Professional Documents
Culture Documents
المحور الثاني
المحور الثاني
الطرح اﻹشكالي :من أين يستمد الحق مشروعيته ؟ هل من ق وة الق انون والمؤسس ات أم م ن
ق وة اﻷف راد والخطاب ات المهيمن ة ؟ وم ا ه ي طبيع ة العﻼق ة ب ين الح ق والعدال ة ؟ ه ل ه ي
عﻼقة تكامل وتداخل أم تباعد وتنافر ؟
تصور آﻻن :
ﻻ يمكن الحديث حسب أﻻن عن الحق إﻻ في إطار المساواة بين الناس ،فالقوانين العادلة ه ي الت ي يك ون
الجمي ع أمامه ا سواس ية ،والح ق ﻻ يتجس د إﻻ داخ ل المس اواة باعتباره ا ذل ك الفع ل الع ادل ال ذي تعام ل
الناس بالتساوي بغض النظر عن التفاوتات القائم ة بي نهم .وهن ا يتح دث أﻻن ع ن الس عر الع ادل ويمي زه
عن سعر الفرصة ،بحيث أن اﻷول هو المعلن داخل السوق والذي يخضع ل ه الجمي ع بالتس اوي ،بينم ا
الثاني هو سعر يغيب فيه التكافؤ بين الطرفين ،كأن يكون أحدهما مخمورا واﻵخر واعيا أو يكون أحدهما
عالما بقيمة المنتوج واﻵخر جاهﻼ بذلك.
إن افتقاد الفعل أو السلوك لعنصر التساوي معناه أنه مناف للحق ومعاد له ،وتستمد المساواة أساسها مما
هو متعارف ومت داول ب ين الن اس ،ويمك ن إيع از ذل ك إل ى كونه ا المب دأ الوحي د ال ذي يمك ن ع ن طريق ه
تحقيق توزيع عادل للمكتسبات والحظوظ ب ين اﻷف راد ،بغ ض النظ ر ع ن جنس هم أو ل ونهم أو انتم ائهم
اﻻجتماعي وفي هذا اﻹطار يقول أﻻن:
" لقد ابتكر الحق ضد الﻼمساواة ،والقوانين العادل ة ه ي الت ي يك ون الجمي ع أمامه ا سواس ية ،أم ا أولئ ك
الذين يقولون أن الﻼمساواة هي من طبيعة اﻷشياء فهم يقولون قوﻻ بئيسا"
انطﻼقا من ذلك نستطيع القول بأن العدل هو ذلك اﻻستعداد الذي ينبغ ي أن يك ون للف رد ﻷن ه يعط ي لك ل
ذي حق حق ه ،وفق ا لمقتض يات الق انون الم دني ،أم ا الظل م فه و س لب لحق وق الغي ر تح ت ذريع ة تفس ير
خاص للقانون المدني ،وبناء عليه ينبغ ي عل ى القض اة تحقي ق الع دل وع دم التفري ق ب ين الن اس والتعام ل
معهم سواسية بناء على ذلك القانون.
تصور شيشرون:
يؤكد شيشرون أن القوانين والمؤسسات ﻻ تضمن بأي شكل من اﻷشكال قيام مجتمع ع ادل ،ويع ود ذل ك
إل ى أن المش رع ق ادر عل ى ف رض ق وانين عل ى الش عب ل يس ﻷن ه يه دف م ن ورائه ا إل ى إش اعة الع دل
والمساواة بين الناس ،ولكن فقط لغرض تحقيق منافع خاصة به ،وهكذا فإن تحقيق العدالة لن يتحقق م ا
لم يتم إقامتها على الطبيعة ،باعتبارها اﻷساس الوحيد الذي يكفل لها البقاء والثب ات ،نظ را لكونه ا نابع ة
من أحاسيس مشتركة وعامة ،إنه مهما تكن درجة ومتانة وقوة القانون ،فإننا ﻻ يمكن أن نعتبره اﻷساس
الذي يمكن عبره الوصول إلى مجتم ع ع ادل ومتس او ،حي ث إن ت اريخ التش ريعات اﻹنس انية ق د ب ين أن
القوانين عادة ما ما توض ع ل يس لغ رض خدم ة الش عب وإنم ا لخدم ة واض عيها ،مم ا يجع ل م ن الق انون
سلطة أو قوة بيد طبقة تستخدمها من أجل إرغام الجميع على الخضوع والتبعي ة له ا ،له ذا الس بب وج ب
التفكي ر ف ي أس اس آخ ر يمك ن أن تتحق ق بفض له العدال ة ،ول م يج د شيش رون أحس ن م ن إرج اع الفع ل
اﻹنساني إلى الطبيعة باعتبارها العنصر الذي يشترك فيه الجميع ،فالناس يميزون عادة بين الخير والشر
والحسن والقبيح باعتماد أحاسيسهم الطبيعية وليس باعتماد عنصر آخر.