You are on page 1of 9

‫الإدارة الرتبوية‪:‬‬

‫بني هاج�س الو�صاية وطموح اال�ستقاللية‬


‫امل�صطفى عوام‬
‫باحث يف �سو�سيولوجيا الرتبية‬

‫تقديـم‬
‫توا�صل العديد من الأنظمة التعليمية العمل على �إعادة التفكري يف �أدوار وموا�صفات الفاعلني‬
‫يف الإدارات والتنظيمات املدر�سية‪ ،‬وكذا وظائفها ويف امل�س�ؤولني عن قيادتها‪ .‬لي�س فقط لتمكينهم‬
‫من امل�ؤهالت الالزمة ل�ضمان اندماجهم يف املجتمعات الدولية اجلديدة‪ ،‬بل �أي�ضا‪ ،‬لإنتاج منطق‬
‫فعل جديد قائم على ابتكار �أمناط تدبري ناجع و�سلطة فعالة داخل امل�ؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫امل�شاركة يف تنمية كل من امل�ؤ�س�سات التعليمية الأخرى املتواجدة يف اجلماعة املحلية وباقي املرافق‬
‫العمومية‪ ،‬انطالقا من �إبداع م�شاريع جتعل من الإدارة الرتبوية وجمال�س امل�ؤ�س�سة «�صانعة قرارات‬
‫النظام»)‪.(1‬‬

‫عرف م�سار تدبري ال�ش�أن الرتبوي يف النظام التعليمي باملغرب‪ ،‬خالل ع�رشية الإ�صالح‬
‫(‪ ،)2000-2009‬عدة م�ستجدات همت يف جانب �أ�سا�سي منها‪ ،‬تو�سيع نطاق امل�شاركة يف اتخاذ‬
‫القرار بتفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات �إىل الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والنيابات الإقليمية‬
‫وامل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬بعدما كانت حكرا على الإدارة املركزية‪ .‬وذلك ا�ستجابة لتوجهات امليثاق التي‬
‫�أكدت على �رضورة مالءمة الرتبية والتكوين مع حاجات كل جهة وخ�صو�صياتها‪.‬‬

‫متا�شيا مع ذلك‪ ،‬ثم �إحداث الأكادمييات اجلهوية مبقت�ضى قانون ‪ 07.00‬ومنحها �صفة‬
‫م�ؤ�س�سات عمومية تتمتع بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل املايل مع جعلها خا�ضعة لو�صاية الدولة‪.‬‬
‫كما مت العمل على تو�سيع �صالحيات امل�ؤ�س�سات التعليمية بناء على املر�سوم رقم ‪2.02.376‬‬
‫(‪17‬يوليو ‪ )2002‬الذي ين�ص على �إعادة النظر يف مهام الإدارة الرتبوية و�إحداث بنيات جديدة‬
‫لتدبري �ش�ؤون امل�ؤ�س�سة‪ .‬م�ستجدات تتطلب العمل على مراجعة �آليات اتخاذ القرار وما ي�ستلزمه ذلك‬
‫من �إعداد قيادات فاعلة يف م�ستويات متعددة‪ ،‬وتوفري مناخ عمل ي�شجع على بناء منطق جديد‬
‫ل�سلطة الفعل املدر�سي‪ ،‬بتعزيز ا�ستقاللية امل�ؤ�س�سة التعليمية يف تدبري م�شاريعها واالرتقاء ب�أداء‬
‫مكوناتها و�إجناح �أ�شكال انفتاحها‪ ،‬حمليا ودوليا‪.‬‬

‫‪1- OCDE, (2008), Améliorer la direction des établissements scolaires, V.2 : études de cas‬‬
‫‪sur la direction des systèmes, Paris, P.3.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ .1‬الإدارة الرتبوية‪ :‬ت�صريف ل�سلطة املركزي �أم تفعيل ال�ستقاللية‬
‫التدبري ؟‬
‫يف الوقت الراهن‪ ،‬ومع تطور متطلبات املجتمع وتعقد �إكراهاته‪ ،‬عملت بع�ض التقارير الدولية‬
‫على �إفراد جانب هام من ان�شغاالتها املتعلقة بالأنظمة التعليمية للإدارة الرتبوية‪ ،‬باعتبارها حجر‬
‫الزاوية يف بناء م�رشوع امل�ؤ�س�سة والإ�رشاف على ت�رصيف القرارات املتخذة على نحو جيد‪� .‬إذ الزالت‬
‫تعاين العديد من امل�ؤ�س�سات التعليمية من كون غالبية مديريها لديهم تكوين بيداغوجي تعليمي‬
‫ال يوفر لهم الكفايات الالزمة لتدبري الوظائف الإدارية ذات ال�صلة بقيادة التعليم والتعلم‪ ،‬وتدبري‬
‫املوارد وحتديد الأهداف‪ ،‬وقيا�س حالة تقدم امل�ؤ�س�سة‪ ،‬وتوجيهها‪ ،‬وحتقيق �سبل التعاون بني الفاعلني‬
‫و�رشكاء امل�ؤ�س�سة)‪.(2‬‬

‫غالبا ما يحيل املدلول املادي للإدارة الرتبوية على مدير امل�ؤ�س�سة التعليمية بالأ�سا�س باعتباره‬
‫امل�س�ؤول عن �إدارتها‪ ،‬يف حني �أن املق�صود بالإدارة‪ ،‬هنا‪ ،‬الفاعلون الذين تتوزع بينهم �سلطة التدبري‬
‫والت�سيري‪ ،‬من داخل امل�ؤ�س�سة وخارجها‪.‬‬

‫ت�شمل الإدارة �أفرادا لديهم مهام و�صالحيات متعددة‪ ،‬وال�سيما مدير امل�ؤ�س�سة وم�ساعديه‪،‬‬
‫الفرق الإدارية‪ ،‬جمال�س امل�ؤ�س�سة �أو الإدارة‪ ،‬املوظفني املكلفني مبهام الت�أطري داخل امل�ؤ�س�سة)‪(3‬؛‬
‫ينتظر منهم القيام بتدبري متقا�سم ل�ش�ؤون امل�ؤ�س�سة التعليمية على نحو يتنا�سب مع �إقرار الالمتركز‪،‬‬
‫وما يتطلبه من قدرات تدبريية عالية وا�ستقاللية يف اتخاذ القرار‪ ،‬وتر�سيخ امل�س�ؤولية‪ ،‬والتقومي‬
‫املنتظم‪ .‬يف حني ُينظر للإدارة الرتبوية‪ ،‬بالأ�سا�س‪ ،‬كجهاز �إداري تنح�رص مهمته يف تنفيذ قرارات‬
‫الوزارة الو�صية وتكييفها مع �إمكانات اجلهة ومواردها �إن اقت�ضى احلال‪ ،‬بدل اعتبارها‪:‬‬

‫• م�صدرا �أ�سا�سيا ملعرفة مدى جناعة احلكامة املعتمدة جهويا ومركزيا‪ ،‬والتدابري امل�ؤطرة لها‪،‬‬

‫• امل�س�ؤول املحلي‪ ،‬داخل امل�ؤ�س�سة‪ ،‬القرتاح �أجنع ُ�سبل الرفع من مردوديتها وت�أطري �أ�شكال التعبئة‬
‫الإدارية واملواكبة الرتبوية الداعمة ملهام جمال�س امل�ؤ�س�سة‪،‬‬

‫• حمور املقاربة ال�صاعدة يف �إعداد املخططات اال�سرتاتيجية للرتبية والتكوين‪ ،‬وتنظيم العالقة‬
‫الإدارية بني كل من املركزي واجلهوي واملحلي‪ ،‬وكذا حتديد حاجاتها من التكوين واملوارد‬
‫والربامج‪� ،‬إلخ‪.‬‬

‫يف حني �أن منط التدبري ال�سائد يف الإدارة الرتبوية‪ ،‬والتي تعك�س يف جانب هام منها منطق‬
‫ا�شتغال النظام التعليمي يف املغرب‪ ،‬يك�شف عن ا�ستمرار هاج�س الدولة �ضمان احل�ضور املو�سع‬
‫للفاعلني يف هياكل الإدارة الرتبوية وجمال�س امل�ؤ�س�سة‪ ،‬بغر�ض تقلي�ص ظهور �رصاعات جانبية وكذا‬

‫‪2- Idem, P.121.‬‬


‫‪3- OCDE, (2008), Améliorer la direction des établissements scolaires, V.1 : Politiques et‬‬
‫‪Pratiques, Paris, P.21.‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫• يوليوز‬ ‫‪11‬‬ ‫العدد‬


‫للتعبري عن دمقرطة التدبري الداخلي للم�ؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬وحر�صا على جناح مهام الوزارة الو�صية‬
‫يف موا�صلة ت�رصيف �سلطة املركزي يف املحلي املدر�سي)‪.(4‬‬

‫كما �سبقت الإ�شارة‪ ،‬عرف منط التدبري منذ �سنة ‪ 2003‬حتوال من التدبري املمركز �إىل التدبري‬
‫اجلهوي‪ ،‬بعد �إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين وكذا تو�سيع �صالحيات امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية‪ .‬مع ذلك‪ ،‬الزالت ا�ستقاللية �إعداد م�شاريع امل�ؤ�س�سات التعليمية وميزانياتها تتحكم يف‬
‫�أمناط تدبريها �أ�ساليب تقليدية‪� ،‬إىل جانب �صعوبات �أخرى نذكر منها‪ :‬ــ �ضعف ت�أهيل الأطر‬
‫الإدارية والرتبوية؛ ــ نق�ص يف �آليات القيادة والتدبري؛ ــ تدبري متمركز وتردد يف نقل الكفايات‬
‫ال�رضورية �إىل الإدارة الرتبوية؛ ــ وجود هام�ش �ضيق للمبادرة اجلهوية واملحلية؛ ــ م�ساطر �إدارية‬
‫معقدة وغري ناجعة‪ ،‬وكذا غياب املرونة والتن�سيق الالزمني بني خمتلف بنيات التدبري؛ ــ برامج‬
‫عمل مت�شابهة لدى العديد من امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ .‬تعك�س هذه ال�صعوبات االختالف الوا�ضح يف‬
‫طبيعة التدبري الذي تت�صف به غالبية امل�ؤ�س�سات التعليمية‪� ،‬إذ ميكن التمييز فيها بني منطني من‬
‫التدبري‪ :‬تقليدي وحديث‪.‬‬

‫خ�صائ�ص التدبريين التقليدي واحلديث‬

‫خ�صائ�ص التدبري احلديث‬ ‫خ�صائ�ص التدبري التقليدي‬


‫(الإدارة احلديثة)‬ ‫(الإدارة التقليدية)‬
‫‪ -‬غلبة مهام ممار�سة ال�سلطة واالنفراد بالقرار ‪ -‬قيام املدير(ة) ب�أدوار قيادية يف التدبري‪،‬‬
‫باعتباره قائدا من�سقا وم�شجعا ومن�شطا‬ ‫على �سلوك املدير(ة) الآمر واملراقب ر�سميا‬
‫يعترب الإدارة و�سيلة خلدمة التعليم والتعلم‬ ‫لتطبيق امل�ساطر وفق �سلوك املدير الرئي�س‪.‬‬
‫وفق �سلوك املدير القائد‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد املفهوم احلديث للإدارة والقيادة‬ ‫ ‪ -‬اعتماد مفهوم الت�سيري‬
‫(‪)Management‬‬ ‫(‪)Administration-Gestion‬‬

‫‪ -‬القيام باملهام التقنية والإجراءات الروتينية ‪ -‬القيام بوظائف ومهام و�أدوار متنوعة‪ ،‬ترتكز‬
‫على التقنيات احلديثة يف التدبري كاعتماد‬ ‫وتطبيق التعليمات الواردة من �إدارة عليا‪،‬‬
‫الأ�سلوب القيادي واملقاربة الت�شاركية‬ ‫مع �سيادة النزعة البريوقراطية‪.‬‬
‫لتحقيق نتائج �إيجابية والعمل على تعميقها‬
‫وتطويرها با�ستمرار‪.‬‬
‫ ‪ -‬القيام مبهام حمددة �إداريا دون �أخذ ‪ -‬ا�ستلزام �أخذ املبادرة والتطوير والإبداع‪.‬‬
‫املبادرة‪.‬‬

‫‪ - 4‬عوام (امل�صطفى)‪ ،)2011( ،‬دور جمال�س التدبري يف تغيري املحـددات التنظيميـة للم�ؤ�س�سـات التعليميـة بـالثانوي الت�أهيلي‬
‫العمومي ــ مقاربة �سو�سيولوجية‪� ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية علوم الرتبية‪ ،‬جامعة حممد اخلام�س ــ ال�سوي�سي‪ ،‬الرباط‪� ،‬ص‪.316 .‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬الرتكيز على الإجراءات وامل�ساطر ال�شكلية ‪ -‬القيام بعمليات منظمة ومتكاملة ت�شمل‪:‬‬
‫التخطيط‪ ،‬والتنتظيم‪ ،‬والتنفيذ‪ ،‬واملراقبة‪،‬‬ ‫وتنفيذ التعليميات‪ .‬‬
‫والتقومي‪ ،‬والتتبع‪.‬‬
‫ ‪ -‬اعتماد املقاربة الت�شاركية والعمل بامل�شاريع‪.‬‬ ‫ ‪ -‬اعتماد العمل الفردي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم ا�ستلزام التمكن من جماالت معرفية ‪ -‬ا�ستلزام الإملام مبجاالت معرفية متنوعة‬
‫منها علم الإدارة وفروع علم النف�س‬ ‫خمتلفة‪.‬‬
‫والقانون الإداري‪.‬‬
‫‪ -‬قلة االهتمام بالنجاعة والفعالية‪ ،‬واعتماد ‪ -‬اعتماد ثقافة «املقاولة» والتدبري الفعال‬
‫للموارد الب�رشية عن طريق التوا�صل اجليد‬ ‫تقومي امل�ؤ�س�سات على االلتزام بالتعليمات‪.‬‬
‫واحلفز والتقومي القائم على النتائج والفعالية‬
‫يف ا�ستعمال املوراد املادية واملالية‪.‬‬
‫‪ -‬تركيز �سلطة القرار بني يدي �شخ�ص واحد ‪ -‬تخويل ق�سط كبري من �سلطة القرار‬
‫للم�ؤ�س�سة نف�سها‪ ،‬وغالبا ما تكون هذه‬ ‫غالبا ما يكون يف �إدارة عليا �ضمن الهرم‬
‫ال�سلطة مق�سمة بني مكونات وجمال�س‬ ‫الإداري (�سيادة النظام املركزي)‪.‬‬
‫�ضمن مقاربة ت�شاركية غري متمركزة‪.‬‬
‫امل�صدر‪ :‬وزارة الرتبية الوطنية‪ ،)2008( ،‬م�شروع امل�ؤ�س�سة والتعبئة االجتماعية لتح�سني جودة التعلم‪،..‬‬
‫مديرية العمل الرتبوي‪� ،‬ص�ص‪.15-16.‬‬

‫تكمن �أهمية �أدوار الإدارة الرتبوية‪ ،‬كما يبني اجلدول �أعاله‪ ،‬يف حت�سني جودة التعليم‬
‫املدر�سي وحتقيق الإن�صاف بني املتعلمني‪ ،‬وفق تدبري قيادي قائم على �إ�رشاك حقيقي للفاعلني وكذا‬
‫ح�سن ا�ستعمال م�س�ؤولية اتخاذ القرار امل�شرتك‪ .‬كما يتعني على مدير امل�ؤ�س�سة التعليمية �أن يكون‬
‫متمكنا من ر�صيد غني من املعارف واملهارات الالزمة يف جمال الربامج‪ ،‬والبيداغوجيا‪ ،‬والتعلم‬
‫اخلا�ص بالأطفال وال�شباب‪ ،‬وتدبري التغري‪ ،‬ودينامية املجموعات‪ ،‬وتقنيات التوا�صل‪� ،‬إلخ‪.‬‬
‫)‪(5‬‬

‫�إىل جانب ذلك‪ ،‬فقد �صار املدير مدعوا للقيام مبهام التخطيط‪ ،‬وو�ضع امليزانية‪ ،‬وتدبري املوارد‬
‫الب�رشية‪ ،‬والتعريف ب�إمكانات امل�ؤ�س�سة التي يديرها‪ ،‬والبحث عن متويالت �إ�ضافية بغية ا�ستثمارها‬
‫يف موا�صلة الرفع من مردودية الأطر الإدارية والرتبوية وحت�سني جودة تعلمات التالميذ)‪ ،(6‬بدل‬
‫اال�ستمرار يف االن�شغال بتنفيذ الربامج والتوجيهات ذات الطابع املركزي التي قد ال ت�ضمن بال�رضورة‬
‫تغيري واقع املمار�سات ومنطق الفعل املدر�سي يف �شموليته؛ لكون القيادة التي تعتمد الإ�رشاك املرغم‬
‫يف م�ستوى الإدارة الرتبوية تظل املعرب الأمثل عن التغيري الوهمي لو�ضع كل م�ؤ�س�سة تعليمية‪ ،‬بل‬
‫ولأي نظام تعليمي قائم‪.‬‬

‫ ‪5-‬‬
‫‪6- OCDE, (2009), Améliorer la direction des établissements scolaires, la boîte à outils,‬‬
‫‪P.37.‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫• يوليوز‬ ‫‪11‬‬ ‫العدد‬


‫وانطالقا من العمل على ا�ستثمار الرغبة ال�شخ�صية للمدير‪ ،‬وم�ؤهالته الفردية‪ ،‬وقدراته‬
‫اال�سرتاتيجية يف ت�أطري الإدارة الرتبوية‪ ،‬بغية متكينه من تقدمي �أف�ضل ما لديه لتحقيق‪ :‬جودة‬
‫تدبري �سريورة التعليم والتعلم‪� ،‬إتقان العمل اجلماعي‪ ،‬حت�سني و�ضعية امل�ؤ�س�سة؛ ف�إن طموحات‬
‫الإدارة الرتبوية النموذجية ت�ستدعي عدم االقت�صار على �أن يكون مدير امل�ؤ�س�سة حامال لآمال‬
‫وو�سائل عمل من �ش�أنها �أن حتقق �أهداف م�رشوع امل�ؤ�س�سة‪ ،‬بل �أي�ضا‪ ،‬العمل من �أجل امل�ساواة بني‬
‫املتعلمني واحلر�ص على اندماجهم بالرتكيز على تغيري بيئة امل�ؤ�س�سة وا�ستثمار ر�صيدها الثقايف‪،‬‬
‫مع الوعي بقيمة اجلماعات العاملة يف حميطها)‪ (7‬وب�سلطة فعلها‪ ،‬واحلر�ص على ا�ستثمار �إمكانات‬
‫م�شاركتها يف الأن�شطة ال�سنوية‪ ،‬وفق تعاقدات غايتها الإ�سهام يف االرتقاء باملدر�سة‪ ،‬مبا ي�ضمن‬
‫ح�سن توظيف مكونات املجتمع املحلي ودمج خمتلف الفاعلني يف م�شاريع امل�ؤ�س�سات التعليمية‬
‫لإنتاج �أمناط جديدة من التدبري املتقا�سم وللإ�سهام يف االرتقاء بالنظام التعليمي ككل‪.‬‬

‫�إىل جانب ذلك‪ ،‬يتطلب تعزيز ا�ستقاللية امل�ؤ�س�سة تقوية قدرات كافة الأطر الإدارية والرتبوية‬
‫يف جماالت التخطيط والتنظيم والتدبري والتتبع والتقومي مع متكينها من املوارد التدبريية والريادية‬
‫الالزمة‪ ،‬دون �إغفال القيام مبراجعة عميقة و�شاملة لأمناط التدبري والت�سيري ال�سائدة يف امل�صالح‬
‫الداخلية واخلارجية التابعة للوزارة الو�صية والقطاعات ال�رشيكة لها‪.‬‬

‫‪ .2‬حكامة الإدارة الرتبوية وم�س�ألة «امل�ساواة الرتابية» بني امل�ؤ�س�سات‬


‫التعليمية‬
‫لي�ست احلكامة اجليدة يف جمال التعليم مفهوما جمردا‪ ،‬فهي تعني‪ ،‬هنا‪� ،‬أن ُيكفل‬
‫مت�ساو ويف خمتلف املناطق‪ ،‬االلتحاق مبدار�س حتظى بتمويل جيد وت�ستجيب‬
‫ِ‬ ‫للأطفال‪ ،‬ب�شكل‬
‫لالحتياجات املحلية‪ ،‬ويعمل فيها مدر�سون م�ؤهلون ومتحم�سون‪ .‬وتعني �أي�ضا‪ ،‬توزيع �سلطة اتخاذ‬
‫القرار على كافة م�ستويات النظام التعليمي‪ ،‬بدءاً من الوزارة وو�صوال �إىل املدر�سة واملجتمع املحلي‪،‬‬
‫يف �إطار تدبري يراعي توازن التدخل بني املركزي واملحلي‪ ،‬وتكامل الأدوار فيما بينهما‪.‬‬

‫تتنوع �أ�شكال الالمركزية يف العديد من البلدان بح�سب نظام احلكم ال�سيا�سي اخلا�ص بكل‬
‫بلد على حدة‪ ،‬وتعني بالأ�سا�س‪ ،‬يف �شكلها العام‪ ،‬نقل م�س�ؤوليات التخطيط‪ ،‬التدبري والت�سيري‪،‬‬
‫التمويل‪ ،‬تخ�صي�ص املوارد‪ ،‬من الإدارة املركزية �إىل التنظيمات اجلهوية واملحلية‪ ،‬عمومية �أو خا�صة‪،‬‬
‫�إما باالحتفاظ ب�سلطة و�صاية الدولة �أو يف �إطار ا�ستقاللية جزئية �أو كلية‪.‬‬

‫يتحدد الغر�ض من الالمركزية‪ ،‬بالأ�سا�س‪ ،‬يف التخفيف من �صالحيات الدولة يف تدبري النظام‬
‫التعليمي بنقل جزء هام منها �إىل الفاعلني املحليني‪ ،‬جراء تزايد �أعداد امل�ؤ�س�سات التعليمية والبنيات‬

‫‪7- OCDE, (2008), Améliorer la direction des établissements scolaires, V.2, Op.Cit,‬‬
‫‪P.36.‬‬
‫‪ - 8‬اليون�سكو‪� ،)2009( ،‬أهمية احلوكمة يف حتقيق امل�ساواة يف التعليم (ملخ�ص)‪ ،‬التقرير العاملي لر�صد التعليم للجميع‪� ،‬ص‪.24 .‬‬

‫‪30‬‬
‫الإدارية امل�ؤطرة لها‪ ،‬وكذا احلاجة �إىل �ضمان جودة الرتبية يف الأنظمة التعليمية الأكرث ن�ضجا)‪،(9‬‬
‫�رشط متكنها من �أجود املوارد و�أف�ضل التكوينات و�أهم �سبل الدعم و�أجنع طرائق التتبع والتقومي‪.‬‬

‫رغم املبادرات الرامية �إىل تفعيل الالمركزية والالمتركز يف هياكل الإدارات العمومية واجلماعات‬
‫املحلية وكذا يف �أ�ساليب ا�شتغال كل منهما‪ ،‬مل يتمكن النظام التعليمي يف املغرب من �إر�ساء حكامة‬
‫ميكنها يف الأمد املنظور من ا�ستقاللية يف انتقاء املوارد‬
‫جيدة ت�ضمن للم�ؤ�س�سات التعليمية ت�أهيال َ‬
‫و�إعداد الكفايات القادرة على اال�ستجابة للتخطيط اال�سرتاتيجي والتدبري بالنتائج والتقومي املبني‬
‫على امل�شاريع‪.‬‬

‫ما من �شك �أن الو�ضع احلايل للإدارة الرتبوية ي�ستلزم �إعطاء احلكامة مزيدا من الأهمية‪،‬‬
‫وال�سيما يف اعتماد نظام معلوماتي مندمج وفعال‪ ،‬ونقل املزيد من امل�س�ؤوليات وال�صالحيات من‬
‫الإدارة املركزية �إىل الأكادمييات والنيابات وامل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬والتكوين الفعلي لأطرها ب�شكل‬
‫منتظم وهادف‪ ،‬مع اعتماد التعاقد ك�آلية م�ؤطرة ملخططات العمل بني هذه امل�ستويات الثالثة يف‬
‫تدبري ال�ش�أن املدر�سي‪ .‬وكذا حفز امل�ؤ�س�سة التعليمية مبنحها هام�شا �إ�ضافيا للت�رصف واملبادرة‪ ،‬مع‬
‫تخ�صي�ص اعتمادات مالية قارة لها و�إعطائها �صالحيات متكنها من �رصفها بطريقة مبا�رشة وفق‬
‫نظام للتتبع واملحا�سبة‪ ،‬دون �إغفال تفعيل ال�شبكات املحلية للرتبية والتكوين وجعلها قائمة على‬
‫نهج املقاربة الت�صاعدية يف التخطيط)‪ ،(10‬علما �أن هذه ال�شبكات مل يتم تفعيلها �إىل الآن‪ ،‬بالرغم‬
‫من ت�أكيد امليثاق على �رضورة �إحداثها)‪.(11‬‬

‫مهما يكن من �أمر‪ ،‬ال يكفي تخويل الإدارة الرتبوية �صالحيات �أو�سع بغر�ض حتميلها‬
‫م�س�ؤولية اتخاذ القرار و�إلزامها بتدبري �إكراهاتها بح�سب حاجاتها و�إمكاناتها‪� ،‬أو بعبارة �أدق‪،‬‬
‫االن�شغال ب�إجناح عملية نقل ال�رصاع بني املركزي واملحلي �إىل اجلهوي واملحلي‪ ،‬بل الأمر بحاجة‬
‫�إىل مراجعة عقالنية وجمددة ملهام الإدارة الرتبوية و�أدوارها‪ ،‬وفق ت�أطري قائم على �إعداد فاعلني‬
‫فعليني وقيادات فعلية‪ :‬م�ؤهلة‪ ،‬ومنفتحة‪ ،‬ومبدعة‪ ،‬وطموحة‪ ،‬ومواطنة‪ .‬وذلك من داخل منطق‬
‫جديد للفعل االجتماعي يف �شموليته‪ ،‬قائم على االقتناع ب�رضورة تقا�سم امل�س�ؤولية يف اتخاذ القرار‬
‫وتوفري التكوينات ذات اجلودة العالية يف التدبري والت�سيري و�إعداد امل�شاريع‪ ،‬وتوفري املوارد امل�شجعة‬
‫على النهو�ض بال�ش�أن املدر�سي‪.‬‬

‫�إ�ضافة ملا �سبق‪ ،‬ولكي ترتقي امل�ؤ�س�سة التعليمية �إىل م�ستوى جودة �أدائها ال�شامل‪ ،‬تظل‬
‫بحاجة �إىل نظام تعليمي ي�ستجيب لالحتياجات احلقيقية وقابل للم�ساءلة ومبني على نهج ت�شاركي‬

‫‪9- MONS (Nathalie), (2004), «Politiques de décentralisation en éducation : diver-‬‬


‫‪sité internationale, légitimations théoriques et justifications empiriques», in Revue‬‬
‫‪Française de Pédagogie, n°146, janvier-février-mars,PP.42 et 43.‬‬
‫‪ -10‬وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني‪( ،‬دجنرب‪ ،)2013‬تقرير ع�رشية �إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين ــ ح�صيلة تفعيل‬
‫امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ‪� ،2012-2000‬ص‪( .82.‬غري من�شور)‬
‫‪ -11‬اململكة املغربية‪ ،‬اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‪ ،)2000( ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪� ،‬ص‪.69.‬‬

‫‪31‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫• يوليوز‬ ‫‪11‬‬ ‫العدد‬


‫تام)‪ ،(12‬يحر�ص على �ضمان امل�ساواة بني املناطق الرتبوية يف توفري املوارد املادية والب�رشية‪� .‬إذ �إن نقل‬
‫امل�س�ؤوليات املالية‪ ،‬مثال‪ ،‬ميكن �أن يعمق �أ�شكال التفاوت بالنظر �إىل �أن اجلماعات الغنية قد تكون‬
‫الأقدر على تعبئة �أف�ضل املوارد التي توجد يف جمالها الرتابي)‪.(13‬‬

‫ما من �شك �أن الإدارة الرتبوية تظل بحاجة م�ستمرة لتح�سني �أداء مواردها الب�رشية‪ ،‬من داخل‬
‫نف�س املنظور الذي مت الت�أكيد عليه منذ البداية‪ ،‬وذلك يف �إطار منطق فعل جديد يحر�ص على‬
‫تر�سيخ ما يلي‪� :‬إرادة التعلم التعاوين؛ الإ�رشاك القبلي للفاعل؛ التقا�سم الفعلي للم�س�ؤولية؛ تقدمي‬
‫احل�ساب العقالين؛ القدرة على املبادرة التلقائية؛ موا�صلة حتقيق الأداء الناجع؛ �إلخ)‪.(14‬‬

‫تعميقا لنف�س املقاربة‪ ،‬ميكن ا�ستثمار بع�ض العنا�رص املنهجية التي �أكد عليها تقرير �صادر‬
‫عن منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية‪ ،‬بغر�ض املزيد من حت�سني �أداء الإدارة الرتبوية‪ ،‬كما يو�ضح‬
‫ذلك امل�ؤطر التايل‪:‬‬

‫�أربع و�سائل لتح�سني �أداء �إدارة امل�ؤ�س�سة التعليمية‪:‬‬


‫‪ .1‬حتديد �أو �إعادة حتديد امل�س�ؤوليات املوكولة للإدارة الرتبوية‪ :‬الت�شجيع على املزيد من‬
‫ا�ستقالليتها؛ تقوية وظائف الإدارة التي تعمل على حت�سني نتائج التعلم (�أ‪ .‬دعم‪ ،‬تقومي‬
‫وحت�سني م�ستوى جودة املدر�سني؛ ب‪ .‬تدقيف الأهداف‪ ،‬تقومي النتائج وحتميل امل�س�ؤولية؛‬
‫ج‪ .‬التدبري اال�سرتاجتي للموارد؛ د‪ .‬الت�أطري خارج ف�ضاء امل�ؤ�س�سة‪ :‬الإدارة الن�سقية)؛ توفري‬
‫الأطر القادرة على حت�سني حتديد امل�س�ؤوليات؛‬
‫‪ .2‬توزيع الوظائف املوكولة للإدارة الرتبوية‪ :‬تخفيف العبء على مدير امل�ؤ�س�سة؛ توزيع‬
‫وظائف الإدارة لتقوية فعالية امل�ؤ�س�سات؛ م�ساعدة جمال�س امل�ؤ�س�سة للقيام ب�أدوارها؛‬
‫جعل ال�سيا�سات العمومية تعك�س توزيع الوظائف؛‬
‫‪ .3‬تطوير الكفايات ل�ضمان �إدارة فعالة للم�ؤ�س�سات‪ :‬تقوية �أداء الفاعلني عن طريق الإتقان‬
‫املهني؛ حتليل احلاجات وال�سياق؛ ا�ستيعاب تطوير كفايات الإدارة يف �شكل عمليات‬
‫مت�صلة‪ ،‬تت�ضمن‪ :‬التكوين الأ�سا�س‪ ،‬الإندماج‪ ،‬التكوين �أثناء مزاولة املهنة؛ ال�سهر على‬
‫�ضمان التما�سك وجودة اخلدمة؛ تنويع ا�سرتاتيجيات التكوين يف �إدارة امل�ؤ�س�سة؛‬
‫‪ .4‬جعل �إدارة امل�ؤ�س�سة التعليمية مهنة جذابة‪ :‬التخطيط لتعوي�ض مديري امل�ؤ�س�سات؛ متهني‬
‫م�ساطر التوظيف؛ جعل �أجور مديري امل�ؤ�س�سات جذابة؛ االعرتاف ب�إ�سهام التنظيمات‬
‫املهنية؛ تقدمي �أفاق مهنية مرنة‪.‬‬
‫‪OCDE, (2009), Améliorer la direction des établissements scolaires, la boîte‬‬
‫‪à outils.‬‬

‫‪ -12‬اليون�سكو‪ ،)2009( ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.25.‬‬


‫‪ - 13‬نف�س املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.27.‬‬
‫‪ - 14‬عوام (امل�صطفى)‪ ،)2011( ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص�ص‪.166-165.‬‬

‫‪32‬‬
‫ويف �أفق حتقيق �إدارة تربوية مبوا�صفات جديدة‪ ،‬يتعني القيام مبا يلي‪:‬‬

‫• الت�أهيل الفعلي للفاعلني الإداريني والرتبويني وتقوية ال�صالحيات وال�سلط املخولة لهم؛‬
‫• مراجعة م�رشوعية قيادة امل�ؤ�س�سة وموا�صفاتها؛‬
‫• تفادي هيمنة الطابع اال�ستعجايل على منهجية الإ�صالحات املزمع القيام بها‪ ،‬مبا يف ذلك املنظور‬
‫الأحادي يف اتخاذ القرارات والتعاقدات املرغمة وال�شكلية التي تكون الإدارة الرتبوية ملزمة‪� ،‬أمام‬
‫الإدارة املركزية‪ ،‬باملوافقة عليها من دون معرفة مدى قدرتها على االنخراط فيها‪ ،‬وكذا العمل‬
‫مببد�أ التجريب قبل التعميم‪.‬‬

‫خامتـــة‬
‫ما من �شك �أن املوا�صفات اجلديدة ملديري امل�ؤ�س�سات التعليمية ت�ستوجب �ضمان جودة‬
‫التكوين املنتظم لهذه الهيئة‪ ،‬و�إعداد خمططات وا�ضحة مل�ستقبل مهن الإدارة الرتبوية‪ ،‬وو�ضع‬
‫تدابري ناجعة لإجناح انخراط جيل جديد من الأطر يف حتمل م�س�ؤولية �إدارة وتدبري امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية؛ مع �رضورة �ضمان توازن يف توزيع ال�سلطة بني املركزي واملحلي‪ ،‬ب�إبداع مقاربات حقيقية‬
‫لتقا�سم االخت�صا�صات‪ ،‬من قبيل حتديد مهام الإدارة املركزية يف �صياغة الربامج الدرا�سية ومراقبة‬
‫جودة التعليم والتعلمات وفق �إ�شهادات وطنية‪ ،‬مقابل اقت�صار عمل امل�صالح اجلهوية وامل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية على تدبري املوارد و�إعداد املناهج)‪ ،(15‬دون �إغفال احلر�ص على امل�ساواة بني اجلهات‬
‫واملناطق يف تخ�صي�ص الإمكانات املالية واملادية الالزمة لالرتقاء مب�س�ؤولياتها يف الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫يكمن رهان الإدارة الرتبوية‪ ،‬اليوم‪ ،‬يف جتاوز القيام ب�أدوار الزالت تكت�سي لدى العديد من‬
‫امل�ؤ�س�سات التعليمية طابعا انفعاليا‪ ،‬بوظائف غالبا ما تكون �ضبطية‪ ،‬و�صالحيات قلما تكون غري‬
‫ميكانيكية‪ ،‬بحكم ثقل و�صاية �سلطة كل من الأكادميية والإدارة املركزية‪ ،‬و�ضعف امل�ساواة الرتابية‬
‫بني املناطق‪ ،‬وغياب التكوينات الر�صينة القادرة على متكني �أطر امل�ؤ�س�سة من �سلطة اتخاذ القرار‬
‫الفعلي وذلك بتقوية الإ�ستقاللية يف �إطار امل�س�ؤولية‪ ،‬و�إر�ساء نظام معلوماتي متكامل ومندمج‪،‬‬
‫مع مراجعة حقيقية لو�ضع هيئة ومهن الإدارة الرتبوية وجتديد فعلي لأمناط التدبري والقيادة يف‬
‫كافة م�ستويات اتخاذ القرار‪ ،‬بدل موا�صلة «جتميل» امل�آالت ال�صعبة لأو�ضاع النظام التعليمي يف‬
‫املغرب ومن داخله الإدارة الرتبوية باعتبارها اللبنة الأ�سا�س لت�رصيف ال�سيا�سات العمومية يف جمال‬
‫الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫يبدو �أن تزايد �أ�شكال تعرث تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية وت�سيريها‪ ،‬والتدين العام الذي انعك�س‬
‫على مردوديتها‪ ،‬وتوايل �أمناط الإ�صالحات املرغمة وما حلقها من تدابري ا�ستعجالية‪ ،‬قد يعني‬
‫حر�ص النظام التعليمي يف املغرب على اال�ستمرار يف �إعطاء الأولوية لتغيري الآليات وجتديد التقنيات‬
‫وتنويع املقاربات على ح�ساب تغري منطق نظام الفعل االجتماعي برمته‪.‬‬

‫‪15- MONS (Nathalie), Op. cit, P.50.‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫• يوليوز‬ ‫‪11‬‬ ‫العدد‬


‫املراجع وامل�صادر‬
‫• اململكة املغربية‪ ،‬اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‪ ،)2000( ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪.‬‬
‫ ‬
‫• اليون�سكو‪� ،)2009( ،‬أهمية احلوكمة يف حتقيق امل�ساواة يف التعليم (ملخ�ص)‪ ،‬التقرير العاملي لر�صد التعليم للجميع‪.‬‬
‫ ‬
‫• عوام (امل�صطفى)‪ ،)2011( ،‬دور جمال�س التدبري يف تغيري املحددات التنظيمية للم�ؤ�س�سات التعليمية بالثانوي الت�أهيلي‬
‫ ‬
‫العمومي ــ مقاربة �سو�سيولوجية‪� ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية علوم الرتبية‪ ،‬جامعة حممد اخلام�س ــ ال�سوي�سي‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫• وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني‪( ،‬دجنرب ‪ ،)2013‬تقرير ع�رشية �إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين ــ ح�صيلة‬
‫ ‬
‫تفعيل امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ‪( .2000-2012‬غري من�شور)‬
‫• وزارة الرتبية الوطنية‪ ،)2008( ،‬م�رشوع امل�ؤ�س�سة والتعبئة االجتماعية لتح�سني جودة التعلم‪ ،..‬مديرية العمل الرتبوي‪.‬‬
‫ ‬
‫‪• MONS (Nathalie), (2004), «Politiques de décentralisation en éducation : diversité‬‬
‫‪internationale, légitimations théoriques et justifications empiriques», in Revue‬‬
‫‪Française de Pédagogie, n°146, janvier-février-mars.‬‬

‫‪• OCDE, (2008), Améliorer la direction des établissements scolaires, V.2 : études‬‬
‫‪de cas sur la direction des systèmes, Paris.‬‬

‫‪• OCDE, (2008), Améliorer la direction des établissements scolaires, V.1 :‬‬
‫‪Politiques et Pratiques, Paris.‬‬

‫‪• OCDE, (2009), Améliorer la direction des établissements scolaires, la boîte à‬‬
‫‪outils, Paris.‬‬

‫‪34‬‬

You might also like