Professional Documents
Culture Documents
دكتور
أحمد عبد الحميد الفقي
السيد عبد العليم عبد الرحيم
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
دكــتــور
أحمد عبد الحميد الفقي
كلية اآلداب – قسم الجغرافيا -جامعة عين شمس
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 2
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
قـــــامئـــة احملتــــويـــات
الصفحة الموضوع م
6 مقدمة
الفصل
9 العالقة بني علم اجليولوجيا وعلم اآلاثر
األول
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 3
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
مقدمة
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 4
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 5
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
أدى تطور علم الجيولوجيا إلى إثراء علوم أخرى مثل علم اآلثار .حيث تهتم الجيولوجيا
درسة تاريخ األرض في حين تهتم اآلثار بدراسة تاريخ اإلنسان القديم وهو جزء من تاريخ
ب ا
األرض .وهنا يتضح النطاق المشترك بين الجيولوجيا والمواقع األثرية .حيث تتطلب دراسة مواقع
تاريخ اإلنسان القديم دراسة البيئة الجيولوجية التي عاش فيها وكذلك األحجار والمعادن وغيرها
من الخامات البيئية التي اعتمد عليها.
وتعتمد دراسة جيولوجيا المواقع األثرية على دراسة البيئة الجيولوجية للموقع العام لألثر
وسبب االستقرار فيه وحجم ومدى االستمرار فيه وقد يستلزم األمر دراسة الموضع الصغير
لألثر نفسه داخل الموقع األثري .وتتطرق الدراسة إلى تحليل الرواسب الجيولوجية التي طمرت
األثر بالطرق الجيوفيزيائية ومدى التعرض لعوامل التجوية الخارجية بأنواعها والباطنية وأهمها
المياه الجوفية مما يعرض المواقع األثرية إلى درجات مختلفة من األضرار واألخطار .وصوالً
إلى تحديد كافة مالمح البيئة القديمة التي ساعدت على استقرار الموقع األثري وسبب استم ارره
وكذلك العالقات البينية بين الموقع والمواقع األخرى سواء كانت مواقع قريبة أو بعيدة بفعل
أحيانا مما يتيح كتابة
ً التبادل والتجارة .وتتبع التغيرات الزمنيه عليه والتي أدت النطمار األثر
تقرير يوضح السياق الجيوأركيولوجي للموقع وتحديد مدى األضرار واألخطار حتى يتسنى بعد
ذلك القيام بأعمال الحمياية وصيانة الموقع األثري.
وتتضمن دراسة جيولوجيا المواقع اآلثرية دراسة العوامل الطبيعية في تشكيل ظاهرات
سطح األرض في البيئات المختلفة داخل األراضي المصرية ويقصد بها العوامل والظاهرات
الطبيعية التي ليس لإلنسان دخل في نشأتها .والتي تصنف إلى عوامل خارجية مثل عوامل
التجوية (الطبيعية والكيميائية والبيولوجية) وعوامل التعرية (المياه الجارية والمياه الجوفية والبحر
والرياح) .وعوامل أخرى داخلية سواء أكانت فجائية مثل حدوث الزالزل أو بطيئة مثل تعرض
األرض لحركات الهبوط وكذلك تأثير المياه الجوفية سواء الطبيعية أو الناتجة عن نشاط
اإلنسان في الفترات الزمنية المختلفة.
كما تمتد دراسة جيولوجيا المواقع اآلثرية إلى تحديد أثر نشاط اإلنسان السلبي والمدمر
أو اإليجابي والمثمر على البيئة الجيولوجية للموقع األثري وتحديد األضرار واألخطار الناتجة
قترح ما يمكن عمله من أجل الحفاظ على البيئة وصيانة مواردها.
عن ذلك .وا ا
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 6
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 7
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفصل األول
العالقة بين علم الجيولوجيا
وعلم اآلثار
-فروع علم الجيولوجيا لدراسة
المواقع اآلثرية
والوسائل -الطُرق
المستخدمة في دراسة
جيولوجية المواقع األثرية
-مفاهيم عامة مرتبط بعلم
اآلثار الجيولوجية ومباحث
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 8
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يهدف هذا المقرر إلى فهم األثر الجيولوجي والجيومورفولوجي بجوانبه المختلفة على
تكوين بيئات مناسبة للتفاعل اإلنساني وتعمل على االستقرار البشري االلقديم في بعض المواقع
ألسباب مختلفة وتساعد باقى العوامل الطبيعية على استمرار تلك المواقع ونموها فى شكل
ستوطنات بشرية أحيانا مستغلين الظروف البيئية في ذلك المكان .ومع استمرار تلك المواقع
القديمة لفترات متفاوتة يظهر تكوين المواقع األثرية بوضوح .ومع الوقت قد تندثر تلك المواقع
ويطمرها الزمن برواسب جيولوجية قد تحفظها .ويأتي دور الوسائل والتقنيات الجيولوجية الحديثة
التي التي يستخدمها اآلثاريون لدراسة الموقع األثري واستكشافه قبل البدء فى عمليات الحفائر
بطرق علمية منظمة وممنهجة لتحديد كل الظروف التي توضح السياق الجيوأركيولوجي للمكان.
وفيما يلي مجموعة من التعريفات الهامة التي يحتاجها الجيوأركيولوجي لدراسة جيولوجية المواقع
األثرية.
يعرف علم الجيولوجيا Geologyأنه علم طبقات األرض وتركيبها والصخور التي
تتكون منها والعمليات الداخلية والخارجية التي تحدث عليها مع مرور الزمن .وتتضح عالقة
الجيولوجيا وعلم اآلثار فى دراسة تاريخ األرض كعامل مشترك آلن التراث اإلنسان القديم في
كثير ما حفظته الرواسب الجيولوجية بشكل أو بأخر.
ًا المواقع األثرية جزء من تاريخ األرض
كما تساهم الجيوفيزياء (أحد فروع الجيولوجيا) في التنقيب عن اآلثار المطمورة في
باطن األرض بعدة طرق علمية .مثل الطرق المغناطيسية الطرق الكهربية الرادار األرضي
....الخ .كما تساهم الجيوكيمياء في تحاليل العينات األثرية من التربة والرواسب .على هذا
األساس يمكن القول بأن علم جيولوجيا المواقع األثرية يستخدم تقنيات وأساليب ومفاهيم العلوم
الفيزيائية والكيميائية لمعالجة المسائل والموضوعات األثرية .وتشمل:
.1تقنيات مسح المواقع التي تستخدم إجراءات االستشعار السطحي الكهرومغناطيسي وغيرها
من إجراءات االستشعار عن بعد لتحديد المواقع أو المعالم داخل موقع معروف.
.2استخدام طائفة واسعة من الوسائل للتمييز بين الرواسب والخصائص الطبيعية بما في ذلك
عمليات االضطراب عن طريق العمليات البيولوجية والبيدولوجية خاصة بتكون التربة
والرواسب الجيولوجية.
.3توثيق عمليات تشكيل المواقع والسياق اإلقليمي للموقع.
.4إعادة بناء البيئة القديمة عن طريق تحديد وتحليل بقايا النباتات والحيوانات.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 9
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 10
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يمكن أن نذكر تأثير المناخ على المواقع واختيار المواقع ومدى إمكانية تعديل المواقع األثرية
فيما بعد عن طريق التعرية والترسيب وتطبيقات الجيوفيزياء في البحث عن المواقع وتأريخها
وتطبيق تقنيات التأريخ والربط بين النظام الغذائي والثقافة والبيئة وعالقة المواد الخام المصنوعة
من القطع األثرية باختيار المواقع وتطوير الطرق التجارية والتكنولوجيا القديمة.
وتتعدد الطرق التي تخدم دراسة المواقع األثرية ومنها:
-العمل الميداني :يتم من خالل فريق متعدد التخصصات البحثية حيث يتم فحص البقايا
األثرية كجزء من البيئة المحيطة .ويدعم ذلك بالوثائق األولية الموجودة من الدراسة المرئية
المجسات وجمع بيانات GPSلرسم الخرائط وجمع العينات لتحليالت المختبر.
-االستشعار عن بعد والتصوير الجوي :يتم إجراء االستشعار عن بعد بواسطة صور األقمار
الصناعية والتصوير الجوي الدقيق للمواقع وكذلك االستشعار الكهرومغناطيسي لسطح الموقع
باستخدام األجهزة المختلفة.
-التحليالت المعملية :تغطي التحليالت المعملية معظم متطلبات العمل الجيولوجي مثل قياس
الحبيبات وعلم المعادن والمواد العضوية الدقيقة (حبوب اللقاح) وعلم النبات والحفريات
الدقيقة والتأريخ باستخدام النظائر مثل الكربون المشع والبوتاسيوم.
-استخدام تقنيات وتكنولوجيا مسح المواقع باالستشعار الجيوفيزيائي والجيوكيميائي وغيرها
من إجراءات االستشعار عن بعد لتحديد المواقع أو المعالم داخل موقع معروف .ونظم
المعلومات اآلثرية لرسم الخرائط وعمل النماذج ثالثية األبعاد والتحاليل االحصائية والرسم
البياني ومعالجة الصور الفضائية للمواقع.
-تدابير الحماية والحفظ :يتم تنفيذ التوثيق العلمي الشامل لخطط تدابير الحماية والحفظ وربما
يمتد األمر إلى التعاون مع اليونسكو إذا كان الموقع له أهمية ثقافية وتراثية خاصة.
-التدريب :يعد تدريب المتخصصين من الشباب أمر بالغ األهمية نحو اعداد أجيال متواصلة
تقوم بالبحث العلمي في المواقع األثرية .وهي تتعلق بما يلي :الجيولوجيا والتغير المناخي
وطرق المسح ودراسة اآلثار الثقافية وحمايتها.
-نطاق علم اآلثار الجيولوجية:
يشمل تطبيق تقنيات تحليل التربة والرواسب والجيولوجيا والجيومورفولوجيا لمعالجة
المسائل األثرية .ويمكن تطبيق هذه التقنيات على التربة والرواسب والمواد البشرية المنشأ
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 11
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 12
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الجسيمات وعلم المعادن يتم استخدام الخواص الفيزيائية والكيميائية الستنتاج الظروف البيئية
قبل وأثناء وبعد االستخدام البشري للموقع.
وبالتالي فإن أحد أدوار عالم اآلثار الجيولوجية كجزء من مشروع بحثي أثري هو إج ارء
مالحظات وأخذ القياسات وجمع العينات التي من شأنها أن تساعد في تقييم البيئات الفيزيائية
المتغيرة في موقع معين.
كما أن مبادئ علم الطبقات stratigraphyحاسمة لتفسير العمليات الطبيعية والبشرية
التي تنتج موقعا أثريا .توفر الدراسات الطبقية طريقة لتوثيق التغييرات بمرور الوقت في موقع
معين .وترتبط هذه األنواع من الدراسات بوصف الرواسب والتربة لكنها توسع نطاق تطبيق هذه
التقنيات أفقيا ورأسيا داخل الموقع األثري .تعتبر المبادئ الطبقية حاسمة لتفسير األنماط داخل
الموقع .وهكذا فإنها تلعب دو ار حاسما في عملية التأريخ النسبي للمواقع .كما أن تطبيق مبادئ
علم طبقات اآلثار في علم اآلثار يربط علم اآلثار الجيولوجية بالعلوم التاريخية األخرى مثل
الجيولوجيا وعلم الحفريات.
ويستخدم علماء اآلثار الجيولوجية الجيومورفولوجيا بمعنى دراسة األشكال األرضية
وتطورها بمرور الوقت لتقييم الحركات طويلة األجل للمناظر الطبيعية وتغير المناخ وكذلك
الحفاظ على الموقع .فمن المهم فهم البيئة المادية والموارد التي كان من شأنها أن تجعل موقعا
معينا جذابا لالستخدام البشري.
كما تساهم علوم التربة وخاصة دراسة التربة القديمة بطرق عديدة في علم اآلثار.
حيث يحدث تكوين التربة عندما يتم تغيير مادة أصلية مثل الرواسب أو الصخور األساسية
بمرور الوقت بسبب المناخ والنباتات والحيوانات .ويدرس علماء الجيولوجيا األثرية الخصائص
الموجودة في آفاق التربة (قطاع رأسي من التربة) لتوفير معلومات عن الظروف التي أدت إلى
تكون التربة بما في ذلك األنشطة البشرية.
فالتربة قيمة جدا في علم اآلثار ألنها تنطوي على فترة من االستقرار البشري ويمكن
استخدامها لالستدالل على البيئات القديمة .كما يمكن أن توفر Anthrosolsأو التربة الناتجة
عن النشاط البشري معلومات حول كيفية استخدام البشر للمواقع القديمة .وغالبا ما تدرس هذه
باستخدام الكيمياء الجيولوجية .حيث تسهم الكيمياء الجيولوجية Geochemistryبدور كبير
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 13
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
جدا وقيم في دراسة وفهم المواقع األثرية .فمن الممكن استخدام هذه التقنية الجيولوجية األثرية
للمساعدة في تفسير الرواسب والتربة داخل المواقع.
في كثير من األحيان يمكن استخدام التغيرات في حموضة (األيون الهيدروجيني) في
قطاع من التربة في الموقع لشرح الحفاظ على بعض القطع األثرية أو عدم وجودها .فعلى سبيل
المثال يتم الحفاظ على العظام عادة في المواقع ذات الرواسب التي تحتوي على مستويات
عالية من األيون الهيدروجيني (مثل الرواسب الجيرية أو الغنية بالكربونات).
باإلضافة إلى تحليل الفوسفات وهو أحد أكثر األساليب الجيوكيميائية فائدة حيث
تترسب الفوسفات في الرواسب والتربة نتيجة النحالل المواد العضوية .يمكن أن توفر تحليالت
الفوسفات في المواقع األثرية معلومات زمنية ومعلومات عن استخدام األراضي .حيث يتم
استخدم تحليل الفوسفات لتفسير أوقات مختلفة من االستيطان البشري بالموقع والتنوع في
استخدام األراضي والكشف عن المنتجات الزراعية السائدة .وبالتالي فإن التحليل الجيوكيميائي
للرواسب والتربة يوفر وسيلة لفهم النشاط البشري داخل المواقع.
هناك جانب مختلف تماما من الكيمياء الجيولوجية في علم اآلثار وهو دراسات المصدر
والتي يمكن استخدامها للمساعدة في تحديد مصدر المواد الخام المستخدمة في صنع القطع
األثرية .حيث يمكن استخدام التغييرات الصغيرة في أنواع المواد الكيميائية الموجودة داخل القطع
األثرية لتحديد مكان نشأتها .يمكن أن تشير بعض العناصر إلى المصادر الجيولوجية والجغرافية
للمواد الخام غير المعدلة مثل النحاس األصلي ومجموعة من المعادن والصخور .مثل استخدام
نظائر معدن الرصاص لتحديد مصدر النحاس المستخدم في صنع القطع األثرية.
تم اختراع علم تحليل الصخور petrographyباستخدام المجهر المستقطب لتحليل
محتوى الصخور وتم اعتماد هذه التقنية من قبل علماء اآلثار الجيولوجية لدراسة مجموعة
متنوعة من المواد األثرية مثل األدوات الحجرية والفخار .حيث يشير تحليل المواد الموجودة
في الفخار إلى أنه قد تم صنعه محليا ثم نقل إلى أماكن أخرى مما يوضح كيف يمكن استخدام
الدراسات الجيولوجية األثرية للمواد الخام للنظر في أنماط التبادل والتفاعل.
علم الطبقات المجهرية : Microstratigraphyيعد علم الطبقات المجهرية وتحليل المقطع
الرقيق للرواسب طريقة لفحص العمليات التافونومية ( Taphonomyالترسيبية وما بعد
الترسيب) التي ساعدت في تكوين المواقع األثرية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 14
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
علم التاريخ الحفري : Taphonomyيهتم بالمراحل التي تمر بها بقايا الكائنات من موتها
إلى دفنها .أي أنه علم متخصص بما حدث للكائن الميت من زمن موته إلى حين اكتشافه.
المصطلح اإلنجليزي مأخوذ من اليونانية والتي تعني حرفياً «قانون الدفن» .والباحث في علم
التاريخ الحفري يقوم بدراسة ظواهر ّ
عدة مثل التحلل .أو ببساطة هو دراسة كيف تتحلل الكائنات
الحية وتصبح متحجرة أو محفوظة في السجل الحفري .فقد قدمت دراسة رقيقة للرواسب من
كهف من العصر الحجري القديم في فرنسا أدلة على أنشطة الحرق والدوس والتنظيف.
يستخدم علماء اآلثار الجيولوجية التقنيات الجيوفيزيائية في الحاالت التي ال يستطيعون
فيها التنقيب أو دراسة األماكن التي قد ال يستطيعون الوصول إليها .وأكثر استخدامات
الجيوفيزياء شيوعا في علم اآلثار هو التنقيب الجيوفيزيائي الذي يشار إليه في كثير من األحيان
باالستشعار عن بعد Remote Sensing
فيما يخص عملية التأريخ للمواقع األثرية عادة ما يعتمد علماء اآلثار على الكربون
14وتوفر طرق التأريخ الزمني باستخدام الكربون 14تقدي ار عدديا لعمر موقع أثري .وقد تم
تطوير العديد من التقنيات التي يمكن استخدامها لتحليل وتأريخ المواد المرتبطة بالمواقع األثرية.
مثل U-series and K-Ar dating :التأريخ بنظائر اليورانيوم والبوتاسيوم-اآلرجون هو
اعتمادا
ً وسيلة من وسائل التأريخ اإلشعاعي المستخدمة في علم الزمن الجيولوجي وعلم اآلثار
على قياس نسبة ناتج االضمحالل اإلشعاعي البوتاسيوم إلى نظير اآلرجون .تعد هذه الطريقة
مناسبة لقياس عدد من أنواع الصخور خاصة الصخور النارية وهي تمكن من قياس التأريخ
المطلق لعينات أقدم من بضعة آالف من السنين .ويمكن تطبيقها على المواقع التي تأثرت
بالبراكين .أما التأريخ باليورانيوم فهو طريقة للتأريخ اإلشعاعي تم تطويرها في الستينيات من
القرن الماضي وال زالت مستخدمة منذ السبعينيات لتحديد عمر المواد التي تحتوي على كربونات
الكالسيوم مثل الرواسب المتكونة في الكهوف أو حتى في الكائنات الحية مثل المرجان .وكذلك
األصداف والعظام والحجر الجيري.
حاسما في توثيق تغيرات المناخ واستخدام اإلنسان
ً دور
حبوب اللقاح : pollenلعبت دراستها ًا
لألراض .حيث أن التغيرات في أنواع ووفرة حبوب اللقاح مع مرور الوقت تعكس تغيرات الغطاء
سائدا .وقد تكون تغيرات الغطاء النباتي نتيجة لتغير المناخ مثل التغيرات
النباتي الذي كان ً
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 15
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
في درجة الح اررة أو هطول األمطار .فعلى سبيل المثال ينعكس الجفاف في تغير في الغطاء
النباتي ويمكن أن يكون مرتبطا بتغير معاصر في السجل األثري.
كما أن البقايا النباتية الدقيقة مفيدة جدا للدراسات النباتية عموما وأصول هذه النباتات
وهي أيضا مواد قيمة للكربون 14والتي يمكن تأريخها .كما توفر بقايا الحيوانات بما في ذلك
الفقاريات والالفقاريات معلومات عن البيئات والموارد القديمة المتاحة لالستخدام البشري .وعادة
ما توفر بقايا الالفقاريات وحفريات الثدييات الصغيرة معلومات مفيدة عن البيئات المحلية في
حين توفر أحافير الثدييات األكبر حجما معلومات بيئية إقليمية.
كما يعد المناخ والتغير البيئي على المدى الطويل من المواضيع الهامة في علم اآلثار
العالمي ويلعب علماء اآلثار الجيولوجية دو ار هاما في تقييم التفاعل بين المجتمعات البشرية
والنظم الطبيعية .وقد ركزت هذه الدراسات على الطرق التي أثر بها التغير البيئي على التطور
البيولوجي والسلوكي البشري وكذلك الطرق التي أثر بها البشر على البيئة .والتقنيات التي يطبقها
علماء الجيولوجيا األثرية لدراسة السجل األثري وسياقه ذات قيمة خاصة في توثيق أنماط تغير
المناخ على مستويات مختلفة من المكان والزمان.
-الموقع األثري :جميع المواقع األثرية هي النتيجة النهائية لسلسلة من األحداث الثقافية
(بناء منزل وحفر حفرة تخزين وزرع حقل وهجر المنزل أو هدمه) واألحداث الطبيعية (فيضان
احترق المنزل وتحلل المواد العضوية) .وعندما يسير عالم
أو رماد بركاني يغطي الموقع و ا
اآلثار إلى موقع ما فإن الدليل على كل هذه األحداث موجود بشكل ما .تتمثل مهمة عالم
اآلثار في تحديد وتسجيل األدلة من تلك األحداث إذا تم فهم الموقع ومكوناته .وتوفر هذه
الوثائق بدورها دليال لسياق القطع األثرية التي عثر عليها في الموقع.
الطبقات األثرية والجيولوجية :الطبقات هو مصطلح يستخدمه علماء اآلثار لإلشارة إلى طبقات
التربة الطبيعية والثقافية (البشرية) التي تشكل رواسب أثرية .نشأ المفهوم ألول مرة كبحث علمي
في قانون التراكب للجيولوجي في القرن التاسع عشر والذي ينص على أنه بسبب القوى
الطبيعية فإن التربة التي تم العثور عليها مدفونة بعمق سيتم وضعها في وقت مبكر -وبالتالي
ستكون أقدم -من التربة الموجودة فوقها.
الحظ الجيولوجيون وعلماء اآلثار على حد سواء أن األرض تتكون من طبقات من الصخور
والتربة التي نشأت عن األحداث الطبيعية مثل نفوق الحيوانات واألحداث المناخية مثل
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 16
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفيضانات واألنهار الجليدية واالنفجارات البركانية -والثقافات مثل (القمامة) والرواسب وأحداث
البناء .يخطط علماء اآلثار الطبقات الثقافية والطبيعية التي يرونها في الموقع لفهم العمليات
التي أنشأت الموقع والتغييرات التي حدثت بمرور الوقت بشكل أفضل.
التنقيب والطبقات األثرية :تتطلب المستويات الطبقية من المنقب مراقبة التغيرات الطبقية عن
كثب أثناء التنقيب بعد تغييرات اللون والملمس والمحتوى للعثور على «أسفل» الطبقات من
المستوى .وتؤخذ المالحظات والخ ارئط أثناء المستوى وفي نهايته وتغلف القطع األثرية وتوسم
حسب الوحدة والمستوى .يسمح التحليل لعالم اآلثار بربط القطع األثرية بقوة بالطبقات الطبيعية
التي تم العثور عليها فيها.
السياق الجيوأركيولوجي :بالنسبة لعالم اآلثار يعني المكان الذي توجد فيه قطعة أثرية .ليس
فقط المكان ولكن التربة نوع الموقع والطبقة التي أتت منها القطعة األثرية وماذا كان في
أيضا .أهمية مكان العثور على قطعة أثرية عميقة في موقع يتم التنقيب عنه بشكل
تلك الطبقة ً
صحيح يخبرك عن األشخاص الذين يعيشون هناك وما يأكلونه وما يؤمنون به وكيف
ينظمون مجتمعهم .إن ماضينا البشري بأكمله وخاصة ما قبل التاريخ ولكنه تاريخي ً
أيضا
مقيد في البقايا األثرية وفقط من خالل النظر في الحزمة الكاملة لموقع أثري يمكننا حتى البدء
في فهم ما كان يدور حوله أسالفنا .فإخراج قطعة أثرية من سياقها يعمل على اختفاء المعلومات
حول صانعها.
علم آثار المناظر الطبيعية : Landscape Archaeologyتم تعريف علم آثار المناظر
الطبيعية :بأنه تصور أثري ونظري فهو طريقة لعلماء اآلثار للنظر إلى الماضي على أنه
تكامل بين الناس ومحيطهم .وقد أسهمت الدراسات األثرية للمناظر الطبيعية التي ولدت جزئيا
نتيجة للتكنولوجيات الجديدة (نظم المعلومات الجغرافية واالستشعار عن بعد والمسوح
الجيوفيزيائية) إسهاما كبي ار في هذه الدراسة وفي تيسير إجراء دراسات إقليمية واسعة النطاق
وفحص العناصر التي ال يمكن رؤيتها بسهولة في الدراسات التقليدية مثل الطرق والحقول
الزراعية.
األنثروبولوجيا :هي علم دراسة البشر واإلنسان والطرق التي يعيشون بها .وطرق تفاعل
مجموعات األشخاص مع بعضهم البعض وكيف يتأثر سلوكهم بالهياكل االجتماعية والفئات
(العمر والجنس) وهناك أربعة مجاالت فرعية أساسية :علم اآلثار واألنثروبولوجيا البيولوجية
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 17
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
واألنثروبولوجيا الثقافية واألنثروبولوجيا اللغوية .يركز علم اآلثار على األشياء التي صنعها
غالبا منذ آالف السنين) .تدرس األنثروبولوجيا البيولوجية طرق تكيف البشر مع البيئات
البشر ( ً
المختلفة .يهتم علماء األنثروبولوجيا الثقافية بكيفية عيش البشر وفهم محيطهم ودراسة الفولكلور
أخير يدرس علماء األنثروبولوجيا اللغوية طرق التواصل
والمطبخ والفنون واألعراف االجتماعيةً .ا
بين الثقافات المختلفة .الطريقة األساسية للبحوث التي يستخدمها علماء األنثروبولوجيا تسمى
اإلثنوجرافيا أو مالحظة المشاركين والتي تتضمن تفاعالت متعمقة ومتكررة مع الناس.
وخالصة القول نحو تعريف علم اآلثار الجيولوجية هو تطبيق مبادئ وتقنيات علم
األرض لفهم الموقع األثري ينفذه ممارسون يتمتعون بمعرفة متخصصة حول البيئة المادية التي
يتم فيها الحفاظ على الطبقات األثرية واجراء الحفائر.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 18
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفصل الثاني
التاريخ الجيولوجي لألرض
المصرية
-أقسام التاريخ الجيولوجي
لألرض
-المالمح التضاريسية لسطح
مصر
البيئية التغيرات -أبرز
في الجيولوجية
الباليستوسين
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 19
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
رغم أننا سنستعرض التاريخ الجيولوجي لألراضي المصرية بداية من أقدم العصور إال
أنه يجب االنتباه إلى أننا بصدد استعراض المالمح العامة فقط وما يهمنا بالتحديد هو أنواع
الصخور التي تنتمي لهذا العصر والتي استهدفها المصري القديم واستغلها لألغراض المختلفة
سواء لبناء المنشآت المختلفة أو الزينة .كما أننا نهتم بالطبقات الرسوبية الرقيقة التي طمرت
أيضا باألحداث الجيولوجية التالية على المواقع األثرية من
المواقع األثرية بعد ذلك .كما نهتم ً
عوامل خارجية أو باطنية حدثت أو تحدث على األراضى المصرية.
يبلغ عمر الكرة األرضية في أحدث تقدير إلى 4.4مليار سنة .وقد أجمع علماء
الجيولوجيا على تقسيم عمر األرض إلى أربعة أحقاب زمنية كل حقب منها ينقسم بدوره إلى
عدة عصور ويمتاز كل زمن وكل عصر بمجموعة من الطبقات الصخرية وبحياة حيوانية
ونباتية تختص به وتميزه عن غيره .وقد تمكن العلماء من وضع جدول كامل للتكوينات الرسوبية
تيبا زمنيًّا منذ تكوين
بحسب األزمنة والعصور وهو يهدف إلى ترتيب األحداث الجيولوجية تر ً
األرض إلى عصرنا الحاضر وقد استعانوا في ذلك بأساسين هامين هما:
-1تعاقب الطبقات :هناك قاعدة أساسية تختص بالصخور الرسوبية دون سواها ومؤداها أن
كل طبقة تعتبر أقدم من الطبقة التي تعلوها وأحدث من الطبقة التي تقع أسفلها وتسمى
هذه القاعدة بقانون تعاقب الطبقات .على أن تطبيق هذه القاعدة له عيوبه ففي الجهات
ظهر على عقب
التي أصابتها حركات االلتواء واالنكسار نجد الطبقات الصخرية قد انقلبت ًا
وبالتالى يختل توافقها وتتابعها الزمني ولهذا فقد لجأ العلماء إلى االستعانة بالحفريات
للوصول إلى تحديد التعاقب الزمني لألحداث الجيولوجية.
-2الحفريات :هي بقايا الكائنات الحية سواء كانت حيوانية أو نباتية التي يعثر عليها في
تكوينات الصخور الرسوبية وهى تعتبر الدليل المباشر على وجود الكائنات الحية في سالف
الزمن وتتمثل هذه البقايا في أجزاء صلبة مثل المحارات وهياكل المرجان وعظام الحيوانات
الفقارية كما تتمثل في جذوع النبات وأوراقه .وعلى الرغم من أن هذه الحفريات ال تعطي
الصورة الكاملة للكائنات الحية القديمة إال أن دراسة خصائصها ومميزاتها تساعد مساعدة
أحيانا بالحفريات المرشدة؛
ً فعالة في تقسيم التاريخ الجيولوجي لألرض ولذلك فهي تعرف
ألنها ترشد الجيولوجي إلى طبيعة الزمن أو العصر الذي عاشت فيه .وترجع أهمية الحفريات
إلى تحديد عمر الطبقات الرسوبية التي تحتويها وهى تشير إلى البيئة الجغرافية القديمة
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 20
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
التي كانت تعيش فيها وعلى الظروف المناخية التي كانت سائدة أثناء وجود الكائن الحي
حار .وكذلك وجود
مثال تدل على شيوع مناخ ّفي مكان معين فحفريات أشجار النخيل ً
القواقع Snailsيشير إلى وفرة مياه عذبة وخاصة في الفترات األخيرة محل االهتمام فى
المواقع األثرية.
أوال -أقسام التاريخ الجيولوجي لألرض:
قسم الجيولوجيون تاريخ الكرة األرضية إلى أربعة أزمنة كبرى يمكن استعراضها ببساطة
وهى من القديم إلى الحديث كما يلي:
الزمن األركي أو زمن ما قبل الكمبري:
تظهر الصخور األركية في مساحة تقارب %11من مساحة مصر حيث تبلغ 111
ألف كم 2وهي القاعدة التي ترتكز عليها كل الصخور التي تكونت في العصور الجيولوجية
نظر لما
وتضرسا وقسوة ًا
ً تفاعا
التالية وتمثل هذه التكوينات األركية أكثر مناطق مصر ار ً
تعرضت له من حركات أرضية شديدة وانكسارات واندساسات نارية أو تحول من نوع صخر
إلى أخر .وتتميز الصخور األركية بأنها خليط معقد من أنواع مختلفة الخصائص من الصخور
النارية مثل الجرانيت بأنواعه الوردي أو األحمر وهما يستخدمان كأحجار زخرفية وغيرها من
الصخور المتحولة أو المتحولة عن أصل ناري ومن أهمها الشست والنايس والرخام الملون.
وقد تعرضت تلك الصخور طوال التاريخ الجيولوجي لعمليات جيولوجية عنيفة جدا أدت إلى
تحولها وشدة تعقدها وتضرسها بالصورة التي نجدها عليها اآلن .وتبدو هذه الصخور األركية
ظاهرة في بعض المناطق من جبال البحر األحمر وجنوب سيناء ومساحتها تبلغ % 11من
مساحة مصر.
وترجع األهمية االقتصادية لهذه التكوينات إلى احتوائها على صخور ومعادن ذات قيمة
اقتصادية كبيرة فمن صخوره القيمة صخر الرخام الملون والجرانيت كما يستعمل الجرانيت
عموما؛ بسبب شدة صالبته في بناء المنشآت الضخمة مثل المسالت القديمة والبالطات ً
المسطحة وأحيانا األرضيات واألعمدة .ومن معادنه الذهب والفضة والنحاس والقصدير .وكذلك
األحجار الكريمة وشبه الكريمة وأهمها الزبرجد في جزيرة الزبرجد بالبحر األحمر والزمرد
المصرى.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 21
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 22
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
-الحجر الجيري الكريتاسي :ويتنوع بين الحجر الجيري الرملي إلى الجيري النقي .مع خليط
من طبقات جيرية وطباشيرية وصلصالية سميكة .تتنتشر في الصحراء الغربية والشرقية وسيناء
وتعرف أحيانا باسم الهضاب الوسطى.
الزمن الثالث أو زمن الحياة الحديثة:
يعد أحدث األزمنة التي ينقسم إليها عمر األرض ويعرف بزمن الحياة الحديثة كما أن األحياء
التي عاشت أثناءه تشبه األحياء التي تعيش في عصرنا الحاضر .وينقسم هذا الزمن إلى قسمين
متميزين :ثالثي ورباعي ولهذا فإننا سنتناول بالدراسة ًّ
كال منهما على حدة:
أوًال :القسم الثالثي وشهد خمسة عصور هى الباليوسين أو فجر اإليوسين األيوسين
األوليجوسين الميوسين البليوسين .وامتد إلى حوالى 01مليون سنة .وأنواع الصخور رسوبية
وتتركب من طبقات متتابعة من الصخور الجيرية والطفلية والطينية وقد صحب هذا القسم
الثالثي نشاط بركاني عظيم وحركات انكسارية على نطاق واسع أدت إلى أدت لظهور طفوح
بركانية وبازلتيه كما في جبل قطراني شمال الفيوم والتي استغلها المصري القديم .وانتشرت
أسالف الفيل والجمل الحاليين كما ظهر البقر الوحشي والغزالن والحمير البرية والخيول والثيران
والدببة والذئاب وغيرها .وظهرت أنواع عديدة من القردة ومنها القردة العليا .كما تكاثرت النباتات
كبير مثل النخيل وأشجار الصنوبر والتين وغيرها.
انتشار ًا
ًا المزهرة وانتشرت
أ -تكوينات األيوسين :تتكون تكوينات العصر األيوسين في مصر من الحجر الجيري وتغطي
مساحة %21من جملة مساحة مصر وتغطى هضبة المعازة في الصحراء الشرقية والتيه في
سيناء.
ب -تكوينات األوليجوسين في مصر :تشغل تكوينات األوليجوسين في مصر مساحه صغيرة
معظمها بازلتي وبركاني تظهر في جبل قطراني في الصحراء الغربية وكبقع متقطعة على طول
الطريق الصحراوي بين القاهرة والسويس وفي منطقة أبو زعبل شمال القاهرة.
جـ -تكوينات عصر الميوسين في مصر :تغطي التكوينات الميوسينية حوالي %11من جملة
مساحة مصر وتوجد في عدة مناطق في شكل الحجر الجيري الصلب مثل هضبة مارماريكا
ومعظمها تكوينات جيرية بعضها جير رملي وبعذها جير طباشيري نقي.
د_ تكوينات عصر الباليوسين في مصر :أخر مراحل الغمر البحري في الزمن الثالث وتكويناته
تغطي مساحة صغيرة من مصر حوالي 0.111كم 2ونتج عن هذا العصر تلك الرواسب التي
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 23
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تظهر على جانبي نهر النيل وقد تحول وادى النيل خالل هذا العصر إلى خليج ترسبت على
جوانبه رواسب من الحصى والرمال مختلفة بتكوينات بحرية فى الشمال وقد شق نهر النيل
مجراه بعد انحساره البحر أواخر الباليوسين وتشكلت مجموعة المدرجات التي تظهر اآلن على
هوامش السهل الفيضي للنيل في شكل تالل ورقع رسوبية متقطعة .وعلى تلك المدرجات عاش
المصري القديم األول.
ومن رواسب هذا العصر أيضا الرواسب الدلتاوية الرملية بمنخفض النطرون وهى ذات أصل
نهرى يدل على ذلك ما بها من بقايا لحيوانات فقارية ومن الصخور الباليوسينية أيضا رواسب
منطقة الطوفا بمنخفض القطارة والرواسب الرقيقة التي تغطى أجزاء من سطح هضبة مارماريكا
وهضبة السلوم وكذلك الرواسب الحصوية المنتشرة على جانبى الطريق الصحراوي ما بين
القاهرة والسويس وعلى ساحل البحر األحمر في منطقة السهل الساحلى في الشواطئ المرتفعة
والشعاب المرجانية التي تمتد على طول الساحل في مناطق معينة في شكل مدرجات مرتفعة
مثل تلك الموجودة جنوب وادى مبارك ووادي شونى.
-الزمن الرابع أو الباليستوسين:
يعد الباليستوسين أو الزمن الرابع أقصر األزمنة الجيولوجية عم ار (حوالي مليون عام) ورغم
ذلك فقد ترك بصمة واضحة في تشكيل سطح مصر ويرجع ذلك إلى عدة أسباب وهي:
-أخر عصر جيولوجي مر على األرض ولذلك تبرز أهميته لدارسي الجيوأركيولوجي.
-تغطي تكويناته مساحه كبيرة من أرض مصر (حوالي 145.111كم.)2
ويشتمل على عصرين فقط هما الباليوستوسين والهولوسين أو الحديث .وقد امتد الباليستوسين
فى أحدث التقديرات إلى حوالى 3.5مليون سنة .في حين لم يتجاوز زمن العصر الحديث 12
ألف سنة فقط.
أنواع الرواسب الباليستوسينية والتي يغطى بعضها المواقع األثرية:
-1الرواسب القارية وتنقسم إلى:
أ -رواسب هوائية :هى رواسب رملية وتعد أكثر الرواسب انتشا ار مثل بحر الرمال العظيم.
ب -رواسب مائية :تتمثل في الرواسب البحيرية الطينية تظهر فى بقاع منتشرة فى صحارى
مصر خاصة بالهضبة الجنوبية مثلماً الحال قرب بئر طرفاوى وبئر صحراء.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 24
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
ج -الرواسب البحرية :وتتمثل في شكل سبخات ساحلية تتاخم خط الشاطئ البحري وكذلك في
رواسب التالل الجيرية البويضية بالساحل الشمالي بالصحراء الغربية وتظهر كذلك على ساحل
البحر األحمر وساحل خليج السويس.
تتركب تكوينات عصر الباليوستوسين من رواسب األنهار القديمة والرواسب التي نحتها
واكتسحها الجليد المتحرك ثم أرسبها .أما رواسب العصر الحديث الهولوسين فتتكون من رواسب
األنهار الحالية من حصى ورمل وطمي ومن الرواسب الهوائية مثل الكثبان الرملية ومن
ً
الرواسب التي تتراكم في البحيرات والبحار والمحيطات .وهى محور اهتمامنا فى تحليل رواسب
المواقع األثرية.
أيضا بالعصر الجليدي انخفضت درجات وفي أثناء عصر الباليوستوسين الذي يعرف ً
الح اررة العالمية .كما ازداد التساقط في هيئة ثلج مما أدى إلى تراكم الجليد فوق مساحات هائلة
من قارة أوربا وآسيا وأمريكا الشمالية أما في نطاق الصحاري الحارة الجافة ً
حاليا كالصحراء
الكبرى اإلفريقية فقد ازداد سقوط المطر ومن ثم يعرف هذا العصر فيها بالعصر المطير.
ال تزال الغالبية العظمى من الكائنات الحية التي عاشت في عصر الباليوستسين
موجودة حتى وقتنا الحالى ولم ينقرض سوى عدد قليل من الحيوانات الثديية وقد ثبت بما ال
موجودا في هذا العصر فقد عثر على عظام اإلنسان نفسه
ً مجاال للشك بأن اإلنسان كان
ً يدع
وعلى الكثير من األدوات الحجرية التي كان يستعملها في الصيد وفي الدفاع عن نفسه.
أما في العصر الحديث فقد بلغت األحياء أقصى درجات الكمال وهو عصر اإلنسان الحديث.
تعتبر الرواسب النهرية بمثابة التربة الزراعية الخصيبة التي تمد البشر بمواد الغذاء
ومحاصيل األلياف .وهى مهد الزراعة التي ظهرت فى بالد الرافدين ووادي النيل
األهمية الجغرافية لألزمنة الجيولوجية:
من هذا العرض العام لألزمنة الجيولوجية يتضح بجالء أنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة
للجيوأركيولوجي فهي تفسر له الكثير من الظاهرات الجيومورفولوجية البحتة التي يتعذر عليه
ملما بخصائص كل منها .وكذلك التطورات الطبيعية والحيوية التي حدثت
تفسيرها ما لم يكن ًّ
خالل فترة الترسيب وطمر المواقع اآلثرية .حيث تظهر دراسات الرواسب في المواقع األثرية
السياق الجيوأركيولوجي لكل موقع من حيث ماضيه وحاضره ومستقبله وال يمكن فهم ذلك
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 25
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
السياق إال بالتعرف على الماضي ومن هنا تأتي أهمية اإللمام بخصائص األزمنة والعصور
الجيولوجية بالنسبة للجيوأركيولوجي.
ثانيا :المالمح التضاريسية لسطح مصر:
ً
تقع جمهورية مصر العربية فلكيا بين خطي عرض 32 - 22شمال خط االستواء
2
وبين خطي طول ْ 30 - ْ 24شرقي خط جرينتش .وتبلغ مساحتها حوالي مليون كم
وبالتحديد 990ألف كم .2والمساحة المأهولة تبلغ 09111كم 2بنسبة % 0.2من المساحة
الكلية .وتقع مصر في الركن الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا .ويحدها من الشمال البحر
المتوسط بساحل يبلغ طوله 995كم ويحدها شرقا البحر األحمر بساحل يبلغ طوله 1941
كم ويحدها فى الشمال الشرقي فلسطين المحتلة بطول 245كم ويحدها من الغرب ليبيا
بطول 1115كم كما يحدها جنوبا السودان بطول 1221كم.
وتنقسم تضاريس جمهورية مصر العربية إلي أربعة أقسام رئيسية:
-2الصحراء الشرقية -1الصحراء الغربية
-4وادي النيل والدلتا -3شبه جزيرة سيناء
وفيما يلى دراسة لهذه األقسام األربعة.
-1الصحراء الغربية :
تبلغ مساحة الصحراء الغربية حوالي 421ألف كيلومتر مربع بنسبة %42من مساحة
مصر تقريبا .وهي تمتد من وادي النيل في الشرق حتى الحدود الليبية في الغرب ومن البحر
المتوسط شماال إلي الحدود المصرية الجنوبية وتنقسم إلي:
أ -الهضاب:
-الهضبة الجنوبية وتعرف باسم هضبة الجلف الكبير وهى هضبة رملية يبلغ ارتفاعها أكثر
من 1111متر.
-الهضبة الوسطى وهى هضبة من الحجر الجيري الرملي ويتراوح ارتفاعها بين 051-511
متر .
ًا
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 26
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
-الهضبة الشمالية هضبة الدفة أو هضبة مرمريكا .ويبلغ متوسط ارتفاعها 251مترا.
ب -الجبال:
تضم الصحراء الغربية حبال واحدا رئيسيا فى الجنوب يعرف باسم جبل العوينات 1912
متر ويقع على الحدود بين مصر وليبيا والسودان.
كما تضم الصحراء الغربية تالل محلية تشتهر بأسماء جبال ويطلق عليها جبل القرن
وينسب إلى الواحة المجاورة لها كما فى الواحات الخارجة قرن بوالق وقرن جناح وقرن باريس
وكذلك جبل أدمنستون فى غرب الموهوب فى الداخلة.
ج -المنخفضات:
تضم الصحراء الغربية اكبر عدد من المنخفضات فى مكان واحد بالعالم وهى بالترتيب
المجموعة الجنوبية ثم الوسطى ثم الشمالية كالتالى:
-مجموعة المنخفضات الجنوبية وتضم توشكى والخارجة والداخلة وابو منقار.
-مجموعة المنخفضات فى المنطقة الوسطى وتضم الفرافرة والبحرية والريان والفيوم.
-مجموعة المنخفضات فى المنطقة الشمالية وتضم النطرون والقطارة وسيوة.
د -الواحات:
تعرف الواحة بأنها مكان منخفض فى الصحراء يصل إلى منسوب الماء الجوفى ويظهر
به الماء والنبات .وتضم الصحراء الغربية العديد من الواحات ومنها واحة الخارجة والواحات
الداخلة والواحة الفرافرة والبحرية والفيوم وسيوة.
هـ -أهم األودية:
تظهر األودية فى الساحل الشمالي فى هضبة الدفة شماال قرب مطروح وحتى السلوم.
فى حين يوجد واديان ضخمان مدفونان فى الصحراء الغربية ينبعان من جبل العوينات.
-3الصحراء الشرقية :
تبلغ مساحتها نحو 221.111كيلو متر مربع أي بنسبة % 21من مساحة مصر.
وتمتد بين وادي النيل غربا والبحر األحمر وخليج السويس وقناة السويس شرقا ومن بحيرة المنزلة
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 27
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
علي البحر المتوسط شماال حتى حدود مصر مع السودان جنوبا .وتتميز الصحراء الشرقية
بوجود المرتفعات الجبلية التي تطل علي البحر األحمر ويصل ارتفاعها إلى حوالي 1511متر
فوق سطح البحر وتعتبر هذه الصحراء بمثابة مخزون الموارد الطبيعية المصرية من خامات
المعادن المختلفة كالذهب والبترول.
أ -الهضاب:
تضم الصحراء الشرقية ثالث هضاب تمثل االمتداد الشرقي لنفس هضاب الصحراء
الغربية وبنفس تكوينها وهى
-الهضبة الجنوبية وهى هضبة رملية تعرف باسم العبابدة ويبلغ ارتفاعها 1111متر.
-الهضبة الوسطى وتعرف باسم هضبة المعازة وهى هضبة جيرية ويبلغ ارتفاعها بين 051
– 511متر .ويفصلها وادى قنا عن الهضبة الجنوبية.
-سهل شمال شرق الدلتا وهو سهل مستوى جيرى وتغطيه رواسب سطحية رملية وطينية.
ب -الجبال:
تزخر الصحراء الشرقية بالعديد من الجبال التى يتراوح ارتفاعها بين 1511-1111
متر وأهمها من الجنوب جبل علبة وجبل الشايب والدخان وحماطة وبخرص.
ج -المنخفضات:
تتميز الصحراء الشرقية باالرتفاع الكبير وعدم وجود منخفضات مثل الصحراء الشرقية.
د -الواحات:
تضم الصحراء الشرقية واحة رئيسية تعرف باسم واحة بير عريضة وتشتهر بوجود دير
القديس سانت انطونيوس .
هـ -أهم األودية:
تتميز األودية فى الصحراء بنظامين أحدهما يتجه نحو البحر األحمر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 28
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
واآلخر يتجه نحو وادى النيل .وتتميز أودية نظام البحر األحمر بأنها قصيرة وسريعة الجريان
وأهمها وادى الجمال وجاسوس .أما أودية وادى النيل فتتميز بأنها طويلة وبطيئة الجريان ومن
أهها وادى العالقى وقنا واألسيوطى وسنور.
-4شبه جزيرة سيناء :
تبلغ مساحتها حوالي 41.111كيلو متر مربع أي حوالي % 4من مساحة مصر
وهي على شكل مثلث الشكل قاعدته على البحر المتوسط شماال ورأسه جنوبا في منطقة رأس
محمد وخليج العقبة من الشرق وخليج السويس وقناة السويس من الغرب وتنقسم سيناء من حيث
التضاريس إلي ثالثة أقسام رئيسية هي :
-القسم الجنوبي:
وهو منطقة وعرة شديدة الصالبة تتألف من جبال جرانيتية شاهقة االرتفاع ويصل
ارتفاع جبل كاترين نحو 2545مت ار فوق سطح البحر وهو أعلى قمة جبلية في مصر.
-القسم األوسط :وهو منطقة الهضاب الوسطي وتضم هضبة العجمة الجيرية وارتفاعها يبلغ
1511متر .ويليها هضبة التيه وهى هضبة جيرية يبلغ ارتفاعها نحو 1111متر .وقد تاه
بها بني اسرائيل فى رحلة الخروج من مصر.
-القسم الشمالي :وهو يضم المنطقة المحصورة بين البحر المتوسط شماال وهضبة التيه جنوبا
وهو عبارة عن أرض منبسطة ومنطقة سهلية تكثر فيها موارد المياه الناتجة عن األمطار التي
تنحدر مياهها من المرتفعات الجنوبية وهضاب المنطقة الوسطي .وهو قسم رملى يبلغ ارتفاع
منسوبه 251متر.
ب -الجبال:
تضم سيناء مجموعة من الجبال فى الجنوب وهى جبل كاترين 2544وجبل موسى
وسربال وجبل البنات .ومجموعة اخرى فى الشمال اهمها المغارة وحالل وجبل يلج.
ج -المنخفضات:
ال تضم سيناء منخفضات مثلما في الصحراء الشرقية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 29
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د -الواحات:
تضم سيناء عدد من الواحات أهمها فى الجنوب واحة غرندل وفيران ..وفى الوسط
تضم الحسنة ونخل والقصيمة والكونتال وفى الشرق تضم واحة عين الجديرات.
هـ -أهم األودية:
تضم سيناء ثالث أنظمة لألودية ..األول هو نظام البحر المتوسط ممثل فى وادى
العريش .ويليه نظام اودية خليج العقبة ويمثلها وادى وتير ووادى كيد .وأودية نظام خليج السويس
ويمثلها وادى فيران وغرندل.
-4وادي النيل والدلتا :
يشكل وادي النيل والدلتا أقل من %4من المساحة الكلية للبالد أي حوالي 35111
كم .2ويبدأ وادي النيل جنوبا من شمال وادي حلفا حتى البحر المتوسط وينقسم إلي مصر العليا
(الصعيد) من حلفا إلي جنوب القاهرة ومصر السفلى (دلتا النيل) من شمال القاهرة إلي البحر
المتوسط.
ويمتد نهر النيل من الحدود المصرية جنوبا إلي مصبيه في البحر المتوسط شماال
بطول 1532كيلومت ار تقريبا ..ويتفرع النيل شمال القاهرة إلي فرعين رئيسيين هما فرع دمياط
وفرع رشيد اللذان يحصران بينهما مثلث الدلتا الذي يعد من أخصب األراضي الزراعية.
ويبلغ مساحة وادى النيل نحو 11111كم 2في حين تبلغ مساحة الدلتا نحو 25111
كم.2
ويقدر عدد الجزر بنحو 144جزيرة وهي جزر طينيه من رواسب نهر النيل معظمها
مسكون وبعضها يمثل جزء رئيسي من المدن المهمه مثل جزيرة الزمالك والروضه في مدينة
القاهرة وهناك جزر جرانيتية مثل جزيرة اسوان وجزيرة سلوقه وسهيل.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 30
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تغير المناخ هو أي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة
معينة ويشمل درجات الح اررة معدل التساقط وحالة الرياح .وتعد ظاهرة التغيرات المناخية أكبر
التغيرات البيئية التي حدثت في الزمن الرابع وتركت بصماتها على مظاهر سطح األرض
وانعكس ذلك على اإلنسان وكافة أشكال الحياة النباتية والحيوانية.
أ -ظاهرة التغيرات المناخية:
يمكن تحديد أسباب ظاهرة التغير المناخي فى:
-1أسباب طبيعية:
وتنقسم األسباب الطبيعية إلى أسباب طبيعية تأتى من خارج كوكب األرض وأسباب طبيعية
تحدث من داخل كوكب األرض كما يلي:
-أسباب خارجية:
-تغير اإلشعاع الشمسي :حيث يتراوح معدل التغير بين %2 – 1.5من قيمة اإلشعاع
الصادر من الشمس ويتغير بفعل ظاهرة البقع الشمسية مما يؤدى إلى اختالفات في الضغط
الجوي وبالتالي حركة الرياح ونظام سقوط المطر على األرض ويؤدى إلى قيام حضارات وانهيار
أخرى.
-سقوط نيازك ضخمة :حيث يؤدى ذلك إلى حدوث غبار ضخم يلف السماء ويحجب األشعة
الشمسية وتموت النباتات وتموت الحيوانات التي تتغذى عليها وقد كان ذلك سببا في موت
الديناصورات والحيوانات الضخمة قديما.
-سحب الغبار الكوني :حيث تدخل األرض في منطقة بها الغبار الكوني في الفضاء فتضعف
أشعة الشمس الواردة إلى األرض.
-أسباب داخلية:
-زيادة ثورات البراكين حيث تؤدي إلى زيادة األتربة فى الغالف الغازى وتحجب األشعة
الشمسية.
-ميل محور األرض :لألرض دورتان وهما الدورة اليومية حول نفسها وينتج عنها الليل والنهار.
والدورة السنوية حول الشمس وينتج عنها الفصول األربعة وتحديد مناطق الظروف المناخية وفقا
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 31
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
لميل محور األرض الذي يبلغ 23.5درجة عن المحور ال أرسي .وبالتالي فإن أقصى تعامد
ألشعة الشمس شماال أو جنوبا ال يتجاوز دائرة العرض هذه .ويترنح هذا الميل في دورة تبلغ
24ألف سنة حيث تصل ما بين 23.2 – 23.4درجة وبالتالي يحدث زحزحة لموقع مدار
السرطان والجدى وما يترتب عليه من تغيرات مناخية.
-2أسباب بشرية:
ليس لإلنسان القديم دور فى هذا فقد حدثت األسباب البشرية بسبب نشاط اإلنسان
الحديث منذ قيام الثورة الصناعية في القرن .10وبفعل زيادة التلوث بأنواع الثالث البرى والبحرى
والجوى وزيادة غازات التسخين والمعروفة باسم غازات الكلوروفلوروكربون وزيادة بخار الماء فى
الجو .عالوة على قطع الغابات واختالل التوازن البيئي.
-تصنيف ظاهرة التغير المناخى:
يمكن تصنيف أبعاد ظاهرة التغير المناخي فى:
-تغيرات دورية :تعد الدورية في المناخ ظاهرة شائعة وأبسط أنواعها التغيرات بين الليل
والنهار في أحوال الجو وكذلك التغيرات الموسمية بين الصيف والشتاء .والتغيرات طويلة
األمد والتي ترتبط بالبقع الشمسية في دورة السبع سنوات والدورات األطول.
-اإلحساس بالتغير :وهو تحديد التغير علميا من خالل البيانات اإلحصائية المتوقعة
للمستقبل.واحساس اإلنسان فعليا.
-مساحة التغير :وترتبط بمساحة المنطقة التى يحدث فيها التغير وهى:
* تغير موضعي فى مكان محدد مثل تغير مناخ مدينة أسوان بفعل إنشاء بحيرة ناصر.
* تغير نطاقى ويحدث فى نطاق عرضى كبير كما يحدق فى إقليم الساحل فى غرب
أفريقيا والمعروف باسم إقليم الجفاف أو إقليم الجوع .
* تغير كوكبى وقد حدث على مدار التاريخ الجيولوجى عدة مرات حيث يتحول كوكب
اآلرض كله إلى ظروف دفيئة او ظروف باردة.
-مظاهر التغير المناخي:
تتمثل مظاهر التغير المناخى فى حدوث فترات جليدية في أوربا يقابلها فترات مطيرة
فى شمال أفريقيا يعقبها فترات جفاف.
-الفترات الجليدية:
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 32
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
هي فترات زمنية مختلفة كانت خالل عصر البلستوسين الجليدي الذي انتشر فيه
الجليد بعيداً عن المناطق القطبية واصالً حتى العروض المتوسطة ويتميز هذا العصر بأربعة
فترات جليدية فى قلب أوربا تفصل بين كل منها فترة غير جليدية .ولكن على األطراف كان
الجليد يتراجع ويتقدم بسرعة أكبر من تراجع الجليد عن قلب أوربا مما أدى إلى زيادة عدد
الفترات الجليدية إلى 12فترة فى بعض األماكن الواقعة على أطراف المنطقة .وكانت الفترات
الرئيسية كما يلى:
• الدور الجليدي :جينز (بدأ قبل 2.251.1111سنة).
• الدور بين الجليدي :جينز -مندل (بدأ قبل 1.031.111سنة).
• الدور الجليدي :مندل (بدأ قبل 1.411.111سنة).
• الدور بين الجليدي :مندل -ريس (بدأ قبل 911.111سنة).
• الدور الجليدي :ريس (بدأ قبل 541.111سنة).
• الدور بين الجليدي :ريس -فورم (بدأ قبل 321.111سنة).
• الدور الجليدي :فيرم (بدأ قبل 101.111سنة).
-الفترات المطيرة:
هى فترات سقوط مطر فى شمال أفريقيا بغ ازرة وتكررت م ار ار ولم تكن مرتبطة بتوقيت
حدوث الجليد في أوربا أو فى الفترات بين الجليدية .وكان يعقبها فترات جفاف.
أدلة حدوث التغير المناخي:
تتعدد األدلة على حدوث التغيرات المناخية فى أوربا بسبب اآلثار المترتبة على وجود
الجليد .ويهمنا هنا اآلثار المترتبة على وجود الفترات المطيرة في شمال أفريقيا وتتمثل في:
-1وجود بقايا وعظام الفيلة والزراف وعظام الجاموس البري وبيض النعام وغيرها من الحفريات
في الصحراء الغربية .والتي تعيش في نطاق السافانا األفريقية حاليا في بيئة غزيرة األمطار.
-2اكتشاف أودية ضخمة في حجم وادي النيل مدفونة تحت الرمال في مناطق متعددة من
بواسطة األقمار الصناعية
- -3انتشار العديد من األودية الجافة الحديثة فوق قمم جبال البحر األحمر.
-4وجود خزانات مياه جوفية ضخمة وكبيرة والتى تحدد عمرها بمايزيد عن 25ألف سنة.
-5وجود آثار رواسب بحيرات قديمة وكبيرة.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 33
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
-4اكتشاف آثار عديدة لمجموعات بشرية عاشت في تلك المناطق المطيرة وقد تركت لنا هذه
المجموعات من البشر أعدادا هائلة من اآلالت الحجرية واألواني الفخارية وصور للحيوانات
التي عاشت في تلك البيئة مسجلة على جدران الكهوف التي كانوا يعيشون فيها.
اآلثار المترتبة على حدوث التغيرات المناخية:
يمكن إجمال اآلثار المترتبة على حدوث التغيرات المناخية فى نتائج إقليمية كبيرة ونتائج محلية.
-1النتائج اإلقليمية الكبرى:
أ -الشواطئ القديمة :ونتجت عن تراكم الجليد فوق اليابس مما ترتب عليه انخفاض مستوى
منسوب البحار على مستوى العالم فى حين يرتفع منسوب الماء مرة أخرى بعد ذوبان
الجليد .وتنقسم إلى نوعين شواطئ غارقة وشواطئ مرتفعة.
ب -المدرجات أو الشرفات النهرية :وقد نتجت من تغير منسوب مياه البحار والمحيطات
مما نتج عنه تغير مستوى القاعدة التى يصب فيها النهر وبالتالي تحدث عملية نحت فى
رواسب السهل الفيضي ويترك شرفة أو مدرج نهرى .وفى وادي النيل تم تحديد تلك
المدرجات بمنسوب 15 45 41 91 115 241متر.
جـ -المعابر اآلرضية :وتعتبر أهم ظاهرة حدثت بسبب انخفاض منسوب سطح البحر مما
أدى النكشاف معابر أرضية بين القارات وبين الجزر وبعضها ومن أشهرها ممر بهرنج
بين أالسكا وآسيا وممر ملقا بين آسيا ومجموعة جزر المحيط الهندى .وممر جبل طارق
وباب المندب وغيرها .وقد ترتب على هذه المعابر هجرة المجموعات البشرية من مكان
آلخر وكذلك الحيوانات والنباتات.
-2النتائج المحلية والموضعية:
أ -وجود أودية كبيرة قديمة في عمرها وقد تصل أكثر من 211ألف سنة
ب -وجود أودية جافة وهى حديثة قد تصل 11أالف سنة.
ج -وجود آثار بحيرات قديمة كبيرة أو صغيرة.
د -وجود مياه جوفية مختزنة في مناطق جافة.
هـ -تشكل السواحل بشكلها النهائي.
و -وجود المنخفضات كما في الصحراء الغربية.
ز -وجود ظاهرة الينابيع القديمة الحفرية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 34
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفصل الثالث
أسباب اختيار مواقع
المستوطنات ومراكز
االستقرار القديمة
-مراكز العمران المؤقتة
-مراكز العمران الثابتة
-عوامل نشأه مراكز االستقرار
القديمة
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 35
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
عاش اإلنسان البدائى لمئات اآلالف من السنين متنقال لم يترك آثار تدل على وجود
مراكز استقرار دائم في تلك الفترة وانما ظهر ذلك خالل الفترات التاريخيه التي بدأت باكتشاف
اإلنسان للزراعه وعلى خلقيه هذه المراحل التي مرت بها العالقه بين اإلنسان والبيئة نستطيع
ان نقسم مراكز العمران البشرى على مدار التاريخ إلى مراكز عمران مؤقته ومتنقله؛ وآخرى ثابته
سواء كانت في الريف او الحضر.
أوالً :مراكز العمران المؤقتة:
ظهرت مراكز العمران المؤقته خالل الفترة التي سادت فيها حرفة الجمع وااللتقاط
والصيد تلك الفترة التي امتدت لمئات اآلالف من السنين وحتى اكتشاف اإلنسان للزراعة
وكانت هذه الحرفة –كما ذكرنا من قبل– هى السائدة في كل المناطق التي عمرها اإلنسان
وانتشر فيها حتى مرحلة الزراعة .ولما كانت أنـشطة "جمع الغذاء" بطبيعتها تتطلب االنتقال
طبيعيا أن تكون مراكز العمران – إن جاز
ً الدائم والحركة المستمرة من اإلنسان في المكان كان
القول– مؤقته هى اآلخرى وعندما يهجرها اإلنسان منتقالً إلى مكان آخر سرعان ما يختفى
أثرها من البيئة وال يتبقى لها مالمح وال أثار متبقية.
وتعددت اشكال مراكز العمران تلك فمنها الكهوف الطبيعية وتلك التي عدلها اإلنسان
طا ويبنى من مكونات البيئة وكان الشكل الغالب على بنائها
لسكناه ولكن األغلب منها كان بسي ً
من األخشاب أو أغضان األشجار وبعضها كان معلًقا على األشجار وبعضها اآلخر على سطح
األرض في منطقة مكشوفة من النبات أو يزيل اإلنسان ما حولها من نباتات حتى يتاح لإلنسان
في تلك الفترة حماية نفسه من الحيوانات المفترسة.
وعند اكتشاف الزراعة بدأت أنشطة اإلنسان تتجه إلى الزراعة والى األنشطة اآلخرى
التي صاحبت ظهورها وبالتالى بدأت مساحات األرض التي كان يمارس فيها اإلنسان أنشطة
يجيا مع زحف األنشطة الجديدة واتجاه اإلنسان إلى األنشطة
جميع الغذاء في التقلص تدر ً
الزراعية والمستقرة .واستمر الحال على هذا المنوال حتى العصر الحالي والذى انكمشت فيه
األرض التي يمارس اإلنسان عليها أنشطة جمع الغذاء والتي ارتبطت بالبيئات الفقيرة في
الصحاري القديمة.
حاليا فى بعض مناطق العالم الزال اإلنسان يعيش على حرفه جمع الغذاء وال زال ً
متنقال في رحالت موسمية ويومية من أجل جمع الغذاء وبالتالى فإن مراكز االستقرار المؤقت
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 36
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الزالت مصاحبة لهذه الجماعات حتى الوقت الحاضر وان تطورت قليالً بحكم الزمن واالحتكاك
مع أصحاب الحضارات المستقرة فأصبحت بيوتهم تصنع من الجلود وبعضها اآلخر يوجد في
باطن األرض كمساكن دائمة مثل مساكن جماعات الالب في شبه جزيره اسكندونياور ورعاة
شتاء إلى حافة الغابات الصنوبرية حيث توجد حيوانات الرنة في روسيا االتحادية حيث ينتقلون
ً
صيفا إلى الشمال حيث يتغذى حيوان الصيدالرنة يجد غذائه في تلك الغابات ثم يتجهون ً
(الرنة) على الطحالب القطبية ويسكنون في خيام معنى ذلك أن تلك الجماعات وان أقامت
يضا .ولعل
المسكن الدائم اال أنها ال تقيم فيه اال جزًءا من السنه فقط – أى هو مسكن مؤقت أ ً
في حياة البداوة التي الزالت تمارسها جماعات كثيرة في أفريقيا وفى الصحراء الكبرى نموذج
يضا على المساكن المؤقتة (الخيام) التي تحملها الجماعة مع ترحالها المستمر بحثًا حديث أـ ً
عن الغذاء للماشية.
ثانيا :مراكز العمران الثابتة:
ً
نشأت مراكز العمران الثابتة في الفترة التي استقر فيها اإلنسان في قطعة ارض محددة
على سطح األرض وهى فترة اكتشاف اإلنسان للزراعة المستقرة حيث أنها تحتاج استقرار
دائما بجوار األرض الزراعية ومن ثم ظهرت حاجة اإلنسان إلى مسكن دائم بجوار مزرعته
ً
غاليا
كما أن العائد من األرض الزراعية –المحاصيل– بطبيعة الحال موسمى كانت الزراعه ً
في بدايتها زراعه لموسم واحد فقط معنى ذلك ان المزارع لن يحصل على غذائه اال مره واحدة
في السنه وبالتإلى ظهرت الحاجة إلى ”تخزين الطعام” وترنب على ذلك ظهور”المسكنالدائم”.
واذا كانت ضرورات السكن للمزارع او لالسره امر فرضته طبيعه الزراعه المستقره
وتخزين الطعام فان ”مطلب الحمايه واالمن” للجماعه التي مارست الزراعه دفع الجماعات
الزراعيةإلى تجميع مساكنهم بجوار بعضها ومن هنا نشأت”القرى”الزراعيةالمستقره التي اخذت
تنتشر– باشكال واحجام مختلفه – في كل منطقة تحول سكأنها من انشطة جمع الغذاء إلى
انتاجة.
وقد ترتب على انتقال اإلنسان من جمع الغذاء إلى انتاجة نتيجة مهمة للغايه فيما يتعلق
بنشاه مراكز العمران الدائمة .فنشاط الزراعه من حيث التقنيه (الفن االنتاجى) ارقى من مرحله
جمع الغذاء وبالتإلى بدأت الحاجة إلى ادوات جديدة أكثر تنوعا ومتخصصا لم يعد في مقدور
المزارع الذي شغلته الزراعه على توفيرها لنفسه كما ترتب على انتاج الطعام زياده في الكميه
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 37
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
المتاحة للجماعات التي مارست الزراعه وبالتإلى تحررت فئات من السكان من مزاوله مهنه
انتاج الطعام وتخصصت في مهن تخصصيه آخرى– غير الزراعه – وبالتإلى ظهرت مهن
صناعه السالل واالدوات من الفخار وصناعه المالبس من الصفوف وااللياف النباتية والرحى
من الحجاره لطحن الطعام وادوات الزراعه المصنوعه من الحجر والمعادن وادوات الزينه والبناء
وظهر على المسرح الكهنه والتجار واالداريون والحراس ..الخ وكل هؤالء ال تربطهم عالقه
مباشره بانتاج الطعام وبالتإلى اقيمة مساكنهم غير مرتبطة باالرض الزراعية وانما في ”مكان
ما” داخل المجتمعات الزراعيةوهذه كانت لحظة ميالد المدينه التي يسكنها غاليا السكان غير
الزراعيين.
عند هذا الحد يمكن القول بان مراكز العمران الدائم بنوعيه الريفى (القريه) والحضرى
(المدينه) تدين في نشأتها إلى ظهور نشاط الزراعه والتي بدأت منذ ما يقرب من تسعه االف
سنه ومنذ ذلك التاريخ تطورت اشكال واحجام ووظائف مراكز العمران البشرى والتي تسود في
العالم في الوقت الحالي .وسوف نكتفى في االجزاء التاليه بتناول اهم مالمح العمران الدائم في
الوقت الحالي.
العمران الريفى :
تنقسم محالت العمران الريفى إلى نوعين هما القرى المندمجة والقرى المبعثره .ويمكن
تناولها بالشرح فيما يلى:
أ -القرى المندمجة:
يرتبط هذا النمط بانشاء المساكن الريفية في بقعه واحدة مختاره داخل االراضى الزراعيه
وبالتإلى تكون االراضى المخصصه للمساكن مختلفه ومميزه تماما عن االراضى الزراعية ويبدو
هذا النمط على الخرائط في تجمعات واضحة وفى مواضع محددة تفصلها عن بعضها البعض
اراضى وحقول زراعيةممتده دون اى مساكن بها.
وقد ارتبطت القرى المندمجة الشكل بالظروف البيئية األصلية فاإلنسان البدائى بمفرده
غير قادر على درء أخطار الطبيعة وتكون األسرة أو القبيلة أولى مراحل المجتمع وتسكن في
مساكن متقاربة وربما متالصقة طلًبا لالمن وما أن تتزايد أعداد القبيلة حتى تنتشر مساكنها في
مساحة أكبر حول النواة األصلية للمحلة العمرانية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 38
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
وتميل الجماعات البدائية إلى التجمع في محله واحدة لعده اعتبارات منها تحقيق االمن
والحمايه للجماعه من اخطار البيئة المجاوره وفوق ذلك التعاون في زراعه األرض ومع ذلك
فان هناك محالت عمرانيه لم يكن عنصر تحقيق االمن السبب الرئيسى في نشأتها واندماجها
ذلك الن مواقع القرى في العصر الحجرى الحديث كان يحده موقع األرض الخصبه والتي تسهل
فالحتها ومن ثم فان موضع القريه البيئى هو المحور الرئيسى الندماجها.
وتختلف القرى المندمجة حسب الحجم اختالفا كبي ار تبعا لطبيعه وموارد البيئة المجاوره
فعندما تكون فقيره في مواردها تكون القرى صغيره في احجامها فعلى حافات الصحاري تتكون
القريه من عده اكواخ في حين أن البيئة الغنيه بالمواد الحيوانيه والنباتية تكون قراها كبيرة
الحجم.
على انه ينبغى القول بان ثروة البيئة ام ار متغي ار وليس ثابتا وتعتمد على مواهب السكان
في استغاللها فالزراعة الكثيفة في السهول الفيضية مثال تمثل استغالل متقدما للتربه – واسهمت
بدورها في خلق عدد كبير من القرى الكبيرة وارتبط ذلك بطبيعه الحال – بخصوبه التربه وتوفر
موارد المياه والعوامل الطبيعيه المالئمة للزراعه من ناحية ونمو وتزايد اعداد السكان من ناحية
آخرى.
ب -القرى المبعثره:
قد تكون المساكن في بعض االحيان مبعثره – دون نظام وغالبا ما تكون مساكن
صغيرة مفرده او مجموعه صغيره من المساكن والتي تبدو في النهايه على شكل نسيج معقد
من القرى الصغيره (العزب) واللمزارع غالبه ما يدل هذا التبعثر على عالقة قوية للغايه بين
مكان السكن ومكان العمل حيث يوجد كل منزل وسط الحقول او المزرعه الخاصه بصاحبه.
ويؤدى التطور االقتصادى إلى تحديد اشكال القرى واتجاهها نحو التبعثر وليس
االندماج ولعل اول عامل مؤثر في ذلك هو نظام الملكيه الزراعيةحيث توجد القرى الصغيره
مرتبطة بالمزارع الكبيرة التي غالبا ما تكون مق ار لسكنى صاحب األرض الزراعية وبعض العمال
معه في مساكن مجاوره ومعنى ذلك ان القرى المندمجة اذا كانت نتاجا لتاريخ طويل في استغالل
األرض وترجع إلى فترات قديمة فان العمران المبعثر نتاج العصر الحديث وللتغير في نمط
الزراعه والملكيه واستغالل األرض حول القريه حيث تقل مساحة الملكيات الزراعيةقرب مساكنها
– وتميل إلى الكبر واالتساع بالبعد عنها.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 39
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 40
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
ذلك وخير مثال لذلك العواصم المصريه القديمة التي اختفت واصبحت اث ار تاريخيا محضا
كذلك الفسطاط التي يدل عليها ويخلد ذكر اهميتها الماضية اثار ابنيتها المهدمة على حين نجد
بغداد قد تقدمت حتى اصبحت قصبه العراق.
ثال ًثا :عوامل نشأه مراكز االستقرار القديمة:
يمكن تلخيص العوامل الرئيسية التي تساعد على نشاه مراكز االستقرار القديمة فيما يلى:
-1نقط تقابل مناطق مختلفه من حيث التضاريس فمثال مناطق تقابل السهول والجبال كثي ار
ما تكون الخط الذي تنشأ فيه المدن وخير مثال لذلك مدن المانيا الجنوبيه الكبيرة مثل
ميونخ ودرسدنوليبزج .او نقط تقابل مناطق منخفضة تشغلها مستنقعات بآخرى سهليه مرتفعه
نسبيه وخير مثال لذلك مناطق وسط شرق اوربا.
-2عند تقابل منطقتين مختلفتين من حيث الحياه النباتية واالنتاج االقتصادى فمثال في حاله
تقابل المناطق الصحراويه بمناطق المراعى تكون مناطق االنتقال عاده مكان نشوء المدن
كذلك تقابل مناطق االنتاج الزراعى باالقاليم الصحراويه وخير مثال لهذه الظاهره المدن
المصريه العديدة التي نشأت على حافتى وادى النيل مثل ديروط واسيوط وقنا وغيرها .وفى
حاله تقابل مناطق رعويه بآخرى زراعية يكثر ظهور المدن التي تنشأ للتبادل بين الطرفين.
-3عند نقط تالقى الوديان الجبلية وقد كان هذا اساس نشأة كثير من المدن في البيئات
الجبلية بصفه عامة ونضرب لك مثال حال شيفيلد التي يدل اختيار موقعها على اهميتها
من هذه الناحية ولو ان شيفليد الحديثة مدينة في اهميتها ونهضتها إلى اشتغالها بالصناعه.
-4عند مدخل االدويه الجبلية بحيث تكون المدينة متحكمة في الوادى ومشرفه عليه في الوقت
ذاته وخير مثال لهذا النوع مدن اليونات القديمة فان كال منها كانت عند مدخل واد من
اوديه بالد اليونان الجبلية ومثال ذلك موقع اسبرطة وينطبق هذا القول على مدن شبه
جزيرة البلقان بصفه عامة وبخاصه في البانيا ومقدونيا والقسم الجنوبى من يوجوسالفيا.
-5كثي ار ما تنشأ المدن في نقط تمتاز بالحصانه والمناعه وقد كانت هذه الظاهره ذات اهميه
عظيمة في العصور القديمة ولذلك كانت معظم مدن العالم القديمة الشهيره عباره عن
مناطق حصينة مشيده في جهات ذات مناعه حربيه يمكن الدفاع عنها بسهوله طبيعه فمثال
قامت بيت المقدس في نقطه منيعه تحميها اوديه عميقة في معظم جهاتها كما شيدت اثينا
في نقطة تحوط المرتفعات بها ن معظم الجوانب كذلك حال ادنبره وروما فان اختيار موقع
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 41
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
كل منها كان نتيجة لمزايا هذا الموقع مما جعل احتشاد الناس في هذه البقاع ام ار يمكنهم
من الدفاع عن انفسهم والذود عن حياضهم ويجدر بنا ان نذكر انه ليس من الضرورى
ان تكون المواقع المنيعه في البيئات الجبلية فقط بل كثي ار ما تكون البيئات السهليه مكانا
لمدن من هذا النوع ويكون القصد منها حربيا في جملته مثل الفسطاط القديمة وبيكين في
شمال الصين ودلهى في شمال الهند.
-4حيث يتوافر الماء لالنسان والحيوان في مناطق بطبيعتها قليله موارد الماء بصفه عامة
وتزداد اهميه هذه الظاهره في المناطق ذات الصخور الجيرية مثل االلب الديناريه في
الجهات يتوقف نشوء المدن على وجود الماء سواء كان القصد منه االنتاج الزراعى او
الرعوى.
-0في وسط منطقة زراعيه وقد تكون هذه المدن مرك از لبعض صناعات تتعلق باالنتاج
الزراعى التي يمكن قيامها في هذه المناطق ومعظم مدن الدلتا المصريه من هذا النوع
ومثال ذلك طنطا وشبين الكوم والمحله الكبرى كما ان بودابست تعتبر مرك از لمنطقة انتاج
زراعى واسعة النطاق في حوض الطونه األوسط كذلك موسكو فيما يتعلق باواسط روسيا
الزراعيه وتصبح هذه المدن مرك از لجمع غالت هذه االقاليم واسواقا لتجاره الصادر منها
والوارد اليها.
-2عند التقاء نهرين واالمثله على المدن التي نشأت في نقط التقاء األنهاء وبفروعها عديدة
ويرجع ذلك إلى االهميه العظيمة التي كانت للنقل المائى قبل استخدام وسائل المواصالت
البريه الحديثة ومثل ذلك يقال عن الخرطوم التي أنشات بعد ان فتح محمد باشا السودان
عند نقطة النيل األبيض بالنيل االزرق وظاهر من اختيار موقعها ان الغرض هو ان تكون
على اتصال وثيق باالقاليم الداخليه لها عن طريق النيل األبيض واالزرق وازدادت اهميتها
بعد اتخاذها قاعده للحكم واالداره وبعد النهوض باالنتاج الزراعى بفضل انشاء مشروعات
الجزيرة.
-9عند نقطة يصلح النهر عندها العبور – قد كانت هذه الظاهره عامال في نشأه كثير من
المدن النهريه الن عبور النهر كان يمثل صعوبه البد من التغلب عليها اذا ما اريد االنتقال
إلى الجانب المقابل الى غرض من االغراض سواء ذلك للتبادل التجارى او للتوسع الحربى
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 42
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
ومثل ذلك جميع المدن التي يدخل في تسميتها لفظ بردج ( )Bridgrاو فورد ( )Fordمثل
كمبردج واكسفورد وكذلك في مصر منطقه الجيزة والمعادى.
-11عند نقطة تغير صالحيه النهر للمالحة بعدها أو قبلها – هذه الظاهرة لها أهميتها لما
للمالحة النهرية من اثر ولما للنقل المالى من فوائد ومزايا ونضرب مثال أنه في حالة كون
النهر صالحا للمالحة في بعض اجزائه وغير صالح في االجزاء اآلخرى فان ذلك يستدعى
ظهور مدن نقطة هذا التغيير في المالحة كما هو الحال فى وادى النيل عند اسوان
ووادى حلفا ودنقله ومرو وابو حمد على مجرى النيل االوسط وفى العادة نجد الطرق
الحديدية ممتده على طول مجرى النهر فى المنطقة التى تتعذر فيها مالحته ثم تختفى
السكة الحديدية فى المناطق الصالحة للمالحة وتظهر من جديد حيث تتعذز المالحة
وهكذا أى ان السكك الحديدية تعوض النقص فى عدم صالحيه بعض اجزاء النهر
للمالحة.
-11عند بدء ظهور دلتا للنهر – وقد نشأت مدن كثيره عند بدء ظهور هذه الداالت وخير
مثال لهذا النوع القاهره التى تقع بالقرب من نقطة تفرع دلتا النيل وقد ادى بها موقعها إلى
ان تصبح مركز تقابل غالت ومواصالت الوجهين البحرى والقبلى.
-12عند تقابل عده طرق بريه ويمكن اعتبار مدن الواحات مثال جيدأ لهذا النوع من المدن
الن مدن الواحات تعتبر فى الواقع مراكز التجاره واالنتاج الزراعى على طول طرق القوافل
ومثال ذلك دمشق وكذلك سيوه والواحات البحريه والفرافره والداخله والخارجة وينطق هذا
القول ايضا على كثير من مدن الشرق االدنى واالوسط التى مازالت الطرق البريه تلعب
دو ار كبي ار فى حياتها االقتصاديه لندره وجود المواصالت الحديثة مثل تبريز واصفهان
وطهران وكابل.
-13عند بدء ممر فى الجبال او عند نهايته – ويستوى ان يكون هذا الممر تخترقه االنفاق
والسكك الحديدية او الطرق البريه وخير مثال لهذا النوع من المدن التى تنشأ فى هذه
المواقع ميالنو وفيرونا وبدوا فى شمال ايطاليا قمثال تقع تورينو عند بدء طريق الموصل
من ايطاليا إلى فرنسا وميالنو التى تقع عند بدء طريق الموصل من ايطاليا إلى سويس ار
وقد ساعد على تقدمها ان عندها تتقابل عده طرق اتيه من سويس ار إلى ايطاليا واصبحت
ملتقى شبكة عظيمة من الخطوط الحديدية كذلك تقوم فيها صناعات الحرير والكتان واالالت
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 43
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
القاطعه والسيارات وهى فوق ذلك تقع فى منطقة انتقال بين اقليمين مختلفين من حيث
التضاريس ونعنى تقابل سهل البو بمرتفعات االلب االيطاليه اما فيرونا فتقع عند بدء طريق
برنر الموصل من ايطاليا إلى النمسا وجنوب المانيا كذلك بدوا وجميع هذه المدن ذوات
مواقع جغرافيه هامة ألنها تقع عند ملتقى السهول بالجبال وقد اصبحت اسواقا تجاريه ونقط
تقابل وسائل المواصالت .ومن خير االمثله ايضا بيشاوار فى شمال غرب الهند التى تتحكم
فى ممر خيبر مدخل الهند من هذه الجهه ويناظرها كابل من الجهه المقابله ال نها تشرف
على الممر من ناحية افغانستان.
-14حيث تقوم صناعه تعدين بعض موارد الثروه المعدنيه الن وجود معدن ما فى جهه خاليه
يرفع إلى نشأه مدن تعدينيه .ومن امثله ذلك مدن النحاس فى شيلى ومدن الذهب فى
صحراء استراليا الحاره وصحارى االسكا البارده .ومدن الحاس فى جنوب افريقيا وبعض
دول قاره افريقيا وبعض دول قاره افريقيا .على اننا نالحظ ان حياه هذه المدن ترتبط ارتباطا
وثيقا بحاله ودوام واستمرار تعدين المعدن او المعادن التى كان لها فضل اظهارها إلى خير
الوجود حتى اذا ما نضب معين هذا المورد او اصبح استخراج المعادن هنا غير اقتصادى
الى سبب من االسباب تبدأ هذه المدن فى االختفاء بالتدريج كما هو الحال فى كثير من
مناطق التعدين بعد ان اصبحت مواردها المعدنيه ضئيله.
-15وهناك عوامل متفرقه تؤدى إلى نشوء المدن لخدمة اغراض خاصه فمثال حيث يجود
المناخ فى فصل من الفصول فى بقعه ما فان هذا قد يؤدى إلى نشوء مدن لهذا الغرض
مثل مدن منطقه الرفيي ار التى تجتذب اليها الراغبين فى قضاء فصل شتاء معتدل وكثي ار
ما يقصدها هؤالء الذين يقدرون على الهروب من فصل الشتاء وبخاصه فى الوجه القبلى
حيث عامل المناخ ووجود اثار الحضارات المصريه القديمة الراقيه يجتذبان السائحين اليها
مثل االقصر واسوان .وتجتذب مدن سويس ار كثي ار من المصطافين فى فصل الصيف بسبب
اعتدال المناخ وامكان التمتع بجميع أنواع األلعاب الجليدية وقد يكون هذا العامل صالحيه
البقعه الن تتخذ مرك از لالداره والحكم بان تكون فى نقطة متوسطة ويساعد اختيارها لهذا
الغرض على عظمها وتقدمها وخير مثال لذلك انقره ومدريد وبرلين وفينا وموسكو والقاهرة.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 44
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفصل الرابع
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 45
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تتمثل فى عوامل التشكيل الخارجية التي تحدث على سطح األرض وليس من باطنها .وتنقسم
هذه بدورها أيضا إلى عوامل ثابتة وعوامل متحركة:
أ -عوامل ثابتة :كالتجوية وتعنى تفتت أو تحلل الصخور وهى فى مكانها.
ب -عوامل متحركة :كالرياح والمياه الجارية والتعرية الساحلية وما تقوم به من
عمليات تعرية.
أوالً-عوامل التجوية وتأثيرها على المواقع األثرية:
اشتقت عوامل التجوية Weatheringالتى تقوم بهذه العملية من عناصر الجو خاصة
االختالف فى درجة الح اررة أو ما يعرف بالمدى الحرارى وهو الفرق بين أكبر وأصغر درجة
ح اررة سواء على مدار اليوم أو الشهر أو السنة .والعنصر الثانى من عناصر الجو هو رطوبة
الهواء وما يتخلف منها من مظاهر مختلفة للتكاثف على االسطح الصخرية وخاصة الصخور
الكلسية.
والعمليات التى تؤديها التجوية تنحصر فيما يلى:
أ -عمليات ميكانيكية:
وتنتج عن كبر المدى الحرارى اليومى أو السنوى أو النمو البللورى فى الشقوق وتتمثل فى:
-التفتت الحبيبى :حيث أن حبات الرمال المتماسكة بأحدى المواد الالحمة تتعرض لتباين درجة
الح اررة فيصبها التفلك فتنفرط حبيبات فتأتى الرياح لتذريها.
-اإلنشطار أو التشظى :وتتعرض قطع الصوان لح اررة النهار الشديد والح اررة المنخفضة ليال فيصبها
تباعا فتنشطر إلى شرائح يسمع صوت فرقعتها فى بداية الليل فى الصحارى.
الضعف ً
-التقشر :أو التورق أو إ نفصال سطح صخور الجرانيت المقبب إلى صفائح ينتج من كبر المدى
الحرارى وتمدد متباين لمعاونة المتعددة فيتقشر سطحها وينفصل فى شكل صفائح فإذا ما جاء
فصل الشتاء وتكونت رطوبة بين هذه الصفائح وتتجمد فى ليالى الشتاء وضغطت بللورات الثلج
أيضا على عملية التقشر.
على جوانبها مع نمو حجمها ساعد ذلك ً
-االنفصال الكتلى :وطبيعة الصخور الجيرية أن يتكون على سطحها نظام من الفواصل المتعامده
مما يساعد على انفصال هذه الكتل عند األطراف أو على سفوح المنحدرات الجيرية يساعد على
سقوطها تلك الفواصل بمساعدة الجاذبية األرضية وعند سقوطها تتعرض لمزيد من التهشم.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 46
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
ب-عمليات كيميائية:
وتنتج عن رطوبة الهواء وتتمثل فى العمليات التالية:
-التكربن أو الكربنة :حيث تتعرض المناطق الجيرية ألمطار مختلطة بغاز ثانى أكسيد الكربون
فيتكون ما يشبه حامض الكربونيك المخفف فتتحول كربونات الكالسيوم أى بيكربونات ذائبة فى
المياه كما هو الحال فى الساحل الشرقى للبحر األدرياتى.
-األكسدة :اتحاد عنصر الحديد باالكسجين يؤدى إلى األكسدة وعنصر الحديد موجود فى كل
الصخور تقريبا خاصة النارية حيث تظهر صحارى الحماد أو صحارى السرير-الحصوبية-
بلون بنى فيما يعرف بالونيش الصحراوى.
-التميؤ :اختالط المياه بجزئيات الصخور الرسوبية خاصة الطينية يؤدى إلى انتفاخ حبيباتها وسد
مسامها وانعدام نفاذيتها فيما يعرف بالتميؤ.
-الذوبان :اختالط بعض المعادن بالمياه مثل الملح الصخرى ويتحول إلى محلول يعود لحالته
مع عملية التبخر وتخلصه من المياه فالمياه عنصر مساعد وحيوى فى إتمام عمليات التجوية
الكيميائية للعديد من العناصر.
ج -عمليات عضوية:
وتنتج عما تسببه الكائنات الحية النباتية والحيوانية من تفتت أو تحلل سواء فى الصخور
أو التربة وان كانت تظهر فى أشكال ميكرسكوبية فجذر النباتات تشق طريقها فى الصخور قد
ميكانيكيا أو من خالل تحلل بعض الجذور وتحولها إلى أحماض عضوية تساعد
ً تسبب تفلقها
فى إذابة الصخر واختراقه وكذلك تقوم القوارض بعمل الفتحات والشقوق فى الصخر كما أن
فضالت بول وبراز الطيور والقوارض تعمل على تأكل األحجار الجيرية مع الوقت وهذا كله
يدخل ضمن عمليات التجوية بشكل عام رغم عدم عالقة عناصر الجو بالعمليات األخيرة ولكنه
تمهيدا لعمليات
ً تعميم مقبول حيث تقوم التجوية بأضعاف وتفتيت الصخور وهى فى مكانها
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 47
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
* -الظروف المناخية وخاصة اتساع المدى الحرارى ووفرة الرطوبة وغ ازرة المطر وسرعة
الريح مما يؤدى لإلسراع بعمليات التجوية.
* -نوعية الصخور فكلما كانت لينة نشطت عمليات التجوية عليها.
* -التركيب الجيولوجي من حيث انتشار الشقوق واالنكسارات.
* -تضاريس السطح فكلما زاد تضرس السطح مابين ارتفاع وانخفاض زادت فرصة نشاط
عمليات التجوية.
* -وفرة الغطاء النباتى تعمل على زيادة التجوية العضوية الناتجة عن النباتات والحيوانات
األكلة لألعشاب.
* -يأتى عنصر الزمن فى النهاية ليحدد طول فترة نشاط التجوية وتأثيرها فكلما طال الزمن
زادت التجوية.
ثانيا :عوامل التعرية وتأثيرها على المواقع األثرية:
ً
تتمثل أهم عوامل التشكيل الخارجية في نماذج من أشكال السطح التى أسهم فى تشكيلها
عوامل النحت أ و األرساب وهذه العوامل كما هو واضح تتسم بالحركة فى تشكيل السطح.
وتتمثل هذه العوامل فى مظاهر نحت وارساب الرياح والمياه الجارية واألمواج .كما يمثل الجليد
أحد مظاهر النحت واإلرساب الرئيسية ولكن العوامل السابقة تعد أكثر شيوعا فى منطقتنا
العربية .ويمكن تناولها بإيجاز فيما يلي:
أ -اشكال السطح الناتجة عن المياه الجارية (األنهار):
يعد الماء الجاري بما يقوم به من نحت ونقل وارساب من أهم عوامل التعرية في تشكيل
سطح األرض .وال يقتصر أثر األنهار على المناطق الدائمة أو الفصلية التساقط بل يتعداها
إلى األقاليم الصحراوية حيث أن بعض األنهار تستطيع اختراق الصحارى قادمة من مناطق
بعيده ومنها نهر السند والنيل.
حين تسقط األمطار يتبخر ويتسرب بعضها بينما ينحدر الباقي مكونا للمجارى المائية.
وتنحدر المياه مكونه مسيالت صغيرة الجوانب وتتجمع هذه المسيالت في مجارى مائية محدودة
الجوانب صغيرة الحجم ثم تتالقى هذه المجارى الصغيرة مكونه أخوار أكبر ثم روافد نهرية أكبر
حتى تنشأ في النهاية مجارى رئيسية تحمل المياه وتلقى بها في بحر كنهر النيل .ويتم نقل
الرواسب بواسطة الماء الجاري بالطرق األربعة اآلتية:
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 48
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
-الحمولة المدحرجة :هى تحريك حبيبات الرواسب المختلفة األحجام عن طريق الدحرجة على
طول قاع المجرى ولهذا تسمى حمولة القاع ويزداد حجم حمولة القاع أثناء مواسم الفيضان
واشتداد سرعة جريان المياه كما تتمكن المياه وقتها من دحرجة وجر كتل صخرية كبيرة أحيانا.
-الحمولة القافزة :تتحرك حبيبات الرواسب الكبيرة فوق قاع المجرى بقوه دفع التيار المائي عن
طريق القفز فوق قاع النهر على فترات.
-الحمولة العالقة :تتحرك المواد الدقيقة فى هيئه معلقه بالمياه الجارية وتعوم الحبيبات الدقيقة
وتبقى معلقه فى المياه أثناء جريانها تجاه المصب.
-الحمولة المذابة :في بعض المناطق تنشط التجوية الكيميائية إما ألسباب مناخية مثل وفرة
الرطوبة والح اررة أو صخرية تختص بنوعية الصخر واستجابته السريعة لإلذابة في المياه العادية
أو الحامضية .ولهذا نرى مياه األنهار تحوى حمولة ضخمة من المواد الذائبة.
-األشكال الناتجة عن النحت بالمياه الجارية
-يعد الوادى من أهم مظاهر النحت بواسطة االنهار حيث يمر من المنابع حتى المصب فى قطاع
طولى يبدو فيه شكل الوادى كما يلى :
-شديد انحدار الجوانب بالقرب من المنابع حيث تنشط عملية النحت الرأسى.
-أقل انحدار أعلى الجوانب فيما بين المنابع والمصب وتبدأ أجزاء من السهل الفيضى فى الظهور
كما أن شكل القطاع العرضى اكثر اتساعا وتسمى هذه المرحلة بمرحلة النضوج حيث يتسع
الوادى أمام النحت الجانبى وتبقى آثار للنحت الرأسى مما كان عليه فى مرحلة الشباب عند
المنابع وان كانت بدرجة أقل
ـ -تنعدم أو تكاد عمليات النحت الرأسى بالقرب من مستوى القاعدة أى المصب ويكون اتساع
الوادى فى أقصى مراحله فيما يعرف بمرحلة الشيخوخة حيث الزالت أثار العمليات النحت
الجانبى فى مناطق المقعرات فى الثنيات النهرية التى تسهم فى مزيد من إتساع الوادى ويظهر
أثر أرساب النهر على السهل الفيضى بشكل واضح على جانبى النهر.
-مساقط المياه :تنشأ مساقط المياه على طول المقطع الطولى للنهر نتيجة تباين فى أنواع الصخور
التى يجرى عليها النهر كأن توجد طبقة صخرية ضعيفة تعلوها طبقة أكثر مقاومة فيختلف
معدل تراجع الطبقتين صوب المنبع فيما يعرف بالتعرية صوب المنابع فينشأ مسقط مائى يختفى
بعد أكمال دورة التعرية ووصول النهر إلى مراحل متقدمة من حياته.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 49
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 50
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
فى شكل مروحة وقد تتخذ الرواسب شكل المخروط إذا كانت األراضى التى انتشرت فوقها
الرواسب شديدة االنحدار نسبيا .ويكثر وجودها فى األقاليم شبه الصحراوية حيث تحمل السيول
كميات كبيرة من المواد الصخرية ترسبها فى شكل مروحى أو مخروطى عند أقدام المنحدرات.
ب -أشكال السطح الناتجة عن الرياح:
يسود هذا العامل فى األراضى الصحراوية-الجافة وشبه الجافة-حيث ينعدم الغطاء النباتى
ومن ثم يجعل السطح عرضة لنشاط التجوية وتأثير حركة الرياح بشكل مباشر والرياح تحمل
المفتتات من االسطح المكشوفة بأحجام تتفق وقوتها أو سرعتها وتصبح هذه المواد المحمولة
بمثابة المعاول التى تساعدها على عملية النحت لذلك فإن أقوى تأثير لها فى النحت فى
المستويات القريبة من سطح األرض (ما بين 3-2أمتار) حيث المواد الخشنة وحبات الرمال
الدقيقة التى ال تقوى على األرتفاع بها ألعلى ولذلك فالرياح تنقل المفتتات بعدة طرق:
-حمولة عالقة :كاالتربة والرمال الدقيقة تبعا لقوة سرعتها.
-حمولة زاحفة لمواد خشنة :كالحص الدقيق غير منتظم الشكل وتعرف بالجر أو السحب أحيانا.
-حمولة متدحرجة :للمواد الخشنة المستديرة الشكل.
-حمولة قافزة :لمواد تقوى على حملها إلى حين ثم سرعان تسقط على األرض عندما تقل مقدرة
الرياح على حملها.
مظاهر النحت فى المناطق الصحراوية بواسطة الرياح.
ينجم عن عملية التعرية الريحية عدة اشكال تضاريسية منها ما هو ناجم عن التذرية مثل
صحاري الحمادة والسرير والمنخفضات والمؤائد الصحراوية.
-الصحاري الصخرية والحماد وهي مساحات واسعة مغطاة بكتل صخرية تشكلت بفعل تذرية
الرياح لذرات الرمال التي كانت تغطي الكتل الصخرية وقامت بنقلها الى مناطق أخرى.
-صحاري الرق أو السرير وهي مناطق مغطاة بالحصى تشكلت بفعل تذرية الرياح لذرات الرمال
الناعمة تاركة ورائها كتل حصوية تنتشر على مساحات واسعة من االرض ومنها صحراء سرير
كلننشو في ليبيا.
-المنخفضات الصحراوية عبارة عن أحواض وقيعان تشكلت في مناطق محددة من الصحراء
بسبب وقوعها في مهب الريح المنتظمة التى تعمل على نحت الصخور وكنس الرمال منها
باستمرار ومنها منخفض القطارة في صحراء مصر الغربية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 51
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
-المؤائد الصخرية الصحراوية :وهى كتل صخرية تتخذ شكل الفطر أو المائدة وتتشكل هذه الموائد
بفعل تركز نحت الرياح في االجزاء السفلية من الكتلة الصخرية وخاصة اذا كانت لينة حيث
تتاكل بشكل أكبر وأسرع من األجزاء العليا الصلبة لذا تظهر رفيعة من االسفل وعريضة من
االعلى.
ومن مظاهر األرساب بواسطة الرياح ما يلى:
-الكثبان الهاللية أو البرخان :وهذا الشكل التقليدى فى الصحاري الرملية ويرتبط بالرياح السائدة
غير متغيرة االتجاهات بشكل متكرر وباستمرار هذا التأثير يتكون الكثيب الهاللى ويتحرك
الكثيب ضمن نطاقات من الكثبان الهاللية فى الصحاري الحارة بمعدل يتراوح بين 25-21متر
فى السنة وهى تهدد الكثير من مظاهر العمران باألخطار نتيجة تقدمها الدؤب لتدفق هذه
المظاهر من مساكن وطرق ومواصالت حيوية وأراضى زراعية فى الواحات.
-الكثبان الذيلية :وتتكون هذه فى منطقة هدوء أو سكون الرياح فى ظهير أى عقبة فى المناطق
الصحراوية وهو ما نشاهده فى خلفية الكتل الصخرية أو التالل أو حتى المنازل إن وجدت.
-الكثبان النبكية :وتتكون هذه حول النباتات الصحراوية فتغطيها وتنمو بنمو النبته فإذا زادت الرمال
فقد تدفن النبته تحت الرمال وتبدو فى شكل تجمع رملى دائرى الشكل.
-تربة اللويس :نقلتها الرياح من هوامش الجليد بشمال أو راسيا وأرسبتها فى شمال الصين وهى
تربة جيرية تسود فى مناطق منابع نهر الهوانجهو.
وهناك أشكال آخرى لألرساب مثل الكثبان الطولية أو السيفية أو الغرود باالضافة إلى
فرشات الرمال أو الغطاءات الرملية.
ج -أشكال السطح الناتجة عن فعل البحر (األمواج):
يتركز فعل البحر في نطاقات محدودة تبعا المتداد خط الساحل والمساحة التي تطولها
األمواج وتؤثر فيها .كما أن تأثير األمواج رأسيا محدود أيضا فهو ال يزيد كثي ار عن أقصى
ارتفاع تصله مياه المد العالي .واألشكال التي تنشئها التعرية البحرية سريعة التغير ألن تذبذب
حركة المد والجزر والرياح واألمواج التي تشكلها ما تلبث أن تهدمها أو تعدل من شكلها .كذلك
الجروف يصيبها التساقط واالنزالق وبالتالي التغير الشديد خصوصا إذا كانت مكونة من
صخور هشة مفككة .وعملية تكوين األلسنة والخطاطيف والحواجز والشطوط تتم ببطء نسبيا
في عدة عقود قليلة .ويتلقى نطاق الساحل نتاج التعرية البحرية من الرواسب كما ترد إليه رواسب
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 52
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
عوامل التعرية األخرى كالرواسب النهرية والجليدية والهوائية لذلك نجد في النطاقات الساحلية
توازنا بين أشكال النحت واإلرساب.
العوامل التي تؤثر في تشكيل السواحل:
يتوقف شكل الساحل على تفاعل عدد من العوامل نجملها فيما يلي:
-قوة األمواج وحركة المد والجزر والتيارات البحرية .وهى جميعا تقوم بوظائف النحت والنقل
واإلرساب في المنطقة الشاطئية.
-طبيعة الساحل الذي يتعرض لفعل تلك العمليات البحرية هل هو مرتفع شديد االنحدار أو
منخفض قليل االنحدار؟ هل هو مستقيم أو متعرج؟
-يضاف إلى ذلك خصائص التكوين الصخري ونوعها ودرجة مقاومتها للتعرية ومدى التجانس
أو التفاوت في تركيبها.
-التغيرات التي انتابت وتنتاب المستوى النسبي لليابس والماء والتي تعرف أحيانا بالتغيرات
الموجبة والسالبة بحسب نتائجها في رفع أو خفض مستوى البحر بالنسبة للساحل.
-شكل البنية الساحلية من التواءات وانكسارات واتجاهات ميل الطبقات.
وأهم االشكال المرتبطة بالنحت تتمثل فى:
-الكهوف :وتنشأ مع نمو الفجوات األرتطامية عند قاعدة الجروف المطلة على البحر كأحد مراحل
تطور ونمو الرف القارى وتتداخل عدة عمليات فى نحت هذه الكهوف مثل القوة الميكانيكية
نتيجة أرتطام الموجة والقوة الناتجة عن ضغط حجم الهواء المحبوس داخل الشقوق والفتحات
وداخل فتحة الكهف نفسه بجانب األثر الكيميائى فى تحلل الصخر وضعف الصخر أحيانا
وشدة انحداره السطح مما يسمح بنقل المفتتات وتجديد عمليات النحت.
-االقواس البحرية :تظهر فى االلسنة الصخرية الممتدة فى مياه البحر عندما تتعرض لقوة االمواج
من على الجانبين فتنشأ بعض الفجوات ثم تتحول إلى كهف يتصل بنظيره على الجانب اآلخرن
فسرعان ما يتكون ما يعرف بالقوس البحرى فإذا سقطت األجزاء العلوية من القوس ظهرت ما
يعرف بالمسلة البحرية وهى مراحل متعاقبة فى التعرية الساحلية فجوة ارتطامية عند قواعد
الجروف الصخرية تتحول إلى كهف ثم تتحول إلى قوس بعد تأكل سقف الكهف وسقوطه ثم
يتبقى بعد القوس وسقوط منتصفه ما يعرف بالمسلة البحرية ومن ثم تتأكل هذه األشكال امام
استمرار قوة االمواج فينمو ويتسع الرف القارى فى منطقة الشاطئ.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 53
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
-الجروف الساحلية :وهى تبدو كالحوائط الصخرية التى تطل على البحر مباشرة وقد يصل
ارتفاعها إلى عدة عشرات من األمتار .وتنتج عن تأكل المناطق السفلية من الصخور وتساقط
مايعلو فوقها وبالتالى تتراجع الصخور مكونة حافات عالية تعرف بالجروف.
أما أشكال االرساب البحرى فيمكن ايجازها فيما يلى:
-اللسان البحري :التظهر أشكال األرساب فى مناطق النشاط العنيف لألمواج وحيث تكون المياه
هادئة نتوقع األرساب وهذا ال يتأتى اال فى مناطق البحيرات الساحلية أو الخلجان الصغيرة حيث
تسحب التيارات الرجعية-السفلية-فى مياه بعض مواد الشاطئ وتعود بها لتتركها أمام قدوم
موجة صوب الشاطئ الخلفى فتتكون مناطق ترسيب فى مدخل الخلجان أو البحيرات الساحلية
فإذا ظهرت على أحد أطراف المدخل سمى باللسان البحرى.
-الحاجز الرملي :هو اتصال لسان رملي بآخر آخر مقابل من الطرف اآلخر لمدخل البحيرة أو
الخليج فيعرف فى هذه الحالة بالحاجز الرملى وهو فى هذه الحالة عبارة عن لسانين بحريين
متصليين كالحاجز الموجود فى مدخل بحيرة البرلس الذى يحاول فيه الصيادون أن يبقوا على
ممر بين اللسانين فى وسط الحاجز الرملى لتتمكن االسماك من دخول البحيرة ويعرف الممر
الذى يفصل بين بحيرة ساحلية وجسر باسم بوغاز .ويشعر المرء عند نزولة للبحر بأن المياه
تأخذ فى التعمق حتى حد معين من الشاطئ ليجد نفسه يصعد جزيرة مغمورة-غير ظاهرة-بعد
ذلك وهذه بداية تكون الحواجز الرملية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 54
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفصل الخامس
تحديد السياق
الجيومورفولوجي
والجيولوجي للمواقع
األثرية
التضاريس دراسة -أهمية
األرض سطح وأشكال
بالنسبة للمواقع األثرية
الجيومورفولوجية -النظم
المرتبطة بالمواقع األثرية
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 55
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يهدف هذا المبحث إلى الحصول على فهم أفضل لدى عالم اآلثار لـ «سبب» تواجد الموقع في
منظر طبيعي معين .أو بمعنى آخر لماذا اختار االنسان القديم موقع ما لالستقرار.
الجيومورفولوجيا هي الدراسة المنهجية للعمليات السطحية التي تبني وتؤدي إلى تغير التضاريس.
بمعنى واسع تشمل دراسة العمليات الداخلية مثل البراكين والتكتونية والعمليات الخارجية التي
تعمل من خالل الطقس والمناخ .ينظر علماء الجيومورفولوجيا إلى هذه العمليات على مستويات
مختلفة من الكواكب إلى القارات ونزوالً إلى النطاق المجهري .تتضمن العمليات نطاقات زمنية
غالبا ما تستغرق العمليات مثل بناء الجبال آالًفا إلى ماليين السنين بينما
أيضاً :مختلفة ً
تستغرق العمليات مثل الفيضانات واالنهيارات األرضية والزالزل واالنفجارات البركانية ساعات
أو أيام.
مهما للدراسات األثرية في األنظمة النهرية ومصبات األنهار
أمر ً
يعد فهم معايير اختيار الموقع ًا
والساحلية في جميع أنحاء العالم .ومن الممكن استخدام تقنيات علوم األرض لتحديد المناطق
ذات اإلمكانات العالية بسرعة كمساكن قديمة .يمكن استخدام األدلة الجيولوجية األثرية لتوثيق
تغي ارت مستوى سطح البحر وموضع الموقع.
ينظر الجيولوجي لسطح األرض بأنه يتغير بطريقة متقلبة عبر الدهور .فالسطح الجيومورفولوجي
هو مزيج من األشكال األرضية التي تعبر عن عمليات جيولوجية حديثة (نشطة) وعمليات لم
تعد نشطة أو قديمة .لكن هل العمليات الجيولوجية فقط هي التي تشكل سطح األرض؟
فمثال في نصف الكرة الشمالي أدى المناخ لظهور أنهار جليدية تأثر
أيضا عامل مهمً .
المناخ ً
بها منسوب سطح البحار .وبصفة عامة ففي علم اآلثار الجيولوجي يجب أن يشمل النظر في
التضاريس عامل آخر وهو التغير الجيومورفولوجي الناجم عن االنسان.
األشكال األرضية التي يتم دراستها ورسم خرائطها هي نتيجة لثالثة عوامل:
.1العمليات الجيومورفولوجية .2مرحلة تطور الشكل األرضي .3البنية الجيولوجية
ولرسم خريطة التضاريس من الناحية األثرية فيجب:
أوال :تحديد العمليات الجيولوجية التي تم من خاللها التشكيل األرضي
ثانيا :التعرف على مراحل تطور الشكل األرضي عبر الزمن
ثالثا :التعرف على التعبير الطبوغرافي للهياكل الجيولوجية (مراوح طينية – جزر -سهول
مسطحة – قاع وادي – الخ.)....
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 56
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
ففي مجال رسم الخرائط الجيولوجية التقليدية يعتمد الباحث عليها في التعرف على شكل األرض
والتربة وهيدرولوجيا األحواض (جبال هضاب سهول .)...واألدوات األساسية هي الخرائط
جنبا إلى جنب مع البوصلة ومقياس الميالن والمجرفة
الجغرافية والجيولوجية والهيدرولوجية ً
والمطرقة الصخرية والعدسة اليدوية .ولكن اليوم هناك أدوات أحدث مثل صور األقمار
الصناعية أو موقع األقمار الصناعية أو النظام العالمي لتحديد المواقع ( )GPSوتكنولوجيا
الليزر ونظم المعلومات الجغرافية ( .)GISكما أحدثت المركبة ذاتية القيادة منخفضة التكلفة أو
«الطائرة بدون طيار» ثورة في رسم خرائط المناظر الطبيعية والميزات األثرية .ومهما كانت
التقنية أو األداة فإن الهدف هو نفسه :تحديد السياق الجيومورفولوجي والجيولوجي للموقع أو
المواقع األثرية .وعندما يتم التوصيف يكون عند عالم اآلثار فهم أفضل عن لماذا تم اختيار
هذا المكان أو الموقع لالستيطان أو للزراعة أو للدفن ...الخ
ًأوال :أهمية دراسة التضاريس وأشكال سطح األرض بالنسبة للمواقع األثرية
دراسة األشكال األرضية جزء مهم من أي مشروع ميداني أثري لفهم االعدادات المادية والموارد
جذابا لالستخدام البشري .يمكن أن تساهم السمات
معينا ً
موقعا ًالتي كان من شأنها أن تجعل ً
أو الخصائص الجيومورفولوجية في فهم العمليات المستمرة طويلة األجل التي أثرت على موقع
أثري .كما ينظر علماء الجيواركيولوجي إلى المواقع األثرية كجزء من أحد أو أكثر من األنظمة
الجيومورفولوجية (أنهار -سهول -هضاب– صحاري ....الخ).
أوضاع وأنظمة شكل األرض «األوضاع الجيومورفولوجية»
األوضاع الجيومورفولوجية هي نتيجة لعمليات نهرية– هوائية– جليدية– بركانية والتي بدورها
تعتبر حاالت خاصة من العمليتين األساسيتين :التآكل «التعرية» والترسيب .وتتنوع بين أنهار
وصحاري سهول ساحلية جليد براكين كهوف...الخ ولكن يهتم علم اآلثار بصفة خاصة
باألشكال التي تخص المياه والتضاريس النهرية باعتبارهما األماكن المفضلة دائما لالستيطان
في العصور القديمة .حيث تنجذب في العادة المجموعات البشرية إلى مصادر المياه المتاحة
جدا في المجتمعات الزراعية حيث يحتاج المحصول إلى امدادات من المياه إلى وهذا واضح ً
جانب المياه توجد تربة طينية وطمي سارع المزارعون القدامى إلى استغالله.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 57
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يوفر علم أشكال وتضاريس سطح األرض أدلة إلعادة بناء أو تصور البيئة القديمة لموقع
أثري .مثل عالقة ترسيبات معينة بمواقع معينة ومعرفة الخصائص الجيولوجية لهذه المواقع.
يمكن تحديد الخصائص الجيومورفولوجية لموقعين أثريين على سبيل المثال ويقعان في بيئة
واحدة ذات حركات هوائية (رمال) وبيئة طينية:
.1المستوى األول :يتم استخدام األدلة التي تم الحصول عليها من الرواسب المرتبطة مباشرة
بالمواد األثرية في تحليل طبقات الموقع
األثري نفسه.
.2المستوى الثاني :يتم استعادة أدلة من منطقة
أكبر داخل النظام األرضي مثل جزء من
النهر أو حقل كثبان رملية معين وتهدف
التحليالت التي تجرى باستخدام هذه األدلة
إلى فهم أداء النظام النهري أو الهوائي داخل
المنطقة المحيطة بالموقع مباشرة.
.3في المستوى الثالث :يتم استعادة األدلة من
أجل استجابة النظام الجيومورفولوجي
بأكمله (الحوض النهري أو المنطقة
الصحراوية) بهدف انشاء عالقات داخل كل
من األنظمة الطينية والهوائية األوسع.
.4المستوى الرابع :يتطلب التحليل ربط
البيانات مع تلك التي تم تطويرها من منطقة
أوسع بكثير حيث قد يتكون فيها العديد من
األنظمة الطينية والهوائية.
.5في المستوى الخامس :يمكن رسم االرتباطات مع االتجاهات المناخية العالمية الرئيسية وال
سيما باستخدام األدلة المستمدة من السجالت األساسية لمحيطات وأعماق البحار والقمم
الجبلية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 58
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
إذن علم اآلثار الجيولوجي يهتم أو يتطور للبحث والنظر خارج الموقع األثري .بمعنى أنه
يتجاوز الجوانب المادية والفيزيائية للرواسب ليشمل الجوانب الجغرافية الحيوية والثقافية (المرتبطة
بالتنوع الحيوي وتأثيره على المكان والزمان)
ثانيا:النظم الجيومورفولوجية المرتبطة بالمواقع األثرية:
ً
األنظمة الجيومورفولوجية أو أشكال سطح األرض المختلفة هي نتيجة لعمليات تكوينية جيولوجية
مثل العمليات النهرية والهوائية المرتبطة بنقل الرمال والبركانية والجليدية والتي تعد بدورها
حاالت خاصة من العمليتين األساسيتين :التعرية والترسب .في هذا الفصل نحن مهتمون
بتحديد نتائج العمليات الجيومورفولوجية من العمليات نفسها ألن دراسة العمليات نفسها هي
دراسة جيولوجية في المقام األول .ففي هذا الفصل سوف نقوم بتلخيص أهمية هذه التضاريس
واألشكال األرضية في علم اآلثار وخصائصها.
أ -األشكال النهرية «التضاريس النهرية»
لعبت البيئات النهرية دو ار رئيسيا في فهمنا للماضي البشري .فالبشر لديهم سجل طويل في
استخدام الموارد المرتبطة ببيئات األنهار .وسواء كان ذلك استخداما قصير األجل لمورد معين
أو مستوطنات طويلة األجل فقد وفرت النظم النهرية موائل قيمة .فقد قدم تلك األنظمة للبشر
مناطق غنية استفادوا منها وال يزالون ينتشرون عليها في الماضي والحاضر.
يشمل النظام النهري المثالي :القناة والسهل الفيضي والمدرجات فوق السهل الفيضي.
من وجهة نظر أثرية األنهار هي أنظمة ديناميكية متغيرة .ففي حين أن جزءا واحدا من النهر
قد يهيمن عليه التآكل وبالتالي تدمير المواقع فإن أجزاء أخرى بالقرب من النهر قد تكون مواقع
للدفن وبالتالي يتم الحفاظ على المواقع .وبالتالي فإن أحد أهداف علم اآلثار الجيولوجية للبيئة
النهرية هو معرفة العمليات الجيومورفولوجية األساسية التي تؤثر على المواقع األثرية وكذلك
المناظر الطبيعية المحيطة بها.
تقوم المجاري المائية بعمليات قطع ونحر وترسيب في التربة فتظهر أشكال متدرجة «مدرجات»
أو «شرفات» وهي التي انتشرت عليها معظم المواقع األثرية .وبالطبع تحديد تلك المواقع هو
الهدف األساسي في أي رسم خرائط لنظام نهري.
هاما في تحديد المناظر
دور ً
جنبا إلى جنب مع البراكين واألنهار الجليدية ًا
تلعب األنظمة النهرية ً
الطبيعية القديمة وبناء مناظر جديدة .فحركة الرواسب المتآكلة (التي خضعت للتعرية والنحر)
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 59
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
أساسا دور التيار المائي الذي يقوم بنقل هذه الرواسب عبر األودية إلنشاء شرفات وسدود
هي ً
وسهول فيضية وفي نهاية المطاف يتشكل سطح األرض الساحلية (مصبات األنهار
والشواطئ) .مع األخذ في االعتبار لعوامل هطول األمطار والغطاء النباتي .وفي علم اآلثار
الجيولوجي القراءة الصحيحة لنوع وملمس وتوزيع الرواسب النهرية يسمح بالرجوع إلى المناخ
الماضي وهو العامل المسيطر على علم البيئة القديمة.
هناك عامل آخر هام وهو االنسان :فالتغيرات البشرية للمناظر الطبيعية يمكن أن تغير الجريان
السطحي والطابع الرسوبي ألنظمة األنهار مثل التغييرات الجذرية في التعرية بسبب إزالة
الغابات والتي تؤدي إلى زيادة أحمال الترسيب وتراكمها في المجاري المائية مما يتسبب في
زيادة تكرار حدوث الفيضانات واالطماء aggradationأو زيادة ترسيب الطمي .وقد بدأت
هذه التغيرات في الحدوث منذ العصر الحجري الحديث Neolithicبسب التوسع في الزراعة
وتربية الحيوانات.
ففي وادي الكوبانية غرب أسوان بنحو 31كم والذي يعود تاريخه من 21111إلى 12111
قبل الميالد من العصر الحجري القديم المتأخر .حيث تم الحفاظ على الموقع بسبب التفاعل
بين عمليات الترسيب فوق ضفة الوادي والرمال التي أتت بها الرياح .وغالبا ما وفرت الرمال
سطحا تجري عليه األنشطة البشرية التي تم دفنها بعد ذلك بواسطة طمي النيل فوق الضفة من
الفيضانات الموسمية .إلى جانب القطع األثرية الحجرية التي تم العثور عليها فقد تم الحفاظ
على العديد من المواد الحيوية مما يوفر رؤية جيدة لنمط اإلقامة الموسمي المرتبط ببيئة النهر
هذه.
ب -األشكال األرضية الساحلية coastal landforms
األشكال األرضية الساحلية هي من بين أكثر البيئات الجيومورفولوجية قابلية للتغيير ويرجع
ذلك إلى تغير مستوى سطح البحر حيث يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى انشاء ساحل
مغمور بالمياه والعكس عندما ينخفض مستوى سطح البحر يتكون ساحل ناشئ .مثل :سواحل
شرق أمريكا الغاطسة بينما سواحلها الغربية ناشئة .ومثل منطقة سهل الطينة بشمال غرب
سيناء.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 60
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
شيوعا هو الشواطئ سواء على حواجز جزر أو ببساطة على ً الشكل الساحلي األرضي األكثر
مستوى سطح البحر من كتل أرضية قارية .فالشواطئ والكثبان الرملية التي ً
غالبا توجد خلفها
توفر أدلة على مستوى سطح البحر والمناخ والحيوانات والنباتات الموجودة في رواسبها.
يمكن تصنيفها لثالثة أنواع رئيسية:
.2أنظمة الجزر الحاجزة ومصبات األنهار .3السواحل المسطحة .1الدلتا
.1الدلتا:
هي عبارة عن دخول النهر إلى البحر فهي على شكل مروحة fanمن الطين المترسب في
ضحال للتراكم وتتأثر بعوامل المد
ً موقعا
ً البحر وليس في مجرى التيار المائي .فهي تتطلب
والجزر وكمية المياه التي يجلبها النهر .حيث تشكل مصبات األنهار الجزء الخلفي من الشاطئ
وتمثل تقاطع النهر مع البحر .كما أن مصبات األنهار هي أشكال أرضية مثل الشواطئ ولكن
على العكس من الشواطئ يمكن لمصبات األنهار اختراق المناطق الداخلية وتغطية مساحة
واسعة من الساحل .وهذه األشكال األرضية غنية بالمواقع األثرية منذ العصور الحجرية إلى
العصور التاريخية .حيث جذبت الدلتا المجموعات البشرية المبكرة لرواسبها الغنية باإلضافة إلى
الموارد البحرية الوفيرة.
.2الجزر الحاجزة /مصبات األنهار
تحتوي السواحل الغير منتظمة على العديد من الخلجان التي يتم تغذية الكثير منها بواسطة
أنهار صغيرة تسمى هذه الخلجان مصبات أنهار وتتلقى الكثير من الرواسب .وباتجاه البحر
من مصبات األنهار توجد جزر حاجزة مستطيلة وموازية للشاطئ بشكل عام وتتكون في الغالب
وعادة ما يتم عزل هذه
ً أساسا عن طريق األمواج والتيارات البحرية الطويلة.
من الرمال وتتشكل ً
الجزر الحاجزة عن البر الرئيسي وقد تحتوي على بحيرات طويلة وضيقة تقع بين الحاجز والبر
الرئيسي.
.3الساحل المسطح strand plain coast
عبارة عن حزام عريض من الرمال على طول الخط الساحلي مع سطح يظهر عليه كثبان رملية
متوازية .بعض السواحل التي تهيمن عليها األمواج ال تحتوي على مصبات األنهار وليس لديها
نظام جزر حاجزة ومع ذلك فإن هذه السواحل لديها شواطئ وكثبان رملية وقد تحتوي ً
أيضا
على مستنقعات ساحلية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 61
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الخالصة :الجيومورفولجيا :هي الدراسة المنهجية للعمليات السطحية التي تبني وتحلل وتفكك
األشكال األرضية .بمعنى أنه يشمل دراسة العمليات الداخلية (مثل البراكين) والعمليات الخارجية
التي تعمل من خالل قوى الطقس والمناخ (األنظمة البيئية السطحية).
جنبا إلى جنب مع التطورات األخرى في مجاالت الجغرافيا والجيولوجيا
تطورت الجيومورفولجيا ً
ئيسيا في مجال بحوث الجيواركيولوجي التي اهتم الكثير منها بدراسة
مكونا ر ً
مؤخر ًًا وأصبحت
البيئات الترسيبية والتآكلية المرتبطة بالموقع األثري باإلضافة إلى السياق اإلقليمي لمحيط
الموقع األثري.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 62
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفصل السادس
رواسب المواقع األثرية
رواسب دراسة أهمية -
المواقع األثرية
رواسب تكوين عمليات -
الموقع األثرية
المواقع رواسب مصادر -
األثرية
رواسب التربة األصلية في -
المواقع األثرية
البيئات الترسيبية الشائعة -
ورواسبها
تاريخ تطور الموقع األثري من -
خالل دراسة الرواسب
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 63
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 64
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 65
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 66
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
قد تؤدي تجوية الصخور إلى بقايا أو شظايا من الصخور أو حبيبات مواد معدنية أو
محاليل كيميائية أو الثالثة .ويتم تحديدها من خالل التركيب المعدني للمادة األم (الصخرة
األساسية التي تفككت) والظروف المناخية وعمليات التجوية التي يتم الحصول عليها أثناء
التفكك .فعلى سبيل المثال يتفكك الجرانيت المعرض ألقصى درجات الح اررة والبرودة في
البيئات شديدة الجفاف إلى حبيباته المعدنية المكونة له وهي :الكوارتز والفلسبار والميكا .وفي
المناخ الرطب يتم تفتيت الجرانيت إلى حبيبات من الكوارتز والميكا في حين أن الفلسبار
يتحول إلى طين .واذا تعرضت هذه البقايا المفككة للنقل المائي فيمكن أن تترسب المعادن
الثالثة األصلية بعد نقلها في مواقع مختلفة جدا في إطار نظم هيدروليكية (مائية) بسبب
جاذبيتها النوعية المتميزة .كما يمكن التعرف على الصخور األساسية التي جاءت منها الرواسب
حتى بعد اإلزاحة لمسافات طويلة.
تعد معرفة مصدر الرواسب خطوة هامة نحو معرفة تاريخها .كما يوضح مثال الجرانيت
أعاله فإن تتبع الرواسب إلى مصادرها ليس مهمة بسيطة .فعندما تنجو مجموعة المعادن أثناء
النقل والترسيب فإن تحديدها في الرواسب يمكن أن يشير إلى المصدر المحتمل أو منطقة
المصدر .ومن الواضح أن منطقة المصدر ألي رواسب سيتم العثور عليها في االتجاه الذي
أتى منه عامل النقل :مياه رياح وجليد.
إن طرق التصوير الصخري "بتروجرافي "petrographyمثل الفحص المجهري للمقطع
الرقيق وحيود األشعة السينية للمعادن الطينية والتنشيط النيوتروني للعناصر الكيميائية
ومجموعة الطرق الطيفية كلها تعطي نتائج جيدة عند اختيارها بشكل صحيح .يتم استخدام
العديد من هذه التقنيات من قبل علماء الجيواركيولوجي الذين يتتبعون المواد الخام من
المصنوعات الحجرية والطين.
أنواع الرواسب
تنقسم الرواسب تقليديا إلى ثالث فئات رئيسية والتي تنطبق أيضا على الدراسات الرسوبية
الجيوأثرية:
.1رواسب حطام الصخور clastic
.2رواسب كيميائية
.3رواسب عضوية
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 67
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 68
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 69
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 70
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
جلب عالم اآلثار الجيولوجية الذي قام بأخذ سلسلة من العينات االسطوانية لفحص التباين
الرأسي في لون وملمس البقايا عبر منطقة الحفر بأكملها.
ظهر في عينات المسح تدرج رأسي في لون وملمس البقايا ليس فقط تحت الحصى ولكن في
أماكن أخرى .فقد ظهر تدرج لوني ينتقل تدريجيا من أفق Aبني محمر وطفلي (به نسبة من
الرمل) إلى أفق Bأحمر غني بالطين وشمعي الملمس تقر ًيبا .كان الطين األحمر الشمعي
في العينات االسطوانية يفتقر إلى أي آثار لبقع الفحم .فإذا كان هذا الطين عبارة عن رواسب
جاءت من الحفر في األفق Bمن مكان آخر وتم نقله إلى هذه البقعة كملء لكان قد احتوى
على بعض الفحم والمواد العضوية األخرى فيه.
بالنسبة لعالم الجيواركيولوجي فإن عدم وجود بقع الفحم هو دليل قوي على أن الطين هو أفق
Bغير مضطرب .ومع ذلك ال يتم الحفاظ على أفق التربة بشكل مثالي حيث يتآكل األفق
Aاألصلي بعيدا تاركا فقط الجزء السفلي لبضع بوصات .وربما يكون هذا نتيجة لحركة المرور
الكثيفة على الموقع خالل فترات معينة .وربما يكون التآكل الذي نتج عن ذلك هو السبب في
وضع الرصيف المرصوف بالحصي عليه من أجل تسويته أو تعبيده.
الفرق بين التجوية والتعرية weathering / erosion
التجوية هي عملية تحلل الصخور أو تفتيتها أو تغيير لونها .قد يكون سبب التجوية تأثير الماء
أو الهواء أو المواد الكيميائية أو النباتات أو الحيوانات .وهناك نوعان :تجوية كيميائية وتجوية
ميكانيكية
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 71
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تتضمن التجوية الكيميائية تغييرات كيميائية في معادن الصخور أو على سطح الصخر مما
يجعل الصخر يغير شكله أو لونه .قد يتسبب كل من ثاني أكسيد الكربون واألكسجين والماء
واألحماض في التجوية الكيميائية.
التجوية الميكانيكية هي عملية تكسير صخرة كبيرة إلى قطع أصغر دون تغيير المعادن في
الصخر .قد يكون سبب التجوية الميكانيكية هو الصقيع والجليد وجذور النباتات والمياه
الجارية أو بفعل ح اررة الشمس.
بمجرد تغيير القطع الصغيرة من الصخور أو تفككها عن طريق التجوية قد تبدأ في التحرك
بفعل الرياح أو الماء أو الجليد .عندما يتم تحريك القطع الصخرية األصغر المتحللة بواسطة
هذه القوى الطبيعية يطلق عليها اسم التآكل .لذلك إذا تم تغيير صخرة أو كسرها وتفتيتها
عيدا يطلق
ولكنها بقيت في مكانها فإنها تسمى التجوية .إذا تم نقل هذه القطع الصخرية ب ً
عليها تآكلerosion
معا إلى تدهور التربة وتآكل الشواطئ والمنحدرات .يساهم البشر في شدة
يؤدي التعرية والتجوية ً
التعرية والعوامل الجوية من خالل أساليب البناء والممارسات الزراعية الضارة.
أمثلة للتجوية والتآكل
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 72
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 73
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
في النهوض بالزراعة والري وقيام الحضارة .وفي الواقع غيرت العديد من األنهار مسارها في
فترات مختلفة من خالل عمليات معقدة من التعرية والطمي والتدرجات المتفاوتة والجفاف أيضا.
أما السهول الفيضية فهي ببساطة المناطق المسطحة المجاورة لألنهار والمعرضة للفيضانات.
ومع ذلك فإن عمليات ترسب الفيضانات وتآكل القنوات النهرية ورواسب المنحدرات على
طول هوامش الوادي يمكن أن تنتج سلسلة معقدة من الرواسب وأشكال أرضية.
تعتبر السهول الفيضية مهمة من الناحية األثرية ألنها كانت محور النشاط البشري الذي يوفر
الغذاء والنقل والطاقة والتربة الزراعية الخصبة.
يمكن تحديد مجموعتين واسعتين من الرواسب النهرية:
أ .الرواسب على الضفاف النهرية Overbank deposits
يتم ترسيبها خالل فترات الفيضانات وتؤدي إلى بناء عمودي للسهول الفيضية .وسيتوقف توزيع
حجم الجسيمات ومعدل الترسيب على حمولة الرواسب المعلقة وأوقات الفيضانات والموقع
داخل السهول الفيضية .وتشمل الترسيبات :الحواجز النهرية Leveesوالشقوق النهرية
splaysرواسب فيضية زائدة overbank fines
الحواجز النهرية :Leveesعبارة عن تالل تعمل بالتوازي مع قناة النهر .عندما يتخطى النهر
ضفافه تفقد المياه بسرعة الطاقة وتترسب مواد أكثر خشونة (عادة الرمال) على طول الضفة
يتراكم هذا لتشكيل الحواجز .وعندما يتم اختراق الحواجز وتنسكب المياه على السهل الفيضي
صدعا Splays
ً يمكن ترسيب الرمال في شكل مروحة عبر سطح السهل الفيضي مما يشكل
مراوح غرينية Alluvial fansتحدث هذه عندما يترسب الطمي ويتم تصريفه من داخل نظام
النهر وينتشر بشكل مروحة مثل الدلتا في مصر وتميل هذه إلى أن تكون ذات أهمية لتتبع
طرق األنهار المندثرة و ً
أيضا المواقع األثرية المدفونة بها.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 74
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 75
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 76
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
السطحي .توجد اختالفات في هذه المكونات في الرواسب من البحيرات والبرك واآلبار والقنوات
واألنهار والجداول.
وفيما يخص البحيرات فإن طاقة تدفق المياه فيها أقل بكثير من طاقة التيار أو النهر الذي
يغذيها .ولهذا السبب ربما لم تعد المياه تملك ما يكفي من الطاقة لحمل الرواسب التي تنقلها
وبالتالي فإن البحيرات هي مناطق أو مستودعات للرواسب .عندما تدخل األنهار إلى البحيرة
تنخفض طاقة الماء لذلك تترسب أكبر الجسيمات بالقرب من الفم (التقاء البحيرة بالنهر).
األهمية األثرية لرواسب األراضي الرطبة
غالبا ما تظهر المادة العضوية في األراضي الرطبة حماية ممتازة بسبب تشبعها بالمياه وظروف
ً
نقص األكسجين وتعتبر األراضي الرطبة مهمة من الناحية األثرية بعدة طرق .يمكن للرواسب
نفسها من خالل بنيتها وتكوينها والنطاق الواسع من البقايا العضوية الطبيعية التي تحتوي
عليها (حبوب اللقاح وبقايا النباتات والحشرات والرخويات وغيرها من الحطام البيولوجي).
فهي توفر سجل بيئي متسلسل مفصل للفترة التي تشكلت خاللها من عشرات إلى عشرات اآلالف
من السنين .وبالتالي فإن رواسب األراضي الرطبة توفر سياق المناظر الطبيعية للنشاط البشري.
زمنيا موثوًقا به للموقع.
تسلسال ً
ً عموما
ً تماما للتأريخ وتعطي
كما أنها توفر مواد عضوية مناسبة ً
جيدا بشكل استثنائي من أنواع عديدة مثل وبالمثل يمكن أن تكون هناك بقايا أثرية محفوظة ً
المستوطنات والطرق والمباني واألواني والطبقات الحضارية والتقدمات أو القرابين النذرية وغيرها
من القطع األثرية المماثلة داخل الرواسب أو تحتها .فعلى سبيل المثال في العديد من
المستوطنات على ضفاف البحيرات ال تزال أنسجة األوراق الخضراء محفوظة وقد حافظت
جدا ويمكن التعرف
جيدا ً
ظا ًغالبا ما تظهر العظام حف ً
روث الماشية على شكلها األصلي .كما ً
على خياشيم وقشور األسماك الهشة للغاية.
.3الرواسب الساحلية Coastal sediments
الرواسب البحرية كتلك الموجودة داخل مناطق المد والجزر واألراضي الرطبة الساحلية .تشمل
الرواسب الساحلية رواسب الشاطئ ومصبات األنهار .ومصادرها تأتي من تآكل المنحدرات أو
المنصات أو الغواصات التي تعمل بالموجات ومن مصادر بيولوجية مثل الصدف والشعاب
المرجانية واألنهار والحركات الهوائية بفعل الرياح .والتخلص من النفايات بواسطة االنسان.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 77
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يمكن أن تتكون الشواطئ من مواد تتراوح في الحجم من الرمال الناعمة إلى الصخور ويحتوي
العديد من الشواطئ أيضا على كميات كبيرة من المواد الكربونية في شكل أصداف .يتأثر شكل
الشاطئ بحجم وشكل المادة ونطاق المد والجزر وعمليات األمواج .توفر الشواطئ الرملية
األصل للكثبان الشاطئية التي تتشكل من العمليات الهوائية .بصفة عامة هناك ثالثة عوامل
أساسية تتحكم في طبيعة وتطور المنطقة الساحلية :مستوى سطح البحر النسبي وتدفق الطاقة
(األمواج والمد والجزر والتيارات المائية) وتدفق الرواسب.
يمكن تقسيم السواحل إلى سلسلة من البيئات المهمة لالستخدام البشري للشواطئ والمناطق
النائية المباشرة الخاصة بها
السهل الساحلي
يتفاوت عرضه من بضع عشرات من األمتار إلى عدة مئات من الكيلومترات مثل التي كانت
متاحة لالستخدام البشري على طول العديد من الحواف القارية .ولطالما اجتذبت السهول البشر
دائما إعادة بناء االستخدامات البشرية للسهول الساحلية ألن
بقدر ما تجتذبهم اليوم .ويصعب ً
البيئات األصلية قد اختفت نتيجة للتغيرات الساحلية المرتبطة بتقلبات مستوى سطح البحر.
مصبات األنهار
تعتبر مصبات األنهار جذابة للبشر بسبب الوصول إلى كل من المناطق الداخلية وموارد المياه
العذبة فضال عن العديد من الموارد الساحلية .عندما تصل األنهار التي تحمل كميات كبيرة
من الرواسب إلى البحر تتباطأ مياه النهر وتترسب رواسبه .يشكل هذا الترسيب الموضعي
مروحة كبيرة للمواد (الدلتا).
تعتبر دلتا األنهار ذات قيمة عالية لتربتها الخصبة ذات المياه الجيدة باإلضافة إلى سهولة
الوصول إلى الموارد الغذائية المائية وهي بيئات ديناميكية للغاية لمصب األنهار وقد انطوت
بعض التغييرات األكثر عمقا على تحوالت مفاجئة في مصبات األنهار أجبرت على إجراء
تغييرات في مواقع األنشطة البشرية في الماضي مما أدى في بعض الحاالت إلى هجرات
وتحوالت ثقافية .ولعل مدينة "فينيتا" Vinetaاألسطورية على بحر البلطيق تعد خير دليل
على ذلك والتي ذكرها الرحالة إبراهيم بن يعقوب عام 901م (رحالة يهودي من األندلس) بأنها
أعظم مدن أوروبا وربما كانت موجودة في جزيرة مستنقعات في دلتا نهر أودر في بولندا.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 78
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
وبالمثل فقد اختفت مدينة هراقليون في دلتا النيل بمصر في عالم األسطورة لعدة قرون بعد
التخلي عنها في القرن األول الميالدي بعد تحوالت نهرية وهبوط أرضي.
وعلى النقيض فقد أدى نمو دلتا األنهار -نتيجة لكل من انخفاض مستوى سطح البحر وتسارع
توصيل الرواسب األرضية إلى مصبات األنهار -إلى إنشاء مناطق جديدة لالستيطان الساحلي
نمت أهميتها في العديد من األماكن.
البيئة الساحلية ديناميكية ومتغيرة باستمرار ويمكن أن يكون لتغيراتها آثار كبيرة في الداخل.
يمكن لحركات الرواسب (مثل ضفاف الرمال المتراكمة من خالل االنجراف على الشاطئ
الطويل) أن تغير بسرعة تكوين الشواطئ والتي يمكن أن تؤثر أكثر في مستجمعات المياه
وتغير ديناميكيات القنوات النهرية وتسبب في النهاية حجب واندثار القنوات .من المهم أن نفهم
أن البيئات الساحلية التي يشغلها البشر كانت وال تزال ديناميكية دائما ولكن من المهم أيضا
أن ندرك أن الحاضر ليس بالضرورة دليال مفيدا للماضي .فالعمليات التي تتحكم في شكل
الساحل الحديث ليست دائما تلك التي كانت موجودة في الماضي .وعالوة على ذلك فإن العديد
من مواقع المستوطنات الساحلية القديمة غالبا ما تكون اآلن بعيدة عن الخط الساحلي الحديث
ربما في الداخل أو تحت الماء مما يؤكد على قابلية السواحل للتغيير.
تشمل البقايا البشرية المنشأ الموجودة في الرواسب الساحلية األصداف وعظام السمك والتي
غالبا ما تكون في شكل نفايات والمواد األجنبية مثل الفخار المستورد والذي يشير إلى التجارة
ً
وبقايا األرصفة والمستودعات والقوارب .يتطلب علم اآلثار الجيولوجية في المياه العميقة مجموعة
واسعة من األساليب والتقنيات .وهي تشهد حاليا تطو ار سريعا.
الساحل هو الواجهة بين اليابسة والمحيطات يقابل األراضي الزراعية الخصبة وموارد البروتين
جنبا إلى جنب مع التجارة التي يسهلها النقل البحري .وقد جعلت هذه المزايا المعيشية
البحرية ً
واالقتصادية االستقرار في المناطق الساحلية جذابا منذ بداية االستقرار .وعلى هذا النحو فإن
السجل األثري في المناطق الساحلية غني ووفير .لقد كان الطعام أحد أسباب انجذاب البشر
إلى السواحل على مدار المائة ألف عام الماضية .كما أن السهولة النسبية للحركة على طول
السواحل أدت إلى تركز العديد من المجموعات البشرية المبكرة على طول السواحل القارية.
وفي وقت الحق عندما أصبحت الشبكات البحرية مهمة للتجارة تم االستقرار البشري على
السواحل بشكل متزايد وهو عامل رئيسي في تفسير التركيز الالحق للناس في المدن الساحلية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 79
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 80
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
كنز من المواد األثرية المشتملة عليها إال أنه يجبرغم أن الكثبان الرملية يمكن أن تكون ًا
توخي الحذر عند تفسيرها .على سبيل المثال قد يؤدي انكماش الكثبان الرملية إلى إزالة المواد
الدقيقة مثل عظام األسماك الصغيرة في حين أن المواد األخرى الحساسة قد تتلف بسبب
أيضا إزاحة القطع األثرية رأسياً نتيجة تآكل وانكماش ما بعد
التآكل النشط بفعل الرياح .يمكن ً
االستيطان أو الهجرة .باإلضافة إلى ذلك قد يؤدي االضطراب الحيوي والعمليات األخرى إلى
حركة تصاعدية أو هبوطيه للقطع األثرية من المستوى األصلي للترسيب.
الرواسب الطفلية loess
والتي تعني مفكك أو هش والتي ورد يأتي مصطلح ) (loessمن الكلمة األلمانية Löss
أنها استخدمت ألول مرة لوصف الرواسب الطينية الهشة على طول وادي الراين بالقرب من
هايدلبرج بألمانيا .ويمكن تعريف الرواسب الطفلية بأنها عبارة عن مادة رسوبية دقيقة الحبيبات
والتي تراكمت على نطاق واسع في بعض مناطق العالم خالل ناتجة عن ترسب ا eolian
أيضا في فترات جيولوجية قديمة.
العصر الجيولوجي األخير أو الرباعي كما تم التعرف عليه ً
يتم تعريف الرواسب الطفلية على أنها رواسب تتكون في الغالب من جزيئات بحجم الطمي (-2
51مم) بكميات ثانوية من الطين ( 2مم) والرمل ( 51مم) التي تم ونقلها وتجميعها بواسطة
الرياح .وهي بذلك عبارة عن غبار مصفر من الجسيمات بحجم الطمي التي تجلبها الرياح وتعاد
ترسيبها على األرض.
تغطي الرواسب الطفلية ما يقرب من ٪ 11من العالم في نصف الكرة الشمالي حيث تغطي
مساحة تقدر بحوالي 441.111كم 2أي بنحو %41من األراضي الصالحة للزراعة هناك .فهي
تنتشر عبر سهول أمريكا الشمالية شمال غرب الواليات المتحدة وأالسكا أوروبا (شمال غرب
فرنسا جنوب وسط أوروبا أوكرانيا روسيا) وسط آسيا (طاجيكستان أوزبكستان كازاخستان)
والصين .كما ظهرت تلك الرواسب في أفريقيا في (تونس وليبيا ونيجيريا وناميبيا) والشرق
األوسط )فلسطين واليمن واإلمارات العربية المتحدة).
في نصف الكرة الجنوبي توجد الرواسب الطفلية في معظم أنحاء نيوزيلندا (جنوب شرق
استراليا) في حين أن الرواسب الشبيهة بالرواسب الطفلية تكون واسعة بشكل خاص في منطقة
جنبا إلى جنب مع مناطق بوليفيا وبا ارجواي والب ارزيل وأوروجواي.
سهل "تشاكو" في األرجنتين ً
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 81
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 82
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الطفلية غطاء ذا سمك متغير فوق المناظر الطبيعية الموجودة مسبًقا وتغطي نطاًقا و ً
اسعا من
التضاريس مثل (المدرجات النهرية األحواض الفيضية أسطح المروحة الغرينية) كما نراها
أيضا تمأل المالجئ الصخرية والكهوف. ً
كما سيختلف الحفظ المحتمل للبقايا األثرية وفقا لبيئة الرواسب الطفلية فاألسطح المستوية أكثر
استق ار ار من منحدرات التالل التي تكون أكثر عرضة لعمليات الحركة النهرية والتآكل .باإلضافة
إلى ذلك يتم التحكم في نمط توزيع الرواسب الطفلية ال سيما في البيئة الصحراوية من خالل
مهما في محاصرة الغبار الذي تنقلع
دور ً
امتداد وتطور الغطاء النباتي الذي يلعب بشكل عام ًا
ومحمال بالرواسب الطفلية.
ً الرياح
أهمية الرواسب الطفلية في معرفة المناخ القديم
ممتاز للمعلومات في البحث األثري.
ًا مصدر
ًا تعد طبقات الرواسب الطفلية مع التربة القديمة
فهي عبارة عن محفوظات للظروف المناخية والبيئية السابقة خالل فترات االستيطان البشرية
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 83
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
قيما لتحليل طبقات األرض والتخطيط الزمني للسجالت األثرية .ففي أثناء العصر
إطار ً
وتوفر ًا
الجيولوجي الحديث أو الرباعي تم ترسيب الرواسب الطفلية في الغالب خالل فترات الظروف
نسبيا المقابلة للفترات الجليدية بينما تشكلت paleosolsأو التربة القديمة في
الباردة والجافة ً
دفئا وبالتالي يصبح تناوب الرواسب الطفلية والتربة القديمة أداة
ظروف أكثر رطوبة وأكثر ً
مفيدة في معرفة الظروف المناخية القديمة .فهي بذلك تعمل كمؤشر مناخي ألنها ترسبت فقط
(غالبا ما تحتوي على القواقع األرضية التي توفر بيانات
ً نسبيا
خالل فترات المناخ البارد والجاف ً
مؤكدة).
أهمية الرواسب الطفلية في البحث األثري
بشكل عام يتم الحفاظ على المواقع األثرية في الرواسب الطفلية بشكل أفضل بالمقارنة مع
أماكن الرواسب األخرى التي تنقلها الرياح مثل حقول الكثبان الرملية ألنها تمثل بيئات رسوبية
منخفضة الطاقة (يتم الترسيب فيها بدرجة خفيفة وغير قوية) .كما تظهر البقايا األثرية بوضوح
نسبيا في الرواسب الطفلية نتيجة لجانبها المتجانس بالمقارنة مع غيرها من األماكن
أعلى ً
جيدا إلى حد ما بسبب الهيمنة العامة للظروف
ظا ًالرسوبية األخرى .كما تظهر بقايا العظام حف ً
القلوية ألن العظام تتحلل مع الظروف الحمضية.
يعد معدل تراكم الرواسب الطفلية بعد التخلي أو هجرة المواقع أم ار بالغ األهمية ألنه سيحدد
مدى سرعة حدوث دفن الموقع .حيث أن فترات ارتفاع معدالت تراكم الرواسب الطفلية سوف
تقوم بدفن أسرع ومن ثم تعمل على الحفاظ على المواقع األثرية بشكل أفضل .وعلى النقيض
بالتكون مع
ُّ من ذلك إذا حدث االستيطان البشري عندما تكون أسطح الرواسب مستقرة وتتأثر
جدا من تراكم الرواسب الطفلية ومعدالت أعلى من تكوين
التربة مما يعني معدالت منخفضة ً
التربة فإن البقايا األثرية ستكون عرضة لمزيد من االضطراب وتكون في حالة حفظ فقيرة.
باإلضافة إلى ذلك فإنه على سطح تربة الرواسب الطفلية المستقرة سيتم خلط العديد من
طبقات االستيطان المتتالية واضطرابها وتغييرها واالضطراب الحيواني مما يؤدي إلى أن
تكون المواقع معقدة (مثل المخطوطة التي تم الكتابة عليها عدة مرات) كما ستتكون الطبقة
األثرية الناتجة من أحداث استيطان مختلفة إلى أن يكون التخطيط الطبقي بالموقع غير مفصول
طبقيا ومتداخل بشكل معقد.
ً
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 84
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 85
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
والتضاريس والنظام المائي والغطاء النباتي وكميات األمطار وتواترها وطبيعة األنشطة البشرية
على األرض.
الكولوفيوم ذو تصنيف غير متجانس ويتكون من أي درجة حجم من الطين إلى الرمل الخشن
وغالبا ما يكون التخطيط
ً باإلضافة إلى الركام الصخري ويمكن أن يصل سمكه إلى عدة أمتار.
ضعيفا ويصعب تحديده وقد تحتوي الكولوفيوم أ ً
يضا على مجموعة ً الطبقي في قطاع الكولوفيوم
متنوعة من بقايا القطع األثرية التي تم سحبها من المنحدر.
يمكن أن تحدث عمليات غسل التالل والمنحدرات من خالل مجموعة متنوعة من العمليات من
غالبا ما يحتوي الكولوفيوم على سجل لألنشطة
ً بينها إزالة الغطاء النباتي والزراعة .وبالتالي
البشرية وتعكس التأثيرات البشرية على المناظر الطبيعية .كما أنها في بعض األحيان تقوم بدفن
تماما.
المواقع األثرية ً
يمكن الحصول على معلومات مفصلة من تسلسالت الكولوفيوم من خالل تسجيل ميداني جيد
وتحليل حجم الجسيمات ودراسات التربة الدقيقة والرخويات المرتبطة بها واالستخدام المناسب
قيما في علم اآلثار وعلم اآلثار
مصدر ً
ًا لتقنيات التأريخ .وبالتالي فإن الكولوفيوم يعتبر
الجيولوجية ولكن يلزم فهم تكوينها وعمليات الترسيب والتسلسل الزمني.
غالبا ما يرتبط وجود الكولوفيوم باألنشطة البشرية في المناطق الصالحة للزراعة .تؤدي األراضي
ً
الصالحة للزراعة والزراعة الجارية بانتظام إلى اإلزاحة المباشرة للتربة إلى أسفل المنحدر واعادة
ترسبها في قاعدة المنحدر ككولوفيوم أو داخل السهول الفيضية المجاورة كطمي أو ما يعرف بـ
()1
alluvium
الفرق بين Colluviumو « Alluviumالطمي النهري والطمي التثاقلي»
تعرضنا أعاله لتعريف الكولوفيوم وخصائصه ومكوناته أما الطمي الرسوبي Alluvium
أحيانا يعرف بطرح النهر فهو العملية التي من
ً (المرتبط بالبيئة النهرية كما ذكرنا سابًقا) أو
خاللها تنقل مياه األنهار وترسب الطين والرمل والطمي ومثل هذه المواد على ضفاف الوديان
أو الدلتا أو السهول الفيضية.
)(1
Gilbert, A. S., et al., eds., 2017, pp. 157-170.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 86
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تعريف آخر
الكولوفيوم هو حطام ضعيف الفرز تراكم عند قاعدة المنحدرات أو في المنخفضات أو على
طول الجداول الصغيرة من خالل الجاذبية وزحف التربة .وهو يتألف إلى حد كبير من المواد
التي تدحرجت أو انزلقت أو سقطت أسفل المنحدر تحت تأثير الجاذبية .وعادة ما تكون شظايا
الصخور في الكولوفيوم غير منتظمة الشكل على عكس الحصى والحجارة المستديرة في
الطمي .أما األلوفيوم (الطمي) هو الرواسب التي ترسبها المياه الجارية من الجداول واألنهار.
قد يحدث على المدرجات فوق الجداول واألنهار أو في السهول الفيضية أو الدلتا أو كمروحة
عند قاعدة منحدر.
قد ال يكون التمييز بين الكولوفيوم واأللوفيوم سهالً خاصة عند حواف الوادي حيث قد تمتزج
المواد الناشئة من حركات الدفع وحركة المياه الجارية وتصبح غير قابلة للتمييز .وتؤثر على
المواقع األثرية عندما يمكن لألحداث األكثر سرعة مثل انزالق الشرائح الصخرية والتدفقات أن
تدفن بسرعة المستوطنات وعناصر المناظر الطبيعية في طريقها.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 87
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
Alluvium Colluvium
متجانسة وجيدة الفرز ضعيفة وغير جيدة الفرز درجة فرز الجسيمات
والحبيبات
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 88
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
( )Proglacialمتاخمة للكتل الجليدية بينما تحدث المحيطة بالجليد ( )periglacialفي مناطق
األرض المتجمدة بغض النظر عن قربها من الكتل الجليدية .يحتوي كل من هذه اإلعدادات
على سياقات رسوبية وجيومورفولوجية معينة يمكن أن تكون مرتبطة باالستخدام البشري للمناظر
الطبيعية.
هناك مجموعة متنوعة من الرواسب ذات األصل الجليدي وكثير منها غير مصنف شكليا
وبالتالي يتكون من مجموعة من أحجام متنوعة من األجسام بما في ذلك الحصى وترتبط
باألشكال الجليدية مثل الكتل الجليدية.
أحيانا بالبقايا األثرية مثل أدوات العصر الحجري القديم .فقد أحدث تكوين
ً ترتبط تلك الرواسب
األنهار الجليدية بعضا من أكثر اآلثار دراماتيكية وأوسعها نطاقا للتغير المناخي العالمي على
المناظر الطبيعية .تعتمد دراسة حركات ومدى األنهار الجليدية القديمة على اآلثار التي تركتها
وراءها في مناطق مثل منطقة البحيرات العظمى في أمريكا الشمالية وجبال األلب وجبال البرانس
في أوروبا .فهنا يمكن للمرء أن يرى الوديان المميزة على شكل حرف Uوالصخور المصقولة
والمخططة وعند حدود توسع األنهار الجليدية ما يسمى برواسب المورين ( moraineكتلة
من الصخور والرواسب التي يحملها ويرسبها نهر جليدي عادة كتالل عند حوافه أو أطرافه)
غالبا ما تحتوي على صخور غريبة عن المنطقة ولكن يحملها الجليد .كما يمكن مالحظة
والتي ً
أمثلة الظواهر الجليدية في العصر الجليدي بسهولة في المناطق ذات األنهار الجليدية اليوم
مثل أالسكا وسويسرا.
تعرف الرواسب التي وضعتها األنهار الجليدية بالطين الصخري .وتحتوي هذه الرواسب عادةً
وغالبا ما تكون خصبة ً
جدا .ومن أهمها: ً على بقايا لمجموعة واسعة من أنواع الصخور
Eskersو kamesوهي األشكال األرضية الرئيسية التي تتطور بالتالمس مع النهر الجليدي.
Eskersتلة جليدية أو كثيب يخلفه نهر جليدي وهو عبارة عن نتوءات متعرجة طويلة من
الرمال والحصى والتي ترسبت في األصل في قنوات المياه الذائبة على سطح النهر الجليدي
ولكن تم إلقاؤها بعد ذلك في قاع الوادي مع تراجع الجليد.
Kamesعبارة عن أكوام غير ذات شكل محدد من المواد التي تشكلت بطريقة مماثلة من
الرواسب األنهار الجليدية داخل التجاويف في الجليد.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 89
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
طا بالتغير
زمنيا مرتب ً
إطار ً
تعد البيئات الجليدية مهمة للدراسات الجيواركيولوجية ألنها توفر ًا
البيئي والبشر ويمكن استخدامها لتوثيق المناظر الطبيعية (الموائل والموارد) التي كانت موجودة
في الماضي كما أنها مفيدة في دراسات ديناميكية أو تغير تطور المناظر الطبيعية واستخدام
اإلنسان لألراضي.
على سبيل المثال في المناطق الساحلية كان للتغيرات في مستوى سطح البحر تأثير كبير
على ترسب الرواسب وتطور المناظر الطبيعية .فقد أدى انخفاض مستوى سطح البحر المرتبط
بالتقدم الجليدي في الفترات الباردة أوالً إلى توسيع المناطق الساحلية مما أدى إلى مناطق طبيعية
يسكنها البشر ثم خالل الفترات الدافئة يتم غمر هذه المناطق بالفيضانات مما يؤدي إلى
تأثيرات كبيرة على الموقع والحفاظ عليه.
غالبا ما تكون األماكن الجليدية هي مواقع األنشطة البشرية القديمة .قد تقع
ً خالصة القول
المواقع األثرية فوق الرواسب ذات الصلة بالكتل الجليدية باإلضافة إلى ذلك يمكن دمج القطع
األثرية في الرواسب الجليدية .أي أنه يمكن للعمليات الجليدية الحفاظ على أدلة الوجود البشري
أو تعديلها أو تدميرها.
.7الرواسب البركانية Volcanic deposits
تتكون الرواسب البركانية من الحمم البركانية والرماد والصخور المنبعثة أثناء االنفجارات .وهي
هي المصطلح الذي يطلق على جميع الصخور والرماد المج أز من االنفجارات البركانية .يمكن
إيداعها إما بسبب سقوط الهواء أو تدفقه .ويمكن أن تتراوح في الحجم من الرماد المجهري إلى
صور لجزيئات بحجم الرماد
ًا عادة
الصخور الكبيرة على الرغم من أن هذا المصطلح يستحضر ً
أحيانا لتاريخ الرواسب األثرية .يتم تحديد مدى وعمق هذه الرواسب إلى حد كبير من
ً تستخدم
خالل االرتفاع الذي تنطلق إليه في الهواء وقوة الرياح وأنماط هطول األمطار وحجم وكثافة
الجسيمات.
تتمثل في مجموعة من أحجام الجسيمات (الخفاف والرماد) عند ترسبها بالقرب من المصدر
غالبا ما تكون بعيدة عن البركان.
(مثل بركان فيزوف بايطاليا ومدينة بومبي الرومانية) ولكن ً
وهي مفيدة بشكل خاص في التأريخ الزمني في كل من السياقات األثرية والجيولوجية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 90
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 91
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
كما تم العثور على المخلفات والرماد البركاني حول بحيرة المنزلة شرق فرع دمياط في عام
1923م أثناء مشروع المسح الجيولوجي الجغرافي لدلتا شرق النيل.
ففي تل الضبعة تم العثور على عدة مئات من القطع الكبيرة من حجر الخفاف البركاني في
ورشة عمل بقصر من عهد الملك تحتمس الثالث ( 1425-1409قبل الميالد) والتي تتطابق
مع تكوين ثوران بركان ثي ار وقد تم تأريخها إلى عام 1541قبل الميالد وهو تاريخ أقرب إلى
مثير للجدل منذ تسعينيات القرن الماضي حيث
تاريخ اندالع بركان ثي ار .لقد كان هذا الخفاف ًا
إنه يمثل التاريخ المدعوم بالكربون المشع والذي يختلف عن التسلسل الزمني المصري القديم.
عاصفة في مصر في عهد الملك أحمس !
هناك لوحة من عصر الملك أحمس األول تصف حدوث عاصفة عظيمة مصاحبة لفيضان
النيل ضربت مصر في ذلك الوقت فدمرت المقابر والمعابد في منطقة طيبة وأعمال الترميم
التي أمر بها الملك .وهي لوحة تم العثور عليها في الصرح الثالث بمعبد الكرنك بمعرفة علماء
اآلثار الفرنسيين.
بأن هذه القصة التفصيلية للعاصفة وأضرارها يعتبر فريد من نوعه أشار Vandersleyen
بين السجالت المصرية .ومن المحتمل أن تكون هذه العاصفة العنيفة بشكل غير عادي ناتجة
عن ثوران بركان سانتوريني .حيث من الممكن أن تنتج مثل هذه العواصف عن االنفجارات
البركانية عندما تنخفض درجات الح اررة بسبب انبعاثات الغبار في الغالف الجوي .الدليل
الرئيسي على ذلك هو ثوران بركان تامبو ار في سومباوا في إندونيسيا عام 1215م مما أدى
إلى هطول أمطار شبه مستمرة من إنجلت ار إلى بحر البلطيق (شرق أوروبا) في صيف عام
1214م.كما تم توثيق العواصف العنيفة المنتشرة والسماء المظلمة لفترات من األيام لالنفجارات
البركانية التي لوحظت في العصر الحديث.
ربما من الممكن أن يكون التوثيق الفريد للعاصفة المدمرة بشكل خاص في مصر والذي تم
تسجيله على لوحة الملك أحمس وثيق الصلة بمسألة تاريخ ثوران البركان .ولكن هناك صعوبة
نظر للتسلسل الزمني المصري التقليدي المتنازع عليه فقد حكم أحمسفي تقبل هذا التفسير ًا
األول من 1514-1539قبل الميالد بينما يعتقد أن الثوران قد حدث في مكان ما بين 1442
و 1541قبل الميالد.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 92
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
استشهد عالم اآلثار Hans Goedickeبلوحة العاصفة فيما يتعلق بتعويذة محفوظة في بردية
هيرست الطبية والتي يعود تاريخها إلى أوائل األسرة الثامنة عشرة والتي تنص علي:
أيضا ،أيها المرض الكنعاني'!
'مثلما حظر ست البحر األبيض المتوسط ،سيمنعك ست ً
يري Goedickeبأن حظر البحر األبيض المتوسط يجب أن يشير إلى حدث حقيقي وربما
الفيضان الذي صاحب العاصفة والذي حدده في تل الضبعة (أفاريس) على دلتا النيل الشرقية
ويعود إلى عهد الملك أحمس.
ربط بعض الباحثين بين االنفجارات البركانية وما يصاحبها من زالزل وهزات أرضية فكثي ار ما
تصاحب االنفجارات البركانية الزالزل وبالنسبة إلى مصر فهي إحدى الدول األفريقية القليلة
أحيانا بزالزل قوية .لذا فمن الممكن أن تكون مصر قد تأثرت بالتأثيرات الجوية
ً التي تضرب
لثوران بركان ثيرا.
.8رواسب الكهوف والمالجئ الصخرية Cave deposits
أيضا مساحة معيشية ال تنسى وربما تكونتوفر الكهوف المأوى الطبيعي والحماية كما توفر ً
مقدمة للفكرة الحديثة 'للمنزل' .لذلك تم اعتبار الكهوف كأول مواقع 'القاعدة المنزلية' خالل
أواخر العصر الباليستوسيني.
تتشكل وتتكون معظم الكهوف في صخور الحجر الجيري .يرتبط تكوينها بالعمليات الناتجة عن
التآكل الكيميائي للصخور بواسطة المياه الجوفية .كما يصبح ثاني أكسيد الكربون في الغالف
حمضيا ونتيجة لذلك يكون ًا
قادر على إذابة صخور الكربونات. ً الجوي المذاب في مياه األمطار
قد يتم إثراء مياه األمطار التي تدخل على سطح األرض بدرجة أكبر بثاني أكسيد الكربون
المشتق من المواد النباتية والحيوانات المتعفنة من التربة.
قد تتكون الكهوف في الحجر الرملي والكوارتزيت والصخور النارية مثل البازلت والجرانيت
وكذلك في الجليد .في بعض هذه الحاالت يعد االنحالل الصخري ً
أيضا العامل الرئيسي لتكوين
الكهوف خاصة في األحجار الرملية.
غالبا ما تكون الكهوف عبارة عن أماكن ترسيب مثالية حيث تتراكم وتحمي السجل الطبقي من
ً
جدا في تفسير
العديد من العمليات الجوية بعد الترسيب .تعتبر الطبقات الرسوبية للكهوف مفيدة ً
واعادة بناء تواريخ الترسيب والتي يمكنها تتبع التغييرات في عمليات نظام األرض وبالتالي
تقديم رؤى حول تطور المناخ والمناظر الطبيعية داخل المنطقة.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 93
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تتميز الكهوف بكونها مستودعات للرواسب الجيولوجية والكيميائية الناتجة من انهيار جدران
وسقف الكهف ورواسب خارجية ناتجة من خالل مجموعة متنوعة من العمليات مثل الترسيب
النهري والنشاط الهوائي للرياح المحملة باألتربة والرمال والحركة الكبيرة (الحطام والتدفقات
الطينية والزحف والسقوط) .المصادر الرئيسية لهذه الرواسب هي التيارات التي تحمل الرواسب
من أحواض الصرف القريبة والتربة ومخلفات التجوية من سطح األرض التي تتدفق إلى
الكهوف من خالل المجاري والكسور المفتوحة.
الرواسب الكيميائية (الصواعد والهوابط) والحيوية والبشرية في الكهوف
غالبا ما تحتوي الكهوف على طبقات من الصواعد وأحجار متدفقة ألسفل يتم وضعها بواسطة
ً
الماء الذي يلتقط كربونات الكالسيوم في المحلول أثناء مروره عبر الحجر الجيري .تشير هذه
أيضا إلى الظروف الرطبة .يمكن
أحيانا ً
عموما إلى مراحل مناخية معتدلة إلى حد ما و ً
ً الطبقات
حتى استخدام الصواعد الهوابط للتقييم الدقيق للمناخ الماضي من خالل تقنية نظائر األكسجين.
الصواعد والهوابط تشكلت في الكهوف عن طريق ترسب المعادن من الماء فهي لديها سلسلة
من حلقات النمو متحدة المركز وقابلة للتأريخ بالكربون المشع .حيث تحافظ كل حلقة على
تكوين نظير األكسجين للماء الذي شكله وبالتالي متوسط هطول األمطار في الغالف الجوي
ودرجة الح اررة التي ترسبت فيها.
مثال تطبيقي
منيا
تسلسال ز ً
ً قدمت دراسة لقطعة من الصواعد طولها 1.2متر من كهف وانشيانغ في الصين
دقيًقا للتغيرات الدقيقة في سجل نظائر األكسجين التي تعكس التغيرات في هطول األمطار على
مدار السنوات الـ 1211الماضية .حيث أظهر أن ثالث سالالت (أسر ملكية) تانغ ويوان
ومينغ انتهت بعد عدة عقود من الرياح الموسمية األضعف والجافة فجأة والتي ربما تسببت
في ضعف محصول األرز واالضطراب االجتماعي.
الستاالكتيت الهوابط stalactitesعبارة عن معلقات (أحجار من كربونات الكالسيوم) مدببة
معلقة من سقف الكهف والتي تنمو منها Stalagmitesالصواعد وهي المقابلة للستاالكتيت
وغالبا ما تكون أكوام فظة وخشنة تنمو من باطن الكهف
ً
تتكون الرواسب الحيوية بشكل أساسي من خالل تراكم كميات كبيرة من فضالت الخفافيش ولكن
أيضا فضالت الحيوانات األخرى التي تشغل داخل الكهوف (الدببة والضباع وما إلى ذلك).
ً
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 94
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يؤدي تحلل الرواسب ذات المنشأ الحيوي إلى تغيير كيميائي لجميع الرواسب المترسبة سابًقا
وتكوين مجموعة من معادن الفوسفات والتي تؤثر بالسلب على البقايا األثرية في الكهوف حيث
أظهرت العديد من الدراسات في الشرق األدنى وأوروبا بأنه من الممكن أن يكون لتطور
الفوسفات تأثير كبير على الحفاظ على المواد األثرية مما يؤدي إلى الذوبان الكامل للعظام
وجميع أنواع المواد الجيرية مثل الرماد والصدف وجزيئات الحجر الجيري.
أما الرواسب البشرية المنشأ فينتج النشاط البشري في الكهوف مجموعة متنوعة من الرواسب
غالبا ما تكون األكثر أهمية من حيث الحجم .تشتمل هذه الرواسب على لكن البقايا المحترقة ً
الرماد والفحم والرواسب المترسبة التي تم حرقها في المواقد سابًقا .حيث يعتبر استخدام النار
في عصور ما قبل التاريخ ذا أهمية كبيرة ألنها أحد أهم عناصر التطور البشري.
نظر ألن الحرق ينتج رواسب وفيرة على شكل رماد خشب وبقايا متفحمة يتم حفظ هذه البقايا
و ًا
عموما في البيئات الجيرية في كهوف الحجر الجيري وحجمها ومكوناتها وبنيتها المجهرية
ً
فيمكن أن يوفر أدلة تتعلق بكثافة االستيطان وتنظيم األنشطة في الكهف .وفي وقت الحق
فصاعدا إلى ترسيب كميات ً أدت األنشطة المتزايدة في الكهوف من العصر الحجري الحديث
كبيرة من الروث .فلقد ساهمت الدراسات التي أجريت على التركيب والبنية الدقيقة للبقايا وتنظيمها
المكاني في تحسين فهم الظروف االقتصادية الجديدة التي تم إدخالها مع ظهور استئناس
الحيوانات.
في العديد من الحاالت تم تحديد اإلنشاءات التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ مثل المواقد
الطينية والتي تمثل المواد الخارجية المتراكمة وتشكيلها في هياكل من صنع اإلنسان.
لقد كانت الكهوف واحدة من أولى البيئات التي تم فيها تطبيق تقنيات الترسبات (مثل تحليل
حجم الحبوب وشكل الجسيمات وتكوينها ودرجة الحموضة للتربة محتوى كربونات الكالسيوم
المواد العضوية) في دراسة الرواسب األثرية من أجل تفسير التاريخ الترسيبي لرواسب الكهوف.
يهدف تحليل الرواسب في الكهوف إلى وصف مفصل لجميع الطبقات في الموقع األثري
وسوف تكون أرضية الكهف أكثر إفادة في هذا الخصوص كما يهدف إلى توفير إطار طبقي
تخطيطي لمقارنة الطبقات األخرى .وكذلك إعادة بناء البيئة المادية المحلية وبالتالي تفسير
المناخ الماضي للمنطقة.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 95
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
في بعض الكهوف والمالجئ الصخرية يجب التعرف على الوحدات الطبقية بدقة واالختيارات
مثل مواقع أخذ العينات .كما يجب أن تكون الق اررات المتعلقة بتكرار أخذ هذه العينات من
االهتمامات المشتركة لجميع أعضاء الفريق .هذا النهج ضروري لجمع البيانات ذات الصلة
باختبار أكبر عدد ممكن من الفرضيات (ليس فقط تلك الخاصة بالجيولوجي) وعدم تدمير أو
التغاضي عن األدلة التي يطلبها أعضاء الفريق اآلخرون .إن العالقة المتبادلة بين عالم اآلثار
والجيولوجي فيما يتعلق بأخذ العينات والظواهر األثرية ضرورية بنفس القدر.
من الناحية المثالية يجب أن يكون الجيولوجي في الموقع طوال العمليات الميدانية من أجل
التفاعل مع أي حفار في أي خندق في أي وقت سواء لتحديد صخرة غريبة أو لحل لغز طبقات
معقدة .يمكن ألي جيولوجي تحديد صخرة .لكن الشخص الذي هو عضو في الفريق سوف
يفكر من حيث سبب وجود الصخرة وما الخصائص التي جعلتها مرغوبة في أعين سكان ما
قبل التاريخ وأين كان عليهم الذهاب للحصول على الصخرة وما إلى ذلك .هذا هو علم اآلثار
الجيولوجي ومن الواض ح أنه يتعلق بدراسة أي نوع من المواقع األثرية وليس فقط المالجئ
الصخرية والكهوف.
خالصة القول تحتل الكهوف مكانة مهمة في علم اآلثار والدراسات البيئية .باعتبارها
تضاريس فريدة من نوعها داخل األرض فإنها تعمل كمستودعات للرواسب تحافظ على
سجالت مفصلة لألنشطة البشرية والتغيرات البيئية القديمة.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 96
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يمكن تصنيف جميع المواد سواء كانت عضوية أو غير عضوية في الموقع أو حوله على أنها
رواسب .ويشمل ذلك تلك التي يتم نقلها وترسيبها عن طريق العمليات الطبيعية وكذلك المواد
التي يتم نقلها بفعل اإلنسان .وبهذه الطريقة فإن الغالبية العظمى من الرواسب في أي موقع
أثري متراكم هي رواسب .قد يتم اشتقاق بعض هذه الرواسب من مواد التربة لكن التربة نفسها
ال يمكن أن تتشكل إال عندما يتعرض سطح الرواسب المكشوفة لفترة طويلة من الزمن.
في ضوء ما سبق يعتبر تحديد وتفسير الرواسب البشرية المنشأ هو جوهر علم اآلثار ألن هذه
الرواسب هي التي تسمح لنا بإعادة بناء الحياة وأنظمة المعيشة السابقة .وتشمل الرواسب البشرية
ما يلي:
االستيطان البشري والنفايات :المحلية والصناعية األعمال األرضية "زراعة – صناعة – بناء
واعادة بناء – دفن -نفايات"
العمليات الزراعية ورواسبها
وللممارسات الزراعية أنواع واسعة من اآلثار على التربة .على سبيل المثال تآكل التربة الذي
تحمله الرياح بسبب اإلزالة والحراثة .ومع ذلك يصعب التمييز بين األحداث بهذا الحجم
ونظيراتها الطبيعية .ولكن من الممكن تمييزها بدرجة أكبر في السجل الطبقي.
تقوم الحراثة بتحريك التربة وتشكل تراكمات على حواف الحقول .يؤدي الحرث إلى تعميق
التربة السطحية في كثير من الحاالت مما يترك في بعض األحيان عالمات من التربة السطحية
أخير من الممكن
الداكنة مرئية في باطن التربة األخف أو يجلب المواد الجوفية إلى السطح .و ًا
أن يكون للنشاط الزراعي مجموعة واسعة من التأثيرات الكيميائية على التربة .فمن الناحية
األثرية ربما كان األهم هو إضافة السماد واألسمدة مما قد يؤدي إلى زيادة مستويات الفوسفات
والقابلية المغناطيسية في التربة.
تراكمات النفايات ومواد البناء
ينتج النشاط البشري حتماً نفايات ويتراكم بعضها إلنتاج سياقات يمكن التعرف عليها أو حتى
في بعض المواقع الحضرية التسلسل الطبقي بأكمله .وبصفة عامة فإن معظم النفايات المنتجة
في مجتمعات ما قبل الصناعة كانت عضوية وتعفنت .بينما تنتج المجتمعات الصناعية مجموعة
من النفايات مثل الخبث (ناتج صهر وتعدين المعادن) المحفوظة على نطاق واسع ويمكن أن
توفر معلومات كبيرة عن األنشطة التكنولوجية.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 97
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الرماد Ash
إذا لم يتم الحفاظ على الجزء العضوي من النفايات النباتية أو الحيوانية فال تزال هناك بعض
شيوعا هو الرماد وهو البقايا المعدنية للمواد البيولوجية التي نشأت منها
ً المكونات .األكثر
النار .يعمل الرماد على الحفاظ على العظام بشكل استثنائي في بعض المناطق على عكس
المناطق األخرى التي يكون فيها الحفاظ على العظام ً
سيئا للغاية.
الروث Dung
نادر ما يتم الحفاظ على الروث باستثناء الرواسب المشبعة بالمياه ألنه مصدر غذائي غني
ًا
جدا بالسيليكا من النسبة العالية من األعشاب غالبا ما يكون ً
غنيا ً للكائنات الحية في التربة .وهو ً
في النظام الغذائي للحيوانات العاشبة .ويمكن التعرف عليها بسهولة في العينات
الميكرومورفولوجية.
مواد البناء
يترك النشاط البشري ً
أيضا تراكمات من المواد الجيولوجية التي تم استخدامها في البناء .في
الماضي كانت األرض نفسها تستخدم بشكل شائع كمادة بناء على شكل الطوب اللبن .وجميع
مختلفا عن التربة
ً نسيجا
ً هذه المواد تتحلل بسرعة لتشكل مناطق صغيرة من المحتمل أن تظهر
المحيطة .وبالمثل فإن المونة التي تحللت من البناء أو تم التخلص منها بعد نزع الجدران توجد
عادة في التربة وعادة ما تكون شظايا صغيرة من األسمنت الجيري المختلط بالحبوب الرملية
كما يتم أيضا التخلص من الحجر نفسه أثناء البناء وفي بعض الحاالت يتحلل ليشكل طبقات
ال يظهر مصدرها على الفور عند التنقيب.
من الممكن تمييز ثالث مجموعات من الرواسب البشرية:
أ .الرواسب البشرية األولية هي تلك التي تتراكم على السطح من النشاط البشري على سبيل
المثال العديد من طبقات الرماد أو أرضيات المعيشة.
ب .الرواسب البشرية الثانوية هي الرواسب األولية التي خضعت للتعديل إما عن طريق النزوح
والهجرات أو بسبب تغيير استخدام منطقة النشاط.
تماما من سياقها األصلي وربما أعيد
ج .الرواسب البشرية الثالثة هي تلك التي تمت إزالتها ً
استخدامها.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 98
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
وصف الرواسب
يتم فحص الرواسب في كل من الموقع والمختبر .تتضمن األوصاف في هذا المجال مالحظات
حول اللون والتكوين والملمس والهيكل .ويالحظ أيضا حدوث تغييرات أو تغيرات بعد الترسيب
مثل االلتحام أو ترسيب الكربونات أو الجبس.
أ .اللون
يتم تحديد اللون بالمقارنة مع مخططات األلوان القياسية (على سبيل المثال مخططات ألوان
مونسيل) لضمان درجة معينة من االتساق والتوافق .تعد تحديدات األلوان الدقيقة مفيدة في
تحديد التفاصيل الطبقية الدقيقة ويمكن أن تسهم في تفسير طريقة التكوين .فاألكسدة على
سبيل المثال قد تنتج ألوانا حمراء أو صفراء في حين أن الظروف المختزلة قد تنتج لونا أزرق
أو رماديا غامًقا .قد يكون اللون أيضا مؤش ار على التكوين .على سبيل المثال ينتج محتوى
عال من المواد العضوية رواسب بنية داكنة أو سوداء أو رمادية.
ب .التركيب
يوفر تكوين الرواسب معلومات مفيدة عن المواد مصدر للرواسب وعمليات التجوية وبيئة
الترسيب وظروف ما بعد الترسيب .ومكونات الرواسب عادة ما تكون:
( )1الصخور المفتتة والحبيبات المعدنية الناتجة عن التفكك الميكانيكي.
( )2جزيئات الهياكل العظمية العضوية والحيوية المفتتة مثل األصداف البحرية.
( )3الرواسب الفيزيائية والكيميائية الحيوية األصلية (األولية) مثل كربونات الكالسيوم في
طفل الطباشيري marl
الصخور الكربونية المسامية أو ال َ
موما.
( )4المواد العضوية مثل بقايا األوراق النباتية المتحللة أو المخلفات النباتية ع ً
( )5مواد ما بعد الترسيب مثل االلتحامات أو تجمعات الجير.
( )4عناصر ثقافية (بشرية المنشأ) مثل حطام تقطيع الصوان (التي يصنع منه أدوات
بدائية) وبقايا الفخار وبقع الفحم.
في هذا المجال يتم تحديد التركيب بمساعدة عدسة مكبرة واختبارات كيميائية كما يمكن استخدام
الميكروسكوب في المختبر الميداني لتحديد المكونات الدقيقة.
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 99
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 0
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 1
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
شكل واستدارة الجسيمات الرسوبية :أعلى اليمين ،كروي :أعلى اليسار ،قرصي الشكل :أسفل اليمين شكل
طولي :أسفل اليسار ،على شكل مستطيل.
تشير االستدارة إلى درجة التآكل أو التعرية أو النحر أو تآكل حواف وزوايا الجسيم وبالتالي
يمكن استخدامها لتحديد ما إذا كانت الجسيمات جديدة واذا تم نقلها لمسافات قصيرة أو طويلة
أو إذا تعرضت للحل والتفكك بعد الترسب .ففي الكهوف على سبيل المثال قد تظهر الجسيمات
التي تم فصلها عن جدران الكهوف أو السقف حواف زاوية حادة تحت مناخ بارد وجاف من
التكوين ولكن في ظل ظروف رطبة وأكثر دفئا غالبا ما تتآكل الجسيمات.
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 2
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تداخل الجسيمات والحصى في مجرى قناة ،اتجاه تدفق المياه من اليسار إلى اليمين
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 3
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يتم الحصول على العينات المختارة لتقديم تقديرات للمتوسط ومعلومات إحصائية أخرى لمختلف
سمات العينات (على سبيل المثال حجم الجسيمات والمحتوى المعدني الثقيل وعلم المعادن
الطينية وما إلى ذلك( .ولذلك ينبغي الحصول على أكثر من عينة واحدة لتقديم تقدير موثوق
به.
من ناحية أخرى إذا لوحظت اختالفات رأسية أو جانبية مميزة يمكن اعتبار الوحدة الرسوبية
أنها تتألف من مجموعات فرعية ('الطبقات' وال ينبغي الخلط بينها وبين الطبقات الحجرية)
التي ينبغي أخذ عينات منها بشكل مستقل لتوفير وسيلة الختبار وتقييم أوجه التشابه واالختالف
داخل الوحدة الرسوبية .وتعرف طريقة أخذ العينات هذه باسم أخذ العينات الطبقية .يمكن أن
يتم أخذ العينات العنقودية وهو الحصول على أكثر من عينة واحدة في موضع عشوائي واحد
وهو مفيدا إذا كان التباين المحلي كبي ار.
في الموقع األثري سوف تكون المسافة الفاصلة ألخذ العينات من 5إلى 11سم وهو األكثر
مالءمة للتحليل الكمي الدقيق .وعادة ما يتم أخذ عينات من الرواسب في أقسام مكشوفة بالفعل
(على سبيل المثال المحاجر واألخاديد الجافة) أو في أقسام محفورة أثناء التنقيب في المواقع
األثرية أو في حفر أو مجسات طبقية .كما يمكن أيضا الحصول على عينات من باطن األرض
باستخدام المثاقب أو معدات الحفر.
أخذ العينات السطحية
يجب دائما الحصول على العينات من سطح جديد .ويتم ذلك باستخدام المجرفة ويتم تنظيف
السطح باستخدام الفأس أو المعول ألخذ العينات .واذا لم يتم الكشف عن مقطع عمودي كامل
فقد يتم قطع سلسلة من الدرجات للحصول على مقطع مستمر .ويتم أخذ العينات من األسفل
إلى األعلى لتجنب التلوث.
يتم الحصول على العينات إما ك 'عينات موضعية' أو 'عينات قناة '.حيث تؤخذ العينات
الموضعية من جزء صغير موضعي من الوحدة الرسوبية في حين يتم أخذ 'عينة قناة' عبر
سمك كامل أو جزء كبير من الطبقة .يجب الحصول على العينات الموضعية قدر اإلمكان من
وحدة أو وحدة فرعية متجانسة ويجب تسجيل موضع العينة داخل الطبقة.
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 4
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
توفر العديد من التقنيات التحليلية معلومات هامة .تشمل بعض التقنيات التحليلية األكثر شيوعا
( )2تحليل المعادن الثقيلة ( )1التحليل الحبيبي
( )3تحليل مورفولوجيا سطح الجسيمات ( )4التحديدات المعدنية باألشعة السينية للطين
( )5التحليالت الكيميائية.
( )1التحليل الحبيبي أو تحليل حجم الجسيمات
يختلف إجراء التحليل الحبيبي اعتمادا على وجود الشوائب ودرجة الصالبة ونسبة الرمل إلى
الطين والطمي ومحتوى الرطوبة في العينة .عادة ما يتم إجراء التحليل الحبيبي للرمال عن
طريق الغربلة من خالل المناخل ذات األحجام الشبكية المختلفة .يؤدي إجراء الغربلة إلى فصل
الجسيمات إلى فئات مختلفة الحجم .ثم يتم وزن كل فئة من الفئات وتحديد نسبتها المئوية في
العينة اإلجمالية .وبدال من ذلك يمكن استخدام أنبوب التسوية.
يتم في الغالب استخدام أنوب التسوية في تقنيات الترسيب للطمي والطين مع االفتراض أن
الجسيمات ذات األحجام المختلفة تستقر في عمود من الماء بمعدل يتناسب طرديا مع قطرها.
أي كلما زاد القطر استقرت في أسفل األنبوب .ستستغرق الجسيمات الدقيقة وقتا أطول لالستقرار
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 5
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
من الجسيمات الكبيرة .ففي االناء المخبري المدرج يتم وضع كمية معينة من الرواسب وتعليقها
في الماء المقطر ( 1111ملم) ثم يسمح لها باالستقرار دون عائق .ويتم سحب كمية صغيرة
( 21ملم) على فترات زمنية معينة .وتستخدم هذه الفواصل الزمنية لحساب قطر الجسيمات
التي استقرت بالفعل.
في تقنية أخرى والتي تستخدم أيضا عمودا من الماء يتم إدخال مقياس هيدرومتر لقياس كثافة
السائل المعلق عند نقاط زمنية محددة حيث تتوافق مع أحجام جسيمات معينة والتي يمكن
تحويلها بعد ذلك إلى وزن .كما هناك تقنيات أخرى أكثر تطو ار مثل "محلل وودز هول" ومحلل
حجم الجسيمات التلقائي ورواسب التوازن الكهربائي والتقنية الكهروضوئية.
تتطلب الغربلة 111-51جم من الرواسب في حين أن تقنية أنبوب الترسيب "محلل وودز
هول" تتطلب عينة أصغر بكثير :بين 2و 11جم .بينما المحلل التلقائي للجسيمات يتطلب
511-211ملجم
يمكن تحليل الطين والطمي بواسطة تقنيات أنبوب الترسيب أو الهيدرومتر (حوالي 15جم
لألول و 31-21جم للتقنية الثانية) وهي غير مكلفة أو بواسطة الطرق األكثر تكلفة لترسيب
التوازن الكهربائي أو التقنية الكهروضوئية.
يوفر التحليل الحبيبي معلومات عن النسبة المئوية للحصى والرمل والطمي والطين في الرواسب.
كما يوفر معلومات عن متوسط حجم وشكل الحبيبات وتجانس توزيع حجمها (الفرز) والنسبة
بين األجزاء الكبيرة والدقيقة.
من المهم في إجراء تفسيرات بيئية من البيانات الحبيبية استخدام أكبر عدد ممكن من معايير
حجم الحبيبات واستكمال نتائج تحليلها ببيانات رسوبية أخرى .توفر البيانات الحبيبية أدلة مفيدة
لتفسير بيئات الترسيب الرسوبية .على سبيل المثال تختلف رواسب القنوات اختالفا كبي ار في
الحجم ولكنها تتكون في الغالب من مواد خشنة غالبا .وتتكون رواسب السدود levees
(الضفاف) في الغالب من الرمال الناعمة والطمي في حين تتكون رواسب أحواض الفيضانات
في الغالب من الطين والطين المقارب للصلصال.
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 6
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 7
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 8
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يتم فصل هذه البقايا ووزنها .قد تكون العدسة اليدوية أو المجهر المجسم مفيدة في فصل
العناصر الدقيقة لهذا الجزء .يتم فحص الجزء 1.1-1مم تحت المجهر المجسم ويتم تقدير
الوفرة التقريبية لمختلف العناصر بصريا .ويجب استخدام أداة فرز وتقسيم دقيقة لتقسيم العينة.
ويمكن استخدام 'أطلس الجسيمات' كمرجع لتحديد الجسيمات.
تحتوي الرواسب على بقايا دقيقة تنتج عن استخدام وكسر األدوات وغيرها من األشياء النفعية
وكذلك الحطام الصناعي الذي ال يري بالعين المجردة وغيرها من البقايا المتعلقة باألنشطة
البشرية.
من غير المحتمل أن تعاني هذه البقايا األثرية الدقيقة من مشاكل اإلزالة المتعمدة من قبل
اإلنسان أو العوامل األخرى التي قد تشوش على أي مؤشرات على نوع النشاط .فعلى سبيل
المثال قد يتم التخلص من قطع كبيرة من العظام على مسافة ما من الموقع أو جرفها بعيدا
لكن الرقائق الصغيرة ستبقى دائما.
ويمكن استخدام التعويم flotationالستعادة
البقايا األثرية الخفيفة مثل البذور والفحم في
الموقع األثري باستخدام أجهزة مختلفة .ويتوفر
لهذا الغرض جهاز تعويم مع ضاغط هواء
يحركه المحرك وغربال جمع .كما يمكن
إضافة الكيروسين إلى الماء كجامع للجزيئات.
يمر الماء عبر 2مم و 1.1مم المناخل .ويتم
غسل محتويات المناخل بزجاجة غسيل بالرش
وعلى ورق ممتص للماء .ثم يسمح للعينات أن
تجف في الظل قبل مزيد من الفحص أو
التعبئة.
10
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 9
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
ومن المرجح أيضا أن تساهم بقايا الطعام في محتوى المركبات العضوية في الرواسب األثرية .
قد تنعكس هذه في كمية الفوسفور (من عظام الحيوانات) والنيتروجين والمواد العضوية والكربون
العضوي .ويمكن أيضا اشتقاق آثار طفيفة لبعض العناصر (مثل الزنك والنحاس) من بقايا
االستيطان البشري.
ومن ثم يمكن استخدام التحاليل الدقيقة للرواسب األثرية الكيميائية لتحديد المواقع التي كانت
مشغولة سابقا وتقدير مدة االستيطان واالختالفات في األنظمة الغذائية .قد يتم الكشف عن
التغييرات في النظام الغذائي حتى من كمية الفوسفور .مثل محتوى معدن السترونتيوم
strontiumفي النباتات مقارنة بمحتوى اللحوم فيمكن استخدامه لتقييم الوفرة النسبية للحوم في
النظام الغذائي.
سادسا تاريخ تطور الموقع األثري من خالل دراسة الرواسب: ً
إن احتمال استخدام تحليل الرواسب لفهم تاريخ تطور الموقع أمر مثير ألنه يوفر أساسا لتفسير
مدة االستقرار واالستيطان البشري واستم ارريته أو انقطاعه ومعدل تكوين الموقع وآثار التآكل
على الحفاظ على البقايا البشرية وما إلى ذلك.
سوف نذكر هنا دراسة أجراها D. A. Davidsonحول التطور التاريخي لموقع أثري في شمال
شرق اليونان باستخدام حجم الجسيمات وتحليل الفوسفات .حيث تشير النتائج إلى أن الموقع
نتج وتكون في المقام األول من جراء انهيار الجدران التي بنيت من الطمي الذي تم الحصول
عليه من نهر قريب ويشير تركيز الفوسفات إلى زيادة في كثافة االستيطان البشري عبر الزمن.
أيضا أنه كان هناك فترة زمنية عندما تم هجرة الموقع فمن
فقد أظهر تحليل حجم الجسيمات ً
أيضا مالحظة أن هذا التفسير الجيومورفولوجي لطبقات الرواسب في التل قد أظهر أن
المهم ً
مساحة واتساع الجزء العلوي المسطح من التل في وقت االستيطان النهائي كان حوالي ضعف
حجمه الحالي .وهكذا اختفى ٪51من المستوطنة األصلية.
حاول عالم الجيولوجيا المصري "فكري حسن" أيضا إعادة بناء تاريخ تطور لموقع "عين
المستحية" في الجزائر والذي يتبع الثقافة القبصية Capasianمن العصور الحجرية (نسبة
إلى مدينة قفص في تونس) في دول المغرب العربي .فقد أشارت تواريخ الكربون المشع إلى أن
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 0
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الموقع كان مشغوال من حوالي 9511إلى 4511قبل الميالد ولكن التحليل األثري الجزئي
للبقايا الغذائية يشير إلى فترة إجمالية من االستيطان تتراوح بين 231و 411سنة.
كما كشفت سلسلة جديدة من تواريخ الكربون المشع من الموقع أنه لم يتم هجرته أو التخلي عنه
ألي فترة زمنية كبيرة (أي مئات السنين) .ويبدو أن الموقع كان إما مشغوال سنويا لبضعة أسابيع
أو لعدة أشهر في السنة مع سنوات عديدة من عدم االشغال.
ويؤكد هذا النمط من االستيطان المتقطع هو التحول المكاني المتكرر في مناطق النشاط
البشري فضال عن الكثافة العالية لمواقع Capasianوالتي من شأنها أن تشير إلى كثافة
سكانية مفرطة بشكل غير طبيعي .وقد تم حساب معدل تكوين الموقع إلى حوالي 3سم لكل
111سنة أي حوالي 3ملم لكل سنة وذلك في الفترة من 9211إلى 9211قبل الميالد
وبنحو 4.4سم للفترة من 2111إلى 0211قبل الميالد .وبالتالي فإن أعمال الحفائر على
عمق 5سم تقوم بنزع حوالي 51إلى 111سنة من االستيطان في المرة الواحدة .هذا له بعض
النتائج المثيرة لالهتمام لدراسة أرضيات االستيطان' واألنشطة المتزامنة عند فحص االختالفات
داخل الموقع.
في هذا الصدد يجب أن تعتمد دراسة تاريخ تطور الموقع على اآلتي:
.1تحديد القياسات الشكلية للموقع (عمق الرواسب شكل التركيزات زاوية ميل القمامة
والتل األثري نفسه األبعاد المكانية إلخ).
.2التحليل الطبقي الدقيق والمفصل للرواسب وتوزيع المواد األثرية.
.3جمع العينات للتحليل األثري الدقيق والرسوبي والدراسات الكيميائية.
على الرغم من أنه يمكن إجراء كل من التحليل األثري الجزئي والتحليل الرسوبي اإلجمالي
واالختبارات الكيميائية النوعية في الموقع األثري ويمكن أن تكون مفيدة جدا في معالجة عدد
.
كبير من العينات إال أن هناك حاجة أكيدة إلى تحليالت أكثر تفصيال في مختبر متخصص
الرواسب وأشكال العالقة بين االنسان واألرض
إن تكامل المعلومات البيئية القديمة واألثرية نحو فهم الحركات المتغيرة للعالقات بين اإلنسان
واألرض أمر بالغ األهمية لفهم أنماط التكيف البشري واستراتيجية الحركة البشرية في موطن
متغير .يظهر ذلك بوضوح في مثال موقع عين المستحية بالجزائر كما سبق أعاله.
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 1
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
كشفت الدراسات الطبقية والرسوبية أن اإلشغاالت البشرية في المنطقة التي تم دراستها بالجزائر
تزامنت مع مرحلة من المناخ األكثر برودة ورطوبة مما هي عليه اليوم والتي ارتبطت بالطمي
بواسطة تيارات سريعة الزوال تحت مناخ شبه جاف .تشير محددات الكربون المشع هذا الفاصل
الزمني بين 9511و 4511سنة مضت.
كما أشارت البقايا الحيوانية إلى سهول مراعي مفتوحة على بعد مسافة قصيرة من هامش
صحراوي مع توزيعات متفرقة من الغطاء النباتي األكثر ثراء .كما تم جمع األدلة من التحليل
الحيواني الذي أشار إلى أن الكفاف لدي سكان موقع "عين المستحية" يتكون من الصيد (الغزالن
والثيران البرية والظبي االفريقي) وجمع القواقع الحلزونية األرضية .من المرجح أن يكون جمع
النباتات قد تم ممارسته ولكن ال يوجد دليل مباشر على هذا النشاط في الموقع الذي تم التنقيب
عنه .وبصفة عامة من الصعب الحصول على بقايا النباتات في معظم المواقع األثرية أكثر
من العظام .وعلى الرغم من الرؤية الواضحة لبقايا القواقع الحلزونية في مواقع ثقافة capasian
فقد كشف التحليل الحيواني والتحليل األثري الدقيق للرواسب األثرية أن القواقع األرضية بالكاد
ساهمت بأكثر من سدس البروتين الحيواني في النظام الغذائي .حيث كشف التحليل األثري
الدقيق لرواسب الموقع عن حدوث انخفاض في نسبة العظام باإلضافة إلى بقايا قواقع الحلزون
وتزامن ذلك مع تغير كبير في تواتر أنواع الحلزون األرضي الصغيرة.
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 2
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
باإلضافة إلى ذلك كشفت التحليالت الرسوبية والجيوكيميائية عن تغيرات تدل على وجود فترة
من المناخ األكثر جفافا في ذلك الوقت .وبالتالي فإن التغير في نمط استغالل القواقع الذي
يتألف أساسا من:
زيادة استهالك القواقع الصغيرة التي لم تظهر من قبل. -
االنخفاض النسبي في بقايا الحيوانات الفقارية يمكن تفسيره جزئيا من حيث ظروف -
الجفاف وانخفاض الكتلة الحيوانية (ذوات الحافر) في المنطقة كنتيجة النخفاض الغطاء
النباتي والمراعي.
كما وفرت الدراسات األثرية الدقيقة للرواسب في الموقع األساس لتقديرات فترات استيطان الموقع
التي أشارت إلى نمط متقطع من االستيطان مع إخالء الموقع واعادة اشغاله بشكل متكرر .فقد
وجد هذا النمط دعما في طبقات الموقع .حيث تشير تركيزات النفايات الغذائية والفحص
البصري لسطح الموقع لحدوث تحوالت متكررة في األنشطة االستيطانية .فقد كان هذا النمط
االستيطاني متسقا أيضا مع توزيع وكثافة مواقع ثقافة "كابسيان" وكلها توحي باإلشغال التناوبي.
االستراتيجية (التخطيط) المنهجية
يشير العالم المصري فكري حسن المتخصص في مجال الجيولوجيا واآلثار إلى بعض
االستراتيجيات الهامة في تحليل الرواسب ومدى إمكانية االستفادة منها وحل المسائل المتعلقة
بالبحث األثري في المواقع .فهو يري أنه يجب على عالم اآلثار أن يتعرف أكثر على هذه
التقنيات من خالل الرجوع إلى المراجع في هذا الشأن.
ألنه في علم اآلثار الجيولوجي يمكن أن تسهم الرواسب في:
.1إعادة بناء البيئة المناخية المورفولوجية.
.2إعادة بناء تاريخ تطور الموقع.
.3تفسير األنشطة البشرية الخاصة بالموقع.
.4تحديد شكل العالقات بين اإلنسان واألرض.
يجب على عالم اآلثار الذي يرغب في استخدام الرواسب لتحقيق مثل هذه األهداف البحثية أن
يطلب المساعدة من جيولوجي لديه خلفية صلبة في الدراسة الميدانية والمختبرية للرواسب
ويفضل أن يكون الشخص الذي تعاون سابقا مع علماء اآلثار أو الذي هو على استعداد إلعطاء
المشاكل األثرية اهتمامه المهني الكامل .يجب أن يشارك الجيولوجي في العمل الميداني .يجب
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 3
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
على كل من عالم اآلثار والجيولوجي مناقشة المشاكل المحددة للموقع وأهداف البحث قبل وأثناء
العمل الميداني .وينبغي تنسيق جداولها الزمنية وأنشطتها وينبغي النظر في تعيين مساعد
ميداني ومختبري عند وضع خطط إلجراء بحث رسوبي مكثف.
في هذا المجال سيقضي الجيولوجي جزءا من وقته في الموقع لإلشراف على جمع العينات
للتحليل األثري الدقيق وعمل القطاعات والرسومات ووصف الرواسب األثرية .وينبغي أن
يتوقع منه أن يربط مالحظاته الميدانية لعالم اآلثار والطاقم الميداني وأن يوجههم عند اإلمكان
إلى مختلف جوانب عمله .مع العلم بأن ق اررات الجيولوجي بحفر المجسات والحفر االختبارية
بالموقع األثري يجب أن تكون تحت اشراف عالم اآلثار الذي يجب أن يتخذ القرار النهائي في
هذا الشأن.
سيقضي الجيولوجي أيضا جزءا من وقته خارج منطقة الموقع نفسها حيث يصف األقسام
الطبقية ويقوم بمالحظات جيومورفولوجية ويعمل على توليف التاريخ الجيولوجي للمنطقة ليس
فقط أثناء استيطان الموقع ولكن أيضا قبل وبعد ذلك مباشرة .ويجب على الجيولوجي شرح
النتائج التي توصل إليها لعالم اآلثار قبل المغادرة من الموقع واإلجابة على أي أسئلة قد ال تزال
لدى عالم اآلثار.
كما يجب شحن العينات الميدانية في أقرب وقت ممكن إلى المختبر حيث سيتم تحليلها .سيتخذ
الجيولوجي القرار بشأن التقنيات المناسبة ويفسر النتائج .وعند االنتهاء من البحوث المختبرية
والتوليف التفسيري للبيانات الميدانية والمختبرية يجب تقديم تقرير إلى عالم اآلثار للتعليق عليه.
كما ينبغي إتاحة تقارير أخرى عن التربة وحبوب اللقاح ودراسات مفصلة عن الجيومورفولوجيا
وعلم اآلثار للجيولوجي الذي سيتحقق من النتائج التي توصل إليها أو يزيدها مع تلك التي
يتوصل إليها المساهمون اآلخرون.
إن تفسير طبيعة األنشطة البشرية الخاصة بالموقع وتاريخ تطور الموقع ونمط وعملية العالقة
بين اإلنسان واألرض هي مسؤولية عالم اآلثار ولكن يجب استشارة الجيولوجي وكذلك
المساهمين اآلخرين في كثير من األحيان .يعتمد نجاح البحث الجيوأثري أو البحث األثري
بشكل عام في نهاية المطاف على التبادل المفتوح للمعلومات لمختلف التخصصات.
خالصة القول من الممكن توفر البقايا األثرية الدقيقة أدلة ال يمكن الحصول عليها لمجموعة
واسعة من العناصر البيئية القديمة والثقافية فإن التقنيات األثرية الدقيقة تنتج مصدر بيانات
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 4
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
مذهالً .كما ينبغي محاولة التحليل الرسوبي برؤية واضحة ألهميته البيئية القديمة بحيث يمكن
استخراج المعلومات ذات الصلة فالرواسب األثرية هي نتاج أنشطة وعوامل طبيعية وبشرية.
وستنعكس الرواسب الموجودة على الموقع على عمل هذين العاملين .وبالتالي يمكن لعالم اآلثار
توظيف محتويات وأنماط الرواسب األثرية لتحديد أشكال العالقة بين اإلنسان واألرض.
ربما تكون الرواسب األثرية وفيرة جدا بحيث ال يمكن مالحظتها أو اعتبارها 'أوساخ' والتي
غالبا ما يتم جرفها جانبا ويجب أن يكون بمثابة مصدر للحصول على معلومات ال تقدر بثمن.
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 5
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الفصل السابع
التربة
-قطاع التربة وخصائصها
-عوامل تكوين التربة
-أهمية التربة في اآلثار
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 6
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 7
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
باإلنتاجية الزراعية .تمت دراسة كيمياء التربة منذ فترة طويلة من قبل علماء التربة وعلماء اآلثار
بحثًا عن أدلة على تأثير اإلنسان على المناظر الطبيعية من حوله خاصة إلعادة بناء النشاط
الزراعي واكتشاف االستيطان البشري القديم.
تشترك كل هذه التخصصات الفرعية لعلوم التربة في وجهات نظر مهمة مع علم اآلثار .وربما
تكون طبقات التربة وكيمياء التربة بدالً من علم التربة وجيومورفولوجيا التربة أشهر وأقدم تطبيقات
علم التربة في علم اآلثار.
أهمية التربة في حياتنا
وضوحا هو دعم
ً توفر التربة العديد من الوظائف المهمة للنباتات والحيوانات والبشر .األكثر
جدا كموطن لآلالف للماليين من
زراعة المحاصيل والنباتات واألشجار في تعتبر التربة مهمة ً
كائنات التربة.
الترب ة مهمة للغاية كمرشح يزيل التلوث من مياه الشرب ويساعد على تنظيم تدفق المياه عبر
أيضا
أيضا أساس مبانينا وطرقنا والمنازل والمدارس .تحمي التربة ً
المناظر الطبيعية .التربة هي ً
مهما في الحفاظ
دور ً
تاريخنا وماضينا حيث يتم حفر االكتشافات األثرية من التربة .تلعب التربة ًا
على تاريخ األرض.
أخير التربة مهمة في قضية تغير المناخ .تعتبر المادة العضوية في التربة واحدة من مجمعات
ًا
الكربون الرئيسية في المحيط الحيوي وهي مهمة على حد سواء كمحرك للتغير المناخي وكمتغير
استجابة لتغير المناخ وقادرة على العمل كمصدر وعامل امتصاص للكربون .تساعد التربة
أيضا على تنظيم الغازات الدفيئة األخرى مثل الميثان.
ً
قطاع التربة وخصائصها
آفاق التربة هي مناطق داخل التربة (أي التقسيمات الفرعية للتربة) موازية لسطح األرض ولها
خصائص فيزيائية وكيميائية وبيولوجية مميزة .كما أنها تنتج عن تغييرات معدنية واضافات
المواد العضوية؛ وترشيح المواد القابلة للذوبان؛ ونقل الجسيمات الدقيقة والمركبات الكيميائية.
معا تنتج سلسلة من اآلفاق "طبقات" المرتبطة بقطاع في التربة .تختلف فكل هذه العوامل ً
قطاعات التربة بسبب التفاعل المعقد للمناخ والحيويات التي تعيش على التربة وداخلها وطبيعة
المادة األم للتربة وموقع وعمر المناظر الطبيعية (أي عوامل تكوين التربة).
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 8
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تعد آفاق التربة من أبرز سمات التربة في المواقع والحقول بسبب خصائصها الفيزيائية والكيميائية
الفريدة مثل بنية التربة ولونها .حيث تعد القدرة على التعرف على آفاق التربة خطوة أولى
حاسمة في تطوير القدرة على التعرف على التربة .كما يعتبر التمييز البصري آلفاق التربة
والتربة أحد األسباب الرئيسية الستخدامها منذ فترة طويلة كعالمات طبقية.
وعلى هذا األساس فإن الفحص الدقيق والوصف لقطاعات التربة وآفاقها يعتبر من العناصر
الحاسمة في علم اآلثار وعلم اآلثار الجيولوجي الميداني ويتطلبان تدريباً وممارس ًة كبيرين
إلنجازه بفعالية.
وعددا
ً عددا قليالً من اآلفاق الرئيسية (التسلسل A-B-Cالمعروف)
تتضمن تسمية أفق التربة ً
كبير من رموز األفاق الفرعية التي تعمل كطبقات إضافية متحولة لآلفاق الرئيسية ومصطلحات
ًا
وصفية اضافية.
تم تصنيف قطاع التربة Profileإلى آفاق التربة Horizonsباستخدام نظام ABCDلتسمية
األفاق "الطبقات":
عادة ما تكون التربة السطحية التي يطلق عليها اسم األفق A
.1أفق التربة السطحية Aأو ً
هي الطبقة األكثر قتامة (لون أسمر داكن أو يميل إلى السواد) في التربة ألنها تحتوي على
بيولوجيا
ً طا
أعلى نسبة من المواد العضوية .كما أن التربة السطحية هي المنطقة األكثر نشا ً
حيث تختبئ الحشرات والديدان والحيوانات األخرى من خاللها وتمدد النباتات جذورها ألسفل
داخلها والتي تساعد على تثبيت هذه الطبقة من التربة في مكانها .في التربة السطحية قد تذوب
المعادن في المياه العذبة التي تتحرك من خاللها ليتم نقلها إلى الطبقات الدنيا من التربة .قد
جدا مثل الطين إلى الطبقات السفلية حيث تتسرب المياه إلى
أيضا نقل الجزيئات الصغيرة ً
يتم ً
األرض.
.2أفق التربة Bأو أفق التربة المشكل أو التربة التحتية فهو المكان الذي تتراكم فيه المعادن
والطين القابلة للذوبان .هذه الطبقة ذات لون بني فاتح وتحتوي على كمية من الماء أكثر من
التربة السطحية بسبب وجود الحديد والمعادن الطينية .هناك مواد عضوية أقل.
.3أفق Cأو المادة األم التي تم تجويتها فهو طبقة من الصخر المتغير جز ًئيا عن طريق
التجوية
شيوعا أفق Rويمثل الصخور األساسية المتجانسةBedrock .
ً .4أفق Dأو بشكل أكثر
11
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 9
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
جدا من المواد العضوية بسبب اإلنتاجية البيولوجية المنخفضة .ويوضح( )aاألفق Aيحتوي على القليل ً
أفق Bkالمراحل األولى لتراكم كربونات الكالسيوم.
( )bتربة متماسكة تشكلت تحت األراضي العشبية.
أيضا تسمية التربة السطحية لـ A1بأفق Ahبينما تسمى آفاق التربة Bالمخصبة بمواد
يمكن ً
معدنية مثل األلومنيوم والحديد آفاق Bsكما تأخذ بعض أنواع التربة آفاق بالحرف السفلي Ag
Bg Cgوالتي تشير في الغالب إلى تكوينات مائية مرتبطة بها .كما أن لدى مختلف البلدان
نظم تصنيف خاصة بها .على سبيل المثال في المملكة المتحدة تسمى التربة الجوفية العليا
في حين أن تلك التي ال تحتوي على معادن األلمونيوم والحديد التي فقدت الطين آفاق Eb
تعرف باسم آفاق Ea
تركيب التربة
تسمى المعادن والجسيمات العضوية في التربة جسيمات التربة .ويشغل الهواء والماء الفراغ بين
الجسيمات وتعيش النباتات والحيوانات في هذه الفراغات المسامية وتنمو جذور النباتات أيضاً
خالل الفراغات المسامية
المعادن
تمد المعادن النباتات الخضراء بالمواد المغذية .وتشكل الجسيمات المعروفة باسم الرمل و
الغرين والطين معظم المحتوى المعدني للتربة .والرمال والغرين جسيمات لمعادن الكوارتز
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 0
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 1
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
والكيميائية وللتربة فوائد كثيرة؛ فهي تثبت جذور النباتات في األرض وتساعد على نموها
باإلضافة إلى تحليل المواد العضوية الموجودة فيها .
تتشكل التربة عن طريق تفتيت الصخور ونقلها من مكان إلى آخر وذلك عندما تتعرض لعدد
من العوامل البيئية والمناخية؛ مثل :الرياح وارتفاع درجات الح اررة والرطوبة واألمطار .
باإلضافة إلى المواد العضوية وبقايا الكائنات الحية الميتة إلى فتات الصخور حيث يصبح
لونها قريباً من السواد وبناء على نوعية المواد المكونة للتربة َّ
يحدد نوعها . ً
عملية طويلة
تتشكل التربة وتتطور على مدى فترات طويلة للغاية وتنتج من التفاعل بين العوامل التي ال تعد
وال تحصى .أهم العوامل الطبيعية هي المناخ والنباتات والحيوانات وشكل التضاريس
وانحدارها وتوافر المياه .من األهمية بمكان في هذه العملية فترة التطور ونطاق استخدام األرض
البشري والذي تسبب في القرون األخيرة في حدوث تغييرات كبيرة في التربة.
تتطور التربة من خالل عملية تشمل التجوية والتفتيت للصخور إلى جزيئات التربة المعدنية.
اعتمادا على شدة العوامل المؤثرة .لكن التربة هي أكثر
ً وتتطور هذه العمليات بسرعات متفاوتة
بكثير من مجرد خليط من جزيئات معدنية ذات أحجام مختلفة؛ ألنها قبل كل شيء خليط من
المواد العضوية المتحللة والعناصر المعدنية التي تتعرض للماء والهواء باإلضافة إلى عدد ال
يحصى من الكائنات الحية النباتية والحيوانية .يستغرق هذا الخليط وقتًا طويالً للغاية لتكوين
الكيان الذي نطلق عليه 'التربة' .يمكن أن تستغرق طبقة التربة السميكة من بين 111إلى 311
عام؛ وكل هذا يمكن أن تجرفه عاصفة ممطرة شديدة واحدة.
تكسير الصخور وتفتيتها
تتكون التربة من الصخور السطحية التي يتم تكسيرها وتفتيتها بواسطة مجموعة واسعة من
عمليات التجوية .على سبيل المثال عندما يخترق الماء الشقوق الصخرية مما يتسبب في
تمدد الصخور من خالل القوة التي تمارس عندما يتجمد الماء يؤدي الضغط الناتج إلى انفجار
أيضا إلى الضغط الميكانيكي
الصخور وتصدعها وتفتيتها .كما يؤدي تناوب التسخين والتبريد ً
على الصخور مما يؤدي إلى تكسيرها.
تعمل التفاعالت الكيميائية على تغيير تكوين الصخور حيث يؤدي التحلل المائي (التحلل
الكيميائي) بشكل خاص للصخور التي تحتوي على كمية كبيرة من السيليكا إلى زعزعة استقرار
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 2
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
بنية الصخور بسبب فقدان األيونات من الشبكة البلورية للصخور .في عملية متطابقة تقر ًيبا
تعرف باسم الترطيب يتم امتصاص جزيئات الماء في الشبكة البلورية للمعدن ويؤدي التورم
الناتج إلى فقدان الصخور صالبتها.
تجتمع عدة عوامل رئيسية تساهم في تشكيل التربة وتعمل معا على تكوينها عن طريق عمليات
التجوية أو عمليات الترسيب حيث تتفتت المادة األساسية المكونة للصخور الموجودة على
سطح األرض ثم تصبح غنية بالمواد العضوية واألمالح المعدنية التي تحمل بواسطة الرياح
أو تنجرف مع مياه األمطار ثم تتحطم المواد العضوية بفعل الكائنات الحية وتشكل مسامات
التربة.
تعتبر عمليات تشكيل التربة مهمة من الناحية األثرية ألنها تحدد طبيعة وخصوبة التربة المرتبطة
بالمواقع .ففي فترات االستقرار تتطور التربة في الرواسب المترسبة سابًقا.
تتأثر وتتطور التربة بخمسة عوامل في تكوينهاS = (Cl, O, R, P, and T) :
Clالمناخ Climate
Oالكائنات الحية الدقيقة Organism
Rالتضاريس Relief
Pالمدة األم Parent material
Tالزمن Time
.1المناخ
درجة الح اررة وهطول األمطار والرطوبة والتبخر كلها عوامل تؤثر على الجسيمات والمواد
أيضا على معدل
الصلبة وتجعلها تذوب في مياه التربة .تؤثر درجة الح اررة وهطول األمطار ً
عمليات التجوية أو التآكل
جنبا إلى جنب مع المواد األم .إنه يحدد معدل
المناخ هو التأثير األكثر أهمية في تكوين التربة ً
انهيار الصخور األم وبالتالي مدى سرعة تعمق التربة .التأثيران المناخيان الرئيسيان هما درجة
الح اررة وهطول األمطار .تؤدي درجات الح اررة المرتفعة إلى زيادة معدل تكسير الصخور
األساسية وبالتالي إطالق المغذيات في التربة .كما أن هطول األمطار وذوبان الجليد مهمان
أيضا في تكسير الصخور لتكوين التربة وفي توزيع العناصر الغذائية في التربة .في المناخات
ً
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 3
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
الحارة الرطبة مثل المناطق االستوائية تميل التربة إلى أن تكون عميقة بينما في مناطق القطب
الشمالي الباردة تكون التربة ضعيفة وضعيفة التطور.
.2الكائنات الحية
من الصعب تصديق أن ملعقة صغيرة واحدة من التربة تحتوي على أكثر من 4مليارات من
الكائنات الحية الدقيقة وهو ما يمثل أكثر من نصف سكان الكوكب البشري بأكمله! هل يمكنك
حتى أن تبدأ في تخيل عدد ما ستجده في أقرب حديقة لك؟ يسكن التربة مجموعة مذهلة من
بدءا من الميكروبات الصغيرة مثل البكتيريا والفطريات (الميكروبات) إلى الكائنات الحية ً
الحشرات األصغر مثل الديدان والحيوانات الكبيرة مثل الفئران واألرانب .العديد من هذه الكائنات
الحية لها وظائف مهمة جدا .على سبيل المثال يمكن أن تقوم بعض الميكروبات بتكسير المواد
العضوية أو المواد الكيميائية مثل السموم ومبيدات اآلفات .يقوم البعض اآلخر بعملية مماثلة
على المعادن وبالتالي يتم إطالق العناصر الغذائية للنبات .البكتيريا هي مجموعة أساسية من
الكائنات الحية الدقيقة في التربة وهي مسؤولة عن الكثير من تحلل المواد العضوية في التربة.
مهما في تحويل المزيد
دور ً
جدا وتلعب ًا عادة ما تكون موجودة في التربة العلوية بأعداد كبيرة ً
من أشكال النيتروجين الخاملة إلى أشكال يمكن أن تلتقطها النباتات بسهولة .تعد ديدان األرض
من األنواع الحيوية األخرى ألنها تساعد في تحلل المادة العضوية في التربة فضالً عن تحسين
وتسرب المياه والصرف.
الوظائف الحيوية مثل التهوية ّ
يعتمد تطور التربة على النشاط البيولوجي .توفر النباتات والحيوانات المكون العضوي للتربة
حاسما في
ً ور
ويختلط هذا بالعنصر المعدني بواسطة حيوانات التربة .تلعب الكائنات الدقيقة د ًا
تحلل المواد العضوية وفي تكوين بنية التربة .ويلعب البشر أيضاً دو اًر رئيسياً في العديد من
يعد
عمليات تشكيل التربة كناقل للتآكل والترسب من خالل الزراعة وادارة األراضي .كما ّ
تشكل التربة؛ فالنباتات النامية على سطح التربة تمنع
ئيسي المؤثر في ّ
الغطاء النباتي العامل الر
ّ ّ
ثم تعزز امتصاص التربة للمياه.
تدفق المياه الجارية وتقّلل تأثير الرياح على سطح التربة ّ
أفق التربة العلوي هو األكثر عضوية ألنه محور نمو النبات والنشاط البيولوجي المرتبط به
أفق ) ) A1 / Ahحيث تغزو الفطريات والطحالب تحت الهواء وسرعان ما تتبعها نباتات
أعلى مثل األعشاب والشجيرات واألشجار.
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 4
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
غالبا ما يكشف الفحص الدقيق لطبقات الرماد الناتجة عن الحرق في المواقع األثرية عن العمل
ً
بواسطة حيوانات التربة ونمو والطحالب مما يؤدي إلى تجوية هذه المواد .تتطور التربة السطحية
أو اآلفاق Aمن خالل تراكم المواد العضوية وخلطها بواسطة حيوانات التربة.
فهم تشكيل األفق مهم أيضا في علم اآلثار .حيث يتم خلط القطع األثرية وآثار النشاط البشري
مثل الموقد والفحم وتنتشر عن طريق خلط التربة والذي يمكن أن يحدث هذا من خالل نمو
الجذور وديدان األرض والحشرات أو بشكل أكثر تدمي اًر عن طريق الثدييات مثل الفئران
واألرانب كما يتم دفن المصنوعات اليدوية عن طريق الحفر التي تقوم بها ديدان األرض بعد
بضعة عقود فقط من انتهاء الموقع.
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 5
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
معدل
قل امتصاصها للماء وتؤثر درجة االنحدار أيضاً في ّ
التعرية فكلما انحدرت التربة أكثر ّ
انجراف التربة وتنتج تربة رقيقة وجافة.
مهما في تكوين التربة من الصخور الصلبة .فتعمل األحماض التي
دور ً
يلعب الغطاء النباتي ًا
تطلقها جذور بعض النباتات على تكسير الصخور التي تتشكل عليها التربة .كما أن الغطاء
غالبا ما تكون
النباتي على التربة مهم بشكل خاص في إمداد التربة بالمواد العضوية الثمينةً .
هناك عالقة وثيقة بين الغطاء النباتي والتربة فالنباتات تزود التربة ببقاياها الميتة وتحولها التربة
إلى مغذيات بحيث يمكن للنباتات البقاء على قيد الحياة والتطور في السنوات القادمة .تؤدي
األنواع المختلفة من النباتات إلى ظهور أشكال مختلفة من المواد العضوية في التربة.
.4المادة األم أو مادة األصل
وهي المادة التي تتطور فيها التربة وقد تكون رواسب طبيعية معدنية أو بشرية المنشأّ .
أما
فتتكون من عدد كبير من المعادن التي ّ
تشكل الصخور المتماسكة بأنواعها ّ المو ّاد المعدنية
الحية
بينما المواد العضوية فهي المواد غير المتماسكة والناتجة عن تحّلل بقايا الكائنات ّ
مادة األصل.
اصها الطبيعية والكيميائية من ّوتستمد التربة صفاتها أو خو ّ
جميعا لدينا آباء كذلك للتربة مادة أصلية تتطور منها وتتطور .في بعض
ً تماما كما نحن البشر
ً
يجيا ستتفكك الصخور إلى قطع
الحاالت تتطور التربة مباشرة من الصخور التي تقع تحتها .تدر ً
أصغر تحت تأثير هطول األمطار والثلج والتجميد والذوبان وتتفكك هذه القطع الصغيرة أكثر
إلنتاج التربة .تشكل هذه الصخور المجزأة المادة الهيكلية للتربة .إذا كانت الصخور شديدة
الصالبة فقد يستغرق األمر مئات السنين لتكوين سنتيمتر واحد من التربة .الصخور أو الرواسب
األم هي العامل الرئيسي المسؤول عن قوام التربة (أي ما إذا كانت التربة رملية أو طفيلية أو
أيضا في تحديد ما إذا كانت التربة حمضية أو قاعدية ومدى ثراءها
طينية) وهي مهمة ً
بالمغذيات.
-5الزمن
يسمح مرور الوقت بتطور خصائص التربة .و يختلف الوقت الذي يستغرقه حدوث ذلك وفًقا
للبيئة والمادة األم (األصل) .تتطور التربة بشكل عام بسرعة أكبر مثل التربة الرملية مقارنة
بالتربة الطينية التي تتطور ببطء .الوقت في حد ذاته ليس عامل في عملية تكوين التربة ولكن
مرور الوقت هو الذي يسمح للعوامل األخرى بأن تقود عمليات تكوين التربة
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 6
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تستغرق التربة وقتًا طويالً لتتكون من الصخور ومن الرواسب الموجودة .عدد قليل من تربة
العالم مثل تلك الموجودة في جنوب إفريقيا يبلغ عمرها ماليين السنين .بينما يبلغ عمر معظم
التربة في انجلت ار بضعة آالف من السنين وبالتالي فهي أصغر بكثير من بعض تربة العالم
القديم.
أخير يمكن أن يكون للتأثيرات البشرية تأثيرات بعيدة المدى على التربة .لقد قام المزارعون
و ًا
بزراعة تربتهم ورعايتها لعدة قرون وتختلف التربة المستصلحة في كثير من النواحي عن تلك
الموجودة تحت الغطاء النباتي الطبيعي على سبيل المثال من خالل وجود تربة سطحية أكثر
سمكا بسبب الحرث والمزيد من المغذيات بسبب األسمدة المضافة .في معظم الحاالت أدار
ً
الجنس البشري التربة بشكل جيد .ومع ذلك فقد تضررت التربة في بعض أنحاء العالم بسبب
التدخل البشري .فعلى سبيل المثال أدى قطع أجزاء من الغابات االستوائية المطيرة وزراعة
المحاصيل على منحدرات شديدة االنحدار إلى تآكل التربة وهو أمر ال رجعة فيه في بعض
الحاالت .هناك قلق من أن الضغوط التي يتعرض لها تربتنا عن طريق االستخدام البشري
على سبيل المثال إلنتاج المزيد والمزيد من الغذاء تؤدي إلى إتالف التربة.
يمكن القول أن تشكل وتكون التربة عملية معقدة ناتجة عن تفاعل العديد من التأثيرات المختلفة
بما في ذلك التأثير المتزايد لإلنسان .التربة سلعة حيوية وثمينة وهشة تحتاج إلى فهمها وادارتها
بذكاء .نحن بحاجة إلى العمل مع الطبيعة لضمان السماح للتربة بالنمو واستدامتها وعدم
تدميرها.
العوامل التي تؤثر على توازن عمليات تشكيل التربة وهي:
التجوية :إن التجوية ليست مهمة فقط في إضعاف الصخور والرواسب ضد التعرية .1
أيضا عملية مهمة في الموقع ألنها تنتج المواد األم المكونة لجميع أنواع التربة .فالماء
بل هي ً
في معظم البيئات هو العامل الحاسم في التجوية الكيميائية التي تهاجم المعادن من خالل التحلل
المائي والترطيب وتحلل الحمض .وتشمل عمليات التجوية الهامة األخرى األكسدة واالختزال.
وهي مهمة بشكل خاص في تحديد لون التربة .ففي العادة ما تكون األلوان الرمادية في التربة
المشبعة بالمياه حيث يكون االختزال .بينما في المناخات الحارة والجافة تكون األكسدة مهيمنة
وتتطور األلوان الحمراء العميقة.
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 7
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
العمليات الحيوية (البيولوجية) :تعتبر العمليات البيولوجية ضرورية في تطور التربة .2
حيث يتراكم الحطام العضوي على سطح التربة في غياب النشاط البيولوجي إما بسبب التشبع
بالمياه أو درجات الح اررة الباردة كطبقة عضوية وفي معظم الحاالت يتم تفكيك المادة
العضوية ودمجها في التربة السطحية ويتم تفكيك المادة العضوية عن طريق سلسلة من الكائنات
الحية في التربة والكائنات الدقيقة.
عددا من األدوار الرئيسية في التربة .يخلط حفر
آثار كائنات التربة :تلعب كائنات التربة ً
الحيوانات والديدان بين مادة التربة العلوية في عملية تعرف باسم االضطراب البيولوجي أو
التعكير العضوي .Bioturbationيعد التحول البيولوجي عملية مهمة ً
جدا من الناحية األثرية
ألنه يسبب الحركة الرأسية واألفقية للمواد األثرية والمصنوعات اليدوية ويدمر الطبقات الترسيبية
(وبالتالي سياق هذه القطع األثرية).
أيضا في تكوين بنية التربة .عن طريق اف ارزات جدا ًكما أن الكائنات الحية في التربة مهمة ً
الديدان األرضية والخيوط الفطرية والنفايات العضوية وحيوانات التربة والكائنات الحية الدقيقة.
معا في التجمعات تحدد بنية التربة .كما أن كائنات التربة
فهى مهمة في ربط جزيئات التربة ً
مفيدة في التحلل والعديد من عمليات التجوية مع عواقب أثرية نحو الحفاظ على المواد العضوية
والمصنوعات اليدوية.
التصفية أو الرشح :Leachingوهي عملية ذوبان أمالح التربة وتسربها إلى أسفل .3
وتساعد هذه العملية في تكوين أنواع مختلفة من التربة حسب كمية المطر اختالف درجة
الح اررة ففي األقاليم الباردة الممطرة :تؤدي عملية التصفية مع قلة التبخر إلى تراكم البقايا
النباتية على سطح التربة وعدم تحللها تحلل كافي لتكون تربة حمضية.
يؤدي الرشح إلى التحمض التدريجي من التربة السطحية مع فقدان العديد من األمالح وهي
عناصر غذائية نباتية مهمة لذا فإن الرشح المفرط يمكن أن يقلل من خصوبة التربة .أي أن
نسبة من مغذيات التربة مرتبطة بسطح الطين والمواد العضوية.
بناءا على ذلك فإن رشح التربة وتحمضها له آثار على حفظ العظام والصدف والمواد الكلسية
األخرى ألن هذه المواد تتحلل في ظروف التربة الحمضية.
التشبع المائي : hydromorphism /Gleyingفي التربة المشبعة بالمياه يحل .4
الماء محل الهواء في المسام يتم استخدام األكسجين بسرعة بواسطة الميكروبات التي تتغذى
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 8
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
على المواد العضوية في التربة .مما يخلق ظروف الهوائية تقلل المواد المؤكسدة (الحديدية)
رماديا أو مزرًقا.
ً لونا
والتي يمكن الذوبان فيها في ماء التربة .تترك إزالة الحديد التربة ً
إذن هو مصطلح تقني يصف ألوان التربة الرمادية أو الزرقاء أو األرجوانية أو الخضراء التي
تحدث في التربة المشبعة بالمياه لفترات طويلة من الزمن.
يمكن أن يحدث التشبع بالمياه بسبب غمر التربة أسفل سطح الماء وهذا يميل إلى الحدوث في
المناطق المنخفضة مثل السهول الفيضية والتجاويف.
.5التكلس والتملح Calcification and Salinisation
على عكس عمليات الترشيح والتي تنطوي على حركة صافية ألسفل لمكونات التربة فإن
التكلس والتملح ينطويان على حركة صعوديه لألمالح القابلة للذوبان في ماء التربة.
يميل التكلس والتملح إلى الحدوث في المناطق شبه القاحلة والقاحلة من خالل بعض الحركة
الشعرية التصاعدية للمياه الجوفية التي تجلب معها المزيد من األمالح .وهذا يؤدي إلى زيادة
الملوحة في آفاق التربة العليا ويمكن أن يؤدي إلى تكوين قشرة ملحية.
التربة المالحة سامة للعديد من النباتات وبالتالي فإن الملوحة لها آثار على االستقرار الزراعية.
على سبيل المثال يعتقد أن زيادة ملوحة التربة كانت مشكلة متزايدة في زراعة بالد ما بين
النهرين.
تساعد هذه الرواسب القلوية في الحفاظ على المواد الكلسية مثل الصدف والعظام ولكنها ليست
جيدة للحفاظ على المواد البيئية مثل حبوب اللقاح .وقد يتأثر الفخار والمصنوعات األخرى
بتكوين الملح والمركبات الكلسية على سطحها.
خواص التربة
تكون طبقات ُّ
تختلف طريقة ومعدل تشكل التربة في أجزائها المختلفة .ونتيجة لذلك فإن التربة ّ
تسمى نطق التربة .وقد تكون نطق التربة سميكة أو رقيقة وقد تشابه أو تخالف النطق المحيطة.
ويمكن أن تميَّز الحدود بين الطبقات ولكنها أحياناً تكون صعبة المالحظة .تحوي معظم الترب
ثالثة نطق رئيسية .منها النطاقان أ و ب وهما جيدا التكوين .ويعرف النطاق أيضاً باسم قمة
التربة أو التربة الفوقية .أما النطاق الثالث فهو النطاق السفلي المسمى جـ أو التربة التحتية.
وهو معرض للقليل من عمليات التجوية .ويماثل تركيبه تركيب المادة األم .ويصف علماء
التربة الترب من خالل خواص نطق التربة .ويشمل هذا
12
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 9
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
اللون :تتراوح التربة في ألوانها بين األصفر واألحمر والبني الغامق واألسود .ويساعد لون
التربة علماء التربة في تقدير كمية الهواء والماء والمواد العضوية وبعض العناصر في التربة.
فقد يدل اللون األحمر مثالً على وجود مركبات الحديد في التربة .
التركيب الكيميائي :يمكن أن تكون التربة حمضية أو قلوية أو متعادلة .وتؤثر كمية الحمض
والقلوي في التربة على العمليات الحيوية والكيميائية التي تجري فيها .وقد تؤذي الترب ذات
الحمضية أو القلوية العالية العديد من النباتات .وتدعم التربة المتعادلة معظم العمليات الحيوية
الكيميائية بما في ذلك العمليات التي من خاللها تحصل النباتات على العديد من المواد المغذية
(انظر أدناه الرقم الهيدروجيني)
القوام :قوام أو نسيج التربة soil textureهو المصطلح المستخدم لتحديد التوزيع المتناسب
لألحجام المختلفة للجزءئات المعدنية في التربة .فمن الممكن وصف قوام التربة من خالل
المكونات الرئيسية :الرمل sandوالطمي siltوالطين clayوكذلك المواد العضوية وذلك من
خالل الخبرة كما يمكن معرفة القوام عن طريق اللمس .يمكن أن تتنوع التربة بشكل كبير حتى
على مسافة قصيرة يساعدك التعرف على قوام التربة على تقدير كيفية تشكل التربة باإلضافة
جيدا بالخصائص المحتملة للتربة.شعور ً
ًا إلى إعطائك
يعتمد على حجم جسيمات التربة المعدنية .وأكبر الجسيمات هي جسيمات الرمال .ويمكن للمرء
أن يرى ويحس حبيبات الرمل المفردة .وجسيمات الغرين كبيرة لحد يجعلها ترى بشكل كاف
أما جسيمات الطين فهي ذات حجم مجهري .ويقسم علماء التربة إلى فئات على أساس كميات
الرمل والغرين والطين الموجودة فيها .فاألجزاء المعدنية للتربة والتي تصنف تحت اسم الطفل
الرملي تحتوي على %0إلى %20طيناً وأقل من %52رمالً .وفي الطين الغريني تكون أكثر
من %41من الجسيمات المعدنية من الطين وأكثر من %41من الغرين .ويساعد القوام في
تحديد كيفية صرف الماء من التربة .فالرمل يسمح بالصرف أكثر من الطين.
تصنيف قوام التربة
يمكن تقسيم قوام التربة إلى ثالثة أقسام وصفية:
.1خشنsand, loamy sand, sandy loam :
.2متوسطloam, silty loam, silt :
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 0
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
.3ناعمclay, silty clay, sandy clay, clay loam, silty clay loam, sandy :
clay loam
يتم تصنيف قوام التربة طبًقا لنسبة كل نوع من األنواع الثالثة المكونة للعنصر المعدني في
التربة أو ما يعرف بمثلث قوام التربة وذلك وفًقا لما جاء في دليل حصر التربة األمريكي soil
survey manualكالتالي:
حيث تحدد درجة قوام التربة بالنسبة المئوية المختلفة لكل من الرمل والطمي والطين ويوجد
12درجة معروفة ممثلة بمساحات مختلفة داخل مثلث القوام وهو مثلث متساوي األضالع
وكل ضلع من أضالعه يمثل %111من إحدى مكونات التربة .الضلع األفقي (القاعدة) خاص
بدء من الصفر في الطرف األيمن حتى
بالرمل ومَقسم إلى عشرة أقسام كل منها %11رمل ً
بدء من أسفل ألعلى خاص بالطين والضلع
يصل إلى %111في اليسار .الضلع األيسر ً
األيمن من أعلى إلى أسفل خاص بالطمي.
الرمل .1
وينقسم sand
بدوره إلى:
رمل خشن coarse sandعبارة عن %25رمل خشن جدا ورمل خشن وأقل من %51
من أحجام الرمل األخرى.
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 1
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
رمل sandعبارة عن %25رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل متوسط الخشونة وأقل من
%51رمل ناعم
رمل ناعم fine sandعبارة عن %51رمل ناعم و %51رمل ناعم جدا.
رمل ناعم جدا very fine sandعبارة عن %51أو أكثر رمل ناعم جدا.
.2رمل طفلي loamy sandيحتوي هذا النوع من التربة على نسبة تتراوح ما بين %01
إلى %91من الرمل ونسبة تبلغ حوالي من %1إلى %15من الطين وتتميز بكونها
نوعا ما مقارنة بالتربة الرملية المفككة وتنقسم إلى:
متماسكة ً
رمل طفلي خشن loamy coarse sandعبارة عن %25رمل خشن جدا ورمل خشن
وأقل من %51من أحجام الرمل األخرى
رمل طفلي loamy sandعبارة عن %25أو أكثر رمل خشن ورمل خشن جدا ورمل
متوسط الخشونة وأقل من %51رما ناعم ورمل ناعم جدا.
رمل طفلي ناعم loamy fine sandعبارة عن %51أو أكثر رمل ناعم أو أقل من %25
رمل خشن وخشن جدا ورمل متوسط الخشونة وأقل من %51رمل ناعم جدا.
رمل طفلي ناعم جدا loamy very fine sandيتمون من %51أو أكثر من رمل ناعم
جدا.
.3طفل رملي sandy loamيتميز هذا النوع من المكونات المعدنية للتربة بكونه يحتوي
على نسبة من الرمل أقل ونسبة من الطمي والطين أكبر مقارنة بالرمل الطفلي وينقسم
هذا النوع إلى:
طفل رملي خشن coarse sandy loamعبارة عن %25أو أكثر رمل خشن جدا ورمل
خشن وأقل من %51من أحجام الرمل األخرى.
طفل رملي sandy loamعبارة عن %31أو أكر رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل
متوسط الخشونة وأقل من %31رمل ناعم جدا ورمل ناعم.
طفل رملي ناعم %31 fine sandy loamأو أكثر رمل ناعم وأقل من %31رمل ناعم
جدا أو بين %15إلى %31رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل متوسط الخشونة.
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 2
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
طفل رملي ناعم جدا vary fine sandy loamعبارة عن %31أو أكثر رمل ناعم جدا
أو أكثر من %41رمل ناعم ورمل ناعم جدا وعلى األقل يكون نصفه رمل ناعم جدا
واقل من %15رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل متوسط الخشونة.
.4الطفلة ،loamيتكون هذا النوع من التربة من خليط متساوي نسبيا من الرمل والطمي
والطين ولكن الخصائص الطينية تكسبه لزوجة ولدونة عندما تكون رطبة مما يسهل تشكيلها
دون أن تتفتت.
.5الطفلة الطينية الرملية ،sandy clay loamتجمع بين خصائص التربة الرملية
والطينية فيبدو ملمسها رملي ولكنها تتميز بخصائص التربة الطينية من حيث اللدونة واللزوجة
عندما تكون رطبة مما يجعلها سهلة التشكيل وتصبح صلبة إذا جفت.
.6الطفلة الطينية ،clay loamنسب متساوية من الطين والطمي والرمل ويبدو الغلبة للطين
عليها فتبدو لزجو ولدنة عندما تكون رطبة وصلبة عندما تجف.
.7الطفلة الطميية ،silt loamتحتوي على نسب أقل من الرمل والطين ويغلب على نسيجها
حبيبات الطمي لذلك تقل لدونتها ولزوجتها وهى رطبة كما يقل تماسكها وهي جافة.
.8الطفلة الطميية الطينية ،silty clay loamتشبه تربة الطفلة الطينية clay loam
في خصائص التماسك ولكنها تحتوي على نسبة أكبر من الطمي وكمية أقل من الرمل ولذلك
تمتاز بالنعومة والسالسة وتمثل مرحلة متوسطة بين الطين الطميي silty clayوالطفل الطميي
silt loamوتمتاز باللزوجة واللدونة وهي رطبة وبالصالبة عندما تكون جافة.
.9الطمي ،siltتشبه الطفلة الطميية ولكنها تحتوي على نسبة أقل من الرمل والطين كما
أنها تحتوي على رمل ذو حبيبات دقيقة جدا قد ال يمكن اإلحساس بها عند فركها بين األصابع
وتقل بها نسبة الطين مما يجعلها أقل لزوجة وهى رطبة.
-11الطين الطميي ،silty clayملمس ناعم ولزج عندما تكون رطبة وصلبة وهي جافة.
الطين الرملي ،sandy clayتشبه إلى حد كبير تربة الطين الطميي ولكنها احتوي .11
على نسبة كبيرة من الرمل ونسبة قليلة من الطمي.
الطين ،clayتربة ذات حبيبات أكثر صغ ار وتتميز بالصالبة عندما تجف وباللدونة .11
واللزوجة وااللتصاق بين كل أنواع التربة عندما تكون رطبة.
الخالصة
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 3
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
تؤثر عمليات تكوين التربة على معظم المواقع األثرية .قد تكون هذه تأثيرات قصيرة األمد أو
أيضا تطبيق علم التربة األساسي لتحديد كمية ونوع أي عمليات ما بعد
طويلة األمد .يمكن ً
الترسيب قد تكون قد أثرت على الموقع باإلضافة إلى توفير مالمح من البيئات السابقة من
خالل دراسة مالمح التربة المدفونة.
بهذه األساسيات يمكن لعالم اآلثار الجيولوجية تطبيق تقنيات علوم التربة (التحاليل الكيميائية
والفيزيائية -راجع الرواسب) بطريقة مركزة الستخالص البيانات التي يمكن تطبيقها بعد ذلك
بشكل مستقل إلعادة بناء المناظر الطبيعية والثقافية السابقة.
التقنيات المستخدمة /ميكرومورفولوجيا التربة
ويقصد بها استخدام التقنيات المجهرية لدراسة طبيعة وتنظيم مكونات التربة.
أصبحت جزءا متزايد األهمية من أعمال التنقيب وتحليل المواقع .قد يكشف التسلسل الملحوظ
لتطور التربة عن العديد من جوانب تاريخ الموقع أو المناظر الطبيعية غير مرئية بخالف ذلك.
ويمكن تمييز ثالث فئات رئيسية من السمات :تلك المتصلة بمصدر الرواسب؛ وتلك التي تكشف
شيئا من عمليات تكوين التربة وتلك التي يتم إنتاجها أو تعديلها إنسانياً سواء عن قصد أو
عن طريق الخطأ.
ثبت أن التحقيقات الميكرومورفولوجية مفيدة للغاية في التمييز بين الرواسب التي ال تزال في
أيضا بين التأثيرات البشرية والطبيعية على
الموقع من تلك التي لم تعد في وضعها األصلي و ً
التربة والرواسب .هناك العديد من األسباب المحتملة المختلفة لتآكل التربة والتي ال يمثل
اإلنسان سوى واحد منها .فيمكن اآلن التعرف على مجموعة كبيرة من األنشطة البشرية في
التربة والرواسب .على سبيل المثال يجب أن يكون من الممكن نظرًيا عند دراسة موقع
االستيطان تحديد وتمييز الحرائق الخارجية والداخلية ومناطق الطهي واألكل ومناطق النشاط
والتخزين .لكن من الواضح أنه ال يمكن دراسة موقع بأكمله بهذه الطريقة ومن الضروري أن
تقوم فيه أعمال الحفائر وبصفة عامة فقد أصبح علم األشكال الدقيقة للتربة اآلن جزًءا ال يتج أز
من عملية التنقيب.
ايدا من
عددا متز ً
يتطلب علم األشكال الدقيقة للتربة بيئة مختبرية ومعدات متخصصة لكن ً
علماء اآلثار اكتسبوا خبرة ميدانية كافية إلجراء تقييم أساسي للرواسب في الموقع -ببساطة
عن طريق فرك القليل من الرواسب الجافة بين أصابعهم ثم اختبار مرونتها عن طريق جعلها
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 4
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
رطبة ودحرجتها في راحة اليد .ومع ذلك من أجل تقييم أكثر دقة فإن خبرة األخصائي
ضرورية .كما تعتبر األوصاف الدقيقة والموحدة للون التربة مهمة ً
أيضا وعادة ما يتم إنجازها
عن طريق مخططات ألوان مونسل Munsell color chartللتربة المعتمدة على نطاق واسع
أيضا لوصف الطبقات األثرية).(المستخدمة ً
يمكن أن توفر تحليالت التربة والرواسب بيانات عن عمليات الترسب والتعرية طويلة األجل.
على سبيل المثال تمت دراسة الطريقة التي تآكلت بها التربة والرواسب من التالل إلى قيعان
الوادي حيث ترتبط العملية بتحوالت في المستوطنات .حيث تم التخلي عن مزارع التالل بسبب
فقدان التربة بينما زادت المستوطنات في قيعان الوادي .تشير التحليالت إلى أن إساءة استخدام
األراضي الطبيعية في بعض مناطق البحر األبيض المتوسط يعود إلى خمسة آالف عام على
األقل إلى العصر البرونزي المبكر .ففي قبرص على سبيل المثال أدى مزيج من إزالة الغابات
والزراعة المكثفة والرعي إلى زعزعة استقرار غطاء التربة الهش على التالل في أوائل العصر
البرونزي وأدى إلى ردم الرواسب بسرعة على طول الوديان الساحلية .كما عانت أودية إيطاليا
خالل الفترة الرومانية من تآكل تربة التالل في ظل اآلثار المشتركة إلزالة الغابات والزراعة
المكثفة والرعي المفرط .وانتقلت المستوطنات البشرية في النهاية من أسفل التل إلى قاع الوادي.
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 5
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 6
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
بسبب إثراء هذه التربة بالفيضان السنوي لنهر النيل بجزيئات الطمي .لذلك نشأت حضارة
عظيمة وازدهرت على فروع نهر النيل المختلفة وواديه.
فيما يتعلق بتربة مصر تعتمد التربة الصالحة للزراعة على توافر إمدادات المياه ونوع الصخور
خارج مناطق طمي النيل .يتكون ما يقرب من ثلث إجمالي مساحة اليابسة في مصر من الحجر
الرملي النوبي .يمتد هذا الحجر الرملي فوق األجزاء الجنوبية من الصحاري الغربية والشرقية.
في حين أن رواسب الحجر الجيري من عصر اإليوسين والتي تتراوح من 35إلى 55مليون
سنة تغطي خمس مساحة أخرى من سطح األرض في مصر.
وتشمل هذه الرواسب وسط سيناء واألجزاء الوسطى من الصحاري الغربية والشرقية .يتكون
الجزء الشمالي من الصحراء الغربية من الحجر الجيري الذي يعود تاريخه إلى العصر الميوسيني
(قبل 5-25مليون سنة) .وتتكون جبال البحر األحمر وسيناء والجزء الجنوبي الغربي من
الصحراء الغربية والتي تمثل ثمن المساحة اإلجمالية لمصر من صخور نارية قديمة ومتحولة.
حاليا في الدلتا ووادي النيل غنية بالطمي بشكل أساسي والذي تم نقله من
األراضي المزروعة ً
المرتفعات اإلثيوبية عن طريق الروافد العليا للنيل والذي يتكون من نهري النيل األزرق ونهر
عطبرة .وتتراوح رواسب الطمي هذه من 0إلى 11أمتار في أسوان وشمال الدلتا على التوالي.
وفيما يتعلق بتربة دلتا النيل فهي عبارة عن تربة طينية ذات قوام طيني خفيف إلى ثقيل .من
ناحية أخرى تشكل الرواسب البحرية والرسوبية تربة تقع بالقرب من الساحل الشمالي والبحيرات.
كما تظهر السهول الرملية الصحراوية المسطحة والمتموجة بالقرب من الصحراء على حواف
الدلتا.
التربة والحضارة المصرية
جدا على طول نهر النيل وظهرت مصنوعات حجرية
تمتد الحضارة المصرية عبر تاريخ طويل ً
بدائية من حجر الصوان مثل رؤوس السهام والمطارق والفؤوس اليدوية والمكاشط من العصور
الحجرية القديمة والحديثة .ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى قسمين :سجل مستمر لمدة 4111عام
مع زراعة وانتاج زراعي ومن 4111إلى 3111قبل الميالد عندما قام سكان وادي النيل بإنشاء
حكومة مركزية وشيدوا األهرامات وأسسوا تكنولوجيا زراعية متطورة للغاية.
بالرغم من أن بعض دراسات ما قبل التاريخ قد كشفت في المناطق الصحراوية غرب وادي النيل
أن تربية الماشية وزراعة القمح والشعير كان تمارس من 2111سنة مضت .فقد أشار فحص
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 7
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
البيانات المناخية القديمة واألثرية من الصحراء المصرية ووادي النيل إلى أن تربية الحيوانات
قد ظهرت في الجزء الجنوبي من الصحراء الغربية خالل عصر الهولوسين المبكر في ظل
ظروف شبه قاحلة .كما أن التباين السنوي والقصير األجل في هطول األمطار يعتبر أحد
العوامل الرئيسية التي دفعت هؤالء السكان نحو البدء في تربية الحيوانات واستئناسها .وقد أدى
ظهور التصحر الملحوظ خالل األلفية السابعة قبل الميالد إلى تحرك باتجاه الشرق نحو وادي
النيل ويشهد على ذلك ظهور مواقع العصر الحجري الحديث تقر ًيبا في وقت واحد من الدلتا
حتى وسط السودان.
بالتأكيد يرجع هذا النشاط الزراعي والحيواني القديم إلى عامل المناخ حيث تشير األحداث
الجيولوجية المؤرخة في الصحراء الغربية لمصر إلى أن التسلسل المناخي لعصر الهولوسين قد
ينقسم إلى فترة رطبة مبكرة من الهولوسين وفترة رطبة انتقالية في الهولوسين األوسط وفترة
هولوسين قاحلة متأخرة.
من المعروف أن الحضارة المصرية ازدهرت ألكثر من 3111قبل الميالد ولم تدم أي حضارة
قديمة أخرى .كانت هناك عوامل مثالية من التربة والماء والمغذيات والمواد العضوية باإلضافة
إلى النظام السنوي المنتظم لنهر النيل هو السبب الرئيسي الزدهار هذه الحضارة .لذلك ذكر
المؤرخ اليوناني هيرودوت أن 'مصر هي هبة النيل' .أكدت عدة أسباب هذه العبارة نذكر منها
أن نهر النيل قد زود جميع الناس بالماء والغذاء كما كان هناك مناخ مستقر دون ثلوج أو
عواصف باإلضافة إلى فيضان النيل وجلبه الطمي إلى الحقول في نفس الوقت من كل عام.
كليا على نهر النيل .تنوعت هذه
اعتمادا ً
ً لذلك يمكن القول أن الحضارة المصرية ازدهرت
الحضارة في شتى العلوم والمعارف واشتملت على جميع أشكال الحياة المصرية وخاصة الزراعة
والفلك والتحنيط والطب والعمارة والهندسة إلخ .وقد طور المصريون نظام الري وقاموا بزراعة
العديد من المحاصيل كان أهمها القمح والشعير والكتان والبردي .كما كانت التربة المصرية
حامية لهذه الحضارة إلى جانب نهر النيل .فبمجرد غمر النيل وقت الفيضان فإن المياه التي
تحتوي على الطمي ستغطى التربة وتزيد من خصوبتها.
ينطوي تطور التالل ومواقع اآلثار على استيطان بشري متكرر مما أصبح في النهاية متر ً
اكما
نتيجة عمليات ترسيب المواد الثقافية وتآكلها .وبناء على ذلك فإن فهم التربة أمر أساسي لعلم
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 8
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
13
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 9
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
إمكانات كبيرة .يمكن استخدام أي نوع من التربة تقريبا (على الرغم من أن بعض التعديالت
غالبا ما تكون ضرورية إلضافة القوة) إال أنه من السهل نسبيا التعامل معها كما أن اللدونة
يدويا أو داخل قوالب صلبة إلى كتل
واالستقرار الكيميائي يمنحانها تنوعا كبي ار .يمكن تشكيلها ً
أيضا للتجصيصبناء (طوب) ويمكن وضعها بين القوالب إلنشاء جدران مباشرة وهي مناسبة ً
إلنتاج تشطيبات ناعمة أو مصبوبة .ومع ذلك فإن تعرضها للتآكل واألضرار تخلق حاجة
مستمرة للصيانة في شكل إعادة التشكيل واإلصالح .كانت التربة تستخدم للبناء في مصر
والحضارات السابقة قبل تطور صناعة الطوب اللبن .على الرغم من كونها مقدمة للطوب إال
أن هذه االستخدامات األبسط ال بد أن استمرت في الفترات التاريخية .كما كانت التربة بالطبع
مكونا رئيسيا للفخار في مصر القديمة والحديثة .كما تدخل التربة في الممارسات اإلدارية
المتمثلة في األختام الطينية وصنع األشياء الطينية الصغيرة مثل التماثيل والخرز.
عندما نتحدث عن علم اآلثار نقوم بتعريفه بأنه عبارة عن دراسة الماضي البشري من بقاياه
المادية ومعظمها مصنوع أو يوجد بداخل التربة والرواسب .حيث تؤثر اإلجراءات البشرية
السابقة على سجل التربة كما يتضح من آثار التغيرات في خصائصها وصفاتها والتغيرات في
الترسيب ووجود الظواهر األثرية والمصنوعات اليدوية المحفوظة داخل التربة.
تتحكم ظروف التربة والرواسب فيما تبقى في بيئة الدفن وما يتحلل وبالتالي يؤثر على جميع
المواقع األثرية والمصنوعات اليدوية والبقايا البيئية .إن دراسة هذه البقايا من خالل المسح
والتنقيب واجراءات ما بعد التنقيب توضح لنا وتعلمنا عن الثقافات والبيئات السابقة مما يوفر
نظرة ثاقبة حول كيفية تفاعل الناس مع التربة سواء بشكل مباشر من خالل االستيطان
واستخدام األراضي وبناء المباني الضخمة وبشكل غير مباشر عن طريق تغيير النظم البيئية
المحلية بمرور الوقت .فمن الممكن اعتبار التربة مستودعات آلثار النشاط البشري وبالتالي
تشكلت تربة مصر تحت التأثير المستمر للناس حتى يومنا هذا عندما تتم إدارة معظم األراضي
في مصر بنشاط الزراعة أو البناء.
يعني مصطلح علم التربة القديمة archaeopedologyالذي قدمه Nikiforoffعام :1943
تطبيق األساليب العلمية للتربة بهدف اإلجابة على األسئلة على سبيل المثال حول تاريخ تكوين
الموقع على نطاق الحفائر أو حول الظروف البيئية القديمة أو حول تغيير ممارسات استخدام
14
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 0
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
األراضي في المناظر الطبيعية األوسع .فعلم التربة القديمة هو جزء من علم اآلثار الجيولوجية
عند دمج واستخدام الطرق والوسائل المتعلقة بعلم التربة القديمة.
بصفة عامة يمكن تعريف علم التربة القديمة بأنه العلم الذي يميز دراسة التربة القديمة
( paleosolالتي تكونت بواسطة عمليات طبيعية) واألنثروسول ( anthrosolsالتي تم إنشاؤها
بواسطة النشاط البشري) في السياقات األثرية.
يبحث علم اآلثار الجيولوجي في الحفائر والبيئة بأكملها باستخدام مجموعة متنوعة من األساليب
الميدانية والمخبرية بينما تركز أبحاث التربة على التربة وخاصة التربة القديمة والرواسب التي
يتأثر بها اإلنسان .كما أن علماء التربة القديمة يعملون في الموقع وخارجه باستخدام مفاهيم
وأساليب خاصة بهم .بينما علم التربة هو الوافد المتأخر نسبيا للدراسات األثرية .فقد كانت
الجيولوجيا وخاصة علم اآلثار الجيولوجية مكملة تقليدية لعلم اآلثار من حيث دراسات تكوين
الموقع وتطوره.
يشير Hollidayإلى أن معظم التحقيقات في علم اآلثار في أمريكا الشمالية قد ركزت على
التربة كعالمات طبقية بالمقارنة للدراسات المماثلة في أوروبا وآسيا والشرق األوسط والتي ركزت
على تفسير استخدام األراضي القديمة والتأثيرات البشرية على التربة األثرية .ويعزو هذا
االختالف إلى وجود تسلسالت رسوبية سميكة في أمريكا الشمالية ذات تأثير بشري ضئيل نسبيا
مقابل آسيا والشرق األوسط حيث المواقع األثرية تنتشر بكثافة كبيرة حيث كان التأثير البشري
أكثر كثافة وحدث على مدى فترة زمنية أكبر بكثير.
ف الجيولوجيا هي مكمل طبيعي لعلم اآلثار بسبب قدرتها على فرز عمليات تكوين الموقع ال
سيما العمليات ذات الطبيعة الرسوبية .لكن علم التربة مناسب بنفس القدر لهذه المهمة ألن فهم
تطور المناظر الطبيعية ضروري لفهم تطور التربة والتركيز األساسي لعلم التربة .وبالتالي
جيدا مثل أي علم أرض لمعالجة
بالنسبة للعصر الرباعي على األقل فإن علم التربة مجهز ً
دائما االعتماد على التخصصات األخرى
مشاكل تكوين الموقع مع إدراك أنه يجب علينا ً
للحصول على صورة كاملة كما يفعل أي عالم أرض آخر.
إذا تم تعريف علم اآلثار الجيولوجي على أنه أحد علوم األرض في خدمة علم اآلثار فإن
دراسة التربة للسياقات األثرية تقع بالتأكيد ضمن علم اآلثار الجيولوجي .يميز Butzerبين
الجيولوجيا األثرية archaeological geologyوعلم اآلثار الجيولوجية .geoarchaeology
14
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 1
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
فاألول يعتبره نهجا مرك از جيولوجيا باالقتران مع التحقيقات األثرية في حين أن الثاني يعرفه
)
بأنه علم اآلثار باستخدام أدوات الجيولوجي.
إن تحديد تاريخ الموقع هو في الواقع مسألة متعددة التخصصات .فالموقع األثري عبارة عن
مخطوطة كتبت عدة مرات ربما بلغات مختلفة .يبدأ تاريخ الموقع األثري بالترسيب .قد يكون
معقدا من التعرية واعادة الترسيب .على رأس هذا
يخا ًطا أو قد يتضمن تار ً
التاريخ الرسوبي بسي ً
السجل المعقد بالفعل يضاف تاريخ التأثيرات البشرية .وبالمثل قد يكون التأثير البشري بسي ً
طا
نسبيا أو قد ينطوي على تحريك تربة ضخمة ألعمال الحفر الزراعية أو الهياكل ومعتدال ً
ً
أيضا على العمليات الجيولوجية أو تلك المرتبطة بتكون التربة عن
االحتفالية .وقد يؤثر البشر ً
طريق التسبب في تآكل التربة المتسارع أو عن طريق تغيير حالة تصريف التربة.
باإلضافة إلى فهم التطور المادي للموقع فإن علم التربة لديه مساهمة أخرى ال تقل أهمية
يقدمها للدراسات األثرية :من حيث فهم التربة كمورد أساسي قديما وحديثًا بمعنى ما حيث
يقف علم التربة بين الصخور والنباتات.
مهما كانت خلفية عالم األرض الذي يعمل في السياقات األثرية يجب عليه أن يدرك االختالفات
األساسية بين علوم األرض وعلم اآلثار والعكس صحيح .فعلم اآلثار هو تخصص بشري على
النقيض من تركيز العلوم الطبيعية لعلوم األرض .وعلماء اآلثار يستخرجون بقايا الثقافة المادية
من مصفوفة مادية لكنهم مهتمون بهذه المصفوفة فقط بقدر ما تساعدهم على فهم التطور
الثقافي للمجموعة المعينة التي يدرسونها .هذا يعني أنه يجب تفسير البيانات المادية لعالم
اآلثار .ال يكفي تقديم حجم الجسيمات والبيانات األخرى دون مزيد من التوضيح .إذن يجب
أن يكون عالم التربة على دراية باألسئلة الرئيسية للتحقيق .ال يحتاج عالم التربة إلى أن يصبح
عالم آثار خبي ار ولكن يجب عليه على األقل أن يكون على دراية بالقضايا الرئيسية في المجال
الذي يعمل فيه وكذلك أن يكون على دراية بالتسلسل الزمني وربما التصنيفات وبعض المعرفة
.
حول كيفية استخدام القدماء لألرض وتأثيرهم عليها ستكون مفيدة أيضا
مصدر للمعلومات حول المناخ الماضي
ًا جدا لعلماء اآلثار ألنها توفر
تعتبر التربة مهمة ً
والغطاء النباتي والحيوانات (البقايا البيئية )ecofacts -وكذلك المصنوعات اليدوية
( (artefactsالتي صنعها اإلنسان مثل الفخار واألدوات المعدنية والعمالت وما إلى ذلك.
ف يمكن للتربة أن تحافظ على جميع أنواع األشياء آلالف السنين .ومع ذلك فإن قدرتها على
14
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 2
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
القيام بذلك تعتمد على ظروف وخصائص التربة وخاصة كمية المياه الموجودة في التربة طوال
الوقت الذي يتم فيه دفن العناصر .تعتبر التربة المشبعة بالمياه جيدة بشكل خاص في الحفاظ
على األشياء ألنها تحتوي على القليل ً
جدا من األكسجين الذائب والذي تحتاجه كائنات التربة
المسؤولة عن التحلل .يعد البحث عن (البقايا البيئية) مثل بقايا النباتات والحيوانات وسيلة مفيدة
إلعادة بناء كيف كانت البيئة واألرض المحيطة من قبل وكيف تغيرت .تعتبر القواقع والحشرات
المتحجرة (الحفريات) مفيدة بشكل خاص لتقدير المناخ الماضي في حين أن حبوب اللقاح
المحفوظة والبذور يمكن أن تكشف عن األنواع النباتية التي تكون الغطاء النباتي الطبيعي في
الماضي .باإلضافة إلى ذلك تعتبر عالمات التربة والمحاصيل ( (crop marksوالتي يمكن
رؤيتها بشكل أفضل من األماكن العالية) مؤشرات جيدة لالستخدام السابق لألرض .تظهر هذه
العالمات بشكل عام بسبب المستويات المختلفة لنمو المحاصيل التي تسببها الهياكل المدفونة
مثل الجدران الحجرية والخنادق المعاد تعبئتها.
يمكن القول بصفة عامة أن علم التربة هو تخصص مع مجموعة واسعة من التطبيقات في
الجيولوجيا والجيومورفولوجيا وعلم اآلثار وعلم اآلثار الجيولوجية والجغرافيا .ويهدف علم التربة
على وجه الخصوص لإلجابة على أسئلة حول التغيرات المناخية ومعدالت عمليات تكون
وتطور التربة والتخطيط الطبقي للتربة ومالءمة التربة السطحية السابقة واالستيطان البشري.
باالقتران مع التخصصات األخرى يهدف علم التربة إلى تطوير األساليب العلمية الجيولوجية
على مستويات مختلفة وخالل العقود الماضية تطرق علم التربة بشكل متزايد إلى المجاالت
)
األثرية حيث تم تضمين أبحاث التربة في الغالب بطريقة أو بأخرى في علم اآلثار الجيولوجية.
سياق القطع األثرية في آفاق التربة A, B, Cوتفسير تواجدها
يتم تحديد عمق دفن القطع والظواهر األثرية وموقعها بالنسبة آلفاق التربة من خالل توقيت
استيطان الموقع بالنسبة إلى الترسيب وتطور التربة ومن خالل العمليات الجيولوجية وتلك
أمر
المتعلقة بالتربة بعد االستيطان .يعد تحديد وفهم الخصائص والعمليات المرتبطة بأفق معين ًا
بالغ األهمية لتقييم السياق األثري .يتم تقديم الدليل التالي للمساعدة في تقييم سياق المواد الثقافية
في آفاق التربة الرئيسية المحددة .يحتاج علماء التربة وعلماء اآلثار إلى تقييم الخصائص
المحددة للتربة والمنقوالت التي توفر المعلومات األكثر موثوقية فيما يتعلق بسياق القطع األثرية.
األفق A
14
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 3
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
عبارة عن أفق سطحي نشط يخضع لمجموعة متنوعة من العمليات الفيزيائية والكيميائية .قد
تكون القطع األثرية الموجودة في األفق Aقد نشأت في ظل الظروف التالية :فقد يكون األفق
Aالمدفون هو السطح األصلي لالستيطان البشري .يعتبر هذا بمثابة الوضع األثري المثالي
الذي يتم فيه تغطية السطح عن طريق الترسيب السريع ودفنه بعمق بحيث يتم عزله عن عوامل
التكوين الالحقة .إذن فعمق الدفن والعمر هما الضوابط الرئيسية على نوع وشدة التعديل التي
تقوم به التربة للمواقع المدفونة .قد تكون القطع األثرية في األفق Aنتيجة الضطراب التربة من
العمق بداخل قطاعها الجانبي Profileكما يمكن أن تتسبب العمليات البيولوجية مثل حفر
القوارض وجذور الشجر في تحريك القطع األثرية من أفاق أخري .قد تسبق هذه القطع األثرية
التربة كجزء من كتلة الرواسب األصلية ثم يتم رفعها الحقا إلى سطح معاصر من خالل عمليات
مختلفة .في المناظر الطبيعية المتراكمة حيث تكون المالمح التراكمية كالبيئات النهرية والسهول
الفيضية الغرينية يمكن جلب القطع األثرية مع الرواسب المتراكمة وتصبح جزءا من األفق A
من خالل تطور التربة
األفق B
األفق Bهو أفق يتشكل تحت األفق Aوال يخضع لمجموعة متنوعة من العوامل وبصفة خاصة
العوامل البيولوجية التي تميز األفق .Aاألفق Bهو منطقة يتراكم الطين المتحرك وأكاسيد
الحديد واأللومنيوم والكربونات والسيليكا فيها .ويمكن تفسير القطع األثرية ضمن األفق Bكنتيجة
نظر ألن األفق Bهو أفق يتشكل تحت السطح فقد تسبق
لواحدة أو أكثر من العمليات التاليةً :ا
أو ربما تكون قد تم القطع األثرية األفق Bأو ربما تكون قد جاءت أثناء تكوين األفق B
ادخالها بعد تشكيل األفق Bوقد تكون القطع األثرية التي سبقت األفق Bجزًءا من المادة األم
الرسوبية األصلية Parent material .من المحتمل أن يكون هذا على المنحدرات الصخرية
المنحدرة من موقع أو في موقع يوجد في بيئة طينية.
المادة األم األصلية :هي المادة الجيولوجية األساسية التي تتشكل فيها آفاق التربة .ترث التربة
بناء على محتوياتها
كبير من التركيب والمعادن من المواد األم وغال ًبا ما يتم تصنيفها ً
قدر ًا
عادة ًا
ً
من المواد المعدنية الموحدة أو غير المجمعة التي خضعت لدرجة معينة من التجوية الفيزيائية
مؤخر.
ًا أو الكيميائية والطريقة التي يتم بها استخدام المواد تم نقلها
14
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 4
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
يمكن أن تكون القطع األثرية قد تم نقلها من األفق Aمن خالل عمليات بيولوجية وفيزيائية
مختلفة .واذا تم العثور على أدلة على التآكل واالنقطاع الحجري في األفق Bفقد تكون القطع
األثرية التي توجد هناك قد تراكمت كرواسب ثقيلة بعد أن تم غربلة الرواسب الدقيقة .قد توجد
القطع األثرية أيضا في األفق Bحيث يؤدي تراكم الرواسب البطيء المستمر إلى الحركة
التصاعدية لألفق Bمن خالل تطور أفق التربة .ويترتب على ذلك أن السياق األصلي للقطع
األثرية كان عبارة عن سطح قديم لألفق .A
األفق C
األفق Cهو المادة غير المجمعة الكامنة وراء قعر التربة وبالتالي خارج مناطق النشاط
البيولوجي الرئيسي وعمليات تكوين األفاق العلوية للتربة .األفق Cيعتبر أفق عميق ويمثل بقايا
نظر ألن آفاق Cكانت تخضع لعمليات محدودة إن وجدت فإن تفسير سياق المادة األمً .ا
تكوينها محدود .فقد يتم احتواء القطع األثرية ضمن األفق Cفي ظل الظروف التالية :من
السهل تفسير القطع األثرية في األفق Cللتربة على أنها نشأت في المادة األم األصلية وبالتالي
تسبق التربة .ونتيجة لذلك تم نقل القطع األثرية بشكل جانبي من سياقها األصلي .كما هناك
تفسير آخر محتمل هو أن القطع األثرية في األفق Cقد تم نقلها ألسفل من األفق Aضعيف
التكوين ثم تم عزلها الحًقا بسبب تطور وتكون التربة المرتبط بها.
14
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 5
جيواركيولوجي – أتح – 603المستوى الثاني علوم اآلثار والحفائر
14
د .أحمد عبد الحميد الفقي و د .السيد عبد العليم عبد الرحيم 6
– المستوى الثاني603 جيواركيولوجي – أتح علوم اآلثار والحفائر
السيد فتحي الطلحاوي مقدمة في دراسة الطبقات األثرية دار المنار للطباعة.1
2121 المنصورة
المراجع األجنبية:ثانيا
1. Ayala, G., Matthew, C., Heathcote, J., Sidell, J. and Usai, M.-
R. Geoarchaeology. Using earth sciences to understand the
archaeological record. 2007.
2. Badawy, A. "Historical seismicity of Egypt." Acta Geodaetica et
Geophysica Hungarica 34, no. 1 (1999), pp. 119-135.
3. Branch, N. "Environmental Archaeology." In: Wright, J. D. (ed.)
International Encyclopedia of the Social & Behavioral Sciences
(Second Edition), Elsevier, Oxford 2015 pp. 692-698.
4. Butzer, K.W. Archaeology as human ecology. Cambridge
University Press, Cambridge, 1982.
5. Canti, M, "What is geoarchaeology? Re-examining the
relationship between archaeology and earth sciences", in: ed.
Umberto Albarella, Environmental Archaeology: Meaning and
purpose. Vol. 17. Springer Science & Business Media, 2001, pp.
105-106
6. Cremeens, D.L. and Hart, J.P. On Chronostratigraphy,
Pedostratigraphy, and Archaeological Context in: Pedological
Perspectives in Archaeological Research. Proceedings of two
symposia sponsored by Division S-5 of the Soil Science Society
of America in Cincinnati, OR, 8 Nov.1993. (eds) Mary E. Collins,
Brian J. Carter, Bruce G. Gladfelter and Randal J. Southard, Soil
14
السيد عبد العليم عبد الرحيم. أحمد عبد الحميد الفقي و د.د 7
– المستوى الثاني603 جيواركيولوجي – أتح علوم اآلثار والحفائر
14
السيد عبد العليم عبد الرحيم. أحمد عبد الحميد الفقي و د.د 8
– المستوى الثاني603 جيواركيولوجي – أتح علوم اآلثار والحفائر
14
السيد عبد العليم عبد الرحيم. أحمد عبد الحميد الفقي و د.د 9
– المستوى الثاني603 جيواركيولوجي – أتح علوم اآلثار والحفائر
15
السيد عبد العليم عبد الرحيم. أحمد عبد الحميد الفقي و د.د 0
– المستوى الثاني603 جيواركيولوجي – أتح علوم اآلثار والحفائر
15
السيد عبد العليم عبد الرحيم. أحمد عبد الحميد الفقي و د.د 1