Professional Documents
Culture Documents
كتابات في الميزان - بين ثنايا التحليل النفسي
كتابات في الميزان - بين ثنايا التحليل النفسي
حينما نكتب عن التحليل النفسي نكتب عن انفسنا ،نحاول أن نعرف ماذا يدور بين ثنايا
النفس وخلجاتها ،نخجل أحياًن ا ،نذهب إلى الطفولة ونستدعيها بصمت دون أن ندري إننا
نكصنا نحو عالم مضى وترك فينا ربما المسرات وربما اآلهات وتم تثبيت Fixation
ذلك بدون وعينا أو ارادتنا وكأننا نغترب عن الواقع ولو على مستوى الوعي ،هنا يداهما
"جاك الكان" فيلسوف التحليل النفسي بعدة صور وأولها صورة األب ،تلك الصورة التي
علقت في الوعينا "الشعورنا" وخزنت في أعمق مخزن لخزن الصور والكلمات وربما
الجمل التي ستعود علينا بشكل محور ،ويقول "الكان" إن االكبر ُي عد المؤسس لقانون
اآلخر الكبير وهذا جدل خلقه "الكان" في طروحاته الموسعة في تكوين شخصياتنا
وقول Saman Zoleikhaeiنقال عن "الكان" هذا األب هو الذي يمد األرضية لبزوغ
الرغبة "األمنية" وتطورها ،إن تنصيب القانون والنظام الرمزي هو الذي يجعل من تحقيق
الرغبة " األمنية" مستحياًل وبتواجد اآلخر الكبير الممثل لقانون النظام الرمزي باعتباره
األسم الخاص – الـ -أب وتضطلع إستعارة االسم الخاص – الــ -أب بمكان رغبة "
أمنية" االم وتحل محلها .أنه يقودنا في بعض االحيان هذا النكوص إلى عالم خفي ربما
نسيناه ولكنه موجود لم يمحى ،نحاول أن نهرب من الواقع المؤلم فننكص إلى ما هو
جميل في طفولتنا ،أو فترات كنا نعدها سريعه ولكنها ال تختلف عن الزمن الذي نعيشه
في القياس الطبيعي ،وهذا هو شيء من الحرية التي نتمتع بها دون أن ندري إنها الحرية
فعال اذا ما عرفناها بأنها هي أال يكون لدينا شيء آخر تفقده فنهرب من الحاضر إلى
الماضي لنعيش فيه ولو على مستوى المتخل ،أو الحلم وربما نهذي "هذاءات" أو نهلوس
" هالوس وحًق ا حينما قال "سيجموند فرويد" عن الحلم بأنه ذهان بكل ما يصاحبه من
سخافات وهذيان وأوهام ،والحق انه ذهان قصير األمد ال ضرر منه ،بل أنه يؤدي
وظيفة نافعه ،ويتم بموافقة الحالم وينتهي بفعل إرادي يصدر عنه ،ومع ذلك فهو ذهان
والكالم مما سبق لسيجموند فرويد ،فالزمن مفقود ،والعمر يسير بنا قبلنا أو لم نقبل ،وهنا
نقول حًق ا ويصدق القول بأن الحرية ال تتجزأ نحن نختار التقرب إلى السوية "السواء"
إن وجدت ،أو إلى الالسواء واألمر سيان .تعلمنا من التحليل النفسي على حد قول
"سيجموند فرويد" مؤسس التحليل النفسي علينا أن نبحث عن العلل التي تحدد الصور
المختلفة للحياة النفسية اإلنسانية في التفاعل بين الميول الموروثة واألحداث العارضة،
ويضيف " فرويد" قد يحدث أن تؤثر االنطباعات واألحداث الخارجية تاثيًر ا يختلف في
تكوين األفراد ،فما يحتمله البعض ،ويجده البعض االخر مهمة بالغة الصعوبة ،وهذه
الفروق الكمية هي التي تحدد تنوع النتائج .فلذا كان "فرويد" محًق ا حينما رجح الرأي
بأن االضطرابات العصابية ال تكتسب إال أثناء عهد الطفولة األول" حتى سن السادسة"
وإن كانت أعراضها ال تظهر إال بعد ذلك بمدة طويلة .أما " جاك الكان" فيلسوف التحليل
النفسي وعمقه في التفسير فهو أول من أعطى صيغة جديدة لمفهوم الـ Symptom
العرض المرضي عندما قام بربطه بالحلقات العقدية الثالثة االخرى التي هي الواقعي
والمتخيل والرمزي .وقوله أيضا عن العرض المرضي إن العرض المرضي ال يحمل أي
معنى ،أو يفضل القول ال يستطيع اآلخرون تمييز معناه ،وكونه مصدًر ا لإلمتاع بمعنى
ما ،فإنه يعطي الذات مكانة مختلفة وعالقة مختلفة .إن العرض المرضي إنما هو عالم
فيما وراء النظام الرمزي.
ان دواخلنا عالم خفي به من الزوابع واالعاصير ال يمكن وصفه وهو هيجان طالما الحياة
تستمر في الوجود والتعامل مع المثيرات الخارجية بل الداخلية أيًض ا ،أنه صراع ال
ينتهي بقبوله ،حتى وإن هدأ واستراح فهو في دوامة وال ينبغي أن يغيب عن ذهننا أن
السوية خرافة ،أو مثل أعلى نقترب منه بدرجة أو بأخرى كما يقول صالح مخيمر.
ومن ثنايا التحليل النفسي أيضا وما يذهب إليه في أن اضطرابات الشخصية هي التي
تثير االضطرابات الجنسية دائًم ا ،فالعجز أو االنحراف الجنسيان هما دائًم ا داللتان من
دالالت إنحراف داخلي عام .ويقول "بيير داكو" ماذا يبحث كثير من األشخاص في
الجنسية أو ما يسمونه هكذا على األقل؟ ثمة ماليين الرجال والنساء الذين حبسوا
انفسهم في عادات داخلية خانقة ،ماذا يحاول هؤالء االشخاص عندئذ؟ إنهم يحاولون
أن يهربوا من أنفسهم قبل كل شيء ،ويحاولون أن يجدوا سعادة عابرة ..الخ فيتجهون
إلى الجنسية بصورة طبيعية جًد ا ومن الواضح أن الحب ال وجود له في هذا وإنما رغبة
في أن ينسى المرء نفسه مثلهم في عالقاتهم الجنسية مثل اآلخرين الذين يشربون
الكحول أو يتعاطون المخدرات .أما رؤية "الكان" فتختلف تماما عن االخرين ممن سبقه
أو من عاصره من المحللين النفسيين ليست الذكورة واألنوثة بالنسبة لالكان ماهيات
بيولوجية ،فاختزال تلك القضية إلى البيولوجيا يفقد من وجهة نظره جانًب ا مهًم ا من
نفسية الرجل والمرأة ،ودوافعهم الخفية وكيف يفكرون ويسلكون .يرى الكان أن
الذكورة واألنوثة مفاهيم تنتمي لمجال الرمزي أو ما تنتجه اللغة من مفاهيم يتخيلها
المرء عن نفسه ،تبًع ا للمؤثرات التي تعمل على تشكيل اللغة ،ومنها المؤثرات االجتماعية،
والمؤثرات العائلية الناتجة عن التفاعل مع األب واألم ،أو ما ُي طلق عليه في تراث
التحليل النفسي باسم عقدة أوديب كما أورده "محمد إيهاب" في مقالته عن جاك الكان.
أن الجميع ينشد السواء في العالقات مع اآلخرين أو مع نفسه وهي خرافه أن صدق
القول ،ألن الحياة ينبغي أن تكون متناغمة فتمنع على األقل التمزق والتعذيب الداخليين
وهو بالتأكيد ينعكس على الخارج ،ألن الداخل هو الذي يعبر عن نفسه بعدة اساليب
وأعراض ،وأولها السلوك الذي نستدل من خالله على ما في داخل الفرد ،من اللغة
والكالم ويقودنا في ذلك العمق للمعرفة الحقة وكما يرى العالمة "مصطفى صفوان" قوله
اللغة وسيلة اتصال بين البشر وجميع الناس ُي قرون بذلك .وكذلك ما قاله"ريتشاردز"
الذي أعتبر أن معنى الجملة ال ياتي من مجموع معاني الكلمات المؤلفة لها ،إنما الجملة
عبارة عن حركة ال يتبين معنى كل جزء فيها إال عندما تنتهي الجملة ،بحيث أنه عندما
تنتهي الجملة يظهر معناها األولي .وقول " عدنان حب اهلل" ال يوجد ذات من دون كالم،
من هنا الوجود اإلنساني يكمن في صلب اللغة ،وإن التحليل النفسي يبحث عن الحقيقة
من خالل النطق كما يقول "صفوان" .يذكر لنا "عدنان حب اهلل" أيضا أن المحلل النفسي
متحدًث ا عن موضوع في غاية االهمية بقوله :إن الحدث يبعث بالتالي تعدياًل بنيوًي ا في
ذاتية الشخص وعلى أساسها يجد الفرد نفسه غارًق ا مخنوًق ا عن االستيعاب .وهو ايضا
كما أورده" إيهاب" عن "الكان" قوله أن مجال الخيالي ينتمي إلى اللغة ،فاللغة كما يرى
"الكان" لها ُب عد خيالي وآخر رمزي ،تقوم اللغة في شقها الخيالي بتشويه الخطاب
واآلخر ،من حيث أنه ال يتعامل معهما بذاتهما ،ولكنه يضيف حاشية خيالية عليهما ،أو ال
يكون الشيء هو الشيء ،ولكنه الشيء [+س] ،وبهذا يتساوى الخيالي مع مفهوم
المدلول .وتكون قمة الخيال بهذا المعنى في عالم األحالم ،عندما يعمل الذهن بحرية
تامة .أما الرمزي فهو الدال ،هو ذلك المجال الخاص بالثقافة ،عندما تستيقظ الذات من
الحلم إلى الحقيقة ،وتتصادم باآلخر ،وينقل لنا "جاك الكان" رؤية بعض الفالسفة
المعاصرين حيث يقول :لقد قالوا إن اإلنسان ،على خالف باقي الموجودات ،هو موجود
منفتح ،فانفتاح هذا الكائن يفتن عقل كل من يحاول التفكير في هذه السمة .جاك الكان،
ص "332ولنا جولة قادمة ،وهي محاولة إجتهادية في تناول شيء من التحليل النفسي.
المصادر:
-بيير داكو( )2007االنتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث ،ترجمة وجيه أسعد ،
الدار المتحدة ،دمشق.
-جاك الكان( )2017الذهانات ،ترجمة عبد الهادي الفقير ،دار التنويرللطباعة والنشر،
تونس ،بيروت ،القاهرة.
-سامان زوليكهاي Saman Zoleikhaei ( 2021) -أسم األب ،سقوط القيد ،الذهان،
ترجمة جزء من مقالة قراءة الكانية للذهان والعرض المرضي ،ترجمة الدكتور سيد
االنترنيت. على منشورة صديق، فتحي البدوي
https://www.alyp.org/page10.html
-سيجموند فرويد( ب.ت) الموجز في التحليل النفسي ،ترجمة سامي محمود علي وعبد
السالم القفاش ،دار المعارف بمصر ،القاهرة.
-عدنان حب اهلل ( )2006الصدمة النفسية ،ترجمة علي محمود مقلد ،دار الفارابي،
بيروت.
-محمد إيهاب( )2021ال يوجد ما يسمى بالعالقة الجنسية" ما الذي يقصده جاك الكان
بنظريته هذه؟"
https://www.arageek.com/2021/05/12/jacques-lacan
-مصطفى صفوان و عدنان حب اهلل ( )2008إشكاليات المجتمع العربي ،المركز
الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،بيروت.