You are on page 1of 7

‫مجلة علوم التربية‬

‫م�شروع امل�ؤ�س�سة‪:‬‬
‫�آلية لالرتقاء بجودة خدمات املدر�سة‬

‫املختار شعايل‪1‬‬

‫صدر بالغ صحايف من وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني يعلن فيه أن الوزارة أعطت‬
‫االنطالقة يوم الخميس ‪ 20‬نونرب‪›› 2014‬ألجرأة االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة الذي‬
‫يندرج يف إطار التوجهات الكربى للوزارة الرامية إىل اعتامد الالمركزية والالمتركز كخيار‬
‫اسرتاتيجي يجعل من املؤسسة التعليمية نقطة ارتكاز املنظومة الرتبوية››‪.‬‬
‫ويندرج هذا اإلجراء يف إطار التعاون املغريب الكندي الذي يتأسس عىل مرشوع دعم تدبري‬
‫املؤسسات التعليمية‪‹‹ .‬ويهدف إىل إرساء أسس الحكامة الرتبوية الجيدة وسياسة القرب‬
‫واملقاربة التشاركية والتدبري بالنتائج‪ ،‬وإىل تكريس منهجية التدبري الجامعي للمؤسسة‪ ،‬من‬
‫خالل إرشاك املدرسني واملدرسات واملتعلامت واملتعلمني يف بلورة رؤية جامعية لالرتقاء بجودة‬
‫الخدمات التي تقدمها املؤسسة‪ ،‬ويف مقدمتها تحسني جودة التعلامت‪ ،‬من خالل التتبع الفردي‬
‫للمتعلامت واملتعلمني ودعمهم املستمر وتقوية كفايات هيأة التدريس››‪.‬‬
‫‹‹ولضامن نجاح الدينامية الجديدة لالسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة‪ ،‬عملت الوزارة‬
‫عىل إرساء بنيات للحكامة تضطلع مبسؤوليات اإلرشاف والتنفيذ والتتبع والتقويم عىل كل‬
‫مستويات املنظومة››‪ ،‬سواء عىل املستوى املحيل أو اإلقليمي أو املركزي‪ .‬وسيتم تتبع وتقويم‬
‫مشاريع املؤسسة من خالل لوحة للقيادة مدمجة يف املنظومة املعلوماتية املركزية‪ ،‬ستمكن‬
‫من تتبع وتطور نتائج كل الخدمات التي تقدمها املدرسة عرب مؤرشات معدة لذلك‪ .‬ويقتيض‬
‫إنجاح هذه الدينامية أيضا فتح نقاش حول توضيح وفهم هذه األسلوب الجديد يف التدبري الذي‬
‫‪87‬‬

‫‪ -1‬باحث يف علوم الرتبية‪.‬‬


‫مجلة علوم التربية‬

‫يتطلب الكثري من الجهد الفكري واإلبداعي‪ .‬يف هذا اإلطار يندرج هذا املقال للمساهمة يف‬
‫إغناء هذا النقاش الذي من املفرتض أن تثريه هذه االسرتاتيجية الوزارية‪.‬‬
‫يف البداية ال بد من اإلشارة أن هذه االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة تستمد روحها‬
‫من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين الذي أوىص باعتامد الالمركزية والالمتركز ونهج سياسة‬
‫القرب يف تدبري قضايا الرتبية والتكوين‪ .‬وسعى من خالل هذا االختيار‪ ،‬من جهة‪ ،‬إىل مالءمة‬
‫الرتبية والتكوين للحاجات الجهوية واملحلية وتسهيل وترشيد تدبري الشأن الرتبوي والتكويني‬
‫باملدرسة‪ .‬وسعى‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬إىل إطالق املبادرات البناءة وتعبئة الطاقات الرتبوية الجهوية‬
‫واملحلية‪ ،‬وفتح املجال لها لالنخراط يف خلق دينامية جديدة وإعطاء فعالية لألداء الرتبوي‬
‫قصد الرفع من جودة الرتبية والتكوين التي أضحت مطلبا ملحا تفرضه الحاجة االجتامعية‬
‫واالقتصادية لبلدنا لالنخراط يف عامل اليوم‪.‬‬
‫ويبدو أن املسألة الجوهرية التي أتت بها هذه االسرتاتيجية تتمثل يف إخراج هذه املرامي‬
‫وهذه السياسة من عموميتها لتصبح فعال يوميا معيشا داخل املؤسسة التعليمية‪ ،‬يرقى‬
‫بالفضاء املبارش للتلميذ إىل األفضل‪ .‬ويفرض إنجاز هذا االختيار أن تشتغل املؤسسة بعقلية‬
‫ومنهجية جديدتني يرومان الفعالية والتنظيم املعقلن والواضح والشفاف للفعل الرتبوي‪.‬‬
‫ويقتيض ذلك إعادة هيكلة ذاتها يف اتجاه إرساء بنيات لإلرشاك متكن الرشكاء الرتبويني‬
‫املعنيني (إدارة‪ ،‬أساتذة‪ ،‬تالميذ‪ ،‬آباء‪ ،‬مفتشني‪ )..‬من املساهمة يف النقاش والتشاور حول‬
‫القضايا الرتبوية املطروحة عىل املؤسسة‪ ،‬بغية تحديد األهداف واإلجراءات التي متكن من‬
‫بلورة تصور جامعي ملعالجة هذه القضايا‪ .‬وإن اإلطار الذي يحتضن هذه اإلرادة والتعبئة هو‬
‫مرشوع املؤسسة‪ .‬ما هو مرشوع املؤسسة؟ وملاذا إذن مرشوع املؤسسة؟ وما هي وظيفة هذا‬
‫املرشوع؟ وما هو الدور الجديد لرئيس املؤسسة التي تشتغل حسب مرشوع املؤسسة؟ تلك‬
‫هي املحاور التي سنحاول تناولها باختصار شديد يف هذا املوضوع‪.‬‬
‫ملاذا م�شروع امل�ؤ�س�سة؟‬
‫إن املجتمع ككل مطالب اليوم بإرساء دعائم حكامة جيدة قصد عقلنة استثامر وترشيد‬
‫موارده وإمكانياته ملواكبة تحديات العرص‪ .‬ويقتيض ذلك إعادة هيكلة ذاته وبنياته وتعبئة‬
‫موارده ملواجهة هذا العامل الذي يعرف حركية متسارعة‪ .‬ويحتم ذلك التخيل عن تلك املامرسات‬
‫‪ 88‬التقليدية التي ألفت تكرار نفس األساليب وإعادة إنتاج الرتابة‪ ،‬واعتامد مامرسات تنبني عىل‬
‫تحليل السلوكات والترصفات واألفعال مبنطق العرص الذي يفرض الفعالية والجودة يف األداء‬
‫مجلة علوم التربية‬

‫واإلنتاج‪ .‬ومن املفروض أن تكون املؤسسة التعليمية عىل رأس هذه الحركية‪ ،‬باعتبارها القاطرة‬
‫التي ينبغي أن تقود املجتمع إىل الحداثة واالنفتاح عىل العرص وقيمه‪.‬‬
‫إن هذا الرهان يستلزم أن تعيد املؤسسة التعليمية النظر يف أساليب اشتغالها وتعيد النظر‬
‫يف تنظيم مامرساتها وبنياتها لتستجيب للتغيري الذي تنشده التوجيهات الوطنية من جهة‪،‬‬
‫وتستجيب للحاجات املحلية وخاصة حاجات الرشكاء املحليني (إدارة‪ ،‬أساتذة‪ ،‬تالميذ‪ ،‬آباء‪)...‬‬
‫من جهة أخرى‪ .‬ويعترب مرشوع املؤسسة اإلطار واألداة التي تعرب عن هذه اإلرادة‪ ،‬كونه إنتاجا‬
‫محليا جامعيا يسعى إىل تنظيم التفكري والفعل لترصيف واستثامر الطاقات البرشية واملادية‬
‫التي تتوفر عليها املؤسسة‪ .‬إن إرشاك الجميع وانخراطهم يف عملية التفكري والفعل الجامعيني‬
‫أضحى اليوم رضورة ملحة ومنهجية فعالة يف تعبئة كل الطاقات واملوارد وعقلنة تدبريها‬
‫باعتامد مفاهيم ومناهج معارصة من قبيل املقاربة التشاركية والتدبري بالنتائج‪.‬‬
‫لقد ابتدأ منذ مدة التخيل عن العمل حسب منط “تايلور” الذي يعتمد العمل الجزيئ‪ ،‬أي‬
‫االشتغال حسب دوائر مغلقة تجعل الجامعة بعيدة عن اتخاذ القرارات التي تهم مؤسساتهم‪.‬‬
‫إن هذا النمط من التدبري يضيق من مجال تدخالت األفراد ويحد من إمكانياتهم يف املبادرة‬
‫واإلبداع‪ .‬وقد تم التخيل عن هذا النمط من التدبري حتى يف مؤسسات إنتاجية‪ ،‬كونه مل تعد له‬
‫قدرة عىل الرفع من الجودة واإلنتاجية‪.‬‬
‫إن الرفع من فعالية أداء املؤسسة التعليمية يقتيض إذن أن تشتغل حسب مرشوع وسياسة‬
‫يطلع عليها الجميع بل يشارك يف إعدادها كل الرشكاء الرتبويني لتظل واضحة وشفافة ومقبولة من‬
‫طرف الجميع‪ ،‬ألن هذا اإلجراء يشجع عن املشاركة والتجاوب واالنخراط الذي يبدو أنه املسألة‬
‫الجوهرية الرضورية للرفع من جودة األداء‪ ،‬واإلرصار عىل إنجاز األهداف التي سطرها املرشوع‪.‬‬
‫ما هو م�شروع امل�ؤ�س�سة؟‬
‫يندرج مرشوع املؤسسة يف إطار تفعيل سياسة القرب التي تتمثل يف تعبئة اإلمكانيات‬
‫والطاقات املحلية وتوظيفها بشكل عقالين‪ ،‬كون مرشوع املؤسسة هو اآللية التي تحتضن كل‬
‫الجهود سواء عىل مستوى التفكري والتخطيط أو عىل مستوى الفعل واإلنجاز من أجل تحسني‬
‫املحيط املبارش للتلميذ‪ .‬ويفرتض ذلك بالرضورة منح املؤسسة التعليمية استقاللية أكرث يف‬
‫تدبري شؤونها الرتبوية قصد نقل املدرسة العمومية من وضع إىل وضع آخر أفضل‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ويفرتض هذا االنتقال أن يشتغل مرشوع املؤسسة حسب منهجية فعالة تتضمن مراحل‬
‫للتشخيص‪ ،‬ثم مراحل لإلعداد والتخطيط‪ ،‬ثم آليات لإلنجاز والتقويم والتصويب‪ .‬ويتم‬
‫مجلة علوم التربية‬

‫كل ذلك يف إطار مقاربة تشاركية متكن من تعبئة كل الطاقات الداخلية والخارجية يف أفق‬
‫تحقيق نتائج مدروسة وملموسة‪ .‬تقتيض هذه املنهجية إذن تحديد وضعية االنطالق‪ ،‬من‬
‫خالل القيام بتشخيص للوضعية الرتبوية الراهنة وتشخيص أساليب االشتغال ملختلف الرشكاء‬
‫(إدارة وأساتذة وتالميذ وآباء ومفتشني‪ )...‬والبنيات والوسائل املادية واملالية التي تتوفر عليها‬
‫املؤسسة‪ .‬وبناء عىل ذلك يسعى مرشوع املؤسسة إىل تجاوز هذه الوضعية وخلق وضعية‬
‫أحسن ترتبط بأهداف املرشوع‪ ،‬وترتبط أيضا بالرضورة بغايات نظام الرتبية والتكوين املرتبطة‬
‫أيضا مبجموع القيم الثقافية والفلسفية الذي يسعى املرشوع املجتمعي إىل إرساءها وإشاعتها‪.‬‬
‫ويشمل هذا االنتقال املجال البيداغوجي واملجال الرتبوي واملجال التدبريي‪ ،‬وذلك يف‬
‫اتجاه اإلجابة عن حاجات املتعلمني‪ ،‬كونهم مربط الفرس لكل فعل تربوي‪:‬‬
‫عىل املستوى البيداغوجي يهدف املرشوع إىل إرساء بيداغوجية فعالة ونشطة تضمن للتلميذ‬
‫نجاحا أفضل‪ ،‬وذلك انطالقا من معطى ابستيمولوجي يرى أن املعرفة تبنى أكرث مام تنقل‬
‫(بياجي)‪ .‬ويقتىض هذا البناء إعطاء مكانة أوسع للمبادرة الفردية والسامح للتلميذ للتعبري‬
‫بأسلوبه الخاص عن كفايات لها عالقة بحسن التدبري و”كيف يكون” و”كيف يصري” وميتلك‬
‫منهجيات لالكتشاف والبحث وذلك من أجل بناء شخصيته ومعارفه وذكاءه‪.‬‬
‫ويهدف املرشوع عىل املستوى الرتبوي إىل توجيه املامرسة الرتبوية يف اتجاه تقدير التلميذ‪،‬‬
‫واعتباره كائنا مستقال يستلزم احرتام أصالته وصون كرامته واعتبار تاريخه الشخيص وأسلوبه يف‬
‫التعبري والتواصل‪ .‬لذلك ينبغي إقامة عالقة تربوية باملدرسة توفر فضاء جاذبا ومؤطرا ومنفتحا‬
‫يسمح باملبادرة واإلبداع ومينح التلميذ مسؤوليات أكرث متكنه من الولوج إىل االستقاللية وتقدير‬
‫الذات‪ ،‬ألنه يف حاجة إىل ذلك بالقدر الذي هو يف حاجة إىل املعرفة‪.‬‬
‫أما عىل مستوى التدبري فيهدف املرشوع إىل نقل املامرسة املؤسساتية من العمل املكتبي‬
‫الرصف إىل مجال أوسع يتعلق بتنسيق وتوجيه مامرسة الفعاليات الرتبوية وكل رشكاء العملية‬
‫الرتبوية‪ ،‬وذلك من خالل إرساء ثقافة العمل الجامعي الذي يقتيض إشاعة ثقافة عالئقية‬
‫جديدة تسمح باالختالف والتقبل املتبادل والتفاوض والحوار من أجل الوصول إىل توافقات‬
‫حول أهداف محددة وحول مرشوع وليس التوافق املطلق‪ ،‬بل توافق مينح كل فرد دورا مختلفا‬
‫يف سياق منظور تعددية متناغمة‪.‬‬
‫وينبثق مرشوع املؤسسة‪ ،‬الذي يسعى إىل تحقيق هذا التحول‪ ،‬عن تشاور ونقاش جامعي‬
‫‪ 90‬يقوده الفريق الرتبوي ويصادق عليه مجلس التدبري‪ .‬لذلك ميكن اعتبار مرشوع املؤسسة مبثابة‬
‫ميثاق محيل للمؤسسة‪ ،‬يغدو مرجعا للتفكري والفعل داخل املؤسسة‪ ،‬بل يصبح العنرص املحرك‬
‫مجلة علوم التربية‬

‫لديناميتها‪ .‬إن االشتغال حسب هذه اإلسرتاتيجية ليس من تقاليد مؤسساتنا التعليمية‪ ،‬وبالتايل‬
‫فإن إعداد مرشوع املؤسسة سيشكل مناسبة إلرساء هذا الفعل املعقلن والهادف يف تدبري‬
‫الشأن الرتبوي والتكويني داخل مؤسساتنا التعليمية‪ .‬لذلك يعترب ‪ CROISIER‬أن املرشوع‬
‫ينتج عن ما سامه ‹‹السريورة الجامعية للتعلم‪ ،‬مبعنى أنه ميكن الفاعلني املعنيني من اكتشاف‬
‫بل إبداع مناذج عالئقية جديدة ومنطق جديد أي قدرات جامعية جديدة››‪ .‬وبذلك سيمكن‬
‫إعداد املرشوع من خلق تحول يف التفكري ويف املواقف‪.‬‬
‫إن االشتغال حسب مرشوع سيجعل املؤسسة تتطور‪ ،‬وتعرف بنياتها ووظائفها تغيريا جوهريا‪،‬‬
‫كام أن الفاعلني أنفسهم يتطورون تحث تأثري الرغبة يف التغيري ومن خالل الوضعيات الجديدة‬
‫للعمل‪ ،‬إذ سيملكون كفايات جديدة من خالل الفعل واملحاولة والخطأ‪ ،‬ومن خالل املساعدة‬
‫الخارجية التي ينبغي أن تدعم هذا الفعل يف امليدان وليس فقط من خالل تكوين أكادميي‪ .‬إن‬
‫إنجاز أهداف املرشوع عىل أرض الواقع سيساهم يف تغيري عالقة املدرس بعمله وعالقة املدرسني‬
‫فيام بينهم والتي ينبغي أن تنبني عىل التعاون وتبادل الخربات‪ ،‬حيث أن االنتقال من نشاط‬
‫فردي إىل عمل جامعي يقود إىل تحول يف مواقف كل فرد ويف سلوك الجامعة‪.‬‬
‫وظائف م�شروع امل�ؤ�س�سة‪:‬‬
‫تحتل املؤسسة التعليمية مكانة ووظيفة محددة داخل املجتمع‪ ،‬ويعترب املرشوع مثرة لهذا‬
‫الوعي وأداة لتوضيح هذه الوظيفة وآلية لعقلنة وتنظيم هذه الوظيفة‪ .‬لذلك سيمكن املرشوع‬
‫من إثارة الوعي لدى املؤسسة بوظيفتها كأداة لرتجمة غايات النظام الرتبوي يف تربة محلية‬
‫لها خصوصيتها‪ ،‬وإثارة الوعي لدى كل فرد بالدور والوظيفة والوضع الذي يحتله داخل هذا‬
‫التنظيم الرتبوي‪ .‬إضافة إىل ذلك فإن وظيفة املرشوع تتمثل يف البحث بشكل جامعي عن‬
‫مسالك الفعل التي متكن من تحسني جودة التعليم وتحسني مستوى التالميذ خاصة املتعرثين‬
‫منهم‪ ،‬وذلك من خالل تخطيط جامعي يقوده الفريق الرتبوي‪ .‬إنه أداة إلحياء وخلق دينامية‬
‫جديدة تسعى إىل اإلجابة عن تحديات ورهانات كثرية كمسألة الجودة ومحاربة الفشل املدريس‬
‫والهدر املدريس إلخ‪ ،‬وذلك بالتكيف أكرث مع حاجات التالميذ‪.‬‬
‫كام ميكن املرشوع من خلق جو ومناخ سيكولوجي داخل املؤسسة وذلك من خالل تغيري‬
‫وتعميق كل العالقات املهنية يف اتجاه تقوية الشعور باالنتامء إىل الجامعة والقدرة عىل‬
‫التواصل واالنخراط‪ ،‬وخلق انسجام وتناغم بني مختلف رشكاء العملية الرتبوية‪ ،‬وخلق متفصل‬
‫‪91‬‬ ‫بني مختلف األنشطة املدرسية واألنشطة املوازية‪ ،‬وتوحيد كل الجهود يف اتجاه تحقيق األهداف‬
‫التي سطرها مرشوع املؤسسة‪.‬‬
‫مجلة علوم التربية‬

‫ويسعى املرشوع إىل تطوير العالقة بني املؤسسة ومحيطها‪ ،‬وذلك بالعمل عىل خلق صورة‬
‫إيجابية عن املؤسسة‪ ،‬صورة تتسم باملصداقية والقابلية واالستعداد إىل االستجابة إىل املتطلبات‬
‫الخارجية والداخلية‪ .‬ويف األخري مينح مرشوع املؤسسة إمكانية متابعة وتقييم الفعل الذي تقوم‬
‫به وتقويم هذا الفعل وتصويبه وتطويره‪.‬‬
‫الدور اجلديد لرئي�س امل�ؤ�س�سة‪:‬‬
‫إن إرساء تقاليد االشتغال مبرشوع املؤسسة يتوقف بالرضورة عىل إرادة وكفايات الفريق‬
‫الرتبوي وخاصة إرادة رئيس املؤسسة‪ .‬إذا مل تكن لرئيس املؤسسة إرادة حقيقية يف التغيري ومل‬
‫تكن له الكفاءة والخربة واملعرفة والثقافة التي يتطلبها هذا التجديد‪ ،‬سيظل االشتغال وفق‬
‫مرشوع املؤسسة حلام معلقا ومؤجال‪ ،‬كونه البوابة الذي يعرب عربها التغيري إىل املؤسسة‪.‬‬
‫إن الفعالية والتنظيم العقالين والوضوح الذي يسعى إىل إرسائهم مرشوع املؤسسة يحتم أن‬
‫يقوم رئيس املؤسسة بأدوار مختلفة وحاسمة منها‪ :‬وضع إسرتاتيجية للتغيري يستطيع من خاللها‬
‫قيادة التفكري والفعل معا داخل املؤسسة لجعل أهداف النظام الرتبوي قادرة عىل التكيف عىل‬
‫مستوى املؤسسة‪ .‬إضافة إىل ذلك وبحكم كونه املخاطب املبارش لكل الرشكاء داخل املؤسسة‬
‫وخارجها‪ ،‬فهو مطالب بأن يكون مدركا للعالقات اإلنسانية وميتلك كفايات يف تقنيات التواصل‬
‫تجعل منه محاورا ومنظام ووسيطا جيدا بني كل الرشكاء‪ .‬إذ يحاول خلق عالقات بني أشخاص‬
‫من حساسيات مختلفة‪ ،‬ويوفر رشوط التقارب بينها‪ ،‬سيام عندما تكون تقاليد الحوار والتفاوض‬
‫غري سائدة‪ .‬ويجعل وجهات النظر‪ ،‬عند إعداد مرشوع املؤسسة‪ ،‬تتقابل وتنفتح عىل أفق جديد‪.‬‬
‫لذلك يتطلب أن يكون مقنعا ومنفتحا وميتلك قدرة عىل توضيح مختلف األفكار املتداولة وقدرة‬
‫عىل اإلنصات‪ ،‬وقدرة عىل تدبري النزاعات واالختالفات‪ .‬كام ينبغي أن يكون رئيس املؤسسة عىل‬
‫استعداد للتخيل عن جزء من سلطته لصالح املجموعة الرتبوية‪ ،‬ليصبح منشطا لها وساهرا عىل‬
‫اندماجها ومسهال لعملية التجديد الرتبوي والبيداغوجي الذي ينشده مرشوع املؤسسة‪.‬‬
‫دور امل�ؤطرين‬
‫تقتيض االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة أن يصبح دور املؤطرين ( املفتشني) يتمحور‬
‫حول دعم مرشوع املؤسسة‪ ،‬كونه يتطلب التأطري التدبريي والبيداغوجي والرتبوي‪ .‬وينبغي‬
‫الكف عن حرص دور هذه الكفاءات يف زيارات خاطفة للمؤسسات ال معنى لها وال أي مفعول‪.‬‬
‫بل من املفرتض أن ترصف هذه الكفاءات يف التأطري الفعيل عرب تتبع إنجاز مرشوع املؤسسة‪،‬‬
‫‪92‬‬
‫سواء عىل املستوى البيداغوجي من خالل دعم األستاذ‪ ،‬وذلك للرفع من أدائه البيداغوجي‬
‫مجلة علوم التربية‬

‫يف أفق تحقيق األهداف الرتبوية التي خططها املرشوع‪ .‬أو عىل املستوى الرتبوي والتدبريي‬
‫من خالل دعم مجلس التدبري والفريق الرتبوي الذي يقود املرشوع داخل املدرسة‪ ،‬قصد إرساء‬
‫تقاليد االشتغال مبرشوع املؤسسة عىل األرض‪ ،‬كونه ينبني عىل تخطيط وتفاوض وإرشاك وتعبئة‬
‫وتقييم‪ ،‬أي يتأسس عىل إجراءات عملية ومعقلنة تقتيض التتبع واملرافقة عىل مستوى الفعل‪.‬‬
‫ومن املفرتض أن تسهر هيئة التأطري من كل التخصصات عىل ترجمة ذلك عىل األرض‪.‬‬
‫ال شك أن هذا االتجاه التجديدي ستواجهه مقاومة تنتج عن انجذاب الرشكاء الرتبويني أكرث‬
‫نحو استمرارية املألوف الذي ال يتطلب أي جهد إضايف‪ .‬كام تنتج عن اإلحساس بعدم القدرة‬
‫وعدم امتالك الكفايات التي يتطلبها التجديد‪ .‬وتنتج أيضا عن امليل والنزوع إىل تبني الحلول‬
‫السهلة واالستسالم للرتابة والخمول‪ .‬كل ذلك سيخلق وضعية يائسة ال تقوى عىل اإلقدام‬
‫واالنخراط‪ .‬وينضاف إىل ذلك غياب التحفيز الناتج عن عدم االعرتاف االجتامعي بالتجديد‪ .‬كل‬
‫ذلك سيشكل امتحانا الختبار إرادة السلطات الرتبوية يف التغيري‪ ،‬حيث غالبا ما تم إقبار كل‬
‫املحاوالت اإلصالحية السابقة بحجة قوة هذه املقاومة وغياب االستجابة‪.‬‬
‫وخالصة القول إن إنجاح اسرتاتيجية مرشوع املؤسسة يقتيض الكف عن املطالبة بالتغيري‬
‫عرب مذكرات يتيمة مآلها اإلتالف يف رفوف مكتب املدير‪ .‬إن أي إجراء إصالحي ال يرافقه التتبع‬
‫واملساءلة فمصريه الضياع كام جرت العادة يف املامرسات السائدة إىل حد اليوم (آخرها ‹‹تقويم‬
‫دراسة املستلزمات الدراسية›› الذي تتطلب كلفة مالية باهظة ومل نعد نسمع عنه شيئا)‪ .‬لذلك‬
‫تقتيض أجرأة «االسرتاتيجية الوطنية ملرشوع املؤسسة» إرادة حقيقية من طرف السلطات‬
‫الرتبوية إلرساء عىل األرض تقاليد االشتغال حسب مرشوع املؤسسة‪ ،‬انطالقا من االعتقاد بأنه‬
‫آلية فعلية لتنظيم التفكري والفعل لالرتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها املؤسسة التعليمية‬
‫من جهة‪ ،‬وكونه يهتم من جهة أخرى باملحيط املبارش للتلميذ الذي ينبغي أن يرقى إىل فضاء‬
‫أفضل ميكنه من التفتح والنمو واالستقاللية والحق يف املشاركة يف تدبري الحياة املدرسية‪ ،‬ألن‬
‫املدرسة تأسست أصال من أجله‪.‬‬
‫املراجع‪:‬‬
‫‪ - 1‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪.‬‬
‫‪ - 2‬املختار شعايل ‪ :‬التوجيه الرتبوي األسس النظرية واملنهجية ‪ ،‬منشورات «صدى التضامن» ‪ .‬شتنرب ‪2012‬‬
‫‪3 - Marc-Henry Brod et Francoise Gros : « Comment faire un projet‬‬
‫‪93‬‬ ‫‪d’établissement, » Chronique sociale, Lyon,1991‬‬
‫‪4 - Ministère de l’Education nationale, France : « le projet d’ecole » Hachette, 1992‬‬

You might also like