You are on page 1of 31

‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫المعلّقات‬
‫(التعريف المختصر الكامل للمعلقات من كافة الجوانب)‬
‫‪     ‬كان فيما اُثر من أشعار العرب‪ ، ‬ونقل إلينا من تراثهم األدبي الحافل بضع‬
‫مطوالت الشعر العربي‪ ، ‬وكانت من أدقّه معنى‪ ، ‬وأبعده خياالً‪ ، ‬وأبرعه‬
‫قصائد من ّ‬
‫وزناً‪ ، ‬وأصدقه تصويراً للحياة‪ ، ‬التي كان يعيشها العرب في عصرهم قبل اإلسالم‪، ‬‬
‫سميت‬
‫قمة الشعر العربي وقد ّ‬
‫عدها النقّاد والرواة قديماً ّ‬
‫ولهذا كلّه ولغيره ّ‬
‫وأما تسميتها المشهورة فهي المعلّقات‪ . ‬نتناول نبذةً عنها وعن‬
‫بالمطوالت‪ّ ، ‬‬
‫ّ‬
‫الفنية فيها‪: ‬‬
‫أصحابها وبعض األوجه ّ‬

‫تضن به‪ ، ‬تقول‪ : ‬هذا‬ ‫‪     ‬فالمعلّقات لغةً من ِ‬


‫العْلق‪ : ‬وهو المال الذي يكرم عليك‪، ‬‬
‫ّ‬
‫ق هو النفيس من‬ ‫مضنة‪ . ‬وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثياب فيها خير‪ِ ، 1‬‬
‫والعْل ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِعْل ُ‬
‫ق‬
‫ك ّل شيء‪ ، ‬وفي حديث حذيفة‪« : ‬فما بال هؤالء الّذين يسرقون أعالقنا» أي نفائس‬
‫والعلَق هو ك ّل ما ُعلِّق‪. 3‬‬ ‫‪2‬‬
‫أموالنا ‪َ . ‬‬

‫جاهلية بلغ عددها السبع أو العشر‬


‫ّ‬ ‫وأما المعنى االصطالحي فالمعلّقات‪ : ‬قصائد‬
‫‪ّ     ‬‬
‫عدت أفضل ما‬
‫ـ على قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح‪ ، ‬حتّى ّ‬
‫الجاهليين من آثار أدبية‪. 4‬‬
‫ّ‬ ‫بلغنا عن‬

‫‪     ‬والناظر إلى المعنيين اللغوي واالصطالحي يجد العالقة واضحة بينهما‪ ، ‬فهي‬
‫قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة‪ ، ‬بلغت ال ّذروة في اللغة‪ ، ‬وفي الخيال والفكر‪ ، ‬وفي‬
‫الموسيقى وفي نضج التجربة‪ ، ‬وأصالة التعبير‪ ، ‬ولم يصل الشعر العربي الى ما‬
‫وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس‪ ، ‬وحماس المهلهل‪ ، ‬وفخر ابن‬
‫مر بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة‪. ‬‬
‫كلثوم‪ ، ‬إالّ بعد أن ّ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪     ‬وفي سبب تسميتها بالمعلّقات هناك أقوال منها‪: ‬‬

‫ألنهم استحسنوها وكتبوها بماء الذهب وعلّقوها على الكعبة‪ ، ‬وهذا ما ذهب إليه‬
‫‪ّ     ‬‬
‫ربه في العقد الفريد‪ ، ‬وابن رشيق وابن خلدون وغيرهم‪ ، ‬يقول صاحب‬
‫ابن عبد ّ‬
‫العقد الفريد‪« : ‬وقد بلغ من كلف العرب به (أي الشعر) وتفضيلها له أن عمدت إلى‬
‫تخيرتها من الشعر القديم‪ ، ‬فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة‪، ‬‬
‫سبع قصائد ّ‬
‫ومذهبة زهير‪، ‬‬
‫ّ‬ ‫مذهبة امرئ القيس‪، ‬‬
‫وعلّقتها بين أستار الكعبة‪ ، ‬فمنه يقال‪ّ : ‬‬
‫ويشبهها‬
‫المحدثين قصيدة له ّ‬
‫ّ‬ ‫والمذهبات سبع‪ ، ‬وقد يقال‪ : ‬المعلّقات‪ ، ‬قال بعض‬
‫ّ‬
‫ببعض هذه القصائد التي ذكرت‪: ‬‬

‫برزةٌ تذ َك ُر في الحسـ‪ِ                ‬ـن من الشعر المعلّ ْ‬


‫ق‬

‫‪5‬‬
‫شق‬
‫وجه مع ّ‬
‫ك ّل حرف نادر منـ‪                ‬ـها له ٌ‬

‫فإن من جاء بعدهم من الشعراء‬


‫المسمطات والمقلّدات‪ّ ، ‬‬
‫ّ‬ ‫ألن المراد منها‬
‫‪     ‬أو ّ‬
‫قلّدهم في طريقتهم‪ ، ‬وهو رأي الدكتور شوقي ضيف وبعض آخر‪ . 6‬أو أن الملك إذا‬
‫ما استحسنها أمر بتعليقها في خزانته‪. ‬‬

‫هل علّقت على الكعبة؟‬

‫‪     ‬سؤال طالما دار حوله الجدل والبحث‪ ، ‬فبعض يثبت التعليق لهذه القصائد على‬
‫ويسخف أقوال معارضيه‪ ، ‬وبعض آخر ينكر‬
‫ّ‬ ‫ستار الكعبة‪ ، ‬ويدافع عنه‪ ، ‬بل‬
‫ويفند أدلّته‪ ، ‬فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة اإلثبات وال أدلّة النفي‪ ، ‬ولم‬
‫اإلثبات‪ّ ، ‬‬
‫يعطوا رأياً في ذلك‪. ‬‬

‫المثبتون للتعليق وأدلّتهم‪: ‬‬

‫صحة‬
‫قوياً ودافعوا بشكل أو بآخر عن موقفهم في ّ‬
‫‪     ‬لقد وقف المثبتون موقفاً ّ‬
‫‪7‬‬
‫صحة التعليق‪ ، ‬ففي العقد الفريد‬
‫تؤيد ّ‬
‫فكتب التاريخ حفلت بنصوص عديدة ّ‬
‫ُ‬ ‫التعليق‪، ‬‬

‫‪2‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫ربه ومثله ابن رشيق والسيوطي‪8‬وياقوت الحموي‪9‬وابن الكلبي‪10‬وابن‬


‫ذهب ابن عبد ّ‬
‫‪11‬‬
‫ألنها كتبت في القباطي بماء‬
‫سميت بذلك; ّ‬
‫ّ‬ ‫قات‬‫ّ‬‫ل‬‫المع‬ ‫أن‬
‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫وغيرهم‬ ‫‪،‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫خلدون‬
‫أن ّأول ما علّق هو شعر‬
‫الذهب وعلّقت على أستار الكعبة‪ ، ‬وذكر ابن الكلبي‪ّ : ‬‬
‫ثم اُحدر‪ ، ‬فعلّقت‬
‫امرئ القيس على ركن من أركان الكعبة ّأيام الموسم حتّى نظر إليه ّ‬
‫الشعراء ذلك بعده‪. ‬‬

‫المحدثون فكان لهم دور في إثبات التعليق‪ ، ‬وعلى سبيل المثال‬


‫ّ‬ ‫وأما االُدباء‬
‫‪ّ     ‬‬
‫نذكر منهم جرجي زيدان حيث يقول‪: ‬‬

‫‪«     ‬وإ ّنما استأنف إنكار ذلك بعض المستشرقين من اإلفرنج‪ ، ‬ووافقهم بعض كتّابنا‬
‫وأي غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من‬
‫رغبة في الجديد من ك ّل شيء‪ّ ، ‬‬
‫يضعف بها القول‬
‫ّ‬ ‫النحاس أن‬
‫الحجة التي أراد ّ‬
‫وأما ّ‬
‫تأثير الشعر في نفوس العرب؟! ّ‬
‫لما رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبع‬
‫حماداً ّ‬
‫إن ّ‬
‫ألنه قال‪ّ : ‬‬
‫فغير وجيهة; ّ‬
‫وحضهم عليها وقال لهم‪ : ‬هذه هي المشهورات»‪ ، 12‬وبعد ذلك ّأيد كالمه ومذهبه في‬
‫ّ‬
‫حماد ـ الذي جمع السبع‬
‫صحة التعليق بما ذكره ابن األنباري إذ يقول‪« : ‬وهو ـ أي ّ‬
‫ّ‬
‫الطوال‪ ، ‬هكذا ذكره أبو جعفر النحاس‪ ، ‬ولم يثبت ما ذكره الناس من ّأنها كانت‬
‫معلّقة على الكعبة»‪. 13‬‬

‫‪     ‬وقد استفاد جرجي زيدان من عبارة ابن األنباري‪« : ‬ما ذكره الناس»‪ ، ‬فهو أي‬
‫يتعجب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس‪ ، ‬وهم األكثرية من ّأنها‬
‫ابن األنباري ّ‬
‫علقت في الكعبة‪. ‬‬

‫النافون للتعليق‪: ‬‬

‫المؤسس لهذا المذهب ـ كما ذكرنا ـ هو أبو جعفر‬


‫ّ‬ ‫‪     ‬ولع ّل ّأولهم والذي ُّ‬
‫يعد‬
‫حماداً الراوية هو الذي جمع السبع الطوال‪ ، ‬ولم يثبت من‬
‫أن ّ‬
‫النحاس‪ ، ‬حيث ذكر ّ‬
‫ّ‬
‫ّأنها كانت معلّقة على الكعبة‪ ، ‬نقل ذلك عنه ابن األنباري‪ . 14‬فكانت هذه الفكرة‬
‫أساساً لنفي التعليق‪: ‬‬

‫‪3‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫سماها بالسموط والمعلّقات‬


‫حماد‪ ، ‬وقد ّ‬
‫‪     ‬كارل بروكلمان حيث ذكر ّأنها من جمع ّ‬
‫سميت بالمعلّقات لتعليقها على‬
‫للداللة على نفاسة ما اختاره‪ ، ‬ورفض القول ‪ّ : ‬إنها ّ‬
‫الكعبة‪ ، ‬ألن هذا التعليل ّإنما نشأ من التفسير الظاهر للتسمية وليس سبباً لها‪ ، ‬وهو‬
‫ما يذهب إليه نولدكه‪.15‬‬

‫مادي‬
‫‪     ‬وعلى هذا سار الدكتور شوقي ضيف مضيفاً إليه ّأنه ال يوجد لدينا دليل ّ‬
‫أن الجاهليين اتّخذوا الكتابة وسيلة لحفظ أشعارهم‪ ، ‬فالعربية كانت لغة مسموعة‬
‫على ّ‬
‫ال مكتوبة‪ . ‬أال ترى شاعرهم حيث يقول‪: ‬‬

‫القعقاع‬
‫ِ‬ ‫فألهدين مع الرياح قصيدة‪               ‬م ّني مغلغلة إلى‬
‫ّ‬
‫‪16‬‬
‫وسماع؟‬
‫ِ‬ ‫ترد المياه فما تزال غريب ًة‪                 ‬في القوم بين تمثّل‬

‫أن القرآن الكريم ـ على قداسته ـ لم يجمع في‬


‫‪     ‬ودليله اآلخر على نفي التعليق هو ّ‬
‫مصحف واحد إالّ بعد وفاة الرسول(صلىـ اهلل عليه وآله) (طبعاً هذا على مذهبه)‪، ‬‬
‫يدون إالّ بعد مرور فترة طويلة من الزمان (ألسباب ال‬
‫وكذلك الحديث الشريف‪ . ‬لم ّ‬
‫وأهمها نهي الخليفة الثاني عن تدوينه) ومن باب‬
‫تخفى على من سبر كتب التأريخ ّ‬
‫أولى أالّ تكتب القصائد السبع وال تعلّق‪. 17‬‬

‫رد الفكرة ـ فكرة التعليق ـ الشيخ مصطفى صادق الرافعي‪ ، ‬وذهب إلى‬
‫وممن ّ‬
‫‪ّ     ‬‬
‫المتأخرون‪. 18‬‬
‫ّ‬ ‫ّأنها من األخبار الموضوعةـ التي خفي أصلها حتّى وثق بها‬

‫‪     ‬ومنهم الدكتور جواد علي‪ ، ‬فقد رفض فكرة التعليق الُمور منها‪: ‬‬

‫‪ 1    ‬ـ ّأنه حينما أمر النبي بتحطيم األصنام واألوثان التي في الكعبة وطمس‬
‫الصور‪ ، ‬لم يذكر وجود معلقة أو جزء معلّقة أو بيت شعر فيها‪. ‬‬

‫بناءها من جديد‪. ‬‬
‫‪ 2     ‬ـ عدم وجود خبر يشير إلى تعليقها على الكعبة حينما أعادوا َ‬

‫‪4‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪ 3     ‬ـ لم يشر أحد من أهل األخبار الّذين ذكروا الحريق الذي أصاب م ّكة‪ ، ‬والّذي‬
‫أدى إلى إعادة بنائها لم يشيروا إلى احتراق المعلّقات في هذا الحريق‪. ‬‬
‫ّ‬

‫‪ 4     ‬ـ عدم وجود من ذكر المعلّقات من حملة الشعر من الصحابة والتابعين وال‬
‫غيرهم‪. ‬‬

‫حماد‪، 19‬‬
‫‪     ‬ولهذا كلّه لم يستبعد الدكتور جواد علي أن تكون المعلّقات من صنع ّ‬
‫هذا عمدة ما ذكره المانعون للتعليق‪. ‬‬

‫أن عمدة دليل النافين هو ما ذكره ابن‬


‫‪     ‬بعد استعراضنا ألدلة الفريقين‪ ، ‬اتّضح ّ‬
‫ان حماداً هو الذي جمع السبع الطوال‪. ‬‬
‫النحاس حيث ادعى ّ‬

‫‪     ‬وجواب ذلك أن جمع حماد لها ليس دليال على عدم وجودها سابقاً‪ ، ‬وإ الّ انسحب‬
‫والمفضل وغيرهما‪ ، ‬وال أحد‬
‫ّ‬ ‫الكالم على الدواوين التي جمعها أبو عمرو بن العالء‬
‫السباق الى جمعها فقد‬
‫إن حماداً لم يكن ّ‬
‫يقول في دواوينهم ما قيل في المعلقات‪ . ‬ثم ّ‬
‫عاش في العصر العباسي‪ ، ‬والتاريخ ينقل لنا عن عبد الملك َّأنه ُعني بجمع هذه‬
‫القصائد (المعلقات) وطرح شعراء أربعة منهم وأثبت مكانهم أربعة‪. 20‬‬

‫‪     ‬وأيضاً قول الفرزدق يدلنا على وجود صحف مكتوبة في الجاهلية‪: ‬‬

‫أوصى عشية حين فارق رهطه‪                ‬عند الشهادة في الصحيفة دعف ُل‬

‫وأتم في حسب الكرام وأفض ُل‬


‫خير والداً‪ّ               ‬‬
‫ضبة كان ٌ‬
‫أن ابن ّ‬
‫ّ‬

‫عدد الفرزدق في هذه القصيدة اسماء شعراء الجاهلية‪ ، ‬ويفهم من بعض‬


‫‪     ‬كما ّ‬
‫األبيات ّأنه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ من دواوينهم‬
‫بدليل قوله‪: ‬‬

‫بشر قبله‪                ‬لي من قصائده الكتاب المجم ُل‬


‫والجعفري وكان ٌ‬

‫‪5‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪     ‬وبعد ابيات يقول‪: ‬‬

‫‪21‬‬
‫هن الجند ُل‬
‫فورثتهن كأ ّن ّ‬
‫ّ‬ ‫وصي ًـة‪              ‬‬
‫ّ‬ ‫كتابهن‬
‫ّ‬ ‫إلي‬
‫دفعوا َّ‬

‫‪     ‬كما روي أن النابغة وغيره من الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونها الى‬
‫بالد المناذرة معتذرين عاتبين‪ ، ‬وقد دفن النعمان تلك األشعار في قصره األبيض‪، ‬‬
‫إن تحت القصر‬
‫حتّى كان من أمر المختار بن أبي عبيد واخراجه لها بعد أن قيل له‪ّ : ‬‬
‫كنزاً‪. 22‬‬

‫تؤيد أن التعليق على الكعبة وغيرها ـ كالخزائن‬


‫‪     ‬كما أن هناك شواهد أخرى ّ‬
‫والسقوف والجدران ألجل محدود أو غير محدود ـ كان أمراً مألوفاً عند العرب‪، ‬‬
‫أن كتاباً كتبه أبو قيس بن عبدمناف بن زهرة في حلف خزاعة لعبد‬
‫فالتاريخ ينقل لنا ّ‬
‫‪23‬‬
‫أن قريشاً كتبت‬
‫أن ابن هشام يذكر ّ‬
‫المطّلب‪ ، ‬وعلّق هذا الكتاب على الكعبة ‪ . ‬كما ّ‬
‫صحيفة عندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلب وعلّقوها في جوف الكعبة‬
‫توكيداً على أنفسهم‪. 24‬‬

‫ويؤيد ذلك أيضاً ما رواه البغدادي في خزائنه‪ 25‬من قول معاوية‪ : ‬قصيدة عمرو‬
‫‪ّ     ‬‬
‫بن كلثوم وقصيدة الحارث بن ِحلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبة دهراً‪. 26‬‬

‫‪     ‬هذا من جملة النقل‪ ، ‬كما ّأنه ليس هناك مانع عقلي أو ّفني من أن العرب قد‬
‫علّقوا أشعاراً هي أنفس ما لديهم‪ ، ‬وأسمى ما وصلت إليه لغتهم; وهي لغة الفصاحة‬
‫والبالغة والشعر واألدب‪ ، ‬ولم تصل العربية في زمان إلى مستوى كما وصلت إليه‬
‫في عصرهم‪ . ‬ومن جهة اُخرى كان للشاعر المقام السامي عند العرب الجاهليين فهو‬
‫والمقدم فيها‪ ، ‬وبهم وبشعرهم تفتخر‬
‫ّ‬ ‫الناطق الرسمي باسم القبيلة وهو لسانها‬
‫وتميزها بين القبائل‪ ، ‬وال‬
‫لعزها ّ‬ ‫القبائل‪ ، ‬ووجود شاعر مفلّق في قبيلة ُّ‬
‫يعد مدعاة ّ‬
‫حماداً‬
‫إن ّ‬
‫حلزة إلى مجموعته‪ ، ‬إذ ّ‬
‫يضم قصيدة الحارث بن ّ‬
‫حماد حينما ّ‬
‫تعجب من ّ‬
‫حماد‪ ، 27‬وذلك‬
‫كان مولى لقبيلة بكر بن وائل‪ ، ‬وقصيدة الحارث تشيد بمجد بكر سادة ّ‬
‫حماداً يعرف قيمة القصيدة وما يالزمها لرفعة من قيلت فيه بين القبائل‪. ‬‬
‫ألن ّ‬
‫ّ‬

‫‪6‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪     ‬فإذا كان للشعر تلك القيمة العالية‪ ، ‬وإ ذا كان للشاعر تلك المنزلة السامية في‬
‫نفوس العرب‪ ، ‬فما المانع من أن تعلّق قصائد هي عصارة ما قيل في تلك الفترة‬
‫الذهبية للشعر؟‬

‫المؤرخين والمحقّقين قد اتفقوا‬


‫ّ‬ ‫أن عدداً ال يستهان به من‬
‫تقدم ّ‬
‫ثم ّإنه ذكرنا فيما ّ‬
‫‪ّ     ‬‬
‫على التعليق‪. ‬‬

‫وأن المعلّقات لنفاستها قد علّقت على‬


‫‪     ‬فقبول فكرة التعليق قد يكون مقبوال‪ّ ، ‬‬
‫الكعبة بعدما قرئت على لجنة التحكيم السنوية‪ ، ‬التي تتّخذ من عكاظ محالً لها‪، ‬‬
‫فهناك يأتي الشعراء بما جادت به قريحتهم خالل سنة‪ ، ‬ويقرأونها أمام المإل ولجنة‬
‫التحكيم التي ُّ‬
‫عدوا منها النابغة الذبياني ليعطوا رأيهم في القصيدة‪ ، ‬فإذا القت قبولهم‬
‫واستحسانهم طارت في اآلفاق‪ ، ‬وتناقلتها األلسن‪ ، ‬وعلّقت على جدران الكعبة أقدس‬
‫مكان عند العرب‪ ، ‬وإ ن لم يستجيدوها خمل ذكرها‪ ، ‬وخفي بريقها‪ ، ‬حتّى ينساها‬
‫وكأنها لم تكن شيئاً مذكوراً‪. ‬‬
‫الناس ّ‬

‫موضوع شعر المعلّقات‬

‫أن‬
‫األخص رأينا ّ‬
‫ّ‬ ‫‪     ‬لو رجعنا إلى القصائد الجاهلية الطوال والمعلّقات منها على‬
‫الشعراء يسيرون فيها على نهج مخصوص; يبدأون عادة بذكر األطالل‪ ، ‬وقد بدأ‬
‫ثم ينتقل أحدهم إلى‬
‫ثم بدأ بذكر الحبيبة‪ّ ، ‬‬
‫عمرو بن كلثوم مثالً بوصف الخمر‪ّ ، ‬‬
‫ثم إلى الطريق التي يسلكها‪ ، ‬بعدئذ يخلص إلى المديح أو الفخر (إذا‬
‫وصف الراحلة‪ّ ، ‬‬
‫ثم إلى الخمر‪، ‬‬
‫كان الفخر مقصوداً كما عند عنترة) وقد يعود الشاعر إلى الحبيبة ّ‬
‫وبعدئذ ينتهي بالحماسة (أو الفخر) أو بذكر شيء من ِ‬
‫الح َكم (كما عند زهير) أو من‬
‫الوصف كما عند امرئ القيس‪. ‬‬

‫متعددة; واحد منها مقصود‬


‫أن في القصيدة الجاهلية أغراضاً ّ‬ ‫‪     ‬ويجدر بالمالحظة ّ‬
‫لذاته (كالغزل عند امرئ القيس‪ ، ‬الحماسة عند عنترة‪ ، ‬والمديح عند زهير‪، ). . ‬‬

‫‪7‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫عدد القصائد المعلّقات‬

‫تعد من المعلّقات‪ ، ‬فبعد أن اتّفقوا على خمس‬


‫‪     ‬لقد اُختلف في عدد القصائد التي ّ‬
‫منها; هي معلّقات‪ : ‬امرئ القيس‪ ، ‬وزهير‪ ، ‬ولبيد‪ ، ‬وطرفة‪ ، ‬وعمرو بن كلثوم‪. ‬‬
‫يعد بينها معلّقة عنترة والحارث بن حلزة‪ ، ‬ومنهم من‬
‫البقية‪ ، ‬فمنهم من ّ‬
‫اختلفوا في ّ‬
‫يدخل فيها قصيدتي النابغة واألعشى‪ ، ‬ومنهم من جعل فيها قصيدة عبيد بن‬
‫األبرص‪ ، ‬فتكون المعلّقات عندئذ عشراً‪. ‬‬

‫نماذج مختارة من القصائد المعلّقة مع شرح حال شعرائها‬

‫‪     ‬أربع من هذه القصائد اخترناها من بين القصائد السبع أو العشر مع اشارة لما‬
‫كتبه بعض الكتاب واألدباء عن جوانبها الفنية‪ ..‬لتكون محور مقالتنا هذه‪: ‬‬

‫امرؤ القيس‬

‫لكنه عرف واشتهر باالسم‬


‫‪     ‬اسمه‪ : ‬امرؤ القيس‪ ، ‬خندج‪ ، ‬عدي‪ ، ‬مليكة‪ّ ، ‬‬
‫اليمنية‪. ‬‬
‫ّ‬ ‫األول‪ ، ‬وهو آخر اُمراء اُسرة كندة‬
‫ّ‬

‫‪     ‬أبوه‪ : ‬حجر بن الحارث‪ ، ‬آخر ملوك تلك االُسرة‪ ، ‬التي كانت تبسط نفوذها‬
‫وسيطرتها على منطقة نجد من منتصف القرن الخامس الميالدي حتى منتصف‬
‫السادس‪. ‬‬

‫‪     ‬اُ ّمه‪ : ‬فاطمة بنت ربيعة اُخت كليب زعيم قبيلة ربيعة من تغلب‪ ، ‬واُخت‬
‫المهلهل بطل حرب البسوس‪ ، ‬وصاحب ّأول قصيدة عربية تبلغ الثالثين بيتاً‪. ‬‬

‫نبذة من حياته‪: ‬‬

‫‪8‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬
‫‪28‬‬
‫يعد من ع ّشاق‬
‫‪     ‬قال ابن قتيبة‪ : ‬هو من أهل نجد من الطبقة االُولى ‪ . ‬كان ّ‬
‫منهن فاطمة بنت العبيد العنزية التي يقول لها في‬
‫يشبب بنساء ّ‬
‫العرب‪ ، ‬وكان ّ‬
‫معلّقته‪: ‬‬

‫أفاطم مهالً بعض هذا التدلّل‬


‫ُ‬
‫‪     ‬وقد طرده أبو ه على أثر ذلك‪ . ‬وظل امرؤ القيس سادراً في لهوه إلى أن بلغه‬
‫وحملني دمه كبيراً‪ ، ‬ال صحو اليوم‬
‫ضيعني صغيراً‪ّ ، ‬‬
‫بدمون فقال‪ّ : ‬‬
‫مقتل أبيه وهو ّ‬
‫ثم آلى أن ال يأكل لحماً وال يشرب خمراً حتّى‬
‫أمر‪ّ ، ‬‬
‫خمر وغداً ٌ‬
‫سكر غداً‪ ، ‬اليوم ٌ‬
‫وال َ‬
‫يثأر ألبيه‪. 29‬‬

‫‪     ‬إلى هنا تنتهي الفترة االُولى من حياة امرئ القيس وحياة المجون والفسوق‬
‫واالنحراف‪ ، ‬لتبدأ مرحلة جديدة من حياته‪ ، ‬وهي فترة طلب الثأر من قَتَلة أبيه‪، ‬‬
‫الجد‬
‫ويتجلّى ذلك من شعره‪ ، ‬الّذي قاله في تلك الفترة‪ ، ‬الّتي يعتبرها الناقدون مرحلة ّ‬
‫من حياة الشاعر‪ ، ‬حيكت حولها كثير من األساطير‪ ، ‬التي اُضيفت فيما بعد إلى‬
‫حماد الراوية‪، ‬‬
‫حياته‪ . ‬وسببها يعود إلى النحل واالنتحال الذي حصل في زمان ّ‬
‫وخلف األحمر ومن حذا حذوهم‪ . ‬حيث أضافوا إلى حياتهم ما لم يد ّل عليه دليل‬
‫أن ك ّل ما قيل حول مرحلة‬
‫عقلي وجعلوها أشبه باألسطورة‪ . ‬ولكن ال يعني ذلك ّ‬
‫امرئ القيس الثانية هو اُسطورة‪. ‬‬

‫‪     ‬والمهم ّأنه قد خرج إلى طلب الثأر من بني أسد قتلة أبيه‪ ، ‬وذلك بجمع السالح‬
‫وإ عداد الناس وتهيئتهم للمسير معه‪ ، ‬وبلغ به ذلك المسير إلى ملك الروم حيث أكرمه‬
‫واستمده للثأر من القتلة فوعده ذلك‪، ‬‬
‫ّ‬ ‫لما كان يسمع من أخبار شعره وصار نديمه‪، ‬‬
‫فلما فصل قيل لقيصر‪ّ : ‬إنك أمددت بأبناء‬
‫ثم بعث معه جيشاً فيهم أبناء ملوك الروم‪ّ ، ‬‬
‫ّ‬
‫عدوه‬
‫مما أراد وقهر بهم ّ‬
‫ملوك أرضك رجالً من العرب وهم أهل غدر‪ ، ‬فإذا استمكن ّ‬
‫الطماح‪ ، ‬بحلّة‬
‫غزاك‪ . ‬فبعث إليه قيصر مع رجل من العرب كان معه يقال له ّ‬
‫منسوجة بالذهب مسمومة‪ ، ‬وكتب إليه‪ّ : ‬إني قد بعثت إليك بحلّتي الّتي كنت ألبسها‬
‫يوم الزينة ُليعرف فضلك عندي‪ ، ‬فإذا وصلت إليك فالبسها على الُيمن والبركة‪، ‬‬

‫‪9‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫اشتد سروره بها ولبسها‪، ‬‬


‫فلما وصلت إليه الحلّة ّ‬
‫إلي من ك ّل منزل بخبرك‪ّ ، ‬‬
‫واكتب ّ‬
‫السم وتنفّط جلده‪ ، ‬والعرب تدعوه‪ : ‬ذا القروح لذلك‪ ، ‬ولقوله‪: ‬‬
‫فأسرع فيه ّ‬

‫تحو ُل أبؤسا‬
‫صحة‪                ‬فيالك ُنعمى قد ّ‬
‫ت قرحاً دامياً بعد ّ‬
‫وب ِّد ْل ُ‬
‫ُ‬

‫ولما صار إلى مدينة بالروم تُدعى‪ : ‬أنقرة ثقل فأقام بها حتّى مات‪ ، ‬وقبره‬
‫‪ّ     ‬‬
‫هناك‪. ‬‬

‫‪     ‬وآخر شعره‪: ‬‬

‫مثعنجره‬
‫ْ‬ ‫ره‪                 ‬وطعنة‬
‫رب خطبة مسحنفَ ْ‬
‫ّ‬

‫تدفن غداً بأنقر ْة‬


‫ره‪ُ                 ‬‬
‫متحي ْ‬
‫ّ‬ ‫وجعبة‬

‫‪     ‬ورأى قبراً المرأة من بنات ملوك العرب هلكت بأنقره فسأل عنها فاخبر‪، ‬‬
‫فقال‪: ‬‬

‫عسيب‬
‫ُ‬ ‫قريب‪                 ‬وإ ّني مقيم ما أقام‬
‫ُ‬ ‫إن المزار‬
‫أجارتنا ّ‬
‫‪30‬‬
‫نسيب‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫غريبان هاهنا‪                 ‬وك ّل غريب للغريب‬ ‫أجارتَنا إ ّنا‬

‫‪     ‬وقد َّ‬
‫عد الدكتور جواد علي والدكتور شوقي ضيف وبروكلمان وآخرون بعض‬
‫قصة امرئ القيس وطرده‪ ، ‬والحكايات التي حيكت بعد وصوله إلى‬
‫ما ورد في ّ‬
‫قيصر ودفنه بأنقرة إلى جانب قبر ابنة بعض ملوك الروم‪ ، ‬وسبب موته بالحلة‬
‫المسمومة‪ ، ‬وتسميته ذا القروح من األساطير‪. ‬‬

‫قالوا فيه‪: ‬‬

‫النبي(صلىـ اهلل عليه وآله) ‪ : ‬ذاك رجل مذكور في الدنيا‪ ، ‬شريف فيها‬
‫‪ 1     ‬ـ ّ‬
‫منسي في اآلخرة خامل فيها‪ ، ‬يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء إلى النار‪. 31‬‬
‫ّ‬

‫‪10‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪ 2     ‬ـ اإلمام علي(عليه السالم) ‪ُ : ‬سئل من أشعر الشعراء؟ فقال‪: ‬‬

‫الضلِّي ُل‬
‫ك ِّ‬‫والب ّد فالمل ُ‬
‫فإن كان ُ‬
‫عرف الغايةُ عند قصبتها‪ْ ، ‬‬
‫إن القوم لم َيجروا في َحلبة تُ ُ‬
‫ّ‬
‫‪ . 32‬يريد امرأ القيس‪. ‬‬

‫‪ 3     ‬ـ الفرزدق سئل من أشعر الناس؟ قال‪ : ‬ذو القروح‪. ‬‬

‫يقدمون امرأ القيس‪. ‬‬


‫إن علماء البصرة كانوا ّ‬
‫‪ 4     ‬ـ يونس بن حبيب‪ّ : ‬‬

‫‪ 5     ‬ـ لبيد بن ربيعة‪ : ‬أشعر الناس ذو القروح‪. ‬‬

‫المثنى‪ : ‬هو ّأول من فتح الشعر ووقف واستوقف وبكى‬


‫معمر بن ّ‬ ‫‪ 6     ‬ـ أبو عبيدة ّ‬
‫‪33‬‬
‫في الدمن ووصف ما فيها‪. . . ‬‬

‫معلّقة امرئ القيس‬

‫‪     ‬البحر‪ : ‬الطويل‪ . ‬عدد أبياتها‪ 78 : ‬بيتاً منها‪ :  9 : ‬في ذكرى الحبيبة‪21 . ‬‬
‫‪ :‬في بعض مواقف له‪ :  13 . ‬في وصف المرأة‪ :  5 . ‬في وصف الليل‪:  18 . ‬‬
‫في السحاب والبرق والمطر وآثاره‪ . ‬والبقية في اُمور مختلفة‪. ‬‬

‫‪     ‬استه ّل امرؤ القيس معلّقته بقوله‪: ‬‬

‫ومنز ِـل‪ِ                ‬ب ِس ْقط اللِّ َوى بين َّ‬


‫الد ُخ ْو ِل فَ َح ْو َم ِل‬ ‫قفا ِ‬
‫نبك من ذكرى حبيب ِ‬

‫شم ِ‬
‫َأل‬ ‫ِ‬
‫رسمها‪                ‬لما نسجتها من جنوب َو َ ْ‬
‫يعف ُ‬
‫فتوض َح فالمقراة لم ُ‬

‫عد القدماء هذا المطلع من مبتكراته‪ ، ‬إذ وقف واستوقف وبكى وأبكى وذكر‬
‫‪     ‬وقد ّ‬
‫ثم انتقل إلى رواية بعض ذكرياته السعيدة بقوله‪: ‬‬
‫الحبيب والمنزل‪ّ ، ‬‬

‫لج ِل‬
‫يوم بدراة ُج ُ‬
‫والسيما ٌ‬
‫ّ‬ ‫صالح‪               ‬‬
‫ٌ‬ ‫منه َّن‬
‫رب يوم لَ َك ُ‬
‫أال ّ‬

‫المتحم ِل‬ ‫مطيتيـ‪                ‬فيا عجباً من ِ‬


‫رحلها‬ ‫ويوم عقرت ِ‬
‫للعذارى ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫‪11‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫المفَتَّ ِل‬
‫س ُ‬ ‫ِّم ْق ِ‬
‫يرتمين بلحمها‪                ‬وشحم كه ّذاب الد َ‬
‫َ‬ ‫فض ّل العذارى‬

‫إن تذ ّكر الماضي السعيد قد ّأرق ليالي الشاعر‪ ، ‬وحرمه الراحة والهدوء;‬
‫‪     ‬وحيث ّ‬
‫أن الهموم تصل إلى أوجها في الليل‪ ، ‬فما أقسى الليل‬
‫لذا فقد شعر بوطأة الليل; ذلك ّ‬
‫ويطير النوم من عينيه‪ ، ‬ويلفّه في ظالم حالك‪، ‬‬
‫يقض مضجعهُ‪ُ ، ‬‬
‫على المهموم! ّإنه ّ‬
‫ويأخذه في دوامة تقلّبه هنا وهناك ال يعرف أين هو‪ ، ‬وال كيف يسير وال ماذا يفعل‪، ‬‬
‫يتحرك‪ . . ‬يقول‪: ‬‬
‫كأنه ال ّ‬
‫ويلقي عليه بأحماله‪ ، ‬ويقف ّ‬

‫ِ‬
‫الهموم ليبتلي‬ ‫علي بأنواع‬ ‫ِ‬
‫وليل كموج البحر أرخى سدوله‪ّ                ‬‬

‫وناء ِب َك ْل َك ِل‬ ‫ِ‬


‫طى بصل ِبه‪                 ‬وأردف أعجازاً َ‬
‫لما تم ّ‬
‫ت لَ ُه ّ‬
‫ف ُق ْل ُ‬

‫أمثَ ِل‬
‫اح من َك ِب ْ‬
‫األص َب ُ‬
‫أال ّأيها اللي ُل الطويل أال انجلي‪                 ‬بصبحـ وما ْ‬

‫وتعد هذه األبيات من أروع ما قاله في الوصف‪ ، ‬ومبعث روعتها تصويره‬


‫‪ّ     ‬‬
‫وحشية الليل بأمواج البحر وهي تطوي ما يصادفها; لتختبر ما عند الشاعر من‬
‫ّ‬
‫الصبر والجزع‪. ‬‬

‫‪     ‬فأنت أمام وصف وجداني فيه من الرقّة والعاطفة النابضة‪ ، ‬وقد استحالت سدول‬
‫هم‪ ، ‬وامتزج ليل النفس بليل الطبيعة‪ ، ‬وانتقل الليل من الطبيعة‬
‫الليل فيه إلى سدول ّ‬
‫إلى النفس‪ ، ‬وانتقلت النفس إلى ظلمة الطبيعة‪. ‬‬

‫حسية مستقاة من البيئة الجاهلية‪. ‬‬


‫مادة ّ‬
‫‪    ‬فالصورة في شعره تجسيد للشعور في ّ‬

‫وكأنه يريد أن يضع بين‬


‫ثم يخرج منه إلى وصف فرسه وصيده ول ّذاته فيه‪ّ ، ‬‬
‫‪ّ     ‬‬
‫يدي صاحبته فروسيته وشجاعته ومهارته في ركوب الخيل واصطياد الوحش يقول‪: ‬‬

‫ِ‬
‫األوابد ِ‬
‫هيكل‬ ‫ناتها‪ِ                 ‬بم ْنجرد ِ‬
‫قيد‬ ‫وقد َأغتدي والطير في و ُك ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫الس ْي ُل ِم ْن َع ِل‬
‫ص ْخر َحطَّ ُه َّ‬ ‫كج ْلم ِ‬
‫ود َ‬
‫ِ ِ‬
‫‪     ‬م َكٍّر مفٍَّر ُم ْق ِبل ُم ْدبر معاً‪ُ ُ                 ‬‬

‫‪12‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫صور سرعته تصويراً بديعاً‪ ، ‬وبدأ فجعله‬


‫‪     ‬وهو وصف رائع لفرسه األشقر‪ ، ‬فقد ّ‬
‫كأنه قيد يأخذ‬
‫فإنها ال تستطيع إفالتاً منه ّ‬
‫قيداً ألوابد الوحش إذا انطلقت في الصحراء ّ‬
‫بأرجلها‪. ‬‬

‫وكأنه‬
‫ويكر في الوقت نفسه‪ّ ، ‬‬
‫يفر ّ‬
‫كأنه ّ‬
‫يخيل إليك ّ‬
‫لشدة حركته وسرعته ّ‬
‫‪     ‬وهو ّ‬
‫وكأنه جلمود صخر يهوى به السيل من ذورة جبل عال‪. ‬‬
‫يقبل ويدبر في آن واحد‪ّ ، ‬‬

‫ثم يستطرد في ذكر صيده وطهي الطهاة له وسط الصحراء قائالً‪: ‬‬


‫‪ّ     ‬‬

‫معج ِل‬ ‫فظ ّل طهاةُ ِ‬


‫اللحم ما بين منضجـ‪                 ‬صفيف شواء أو قدير ّ‬

‫ألمت بمنازل قومه بني‬


‫‪     ‬وينتقل بعد ذلك إلى وصف األمطار والسيول‪ ، ‬التي ّ‬
‫أسد بالقرب من تيماء في شمالي الحجاز‪ ، ‬يقول‪: ‬‬

‫حبي م َكلّ ِل‬


‫كلمع اليدين في ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫وميضهُ‬
‫َ‬ ‫كأن‬
‫أحار ترى برقاً ّ‬‫ِ‬
‫بال المفتّ ِل‬ ‫ط في ُّ‬
‫الذ ِ‬ ‫أهان السَّلي َ‬ ‫مصابيح راهب‬ ‫يضيء سناهُ أو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫متأم ِل‬ ‫قعدت له وصحبتي بين ِ‬
‫وبين إكام ُب ْع َد ما ّ‬ ‫حامر‬ ‫ُ‬
‫نهَب ِل‬
‫دوح ال َك ْ‬ ‫ُّ‬
‫يكب على األذهان َ‬ ‫يسح الماء عن ِّ‬
‫كل فيقة‬ ‫وأضحى ُّ‬
‫وال اُطماً إالّ مشيداً بِ َج ْن َد ِل‬ ‫جذع نخلة‬
‫وتيماء لم يترك بها َ‬
‫َ‬

‫وشبه هذا‬
‫‪     ‬استه ّل هذه القطعة بوصف وميض البرق وتألّقه في سحاب متراكم‪ّ ، ‬‬
‫يتوهج ضوؤها‬
‫كأنه مصابيح راهب ّ‬
‫التألّق واللمعان بحركة اليدين إذا اُشير بهما‪ ، ‬أو ّ‬
‫يمدها من زيت كثير‪. ‬‬
‫بما ّ‬

‫يسح‬
‫يتأملونه بين جامر وإ كام‪ ، ‬والسحاب ّ‬
‫‪     ‬ويصف كيف جلس هو وأصحابه ّ‬
‫سحاً‪ ، ‬حتّى لتقتلع سيوله ك ّل ما في طريقها من أشجار ِ‬
‫العضاه العظيمة‪ ، ‬وتلك تيماء‬ ‫ّ‬
‫مرت به‪ ، ‬وأتت‬
‫شيد بالصخر‪ ، ‬فقد اجتثّت ك ّل ما ّ‬
‫لم تترك بها نخالً وال بيتاً‪ ، ‬إالّ ما ّ‬
‫عليه من قواعده واُصوله‪. ‬‬

‫‪13‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫لبيد بن ربيعة‬

‫‪     ‬هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كالب بن ربيعة‪ . . ‬الكالبي‬

‫سخياً‪ ، ‬قال الشعر في الجاهلية دهراً‪. 34‬‬


‫‪     ‬قال المرزباني‪ : ‬كان فارساً شجاعاً ّ‬

‫‪     ‬قال أكثر أهل األخبار‪ّ : ‬إنه كان شريفاً في الجاهلية واإلسالم‪ ، ‬وكان قد نذر أن‬
‫هبت‬
‫ثم نزل الكوفة‪ ، ‬وكان المغيرة بن شعبة إذا ّ‬
‫تهب الصبا إالّ نحر وأطعم‪ّ ، ‬‬
‫ال ّ‬
‫الصبا يقول‪ : ‬أعينوا أبا عقيل على مروءته‪. 35‬‬

‫النبي(صلىـ اهلل عليه وآله)‬


‫اشتد الجدب على مضر بدعوة ّ‬
‫لما ّ‬‫‪     ‬وحكى الرياشي‪ّ : ‬‬
‫وفد عليه وفد قيس وفيهم لبيد فأنشد‪: ‬‬

‫البرية كلّها‪                 ‬لترحمنا مما لقينا من ِ‬


‫األزل‬ ‫أتيناك يا خير ّ‬
‫ّ‬

‫ِ‬
‫الطفل‬ ‫الصبي عن‬ ‫أم‬
‫ّ‬ ‫أتيناك والعذراء تدمى لبانها‪                 ‬وقد ذهلت ّ‬

‫اَألص ِل‬
‫ماء لنا واألمر يبقى على ْ‬
‫ـس َ‬‫فإن تدعُ بالسقيا وبالعفو ترسل الـ‪ّ        ‬‬

‫‪     ‬وهو من الشعراء‪ ، ‬الّذين ترفعوا عن مدح الناس لنيل جوائزهم ِ‬


‫وصالتهم‪ ، ‬كما‬
‫المتقدمين في الشعر‪. ‬‬
‫ّ‬ ‫ّأنه كان من الشعراء‬

‫الس ّن‪، ‬‬
‫وأما أبوه فقد عرف بربيعة المقترين لسخائه‪ ، ‬وقد قُتل والده وهو صغير ّ‬
‫‪ّ     ‬‬
‫فتك ّفل أعمامهُ تربيتَه‪. ‬‬

‫أما‬
‫‪     ‬ويرى بروكلمان احتمال مجيء لبيد إلى هذه الدنيا في حوالى سنة ‪560‬م‪ّ . ‬‬
‫لما دخل معاوية الكوفة بعد أن صالح‬
‫وفاته فكانت سنة ‪40‬هـ‪ .  ‬وقيل‪41 : ‬هـ‪ّ .  ‬‬
‫اإلمام الحسن بن علي ونزل النخيلة‪ ، ‬وقيل‪ّ : ‬إنه مات بالكوفة ّأيام الوليد بن عقبة في‬
‫خالفة عثمان‪ ، ‬كما ورد ّأنه توفّي سنة نيف وستين‪. 36‬‬

‫قالوا فيه‪: ‬‬

‫‪14‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪ 1     ‬ـ النبي )صلى اهلل عليه وآله) ‪ : ‬أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد‪: ‬‬

‫‪37‬‬
‫أال ك ّل شيء ما خال اهلل باطل‬

‫أن لبيداً أنشد النبي(صلىـ اهلل عليه وآله) قوله‪: ‬‬


‫‪     ‬وروى ّ‬

‫أال ك ّل شيء ما خال اهلل باط ُل‬

‫‪     ‬فقال له‪ : ‬صدقت‪. ‬‬

‫‪     ‬فقال‪: ‬‬

‫وك ّل نعيم ال محالة زائ ُل‬

‫‪     ‬فقال له‪ : ‬كذبت‪ ، ‬نعيم اآلخرة ال يزول‪. 38‬‬

‫إن الفرزدق سمع رجالً ينشد قول لبيد‪: ‬‬


‫‪ 2     ‬ـ المرزباني‪ّ : ‬‬

‫أقالمها‬ ‫ِ‬
‫تجد متو َنها ُ‬
‫الطلول كأ ّنها‪                 ‬زبر ّ‬ ‫وجال السيوف من‬

‫‪     ‬فنزل عن بغلته وسجد‪ ، ‬فقيل له‪ : ‬ما هذا؟ فقال‪ : ‬أنا أعرف سجدة الشعر كما‬
‫يعرفون سجدة القرآن‪. 39‬‬

‫القول في إسالمه‬

‫وأما إسالمه فقد أجمعت الرواة على إقبال لبيد على اإلسالم من ك ّل قلبه‪ ، ‬وعلى‬
‫‪ّ     ‬‬
‫تمسكاً شديداً‪ ، ‬وال سيما حينما يشعر بتأثير وطأة الشيخوخة عليه‪، ‬‬
‫تمسكه بدينه ّ‬
‫ّ‬
‫أن شيخوخته قد أبعدته عن المساهمة في األحداث السياسية‬
‫دنو أجله; ويظهر ّ‬‫وبقرب ّ‬
‫التي وقعت في ّأيامه‪ ، ‬فابتعد عن السياسة‪ ، ‬وابتعد عن الخوض في األحداث‪ ، ‬ولهذا‬
‫تحزب ألحد أو خاصم‬
‫ال نجد في شعره شيئاً‪ ، ‬وال فيما روي عنه من أخبار ّأنه ّ‬
‫أحداً‪. ‬‬

‫‪15‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫فلما كتب عمر إلى عامله المغيرة‬


‫أن لبيداً ترك الشعر وانصرف عنه‪ّ ، ‬‬
‫‪     ‬وروي ّ‬
‫ابن شعبة على الكوفة يقول له‪ : ‬استنشد من قبلك من شعراء مصرك ما قالوا في‬
‫اإلسالم‪ . ‬أرسل إلى لبيد‪ ، ‬فقال‪ : ‬أرجزاً تُريد أم قصيداً؟ فقال‪: ‬‬

‫ثم أتى بها‪ ، ‬وقال‪: ‬‬


‫‪     ‬أنشدني ما قلته في اإلسالم‪ ، ‬فكتب سورة البقرة في صحيفة ّ‬
‫َأبدلني اهلل هذا في اإلسالم مكان الشعر‪ . ‬فكتب المغيرة بذلك إلى عمر فنقص من‬
‫عطاء األغلب خمسمائة وجعلها في عطاء لبيد‪. 40‬‬

‫وممن حسن إسالمه‪ ، 41‬وكان عمره‬


‫‪     ‬وجعله في اُسد الغابة من المؤلّفة قلوبهم ّ‬
‫مائة وخمساً وخمسين سنة‪ ، ‬منها خمس وأربعون في اإلسالم وتسعون في الجاهلية‬
‫‪. 42‬‬

‫مختارات من شعره‬

‫تعرض فيها للموت ولزوال النعيم ولعدم‬


‫‪     ‬له قصيدة في رثاء النعمان بن المنذر‪ّ ، ‬‬
‫دوام الدنيا ألحد‪ ، ‬مطلعها‪: ‬‬

‫أال تسأالن المرء ماذا يحاو ُل‪                ‬أنحب فيقضى أم ضال ٌل وباط ٌل؟‬

‫بقوله‪: ‬‬ ‫‪     ‬وقد ذكر فيها اهلل ج ّل جالله‬

‫واسل‬
‫ُ‬ ‫لب إلى اهلل‬
‫كل ذي ّ‬
‫بلى‪ّ : ‬‬ ‫قدر أم ِر ُ‬
‫هم‬ ‫أرى الناس ال يدرون ما ُ‬
‫زائل‬
‫وكل نعيم ال محالة ُ‬
‫ّ‬ ‫باطل‬
‫كل شيء ما خال اهلل ُ‬‫أال ُّ‬
‫األنامل‬
‫ُ‬ ‫تصفر منها‬
‫دويهيّةٌ ّ‬ ‫تدخل بينهم‬
‫ُ‬ ‫وكل اُناس سوف‬
‫ُّ‬
‫‪43‬‬
‫المحاصل‬
‫ُ‬ ‫شفت عند اإلله‬
‫إذا ك ّ‬ ‫سيعلم سعيه‬
‫ُ‬ ‫وكل امرئ يوماً‬
‫ّ‬

‫معلّقة لبيد بن ربيعة‬

‫موزعة فيما يلي‪ 11 : ‬في ديار الحبيبة‪. ‬‬


‫‪     ‬البحر‪ : ‬الكامل‪ . ‬عدد األبيات‪ّ 89 : ‬‬
‫‪ 10‬في رحلة الحبيبة وبعدها وأثره‪ 33 . ‬في الناقة‪ 21 . ‬في الفخر الشخصي‪14 . ‬‬
‫في الفخر القبلي‪. ‬‬

‫‪16‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫أن الديار قد درست معالمها‬


‫‪     ‬يبدأ الشاعر معلقته ببكاء األطالل ووصفها‪ ، ‬وكيف ّ‬
‫أحد لخرابها‪: ‬‬
‫حتّى عادت ال ترى فقد هجرت‪ ، ‬وأصبحت ال يدخلها ٌ‬

‫تأبد غولها فرجامها‬


‫بمنى ّ‬
‫عفت الديار محلّها فمقامها‪ً                 ‬‬

‫ودق الرواعد جودها فرهامها‬


‫رزقت مرابيع النجوم وصابها‪َ                ‬‬

‫فيتحدث عن الظعائن‬
‫ّ‬ ‫األحبة‬
‫ّ‬ ‫ثم عاد بمخيلته شريط الذكريات‪ ، ‬ذكريات فراق‬
‫‪ّ     ‬‬
‫المكسوة بالقماش والستائر‪: ‬‬
‫ّ‬ ‫هوادجهن‬
‫ّ‬ ‫الجميالت الرشيقات‪ ، ‬وعن‬

‫تصر خيامها‬
‫تحملوا‪                ‬فتك ّنسوا قطناً ّ‬
‫الحي يوم ّ‬
‫مشاقتك ظعن ّ‬

‫عصيه‪                ‬روح عليه كلّ ٌة وقرامها‬


‫ّ‬ ‫من ِّ‬
‫كل محفوف يظ ّل‬

‫تغير وصلها‪: ‬‬
‫‪     ‬ويرى أن يقطع أمله منها ويترك رجاءه فيها ما دامت نوار قد ّ‬

‫صرامها‬
‫ولشر واصل خلّة ّ‬
‫ّ‬ ‫تعرض وصله‪               ‬‬
‫ما قطع لبانه من ّ‬

‫ثم يأخذ في وصف ناقته بألفاظ غريبة وتعابير بدوية متينة‪ ، ‬فهو يشبهها‬
‫‪ّ     ‬‬
‫بالغمامة الحمراء تدفعها رياح الجنوب فيقول‪: ‬‬

‫حمامها‬ ‫خف مع الجنوب‬ ‫ِ‬


‫الزمام كأ ّنها‪               ‬صهباء ّ‬ ‫هباب في‬
‫ٌ‬ ‫فلها‬
‫ُ‬

‫الوحشية قائالً‪: ‬‬
‫ّ‬ ‫يشبهها بالبقرة‬
‫‪     ‬واُخرى ّ‬

‫غامها‬ ‫شقائ ِ‬ ‫الغرير فلم ِ‬ ‫ضي ِ‬


‫وب ُ‬‫ق طوفها ُ‬ ‫ض ال ّ‬
‫تر ْم‪ُ                ‬ع ْر َ‬ ‫َ‬ ‫عت‬ ‫خنساء ّ‬
‫ُ‬

‫طعامها‬
‫ُ‬ ‫كواسب‪ ، ‬ال ُي َم ّن‬
‫ُ‬ ‫غبس‬
‫تنازع شلوهُ‪ٌ                 ‬‬
‫َ‬ ‫لمعفّر قَ ْهد‬

‫تعرضه لوصف الناقة فلم تفته الحكمة‪: ‬‬


‫‪     ‬وعلى الرغم من ّ‬

‫إن المنايا ال تطيش سهامها‬


‫غرة فأصبنها‪ّ                 ‬‬
‫ْن منها ّ‬
‫صادف َ‬

‫‪17‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫ويقول‪: ‬‬

‫ِ‬
‫الحتوف حمامها‬ ‫أحم من‬
‫لتذودهن وأيقنت إن لم تَُز ْد‪                 ‬أن قد ّ‬
‫ّ‬

‫‪     ‬فهو مؤمن بقضاء اهلل‪ ، ‬قانع بما قسم له وكتب عليه‪ ، ‬راض بذلك‪ ، ‬ويدعو‬
‫الناس إلى الرضا‪: ‬‬
‫ّ‬

‫فاقنع بما كتب الملي ُك فإ ّنما‪                 ‬قسم الخالئق بيننا عالّمها‬

‫بفروسيته‪ ، ‬وكونه يحمي قومه في موضع المحنة‬


‫ّ‬ ‫ثم ينتقل لبيد للفخر‬
‫‪ّ     ‬‬
‫متأهباً للنزال‪ ، ‬حتّى إذا‬
‫عدته ّ‬
‫والخوف‪ ، ‬يرقب لهم عند ثغور األعداء وهو بكامل ّ‬
‫السريع‪: ‬‬ ‫أجنه الظالم نزل من مرقبه إلى السهل‪ ، ‬وامتطى جواده القوي‬
‫ّ‬

‫الحي تحمل مثكتي فرطٌ وشاحي إذ غدوت لجامها‬


‫ّ‬ ‫ولقد حميت‬
‫امها‬
‫أعالمهن قَتَ ُ‬
‫ّ‬ ‫فعلوت مرتقباً على ذي هبوة حرج إلى‬
‫وأجن عورات الثغور ظالمها‬
‫ّ‬ ‫حتّى إذا ألقت يداً في كافر‬
‫امها‬
‫جر ُ‬
‫ص ُر دو َنها ّ‬
‫جرداء َي ْح َ‬
‫َ‬ ‫كجذع منيفةـ‬
‫ِ‬ ‫وانتصبت‬
‫ْ‬ ‫أسهلت‬

‫ويسجل‬
‫ّ‬ ‫يحبهم ويؤثرهم ويشيد بمآثرهم‬
‫‪     ‬ولبيد خير شاعر ّبر قومه‪ ، ‬فهو ّ‬
‫فسجل في معلّقته فضائل قومه‪ ، ‬وافتخر‬
‫بأيامهم وأحسابهم‪ّ ، ‬‬
‫مكرماتهم‪ ، ‬ويفخر ّ‬
‫الثناء‪: ‬‬ ‫وخصهم بأجود‬
‫ّ‬ ‫بأهله‬

‫امها‬
‫ش ُّ‬
‫لزاز عظيمة ج ّ‬
‫م ّنا ُ‬ ‫إ ّنا إذا التقت المجامعُ لم يزل‬
‫ولك ّل قوم س ّن ٌة وإ ُمامها‬ ‫من معشر س ّنت لهم آباؤهم‬
‫أحالمها‬
‫ُ‬ ‫إذ ال يميل مع الهوى‬ ‫ال يطبعون وال يبور فعالُهم‬
‫امها‬ ‫وهم السعاةُ إذا العشيرة اُ ِ‬
‫وه ُم فوارسها وهم ح ّك ُ‬
‫ُ‬ ‫فظ َع ْت‬
‫عامها‬ ‫ِ‬
‫والمرمالت إذا تطاو َل ُ‬ ‫فيهم‬
‫وه ُم ربيعٌ للمجاور ُ‬ ‫ُ‬
‫امها‬
‫حاسد أو أن يمي َـل مع العدى ّلو ُ‬
‫ٌ‬ ‫طئ‬
‫وه ُم العشيرةُ أن ُي َب ّ‬
‫ُ‬

‫‪18‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪ ‬زهير بن أبي سلمى‬

‫‪     ‬هو زهير بن أبي سلمى ـ واسم أبي سلمى‪ : ‬ربيعة بن رباح المزني من مزينة‬
‫ابن أد بن طايخة‪. ‬‬

‫فظن الناس ّأنه من غطفان‪ ، ‬وهو ما ذهب إليه‬


‫‪     ‬كانت محلّتهم في بالد غطفان‪ّ ، ‬‬
‫ابن قتيبة أيضاً‪. ‬‬

‫المقدمين على سائر الشعراء باالتّفاق‪ ، ‬وإ ّنما‬


‫‪     ‬وهو أحد الشعراء الثالثة الفحول ّ‬
‫الخالف في تقديم أحدهم على اآلخر‪ ، ‬وهم‪ : ‬امرؤ القيس وزهير والنابغة‪ . ‬ويقال‪: ‬‬
‫ّإنه لم يتصل الشعر في ولد أحد من الفحول في الجاهلية ما اتصل في ولد زهير‪، ‬‬
‫وكان والد زهير شاعراً‪ ، ‬واُخته سلمى شاعرة‪ ، ‬واُخته الخنساء شاعرة‪ ، ‬وابناه‬
‫كعب ومجبر شاعرين‪ ، ‬وكان خال زهير أسعد بن الغدير شاعراً‪ ، ‬والغدير اُ ّمه وبها‬
‫عرف‪ ، ‬وكان أخوه بشامة بن الغدير شاعراً كثير الشعر‪. ‬‬

‫‪     ‬ويظهر من شعر ينسب إليه ّأنه عاش طويال إذ يقول متأفّفاً من هذه الحياة‬
‫ومشقّاتها حتّى سئم منها‪: ‬‬

‫سئمت تكاليف الحياة ومن يعش‪                ‬ثمانين حوالً ال أبا لك يسأم‬

‫قالوا فيه‪: ‬‬

‫‪ 1     ‬ـ الحطيئة اُستاذ زهير‪ : ‬سئل عنه فقال‪ : ‬ما رأيت مثله في تكفِّيه على أكتاف‬
‫وذماً‪. 44‬‬
‫بأعنتها حيث شاء‪ ، ‬من اختالف معانيها امتداحاً ّ‬
‫القوافي‪ ، ‬وأخذه ّ‬

‫‪ 2     ‬ـ ابن االعرابي‪ : ‬كان لزهير في الشعر ما لم يكن لغيره‪. 45‬‬

‫يقدم زهيراً‪. ‬‬
‫‪ 3     ‬ـ قدامة بن موسى ـ وكان عالماً بالشعر ـ ‪ : ‬كان ّ‬

‫‪19‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪ 4     ‬ـ عكرمة بن جرير‪ : ‬قلت ألبي‪َ : ‬من أشعر الناس؟ قال‪ : ‬أجاهليةٌ أم إسالمية؟‬
‫فقلت‪ : ‬جاهلية‪ ، ‬قال‪ : ‬زهير‪. 46‬‬

‫مميزات شعره‪: ‬‬
‫ّ‬

‫وحكمياته‪ ، ‬وبالغته‪ ، ‬وكان لشعره تأثير كبير في‬


‫ّ‬ ‫بمدحياته‪، ‬‬
‫ّ‬ ‫‪     ‬امتاز زهير‬
‫مقرباً من اُمراء ذبيان‪ ، ‬وخصوصاً هرم بن سنان‬
‫نفوس العرب‪ . ‬وكان أبوه ّ‬
‫وأول قصيدة نظمها في مدحهما على أثر مكرمة أتياها‪. ‬‬
‫والحارث ابن عوف‪ّ ، ‬‬
‫معلّقته المشهورة‪. ‬‬

‫‪     ‬ويؤخذ من بعض أقواله ّأنه كان مؤمناً بالبعث كقوله‪: ‬‬

‫ِ‬
‫فينتقم‬ ‫يعج ْل‬ ‫ِ‬
‫الحساب أو ّ‬ ‫َّخ ْر‪ِ                ‬‬
‫ليوم‬ ‫فيودع في كتاب فيد َ‬ ‫َّ‬
‫يؤخر َ‬

‫ومما يد ّل على تع ّقله وحنكته وسعة صدره ِحكمه في معلّقته‪ ، ‬وقد جمع خالصة‬
‫‪ّ     ‬‬
‫التقاضي في بيت واحد‪: ‬‬

‫جالء‬
‫ُ‬ ‫نفار أو‬
‫يمين أو ٌ‬
‫الحق مقطعه ثالث‪ٌ               : ‬‬
‫ّ‬ ‫وإ ّن‬

‫معلّقة زهير بن أبي سلمى‬

‫موزعة فيما يلي‪ 6 : ‬في األطالل‪9 . ‬‬


‫‪     ‬البحر‪ : ‬الطويل‪ . ‬عدد األبيات‪ّ 59 : ‬‬
‫في األظعان‪ 10 . ‬في مدح الساعين بالسالم‪ 21 . ‬في الحديث إلى المتحاربين‪13 . ‬‬
‫في الحكم‪. ‬‬

‫عما صارت إليه ديار الحبيبة‪ ، ‬فقد هجرها عشرين‬


‫‪     ‬يبدأ الشاعر معلّقته بالحديث ّ‬
‫فلما تأ ّكد منها هتف‬
‫متغيرة‪ّ ، ‬‬
‫عاماً‪ ، ‬فأصبحت دمناً بالية‪ ، ‬وآثارها خافتة‪ ، ‬ومعالمها ّ‬
‫محيياً ودعا لها بالنعيم‪: ‬‬
‫ّ‬

‫اج فالمتثَلَِّم‬ ‫بح ْوما َن ِة ّ‬


‫الدّر ِ‬ ‫ِ‬
‫أمن اُ ّم أوفى دمن ٌة لم تَ َكلَِّم‪َ                ‬‬

‫‪20‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫عرفت الدار بعد توهُِّم‬


‫ُ‬ ‫حج ًة‪                 ‬فَالَْياً‬
‫عشرين ّ‬
‫َ‬ ‫وقفت بها من ِ‬
‫بعد‬ ‫ُ‬

‫ِ‬
‫وأسلم‬ ‫عرفت الدار قلت لربعها‪                 ‬أال أنعم صباحاً ّأيها الربع‬
‫ُ‬ ‫فلما‬
‫ّ‬

‫ثم عاد بالذاكرة إلى الوراء يسترجع ساعة الفراق‪ ، ‬ويصف النساء الالتي‬‫‪ّ     ‬‬
‫فيتبعهن ببصره كئيباً حزيناً‪ ، ‬ويصف الطريق الّتي سلكنها‪، ‬‬
‫ّ‬ ‫ارتحلن عنها‪، ‬‬
‫فيهاو‪: . . . ‬‬ ‫كن‬
‫والهوادج التي ّ‬

‫فهن ووادي الرس ِ‬


‫كاليد ِ‬
‫للفم‬ ‫واستحرن بسحره ّ‬
‫َ‬ ‫بكرن بكوراً‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ومحرم‬ ‫جعلن القنان عن يمين وحزنه وكم بالقنان من مح ّل‬
‫الحاضر المتخيَِّم‬
‫ِ‬ ‫وردن الماء زرقاً جمامه وضع َن ِع ِ‬
‫ص َّي‬ ‫َ‬ ‫فلما‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫المتوسِم‬
‫ّ‬ ‫وفيهن ملهى للّطيف ومنظر ‪ ‬أنيق لعين الناظر‬
‫ّ‬

‫وكأنه حينما وصل إلى هذا المنظر الجميل الفتّان سبح به خاطره إلى جمال‬
‫‪ّ     ‬‬
‫وحب الخير والتضحية في سبيل األمن واالستقرار‪، ‬‬
‫ّ‬ ‫الخلق وروعة السلوك‪، ‬‬
‫المحبين للسالم‪ ، ‬الداعين إلى اإلخاء‬
‫ّ‬ ‫يتحدث عن الساعين في الخير‪، ‬‬
‫فشرع ّ‬
‫والصفاء‪ ، ‬فأشاد بشخصين عظيمين هما هرم والحارث‪ ، ‬وذلك لموقفهما النبيل في‬
‫وتحملهما ديات القتلى من مالهما وقد بلغت‬
‫ّ‬ ‫إطفاء نار الحرب بين عبس وذبيان‪، ‬‬
‫ثالثة آالف بعير‪ ، ‬قال‪: ‬‬

‫تبزلـ ما بين العشيرة ِ‬


‫بالدم‬ ‫مرة بعدما‬
‫ّ‬ ‫سعى ساعياً غيظ من ّ‬
‫ِ‬
‫وجرهم‬ ‫رجال بنوه من قريش‬ ‫فأقسمت بالبيت الّذي طاف حوله‬
‫ِ‬
‫ومبرم‬ ‫على ك ّل حال من سحيل‬ ‫الس ّيدان ُوجدتما‬
‫يميناً لنعم ّ‬
‫ِ‬
‫منشم‬ ‫تفانوا ودقّوا بينهم عطر‬ ‫تداركتما عبساً وذبيان بعدما‬
‫وقد قلتما‪ : ‬إن ندرك السلم واسعاً بمال ومعروف من القول ِ‬
‫نسلم‬
‫ِ‬
‫ومأثم‬ ‫فأصبحتما منها على خير موطن بعيدين فيها من عقوق‬

‫وجه الكالم إلى األحالف المتحاربين قائالً‪: ‬‬


‫ثم ّ‬
‫‪ّ     ‬‬

‫‪21‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫ألن اهلل‬
‫‪     ‬هل أقسمتم أن تفعلوا ما الينبغي؟ ال تظهروا الصلح‪ ، ‬وفي ّنيتكم الغدر; ّ‬
‫سيدخره لكم ويحاسبكم عليه‪ ، ‬إن عاجالً أو آجالً‪ ، ‬يقول‪: ‬‬

‫ِ‬
‫مقسم‬ ‫أال أبلغ األحالف ع ّني رسالة‪                 ‬وذبيان هل أقسمتم ك ّل‬

‫تكتمن اهلل ما في صدوركم‪                ‬ليخفى ومهما يكتم اهلل ِ‬


‫يعلم‬ ‫ّ‬ ‫فال‬
‫ُ‬
‫يعجل ِ‬
‫فينقم‬ ‫فيدخر‪               ‬ليوم الحساب أو ّ‬
‫يؤ ّخر فيوضع في كتاب ّ‬

‫ثم انتقل من هذا المجال مجال النصح والتوجيه وتأكيد السالم إلى مجال‬
‫‪ّ     ‬‬
‫المجرب للحياة‪ ، ‬الذي ذاقها وخبرها‬
‫ّ‬ ‫الحكمة اإلنسانية العامة‪ ، ‬حكمة الرجل‬
‫قال‪: ‬‬ ‫امتد به العمر فزهدها وانصرف عنها‪، ‬‬
‫ثم ّ‬ ‫خضمها‪ّ ، ‬‬
‫ّ‬ ‫وعاش في‬

‫ويذمِم‬ ‫ِ‬
‫عنه َ‬ ‫على قو ِمه ُي ْ‬
‫ستَ ْغن ُ‬ ‫ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله‬
‫الناس ُي ْظلَِم‬
‫َ‬ ‫َّم‪ ، ‬ومن ال يظلم‬‫‪ُ  ‬ي َهد ْ‬ ‫ومن ال يذد عن حوضه بسالحه‬
‫ِ‬
‫بمنسم‬ ‫يضرس بأنياب ويوطأ‬ ‫ومن ال يصانع في اُمور كثيرة‬
‫ّ‬
‫شتم ُيشتَِم‬ ‫ومن يجعل المعروف من دون عرضه َيفُْرهُ ومن ال يتّ ِ‬
‫ق ال ّ‬
‫الناس تُعلَِم‬
‫ِ‬ ‫وإ ن خالها تخفى على‬ ‫ومهما تكن عند امرئ من خليقة‬
‫ثمانين حوالً ال أبا لك ِ‬
‫يسأم‬ ‫ِ‬
‫الحياة ومن يعش‬ ‫تكاليف‬
‫َ‬ ‫سئمت‬
‫َ‬
‫ولك ّنني من علم ما في غد ِ‬
‫عم‬ ‫قبله‬ ‫ِ‬
‫واألمس ُ‬ ‫وأعلم ما في ِ‬
‫اليوم‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫فيهرم‬ ‫يعمر‬
‫‪ ‬تمتْ ُه ومن تُخطئ ّ‬ ‫عشواء من تُصب‬
‫َ‬ ‫رأيت المنايا خبط‬
‫ُ‬

‫ويختمها بتأكيد معروف الممدوحين عليه فيقول‪: ‬‬

‫ِ‬
‫سيحرم‬ ‫التسآل يوماً‬
‫َ‬ ‫فعدتم‪                ‬ومن يكثر‬ ‫سألنا فأعطيتم وعدنا‬
‫ُ‬

‫شداد العبسي‬
‫عنترة بن ّ‬

‫‪22‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬
‫‪47‬‬
‫شداد‬
‫وأما ّ‬
‫شداد بن عمرو‪ ...‬بن عبسي بن بغيض ‪ّ ،‬‬
‫‪     ‬هو عنترة بن عمرو بن ّ‬
‫شداد‬
‫فجده ألبيه في رواية البن الكلبي‪ ،‬غلب على اسم أبيه فنسب إليه‪ ،‬وقال غيره‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫عمه‪ ،‬وكان عنترة نشأ في حجره فنسب إليه دون أبيه‪ ،‬وكان يلقّب بـ (عنترة الفلحاء)‬
‫ّ‬
‫ألنه كان ألمة سوداء يقال لها زبيبة‪،‬‬ ‫ادعاه أبوه بعد الكبر‪ ،‬وذلك ّ‬
‫وانما ّ‬
‫لتشقّق شفتيه‪ّ .‬‬
‫وكانت العرب في الجاهلية إذا كان للرجل منهم ولد من اُ ّمه استعبده‪.‬‬

‫أن بعض أحياء العرب أغاروا على قوم من‬


‫ادعاء أبي عنترة ّإياه ّ‬
‫‪     ‬وكان سبب ّ‬
‫عما معهم‪ ،‬وعنترة فيهم‪ ،‬فقال له أبوه‬
‫العبسيون فلحقوهم فقاتلوهم ّ‬
‫ّ‬ ‫بني عبس‪ ،‬فتبعهم‬
‫الكر‪ّ ،‬إنما يحسن‬ ‫ِ‬
‫كر يا عنترة‪ ،‬فقال عنترة‪ :‬العبد ال يحسن ّ‬‫عمه في رواية اُخرى‪ّ :‬‬‫أو ّ‬
‫عدوهم‬
‫فكر وقاتل يومئذ حتّى استنقذ ما بأيدي ّ‬‫حر‪ّ ،‬‬‫كر وأنت ّ‬‫والصر‪ ،‬فقال‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫الحالب‬
‫فادعاه أبوه بعد ذلك‪ ،‬وألحق به نسبه‪.48‬‬
‫من الغنيمة‪ّ ،‬‬

‫أشد أهل زمانه وأجودهم بما ملكت يده‪ ،‬وكان ال يقول من‬
‫‪     ‬كان شاعرنا من ّ‬
‫سابه رجل بني عبس فذكر سواده وسواد اُ ّمه وسواد‬
‫الشعر إالّ البيتين والثالثة حتّى ّ‬
‫بالمذهبة وكانت من‬
‫ّ‬ ‫تسمى‬
‫وعيره بذلك‪ ،‬فقال عنترة قصيدته المعلّقة التي ّ‬
‫اُخوته‪ّ ،‬‬
‫متردِم‪. 49‬‬
‫أجود شعره‪ :‬هل غادر الشعراء من ّ‬

‫‪     ‬وكان قدشهد حرب داحس والغبراء فحسن فيها بالؤه وحمد مشاهده‪.‬‬

‫عمه منعه من التزويج بها‪ .‬وقد ذكرها في‬


‫ولكن ّ‬
‫حباً شديداً‪ّ ،‬‬
‫عمه عبلة ّ‬
‫أحب ابنة ّ‬
‫‪ّ     ‬‬
‫شعره مراراً وذكر بطوالتها أمامها‪ ،‬وفي معلّقته نماذج من ذلك‪.‬‬

‫‪     ‬وقد ذكر األعلم الشنتمري في اختياراته من أشعار الشعراء الستة الجاهليين ص‬


‫أن النبي(صلىـ اهلل عليه وآله) حينما أنشد هذا البيت‪: ‬‬
‫‪ّ 461‬‬

‫ِ‬
‫المأكل‬ ‫ابيت على الطوى وأظله‪                 ‬حتى أنال به كريم‬
‫ولقد ُ‬

‫فأحببت أن أراه إالّ‬


‫ُ‬ ‫‪     ‬قال(صلى اهلل عليه وآله)‪ :‬ما وصف لي أعرابي قط‪،‬‬
‫عنترة‪. ‬‬

‫‪23‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪     ‬نماذج من شعره‪:‬‬

‫ِ‬
‫بمعزل‬ ‫ِ‬
‫الحتوف‬ ‫ِ‬
‫عرض‬ ‫أصبحت عن‬ ‫تخوفني الحتوف كأ ّنني‬
‫ُ‬ ‫بكرت ّ‬
‫ِ‬
‫المنهل‬ ‫البد أن اُسقى بذاك‬
‫ّ‬ ‫المنية منه ٌل‬
‫إن ّ‬ ‫فأجبتها ّ‬
‫سأموت إن لم اُ ِ‬
‫قتل‬ ‫ُ‬ ‫فاقني حياءك ال أبا لك واعلمي أ ّني امرٌؤ‬

‫‪     ‬ومن إفراطه‪:‬‬

‫ِ‬
‫اآلجال‬ ‫سابق‬
‫ُ‬ ‫والطعن م ّني‬
‫ُ‬ ‫المنيةـ في المواطن كلّها‪              ‬‬
‫وأنا ّ‬

‫‪     ‬وله شعر يفخر فيه بأخواله من السودان‪:‬‬

‫إ ّني لتعرف في الحروب مواطني‪                ‬في آل عبس مشهدي وفعالي‬

‫‪50‬‬
‫والد‪                ‬واالُ ّم من حام فهم أخوالي‬
‫منهم أبي حقّاً فهم لي ٌ‬

‫صح هذا الشعر هو لعنترة د ّل على وقوف الجاهليين‬ ‫ِ‬


‫‪     ‬قال الدكتور جواد علي‪ :‬ان ّ‬
‫والبد أن تكون التسمية قد‬
‫ّ‬ ‫جد السودان‪،‬‬
‫على اسم «حام» الوارد في التوراة على ّأنه ّ‬
‫وردت إلى الجاهليين عن طريق أهل الكتاب‪.51‬‬

‫‪52‬‬
‫حيان بن عمرو‬
‫‪     ‬وقد اختلف في موته‪ ،‬فذكر ابن حزم ّانه قتله األسد الرهيص ّ‬
‫بن َعميرة بن ثعلبة بن غياث بن ملقط‪ .‬وقيل‪ّ :‬إنه كان قد أغار على بني نبهان فرماه‬
‫بالرمية حتّى أتى‬
‫ّ‬ ‫وزر بن جابر بن سدوس بن أصمع النبهاني فقطع مطاه‪ ،‬فتحامل‬
‫أهله فمات‪.53‬‬

‫معلّقة عنترة العبسي‬

‫‪     ‬البحر‪ :‬الكامل‪ .‬عدد األبيات ‪ 80 :‬بيتاً‪ 5 .‬في األطالل‪ 4 .‬في بعد الحبيبة‬
‫وأثره‪ 3 .‬في‪ ‬موكب‪ ‬الرحلة‪ 9 .‬في وصف الحبيبة‪ 13 .‬في الناقة‪ 46 .‬في الفخر‬
‫الشخصي‪. . . ‬‬

‫‪24‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫‪     ‬يبدأ عنترة معلّقته بالسؤال عن المعنى الذي يمكن أن يأتي به ولم يسبقه به أحد‬
‫ثم شرع في الكالم فقال‪ّ :‬إنه عرف الدار وتأ ّكد منها بعد فترة من‬
‫الشعراء من قبل‪ّ ،‬‬
‫ليؤدي حقّها ـ وقد رحلت عنها عبلة وصارت‬
‫والظن فوقف فيها بناقته الضخمة ّ‬
‫ّ‬ ‫ك‬
‫الش ّ‬
‫فحيا الطلل الّذي قدم العهد به وطال‪...‬‬
‫بعيدة عنه ـ ّ‬

‫فيقول‪:‬‬ ‫‪    ‬‬

‫متردِم أم هل عرفت الدار بعد توهُِّم‬


‫هل غادر الشعراء من ّ‬
‫يا دار عبلة بالجواء تكلّمي وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي‬
‫المتلوِم‬
‫ّ‬ ‫فدن ألقضي حاجة‬ ‫فوقفت فيها ناقتي وكأ ّنها‬
‫ِ‬
‫الهيثم‬ ‫أقوى وأقفر بعد اُ ّم‬ ‫تقادم عهدهُ‬ ‫يت من ِ‬
‫طلل‬ ‫ُح ّي َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المكرم‬ ‫المحب‬
‫ّ‬ ‫ِـ‬
‫بمنزلة‬ ‫م ّني‬ ‫ولقد نزلت فال تظ ّني غيره‬
‫إن كنت أزمعت الفراق فإ ّنما زمت ركابكم بليل ِ‬
‫مظلم‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حب الخم َخِم‬
‫تسف ّ‬
‫ّ‬ ‫وسط الديار‬ ‫ما راعني إالّ حمولة أهلها‬

‫ثم سرد طرفاً من أسباب هيامه‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫‪ّ     ‬‬

‫طيب الرائحة‪ ،‬يفوح العطر من‬


‫‪ّ    ‬إنها ملكت شغاف قلبه بفم جميل‪ ،‬أبيض األسنان ّ‬
‫عوارضه‪:‬‬

‫ِ‬
‫المطعم‬ ‫مقبله لذيذ‬
‫إذ تستبيك بذي غروب واضح‪                  ‬عذب ّ‬

‫وتمنى أن‬
‫منعمة‪ ،‬وهو يعيش محارباً‪ّ ،‬‬‫ثم قارن بين حاله وحالها; فهي تعيش ّ‬
‫‪ّ     ‬‬
‫قوية ال تحمل وال ترضع وتضرب اآلثار بأخفافها فتكسرها‪...‬‬
‫توصله إليها ناقة ّ‬
‫فقال‪:‬‬

‫وأبيت فوق سراة أدهم ِ‬


‫ملجم‬ ‫حشية‬
‫تمسيـ وتصبحـ فوق ظهر ّ‬
‫ِ‬
‫المحزم‬ ‫نهد مراكله نبيلـ‬ ‫وحشيتيـ سرج على عبل الشوى‬
‫مصوِم‬ ‫ِ‬
‫الشراب ّ‬ ‫لعنت بمحروم‬ ‫شدنية‬
‫ّ‬ ‫هل تبلغ ّني دارها‬

‫‪25‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫يتجه بالحديث إلى الحبيبة يسرد أخالقه وسجاياه قائالً‪:‬‬


‫ثم ّ‬‫‪ّ     ‬‬

‫فإني خبير ماهر بمعاملة الفرسان الالبسين‬


‫‪     ‬إن ترخي قناع وجهك دوني ّ‬
‫ردي عنيفاً‬
‫الدروع‪ ،‬وأنا كريم الخلق لين الجانب إالّ إذا ظُلمت فعند ذلك يكون ّ‬
‫مراً‪:‬‬
‫ّ‬

‫طب بأخذ الفارس المستلئم‬


‫ّ‬ ‫إن تغدفي دوني القناع فإ ّنني‬
‫سهل مخالقتي إذا لم اُ ِ‬
‫ظلم‬ ‫علي بما علمت فإ ّنني‬
‫أثني ّ‬
‫ِ‬
‫العلقم‬ ‫مر مذاقته كطعم‬ ‫فإن ظلمي باسل‬
‫فإذا ظُلمت ّ‬
‫ّ‬

‫يستمر البطل في وصف بطولته لحبيبته‪ ،‬فيحثّها أن تسأل عنه فرسان الوغى‬
‫ّ‬ ‫ثم‬
‫‪ّ     ‬‬
‫بأن لعنترة من الشجاعة ما‬
‫الّذين شهدوه في معترك الوغى وساحات القتال ليخبروها ّ‬
‫تجعله ال يهاب الموت بل يقحم فرسه في ّلبة المعركة‪ ،‬ويقاتل‪ ،‬وبعد الحرب ـ وكعادة‬
‫اما هو فيده عفيفة عن أخذ‬
‫فإن أفراده ينشغلون بجمع الغنائم‪ّ ،‬‬
‫الجيش المنتصر ـ ّ‬
‫الغنائم‪ ،‬فقتاله ال للغنيمة وإ ّنما لهدف أبعد وهو أن يكسب لقومه شرف االنتصار‪.‬‬

‫ويستمر في مدح نفسه فيذكر في شعره معان نبيلة‪ ،‬وهي معان ارتفعت عنده إلى‬
‫ّ‬ ‫‪    ‬‬
‫يرق ألقرانه الّذين يسفك دماءهم‪ ،‬يقول وقد‬
‫أروع صورة للنبل الخلقي حتّى لنراه ّ‬
‫أخذه التأثّر واالنفعال الشديد لبطشه بأحدهم‪:‬‬

‫بمحرِم‬
‫ثياب ُه‪                ‬ليس الكريم على القنا ّ‬
‫فشككت بالرمح الطويل َ‬

‫‪     ‬فهو يرفع من قدر خصمه‪ ،‬فيدعوه كريماً‪ ،‬ويقول ّإنه مات ميتة األبطال الشرفاء‬
‫في ساحة القتال‪.‬‬

‫‪     ‬وكان يجيش بنفسه إحساس عميق نحو فرسه الّذي يعايشه ويعاشره حين تنال‬
‫الجسدية وقروحه‬
‫ّ‬ ‫مصوراً آالمه وجروحه‬
‫ّ‬ ‫منه سيوف أعدائه ورماحهم‪ ،‬يقول‬
‫النفسية‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫إلي بعبرة وتَ َح ْم ُحِم‬ ‫ِ ِ‬


‫ْع القَنا ب َلبانه‪                ‬وشكا ّ‬
‫فأزور من َوق ِ‬
‫ّ‬

‫الكالم مكلِّمي‬
‫َ‬ ‫لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى‪                ‬ولكان لو َعِل َم‬

‫وكأنما فرسه بضعة من نفسه‪.‬‬


‫‪ّ     ‬‬

‫بأنه يعرف كيف يسوس أمره ويصرف شؤونه‪ ،‬فعقله ال‬ ‫ثم يختم قصيدته ّ‬
‫‪ّ     ‬‬
‫يقتص‬
‫ّ‬ ‫يغرب عنه‪ ،‬ورأيه محكم‪ ،‬وعزيمته صادقة‪ ،‬وال يخشى الموت إالّ قبل أن‬
‫غريمه‪:‬‬ ‫من‬

‫ّلبي وأحفره بأمر ِ‬


‫مبرم‬ ‫ذلّل ركابي‪ ،‬حيث شئت مشايعي‬
‫ِ‬
‫ضمضم‬ ‫للحرب دائرةٌ على ابني‬ ‫ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن‬
‫ين إذا لم ِ‬
‫ألق ِهما دمي‬ ‫والناذر ِ‬ ‫الشاتمي عرضي ولم أشتمهما‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫قشعم‬ ‫السباع وك ّل نسر‬
‫ِ‬ ‫جزر‬ ‫إن يفعال فلقد تركت أباهما‬

‫‪      ‬الهوامش ‪:‬‬

‫(‪ )1‬العين للفراهيدي ‪ 1/162‬تحقيق د‪ . ‬مهدي المخزومي و د‪ . ‬ابراهيم‬


‫السامرائي‪ ، ‬ط لبنان ‪. 1988‬‬

‫(‪ )2‬لسان العرب البن منظور ‪ . 9/362‬دار إحياء التراث العربي ـ ط‪ 1‬بيروت‬
‫‪. 1988‬‬

‫(‪ )3‬المصدر السابق ص‪. 359‬‬

‫جبور عبدالنور ص‪ 257‬ط دار العلم للماليين‪. ‬‬


‫(‪ )4‬المعجم األدبي د‪ّ . ‬‬

‫ربه ‪ 6/118‬ط دار الكتب العلمية بيروت ـ تح‪ : ‬د‪. ‬‬


‫(‪ )5‬العقد الفريد البن عبد ّ‬
‫ومقدمة‬
‫عبدالمجيد الترحيني ـط‪1‬ـ ‪1404‬هـ‪ . ‬وانظر خزانة األدب للحموي ‪ّ 1/61‬‬
‫ابن خلدون‪ 511 : ‬وتاريخ آداب العربية لمصطفى صادق الرافعي ‪. 1833‬‬

‫‪27‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫(‪ )6‬تاريخ األدب العربي ـ العصر الجاهلي للدكتور شوقي ضيف‪ : ‬ص‪. 140‬‬

‫(‪ )7‬العقد الفريد ‪. 119 : 6‬‬

‫(‪ )8‬المزهر ‪ 2/480‬وعبارته هي عين عبارة العمدة‪. ‬‬

‫(‪ )9‬خزانة األدب ‪.61 / 1‬‬

‫(‪ )10‬كما ذكره الرافعي في تأريخ آداب العربية ‪ 3/183‬وغيره‪. ‬‬

‫المقدمة ‪. 511 : ‬‬


‫(‪ّ )11‬‬

‫(‪ )12‬تأريخ آداب اللغة العربية ‪ . 1/95‬ط دار مكتبة الحياة ـ بيروت‪. ‬‬

‫(‪ )13‬المصدر السابق‪. ‬‬

‫(‪ )14‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ، ‬جرجي زيدان ‪ 1/95‬ط دار مكتبة الحياة ـ‬
‫بيروت‪. ‬‬

‫النجار‪. ‬‬
‫(‪ )15‬تاريخ األدب العربي لكارل بروكلمان ‪ 1/67‬ترجمة د‪ . ‬عبدالحكيم ّ‬

‫(‪ )16‬تاريخ األدب العربي ـ العصر الجاهلي ص‪. 140‬‬

‫(‪ )17‬المصدر السابق ص‪. 142‬‬

‫(‪ )18‬تاريخ آداب العرب ‪. 3/183‬‬

‫المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم ‪ 9/516‬وما بعدها‪. ‬‬


‫ّ‬ ‫(‪)19‬‬

‫(‪ )20‬خزانة األدب ‪. 1/124‬‬

‫(‪ )21‬النقائض ألبي عبيدة ‪. 1/189‬‬

‫‪28‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫(‪ )22‬الخصاص البن جني ‪ 1/392‬ـ ‪ ، 393‬ولمزيد من التفصيل عليك بكتاب‬


‫مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التأريخية للدكتور ناصر الدين األسد ص‪ 134‬وما‬
‫بعدها‪ . ‬ط‪ .  ‬دار الجيل بيروت‪ ، ‬وانظر أيضاً فصل الكتابة عند العرب قبل اإلسالم‬
‫من مكاتيب الرسول ج‪ 1‬للشيخ األحمدي الميانجي‪. ‬‬

‫حسان بن ثابت ـ مخطوط بمكتبة أحمد الثالث ورقة ‪ 15‬ـ ‪ 16‬عند‬


‫(‪ )23‬ديوان ّ‬
‫مصادر الشعر الجاهلي لناصر الدين االسد‪. ‬‬

‫(‪ )24‬سيرة ابن هشام ‪ 1/375‬ـ ‪. 376‬‬

‫(‪ )25‬خزانة األدب ‪. 3/162‬‬

‫(‪ )26‬خزانة األدب ‪. 3/162‬‬

‫(‪ )27‬اُنظر تاريخ األدب العربي لكارل بروكلمان ‪. 1/67‬‬

‫(‪ )28‬الشعر والشعراء ص‪ 27‬ط ليدن ‪. 1902‬‬

‫(‪ )29‬المصدر السابق‪ : ‬ص‪. 39‬‬

‫(‪ )30‬الشعر والشعراء ص‪ 45‬ـ ‪ ، 47‬وعسيب‪ : ‬جبل هناك‪. ‬‬

‫(‪ )31‬الشعر والشعراء‪. ‬‬

‫(‪ )32‬نهج البالغة ص‪ 556‬حكمة ‪ 456‬للدكتور صبحي الصالح‪. ‬‬

‫(‪ )33‬الشعر والشعراء ص‪. 52‬‬

‫(‪ )34‬االصابة في تمييز الصحابة ‪ . 4 : 6‬ط دار الكتب العلمية ـ بيروت‪. ‬‬

‫(‪ )35‬اُسد الغابة ‪ 261 : 4‬واإلصابة ‪. 5 : 6‬‬

‫‪29‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫(‪ )36‬المفصل ‪ 546 : 9‬ـ ‪. 547‬‬

‫(‪ )37‬اإلصابة ‪. 5 :  6‬‬

‫(‪ )38‬خزانة األدب ‪ ، 252 : 2‬تحقيق عبدالسالم هارون‪. ‬‬

‫(‪ )39‬االصابة ‪. 5 :  6‬‬

‫(‪ )40‬المفصل ‪. 553 :  9‬‬

‫(‪ )41‬اُسد الغابة ‪. 262 :  6‬‬

‫(‪ )42‬اإلصابة ‪. 4 : 6‬‬

‫المفصل ‪ 550 :  9‬ـ ‪. 551‬‬


‫ّ‬ ‫(‪)43‬‬

‫المفصل ‪. 544 :  9‬‬


‫ّ‬ ‫(‪)44‬‬

‫(‪ )45‬شرح الشواهد للسيوطي ‪. 133 :  1‬‬

‫(‪ )46‬الشعر والشعراء‪. 57 : ‬‬

‫(‪ )47‬الشعر والشعراء ص‪.130‬‬

‫(‪ )48‬المفصل ‪. 558 : 9‬‬

‫(‪ )49‬الشعر والشعراء ص‪ 131‬ـ ‪.132‬‬

‫(‪ )50‬الشعر والشعراء ص‪ 133‬ـ ‪.134‬‬

‫المفصل ‪.9/560‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)51‬‬

‫(‪ )52‬جمهرة أنساب العرب ص‪.400‬‬

‫‪30‬‬
‫مكتبةـ قصيمي نت لروائع الكتب‬ ‫المعلقـــــــــات‬

‫(‪ )53‬المفصل ‪ 561 :9‬عن أسماء المغتالين ص‪ 120‬مخطوط‬

‫قصيمـــــــــي نـــــــــــــــت‬
‫‪/http://www.qassimy.com‬‬
‫منتديات قصيمي نت‬
‫‪http://www.qassimy.com/vb/index.php‬‬
‫مكتبة قصيميـ نت لروائع الكتب(احد منتديات قصيمي نت)‬
‫‪http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=68‬‬
‫واس‪/‬مشرف المكتبة‬
‫‪waas@hotmail.com‬‬
‫الشكر والتقدير ‪ :‬لــ لموقع مكتبة مشكاة اإلسالمية‬

‫‪http://www.almeshkat.net/books‬‬

‫‪31‬‬

You might also like