Professional Documents
Culture Documents
Tanqih
Tanqih
Shamela.org ١
المحتو يات
٥ None ١
٢
المحتو يات
عن الكتاب
الكتاب :تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث
تأليف العلامة :الشيخ محمد بن عمر النووي البنتني
هذا شرح على لباب الحديث للشيخ جلال الدين ابن العلامة أبي بكر السيوطي
Shamela.org ٣
المحتو يات
عن المؤلف
Shamela.org ٤
None ١
None ١
تنقيح القول الحثيث
في
شرح لباب الحديث
تأليف العلامة
الشيخ محمد بن عمر النووي البنتني
بسم الل ّٰه الرحمان الرحيم
الحمد لل ّٰه الذي جعل أحاديث النبي المصطفى في الاهتداء مثل النجوم ،وأشهد أن لا إله إلا الل ّٰه ،وأن محمدا رسوله الذي أعطاه أسرار
العلوم ،والصلاة والسلام على أفضل خلقه محمد المبعوث بالمعجزات ،وعلى آله مصابيح الدلالات ،وأصحابه أنجم الهدايات.
أما بعد :فهذا شرح على لباب الحديث للشيخ العلامة الفهامة جلال الدين ابن العلامة أبي بكر السيوطي تغمده الل ّٰه برحمته وأسكنه
فسيح جنته .سميته:
"تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث"
والل ّٰه أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الـكريم ،وسببا للفوز بجنات النعيم ،وأن يختم لكاتبه بخـير آمين آمين.
واعلم أن الباعث في كتابة هذا الشرح حاجة المحتاجين إليه ،فإن هذا الكتاب كثير التحر يف والتصر يف لعدم الشرح عليه ،ومع ذلك
كثر تداول الناس من أهل جاوة عليه .وإني لم أجد نسخة صحيحة فيه ،ولم أقدر على تصحيحه ،واستيفاء مراده لقصوري ،إلا أن
بعض الشر أهون من بعض .وهذا الكتاب إن كان فيه حديث ضعيف لا ينبغي أن يهمل ،لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل
الأعمال كما قال ابن حجر في تنبيه الأخيار ،والضعيف حجة في الفضائل باتفاق العلماء ،كما في شرح المهذب وغيره ،والل ّٰه المستعان ،وعليه
التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالل ّٰه العلي العظيم.
)
بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم( أي أؤلف فالباء بارىء البرايا ،والسين ستار الخطايا ،والميم المنان بالعطايا ،وقيل :الل ّٰه كاشف البلايا ،والرحمن
معطي العطايا ،والرحيم غافر الخطايا )الحمد لل ّٰه رب العالمين( فالحمد لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم ،سواء
كان في مقابلة نعمة أم لا ،فدخل في الثناء الحمد وغيره ،وخرج باللسان الثناء بغيره كالحمد النفسي ،وخرج بالاختياري المدح ،فإنه يعم
الاختياري وغيره ،والحمد عرفا فعل ينبىء عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره ،وسواء كان باللسان أم بالجنان أم
بالأركان ،والشكر لغة هو هذا الحمد ،وعرفا صرف العبد جميع ما أنعم الل ّٰه به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله ،والمدح لغة
الثناء باللسان على الجميل مطلقا على جهة التعظيم ،وعرفا ما يدل على اختصاص الممدوح بنوع من الفضائل ،أفاد ذلك شيخ الإسلام
زكر يا الأنصاري في رسالته )والعاقبة( أي المحمودة )للمتقين( أي المطيعين والمنزعين لقلوبهم عن الذنوب )ولا عدوان( أي لا ظلم
)إلا على الظالمين( أي بارتكاب المعاصي )والصلاة والسلام على خير خلقه( كلهم من الإنس والجن والملائكة )محمد( المنزل عليه
الن ّب ِ ُيّ إ َن ّا أ ْرسَل ْنَاك َ شَاه ِدا وَمُبْش ِّرا ونَذِيرا وَد َاعِيا إلى الل ّٰه بإذْنِه ِ و َسِر َاجا م ُن ِيرا{ ]الأحزاب[٦٤ :
تعظيما له قوله سبحانه وتعالى} :ي َا أ ُ ّيهَا َ
ويبشر المؤمنين بأن لهم من الل ّٰه فضلا ًكبيرا )وعلى آله( أي أقاربه المؤمنين من بني هاشم والمطلب ،أو أتقياء أمته )وصحبه( والصحابي
هو من اجتمع مؤمنا بنبينا محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم بعد نبوته )أجمعين( توكيد للآل والصحب
)
أما بعد( أي بعد ما تقدم )فإني أردت أن أجمع كتابا للأخبار( أي الأحاديث )النبو ية( أي المنسوبة للنبي لأنها أقواله صلى الل ّٰه عليه
وسلم )والآثار( أي المنقولات )المرو ية( أي عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )بإسناد صحيح( فالصحيح هو ما اتصل سنده ،وعدلت
نقلته ،والإسناد هو حكاية طر يق المتن ،والسند هو الطر يق الموصلة إلى المتن فقولك أخبرنا فلان إلى الآخر إسناد ،ونفس الرجال سند،
Shamela.org ٥
None ١
والمتن هو ألفاظ الحديث الذي تقوم بها المعاني .وقال ابن جماعة :هو ما ينتهي إليه غاية السند أفاد ذلك إبراهيم الشبرخيتي )وثيق( أي
ضابط ناقل عن مثله إلى المنتهى )فحذفت الأسانيد( أي روما للاختصار ،وهو جمع إسناد قال البدر بن جماعة :الإسناد هو الإخبار عن
طر يق المتن ،والسند هو رفع الحديث إلى قائله .قال النووي :السند سلاح المؤمن ،فإذا لم يكن معه سلاح فبم يقاتل؟ وقال الشافعي
رضي الل ّٰه عنه :الذي يطلب الحديث بلا سند ،كحاطب ليل يتحمل الحطب ،وفيه أفعى وهو لا يدري )وجعلته أربعين بابا في كل باب(
منها )عشرة أحاديث( فمجموع الأحاديث أربعمائة )وسميته( أي هذا المجموع )لباب الحديث( واللباب خلاف القشر )وأستعين بالل ّٰه
العظيم( أي الكامل ذاتا وصفة )على القوم الكافرين( في إقامة الدين .ولما أراد المصنف إتيان المقصود أتى أولا ًبالأبواب الأربعين على
سبيل السرد ليكون عنوانا لهذا الكتاب تسهيلا ًللمتناولين فقال:
)
ل فِر ْقَة ٍ مِنْه ُم طَائِف َة ٌ لِيَتَف َ َ ّقه ُوا فِي الد ِّينِ{ ]التوبة) [٢٢١ :الباب
الباب الأول في فضيلة العلم والعلماء( قال الل ّٰه تعالى} :فَلَو ْلا َنَف َر َ م ِنْ ك ُ ّ ِ
الثاني في فضيلة لا إله إلا الل ّٰه( قال الفخر الرازي :وقد ذكرت هذه الكلمة في القرآن في سبعة وثلاثين موضعا ،اثنان في البقرة وأربعة
في آل عمران ،وواحد في النساء واثنان في الأنعام ،وواحد في الأعراف واثنان في التوبة ،وواحد في يونس وفي هود وفي الرعد وفي
النحل وثلاثة في طه ،واثنان في الأنبياء وواحد في المؤمنين وفي النمل ،واثنان في القصص ،وواحد في فاطر وفي الصافات وفي الزمر،
وثلاثة في المؤمن وواحد في الدخان ،وفي محمد واثنان في الحشر ،وواحد في التغابن وفي المزمل )الباب الثالث في فضيلة بسم الل ّٰه الرحمن
ِيم قال :و َإ َ ّ
ن أمّتي ي َأتُونَ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ و َه ُ ْم يَق ُولُونَ ب ِس ْ ِم الل ّٰه ن َ
الر ّح ِ الرحيم( وقد قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :لا َي ُر َ ُدّ د ُعَاء أ َ ّولُه ُب ِس ْ ِم الل ّٰه َ
الر ّحْما ِ ٌ
ل الأَ ن ْب ِيَاء ُ لَهُمْ :كانَ مُب ْتَد َ ُأ ل ال ُأمَم ُ :ما ر َ َّجح َ م َوازِي َ
ن أ َمّة ِ مُحَم ّدٍ صلى الل ّٰه عليه وسلم؟ فَتَق ُو ُ ن فَتَق ُو ُ
حسَنَاتُه ُ ْم في المِيز َا ِ
ل َ
ِيم فَتَتَثَاق َ ُ الر ّحْمان َ
الر ّح ِ َ
ق جَم ِيعا
َت سَي ِّئَاتُ الخَل ْ ِ ك ّفة ِ الميِز َانِ ،ووُضِع ْ َت فِي َ ك َلا ِم أ َمّة ِ مُحَم ّدٍ صلى الل ّٰه عليه وسلم ثَلاثَة َ أسْمَاء ِ م ِنْ أسماء ِ الل ّٰه تَع َالَى الـكرَا ِم ،لَو ْ وُضِع ْ
Shamela.org ٦
None ١
جب ْه ُ« رواه مسلم )الباب العاشر في فضيلة الجمعة( عن ابن عباس أنه قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه ب َ
ِالصّ لاة ِ؟« قال نَعَمْ .قال» :ف َأَ ِ
ل الإسْ لام أجْم َع ِين« وعن سلمان رضي الل ّٰه عنه قال :قال لي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :أتَدْري لِم َ
وسلم» :يَغْف ِر ُالل ّٰه لَيْلَة َالجم ُُعَة ِ لأه ْ ِ
ي يَوْم ُ الجم ُُعَة ِ؟ قلت :لا .قال :لأَ َ ّ
ن ف ِيه ِ جُم ِـ َع أبُوك َ آدَم ُ« قال بعضهم :هو اجتماع قالب آدم وروحه بعد أن كان ملقى أربعين سنة. سُم ِّ َ
وقال آخرون :لاجتماع آدم وحواء بعد الفرقة الطو يلة .وقيل :إنما سمي بذلك لاجتماع أهل البلاد والرساتيق فيه.
وقيل :لأنه تقوم فيه القيامة وهو يوم الجمع قال الل ّٰه تعالى} :يَوْم َ يَجْم َعُك ُ ْم لِيَو ْ ِم الجم َ ِْع{ ]التغابن [٩ :ذكر ذلك سيدي الشيخ عبد القادر
ل عبادات الل ّٰه تعالى )الباب الثاني عشر في فضيلة
الجيلاني )الباب الحادي عشر في فضيلة المساجد( وهي بيوت الل ّٰه تعالى ،لأنها محا ّ
العمائم( قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني :و يكره كل ما خالف زي العرب وشابه زي الأعاجم )الباب الثالث عشر في فضيلة
يخْرِق ْه ُ« ن َ
الن ّارِ م َا ل َ ْم َ »الصيام ُ ج َُن ّة ٌ م ِ َ
ِّ الصوم( وعن الحسن عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال :قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم:
قيل :وما يخرقه؟ قال :بكذبة أو بغيبة )الباب الرابع عشر في فضيلة الفرائض( من الصلاة وغيرها قال عبد الل ّٰه الصحابي ابن غسان
»الصّ لاَة ُ صِلَة ٌ بَيْنَ العَبْدِ وَر َبِّه ِ ف ِيها إج َابَة ُ ال ُد ّعَاء ِ و َقَب ُو ُ
ل َ في جواب سؤال منينا بن عبد المسيح الراهب قال نبينا صلى الل ّٰه عليه وسلم:
ح الج َنَ ّة ِ« ثم قال عبد
ل في المِيز َانِ ،وَجَوَاز ٌ عَلَى الص ِّراطِ ،وَمِفْتَا ُ ستْر ٌ بَي ْن َه ُ و َبَيْنَ َ
الن ّارِ ،و َث ِ ْق ٌ ق وَر َاحة ٌ في الأَ بْد َانِ ،و َ ِ
ل و َب َرَكَة ٌ فِي الر ِ ّ ْز ِ
الأَ عْمَا ِ
الل ّٰه :والصلاة جامعة لجميع الطاعات ،فمن جملتها الجهاد ،فإذا المصلي يجاهد عدوين نفسه والشيطان ففي الصلاة الصوم ،فإن المصلي لا
يأكل ولا يشرب ،وزادت على الصيام بمناجاة ربه ،وفي الصلاة الحج ،وهو القصد إلى بيت الل ّٰه ،والمصلي قصد رب البيت ،وزادت
الصّ لاة ،فإ َ ّ
ن إلا ّ َ
َات اف ْتَر َض َها الل ّٰه تَع َالى فِي الأَ رْض َ
على الحج بقربه من ملـكوت ربه .وقال نبينا صلى الل ّٰه عليه وسلم» :جَم ِي ُع المُفْتَرَض ِ
الل ّٰه اف ْتَر َض َها في ال َ ّ
سماء و َأنا بَيْنَ يَد َيْه ِ«.
ومعنى رفع الأيدي في الصلاة للتكبير أن العبد غريق في بحار الخطايا والمعصية ،فيرفع يديه كأنه يقول :يا رباه خذ بيدي فإني غريق
في بحار الخطايا والمعصية ،هارب منك إليك .ومعنى القراءة عتاب بين العبد وربه ،ومعنى الركوع كأن المصلي يقول :أنا عبدك وقد
مددت يدي إليك ومعنى الرفع من الركوع مع قول ربنا لك الحمد طلب العتق من الذنوب ،فكأن الل ّٰه يقول :أذنبت ،فيقول العبد :أنا
عبدك .و يقول الل ّٰه قد أعتقتك من الذنوب ،ومعنى السجدة الأولى ووضع الجبهة على الأرض كأن العبد يقول منها :خلقتني .ومعنى
الرفع منه كأنه يقول :منها أخرجتني .ومعنى السجدة الثانية كأن العبد يقول :وفيها تعيدني .ومعنى الرفع الثاني كأنه يقول :ومنها تخرجني
تارة أخرى ،ومعنى السلام :اللهم أعطني كتابي بيميني ولا تعطني كتابي بشمالي) ،الباب الخامس عشر في فضيلة السنن( أي من صلوات
خاصة )الباب السادس عشر في فضيلة الزكاة( أي الشاملة لزكاة الأموال والأبدان )الباب السابع عشر في فضيلة الصدقة( قال سيدي
الشيخ عبد القادر الجيلاني :وتستحب صدقة التطوع في سائر الأوقات ليلا ًونهارا قليلا ًوكثيرا لا سيما في الأشهر المباركة ،كشهر رجب
وشعبان ،وشهر رمضان وأيام العيد وعاشوراء ،وأيام الجدب والضيق ،ليحوز بذلك العافية في الجسم والمال والأهل والخلف السر يع في
الدنيا ،والثواب الجز يل في الآخرة) .
الباب الثامن عشر في فضيلة السلام( ويستحب القيام للإمام العادل والوالدين وأهل الدين والورع وأكرم الناس كما قال رسول الل ّٰه
صلى الل ّٰه عليه وسلم» :ق ُوم ُوا إلى سَيِّدِكُم« )الباب التاسع عشر في فضيلة الدعاء( وهو سيف المؤمن ،قال الل ّٰه تعالى} :وقال ربكم ا ْدع ُونِي
ِجب لـَكُمْ{ ]غافر [٠٦ :وسئل إبراهيم بن أدهم رحمه الل ّٰه فقيل له :ما بالنا ندعو الل ّٰه فلا يستجيب لنا؟ فقال :لأنكم عرفتم الرسول،
أسْ ت ْ
فلم ٺتبعوا سنته ،وعرفتم القرآن فلم تعملوا به ،وأكلتم نعمة الل ّٰه فلم تؤدوا شكرها ،وعرفتم الجنة فلم تطلبوها ،وعرفتم النار فلم ترهبوا منها،
وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ورافقتموه ،وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ،ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم ،وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب
ل ل الل ّٰه ع َ َّز وَج َ َ ّ
ل لَه ُ م ِنْ ك ُ ّ ِ ن الاسْ تِغْف َارِ جَع َ َ
الناس) .الباب العشرون في فضيلة الاستغفار( قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ أكْ ثَر َ م ِ َ
يح ْتَسِبُ « )الباب الحادي والعشرون في فضيلة ذكر الل ّٰه( قال الل ّٰه تعالى} :ي َا
حي ْثُ لا َ َ
مخ ْر َجا ،وَرَز َق َه ُ م ِنْ َ
ق َ
ل ضي ٍ
ه َ ٍ ّم ف َر َجا ،وَم ِنْ ك ُ ّ ِ
Shamela.org ٧
None ١
أ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ
ن آم َن ُوا ا ْذك ُر ُوا الل ّٰه ذِك ْرا كَث ِيرا{ ]الأحزاب) [١٤ :الباب الثاني والعشرون في فضيلة التسبيح( قال أبو ذر رضي الل ّٰه عنه :قلت
لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أي الكلام أحب إلى الل ّٰه عز وجل؟ قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :ما اصْ طَفَى الل ّٰه سُبح َانَه ُ لمَلائِكَتِه ِ ُ
سب ْح َانَ
ل أ ْن
ِيم« )الباب الثالث والعشرون في فضيلة التوبة( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ ت َابَ قَب ْ َ
سب ْح َانَ الل ّٰه العَظ ِ
الل ّٰه و َب ِحَمْدِه ِ و ُ
ل تَو ْبَة َ العَبْدِ م َا ل َ ْم يُغَرْغ ِْر« رواه ْس م ِنْ م َغرِبها تابَ الل ّٰه عَلَيْه ِ« رواه مسلم وقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :إ َ ّ
ن الل ّٰه يَقْب َ ُ تَطْل ُ َع ال َ ّ
شم ُ
الترمذي وابن ماجه) .
سكِينا م ِنْ ج ٍ
ُوع ل إلى الل ّٰه تَع َالى م َنْ أطْ عَم َ م ِ ْ الباب الرابع والعشرون في فضيلة الفقر( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :أح ُ ّ
َب الأَ عْمَا ِ
َف عَن ْه ُ كُر ْبَة ً« رواه الطبراني )الباب الخامس والعشرون في فضيلة النكاح( عن ابن عمر أن النب َيّ صلى الل ّٰه
كش َ
أ ْو د َف َ َع عَن ْه ُ مَغْر َما أ ْو َ
عليه وسلم قال» :ال ُد ّن ْيَا ك ُُل ّها م َتَاعٌ وَخَي ْر ُ م َتَاعِها المَر ْأة ُ َ
الصّ الِ حَة ُ« رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه .وعن أبي هريرة أن رسول الل ّٰه
ل الل ّٰه ،و َالمُك َات ِبُ ال َ ّذ ِي يُر ِيد ُ الأد َاء َ
والن ّاكح ُالذي يريد العَف َاف« أي صلى الل ّٰه عليه وسلم قال» :ثَلاث ََة ٌ ح ّ ٌ
َق عَلَى عَوْنُه ُ ْم الل ّٰه المجَُاهِد ُ في سَبي ِ
َ
عفاف فرجه عن المحارم رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم) .
ن فيه ِ س َ ّ
ِت الباب السادس والعشرون في التشديد على الزنى( وروي عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال» :احْذَر ُوا الز ِّنَى فَإ َ ّ
ن الل ّٰه،
تحْجَبُ ع َ ِ
َت ر ُوح ُه ُ ُ
ِص الر ِ ّزْقَ و َي ُ ْذه ِبُ البَرَك َة َ ،وإذا خَرَج ْ خر َة ف َأ َمّا التي في ال ُد ّن ْيَا َ
فإن ّه ُ يُنْق ُ ل ثَلاث ََة ٌ في ال ُد ّن ْيَا و َثَلاث ََة ٌ في الآ ِ
خِصا ٍ
شدِيداَ ،
والث ّالِث َة ُ حسَابُه ِ َ َب فَيَسْو َ ُدّ و َجْ ه ُه ُ َ
والث ّانيِ َة ُ يَكونُ ِ َالز ّب َانيَِة ِ ،وأمّا َال ّتي تُصِ يب ُه ُ في الآ ِ
خر َة :فَيَنْظ ُر ُ الل ّٰه إلَيْه ِ بِع َيْنِ الغَض ِ الن ّارِ و َ
ويَنْظ ُر ُ إلى َ
ي ُ ْسحَبُ فِي سِلسِلة ٍ إلَى َ
الن ّارِ« )الباب السابع والعشرون في التشديد على اللواط( قال عليه السلام سبعة لعنهم الل ّٰه تعالى ولا ينظر إليهم
يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم و يقال لهم :ادخلوا النار مع الداخلين أولهم الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط ،وناكح المرأة
في دبرها ،وناكح البهيمة ،وناكح البنت وأمها ،والزاني بامرأة جاره ،وناكح كفه إلا أن يتوبوا )الباب الثامن والعشرون في منع شرب
الخمر( قال ابن مسعود إذا دفنتم شارب الخمر فانبشوه ،فإن لم تجدوا وجهه مصروفا عن القبلة فاقتلوني ،فإن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه
صد َقَت ُه ُ إلا ّ
صوْم ُه ُ و َلا صَلاتُه ُ و َلا َ ات سَ خ َِط الل ّٰه عَلَيْه ِ ،وكُت ِبَ اسْم ُه ُ فِي سِ جـِّين ،و َلا يُقْب َ ُ
ل مِن ْه ُ َ وسلم قال» :إذ َا شَر ِبَ العَبْد ُ الخم َ ْر َ أرْب َ َع م َ َّر ٍ
أ ْن يَت ُوبَ « )الباب التاسع والعشرون في فضيلة الرمي( أي رمي السهام لأجل قتال الـكفار لإعلاء دين الل ّٰه تعالى) :الباب الثلاثون في
يس فِي َ
الن ّارِ، حدَة ٌ فَه ُو َ ج َار ُ إبْل ِ َ الن ّارِ َ
إلا ّ طَبَق َة ٌ و َا ِ يس فِي َ
اق و َالِدَيْه ِ و َبَيْنَ إبْل ِ َ ْس بَيْنَ ع َ ّ ِفضيلة بر الوالدين( قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :لَي َ
حدَة ٌ فَه ُو َ ج َار ُ الأَ ن ْب ِيَاء ِ في ْس بَيْنَ ب َارِّ و َالِدَيْه ِ و َبَيْنَ الأَ ن ْب ِيَاء ِ في الج َنَ ّة ِ َ
إلا ّ دَرَج َة ٌ وا ِ و َلَي َ
إلا ّ كانَ ك ُ ُ ّ
ل الج َنَ ّة« )الباب الحادي والثلاثون في فضيلة تربية الأولاد( قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ رَز َق َه ُ الل ّٰه وَلَدا و َل َ ْم يُع َل ِ ّم ْه ُ القُر ْآنَ َ
ن و َي َ ْقض ِي الل ّٰه لَه ُ عَلَيْه ِ« ،وكان علي يقول :عل ِّموا أولادكم
ذَن ٍْب يَعْم َلُه ُ الوَلَد ُ عَلَى أبيِه ِ و َيَوْم َ الق ِيَامَة ِ يُحَاسِبُ الوَلَد ُ أباه ُ عَلَى تَرْكِه ِ تَعْل ِيم َ القُر ْآ ِ
القرآن تدخلوا الجنة بشفاعتهم يوم القيامة )الباب الثاني والثلاثون في فضيلة التواضع( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َا ز َاد َ الل ّٰه
َ
»الصّ مْتُ ح ُ ْكمٌ ض َع أحَدٌ لل ّٰه َ
إلا ّ ر َفَع َه ُ الل ّٰه«) .الباب الثالث والثلاثون في فضيلة الصمت( قال عليه السلام: عَب ْدا بِع َ ْفوٍ إلا ّ ع ِّزا ،وما تَوَا َ
ل فَاع ِلُه ُ« .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ و ُقِي َ ش َ َرّ قَبْق َبِه ِ وذ َبْذ َبِه ِ و َلَقْلَقِه ِ فَق َ ْد وقِي َ ال َش ّ َرّ ك َُل ّه ُ« ،والقبقب هو البطن والذبذب الفرج
و َقَلِي ٌ
واللقلق اللسان )الباب الرابع والثلاثون في فضيلة الإقلال من الأكل والنوم والراحة( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :ج َاهِد ُوا
ش«) . َب إلى الله م ِنْ ج ٍ
ُوع وَعَطَ ٍ ل أح َ ّ
ْس م ِنْ ع َم َ ٍ ل الل ّٰهَ ،
وإن ّه ُ لَي َ جر ِ المجَُاهِدِ في سَب ِي ِ
ك كأ ْ
جر َ فِي ذال ِ َ ش فَإ َ ّ
ن الأَ ْ أنْفُسَك ُ ْم ب ِالج ُ ِ
وع و َالعَطَ ِ
ّٰ
الباب الخامس والثلاثون في فضيلة الإقلال من الضحك( قيل لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ُ
أيّ الناس أفضل؟ قال» :م َنْ ق َ َ ّ
ل
م َ ْطعَم ُه ُ و َضَ ح ِك ُه ُ وَرَضِيَ بما يَسْت ُر ُ به ِ عَوْر َتَه ُ« )الباب السادس والثلاثون في فضيلة عيادة المر يض( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم:
Shamela.org ٨
None ١
خر َى فإ ْن
خر ُ أ ْ كن ْتَ تَم ُر ّ بي فذاذاْ ،
أي يُق َ ّدِم ُ رِجْلا ً و َيُؤ َ ِّ ظل ْمَة ِ و َبَي ْتُ الوَحْدَة ِ و َبَي ْتُ ال ُد ّودِ م َا غ َ َّرك َ بِي إ ْذ ُ
تَعْل َ ْم أن ِ ّي بَي ْتُ الفِت ْنَة ِ و َبَي ْتُ ال ُ ّ
خض ِرا ً ل القَب ْر ُ :إن ِ ّي إذا أتَح َو ّ ُ
ل عَلَيْه ِ َ ن المُن ْكَر ِ فَيَق ُو ُ
ُوف و َيَنْهَ ى ع َ ِ
ل أر َأي ْتَ إ ْن ك َانَ ي َأم ُرُ ب ِالمَعْر ِ
ِيب لِلْقَبْر ِ فَيَق ُو ُ
مج ٌك َانَ م ُصْ ل ِحا أجابَ عَن ْه ُ ُ
جسَدُه ُ نُورا ،وتَصْ عَد ُ ر ُوح ُه ُ إلى الل ّٰه تعالى« ،وفي بعض النسخ تأخير هذا الباب عن الباب الذي بعده) .الباب التاسع والثلاثون و َيَع ُود ُ َ
ن لا َيَشْهَد ُونَ ُ
الز ّور َ{ ]الفرقان [٢٧ :قيل هي النائحة وفي صحيح البخاري ومسلم عن في منع النياحة على الميت( قال الل ّٰه تعالى} :و َال َ ّذ ِي َ
أبي موسى الأشعري رضي الل ّٰه عنه أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم برىء من الصالقة والحالقة والشاقة قال النووي :الصالقة التي
ترفع صوتها بالنياحة ،والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة ،والشاقة التي تشق ثيابها عند المصيبة ،وكل هذا حرام باتفاق العلماء انتهى.
)
الباب الأربعون في فضيلة الصبر على المصيبة( قال الل ّٰه تعالى }و َبَش ِ ّر ِ َ
الصّ ابِر ِينَ{ ]البقرة [٥٥١ :وروي عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه
ل الخَلائِقُ :وَم َنْ لَه ُ دَي ْن عَلَى
ل الل ّٰه تَع َالَى :م َنْ لَه ُ دَي ْ ٌن عَلَى الل ّٰه تَع َالى فَل ْيَق ُم ،فَتَق ُو ُ
وسلم أنه قال» :إذ َا ك َانَ يَوْم ُ الق ِيَامَة ِ ن َاد َى م ُنَادٍ م ِنْ ق ِب َ ِ
ل
ق كَث ِير ٌ م ِنْ أه ْ ِ ن الل ّٰه تَع َالَى ،فَيَق ُوم ُ خ َل ْ ٌ
جرَه ُ م ِ َ
يحْزِنُ قَل ْب َه ُ فَصَب َر احْتِسَابا لل ّٰه ،فَل ْيَق ُ ْم ي َأخُذ ُ أ ْ
ن ابتَلاَه ُ الل ّٰه تَع َالى بما ُ ل المَلائِك َة ُ :م َ ِ
الل ّٰه؟ فَتَق ُو ُ
البلاءِ.
نك لَسْتَ م ِ َ جد َ فِي صَ ح ِيف َتِه ِ سَ خ ٌَط أ ْو ك َلاَم ٌ قَب ِي ٌ
ح يَق ُولُونَ لَه ُ اق ْع ُ ْد مَك َان َ َ َت ال َد ّعْوَة ُ تُقْب َ ُ
ل بِلا َبَي ِّنَة ٍ أر ُونا صَ حَائِفَك ُ ْم فَم َنْ و ُ ِ ل المَلائِك َة ُ لَيْس ِ فَتَق ُو ُ
ل الل ّٰه تَع َالى: ش فَيَق ُولُونَ ياا ر َ َب ّنا هؤلاء عِبَادُك َ َ
الصّ اب ِر ُونَ فَيَق ُو ُ ْت العَر ْ ِ ل و َالنِّسَاء ِ إلَى َ
تح ِ ن الر ِ ّج َا ِ
ن مِ َ ن ـ و َت َأخُذ ُ الملائِك َة ُ َ
الصّ ابِر ِي َ َ
الصّ اب ِري َ
تحْتَهَا ،و َيَتَجلَ ّى ر ُ ُدّوه ُ ْم إلى شَ ج َرَة ِ البَل ْو َى ،فَي َر ُ ُدّونَه ُ ْم إلى شَ ج َرَة ٍ أصْ لُها م ِنْ ذ َه ٍَب و َأ ْور َاق ُها ح ُلَلٌ ،وظ ُِل ّها يَسِير ُ َ
الر ّاكِبُ ف ِيه ِ مائَة َ عا ٍم ،فَيَجْلِس ُونَ َ
ن ما اب ْتَلَي ْتُك ُ ْم َ
إلا ّ ل ،و َيَق ُولُ :يا عِبَادِيَ َ
الصّ ابِر ِي َ ل ل ِ َلر ّج ُ ِ الح َُقّ ُ
سب ْح َانَه ُ و َتَع َالَى و َيُسَل ِ ّم ُ عَلَيْه ِ ْم و َاحِدا و َاحِدا ،ث َُم ّ يَعْتَذِر ُ إلَيْه ِ ْم كما يَعْتَذِر ُ َ
الر ّج ُ ُ
أرَدْتُ أ ْن أح َ ُّط عَلَيْكُم ُ البَلاَء َ لـِكَثْرَة ِ ذ ُنُوبُك ُ ْم و َأَ وَز َارِكُمْ ،ل ُأبلَِّغ ََن ّك ُم به ِ دَرَج ٍ
َات عَالِي َة ً ما تَصِ لُونَ إلَيْهَا بأَ عْمَالـِكُمْ ،فَصَبَرْتُم ْ لأَ جْل ِي و َاسْ ت َحْ يَي ْتُم ْ
ن كُ َ ّ
ل م َنْ سب ْح َانَه ُ و َتَع َالى إلى الفُق َرَاء ِ يَق ُولُ :يا عِبَادي ما اب ْتَلَي ْتُك ُ ْم ب ِالف َ ْقرِ َ
إلا ّ أ َ ّ م ِن ِ ّي ،و َلا أَ نْصُبُ م ِيز َانا و َلا أن ْشُر ُ لـَك ُ ْم دِيوانا ،ث َُم ّ يَعْتَذِر ُ ُ
إلا ّ ه ُو َ و َالملائِك َة ُ و َ ُأولُو العِلْم ِ قائِما ب ِالقِسْطِ { ]آل عمران[ فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسهَ ،
وثن ّى قال الل ّٰه تعالى} :شَهِد َ الل ّٰه لا اله َ
Shamela.org ٩
None ١
ل م ِنْ ُأحُدٍ« وكان هو كثير الولوج عليه تَضْ حَكُونَ؟« فقالوا :يا رسول الل ّٰه من دقة ساقيه فقال» :وال َ ّذ ِي ن َ ْفس ِي بيَِدِه ِ لَهُم َا في الميِز َا ِ
ن أَ ثْق َ ُ
صلى الل ّٰه عليه وسلم ويمشي معه ،وأمامه بالعصا ويستره إذا اغتسل و يوقظه إذا نام و يلبسه نعليه إذا قام فإذا جلس أدخلهما في ذراعيه
)يا ابن مسعود جلوسك ساعة( أي من الزمان ليلا ًكان أو نهارا )في مجلس العلم( وفي لفظ حلقة العالم )لا تمس( فتح الميم )قلما ًولا
تكتب حرفا خير لك من عتق( أي إعتاق )ألف رقبة( أي عبدا أو أمة )ونظرك إلى وجه العالم( أي بنظر المحبة خير لك من ألف
فرس تصدقت بها في سبيل الل ّٰه( أي في جهاد الـكفار لإعلاء دين الل ّٰه تعالى )وسلامك على العالم خير لك من عبادة ألف سنة( كذا
ل
ذكره الحافظ المنذري في الدرة اليتيمة ،وعن عمر بن الخطاب قال :سمعت رسول الل ّٰه يقول» :م َنْ م َش َى إلى ح َلْقَة ِ عال ٍم كانَ لَه ُ بِك ُ ّ ِ
حسَنة ٌ« كذا ذكره النووي في ر ياض الصالحـين.
ل كَل ِمَة ٍ َ
ل كانَ لَه ُ بِك ُ ّ ِ
س عِنْدَه ُ و َاسْ تَم َ َع ما يَق ُو ُ
حسَنَة ٍ ،فإذ َا ج َل َ َ
خطْوَة ٍ مائَة ُ َ
َ
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :فقيه( أي عالم بعلم الشر يعة )واحد متورع( أي متكلف بترك المحارم فهو المبتدىء في ذلك )أشد على
الشيطان من ألف عابد مجتهد( أي في العبادة )جاهل( أي بما يطرأ عليها )ورع( أي تارك للمحارم ،فهو المنتهي في الـكف عن المحارم،
وذلك لأن الشيطان كلما فتح بابا على الناس من الأهواء وزين الشهوات في قلوبهم بين الفقيه العارف مكايده ،فيسد ذلك الباب
و يجعله خائبا خاسرا بخلاف العابد ،فإنه ربما يشتغل بالعبادة وهو في حبائل الشيطان ولا يدري ،أفاد ذلك العزيزي نقلا ًعن الطيبي،
وفي رواية الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس :فقيه ٌ واحدٌ أش ُ ّد على الشيطان من ألف عابد.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :فضل العالم( أي العامل بعلمه )على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الـكواكب( المراد بالفضل
كثرة الثواب الشامل لما يعطيه الل ّٰه للعبد في الآخرة من درجات الجنة ولذاتها ومآكلها ومشاربها ومناكحها ،وما يعطيه الل ّٰه تعالى للعبد
من مقامات القرب ولذة النظر إليه ،وسماع كلامه رواه أبو نعيم عن معاذ بن جبل .وفي رواية للحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد
Shamela.org ١٠
None ١
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :من نظر إلى وجه العالم نظرة( أي واحدة )ففرح بها( أي بتلك النظرة)خلق الل ّٰه تعالى من تلك النظرة
ملكا يستغفر( أي ذلك الملك )له( أي الناظر )إلى يوم القيامة( وكان علي بن أبي طالب يقول :النظر إلى وجه العالم عبادة ونور في
النظر ونور في القلب ،فإذا جلس العالم للعلم كان له بكل مسألة قصر في الجنة ،وللعامل بها مثل ذلك كذا في ر ياض الصالحـين.
)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :من أكرم عالما فقد أكرمني( أي لأنه حبيبي )ومن أكرمني فقد أكرم الل ّٰه( أي لأني حبيبه )ومن
أكرم الل ّٰه فمأواه الجنة( أي لأنها محال سكنى أحباء الل ّٰه تعالى وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :أكْرِم ُوا الع ُلَمَاء َ فإ َ ّنه ُ ْم وَر َثَة ُ الأَ ن ْب ِيَاءِ ،فَم َنْ أكرَمَه ُ ْم
فَق َ ْد أَ ك ْرَم َ الل ّٰه وَرَسُولَه ُ« رواه الخطيب البغدادي عن جابر.
)
ل( أي نوم العالم الذي يراعي آداب العلم أفضل من عبادة الجاهل ل م ِنْ عِبَادَة ِ الجا َه ِ ِ وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :نَوْم ُ الع َال ِ ِم أَ ف ْ َ
ض ُ
الذي لا يسلم آداب العبادة ،وفي رواية لأبي نعيم عن سلمان بإسناد ضعيف نوم على علم خير من صلاة على جهل ،أي لأنه قد يظن
المبطل مصححا والممنوع جائزا كما قال ضرار بن الأزور الصحابي من عبد الل ّٰه بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح .وكما قال واثلة بن
الأسقع :المتعبد بغير فقه كحمار الطاحون.
ل م ِنْ أَ ْن يُصَل ِّي أَ ل َْف رَكْ عَة ٍ تَطَ ُو ّعا( وهذا ل به ِ أ ْو ل َ ْم يَعْم َلْ به ِ ك َانَ أَ ف ْ َ
ض َ )وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ تَع َل ّم َ ب َابا م ِ َ
ن العِلْم ِ يَعْم َ ُ
يدل على أن العلم أشرف جوهرا من العبادة ،ولـكن لا بد للعبد من العبادة مع العلم ،وإلا كان علمه هباء منثورا كما روي عن أبي
سم َاء ِن ال َ ّل ب ِع ِل ْمِه ِ إلا ّ ن َزَعَ الل ّٰه ر ُوح َه ُ عَلى غَيْر ِ ال َش ّه َادة ِ ،و َن َاد َاه ُ م ُنَادٍ م ِ َ هريرة عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال» :ما م ِنْ عَال ِ ٍم لا يَعْم َ ُ
ن الع َالِم َ إذا خرَة َ« وعن عمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه قال :سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول» :إ َ ّ خسِرْتَ ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ جر ُ َيا فا ِ
ِس
خت ْما على صَ ح ِيف َتِه ِ هاذا عَبْدٌ آي ٌ ل يَو ْ ٍم َ ْس ،و َتَكْت ُبُ الحَفَظَة ُ ك ُ َ ّ شم ُ ل شَيْء ٍ طَلَع ْ
َت عَلَيْه ِ ال َ ّ جو ْفِه ِ ،و َيلَْع َن ُه ُ ك ُ ُ ّ
ل َ ْم يَعْم َلْ بع ِل ْمِه ِ لَع َن َه ُ العِلْم ُ م ِنْ َ
ك لَعْن َة ُ الل ّٰه ،فإذا م َاتَ ن َزَعَ الل ّٰه ر ُوح َه ُ على غَيْر ِ ال َش ّه َادَة ِ،
ل بَع ِل ْمِه ِ عَلَي ْ َ
ق سَيِّدِه ِ ،يا م َنْ لا يَعْم َ ُ
حق ُو ِ
م ِنْ رَحْمَة ِ الل ّٰه يا عَبْد َ الل ّٰه يا م ُضِ ي ِّـ َع ُ
و يُحرَم ُ المَو ْتَ عَلى الإيمانِ«.
)
س عَالِما فَك َأَ َن ّما ج َالَسَنِي في ال ُد ّن ْيَا،
وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ز َار َ عَالِما فَك َأَ نَم ّا ز َارَنِي ،وَم َنْ صَافَح َ عَالِما فَك َأَ َن ّما صَافَحَنِي ،وَم َنْ ج َال َ َ
وَم َنْ ج َالَسَنِي في ال ُد ّن ْيَا أَ جْلَسْت ُه ُ مَع ِي يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( وعن أنس بن مالك أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال» :م َنْ ز َار َ عَالِما فَق َ ْد ز َارَنِي،
جر ُ شَه ِيدٍ« وعن أبي هريرة قال :سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول:
خطْوَة ٍ أَ ْ
ل َ
شف َاع َتي ،وكانَ لَه ُ بِك ُ ّ ِ
وَم َنْ ز َارَنِي وَجَب َْت له َ
»م َنْ ز َار َ عَالِما ضَمِن ْتُ لَه ُ عَلى الل ّٰه الج َنَ ّة َ« وعن علي بن أبي طالب أنه قال :قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ ز َار َ عَالِما ْ
أي فِي
ْف ق َرأَ َ ه ُ عَلَى قَبْرِه ِ قَصْر ٌ في الج َنَ ّة ِ م ِنْ اب الل ّٰه أ ْعطَاه ُ الل ّٰه تَع َالَى بِعَدَدِ خطَوَاتِه ِ قُصُورا فِي الج َنَ ّة ِ وَك َانَ لَه ُبِك ُ ّ ِ
ل حَر ٍ قَبْرِه ِ ث َُم ّ ق َرأَ َ عِنْدَه ُ آية ً م ِنْ ك ِت َ ِ
ذ َه ٍَب« ،كذا في ر ياض الصالحـين.
}الباب الثاني :في فضيلة لا إله َ
إلا ّ الل ّٰه{
آلاف
ٍ إلا ّ الل ّٰه وَم َ َ ّدها هُدِم ْ
َت لَه ُ أرْبَع َة ل لا اله َ
قال الفاكهاني :إن ملازمة ذكرها عند دخول المنزل تنفي الفقر ،وقد ورد أن» :م َنْ قَا َ
ل الل ّٰه فإ ْن ل َ ْم يَكُنْ لَه ُ شَيْء ٌ م ِ َ
ن الك َبَائ ِر؟ قال :يُغْف َر ُ لأه ْلِه ِ ولِ جـير َانِه ِ« رواه البخاري اهـ سنوسي. ن الك َبَائِر ِ .قالوا :يا رَسُو َ
ذَن ٍْب م ِ َ
ل الل ّٰه م َائَة َ م َ َّرة ج َاء َ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ وَو َجْ ه ُه ُ ك َالقَمَرِ لَيْلَة َ الب َ ْدرِ( ل يَو ْ ٍم لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه مُحَم ّدٌ رَسُو ُ ل كُ َ ّ
)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ قَا َ
أي التمام وهو ليلة أربعة عشر.
)
Shamela.org ١١
None ١
ل الذِّكْر ِ لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه( أي لأنها كلمة التوحيد ،والتوحيد لا يماثله شيء ،ولأن لها تأثيرا في تطهير الباطن ض ُ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ ف ْ َ
فيفيد نفي الآلهة بقوله لا إله ،ويثبت الوحدانية لل ّٰه تعالى بقوله إلا الل ّٰه ،و يعود الذكر من ظاهر لسانه إلى باطن قلبه ،ولأن الإيمان لا
يصح إلا بها ،أي مع محمد رسول الل ّٰه ،وليس هذا فيما سواها من الأذكار )وأفضل الدعاء الحمد لل ّٰه( قيل :إنما جعل الحمد أفضل ،لأن
الدعاء عبارة عن ذكر ،وأن يطلب منه حاجته ،والحمد لل ّٰه يشملها فإن من حمد الل ّٰه إنما يحمد على نعمة ،والحمد على النعمة طلب مزيد قال
تعالى} :لئَ ِ ْن شَكَرْتُم ْ لأَ زِيد ََن ّكُمْ{ ]إبراهيم [٧ :أفاد ذلك العزيزي ،روى هذا الحديث الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم
عن جابر.
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم قال الل ّٰه تعالى( أي في الحديث القدسي والكلام الأنسي )لا إله إلا الل ّٰه كلامي وأنا هو من قالها دخل حصني(
بكسر الحاء )ومن دخل حصني أمن من عقابي( أخرجه الشيرازي عن علي .وفي نسخة لهذا الكتاب وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :لا
َاب الل ّٰه« وعن عبد الواحد بن زيد أنه قال :كنت في مركب فطرحتنا الريح على ن م ِنْ عَذ ِ
ل حِصْ نِي أم ِ َ اله َ
إلا ّ الل ّٰه حِصْ نِي وَم َنْ دَخ َ َ
جزيرة ،فخرجنا إلى الجزيرة فرأينا شخصا يعبد صنما فقلنا له :تعبد هذا الصنم وفينا من يصنع مثله؟ فقال :أنتم من تعبدون؟ فقلنا :نعبد
إلها في السماء عرشه وفي الأرض بطشه وفي البحر سبيله قال :من أعلمكم به؟ قلنا :أرسل إلينا رسولاً .قال :ما فعل بالرسول؟ قلنا
قبضه الملك إليه .قال :فهل ترك عندكم من علامة؟ قلنا :نعم كتاب الملك ،قال :هل عندكم منه شيء؟ فشرعنا نقرأ عليه سورة الرحمن،
فما زال يبكي حتى ختمت ،ثم قال :ما ينبغي أن يعصى صاحب هذا الكلام ،ثم عرضنا عليه الإسلام فأسلم وحملناه معنا في السفينة
فلما جن الليل وصلينا العشاء أخذنا مضاجعنا للنوم فقال لنا :هذا الإله الذي دللتموني عليه ينام؟ قلنا بل هو حي قيوم لا ينام .قال:
بئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام ،فلما وصلنا البر وأردنا الانصراف جمعنا له شيئا من الدراهم فقال :ما هذا؟ قلنا تستعين به
على نفسك.
فقال :دللتموني على طر يق ما أراكم سلـكتموها أنا كنت أعبد غيره فلم يضيعني أفيضيعني الآن بعد ما عرفته ،فلما كان بعد ثلاثة أيام
قيل لي :إنه في النزع فجئت إليه وقلت له :هل من حاجة؟ فقال :قضى حوائجي الذي أخرجني من الجزيرة ونمت عنده ،فرأيت جار ية
في روضة خضراء وهي تقول :عجلوا به في سلام فقد طال شوقي إليه ،فاستيقظت وقد مات فدفنته ونمت تلك الليلة فرأيته في المنام
باب سَلام ٌ عَلَيْك ُ ْم بما صَبَرْتُم ْ فَنِعْم َ عُقْب َى ال َد ّارِ{ ]الرعد:
ل ٍ وعلى رأسه تاج وبين يديه الحور العين وهو يقرأ }و َالمَلائ َِك َة ُ ي َ ْدخ ُلُونَ عَلَيْه ِ ْم م ِنْ ك ُ ّ ِ
.[٤٢
إلا ّ الل ّٰه( وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه ل لا اله َ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ ُدّوا زَك َاة َ أبْد َانِك ُ ْم بِقَو ْ ِ
ك
ل بَعْد َ ذال ِ َ ل لا ح ََت ّى تَغْف ِر لِصَاحِبي فَيُغْف َر ُ لِق َائِل ِها ،ث َُم ّ ُ
يج ْع َ ُ ل لَه ُ اسْ كُنْ فَيَق ُو ُ
ل ،فَيُق َا ُ ِي َ
الن ّحْ ِ ش كَدَو ّ ِ
تح ْتَ العَر ْ ِ
ِي َ سم َاء ِ فَي ُ ْ
سم َ ُع له دَو ّ ٌ ال َ ّ
طائ ِر ُ يَكُونُ قَائِدَه ُ وَد َلِيلَه ُ إلى الج َنَ ّة ِ«.
ك ال َ ّ
سب ْع ُونَ لِسَانا تَسْتَغْف ِر ُ لِصَاحِبِه ِ إلى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ ،فإذ َا كانَ يَوْم ُ الق ِيَامَة ِ ج َاء َ ذال ِ َ لِل َ ّ
طائِر ِ َ
إلا ّ أنا ُأشْهِد ُك ُ ْم
صد َقَ عَبْدِي أنا الل ّٰه لا اله َ
ل الل ّٰه تَع َالى َ إلا ّ الل ّٰه مُح َم ّدٌ رَسُول الل ّٰه َ
إلا ّ قَا َ ل لا اله َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َا م ِنْ عَبْدٍ يَق ُو ُ
كتِي ق َ ْد غَفَر ْتُ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ
خر( .أي من الصغائر. يا م َلائ َ َ
)
ل الج َنَ ّة َ( أي مع السابقين،
مخ ْل ِصا( أي من المنهيات )دَخ َ َ ل لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه خ َال ِصا( أي من الر ياء مثلا ً) ُ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ قَا َ
ل الج َنَ ّة َ قيل :يا رسول
مخ ْل ِصا دَخ َ َ ل لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه ُ وأخرج الحكيم عن زيد بن الأرقم قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ قَا َ
Shamela.org ١٢
None ١
ن المحََارِ ِم«.
تحْجُزَه ُ ع َ ِ
الل ّٰه وما إخلاص ُها؟ قال :أَ ْن َ
ل أل َْف سَي ِّئَة ٍ( أي ذنب صغير )إ ْن خر ُ ك َلامِه ِ لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه و َعَم ِ َ ل ك َلاَمِه ِ لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه و َآ ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ كانَ أ َ ّو ُ
حدٍ( وروي أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال لسيدنا زيد الأنصاري :فإن صعب لك شيء من
اش أل َْف سَنَة ٍ لا يَسْأَ لُه ُ الل ّٰه ع َنْ ذَن ٍْب و َا ِ
عَ َ
أمور الدينا فأكثر من قول لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه محمد رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالل ّٰه العلي العظيم.
ب( بفتح العين والجيم أي حال كون القائل من غير تعجب بما رآه ل لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه م ِنْ غَيْر ِ عَج َ ٍ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ قَا َ
ح م َ َع المُسبِّحِينَ إلى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ و َيُكْت َبُ لَه ُ( أي لقائلها
ش يُس َب ِّ ُ
تح ْتَ العَر ْ ِ
أو سمعه )طَار َ بِهَا( أي بسبب ذكر هذه الكلمة المشرفة )طَائِر ٌ َ
)ثَوَابُه ُ( أي تسبيح ذلك الطائر.
ل الل ّٰه م َ َّرة ً غُف ِر َ لَه ُ ذ ُنُوبُه ُ( أي الصغائر )و َإ ْن كان َْت( أي تلك الذنوب ل لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه مُحَم ّدٌ رَسُو ُ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ قا َ
ل ز َبَدِ الب َحْ رِ( بفتح الزاي والباء أي مائه أو ما يعلو وجهه من رغوة وعيدان ونحوهما ،والأول أولى لأن المراد كناية عن المبالغة
)مِث ْ َ
في الـكثرة كما قاله عطية الأجهوري.
)
يحْيِي و َيُمِيتُ و َه ُو َ حَيّ ٌ
ك وَلَه ُ الحم َْد ُ ُ
ك لَه ُ لَه ُ الملُ ْ ُ ل لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه وَحْدَه ُ لا شَر ِي َ ن عَلَى المَق َابِر ِ فَق َا َ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذا م َ َّر المُؤْم ِ ُ
حسَنَة ٍ وَر َف َع لَه ُ
ْف َ ك الق ُب ُور َ ك ُلِّه َا وَغَف َر َ لِق َائِله َا وَكَت َبَ لَه ُ( أي للقائل )أل َْف أل ِ ل شَيْء ٍ قَدِير ٌ نَو ّر الل ّٰه تِل ْ َ لا يَمُوتُ .بيَِدِه ِ الخـَي ْر ُ و َه ُو َ عَلَى ك ُ ّ ِ
ْف دَرَجَة ٍ وَح َ َّط( أي أسقط )عَن ْه ُ أل َْف أل ِ
ْف سَي ِّئَة ٍ( أي من الصغائر وروى الترمذي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال: أل َْف أل ِ
ذ ُنُوبِه ِ( أي الصغائر )ذ َ َرّة ٌ( وذكر أن بشرا الحافي رأى رقعة فيها بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم وكان معه ثلاثة دراهم فأخذ بها طيبا وطيبها،
فنودي في سره كما طيبت اسمنا لنطيبن اسمك
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ كَت َبَ ب ِس ْ ِم الل ّٰه فَج َو ّد َ تَعْظ ِيما لل ّٰه غُف ِر َ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ
خر َ( .وفي رواية للخطيب البغدادي
وابن عساكر عن زيد بن ثابت إذا كتبت بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم فبين السين فيه ،أي إذا أردت كتابة ذلك فأظهر السين ووضح سننها
إجلالا ًلاسم الل ّٰه تعالى
Shamela.org ١٣
None ١
غَف َر َ الل ّٰه لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ( والمراد الصغائر
ِيم وَصَلَ ّى الل ّٰه عَلَى سَيِّدِنا مُحَم ّدٍ و َعَلَى ن َ
الر ّح ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذا قُم ْتُم ْ( أي من المجلس أي مجلس كان )فَق ُولُوا ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ
الر ّحْما ِ
اس إذا اغْتَابُوك ُ ْم يَم ْن َعُه ُ ْم الملك ع َنْ ذالِكَ .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذا ج َلَسْتُم ْ َ
مج ْل ِسا( أي مجلس كان )فَق ُولُوا ن َ
الن ّ َ س َل ّم َ فإ َ ّ
آله ِ وصَ ح ْبِه ِ و َ َ
ن الغ َيبة ِ ح ََت ّى لا ك و َ َكّ َ
ل الل ّٰه بِه ِ م َلَكا يَم ْنَعَه ُ ْم م ِ َ ل ذال َ س َل ّم فإ َ ّ
ن م َنْ ف َع َ َ ِيم وَصَلَ ّى الل ّٰه عَلَى سِيِّدِنا محمدٍ و َعَلى آله ِ و َصَ ح ْبِه ِ و َ َ ن َ
الر ّح ِ ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ
الر ّحْما ِ
يَغْتَابُوكُمْ(.
وقد نظم بعض أهل العلم رضي الل ّٰه عنه المسائل التي تسن التسمية فيها فقال:
ل
ص ِ
ِص عَلَيْهَا و َأَ ْو ِ
حر ْ
َت فَا ْ ن جَ َ ّ
ل ج َلالُه ُ لَنَا شُرِع ْ و َت َ ْسمِي َة ُ َ
الر ّحْما ِ
ل
س ِ
طه ُورِ ل ِغ َا ِل ال ُ ّ
ل بِها ح َا َ
س ٍ ل و َال ُش ّر ِ
ْب َالل ّذَي ْ ِن تَج ََم ّلا وَغ َ ْ ك ِكَذِي الأَ ْ
ل
خ ِ ُوب ج َاز َ فِي ال َش ّر ِْع فِعْلُه ُ عَلَى البَر ِّ أو في الب َحْ رِ َ
ثم ّ لِد َا ِ وَعِنْد َ رُك ٍ
ل
اب المَنَازِ ِ
ق لِب َ ِ سه ِ و َنَز ٍْع و َإغ ْلا َ ٍ
جدٍ أو بَي ْتِه ِ وَلِلُب ْ ِ س ِ إلى م َ ْ
اح وَو َْطء ِ ح َلِيلَة ٍ لَه ُ وَصُع ُودِ مِن ْبَرٍ خَيْر ِ ح َام ِ ِ
ل و َإطْ ف َاء ِ م ِصْ ب َ ٍ
ل
خ ِ ض َ
ثم ّ لِد َا ِ ن المَرِح َا ِ
ُوج م ِ َ ْت ثم في ال َ ّلحْدِ َ
جعْله خُر ٍ ض مَي ٍ
و َتَغْمِي ِ
ل
ِيف عَاد ِ َف َ
الر ّحْمانُ تَشْر َ كعْبَة ٍ لَهَا شَر ُ
اف ب ِ َ وَعِنْد َ ابتداء ٍ لِل َ ّ
طو َ ِ
ل
ص ِ
ِيب المُوَا ِ
ِب ك َالحبَ ِ وَعِنْد َ وُضُوء ٍ ث َُم ّ عِنْد َ تَي ُمَ ّ ٍم و َ َ
نحْرٍ ف َوَاظ ْ
ل.
ض ِ و َبَعْد َ صَلاة ِ الل ّٰه َ
ثم ّ سلاَمِه ِ على المصطفى المختارِ خَيْر ِ الأفا ِ
}الباب الرابع :في فضيلة الصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم{
قال بعض الصحابة لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم :صلى الل ّٰه عشرا لمن صلى عليك مرة واحدة هل ذلك لمن كان حاضر القلب؟ قال:
الصّ لاة ِ عَل َيّ،
القلب وقتَ َ
ِ ل الجبال ،والملائكة ُ ت َ ْدع ُو لَه ُ و َتَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ ،و َأَ َمّا إذا كانَ حاضِر َ
ل ،و َيُعْط ِيه ِ الل ّٰه أمثا َ
ل غاف ِ ِ
ص ٍّ
ل مُ َ
»لا ،بَلْ لِك ُ ّ ِ
ك َ
إلا ّ الل ّٰه تَع َالَى. فلا يَعْلَم ُ ق َ ْدر َ ذال َ
حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ عَش ْرا( رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة
)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ و َا ِ
Shamela.org ١٤
None ١
رضي الل ّٰه عنه ،وفي صحيح مسلم عن عبد الل ّٰه بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول» :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاة ً
صَلَ ّى الل ّٰه عَليه ِ عَش ْرا« كذا ذكر النووي في الأذكار ،أي وكلما زاد زاده فتلك النسبة
ت ح ََت ّى يُب َ َش ّر ُ لَه ُ ب ِالج َنَ ّة ِ( وفي رواية :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ أل َْف م َ َّرة ٍ بُش ِ ّر َ ب ِالج َنَ ّة ِ )وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ َ
ألف م َ َّرة ٍ لم يَم ُ ْ
قبل موته.
)
حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ بِهَا عَش ْرا ،وَم َنْ صَلَ ّى عَل َيّ عَش ْرا صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ بِها مائَة ً ،وَم َنْ صَلَ ّى
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م ِنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاة ً وا ِ
سه ُ َ
الن ّار ُ( أي نار جهنم وفي رواية لم يعذبه الل ّٰه بالنار ،وفي رواية الطبراني قال عَل َيّ مائَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ بها أل ْفا ،وَم َنْ صَلَ ّى عَل َيّ أل ْفا لم تَم َ ّ
حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ عَش ْرا ،وَم َنْ صَلَ ّى عَل َيّ عَش ْرا صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ مائَة ً ،وم َنْ صَلَ ّى
رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاة ً و َا ِ
ال ُد ّعَاءُ( .وفي لفظ عن عليّ قال :ما من دعاء إلا بينه وبين الل ّٰه حجاب حتى يصلي على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ،فإذا صَلَ ّى تَخ ََر ّقَ الحِجَابُ
فَاستجيب ،وإن لم يصل عليه لم يستجب الدعاء رواه الحسن بن عرفة.
خر َتِه ِ و َثَلاثِينَ مِنْهَا لِدُن ْيَاه ُ( رواه ابن )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ فِي يَو ْم مائَة َ م َ َّرة ٍ ق َض َى الل ّٰه لَه ُ مائَة َ ح َاجَة ٍ َ
سب ْع ِينَ مِنْهَا لآ ِ
النجار عن جابر.
)
ت ح ََت ّى يُب َ َش ّر ُ ب ِالج َنَ ّة ِ( وعن عبد الل ّٰه حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ وَم َلائِكَت ُه ُ عِشْر ِي َ
ن م َ َّرة ً و َل َ ْم يَم ُ ْ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاَة ً و َا ِ
ك أ ْو سب ْع ِينَ صَلاَة ً فَل ْيُق ِ َ ّ
ل م ِنْ ذال ِ َ حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ وَم َلائِكَت ُه ُ َ
بن عمرو بن العاص قال» :م َنْ صَلَ ّى عَلَى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم و َا ِ
ل عَلَيْه ِ ال َ ّ
سلام ُ و َقَالَ :يا جبْر ِي ُ
لِيُكْثِرْ« رواه الإمام أحمد بإسناد حسن موقوف .وروي أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال» :ج َاءَنِي ِ
ن المَلائِكَة ِ« .وروي أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال» :م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ ص ََل ّ ْ
ت سب ْع ُونَ أل ْفا م ِ َ ك أحَدٌ َ
إلا ّ و َيُصَل ِّي عَلَيْه ِ َ ل الل ّٰه لا َيُصَل ِّي عَلَي ْ َ
رَسُو َ
Shamela.org ١٥
None ١
َص فَرِ يضَة ً( أي واحدة )ب ِغَيْر ِ جُ ح ُودٍ( أي إنكار بفرضيتها )ع ُوق ِبَ عَلَيْها( أي على ض و َال ُ ّ
سنَنِ( أي بإنكارهما )فَم َنْ نَق َ َ
إلا ّ بِ جُحُودِ الف َرَائ ِ ِ
ترك تلك الفر يضة ،أما إذا ترك فر يضة مع إنكار وجوبها فقد كفر )وَم َنْ أت ََم ّ الف َرَائ َِض( بأن أداها تامة )وَجَب َْت لَه ُ الج َنَ ّة ُ( ثم إذا أتم
السنن فقد زاد في مرتبته في الجنة والل ّٰه أعلم.
)
ُص و َلـِكنْ لَه ُ ح َ ّدٌ ،أي تعر يف بذكر أفراد فروع الإيمان ،فإ ْن نَق َ
َص في ح َ ّدِه( أي وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :الإيمانُ لا يَز ِيد ُ و َلا يَنْق ُ
Shamela.org ١٦
None ١
ك فإن نقص الإيمان فالنقص في حده لا في نفس الإيمان )و َأَ صْ لُه ُ( أي أصل حد الإيمان )شَه َادَة ُ أ ْن لا اله َ
إلا ّ الل ّٰه وَحْدُه ُ لا شَر ِي َ
لَه ُ وأ َ ّ
ن مُحَم ّدا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ( والشهادة إخبار الشخص بحق على غيره بلفظ خاص .وأركانها خمسة :شاهد ومشهود له ومشهود عليه
ومشهود به ،وصيغة ،فالشاهد هو المسلم ،والمشهود له هو الل ّٰه سبحانه وتعالى وسيدنا محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم ،والمشهود عليه هو المشرك
بالل ّٰه والمنكر لرسالة سيدنا محمد ،والمشهود به ثبوت الألوهية والوحدانية لل ّٰه سبحانه وتعالى ،وثبوت الرسالة لسيدنا محمد صلى الل ّٰه عليه
الصّ لاة ِ( أي الإتيان بها بأركانها وشروطها )وإيتَاء َ
الز ّك َاة ِ( أي إعطاؤها إلى وسلم ،والصيغة هي لفظ أشهد أو ترجمته لا غير) .وإقَام َ َ
ُ
صوْم ُ رَمَضَانَ( أي إمساك طاهر من الحيض والنفاس عن شهوة الفم والفرج ،وما
أهلها بإخراج جزء من المال على وجه مخصوص )و َ َ
يقوم مقامهما كالأنف واللمس المؤدي للفطر في جميع نهار رمضان بنية قبل الفجر )والح َ ُجّ ( لقوله صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م ِنْ ل َ ْم َ
تح ْبِسْه ُ
ل الجنََابَة ِ فَم َنْ ز َاد في
س ُ ح َاج َة ٌ ،أي من مرض وظالم ،و َل َ ْم يَح َُجّ وَلَه ُ جَمْعٌ ،أي م َالٌ ،فَل ْيَم ْ
ُت إ ْن شَاء َ يَه ُودِي ّا وإ ْن شَاء َ نَصْر َانيِ ّا« )وَغ َ ْ
َص ف ِيه ِ فف ِيه ِ( أي من نقص في حد الإيمان ،فالنقص في حده قال السيوطي في النقابة:
حسَنَاتُه ُ وَم َنْ نَق َ
َت َ
ح َ ّدِه ِ( أي الإيمان )ز َاد ْ
والمؤمن الكامل في إيمانه من كملت فيه شعب الإيمان ،ومن نقصت واحدة منها نقص في إيمانه بحسبها ،وقد أجمع السلف على أن
الإيمان يزيد وينقص ،وز يادته بالطاعات ونقصانه بالمعاصي ،وشعب الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون ،كما رواه الشيخان.
أو ست وسبعون أو سبع وسبعون كما في الحديث الذي رواه أبو عوانة ،أو أربع وستون كما رواه الترمذي .وقال سيدي الشيخ عبد
القادر الجيلاني :ونعتقد أن الإيمان قول باللسان ،ومعرفة بالجنان ،وعمل بالأركان يزيد بالطاعة ،وينقص بالعصيان ،و يقوى بالعلم
و يضعف بالجهل ،وبالتوفيق يقع كما روي عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي الدرداء أنهم قالوا :الإيمان يزيد وينقص ،وز يادة الإيمان
إنما تكون بعد التحقق بأداء الأوامر وانتهاء النواهي ،وبالتسليم في القدر وترك الاعتراض على الل ّٰه عز وجل في فعله في جميع خلقه،
وترك الشك في وعده في الرزق وبالتوكل عليه والخروج من الحول والقوة والصبر على البلاء والشكر على النعماء والتنز يه للحق ،وترك
التهمة له في سائر الأحوال ،وأما بمجرد الصلاة والصيام ،فلا يزيد الإيمان انتهى.
وقال الغزالي والعمل ليس من أجزاء الإيمان وأركان وجوده ،بل هو مزيد عليه يزيد به ،والزائد موجود والناقص موجود والشيء لا
يزيد بذاته ،فلا يجوز أن يقال الإنسان يزيد برأسه ،بل يقال :يزيد بلحيته وسمنه ،ولا يجوز أن يقال الصلاة تزيد بالركوع والسجود ،بل
تزيد بالآداب والسنن ،فهذا تصريح بأن الإيمان له وجود ،ثم بعد الوجود يختلف حاله بالز يادة والنقصان.
ِصف في ال ُ ّ
شكْر ِ( أي العمل بالطاعات رواه البيهقي ف في َ
الصّ بْرِ( أي عن المحارم )و َن ٌ ن فَن ِصْ ٌ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :الإيمانُ ن ِصْ ف َا ِ
عن أنس.
ك مُؤْمِنٌ( رواه البخاري وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة ،والإمام أحمد عن
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم الإيمانُ قَيْد ُ الفَت ْكِ لا يَفْت ِ ُ
الزبير وعن معاو ية أي الإيمان يمنع من الفتك الذي هو القتل بعد الأمان غدرا .قوله لا يفتك مؤمن خبر بمعنى النهي ،أي لا يفتك
كامل الإيمان والفتك أن يأتي الرجل صاحبه ،وهو غافل فيشد عليه فيقتله وأما الغيلة فهو أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي.
)
ل و َالجَف َاءِ( أي ق الل ّٰه الـكُفْر َ وَذ َ َمّه ُ بالبُخْ ِسم َاحَة ِ و َالحيََاء ِ وَخ َل َ َق الل ّٰه الإيمَانَ وَحَقه ُ( أي زينه )وَمَدَح َه ُ بال َ ّ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :خ َل َ َ
العقوق.
ل ذ َ َرّة ٍ
ن النارِ م َنْ ك َانَ فِي قَل ْبِه ِ مِثْق َا ُ ج مِ َ يخ ْر ُ َ الن ّارِ َ
الن ّار َ ،أم َرَ الل ّٰه تَع َالَى بأ ْن َ ل َ ل الج َنَ ّة ِ الج َنَ ّة َ ،و َأَ ه ْ ُ
ل أه ْ ُ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذ َا دَخ َ َ
ن الإيمانِ( أي ز يادة على أصل التوحيد كما قاله القسطلاني .وفي حديث البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الل ّٰه عليه مِ َ
ل خرِجُوا ،أي م ِنْ َ
الن ّارِ م َنْ ك َانَ في قَل ْبِه ِ مِثْق َا ُ أي لِل ْمَلائِكَة ِ أ ْ الن ّار َ ،ث َُم ّ يَق ُو ُ
ل الل ّٰه تَع َالى ْ الن ّارِ َ
ل َ ل الج َنَ ّة ِ الج َنَ ّة َ ،وأَ ه ْ ُ
ل أه ْ ُ
وسلم قال» :ي َ ْدخ ُ ُ
ل م ِنْ إيمانٍ ،أي ز يادة على أصل التوحيد ،فَي َخْ رُجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْ و َ ُدّوا ،فَيُلْقَوْنَ في نَهْرِ الحيََا ب ِالقَصْر ِ أي المطر أو الحياة
ح ََب ّة ٍ م ِنْ خ َ ْرد َ ٍ
ل«. بالمثناة آخره ،وهو النهر الذي من غمس فيه حيي ،فَيَن ْب ِت ُونَ كما تَن ْب ُتُ الح َِب ّة ُ بكسر الحاء ،أي البقلة الحمقاء في ج َان ِِب ال َ ّ
سي ْ ِ
Shamela.org ١٧
None ١
Shamela.org ١٨
None ١
السراج المنير ،وفي لفظ لا تصح صلاة أحدكم )إذا أحْد َثَ ح ََت ّى يَت َو َ ّ
ضأَ ( أي بالماء أو ما يقوم مقامه رواه البخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي ،وابن ماجه عن أبي هريرة.
)
ل صلى الل ّٰه عليه وسلم :الوُضُوء ُ عَلَى الوُضُوء ِ نُور ٌ عَلى نُورٍ( أي تجديد الوضوء حسنة على حسنة قال ابن حجر :هو مسند رزين رحمه
وقَا َ
الل ّٰه ،ولم يطلع عليه المنذري كذا في البدر المنير للشيخ عبد الوهاب بن أحمد الأنصاري .وفي الأحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ
ج م ِنْ ذ ُنُوبِه ِ كَيَو ْ ِم وَلَدَت ْه ُ ُأ ُمّه ُ« ،وفي لفظ آخر» :و َل َ ْم ِث ن َ ْفسَه ُ ف ِيهِم َا ب ِشَيْء ٍ م ِ َ
ن ال ُد ّن ْيَا ،خَر َ َ ن الوُضُوء َ وَصَلَ ّى رَكْ ع َتَيْنِ ل َ ْم يُح َ ّد ْ تَو َ َ ّ
ضأ ف َأَ حْ سَ َ
ي َ ْسفُه ْ ف ِيهِم َا غُف ِر َ لَه ُ ما تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ«.
}الباب السابع :في فضيلة السواك{
ق الع َانَة ِ،
ِب ،وَح َل ْ ُ طهاراتُ أَ رْبَعٌ :ق ُ َّص ال َ ّ
ش ار ِ أي الخلال روي عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال» :ال َ ّ
سِوَاك ُ« رواه البزار والطبراني عن أبي الدرداء.
و َتَقْل ِيم ُ الأظْ ف َارِ ،وال ّ
سب ْع ِينَ رَكْ ع َة ً ب ِغَيْر ِ سِوَاكٍ( رواه الدارقطني عن أم الدرداء
ك خَيْر ٌ م ِنْ َ
)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :رَكْ ع َتَانِ( أي صلاة ركعتين )بِسِوَا ٍ
وإسناده حسن ،أي لما فيه من الفوائد التي منها طيب رائحة الفم ،وتذكر الشهادة عند الموت ،قال المناوي :لا دليل في هذا الحديث
على أفضلية السواك على الجماعة التي هي بسبع وعشرين درجة ،لأن الدرجة متفاوتة المقدار انتهى
سِوَاك م َ ْطه َرَة ٌ( بفتح الميم أفصح من كسرها مصدر بمعنى اسم الفاعل أي مطهر )لِلْفَمِ( أو )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تَس َ َو ّكُوا فإ َ ّ
ن ال ّ
بمعنى الآلة :أي آلة تنظفه كما أفاده العزيزي )م َْرضَاة ٌ ل ِ َلر ّ ِّ
ب( رواه ابن ماجه ،وهو بفتح الميم بمعنى اسم الفاعل ،أي مرض للرب .قال
العلقمي :سئل ابن هشام عن هذا الحديث كيف أخبر عن المذكر بالمؤنث ،فأجاب ليست التاء في مطهرة للتأنيث ،وإنما هي مفعلة
الدالة على الـكثرة ،كقوله الولد مبخلة مجبنة ،أي محل لتحصيل البخل والجـبن لأبيه بكثرة.
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :س َِت ّة ٌ م ِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ( وفي لفظ من سنن الأنبياء ،أي من طر يقتهم أي من طر يقة غالبهم )الحيََاءُ( بمثناة
سِواك ُ( أي استعماله
تحتية والمد وهو تغير يعتري الإنسان من كل عمل لا يحسن شرعا )والحِلْم ُ( أي سعة الصدر والتحمل )والحِجَام َة ُ وال ّ
)والت ّع َ ُ ّ
طر ُ( أي استعمال الطيب ،لأن حظ الملائكة من البشر الريح الطيب وهم مخالطون للرسل َ و يحصل بكل خشن وأولاه الأراك
Shamela.org ١٩
None ١
لهم بالرحمة لاحتياطهم في العبادة ،فيتأكد الاعتناء به للدخول في دعوة رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم رواه القضاعي عن أبي أيوب
الأنصاري ،وهو حديث حسن.
َ
)والر ّيحانِ( وهو كل نبات طيب الريح ،ولـكن إذا أطلق )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا َتَتَخَل ّلُوا ب ِالآسِ( بمد الهمزة هو شجر عطر الرائحة
َب( بفتحتين كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا )ف َ َإن ّه ُ( أي التخلل بذلك المذكور
عند العامة انصرف إلى نبات مخصوص )والقَص ِ
)يُورِثُ الإكل َة َ( بكسر الهمزة ،أي الحكة حتى ٺتساقط الأسنان
سب ْع ِينَ صَلاَة ً( أي من صلوات كثيرة )بِغَيْر ِ سِوَاكٍ( رواه البيهقي وغيره وصححه
ك خَيْر ٌ م ِنْ َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :صَلاَة ٌ بِسِوا ٍ
الحاكم ،فالسبعون للتكثير لا للتحديد كما أفاده العزيزي.
خشِيتُ أَ ْن ي َ ْدر َ ْد َ ّ
ن( بفتح الراء والنون المثقلة )أسْ نَانِي( أي أن تسقط ك ح ََت ّى َ
سِوا ِ
ل يُوصيني بال ّ
جبْر ِي ُ
ل ِ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َا ز َا َ
أسناني ،وفي لفظ وأوصاني جبر يل بالسواك حتى خشيت لأدردن ،وفي لفظ آخر أمرني بالسواك حتى خفت لأدردن ،أي حتى ظننت
سقوط أسناني.
ك ح ََت ّى ِ
خفْتُ عَلَى أسْ نَانِي( رواه الطبراني عن ابن عباس. سِوَا ِ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أمرت( بالبناء للمفعول )بال ّ
}الباب الثامن :في فضيلة الأذان{
ن قَو ْلا ً م َِم ّنْ د َعا إلى الل ّٰه و َعم ِ َ
ل صَالِ حا{ ]فصلت [٣٣ :نزلت هذه الآية في المؤذنين. وقيل في تفسير قوله عز وجل} :وَم َنْ أحْ سَ ُ
)
ن َ
الن ّارِ( رواه الترمذي وابن مح ْتَسِبا( أي من غير أجرة )كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ ب َر َاءَة ً م ِ َ
سب ْ َع سِنينَ ُ قال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ أَ َذّنَ َ
للصّ لاَة ِ َ
ماجه عن ابن عباس.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ أَ َذّنَ ثن ْتي ع َشَر َة سَن َة ً( أي محتسبا )وَجَب َْت لَه ُالج َنَ ّة ُ( رواه ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر .وحكمة ذلك
أن أكثر ما يعمر الإنسان من أمة النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم مائة وعشرون سنة ،والاثنتا عشرة هذه عشر هذا العمر ،ومن سنة الل ّٰه أن
العشر يقوم مقام الكل كما قال الل ّٰه تعالى} :م َنْ ج َاء َ ب ِالْحَسَنَة ِ فلََه ُ عَشْر ُ أَ مْثَالِهَا{ ]الأنعام [٠٦١ :وأما حديث من أذن سبع سنين ،فإنها
عشر العمر الغالب كذا قال بعض المحدثين.
وات إيمَانا( أي تصديقا بأن الأذان من أمور الشر يعة )واحْتِسَابا( أي طلبا للأجر من )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ أَ َذّنَ خَم َ
ْس صَل َ ٍ
الل ّٰه تعالى )غُف ِر َ لَه ُ( بالبناء للمفعول )م َا تَق َ َ ّدم َ من ذنبه( أي من الصغائر رواه البيهقي عن أبي هريرة بإسناد ضعيف .والخمس صادقة
بأن تكون من يوم وليلة أو من أيام.
)
َاب القِبْر ِ ال َش ّه ِيد ُ( وهو يصدق على شهيد الآخرة فقط كمن قتل ظلما ،ولو
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ثَلاث ََة ٌ يَعْصِ مُهُم ُ الل ّٰه تَع َالَى م ِنْ عَذ ِ
بحسب الهيئة كمن استحق القتل بقطع الرأس ،فقتل بالتوسط مثلاً ،ومن مات بغرق وإن عصى فيه ،بنحو شرب خمر بخلاف من غرق
بسير سفينة في وقت هيجان الريح ،فليس بشهيد ،ومن مات بهدم أو حر يق ،ومن مات غريبا ًوإن عصى بغربته كآبق وناشزة ،ومن
مات في طلب العلم ولو على فراشه ،ومن مات مبطونا ،ومن مات بالطاعون ولو في غير زمنه أو بغيره في زمنه أو بعده حيث كان
صابرا محتسبا ،ومن مات عشقا بشرط الـكف عن المحارم حتى عن النظر ،بحيث لو اختلى بمحبوبه لم يتجاوز الشرع ،وبشرط الـكتمان
حتى عن معشوقه ،وكالمرأة التي ماتت طلقا ،ولو من زنى إذا لم ٺتسبب في إسقاط الولد وكذا من مات فجأة أو في دار الحرب قاله
ابن الرفعة .ومعنى الشهادة لهم أنهم أحياء عند ربهم يرزقون كما قاله الحصني و يصدق أيضا على شهيد الدنيا والآخرة معا ،وهو من
مات بسبب من أسباب قتال المشركين لإعلاء دين الل ّٰه لا لر ياء وسمعة بخلاف شهيد الدنيا فقط ،فلا يدخل في هذا الحكم وهو من
مات في قتال الـكفار مدبرا على وجه غير مرضي شرعا ،أو مات بقتالهم ر ياء وسمعة) .والمُؤَذِّنُ( أي لوجه الل ّٰه تعالى لا لطلب أجر من
Shamela.org ٢٠
None ١
أحد )والمُت َوفَ ّى( بفتح الفاء )يَو ْم الجم ُُعَة ِ و َلَيْلَة َ الجم ُُعَة ِ( قال بعضهم :فمن مات من المؤمنين يوم الجمعة أو ليلته إن عذب كان عذابه ساعة
واحدة ،ثم ينقطع ولا يعود إلى يوم القيامة ،وكذلك ضغطة القبر والل ّٰه أعلم.
)
ف الأ َ ّولِ( َ
)والصّ ّ ِ اس( وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم )م َا فِي الن ِّداءِ( أي التأذين ل صلى الل ّٰه عليه وسلم :لَو ْ يَعْلَم َ
الن ّ ُ و َقَا َ
أي من الفضل )ث َُم ّ ل َ ْم َ
يجِد ُوا( وفي رواية لا يجدوا بلا النافية ،و بحذف نون الرفع ،وهو ثابت لغة )إلا أَ ْن ي َ ْستَهِم ُوا( بتخفيف الميم )عَلَيْه ِ(
أي المذكور من الأذان والصف الأول )لاسْ تَهَم ُوا( والمعنى لو علموا فضيلة الأذان ،والصف الأول وعظيم جزائهما ،ثم لا يجدون
طر يقا يحصلونهما به لضيق الوقت ،أو لـكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيلهما )و َلَو ْ يَعْلَم ُونُ ما في ال َتّه ْجير ِ( أي التبكير
والصّ ب ِْح( أي ما
بأي صلاة كان ولا يعارضه أمر الإبراد للظهر ،لأنه تأخير قليل )لاستبقوا إليه( أي التهجير )و َلَو ْ يَعْلَم ُونَ م َا فِي الع ِتمَة ِ ُ
حب ْوا( بفتح الحاء وسكون الموحدة ،أي ولو كان الإتيان مشيا على الركب
في صلاة العشاء والصبح في جماعة من الثواب )لأتوهُمَا و َلَو ْ َ
واليدين رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داود عن أبي هريرة.
)
ل م َْرحبا بِذِكْر ِ
ضعَ( أي الإبهامين )عَلَى عَي ْني ْه و َقا َ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ سَم ِـ َع النِّد َاءَ( أي الأذان )فَق ََب ّ َ
ل إ بْهَامَيْه ِ( أي بالفم )ف َو َ َ
شف ِيع ُه ُ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ و َقَائِدُه ُ إلى ال َجن ّة ِ و َقَا َ
ل صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذ َا ك َانَ( أي جاء )و َق ْتُ ل الل ّٰه ،فأن َا َ
ك ي َا رَسُو َ الل ّٰه تَع َالى ق ُرة أعْيُن ِنَا ب ِ َ
سم َاء ِ و َاسْ ت ُجيبَ ال ُد ّعَاء ُ وإذا ك َانَ و َق ْتُ الإقَامَة ِ ل َ ْم ت َرُدّ دَعْوَتُه ُ( قال النووي في الأذكار روينا عن أنس قال: َت أب ْوَابُ ال َ ّ ن فُتِح ْ
الأَ ذ َا ِ
قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة« رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن السني وغيرهم .وزاد
الترمذي في روايته قالوا :فماذا نقول يا رسول الل ّٰه؟ قال» :سَلُوا الل ّٰه الع َاف ِي َة َ فِي ال ُد ّن ْيَا والآ ِ
خرَة ِ« اهـ.
محَا
حسَنَة ٍ ،و َ َ
لوات و َأَ ه ْلاً ،كَت َبَ الل ّٰه تَع َالى لَه ُأَ ل َْف َ
ِ ن م َرحَبا بالق َائِلينَ عَدْلاً ،م َرحَبَا َ
بالصّ ْ ل عِنْد َ الأَ ذا ِ ْ
ل صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ قَا َ
)وقا َ
ن ال ُ ّ
سجُودِ ل المُؤَذِّنُ ف َ َإن ّه ُ يُم ْن َ ُع م ِ َ عَن ْه ُ أَ ل َْف سَي ِّئَة ٍ ،وَر َف َ َع لَه ُ أَ ل َْف دَرَجَة ٍ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ سَم ِـ َع الأَ ذ َانَ و َل َ ْم يَق ُلْ مِث ْ َ
ل م َا قَا َ
يَوْم َ الق ِيَامة ِ إذ َا سَ جَد َ المُؤَذِّنُونَ(.
ل المُؤَذِّنُ« رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي
ل م َا يَق ُو ُ
وروي أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال» :إذ َا سَمِعْتُم ُ الن ِّداء َ فَق ُولُوا مِث ْ َ
وابن ماجه .قال المناوي :إجابة المؤذن مندوب .وقيل واجب .قوله ما يقول ،ولم يقل مثال ما قال الماضي ليشعر بأنه يجيبه بعد
كل كلمة ،ولم يقل مثل ما تسمعون إيماء إلى أنه يجيبه في الترجيع ،أي وإن لم يسمع .قوله مثل ما يقول المؤذن ظاهره أنه يقول مثل
قوله في جميع الكلمات ،لـكن وردت أحاديث باستثناء حي على الصلاة وحي على الفلاح ،وأنه يقول بينهما لا حول ولا قوة إلا بالل ّٰه،
وهذا هو المشهور عند الجمهور ،وعند الحنابلة وجه أنه يجمع بين الحيعلة والحوقلة .وقال الأذرعي :وقد يقال الأولى أن يقولهما كذا
قاله العزيزي نقلا ًعن العلقمي ،ثم قال العزيزي قلت ،وهو الأولى للخروج من خلاف من قال به من الحنابلة ،وأكثر الأحاديث على
الإطلاق انتهى.
وقال النووي في الأذكار إذا سمع المؤذن أو المقيم وهو يصلي لم يجبه في الصلاة ،فإذا سلم منها أجابه كما يجيبه من لا يصلي ،فلو أجابه
في الصلاة كره ،ولم تبطل صلاته ،وهكذا إذا سمعه وهو على الخلاء لا يجيبه في الحال ،فإذا خرج أجابه فأما إذا كان يقرأ القرآن أو
يسب ِّح أو يقرأ حديثا أو علما آخر أو غير ذلك ،فإن يقطع جميع هذا و يجيب المؤذن ،ثم يعود إلى ما كان فيه ،لأن الإجابة تفوت ،وما
هو فيه لا يفوت غالبا ،وحيث لم يتابعه حتى فرغ المؤذن يستحب أن يتدارك المتابعة ما لم يطل الفصل اهـ.
)
إلا ّ ظِلُ ّه ُ إمام ٌ عَادِلٌ( أي أهل مملـكته )وَم ُؤَذِّ ٌ
ن ح َاف ٌِظ( قال سيدي ل َ ش يَوْم َ لا َ ظِ َ ّ الن ّب ُيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم ثَلاث ََة ٌ في ظِ ّ ِ
ل العَر ْ ِ ل َ و َقَا َ
Shamela.org ٢١
None ١
الشيخ عبد القادر الجيلاني :و يجب على المؤذن الاحتراز عن اللحن في الشهادتين ،و يكون عارفا بالأوقات ،وأن لا يؤذن إلا بعد دخول
الوقت إلا في الفجر خاصة ،و يحتسب بأذانه وجه الل ّٰه تعالى ،ولا يأخذ على أذانه جزاء ،ويستقبل القبلة بوجهه في التكبير والشهادتين،
و يولي وجهه يمينا وشمالا ًفي الدعاء إلى الصلاة ،وإذا أذن لصلاة المغرب جلس بين الأذان والإقامة جلسة خفيفة ،و يكره له أن يؤذن
ل لَيْلَة ٍ مائَت ْي آية( قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني :ويستحب أن لا ينام حتى
ن يَقْرأ في ك ُ ّ ِ
وهو جنب أو محدث )و َقَارِىء ُ القُر ْآ ِ
يقرأ ثلاثمائة آية ليدخل في زمرة الع َابدين ،ولا يكتب من الغافلين فليقرأ سورة الفرقان والشعر ،فإن فيهما ثلاثمائة آية ،وإن لم يحسنهما
قرأ سورة الواقعة ونون والحاقة وسورة الواقعة ،أي سأل سائل والمدثر ،فإن لم يحسنهن فليقرأ سورة الطارق إلى خاتمة القرآن ،فإنها
ثلاثمائة آية ،فإن قرأ مقدار ألف آية كان أحسن ،وأكمل للفضل ،وكتب له قنطار من الأجر ،وكتب من القانتين وذلك من سورة
}تَبَارَك َ الّذي بيَِدِه ِ الملُْكُ{ ]الملك [١ :إلى خاتمة القرآن ،فإن لم يحسنها فليقرأ مائتين وخمسين مرة }ق ُلْ ه ُو َ الل ّٰه أحَدٌ{ ]الإخلاص[١ :
ل ال َ ّ
سجْدَة ِ{ ]السجدة[١ : فإن مجموعها ألف آية أي وذلك مع البسملة ،وينبغي أن لا يدع قراءة أربع سور في كل ليلة }الم? تَنْز ِي ُ
وسورة يس? وحم? الدخان ـ وتبارك ،وإن قرأ معها سورة المزمل والواقعة كان أحسن .كان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم لا ينام حتى
ك وفي خبر آخر حتى يقرأ سورة بني إسرائيل ـ والزمر ،وفي خبر آخر حتى يقرأ المسبحات ،و يقال فيها آية أفضل
يقرأ السجدة و َتَبَارَك َ الملُ ْ ُ
من مائة ألف آية.
}الباب التاسع :في فضيلة صلاة الجماعة{
)
ل َ
الصّ لاَة َ م َ َع الجم ََاعَة ِ و َلَو ْ ص ِّ
وعن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال :أوصاني حبيبي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال لي :يا أب َا ه ُر َي ْرَة َ َ
س وَعِش ْرين صَلاة ً في غَيْر َ الجم ََاعَة ِ( كذا في ر ياض الصالحـين
ل صَلاة ٍ م َ َع الجم ََاع َة ثَوَابَ خَم ْ ٍ
ك بِك ُ ّ ِ كن ْتَ ج َال ِسا ،فإ َ ّ
ن الل ّٰه تَع َالَى يُعْط ِي َ ُ
Shamela.org ٢٢
None ١
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَلَ ّى البرْدَيْنِ( بفتح الموحدة وسكون الراء ،أي صلاة الفجر والعصر سميا بردين ،لأنهما يصليان في
َاب( قوله من صلى من شرطية ،وقوله:
حس ٍل الج َنَ ّة َ بِغَيْر ِ ِ
بردي النهار ،وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر )في الجم ََاعَة ِ دَخ َ َ
دخل جواب الشرط وعبر بالماضي لإرادة التأكيد في وقوعه بجعل ما سيقع كالواقع
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ شَهِد َ( أي حضر )صَلاَة َ الجم ََاعَة ِ( كتب الل ّٰه تعالى له ذاهبا وراجعا عشر حسنات ،ومحا عنه عشر
سيئات ،ورفع له عشر درجات.
)
جدِ( رواه الدارقطني والبيهقي عن جابر وعن أبي هريرة ،وهذا الحديث
س ِ جد ِ َ
إلا ّ في الم َ ْ س ِ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا َ صَلاَة َ لِ جا َرِ الم َ ْ
محمول على الفر يضة وما ألحق بها ،ففعلها في المسجد أفضل ،وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل من فعله في المسجد ،كذا أفاد
ل وَس َُن ّة الإ ْ
حر َام ص ُ
تح ْ َ
ل إلا ّ ال ّتي جَمَاع َة ً َ
ض ُ
البيوت أَ ف ْ َ
ِ ل في
العزيزي ونظم ذلك العلامة منصور الطبلاوي من بحر الرجز فقال :صلاَة ُ ن َ ْف ٍ
ن ال ُد ّن ْيَا وَم َا ف ِيها و َالجم ََاع َة ُ رَحْم َة ٌ( أي لزوم جماعة المسلمين موصل إلى الرحمة
هي َ خَيْر ٌ م ِ َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :صَلاَة ُ الجم ََاعَة ِ رَحْم َة ٌ و َ ِ
َاب( أي مفارقتهم ،والانفراد عنهم سبب للعذاب.
أو سبب للرحمة )والفر ْق َة ُ عَذ ٌ
}الباب العاشر :في فضيلة الجمعة{
ْس و َل َ ْم تَغْر ُْب
شم ُ وروى العلاء عن أبيه عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي اللٰه عنه قال :إن النبي صلى اللٰه عليه وسلم قال» :ل َ ْم تَط ِ
ْلع ال َ ّ ّ ّ
جد ِ
س ِ
اب الم َ ْ
َاب م ِنْ أب ْو َ ِ
لب ٍْس ،و َعَلى ك ُ ّ ِ
ن الجنّ والإن ُ ل م ِنْ يَو ْ ِم الجم ُُعَة ِ وَم َا م ِنْ د ََاب ّة ٍ إلا ّ و َ ِ
هي َ تَفْزَع ُ م ِنْ يَو ْ ِم الجم ُُعَة ِ إلا الث ّقلا ِ عَل َيّ أف ْ َ
ض َ
ل ق ََر ّبَ
ل ق ََر ّبَ دَج َاج َة ً ،وَك َرَج ُ ٍ
ل ق ََر ّبَ شَاة ً ،وَك َرَج ُ ٍ
ل ق ََر ّبَ بَق َرَة ً ،وَك َرَج ُ ٍ
ل ق ََر ّبَ بَد َنَة ً ،وَك َرَج ُ ٍ اس ،الأ َ ّول فَالأ َ ّو ُ
ل ك َرَج ُ ٍ ن َ
الن ّ َ ن يَكْتُبا ِ
م َلَك َا ِ
Shamela.org ٢٣
None ١
Shamela.org ٢٤
None ١
أراد حضور الصلاة رواه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري
)
جر ُ مائة ِ شَه ِيدٍ( وعن أبي هريرة قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم:
وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ أَ ْدرَك َ الجم ُُعَة ِ فلََه ُ عِنْد َ الل ّٰه أَ ْ
Shamela.org ٢٥
None ١
يج ْل ِس ح ََت ّى يُصَل ِّي رَكْ ع َتينِ( رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
جد َ فَلا َ َ ل أَ حَد ُكُم ُ الم َ ْ
س ِ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذ َا دَخ َ َ
والنسائي وابن ماجه عن أبي قتادة وابن ماجه عن أبي هريرة قال العلقمي نقلا ً عن بعضهم :هذا العدد لا مفهوم لأكثره باتفاق،
واختلف في أقله والصحيح اعتباره ،فلا ٺتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين ،واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب.
ثم قال العزيزي وإذا جلس ناسيا أو ساهيا وقصر الفصل شرع له فعلها ،وٺتكرر بتكرر الدخول ،ولو عن قرب و يكره أن يجلس من غير
تحية بلا عذر ،وتحصل بفرض وورد وسنة لا بركعة وصلاة جنازة ،و يحرم بها قائما ولا يجلس فيها وهو ما اختاره الزركشي .وقال
الإسنوي لو أحرم بها قائما ،ثم أراد الجلوس فالقياس عدم المنع ،وكذا الدميري والأول أوجه
ن يَتك َل ّم ُونَ ف ِيها بَك َلا ِم الدّن ْيَا ،فَتَسْتَقْبِلُه َا المَلائِك َة ُ فَتَق ُو ُ
ل ا ْرجِعي فَق َ ْد جد ُ شَاكِي َة ً م ِنْ أه ْلِه َا ال َ ّذ ِي َ
َت المَسَا ِ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم ارْتَفَع ِ
ك جدِ بِق َ ْدرِ م َا يَد ُور ُ في الع َيْنِ ل َ ْم ت َز َ ِ
ل المَلائ َِك َة ُ تَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ م َا د َام َ ذَل ِ َ س ِ
ج سِر َاجا في الم َ ْ
كهِمْ .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ أَ سْر َ َ
بُعِث ْنَا بِهَلا َ ِ
جد ِ
س ِ َ
الضّ و ْء ُ فِي الم َ ْ
جدِ ل َ ْم ت َز َ ِ
ل المَلائ َِك َة ُ تَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ م َا د َام َ ذالك س ِ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ بَس ََط حَصِ يرا( وهو الخشن المنسوج المفروش )في الم َ ْ
خرَج َه ُ الل ّٰه
جدِ بِق َ ْدرِ م َا يَد ُور ُ في الع َيْنِ أَ ْ
س ِ
ن الم َ ْ
ج قَذَرَة ً( أي نجسا أو طاهرا )م ِ َ
خر َ َ
جدِ .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ أَ ْ
س ِ
الحَصِ ير ُ في الم َ ْ
تَع َالى م ِنْ أ ْعظَ ِم ذ ُنُوبِه ِ( وفي رواية أن ذلك مهور الحور العين .وفي رواية :من أخرج أذى من المسجد بنى الل ّٰه له بيتا في الجنة .ورواه
ابن ماجه عن ابن سعيد بإسناد ضعيف.
)
جد َك ُ ْم كال ُ ّ
طرُقِ( وهذا الحديث ساقط في بعض النسخ. وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا َ َ
تجْع َلُوا مَسَا ِ
}الباب الثاني عشر :في فضيلة العمائم{
اب العَم َا ِئ ِم يَوْم َ الجم ُُعَة ِ ،فَإ ْن أَ ك ْر َبَه ُ ن الل ّٰه وَم َلائ َِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ عَلَى أَ ْ
صح َ ِ روى واثلة بن الأسقع أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال» :إ َ ّ
ْت َ
الصّ لاة ِ ،و َلا َ عِنْد َ صُع ُودِ ل إلى الجم ُُعَة ِ و َلا َفِي و َق ِ
ن المَنْزِ ِ ْت ال َ ّ
سع ِْي م ِ َ ل َ
الصّ لاَة ِ و َبَعْد َه َا ،ولـكِنْ لا َيَنْزَع ُ فِي و َق ِ الح َُر ّ فَلا َب َأْ َ
س بِنَزْعِه َا قَب ْ َ
خطْبَتِه ِ كذا في الإحياء.
الإما ِم المنِ ْبَر َ ،و َلا َفِي ُ
)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :العَم َائِم ُ تِيجانُ الع َر َِب( أي هي لهم بمنزلة التيجان للملوك ،لأنهم أكثر ما يكونون بالبوادي رؤوسهم
مكشوفة والعمائم فيهم قليل )فَإذ َا وَضَع ُوا العَم َائِم َ وَضَع ُوا ع َ ِّزهُمْ( رواه الديلمي عن ابن عباس وإسناده ضعيف .قال المناوي لفظ
رواية الديلمي وضع الل ّٰه عزهم كذا في السراج المنير
ن الل ّٰه تَع َالى وَم َلائِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ( أي يعظمون )عَلَى
َت .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إ َ ّ
ن المَلائِك َة َ تَع َ َمّم ْ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تَع َ َمّموا فَإ َ ّ
اب العَم َا ِئمِ( أي الذين يلبسونها )يَوْم َ الجُمعة ِ( فيتأكد لبسها في ذلك اليوم ،ويندب للإمام أن يزيد في حسن الهيئة رواه الطبراني
صح َ ِ
أَ ْ
عن أبي الدرداء وهو حديث ضعيف كذا قاله العزيزي.
ِس( أي لبس العمامة على القلنسوة ،وهي ما يلف عليه
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :فَر ْقُ م َا بَي ْنَنَا و َبَيْنَ المُشْر ِكينَ العَم َائِم ُ عَلَى الق َلانَ ِ
العمامة ،فالمسلمون يلبسون القلنسوة وفوقها العمامة ،ولبس القلنسوة ،وحدها زي المشركين فلبس العمامة سنة رواه أبو داود والترمذي
عن ركانة بضم الراء ،وتخفيف الكاف ابن عبد يزيد
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ص ََل ّ ِ
ت المَلائ َِك َة ُ عَلَى المُتَعَمِّمينَ( أي دعت لهم بالبركة واستغفرت لهم )يَوْم َ الجم ُُع َة وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم:
سب ْع ِينَ رَكْ ع َة ً بِلا َ عِمَامَة ٍ( رواه الديلمي عن جابر قال المناوي :لأن الصلاة حضرة الملك والدخول إلى حضرة
ن بِعَم َامة ٍ خَيْر ٌ م ِنْ َ
رَكْ ع َتَا ِ
الملك بغير تجمل خلاف الأدب.
Shamela.org ٢٦
None ١
شياطِينَ لا َٺَت َع َمّم ُ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :العَم َائِم ُ سِيم َا المَلائِكَة ِ( بالقصر أي علامات لهم
ن ال َ ّ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تَع َ َمّم ُوا فَإ َ ّ
يوم بدر )ف َأ ْرسِلُوها خ َل َْف ظُهورِكُمْ( قالت عائشة :ما رأيت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وسخا قط ،وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول:
ِض الو َسَ خ َ وال َ ّ
شع َثَ وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم يحب لبس القميص ،وكان يطلق إزاره ،و يحب لبس الحـ ِبرة« .بكسر الحاء وفتح »الل ّٰه يُب ْغ ُ
الباء ثوب يماني من قطن مخطط ،وكان حماد يلبس قلنسوة بيضاء ،ويدير العمامة و يغرزها من ورائه ،ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه،
وأقل ما ورد في قدر العذبة أربع أصابع ،وأكثر ما ورد ذراع وبينهما شبر كذا في تنبيه الأخيار لابن حجر الهيتمي
ن المَلائ َِك َة َ ق َ ْد تَس َ َو ّم ْ
َت( قال ابن حجر في تنبيه الأخيار. )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تَس َ َو ّم ُوا( أي اجعلوا لـكم علامة بلبس اللباس )فإ َ ّ
وقد أمرنا صلى الل ّٰه عليه وسلم بلبس أجود ما نجد ،وأن نتطيب بأجود ما نجد ،وأن نلبس البياض .نعم في يوم العيد يقدم الأحسن
غير الأبيض على الأبيض ،غير الأحسن فيسن في يوم العيد تقديم الأخضر على الأبيض ،لـكن لا خصوصية للأخضر ،بل كل ذي
لون كذلك ،فإن الخضرة أفضل الألوان بعد الأبيض ،وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم لا يفارق الطيلسان ،وكان طول طيلسانه ستة أذرع،
وعرضه ثلاثة أذرع انتهى .واستعمله الصوفية.
)
ن الاق ْتِع َاطِ ( بالقاف ثم العين المهملة ،أي التعمم من غير
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم نَهَ ى( بالبناء للمفعول وما بعده نائب الفاعل )ع َ ِ
حِي( بتشديد الحاء المهملة بعد اللام ،أي تطو يق العمامة تحت الحنك .قال سيدي إدارة تحت الحنك وهو ما تحت الذقن )و َأَ م َر َ
بالت ّل َ ّ َ
الشيخ عبد القادر والمندوب على قسمين :أحدهما في حق الل ّٰه تعالى ،وهو الرداء إذا كان في جماعة ،ومجمع الناس فلا يعري منكبيه
من شيء من الثياب الجميلة كالأعياد والجمع وغير ذلك ،الثاني في حق المخلوقين وهو ما يتجملون به بينهم من أنواع الثياب المباحة ،ولا
يزدري بصاحبه ،ولا ينقص مروءته بينهم و يكره الاقتعاط ،وهو التعمم بغير الحنك ،ويستحب التلحي وهو إذا كان بالحنك انتهى،
وهذا لا يعمله إلا بعض الصوفية.
}الباب الثالث عشر :في فضيلة الصوم{
جز ِي به« الصيام َ َ
فإن ّه ُ لي و َأَ ن َا أ ْ ْف َ
إلا ّ ِّ سب ْعمائَة ِ ضع ٍ
حسَنَة ٍ بِعَشْر ِ أمْثَالِهَا إلى َ قال الل ّٰه تعالى فيما حكاه عنه نبيه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :ك ُ ُ ّ
ل َ
كذا في الإحياء
)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :قَا َ
ل الل ّٰه تَع َالَى( في الحديث القدسي .والفرق بينه وبين القرآن أن القرآن نزل للإعجاز بأقصر سورة
َ
)الصّ و ْم لي و َأن َا أَ جز ِي بِه ِ( بفتح الهمزة وسكون الياء، بخلاف ذلك ،فإنه ليس للإعجاز ،وكل من القرآن والأحاديث يتعبد بقراءته
أي جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ،وقيل معنى ذلك أن الصيام أحب العبادات إلي ،والمقدم عندي رواه الطبراني عن أبي أمامة
بإسناد حسن
)
ح بِه ِما فَرْح َة ٌ عِنْد َ إفْطَارِه ِ( أي بزوال جوعه وعطشه حين أبيح له الفطر .وقيل :إن فرحه وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
للصّ ائِم فَرْحَتَان يَفْر َ ُ
بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه )و َفَرْح َة ٌ عِنْد َ لِق َاء ِ ر َبِّه ِ( أي يوم
القيامة قال وهب بن منبه ليس للمؤمن راحة دون لقاء ربه ،أي بحصول الجزاء والثواب أو بالنظر إلى وجه ربه انتهى
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لَخلُُوف( بضم الخاء المعجمة واللام وسكون الواو ،وبعدها فاء واللام جواب قسم وهو قوله صلى الل ّٰه عليه
الصّ ا ِئمِ( أي تغيره )أَ طْ ي َبُ عِنْد َ الل ّٰه م ِنْ ر ِِيح المِسْكِ ( أي ريح
وسلم قبله» :والذي نفس محمد بيده« أي بقدرته وتصر يفه لخلوف )ف َ ِم َ
فم الصائم أطيب عند الل ّٰه من ريح المسك عندكم .وقيل :المراد أن الل ّٰه يجز يه في الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك .وقيل:
المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك ،ورجح النووي أن معنى ذلك أن الخلوف أكثر ثوابا من المسك المندوب
إليه في الجمع ،ومجالس الذكر ،وهو حمل معنى الطيب على القبول والرضا ،وقد نقل القاضي حسين أن للطاعات يوم القيامة ر يحا يفوح،
فرائحة الصيام فيها بين العبادات كالمسك
Shamela.org ٢٧
None ١
)
شِتَاء ِ الغ َن ِيم َة ُ ل الل ّٰه وَم َا الغ َن ِيم َة ُ البَارِدَة ُ؟ قالَ :
الصّ وْم ُ في ال ّ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :عَلَيْك ُ ْم بالغ َن ِيمَة ِ البَارِدَة ِ( أي الزموها )قالوا يا رَسُو َ
خر َ( والمراد الصغائر )فَإذ َا ت ََم ّ رَمَضَانُ لا
البَارِدَة ُ .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَام َ يَو ْما م ِنْ رَمَضَانَ غُف ِر َ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ
ْس عَلَيْه ِ ذَن ْبٌ ( أي من الصغائر المتعلقة بحق الل ّٰه
ل رَمَضَانَ آخ َر ج َاء َ يَوْم َ القيامَة ِ و َلَي َ
ل الآخر ،فإ ْن م َاتَ قَب ْ َ
يُكْت َبُ عَلَيْه ِ ذَن ْبٌ إلى الحَو ْ ِ
تعالى وجملة قوله ،وليس عليه ذنب حالية من فاعل جاء ،فالواو للحال وفي رواية من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر ،رواه الخطيب عن ابن عباس .قوله إيمانا ،أي اعتقادا بحق فرض الصوم ،قوله واحتسابا أي طالب الثواب من الل ّٰه
تعالى
ض أ ْن ٺَتَك َل ّما لَق َالَتَا بُش ْرى( مبتدأ ونعتها محذوف أي بشرى عظيمة )لم َِنْ صَام َ
موات والأَ ْر ِ
ِ س)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لَو ْ أَ ذِنَ الل ّٰه لل َ ّ
الن ّارِ كَج َن ُ ّة ِ أحَدِك ُ ْم م ِ َ
ن الق ِتَالِ( أي كالدرع المانع من ن َ الصيام ُ ج َُن ّة ٌ( بضم الجيم أي سترة )م ِ َ
رَمَضَانَ بال َجن ّة ِ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمِّ :
القتل في القتال وحسبك به فضلا ًللصائم ،رواه ابن ماجه عن عثمان بن أبي العاص ،وهو حديث صحيح ،وفي لفظ الصوم جنة أحدكم
من النار كدرع أحدكم في القتال
)
الصّ ائِم ُ إذا أَ فْطَر َ ص ََل ّ ْ
ت علَيْه ِ المَلائِك َة ُ( أي دعت له بالبركة أو استغفرت له )حَت ّى يَفْرَغَ وقال صلى الل ّٰه عليه وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الصّ وْم ُ( رواه ابن ماجه عن أبي هريرة والطبراني عن سهل بن سعد ،وإنما كان الصوم ل شَيْء ٍ زَك َاة ٌ( أي صدقة )وَزَك َاة ُ الجَسَدِ َ وسلم :لِك ُ ّ ِ
زكاة البدن لأنه سر من أسرار الل ّٰه تعالى ،وسبب لنحول الجسد وز يادة بركته ،وخيره المعنوي فأشبه الزكاة المالية ،فإنها وإن نقصته
حسا زادته بركة ،فكذلك الصوم
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :نَوْم ُ الصّ ا ِئمِ( أي فرضا أو نفلا ً)عِبَادَة ٌ( وفي لفظ نوم العالم عبادة ،فيحتمل أنها رواية ،و يحتمل أن أحد
َاب
صم ْت ُه ُ تَسْب ِيحٌ( أي بمنزلة التسبيح )و َع َمَلُه ُ مُضَاع ٌَف( الحسنة بعشر إلى ما فوقها )وَد ُعَاؤُه ُ مُسْت َج ٌ
اللفظين سبق قلم كذا أفاد العزيزي )و َ َ
وَذَن ْب ُه ُ مَغْف ُور ٌ( أي ذنوبه الصغائر رواه البيهقي عن عبد الل ّٰه بن أبي أوفى ،وهو حديث ضعيف ،وفي لفظ ونفسه تسبيح وكلامه صدقة
انتهى .وهذا في صائم لم يخرق صومه بنحو غيبة ،فالنوم وإن كان عين الغفلة يصير عبادة ،لأنه يستعين به على العبادة.
}الباب الرابع عشر :في فضيلة الفر يضة{
من صلاة وما معها.
)
س( أي خمس دعائم كما في رواية عبد الرزاق،
قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :بُنِي َ الإسْ لام ُ( بالبناء للمفعول أي أسس الإسلام )عَلَى خَم ْ ٍ
فالمبني هو الإسلام الكامل والمبني عليه أصل الإسلام ،ومجموع هذه الخمس غير المبني عليه من حيث الانفراد ،وعينه من حيث الجمع
ومثاله البيت مثلا ً يجعل على خمسة أعمدة :أحدها أوسط ،والبقية أركان فإذا دام الأوسط قائما ،فسمي البيت موجودا ،ولو سقط شيء
من الأركان ،فإذا سقط الأوسط سقط مسمى البيت ،فالبيت بالنظر إلى مجموعة شيء واحد ،وبالنظر إلى أفراده أشياء كثيرة ،وأيضا
فالنظر إلى رأسه وأركانه الأس أصل ،والأركان تبع وتكملة ،وأيضا إلى معنى الإسلام هو التذلل العام الذي هو اللغوي ،فيبنى عليه
ل إلا ّ الل ّٰه و َأَ َ ّ
ن مُحَم ّدا رَسُو ُ التذلل الشرعي الذي هو فعل الواجبات ،فلا يلزم على ذلك المذكور بناء الشيء على نفسه )شَه َادَة ُ أ ْن لا َاله َ
الل ّٰه( بجر شهادة وما بعدها على البدل من خمس ،و يجوز الرفع على حذف الخـبر ،والتقدير منها شهادة أو على حذف المبتدأ ،والتقدير
أحدها شهادة ولم يذكر صلى الل ّٰه عليه وسلم الجهاد مع هذه الخمس ،لأنه فرض كفاية وهذه فروض عينية ،ولم يذكر الإيمان بالملائكة
ونحوه ،لأنه صلى الل ّٰه عليه وسلم أراد بالشهادة تصديق الرسول صلى الل ّٰه عليه وسلم بكل ما جاء به فيستلزم ذلك )و َإقَام ُ َ
الصّ لاة ِ( أي
صوْم ُ رَمَضَانَ( رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمر بن الز ّكاة ِ( أي إعطاؤها أهلها )و َحَ ُ ج ّ البَي ِ
ْت و َ المداومة عليها )و َإيتَاء َ
ُ
Shamela.org ٢٨
None ١
الخطاب ،وفي رواية لمسلم عن ابن عمر تقديم الصوم على الحج وقدم صلى الل ّٰه عليه وسلم الشهادتين ،لأنهما أصل الأمر كله ثم الصلاة،
لأنها عماد الدين و يقتل تاركها بضرب عنقه على المذهب وقيل :يضرب بالخشب إلى أن يموت.
وقيل بنخس بحديدة إلى أن يصلي أو يموت ،ثم الزكاة لأنها فطرة الإسلام ولشمولها المكلف وغيره ،ثم الحج للتغليظات الواردة فيه من
نحو قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم من لم تحبسه حاجة ،ولم يحج وله جمع ،فليمت إن شاء يهوديا ،وإن شاء نصرانيا ،والمراد بالجمع مال وغيره،
فإن بذلك المذكور من التعاليل أن يقع الصوم آخرا.
ووجه الحصر في الخمس أن العبادة إما قولية ،وهي الشهادة أو غير قولية وهذا إما تركي وهو الصوم ،والمراد بالترك إمساك الصائم ،أو
فعلي وذا إما بدني وهو الصلاة أو مالي وهو الزكاة ،أو مركب منهما وهو الحج .والإسلام الحقيقي يحصل بالشهادتين بشرط التصديق
كما أفاده العزيزي
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ص َُل ّوا خَمْسَكُمْ( أي صلواتكم الخمس )وَز َ ُكّ وا أَ مْوَالـَك ُ ْم وَصُوم ُوا شَهْر َكُمْ( أي رمضان كما روي عن عكرمة عن
كف َر َ جِهاراً(
الصّ لاة َ م ُت َعَمِّدا فَق َ ْد َ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ص َُل ّوا كَمَا ر َأَ يْتمُُونِي( أي علمتموني ) ُأصَل ِّي و َقَا َ
ل صلى الل ّٰه عليه وسلم م َنْ ت َرَك َ َ
أي استوجب عقوبة من كفر أو قارب أن يكفر فإن تركها جاحدا لوجوبها كفر حقيقة ،رواه الطبراني عن أنس وإسناده حسن
)
ك َ ّفارَة ٌ
ك َ ّفارَة ٌ لمَا بَيْنَه َُنّ ما اجْ تُن ِب َِت الك َبَائ ِر ُ والجم ُُع َة ُ إلى الجم ُُعَة ِ( أي وصلاة الجمعة إلى الجمعة ) َ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الصّ لواتُ الخم َ ُْس َ
س كَمث ِ
ل لوات الخم َ ْ ِ
ِ ل َ
الصّ لما بَيْنَهُم َا وَزِي َادَة ُ ثَلاثَة ِ أيا ٍم( رواه أبو نعيم عن أنس وقال الغزالي في الإحياء :وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :مث ُ
ك يُبْقِي م ِنْ دَر َنِه ِ قالوا :لا َشَيْءَ .قال صلى الل ّٰه عليه وسلم:
ات ،فَمَا ت َر َ ْونَ ذال ِ َ
ْس م َ َّر ٍ
ل يو ْ ٍم خَم َ اب أحَدِك ُ ْم يَقْت َ ِ
حم ُ ف ِيه ِ ك ُ َ ّ ْب غَمْرٍ ببِ َ ِ
نَهْرٍ عَذ ٍ
لوات الخم َ َْس ت ُ ْذه ِبُ ال ُذ ّنُوبَ كَمَا ي ُ ْذه ِبُ الماء ُ ال َد ّرَنَ«.
ِ ن َ
الصّ فَإ َ ّ
اب الك َبَائِر ِ( رواه الترمذي والحاكم )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :منْ جَم َ َع بَيْنَ َ
الصّ لاتَيْنِ م َنْ غَيْر ِ ع ُ ْذرٍ( كسفر ومطر )فَق َ ْد أتى بابا م ِنْ أَ ب ْو َ ِ
عن ابن عباس.
Shamela.org ٢٩
None ١
Shamela.org ٣٠
None ١
جدِ الحَرا ِم( قالت عائشة رضي الل ّٰه عنها :كان رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يصلي بعد العشاء الأخيرة أربع ركعات ،ثم ينام
س ِ
)في الم َ ْ
كذا في الأحياء.
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَلَ ّى ُ
الضّ حَى ثِن َت ْي ع َشرة َ رَكْ ع َة ً إيمانا( أي اعتقادا بحق )واحْتِسَابا( أي طلبا للأجر من الل ّٰه تعالى )كَت َبَ
ْف دَرَجَة ٍ و َبَنى الل ّٰه لَه ُ بَي ْتا في الج َنَ ّة ِ وَغَف َر َ الل ّٰه لَه ُ ذ ُنُوبَه ك َُل ّها( وفي
ْف سَي ِّئَة ٍ ور َف َ َع لَه ُ أَ ل َْف أَ ل ِ
محَا عَن ْه ُ أَ ل َْف أَ ل ِ
حسَنَة ٍ و َ َ
ْف َ
الل ّٰه لَه ُ أَ ل َْف أَ ل ِ
رواية الترمذي وابن ماجه عن أنس وابن ماجه عن أنس بإسناد ضعيف من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة ،بنى الل ّٰه له قصرا في
الجنة من ذهب ،وفي رواية الطبراني إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين ،أو أربعا كتبت من المخبتين ،أو ستا كتبت من
القانتين ،أو ثمانيا كتبت من الفائزين ،أو عشرا لم يكتب عليك ذلك اليوم ذنب ،وإن صليتها اثنتي عشرة ركعة بنى الل ّٰه لك بيتا في
الجنة ،ونظم ذلك عبد السلام بن عبد الملك من بحر الطو يل فقال:
ل فَخ ُ ْذ عَد َدا ق َ ْد ج َاءَن َا ع َنْ أبي ذَرِّ ن المخُ ْتَارِ س ُ ّ
ِت فَضَائ ِ ٍ ك الل ّٰه م ِنْ حُرّ ِ فَف ِيهَا ع َ ِ
سعْدٌ لم َِنْ ي َ ْدرِي فَبَادِ ْر إلَيْهَا ي َا ل َ َ الضّ حَى ي َا ص ِ
َاح َ صَلاَة ُ ُ
ن بِهَا فَوْز ُ المصل ِّي لَد َى الحَشْر ِ و َتُمْحَى ذ ُنُوبُ مخ ْب ِتا ي َا أَ ب َا عَم ْر ُو وَس ُ ّ
ِت هَد َاك َ الل ّٰه تُكْت َبُ قَانِتا ثَما ٍ ْس تُكْت َب غَاف ِلا ًوأَ رْب َ ُع تُدْعى ُ
ن مِنْهَا لَي َ
فَثِن ْتَا ِ
ل
ص ِّ
مجَاوَرَة َ الب َ ْدرِ مُحَم ّد الهَادي و َ َ
َب فَا ْرز ُق ْنَا ُ
ل صَالحا و َي َا ر ِّ
َب و َف ِّقْنَا لِنَعْم َ َ
ْت ب ِالقَصْر ِ فَيَا ر ِّ
جئ ْتَ اثنتي عَشْر َة فُز ِ
اليو ْ ِم ب ِالعَشْر ِ فاصْ طَبِرْ فإ ْن ِ
صحَابه الغ ُرِ ّ .
نح ْوَه ُ الحا َدِي و َأَ ْ
عَلَيْه ِ م َا حَد َا َ
}الباب السادس عشر :في فضيلة الزكاة{
وهي دليل على إيمان فاعلها ،فإن المنافق يمتنع منها لـكونه لا يعتقدها.
)
قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الز ّك َاة ُ قَنْطَرَة ُ الإسْ لام( أي جسره الذي يعبر منه إليه فإيتاؤها طر يق في التمكين في الدين رواه الطبراني
عن أبي الدرداء والبيهقي عن ابن عمر
إلا ّ َ
بالز ّكاة ِ ولا إيمانَ لم َِنْ لا َ زَك َاة لَه ُ ل الل ّٰه الإيمانَ َ
ن وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا َ يَقْب َ ُ
طهْر ُ الإيما ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الز ّك َاة ُ ُ
بالز ّكاة ِ( أي بإخراجها فما تلف مال في بر ولا بحر إلا بمنعها )وَد َاووا م َرضَاك ُ ْم َ
بالصّ د َقَة ِ( َصن ُوا أموالـ َكم َوقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ح ِّ
ْ
فإنها أنفع من الدواء الحسي )وأَ ع ِ ُ ّدوا لِل ْبَلاء ِ ال ُد ّعَاءَ( أي بأن تدعوا عند نزوله ،فإنه يرفعه رواه الطبراني وأبو نعيم والخطيب ،وفي رواية
لأبي داود بدل هذه الجملة الأخيرة ،واستعينوا على حمل البلاء بالدعاء والتضرع
الز ّك َاة ِ( كما في الحديث الذي رواه ابن عدي والبيهقي عن عائشة ما إلا ّ بِمَن ِْع َ
بح ْر َ
ل في بَر ٍّ ولا َ
ك م َا ٌ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ما هَل َ َ
اختلطت الصدقة أي الزكاة مالا ًإلا أهلـكته
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا إيمَانَ لم َِنْ لا َ صَلاَة َ لَه ُ( أي لأن الصلاة نور كما في الحديث ،أي وهي سبب لإشراق أنوار المعارف
)ولا صَلاَة َ لم َِنْ لا زَك َاة َ لَه ُ( كما قد روي عن ابن مسعود أمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ،ومن لم يزك فلا صلاة له ،وفي رواية لمسلم
من أقام الصلاة ،ولم يؤت الزكاة فليس بمسلم ينفعه عمله ،وفي الخـبر إن الل ّٰه تعالى قرن ثلاثة أشياء ،فلم يقبل واحد منها بدون الأخرى
ن الز ّك َاة{ ]النور [٦٥ :وقال الل ّٰه تعالى} :و َأَ طِيع ُوا الل ّٰه و َأَ طِيع ُوا َ
الر ّسُولَ{ ]النساء [٩٥ :وقال تعالى} :أ ِ الصّ لاَة َ و َآتُوا َ
فقال تعالى} :أق ِيم ُوا َ
أشْ ك ُر لَي و َل ِوَالِدَيْكَ{ ]لقمان[٤١ :
)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :طهّ ِروا أمْوَالـَك ُ ْم َ
بالز ّكاة ِ(
)
الز ّك َاة ُ فَلَم يَدْفَعْه َا( أي الزكاة لمن يستحقها )فَه ُو َ في َ
الن ّارِ(. وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم م َنْ وَجَب َْت عَلَيْه ِ َ
Shamela.org ٣١
None ١
سوءِ( بالمهملة ،وفي رواية من الشر بالمعجمة والراء رواه الطبراني عن رافع
ن ال ُ ّ
الصّ د َق َة ُ تَس ُ ُ ّد سبعينَ بابا م ِ َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
بن خديج بإسناد ضعيف ،وفي رواية للخطيب عن أنس بإسناد ضعيف الصدقة تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص
هذا مما علمه الل ّٰه تعالى لنبيه من الطب الروحاني الذي يعجز عن إدراكه الخلق.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :اتّق ُوا َ
الن ّار َ( أي اجعلوا بينكم وبين نار جهنم وقاية من الصدقات ،وأعمال البر) .و َلَو ْ( كان الاتقاء المذكور
)بِشِقّ ِ تَم ْرَة ٍ( بكسر الشين المعجمة ،أي جانبها أو نصفها ،فإنه قد يسد الرمق سيما للطفل فلا يحتقر المصدق ذلك )فإ ْن ل َ ْم َ
تجِد ُوا( ما
ٺتصدقون به لفقده حسا أو شرعا ،كأن احتجتموه لمن تلزمكم نفقته )فَبِكَل ِمَة ٍ طَي ِّبَة ٍ( أي تطيب قلب الإنسان بأن يتلطف به بالقول أو
بالفعل ،فإنه سبب للنجاة من النار رواه أحمد والبخاري ومسلم عن عدي بن حاتم وقال العزيزي نقلا ًعن السيوطي :الذكر أفضل من
سك ُ ْم و َعَلَى أَ مْوَاتِك ُ ْم و َلَو ْ بشَرْبَة ِ م َاء ٍ فَإ ْن ل َ ْم
ص َ ّدق ُوا عَلَى أَ نْف ُ ِ
الصدقة ،وهو أيضا يدفع البلاء ،وعن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال» :ت َ َ
ن الل ّٰه و َعَد َكُم ُ الإج َابَة َ كَذ َا
والر ّحْمَة ِ ،فَإ َ ّ
ن فَا ْدع ُوا لَه ُ ْم ب ِالمَغْف ِرَة ِ َ
ن القُر ْآ ِ اب الل ّٰه تَع َالى ،فَإن ل َ ْم تَعْلَم ُوا َ
شي ْئَا م ِ َ ك فَب ِآيَة ٍ م ِنْ ك ِت َ ِ
ت َ ْقدِر ُوا عَلَى ذَل ِ َ
ض َ
الصّ الِ حـينَ«. فِي ر يا ِ
)
ن الحِرْم َانَ( أي عدم الإعطاء بالكلية )أَ ق َ ُ ّ
ل مِن ْه ُ( أي إعطاء القليل وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا َتَسْت َحي ُوا م ِنْ إعطَاء ِ الق َلِي ِ
ل فَإ َ ّ
)و َقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ نَه َر َ سَائِلاً( أحوجته العيلة إلى السؤال ،أي من زجره وأغلظ عليه القول )نَه َرَت ْه ُ الملائِك َة ُ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ(
فينبغي أن يرده ردا جميلا ًقال إبراهيم بن أدهم :نعم القوم السّؤال يحملون زادنا إلى الآخرة ،وقال إبراهيم النخعي :السائل بريدنا ،أي
رسولنا إلى الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول :هل تبعثون إلى أهليكم بشيء؟ وقيل :المراد بالسائل الذي يسأل عن الدين .وروي
عن الزمخشري أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قال :إذا رددت السائل ثلاثا ،فلم يرجع فلا عليك أن تزبره أي تزجره وقيل :أما إنه ليس
السائل المستجدي ،ولـكن طالب العلم إذا جاءك فلا تنهره.
Shamela.org ٣٢
None ١
Shamela.org ٣٣
None ١
السلام بعضهن على بعض ،وأما سلام الرجل على المرأة الشابة فمكروه ،وإن كانت برزة فلا حرج ،وأما السلام على الصبيان فمستحب،
لأن فيه تعليم الأدب لهم ،وكذلك يستحب لمن قام من المجلس أن يسلم على أهله ،وكذلك إذا سلم على رجل ،ثم التقاه ثانيا سلم عليه،
ولا يسلم على المتلبسين بالمعاصي كمن اجتاز على قوم يلعبون بالشطرنج والنرد ،ويشربون الخمر و يلعبون بالجوز والقمار ،ويستحب للمسلم
المصافحة لأخيه ،ولا ينزع الآخر يده إذا كان هو المبتدىء ،وإن تعانقا وقبل أحدهما رأس الآخر ويده على وجه التبرك جاز ،وأما
تقبيل الفم فمكروه انتهى.
ل الك َلا َ ِم( رواه الترمذي عن جابر ،وهو حديث صحيح قال العزيزي يحتمل أن المعنى يندب الن ّب ِ ُيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم :ال َ ّ
سلام ُ قَب ْ َ )وقال َ
السلام قبل الشروع في الكلام لأنه تحية هذه الأمة ،فإذا شرع المقبل في الكلام فات محله .وقال النووي :والسنة أن المسلم يبدأ
بالسلام قبل كل كلام
)
ل ال َ ّ
سلا ِم فَلا َ تُجيب ُوه ُ( فيه حث على السلام وزجر عن ترك رواه الطبراني عن ابن عمر بن وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ بَد َأ بالكلا ِم قَب ْ َ
الخطاب )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ بَد َأَ بال َ ّ
سلا ِم( أي على من لقيه أو قدم عليه )فَه ُو َ أَ وْلَى بالل ّٰه وَرَسُولِه ِ( رواه أحمد عن أبي أمامة
قال العزيزي :يحتمل أن المراد أولى بأمان الل ّٰه وأمان رسوله ،أي أولى لأن يرد عليه من سلم عليه و يؤمنه ،لأن السلام معناه الأمان،
فيجب الرد والل ّٰه أعلم اهـ.
ض ف َأَ فْش ُوه ُ( بقطع الهمزة ،أي أظهروه بينكم أن تسلموا على سلام ُ م ِنْ أسْمَاء ِ الل ّٰه تَع َالَى و َ َ
ضع َه ُ الل ّٰه في الأَ ْر ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ال َ ّ
سل ِم َ إذا م َ َّر بِقَو ْ ٍم فَسَ َل ّم َ عَلَيْه ِ ْم ف َرَدّوا عَلَيْه ِ ك َانَ لَه ُ عَلَيْه ِ ْم ف َضْ ُ
ل دَرَجَة ٍ ل الم ُ ْ ن َ
الر ّج ُ َ كل ما لقيتموه من المسلمين ممن يشرع عليه السلام )فإ َ ّ
سلام ،فإ ْن ل َ ْم ي َر ُدوا عَلَيْه ِ ر َ َدّ م َنْ ه ُو َ خَيْر ٌ مِنْه ُ ْم و َأَ طْ ي َبُ ( رواه البزار والبيهقي عن ابن مسعود وهو حديث صحيح .قوله
بتِ َ ْذكِيره ِ إ َي ّاه ُم ال َ ّ
من هو خير منهم هم الملائكة الـكرام فخواص الملائكة أفضل من عوام البشر ،وفي الحديث أن بدء السلام ،وإن كان سنة أفضل من
جوابه ،وإن كان واجبا كذا أفاده العزيزي
)
س بالل ّٰه( أي برحمته وكرامته )م َنْ بَد َأَ ه ُ ْم بال َ ّ
سلا ِم( أي عند الملاقاة والمفارقة ،لأنه السابق إلى ن أَ وْلَى َ
الن ّا ِ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إ َ ّ
الت ّواض ُع الابتداء ُ بال َ ّ
سلا ِم( قال س َ ذكر الل ّٰه ومذكرهم رواه أبو داود عن أبي أمامة ،وهو حديث صحيح )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم ّ :ر َأْ ُ
النووي :الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلم ويسلم عليه ،فيسن له السلام و يجب الرد عليه ،وأما المبتدع ومن اقترف
ذنبا عظيما ولم يتب منه ،فينبغي أن لا يسلم عليه ،ولا يرد عليه السلام كذا قاله البخاري وغيره من العلماء اهـ .وقال سيدي الشيخ عبد
القادر :ولا يهجر المسلم أخاه فوق الثلاث ،إلا أن يكون من أهل البدع والضلال والمعاصي ،فمستحب استدامة الهجر لهم وبالسلام
يتخلص من إثم الهجر للمسلم اهـ.
ن أَ ق ْر َبُه ُما إلى الل ّٰه تَع َالى م َنْ بَد َأ بال َ ّ
سلا ِم( وفي رواية لأبي داود عن البراء بن عازب إذا )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذا ال ْتَقَى المُسْل ِمَا ِ
التقى المسلمان فتصافحا ،وحمدا الل ّٰه واستغفرا غفر لهما وهذا حديث حسن ،وقوله المسلمان يشمل الذكرين والأنثيين ،والذكر ومحرمه
وحليلته ،ويستثنى من هذا الحكم الأمرد الجميل الوجه ،فتحرم مصافحته ومن به عاهة كالأبرص والأجذم ،فتكره مصافحته ،وفي رواية
الحكيم الترمذي عن ابن عمر إذا التقى المسلمان ،فسلم أحدهما على صاحبه كان أحبهما إلى الل ّٰه أحسنهما بشرا بصاحبه ،فإذا تصافحا
أنزل الل ّٰه عليهما مائة رحمة للبادي تسعون ،وللمصافح عشرة .قوله بشرا بكسر الموحدة ،أي طلاقة الوجه وبشاشته .قوله للبادي تسعون،
أي البادىء بالسلام والمصافحة تسعون .قوله وللمصافح عشرة بفتح الفاء ،وفي ذلك أن المندوب قد يفضل الواجب
)
س فَسَل ِّم ُوا وإذا خَر َجْ تُم ْ فَسَل ِّم ُوا( أي فيندب السلام عند ملاقاة المسلم ،وعند مفارقته بذلا ً
مج ْل ِ ٍ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذ َا دَخ َل ْتُم في َ
Shamela.org ٣٤
None ١
للأمان ،وإقامة لشعائر أهل الإيمان .كذا قاله العزيزي .وقال النووي :يستحب إذا دخل بيته أن يسلم ،وإن لم يكن فيه أحد ،وليقل
السلام علينا ،وعلى عباد الل ّٰه الصالحـين ،وكذا إذا دخل مسجدا أو بيتا لغيره ليس فيه أحد يستحب أن يسلم ،وأن يقول :السلام علينا
وعلى عباد الل ّٰه الصالحـين السلام عليكم أهل البيت ورحمة الل ّٰه وبركاته ،ويستحب لمن سلم على إنسان ،فلم يرد عليه أن يقول له بعبارة
لطيفة رد السلام واجب ،فينبغي لك أن ترد حتى يسقط عنك الفرض ،والل ّٰه أعلم .وفي رواية البيهقي عن قتادة إذا دخلتم بيتا فسلموا
على أهله ،فإذا خرجتم فأودعوا قبله بالسلام ،وهذا حديث ضعيف ،أي إذا وصل أحد إلى محل فيه مسلمون ،فالتصبر بالدخول وبالبيت
وبالجمع غالي
ل بال َ ّ
سلا ِم( وقال ابن حجر في تنبيه الأخيار ،و يحرص أن يسلم في كل يوم على عشرة بخ ِ َ
س م َنْ َ ل َ
الن ّا ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ بْ خ َ ُ
من المسلمين وأن يكون هو المبتدىء ،فإنه أفضل من الرد وصيغته الكاملة السلام عليكم ،ولو لواحد ورحمة الل ّٰه وبركاته ،ويريد الراد
ومغفرته ورضوانه ،ومر صلى الل ّٰه عليه وسلم على صبيان فقال :السلام عليكم يا صبيان وفي الحديث إذا التقى المسلمان فتصافحا ،وحمدا
الل ّٰه وصليا على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ،واستغفرا وضحك كل منهما في وجه صاحبه غفر الل ّٰه لهما ،ونزل عليهما مائة رحمة للبادي
تسعون ،وللمصافح عشرة و يقدم السلام على المصافحة اهـ.
)
ن لِذ ِ َمّتنَا( فإذا سلم المسلم على المسلم اطمأن
تح َِي ّة ٌ لِم َِل ّت ِنا( أي سبب لبقاء الألفة بين أهلها )و َأَ م َا ٌ وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :ال َ ّ
سلام ُ َ
ن منها أ ْو ر ُ ُدّوه َا( وروى أبو داود والترمذي عن عمران بن الحصين قال :جاء
وزال روعه )قال الل ّٰه تعالى :وإذ َا حُي ِّيتُم ْ بِتَح َِي ّة ٍ فَحيَ ّوا بأحْ سَ َ
رجل أَ عرابي إلى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال :السلام عليكم فرد عليه ،ثم جلس فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم» :عَشْر ٌ« ثم جاء
آخر فقال :السلام عليكم ورحمة الل ّٰه فردّ عليه فجلس فقال النبيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم» :عِشْر ُونَ« .ثم جاء رجل آخر فقال السّلام عليكم
ورحمة الل ّٰه وبركاته ،فرد عليه فجلس فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم» :ثلاثون« أي ثلاثون حسنة ،وفي رواية لأبي داود من رواية معاذ
بن أنس ز يادة على هذا قال :ثم أتى آخر فقال :السلام عليكم ورحمة الل ّٰه وبركاته ،ومغفرته ،فرد عليه فقال» :أربعون« وقال» :هكذا
تَكُونُ الفَضَائِلُ« وفي كتاب ابن السني بإسناد ضعيف عن أنس قال :كان رجل يمر على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم يرعى دواب أصحابه،
ك ال َ ّ
سلاَم ُ وَرَحْم َة ُ الل ّٰه و َب َرَك َاته وَمَغْف ِرَاته وَر ُضْ وانه« فقيل: فيقول :السلام عليك يا رسول الل ّٰه فيقول له النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم» :و َعَلَي ْ َ
جر ِ ب ِضْ ع َة َ ع َشَر َ رَج ُلاً« ك و َه ُو َ يَت َص َرّ ُ
ف ب ِأَ ْ يا رسول الل ّٰه تسلم على هذا سلاما ما تسلمه على أحد من أصحابك؟ قال» :وما يَم ْنَعَنِي م ِنْ ذال ِ َ
كذا في الأذكار للنووي والغنية للشيخ عبد القادر الجيلاني.
}الباب التاسع عشر :في فضيلة الدعاء{
َب و َإلَى
قال سيدي الشيخ عبد القادر :لا ينبغي للإمام والمأموم أن يخرجا من المسجد من غير دعاء قال الل ّٰه تعالى} :فَإذ َا ف َرَغْتَ فَانْص ْ
َب{ ]الشرح [٨ :أي إذا فرغت من العبادة فانصب في الدعاء ،وارغب فيما عند الل ّٰه ،واطلبه منه وقد جاء في الحديث عن
ك فَا ْرغ ْ
ر َب ِّ َ
ك تُصِ يبُ الر ّحْم َة ُ ،فأَ َ ّو ُ
ل ذال ِ َ ت َ ُوف ن َزَل َ ِ َت ُ
الصّ ف ُ أنس بن مالك عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال» :إذ َا قَام َ الإم َام ُ في مِ ح ْرَابِه ِ و َتَوات َر ِ
فالر ّ ِ
ابح ُ م َنْ يَرْف َ ُع يَد َيْه ِ ن َ خسِر َ فُلا ٌ الر ّحْم َة ُ عَلَى الجم ََاعَة ِ ،ثم يُنادي م َل َكٌ ر َِبح َ فُلا ٌ
ن وَ َ ثم ّ م َنْ ع َنْ يَمِينِه ِ ،ث َُم ّ م َنْ ع َنْ يَس َارِه ِ ،ث َُم ّ ٺَت ََفر ّقُ َ
الإما ِم َ
ج بلا د ُعَاء ٍ قَال َ ِ
ت المَلائِك َة ُ :يا جدِ بلا د ُعاءٍ ،فإذا خَر َ َ
س ِ
ن الم َ ْ بال ُد ّعَاء ِ إلى الل ّٰه تَع َالَى إذا ف َرَغَ م ِنْ صَلات َِه ِ المَكْت ُوبَة ِ ،والخَاسِر ُ ال َ ّذي خَر َ َ
ج مِ َ
ك عِنْد َ الل ّٰه ح َاج َة ٌ« انتهى
ن الل ّٰه تَع َالى م َا ل َ َ
ن اسْ تَغْنَي ْتَ ع َ ِ
فُلا ٌ
)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ال ُد ّعَاء ُ
مخ ّ العبادة ِ( أي خالصها رواه الترمذي عن أنس ،وهو حديث صحيح وإنما كان مخها لأمرين: ُ
أحدهما أنه امتثال أمر الل ّٰه تعالى حيث قال ادعوني ـ فهو مخ العبادة وخالصها ،والثاني أنه إذا رأى نجاح الأمور من الل ّٰه تعالى قطع أمله
Shamela.org ٣٥
None ١
عمن سواه ،ودعاه لحاجته وحده ،وهذا هو أصل العبادة ،ولأن الغرض من العبادة الثواب عليها ،وهو المطلوب بالدعاء وقال الحكيم:
إنما صار مخا لأنه تبرأ من الحول والقوة ،واعترف بأن الأشياء كلها له تعالى ،وتسليم إليه قال سيدي الشيخ عبد القادر :والأدب في
الدعاء أن يمد يديه ،ويحمد الل ّٰه تعالى ،و يصلي على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ،ثم يسأل حاجته ولا ينظر إلى السماء في حال دعائه ،وإذا
ك ّفِكُمْ« اهـ.
ن أَ ُ
فرغ مسح يديه على وجهه لما روي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال» :سَلُوا الل ّٰه ببُِط ُو ِ
)
ِب المل ُِحِّينَ في ال ُد ّعَاءِ( أي الملازمين له بإخلاص وصدق نية رواه الحكيم وابن عدي والبيهقي يح ُ ّ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إ َ ّ
ن الل ّٰه تَع َالى ُ
عن عائشة ،وهو حديث ضعيف .وفي لفظ يحب اللحاح في الدعاء :أي المقبل عليه والمواظب عليه ،وفي الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه
ل لَه ُ ،وإ َمّا خَيْر ٌ ي ُ َ ّدخَر ُ له ُ« .وقال أبو ذر رضي الل ّٰه ن ال ُد ّعَاء ِ إحْد َى ث َ ٍ
لاث إمّا ذَن ْبٌ يُغْف َر ُ لَه ُ ،وإما خير يُع َ َج ّ ُ يخْط ِئ ُه ُ م ِ َ وسلم» :إ َ ّ
ن العَبْد َ لا ُ
عنه :يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح انتهى.
ن ال ُد ّعَاءِ( لدلالته على اعتراف الداعي بالعجز
ْس شَيْء ٌ أَ ك ْرَم َ( بالنصب خبر ليس )عَلَى الل ّٰه تَع َالى م ِ َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لَي َ
والافتقار إلى ربه والذل والإنكار رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن أبي هريرة وأسانيده صحيحة.
ل الع ِبَادَة ِ ان ْتِظَار ُ الف َر َِج«.
ض ُ يح ُ ّ
ِب أَ ْن يُسْأَ لَ ،و َأَ ف ْ َ وفي الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :سَلُوا الل ّٰه تَع َالى م ِنْ ف َضْ لِه ِ ،ف َ َإن ّه ُ تَع َالَى ُ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :يَق ُو ُ
ل الل ّٰه تَع َالى ي َا عَب ْدي أن َا عِنْد َ ظَنِّكَ( أي إن ظن بي خيرا فله مقتضى ظنه ،وإن ظن بي شرا بأن ظن
أني أفعل به شرا فله ما ظن) .و َأَ ن َا مَعَكَ( أي بالتوفيق )إذ َا دَعَو ْتَنِي( فأسمع ما تقول فأجيبك ،وفي رواية العسكري عن أبي هريرة
بإسناد حسن قال الل ّٰه تعالى :م َنْ لا َي َ ْدع ُونِي أَ ْغضَبُ عَلَيْه ِ بإثبات حرف العلة في يدعوني ،فينبغي للإنسان أن لا يغفل عن الطلب من
ربه كذا أفاد العزيزي
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ل َ ْم ي َ ْدع ُ الل ّٰه تَع َالَى يَغْض ْ
َب عَلَيْه ِ( قال سيدي الشيخ عبد القادر قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم في حديث
أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه» :من لا يسأل الل ّٰه يغضب عليه« وقال الشاعر:
الل ّٰه يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تَرْك ُ ال ُد ّعَاء َ مَعْصِ ي َة ٌ( أي لعدم امتثال الأمر
ن( أي به يدافع البلاء كما يدافع عدوه بالسلاح )وَعِمَاد ُ الد ِّينِ( أي عموده الذي يقوم )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ال ُد ّعَاء ُ سِلا ُ
ح المُؤْم ِ ِ
موات والأَ ْرضِ( أي يكون للداعي نور فيهما رواه أبو يعلى والحاكم عن علي وهو حديث صحيح.
ِ سعليه )و َنُور ُ ال َ ّ
سه ِ( رواه الطيالسي وأبو داود عن
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :دَعْوَة ُ المَظْلُو ِم( على من ظلمه )مُسْت َج َابَة ٌ وإ ْن ك َانَ فَاجِرا فَفُجُورُه ُ على ن َ ْف ِ
أبي هريرة ورواه عنه أحمد ،وإسناده عنه حسن ،وذلك لأنه مضطر ملتجىء إلى ربه
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :ات ّق ُوا دَعْوَة َ المَظْلُو ِم( أي تجنبوا الظلم لئلا يدعو عليكم المظلوم ،وفي ذلك تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم
ل )فإ َ ّنها تُحْم َ ُ
ل على الغَم َا ِم( أي يأمر الل ّٰه تعالى بارتفاعها حتى تجاوز الغمام ،أي السحاب الأبيض حتى تصل إلى حضرته تعالى )يَق ُو ُ
الل ّه وَع َ ِّزتِي وَج َلالي لأَ ن ْصُر َن ّكَ( بنون التوكيد الثقيلة وفتح الكاف ،أي لأستخلصن لك الحق من ظلمك )و َلَو ْ بَعْد حِينٍ( أي أمد طو يل
َ
رواه الطبراني والضياء عن خزيمة بن ثابت بإسناد صحيح
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :ات ّق ُوا دَعْوَة َ المَظْلُو ِم( أي فإنها مقبولة )و َإ ْن ك َانَ( أي المظلوم )ك َاف ِرا( أي معصوما )ف َ َإن ّه( أي الشأن
َاب( أي ليس بينها وبين القبول مانع رواه أحمد والضياء المقدسي عن أنس بن مالك ،وإسناده صحيح قال ابن العربي
ْس د ُونَها ِحج ٌ
)لَي َ
هذا مقيد بالحديث الآخر ،إن الداعي على ثلاث مراتب ،إما أن يعجل له ما طلب ،وإما أن يدخر له أفضل منه ،وإما أن يدفع عنه
Shamela.org ٣٦
None ١
وب الاسْ تِغْف َار ُ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َ ِ
ن اسْ تَغْف َر َ غَف َر َ الل ّٰه لَه ُ وإ ْن ك َانَ فارّا ل شَيْء ٍ حِل ْي َة ٌ وَحِل ْي َة ُ ال ُذ ّن ُ ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لِك ُ ّ ِ
ف( أي صف القتال ،فإن الفرار من صف القتال بلا سبب مجوز للفرار من الكبائر ،قال النووي في الأذكار .وروينا في سنن ن َ
الز ّحْ ِ مِ َ
ي الق َُي ّوم ُ
ل أَ سْ تَغْف ِر ُ الل ّٰه ال ِ ّذي لا َاله إلا ّ ه ُو َ الح َ ُ ّ
أبي داود والترمذي عن ابن مسعود قال :قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ قَا َ
ف« .قال الحاكم هذا حديث صحيح. ن َ
الز ّحْ ِ و َأَ تُوبُ إلَيْه ِ غُف ِر َْت ذ ُنُوبُه ُ و َإ ْن ك َانَ ق َ ْد ف ََر ّ م ِ َ
سب ْع ِينَ م َ َّرة ً( المراد التكثير لا التحديد رواه أبو داود والترمذي عن )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َا أَ ص َ َرّ م َ ِ
ن اسْ تَغْف َر َ وإ ْن عَاد َ في اليَو ْم َ
عتيق أبي بكر عن سيدنا أبي بكر الصديق .والمعنى من أتبع الذنب بالاستغفار فليس بمصرٍّ عليه ،وإن تكرر منه )وقال صلى الل ّٰه عليه
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذا كَثُر َ عَلى أَ حَدِك ُ ْم ال ُذ ّنُوب فَل ْيَطْل ُ ِ
ب المَغْف ِرَة َ بالاسْ تِغْف َارِ( وفي لفظ من نسخ هذا الكتاب إذا كثرت ذنوب
أحدكم فليدع بالاستغفار
)
َت ذ ُنُوبُ أَ حَدِك ُ ْم فَل ْيَسْتَغْف ِر الل ّٰه( وقالت عائشة رضي الل ّٰه عنها قال لي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذ َا كَثُر ْ
ْب َ
الن ّدَم ُ والاسْ تِغْف َار ُ« ،وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول في ن ال َذ ّن ِ ن َ
الت ّو ْبَة َ م ِ َ ْت بذَن ٍْب فاسْ تَغْف ِري الل ّٰه و َتُو بِي إلَيْه ِ فَإ َ ّ
ْت أَ ل ْمَم ِ
كن ِ
وسلم» :إ ْن ُ
الل ّه ُ َ ّم ا ْغفِر ْ لي هَز ْلي و َ ِ
ج ّدِي وَخَطئي و َعَم ْدي، جهْل ِي وإسْر َافِي في أ ْمر ِي ،وَم َا أَ ن ْتَ أَ ع ْلَم ُ بِه ِ م ِنيَ ،
خط ِيئَتِي و َ َ »الل ّه ُ َ ّ
م ا ْغفِر ْ لي َ الاستغفارَ :
Shamela.org ٣٧
None ١
النمّ ْل« .وروي فإن ّه ُ لا يَغْف ِر ُ ال ُذ ّنُوبَ إلا أن ْت غُف ِر َ لَه ُ ذ ُنُوبُه ُ و َلَو ْ ك َان َْت َ
كعَدَدِ َ ك ظَلَم ْتُ ن َ ْفس ِي و َعَم ِل ْتُ سُوءا فَا ْغف ِر ليَ ،
سب ْح َان َ َ
ل ُ
»م َنْ قَا َ
أن أفضل الاستغفار :اللهم أنت ربي وأنا عبدك خلقتني ،وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت ،أبوء
لك بنعمتك علي ،وأبوء على نفسي بذنبي فقد ظلمت نفسي ،واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي ما قدمت منها وما أخرت ،فإنه لا يغفر
الذنوب جميعها إلا أنت انتهى.
)
ل ال َ ّ
سم َاء َ عَلَيْك ُ ْم مِدْرارا تج ْلُبُ الر ِ ّزْقَ ( وقد قال تعالى} :اسْ تَغْف ِر ُوا ر ََب ّك ُم َإن ّه ُ ك َانَ غَفّارا ي ُر ِ
س ِ كثْرَة ُ الاسْ تِغْف َارِ َ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
يجْع َلْ لـَك ُ ْم أنهارا{ ]نوح [٢١ ،١١ ،٠١ :وروي عن أنس بن مالك رضي الل ّٰه عنه يجْع َلْ لـَك ُ ْم ج ََن ّ ٍ
ات و َ َ و َيُمْدِدْك ُ ْم ب َأَ مْوا ٍ
ل و َبنين و َ َ
ن الاسْ تِغْف َارِ« فقلنا :يا رسول الل ّٰه علمنا شيئا نستغفر
ح ف َأَ كْ ث ِر ُوا م ِ َ قال :سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول» :إذا ص ََل ّي ْتُم ُ ُ
الصّ ب ْ َ
ح الل ّٰه ل ذَن ٍْب عَلِم ْنَاه أَ ْو ل َ ْم نَعْلَم ْه ُ في لَي ْ ٍ
ل أَ ْو نَهَا ٍر فَم َنْ و َاظَبَ عَلَيْه ِ فَت َ َ م إ َن ّا نَسْتَغْف ِرُك َ و َنَت ُوبُ إلَي ْ َ
ك م ِنْ ك ُ ّ ِ الل ّه ُ َ ّ
الل ّٰه تعالى به .فقال» :قولوا َ
اب الف َ ْقرِ« كذا في ر ياض الصالحـين
ق عَن ْه ُ بابا م ِنْ أَ ب ْو َ ِ
ن الر ِ ّ ْزقِ ،و َغ َل َ َ
لَه ُ بابا م ِ َ
)
ل الل ّٰه لَه ُ م ِنْ ك ُ ّ ِ
ل جع َ َ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أكْ ث ِر ُوا م ِ َ
ن الاسْ تِغْف َارِ( أي المقرون بالتوبة الصحيحة )فَم َنْ أَ كْ ثَر َ مِن ْه ُ( أي الاستغفار ) َ
يح ْتَسِبُ ( أي من وجه لا يخطر بباله ،وفي رواية لأحمد عن ابن عباس من أكثر من الاستغفار
حي ْثُ لا َ َ
غ َ ٍ ّم و َه َ ٍ ّم ف َر َجا وَرَز َق َه ُ من َ
جعل الل ّٰه له من كل هم فرجا ،ومن كل ضيق مخرجا ،ورزقه الل ّٰه من حيث لا يحتسب .وقال النووي في الأذكار وروينا في سنن أبي
مخ ْر َجا ،وَم ِنْ
ق َ
ل ضي ٍ داود وابن ماجه عن ابن عباس قال :قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ لَزِم َ الاسْ تِغْف َار َ جَع َ َ
ل الل ّٰه لَه ُ م ِنْ ك ُ ّ ِ
ل ما يُكَ ّف ِر ُه َا
ن العَم َ ِ
َت ذ ُنُوبُ العَبْدِ فَل َ ْم يَكُنْ لَه ُ م ِ َ
يح ْتَسِبُ « وفي رواية أحمد عن عائشة :إذا كَثُر ْ
حي ْثُ لا َ َ
ل ه َ ٍ ّم ف َر َجا ،وَرَز َق َه ُ م ِنْ َ
ك ُ ِّ
اب ْتَلاَه ُ الل ّٰه بالحُز ْ ِ
ن لِي ُك ّف ِر َه َا عَن ْه ُ بِه ِ ،وهو حديث حسن .وفي رواية بالهم ،أي إذا كثرة ذنوب الإنسان المسلم ،فلم يكن له من العمل
الصالح ما يكفرها لفقده أو لقلته ابتلاه الل ّٰه بالحزن ليكفرها عنه ،فغالب ما يحصل من الهموم والغموم من التقصير في الطاعة.
}الباب الحادي والعشرون :في فضيلة ذكر الل ّٰه تعالى{
قال الل ّٰه تعالى} :فَا ْذك ُر ُونِي أَ ْذكُر ْك ُ ْم و َاشْ ك ُر ُوا لي و َلا ت َ ْكف ُر ُونِ{ ]البقرة [٢٥١ :اختلف العلماء في ذلك فقال ابن عباس :اذكروني بطاعتي
أذكركم بمعونتي .وقال سعيد بن جبير :اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي .وقال فضيل بن عياض :فاذكروني بطاعتي أذكركم بثوابي .وقال
ابن كيسان :فاذكروني بالشكر أذكركم بالز يادة .وقيل :اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالدرجات والجنان ،وقيل :اذكروني على ظهر
الأرض أذكركم في باطنها إذا نسيكم أهلها ،وقل :اذكروني في الدنيا أذكركم في الآخرة ،وقيل :اذكروني بالطاعات أذكركم بالمعافاة .وقيل:
اذكروني بالخلاء والملاء أذكركم بالخلاء والملاء .وقيل :اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء ،وقيل :اذكروني بالتسليم
والتفو يض أذكركم بأصلح الاختيار .وقيل :اذكروني بالشوق والمحبة أذكركم بالوصل والقربة .وقيل :اذكروني بالمجد والثناء أذكركم بالعطاء
والجزاء.
وقيل :اذكروني بالتوبة أذكركم بغفران الحوبة ،اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء ،اذكروني بالسؤال أذكركم بالنوال ،اذكروني بلا غفلة أذكركم بلا
مهلة ،اذكروني بالندم أذكركم بالـكرم ،اذكروني بالمعذرة أذكركم بالمغفرة ،اذكروني بالإرادة أذكركم بالإفادة ،اذكروني بالتنصل أذكركم بالتفضل،
اذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص ،اذكروني بالقلوب أذكركم بكشف الـكروب ،اذكروني بلا نسيان أذكركم بالإيمان ،اذكروني بالافتقار
أذكركم بالاقتدار ،اذكروني بالاعتذار والاستغفار أذكركم بالرحمة والاغتفار ،اذكروني بالإيمان أذكركم بالجنان ،اذكروني بالإسلام أذكركم
بالإكرام ،اذكروني بالقلب أذكركم بكشف الحجب ،اذكروني ذكرا فانيا أذكركم ذكرا باقيا ،اذكروني بالابتهال أذكركم بالإفضال ،اذكروني بالتذلل
Shamela.org ٣٨
None ١
أذكركم بمغفرة الزلل ،اذكروني بالاعتراف أذكركم بمحو الاقتراف ،اذكروني بصفاء السر أذكركم بخالص البر ،اذكروني بالصدق أذكركم بالرفق،
اذكروني بالصفو أذكركم بالعفو ،اذكروني بالتعظيم أذكركم بالتكريم ،اذكروني بالتكبير أذكركم بالنجاة من السعير ،اذكروني بترك الجفاء أذكركم
بحفظ الوفاء ،اذكروني بترك الخطأ أذكركم بأنواع العطاء ،اذكروني بالجهد في الخدمة أذكركم بإتمام النعمة ،اذكروني من حيث أنتم أذكركم
من حيث أنا }وَلَذِك ْر ُ الل ّٰه أكْ بر ُ{ ]العنكبوت [٥٤ :أفاد ذلك الشيخ عبد القادر.
ن النِّف َاقِ( لدلالة حال الذاكر على أنه إنما ذكر الل ّٰه إيمانا بالل ّٰه وتصديقا
)قال رسول الل ّٰه :ذِك ْر ُ الل ّٰه ع ِلَم ُ الإيمانِ( أي لواؤه )و َب َر َاءَة ٌ م ِ َ
ن النيرانِ( وقيل إذا تمكن الذكر من القلب فإذا دنا منه الشيطان صرع كما يصرع ح ْرز ٌ( أي احتراس )م ِ َ
ن وَ ِ شيْطَا ِ ن ال ِّ
ن مِ َ
به )وَحِصْ ٌ
الإنسان إذا دنا منه الشيطان فيقولون :ما لهذا؟ فيقال :قد مسه الإنس كذا أفاد سيدي الشيخ عبد القادر.
)
ل الذِّك ْر ُ الخَف ُِيّ ( وقيل الذكر الخفي لا يرفعه الملك ،لأنه لا اطلاع له عليه فهو سر بين العبد وبين الل ّٰه
ض ُ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ ف ْ َ
تعالى .كذا ذكره الشيخ عبد القادر ،وفي حديث البيهقي عن عائشة :الذكر الذي لا تسمعه الحفظة يزيد على الذكر الذي تسمعه الحفظة
سبعين ضعفا .قال المناوي :قيل أراد بذلك الذكر التدبر والتفكر في مصنوعات الل ّٰه وآلائه والمتبادر إرادة الذكر القلبي اهـ.
وقال العلقمي :لعل المراد به التدبر والتفكر في مصنوعات الل ّٰه تعالى ،وفي استباط الأحكام الشرعية ،وتصور المسائل الفقهية التي يجريها
ل و َل َ ْم يَق ُل ال َ ّذي لا َ
ي المُو َ َكّلُونَ بِكِتَابَة ِ الأَ عْمَا ِ
الشخص على قلبه ،ويتفكر فيها ،ولهذا قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :ال َ ّذ ِي لا ت َ ْسم َع ُه ُ الحَفَظَة ُ أَ ْ
تَعْلَم ُه ُ« .وسبب الز يادة في ذلك أنه في غالب مسائله نفع متعد وز يادة إيمان وإخلاص اهـ.
ل ح َالٍ( أي في كل زمان ومكان )وَم ُوَاسَاة ُ ش ُ ّد الأَ عْمالِ( أي أصعبها وأثقلها )ثَلا َ ٌ
ث ذِك ْر ُالل ّٰه تَع َالى عَلَى ك ُ ّ ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ َ
سكَ( أي اجعل نفسك خادما للمحتاج الذي أصابه بؤس أي شدة )وقال
ِس م ِنْ ن َ ْف ِ
َاف الف َقير ِ البَائ ِ
ك وإنْص ُ ِ
الأخ( أي معاونته )م ِنْ مال ِ َ
ْض ذِكْر ِ الل ّٰه ع َز وَج َل( رواه البيهقي عن أنس بن مالك قال ُب الل ّٰه ح ُ ّ
ُب ذِكْر ِ الل ّٰه و َعَلام َة ُ بُغْ ِ
ض الل ّٰه بُغ ُ صلى الل ّٰه عليه وسلم :عَلاَم َة ُ ح ِّ
المناوي علامة حب الل ّٰه لعبده حب عبده لذكره ،لأنه إذا أحب عبدا ذكره وإذا ذكره حبب إليه ذكره وعكسه.
)
شف َتَاه ُ( قال ن الل ّٰه تَع َالى أَ ن َا م َ َع عَب ْدي( أي بعلمي )إذا ذَك َرني( وفي رواية ما ذكرني )وَتَح ََر ّك ْ
َت بي َ حك َايَة ع َ ِ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمِ :
ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام أخرجه ابن ماجه وصححه ابن حبان ،وذكره البخاري تعليقا والمعلق ما حذف من أول إسناده قال
الحكيم :هذا وما أشبهه من الأحاديث في ذكر عن يقظة لا عن غفلة ،لأن ذلك هو حقيقة الذكر ،فيكون بحيث لا يبقى عليه مع ذكره
في ذلك الوقت ذكر نفسه ،ولا ذكر مخلوق فذلك الذكر هو الصافي ،لأنه قلب واحد فإذا شغل بشيء ذهل عما سواه ،وهذا موجود في
المخلوقات لو أن رجلا ًدخل على ملك في الدنيا لأخذه من هيبته ما لا يذكر في ذلك الوقت غيره ،فكيف بملك الملوك
ل الل ّٰه( وفي الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه
ُوف فِي سَب ِي ِ
سي ِْب ال ُ ّ
ل م ِنْ ضَر ِ
ض ُ
ي أَ ف ْ َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ذِك ْر ُ الل ّٰه تَع َالَى بالغَد َاة ِ والعَش ِ ِ ّ
الخامل( يا رسول الل ّٰه )قال :الذِّك ْر ُ الخَف ُِيّ ( رواه عبد الل ّٰه بن المبارك عن ضمرة بن حبيب ،أي فهو أفضل من الذكر جهرة لسلامته من
نحو ر ياء ،وهذا عند جمع من الصوفية في غير ابتداء السلوك ،أما في الابتداء فالذكر الجهري أنفع ،وقد كان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم
يأمر كل إنسان بما هو الأصلح الأنفع له.
Shamela.org ٣٩
None ١
)
ل الع ِبَادِ دَرَج َة ً عِنْد َ الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ ال َذ ّاك ِرونَ الل ّٰه كَث ِيرا( أي والذاكرات ،ولم يذكرهن مع إرادتهن
ض ُ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ ف ْ َ
تغليبا للمذكر على المؤنث رواه أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح ،واختلف في الذاكرين الل ّٰه كثيرا فقال الإمام أبو
الحسن الواحدي قال ابن عباس :المراد يذكرون الل ّٰه في أدبار الصلوات غدوا وعشيا ،وفي المضاجع وكلما استيقظ من نومه ،وكلما غدا
وراح من منزله ذكر الل ّٰه تعالى .وقال مجاهد :لا يكون من الذاكرين الل ّٰه كثيرا حتى يذكر الل ّٰه تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا .وقال
عطاء :من صلى الصلوات الخمس بحقوقها ،فهو داخل في قوله تعالى} :وال َذ ّاك ِري َ
ن الل ّٰه كثيرا{ ]الأحزاب [٥٣ :فقال :إذا واظب على
الأذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساء ،وفي الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ًونهارا ،وهي مثبتة في عمل اليوم والليلة كان من الذاكرين
الل ّٰه كثيرا ،كذا في السراج المنير للعزيزي.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :خَي ْر ُ الذِّكْر ِ الذِّك ْر ُ الخَف ُِيّ ( وفي رواية المخفي بالميم ،أي ما أخفاه الذاكر عن الناس فهو أفضل من الجهر ،وفي
أحاديث أخر ما يفيد أن الجهر أفضل ،وجمع بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الر ياء أو تأذى به نحو مصل والجهر أفضل حيث أمن
خ ُ ّفها وَخَي ْر ُ الر ِ ّ ْز ِ
ق م َا ي َ ْكفِي( أي ما كان يقدر الـكفاية رواه أحمد وابن حبان والبيهقي عن سعد بن مالك من ذلك )وَخَي ْر ُ الع ِبَادَة ِ أَ َ
وابن أبي وقاص بإسناد صحيح.
}الباب الثاني والعشرون :في فضيلة التسبيح{
ق فَل ْيَق ِْف عَلَى يَمِينِه ِ و َل ْيَق ُلْ هاذِه ِ وعن الحسن رضي الل ّٰه عنه قال :قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ ك َانَ لَه ُ ح َاج َة ٌ عِنْد َ ُ
مخ ْلُو ٍ
ق َض َى الل ّٰه ح َاجَت َه ُ ال ّتي يَطْلُبُها ك َائِنا ً م َا ك َانَ م ِنْ ُأم ُورِ ال ُد ّن ْيا و َالآ ِ
خرَة ِ ،و َلا َيَمُوتُ حَت ّى ي َر َى م َ ْقعَدَه ُ فِي الج َنَ ّة ِ كذا في ر ياض الصالحـين
سب ْح َانَ الل ّٰه و َلا َ
ل لا اله إلا الل ّٰه والل ّٰه أكْ ب َر ُ و ُ
ض رَجُلٌ« أي إنسان ذكر أو أنثى )يَق ُو ُ
)قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم :ما عَلَى الأَ ْر ِ
ل ز َبَدِ الب َحْ رِ( أي وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه رواه ابن إلا ّ بالل ّٰه َ
إلا ّ غُف ِر َْت ذ ُنُوبُه ُ و َلَو ْ ك َان َْت( في الـكثرة )مِث ْ َ ل و َلا ق َُو ّة َ َ
حو ْ َ
َ
عمرو ،وفي الأحاديث الزاكيات لسيدي البكري عن عبد الل ّٰه بن عمر رضي الل ّٰه عنهما قال :قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َا عَلَى
ل ز َبَدِ الب َحْ رِ« حديث
خطَاي َاه ُ ،و َلَو ْ ك َان َْت مِث ْ َ
ك ّف ِر َْت عَن ْه ُ َ ل ولا َق َُو ّة َ إلا بالل ّٰه َ
إلا ّ ُ حو ْ َ
ض أَ حَدٌ يَق ُول لا إلَه إلا الل ّٰه والل ّٰه أكْ ب َر ُ و َلا َ َ
الأَ ْر ِ
حسن أخرجه الترمذي ،ورواه الحاكم وزاد ،وسبحان الل ّٰه والحمد لل ّٰه اهـ.
خطَاياه ُ( أي غفرت ذنوبه )وإ ْن ت َ ح َّ
ط ْ سب ْح َانَ الل ّٰه و َب ِحَمْدِه ِ في يَو ْ ٍم مائَة َ م َ َّرة ٍ( أي ولو متفرقة ) ُ
ل ُ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ قَا َ
ل ز َبَدِ الب َحْ رِ( رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة قال العلقمي وسبحان الل ّٰه ،معناه تنز يه عما ك َان َْت مِث ْ َ
لا يليق به من كل نعت ،وهو مضاف لمفعوله منصوب ،أي سبحت الل ّٰه تسبيحا فهو واقع موقع المصدر ،و يجوز أن يكون مضافا إلى
الفاعل ،أي نزه الل ّٰه نفسه والمشهور الأول
)
ف المِيزانِ( أي قول العبد سبحان الل ّٰه يملأ ثوابها إحدى كفتي الميزان )والحم َْد ُ لل ّٰه م ِلْ ء ُ الميزانِ(
سب ْح َانَ الل ّٰه ن ِصْ ُ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمُ :
ْس د ُونَها سِتر ٌ
موات والأ ْرضِ( أي لو قدر ثواب ذلك جسما لملأه )و َلا إله إلا الل ّٰه لَي َ ِ أي ثوابها يملأ الـكفتين )والل ّٰه أَ كْ ب َر ُ م ِلْ ء ُ ال َ ّ
س
ل( أي تصل إليه بلا عائق ولا حاجب ،وهو ص إلى ر ّبِها ع َ َّز وَج َ َ ّ و َلا ِحج َابُ ( جمع بينهما للتأكيد ،أي بلا تصعد بل مانع )ح ََت ّى َ
تخ ْل َ َ
كناية عن سرعة قبولها ،وكثرة ثوابها رواه السجزي عن ابن عمر بن العاص ،ورواه أيضا ابن عساكر عن أبي هريرة بإسناد ضعيف
ك َب ّر َ( أي قال :الل ّٰه أكبر َ
)فإن ّه ُ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ه َل ّلَ( أي قال لا إله إلا الل ّٰه )م َائَة ً وَس ََب ّحَ( أي قال :سبحان الل ّٰه )م َائَة ً و َ َ
سب ِْع ب َدن ٍ
َات يَنْح َر ُه َا( حديث حسن أخرجه ابن أبي الدنيا وابن أبي شيبة عن أنس بن مالك ،وفي رواية اب يَعْتِقُه َا و َ َ
خَيْر ٌ م ِنْ عَشْر ِ رِق َ ٍ
Shamela.org ٤٠
None ١
النسائي عن أبي هريرة بإسناد صحيح من سبح في دبر كل صلاة الغداة مائة تسبيحة ،وهلل مائة تهليلة ،غفر له ذنوبه ولو كانت مثل
زبد البحر
)
ل و َلا َق َُو ّة إلا بالل ّٰه العَلي العظيم م َ َّرة ً و َاحِدة ً
حو ْ َ
سب ْح َانَ الل ّٰه والحم َْد ُ لل ّٰه ولا اله إلا الل ّٰه و َالل ّٰه أَ كْ ب َر ُ ولا َ
ل ُ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ قَا َ
ْف دَرَجَة ٍ( وفي رواية لابن أبي الدنيا عن عبد الل ّٰه بن عمر
ْف سَي ِّئَة ٍ وَر َف َ َع لَه ُ مائَة َ أَ ل ِ
محَا عَن ْه ُ مائَة أل ِ
حسَنَة ٍ و َ َ
ْف َ
كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ مائَة َ أَ ل ِ
ْف عَشْر ُ
ل حَر ٍ سب ْح َانَ الل ّٰه والحم َْد ُ لل ّٰه ولا اله َ
إلا ّ الل ّٰه والل ّٰه أكْ ب َر ُ كُت ِبَ لَه ُ ب ِك ّ ِ ل ُ
أنه قال :قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ قَا َ
ات« وهو حديث حسن كذا في الأحاديث الزاكيات للشيخ البكري ،وفيه أيضا عن مصعب بن سعد قال :حدثني أبي قال :كنا
حسَن َ ٍ
َ
ل م ِنْ ج ُلَسَائِه ِ« كيف يكسب
حسَنَة ٍ ،فَسَأَ لَه ُ سائ ِ ٌ عند رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال» :أيَعْجَز ُ أَ حَد ُك ُ ْم أَ ْن ي َ ْكسَبَ ك ُ َ ّ
ل يَو ْ ٍم أَ ل َْف َ
Shamela.org ٤١
None ١
وجل ،ومن جنته وتركها فقرب إلى الل ّٰه عز وجل وجنته ،وآدم عليه السلام لما أكل من الشجرة المنهي عنها تطايرت الحلل عن
جسده ،وبدت عورته ،وبقي التاج والإكليل على رأسه ،فاستحيا أن يرتفعا عنه ،فجاءه جبر يل عليه السلام ،فأخذ التاج عن رأسه
والإكليل عن جبينه ،ونودي هو وحواء أن اهبطا من جواري فإنه لا يجاورني من عصاني ،فالتفت إلى حواء بالحياء كذا أفاد الشيخ
عبد القادر
)
ن ال َذ ّن ِ
ْب و َه ُو َ مُق ِيم ٌ عَلَيْه ِ ْب كَم َنْ لا ذَن ْبَ لَه ُ( أي فإن التوبة ت ُ ّ
جب ما قبلها )والمُسْتَغْف ِر ُ م ِ َ ن ال َذ ّن ِ قال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الت ّائ ِبُ م ِ َ
ستَهْزِىء ِ ب ِر َبِّه ِ( رواه البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس ،ولهذا قيل الاستغفار باللسان توبة الـكذابين ،وهذا حديث موقوف ،وهو كالم ُ ْ
ما قصر على الصحابي قولا ًأو فعلا ًويسمى أثرا أيضا.
ن ال َذ ّن ِ
ْب كَم َنْ لا َ ذَن ْبَ لَه ُ( رواه الطبراني وأبو نعيم عن ابن سعيد الأنصاري وضعفه الن ّدَم ُ تَو ْبَة ٌ َ
والت ّائ ِبُ م ِ َ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
البخاري وغيره ،وعلامة صحة الندم رقة القلب ،وغزارة الدمع .ولهذا روي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال» :جالِس ُوا َ
الت ّوابِينَ
فَإ َ ّنه ُ ْم أر ُ َّق أَ ف ْئِد َة« وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ أَ ذْن َبَ ذَن ْبا ث َُم ّ نَدِم َ عَلَيْه ِ فَه ُو َ َ
ك َ ّفار َتُه ُ« .وقال الحسن رحمه الل ّٰه :التوبة على أربع دعائم:
استغفار باللسان وندم بالقلب وترك بالجوارح وإضمار أن لا يعود ،ذكر ذلك الشيخ عبد القادر الجيلاني
َض إلى الل ّٰه تَع َالى م ِنْ َاب ت َائ ٍِب( أو شابة تائبة )وَم َا م ِنْ شَيْء ٍ أَ بْغ ُ
َب إلى الل ّٰه تَع َالَى م ِنْ ش ٍ ّ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َا م ِنْ شَيْء ٍ أَ ح ُ ّ
شي ٍْخ مُق ٍِيم( أي مصر ّ )عَلَى مَع َاصِيه ِ( أو شيخة كذا رواه أبو المظفر عن سلمان الفارسي َ
)
ن العَبْد َ لَيُذْن ِبُ ال َذ ّن ْبَ فَي ُ ْدخِله ُ الج َنَ ّة
الت ّو ْبَة ُ( كما قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :إ َ ّ
وب َل ش َيء ٍ حِيلة ٌ وحيلة ُ ال ُذ ّن ُ ِ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لِك ُ ّ ِ
ل الج َنَ ّة َ« ذكر ذلك الشيخ عبد
فقالوا :يا نبي الل ّٰه وكيف يدخله الجنة؟ قال :يَكُونُ ال َذ ّن ْبُ نُصْ بَ عَي ْنَيْه ِ يَسْتَغْف ِر ُ مِن ْه ُ و َيَنْدَم ُ عَلَيْه ِ ح ََت ّى ي َ ْدخ ُ َ
وب َ
الت ّوبَة ُ( .وقال أنس جاء رجل إلى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه ل شَيْء ٍ د َواء ٌ وَد َواء ُ ال ُذ ّن ُ ِ
القادر الجيلاني )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لِك ُ ّ ِ
عليه وسلم فقال :يا رسول الل ّٰه إني أذنبت ذنبا .قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :اسْ تَغْفِرِ الل ّٰه« قال :إني أتوب ثم أعود .قال صلى الل ّٰه عليه
وسلم» :ك ُ َل ّما أَ ذْنَب ْتَ فَت ُْب ح ََت ّى يَكُونَ ال َ ّ
شي ْطانُ ه ُو َ الحَسير ُ« قال يا نبي الل ّٰه إذن تكثر ذنوبي .فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :عَفْو ُ الل ّٰه أكْ ث َر ُ
م ِنْ ذ ُنُوبِكَ«
الت ّو ْبَة ُ تَهْدِم ُ الحَو ْبَة َ( بفتح الحاء المهملة ،أي الخطيئة وفي لفظ الحوب بضم الحاء أي الإثم ،وروي عن )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الحسن رضي اللٰه عنه عن النبي صلى اللٰه عليه وسلم أنه قال :لَو ْ أَ خْ طَأَ أَ حَد ُك ُ ْم ح ََت ّى يَم َْلأ م َا بَيْنَ ال َ ّ ِ
سم َاء والأَ ْرضِ ،ث َُم ّ ت َابَ ت َابَ َ
الل ّه ّ ّ
عَلَيْه ِ
)وقال عليه الصلاة والسلام :تُوبوا إلى الل ّٰه فَإني أتُوبُ إلَيْه ِ ك ُ َ ّ
ل يَو ْ ٍم مائَة َ م َ َّرة ٍ( رواه الشيخان عن ابن عمر بن الخطاب ،وذكر المائة
للتكبير لا للتحديد ،وتوبة العوام من الذنوب ،وتوبة الخواص من غفلة القلوب ،وخواص الخواص مما حوى المحبوب ،فتوبة كل عبد
بحسبه
)
كفْر ٌ( ويروى أن
س( أي القنوط من عفو الل ّٰه ) ُ وقال عليه السلام :تُوبُوا إلى الل ّٰه و َلا َتَي ْأَ سُوا( أي لا تقنطوا من رحمة الل ّٰه )فَإ َ ّ
ن الي َأْ َ
رجلا ً سأل ابن مسعود عن ذنب ألم به ،هل له من توبة؟ فأعرض عنه ابن مسعود ،ثم التفت إليه فرأى عينيه تذرفان فقال له :إن
للجنة ثمانية أبواب كلها تفتح وتغلق إلا باب التوبة فإن عليه ملكا موكلا ًبه لا يغلق فاعمل ولا تيأس ،كذا في الإحياء.
ْت( أي فوت وقتها.
ل الفَو ِ ْت وَعَج ِّلُوا َ
بالصّ لاة ِ قَب ْ َ ل المَو ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :عَج ِّلوا َ
بالت ّو ْبَة ِ قَب ْ َ
قال سيدي الشيخ عبد القادر :شروط التوبة ثلاثة :أولها الندم على ما عمل من المخالفات والثاني ترك الزلات في جميع الحالات
Shamela.org ٤٢
None ١
والساعات .والثالث العزم على أن لا يعود إلى مثل ما اقترف من المعاصي والخطيئات .فالندم يورث عزما وقصدا فالعزم أن لا يعود
إلى مثل ما اقترف من المعاصي لعلمه أن المعاصي حائلة بينه بين ربه ،ومعنى الندم توجع القلب عند علمه بفوات محبوبه ،فتطول أجزانه
وانسكاب عبراته ،فيعزم على أن لا يعود إلى مثل ذلك لما تحقق عنده من العلم بشؤم ذلك ،وأنه أضر من السم القاتل ،والسبع الضاري،
والنار المحرقة والسيف القاطع ،وأما القصد وهو إرادة التدارك ،فله تعلق بالحال ،وهو موجب ترك كل محظور هو ملابس له ،وأداء
كل فرض هو متوجه عليه في الحال ،وله تعلق بالماضي وهو تدارك ما فرطه بالمستقبل ،وهو المداومة على الطاعة ،وترك المعصية إلى
الموت ،فأما شرط صحته فيما يتعلق بالماضي فيفتش عما مضى من عمره سنة سنة ،وشهرا شهرا و يوما يوما ،وساعة ساعة ونفسا نفسا،
فينظر إلى الطاعات ما الذي قصر فيها ،وإلى المعاصي ما الذي قارف منها
)
ل أ ْن تَمُوتُوا( قال جابر بن عبد الل ّٰه رضي الل ّٰه عنهما :خطبنا رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تُوبُوا إلى ر َبِّك ُ ْم قَب ْ َ
Shamela.org ٤٣
None ١
فخرجت روحه ،فبقيت المرأة حزينة ،وقالت في نفسها إني خرجت لأجله ،وقد مات .فقالت لأهل تلك القر ية :له أحد من أقربائه
يحتاج إلى امرأة فقالوا لها :لهذا الرجل أخ صالح لـكنه معسر لا مال له .فقالت :لا بأس به فإن لي مالا ًيكفينا فجاء أخوه فتزوج بها
فولدت له سبعا من البنين كلهم صاروا أنبياء في بني إسرائيل وهذا ببركة الصدق والطاعة وحسن النية.
}الباب الرابع والعشرون :في فضيلة الفقر{
قال الغزالي :الفقر عبارة عن فقد ما هو محتاج إليه أما فقد ما لا حاجة إليه ،فلا يسمى فقرا وإن كان المحتاج إليه موجودا مقدورا
عليه لم يكن المحتاج فقيرا
ن عَلَى خ َ ّدِ الف َرَسِ( رواه
ن العِذ َارِ الحَسَ ِ
ن مِ َ
ن عَلَى المُؤْم ِ ِ
)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :الفَقْر ُ( الذي لا يؤدي إلى احتياج الناس )أَ زْي َ ُ
الطبراني عن شداد بن أوس والبيهقي عن سعد بن مسعود بإسناد ضعيف
)
س وَز َي ْ ٌن عِنْد َ الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( أي لسلامة صاحبه في الدارين رواه وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :الفَقْر ُ شَيْنٌ( أي عيب وقبح )عِنْد َ َ
الن ّا ِ
الديلمي عن أنس ،وإسناده ضعيف ،وفي الخـبر آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملـكه ،وآخر أصحابي
دخولا ًالجنة عبد الرحمن بن عوف لأجل غناه.
ْض الفُق َرَاء ِ م ِنْ أَ خْلا َ ِ
ق الف َرَاعِنَة ِ( أي العتاة وهو بفتح الفاء والراء ق الأَ ن ْب ِيَاء ِ و َبُغ ُ
ُب الفُق َرَاء ِ م ِنْ أَ خْلا ِ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ح ُ ّ
وكسر العين جمع فرعون فالفراعنة .ثلاثة :فرعون الخليل واسمه سنان ،وفرعون يوسف واسمه الر يان بن الوليد ،وفرعون موسى واسمه
الوليد بن مصعب كذا في المصباح
ُب المَسَاكِينِ و َالفُق َرَاء ِ ل ِ َ
صبْرِه ِ ْم ه ُ ْم ج ُلَسَاء ُ الل ّٰه تَع َالى يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( رواه أبو ح الج َنَ ّة ِ ح ُ ّ ل شَيْء ٍ مِفْتَا ٌ
ح وَمِفْتَا ُ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لِك ُ ّ ِ
بكر بن لال عن عمر بن الخطاب .وقال يحيى بن معاذ حبك الفقراء من أخلاق المرسلين ،وإيثارك مجالستهم من علامات الصالحـين،
ن الف َقير َ المُت َع ّف َِف( أي المنكف عن يح ُ ّ
ِب عَبْدَه ُ المُؤْم ِ َ وفرارك من صحبتهم من علامة المنافقين )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إ َ ّ
ن الل ّٰه تَع َالى ُ
الحرام والسؤال عن الناس ،وقال المناوي أي المبالغ في العفة مع وجود الحاجة لطموح بصيرته عن الخلق إن الخالق )أَ ب َا الع ِيَالِ( أي
صاحب العيال رواه ابن ماجه عن عمران بن حصين .قال المناوي :وفي هذا الحديث إشعار بأنه يندب للفقير إظهار التعفف ،وعدم
الشكوى.
)تنبيه( الفقر فقران :فقر مثوبة ،وفقر عقوبة ،وعلامة الأول أن يحسن خلقه ،و يطيع ربه ،ولا يشكو ،ويشكر الل ّٰه على فقره ،والثاني
أن يسيء خلقه و يعصي ويشكو ويتسخط ،والذي يحبه الل ّٰه الأول دون الثاني كذا أفاد العزيزي
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :الفَقْر ُ أَ م َانَة ٌ فَم َنْ كَتَم َه ُ ك َان( أي كتمه )عِبَادَة ً وَم َنْ باح به ِ( أي أظهره )فَق َ ْد قلَ ّد إخوانَه ُ المُسْل ِمِينَ( أي
قدرهم كلفة التوسعة عليه رواه ابن عساكر عن عمر بإسناد ضعيف .وفي هذا الحديث ندب كتمان الفقر ما لم يضطر كذا قاله العزيزي
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :طُوبى( أي الجنة )لِلْف ُقراء ِ والضعفاء ِ م ِنْ أ َمّتي( وفي رواية الديلمي عن أبي هريرة طُوبَى لم َِنْ باتَ ح َاجا
ن ال ُد ّن ْيَا ي َ ْدخ ُ ُ
ل ل مِ َ
ض بالق َلي ِ يح ِ ُ ّ
ل را ٍ الن ّاسِ ،و َع ََم ّا لا َ َ
ل َ ل مُنْك ّ ٌ
َف ع َنْ سُؤَا ِ س ذ ُو عِيا ٍ ل مَسْت ُور ٌ بَيْنَ َ
الن ّا ِ هذا يا رسول الل ّٰه؟ قال» :رَج ُ ٌ
فات هُم ُ الحاجّون الغ َاز ُون
الص ِ ن َ
المت ّصفينَ بهاذه ِّ ج م ِنْ عِنْدِه ِ ْم ضَاحِكا ،فوالله الذي روحي بق ُ ْدر َتِه ِ و َتَص ْر يف ِه إ َ ّ
يخ ْر ُ ُ
عَلَى عِيَالِه ِ ضَاحِكا و َ َ
ل الل ّٰه« .أشار َ صلى الل ّٰه عليه وسلم بهذا الحديث إلى فضل القناعة والسعي على العيال
في سَبي ِ
امات الل ّٰه( تعالى
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :الفَقْر ُ ك َرَام َة ٌ م ِنْ ك َر َ ِ
Shamela.org ٤٤
None ١
ن الل ّٰه وروي عن علي كرم الل ّٰه وجهه عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال» :أَ ح ُ ّ
َب الع ِبادِ إلى الل ّٰه تَع َالى الفَق ِير ُ الق َان ِـ ُع بِرِزْقِه ِ الراضي ع َ ِ
تَع َالى«
)
ل الف َ ْقرِ( وأوحى الل ّٰه تعالى إلى إسماعيل عليه السلام :اطلبني عند المنكسرة قلوبهم قال:
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا َشَيْء َ يُعط ِيه ِ الل ّٰه مِث ْ ُ
ن الفَق ِير إذا ك َانَ ر َاضِيا«.
ل مِ َ
ض ُ
ومن هم؟ قال :الفقراء الصادقون .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :لا أَ حَد َ أَ ف ْ َ
}الباب الخامس والعشرون :في فضيلة النكاح{
ْس م َِن ّا« وهذا ذم لعلة الامتناع لا لأصل الترك كذا في الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ ت َرَك َ ال َت ّزْوِيج َ َ
مخَاف َة َ العَيْلَة ِ فَلي َ
)قال النبي عليه الصلاة والسلام :ال َت ّزْويج ُ ب َر َكة ٌ والوَلد ُ رَحْم َة ٌ ف َأَ ك ْرموا أوْلاَد َك ُ ْم فإ َ ّ
ن ك َرَام َة َ الأولادِ عِبَادَة ٌ .وقال عليه الصلاة والسلام:
ح س َُن ّتِي( أي طر يقتي )فمَ ِنْ رَغِبَ ( بكسر الغين )ع َنْ س َُن ّتِي( أي من لم يردها )فليس مني( أي فليس على منهاجي .ومادة رغب
النِّك َا ُ
إذا تعدى بفي فمعناه أراد ،وإذا تعدى بعن فمعناه لم يرد كما هنا
ْت( رواه الديلمي والثعلبي عن أبي هريرة وضعفه
ْت والإماء ُ فَسَاد ُ البَي ِ
ح البَي ِ
)وقال عليه الصلاة والسلام الحَرَائ ِر ُ( جمع حرة )صَلا ُ
السخاوي قال المناوي :لأن الإماء متبذلات ولا خشية لهن على عروضهن ،ولا خير لهن بإقامة نظام البيت غالبا
)وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ أر َاد َ أ ْن يلَْقَى الل ّٰه طَاه ِرا مُطَ َهّرا( أي من الأدناس المعنو ية )فَل ْيَتَز َ َ ّو ِ
ج الحَرائ ِر َ( رواه ابن ماجه عن
أنس بن مالك ومعنى الطهارة هنا السلامة من الآثام المتعلقة بالفروج ،لأن تزوج الحرائر أعون على العفاف من تَسرِّي الإماء ِ لاكتفاء
النفس بهن عن طلب الإماء غالبا بخلاف العكس
)وقال عليه الصلاة والسلام :التم َِس ُوا الر ِ ّزْقَ بالنِّك ِ
َاح( أي التزوج ،فإنه جالب للبركة جار للرزق إذا صلحت النية رواه الديلمي عن ابن
عباس ،وفي رواية للبزار تزوجوا يأتينكم بالأموال ،وفي لفظ الرزق يزداد بالنكاح
)
ج فَق َ ْد ُأعْطي ن ِصْ َ
ف الع ِبَادَة ِ( رواه أبو يعلى عن أنس بن مالك .وهذا حديث متروك وهو ما تفرد وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ ت َز َ ّو َ
بروايته واحد وأجمع على ضعفه
)وقال عليه الصلاة والسلام شِر َار ُكُمْ( أي بعض شراركم )ع َ ُّزابُك ُم( روه أبو يعلى والطبراني وابن عدي عن أبي هريرة ،وذلك لأنهم
ات ليس لهم أفراط يهيئون لهم ما يحتاجون إليه في الآخرة ،وقد نظم ذلك ابن العماد فقال :شِر َار ُك ُ ْم ع َ ُّزابُك ُ ْم ج َاء َ الخـَبَرْ أَ ر َاذِ ُ
ل الأمْو َ ِ
ع َ ُّزابُ الب َشَرْ
ل مَو ْت َاك ُ ْم ع َ ُّزابُكُمْ( رواه الإمام أحمد عن عطية بن بسر بضم الموحدة وسكون )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :شِر َار ُك ُ ْم ع َ ُّزابُك ُ ْم و َأَ ر َاذِ ُ
المهملة
ل(
سب ْع ِينَ رَكْ ع َة ً م ِنْ غَي ْر م ُت َأَ ه ِّ ٍ
ل( أي متخذ أهلا ًأي زوجة )خَيْر ٌ م ِنْ َ )وقال عليه الصلاة والسلام :شِر َار ُك ُ ْم ع َ ُّزابُك ُ ْم رَكْ ع َتَا ِ
ن م ِنْ م ُت َأَ ه ّ ٍ
رواه ابن عدي عن أبي هريرة وهذا حديث يحتمل أن المراد به الترغيب في التزويج لا الحقيقة كذا أفاده العزيزي
صد َق َة ٌ( أي إن نواها في الكل كما قيده صلى الل ّٰه عليه وسلم في الخـبر الصحيح
ك َ
ك فَه ُو َ ل َ َ
)وقال عليه الصلاة والسلام :م َا أطْ عَمْتَ ز َوجَت َ َ
بقوله يحتسبها صدقة رواه أحمد والطبراني عن المقدام بن معدي كرب بإسناد صحيح ،وفي رواية دينار أنفقته في سبيل الل ّٰه ،أي في مؤن
الغزو أو سبيل الخـير ودينار أنفقته في رقبة ،أي في إعتاقها ،ودينار تصدقت به على مسكين ،ودينار أنفقته على أهلك ،أي نفقة واجبة
أو مندوبة أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك ،أي لما فيه من صلة الرحم رواه مسلم عن أبي هريرة .قال القاضي البيضاوي :دينار
مبتدأ وأنفقته صفة ،وجملة أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك خبر.
Shamela.org ٤٥
None ١
Shamela.org ٤٦
None ١
Shamela.org ٤٧
None ١
كان قد بلغك أحد فاسألني عنه ،فإني لا أكتم عنك شيئا فقال :يا بني سألتك بالذي يرى ولا يرى ،وهو بالمنظر الأعلى هل مررت
يوما من الأيام بمسكنة اليهود واستضفت عندهم ،فسقوك خمرا من تمر فشربت حتى طابت نفسك ،ثم خرجت من عندهم ،فمررت
بحائط بني النجار ،فرأيت امرأة نائمة فراودتها عن نفسها ،وامتنعت فلم تقدر على ذلك ،فلما قضيت منها ما قضيت تعلقت بأطواقك،
ومزقت عليك ثيابك وشتمتك ،وانصرفت إلى منزلها فلما سمع أبو شحمة كلام أمير المؤمنين أطرق رأسه حياء من أبيه ،وجعل لا يرد
جوابا ولا خطابا فقال :يا بني تكلم ،فإن صدقت فقد نجوت ،وإن كذبت هكلت .فقال :يا أبت كان ذلك مني ،ولـكن ندمت غاية
الندم .فقال :يا بني ما ينفعك الندم بعد الخسران ،وإنما أنت ابن أمير المؤمنين ما يستطيع أحد أن يقول لك شيئا ،وإنما أردت أن
تفضحني بين أصحاب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ثم إن أمير المؤمنين وثب قائما على قدميه ،وقبض على يد أبي شحمة فقال له :أين تريد
مني يا أبت وإلى أين تذهب بي؟ فقال :إلى أصحاب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم آخذ حق الل ّٰه منك في الدنيا قبل أن يؤخذ منك في
الآخرة.
فقال :سألتك بالل ّٰه يا أبت خذ الحق مني في هذا المكان ،ولا تفضحني بين أصحاب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال :يا بني أنت فضحت
نفسك ،وفضحت أباك ثم لم يزل يمشي به حتى أوقفه على أصحاب رسول الل ّٰه فقالوا له :ما وراءك يا عمر؟ فقال :يا معشر المسلمين ألا
وإن ولدي أبا شحمة قد اعترف بذنبه ،وإن الجار ية الصادقة غير كاذبة ،ثم إن أمير المؤمنين دعا بغلام يقال له مفلح فقال :يا مفلح
قد أفلح اليوم من استعلى اجلده يا مفلح ،وأنت حر لوجه الل ّٰه تعالى فقال :يا مولاي وكيف أجلده ولو جلدت بعيرا لقتلته أو حائطا
لهدمته؟ فقال له :دع عنك الكلام وخذ السوط بيدك واضربه على ظهره حتى يدخل الوجع إلى جوفه فإن مات فبأجله ،وإن عاش
فلا يعود إلى الذنب أبدا ،فأخذ مفلح السوط بيده ،وتقدم إلى أبي شحمة وقال يا مولاي :لا تلمني ولم نفسك الل ّٰه قد أمر ومولاي
عمر أمرني أن أضربك فقال له أبو شحمة :افعل يا مفلح ما تؤمر وناد هذا جزاء من عصى ربه ،واستحقر ذنبه ،ثم إن مفلحا رفع يده
بالسوط حتى بان بياض إبطه وجلده عشرة اسياط .فقال :يا أبت اشتعلت النار في جسدي .فقال :يا بني إنها في جسد أبيك أحر ما
في جسدك اضربه يا مفلح ،فضربه عشرين جلدة فقال :يا أبت دعني أستريح .فقال :يا بني لو أن أهل النار في النار إذا طلبوا الراحة
وجدوا الراحة لأرحناك اضربه يا مفلح ،فضربه ثلاثين ضربة .فقال :يا أبت سألتك بالل ّٰه دعني أتوب.
فقال :يا بني إذا أخذت حق الل ّٰه منك ،فإن شئت فتب ،وإن شئت فعد ،فإن عدت إلى مثل تلك الفاحشة ،فلك مثل ذلك يا مفلح
اجلده ،فجلده أربعين جلدة فقال :يا أبت سألتك بالل ّٰه اسقني شربة من الماء أبرد بها حرا في كبدي ،فقال :يا بني لو أن أهل العذاب
في النار إذا طلبوا البارد من الزلال يسقون لسقيناك اجلده يا مفلح ،فجلده خمسين جلدة ،فقال :يا أبت سألتك بالل ّٰه ارحمني فقال :يا
بني إن رحمتك في الدنيا لم ترحم غدا في الآخرة اجلده يا مفلح ،فجلده ستين جلدة فقال :يا أبت سألتك بالل ّٰه ادن مني وعانقني أعانقك
قبل الممات فقال :يا بني إن عشت عانقتك ،وإن مت فنلتقي غدا على الصراط اجلده يا مفلح ،فجلده سبعين جلدة فقال :يا أبت نزل
بي الموت فقال :يا بني إذا رأيت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقل له :إن أبي عمر بن الخطاب ضربني حتى قتلني اجلده يا مفلح،
فضربه ثمانين جلدة ،ثم رفع أبو شحمة رأسه ونادى بأعلى صوته يا أصحاب رسول الل ّٰه لم لا تسألون أبي أن يعفو عني ،فتقدموا إلى عمر بن
الخطاب وقالوا :يا أمير المؤمنين خل عن الغلام ،وانظر ما بقي من السياط فقال :يا أصحاب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ألم تقرؤوا
في كتاب الل ّٰه العزيز} :و َلا َتأخُذْك ُ ْم بِهِم َا ر َأْ ف َة ٌ في دِي ِن الل ّٰه{ ]النور [٢ :ثم قال اجلده يا مفلح ،فجلده تسعين جلدة فرفع أبو شحمة رأسه،
ونادى بأعلى صوته السلام عليكم يا أصحاب رسول الل ّٰه سلام مودع لا يرجع إلى يوم القيامة ،فتباكى أصحاب رسول الل ّٰه بكاء شديدا.
فقال عمر :اضربه يا مفلح ما بقي من حق الل ّٰه تعالى ،فضربه مائة جلدة ،ثم قال :يا مفلح ارفع السوط عن ولدي فحركه ،فإذا هو
قد مات فوثب عمر قائما على قدميه ونادى معاشر المسلمين ،ألا وإن ولدي أبا شحمة قد مات ،ورب الـكعبة فأقبلوا يهرعون من كل
جانب ومكان حتى انقض المسجد بالناس ،وأكثروا البكاء وأقبلت أمه وهي تندب وتقول :هنيئا لك يا ولدي استودعتك عند من لا
تخيب عنده الودائع ،ثم إن عمر حمله إلى منزله وغسله وكفنه ودفنه.
Shamela.org ٤٨
None ١
قال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما :فرأيت في منامي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وهو كالبدر في تمامه وعليه ثياب بيض ،وأبو شحمة بين
يديه وعليه ثياب خضر ،فتقدمت إليه صلى الل ّٰه عليه وسلم وسلمت عليه وقبلت بين عينيه فقال لي :يا ابن عمي أقرىء عمر عني السلام
وقل له يقول لك رسول الل ّٰه جزاك الل ّٰه عني كل خير كما لم تضيع حق الل ّٰه من بعدي هنيئا لك يا عمر ،وما أعد الل ّٰه لك من القصور
والغرفات في جنات النعيم ،وإن ولدك أبا شحمة قد بلغ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ،وقال ابن عباس :فاستيقظت من منامي وأنا
فرح مسرور لما قد عاينت من بهجة رسول الل ّٰه فأحييت تلك الليلة بالقيام إلى الصباح ،ثم جئت إلى المسجد وكان عمر بن الخطاب
يومئذ حوله جماعة من أصحاب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ،وهو يحدثهم في كتاب الل ّٰه ،فلما فرغ قلت يا عمر لقد رأيت في منامي
سيد الأولين والآخرين رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ،وهو كالبدر في تمامه وأبو شحمة بين يديه وعليه ثياب خضر ،فتقدمت إليه صلى
الل ّٰه عليه وسلم وسلمت عليه فقال لي :يا ابن عم أقرىء عمر عني السلام وقل له :يقول لك رسول الل ّٰه جزاك الل ّٰه عني كل خير كما لم
تضيع حق الل ّٰه تعالى من بعدي هنيئا لك يا عمر ما أعد الل ّٰه لك من القصور والغرفات في جنات النعيم ،وإن ولدك أبا شحمة قد بلغ ـ
في مقعد صدق عند مليك مقتدر ـ اهـ.
}الباب السابع والعشرون :في التشديد على اللواط{
َب الل ّٰه تَع َالى و َيُمْس ُونَ في سَ خطِ الل ّٰه« وقيل له:
وفي الزواجر قال صلى الل ّٰه عليه وسلم في رواية الطبراني والبيهقي» :أَ رْبَع َة ٌ يُصْ بِحُونَ في غَض ِ
ن الن ِّساء ِ ب ِالر ِ ّج َالِ ،و َال َ ّذ ِي ي َأتِي البَهيم َة َ ،و َال َ ّذ ِي يأتي الر ِّجالَ«
ل بالنِّسَاءِ ،والمُتَشَبِّهَاتُ م ِ َ من هم يا رسول الل ّٰه؟ قال» :المُتَشَبِّه ُونَ م ِ َ
ن الر ِّجا ِ
اهـ.
الن ّارِ( أي نار جهنم )أَ ل َْف سَنة ٍ( وإن كان إبراهيم خليل الل ّٰه ل غُلاَما ب ِشَهْوَة ٍ ع َ ّذبَه ُ الل ّٰه تَع َالى في َ
)قال النبي عليه الصلاة والسلام :م َنْ قَب ّ َ
وموسى كليم الل ّٰه وعيسى روح الل ّٰه
ي بِمَاء ِ الب َحْ رِ ل َ ْم يَجىء ْ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ إلا جُنُبا .وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ ق َب ّ َ
ل غُلاما ل اللوطِ ُ ّ
)وقال عليه الصلاة والسلام :لَوِ اغ ْتَسَ َ
اس أجْم َع ُونَ. ب ِشَهْوَة ٍ ُألْجِم َ بِل ِجا ٍم م ِنْ ن َار .وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ م َ َّس غُلاما ب ِشَهْوَة ٍ لَع َن َه ُ الل ّٰه و َالمَلائ َِك َة ُ َ
والن ّ ُ
ل قُبلَُه ُ في د ُبُر ِ امْرَأة ٍ بَع َث َه ُ الل ّٰه يَوْم َ القيامَة ِ و َه ُو َ أنْتَنُ م ِ َ
ن الججَفَة ِ( وفي رواية لأحمد وغيره عن أبي )وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ أَ ْدخ َ َ
ص َ ّدق َه ُ بمَا يَق ُول ،أ ْو أتى امْرأة ً حائضا ،أو أتى امرأة ً في د ُبُر ِها ،فَق َ ْد بَر ِىء َ مِم ّا ُأنْز ِ َ
ل عَلَى مُحَم ّدٍ أي هذا إن استحل هريرة م َنْ أتى كاه ِنا ف َ َ
ذلك ،أو أراد صلى الل ّٰه عليه وسلم الزجر والتنفير ،وليس المراد حقيقة الـكفر ،وإلا لما أمر في وطء الحائض بالـكفارة كذا أفاد العزيزي
)
ل َ
الر ّجُلَ( أي باللواط والمفاخذة )فَهُم َا ز َانيَِانِ( وحد الفاعل حد الزنى إن كان محصنا يرجم، وقال عليه الصلاة والسلام :إذا أتَى َ
الر ّج ُ ُ
وإن لم يكن محصنا يجلد مائة ،وهو أظهر قولي الشافعي وعلى المفعول به عند الشافعي على هذا القول جلد مائة ،وتغريب عام رجلا ًكان
أو امرأة ،محصنا كان أو غير محصن ،وذهب قوم إلى أن اللوطي يرجم ولو غير محصن ،والقول الآخر للشافعي أنه يقتل الفاعل والمفعول
به كما جاء في الحديث) :وإذا أت َِت الم ْرأَ ة ُ المَرأَ ة َ( أي بالسحاق )فَهُم َا ز َانِيَتانِ( قال أبو مسلم :وحد فاعلة السحاق الحبس إلى الموت
سب ْع ِينَ
ل َ سب ْع ِينَ م َ َّرة ً وَم َنْ ز َنَى م َ َع ُأمِّه ِ م َ َّرة ً و َا ِ
حدَة ً ،فَك َأَ َن ّما قَت َ َ ل غُلاما ب ِشَهوة ٍ فَك َأَ َن ّما ز َنَى م َ َع ُأمِّه ِ َ
)وقال عليه الصلاة والسلام :من قَب ّ َ
ح في قَبْرِه ِ خنز ِيرا( وقال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما :إن اللوطي إذا مات من
ط في غُلا َ ٍم أَ صْ ب َ َ
نَبيا وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ لا َ َ
غير توبة مسخ في قبره خنزيرا وقيل :في هذه الأمة قوم ،يقال لهم اللوطية ،وهم ثلاثة أصناف :صنف ينظرون ،وصنف يصافحون،
وصنف يعملون ذلك العمل الخبيث كذا في الزواجر.
ْض :يا ر َ َب ّنَا أأم ِْرن َا نَب ْلَعه ُ،
ت الأَ ر ُ سمواات :يا ر َب ّنا أ ُأم ِْرن َا َ
نخْط ِفه ُ و َقَال َ ِ س الغلام ُ اه ْتَز ّ العَر ُْش وقالت ال َ ّ
)وقال عليه الصلاة والسلام :إذا لم ُ ِ َ
ن الحَقّ ِ( أي لا يترك بيان الحق رواه وقال عليه الصلاة والسلام :لا َ ت َأْ تُوا النِّسَاء َ في أستاهِه َِنّ ( أي أدبارهن )فإ َ ّ
ن الل ّٰه لا يَسْتَحِي م ِ َ
Shamela.org ٤٩
None ١
أحمد والترمذي.
}الباب الثامن والعشرون :في منع شرب الخمر{
وهي المعتصر من العنب إذا غلى وقذف بالزبد أو من غير العنب .وروي في الصحيحين أن عمر رضي الل ّٰه عنه قال على منبر رسول
الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم :ألا إن الخمر قد حرمت وهي من خمسة :من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل ،أي
ستره كذا في الزواجر.
)قال النبي عليه الصلاة والسلام :م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ في ال ُد ّن ْيا ل َ ْم يَشْر َبْها( أي الخمر )في الآ ِ
خرَة ِ( قال بعضهم هذا وعيد بأنه لا يدخل
الجنة ،لأن الخمر شراب داخل الجنة ،إلا أنهم لا يصدعون عنها ،ولا ينزفون ومن دخل الجنة لا يحرم شربها ،أو كان يدخل الجنة
و يحرم شرب الخمر ،بأن لا يشتهي شربها في الجنة كما لا يشتهي منزلة من هو أرفع منه لحديث البيهقي من شرب الخمر في الدنيا ،ولم
يتب لم يشربها في الآخرة ،وإن دخل الجنة وروى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر كل مسكر خمر،
وكل مسكر حرام ،ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ،ولم يتب لم يشربها في الآخرة
ح مُشْر ِكا وَم َنْ شَر ِ بَها م ُصْ بحا أَ مْس َى مُشْرِكا( وفي الجامع من شرب بصقة من
)وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ مُمْسِيا أَ صْ ب َ َ
خمر ،أي شيئا قليلا ًبقدر ما يخرج من الفم من البصاق ،فاجلدوه ثمانين ،أي إن كان حرا وإلا فعشرين رواه الطبراني عن ابن عمرو
بن العاص.
)وقال عليه الصلاة والسلام :الخم َ ْر ُ ُأ ُمّ الخبََائ ِِث فَم َنْ شَر ِ بَها ل َ ْم تُقْب َلْ صَلاتُه ُ أَ رْبَعينَ يَو ْما( خص صلى الل ّٰه عليه وسلم الصلاة بالذكر لأنها
هي َ
أفضل عبادات البدن والأربعين ،لأن الخمر تبقى في أعضائه أربعين يوما .وقال بعضهم ذلك محمول على الزجر والتنفير) .فَإ ْن م َاتَ و َ ِ
في بَطنِه ِ م َاتَ م ِيتة ً( بكسر الميم بالتنوين )ج َاه ِلَي ّة ً( أي كميتة أهل الجاهلية ،أي صار منابذا ً للشرع تشبيها بأهل الجاهلية رواه الطبراني
عن ابن عمرو بن العاص بإسناد حسن
)
وقال عليه الصلاة والسلام :الخم َ ْر ُ جمَاع ُ الإ ْثمِ( كما قال عثمان بن عفان رضي الل ّٰه عنه :اجتنبوا الخمر فإنه كان ممن قبلـكم رجل يتعبد
و يعتزل الناس فلقيته امرأة بغي ،أي زانية فأرسلت جاريتها إليه فقالت :إنا ندعوك لشهادة ،فلما دخل من باب أغلقت الباب حتى
أفضى إلى تلك المرأة وعندها غلام وقدح من خمر فقالت :والل ّٰه ما دعوتك لشهادة ،وإنما دعوتك لتقع عليّ أو تقتل هذا الغلام أو
ً
كلا ّ منهما أعظم وزرا من شرب الخمر ،فلما شربها واقعها وقتل الغلام. تشرب هذا الخمر ،فاختار شرب الخمر على الزنى والقتل ،لأن
)وقال عليه الصلاة والسلام :شَارِبُ الخم َْرِ م َل ْع ُونٌ( لأنها حرام في كل دين ،فإن حفظ العقل من الموبقات هو الذي اتفق أهل الملل
على وجوب حفظه.
كع َابِدِ اللا ِّت والع ُز ّى( أي إن استحل ذلك أو هو زجر وتنفير رواه الحارث بن أبي أسامة
)وقال عليه الصلاة والسلام :شَارِبُ الخم َْرِ َ
عن ابن عمر بن العاص .واللات هو صنم ثقيف ،والعزى هي شجرة لغسان وهما أعظم أصنام الـكفار
س َل ّم َ عَلَى شَار ِ
ِب الخم َْرِ أَ ْو صَافَحَه ُ أَ حْ ب ََط الل ّٰه ل الل ّٰه تَع َالى عَلى أَ ن ْب ِيائِه ِ وَم َنْ َ
كف َر َ بِمَا أَ ن ْز َ َ
)وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ فَق َ ْد َ
تَع َالى ع َمَلَه ُ أَ رْبع ِينَ سَن َة ً( وفي الزواجر قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :لا تُجَالِس ُوا ش ُ َرّاب الخم َْرِ ولا تَع ُود ُوا م َْرضَاه ُ ْم ولا تَشْهَد ُوا جَنَائ ِز َه ُ ْم وإ َ ّ
ن
ل م َنْ ر َآه« قال بعض العلماء وإنما نهى عن ل لُع َابُه ُ يُقذرُه ُ ك ُ ُ ّ
ص ْدرِه ِ يَسِي ُ شَارِبَ الخم َْرِ يجيء ُ يَوْم َ الق ِيَامة ِ مُسْوَدّا و َجْ ه ُه ُ مُدْلعا لِسَانُه ُ عَلَى َ
عيادتهم والسلام عليهم ،لأن شارب الخمر فاسق ملعون قد لعنه الل ّٰه ورسوله ،فإن اشتراها أو عصرها كان ملعونا مرتين ،وإن سقاها
لغيره كان ملعونا ثلاث مرات ،فلذلك نهى عن عيادته والسلام عليه إلا أن يتوب ،فإن تاب تاب الل ّٰه عليه
)
ْب امْرىء ٍ أب َدا( وفي حديث الطبراني عن أبي هريرة من شرب خمرا ،أييج ْتَمِـ ُع الخم َ ْر ُ والإيمانُ في قَل ٍ
وقال عليه الصلاة والسلام :لا َ
عالما مختارا خرج نور الإيمان من جوفه ،أي فإن تاب عاد إليه وعن الفضيل بن عياض أنه حضر عند تلميذ له حضره الموت ،فجعل
Shamela.org ٥٠
None ١
يلقنه الشهادة ولسانه لا ينطق بها ،فكررها عليه فقال :أقولها وأنا بريء منها ،ثم مات فخرج الفضيل من عنده وهو يبكي ،ثم رآه بعد
مدة في منامه ،وهو يسحب به في النار .فقال له :يا مسكين بم َنزعت منك المعرفة؟ فقال :يا أستاذ كان بي علة فأتيت بعض الأطباء.
فقال لي :تشرب في كل سنة قدحا من الخمر ،وإن لم تفعل تبق بك علتك ،فكنت أشربها في كل سنة لأجل التداوي ،فهذا حال من
شربها للتداوي ،فكيف حال من يشربها لغير ذلك ،نسأل الل ّٰه العافية من كل بلاء ومحنة كذا في الزواجر
ل امْرأتَه ُ( أي في قبلها شيطانُ في د ُبُرِه ِ أَ رْبَع ِينَ م ََرة ً كَمَا يأتي َ
الر ّج ُ ُ ل عَقْلَه ُ ي َأتيِه ِ ال َ ّ
)وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ ح ََت ّى يُز ِي َ
ّ
سك ِر َ ل َ ْم يَقْب َ ِ
ل الل ّٰه مِن ْه ُ وفي الزواجر قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ و َل َ ْم يَسْكَر ْ أَ عْرَ َ
ض الل ّٰه عَن ْه ُ أَ رْبَع ِينَ لَيْلَة ً ،وَم َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ و َ َ
ل قيل:
حقّا على الل ّٰه أَ ْن ي َ ْسق ِي َه ُ م ِنْ طِينَة ِ الخب َُا ِ
صَرْفا و َلا َعَدْلاً ،أي نفلا ًولا فرضا أربعين ليلة ،فإ ْن م َاتَ فيها م َاتَ كَع َابِدِ و َثَنٍ ،وَك َانَ َ
ح و َال َد ّم ُ«.
ل الن ّارِ القَي ْ ُ
ل الل ّٰه وَم َا طين َة ُ الخَبالِ؟ قال :عُصَارَة ُ أَ ه ْ ِ
يا رَسُو َ
)
ن الل ّٰه الخم َ ْر َ وَشَارِ بَهَا وَسَاقِيَهَا( أي للغير )و َب َائ ِعَه َا ومُب ْتَاعَه َا( أي مشتريها )وعَاصِر َه َا وَمُعْتَصِر َه َا( أي
وقال عليه الصلاة والسلام :لَع َ َ
ل ثَمَنِها( بمد الهمزة أي آخذه وخص الأكل بالذكر ،لأنه أغلب وجوه الانتفاع رواه أبو
طالب عصرها )وَح َام ِلَها والمحَْم ُولَة َ إلَيْه ِ و َآك ِ َ
داود والحاكم عن ابن عمر وهو حديث صحيح.
}الباب التاسع والعشرون :في فضيلة الرمي{
أخرج مسلم وغيره عن عتبة بن عامر قال سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وهو على المنبر يقول} :و َأَ ع ِ ُ ّدوا لَه ُ ْم ما اسْ تَطَعْتُم ْ م ِنْ ق َُو ّة ٍ{
وغ المَرَا ِم ثَلاَثا«. جر ِ م َرتَيْنِ و َفِي بُل ُ ِ َ الر ّمْي ُ و َتَك ََر ّر ْ
ن الق ُ َو ّة َ َ
الر ّمْي ُ أَ لا َإ َ ّ
ن الق ُ َو ّة َ َ
الر ّمْي ُ أَ لا َإ َ ّ
ن الق ُ َو ّة ُ َ
]الأنفال [٦ :أَ لا َإ َ ّ
َت هَذِه ِ الجم ُْلَة ُ فِي الز ّو َا ِ َ ّ
ق ر َقَب َة ً( وفي رواية ل الل ّٰه( أي في جهاد الـكفار ولإعلاء دين الل ّٰه) ،كَم َنْ أعْت َ َ )قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ر َمى سَهْما في سَب ِي ِ
للترمذي والنسائي والحاكم عن أبي نجيح بإسناد صحيح من رمى بسهم في سبيل الل ّٰه ،فهو له عدل محرر ،أي مثل عتق رقبة بكسر العين،
وقد تفتح ومن بلغ بسهم فهو له درجة في الجنة ،وانفرد الحاكم في رواية هذه الجملة الأخيرة
)
َ
)والر ّمْي َ بالس ِّها ِم والمَرأة َ المِغْزَلَ( بكسر الميم ،أي الغزل وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :عَل ِّم ُوا أَ وْلاَد َك ُ ْم ال ّ
سِبَاح َة َ( بكسر السين أي العوم
بالمغزل ،و يجوز فتح الميم والزاي على أنه مصدر ميمي ،فلا حاجة لتقدير المضاف رواه البيهقي عن ابن عمر بن الخطاب .قال البيهقي
حديث منكر ،أي وذلك لأن الغزل لائق بالمرأة والل ّٰه يحب المؤمن المحترف ،ويبغض البطال كذا أفاد العزيزي ،وفي رواية لابن منده
وأبي موسى والديلمي عن بكر بن عبد الل ّٰه بن الربيع الأنصاري بإسناد ضعيف علموا أولادكم السباحة والرماية ونعم لهو المؤمنة في بيتها
الغزل ،وإذا دعاك أبواك فأجب أمك ،أي أولا ًثم أباك أفاد هذا الحديث أن الأم مقدمة على الأب في البر.
َ
كالر ّم ِْي عَلَى الجِه َادِ( أي كالرمي على العدو في الجهاد ،وفي رواية للديلمي عن ابن عمر ض )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الر ّمْي ُ عَلَى الغ َر َ ِ
الرمي خير ما لهوتم ،أي الرمي بالسهام خير ما لعبتم به تدريبا للحرب ،وفي رواية للديلمي عن جابر بن عبد الل ّٰه بإسناد ضعيف علموا بنيكم
الرمي ،فإنه نكاية العدو ،أي تعليم الرمي بالسهام للأبناء سنة مؤكدة ،وهو أفضل من الضرب بالسيف كذا أفاد العزيزي
ق ر َقَبَة ٍ .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ت َرَك َ َ
الر ّمْي َ جر ِ عَت ْ ِ
ض ك َانَ لَه ُق َدر أَ ْ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ي َر ُ ُدّ ال َس ّ ْهم َ عَلَى المَرْم َى م ِ َ
ن الغ َر َ ِ
الر ّمي( أي بالسهام )ث َُم ّ ت َرَك َه ُ( أي رغبة عن السنة )فَلَي َ
ْس الت ّعْل ِِيم فَق َ ْد ت َرَك َ س َُن ّة ً م ِنْ س َُن ّتِي .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ عُل ِ ّم َ َ
بَعْد َ َ
م َِن ّا( أي ليس عاملا ًبأمرنا رواه مسلم عن عقبة بن عامر الجهني.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ت َرَك َ َ
الر ّ ِمي َ فَل ْيَرْت َم( أي من نسيه فليتعلمه ثانيا
)
Shamela.org ٥١
None ١
الر ّمْي َ( أي بالسهام )ث َُم ّ ت َرَك َه ُ فَق َ ْد عَصَانِي( رواه ابن ماجه عن عقبة بن عامر قال المناوي :لأنه
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ تَع َل ّم َ
حصل له الدفاع عن الدين ونكاية العدو ،فتعين عليه القيام بالجهاد ،فإذا أهمله حتى جهله فقد فرط في القيام بما تعين عليه فيأثم وقال
بعضهم هذا وعيد شديد في نسيان الرمي بعد علمه ،وهو مكروه كراهة شديدة لمن تركه بلا عذر
ق ر َقَبَة ٍ( وفي الزواجر لابن حجر وصح من شاب
ل الل ّٰه أصَابَ أَ ْو أَ خْ طَأَ ك َانَ لَه ُ عَت ْ ُ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ رَم َى ب ِس َ ْه ٍم في سَب ِي ِ
شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة ،ومن رمى بسهم في سبيل الل ّٰه فبلغ العدو أو لم يبلغه ،كان له كعتق رقبة ومن أعتق رقبة
مؤمنة كانت له فداء من النار عضوا بعضو.
ض الج َنَ ّة ِ للر ّامي في سَب ِي ِ
ل الل ّٰه( وفي الحديث كل شيء ليس الر ّمْي َ فإ َ ّ
ن ما بَيْنَ الهَد َفَيْنِ ر َ ْوضَة ٌ م ِنْ رِي َا ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تَع ََل ّم ُوا َ
من ذكر الل ّٰه عز وجل ،فهو لهو وسهو إلا أربع خصال :مشي الرجل بين الغرضين وتأديبه فرسه وملاعبته أهله وتعلمه السباحة .وفي
جر ٌ،
جر ٌ و َعَارِيَت ُه ُ أَ ْ
جر ٌ ،وَرُكُوبُه ُ أَ ْ الل ّه ع َ َّز وَج َ َ ّ
ل ،فَثَم َن ُه ُ أَ ْ ل َ ل في سَب ِي ِ ل ثَلاث ََة ٌ :ف َر ٌَس يَرْتَبِط ُه ُ َ
الر ّج ُ ُ الحديث الصحيح الذي رواه أحمد :الخيَ ْ ُ
ن الف َ ْقرِ إ ْن شَاء َ الل ّٰه تَع َالى.
َرس للبِطْنَة ِ فَع َس َى أَ ْن يَكُونَ سَدادا م ِ َ
ل و َي ُر َاهِنُ ،فَثَم َن ُه ُ و ْزر ٌ ،وَرُكُوبُه ُ وِ ْزر ٌ و َف ٌ و َف َر ٌَس يُق َام ِر عَلَيْه ِ َ
الر ّج ُ ُ ُ
}الباب الثلاثون :في فضيلة بر الوالدين{
ل علي إذا ذكرت
أي وفي عقوبة عقوقهما كما في الحديث المرفوع :لا يرى وجهي ثلاثة أنفس :العاق لوالديه والتارك لسنتي ،ومن لم يص ّ ِ
بين يديه كذا في الجوهر المنظم.
)
ب في رِضَا الوالِد ِ( أي الأصل وإن علا )و َسَ خ َُط الل ّٰه في سَ خ َطِ الوَالِد ِ( أو قال صلى الل ّٰه عليه وسلم: قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :رِضَا َ
الر ّ ِّ
ضع َيْنِ وهو شك من الراوي رواه ابن حبان والحاكم وصححاه ورجح الترمذي أنه موقوف ،وفي رواية رضا الرب في
»الوَالدَيْنِ« في المَو ْ ِ
رضا الوالد أي الأصل ،وإن علا ،وسخط الرب في سخط الولد ،أي الذي لا يخالف الشرع رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمرو بن
العاص والبزار عن ابن عمر بن الخطاب وهو حديث صحيح .وهذا وعيد شديد يفيد أن العقوق كبيرة ،وعلم من ذلك بالأولى أن الأم
كذلك ،وفي رواية الطبراني عن ابن عمرو رضا الرب في رضا الوالدين ،أي الأصلين وإن علموا سخطه في سخطهما.
)وقال عليه الصلاة والسلام :بُر ّوا آب َاءَكُمْ( أي وأمهاتكم )تَب َُر ّك ُ ْم أَ ب ْنَاؤ ُكُمْ( أي وبناتكم وكما تدين تدان )وَعِفّوا( بكسر العين أي عن
نساء الناس فلا ٺتعرضوا لهن بالزنى )تَع َ ِّف نِس َاؤ ُكُمْ( أي عن الرجال أي عن الزنى بهم رواه الطبراني عن ابن عمر بإسناد حسن .قال
البرماوي :مضارع المضاعف اللازم الـكسر والمتعدي الضم ،وما سمع من المضموم في الأول نادر وما سمع من المكسور في الثاني نادر،
فيحفظ في كل منهما ولا يقاس عليه.
ن عَلَيْه ِ
خطَا ِ َت لَه ُ أَ ب ْوَابُ الج َنَ ّة ِ وَم َنْ أمْس َى وَلَه ُ أَ بَوَا ِ
ن سَا ِ ن عَن ْه ُ أَ ْو أَ حَد ُهُمَا فُتِح ْ
ن ر َاضِيا ِ
ح وَلَه ُ أبَوَا ِ
)وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ أَ صْ ب َ َ
ح جه َ َن ّم َ( وفي رواية لابن عساكر عن ابن عباس :م َنْ أَ صْ ب َ َ
ح م ُطيعا لل ّٰه في و َالِدَيْه ِ ،أي أصليه المسلمين أصْ ب َ َ َت لَه ُ أب ْوَابُ َ
أَ ْو أحَد ُهُمَا فُتِح ْ
ن الج َنَ ّة ِ ،وإ ْن ك َانَ و َاحِدا ف َوَا ِ
حدٌ أي إن كان المطاع من الوالدين واحدا فالمفتوح باب واحد قال المناوي ،وفي هذا ن مِ َ
ن مَفْت ُوح َا ِ
لَه ُبابا ِ
الحديث إشارة أن طاعة الوالدين لم تكن مستقلة ،بل هي طاعة الل ّٰه وكذا العصيان والأذى.
)
جبْهَا( أي فإن إجابة الوالدين في ك ُأ ُمّ َ
ك ف َأَ ِ جب ْه ُ و َإن دَعَت ْ َ كن ْتَ في َ
الصّ لاة( أي النافلة )فَد َعَاك َ أبُوك َ ف َأَ ِ وقال عليه الصلاة والسلام :إذا ُ
النفل أفضل من عدمها إن شق عليهما عدمها ،وتحرم إجابة الوالدين في الفرض ،وتبطل الصلاة بها مطلقا ،أي سواء كانت في الفرض
أو في النفل.
)
وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ آذى و َالِدَيْه ِ أَ ْو آذى أحَد َهُما ي َ ْدخ ُل َ
الن ّار َ( وقال أنس بن مالك رضي الل ّٰه عنه :كان على عهد رسول
Shamela.org ٥٢
None ١
الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم رجل يسمى علقمة ،وكان كثير الاجتهاد عظيم الصدقة ،فمرض يوما مرضا شديدا واشتد مرضه ،فبعثت زوجته
إلى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فقالت :يا رسول الل ّٰه إن زوجي في نزع روحه ،فأردت أن أعلمك بحاله فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم
ك فلم ينطق ،فعلم أنه هالك
كي َْف ت َر َى ح َال َ َ
لأصحابه» :انْطَلِق ُوا بنَِا إلَيْه ِ قال :فلما دخلوا عليه قال له النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :يا عَلْقَم َة ُ َ
ب؟
فلقنه النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم الشهادة فلم ينطق بها ،فكرر عليه مرارا ً فلم ينطق ،فعلم أنه هالك فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ لَه ُ أَ ٌ
فقالوا له :يارسول الل ّٰه إن أباه قد مات ،وإن له أما ًكبيرة السن فدعا بها النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فأتوا بها إليه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال
ل عَلْقَم َة َ؟ فقالت :يا رسول الل ّٰه كان يصوم ويتصدق و يصلي ،وكان فاعلا ً لها النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :يا ُأ َمّ عَلْقَم َة َ
كي َْف ك َانَ ح َا ُ
حطَبا حَت ّى أحرق َه ُ
للخير ،لـكني ساخطة عليه لأنه كان يؤثر زوجته على أمه .فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم لبعض أصحابه :انْطَلِقْ واجْم َعْ َ
ش ُ ّد إ َ ّ
ن الل ّٰه تَع َالى ل َ ْم يَر َ
ْض إلا َ
بالن ّارِ فقالت :يا رسول الل ّٰه لا تفعل بولدي وثمرة فؤادي .فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :فَعَذ َابُ الل ّٰه أَ َ
خطَة ً عَلَيْه ِ ،فقالت :يا رسول الل ّٰه أشهد الل ّٰه وأشهدك أني قد رضيت عليه.
ْت سا ِ
صد َقَت َه ُ ما دُم ِ
ل صَلات ََه ُ وَصِيَام َه ُ و َ َ
بِرِضَاكِ ،ولا يَقْب َ ُ
فتقدم النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم إلى علقمة ولقنه الشهادة فنطق بها ومات ساعته ،قال أنس :غسلوه وصلوا عليه ودفنوه فقام النبي صلى
ل الل ّٰه مِن ْه ُ صَرْفا و َلا َ عَدْلاً، ن والأنصَارِ م َنْ ف ََضّ َ
ل ز َ ْوجَت َه ُ عَلَى و َالِدَتِه ِ ل َ ْم يَقْب َ ِ الل ّٰه عليه وسلم على شفير قبره وقال» :يا مَع َاشِر َ المُهاجِري َ
فالصرف هو النافلة ،والعدل هو الفر يضة« ،كذا في الجواهر للسمرقندي.
ن الل ّٰه تَع َالى قُلْ للبَارِّ ل ِوَالِدَيْه ِ اعْم َلْ م َا شِئ ْتَ فَإ َ ّ
ن الل ّٰه يَغْف ِر ُلَكَ( وروى مسلم وغيره لا يجزي الولد حك َايَة ٌ ع َ ِ
)وقال عليه الصلاة والسلامِ :
والده إلا أن يجده مملوكا فيشتر يه فيعتقه ،وعن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال :سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول» :ما م ِنْ عَبْدٍ
صَلَ ّى الفَرِ يضَة َ وَد َعَا ل ِوَالِدَيْه ِ ب ِالمَغْف ِرَة ِ إلا اسْ ت َج َابَ الل ّٰه د ُعَاءه ُ ،وَغَف َر َ لَه ُ بِبَرَكَة ِ د ُعائِه ِ لهما ،ولو ْ كانا فَا ِ
سق َيْنِ« كذا في ر ياض الصالحـين.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ب ُِر ّ الوَالِدَيْنِ( بكسر الباء الموحدة أي الإحسان إليهما قولا ًوفعلا ً) َ
ك َ ّفارَة ٌ لِلْك َبَائِر ِ( وفي حديث الديلمي وغيره
عن الحسن بن علي رضي الل ّٰه عنهما بر الوالدين يجزي عن الجهاد ،أي ينوب و يقوم مقامه .قال المناوي وهذا ورد جوابا لسائل اقتضى
حاله ذلك ،وإلا فالجهاد أعلى ،وفي رواية لابن عدي عن أبي هريرة بر الوالدين يزيد في العمر ،أي يبارك في عمر البارّ بأن يمضي في
الطاعات أو بالنسبة لما في صحف الملائكة
)
حرَم َه ُ الل ّٰه تَع َالى لَذ ِيذ َ طَعا ِم الج َنَ ّة ِ وقال عليه الصلاة ض َع َطع َاما طَي ّبا في بَي ْتِه ِ و َأَ كَل َه ُ د ُونَ و َالِدَيْه ِ ِ وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ و َ َ
جو ْعَانا ً وَع َ ْطشَانا و َل َ ْم يَسْت َِح الل ّٰه تَع َالى م ِنْ عَذ َابِه ِ
ن حَشَرَه ُ الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ ِ
ن أ ْو ع َ ْطشَا ٌ شبْع َانا ر َ َي ّانا و َأحَد ُ و َالِدَيْه ِ َ
جو ْعَا ٌ والسلام» :م َنْ ب َاتَ َ
يجِد ُ ر َيحَه َا ّ ٌ
عاق و َلا َ قَاطِـ ٌع ن الج َنَ ّة َ يُوجَد ُ رِ يحُه َا م ِنْ مَسِيرَة ِ خَم ْسمائَة ِ عَا ٍم و َلا َ َ
يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( وفي الأحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم» :إ َ ّ
رَحَم« اهـ.
)
وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ ر َف َع يَدَه ُ لِيَضْر ِبَ أَ حَد َ و َالِدَيْه ِ غ َُل ّ ْ
ت يَدُه ُ يَوم القيامة إلى ع ُنُقِه ِ مَشْلُولَة ً قالوا يا رسول الل ّٰه وإن ضربهما
ل أ ْن يَج ُوز َ عَلَى الص ِّراط و َتَضْر ِبُه ُ المَلائِك َة ُ( وعن أنس بن مالك رضي الل ّٰه عنه قال :سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه
قال :ت ُ ْقطَ ُع يَدُه ُ قَب ْ َ
ج م ِنْ قَبْرِه ِ إلا وعلَى و َجْ هِه ِ ج الل ّٰه ر ُوح َه ُ عَلَى غَيْر ِ ال َش ّه َادَة ِ ،و َلا َ ُ
يخ ْر َ ُ خر َ َ ل م َاتَ وَو َالِد َاه ُ غَي ْر راضيَيْنِ عَلَيْه ِ َ
إلا ّ أَ ْ وسلم يقول» :ما م ِنْ رَج ُ ٍ
ُوب هاذا جَز َاء ُ م َنْ ع َص َى الل ّٰه تَع َالى ،هذا جَز َاء ُ م َنْ ع ََقّ و َالِدَيْه ِ« وعن علي بن أبي طالب كرم الل ّٰه وجهه ورضي الل ّٰه عنه قال كنا
مَكْت ٌ
جلوسا مع النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنا وجماعة من الصحابة إذ أتاه رجل فقال :السلام عليكم ورحمة الل ّٰه وبركاته.
فقلنا له :وعليك السلام ،فقال :يا رسول الل ّٰه إن عبد الل ّٰه بن سلام يدعوك ليودعك ،وإنه مريض وعلى خروج من الدنيا ،فلما سمع
Shamela.org ٥٣
None ١
ذلك رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم استوى قائما ،ثم قال لهم :ق ُوم ُوا بنا ن َز ُور ُ أَ خ َانا عَبْد َ الل ّٰه ثم مضى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم هو
ومن معه من أصحابه حتى أتوا إلى منزله فاستأذنوا عليه ،ف َأَ ذِن لهم في الدخول فوجدوه في غمرات الموت ،فوقف رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه
ك لَه ُ وأ َ ّ
ن مُحَم ّدا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ فقالها في أذنه ثلاثا فلم عليه وسلم عند رأسه وقال» :يا عَبْد َ الل ّٰه قُلْ أَ شْهَد ُ أ ْن لا َاله َ
إلا ّ الل ّٰه وَحْدَه ُ لا شَر ِي َ
ل ز َ ْوجُها في
ل إلى امْرَأتِه ِ واسْ أَ ل ْهَا ما ك َانَ يَعْم َ ُ
ض يا بِلا ُ ل و َلا ق َُو ّة َ َ
إلا ّ بالل ّٰه العَل ِ ِيّ العظيم ا ْم ِ حو ْ َ
يقلها فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم» :لا َ
قالا :خفنا من أبينا ،فأقبل علي رضي الل ّٰه عنه عليهما وضربهما .وقال :الأدب خير لـكما فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم» :ي َا عَل ِ ُيّ لا
ن والحُسَيْنَ فَإ َ ّنهُم َا ر َيحانَتَايَ وَر َاح َة ُ قَلْبِي و َس َريرَة ُ كَب ِدي« فقال علي كرم الل ّٰه وجهه سمعا وطاعة فنزل جبر يل وقال :يا محمد
تَنْهَرِ الحَسَ َ
Shamela.org ٥٤
None ١
الحق يقول اترك عليا يؤدبهما أشبعوا أولادكم ،وأحسنوا أسماءهم ،وطيبوا أبدانهم ،ترزقوا شفاعتهم ،فلما سمع بذلك النبي صلى الل ّٰه عليه
ن م َنْ عَل ّم وَلَدَه ُ و َأَ َدّبَه ُ رَز َق َه ُ الل ّٰه َ
شف َاع َت َه ُ ،وَم َنْ ت َرَك َ وَلَدَه ُ وسلم قال» :ي َا مَعْشَر َ المُسْل ِمينَ م َنْ رَز َق َه ُ الل ّٰه تَع َالى ب ِوَلَدٍ فَعَلَيْه ِ بت َأْ ديبِه ِ و َتَعْلِيمِه ِ ،فَإ َ ّ
Shamela.org ٥٥
None ١
الل ّٰه عليه وسلم عندنا بقباء ،وكان صائما فأتيناه عند إفطاره بقدح من لبن وجعلنا فيه شيئا من عسل ،فلما رفعه وذاقه وجد حلاوة
العسل فقال :ما هاذا؟ قلنا :يا رسول الل ّٰه جعلنا فيه شيئا من عسل فوضعه وقال :أما أني لا ُأحَرِّم ُه ُ وَم َنْ تَوَا َ
ض َع لل ّٰه ر َف َع َه ُ الل ّٰه ،وَم َنْ
صد َ أَ غْنَاه ُ الل ّٰه وَم َنْ ب َذر َ أَ فْق َرَه ُ الل ّٰه ،وَم َنْ أَ كْ ثَر َ ذِك ْر َ الل ّٰه أَ ح ََب ّه ُ الل ّٰه كَذ َا في الإحْ ياء. تَكَ َب ّر َ و َ َ
ضع َه ُ الل ّٰه وَم َنْ اق ْت َ َ
)
ض َع ض ال َ ّ
سابِعَة ِ ،فَإذ َا تَوَا َ سم َاء ِ ال َ ّ
سابِعَة ِ وَسِلْسِلَة ٌ في الأَ ْر ِ سه ِ سلْسِلَتَانِ :سِلْسِلَة ٌ فِي ال َ ّ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َا م ِنْ آد َ ِم ِيّ َ
إلا ّ و َفِي ر َأْ ِ
سابِعَة ِ( رواه الخرائطي والحسن بن سفيان ض ال َ ّ
سِلْسِلَة ِ إلى الأَ ْر ِ تجـ َب ّر َ( أي تكبر )و َ َ
ضع َه ُ الل ّٰه بال ّ سابِعَة ِ و َإذ َا َسماء ِ ال َ ّسِلْسِلَة ِ إلى ال َ ّر َفَع َه ُ الل ّٰه ب ِال ّ
وابن لال والديلمي ،وفي رواية للطبراني عن ابن عباس وللبزار عن أبي هريرة بإسناد حسن ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك،
فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته ،وإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته ،فقوله ما من آدمي من زائدة قوله إلا في نسخة إلا وفي ،أي
بالواو التي للحال قوله حكمة بفتح الحاء والكاف ،وهي حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه تمنعه من مخالفة راكبه ،ولما
كانت الحكمة تأخذ بفم الدابة ،وكان الحنك متصلا ً بالرأس جعلها تمنع من هي في رأسه كما تمنع الحكمة الدابة قوله بيد ملك ،أي
موكل بالآدمي قوله فإذا تواضع ،أي للحق والخلق قوله قيل للملك ،أي من قبل الل ّٰه قوله ارفع حكمته ،أي قدره ومنزلته قوله ،وإذا تكبر
قيل للملك ضع حكمته كناية عن إذلاله ،فإن من صفة الذليل أن ينكس رأسه ،فثمرة التكبر في الدنيا الذلة بين الخلق ،وفي الآخرة
دخول النار.
ن فَتَكَ َب ّر ُوا عَلَيْهِمْ(
كب ِّري َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :إذ َا ر َأي ْتُم ُ المُت َوَاضِعينَ( وفي الإحياء بعد ذلك من أمتي )فَت َوَاضَع ُوا لَه ُ ْم وإذ َا ر َأَ ي ْتُم ُ المُت َ َ
وفي الإحياء بعد ذلك ،فإن ذلك مذلة لهم وصغار قال ابن حجر :هذا حديث غريب ،وهو ما انفرد راو يه بروايته.
)
الت ّكَ ُب ّر َ م َ َع المُتَكَب ِّري َ
ن ن َ صد َق َة ٌ و َتَكَ َب ّر ُوا م َ َع المُتَكَبِّر ِينَ ،فإ َ ّ
ض َع م َ َع المُت َوَاضِع ِينَ َ ن َ
الت ّوَا ُ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :تَوَاضَع ُوا م َ َع المُت َوَاضِع ِينَ ،فإ َ ّ
ن الت ِّيه( أي التكبر )على الت َّي ّاه ِ( أي المتكبر صد َق َة ٌ ،وقال عليه الصلاة والسلام تِه ْ( بكسر فسكون )عَلَى ُ
الت ّي ّاه ِ( أي تكبر على المتكبر )فَإ َ ّ َ
س .وقال
ن المُسْل ِمينَ في المجََال ِ ِ الت ّوَاض ُِع أَ ْن يَب ْتَدِىء َ بال َ ّ
سلا ِم عَلَى م َنْ لَق ِي َه ُ م ِ َ س َ صد َق َة ٌ( أي مثل صدقة )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ر َأْ ُ
) َ
َف( وخرج معاو ية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير فقال معاو ية
ض ُع مَع َانِد َ الشّر ِ صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الت ّوَا ُ
ن َ
الن ّارِ« وقيل اس ق ِياما فَل ْيَتَب َو ّأْ م َ ْقعَدَه ُ م ِ َ ل لَه َ
ُالن ّ ُ لابن عامر :اجلس فإني سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول» :م َنْ أَ ح َ ّ
َب أَ ْن يَتمََث ّ َ
التواضع سلم الشرف.
ضعُ( أراد صلى الل ّٰه عليه وسلم بذلك أن الناس متساوون ،وأن أحسابهم إنما َف َ
الت ّوا ُ الت ّقْو َى و َال َش ّر ُ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :الـك َرَم ُ َ
هي بأفعالهم لا بأنسابهم ،كذا نقله العزيزي عن المناوي )والي َقين الغ ِن َى( أي لأن من تيقن أن له رزقا قدر له لا يتخطاه استغنى عن
الجد في الطلب رواه ابن أبي الدنيا عن يحيى بن أبي كثير وهو حديث ضعيف.
ق الأَ ن ْب ِياء ِ و َ
َالت ّكَ ُب ّر ُ ض ُع م ِنْ أخْلا ِ الت ّوَاض ُِع .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الت ّوَا ُ إلا ّ َ
حبُها َ
محْس ُود ٌ صَا ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ك ُ ُ ّ
ل ذي نِعْمَة ٍ َ
ق الـكُ َ ّفارِ والف َرَاعِنَة ِ( أي العتاة
م ِنْ أخْلا َ ِ
)
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ تَك َب ّر َ عَلَى الفق َراء ِ لَع َن َه ُ الل ّٰه وَم َنْ تَكَ َب ّر َ عَلَى الع ُلَمَاء ِ أَ ْ
خز َاه ُ الل ّٰه( وفي الإحياء قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم
ضعُ« اهـ .وقال ابن حجر هذا حديث َ
»الت ّوا ُ لأصحابه يوما» :ما لي لا َ أر َى عَلَيْك ُم ح َلاَوَة َ الع ِبَادَة ِ«؟ قالوا :وما حلاوة العيادة؟ قال:
ضعُ« كذا في المستطرف لـكن قال ابن حجر في الزواجر هذا قول ل الع ِبَادَة ِ َ
الت ّوَا ُ ض ُ
غريب .وقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :أَ ف ْ َ
عائشة رضي الل ّٰه عنها اهـ.
}الباب الثالث والثلاثون :في فضيلة الصمت{
Shamela.org ٥٦
None ١
اعلم أن الإنسان إما أن يتكلم أو يسكت ،فإن تكلم فإما بخـير فهو ربح أو بشر ّ فهو خسران ،وإن سكت فإما عن شر فربح ،وإما عن خير
فخسران ،فله في كلامه وسكوته ر بحان ينبغي تحصيلهما ،وخسرانان ينبغي التخلص منهما ،أفاد ذلك إبراهيم الشبرخيتي.
ن َ
الن ّاسِ( ْت( أي السكوت عما لا ثواب فيه )والع َاشِر ُ في العُزْلَة ِ ع َ ِ جز َاء ٍ ت ِ ْسع َة ٌ في َ
الصّ م ِ )قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :الع َاف ِي َة ُ ع َشَرَة ُ أَ ْ
رواه الديلمي عن ابن عباس ،أي وذلك إذا استغنى عنهم واستغنوا عنه ،وإلا فمتى دعاه الشرع إلى الخلطة بهم للتعلم أو التعليم فلا
خير في البعد عنهم ،وبهذا يجمع بين الأدلة الدالة على طلب العزلة ،والأدلة الدالة على طلب الخلطة .قال المناوي :فينبغي للعاقل أن
يختار العافية ،فمن عجز واضطر إلى الخلطة لطلب المعيشة ،فيلزم الصمت كذا في السراج المنير .وفي لفظ والجزء العاشر في ترك مجالسة
السفهاء.
)
ل شَيْء ٍ نَجَاسَة ٌ وَنَجَاسَة ُ اللِّسَا ِ
ن البَذ َاءَة ُ( أي الفحش في المنطق وإن كان كلاما صدقا ،وفي رواية للطبراني وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لِك ُ ّ ِ
عن ابن عمر من كثر كلامه كثر سقطه بفتح القاف ،أي خطؤه في القول ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ،ومن كثرت ذنوبه كانت
النار أولى به ،أي وذلك لأن السقط ما لا نفع فيه ،فإن كان لغوا لا إثم فيه حوسب على تضييع عمره وصرفه عن الذكر إلى الهذيان،
ومن نوقش الحساب عذب.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ صَم َتَ ( أي سكت عن النطق بما لا ثواب له )نَجَا( أي من العقاب والعتاب يوم المآب
سكُوتُه ُ ز َيْنٌ( قال لقمان لابنه :لو
ن وَ ُ سكُوتُ الع َال ِ ِم شَينٌ( أي عيب )وَك َلاَم َه ُ ز َي ْ ٌن وَك َلام ُ الجا َه ِ ِ
ل شَي ْ ٌ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمُ :
كان الكلام من فضة كان السكوت من ذهب ،ومعناه كما قال ابن المبارك :لو كان الكلام في طاعة الل ّٰه من فضة كان السكوت
ُوت اق ْصِ دِ فَلَو ْ
سك ِعن معصية الل ّٰه من ذهب ،وما أحسن قول بعضهم من بحر المتقارب :إذا ما اضْ طُرِرْتَ إلى كلمَة ٍ فَد َ ْعه َا و َب َابَ ال ُ ّ
ن فَق ُل ْتُ لَه ُ ْم م َا ق َ ّدر َ الل ّٰه
ح ْرم َا ٌ
ك ِ
سكُوت ُ َ
ك م ِنْ عَسْجَدِ قال إبراهيم العتكي نظما من بحر البسيط :قَالُوا ُ ك م ِنْ ف َِضّ ة ٍ لَك َانَ ُ
سكُوت ُ َ ك َانَ ن ُ ْطق ُ َ
َب وهذا صريح في أن الـكف عن المعصية أفضل من ن ال ُ ّلجَيْنِ لَك َانَ َ
الصّ مْتُ م ِنْ ذ َه ِ َب و َلَو ْ يَكُونُ ك َلامي حِينَ أَ ن ْشُرُه ُ م ِ َ
ي َأتيني بِلا نَص ِ
عمل الطاعة ،وفي أن الصمت أفضل من الكلام ،لـكن ذهب جماعة من السلف إلى تفضيل الكلام ،لأن نفعه متعد ،وعلى هذا فقول
الخـير خير من الصمت ،والصمت خير من قول الشر أفاد ذلك الشبرخيتي.
)
ُوت َ
إلا ّ ع َنْ ذِكْر ِ الل ّٰه تَع َالى( والصمت قفل الفم كما قاله عمر رضي الل ّٰه عنه ،ولذا قيل سك ِ ن ال ُ ّ ل الإيما ِ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ صْ ُ
ل عَلَى ف ِيه ِ مُقْفلُ. سه ِ إذا ل َ ْم يَكُنْ ق ِ ْف ٌ من بحر الطو يل :و َك َ ْم ف َ ِ ٍ
اتح أَ ب ْوَابَ شَرٍّ لِن َ ْف ِ
ل( أي لأن المرء جهله مستور الصّ مْتُ ز َي ْ ٌن لِلع َالِمِ( أي لما فيه من الوقار المناسب لحق العلم )و َ َ
ستْر ٌ للج ِاه ِ ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
ما لم يتكلم رواه أبو الشيخ عن محرز بن زهير الأسلمي.
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ك َ ْم م ِنْ كَل ِمَة ٍ سَلَب َْت نِعْم َة ً و َك َ ْم م ِنْ ك َلَمِة ٍ ج َلَب َْت ن َ ْقم َة ً( وقال بعضهم :عفة اللسان صمته ،فإن اللسان سبع
ضار ،فإن لم توثقه عدا عليك ،وروي أن رجلا ً سئل في مرض موته فقيل له :أوصني فقال :إن شئت جمعت لك علم العلماء وحكم
الحكماء وطب الأطباء في ثلاث كلمات ،أما علم العلماء فإذا سئلت عما لا تعلم ،فقل لا أعلم .وأما حكم الحكماء فإذا كنت جليس
قوم ،فكن أسكتهم ،فإن أصابوا كنت من جملتهم ،وإن أخطؤوا سلمت من خطئهم .وأما طب الأطباء فإذا أكلت طعاما فلا تقم إلا
ونفسك تشتهيه ،فإنه لا يلم بجسدك غير مرض الموت كذا في الفتوحات الوهبية للشبرخيتي.
خر ََس لِسَانَه ُ ل َ ْم يَسْتَحِقّ أَ حَد َ مُهَمّاتِه ِ( وقد قيل :الصمت منام اللسان والتكلم يقظته ،والمرء مخبوء تحت
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ أَ ْ
طي لسانه لا تحت طيلسانه.
جز َاء ٍ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :الح ِ ْ
كم َة ُ( وهي استعمال النفس الإنسانية باقتباس النظر يات على الأفعال الفاضلة بقدر الطاقة )ع َشَرَة ُ أ ْ
Shamela.org ٥٧
None ١
ْت( رواه ابن عدي وابن لال عن أبي هريرة بإسناد واه .فينبغي للسالك تجنب العشرة سيما لغير حدٌ في َ
الصّ م ِ ت َ ْسع َة ٌ مِنْهَا في العُزْلَة ِ وَو َا ِ
الجنس ،أفاد ذلك العزيزي.
)
ل فَاع ِلُه ُ( أي قل من يصمت عما لا وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الصّ مْتُ ح ُ ْكمٌ( أي هو حكمة أي نافع يمنع من الجهل والسفه )و َقَلِي ٌ
فائدة فيه ،ويمنع نفسه عن النطق بما يشينه رواه القضاعي عن أنس بن مالك والديلمي عن عمر بإسناد ضعيف قال بعضهم من بحر
الخفيف:
ل ع َْرضا وَطُولا ل قَصِّرْ قليلا ًق َ ْد ف َر َشْ تَ الفُضُو َ
ي َا كَث ِير َ الفُضُو ِ
ُت الآنَ إ ْن أَ رَدْتَ جَم ِيلا .
حظ فَاسْ ك ِ ن الق َب ِ
ِيح بِ ّ ٍ ق َ ْد أَ خَذْتَ م ِ َ
}الباب الرابع والثلاثون :في فضيلة الإقلال من الأكل والنوم والراحة{
وفي الخـبر أن الأكل على الشبع يورث البرص
ل(.
ك ِ الر ّاحَة ِ وَح ُ ّ
ُب الأَ ْ ُب َُب النّو ْ ِم وَح ُ ّ
ْب ح ُ ّ
)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :ثَلاثَة ٌ تُورِثُ قَسْوَة َ الق َل ِ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ شَب ِـ َع في ال ُد ّن ْيَا( أي شبعا مذموما )ج َاعَ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ وَم َنْ ج َاعَ في ال ُد ّن ْيَا شَب ِـ َع يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( قال صلى
Shamela.org ٥٨
None ١
نفسه واشتغل بذلك عن عبادة ربه مع تمكنه من ذلك من غير تعذر ،وهذه الدار دار خدمة للرب ،وعبادة لا دار تنعم وشهوة فيستحق
اللوم بذلك ،والتعيير كذا في منهاج العابدين ،وفي الإحياء ،وقال أبو سعيد الخدري قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم» :البس ُوا وَك ُلُوا
ن ُ
الن ّب َُو ّة ِ« َاف البُط ُونِ ،ف َ َإن ّه ُ جُزْء ٌ م ِ َ
واشْر َبُوا في أَ نْص ِ
شف َاء بِ ح َرَا ٍم .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمُ :
الصّ ب ْح َة َ( الن ّو ْ ِم ولا ِ َ
كثْرَة ِ َ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا ِ َ
ل و َلا َ ِ َ
ك ِ
كثْرَة ِ الأَ ْ
صح ّة َ م َ َع َ صح ّة َ م َ َع َ
بضم الصاد المهملة أو بفتحها فسكون الموحدة أي النوم أول النهار )تَم ْن َ ُع الر ِ ّزْقَ ( أي بعضه أو تمنع البركة منه ،لأنه وقت الذكر والفكر
وتفرقة الأرزاق الحسية والمعنو ية كالعلوم والمعارف ،رواه عبد الل ّٰه ابن الإمام أحمد وابن عدي والبيهقي عن عثمان والبيهقي عن أنس
بإسناد ضعيف.
}الباب الخامس والثلاثون :في فضيلة الإقلال من الضحك{
قال الأحنف :كثرة الضحك تذهب الهيبة ،وكثرة الفرح تذهب المروءة ،ومن لزم شيئا عرف به.
ك تُمِيتُ الق َل ْبَ ( أي تورث الضغينة في بعض الأحوال ،وتسقط المهابة والوقار ،وذلك
ح ُ كثْرَة ُ َ
الضّ ِ )وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
لأن الضحك يدل على الغفلة عن الآخرة كذا في الإحياء
جدِ ظُل ْم َة ٌ في القَبْرِ( أي يورث ظلمة القبر ،فإنه يميت القلب وينسي ذكر الرب رواه الديلمي
س ِ
ك في الم َ ْ
ح ُ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ :
الضّ ِ
عن أنس
)
ن العِلْم ِ( وفي الإحياء :قال صلى الل ّٰه عليه وسلم مرة لصهيب وبه رمد وهو
ك ق َ ْهقَه َة ً فَق َ ْد نَسِيَ بابا م ِ َ
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ضَ ح ِ َ
ل تَم ْرا و َأَ ن ْتَ أَ ْرمَد ُ«؟ فقال :إنما آكل بالشق الآخر يا رسول الل ّٰه .فتبسم صلى الل ّٰه عليه وسلم قال بعض الرواة حتى يأكل تمرا» :أَ ت َأْ ك ُ ُ
نظرت إلى نواجذه
مج ّة ً( وفي المستطرف عن علي :ما مزح أحد مزحة إلا مج الل ّٰه من عقلهل َن الع َ ْق ِ ك ق َ ْهقَه َة ً فَق َ ْد َ
مج ّ م ِ َ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ضَ ح ِ َ
مجة
خرَة ِ( وقال يوسف بن أسباط :أقام الحسن ثلاثين سنة لم ك كَثيرا في ال ُد ّن ْيَا بَك َى كثيرا في الآ ِ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ضَ ح ِ َ
يضحك .وقيل :أقام عطاء السلمي أربعين سنة لم يضحك
ك كَث ِيرا اسْ تَح ََقّ بِه ِ َ
الن ّار ُ( وفي رواية هناد بن السري عن الحسن ك ق َ ْهقَه َة ً لَع َن َه ُ الج َبَ ّار ُ وَم َنْ ضَ ح ِ َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ ضَ ح ِ َ
البصري :الضحك ضحكان ضحك يحبه الل ّٰه وضحك يمقته الل ّٰه ،فأما الضحك الذي يحبه الل ّٰه فالرجل يكشر في وجه أخيه لحداثة عهد به
وشوقا إلى رؤيته .وأما الضحك الذي يمقت الل ّٰه تعالى عليه ،فالرجل يتكلم بالكلمة الجفاء والباطل ليضحك أو ليضحك يهوي بها في
جهنم سبعين خر يفا .والمعنى الضحك نوعان ضحك يثيب الل ّٰه عليه ،وضحك يبغض الل ّٰه صاحبه ،أي يعاقبه إن شاء ،فأما الضحك الذي
يثيب الل ّٰه عليه ،فضحك الإنسان الذي يكشر عن أسنانه ،ويبتسم في وجه أخيه في الدين لحداثة لقائه ،ولشوق إلى رؤيته ،وأما الضحك
الذي يبغض الل ّٰه تعالى عليه ،فهو الضحك المتسبب عن تكلم الرجل الذي يتكلم بالكلمة الفاسدة ليضحك هو ،أو ليضحك غيره يسقط
إلى السفل بسببها في جهنم يوم القيامة سبعين سنة.
قوله يكشر بكسر شين معجمة أي يظهر أسنانه .قوله ليضحك أو ليضحك بمثناة تحتية فيهما مفتوحة في الأول مضمومة في الثاني
)
ضح ْك ُه كَثُر َ خَطؤُه ُ( وقال عمر رضي الل ّٰه عنه :من كثر ضحكه قلت هيبته ،ومن مزح استخف به،
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ كَثُر َ ِ
ومن أكثر من شيء عرف به ،ومن كثر كلامه كثر سقطه ،ومن كثر سقطه قل حياؤه ،ومن قل حياؤه قل ورعه ،ومن قل ورعه
مات قلبه ،وقال علي رضي الل ّٰه عنه :إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك
اس( وفي حديث أحمد وأبي داود والترمذي والحاكم عن معاو ية بن حيدة
الن ّ ُ ضح ْك ُه ُ يَسْتَخ ُ ّ
ِف بِه ِ َ )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ كَثُر َ ِ
Shamela.org ٥٩
None ١
بإسناد قوي و يل للذي يحدث فيكذب في حديثه ليضحك به القوم ،و يل له و يل له كرره إيذانا بشدة هلـكته.
ك بها ج ُلَسَاءَه ُ( فحتى بمعنى كي )ع َ ّذبَه ُ الل ّٰه تَع َالى( وفي نسخة كبه الل ّٰه أي ألقاه
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ تَك ََل ّم َ بِكَل ِمَة ٍ حتى يَضْ ح َ َ
الن ّارِ( قال الغزالي :المراد ما فيه إيذاء مسلم ونحوه دون مجرد المزاح المباح ،وفي رواية للترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة )في َ
إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خر يفا في النار ،والمعنى إن الإنسان ليتكلم بالكلمة لا يظن أنها ذنب يؤاخذ به
يضحك بها القوم يسقط بسببها في جهنم سبعين عاما
ك الأَ ن ْب ِيَاء ِ تَب َ ُس ّمٌ( أي وهو الذي ينكشف فيه السن ،ولا يسمع له صوت كذا في الإحياء )وضح ُ
ك )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :ضَ ح ُ
ن ق َ ْهقَه َة ٌ( فالتبسم مبادي الضحك ،والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور ،فإن كان بصوت ،وكان بحيث ال َ ّ
شيْطَا ِ
يسمع من بعد فهو القهقهة ،وإلا فالضحك وإن كان بلا صوت ،فهو التبسم كذا أفاد العزيزي نقلا ً عن بعضهم وقيل :إن يحيى بن
زكر يا لقي عيسى عليه السلام .فقال يحيى :ما لي أراك لاهيا كأنك آمن؟ فقال له عيسى :ما لي أراك عابسا كأنك آيس؟ فقال :لا
نبرح حتى ينزل علينا الوحي فأوحى الل ّٰه إليهما أن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي ،ويروى أن أحبكما إلي الطلق البسام.
}
الباب السادس والثلاثون :في فضيلة عيادة المر يض{
ِيم ُأعِيذُك َ بالل ّٰه الأَ حَدِ َ
الصّ مَدِ ن َ
الر ّح ِ قال عثمان رضي الل ّٰه عنه مرضت فعادني رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال» :ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ
الر ّحْما ِ
تجِد ُ« قالها مرارا ودخل صلى الل ّٰه عليه وسلم على علي بن أبي طالب رضي الل ّٰه ال َ ّذ ِي ل َ ْم يلَِدْ و َل َ ْم يُولَدْ و َل َ ْم يَكُنْ لَه ُ ُ
كف ُوا أَ حَدٌ م ِنْ شَر ِّ م َا َ
ك سَتُعْطَى ك َ
فإن ّ َ ن ال ُد ّنيا إلى رَحْمَت ِ َ صب ْرا عَلَى بلَ َِي ّت ِ َ
ك أَ ْو خُر ُوجا م ِ َ ك أَ ْو َ
ل عَاف ِيَت ِ َ
ك تَعْجِي َ الل ّه ُ َ ّ
م إن ِ ّي أَ سْ أَ ل ُ َ عنه وهو مريض فقال له» :قُلْ َ
إحْد َاه َُنّ «
يض( بضم العين والدال بينهما واو ،أي زوروه )وات ْب َع ُوا الجنََازَة َ( بسكون المثناة الفوقية وفتح
)قال النبي عليه السلام :ع ُود ُوا المَر َ
الموحدة التحتية )تُذَك ِّر ْكُم ُ الآ ِ
خرَة َ( أي أحوالها وأهوالها ،والأمر للندب رواه أحمد وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري
مخ ْر َفَة ِ الج َنَ ّة ِ( فالمخرفة بفتح الميم البستان والجمع مخارف،
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :عَائِد ُ المَر يضِ( أي الذي تطلب عيادته )يَم ْشي في َ
أي يمشي في التقاط فواكه الجنة ،ومعناه أن العائد فيما يجوزه من الثواب كأنه على نخل الجنة يخـترف ،أي يجني ثمارها من حيث إن
فعله يوجب ذلك )ح ََت ّى يَرْجِـعَ( رواه مسلم عن ثوبان عتيق رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ،وفي الدرر المنتثرة للسيوطي ثلاث لا يعاد
صاحب الرمد وصاحب الضرس وصاحب الدمل رواه البيهقي في الشعب وضعفه من حديث أبي هريرة
ل يَو ْ ٍم( أي زمان )فَرِ يْضَة ٌ وَم َا بَعْد َه َا س َُن ّة ٌ( والمراد بالفرض والسنة هنا بحسب المروءة
ض أَ َ ّو َ
)وقال عليه الصلاة والسلام :عِيَادَة ُ المر ي ِ
أو الأخلاق الجميلة لا بحسب الشرع كما قال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما :عيادة المر يض مرة سنة ،فما ازدادت فنافلة ،أي زائدة في
السنة
)
ض َ
إلا ّ بَعْد َ ثَلاث َة ِ أي ّا ٍم( أي لا تطلب طلبا مؤكدا إلا بعدها أو لا تجب بحسب المروءة تج ِبُ عِيَادَة ُ المر ي ِ
وقال عليه الصلاة والسلام :لا َ
والعرف إلا بعدها كما في الإحياء.
ث ف َوَاقُ ن َاقَة ٍ« وفي حديث الديلمي عن ابن عمر عيادة المر يض أعظم
ض بَعْد َ ثَلا َ ٍ
وروي أنه قال عليه الصلاة والسلام» :عِيَادَة ُ المَرِ ي ِ
أجرا من اتباع الجنازة ،أي لأن فيها جبر خاطر المر يض وأهله.
ْت المر يض م َع َه و َي َ ْدخ ُلُونَ
يخ ْرُجُونَ م ِنْ بَي ِ
سب ْع ُونَ م َلَكا يَسْتَغْف ِر ُونَ لَه ُ ،و َ َ
ج م َع َه ُ َ
)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :م َنْ عَاد َ مَر ِيضا صَالحا خَر َ َ
إلى بَي ْتِه ِ( وفي الإحياء عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم من عاد مريضا قعد في مخارف الجنة حتى إذا قام وكل به سبعون ألف ملك يصلون
عليه حتى الليل.
Shamela.org ٦٠
None ١
)وقال عليه السلام :م َنْ عَاد َ م َريضا ل َ ْم ي َز َلْ في خ ُرفَة ِ الج َنَ ّة ِ( بضم الخاء المعجمة وتفتح والراء ساكنة ،أي فيما يخـترف من التمر شبه ما
يحوزه العائد من الثواب بما يحوزه المخترف من الثمر .وقيل :المراد بالخرفة هنا الطر يق .رواه مسلم عن ثوبان مولى المصطفى صلى الل ّٰه
عليه وسلم.
س عِنْدَه ُ( أي المر يض )انْغَم َس ف ِيها( أي تلك
ُوض( أي يمشي )في رَحْمَة ِ الل ّٰه تَعالى فإذا ج َل َ َ
ض يَخ ُ
)وقال عليه السلام :عَائِد ُ المَر ي ِ
الرحمة ،وفي رواية للإمام أحمد والطبراني عائد المر يض يخوض في الرحمة ،فإذا جلس عنده غمرته الرحمة
ش ُ ّد( أي أكثر ألما )عَلَيْه ِ م ِنْ م َرَ ِ
ضه ِ( وفي حديث صحيح للديلمي عن أبي أمامة الباهلي إذا ض أَ َ
)وقال عليه السلام :عَدَم ُ عِيَادَة ِ المَر ي ِ
عاد أحدكم مريضا فلا يأكل عنده شيئا فإنه حظه من عيادته ،أي فيكره للعائد أكل شيء عند المر يض ،فإن أكل عنده فلا ثواب له
في العبادة قال المناوي :و يظهر أن مثل الأكل شرب نحو السكر ،فهو محبط لثواب العيادة كذا في السراج المنير
)
وقال عليه السلام :الع ِيَادَة ُ ف َوَاقُ ن َاقَة ٍ( رواه البيهقي عن أنس بن مالك ،أي زمان عيادة المر يض قدر فواق ناقة ،وهو ما بين الحلبتين
والفواق بضم الفاء وفتحها الزمان الذي بين الحلبتين ،لأن الناقة تحلب ،ثم تترك سو يعة يرضعها الفصيل لتدر وتحلب .وفي رواية للديلمي
عن جابر أفضل العيادة أجرا سرعة القيام من عند المر يض ،وهو حديث ضعيف ،أي أفضل ز يارة المر يض أن يكون قعود العائد
عنده فواق ناقة ،لأنه قد يبدو للمر يض حاجة ،وهذا في غير متعهده ومن يأنس به كذا في السراج المنير .وقال طاوس :أفضل العيادة
أخفها.
تح َِي ّت ِكم بَي ْنَك ُم المُصَافَحَة ُ( ض َع أَ حَد ُك ُ ْم يَدَه ُ عَلَى و َجْ هِه ِ أَ ْو عَلَى يَدِه ِ فَيَسْأَ لُه َ
كي َْف ه ُو َ و َتَمام ُ َ ض أَ ْن ي َ َ
)وقال عليه السلام :وَم ِنْ تَمَا ِم عِيَادَة ِ المَر ي ِ
أي عند الملاقاة بعد السلام رواه أحمد والطبراني عن أبي أمامة بإسناد ضعيف ،وهذا تمام الحديث الذي أوله عائد المر يض يخوض في
ك عَد ُوا
ف عَبْدَك َ يَنْك َأ ل َ َ
م اشْ ِ الرحمة ،وفي حديث صحيح في رواية الحاكم عن ابن عمرو بن العاص :إذا عَاد َ أَ حَد ُك ُ ْم مَر ِيضا فَل ْيَق ُلْ َ :
الل ّه ُ َ ّ
ك إلى صَلاَة ٍ ،وفي رواية إلى جَنَازَة ٍ ،أي إذا زار مسلما في مرضه فليقل في دعائه له ندبا :اللهم اشف عبدك إلى آخره .قوله:
أَ ْو يَم ْشي ل َ َ
ينكأ بفتح المثناة التحتية وسكون النون وفتح الكاف وبالهمزة وتركه ،أي يجرح و يؤلم من النكاية بكسر النون ،وهي القتل والإثخان
وقوله عدوا ،أي من الـكفار أما إذا عاد كافرا فلا يمكن الدعاء له بذلك ،وإن جازت عيادته.
}الباب السابع والثلاثون :في فضيلة ذكر الموت{
قال الغزالي :الناس إما منهمك أو تائب ،وإما مبتدىء أو عارف ،أما المنهمك فلا يذكر الموت ،وإن ذكره فيذكره للتأسف على دنياه،
ويشتغل بمذمته ،وهذه تزيد ذكر الموت من الل ّٰه بعدا .وأما التائب ،فإنه يكثر من ذكر الموت لينبعث به من قلبه الخوف والخشية ،فيفي
بتمام التوبة وربما يكره الموت خيفة من أن يختطفه قبل تمام التوبة وقبل إصلاح الزاد ،وهو معذور في كراهة الموت ،ولا يدخل هذا
تحت قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم» :م َنْ كَرِه َ لِق َاء َ الل ّٰه كَرِه َ الل ّٰه لِق َاءُه« فإن هذا ليس يكره الموت ولقاء الل ّٰه ،وإنما يخاف فوت لقاء الل ّٰه
لتقصيره ونقصه ،وهو كالذي يتأخر عن لقاء الحبيب مشتغلا ًبالاستعداد للقائه على وجه يرضاه فلا يعد كارها للقائه وعلامة هذا أن
يكون دائم الاستعداد له لا شغل له سواه وإلا التحق بالمنهمك في الدنيا .وأما العارف ،فإنه يذكر الموت دائما ،لأنه موعد للقائه لحبيبه،
والمحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب ،وهذا في غالب الأمر يستبطىء مجيء الموت ليتخلص من دار العاصين ،وينتقل إلى جوار رب
العالمين ،فالتائب معذور في كراهة الموت ،وهذا معذور في حب الموت وتمنيه وأعلى منهما رتبة من فوض أمره إلى الل ّٰه تعالى ،فصار
لا يختار لنفسه موتا ولا حياة ،بل يكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه ،فهذا قد انتهى بفرط الحب إلى مقام التسليم والرضا ،وهو
المنتهى وعلى كل حال ففي ذكر الموت ثواب وفضل فإن المنهمك أيضا يستفيد بذكر الموت التجافي عن الدنيا إذ يكدر عليه صفو لذته
وكل ما يكدر على الإنسان اللذات والشهوات ،فهو من أسباب النجاة
بيب( وهو
ل الحبَِيبَ ( أي المؤمن صدقا والمسلم حقا الذي سلم المسلمون من لسانه ويده )إلى الح َ ِ
جسْر ٌ يُوص ُ
)وقال عليه السلام :المَو ْتُ ِ
Shamela.org ٦١
None ١
الل ّٰه تعالى ،وفي رواية لأبي نعيم والبيهقي عن أنس بإسناد حسن .الموت كفارة لكل مسلم ،أي لما يلقاه من الآلام والأوجاع التي لم
يقع له ما يقرب منها من قبل
)
وقال عليه السلام :المَو ْتُ أَ رْب َ ٌع مَو ْتُ الع ُلَمَاء ِ وَمَو ْتُ الأَ غْن ِيَاء ِ وَمَو ْتُ الفُق َرَاء ِ وَمَو ْتُ ال ُأم َرَاء ِ فَمَو ْتُ الع ُلَمَاء ِ ثُلم َة ٌ( أي انكسار )في الد ِّينِ(
وفي لفظ فتنة )وَمَو ْتُ الأَ غْن ِيَاء ِ حَسَرَة ٌ( بفتح الحاء المهملة والسين ،أي أشد الحزن على الشيء الغائب )وَمَو ْتُ الفُق َرَاء ِ ر َاح َة ٌ وَمَو ْتُ
ال ُأم َرَاء ِ فِت ْن َة ٌ( وفي لفظ نكبة ،أي مصيبة أو انكسار
خر َى( وقال أبو علي الروذباري رضي الل ّٰه عنه :ماتن أَ وْلِيَاء َ الل ّٰه لا يَمُوتُونَ وإنّما يَن ْتَق ِلُون م ِنْ د َا ٍر إلاى د َا ٍر ُأ ْ
)وقال عليه السلام :إ َ ّ
عندنا فقير غريب ،فغسلته وصلينا عليه ،ووضعته في لحده ،فكشفت عن وجهه ليصيبه التراب ،ففتح عينيه وقال :يا أبا علي أتذللني
بين يدي من ذللني؟ فقلت :يا سيدي أحياة بعد موت؟ قال :أنا حي وكل محب لل ّٰه حي لأنصرنك غدا بجاهي يا روذباري كذا في
تحفة الإخوان للشيخ أحمد الفشني
ن( وفي رواية لأحمد والبيهقي عن عائشة بإسناد ضعيف موت الفجاءة راحة للمؤمن وأخذة
)وقال عليه السلام :نَع َ ْم المَو ْتُ ر َاح َة ُ المُؤْم ِ ِ
أسف للفاجر.
قوله :الفجاءة بفاء مضمومة مع المد أو مفتوحة مع القصر ،أي البغتة .قوله :أسف بفتح السين ،أي غضب وبكسرها ومد الهمزة،
أي غضبان ،قوله :للمؤمن أي المتأهب للموت المراقب له .قوله :للفاجر ،أي للكافر والفاسق غير المتأهب للموت ،فموت الفجاءة من
آثارِ غضب الل ّٰه ،فإنه لم يتركه ليتوب ويستعد للآخرة ،ولم يمرضه ليكون كفارة
)
وقال عليه السلام :مَو ْتُ الع ُلَمَاء ِ ظُل ْم َة ٌ( وفي لفظ ثلمة )في الد ِّي ِن وقال عليه السلام :إذ َا م َاتَ اب ْ َ
ن آدَم َ( وفي رواية إذا مات الإنسان
صد َق َة ج َارِ يَة( أي متصلة
ث( فإن ثوابها لا ينقطع ،بل هو دائم متصل النفع ) َ
)انْقَطَ َع ع َمَلُه ُ( أي فائدة عمله وتجديد ثوابه )إلا ّ م ِنْ ثَلا َ ٍ
كوقف وفي رواية صدقة دائرة )أَ ْو عِل ْم يَن ْت َف ُع بِه ِ( كتعليم وتصنيف .قال التاج السبكي والتصنيف أقوى لطول بقائه على ممر الزمان
)أَ ْو وَلَد صَالِ ح( أي مسلم يدعو له ،لأنه السبب في وجوده وفائدة تقييد الدعاء بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه تحر يض الولد على الدعاء
لأصله رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة وورد في أحاديث أخر ز يادة على الثلاثة وفتشها السيوطي،
س
ل وَغ َْر ُ
نج ْ ٍ
ل غَيْر ِ عَشْر ِ عُلُوم ٌ بَثّهَا وَد ُعَاء ُ َ
يج ْري عَلَيْه ِ م ِنْ فِع َا ٍ
ْس َ
ن آدَم َ لَي َ
فبلغت أحد عشر ونظمها في قوله من بحر الوافر :إذا م َاتَ اب ْ ُ
ن
ل ذِكْر ِ و َتَعْل ِيم ٌ لِق ُرآ ٍ
مح َ ّ ِ
ِيب بَنَاه ي َأْ وي إلَيْه ِ أَ ْو بنَِاء ُ َ
ْت لِلْغَر ِ
جر َاء ُ نَهْرِ و َبَي ٌ
حفْر ُالبِئْر ِ أَ ْو إ ْ
َاط ثَغْرٍ و َ َ
َف وَرِب ُ
تج ْري وِر َاثَة ُ م ُصْ ح ٍ ل َ
والصّ د َقَاتُ َ َ
الن ّخْ ِ
ِيث بِ حَصْر ِ
ك َري ٍم فَخُذْه َا م ِنْ أَ ح َاد ٍ
ل الل ّٰه وما هاذم اللذات قال( )وقال عليه السلام :ا ْذك ُر ُوا ه َاذِم َ َالل ّ َذ ّ ِ
ات( بالذال المعجمة أي قاطعها )قالوا( أي الأصحاب )يا رَسُو ُ
صلى الل ّٰه عليه وسلم )المَو ْتُ المَو ْتُ المَو ْتُ ثَلاَثا( أي قال هذه الكلمة التي هي الموت ثلاث مرات .وفي رواية لابن أبي الدنيا عن أنس
بإسناد ضعيف أكثروا ذكر الموت ،فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا فإن ذكرتموه عند الغنى بكسر الغين وفتح النون هدمه بالدال
المهملة أي أزاله ،وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشتكم
)
ل( شبه الناسك السالك بالغريب الذي ليس له مسكن
ك غَر ِيبٌ أَ وْ( أي بل )عَاب ِر سَب ِي ٍ وقال عليه الصلاة والسلام :كُنْ في ال ُد ّن ْيا َ
كأن ّ َ
يأو يه ،ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر السبيل ،لأن الغريب قد يسكن في بلد الغربة بخلاف عابر سبيل ،وهذا الحديث أصل في الحث
على الفراغ عن الدنيا والزهد فيها والاحتقار لها والقناعة فيها بالبلغة .وقال النووي :معنى هذا الحديث لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها
وطنا ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها ولا ٺتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه وأول الحديث عن عبد الل ّٰه بن عمر قال :أخذ
Shamela.org ٦٢
None ١
ل الق ُب ُورِ( استمر سائرا وعد نفسك من رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم بمنكبي وقال» :كُنْ فِي ال ُد ّن ْيَا« إلى آخره )و َع ُ َ ّد ن َ ْفسَ َ
ك م ِنْ أَ ه ْ ِ
الأموات رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر ،وكذا البخاري إلا أنه ما روى هذه الجملة الأخيرة
سب ْع ِينَ يَو ْما وقال عليه الصلاة
َواات والأَ ْرضِ( أي غير الآدميين ) َ
سم ِ ل ال َ ّ
َت عَلَيْه ِ أَ ه ْ ُ )وقال عليه الصلاة والسلام :إذا م َاتَ الع َالِم ُ بَك ْ
ق قالها ثلاث مرات(. ق م ُنَاف ِ ٌ ْت الع َالِمِ ،فَه ُو َ م ُنَاف ِ ٌ
ق م ُنَاف ِ ٌ والسلام :م َنْ ل َ ْم َ
يح ْز َ ْن لم َِو ِ
ل المَلائ َِك َة ُ( أي يقول بعضهم لبعض استفهاما ،والمراد الملائكة الذين يمشون أمام
)وقال عليه الصلاة والسلام :إذا م َاتَ المَي ِّتُ تَق ُو ُ
اس م َا خ ََل ّ َ
ف( بتشديد اللام ،أي ما ترك ل َ
الن ّ ُ الجنازة )ما ق َ ّدم َ( بتشديد الدال ،أي من العمل أهو صالح فنستغفر له أم غيره )و َيَق ُو ُ
لورثته فالملائكة ليس اهتمامهم إلا بالأعمال والآدميون إلا بالمال رواه البيهقي عن أبي هريرة ،وهو حديث ضعيف.
}الباب الثامن والثلاثون :في فضيلة ذكر القبر وأهواله{
قال بعضهم :رأيت عاصما في منامي بعد موته بسنتين فقلت :أليس ق َ ّد مت؟ قال :بلى .قلت :فأين أنت؟ قال :أنا والل ّٰه في روضة
من ر ياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الل ّٰه المزني ،فتبلغنا أخباركم .فقلت :أجسامكم أم
أرواحكم؟ قال :هيهات بليت الأجسام ،وإنما ٺتلاقى الأرواح .فقلت :هل تعلمون بز يارتنا إياكم؟ قال :نعلم بها عشية الجمعة ،و يوم الجمعة
كله و يوم السبت إلى طلوع الشمس .قلت :فكيف ذلك دون الأيام كلها؟ قال :لفضل يوم الجمعة وعظمه كذا في تحفة الإخوان.
حفَرِ َ
الن ّارِ( فالحفر بضم الحاء ض الج َنَ ّة ِ أو ُ
حفْرَة ٌ( بسكون الفاء وبالتاء )م ِنْ ُ )قال النبي عليه الصلاة والسلام :القَب ْر ُ ر َ ْوضَة ٌ م ِنْ رِي َا ِ
وفتح الفاء و بحذف التاء في الآخر ،وهو جمع مثل غرفة وغرف
سب ْع ِينَ ذِر َاعا و َيُض ِيء ُ ح ََت ّى يَكُونَ كالقَمَرِ لَيْلَة َ الب َ ْدرِ(
خضْر َاء َ و َيُو ََسّ ُع لَه ُ قَب ْرُه ُ َ
ضة ٍ َ
ن في قَبْرِه ِ فِي ر َ ْو َ
)وقال عليه الصلاة والسلام :المُؤْم ِ ُ
وفي الإحياء قال مالك بن أنس :بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت
ْش في ال ُد ّن ْيَا فَتَع َ َو ّذوا( أي استعينوا )بالل ّٰه الـكَر ِيمِ(
كي َْف عَذ َابُ القَبْر ِ م َا نَفَعَه ُم العَي ُ )وقال عليه الصلاة والسلام :لَو ْ أ َ ّ
ن بَنِي آدَم َ عَل ِم ُوا َ
ِيم( أي الثقيل وفي حديث حسن للحاكم عن أبي ذر لو تعلمون ما أعلم لضحكتم
َاب القَبْر ِ الوَخ ِ
أي الذي يعطي النوال قبل السؤال )م ِنْ عَذ ِ
قليلا ً ولبكيتم كثيرا ،ولما ساغ لـكم الطعام والشراب ،وعن الحسن البصري قال :من علم أن الموت مورده والقيامة موعده والوقوف
بين يدي الل ّٰه تعالى مشهده ،فحقه أن يطول في الدنيا حزنه
)
ل( أي إنسان ذكرا كان أو أنثى )ك َانَ يَعْرِف ُه ُ في ال ُد ّن ْيَا فَيُسَل ِ ّم ُ عَلَيْه ِ إلا عرف َه ُ ور َدّ
وقال عليه الصلاة والسلام :م َا م ِنْ عَبْدٍ يَم ُ َر ّ بِقَبْر ِ رَج ُ ٍ
عَلَي ْه ال َ ّ
سلام َ( رواه الخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة قال العزيزي ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض بدنه.
قال المناوي قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم كان يعرفه يفهم منه أنه إذا لم يعرفه لا يرد ،وهو غير مراد .فقد أخرج ابن أبي الدنيا ،وزاد في
روايته وإن لم يعرفه رد عليه السلام اهـ.
)
ل الق ُب ُورِ ي َا غَافِلُ( أي عن عبادة الل ّٰه تعالى )لَو ْ
ل لَه ُ أَ ه ْ ُ
سل ِ ٍم م َ َّر بِقَبْرٍ م ِنْ مَق َابِر ِ المُسْل ِمِينَ إلا ّ قَا َ
وقال عليه الصلاة والسلام :م َا م ِنْ م ُ ْ
Shamela.org ٦٣
None ١
رسول الل ّٰه؟ قال :إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان ،فيقعدانه فيقولان له :ما كنت
تقول في هذا الرجل لمحمد؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الل ّٰه ورسوله ،فيقال انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الل ّٰه به مقعدا من
الجنة فيراهما جميعا ،و يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون .وأما الكافر أو المنافق فيقال له :ما كنت تقول
في هذا الرجل؟ فيقول :لا أدري كنت أقول ما يقول الناس.
فيقال له :لا دريت ولا تليت ،ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه ،فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين ،و يضيق عليه
قبره حتى تختلف أضلاعه قوله لمحمد ،أي في محمد أي إن قول هذا الرجل في حق محمد ،ومعنى هذا الرجل ،أي الحاضر ذهنا عبر بذلك
لا بنحو هذا النبي امتحانا للمسؤول لئلا يلقن منه.
قوله أو المنافق شك من الراوي أي أن أو بمعنى الواو .والمنافق هو الذي أظهر الإسلام وأخفى الـكفر .قوله :ولا تليت بمثناة مفتوحة
بعدها لام مفتوحة وتحتانية ساكنة ،أي لا قرأت القرآن أو المعنى لا اتبعت من يدري
ن يَصِ يحُ.
ق الن ِّيرا ِ ن ف َصِ ٍ
يح غدا بَيْنَ أَ طْ بَا ِ نص ٍ
حيح و َلِسَا ٍ )وقال عليه الصلاة والسلام :قال اللٰه تَع َالى يا ع ِيسى ك َ ْم م ِنْ وَجْه ٍ ص ٍ
َبيح و َبَد َ ٍ ّ
ل ال ُد ّن ْيا( وكان عثمان بن عفان رضي الل ّٰه عنه إذا
ل م ِنْ م َنَازِ ِ
خر ُ مَنْز ِ ٍ
خرَة ِ وآ ِ
ل الآ ِ
ل م ِنْ م َنَازِ ِ وقال عليه الصلاة والسلام :القَب ْر ُ أ َ ّو ُ
ل مَنْز ِ ٍ
وقع على قبر بكى ما لا يبكيه عند ذكر الجنة والنار ،فقيل له في ذلك فقال سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول» :القَب ْر ُ أَ َ ّو ُ
ل
خرَة ِ ،فَإ ْن نَجَا العَبْد ُ مِن ْه ُ فَمَا بَعْدَه ُ أَ ي ْسَر ُ مِن ْه ُ«
ل الآ ِ
م َنَازِ ِ
)
ن ال ُن ّز ُولِ .وقال عليه الصلاة والسلام :إذا م َاتَ أَ حَد ُك ُ ْم عُر َ
ِض عَلَيْه ِ م َ ْقعَدُه ُ أي ل لا َب ُ َ ّد ف ِيه ِ م ِ َ
وقال عليه الصلاة والسلام :القَب ْر ُ مَنْز ِ ٌ
ل الج َنَ ّة ِ(
ل الج َنَ ّة ِ فمَ ِنْ أَ ه ْ ِ
ي( أي وقتهما )إ ْن ك َانَ م ِنْ أه ْ ِ
محل قعوده من الجنة أو النار بأن تعاد الروح إلى بدنه أو بعضه )بالغَد َاة ِ والعَش ِ ِ ّ
ل َ
الن ّارِ( أي فمقعده من مقاعد أهل النار فليس الجزاء والشرط ل َ
الن ّارِ فمَ ِنْ أَ ه ْ ِ أي فمقعده من مقاعد أهل الجنة )وإ ْن كانَ م ِنْ أه ْ ِ
متحدين معنى بل لفظا )يُق َالُ( أي له من قبل الل ّٰه تعالى )هذا م َ ْقعَدُك َ ح ََت ّى يَب ْع َث َ َ
ك الل ّٰه إلَيْه ِ( أي إلى ذلك المقعد )يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( أي لا
تصل إليه إلا بعد البعث ،وهذا واضح في حق المؤمن الخالص والكافر ،وكذا المؤمن الذي يخلط عمله بذنب فيرى مقعده في الجنة فيقال
له :هذا مقعدك ،وستصير إليه بعد مجازاتك بالعقوبة على ما تستحق رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر بن الخطاب.
}الباب التاسع والثلاثون :في منع النياحة على الميت{
وفي بعض النسخ تقديم هذا الباب على الباب الذي قبله قال النووي في الأذكار :واعلم أن النياحة رفع الصوت بالندب ،والندب تعديد
النادبة بصوتها محاسن الميت .وقيل :هو البكاء عليه مع تعديد محاسنه .قال أصحابنا و يحرم رفع الصوت بإفراط البكاء ،وأما البكاء على
الميت من غير ندب ولا نياحة فليس بحرام انتهى.
)
ل الجا َه ِل َِي ّة ِ( وفي رواية لابن ماجه النياحة من أمر الجاهلية ،وإن النائحة إذا ماتت
ل م ِنْ أعْمَا ِ
قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم :الن ِّيَاح َة ُ ع َم َ ٌ
ولم ٺتب قطع الل ّٰه لها ثيابا من قطران ودرعا من لهب النار .قال ابن حجر :فيحرم الندب وهو تعديد محاسن الميت كوا جبلاه ،والنوح
وهو رفع الصوت بالندب ومثله إفراط رفعه بالبكاء ،وإن لم يقترن بندب ولا نوح وضرب نحو الخد وشق نحو الجيب ونشر الشعر وحلقه
ونتفه ،وتسويد الوجه وإلقاء الرماد على الرأس ،والدعاء بالو يل والثبور أي الهلاك وكل شيء فيه تغيير للزي ،كلبس ما لايعتاد لبسه
أصلاً ،وكترك شيء من لباسه والخروج بدونه على خلاف العادة.
تج ِيء َ
الن ّائِ ح َة ُ يَوْم َ الق ِيَامة ِ( س أَ جْم َع ِينَ .وقال صلى الل ّٰه عليه وسلمَ : ل الن ِّيَاح َة عَدُو ٌ لل ّٰه والمَلائ َِكَة ِ َ
والن ّا ِ )وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ فَع َ َ
ح كَنَب ِْح الك َل ِ
ْب( وهذا يدل على أن النوح من الكبائر .وفي حديث ضعيف لابن عساكر عن أبي هريرة :تجعل النوائح، أي الوقف )تَن ْب َ ُ
أي من النساء يوم القيامة صفين :صف عن يمينهم وصف عن يسارهم أي أهل النار فينبحن على أهل النار كما تنبح الكلاب.
)
Shamela.org ٦٤
None ١
شعْثَاءَ( أي متلبدا شعرها وسخا جسدها )غَبْر َاءَ( أي كثيرة وقال عليه الصلاة والسلام :تَجيء َ
الن ّائِ ح َة ُ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( أي إلى الموقف ) َ ُ
ل و َا و َي ْلاَه ُ( فوا حرف نداء وندبة و يلاه
ض ُع يَد َه َا عَلَى ر َأْ سِها و َتَق ُو ُ
اب( أي ملحفة )م ِنْ ن َا ٍر و َت َ َ
الغبار في بدنها )عَلَيْهَا( أي النائحة )جِل ْب َ ٌ
منادى مندوب به والألف للندبة والهاء للاستراحة ،ومعنى النداء يا هلاكي أقبل و يا حزني أقبل و يا عذابي احضر فهذا وقتك ،ولأنها
نادت الو يل أن يحضرها لما عرض لها من الأمر الفظيع ،وفي حديث الإمام أحمد ومسلم عن أبي مالك الأشعري :النائحة إذا لم
ٺتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ،والسربال قميص وكذا الدرع والقطران بفتح فكسر نحاس
مذاب ،أو ما تداوى به الإبل ،والمعنى أنه يصير جلدها أجرب حتى يكون الجرب كقميص على بدنها ،وسر ذلك أن الأجرب سر يع
الألم لتقرح جلده والقطران يقوي اشتعال النار
ن الل ّٰه َ
الن ّائِ ح َة َ( أي الرافعة صوتها بالندب و يقال لها الصالقة أيضا )والمُسْتَمِع َة َ( أي لنوحها )والحِالِق َة َ( )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لَع َ َ
ش َاق ّة َ( أي لجيب قميصها )وال َ ّ
سالِغ َة َ( بالغين المعجمة أي الخادشة لوجهها )والوَاشِم َة َ( أي لرأسها عند المصيبة )والخا َرِق َة َ( أي لثوبها )وال َ ّ
أي التي تشم غيرها )والمُسْتَوْشِم َة َ( أي التي تطلب الوشمة )وال َ ّ
سلْطَاءَ( أي الصائحة )والمَرْطَاءَ( أي التي تنتف شعرها عند المصيبة ،وفي
خبر الشيخين عن عمر بن الخطاب أن الميت ليعذب ببكاء الحي ،أي بكاء مذموما بأن اقترن بنحو ندب أو نوح لا بمجرد دمع العين،
ومحل ذلك التعذيب إذا أوصاهم بفعل البكاء المذموم كما هو عادة الجاهلية كقول طرفة لزوجته من بحر الطو يل :إذا م ُ ّ
ُت ف َأنْعَيْنِي بِمَا
ش ّقِي عَل َيّ الجيَ ْبَ ي َا اب ْن َة َ مَعْبَدِ
أَ ن َا أَ ه ْلُه ُ و َ ُ
)
ح عِنْد َ المُصِ يبَة ِ كُت ِبَ اسْم ُه ُ في ديوان المُنَاف ِقينَ( وفي الزواجر قال أصحابنا وغيرهم ويتأكد لمن ابتلي
وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ ن َا َ
بمصيبة بميت ،أو في نفسه أو أهله أو ماله ،وإن خفت أن يكثر من قول إنا لل ّٰه وإنا إليه راجعون أأجرني في مصيبتي ،واخلف لي خيرا
منها لخـبر مسلم ،إن من قال ذلك آجره الل ّٰه وأخلف له خيرا منها ،ولأنه تعالى وعد من قال ذلك بأن عليهم صلوات من ربهم ورحمة،
وأنهم المهتدون أي للترجيح أو للجنة والثواب
ن في ال ُد ّن ْيا و َالآ ِ
خرَة ِ م ِْزم َار ٌ عِنْد َ نِعْمَة ٍ( أي زمر بالمزمار عند حادث سرور )وَر ََن ّة ٌ( بتشديد ن م َل ْع ُون َا ِ
صو ْت َا ِ
)وقال عليه الصلاة والسلامَ :
جي ْبَا( وهو ما ينفتح
النون أي صيحة )عِنْد َ م ُصِ يبَة ٍ( رواه البزار عن أنس بإسناد صحيح )وقال عليه الصلاة والسلام :م َنْ خَر َقَ بيَِدِه ِ َ
ح عِنْد َ المُصِ يبَة ِ كانَ عَاصِيا لل ّٰه وَرَسُولِه ِ(
من القميص على الصدر )أَ ْو خَد ََش خَدّا( أي جرحه بالأظفار )أَ ْو ضَر َبَه ُ( أي الخد )أَ ْو ن َا َ
وفي رواية ابن ماجه وابن حبان عن أبي أمامة لعن الل ّٰه الخامشة وجهها والشاقة جيبها ،والداعية بالو يل والثبور ،أي وذلك كقولها يا
حزني و يا هلاكي ،فالو يل الحزن والثبور الهلاك.
شعْرَة ٍ
ل َ
شعْر َ رأسِها ،كَت َبَ الل ّٰه لها بِك ُ ّ ِ
شعْر َ ر َأْ سِها عِنْد َ المُصِ يبَة ِ فإ ْن طَرَحَت َ
ح َ يح ِ ُ ّ
ل لِل ْم َرأة ِ أَ ْن تَطْر َ َ )وقال عليه الصلاة والسلام :لا َ
ح ََي ّة ً عَلَى أ ْعضَائِها يَوْم َ الق َيَامِة ِ ،وَك َان َْت م َِم ّنْ ع َص َى الل ّٰه و َلَعَنَها الل ّٰه و َالمَلائ َِك َة ُ والأن ْب ِيَاء ُ والن ُ
ّاس أَ جْم َع ُونَ( وفي رواية للنسائي عن أبي موسى
الأشعري بإسناد صحيح :ليس منا من سلق ولا من حلق ولا من خرق ،أي ليس من أهل سنتنا من رفع صوته في المصيبة بالبكاء
والنوح ،ولا من حلق شعره في المصيبة ،ولا من خرق ثوبه جزعا.
)
ْس م َِن ّا( أي من أهل طر يقنا )م َنْ لَطَم َ الخُد ُود َ( أي عند المصيبة وخص الخد بذلك لـكونه الغالب في
وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :لَي َ
ذلك ،وإلا فضرب بقية البدن داخل في ذلك كذا أفاد العزيزي )وَش ََقّ الجي ُ ُوبَ ( جمع جيب وهو ما يفتح من القميص ليدخل فيه
الرأس للبسه ،وجمع الخدود والجيوب باعتبار إرادة الجمع للتغليظ )وَد َعَا بِدَعْو َى الجا َه ِل َِي ّة ِ( وهي زمن الفترة قبل الإسلام ،أي نادى
بمثل ندائهم نحو واكهفاه واجبلاه واسنداه رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود .وليس المراد بهذا
الحديث إخراج من فعل ذلك من الدين ،ولـكن فائدة قوله ليس منا المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك كما يقول الرجل لولده
Shamela.org ٦٥
None ١
عند معاتبته لست منك ولست مني ،أي ما أنت على طر يقتي ،وفي المعنى ليس على ديننا الكامل ،وكأن السبب في ذلك ما تضمنه
شعْرا ،فَك َأَ َن ّما ذلك من عدم الرضا بالقضاء .وروي في الحديث :م َنْ أَ صَابَت ْه ُ م ُصِ يب َة ٌ فَخَر َقَ عَلَيْهَا ثَو ْبا أَ ْو لَطَم َ خَدّا أَ ْو ش ََقّ َ
جي ْبا أَ ْو نَت ََف َ
أَ خَذ َ ر ُمْ حا يُر ِيد أَ ْن يُحَارِبَ بِه ِ ر ََب ّه ُ انتهى.
}الباب الأربعون :في فضيلة الصبر عند المصيبة{
وفي الحديث ما أصيب عبد بمصيبة إلا لذنب لم يغفر إلا بها ،أو درجة لم يكن يبلغها إلا بها ،وفي رواية ابن أبي الدنيا :ما أصاب رجلا ً
من المسلمين نكبة فما فوقها حتى الشوكة إلا لإحدى خصلتين :إما ليغفر الل ّٰه له من الذنوب ذنبا لم يكن يغفر له إلا بمثل ذلك أو يبلغ
به من الـكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك كذا في الزواجر ،قال بعضهم :الصبر صبران :فاللئام أصبر أجساماً ،والـكرام أصبر
نفوسا ،وليس الصبر الممدوح أن يكون صاحبه قوي الجسد على اللد والـكد ،كما هو من صفات البهائم ،بل أن يكون للنفس غلوبا
وللأمور محتملاً ،والفرق بين المتصبر والصابر والصبار أن الأول هو الذي يتحمل المشاق ،وتظهر عليه ،وإنما يمنعه من السخط خوف
الل ّٰه ،والثاني هو من تعود حمل المشاق ،فلم تظهر عليه ،والثالث هو الذي عود نفسه الهجوم على المكاره بلا كلفة في ذلك دون المرارة
كذا في الفتوحات الوهبية.
الصّ ْدمَة ِ ال ُأولَى( أي عند ابتداء المصيبة الن ّب ِ ُيّ عليه الصلاة والسلامَ :
الصّ ب ْر ُ( أي الكامل الذي يتفرع منه الأجر الجز يل )عِنْد َ َ ل َ )قَا َ
لـكثرة المشقة فيها رواه البزار وأبو يعلى عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه ،وهو حديث صحيح .قال ابن حجر في معنى هذا الحديث ،أي إنما
يحمد الصبر عند مفاجأة المصيبة ،وأما فيما بعد فيقع السلو طبعا وفي حديث صحيح للبزار عن ابن عباس الصبر عند أول مصيبة أي
الصبر العظيم الثواب عند فورة المصيبة وابتدائها وبعد ذلك تنكسر حدة المصيبة وحرارة الرز ية.
)
وقال عليه الصلاة والسلام :لَو ْ ك َانَ َ
الصّ ب ْر ُ رَج ُلا ً لَك َانَ رَج ُلا ً كَر ِيما( رواه أبو نعيم عن عائشة وإسناده ضعيف .أي لو قدر أن الصبر
رجل كان كريما ،فكيف تتركونه ،ولذا قال الحسن البصري الصبر كنز من كنوز الجنة لا يعطيه الل ّٰه إلا لعبد كريم عنده )وقال عليه
َب الل ّٰه عَب ْدا( أي أراد الل ّٰه له الخـير )اب ْتَلاَه ُ( أي امتحنه )ببَِلاء ٍ لا َ دَو َاء َ لَه ُ( أي من مرض أو هم أو ضيق
الصلاة والسلام :إذ َا أَ ح َ ّ
ليطهره من الذنوب )فإ ْن صَبَر َ( أي على ذلك البلاء )اجْ تَبَاه ُ( أي اختاره )وإ ْن رَضِيَ( على ذلك وعلى المبلي )واصْ طَف َاه ُ( أي اختاره
وأحبه حبا عظيما.
كظَمها اب ْتَغ َاء وَجْه ِ الل ّٰه تَع َالى( رواه الإمام أحمد
ل عِنْد َ الل ّٰه م ِنْ جُرْعَة ِ غَي ْظٍ َ
ض ُ )وقال عليه الصلاة والسلام :م َا َ
تَج ّرَعَ عَبْدٌ جُرْع َة ً أَ ف ْ َ
والطبراني عن عمر قال العزيزي :أصل الجرعة الابتلاع ،والتجرع شرب في عجلة والجرعة من الماء كاللقمة من الطعام ،وهو ما يجرع
مرة واحدة
حفِظَه َا( أي الوصية )نَجَا( أي من العتاب )وَم َنْ ض ََي ّعَه َا الصّ ب ْر وَص َِي ّة ٌ م ِنْ وَصَاي َا الل ّٰه تَع َالى في أَ ْر َ
ضه ِ م َنْ َ )وقال عليه الصلاة والسلامَ :
هَلَكَ( أي في العذاب وقال عمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه لرجل :إن صبرت مضى أمر الل ّٰه وكنت مأجورا ،وإن جزعت مضى أمر
الل ّٰه ،وكنت مأزورا.
)
ْض بِقَضَائِي و َل َ ْم يَصْ بِرْ عَلَى بلائي و َل َ ْم ن عَلَيْهِم َا ال َ ّ
سلام ُ ي َا م ُوس َى م َنْ ل َ ْم يَر َ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم :أَ ْوحَى الل ّٰه تَع َالى إلى م ُوس َى ب ِن عم ْرَا ِ
ب لَه ُ ر َب ّا سِوائِي( في هذا الكلام أمر تهديد وحث على الرضا بالقضاء والصبر على
يَشْكُر ْ نَعمائي فَل ْي َخْ ر ُجْ م ِنْ بَيْنِ أَ رضي وَسَمَائِي و َل ْيَطْل ُ ْ
البلاء ،والشكر على النعماء ،وفي رواية للطبراني عن أبي هند الداري قال الل ّٰه تعالى :من لم يرض بقضائي ،ولم يصبر على بلائي ،فليلتمس
ربا سوائي .وفي رواية للبيهقي عن أنس قال الل ّٰه تعالى :من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا غيري.
)وقال عليه الصلاة والسلامَ :
الصّ ب ْر ُ عِنْد َ المُصِ يبَة ِ بِتِسْعم َائة دَرَجَة ٍ( وقال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما :أفضل العدة الصبر عند الشدة،
Shamela.org ٦٦
None ١
ن ال ُد ّن ْيَا وَم َا ف ِيها( وقال علي رضي الل ّٰه عنه :الصبر مطية لا تكبو وسيف لا يلبو.
صب ْر ُ سَاعَة ٍ خَيْر ٌ م ِ َ
)وقال عليه الصلاة والسلامَ :
)
صبْر ٌ عَلَى الف َرَائِضِ( أي على فعلها وتحمل مشاقها وقال عليه الصلاة والسلامَ :
الصّ ب ْر ُ عَلَى أَ رْبَعَة ِ أَ ْوجُه ٍ( أي أنواعه باعتبار متعلقة أربعة ) َ
صبْر ٌ عَلَى أذ َى َ
الن ّاسِ( أي بحيث يتركه على حالة حسنة وأمر صبْر ٌ عَلَى المُصِ يبَة ِ( أي على حرارتها بحيث لا يتسخطها )و َ َ
حتى يؤديها )و َ
ض تَو ْف ِيقٌ( أي حصول التوفيق من الل ّٰه َ
)فالصّ ب ْر ُ عَلَى الف َرائ ِ ِ صبْر ٌ عَلَى الف َ ْقرِ( أي على ضيق المعيشة
جميل فلا يحسب لهم حسابا أصلا ً)و َ
محَب ّة ٌ( أي علامة أنه محبوب عند
س َ )والصّ ب ْر ُ عَلَى أذ َى َ
الن ّا ِ َ َ
)والصّ ب ْر ُ عَلَى المُصِ يبَة ِ م َث ُوبَة ٌ( أي سبب لحصول الثواب من الل ّٰه تعالى تعالى
َ
)والصّ ب ْر ُ عَلَى الف َ ْقرِ رِضَا الل ّٰه الل ّٰه تعالى وعند الخلق ،ولذلك عد بعضهم أن من أفضل أنواع الصبر الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم
تَع َالى( أي دليل على أنه راض بقسمة الل ّٰه تعالى وفي الحديث :المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي
لا يخالط الناس ،ولا يصبر على أذاهم ،رواه أحمد والبخاري وابن ماجه عن عمر بإسناد حسن.
)
صبْرٍ
ل ذالِكَ( أي المصيبة )ب ِ َ
وقال عليه الصلاة والسلام :إذ َا ح َدثَ عَلى عَبْدٍ م ُصِ يب َة ٌ( أي شدة وبلاء )في بَد َنِه ِ أ ْو م َالِه ِ أو وَلَدِه ِ فاسْ تَقْب َ َ
ل اسْ ت َحْ يَا الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ أَ ْن يَن ْصِ بَ لَه ُ( أي لذلك العبد )م ِيزانا أ ْو يَن ْشُر َ لَه ُ دِيوانا( فقوله استحيا جواب الشرط ومعناه ترك الل ّٰه
جَم ِي ٍ
نصب الميزان ،ونشر الديوان ترك من يستحي أن يفعلهما ،وفي بعض النسخ بدل هذا الحديث وروي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم
ل اسْ ت َحْ يَي ْتُ يَوْم َ
صبْرٍ جَم ِي ٍ ل الل ّٰه تَع َالَى إذا و َ َ ّ
جهْتُ إلى عَبْدٍ م ِنْ ع َب ِيدِي م ُصِ يب َة ً في بَد َنِه ِ أَ ْو فِي وَلَدِه ِ أ ْو في م َالِه ِ فاسْ تَقْبَلَها ب ِ َ أنه قال» :قَا َ
الق ِيَامَة ِ أ ْن أَ ن ْصِ بَ لَه ُ م ِيزانا أ ْو أن ْشُر َ لَه ُ ديوانا« رواه الحكيم عن أنس ،وإسناده ضعيف قيل الصبر الجميل أن يكون صاحب المصيبة في
القوم لا يدرى من هو ،وفي حديث رواه البيهقي والقضاعي عن أنس :أفضل العبادات انتظار الفرج من الل ّٰه ،أي فإذا نزل بأحد بلاء
فترك الشكاية وصبر ،وانتظر الفرج فذلك من أفضل العبادات ،لأن الصبر في البلاء انقياد لقضاء الل ّٰه تعالى .وقد قال الشاعر من بحر
البسيط:
ح مِنْهَا ك ُ َ ّ
ل ما ارتَتَجَا فالصّ ب ْر ُ يَفْت َ ُ ن ال ُأم ُور َ إذا انْس َ َ ّد ْ
ت مَسَالـِكُه َا َ إ َّ
صبْرٍ أ ْن ت َر َى ف َرَج َا
ت مُطَالَب َة ٌ إذا اسْ تَعَن ْتَ ب ِ َلا تَي ْأَ س ََنّ وإ ْن طَال َ ْ
اب أَ ْن يلَ ِج َا للأب ْو َ ِ ِ أَ خْلِقْ بذي َ
ن القَر ْع َ يح ْظى بِ حَاجَتِه ِ وَم ُ ْدم ِ ِ
الصّ بر ِ أ ْن َ
وهذا آخر ما يسره الل ّٰه تعالى في هذا الكتاب ،والحمد لل ّٰه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الل ّٰه ،الحمد لل ّٰه أولا ًوآخرا وباطنا
وظاهرا يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وصلى الل ّٰه على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين ،وإمام المرسلين وحبيب
رب العالمين صلى الل ّٰه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ،وأصحابه البررة الأكرمين ،وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لل ّٰه رب العالمين.
Shamela.org ٦٧