يكون لشرط عدم الضمان أي أثر في حالتين ‪:‬‬
‫الحالة األولى ‪ :‬إذا بني الستحقاق على فعل شخصي للمتقاسم المستفيذ من الشرط إذ المبدأ انه‬
‫ليس للشخص ان يستفيذ من خطئه ‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬إذا وقع تدليس من المتقاسم المستفي من شرط عدم الضمان‪ ،‬كما لو قام بقسمة‬
‫ملك الغير على علم منه‪ ،‬أو كان يعرف سبب الستحقاق مسبقا ولو يصرح به ‪.‬‬
‫‪ .2‬أحكام الضمان‬
‫إذا ما توفرت الشروط األربعة المتقدمة‪ ،‬ووقع تعرض أو استحقاق فإنه يثبت لهذا المتقاسم‬
‫الذي استحق من نصيبه حق الرجوع على المتقاسمين ويطالبهم بالضمان‪ ،‬وللمتقاسمين‬
‫اآلخرين الملزمين بهذا أن يعوضوا المتقاسم المضرور بطرق حبية وإذا لم تفد الطرق الودية‬
‫في فض النزاع بين المتاقسمين يبقى دائما من حق المتقاسم المتضرر للجوء إلى القضاء[‪.]89‬‬
‫إن بعض التشريعات المقارنة كالتشرع المصري والتشريع الفرنسي فإذا وقع المتقاسم ضحية‬
‫استحقاق في حصته‪ ،‬ل يثبت له إل الحق في التعويض عما ضاع منه‪ ،‬ويلتزم كل متقاسم‬
‫بالتعويض في حدود حصته‪ ،‬وبالنسبة للعيوب الخفية فإن كل هذه التشريعات األجنبية لم تعتبرها‬
‫من األسباب الموجبة للضمان‪ ،‬فمتى كان العيب كبيرا بحيث ينقص من قيمة الحصة أكثر من‬
‫خمسها في التشريع المصري والسوري أو أكثر ن ربعها في التشريع الفرنسي كان سببا كافيا‬
‫للطعن في القسمة بالغبن وليس من أجل العيب الخفي‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتشريع المغربي فقد جاءت مقتضيات المادة ‪ 325‬من مدونة الحقوق العينية‬
‫صريحة في هذا المجال حيث نصت على ما يلي ‪:‬‬
‫"إذا كان العقار غير المحفظ واستحقت حصة المتقاسم كلها أو بعضها بما زاد على الثلث كان‬
‫له أن يطلب فسخ القسمة وإجراء قسمة جديدة فيما بقي من العقار الشائع إذا كان ذلك ممكنا ولم‬
‫يلحق أي ضرر بالغير‪ ،‬فإذا تعذر إجراء قسمة جديدة كان لمستحق الضمان الرجوع على‬
‫المتقاسمين اآلخرين بالتعويض‪ ،‬إذا كان ما استحق من المتقاسم في حدود الثلث فما دون فليس‬
‫له سوى الرجوع على المتقاسمين اآلخرين بالتعويض"‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫يتضح من خالل هذه المادة ان المشرع المغربي حذت حذو التشريعات المقارنة‪ ،‬فالمتقاسم‬
‫المتضرإر ل يثبت له إل الحق في التعويض عما ضاع منه وفي حدود حصته‪ ،‬أما لو كان ما‬
‫استحق في حدود الثلث وما دونه فإنه ل يكون للمتقاسم المتضرر بالستحقاق المطالبة بالقسمة‬
‫من جديد في حالتين ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان ما استحق فاق مقدار الثلث متى كانت القسمة من جديد غير ممكنة أو فيها ضرر‬
‫بالغير ‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كان ما استحق قد بلغ الثلث أو دونه‬
‫وفي الحالتين ل يكون إل الرجوع بالتعويض على المتقاسمين اآلخرين ولو يبين النص هل‬
‫يقدر هذا التعويض بحسب حصص المتقاسمين مناهم من القسمة القضائية أم أن التعويض‬
‫يكون بأداء متساوي من كل المتقاسمين‪ ،‬أتساءل في هذا الصدد حول كيفية تقدير قيمة التعويض‬
‫هل يؤخد بتاريخ الحكم بالقسمة القضائية أم بقيمة العقار الحالية ؟‬
‫إن المادة ‪ 326‬من مدونة الحقوق العينية تداركت هذا األمر ووضعت معيارا يجيب على هذه‬
‫التساؤلت من حيث إن المتقاسمين يتحملون كل واحد بقدر حصته للتعويض الواجب لضمان‬
‫النصيب المستحق للمتقاسمين والعبرة في تقدير هذا التعويض بقيمة النصيب المستحق وقت‬
‫القسمة‪ ،‬وأضافت المادة السالفة الذكر إذا كان أحد المتقاسمين معسرا تم توزيع ما ينوبه على‬
‫مستحقي الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين على أن يعودا عليه في حدود منابه إذا‬
‫أصبح موسرا‪.‬‬
‫أما بخصوص العيوب الخفية لم يتم التطرق لها ولم يعتبرها المشرع المغربي وجودها موجبا‬
‫للضمان ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد ميز المشرع المغربي بين الستحقاق الكلي والستحقاق الجزئي وأعطى لكل‬
‫منهما حكما خا صا به مع العلم بان العيوب الخفية تنفرد هي األخرى بقواعد وأحكام منصوص‬
‫عليها في إطار القواعد العامة ‪.‬‬
‫‪ 2.1‬الستحقاق الكلي‬
‫في حالة وجود الستحقاق الكلي فإن القسمة تفسخ وتعاد على أسس جديدة وعادلة[‪،]90‬‬
‫والمفروض في هذه الحالة أن العين التي وقعت في نصيب أحد المتقاسمين قد استحقت بأكملها‪،‬‬
‫واستطاع األجنبي المتعرض أن يثبت ملكيته لها وأن يستردها من تحت المتقاسم‪.‬‬
‫وتجدر اإل شارة إلى أنه متى وجهت دعوى الستحقاق إلى أحد المتقاسمين‪ ،‬عليه أن يطالب‬
‫بإدخال المتقاسمين األخرين‪ ،‬وعلى المحكمة بدورها أن تنبهه إذا استمر في السير في الدعوى‬
‫باسمه الشخصي‪ ،‬فقد يعرض نفسه لضياع حقه في الرجوع على المتقاسم أو المتقاسمين‬
‫اآلخرين إذا خسر الدعوى[‪. ]91‬‬
‫‪ 2.2‬الستحقاق الجزئي‬
‫إن المشرع المغربي قد منح للمتقاسم في حالة الستحقاق الجزئي فخ القمسة وإجراء قسمة‬
‫جديدة فيما بقي من العقار الشائع إذا كان ذل ممكنا‪ ،‬فإذا تعذر إجراء قسمة جديدة كان لمستحق‬
‫الضمان الرجوع على المتقاسمين اآلخرين بالتعويض[‪.]92‬‬
‫ويستفاد مما سبق أن المتقاسم الذي كان ضحية هذا الستحقاق إذا لم يستطع فسخ القسمة يكون‬
‫له الحق في مطالبة باقي المتقاسمين بتعويض عادل عما نقص من حصته‪ ،‬وقبل اإلنتقال إلى‬
‫الحديث عن أحكام العيوب الخفية‪ ،‬أود أن أشير إلى أن تقدير الستحقاق الجزئي البالغ األهمية‬
‫أم اليسير يعتبر من األمور الواقعية التي ينتقل تقديرها لقاضي الموضوع‪ ،‬ويمكن للمتقاسمين‬

‫‪24‬‬
‫كما يمكن للمحكمة أن تستعين بالخبرة الضرورية للوقوف على أهمية العيب أو على األقل‬
‫تكوين فكرة واضحة عنه[‪. ]93‬‬
‫‪ 2.3‬حكم ضمان العيوب الخفية في القسمة القضائية العقارية‬
‫إذا كان محل القسمة عقارا‪ ،‬وظهر عيب في الحصة المقسومة وجب على المتقاسم أن عمل‬
‫فورا على إثبات حالته بواسطة السلطة القضائية‪ ،‬أو بواسطة خبراء مختصين في ذلك‪ ،‬مع‬
‫حضور الطرف اآلخر أو نائبه إذا كان موجودا بعين المكان‪ ،‬فإذا لم يقم المتقاسم بإثبات حالة‬
‫الحصة المقسومة على وجه سليم تعين عليه أن يثبت أمام المحكمة أن العيب كان موجودا فعال‬
‫عند تسلمه الحصة المعيبة[‪.]94‬‬
‫وإذا ثبت الضمان بسبب العيب الخفي أو بسبب خلو الحصة من الصفات التي كان المتقاسم‬
‫حريصا عليها‪ ،‬كان له الخيار بين أمرين ‪ :‬إما أن يطلب فسخ القسمة وإعادتها على أسس جديدة‬
‫وعادلة‪ ،‬وإما أن يحتفظ بالحصة المعيبة وفي هذه الحالة األخيرة ليس له الحق في ان يطلب‬
‫أي تعويض[‪. ]95‬‬
‫ونود أن نشير في األخير أنه ل يمكن الطعن في قسمة التصفية التي جرت بواسطة القضاء من‬
‫أجل وجود عيب خفي نظرا للضمانات الكثيرة التي تقررها قواعد المسطرة المدنية في هذا‬
‫المجال‪ ،‬وهكذا فاألحكام الخاصة بضمان العيوب تخص فقط القسمة العينية تطبيقا ألحكام‬
‫الفصل ‪ 575‬من قانون اللتزامات والعقود والمحال عليه بواسطة النصوص المنظمة للقسمة‬
‫حيث ينص على أنه " ل دعوى لضمان العيب في البيوع التي تجري بواسطة القضاء"‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الشكالت العملية لدعوى القضائية العقارية‬
‫إذا كان المبدأ القانوني السائد في نظام الملكية الشائعة هو أن ل أحد يجبر على البقاء في‬
‫الشياع[‪ ،]96‬ونظرا لصعوبة تحقيق توافق رضائي بين المالكين على الشياع بخصوص قسمة‬
‫العقار‪ ،‬فإن كلمة الفصل غالبا ما تكون للقضاء الذي يكون ملزما بالبت في دعوى القسمة إذا‬
‫توافرت شروطها ‪.‬‬
‫ودعوى القسمة على غرار بعض الدعاوي تفرز في الواقع العملي عدة إشكالت على مستويات‬
‫متعددة‪ ،‬فعلى المستوى اإلجرائي نجد أنها تتداخل في كثير من األحيان مع دعاوى أخرى‪ ،‬كما‬
‫أن أحكامها قد تصطدم ببعض القوانين التي تفرض تصورا أخر لقسمة العقار‪ ،‬أما على‬
‫المستوى الموضوعي فإشكالية حماية الدائنين تبقى أبرز ما يثار على هذا المستوى‪ ،‬إلى جانب‬
‫ذلك فمرحلة التنفيذ تشهد بدورها بروز بعض الصعوبات سواء تعلق األمر بالقسمة العينية أو‬
‫البتية‪.‬‬
‫فما هي هذه اإلشكالت التي تثيرها دعوى القسمة ؟ وما موقف كل من المشرع والقضاء منها‬
‫؟ وما السبيل إلى تجاوزها ؟‬
‫هذه األسئلة سنحاول مقاربتها من خالل مطلبين ‪ :‬نتناول في المطلب األول ‪ :‬إشكالت دعوى‬
‫القسمة على المستوى الموضوع ‪ ،‬بينما نخصص المطلب الثاني إلشكالت دعوى القسمة على‬
‫مستوى التنفيذ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬إشكاالت دعوى القسمة من حيث اإلجراءات‬
‫ينتج عمليا عن رفع دعوى القسمة العديد من اإلشكالت الناتجة باألساس عن ارتباط هذه‬
‫الدعوى ببعض الدعاوي‪ ،‬خاصة دعوى الشفعة‪ ،‬كما أنها قد تكون مرفوقة بدعوى أخرى هي‬
‫دعوى مقابل الستغالل‪ ،‬كما أنه قد تثار هذه اإلشكالت عند تضارب أحكام دعوى القسمة مع‬

‫‪25‬‬
‫مقتضيات بعض القوانين خاصة قانون نزع الملكية ألجل المنفعة العامة والحتالل المؤقت‪2‬‬
‫‪ ،‬وقانون ‪ 90-25‬المتعلق بالتجزئة العقارية‪.3‬‬
‫ولدراسة مختلف هذه اإلشكالت سنتناول في الفقرة األولى تداخل دعوى القسمة مع بعض‬
‫الدعاوي‪ ،‬وفي الفقرة الثانية تضارب أحكام دعوى القسمة مع بعض القوانين‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تداخل دعوى القسمة مع بعض الدعاوي‬
‫من أهم اإلشكالت التي تثار بمجرد رفع دعوى القسمة هي تداخلها مع دعاوي أخرى ترفع‬
‫في نفس النطاق‪ ،‬ومنها أساسا دعوى الشفعة (أول) ودعوى مقابل اإلستغالل (ثانيا)‪.‬‬
‫أول ‪ :‬تداخل دعوى القسمة مع دعوى الشفعة‪.‬‬
‫نجد هذا التداخل في كون دعوى القسمة المرفوعة من قبل أحد المالكين على الشياع‪ ،‬قد‬
‫تتصادف مع دعوى أخرى يرفعها أحد الخصوم بغاية شفعة األنصبة أو الحقوق التي تم تفويتها‬
‫من طرف مالك أخر‪ ،‬وذلك بعلة أن النصيب أو الحق المفوت لطالب القسمة‪ ،‬أو لشريك أخر‬
‫لم يستقر بعد طالما أن أجل الشفعة لم ينته‪.‬‬
‫ونظرا لما بين هاتين الدعويين من ارتباط فإنه غالبا ما يتم ضمهما‪ ،‬وذلك لتيسير األسباب‬
‫القانونية والواقعية للبت‪ ،‬وذلك استنادا إلى ما جاء في الفصل ‪ 110‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫الذي ينص على انه ‪ " :‬تضم دعاوي جارية أمام محكمة واحدة بسبب ارتباطها بطلب من‬
‫األطراف أو من أحدهم وفقا لمقتضيات الفصل ‪ . 4"49‬إن الرتباط الوثيق الموجود بين دعوى‬
‫قسمة العقار المشاع و دعوى الشفعة‪ ،‬يتمثل في أن البت في األولى يستلزم أول قول كلمة‬
‫الفصل في الثانية‪ ،‬حيث أن قبول شفعة أحد الخصوم لنصيب طالب القسمة يجعل دعوى القسمة‬
‫مفرغة من أي أساس ومفتقرة لشروطها‪ ،‬خاصة أن القضاء يشدد على ضرورة استيفاء هذه‬
‫األخيرة لكافة شروطها‪.5‬‬
‫وبالرجوع إلى الجتهاد القضائي وكيفية معالجته لهذا الرتباط‪ ،‬نجده ينحو منحيين فهو إما‬
‫يقضي بإيقاف البت في دعوى القسمة إلى حين النظر في دعوى الشفعة‪ ،‬او إلى عدم قبول‬
‫األولى بعلة كونها سابقة ألوانها ‪.‬‬
‫بخصوص المنحى األول ذهب المجلس األعلى في أحد قراراته إلى ان ‪ ":‬الدفع بطلب التوقف‬
‫عن البت في دعوى طلب القسمة ريثما يقع الفصل في دعوى استحقاق الشفعة جدير بالقبول‬
‫لقيام ارتباط قانوني بين الدعويين يتجلى في وجود صلة وثيقة بينهما ‪.6"...‬‬
‫وبالمقابل تذهب بعض المحاكم البتدائية إلى عدم قبول دعوى القسمة ‪ ،‬حيث جاء في حكم‬
‫المحكمة البتدائية بالخميسات أنه ‪ ":‬وحيث ان طلب القسمة يعتبر سابقا ألوانه ‪ ،‬مادامت هناك‬
‫منازعة بخصوص حق الملكية‪ ،‬مما يتعين التصريح بعدم قبول‪.7‬‬
‫ورغم ان هذين التجاهين القضائيين كان محل انتقاء بعض الباحثين ‪ 8‬بعلة غياب المصوغات‬
‫القانونية لكليهما إل أن المجلس األعلى يقر بإيقاف البت في دعوى القسمة إلى غاية البت في‬
‫دعوى الشفعة ‪،‬وأن القول بعدم وجود اساس قانوني للحكم بوقف البت في قانون المسطرة‬
‫المدنية ل ينال من صوابية هذا التجاه ‪ ،‬هذا الساس الذي نجده في ضرورة استيفاء دعوى‬
‫القسمة لشروطها األساسية خاصة عدم وجود منازعة جدية في اصل الملك ‪،‬وذلك وفقا لقول‬
‫ابن العاصم في التحفة ‪:‬‬
‫وحيث كان القسم للقضاة فبعد إثبات الموجبات‪.‬‬
‫وحيث أن من الموجبات المفروضة للبت في دعوى القسمة إثبات ملكية الشيء المشاع محل‬
‫طلب القسمة ملكية ل شائبة فيها‪، 9‬وحيث أنه والحالة هاته يتوقف إثبات هذه الملكية على البث‬

‫‪26‬‬
‫في دعوى الشفعة ‪ ،‬فإننا نعتقد أن المجلس األعلى كان موفقا فيما ذهب عليه لسببين أولهما انه‬
‫كان مدركا أن الحكم بعدم القبول يعد من النظام العام وحالته واردة على سبيل الحصر في‬
‫قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وهو مال يتوفر في هذا اإلطار ‪ ،‬وثانيهما انه مدركا لقيمة الرتباط‬
‫الوثيق بين الدعويين‪ ،‬وأن قبول او رفض دعوى القسمة متوقفة فقط على الفصل في دعوى‬
‫الشفعة ‪ ،‬مايعني وجود إمكانية لزوال المانع ‪ ،‬وعلى أساس ذلك رأى أن الحكم بإيقاف البت‬
‫في دعوى القسمة ريثما يتم البت في دعوى الشفعة ‪ ،‬أحسن سبيل للموازنة بين مصالح الخصوم‬
‫دون تجاوز روح المقتضيات القانونية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تداخل دعوى القسمة مع دعوى مقابل الستغالل‬
‫يجد هذا التداخل اصوله في انفراد أحد المالكين على الشياع باستغالل واستعمال العقار المشاع‬
‫دون اشتراك باقي الشركاء في غلة هذا العقار ‪ ،‬لهذا نجد ان كثيرا ما يرفع الطرف المدعي‬
‫بموازاة دعوى القسمة طلبا يرمى منه تمكينه من مقابل الستغالل الدي انفرد به أحد او بعض‬
‫الشركاء ‪.‬‬
‫وبخصوص هذا الشكال فالمشرع المغربي من خالل الفصل ‪ 965‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع نص على انه‬
‫‪ ":‬على كل واحد من المالكين على الشياع ان يقدم للباقين حسابا عما أخذه زائدا على نصيبه‬
‫من غلة الشيء المشترك"‪ .‬كما جاء في الفصل ‪ 973‬ق‪ .‬ل‪.‬ع أن ‪ ":‬لكل مالك على الشياع‬
‫حصة شائعة في ملكية الشيء المشاع وفي غلته"‪.‬‬
‫ويستخلص من هذه المقتضيات القانونية إقرار المشرع لحق الملك على الشياع في الستفادة‬
‫من عوائد وثمار العقار المملوك على الشياع‪،‬وإذا كان هذا موقف المشرع ‪ ،‬فكيف تعامل‬
‫القضاء مع مسألة ارتباط دعوى القسمة مع دعوى مقابل الستغالل؟‬
‫على غرار دعوى الشفعة فإن ارتباط دعوى القسمة بدعوى مقابل الستغالل أثار إشكال على‬
‫المستوى القضائي حيث نجد اتجاهين متباينين بهذا الخصوص‪.‬‬
‫فالموقف األول يسير في اتجاه عدم قبول دعوى مقابل الستغالل قبل البت في دعوى القسمة‬
‫لكونها سابقة ألوانها‪.‬‬
‫وهذا ما ذهبت إليه محكمة الستئناف بالرباط في أحد قراراتها‪ 10‬التي جاء فيها‪:‬‬
‫" وحيث ان العقارات موضوع طلب مقابل الستغالل ذات جودة مختلفة ‪...‬وحيث انه ضمانا‬
‫لمصلحة المالكين على الشياع يتعين على المحكمة ان تفصل في دعوى القسمة‪ ،‬قبل طلب‬
‫مقابل الستغالل ‪...‬ما يتعين معه التصريح بعدم قبول الطلب "‪.‬‬
‫على خالف هذا الموقف ذهبت نفس المحكمة في قرار آخر لها‪ 11‬إلى إمكانية الفصل في‬
‫دعوى القسمة مع دعوى مقابل الستغالل في نفس الوقت ومما جاء فيه ‪" :‬وهكذا فإن المحكمة‬
‫لما تبين لها من خالل موقع العقار أنه ل ضرر مطلقا من البت في المطالبة بواجب الستغالل‬
‫قضت في ان واحد في دعوى القسمة وواجب الستغالل‪."...‬‬
‫وفي ظل هذا الختالف لهذين التجاهين‪ ،‬يبقى الموقف الثاني القاضي بالبث في دعوى مقابل‬
‫الستغالل ودعوى مقابل القسمة في آن واحد أحرى بالتأييد نظرا لما فيه من اختصار الوقت‪،‬‬
‫واقتصاد النفقات‪،‬وعدم إطالة أمد النزاع‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تضارب أحكام دعوى القسمة مع مقتضيات بعض القوانين‬
‫إن الطبيعة المميزة لدعوى القسمة هي خضوعها لجملة من القوانين المختلفة ‪ ،‬هذا الختالف‬
‫الذي قد يصل في بعض القضايا إلى حد التضارب بين المقتضيات القانونية المختلفة ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫وسنحاول إبراز هذا التضارب من خالل عالقة دعوى القسمة بقانون ‪ 90-25‬المتعلق‬
‫بالتجزئات والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات (أول)‪ ،‬وعالقتها بقانون نزع الملكية ألجل‬
‫المنفعة العامة والحتالل المؤقت (ثانيا)‪.‬‬
‫أول ‪ :‬تضارب أحكام دعوى القسمة مع نصوص قانون ‪ 90- 25‬المتعلق بالتجزئات‬
‫لقد آثرنا التطرق لهذه النقطة على اعتبار ان تقسيم العقارات في المدار الحضري و المراكز‬
‫المحددة والمناطق التي تشملها وثيقة من وثائق التعمير ‪ ،‬ل يخضع لإلرادة الحرة لألطراف‬
‫المالكين على الشياع‪ ،‬بل أصبح خاضعا لسياسة الدولة وتواجهاتها العامة في مجال التعمير‪،‬‬
‫وذلك بعد صدور القانون رقم ‪ 90-25‬المتعلق بالتجزئات العقارية‪. 12‬‬
‫وبالعودة إلى هذا القانون نجد المادة ‪ 58‬منه تنص على أنه ‪ ":‬في الجماعات الحضرية‬
‫والمراكز المحددة والمناطق المحيطة بها والمجموعات الحضرية‪ ،‬و المناطق ذات صبغة‬
‫خاصة وكل منطقة تشملها وثيقة من وثائق التعمير موافق عليها كمخطط توجيه التهيئة‬
‫العمرانية أو تصميم تنمية تجمع قروي يتوقف على الحصول على إدن سابق للتقسيم‪.‬‬
‫‪ -‬كل بيع او قسمة يكون هدفها او يترتب عليها تقسيم عقار إلى بقعتين او أكثر معدة إلقامة بناء‬
‫عليها‪."...‬‬
‫ومن منطلق هذا الفصل يمكن القول ان اي تقسيم لعقار من العقارات الداخلة في المناطق‬
‫الخاضعة لوثيقة من وثائق التعمير يتوجب استصدار إذن من رئيس المجلس الجماعي‪.‬‬
‫وحماية منه لهذا المقتضى القانوني أكد المشرع في المادة ‪ 61‬من نفس القانون على انه ‪ ":‬ل‬
‫يجوز للعدول أن يحرروا أو يتلقوا أو يسجلوا أي عقد يتعلق بعملية البيع أو القسمة المشار إليها‬
‫في المادة ‪ 58‬أعاله‪ ،‬ما لم يكن مصحوبا باإلذن المنصوص عليه في نفس المادة أو بشهادة من‬
‫رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية تثبت أن العملية ل تدخل في نطاق تطبيق هذا‬
‫القانون"‪.‬‬
‫إن الفصلين ‪ 58‬و ‪ 61‬اآلنفي الذكر يطرحان بعض اإلشكالت الراجعة أساسا إلى عموميتهما‬
‫من جهة ‪ ،‬ومدى إجبارية التقيد بهما أمام القضاء عند البت في القسمة خاصة في حالة عدم‬
‫تمسك أي طرف بعدم مالءمة دعوى القسمة لوثائق التعمير‪.‬‬
‫ولتجاوز هذه اإلشكالت وما يمكن ان ينتج عنها في حالة رفض رئيس المجلس الجماعي تنفيذ‬
‫الحكم القاضي بالقسمة بعلة مخالفته مضمون وثائق التعمير‪ ،‬ولتحقيق نوع من النسجام بين‬
‫احكام دعوى القسمة ومقتضيات قانون ‪ 90-25‬ترجح صوابية ما ذهب إليه بعض الباحثين‪1‬‬
‫من ضرورة إلزام الخبير باحترام مقتضيات قانون التجزئات العقارية‪ ،‬عند إعداده لمشروع‬
‫القسمة‪،‬أيضا لمراعاة هذا الظهير يجب إلزام طالب القسمة باستصدار شهادة من رئيس المجلس‬
‫الجماعي تثبت عدم دخول العقار المراد قسمته ضمن نطاق قانون ‪ 90-25‬وفي هذا المقتضى‬
‫حماية لمخططات التوجيه والتهيئة العمرانية التي أصبحت لها أهمية كبيرة في مجال التعمير‬
‫واإلسكان بالمغرب‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تضارب أحكام دعوى القسمة مع مقتضيات قانون نزع الملكية للمنفعة العامة‬
‫إن تضارب أحكام دعاوي القسمة مع مقتضيات قانون نزع الملكية ألجل المنفعة العامة يمكن‬
‫تصوره على الخصوص في المقتضيات الواردة في الفصل ‪ 38‬من هذا الخير الذي يقضي‬
‫بما يلي ‪ ":‬ليمكن لدعاوى الفسخ أو الستحقاق وجميع الدعاوى العينية الخرى أن توقف نزع‬
‫الملكية أو أن تحول دون إنتاج آثاره ‪ ،‬وتحول حقوق المطالبين إلى حقوق في التعويض ويبقى‬
‫العقار خالصا منها"‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫وما يمكن استنتاجه من هذا الفصل هو ان حقوق أطراف دعوى القسمة باعتبارها من الدعاوى‬
‫العينية ‪ ،‬تتحول من المطالبة بفرز النصيب من العقار محل القسمة إلى حقوق في التعويض‬
‫من نازع الملكية ول يمكن المطالبة بغير ذلك‪ ،‬كما أن صدور المرسوم القاضي بنزع ملكية‬
‫العقار ألجل المنفعة العامة‪ ،‬يوجب المتناع عن الستمرار في قسمته عينا‪.13‬‬
‫إن التساؤل الذي يمكن طرحه في هذا اإلطار يتعلق بطبيعة التعويض المستحق بالنسبة‬
‫لألطراف‪ ،‬خاصة إذا ما تم تحديد قيمة العقار بموجب تقرير الخبير ‪ ،‬فهل في هذه الحالة يستحق‬
‫المالكون نصيبهم وفق الثمن المحدد بموجب الخبرة المنجزة بمقتضى دعوى القسمة أم وفق ما‬
‫تقترحه اإلدارة نازعة الملكية من تعويض‪ ،‬يجوز الطعن في قيمته أمام المحكمة الدارية‪.14‬‬
‫من جهة أخرى لبد من التمييزبين صورتين مختلفتين لنزع الملكية للمنفعة العامة‪،‬األولى تتحدد‬
‫في كون مقرر نزع الملكية ينصب على جزء من العقار ‪ ،‬والثانية على كافة العقار‪.15‬‬
‫وإذا كانت الصورة الثانية ل تثار بشأنها مشاكل نظرا لستحقاق جميع المالكين لحقوق مادية‬
‫في مواجهة نازع الملكية‪ ،‬فإن الصورة األولى غالبا ما تطرح إشكالت بخصوص الموازنة‬
‫بين مصالح األطراف‪،‬ولتحقيق هذه الموازنة يقترح قسمة التعويض الوارد على الجزء المنزوع‬
‫من اجل المنفعة العامة بين جميع المشتاعين‪ ،‬و اللجوء على قسمة الجزء المتبقى قسمة عينية‬
‫إذا كانت ممكنة وإل فقسمة بتية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إشكاالت دعوى القسمة على مستوى الموضوع والتنفيذ‬
‫زيادة على اإلشكالت التي تفرزها دعوى القسمة على المستوى اإلجرائي‪ ،‬فإن نفس الدعاوى‬
‫تثير على المستوى العملي إشكالت أخرى تظهر باألساس على مستوى الموضوع وعلى‬
‫مستوى التنفيذ‪ ،‬فما هي طبيعة هذه اإلشكالت ؟ وكيف تعامل معها القضاء ؟‬
‫لتفصيل ما سبق سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في األولى إشكالية حماية الدائنين في‬
‫دعوى القسمة باعتبارها أهم إشكالية تثار على مستوى الموضوع‪ ،‬على أن نفرد الفقرة الثانية‬
‫إلشكالت دعوى القسمة على مستوى التنفيذ‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬إشكالت دعوى القسمة القضائية على مستوى الموضوع‬
‫تجد دعوى قسمة العقار المشاع أهميتها في مساسها في كثير من األحيان بحقوق ومصالح‬
‫أطراف أخرى غير المالكين على الشياع‪ ،‬وتتحدد هذه األطراف‬
‫في الدائنين الذين قد تكون لهم حقوق على هذا العقار‪ ،‬وبالتالي فدعوى القسمة تؤثر بشكل‬
‫مباشر أو غير مباشر في حقوقهم مما يطرح التساؤل حول مدى إلزامية حضورهم دعوى‬
‫القسمة ؟ وعن الضمانات الممنوحة لهم في إطار هذه الدعوى ؟‬
‫ولإلجابة على التساؤل المطروح أعاله‪ ،‬ارتأينا تناول الحديث عن هذه الحماية من خالل ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬إشكالية حماية الدائنين في دعوى القسمة‬
‫للدائنين مصلحة جدية في التدخل في إجراءات دعوى القسمة‪ ،‬حتى يتفادوا الطرق اإلحتيالية‬
‫التي قديلجأ إليها أحد المالكين على الشياع أو بعضهم لإلضرار بحقوق الدائنين‪ ،‬في حالة وقوع‬
‫قسمة قضائية من طرف احد الشركاء رغم كون العقار مثقال بحجز عقاري او مثقل برهن‬
‫رسمي مما يتعارض مع مبدا انه ل يجبر احد على البقاء في الشياع‪ .‬فقد اثار هدا الجانب العديد‬
‫من الراء الفقهية‪.‬‬
‫فالمعامالت التي يتم اجرائها على العقار الشائع قبل القسمة تنقسم إلى نوعين ‪ :‬فهناك المعامالت‬
‫المتعلقة بتصرف الشريك في حصة مفرزة قبل إجراء القسمة‪ ،‬وهناك المعامالت المتعلقة‬
‫بتصرف الشريك في جميع حصص الشركاء أثناء الشيوع‪ ،‬وهذا يتماشى مع مبدأ أنه يحق لكل‬

‫‪29‬‬
‫مالك على الشياع التصرف في حصته بكافة أنواع التصرفات ومنها الرهن‪ ،‬فمالك الحصة‬
‫الشائعة أن يرهنها رهنا رسميا ويقيد هذا الرهن في حصته في الرسم العقاري وقد تتعدد الرهون‬
‫على الرسم العقاري المشترك بعدد المالكين فهل يمنع من قسمة العقار المرهون ؟‬
‫إنطالقا من خصائص الرهن الرسمي[‪ ]97‬التي تفيد بأنه حق عيني عقاري يمنح الدائن‬
‫المرتهن حق التتبع وحق األولوية مع بقاء المرهون تحت تصرف المدين الراهن‪ ،‬إل أن هذا‬
‫التصرف يجب أل يضر بالدائن المرتهن‪ ،‬ومن بين التصرفات التي يجريها المالك على الشياع‬
‫قسمة العقار الشائع قسمة عينية أو قسمة التصفية‪ ،‬فإذا كانت القسمة عينية تحولت الرهون من‬
‫الحصة الشائعة للمدين إلى حصته المفرزة وفي هذا اإلطار أكدت محكمة النقض على أن‬
‫"‪...‬رهن العقارل يحول دون قسمته إدا كان ل نزاع في ملكيته بين مالكه‪ .‬إذ صح أن يتحول‬
‫الرهن إلى الجزء الذي خرج به المدين الراهن"‪.‬‬
‫وقد نص الفصل ‪ 157‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ان "الرهن الرسمي حق عيني عقاري يرد على‬
‫العقارات المخصصة ألداء التزام وهو بطبيعته ل يتجزأ ويبقى بأكمله على العقارات‬
‫المخصصة له وعل كل واحد وعلى كل جزء منها ويتبعها في أي يد إنتقلت إليها"‪.‬‬
‫مفاد ذلك أنه ل يجوز للشركاء في عقار واحد أن يأتوا تصرفا يترتب عنه تجزئة الرهن كأن‬
‫تتم قسمة عينية بما عليه من رهن وإن لم يكن من الممكن البقاء في حالة الشياع‪ ،‬ودلك لوجود‬
‫مبدأ عدم إجبار الشريك على دلك‪]98[.‬‬
‫ويشكل مبدأ عدم جواز تجزئة الرهن والدي يفيد عدم قيام المدين أو شركائه ببيع العقار المثقل‬
‫برهن رسمي أو قسمته إل بعد إنهاء رفع الرهن الضروب عليه‪ ،‬ودلك لما يحققه هدا المبدأ مع‬
‫مبدأ آخر ويتعلق األمر بمبدأ عدم جواز إجبار الشريك على البقاء في الشياع‪.‬‬
‫وأمام التنازع بين النصوص القانونية وجد القضاء نفسه امام ضرورة ابتكار حلول يمكنها‬
‫التوفيق بين هده النصوص وبالتالي ل يرجح كفة على أخرى وتقوم بحماية مصالح الدائنين‬
‫بصفة خاصة وأغلب هده الحلول تنبني على قاعدة ل ضرر ول ضرار‪ ،‬وتتأرجح على الشكل‬
‫التالي ‪:‬‬
‫إن إجراء قسمة التصفية للعقار المشاع ببيعه وتوزيع ثمنه على الشركاء‪ ،‬غير أنهم حينما‬
‫يعبرون عن رغبتهم في إجراء هذه القسمة للعقار المرهون لفائدة بنك أمام القضاء‪ ،‬فإنهم ل‬
‫يعيرون اإلهتمام بحق هذا األخير في هذا العقار المبني على أساس عقد القرض‪ ،‬حيث أن‬
‫القسمة تؤدي إلى تجزئة الرهن خاصة إذا ما تم بيع العقار المرهون لعدة مشترين في عدم‬
‫إجبارهم على البقاء في الشياع‪ ،‬وثانيهما تطبيق مقتضيات مبدأ عدم جواز تجزئة الرهن‪ ،‬أمام‬
‫هذين الخيارين حاول القضاء التوفيق وابتكار حل جديد يقع بينهما حيث راعى مصالح البنك‬
‫والشركاء الراهنين على السواء‪ ،‬حيث أعطى اإلمكانية لهم في الخروج من حالة الشياع ولكن‬
‫مع إجراء تصفية للعقار وبيعه وخصم مبلغ القرض اإلجمالي‪ ،‬قبل توزيع الحصص على‬
‫الشركاء كل حسب حصته مع إعطاء الحق للمرتهن "البنك" في تحديد الثمن المبدئي للمزايدة‪،‬‬
‫وهكذا فقد جاء عن إبتدائية فاس‪ ،‬حيث قضت بالقسمة رغم دفع القرض العقاري السياحي‬
‫بتطبيق الفصل ‪ 157‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬ولكن مع إنطالق ثمن البيع من مبلغ‬
‫‪ 300.000‬درهم تلبية لطب البنك‪ ،‬حيث تم توزيع ثمن البيع على الشركاء بعد خصم مبلغ‬
‫الدين لفائدة البنك والبالغ ‪ 240.00‬درهم على أنه تم تأييد هذا الحكم أيضا في المرحلة‬
‫اإلستئنافية[‪.]99‬‬

‫‪30‬‬
‫وقد اعتبر التشريع المغربي على أن نتيحة الرهن تتوقف على اجراء القسمة فإذا وقعت الحصة‬
‫المرهونة في نصيب الشريك الراهن‪ ،‬فإنه يعتبر نتيجة لألثر الكاشف للقسمة قد رهن ملكه‪ ،‬أما‬
‫اذا وقعت الحصه المرهونة في نصيب شريك آخر‪ ،‬اعتبر الشريك الراهن أنه قد رهن ملك‬
‫الغير‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حماية الدائنين من قسمة العقار المثقل بحجز عقاري‬
‫إن الهدف من إجراء حجز عقاري على حصة مشاعة في عقار محفظ تتمثل في بيعها بالمزاد‬
‫العلني لستيفاء مبلغ الدين من منتوج البيع بعد تقييد المشتري الراسي عليه بالمزاد العلني‬
‫بالرسم العقاري‪ ،‬إذ أن البيع الجبري سيطال الحصة المشاعة األخرى لكونها مملوكة ألشخاص‬
‫آخرين غير المدين بل يحق لباقي الشركاء على الشياع شفعة الحصة الشاعة المبيعة بالزاد‬
‫العلني من يد المشتري الراسي عليه المزاد‪ ،‬ومن ثم فإن إيقاع حجز عقاري من طرف الدائن‬
‫الحاجز‪ ،‬ل يحول قانونا دون طلب إجراء قسمة عينية من طرف أحد المالكين على الشياع‪ ،‬أو‬
‫إجراء قسمة إتفاقية بين جميع المالكين بمن فيهم المدين المحجور عليه على إعتبار أن القسمة‬
‫العينية ل تنشأ حقوقا للمالكين على الشياع بشأن حق تملكهم الثابت قبل وقوع القسمة ‪.‬‬
‫فمصلحة الدائن الحاجز في التمسك بالدفع ببطالن البيع الجبري منعدمة‪ ،‬طالما أن حقه‬
‫الشخصي المضمون بتقييد مؤقت ‪ -‬حجز عقاري ‪ -‬ينتقل إلى الثمن المودع بين يدي رئيس‬
‫مصلحة كتابة الضبط وتكون بالتالي الحماية التشريعية في إستيفاء حقه قد تحققت من جراء‬
‫الحجز العقاري الجاري بشأن العقار المحجوز دون مباشرته شخصيا إلجراءات البيع بالمزاد‬
‫العلني‪ ،‬غير أنه يحقق للدائنين التدخل في القسمة العينية دون وقوع ضرر لهم بل لهم أن‬
‫يعارضوا في إجرائها بدون حضورهم‪ ،‬رغم أن المشرع المغربي لم يمنح للدائنين أي حق في‬
‫التدخل في دعوى القسمة ل بصفة أصلية كأطراف مباشرة في الدعوى أو عن طريق معارضة‬
‫إجراء القسمة بغير تدخلهم وبدون حضورهم‪ ،‬وذلك جعل دعوى القسمة حكرا على الشركاء‪،‬‬
‫ومن ثم يظهر جليا قصور التشريع المغربي عند عدم سده هده الثغرة على عكس بعض القوانين‬
‫المقارنة كالقانون المصري‪ ،‬الذي منح الحق للدائنين في معارضة إجراء عملية القسمة بغير‬
‫علمهم‪ ،‬فقد اعتبر القسمة التي تجري في غيبة الشركاء وبدون إدخالهم في الدعوى غير نافدة‬
‫في حقهم ول يمكن مواجهتهم بها‪ ،‬بحيث ينص الفصل ‪ 842‬من القانون المدني المصري على‬
‫أن ‪ " :‬لدائني كل شريك أن يعارضوا في أن تتم القسمة عينا أو أن يباع المال بالمزاد بغير‬
‫تدخلهم وتوجه المعارضة إلى كل من الشركاء ويترتب عليهم إلزامهم أن يدخلوا من عارض‬
‫من الدائنين في جميع اإلجراءات وإل كانت القسمة غير نافدة في حقهم ويجب على كل حال‬
‫إدخال الدائنين مقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة"‪.‬‬
‫يتضح من خالل ما سبق على أن تدخل الدائنين في دعوى القسمة أو معارضة إجرائها تتضمن‬
‫لهم حماية لمصالحهم‪ ،‬وأمام سكوت المشرع المغربي عن هذه اإلشكالية التي تكون سببا في‬
‫تضييع حقوق الدائنين خاصة عندما تتم القسمة عن طريق التصفية‪ ،‬فالحل الوحيد هو سد هذا‬
‫الفراغ التشريعي لمنح الدائنين الحق في معارضة والتدخل في دعوى القسمة إذا ما أضرت‬
‫بحقوقهم‪.‬‬
‫في هذا اإلطار جاء في حيثيات حكم صادر عن قضاء الموضوع "‪ ...‬وحيث إن كانت حالة‬
‫الشياع بين المدعين والمدعى عليهم ثابتة‪ ،‬وبالرجوع إلى الشهادة العقارية تبين للمحكمة أن‬
‫أحد المدعين توجد جميع حقوقه موضوع الطلب تحت حجز تحفظي ضمانا لدين لفائدة القرض‬
‫الفالحي‪ ،‬وحيث انه والحالة هده ل يمكن المطالبة بفرز نصيبه في هدا العقار ما دام الموضوع‬

‫‪31‬‬
‫حجز تحفظي إعمال للفصل ‪ 453‬من ق‪.‬م‪.‬م خاصة إدا كان من شان القسمة أن تقضي ببيع‬
‫العقار بالمزاد العلني‪ ،‬وحيث أنه ل يسع المحكمة سوى التصريح بعدم قبول الطلب"‪.‬‬
‫يستفاد من هذا الحكم أنه قد كرس نوعا من الحماية‪ ،‬حيث أقر بمبدأ حماية الدائنين من خالل‬
‫عدم قبول طلب قسمة عقار مثقل بحجز تحفظي إل أنه مع دلك فإن هدا الحكم مجانب للصواب‬
‫لكونه إعتمد مقتضيات الفصل ‪ 453‬من م‪.‬م الذي يتعلق بالحجز التحفظي ومن جهة أخرى‬
‫فهو ينص على التصرفات التي من شأنها أن تؤدي إلى تفويت العقار سواء بعوض أو عن‬
‫طريق التبرع ولذلك فإنه ل يمكن اإلحالة عليه بخصوص دعوى القسمة ما دامت هده األخيرة‬
‫تعتبر كاشفة للحق فهدا الحكم حاول ما أمكن تحقيق المتطلبة للدائنين في مواجهة المدينين‬
‫الشركاء‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬إشكالية دعوى القسمة على مستوى التنفيذ‬
‫لقد تطرق المشرع المغربي لصعوبات تنفيذ األحكام القضائية ومن بينها أحكام القسمة العقارية‬
‫في الفصول ‪ 26‬و ‪ 149‬و ‪ 436‬من قانون المسطرة المدنية‪،‬‬
‫وقد عرفه البعض ‪ :‬بأنه تمكين صاحب الحق من اقتضائه بإجبار المدين على الوفاء بإلتزاماته‪،‬‬
‫فإذا لم ينفذ المدين إلتزامه أجبر على ذلك بتدخل السلطة العامة التي تجري التنفيذ تحت إشراف‬
‫القضاء ورقابته‪ ،‬فهو تبعا لذلك يعتبر وسيلة قانونية تمارسها السلطة العمومية تحت إشراف‬
‫القضاء وبأمر منه بناءا على حكم صادر عن المحكمة أو بناء على طلب الدائن الذي يتوفر‬
‫على سند تنفيذي‪.‬‬
‫الشكال الذي ل زال يثار بخصوص تنفيد الحكم القاضي بقسمة العقار المحفظ‪ ،‬حيث قضت‬
‫المحكمة البتدائية بالرماني في حيثيات أحد القرارات الصادرة عنها حيث أن ‪" :‬المدعية تقدمت‬
‫بمقال استعجالي أمام محكمة الستئناف بالرباط حيث أصدرت قرارا يقضي بتأييد الحكم‬
‫المستأنف القاضي بالمصادقة على تقرير الخبرة المنجز من طرف الخبير‪ ،‬وبالتالي فرز نصيب‬
‫المطلوب في الرسم العقاري‪ ،‬وان الطالبة قد أثارت في مراحل الدعوى ان الخبرة لم تكن‬
‫موضوعية كما انها لم تأخد بعين العتبار طبيعة العقار وجودته ألجله تلتمس اصدار امر‬
‫بوجود صعوبة حقيقية تشوب الملف التنفيدي‪ ،‬وبالتالي تأجيل التنفيد حتى يبت محكمة النقض‬
‫في طلب النقض المرفوع من طرف المدعية‪.‬‬
‫فقاضي المستعجالت أمر بالتصريح بوجود صعوبة قانونية في تنفيد الحكم الصادر عن‬
‫المحكمة البتدائية بالرماني المؤيد استئنافيا وقد كانت المحكمة قد قضت بقيمة العقار المحفظ‬
‫وبفرز نصيبها "[‪.]100‬‬
‫التساؤل المطروح في هدا السياق هل تندرج دعاوى قسمة العقارات المحفظة ضمن المفهوم‬
‫الوارد في الفصل ‪ 361‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬الذي ينص على أن الطعن أمام محكمة‬
‫النقض يوقف التنفيد في التحفيظ العقاري ‪.‬‬
‫فهذه المسالة تكمن أساسا في ضبط وتحديد مفهوم عبارة التحفيظ العقاري الواردة في الفصل‬
‫‪ 361‬والتي صاغها المشرع في الفصل األصلي الفرنسي في " ‪en matière‬‬
‫‪ " d’immatriculation‬أي في مادة التحفيظ العقاري‪،‬أي هل تندرج دعاوى القسمة ضمن‬
‫هذا المفهوم ؟ يتضح لنا بان الغاية التي قصدها المشرع من اقرار قاعدة عدم جواز تنفيد الحكام‬
‫النهائية الصادرة في مجال التحفيظ العقاري هي تحصين عملية تاسيس الرسم العقاري وحماية‬
‫الصيغة النهائية لهدا العقد التي اكد عليها الفصل ‪ 62‬من ظهير التحفيظ العقاري‪]101[.‬‬

‫‪32‬‬
‫وهناك من يذهب الى أنه يجب التمييز بين القرارات الستئنافية التي تتعلق بحقوق الملكية‬
‫والحقوق المتفرعة عنها وبين القرارات المتعلقة بإجراءات تحفظية صرفة فالقرارات التي‬
‫تتعلق بحقوق الملكية كدعوى الشفعة ودعوى القسمة وغيرها‪ ،‬يجب أن يتوقف تنفيدها إذا تم‬
‫اإلدلء بشهادة عدم الطعن بالنقض فيها‪]102[.‬‬
‫ويتضح مما سبق على أن تنفيذ الحكم القاضي بقسمة عقار محفظ رغم الطعن فيه أمام محكمة‬
‫النقض‪ ،‬قد يترتب عنه خلق رسوم عقارية فرعية للحقوق المفرزة‪ ،‬وقد يتم تفويت تلك الحقوق‬
‫للغير حسن النية طبقا للفصول ‪ 2‬و ‪ 62‬من قانون التحفيظ العقاري مما يؤدي إلى استحالة‬
‫إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه‪]103[.‬‬
‫كما قد يواجه تنفيد القسمة صعوبات واقعية والتي اشار اليها المشرع المغربي في الفصل ‪436‬‬
‫من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬ويقصد بها تلك الوقائع التي تحدث بعد صدور الحكم ولم سبق‬
‫عرضها على المحكمة اثناء مناقشة الدعوى‪ .‬كتلك المتعلقة بتاويل الحكم لعدم وضوحه بحيث‬
‫تكتفي المحكمة مثال في منظوق حكمها بقولها حكمت المحكمة باجراء القسمة في المدعى فيه‬
‫بين الورثة حسب الراثة دون ان تعين خبيرا ليبين ما ادا كان العقار قابال للقسمة العينية ام ل‪.‬‬
‫فطريقة تنفيد مثل هدا الحكم ل تعرف ال بعد انتقال مأمور التنفيد الى عين المكان فادا حضر‬
‫الطراف ووافقوا على التنفيد وتم فرز حصص الشركاء‪،‬فإن مأمور التنفيد يحرر محضرا‬
‫بدلك يوقع عليه جميع الشركاء‪ ،‬اما ادا لم يتفق الشركاء على تنفيد هدا الحكم‪،‬فان مأمور التنفيد‬
‫ل يملك سلطة اجبارهم على القسمة العينية وانما يجب عليه تحرير محضر بذلك وإثارة صعوبة‬
‫في التنفيد طبقا للفصل ‪ 436‬من قانون المسطرة المسطرة‪]104[.‬‬
‫كما أنه قد يصر حكم بالمصادقة على مشروع القسمة العينية الذي أعده الخبير والقاضي بقسمة‬
‫عقارات مبنية‪،‬حيث يستقل كل شريك بعقار مبني‪،‬لكن بعد صدور الحكم تهدم احد العقارات‬
‫الواقعة في نصيب شريك معين‪.‬ففي هده الحالة نكون أمام استحالة التنفيذ طبقا للفصل ‪335‬‬
‫وما يليه من قانون ا التزامات والعقود فيتوقف التنفيذ جزئيا أو كليا‪]105[.‬‬
‫كما انه تطرح بعض المشاكل القانوني في الحالة التي يترك فيها الهالك عقارا مملوكا له شخصيا‬
‫فوق ارض جماعية‪،‬فهل يمكن للمحكمة ان تقضي بقسمة هدا العقار بين ورثة المستفيد من هده‬
‫الرض الجماعية؟‬
‫أجاب المجلس األعلى عن هدا الشكال في قرار ورد فيه" من القواعد الفقهية ان من مات عن‬
‫حق فهو لورثت‪]106[.‬‬
‫إذا لم يدلي مدعي الختصاص بما يثبت ان من استقر في دار مبنية فوق ارض جماعية تقوم‬
‫خاصة به دون بقية ورثة الباني‪،‬اعتبرت الدار من تركة الهالك"‪.‬يتبين ان الرأي الذي ذهبت‬
‫فيه محكمة النقض اقرب الى الصواب‪ ،‬ألنه يجب التمييز بين ملكية الرض التي اقيمت عليها‬
‫الجار حيث تعود للجماعة الساللية‪،‬وبين ملكية الدار المبنية التي تعود للهالك‪،‬فاألولى ل يجوز‬
‫للمحكمة اجراء قسمة بتية بشأنها والستئثار صعوبة قانونية تحول دون تنفيدها‪ ،‬أما الثانية‬
‫فالقاعدة ان من توفي عن حق فهو لورثته‪،‬ومن ثم يجوز صدور حكم بقسمته على اعتبار انه‬
‫من تركة الهالك‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫على امتداد خطوات هذا العرض وتوقفاته‪ ،‬كانت المحاولة منصبة على تحديد وضبط المسار‬
‫القضائي التي يجب على طالب القسمة سلوكه‪ ،‬بدءا بالشروط وانتهاءا باآلثار‪ ،‬وقد حاولنا‬
‫جاهدين رصد أهم مواطن اإلخاللت واإلشكالت التي تعرفها هذه المسطرة ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫فخلصنا إلى أن دعوى القسمة القضائية تشكل الوسيلة المخولة لاللتجاء للقضاء للمطالبة بالحق‪،‬‬
‫والحد من سلبيات نظام الشيوع العقاري واإلسهام في مسار التنمية القتصادية والجتماعية ‪.‬‬
‫إل أنه بالرغم من ذلك فهي تضمر العديد من الشكاليات والعوائق على المستوى العملي سواء‬
‫من ناحية اإلجراءات المسطرية أو الموضوعية أو تنفيد األحكام القاضية بالقسمة سواء منها‬
‫القمسة العينية أو قسمة التصفية ‪.‬‬
‫وبالتالي يجب البحث عن أنجع الحلول التي تتخلها بحيث يستوجب إعادة النظر المؤطرة لهذا‬
‫الموضوع كما هو الشأن بخصوص قانون المسطرة المدنية ‪.‬‬
‫وعموما إن اإلصالح لن يكتمل إل بإخراج نصوص تشريعية حقيقية تكون للقضاء مرجعا عند‬
‫المنازعات‪ ،‬خاصة وأن قيمة الدعاوي المنصبة على العقار تكون كبيرة جدا وأكثر تعقيدا‪.‬‬

‫‪34‬‬

You might also like