You are on page 1of 5

‫‪ • 

 ‬الموقع ‪ :‬كتابات في الميزان ‪.‬‬


‫‪ •        ‬القسم الرئيسي ‪ :‬المقاالت ‪.‬‬
‫‪ •              ‬القسم الفرعي ‪ :‬المقاالت ‪.‬‬
‫‪ •                    ‬الموضوع ‪ :‬بين ثنايا التحليل النفسي ‪.‬‬
‫‪ •                          ‬الكاتب ‪ :‬د ‪ .‬اسعد االمارة ‪.‬‬

‫بين ثنايا التحليل النفسي‬

‫حينما نكتب عن التحليل النفسي نكتب عن انفسنا‪ ،‬نحاول أن نعرف ماذا يدور بين ثنايا‬
‫النفس وخلجاتها‪ ،‬نخجل أحياًن ا‪ ،‬نذهب إلى الطفولة ونستدعيها بصمت دون أن ندري إننا‬
‫نكصنا نحو عالم مضى وترك فينا ربما المسرات وربما اآلهات وتم تثبيت ‪Fixation‬‬
‫‪ ‬ذلك بدون وعينا أو ارادتنا‪  ‬وكأننا نغترب عن الواقع ولو على مستوى الوعي‪ ،‬هنا يداهما‬
‫"جاك الكان" فيلسوف التحليل النفسي بعدة صور وأولها صورة األب‪ ،‬تلك الصورة التي‬
‫علقت في الوعينا "الشعورنا" وخزنت في أعمق مخزن لخزن الصور والكلمات وربما‬
‫الجمل التي ستعود علينا بشكل محور‪ ،‬ويقول "الكان" إن االكبر ُي عد المؤسس لقانون‬
‫اآلخر الكبير وهذا جدل خلقه "الكان" ‪  ‬في طروحاته الموسعة في تكوين شخصياتنا‬
‫وقول ‪    Saman Zoleikhaei‬نقال عن "الكان" هذا األب هو الذي يمد األرضية لبزوغ‬
‫الرغبة "األمنية" وتطورها‪ ،‬إن تنصيب القانون والنظام الرمزي هو الذي يجعل من تحقيق‬
‫الرغبة " األمنية" مستحياًل وبتواجد اآلخر الكبير الممثل لقانون النظام الرمزي باعتباره‬
‫األسم الخاص – الـ ‪ -‬أب وتضطلع إستعارة االسم الخاص – الــ ‪-‬أب ‪ ‬بمكان رغبة "‬
‫أمنية" االم وتحل محلها‪ .‬أنه ‪ ‬يقودنا في بعض االحيان هذا النكوص إلى عالم خفي ربما‬
‫نسيناه ولكنه موجود لم يمحى‪ ،‬نحاول أن نهرب من الواقع المؤلم فننكص إلى ما هو‬
‫جميل في طفولتنا‪ ،‬أو فترات كنا نعدها سريعه ولكنها ال تختلف عن الزمن الذي نعيشه‬
‫في القياس الطبيعي‪ ،‬وهذا هو شيء من الحرية التي نتمتع بها دون أن ندري إنها الحرية‬
‫فعال اذا ما عرفناها بأنها هي أال يكون لدينا ‪ ‬شيء آخر تفقده فنهرب من الحاضر إلى‬
‫الماضي لنعيش فيه ولو على مستوى المتخل‪ ،‬أو الحلم وربما نهذي "هذاءات" أو نهلوس‬
‫" هالوس وحًق ا حينما قال "سيجموند فرويد" عن الحلم بأنه ذهان بكل ما يصاحبه من‬
‫سخافات وهذيان وأوهام‪ ،‬والحق انه ذهان قصير األمد ال ضرر منه‪ ،‬بل أنه يؤدي ‪ ‬‬
‫وظيفة نافعه‪ ،‬ويتم بموافقة الحالم وينتهي بفعل إرادي يصدر عنه‪ ،‬ومع ذلك فهو ذهان‬
‫والكالم مما سبق لسيجموند فرويد‪ ،‬فالزمن مفقود‪ ،‬والعمر يسير بنا قبلنا أو لم نقبل‪ ،‬وهنا‬
‫نقول حًق ا ويصدق القول بأن الحرية ال تتجزأ نحن نختار التقرب إلى السوية "السواء"‬
‫إن وجدت‪ ،‬أو إلى الالسواء واألمر سيان ‪ .‬تعلمنا من التحليل النفسي على حد قول‬
‫"سيجموند فرويد" مؤسس التحليل النفسي علينا أن نبحث عن العلل التي تحدد الصور‬
‫المختلفة للحياة النفسية اإلنسانية في التفاعل بين الميول الموروثة واألحداث العارضة‪،‬‬
‫ويضيف " فرويد" قد يحدث أن تؤثر االنطباعات واألحداث الخارجية تاثيًر ا يختلف في‬
‫‪ ‬تكوين األفراد‪ ،‬فما يحتمله البعض‪ ،‬ويجده البعض ‪ ‬االخر مهمة بالغة الصعوبة‪ ،‬وهذه‬
‫الفروق الكمية هي التي تحدد تنوع النتائج‪ .‬فلذا كان "فرويد" محًق ا حينما رجح الرأي‬
‫بأن االضطرابات العصابية ال تكتسب إال أثناء عهد الطفولة األول" حتى سن السادسة"‬
‫وإن كانت أعراضها ال تظهر إال بعد ذلك بمدة طويلة‪ .‬أما " جاك الكان" فيلسوف التحليل‬
‫النفسي وعمقه في التفسير فهو أول من أعطى صيغة جديدة لمفهوم الـ ‪Symptom  ‬‬
‫‪    ‬العرض المرضي عندما قام بربطه بالحلقات العقدية الثالثة االخرى التي هي الواقعي‬
‫والمتخيل والرمزي‪  .‬وقوله أيضا عن العرض المرضي إن العرض المرضي ال يحمل أي‬
‫معنى‪ ،‬أو يفضل القول ال يستطيع اآلخرون تمييز معناه‪ ،‬وكونه مصدًر ا لإلمتاع بمعنى‬
‫ما‪ ،‬فإنه يعطي الذات مكانة مختلفة وعالقة مختلفة‪ .‬إن العرض المرضي إنما هو عالم‬
‫فيما وراء النظام الرمزي‪.‬‬

‫ان دواخلنا عالم خفي به من الزوابع واالعاصير ال يمكن وصفه وهو هيجان طالما الحياة‬
‫تستمر في الوجود والتعامل مع المثيرات الخارجية بل الداخلية أيًض ا‪ ،‬أنه صراع ال‬
‫ينتهي بقبوله‪ ،‬حتى وإن هدأ واستراح فهو في دوامة ‪ ‬وال ينبغي أن يغيب عن ذهننا أن‬
‫السوية خرافة‪ ،‬أو مثل أعلى نقترب منه بدرجة أو بأخرى كما يقول صالح مخيمر‪.‬‬

‫ومن ثنايا التحليل النفسي أيضا وما يذهب إليه في أن اضطرابات الشخصية هي التي‬
‫تثير االضطرابات الجنسية دائًم ا‪ ،‬فالعجز أو االنحراف الجنسيان هما دائًم ا داللتان من‬
‫دالالت إنحراف داخلي عام‪ .‬ويقول "بيير داكو" ماذا يبحث كثير من األشخاص في‬
‫الجنسية أو ما يسمونه هكذا على األقل؟ ثمة ماليين الرجال والنساء الذين حبسوا‬
‫انفسهم في عادات داخلية خانقة‪ ،‬ماذا يحاول هؤالء االشخاص عندئذ؟ إنهم يحاولون‬
‫أن يهربوا من أنفسهم قبل كل شيء‪ ،‬ويحاولون أن يجدوا سعادة عابرة ‪ ..‬الخ فيتجهون‬
‫إلى الجنسية بصورة طبيعية جًد ا ومن الواضح أن الحب ال وجود له في هذا وإنما رغبة‬
‫في أن ينسى المرء نفسه مثلهم في عالقاتهم الجنسية مثل اآلخرين الذين يشربون‬
‫الكحول أو يتعاطون المخدرات‪ .‬أما رؤية "الكان" فتختلف تماما عن االخرين ممن سبقه‬
‫أو من عاصره من المحللين النفسيين ليست الذكورة واألنوثة بالنسبة لالكان ماهيات‬
‫بيولوجية‪ ،‬فاختزال تلك القضية إلى البيولوجيا يفقد من وجهة نظره جانًب ا مهًم ا من‬
‫نفسية الرجل والمرأة‪ ،‬ودوافعهم الخفية وكيف يفكرون ويسلكون‪ .‬يرى الكان أن‬
‫الذكورة واألنوثة مفاهيم تنتمي لمجال الرمزي أو ما تنتجه اللغة من مفاهيم يتخيلها‬
‫المرء عن نفسه‪ ،‬تبًع ا للمؤثرات التي تعمل على تشكيل اللغة‪ ،‬ومنها المؤثرات االجتماعية‪،‬‬
‫والمؤثرات العائلية الناتجة عن التفاعل مع األب واألم‪ ،‬أو ما ُي طلق عليه في تراث‬
‫التحليل النفسي باسم عقدة أوديب كما أورده "محمد إيهاب" في مقالته عن جاك الكان‪.‬‬

‫أن الجميع ينشد السواء في العالقات مع اآلخرين أو مع نفسه وهي خرافه أن صدق‬
‫القول‪ ،‬ألن الحياة ينبغي أن تكون متناغمة فتمنع على األقل التمزق والتعذيب الداخليين‬
‫وهو بالتأكيد ينعكس على الخارج‪ ،‬ألن الداخل هو الذي يعبر عن نفسه ‪  ‬بعدة اساليب‬
‫وأعراض‪ ،‬وأولها السلوك الذي نستدل من خالله على ما في داخل الفرد‪ ،‬من اللغة‬
‫والكالم ويقودنا في ذلك العمق للمعرفة الحقة وكما يرى العالمة "مصطفى صفوان" قوله‬
‫اللغة وسيلة اتصال بين البشر وجميع الناس ُي قرون بذلك‪ .‬وكذلك ما قاله"ريتشاردز"‬
‫الذي أعتبر أن معنى الجملة ال ياتي من مجموع معاني الكلمات المؤلفة لها‪ ،‬إنما الجملة‬
‫عبارة عن حركة ال يتبين معنى كل جزء فيها إال عندما تنتهي الجملة‪ ،‬بحيث أنه عندما‬
‫تنتهي الجملة يظهر معناها األولي‪ .‬وقول " عدنان حب اهلل" ال يوجد ذات من دون كالم‪،‬‬
‫من هنا الوجود اإلنساني يكمن في صلب اللغة‪ ،‬وإن التحليل النفسي يبحث عن الحقيقة‬
‫من خالل النطق كما يقول "صفوان"‪ .‬يذكر لنا "عدنان حب اهلل" أيضا أن المحلل النفسي‬
‫متحدًث ا عن موضوع في غاية االهمية بقوله‪ :‬إن الحدث يبعث بالتالي تعدياًل بنيوًي ا في‬
‫ذاتية الشخص وعلى أساسها يجد الفرد نفسه غارًق ا مخنوًق ا عن االستيعاب‪ .‬وهو ايضا‬
‫كما أورده" إيهاب" عن "الكان" قوله ‪ ‬أن مجال الخيالي ينتمي إلى اللغة‪ ،‬فاللغة كما يرى‬
‫"الكان" لها ُب عد خيالي وآخر رمزي‪ ،‬تقوم اللغة في شقها الخيالي بتشويه الخطاب‬
‫واآلخر‪ ،‬من حيث أنه ال يتعامل معهما بذاتهما‪ ،‬ولكنه يضيف حاشية خيالية عليهما‪ ،‬أو ال‬
‫يكون الشيء هو الشيء‪ ،‬ولكنه الشيء ‪ [+‬س]‪ ،‬وبهذا يتساوى الخيالي مع مفهوم‬
‫المدلول‪ .‬وتكون قمة الخيال بهذا المعنى في عالم األحالم‪ ،‬عندما يعمل الذهن بحرية‬
‫تامة‪ .‬أما الرمزي فهو الدال‪ ،‬هو ذلك المجال الخاص بالثقافة‪ ،‬عندما تستيقظ الذات من‬
‫الحلم إلى الحقيقة‪ ،‬وتتصادم باآلخر‪ ،‬وينقل لنا "جاك الكان" رؤية بعض الفالسفة‬
‫المعاصرين حيث يقول‪ :‬لقد قالوا إن اإلنسان ‪ ،‬على خالف باقي الموجودات‪ ،‬هو موجود‬
‫منفتح‪ ،‬فانفتاح هذا الكائن يفتن عقل كل من يحاول التفكير في هذه السمة‪ .‬جاك الكان‪،‬‬
‫ص ‪ "332‬ولنا جولة قادمة‪ ،‬وهي محاولة إجتهادية في تناول شيء من التحليل النفسي‪.‬‬

‫* استاذ في علم النفس‬

‫المصادر‪:‬‬

‫‪ -‬بيير داكو( ‪ )2007‬االنتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث‪ ،‬ترجمة وجيه أسعد‪  ،‬‬
‫الدار المتحدة‪ ،‬دمشق‪.‬‬

‫‪ -‬جاك الكان( ‪ )2017‬الذهانات‪ ،‬ترجمة عبد الهادي الفقير‪ ،‬دار التنويرللطباعة والنشر‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬بيروت‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪  -‬سامان زوليكهاي ‪ Saman Zoleikhaei  ( 2021) -‬أسم األب‪ ،‬سقوط القيد‪ ،‬الذهان‪،‬‬
‫ترجمة جزء من مقالة قراءة الكانية للذهان والعرض المرضي‪ ،‬ترجمة الدكتور سيد‬
‫االنترنيت‪.‬‬ ‫على‬ ‫منشورة‬ ‫صديق‪،‬‬ ‫فتحي‬ ‫البدوي‬
‫‪https://www.alyp.org/page10.html‬‬

‫‪ -‬سيجموند فرويد( ب‪.‬ت) الموجز في التحليل النفسي‪ ،‬ترجمة سامي محمود علي وعبد‬
‫السالم القفاش‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬صالح مخيمر( ‪ )1978‬في التناقض الوجداني‪ ،‬مكتبة االنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬عدنان حب اهلل ( ‪ )2006‬الصدمة النفسية‪ ،‬ترجمة علي محمود مقلد‪ ،‬دار الفارابي‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬

‫‪ -‬محمد إيهاب( ‪ )2021‬ال يوجد ما يسمى بالعالقة الجنسية" ما الذي يقصده جاك الكان‬
‫بنظريته هذه؟"‬

‫‪https://www.arageek.com/2021/05/12/jacques-lacan‬‬
‫‪ -‬مصطفى صفوان و عدنان حب اهلل ( ‪ )2008‬إشكاليات المجتمع العربي‪ ،‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ •  ‬المصدر ‪http://www.kitabat.info/subject.php?id=166667 :‬‬


‫‪ •  ‬تاريخ إضافة الموضوع ‪2022 / 04 / 05 :‬‬
‫‪ •  ‬تاريخ الطباعة ‪2023 / 06 / 18 :‬‬

You might also like