You are on page 1of 11

‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أسلوب التوكيد في ديوان الكتاب ألدونيس‬


‫‪ -‬دراسة لغوية‪-‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬التوكيد‬
‫البحث مستل من رسالة ماجستري‬
‫استربق ابراهيم يعقوب‬ ‫أ‪.‬م‪ .‬د‪ .‬غادة غازي عبد اجمليد‬
‫‪----------------------------‬‬ ‫جامعة دياىل ‪/‬كلية الرتبية للعلوم االنسانية‬
‫‪estabraq.ibrahim.y@gmail.com‬‬ ‫‪ghadaghada338@yahoo.com‬‬

‫الملخص‬
‫جاءت دراسة بحثي الموسومة بـ (أسلوب التوكيد في ديوان الكتاب ألدونيس دراسة لغوية)‬
‫للتعبير عن القدرة االبداعية والفنية التي امتلكها الشاعر الكبير – أدونيس ‪-‬فجاءت بها‬
‫قريحته الشعرية‪ .‬وقد تضمنت دراسة بحثي هذا جميع األساليب التي تطرق الشاعر الى‬
‫استعمالها وهي التوكيد بالحرف (قد) ‪,‬والتوكيد بالقصر‪ ,‬والتوكيد اللفظي‪.‬‬
‫المقدمة‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم والحمد هلل والصالة والسالم على أفضل المرسلين وخاتم النبيين محمد‬
‫ابن عبد اهلل صلى اهلل عليه وسلم وعلى أله وصحبه االخيار ومن تبعهم الى يوم الدين‪.‬‬
‫اما بعد‬
‫احد من الذين صاغوا اللفظ صياغة بليغة‬
‫فأدونيس هو أحمد بن سعيد ولد في سوريا ‪ ,‬وهو و ٌ‬
‫‪ ,‬بحيث ترك نتاجاً شعرياً أصيالً ‪,‬يشهد بقوة سبكه ‪,‬ودقة مالحظته ‪ ,‬وبالغة تعبيره‪ ,‬فقد‬
‫ٍ‬
‫بشعر حر‬ ‫سلك مسلكا جديداً يختلف عن مسلك الشعراء القدماء والمعاصرين له‪ ,‬فشعره ليس‬
‫وال شعر قديم ذي قافية ووزن واحد‪ ,‬وانما له هندسة جديدة في بناء القصيدة فقد جاء هذا‬
‫اع للموروث الشعري العربي عموماً والغربي خصوصاً ‪ ,‬فقد كانت لغته‬
‫نتيجة استلهام و ٍ‬
‫الشعرية وبخاصة فيما الحظته في ديوانه –الكتاب‪ -‬لغة تتراوح ما بين الوضوح لدرجة أن‬
‫القارئ العادي يستطيع فهم معنى ما يريد وما بين الرمزية لدرجة أنها تحتاج الى قراءات‬
‫متعددة وقارئ ذي ثقافة نقدية عالية‪.‬‬
‫التوكيد‬
‫تمكين المعنى في النفس وتقوية أمره‪ ,‬ويقال توكيد وتأكيد‪ ,‬ووكد وأكد وجاء في القرآن قوله‬
‫ي يتم فيه تمكين المعنى‬
‫أسلوب لغو ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫ﭨﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ (‪ .)1‬والتوكيد‪:‬‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِّ‬
‫المحدث عنه عن طريق وسائل تفيد‬ ‫وتقويته في نفس المتلقي‪ ,‬أو إزالة الشك عن الحديث أو‬
‫قررت المؤكد وما‬
‫َ‬ ‫التوكيد (‪ .)2‬وفائدة التوكيد هو إزالة الشك الذي في نفس السامع فإنك إذا‬
‫علق به في نفس السامع ومكنته في قلبه‪ ,‬وأمطت شبهة ربما خالجته أو توهمت غفلة‪ ,‬أو‬
‫ذهاباً عما بصدده (‪.)3‬‬
‫ويمكن استعمال معنى التوكيد في العربية بطرائق واساليب عدة منها ما يكون بتكرار اللفظ‬
‫نفسه ‪ ,‬وهو ما يسمى في اصطالح النحاة بـ (التوكيد اللفظي)‪ ,‬وقد يستحصل معنى التوكيد‬
‫في بعض الحروف منها (قد مع الفعل الماضي‪ ,‬وان وأن‪ ,‬ونون التوكيد الثقيلة والخفيفة)‬
‫ومن هذه الطرائق واالساليب الواردة في الديوان‪- :‬‬
‫أوال‪ :‬التوكيد بالحروف‪:‬‬
‫ومن أدواته المستعملة عند الشاعر التوكيد بـ (قد) اما بقية الحروف المؤكدة فلم يتطرق‬
‫الستعمالها الشاعر‪.‬‬
‫التوكيد بـ (قد)‪:‬‬
‫وهو حرف تحقيق وفيه معنى التأكيد (‪ ,)4‬وقد ترد حرفية واسمية وحرفيتها تحدد اختصاصها‬
‫بالفعل المتصرف الخبري المثبت المجرد من الناصب والجازم وحرف التنفيس وهي معه‬
‫كالجزء فال تنفصل منه إال بشيء اللهم إال بالقسم (‪.)5‬‬
‫ٍ‬
‫معان كثيرة منها التوقع وتقريب الماضي من الحال (‪ ,)6‬نحو قول المؤذن‪( :‬قد قامت‬ ‫ولها‬
‫الصالة) فالبد أن يكون في (قد) معنى التوقع (‪ ,)7‬وقد ترد لمعنى التكثير نحو قوله ﭨ‬
‫ﭽﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢﭼالبقرة‪ 400 :‬وقد تأتي لمعنى التحقيق والتوكيد ‪,‬وتؤكد بها‬
‫ٍ‬
‫بماض (‪,)8‬وردت (قد) في الديوان مرتين هما قوله ‪:‬‬ ‫الجمل الفعلية المصدرة‬
‫ابن عتبه‬
‫هذا أنا ُ‬
‫َّه رضيا‬
‫يلقي رب ُ‬
‫((قد عالج الحياة حتّى ملَّ‬
‫(‪)9‬‬
‫الب َّد أن ي ِف َّل أو ُيفلَّ))‬
‫ُ‬
‫أستعمل الشاعر هنا (قد) إلفادة معنى توكيد وتحقيق نسبة معالجة الحياة البن عتبه‪ ,‬فلو‬
‫عمد الشاعر الى غير هذه االداة للتوكيد كـ (أن أو إن) لكان المعنى غير ما أراده هنا فلو‬
‫قال‪( :‬إني عالجت الحياة‪ ).‬لكان المعنى من ذلك توكيد معنى الجملة فقط أو غير هذا‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫االسلوب كـ(أسلوب التقديم والتأخير) كأن يقول (الحياةَ عالج حتى مال) فاختيار الشاعر لـ‬
‫ٍ‬
‫توكيد كان مقصوداً منه‪.‬‬ ‫حرف‬
‫َ‬ ‫(قد)‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬
‫قد سلَّم روح ُه وجسم ُه ومال ُه‬
‫(‪)01‬‬
‫جل ذكره‬‫لمواله الحاكم ولي الزمان َّ‬
‫روحه ومالَه للسلطة فتتحكم‬
‫أستعمل الشاعر هنا (قد) من أجل توكيد وتحقيق أن الفرد سل َم َ‬
‫به كيف تشاء فجعل الشاعر هنا إن الفرد كأداة من أدوات السلطة تحركه وتوجهَه أنى شاءت‬
‫فأراد الشاعر هنا أن يؤكد نسبة العجز إلى ذات الفرد ال إلى غيره فهو الذي يستطيع أن‬
‫يجعل نفسه أداة بيد السلطة وهو أيضا يستطيع أن يجعل من نفسه سلطة هي التي تتحكم‬
‫فيه بحيث تجعله قائداً لنفسه فاستعمال (قد) جاء من أجل توظيف هذه الداللة التي ال يمكن‬
‫أن توظفها أداة أخرى من أدوات التوكيد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التوكيد بالقصر‪:‬‬
‫‪ .0‬القصر بـ (إالَّ)‪:‬‬
‫تتمثل صورة القصر هنا عندما يحذف المستثنى منه في الكالم‪ ,‬فيتفرغ ما قبل (إال) للعمل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن يكون الكالم منفياً أو شبه‬ ‫فيما بعدها‪ ,‬كما لو كانت (إال) غير موجودة‪ ,‬ويجب‬
‫ٍ‬
‫منف وال يجب وقوعه في الموجب (‪.)11‬‬
‫ويقول سيبويه‪ :‬في االسم الذي يقع بعد (إال)‪(( :‬فأما الوجه الذي يكون فيه االسم بمنزلة قبل‬
‫وقد أطلق علماء العربية‬ ‫(‪)12‬‬
‫أن تلحقه فهو أن تدخل االسم في شيء تنفي عنه ما سواه))‬
‫على (إال) في االستثناء المفرغ (أداة الحصر)؛ ألنه يحصر بها حكم ما وهذا ما ذهب اليه‬
‫الدكتور مهدي المخزومي إذ قال‪(((( :‬إال)) هذه ليست استثناء‪ ,‬وانما هي مسبوقة بالنفي أداة‬
‫(‪)13‬‬
‫يجاب))‬
‫توكيد وا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫قصر‪ ,‬ووظيفتها قصر ما قبلها على ما بعدها‪ ,‬والقصر‬
‫كقوله‪:‬‬
‫الشمس إالَّ جسدا آخر لليلي‬
‫(‪)04‬‬
‫ُ‬ ‫ليست‬
‫نالحظ في هذا النص الشعري أن الشاعر يجمع بين ثنائيين متضادين هما الشمس (النور)‬
‫والليل (الظالم) إال إنه يرى إن الظالم أو العتمة هي والدة ٍ‬
‫نور جديد فبانتهاء حلول الظالم‬
‫ٍ‬
‫جديد فالشمس تَعد جسداً آخر لليل المولود من ظالم الليل‪,‬‬ ‫سوف يؤدي إلى والدة ٍ‬
‫نور‬
‫فاستعمال الشاعر ألسلوب القصر بـ( ليس مع إال) ليدل على أن هذا االمر قد ينكره‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أي بلد سوف‬
‫المخاطب فجاء الشاعر بهذا االسلوب ليؤكد ذلك وهو إن تدهور االوضاع في ِّ‬
‫ٍ‬
‫جديدة‪.‬‬ ‫يؤدي في النهاية إلى والدة ثورٍة‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬
‫ال أتواصل إالَّ حبا أو وحيا‬
‫لن أشكو قيدي‬
‫(‪)01‬‬
‫ألي جناح‬
‫هذا اليوم ِّ‬
‫ِّ‬
‫الحب والمقدرة على اإلبداع ‪,‬‬ ‫يرفض الشاعر هنا كل أنواع التواصل ويقصر تواصلَه على‬
‫حر يقدر على االرتحال والتحلق بدون جناح ‪,‬فاستعمال‬
‫إنسان ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫فهو يرى في داخله إنه‬
‫أسلوب القصر هنا بـ(ال و إال) ليدل على أن هذا األمر ينكره المخاطب ويشك فيه فأراد‬
‫أدونيس أن يؤكده فجاء بهذا األسلوب‪.‬‬
‫‪10‬القصر بالتقديم والتأخير‬
‫يمكن توكيد الشيء بإخراج أحد عناصر الجملة‪ .‬من المكان المخصص له وتثبيته في غير‬
‫مكانه‪ ,‬في من أراد أن يخص شيئاً باهتمام السامع أو القارئ‪ ,‬قدمه وفاجأ به وليقع ذلك في‬
‫نفس سامعه أو قارئه موقعاً ثابتاً‪ ,‬ويعد تقديم أحد أركان الجملة العربية من أهم العناصر في‬
‫إبراز المعنى في جزٍء من أجزاء تلك الجملة‪ ,‬وقد نص سيبويه وغيره من النحاة على أن‬
‫ٍ‬
‫بشيء قدمته (‪.)16‬‬ ‫العرب إذا أرادت العناية‬
‫فن من الفنون التي يأخذ بها‬
‫وقال عبد القاهر الجرجاني(ت‪471‬هـ أو ‪474‬هـ)‪(( :‬هو ٌّ‬
‫الفصحاء‪ ،‬واصحاب اللسان في االساليب‪ ،‬أولئك الذين يجيدون التصرف في القول‬
‫ِ‬
‫يقتضيه المعنى)) (‪.)01‬‬ ‫ووضعه في الموضع الذي‬
‫إذا كان الشاعر يلجأ إلى التقديم عندما يعسر عليه وضع الكلمات بحسب أهميتها في الكالم‬
‫وقد يضطره الوزن والقافية إلى ذلك إلقامتها (‪ .)18‬وقد أخضع الشاعر ادونيس إلى هذا‬
‫االسلوب في ديوانه؛ ألن التقديم والتأخير وسيلة شعرية شائعة (‪.)11‬‬
‫ويحفل ديوان ادونيس بشواهد كثيرة من هذا التوكيد ومنها قوله‪:‬‬
‫في ذاكرتي أصوات‬
‫((الناس جميعا أكلوا لّما جاعوا‬
‫ُ‬
‫(‪)01‬‬
‫آلهة عبدوها))‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ات)‬
‫يقدم الشاعر في هذا النص الخبر شبه الجملة (في ذاكرتي) على المبتدأ النكرة (أصو ٌ‬
‫ٍ‬
‫إنسان أصوات لكن‬ ‫ألنه أراد االهتمام بتلك الذاكرة ال بتلك األصوات التي فيها ففي ذاكرة ِّ‬
‫كل‬
‫الشاعر أراد أن يلفت نظر القارئ وأذن السامع إلى تلك الذاكرة ثم إلى تلك األصوات فألهمية‬
‫هذه الذاكرة قدمها‪.‬‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬
‫(‪)00‬‬ ‫ِ‬
‫الكوفة السائلة لغة للجواب‬ ‫ِ‬
‫الفضل في‬ ‫ألبي‬
‫إن تقديم الخبر شبه الجملة (ألبي الفضل) في هذا النص على المبتدأ (لغةٌ) الموصوف ليدل‬
‫ٍ‬
‫بقصيدة بعد‬ ‫على أن الشاعر أراد أن يخص أبا الفضل وهو شخصيةٌ غامضة خصه المتنبي‬
‫عودته من البادية وكان فيلسوفاً‪ ,‬فخصه بهذه اللغة أي لغة الفلسفة ولو قدم المبتدأ وأخر‬
‫الخبر لما حصل هذا التخصيص‪.‬‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬
‫ونسوس ونحيا‬
‫ُ‬ ‫مثلهم نتدبر أحوالنا‬
‫(‪)00‬‬
‫مثلهم نشرب الماء‪ ،‬مثلهم نأكل‬
‫يقدم هنا ادونيس المفعول به (مثلَهم) على الفعل والفاعل للعناية واالهتمام بشأن المفعول به‬
‫ألن تدبير األمور واإلحياء والشرب وأكل الزاد كلها أفعال يقوم بها الناس كافة إال إنه أراد أن‬
‫بشيء فقدم المفعول به لكي يجعل هذه االفعال متميزة من خالل اقتدائها‬ ‫ٍ‬ ‫يميز هذه األفعال‬
‫ٍ‬
‫بأشخاص معينين فقال مثلَهم‪.‬‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬
‫وضعوا ِقرمة من خشب‬
‫قدمي وعنقي‬
‫َّ‬ ‫يدي‪ ،‬وفي‬
‫في َّ‬
‫ورموني إلى ال ِ‬
‫سجن ضلوا‪:‬‬
‫سجن النور‪ .‬هذا المدى‬
‫عبثا ُي ُ‬
‫يتزود من جمر شعري‬
‫لهبا ُيطفئ اللهب‬
‫(‪)03‬‬ ‫لهبا ي ِ‬
‫شع ُل اللهب‬ ‫ُ‬

‫‪070‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يقدم الشاعر في هذا النص الشعري المفعول به (لهب ًا) على الفعل (يطفئ) و(يشعل) وعلى‬
‫الفاعل (اللهب)؛ ألهمية هذا اللهب في النص؛ ألنه أراد باللهب األول وجع السجن وباللهب‬
‫الثاني الوجع الذي يفضي إلى اإلبداع‪.‬‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬
‫إذا مت‪ ،‬فإدفني إلى ِ‬
‫جنب كرمة تروي عظامي‪ ،‬بعد‬
‫(‪)04‬‬
‫موتي عروقُها‬
‫يقدم الشاعر في هذا النص المفعول به (عظامي) على الفاعل (عروقها)ألنه أراد من هذه‬
‫ٍ‬
‫كرمة ثم بين إن هذه الكرمة ستروي‬ ‫الجملة االهتمام بذاته لذلك طلب أن يدفن إلى جنب‬
‫عظامه ألن جسده يبلى أما عظامه فستستغرق زمناً أطول‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التوكيد اللفظي‬
‫عرفه النحاة بأنه ((ما يعاد فيه اللفظ)) (‪ ,)25‬أو هو ((إعادة اللفظ أو تقويته بموافقة‬
‫‪ ,‬فهو تكرير اللفظ المراد توكيده بعينه‪ -‬وال يضر فيه بعض تغيير ‪ -‬أو بمرادفه‬ ‫(‪)26‬‬
‫المعنى))‬
‫ِّ‬
‫المؤكد والمؤكد (‪ ,)28‬لذا فهو أكثر استعماالً وأوسع لكونه يضم‬ ‫(‪ .)27‬ويجوز فيه الفصل بين‬
‫المعارف والنكرات واألفعال واألسماء والحروف والجمل (‪.)21‬‬
‫وقد احتوى ديوان أدونيس التوكيد اللفظي المتمثل بتكرار الفعل واالسم والحرف وهذا يدل‬
‫على أن الشاعر أراد أن يمنح النص الشعري نغمة إيقاعية فضالً عن داللة تكرار ِّ‬
‫كل نوع‬
‫من هذا التوكيد ومن ذلك قوله‪:‬‬
‫موثقا هاهنا في الشام مستباحا هناك‪ ،‬انشطرت هنالك‪ :‬نجمي‬
‫(‪)31‬‬
‫عاليا عاليا يتناءى‬
‫توكيد لمعنى االرتفاع أو الوصول إلى‬
‫ٌ‬ ‫إن تكرار الشاعر للفظة (عالياً) في هذا النص جاء‬
‫الدرجة التي كان يتمنى الوصول إليها في الشعر‪ ,‬إذ قصد بالنجمة هنا االبداع الفني في‬
‫مكان و ٍ‬
‫احد إال أن فعله‬ ‫الشعر؛ إذ إنه أراد أن يوضح لنا أنه على الرغم من عدم استق ارره في ٍ‬
‫ٍ‬
‫كنجمة مضيئة الكل يراها فشعره أيضاً مثل هذه النجمة‪.‬‬ ‫االبداعي بدأ‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السلم السلم ألنطاكية‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للمغيث واألصدقاء‬
‫اء‪ ،‬زاهية‪ ،‬صافية‬
‫بهم االرض خضر ُ‬
‫ولهم كبرياء الرجولة (‪.)30‬‬
‫في هذا النص الشعري اإلدونيسي أكثر من توكيد األول هو التكرار اللفظي بـ (السالم‬
‫السالم) وقد جاء بهذا اللفظ مبتدأ ليدل على ثبوت السالم ألنطاكية وللمغيث واألصدقاء في‬
‫كل األزمنة وليس في ٍ‬
‫زمن معين كما زاد هذا التوكيد نغماً موسيقياً يجذب أذن السامع أو‬
‫القارئ إليه أما التوكيد اآلخر فهو التوكيد بالتقديم والتأخير (بهم األرض ‪ ,‬ولهم كبرياء‬
‫الرجولة) إذ قدم الشاعر الجار والمجرور (بهم) و(لهم) (الخبر شبه الجملة)على المبتدأ‬
‫(األرض ‪ ,‬كبرياء الرجولة) ألنه أراد تخصيصهم بهذا الشيء دون غيرهم‪.‬‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬
‫كلَّما قيل هذا ُ‬
‫زمان القُرود‪ ،‬استعاذ الرواةُ‬
‫بما لم يقولوا‬
‫وأجفل من ِ‬
‫قوله القائ ُل‬
‫وطن ماحل ماحل ماح ُل‬
‫اق رعب‬
‫صرخات وأبو ُ‬
‫يرج المكان‬
‫النذير ُ‬
‫و ُ‬
‫(‪)30‬‬
‫ِ‬
‫بأعاجيب هذا الزمان‬
‫توكيد لشدة تدهور أوضاع تلك البالد‬
‫ٌ‬ ‫إن تكرار لفظة (ماحل) في هذا النص الشعري جاء‬
‫إلى درجة أن الشاعر وصفها بالصرخات الدالة على زيادة القتل ‪,‬وسفك دماء األبرياء‬
‫فالصرخة تأتي من شدة التوجع واأللم الممض فوصف الوطن بأنه ماح ٌل وتكرار هذه اللفظة‬
‫دلي ٌل على شدة التدهور‬
‫وقوله أيضا‪:‬‬
‫ُ‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٌّ‬
‫كل يجهر‪((:‬حقا‪،‬‬
‫هلل‬
‫ِ‬
‫الدولة‬ ‫لسيف‬
‫االمر))‬
‫لألمراء وللفقهاء‪ُ ،‬‬
‫ويتابع ٌّ‬
‫كل‬
‫((أحني رأسي‪-‬‬
‫األسر))‬
‫ُ‬ ‫ملكي هذا الفقر وهذا‬
‫كل‪ ،‬كل يا آدم‬
‫((مملكتي ليست من هذا العالم)) (‪)33‬‬
‫النص الشعري جاء توكيداً لرفض فكرة‬‫إن تكرار أداة النفي والردع والزجر(كال) في هذا َ‬
‫أسه لغيره ويكون الفقر واألسر هو‬
‫الشاعر من أن يكون من هذا العالم الذي يحني فيه ر َ‬
‫مملكته وجاء بـ(كال) ؛ألن (كال) كما قلنا يأتي رفضها للشيء بالزجر والردع والنفي وهذا يدل‬
‫على نفسية المتَحدث بها‪.‬‬
‫النتائج‬
‫ومما توصلت اليه في دراستي ألسلوب التوكيد عند أدونيس في ديوانه الكتاب في بحثي‬
‫هذا‪:‬‬
‫‪ -‬ورد توكيد الجملة الفعلية بـ (قد) التي تدخل على الفعل الماضي من أجل تثبيت المفاهيم‬
‫الفكرية والفلسفية التي في النص الشعري‪.‬‬
‫‪ -‬تناول الشاعر التوكيد بالقصر بـ (ال مع إال) ولم يتناول القصر بـ (إنما مع إال)‪.‬‬
‫‪ -‬ورد التوكيد بالتكرار بـ (االسماء ‪,‬و االفعال والحروف) تأكيداً وتثبيت ًا لمفاهيم فلسفية او‬
‫فكرية فضالً عن منح النص الشعري موسيقية ايقاعية مما يعكس جماالً فنياً يجذب انتباه‬
‫السامع ويثير مشاعره‪.‬‬

‫‪077‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪Style Assertion in "Divan The Book" - Linguistic Study-‬‬
‫‪Assistance Prof. Dr. Ghada‬‬ ‫‪Estabraq Ibrahim Yacoub‬‬
‫‪Ghazi Abdulmajeed‬‬
‫‪Diyala University / College of‬‬
‫‪Education Human Sciences‬‬

‫")‪This paper entitled "Assertion in Divan of Odense (linguistic study‬‬


‫‪shows creative, artistry ability of Odense that brings talent of him.‬‬
‫‪This study also contains all styles that the poet used which is asserted‬‬
‫‪by "already", parenthesizing and pronunciational affirmation.‬‬

‫الهوامش‬
‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬االصول في النحو العربي‪ 78/2:‬واللمع في العربية‪165:‬‬
‫(‪ )2‬ينظر شرح المفصل ‪31/3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر المفصل في صنعة االعراب ‪146‬‬
‫(‪ )4‬البرهان ‪417/2‬‬
‫(‪ )5‬مغني اللبيب‪227/1:‬‬
‫(‪ )6‬التراكيب اللغوية في العربية ‪141‬‬
‫(‪ )7‬المفصل في صنعة االعراب ‪433‬‬
‫(‪ )8‬التراكيب اللغوية في العربية‪141:‬‬
‫(‪ )1‬الديوان‪331/1:‬‬
‫(‪ )11‬الديوان‪81/1 :‬‬
‫(‪ )11‬ينظر الكتاب ‪ ,243/4‬والمقتضب ‪ ,188/4‬والمفصل ‪ ,316‬وشرح المفصل ‪ ,117/8‬ومغني‬
‫اللبيب ‪ ,216/2‬وجامع الدروس العربية ‪11/3‬‬
‫(‪ )12‬الكتاب ‪ ,211/2‬وينظر المقتضب ‪381/4‬‬
‫(‪ )13‬في النحو العربي نقد وتوجيه ‪258‬‬
‫(‪ )14‬الديوان‪11/3:‬‬
‫(‪ )15‬الديوان‪211/1 :‬‬
‫(‪ )16‬ينظر‪ :‬البحر المحيط‪42/1:‬‬
‫(‪ )17‬دالئل االعجاز ‪83‬‬
‫(‪ )18‬ينظر الجملة العربية تأليفها وأقسامها‪ :‬فاضل السامرائي ‪41‬‬
‫(‪ )11‬ينظر دالئل األعجاز ‪41‬‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )21‬الديوان ‪311/1‬‬
‫(‪ )21‬الديوان‪155/1:‬‬
‫(‪ )22‬الديوان ‪346/2:‬‬
‫(‪ )23‬الديوان‪151/1 :‬‬
‫(‪ )24‬الديوان ‪47/1‬‬
‫(‪ )25‬ينظر‪ :‬االصول في النحو‪11/2:‬‬
‫(‪ )26‬حاشية الصبان على شرح االشموني‪117/3:‬‬
‫(‪ )27‬التراكيب اللغوية في العربية‪117:‬‬
‫(‪ )28‬ينظر النحو الوافي ‪525/3‬‬
‫(‪ )21‬ينظر معاني النحو ‪131/4‬‬
‫(‪ )31‬الديوان ‪117/1‬‬
‫(‪ )31‬الديوان ‪188/1‬‬
‫(‪ )32‬الديون ‪214/1‬‬
‫(‪ )33‬الديوان ‪443/3‬‬

‫المصادر والمراجع‬
‫‪ ‬األصول في النحو‪ ,‬ابن السراج النحوي البغدادي (ت ‪316‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ :‬د‪.‬عبد‬
‫الحسين الفتلي ‪,‬ط‪, 3‬مؤسسة الرسالة لبنان‪-‬بيروت‪1188 ,‬م‬
‫‪ ‬البحر المحيط ‪ :‬أبو حيان االندلسي الغرناطي (ت‪745‬هـ) ‪ ,‬ط‪ , 2‬دار الفكر –‬
‫بيروت ‪1178,‬م‪.‬‬
‫‪ ‬البرهان في علوم القران ‪ ,‬بدر الدين محمد بن عبد اهلل الزركشي (ت‪714‬هـ) ‪ ,‬تحقيق‬
‫محمد ابو الفضل ابراهيم ‪ ,‬ط‪, 1‬مصر ‪1181 ,‬م‪.‬‬
‫في العربية دراسة وصفية تطبيقية‪ ,‬هادي نهر كلية اآلداب –‬ ‫‪ ‬التراكيب اللغوية‬
‫جامعة المستنصرية ‪.‬‬
‫‪ ‬جامع الدروس العربية‪ ,‬الشيخ مصطفى الغالييني ‪,‬طبع ونشر وتوزيع‪ ,‬دار الحديث‬
‫–القاهرة ‪2115 ,‬م‬
‫‪ ‬الجملة العربية تأليفها واقسامها‪ ,‬د‪ 1‬فاضل صالح السامرائي‪ ,‬منشورات المجمع‬
‫العلمي‪ ,‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ,‬بغداد ‪1118,‬م‬

‫‪074‬‬
‫جملة دياىل ‪6102 /‬‬ ‫العدد احلادي والسبعون‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ‬حاشية الصبان على شرح االشموني (ت‪255‬هـ‪ ),‬تحقيق‪ :‬عبد السالم هارون ‪ ,‬دار‬
‫احياء الكتب‪.‬‬
‫‪ ‬دالئل االعجاز – عبد القاهر الجرجاني(ت‪471‬هـ) أو‪474‬هـ) ‪,‬ط‪, 3‬اصدرتها دار‬
‫المنار بمصر ‪1366,‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬الكتاب أمس المكان اآلن – ادونيس ط‪ ,1‬بيروت‪.2112 ,‬‬
‫‪ ‬شرح المفصل في صنعة االعراب الموسوم بالتخمير ‪ ,‬الخوارزمي( ت‪617‬هـ )‪,‬ط‪,1‬‬
‫تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن سليمان العثَيمين ‪2111,‬م‪.‬‬
‫‪ ‬شرح المفصل‪ ,‬ابن يعيش النحوي (‪643‬ه) ‪,‬عالم الكتب –بيروت مكتبة المتنبي –‬
‫القاهرة ‪( ,‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ ‬شرح جمل الزجاجي‪ ,‬ابن عصفور االشبيلي (ت‪661‬هـ )‪,‬تحقيق‪ :‬د‪ 1‬صاحب ابو‬
‫جناح ‪,‬مديرية دار الكتب –جامعة الموصل‪ 1182,-‬م‪.‬‬
‫المخزومي ‪ ,‬ط‪, 1‬منشورات المكتبة‬ ‫‪ ‬في النحو العربي نقد وتوجيه‪ :‬د‪ .‬مهدي‬
‫العصرية‪ ,‬دار الرائد العربي –بيروت ‪ ,‬لبنان ‪1186 ,‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الكتاب‪ ,‬سيبويه‪ ,‬ابو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت‪181‬ه) ‪,‬تحقيق‪ :‬عبد السالم‬
‫هارون ‪,‬ط‪ ,‬الناشر مكتبة الخابخي بالقاهرة‪2114 ,1425 ,‬م‪.‬‬
‫‪ ‬اللمع في العربية ‪ ,‬أبو الفتح عثمان بن جني( ت ‪312‬هـ)‪ ,‬تحقيق ‪:‬حامد المؤمن‪,‬‬
‫ط‪ 1,‬مطبعة العاني –بغداد ‪1182,‬م‬
‫‪ ‬معاني النحو‪ ,‬د‪ 1‬فاضل صالح السامرائي‪ ,‬ط‪ , 3‬دار الفكر بيروت‪2113,‬م‪.‬‬
‫‪ ‬مغني اللبيب عن كتب االعاريب البن هشام االنصاري( ت‪761‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫محيي الدين عبد الحميد ‪,‬مطبعة المدني – القاهرة‬
‫‪ ‬المقتضب ‪,‬ابو العباس محمد بن يزيد المبرد (ت‪285‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ :‬محمد عبد الخالق‬
‫عضيمة‪ ,‬عالم الكتب للطباعة والنشر‪ ,‬بيروت لبنان‪2111,‬م‪.‬‬
‫‪ ‬النحو الوافي‪ ,‬عباس حسن ‪ ,‬القاهرة‪ ,‬ط ‪ ,3‬دار المعارف بمصر‪1166,‬م‪.‬‬

‫‪044‬‬

You might also like