Professional Documents
Culture Documents
م�شروع امل�ؤ�س�سة:
�آلية لالرتقاء بجودة خدمات املدر�سة
املختار شعايل1
صدر بالغ صحايف من وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني يعلن فيه أن الوزارة أعطت
االنطالقة يوم الخميس 20نونرب›› 2014ألجرأة االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة الذي
يندرج يف إطار التوجهات الكربى للوزارة الرامية إىل اعتامد الالمركزية والالمتركز كخيار
اسرتاتيجي يجعل من املؤسسة التعليمية نقطة ارتكاز املنظومة الرتبوية››.
ويندرج هذا اإلجراء يف إطار التعاون املغريب الكندي الذي يتأسس عىل مرشوع دعم تدبري
املؤسسات التعليمية‹‹ .ويهدف إىل إرساء أسس الحكامة الرتبوية الجيدة وسياسة القرب
واملقاربة التشاركية والتدبري بالنتائج ،وإىل تكريس منهجية التدبري الجامعي للمؤسسة ،من
خالل إرشاك املدرسني واملدرسات واملتعلامت واملتعلمني يف بلورة رؤية جامعية لالرتقاء بجودة
الخدمات التي تقدمها املؤسسة ،ويف مقدمتها تحسني جودة التعلامت ،من خالل التتبع الفردي
للمتعلامت واملتعلمني ودعمهم املستمر وتقوية كفايات هيأة التدريس››.
‹‹ولضامن نجاح الدينامية الجديدة لالسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة ،عملت الوزارة
عىل إرساء بنيات للحكامة تضطلع مبسؤوليات اإلرشاف والتنفيذ والتتبع والتقويم عىل كل
مستويات املنظومة›› ،سواء عىل املستوى املحيل أو اإلقليمي أو املركزي .وسيتم تتبع وتقويم
مشاريع املؤسسة من خالل لوحة للقيادة مدمجة يف املنظومة املعلوماتية املركزية ،ستمكن
من تتبع وتطور نتائج كل الخدمات التي تقدمها املدرسة عرب مؤرشات معدة لذلك .ويقتيض
إنجاح هذه الدينامية أيضا فتح نقاش حول توضيح وفهم هذه األسلوب الجديد يف التدبري الذي
87
يتطلب الكثري من الجهد الفكري واإلبداعي .يف هذا اإلطار يندرج هذا املقال للمساهمة يف
إغناء هذا النقاش الذي من املفرتض أن تثريه هذه االسرتاتيجية الوزارية.
يف البداية ال بد من اإلشارة أن هذه االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة تستمد روحها
من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين الذي أوىص باعتامد الالمركزية والالمتركز ونهج سياسة
القرب يف تدبري قضايا الرتبية والتكوين .وسعى من خالل هذا االختيار ،من جهة ،إىل مالءمة
الرتبية والتكوين للحاجات الجهوية واملحلية وتسهيل وترشيد تدبري الشأن الرتبوي والتكويني
باملدرسة .وسعى ،من جهة أخرى ،إىل إطالق املبادرات البناءة وتعبئة الطاقات الرتبوية الجهوية
واملحلية ،وفتح املجال لها لالنخراط يف خلق دينامية جديدة وإعطاء فعالية لألداء الرتبوي
قصد الرفع من جودة الرتبية والتكوين التي أضحت مطلبا ملحا تفرضه الحاجة االجتامعية
واالقتصادية لبلدنا لالنخراط يف عامل اليوم.
ويبدو أن املسألة الجوهرية التي أتت بها هذه االسرتاتيجية تتمثل يف إخراج هذه املرامي
وهذه السياسة من عموميتها لتصبح فعال يوميا معيشا داخل املؤسسة التعليمية ،يرقى
بالفضاء املبارش للتلميذ إىل األفضل .ويفرض إنجاز هذا االختيار أن تشتغل املؤسسة بعقلية
ومنهجية جديدتني يرومان الفعالية والتنظيم املعقلن والواضح والشفاف للفعل الرتبوي.
ويقتيض ذلك إعادة هيكلة ذاتها يف اتجاه إرساء بنيات لإلرشاك متكن الرشكاء الرتبويني
املعنيني (إدارة ،أساتذة ،تالميذ ،آباء ،مفتشني )..من املساهمة يف النقاش والتشاور حول
القضايا الرتبوية املطروحة عىل املؤسسة ،بغية تحديد األهداف واإلجراءات التي متكن من
بلورة تصور جامعي ملعالجة هذه القضايا .وإن اإلطار الذي يحتضن هذه اإلرادة والتعبئة هو
مرشوع املؤسسة .ما هو مرشوع املؤسسة؟ وملاذا إذن مرشوع املؤسسة؟ وما هي وظيفة هذا
املرشوع؟ وما هو الدور الجديد لرئيس املؤسسة التي تشتغل حسب مرشوع املؤسسة؟ تلك
هي املحاور التي سنحاول تناولها باختصار شديد يف هذا املوضوع.
ملاذا م�شروع امل�ؤ�س�سة؟
إن املجتمع ككل مطالب اليوم بإرساء دعائم حكامة جيدة قصد عقلنة استثامر وترشيد
موارده وإمكانياته ملواكبة تحديات العرص .ويقتيض ذلك إعادة هيكلة ذاته وبنياته وتعبئة
موارده ملواجهة هذا العامل الذي يعرف حركية متسارعة .ويحتم ذلك التخيل عن تلك املامرسات
88التقليدية التي ألفت تكرار نفس األساليب وإعادة إنتاج الرتابة ،واعتامد مامرسات تنبني عىل
تحليل السلوكات والترصفات واألفعال مبنطق العرص الذي يفرض الفعالية والجودة يف األداء
مجلة علوم التربية
واإلنتاج .ومن املفروض أن تكون املؤسسة التعليمية عىل رأس هذه الحركية ،باعتبارها القاطرة
التي ينبغي أن تقود املجتمع إىل الحداثة واالنفتاح عىل العرص وقيمه.
إن هذا الرهان يستلزم أن تعيد املؤسسة التعليمية النظر يف أساليب اشتغالها وتعيد النظر
يف تنظيم مامرساتها وبنياتها لتستجيب للتغيري الذي تنشده التوجيهات الوطنية من جهة،
وتستجيب للحاجات املحلية وخاصة حاجات الرشكاء املحليني (إدارة ،أساتذة ،تالميذ ،آباء)...
من جهة أخرى .ويعترب مرشوع املؤسسة اإلطار واألداة التي تعرب عن هذه اإلرادة ،كونه إنتاجا
محليا جامعيا يسعى إىل تنظيم التفكري والفعل لترصيف واستثامر الطاقات البرشية واملادية
التي تتوفر عليها املؤسسة .إن إرشاك الجميع وانخراطهم يف عملية التفكري والفعل الجامعيني
أضحى اليوم رضورة ملحة ومنهجية فعالة يف تعبئة كل الطاقات واملوارد وعقلنة تدبريها
باعتامد مفاهيم ومناهج معارصة من قبيل املقاربة التشاركية والتدبري بالنتائج.
لقد ابتدأ منذ مدة التخيل عن العمل حسب منط “تايلور” الذي يعتمد العمل الجزيئ ،أي
االشتغال حسب دوائر مغلقة تجعل الجامعة بعيدة عن اتخاذ القرارات التي تهم مؤسساتهم.
إن هذا النمط من التدبري يضيق من مجال تدخالت األفراد ويحد من إمكانياتهم يف املبادرة
واإلبداع .وقد تم التخيل عن هذا النمط من التدبري حتى يف مؤسسات إنتاجية ،كونه مل تعد له
قدرة عىل الرفع من الجودة واإلنتاجية.
إن الرفع من فعالية أداء املؤسسة التعليمية يقتيض إذن أن تشتغل حسب مرشوع وسياسة
يطلع عليها الجميع بل يشارك يف إعدادها كل الرشكاء الرتبويني لتظل واضحة وشفافة ومقبولة من
طرف الجميع ،ألن هذا اإلجراء يشجع عن املشاركة والتجاوب واالنخراط الذي يبدو أنه املسألة
الجوهرية الرضورية للرفع من جودة األداء ،واإلرصار عىل إنجاز األهداف التي سطرها املرشوع.
ما هو م�شروع امل�ؤ�س�سة؟
يندرج مرشوع املؤسسة يف إطار تفعيل سياسة القرب التي تتمثل يف تعبئة اإلمكانيات
والطاقات املحلية وتوظيفها بشكل عقالين ،كون مرشوع املؤسسة هو اآللية التي تحتضن كل
الجهود سواء عىل مستوى التفكري والتخطيط أو عىل مستوى الفعل واإلنجاز من أجل تحسني
املحيط املبارش للتلميذ .ويفرتض ذلك بالرضورة منح املؤسسة التعليمية استقاللية أكرث يف
تدبري شؤونها الرتبوية قصد نقل املدرسة العمومية من وضع إىل وضع آخر أفضل.
89
ويفرتض هذا االنتقال أن يشتغل مرشوع املؤسسة حسب منهجية فعالة تتضمن مراحل
للتشخيص ،ثم مراحل لإلعداد والتخطيط ،ثم آليات لإلنجاز والتقويم والتصويب .ويتم
مجلة علوم التربية
كل ذلك يف إطار مقاربة تشاركية متكن من تعبئة كل الطاقات الداخلية والخارجية يف أفق
تحقيق نتائج مدروسة وملموسة .تقتيض هذه املنهجية إذن تحديد وضعية االنطالق ،من
خالل القيام بتشخيص للوضعية الرتبوية الراهنة وتشخيص أساليب االشتغال ملختلف الرشكاء
(إدارة وأساتذة وتالميذ وآباء ومفتشني )...والبنيات والوسائل املادية واملالية التي تتوفر عليها
املؤسسة .وبناء عىل ذلك يسعى مرشوع املؤسسة إىل تجاوز هذه الوضعية وخلق وضعية
أحسن ترتبط بأهداف املرشوع ،وترتبط أيضا بالرضورة بغايات نظام الرتبية والتكوين املرتبطة
أيضا مبجموع القيم الثقافية والفلسفية الذي يسعى املرشوع املجتمعي إىل إرساءها وإشاعتها.
ويشمل هذا االنتقال املجال البيداغوجي واملجال الرتبوي واملجال التدبريي ،وذلك يف
اتجاه اإلجابة عن حاجات املتعلمني ،كونهم مربط الفرس لكل فعل تربوي:
عىل املستوى البيداغوجي يهدف املرشوع إىل إرساء بيداغوجية فعالة ونشطة تضمن للتلميذ
نجاحا أفضل ،وذلك انطالقا من معطى ابستيمولوجي يرى أن املعرفة تبنى أكرث مام تنقل
(بياجي) .ويقتىض هذا البناء إعطاء مكانة أوسع للمبادرة الفردية والسامح للتلميذ للتعبري
بأسلوبه الخاص عن كفايات لها عالقة بحسن التدبري و”كيف يكون” و”كيف يصري” وميتلك
منهجيات لالكتشاف والبحث وذلك من أجل بناء شخصيته ومعارفه وذكاءه.
ويهدف املرشوع عىل املستوى الرتبوي إىل توجيه املامرسة الرتبوية يف اتجاه تقدير التلميذ،
واعتباره كائنا مستقال يستلزم احرتام أصالته وصون كرامته واعتبار تاريخه الشخيص وأسلوبه يف
التعبري والتواصل .لذلك ينبغي إقامة عالقة تربوية باملدرسة توفر فضاء جاذبا ومؤطرا ومنفتحا
يسمح باملبادرة واإلبداع ومينح التلميذ مسؤوليات أكرث متكنه من الولوج إىل االستقاللية وتقدير
الذات ،ألنه يف حاجة إىل ذلك بالقدر الذي هو يف حاجة إىل املعرفة.
أما عىل مستوى التدبري فيهدف املرشوع إىل نقل املامرسة املؤسساتية من العمل املكتبي
الرصف إىل مجال أوسع يتعلق بتنسيق وتوجيه مامرسة الفعاليات الرتبوية وكل رشكاء العملية
الرتبوية ،وذلك من خالل إرساء ثقافة العمل الجامعي الذي يقتيض إشاعة ثقافة عالئقية
جديدة تسمح باالختالف والتقبل املتبادل والتفاوض والحوار من أجل الوصول إىل توافقات
حول أهداف محددة وحول مرشوع وليس التوافق املطلق ،بل توافق مينح كل فرد دورا مختلفا
يف سياق منظور تعددية متناغمة.
وينبثق مرشوع املؤسسة ،الذي يسعى إىل تحقيق هذا التحول ،عن تشاور ونقاش جامعي
90يقوده الفريق الرتبوي ويصادق عليه مجلس التدبري .لذلك ميكن اعتبار مرشوع املؤسسة مبثابة
ميثاق محيل للمؤسسة ،يغدو مرجعا للتفكري والفعل داخل املؤسسة ،بل يصبح العنرص املحرك
مجلة علوم التربية
لديناميتها .إن االشتغال حسب هذه اإلسرتاتيجية ليس من تقاليد مؤسساتنا التعليمية ،وبالتايل
فإن إعداد مرشوع املؤسسة سيشكل مناسبة إلرساء هذا الفعل املعقلن والهادف يف تدبري
الشأن الرتبوي والتكويني داخل مؤسساتنا التعليمية .لذلك يعترب CROISIERأن املرشوع
ينتج عن ما سامه ‹‹السريورة الجامعية للتعلم ،مبعنى أنه ميكن الفاعلني املعنيني من اكتشاف
بل إبداع مناذج عالئقية جديدة ومنطق جديد أي قدرات جامعية جديدة›› .وبذلك سيمكن
إعداد املرشوع من خلق تحول يف التفكري ويف املواقف.
إن االشتغال حسب مرشوع سيجعل املؤسسة تتطور ،وتعرف بنياتها ووظائفها تغيريا جوهريا،
كام أن الفاعلني أنفسهم يتطورون تحث تأثري الرغبة يف التغيري ومن خالل الوضعيات الجديدة
للعمل ،إذ سيملكون كفايات جديدة من خالل الفعل واملحاولة والخطأ ،ومن خالل املساعدة
الخارجية التي ينبغي أن تدعم هذا الفعل يف امليدان وليس فقط من خالل تكوين أكادميي .إن
إنجاز أهداف املرشوع عىل أرض الواقع سيساهم يف تغيري عالقة املدرس بعمله وعالقة املدرسني
فيام بينهم والتي ينبغي أن تنبني عىل التعاون وتبادل الخربات ،حيث أن االنتقال من نشاط
فردي إىل عمل جامعي يقود إىل تحول يف مواقف كل فرد ويف سلوك الجامعة.
وظائف م�شروع امل�ؤ�س�سة:
تحتل املؤسسة التعليمية مكانة ووظيفة محددة داخل املجتمع ،ويعترب املرشوع مثرة لهذا
الوعي وأداة لتوضيح هذه الوظيفة وآلية لعقلنة وتنظيم هذه الوظيفة .لذلك سيمكن املرشوع
من إثارة الوعي لدى املؤسسة بوظيفتها كأداة لرتجمة غايات النظام الرتبوي يف تربة محلية
لها خصوصيتها ،وإثارة الوعي لدى كل فرد بالدور والوظيفة والوضع الذي يحتله داخل هذا
التنظيم الرتبوي .إضافة إىل ذلك فإن وظيفة املرشوع تتمثل يف البحث بشكل جامعي عن
مسالك الفعل التي متكن من تحسني جودة التعليم وتحسني مستوى التالميذ خاصة املتعرثين
منهم ،وذلك من خالل تخطيط جامعي يقوده الفريق الرتبوي .إنه أداة إلحياء وخلق دينامية
جديدة تسعى إىل اإلجابة عن تحديات ورهانات كثرية كمسألة الجودة ومحاربة الفشل املدريس
والهدر املدريس إلخ ،وذلك بالتكيف أكرث مع حاجات التالميذ.
كام ميكن املرشوع من خلق جو ومناخ سيكولوجي داخل املؤسسة وذلك من خالل تغيري
وتعميق كل العالقات املهنية يف اتجاه تقوية الشعور باالنتامء إىل الجامعة والقدرة عىل
التواصل واالنخراط ،وخلق انسجام وتناغم بني مختلف رشكاء العملية الرتبوية ،وخلق متفصل
91 بني مختلف األنشطة املدرسية واألنشطة املوازية ،وتوحيد كل الجهود يف اتجاه تحقيق األهداف
التي سطرها مرشوع املؤسسة.
مجلة علوم التربية
ويسعى املرشوع إىل تطوير العالقة بني املؤسسة ومحيطها ،وذلك بالعمل عىل خلق صورة
إيجابية عن املؤسسة ،صورة تتسم باملصداقية والقابلية واالستعداد إىل االستجابة إىل املتطلبات
الخارجية والداخلية .ويف األخري مينح مرشوع املؤسسة إمكانية متابعة وتقييم الفعل الذي تقوم
به وتقويم هذا الفعل وتصويبه وتطويره.
الدور اجلديد لرئي�س امل�ؤ�س�سة:
إن إرساء تقاليد االشتغال مبرشوع املؤسسة يتوقف بالرضورة عىل إرادة وكفايات الفريق
الرتبوي وخاصة إرادة رئيس املؤسسة .إذا مل تكن لرئيس املؤسسة إرادة حقيقية يف التغيري ومل
تكن له الكفاءة والخربة واملعرفة والثقافة التي يتطلبها هذا التجديد ،سيظل االشتغال وفق
مرشوع املؤسسة حلام معلقا ومؤجال ،كونه البوابة الذي يعرب عربها التغيري إىل املؤسسة.
إن الفعالية والتنظيم العقالين والوضوح الذي يسعى إىل إرسائهم مرشوع املؤسسة يحتم أن
يقوم رئيس املؤسسة بأدوار مختلفة وحاسمة منها :وضع إسرتاتيجية للتغيري يستطيع من خاللها
قيادة التفكري والفعل معا داخل املؤسسة لجعل أهداف النظام الرتبوي قادرة عىل التكيف عىل
مستوى املؤسسة .إضافة إىل ذلك وبحكم كونه املخاطب املبارش لكل الرشكاء داخل املؤسسة
وخارجها ،فهو مطالب بأن يكون مدركا للعالقات اإلنسانية وميتلك كفايات يف تقنيات التواصل
تجعل منه محاورا ومنظام ووسيطا جيدا بني كل الرشكاء .إذ يحاول خلق عالقات بني أشخاص
من حساسيات مختلفة ،ويوفر رشوط التقارب بينها ،سيام عندما تكون تقاليد الحوار والتفاوض
غري سائدة .ويجعل وجهات النظر ،عند إعداد مرشوع املؤسسة ،تتقابل وتنفتح عىل أفق جديد.
لذلك يتطلب أن يكون مقنعا ومنفتحا وميتلك قدرة عىل توضيح مختلف األفكار املتداولة وقدرة
عىل اإلنصات ،وقدرة عىل تدبري النزاعات واالختالفات .كام ينبغي أن يكون رئيس املؤسسة عىل
استعداد للتخيل عن جزء من سلطته لصالح املجموعة الرتبوية ،ليصبح منشطا لها وساهرا عىل
اندماجها ومسهال لعملية التجديد الرتبوي والبيداغوجي الذي ينشده مرشوع املؤسسة.
دور امل�ؤطرين
تقتيض االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة أن يصبح دور املؤطرين ( املفتشني) يتمحور
حول دعم مرشوع املؤسسة ،كونه يتطلب التأطري التدبريي والبيداغوجي والرتبوي .وينبغي
الكف عن حرص دور هذه الكفاءات يف زيارات خاطفة للمؤسسات ال معنى لها وال أي مفعول.
بل من املفرتض أن ترصف هذه الكفاءات يف التأطري الفعيل عرب تتبع إنجاز مرشوع املؤسسة،
92
سواء عىل املستوى البيداغوجي من خالل دعم األستاذ ،وذلك للرفع من أدائه البيداغوجي
مجلة علوم التربية
يف أفق تحقيق األهداف الرتبوية التي خططها املرشوع .أو عىل املستوى الرتبوي والتدبريي
من خالل دعم مجلس التدبري والفريق الرتبوي الذي يقود املرشوع داخل املدرسة ،قصد إرساء
تقاليد االشتغال مبرشوع املؤسسة عىل األرض ،كونه ينبني عىل تخطيط وتفاوض وإرشاك وتعبئة
وتقييم ،أي يتأسس عىل إجراءات عملية ومعقلنة تقتيض التتبع واملرافقة عىل مستوى الفعل.
ومن املفرتض أن تسهر هيئة التأطري من كل التخصصات عىل ترجمة ذلك عىل األرض.
ال شك أن هذا االتجاه التجديدي ستواجهه مقاومة تنتج عن انجذاب الرشكاء الرتبويني أكرث
نحو استمرارية املألوف الذي ال يتطلب أي جهد إضايف .كام تنتج عن اإلحساس بعدم القدرة
وعدم امتالك الكفايات التي يتطلبها التجديد .وتنتج أيضا عن امليل والنزوع إىل تبني الحلول
السهلة واالستسالم للرتابة والخمول .كل ذلك سيخلق وضعية يائسة ال تقوى عىل اإلقدام
واالنخراط .وينضاف إىل ذلك غياب التحفيز الناتج عن عدم االعرتاف االجتامعي بالتجديد .كل
ذلك سيشكل امتحانا الختبار إرادة السلطات الرتبوية يف التغيري ،حيث غالبا ما تم إقبار كل
املحاوالت اإلصالحية السابقة بحجة قوة هذه املقاومة وغياب االستجابة.
وخالصة القول إن إنجاح اسرتاتيجية مرشوع املؤسسة يقتيض الكف عن املطالبة بالتغيري
عرب مذكرات يتيمة مآلها اإلتالف يف رفوف مكتب املدير .إن أي إجراء إصالحي ال يرافقه التتبع
واملساءلة فمصريه الضياع كام جرت العادة يف املامرسات السائدة إىل حد اليوم (آخرها ‹‹تقويم
دراسة املستلزمات الدراسية›› الذي تتطلب كلفة مالية باهظة ومل نعد نسمع عنه شيئا) .لذلك
تقتيض أجرأة «االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة» إرادة حقيقية من طرف السلطات
الرتبوية إلرساء عىل األرض تقاليد االشتغال حسب مرشوع املؤسسة ،انطالقا من االعتقاد بأنه
آلية فعلية لتنظيم التفكري والفعل لالرتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها املؤسسة التعليمية
من جهة ،وكونه يهتم من جهة أخرى باملحيط املبارش للتلميذ الذي ينبغي أن يرقى إىل فضاء
أفضل ميكنه من التفتح والنمو واالستقاللية والحق يف املشاركة يف تدبري الحياة املدرسية ،ألن
املدرسة تأسست أصال من أجله.
املراجع:
- 1امليثاق الوطني للرتبية والتكوين.
- 2املختار شعايل :التوجيه الرتبوي األسس النظرية واملنهجية ،منشورات «صدى التضامن» .شتنرب 2012
3 - Marc-Henry Brod et Francoise Gros : « Comment faire un projet
93 d’établissement, » Chronique sociale, Lyon,1991
4 - Ministère de l’Education nationale, France : « le projet d’ecole » Hachette, 1992