You are on page 1of 151

‫جيولوجيا المواقع األثرية‬

‫برنامج علوم اآلثار والحف ائر‪-‬المستوي الثاني‬


‫العام الجامعي ‪2023-2022‬م‬

‫دكتور‬
‫أحمد عبد الحميد الفقي‬
‫السيد عبد العليم عبد الرحيم‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫امس املقرر ‪ :‬ج يولوجيا املواقع ا ل أ ث رية‬


‫كود املقرر ‪ :‬أ أ حت ‪603‬‬
‫عدد الساعات ‪4 :‬‬
‫املس توى الثاين‬

‫دكــتــور‬
‫أحمد عبد الحميد الفقي‬
‫كلية اآلداب – قسم الجغرافيا ‪ -‬جامعة عين شمس‬

‫السيد عبد العليم عبد الرحيم‬


‫كلية اآلثار – جامعة عين شمس‬

‫حقوق التأليف والملكية الفكرية والنشر‬


‫محفوظة للمؤلف ‪ -‬كلية اآلثار ‪ -‬جامعة عين شمس‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪2‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫قـــــامئـــة احملتــــويـــات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫م‬

‫‪6‬‬ ‫مقدمة‬

‫الفصل‬
‫‪9‬‬ ‫العالقة بني علم اجليولوجيا وعلم اآلاثر‬
‫األول‬

‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاين‬


‫التاريخ اجليولوجي لألرض املصرية‬

‫أسباب اختيار مواقع املستوطنات ومراكز‬


‫‪66‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االستقرار القدمية‬

‫‪66‬‬ ‫عوامل التجوية ةأثرها على املواقع األثرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫حتديد السياق اجليومورفولوجي واجليولوجي‬


‫‪66‬‬ ‫الفصل اخلامس‬
‫للمواقع األثرية‬

‫‪46‬‬ ‫رواسب املواقع األثرية‬ ‫الفصل السادس‬

‫‪111‬‬ ‫الرتبة‬ ‫الفصل السابع‬

‫‪161‬‬ ‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪3‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫مقدمة‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪4‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪5‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أدى تطور علم الجيولوجيا إلى إثراء علوم أخرى مثل علم اآلثار‪ .‬حيث تهتم الجيولوجيا‬
‫درسة تاريخ األرض في حين تهتم اآلثار بدراسة تاريخ اإلنسان القديم وهو جزء من تاريخ‬
‫ب ا‬
‫األرض‪ .‬وهنا يتضح النطاق المشترك بين الجيولوجيا والمواقع األثرية‪ .‬حيث تتطلب دراسة مواقع‬
‫تاريخ اإلنسان القديم دراسة البيئة الجيولوجية التي عاش فيها وكذلك األحجار والمعادن وغيرها‬
‫من الخامات البيئية التي اعتمد عليها‪.‬‬
‫وتعتمد دراسة جيولوجيا المواقع األثرية على دراسة البيئة الجيولوجية للموقع العام لألثر‬
‫وسبب االستقرار فيه وحجم ومدى االستمرار فيه وقد يستلزم األمر دراسة الموضع الصغير‬
‫لألثر نفسه داخل الموقع األثري‪ .‬وتتطرق الدراسة إلى تحليل الرواسب الجيولوجية التي طمرت‬
‫األثر بالطرق الجيوفيزيائية ومدى التعرض لعوامل التجوية الخارجية بأنواعها والباطنية وأهمها‬
‫المياه الجوفية مما يعرض المواقع األثرية إلى درجات مختلفة من األضرار واألخطار‪ .‬وصوالً‬
‫إلى تحديد كافة مالمح البيئة القديمة التي ساعدت على استقرار الموقع األثري وسبب استم ارره‬
‫وكذلك العالقات البينية بين الموقع والمواقع األخرى سواء كانت مواقع قريبة أو بعيدة بفعل‬
‫أحيانا مما يتيح كتابة‬
‫ً‬ ‫التبادل والتجارة‪ .‬وتتبع التغيرات الزمنيه عليه والتي أدت النطمار األثر‬
‫تقرير يوضح السياق الجيوأركيولوجي للموقع وتحديد مدى األضرار واألخطار حتى يتسنى بعد‬
‫ذلك القيام بأعمال الحمياية وصيانة الموقع األثري‪.‬‬
‫وتتضمن دراسة جيولوجيا المواقع اآلثرية دراسة العوامل الطبيعية في تشكيل ظاهرات‬
‫سطح األرض في البيئات المختلفة داخل األراضي المصرية ويقصد بها العوامل والظاهرات‬
‫الطبيعية التي ليس لإلنسان دخل في نشأتها‪ .‬والتي تصنف إلى عوامل خارجية مثل عوامل‬
‫التجوية (الطبيعية والكيميائية والبيولوجية) وعوامل التعرية (المياه الجارية والمياه الجوفية والبحر‬
‫والرياح)‪ .‬وعوامل أخرى داخلية سواء أكانت فجائية مثل حدوث الزالزل أو بطيئة مثل تعرض‬
‫األرض لحركات الهبوط وكذلك تأثير المياه الجوفية سواء الطبيعية أو الناتجة عن نشاط‬
‫اإلنسان في الفترات الزمنية المختلفة‪.‬‬
‫كما تمتد دراسة جيولوجيا المواقع اآلثرية إلى تحديد أثر نشاط اإلنسان السلبي والمدمر‬
‫أو اإليجابي والمثمر على البيئة الجيولوجية للموقع األثري وتحديد األضرار واألخطار الناتجة‬
‫قترح ما يمكن عمله من أجل الحفاظ على البيئة وصيانة مواردها‪.‬‬
‫عن ذلك‪ .‬وا ا‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪6‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ويقترح بعض العلماء أن جذور الحضارات البشـرية ربما تعزى ً‬


‫أساسا إلى حاجة اإلنسان‬
‫إلى التآلف مع بيئته‪ .‬حيث تشترك الحضارات البشرية القديمة جميعها في عامل مشترك واحد‬
‫يتمثل في حاجة اإلنسان إلى المياه وحسن استغالل مصادرها‪ .‬حتى أنه يطلق على هذه‬
‫الحضارات القديمة تعبير الحضارات الهيدرولوجية‪ .‬ففي األراضي الزراعية يحتاج العمل إلى‬
‫العمال من أجل بناء الجسور والسدود وحفر الترع ومد القنوات لري الحقول الزراعية‪ .‬وكذلك‬
‫اكتشاف طرائق مختلفة لرفع المياه من القنوات إلى الحقول وتيسير عملية انسيابها مع انحدار‬
‫األرض وحمايتها واالستفادة من معظم كمياتها في ري الحقول الزراعية‪ .‬وبتقدم هذه األعمال‬
‫الفنية يزداد اإلنتاج الزراعي ويتوافر الغذاء للسكان ويزداد عددهم مع الوقت‪ .‬وعلى ذلك فإن‬
‫بنيا على مدى استغالل الموارد المائية كما في الحضارة‬
‫اقتصاد هذه الحضارات القديمة كان م ً‬
‫المصرية القديمة‪.‬‬
‫أما في المناطق الجافة وشبه الجافة قد يضطر السكان إلى النزوح من هذه المناطق‬
‫والسطو على المناطق المجاورة لهم بحثًا عن الغذاء عند حدوث فترات الجفاف‪ .‬وهكذا يتضح‬
‫أن موارد البيئة الطبيعية وخاصة الموارد المائية والتربة الخصبة والسهول المستوية السطح‬
‫ومدى استغالل اإلنسان لهذه المصادر كانت وال تزال من أهم العوامل التي تؤثر في التوزيع‬
‫الجغرافي للسكان وفي انتشار مراكز االستقرار القديمة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪7‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفصل األول‬
‫العالقة بين علم الجيولوجيا‬
‫وعلم اآلثار‬
‫‪ -‬فروع علم الجيولوجيا لدراسة‬
‫المواقع اآلثرية‬
‫والوسائل‬ ‫‪ -‬الطُرق‬
‫المستخدمة في دراسة‬
‫جيولوجية المواقع األثرية‬
‫‪ -‬مفاهيم عامة مرتبط بعلم‬
‫اآلثار الجيولوجية ومباحث‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪8‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يهدف هذا المقرر إلى فهم األثر الجيولوجي والجيومورفولوجي بجوانبه المختلفة على‬
‫تكوين بيئات مناسبة للتفاعل اإلنساني وتعمل على االستقرار البشري االلقديم في بعض المواقع‬
‫ألسباب مختلفة وتساعد باقى العوامل الطبيعية على استمرار تلك المواقع ونموها فى شكل‬
‫ستوطنات بشرية أحيانا مستغلين الظروف البيئية في ذلك المكان‪ .‬ومع استمرار تلك المواقع‬
‫القديمة لفترات متفاوتة يظهر تكوين المواقع األثرية بوضوح‪ .‬ومع الوقت قد تندثر تلك المواقع‬
‫ويطمرها الزمن برواسب جيولوجية قد تحفظها‪ .‬ويأتي دور الوسائل والتقنيات الجيولوجية الحديثة‬
‫التي التي يستخدمها اآلثاريون لدراسة الموقع األثري واستكشافه قبل البدء فى عمليات الحفائر‬
‫بطرق علمية منظمة وممنهجة لتحديد كل الظروف التي توضح السياق الجيوأركيولوجي للمكان‪.‬‬
‫وفيما يلي مجموعة من التعريفات الهامة التي يحتاجها الجيوأركيولوجي لدراسة جيولوجية المواقع‬
‫األثرية‪.‬‬
‫يعرف علم الجيولوجيا ‪ Geology‬أنه علم طبقات األرض وتركيبها والصخور التي‬
‫تتكون منها والعمليات الداخلية والخارجية التي تحدث عليها مع مرور الزمن‪ .‬وتتضح عالقة‬
‫الجيولوجيا وعلم اآلثار فى دراسة تاريخ األرض كعامل مشترك آلن التراث اإلنسان القديم في‬
‫كثير ما حفظته الرواسب الجيولوجية بشكل أو بأخر‪.‬‬
‫ًا‬ ‫المواقع األثرية جزء من تاريخ األرض‬
‫كما تساهم الجيوفيزياء (أحد فروع الجيولوجيا) في التنقيب عن اآلثار المطمورة في‬
‫باطن األرض بعدة طرق علمية‪ .‬مثل الطرق المغناطيسية الطرق الكهربية الرادار األرضي‬
‫‪ ....‬الخ‪ .‬كما تساهم الجيوكيمياء في تحاليل العينات األثرية من التربة والرواسب‪ .‬على هذا‬
‫األساس يمكن القول بأن علم جيولوجيا المواقع األثرية يستخدم تقنيات وأساليب ومفاهيم العلوم‬
‫الفيزيائية والكيميائية لمعالجة المسائل والموضوعات األثرية‪ .‬وتشمل‪:‬‬
‫‪ .1‬تقنيات مسح المواقع التي تستخدم إجراءات االستشعار السطحي الكهرومغناطيسي وغيرها‬
‫من إجراءات االستشعار عن بعد لتحديد المواقع أو المعالم داخل موقع معروف‪.‬‬
‫‪ .2‬استخدام طائفة واسعة من الوسائل للتمييز بين الرواسب والخصائص الطبيعية بما في ذلك‬
‫عمليات االضطراب عن طريق العمليات البيولوجية والبيدولوجية خاصة بتكون التربة‬
‫والرواسب الجيولوجية‪.‬‬
‫‪ .3‬توثيق عمليات تشكيل المواقع والسياق اإلقليمي للموقع‪.‬‬
‫‪ .4‬إعادة بناء البيئة القديمة عن طريق تحديد وتحليل بقايا النباتات والحيوانات‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪9‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أوال‪ :‬فروع علم الجيولوجيا لدراسة المواقع اآلثرية‪:‬‬


‫‪ .1‬الجيولوجيا التاريخية‪ :‬هي إعادة بناء وفهم تاريخ األرض‪ .‬ويركز تغيرات سطح وجوف‬
‫األرض الجيولوجية ويشمل وصف طبقات األرض ‪ stratigraphy‬وعلم األحياء القديمة‬
‫والحفريات للتعرف على تسلسل األحداث‪ .‬باإلضافة إلى علم المناخ القديم لدراسة التغيرات‬
‫المناخية على مستوى تاريخ األرض بالكامل‪.‬‬
‫‪ .2‬الجيولوجيا االقتصادية‪ :‬وتهتم بدراسة الجوانب المختلفة للمعادن االقتصادية التي يستخدمها‬
‫اإلنسان لسد حاجاته المختلفة والتي يتم استخراجها من األرض بشكل مربح مثل األحجار‬
‫والصخور والموارد الخام المعدنية مثل النحاس والحديد‪.‬‬
‫‪ .3‬الجيوكيمياء‪ :‬علم الكيمياء األرضية ويهتم بدراسة العمليات والتفاعالت الكيميائية التي‬
‫تتحكم في تركيب الصخور والمياه والتربة وتشمل علم المعادن وعلم البلورات وعلم الصخور‪.‬‬
‫‪ .4‬الجيوفيزياء‪ :‬علم فيزياء األرض ويهتم بدراسة التباين في الخصائص الفيزيائية بين طبقات‬
‫الصخور مثل االختالفات بين درجات قوة وشدة الخصائص المغناطيسية والمقاومة الكهربية‬
‫والتوصيلية الح اررية والجاذبية وغيرها من الخصائص الفيزيائية األرضية‪.‬‬
‫‪ .5‬الهيدروجيولوجيا أو علم المياه الجوفية ويتعامل مع توزيع وحركة المياه الجوفية في التربة‬
‫وصخور القشرة األرضية‪.‬‬
‫‪ -‬الجيواركيولوجي ‪:Geoarchaeology‬‬
‫يتمثل عمل الجيواركيولوجي أو علم اآلثار الجيولوجية على د ارسة اآلثار البشرية القديمة‬
‫ويشمل مجموعة واسعة من األنشطة من المسح الميداني واالستطالع الجوي إلى الدراسات‬
‫الميدانية (الجيومورفولوجيا والجيولوجيا والمناخ القديم والهيدرولوجيا وعلم التربة والرواسب‬
‫وعلم الحفريات وعلم النبات وعلم البيئة وعلم اآلثار) والتحليالت المعملية ورسم الخرائط ونشر‬
‫البحوث‪.‬‬
‫طرق والوسائل المستخدمة في دراسة جيولوجية المواقع األثرية‪:‬‬
‫ثانيا‪ -‬ال ُ‬
‫ً‬
‫تتكون المواقع األثرية من سلسلة من التربة والرواسب البشرية والطبيعية‪ .‬لذلك يمكن‬
‫أن يكون علم اآلثار الجيولوجية محورًيا لفهم تكوين الموقع إذا تم طرح األسئلة الصحيحة‬
‫واستخدام التقنيات المناسبة‪ .‬يتضمن ذلك تطبيق مبادئ الجيومورفولوجيا والترسيب والكيمياء‬
‫الجيولوجية وعلم تراكيب الصخور في حل المشكالت الجيولوجية واألثرية‪ .‬وكمثال على ذلك‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪10‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يمكن أن نذكر تأثير المناخ على المواقع واختيار المواقع ومدى إمكانية تعديل المواقع األثرية‬
‫فيما بعد عن طريق التعرية والترسيب وتطبيقات الجيوفيزياء في البحث عن المواقع وتأريخها‬
‫وتطبيق تقنيات التأريخ والربط بين النظام الغذائي والثقافة والبيئة وعالقة المواد الخام المصنوعة‬
‫من القطع األثرية باختيار المواقع وتطوير الطرق التجارية والتكنولوجيا القديمة‪.‬‬
‫وتتعدد الطرق التي تخدم دراسة المواقع األثرية ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬العمل الميداني‪ :‬يتم من خالل فريق متعدد التخصصات البحثية حيث يتم فحص البقايا‬
‫األثرية كجزء من البيئة المحيطة‪ .‬ويدعم ذلك بالوثائق األولية الموجودة من الدراسة المرئية‬
‫المجسات وجمع بيانات ‪ GPS‬لرسم الخرائط وجمع العينات لتحليالت المختبر‪.‬‬
‫‪ -‬االستشعار عن بعد والتصوير الجوي‪ :‬يتم إجراء االستشعار عن بعد بواسطة صور األقمار‬
‫الصناعية والتصوير الجوي الدقيق للمواقع وكذلك االستشعار الكهرومغناطيسي لسطح الموقع‬
‫باستخدام األجهزة المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬التحليالت المعملية‪ :‬تغطي التحليالت المعملية معظم متطلبات العمل الجيولوجي مثل قياس‬
‫الحبيبات وعلم المعادن والمواد العضوية الدقيقة (حبوب اللقاح) وعلم النبات والحفريات‬
‫الدقيقة والتأريخ باستخدام النظائر مثل الكربون المشع والبوتاسيوم‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام تقنيات وتكنولوجيا مسح المواقع باالستشعار الجيوفيزيائي والجيوكيميائي وغيرها‬
‫من إجراءات االستشعار عن بعد لتحديد المواقع أو المعالم داخل موقع معروف‪ .‬ونظم‬
‫المعلومات اآلثرية لرسم الخرائط وعمل النماذج ثالثية األبعاد والتحاليل االحصائية والرسم‬
‫البياني ومعالجة الصور الفضائية للمواقع‪.‬‬
‫‪ -‬تدابير الحماية والحفظ‪ :‬يتم تنفيذ التوثيق العلمي الشامل لخطط تدابير الحماية والحفظ وربما‬
‫يمتد األمر إلى التعاون مع اليونسكو إذا كان الموقع له أهمية ثقافية وتراثية خاصة‪.‬‬
‫‪ -‬التدريب‪ :‬يعد تدريب المتخصصين من الشباب أمر بالغ األهمية نحو اعداد أجيال متواصلة‬
‫تقوم بالبحث العلمي في المواقع األثرية‪ .‬وهي تتعلق بما يلي‪ :‬الجيولوجيا والتغير المناخي‬
‫وطرق المسح ودراسة اآلثار الثقافية وحمايتها‪.‬‬
‫‪ -‬نطاق علم اآلثار الجيولوجية‪:‬‬
‫يشمل تطبيق تقنيات تحليل التربة والرواسب والجيولوجيا والجيومورفولوجيا لمعالجة‬
‫المسائل األثرية‪ .‬ويمكن تطبيق هذه التقنيات على التربة والرواسب والمواد البشرية المنشأ‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪11‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أيضا تداخل قوي مع تقنيات التأريخ والجيوفيزياء واالستشعار عن‬


‫والمصنوعات األثرية هناك ً‬
‫بعد وكذلك مع الدراسات البيئية األخرى‪ .‬أي أنها تطبيق أساليب من علوم األرض لحل مشاكل‬
‫البحث األثري‪ .‬وتشمل هذه األساليب تلك المستمدة من الجيولوجيا والجغرافيا وعلم الرواسب‬
‫والبيدولوجيا (علم التربة) وعلم الطبقات وعلم الجيومورفولوجيا (أشكال األرض)‪ .‬ويهدف كل‬
‫ذلك إلى تكوين المناظر الطبيعية ‪ landscape‬والطبقات (مثل األحداث الرسوبية وعمليات‬
‫التربة) وعمليات التعديل (أي تغيير الرواسب) ويعتمد بشكل أساسي على التقنيات الجيولوجية‬
‫والرسوبية وتحليل علوم التربة المستخدمة في الميدان والمختبر‪ .‬وبالتالي فإن الدور األساسي‬
‫هو تسجيل الخصائص الفيزيائية (مثل اللون والجفاف والبلل) والتكوين ومحتوى ونوع المادة‬
‫العضوية (مثل الطحالب وبقايا األخشاب) وحجم الجسيمات (الحصى والرمل والطمي والطين)‬
‫من الطبقات في السجالت األثرية والجيولوجية‪ .‬ثم تستخدم هذه المعلومات إلعادة بناء وشرح‬
‫األحداث أو العمليات المسؤولة عن تكوين التسلسل الطبقي بما في ذلك تحوالت ما بعد‬
‫الترسيب‪.‬‬
‫لذلك يستخدم علماء اآلثار الجيولوجية مجموعة واسعة من اإلجراءات التحليلية لتسجيل وتفسير‬
‫الطبقات بما في ذلك النهج القياسية لوصف الرواسب والتربة وتصنيفها والطرق المختبرية‬
‫مثل علم األشكال الدقيقة وتحليل حجم الجسيمات والقابلية المغناطيسية والكيمياء الجيولوجية‬
‫متعددة العناصر‪ .‬يتضح ذلك بشكل خاص في المواقع األثرية حيث تؤدي مراحل متعددة أو‬
‫متعاقبة من االستيطان البشري التي تنطوي على أنشطة منزلية وصناعية إلى مجموعة متنوعة‬
‫من الرواسب المرتبطة بالخنادق والحفر والقمامة والهياكل وحطام الهدم‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬مفاهيم عامة مرتبط بعلم اآلثار الجيولوجية ومباحثه‪:‬‬
‫يمكن معالجة مجموعة متنوعة من األسئلة األثرية باستخدام مناهج علم األرض (الجيولوجيا)‬
‫بما في ذلك دراسات السياقات البيئية ودراسة أنماط االستخدام البشري لألراضي والموارد‬
‫الطبيعية التنبؤ بإمكانات الحفاظ على المواقع األثرية ومواقعها وتوثيق المواقع وعلم الرواسب‬
‫وعلم الطبقات تحديد ووصف المواد الخام وتقييم العمليات االقتصادية وعمليات تكوين الموقع‬
‫والتأريخ‪ .‬حيث يطبق علماء الجيولوجيا األثرية تقنيات وصفية قياسية على السياقات التي تحتوي‬
‫على القطع األثرية والمعالم في المواقع األثرية‪ .‬يمتد هذا المنهج إلى دراسة المواد الخام التي‬
‫تشكل القطع األثرية‪ .‬إلى جانب استخدام تسمية قياسية لتوثيق الرواسب ولون التربة وحجم‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪12‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الجسيمات وعلم المعادن يتم استخدام الخواص الفيزيائية والكيميائية الستنتاج الظروف البيئية‬
‫قبل وأثناء وبعد االستخدام البشري للموقع‪.‬‬
‫وبالتالي فإن أحد أدوار عالم اآلثار الجيولوجية كجزء من مشروع بحثي أثري هو إج ارء‬
‫مالحظات وأخذ القياسات وجمع العينات التي من شأنها أن تساعد في تقييم البيئات الفيزيائية‬
‫المتغيرة في موقع معين‪.‬‬
‫كما أن مبادئ علم الطبقات ‪ stratigraphy‬حاسمة لتفسير العمليات الطبيعية والبشرية‬
‫التي تنتج موقعا أثريا‪ .‬توفر الدراسات الطبقية طريقة لتوثيق التغييرات بمرور الوقت في موقع‬
‫معين‪ .‬وترتبط هذه األنواع من الدراسات بوصف الرواسب والتربة لكنها توسع نطاق تطبيق هذه‬
‫التقنيات أفقيا ورأسيا داخل الموقع األثري‪ .‬تعتبر المبادئ الطبقية حاسمة لتفسير األنماط داخل‬
‫الموقع‪ .‬وهكذا فإنها تلعب دو ار حاسما في عملية التأريخ النسبي للمواقع‪ .‬كما أن تطبيق مبادئ‬
‫علم طبقات اآلثار في علم اآلثار يربط علم اآلثار الجيولوجية بالعلوم التاريخية األخرى مثل‬
‫الجيولوجيا وعلم الحفريات‪.‬‬
‫ويستخدم علماء اآلثار الجيولوجية الجيومورفولوجيا بمعنى دراسة األشكال األرضية‬
‫وتطورها بمرور الوقت لتقييم الحركات طويلة األجل للمناظر الطبيعية وتغير المناخ وكذلك‬
‫الحفاظ على الموقع‪ .‬فمن المهم فهم البيئة المادية والموارد التي كان من شأنها أن تجعل موقعا‬
‫معينا جذابا لالستخدام البشري‪.‬‬
‫كما تساهم علوم التربة وخاصة دراسة التربة القديمة بطرق عديدة في علم اآلثار‪.‬‬
‫حيث يحدث تكوين التربة عندما يتم تغيير مادة أصلية مثل الرواسب أو الصخور األساسية‬
‫بمرور الوقت بسبب المناخ والنباتات والحيوانات‪ .‬ويدرس علماء الجيولوجيا األثرية الخصائص‬
‫الموجودة في آفاق التربة (قطاع رأسي من التربة) لتوفير معلومات عن الظروف التي أدت إلى‬
‫تكون التربة بما في ذلك األنشطة البشرية‪.‬‬
‫فالتربة قيمة جدا في علم اآلثار ألنها تنطوي على فترة من االستقرار البشري ويمكن‬
‫استخدامها لالستدالل على البيئات القديمة‪ .‬كما يمكن أن توفر ‪ Anthrosols‬أو التربة الناتجة‬
‫عن النشاط البشري معلومات حول كيفية استخدام البشر للمواقع القديمة‪ .‬وغالبا ما تدرس هذه‬
‫باستخدام الكيمياء الجيولوجية‪ .‬حيث تسهم الكيمياء الجيولوجية ‪ Geochemistry‬بدور كبير‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪13‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫جدا وقيم في دراسة وفهم المواقع األثرية‪ .‬فمن الممكن استخدام هذه التقنية الجيولوجية األثرية‬
‫للمساعدة في تفسير الرواسب والتربة داخل المواقع‪.‬‬
‫في كثير من األحيان يمكن استخدام التغيرات في حموضة (األيون الهيدروجيني) في‬
‫قطاع من التربة في الموقع لشرح الحفاظ على بعض القطع األثرية أو عدم وجودها‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال يتم الحفاظ على العظام عادة في المواقع ذات الرواسب التي تحتوي على مستويات‬
‫عالية من األيون الهيدروجيني (مثل الرواسب الجيرية أو الغنية بالكربونات)‪.‬‬
‫باإلضافة إلى تحليل الفوسفات وهو أحد أكثر األساليب الجيوكيميائية فائدة حيث‬
‫تترسب الفوسفات في الرواسب والتربة نتيجة النحالل المواد العضوية‪ .‬يمكن أن توفر تحليالت‬
‫الفوسفات في المواقع األثرية معلومات زمنية ومعلومات عن استخدام األراضي‪ .‬حيث يتم‬
‫استخدم تحليل الفوسفات لتفسير أوقات مختلفة من االستيطان البشري بالموقع والتنوع في‬
‫استخدام األراضي والكشف عن المنتجات الزراعية السائدة‪ .‬وبالتالي فإن التحليل الجيوكيميائي‬
‫للرواسب والتربة يوفر وسيلة لفهم النشاط البشري داخل المواقع‪.‬‬
‫هناك جانب مختلف تماما من الكيمياء الجيولوجية في علم اآلثار وهو دراسات المصدر‬
‫والتي يمكن استخدامها للمساعدة في تحديد مصدر المواد الخام المستخدمة في صنع القطع‬
‫األثرية‪ .‬حيث يمكن استخدام التغييرات الصغيرة في أنواع المواد الكيميائية الموجودة داخل القطع‬
‫األثرية لتحديد مكان نشأتها‪ .‬يمكن أن تشير بعض العناصر إلى المصادر الجيولوجية والجغرافية‬
‫للمواد الخام غير المعدلة مثل النحاس األصلي ومجموعة من المعادن والصخور‪ .‬مثل استخدام‬
‫نظائر معدن الرصاص لتحديد مصدر النحاس المستخدم في صنع القطع األثرية‪.‬‬
‫تم اختراع علم تحليل الصخور ‪ petrography‬باستخدام المجهر المستقطب لتحليل‬
‫محتوى الصخور وتم اعتماد هذه التقنية من قبل علماء اآلثار الجيولوجية لدراسة مجموعة‬
‫متنوعة من المواد األثرية مثل األدوات الحجرية والفخار‪ .‬حيث يشير تحليل المواد الموجودة‬
‫في الفخار إلى أنه قد تم صنعه محليا ثم نقل إلى أماكن أخرى مما يوضح كيف يمكن استخدام‬
‫الدراسات الجيولوجية األثرية للمواد الخام للنظر في أنماط التبادل والتفاعل‪.‬‬
‫علم الطبقات المجهرية‪ : Microstratigraphy‬يعد علم الطبقات المجهرية وتحليل المقطع‬
‫الرقيق للرواسب طريقة لفحص العمليات التافونومية ‪( Taphonomy‬الترسيبية وما بعد‬
‫الترسيب) التي ساعدت في تكوين المواقع األثرية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪14‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫علم التاريخ الحفري ‪ : Taphonomy‬يهتم بالمراحل التي تمر بها بقايا الكائنات من موتها‬
‫إلى دفنها‪ .‬أي أنه علم متخصص بما حدث للكائن الميت من زمن موته إلى حين اكتشافه‪.‬‬
‫المصطلح اإلنجليزي مأخوذ من اليونانية والتي تعني حرفياً «قانون الدفن»‪ .‬والباحث في علم‬
‫التاريخ الحفري يقوم بدراسة ظواهر ّ‬
‫عدة مثل التحلل‪ .‬أو ببساطة هو دراسة كيف تتحلل الكائنات‬
‫الحية وتصبح متحجرة أو محفوظة في السجل الحفري‪ .‬فقد قدمت دراسة رقيقة للرواسب من‬
‫كهف من العصر الحجري القديم في فرنسا أدلة على أنشطة الحرق والدوس والتنظيف‪.‬‬
‫يستخدم علماء اآلثار الجيولوجية التقنيات الجيوفيزيائية في الحاالت التي ال يستطيعون‬
‫فيها التنقيب أو دراسة األماكن التي قد ال يستطيعون الوصول إليها‪ .‬وأكثر استخدامات‬
‫الجيوفيزياء شيوعا في علم اآلثار هو التنقيب الجيوفيزيائي الذي يشار إليه في كثير من األحيان‬
‫باالستشعار عن بعد ‪Remote Sensing‬‬
‫فيما يخص عملية التأريخ للمواقع األثرية عادة ما يعتمد علماء اآلثار على الكربون‬
‫‪ 14‬وتوفر طرق التأريخ الزمني باستخدام الكربون ‪ 14‬تقدي ار عدديا لعمر موقع أثري‪ .‬وقد تم‬
‫تطوير العديد من التقنيات التي يمكن استخدامها لتحليل وتأريخ المواد المرتبطة بالمواقع األثرية‪.‬‬
‫مثل‪ U-series and K-Ar dating :‬التأريخ بنظائر اليورانيوم والبوتاسيوم‪-‬اآلرجون هو‬
‫اعتمادا‬
‫ً‬ ‫وسيلة من وسائل التأريخ اإلشعاعي المستخدمة في علم الزمن الجيولوجي وعلم اآلثار‬
‫على قياس نسبة ناتج االضمحالل اإلشعاعي البوتاسيوم إلى نظير اآلرجون‪ .‬تعد هذه الطريقة‬
‫مناسبة لقياس عدد من أنواع الصخور خاصة الصخور النارية وهي تمكن من قياس التأريخ‬
‫المطلق لعينات أقدم من بضعة آالف من السنين‪ .‬ويمكن تطبيقها على المواقع التي تأثرت‬
‫بالبراكين‪ .‬أما التأريخ باليورانيوم فهو طريقة للتأريخ اإلشعاعي تم تطويرها في الستينيات من‬
‫القرن الماضي وال زالت مستخدمة منذ السبعينيات لتحديد عمر المواد التي تحتوي على كربونات‬
‫الكالسيوم مثل الرواسب المتكونة في الكهوف أو حتى في الكائنات الحية مثل المرجان‪ .‬وكذلك‬
‫األصداف والعظام والحجر الجيري‪.‬‬
‫حاسما في توثيق تغيرات المناخ واستخدام اإلنسان‬
‫ً‬ ‫دور‬
‫حبوب اللقاح ‪ : pollen‬لعبت دراستها ًا‬
‫لألراض‪ .‬حيث أن التغيرات في أنواع ووفرة حبوب اللقاح مع مرور الوقت تعكس تغيرات الغطاء‬
‫سائدا‪ .‬وقد تكون تغيرات الغطاء النباتي نتيجة لتغير المناخ مثل التغيرات‬
‫النباتي الذي كان ً‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪15‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫في درجة الح اررة أو هطول األمطار‪ .‬فعلى سبيل المثال ينعكس الجفاف في تغير في الغطاء‬
‫النباتي ويمكن أن يكون مرتبطا بتغير معاصر في السجل األثري‪.‬‬
‫كما أن البقايا النباتية الدقيقة مفيدة جدا للدراسات النباتية عموما وأصول هذه النباتات‬
‫وهي أيضا مواد قيمة للكربون ‪ 14‬والتي يمكن تأريخها‪ .‬كما توفر بقايا الحيوانات بما في ذلك‬
‫الفقاريات والالفقاريات معلومات عن البيئات والموارد القديمة المتاحة لالستخدام البشري‪ .‬وعادة‬
‫ما توفر بقايا الالفقاريات وحفريات الثدييات الصغيرة معلومات مفيدة عن البيئات المحلية في‬
‫حين توفر أحافير الثدييات األكبر حجما معلومات بيئية إقليمية‪.‬‬
‫كما يعد المناخ والتغير البيئي على المدى الطويل من المواضيع الهامة في علم اآلثار‬
‫العالمي ويلعب علماء اآلثار الجيولوجية دو ار هاما في تقييم التفاعل بين المجتمعات البشرية‬
‫والنظم الطبيعية‪ .‬وقد ركزت هذه الدراسات على الطرق التي أثر بها التغير البيئي على التطور‬
‫البيولوجي والسلوكي البشري وكذلك الطرق التي أثر بها البشر على البيئة‪ .‬والتقنيات التي يطبقها‬
‫علماء الجيولوجيا األثرية لدراسة السجل األثري وسياقه ذات قيمة خاصة في توثيق أنماط تغير‬
‫المناخ على مستويات مختلفة من المكان والزمان‪.‬‬
‫‪ -‬الموقع األثري‪ :‬جميع المواقع األثرية هي النتيجة النهائية لسلسلة من األحداث الثقافية‬
‫(بناء منزل وحفر حفرة تخزين وزرع حقل وهجر المنزل أو هدمه) واألحداث الطبيعية (فيضان‬
‫احترق المنزل وتحلل المواد العضوية)‪ .‬وعندما يسير عالم‬
‫أو رماد بركاني يغطي الموقع و ا‬
‫اآلثار إلى موقع ما فإن الدليل على كل هذه األحداث موجود بشكل ما‪ .‬تتمثل مهمة عالم‬
‫اآلثار في تحديد وتسجيل األدلة من تلك األحداث إذا تم فهم الموقع ومكوناته‪ .‬وتوفر هذه‬
‫الوثائق بدورها دليال لسياق القطع األثرية التي عثر عليها في الموقع‪.‬‬
‫الطبقات األثرية والجيولوجية‪ :‬الطبقات هو مصطلح يستخدمه علماء اآلثار لإلشارة إلى طبقات‬
‫التربة الطبيعية والثقافية (البشرية) التي تشكل رواسب أثرية‪ .‬نشأ المفهوم ألول مرة كبحث علمي‬
‫في قانون التراكب للجيولوجي في القرن التاسع عشر والذي ينص على أنه بسبب القوى‬
‫الطبيعية فإن التربة التي تم العثور عليها مدفونة بعمق سيتم وضعها في وقت مبكر ‪ -‬وبالتالي‬
‫ستكون أقدم ‪ -‬من التربة الموجودة فوقها‪.‬‬
‫الحظ الجيولوجيون وعلماء اآلثار على حد سواء أن األرض تتكون من طبقات من الصخور‬
‫والتربة التي نشأت عن األحداث الطبيعية مثل نفوق الحيوانات واألحداث المناخية مثل‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪16‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفيضانات واألنهار الجليدية واالنفجارات البركانية ‪-‬والثقافات مثل (القمامة) والرواسب وأحداث‬
‫البناء‪ .‬يخطط علماء اآلثار الطبقات الثقافية والطبيعية التي يرونها في الموقع لفهم العمليات‬
‫التي أنشأت الموقع والتغييرات التي حدثت بمرور الوقت بشكل أفضل‪.‬‬
‫التنقيب والطبقات األثرية‪ :‬تتطلب المستويات الطبقية من المنقب مراقبة التغيرات الطبقية عن‬
‫كثب أثناء التنقيب بعد تغييرات اللون والملمس والمحتوى للعثور على «أسفل» الطبقات من‬
‫المستوى‪ .‬وتؤخذ المالحظات والخ ارئط أثناء المستوى وفي نهايته وتغلف القطع األثرية وتوسم‬
‫حسب الوحدة والمستوى‪ .‬يسمح التحليل لعالم اآلثار بربط القطع األثرية بقوة بالطبقات الطبيعية‬
‫التي تم العثور عليها فيها‪.‬‬
‫السياق الجيوأركيولوجي‪ :‬بالنسبة لعالم اآلثار يعني المكان الذي توجد فيه قطعة أثرية‪ .‬ليس‬
‫فقط المكان ولكن التربة نوع الموقع والطبقة التي أتت منها القطعة األثرية وماذا كان في‬
‫أيضا‪ .‬أهمية مكان العثور على قطعة أثرية عميقة في موقع يتم التنقيب عنه بشكل‬
‫تلك الطبقة ً‬
‫صحيح يخبرك عن األشخاص الذين يعيشون هناك وما يأكلونه وما يؤمنون به وكيف‬
‫ينظمون مجتمعهم‪ .‬إن ماضينا البشري بأكمله وخاصة ما قبل التاريخ ولكنه تاريخي ً‬
‫أيضا‬
‫مقيد في البقايا األثرية وفقط من خالل النظر في الحزمة الكاملة لموقع أثري يمكننا حتى البدء‬
‫في فهم ما كان يدور حوله أسالفنا‪ .‬فإخراج قطعة أثرية من سياقها يعمل على اختفاء المعلومات‬
‫حول صانعها‪.‬‬
‫علم آثار المناظر الطبيعية ‪ : Landscape Archaeology‬تم تعريف علم آثار المناظر‬
‫الطبيعية‪ :‬بأنه تصور أثري ونظري فهو طريقة لعلماء اآلثار للنظر إلى الماضي على أنه‬
‫تكامل بين الناس ومحيطهم‪ .‬وقد أسهمت الدراسات األثرية للمناظر الطبيعية التي ولدت جزئيا‬
‫نتيجة للتكنولوجيات الجديدة (نظم المعلومات الجغرافية واالستشعار عن بعد والمسوح‬
‫الجيوفيزيائية) إسهاما كبي ار في هذه الدراسة وفي تيسير إجراء دراسات إقليمية واسعة النطاق‬
‫وفحص العناصر التي ال يمكن رؤيتها بسهولة في الدراسات التقليدية مثل الطرق والحقول‬
‫الزراعية‪.‬‬

‫األنثروبولوجيا‪ :‬هي علم دراسة البشر واإلنسان والطرق التي يعيشون بها‪ .‬وطرق تفاعل‬
‫مجموعات األشخاص مع بعضهم البعض وكيف يتأثر سلوكهم بالهياكل االجتماعية والفئات‬
‫(العمر والجنس) وهناك أربعة مجاالت فرعية أساسية‪ :‬علم اآلثار واألنثروبولوجيا البيولوجية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪17‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫واألنثروبولوجيا الثقافية واألنثروبولوجيا اللغوية‪ .‬يركز علم اآلثار على األشياء التي صنعها‬
‫غالبا منذ آالف السنين)‪ .‬تدرس األنثروبولوجيا البيولوجية طرق تكيف البشر مع البيئات‬
‫البشر ( ً‬
‫المختلفة‪ .‬يهتم علماء األنثروبولوجيا الثقافية بكيفية عيش البشر وفهم محيطهم ودراسة الفولكلور‬
‫أخير يدرس علماء األنثروبولوجيا اللغوية طرق التواصل‬
‫والمطبخ والفنون واألعراف االجتماعية‪ً .‬ا‬
‫بين الثقافات المختلفة‪ .‬الطريقة األساسية للبحوث التي يستخدمها علماء األنثروبولوجيا تسمى‬
‫اإلثنوجرافيا أو مالحظة المشاركين والتي تتضمن تفاعالت متعمقة ومتكررة مع الناس‪.‬‬

‫وخالصة القول نحو تعريف علم اآلثار الجيولوجية هو تطبيق مبادئ وتقنيات علم‬
‫األرض لفهم الموقع األثري ينفذه ممارسون يتمتعون بمعرفة متخصصة حول البيئة المادية التي‬
‫يتم فيها الحفاظ على الطبقات األثرية واجراء الحفائر‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪18‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفصل الثاني‬
‫التاريخ الجيولوجي لألرض‬
‫المصرية‬
‫‪ -‬أقسام التاريخ الجيولوجي‬
‫لألرض‬
‫‪ -‬المالمح التضاريسية لسطح‬
‫مصر‬
‫البيئية‬ ‫التغيرات‬ ‫‪ -‬أبرز‬
‫في‬ ‫الجيولوجية‬
‫الباليستوسين‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪19‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫رغم أننا سنستعرض التاريخ الجيولوجي لألراضي المصرية بداية من أقدم العصور إال‬
‫أنه يجب االنتباه إلى أننا بصدد استعراض المالمح العامة فقط وما يهمنا بالتحديد هو أنواع‬
‫الصخور التي تنتمي لهذا العصر والتي استهدفها المصري القديم واستغلها لألغراض المختلفة‬
‫سواء لبناء المنشآت المختلفة أو الزينة‪ .‬كما أننا نهتم بالطبقات الرسوبية الرقيقة التي طمرت‬
‫أيضا باألحداث الجيولوجية التالية على المواقع األثرية من‬
‫المواقع األثرية بعد ذلك‪ .‬كما نهتم ً‬
‫عوامل خارجية أو باطنية حدثت أو تحدث على األراضى المصرية‪.‬‬
‫يبلغ عمر الكرة األرضية في أحدث تقدير إلى ‪ 4.4‬مليار سنة‪ .‬وقد أجمع علماء‬
‫الجيولوجيا على تقسيم عمر األرض إلى أربعة أحقاب زمنية كل حقب منها ينقسم بدوره إلى‬
‫عدة عصور ويمتاز كل زمن وكل عصر بمجموعة من الطبقات الصخرية وبحياة حيوانية‬
‫ونباتية تختص به وتميزه عن غيره‪ .‬وقد تمكن العلماء من وضع جدول كامل للتكوينات الرسوبية‬
‫تيبا زمنيًّا منذ تكوين‬
‫بحسب األزمنة والعصور وهو يهدف إلى ترتيب األحداث الجيولوجية تر ً‬
‫األرض إلى عصرنا الحاضر وقد استعانوا في ذلك بأساسين هامين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬تعاقب الطبقات‪ :‬هناك قاعدة أساسية تختص بالصخور الرسوبية دون سواها ومؤداها أن‬
‫كل طبقة تعتبر أقدم من الطبقة التي تعلوها وأحدث من الطبقة التي تقع أسفلها وتسمى‬
‫هذه القاعدة بقانون تعاقب الطبقات‪ .‬على أن تطبيق هذه القاعدة له عيوبه ففي الجهات‬
‫ظهر على عقب‬
‫التي أصابتها حركات االلتواء واالنكسار نجد الطبقات الصخرية قد انقلبت ًا‬
‫وبالتالى يختل توافقها وتتابعها الزمني ولهذا فقد لجأ العلماء إلى االستعانة بالحفريات‬
‫للوصول إلى تحديد التعاقب الزمني لألحداث الجيولوجية‪.‬‬
‫‪ -2‬الحفريات‪ :‬هي بقايا الكائنات الحية سواء كانت حيوانية أو نباتية التي يعثر عليها في‬
‫تكوينات الصخور الرسوبية وهى تعتبر الدليل المباشر على وجود الكائنات الحية في سالف‬
‫الزمن وتتمثل هذه البقايا في أجزاء صلبة مثل المحارات وهياكل المرجان وعظام الحيوانات‬
‫الفقارية كما تتمثل في جذوع النبات وأوراقه‪ .‬وعلى الرغم من أن هذه الحفريات ال تعطي‬
‫الصورة الكاملة للكائنات الحية القديمة إال أن دراسة خصائصها ومميزاتها تساعد مساعدة‬
‫أحيانا بالحفريات المرشدة؛‬
‫ً‬ ‫فعالة في تقسيم التاريخ الجيولوجي لألرض ولذلك فهي تعرف‬
‫ألنها ترشد الجيولوجي إلى طبيعة الزمن أو العصر الذي عاشت فيه‪ .‬وترجع أهمية الحفريات‬
‫إلى تحديد عمر الطبقات الرسوبية التي تحتويها وهى تشير إلى البيئة الجغرافية القديمة‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪20‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫التي كانت تعيش فيها وعلى الظروف المناخية التي كانت سائدة أثناء وجود الكائن الحي‬
‫حار‪ .‬وكذلك وجود‬
‫مثال تدل على شيوع مناخ ّ‬‫في مكان معين فحفريات أشجار النخيل ً‬
‫القواقع ‪ Snails‬يشير إلى وفرة مياه عذبة وخاصة في الفترات األخيرة محل االهتمام فى‬
‫المواقع األثرية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬أقسام التاريخ الجيولوجي لألرض‪:‬‬
‫قسم الجيولوجيون تاريخ الكرة األرضية إلى أربعة أزمنة كبرى يمكن استعراضها ببساطة‬
‫وهى من القديم إلى الحديث كما يلي‪:‬‬
‫الزمن األركي أو زمن ما قبل الكمبري‪:‬‬
‫تظهر الصخور األركية في مساحة تقارب ‪ %11‬من مساحة مصر حيث تبلغ ‪111‬‬
‫ألف كم‪ 2‬وهي القاعدة التي ترتكز عليها كل الصخور التي تكونت في العصور الجيولوجية‬
‫نظر لما‬
‫وتضرسا وقسوة ًا‬
‫ً‬ ‫تفاعا‬
‫التالية وتمثل هذه التكوينات األركية أكثر مناطق مصر ار ً‬
‫تعرضت له من حركات أرضية شديدة وانكسارات واندساسات نارية أو تحول من نوع صخر‬
‫إلى أخر‪ .‬وتتميز الصخور األركية بأنها خليط معقد من أنواع مختلفة الخصائص من الصخور‬
‫النارية مثل الجرانيت بأنواعه الوردي أو األحمر وهما يستخدمان كأحجار زخرفية وغيرها من‬
‫الصخور المتحولة أو المتحولة عن أصل ناري ومن أهمها الشست والنايس والرخام الملون‪.‬‬
‫وقد تعرضت تلك الصخور طوال التاريخ الجيولوجي لعمليات جيولوجية عنيفة جدا أدت إلى‬
‫تحولها وشدة تعقدها وتضرسها بالصورة التي نجدها عليها اآلن‪ .‬وتبدو هذه الصخور األركية‬
‫ظاهرة في بعض المناطق من جبال البحر األحمر وجنوب سيناء ومساحتها تبلغ ‪ % 11‬من‬
‫مساحة مصر‪.‬‬
‫وترجع األهمية االقتصادية لهذه التكوينات إلى احتوائها على صخور ومعادن ذات قيمة‬
‫اقتصادية كبيرة فمن صخوره القيمة صخر الرخام الملون والجرانيت كما يستعمل الجرانيت‬
‫عموما؛ بسبب شدة صالبته في بناء المنشآت الضخمة مثل المسالت القديمة والبالطات‬ ‫ً‬
‫المسطحة وأحيانا األرضيات واألعمدة‪ .‬ومن معادنه الذهب والفضة والنحاس والقصدير‪ .‬وكذلك‬
‫األحجار الكريمة وشبه الكريمة وأهمها الزبرجد في جزيرة الزبرجد بالبحر األحمر والزمرد‬
‫المصرى‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪21‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الزمن األول أو زمن الحياة القديمة‪:‬‬


‫تماما عن أحياء عصرنا‬
‫زمن الحياة القديمة هو الزمن الذي ظهرت فيه أحياء تختلف ً‬
‫تماما بعدما استمرت نحو ‪ 331‬مليون سنة‪ .‬ويضم ستة‬
‫الحاضر وقد زالت كلها وانقرضت ً‬
‫عصور هى الكمبري األردوفيشي السيلوري الديفوني الفحمي البرمي‪.‬‬
‫خصوصا في أواسطه وأواخره ولذلك تكثر‬
‫ً‬ ‫وقد نشطت البراكين في أثناء هذا الزمن‬
‫الصخور البركانية بين طبقاته‪ .‬وتتمثل صخوره في تكوينات صخرية رسوبية طينية ورملية‬
‫عموما مندمجة وداكنة اللون؛ ويرجع ذلك إلى تعرضها للضغط والح اررة‬
‫ً‬ ‫وجيرية وتبدو الصخور‬
‫بسبب ثقل الرواسب التي تراكمت فوقها أثناء األزمنة والعصور الالحقة‪.‬‬
‫الزمن الثاني أو زمن الحياة الوسطى‪:‬‬
‫شهد أنواع من الحياة الحيوانية والنباتية وسط بين أحياء زمن الحياة القديمة وزمن الحياة‬
‫الحديثة إذ ترجع بعض أنواعها إلى أسالف عاشت في العصور القديمة كما تطورت أنواع‬
‫أخرى عاشت في هذا الزمن واستمرت وارتقت في عصور زمن الحياة الحديثة‪ .‬وقد استمر نحو‬
‫‪ 125‬مليون سنة‪ .‬وشهد ثالثة عصور هي الترياسي والجوراسي الكريتاسي "أو العصر‬
‫الطباشيري"‪ .‬وصخوره رسوبية تراكم معظمها فوق قيعان البحار والتي كانت تغطي مصر وقتها‪.‬‬
‫وتتركب من طبقات متتابعة من الصخور الطينية والرملية والطفلية والجيرية والطباشيرية‬
‫وتتخللهما مستويات من الجبس أو الملح‪.‬‬
‫تكوينات العصرين الترياسى والجوراسى هامشية أما العصر الكريتاسي فيغطي ما يقرب‬
‫من نصف مساحة مصر (‪ 411‬ألف كم‪ )2‬وتختفي تحت التكوينات األحدث مساحة مما يدل‬
‫على أن تكوينات العصر الكريتاسي تمثل األساس الذي بنيت عليه ارض مصر‪ .‬ومن أشهر‬
‫صخور ذلك العصر‪:‬‬
‫‪ -‬الحجر الرملي النوبي‪ :‬وهو عبارة عن صخور رملية تالحمت بفعل أكاسيد وسليكات وكالسيت‬
‫وهي عبارة عن صخور ضعيفة يمكن تفتيتها إلى حبيبات رملية ناعمة أو خشنة متعددة األلوان‬
‫بسب احتوائها على أكاسيد متعددة‪ .‬وتتميز صخور الحجر الرملي النوبي بمسامية عاليه تساعدها‬
‫على االحتفاظ بالمياه الجوفية في باطنها وساعدها على ذلك امتداد صخور األساس األركي‬
‫غير المسامي تحتها وتشغل مساحة الصخور الرملية النوبية حوالي ‪ %22‬من جملة مساحة‬
‫مصر موزعه في الصح ارء الغربية والشرقية وشبة جزيرة سيناء‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪22‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ -‬الحجر الجيري الكريتاسي‪ :‬ويتنوع بين الحجر الجيري الرملي إلى الجيري النقي‪ .‬مع خليط‬
‫من طبقات جيرية وطباشيرية وصلصالية سميكة‪ .‬تتنتشر في الصحراء الغربية والشرقية وسيناء‬
‫وتعرف أحيانا باسم الهضاب الوسطى‪.‬‬
‫الزمن الثالث أو زمن الحياة الحديثة‪:‬‬
‫يعد أحدث األزمنة التي ينقسم إليها عمر األرض ويعرف بزمن الحياة الحديثة كما أن األحياء‬
‫التي عاشت أثناءه تشبه األحياء التي تعيش في عصرنا الحاضر‪ .‬وينقسم هذا الزمن إلى قسمين‬
‫متميزين‪ :‬ثالثي ورباعي ولهذا فإننا سنتناول بالدراسة ًّ‬
‫كال منهما على حدة‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬القسم الثالثي وشهد خمسة عصور هى الباليوسين أو فجر اإليوسين األيوسين‬
‫األوليجوسين الميوسين البليوسين‪ .‬وامتد إلى حوالى ‪ 01‬مليون سنة‪ .‬وأنواع الصخور رسوبية‬
‫وتتركب من طبقات متتابعة من الصخور الجيرية والطفلية والطينية وقد صحب هذا القسم‬
‫الثالثي نشاط بركاني عظيم وحركات انكسارية على نطاق واسع أدت إلى أدت لظهور طفوح‬
‫بركانية وبازلتيه كما في جبل قطراني شمال الفيوم والتي استغلها المصري القديم‪ .‬وانتشرت‬
‫أسالف الفيل والجمل الحاليين كما ظهر البقر الوحشي والغزالن والحمير البرية والخيول والثيران‬
‫والدببة والذئاب وغيرها‪ .‬وظهرت أنواع عديدة من القردة ومنها القردة العليا‪ .‬كما تكاثرت النباتات‬
‫كبير مثل النخيل وأشجار الصنوبر والتين وغيرها‪.‬‬
‫انتشار ًا‬
‫ًا‬ ‫المزهرة وانتشرت‬
‫أ‪ -‬تكوينات األيوسين‪ :‬تتكون تكوينات العصر األيوسين في مصر من الحجر الجيري وتغطي‬
‫مساحة ‪ %21‬من جملة مساحة مصر وتغطى هضبة المعازة في الصحراء الشرقية والتيه في‬
‫سيناء‪.‬‬
‫ب‪ -‬تكوينات األوليجوسين في مصر‪ :‬تشغل تكوينات األوليجوسين في مصر مساحه صغيرة‬
‫معظمها بازلتي وبركاني تظهر في جبل قطراني في الصحراء الغربية وكبقع متقطعة على طول‬
‫الطريق الصحراوي بين القاهرة والسويس وفي منطقة أبو زعبل شمال القاهرة‪.‬‬
‫جـ‪ -‬تكوينات عصر الميوسين في مصر‪ :‬تغطي التكوينات الميوسينية حوالي ‪ %11‬من جملة‬
‫مساحة مصر وتوجد في عدة مناطق في شكل الحجر الجيري الصلب مثل هضبة مارماريكا‬
‫ومعظمها تكوينات جيرية بعضها جير رملي وبعذها جير طباشيري نقي‪.‬‬
‫د_ تكوينات عصر الباليوسين في مصر‪ :‬أخر مراحل الغمر البحري في الزمن الثالث وتكويناته‬
‫تغطي مساحة صغيرة من مصر حوالي ‪ 0.111‬كم‪ 2‬ونتج عن هذا العصر تلك الرواسب التي‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪23‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تظهر على جانبي نهر النيل وقد تحول وادى النيل خالل هذا العصر إلى خليج ترسبت على‬
‫جوانبه رواسب من الحصى والرمال مختلفة بتكوينات بحرية فى الشمال وقد شق نهر النيل‬
‫مجراه بعد انحساره البحر أواخر الباليوسين وتشكلت مجموعة المدرجات التي تظهر اآلن على‬
‫هوامش السهل الفيضي للنيل في شكل تالل ورقع رسوبية متقطعة‪ .‬وعلى تلك المدرجات عاش‬
‫المصري القديم األول‪.‬‬
‫ومن رواسب هذا العصر أيضا الرواسب الدلتاوية الرملية بمنخفض النطرون وهى ذات أصل‬
‫نهرى يدل على ذلك ما بها من بقايا لحيوانات فقارية ومن الصخور الباليوسينية أيضا رواسب‬
‫منطقة الطوفا بمنخفض القطارة والرواسب الرقيقة التي تغطى أجزاء من سطح هضبة مارماريكا‬
‫وهضبة السلوم وكذلك الرواسب الحصوية المنتشرة على جانبى الطريق الصحراوي ما بين‬
‫القاهرة والسويس وعلى ساحل البحر األحمر في منطقة السهل الساحلى في الشواطئ المرتفعة‬
‫والشعاب المرجانية التي تمتد على طول الساحل في مناطق معينة في شكل مدرجات مرتفعة‬
‫مثل تلك الموجودة جنوب وادى مبارك ووادي شونى‪.‬‬
‫‪ -‬الزمن الرابع أو الباليستوسين‪:‬‬
‫يعد الباليستوسين أو الزمن الرابع أقصر األزمنة الجيولوجية عم ار (حوالي مليون عام) ورغم‬
‫ذلك فقد ترك بصمة واضحة في تشكيل سطح مصر ويرجع ذلك إلى عدة أسباب وهي‪:‬‬
‫‪ -‬أخر عصر جيولوجي مر على األرض ولذلك تبرز أهميته لدارسي الجيوأركيولوجي‪.‬‬
‫‪ -‬تغطي تكويناته مساحه كبيرة من أرض مصر (حوالي ‪145.111‬كم‪.)2‬‬
‫ويشتمل على عصرين فقط هما الباليوستوسين والهولوسين أو الحديث‪ .‬وقد امتد الباليستوسين‬
‫فى أحدث التقديرات إلى حوالى ‪ 3.5‬مليون سنة‪ .‬في حين لم يتجاوز زمن العصر الحديث ‪12‬‬
‫ألف سنة فقط‪.‬‬
‫أنواع الرواسب الباليستوسينية والتي يغطى بعضها المواقع األثرية‪:‬‬
‫‪ -1‬الرواسب القارية وتنقسم إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬رواسب هوائية‪ :‬هى رواسب رملية وتعد أكثر الرواسب انتشا ار مثل بحر الرمال العظيم‪.‬‬
‫ب‪ -‬رواسب مائية‪ :‬تتمثل في الرواسب البحيرية الطينية تظهر فى بقاع منتشرة فى صحارى‬
‫مصر خاصة بالهضبة الجنوبية مثلماً الحال قرب بئر طرفاوى وبئر صحراء‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪24‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ج‪ -‬الرواسب البحرية‪ :‬وتتمثل في شكل سبخات ساحلية تتاخم خط الشاطئ البحري وكذلك في‬
‫رواسب التالل الجيرية البويضية بالساحل الشمالي بالصحراء الغربية وتظهر كذلك على ساحل‬
‫البحر األحمر وساحل خليج السويس‪.‬‬
‫تتركب تكوينات عصر الباليوستوسين من رواسب األنهار القديمة والرواسب التي نحتها‬
‫واكتسحها الجليد المتحرك ثم أرسبها‪ .‬أما رواسب العصر الحديث الهولوسين فتتكون من رواسب‬
‫األنهار الحالية من حصى ورمل وطمي ومن الرواسب الهوائية مثل الكثبان الرملية ومن‬
‫ً‬
‫الرواسب التي تتراكم في البحيرات والبحار والمحيطات‪ .‬وهى محور اهتمامنا فى تحليل رواسب‬
‫المواقع األثرية‪.‬‬
‫أيضا بالعصر الجليدي انخفضت درجات‬ ‫وفي أثناء عصر الباليوستوسين الذي يعرف ً‬
‫الح اررة العالمية‪ .‬كما ازداد التساقط في هيئة ثلج مما أدى إلى تراكم الجليد فوق مساحات هائلة‬

‫من قارة أوربا وآسيا وأمريكا الشمالية أما في نطاق الصحاري الحارة الجافة ً‬
‫حاليا كالصحراء‬
‫الكبرى اإلفريقية فقد ازداد سقوط المطر ومن ثم يعرف هذا العصر فيها بالعصر المطير‪.‬‬
‫ال تزال الغالبية العظمى من الكائنات الحية التي عاشت في عصر الباليوستسين‬
‫موجودة حتى وقتنا الحالى ولم ينقرض سوى عدد قليل من الحيوانات الثديية وقد ثبت بما ال‬
‫موجودا في هذا العصر فقد عثر على عظام اإلنسان نفسه‬
‫ً‬ ‫مجاال للشك بأن اإلنسان كان‬
‫ً‬ ‫يدع‬
‫وعلى الكثير من األدوات الحجرية التي كان يستعملها في الصيد وفي الدفاع عن نفسه‪.‬‬
‫أما في العصر الحديث فقد بلغت األحياء أقصى درجات الكمال وهو عصر اإلنسان الحديث‪.‬‬
‫تعتبر الرواسب النهرية بمثابة التربة الزراعية الخصيبة التي تمد البشر بمواد الغذاء‬
‫ومحاصيل األلياف‪ .‬وهى مهد الزراعة التي ظهرت فى بالد الرافدين ووادي النيل‬
‫األهمية الجغرافية لألزمنة الجيولوجية‪:‬‬
‫من هذا العرض العام لألزمنة الجيولوجية يتضح بجالء أنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة‬
‫للجيوأركيولوجي فهي تفسر له الكثير من الظاهرات الجيومورفولوجية البحتة التي يتعذر عليه‬
‫ملما بخصائص كل منها‪ .‬وكذلك التطورات الطبيعية والحيوية التي حدثت‬
‫تفسيرها ما لم يكن ًّ‬
‫خالل فترة الترسيب وطمر المواقع اآلثرية‪ .‬حيث تظهر دراسات الرواسب في المواقع األثرية‬
‫السياق الجيوأركيولوجي لكل موقع من حيث ماضيه وحاضره ومستقبله وال يمكن فهم ذلك‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪25‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫السياق إال بالتعرف على الماضي ومن هنا تأتي أهمية اإللمام بخصائص األزمنة والعصور‬
‫الجيولوجية بالنسبة للجيوأركيولوجي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المالمح التضاريسية لسطح مصر‪:‬‬
‫ً‬
‫تقع جمهورية مصر العربية فلكيا بين خطي عرض ‪ 32 - 22‬شمال خط االستواء‬
‫‪2‬‬
‫وبين خطي طول ‪ ْ 30 - ْ 24‬شرقي خط جرينتش‪ .‬وتبلغ مساحتها حوالي مليون كم‬
‫وبالتحديد ‪ 990‬ألف كم‪ .2‬والمساحة المأهولة تبلغ ‪ 09111‬كم‪ 2‬بنسبة ‪ % 0.2‬من المساحة‬
‫الكلية‪ .‬وتقع مصر في الركن الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا‪ .‬ويحدها من الشمال البحر‬
‫المتوسط بساحل يبلغ طوله ‪ 995‬كم ويحدها شرقا البحر األحمر بساحل يبلغ طوله ‪1941‬‬
‫كم ويحدها فى الشمال الشرقي فلسطين المحتلة بطول ‪ 245‬كم ويحدها من الغرب ليبيا‬
‫بطول ‪ 1115‬كم كما يحدها جنوبا السودان بطول ‪ 1221‬كم‪.‬‬
‫وتنقسم تضاريس جمهورية مصر العربية إلي أربعة أقسام رئيسية‪:‬‬
‫‪ -2‬الصحراء الشرقية‬ ‫‪ -1‬الصحراء الغربية‬
‫‪ -4‬وادي النيل والدلتا‬ ‫‪ -3‬شبه جزيرة سيناء‬
‫وفيما يلى دراسة لهذه األقسام األربعة‪.‬‬
‫‪ -1‬الصحراء الغربية ‪:‬‬
‫تبلغ مساحة الصحراء الغربية حوالي ‪ 421‬ألف كيلومتر مربع بنسبة ‪ %42‬من مساحة‬
‫مصر تقريبا‪ .‬وهي تمتد من وادي النيل في الشرق حتى الحدود الليبية في الغرب ومن البحر‬
‫المتوسط شماال إلي الحدود المصرية الجنوبية وتنقسم إلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الهضاب‪:‬‬
‫‪ -‬الهضبة الجنوبية وتعرف باسم هضبة الجلف الكبير وهى هضبة رملية يبلغ ارتفاعها أكثر‬
‫من ‪ 1111‬متر‪.‬‬
‫‪ -‬الهضبة الوسطى وهى هضبة من الحجر الجيري الرملي ويتراوح ارتفاعها بين ‪051-511‬‬
‫متر ‪.‬‬
‫ًا‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪26‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ -‬الهضبة الشمالية هضبة الدفة أو هضبة مرمريكا‪ .‬ويبلغ متوسط ارتفاعها ‪ 251‬مترا‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجبال‪:‬‬
‫تضم الصحراء الغربية حبال واحدا رئيسيا فى الجنوب يعرف باسم جبل العوينات ‪1912‬‬
‫متر ويقع على الحدود بين مصر وليبيا والسودان‪.‬‬
‫كما تضم الصحراء الغربية تالل محلية تشتهر بأسماء جبال ويطلق عليها جبل القرن‬
‫وينسب إلى الواحة المجاورة لها كما فى الواحات الخارجة قرن بوالق وقرن جناح وقرن باريس‬
‫وكذلك جبل أدمنستون فى غرب الموهوب فى الداخلة‪.‬‬
‫ج‪ -‬المنخفضات‪:‬‬
‫تضم الصحراء الغربية اكبر عدد من المنخفضات فى مكان واحد بالعالم وهى بالترتيب‬
‫المجموعة الجنوبية ثم الوسطى ثم الشمالية كالتالى‪:‬‬
‫‪ -‬مجموعة المنخفضات الجنوبية وتضم توشكى والخارجة والداخلة وابو منقار‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة المنخفضات فى المنطقة الوسطى وتضم الفرافرة والبحرية والريان والفيوم‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة المنخفضات فى المنطقة الشمالية وتضم النطرون والقطارة وسيوة‪.‬‬
‫د‪ -‬الواحات‪:‬‬
‫تعرف الواحة بأنها مكان منخفض فى الصحراء يصل إلى منسوب الماء الجوفى ويظهر‬
‫به الماء والنبات‪ .‬وتضم الصحراء الغربية العديد من الواحات ومنها واحة الخارجة والواحات‬
‫الداخلة والواحة الفرافرة والبحرية والفيوم وسيوة‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬أهم األودية‪:‬‬
‫تظهر األودية فى الساحل الشمالي فى هضبة الدفة شماال قرب مطروح وحتى السلوم‪.‬‬
‫فى حين يوجد واديان ضخمان مدفونان فى الصحراء الغربية ينبعان من جبل العوينات‪.‬‬
‫‪ -3‬الصحراء الشرقية ‪:‬‬
‫تبلغ مساحتها نحو ‪ 221.111‬كيلو متر مربع أي بنسبة ‪ % 21‬من مساحة مصر‪.‬‬
‫وتمتد بين وادي النيل غربا والبحر األحمر وخليج السويس وقناة السويس شرقا ومن بحيرة المنزلة‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪27‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫علي البحر المتوسط شماال حتى حدود مصر مع السودان جنوبا‪ .‬وتتميز الصحراء الشرقية‬
‫بوجود المرتفعات الجبلية التي تطل علي البحر األحمر ويصل ارتفاعها إلى حوالي ‪ 1511‬متر‬
‫فوق سطح البحر وتعتبر هذه الصحراء بمثابة مخزون الموارد الطبيعية المصرية من خامات‬
‫المعادن المختلفة كالذهب والبترول‪.‬‬
‫أ‪ -‬الهضاب‪:‬‬
‫تضم الصحراء الشرقية ثالث هضاب تمثل االمتداد الشرقي لنفس هضاب الصحراء‬
‫الغربية وبنفس تكوينها وهى‬
‫‪ -‬الهضبة الجنوبية وهى هضبة رملية تعرف باسم العبابدة ويبلغ ارتفاعها ‪ 1111‬متر‪.‬‬
‫‪ -‬الهضبة الوسطى وتعرف باسم هضبة المعازة وهى هضبة جيرية ويبلغ ارتفاعها بين ‪051‬‬
‫– ‪ 511‬متر‪ .‬ويفصلها وادى قنا عن الهضبة الجنوبية‪.‬‬
‫‪ -‬سهل شمال شرق الدلتا وهو سهل مستوى جيرى وتغطيه رواسب سطحية رملية وطينية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجبال‪:‬‬
‫تزخر الصحراء الشرقية بالعديد من الجبال التى يتراوح ارتفاعها بين ‪1511-1111‬‬
‫متر وأهمها من الجنوب جبل علبة وجبل الشايب والدخان وحماطة وبخرص‪.‬‬
‫ج‪ -‬المنخفضات‪:‬‬
‫تتميز الصحراء الشرقية باالرتفاع الكبير وعدم وجود منخفضات مثل الصحراء الشرقية‪.‬‬
‫د‪ -‬الواحات‪:‬‬
‫تضم الصحراء الشرقية واحة رئيسية تعرف باسم واحة بير عريضة وتشتهر بوجود دير‬
‫القديس سانت انطونيوس ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬أهم األودية‪:‬‬
‫تتميز األودية فى الصحراء بنظامين أحدهما يتجه نحو البحر األحمر‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪28‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫واآلخر يتجه نحو وادى النيل‪ .‬وتتميز أودية نظام البحر األحمر بأنها قصيرة وسريعة الجريان‬
‫وأهمها وادى الجمال وجاسوس‪ .‬أما أودية وادى النيل فتتميز بأنها طويلة وبطيئة الجريان ومن‬
‫أهها وادى العالقى وقنا واألسيوطى وسنور‪.‬‬
‫‪ -4‬شبه جزيرة سيناء ‪:‬‬
‫تبلغ مساحتها حوالي ‪ 41.111‬كيلو متر مربع أي حوالي ‪ % 4‬من مساحة مصر‬
‫وهي على شكل مثلث الشكل قاعدته على البحر المتوسط شماال ورأسه جنوبا في منطقة رأس‬
‫محمد وخليج العقبة من الشرق وخليج السويس وقناة السويس من الغرب وتنقسم سيناء من حيث‬
‫التضاريس إلي ثالثة أقسام رئيسية هي ‪:‬‬
‫‪ -‬القسم الجنوبي‪:‬‬
‫وهو منطقة وعرة شديدة الصالبة تتألف من جبال جرانيتية شاهقة االرتفاع ويصل‬
‫ارتفاع جبل كاترين نحو ‪ 2545‬مت ار فوق سطح البحر وهو أعلى قمة جبلية في مصر‪.‬‬
‫‪ -‬القسم األوسط‪ :‬وهو منطقة الهضاب الوسطي وتضم هضبة العجمة الجيرية وارتفاعها يبلغ‬
‫‪ 1511‬متر‪ .‬ويليها هضبة التيه وهى هضبة جيرية يبلغ ارتفاعها نحو ‪ 1111‬متر ‪ .‬وقد تاه‬
‫بها بني اسرائيل فى رحلة الخروج من مصر‪.‬‬
‫‪ -‬القسم الشمالي‪ :‬وهو يضم المنطقة المحصورة بين البحر المتوسط شماال وهضبة التيه جنوبا‬
‫وهو عبارة عن أرض منبسطة ومنطقة سهلية تكثر فيها موارد المياه الناتجة عن األمطار التي‬
‫تنحدر مياهها من المرتفعات الجنوبية وهضاب المنطقة الوسطي‪ .‬وهو قسم رملى يبلغ ارتفاع‬
‫منسوبه ‪ 251‬متر‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجبال‪:‬‬
‫تضم سيناء مجموعة من الجبال فى الجنوب وهى جبل كاترين ‪ 2544‬وجبل موسى‬
‫وسربال وجبل البنات‪ .‬ومجموعة اخرى فى الشمال اهمها المغارة وحالل وجبل يلج‪.‬‬
‫ج‪ -‬المنخفضات‪:‬‬
‫ال تضم سيناء منخفضات مثلما في الصحراء الشرقية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪29‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫د‪ -‬الواحات‪:‬‬
‫تضم سيناء عدد من الواحات أهمها فى الجنوب واحة غرندل وفيران ‪ ..‬وفى الوسط‬
‫تضم الحسنة ونخل والقصيمة والكونتال وفى الشرق تضم واحة عين الجديرات‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬أهم األودية‪:‬‬
‫تضم سيناء ثالث أنظمة لألودية ‪ ..‬األول هو نظام البحر المتوسط ممثل فى وادى‬
‫العريش‪ .‬ويليه نظام اودية خليج العقبة ويمثلها وادى وتير ووادى كيد‪ .‬وأودية نظام خليج السويس‬
‫ويمثلها وادى فيران وغرندل‪.‬‬
‫‪ -4‬وادي النيل والدلتا ‪:‬‬
‫يشكل وادي النيل والدلتا أقل من ‪ %4‬من المساحة الكلية للبالد أي حوالي ‪35111‬‬
‫كم‪ .2‬ويبدأ وادي النيل جنوبا من شمال وادي حلفا حتى البحر المتوسط وينقسم إلي مصر العليا‬
‫(الصعيد) من حلفا إلي جنوب القاهرة ومصر السفلى (دلتا النيل) من شمال القاهرة إلي البحر‬
‫المتوسط‪.‬‬
‫ويمتد نهر النيل من الحدود المصرية جنوبا إلي مصبيه في البحر المتوسط شماال‬
‫بطول ‪ 1532‬كيلومت ار تقريبا ‪..‬ويتفرع النيل شمال القاهرة إلي فرعين رئيسيين هما فرع دمياط‬
‫وفرع رشيد اللذان يحصران بينهما مثلث الدلتا الذي يعد من أخصب األراضي الزراعية‪.‬‬
‫ويبلغ مساحة وادى النيل نحو ‪ 11111‬كم‪ 2‬في حين تبلغ مساحة الدلتا نحو ‪25111‬‬
‫كم‪.2‬‬
‫ويقدر عدد الجزر بنحو ‪ 144‬جزيرة وهي جزر طينيه من رواسب نهر النيل معظمها‬
‫مسكون وبعضها يمثل جزء رئيسي من المدن المهمه مثل جزيرة الزمالك والروضه في مدينة‬
‫القاهرة وهناك جزر جرانيتية مثل جزيرة اسوان وجزيرة سلوقه وسهيل‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪30‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ثال ًثا‪ :‬أبرز التغيرات البيئية الجيولوجية في الباليستوسين ‪:‬‬

‫تغير المناخ هو أي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة‬
‫معينة ويشمل درجات الح اررة معدل التساقط وحالة الرياح‪ .‬وتعد ظاهرة التغيرات المناخية أكبر‬
‫التغيرات البيئية التي حدثت في الزمن الرابع وتركت بصماتها على مظاهر سطح األرض‬
‫وانعكس ذلك على اإلنسان وكافة أشكال الحياة النباتية والحيوانية‪.‬‬
‫أ‪ -‬ظاهرة التغيرات المناخية‪:‬‬
‫يمكن تحديد أسباب ظاهرة التغير المناخي فى‪:‬‬
‫‪ -1‬أسباب طبيعية‪:‬‬
‫وتنقسم األسباب الطبيعية إلى أسباب طبيعية تأتى من خارج كوكب األرض وأسباب طبيعية‬
‫تحدث من داخل كوكب األرض كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أسباب خارجية‪:‬‬
‫‪ -‬تغير اإلشعاع الشمسي‪ :‬حيث يتراوح معدل التغير بين ‪ %2 – 1.5‬من قيمة اإلشعاع‬
‫الصادر من الشمس ويتغير بفعل ظاهرة البقع الشمسية مما يؤدى إلى اختالفات في الضغط‬
‫الجوي وبالتالي حركة الرياح ونظام سقوط المطر على األرض ويؤدى إلى قيام حضارات وانهيار‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬سقوط نيازك ضخمة‪ :‬حيث يؤدى ذلك إلى حدوث غبار ضخم يلف السماء ويحجب األشعة‬
‫الشمسية وتموت النباتات وتموت الحيوانات التي تتغذى عليها وقد كان ذلك سببا في موت‬
‫الديناصورات والحيوانات الضخمة قديما‪.‬‬
‫‪ -‬سحب الغبار الكوني‪ :‬حيث تدخل األرض في منطقة بها الغبار الكوني في الفضاء فتضعف‬
‫أشعة الشمس الواردة إلى األرض‪.‬‬
‫‪ -‬أسباب داخلية‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة ثورات البراكين حيث تؤدي إلى زيادة األتربة فى الغالف الغازى وتحجب األشعة‬
‫الشمسية‪.‬‬
‫‪ -‬ميل محور األرض‪ :‬لألرض دورتان وهما الدورة اليومية حول نفسها وينتج عنها الليل والنهار‪.‬‬
‫والدورة السنوية حول الشمس وينتج عنها الفصول األربعة وتحديد مناطق الظروف المناخية وفقا‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪31‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫لميل محور األرض الذي يبلغ ‪ 23.5‬درجة عن المحور ال أرسي‪ .‬وبالتالي فإن أقصى تعامد‬
‫ألشعة الشمس شماال أو جنوبا ال يتجاوز دائرة العرض هذه‪ .‬ويترنح هذا الميل في دورة تبلغ‬
‫‪ 24‬ألف سنة حيث تصل ما بين ‪ 23.2 – 23.4‬درجة وبالتالي يحدث زحزحة لموقع مدار‬
‫السرطان والجدى وما يترتب عليه من تغيرات مناخية‪.‬‬
‫‪ -2‬أسباب بشرية‪:‬‬
‫ليس لإلنسان القديم دور فى هذا فقد حدثت األسباب البشرية بسبب نشاط اإلنسان‬
‫الحديث منذ قيام الثورة الصناعية في القرن ‪ .10‬وبفعل زيادة التلوث بأنواع الثالث البرى والبحرى‬
‫والجوى وزيادة غازات التسخين والمعروفة باسم غازات الكلوروفلوروكربون وزيادة بخار الماء فى‬
‫الجو‪ .‬عالوة على قطع الغابات واختالل التوازن البيئي‪.‬‬
‫‪ -‬تصنيف ظاهرة التغير المناخى‪:‬‬
‫يمكن تصنيف أبعاد ظاهرة التغير المناخي فى‪:‬‬
‫‪ -‬تغيرات دورية‪ :‬تعد الدورية في المناخ ظاهرة شائعة وأبسط أنواعها التغيرات بين الليل‬
‫والنهار في أحوال الجو وكذلك التغيرات الموسمية بين الصيف والشتاء‪ .‬والتغيرات طويلة‬
‫األمد والتي ترتبط بالبقع الشمسية في دورة السبع سنوات والدورات األطول‪.‬‬
‫‪ -‬اإلحساس بالتغير‪ :‬وهو تحديد التغير علميا من خالل البيانات اإلحصائية المتوقعة‬
‫للمستقبل‪.‬واحساس اإلنسان فعليا‪.‬‬
‫‪ -‬مساحة التغير‪ :‬وترتبط بمساحة المنطقة التى يحدث فيها التغير وهى‪:‬‬
‫* تغير موضعي فى مكان محدد مثل تغير مناخ مدينة أسوان بفعل إنشاء بحيرة ناصر‪.‬‬
‫* تغير نطاقى ويحدث فى نطاق عرضى كبير كما يحدق فى إقليم الساحل فى غرب‬
‫أفريقيا والمعروف باسم إقليم الجفاف أو إقليم الجوع ‪.‬‬
‫* تغير كوكبى وقد حدث على مدار التاريخ الجيولوجى عدة مرات حيث يتحول كوكب‬
‫اآلرض كله إلى ظروف دفيئة او ظروف باردة‪.‬‬
‫‪ -‬مظاهر التغير المناخي‪:‬‬
‫تتمثل مظاهر التغير المناخى فى حدوث فترات جليدية في أوربا يقابلها فترات مطيرة‬
‫فى شمال أفريقيا يعقبها فترات جفاف‪.‬‬
‫‪ -‬الفترات الجليدية‪:‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪32‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫هي فترات زمنية مختلفة كانت خالل عصر البلستوسين الجليدي الذي انتشر فيه‬
‫الجليد بعيداً عن المناطق القطبية واصالً حتى العروض المتوسطة ويتميز هذا العصر بأربعة‬
‫فترات جليدية فى قلب أوربا تفصل بين كل منها فترة غير جليدية‪ .‬ولكن على األطراف كان‬
‫الجليد يتراجع ويتقدم بسرعة أكبر من تراجع الجليد عن قلب أوربا مما أدى إلى زيادة عدد‬
‫الفترات الجليدية إلى ‪ 12‬فترة فى بعض األماكن الواقعة على أطراف المنطقة‪ .‬وكانت الفترات‬
‫الرئيسية كما يلى‪:‬‬
‫• الدور الجليدي‪ :‬جينز (بدأ قبل ‪ 2.251.1111‬سنة)‪.‬‬
‫• الدور بين الجليدي‪ :‬جينز‪ -‬مندل (بدأ قبل ‪ 1.031.111‬سنة)‪.‬‬
‫• الدور الجليدي‪ :‬مندل (بدأ قبل ‪ 1.411.111‬سنة)‪.‬‬
‫• الدور بين الجليدي‪ :‬مندل‪ -‬ريس (بدأ قبل ‪ 911.111‬سنة)‪.‬‬
‫• الدور الجليدي‪ :‬ريس (بدأ قبل ‪ 541.111‬سنة)‪.‬‬
‫• الدور بين الجليدي‪ :‬ريس‪ -‬فورم (بدأ قبل ‪ 321.111‬سنة)‪.‬‬
‫• الدور الجليدي‪ :‬فيرم (بدأ قبل ‪ 101.111‬سنة)‪.‬‬
‫‪ -‬الفترات المطيرة‪:‬‬
‫هى فترات سقوط مطر فى شمال أفريقيا بغ ازرة وتكررت م ار ار ولم تكن مرتبطة بتوقيت‬
‫حدوث الجليد في أوربا أو فى الفترات بين الجليدية‪ .‬وكان يعقبها فترات جفاف‪.‬‬
‫أدلة حدوث التغير المناخي‪:‬‬
‫تتعدد األدلة على حدوث التغيرات المناخية فى أوربا بسبب اآلثار المترتبة على وجود‬
‫الجليد‪ .‬ويهمنا هنا اآلثار المترتبة على وجود الفترات المطيرة في شمال أفريقيا وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود بقايا وعظام الفيلة والزراف وعظام الجاموس البري وبيض النعام وغيرها من الحفريات‬
‫في الصحراء الغربية‪ .‬والتي تعيش في نطاق السافانا األفريقية حاليا في بيئة غزيرة األمطار‪.‬‬
‫‪ -2‬اكتشاف أودية ضخمة في حجم وادي النيل مدفونة تحت الرمال في مناطق متعددة من‬
‫بواسطة األقمار الصناعية‬
‫‪ - -3‬انتشار العديد من األودية الجافة الحديثة فوق قمم جبال البحر األحمر‪.‬‬
‫‪ -4‬وجود خزانات مياه جوفية ضخمة وكبيرة والتى تحدد عمرها بمايزيد عن ‪ 25‬ألف سنة‪.‬‬
‫‪ -5‬وجود آثار رواسب بحيرات قديمة وكبيرة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪33‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ -4‬اكتشاف آثار عديدة لمجموعات بشرية عاشت في تلك المناطق المطيرة وقد تركت لنا هذه‬
‫المجموعات من البشر أعدادا هائلة من اآلالت الحجرية واألواني الفخارية وصور للحيوانات‬
‫التي عاشت في تلك البيئة مسجلة على جدران الكهوف التي كانوا يعيشون فيها‪.‬‬
‫اآلثار المترتبة على حدوث التغيرات المناخية‪:‬‬
‫يمكن إجمال اآلثار المترتبة على حدوث التغيرات المناخية فى نتائج إقليمية كبيرة ونتائج محلية‪.‬‬
‫‪ -1‬النتائج اإلقليمية الكبرى‪:‬‬
‫أ‪ -‬الشواطئ القديمة‪ :‬ونتجت عن تراكم الجليد فوق اليابس مما ترتب عليه انخفاض مستوى‬
‫منسوب البحار على مستوى العالم فى حين يرتفع منسوب الماء مرة أخرى بعد ذوبان‬
‫الجليد‪ .‬وتنقسم إلى نوعين شواطئ غارقة وشواطئ مرتفعة‪.‬‬
‫ب‪ -‬المدرجات أو الشرفات النهرية‪ :‬وقد نتجت من تغير منسوب مياه البحار والمحيطات‬
‫مما نتج عنه تغير مستوى القاعدة التى يصب فيها النهر وبالتالي تحدث عملية نحت فى‬
‫رواسب السهل الفيضي ويترك شرفة أو مدرج نهرى‪ .‬وفى وادي النيل تم تحديد تلك‬
‫المدرجات بمنسوب ‪ 15 45 41 91 115 241‬متر‪.‬‬
‫جـ‪ -‬المعابر اآلرضية‪ :‬وتعتبر أهم ظاهرة حدثت بسبب انخفاض منسوب سطح البحر مما‬
‫أدى النكشاف معابر أرضية بين القارات وبين الجزر وبعضها ومن أشهرها ممر بهرنج‬
‫بين أالسكا وآسيا وممر ملقا بين آسيا ومجموعة جزر المحيط الهندى‪ .‬وممر جبل طارق‬
‫وباب المندب وغيرها‪ .‬وقد ترتب على هذه المعابر هجرة المجموعات البشرية من مكان‬
‫آلخر وكذلك الحيوانات والنباتات‪.‬‬
‫‪ -2‬النتائج المحلية والموضعية‪:‬‬
‫أ‪ -‬وجود أودية كبيرة قديمة في عمرها وقد تصل أكثر من ‪ 211‬ألف سنة‬
‫ب‪ -‬وجود أودية جافة وهى حديثة قد تصل ‪ 11‬أالف سنة‪.‬‬
‫ج‪ -‬وجود آثار بحيرات قديمة كبيرة أو صغيرة‪.‬‬
‫د‪ -‬وجود مياه جوفية مختزنة في مناطق جافة‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تشكل السواحل بشكلها النهائي‪.‬‬
‫و‪ -‬وجود المنخفضات كما في الصحراء الغربية‪.‬‬
‫ز‪ -‬وجود ظاهرة الينابيع القديمة الحفرية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪34‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفصل الثالث‬
‫أسباب اختيار مواقع‬
‫المستوطنات ومراكز‬
‫االستقرار القديمة‬
‫‪ -‬مراكز العمران المؤقتة‬
‫‪ -‬مراكز العمران الثابتة‬
‫‪ -‬عوامل نشأه مراكز االستقرار‬
‫القديمة‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪35‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫عاش اإلنسان البدائى لمئات اآلالف من السنين متنقال لم يترك آثار تدل على وجود‬
‫مراكز استقرار دائم في تلك الفترة وانما ظهر ذلك خالل الفترات التاريخيه التي بدأت باكتشاف‬
‫اإلنسان للزراعه وعلى خلقيه هذه المراحل التي مرت بها العالقه بين اإلنسان والبيئة نستطيع‬
‫ان نقسم مراكز العمران البشرى على مدار التاريخ إلى مراكز عمران مؤقته ومتنقله؛ وآخرى ثابته‬
‫سواء كانت في الريف او الحضر‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مراكز العمران المؤقتة‪:‬‬
‫ظهرت مراكز العمران المؤقته خالل الفترة التي سادت فيها حرفة الجمع وااللتقاط‬
‫والصيد تلك الفترة التي امتدت لمئات اآلالف من السنين وحتى اكتشاف اإلنسان للزراعة‬
‫وكانت هذه الحرفة –كما ذكرنا من قبل– هى السائدة في كل المناطق التي عمرها اإلنسان‬
‫وانتشر فيها حتى مرحلة الزراعة‪ .‬ولما كانت أنـشطة "جمع الغذاء" بطبيعتها تتطلب االنتقال‬
‫طبيعيا أن تكون مراكز العمران – إن جاز‬
‫ً‬ ‫الدائم والحركة المستمرة من اإلنسان في المكان كان‬
‫القول– مؤقته هى اآلخرى وعندما يهجرها اإلنسان منتقالً إلى مكان آخر سرعان ما يختفى‬
‫أثرها من البيئة وال يتبقى لها مالمح وال أثار متبقية‪.‬‬
‫وتعددت اشكال مراكز العمران تلك فمنها الكهوف الطبيعية وتلك التي عدلها اإلنسان‬
‫طا ويبنى من مكونات البيئة وكان الشكل الغالب على بنائها‬
‫لسكناه ولكن األغلب منها كان بسي ً‬
‫من األخشاب أو أغضان األشجار وبعضها كان معلًقا على األشجار وبعضها اآلخر على سطح‬
‫األرض في منطقة مكشوفة من النبات أو يزيل اإلنسان ما حولها من نباتات حتى يتاح لإلنسان‬
‫في تلك الفترة حماية نفسه من الحيوانات المفترسة‪.‬‬
‫وعند اكتشاف الزراعة بدأت أنشطة اإلنسان تتجه إلى الزراعة والى األنشطة اآلخرى‬
‫التي صاحبت ظهورها وبالتالى بدأت مساحات األرض التي كان يمارس فيها اإلنسان أنشطة‬
‫يجيا مع زحف األنشطة الجديدة واتجاه اإلنسان إلى األنشطة‬
‫جميع الغذاء في التقلص تدر ً‬
‫الزراعية والمستقرة‪ .‬واستمر الحال على هذا المنوال حتى العصر الحالي والذى انكمشت فيه‬
‫األرض التي يمارس اإلنسان عليها أنشطة جمع الغذاء والتي ارتبطت بالبيئات الفقيرة في‬
‫الصحاري القديمة‪.‬‬
‫حاليا فى بعض مناطق العالم الزال اإلنسان يعيش على حرفه جمع الغذاء‬ ‫وال زال ً‬
‫متنقال في رحالت موسمية ويومية من أجل جمع الغذاء وبالتالى فإن مراكز االستقرار المؤقت‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪36‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الزالت مصاحبة لهذه الجماعات حتى الوقت الحاضر وان تطورت قليالً بحكم الزمن واالحتكاك‬
‫مع أصحاب الحضارات المستقرة فأصبحت بيوتهم تصنع من الجلود وبعضها اآلخر يوجد في‬
‫باطن األرض كمساكن دائمة مثل مساكن جماعات الالب في شبه جزيره اسكندونياور ورعاة‬
‫شتاء إلى حافة الغابات الصنوبرية حيث توجد حيوانات‬ ‫الرنة في روسيا االتحادية حيث ينتقلون‬
‫ً‬
‫صيفا إلى الشمال حيث يتغذى حيوان الصيد‬‫الرنة يجد غذائه في تلك الغابات ثم يتجهون ً‬
‫(الرنة) على الطحالب القطبية ويسكنون في خيام معنى ذلك أن تلك الجماعات وان أقامت‬
‫يضا‪ .‬ولعل‬
‫المسكن الدائم اال أنها ال تقيم فيه اال جزًءا من السنه فقط – أى هو مسكن مؤقت أ ً‬
‫في حياة البداوة التي الزالت تمارسها جماعات كثيرة في أفريقيا وفى الصحراء الكبرى نموذج‬
‫يضا على المساكن المؤقتة (الخيام) التي تحملها الجماعة مع ترحالها المستمر بحثًا‬ ‫حديث أـ ً‬
‫عن الغذاء للماشية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراكز العمران الثابتة‪:‬‬
‫ً‬
‫نشأت مراكز العمران الثابتة في الفترة التي استقر فيها اإلنسان في قطعة ارض محددة‬
‫على سطح األرض وهى فترة اكتشاف اإلنسان للزراعة المستقرة حيث أنها تحتاج استقرار‬
‫دائما بجوار األرض الزراعية ومن ثم ظهرت حاجة اإلنسان إلى مسكن دائم بجوار مزرعته‬
‫ً‬
‫غاليا‬
‫كما أن العائد من األرض الزراعية –المحاصيل– بطبيعة الحال موسمى كانت الزراعه ً‬
‫في بدايتها زراعه لموسم واحد فقط معنى ذلك ان المزارع لن يحصل على غذائه اال مره واحدة‬
‫في السنه وبالتإلى ظهرت الحاجة إلى ”تخزين الطعام” وترنب على ذلك ظهور”المسكنالدائم”‪.‬‬
‫واذا كانت ضرورات السكن للمزارع او لالسره امر فرضته طبيعه الزراعه المستقره‬
‫وتخزين الطعام فان ”مطلب الحمايه واالمن” للجماعه التي مارست الزراعه دفع الجماعات‬
‫الزراعيةإلى تجميع مساكنهم بجوار بعضها ومن هنا نشأت”القرى”الزراعيةالمستقره التي اخذت‬
‫تنتشر– باشكال واحجام مختلفه – في كل منطقة تحول سكأنها من انشطة جمع الغذاء إلى‬
‫انتاجة‪.‬‬
‫وقد ترتب على انتقال اإلنسان من جمع الغذاء إلى انتاجة نتيجة مهمة للغايه فيما يتعلق‬
‫بنشاه مراكز العمران الدائمة‪ .‬فنشاط الزراعه من حيث التقنيه (الفن االنتاجى) ارقى من مرحله‬
‫جمع الغذاء وبالتإلى بدأت الحاجة إلى ادوات جديدة أكثر تنوعا ومتخصصا لم يعد في مقدور‬
‫المزارع الذي شغلته الزراعه على توفيرها لنفسه كما ترتب على انتاج الطعام زياده في الكميه‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪37‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫المتاحة للجماعات التي مارست الزراعه وبالتإلى تحررت فئات من السكان من مزاوله مهنه‬
‫انتاج الطعام وتخصصت في مهن تخصصيه آخرى– غير الزراعه – وبالتإلى ظهرت مهن‬
‫صناعه السالل واالدوات من الفخار وصناعه المالبس من الصفوف وااللياف النباتية والرحى‬
‫من الحجاره لطحن الطعام وادوات الزراعه المصنوعه من الحجر والمعادن وادوات الزينه والبناء‬
‫وظهر على المسرح الكهنه والتجار واالداريون والحراس‪ ..‬الخ وكل هؤالء ال تربطهم عالقه‬
‫مباشره بانتاج الطعام وبالتإلى اقيمة مساكنهم غير مرتبطة باالرض الزراعية وانما في ”مكان‬
‫ما” داخل المجتمعات الزراعيةوهذه كانت لحظة ميالد المدينه التي يسكنها غاليا السكان غير‬
‫الزراعيين‪.‬‬
‫عند هذا الحد يمكن القول بان مراكز العمران الدائم بنوعيه الريفى (القريه) والحضرى‬
‫(المدينه) تدين في نشأتها إلى ظهور نشاط الزراعه والتي بدأت منذ ما يقرب من تسعه االف‬
‫سنه ومنذ ذلك التاريخ تطورت اشكال واحجام ووظائف مراكز العمران البشرى والتي تسود في‬
‫العالم في الوقت الحالي‪ .‬وسوف نكتفى في االجزاء التاليه بتناول اهم مالمح العمران الدائم في‬
‫الوقت الحالي‪.‬‬
‫العمران الريفى ‪:‬‬
‫تنقسم محالت العمران الريفى إلى نوعين هما القرى المندمجة والقرى المبعثره‪ .‬ويمكن‬
‫تناولها بالشرح فيما يلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬القرى المندمجة‪:‬‬
‫يرتبط هذا النمط بانشاء المساكن الريفية في بقعه واحدة مختاره داخل االراضى الزراعيه‬
‫وبالتإلى تكون االراضى المخصصه للمساكن مختلفه ومميزه تماما عن االراضى الزراعية ويبدو‬
‫هذا النمط على الخرائط في تجمعات واضحة وفى مواضع محددة تفصلها عن بعضها البعض‬
‫اراضى وحقول زراعيةممتده دون اى مساكن بها‪.‬‬
‫وقد ارتبطت القرى المندمجة الشكل بالظروف البيئية األصلية فاإلنسان البدائى بمفرده‬
‫غير قادر على درء أخطار الطبيعة وتكون األسرة أو القبيلة أولى مراحل المجتمع وتسكن في‬
‫مساكن متقاربة وربما متالصقة طلًبا لالمن وما أن تتزايد أعداد القبيلة حتى تنتشر مساكنها في‬
‫مساحة أكبر حول النواة األصلية للمحلة العمرانية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪38‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫وتميل الجماعات البدائية إلى التجمع في محله واحدة لعده اعتبارات منها تحقيق االمن‬
‫والحمايه للجماعه من اخطار البيئة المجاوره وفوق ذلك التعاون في زراعه األرض ومع ذلك‬
‫فان هناك محالت عمرانيه لم يكن عنصر تحقيق االمن السبب الرئيسى في نشأتها واندماجها‬
‫ذلك الن مواقع القرى في العصر الحجرى الحديث كان يحده موقع األرض الخصبه والتي تسهل‬
‫فالحتها ومن ثم فان موضع القريه البيئى هو المحور الرئيسى الندماجها‪.‬‬
‫وتختلف القرى المندمجة حسب الحجم اختالفا كبي ار تبعا لطبيعه وموارد البيئة المجاوره‬
‫فعندما تكون فقيره في مواردها تكون القرى صغيره في احجامها فعلى حافات الصحاري تتكون‬
‫القريه من عده اكواخ في حين أن البيئة الغنيه بالمواد الحيوانيه والنباتية تكون قراها كبيرة‬
‫الحجم‪.‬‬
‫على انه ينبغى القول بان ثروة البيئة ام ار متغي ار وليس ثابتا وتعتمد على مواهب السكان‬
‫في استغاللها فالزراعة الكثيفة في السهول الفيضية مثال تمثل استغالل متقدما للتربه – واسهمت‬
‫بدورها في خلق عدد كبير من القرى الكبيرة وارتبط ذلك بطبيعه الحال – بخصوبه التربه وتوفر‬
‫موارد المياه والعوامل الطبيعيه المالئمة للزراعه من ناحية ونمو وتزايد اعداد السكان من ناحية‬
‫آخرى‪.‬‬
‫ب‪ -‬القرى المبعثره‪:‬‬
‫قد تكون المساكن في بعض االحيان مبعثره – دون نظام وغالبا ما تكون مساكن‬
‫صغيرة مفرده او مجموعه صغيره من المساكن والتي تبدو في النهايه على شكل نسيج معقد‬
‫من القرى الصغيره (العزب) واللمزارع غالبه ما يدل هذا التبعثر على عالقة قوية للغايه بين‬
‫مكان السكن ومكان العمل حيث يوجد كل منزل وسط الحقول او المزرعه الخاصه بصاحبه‪.‬‬
‫ويؤدى التطور االقتصادى إلى تحديد اشكال القرى واتجاهها نحو التبعثر وليس‬
‫االندماج ولعل اول عامل مؤثر في ذلك هو نظام الملكيه الزراعيةحيث توجد القرى الصغيره‬
‫مرتبطة بالمزارع الكبيرة التي غالبا ما تكون مق ار لسكنى صاحب األرض الزراعية وبعض العمال‬
‫معه في مساكن مجاوره ومعنى ذلك ان القرى المندمجة اذا كانت نتاجا لتاريخ طويل في استغالل‬
‫األرض وترجع إلى فترات قديمة فان العمران المبعثر نتاج العصر الحديث وللتغير في نمط‬
‫الزراعه والملكيه واستغالل األرض حول القريه حيث تقل مساحة الملكيات الزراعيةقرب مساكنها‬
‫– وتميل إلى الكبر واالتساع بالبعد عنها‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪39‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫العمران المدني (المدينة)‪:‬‬


‫مرحل‬
‫تعد إقامة الجماعات البشرية في نقط خاصه ومراكز معينه نتيجة طبيعيه من ا‬
‫تاريخ تطور حرف اإلنسان‪ .‬ومن الطبيعى ان تتطلب هذه المرحله االستقرار في بقعه ما والتعلق‬
‫باالرض وهذا ما جاءت به حرفه الزراعه ألنها قيدت حركات اإلنسان وجعلته يترك االتحال‬
‫والتجوال كما كان شأنه اثناء ادوار حضارته األولى ونقصد حرفتى الصيد والرعى‪.‬‬
‫ولما كانت حرفه الزراعه تمثل اول عهد لالنسان باستغالل البيئة استغالل منتظما منتجا‬
‫بدأت تظهر نتائج استثمار الموارد الزراعيةوبدأ الناتج يفيض ويزيد عن حاجة الزراع أنفسهم‬
‫ويمكنهم من ان يتبادلوا مع جيرانهم من الرعاه او الصيادين ولهذا السبب كانت الوظيفه األولى‬
‫والغرض الرئيسى من اختيار نقطة ما يجتمع فيها الناس ان تكون سوقا للتبادل ومرك از دائما‬
‫لهذه الحركة‪.‬‬
‫على هذا االساس يمكننا ان نستنتج ان قيام المدن وظهورها في نواحى العالم المختلفه‬
‫يعطى فكره صحيحة عن اعمال سكان البيئات المختلفه ونوع المعيشة التي يعيشونها وان‬
‫العوامل الجغرافيه لها أكبر االثر في تحديد درجة نموها وكبرها وعظمتها‪.‬‬
‫اين تنشأ المدن– تحدد العوامل الجغرافيه المواقع الطبيعيه الصالحة لنشوء المدن غير‬
‫انه يجب ان نذكر ان العوامل الجغرافيه التي تساعد على اختيار نقطة ما لتكون نواه مدينة‬
‫يتجمع فيها لسكان في بادئ األمر قد تختلف بمرور الزمن عن العوامل التي تتحكم في درجة‬
‫رقيها وتقدمها فمثال نشأت القاهره بالقرب من نقطة تفرغ دلتا النيل ولكن اتخاذها قاعده للحكم‬
‫واستغالل موارد الثروه في القطر المصرى بصفه عامة جعلها تخطو في رقيها وحجمها بخطوات‬
‫واسعة حتى أصبح عدد سكأنها يزيد على مليون نسمة‪.‬‬
‫ومن المدن ما تكون وظيفته األولى مرتبطة ارتباطا بالزراعه وقد تكون وليده التقدم‬
‫الصناعى او التجارى في منطقة ما على انه توجد مدن ال ترتبط في نشأتها باحدى هذه‬
‫الصالت بل انشأها اإلنسان وخلقها لغرض في نفسه ومثل ذلك بعض المدن السياسية التي‬
‫اوجدها الوالده والحكام في الماضى او الوقت الحاضر كما هو الحال في بغداد التي انشأها‬
‫جعفر المنصور وبطرسبرج (لننجراد) التي اوجدها بطرس األكبر مؤسس روسيا الحديثه‬
‫والفسطاط التي بناها عمرو ابن العاص‪ .‬ومن اظهر ما يميز امثال هذه المدن ان حياتها قد ال‬
‫تمتد بها إلى أكثر من عصر منشئها وقد تبقى وتزدهر إذا كان ظروفها الجغرافيه تساعدها على‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪40‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ذلك وخير مثال لذلك العواصم المصريه القديمة التي اختفت واصبحت اث ار تاريخيا محضا‬
‫كذلك الفسطاط التي يدل عليها ويخلد ذكر اهميتها الماضية اثار ابنيتها المهدمة على حين نجد‬
‫بغداد قد تقدمت حتى اصبحت قصبه العراق‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬عوامل نشأه مراكز االستقرار القديمة‪:‬‬
‫يمكن تلخيص العوامل الرئيسية التي تساعد على نشاه مراكز االستقرار القديمة فيما يلى‪:‬‬
‫‪ -1‬نقط تقابل مناطق مختلفه من حيث التضاريس فمثال مناطق تقابل السهول والجبال كثي ار‬
‫ما تكون الخط الذي تنشأ فيه المدن وخير مثال لذلك مدن المانيا الجنوبيه الكبيرة مثل‬
‫ميونخ ودرسدنوليبزج‪ .‬او نقط تقابل مناطق منخفضة تشغلها مستنقعات بآخرى سهليه مرتفعه‬
‫نسبيه وخير مثال لذلك مناطق وسط شرق اوربا‪.‬‬
‫‪ -2‬عند تقابل منطقتين مختلفتين من حيث الحياه النباتية واالنتاج االقتصادى فمثال في حاله‬
‫تقابل المناطق الصحراويه بمناطق المراعى تكون مناطق االنتقال عاده مكان نشوء المدن‬
‫كذلك تقابل مناطق االنتاج الزراعى باالقاليم الصحراويه وخير مثال لهذه الظاهره المدن‬
‫المصريه العديدة التي نشأت على حافتى وادى النيل مثل ديروط واسيوط وقنا وغيرها‪ .‬وفى‬
‫حاله تقابل مناطق رعويه بآخرى زراعية يكثر ظهور المدن التي تنشأ للتبادل بين الطرفين‪.‬‬
‫‪ -3‬عند نقط تالقى الوديان الجبلية وقد كان هذا اساس نشأة كثير من المدن في البيئات‬
‫الجبلية بصفه عامة ونضرب لك مثال حال شيفيلد التي يدل اختيار موقعها على اهميتها‬
‫من هذه الناحية ولو ان شيفليد الحديثة مدينة في اهميتها ونهضتها إلى اشتغالها بالصناعه‪.‬‬
‫‪ -4‬عند مدخل االدويه الجبلية بحيث تكون المدينة متحكمة في الوادى ومشرفه عليه في الوقت‬
‫ذاته وخير مثال لهذا النوع مدن اليونات القديمة فان كال منها كانت عند مدخل واد من‬
‫اوديه بالد اليونان الجبلية ومثال ذلك موقع اسبرطة وينطبق هذا القول على مدن شبه‬
‫جزيرة البلقان بصفه عامة وبخاصه في البانيا ومقدونيا والقسم الجنوبى من يوجوسالفيا‪.‬‬
‫‪ -5‬كثي ار ما تنشأ المدن في نقط تمتاز بالحصانه والمناعه وقد كانت هذه الظاهره ذات اهميه‬
‫عظيمة في العصور القديمة ولذلك كانت معظم مدن العالم القديمة الشهيره عباره عن‬
‫مناطق حصينة مشيده في جهات ذات مناعه حربيه يمكن الدفاع عنها بسهوله طبيعه فمثال‬
‫قامت بيت المقدس في نقطه منيعه تحميها اوديه عميقة في معظم جهاتها كما شيدت اثينا‬
‫في نقطة تحوط المرتفعات بها ن معظم الجوانب كذلك حال ادنبره وروما فان اختيار موقع‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪41‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫كل منها كان نتيجة لمزايا هذا الموقع مما جعل احتشاد الناس في هذه البقاع ام ار يمكنهم‬
‫من الدفاع عن انفسهم والذود عن حياضهم ويجدر بنا ان نذكر انه ليس من الضرورى‬
‫ان تكون المواقع المنيعه في البيئات الجبلية فقط بل كثي ار ما تكون البيئات السهليه مكانا‬
‫لمدن من هذا النوع ويكون القصد منها حربيا في جملته مثل الفسطاط القديمة وبيكين في‬
‫شمال الصين ودلهى في شمال الهند‪.‬‬
‫‪ -4‬حيث يتوافر الماء لالنسان والحيوان في مناطق بطبيعتها قليله موارد الماء بصفه عامة‬
‫وتزداد اهميه هذه الظاهره في المناطق ذات الصخور الجيرية مثل االلب الديناريه في‬
‫الجهات يتوقف نشوء المدن على وجود الماء سواء كان القصد منه االنتاج الزراعى او‬
‫الرعوى‪.‬‬
‫‪ -0‬في وسط منطقة زراعيه وقد تكون هذه المدن مرك از لبعض صناعات تتعلق باالنتاج‬
‫الزراعى التي يمكن قيامها في هذه المناطق ومعظم مدن الدلتا المصريه من هذا النوع‬
‫ومثال ذلك طنطا وشبين الكوم والمحله الكبرى كما ان بودابست تعتبر مرك از لمنطقة انتاج‬
‫زراعى واسعة النطاق في حوض الطونه األوسط كذلك موسكو فيما يتعلق باواسط روسيا‬
‫الزراعيه وتصبح هذه المدن مرك از لجمع غالت هذه االقاليم واسواقا لتجاره الصادر منها‬
‫والوارد اليها‪.‬‬
‫‪ -2‬عند التقاء نهرين واالمثله على المدن التي نشأت في نقط التقاء األنهاء وبفروعها عديدة‬
‫ويرجع ذلك إلى االهميه العظيمة التي كانت للنقل المائى قبل استخدام وسائل المواصالت‬
‫البريه الحديثة ومثل ذلك يقال عن الخرطوم التي أنشات بعد ان فتح محمد باشا السودان‬
‫عند نقطة النيل األبيض بالنيل االزرق وظاهر من اختيار موقعها ان الغرض هو ان تكون‬
‫على اتصال وثيق باالقاليم الداخليه لها عن طريق النيل األبيض واالزرق وازدادت اهميتها‬
‫بعد اتخاذها قاعده للحكم واالداره وبعد النهوض باالنتاج الزراعى بفضل انشاء مشروعات‬
‫الجزيرة‪.‬‬
‫‪ -9‬عند نقطة يصلح النهر عندها العبور – قد كانت هذه الظاهره عامال في نشأه كثير من‬
‫المدن النهريه الن عبور النهر كان يمثل صعوبه البد من التغلب عليها اذا ما اريد االنتقال‬
‫إلى الجانب المقابل الى غرض من االغراض سواء ذلك للتبادل التجارى او للتوسع الحربى‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪42‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ومثل ذلك جميع المدن التي يدخل في تسميتها لفظ بردج (‪ )Bridgr‬او فورد (‪ )Ford‬مثل‬
‫كمبردج واكسفورد وكذلك في مصر منطقه الجيزة والمعادى‪.‬‬
‫‪ -11‬عند نقطة تغير صالحيه النهر للمالحة بعدها أو قبلها – هذه الظاهرة لها أهميتها لما‬
‫للمالحة النهرية من اثر ولما للنقل المالى من فوائد ومزايا ونضرب مثال أنه في حالة كون‬
‫النهر صالحا للمالحة في بعض اجزائه وغير صالح في االجزاء اآلخرى فان ذلك يستدعى‬
‫ظهور مدن نقطة هذا التغيير في المالحة كما هو الحال فى وادى النيل عند اسوان‬
‫ووادى حلفا ودنقله ومرو وابو حمد على مجرى النيل االوسط وفى العادة نجد الطرق‬
‫الحديدية ممتده على طول مجرى النهر فى المنطقة التى تتعذر فيها مالحته ثم تختفى‬
‫السكة الحديدية فى المناطق الصالحة للمالحة وتظهر من جديد حيث تتعذز المالحة‬
‫وهكذا أى ان السكك الحديدية تعوض النقص فى عدم صالحيه بعض اجزاء النهر‬
‫للمالحة‪.‬‬
‫‪ -11‬عند بدء ظهور دلتا للنهر – وقد نشأت مدن كثيره عند بدء ظهور هذه الداالت وخير‬
‫مثال لهذا النوع القاهره التى تقع بالقرب من نقطة تفرع دلتا النيل وقد ادى بها موقعها إلى‬
‫ان تصبح مركز تقابل غالت ومواصالت الوجهين البحرى والقبلى‪.‬‬
‫‪ -12‬عند تقابل عده طرق بريه ويمكن اعتبار مدن الواحات مثال جيدأ لهذا النوع من المدن‬
‫الن مدن الواحات تعتبر فى الواقع مراكز التجاره واالنتاج الزراعى على طول طرق القوافل‬
‫ومثال ذلك دمشق وكذلك سيوه والواحات البحريه والفرافره والداخله والخارجة وينطق هذا‬
‫القول ايضا على كثير من مدن الشرق االدنى واالوسط التى مازالت الطرق البريه تلعب‬
‫دو ار كبي ار فى حياتها االقتصاديه لندره وجود المواصالت الحديثة مثل تبريز واصفهان‬
‫وطهران وكابل‪.‬‬
‫‪ -13‬عند بدء ممر فى الجبال او عند نهايته – ويستوى ان يكون هذا الممر تخترقه االنفاق‬
‫والسكك الحديدية او الطرق البريه وخير مثال لهذا النوع من المدن التى تنشأ فى هذه‬
‫المواقع ميالنو وفيرونا وبدوا فى شمال ايطاليا قمثال تقع تورينو عند بدء طريق الموصل‬
‫من ايطاليا إلى فرنسا وميالنو التى تقع عند بدء طريق الموصل من ايطاليا إلى سويس ار‬
‫وقد ساعد على تقدمها ان عندها تتقابل عده طرق اتيه من سويس ار إلى ايطاليا واصبحت‬
‫ملتقى شبكة عظيمة من الخطوط الحديدية كذلك تقوم فيها صناعات الحرير والكتان واالالت‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪43‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫القاطعه والسيارات وهى فوق ذلك تقع فى منطقة انتقال بين اقليمين مختلفين من حيث‬
‫التضاريس ونعنى تقابل سهل البو بمرتفعات االلب االيطاليه اما فيرونا فتقع عند بدء طريق‬
‫برنر الموصل من ايطاليا إلى النمسا وجنوب المانيا كذلك بدوا وجميع هذه المدن ذوات‬
‫مواقع جغرافيه هامة ألنها تقع عند ملتقى السهول بالجبال وقد اصبحت اسواقا تجاريه ونقط‬
‫تقابل وسائل المواصالت‪ .‬ومن خير االمثله ايضا بيشاوار فى شمال غرب الهند التى تتحكم‬
‫فى ممر خيبر مدخل الهند من هذه الجهه ويناظرها كابل من الجهه المقابله ال نها تشرف‬
‫على الممر من ناحية افغانستان‪.‬‬
‫‪ -14‬حيث تقوم صناعه تعدين بعض موارد الثروه المعدنيه الن وجود معدن ما فى جهه خاليه‬
‫يرفع إلى نشأه مدن تعدينيه‪ .‬ومن امثله ذلك مدن النحاس فى شيلى ومدن الذهب فى‬
‫صحراء استراليا الحاره وصحارى االسكا البارده‪ .‬ومدن الحاس فى جنوب افريقيا وبعض‬
‫دول قاره افريقيا وبعض دول قاره افريقيا‪ .‬على اننا نالحظ ان حياه هذه المدن ترتبط ارتباطا‬
‫وثيقا بحاله ودوام واستمرار تعدين المعدن او المعادن التى كان لها فضل اظهارها إلى خير‬
‫الوجود حتى اذا ما نضب معين هذا المورد او اصبح استخراج المعادن هنا غير اقتصادى‬
‫الى سبب من االسباب تبدأ هذه المدن فى االختفاء بالتدريج كما هو الحال فى كثير من‬
‫مناطق التعدين بعد ان اصبحت مواردها المعدنيه ضئيله‪.‬‬
‫‪ -15‬وهناك عوامل متفرقه تؤدى إلى نشوء المدن لخدمة اغراض خاصه فمثال حيث يجود‬
‫المناخ فى فصل من الفصول فى بقعه ما فان هذا قد يؤدى إلى نشوء مدن لهذا الغرض‬
‫مثل مدن منطقه الرفيي ار التى تجتذب اليها الراغبين فى قضاء فصل شتاء معتدل وكثي ار‬
‫ما يقصدها هؤالء الذين يقدرون على الهروب من فصل الشتاء وبخاصه فى الوجه القبلى‬
‫حيث عامل المناخ ووجود اثار الحضارات المصريه القديمة الراقيه يجتذبان السائحين اليها‬
‫مثل االقصر واسوان‪ .‬وتجتذب مدن سويس ار كثي ار من المصطافين فى فصل الصيف بسبب‬
‫اعتدال المناخ وامكان التمتع بجميع أنواع األلعاب الجليدية وقد يكون هذا العامل صالحيه‬
‫البقعه الن تتخذ مرك از لالداره والحكم بان تكون فى نقطة متوسطة ويساعد اختيارها لهذا‬
‫الغرض على عظمها وتقدمها وخير مثال لذلك انقره ومدريد وبرلين وفينا وموسكو والقاهرة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪44‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفصل الرابع‬

‫عوامل التشكيل الخارجية‬


‫وأثرها‬
‫على المواقع األثرية‬
‫‪ -‬عوامل التجوية وتأثيرها على‬
‫المواقع األثرية‬
‫‪ -‬عوامل التعرية وتأثيرها على‬
‫المواقع األثرية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪45‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تتمثل فى عوامل التشكيل الخارجية التي تحدث على سطح األرض وليس من باطنها‪ .‬وتنقسم‬
‫هذه بدورها أيضا إلى عوامل ثابتة وعوامل متحركة‪:‬‬
‫أ‪ -‬عوامل ثابتة‪ :‬كالتجوية وتعنى تفتت أو تحلل الصخور وهى فى مكانها‪.‬‬
‫ب‪ -‬عوامل متحركة‪ :‬كالرياح والمياه الجارية والتعرية الساحلية وما تقوم به من‬
‫عمليات تعرية‪.‬‬
‫أوالً‪-‬عوامل التجوية وتأثيرها على المواقع األثرية‪:‬‬
‫اشتقت عوامل التجوية ‪ Weathering‬التى تقوم بهذه العملية من عناصر الجو خاصة‬
‫االختالف فى درجة الح اررة أو ما يعرف بالمدى الحرارى وهو الفرق بين أكبر وأصغر درجة‬
‫ح اررة سواء على مدار اليوم أو الشهر أو السنة‪ .‬والعنصر الثانى من عناصر الجو هو رطوبة‬
‫الهواء وما يتخلف منها من مظاهر مختلفة للتكاثف على االسطح الصخرية وخاصة الصخور‬
‫الكلسية‪.‬‬
‫والعمليات التى تؤديها التجوية تنحصر فيما يلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬عمليات ميكانيكية‪:‬‬
‫وتنتج عن كبر المدى الحرارى اليومى أو السنوى أو النمو البللورى فى الشقوق وتتمثل فى‪:‬‬
‫‪ -‬التفتت الحبيبى‪ :‬حيث أن حبات الرمال المتماسكة بأحدى المواد الالحمة تتعرض لتباين درجة‬
‫الح اررة فيصبها التفلك فتنفرط حبيبات فتأتى الرياح لتذريها‪.‬‬
‫‪ -‬اإلنشطار أو التشظى‪ :‬وتتعرض قطع الصوان لح اررة النهار الشديد والح اررة المنخفضة ليال فيصبها‬
‫تباعا فتنشطر إلى شرائح يسمع صوت فرقعتها فى بداية الليل فى الصحارى‪.‬‬
‫الضعف ً‬
‫‪ -‬التقشر‪ :‬أو التورق أو إ نفصال سطح صخور الجرانيت المقبب إلى صفائح ينتج من كبر المدى‬
‫الحرارى وتمدد متباين لمعاونة المتعددة فيتقشر سطحها وينفصل فى شكل صفائح فإذا ما جاء‬
‫فصل الشتاء وتكونت رطوبة بين هذه الصفائح وتتجمد فى ليالى الشتاء وضغطت بللورات الثلج‬
‫أيضا على عملية التقشر‪.‬‬
‫على جوانبها مع نمو حجمها ساعد ذلك ً‬
‫‪ -‬االنفصال الكتلى‪ :‬وطبيعة الصخور الجيرية أن يتكون على سطحها نظام من الفواصل المتعامده‬
‫مما يساعد على انفصال هذه الكتل عند األطراف أو على سفوح المنحدرات الجيرية يساعد على‬
‫سقوطها تلك الفواصل بمساعدة الجاذبية األرضية وعند سقوطها تتعرض لمزيد من التهشم‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪46‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ب‪-‬عمليات كيميائية‪:‬‬
‫وتنتج عن رطوبة الهواء وتتمثل فى العمليات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التكربن أو الكربنة‪ :‬حيث تتعرض المناطق الجيرية ألمطار مختلطة بغاز ثانى أكسيد الكربون‬
‫فيتكون ما يشبه حامض الكربونيك المخفف فتتحول كربونات الكالسيوم أى بيكربونات ذائبة فى‬
‫المياه كما هو الحال فى الساحل الشرقى للبحر األدرياتى‪.‬‬
‫‪ -‬األكسدة‪ :‬اتحاد عنصر الحديد باالكسجين يؤدى إلى األكسدة وعنصر الحديد موجود فى كل‬
‫الصخور تقريبا خاصة النارية حيث تظهر صحارى الحماد أو صحارى السرير‪-‬الحصوبية‪-‬‬
‫بلون بنى فيما يعرف بالونيش الصحراوى‪.‬‬
‫‪ -‬التميؤ‪ :‬اختالط المياه بجزئيات الصخور الرسوبية خاصة الطينية يؤدى إلى انتفاخ حبيباتها وسد‬
‫مسامها وانعدام نفاذيتها فيما يعرف بالتميؤ‪.‬‬
‫‪ -‬الذوبان‪ :‬اختالط بعض المعادن بالمياه مثل الملح الصخرى ويتحول إلى محلول يعود لحالته‬
‫مع عملية التبخر وتخلصه من المياه فالمياه عنصر مساعد وحيوى فى إتمام عمليات التجوية‬
‫الكيميائية للعديد من العناصر‪.‬‬
‫ج‪ -‬عمليات عضوية‪:‬‬
‫وتنتج عما تسببه الكائنات الحية النباتية والحيوانية من تفتت أو تحلل سواء فى الصخور‬
‫أو التربة وان كانت تظهر فى أشكال ميكرسكوبية فجذر النباتات تشق طريقها فى الصخور قد‬
‫ميكانيكيا أو من خالل تحلل بعض الجذور وتحولها إلى أحماض عضوية تساعد‬
‫ً‬ ‫تسبب تفلقها‬
‫فى إذابة الصخر واختراقه وكذلك تقوم القوارض بعمل الفتحات والشقوق فى الصخر كما أن‬
‫فضالت بول وبراز الطيور والقوارض تعمل على تأكل األحجار الجيرية مع الوقت وهذا كله‬
‫يدخل ضمن عمليات التجوية بشكل عام رغم عدم عالقة عناصر الجو بالعمليات األخيرة ولكنه‬
‫تمهيدا لعمليات‬
‫ً‬ ‫تعميم مقبول حيث تقوم التجوية بأضعاف وتفتيت الصخور وهى فى مكانها‬

‫التعرية لحملها ألماكن آخرى وتتمثل مخلفات التجوية ً‬


‫غالبا فى فتات أو حطام السفوح بجانب‬
‫التربات المختلفة‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن هناك عدد من العوامل المؤثرة فى عملية التجوية والتي يمكن إيجازها‬
‫فيما يلى‪:‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪47‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫*‪ -‬الظروف المناخية وخاصة اتساع المدى الحرارى ووفرة الرطوبة وغ ازرة المطر وسرعة‬
‫الريح مما يؤدى لإلسراع بعمليات التجوية‪.‬‬
‫*‪ -‬نوعية الصخور فكلما كانت لينة نشطت عمليات التجوية عليها‪.‬‬
‫*‪ -‬التركيب الجيولوجي من حيث انتشار الشقوق واالنكسارات‪.‬‬
‫*‪ -‬تضاريس السطح فكلما زاد تضرس السطح مابين ارتفاع وانخفاض زادت فرصة نشاط‬
‫عمليات التجوية‪.‬‬
‫*‪ -‬وفرة الغطاء النباتى تعمل على زيادة التجوية العضوية الناتجة عن النباتات والحيوانات‬
‫األكلة لألعشاب‪.‬‬
‫*‪ -‬يأتى عنصر الزمن فى النهاية ليحدد طول فترة نشاط التجوية وتأثيرها فكلما طال الزمن‬
‫زادت التجوية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عوامل التعرية وتأثيرها على المواقع األثرية‪:‬‬
‫ً‬
‫تتمثل أهم عوامل التشكيل الخارجية في نماذج من أشكال السطح التى أسهم فى تشكيلها‬
‫عوامل النحت أ و األرساب وهذه العوامل كما هو واضح تتسم بالحركة فى تشكيل السطح‪.‬‬
‫وتتمثل هذه العوامل فى مظاهر نحت وارساب الرياح والمياه الجارية واألمواج‪ .‬كما يمثل الجليد‬
‫أحد مظاهر النحت واإلرساب الرئيسية ولكن العوامل السابقة تعد أكثر شيوعا فى منطقتنا‬
‫العربية‪ .‬ويمكن تناولها بإيجاز فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬اشكال السطح الناتجة عن المياه الجارية (األنهار)‪:‬‬
‫يعد الماء الجاري بما يقوم به من نحت ونقل وارساب من أهم عوامل التعرية في تشكيل‬
‫سطح األرض‪ .‬وال يقتصر أثر األنهار على المناطق الدائمة أو الفصلية التساقط بل يتعداها‬
‫إلى األقاليم الصحراوية حيث أن بعض األنهار تستطيع اختراق الصحارى قادمة من مناطق‬
‫بعيده ومنها نهر السند والنيل‪.‬‬
‫حين تسقط األمطار يتبخر ويتسرب بعضها بينما ينحدر الباقي مكونا للمجارى المائية‪.‬‬
‫وتنحدر المياه مكونه مسيالت صغيرة الجوانب وتتجمع هذه المسيالت في مجارى مائية محدودة‬
‫الجوانب صغيرة الحجم ثم تتالقى هذه المجارى الصغيرة مكونه أخوار أكبر ثم روافد نهرية أكبر‬
‫حتى تنشأ في النهاية مجارى رئيسية تحمل المياه وتلقى بها في بحر كنهر النيل‪ .‬ويتم نقل‬
‫الرواسب بواسطة الماء الجاري بالطرق األربعة اآلتية‪:‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪48‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ -‬الحمولة المدحرجة‪ :‬هى تحريك حبيبات الرواسب المختلفة األحجام عن طريق الدحرجة على‬
‫طول قاع المجرى ولهذا تسمى حمولة القاع ويزداد حجم حمولة القاع أثناء مواسم الفيضان‬
‫واشتداد سرعة جريان المياه كما تتمكن المياه وقتها من دحرجة وجر كتل صخرية كبيرة أحيانا‪.‬‬
‫‪ -‬الحمولة القافزة‪ :‬تتحرك حبيبات الرواسب الكبيرة فوق قاع المجرى بقوه دفع التيار المائي عن‬
‫طريق القفز فوق قاع النهر على فترات‪.‬‬
‫‪ -‬الحمولة العالقة‪ :‬تتحرك المواد الدقيقة فى هيئه معلقه بالمياه الجارية وتعوم الحبيبات الدقيقة‬
‫وتبقى معلقه فى المياه أثناء جريانها تجاه المصب‪.‬‬
‫‪ -‬الحمولة المذابة‪ :‬في بعض المناطق تنشط التجوية الكيميائية إما ألسباب مناخية مثل وفرة‬
‫الرطوبة والح اررة أو صخرية تختص بنوعية الصخر واستجابته السريعة لإلذابة في المياه العادية‬
‫أو الحامضية‪ .‬ولهذا نرى مياه األنهار تحوى حمولة ضخمة من المواد الذائبة‪.‬‬
‫‪ -‬األشكال الناتجة عن النحت بالمياه الجارية‬
‫‪ -‬يعد الوادى من أهم مظاهر النحت بواسطة االنهار حيث يمر من المنابع حتى المصب فى قطاع‬
‫طولى يبدو فيه شكل الوادى كما يلى ‪:‬‬
‫‪ -‬شديد انحدار الجوانب بالقرب من المنابع حيث تنشط عملية النحت الرأسى‪.‬‬
‫‪ -‬أقل انحدار أعلى الجوانب فيما بين المنابع والمصب وتبدأ أجزاء من السهل الفيضى فى الظهور‬
‫كما أن شكل القطاع العرضى اكثر اتساعا وتسمى هذه المرحلة بمرحلة النضوج حيث يتسع‬
‫الوادى أمام النحت الجانبى وتبقى آثار للنحت الرأسى مما كان عليه فى مرحلة الشباب عند‬
‫المنابع وان كانت بدرجة أقل‬
‫ـ‪ -‬تنعدم أو تكاد عمليات النحت الرأسى بالقرب من مستوى القاعدة أى المصب ويكون اتساع‬
‫الوادى فى أقصى مراحله فيما يعرف بمرحلة الشيخوخة حيث الزالت أثار العمليات النحت‬
‫الجانبى فى مناطق المقعرات فى الثنيات النهرية التى تسهم فى مزيد من إتساع الوادى ويظهر‬
‫أثر أرساب النهر على السهل الفيضى بشكل واضح على جانبى النهر‪.‬‬
‫‪ -‬مساقط المياه‪ :‬تنشأ مساقط المياه على طول المقطع الطولى للنهر نتيجة تباين فى أنواع الصخور‬
‫التى يجرى عليها النهر كأن توجد طبقة صخرية ضعيفة تعلوها طبقة أكثر مقاومة فيختلف‬
‫معدل تراجع الطبقتين صوب المنبع فيما يعرف بالتعرية صوب المنابع فينشأ مسقط مائى يختفى‬
‫بعد أكمال دورة التعرية ووصول النهر إلى مراحل متقدمة من حياته‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪49‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ -‬أشكال ناتجة عن االرساب من المياه الجارية‪:‬‬


‫‪ -‬السهول الفيضية‪ :‬أشرنا منذ قليل إلى بداية ظهور أثار لألرساب على جانبى النهر فى المنطقة‬
‫المحصورة بين المنبع والمصب فيما اشير اليها بمرحلة النضوج وازدادت هذه األراضى وضوحا‬
‫بالقرب من مصب النهر وقد نشأت عن إتساع الوادى أما قوة النحت الجانبى فإذا فاضت عليها‬
‫مياه النهر المحملة باألرسابات أخذت تغشاها بطبقة رقيقة من الطين الذى يستدق حجمة كلما‬
‫أبتعدنا عن مجرى النهر نفسه ويزداد سمك هذه االرسابات تباعا مع تكرار الفيضان وهكذا تنشأ‬
‫أراضى حول المجرى ذات تربات خصبة يستفيد منها االنسان فى االنشطة الزراعية المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬الجسور الطبيعية‪ :‬يتم تكوين الجسور الطبيعية عندما يحدث اإلرساب على ضفتى نهر فى‬
‫مرحله الشيخوخه (المجرى االدنى للنهر) أثناء موسم الفيضان وذلك لبطء سرعه التيار عند‬
‫جانبى المجرى‪ .‬ومع كل فيضان يزداد سمك الرواسب فيرتفع منسوب الضفاف وبذلك تتكون‬
‫الجسور الطبيعية على جانبى المجرى ويعرف باسم الجسر أو الطراد فى مصر‪.‬‬
‫‪ -‬الدلتاوات‪ :‬ويعد أحد أهم مظاهر األرساب النهرى عند مستوى القاعدة العام أو المحلى (فى‬
‫البحر أو البحيرة) حيث تقل قوة أندفاع مياه النهر مع أرتطامها بجسم مياه المصب فتبدأ عملية‬
‫الترسيب بمجرد أختفاء قوة الدفع التى كانت مرتبطة باالنحدار األصلى للسطح على طول‬
‫القطاع الطولى للنهر ويتم تصنيف األرسابات عند هذه النقطة حتى مسافات بعيدة من منطقة‬
‫بحر أو بحيرة فتستقر المواد الخشنة أوال ثم يليها فى الداخل‬
‫المصب داخل جسم المياه سواء كان ا‬
‫المواد األدق فاألدق وتبعا لتفرعات النهر بالقرب من المصب تظهر الدلتاوات بأشكال عدة منها‬
‫مايشبه قدم الطائر كدلتا نهر المسيسبى أو مثلثة الشكل كدلتا نهر النيل التى تعد من حيث‬
‫الشكل متوافقة‬
‫‪ -‬الداالت البحرية‪ :‬تنشأ الداالت البحريه من إرساب حمولة النهر وتراكم موادها عند المصب وهى‬
‫على عدة أشكال منها ما يشبه المثلث كدلتا النيل ومنها نمط مدبب ومنها ما يتخذ الشكل‬
‫االصبعى الذى يشبه قدم الطائر‪ .‬ومعنى كلمة الدلتا هى الشكل النموذجى لمفهوم الدلتا إشارة‬
‫ألحد حروف اللغة اليونانية الشبيه بالمثلث وقد أطلقه هيرودوت على دلتا النيل‪.‬‬
‫‪ -‬الداالت المروحية والمخروطية‪ :‬تشبه فى طريقه تكونيها الداالت البحريه ولكنها تختلف عنها‬
‫فى أنها تتكون على سطح اليابس‪ .‬فحينما يتدفق سيل فوق منحدر جبلى ويصل إلى حضيض‬
‫الجبل ويصادف أيضا أرضا واسعة منبسطة فإنه يلقى بحمولته من الرواسب التى تنتشر فوقها‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪50‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫فى شكل مروحة وقد تتخذ الرواسب شكل المخروط إذا كانت األراضى التى انتشرت فوقها‬
‫الرواسب شديدة االنحدار نسبيا‪ .‬ويكثر وجودها فى األقاليم شبه الصحراوية حيث تحمل السيول‬
‫كميات كبيرة من المواد الصخرية ترسبها فى شكل مروحى أو مخروطى عند أقدام المنحدرات‪.‬‬
‫ب‪ -‬أشكال السطح الناتجة عن الرياح‪:‬‬
‫يسود هذا العامل فى األراضى الصحراوية‪-‬الجافة وشبه الجافة‪-‬حيث ينعدم الغطاء النباتى‬
‫ومن ثم يجعل السطح عرضة لنشاط التجوية وتأثير حركة الرياح بشكل مباشر والرياح تحمل‬
‫المفتتات من االسطح المكشوفة بأحجام تتفق وقوتها أو سرعتها وتصبح هذه المواد المحمولة‬
‫بمثابة المعاول التى تساعدها على عملية النحت لذلك فإن أقوى تأثير لها فى النحت فى‬
‫المستويات القريبة من سطح األرض (ما بين ‪ 3-2‬أمتار) حيث المواد الخشنة وحبات الرمال‬
‫الدقيقة التى ال تقوى على األرتفاع بها ألعلى ولذلك فالرياح تنقل المفتتات بعدة طرق‪:‬‬
‫‪ -‬حمولة عالقة‪ :‬كاالتربة والرمال الدقيقة تبعا لقوة سرعتها‪.‬‬
‫‪ -‬حمولة زاحفة لمواد خشنة‪ :‬كالحص الدقيق غير منتظم الشكل وتعرف بالجر أو السحب أحيانا‪.‬‬
‫‪ -‬حمولة متدحرجة‪ :‬للمواد الخشنة المستديرة الشكل‪.‬‬
‫‪ -‬حمولة قافزة‪ :‬لمواد تقوى على حملها إلى حين ثم سرعان تسقط على األرض عندما تقل مقدرة‬
‫الرياح على حملها‪.‬‬
‫مظاهر النحت فى المناطق الصحراوية بواسطة الرياح‪.‬‬
‫ينجم عن عملية التعرية الريحية عدة اشكال تضاريسية منها ما هو ناجم عن التذرية مثل‬
‫صحاري الحمادة والسرير والمنخفضات والمؤائد الصحراوية‪.‬‬
‫‪ -‬الصحاري الصخرية والحماد وهي مساحات واسعة مغطاة بكتل صخرية تشكلت بفعل تذرية‬
‫الرياح لذرات الرمال التي كانت تغطي الكتل الصخرية وقامت بنقلها الى مناطق أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬صحاري الرق أو السرير وهي مناطق مغطاة بالحصى تشكلت بفعل تذرية الرياح لذرات الرمال‬
‫الناعمة تاركة ورائها كتل حصوية تنتشر على مساحات واسعة من االرض ومنها صحراء سرير‬
‫كلننشو في ليبيا‪.‬‬
‫‪ -‬المنخفضات الصحراوية عبارة عن أحواض وقيعان تشكلت في مناطق محددة من الصحراء‬
‫بسبب وقوعها في مهب الريح المنتظمة التى تعمل على نحت الصخور وكنس الرمال منها‬
‫باستمرار ومنها منخفض القطارة في صحراء مصر الغربية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪51‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ -‬المؤائد الصخرية الصحراوية‪ :‬وهى كتل صخرية تتخذ شكل الفطر أو المائدة وتتشكل هذه الموائد‬
‫بفعل تركز نحت الرياح في االجزاء السفلية من الكتلة الصخرية وخاصة اذا كانت لينة حيث‬
‫تتاكل بشكل أكبر وأسرع من األجزاء العليا الصلبة لذا تظهر رفيعة من االسفل وعريضة من‬
‫االعلى‪.‬‬
‫ومن مظاهر األرساب بواسطة الرياح ما يلى‪:‬‬
‫‪ -‬الكثبان الهاللية أو البرخان‪ :‬وهذا الشكل التقليدى فى الصحاري الرملية ويرتبط بالرياح السائدة‬
‫غير متغيرة االتجاهات بشكل متكرر وباستمرار هذا التأثير يتكون الكثيب الهاللى ويتحرك‬
‫الكثيب ضمن نطاقات من الكثبان الهاللية فى الصحاري الحارة بمعدل يتراوح بين ‪ 25-21‬متر‬
‫فى السنة وهى تهدد الكثير من مظاهر العمران باألخطار نتيجة تقدمها الدؤب لتدفق هذه‬
‫المظاهر من مساكن وطرق ومواصالت حيوية وأراضى زراعية فى الواحات‪.‬‬
‫‪-‬الكثبان الذيلية‪ :‬وتتكون هذه فى منطقة هدوء أو سكون الرياح فى ظهير أى عقبة فى المناطق‬
‫الصحراوية وهو ما نشاهده فى خلفية الكتل الصخرية أو التالل أو حتى المنازل إن وجدت‪.‬‬
‫‪-‬الكثبان النبكية‪ :‬وتتكون هذه حول النباتات الصحراوية فتغطيها وتنمو بنمو النبته فإذا زادت الرمال‬
‫فقد تدفن النبته تحت الرمال وتبدو فى شكل تجمع رملى دائرى الشكل‪.‬‬
‫‪-‬تربة اللويس‪ :‬نقلتها الرياح من هوامش الجليد بشمال أو راسيا وأرسبتها فى شمال الصين وهى‬
‫تربة جيرية تسود فى مناطق منابع نهر الهوانجهو‪.‬‬
‫وهناك أشكال آخرى لألرساب مثل الكثبان الطولية أو السيفية أو الغرود باالضافة إلى‬
‫فرشات الرمال أو الغطاءات الرملية‪.‬‬
‫ج‪ -‬أشكال السطح الناتجة عن فعل البحر (األمواج)‪:‬‬
‫يتركز فعل البحر في نطاقات محدودة تبعا المتداد خط الساحل والمساحة التي تطولها‬
‫األمواج وتؤثر فيها‪ .‬كما أن تأثير األمواج رأسيا محدود أيضا فهو ال يزيد كثي ار عن أقصى‬
‫ارتفاع تصله مياه المد العالي‪ .‬واألشكال التي تنشئها التعرية البحرية سريعة التغير ألن تذبذب‬
‫حركة المد والجزر والرياح واألمواج التي تشكلها ما تلبث أن تهدمها أو تعدل من شكلها‪ .‬كذلك‬
‫الجروف يصيبها التساقط واالنزالق وبالتالي التغير الشديد خصوصا إذا كانت مكونة من‬
‫صخور هشة مفككة‪ .‬وعملية تكوين األلسنة والخطاطيف والحواجز والشطوط تتم ببطء نسبيا‬
‫في عدة عقود قليلة‪ .‬ويتلقى نطاق الساحل نتاج التعرية البحرية من الرواسب كما ترد إليه رواسب‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪52‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫عوامل التعرية األخرى كالرواسب النهرية والجليدية والهوائية لذلك نجد في النطاقات الساحلية‬
‫توازنا بين أشكال النحت واإلرساب‪.‬‬
‫العوامل التي تؤثر في تشكيل السواحل‪:‬‬
‫يتوقف شكل الساحل على تفاعل عدد من العوامل نجملها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬قوة األمواج وحركة المد والجزر والتيارات البحرية‪ .‬وهى جميعا تقوم بوظائف النحت والنقل‬
‫واإلرساب في المنطقة الشاطئية‪.‬‬
‫‪ -‬طبيعة الساحل الذي يتعرض لفعل تلك العمليات البحرية هل هو مرتفع شديد االنحدار أو‬
‫منخفض قليل االنحدار؟ هل هو مستقيم أو متعرج؟‬
‫‪ -‬يضاف إلى ذلك خصائص التكوين الصخري ونوعها ودرجة مقاومتها للتعرية ومدى التجانس‬
‫أو التفاوت في تركيبها‪.‬‬
‫‪ -‬التغيرات التي انتابت وتنتاب المستوى النسبي لليابس والماء والتي تعرف أحيانا بالتغيرات‬
‫الموجبة والسالبة بحسب نتائجها في رفع أو خفض مستوى البحر بالنسبة للساحل‪.‬‬
‫‪ -‬شكل البنية الساحلية من التواءات وانكسارات واتجاهات ميل الطبقات‪.‬‬
‫وأهم االشكال المرتبطة بالنحت تتمثل فى‪:‬‬
‫‪ -‬الكهوف‪ :‬وتنشأ مع نمو الفجوات األرتطامية عند قاعدة الجروف المطلة على البحر كأحد مراحل‬
‫تطور ونمو الرف القارى وتتداخل عدة عمليات فى نحت هذه الكهوف مثل القوة الميكانيكية‬
‫نتيجة أرتطام الموجة والقوة الناتجة عن ضغط حجم الهواء المحبوس داخل الشقوق والفتحات‬
‫وداخل فتحة الكهف نفسه بجانب األثر الكيميائى فى تحلل الصخر وضعف الصخر أحيانا‬
‫وشدة انحداره السطح مما يسمح بنقل المفتتات وتجديد عمليات النحت‪.‬‬
‫‪ -‬االقواس البحرية‪ :‬تظهر فى االلسنة الصخرية الممتدة فى مياه البحر عندما تتعرض لقوة االمواج‬
‫من على الجانبين فتنشأ بعض الفجوات ثم تتحول إلى كهف يتصل بنظيره على الجانب اآلخرن‬
‫فسرعان ما يتكون ما يعرف بالقوس البحرى فإذا سقطت األجزاء العلوية من القوس ظهرت ما‬
‫يعرف بالمسلة البحرية وهى مراحل متعاقبة فى التعرية الساحلية فجوة ارتطامية عند قواعد‬
‫الجروف الصخرية تتحول إلى كهف ثم تتحول إلى قوس بعد تأكل سقف الكهف وسقوطه ثم‬
‫يتبقى بعد القوس وسقوط منتصفه ما يعرف بالمسلة البحرية ومن ثم تتأكل هذه األشكال امام‬
‫استمرار قوة االمواج فينمو ويتسع الرف القارى فى منطقة الشاطئ‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪53‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ -‬الجروف الساحلية‪ :‬وهى تبدو كالحوائط الصخرية التى تطل على البحر مباشرة وقد يصل‬
‫ارتفاعها إلى عدة عشرات من األمتار‪ .‬وتنتج عن تأكل المناطق السفلية من الصخور وتساقط‬
‫مايعلو فوقها وبالتالى تتراجع الصخور مكونة حافات عالية تعرف بالجروف‪.‬‬
‫أما أشكال االرساب البحرى فيمكن ايجازها فيما يلى‪:‬‬
‫‪ -‬اللسان البحري‪ :‬التظهر أشكال األرساب فى مناطق النشاط العنيف لألمواج وحيث تكون المياه‬
‫هادئة نتوقع األرساب وهذا ال يتأتى اال فى مناطق البحيرات الساحلية أو الخلجان الصغيرة حيث‬
‫تسحب التيارات الرجعية‪-‬السفلية‪-‬فى مياه بعض مواد الشاطئ وتعود بها لتتركها أمام قدوم‬
‫موجة صوب الشاطئ الخلفى فتتكون مناطق ترسيب فى مدخل الخلجان أو البحيرات الساحلية‬
‫فإذا ظهرت على أحد أطراف المدخل سمى باللسان البحرى‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجز الرملي‪ :‬هو اتصال لسان رملي بآخر آخر مقابل من الطرف اآلخر لمدخل البحيرة أو‬
‫الخليج فيعرف فى هذه الحالة بالحاجز الرملى وهو فى هذه الحالة عبارة عن لسانين بحريين‬
‫متصليين كالحاجز الموجود فى مدخل بحيرة البرلس الذى يحاول فيه الصيادون أن يبقوا على‬
‫ممر بين اللسانين فى وسط الحاجز الرملى لتتمكن االسماك من دخول البحيرة ويعرف الممر‬
‫الذى يفصل بين بحيرة ساحلية وجسر باسم بوغاز‪ .‬ويشعر المرء عند نزولة للبحر بأن المياه‬
‫تأخذ فى التعمق حتى حد معين من الشاطئ ليجد نفسه يصعد جزيرة مغمورة‪-‬غير ظاهرة‪-‬بعد‬
‫ذلك وهذه بداية تكون الحواجز الرملية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪54‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفصل الخامس‬
‫تحديد السياق‬
‫الجيومورفولوجي‬
‫والجيولوجي للمواقع‬
‫األثرية‬
‫التضاريس‬ ‫دراسة‬ ‫‪ -‬أهمية‬
‫األرض‬ ‫سطح‬ ‫وأشكال‬
‫بالنسبة للمواقع األثرية‬
‫الجيومورفولوجية‬ ‫‪ -‬النظم‬
‫المرتبطة بالمواقع األثرية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪55‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يهدف هذا المبحث إلى الحصول على فهم أفضل لدى عالم اآلثار لـ «سبب» تواجد الموقع في‬
‫منظر طبيعي معين‪ .‬أو بمعنى آخر لماذا اختار االنسان القديم موقع ما لالستقرار‪.‬‬
‫الجيومورفولوجيا هي الدراسة المنهجية للعمليات السطحية التي تبني وتؤدي إلى تغير التضاريس‪.‬‬
‫بمعنى واسع تشمل دراسة العمليات الداخلية مثل البراكين والتكتونية والعمليات الخارجية التي‬
‫تعمل من خالل الطقس والمناخ‪ .‬ينظر علماء الجيومورفولوجيا إلى هذه العمليات على مستويات‬
‫مختلفة من الكواكب إلى القارات ونزوالً إلى النطاق المجهري‪ .‬تتضمن العمليات نطاقات زمنية‬
‫غالبا ما تستغرق العمليات مثل بناء الجبال آالًفا إلى ماليين السنين بينما‬
‫أيضا‪ً :‬‬‫مختلفة ً‬
‫تستغرق العمليات مثل الفيضانات واالنهيارات األرضية والزالزل واالنفجارات البركانية ساعات‬
‫أو أيام‪.‬‬
‫مهما للدراسات األثرية في األنظمة النهرية ومصبات األنهار‬
‫أمر ً‬
‫يعد فهم معايير اختيار الموقع ًا‬
‫والساحلية في جميع أنحاء العالم‪ .‬ومن الممكن استخدام تقنيات علوم األرض لتحديد المناطق‬
‫ذات اإلمكانات العالية بسرعة كمساكن قديمة‪ .‬يمكن استخدام األدلة الجيولوجية األثرية لتوثيق‬
‫تغي ارت مستوى سطح البحر وموضع الموقع‪.‬‬
‫ينظر الجيولوجي لسطح األرض بأنه يتغير بطريقة متقلبة عبر الدهور‪ .‬فالسطح الجيومورفولوجي‬
‫هو مزيج من األشكال األرضية التي تعبر عن عمليات جيولوجية حديثة (نشطة) وعمليات لم‬
‫تعد نشطة أو قديمة‪ .‬لكن هل العمليات الجيولوجية فقط هي التي تشكل سطح األرض؟‬
‫فمثال في نصف الكرة الشمالي أدى المناخ لظهور أنهار جليدية تأثر‬
‫أيضا عامل مهم‪ً .‬‬
‫المناخ ً‬
‫بها منسوب سطح البحار‪ .‬وبصفة عامة ففي علم اآلثار الجيولوجي يجب أن يشمل النظر في‬
‫التضاريس عامل آخر وهو التغير الجيومورفولوجي الناجم عن االنسان‪.‬‬
‫األشكال األرضية التي يتم دراستها ورسم خرائطها هي نتيجة لثالثة عوامل‪:‬‬
‫‪ .1‬العمليات الجيومورفولوجية ‪ .2‬مرحلة تطور الشكل األرضي ‪ .3‬البنية الجيولوجية‬
‫ولرسم خريطة التضاريس من الناحية األثرية فيجب‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تحديد العمليات الجيولوجية التي تم من خاللها التشكيل األرضي‬
‫ثانيا‪ :‬التعرف على مراحل تطور الشكل األرضي عبر الزمن‬
‫ثالثا‪ :‬التعرف على التعبير الطبوغرافي للهياكل الجيولوجية (مراوح طينية – جزر ‪ -‬سهول‬
‫مسطحة – قاع وادي – الخ‪.)....‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪56‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ففي مجال رسم الخرائط الجيولوجية التقليدية يعتمد الباحث عليها في التعرف على شكل األرض‬
‫والتربة وهيدرولوجيا األحواض (جبال هضاب سهول‪ .)...‬واألدوات األساسية هي الخرائط‬
‫جنبا إلى جنب مع البوصلة ومقياس الميالن والمجرفة‬
‫الجغرافية والجيولوجية والهيدرولوجية ً‬
‫والمطرقة الصخرية والعدسة اليدوية‪ .‬ولكن اليوم هناك أدوات أحدث مثل صور األقمار‬
‫الصناعية أو موقع األقمار الصناعية أو النظام العالمي لتحديد المواقع (‪ )GPS‬وتكنولوجيا‬
‫الليزر ونظم المعلومات الجغرافية (‪ .)GIS‬كما أحدثت المركبة ذاتية القيادة منخفضة التكلفة أو‬
‫«الطائرة بدون طيار» ثورة في رسم خرائط المناظر الطبيعية والميزات األثرية‪ .‬ومهما كانت‬
‫التقنية أو األداة فإن الهدف هو نفسه‪ :‬تحديد السياق الجيومورفولوجي والجيولوجي للموقع أو‬
‫المواقع األثرية‪ .‬وعندما يتم التوصيف يكون عند عالم اآلثار فهم أفضل عن لماذا تم اختيار‬
‫هذا المكان أو الموقع لالستيطان أو للزراعة أو للدفن ‪...‬الخ‬
‫ًأوال ‪ :‬أهمية دراسة التضاريس وأشكال سطح األرض بالنسبة للمواقع األثرية‬
‫دراسة األشكال األرضية جزء مهم من أي مشروع ميداني أثري لفهم االعدادات المادية والموارد‬
‫جذابا لالستخدام البشري‪ .‬يمكن أن تساهم السمات‬
‫معينا ً‬
‫موقعا ً‬‫التي كان من شأنها أن تجعل ً‬
‫أو الخصائص الجيومورفولوجية في فهم العمليات المستمرة طويلة األجل التي أثرت على موقع‬
‫أثري‪ .‬كما ينظر علماء الجيواركيولوجي إلى المواقع األثرية كجزء من أحد أو أكثر من األنظمة‬
‫الجيومورفولوجية (أنهار‪ -‬سهول‪ -‬هضاب– صحاري ‪....‬الخ)‪.‬‬
‫أوضاع وأنظمة شكل األرض «األوضاع الجيومورفولوجية»‬
‫األوضاع الجيومورفولوجية هي نتيجة لعمليات نهرية– هوائية– جليدية– بركانية والتي بدورها‬
‫تعتبر حاالت خاصة من العمليتين األساسيتين‪ :‬التآكل «التعرية» والترسيب‪ .‬وتتنوع بين أنهار‬
‫وصحاري سهول ساحلية جليد براكين كهوف‪...‬الخ ولكن يهتم علم اآلثار بصفة خاصة‬
‫باألشكال التي تخص المياه والتضاريس النهرية باعتبارهما األماكن المفضلة دائما لالستيطان‬
‫في العصور القديمة‪ .‬حيث تنجذب في العادة المجموعات البشرية إلى مصادر المياه المتاحة‬
‫جدا في المجتمعات الزراعية حيث يحتاج المحصول إلى امدادات من المياه إلى‬ ‫وهذا واضح ً‬
‫جانب المياه توجد تربة طينية وطمي سارع المزارعون القدامى إلى استغالله‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪57‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يوفر علم أشكال وتضاريس سطح األرض أدلة إلعادة بناء أو تصور البيئة القديمة لموقع‬
‫أثري‪ .‬مثل عالقة ترسيبات معينة بمواقع معينة ومعرفة الخصائص الجيولوجية لهذه المواقع‪.‬‬
‫يمكن تحديد الخصائص الجيومورفولوجية لموقعين أثريين على سبيل المثال ويقعان في بيئة‬
‫واحدة ذات حركات هوائية (رمال) وبيئة طينية‪:‬‬

‫‪ .1‬المستوى األول‪ :‬يتم استخدام األدلة التي تم الحصول عليها من الرواسب المرتبطة مباشرة‬
‫بالمواد األثرية في تحليل طبقات الموقع‬
‫األثري نفسه‪.‬‬
‫‪ .2‬المستوى الثاني‪ :‬يتم استعادة أدلة من منطقة‬
‫أكبر داخل النظام األرضي مثل جزء من‬
‫النهر أو حقل كثبان رملية معين وتهدف‬
‫التحليالت التي تجرى باستخدام هذه األدلة‬
‫إلى فهم أداء النظام النهري أو الهوائي داخل‬
‫المنطقة المحيطة بالموقع مباشرة‪.‬‬
‫‪ .3‬في المستوى الثالث‪ :‬يتم استعادة األدلة من‬
‫أجل استجابة النظام الجيومورفولوجي‬
‫بأكمله (الحوض النهري أو المنطقة‬
‫الصحراوية) بهدف انشاء عالقات داخل كل‬
‫من األنظمة الطينية والهوائية األوسع‪.‬‬
‫‪ .4‬المستوى الرابع‪ :‬يتطلب التحليل ربط‬
‫البيانات مع تلك التي تم تطويرها من منطقة‬
‫أوسع بكثير حيث قد يتكون فيها العديد من‬
‫األنظمة الطينية والهوائية‪.‬‬
‫‪ .5‬في المستوى الخامس‪ :‬يمكن رسم االرتباطات مع االتجاهات المناخية العالمية الرئيسية وال‬
‫سيما باستخدام األدلة المستمدة من السجالت األساسية لمحيطات وأعماق البحار والقمم‬
‫الجبلية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪58‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫إذن علم اآلثار الجيولوجي يهتم أو يتطور للبحث والنظر خارج الموقع األثري‪ .‬بمعنى أنه‬
‫يتجاوز الجوانب المادية والفيزيائية للرواسب ليشمل الجوانب الجغرافية الحيوية والثقافية (المرتبطة‬
‫بالتنوع الحيوي وتأثيره على المكان والزمان)‬
‫ثانيا‪:‬النظم الجيومورفولوجية المرتبطة بالمواقع األثرية‪:‬‬
‫ً‬
‫األنظمة الجيومورفولوجية أو أشكال سطح األرض المختلفة هي نتيجة لعمليات تكوينية جيولوجية‬
‫مثل العمليات النهرية والهوائية المرتبطة بنقل الرمال والبركانية والجليدية والتي تعد بدورها‬
‫حاالت خاصة من العمليتين األساسيتين‪ :‬التعرية والترسب‪ .‬في هذا الفصل نحن مهتمون‬
‫بتحديد نتائج العمليات الجيومورفولوجية من العمليات نفسها ألن دراسة العمليات نفسها هي‬
‫دراسة جيولوجية في المقام األول‪ .‬ففي هذا الفصل سوف نقوم بتلخيص أهمية هذه التضاريس‬
‫واألشكال األرضية في علم اآلثار وخصائصها‪.‬‬
‫أ‪ -‬األشكال النهرية «التضاريس النهرية»‬
‫لعبت البيئات النهرية دو ار رئيسيا في فهمنا للماضي البشري‪ .‬فالبشر لديهم سجل طويل في‬
‫استخدام الموارد المرتبطة ببيئات األنهار‪ .‬وسواء كان ذلك استخداما قصير األجل لمورد معين‬
‫أو مستوطنات طويلة األجل فقد وفرت النظم النهرية موائل قيمة‪ .‬فقد قدم تلك األنظمة للبشر‬
‫مناطق غنية استفادوا منها وال يزالون ينتشرون عليها في الماضي والحاضر‪.‬‬
‫يشمل النظام النهري المثالي‪ :‬القناة والسهل الفيضي والمدرجات فوق السهل الفيضي‪.‬‬
‫من وجهة نظر أثرية األنهار هي أنظمة ديناميكية متغيرة‪ .‬ففي حين أن جزءا واحدا من النهر‬
‫قد يهيمن عليه التآكل وبالتالي تدمير المواقع فإن أجزاء أخرى بالقرب من النهر قد تكون مواقع‬
‫للدفن وبالتالي يتم الحفاظ على المواقع‪ .‬وبالتالي فإن أحد أهداف علم اآلثار الجيولوجية للبيئة‬
‫النهرية هو معرفة العمليات الجيومورفولوجية األساسية التي تؤثر على المواقع األثرية وكذلك‬
‫المناظر الطبيعية المحيطة بها‪.‬‬
‫تقوم المجاري المائية بعمليات قطع ونحر وترسيب في التربة فتظهر أشكال متدرجة «مدرجات»‬
‫أو «شرفات» وهي التي انتشرت عليها معظم المواقع األثرية‪ .‬وبالطبع تحديد تلك المواقع هو‬
‫الهدف األساسي في أي رسم خرائط لنظام نهري‪.‬‬
‫هاما في تحديد المناظر‬
‫دور ً‬
‫جنبا إلى جنب مع البراكين واألنهار الجليدية ًا‬
‫تلعب األنظمة النهرية ً‬
‫الطبيعية القديمة وبناء مناظر جديدة‪ .‬فحركة الرواسب المتآكلة (التي خضعت للتعرية والنحر)‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪59‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أساسا دور التيار المائي الذي يقوم بنقل هذه الرواسب عبر األودية إلنشاء شرفات وسدود‬
‫هي ً‬
‫وسهول فيضية وفي نهاية المطاف يتشكل سطح األرض الساحلية (مصبات األنهار‬
‫والشواطئ)‪ .‬مع األخذ في االعتبار لعوامل هطول األمطار والغطاء النباتي‪ .‬وفي علم اآلثار‬
‫الجيولوجي القراءة الصحيحة لنوع وملمس وتوزيع الرواسب النهرية يسمح بالرجوع إلى المناخ‬
‫الماضي وهو العامل المسيطر على علم البيئة القديمة‪.‬‬
‫هناك عامل آخر هام وهو االنسان‪ :‬فالتغيرات البشرية للمناظر الطبيعية يمكن أن تغير الجريان‬
‫السطحي والطابع الرسوبي ألنظمة األنهار مثل التغييرات الجذرية في التعرية بسبب إزالة‬
‫الغابات والتي تؤدي إلى زيادة أحمال الترسيب وتراكمها في المجاري المائية مما يتسبب في‬
‫زيادة تكرار حدوث الفيضانات واالطماء ‪ aggradation‬أو زيادة ترسيب الطمي‪ .‬وقد بدأت‬
‫هذه التغيرات في الحدوث منذ العصر الحجري الحديث ‪ Neolithic‬بسب التوسع في الزراعة‬
‫وتربية الحيوانات‪.‬‬
‫ففي وادي الكوبانية غرب أسوان بنحو ‪31‬كم والذي يعود تاريخه من ‪ 21111‬إلى ‪12111‬‬
‫قبل الميالد من العصر الحجري القديم المتأخر‪ .‬حيث تم الحفاظ على الموقع بسبب التفاعل‬
‫بين عمليات الترسيب فوق ضفة الوادي والرمال التي أتت بها الرياح‪ .‬وغالبا ما وفرت الرمال‬
‫سطحا تجري عليه األنشطة البشرية التي تم دفنها بعد ذلك بواسطة طمي النيل فوق الضفة من‬
‫الفيضانات الموسمية‪ .‬إلى جانب القطع األثرية الحجرية التي تم العثور عليها فقد تم الحفاظ‬
‫على العديد من المواد الحيوية مما يوفر رؤية جيدة لنمط اإلقامة الموسمي المرتبط ببيئة النهر‬
‫هذه‪.‬‬
‫ب‪ -‬األشكال األرضية الساحلية ‪coastal landforms‬‬
‫األشكال األرضية الساحلية هي من بين أكثر البيئات الجيومورفولوجية قابلية للتغيير ويرجع‬
‫ذلك إلى تغير مستوى سطح البحر حيث يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى انشاء ساحل‬
‫مغمور بالمياه والعكس عندما ينخفض مستوى سطح البحر يتكون ساحل ناشئ‪ .‬مثل‪ :‬سواحل‬
‫شرق أمريكا الغاطسة بينما سواحلها الغربية ناشئة‪ .‬ومثل منطقة سهل الطينة بشمال غرب‬
‫سيناء‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪60‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫شيوعا هو الشواطئ سواء على حواجز جزر أو ببساطة على‬ ‫ً‬ ‫الشكل الساحلي األرضي األكثر‬

‫مستوى سطح البحر من كتل أرضية قارية‪ .‬فالشواطئ والكثبان الرملية التي ً‬
‫غالبا توجد خلفها‬
‫توفر أدلة على مستوى سطح البحر والمناخ والحيوانات والنباتات الموجودة في رواسبها‪.‬‬
‫يمكن تصنيفها لثالثة أنواع رئيسية‪:‬‬
‫‪ .2‬أنظمة الجزر الحاجزة ومصبات األنهار ‪ .3‬السواحل المسطحة‬ ‫‪ .1‬الدلتا‬
‫‪ .1‬الدلتا‪:‬‬
‫هي عبارة عن دخول النهر إلى البحر فهي على شكل مروحة ‪ fan‬من الطين المترسب في‬
‫ضحال للتراكم وتتأثر بعوامل المد‬
‫ً‬ ‫موقعا‬
‫ً‬ ‫البحر وليس في مجرى التيار المائي‪ .‬فهي تتطلب‬
‫والجزر وكمية المياه التي يجلبها النهر‪ .‬حيث تشكل مصبات األنهار الجزء الخلفي من الشاطئ‬
‫وتمثل تقاطع النهر مع البحر‪ .‬كما أن مصبات األنهار هي أشكال أرضية مثل الشواطئ ولكن‬
‫على العكس من الشواطئ يمكن لمصبات األنهار اختراق المناطق الداخلية وتغطية مساحة‬
‫واسعة من الساحل‪ .‬وهذه األشكال األرضية غنية بالمواقع األثرية منذ العصور الحجرية إلى‬
‫العصور التاريخية‪ .‬حيث جذبت الدلتا المجموعات البشرية المبكرة لرواسبها الغنية باإلضافة إلى‬
‫الموارد البحرية الوفيرة‪.‬‬
‫‪ .2‬الجزر الحاجزة‪ /‬مصبات األنهار‬
‫تحتوي السواحل الغير منتظمة على العديد من الخلجان التي يتم تغذية الكثير منها بواسطة‬
‫أنهار صغيرة تسمى هذه الخلجان مصبات أنهار وتتلقى الكثير من الرواسب‪ .‬وباتجاه البحر‬
‫من مصبات األنهار توجد جزر حاجزة مستطيلة وموازية للشاطئ بشكل عام وتتكون في الغالب‬
‫وعادة ما يتم عزل هذه‬
‫ً‬ ‫أساسا عن طريق األمواج والتيارات البحرية الطويلة‪.‬‬
‫من الرمال وتتشكل ً‬
‫الجزر الحاجزة عن البر الرئيسي وقد تحتوي على بحيرات طويلة وضيقة تقع بين الحاجز والبر‬
‫الرئيسي‪.‬‬
‫‪ .3‬الساحل المسطح ‪strand plain coast‬‬
‫عبارة عن حزام عريض من الرمال على طول الخط الساحلي مع سطح يظهر عليه كثبان رملية‬
‫متوازية‪ .‬بعض السواحل التي تهيمن عليها األمواج ال تحتوي على مصبات األنهار وليس لديها‬
‫نظام جزر حاجزة ومع ذلك فإن هذه السواحل لديها شواطئ وكثبان رملية وقد تحتوي ً‬
‫أيضا‬
‫على مستنقعات ساحلية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪61‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الخالصة‪ :‬الجيومورفولجيا‪ :‬هي الدراسة المنهجية للعمليات السطحية التي تبني وتحلل وتفكك‬
‫األشكال األرضية‪ .‬بمعنى أنه يشمل دراسة العمليات الداخلية (مثل البراكين) والعمليات الخارجية‬
‫التي تعمل من خالل قوى الطقس والمناخ (األنظمة البيئية السطحية)‪.‬‬
‫جنبا إلى جنب مع التطورات األخرى في مجاالت الجغرافيا والجيولوجيا‬
‫تطورت الجيومورفولجيا ً‬
‫ئيسيا في مجال بحوث الجيواركيولوجي التي اهتم الكثير منها بدراسة‬
‫مكونا ر ً‬
‫مؤخر ً‬‫ًا‬ ‫وأصبحت‬
‫البيئات الترسيبية والتآكلية المرتبطة بالموقع األثري باإلضافة إلى السياق اإلقليمي لمحيط‬
‫الموقع األثري‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪62‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفصل السادس‬
‫رواسب المواقع األثرية‬
‫رواسب‬ ‫دراسة‬ ‫أهمية‬ ‫‪-‬‬
‫المواقع األثرية‬
‫رواسب‬ ‫تكوين‬ ‫عمليات‬ ‫‪-‬‬
‫الموقع األثرية‬
‫المواقع‬ ‫رواسب‬ ‫مصادر‬ ‫‪-‬‬
‫األثرية‬
‫رواسب التربة األصلية في‬ ‫‪-‬‬
‫المواقع األثرية‬
‫البيئات الترسيبية الشائعة‬ ‫‪-‬‬
‫ورواسبها‬
‫تاريخ تطور الموقع األثري من‬ ‫‪-‬‬
‫خالل دراسة الرواسب‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪63‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يعد علم الرواسب ‪ sediments/deposits‬مكونا رئيسيا في الدراسات الجيولوجية‬


‫واألثرية منذ التطور األول لهذه المجاالت وال يزال محوريا في األساليب المستخدمة في اإلجابة‬
‫على األسئلة الجيوأثرية‪ .‬يتم التركيز على وصف الرواسب والتربة واستخدامهما في علم اآلثار‬
‫الجيولوجية‪ .‬ويتناول هذا المبحث بشيء من التفصيل سبل إجراء تحقيق أكثر تفصيال في‬
‫السياق الرسوبي للموقع األثري وبيئته‪ .‬يتم ذلك من خالل عملية أخذ العينات بالطرق اليدوية‬
‫والميكانيكية والتي يمكن أن تنتج كميات كبيرة من المعلومات التي تسهم في معرفة البيئة‬
‫المحيطة وتاريخ الترسب والنطاق المكاني‪.‬‬
‫أساسيا لدى عالم اآلثار وال غنى عنه إذا‬
‫ً‬ ‫أمر‬
‫يعد الفهم الجيد للرواسب والتربة المدفونة ًا‬
‫كان المرء يقوم بأي نوع من العمل الميداني‪ .‬التربة والرواسب هي األماكن التي توجد فيها القطع‬
‫األثرية والظواهر والمباني ويمكن ربط العمليات الجارية فيها بأي مزيج من األحداث الطبيعية‬
‫والبشرية الماضية والحالية‪ .‬فاألدلة الموجودة داخل التربة والرواسب ضرورية للمساعدة في إعادة‬
‫بناء كل من األحداث والتغيرات البيئية الماضية وكذلك لتوضيح طبيعة التأثير البشري على‬
‫البيئة والمناظر الطبيعية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أهمية دراسة رواسب المواقع األثرية‪:‬‬
‫توفر الرواسب في منطقة المواقع األثرية وداخلها مصد ار قيما للمعلومات عن البيئات‬
‫القديمة واألنشطة البشرية السابقة‪ .‬تم استخدام فحص تكوين وملمس وبنية الرواسب بنجاح في‬
‫العديد من المواقع من أنواع مختلفة إلعادة بناء المناخات القديمة‪ .‬كما استخدم تحليل الرواسب‬
‫في التعرف على مناطق النشاط وفي تفسير العمليات التي ينطوي عليها تكوين المواقع األثرية‬
‫وتدميرها‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك يمكن تطبيق تحليل الرواسب لتوضيح العالقة بين التغيرات في‬
‫نظم االقامة الدائمة بالمواقع والتغير البيئي‪.‬‬
‫يمكن أن تساعد الدراسة العلمية للرواسب (علم الرواسب) عند تطبيقها على الرواسب‬
‫األثرية في تفسير عمليات تكوين الموقع‪ .‬قد يساعد علم الرسوبيات في‪:‬‬
‫‪ -‬التمييز بين الرواسب الطبيعية والرواسب من صنع اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد منطقة (مناطق) منشأ الرواسب وتقديم معلومات عن المسافة التي قطعتها الرواسب‬
‫وكيفية نقلها والظروف التي أودعت فيها‪.‬‬
‫‪ -‬توفر فهم للظروف البيئية المتغيرة وتطور المناظر الطبيعية ‪Landscape‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪64‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الرواسب في علم اآلثار الجيولوجية‪:‬‬


‫أمر‬
‫يعد التعرف على المكونات والتطبيقات األساسية لجمع البيانات الرسوبية وتحليلها ًا‬
‫هاما بالنسبة لغالبية الدراسات اآلثار الجيولوجية‪ .‬حيث تعمل جميع الرواسب الصخرية‬ ‫ً‬
‫والكيميائية والحيوية أو البيولوجية كمصفوفات أو مواضع تنشأ فيها المواد األثرية وبالتالي فهي‬
‫المحور الرئيسي لكثير من البحوث الجيولوجية األثرية وقد تساهم أيضا في دراسات الظروف‬
‫البيئية القديمة وتشكيل الموقع والتي نسترشد بها في فهم السلوك البشري في الماضي‪.‬‬
‫على الرغم من أن تعريف علم الجيولوجيا األوسع لعلم الرواسب يشمل دراسة وتصنيف‬
‫الرواسب والصخور الرسوبية إال أنه في كثير من الحاالت يتعامل علم اآلثار الجيولوجية بشكل‬
‫حصري تقريبا مع الرواسب وحدها بسبب الطبيعة الرسوبية غير الموحدة للعديد من اإلعدادات‬
‫الجيولوجية التي حدثت في عصور معينة ومتأخرة فالمواد المترسبة بشكل عام والتي تشكل‬
‫المواقع األثرية نفسها وكذلك طبيعة األسئلة التي يطرحها علماء اآلثار الجيولوجيون في العادة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عمليات تكوين رواسب الموقع األثرية‪:‬‬
‫ً‬
‫تركز معظم البحوث األثرية الجيولوجية على فهم كيفية وضع الرواسب في البداية‬
‫دور في تكوين أو تحويل‬
‫وتعديلها بعد ذلك عبر الزمن‪ .‬يتم التعرف على العمليات التي لعبت ًا‬
‫الرواسب من خالل الخصائص الفيزيائية والكيميائية التي تتركها وراءها‪ .‬ففي هذا الفرع يتم‬
‫التعرف على الفئات الرئيسية لعملية تكوين المواقع إلى جانب أي أشكال أرضية وأنواع رواسب‬
‫مرتبطة بها‪ .‬ورغم استعراض هذه الفئات بصورة منفصلة فقد يوجد تداخل كبير بينها‪ .‬على‬
‫سبيل المثال قد يتراكم الكولوفيوم عند منحدر تل على حافة السهول الفيضية ثم يتم إعادة‬
‫صياغته الحًقا عن طريق المياه النهرية وفي النهاية يتم إعادة وضعه على شكل طمي مترسب‬
‫في مكان آخر‪.‬‬
‫ننغطى المواقع األثرية بمعظم أنواع الرواسب‪ .‬فقد يتم دفن المواقع الموجودة بواسطة‬
‫الرواسب الرملية أو الغرينية أو البركانية أو البحرية أو البحيرية‪ .‬تقدم كل فئة خصائصها‬
‫الفيزيائية والكيميائية الخاصة ومشاكلها التفسيرية وكل منها بدوره يتطلب مجموعة خاصة من‬
‫األساليب واالجراءات التحليلية‪ .‬ومن أجل فهم العالقات بين الموقع أو القطع األثرية والوسط‬
‫المحيط بها يحتاج علماء اآلثار إلى معرفة أكبر قدر ممكن لخصائص الرواسب‪:‬‬
‫‪ .1‬مصدر المادة المترسبة وطبيعة الصخر األم ومشتقة من أي اتجاه وأي مسافة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪65‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ .2‬وسيلة النقل التي نقلتها وأودعتها (مياه – رياح ‪)....‬‬


‫‪ .3‬البيئة الترسيبية التي استقرت فيها‪.‬‬
‫‪ .4‬التحوالت الطبيعية الالحقة للرواسب بما في ذلك االضطرابات الميكانيكية أو البيولوجية‬
‫والتغيرات الكيميائية أو الفيزيائية‪.‬‬
‫‪ .5‬التحوالت البشرية (الثقافية) الالحقة‪.‬‬
‫دراسة الرواسب هي فرع من فروع الجيولوجيا يسمى علم الرواسب‪ .‬تتراكم طبقات‬
‫الرواسب فوق طبقة أخرى بينما تتشكل التربة في مكانها‪.‬‬
‫الرواسب هي تلك المواد المترسبة على سطح األرض تحت درجات ح اررة وضغوط منخفضة‬
‫تشكل العمود الفقري لعلم اآلثار الجيولوجية‪ .‬تم العثور على الغالبية العظمى من المواقع األثرية‬
‫في السياقات الرسوبية والمواد التي يتم التنقيب عنها ‪ -‬سواء كانت جيولوجية أو بشرية المنشأ‬
‫‪ -‬هي رسوبية في طابعها‪.‬‬
‫نظ ار ألن الرواسب منتشرة في كل مكان في المواقع األثرية فمن الضروري على األقل معرفة‬
‫عملية ببعض هذه الخصائص بما في ذلك (‪ )1‬أصلها و (‪ )2‬نقلها و (‪ )3‬طبيعة المكان‬
‫الذي ترسبت فيه أي بيئة ترسبها‪.‬‬
‫إن معرفة هذه الجوانب الثالثة من تاريخ الرواسب يشكل أهمية كبيرة لعلماء الرواسب سواء‬
‫كانوا يدرسون تسلسال بسمك ‪111‬متر من األحجار الرملية أو طبقة بسمك ‪ 11‬سم داخل كهف‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬مصادر رواسب المواقع األثرية‪:‬‬
‫الرواسب هي مواد جيولوجية تشكلها عمليات األرض في ظل الظروف السطحية العادية‬
‫من خالل عمل الماء والرياح والجليد والجاذبية والكائنات البيولوجية‪ .‬وهي تشمل مجموعة متنوعة‬
‫من المواد التي تتراوح على نطاق واسع من الحجر الجيري في الكهوف إلى الحصى على‬
‫الشاطئ ومن رواسب المستنقعات إلى الطين في قاع البحيرة‪ .‬عادة ما تكون غير موحدة (غير‬
‫ذات شكل واحد) ولكنها تتحول في النهاية إلى صخور رسوبية من خالل الضغط واعادة‬
‫التبلور‪ .‬قد تتضمن الرواسب أيضا مواد تنتج من خالل النشاط البشري‪ .‬يمكن أن تشكل بقايا‬
‫الحيوانات المذبوحة أو القمامة التي يتم إحضارها إلى موقع ما أو الصدف في موقع ما جزءا‬
‫كبي ار من الرواسب األثرية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪66‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫قد تؤدي تجوية الصخور إلى بقايا أو شظايا من الصخور أو حبيبات مواد معدنية أو‬
‫محاليل كيميائية أو الثالثة‪ .‬ويتم تحديدها من خالل التركيب المعدني للمادة األم (الصخرة‬
‫األساسية التي تفككت) والظروف المناخية وعمليات التجوية التي يتم الحصول عليها أثناء‬
‫التفكك‪ .‬فعلى سبيل المثال يتفكك الجرانيت المعرض ألقصى درجات الح اررة والبرودة في‬
‫البيئات شديدة الجفاف إلى حبيباته المعدنية المكونة له وهي‪ :‬الكوارتز والفلسبار والميكا‪ .‬وفي‬
‫المناخ الرطب يتم تفتيت الجرانيت إلى حبيبات من الكوارتز والميكا في حين أن الفلسبار‬
‫يتحول إلى طين‪ .‬واذا تعرضت هذه البقايا المفككة للنقل المائي فيمكن أن تترسب المعادن‬
‫الثالثة األصلية بعد نقلها في مواقع مختلفة جدا في إطار نظم هيدروليكية (مائية) بسبب‬
‫جاذبيتها النوعية المتميزة‪ .‬كما يمكن التعرف على الصخور األساسية التي جاءت منها الرواسب‬
‫حتى بعد اإلزاحة لمسافات طويلة‪.‬‬
‫تعد معرفة مصدر الرواسب خطوة هامة نحو معرفة تاريخها‪ .‬كما يوضح مثال الجرانيت‬
‫أعاله فإن تتبع الرواسب إلى مصادرها ليس مهمة بسيطة‪ .‬فعندما تنجو مجموعة المعادن أثناء‬
‫النقل والترسيب فإن تحديدها في الرواسب يمكن أن يشير إلى المصدر المحتمل أو منطقة‬
‫المصدر‪ .‬ومن الواضح أن منطقة المصدر ألي رواسب سيتم العثور عليها في االتجاه الذي‬
‫أتى منه عامل النقل‪ :‬مياه رياح وجليد‪.‬‬
‫إن طرق التصوير الصخري "بتروجرافي ‪ "petrography‬مثل الفحص المجهري للمقطع‬
‫الرقيق وحيود األشعة السينية للمعادن الطينية والتنشيط النيوتروني للعناصر الكيميائية‬
‫ومجموعة الطرق الطيفية كلها تعطي نتائج جيدة عند اختيارها بشكل صحيح‪ .‬يتم استخدام‬
‫العديد من هذه التقنيات من قبل علماء الجيواركيولوجي الذين يتتبعون المواد الخام من‬
‫المصنوعات الحجرية والطين‪.‬‬
‫أنواع الرواسب‬
‫تنقسم الرواسب تقليديا إلى ثالث فئات رئيسية والتي تنطبق أيضا على الدراسات الرسوبية‬
‫الجيوأثرية‪:‬‬
‫‪ .1‬رواسب حطام الصخور ‪clastic‬‬
‫‪ .2‬رواسب كيميائية‬
‫‪ .3‬رواسب عضوية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪67‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫واألوالن هما عموما األكثر صلة بعلم اآلثار الجيولوجية‪.‬‬


‫رواسب حطام الصخور هي النوع األكثر وفرة وهي تتألف من شظايا من الصخور أو‬ ‫‪.1‬‬
‫الرواسب األخرى أو مواد التربة التي تعكس تاريخا من التآكل والنقل والترسب‪ .‬معظم‬
‫الرواسب الصخرية هي أرضية وتترسب بواسطة عوامل مثل الرياح (مثل الكثبان الرملية)‬
‫والمياه الجارية (مثل األنهار والشواطئ) والجاذبية (مثل االنهيارات األرضية واالنخفاضات‬
‫والكولوفيوم)‪ .‬ومن األمثلة النموذجية على الرواسب الصخرية الرمل والطمي‪ .‬يعتبر الحطام‬
‫البركاني الذي يتكون من الرماد والحمم البركانية أيضا رواسب صخرية‪ .‬وبشكل عام فهي‬
‫غير شائعة نسبيا في السياقات الجيوأثرية ألنها تقتصر على المناطق البركانية‪ .‬ومع ذلك‬
‫فإنها تشكل جانبا مهما في الطبقات وتشكيل بعض المواقع األثرية الرئيسية‪ .‬مثل موقع‬
‫مدينة بومبي التي تم تغطيتها بحوالي ‪ 4‬أمتار من الحطام البركاني الذي يتكون من أحجار‬
‫بركانية ‪ pumice‬ورماد وصخور بركانية‪ .‬وكذلك في السلفادور‪.‬‬
‫الرواسب الكيميائية‪ :‬هي تلك التي تنتجها البحيرات حيث تقوم بترسيب عددا من‬ ‫‪.2‬‬
‫المعادن المترسبة في المناطق شبه القاحلة ذات التبخر القوي مثل ملح الطعام (كلوريد‬
‫الصوديوم) أو الجبس (كبريتات الكالسيوم)‪ .‬في بيئات الكهوف تنتشر الرواسب الكيميائية‬
‫على نطاق واسع وتنتج عادةً صفائح من كربونات الكالسيوم (مثل الحجر الجيري) أو مثل‬
‫الهوابط والصواعد‪ .‬تتكون هذه عادة من الكالسيت وبعض المعادن األخرى مثل الفوسفات‬
‫والكبريتات‪.‬‬
‫الرواسب البيولوجية‪ :‬تتكون في الغالب من مواد عضوية عادة من تحلل المواد النباتية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ويعتبر الخث ‪( Peat‬المواد النباتية المتفحمة جزئيا المشبعة بالماء ويستخدم كوقود عند‬
‫عضويا في مناطق المستنقعات والمنخفضات أمثلة مميزة لهذه‬
‫ً‬ ‫تجفيفه) أو الطين الغني‬
‫الرواسب‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪68‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ابعا‪ :‬رواسب التربة األصلية في المواقع األثرية‪:‬‬


‫ر ً‬
‫عند الحفر في موقع أثري فإن أول ما يقابلنا في الحفائر هل هو رواسب مترسبة ومودعة أو‬
‫هي مجرد تربة؟‬
‫لإلجابة عن هذا التساؤل البد معرفة الفرق بين الرواسب والتربة أو بمعنى أدق المواد المترسبة‬
‫‪ deposits‬و"أفق" التربة – (وهو قطاع طولي رأسي في التربة ‪.( Horizon‬‬
‫التربة والرواسب ليست مصطلحات قابلة لالستبدال‪ .‬والفرق األساسي بينهما هو أن التربة هي‬
‫أرضيا‬
‫ً‬ ‫ومسطحا‬
‫ً‬ ‫نتاج تجوية القشرة األرضية في الموقع فهي تتطور في مكانها وتتطلب وقتًا‬
‫مستقر لتطورها في حين أن الرواسب هي طبقات أو مجموعات من الجزيئات أو الجسيمات‬‫ًا‬
‫التي تمت إزالتها من المكان الذي تم فيه في األصل تجويتها من الصخور واعادة ترسيبها في‬
‫مكان آخر بفعل الماء أو الرياح أو حتى االنسان‪ .‬أي أن الرواسب هي نتيجة للحركة بينما‬
‫التربة تتطور في غياب الحركة‪.‬‬
‫وحتى هذه التعاريف يمكن أن تكون غامضة إلى حد ما ألن الرواسب يمكن أن تتغلب عليها‬
‫الحقا في الموقع إلنتاج التربة‪ .‬الرواسب الثقافية على سبيل المثال تبدأ كرواسب ولكن بعد‬
‫آالف السنين من التغيير الطبيعي يمكن أن تكتسب خصائص التربة‪.‬‬
‫يعتبر الجيولوجيون أن 'الدورة الرسوبية' تتكون من التجوية والنقل والترسب والتغيير التالي‬
‫للترسب للجسيمات‪.‬‬
‫بينما التربة تتكون نتيجة تجوية ‪ weathering‬الصخور من جراء تعرضها للعوامل الجوية‬
‫في حين أن الرواسب هي نتيجة لالنتقال التآكلي ‪ erosion‬للمواد بعيدا عن موقع التجوية‬
‫والترسب في موقع جديد‪ .‬التربة معقدة للغاية وتتشكل عندما يتم تجوية الصخور في وجود الهواء‬
‫"األكسجين" حيث يتم تكسير الصخور ببطء عن طريق األكسدة ودورات التجميد والذوبان‬
‫والنشاط البيولوجي والمواد الكيميائية التي تتسرب عبر الصخور‪.‬‬
‫الرواسب هي عندما يحدث تآكل للصخور ونقلها إلى مكان آخر‪ .‬بمجرد أن يتم ترسيبها 'في‬
‫مكان آخر' فإننا نسمي هذا 'الرواسب'‪ .‬توجد الرواسب في البحيرات واألنهار والكثبان الرملية‬
‫والشواطئ والمحيط‪ .‬واذا تم دفن الرواسب بعمق كاف وخضعت للضغط والتراكم فإنها تتحول‬
‫إلى 'صخور رسوبية‪'.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪69‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫كال من الرواسب والتربة هي أبعاد مهمة للدراسة‬


‫بصفة عامة فيما يخص علم اآلثار فإن ً‬
‫الجيولوجية للمواقع األثرية ‪.‬إن سياق الرواسب والتربة في الموقع األثري هو المكان األساسي‬
‫للبقايا المادية ذات األهمية األثرية‪.‬‬
‫مثال تطبيقي لمعرفة الفرق بين التربة والرواسب‬
‫في أحد المواقع القديمة وعند مد خط أنابيب تم قطع طريق قديم مرصوف بالحصي في عدة‬
‫أماكن مما يسمح برؤية قطاع رأسي للطبقات التي يستند عليها الحصى‪.‬‬
‫السؤال الهام هنا حول البقايا الموجودة أسفل الحصى هي ما إذا كانت تمثل موضع جانبي‬
‫من التربة أو سلسلة من الرواسب‪.‬‬
‫يشهد المقطع الجانبي للتربة المتطورة تسلسل متميز من المناطق يسمى اآلفاق (األفق ‪A‬‬
‫األفق ‪ )B‬األفق ‪ A‬هو المنطقة التي تتراكم فيها المواد العضوية والمعدنية ويتم نقلها ببطء‬
‫بمرور الوقت عموديا إلى أسفل القطاع الجانبي عن طريق الماء‪ .‬يمثل األفق ‪( B‬يقع أسفل‬
‫األفق ‪ )A‬تراكم المركبات الطينية والمعدنية الناشئة من األفق أعاله مطروحا منها المادة‬
‫العضوية‪.‬‬
‫دعونا نوضح المفاهيم بمثال من العالم الحقيقي‪ .‬عندما تجلب 'التربة' لقطعة أرض حديقتك‬
‫فأنت في الواقع تنقل الرواسب وترسبها‪ .‬إذا قمت بذلك م ار ار وتك ار ار فيمكنك إنشاء طبقات مميزة‬
‫بشكل واضح ولكن هذه الطبقات ال تزال ترسبات‪ .‬ومع ذلك إذا قررت التوقف عن جلب‬
‫الرواسب وسمحت للسطح بالبقاء مستق ار لعدة عقود فسيستمر تكوين التربة وفي النهاية سيكون‬
‫لديك مقطع أو قطاع للتربة يتم تجويته على سلسلة من الرواسب‪.‬‬
‫تذكر أن سؤالنا األصلي كان ما إذا كانت البقايا الموجودة أسفل الرصيف المرصوف بالحصى‬
‫تمثل مقطعا جانبيا للتربة أو سلسلة من الرواسب‪ .‬ما نطلبه حقا هو عما إذا كان قد تم وضع‬
‫الحصى على قمة التربة األصلية غير المضطربة التي تطورت خالل قرون أم أن الحصى‬
‫كانت ترتكز على الرواسب التي أودعها العمال الذين قاموا بتسوية األرض‪ .‬سوف نحتاج إلى‬
‫الحفر بشكل أعمق للوصول إلى مقطع جانبي أصلي للتربة‪.‬‬
‫كان عالم اآلثار بالموقع يشك في أن الحصى قد وضع على مقطع جانبي من التربة وليس‬
‫على رواسب‪ .‬ومن أجل الحصول على فحص مستقل حول ما إذا كانت الشكوك صحيحة تم‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪70‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫جلب عالم اآلثار الجيولوجية الذي قام بأخذ سلسلة من العينات االسطوانية لفحص التباين‬
‫الرأسي في لون وملمس البقايا عبر منطقة الحفر بأكملها‪.‬‬

‫ظهر في عينات المسح تدرج رأسي في لون وملمس البقايا ليس فقط تحت الحصى ولكن في‬
‫أماكن أخرى‪ .‬فقد ظهر تدرج لوني ينتقل تدريجيا من أفق ‪ A‬بني محمر وطفلي (به نسبة من‬
‫الرمل) إلى أفق ‪ B‬أحمر غني بالطين وشمعي الملمس تقر ًيبا‪ .‬كان الطين األحمر الشمعي‬
‫في العينات االسطوانية يفتقر إلى أي آثار لبقع الفحم‪ .‬فإذا كان هذا الطين عبارة عن رواسب‬
‫جاءت من الحفر في األفق ‪ B‬من مكان آخر وتم نقله إلى هذه البقعة كملء لكان قد احتوى‬
‫على بعض الفحم والمواد العضوية األخرى فيه‪.‬‬
‫بالنسبة لعالم الجيواركيولوجي فإن عدم وجود بقع الفحم هو دليل قوي على أن الطين هو أفق‬
‫‪B‬غير مضطرب‪ .‬ومع ذلك ال يتم الحفاظ على أفق التربة بشكل مثالي حيث يتآكل األفق‬
‫‪A‬األصلي بعيدا تاركا فقط الجزء السفلي لبضع بوصات‪ .‬وربما يكون هذا نتيجة لحركة المرور‬
‫الكثيفة على الموقع خالل فترات معينة‪ .‬وربما يكون التآكل الذي نتج عن ذلك هو السبب في‬
‫وضع الرصيف المرصوف بالحصي عليه من أجل تسويته أو تعبيده‪.‬‬
‫الفرق بين التجوية والتعرية ‪weathering / erosion‬‬

‫التجوية هي عملية تحلل الصخور أو تفتيتها أو تغيير لونها‪ .‬قد يكون سبب التجوية تأثير الماء‬
‫أو الهواء أو المواد الكيميائية أو النباتات أو الحيوانات‪ .‬وهناك نوعان‪ :‬تجوية كيميائية وتجوية‬
‫ميكانيكية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪71‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تتضمن التجوية الكيميائية تغييرات كيميائية في معادن الصخور أو على سطح الصخر مما‬
‫يجعل الصخر يغير شكله أو لونه‪ .‬قد يتسبب كل من ثاني أكسيد الكربون واألكسجين والماء‬
‫واألحماض في التجوية الكيميائية‪.‬‬
‫التجوية الميكانيكية هي عملية تكسير صخرة كبيرة إلى قطع أصغر دون تغيير المعادن في‬
‫الصخر‪ .‬قد يكون سبب التجوية الميكانيكية هو الصقيع والجليد وجذور النباتات والمياه‬
‫الجارية أو بفعل ح اررة الشمس‪.‬‬
‫بمجرد تغيير القطع الصغيرة من الصخور أو تفككها عن طريق التجوية قد تبدأ في التحرك‬
‫بفعل الرياح أو الماء أو الجليد‪ .‬عندما يتم تحريك القطع الصخرية األصغر المتحللة بواسطة‬
‫هذه القوى الطبيعية يطلق عليها اسم التآكل‪ .‬لذلك إذا تم تغيير صخرة أو كسرها وتفتيتها‬
‫عيدا يطلق‬
‫ولكنها بقيت في مكانها فإنها تسمى التجوية‪ .‬إذا تم نقل هذه القطع الصخرية ب ً‬
‫عليها تآكل‪erosion‬‬
‫معا إلى تدهور التربة وتآكل الشواطئ والمنحدرات ‪.‬يساهم البشر في شدة‬
‫يؤدي التعرية والتجوية ً‬
‫التعرية والعوامل الجوية من خالل أساليب البناء والممارسات الزراعية الضارة‪.‬‬
‫أمثلة للتجوية والتآكل‬

‫‪ ‬التآكل الناتج عن المطر أو الري يؤدي إلى تجريف التربة‪.‬‬


‫‪ ‬مياه البحار والمحيطات وعوامل المد الجزر تؤدي إلى تآكل الشواطئ‬
‫‪ ‬التجوية الميكانيكية بفعل الرياح والماء تؤدي إلى نحر الصخور وتفتيتها‬
‫‪ ‬تتسبب التجوية الكيميائية في إذابة المعادن الموجودة في الصخور ثم تشكل الهوابط‬
‫والصواعد في الكهوف‬
‫‪ ‬التجوية الميكانيكية الناجمة عن جذور األشجار تؤدي النهيارات في التربة‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪72‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫خامسا‪ :‬البيئات الترسيبية الشائعة ورواسبها ‪:‬‬


‫ً‬
‫في الجيولوجيا بيئة الترسيب أو البيئة الرسوبية هي مجموعة من العمليات الفيزيائية والكيميائية‬
‫والبيولوجية المرتبطة بترسب نوع معين من الرواسب‪ .‬عندما تحيط البيئة الرسوبية بالموقع األثري‬
‫أو بالمواد األثرية يمكن استخدام االستدالالت التي يتم إجراؤها حول الظروف البيئية القديمة‬
‫عند ترسبها لفهم بيئات المواد أو المواقع‪ .‬تتواجد المواقع األثرية في كل هذه األنواع من البيئات‬
‫الترسيبية ويحدث دمج المواد األثرية في الرواسب المتبقية أثناء تكوين التربة بواسطة الكائنات‬
‫الحية العوامل المناخية‪.‬‬
‫وسوف يتم تناول بيئات الترسيب المتعلقة أساسا بالرواسب نفسها‪ .‬وبالنسبة للتفسيرات األثرية‬
‫فإن بيئات الترسيب ليست سوى جزء من القصة ألننا نحتاج أيضا إلى فهم بيئات الدمج أو‬
‫االشتراك بمعنى كيف أصبحت المواد األثرية مرتبطة بالرواسب وبيئات الدفن‪.‬‬
‫تتضمن البيئات الرسوبية أدلة حول حجم ومعدالت أحداث الترسيب والتآكل‪ .‬والمحدد الرئيسي‬
‫لمعدالت التراكم الرسوبي في كل مكان هو المناخ‪ :‬فحجم هطول األمطار وتوزيعها الموسمي‬
‫وتواتر العواصف يحددان عوامل الترسيب السائدة واستقرار النظم الرسوبية‪.‬‬
‫‪Fluvial deposits/ alluvial settings‬‬ ‫‪ .1‬الرواسب النهرية‬
‫ي شير مصطلح علم اآلثار الجيولوجية الغرينية إلى ممارسة علم اآلثار الجيولوجية في أنظمة‬
‫المجاري النهرية مع التركيز على االكتشاف والتنقيب والتحليل السياقي للسجالت األثرية في‬
‫الطمي أي الرواسب التي ترسبها المياه والموجودة داخل البيئات الغرينية المتنوعة‪.‬‬
‫ترتبط الرواسب النهرية بتدفق مياه األنهار والمجاري المائية العذبة مثل األلوفيوم ‪Alluvium‬‬
‫– وهو عبارة عن رواسب تنقلها المياه معظمها من الحبيبات الدقيقة (الطين والطمي) وتترسب‬
‫في األنهار إما على السهول الفيضية أو داخل قنوات األنهار والجداول‪.‬‬
‫يعد إعادة إعمار المناظر الطبيعية السابقة حول األنهار الرئيسية من خالل تآكل أو ترسب‬
‫الرواسب على طول المجاري المائية وفي أفواه النهر ‪ -‬قيمة بشكل خاص لعلم اآلثار ألن هذه‬
‫البيئات كانت في كثير من األحيان محور االستيطان البشري‪ .‬ففي بعض الحاالت مثل نهر‬
‫النيل نهري دجلة والفرات وأنهار الهند والصين فقد أثبتت السهول الفيضية أنها عامل ممتاز‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪73‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫في النهوض بالزراعة والري وقيام الحضارة‪ .‬وفي الواقع غيرت العديد من األنهار مسارها في‬
‫فترات مختلفة من خالل عمليات معقدة من التعرية والطمي والتدرجات المتفاوتة والجفاف أيضا‪.‬‬
‫أما السهول الفيضية فهي ببساطة المناطق المسطحة المجاورة لألنهار والمعرضة للفيضانات‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن عمليات ترسب الفيضانات وتآكل القنوات النهرية ورواسب المنحدرات على‬
‫طول هوامش الوادي يمكن أن تنتج سلسلة معقدة من الرواسب وأشكال أرضية‪.‬‬
‫تعتبر السهول الفيضية مهمة من الناحية األثرية ألنها كانت محور النشاط البشري الذي يوفر‬
‫الغذاء والنقل والطاقة والتربة الزراعية الخصبة‪.‬‬
‫يمكن تحديد مجموعتين واسعتين من الرواسب النهرية‪:‬‬
‫أ‪ .‬الرواسب على الضفاف النهرية ‪Overbank deposits‬‬
‫يتم ترسيبها خالل فترات الفيضانات وتؤدي إلى بناء عمودي للسهول الفيضية‪ .‬وسيتوقف توزيع‬
‫حجم الجسيمات ومعدل الترسيب على حمولة الرواسب المعلقة وأوقات الفيضانات والموقع‬
‫داخل السهول الفيضية‪ .‬وتشمل الترسيبات‪ :‬الحواجز النهرية ‪ Levees‬والشقوق النهرية‬
‫‪ splays‬رواسب فيضية زائدة ‪overbank fines‬‬
‫الحواجز النهرية ‪ :Levees‬عبارة عن تالل تعمل بالتوازي مع قناة النهر‪ .‬عندما يتخطى النهر‬
‫ضفافه تفقد المياه بسرعة الطاقة وتترسب مواد أكثر خشونة (عادة الرمال) على طول الضفة‬
‫يتراكم هذا لتشكيل الحواجز‪ .‬وعندما يتم اختراق الحواجز وتنسكب المياه على السهل الفيضي‬
‫صدعا ‪Splays‬‬
‫ً‬ ‫يمكن ترسيب الرمال في شكل مروحة عبر سطح السهل الفيضي مما يشكل‬
‫مراوح غرينية ‪ Alluvial fans‬تحدث هذه عندما يترسب الطمي ويتم تصريفه من داخل نظام‬
‫النهر وينتشر بشكل مروحة مثل الدلتا في مصر وتميل هذه إلى أن تكون ذات أهمية لتتبع‬
‫طرق األنهار المندثرة و ً‬
‫أيضا المواقع األثرية المدفونة بها‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪74‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ب‪ .‬الرواسب بالقرب من المجاري المائية نفسها ‪Channel deposits‬‬


‫تتشكل هذه الرواسب من خالل عملية التراكم الجانبي وتوزيعها وطبيعتها تعتمد على استقرار‬
‫المجرى النهري ونظام فيضان األنهار‪.‬‬
‫خصائص الترسيبات الطينية‬
‫‪ -‬ال يوجد حجم للجسيمات المنقولة ألن الترسب يعتمد على طاقة النقل المائي‬
‫غالبا ما تتأكسد ويتغير اللون بعد التعرض للعوامل الخارجية‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬قد تكون غنية باألدلة البيئية مثل الرخويات أو حبوب اللقاح‬
‫األهمية األثرية للرواسب الغرينية‬
‫نظر ألن هذه الوديان‬
‫يمكن استخدام الرواسب الغرينية لفحص البيئات السابقة للوديان النهرية ًا‬
‫النهرية تمثل واحدة من أكثر المناظر الطبيعية كثافة سكانية في السجل األثري بأكمله فمن‬
‫المرجح أن يحتوي الطمي على معلومات مفصلة حول المستوطنات البشرية السابقة‪ .‬ومع ذلك‬
‫هناك تحديات يتعين مواجهتها عند محاولة استخدام هذه البيانات لتحديد أسباب تغير وادي‬
‫النهر ألن هذه البيئات النشطة تستجيب بشكل كبير لكل من التباين المناخي وممارسات‬
‫استخدام األراضي‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪75‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أحيانا مواقع بأكملها‬


‫ً‬ ‫مع تغير مسار األنهار أو ارتفاع مستويات المياه تدفن الرواسب الغرينية‬
‫وأسطح األراضي القديمة مما يتيح تتبع األسطح المدفونة مع استعادة المعلومات األثرية والبيئية‬
‫على نطاق واسع‪ .‬ومع ذلك يمكن أن يكون هذا تحت عدة أمتار من المواد مما يؤدي إلى‬
‫صعوبات عملية كبيرة‪ .‬يمكن أن يؤدي عمق الطمي على سبيل المثال إلى تقليل فعالية‬
‫وغالبا ما تكون االكتشافات األثرية عن طريق الصدفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫التقنيات الجيوفيزيائية‬
‫‪ .2‬رواسب البحيرات واألراضي الرطبة‬
‫)‪Lake deposition and paludal settings (Wetland Archaeology‬‬
‫تتكون رواسب البحيرات والمستنقعات بشكل أساسي من بقايا عضوية من الطحالب والبقايا‬
‫العشبية والخشب ورواسب البحيرات الغنية بالمواد العضوية‪ .‬تشمل األراضي الرطبة مناطق‬
‫المستنقعات والبحيرات سواء كانت طبيعية أو اصطناعية دائمة أو مؤقتة مع مياه ثابتة أو‬
‫متدفقة عذبة أو مالحة‪.‬‬
‫تتألف رواسب األراضي الرطبة من مجموعات مختلفة من الرواسب العضوية والمعدنية وفًقا‬
‫للظروف السائدة‪ .‬السمة الرئيسية لها هي أنها كونها مشبعة بالماء تحتوي على القليل ً‬
‫جدا من‬
‫األكسجين‪ .‬وبالتالي فإن نشاط البكتيريا والفطريات وحيوانات التربة المسؤولة عادة عن تحلل‬
‫المواد العضوية منخفض للغاية مما يؤدي إلى حاالت استثنائية من الحفظ للبقايا األثرية إن‬
‫وجدت‪.‬‬
‫خصائص رواسب البرك والمستنقعات‬
‫غالبا ما تكون غنية ً‬
‫جدا بالمواد العضوية‬ ‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬حفظ استثنائي ألي مادة عضوية موجودة بما في ذلك القطع األثرية‬
‫غالبا ما تكون الرواسب المعدنية رمادية (بسبب التشبع بالمياه) ولها رائحة مميزة‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫الخث ‪ Peat‬مادة نباتية مكربنة جزئيا مشبعة بالماء تستخدم كوقود عند تجفيفها‪ .‬يتكون الخث‬
‫من النباتات في ظل ظروف مشبعة بالمياه عندما يكون معدل إنتاج المادة العضوية أكبر من‬
‫معدل تحللها‪.‬‬
‫رواسب المياه المفتوحة‬
‫تنوعا بشكل عام وتشمل المواد العضوية من النباتات‬ ‫تكون رواسب المياه المفتوحة أكثر ً‬
‫والحيوانات التي تعيش في الماء والمواد المعدنية التي تدخل النظام من المجاري المائية والجريان‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪76‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫السطحي‪ .‬توجد اختالفات في هذه المكونات في الرواسب من البحيرات والبرك واآلبار والقنوات‬
‫واألنهار والجداول‪.‬‬
‫وفيما يخص البحيرات فإن طاقة تدفق المياه فيها أقل بكثير من طاقة التيار أو النهر الذي‬
‫يغذيها‪ .‬ولهذا السبب ربما لم تعد المياه تملك ما يكفي من الطاقة لحمل الرواسب التي تنقلها‬
‫وبالتالي فإن البحيرات هي مناطق أو مستودعات للرواسب‪ .‬عندما تدخل األنهار إلى البحيرة‬
‫تنخفض طاقة الماء لذلك تترسب أكبر الجسيمات بالقرب من الفم (التقاء البحيرة بالنهر)‪.‬‬
‫األهمية األثرية لرواسب األراضي الرطبة‬
‫غالبا ما تظهر المادة العضوية في األراضي الرطبة حماية ممتازة بسبب تشبعها بالمياه وظروف‬
‫ً‬
‫نقص األكسجين وتعتبر األراضي الرطبة مهمة من الناحية األثرية بعدة طرق‪ .‬يمكن للرواسب‬
‫نفسها من خالل بنيتها وتكوينها والنطاق الواسع من البقايا العضوية الطبيعية التي تحتوي‬
‫عليها (حبوب اللقاح وبقايا النباتات والحشرات والرخويات وغيرها من الحطام البيولوجي)‪.‬‬
‫فهي توفر سجل بيئي متسلسل مفصل للفترة التي تشكلت خاللها من عشرات إلى عشرات اآلالف‬
‫من السنين‪ .‬وبالتالي فإن رواسب األراضي الرطبة توفر سياق المناظر الطبيعية للنشاط البشري‪.‬‬
‫زمنيا موثوًقا به للموقع‪.‬‬
‫تسلسال ً‬
‫ً‬ ‫عموما‬
‫ً‬ ‫تماما للتأريخ وتعطي‬
‫كما أنها توفر مواد عضوية مناسبة ً‬
‫جيدا بشكل استثنائي من أنواع عديدة مثل‬ ‫وبالمثل يمكن أن تكون هناك بقايا أثرية محفوظة ً‬
‫المستوطنات والطرق والمباني واألواني والطبقات الحضارية والتقدمات أو القرابين النذرية وغيرها‬
‫من القطع األثرية المماثلة داخل الرواسب أو تحتها‪ .‬فعلى سبيل المثال في العديد من‬
‫المستوطنات على ضفاف البحيرات ال تزال أنسجة األوراق الخضراء محفوظة وقد حافظت‬
‫جدا ويمكن التعرف‬
‫جيدا ً‬
‫ظا ً‬‫غالبا ما تظهر العظام حف ً‬
‫روث الماشية على شكلها األصلي‪ .‬كما ً‬
‫على خياشيم وقشور األسماك الهشة للغاية‪.‬‬
‫‪ .3‬الرواسب الساحلية ‪Coastal sediments‬‬
‫الرواسب البحرية كتلك الموجودة داخل مناطق المد والجزر واألراضي الرطبة الساحلية‪ .‬تشمل‬
‫الرواسب الساحلية رواسب الشاطئ ومصبات األنهار‪ .‬ومصادرها تأتي من تآكل المنحدرات أو‬
‫المنصات أو الغواصات التي تعمل بالموجات ومن مصادر بيولوجية مثل الصدف والشعاب‬
‫المرجانية واألنهار والحركات الهوائية بفعل الرياح‪ .‬والتخلص من النفايات بواسطة االنسان‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪77‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يمكن أن تتكون الشواطئ من مواد تتراوح في الحجم من الرمال الناعمة إلى الصخور ويحتوي‬
‫العديد من الشواطئ أيضا على كميات كبيرة من المواد الكربونية في شكل أصداف‪ .‬يتأثر شكل‬
‫الشاطئ بحجم وشكل المادة ونطاق المد والجزر وعمليات األمواج‪ .‬توفر الشواطئ الرملية‬
‫األصل للكثبان الشاطئية التي تتشكل من العمليات الهوائية‪ .‬بصفة عامة هناك ثالثة عوامل‬
‫أساسية تتحكم في طبيعة وتطور المنطقة الساحلية‪ :‬مستوى سطح البحر النسبي وتدفق الطاقة‬
‫(األمواج والمد والجزر والتيارات المائية) وتدفق الرواسب‪.‬‬
‫يمكن تقسيم السواحل إلى سلسلة من البيئات المهمة لالستخدام البشري للشواطئ والمناطق‬
‫النائية المباشرة الخاصة بها‬
‫السهل الساحلي‬
‫يتفاوت عرضه من بضع عشرات من األمتار إلى عدة مئات من الكيلومترات مثل التي كانت‬
‫متاحة لالستخدام البشري على طول العديد من الحواف القارية‪ .‬ولطالما اجتذبت السهول البشر‬
‫دائما إعادة بناء االستخدامات البشرية للسهول الساحلية ألن‬
‫بقدر ما تجتذبهم اليوم‪ .‬ويصعب ً‬
‫البيئات األصلية قد اختفت نتيجة للتغيرات الساحلية المرتبطة بتقلبات مستوى سطح البحر‪.‬‬
‫مصبات األنهار‬
‫تعتبر مصبات األنهار جذابة للبشر بسبب الوصول إلى كل من المناطق الداخلية وموارد المياه‬
‫العذبة فضال عن العديد من الموارد الساحلية‪ .‬عندما تصل األنهار التي تحمل كميات كبيرة‬
‫من الرواسب إلى البحر تتباطأ مياه النهر وتترسب رواسبه‪ .‬يشكل هذا الترسيب الموضعي‬
‫مروحة كبيرة للمواد (الدلتا)‪.‬‬
‫تعتبر دلتا األنهار ذات قيمة عالية لتربتها الخصبة ذات المياه الجيدة باإلضافة إلى سهولة‬
‫الوصول إلى الموارد الغذائية المائية وهي بيئات ديناميكية للغاية لمصب األنهار وقد انطوت‬
‫بعض التغييرات األكثر عمقا على تحوالت مفاجئة في مصبات األنهار أجبرت على إجراء‬
‫تغييرات في مواقع األنشطة البشرية في الماضي مما أدى في بعض الحاالت إلى هجرات‬
‫وتحوالت ثقافية‪ .‬ولعل مدينة "فينيتا" ‪ Vineta‬األسطورية على بحر البلطيق تعد خير دليل‬
‫على ذلك والتي ذكرها الرحالة إبراهيم بن يعقوب عام ‪901‬م (رحالة يهودي من األندلس) بأنها‬
‫أعظم مدن أوروبا وربما كانت موجودة في جزيرة مستنقعات في دلتا نهر أودر في بولندا‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪78‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫وبالمثل فقد اختفت مدينة هراقليون في دلتا النيل بمصر في عالم األسطورة لعدة قرون بعد‬
‫التخلي عنها في القرن األول الميالدي بعد تحوالت نهرية وهبوط أرضي‪.‬‬
‫وعلى النقيض فقد أدى نمو دلتا األنهار ‪ -‬نتيجة لكل من انخفاض مستوى سطح البحر وتسارع‬
‫توصيل الرواسب األرضية إلى مصبات األنهار ‪ -‬إلى إنشاء مناطق جديدة لالستيطان الساحلي‬
‫نمت أهميتها في العديد من األماكن‪.‬‬
‫البيئة الساحلية ديناميكية ومتغيرة باستمرار ويمكن أن يكون لتغيراتها آثار كبيرة في الداخل‪.‬‬
‫يمكن لحركات الرواسب (مثل ضفاف الرمال المتراكمة من خالل االنجراف على الشاطئ‬
‫الطويل) أن تغير بسرعة تكوين الشواطئ والتي يمكن أن تؤثر أكثر في مستجمعات المياه‬
‫وتغير ديناميكيات القنوات النهرية وتسبب في النهاية حجب واندثار القنوات‪ .‬من المهم أن نفهم‬
‫أن البيئات الساحلية التي يشغلها البشر كانت وال تزال ديناميكية دائما ولكن من المهم أيضا‬
‫أن ندرك أن الحاضر ليس بالضرورة دليال مفيدا للماضي ‪.‬فالعمليات التي تتحكم في شكل‬
‫الساحل الحديث ليست دائما تلك التي كانت موجودة في الماضي‪ .‬وعالوة على ذلك فإن العديد‬
‫من مواقع المستوطنات الساحلية القديمة غالبا ما تكون اآلن بعيدة عن الخط الساحلي الحديث‬
‫ربما في الداخل أو تحت الماء مما يؤكد على قابلية السواحل للتغيير‪.‬‬
‫تشمل البقايا البشرية المنشأ الموجودة في الرواسب الساحلية األصداف وعظام السمك والتي‬
‫غالبا ما تكون في شكل نفايات والمواد األجنبية مثل الفخار المستورد والذي يشير إلى التجارة‬
‫ً‬
‫وبقايا األرصفة والمستودعات والقوارب‪ .‬يتطلب علم اآلثار الجيولوجية في المياه العميقة مجموعة‬
‫واسعة من األساليب والتقنيات‪ .‬وهي تشهد حاليا تطو ار سريعا‪.‬‬
‫الساحل هو الواجهة بين اليابسة والمحيطات يقابل األراضي الزراعية الخصبة وموارد البروتين‬
‫جنبا إلى جنب مع التجارة التي يسهلها النقل البحري‪ .‬وقد جعلت هذه المزايا المعيشية‬
‫البحرية ً‬
‫واالقتصادية االستقرار في المناطق الساحلية جذابا منذ بداية االستقرار‪ .‬وعلى هذا النحو فإن‬
‫السجل األثري في المناطق الساحلية غني ووفير‪ .‬لقد كان الطعام أحد أسباب انجذاب البشر‬
‫إلى السواحل على مدار المائة ألف عام الماضية‪ .‬كما أن السهولة النسبية للحركة على طول‬
‫السواحل أدت إلى تركز العديد من المجموعات البشرية المبكرة على طول السواحل القارية‪.‬‬
‫وفي وقت الحق عندما أصبحت الشبكات البحرية مهمة للتجارة تم االستقرار البشري على‬
‫السواحل بشكل متزايد وهو عامل رئيسي في تفسير التركيز الالحق للناس في المدن الساحلية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪79‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ .4‬رواسب الرياح ‪Wind deposition/ Eolian Settings‬‬


‫الرواسب التي تهب فيها الرياح ‪ -‬الرمال (على سبيل المثال الكثبان الرملية) والطمي الرملي‬
‫التي تترسب بفعل الرياح داخل المناظر الطبيعية المفتوحة وسيئة الغطاء النباتي والبيئات‬
‫الصحراوية والبيئات المعتدلة الجافة‪ .‬تشمل الرواسب التي تهب عليها الرياح كال من الرواسب‬
‫الطفلية ‪( loess‬مادة بلون الطمي) وأشكال الكثبان الرملية ‪sand dunes‬‬
‫الكثبان الرملية ‪Dunes‬‬
‫شيوعا بالجسيمات ذات الحجم الرملي‪ .‬الكثبان‬
‫ً‬ ‫ترتبط الكثبان الرملية والتموجات بشكل أكثر‬
‫الرملية تصل أحيانا الرتفاعات تصل إلى ‪ 411‬متر وأطوال موجية تصل إلى ‪ 4‬كيلومترات‪.‬‬
‫انحدار‪ .‬ما لم يتم تثبيت سطح الكثبان الرملية‬
‫ًا‬ ‫وفي العادة ما يكون الجانب الفارغ هو األكثر‬
‫بواسطة الغطاء النباتي فإن الرمال الموجودة في الكثبان الرملية ستستمر في التحرك ويمكن‬
‫للكثبان الرملية دفن أسطح األراضي الموجودة مسبًقا والمستوطنات في مسارها‪ .‬تم تحديد عدد‬
‫كبير من المواقع األثرية الهامة في مناطق بها كثبان ورواسب رملية‪ .‬توفر الكثبان الرملية بيئة‬
‫من التراكم حيث‪:‬‬
‫يمكن الحفاظ على القطع األثرية‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫ب‪ .‬يمكن دفن مؤشرات الظروف المناخية السابقة وغيرها من الظروف البيئية في تسلسالت‬
‫زمنية مثل البقايا النباتية‪.‬‬
‫ج‪ .‬قد تكون الطبقات أو المستويات داخل التراكم (التتابع الطبقي) لها امكانية تأريخ‪.‬‬
‫أشكال الكثبان الرملية متنوعة وتختلف بين وعبر حقول الكثبان الرملية‪ .‬ويخضع تطور أشكالها‬
‫لعدة عوامل تشمل كمية وحجم حبيبات الرمل المتاح وسعة النقل والتغير االتجاهي للرياح‬
‫والغطاء النباتي ووجود مرتفعات صخرية وموقع الكثبان داخل بحر رملي والمدى المساحي‬
‫لحقل الكثبان الرملية‪.‬‬
‫خصائص الكثبان الرملية‪:‬‬
‫‪ -‬أشكال الحبيبات الرملية متجانسة ويغلب عليها الشكل شبه الدائري‬
‫‪ -‬قد تحتوي على نسبة عالية من الكربونات وعلى شظايا من الصدف البحري حيث تنشأ‬
‫الرواسب من مواقع شاطئية‪/‬ساحلية‬
‫عمليات تشكيل الموقع في الكثبان الرملية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪80‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫كنز من المواد األثرية المشتملة عليها إال أنه يجب‬‫رغم أن الكثبان الرملية يمكن أن تكون ًا‬
‫توخي الحذر عند تفسيرها‪ .‬على سبيل المثال قد يؤدي انكماش الكثبان الرملية إلى إزالة المواد‬
‫الدقيقة مثل عظام األسماك الصغيرة في حين أن المواد األخرى الحساسة قد تتلف بسبب‬
‫أيضا إزاحة القطع األثرية رأسياً نتيجة تآكل وانكماش ما بعد‬
‫التآكل النشط بفعل الرياح‪ .‬يمكن ً‬
‫االستيطان أو الهجرة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك قد يؤدي االضطراب الحيوي والعمليات األخرى إلى‬
‫حركة تصاعدية أو هبوطيه للقطع األثرية من المستوى األصلي للترسيب‪.‬‬
‫الرواسب الطفلية ‪loess‬‬
‫والتي تعني مفكك أو هش والتي ورد‬ ‫يأتي مصطلح )‪ (loess‬من الكلمة األلمانية ‪Löss‬‬
‫أنها استخدمت ألول مرة لوصف الرواسب الطينية الهشة على طول وادي الراين بالقرب من‬
‫هايدلبرج بألمانيا‪ .‬ويمكن تعريف الرواسب الطفلية بأنها عبارة عن مادة رسوبية دقيقة الحبيبات‬
‫والتي تراكمت على نطاق واسع في بعض مناطق العالم خالل‬ ‫ناتجة عن ترسب ا ‪eolian‬‬
‫أيضا في فترات جيولوجية قديمة‪.‬‬
‫العصر الجيولوجي األخير أو الرباعي كما تم التعرف عليه ً‬
‫يتم تعريف الرواسب الطفلية على أنها رواسب تتكون في الغالب من جزيئات بحجم الطمي (‪-2‬‬
‫‪ 51‬مم) بكميات ثانوية من الطين (‪ 2‬مم) والرمل (‪ 51‬مم) التي تم ونقلها وتجميعها بواسطة‬
‫الرياح‪ .‬وهي بذلك عبارة عن غبار مصفر من الجسيمات بحجم الطمي التي تجلبها الرياح وتعاد‬
‫ترسيبها على األرض‪.‬‬
‫تغطي الرواسب الطفلية ما يقرب من ‪ ٪ 11‬من العالم في نصف الكرة الشمالي حيث تغطي‬
‫مساحة تقدر بحوالي ‪441.111‬كم‪ 2‬أي بنحو ‪ %41‬من األراضي الصالحة للزراعة هناك‪ .‬فهي‬
‫تنتشر عبر سهول أمريكا الشمالية شمال غرب الواليات المتحدة وأالسكا أوروبا (شمال غرب‬
‫فرنسا جنوب وسط أوروبا أوكرانيا روسيا) وسط آسيا (طاجيكستان أوزبكستان كازاخستان)‬
‫والصين‪ .‬كما ظهرت تلك الرواسب في أفريقيا في (تونس وليبيا ونيجيريا وناميبيا) والشرق‬
‫األوسط )فلسطين واليمن واإلمارات العربية المتحدة)‪.‬‬
‫في نصف الكرة الجنوبي توجد الرواسب الطفلية في معظم أنحاء نيوزيلندا (جنوب شرق‬
‫استراليا) في حين أن الرواسب الشبيهة بالرواسب الطفلية تكون واسعة بشكل خاص في منطقة‬
‫جنبا إلى جنب مع مناطق بوليفيا وبا ارجواي والب ارزيل وأوروجواي‪.‬‬
‫سهل "تشاكو" في األرجنتين ً‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪81‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫جنبا إلى جنب مع البقايا‬


‫في مصر تم رصد هذه الرواسب في مناطق أودية جنوب سيناء ً‬
‫األثرية من العصور الحجرية القديمة‪.‬‬

‫خصائص الرواسب الطفلية ومكوناتها‬


‫الرواسب الطفلية عبارة عن رواسب قابلة للتفتت ومسامية وذات سمك متغير للغاية يتراوح من‬
‫بضعة سنتيمترات إلى مئات األمتار وعادة ما تكون غير منتظمة أو تظهر فقط بنية رقيقة‬
‫ومتجانسا بشكل عام‪ .‬على الرغم من أنه يتم وصفها‬
‫ً‬ ‫ضخما‬
‫ً‬ ‫جانبا‬
‫وتظهر الرواسب الطفلية ً‬
‫عموما على أنها رواسب كلسية صفراء أو بنية بلون كريمي مميز إال أن اللون يختلف بشكل‬
‫ً‬
‫كبير وال يكون أن تكون الرواسب الطفلية ً‬
‫دائما كلسية‪.‬‬
‫عند القيام بالتحاليل الميكرومورفولجية للتربة قد يظهر ي الرواسب الطفلية بقايا الثدييات‬
‫األحفورية وأصداف الرخويات التي تعد مؤشرات بيئية ومناخية قديمة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك يوفر‬
‫تحليل حبوب اللقاح والبقايا النباتية معلومات عن الغطاء النباتي أثناء تراكم الرواسب الطفلية‬
‫وفترات تكوين التربة‪ .‬فعلى سبيل المثال يتضمن التركيب المعدني للرواسب الطفلية في أمريكا‬
‫الشمالية كمية كبيرة من الكوارتز بمتوسط ‪ ٪01-41‬وكميات صغيرة من المعادن الثقيلة‪.‬‬
‫بينما تتكون الرواسب الطفلية في األرجنتين من مكونات بركانية وكميات أقل من حبيبات‬
‫نظر لخصائصها وتكوينها المعدني كانت تربة الرواسب الطفلية هي المادة الخام‬
‫الكوارتز‪ .‬و ًا‬
‫لتصنيع الفخار في شمال الشين منذ أوائل العصر الحجري الحديث‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪82‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫مناطق المنشأ والمصدر لجزيئات الرواسب الطفلية‬


‫تم اقتراح نموذجين لشرح أصل جزيئات الرواسب الطفلية‪ .‬احداهما نتجت من الطحن الجليدي‬
‫للصخور المترسبة ثم يتم إعادة صياغتها الحًقا عن طريق العمليات النهرية مثل االنجراف وفي‬
‫النهاية يتم نقلها وترسبها بواسطة الرياح‪ .‬والنموذج الثاني للرواسب الطفلية الصحراوية كالتي‬
‫توجد في فلسطين على سبيل المثال حيث تكونت الجسيمات نتيجة التجوية الفيزيائية والكيميائية‬
‫والتآكل الحجري في حقول الكثبان الرملية‪.‬‬
‫بصفة عامة يمكن أن تكون مناطق مصدر الجسيمات التي تشكل الرواسب الطفلية أي من عدة‬
‫بيئات تتميز بتوافر عالي للرواسب التي تنقلها الرياح‪ .‬يمكن أن تكون في السابق سهوًال جليدية‬
‫واسعة النطاق وسهوًال فيضية من تيارات سريعة الزوال في المناطق الصحراوية وبحيرات‬
‫جافة ومراوح غرينية (دلتا) وأسطح صحراوية صخرية وأقسام صخرية متجمدة في الصحاري‬
‫الواسعة سابًقا‪.‬‬

‫التوزيع الجيومورفولوجي (المرتبط بأشكال سطح األرض) للرواسب الطفلية‬


‫مهما للمعلومات في علم اآلثار الجيولوجية على‬
‫مصدر ً‬
‫ًا‬ ‫تعتبر جيومورفولوجيا الرواسب الطفلية‬
‫سبيل المثال في البحث عن المواقع األثرية والمناظر الطبيعية القديمة‪ .‬حيث تشكل الرواسب‬

‫الطفلية غطاء ذا سمك متغير فوق المناظر الطبيعية الموجودة مسبًقا وتغطي نطاًقا و ً‬
‫اسعا من‬
‫التضاريس مثل (المدرجات النهرية األحواض الفيضية أسطح المروحة الغرينية) كما نراها‬
‫أيضا تمأل المالجئ الصخرية والكهوف‪.‬‬ ‫ً‬
‫كما سيختلف الحفظ المحتمل للبقايا األثرية وفقا لبيئة الرواسب الطفلية فاألسطح المستوية أكثر‬
‫استق ار ار من منحدرات التالل التي تكون أكثر عرضة لعمليات الحركة النهرية والتآكل‪ .‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك يتم التحكم في نمط توزيع الرواسب الطفلية ال سيما في البيئة الصحراوية من خالل‬
‫مهما في محاصرة الغبار الذي تنقلع‬
‫دور ً‬
‫امتداد وتطور الغطاء النباتي الذي يلعب بشكل عام ًا‬
‫ومحمال بالرواسب الطفلية‪.‬‬
‫ً‬ ‫الرياح‬
‫أهمية الرواسب الطفلية في معرفة المناخ القديم‬
‫ممتاز للمعلومات في البحث األثري‪.‬‬
‫ًا‬ ‫مصدر‬
‫ًا‬ ‫تعد طبقات الرواسب الطفلية مع التربة القديمة‬
‫فهي عبارة عن محفوظات للظروف المناخية والبيئية السابقة خالل فترات االستيطان البشرية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪83‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫قيما لتحليل طبقات األرض والتخطيط الزمني للسجالت األثرية‪ .‬ففي أثناء العصر‬
‫إطار ً‬
‫وتوفر ًا‬
‫الجيولوجي الحديث أو الرباعي تم ترسيب الرواسب الطفلية في الغالب خالل فترات الظروف‬
‫نسبيا المقابلة للفترات الجليدية بينما تشكلت ‪ paleosols‬أو التربة القديمة في‬
‫الباردة والجافة ً‬
‫دفئا وبالتالي يصبح تناوب الرواسب الطفلية والتربة القديمة أداة‬
‫ظروف أكثر رطوبة وأكثر ً‬
‫مفيدة في معرفة الظروف المناخية القديمة‪ .‬فهي بذلك تعمل كمؤشر مناخي ألنها ترسبت فقط‬
‫(غالبا ما تحتوي على القواقع األرضية التي توفر بيانات‬
‫ً‬ ‫نسبيا‬
‫خالل فترات المناخ البارد والجاف ً‬
‫مؤكدة)‪.‬‬
‫أهمية الرواسب الطفلية في البحث األثري‬
‫بشكل عام يتم الحفاظ على المواقع األثرية في الرواسب الطفلية بشكل أفضل بالمقارنة مع‬
‫أماكن الرواسب األخرى التي تنقلها الرياح مثل حقول الكثبان الرملية ألنها تمثل بيئات رسوبية‬
‫منخفضة الطاقة (يتم الترسيب فيها بدرجة خفيفة وغير قوية)‪ .‬كما تظهر البقايا األثرية بوضوح‬
‫نسبيا في الرواسب الطفلية نتيجة لجانبها المتجانس بالمقارنة مع غيرها من األماكن‬
‫أعلى ً‬
‫جيدا إلى حد ما بسبب الهيمنة العامة للظروف‬
‫ظا ً‬‫الرسوبية األخرى‪ .‬كما تظهر بقايا العظام حف ً‬
‫القلوية ألن العظام تتحلل مع الظروف الحمضية‪.‬‬
‫يعد معدل تراكم الرواسب الطفلية بعد التخلي أو هجرة المواقع أم ار بالغ األهمية ألنه سيحدد‬
‫مدى سرعة حدوث دفن الموقع‪ .‬حيث أن فترات ارتفاع معدالت تراكم الرواسب الطفلية سوف‬
‫تقوم بدفن أسرع ومن ثم تعمل على الحفاظ على المواقع األثرية بشكل أفضل‪ .‬وعلى النقيض‬
‫بالتكون مع‬
‫ُّ‬ ‫من ذلك إذا حدث االستيطان البشري عندما تكون أسطح الرواسب مستقرة وتتأثر‬
‫جدا من تراكم الرواسب الطفلية ومعدالت أعلى من تكوين‬
‫التربة مما يعني معدالت منخفضة ً‬
‫التربة فإن البقايا األثرية ستكون عرضة لمزيد من االضطراب وتكون في حالة حفظ فقيرة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإنه على سطح تربة الرواسب الطفلية المستقرة سيتم خلط العديد من‬
‫طبقات االستيطان المتتالية واضطرابها وتغييرها واالضطراب الحيواني مما يؤدي إلى أن‬
‫تكون المواقع معقدة (مثل المخطوطة التي تم الكتابة عليها عدة مرات) كما ستتكون الطبقة‬
‫األثرية الناتجة من أحداث استيطان مختلفة إلى أن يكون التخطيط الطبقي بالموقع غير مفصول‬
‫طبقيا ومتداخل بشكل معقد‪.‬‬
‫ً‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪84‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الرواسب الطفلية والمجتمعات الزراعية األولى‬


‫مهما في الزراعة في العصر الحجري الحديث‪ .‬حيث أن التربة‬ ‫دور ً‬
‫لعبت الرواسب الطفلية ًا‬
‫الزراعية بها تكون عالية اإلنتاجية وغنية بالمعادن مثل البوتاسيوم والنيتروجين والتي تعتبر ذات‬
‫أهمية رئيسية لنمو الحبوب دون الحاجة إلى إضافة األسمدة والمخصبات كما أنها ذات صرف‬
‫أرضا خصبة وسهلة العمل‬
‫عموما توفر ً‬
‫ً‬ ‫جيد وتهوية وقابلية الجذور النباتية الختراقها فهي‬
‫ومثالية جدا للمجتمعات الزراعية األولى‪.‬‬
‫مهما في تطوير الزراعة‬
‫دور ً‬
‫نتيجة لذلك لعبت الخصوبة المتأصلة في تربة الرواسب الطفلية ًا‬
‫في العصر الحجري الحديث في أوروبا والصين فقد تم تقدير نسبة ‪ %01‬من مواقع ثقافة‬
‫العصر الحجري الحديث التي أنتجت فخار ذو زخارف خطية وحزوز ‪Linear Pottery‬‬
‫‪ culture‬في وسط وغرب أوروبا حيث توجد في مناطق الرواسب الطفلية‪.‬‬
‫خالصة القول أن الرواسب الطفلية مع التربة القديمة ‪ Loess-paleosol‬تمثل دالئل أثرية‬
‫طبقيا‬
‫قوية يمكن أن تساعد في إعادة بناء الظروف المناخية والبيئية القديمة مما يوفر سياًقا ً‬
‫يخيا للمواقع األثرية‪.‬‬
‫وتأر ً‬
‫‪ .5‬رواسب المنحدرات ‪Colluvium/hillwash deposits‬‬
‫عبارة عن رواسب تآكليه ووسيلة حافظة لألسطح المدفونة‪.‬‬ ‫أو ‪hillwash‬‬ ‫‪Colluvium‬‬
‫يشمل المصطلح رواسب المنحدرات التي يتم تحريكها عن طريق التدفق السطحي الضحل (أو‬
‫المنحدر) أو الحركة الكبيرة (الزحف أو االنزالق) ويتم نقلها أسفل المنحدر بواسطة قوى الجاذبية‪.‬‬
‫وبصفة عامة الكولوفيوم ‪" colluvium‬رواسب جاذبية" هو مصطلح يستخدم بشكل متكرر في‬
‫علم اآلثار لوصف تراكم المواد غير المرتبة بشكل جيد وغير الطبقية في قاعدة المنحدرات‪.‬‬
‫بصفة عامة هو مصطلح عام ينطبق على أي كتلة غير متجانسة وغير متماسكة من مواد‬
‫التربة وشظايا الصخور المترسبة عن طريق غسلها بالمطر أو الزحف البطيء والمستمر منحد ًار‬
‫وعادة ما يتم تجميعها عند قاعدة المنحدرات أو سفوح التالل‪.‬‬
‫يمكن أن نقوم بتعريف الكولوفيوم بطريقة أخرى‪ :‬حيث تؤدي عمليات المنحدرات بشكل منتظم‬
‫إلى تآكل التربة ونقلها واعادة ترسيب التربة والرواسب في أماكن األودية وبالتالي فهي تشارك‬
‫في كل من التغيير والحفاظ على المواقع األثرية والمناظر الطبيعية‪ .‬قد تتراوح حركة الرواسب‬
‫من سريعة إلى بطيئة ومتقطعة إلى تدريجية‪ .‬تتغير كل حركة بسبب درجة وطابع المنحدر‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪85‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫والتضاريس والنظام المائي والغطاء النباتي وكميات األمطار وتواترها وطبيعة األنشطة البشرية‬
‫على األرض‪.‬‬
‫الكولوفيوم ذو تصنيف غير متجانس ويتكون من أي درجة حجم من الطين إلى الرمل الخشن‬
‫وغالبا ما يكون التخطيط‬
‫ً‬ ‫باإلضافة إلى الركام الصخري ويمكن أن يصل سمكه إلى عدة أمتار‪.‬‬
‫ضعيفا ويصعب تحديده وقد تحتوي الكولوفيوم أ ً‬
‫يضا على مجموعة‬ ‫ً‬ ‫الطبقي في قطاع الكولوفيوم‬
‫متنوعة من بقايا القطع األثرية التي تم سحبها من المنحدر‪.‬‬
‫يمكن أن تحدث عمليات غسل التالل والمنحدرات من خالل مجموعة متنوعة من العمليات من‬
‫غالبا ما يحتوي الكولوفيوم على سجل لألنشطة‬
‫ً‬ ‫بينها إزالة الغطاء النباتي والزراعة‪ .‬وبالتالي‬
‫البشرية وتعكس التأثيرات البشرية على المناظر الطبيعية‪ .‬كما أنها في بعض األحيان تقوم بدفن‬
‫تماما‪.‬‬
‫المواقع األثرية ً‬
‫يمكن الحصول على معلومات مفصلة من تسلسالت الكولوفيوم من خالل تسجيل ميداني جيد‬
‫وتحليل حجم الجسيمات ودراسات التربة الدقيقة والرخويات المرتبطة بها واالستخدام المناسب‬
‫قيما في علم اآلثار وعلم اآلثار‬
‫مصدر ً‬
‫ًا‬ ‫لتقنيات التأريخ‪ .‬وبالتالي فإن الكولوفيوم يعتبر‬
‫الجيولوجية ولكن يلزم فهم تكوينها وعمليات الترسيب والتسلسل الزمني‪.‬‬
‫غالبا ما يرتبط وجود الكولوفيوم باألنشطة البشرية في المناطق الصالحة للزراعة‪ .‬تؤدي األراضي‬
‫ً‬
‫الصالحة للزراعة والزراعة الجارية بانتظام إلى اإلزاحة المباشرة للتربة إلى أسفل المنحدر واعادة‬
‫ترسبها في قاعدة المنحدر ككولوفيوم أو داخل السهول الفيضية المجاورة كطمي أو ما يعرف بـ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪alluvium‬‬
‫الفرق بين ‪ Colluvium‬و ‪« Alluvium‬الطمي النهري والطمي التثاقلي»‬
‫تعرضنا أعاله لتعريف الكولوفيوم وخصائصه ومكوناته أما الطمي الرسوبي ‪Alluvium‬‬
‫أحيانا يعرف بطرح النهر فهو العملية التي من‬
‫ً‬ ‫(المرتبط بالبيئة النهرية كما ذكرنا سابًقا) أو‬
‫خاللها تنقل مياه األنهار وترسب الطين والرمل والطمي ومثل هذه المواد على ضفاف الوديان‬
‫أو الدلتا أو السهول الفيضية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Gilbert, A. S., et al., eds., 2017, pp. 157-170.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪86‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تعريف آخر‬
‫الكولوفيوم هو حطام ضعيف الفرز تراكم عند قاعدة المنحدرات أو في المنخفضات أو على‬
‫طول الجداول الصغيرة من خالل الجاذبية وزحف التربة‪ .‬وهو يتألف إلى حد كبير من المواد‬
‫التي تدحرجت أو انزلقت أو سقطت أسفل المنحدر تحت تأثير الجاذبية‪ .‬وعادة ما تكون شظايا‬
‫الصخور في الكولوفيوم غير منتظمة الشكل على عكس الحصى والحجارة المستديرة في‬
‫الطمي‪ .‬أما األلوفيوم (الطمي) هو الرواسب التي ترسبها المياه الجارية من الجداول واألنهار‪.‬‬
‫قد يحدث على المدرجات فوق الجداول واألنهار أو في السهول الفيضية أو الدلتا أو كمروحة‬
‫عند قاعدة منحدر‪.‬‬
‫قد ال يكون التمييز بين الكولوفيوم واأللوفيوم سهالً خاصة عند حواف الوادي حيث قد تمتزج‬
‫المواد الناشئة من حركات الدفع وحركة المياه الجارية وتصبح غير قابلة للتمييز‪ .‬وتؤثر على‬
‫المواقع األثرية عندما يمكن لألحداث األكثر سرعة مثل انزالق الشرائح الصخرية والتدفقات أن‬
‫تدفن بسرعة المستوطنات وعناصر المناظر الطبيعية في طريقها‪.‬‬

‫األهمية األثرية لرواسب الكولوفيوم‬


‫تمثل رواسب الكولوفيوم وأسطح األرض والتربة القديمة التي يتم دفنها موارد قيمة للتفسير األثري‬
‫والبيئي القديم والمناظر الطبيعية‪ .‬فهم يخبروننا ليس فقط عن تطوير المناظر الطبيعية واستخدام‬
‫أيضا‪ :‬تنوع التأثيرات البشرية والطبيعية على أنظمة الوديان‬
‫األراضي في الماضي ولكن ً‬
‫غالبا‬
‫والروابط بين العمليات السابقة والحالية لتدهور األراضي وربما حتى تغير المناخ المرتبط‪ً .‬‬
‫ما تحتوي على القطع األثرية (بقايا األواني الفخارية والفحم وغيرها من المواد) المدمجة من مادة‬
‫التربة السطحية الموجودة مسبًقا في المنحدر‪.‬‬
‫بدأ استخدام التقنيات الجديدة مثل علم األشكال المجهرية ‪ micromorphology‬والتأريخ‬
‫باستخدام التقنيات العلمية المتطورة واستخدام أدوات لعمل نماذج مستندة إلى نظم المعلومات‬
‫الجغرافية في تحويل فهمنا للتسلسل الزمني للعديد من رواسب الكولوفيوم المتعاقبة وكذلك‬
‫قدرتنا على ربط هذه الرواسب بالتفاعالت بين اإلنسان واألرض عبر الزمن‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪87‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫األلوفيوم‬ ‫الكولوفيوم‬ ‫وجه المقارنة‬

‫‪Alluvium‬‬ ‫‪Colluvium‬‬

‫طويلة‬ ‫قصيرة‬ ‫مسافة النقل‬

‫أودية األنهار والسهول الفيضية‬ ‫بجوار المنحدرات‬ ‫مكان الترسيب‬

‫متجانسة وجيدة الفرز‬ ‫ضعيفة وغير جيدة الفرز‬ ‫درجة فرز الجسيمات‬

‫والحبيبات‬

‫مستديرة في الغالب‬ ‫غير منتظمة الشكل‬ ‫شكل الجسيمات‬

‫شائع وواضح‬ ‫نادر الحدوث وفي الغالب مضطرب‬ ‫التخطيط الطبقي‬

‫ويصعب تحديده‬ ‫‪stratigraphy‬‬

‫تختلف عن المواد األتية منها‬ ‫يطابق المواد المنحدرة‬ ‫المواد الحجرية‬

‫‪ .6‬رواسب الجليد ‪Glacial deposition‬‬


‫يؤثر نمو وذوبان األنهار الجليدية القارية والجبلية على قابلية البشر للسكن في بعض المناظر‬
‫دور في تكوين المواقع األثرية‪ .‬حيث تؤثر العمليات المرتبطة باألنهار الجليدية‬
‫الطبيعية وتلعب ًا‬
‫على أنواع األماكن التي يستخدمها البشر وعلى الحفاظ على المواقع األثرية وابرازها‪ .‬في بعض‬
‫األحيان كانت مناطق كبيرة من نصف الكرة الشمالي مغطاة باألنهار الجليدية القارية خالل‬
‫العصر الجيولوجي الحديث أو الرباعي‪ .‬باإلضافة إلى ذلك توجد األنهار الجليدية الجبلية‬
‫حاسما في تغير المناخ ودراسة العالقات بين اإلنسان‬
‫ً‬ ‫دور‬
‫وحقول الجليد في كل قارة‪ .‬لقد لعبوا ًا‬
‫والبيئة‪.‬‬
‫توجد ثالثة أشكال رئيسية للبيئات الجليدية‪ :‬الكتل الجليدية الجبلية واألنهار الجليدية في الوادي‬
‫والصفائح الجليدية القارية‪ .‬اليوم توجد الكتل الجليدية الجبلية في جميع القارات وترتبط بأنشطة‬
‫بشرية مختلفة‪.‬‬
‫تتكون المناطق الجليدية من كل من التضاريس الجليدية والمناطق المعرضة للظروف الجليدية‬
‫والمناطق حول الكتل الجليدية (‪ .)Proglacial and periglacial‬فالمناطق الجليدية‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪88‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫(‪ )Proglacial‬متاخمة للكتل الجليدية بينما تحدث المحيطة بالجليد (‪ )periglacial‬في مناطق‬
‫األرض المتجمدة بغض النظر عن قربها من الكتل الجليدية‪ .‬يحتوي كل من هذه اإلعدادات‬
‫على سياقات رسوبية وجيومورفولوجية معينة يمكن أن تكون مرتبطة باالستخدام البشري للمناظر‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫هناك مجموعة متنوعة من الرواسب ذات األصل الجليدي وكثير منها غير مصنف شكليا‬
‫وبالتالي يتكون من مجموعة من أحجام متنوعة من األجسام بما في ذلك الحصى وترتبط‬
‫باألشكال الجليدية مثل الكتل الجليدية‪.‬‬
‫أحيانا بالبقايا األثرية مثل أدوات العصر الحجري القديم‪ .‬فقد أحدث تكوين‬
‫ً‬ ‫ترتبط تلك الرواسب‬
‫األنهار الجليدية بعضا من أكثر اآلثار دراماتيكية وأوسعها نطاقا للتغير المناخي العالمي على‬
‫المناظر الطبيعية‪ .‬تعتمد دراسة حركات ومدى األنهار الجليدية القديمة على اآلثار التي تركتها‬
‫وراءها في مناطق مثل منطقة البحيرات العظمى في أمريكا الشمالية وجبال األلب وجبال البرانس‬
‫في أوروبا‪ .‬فهنا يمكن للمرء أن يرى الوديان المميزة على شكل حرف ‪ U‬والصخور المصقولة‬
‫والمخططة وعند حدود توسع األنهار الجليدية ما يسمى برواسب المورين ‪( moraine‬كتلة‬
‫من الصخور والرواسب التي يحملها ويرسبها نهر جليدي عادة كتالل عند حوافه أو أطرافه)‬
‫غالبا ما تحتوي على صخور غريبة عن المنطقة ولكن يحملها الجليد‪ .‬كما يمكن مالحظة‬
‫والتي ً‬
‫أمثلة الظواهر الجليدية في العصر الجليدي بسهولة في المناطق ذات األنهار الجليدية اليوم‬
‫مثل أالسكا وسويسرا‪.‬‬
‫تعرف الرواسب التي وضعتها األنهار الجليدية بالطين الصخري‪ .‬وتحتوي هذه الرواسب عادةً‬
‫وغالبا ما تكون خصبة ً‬
‫جدا‪ .‬ومن أهمها‪:‬‬ ‫ً‬ ‫على بقايا لمجموعة واسعة من أنواع الصخور‬
‫‪ Eskers‬و‪ kames‬وهي األشكال األرضية الرئيسية التي تتطور بالتالمس مع النهر الجليدي‪.‬‬
‫‪ Eskers‬تلة جليدية أو كثيب يخلفه نهر جليدي وهو عبارة عن نتوءات متعرجة طويلة من‬
‫الرمال والحصى والتي ترسبت في األصل في قنوات المياه الذائبة على سطح النهر الجليدي‬
‫ولكن تم إلقاؤها بعد ذلك في قاع الوادي مع تراجع الجليد‪.‬‬
‫‪ Kames‬عبارة عن أكوام غير ذات شكل محدد من المواد التي تشكلت بطريقة مماثلة من‬
‫الرواسب األنهار الجليدية داخل التجاويف في الجليد‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪89‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫طا بالتغير‬
‫زمنيا مرتب ً‬
‫إطار ً‬
‫تعد البيئات الجليدية مهمة للدراسات الجيواركيولوجية ألنها توفر ًا‬
‫البيئي والبشر ويمكن استخدامها لتوثيق المناظر الطبيعية (الموائل والموارد) التي كانت موجودة‬
‫في الماضي كما أنها مفيدة في دراسات ديناميكية أو تغير تطور المناظر الطبيعية واستخدام‬
‫اإلنسان لألراضي‪.‬‬
‫على سبيل المثال في المناطق الساحلية كان للتغيرات في مستوى سطح البحر تأثير كبير‬
‫على ترسب الرواسب وتطور المناظر الطبيعية‪ .‬فقد أدى انخفاض مستوى سطح البحر المرتبط‬
‫بالتقدم الجليدي في الفترات الباردة أوالً إلى توسيع المناطق الساحلية مما أدى إلى مناطق طبيعية‬
‫يسكنها البشر ثم خالل الفترات الدافئة يتم غمر هذه المناطق بالفيضانات مما يؤدي إلى‬
‫تأثيرات كبيرة على الموقع والحفاظ عليه‪.‬‬
‫غالبا ما تكون األماكن الجليدية هي مواقع األنشطة البشرية القديمة‪ .‬قد تقع‬
‫ً‬ ‫خالصة القول‬
‫المواقع األثرية فوق الرواسب ذات الصلة بالكتل الجليدية باإلضافة إلى ذلك يمكن دمج القطع‬
‫األثرية في الرواسب الجليدية‪ .‬أي أنه يمكن للعمليات الجليدية الحفاظ على أدلة الوجود البشري‬
‫أو تعديلها أو تدميرها‪.‬‬
‫‪ .7‬الرواسب البركانية ‪Volcanic deposits‬‬
‫تتكون الرواسب البركانية من الحمم البركانية والرماد والصخور المنبعثة أثناء االنفجارات‪ .‬وهي‬
‫هي المصطلح الذي يطلق على جميع الصخور والرماد المج أز من االنفجارات البركانية‪ .‬يمكن‬
‫إيداعها إما بسبب سقوط الهواء أو تدفقه‪ .‬ويمكن أن تتراوح في الحجم من الرماد المجهري إلى‬
‫صور لجزيئات بحجم الرماد‬
‫ًا‬ ‫عادة‬
‫الصخور الكبيرة على الرغم من أن هذا المصطلح يستحضر ً‬
‫أحيانا لتاريخ الرواسب األثرية‪ .‬يتم تحديد مدى وعمق هذه الرواسب إلى حد كبير من‬
‫ً‬ ‫تستخدم‬
‫خالل االرتفاع الذي تنطلق إليه في الهواء وقوة الرياح وأنماط هطول األمطار وحجم وكثافة‬
‫الجسيمات‪.‬‬
‫تتمثل في مجموعة من أحجام الجسيمات (الخفاف والرماد) عند ترسبها بالقرب من المصدر‬
‫غالبا ما تكون بعيدة عن البركان‪.‬‬
‫(مثل بركان فيزوف بايطاليا ومدينة بومبي الرومانية) ولكن ً‬
‫وهي مفيدة بشكل خاص في التأريخ الزمني في كل من السياقات األثرية والجيولوجية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪90‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أهم المخلفات البركانية ‪Pumice‬‬


‫كلمة ‪ pumice‬مشتقة من الكلمة الالتينية ‪ pumex‬والتي تعني "‪ 'foam‬أو "رغوة" وهو صخرة‬
‫نارية‪ .‬تتكون بشكل أساسي من سيليكات األلومنيوم (ثاني أكسيد السيليكون) وأكسيد األلومنيوم‬
‫وكميات ضئيلة من األكاسيد األخرى مثل أكسيد الحديد وأكسيد الصوديوم وأكسيد الكالسيوم‬
‫وأكسيد المغنيسيوم‪ .‬يشير لونها الباهت الفاتح الذي يتراوح من األبيض إلى الرمادي إلى البني‬
‫األخضر إلى أن هذه الصخرة البركانية عالية المحتوى من السيليكا ومنخفضة المحتوى من‬
‫الحديد والمغنيسيوم‪ .‬وهي تستخدم كمادة كاشطة وفي أدوات التجميل وأحيانا في الصيد لخفة‬
‫وزنه وبأنه يطفو على الماء‪.‬‬
‫المخلفات البركانية وتأثيرها على الحضارة المصرية‬
‫تم العثور على حجر الخفاف أو ‪ pumice‬في سياقات المواقع األثرية في مصر ولعل أشهر‬
‫مثال لها كان في موقع تل حبوة في شمال غرب سيناء بالقرب من مدينة القنطرة شرق الحالية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى موقع تل الضبعة (أفاريس) عاصمة الهكسوس في محافظة الشرقية‪ .‬وتكمن‬
‫أهميته في قابليته إلجراء التحاليل بواسطة (كربون ‪ )14‬وتحاليل كيميائية أخرى حيث أمكن‬
‫يمكن ربط بعض العينات والتي ترجع لعصر الدولة الحديثة بمصادرها البركانية (بركان‬
‫سانتوريني) في جزيرة ثي ار باليونان باستخدام تركيزات العناصر النموذجية أو ما يعرف بـ‬
‫('البصمة الكيميائية')‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪91‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫كما تم العثور على المخلفات والرماد البركاني حول بحيرة المنزلة شرق فرع دمياط في عام‬
‫‪1923‬م أثناء مشروع المسح الجيولوجي الجغرافي لدلتا شرق النيل‪.‬‬

‫ففي تل الضبعة تم العثور على عدة مئات من القطع الكبيرة من حجر الخفاف البركاني في‬
‫ورشة عمل بقصر من عهد الملك تحتمس الثالث (‪ 1425-1409‬قبل الميالد) والتي تتطابق‬
‫مع تكوين ثوران بركان ثي ار وقد تم تأريخها إلى عام ‪ 1541‬قبل الميالد وهو تاريخ أقرب إلى‬
‫مثير للجدل منذ تسعينيات القرن الماضي حيث‬
‫تاريخ اندالع بركان ثي ار‪ .‬لقد كان هذا الخفاف ًا‬
‫إنه يمثل التاريخ المدعوم بالكربون المشع والذي يختلف عن التسلسل الزمني المصري القديم‪.‬‬
‫عاصفة في مصر في عهد الملك أحمس !‬
‫هناك لوحة من عصر الملك أحمس األول تصف حدوث عاصفة عظيمة مصاحبة لفيضان‬
‫النيل ضربت مصر في ذلك الوقت فدمرت المقابر والمعابد في منطقة طيبة وأعمال الترميم‬
‫التي أمر بها الملك‪ .‬وهي لوحة تم العثور عليها في الصرح الثالث بمعبد الكرنك بمعرفة علماء‬
‫اآلثار الفرنسيين‪.‬‬
‫بأن هذه القصة التفصيلية للعاصفة وأضرارها يعتبر فريد من نوعه‬ ‫أشار ‪Vandersleyen‬‬
‫بين السجالت المصرية‪ .‬ومن المحتمل أن تكون هذه العاصفة العنيفة بشكل غير عادي ناتجة‬
‫عن ثوران بركان سانتوريني‪ .‬حيث من الممكن أن تنتج مثل هذه العواصف عن االنفجارات‬
‫البركانية عندما تنخفض درجات الح اررة بسبب انبعاثات الغبار في الغالف الجوي‪ .‬الدليل‬
‫الرئيسي على ذلك هو ثوران بركان تامبو ار في سومباوا في إندونيسيا عام ‪1215‬م مما أدى‬
‫إلى هطول أمطار شبه مستمرة من إنجلت ار إلى بحر البلطيق (شرق أوروبا) في صيف عام‬
‫‪1214‬م‪.‬كما تم توثيق العواصف العنيفة المنتشرة والسماء المظلمة لفترات من األيام لالنفجارات‬
‫البركانية التي لوحظت في العصر الحديث‪.‬‬
‫ربما من الممكن أن يكون التوثيق الفريد للعاصفة المدمرة بشكل خاص في مصر والذي تم‬
‫تسجيله على لوحة الملك أحمس وثيق الصلة بمسألة تاريخ ثوران البركان‪ .‬ولكن هناك صعوبة‬
‫نظر للتسلسل الزمني المصري التقليدي المتنازع عليه فقد حكم أحمس‬‫في تقبل هذا التفسير ًا‬
‫األول من ‪ 1514-1539‬قبل الميالد بينما يعتقد أن الثوران قد حدث في مكان ما بين ‪1442‬‬
‫و‪ 1541‬قبل الميالد‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪92‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫استشهد عالم اآلثار ‪ Hans Goedicke‬بلوحة العاصفة فيما يتعلق بتعويذة محفوظة في بردية‬
‫هيرست الطبية والتي يعود تاريخها إلى أوائل األسرة الثامنة عشرة والتي تنص علي‪:‬‬
‫أيضا‪ ،‬أيها المرض الكنعاني'!‬
‫'مثلما حظر ست البحر األبيض المتوسط‪ ،‬سيمنعك ست ً‬
‫يري ‪ Goedicke‬بأن حظر البحر األبيض المتوسط يجب أن يشير إلى حدث حقيقي وربما‬
‫الفيضان الذي صاحب العاصفة والذي حدده في تل الضبعة (أفاريس) على دلتا النيل الشرقية‬
‫ويعود إلى عهد الملك أحمس‪.‬‬
‫ربط بعض الباحثين بين االنفجارات البركانية وما يصاحبها من زالزل وهزات أرضية فكثي ار ما‬
‫تصاحب االنفجارات البركانية الزالزل وبالنسبة إلى مصر فهي إحدى الدول األفريقية القليلة‬
‫أحيانا بزالزل قوية‪ .‬لذا فمن الممكن أن تكون مصر قد تأثرت بالتأثيرات الجوية‬
‫ً‬ ‫التي تضرب‬
‫لثوران بركان ثيرا‪.‬‬
‫‪ .8‬رواسب الكهوف والمالجئ الصخرية ‪Cave deposits‬‬
‫أيضا مساحة معيشية ال تنسى وربما تكون‬‫توفر الكهوف المأوى الطبيعي والحماية كما توفر ً‬
‫مقدمة للفكرة الحديثة 'للمنزل'‪ .‬لذلك تم اعتبار الكهوف كأول مواقع 'القاعدة المنزلية' خالل‬
‫أواخر العصر الباليستوسيني‪.‬‬
‫تتشكل وتتكون معظم الكهوف في صخور الحجر الجيري‪ .‬يرتبط تكوينها بالعمليات الناتجة عن‬
‫التآكل الكيميائي للصخور بواسطة المياه الجوفية‪ .‬كما يصبح ثاني أكسيد الكربون في الغالف‬
‫حمضيا ونتيجة لذلك يكون ًا‬
‫قادر على إذابة صخور الكربونات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الجوي المذاب في مياه األمطار‬
‫قد يتم إثراء مياه األمطار التي تدخل على سطح األرض بدرجة أكبر بثاني أكسيد الكربون‬
‫المشتق من المواد النباتية والحيوانات المتعفنة من التربة‪.‬‬
‫قد تتكون الكهوف في الحجر الرملي والكوارتزيت والصخور النارية مثل البازلت والجرانيت‬
‫وكذلك في الجليد‪ .‬في بعض هذه الحاالت يعد االنحالل الصخري ً‬
‫أيضا العامل الرئيسي لتكوين‬
‫الكهوف خاصة في األحجار الرملية‪.‬‬
‫غالبا ما تكون الكهوف عبارة عن أماكن ترسيب مثالية حيث تتراكم وتحمي السجل الطبقي من‬
‫ً‬
‫جدا في تفسير‬
‫العديد من العمليات الجوية بعد الترسيب‪ .‬تعتبر الطبقات الرسوبية للكهوف مفيدة ً‬
‫واعادة بناء تواريخ الترسيب والتي يمكنها تتبع التغييرات في عمليات نظام األرض وبالتالي‬
‫تقديم رؤى حول تطور المناخ والمناظر الطبيعية داخل المنطقة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪93‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تتميز الكهوف بكونها مستودعات للرواسب الجيولوجية والكيميائية الناتجة من انهيار جدران‬
‫وسقف الكهف ورواسب خارجية ناتجة من خالل مجموعة متنوعة من العمليات مثل الترسيب‬
‫النهري والنشاط الهوائي للرياح المحملة باألتربة والرمال والحركة الكبيرة (الحطام والتدفقات‬
‫الطينية والزحف والسقوط)‪ .‬المصادر الرئيسية لهذه الرواسب هي التيارات التي تحمل الرواسب‬
‫من أحواض الصرف القريبة والتربة ومخلفات التجوية من سطح األرض التي تتدفق إلى‬
‫الكهوف من خالل المجاري والكسور المفتوحة‪.‬‬
‫الرواسب الكيميائية (الصواعد والهوابط) والحيوية والبشرية في الكهوف‬
‫غالبا ما تحتوي الكهوف على طبقات من الصواعد وأحجار متدفقة ألسفل يتم وضعها بواسطة‬
‫ً‬
‫الماء الذي يلتقط كربونات الكالسيوم في المحلول أثناء مروره عبر الحجر الجيري‪ .‬تشير هذه‬
‫أيضا إلى الظروف الرطبة‪ .‬يمكن‬
‫أحيانا ً‬
‫عموما إلى مراحل مناخية معتدلة إلى حد ما و ً‬
‫ً‬ ‫الطبقات‬
‫حتى استخدام الصواعد الهوابط للتقييم الدقيق للمناخ الماضي من خالل تقنية نظائر األكسجين‪.‬‬
‫الصواعد والهوابط تشكلت في الكهوف عن طريق ترسب المعادن من الماء فهي لديها سلسلة‬
‫من حلقات النمو متحدة المركز وقابلة للتأريخ بالكربون المشع‪ .‬حيث تحافظ كل حلقة على‬
‫تكوين نظير األكسجين للماء الذي شكله وبالتالي متوسط هطول األمطار في الغالف الجوي‬
‫ودرجة الح اررة التي ترسبت فيها‪.‬‬
‫مثال تطبيقي‬
‫منيا‬
‫تسلسال ز ً‬
‫ً‬ ‫قدمت دراسة لقطعة من الصواعد طولها ‪ 1.2‬متر من كهف وانشيانغ في الصين‬
‫دقيًقا للتغيرات الدقيقة في سجل نظائر األكسجين التي تعكس التغيرات في هطول األمطار على‬
‫مدار السنوات الـ ‪ 1211‬الماضية‪ .‬حيث أظهر أن ثالث سالالت (أسر ملكية) تانغ ويوان‬
‫ومينغ انتهت بعد عدة عقود من الرياح الموسمية األضعف والجافة فجأة والتي ربما تسببت‬
‫في ضعف محصول األرز واالضطراب االجتماعي‪.‬‬
‫الستاالكتيت الهوابط ‪ stalactites‬عبارة عن معلقات (أحجار من كربونات الكالسيوم) مدببة‬
‫معلقة من سقف الكهف والتي تنمو منها ‪ Stalagmites‬الصواعد وهي المقابلة للستاالكتيت‬
‫وغالبا ما تكون أكوام فظة وخشنة تنمو من باطن الكهف‬
‫ً‬
‫تتكون الرواسب الحيوية بشكل أساسي من خالل تراكم كميات كبيرة من فضالت الخفافيش ولكن‬
‫أيضا فضالت الحيوانات األخرى التي تشغل داخل الكهوف (الدببة والضباع وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫ً‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪94‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يؤدي تحلل الرواسب ذات المنشأ الحيوي إلى تغيير كيميائي لجميع الرواسب المترسبة سابًقا‬
‫وتكوين مجموعة من معادن الفوسفات والتي تؤثر بالسلب على البقايا األثرية في الكهوف حيث‬
‫أظهرت العديد من الدراسات في الشرق األدنى وأوروبا بأنه من الممكن أن يكون لتطور‬
‫الفوسفات تأثير كبير على الحفاظ على المواد األثرية مما يؤدي إلى الذوبان الكامل للعظام‬
‫وجميع أنواع المواد الجيرية مثل الرماد والصدف وجزيئات الحجر الجيري‪.‬‬
‫أما الرواسب البشرية المنشأ فينتج النشاط البشري في الكهوف مجموعة متنوعة من الرواسب‬
‫غالبا ما تكون األكثر أهمية من حيث الحجم‪ .‬تشتمل هذه الرواسب على‬ ‫لكن البقايا المحترقة ً‬
‫الرماد والفحم والرواسب المترسبة التي تم حرقها في المواقد سابًقا‪ .‬حيث يعتبر استخدام النار‬
‫في عصور ما قبل التاريخ ذا أهمية كبيرة ألنها أحد أهم عناصر التطور البشري‪.‬‬
‫نظر ألن الحرق ينتج رواسب وفيرة على شكل رماد خشب وبقايا متفحمة يتم حفظ هذه البقايا‬
‫و ًا‬
‫عموما في البيئات الجيرية في كهوف الحجر الجيري وحجمها ومكوناتها وبنيتها المجهرية‬
‫ً‬
‫فيمكن أن يوفر أدلة تتعلق بكثافة االستيطان وتنظيم األنشطة في الكهف‪ .‬وفي وقت الحق‬
‫فصاعدا إلى ترسيب كميات‬ ‫ً‬ ‫أدت األنشطة المتزايدة في الكهوف من العصر الحجري الحديث‬
‫كبيرة من الروث‪ .‬فلقد ساهمت الدراسات التي أجريت على التركيب والبنية الدقيقة للبقايا وتنظيمها‬
‫المكاني في تحسين فهم الظروف االقتصادية الجديدة التي تم إدخالها مع ظهور استئناس‬
‫الحيوانات‪.‬‬
‫في العديد من الحاالت تم تحديد اإلنشاءات التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ مثل المواقد‬
‫الطينية والتي تمثل المواد الخارجية المتراكمة وتشكيلها في هياكل من صنع اإلنسان‪.‬‬
‫لقد كانت الكهوف واحدة من أولى البيئات التي تم فيها تطبيق تقنيات الترسبات (مثل تحليل‬
‫حجم الحبوب وشكل الجسيمات وتكوينها ودرجة الحموضة للتربة محتوى كربونات الكالسيوم‬
‫المواد العضوية) في دراسة الرواسب األثرية من أجل تفسير التاريخ الترسيبي لرواسب الكهوف‪.‬‬
‫يهدف تحليل الرواسب في الكهوف إلى وصف مفصل لجميع الطبقات في الموقع األثري‬
‫وسوف تكون أرضية الكهف أكثر إفادة في هذا الخصوص كما يهدف إلى توفير إطار طبقي‬
‫تخطيطي لمقارنة الطبقات األخرى‪ .‬وكذلك إعادة بناء البيئة المادية المحلية وبالتالي تفسير‬
‫المناخ الماضي للمنطقة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪95‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫في بعض الكهوف والمالجئ الصخرية يجب التعرف على الوحدات الطبقية بدقة واالختيارات‬
‫مثل مواقع أخذ العينات‪ .‬كما يجب أن تكون الق اررات المتعلقة بتكرار أخذ هذه العينات من‬
‫االهتمامات المشتركة لجميع أعضاء الفريق‪ .‬هذا النهج ضروري لجمع البيانات ذات الصلة‬
‫باختبار أكبر عدد ممكن من الفرضيات (ليس فقط تلك الخاصة بالجيولوجي) وعدم تدمير أو‬
‫التغاضي عن األدلة التي يطلبها أعضاء الفريق اآلخرون‪ .‬إن العالقة المتبادلة بين عالم اآلثار‬
‫والجيولوجي فيما يتعلق بأخذ العينات والظواهر األثرية ضرورية بنفس القدر‪.‬‬
‫من الناحية المثالية يجب أن يكون الجيولوجي في الموقع طوال العمليات الميدانية من أجل‬
‫التفاعل مع أي حفار في أي خندق في أي وقت سواء لتحديد صخرة غريبة أو لحل لغز طبقات‬
‫معقدة‪ .‬يمكن ألي جيولوجي تحديد صخرة‪ .‬لكن الشخص الذي هو عضو في الفريق سوف‬
‫يفكر من حيث سبب وجود الصخرة وما الخصائص التي جعلتها مرغوبة في أعين سكان ما‬
‫قبل التاريخ وأين كان عليهم الذهاب للحصول على الصخرة وما إلى ذلك‪ .‬هذا هو علم اآلثار‬
‫الجيولوجي ومن الواض ح أنه يتعلق بدراسة أي نوع من المواقع األثرية وليس فقط المالجئ‬
‫الصخرية والكهوف‪.‬‬
‫خالصة القول تحتل الكهوف مكانة مهمة في علم اآلثار والدراسات البيئية‪ .‬باعتبارها‬
‫تضاريس فريدة من نوعها داخل األرض فإنها تعمل كمستودعات للرواسب تحافظ على‬
‫سجالت مفصلة لألنشطة البشرية والتغيرات البيئية القديمة‪.‬‬

‫‪ .9‬الرواسب البشرية أو الثقافية ‪Anthropogenic deposits‬‬


‫الرواسب البشرية المنشأ هي تلك الرواسب التي تكون خصائصها المميزة نتيجة للتأثير القوي‬
‫والدائم للنشاط البشري السابق‪ .‬تركز دراستهم الجيوأثرية على تكوينها وتاريخ ترسبها وتغيير ما‬
‫بعد الترسب مع مراعاة التأثير المادي البشري‪ .‬وتشمل المواقع األكثر صلة التي يجب مراعاتها‬
‫تلك الخاصة ببناء التالل أو غيرها من عمليات تشييد المواقع ولكن التمييز بين الرواسب‬
‫البشرية والرواسب الطبيعية هو أحد األغراض األساسية للعديد من الدراسات الجيوأثرية بغض‬
‫النظر عن حجم التأثير البشري على البيئات الرسوبية‪ .‬ويشمل علم الرواسب في علم اآلثار‬
‫الجيولوجية بحث وتقصي في مصادر الرواسب وعمليات التآكل التي أنتجتها باإلضافة إلى‬
‫محاوالت لتحديد الظروف البيئية الموجودة عند ترسيبها‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪96‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يمكن تصنيف جميع المواد سواء كانت عضوية أو غير عضوية في الموقع أو حوله على أنها‬
‫رواسب‪ .‬ويشمل ذلك تلك التي يتم نقلها وترسيبها عن طريق العمليات الطبيعية وكذلك المواد‬
‫التي يتم نقلها بفعل اإلنسان‪ .‬وبهذه الطريقة فإن الغالبية العظمى من الرواسب في أي موقع‬
‫أثري متراكم هي رواسب‪ .‬قد يتم اشتقاق بعض هذه الرواسب من مواد التربة لكن التربة نفسها‬
‫ال يمكن أن تتشكل إال عندما يتعرض سطح الرواسب المكشوفة لفترة طويلة من الزمن‪.‬‬
‫في ضوء ما سبق يعتبر تحديد وتفسير الرواسب البشرية المنشأ هو جوهر علم اآلثار ألن هذه‬
‫الرواسب هي التي تسمح لنا بإعادة بناء الحياة وأنظمة المعيشة السابقة‪ .‬وتشمل الرواسب البشرية‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫االستيطان البشري والنفايات‪ :‬المحلية والصناعية األعمال األرضية "زراعة – صناعة – بناء‬
‫واعادة بناء – دفن ‪ -‬نفايات"‬
‫العمليات الزراعية ورواسبها‬
‫وللممارسات الزراعية أنواع واسعة من اآلثار على التربة‪ .‬على سبيل المثال تآكل التربة الذي‬
‫تحمله الرياح بسبب اإلزالة والحراثة‪ .‬ومع ذلك يصعب التمييز بين األحداث بهذا الحجم‬
‫ونظيراتها الطبيعية‪ .‬ولكن من الممكن تمييزها بدرجة أكبر في السجل الطبقي‪.‬‬
‫تقوم الحراثة بتحريك التربة وتشكل تراكمات على حواف الحقول‪ .‬يؤدي الحرث إلى تعميق‬
‫التربة السطحية في كثير من الحاالت مما يترك في بعض األحيان عالمات من التربة السطحية‬
‫أخير من الممكن‬
‫الداكنة مرئية في باطن التربة األخف أو يجلب المواد الجوفية إلى السطح‪ .‬و ًا‬
‫أن يكون للنشاط الزراعي مجموعة واسعة من التأثيرات الكيميائية على التربة‪ .‬فمن الناحية‬
‫األثرية ربما كان األهم هو إضافة السماد واألسمدة مما قد يؤدي إلى زيادة مستويات الفوسفات‬
‫والقابلية المغناطيسية في التربة‪.‬‬
‫تراكمات النفايات ومواد البناء‬
‫ينتج النشاط البشري حتماً نفايات ويتراكم بعضها إلنتاج سياقات يمكن التعرف عليها أو حتى‬
‫في بعض المواقع الحضرية التسلسل الطبقي بأكمله‪ .‬وبصفة عامة فإن معظم النفايات المنتجة‬
‫في مجتمعات ما قبل الصناعة كانت عضوية وتعفنت‪ .‬بينما تنتج المجتمعات الصناعية مجموعة‬
‫من النفايات مثل الخبث (ناتج صهر وتعدين المعادن) المحفوظة على نطاق واسع ويمكن أن‬
‫توفر معلومات كبيرة عن األنشطة التكنولوجية‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪97‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الرماد ‪Ash‬‬
‫إذا لم يتم الحفاظ على الجزء العضوي من النفايات النباتية أو الحيوانية فال تزال هناك بعض‬
‫شيوعا هو الرماد وهو البقايا المعدنية للمواد البيولوجية التي نشأت منها‬
‫ً‬ ‫المكونات‪ .‬األكثر‬
‫النار‪ .‬يعمل الرماد على الحفاظ على العظام بشكل استثنائي في بعض المناطق على عكس‬
‫المناطق األخرى التي يكون فيها الحفاظ على العظام ً‬
‫سيئا للغاية‪.‬‬
‫الروث ‪Dung‬‬
‫نادر ما يتم الحفاظ على الروث باستثناء الرواسب المشبعة بالمياه ألنه مصدر غذائي غني‬
‫ًا‬
‫جدا بالسيليكا من النسبة العالية من األعشاب‬ ‫غالبا ما يكون ً‬
‫غنيا ً‬ ‫للكائنات الحية في التربة‪ .‬وهو ً‬
‫في النظام الغذائي للحيوانات العاشبة‪ .‬ويمكن التعرف عليها بسهولة في العينات‬
‫الميكرومورفولوجية‪.‬‬
‫مواد البناء‬
‫يترك النشاط البشري ً‬
‫أيضا تراكمات من المواد الجيولوجية التي تم استخدامها في البناء‪ .‬في‬
‫الماضي كانت األرض نفسها تستخدم بشكل شائع كمادة بناء على شكل الطوب اللبن‪ .‬وجميع‬
‫مختلفا عن التربة‬
‫ً‬ ‫نسيجا‬
‫ً‬ ‫هذه المواد تتحلل بسرعة لتشكل مناطق صغيرة من المحتمل أن تظهر‬
‫المحيطة‪ .‬وبالمثل فإن المونة التي تحللت من البناء أو تم التخلص منها بعد نزع الجدران توجد‬
‫عادة في التربة وعادة ما تكون شظايا صغيرة من األسمنت الجيري المختلط بالحبوب الرملية‬
‫كما يتم أيضا التخلص من الحجر نفسه أثناء البناء وفي بعض الحاالت يتحلل ليشكل طبقات‬
‫ال يظهر مصدرها على الفور عند التنقيب‪.‬‬
‫من الممكن تمييز ثالث مجموعات من الرواسب البشرية‪:‬‬
‫أ‪ .‬الرواسب البشرية األولية هي تلك التي تتراكم على السطح من النشاط البشري على سبيل‬
‫المثال العديد من طبقات الرماد أو أرضيات المعيشة‪.‬‬
‫ب‪ .‬الرواسب البشرية الثانوية هي الرواسب األولية التي خضعت للتعديل إما عن طريق النزوح‬
‫والهجرات أو بسبب تغيير استخدام منطقة النشاط‪.‬‬
‫تماما من سياقها األصلي وربما أعيد‬
‫ج‪ .‬الرواسب البشرية الثالثة هي تلك التي تمت إزالتها ً‬
‫استخدامها‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪98‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫وصف الرواسب‬
‫يتم فحص الرواسب في كل من الموقع والمختبر‪ .‬تتضمن األوصاف في هذا المجال مالحظات‬
‫حول اللون والتكوين والملمس والهيكل‪ .‬ويالحظ أيضا حدوث تغييرات أو تغيرات بعد الترسيب‬
‫مثل االلتحام أو ترسيب الكربونات أو الجبس‪.‬‬
‫أ‪ .‬اللون‬
‫يتم تحديد اللون بالمقارنة مع مخططات األلوان القياسية (على سبيل المثال مخططات ألوان‬
‫مونسيل) لضمان درجة معينة من االتساق والتوافق‪ .‬تعد تحديدات األلوان الدقيقة مفيدة في‬
‫تحديد التفاصيل الطبقية الدقيقة ويمكن أن تسهم في تفسير طريقة التكوين‪ .‬فاألكسدة على‬
‫سبيل المثال قد تنتج ألوانا حمراء أو صفراء في حين أن الظروف المختزلة قد تنتج لونا أزرق‬
‫أو رماديا غامًقا‪ .‬قد يكون اللون أيضا مؤش ار على التكوين‪ .‬على سبيل المثال ينتج محتوى‬
‫عال من المواد العضوية رواسب بنية داكنة أو سوداء أو رمادية‪.‬‬
‫ب‪ .‬التركيب‬
‫يوفر تكوين الرواسب معلومات مفيدة عن المواد مصدر للرواسب وعمليات التجوية وبيئة‬
‫الترسيب وظروف ما بعد الترسيب‪ .‬ومكونات الرواسب عادة ما تكون‪:‬‬
‫(‪ )1‬الصخور المفتتة والحبيبات المعدنية الناتجة عن التفكك الميكانيكي‪.‬‬
‫(‪ )2‬جزيئات الهياكل العظمية العضوية والحيوية المفتتة مثل األصداف البحرية‪.‬‬
‫(‪ )3‬الرواسب الفيزيائية والكيميائية الحيوية األصلية (األولية) مثل كربونات الكالسيوم في‬
‫طفل الطباشيري ‪marl‬‬
‫الصخور الكربونية المسامية أو ال َ‬
‫موما‪.‬‬
‫(‪ )4‬المواد العضوية مثل بقايا األوراق النباتية المتحللة أو المخلفات النباتية ع ً‬
‫(‪ )5‬مواد ما بعد الترسيب مثل االلتحامات أو تجمعات الجير‪.‬‬
‫(‪ )4‬عناصر ثقافية (بشرية المنشأ) مثل حطام تقطيع الصوان (التي يصنع منه أدوات‬
‫بدائية) وبقايا الفخار وبقع الفحم‪.‬‬
‫في هذا المجال يتم تحديد التركيب بمساعدة عدسة مكبرة واختبارات كيميائية كما يمكن استخدام‬
‫الميكروسكوب في المختبر الميداني لتحديد المكونات الدقيقة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪99‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫البناء والشكل الرسوبي‬


‫تشير األشكال الرسوبية إلى العالقات الهندسية للحبيبات أو الجزيئات داخل سياقها (طبقة)‬
‫جدا في تفسير تاريخ الرواسب ألن العديد من هذه‬
‫وأنماطها ومميزاتها السطحية‪ .‬فهي مهمة ً‬
‫األشكال يتم تحديدها من خالل ظروف الترسيب‪ .‬على سبيل المثال تشير التموجات على‬
‫سطح الرواسب الرملية إلى اتجاه وسرعة تدفق التيار‪ .‬كما تميل البيئات الترسيبية المختلفة إلى‬
‫إنتاج اختالفات يمكن التعرف عليها في العديد من جوانب التقسيم الطبقي (الشكل ‪ .)4‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك يمكن استخدام اتجاهات الطبقات المتقاطعة إلعادة بناء اتجاهات الرياح أو التيارات‬
‫المائية خالل وقت الترسيب‪.‬‬
‫ج‪ .‬الحجم‬
‫حجم الجسيمات الرسوبية المفتتة هو مؤشر جيد لنظام السرعة لبيئة الترسيب‪ .‬تستقر الجسيمات‬
‫الدقيقة عادة بسرعات أقل من الجسيمات الكبيرة‪ .‬وبالتالي يمكن استخدام حجمها لتفسير‬
‫خصائص الطاقة لبيئة الترسب ومن ثم نوع تلك البيئة‪ .‬على سبيل المثال تتميز أحواض‬
‫الفيضانات والبحيرات بنظام طاقة أقل من قنوات األنهار‪ .‬وعادة ما يتم التعرف على حجم‬
‫الحبيبات من خالل مقياس (‪ )Wentworth‬الذي يعبر عن قطر الحبيبات‪.‬‬
‫حجم الحبيبات أو الجسيمات هو قطر حبيبات الرواسب أو الجسيمات الحجرية في الصخور‪.‬‬
‫جدا من خالل الطين والطمي والرمل‬
‫يمكن أن تتراوح المواد الحبيبية من جزيئات غرينية صغيرة ً‬
‫والحصى إلى الصخور‪ .‬وفي هذا المجال يمكن تحديد فئة الحجم عن طريق فحص تناسق‬
‫الرواسب باستخدام مخطط الحجم أو عدسة متدرجة‪ .‬كما أن عملية فرز الحبيبات في الرواسب‬
‫مفيدة في تحديد التأثير االنتقائي أو الغربلة في بيئة الترسيب وخلط المواد من مصادر مختلفة‬
‫ومعدل تراكم الرواسب‪.‬‬
‫على سبيل المثال سوف يغسل الجريان السطحي الضعيف للماء المواد غير المتجانسة ويشكل‬
‫أيضا رواسب "كولوفيوم" – طمي تثاقلي" سيئة الفرز‪ .‬في المقابل ستتميز رواسب الرياح أو‬
‫الرواسب في الحواجز الرسوبية النهرية على طول هامش المجرى المائي بفرز أفضل بكثير‪.‬‬
‫وفي هذا المجال يمكن الحكم على الفرز بصريا‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪0‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫د‪ .‬شكل الجسيمات واستدارتها‬


‫يتم تحديد شكل الجسيم الرسوبي من خالل بيئة الترسيب‪ .‬تميل البيئات عالية الطاقة مثل القنوات‬
‫النهرية إلى تراكم الجسيمات بشكل كروي وعلى شكل طولي في حين تميل البيئات ذات الطاقة‬
‫المنخفضة مثل شواطئ البحيرات إلى تراكم الجسيمات بشكل استطالي أو بشكل القرص‪.‬‬
‫المالحظات الميدانية للشكل ممكنة فقط للحصى‪ .‬ومع ذلك غالبا ما تكون االنطباعات الميدانية‬
‫غير كافية إذا لم تكن مدعومة بتقديرات كمية والتي يمكن القيام بها في الميدان أو في المختبر‪.‬‬
‫ويتم تحديد الشكل كميا من قياسات أبعاد الجسيمات‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪1‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫شكل واستدارة الجسيمات الرسوبية‪ :‬أعلى اليمين‪ ،‬كروي‪ :‬أعلى اليسار‪ ،‬قرصي الشكل‪ :‬أسفل اليمين شكل‬
‫طولي‪ :‬أسفل اليسار‪ ،‬على شكل مستطيل‪.‬‬

‫تشير االستدارة إلى درجة التآكل أو التعرية أو النحر أو تآكل حواف وزوايا الجسيم وبالتالي‬
‫يمكن استخدامها لتحديد ما إذا كانت الجسيمات جديدة واذا تم نقلها لمسافات قصيرة أو طويلة‬
‫أو إذا تعرضت للحل والتفكك بعد الترسب‪ .‬ففي الكهوف على سبيل المثال قد تظهر الجسيمات‬
‫التي تم فصلها عن جدران الكهوف أو السقف حواف زاوية حادة تحت مناخ بارد وجاف من‬
‫التكوين ولكن في ظل ظروف رطبة وأكثر دفئا غالبا ما تتآكل الجسيمات‪.‬‬

‫شكل الجسيمات المرجعي للتحديد البصري لالستدارة‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪2‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ه‪ .‬اتجاه الجسيمات‬


‫قد تكون الجسيمات موازية أو عمودية على اتجاه تدفق السوائل في وسط الترسيب‪ .‬على سبيل‬
‫المثال تظهر حصى القناة أحيانا نمطا معينا من االتجاه تتداخل فيه الجسيمات وتنحني في‬
‫اتجاه المنبع يمكن أيضا استخدام اتجاه الجسيمات للتمييز بين الحشو المتعمد من قبل اإلنسان‬
‫والتراكم الطبيعي‪.‬‬

‫تداخل الجسيمات والحصى في مجرى قناة‪ ،‬اتجاه تدفق المياه من اليسار إلى اليمين‬

‫و‪ .‬التغيرات التالية وما بعد الترسيب‬


‫بعد الترسيب قد تصبح الرواسب متالحم ــة أو مضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــغوط ــة أو مع ــاد تبلوره ــا أو في بعض‬
‫الحاالت تخض ــع للتحلل بفعل الماء‪ .‬قد تمتلئ الش ــقوق والتجاويف بواس ــطة رواس ــب من المياه‬
‫الجوفية مكونة عروق أو قشور أو جيوب‪ .‬هذه التغييرات مهمة في تفسير الظروف البيئية بعد‬
‫ترس ــب الوحدة المعدلة وقبل ترس ــب الطبقة العلوية‪ .‬على س ــبيل المثال قد يكون تكوين عروق‬
‫الجبس مؤش ار على مناخ جاف‪( .‬تتكون في ظل غياب الماء أو الجو الرطب)‪.‬‬
‫أخذ العينات ‪sampling‬‬
‫ويتألف أخذ العينات من اختيار جزء كبير من تلك الرواسب بغرض الحصول على نتائج‬
‫تحليلية‪ .‬وتعتمد استراتيجية أخذ العينات على التجانس الرأسي والجانبي للرواسب‪ .‬يجب أن‬
‫نتذكر دائما أن الوحدات الرسوبية ثالثية األبعاد وألخذ عينات كافية من أي وحدة يجب مالحظة‬
‫االختالفات الحجرية الجانبية والرأسية قبل أخذ العينات‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪3‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يتم الحصول على العينات المختارة لتقديم تقديرات للمتوسط ومعلومات إحصائية أخرى لمختلف‬
‫سمات العينات (على سبيل المثال حجم الجسيمات والمحتوى المعدني الثقيل وعلم المعادن‬
‫الطينية وما إلى ذلك(‪ .‬ولذلك ينبغي الحصول على أكثر من عينة واحدة لتقديم تقدير موثوق‬
‫به‪.‬‬
‫من ناحية أخرى إذا لوحظت اختالفات رأسية أو جانبية مميزة يمكن اعتبار الوحدة الرسوبية‬
‫أنها تتألف من مجموعات فرعية ('الطبقات' وال ينبغي الخلط بينها وبين الطبقات الحجرية)‬
‫التي ينبغي أخذ عينات منها بشكل مستقل لتوفير وسيلة الختبار وتقييم أوجه التشابه واالختالف‬
‫داخل الوحدة الرسوبية‪ .‬وتعرف طريقة أخذ العينات هذه باسم أخذ العينات الطبقية‪ .‬يمكن أن‬
‫يتم أخذ العينات العنقودية وهو الحصول على أكثر من عينة واحدة في موضع عشوائي واحد‬
‫وهو مفيدا إذا كان التباين المحلي كبي ار‪.‬‬
‫في الموقع األثري سوف تكون المسافة الفاصلة ألخذ العينات من ‪ 5‬إلى ‪ 11‬سم وهو األكثر‬
‫مالءمة للتحليل الكمي الدقيق‪ .‬وعادة ما يتم أخذ عينات من الرواسب في أقسام مكشوفة بالفعل‬
‫(على سبيل المثال المحاجر واألخاديد الجافة) أو في أقسام محفورة أثناء التنقيب في المواقع‬
‫األثرية أو في حفر أو مجسات طبقية‪ .‬كما يمكن أيضا الحصول على عينات من باطن األرض‬
‫باستخدام المثاقب أو معدات الحفر‪.‬‬
‫أخذ العينات السطحية‬
‫يجب دائما الحصول على العينات من سطح جديد‪ .‬ويتم ذلك باستخدام المجرفة ويتم تنظيف‬
‫السطح باستخدام الفأس أو المعول ألخذ العينات‪ .‬واذا لم يتم الكشف عن مقطع عمودي كامل‬
‫فقد يتم قطع سلسلة من الدرجات للحصول على مقطع مستمر‪ .‬ويتم أخذ العينات من األسفل‬
‫إلى األعلى لتجنب التلوث‪.‬‬
‫يتم الحصول على العينات إما ك 'عينات موضعية' أو 'عينات قناة‪ '.‬حيث تؤخذ العينات‬
‫الموضعية من جزء صغير موضعي من الوحدة الرسوبية في حين يتم أخذ 'عينة قناة' عبر‬
‫سمك كامل أو جزء كبير من الطبقة‪ .‬يجب الحصول على العينات الموضعية قدر اإلمكان من‬
‫وحدة أو وحدة فرعية متجانسة ويجب تسجيل موضع العينة داخل الطبقة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪4‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أخذ عينات من تحت السطح‬


‫يمكن الحصول على عينات تحت السطح عن طريق المثاقب اليدوية أو التي تعمل بالطاقة ويتم‬
‫تثبيت المثقاب في األرض ثم يتم سحبه كما هناك مثقاب لولبي يقوم بسحب عينة على شكل‬
‫حلزوني‪ .‬غالبا ما تتوفر قضبان للتمديد من أجل الحصول على عينات تتجاوز ‪ 2-1‬متر‪.‬‬
‫حيث يتم دفعها إلى األرض ثم يتم سحبها ألعلى إلنتاج عمود من الرواسب أو التربة‪ .‬وال غنى‬
‫عن معدات الحفر التي تعمل بالطاقة‬
‫ألعماق تتراوح بين ‪ 11‬و ‪ 21‬مت ار أو‬
‫أكثر‪ .‬هذه المعدات ممتازة للحصول‬
‫على رواسب طويلة متتالية (أكثر من ‪1‬‬
‫ولكن األدوات باهظة الثمن‬ ‫متر)‬
‫وضخمة من حيث امكانية دخولها‬
‫للمواقع األثرية الضيقة‪.‬‬
‫تحليل الرواسب بالمختبر‬

‫توفر العديد من التقنيات التحليلية معلومات هامة‪ .‬تشمل بعض التقنيات التحليلية األكثر شيوعا‬
‫(‪ )2‬تحليل المعادن الثقيلة‬ ‫(‪ )1‬التحليل الحبيبي‬
‫(‪ )3‬تحليل مورفولوجيا سطح الجسيمات (‪ )4‬التحديدات المعدنية باألشعة السينية للطين‬
‫(‪ )5‬التحليالت الكيميائية‪.‬‬
‫(‪ )1‬التحليل الحبيبي أو تحليل حجم الجسيمات‬
‫يختلف إجراء التحليل الحبيبي اعتمادا على وجود الشوائب ودرجة الصالبة ونسبة الرمل إلى‬
‫الطين والطمي ومحتوى الرطوبة في العينة‪ .‬عادة ما يتم إجراء التحليل الحبيبي للرمال عن‬
‫طريق الغربلة من خالل المناخل ذات األحجام الشبكية المختلفة‪ .‬يؤدي إجراء الغربلة إلى فصل‬
‫الجسيمات إلى فئات مختلفة الحجم ‪.‬ثم يتم وزن كل فئة من الفئات وتحديد نسبتها المئوية في‬
‫العينة اإلجمالية‪ .‬وبدال من ذلك يمكن استخدام أنبوب التسوية‪.‬‬
‫يتم في الغالب استخدام أنوب التسوية في تقنيات الترسيب للطمي والطين مع االفتراض أن‬
‫الجسيمات ذات األحجام المختلفة تستقر في عمود من الماء بمعدل يتناسب طرديا مع قطرها‪.‬‬
‫أي كلما زاد القطر استقرت في أسفل األنبوب‪ .‬ستستغرق الجسيمات الدقيقة وقتا أطول لالستقرار‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪5‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫من الجسيمات الكبيرة‪ .‬ففي االناء المخبري المدرج يتم وضع كمية معينة من الرواسب وتعليقها‬
‫في الماء المقطر (‪ 1111‬ملم) ثم يسمح لها باالستقرار دون عائق‪ .‬ويتم سحب كمية صغيرة‬
‫(‪ 21‬ملم) على فترات زمنية معينة‪ .‬وتستخدم هذه الفواصل الزمنية لحساب قطر الجسيمات‬
‫التي استقرت بالفعل‪.‬‬
‫في تقنية أخرى والتي تستخدم أيضا عمودا من الماء يتم إدخال مقياس هيدرومتر لقياس كثافة‬
‫السائل المعلق عند نقاط زمنية محددة حيث تتوافق مع أحجام جسيمات معينة والتي يمكن‬
‫تحويلها بعد ذلك إلى وزن‪ .‬كما هناك تقنيات أخرى أكثر تطو ار مثل "محلل وودز هول" ومحلل‬
‫حجم الجسيمات التلقائي ورواسب التوازن الكهربائي والتقنية الكهروضوئية‪.‬‬
‫تتطلب الغربلة ‪ 111-51‬جم من الرواسب في حين أن تقنية أنبوب الترسيب "محلل وودز‬
‫هول" تتطلب عينة أصغر بكثير‪ :‬بين ‪ 2‬و ‪ 11‬جم‪ .‬بينما المحلل التلقائي للجسيمات يتطلب‬
‫‪ 511-211‬ملجم‬
‫يمكن تحليل الطين والطمي بواسطة تقنيات أنبوب الترسيب أو الهيدرومتر (حوالي ‪ 15‬جم‬
‫لألول و ‪ 31-21‬جم للتقنية الثانية) وهي غير مكلفة أو بواسطة الطرق األكثر تكلفة لترسيب‬
‫التوازن الكهربائي أو التقنية الكهروضوئية‪.‬‬
‫يوفر التحليل الحبيبي معلومات عن النسبة المئوية للحصى والرمل والطمي والطين في الرواسب‪.‬‬
‫كما يوفر معلومات عن متوسط حجم وشكل الحبيبات وتجانس توزيع حجمها (الفرز) والنسبة‬
‫بين األجزاء الكبيرة والدقيقة‪.‬‬
‫من المهم في إجراء تفسيرات بيئية من البيانات الحبيبية استخدام أكبر عدد ممكن من معايير‬
‫حجم الحبيبات واستكمال نتائج تحليلها ببيانات رسوبية أخرى‪ .‬توفر البيانات الحبيبية أدلة مفيدة‬
‫لتفسير بيئات الترسيب الرسوبية‪ .‬على سبيل المثال تختلف رواسب القنوات اختالفا كبي ار في‬
‫الحجم ولكنها تتكون في الغالب من مواد خشنة غالبا‪ .‬وتتكون رواسب السدود ‪levees‬‬
‫(الضفاف) في الغالب من الرمال الناعمة والطمي في حين تتكون رواسب أحواض الفيضانات‬
‫في الغالب من الطين والطين المقارب للصلصال‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪6‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫(‪ )2‬تحليل المعادن الثقيلة‬


‫تتميز المعادن الثقيلة بجاذبية نوعية عالية نسبيا‪ .‬وهي مهمة ألنها تتكون من مجموعة واسعة‬
‫من المعادن التي يمكن استخدامها لتتبع مصدر الرواسب‪ .‬وبالتالي يمكن استخدامها للتمييز‬
‫بين المواد التي تستحدثها الرياح أو الجريان السطحي المنتشر أو عمل التيار‪.‬‬
‫تختلف المعادن الثقيلة أيضا اختالفا كبي ار في استقرارها الميكانيكي والكيميائي وبالتالي يمكن‬
‫استخدامها الستنتاج حجم التجوية الكيميائية والميكانيكية‪ .‬ونظ ار ألن كل من طريقة وحجم‬
‫التجوية يتأثران بالظروف المناخية فيمكن استخدام تغير أو تحول المعادن الثقيلة في التفسيرات‬
‫المناخية‪.‬‬
‫بالرغم من ذلك قد تكون التغييرات في محتوى المعادن الثقيلة والحفاظ عليها داللة على الظروف‬
‫البيئية الدقيقة في المواقع األثرية‪ .‬غالبا ما توجد المعادن الثقيلة بكميات صغيرة جدا (غالبا أقل‬
‫من واحد في المائة) ويجب فصلها عن كتلة المعادن الخفيفة األخرى (معظمها من الكوارتز‬
‫والفلسبار)‪.‬‬
‫غالبا ما يتم إجراء فصل المعادن الثقيلة على ‪ 1.125-1.125‬مم جزء من الرمل وعادة ما‬
‫يتم الحصول عليه أثناء التحليل الحبيبي للرمال عن طريق الغربلة‪ .‬فيتم فصل المعادن الثقيلة‬
‫عن المعادن األخف وزنا بواسطة الجاذبية النوعية العالية وسوف تستقر المعادن الثقيلة في‬
‫القاع‪.‬‬
‫نظ ار ألن المعادن لها خصائص مغناطيسية مختلفة يمكن تحقيق مزيد من الفصل المعدني‬
‫بواسطة فاصل مغناطيسي‪ .‬ثم يتم تركيب الحبيبات المعدنية على شرائح زجاجية وفحصها‬
‫بواسطة المجهر المستقطب لتحديد الهوية‪.‬‬
‫(‪ )3‬حيود األشعة السينية للمعادن الطينية ‪X-Ray Diffraction of Clay Minerals‬‬
‫المعادن الطينية هي من بين المعادن األكثر شيوعا في الرواسب‪ .‬يمكن استخدام علم المعادن‬
‫الطينية للرواسب الستنتاج ظروف الترسيب ألن تكوين معادن الطين المختلفة يرتبط بظروف‬
‫بيئية محددة‪ .‬هذا ينطبق بشكل خاص على بيئة الترسيب الهوائية (التي تنقلها الرياح) والعديد‬
‫من الطين النهري‪.‬‬
‫يجب دائما مراعاة قابلية معادن الطين للتغيير أثناء التجوية أو تكوين التربة بسبب قيمتها‬
‫المناخية القديمة الهائلة‪ .‬فعلى سبيل المثال في الرواسب الطفلية الصحراوية ‪ loesses‬تكون‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪7‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫والتجوية‬ ‫معادن ‪ chlorite‬و ‪ montmorillonite‬أكثر عرضة للتغير من معدن ‪illite‬‬


‫المكثفة في ظل ظروف رطبة دافئة تؤدي إلى تكوين ‪( kaolinite‬معادن طينية)‬
‫يمكن استخراج الطين للتعرف عليه عن طريق حيود األشعة السينية عن طريق الطرد المركزي‬
‫بعد إزالة الكربونات والمواد العضوية وأكاسيد الحديد وفصل حجم الجسيمات‪ .‬تتضمن إجراءات‬
‫تحديد المعادن الطينية باألشعة السينية للعينات غير المعالجة‪.‬‬
‫(‪ )4‬التحليل الكيميائي‬
‫التحليل الكيميائي مع التحاليل الرسوبية األخرى مفيد في التفسيرات المناخية القديمة‪ .‬على‬
‫سبيل المثال يتم ترشيح الكربونات تحت المناخ الرطب‪ .‬ويجب أن يتم تفسير البيانات‬
‫الجيوكيميائية بمساعدة عالم جيوكيمياء بسبب تعقيد العوامل والعمليات المترابطة المعنية‪.‬‬
‫بعض التحليالت األكثر شيوعا التي أجريت لالستنتاجات المناخية القديمة هي كربونات‬
‫الكالسيوم والحديد والفوسفور والكربون والنيتروجين وتغير درجة الحموضة (األس الهيدروجيني)‪.‬‬
‫كما تتوفر تقنيات مختبرية مختلفة على سبيل المثال يمكن إجراء التحليل الكيميائي للكربون‬
‫باستخدام محلل الكربون وتحليل النيتروجين بطريقة ‪( macro kjeldahl‬كيميائي دنماركي)‬
‫يمكن استخدام مطياف االمتصاص الذري ‪atomic absorption spectrophotometer‬‬
‫لتحليل الحديد والكالسيوم والمغنيسيوم واأللومنيوم والبوتاسيوم والصوديوم‪ .‬كما يتم تحليل‬
‫الفوسفور بطرق الطيف الضوئي‪.‬‬
‫التحاليل األثرية الدقيقة‬
‫تحتوي الرواسب األثرية باإلضافة إلى البقايا البشرية التي يمكن مالحظتها بسهولة أثناء‬
‫التنقيب على بقايا دقيقة لمجموعة متنوعة من المواد المشتقة ثقافيا‪( .‬يتدخل فيها االنسان)‪.‬‬
‫وتشمل هذه بقايا الطعام والحطام الصناعي والفحم وشظايا األدوات وما إلى ذلك‪.‬‬
‫في الموقع األثري تتكون المعدات الالزمة لهذا التحليل من غربال ذو شبكة ‪ 1‬مم و ‪ 1.1‬مم‬
‫ميزان ومجهر مجسم‪ .‬يجب ترك عينة من حوالي ‪ 2/1‬كجم على سبيل المثال من الرواسب‬
‫األثرية لتجف ثم يتم وزنها‪ .‬ومن الممكن غربلة ونخل العينة وهي رطبة بالماء (ما لم يشتبه‬
‫في أن بعض العناصر األثرية الدقيقة قد تتفكك عن طريق العمل المائي) من خالل غربال ‪1‬‬
‫مم و ‪ 1.1‬مم‪ .‬يجب السماح للمواد المحتفظ بها على المناخل بالجفاف في درجة ح اررة الغرفة‬
‫ثم وزنها‪ .‬يتم فحص الجزء األكبر من ‪ 1‬مم بحثا عن بقايا بشرية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪8‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يتم فصل هذه البقايا ووزنها‪ .‬قد تكون العدسة اليدوية أو المجهر المجسم مفيدة في فصل‬
‫العناصر الدقيقة لهذا الجزء‪ .‬يتم فحص الجزء ‪ 1.1-1‬مم تحت المجهر المجسم ويتم تقدير‬
‫الوفرة التقريبية لمختلف العناصر بصريا‪ .‬ويجب استخدام أداة فرز وتقسيم دقيقة لتقسيم العينة‪.‬‬
‫ويمكن استخدام 'أطلس الجسيمات' كمرجع لتحديد الجسيمات‪.‬‬
‫تحتوي الرواسب على بقايا دقيقة تنتج عن استخدام وكسر األدوات وغيرها من األشياء النفعية‬
‫وكذلك الحطام الصناعي الذي ال يري بالعين المجردة وغيرها من البقايا المتعلقة باألنشطة‬
‫البشرية‪.‬‬
‫من غير المحتمل أن تعاني هذه البقايا األثرية الدقيقة من مشاكل اإلزالة المتعمدة من قبل‬
‫اإلنسان أو العوامل األخرى التي قد تشوش على أي مؤشرات على نوع النشاط‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال قد يتم التخلص من قطع كبيرة من العظام على مسافة ما من الموقع أو جرفها بعيدا‬
‫لكن الرقائق الصغيرة ستبقى دائما‪.‬‬
‫ويمكن استخدام التعويم ‪ flotation‬الستعادة‬
‫البقايا األثرية الخفيفة مثل البذور والفحم في‬
‫الموقع األثري باستخدام أجهزة مختلفة‪ .‬ويتوفر‬
‫لهذا الغرض جهاز تعويم مع ضاغط هواء‬
‫يحركه المحرك وغربال جمع‪ .‬كما يمكن‬
‫إضافة الكيروسين إلى الماء كجامع للجزيئات‪.‬‬
‫يمر الماء عبر ‪ 2‬مم و ‪1.1‬مم المناخل ‪ .‬ويتم‬
‫غسل محتويات المناخل بزجاجة غسيل بالرش‬
‫وعلى ورق ممتص للماء‪ .‬ثم يسمح للعينات أن‬
‫تجف في الظل قبل مزيد من الفحص أو‬
‫التعبئة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪9‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ومن المرجح أيضا أن تساهم بقايا الطعام في محتوى المركبات العضوية في الرواسب األثرية ‪.‬‬
‫قد تنعكس هذه في كمية الفوسفور (من عظام الحيوانات) والنيتروجين والمواد العضوية والكربون‬
‫العضوي ‪.‬ويمكن أيضا اشتقاق آثار طفيفة لبعض العناصر (مثل الزنك والنحاس) من بقايا‬
‫االستيطان البشري‪.‬‬
‫ومن ثم يمكن استخدام التحاليل الدقيقة للرواسب األثرية الكيميائية لتحديد المواقع التي كانت‬
‫مشغولة سابقا وتقدير مدة االستيطان واالختالفات في األنظمة الغذائية‪ .‬قد يتم الكشف عن‬
‫التغييرات في النظام الغذائي حتى من كمية الفوسفور ‪.‬مثل محتوى معدن السترونتيوم‬
‫‪ strontium‬في النباتات مقارنة بمحتوى اللحوم فيمكن استخدامه لتقييم الوفرة النسبية للحوم في‬
‫النظام الغذائي‪.‬‬
‫سادسا تاريخ تطور الموقع األثري من خالل دراسة الرواسب‪:‬‬ ‫ً‬
‫إن احتمال استخدام تحليل الرواسب لفهم تاريخ تطور الموقع أمر مثير ألنه يوفر أساسا لتفسير‬
‫مدة االستقرار واالستيطان البشري واستم ارريته أو انقطاعه ومعدل تكوين الموقع وآثار التآكل‬
‫على الحفاظ على البقايا البشرية وما إلى ذلك‪.‬‬
‫سوف نذكر هنا دراسة أجراها ‪ D. A. Davidson‬حول التطور التاريخي لموقع أثري في شمال‬
‫شرق اليونان باستخدام حجم الجسيمات وتحليل الفوسفات‪ .‬حيث تشير النتائج إلى أن الموقع‬
‫نتج وتكون في المقام األول من جراء انهيار الجدران التي بنيت من الطمي الذي تم الحصول‬
‫عليه من نهر قريب ويشير تركيز الفوسفات إلى زيادة في كثافة االستيطان البشري عبر الزمن‪.‬‬
‫أيضا أنه كان هناك فترة زمنية عندما تم هجرة الموقع فمن‬
‫فقد أظهر تحليل حجم الجسيمات ً‬
‫أيضا مالحظة أن هذا التفسير الجيومورفولوجي لطبقات الرواسب في التل قد أظهر أن‬
‫المهم ً‬
‫مساحة واتساع الجزء العلوي المسطح من التل في وقت االستيطان النهائي كان حوالي ضعف‬
‫حجمه الحالي‪ .‬وهكذا اختفى ‪ ٪51‬من المستوطنة األصلية‪.‬‬
‫حاول عالم الجيولوجيا المصري "فكري حسن" أيضا إعادة بناء تاريخ تطور لموقع "عين‬
‫المستحية" في الجزائر والذي يتبع الثقافة القبصية ‪ Capasian‬من العصور الحجرية (نسبة‬
‫إلى مدينة قفص في تونس) في دول المغرب العربي‪ .‬فقد أشارت تواريخ الكربون المشع إلى أن‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪0‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الموقع كان مشغوال من حوالي ‪ 9511‬إلى ‪ 4511‬قبل الميالد ولكن التحليل األثري الجزئي‬
‫للبقايا الغذائية يشير إلى فترة إجمالية من االستيطان تتراوح بين ‪ 231‬و ‪ 411‬سنة‪.‬‬
‫كما كشفت سلسلة جديدة من تواريخ الكربون المشع من الموقع أنه لم يتم هجرته أو التخلي عنه‬
‫ألي فترة زمنية كبيرة (أي مئات السنين)‪ .‬ويبدو أن الموقع كان إما مشغوال سنويا لبضعة أسابيع‬
‫أو لعدة أشهر في السنة مع سنوات عديدة من عدم االشغال‪.‬‬
‫ويؤكد هذا النمط من االستيطان المتقطع هو التحول المكاني المتكرر في مناطق النشاط‬
‫البشري فضال عن الكثافة العالية لمواقع ‪ Capasian‬والتي من شأنها أن تشير إلى كثافة‬
‫سكانية مفرطة بشكل غير طبيعي‪ .‬وقد تم حساب معدل تكوين الموقع إلى حوالي ‪ 3‬سم لكل‬
‫‪ 111‬سنة أي حوالي ‪ 3‬ملم لكل سنة وذلك في الفترة من ‪ 9211‬إلى ‪ 9211‬قبل الميالد‬
‫وبنحو ‪4.4‬سم للفترة من ‪ 2111‬إلى ‪ 0211‬قبل الميالد‪ .‬وبالتالي فإن أعمال الحفائر على‬
‫عمق ‪ 5‬سم تقوم بنزع حوالي ‪ 51‬إلى ‪ 111‬سنة من االستيطان في المرة الواحدة‪ .‬هذا له بعض‬
‫النتائج المثيرة لالهتمام لدراسة أرضيات االستيطان' واألنشطة المتزامنة عند فحص االختالفات‬
‫داخل الموقع‪.‬‬
‫في هذا الصدد يجب أن تعتمد دراسة تاريخ تطور الموقع على اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد القياسات الشكلية للموقع (عمق الرواسب شكل التركيزات زاوية ميل القمامة‬
‫والتل األثري نفسه األبعاد المكانية إلخ)‪.‬‬
‫‪ .2‬التحليل الطبقي الدقيق والمفصل للرواسب وتوزيع المواد األثرية‪.‬‬
‫‪ .3‬جمع العينات للتحليل األثري الدقيق والرسوبي والدراسات الكيميائية‪.‬‬
‫على الرغم من أنه يمكن إجراء كل من التحليل األثري الجزئي والتحليل الرسوبي اإلجمالي‬
‫واالختبارات الكيميائية النوعية في الموقع األثري ويمكن أن تكون مفيدة جدا في معالجة عدد‬
‫‪.‬‬
‫كبير من العينات إال أن هناك حاجة أكيدة إلى تحليالت أكثر تفصيال في مختبر متخصص‬
‫الرواسب وأشكال العالقة بين االنسان واألرض‬
‫إن تكامل المعلومات البيئية القديمة واألثرية نحو فهم الحركات المتغيرة للعالقات بين اإلنسان‬
‫واألرض أمر بالغ األهمية لفهم أنماط التكيف البشري واستراتيجية الحركة البشرية في موطن‬
‫متغير‪ .‬يظهر ذلك بوضوح في مثال موقع عين المستحية بالجزائر كما سبق أعاله‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪1‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫كشفت الدراسات الطبقية والرسوبية أن اإلشغاالت البشرية في المنطقة التي تم دراستها بالجزائر‬
‫تزامنت مع مرحلة من المناخ األكثر برودة ورطوبة مما هي عليه اليوم والتي ارتبطت بالطمي‬
‫بواسطة تيارات سريعة الزوال تحت مناخ شبه جاف‪ .‬تشير محددات الكربون المشع هذا الفاصل‬
‫الزمني بين ‪ 9511‬و ‪ 4511‬سنة مضت‪.‬‬
‫كما أشارت البقايا الحيوانية إلى سهول مراعي مفتوحة على بعد مسافة قصيرة من هامش‬
‫صحراوي مع توزيعات متفرقة من الغطاء النباتي األكثر ثراء‪ .‬كما تم جمع األدلة من التحليل‬
‫الحيواني الذي أشار إلى أن الكفاف لدي سكان موقع "عين المستحية" يتكون من الصيد (الغزالن‬
‫والثيران البرية والظبي االفريقي) وجمع القواقع الحلزونية األرضية‪ .‬من المرجح أن يكون جمع‬
‫النباتات قد تم ممارسته ولكن ال يوجد دليل مباشر على هذا النشاط في الموقع الذي تم التنقيب‬
‫عنه‪ .‬وبصفة عامة من الصعب الحصول على بقايا النباتات في معظم المواقع األثرية أكثر‬
‫من العظام‪ .‬وعلى الرغم من الرؤية الواضحة لبقايا القواقع الحلزونية في مواقع ثقافة ‪capasian‬‬
‫فقد كشف التحليل الحيواني والتحليل األثري الدقيق للرواسب األثرية أن القواقع األرضية بالكاد‬
‫ساهمت بأكثر من سدس البروتين الحيواني في النظام الغذائي‪ .‬حيث كشف التحليل األثري‬
‫الدقيق لرواسب الموقع عن حدوث انخفاض في نسبة العظام باإلضافة إلى بقايا قواقع الحلزون‬
‫وتزامن ذلك مع تغير كبير في تواتر أنواع الحلزون األرضي الصغيرة‪.‬‬

‫نتائج التحليل الكيميائي للرواسب األثرية من منطقة عين المستحية في الجزائر‪.‬‬


‫تظهر الوحدة ‪ 3a‬نسبة عالية من الكالسيوم‪ ،‬ونسبة عالية من الفوسفور‪ ،‬ومحتوى منخفض من الحديد‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أس هيدروجيني أقل يعكس مناخا أكثر جفافا من الوحدات السفلية والعلوية‪ .‬يوضح الرسم‬
‫البياني أيضا نتائج التحليالت األثرية الدقيقة للرواسب األثرية واالختالفات الزمنية في تواتر نوعين من‬
‫قواقع الحلزون‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪2‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫باإلضافة إلى ذلك كشفت التحليالت الرسوبية والجيوكيميائية عن تغيرات تدل على وجود فترة‬
‫من المناخ األكثر جفافا في ذلك الوقت‪ .‬وبالتالي فإن التغير في نمط استغالل القواقع الذي‬
‫يتألف أساسا من‪:‬‬
‫زيادة استهالك القواقع الصغيرة التي لم تظهر من قبل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االنخفاض النسبي في بقايا الحيوانات الفقارية يمكن تفسيره جزئيا من حيث ظروف‬ ‫‪-‬‬
‫الجفاف وانخفاض الكتلة الحيوانية (ذوات الحافر) في المنطقة كنتيجة النخفاض الغطاء‬
‫النباتي والمراعي‪.‬‬
‫كما وفرت الدراسات األثرية الدقيقة للرواسب في الموقع األساس لتقديرات فترات استيطان الموقع‬
‫التي أشارت إلى نمط متقطع من االستيطان مع إخالء الموقع واعادة اشغاله بشكل متكرر‪ .‬فقد‬
‫وجد هذا النمط دعما في طبقات الموقع‪ .‬حيث تشير تركيزات النفايات الغذائية والفحص‬
‫البصري لسطح الموقع لحدوث تحوالت متكررة في األنشطة االستيطانية‪ .‬فقد كان هذا النمط‬
‫االستيطاني متسقا أيضا مع توزيع وكثافة مواقع ثقافة "كابسيان" وكلها توحي باإلشغال التناوبي‪.‬‬
‫االستراتيجية (التخطيط) المنهجية‬
‫يشير العالم المصري فكري حسن المتخصص في مجال الجيولوجيا واآلثار إلى بعض‬
‫االستراتيجيات الهامة في تحليل الرواسب ومدى إمكانية االستفادة منها وحل المسائل المتعلقة‬
‫بالبحث األثري في المواقع‪ .‬فهو يري أنه يجب على عالم اآلثار أن يتعرف أكثر على هذه‬
‫التقنيات من خالل الرجوع إلى المراجع في هذا الشأن‪.‬‬
‫ألنه في علم اآلثار الجيولوجي يمكن أن تسهم الرواسب في‪:‬‬
‫‪ .1‬إعادة بناء البيئة المناخية المورفولوجية‪.‬‬
‫‪ .2‬إعادة بناء تاريخ تطور الموقع‪.‬‬
‫‪ .3‬تفسير األنشطة البشرية الخاصة بالموقع‪.‬‬
‫‪ .4‬تحديد شكل العالقات بين اإلنسان واألرض‪.‬‬
‫يجب على عالم اآلثار الذي يرغب في استخدام الرواسب لتحقيق مثل هذه األهداف البحثية أن‬
‫يطلب المساعدة من جيولوجي لديه خلفية صلبة في الدراسة الميدانية والمختبرية للرواسب‬
‫ويفضل أن يكون الشخص الذي تعاون سابقا مع علماء اآلثار أو الذي هو على استعداد إلعطاء‬
‫المشاكل األثرية اهتمامه المهني الكامل‪ .‬يجب أن يشارك الجيولوجي في العمل الميداني‪ .‬يجب‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪3‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫على كل من عالم اآلثار والجيولوجي مناقشة المشاكل المحددة للموقع وأهداف البحث قبل وأثناء‬
‫العمل الميداني‪ .‬وينبغي تنسيق جداولها الزمنية وأنشطتها وينبغي النظر في تعيين مساعد‬
‫ميداني ومختبري عند وضع خطط إلجراء بحث رسوبي مكثف‪.‬‬
‫في هذا المجال سيقضي الجيولوجي جزءا من وقته في الموقع لإلشراف على جمع العينات‬
‫للتحليل األثري الدقيق وعمل القطاعات والرسومات ووصف الرواسب األثرية‪ .‬وينبغي أن‬
‫يتوقع منه أن يربط مالحظاته الميدانية لعالم اآلثار والطاقم الميداني وأن يوجههم عند اإلمكان‬
‫إلى مختلف جوانب عمله‪ .‬مع العلم بأن ق اررات الجيولوجي بحفر المجسات والحفر االختبارية‬
‫بالموقع األثري يجب أن تكون تحت اشراف عالم اآلثار الذي يجب أن يتخذ القرار النهائي في‬
‫هذا الشأن‪.‬‬
‫سيقضي الجيولوجي أيضا جزءا من وقته خارج منطقة الموقع نفسها حيث يصف األقسام‬
‫الطبقية ويقوم بمالحظات جيومورفولوجية ويعمل على توليف التاريخ الجيولوجي للمنطقة ليس‬
‫فقط أثناء استيطان الموقع ولكن أيضا قبل وبعد ذلك مباشرة‪ .‬ويجب على الجيولوجي شرح‬
‫النتائج التي توصل إليها لعالم اآلثار قبل المغادرة من الموقع واإلجابة على أي أسئلة قد ال تزال‬
‫لدى عالم اآلثار‪.‬‬
‫كما يجب شحن العينات الميدانية في أقرب وقت ممكن إلى المختبر حيث سيتم تحليلها ‪.‬سيتخذ‬
‫الجيولوجي القرار بشأن التقنيات المناسبة ويفسر النتائج‪ .‬وعند االنتهاء من البحوث المختبرية‬
‫والتوليف التفسيري للبيانات الميدانية والمختبرية يجب تقديم تقرير إلى عالم اآلثار للتعليق عليه‪.‬‬
‫كما ينبغي إتاحة تقارير أخرى عن التربة وحبوب اللقاح ودراسات مفصلة عن الجيومورفولوجيا‬
‫وعلم اآلثار للجيولوجي الذي سيتحقق من النتائج التي توصل إليها أو يزيدها مع تلك التي‬
‫يتوصل إليها المساهمون اآلخرون‪.‬‬
‫إن تفسير طبيعة األنشطة البشرية الخاصة بالموقع وتاريخ تطور الموقع ونمط وعملية العالقة‬
‫بين اإلنسان واألرض هي مسؤولية عالم اآلثار ولكن يجب استشارة الجيولوجي وكذلك‬
‫المساهمين اآلخرين في كثير من األحيان‪ .‬يعتمد نجاح البحث الجيوأثري أو البحث األثري‬
‫بشكل عام في نهاية المطاف على التبادل المفتوح للمعلومات لمختلف التخصصات‪.‬‬
‫خالصة القول من الممكن توفر البقايا األثرية الدقيقة أدلة ال يمكن الحصول عليها لمجموعة‬
‫واسعة من العناصر البيئية القديمة والثقافية فإن التقنيات األثرية الدقيقة تنتج مصدر بيانات‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪4‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫مذهالً‪ .‬كما ينبغي محاولة التحليل الرسوبي برؤية واضحة ألهميته البيئية القديمة بحيث يمكن‬
‫استخراج المعلومات ذات الصلة فالرواسب األثرية هي نتاج أنشطة وعوامل طبيعية وبشرية‪.‬‬
‫وستنعكس الرواسب الموجودة على الموقع على عمل هذين العاملين‪ .‬وبالتالي يمكن لعالم اآلثار‬
‫توظيف محتويات وأنماط الرواسب األثرية لتحديد أشكال العالقة بين اإلنسان واألرض‪.‬‬
‫ربما تكون الرواسب األثرية وفيرة جدا بحيث ال يمكن مالحظتها أو اعتبارها 'أوساخ' والتي‬
‫غالبا ما يتم جرفها جانبا ويجب أن يكون بمثابة مصدر للحصول على معلومات ال تقدر بثمن‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪5‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الفصل السابع‬
‫التربة‬
‫‪ -‬قطاع التربة وخصائصها‬
‫‪ -‬عوامل تكوين التربة‬
‫‪ -‬أهمية التربة في اآلثار‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪6‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫مفاهيم وتعريف التربة‬


‫يويا‬
‫عرف التربة ‪ Soil‬على ّأنها الطبقة العليا من القشرة األرضية ذات المسامية والنشطة ح ً‬
‫ت ّ‬
‫عد إحدى الركائز األساسية للحياة على األرض إذ ّإنها الوسط الذي يعيش فيه العديد من‬ ‫وت ّ‬
‫عد خزان للمياه والغذاء كما ّأنها تساهم في التخلص من النفايات الضارة‬
‫الحية وت ّ‬
‫الكائنات ّ‬
‫وتشارك في تدوير الكربون وعناصر أخرى وقد تطورت التربة بفعل عمليات التجوية والعديد‬
‫من التأثيرات الحيوية والمناخية وخالل الثورة الصناعية قد زاد الضغط على التربة بفعل الجنس‬

‫البشري إلنتاج مواد الخام التي تحتاجها التجارة ّ‬


‫أما في الوقت الحالي فقد أتاحت التطورات‬
‫التكنولوجية التحسين من عمليات إدارة التربة‪.‬‬
‫التربة هي كيان طبيعي وهي نوع من ظاهرة التجوية التي تحدث على السطح المباشر لألرض‬
‫في الرواسب والصخور وتعمل كوسيط لنمو النبات‪ .‬فالتربة هي نتيجة تفاعل المناخ والنباتات‬
‫والحيوانات والمناظر الطبيعية عبر الزمن‪.‬‬
‫علم التربة هو مجال واسع يشمل علوم األرض والزراعة ويتضمن دراسة تكوين التربة وتصنيفها‬
‫ورسم الخرائط والكيمياء وعلم المعادن والفيزياء والبيولوجيا والخصوبة‪.‬‬
‫تولي العديد من البلدان أهمية كبيرة لرسم خرائط لموارد التربة الخاصة بها حيث يوفر ذلك‬
‫معلومات ال تقدر بثمن حول أنواع التربة الموجودة وتوزيعها وتكوينها‪ .‬وبشكل عام تستخدم‬
‫تحديدا مثل تحديد‬
‫ً‬ ‫أحيانا ألغراض أكثر‬
‫ً‬ ‫خرائط التربة لتحديد التربة وخصائصها ولكنها مطلوبة‬
‫مدى مالءمة التربة لمحاصيل معينة أو إمكانيات تصريف األراضي في منطقة ما‪ .‬مثل جميع‬
‫الخرائط يمكن إنشاء خرائط التربة بمقاييس مختلفة ‪ -‬توفر خرائط 'مقياس صغير' (تظهر‬
‫تفاصيل أقل ) نظرة عامة كما هو موضح هنا بينما يمكن إعداد خرائط 'كبيرة الحجم' (تظهر‬
‫تفاصيل كبيرة) عند الضرورة‪.‬‬
‫علم التربة ‪ Pedology‬هو دراسة التربة وارتباطها الوثيق بالمناظر الطبيعية وتركز على شكلها‬
‫وتكوينها وتصنيفها‪ .‬علم التربة هو دراسة التربة كظواهر تحدث بشكل طبيعي مع األخذ بعين‬
‫االعتبار تكوينها وتوزيعها وعمليات تكوينها‪.‬‬
‫جيومورفولوجيا التربة هي دراسة العالقات بين التربة والمناظر الطبيعية‪ .‬وبمعنى واسع تأخذ‬
‫جيومورفولوجيا التربة في االعتبار تأثير المناخ والنباتات والحيوانات والتضاريس على تكونها‬
‫وكلها تعمل عبر الزمن‪ .‬أما كيمياء التربة فهي تتعامل مع التركيب الكيميائي للتربة وكيف يرتبط‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪7‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫باإلنتاجية الزراعية‪ .‬تمت دراسة كيمياء التربة منذ فترة طويلة من قبل علماء التربة وعلماء اآلثار‬
‫بحثًا عن أدلة على تأثير اإلنسان على المناظر الطبيعية من حوله خاصة إلعادة بناء النشاط‬
‫الزراعي واكتشاف االستيطان البشري القديم‪.‬‬
‫تشترك كل هذه التخصصات الفرعية لعلوم التربة في وجهات نظر مهمة مع علم اآلثار‪ .‬وربما‬
‫تكون طبقات التربة وكيمياء التربة بدالً من علم التربة وجيومورفولوجيا التربة أشهر وأقدم تطبيقات‬
‫علم التربة في علم اآلثار‪.‬‬
‫أهمية التربة في حياتنا‬
‫وضوحا هو دعم‬
‫ً‬ ‫توفر التربة العديد من الوظائف المهمة للنباتات والحيوانات والبشر‪ .‬األكثر‬
‫جدا كموطن لآلالف للماليين من‬
‫زراعة المحاصيل والنباتات واألشجار في تعتبر التربة مهمة ً‬
‫كائنات التربة‪.‬‬
‫الترب ة مهمة للغاية كمرشح يزيل التلوث من مياه الشرب ويساعد على تنظيم تدفق المياه عبر‬
‫أيضا‬
‫أيضا أساس مبانينا وطرقنا والمنازل والمدارس‪ .‬تحمي التربة ً‬
‫المناظر الطبيعية‪ .‬التربة هي ً‬
‫مهما في الحفاظ‬
‫دور ً‬
‫تاريخنا وماضينا حيث يتم حفر االكتشافات األثرية من التربة‪ .‬تلعب التربة ًا‬
‫على تاريخ األرض‪.‬‬
‫أخير التربة مهمة في قضية تغير المناخ‪ .‬تعتبر المادة العضوية في التربة واحدة من مجمعات‬
‫ًا‬
‫الكربون الرئيسية في المحيط الحيوي وهي مهمة على حد سواء كمحرك للتغير المناخي وكمتغير‬
‫استجابة لتغير المناخ وقادرة على العمل كمصدر وعامل امتصاص للكربون‪ .‬تساعد التربة‬
‫أيضا على تنظيم الغازات الدفيئة األخرى مثل الميثان‪.‬‬
‫ً‬
‫قطاع التربة وخصائصها‬
‫آفاق التربة هي مناطق داخل التربة (أي التقسيمات الفرعية للتربة) موازية لسطح األرض ولها‬
‫خصائص فيزيائية وكيميائية وبيولوجية مميزة‪ .‬كما أنها تنتج عن تغييرات معدنية واضافات‬
‫المواد العضوية؛ وترشيح المواد القابلة للذوبان؛ ونقل الجسيمات الدقيقة والمركبات الكيميائية‪.‬‬
‫معا تنتج سلسلة من اآلفاق "طبقات" المرتبطة بقطاع في التربة‪ .‬تختلف‬ ‫فكل هذه العوامل ً‬
‫قطاعات التربة بسبب التفاعل المعقد للمناخ والحيويات التي تعيش على التربة وداخلها وطبيعة‬
‫المادة األم للتربة وموقع وعمر المناظر الطبيعية (أي عوامل تكوين التربة)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪8‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تعد آفاق التربة من أبرز سمات التربة في المواقع والحقول بسبب خصائصها الفيزيائية والكيميائية‬
‫الفريدة مثل بنية التربة ولونها‪ .‬حيث تعد القدرة على التعرف على آفاق التربة خطوة أولى‬
‫حاسمة في تطوير القدرة على التعرف على التربة‪ .‬كما يعتبر التمييز البصري آلفاق التربة‬
‫والتربة أحد األسباب الرئيسية الستخدامها منذ فترة طويلة كعالمات طبقية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فإن الفحص الدقيق والوصف لقطاعات التربة وآفاقها يعتبر من العناصر‬
‫الحاسمة في علم اآلثار وعلم اآلثار الجيولوجي الميداني ويتطلبان تدريباً وممارس ًة كبيرين‬
‫إلنجازه بفعالية‪.‬‬
‫وعددا‬
‫ً‬ ‫عددا قليالً من اآلفاق الرئيسية (التسلسل ‪ A-B-C‬المعروف)‬
‫تتضمن تسمية أفق التربة ً‬
‫كبير من رموز األفاق الفرعية التي تعمل كطبقات إضافية متحولة لآلفاق الرئيسية ومصطلحات‬
‫ًا‬
‫وصفية اضافية‪.‬‬
‫تم تصنيف قطاع التربة ‪ Profile‬إلى آفاق التربة ‪ Horizons‬باستخدام نظام ‪ ABCD‬لتسمية‬
‫األفاق "الطبقات"‪:‬‬
‫عادة ما تكون التربة السطحية التي يطلق عليها اسم األفق ‪A‬‬
‫‪ .1‬أفق التربة السطحية ‪ A‬أو ً‬
‫هي الطبقة األكثر قتامة (لون أسمر داكن أو يميل إلى السواد) في التربة ألنها تحتوي على‬
‫بيولوجيا‬
‫ً‬ ‫طا‬
‫أعلى نسبة من المواد العضوية‪ .‬كما أن التربة السطحية هي المنطقة األكثر نشا ً‬
‫حيث تختبئ الحشرات والديدان والحيوانات األخرى من خاللها وتمدد النباتات جذورها ألسفل‬
‫داخلها والتي تساعد على تثبيت هذه الطبقة من التربة في مكانها‪ .‬في التربة السطحية قد تذوب‬
‫المعادن في المياه العذبة التي تتحرك من خاللها ليتم نقلها إلى الطبقات الدنيا من التربة‪ .‬قد‬
‫جدا مثل الطين إلى الطبقات السفلية حيث تتسرب المياه إلى‬
‫أيضا نقل الجزيئات الصغيرة ً‬
‫يتم ً‬
‫األرض‪.‬‬
‫‪ .2‬أفق التربة ‪ B‬أو أفق التربة المشكل أو التربة التحتية فهو المكان الذي تتراكم فيه المعادن‬
‫والطين القابلة للذوبان‪ .‬هذه الطبقة ذات لون بني فاتح وتحتوي على كمية من الماء أكثر من‬
‫التربة السطحية بسبب وجود الحديد والمعادن الطينية‪ .‬هناك مواد عضوية أقل‪.‬‬
‫‪ .3‬أفق ‪ C‬أو المادة األم التي تم تجويتها فهو طبقة من الصخر المتغير جز ًئيا عن طريق‬
‫التجوية‬
‫شيوعا أفق ‪ R‬ويمثل الصخور األساسية المتجانسة‪Bedrock .‬‬
‫ً‬ ‫‪ .4‬أفق ‪ D‬أو بشكل أكثر‬

‫‪11‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪9‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫جدا من المواد العضوية بسبب اإلنتاجية البيولوجية المنخفضة‪ .‬ويوضح‬‫(‪ )a‬األفق ‪ A‬يحتوي على القليل ً‬
‫أفق ‪ Bk‬المراحل األولى لتراكم كربونات الكالسيوم‪.‬‬
‫(‪ )b‬تربة متماسكة تشكلت تحت األراضي العشبية‪.‬‬
‫أيضا تسمية التربة السطحية لـ ‪ A1‬بأفق ‪ Ah‬بينما تسمى آفاق التربة ‪ B‬المخصبة بمواد‬
‫يمكن ً‬
‫معدنية مثل األلومنيوم والحديد آفاق ‪ Bs‬كما تأخذ بعض أنواع التربة آفاق بالحرف السفلي ‪Ag‬‬
‫‪ Bg Cg‬والتي تشير في الغالب إلى تكوينات مائية مرتبطة بها‪ .‬كما أن لدى مختلف البلدان‬
‫نظم تصنيف خاصة بها‪ .‬على سبيل المثال في المملكة المتحدة تسمى التربة الجوفية العليا‬
‫في حين أن تلك التي ال تحتوي على معادن األلمونيوم والحديد‬ ‫التي فقدت الطين آفاق ‪Eb‬‬
‫تعرف باسم آفاق ‪Ea‬‬
‫تركيب التربة‬
‫تسمى المعادن والجسيمات العضوية في التربة جسيمات التربة‪ .‬ويشغل الهواء والماء الفراغ بين‬
‫الجسيمات وتعيش النباتات والحيوانات في هذه الفراغات المسامية وتنمو جذور النباتات أيضاً‬
‫خالل الفراغات المسامية‬
‫المعادن‬
‫تمد المعادن النباتات الخضراء بالمواد المغذية‪ .‬وتشكل الجسيمات المعروفة باسم الرمل و‬
‫الغرين والطين معظم المحتوى المعدني للتربة‪ .‬والرمال والغرين جسيمات لمعادن الكوارتز‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪0‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫والفلسبارات‪ .‬تتكون األطيان من اإلليت والكاولين والمايكات والفيرمكيوليت ومعادن أخرى‪.‬‬


‫وتضيف كميات شحيحة من معادن عديدة المواد المغذية للتربة ومنها الكالسيوم والفوسفور‬
‫والبوتاسيوم‪ .‬ومعظم الترب تسمى ترباً معدنية ألن أكثر من ‪ %21‬من جسيماتها معادن‬
‫النباتات والمواد الحيوانية‬
‫تتكون من مواد عضوية في مراحل متفاوتة من التحلل‪ .‬ويعيش العديد من العضويات أيضاً في‬
‫التربة‪ .‬تحوي عضويات التربة جذور النباتات والميكروبات وبعض الحيوانات كالديدان والحشرات‬
‫والثدييات الصغيرة‪ .‬وتفكك البكتيريا والفطر والميكروبات األخرى النباتات والحيوانات الميتة‪.‬‬
‫ويساعد العديد من عضويات التربة والجسيمات العضوية والمعادن على التجمع (التقارب)‬
‫وتكوين كتل من التربة‪ .‬وتكسر الجذور والحيوانات الحافرة والتجوية الطبيعية كتل التربة الكبيرة ‪.‬‬
‫تطلق المواد العضوية المتحللة المواد المغذية في التربة‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك تتحد بعض المواد‬
‫العضوية مع الجسيمات المعدنية‪ .‬وتشكل المواد المتحللة األخرى جسيمات تربة عضوية تسمى‬
‫الدبال‪ .‬ومعظم الدبال يكون أسود أو ذا لون بني غامق ويحمل كمية كبيرة من الماء‪ .‬ويشكل‬
‫الجزء العضوي من ‪ %4‬إلى ‪% 12‬فقط من حجم الجسيمات في معظم أنواع التربة المعدنية‪.‬‬
‫وبالرغم من ذلك فإن هذه الكمية الضئيلة تزيد كثي اًر من مقدرة التربة لدعم حياة النبات‪ .‬وفي‬
‫بعض الترب التي تسمى التربة العضوية تمثل العضويات أكثر من ‪ %21‬من جسيمات التربة ‪.‬‬
‫الماء‬
‫يدخل الماء إلى التربة فيذيب المعادن والعناصر الغذائية ويشكل محلول التربة‪ .‬ويتسرب‬
‫الكثير من المحلول بعيداً ولكن يبقى بعضه في الفراغات المسامية‪ .‬تحصل النباتات الخضراء‬
‫على الماء وبعض المواد المغذية بامتصاص محلول التربة من خالل جذورها‬
‫الهواء‬
‫يحل الهواء مكان الماء الذي يتسرب عبر الفراغات المسامية الكبيرة‪ .‬وتعيش عضويات التربة‬
‫بطريقة أفضل في التربة التي تحتوي دائما على كميات متساوية تقريباً من الماء والهواء‬
‫عمليات تكوين التربة ‪Soil forming processes‬‬
‫المكونات العضوية والمواد المعدنية‬
‫ّ‬ ‫التربة هي طبقة تغطي سطح األرض وهي خليط من‬
‫والماء والهواء وبقايا الكائنات الحية حيث تتشكل التربة بفعل بعض العوامل البيئية والبيولوجية‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪1‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫والكيميائية وللتربة فوائد كثيرة؛ فهي تثبت جذور النباتات في األرض وتساعد على نموها‬
‫باإلضافة إلى تحليل المواد العضوية الموجودة فيها ‪.‬‬
‫تتشكل التربة عن طريق تفتيت الصخور ونقلها من مكان إلى آخر وذلك عندما تتعرض لعدد‬
‫من العوامل البيئية والمناخية؛ مثل‪ :‬الرياح وارتفاع درجات الح اررة والرطوبة واألمطار ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى المواد العضوية وبقايا الكائنات الحية الميتة إلى فتات الصخور حيث يصبح‬
‫لونها قريباً من السواد وبناء على نوعية المواد المكونة للتربة َّ‬
‫يحدد نوعها ‪.‬‬ ‫ً‬
‫عملية طويلة‬
‫تتشكل التربة وتتطور على مدى فترات طويلة للغاية وتنتج من التفاعل بين العوامل التي ال تعد‬
‫وال تحصى‪ .‬أهم العوامل الطبيعية هي المناخ والنباتات والحيوانات وشكل التضاريس‬
‫وانحدارها وتوافر المياه‪ .‬من األهمية بمكان في هذه العملية فترة التطور ونطاق استخدام األرض‬
‫البشري والذي تسبب في القرون األخيرة في حدوث تغييرات كبيرة في التربة‪.‬‬
‫تتطور التربة من خالل عملية تشمل التجوية والتفتيت للصخور إلى جزيئات التربة المعدنية‪.‬‬
‫اعتمادا على شدة العوامل المؤثرة‪ .‬لكن التربة هي أكثر‬
‫ً‬ ‫وتتطور هذه العمليات بسرعات متفاوتة‬
‫بكثير من مجرد خليط من جزيئات معدنية ذات أحجام مختلفة؛ ألنها قبل كل شيء خليط من‬
‫المواد العضوية المتحللة والعناصر المعدنية التي تتعرض للماء والهواء باإلضافة إلى عدد ال‬
‫يحصى من الكائنات الحية النباتية والحيوانية‪ .‬يستغرق هذا الخليط وقتًا طويالً للغاية لتكوين‬
‫الكيان الذي نطلق عليه 'التربة'‪ .‬يمكن أن تستغرق طبقة التربة السميكة من بين ‪ 111‬إلى ‪311‬‬
‫عام؛ وكل هذا يمكن أن تجرفه عاصفة ممطرة شديدة واحدة‪.‬‬
‫تكسير الصخور وتفتيتها‬
‫تتكون التربة من الصخور السطحية التي يتم تكسيرها وتفتيتها بواسطة مجموعة واسعة من‬
‫عمليات التجوية‪ .‬على سبيل المثال عندما يخترق الماء الشقوق الصخرية مما يتسبب في‬
‫تمدد الصخور من خالل القوة التي تمارس عندما يتجمد الماء يؤدي الضغط الناتج إلى انفجار‬
‫أيضا إلى الضغط الميكانيكي‬
‫الصخور وتصدعها وتفتيتها‪ .‬كما يؤدي تناوب التسخين والتبريد ً‬
‫على الصخور مما يؤدي إلى تكسيرها‪.‬‬
‫تعمل التفاعالت الكيميائية على تغيير تكوين الصخور حيث يؤدي التحلل المائي (التحلل‬
‫الكيميائي) بشكل خاص للصخور التي تحتوي على كمية كبيرة من السيليكا إلى زعزعة استقرار‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪2‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫بنية الصخور بسبب فقدان األيونات من الشبكة البلورية للصخور‪ .‬في عملية متطابقة تقر ًيبا‬
‫تعرف باسم الترطيب يتم امتصاص جزيئات الماء في الشبكة البلورية للمعدن ويؤدي التورم‬
‫الناتج إلى فقدان الصخور صالبتها‪.‬‬
‫تجتمع عدة عوامل رئيسية تساهم في تشكيل التربة وتعمل معا على تكوينها عن طريق عمليات‬
‫التجوية أو عمليات الترسيب حيث تتفتت المادة األساسية المكونة للصخور الموجودة على‬
‫سطح األرض ثم تصبح غنية بالمواد العضوية واألمالح المعدنية التي تحمل بواسطة الرياح‬
‫أو تنجرف مع مياه األمطار ثم تتحطم المواد العضوية بفعل الكائنات الحية وتشكل مسامات‬
‫التربة‪.‬‬
‫تعتبر عمليات تشكيل التربة مهمة من الناحية األثرية ألنها تحدد طبيعة وخصوبة التربة المرتبطة‬
‫بالمواقع‪ .‬ففي فترات االستقرار تتطور التربة في الرواسب المترسبة سابًقا‪.‬‬
‫تتأثر وتتطور التربة بخمسة عوامل في تكوينها‪S = (Cl, O, R, P, and T) :‬‬
‫‪ Cl‬المناخ ‪Climate‬‬
‫‪ O‬الكائنات الحية الدقيقة ‪Organism‬‬
‫‪ R‬التضاريس ‪Relief‬‬
‫‪ P‬المدة األم ‪Parent material‬‬
‫‪ T‬الزمن ‪Time‬‬
‫‪ .1‬المناخ‬
‫درجة الح اررة وهطول األمطار والرطوبة والتبخر كلها عوامل تؤثر على الجسيمات والمواد‬
‫أيضا على معدل‬
‫الصلبة وتجعلها تذوب في مياه التربة‪ .‬تؤثر درجة الح اررة وهطول األمطار ً‬
‫عمليات التجوية أو التآكل‬
‫جنبا إلى جنب مع المواد األم‪ .‬إنه يحدد معدل‬
‫المناخ هو التأثير األكثر أهمية في تكوين التربة ً‬
‫انهيار الصخور األم وبالتالي مدى سرعة تعمق التربة‪ .‬التأثيران المناخيان الرئيسيان هما درجة‬
‫الح اررة وهطول األمطار ‪.‬تؤدي درجات الح اررة المرتفعة إلى زيادة معدل تكسير الصخور‬
‫األساسية وبالتالي إطالق المغذيات في التربة‪ .‬كما أن هطول األمطار وذوبان الجليد مهمان‬
‫أيضا في تكسير الصخور لتكوين التربة وفي توزيع العناصر الغذائية في التربة‪ .‬في المناخات‬
‫ً‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪3‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫الحارة الرطبة مثل المناطق االستوائية تميل التربة إلى أن تكون عميقة بينما في مناطق القطب‬
‫الشمالي الباردة تكون التربة ضعيفة وضعيفة التطور‪.‬‬
‫‪ .2‬الكائنات الحية‬
‫من الصعب تصديق أن ملعقة صغيرة واحدة من التربة تحتوي على أكثر من ‪ 4‬مليارات من‬
‫الكائنات الحية الدقيقة وهو ما يمثل أكثر من نصف سكان الكوكب البشري بأكمله! هل يمكنك‬
‫حتى أن تبدأ في تخيل عدد ما ستجده في أقرب حديقة لك؟ يسكن التربة مجموعة مذهلة من‬
‫بدءا من الميكروبات الصغيرة مثل البكتيريا والفطريات (الميكروبات) إلى‬ ‫الكائنات الحية ً‬
‫الحشرات األصغر مثل الديدان والحيوانات الكبيرة مثل الفئران واألرانب‪ .‬العديد من هذه الكائنات‬
‫الحية لها وظائف مهمة جدا‪ .‬على سبيل المثال يمكن أن تقوم بعض الميكروبات بتكسير المواد‬
‫العضوية أو المواد الكيميائية مثل السموم ومبيدات اآلفات‪ .‬يقوم البعض اآلخر بعملية مماثلة‬
‫على المعادن وبالتالي يتم إطالق العناصر الغذائية للنبات‪ .‬البكتيريا هي مجموعة أساسية من‬
‫الكائنات الحية الدقيقة في التربة وهي مسؤولة عن الكثير من تحلل المواد العضوية في التربة‪.‬‬
‫مهما في تحويل المزيد‬
‫دور ً‬
‫جدا وتلعب ًا‬ ‫عادة ما تكون موجودة في التربة العلوية بأعداد كبيرة ً‬
‫من أشكال النيتروجين الخاملة إلى أشكال يمكن أن تلتقطها النباتات بسهولة‪ .‬تعد ديدان األرض‬
‫من األنواع الحيوية األخرى ألنها تساعد في تحلل المادة العضوية في التربة فضالً عن تحسين‬
‫وتسرب المياه والصرف‪.‬‬
‫الوظائف الحيوية مثل التهوية ّ‬
‫يعتمد تطور التربة على النشاط البيولوجي‪ .‬توفر النباتات والحيوانات المكون العضوي للتربة‬
‫حاسما في‬
‫ً‬ ‫ور‬
‫ويختلط هذا بالعنصر المعدني بواسطة حيوانات التربة‪ .‬تلعب الكائنات الدقيقة د ًا‬
‫تحلل المواد العضوية وفي تكوين بنية التربة‪ .‬ويلعب البشر أيضاً دو اًر رئيسياً في العديد من‬
‫يعد‬
‫عمليات تشكيل التربة كناقل للتآكل والترسب من خالل الزراعة وادارة األراضي‪ .‬كما ّ‬
‫تشكل التربة؛ فالنباتات النامية على سطح التربة تمنع‬
‫ئيسي المؤثر في ّ‬
‫الغطاء النباتي العامل الر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم تعزز امتصاص التربة للمياه‪.‬‬
‫تدفق المياه الجارية وتقّلل تأثير الرياح على سطح التربة ّ‬
‫أفق التربة العلوي هو األكثر عضوية ألنه محور نمو النبات والنشاط البيولوجي المرتبط به‬
‫أفق )‪ ) A1 / Ah‬حيث تغزو الفطريات والطحالب تحت الهواء وسرعان ما تتبعها نباتات‬
‫أعلى مثل األعشاب والشجيرات واألشجار‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪4‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫غالبا ما يكشف الفحص الدقيق لطبقات الرماد الناتجة عن الحرق في المواقع األثرية عن العمل‬
‫ً‬
‫بواسطة حيوانات التربة ونمو والطحالب مما يؤدي إلى تجوية هذه المواد‪ .‬تتطور التربة السطحية‬
‫أو اآلفاق ‪ A‬من خالل تراكم المواد العضوية وخلطها بواسطة حيوانات التربة‪.‬‬
‫فهم تشكيل األفق مهم أيضا في علم اآلثار‪ .‬حيث يتم خلط القطع األثرية وآثار النشاط البشري‬
‫مثل الموقد والفحم وتنتشر عن طريق خلط التربة والذي يمكن أن يحدث هذا من خالل نمو‬
‫الجذور وديدان األرض والحشرات أو بشكل أكثر تدمي اًر عن طريق الثدييات مثل الفئران‬
‫واألرانب كما يتم دفن المصنوعات اليدوية عن طريق الحفر التي تقوم بها ديدان األرض بعد‬
‫بضعة عقود فقط من انتهاء الموقع‪.‬‬

‫دودة األرض تحفر في طبقة أثرية‬


‫أيضا في علم‬
‫أخير فهم عامل 'الكائنات الحية' مهم ً‬
‫ًا‬
‫غالبا ما تكون خطوة أولى‬
‫اآلثار الثقافي والبيئي‪ً .‬‬
‫أساسية لمعرفة الموارد الطبيعية التي كانت سائدة‬
‫من حيث نوع الغطاء النباتي والحيواني المتوفرة‬
‫للسكان في منطقة تربة معينة‪ .‬على سبيل المثال‬
‫توفر األراضي العشبية الرعي لكل من الماشية‬
‫والحيوانات العاشبة البرية بينما توفر الغابات الوقود‬
‫والفواكه البرية كما استخدم الرعاة من العصر‬
‫الحجري الحديث 'أوراق التبن' من األشجار لتوفير‬
‫العلف لحيواناتهم‪ .‬وبالمثل يمكن أن توفر السواحل‬
‫األعشاب البحرية كسماد عضوي‪.‬‬
‫‪ .3‬التضاريس‬
‫وتعني الشكل الظاهري لسطح األرض من حيث درجة استوائه‪ .‬ترتبط التضاريس بالمناخ حيث‬
‫يزداد هطول األمطار بشكل عام مع االرتفاعات‪ .‬يؤثر المنحدر على تصريف المياه وقابلية‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪5‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫معدل‬
‫قل امتصاصها للماء وتؤثر درجة االنحدار أيضاً في ّ‬
‫التعرية فكلما انحدرت التربة أكثر ّ‬
‫انجراف التربة وتنتج تربة رقيقة وجافة‪.‬‬
‫مهما في تكوين التربة من الصخور الصلبة‪ .‬فتعمل األحماض التي‬
‫دور ً‬
‫يلعب الغطاء النباتي ًا‬
‫تطلقها جذور بعض النباتات على تكسير الصخور التي تتشكل عليها التربة‪ .‬كما أن الغطاء‬
‫غالبا ما تكون‬
‫النباتي على التربة مهم بشكل خاص في إمداد التربة بالمواد العضوية الثمينة‪ً .‬‬
‫هناك عالقة وثيقة بين الغطاء النباتي والتربة فالنباتات تزود التربة ببقاياها الميتة وتحولها التربة‬
‫إلى مغذيات بحيث يمكن للنباتات البقاء على قيد الحياة والتطور في السنوات القادمة‪ .‬تؤدي‬
‫األنواع المختلفة من النباتات إلى ظهور أشكال مختلفة من المواد العضوية في التربة‪.‬‬
‫‪ .4‬المادة األم أو مادة األصل‬

‫وهي المادة التي تتطور فيها التربة وقد تكون رواسب طبيعية معدنية أو بشرية المنشأ‪ّ .‬‬
‫أما‬
‫فتتكون من عدد كبير من المعادن التي ّ‬
‫تشكل الصخور المتماسكة بأنواعها‬ ‫ّ‬ ‫المو ّاد المعدنية‬
‫الحية‬
‫بينما المواد العضوية فهي المواد غير المتماسكة والناتجة عن تحّلل بقايا الكائنات ّ‬
‫مادة األصل‪.‬‬
‫اصها الطبيعية والكيميائية من ّ‬‫وتستمد التربة صفاتها أو خو ّ‬
‫جميعا لدينا آباء كذلك للتربة مادة أصلية تتطور منها وتتطور ‪.‬في بعض‬
‫ً‬ ‫تماما كما نحن البشر‬
‫ً‬
‫يجيا ستتفكك الصخور إلى قطع‬
‫الحاالت تتطور التربة مباشرة من الصخور التي تقع تحتها‪ .‬تدر ً‬
‫أصغر تحت تأثير هطول األمطار والثلج والتجميد والذوبان وتتفكك هذه القطع الصغيرة أكثر‬
‫إلنتاج التربة‪ .‬تشكل هذه الصخور المجزأة المادة الهيكلية للتربة‪ .‬إذا كانت الصخور شديدة‬
‫الصالبة فقد يستغرق األمر مئات السنين لتكوين سنتيمتر واحد من التربة‪ .‬الصخور أو الرواسب‬
‫األم هي العامل الرئيسي المسؤول عن قوام التربة (أي ما إذا كانت التربة رملية أو طفيلية أو‬
‫أيضا في تحديد ما إذا كانت التربة حمضية أو قاعدية ومدى ثراءها‬
‫طينية) وهي مهمة ً‬
‫بالمغذيات‪.‬‬
‫‪ -5‬الزمن‬
‫يسمح مرور الوقت بتطور خصائص التربة‪ .‬و يختلف الوقت الذي يستغرقه حدوث ذلك وفًقا‬
‫للبيئة والمادة األم (األصل)‪ .‬تتطور التربة بشكل عام بسرعة أكبر مثل التربة الرملية مقارنة‬
‫بالتربة الطينية التي تتطور ببطء‪ .‬الوقت في حد ذاته ليس عامل في عملية تكوين التربة ولكن‬
‫مرور الوقت هو الذي يسمح للعوامل األخرى بأن تقود عمليات تكوين التربة‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪6‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تستغرق التربة وقتًا طويالً لتتكون من الصخور ومن الرواسب الموجودة‪ .‬عدد قليل من تربة‬
‫العالم مثل تلك الموجودة في جنوب إفريقيا يبلغ عمرها ماليين السنين‪ .‬بينما يبلغ عمر معظم‬
‫التربة في انجلت ار بضعة آالف من السنين وبالتالي فهي أصغر بكثير من بعض تربة العالم‬
‫القديم‪.‬‬
‫أخير يمكن أن يكون للتأثيرات البشرية تأثيرات بعيدة المدى على التربة‪ .‬لقد قام المزارعون‬
‫و ًا‬
‫بزراعة تربتهم ورعايتها لعدة قرون وتختلف التربة المستصلحة في كثير من النواحي عن تلك‬
‫الموجودة تحت الغطاء النباتي الطبيعي على سبيل المثال من خالل وجود تربة سطحية أكثر‬
‫سمكا بسبب الحرث والمزيد من المغذيات بسبب األسمدة المضافة‪ .‬في معظم الحاالت أدار‬
‫ً‬
‫الجنس البشري التربة بشكل جيد‪ .‬ومع ذلك فقد تضررت التربة في بعض أنحاء العالم بسبب‬
‫التدخل البشري ‪.‬فعلى سبيل المثال أدى قطع أجزاء من الغابات االستوائية المطيرة وزراعة‬
‫المحاصيل على منحدرات شديدة االنحدار إلى تآكل التربة وهو أمر ال رجعة فيه في بعض‬
‫الحاالت‪ .‬هناك قلق من أن الضغوط التي يتعرض لها تربتنا عن طريق االستخدام البشري‬
‫على سبيل المثال إلنتاج المزيد والمزيد من الغذاء تؤدي إلى إتالف التربة‪.‬‬
‫يمكن القول أن تشكل وتكون التربة عملية معقدة ناتجة عن تفاعل العديد من التأثيرات المختلفة‬
‫بما في ذلك التأثير المتزايد لإلنسان‪ .‬التربة سلعة حيوية وثمينة وهشة تحتاج إلى فهمها وادارتها‬
‫بذكاء‪ .‬نحن بحاجة إلى العمل مع الطبيعة لضمان السماح للتربة بالنمو واستدامتها وعدم‬
‫تدميرها‪.‬‬
‫العوامل التي تؤثر على توازن عمليات تشكيل التربة وهي‪:‬‬
‫التجوية‪ :‬إن التجوية ليست مهمة فقط في إضعاف الصخور والرواسب ضد التعرية‬ ‫‪.1‬‬
‫أيضا عملية مهمة في الموقع ألنها تنتج المواد األم المكونة لجميع أنواع التربة‪ .‬فالماء‬
‫بل هي ً‬
‫في معظم البيئات هو العامل الحاسم في التجوية الكيميائية التي تهاجم المعادن من خالل التحلل‬
‫المائي والترطيب وتحلل الحمض‪ .‬وتشمل عمليات التجوية الهامة األخرى األكسدة واالختزال‪.‬‬
‫وهي مهمة بشكل خاص في تحديد لون التربة‪ .‬ففي العادة ما تكون األلوان الرمادية في التربة‬
‫المشبعة بالمياه حيث يكون االختزال‪ .‬بينما في المناخات الحارة والجافة تكون األكسدة مهيمنة‬
‫وتتطور األلوان الحمراء العميقة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪7‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫العمليات الحيوية (البيولوجية)‪ :‬تعتبر العمليات البيولوجية ضرورية في تطور التربة‬ ‫‪.2‬‬
‫حيث يتراكم الحطام العضوي على سطح التربة في غياب النشاط البيولوجي إما بسبب التشبع‬
‫بالمياه أو درجات الح اررة الباردة كطبقة عضوية وفي معظم الحاالت يتم تفكيك المادة‬
‫العضوية ودمجها في التربة السطحية ويتم تفكيك المادة العضوية عن طريق سلسلة من الكائنات‬
‫الحية في التربة والكائنات الدقيقة‪.‬‬
‫عددا من األدوار الرئيسية في التربة‪ .‬يخلط حفر‬
‫آثار كائنات التربة‪ :‬تلعب كائنات التربة ً‬
‫الحيوانات والديدان بين مادة التربة العلوية في عملية تعرف باسم االضطراب البيولوجي أو‬
‫التعكير العضوي ‪ .Bioturbation‬يعد التحول البيولوجي عملية مهمة ً‬
‫جدا من الناحية األثرية‬
‫ألنه يسبب الحركة الرأسية واألفقية للمواد األثرية والمصنوعات اليدوية ويدمر الطبقات الترسيبية‬
‫(وبالتالي سياق هذه القطع األثرية)‪.‬‬
‫أيضا في تكوين بنية التربة‪ .‬عن طريق اف ارزات‬ ‫جدا ً‬‫كما أن الكائنات الحية في التربة مهمة ً‬
‫الديدان األرضية والخيوط الفطرية والنفايات العضوية وحيوانات التربة والكائنات الحية الدقيقة‪.‬‬
‫معا في التجمعات تحدد بنية التربة‪ .‬كما أن كائنات التربة‬
‫فهى مهمة في ربط جزيئات التربة ً‬
‫مفيدة في التحلل والعديد من عمليات التجوية مع عواقب أثرية نحو الحفاظ على المواد العضوية‬
‫والمصنوعات اليدوية‪.‬‬
‫التصفية أو الرشح ‪ :Leaching‬وهي عملية ذوبان أمالح التربة وتسربها إلى أسفل‬ ‫‪.3‬‬
‫وتساعد هذه العملية في تكوين أنواع مختلفة من التربة حسب كمية المطر اختالف درجة‬
‫الح اررة ففي األقاليم الباردة الممطرة‪ :‬تؤدي عملية التصفية مع قلة التبخر إلى تراكم البقايا‬
‫النباتية على سطح التربة وعدم تحللها تحلل كافي لتكون تربة حمضية‪.‬‬
‫يؤدي الرشح إلى التحمض التدريجي من التربة السطحية مع فقدان العديد من األمالح وهي‬
‫عناصر غذائية نباتية مهمة لذا فإن الرشح المفرط يمكن أن يقلل من خصوبة التربة‪ .‬أي أن‬
‫نسبة من مغذيات التربة مرتبطة بسطح الطين والمواد العضوية‪.‬‬
‫بناءا على ذلك فإن رشح التربة وتحمضها له آثار على حفظ العظام والصدف والمواد الكلسية‬
‫األخرى ألن هذه المواد تتحلل في ظروف التربة الحمضية‪.‬‬
‫التشبع المائي ‪ : hydromorphism /Gleying‬في التربة المشبعة بالمياه يحل‬ ‫‪.4‬‬
‫الماء محل الهواء في المسام يتم استخدام األكسجين بسرعة بواسطة الميكروبات التي تتغذى‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪8‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫على المواد العضوية في التربة‪ .‬مما يخلق ظروف الهوائية تقلل المواد المؤكسدة (الحديدية)‬
‫رماديا أو مزرًقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫لونا‬
‫والتي يمكن الذوبان فيها في ماء التربة‪ .‬تترك إزالة الحديد التربة ً‬
‫إذن هو مصطلح تقني يصف ألوان التربة الرمادية أو الزرقاء أو األرجوانية أو الخضراء التي‬
‫تحدث في التربة المشبعة بالمياه لفترات طويلة من الزمن‪.‬‬
‫يمكن أن يحدث التشبع بالمياه بسبب غمر التربة أسفل سطح الماء وهذا يميل إلى الحدوث في‬
‫المناطق المنخفضة مثل السهول الفيضية والتجاويف‪.‬‬
‫‪ .5‬التكلس والتملح ‪Calcification and Salinisation‬‬
‫على عكس عمليات الترشيح والتي تنطوي على حركة صافية ألسفل لمكونات التربة فإن‬
‫التكلس والتملح ينطويان على حركة صعوديه لألمالح القابلة للذوبان في ماء التربة‪.‬‬
‫يميل التكلس والتملح إلى الحدوث في المناطق شبه القاحلة والقاحلة من خالل بعض الحركة‬
‫الشعرية التصاعدية للمياه الجوفية التي تجلب معها المزيد من األمالح‪ .‬وهذا يؤدي إلى زيادة‬
‫الملوحة في آفاق التربة العليا ويمكن أن يؤدي إلى تكوين قشرة ملحية‪.‬‬
‫التربة المالحة سامة للعديد من النباتات وبالتالي فإن الملوحة لها آثار على االستقرار الزراعية‪.‬‬
‫على سبيل المثال يعتقد أن زيادة ملوحة التربة كانت مشكلة متزايدة في زراعة بالد ما بين‬
‫النهرين‪.‬‬
‫تساعد هذه الرواسب القلوية في الحفاظ على المواد الكلسية مثل الصدف والعظام ولكنها ليست‬
‫جيدة للحفاظ على المواد البيئية مثل حبوب اللقاح‪ .‬وقد يتأثر الفخار والمصنوعات األخرى‬
‫بتكوين الملح والمركبات الكلسية على سطحها‪.‬‬
‫خواص التربة‬
‫تكون طبقات‬ ‫ُّ‬
‫تختلف طريقة ومعدل تشكل التربة في أجزائها المختلفة‪ .‬ونتيجة لذلك فإن التربة ّ‬
‫تسمى نطق التربة‪ .‬وقد تكون نطق التربة سميكة أو رقيقة وقد تشابه أو تخالف النطق المحيطة‪.‬‬
‫ويمكن أن تميَّز الحدود بين الطبقات ولكنها أحياناً تكون صعبة المالحظة ‪.‬تحوي معظم الترب‬
‫ثالثة نطق رئيسية‪ .‬منها النطاقان أ و ب وهما جيدا التكوين‪ .‬ويعرف النطاق أيضاً باسم قمة‬
‫التربة أو التربة الفوقية‪ .‬أما النطاق الثالث فهو النطاق السفلي المسمى جـ أو التربة التحتية‪.‬‬
‫وهو معرض للقليل من عمليات التجوية‪ .‬ويماثل تركيبه تركيب المادة األم‪ .‬ويصف علماء‬
‫التربة الترب من خالل خواص نطق التربة‪ .‬ويشمل هذا‬

‫‪12‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪9‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫اللون‪ :‬تتراوح التربة في ألوانها بين األصفر واألحمر والبني الغامق واألسود‪ .‬ويساعد لون‬
‫التربة علماء التربة في تقدير كمية الهواء والماء والمواد العضوية وبعض العناصر في التربة‪.‬‬
‫فقد يدل اللون األحمر مثالً على وجود مركبات الحديد في التربة ‪.‬‬
‫التركيب الكيميائي‪ :‬يمكن أن تكون التربة حمضية أو قلوية أو متعادلة ‪.‬وتؤثر كمية الحمض‬
‫والقلوي في التربة على العمليات الحيوية والكيميائية التي تجري فيها‪ .‬وقد تؤذي الترب ذات‬
‫الحمضية أو القلوية العالية العديد من النباتات‪ .‬وتدعم التربة المتعادلة معظم العمليات الحيوية‬
‫الكيميائية بما في ذلك العمليات التي من خاللها تحصل النباتات على العديد من المواد المغذية‬
‫(انظر أدناه الرقم الهيدروجيني)‬
‫القوام‪ :‬قوام أو نسيج التربة ‪ soil texture‬هو المصطلح المستخدم لتحديد التوزيع المتناسب‬
‫لألحجام المختلفة للجزءئات المعدنية في التربة‪ .‬فمن الممكن وصف قوام التربة من خالل‬
‫المكونات الرئيسية‪ :‬الرمل ‪ sand‬والطمي ‪ silt‬والطين ‪ clay‬وكذلك المواد العضوية وذلك من‬
‫خالل الخبرة كما يمكن معرفة القوام عن طريق اللمس‪ .‬يمكن أن تتنوع التربة بشكل كبير حتى‬
‫على مسافة قصيرة يساعدك التعرف على قوام التربة على تقدير كيفية تشكل التربة باإلضافة‬
‫جيدا بالخصائص المحتملة للتربة‪.‬‬‫شعور ً‬
‫ًا‬ ‫إلى إعطائك‬
‫يعتمد على حجم جسيمات التربة المعدنية‪ .‬وأكبر الجسيمات هي جسيمات الرمال‪ .‬ويمكن للمرء‬
‫أن يرى ويحس حبيبات الرمل المفردة‪ .‬وجسيمات الغرين كبيرة لحد يجعلها ترى بشكل كاف‬
‫أما جسيمات الطين فهي ذات حجم مجهري‪ .‬ويقسم علماء التربة إلى فئات على أساس كميات‬
‫الرمل والغرين والطين الموجودة فيها‪ .‬فاألجزاء المعدنية للتربة والتي تصنف تحت اسم الطفل‬
‫الرملي تحتوي على ‪ %0‬إلى ‪ %20‬طيناً وأقل من ‪ %52‬رمالً‪ .‬وفي الطين الغريني تكون أكثر‬
‫من ‪ %41‬من الجسيمات المعدنية من الطين وأكثر من ‪ %41‬من الغرين ‪.‬ويساعد القوام في‬
‫تحديد كيفية صرف الماء من التربة‪ .‬فالرمل يسمح بالصرف أكثر من الطين‪.‬‬
‫تصنيف قوام التربة‬
‫يمكن تقسيم قوام التربة إلى ثالثة أقسام وصفية‪:‬‬
‫‪ .1‬خشن‪sand, loamy sand, sandy loam :‬‬
‫‪ .2‬متوسط‪loam, silty loam, silt :‬‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪0‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ .3‬ناعم‪clay, silty clay, sandy clay, clay loam, silty clay loam, sandy :‬‬
‫‪clay loam‬‬
‫يتم تصنيف قوام التربة طبًقا لنسبة كل نوع من األنواع الثالثة المكونة للعنصر المعدني في‬
‫التربة أو ما يعرف بمثلث قوام التربة وذلك وفًقا لما جاء في دليل حصر التربة األمريكي ‪soil‬‬
‫‪ survey manual‬كالتالي‪:‬‬
‫حيث تحدد درجة قوام التربة بالنسبة المئوية المختلفة لكل من الرمل والطمي والطين ويوجد‬
‫‪ 12‬درجة معروفة ممثلة بمساحات مختلفة داخل مثلث القوام وهو مثلث متساوي األضالع‬
‫وكل ضلع من أضالعه يمثل ‪ %111‬من إحدى مكونات التربة‪ .‬الضلع األفقي (القاعدة) خاص‬
‫بدء من الصفر في الطرف األيمن حتى‬
‫بالرمل ومَقسم إلى عشرة أقسام كل منها ‪ %11‬رمل ً‬
‫بدء من أسفل ألعلى خاص بالطين والضلع‬
‫يصل إلى ‪ %111‬في اليسار‪ .‬الضلع األيسر ً‬
‫األيمن من أعلى إلى أسفل خاص بالطمي‪.‬‬

‫الرمل‬ ‫‪.1‬‬
‫وينقسم‬ ‫‪sand‬‬
‫بدوره إلى‪:‬‬
‫‪ ‬رمل خشن ‪ coarse sand‬عبارة عن ‪ %25‬رمل خشن جدا ورمل خشن وأقل من ‪%51‬‬
‫من أحجام الرمل األخرى‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪1‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ ‬رمل ‪ sand‬عبارة عن ‪ %25‬رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل متوسط الخشونة وأقل من‬
‫‪ %51‬رمل ناعم‬
‫‪ ‬رمل ناعم ‪ fine sand‬عبارة عن ‪ %51‬رمل ناعم و‪ %51‬رمل ناعم جدا‪.‬‬
‫‪ ‬رمل ناعم جدا ‪ very fine sand‬عبارة عن ‪ %51‬أو أكثر رمل ناعم جدا‪.‬‬
‫‪ .2‬رمل طفلي ‪ loamy sand‬يحتوي هذا النوع من التربة على نسبة تتراوح ما بين ‪%01‬‬
‫إلى ‪ %91‬من الرمل ونسبة تبلغ حوالي من ‪ %1‬إلى ‪ %15‬من الطين وتتميز بكونها‬
‫نوعا ما مقارنة بالتربة الرملية المفككة وتنقسم إلى‪:‬‬
‫متماسكة ً‬
‫‪ ‬رمل طفلي خشن ‪ loamy coarse sand‬عبارة عن ‪ %25‬رمل خشن جدا ورمل خشن‬
‫وأقل من ‪ %51‬من أحجام الرمل األخرى‬
‫‪ ‬رمل طفلي ‪ loamy sand‬عبارة عن ‪ %25‬أو أكثر رمل خشن ورمل خشن جدا ورمل‬
‫متوسط الخشونة وأقل من ‪ %51‬رما ناعم ورمل ناعم جدا‪.‬‬
‫‪ ‬رمل طفلي ناعم ‪ loamy fine sand‬عبارة عن ‪ %51‬أو أكثر رمل ناعم أو أقل من ‪%25‬‬
‫رمل خشن وخشن جدا ورمل متوسط الخشونة وأقل من ‪ %51‬رمل ناعم جدا‪.‬‬
‫‪ ‬رمل طفلي ناعم جدا ‪ loamy very fine sand‬يتمون من ‪ %51‬أو أكثر من رمل ناعم‬
‫جدا‪.‬‬
‫‪ .3‬طفل رملي ‪ sandy loam‬يتميز هذا النوع من المكونات المعدنية للتربة بكونه يحتوي‬
‫على نسبة من الرمل أقل ونسبة من الطمي والطين أكبر مقارنة بالرمل الطفلي وينقسم‬
‫هذا النوع إلى‪:‬‬
‫‪ ‬طفل رملي خشن ‪ coarse sandy loam‬عبارة عن ‪ %25‬أو أكثر رمل خشن جدا ورمل‬
‫خشن وأقل من ‪ %51‬من أحجام الرمل األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬طفل رملي ‪ sandy loam‬عبارة عن ‪ %31‬أو أكر رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل‬
‫متوسط الخشونة وأقل من ‪ %31‬رمل ناعم جدا ورمل ناعم‪.‬‬
‫‪ ‬طفل رملي ناعم ‪ %31 fine sandy loam‬أو أكثر رمل ناعم وأقل من ‪ %31‬رمل ناعم‬
‫جدا أو بين ‪ %15‬إلى ‪ %31‬رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل متوسط الخشونة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪2‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫‪ ‬طفل رملي ناعم جدا ‪ vary fine sandy loam‬عبارة عن ‪ %31‬أو أكثر رمل ناعم جدا‬
‫أو أكثر من ‪ %41‬رمل ناعم ورمل ناعم جدا وعلى األقل يكون نصفه رمل ناعم جدا‬
‫واقل من ‪ %15‬رمل خشن جدا ورمل خشن ورمل متوسط الخشونة‪.‬‬
‫‪ .4‬الطفلة ‪ ،loam‬يتكون هذا النوع من التربة من خليط متساوي نسبيا من الرمل والطمي‬
‫والطين ولكن الخصائص الطينية تكسبه لزوجة ولدونة عندما تكون رطبة مما يسهل تشكيلها‬
‫دون أن تتفتت‪.‬‬
‫‪ .5‬الطفلة الطينية الرملية ‪ ،sandy clay loam‬تجمع بين خصائص التربة الرملية‬
‫والطينية فيبدو ملمسها رملي ولكنها تتميز بخصائص التربة الطينية من حيث اللدونة واللزوجة‬
‫عندما تكون رطبة مما يجعلها سهلة التشكيل وتصبح صلبة إذا جفت‪.‬‬
‫‪ .6‬الطفلة الطينية ‪ ،clay loam‬نسب متساوية من الطين والطمي والرمل ويبدو الغلبة للطين‬
‫عليها فتبدو لزجو ولدنة عندما تكون رطبة وصلبة عندما تجف‪.‬‬
‫‪ .7‬الطفلة الطميية ‪ ،silt loam‬تحتوي على نسب أقل من الرمل والطين ويغلب على نسيجها‬
‫حبيبات الطمي لذلك تقل لدونتها ولزوجتها وهى رطبة كما يقل تماسكها وهي جافة‪.‬‬
‫‪ .8‬الطفلة الطميية الطينية ‪ ،silty clay loam‬تشبه تربة الطفلة الطينية ‪clay loam‬‬
‫في خصائص التماسك ولكنها تحتوي على نسبة أكبر من الطمي وكمية أقل من الرمل ولذلك‬
‫تمتاز بالنعومة والسالسة وتمثل مرحلة متوسطة بين الطين الطميي ‪ silty clay‬والطفل الطميي‬
‫‪ silt loam‬وتمتاز باللزوجة واللدونة وهي رطبة وبالصالبة عندما تكون جافة‪.‬‬
‫‪ .9‬الطمي ‪ ،silt‬تشبه الطفلة الطميية ولكنها تحتوي على نسبة أقل من الرمل والطين كما‬
‫أنها تحتوي على رمل ذو حبيبات دقيقة جدا قد ال يمكن اإلحساس بها عند فركها بين األصابع‬
‫وتقل بها نسبة الطين مما يجعلها أقل لزوجة وهى رطبة‪.‬‬
‫‪ -11‬الطين الطميي ‪ ،silty clay‬ملمس ناعم ولزج عندما تكون رطبة وصلبة وهي جافة‪.‬‬
‫الطين الرملي ‪ ،sandy clay‬تشبه إلى حد كبير تربة الطين الطميي ولكنها احتوي‬ ‫‪.11‬‬
‫على نسبة كبيرة من الرمل ونسبة قليلة من الطمي‪.‬‬
‫الطين ‪ ،clay‬تربة ذات حبيبات أكثر صغ ار وتتميز بالصالبة عندما تجف وباللدونة‬ ‫‪.11‬‬
‫واللزوجة وااللتصاق بين كل أنواع التربة عندما تكون رطبة‪.‬‬
‫الخالصة‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪3‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫تؤثر عمليات تكوين التربة على معظم المواقع األثرية‪ .‬قد تكون هذه تأثيرات قصيرة األمد أو‬
‫أيضا تطبيق علم التربة األساسي لتحديد كمية ونوع أي عمليات ما بعد‬
‫طويلة األمد‪ .‬يمكن ً‬
‫الترسيب قد تكون قد أثرت على الموقع باإلضافة إلى توفير مالمح من البيئات السابقة من‬
‫خالل دراسة مالمح التربة المدفونة‪.‬‬
‫بهذه األساسيات يمكن لعالم اآلثار الجيولوجية تطبيق تقنيات علوم التربة (التحاليل الكيميائية‬
‫والفيزيائية‪ -‬راجع الرواسب) بطريقة مركزة الستخالص البيانات التي يمكن تطبيقها بعد ذلك‬
‫بشكل مستقل إلعادة بناء المناظر الطبيعية والثقافية السابقة‪.‬‬
‫التقنيات المستخدمة‪ /‬ميكرومورفولوجيا التربة‬
‫ويقصد بها استخدام التقنيات المجهرية لدراسة طبيعة وتنظيم مكونات التربة‪.‬‬
‫أصبحت جزءا متزايد األهمية من أعمال التنقيب وتحليل المواقع‪ .‬قد يكشف التسلسل الملحوظ‬
‫لتطور التربة عن العديد من جوانب تاريخ الموقع أو المناظر الطبيعية غير مرئية بخالف ذلك‪.‬‬
‫ويمكن تمييز ثالث فئات رئيسية من السمات‪ :‬تلك المتصلة بمصدر الرواسب؛ وتلك التي تكشف‬
‫شيئا من عمليات تكوين التربة وتلك التي يتم إنتاجها أو تعديلها إنسانياً سواء عن قصد أو‬
‫عن طريق الخطأ‪.‬‬
‫ثبت أن التحقيقات الميكرومورفولوجية مفيدة للغاية في التمييز بين الرواسب التي ال تزال في‬
‫أيضا بين التأثيرات البشرية والطبيعية على‬
‫الموقع من تلك التي لم تعد في وضعها األصلي و ً‬
‫التربة والرواسب‪ .‬هناك العديد من األسباب المحتملة المختلفة لتآكل التربة والتي ال يمثل‬
‫اإلنسان سوى واحد منها‪ .‬فيمكن اآلن التعرف على مجموعة كبيرة من األنشطة البشرية في‬
‫التربة والرواسب‪ .‬على سبيل المثال يجب أن يكون من الممكن نظرًيا عند دراسة موقع‬
‫االستيطان تحديد وتمييز الحرائق الخارجية والداخلية ومناطق الطهي واألكل ومناطق النشاط‬
‫والتخزين‪ .‬لكن من الواضح أنه ال يمكن دراسة موقع بأكمله بهذه الطريقة ومن الضروري أن‬
‫تقوم فيه أعمال الحفائر وبصفة عامة فقد أصبح علم األشكال الدقيقة للتربة اآلن جزًءا ال يتج أز‬
‫من عملية التنقيب‪.‬‬
‫ايدا من‬
‫عددا متز ً‬
‫يتطلب علم األشكال الدقيقة للتربة بيئة مختبرية ومعدات متخصصة لكن ً‬
‫علماء اآلثار اكتسبوا خبرة ميدانية كافية إلجراء تقييم أساسي للرواسب في الموقع ‪ -‬ببساطة‬
‫عن طريق فرك القليل من الرواسب الجافة بين أصابعهم ثم اختبار مرونتها عن طريق جعلها‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪4‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫رطبة ودحرجتها في راحة اليد‪ .‬ومع ذلك من أجل تقييم أكثر دقة فإن خبرة األخصائي‬
‫ضرورية‪ .‬كما تعتبر األوصاف الدقيقة والموحدة للون التربة مهمة ً‬
‫أيضا وعادة ما يتم إنجازها‬
‫عن طريق مخططات ألوان مونسل ‪ Munsell color chart‬للتربة المعتمدة على نطاق واسع‬
‫أيضا لوصف الطبقات األثرية)‪.‬‬‫(المستخدمة ً‬
‫يمكن أن توفر تحليالت التربة والرواسب بيانات عن عمليات الترسب والتعرية طويلة األجل‪.‬‬
‫على سبيل المثال تمت دراسة الطريقة التي تآكلت بها التربة والرواسب من التالل إلى قيعان‬
‫الوادي حيث ترتبط العملية بتحوالت في المستوطنات‪ .‬حيث تم التخلي عن مزارع التالل بسبب‬
‫فقدان التربة بينما زادت المستوطنات في قيعان الوادي‪ .‬تشير التحليالت إلى أن إساءة استخدام‬
‫األراضي الطبيعية في بعض مناطق البحر األبيض المتوسط يعود إلى خمسة آالف عام على‬
‫األقل إلى العصر البرونزي المبكر‪ .‬ففي قبرص على سبيل المثال أدى مزيج من إزالة الغابات‬
‫والزراعة المكثفة والرعي إلى زعزعة استقرار غطاء التربة الهش على التالل في أوائل العصر‬
‫البرونزي وأدى إلى ردم الرواسب بسرعة على طول الوديان الساحلية‪ .‬كما عانت أودية إيطاليا‬
‫خالل الفترة الرومانية من تآكل تربة التالل في ظل اآلثار المشتركة إلزالة الغابات والزراعة‬
‫المكثفة والرعي المفرط‪ .‬وانتقلت المستوطنات البشرية في النهاية من أسفل التل إلى قاع الوادي‪.‬‬

‫الرواسب والتآكل وتغير أنماط االستيطان‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪5‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أخذ العينات ‪Sampling‬‬


‫وهي تقنية لجمع العينات من قطاع في التربة لتحليل واكتشاف العمليات المدفونة منها‪:‬‬
‫‪Phosphate content with‬‬ ‫القياس الطيفي لمحتوي الفوسفات في التربة‬
‫‪spectrophotometry‬‬
‫الفوسفات في التربة تنتج من اإلنسان ومن الحيوان والقمامة وبقايا العظام‪ .‬فكل ‪ 111‬شخص‬
‫يفرزون حوالي ‪ 42‬كجم من الفوسفات سنويا وحيواناتهم تفرز المزيد‪ .‬يحتوي جسم اإلنسان على‬
‫حوالي ‪ 451‬جرام من الفوسفات يتركز معظمها حوالي ( ‪ ) %21‬في الهيكل العظمي والذي‬
‫ينتج عنه مستويات مرتفعة في مواقع الدفن‪.‬‬
‫يتركز معظم الفوسفات بسرعة في الطين من التربة ويظل حيث يمكن أن تستمر آلالف‬
‫السنين ‪.‬ويمكن استخراجه من هذه التجمعات باستخدام مواد كيميائية‪ .‬ويمكن أن يعطي معلومات‬
‫حول استخدام األراضي في الماضي وربما تواريخ نسبية‪ .‬يتم استخدام تفاعالت كيميائية معينة‬
‫"‪ "Molybdate Blue‬حيث عمق اللون يتناسب مع تركيز الفسفور ‪.‬في المختبر يتم قياس‬
‫ذلك باستخدام مقياس األلوان حيث تنتج الضوء الساطع من خالل خلية قياسية تتناسب مع‬
‫تيار كهربائي مع تقليل الضوء‪ .‬في هذا المجال يتم استخدام نفس التفاعل في عصي الكاشف‬
‫والمقارنة مع مخطط اللون‪ .‬يمكن وضع وتوقيع تركيزات الفوسفات في المخططات األثرية‬
‫إلظهار مجاالت النشاط السابقة وتستخدم أيضا لتحقيقها في المواقع على نطاق أكبر‪.‬‬
‫تحليل المعادن الموجودة في الطين ‪Clay mineralogy analysis‬‬
‫يدرس علماء الجيولوجيا األثرية الخصائص المعدنية لألواني من خالل التحليالت الكبيرة‬
‫والمجهرية ‪.‬حيث يمكنهم استخدام هذه الخصائص لفهم مختلف تقنيات التصنيع المستخدمة‬
‫لصنع األواني ومن خالل هذا لمعرفة مراكز اإلنتاج التي من المحتمل أن تصنع هذه األواني ‪.‬‬
‫كما يمكنهم أيضا استخدام المعادن لتتبع المواد الخام المستخدمة لصنع األواني من رواسب‬
‫الطين المحددة‪.‬‬
‫تربة مصر‬
‫حيويا‬
‫ً‬ ‫مكونا‬
‫ً‬ ‫هناك ارتباط وثيق بين تاريخ كل من البشر والتربة‪ .‬ال شك أن التربة ليست فقط‬
‫أيضا العمود الفقري للحضارة المصرية‪ .‬كانت هذه الحضارة‬‫في النظام البيئي ولكنها كانت ً‬
‫مدعومة بالنيل وطمي التربة المصرية‪ .‬ففي مصر القديمة كانت التربة خصبة بدرجة كافية‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪6‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫بسبب إثراء هذه التربة بالفيضان السنوي لنهر النيل بجزيئات الطمي‪ .‬لذلك نشأت حضارة‬
‫عظيمة وازدهرت على فروع نهر النيل المختلفة وواديه‪.‬‬
‫فيما يتعلق بتربة مصر تعتمد التربة الصالحة للزراعة على توافر إمدادات المياه ونوع الصخور‬
‫خارج مناطق طمي النيل‪ .‬يتكون ما يقرب من ثلث إجمالي مساحة اليابسة في مصر من الحجر‬
‫الرملي النوبي‪ .‬يمتد هذا الحجر الرملي فوق األجزاء الجنوبية من الصحاري الغربية والشرقية‪.‬‬
‫في حين أن رواسب الحجر الجيري من عصر اإليوسين والتي تتراوح من ‪ 35‬إلى ‪ 55‬مليون‬
‫سنة تغطي خمس مساحة أخرى من سطح األرض في مصر‪.‬‬
‫وتشمل هذه الرواسب وسط سيناء واألجزاء الوسطى من الصحاري الغربية والشرقية‪ .‬يتكون‬
‫الجزء الشمالي من الصحراء الغربية من الحجر الجيري الذي يعود تاريخه إلى العصر الميوسيني‬
‫(قبل ‪ 5-25‬مليون سنة)‪ .‬وتتكون جبال البحر األحمر وسيناء والجزء الجنوبي الغربي من‬
‫الصحراء الغربية والتي تمثل ثمن المساحة اإلجمالية لمصر من صخور نارية قديمة ومتحولة‪.‬‬
‫حاليا في الدلتا ووادي النيل غنية بالطمي بشكل أساسي والذي تم نقله من‬
‫األراضي المزروعة ً‬
‫المرتفعات اإلثيوبية عن طريق الروافد العليا للنيل والذي يتكون من نهري النيل األزرق ونهر‬
‫عطبرة‪ .‬وتتراوح رواسب الطمي هذه من ‪ 0‬إلى ‪ 11‬أمتار في أسوان وشمال الدلتا على التوالي‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بتربة دلتا النيل فهي عبارة عن تربة طينية ذات قوام طيني خفيف إلى ثقيل‪ .‬من‬
‫ناحية أخرى تشكل الرواسب البحرية والرسوبية تربة تقع بالقرب من الساحل الشمالي والبحيرات‪.‬‬
‫كما تظهر السهول الرملية الصحراوية المسطحة والمتموجة بالقرب من الصحراء على حواف‬
‫الدلتا‪.‬‬
‫التربة والحضارة المصرية‬
‫جدا على طول نهر النيل وظهرت مصنوعات حجرية‬
‫تمتد الحضارة المصرية عبر تاريخ طويل ً‬
‫بدائية من حجر الصوان مثل رؤوس السهام والمطارق والفؤوس اليدوية والمكاشط من العصور‬
‫الحجرية القديمة والحديثة‪ .‬ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى قسمين‪ :‬سجل مستمر لمدة ‪ 4111‬عام‬
‫مع زراعة وانتاج زراعي ومن ‪ 4111‬إلى ‪ 3111‬قبل الميالد عندما قام سكان وادي النيل بإنشاء‬
‫حكومة مركزية وشيدوا األهرامات وأسسوا تكنولوجيا زراعية متطورة للغاية‪.‬‬
‫بالرغم من أن بعض دراسات ما قبل التاريخ قد كشفت في المناطق الصحراوية غرب وادي النيل‬
‫أن تربية الماشية وزراعة القمح والشعير كان تمارس من ‪ 2111‬سنة مضت‪ .‬فقد أشار فحص‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪7‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫البيانات المناخية القديمة واألثرية من الصحراء المصرية ووادي النيل إلى أن تربية الحيوانات‬
‫قد ظهرت في الجزء الجنوبي من الصحراء الغربية خالل عصر الهولوسين المبكر في ظل‬
‫ظروف شبه قاحلة‪ .‬كما أن التباين السنوي والقصير األجل في هطول األمطار يعتبر أحد‬
‫العوامل الرئيسية التي دفعت هؤالء السكان نحو البدء في تربية الحيوانات واستئناسها‪ .‬وقد أدى‬
‫ظهور التصحر الملحوظ خالل األلفية السابعة قبل الميالد إلى تحرك باتجاه الشرق نحو وادي‬
‫النيل ويشهد على ذلك ظهور مواقع العصر الحجري الحديث تقر ًيبا في وقت واحد من الدلتا‬
‫حتى وسط السودان‪.‬‬
‫بالتأكيد يرجع هذا النشاط الزراعي والحيواني القديم إلى عامل المناخ حيث تشير األحداث‬
‫الجيولوجية المؤرخة في الصحراء الغربية لمصر إلى أن التسلسل المناخي لعصر الهولوسين قد‬
‫ينقسم إلى فترة رطبة مبكرة من الهولوسين وفترة رطبة انتقالية في الهولوسين األوسط وفترة‬
‫هولوسين قاحلة متأخرة‪.‬‬
‫من المعروف أن الحضارة المصرية ازدهرت ألكثر من ‪ 3111‬قبل الميالد ولم تدم أي حضارة‬
‫قديمة أخرى‪ .‬كانت هناك عوامل مثالية من التربة والماء والمغذيات والمواد العضوية باإلضافة‬
‫إلى النظام السنوي المنتظم لنهر النيل هو السبب الرئيسي الزدهار هذه الحضارة‪ .‬لذلك ذكر‬
‫المؤرخ اليوناني هيرودوت أن 'مصر هي هبة النيل'‪ .‬أكدت عدة أسباب هذه العبارة نذكر منها‬
‫أن نهر النيل قد زود جميع الناس بالماء والغذاء كما كان هناك مناخ مستقر دون ثلوج أو‬
‫عواصف باإلضافة إلى فيضان النيل وجلبه الطمي إلى الحقول في نفس الوقت من كل عام‪.‬‬
‫كليا على نهر النيل‪ .‬تنوعت هذه‬
‫اعتمادا ً‬
‫ً‬ ‫لذلك يمكن القول أن الحضارة المصرية ازدهرت‬
‫الحضارة في شتى العلوم والمعارف واشتملت على جميع أشكال الحياة المصرية وخاصة الزراعة‬
‫والفلك والتحنيط والطب والعمارة والهندسة إلخ‪ .‬وقد طور المصريون نظام الري وقاموا بزراعة‬
‫العديد من المحاصيل كان أهمها القمح والشعير والكتان والبردي‪ .‬كما كانت التربة المصرية‬
‫حامية لهذه الحضارة إلى جانب نهر النيل‪ .‬فبمجرد غمر النيل وقت الفيضان فإن المياه التي‬
‫تحتوي على الطمي ستغطى التربة وتزيد من خصوبتها‪.‬‬

‫أهمية التربة في علم اآلثار‬

‫ينطوي تطور التالل ومواقع اآلثار على استيطان بشري متكرر مما أصبح في النهاية متر ً‬
‫اكما‬
‫نتيجة عمليات ترسيب المواد الثقافية وتآكلها‪ .‬وبناء على ذلك فإن فهم التربة أمر أساسي لعلم‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪8‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫أساسيا ألي إعادة بناء بيئي وخلفية ألي نشاط‬


‫ً‬ ‫مكونا‬
‫ً‬ ‫اآلثار‪ .‬بصرف النظر عن كون التربة‬
‫أساسيا للغاية لإلنسان‪ .‬فعلى سبيل المثال تخضع أنواع الغابات وثراء‬
‫ً‬ ‫بشري فإنها توفر ً‬
‫موردا‬
‫المراعي وطبيعة العمل الزراعي لظروف التربة‪ .‬عالوة على ذلك فإن طبيعة تأثير اإلنسان على‬
‫التربة من خالل التعرية والتصحر وأي ممارسات أخرى يمكن أن تسهم في الحصول على‬
‫معلومات عن طبيعة المجتمعات البشرية السابقة‪ .‬على سبيل المثال كانت التربة الخصبة‬
‫التي تكونت بفعل األنظمة النهرية وهطول األمطار المنتظم ودرجات الح اررة الدافئة في كثير‬
‫من األحيان بؤ ار للنشاط الصالح للزراعة في وقت مبكر‪ .‬ففي دلتا النيل والوادي وكذلك منطقة‬
‫'الهالل الخصيب' في سوريا والعراق حيث تم تسجيل أول نشاط صالح للزراعة في الثقافات‬
‫التي لم تنتج أو تتعرف على الفخار‪( .‬عصور ما قبل الفخار)‬
‫يدرك علماء اآلثار عموما أن هناك عالقة مهمة بين البقايا األثرية والتربة المرتبطة بها‪ .‬وعلى‬
‫الرغم من أنه ال ينبغي أن يتوقع من علماء اآلثار أن يكون لديهم فهم كامل لعلم التربة إال أنهم‬
‫يجب أن يكونوا قادرين على التعرف على التربة وتفسيرها في السياق األثري من أجل فهم سجل‬
‫الماضي البشري بشكل كامل‪.‬‬
‫التربة جزء من المرحلة التي تطور عليها البشر‪ .‬باعتبارها جزًءا ال يتج أز من معظم المناظر‬
‫الطبيعية عالوة على ذلك تعتبر التربة مؤشرات لطبيعة وتاريخ األحداث البشرية والطبيعية‬
‫فهي تسجل تأثير النشاط البشري وهي كذلك مصدر للغذاء والوقود‪.‬‬
‫تعتبر التربة مستودع للقطع األثرية وآثار أخرى للنشاط البشري كما أنها تغطي المواد األثرية‬
‫مهما في عمليات تكوين الموقع‬ ‫عنصر ً‬
‫ًا‬ ‫أيضا‬
‫والمواقع األثرية‪ .‬تعتبر عمليات تكوين التربة ً‬
‫حيث يؤثر نشأة التربة على القطع األثرية والخصائص أو السمات البيئية (البقايا النباتية‬
‫والحيوانية والجيولوجية) التي تم تدميرها والتي يتم الحفاظ عليها بالتربة‪.‬‬
‫أسطحا أرضية مستقرة وقد توفر معلومات بيئية‬
‫ً‬ ‫تعتبر التربة مهمة في علم اآلثار ألنها تمثل‬
‫قديمة وهي وسيلة للنشاط الزراعي السابق ويمكن أن تعمل كمستودع للمعلومات الثقافية في‬
‫شكل تفاعالت حيوية للنشاط البشري السابق‪.‬‬
‫التربة وعلم اآلثار‬
‫استخداما منذ العصر الحجري الحديث ال سيما في األجزاء‬
‫ً‬ ‫كانت التربة من أكثر مواد البناء‬
‫القاحلة وشبه القاحلة من العالم‪ .‬والتي كان في العادة ما يطلق عليه اللبن والذي ال يزال لديه‬

‫‪13‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪9‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫إمكانات كبيرة‪ .‬يمكن استخدام أي نوع من التربة تقريبا (على الرغم من أن بعض التعديالت‬
‫غالبا ما تكون ضرورية إلضافة القوة) إال أنه من السهل نسبيا التعامل معها كما أن اللدونة‬
‫يدويا أو داخل قوالب صلبة إلى كتل‬
‫واالستقرار الكيميائي يمنحانها تنوعا كبي ار‪ .‬يمكن تشكيلها ً‬
‫أيضا للتجصيص‬‫بناء (طوب) ويمكن وضعها بين القوالب إلنشاء جدران مباشرة وهي مناسبة ً‬
‫إلنتاج تشطيبات ناعمة أو مصبوبة‪ .‬ومع ذلك فإن تعرضها للتآكل واألضرار تخلق حاجة‬
‫مستمرة للصيانة في شكل إعادة التشكيل واإلصالح‪ .‬كانت التربة تستخدم للبناء في مصر‬
‫والحضارات السابقة قبل تطور صناعة الطوب اللبن‪ .‬على الرغم من كونها مقدمة للطوب إال‬
‫أن هذه االستخدامات األبسط ال بد أن استمرت في الفترات التاريخية‪ .‬كما كانت التربة بالطبع‬
‫مكونا رئيسيا للفخار في مصر القديمة والحديثة‪ .‬كما تدخل التربة في الممارسات اإلدارية‬
‫المتمثلة في األختام الطينية وصنع األشياء الطينية الصغيرة مثل التماثيل والخرز‪.‬‬
‫عندما نتحدث عن علم اآلثار نقوم بتعريفه بأنه عبارة عن دراسة الماضي البشري من بقاياه‬
‫المادية ومعظمها مصنوع أو يوجد بداخل التربة والرواسب‪ .‬حيث تؤثر اإلجراءات البشرية‬
‫السابقة على سجل التربة كما يتضح من آثار التغيرات في خصائصها وصفاتها والتغيرات في‬
‫الترسيب ووجود الظواهر األثرية والمصنوعات اليدوية المحفوظة داخل التربة‪.‬‬

‫تتحكم ظروف التربة والرواسب فيما تبقى في بيئة الدفن وما يتحلل وبالتالي يؤثر على جميع‬
‫المواقع األثرية والمصنوعات اليدوية والبقايا البيئية‪ .‬إن دراسة هذه البقايا من خالل المسح‬
‫والتنقيب واجراءات ما بعد التنقيب توضح لنا وتعلمنا عن الثقافات والبيئات السابقة مما يوفر‬
‫نظرة ثاقبة حول كيفية تفاعل الناس مع التربة سواء بشكل مباشر من خالل االستيطان‬
‫واستخدام األراضي وبناء المباني الضخمة وبشكل غير مباشر عن طريق تغيير النظم البيئية‬
‫المحلية بمرور الوقت‪ .‬فمن الممكن اعتبار التربة مستودعات آلثار النشاط البشري وبالتالي‬
‫تشكلت تربة مصر تحت التأثير المستمر للناس حتى يومنا هذا عندما تتم إدارة معظم األراضي‬
‫في مصر بنشاط الزراعة أو البناء‪.‬‬
‫يعني مصطلح علم التربة القديمة ‪ archaeopedology‬الذي قدمه ‪ Nikiforoff‬عام ‪:1943‬‬
‫تطبيق األساليب العلمية للتربة بهدف اإلجابة على األسئلة على سبيل المثال حول تاريخ تكوين‬
‫الموقع على نطاق الحفائر أو حول الظروف البيئية القديمة أو حول تغيير ممارسات استخدام‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪0‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫األراضي في المناظر الطبيعية األوسع‪ .‬فعلم التربة القديمة هو جزء من علم اآلثار الجيولوجية‬
‫عند دمج واستخدام الطرق والوسائل المتعلقة بعلم التربة القديمة‪.‬‬
‫بصفة عامة يمكن تعريف علم التربة القديمة بأنه العلم الذي يميز دراسة التربة القديمة‬
‫‪( paleosol‬التي تكونت بواسطة عمليات طبيعية) واألنثروسول ‪( anthrosols‬التي تم إنشاؤها‬
‫بواسطة النشاط البشري) في السياقات األثرية‪.‬‬
‫يبحث علم اآلثار الجيولوجي في الحفائر والبيئة بأكملها باستخدام مجموعة متنوعة من األساليب‬
‫الميدانية والمخبرية بينما تركز أبحاث التربة على التربة وخاصة التربة القديمة والرواسب التي‬
‫يتأثر بها اإلنسان‪ .‬كما أن علماء التربة القديمة يعملون في الموقع وخارجه باستخدام مفاهيم‬
‫وأساليب خاصة بهم‪ .‬بينما علم التربة هو الوافد المتأخر نسبيا للدراسات األثرية‪ .‬فقد كانت‬
‫الجيولوجيا وخاصة علم اآلثار الجيولوجية مكملة تقليدية لعلم اآلثار من حيث دراسات تكوين‬
‫الموقع وتطوره‪.‬‬
‫يشير ‪ Holliday‬إلى أن معظم التحقيقات في علم اآلثار في أمريكا الشمالية قد ركزت على‬
‫التربة كعالمات طبقية بالمقارنة للدراسات المماثلة في أوروبا وآسيا والشرق األوسط والتي ركزت‬
‫على تفسير استخدام األراضي القديمة والتأثيرات البشرية على التربة األثرية‪ .‬ويعزو هذا‬
‫االختالف إلى وجود تسلسالت رسوبية سميكة في أمريكا الشمالية ذات تأثير بشري ضئيل نسبيا‬
‫مقابل آسيا والشرق األوسط حيث المواقع األثرية تنتشر بكثافة كبيرة حيث كان التأثير البشري‬
‫أكثر كثافة وحدث على مدى فترة زمنية أكبر بكثير‪.‬‬
‫ف الجيولوجيا هي مكمل طبيعي لعلم اآلثار بسبب قدرتها على فرز عمليات تكوين الموقع ال‬
‫سيما العمليات ذات الطبيعة الرسوبية‪ .‬لكن علم التربة مناسب بنفس القدر لهذه المهمة ألن فهم‬
‫تطور المناظر الطبيعية ضروري لفهم تطور التربة والتركيز األساسي لعلم التربة‪ .‬وبالتالي‬
‫جيدا مثل أي علم أرض لمعالجة‬
‫بالنسبة للعصر الرباعي على األقل فإن علم التربة مجهز ً‬
‫دائما االعتماد على التخصصات األخرى‬
‫مشاكل تكوين الموقع مع إدراك أنه يجب علينا ً‬
‫للحصول على صورة كاملة كما يفعل أي عالم أرض آخر‪.‬‬
‫إذا تم تعريف علم اآلثار الجيولوجي على أنه أحد علوم األرض في خدمة علم اآلثار فإن‬
‫دراسة التربة للسياقات األثرية تقع بالتأكيد ضمن علم اآلثار الجيولوجي‪ .‬يميز ‪ Butzer‬بين‬
‫الجيولوجيا األثرية ‪ archaeological geology‬وعلم اآلثار الجيولوجية ‪.geoarchaeology‬‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪1‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫فاألول يعتبره نهجا مرك از جيولوجيا باالقتران مع التحقيقات األثرية في حين أن الثاني يعرفه‬
‫)‬
‫بأنه علم اآلثار باستخدام أدوات الجيولوجي‪.‬‬
‫إن تحديد تاريخ الموقع هو في الواقع مسألة متعددة التخصصات‪ .‬فالموقع األثري عبارة عن‬
‫مخطوطة كتبت عدة مرات ربما بلغات مختلفة‪ .‬يبدأ تاريخ الموقع األثري بالترسيب‪ .‬قد يكون‬
‫معقدا من التعرية واعادة الترسيب‪ .‬على رأس هذا‬
‫يخا ً‬‫طا أو قد يتضمن تار ً‬
‫التاريخ الرسوبي بسي ً‬
‫السجل المعقد بالفعل يضاف تاريخ التأثيرات البشرية‪ .‬وبالمثل قد يكون التأثير البشري بسي ً‬
‫طا‬
‫نسبيا أو قد ينطوي على تحريك تربة ضخمة ألعمال الحفر الزراعية أو الهياكل‬ ‫ومعتدال ً‬
‫ً‬
‫أيضا على العمليات الجيولوجية أو تلك المرتبطة بتكون التربة عن‬
‫االحتفالية‪ .‬وقد يؤثر البشر ً‬
‫طريق التسبب في تآكل التربة المتسارع أو عن طريق تغيير حالة تصريف التربة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى فهم التطور المادي للموقع فإن علم التربة لديه مساهمة أخرى ال تقل أهمية‬
‫يقدمها للدراسات األثرية‪ :‬من حيث فهم التربة كمورد أساسي قديما وحديثًا بمعنى ما حيث‬
‫يقف علم التربة بين الصخور والنباتات‪.‬‬
‫مهما كانت خلفية عالم األرض الذي يعمل في السياقات األثرية يجب عليه أن يدرك االختالفات‬
‫األساسية بين علوم األرض وعلم اآلثار والعكس صحيح‪ .‬فعلم اآلثار هو تخصص بشري على‬
‫النقيض من تركيز العلوم الطبيعية لعلوم األرض‪ .‬وعلماء اآلثار يستخرجون بقايا الثقافة المادية‬
‫من مصفوفة مادية لكنهم مهتمون بهذه المصفوفة فقط بقدر ما تساعدهم على فهم التطور‬
‫الثقافي للمجموعة المعينة التي يدرسونها‪ .‬هذا يعني أنه يجب تفسير البيانات المادية لعالم‬
‫اآلثار‪ .‬ال يكفي تقديم حجم الجسيمات والبيانات األخرى دون مزيد من التوضيح ‪.‬إذن يجب‬
‫أن يكون عالم التربة على دراية باألسئلة الرئيسية للتحقيق‪ .‬ال يحتاج عالم التربة إلى أن يصبح‬
‫عالم آثار خبي ار ولكن يجب عليه على األقل أن يكون على دراية بالقضايا الرئيسية في المجال‬
‫الذي يعمل فيه وكذلك أن يكون على دراية بالتسلسل الزمني وربما التصنيفات وبعض المعرفة‬
‫‪.‬‬
‫حول كيفية استخدام القدماء لألرض وتأثيرهم عليها ستكون مفيدة أيضا‬
‫مصدر للمعلومات حول المناخ الماضي‬
‫ًا‬ ‫جدا لعلماء اآلثار ألنها توفر‬
‫تعتبر التربة مهمة ً‬
‫والغطاء النباتي والحيوانات (البقايا البيئية ‪ )ecofacts -‬وكذلك المصنوعات اليدوية‬
‫(‪ (artefacts‬التي صنعها اإلنسان مثل الفخار واألدوات المعدنية والعمالت وما إلى ذلك‪.‬‬
‫ف يمكن للتربة أن تحافظ على جميع أنواع األشياء آلالف السنين‪ .‬ومع ذلك فإن قدرتها على‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪2‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫القيام بذلك تعتمد على ظروف وخصائص التربة وخاصة كمية المياه الموجودة في التربة طوال‬
‫الوقت الذي يتم فيه دفن العناصر‪ .‬تعتبر التربة المشبعة بالمياه جيدة بشكل خاص في الحفاظ‬
‫على األشياء ألنها تحتوي على القليل ً‬
‫جدا من األكسجين الذائب والذي تحتاجه كائنات التربة‬
‫المسؤولة عن التحلل‪ .‬يعد البحث عن (البقايا البيئية) مثل بقايا النباتات والحيوانات وسيلة مفيدة‬
‫إلعادة بناء كيف كانت البيئة واألرض المحيطة من قبل وكيف تغيرت‪ .‬تعتبر القواقع والحشرات‬
‫المتحجرة (الحفريات) مفيدة بشكل خاص لتقدير المناخ الماضي في حين أن حبوب اللقاح‬
‫المحفوظة والبذور يمكن أن تكشف عن األنواع النباتية التي تكون الغطاء النباتي الطبيعي في‬
‫الماضي‪ .‬باإلضافة إلى ذلك تعتبر عالمات التربة والمحاصيل (‪ (crop marks‬والتي يمكن‬
‫رؤيتها بشكل أفضل من األماكن العالية) مؤشرات جيدة لالستخدام السابق لألرض‪ .‬تظهر هذه‬
‫العالمات بشكل عام بسبب المستويات المختلفة لنمو المحاصيل التي تسببها الهياكل المدفونة‬
‫مثل الجدران الحجرية والخنادق المعاد تعبئتها‪.‬‬
‫يمكن القول بصفة عامة أن علم التربة هو تخصص مع مجموعة واسعة من التطبيقات في‬
‫الجيولوجيا والجيومورفولوجيا وعلم اآلثار وعلم اآلثار الجيولوجية والجغرافيا‪ .‬ويهدف علم التربة‬
‫على وجه الخصوص لإلجابة على أسئلة حول التغيرات المناخية ومعدالت عمليات تكون‬
‫وتطور التربة والتخطيط الطبقي للتربة ومالءمة التربة السطحية السابقة واالستيطان البشري‪.‬‬
‫باالقتران مع التخصصات األخرى يهدف علم التربة إلى تطوير األساليب العلمية الجيولوجية‬
‫على مستويات مختلفة وخالل العقود الماضية تطرق علم التربة بشكل متزايد إلى المجاالت‬
‫)‬
‫األثرية حيث تم تضمين أبحاث التربة في الغالب بطريقة أو بأخرى في علم اآلثار الجيولوجية‪.‬‬
‫سياق القطع األثرية في آفاق التربة ‪ A, B, C‬وتفسير تواجدها‬
‫يتم تحديد عمق دفن القطع والظواهر األثرية وموقعها بالنسبة آلفاق التربة من خالل توقيت‬
‫استيطان الموقع بالنسبة إلى الترسيب وتطور التربة ومن خالل العمليات الجيولوجية وتلك‬
‫أمر‬
‫المتعلقة بالتربة بعد االستيطان‪ .‬يعد تحديد وفهم الخصائص والعمليات المرتبطة بأفق معين ًا‬
‫بالغ األهمية لتقييم السياق األثري‪ .‬يتم تقديم الدليل التالي للمساعدة في تقييم سياق المواد الثقافية‬
‫في آفاق التربة الرئيسية المحددة‪ .‬يحتاج علماء التربة وعلماء اآلثار إلى تقييم الخصائص‬
‫المحددة للتربة والمنقوالت التي توفر المعلومات األكثر موثوقية فيما يتعلق بسياق القطع األثرية‪.‬‬
‫األفق ‪A‬‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪3‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫عبارة عن أفق سطحي نشط يخضع لمجموعة متنوعة من العمليات الفيزيائية والكيميائية‪ .‬قد‬
‫تكون القطع األثرية الموجودة في األفق ‪ A‬قد نشأت في ظل الظروف التالية‪ :‬فقد يكون األفق‬
‫‪ A‬المدفون هو السطح األصلي لالستيطان البشري‪ .‬يعتبر هذا بمثابة الوضع األثري المثالي‬
‫الذي يتم فيه تغطية السطح عن طريق الترسيب السريع ودفنه بعمق بحيث يتم عزله عن عوامل‬
‫التكوين الالحقة‪ .‬إذن فعمق الدفن والعمر هما الضوابط الرئيسية على نوع وشدة التعديل التي‬
‫تقوم به التربة للمواقع المدفونة‪ .‬قد تكون القطع األثرية في األفق ‪ A‬نتيجة الضطراب التربة من‬
‫العمق بداخل قطاعها الجانبي ‪ Profile‬كما يمكن أن تتسبب العمليات البيولوجية مثل حفر‬
‫القوارض وجذور الشجر في تحريك القطع األثرية من أفاق أخري‪ .‬قد تسبق هذه القطع األثرية‬
‫التربة كجزء من كتلة الرواسب األصلية ثم يتم رفعها الحقا إلى سطح معاصر من خالل عمليات‬
‫مختلفة‪ .‬في المناظر الطبيعية المتراكمة حيث تكون المالمح التراكمية كالبيئات النهرية والسهول‬
‫الفيضية الغرينية يمكن جلب القطع األثرية مع الرواسب المتراكمة وتصبح جزءا من األفق ‪A‬‬
‫من خالل تطور التربة‬
‫األفق ‪B‬‬
‫األفق ‪ B‬هو أفق يتشكل تحت األفق ‪ A‬وال يخضع لمجموعة متنوعة من العوامل وبصفة خاصة‬
‫العوامل البيولوجية التي تميز األفق ‪ .A‬األفق ‪ B‬هو منطقة يتراكم الطين المتحرك وأكاسيد‬
‫الحديد واأللومنيوم والكربونات والسيليكا فيها‪ .‬ويمكن تفسير القطع األثرية ضمن األفق ‪ B‬كنتيجة‬
‫نظر ألن األفق ‪ B‬هو أفق يتشكل تحت السطح فقد تسبق‬
‫لواحدة أو أكثر من العمليات التالية‪ً :‬ا‬
‫أو ربما تكون قد تم‬ ‫القطع األثرية األفق ‪ B‬أو ربما تكون قد جاءت أثناء تكوين األفق ‪B‬‬
‫ادخالها بعد تشكيل األفق ‪ B‬وقد تكون القطع األثرية التي سبقت األفق ‪ B‬جزًءا من المادة األم‬
‫الرسوبية األصلية‪ Parent material .‬من المحتمل أن يكون هذا على المنحدرات الصخرية‬
‫المنحدرة من موقع أو في موقع يوجد في بيئة طينية‪.‬‬
‫المادة األم األصلية‪ :‬هي المادة الجيولوجية األساسية التي تتشكل فيها آفاق التربة‪ .‬ترث التربة‬
‫بناء على محتوياتها‬
‫كبير من التركيب والمعادن من المواد األم وغال ًبا ما يتم تصنيفها ً‬
‫قدر ًا‬
‫عادة ًا‬
‫ً‬
‫من المواد المعدنية الموحدة أو غير المجمعة التي خضعت لدرجة معينة من التجوية الفيزيائية‬
‫مؤخر‪.‬‬
‫ًا‬ ‫أو الكيميائية والطريقة التي يتم بها استخدام المواد تم نقلها‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪4‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫يمكن أن تكون القطع األثرية قد تم نقلها من األفق ‪ A‬من خالل عمليات بيولوجية وفيزيائية‬
‫مختلفة‪ .‬واذا تم العثور على أدلة على التآكل واالنقطاع الحجري في األفق ‪ B‬فقد تكون القطع‬
‫األثرية التي توجد هناك قد تراكمت كرواسب ثقيلة بعد أن تم غربلة الرواسب الدقيقة‪ .‬قد توجد‬
‫القطع األثرية أيضا في األفق ‪ B‬حيث يؤدي تراكم الرواسب البطيء المستمر إلى الحركة‬
‫التصاعدية لألفق ‪ B‬من خالل تطور أفق التربة‪ .‬ويترتب على ذلك أن السياق األصلي للقطع‬
‫األثرية كان عبارة عن سطح قديم لألفق ‪.A‬‬
‫األفق ‪C‬‬
‫األفق ‪ C‬هو المادة غير المجمعة الكامنة وراء قعر التربة وبالتالي خارج مناطق النشاط‬
‫البيولوجي الرئيسي وعمليات تكوين األفاق العلوية للتربة‪ .‬األفق ‪ C‬يعتبر أفق عميق ويمثل بقايا‬
‫نظر ألن آفاق ‪ C‬كانت تخضع لعمليات محدودة إن وجدت فإن تفسير سياق‬ ‫المادة األم‪ً .‬ا‬
‫تكوينها محدود‪ .‬فقد يتم احتواء القطع األثرية ضمن األفق ‪ C‬في ظل الظروف التالية ‪ :‬من‬
‫السهل تفسير القطع األثرية في األفق ‪ C‬للتربة على أنها نشأت في المادة األم األصلية وبالتالي‬
‫تسبق التربة‪ .‬ونتيجة لذلك تم نقل القطع األثرية بشكل جانبي من سياقها األصلي‪ .‬كما هناك‬
‫تفسير آخر محتمل هو أن القطع األثرية في األفق ‪ C‬قد تم نقلها ألسفل من األفق ‪ A‬ضعيف‬
‫التكوين ثم تم عزلها الحًقا بسبب تطور وتكون التربة المرتبط بها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪5‬‬
‫جيواركيولوجي – أتح ‪ – 603‬المستوى الثاني‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد الفقي و د‪ .‬السيد عبد العليم عبد الرحيم‬ ‫‪6‬‬
‫ – المستوى الثاني‬603 ‫جيواركيولوجي – أتح‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

‫ المراجع العربية والمعربة‬:‫أوال‬

‫ السيد فتحي الطلحاوي مقدمة في دراسة الطبقات األثرية دار المنار للطباعة‬.1
2121 ‫المنصورة‬

‫ المراجع األجنبية‬:‫ثانيا‬

1. Ayala, G., Matthew, C., Heathcote, J., Sidell, J. and Usai, M.-
R. Geoarchaeology. Using earth sciences to understand the
archaeological record. 2007.
2. Badawy, A. "Historical seismicity of Egypt." Acta Geodaetica et
Geophysica Hungarica 34, no. 1 (1999), pp. 119-135.
3. Branch, N. "Environmental Archaeology." In: Wright, J. D. (ed.)
International Encyclopedia of the Social & Behavioral Sciences
(Second Edition), Elsevier, Oxford 2015 pp. 692-698.
4. Butzer, K.W. Archaeology as human ecology. Cambridge
University Press, Cambridge, 1982.
5. Canti, M, "What is geoarchaeology? Re-examining the
relationship between archaeology and earth sciences", in: ed.
Umberto Albarella, Environmental Archaeology: Meaning and
purpose. Vol. 17. Springer Science & Business Media, 2001, pp.
105-106
6. Cremeens, D.L. and Hart, J.P. On Chronostratigraphy,
Pedostratigraphy, and Archaeological Context in: Pedological
Perspectives in Archaeological Research. Proceedings of two
symposia sponsored by Division S-5 of the Soil Science Society
of America in Cincinnati, OR, 8 Nov.1993. (eds) Mary E. Collins,
Brian J. Carter, Bruce G. Gladfelter and Randal J. Southard, Soil

14
‫ السيد عبد العليم عبد الرحيم‬.‫ أحمد عبد الحميد الفقي و د‬.‫د‬ 7
‫ – المستوى الثاني‬603 ‫جيواركيولوجي – أتح‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

Science Society of America, Inc. Madison, Wisconsin, USA,


1995, pp. 14-33.
7. Dincauze, D. F. Environmental archaeology: principles and
practice. Cambridge Univ Press, 2000.
8. El-Ramady, H., Alshaal, T., Bakr, N., Elbana, T., Mohamed, E.,
and Belal, B. (eds.) The soils of Egypt. Springer, 2018.
9. Foster, K.P., Ritner, R.K. and Foster, B.R., "Texts, storms, and
the Thera eruption." Journal of Near Eastern Studies 55 (1996),
pp.1-14.
10. French, C., Geoarchaeology in action: studies in soil
micromorphology and landscape evolution. Routledge, 2005.
11. French, Ch. Geoarchaeology in action: studies in soil
micromorphology and landscape evolution. Routledge, 2005.
12. Friedrich, W. L. "The Minoan Eruption of Santorini around 1613
BC and its consequences." Tagungen des Landesmuseums für
Vorgeschichte Halle 9 (2013), pp. 37-48.
13. Gilbert, A. S., Goldberg, P., Holliday, V.T., Mandel, R.D., and
Sternberg, R.S., eds. Encyclopedia of geoarchaeology. Springer
Netherlands, 2017, pp. 4-13.
14. Goldberg, P. and Macphail, R. I. Practical and Theoretical
Geoarchaeology, Blackwell Publishing, Oxford, 2006.
15. Hagens, G. "Radiocarbon Chronology for Dynastic Egypt and
the Tell el-Dab'a debate: A Regional Hypothesis." Ägypten und
Levante 24 (2014), pp. 171-188.
16. Hardy, D. A., and Renfrew, A. C. Thera and the Aegean world
III. Vol. 3. Thera Foundation, 1990, pp. 232 - 235.

14
‫ السيد عبد العليم عبد الرحيم‬.‫ أحمد عبد الحميد الفقي و د‬.‫د‬ 8
‫ – المستوى الثاني‬603 ‫جيواركيولوجي – أتح‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

17. Hassan, F.A. "Sediments in Archaeology: Methods and


Implications for Palaeoenvironmental and Cultural Analysis",
Journal of Field Archaeology 5 (1978), p. 197-213.
18. Hassan, F.A., "Desert environment and origins of agriculture in
Egypt." Norwegian Archaeological Review 19, no. 2 (1986), pp.
63-76.
19. Holliday, V.T. Paleopedology in archaeology. in: A. Bronger and
J.A. Catt (ed.) Paleopedology. Nature and application of
paleosols. Catena-Verlag, Cremlingen, Germany, 1989.
20. Holliday, V.T., Rolfe, D.M. and Bettis III, E.A. "Soils", in: Gilbert,
Allan S., Paul Goldberg, Vance T. Holliday, Rolfe D. Mandel, and
Robert Saul Sternberg, (eds.) Encyclopedia of geoarchaeology.
Springer Netherlands, 2017, pp. 862-877.
21. Holliday, V.T., Rolfe, D.M. and Bettis III, E.A. "Soils", in: Gilbert,
Allan S., Paul Goldberg, Vance T. Holliday, Rolfe D. Mandel, and
Robert Saul Sternberg, (eds.) Encyclopedia of geoarchaeology.
Springer Netherlands, 2017, pp. 862-877.
22. Hughes, J.D. "Sustainable agriculture in ancient Egypt."
Agricultural history 66, no. 2 (1992), pp. 12-22. .
23. Jacob, J.S. Archaeological Pedology in the Maya Lowlands, in:
Pedological Perspectives in Archaeological Research.
Proceedings of two symposia sponsored by Division S-5 of the
Soil Science Society of America in Cincinnati, OR, 8 Nov.1993.
(eds) Mary E. Collins, Brian J. Carter, Bruce G. Gladfelter and
Randal J. Southard, Soil Science Society of America, Inc.
Madison, Wisconsin, USA, 1995, pp. 51-80.

14
‫ السيد عبد العليم عبد الرحيم‬.‫ أحمد عبد الحميد الفقي و د‬.‫د‬ 9
‫ – المستوى الثاني‬603 ‫جيواركيولوجي – أتح‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

24. Janick, J. "Origins of agriculture in Egypt." in: Encyclopaedia of


the history of science, technology, and medicine in non-western
cultures, Springer Science+ Business Media Dordrecht, 2016,
pp. 3460–3478.
25. Jenny, H. Factors of soil formation. New York McGraw-Hill,
1941.
26. Kemp, B. Soil (including mud-brick architecture). in: Ancient
Egyptian materials and technology, 2000, pp. 78-103.
27. Mansour, A.S. "Sedimentology and environmental interpretation
of carbonate deposits associating the evaporites-bearing
Miocene succession, northern Western Desert, Egypt."
Carbonates and Evaporites 30, no. 2 (2015), pp. 167-179.
28. Nikiforoff, C.C. Introduction to paleopedology. American
Journal of Science 241, no. 3 (1943), pp. 194–200.
29. Pietsch, D. and Kühn, P. Buried soils in the context of
geoarchaeological research—two examples from Germany and
Ethiopia, Archaeological and Anthropological Sciences 9, no. 8
(2017), pp. 1571-1583.
30. Renfrew, C., and Bahn, P. Archaeology: theories, methods and
practice. Thames and Hudson, Seventh Edition, 2016.
31. Scudder, S.J., Foss, J.E. and Collins, M.E. Soil science and
archaeology, Advances in agronomy 57 (1996), pp. 1-76.
32. Shaw, I. The Oxford History of Ancient Egypt. Oxford University
Press. 2000.

15
‫ السيد عبد العليم عبد الرحيم‬.‫ أحمد عبد الحميد الفقي و د‬.‫د‬ 0
‫ – المستوى الثاني‬603 ‫جيواركيولوجي – أتح‬ ‫علوم اآلثار والحفائر‬

33. Stanley, D. J. and Sheng, H. "Volcanic shards from Santorini


(Upper Minoan Ash) in the Nile Delta, Egypt." Nature 320 (1986),
pp. 733–735.
34. Stein, J.K., and Farrand, W.R. eds. Sediments in
archaeological context. University of Utah Press, 2001.
35. Steinhauser, G., Sterba, J.H., Oren, E., Foster, M., and Bichler,
M. "Provenancing of archeological pumice finds from North Sinai."
Naturwissenschaften 97, no. 4 (2010), pp. 403-410.
36. Sultan, Y.M., El-Shafei, M.K. and Arnous, M.O. "Tectonic
evolution of kid metamorphic complex and the recognition of Najd
fault system in South East Sinai, Egypt." International Journal of
Earth Sciences 106, no. 8 (2017), pp. 2817-2836.
37. Vandersleyen, C. "Une tempête sous le règne d'Amosis". Revue
d'Égyptologie 19 (1967), pp. 123−159.
38. Vandersleyen, C., "Deux nouveaux fragments de la stèle
d'Amosis relatant une tempête". Revue d'Égyptologie 20 (1968),
pp. 127–134.
39. Weiner, S., and Bar-Yosef, O., "States of preservation of bones
from prehistoric sites in the Near East: a survey." Journal of
Archaeological Science 17 (1990), pp. 187–196.
40. Weisler, M. and Love, S., “Geoarchaeology”, in: International
Encyclopaedia of the Social and Behavioral Science, 2nd edition,
James D. Wright (ed.), Elsevier, Oxford, pp. 53-57.

15
‫ السيد عبد العليم عبد الرحيم‬.‫ أحمد عبد الحميد الفقي و د‬.‫د‬ 1

You might also like