You are on page 1of 30

‫الفصل الثاني ‪ :‬علم المعاني وأثره في صياغة الحديث النبوي ‪.

‬‬
‫علم المعاني‬
‫تعريفه في كتب البالغة القديمة– قيمته‪( ،‬تذكر لماذا تستخدم علم البيان؟‪/‬‬
‫أهميته) ‪ ،‬في كتب النقد القديمة ‪ ،‬ثم تذكر شواهد من األحاديث وأقسامه‬

‫علم المعاني ‪:‬‬


‫بال شك أن العلماء والبالغاء يتفقون أن علم المعاني يقوم على قواعد وأصول‬
‫تعرف بها أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق الكالم مقتضى الحال و ْفقَ‬
‫الغرض الذى يساق إليه‪.‬‬

‫وبعلم المعاني يحترز عن الخطأ في تأدية المعنى الذى يريده المتكلّم إليصاله‬
‫سامع‪ ،‬كما به يعرف السبب الذي يدعوا إلى ‪ :‬التقديم‬ ‫إلى ذهن المخا َ‬
‫طب وال َّ‬
‫والتأخير‪ ،‬والذكر والحذف‪ ،‬والفصل والوصل‪ ،‬واإليجاز واإلطناب ‪.1‬‬

‫وبأن ابن فارس قد خص (( معاني الكالم )) بباب في كتابه (( الصحابي ))‬


‫‪ ،‬فقال‪ (( :‬وهي – أي معاني الكالم – عشرة ‪ :‬خبر ‪ ،‬واستخبار ‪ ،‬وأمر ‪،‬‬
‫ونهي ‪ ،‬ودعاء ‪ ،‬وطلب ‪ ،‬وعرض ‪ ،‬وتخصيص ‪ ،‬وتمن ‪ ،‬وتعجب )) ‪. 2‬‬

‫أن مصطلح (( المعاني )) قد جاء عند البالغيين ليؤدي داللة أخرى‬


‫غير ما تقدم ‪ ،‬فهو عندهم يدل على المعاني أو الوظائف النحوية للتراكيب ‪،‬‬
‫وقد كانت نشأة هذا المصطلح متأخرة نسبيا ً ‪ ،‬على الرغم من أن البحث في‬

‫‪ 1‬الدكتور نايف معروف ‪ ،‬الكتاب‪ :‬الموجز الكافي في علوم البالغة والعروض ‪ ،‬دار النفائس –‬
‫بيروت لبنان ‪.1993 ،‬‬
‫‪ 2‬أبو الحسين أحمد بن فارس ‪ ،‬ت ‪ :‬السيد أحمد صقر‪ ،‬الكتاب ‪ :‬الصاحبي ‪ ،‬مطبعة عيسى البابي‬
‫‪ 1977 ،‬م ‪ ،‬ص ‪. 289‬‬
‫مسائله ومحتوياته قديم ‪ ،‬يرجع إلى بداية تناوله األوضاع النحوية للتراكيب‪.‬‬
‫ويبدو أن أوليات هذا المفهوم قد كانت على أيدي النحاة ‪ ،‬كما يرى أحد‬
‫الدارسين ‪ ، 1‬فقد استعمل السيرافي في إحدى مناظراته كلمة (( معاني ))‬
‫مضافة إلى النحو ‪ ،‬في سياق تبدو فيه متحدة الداللة مع ما قصده البالغيون‬
‫‪ .‬قال السيرافي ‪ (( :‬معاني النحو منقسمة بين حركات اللفظ وسكناته ‪ ،‬وبين‬
‫وضع الحروف في مواضعها المقتضية لها ‪ ،‬وبين تأليف الكالم بالتقديم‬
‫والتأخير ‪ ،‬وتوخي الصواب في ذلك ‪ ،‬وتجنب الخطأ من ذلك ‪ ،‬وإن زاغ‬
‫شيء عن هذا النعت فإنه اليخلو من أن يكون سائغا ً باالستعمال النادر‬
‫والتأويل البعيد ‪ ،‬أو مردردا ً لخروجه عن عادة القوم الجارية على فطرتهم‬
‫‪. 2))...‬‬

‫تعريف علم المعاني ‪:‬‬


‫يقول السكاكي في تعريف العلم هذا ‪:‬‬
‫هو تتبّع خواص تراكيب الكالم في اإلفادة وما يتصل بها من االستحسان‬
‫وغيره ليحترز بالوقوف عليها عن الخطاء في تطبيق الكالم على ما يقتضي‬
‫الحال ذكره ‪.‬‬

‫ي وهو يؤكده بالقول ‪:‬‬


‫وعرفه الخطيب القزوين ّ‬
‫ّ‬
‫عرف به أحوال اللّظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال‪.‬‬
‫هو علم ت ُ َ‬

‫‪ 1‬د‪.‬أحمد مطلوب ‪ ،‬أساليب بالغية ‪ ،‬وكالة المطبوعات – الكويت ‪ ،‬ط‪ 1980 ، 1‬م ‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪ 2‬أبو حيان التوحيدي ‪ ،‬اإلمتاع والمؤانسة ‪ ،‬صححه ‪ :‬أحمد أمين ‪,‬وأحمد الزين ‪ ،‬دار مكتبة‬
‫الحياة – بيروت ج‪ ، 1‬ص ‪. 121‬‬
‫وليس ثمة تباين بين التعرفين فيما يبدولنا‪ .‬وفي مقدورنا تبسيط التعبير عن‬
‫يعرفنا صياغة‬ ‫إن علم المعاني هو العلم الذي ِّ ّ‬ ‫داللتهما المشتركة بالقول ّ‬
‫العبارة صياغةً تناسب تماما ً المقام الذي تقال فيه‪ ،‬وتع ِّبّر تعبيرا ً دقيقا ً عن‬
‫القصد الذي نبتغيه ‪.1‬‬

‫أغراض في سياق الكلمة ‪:‬‬


‫قال أبو إسحاق‪:‬‬
‫أثْبت هذه القصيدة الفريدة التي أ ْنزل فيها القوافي من أعلى معاقلها‪ ،‬وأصاب‬
‫أغراض المعاني في شواكلها‪ ،‬أطلعها في سماء البيان ُ‬
‫غرة زاهرة‪ ،‬وأظهرها‬
‫ب من ال ُمدام ممزوجة بماء‬ ‫أرق من فرند الحسام‪ ،‬وأ َ ْعذَ ُ‬‫للعيان آية باهرة‪َ .‬‬
‫ِّ‬
‫‪2‬‬
‫الباب بأزهارها‪ ،‬و َحلَّيتُ جيدَه بِّدُررها وجواهرها‪.‬‬
‫َ‬ ‫الغَمام‪ .‬و َّ‬
‫ش ْحتُ هذا‬

‫المبحث األول ‪ :‬الخبر واإلنشاء ‪.‬‬

‫تقسيم الكالم إلى خبر وإنشاء‪:‬‬

‫الكالم قسمان‪ :‬خبر وإنشاء‪:‬‬

‫‪ 1‬الدكتو‪/‬عيسى على العاكوب و أ‪.‬على سعد الشتيوى ‪ ،‬الكتاب ‪ :‬الكافى فى علوم البالغة العربية‬
‫( المعاني – البيان – البديع ) ‪ ،‬الكتاب ( المعاني ) ‪ ،‬منشورات الجامعة المفتوحة ‪ ، 1993‬ص‬
‫‪. 53‬‬
‫‪ 2‬جواهر البالغة‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪.271‬‬
‫الخبر هو الكالم الذي يحتمل الصدق والكذب‪ ،‬أي ال يتوقَّف تحقق مدلوله‬
‫مجرد النطق به‪ .‬والخبر ما يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب‪،‬‬
‫على ّ‬
‫فإن كان الكالم مطابقا للواقع كان قائله صادقا‪ ،‬وإن كان غير مطابق له كان‬
‫قائله كاذبا ‪.1‬‬

‫مثل‪:‬‬

‫إن البخيل وإن أفاد غنى لترى عليه مخايل الفقر‬

‫واإلنشاء‪ :‬ما ال يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب‪.‬‬

‫كقول الشاعر‪:‬‬

‫ال تلق دهرك إال غير مكترث ما دام يصحب فيه روحك‬

‫الخبر‬

‫أ‪ -‬ركنا الخبر‪:‬‬

‫لكل جملة من جمل الخبر واإلنشاء ركنان‪:‬‬

‫‪ ‬محكوم عليه ويسمى مسندا إليه‬


‫‪ ‬ومحكوم به ويسمى مسندا‬

‫وما زاد على ذلك غير المضاف إليه والصلة فهو قيد‬

‫ب‪ -‬الغرض من إلقاء الخبر‬

‫األصل في الخبر أن يلقي ألحد غرضين‪:‬‬

‫مصدر السابق ‪ :‬ص ‪. 23‬‬ ‫‪1‬‬


‫إفادة المخا َ‬
‫طب الحكم الذي تضمنته الجملة أو العبارة ويسمى ذلك الحكم (فائدة‬
‫الخبر)‪.‬‬

‫مثل‪ :‬ولد النبي‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬عام الفيل ‪ ،‬عاد أخوك من السفر‪.‬‬

‫أن المتكلّم عالم بالحكم ويسمى ذلك (الزم الفائدة)‬ ‫إفادة المخا َ‬
‫طب ّ‬

‫مثل‪:‬‬

‫"أنت تعمل في حديقتك كل يوم"‪.‬‬

‫قد يلقى الخبر ألغراض أخرى تفهم من السياق‪ ،‬منها ما يأتي‪:‬‬

‫االسترحام‪ ﴿ :‬رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾‬

‫إظهار الضعف‪ ﴿ :‬رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ﴾‬

‫إظهار التحسر‪ ﴿ :‬رب إني قومي كذبون ﴾‬

‫الفخر‪ :‬كقول الشاعر‪:‬‬

‫إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابرة ساجدينا‬

‫الحث على السعي والجد‪ :‬كقول الشاعر‪:‬‬

‫وليس أخو الحاجات من بات نائما‬

‫ولكن أخوها من يبيت على وجل‬

‫ج‪ -‬أضرب الخبر‬

‫للمخاطب ثالث حاالت‪:‬‬


‫أن يكون خالي الذهن من الحكم‪ ،‬وفي هذه الحال يلقى غليه الخبر من أدوات‬
‫التوكيد‪ ،‬ويسمى هذا الضرب من الخبر ابتدائيا‪.‬‬

‫مثل‪" :‬أخوك قادم"‬

‫أن يكون مترددا في الحكم طلبا أن يصل على اليقين في معرفته‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحال يحسن توكيده له ليتمكن من نفسه‪ ،‬ويسمى هذا الضرب طلبيا‪.‬‬

‫مثل‪" :‬إن أخاك قادم"‪.‬‬

‫أن يكون منكرا له‪ ،‬وفي هذه الحال يجب أن يؤكد الخبر بمؤكد أو أكثر على‬
‫حسب إنكاره قوة وضعفا‪ ،‬ويسمى هذا الضرب إنكاريا‪.‬‬

‫مثل‪" :‬وهللا إن أخاك قادم"‪.‬‬

‫لتوكيد الخبر أدوات كثيرة منها‪ :‬إن‪ ،‬وأن والقسم‪ ،‬والم االبتداء‪ ،‬ونونا التوكيد‪،‬‬
‫وأحرف التنبيه‪ ،‬والحرف الزائدة‪ ،‬وقد‪ ،‬وأما الشرطية‪.‬‬

‫د‪ -‬خروج الخبر عن مقتضى الظاهر‬

‫إذا ألقي الخبر خاليا من التوكيد لخالي الذهن‪ ،‬ومؤكدا استحسانا للسائل‬
‫المتردد‪ ،‬ومؤكدا وجوبا للمنكر‪ ،‬كان ذلك الخبر جاريا على مقتضى الظاهر‪.‬‬

‫وقد يجري الخبر على خالف ما يقتضيه الظاهر العتبارات يلحظها المتكلم‬
‫ومن ذلك ما يأتي‪:‬‬

‫أن ينزل خالي الذهن منزلة السائل المتردد إذا تقدم في الكالم ما يشير إلى‬
‫حكم الخبر‪.‬‬
‫كقوله تعالى‪ ﴿ :‬واصنع الفلك بأعيننا ووحينا وال تخاطبني في الذين ظلموا‬
‫إنهم مغرقون ﴾ ‪.‬‬

‫أن يجعل غير المنكر كالمنكر لظهور أمارات اإلنكار عليه‪.‬‬

‫كقول الشاعر‪:‬‬

‫جاء شقيق عارضا رمحه إن بني عمك فيهم رماح‬

‫أن يجعل المنكر كغير المنكر إن كان لديه دالئل وشواهد لو تأملها الرتدع‬
‫عن إنكاره‪.‬‬

‫كقوله تعالى‪ ﴿ :‬وإلهكم إله واحد ال إله إال هو الرحمن الرحيم ﴾ ‪.‬‬

‫أغراضه الخبر‪:‬‬
‫للخبر غرضان أصليان هما‪:‬‬
‫األول‪ :‬فائدة الخبر‪ ،‬ومعناه إفادة المخاطب الحكم الذى تضمنته الجملة أو‬
‫الكالم‪ ،‬وهذا هو األصل فى كل خبر؛ ّ‬
‫ألن فائدته تقديم المعرفة أو العلم إلى‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬الزم الفائدة‪ ،‬وهذا الغرض ال يقدم جديدا للمخاطب وإنّما يفيد ّ‬
‫أن‬
‫المتكلم عالم بالحكم‪ .‬ومن ذلك قولنا لصديق‪« :‬زاركم محمد أمس»‪،‬‬
‫أن المتحدث‬ ‫فالمخاطب يعلم ذلك ولكن الغرض من هذه الجملة إخباره ّ‬
‫عارف بذلك ‪.1‬‬

‫‪ 1‬الكتاب‪ :‬أساليب بالغية‪ ،‬الفصاحة ‪ -‬البالغة – المعاني‪ ،‬أحمد مطلوب أحمد الناصري الصيادي الرفاعي‪ ،‬الناشر‪ :‬وكالة المطبوعات‬
‫– الكويت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1980 ،‬م‪ ،‬عدد األجزاء‪ ،1 :‬ص‪. 100-99‬‬
‫اإلنشاء‬

‫اإلنشاء نوعان‪ ،‬وهما اإلنشاء طلبي و اإلنشاء غير طلبي ‪:‬‬

‫المقصود بالطلبي ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب‪ ،‬ويكون‬


‫بالتالي‪:‬‬

‫باألمر نحو‪" :‬أحب لغيرك ما تحب لنفسك"‪ .‬والنهي ‪" :‬ال تطلب من الجزاء‬
‫إال بقدر ما صنعت"‪ .‬واالستفهام ‪ ":‬أال ما لسيف الدولة اليوم عاتبا فداه الورى‬
‫أمضى السيوف مضاربا " والتمني‪ ،‬نحو‪ ":‬ياليت شعري وليت الطير تخبرني‬
‫ما كان بين علي وابن عفانا " والنداء‪ ،‬نحو‪ ":‬يا من يعز علينا أن نفارقهم‬
‫وجداننا كل شيء بعدكم عدم "‬

‫وأما غير الطلبي ما ال يستدعي مطلوبا‪ ،‬وله صيغ كثيرة منها‪:‬‬

‫التعجب‪ :‬نحو‪" :‬ما أحسن زيدا"‪ ،‬وقوله تعالى‪ ﴿ :‬كيف تكفرون باهلل وكنتم‬
‫أمواتا فأحياكم ﴾ ‪ ،‬ونحو‪" :‬هلل دره فارسا"‪ .‬المدح‪ :‬نحو‪" :‬نعم البديل من الزلة‬
‫االعتذار" ‪ .‬الذم‪ ،‬نحو‪" :‬بئس العوض من التوبة اإلصرار"‪ .‬القسم‪ ،‬كقول‬
‫الشاعر‪ " :‬لعمرك ما بالعلم يكتسب الغنى وال باكتساب المال يكتسب العقل‬
‫"‪ .‬أفعال الرجاء‪ ،‬كقول الشاعر‪ " :‬لعل انحدار الدمع يعقب راحة من الوجد‬
‫أو يشفى شجي البالبل "‪.‬‬

‫صيغ العقود‪.‬‬

‫اإلنشاء الطلبي‬
‫أوال‪ :‬األمر‪:‬‬

‫‪ -‬األمر‪ :‬طلب الفعل على وجه االستعالء‪.‬‬

‫‪ -‬وله أربع صيغ‪:‬‬

‫فعل األمر‪ ،‬نحو‪" :‬علّم الجاهل‪ ،‬وذاكر العالم"‪.‬‬

‫المضارع المقرون بالم األمر‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬وليوفوا نذورهم وليطوفوا‬


‫بالبيت العتيق ﴾‬

‫اسم فعل األمر‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬عليكم أنفسكم ال يضركم من ضل إذا اهتديتم‬
‫﴾‪.‬‬

‫المصدر النائب عن فعل األمر‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬وبالوالدين إحسانا ﴾ ‪" ،‬سعيا‬
‫إلى الخير"‪.‬‬

‫قد تخرج صيغ األمر عن معناها األصلي إلى معان أخرى تستفاد من سياق‬
‫الكالم مثل‪:‬‬

‫اإلرشاد‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ﴾ ‪.‬‬

‫الدعاء‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬رب أوزعني أن أشكر نعمتك ﴾ ‪.‬‬

‫االلتماس‪ ،‬كقولك لصديقك‪" :‬اعطني الكتاب"‪.‬‬

‫التمني‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬

‫يا ليل طل يا نوم زل يا صبح قف ال تطلع‬


‫التخيير‪:‬‬

‫التسوية‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬فاصبروا أو ال تصبروا ﴾ ‪.‬‬

‫التعجيز‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬فادرؤوا عن أنفسكم الموت ﴾‬

‫التهديد‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬اعملوا ما شئت إنه بما تعملون بصير ﴾ ‪.‬‬

‫اإلباحة‪ ،‬نحو "تزوج هندا أو أختها"‪.‬‬

‫اإلهانه‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬قل كونوا حجارة أو حديدا ﴾ ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النهي‪:‬‬

‫النهي طلب الكف عن الفعل على وجه االستعالء‬

‫للنهي صيغة المضارع مع ال الناهية‪،‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬والَ ت ُ ْف ِّسد ُواْ فِّي األ َ ْر ِّ‬
‫ض‬
‫صالَ ِّح َها ﴾ ‪.‬‬
‫َب ْعدَ ِّإ ْ‬

‫قد تخرج صيغة النهي عن معناها الحقيقي إلى معان أخرى تستفاد من السياق‬
‫وقرائن األحوال مثل‪:‬‬

‫الدعاء‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ ‪.‬‬

‫االلتماس‪ ،‬كقولك لمن يساويك‪" :‬ال تتوان عن تحصيل العلوم"‬

‫التمني‪ ،‬نحو‪" :‬ال تطلع" في قوله‪:‬‬

‫يا ليل طل يا نوم زل يا صبح قف ال تطلع‬

‫اإلرشاد‪ ،‬نحو قوله تعالى‪ ﴿ :‬ال تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ﴾ ‪.‬‬

‫التوبيخ‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬


‫ال تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم‬

‫التيئيس‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬ال تعتذروا اليوم ﴾ ‪.‬‬

‫التهديد‪ ،‬كقولك لخادمك‪" :‬ال تطع أمري"‪.‬‬

‫التحقير‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬

‫ال تشتر العبد إال والعصا معه إن العبيد ألنجاس مناكيد‬

‫ثالثا‪ :‬االستفهام وأدواته‪:‬‬

‫االستفهام‪ :‬طلب العلم بشيء لم يكن معلوما من قبل‪ ،‬وله أدوات كثيرة منها‪:‬‬

‫الهمزة‪ :‬ويطلب بها أحد أمرين‪:‬‬

‫التصور وهو إدراك المفرد‪ ،‬وفي هذه الحال تأتي الهمزة متلوة بالمسئول عنه‬
‫ويذكر له في الغالب معادل بعد "أم"‪ ،‬نحو‪" :‬أأنت المسافر أم أخوك؟"‪.‬‬

‫التصديق وهو إدراك النسبة‪ ،‬وفي هذه الحال يمتنع ذكر المعادل‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫"أيصدا الذهب؟"‪.‬‬

‫"هل" ويطلب بها التصديق ليس غير‪ ،‬ويمتنع معها ذكر المعادل‪ ،‬نحو‪" :‬هل‬
‫جاءك صديقك؟"‪.‬‬

‫"من" ويطلب بها تعيين العقالء‪ ،‬نحو‪":‬من أول من أسلم من الرجال؟"‪.‬‬

‫"ما" ويطلب بها شرح االسم أو حقيقة المسمى‬


‫"متى" ويطلب بها تعيين الزمان ما ضيا كان أو مستقبال‪ ،‬نحو‪" :‬متى جئت؟"‬
‫و "متى تذهب؟"‪.‬‬

‫"أيان" ويطلب بها تعيين الزمان المستقبل خاصة وتكون في موضع التهويل‪،‬‬
‫كقوله تعالى‪ ﴿ :‬يسألونك عن الساعة أيان مرساها ﴾ ‪.‬‬

‫"كيف" ويطلب بها تعيين الحال‪ ،‬نحو‪" :‬كيف جئت؟"؟‬

‫"أين" ويطلب هبا تعيين المكان‪ ،‬نحو‪" :‬أين تذهب؟"‪.‬‬

‫"أنى" وتأتي لمعان‬

‫بمعنى "كيف" نحو قوله تعالى‪ ﴿ :‬أنى يحيي هذه هللا بعد موتها ﴾ ‪.‬‬

‫وبمعنى "من" نحو قوله تعالى‪ ﴿ :‬أنى لك هذا ﴾ ‪.‬‬

‫وبمعنى "متى" نحو‪" :‬أنى يحضر الغائبون؟"‪.‬‬

‫"كم" ويطلب بها تعيين العدد نحو قوله تعالى‪ ﴿ :‬كم لبثتم ﴾ ‪.‬‬

‫يطلب بها تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما‪ ،‬نحو قوله تعالى‪ ﴿ :‬أي‬
‫الفريقين خير مقاما ﴾ ويسأل بها عن الزمان والمكان والحال والعدد والعاقل‬
‫وغير العاقل على حسب ما تضاف إليه‬

‫وجميع األدوات المتقدمة يطلب بها التصور‪ ،‬ولذلك يكون الجواب معها‬
‫بتعيين المسئول عنه‬

‫وقد تخرج ألفاظ االستفهام عن معانيها األصلية لمعان أخرى تستفاد من سياق‬
‫الكالم كـ‪:‬‬

‫النفي‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬هل جزاء اإلحسان إال اإلحسان ﴾ ‪.‬‬


‫واإلنكار‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬أغير هللا تدعون ﴾ ‪.‬‬

‫والتقرير‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬ألم نشرح لك صرك ﴾ ‪.‬‬

‫والتوبيخ‪ ،‬كقول الشاعر‪ :‬إالم الخلف بينكم إالما وهذه الضجة الكبرى عالما‪.‬‬

‫والتعظيم‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬من ذا الذي يشفع عنده إال بإذنه ﴾ ‪.‬‬

‫والتحقير‪ ،‬نحو‪" :‬أهذا الذي مدحته كثيرا"‪.‬‬

‫واالستبطاء‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬متى نصر هللا ﴾ ‪.‬‬

‫والتعجب‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في األسواق‬
‫﴾‪.‬‬

‫والتسوية‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمنون ﴾ ‪.‬‬

‫والتمني‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ﴾ ‪.‬‬

‫والتشويق‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ﴾ ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬التمني‪:‬‬

‫التمني طلب أمر محبوب ال يرجى حصوله‪:‬‬

‫‪ -‬إما لكونه مستحيال‪ ،‬كقوله‪:‬‬

‫أال ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب‬

‫‪ -‬وإما لكونه ممكنا غير مطموع في نيله‪ ،‬كقول المعسر‪" :‬ليت لي ألف دينار"‪.‬‬

‫اللفظ الموضوع للتمني "ليت" ‪.‬‬


‫وقد يتمنى بـ "هل" و "لو" و "لعل" لغرض بالغي‪ .‬كما في األمثلة األتية ‪:‬‬

‫قال تعالى‪ ﴿ :‬فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ﴾ ‪ .‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬فلو أن لنا كرة‬
‫فنكون من المؤمنين ﴾ ‪.‬‬

‫إذا كان األمر المحبوب مما يرجى حصوله كان طلبه ترجيا ويعبر فيه بـ‬
‫"لعل" أو "عسى" كقوله تعالى‪ ﴿ :‬لعل هللا يحدث بعد ذلك أمرا ﴾ ﴿ فعسى هللا‬
‫أن يأتي بالفتح ﴾ وقد تستعمل فيه "ليت" لغرض إبراز المرجو في صورة‬
‫المستحيل مبالغة في بعد نيل‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬

‫فيا ليت ما بيني وبين أحبتي من البعد ما بيني وبين المصائب‬

‫خامسا‪ :‬النداء‪:‬‬

‫النداء طلب النداء بحرف نائب مناب أدعو‬

‫أدوات النداء ثمان هي‪:‬‬

‫(يا) و (الهمزة) و(أي) و(آ) و(آي) و(أيا) و(هيا) و(وا)‪.‬‬

‫لنداء القريب منها‪ :‬الهمزة وأي‪ ،‬وغيرهما لنداء البعيد‪.‬‬

‫وقد ينزل البعيد منزلة القريب فينادى بالهمزة وأي إشارة إلى قربه من القلب‬
‫وحضوره في الذهن‪.‬‬

‫وقد ينزل القريب منزلة البعيد فينادى بغير الهمزة وأي إشارة إلى‪:‬‬

‫علو مرتبته‪ ،‬نحو‪" :‬أيا موالي" وأنت معه‪.‬‬

‫أو انحطاط منزلته‪ ،‬نحو‪" :‬أيا هذا" لمن هو معك"‪.‬‬

‫أو غفلته وشرود ذهنه‪ ،‬كقولك للساهي‪" :‬أيا هذا"‪.‬‬


‫ويخرج النداء عن معناه األصلي على معان أخرى تستفاد من القرائن مثل‪:‬‬

‫الزجر كقول الشاعر‪:‬‬

‫يا قلب ويحك ما سمعت لناصح لما ارتميت وال اتقيت مالما‬

‫والتحسر كقول الشاعر‪:‬‬

‫أيا قبر معن كيف واريت جوده وقد كان منه البر والبحر مترعا‬

‫واإلغراء‪ ،‬كقولك لمن أقبل يتظلم‪" :‬يا مظلوم تكلم"‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التقديم والتأخير ‪.‬‬

‫واعلم أن تقديم الشيء على وجهين‪:‬‬

‫تقديم يقال إنه على نيّة التأخير‪ ،‬وذلك في كل شيء أقررته مع التقديم على‬
‫حكمه الذي كان عليه‪ ،‬وفي جنسه الذي كان فيه‪ ،‬كخبر المبتدأ إذا قدمته على‬
‫المبتدأ‪ ،‬والمفعول إذا قدّمته على الفاعل كقولك‪« :‬منطلق زيد» و «ضرب‬
‫عمرا زيد»‪ ،‬معلوم ّ‬
‫أن «منطلق» و «عمرا» لم يخرجا بالتقديم ع ّما كانا عليه‪،‬‬
‫من كون هذا خبر مبتدأ ومرفوعا بذلك‪ ،‬وكون ذلك مفعوال ومنصوبا من أجله‬
‫(أي من أجل الفاعل)‪.‬‬

‫وتقديم ال على نية التأخير‪ ،‬ولكن على أن تنقل الشيء عن حكم إلى حكم‪،‬‬
‫وتجعل له بابا غير بابه‪ ،‬وإعرابا غير إعرابه‪ ،‬وذلك أن تجيء إلى اسمين‬
‫يحتمل ك ّل واحد منهما أن يكون مبتدأ ويكون اآلخر خبرا له‪ ،‬فتقدّم تارة هذا‬
‫على ذاك‪ ،‬وأخرى ذاك على هذا‪ .‬ومثاله ما تصنعه بزيد والمنطلق‪ ،‬حيث‬
‫تقول مرة‪« :‬زيد المنطلق»‪ ،‬وأخرى‪« ،‬المنطلق زيد»‪ ،‬فأنت في هذا لم تقدم‬
‫«المنطلق» على أن يكون متروكا على حكمه الذي كان عليه مع التأخير‪،‬‬
‫فيكون خبر مبتدأ كما كان‪ ،‬بل على أن تنقله عن كونه خبرا إلى كونه مبتدأ‪،‬‬
‫وكذلك لم تؤخر «زيدا» على أن يكون مبتدأ كما كان‪ ،‬بل على أن تخرجه‬
‫عن كونه مبتدأ إلى كونه خبرا‪.‬‬

‫واعلم أنّا لم نجدهم اعتمدوا فيه شيئا يجري مجرى األصل‪ ،‬غير العناية‬
‫‪1‬‬
‫واالهتمام‪ .‬قال صاحب الكتاب‬

‫غرض من األغراض في تقديم المسند أو تأخيره ‪:‬‬

‫منها التخصيص بالمسند إليه – نحو ( هلل ملك السموات واألرض )‬ ‫‪-1‬‬
‫منها التّنبيه من ّأول األمر على أنه خبر ال نعت‪.‬كقوله‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫له همم ال ُمنتهى لكبارها وه َّمته الصغرى أج ُل من الدّهر‬

‫المقصود به (سيبويه) وكتابه «الكتاب»‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫البر كان البر أندى من البحر‬ ‫له راحة لو َّ‬
‫أن معشار جودها على ِّ ّ‬

‫فلو قيل «همم له» لتُو ّهم ابتدا ًء كون «له» صفة لما قبله‬

‫ومنها التشويق للمتأخر‪ ،‬إذا كان في المتقدِّّم ما يُ ّ ِّ‬


‫شوق لذكره كتقديم‬ ‫‪-3‬‬
‫المسند في قوله تعالى (إن في خلق السموات واألرض واختالف‬
‫الليل والنهار آليات ألولي األلباب) ‪ -‬وكقوله‪:‬‬

‫خير الصنائع في األنام صنيعة تنبو بحاملها عن اإلذالل‬


‫ُ‬

‫أنت) وكقوله‪:‬‬
‫ومنها التفاؤل‪ :‬كما تقول للمريض (في عافية) َ‬ ‫‪-4‬‬

‫غرة وجهك األيام وتزينت بلقائك األعوا ُم‬


‫سعدت بُ َّ‬

‫ومنها ‪ -‬إفادة قصر المسند إليه على المسند‪ ،‬نحو (لكم دينكم ولي‬ ‫‪-5‬‬
‫ي»‬
‫دين) «أي ‪ -‬دينكم مقصور عليكم‪َ ،‬وديني مقصور عل َّ‬
‫ومنها ‪ -‬المساءة نكايةً بال ُمخاطب‪ :‬كقول المتنبي‪:‬‬ ‫‪-6‬‬

‫ومن نكد الدنيا على ال ُح ّر أن يرى عد ُّوا له ما من صداقته بُد‬

‫المسرة للمخاطب‪ ،‬أو التع ّجب‪ ،‬أو التّعظيم‪ ،‬أو‬


‫ّ‬ ‫ومنها ‪ -‬تعجيل‬ ‫‪-7‬‬
‫المدح‪ ،‬أو الذم‪ ،‬أو الترحم‪ ،‬أو الدعاء‪.‬‬

‫درك‪ ،‬وعظيم أنت يا هللا‪ .‬ونعم الزعيم سعد ‪ -‬وهلُ ّم َّ‬


‫جرا‬ ‫نحو‪ :‬هلل ّ‬

‫وبئس الرجل خليل‪ ،‬وفقير أبوك‪ ،‬ومبارك وصولك بالسالمة‪.‬‬

‫ويؤخر المسند ألن تأخيره هو األصل‪ ،‬وتقديم المسند إليه أهم نحو‪ :‬الوطن‬
‫‪1‬‬
‫عزيز‪.‬‬

‫جواهر البالغة ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪.136‬‬ ‫‪1‬‬


‫المبحث الثالث ‪:‬الذكر والحذف ‪.‬‬

‫الذكر والحذف‬
‫فى كتب النحو حديث عن الذكر والحذف ولكن النحاة يهتمون بالواجب‬
‫منهما‪ ،‬ويشيرون إلى الجواز إشارة عابرة‪ ،‬وهو األولى بالرعاية واالهتمام‬
‫ّ‬
‫ألن فيه تتضح األساليب وتظهر المواهب‪ .‬وكان علماء البالغة أحرص من‬
‫غيرهم على هذه الجوانب فأولوها عناية كبيرة وأوضحوا ما فى الذكر‬
‫والحذف من أغراض‪:‬‬
‫( الذكر)‬
‫الذكر‪ :‬المسند إليه والمسند وغيرهما تذكر فى العبارة لسبب من‬
‫األسباب ومن أغراض ذكر المسند إليه‪:‬‬
‫‪-‬أنّه األصل وال مقتضى للحذف‪ ،‬فاذا حذف ذهب المعنى‪.‬‬
‫‪-‬ضعف التعويل على القرينة‪ ،‬وذلك إذا ذكر المسند إليه فى الكالم‬
‫وطال عهد السامع به‪ ،‬أو ذكر معه كالم فى شأن غيره مما يوقع فى اللبس‬
‫إن لم يذكر‪.‬‬
‫‪-‬التنبيه على غباوة السامع حتى أنّه ال يفهم ّإال بالتصريح‪.‬‬
‫‪-‬زيادة اإليضاح والتقرير‪ :‬كقوله تعالى‪﴿ :‬أُولئِّ َك َعلى ُهد ً‬
‫ى ِّم ْن َر ِّبّ ِّه ْم‬
‫َوأُول ِّئ َك ُه ُم ْال ُم ْف ِّل ُحونَ ﴾ ‪ ،1‬ففى تكرير اسم االشارة زيادة إيضاح وتقرير‬
‫لتميزهم على غيرهم‪.‬‬
‫‪-‬إظهار التعظيم بالذكر‪ :‬مثل‪« :‬القهار يصون عباده» لعظم هذا االسم‪.‬‬
‫أو إظهار اإلهانة‪ :‬مثل‪﴿ :‬اللعين إبليس﴾‪.‬‬
‫‪-‬التبرك باسمه‪ :‬مثل‪﴿ :‬محمد رسول هللا خير الخلق﴾‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬االستلذاذ بذكره‪ :‬مثل‪﴿ :‬هللا خالق كل شئ ورازق كل حى﴾‪.‬‬

‫‪-‬بسط الكالم حيث يقصد اإلصغاء‪ :‬كقوله تعالى حكاية عن موسى‪-‬‬


‫صاي﴾ ‪ ،3‬ولذلك زاد على الجواب بقوله‪:‬‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ي َ‬
‫عليه السالم‪ِّ ﴿ :-‬ه َ‬
‫﴿أتوكأ عليها﴾‪.‬‬
‫وذكر السكاكى ّ‬
‫أن المسند إليه يذكر لكون الخبر عام النسبة إلى كل‬
‫مسند إليه ‪ ،4‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫والبر خير حقيبة الرحل‬
‫ّ‬ ‫هللا أنجح ما طلبت به …‬
‫وقول أبى ذؤيب الهذلى‪:‬‬
‫النفس راغبة إذا ر ّ‬
‫غبتها … وإذا تردّ إلى قليل تقنع‬

‫‪ 1‬سورة البقرة ‪.5‬‬


‫‪ 2‬أحمد مطلوب أحمد الناصري الصيادي الرفاعي ‪ ،‬الكتاب‪ :‬أساليب بالغية‪ ،‬الفصاحة ‪ -‬البالغة‬
‫– المعاني ‪ ،‬الناشر‪ :‬وكالة المطبوعات – الكويت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1980 ،‬م ‪ ،‬جزء‪ ، 1 :‬ص‬
‫‪. 159‬‬
‫‪ 3‬طه ‪.18‬‬
‫‪ 4‬مفتاح العلوم ص ‪.85‬‬
‫ولكن القزوينى قال‪(( :‬وفيه نظر‪ ،‬ألنّه إن قامت قرينة تدل عليه إن‬
‫حذف فعموم الخبر وإرادة تخصيصه بمعين وحدهما ال يقتضيان ذكره ّ‬
‫وإال‬
‫فيكون ذكره واجبا))‪.1‬‬

‫ذكر المسند‬
‫أما ذكر المسند فلألسباب التى تقدمت فى المسند إليه كزيادة التقرير‪،‬‬
‫والتعريض بغباوة السامع‪ ،‬واالستلذاذ‪ ،‬والتعظيم‪ ،‬واإلهانة‪ ،‬وبسط الكالم‪ .‬أو‬
‫ليتعين كونه اسما فيستفاد منه الثبوت‪ ،‬أو كونه فعال فيستفاد منه لتجدد‪ ،‬أو‬
‫كونه ظرفا فيورث احتمال الثبوت والتجدد‪.2‬‬

‫الحذف‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫الحذف‪ -‬لغة‪ -‬اإلسقاط‪ ،‬واصطالحا إسقاط بعض الكالم أو كله لدليل‬
‫والحذف عند البديعيين غير ما نراه عند علماء المعانى‪ ،‬فهو ((أن يحذف‬
‫المتكلم من كالمه حرفا من حروف الهجاء أو جميع الحروف المهملة بشرط‬
‫عدم التكلف والتعسف ‪ ،))4‬وهذا لون من ألوان البديع‪.‬‬
‫واختلفوا فى الحذف هل هو مجاز؟ ويرى الزركشى أنّه ((إن أريد‬
‫بالمجاز استعمال اللفظ فى غير موضعه فالمحذوف ليس كذلك لعدم استعماله‪،‬‬
‫وإن أريد بالمجاز إسناد الفعل إلى غيره‪ -‬وهو المجاز العقلى‪ -‬فالحذف‬
‫كذلك)) ‪.5‬‬

‫اإليضاح ص ‪ ،34‬وينظر شروح التلخيص ج ‪ 1‬ص ‪ 282‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫مفتاح العلوم ص ‪ ،99‬واإليضاح ص ‪ ،86‬وشروح التلخيص ج ‪ 2‬ص ‪.19‬‬ ‫‪2‬‬

‫البرهان فى علوم القرآن ج ‪ 3‬ص ‪.102‬‬ ‫‪3‬‬

‫خزانة األدب للحموى ص ‪.439‬‬ ‫‪4‬‬

‫البرهان فى علوم القرآن ج ‪ 3‬ص ‪.104‬‬ ‫‪5‬‬


‫وكان عبد القاهر قد أبدع فى تحليل الجملة وإظهار ما فيها من حذف‬
‫أو ذكر‪ ،‬وعقد فصال فى الحذف قال فيه‪(( :‬هو باب دقيق المسلك‪ ،‬لطيف‬
‫المأخذ‪ ،‬عجيب األمر‪ ،‬شبيه بالسحر‪ ،‬فانك ترى به ترك الذكر أفصح من‬
‫الذكر‪ ،‬والصمت عن اإلفادة أزيد لالفادة‪ ،‬وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق‬
‫وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن‪ .‬وهذه جملة قد تنكرها حتى تخبر وتدفعها حتى‬
‫تنظر))‪.1‬‬
‫وال يجوز حذف المسند إليه ّإال إذا دل عليه دليل من اللفظ أو الحال‪،‬‬
‫ويترجح حذفه إذا كان مبتدأ لدواع منها‪:‬‬
‫‪-‬االحتراز عن العبث بترك ما ال ضرورة لذكره‪ ،‬وذلك يكسب الكالم‬
‫قوة وجماال‪ .‬ويكثر هذا الحذف فى جواب االستفهام كقوله تعالى‪:‬‬
‫أى‪ :‬هى نار حامية‪ .‬وبعد الفاء‬ ‫‪2‬‬
‫حام َية﴾‬ ‫﴿ َوما أ َ ْد َ‬
‫راك ما ِّه َي ْه‪ .‬نار ِّ‬
‫المقترنة بالجمل االسمية الواقعة جوابا للشرط كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬م ْن َع ِّم َل صا ِّلحا ً‬
‫فَ ِّلنَ ْف ِّس ِّه َو َم ْن أَسا َء فَعَلَيْها﴾ ‪ 3‬أى‪ :‬فعمله لنفسه وإساءتها عليها‪.‬‬
‫ير ْاأل َ َّو ِّلينَ ا ْكتَت َ َبها فَ ِّه َ‬
‫ي ت ُ ْملى‬ ‫وبعد القول‪ ،‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬وقالُوا‪ :‬أ َ ِّ‬
‫ساط ُ‬
‫يال﴾ ‪ 4‬أى‪ :‬قالوا القرآن أساطير‪.‬‬ ‫َعلَ ْي ِّه بُ ْك َرة ً َوأ َ ِّ‬
‫ص ً‬
‫ومن المواضع التى يطرد فيها حذف المبتدأ القطع واالستئناف‪ ،‬وذلك‬
‫حين يبدأ المتكلم بذكر شئ ويقدم بعض أمره ثم يدع الكالم األول ويستأنف‬
‫‪5‬‬
‫كالما آخر‪ ،‬وهو حين يفعل ذلك يأتى فى أكثر األمر بخبر من غير مبتدأ‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬

‫دالئل اإلعجاز ص ‪.112‬‬ ‫‪1‬‬

‫القارعة ‪.11 - 10‬‬ ‫‪2‬‬

‫فصلت ‪.46‬‬ ‫‪3‬‬

‫الفرقان ‪.5‬‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر دالئل اإلعجاز ص ‪.113‬‬ ‫‪5‬‬


‫وعلمت أنّى يوم ذا … ك منازل كعبا ونهدا‬
‫‪1‬‬
‫قوم إذا لبسوا الحدي … د تن ّمروا حلقا وقدّا‬
‫وقول اآلخر‪:‬‬
‫هم حلّوا من الشرف المعلّى … ومن حسب العشيرة حيث شاءوا‬
‫بناة مكارم وأساة كلم … دماؤهم من الكلب الشفاء‬
‫ومنه‪:‬‬
‫سأشكر عمرا إن تراخت منيتى … أيادى لم تمنن وإن هى حلّت‬
‫فتى غير محجوب الغنى عن صديقه … وال مظهر الشكوى إذا النعل‬
‫زلّت‬
‫ومنه قول جميل بثينة‪:‬‬
‫وهل بثينة يا للناس قاضيتى … دينى وفاعلة خيرا فأجزيها‬
‫ترنو بعينى مهاة أقصدت بهما … قلبى عشية ترمينى وأرميها‬
‫هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة … ريا العظام بلين العيش غاذيها‬

‫وقول األقيشر فى ابن عم له موسر سأله فمنعه‪:‬‬


‫سريع إلى ابن العم يلطم وجهه … وليس إلى داعى النّدى بسريع‬
‫حريص على الدنيا مضيع لدينه … وليس لما فى بيته بمضيع‬
‫قال عبد القاهر معلقا على هذه األبيات‪(( :‬فتأمل اآلن هذه األبيات كلها‬
‫واستقرها واحدا واحدا وانظر إلى موقعها فى نفسك وإلى ما تجده من اللطف‬
‫والظرف إذا أنت مررت بموضع الحذف منها ثم قلبت النفس عما تجد‬
‫وألطفت النظر فيما تحس به‪ .‬ثم تكلف أن تردّ ما حذف الشاعر وأن تخرجه‬

‫تنمر‪ :‬تشبه بالنمر‪ :‬القد‪ :‬الجلد وتصنع منه الدروع‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫إلى لفظك وتوقعه فى سمعك فانك تعلم ّ‬
‫أن الذى قلت كما قلت‪ ،‬وأن ربّ حذف‬
‫هو قالدة الجيد وقاعدة التجويد))‪.1‬‬
‫‪ -‬ضيق المقام عن إطالة الكالم‪ :‬وذلك للتوجع كقول الشاعر‪:‬‬
‫قال لى‪ :‬كيف أنت؟ قلت عليل … سهر دائم وحزن طويل‬
‫أى‪ :‬أنا عليل‪.‬‬
‫أو للخوف من فوات الفرصة مثل‪( :‬حريق) أى‪ :‬هذه حريق‪.‬‬
‫‪ -‬تيسير اإلنكار عند الحاجة‪ :‬مثاله أن يذكر شخص فتقول (فاسق) ثم‬
‫تخشى من غائلة ذلك فتنكره‪ ،‬فلو قلت‪( :‬زيد فاسق) لقامت البينة ولم تستطع‬
‫اإلنكار‪.‬‬
‫‪ -‬تعجيل المسرة بالمسند‪ :‬مثل‪( :‬أخى)‪ ،‬أى‪ :‬هذا أخى‪.‬‬
‫س ُك ْم أ َ ْمرا ً فَ َ‬
‫صبْر‬ ‫ت لَ ُك ْم أ َ ْنفُ ُ‬
‫س َّولَ ْ‬
‫‪-‬تكثير الفائدة‪ :‬كقوله تعالى‪﴿ :‬قا َل‪َ :‬ب ْل َ‬
‫َج ِّميل﴾ ‪ ،2‬أى‪ ،‬فأمرى صبر جميل‪ ،‬أو فصبرى صبر جميل‪.‬‬

‫دالئل اإلعجاز ص ‪.116‬‬ ‫‪1‬‬

‫يوسف ‪.18‬‬ ‫‪2‬‬


‫المبحث الرابع ‪ :‬الفصل والوصل ‪.‬‬

‫الوصل عطف جملة على أخرى بالواو ‪ -‬والفصل ترك هذا العطف (‪)1‬‬

‫بين الجملتين‪ ،‬والمجىء بها منثورة‪ ،‬تستأنف واحدة منها بعد األخرى‬

‫فالجملة الثانية‪ :‬تأتي في االساليب البليغة مفصولة أحياناً‪ ،‬وموصولة أحيانا ً‬


‫فمن الفصل‪ ،‬قوله تعالى «وال تستوي الحسنة وال السيئةُ إدفع بالتي هي‬
‫ُ‬
‫أحسن» فجملة (ادفع) مفصولة ع ّما قبلها‪ ،‬ولو قيل‪ :‬وادفع بالتي هي أحسن‪،‬‬
‫لما كان بليغا ً‪.‬‬

‫ومن الوصل قوله تعالى «يأيُها الذين آمنوا اتقوا هللا وكونوا مع الصادقين»‬
‫عطف جملة‪ :‬وكونوا على ما قبلها‬

‫ولو قلت‪ :‬اتقوا هللا كونوا مع الصادقين‪ ،‬لما كان بليغا ً‬

‫فك ّل من الفصل والوصل يجىء ألسباب بالغيَّة‪.‬‬


‫ومن هذا يُعلم ّ‬
‫أن الوصل جمع وربط بين ُجملتين (بالواو خاصة) لصلة بينهما‬
‫في الصورة والمعنى‪ :‬أو لدفع اللَّبس‪.‬‬

‫والفصل‪ :‬ترك الربط بين ال ُجملتين‪ ،‬إ َّما ألنهما ُمتحدتان صورة ومعنى‪ ،‬أو‬
‫بمنزلة المتحدتين‪ ،‬وإ َّما ألنه ال صلة بينهما في الصورة أو في المعنى‬
‫‪1‬‬
‫بالغة الوصل‬

‫فك ّل من الفصل والوصل يجىء ألسباب بالغيَّة‪.‬‬

‫والفصل‪ :‬ترك الربط بين ال ُجملتين‪ ،‬إ َّما ألنهما ُمتحدتان صورة ومعنى‪ ،‬أو‬
‫بمنزلة المتحدتين‪ ،‬وإ َّما ألنه ال صلة بينهما في الصورة أو في المعنى‬

‫وبالغة الوصل‪ :‬ال تتحقق إال (بالواو) العاطفة فقط دون بقية حروف العطف‬
‫‪ -‬ألن (الواو) هي األداة التي تخفى الحاجة اليها‪ ،‬ويحتاج العطف بها إلى‬
‫شريك ما‬
‫َ‬ ‫لُطف في الفهم‪ ،‬ودِّقة في اإلدراك‪ ،‬إذ ال تفيد إالَّ ُمجردَ الربط‪ ،‬وت َ‬
‫بعدها لما قبلها في الحكم نحو‪ :‬مضى وقت الكسل وجاء زمن العمل‪ ،‬وقُم‬
‫واس َع في الخير‪.‬‬

‫الفصل والوصل‬

‫‪ 1‬أحمد بن إبراهيم بن مصطفى الهاشمي (المتوفى‪1362 :‬هـ)‪ ،‬الكتاب‪ :‬جواهر البالغة في‬
‫المعاني والبيان والبديع ‪ ،‬ضبط وتدقيق وتوثيق‪ :‬د‪ .‬يوسف الصميلي ‪ ،‬الناشر‪ :‬المكتبة العصرية‪،‬‬
‫بيروت ‪ ،‬عدد األجزاء‪ ، 1 :‬ص ‪. 179‬‬
‫الوصل عطف جملة على أخرى بالواو‪ ،‬والفصل ترك هذا العطف‪ ،‬ولكل من‬
‫الفصل والوصل مواضع خاصة‬

‫أوال‪ :‬مواضع الفصل‬

‫يجب الفصل بين الجملتين في ثالثة مواضع‪:‬‬

‫أن يكون بينهما اتحاد تام‪ ،‬وذلك بأن تكون الجملة الثانية توكيدا لألولى أو بيانا‬
‫لها أو بدال منها‪ ،‬ويقال حينئذ‪ :‬إن بين الجملتين "كمال االتصال" كما في‬
‫األمثلة التالية‪:‬‬

‫قوله تعالى‪ ﴿ :‬فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ﴾ ‪.‬‬

‫ش َج َرةِّ ْال ُخ ْل ِّد‬


‫ان قَا َل يَا آدَ ُم ه َْل أَدُل َك َعلَى َ‬
‫ط ُ‬‫ش ْي َ‬
‫س ِّإلَ ْي ِّه ال َّ‬
‫وقوله تعالى‪ ﴿ :‬فَ َو ْس َو َ‬
‫َو ُم ْلكٍ َّال يَ ْبلَى ﴾ ‪.‬‬

‫وقوله تعالى‪َ ﴿ :‬واتَّقُوا الَّذِّي أ َ َمدَّ ُكم بِّ َما ت َ ْعلَ ُمونَ {‪ }132‬أ َ َمدَّ ُكم بِّأ َ ْنعَ ٍام‬
‫َوبَنِّينَ {‪﴾ }133‬‬

‫أن يكون بينهما تباين تام‪ ،‬وذلك بأن تختلفا خبرا وإنشاء أو بأال تكون بينهما‬
‫مناسبة ما‪ ،‬ويقال حينئذ‪ :‬إن بين الجملتين "كمال االنقطاع"‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫‪ -‬يا صاحب الدنيا المحب لها أنت الذي ال ينتهي تعبه‬

‫‪ -‬وإنما المرء بأصغريه كل امرئ رهن بما لديه‬


‫أن تكون الثانية جوابا عن سؤال يفهم من األولى‪ ،‬ويقال حينئذ‪ :‬إن بين‬
‫الجملتين "شبه كمال االتصال" نحو‪:‬‬

‫ليس الحجاب بمقص عنك لي أمال‬

‫إن السماء ترجى حين تحتجب‬

‫ثانيا‪ :‬مواضع الوصل‬

‫يجب الوصل بين الجملتين في ثالثة مواضع‪:‬‬

‫إذا قصد اشتراكهما في الحكم اإلعرابي‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫وحب العيش أعبد كل حر وعلم ساغبا أكل المرار‬

‫إذا اتفقا خبرا أو إنشاء وكانت بينهما مناسبة تامة‪ ،‬ولم يكن هناك سبب يقتضي‬
‫الفصل بينهما‬

‫كقوله تعالى‪ ﴿ :‬إن األبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ﴾ ‪ ،‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫﴿ إني أشهد هللا واشهدوا أني بريء مما تشركون ﴾ ‪ ،‬وقوله‪ ﴿ :‬فادع واستقم‬
‫كما أمرت ﴾ ونحو‪" :‬اذهب إلى فالن وتقول له كذا"‪.‬‬

‫إذا اختلفتا خبرا أو إنشاء وأوهم الفصل خالف المقصود‪ ،‬نحو‪" :‬ال وبارك‬
‫هللا فيك"‪.‬‬

‫اإليجاب واإلطناب والمساواة‬

‫أ‪ -‬المساواة‪:‬‬

‫وهو‪ :‬أن تكون المعاني بقدر األلفاظ واأللفاظ بقدر المعاني ال يزيد بعضها‬
‫على بعض‪ ،‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َما تُقَ ِّدّ ُمواْ ألَنفُ ِّس ُكم ِّ ّم ْن َخي ٍْر ت َ ِّجدُوهُ ِّعندَ ّ‬
‫ّللاِّ ﴾ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإليجاز‪:‬‬

‫وهو‪ :‬جمع المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل مع اإلبانة واإلفصاح وهو‬
‫نوعان‪:‬‬

‫إيجاز قصر‪ :‬ويكون بتضمين العبارات القصيرة معاني قصيرة من غير‬


‫حذف‪ ،‬كقوله تعالى‪ ﴿ :‬ولكم في القصاص حياة ﴾‬

‫إيجاز حذف‪ :‬ويكون بحذف كلمة أو جملة أو أكثر مع قرينة تعيّن المحذوف‪،‬‬
‫كما في األمثلة التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬ولم أك بغيا ﴾ ‪.‬‬

‫‪ -2‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬وجاهدوا في هللا حق جهاده ﴾ ‪.‬‬

‫‪ -3‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬كان الناس أمة واحدة فبعث هللا النبيين ﴾ أي‪ :‬فاختلفوا فبعث‬
‫هللا‪.‬‬

‫‪ -4‬قوله تعالى حاكيا عن أحد الفتيين الذي أرسله العزيز إلى يوسف‪﴿ :‬‬
‫فأرسلون()يوسف أيها الصديق ﴾ أي‪ :‬فأرسلوني إلى يوسف ألستعبره الرؤيا‪،‬‬
‫فأرسلوه‪ ،‬وقال له‪ :‬يا يوسف‪.‬‬

‫ج‪ -‬اإلطناب‪:‬‬
‫وهو‪ :‬زيادة اللفظ على المعنى لفائدة‪ ،‬نحو‪َ ﴿ :‬ربّ ِّ إِّ ِّنّي َوهَنَ ْالعَ ْ‬
‫ظ ُم ِّمنِّّي َوا ْشتَعَ َل‬
‫شيْبا ً ﴾ أي‪َ :‬ك ِّبرت‪.‬‬ ‫الرأْ ُ‬
‫س َ‬ ‫َّ‬
‫ويكون بأمور عدة منها‪:‬‬

‫ذكر الخاص بعد العام للتنبيه على فضل الخاص‪ ،‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ربّ ِّ ِّإ ِّنّي‬
‫شيْبا ً ﴾ أي‪َ :‬ك ِّبرت‪.‬‬ ‫الرأْ ُ‬
‫س َ‬ ‫َوهَنَ ْال َع ْ‬
‫ظ ُم ِّم ِّنّي َوا ْشت َ َع َل َّ‬

‫ذكر العام بعد الخاص إلفادة العموم مع العناية بشأن الخاص‪ ،‬نحو‪َ ﴿ :‬ربّ ِّ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫ي ُمؤْ ِّمنا ً َو ِّل ْل ُمؤْ ِّمنِّينَ َو ْال ُمؤْ ِّمنَا ِّ‬ ‫ا ْغ ِّف ْر ِّلي َو ِّل َوا ِّلدَ َّ‬
‫ي َو ِّل َمن دَ َخ َل بَ ْيتِّ َ‬
‫ض ْينَا ِّإلَ ْي ِّه ذَ ِّل َك‬
‫اإليضاح بعد اإلبهام لتقرير المعنى في ذهن السامع‪،‬نحو‪َ ﴿ :‬وقَ َ‬
‫ص ِّب ِّحينَ ﴾‬ ‫األ َ ْم َر أ َ َّن دَا ِّب َر َهؤُالء َم ْق ُ‬
‫طوع م ْ‬

‫التكرار لداع‪ :‬كتمكين المعنى من النفس وكالتحسر وكطول الفصل‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫‪ -‬يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان األدهم‬

‫يدعون عنتر والسيوف كأنها لمع البوراق في سحاب مظلم‬

‫‪ -‬يا قبر معن أنت أول حفرة من األرض خطت للسماحة موضعا‬

‫ويا قبر معن كيف واريت جوده وقد كان منه البر والبحر مترعا‬

‫‪ -‬لقد علم الحي اليمانون أنني إذا قلت أما تعد أني خطيبها‬

‫االعتراض‪ :‬وهو أن يؤتى في أثناء الكالم أو بين كالمين متصلين في المعنى‬


‫بجملة أو أكثر ال محل لها من األعراب‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫أال زعمت بنو سعد يأتي ‪-‬أالكذبوا‪ -‬كبير السن فاني‬

‫التذييل‪ :‬وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها توكيدا وهو‬
‫قسمان‪:‬‬

‫جار مجرى المثل إن استقل معناه واستغنى عما قبله‪ ،‬نحو‪:‬‬


‫تزور فتى يعطي على الحمد ماله ومن يعط أثمان المحامد يحمد‬

‫غير جار مجرى المثل إن لم يستغن عما قبله‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫لم يبق جودك لي شيئا أؤمله تركتني أصحب الدنيا بال أمل‬

‫االحتراس‪ :‬ويكون حينما يأتي المتكلم بمعنى يمكن أن يدخل عليه فيه لوم‪،‬‬
‫فيفطن لذلك ويأتي بما يخلصه منه‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫صببنا عليها ظالمين سياطنا فطارت بها أيد سراع وأرجل‬

‫األحاديث المختر التي يتأثر بها البالغة مع تطبيقاته‪ /‬انتقاء الحديث‬

You might also like