Professional Documents
Culture Documents
تتميز مواضيع العقار بالكثرة و التنوع ،ل يمكن حصرها أو اإلحاطة بها ،لكن لما كان مال
يدرك كله ل يترك جله ،فالقسمة تعتبر من أهم العقود و أكثرها شيوعا في ساحة القضاء ،فهي
على خالف األصل و القياس ،على اعتبارات القسمة استثناءا عارضا ،إذ األصل هو الشياع
و هو أصل من األصول المقررة في مختلف المذاهب إذ شرعت القسمة لدفع ضرر الشركة و
الشياع و ليستقل كل شريك بنصيبه المفرز به كيف يشاء.
للشركة على الشياع مخاطر و أضرار تنتج عنها مشاكل كبرى تتمثل في عدم اتفاق الشركاء
في بعض األحيان على طريقة معينة إلدارة المال المشاع ،و كذا تقييد حرية كل شريك في
استغالل ما يملكه كما يشاء مما يؤدي إلى إهمال هذا المال و تقصير الشركاء في المحافظة
عليه األمر الذي يكون له أثر سلبي على مردوديته،وتفكيك الروابط األسرية خاصة الناتجة
عن اإلرث ،ألنه غالبا ما يثار نزاعات عائلية مالية ل حصر لها ،إضافة إلى ذلك فنظام الشيوع
يؤدي إلى غياب المبادرة الفردية التي أصبحت تعد أساس كل تقدم إقتصادي و السبب في ذلك
هو أن المصلحة التي يحققها المشتاع لكل المال الشائع لبد أن يستفيد منها الشركاء األخرون،
وهذه نتيجة ينفر منها منطق األنانية اإلنسانية ،ويتسبب أيضا في عرقلة تداول األموال العقارية
حيث يالحظ في غالبية األحيان بقاء هذه األموال جامدة وبعيدة عن أي تداول ،والذي يعتبر
إحدى المقومات األساسية لكل نشاط إقتصادي .و بالتالي أضحت وضعية الشياع ل تتوافق و
طموحات األفراد ،ألجل ذلك منح الفقه و القانون لكل شريك حق المطالبة بقسمة المال المشاع
و تمكينه من حصته ،و ل حق لباقي الشركاء في إرغامه على البقاء معهم في حالة الشياع[]1
أو بيع حصته وحده ألن النصيب الشائع غالبا ما ل يجد إقبال عليه من طرف المشتري الذي
يتهرب من ضرر الشركة[.]2
فدعوى القسمة من الحقوق التي أقرها المشرع و شرعت لرفع ضرر الشركة بين المشتاعين،
وقد عرفها الفقيه المالكي ابن عرفة [ ]3بأنها "تصيير مشاع من مملوك مالكين فأكثر معينا و
لو باختصاص تصرف فيه بقرعة أو بتراضي" ،والمشرع في تنظيمه للقسمة لم يميز بين قسمة
العقار و قسمة المنقول فقد نظمهما بشكل عام ،و بالنظر إلى أغلب القضايا المطروحة على
القضاء تتعلق بقسمة العقار ،و أن هذه األخيرة هي التي تطرح عدة إشكالت فإن هذا النوع
من الدعاوي هو الذي سيشكل محور و عنوان الدراسة في عرضنا.
و القسمة إما أن تكون اتفاقية رضائية وهي تطبيق من تطبيقات مبدأ سلطان اإلرادة ،و إما أن
تكون قضائية حيث يتم اللجوء إلى القضاء و تكون بطلب من أحد أو بعض المشاعين ،وتخضع
إلجراءات سطرها المشرع في قانون المسطرة المدنية وتنفرد بخصوصيات دون باقي
الدعاوي بحيث يجب إناطة الدعوى
للخبرة القضائية لستصدار حكم تمهيدي يقضي إما بقسمة العقار قسمة عينية []4أو قسمته
عن طريق التصفية [ ،]5وتكون القسمة قضائية في حالة كون أحد المشاعين قاصرا أو غائبا
ولو اتفق باقي المالكين على الشياع على إجرائها رضائيا.
مجمل هذه النقط ستكون موضوع عرضنا و بالتالي ل بد من تبيان اإلجراءات الواجب اتباعها،
وذلك حماية لمصالح المتقاسم خاصة و أن مثل هذه الدعاوي تطرح العديد من اإلشكالت و
العوائق إن على المستوى القانوني أو الواقعي.
وعليه فما هي اإلجراءات المسظرية التي تنظم دعوى قسمة العقار ؟
1
وما هي اإلشكالت و المعيقات العملية التي تثيرها هذه الدعوة على مستوى المحاكم ؟
وكيف تعامل معها القضاء لحماية المتقاسم ؟
ولشك أن هذه التساؤلت العامة تتفرع عنها تساؤلت أخرى فرعية ،سنعمل قدر المستطاع
على تحليلها باإلعتماد على الجانب التشريعي والعمل القضائي و آراء الفقه و ذلك بناء على
تقسيم ثنائي بشكل يعكس عنوان العرض وذلك على الشكل التالي :
المبحث األول :ضوابط مسطرة القسمة القضائية العقارية و آثارها.
المبحث الثاني :اإلشكالت العملية لدعوى القسمة القضائية.
المبحث األول :ضوابط مسطرة القسمة القضائية العقارية وآثارها
تعد عملية القسمة القضائية للعقارات وفرز حصص الشركاء بعضها عن بعض وسيلة هامة
للخروج من حالة الشياع العقاري ،إل أن القيام بمثل هذه العملية باعتبارها من اإلجراءات
القانونية والتقنية التي تستهدف الرجوع بالملكية إلى وضعها األصلي والطبيعي الذي هو الملكية
المفرزة مادام الشيوع حالة مؤقتة من الناحية المبدئية ،يتطلب مجموعة من الشروط القانونية
والقواعد التي يجب أن تنضبط لها جميع الجهات الساهرة على إجرائها ،وهذا ما سنتطرق إليه
من خالل (الملطب األول) ،في حين سنتطرق في (المطلب الثاني) لمراحل مسطرة القسمة
القضائية وآثارها.
المطلب األول :شروط وقواعد سلوك مسطرة القسمة القضائية العقارية
إذا كان الشياع ينتهي بالهالك الكلي ،أو بجمع الحصص في يد واحدة أو عن طريق القسمة[،]6
فإن القضاء الذي ترفع أمامه دعوى قسمة عقار من العقارات المملوكة على الشياع يكون ملزما
قبل البت في موضوع الدعوى أن ينظر ما إذا كانت هذه الدعوى قد استوفت شروط صحتها
(الفقرة األولى) ،كما أن لدعوى القسمة جوانب موضوعية تشكل إلى جانب نظرتها الشكلية
القواعد اإلجرائية لدعوى القسمة (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :شروط سلوك مسطرة القسمة القضائية العقارية
أول :تحقق إحدى حالت القسمة القضائية:
ينص الفصل 1084من ق.ل.ع على ما يلي" :إذا اختلف الشركاء في إجراء القسمة أو إذا
كان أحدهم غير متمتع بأهلية التصرف في حقوقه أو كان غائبا ،كان لمن يريد منهم الخروج
من الشياع أن يلجأ إلى المحكمة التي تجري القسمة طبقا للقانون" .يستفاد من هذا الفصل أن
القسمة القضائية هي التي تجرى بواسطة القضاء ،ويلجأ إليها في إحدى الحالت الثالث التالية:
حالة اختالف الشركاء حول إجراء القسمة ،وحالة وجود من ل تتوافر فيه أهلية التصرف في
حقوقه ،وأخيرا حالة كون أحد الشركاء غائبا ،وسوف نبحث كل حالة على حدة[.]7
أ -اختالف الشركاء حول إجراء القسمة
قد يختلف الشركاء حول إجراءات القسمة ،وهذا اإلجراء يتخذ في الواقع صورا متعددة ل تقع
تحت حصر ،كأن يريد بعض الشركاء إجراء القسمة بينما يرفضها البعض اآلخر ،وخاصة
الطرف الذي يستفيد من غلة المال الشائع ،وقد ل يقع الخالف حول القسمة ولكن حول طبيعتها،
حيث يحبذ هذا الشريك إجراء القسمة عينا بينما الشريك اآلخر عن طريق التصفية ،وقد ينصب
انحالل حول تكوين الحصص ،أو حول مناب كل شريك أو حول صفة أحد الشركاء.
وعلى كل حال ،فإن المدعي الذي يرفع دعوى القسمة غير مجبر على ذكر السبب الدافع إلى
رفع هذه الدعوى ،مادام أنه ل يجبر أحد على البقاء في الشيوع[ ،]8مادام أن رفع الدعوى في
ذاته يقوم قرينة على وجود خالف بين الشركاء حول القسمة[.]9
2
ب -حالة وجود شريك غير متمتع بأهلية التصرف في حقوقه
إذا كان من بين الشركاء من ل تتوفر فيه أهلية التصرف ،كأن يكون أحد المشتاعين قاصر أو
مجنونا أو سفيها ،ففي هذه الحالة ل يمكن إزالة الشيوع عن طريق القسمة الرضائية ،بل لبد
من اللجوء إلى القسمة القضائية ،وذلك حماية لحقوق فاقدي األهلية وناقصيها ،سواء كانوا
مدعين أو مدعى عليهم ،غير أنه إذا بلغ القاصر سن الرشد أثناء النظر في الدعوى وقبل
صدور الحكم فيها فإنها تكون صحيحة في حقه.
وإذا كان األمر كذلك ،فإن ثمة إشكال يقع بخصوص إمكانية إجراء قسمة عقارات التركة
والزوجة حامل في حالة وفاة الزوج؟ وهل يعتبر الحمل في حكم القاصر تتوقف القسمة على
حكم من القضاء بسببه؟
الحقيقة أن المشرع المغربي لم ينص على أي مقتضى قانوني في إطار قانون اإللتزامات
والعقود يجيب من خالله على هذا التساؤل ،ولذلك يمكن اإلسترشاد بقواعد الفقه اإلسالمي الذي
يوجد فيه رأيان بخصوص هذا اإلشكال ،الرأي األول يذهب إلى صحة قسمة التركة قبل
انفصال الحمل عن أمه ،بشرط أن يحتجز له أكبر نصيب من المحتمل أن يحصل عليه ،أما
الرأي الثاني فيذهب إلى عدم جواز إجراء القسمة إلى حين انفصال الحمل عن أمه وتحقيق
مركزه القانوني بين الورثة[.]10
والرأي الراجح أنه ل يمكن إجراء القسمة إلى حين انفصال الحمل عن أمه وثبوت حياته
بصراخ أو رضاع ونحوهما ،إذ أنه على خالف القاصر الذي يرث باعتباره وارثا حقيقيا ،نجد
بأن الحمل ل يرث إل باعتباره وارثا احتماليا ،ثم إن مناط استحقاقه لإلرث هو أن يولد حيا
وليس باعتباره حمال ،وهذا ما نصت عليه مدونة األسرة[.]11
وإضافة إلى ذلك فإن الحمل قد يكون توأمين أو أكثر ،وهذا ما من شأنه أن يؤثر على إجراءات
القسمة إذا لم يتم احتجاز أكبر نصيب من المحتمل أن يتم الحصول عليه بعد الولدة[.]12
ت -حالة كون أحد الشركاء غائبا
إن الغائب حسب الفصل 265من قانون المسطرة المدنية قبل إلغائه[ ]13هو الشخص الذي
منعته ظروف قاهرة كزلزال أو حرب أو فيضان ،والتي حدثت بالمحل الذي يفترض أنه
موجود به ،من الرجوع إلى مكانه األصلي لكي يستطيع إدارته بنفسه أو بواسطة وكيل عنه.
وفي حالة الغياب ،يمكن للشركاء ،كما يمكن للنيابة العامة ،أن يقدموا للقاضي المختص مقال
قصد الحصول على حكم يصرح بوفاة الغائب.
والظاهر أن المشرع المغربي يخلط خلطا بينا من حيث المصطلح بين الغيبة والفقد ،فمن الناحية
القانونية يعد مفقودا كل شخص غاب عن أهله وانقطعت أخباره بحيث ل يعرف هل هو حي
أم ميت ،فإن عرف مكانه أو تأكدت حياته كان غائبا وليس مفقودا[ ،]14ويتبين أن المشرع
يقصد المفقود ل الغائب ،ولعل ما يؤكد ذلك هو أن المفقود الذي يطلب الحكم بتمويته وليس
الغائب طبقا للمادتين 74و 327من مدونة األسرة ،إذن فأموال المفقود أولى بالحماية من
أموال الغائب ،ومقتضيات الفصل 1084من ق.ل.ع يجب أن تطبق على الغائب وتمتد لكي
تشمل المفقود أيضا عن طريق القياس ،فالتساؤل المطروح إذا كان صاحب الحق في الشفعة
غائبا واستصدر المشتري في مواجهته حكما نهائيا يقضي بفرز نصيبه بمقتضى قسمة عينية،
فهل يحق للمحكوم عليه بعد عودته من غيبته ممارسة الشفعة رغم إزالة حالة الشياع؟
3
لقد اتجه اإلمام مالك إلى أن من حق الغائب بعد رجوعه من غيبته نقض القسمة واألخذ بالشفعة،
ويرى سحنون أن القسمة ل يسوغ نقضها ،فاإلتجاهان يلتقيان في النتيجة وهي أن القسمة التي
بوشرت أثناء غيبة الشريك ،وإن كانت قضائية ل أثر لها على إسقاط حقه في الشفعة[.]15
ثانيا :عدم وجود مانع يحول دون إجراء القسمة:
إذا كان المبدأ هو أنه ل يجبر أحد على البقاء في الشيوع ،ويسوع دائما ألي واحد من المالكين
أن يطلب القسمة رغم كل شرط مخالف طبقا للفصل 978من قانون اللتزامات والعقود ،فإن
هذا المبدأ ترد عليه بعض اإلستثناءات يجبر فيها الشريك على البقاء في الشيوع ،وهذه
اإلستثناءات ترجع إما إلى إرادة األطراف أو وجود نص قانوني أو إلى حكم الواقع.
أ -الموانع القانونية التي تحول دون إجراء القسمة
استثناءا من المبدأ العام الوارد في الفصل 978من ق.ل.ع ،ينص الفصل 980من نفس
القانون على أنه" :ل يسوغ طلب القسمة إذا كان محل الشياع أعيانا من شأن قسمتها أن تحول
دون أداء الغرض الذي خصصت له"[.]16
يستفاد من هذا الفصل أن المشرع المغربي منع قسمة األعيان المشاعة طالما أنها تتنافى مع
الغرض الذي خصصت له ،وينقسم هذا الشيوع اإلجباري إلى نوعين:
vالشيوع اإلجباري األصلي :ويعرف بتخصيص بعض األشياء لإلنتفاع المشترك بين جماعة
من األفراد ،تربطهم رابطة معينة ،مثل مقابر األسرة المعدة للدفن.
vالشيوع اإلجباري التبعي :ويعرف بتخصيص بعض األشياء لخدمة عقارات معينة متجاورة،
أو أجزاء في عقار واحد مملوك لمالك مختلفين ،مثل السياقة المشتركة ،والحائط المشترك
الذي يفصل بين عقارين متجاورين مملوك كل منهما ملكية مفرزة ،وكذلك كل الحقوق الناجمة
عن ملكية الشقق كالجدران واألساسات والساللم...
ب -الموانع اإلرادية التي تحول دون إجراء القسمة العقارية
من القيود الواردة على حرية رفع دعوى القسمة القضائية للعقار ،هناك اتفاق األطراف على
البقاء في الشيوع مدة معينة ،ويجد هذا القيد أساسه القانوني في الفصل ]17[979من ق.ل.ع،
حيث يتبين من هذا الفصل أن الشركاء يجبرون على البقاء في الشياع طيلة المدة التي اتفقوا
عليها طبقا للقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ،غير أن ما يالحظ هو أن المشرع المغربي لم يحدد
حدا أدنى ول أقصر لهذا اإلتفاق ،وذلك على خالف المشرع المصري الذي نص صراحة على
أن مدة اإلتفاق على البقاء في الشيوع ل يمكن أن تتعدى خمس سنوات[ ]18قابلة للتجديد عند
انتهائها.
وإذا كان المشرع المغربي في قانون اإللتزامات والعقود لم يحدد مدة اإلتفاق على البقاء في
الشيوع ،فإنه أجاز للمحكمة أن تأمر بحل الشياع وبإجراء القسمة رغم وجود اإلتفاق بين
الشركاء ،متى توفرت لذلك مبررات معقولة.
ت -الموانع الواقعية التي تحول دون إجراء القسمة
من الموانع الواقعية التي تحول دون إجراء القسمة القضائية للعقار نجد ارتباط دعوى القسمة
بدعوى الشفعة بخصوص بعض الحقوق المشاعة ،إذ يحدث في الواقع العملي أن تكون دعوى
القسمة المقدمة من طرف أحد المالكين على الشياع محل دفع من طرف أحد الخصوم الذي
يمارس دعوى الشفعة بخصوص بعض الحقوق المشاعة ،والتي تم تفويتها من طرف مالك
آخر ،وذلك تحت ذريعة أن نصيبه على األجزاء المشاعة لم يتحدد إل بعد انتهاء دعوى الشفعة،
4
فهل يتم إيقاف النظر في دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة ؟ أم يتعين عدم قبول
دعوى القسمة لكونها سابقة ألوانها ؟
وإذا كان هذا الدفع يجد أساسه القانوني في الفصول 49و 109و ]19[110من قانون
واللتزامات والعقود فإن القضاء المغربي ظل موزعا بين اتجاهين ،األول يذهب إلى إيقاف
النظر في دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة ،وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض
في إحدى قراراتها بخصوص إشكالية ارتباط دعوى القسمة بدعوى الشفعة إلى وجوب إيقاف
البت في دعوى القسمة إلى حين انتهاء دعوى الشفعة ،حيث ورد في حيثيات هذا القرار ما
يلي ..." :إذا كانت حصة طالب القسمة في العقار موضوع طلب الشفعة من طرف شركائه
وطلب هؤلء من المحكمة أن توقف البت في دعوى القسمة إلى أن يبت في دعوى الشفعة
وجب عليها أن تستجيب لهذا الطلب لما بين الدعويين من ارتباط قانوني"[.]20
أما اإلتجاه الثاني القاضي بعدم قبول دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة ،يالحظ
على مستوى قضاء الموضوع أنه أوجد مخرجا آخر ،يتمثل في التصريح بعدم قبول دعوى
القسمة لكونها سابقة ألوانها ،وأنه يجب البت في دعوى الشفعة ألنها تتعلق بالملكية ،وأن دعوى
القسمة يجب أن تكون خالية من أية منازعة تتعلق بملكية العقار محل القسمة ،وهكذا جاء في
حيثيات حكم صادر عن قضاء الموضوع[ ]21ما يلي ..." :وحيث أن طلب القسمة يعتبر سابقا
ألوانه نظرا لكون ملكية أحد شركاء المال المشاع محل طلب شفعة مما يتعين التصريح بعدم
قبوله.]22["...
ثالثا :إثبات ملكية العقار محل القسمة
إن القاضي الذي ترفع أمامه دعوى القسمة يكون ملزما بفحصها وتمحيص جميع الوثائق
المقدمة إليه في ملف الدعوى ،ول يصدر حكمه بذلك إل بعد إثبات الملكية الشائعة للعقار محل
القسمة ،غير أن طريقة إثبات هذه الملكية تختلف ما إذا كان العقار محفظا أم غير محفظ.
أ) إثبات الملكية بالنسبة للعقار المحفظ
إن اإلثبات بالنسبة للعقارات المحفظة ل تثير كثيرا من الصعوبات ،إذ يكفي على الشريك إثبات
حالة الشياع ،وهذا ما أكدته المادة 314من مدونة الحقوق العينية" :يشترط إلجراء القسمة أن
يكون الملك مملوكا على الشياع للشركاء عند إجرائها ،وأن يكون قابال للقسمة."...
ويمكن القول أن من شروط دعوى القسمة إثبات حالة الشياع ،وذلك عن طريق الحجة الكتابية
المستوفية لشروطه الشرعية مادامت أن القسمة تعتبر عقدا شكلياً يجري في حكمها على البيع
من البيوع كما هو مستقر عليه فقها والمعمول به قضاءا.
وتجدر اإلشارة إلى أن القضاء من جهة ،والمحافظ العقاري من جهة ثانية ل يقبل إثبات القسمة
إل عن طريق الكتابة ،مما يجعل عقد القسمة عقدا شكليا ،فالشريك على الشياع يرفق مقاله
اإلفتتاحي بشهادة من المحافظ العقاري تثبت صفته كشريك ،وتثبت عدد الركاء والمقيدين
بالرسم العقاري وحصة كل واحد منهم ،وبصفة عامة تثبت الوضعية القانونية والمادية للعقار
المشاع والشركاء على الشياع.
ب) إثبات الملكية بالنسبة للعقار غير المحفظ
مما ل شك فيه أن الحجج التي يتعين اإلدلء بها إلثبات الملكية الشائعة للعقار غير المحفظ
تختلف من حالة ألخرى ،وذلك تبعا ألسباب كسب الملكية ،لذلك سنقتصر على بعض الحالت
التي تعرض بكثرة على القضاء المغربي منها:
vحالة اكتساب العقار الشائع عن طريق اإلرث
5
إذا كان المال المطلوب قسمته قد اكتسب نتيجة الميراث ،فالبد للمدعي من أن يرفق مقاله
اإلفتتاحي بما يثبت صفته ،ومن هنا لبد للمدعي أن يرفق طلبه القضائي:
-برسم اإلراثة :وهو رسم عدلي يكشف عن موت الموروث وعن عدد الورثة ،وعن عالقتهم
بالموروث.
ويتعين أن تكون اإلراثة مشتملة على ذكر تاريخ الوفاة بالضبط ،وعلى ذكر جميع الورثة
بأسمائهم وألقابهم العائلية وأعمارهم وصفتهم ومحل سكناهم وحالتهم الشخصية وبيان المتزوج
من غيره ،ثم ذكر مناب كل وارث منهم.
-رسم التركة :رسم يكشف عن األموال التي خلفها الميت ،ولبد من تحديدها بدقة كبيرة سواء
فيما يتعلق بالمنقول أو العقار ،ويجب أن يقدم كل شيء على حدة ،بما في ذلك متاع البيت ،إن
كانت له أهمية كبرى.
والمالحظ أن اإلحصاء يتعلق باألموال المتروكة في دائرة نفوذ كل محكمة توثيقية على حدة،
ومن ثم إذا كانت األموال تدخل في دائرة محكمة أخرى ،فالبد من اإلحالة على هذه المحكمة
التوثيقية قصد تحرير رسم ملحق ،وإذا ظهرت أموال أخرى للهالك كانت مختفية عمدا أو خطأ،
فال مانع يمنع من تحرير رسم إضافي لها[.]23
-رسم الملكية :وهذا الرسم عبارة عن وثيقة تنشأ شهادة مجموعة من األشخاص على واقعة
يعلمونها شخصيا بحكم المجاورة والمخالطة واإلطالع على األحوال ،يصرحون بهذا أمام
العدلين المنتصبين لإلشهاد حول ملكية فالن الفالني للملك الفالني وفق الشروط المحددة
شرعا[.]24
vحالة اكتساب العقار المطلوب قسمته عن طريق التعاقد
إذا كان المال المطلوب قسمته قد اكتسبت ملكيته عن طريق العقد ،كما لو اشترى شخص عقارا
معينا ،فأصبح تبعا لذلك شائعا بينهما ،فالبد للمدعي الذي يرغب في الخروج من حالة الشياع
يتوجب عليه أن يرفق مقاله اإلفتتاحي بالعقد مصدر الشيوع ،كما يجب أن يحتوي هذا األخير
على نصيب كل شريك ،إذ في حالة الشك تعتبر أنصبة المتقاسمين متساوية.
والجدير بالذكر أن القسمة تعتبر من العقود الناقلة للملكية ،فإن هذه األخيرة ل تثبت إل بإشهاد
عدلي أو بعقد عرفي أو بلفيف يستند شهودها على مستند خاص ،وهذا ما أيدته محكمة
النقض[ ]25حيث قضت بما يلي" :ل تثبت قسمة المشاع إل بحجة صحيحة متنا وسندا ،ول
يتم ذلك إل بما يتم به التفويت ،ألنها بيع من البيوع"[.]26
الفقرة الثانية :قواعد فتح مسطرة القسمة العقارية
إن أطراف دعوى القسمة دائما هم الشركاء في الملك الشائع ،حيث يمثلون في الدعوى إما
بصفتهم مدعين وإما مدعى عليهم ،ودعوى القسمة قد ل تقتصر على الشركاء وحدهم بل
تتعداهم إلى كل الدائنين الذين لهم الحق في التدخل حماية لحقوقهم ،كما يمكن أن تمتد حتى إلى
الغير الذي تؤثر الدعوى على حقوقه ،فدعوى القسمة كسائر الدعاوى تفتتح عن طريق مقال
افتتاحي ،ولهذا المقال عناصر أساسية يجب أن يحتوي عليها ،وإل اعتبرت الدعوى غير
مسموعة من الناحية الشكلية.
أول :أطراف دعوى القسمة:
إن دعوى القسمة التي ترفع من الشريك أو النائب الشرعي الذي يريد فرز نصيبه إما عينا أو
عن طريق التصفية يمثل في الدعوى كمدع ،وهي ترفع على باقي الشركاء اآلخرين حيث
يمثلون فيها كمدعى عليهم ،وتمتد لتشمل الدائنين والغير الذين لهم الحق في التدخل.
6
أ -المدعي
انطالقا من مقتضيات الفصل 978من ق.ل.ع الذي ينص على أنه ل يجبر أحد على البقاء في
الشيوع ،ويسوغ دائما ألي واحد من المالكين أن يطلب القسمة ،رغم كل شرط مخالف ،يمكن
القول بأن المدعي في دعوى القسمة العقارية هو كل شريك في ملكية العقار الشائع يرغب في
الخروج من حالة الشياع ،ولكي تكون الدعوى مقبولة قانونا ،يلزم أن يكون المدعي ذا صفة
وذا أهلية وذا مصلحة في التقاضي طبقا لنص الفصل األول من ق.م.م..
وإذا كان شرط المصلحة ل يثير أي إشكال في دعوى القسمة مادام المشرع قد افترض وجود
هذه المصلحة لدى الشريك بمجرد رفعه لها ،ألنه ل يجبر أحد على البقاء في الشيوع ،بل اكثر
من ذلك فإن دعوى القسمة قد تقبل من الشريك في العقار الشائع حتى ولو كانت مصلحته في
غير ذلك[ ،]27ونفس الشيء بالنسبة لشرط األهلية الذي يخضع للقواعد العامة[.]28
أما المقصود بالصفة فهي توفر سلطة لمباشرة الدعوى ،أي إثبات سند المدعي باعتباره طرفا
في النزاع وقيام عالقة تربطه بالنزاع المعروض على القضاء كمدعي حق لنفسه ،أي أن يكون
شريكا على الشيوع سواء كان شريكا أصليا أو كان خلفا عاما كالوارث أو الموصى له أو خلفا
خاصا كالمشتري لحصة أحد الشركاء ،فإذا توفي شخص ما حل ورثته مكانه كشركاء على
الشياع ،ويستطيع كل واحد منهم أن يرفع دعوى القسمة للمطالبة بنصيبه من التركة يكفيه فقط
أن يثبت صفته كشريك في المال محل النزاع ،فإذا باع أو وهب أحد الشركاء كل حصته للغير
فإن الشريك البائع أو الواهب يفقد صفته كشريك ويحل محله المشتري أو الموهوب له في
اكتساب هذه الصفة ،ومن ثم فإذا لم تتوفر الصفة في المدعي أو المدعى عليه تحكم المحكمة
من تلقاء نفسها بعدم قبولها شكال ،فإذا كان رافع الدعوى ل يدعي الحق المطلوب لنفسه ،ول
يدعي أنه ينوب عن صاحب الحق الذي يطلبه ،فإن الدعوى ل تقبل مهما كانت مصلحة المدعي
في صدور الحكم في الدعوى واضحة ،وعلى ذلك ل تكفي المصلحة وحدها لتخويل شخص
ما الحق في رفعها إن لم تقترن بالصفة[.]29
ب -المدعى عليه
لبد أن يحتوي المقال اإلفتتاحي على من رفعت ضده الدعوى ،وهو المدعى عليه الذي قد
يكون شريكا واحدا أو عدة شركاء ،ويتحتم على المدعي أن يبين في مقاله بكل وضوح اسم
المدعى عليه الشخصي والعائلي وصفته أو مهنته وموطن أو محل إقامته بدقة ،وإغفال أحد
هذه العناصر قد يؤدي إلى عدم قبول الدعوى.
فذكر اسم المدعي بشكل واضح يسهل على المدعى عليه معرفة الشخص الذي يخاصمه ،كما
أن ذكر اسم المدعى عليه وموطنه ومحل إقامته بدقة يسهل أمر توجيه اإلستدعاءات والتبليغات
إليه.
وبطبيعة الحال ،فمهما تعدد الشركاء في المال الشائع ،فإن دعوى القسمة تقتضي وجوبا أن
توجه ضدهم جميعا ،ل ضد البعض دون البعض اآلخر[.]30
وإذا كان العقار محفظا ،فإنه يشترط لختصام باقي الشركاء أن يكونوا قد سجلوا حقوقهم
بالسجل العقاري لكتساب صفة التقاضي وفق مقتضيات الفصلين 66و 67من ظهير التحفيظ
العقاري ،لكن هذه الحقيقة القانونية تقابلها حقيقة واقعية تشهد بأن المالك المقيد بالرسم العقاري
قد يكون متوفيا ،وبالتالي انتقلت عنه أهلية الوجوب واألداء ،فهل نعتبر بأن الملكية في هذه
الحالة تنتقل إلى الورثة بحيث يصبحون هم الشركاء الفعليين الذين يتعين إدخالهم في الدعوى
بصفة أصلية ،أم أن هذا اإلنتقال يبقى متوقفا على التسجيل ويظل المتوفى هو الشريك الفعلي؟
7
وبطبيعة الحال ل إشكال إذا بادر فيها الورثة إلى تسجيل إراثتهم بالسجل العقاري ،فإذا أراد
أحد الشركاء الخروج من حالة الشياع ،فهل يتعين عليه رفع الدعوى ضد المالك المتوفى الذي
لزال اسمه مسجال بالرسم العقاري؟ أم يجب عليه مخاصمة الورثة باعتبارهم الشركاء
الفعليين؟
لإلجابة عن هذا اإلشكال لبد من تتبع اإلجتهاد القضائي ،ففي سنة 1969جاء في قرار
لمحكمة النقض[ ]31ما يلي ..." :يكون طلب القسمة مقبول إذا أدخل في الدعوى جميع
الشركاء المقيدين بالرسم العقاري أو ورثتهم حسب ما وقع تعيينهم أثناء سريان المسطرة،
وليس على طالب القسمة سد النقص الحاصل في الرسم العقاري من جراء عدم تقييد باقي
الشركاء فيه.
إن المالك على الشياع للعقار المحفظ يعد باقيا على قيد الحياة ما لم تقيد وفاته بالرسم العقاري،
وأن الحقوق العينية المنجزة باإلرث من الشريك في العقار المحفظ تعتبر غير موجودة إن لم
تسجل بالرسم المذكور.
وفي حالة ادعاء وفاة شريك دون أن تكون وفاته مسجلة بالرسم العقاري يتعين على طالب
القسمة توجيه دعواه ضده ل ضد غيره ممن يدعون إرثه ودون تسجيل لحقوقهم.
وإذا رجعت شهادة التسليم مشيرة إلى تعذر التبليغ بسبب وفاة المعني باألمر فعلى القاضي
المختص أن يعتبر المدعى عليه غائبا وأن يعين عنه وكيال عند إنجاز القسمة."...
والمالحظ أن هذا القرار قد استند على مندرجات الرسم العقاري ليصرح بأن الموروث لزال
حيا وذا صفة يتعين توجيه الدعوى ضده ،مادامت وفاته لم تقيد بالرسم العقاري ،ونالحظ أن
محكمة النقض من خالل هذا القرار أجازت إمكانية مقاضاة شخص ميت ،وهذا التوجه فيه
خرق واضح لحق الدفاع الذي يعتبر من أهم الركائز التي يقوم عليها مبدأ العدالة ،ول يشفع
لهذا القرار كونه اعتبر المدعى عليه الميت بمثابة غائب يجب أن يعين وكيال عنه ،ألن مهمة
وكيل الغائب تتمثل في المبحث والدفاع عن مصالحه ،لكن عمن يبحث وكيل الغائب وهو يعلم
بأن المدعى عليه ميت ،ولهذا فإن محكمة النقض قد تراجعت عن هذا الموقف من خالل قرار
صادر سنة 1987جاء فيه ..." :كون الرسم العقاري مازال مسجال باسم شخص توفي ل
يعطي لهذا المتوفى أهلية التقاضي ،كما ل ينفي عن ورثته الصفة في الدفاع عن حقوقهم في
التركة ،"...والواقع أن ما ذهب إليه هذا القرار من كون بقاء اسم المتوفى مسجال بالرسم
العقاري ل يجعل منه شخصا حيا يرزق حتى يكون طرفا في الدعوى[.]32
ت -تدخل دائني الشريك في دعوى القسمة العقارية
إن الدائنين لهم مصلحة جدية بال شك في التدخل في إجراءات دعوى قسمة المال الشائع في
هذا اإلطار ينص الفصل 1241من ق.ل.ع على أن" :أموال المدين ضمان عام لدائنيه".
وعلى هذا األساس فإن األموال التي يملكها المدين على الشياع تدخل في هذا الضمان الذي
يمكن أن يتأثر بالقسمة ،متى تواطأ وتهاون مع باقي الشركاء على اإلضرار بالدائن كأن يتفق
معهم على إعطائه نصيبا يقل عن حصته الحقيقية ثم إكمال الباقي بمبلغ من النقود بعيدا عن
أعين الدائن أو كخصم ديون صورية من أموال المدين على أن ترد إليه بعد ذلك في الخفاء،
فالتساؤل هنا يجد مبرره من خالل ما يعرفه الواقع العملي من طرق احتيالية يلجأ إليها أحد
المالكين على الشياع أو بعضهم لإلضرار بحقوق الدائنين.
ومن المبادئ القانونية العامة السائدة في التشريع المغربي أنه ل تركة إل بعد سداد الديون،
وتطبيقا لهذه القاعدة على من يتولى عملية تصفية التركة أن يقوم بتحصيل ديون الموروث
8
المترتبة على الغير وتسديد الديون الثابتة في ذمته وتنفيذ الوصايا تطبيقا لآلية الكريمة" :من
بعد وصية يوصي بها أو دين"[.]33
باإلضافة إلى ما سبق ،فالغير يمكنه كذلك التدخل في دعوى القسمة مادام له مصلحة أكيدة في
ذلك طبقا لمقتضيات الفصل ]34[111من ق.م.م ،فبالرغم من أن المشرع المغربي أقر مبدأ
نسبية األحكام القضائية من خالل الفصل 451من قانون اللتزامات والعقود[ ،]35فمن
الناحية الواقعية هذا المبدأ وحده ل يكفي لصيانة حقوق الغير ،ومن ثم فإن التشريعات على
اختالف مذاهبها تعطي الحق للغير للتدخل في دعوى قائمة ليس طرفا فيها ،ومن هذا المنطلق
نصت المادة 126من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري " :يجوز لكل ذي مصلحة
أن يتدخل في الدعوى منضما ألحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط
بالدعوى"[.]36
ثانيا :المحكمة المختصة بالنظر في دعوى القسمة القضائية
إن القاضي الذي ترفع أمامه دعوى قسمة عقار من العقارات المملوكة على الشياع يكون ملزما
قبل البت في موضوع الدعوى بأن ينظر إلى ما إذا كانت الدعوى قد رفعت وفق اإلجراءات
المتطلبة قانونا ،وهل هو مختص في البت فيها أم ل.
أ -شكليات دعوى القسمة
يقصد بشكليات دعوى القسمة البيانات التي يتعين اإللتزام بها في الطلب الرامي إلى رفع دعوى
القسمة أمام القضاء ،فحسب الفصل 31من ق.م.م ترفع دعوى القسمة إلى المحكمة اإلبتدائية
بمقال مكتوب موقع من طرف المدعي أو وكيله أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر
به أحد أعوان كتابة الضبط المكلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر
إلى أنه ل يمكن له التوقيع ،وبهذا ل يمكن قبول دعوى القسمة إذا لم تكن متوافرة على هذه
الشروط الشكلية ،فمن الضروري رفع دعوى القسمة بواسطة مقال مكتوب ،وهو المقال
اإلفتتاحي الموقع عليه من طرف المدعي إن باشر الدعوى بنفسه ،وكان مأذونا له بالتقاضي،
أو من وكيله الذي يكون في الغالب محاميا ،ويمكن كذلك للمدعي رفع الدعوى بواسطة تصريح
شفوي يدلي به شخصيا أمام أحد أعوان كتابة الضبط بالمحكمة اإلبتدائية ،الذي يحرر محضرا
يوقع عليه المدلي بالتصريح ،أو يشار إلى أنه ل يمكن له التوقيع.
يتضح من هذه القواعد بأن مسطرة دعوى القسمة تكون كتابية ،ويؤكد ذلك الفصل 45من
ق.م.م الذي ينص على أنه" :تطبق أمام المحاكم اإلبتدائية قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام
محاكم اإلستئناف."...
وإلى جانب الكتابة في دعوى القسمة هناك شكليات أخرى تتمثل في ضرورة اإلنضباط
لمقتضيات الفصل 32من ق.م.م ،بحيث يجب أن يتضمن المقال اإلفتتاحي لدعوى القسمة ما
يلي:
-التعريف بأطراف الدعوى ،وذلك لتحديد اإلختصاص المحلي للمحكمة وبيان الطرف الذي
يقع عليه اإلثبات.
-بيان موضوع الدعوى الذي هو طلب إجراء قسمة العقار الشائع.
-ملخص للوقائع المتعلقة بدعوى القسمة.
وفي حالة عدم احترام هذه البيانات الشكلية فإن مصير الدعوى يكون هو عدم القبول[.]37
ب -الجهة المختصة نوعيا للنظر في دعوى القسمة
9
يقصد باإلختصاص النوعي ،ذلك اإلختصاص الذي يرجع إلى نوع الدعوى بعض النظر عن
قيمتها ،وتعتبر المحاكم اإلبتدائية هي المرجع العام والعادي أي صاحبة الولية العامة للنظر
في دعاوى القسمة ،فهي تنظر في جميع دعاوى القسمة العقارية ،وكذا جميع دعاوى القسمة
المتعلقة بالتركات[ ،]38كما تختص محاكم اإلستئناف بالنظر في استئناف أحكام المحاكم
اإلبتدائية المتعلقة بدعوى القسمة العقارية[ ،]39أما محكمة النقض فهي من الناحية المبدئية
محكمة قانون ل محكمة موضوع ،وبذلك ل تعتبر درجة ثالثة للتقاضي ،بل إن مهمتها تنحصر
في مراقبة مدى موافقة أحكام المحاكم الدنيا لألصول والقواعد القانونية.
كما تجدر اإلشارة إلى أن المحاكم اإلبتدائية تختص بالنظر ابتدائيا مع حفظ حق اإلستئناف أمام
غرف اإلستئنافات للمحاكم اإلبتدائية إلى غاية 20ألف درهم ،وعليه يتضح من خالل هذا
النص أن جميع دعاوى القسمة التي تتجاوز قيمتها 20ألف درهم يمكن استئنافها أمام محاكم
اإلستئناف ،فالتساؤل المطروح في هذا السياق :ما هي الجهة المختصة قضائيا بالنظر في قسمة
العقار في طور التحفيظ؟
وبالرجوع إلى اإلجتهاد القضائي نجد محكمة النقض قد أقرت بإمكانية قسمة العقار في طور
التحفيظ من طرف القضاء العادي ،حيث جاء في حيثياتها[" :]40يتعرض للنقض القرار
القاضي بعدم قبول الدعوى بعلة أن العقار المطلوب قسمته ضمن أموال التركة هو عقار في
طور التحفيظ ،وبالتالي فاإلختصاص يعود للقضاء العادي"[.]41
ت -الجهة المختصة مكانيا للنظر في دعوى القسمة
إذا كان موضوع دعوى القسمة عقارا ،فإن الدعوى تقام أمام المحكمة اإلبتدائية التي يوجد
بدائرتها هذا العقار ،غير أنه على الرغم من بداهة هذا اإلجراء إل أنه مع ذلك يطرح بعض
اإلشكال في الحالة التي توجد فيها عدة عقارات مشتركة ول تقع داخل دائرة نفوذ محكمة
واحدة ،فمن من المحاكم اإلبتدائية يعود لها اإلختصاص بالبت في دعوى قسمة هذه العقارات؟
وفي هذا الصدد يرى األستاذ محمد الكشبور بأن دعوى القسمة يجب أن ترفع أمام المحكمة
اإلبتدائية التي يوجد بدائرتها أكبر هذه العقارات قيمة ،حيث يقول وإن كانت هذه القاعدة غير
منصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ،ولكنها من المبادئ التي يفرضها المنطق السليم
وحسن سير العدالة من الناحية اإلجرائية[.]42
إل أنه يالحظ بأن هذا الرأي ل يمكن التسليم به مطلقا ،ألنه قد يطرح بعض الصعوبات ،كما
هو الشأن بالنسبة للحالة التي تتساوى فيها قيمة العقارات محل القسمة ،فما هي المحكمة
المختصة في هذه الحالة؟ وكيف يتم تحديد قيمة هذه العقارات حتى نعرف العقار األكثر قيمة؟
فحسب بعض الباحثين أنه إذا تساوت قيمة العقارات المراد قسمتها ،فإنه يمكن رفع الدعوى
أمام أي محكمة وقع عليها اختيار المدعي ،وفي حالة النزاع حول تحديد قيمة هذه العقارات
يرى بأنه يمكن اللجوء إلى الخبرة لتحديد أي العقارات أكثر قيمة[.]43
باإلضافة إلى ذلك فنظرا لطبيعة دعوى القسمة بين اعتبارها منشئة للحق أو كاشفة له ،فلقد
تولد التساؤل حول نوع اإلختصاص القضائي الذي ستخضع له هذه الدعوى ،لإلجابة عن هذا
السؤال الذي يختلف بحسب الزاوية التي ينظر منها لهذه الدعوى ،فإذا اعتبرنا أن دعوى القسمة
منشئة للحق ،فهي ل محالة ستعتبر مجرد دعوى شخصية لكونها تمنح المتقاضي مجرد حق
شخصي يمكنه من الحصول على حقه العيني ،أما إذا اعتبرناها كاشفة للحق ،فإنها ستعتبر
دعوى عينية لكونها تنصب على حق الملكية الذي هو حق عيني ،وبغض النظر عن هذا
الخالف الفقهي ،يالحظ أن المشرع المغربي جزم على أن دعوى القسمة تعتبر كاشفة للحق
10
وليست منشئة له ،بحيث نص الفصل 1088من ق.ل.ع على أن" :يعتبر كل من المتقاسمين
أنه كان يملك من األصل األشياء التي أوقعتها القسمة في نصيبه ،سواء نصت هذه القسمة عينا
أو بطريقة التصفية ،كما يعتبر أنه لم يملك قط غيرها من بقية األشياء".
ويتضح من خالل هذا النص على كون دعوى القسمة دعوى عينية تدخل ضمن اختصاص
القضاء الجماعي للمحكمة اإلبتدائية[.]44
11
بقسمة العقارات برمتها يرتبط أساسا بمدى نجاح األعنال التقنية والقانونية التي عرفتها مرحلة
إعداد مشروع القسمة ,ثم انتهاء بتنفيذ الحكم القاضي بالقسمة العقارية.
أول :مرحلة إعداد مشروع القسمة العقارية
لما كانت مرحلة إنجاز القسمة العقارية عملية معقدة ومركبة في ذاتها ,لما تطلبه من إجراءات
تقنية وقانونية ,فإن األمر يقتضي إسناد هذه المهمة إلى الخبير العقاري باعتباره صاحب
اإلختصاص في هذا المجال ,وذلك عن طريق إصدار حكم تمهيدي يقضي بتعيينه وتحديد
المهام المنوطة به’ ,فإذا كان العقار قابال للقسمة العينية أو البتية أعد الخبير مشروعا لقسمته,
أما إذا كان غير قابل لها إلغنه يقترح بيعه بالمزاد العلني لتتم قسمته بطريق التصفية ويحدد
الثمن الذي تنطلق على أساسه المزايدة ,فما هي الجهة التي تقوم بإعداد مشرع القسمة وما هي
أشكال مشروع القسمة العينية وقسمة التصفية.
-1الجهة التي تقوم بإعداد مشروع القسمة :
لما كانت القسمة العقارية تتطلب اإللمام بمجموعة من العمليات التقنية والفنية التي يصعب على
القاضي أن يجيدها كتحديد قيمة العقار أو التعرف على نوع التربة وجودتها أو إعداد مشاريع
لفرز نصيب كل شريك في العقار وفق رسوم بيانية غاية في الدقة والتحديد ,لهذا فإن الن
األمر يقتضي إناطة هذه المهمة بالخبراء العقاريين باعتبارهم ذوو اإلختصاص في هذا المجال
ومن هنا تظهر أهمية الخبرة في مجال القسمة العقارية ,ولذلك فغالبا ما يعمد القاضي إلى
إصدار حكم تمهيدي يقضي بتعيين خبير أو عدة خبراء إلعداد مشروع القسمة من خالل تقرير
يجب أن يكون في حدود المهام المنوطة به ,بحيت ينص الفصل 59من ق.م.م ,على أنه " إذا
أمر القاضي بإجراء خبرة عين الخبير الذي يقوم بهذه المهمة تلقائيا أو باقتراح األطراف
واتفاقهم "...ومعنى ذلك أن للقاضي الحق في اللجوء إلى الخبرة " كلما اقتضت إجراءات
الدعوى ذلك حيت يقوم بتعيين الخبير إما من تلقاء نفسه ,أو بناء على اقتراح األطراف
واتفاقهم ,فللمدعي أن يطلبها سواء في مقاله اإلفتتاحي أو في مقال إضافي ,ويمكن للمدعى
عليه كذلك أن يطلبها في مقال مقابل أثناء النظر في الدعوى ,كما يمكن للطرفين معا أن يتفقا
على تقديم عريضة بذلك[ .]47وتعتبر الخبرة من أهم المراحل التي تمر منها القسمة العقارية
,حتى أن أحد الفقهاء اعتبرها – أي الخبرة – عرفا قضائيا في مجال القسمة ,الشيء الذي
يجعلنا نتساءل عن مدى إلزامية الخبرة في دعوى القسمة العقارية؟
على مستوى محكمة النقض من خالل قراراتها أنه يجب على المحكمة قبل الحكم بعدم قابلية
العقار المتنازع فيه للقسمة ألي سبب كان ،الوقوف على عين المكان مستعينة في ذلك بالخبرة
الضرورية.
أما على مستوى قضاء الموضوع فنالحظ بأن جل األحكام والقرارات في مجال القسمة ,تقضي
بإصدار حكم تمهيدي إلجراء الخبرة كلما تعلق األمر بقسمة عقارية.؟
وهذا ما يزكي ما ذهب إليه أحد الفقهاء ؟ من كون الخبرة تعتبر ضرورية في دعوى القسمة
العقارية .ومن الناحية المبدئية يجب أن يكون الخبير الذي يتم تعيينه مسجال بجدول المحكمة؟,
وإذا تعلق األمر بعقار محفظ فإن الخبير يجب أن يكون مهندسا طوبوغرافيا لتكون الخبرة
قانونية وقابلة للتطبيق من طرف المحافظ على المالك العقارية والرهون وهذا ماينسجم مع
مقتضيات الفصل 54من .ظ .ت.ع .
-2مهام الخبير في دعوى القسمة العقارية :
12
مما ل شك فيه أن مهام الخبير يجب أن تكون محددة بدقة من طرف القاضي في الحكم التمهيدي
القاضي بتعيينه في دعوى القسمة ,على أساس أن تكون فنية ل عالقة لهل بالقانون ,طبقا
للفصل 59من ق.م.م ويجب على الخبير أن يقدم جوابا محددا وواضحا على كل سؤال فني ,؟
وذلك في شكل تقرير غالبا ما يكون مكتوبا و يرفق بالبيانات والرسوم التي تبين مضمونه
ويطلق عليه " مشروع القسمة" .
ومن بين مهام الخبير في دعوى القسمة نذكر ما يلي :
· القيام بقسمة العقار عينا إذا كان قابال للقسمة العينية ،وهذه مسألة تفرض أن تكون أنصبة
الشركاء محددة تحديدا دقيقا.
· تحديد ما إذا كان العقار قابال للقسمة العينية أم ل ،وإذا كان غير قابل للقسمة العينية اقترح
ثمنا انطالقا من البيع بالمزاد العلني لقسمته بطريق التصفية.
· تحديد مدى مطابقة رسم الشراء على العقار محل دعوى القسمة.
· تحديد الجزء الذي وقع عليه الترامي من العقار محل القسمة.
هذا ويجب على الخبير أن يستدعي األطراف ووكالئهم لحضور إنجاز الخبرة ،ويتضمن هذا
اإلستدعاء تاريخ ومكان وساعة إنجازها وذلك قبل خمسة أيام على األقل من الموعد
المحدد[ ،]48لكن اإلشكال المطروح هو ماذا لو قام الخبير باستدعاء جميع األطراف بصفة
قانونية وتغيبوا رغم ذلك ...؟
لقد نظم المشرع المغربي هذه الحالة في الفقرة الثانية من الفصل 63من ق.م.م حيث ألزم
الخبير بأن ل يقوم بمهمته إل بحضور أطراف النزاع ووكالئهم أو بعد التأكد من توصلهم
باإلستدعاء بصفة قانونية ،والمالحظ أن المشرع استعمل عبارة التأكد باإلستدعاء بصفة
قانونية ،فكيف يتأكد الخبير من توصل األطراف باإلستدعاء بصفة قانونية؟
إن هذه العبارة قد تفتح المجال ألكثر من تأويل ،ونعتقد بأنه كان على المشرع أن ينص على
أنه" :يجب على الخبير أل يقوم بمهمته إل بحضور أطراف النزاع ووكالئهم بعد استدعائهم
بصفة قانونية ."...وهذه األخيرة تكون في حالة اإلستدعاء عن طريق البريد المضمون مع
اإلشعار بالتوصل ،وتجدر اإلشارة أنه إذا لم يقم الخبير بإنجاز الخبرة داخل األجل المحدد له
من طرف القاضي أو لم يقبل القيام بها ،عين القاضي بدون استدعاء األطراف خبيرا آخر بدل
منه وأشعر فورا األطراف بهذا التغيير[.]49
ثانيا :أشكال مشروع القسمة العينية وقسمة التصفية
إذا كانت القسمة العينية ممكنة ،فإن تقرير الخبير لبد أن يحدد شكال من أشكالها ،أما إذا كانت
غير ممكنة ،فيتم اللجوء إلى قسمة التصفية كما سيأتي توضيحه فيما يلي:
)1مشروع القسمة العينية للعقار الشائع
إن المشرع المغربي وعلى غرار غيره من التشريعات المقارنة ،لم يعرف القسمة العينية ،وقد
عرفها أحد الفقهاء[ ]50بأنها تلك التي تجري بتقسيم الشيء المشترك إلى عدة أقسام مفرزة
بعضها عن بعض ،بحيث تكون متفقة مع حصص الشركاء الذين يستقل كل واحد منهم بقسم
يناسب حصته ،بكيفية تضع حدا لحالة الشياع .وتحديد ما إذا كان العقار قابال للقسمة العينية أم
ل مسألة غالبا يقرر بشأنها الخبير المختص.
ولإللمام بمختلف أنواع مشروع القسمة العينية يتعين علينا أن نوضح أنواع القسمة العينية ثم
الطريقة الفنية إلعداده وأخيرا المصادقة عليه.
13
بداية نشير إلى أن القسمة العينية للعقار نوعين ،فهناك القسمة العينية الشاملة والقسمة العينية
الجزئية.
أ) القسمة العينية الشاملة
وهي القسمة التي يخرج منها جميع الشركاء من الشيوع ،بحيث يختص كل شريك بملكية
الحصة التي آلت إليه عن طريق عملية اإلفراز التي يقوم بها الخبير انطالقا من إحدى الطرق
التالية[:]51
-فرز حصص المتقاسمين على أساس أصغر نصيب.
-فرز حصص المتقاسمين على أساس التجنيب.
-القسمة العينية للعقار مع المدرك أو المعدل.
ب) القسمة العينية الجزئية
وهي التي يقتصر فيها على الخروج من الشياع بعض الشركاء دون البعض اآلخر ،كأن
يخصص جزء من عقار أو عدة عقارات صالح لإلنتفاع به لمجموعة من األشخاص فضلوا
البقاء على الشيوع في ذلك الجزء ،بينما يتم قسمة الجزء اآلخر بين األشخاص الذين فضلوا
الخروج من الشياع ،وهذه الحالة تقتضي تعيين خبير قبل صدور الحكم لتحديد تلك األجزاء،
وبيان عدد األشخاص الذين يفضلون البقاء على الشيوع ،ثم إطالع المشتاعين على تقرير
الخبير وتقديم مالحظاتهم بشأنه[.]52
)2الطريقة الفنية إلعداد مشروع القسمة العينية للعقار
إذا كانت الخبرة تعتبر عرفا قضائيا في دعاوى القسمة ،فإن الواقع العملي أفرز مجموعة من
اإلشكاليات نتجت عن الفراغ التشريعي في مجال الطريقة الفنية التي يتعين على الخبير اتباعها
إلعداد مشروع القسمة وفرز حصص الشركاء ،فما هي المعايير الفنية التي يجب اعتمادها
إلعداد مشروع القسمة ؟
أ) المعايير الفنية لقسمة العقار الفالحي:
إن المغرب كبلد فالحي تشكل فيه األراضي الفالحية قطب الرحى لصراع اجتماعي واقتصادي
غايته اإلستحواذ على األجزاء األكثر إنتاجية ،والخبرة رغم بساطتها قد تؤثر بشكل مباشر أو
غير مباشر على الحياة اإلقتصادية واإلجتماعية ألطراف الصراع ،لهذا يتعين على الخبير
اإلسترشاد بالمعايير التالية:
-جودة العقار الفالحي محل القسمة.
-وجود الماء بالعقار أو عدم وجوده.
-نوع التضاريس التي ينتمي إليها العقار محل القسمة.
-قرب العقار من الطريق العام.
-وجود البناءات والمنشآت بالعقار محل القسمة ...إلخ.
14
التعمير موافق عليها كمخطط توجيه التهيئة العمرانية أو تصميم تنمية تجمع قروي ،تتوقف
على الحصول على إذن سابق للتقسيم.
-كل بيع أو قسمة يكون هدفها أو يترتب عليها تقسيم عقار إلى بقعتين أو أكثر غير معدة إلقامة
بناء عليها.
-بيع عقار لعدة أشخاص على أن يكون شائعا بينهم إذا كان من شأن ذلك أن يحصل أحد
المشترين على األقل على نصيب شائع تكون المساحة المطابقة له دون المساحة التي يجب أل
تقل على مساحة البقع األرضية بمقتضى وثيقة من وثائق التعمير أو دون 2500متر مربع
إذا لم ينص على مساحة من هذا القبيل".
والمالحظ على هذا النص أنه نص فقط على عبارة القسمة بصفة عامة دون تحديد هل يتعلق
األمر بالقسمة الرضائية أم القضائية؟ لكن الراجح أن المقصود هو القسمة بنوعيها ألن أي
تفسير غير هذا سيفرغ النص من محتواه ،وما تجب اإلشارة إليه أن ما يعرقل الخبرة في المدار
الحضري كون الوكالت الحضرية تطلب أداء رسوم مقابل تقديم بطاقة المعلومات فضال عن
عدم تغطيتها لمجموعة من المدن.
ت) المصادقة على مشروع القسمة العينية
عندما ينجز الخبير المطلوب منه في دعوى القسمة العقارية ،يضع تقريرا مفصال عن ذلك
مرفقا بنسخة تصميم القسمة العينية ،ونسخة من تصميم للقسمة العينية ،ونسخة تصميم عقاري
مفصل ،ونسخة الوكالية في حالة وجودها ،وغير ذلك من الوثائق الضرورية بكتابة ضبط
المحكمة التي عينته ،وإذا تبين للمحكمة أن تقرير الخبير جاء كما ينبغي ،فإن منطوق الحكم
يقتصر على المصادقة على تقرير الخبير والتصميم المرفق به واللذان يجسدان مشروعا للقسمة
العينية الذي يصبح قابال للتنفيذ.
ث) قسمة التصفية
وهي تلك التي تؤدي إلى بيع العقار المطلوب قسمته عن طريق المزاد العلني وتوزيع ثمنه بين
المشتاعين كل بحسب منابه[ ،]54ول يلجأ إليها إل إذا تعذرت قسمة العقار عينا ،ومن بين
حالت قسمة التصفية نذكر ما يلي:
-1حالة تعذر القسمة العينية[.]55
-2حالة كون القسمة العينية ممكنة لكن بحدوث ضرر[.]56
-3حالة اتفاق األطراف على قسمة التصفية.
وبخصوص الحالة األولى ،نالحظ بأنها قد تطرح بعض اإلشكاليات على مستوى الواقع العملي،
بحيث تصطدم في بعض األحيان مع قاعدة البت في حدود الطلبات المنصوص عليها في الفصل
3من ق.م.م ،ويتضح ذلك من خالل قرار للمجلس األعلى[.]57
ثالثا :تنفيذ الحكم العقاري القاضي بإجراء القسمة
إن األحكام القاضية بالقسمة يمكن إدراجها ضمن األحكام التي تأمر بالقيام بعمل ،إل أنها ل
تهدف إلى إفراغ المحكوم عليه من العقار بصفة كلية وإخراجه منه ،وإنما تهدف إلى وضع حد
لحالة الشياع كليا أو جزئيا.
)1تنفيذ الحكم القاضي بالقسمة العينية :
بين المشرع كيفية تنفيذ الحكم القاضي بالقسمة العينية من خالل الفصل 261من ق.م.م ،وقد
جاء فيه" :إذا أصبح الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به ،أجريت القرعة بواسطة كتابة الضبط
15
الذي يسلم األنصبة بعد القرعة حال ألصحابها وملخصات محضر القسمة كال أو بعضا
المطلوبة من األطراف".
وإذا تعلق األمر بقسمة عقار محفظ ،فإن تنفيذ الحكم بالقسمة يقتضي تأسيس رسوم عقارية
بديلة للرسم العقاري األصلي المشاع ،مما يجعل عملية التقسيم في حد ذاتها بمثابة تأسيس
لرسوم عقارية جديدة[ ،]58وهذا ما تنص عليه الفقرة األولى من الفصل 54من ق.ت.ع،
وينص الفصل 77و 67من القانون نفسه أن زيادة على هذا لبد لصاحب الحق أن يتوجه إلى
المحافظة للمطالبة بإنشاء رسم عقاري خاص بالجزء الذي آل إليه.
وإذا قضى الحكم بقسمة عينية لعقار غير محفظ ،فإن تنفيذه يتم وفقا لمنطوقه ،فإذا قضت
المحكمة بالقسمة العينية تبعا لتقرير الخبرة التي سبق أن عينته ،وأعد مشروع القسمة ،فإن هذه
األخيرة تتم عن طريق القرعة إذا كانت حصص الشركاء متساوية أو غير متساوية أو
بمعدل[ ،]59أما إذا كانت حصص الشركاء غير متساوية وتمت المصادقة على مشروع
القسمة ،فإن تنفيذ الحكم يتم باستدعاء األطراف لعين المكان ،وتجدر اإلشارة على أن عدم
حضور المحكوم عليه رغم استدعائه ل يؤدي إلى إبطال التنفيذ[.]60
)2تنفيذ الحكم القاضي بقسمة العقار عن طريق التصفية :
إن تنفيذ الحكم القاضي بقسمة العقار قسمة تصفية تقتضي بيع هذا األخير بالمزاد العلني انطالقا
من الثمن الذي حددته الخبرة المصادق عليها من طرف المحكمة ثم توزيع ثمنه الذي رسا عليه
المزاد بين الشركاء ،حسب نصيب كل واحد منهم[ ،]61لكن بالرجوع إلى المقتضيات المنظمة
للقسمة القضائية يتبين بأن المشرع لم يشر نهائيا إلى اإلجراءات التي يتعين اتباعها من أجل
بيع العقار بالمزاد العلني وقسمة ثمنه بين الشركاء ،الشيء الذي يجعلنا نحيل على إجراءات
البيع بالمزاد العلني المتعلقة بتحقيق الرهن ،والتي يتخللها العديد من اإلشكاليات التي تعوق
تنفيذ هذا الحكم ،إذ غالبا ما يفرز لنا الواقع العملي لجوء بعض الشركاء أو غالبيتهم إلى
مجموعة من الحيل القانونية إلعاقة بيع العقار بالمزاد العلني ،بحيث يقوم الشركاء بالتواطؤ
مع المتزايدين على عدم تقديم أي عرض أو تقديم عروض غير كافية ل تتناسب مع قيمة العقار
بغية تطويل المسطرة ،واإلضرار بحقوق باقي الشركاء ،ويستمر الوضع على هذا الحال رغم
إعادة المزايدة أكثر من مرة ،علما أن رئيس المحكمة هو الذي يشرف على عملية التنفيذ الذي
ل يملك صالحية إنزال الثمن الذي سبق تحديده من جانب المحكمة ،وفي هذا اإلطار ،ما هو
الحل الذي يمكن اتخاذه؟ بالرجوع إلى الفقرة األولى من الفصل 26من ق.م.م الذي ينص على
أنه" :تختص كل محكمة ،مع مراعاة مقتضيات الفصل 149بالنظر في الصعوبات المتعلقة
بتأويل أو تنفيذ أحكامها أو قراراتها وخاصة في الصعوبات المتعلقة بالمصاريف المؤداة
أمامها".
يستفاد من خالل ما سبق أن تعديل الثمن اإلفتتاحي للمزايدة ل يمكن أن يتم إل من خالل مراجعة
المحكمة المصدرة للحكم ،وذلك في إطار الصالحية المخولة لها إذا كانت قسمة التصفية تبقي
الشركاء في حالة الشياع إلى غاية بيع العقار بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه عليهم ،فهل يحق لهم
في هذه الحالة أن يستفيد أحد الشركاء بطلب شفعة العقار موضوع البيع؟
فقراءة الفصل 473من ق.م.م الذي ينص على أن" :يخطر في حالة الشياع عون التنفيذ في
حدود اإلمكان شركاء المنفذ عليه في الملكية بإجراءات التنفيذ المباشرة ضد شريكهم حتى
يتسنى لهم المشاركة في السمسرة".
16
يتضح من خالل هذا الفصل على أن عدم جواز األخذ بالشفعة في البيع بالمزاد العلني ويضيف
الفقيه محمد خيري على أن إخطار الشركاء حجة عليهم ،إذ يكون بإمكانهم أن يشاركوا في
المزاد ،ويشتروا الحصة المعروضة للبيع ويمنعوا األجنبي من التدخل ،ولذلك فال شفعة في
المزاد العلني ،وتجدر اإلشارة إلى أن القانون المغربي سكت عن هذه الفرضية والفصل 473
يعتبر من الملطفات التي يمكن اإلستعانة بها ،مما يجعل الفقه ينقسم إلى عدة آراء ،بحيث يرى
األول[ ]62أن البيوع التي تجيز للشفعة هي البيوع الرضائية ،على عكس البيع الجبري ،فال
يعطى للشركاء حق ممارسة الشفعة ،ويرى ابن معجوز أن البيع بالمزايدة من البيوعات التي
تثبت فيها والشفعة سواء كان هذا الشريك حاضرا أثناء المزايدة أم ل.
نشير في األخير إلى أن هناك رأي وسط يرى بأن الشفعة للشريك الذي لم يحضر للمزايدة إذا
لم يتم إعالمنه بها ،أما إذا كان حاضرا بها ولم يشارك فيه أو استدعي ولم يحضر فإنه ل شفعة
له[.]63
أما بالنسبة للقضء المغربي ،فقد صدر عن محكمة النقض تقضي بأحقية الشركاء على الشياع
في ممارسة البيع بالمزاد العلني ،أما على مستوى القضاء المقارن يرى أنه ل تثبت الشفعة إذا
كان العقار قد خرج عن ملك المشفوع منه جبرا.
الفقرة الثانية :آثار القسمة
إذا كانت عملية القسمة العقارية في جانبها القانوني تهدف إلى تحسين الوضعية المادية
والقانونية للعقارات الشائعة ،عن طريق إفراز حصص الشركاء وجعلها محددة ومملوكة ملكية
خالصة على سبيل النفراد والستئثار لكل شريك متقاسم ،والخروج من النمط التقليدي للملكية
الشائعة الذي يعد عائقا أمام تحقيق الستثمار العقاري المعول عليه للمساهمة في التنمية
القتصادية والجتماعية على المستوى المحلي والوطني ،فإن تحقيق هذه األهداف رهين بمدى
ضمان الشركاء المتقاسمين لحصص بعضهم البعض مما يقع من تعرض أو استحقاق أو عيب
خفي ،وتمكين كل شريك من حقه في واجب استعمال واستغالل العقار أثناء مرحلة الشيوع،
وذلك لما يحققه هذا الضمان من عدالة ومساواة بين الشركاء المتقاسمين ألنه وكما يقال المساواة
روح القسمة[.]64
ووعيا من المشرع المغربي بهذه األمور ،فقد نظم مختلف أحكام اإلفراز ،كما أحال بخصوص
أحكام الضمان على تلك المتعلقة بعقد البيع في إطار قانون اإللتزامات والعقود مع مراعاة
خصوصيات ظهير التحفيظ العقاري فيما يتعلق بقسمة العقار المحفظ ،ونظرا لما لعملية إفراز
حصص الشركاء المتقاسمين من أهمية تجعلها جديرة بالدراسة والتحليل ،فإننا سنعمد إلى
التطرق إلها في (الفقرة األولى) وذلك قبل بحث األسس القانونية للضمان ومقابل استعمال
واستغالل حصص هؤلء الشركاء في (الفقرة الثانية) .
17
أول :إفراز حصص الشركاء في العقار الشائع
إن من بين أهم اآلثار التي تترتب عن القسمة القضائية العقارية ،نجد فرز حصص الشركاء
في العقار الشائع حيث تتحول حصة الشريك من حصص رمزية مجردة إلى أجراء مادية
مفرزة ،ينحصر حق كل شريك متقاسم في جزء منها ،ويكون هذا الجزء معينا ومحددا يمتلكه
ملكية خالصة على سبيل الستئثار والنفراد.
وإذا كان الشريك يعتبر مالكا للحصة التي ستؤول إليه عن طريق القسمة منذ بدء تملكه في
الشيوع ،وأنه لم يملك غيرها من حصص باقي الشركاء ،فما هي طبيعة وحدود أثر اإلفراز ؟
وما مدى تأثير ذلك على المعامالت السابقة عن القسمة ؟
ولمعالجة هذه اإلشكالية نتعرض بداية ألحكام اإلفراز (أول) على أن نتناول آثر اإلفراز على
المعامالت السابقة عن القسمة في العقار الشائع (ثانيا) .
أ -أحكام اإلفراز
يقصد بإفراز حصص الشركاء في العقار الشائع اختصاص كل شريك بملكية حصة مفرزة من
ذلك العقار ،وهذا هو األثر الجوهري للقسمة بنوعيها التفاقية والقضائية ،حيث يستقل كل
شريك بملكية الجزء الذي اختص به يمقتضى القسمة ،ملكية مفرزة ومستقلة عن غيره من
الشركاء المتقاسمين[ ،]65وفي هذا الصدد ينص الفصل 1088من قانون اإللتزامات والعقود
عل أنه " :يعتبر كل من المتقاسمين أنه كان يملك منذ األصل األشياء التي أوقعتها القسمة في
نصيبه ،سواء تمت هذه القسمة عينا أو بطريق التصفية ،كما يعتبر أنه لم يملك قط غيرها من
بقية األشياء ".
يستفاد من هذا الفصل أن فرز حصة الشريك عن طريق قسمة العقار المشاع ،يكون بأثر
رجعي ،وكاشف لحق الملكية ل ناقال لها ،وعليه سنتناول هذين األثرين كما يلي :
.1األثر الرجعي للقسمة
يقصد باألثر الرجعي للقسمة ذلك األثر الذي يفيد أن ما آل إلى الشريك بالقسمة ،يعتبر قد آل
إليه منذ أن تملك في الشيوع ،وأن ما لم يؤل إليه يعتبر كأنه لم يكن مملوكا له في يوم من األيام،
إذ يفترض بمقتضى األثر الرجعي أن كل وارث قد تملك نصيبه المفرز في التركة منذ موت
موروثه[ .]66بحيث يعتبر المتقاسم مالكا للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وأنه
لم يمتلك غيرها في بقية الحصص ،وذلك حماية له من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء
على العقار الشائع أثناء قيام الشيوع ،ومن تم يحصل كل متقاسم على نصيبه المفرز الذي له
بموجب القسمة مطهرا من هده الحقوق[.]67
ويترتب عن ذلك محو مرحلة الشيوع التي أعقبت موت المورث وبقيت إلى أن تمت القسمة،
وهي مرحلة قد تطول سنين عديدة ،ومع ذلك يتجاهلها األثر الرجعي ويعتبرها كأنها لم تكن .
.2األثر الكاشف للحصة المفرزة
لقد نص المشرع المغربي في الفصل 1088من قانون للتزامات والعقود على أنه " يعتبر
كل من المتقاسمين أنه كان يملكؤ èمنذ األصل األشياء التي أوقعتها القسمة في نصيبه ،سواء
تمت هذه القسمة عينا أو بطريق التصفية كما يعتبر أنه لم يملك قط غيرها من بقية األشياء .
18
يتبين من هذا النص أن القسمة ل تنشئ للمتقاسم حقا جديدا ،بل تكشف عن حق ثابت له ،وهذا
ما يعرف باألثر الكاشف للقسمة الذي ل يعمل أكثر من أن يقرر وضعا قانونيا قائما من ذي
قبل دون أن يعدل فيه .ولذلك فالقسمة القضائية كاشفة بطبيعتها لحق الشريك المتقاسم وليست
منشئة له[.]68
ومن خالل ما سبق يتبين أن القسمة في التشريع المغربي كاشفة لحق الشريك المتقاسم ل ناقلة
له ،وإذا كان األمر كذلك ،فإلى أي حد يسري هذا األثر على قسمة العقار ؟
لإلجابة عن هذا التساؤل يجب نميز بين ما إذا كان األمر يتعلق بعقارات محفظة أو بعقارات
غير محفظة :
-األثر الكاشف للقسمة بالنسبة للعقارات المحفظة
ينص الفصل 66من ظهير التحفيظ العقاري على أن " كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر
غير موجود بالنسبة للغير إل بتسجيله ،وابتداء من يوم التسجيل ،في الرسم العقاري من طرف
المحافظ على األمالك العقارية ،ول يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة
الغير ذي النية الحسنة".
وبناء على ذلك فإن كل ما تم تقييده في السجل العقاري للعقارات المحفظة يعتبر قرينة قانونية
وحجة قوية يمكن الحتجاج بها تجاه كافة األشخاص ،فصاحب الحق لينازعه أحد في حقه
ألنه بالتسجيل ضمن له الثبات والستقرار [.]69
يستفاد من هذا أن قسمة العقار المحفظ ل تنتج أثرها القانوني المتمثل في فرز حصص الشركاء،
ل فيما بين المتقاسمين ول بالنسبة للغير إل بتسجيلها ،وابتداء من يوم التسجيل في الرسم
العقاري واستخراج الرسوم التجزيئية للحصص المفرزة من مصلحة القتطاعات بالوكالة
الوطنية للمحافظة العقارية[.]70
ومعنى ذلك أن األثر الكاشف بالنسبة للعقارات المحفظة ينتج عن التسجيل بالرسم العقاري
وليس عن القسمة ،وتسري الملكية المفرزة للعقار الشائع ابتداء من تاريخ هذا التسجيل ،وهذا
ما يعتبر استثناء من مقتضيات الفصل 1088من قانون اللتزامات والعقود ،الذي يرتب األثر
الكاشف ابتداء من تاريخ قسمة العقار[. ]71
-األثر الكاشف للقسمة بالنسبة للعقارات غير المحفظة
لقد ظلت العقارات المحفظة سواء قبل الحماية الفرنسية أو أثنائها أو بعدها مبدئيا خاضعة
لقواعد الفقه المالكي واألعراف المحلية [. ]72
وإذا كان الفقه المالكي يعتبر القسمة التفاقية بمثابة بيع ،فإنه رتب عنها نفس آثاره حيث اعتبرها
ناقلة للملكية ل كاشفة لها ،وعلى خالف ذلك تعتبر القسمة القضائية كاشفة للملكية وليست ناقلة
لها ،وهذا ما تبناه المشرع المغربي في الفصل 1088من قانون اللتزامات والعقودالمشار
إليه سابقا ،وانطالقا مما سبق يمكننا أن نتسائل عن حدود هذا األثر الكاشف للقسمة بالنسبة
للعقارات غير المحفظة ؟
-حدود تطبيق األثر الكاشف للقسمة القضائية من حيث التصرفات :
بداية تنبغي اإلشارة إلى اآلثر الكاشف من حيث التصرفات ،يطبق على كل تصرف من شانه
إنهاء حالة الشياع ،ويصدق هذا الحكم على القسمة البتية سواء أجريت عينا أم عن طريق
التصفية وسواء كانت بمعدل أو بغير معدل[ ،]73أما قسمة المهايئة سواء كانت مكانية أم
زمانية والتي تعتبر في الحقيقة نوعا من التفاق حول إدارة الشيء الشائع ليس إل ،فال يمكن
أن يطبق بشأنها ألنها ل تنهي الشيوع بكيفية باته[. ]74
19
وإذا كانت القسمة العينية ل تثير أي إشكال في هذا المجال ،فإن قسمة التصفية -أي بيع العقار
بالمزاد العلني واقتسام الثمن بين الشركاء -تحتاج إلى توضيح ،بحيث يجب أن ننتبه في هذا
الشأن إلى أن هناك حالتين :
الحالة األولى :وهي التي يباع فيها العقار المشاع لشخص أجنبي على الشركاء
ففي هذه الحالة يعتبر الصرف بيعا فيما بين الشركاء والمشتري األجنبي ،ومن ثم يجوز
للمشتري أن يطهر العقار المبيع من الرهون التي ترتب عليه من الشركاء أثناء الشيوع ،أما
توزيع الثمن بين الشركاء فيعتبر قسمة تصفية تترتب عنها جميع آثار القسمة ومنها األثر
الكاشف [.]75
الحالة الثانية :وهي التي يتم فيها بيع العقار الشائع ألحد الشركاء
ففي هذه الحالة يرى بعض الفقه أن البيع قد تم لحساب جميع الشركاء تمهيدا للقسمة ـ وتترتب
عنه جميع آثار القسمة بما فيها األثر الكاشف ،بحيث تسقط تصرفات كل شريك آخر في العقار
تكون قد صدرت أثناء الشيوع ،وبالمقابل تثبت تصرفات الشريك المشتري الذي وقع المال في
نصيبه ،ثم يكون للثمن الراسي به المزاد حكم معدل القسمة ،ولكن يتعين دفعه دون إنتهاء عملية
القسمة[.]76
-حدود تطبيق اآلثر الكاشف من حيث األشخاص
يسري اآلثر الكاشف للقسمة على جميع الشركاء المتقاسمين ،أي بالنسبة لجميع المالك على
الشيوع وقت القسمة ،يستوي في ذلك من كان يملك في الشيوع منذ البداية ومن كان يملك فيه
بعذ ذلك مادام أنه مالكا وقت القسمة ،ومن ثم يسري األثر الكاشف على جميع الورثة ،وكذلك
على كل شخص غير وارث انتقلت إليه حصة الوارث في الشيوع قبل القسمة ،كما يسري في
حق الغير ،فإذا رهن أحد المالك المشتاعين قبل القسمة حصته أو جزءا مفرزا من العقار
الشائع لدائن مرتهن ،فإن هذا الدائن وهو من الغير يسري في حقه األثر الكاشف للقسمة.
ب -ضمان اإلستحقاق والعيب للمتقاسمين
لقد كان وما يزال اإللتزام بالضمان من اآلثار المترتبة عن القسمة ،هذا الضمان الذي يعد بمثابة
التزام متبادل بين جميع المتقاسمين ،وهذا اللتزام بالضمان يستند إلى مبدأ العدالة والمساواة
حماية لما يفرز لكل متقاسم من نصيب مما قد يصيبه من انتقاص أو استحقاق ،ولكي يتحقق
هذا الضمان لبد من تحقق شروطه ( ،)1وإذا ما تحققت شروطه فالبد من إعمال آثاره (.)2
.1شروط الضمان
لقد عمل المشرع المغربي من خالل مجموعة من المحطات التشريعية تحقيق مبدأ التوازن
والمساواة بين المتقاسمين وذلك تجسيدا للمبدأ القائل " المساواة روح القسمة"[،]77
وتبعا لذلك فقد نص المشرع المغربي على مجموعة من الشروط الواجب توفرها لكي يقوم
الضمان ويعمل به ،وذلك سواء في األحكام العامة أو في القوانين الخاصة ،فبداية و بالرجوع
إلى قانون اإللتزامات والعقود -الذي نضم أحكام ضمان الستحقاق في الفصول من 533إلى
548ونظم أيضا ضمان العيب في الفصول من 549إلى 575من نفس القانون -نجده ينص
في المادة 1090على أنه " :يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض حصصهم ،من أجل األسباب
السابقة عن القسمة ،وفقا ألحكام البيع" ،وبالرجوع إلى أحكام الضمان في عقد البيع ،وبالضبط
إلى الفصل 532نجده ينص على أن " :الضمان الواجب على البائع للمشتري يشمل أمرين :
أ -أولهما حوز المبيع والتصرف بال معارض (ضمان الستحقاق) ،ب -وثانيهما عيوب الشيء
المبيع (ضمان العيب)" ،إل أن المشرع المغربي ووعيا منه بأهمية القسمة وما تنتج عنها من
20
مشاكل تعرق العمل داخل المحاكم وتجمد العقار محل القسمة مما يخرجه من دائرة التعامل
والتنمية ،باعتبار ان ملفات القمسة القضائية رغم كونها ل تحتل إل نصيبا ضعيفا من الملفات
العقارية المتنازع بشأنها إلى انها تضل من أشكس هذه الملفات وأعقمها ،حتى أن البعض
يسميها بالملفات المزمنة ،وهكذا تدخل المشرع المغربي من خالل المادة 324من مدونة
الحقوق العينية ونص على أنه " :يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض أنصبتهم مما قد يقع عليها
من تعرص أو استحقاق بسبب سابق عن القسمة إل إذا تم اإلتفاق صراحة على اإلعفاء منه أو
نشأ بسبب خطأ المتقاسم نفسه".
غير أنه لقيام الضمان يجب توفر بعض الشروط وهي وقوع تعرض أو استحقاق من طرف
الغير ،أو وجود عي خفي في الحصة المقسومة التي آلت غلى المتقاسم نتيجة القسمة ،وعدم
رجوع الستحقاق أو التعرض إلى خطأ المتقاسم المتضرر نفسه ثم عدم وجود شرط يعفي من
الضمان .
وسنتعرض باختصار لكل شرط من هذه الشروط بالكيفية األتية :
1.1وقوع تعرض أو استحقاق أو عيب خفي في الحصص المفرزة
ل يتحقق غرض المتقاسم من القسمة لمجرد حصوله على حصة مفرزة من العقار الشائع،
وإنما يلزم كل المتقاسمين بضمان انتفاعه انتفاعا مستقرا ل يشوبه أي تعرض أو استحقاق أو
عيب خفي ،فما المقصود بكل من التعرض والستحقاق والعيب الخفي في القسمة القضائية ؟
-التعرض :
إن المقصود بالتعرض في هذا المجال هو التعرض القانوني ل مجرد التعرض المادي كأعمال
الغصب والتعدي[ ،]78أي ذلك التعرض الذي يقوم على أساس من القانون ،يتمثل في ادعاء
أحد من الغير حقا على الشيء المفرز في مواجهة المتقاسم ،إذا كان من شأن هذا اإلدعاء
حرمان المتقاسم من إحدى السلطات التي يخولها له القانون[.]79
فالتهديد بالستحقاق يجب أن يكون تهديدا له صفة قانونية ،مثل رفع دعوى استحقاق أو المطالبة
بحق ارتفاق ، ...ويمكن للمتقاسم أن يعمل على حماية حقه بإحدى الوسائل المتاحة له ،وذلك
ما علم بوجود حق للغير كأن يمتنع عن الوفاء بما التزم به بموجب القسمة بحسب ما التزم به
من الثمن الذي رسا به المزاد عليه حتى يزول الخطر[.]80
ونشير هنا إلى أن مناط تطبيق أحكام ضمان التعرض القانوني هو أن يكون صادرا من الغير،
مع العلم بأن الورثة يعتبرون غيرا بخصوص أموالهم الخاصة وهذا ما أكده المجلس األعلى
"محكمة النقض حاليا" في قرار له جاء فيه " :حيث أن الطرف الحقيقي في الدعوى هو تركة
الهالك وأن ورثته يعتبرون طرفا فيما تركه ،ويعتبرون طرفا في أمالكه الخاصة التي قضت
بها المحكمة لفائدتهم ،ولذلك فهم أغيارا بمقتضى للفصل 482من قانون المسطرة المدنية
بالنسبة ألمالكهم ول يعتبرون أغيارا فيما يتعلق بتركة الهالك"[.]81
21
ويستوي هنا أن يأتي التعرض من الغير أو من أحد المتقاسمين إذ الذي يهم هو حماية النصيب
الذي آل إلى المتقاسم ل مصدره .
-الستحقاق
يقصد بالستحقاق في مجال القسمة تحقق تجريد المتقاسم من النصيب المفرز المقسوم له لصالح
الغير ،أو بوجه عام إهدار حقوقه أو اإلنتقاص منها عن هذا النصيب نتيجة ثبوت حق الغير،
كالحكم له بملكية هذا النصيب ،أو بملكية جزء منه أو ثبوت حق انتفاع ويتحقق الضمان كذلك
متى كانت الحصة التي تمثل نصيب المتقاسم تحت يد الغير ولم يسطع استردادها منهم[.]82
-العيوب الخفية
العيوب الخفية الموجبة للضمان هي تلك التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا ،أو تلك التي
تجعلها غير صالحة لالستعمال فيما أعد له بحسب طبيعته ،أو بمقتضى عقد قسمة ،أما العيوب
التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو النتفاع وكذلك العيوب التي جرى العرف بالتسامح فيها،
فال تخول الضمان ،وهذا التمييز يمكن أن يستعين القاضي في القيام به بالخبرة[.]83
وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أنه بالنسبة للتشريعات المقارنة تستثني العيوب الخفية من
الضمان في مجال القسمة ،فهذه األخيرة تشمل ضمان التعرض والستحقاق ول يمتد إلى
العيوب الخفية وذلك بنصوص تشريعية صريحة كما هو الشأن بالنسبة للتشريع المغربي الذي
ينص في المادة 324من مدونة الحقوق العينية على أنه ":يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض
أنصبتهم مما قد يقع عليها من تعرض أو استحقاق بسبب سابق عن القسمة ،"...وكان على
المشرع المغربي ضمان العيوب الخفية إلى التعرض والستحقاق ،حيث يعتبر وجودها موجبا
للضمان[.]84
1.2أن يكون هذا الضمان ألسباب سابقة عن القسمة
يشترط لقيام الضمان أن يكون التعرض أو الستحقاق الذي ذهب ضحيته أحد المتقاسمين،
مستندا ألسباب سابقة على القسمة ،أما إذا كانت هذه األسباب لحقة عليها فال يتحقق أي ضمان
ويستفاد ذلك صراحة من المادة 324من مدونة الحقوق العينية حينما جاء فيها بأنه ":يضمن
المتقاسمون بعضهم لبعض أنصبتهم مما قد يقع عليها من تعرض أو استحقاق بسبب سابق عن
القسمة ."...
فإذا كان الغير يستنذ في تعرضه للمتقاسم على حق اكتسبه عن العقار المقسوم قبل أو حين
القسمة ،فإن باقي المتقاسمين يضمنون هذا الحق ،أما إذا كان التعرض أو الستحقاق يستند إلى
حق تم اكتسابه على الشيء المقسوم بعد إجراء القسمة وانتقال الملكية إلى المتقاسم ،فإن باقي
المتقاسمين ل يضمنونه إل إذا كان لهم يدا في اكتساب الغير لهذا الحق[.]85
والشرط الذي جاءت به المدونة هو شرط بديهي وقد نصت عليه مختلف التشريعات المقارنة،
بحيث نص عليه المشرع المصري وكذا الفرنسي والسويسري.
ويرى جانب من الفقه [ ]86أن المتقاسمين قد يسألون عن الضمان ألسباب لحقة على القسمة
في بعض الحالت الستثنائية ،كما لو ثبت بما ل يدع مجال للشك أن الذي وقع ضحية التعرض
أو الستحقاق استحال عليه رده كما لو لم يبق إل وقت وجيز لم يتمكن معه المتقاسم من اتخاد
إجراءات قطع التقادم مثال.
1.3أل يكون الستحقاق أو التعرض لسبب ناتج عن خطأ المتقاسم المتضرر
لكي يستفيذ الشريك المتقاسم من الضمان يجب أل يكون قد ساهم بفعله الخاطئ في مساعدة
الغير الذي استفاد تبعا لذلك من التعرض أو الستحقاق ،إذ يكون طبيعيا في هذه الحالة أن
22
يتحمل المتقاسم المتضرر خطئه دون إجبار المتقاسمين اآلخرين على مشاركته في تحمله
[.]87
ومن التطبيقات القضائية لهذا الشرط ماجاء في قرار [ ]88صادر عن محكمة النقض والذي
جاء فيه" :إن الشريك المتقاسم تقام عليه الدعوى في شأن استحقاق العقار المقسوم ،يتعين عليه
إشعار باقي الشركاء المتقاسمين بها ،حتى يتحملوا الضمان الواجب عليهم بمقتضى القانون
ولما أقيمت عليه الدعوى ولم يشعر بها باقي الشركاء المتقاسمين ،واختار مواجهتها بنفسه،
سقط حقه في الرجوع عليهم وتحمل هو نتيجة ما يقضي به في هذه الدعوى ".
عدم اشتراط اإلعفاء من الضمان
إن الضمان المتبادل بين المتقاسمين والطي قررته المادة 324من مدونة الحقوق العينية يرمي
باألساس إلى حماية كل متقاسم مما قد ينقص من نصيبه أو يضيعه عليه لسبب سابق على
القسمة ،فال مساس له إذن بالنظام العام ،وبالتالي يستطيع المتقاسمون التحلل من اللتزام
بالضمان عن طريق التفاق ،ومن جهة ثانية فإن المتقاسم المتضرر طبقا للمبادئ العامة
يستطيع دائما بعد ثبوت حقه في التعرض أن يتنازل عن هذا الحق بكيفية صريحة ،ولقد نص
صراحة الفصل 544من قانون اللتزامات والعقود على مشروعية شرط التفاق على اإلعفاء
من الضمان وحسب نفس الفصل فإنه ل يكون لشرط عدم الضمان أي أثر في حالتين :
الحالة األولى :إذا بني الستحقاق على فعل شخصي للمتقاسم المستفيذ من الشرط إذ المبدأ انه
ليس للشخص ان يستفيذ من خطئه .
الحالة الثانية :إذا وقع تدليس من المتقاسم المستفي من شرط عدم الضمان ،كما لو قام بقسمة
ملك الغير على علم منه ،أو كان يعرف سبب الستحقاق مسبقا ولو يصرح به .
.2أحكام الضمان
إذا ما توفرت الشروط األربعة المتقدمة ،ووقع تعرض أو استحقاق فإنه يثبت لهذا المتقاسم
الذي استحق من نصيبه حق الرجوع على المتقاسمين ويطالبهم بالضمان ،وللمتقاسمين
اآلخرين الملزمين بهذا أن يعوضوا المتقاسم المضرور بطرق حبية وإذا لم تفد الطرق الودية
في فض النزاع بين المتاقسمين يبقى دائما من حق المتقاسم المتضرر للجوء إلى القضاء[.]89
إن بعض التشريعات المقارنة كالتشرع المصري والتشريع الفرنسي فإذا وقع المتقاسم ضحية
استحقاق في حصته ،ل يثبت له إل الحق في التعويض عما ضاع منه ،ويلتزم كل متقاسم
بالتعويض في حدود حصته ،وبالنسبة للعيوب الخفية فإن كل هذه التشريعات األجنبية لم تعتبرها
من األسباب الموجبة للضمان ،فمتى كان العيب كبيرا بحيث ينقص من قيمة الحصة أكثر من
خمسها في التشريع المصري والسوري أو أكثر ن ربعها في التشريع الفرنسي كان سببا كافيا
للطعن في القسمة بالغبن وليس من أجل العيب الخفي.
أما بالنسبة للتشريع المغربي فقد جاءت مقتضيات المادة 325من مدونة الحقوق العينية
صريحة في هذا المجال حيث نصت على ما يلي :
"إذا كان العقار غير المحفظ واستحقت حصة المتقاسم كلها أو بعضها بما زاد على الثلث كان
له أن يطلب فسخ القسمة وإجراء قسمة جديدة فيما بقي من العقار الشائع إذا كان ذلك ممكنا ولم
يلحق أي ضرر بالغير ،فإذا تعذر إجراء قسمة جديدة كان لمستحق الضمان الرجوع على
المتقاسمين اآلخرين بالتعويض ،إذا كان ما استحق من المتقاسم في حدود الثلث فما دون فليس
له سوى الرجوع على المتقاسمين اآلخرين بالتعويض".
23
يتضح من خالل هذه المادة ان المشرع المغربي حذت حذو التشريعات المقارنة ،فالمتقاسم
المتضرإر ل يثبت له إل الحق في التعويض عما ضاع منه وفي حدود حصته ،أما لو كان ما
استحق في حدود الثلث وما دونه فإنه ل يكون للمتقاسم المتضرر بالستحقاق المطالبة بالقسمة
من جديد في حالتين :
-إذا كان ما استحق فاق مقدار الثلث متى كانت القسمة من جديد غير ممكنة أو فيها ضرر
بالغير .
-وإذا كان ما استحق قد بلغ الثلث أو دونه
وفي الحالتين ل يكون إل الرجوع بالتعويض على المتقاسمين اآلخرين ولو يبين النص هل
يقدر هذا التعويض بحسب حصص المتقاسمين مناهم من القسمة القضائية أم أن التعويض
يكون بأداء متساوي من كل المتقاسمين ،أتساءل في هذا الصدد حول كيفية تقدير قيمة التعويض
هل يؤخد بتاريخ الحكم بالقسمة القضائية أم بقيمة العقار الحالية ؟
إن المادة 326من مدونة الحقوق العينية تداركت هذا األمر ووضعت معيارا يجيب على هذه
التساؤلت من حيث إن المتقاسمين يتحملون كل واحد بقدر حصته للتعويض الواجب لضمان
النصيب المستحق للمتقاسمين والعبرة في تقدير هذا التعويض بقيمة النصيب المستحق وقت
القسمة ،وأضافت المادة السالفة الذكر إذا كان أحد المتقاسمين معسرا تم توزيع ما ينوبه على
مستحقي الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين على أن يعودا عليه في حدود منابه إذا
أصبح موسرا.
أما بخصوص العيوب الخفية لم يتم التطرق لها ولم يعتبرها المشرع المغربي وجودها موجبا
للضمان .
وفي هذا الصدد ميز المشرع المغربي بين الستحقاق الكلي والستحقاق الجزئي وأعطى لكل
منهما حكما خا صا به مع العلم بان العيوب الخفية تنفرد هي األخرى بقواعد وأحكام منصوص
عليها في إطار القواعد العامة .
2.1الستحقاق الكلي
في حالة وجود الستحقاق الكلي فإن القسمة تفسخ وتعاد على أسس جديدة وعادلة[،]90
والمفروض في هذه الحالة أن العين التي وقعت في نصيب أحد المتقاسمين قد استحقت بأكملها،
واستطاع األجنبي المتعرض أن يثبت ملكيته لها وأن يستردها من تحت المتقاسم.
وتجدر اإل شارة إلى أنه متى وجهت دعوى الستحقاق إلى أحد المتقاسمين ،عليه أن يطالب
بإدخال المتقاسمين األخرين ،وعلى المحكمة بدورها أن تنبهه إذا استمر في السير في الدعوى
باسمه الشخصي ،فقد يعرض نفسه لضياع حقه في الرجوع على المتقاسم أو المتقاسمين
اآلخرين إذا خسر الدعوى[. ]91
2.2الستحقاق الجزئي
إن المشرع المغربي قد منح للمتقاسم في حالة الستحقاق الجزئي فخ القمسة وإجراء قسمة
جديدة فيما بقي من العقار الشائع إذا كان ذل ممكنا ،فإذا تعذر إجراء قسمة جديدة كان لمستحق
الضمان الرجوع على المتقاسمين اآلخرين بالتعويض[.]92
ويستفاد مما سبق أن المتقاسم الذي كان ضحية هذا الستحقاق إذا لم يستطع فسخ القسمة يكون
له الحق في مطالبة باقي المتقاسمين بتعويض عادل عما نقص من حصته ،وقبل اإلنتقال إلى
الحديث عن أحكام العيوب الخفية ،أود أن أشير إلى أن تقدير الستحقاق الجزئي البالغ األهمية
أم اليسير يعتبر من األمور الواقعية التي ينتقل تقديرها لقاضي الموضوع ،ويمكن للمتقاسمين
24
كما يمكن للمحكمة أن تستعين بالخبرة الضرورية للوقوف على أهمية العيب أو على األقل
تكوين فكرة واضحة عنه[. ]93
2.3حكم ضمان العيوب الخفية في القسمة القضائية العقارية
إذا كان محل القسمة عقارا ،وظهر عيب في الحصة المقسومة وجب على المتقاسم أن عمل
فورا على إثبات حالته بواسطة السلطة القضائية ،أو بواسطة خبراء مختصين في ذلك ،مع
حضور الطرف اآلخر أو نائبه إذا كان موجودا بعين المكان ،فإذا لم يقم المتقاسم بإثبات حالة
الحصة المقسومة على وجه سليم تعين عليه أن يثبت أمام المحكمة أن العيب كان موجودا فعال
عند تسلمه الحصة المعيبة[.]94
وإذا ثبت الضمان بسبب العيب الخفي أو بسبب خلو الحصة من الصفات التي كان المتقاسم
حريصا عليها ،كان له الخيار بين أمرين :إما أن يطلب فسخ القسمة وإعادتها على أسس جديدة
وعادلة ،وإما أن يحتفظ بالحصة المعيبة وفي هذه الحالة األخيرة ليس له الحق في ان يطلب
أي تعويض[. ]95
ونود أن نشير في األخير أنه ل يمكن الطعن في قسمة التصفية التي جرت بواسطة القضاء من
أجل وجود عيب خفي نظرا للضمانات الكثيرة التي تقررها قواعد المسطرة المدنية في هذا
المجال ،وهكذا فاألحكام الخاصة بضمان العيوب تخص فقط القسمة العينية تطبيقا ألحكام
الفصل 575من قانون اللتزامات والعقود والمحال عليه بواسطة النصوص المنظمة للقسمة
حيث ينص على أنه " ل دعوى لضمان العيب في البيوع التي تجري بواسطة القضاء".
المبحث الثاني :الشكالت العملية لدعوى القضائية العقارية
إذا كان المبدأ القانوني السائد في نظام الملكية الشائعة هو أن ل أحد يجبر على البقاء في
الشياع[ ،]96ونظرا لصعوبة تحقيق توافق رضائي بين المالكين على الشياع بخصوص قسمة
العقار ،فإن كلمة الفصل غالبا ما تكون للقضاء الذي يكون ملزما بالبت في دعوى القسمة إذا
توافرت شروطها .
ودعوى القسمة على غرار بعض الدعاوي تفرز في الواقع العملي عدة إشكالت على مستويات
متعددة ،فعلى المستوى اإلجرائي نجد أنها تتداخل في كثير من األحيان مع دعاوى أخرى ،كما
أن أحكامها قد تصطدم ببعض القوانين التي تفرض تصورا أخر لقسمة العقار ،أما على
المستوى الموضوعي فإشكالية حماية الدائنين تبقى أبرز ما يثار على هذا المستوى ،إلى جانب
ذلك فمرحلة التنفيذ تشهد بدورها بروز بعض الصعوبات سواء تعلق األمر بالقسمة العينية أو
البتية.
فما هي هذه اإلشكالت التي تثيرها دعوى القسمة ؟ وما موقف كل من المشرع والقضاء منها
؟ وما السبيل إلى تجاوزها ؟
هذه األسئلة سنحاول مقاربتها من خالل مطلبين :نتناول في المطلب األول :إشكالت دعوى
القسمة على المستوى الموضوع ،بينما نخصص المطلب الثاني إلشكالت دعوى القسمة على
مستوى التنفيذ.
المطلب األول :إشكاالت دعوى القسمة من حيث اإلجراءات
ينتج عمليا عن رفع دعوى القسمة العديد من اإلشكالت الناتجة باألساس عن ارتباط هذه
الدعوى ببعض الدعاوي ،خاصة دعوى الشفعة ،كما أنها قد تكون مرفوقة بدعوى أخرى هي
دعوى مقابل الستغالل ،كما أنه قد تثار هذه اإلشكالت عند تضارب أحكام دعوى القسمة مع
25
مقتضيات بعض القوانين خاصة قانون نزع الملكية ألجل المنفعة العامة والحتالل المؤقت2
،وقانون 90-25المتعلق بالتجزئة العقارية.3
ولدراسة مختلف هذه اإلشكالت سنتناول في الفقرة األولى تداخل دعوى القسمة مع بعض
الدعاوي ،وفي الفقرة الثانية تضارب أحكام دعوى القسمة مع بعض القوانين
الفقرة األولى :تداخل دعوى القسمة مع بعض الدعاوي
من أهم اإلشكالت التي تثار بمجرد رفع دعوى القسمة هي تداخلها مع دعاوي أخرى ترفع
في نفس النطاق ،ومنها أساسا دعوى الشفعة (أول) ودعوى مقابل اإلستغالل (ثانيا).
أول :تداخل دعوى القسمة مع دعوى الشفعة.
نجد هذا التداخل في كون دعوى القسمة المرفوعة من قبل أحد المالكين على الشياع ،قد
تتصادف مع دعوى أخرى يرفعها أحد الخصوم بغاية شفعة األنصبة أو الحقوق التي تم تفويتها
من طرف مالك أخر ،وذلك بعلة أن النصيب أو الحق المفوت لطالب القسمة ،أو لشريك أخر
لم يستقر بعد طالما أن أجل الشفعة لم ينته.
ونظرا لما بين هاتين الدعويين من ارتباط فإنه غالبا ما يتم ضمهما ،وذلك لتيسير األسباب
القانونية والواقعية للبت ،وذلك استنادا إلى ما جاء في الفصل 110من قانون المسطرة المدنية
الذي ينص على انه " :تضم دعاوي جارية أمام محكمة واحدة بسبب ارتباطها بطلب من
األطراف أو من أحدهم وفقا لمقتضيات الفصل . 4"49إن الرتباط الوثيق الموجود بين دعوى
قسمة العقار المشاع و دعوى الشفعة ،يتمثل في أن البت في األولى يستلزم أول قول كلمة
الفصل في الثانية ،حيث أن قبول شفعة أحد الخصوم لنصيب طالب القسمة يجعل دعوى القسمة
مفرغة من أي أساس ومفتقرة لشروطها ،خاصة أن القضاء يشدد على ضرورة استيفاء هذه
األخيرة لكافة شروطها.5
وبالرجوع إلى الجتهاد القضائي وكيفية معالجته لهذا الرتباط ،نجده ينحو منحيين فهو إما
يقضي بإيقاف البت في دعوى القسمة إلى حين النظر في دعوى الشفعة ،او إلى عدم قبول
األولى بعلة كونها سابقة ألوانها .
بخصوص المنحى األول ذهب المجلس األعلى في أحد قراراته إلى ان ":الدفع بطلب التوقف
عن البت في دعوى طلب القسمة ريثما يقع الفصل في دعوى استحقاق الشفعة جدير بالقبول
لقيام ارتباط قانوني بين الدعويين يتجلى في وجود صلة وثيقة بينهما .6"...
وبالمقابل تذهب بعض المحاكم البتدائية إلى عدم قبول دعوى القسمة ،حيث جاء في حكم
المحكمة البتدائية بالخميسات أنه ":وحيث ان طلب القسمة يعتبر سابقا ألوانه ،مادامت هناك
منازعة بخصوص حق الملكية ،مما يتعين التصريح بعدم قبول.7
ورغم ان هذين التجاهين القضائيين كان محل انتقاء بعض الباحثين 8بعلة غياب المصوغات
القانونية لكليهما إل أن المجلس األعلى يقر بإيقاف البت في دعوى القسمة إلى غاية البت في
دعوى الشفعة ،وأن القول بعدم وجود اساس قانوني للحكم بوقف البت في قانون المسطرة
المدنية ل ينال من صوابية هذا التجاه ،هذا الساس الذي نجده في ضرورة استيفاء دعوى
القسمة لشروطها األساسية خاصة عدم وجود منازعة جدية في اصل الملك ،وذلك وفقا لقول
ابن العاصم في التحفة :
وحيث كان القسم للقضاة فبعد إثبات الموجبات.
وحيث أن من الموجبات المفروضة للبت في دعوى القسمة إثبات ملكية الشيء المشاع محل
طلب القسمة ملكية ل شائبة فيها، 9وحيث أنه والحالة هاته يتوقف إثبات هذه الملكية على البث
26
في دعوى الشفعة ،فإننا نعتقد أن المجلس األعلى كان موفقا فيما ذهب عليه لسببين أولهما انه
كان مدركا أن الحكم بعدم القبول يعد من النظام العام وحالته واردة على سبيل الحصر في
قانون المسطرة المدنية ،وهو مال يتوفر في هذا اإلطار ،وثانيهما انه مدركا لقيمة الرتباط
الوثيق بين الدعويين ،وأن قبول او رفض دعوى القسمة متوقفة فقط على الفصل في دعوى
الشفعة ،مايعني وجود إمكانية لزوال المانع ،وعلى أساس ذلك رأى أن الحكم بإيقاف البت
في دعوى القسمة ريثما يتم البت في دعوى الشفعة ،أحسن سبيل للموازنة بين مصالح الخصوم
دون تجاوز روح المقتضيات القانونية.
ثانيا :تداخل دعوى القسمة مع دعوى مقابل الستغالل
يجد هذا التداخل اصوله في انفراد أحد المالكين على الشياع باستغالل واستعمال العقار المشاع
دون اشتراك باقي الشركاء في غلة هذا العقار ،لهذا نجد ان كثيرا ما يرفع الطرف المدعي
بموازاة دعوى القسمة طلبا يرمى منه تمكينه من مقابل الستغالل الدي انفرد به أحد او بعض
الشركاء .
وبخصوص هذا الشكال فالمشرع المغربي من خالل الفصل 965من ق .ل .ع نص على انه
":على كل واحد من المالكين على الشياع ان يقدم للباقين حسابا عما أخذه زائدا على نصيبه
من غلة الشيء المشترك" .كما جاء في الفصل 973ق .ل.ع أن ":لكل مالك على الشياع
حصة شائعة في ملكية الشيء المشاع وفي غلته".
ويستخلص من هذه المقتضيات القانونية إقرار المشرع لحق الملك على الشياع في الستفادة
من عوائد وثمار العقار المملوك على الشياع،وإذا كان هذا موقف المشرع ،فكيف تعامل
القضاء مع مسألة ارتباط دعوى القسمة مع دعوى مقابل الستغالل؟
على غرار دعوى الشفعة فإن ارتباط دعوى القسمة بدعوى مقابل الستغالل أثار إشكال على
المستوى القضائي حيث نجد اتجاهين متباينين بهذا الخصوص.
فالموقف األول يسير في اتجاه عدم قبول دعوى مقابل الستغالل قبل البت في دعوى القسمة
لكونها سابقة ألوانها.
وهذا ما ذهبت إليه محكمة الستئناف بالرباط في أحد قراراتها 10التي جاء فيها:
" وحيث ان العقارات موضوع طلب مقابل الستغالل ذات جودة مختلفة ...وحيث انه ضمانا
لمصلحة المالكين على الشياع يتعين على المحكمة ان تفصل في دعوى القسمة ،قبل طلب
مقابل الستغالل ...ما يتعين معه التصريح بعدم قبول الطلب ".
على خالف هذا الموقف ذهبت نفس المحكمة في قرار آخر لها 11إلى إمكانية الفصل في
دعوى القسمة مع دعوى مقابل الستغالل في نفس الوقت ومما جاء فيه " :وهكذا فإن المحكمة
لما تبين لها من خالل موقع العقار أنه ل ضرر مطلقا من البت في المطالبة بواجب الستغالل
قضت في ان واحد في دعوى القسمة وواجب الستغالل."...
وفي ظل هذا الختالف لهذين التجاهين ،يبقى الموقف الثاني القاضي بالبث في دعوى مقابل
الستغالل ودعوى مقابل القسمة في آن واحد أحرى بالتأييد نظرا لما فيه من اختصار الوقت،
واقتصاد النفقات،وعدم إطالة أمد النزاع.
الفقرة الثانية :تضارب أحكام دعوى القسمة مع مقتضيات بعض القوانين
إن الطبيعة المميزة لدعوى القسمة هي خضوعها لجملة من القوانين المختلفة ،هذا الختالف
الذي قد يصل في بعض القضايا إلى حد التضارب بين المقتضيات القانونية المختلفة .
27
وسنحاول إبراز هذا التضارب من خالل عالقة دعوى القسمة بقانون 90-25المتعلق
بالتجزئات والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات (أول) ،وعالقتها بقانون نزع الملكية ألجل
المنفعة العامة والحتالل المؤقت (ثانيا).
أول :تضارب أحكام دعوى القسمة مع نصوص قانون 90- 25المتعلق بالتجزئات
لقد آثرنا التطرق لهذه النقطة على اعتبار ان تقسيم العقارات في المدار الحضري و المراكز
المحددة والمناطق التي تشملها وثيقة من وثائق التعمير ،ل يخضع لإلرادة الحرة لألطراف
المالكين على الشياع ،بل أصبح خاضعا لسياسة الدولة وتواجهاتها العامة في مجال التعمير،
وذلك بعد صدور القانون رقم 90-25المتعلق بالتجزئات العقارية. 12
وبالعودة إلى هذا القانون نجد المادة 58منه تنص على أنه ":في الجماعات الحضرية
والمراكز المحددة والمناطق المحيطة بها والمجموعات الحضرية ،و المناطق ذات صبغة
خاصة وكل منطقة تشملها وثيقة من وثائق التعمير موافق عليها كمخطط توجيه التهيئة
العمرانية أو تصميم تنمية تجمع قروي يتوقف على الحصول على إدن سابق للتقسيم.
-كل بيع او قسمة يكون هدفها او يترتب عليها تقسيم عقار إلى بقعتين او أكثر معدة إلقامة بناء
عليها."...
ومن منطلق هذا الفصل يمكن القول ان اي تقسيم لعقار من العقارات الداخلة في المناطق
الخاضعة لوثيقة من وثائق التعمير يتوجب استصدار إذن من رئيس المجلس الجماعي.
وحماية منه لهذا المقتضى القانوني أكد المشرع في المادة 61من نفس القانون على انه ":ل
يجوز للعدول أن يحرروا أو يتلقوا أو يسجلوا أي عقد يتعلق بعملية البيع أو القسمة المشار إليها
في المادة 58أعاله ،ما لم يكن مصحوبا باإلذن المنصوص عليه في نفس المادة أو بشهادة من
رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية تثبت أن العملية ل تدخل في نطاق تطبيق هذا
القانون".
إن الفصلين 58و 61اآلنفي الذكر يطرحان بعض اإلشكالت الراجعة أساسا إلى عموميتهما
من جهة ،ومدى إجبارية التقيد بهما أمام القضاء عند البت في القسمة خاصة في حالة عدم
تمسك أي طرف بعدم مالءمة دعوى القسمة لوثائق التعمير.
ولتجاوز هذه اإلشكالت وما يمكن ان ينتج عنها في حالة رفض رئيس المجلس الجماعي تنفيذ
الحكم القاضي بالقسمة بعلة مخالفته مضمون وثائق التعمير ،ولتحقيق نوع من النسجام بين
احكام دعوى القسمة ومقتضيات قانون 90-25ترجح صوابية ما ذهب إليه بعض الباحثين1
من ضرورة إلزام الخبير باحترام مقتضيات قانون التجزئات العقارية ،عند إعداده لمشروع
القسمة،أيضا لمراعاة هذا الظهير يجب إلزام طالب القسمة باستصدار شهادة من رئيس المجلس
الجماعي تثبت عدم دخول العقار المراد قسمته ضمن نطاق قانون 90-25وفي هذا المقتضى
حماية لمخططات التوجيه والتهيئة العمرانية التي أصبحت لها أهمية كبيرة في مجال التعمير
واإلسكان بالمغرب.
ثانيا :تضارب أحكام دعوى القسمة مع مقتضيات قانون نزع الملكية للمنفعة العامة
إن تضارب أحكام دعاوي القسمة مع مقتضيات قانون نزع الملكية ألجل المنفعة العامة يمكن
تصوره على الخصوص في المقتضيات الواردة في الفصل 38من هذا الخير الذي يقضي
بما يلي ":ليمكن لدعاوى الفسخ أو الستحقاق وجميع الدعاوى العينية الخرى أن توقف نزع
الملكية أو أن تحول دون إنتاج آثاره ،وتحول حقوق المطالبين إلى حقوق في التعويض ويبقى
العقار خالصا منها".
28
وما يمكن استنتاجه من هذا الفصل هو ان حقوق أطراف دعوى القسمة باعتبارها من الدعاوى
العينية ،تتحول من المطالبة بفرز النصيب من العقار محل القسمة إلى حقوق في التعويض
من نازع الملكية ول يمكن المطالبة بغير ذلك ،كما أن صدور المرسوم القاضي بنزع ملكية
العقار ألجل المنفعة العامة ،يوجب المتناع عن الستمرار في قسمته عينا.13
إن التساؤل الذي يمكن طرحه في هذا اإلطار يتعلق بطبيعة التعويض المستحق بالنسبة
لألطراف ،خاصة إذا ما تم تحديد قيمة العقار بموجب تقرير الخبير ،فهل في هذه الحالة يستحق
المالكون نصيبهم وفق الثمن المحدد بموجب الخبرة المنجزة بمقتضى دعوى القسمة أم وفق ما
تقترحه اإلدارة نازعة الملكية من تعويض ،يجوز الطعن في قيمته أمام المحكمة الدارية.14
من جهة أخرى لبد من التمييزبين صورتين مختلفتين لنزع الملكية للمنفعة العامة،األولى تتحدد
في كون مقرر نزع الملكية ينصب على جزء من العقار ،والثانية على كافة العقار.15
وإذا كانت الصورة الثانية ل تثار بشأنها مشاكل نظرا لستحقاق جميع المالكين لحقوق مادية
في مواجهة نازع الملكية ،فإن الصورة األولى غالبا ما تطرح إشكالت بخصوص الموازنة
بين مصالح األطراف،ولتحقيق هذه الموازنة يقترح قسمة التعويض الوارد على الجزء المنزوع
من اجل المنفعة العامة بين جميع المشتاعين ،و اللجوء على قسمة الجزء المتبقى قسمة عينية
إذا كانت ممكنة وإل فقسمة بتية.
المطلب الثاني :إشكاالت دعوى القسمة على مستوى الموضوع والتنفيذ
زيادة على اإلشكالت التي تفرزها دعوى القسمة على المستوى اإلجرائي ،فإن نفس الدعاوى
تثير على المستوى العملي إشكالت أخرى تظهر باألساس على مستوى الموضوع وعلى
مستوى التنفيذ ،فما هي طبيعة هذه اإلشكالت ؟ وكيف تعامل معها القضاء ؟
لتفصيل ما سبق سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في األولى إشكالية حماية الدائنين في
دعوى القسمة باعتبارها أهم إشكالية تثار على مستوى الموضوع ،على أن نفرد الفقرة الثانية
إلشكالت دعوى القسمة على مستوى التنفيذ.
الفقرة األولى:إشكالت دعوى القسمة القضائية على مستوى الموضوع
تجد دعوى قسمة العقار المشاع أهميتها في مساسها في كثير من األحيان بحقوق ومصالح
أطراف أخرى غير المالكين على الشياع ،وتتحدد هذه األطراف
في الدائنين الذين قد تكون لهم حقوق على هذا العقار ،وبالتالي فدعوى القسمة تؤثر بشكل
مباشر أو غير مباشر في حقوقهم مما يطرح التساؤل حول مدى إلزامية حضورهم دعوى
القسمة ؟ وعن الضمانات الممنوحة لهم في إطار هذه الدعوى ؟
ولإلجابة على التساؤل المطروح أعاله ،ارتأينا تناول الحديث عن هذه الحماية من خالل :
أول :إشكالية حماية الدائنين في دعوى القسمة
للدائنين مصلحة جدية في التدخل في إجراءات دعوى القسمة ،حتى يتفادوا الطرق اإلحتيالية
التي قديلجأ إليها أحد المالكين على الشياع أو بعضهم لإلضرار بحقوق الدائنين ،في حالة وقوع
قسمة قضائية من طرف احد الشركاء رغم كون العقار مثقال بحجز عقاري او مثقل برهن
رسمي مما يتعارض مع مبدا انه ل يجبر احد على البقاء في الشياع .فقد اثار هدا الجانب العديد
من الراء الفقهية.
فالمعامالت التي يتم اجرائها على العقار الشائع قبل القسمة تنقسم إلى نوعين :فهناك المعامالت
المتعلقة بتصرف الشريك في حصة مفرزة قبل إجراء القسمة ،وهناك المعامالت المتعلقة
بتصرف الشريك في جميع حصص الشركاء أثناء الشيوع ،وهذا يتماشى مع مبدأ أنه يحق لكل
29
مالك على الشياع التصرف في حصته بكافة أنواع التصرفات ومنها الرهن ،فمالك الحصة
الشائعة أن يرهنها رهنا رسميا ويقيد هذا الرهن في حصته في الرسم العقاري وقد تتعدد الرهون
على الرسم العقاري المشترك بعدد المالكين فهل يمنع من قسمة العقار المرهون ؟
إنطالقا من خصائص الرهن الرسمي[ ]97التي تفيد بأنه حق عيني عقاري يمنح الدائن
المرتهن حق التتبع وحق األولوية مع بقاء المرهون تحت تصرف المدين الراهن ،إل أن هذا
التصرف يجب أل يضر بالدائن المرتهن ،ومن بين التصرفات التي يجريها المالك على الشياع
قسمة العقار الشائع قسمة عينية أو قسمة التصفية ،فإذا كانت القسمة عينية تحولت الرهون من
الحصة الشائعة للمدين إلى حصته المفرزة وفي هذا اإلطار أكدت محكمة النقض على أن
"...رهن العقارل يحول دون قسمته إدا كان ل نزاع في ملكيته بين مالكه .إذ صح أن يتحول
الرهن إلى الجزء الذي خرج به المدين الراهن".
وقد نص الفصل 157من ق.ل.ع على ان "الرهن الرسمي حق عيني عقاري يرد على
العقارات المخصصة ألداء التزام وهو بطبيعته ل يتجزأ ويبقى بأكمله على العقارات
المخصصة له وعل كل واحد وعلى كل جزء منها ويتبعها في أي يد إنتقلت إليها".
مفاد ذلك أنه ل يجوز للشركاء في عقار واحد أن يأتوا تصرفا يترتب عنه تجزئة الرهن كأن
تتم قسمة عينية بما عليه من رهن وإن لم يكن من الممكن البقاء في حالة الشياع ،ودلك لوجود
مبدأ عدم إجبار الشريك على دلك]98[.
ويشكل مبدأ عدم جواز تجزئة الرهن والدي يفيد عدم قيام المدين أو شركائه ببيع العقار المثقل
برهن رسمي أو قسمته إل بعد إنهاء رفع الرهن الضروب عليه ،ودلك لما يحققه هدا المبدأ مع
مبدأ آخر ويتعلق األمر بمبدأ عدم جواز إجبار الشريك على البقاء في الشياع.
وأمام التنازع بين النصوص القانونية وجد القضاء نفسه امام ضرورة ابتكار حلول يمكنها
التوفيق بين هده النصوص وبالتالي ل يرجح كفة على أخرى وتقوم بحماية مصالح الدائنين
بصفة خاصة وأغلب هده الحلول تنبني على قاعدة ل ضرر ول ضرار ،وتتأرجح على الشكل
التالي :
إن إجراء قسمة التصفية للعقار المشاع ببيعه وتوزيع ثمنه على الشركاء ،غير أنهم حينما
يعبرون عن رغبتهم في إجراء هذه القسمة للعقار المرهون لفائدة بنك أمام القضاء ،فإنهم ل
يعيرون اإلهتمام بحق هذا األخير في هذا العقار المبني على أساس عقد القرض ،حيث أن
القسمة تؤدي إلى تجزئة الرهن خاصة إذا ما تم بيع العقار المرهون لعدة مشترين في عدم
إجبارهم على البقاء في الشياع ،وثانيهما تطبيق مقتضيات مبدأ عدم جواز تجزئة الرهن ،أمام
هذين الخيارين حاول القضاء التوفيق وابتكار حل جديد يقع بينهما حيث راعى مصالح البنك
والشركاء الراهنين على السواء ،حيث أعطى اإلمكانية لهم في الخروج من حالة الشياع ولكن
مع إجراء تصفية للعقار وبيعه وخصم مبلغ القرض اإلجمالي ،قبل توزيع الحصص على
الشركاء كل حسب حصته مع إعطاء الحق للمرتهن "البنك" في تحديد الثمن المبدئي للمزايدة،
وهكذا فقد جاء عن إبتدائية فاس ،حيث قضت بالقسمة رغم دفع القرض العقاري السياحي
بتطبيق الفصل 157من ظهير التحفيظ العقاري ،ولكن مع إنطالق ثمن البيع من مبلغ
300.000درهم تلبية لطب البنك ،حيث تم توزيع ثمن البيع على الشركاء بعد خصم مبلغ
الدين لفائدة البنك والبالغ 240.00درهم على أنه تم تأييد هذا الحكم أيضا في المرحلة
اإلستئنافية[.]99
30
وقد اعتبر التشريع المغربي على أن نتيحة الرهن تتوقف على اجراء القسمة فإذا وقعت الحصة
المرهونة في نصيب الشريك الراهن ،فإنه يعتبر نتيجة لألثر الكاشف للقسمة قد رهن ملكه ،أما
اذا وقعت الحصه المرهونة في نصيب شريك آخر ،اعتبر الشريك الراهن أنه قد رهن ملك
الغير.
ثانيا :حماية الدائنين من قسمة العقار المثقل بحجز عقاري
إن الهدف من إجراء حجز عقاري على حصة مشاعة في عقار محفظ تتمثل في بيعها بالمزاد
العلني لستيفاء مبلغ الدين من منتوج البيع بعد تقييد المشتري الراسي عليه بالمزاد العلني
بالرسم العقاري ،إذ أن البيع الجبري سيطال الحصة المشاعة األخرى لكونها مملوكة ألشخاص
آخرين غير المدين بل يحق لباقي الشركاء على الشياع شفعة الحصة الشاعة المبيعة بالزاد
العلني من يد المشتري الراسي عليه المزاد ،ومن ثم فإن إيقاع حجز عقاري من طرف الدائن
الحاجز ،ل يحول قانونا دون طلب إجراء قسمة عينية من طرف أحد المالكين على الشياع ،أو
إجراء قسمة إتفاقية بين جميع المالكين بمن فيهم المدين المحجور عليه على إعتبار أن القسمة
العينية ل تنشأ حقوقا للمالكين على الشياع بشأن حق تملكهم الثابت قبل وقوع القسمة .
فمصلحة الدائن الحاجز في التمسك بالدفع ببطالن البيع الجبري منعدمة ،طالما أن حقه
الشخصي المضمون بتقييد مؤقت -حجز عقاري -ينتقل إلى الثمن المودع بين يدي رئيس
مصلحة كتابة الضبط وتكون بالتالي الحماية التشريعية في إستيفاء حقه قد تحققت من جراء
الحجز العقاري الجاري بشأن العقار المحجوز دون مباشرته شخصيا إلجراءات البيع بالمزاد
العلني ،غير أنه يحقق للدائنين التدخل في القسمة العينية دون وقوع ضرر لهم بل لهم أن
يعارضوا في إجرائها بدون حضورهم ،رغم أن المشرع المغربي لم يمنح للدائنين أي حق في
التدخل في دعوى القسمة ل بصفة أصلية كأطراف مباشرة في الدعوى أو عن طريق معارضة
إجراء القسمة بغير تدخلهم وبدون حضورهم ،وذلك جعل دعوى القسمة حكرا على الشركاء،
ومن ثم يظهر جليا قصور التشريع المغربي عند عدم سده هده الثغرة على عكس بعض القوانين
المقارنة كالقانون المصري ،الذي منح الحق للدائنين في معارضة إجراء عملية القسمة بغير
علمهم ،فقد اعتبر القسمة التي تجري في غيبة الشركاء وبدون إدخالهم في الدعوى غير نافدة
في حقهم ول يمكن مواجهتهم بها ،بحيث ينص الفصل 842من القانون المدني المصري على
أن " :لدائني كل شريك أن يعارضوا في أن تتم القسمة عينا أو أن يباع المال بالمزاد بغير
تدخلهم وتوجه المعارضة إلى كل من الشركاء ويترتب عليهم إلزامهم أن يدخلوا من عارض
من الدائنين في جميع اإلجراءات وإل كانت القسمة غير نافدة في حقهم ويجب على كل حال
إدخال الدائنين مقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة".
يتضح من خالل ما سبق على أن تدخل الدائنين في دعوى القسمة أو معارضة إجرائها تتضمن
لهم حماية لمصالحهم ،وأمام سكوت المشرع المغربي عن هذه اإلشكالية التي تكون سببا في
تضييع حقوق الدائنين خاصة عندما تتم القسمة عن طريق التصفية ،فالحل الوحيد هو سد هذا
الفراغ التشريعي لمنح الدائنين الحق في معارضة والتدخل في دعوى القسمة إذا ما أضرت
بحقوقهم.
في هذا اإلطار جاء في حيثيات حكم صادر عن قضاء الموضوع " ...وحيث إن كانت حالة
الشياع بين المدعين والمدعى عليهم ثابتة ،وبالرجوع إلى الشهادة العقارية تبين للمحكمة أن
أحد المدعين توجد جميع حقوقه موضوع الطلب تحت حجز تحفظي ضمانا لدين لفائدة القرض
الفالحي ،وحيث انه والحالة هده ل يمكن المطالبة بفرز نصيبه في هدا العقار ما دام الموضوع
31
حجز تحفظي إعمال للفصل 453من ق.م.م خاصة إدا كان من شان القسمة أن تقضي ببيع
العقار بالمزاد العلني ،وحيث أنه ل يسع المحكمة سوى التصريح بعدم قبول الطلب".
يستفاد من هذا الحكم أنه قد كرس نوعا من الحماية ،حيث أقر بمبدأ حماية الدائنين من خالل
عدم قبول طلب قسمة عقار مثقل بحجز تحفظي إل أنه مع دلك فإن هدا الحكم مجانب للصواب
لكونه إعتمد مقتضيات الفصل 453من م.م الذي يتعلق بالحجز التحفظي ومن جهة أخرى
فهو ينص على التصرفات التي من شأنها أن تؤدي إلى تفويت العقار سواء بعوض أو عن
طريق التبرع ولذلك فإنه ل يمكن اإلحالة عليه بخصوص دعوى القسمة ما دامت هده األخيرة
تعتبر كاشفة للحق فهدا الحكم حاول ما أمكن تحقيق المتطلبة للدائنين في مواجهة المدينين
الشركاء.
الفقرة الثانية :إشكالية دعوى القسمة على مستوى التنفيذ
لقد تطرق المشرع المغربي لصعوبات تنفيذ األحكام القضائية ومن بينها أحكام القسمة العقارية
في الفصول 26و 149و 436من قانون المسطرة المدنية،
وقد عرفه البعض :بأنه تمكين صاحب الحق من اقتضائه بإجبار المدين على الوفاء بإلتزاماته،
فإذا لم ينفذ المدين إلتزامه أجبر على ذلك بتدخل السلطة العامة التي تجري التنفيذ تحت إشراف
القضاء ورقابته ،فهو تبعا لذلك يعتبر وسيلة قانونية تمارسها السلطة العمومية تحت إشراف
القضاء وبأمر منه بناءا على حكم صادر عن المحكمة أو بناء على طلب الدائن الذي يتوفر
على سند تنفيذي.
الشكال الذي ل زال يثار بخصوص تنفيد الحكم القاضي بقسمة العقار المحفظ ،حيث قضت
المحكمة البتدائية بالرماني في حيثيات أحد القرارات الصادرة عنها حيث أن " :المدعية تقدمت
بمقال استعجالي أمام محكمة الستئناف بالرباط حيث أصدرت قرارا يقضي بتأييد الحكم
المستأنف القاضي بالمصادقة على تقرير الخبرة المنجز من طرف الخبير ،وبالتالي فرز نصيب
المطلوب في الرسم العقاري ،وان الطالبة قد أثارت في مراحل الدعوى ان الخبرة لم تكن
موضوعية كما انها لم تأخد بعين العتبار طبيعة العقار وجودته ألجله تلتمس اصدار امر
بوجود صعوبة حقيقية تشوب الملف التنفيدي ،وبالتالي تأجيل التنفيد حتى يبت محكمة النقض
في طلب النقض المرفوع من طرف المدعية.
فقاضي المستعجالت أمر بالتصريح بوجود صعوبة قانونية في تنفيد الحكم الصادر عن
المحكمة البتدائية بالرماني المؤيد استئنافيا وقد كانت المحكمة قد قضت بقيمة العقار المحفظ
وبفرز نصيبها "[.]100
التساؤل المطروح في هدا السياق هل تندرج دعاوى قسمة العقارات المحفظة ضمن المفهوم
الوارد في الفصل 361من قانون المسطرة المدنية ،الذي ينص على أن الطعن أمام محكمة
النقض يوقف التنفيد في التحفيظ العقاري .
فهذه المسالة تكمن أساسا في ضبط وتحديد مفهوم عبارة التحفيظ العقاري الواردة في الفصل
361والتي صاغها المشرع في الفصل األصلي الفرنسي في " en matière
" d’immatriculationأي في مادة التحفيظ العقاري،أي هل تندرج دعاوى القسمة ضمن
هذا المفهوم ؟ يتضح لنا بان الغاية التي قصدها المشرع من اقرار قاعدة عدم جواز تنفيد الحكام
النهائية الصادرة في مجال التحفيظ العقاري هي تحصين عملية تاسيس الرسم العقاري وحماية
الصيغة النهائية لهدا العقد التي اكد عليها الفصل 62من ظهير التحفيظ العقاري]101[.
32
وهناك من يذهب الى أنه يجب التمييز بين القرارات الستئنافية التي تتعلق بحقوق الملكية
والحقوق المتفرعة عنها وبين القرارات المتعلقة بإجراءات تحفظية صرفة فالقرارات التي
تتعلق بحقوق الملكية كدعوى الشفعة ودعوى القسمة وغيرها ،يجب أن يتوقف تنفيدها إذا تم
اإلدلء بشهادة عدم الطعن بالنقض فيها]102[.
ويتضح مما سبق على أن تنفيذ الحكم القاضي بقسمة عقار محفظ رغم الطعن فيه أمام محكمة
النقض ،قد يترتب عنه خلق رسوم عقارية فرعية للحقوق المفرزة ،وقد يتم تفويت تلك الحقوق
للغير حسن النية طبقا للفصول 2و 62من قانون التحفيظ العقاري مما يؤدي إلى استحالة
إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه]103[.
كما قد يواجه تنفيد القسمة صعوبات واقعية والتي اشار اليها المشرع المغربي في الفصل 436
من قانون المسطرة المدنية ،ويقصد بها تلك الوقائع التي تحدث بعد صدور الحكم ولم سبق
عرضها على المحكمة اثناء مناقشة الدعوى .كتلك المتعلقة بتاويل الحكم لعدم وضوحه بحيث
تكتفي المحكمة مثال في منظوق حكمها بقولها حكمت المحكمة باجراء القسمة في المدعى فيه
بين الورثة حسب الراثة دون ان تعين خبيرا ليبين ما ادا كان العقار قابال للقسمة العينية ام ل.
فطريقة تنفيد مثل هدا الحكم ل تعرف ال بعد انتقال مأمور التنفيد الى عين المكان فادا حضر
الطراف ووافقوا على التنفيد وتم فرز حصص الشركاء،فإن مأمور التنفيد يحرر محضرا
بدلك يوقع عليه جميع الشركاء ،اما ادا لم يتفق الشركاء على تنفيد هدا الحكم،فان مأمور التنفيد
ل يملك سلطة اجبارهم على القسمة العينية وانما يجب عليه تحرير محضر بذلك وإثارة صعوبة
في التنفيد طبقا للفصل 436من قانون المسطرة المسطرة]104[.
كما أنه قد يصر حكم بالمصادقة على مشروع القسمة العينية الذي أعده الخبير والقاضي بقسمة
عقارات مبنية،حيث يستقل كل شريك بعقار مبني،لكن بعد صدور الحكم تهدم احد العقارات
الواقعة في نصيب شريك معين.ففي هده الحالة نكون أمام استحالة التنفيذ طبقا للفصل 335
وما يليه من قانون ا التزامات والعقود فيتوقف التنفيذ جزئيا أو كليا]105[.
كما انه تطرح بعض المشاكل القانوني في الحالة التي يترك فيها الهالك عقارا مملوكا له شخصيا
فوق ارض جماعية،فهل يمكن للمحكمة ان تقضي بقسمة هدا العقار بين ورثة المستفيد من هده
الرض الجماعية؟
أجاب المجلس األعلى عن هدا الشكال في قرار ورد فيه" من القواعد الفقهية ان من مات عن
حق فهو لورثت]106[.
إذا لم يدلي مدعي الختصاص بما يثبت ان من استقر في دار مبنية فوق ارض جماعية تقوم
خاصة به دون بقية ورثة الباني،اعتبرت الدار من تركة الهالك".يتبين ان الرأي الذي ذهبت
فيه محكمة النقض اقرب الى الصواب ،ألنه يجب التمييز بين ملكية الرض التي اقيمت عليها
الجار حيث تعود للجماعة الساللية،وبين ملكية الدار المبنية التي تعود للهالك،فاألولى ل يجوز
للمحكمة اجراء قسمة بتية بشأنها والستئثار صعوبة قانونية تحول دون تنفيدها ،أما الثانية
فالقاعدة ان من توفي عن حق فهو لورثته،ومن ثم يجوز صدور حكم بقسمته على اعتبار انه
من تركة الهالك.
خاتمة :
على امتداد خطوات هذا العرض وتوقفاته ،كانت المحاولة منصبة على تحديد وضبط المسار
القضائي التي يجب على طالب القسمة سلوكه ،بدءا بالشروط وانتهاءا باآلثار ،وقد حاولنا
جاهدين رصد أهم مواطن اإلخاللت واإلشكالت التي تعرفها هذه المسطرة .
33
فخلصنا إلى أن دعوى القسمة القضائية تشكل الوسيلة المخولة لاللتجاء للقضاء للمطالبة بالحق،
والحد من سلبيات نظام الشيوع العقاري واإلسهام في مسار التنمية القتصادية والجتماعية .
إل أنه بالرغم من ذلك فهي تضمر العديد من الشكاليات والعوائق على المستوى العملي سواء
من ناحية اإلجراءات المسطرية أو الموضوعية أو تنفيد األحكام القاضية بالقسمة سواء منها
القمسة العينية أو قسمة التصفية .
وبالتالي يجب البحث عن أنجع الحلول التي تتخلها بحيث يستوجب إعادة النظر المؤطرة لهذا
الموضوع كما هو الشأن بخصوص قانون المسطرة المدنية .
وعموما إن اإلصالح لن يكتمل إل بإخراج نصوص تشريعية حقيقية تكون للقضاء مرجعا عند
المنازعات ،خاصة وأن قيمة الدعاوي المنصبة على العقار تكون كبيرة جدا وأكثر تعقيدا.
34