You are on page 1of 67

‫تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث‬

‫رقم الكتاب في المكتبة الشاملة‪٣٦٤٧ :‬‬


‫الطابع الزمني‪٢٠٢٣-٠١-٢٠-١١-٢٩-٥٧ :‬‬
‫المكتبة الشاملة رابط الكتاب‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١‬‬
‫المحتو يات‬
‫‪٥‬‬ ‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫‪٢‬‬
‫المحتو يات‬

‫عن الكتاب‬
‫الكتاب ‪ :‬تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث‬
‫تأليف العلامة‪ :‬الشيخ محمد بن عمر النووي البنتني‬
‫هذا شرح على لباب الحديث للشيخ جلال الدين ابن العلامة أبي بكر السيوطي‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣‬‬
‫المحتو يات‬

‫عن المؤلف‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫‪None ١‬‬
‫تنقيح القول الحثيث‬
‫في‬
‫شرح لباب الحديث‬
‫تأليف العلامة‬
‫الشيخ محمد بن عمر النووي البنتني‬
‫بسم الل ّٰه الرحمان الرحيم‬
‫الحمد لل ّٰه الذي جعل أحاديث النبي المصطفى في الاهتداء مثل النجوم‪ ،‬وأشهد أن لا إله إلا الل ّٰه‪ ،‬وأن محمدا رسوله الذي أعطاه أسرار‬
‫العلوم‪ ،‬والصلاة والسلام على أفضل خلقه محمد المبعوث بالمعجزات‪ ،‬وعلى آله مصابيح الدلالات‪ ،‬وأصحابه أنجم الهدايات‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذا شرح على لباب الحديث للشيخ العلامة الفهامة جلال الدين ابن العلامة أبي بكر السيوطي تغمده الل ّٰه برحمته وأسكنه‬
‫فسيح جنته‪ .‬سميته‪:‬‬
‫"تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث"‬
‫والل ّٰه أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الـكريم‪ ،‬وسببا للفوز بجنات النعيم‪ ،‬وأن يختم لكاتبه بخـير آمين آمين‪.‬‬
‫واعلم أن الباعث في كتابة هذا الشرح حاجة المحتاجين إليه‪ ،‬فإن هذا الكتاب كثير التحر يف والتصر يف لعدم الشرح عليه‪ ،‬ومع ذلك‬
‫كثر تداول الناس من أهل جاوة عليه‪ .‬وإني لم أجد نسخة صحيحة فيه‪ ،‬ولم أقدر على تصحيحه‪ ،‬واستيفاء مراده لقصوري‪ ،‬إلا أن‬
‫بعض الشر أهون من بعض‪ .‬وهذا الكتاب إن كان فيه حديث ضعيف لا ينبغي أن يهمل‪ ،‬لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل‬
‫الأعمال كما قال ابن حجر في تنبيه الأخيار‪ ،‬والضعيف حجة في الفضائل باتفاق العلماء‪ ،‬كما في شرح المهذب وغيره‪ ،‬والل ّٰه المستعان‪ ،‬وعليه‬
‫التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالل ّٰه العلي العظيم‪.‬‬
‫)‬
‫بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم( أي أؤلف فالباء بارىء البرايا‪ ،‬والسين ستار الخطايا‪ ،‬والميم المنان بالعطايا‪ ،‬وقيل‪ :‬الل ّٰه كاشف البلايا‪ ،‬والرحمن‬
‫معطي العطايا‪ ،‬والرحيم غافر الخطايا )الحمد لل ّٰه رب العالمين( فالحمد لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم‪ ،‬سواء‬
‫كان في مقابلة نعمة أم لا‪ ،‬فدخل في الثناء الحمد وغيره‪ ،‬وخرج باللسان الثناء بغيره كالحمد النفسي‪ ،‬وخرج بالاختياري المدح‪ ،‬فإنه يعم‬
‫الاختياري وغيره‪ ،‬والحمد عرفا فعل ينبىء عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره‪ ،‬وسواء كان باللسان أم بالجنان أم‬
‫بالأركان‪ ،‬والشكر لغة هو هذا الحمد‪ ،‬وعرفا صرف العبد جميع ما أنعم الل ّٰه به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله‪ ،‬والمدح لغة‬
‫الثناء باللسان على الجميل مطلقا على جهة التعظيم‪ ،‬وعرفا ما يدل على اختصاص الممدوح بنوع من الفضائل‪ ،‬أفاد ذلك شيخ الإسلام‬
‫زكر يا الأنصاري في رسالته )والعاقبة( أي المحمودة )للمتقين( أي المطيعين والمنزعين لقلوبهم عن الذنوب )ولا عدوان( أي لا ظلم‬
‫)إلا على الظالمين( أي بارتكاب المعاصي )والصلاة والسلام على خير خلقه( كلهم من الإنس والجن والملائكة )محمد( المنزل عليه‬
‫الن ّب ِ ُيّ إ َن ّا أ ْرسَل ْنَاك َ شَاه ِدا وَمُبْش ِّرا ونَذِيرا وَد َاعِيا إلى الل ّٰه بإذْنِه ِ و َسِر َاجا م ُن ِيرا{ ]الأحزاب‪[٦٤ :‬‬
‫تعظيما له قوله سبحانه وتعالى‪} :‬ي َا أ ُ ّيهَا َ‬
‫ويبشر المؤمنين بأن لهم من الل ّٰه فضلا ًكبيرا )وعلى آله( أي أقاربه المؤمنين من بني هاشم والمطلب‪ ،‬أو أتقياء أمته )وصحبه( والصحابي‬
‫هو من اجتمع مؤمنا بنبينا محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم بعد نبوته )أجمعين( توكيد للآل والصحب‬
‫)‬
‫أما بعد( أي بعد ما تقدم )فإني أردت أن أجمع كتابا للأخبار( أي الأحاديث )النبو ية( أي المنسوبة للنبي لأنها أقواله صلى الل ّٰه عليه‬
‫وسلم )والآثار( أي المنقولات )المرو ية( أي عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )بإسناد صحيح( فالصحيح هو ما اتصل سنده‪ ،‬وعدلت‬
‫نقلته‪ ،‬والإسناد هو حكاية طر يق المتن‪ ،‬والسند هو الطر يق الموصلة إلى المتن فقولك أخبرنا فلان إلى الآخر إسناد‪ ،‬ونفس الرجال سند‪،‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫والمتن هو ألفاظ الحديث الذي تقوم بها المعاني‪ .‬وقال ابن جماعة‪ :‬هو ما ينتهي إليه غاية السند أفاد ذلك إبراهيم الشبرخيتي )وثيق( أي‬
‫ضابط ناقل عن مثله إلى المنتهى )فحذفت الأسانيد( أي روما للاختصار‪ ،‬وهو جمع إسناد قال البدر بن جماعة‪ :‬الإسناد هو الإخبار عن‬
‫طر يق المتن‪ ،‬والسند هو رفع الحديث إلى قائله‪ .‬قال النووي‪ :‬السند سلاح المؤمن‪ ،‬فإذا لم يكن معه سلاح فبم يقاتل؟ وقال الشافعي‬
‫رضي الل ّٰه عنه‪ :‬الذي يطلب الحديث بلا سند‪ ،‬كحاطب ليل يتحمل الحطب‪ ،‬وفيه أفعى وهو لا يدري )وجعلته أربعين بابا في كل باب(‬
‫منها )عشرة أحاديث( فمجموع الأحاديث أربعمائة )وسميته( أي هذا المجموع )لباب الحديث( واللباب خلاف القشر )وأستعين بالل ّٰه‬
‫العظيم( أي الكامل ذاتا وصفة )على القوم الكافرين( في إقامة الدين‪ .‬ولما أراد المصنف إتيان المقصود أتى أولا ًبالأبواب الأربعين على‬
‫سبيل السرد ليكون عنوانا لهذا الكتاب تسهيلا ًللمتناولين فقال‪:‬‬
‫)‬
‫ل فِر ْقَة ٍ مِنْه ُم طَائِف َة ٌ لِيَتَف َ َ ّقه ُوا فِي الد ِّينِ{ ]التوبة‪) [٢٢١ :‬الباب‬
‫الباب الأول في فضيلة العلم والعلماء( قال الل ّٰه تعالى‪} :‬فَلَو ْلا َنَف َر َ م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫الثاني في فضيلة لا إله إلا الل ّٰه( قال الفخر الرازي‪ :‬وقد ذكرت هذه الكلمة في القرآن في سبعة وثلاثين موضعا‪ ،‬اثنان في البقرة وأربعة‬
‫في آل عمران‪ ،‬وواحد في النساء واثنان في الأنعام‪ ،‬وواحد في الأعراف واثنان في التوبة‪ ،‬وواحد في يونس وفي هود وفي الرعد وفي‬
‫النحل وثلاثة في طه‪ ،‬واثنان في الأنبياء وواحد في المؤمنين وفي النمل‪ ،‬واثنان في القصص‪ ،‬وواحد في فاطر وفي الصافات وفي الزمر‪،‬‬
‫وثلاثة في المؤمن وواحد في الدخان‪ ،‬وفي محمد واثنان في الحشر‪ ،‬وواحد في التغابن وفي المزمل )الباب الثالث في فضيلة بسم الل ّٰه الرحمن‬
‫ِيم قال‪ :‬و َإ َ ّ‬
‫ن أمّتي ي َأتُونَ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ و َه ُ ْم يَق ُولُونَ ب ِس ْ ِم الل ّٰه‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫الرحيم( وقد قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لا َي ُر َ ُدّ د ُعَاء أ َ ّولُه ُب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬ ‫ٌ‬
‫ل الأَ ن ْب ِيَاء ُ لَهُمْ‪ :‬كانَ مُب ْتَد َ ُأ‬ ‫ل ال ُأمَم ُ‪ :‬ما ر َ َّجح َ م َوازِي َ‬
‫ن أ َمّة ِ مُحَم ّدٍ صلى الل ّٰه عليه وسلم؟ فَتَق ُو ُ‬ ‫ن فَتَق ُو ُ‬
‫حسَنَاتُه ُ ْم في المِيز َا ِ‬
‫ل َ‬
‫ِيم فَتَتَثَاق َ ُ‬ ‫الر ّحْمان َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫َ‬

‫ق جَم ِيعا‬
‫َت سَي ِّئَاتُ الخَل ْ ِ‬ ‫ك ّفة ِ الميِز َانِ‪ ،‬ووُضِع ْ‬ ‫َت فِي َ‬ ‫ك َلا ِم أ َمّة ِ مُحَم ّدٍ صلى الل ّٰه عليه وسلم ثَلاثَة َ أسْمَاء ِ م ِنْ أسماء ِ الل ّٰه تَع َالَى الـكرَا ِم‪ ،‬لَو ْ وُضِع ْ‬

‫الن ّارِ‪ ،‬وأمانا‬‫ن َ‬‫ست ْرا م ِ َ‬ ‫ل د َاءٍ‪ ،‬وَغِن ًى م ِنْ ك ُ ّ ِ‬


‫ل ف َ ْقرٍ‪ ،‬و َ ِ‬ ‫ل الل ّٰه تَع َالَى هاذِه ِ الآية ِ‬
‫شف َاء ً م ِنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫جع َ َ‬
‫حسَنَاتُه ُ ْم قال‪ :‬و َ َ‬
‫خر َى لَر َجَ ح َْت َ‬‫في الـك َ ّفة ِ ال ُأ ْ‬
‫ْف ما د َام ُوا عَلَى ق ِرَاءَتِها«‪) .‬‬ ‫ْخ و َالقَذ ِ‬ ‫ْف والمَس ِ‬ ‫م ِنْ الخَس ِ‬
‫ص َّ‬
‫ل‬ ‫س و َل َ ْم ي ُ َ‬ ‫الباب الرابع في فضيلة الصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪) :‬ما اجْ تَم َ َع قَوْم ٌ في َ‬
‫مج ْل ِ ٍ‬
‫كقَو ْ ٍم تَف ََر ّقوا ع َنْ مَي ٍ‬
‫ْت و َل َ ْم يَغْسِل ْوه ُ( )الباب الخامس في فضيلة الإيمان( قال القطب الرباني سيدي الشيخ عبد‬ ‫إلا ّ ت َ َ‬
‫فر ّق ُوا َ‬ ‫عَل َيّ ف ِيه ِ َ‬
‫القادر الجيلاني‪ ،‬ونعتقد أن من أدخله الل ّٰه تعالى النار بكبيرته مع الإيمان‪ ،‬فإنه لا يخلد فيها بل يخرجه منها‪ ،‬لأن النار في حقه كالسجن‬
‫في الدنيا يستوفى منه بقدر جريمته ‪ ،‬ثم يخرجه برحمة الل ّٰه تعالى ولا يخلد فيها‪ ،‬ولا تلفح وجهه النار‪ ،‬ولا تحرق أعضاء السجود منه‪ ،‬لأن‬
‫ذلك محرم على النار‪ ،‬ولا ينقطع طمعه من الل ّٰه تعالى في كل حال ما دام في النار حتى يخرج منها‪ ،‬فيدخل الجنة‪ ،‬و يعطى الدرجات‬
‫على قدر طاعته التي كانت له في الدنيا )الباب السادس في فضيلة الوضوء( روي عن نافع رضي الل ّٰه عنه عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ك‬
‫َنات و َتَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ تِل ْ َ‬
‫حس ٍ‬ ‫ل قَطْرَة ٍ ت َ ْقط ُر ُ م ِنْ وُضُوئِه ِ عَشْر َ َ‬ ‫ن الوُضُوء عَلَى تَرْتِيبِه ِ َ‬
‫إلا ّ أ ْعطَاه ُ الل ّٰه بِك ُ ّ ِ‬ ‫ضأَ ف َأَ حْ سَ َ‬‫أنه قال‪» :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ تَو َ َ ّ‬
‫َ‬
‫ضأ عَلَيْهَا إلى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ« )الباب السابع في فضيلة السواك( عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬ ‫ْض التي تَو َ َ ّ‬
‫الأَ ر ُ‬
‫ل وُضُوءٍ( أخرجه مالك وأحمد والنسائي‪) .‬‬ ‫ك م َ َع ك ُ ّ ِ‬ ‫وسلم أنه قال‪) :‬لَو ْلا َأ ْن أش َُقّ على أ َمّتِي لأَ م َْرتُه ُ ْم ب ِال ّ‬
‫سِوَا ِ‬
‫الباب الثامن في فضيلة الأذان( عن جابر رضي الل ّٰه عنه أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال لبلال‪» :‬إذ َا أ َذّن ْتَ فَتَر ََسّ لْ ‪ ،‬و َإذ َا أقَم ْتَ‬
‫ل م ِنْ أكْلِه ِ« رواه الترمذي وضعفه وعن أنس بن مالك قال‪ :‬قال النبي صلى الل ّٰه‬
‫ك ق َ ْدر َ ما يَفْرَغ ُ الآك ِ ُ‬
‫ك و َإقَام َت ِ َ‬
‫حر ِ ْز و َاجْ ع َلْ بَيْنَ أذ َان ِ َ‬
‫فا ْ‬
‫عليه وسلم‪) :‬لا ي ُر َ ُدّ ال ُد ّعَاء ُ بَيْنَ الأذا ِ‬
‫ن والإقامَة ِ( رواه النسائي )الباب التاسع في فضيلة صلاة الجماعة( عن أبي هريرة قال‪ :‬أتى النب َيّ‬
‫َ‬ ‫ل أعمى فقال‪ :‬يا رسول ليس لي قائد يقودني إلى المسجد‪ ،‬فر َ ّ‬
‫خص له‪ ،‬فلما ول ّى دعاه فقال‪» :‬ه َلْ ت َ ْسم َ ُع النِّد َاء َ‬ ‫صلى الل ّٰه عليه وسلم رَج ُ ٌ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫جب ْه ُ« رواه مسلم )الباب العاشر في فضيلة الجمعة( عن ابن عباس أنه قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬ ‫ب َ‬
‫ِالصّ لاة ِ؟« قال نَعَمْ‪ .‬قال‪» :‬ف َأَ ِ‬
‫ل الإسْ لام أجْم َع ِين« وعن سلمان رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬قال لي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬أتَدْري لِم َ‬
‫وسلم‪» :‬يَغْف ِر ُالل ّٰه لَيْلَة َالجم ُُعَة ِ لأه ْ ِ‬
‫ي يَوْم ُ الجم ُُعَة ِ؟ قلت‪ :‬لا‪ .‬قال‪ :‬لأَ َ ّ‬
‫ن ف ِيه ِ جُم ِـ َع أبُوك َ آدَم ُ« قال بعضهم‪ :‬هو اجتماع قالب آدم وروحه بعد أن كان ملقى أربعين سنة‪.‬‬ ‫سُم ِّ َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬لاجتماع آدم وحواء بعد الفرقة الطو يلة‪ .‬وقيل‪ :‬إنما سمي بذلك لاجتماع أهل البلاد والرساتيق فيه‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬لأنه تقوم فيه القيامة وهو يوم الجمع قال الل ّٰه تعالى‪} :‬يَوْم َ يَجْم َعُك ُ ْم لِيَو ْ ِم الجم َ ِْع{ ]التغابن‪ [٩ :‬ذكر ذلك سيدي الشيخ عبد القادر‬
‫ل عبادات الل ّٰه تعالى )الباب الثاني عشر في فضيلة‬
‫الجيلاني )الباب الحادي عشر في فضيلة المساجد( وهي بيوت الل ّٰه تعالى‪ ،‬لأنها محا ّ‬
‫العمائم( قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني‪ :‬و يكره كل ما خالف زي العرب وشابه زي الأعاجم )الباب الثالث عشر في فضيلة‬
‫يخْرِق ْه ُ«‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ م َا ل َ ْم َ‬ ‫»الصيام ُ ج َُن ّة ٌ م ِ َ‬
‫ِّ‬ ‫الصوم( وعن الحسن عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬
‫قيل‪ :‬وما يخرقه؟ قال‪ :‬بكذبة أو بغيبة )الباب الرابع عشر في فضيلة الفرائض( من الصلاة وغيرها قال عبد الل ّٰه الصحابي ابن غسان‬
‫»الصّ لاَة ُ صِلَة ٌ بَيْنَ العَبْدِ وَر َبِّه ِ ف ِيها إج َابَة ُ ال ُد ّعَاء ِ و َقَب ُو ُ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫في جواب سؤال منينا بن عبد المسيح الراهب قال نبينا صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬
‫ح الج َنَ ّة ِ« ثم قال عبد‬
‫ل في المِيز َانِ‪ ،‬وَجَوَاز ٌ عَلَى الص ِّراطِ ‪ ،‬وَمِفْتَا ُ‬ ‫ستْر ٌ بَي ْن َه ُ و َبَيْنَ َ‬
‫الن ّارِ‪ ،‬و َث ِ ْق ٌ‬ ‫ق وَر َاحة ٌ في الأَ بْد َانِ‪ ،‬و َ ِ‬
‫ل و َب َرَكَة ٌ فِي الر ِ ّ ْز ِ‬
‫الأَ عْمَا ِ‬
‫الل ّٰه‪ :‬والصلاة جامعة لجميع الطاعات‪ ،‬فمن جملتها الجهاد‪ ،‬فإذا المصلي يجاهد عدوين نفسه والشيطان ففي الصلاة الصوم‪ ،‬فإن المصلي لا‬
‫يأكل ولا يشرب‪ ،‬وزادت على الصيام بمناجاة ربه‪ ،‬وفي الصلاة الحج‪ ،‬وهو القصد إلى بيت الل ّٰه‪ ،‬والمصلي قصد رب البيت‪ ،‬وزادت‬
‫الصّ لاة‪ ،‬فإ َ ّ‬
‫ن‬ ‫إلا ّ َ‬
‫َات اف ْتَر َض َها الل ّٰه تَع َالى فِي الأَ رْض َ‬
‫على الحج بقربه من ملـكوت ربه‪ .‬وقال نبينا صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬جَم ِي ُع المُفْتَرَض ِ‬
‫الل ّٰه اف ْتَر َض َها في ال َ ّ‬
‫سماء و َأنا بَيْنَ يَد َيْه ِ«‪.‬‬
‫ومعنى رفع الأيدي في الصلاة للتكبير أن العبد غريق في بحار الخطايا والمعصية‪ ،‬فيرفع يديه كأنه يقول‪ :‬يا رباه خذ بيدي فإني غريق‬
‫في بحار الخطايا والمعصية‪ ،‬هارب منك إليك‪ .‬ومعنى القراءة عتاب بين العبد وربه‪ ،‬ومعنى الركوع كأن المصلي يقول‪ :‬أنا عبدك وقد‬
‫مددت يدي إليك ومعنى الرفع من الركوع مع قول ربنا لك الحمد طلب العتق من الذنوب‪ ،‬فكأن الل ّٰه يقول‪ :‬أذنبت‪ ،‬فيقول العبد‪ :‬أنا‬
‫عبدك‪ .‬و يقول الل ّٰه قد أعتقتك من الذنوب‪ ،‬ومعنى السجدة الأولى ووضع الجبهة على الأرض كأن العبد يقول منها‪ :‬خلقتني‪ .‬ومعنى‬
‫الرفع منه كأنه يقول‪ :‬منها أخرجتني‪ .‬ومعنى السجدة الثانية كأن العبد يقول‪ :‬وفيها تعيدني‪ .‬ومعنى الرفع الثاني كأنه يقول‪ :‬ومنها تخرجني‬
‫تارة أخرى‪ ،‬ومعنى السلام‪ :‬اللهم أعطني كتابي بيميني ولا تعطني كتابي بشمالي‪) ،‬الباب الخامس عشر في فضيلة السنن( أي من صلوات‬
‫خاصة )الباب السادس عشر في فضيلة الزكاة( أي الشاملة لزكاة الأموال والأبدان )الباب السابع عشر في فضيلة الصدقة( قال سيدي‬
‫الشيخ عبد القادر الجيلاني‪ :‬وتستحب صدقة التطوع في سائر الأوقات ليلا ًونهارا قليلا ًوكثيرا لا سيما في الأشهر المباركة‪ ،‬كشهر رجب‬
‫وشعبان‪ ،‬وشهر رمضان وأيام العيد وعاشوراء‪ ،‬وأيام الجدب والضيق‪ ،‬ليحوز بذلك العافية في الجسم والمال والأهل والخلف السر يع في‬
‫الدنيا‪ ،‬والثواب الجز يل في الآخرة‪) .‬‬
‫الباب الثامن عشر في فضيلة السلام( ويستحب القيام للإمام العادل والوالدين وأهل الدين والورع وأكرم الناس كما قال رسول الل ّٰه‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ق ُوم ُوا إلى سَيِّدِكُم« )الباب التاسع عشر في فضيلة الدعاء( وهو سيف المؤمن‪ ،‬قال الل ّٰه تعالى‪} :‬وقال ربكم ا ْدع ُونِي‬
‫ِجب لـَكُمْ{ ]غافر‪ [٠٦ :‬وسئل إبراهيم بن أدهم رحمه الل ّٰه فقيل له‪ :‬ما بالنا ندعو الل ّٰه فلا يستجيب لنا؟ فقال‪ :‬لأنكم عرفتم الرسول‪،‬‬
‫أسْ ت ْ‬
‫فلم ٺتبعوا سنته‪ ،‬وعرفتم القرآن فلم تعملوا به‪ ،‬وأكلتم نعمة الل ّٰه فلم تؤدوا شكرها‪ ،‬وعرفتم الجنة فلم تطلبوها‪ ،‬وعرفتم النار فلم ترهبوا منها‪،‬‬
‫وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ورافقتموه‪ ،‬وعرفتم الموت فلم تستعدوا له‪ ،‬ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم‪ ،‬وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب‬
‫ل‬ ‫ل الل ّٰه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل لَه ُ م ِنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫ن الاسْ تِغْف َارِ جَع َ َ‬
‫الناس‪) .‬الباب العشرون في فضيلة الاستغفار( قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ أكْ ثَر َ م ِ َ‬
‫يح ْتَسِبُ « )الباب الحادي والعشرون في فضيلة ذكر الل ّٰه( قال الل ّٰه تعالى‪} :‬ي َا‬
‫حي ْثُ لا َ َ‬
‫مخ ْر َجا‪ ،‬وَرَز َق َه ُ م ِنْ َ‬
‫ق َ‬
‫ل ضي ٍ‬
‫ه َ ٍ ّم ف َر َجا‪ ،‬وَم ِنْ ك ُ ّ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫أ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا ا ْذك ُر ُوا الل ّٰه ذِك ْرا كَث ِيرا{ ]الأحزاب‪) [١٤ :‬الباب الثاني والعشرون في فضيلة التسبيح( قال أبو ذر رضي الل ّٰه عنه‪ :‬قلت‬
‫لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أي الكلام أحب إلى الل ّٰه عز وجل؟ قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ما اصْ طَفَى الل ّٰه سُبح َانَه ُ لمَلائِكَتِه ِ ُ‬
‫سب ْح َانَ‬
‫ل أ ْن‬
‫ِيم« )الباب الثالث والعشرون في فضيلة التوبة( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ ت َابَ قَب ْ َ‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه العَظ ِ‬
‫الل ّٰه و َب ِحَمْدِه ِ و ُ‬

‫ل تَو ْبَة َ العَبْدِ م َا ل َ ْم يُغَرْغ ِْر« رواه‬ ‫ْس م ِنْ م َغرِبها تابَ الل ّٰه عَلَيْه ِ« رواه مسلم وقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه يَقْب َ ُ‬ ‫تَطْل ُ َع ال َ ّ‬
‫شم ُ‬
‫الترمذي وابن ماجه‪) .‬‬
‫سكِينا م ِنْ ج ٍ‬
‫ُوع‬ ‫ل إلى الل ّٰه تَع َالى م َنْ أطْ عَم َ م ِ ْ‬ ‫الباب الرابع والعشرون في فضيلة الفقر( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬أح ُ ّ‬
‫َب الأَ عْمَا ِ‬
‫َف عَن ْه ُ كُر ْبَة ً« رواه الطبراني )الباب الخامس والعشرون في فضيلة النكاح( عن ابن عمر أن النب َيّ صلى الل ّٰه‬
‫كش َ‬
‫أ ْو د َف َ َع عَن ْه ُ مَغْر َما أ ْو َ‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬ال ُد ّن ْيَا ك ُُل ّها م َتَاعٌ وَخَي ْر ُ م َتَاعِها المَر ْأة ُ َ‬
‫الصّ الِ حَة ُ« رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه‪ .‬وعن أبي هريرة أن رسول الل ّٰه‬

‫ل الل ّٰه‪ ،‬و َالمُك َات ِبُ ال َ ّذ ِي يُر ِيد ُ الأد َاء َ‬
‫والن ّاكح ُالذي يريد العَف َاف« أي‬ ‫صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬ثَلاث ََة ٌ ح ّ ٌ‬
‫َق عَلَى عَوْنُه ُ ْم الل ّٰه المجَُاهِد ُ في سَبي ِ‬
‫َ‬
‫عفاف فرجه عن المحارم رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم‪) .‬‬
‫ن فيه ِ س َ ّ‬
‫ِت‬ ‫الباب السادس والعشرون في التشديد على الزنى( وروي عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬احْذَر ُوا الز ِّنَى فَإ َ ّ‬

‫ن الل ّٰه‪،‬‬
‫تحْجَبُ ع َ ِ‬
‫َت ر ُوح ُه ُ ُ‬
‫ِص الر ِ ّزْقَ و َي ُ ْذه ِبُ البَرَك َة َ‪ ،‬وإذا خَرَج ْ‬ ‫خر َة ف َأ َمّا التي في ال ُد ّن ْيَا َ‬
‫فإن ّه ُ يُنْق ُ‬ ‫ل ثَلاث ََة ٌ في ال ُد ّن ْيَا و َثَلاث ََة ٌ في الآ ِ‬
‫خِصا ٍ‬
‫شدِيدا‪َ ،‬‬
‫والث ّالِث َة ُ‬ ‫حسَابُه ِ َ‬ ‫َب فَيَسْو َ ُدّ و َجْ ه ُه ُ َ‬
‫والث ّانيِ َة ُ يَكونُ ِ‬ ‫َالز ّب َانيَِة ِ‪ ،‬وأمّا َال ّتي تُصِ يب ُه ُ في الآ ِ‬
‫خر َة‪ :‬فَيَنْظ ُر ُ الل ّٰه إلَيْه ِ بِع َيْنِ الغَض ِ‬ ‫الن ّارِ و َ‬
‫ويَنْظ ُر ُ إلى َ‬
‫ي ُ ْسحَبُ فِي سِلسِلة ٍ إلَى َ‬
‫الن ّارِ« )الباب السابع والعشرون في التشديد على اللواط( قال عليه السلام سبعة لعنهم الل ّٰه تعالى ولا ينظر إليهم‬
‫يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم و يقال لهم‪ :‬ادخلوا النار مع الداخلين أولهم الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط‪ ،‬وناكح المرأة‬
‫في دبرها‪ ،‬وناكح البهيمة‪ ،‬وناكح البنت وأمها‪ ،‬والزاني بامرأة جاره‪ ،‬وناكح كفه إلا أن يتوبوا )الباب الثامن والعشرون في منع شرب‬
‫الخمر( قال ابن مسعود إذا دفنتم شارب الخمر فانبشوه‪ ،‬فإن لم تجدوا وجهه مصروفا عن القبلة فاقتلوني‪ ،‬فإن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬
‫صد َقَت ُه ُ إلا ّ‬
‫صوْم ُه ُ و َلا صَلاتُه ُ و َلا َ‬ ‫ات سَ خ َِط الل ّٰه عَلَيْه ِ‪ ،‬وكُت ِبَ اسْم ُه ُ فِي سِ جـِّين‪ ،‬و َلا يُقْب َ ُ‬
‫ل مِن ْه ُ َ‬ ‫وسلم قال‪» :‬إذ َا شَر ِبَ العَبْد ُ الخم َ ْر َ أرْب َ َع م َ َّر ٍ‬
‫أ ْن يَت ُوبَ « )الباب التاسع والعشرون في فضيلة الرمي( أي رمي السهام لأجل قتال الـكفار لإعلاء دين الل ّٰه تعالى‪) :‬الباب الثلاثون في‬
‫يس فِي َ‬
‫الن ّارِ‪،‬‬ ‫حدَة ٌ فَه ُو َ ج َار ُ إبْل ِ َ‬ ‫الن ّارِ َ‬
‫إلا ّ طَبَق َة ٌ و َا ِ‬ ‫يس فِي َ‬
‫اق و َالِدَيْه ِ و َبَيْنَ إبْل ِ َ‬ ‫ْس بَيْنَ ع َ ّ ِ‬‫فضيلة بر الوالدين( قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لَي َ‬
‫حدَة ٌ فَه ُو َ ج َار ُ الأَ ن ْب ِيَاء ِ في‬ ‫ْس بَيْنَ ب َارِّ و َالِدَيْه ِ و َبَيْنَ الأَ ن ْب ِيَاء ِ في الج َنَ ّة ِ َ‬
‫إلا ّ دَرَج َة ٌ وا ِ‬ ‫و َلَي َ‬
‫إلا ّ كانَ ك ُ ُ ّ‬
‫ل‬ ‫الج َنَ ّة« )الباب الحادي والثلاثون في فضيلة تربية الأولاد( قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ رَز َق َه ُ الل ّٰه وَلَدا و َل َ ْم يُع َل ِ ّم ْه ُ القُر ْآنَ َ‬
‫ن و َي َ ْقض ِي الل ّٰه لَه ُ عَلَيْه ِ«‪ ،‬وكان علي يقول‪ :‬عل ِّموا أولادكم‬
‫ذَن ٍْب يَعْم َلُه ُ الوَلَد ُ عَلَى أبيِه ِ و َيَوْم َ الق ِيَامَة ِ يُحَاسِبُ الوَلَد ُ أباه ُ عَلَى تَرْكِه ِ تَعْل ِيم َ القُر ْآ ِ‬
‫القرآن تدخلوا الجنة بشفاعتهم يوم القيامة )الباب الثاني والثلاثون في فضيلة التواضع( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َا ز َاد َ الل ّٰه‬
‫َ‬
‫»الصّ مْتُ ح ُ ْكمٌ‬ ‫ض َع أحَدٌ لل ّٰه َ‬
‫إلا ّ ر َفَع َه ُ الل ّٰه«‪) .‬الباب الثالث والثلاثون في فضيلة الصمت( قال عليه السلام‪:‬‬ ‫عَب ْدا بِع َ ْفوٍ إلا ّ ع ِّزا‪ ،‬وما تَوَا َ‬
‫ل فَاع ِلُه ُ«‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ و ُقِي َ ش َ َرّ قَبْق َبِه ِ وذ َبْذ َبِه ِ و َلَقْلَقِه ِ فَق َ ْد وقِي َ ال َش ّ َرّ ك َُل ّه ُ«‪ ،‬والقبقب هو البطن والذبذب الفرج‬
‫و َقَلِي ٌ‬
‫واللقلق اللسان )الباب الرابع والثلاثون في فضيلة الإقلال من الأكل والنوم والراحة( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ج َاهِد ُوا‬
‫ش«‪) .‬‬ ‫َب إلى الله م ِنْ ج ٍ‬
‫ُوع وَعَطَ ٍ‬ ‫ل أح َ ّ‬
‫ْس م ِنْ ع َم َ ٍ‬ ‫ل الل ّٰه‪َ ،‬‬
‫وإن ّه ُ لَي َ‬ ‫جر ِ المجَُاهِدِ في سَب ِي ِ‬
‫ك كأ ْ‬
‫جر َ فِي ذال ِ َ‬ ‫ش فَإ َ ّ‬
‫ن الأَ ْ‬ ‫أنْفُسَك ُ ْم ب ِالج ُ ِ‬
‫وع و َالعَطَ ِ‬
‫ّٰ‬
‫الباب الخامس والثلاثون في فضيلة الإقلال من الضحك( قيل لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ُ‬
‫أيّ الناس أفضل؟ قال‪» :‬م َنْ ق َ َ ّ‬
‫ل‬
‫م َ ْطعَم ُه ُ و َضَ ح ِك ُه ُ وَرَضِيَ بما يَسْت ُر ُ به ِ عَوْر َتَه ُ« )الباب السادس والثلاثون في فضيلة عيادة المر يض( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الر ّحْمَة ِ فإذا قَعَد َ عِنْدَه ُ ق ََر ّ ْ‬


‫ت ف ِيه ِ« )الباب السابع والثلاثون في فضيلة ذكر الموت( قال عائشة رضي‬ ‫َاض في َ‬
‫يض خ َ‬
‫ل المر َ‬ ‫»إذا عاد َ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬
‫الل ّٰه عنها‪ :‬يا رسول الل ّٰه هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال‪» :‬نَع َ ْم م َنْ ي َ ْذك ُر ُ المَو ْتَ فِي اليَو ْ ِم و ََالل ّيْلَة ِ عِشْر ِي َ‬
‫ن م َ َّرة ً« )الباب الثامن والثلاثون‬
‫ن آدَم َ ما غ َ َّرك َ بي أَ ل َ ْم‬
‫ك يا اب ْ َ‬
‫ض ُع ف ِيه ِ و َيْ ح َ َ‬
‫ل القَب ْر ُ لِل ْمَي ّ ِِت حِينَ يُو َ‬
‫في فضيلة ذكر القبر وأهواله( قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬يَق ُو ُ‬

‫خر َى فإ ْن‬
‫خر ُ أ ْ‬ ‫كن ْتَ تَم ُر ّ بي فذاذا‪ْ ،‬‬
‫أي يُق َ ّدِم ُ رِجْلا ً و َيُؤ َ ِّ‬ ‫ظل ْمَة ِ و َبَي ْتُ الوَحْدَة ِ و َبَي ْتُ ال ُد ّودِ م َا غ َ َّرك َ بِي إ ْذ ُ‬
‫تَعْل َ ْم أن ِ ّي بَي ْتُ الفِت ْنَة ِ و َبَي ْتُ ال ُ ّ‬
‫خض ِرا ً‬ ‫ل القَب ْر ُ‪ :‬إن ِ ّي إذا أتَح َو ّ ُ‬
‫ل عَلَيْه ِ َ‬ ‫ن المُن ْكَر ِ فَيَق ُو ُ‬
‫ُوف و َيَنْهَ ى ع َ ِ‬
‫ل أر َأي ْتَ إ ْن ك َانَ ي َأم ُرُ ب ِالمَعْر ِ‬
‫ِيب لِلْقَبْر ِ فَيَق ُو ُ‬
‫مج ٌ‬‫ك َانَ م ُصْ ل ِحا أجابَ عَن ْه ُ ُ‬
‫جسَدُه ُ نُورا‪ ،‬وتَصْ عَد ُ ر ُوح ُه ُ إلى الل ّٰه تعالى«‪ ،‬وفي بعض النسخ تأخير هذا الباب عن الباب الذي بعده‪) .‬الباب التاسع والثلاثون‬ ‫و َيَع ُود ُ َ‬
‫ن لا َيَشْهَد ُونَ ُ‬
‫الز ّور َ{ ]الفرقان‪ [٢٧ :‬قيل هي النائحة وفي صحيح البخاري ومسلم عن‬ ‫في منع النياحة على الميت( قال الل ّٰه تعالى‪} :‬و َال َ ّذ ِي َ‬
‫أبي موسى الأشعري رضي الل ّٰه عنه أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم برىء من الصالقة والحالقة والشاقة قال النووي‪ :‬الصالقة التي‬
‫ترفع صوتها بالنياحة‪ ،‬والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة‪ ،‬والشاقة التي تشق ثيابها عند المصيبة‪ ،‬وكل هذا حرام باتفاق العلماء انتهى‪.‬‬
‫)‬
‫الباب الأربعون في فضيلة الصبر على المصيبة( قال الل ّٰه تعالى }و َبَش ِ ّر ِ َ‬
‫الصّ ابِر ِينَ{ ]البقرة‪ [٥٥١ :‬وروي عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬
‫ل الخَلائِقُ‪ :‬وَم َنْ لَه ُ دَي ْن عَلَى‬
‫ل الل ّٰه تَع َالَى‪ :‬م َنْ لَه ُ دَي ْ ٌن عَلَى الل ّٰه تَع َالى فَل ْيَق ُم‪ ،‬فَتَق ُو ُ‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬إذ َا ك َانَ يَوْم ُ الق ِيَامَة ِ ن َاد َى م ُنَادٍ م ِنْ ق ِب َ ِ‬
‫ل‬
‫ق كَث ِير ٌ م ِنْ أه ْ ِ‬ ‫ن الل ّٰه تَع َالَى‪ ،‬فَيَق ُوم ُ خ َل ْ ٌ‬
‫جرَه ُ م ِ َ‬
‫يحْزِنُ قَل ْب َه ُ فَصَب َر احْتِسَابا لل ّٰه‪ ،‬فَل ْيَق ُ ْم ي َأخُذ ُ أ ْ‬
‫ن ابتَلاَه ُ الل ّٰه تَع َالى بما ُ‬ ‫ل المَلائِك َة ُ‪ :‬م َ ِ‬
‫الل ّٰه؟ فَتَق ُو ُ‬
‫البلاءِ‪.‬‬
‫ن‬‫ك لَسْتَ م ِ َ‬ ‫جد َ فِي صَ ح ِيف َتِه ِ سَ خ ٌَط أ ْو ك َلاَم ٌ قَب ِي ٌ‬
‫ح يَق ُولُونَ لَه ُ اق ْع ُ ْد مَك َان َ َ‬ ‫َت ال َد ّعْوَة ُ تُقْب َ ُ‬
‫ل بِلا َبَي ِّنَة ٍ أر ُونا صَ حَائِفَك ُ ْم فَم َنْ و ُ ِ‬ ‫ل المَلائِك َة ُ لَيْس ِ‬ ‫فَتَق ُو ُ‬
‫ل الل ّٰه تَع َالى‪:‬‬ ‫ش فَيَق ُولُونَ ياا ر َ َب ّنا هؤلاء عِبَادُك َ َ‬
‫الصّ اب ِر ُونَ فَيَق ُو ُ‬ ‫ْت العَر ْ ِ‬ ‫ل و َالنِّسَاء ِ إلَى َ‬
‫تح ِ‬ ‫ن الر ِ ّج َا ِ‬
‫ن مِ َ‬ ‫ن ـ و َت َأخُذ ُ الملائِك َة ُ َ‬
‫الصّ ابِر ِي َ‬ ‫َ‬
‫الصّ اب ِري َ‬
‫تحْتَهَا‪ ،‬و َيَتَجلَ ّى‬ ‫ر ُ ُدّوه ُ ْم إلى شَ ج َرَة ِ البَل ْو َى‪ ،‬فَي َر ُ ُدّونَه ُ ْم إلى شَ ج َرَة ٍ أصْ لُها م ِنْ ذ َه ٍَب و َأ ْور َاق ُها ح ُلَلٌ‪ ،‬وظ ُِل ّها يَسِير ُ َ‬
‫الر ّاكِبُ ف ِيه ِ مائَة َ عا ٍم‪ ،‬فَيَجْلِس ُونَ َ‬

‫ن ما اب ْتَلَي ْتُك ُ ْم َ‬
‫إلا ّ‬ ‫ل‪ ،‬و َيَق ُولُ‪ :‬يا عِبَادِيَ َ‬
‫الصّ ابِر ِي َ‬ ‫ل ل ِ َلر ّج ُ ِ‬ ‫الح َُقّ ُ‬
‫سب ْح َانَه ُ و َتَع َالَى و َيُسَل ِ ّم ُ عَلَيْه ِ ْم و َاحِدا و َاحِدا‪ ،‬ث َُم ّ يَعْتَذِر ُ إلَيْه ِ ْم كما يَعْتَذِر ُ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬
‫أرَدْتُ أ ْن أح َ ُّط عَلَيْكُم ُ البَلاَء َ لـِكَثْرَة ِ ذ ُنُوبُك ُ ْم و َأَ وَز َارِكُمْ‪ ،‬ل ُأبلَِّغ ََن ّك ُم به ِ دَرَج ٍ‬
‫َات عَالِي َة ً ما تَصِ لُونَ إلَيْهَا بأَ عْمَالـِكُمْ‪ ،‬فَصَبَرْتُم ْ لأَ جْل ِي و َاسْ ت َحْ يَي ْتُم ْ‬
‫ن كُ َ ّ‬
‫ل م َنْ‬ ‫سب ْح َانَه ُ و َتَع َالى إلى الفُق َرَاء ِ يَق ُولُ‪ :‬يا عِبَادي ما اب ْتَلَي ْتُك ُ ْم ب ِالف َ ْقرِ َ‬
‫إلا ّ أ َ ّ‬ ‫م ِن ِ ّي‪ ،‬و َلا أَ نْصُبُ م ِيز َانا و َلا أن ْشُر ُ لـَك ُ ْم دِيوانا‪ ،‬ث َُم ّ يَعْتَذِر ُ ُ‬

‫حسَابُكُمْ‪ ،‬ث َُم ّ يَعْتَذِر ُ‬ ‫ِف ِ‬ ‫أي شَيْء ٍ أَ ْ‬


‫خر َجْ ت َه ُ‪ ،‬فأحْ بَب ْتُ لـَك ُ ْم الفَقْر َ لِيَخ َ ّ‬ ‫ن اكْ تَسَب ْت َه ُ‪ ،‬وفي ّ ِ‬ ‫شي ْئا ُأحاسِب ُه ُ عَلَيْه ِ‪ ،‬و َأَ سْ أَ لُه ُ م ِنْ أَ ي ْ َ‬
‫ن ال ُد ّن ْيَا َ‬
‫أَ خَذ َ م ِ َ‬
‫ق‬
‫ج َ‬ ‫َات وِصَنَا ِ‬ ‫ِيم‪ ،‬ث َُم ّ يُؤْم َرُ ب ِر َاي ٍ‬
‫جر ِ العَظ ِ‬ ‫ن الأَ ْ‬ ‫ل لَه ُ ْم م ِ َ‬
‫ص َ‬ ‫اب الأمْرَاضِ‪ ،‬فَيَفْرَحُونَ غَايَة َ الف َر َِح بِمَا َ‬
‫ح َ‬ ‫أصح َ ِ‬ ‫سب ْح َانَه ُ و َتَع َالى إلى العُمْيَانِ‪ ،‬وسَائِر ِ ْ‬ ‫ُ‬

‫ق ال ُأم َراء ِ ث َُم ّ ت َأْ خُذ ُهُم ُ الملائِك َة ُ على َ‬


‫الن ّج َائ ِِب‬ ‫ج ِ‬ ‫ل صَنا ِ‬ ‫مِث ْ ِ‬
‫َ‬
‫ل المَلائِك َة ُ هؤلاء قَوْم ٌ صَب َر ُوا‬ ‫اس إلَيْه ِ ْم فَيَق ُولُونَ أَ هؤلاء ش ُهداء ٌ أ ْو أن ْب ِياءٌ؟ فَتَق ُو ُ‬ ‫َالر ّاي َاتُ بَيْنَ أيْدِيهِم ُ و َه ُ ْم سَائ ِر ُونَ إلى الج َنَ ّة ِ‪ ،‬فَيَنْظ ُر ُ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫و َ‬
‫ل‬ ‫ل لَه ُ ْم ر ُضْ وَانُ م َنْ هؤلاء القَوْم ُ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن ل َ ْم يُنْص ْ‬
‫َب لَه ُ ْم م ِيزانٌ؟ فَتَق ُو ُ‬ ‫َاب الج َنَ ّة ِ قا َ‬ ‫شد َائِدِ فِي ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬ب ِ َ‬
‫صبْرِه ِ ْم ن َالُوا‪ ،‬فإذا وَصَلُوا إلى ب ِ‬ ‫عَلَى ال َ ّ‬
‫َاب‪ ،‬فاف ْت َحْ لَهُم ُ الج َنَ ّة َ لِيَقْعُد ُوا في قُصُورِه ِ ْم آم ِنِينَ‪ ،‬فَي َ ْدخ ُلُونَ فَتَتَل َ ّقاهُم ُ الملائِك َة ُ و َالوِلْدانُ ب ِالف َر َِح‬
‫حس ٌ‬‫ْس عَلَيْه ِ ْم ِ‬ ‫المَلائِك َة ُ‪ :‬هؤلاء ِ َ‬
‫الصّ اب ِر ُونَ لَي َ‬
‫َاب الخَلْقِ‪ ،‬فَط ُوبَى ل ِ َ‬
‫لصّ اب ِرينَ« كذا في الجواهر للشيخ أبي الليث‬ ‫حس ِ‬‫ِف الج َنَ ّة ِ خَمسمائَة ِ عا ٍم يَتَف ََر ّجُونَ عَلَى ِ‬ ‫و َ‬
‫َالت ّكْب ِير ِ‪ ،‬فَيَجْلِس ُونَ على شَر َائ ِ‬
‫السمرقندي‪ ،‬ولما ذكر المصنف أولا ًالأربعين بابا بالسرد ذكر مثلها بعد على نسق ما تقدم بالأحاديث فقال‪:‬‬
‫}الباب الأول‪ :‬في فضيلة العلم والعلماء{‬

‫إلا ّ ه ُو َ و َالملائِك َة ُ و َ ُأولُو العِلْم ِ قائِما ب ِالقِسْطِ { ]آل عمران[ فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه‪َ ،‬‬
‫وثن ّى‬ ‫قال الل ّٰه تعالى‪} :‬شَهِد َ الل ّٰه لا اله َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫بالملائكة‪ ،‬وثلث بأهل العلم‪ ،‬وناهيك بهذا شرفا وفضلاً‪.‬‬


‫)‬
‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم لابن مسعود رضي الل ّٰه عنه( واسمه عبد الل ّٰه وكان صاحب سير رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ووساده‬
‫ونعليه وطهوره في السفر‪ ،‬وكان خفيف اللحم قصيرا جدا نحو ذراع‪ ،‬شديد الأدمة‪ ،‬وكان من أجود الناس ثوبا وأطيب الناس ر يحا‪،‬‬
‫وكان دقيق الساقين‪ ،‬أخذ يجتني سواكا من الأراك‪ ،‬فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم منه فقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لِم َ‬

‫ل م ِنْ ُأحُدٍ« وكان هو كثير الولوج عليه‬ ‫تَضْ حَكُونَ؟« فقالوا‪ :‬يا رسول الل ّٰه من دقة ساقيه فقال‪» :‬وال َ ّذ ِي ن َ ْفس ِي بيَِدِه ِ لَهُم َا في الميِز َا ِ‬
‫ن أَ ثْق َ ُ‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم ويمشي معه‪ ،‬وأمامه بالعصا ويستره إذا اغتسل و يوقظه إذا نام و يلبسه نعليه إذا قام فإذا جلس أدخلهما في ذراعيه‬
‫)يا ابن مسعود جلوسك ساعة( أي من الزمان ليلا ًكان أو نهارا )في مجلس العلم( وفي لفظ حلقة العالم )لا تمس( فتح الميم )قلما ًولا‬
‫تكتب حرفا خير لك من عتق( أي إعتاق )ألف رقبة( أي عبدا أو أمة )ونظرك إلى وجه العالم( أي بنظر المحبة خير لك من ألف‬
‫فرس تصدقت بها في سبيل الل ّٰه( أي في جهاد الـكفار لإعلاء دين الل ّٰه تعالى )وسلامك على العالم خير لك من عبادة ألف سنة( كذا‬
‫ل‬
‫ذكره الحافظ المنذري في الدرة اليتيمة‪ ،‬وعن عمر بن الخطاب قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه يقول‪» :‬م َنْ م َش َى إلى ح َلْقَة ِ عال ٍم كانَ لَه ُ بِك ُ ّ ِ‬
‫حسَنة ٌ« كذا ذكره النووي في ر ياض الصالحـين‪.‬‬
‫ل كَل ِمَة ٍ َ‬
‫ل كانَ لَه ُ بِك ُ ّ ِ‬
‫س عِنْدَه ُ و َاسْ تَم َ َع ما يَق ُو ُ‬
‫حسَنَة ٍ‪ ،‬فإذ َا ج َل َ َ‬
‫خطْوَة ٍ مائَة ُ َ‬
‫َ‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬فقيه( أي عالم بعلم الشر يعة )واحد متورع( أي متكلف بترك المحارم فهو المبتدىء في ذلك )أشد على‬
‫الشيطان من ألف عابد مجتهد( أي في العبادة )جاهل( أي بما يطرأ عليها )ورع( أي تارك للمحارم‪ ،‬فهو المنتهي في الـكف عن المحارم‪،‬‬
‫وذلك لأن الشيطان كلما فتح بابا على الناس من الأهواء وزين الشهوات في قلوبهم بين الفقيه العارف مكايده‪ ،‬فيسد ذلك الباب‬
‫و يجعله خائبا خاسرا بخلاف العابد‪ ،‬فإنه ربما يشتغل بالعبادة وهو في حبائل الشيطان ولا يدري‪ ،‬أفاد ذلك العزيزي نقلا ًعن الطيبي‪،‬‬
‫وفي رواية الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس‪ :‬فقيه ٌ واحدٌ أش ُ ّد على الشيطان من ألف عابد‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬فضل العالم( أي العامل بعلمه )على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الـكواكب( المراد بالفضل‬
‫كثرة الثواب الشامل لما يعطيه الل ّٰه للعبد في الآخرة من درجات الجنة ولذاتها ومآكلها ومشاربها ومناكحها‪ ،‬وما يعطيه الل ّٰه تعالى للعبد‬
‫من مقامات القرب ولذة النظر إليه‪ ،‬وسماع كلامه رواه أبو نعيم عن معاذ بن جبل‪ .‬وفي رواية للحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد‬

‫ل الع َال ِ ِم عَلَى‬ ‫ل الع َال ِ ِم عَلَى الع َابِدِ َ‬


‫كف َضْ ل ِي عَلَى ُأ َمّتِي« وفي رواية للترمذي عن أبي أمامة‪» :‬ف َضْ ُ‬ ‫الخدري عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ف َضْ ُ‬
‫كف َضْ ل ِي عَلَى أدْن َاكُمْ« أي نسبة شرف العالم إلى شرف العابد كنسبة شرف النبي إلى أدنى شرف الصحابة‪ .‬قال الغزالي‪ :‬فانظر‬
‫الع َابِدِ َ‬
‫كيف جعل العلم مقارنا ًلدرجة النبوة وكيف حط رتبة العمل المجرد عن العلم‪ ،‬وإن كان العابد لا يخلو عن علم بالعبادة التي يواظب‬
‫عليها‪ ،‬ولولاه لم تكن عبادة‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬من انتقل( أي تحول ماشيا أو راكبا من محل إلى محل آخر )ليتعلم علما( من العلوم الشرعية )غفر له( أي‬
‫ما تقدم من ذنبه الصغائر )قبل أن يخطو( أي خطوة من موضعه إذا أراد بذلك وجه الل ّٰه تعالى رواه الشيرازي عن عائشة‪.‬‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم أكرموا العلماء( أي بعلوم الشرع العاملين بأن تعاملوهم بالإجلال والإحسان إليهم بالقول والفعل‪) .‬فإنهم‬
‫سه ِ‬ ‫عند الل ّٰه كرماء( أي مختارون )مكرمون( أي عند الملائكة‪ .‬وعن أبي هريرة قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه يقول‪» :‬إذا تَح َ ّدثَ الع َالِم ُفِي َ‬
‫مج ْل ِ ِ‬
‫َت م ِنْ فمَِه ِ م َلَكا يَسْتَغْف ِر ُ الل ّٰه لَه ُ وِلِسَام ِعِه ِ إلَى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ فإذا ان ْصَر َف ُوا‬
‫ل كَل ِمَة ٍ طَلَع ْ‬
‫ق الل ّٰه تَع َالَى م ِنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫ب ِالعِلْم ِ و َل َ ْم ي َ ْدخُل ْه ُ هَز ْ ٌ‬
‫ل و َلا لَغْو ٌ‪ ،‬خ َل َ َ‬
‫ن لَهُمْ« ثم قال‪» :‬ه ُم القَوْم ُ لا َي َ ْشقَى بِه ِ ْم ج َلِيسُهُمْ«‪.‬‬
‫مَغْف ُورِي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬من نظر إلى وجه العالم نظرة( أي واحدة )ففرح بها( أي بتلك النظرة)خلق الل ّٰه تعالى من تلك النظرة‬
‫ملكا يستغفر( أي ذلك الملك )له( أي الناظر )إلى يوم القيامة( وكان علي بن أبي طالب يقول‪ :‬النظر إلى وجه العالم عبادة ونور في‬
‫النظر ونور في القلب‪ ،‬فإذا جلس العالم للعلم كان له بكل مسألة قصر في الجنة‪ ،‬وللعامل بها مثل ذلك كذا في ر ياض الصالحـين‪.‬‬
‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬من أكرم عالما فقد أكرمني( أي لأنه حبيبي )ومن أكرمني فقد أكرم الل ّٰه( أي لأني حبيبه )ومن‬
‫أكرم الل ّٰه فمأواه الجنة( أي لأنها محال سكنى أحباء الل ّٰه تعالى وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬أكْرِم ُوا الع ُلَمَاء َ فإ َ ّنه ُ ْم وَر َثَة ُ الأَ ن ْب ِيَاءِ‪ ،‬فَم َنْ أكرَمَه ُ ْم‬
‫فَق َ ْد أَ ك ْرَم َ الل ّٰه وَرَسُولَه ُ« رواه الخطيب البغدادي عن جابر‪.‬‬
‫)‬
‫ل( أي نوم العالم الذي يراعي آداب العلم أفضل من عبادة الجاهل‬ ‫ل م ِنْ عِبَادَة ِ الجا َه ِ ِ‬ ‫وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬نَوْم ُ الع َال ِ ِم أَ ف ْ َ‬
‫ض ُ‬
‫الذي لا يسلم آداب العبادة‪ ،‬وفي رواية لأبي نعيم عن سلمان بإسناد ضعيف نوم على علم خير من صلاة على جهل‪ ،‬أي لأنه قد يظن‬
‫المبطل مصححا والممنوع جائزا كما قال ضرار بن الأزور الصحابي من عبد الل ّٰه بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح‪ .‬وكما قال واثلة بن‬
‫الأسقع‪ :‬المتعبد بغير فقه كحمار الطاحون‪.‬‬
‫ل م ِنْ أَ ْن يُصَل ِّي أَ ل َْف رَكْ عَة ٍ تَطَ ُو ّعا( وهذا‬ ‫ل به ِ أ ْو ل َ ْم يَعْم َلْ به ِ ك َانَ أَ ف ْ َ‬
‫ض َ‬ ‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَع َل ّم َ ب َابا م ِ َ‬
‫ن العِلْم ِ يَعْم َ ُ‬
‫يدل على أن العلم أشرف جوهرا من العبادة‪ ،‬ولـكن لا بد للعبد من العبادة مع العلم‪ ،‬وإلا كان علمه هباء منثورا كما روي عن أبي‬
‫سم َاء ِ‬‫ن ال َ ّ‬‫ل ب ِع ِل ْمِه ِ إلا ّ ن َزَعَ الل ّٰه ر ُوح َه ُ عَلى غَيْر ِ ال َش ّه َادة ِ‪ ،‬و َن َاد َاه ُ م ُنَادٍ م ِ َ‬ ‫هريرة عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬ما م ِنْ عَال ِ ٍم لا يَعْم َ ُ‬

‫ن الع َالِم َ إذا‬ ‫خرَة َ« وعن عمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬إ َ ّ‬ ‫خسِرْتَ ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬ ‫جر ُ َ‬‫يا فا ِ‬

‫ِس‬
‫خت ْما على صَ ح ِيف َتِه ِ هاذا عَبْدٌ آي ٌ‬ ‫ل يَو ْ ٍم َ‬ ‫ْس‪ ،‬و َتَكْت ُبُ الحَفَظَة ُ ك ُ َ ّ‬ ‫شم ُ‬ ‫ل شَيْء ٍ طَلَع ْ‬
‫َت عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫جو ْفِه ِ‪ ،‬و َيلَْع َن ُه ُ ك ُ ُ ّ‬
‫ل َ ْم يَعْم َلْ بع ِل ْمِه ِ لَع َن َه ُ العِلْم ُ م ِنْ َ‬
‫ك لَعْن َة ُ الل ّٰه‪ ،‬فإذا م َاتَ ن َزَعَ الل ّٰه ر ُوح َه ُ على غَيْر ِ ال َش ّه َادَة ِ‪،‬‬
‫ل بَع ِل ْمِه ِ عَلَي ْ َ‬
‫ق سَيِّدِه ِ‪ ،‬يا م َنْ لا يَعْم َ ُ‬
‫حق ُو ِ‬
‫م ِنْ رَحْمَة ِ الل ّٰه يا عَبْد َ الل ّٰه يا م ُضِ ي ِّـ َع ُ‬
‫و يُحرَم ُ المَو ْتَ عَلى الإيمانِ«‪.‬‬
‫)‬
‫س عَالِما فَك َأَ َن ّما ج َالَسَنِي في ال ُد ّن ْيَا‪،‬‬
‫وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ز َار َ عَالِما فَك َأَ نَم ّا ز َارَنِي‪ ،‬وَم َنْ صَافَح َ عَالِما فَك َأَ َن ّما صَافَحَنِي‪ ،‬وَم َنْ ج َال َ َ‬

‫وَم َنْ ج َالَسَنِي في ال ُد ّن ْيَا أَ جْلَسْت ُه ُ مَع ِي يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( وعن أنس بن مالك أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬م َنْ ز َار َ عَالِما فَق َ ْد ز َارَنِي‪،‬‬
‫جر ُ شَه ِيدٍ« وعن أبي هريرة قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫خطْوَة ٍ أَ ْ‬
‫ل َ‬
‫شف َاع َتي‪ ،‬وكانَ لَه ُ بِك ُ ّ ِ‬
‫وَم َنْ ز َارَنِي وَجَب َْت له َ‬
‫»م َنْ ز َار َ عَالِما ضَمِن ْتُ لَه ُ عَلى الل ّٰه الج َنَ ّة َ« وعن علي بن أبي طالب أنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ ز َار َ عَالِما ْ‬
‫أي فِي‬
‫ْف ق َرأَ َ ه ُ عَلَى قَبْرِه ِ قَصْر ٌ في الج َنَ ّة ِ م ِنْ‬ ‫اب الل ّٰه أ ْعطَاه ُ الل ّٰه تَع َالَى بِعَدَدِ خطَوَاتِه ِ قُصُورا فِي الج َنَ ّة ِ وَك َانَ لَه ُبِك ُ ّ ِ‬
‫ل حَر ٍ‬ ‫قَبْرِه ِ ث َُم ّ ق َرأَ َ عِنْدَه ُ آية ً م ِنْ ك ِت َ ِ‬
‫ذ َه ٍَب«‪ ،‬كذا في ر ياض الصالحـين‪.‬‬
‫}الباب الثاني‪ :‬في فضيلة لا إله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه{‬
‫آلاف‬
‫ٍ‬ ‫إلا ّ الل ّٰه وَم َ َ ّدها هُدِم ْ‬
‫َت لَه ُ أرْبَع َة‬ ‫ل لا اله َ‬
‫قال الفاكهاني‪ :‬إن ملازمة ذكرها عند دخول المنزل تنفي الفقر‪ ،‬وقد ورد أن‪» :‬م َنْ قَا َ‬
‫ل الل ّٰه فإ ْن ل َ ْم يَكُنْ لَه ُ شَيْء ٌ م ِ َ‬
‫ن الك َبَائ ِر؟ قال‪ :‬يُغْف َر ُ لأه ْلِه ِ ولِ جـير َانِه ِ« رواه البخاري اهـ سنوسي‪.‬‬ ‫ن الك َبَائِر ِ‪ .‬قالوا‪ :‬يا رَسُو َ‬
‫ذَن ٍْب م ِ َ‬
‫ل الل ّٰه م َائَة َ م َ َّرة ج َاء َ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ وَو َجْ ه ُه ُ ك َالقَمَرِ لَيْلَة َ الب َ ْدرِ(‬ ‫ل يَو ْ ٍم لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬ ‫ل كُ َ ّ‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫أي التمام وهو ليلة أربعة عشر‪.‬‬
‫)‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ل الذِّكْر ِ لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه( أي لأنها كلمة التوحيد‪ ،‬والتوحيد لا يماثله شيء‪ ،‬ولأن لها تأثيرا في تطهير الباطن‬ ‫ض ُ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ف ْ َ‬
‫فيفيد نفي الآلهة بقوله لا إله‪ ،‬ويثبت الوحدانية لل ّٰه تعالى بقوله إلا الل ّٰه‪ ،‬و يعود الذكر من ظاهر لسانه إلى باطن قلبه‪ ،‬ولأن الإيمان لا‬
‫يصح إلا بها‪ ،‬أي مع محمد رسول الل ّٰه‪ ،‬وليس هذا فيما سواها من الأذكار )وأفضل الدعاء الحمد لل ّٰه( قيل‪ :‬إنما جعل الحمد أفضل‪ ،‬لأن‬
‫الدعاء عبارة عن ذكر‪ ،‬وأن يطلب منه حاجته‪ ،‬والحمد لل ّٰه يشملها فإن من حمد الل ّٰه إنما يحمد على نعمة‪ ،‬والحمد على النعمة طلب مزيد قال‬
‫تعالى‪} :‬لئَ ِ ْن شَكَرْتُم ْ لأَ زِيد ََن ّكُمْ{ ]إبراهيم‪ [٧ :‬أفاد ذلك العزيزي‪ ،‬روى هذا الحديث الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم‬
‫عن جابر‪.‬‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم قال الل ّٰه تعالى( أي في الحديث القدسي والكلام الأنسي )لا إله إلا الل ّٰه كلامي وأنا هو من قالها دخل حصني(‬
‫بكسر الحاء )ومن دخل حصني أمن من عقابي( أخرجه الشيرازي عن علي‪ .‬وفي نسخة لهذا الكتاب وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لا‬
‫َاب الل ّٰه« وعن عبد الواحد بن زيد أنه قال‪ :‬كنت في مركب فطرحتنا الريح على‬ ‫ن م ِنْ عَذ ِ‬
‫ل حِصْ نِي أم ِ َ‬ ‫اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه حِصْ نِي وَم َنْ دَخ َ َ‬
‫جزيرة‪ ،‬فخرجنا إلى الجزيرة فرأينا شخصا يعبد صنما فقلنا له‪ :‬تعبد هذا الصنم وفينا من يصنع مثله؟ فقال‪ :‬أنتم من تعبدون؟ فقلنا‪ :‬نعبد‬
‫إلها في السماء عرشه وفي الأرض بطشه وفي البحر سبيله قال‪ :‬من أعلمكم به؟ قلنا‪ :‬أرسل إلينا رسولاً‪ .‬قال‪ :‬ما فعل بالرسول؟ قلنا‬
‫قبضه الملك إليه‪ .‬قال‪ :‬فهل ترك عندكم من علامة؟ قلنا‪ :‬نعم كتاب الملك‪ ،‬قال‪ :‬هل عندكم منه شيء؟ فشرعنا نقرأ عليه سورة الرحمن‪،‬‬
‫فما زال يبكي حتى ختمت‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما ينبغي أن يعصى صاحب هذا الكلام‪ ،‬ثم عرضنا عليه الإسلام فأسلم وحملناه معنا في السفينة‬
‫فلما جن الليل وصلينا العشاء أخذنا مضاجعنا للنوم فقال لنا‪ :‬هذا الإله الذي دللتموني عليه ينام؟ قلنا بل هو حي قيوم لا ينام‪ .‬قال‪:‬‬
‫بئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام‪ ،‬فلما وصلنا البر وأردنا الانصراف جمعنا له شيئا من الدراهم فقال‪ :‬ما هذا؟ قلنا تستعين به‬
‫على نفسك‪.‬‬
‫فقال‪ :‬دللتموني على طر يق ما أراكم سلـكتموها أنا كنت أعبد غيره فلم يضيعني أفيضيعني الآن بعد ما عرفته‪ ،‬فلما كان بعد ثلاثة أيام‬
‫قيل لي‪ :‬إنه في النزع فجئت إليه وقلت له‪ :‬هل من حاجة؟ فقال‪ :‬قضى حوائجي الذي أخرجني من الجزيرة ونمت عنده‪ ،‬فرأيت جار ية‬
‫في روضة خضراء وهي تقول‪ :‬عجلوا به في سلام فقد طال شوقي إليه‪ ،‬فاستيقظت وقد مات فدفنته ونمت تلك الليلة فرأيته في المنام‬
‫باب سَلام ٌ عَلَيْك ُ ْم بما صَبَرْتُم ْ فَنِعْم َ عُقْب َى ال َد ّارِ{ ]الرعد‪:‬‬
‫ل ٍ‬ ‫وعلى رأسه تاج وبين يديه الحور العين وهو يقرأ }و َالمَلائ َِك َة ُ ي َ ْدخ ُلُونَ عَلَيْه ِ ْم م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫‪.[٤٢‬‬
‫إلا ّ الل ّٰه( وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه‬ ‫ل لا اله َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ُدّوا زَك َاة َ أبْد َانِك ُ ْم بِقَو ْ ِ‬

‫ن البَلاء ِ أدْن َاه َا اله َ ُ ّ‬


‫م«‪.‬‬ ‫ل لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه تَدْف َ ُع ع َنْ قَائِلها ت ِ ْسع َة ً و َتِسْع ِينَ بابا م ِ َ‬ ‫عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن قَو ْ َ‬

‫ن ب ِال ُد ّرِّ و َالياق ُ ِ‬


‫وت يَصْ عَد ُ إلى‬ ‫ن مُك ََل ّلا ِ‬
‫ن أب ْيَضَا ِ‬
‫ج م ِنْ ف ِيه ِ طائِر ٌ أخْ ض َر ُ لَه ُ جَنَاح َا ِ‬ ‫ل لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه خَر َ َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ قَا َ‬

‫ك‬
‫ل بَعْد َ ذال ِ َ‬ ‫ل لا ح ََت ّى تَغْف ِر لِصَاحِبي فَيُغْف َر ُ لِق َائِل ِها‪ ،‬ث َُم ّ ُ‬
‫يج ْع َ ُ‬ ‫ل لَه ُ اسْ كُنْ فَيَق ُو ُ‬
‫ل‪ ،‬فَيُق َا ُ‬ ‫ِي َ‬
‫الن ّحْ ِ‬ ‫ش كَدَو ّ ِ‬
‫تح ْتَ العَر ْ ِ‬
‫ِي َ‬ ‫سم َاء ِ فَي ُ ْ‬
‫سم َ ُع له دَو ّ ٌ‬ ‫ال َ ّ‬
‫طائ ِر ُ يَكُونُ قَائِدَه ُ وَد َلِيلَه ُ إلى الج َنَ ّة ِ«‪.‬‬
‫ك ال َ ّ‬
‫سب ْع ُونَ لِسَانا تَسْتَغْف ِر ُ لِصَاحِبِه ِ إلى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ‪ ،‬فإذ َا كانَ يَوْم ُ الق ِيَامَة ِ ج َاء َ ذال ِ َ‬ ‫لِل َ ّ‬
‫طائِر ِ َ‬
‫إلا ّ أنا ُأشْهِد ُك ُ ْم‬
‫صد َقَ عَبْدِي أنا الل ّٰه لا اله َ‬
‫ل الل ّٰه تَع َالى َ‬ ‫إلا ّ الل ّٰه مُح َم ّدٌ رَسُول الل ّٰه َ‬
‫إلا ّ قَا َ‬ ‫ل لا اله َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ يَق ُو ُ‬
‫كتِي ق َ ْد غَفَر ْتُ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫خر(‪ .‬أي من الصغائر‪.‬‬ ‫يا م َلائ َ َ‬
‫)‬
‫ل الج َنَ ّة َ( أي مع السابقين‪،‬‬
‫مخ ْل ِصا( أي من المنهيات )دَخ َ َ‬ ‫ل لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه خ َال ِصا( أي من الر ياء مثلا ً) ُ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫ل الج َنَ ّة َ قيل‪ :‬يا رسول‬
‫مخ ْل ِصا دَخ َ َ‬ ‫ل لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه ُ‬ ‫وأخرج الحكيم عن زيد بن الأرقم قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ قَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ن المحََارِ ِم«‪.‬‬
‫تحْجُزَه ُ ع َ ِ‬
‫الل ّٰه وما إخلاص ُها؟ قال‪ :‬أَ ْن َ‬
‫ل أل َْف سَي ِّئَة ٍ( أي ذنب صغير )إ ْن‬ ‫خر ُ ك َلامِه ِ لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه و َعَم ِ َ‬ ‫ل ك َلاَمِه ِ لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه و َآ ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ كانَ أ َ ّو ُ‬
‫حدٍ( وروي أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال لسيدنا زيد الأنصاري‪ :‬فإن صعب لك شيء من‬
‫اش أل َْف سَنَة ٍ لا يَسْأَ لُه ُ الل ّٰه ع َنْ ذَن ٍْب و َا ِ‬
‫عَ َ‬
‫أمور الدينا فأكثر من قول لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه محمد رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالل ّٰه العلي العظيم‪.‬‬
‫ب( بفتح العين والجيم أي حال كون القائل من غير تعجب بما رآه‬ ‫ل لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه م ِنْ غَيْر ِ عَج َ ٍ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫ح م َ َع المُسبِّحِينَ إلى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ و َيُكْت َبُ لَه ُ( أي لقائلها‬
‫ش يُس َب ِّ ُ‬
‫تح ْتَ العَر ْ ِ‬
‫أو سمعه )طَار َ بِهَا( أي بسبب ذكر هذه الكلمة المشرفة )طَائِر ٌ َ‬
‫)ثَوَابُه ُ( أي تسبيح ذلك الطائر‪.‬‬
‫ل الل ّٰه م َ َّرة ً غُف ِر َ لَه ُ ذ ُنُوبُه ُ( أي الصغائر )و َإ ْن كان َْت( أي تلك الذنوب‬ ‫ل لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قا َ‬
‫ل ز َبَدِ الب َحْ رِ( بفتح الزاي والباء أي مائه أو ما يعلو وجهه من رغوة وعيدان ونحوهما‪ ،‬والأول أولى لأن المراد كناية عن المبالغة‬
‫)مِث ْ َ‬
‫في الـكثرة كما قاله عطية الأجهوري‪.‬‬
‫)‬
‫يحْيِي و َيُمِيتُ و َه ُو َ حَيّ ٌ‬
‫ك وَلَه ُ الحم َْد ُ ُ‬
‫ك لَه ُ لَه ُ الملُ ْ ُ‬ ‫ل لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه وَحْدَه ُ لا شَر ِي َ‬ ‫ن عَلَى المَق َابِر ِ فَق َا َ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذا م َ َّر المُؤْم ِ ُ‬
‫حسَنَة ٍ وَر َف َع لَه ُ‬
‫ْف َ‬ ‫ك الق ُب ُور َ ك ُلِّه َا وَغَف َر َ لِق َائِله َا وَكَت َبَ لَه ُ( أي للقائل )أل َْف أل ِ‬ ‫ل شَيْء ٍ قَدِير ٌ نَو ّر الل ّٰه تِل ْ َ‬ ‫لا يَمُوتُ ‪ .‬بيَِدِه ِ الخـَي ْر ُ و َه ُو َ عَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ْف دَرَجَة ٍ وَح َ َّط( أي أسقط )عَن ْه ُ أل َْف أل ِ‬
‫ْف سَي ِّئَة ٍ( أي من الصغائر وروى الترمذي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪:‬‬ ‫أل َْف أل ِ‬

‫يحْيِي و َيُمِيتُ و َه ُو َ حَيّ ٌ لا يَمُوتُ بيَِدِه ِ الخـَي ْر ُ و َه ُو َ عَلَى ك ُ ّ ِ‬


‫ل‬ ‫ك وَلَه ُ الحم َْد ُ ُ‬
‫ك لَه ُ لَه ُ الملُ ْ ُ‬
‫إلا ّ الل ّٰه وَحْدَه ُ لا شَر ِي َ‬ ‫ل لا اله َ‬ ‫سوقَ فَق َا َ‬ ‫ل ال ُ ّ‬
‫»م َنْ دَخ َ َ‬
‫ْف دَرَجَة ٍ«‪.‬‬‫محَا عَن ْه ُ أل َْف أل َْف سَي ِّئَة ٍ‪ ،‬وَر َف َ َع لَه ُ أل َْف أل ِ‬ ‫حسَنَة ٍ‪ ،‬و َ َ‬ ‫شَيْء ٍ قَدِير ٌ‪ ،‬وَر َف َ َع بِهَا َ‬
‫صو ْتَه ُ كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ أل َْف ألْفَف ِ َ‬
‫}الباب الثالث‪ :‬في فضيلة بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم{‬
‫عن عطاء عن جابر بن عبد الل ّٰه قال‪ :‬لما نزل بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم هرب الغيم إلى المشرق‪ ،‬وسكنت الر ياح‪ ،‬وهاج البحر‪ ،‬وأصغت‬
‫البهائم بآذانها‪ ،‬ورجمت الشياطين من السماء‪ ،‬وحلف الل ّٰه عز وجل بعزته لا يسمى اسمه على سقم إلا شفاه‪ ،‬ولا يسمى اسمه على شيء‬
‫إلا بارك فيه‪ ،‬ومن قرأ بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم دخل الجنة‪ ،‬ذكره سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني‪.‬‬
‫َاص( بفتح الراء‪) .‬عَلَى َ‬
‫الن ّارِ(‬ ‫شيْطَانُ كَما يَذ ُوبُ َ‬
‫الر ّص ُ‬ ‫إلا ّ ذ َابَ ال َ ّ‬
‫ِيم َ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫ل ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ يَق ُو ُ‬
‫قال ابن مسعود شيطان المؤمن مهزول‪ .‬وقال قيس بن الحجاج قال لي شيطاني دخلت فيك وأنا مثل الجزور‪ ،‬وأنا الآن مثل العصفور‬
‫قلت‪ :‬ولم ذلك؟ قال‪ :‬تذيبني بذكر الل ّٰه تعالى‪.‬‬
‫)‬
‫ِيم َ‬
‫إلا ّ أم َرَ الل ّٰه تَع َالى الـك ِرَام َ( أي على الل ّٰه تعالى )الكاتِبېنَ( أي أعمال‬ ‫الر ّحْمان َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫ل ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ما م ِنْ عَبْدٍ يَق ُو ُ‬

‫ِيم م َ َّرة ً ل َ ْم يَب ْ َ‬


‫ق م ِنْ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫ل ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬ ‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫حسَنَة ٍ‪ .‬وقا َ‬
‫الناس )أن يَكْتُب ُوا في دِيوَانِه ِ( أي صحائفه )أرْبَعْم َائَة ِ َ‬

‫ذ ُنُوبِه ِ( أي الصغائر )ذ َ َرّة ٌ( وذكر أن بشرا الحافي رأى رقعة فيها بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم وكان معه ثلاثة دراهم فأخذ بها طيبا وطيبها‪،‬‬
‫فنودي في سره كما طيبت اسمنا لنطيبن اسمك‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ كَت َبَ ب ِس ْ ِم الل ّٰه فَج َو ّد َ تَعْظ ِيما لل ّٰه غُف ِر َ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫خر َ(‪ .‬وفي رواية للخطيب البغدادي‬
‫وابن عساكر عن زيد بن ثابت إذا كتبت بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم فبين السين فيه‪ ،‬أي إذا أردت كتابة ذلك فأظهر السين ووضح سننها‬
‫إجلالا ًلاسم الل ّٰه تعالى‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ِيم( أي إذا أراد أن يكتبها )فَل ْيَم ُ َ ّد َ‬


‫الر ّحْمانَ( أي حروفه بأن يمد‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم إذ َا كَت َبَ أحَد ُك ُ ْم ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬
‫اللام والميم و يجوف النون ويتأنق‪ ،‬أي يحسن في ذلك رواه الخطيب والديلمي عن أنس بن مالك‪.‬‬
‫ِب( وهي الشمس والقمر والنجوم )وَز َيَ ّ َ‬
‫ن المَلائِك َة َ بِ جـِبْر ِيلَ(‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫سم َاء َ ب ِالـكَوَاك ِ‬ ‫سب ْح َانَه ُ و َتَع َالَى ز َيَ ّ َ‬ ‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم إ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه ُ‬ ‫)وقَا َ‬
‫ن َ‬
‫الل ّيَال ِي بِلَيْلَة ِ‬ ‫ن الأي ّام َ بيَِو ْ ِم الجم ُُعَة ِ‪ ،‬وَز َيَ ّ َ‬
‫ح َمّدٍ صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وَز َيَ ّ َ‬ ‫ن الج َنَ ّة َ ب ِالحُورِ و َالقُصُورِ ‪ ،‬وَز َيَ ّ َ‬
‫ن الأن ْب ِيَاء َ بِم ُ َ‬ ‫فهو نقيب الملائكة )وَز َيَ ّ َ‬

‫ِيم( هذه عشرة‬ ‫ن َ‬


‫الر ّح ِ‬ ‫ن القُر ْآنَ بِبِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬ ‫ن الـكُت ُبَ ب ِالقُر ْآنِ‪ ،‬وَز َيَ ّ َ‬ ‫ن ال ُش ّه ُور َ ب ِش َ ْهرِ رَمَضَانَ‪ ،‬وَز َيَ ّ َ‬
‫ن المساجد َ بالـكَعْبَة ِ‪ ،‬وَز َيَ ّ َ‬ ‫الق َ ْدرِ‪ ،‬وَز َيَ ّ َ‬
‫أشياء مزينة بعشرة أشياء‪.‬‬
‫)‬
‫ن الـكُ ْفرِ والنفاقِ(‪ .‬وعن‬
‫ن الأب ْر َارِ( أي الصادقين )و َبر ِىء َ م ِ َ‬
‫ِيم كُت ِبَ اسْم ُه ُ م ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫ل ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫أبي وائل عن عبد الل ّٰه بن مسعود رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬من أراد أن ينجيه الل ّٰه من الزبانية التسعة عشر فليقل بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم‪ ،‬فإنها‬
‫ِيم‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫ل ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬ ‫تسعة عشر حرفا ليجعل الل ّٰه تعالى كل حرف منها جنة من واحد منهم‪) .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م ِنْ قَا َ‬

‫غَف َر َ الل ّٰه لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ( والمراد الصغائر‬
‫ِيم وَصَلَ ّى الل ّٰه عَلَى سَيِّدِنا مُحَم ّدٍ و َعَلَى‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذا قُم ْتُم ْ( أي من المجلس أي مجلس كان )فَق ُولُوا ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬

‫اس إذا اغْتَابُوك ُ ْم يَم ْن َعُه ُ ْم الملك ع َنْ ذالِكَ‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذا ج َلَسْتُم ْ َ‬
‫مج ْل ِسا( أي مجلس كان )فَق ُولُوا‬ ‫ن َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫س َل ّم َ فإ َ ّ‬
‫آله ِ وصَ ح ْبِه ِ و َ َ‬
‫ن الغ َيبة ِ ح ََت ّى لا‬ ‫ك و َ َكّ َ‬
‫ل الل ّٰه بِه ِ م َلَكا يَم ْنَعَه ُ ْم م ِ َ‬ ‫ل ذال َ‬ ‫س َل ّم فإ َ ّ‬
‫ن م َنْ ف َع َ َ‬ ‫ِيم وَصَلَ ّى الل ّٰه عَلَى سِيِّدِنا محمدٍ و َعَلى آله ِ و َصَ ح ْبِه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬

‫يَغْتَابُوكُمْ(‪.‬‬
‫وقد نظم بعض أهل العلم رضي الل ّٰه عنه المسائل التي تسن التسمية فيها فقال‪:‬‬
‫ل‬
‫ص ِ‬
‫ِص عَلَيْهَا و َأَ ْو ِ‬
‫حر ْ‬
‫َت فَا ْ‬ ‫ن جَ َ ّ‬
‫ل ج َلالُه ُ لَنَا شُرِع ْ‬ ‫و َت َ ْسمِي َة ُ َ‬
‫الر ّحْما ِ‬
‫ل‬
‫س ِ‬
‫طه ُورِ ل ِغ َا ِ‬‫ل ال ُ ّ‬
‫ل بِها ح َا َ‬
‫س ٍ‬ ‫ل و َال ُش ّر ِ‬
‫ْب َالل ّذَي ْ ِن تَج ََم ّلا وَغ َ ْ‬ ‫ك ِ‬‫كَذِي الأَ ْ‬
‫ل‬
‫خ ِ‬ ‫ُوب ج َاز َ فِي ال َش ّر ِْع فِعْلُه ُ عَلَى البَر ِّ أو في الب َحْ رِ َ‬
‫ثم ّ لِد َا ِ‬ ‫وَعِنْد َ رُك ٍ‬
‫ل‬
‫اب المَنَازِ ِ‬
‫ق لِب َ ِ‬ ‫سه ِ و َنَز ٍْع و َإغ ْلا َ ٍ‬
‫جدٍ أو بَي ْتِه ِ وَلِلُب ْ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫إلى م َ ْ‬
‫اح وَو َْطء ِ ح َلِيلَة ٍ لَه ُ وَصُع ُودِ مِن ْبَرٍ خَيْر ِ ح َام ِ ِ‬
‫ل‬ ‫و َإطْ ف َاء ِ م ِصْ ب َ ٍ‬

‫ل‬
‫خ ِ‬ ‫ض َ‬
‫ثم ّ لِد َا ِ‬ ‫ن المَرِح َا ِ‬
‫ُوج م ِ َ‬ ‫ْت ثم في ال َ ّلحْدِ َ‬
‫جعْله خُر ٍ‬ ‫ض مَي ٍ‬
‫و َتَغْمِي ِ‬

‫ل‬
‫ِيف عَاد ِ‬ ‫َف َ‬
‫الر ّحْمانُ تَشْر َ‬ ‫كعْبَة ٍ لَهَا شَر ُ‬
‫اف ب ِ َ‬ ‫وَعِنْد َ ابتداء ٍ لِل َ ّ‬
‫طو َ ِ‬

‫ل‬
‫ص ِ‬
‫ِيب المُوَا ِ‬
‫ِب ك َالحبَ ِ‬ ‫وَعِنْد َ وُضُوء ٍ ث َُم ّ عِنْد َ تَي ُمَ ّ ٍم و َ َ‬
‫نحْرٍ ف َوَاظ ْ‬
‫ل‪.‬‬
‫ض ِ‬ ‫و َبَعْد َ صَلاة ِ الل ّٰه َ‬
‫ثم ّ سلاَمِه ِ على المصطفى المختارِ خَيْر ِ الأفا ِ‬
‫}الباب الرابع‪ :‬في فضيلة الصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم{‬
‫قال بعض الصحابة لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬صلى الل ّٰه عشرا لمن صلى عليك مرة واحدة هل ذلك لمن كان حاضر القلب؟ قال‪:‬‬
‫الصّ لاة ِ عَل َيّ‪،‬‬
‫القلب وقتَ َ‬
‫ِ‬ ‫ل الجبال‪ ،‬والملائكة ُ ت َ ْدع ُو لَه ُ و َتَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ‪ ،‬و َأَ َمّا إذا كانَ حاضِر َ‬
‫ل‪ ،‬و َيُعْط ِيه ِ الل ّٰه أمثا َ‬
‫ل غاف ِ ِ‬
‫ص ٍّ‬
‫ل مُ َ‬
‫»لا‪ ،‬بَلْ لِك ُ ّ ِ‬
‫ك َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه تَع َالَى‪.‬‬ ‫فلا يَعْلَم ُ ق َ ْدر َ ذال َ‬
‫حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ عَش ْرا( رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ و َا ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬وفي صحيح مسلم عن عبد الل ّٰه بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاة ً‬
‫صَلَ ّى الل ّٰه عَليه ِ عَش ْرا« كذا ذكر النووي في الأذكار‪ ،‬أي وكلما زاد زاده فتلك النسبة‬
‫ت ح ََت ّى يُب َ َش ّر ُ لَه ُ ب ِالج َنَ ّة ِ( وفي رواية‪ :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ أل َْف م َ َّرة ٍ بُش ِ ّر َ ب ِالج َنَ ّة ِ‬ ‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ َ‬
‫ألف م َ َّرة ٍ لم يَم ُ ْ‬
‫قبل موته‪.‬‬
‫)‬
‫حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ بِهَا عَش ْرا‪ ،‬وَم َنْ صَلَ ّى عَل َيّ عَش ْرا صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ بِها مائَة ً‪ ،‬وَم َنْ صَلَ ّى‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م ِنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاة ً وا ِ‬
‫سه ُ َ‬
‫الن ّار ُ( أي نار جهنم وفي رواية لم يعذبه الل ّٰه بالنار‪ ،‬وفي رواية الطبراني قال‬ ‫عَل َيّ مائَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ بها أل ْفا‪ ،‬وَم َنْ صَلَ ّى عَل َيّ أل ْفا لم تَم َ ّ‬
‫حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ عَش ْرا‪ ،‬وَم َنْ صَلَ ّى عَل َيّ عَش ْرا صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ مائَة ً‪ ،‬وم َنْ صَلَ ّى‬
‫رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاة ً و َا ِ‬

‫الن ّار‪ ،‬وأسْ كَن َه ُ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ م َ َع ال ُش ّهَد َاءِ«‪.‬‬


‫ن َ‬ ‫ق و َب َر َاءَة ً م ِ َ‬ ‫عَل َيّ مائَة ً كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ ب َر َاءَة ً م ِ َ‬
‫ن الن ّفا ِ‬
‫ق الج َنَ ّة ِ( أراد النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم بالنسيان الترك عمدا‪ ،‬فإذا كان‬
‫الصّ لاَة َ عَل َيّ فَق َ ْد أَ خْ طَأَ َطرِ ي َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ نَسِي َ َ‬
‫التارك يخطىء طر يق الجنة كان المصلى عليه سالكا إلى الجنة فقد روي عن أبي هريرة أنه قال‪ :‬الصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫هي الطر يق إلى الجنة كذا ذكر السملاوي‪.‬‬
‫س بِي يَوْم َ الق ِيَامَة ِ أكْ ث َر ُه ُ ْم عَل َيّ صَلاَة ً( أي أقربهم مني في القيامة‪ ،‬وأحقهم بشفاعتي أكثرهم‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إن أوْلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫علي صلاة في الدنيا‪ ،‬لأن كثرة الصلاة عليه تدل على صدق المحبة وكمال الوصلة‪ ،‬فتكون منازلهم في الآخرة منه بحسب تفاوتهم في‬
‫ذلك رواه البخاري والترمذي وابن حبان عن ابن مسعود بأسانيد صحيحة‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬صَلات َُك ُ ْم عَل َيّ َ‬
‫مح ّاق َة ٌ( أي إذهاب لذنوبكم كما يمحق الماء النار كما قال أبو بكر الصديق رضي الل ّٰه عنه‪ :‬الصلاة‬
‫على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أمحى للذنوب من الماء لسواد اللوح‪.‬‬
‫)‬
‫محَا الل ّٰه ذ ُنُوبَه ُ ك َُل ّه َا( وعن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ في ك ُ ّ ِ‬
‫ل جُمُعَة ٍ أرْبَع ِينَ م َ َّرة ً َ‬
‫قال‪ :‬كنت واقفا بين يدي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال‪» :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ في ك ُ ّ ِ‬
‫ل جُمُعَة ٍ ثَمَانِينَ م َ َّرة ً غَف َر َ الل ّٰه تَع َالى لَه ُ ذ ُنُوبَ ثمانِينَ‬
‫ك َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ الأ ِم ّ ِيّ‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ عَبْدِك َ وَرَسُول ِ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫ل اللّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫سَن َة ً«‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول الل ّٰه كيف الصلاة عليك؟ قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬تَق ُو ُ‬
‫حدَة ً«‪ .‬ذكر ذلك سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني‪.‬‬ ‫و َتَعْقِد ُ و َا ِ‬
‫سماء ِ ِحج ٌ‬
‫َاب ح ََت ّى يُصَل ِ ّي َ عَل َيّ ‪ ،‬فإذا صَلَ ّى عَل َيّ انْ خ َر َقَ ذال ِ َ‬
‫ك الحِجَابُ وَر ُف ِـ َع‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا م ِنْ د ُعاء ٍ إلا بَي ْن َه ُ و َبَيْنَ ال َ ّ‬

‫ال ُد ّعَاءُ(‪ .‬وفي لفظ عن عليّ قال‪ :‬ما من دعاء إلا بينه وبين الل ّٰه حجاب حتى يصلي على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬فإذا صَلَ ّى تَخ ََر ّقَ الحِجَابُ‬
‫فَاستجيب‪ ،‬وإن لم يصل عليه لم يستجب الدعاء رواه الحسن بن عرفة‪.‬‬
‫خر َتِه ِ و َثَلاثِينَ مِنْهَا لِدُن ْيَاه ُ( رواه ابن‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ فِي يَو ْم مائَة َ م َ َّرة ٍ ق َض َى الل ّٰه لَه ُ مائَة َ ح َاجَة ٍ َ‬
‫سب ْع ِينَ مِنْهَا لآ ِ‬
‫النجار عن جابر‪.‬‬
‫)‬
‫ت ح ََت ّى يُب َ َش ّر ُ ب ِالج َنَ ّة ِ( وعن عبد الل ّٰه‬ ‫حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ وَم َلائِكَت ُه ُ عِشْر ِي َ‬
‫ن م َ َّرة ً و َل َ ْم يَم ُ ْ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ صَلاَة ً و َا ِ‬
‫ك أ ْو‬ ‫سب ْع ِينَ صَلاَة ً فَل ْيُق ِ َ ّ‬
‫ل م ِنْ ذال ِ َ‬ ‫حدَة ً صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ وَم َلائِكَت ُه ُ َ‬
‫بن عمرو بن العاص قال‪» :‬م َنْ صَلَ ّى عَلَى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم و َا ِ‬
‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلام ُ و َقَالَ‪ :‬يا‬ ‫جبْر ِي ُ‬
‫لِيُكْثِرْ« رواه الإمام أحمد بإسناد حسن موقوف‪ .‬وروي أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬ج َاءَنِي ِ‬
‫ن المَلائِكَة ِ«‪ .‬وروي أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ ص ََل ّ ْ‬
‫ت‬ ‫سب ْع ُونَ أل ْفا م ِ َ‬ ‫ك أحَدٌ َ‬
‫إلا ّ و َيُصَل ِّي عَلَيْه ِ َ‬ ‫ل الل ّٰه لا َيُصَل ِّي عَلَي ْ َ‬
‫رَسُو َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫إلا ّ صَلَ ّى عَلَيْه ِ«‪.‬‬


‫ض َ‬ ‫َات ولا في الأَ ْر ِ‬ ‫ق شيء في ال َ ّ‬
‫سماو ِ‬ ‫ت عَلَيْه ِ المَلائك َة ُ صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ‪ ،‬م َنْ صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ ل َ ْم يَب ْ َ‬
‫عَلَيْه ِ الملائِك َة ُ‪ ،‬وَم َنْ ص ََل ّ ْ‬
‫قال بعض الصوفية‪ :‬كان لي جار مسرف على نفسه لا يعرف يومه من أمسه من تعمقه في السكر‪ ،‬وكنت أعظه فلم يقبل‪ ،‬وأمرته‬
‫بالتوبة فلم يفعل‪ ،‬فلما مات رأيته في المنام وهو في أرفع مقام وعليه حلة خضراء من حلل الجنة لباس الإعزاز والإكرام فقلت له‪ :‬بم‬
‫نلت هذه المرتبة العظيمة؟ قال‪ :‬حضرت يوما مجلس الذكر‪ ،‬فسمعت العالم يقول من صلى على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ورفع صوته‬
‫وجبت له الجنة‪ ،‬ثم رفع العالم صوته بالصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ورفعت صوتي ورفع القوم أصواتهم فغفر لنا جميعا في ذلك‬
‫اليوم فكان نصيبي من المغفرة والرحمة أن جاد علي بهذه النعمة‪.‬‬
‫}الباب الخامس‪ :‬في فضيلة الإيمان{‬
‫وهو في اللغة تصديق القلب المتضمن للعلم بالمصدّق به‪ ،‬وهو في الشر يعة التصديق‪ ،‬وهو العلم بالل ّٰه وصفاته مع جميع الطاعات الواجبات‬
‫منها والنوافل‪ ،‬واجتناب الزلات والمعاصي‪ ،‬و يجوز أن يقال‪ :‬الإيمان هو الدين والشر يعة والملة‪ ،‬لأن الدين هو ما يدان به من الطاعات‬
‫مع اجتناب المحظورات والمحرمات‪ ،‬وذلك هو صفة الإيمان‪ .‬وأما الإسلام فهو من جملة الإيمان‪ ،‬وكل إيمان إسلام وليس كل إسلام‬
‫إيمانا‪ ،‬لأن الإسلام هو بمعنى الاستسلام والانقياد‪ ،‬فكل مؤمن مستسلم منقاد لل ّٰه تعالى‪ ،‬وليس كل مسلم مؤمنا بالل ّٰه‪ ،‬لأنه قد يسلم‬
‫مخافة السيف‪ ،‬فالإيمان اسم يتناول مسميات كثيرة أقوالا ًوأفعالاً‪ ،‬فيعم جميع الطاعات‪ ،‬والإسلام عبارة عن الشهادتين مع طمأنينة‬
‫القلب والعبادات الخمس كذا قاله سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني‪:‬‬
‫ل ب ِاللِّسَانِ( وهو النطق بالشهادتين‬
‫ْب و َقَو ْ ٌ‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الإيمانُ مَعْرِف َة ٌ( وفي رواية لابن ماجه أيضا يدل ذلك عقد )بالق َل ِ‬
‫ل بالأَ ْرك َانِ( والمراد أن الأعمال شرط في كمال الإيمان‪ ،‬وأن الإقرار اللساني يعرب عن التصديق النفساني‬
‫كما قاله القسطلاني )وع َم َ ٌ‬
‫كذا قاله العزيزي نقلا ًعن ابن حجر رواه ابن ماجه والطبراني عن علي‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪.‬‬
‫ن و َلِبَاسُه ُ َ‬
‫الت ّقْو َى( وهي تنز يه القلب عن الذنوب )وَزِينَت ُه ُ الحيََاءُ( أي من الل ّٰه تعالى في إتيان‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الإيمانُ ع ُْر ي َا ٌ‬
‫نهيه )وثَم َرَتُه العِلْم ُ( أي من العمل‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا إيمانَ لم َِنْ لا أم َانَة َ لَه ُ( أي فإن المؤمن من أمنه الخلق على أنفسهم وأموالهم‪ ،‬فمن خان وجار فليس‬
‫بمؤمن‪ .‬وأراد صلى الل ّٰه عليه وسلم نفي الـكمال لا الحقيقة رواه أحمد وابن حبان عن أنس‪.‬‬
‫)‬
‫سه ِ( رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب لِن َ ْف ِ‬ ‫ِب لأخِيه ِ م َا ُ‬ ‫ن أَ حَد ُكُمْ( إيمانا كاملا ً )ح ََت ّى ُ‬
‫يح َ ّ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا يُؤْم ِ ُ‬
‫والنسائي وابن ماجه عن أنس قال إبراهيم الشبرخيتي‪ :‬ووقع في رواية الإسماعيلي حتى يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه من الخـير‪،‬‬
‫والظاهر أن التعبير بالأخ المسلم جرى على الغالب‪ ،‬لأنه ينبغي لكل مسلم أن يحب للكافر الإسلام‪ ،‬وما يتفرع عليه من الـكمالات وقال‬
‫النووي في شرح الأربعين وابن العماد‪ :‬الأول أن يحمل ذلك على عموم الإخوة حتى يشمل الكافر والمسلم‪ ،‬فيحب لأخيه الكافر ما‬
‫يحب لنفسه من دخوله في الإسلام‪ ،‬كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام‪ ،‬ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحبا‪.‬‬

‫إلا ّ بِتمََا ِم الف َرَائ ِض و َال ُ ّ‬


‫سنَنِ( أي بأدائهما تأمين )و َلا َي َ ْفسُد ُ الإيمانُ‬ ‫ن‪ ،‬ولا يَت ُِم ّ الإيمانُ َ‬
‫ص ْدرِ المُؤْم ِ ِ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الإيمانُ في َ‬

‫َص فَرِ يضَة ً( أي واحدة )ب ِغَيْر ِ جُ ح ُودٍ( أي إنكار بفرضيتها )ع ُوق ِبَ عَلَيْها( أي على‬ ‫ض و َال ُ ّ‬
‫سنَنِ( أي بإنكارهما )فَم َنْ نَق َ‬ ‫َ‬
‫إلا ّ بِ جُحُودِ الف َرَائ ِ ِ‬
‫ترك تلك الفر يضة‪ ،‬أما إذا ترك فر يضة مع إنكار وجوبها فقد كفر )وَم َنْ أت ََم ّ الف َرَائ َِض( بأن أداها تامة )وَجَب َْت لَه ُ الج َنَ ّة ُ( ثم إذا أتم‬
‫السنن فقد زاد في مرتبته في الجنة والل ّٰه أعلم‪.‬‬
‫)‬
‫ُص و َلـِكنْ لَه ُ ح َ ّدٌ‪ ،‬أي تعر يف بذكر أفراد فروع الإيمان‪ ،‬فإ ْن نَق َ‬
‫َص في ح َ ّدِه( أي‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الإيمانُ لا يَز ِيد ُ و َلا يَنْق ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ك‬ ‫فإن نقص الإيمان فالنقص في حده لا في نفس الإيمان )و َأَ صْ لُه ُ( أي أصل حد الإيمان )شَه َادَة ُ أ ْن لا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه وَحْدُه ُ لا شَر ِي َ‬
‫لَه ُ وأ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ( والشهادة إخبار الشخص بحق على غيره بلفظ خاص‪ .‬وأركانها خمسة‪ :‬شاهد ومشهود له ومشهود عليه‬
‫ومشهود به‪ ،‬وصيغة‪ ،‬فالشاهد هو المسلم‪ ،‬والمشهود له هو الل ّٰه سبحانه وتعالى وسيدنا محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬والمشهود عليه هو المشرك‬
‫بالل ّٰه والمنكر لرسالة سيدنا محمد‪ ،‬والمشهود به ثبوت الألوهية والوحدانية لل ّٰه سبحانه وتعالى‪ ،‬وثبوت الرسالة لسيدنا محمد صلى الل ّٰه عليه‬
‫الصّ لاة ِ( أي الإتيان بها بأركانها وشروطها )وإيتَاء َ‬
‫الز ّك َاة ِ( أي إعطاؤها إلى‬ ‫وسلم‪ ،‬والصيغة هي لفظ أشهد أو ترجمته لا غير‪) .‬وإقَام َ َ‬
‫ُ‬
‫صوْم ُ رَمَضَانَ( أي إمساك طاهر من الحيض والنفاس عن شهوة الفم والفرج‪ ،‬وما‬
‫أهلها بإخراج جزء من المال على وجه مخصوص )و َ َ‬
‫يقوم مقامهما كالأنف واللمس المؤدي للفطر في جميع نهار رمضان بنية قبل الفجر )والح َ ُجّ ( لقوله صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م ِنْ ل َ ْم َ‬
‫تح ْبِسْه ُ‬
‫ل الجنََابَة ِ فَم َنْ ز َاد في‬
‫س ُ‬ ‫ح َاج َة ٌ‪ ،‬أي من مرض وظالم‪ ،‬و َل َ ْم يَح َُجّ وَلَه ُ جَمْعٌ‪ ،‬أي م َالٌ‪ ،‬فَل ْيَم ْ‬
‫ُت إ ْن شَاء َ يَه ُودِي ّا وإ ْن شَاء َ نَصْر َانيِ ّا« )وَغ َ ْ‬
‫َص ف ِيه ِ فف ِيه ِ( أي من نقص في حد الإيمان‪ ،‬فالنقص في حده قال السيوطي في النقابة‪:‬‬
‫حسَنَاتُه ُ وَم َنْ نَق َ‬
‫َت َ‬
‫ح َ ّدِه ِ( أي الإيمان )ز َاد ْ‬
‫والمؤمن الكامل في إيمانه من كملت فيه شعب الإيمان‪ ،‬ومن نقصت واحدة منها نقص في إيمانه بحسبها‪ ،‬وقد أجمع السلف على أن‬
‫الإيمان يزيد وينقص‪ ،‬وز يادته بالطاعات ونقصانه بالمعاصي‪ ،‬وشعب الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون‪ ،‬كما رواه الشيخان‪.‬‬
‫أو ست وسبعون أو سبع وسبعون كما في الحديث الذي رواه أبو عوانة‪ ،‬أو أربع وستون كما رواه الترمذي‪ .‬وقال سيدي الشيخ عبد‬
‫القادر الجيلاني‪ :‬ونعتقد أن الإيمان قول باللسان‪ ،‬ومعرفة بالجنان‪ ،‬وعمل بالأركان يزيد بالطاعة‪ ،‬وينقص بالعصيان‪ ،‬و يقوى بالعلم‬
‫و يضعف بالجهل‪ ،‬وبالتوفيق يقع كما روي عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي الدرداء أنهم قالوا‪ :‬الإيمان يزيد وينقص‪ ،‬وز يادة الإيمان‬
‫إنما تكون بعد التحقق بأداء الأوامر وانتهاء النواهي‪ ،‬وبالتسليم في القدر وترك الاعتراض على الل ّٰه عز وجل في فعله في جميع خلقه‪،‬‬
‫وترك الشك في وعده في الرزق وبالتوكل عليه والخروج من الحول والقوة والصبر على البلاء والشكر على النعماء والتنز يه للحق‪ ،‬وترك‬
‫التهمة له في سائر الأحوال‪ ،‬وأما بمجرد الصلاة والصيام‪ ،‬فلا يزيد الإيمان انتهى‪.‬‬
‫وقال الغزالي والعمل ليس من أجزاء الإيمان وأركان وجوده‪ ،‬بل هو مزيد عليه يزيد به‪ ،‬والزائد موجود والناقص موجود والشيء لا‬
‫يزيد بذاته‪ ،‬فلا يجوز أن يقال الإنسان يزيد برأسه‪ ،‬بل يقال‪ :‬يزيد بلحيته وسمنه‪ ،‬ولا يجوز أن يقال الصلاة تزيد بالركوع والسجود‪ ،‬بل‬
‫تزيد بالآداب والسنن‪ ،‬فهذا تصريح بأن الإيمان له وجود‪ ،‬ثم بعد الوجود يختلف حاله بالز يادة والنقصان‪.‬‬
‫ِصف في ال ُ ّ‬
‫شكْر ِ( أي العمل بالطاعات رواه البيهقي‬ ‫ف في َ‬
‫الصّ بْرِ( أي عن المحارم )و َن ٌ‬ ‫ن فَن ِصْ ٌ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الإيمانُ ن ِصْ ف َا ِ‬
‫عن أنس‪.‬‬
‫ك مُؤْمِنٌ( رواه البخاري وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة‪ ،‬والإمام أحمد عن‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم الإيمانُ قَيْد ُ الفَت ْكِ لا يَفْت ِ ُ‬
‫الزبير وعن معاو ية أي الإيمان يمنع من الفتك الذي هو القتل بعد الأمان غدرا‪ .‬قوله لا يفتك مؤمن خبر بمعنى النهي‪ ،‬أي لا يفتك‬
‫كامل الإيمان والفتك أن يأتي الرجل صاحبه‪ ،‬وهو غافل فيشد عليه فيقتله وأما الغيلة فهو أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي‪.‬‬
‫)‬
‫ل و َالجَف َاءِ( أي‬ ‫ق الل ّٰه الـكُفْر َ وَذ َ َمّه ُ بالبُخْ ِ‬‫سم َاحَة ِ و َالحيََاء ِ وَخ َل َ َ‬‫ق الل ّٰه الإيمَانَ وَحَقه ُ( أي زينه )وَمَدَح َه ُ بال َ ّ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬خ َل َ َ‬
‫العقوق‪.‬‬
‫ل ذ َ َرّة ٍ‬
‫ن النارِ م َنْ ك َانَ فِي قَل ْبِه ِ مِثْق َا ُ‬ ‫ج مِ َ‬ ‫يخ ْر ُ َ‬ ‫الن ّارِ َ‬
‫الن ّار َ‪ ،‬أم َرَ الل ّٰه تَع َالَى بأ ْن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل الج َنَ ّة ِ الج َنَ ّة َ‪ ،‬و َأَ ه ْ ُ‬
‫ل أه ْ ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذ َا دَخ َ َ‬
‫ن الإيمانِ( أي ز يادة على أصل التوحيد كما قاله القسطلاني‪ .‬وفي حديث البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الل ّٰه عليه‬ ‫مِ َ‬
‫ل‬ ‫خرِجُوا‪ ،‬أي م ِنْ َ‬
‫الن ّارِ م َنْ ك َانَ في قَل ْبِه ِ مِثْق َا ُ‬ ‫أي لِل ْمَلائِكَة ِ أ ْ‬ ‫الن ّار َ‪ ،‬ث َُم ّ يَق ُو ُ‬
‫ل الل ّٰه تَع َالى ْ‬ ‫الن ّارِ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل الج َنَ ّة ِ الج َنَ ّة َ‪ ،‬وأَ ه ْ ُ‬
‫ل أه ْ ُ‬
‫وسلم قال‪» :‬ي َ ْدخ ُ ُ‬

‫ل م ِنْ إيمانٍ‪ ،‬أي ز يادة على أصل التوحيد‪ ،‬فَي َخْ رُجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْ و َ ُدّوا‪ ،‬فَيُلْقَوْنَ في نَهْرِ الحيََا ب ِالقَصْر ِ أي المطر أو الحياة‬
‫ح ََب ّة ٍ م ِنْ خ َ ْرد َ ٍ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫بالمثناة آخره‪ ،‬وهو النهر الذي من غمس فيه حيي‪ ،‬فَيَن ْب ِت ُونَ كما تَن ْب ُتُ الح َِب ّة ُ بكسر الحاء‪ ،‬أي البقلة الحمقاء في ج َان ِِب ال َ ّ‬
‫سي ْ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫}الباب السادس‪ :‬في فضيلة الوضوء{‬


‫ن‬ ‫روي عن الضحاك عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه أنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ ولا امْرَأة ٍ تَو َ َ ّ‬
‫ضأَ ف َأحْ سَ َ‬
‫ل قَطْرَة ٍ‬
‫ق الل ّٰه تَع َالَى م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫ْف مِنْهَا مائَة َ دَرَجَة ٍ‪ ،‬وخ َل َ َ‬ ‫الوُضُوءَ‪ ،‬ث َُم ّ ق َرأَ َ بَعْدَه ُ إن ّا أن ْزَل ْنَاه ُ في لَيْلَة ِ الق َ ْدرِ إلى آخِرها إلا أَ ْعطَاه ُ الل ّٰه تَع َالى بِك ُ ّ ِ‬
‫ل حَر ٍ‬
‫قَطَر َْت م ِنْ وُضُوئِه ِ م َلَكا يَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ إلى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ‪ ،‬كذا في ر ياض الصالحـين«‪.‬‬
‫)‬
‫ج‬
‫يخ ْر ُ ُ‬ ‫الصّ لاة ِ َ‬
‫فإن ّه ُ َ‬ ‫ن الوُضُوء( بأن راعى شروطه وفروضه وآدابه‪) .‬ث َُم ّ قَام َ إلى َ‬ ‫ضأ َ‬
‫للصّ لاة ِ فأحْ سَ َ‬ ‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَو َ َ ّ‬
‫َ‬
‫خط ِيئَتِه ِ كَيَو ْ ِم وَلَدَت ْه ُ أ ُمّه ُ( أي فإنه لم يبق منه شيء من ذنوبه الصغيرة‪ ،‬كأنه في يوم خروجه من بطن أمه قوله‪ :‬كيوم مبني على‬ ‫م ِنْ َ‬
‫الفتح لإضافته إلى فعل مبني‪.‬‬
‫الصّ لاة ِ ال ُأ ْ‬
‫خر َى التي تليها وقال‬ ‫ك َ ّفر َالل ّٰه ذ ُنُوبَه ُ( والمراد الصغائر )ما بَي ْن َه ُ و َبَيْنَ َ‬
‫لصّ لاة ِ وَصَلَ ّى َ‬
‫ضأَ ل ِ َ‬
‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَو َ َ ّ‬
‫ك الليلة ِ فَه ُو َ عِنْد َ الل ّٰه شَه ِيدٌ( وفي الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إذا‬ ‫صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ نام َ عَلَى وُضُوء ٍ ف َأَ ْدرَك َه ُ الموتُ في تل َ‬
‫ك المنام َاتُ‬ ‫ن الب ُ ِ‬
‫لوغ‪ ،‬فتل َ‬ ‫ش ف َكان َْت ر ُؤ ياه ُ صَادِق َة ً‪ ،‬وإن ل َ ْم يَنَم ْ على طه َارَة ٍ ق َ َص ّر ْ‬
‫َت ر ُوح ُه ُ ع َ ِ‬ ‫حه ِ إلى العَر ْ ِ‬
‫ج ب ِر ُو ِ‬
‫نام َ العَبْد ُ على َطه َارَة ٍ عُر ِ َ‬
‫أضغاث أحلا ٍم لا تصدقُ «‪.‬‬
‫الن ّائ َم ُال َ ّ‬
‫طاه ِر ُ ك َالصا ِئ ِم الق َا ِئمِ( أي المصلي في الليل‪ ،‬أي في حصول الأجر‪ ،‬وإن اختلف المقدار رواه الحكيم‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الترمذي عن عمر بن حريث‪ .‬وإسناده ضعيف كذا في السراج المنير‪.‬‬
‫ط ْهرٍ( أي جدد وضوءه‪ ،‬وهو على طهر الوضوء الذي صلى به فرضا أو نفلاً‪ ،‬فإن لم يصل‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَو َ َ ّ‬
‫ضأَ عَلَى ُ‬
‫ات( أي بالوضوء المجدد رواه أبو داود‬
‫حسَن َ ٍ‬
‫بالوضوء الأول صلاة ما‪ ،‬فلا يستحب تجديد الوضوء )كُت ِبَ لَه ُ( بالبناء للمفعول )عَشْر ُ َ‬
‫والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر قال الترمذي‪ :‬إسناده ضعيف قوله كتب له عشر حسنات‪ :‬قال بعضهم‪ :‬يشبه أن يكون المراد كتب‬
‫الل ّٰه به عشر وضوءات‪ ،‬فإن أقل ما وعد به الل ّٰه من الأضعاف الحسنة بعشرة أمثالها‪ ،‬وقد وعد الل ّٰه بالواحد سبعمائة ووعد ثوابا بغير‬
‫حساب‪ ،‬وقد يؤخذ من قوله توضأ أن الغسل لا تجديد فيه كالتيمم وهو الأصح‪.‬‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا صَلاة َ( صحيحة )لم َِنْ لا وُضُوء َ لَه ُ و َلا َ وُضُوءَ( كاملا ً )لم َِنْ ل َ ْم ي َ ْذكُر ِ اسْم َ الل ّٰه عَلَيْه ِ( رواه أحمد وأبو داود‬
‫وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة وابن ماجه عن سعيد بن زيد‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الوُضُوء ُ َ‬
‫شطْر ُ الإيمانِ( رواه ابن أبي شيبة عن حسان بن عطية‪ ،‬وفي رواية لغيره الطهور بضم الطاء شطر‬
‫الإيمان‪ ،‬أي وذلك لأن الإيمان يطهر نجاسة الباطن والوضوء يطهر نجاسة الظاهر‪.‬‬
‫)مرة( أي واحدة في كل عضو‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬صبغة الوضوء( بكسر الصاد وسكون الموحدة ثم الغين أي أصل الوضوء َ ّ‬
‫جر ِ وَم َنْ تَو َ َ ّ‬
‫ضأَ ثلاثا فَه ُو َ( أي الوضوء المكرر ثلاثا )وُضُوء ُ الأن ْب ِيَاء‬ ‫ن الأ ْ‬
‫كفْلان( بكسر الكاف أي ضعفان )م ِ َ‬ ‫)فَم َنْ تَو َ َ ّ‬
‫ضأَ م َ َّرتَيْنِ كانَ لَه ُ ِ‬
‫الصّ لاَة َ َ‬
‫إلا ّ به ِ‪ ،‬وتوضأ مرتين مرتين وقال‪:‬‬ ‫ل الل ّٰه َ‬
‫م ِنْ قَبْل ِي( وفي الأحياء‪ :‬وتوضأ صلى الل ّٰه عليه وسلم مرة مرة وقال‪» :‬هاذ َا وُضُوء ٌ لا يَقْب َ ُ‬
‫ن إ ب ْر َاه ِيم َ‬ ‫ل َ‬
‫الر ّحْما ِ‬ ‫جرَه ُ م َ َّرتَيْنِ وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال‪ :‬هاذ َا وُضُوئِي وَو ُضوء ُ الأنبياء ِ م ِنْ قَبْل ِي‪ ،‬وَوُضُوء ُ خ َلِي ِ‬ ‫م َنْ تَو َ ّ‬
‫ضأ م َ َّرتَيْنِ م َ َّرتَيْنِ آتاه ُ الل ّٰه أَ ْ‬
‫عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلام ُ«‬
‫ل الل ّٰه صَلاَة َ أحَدِكُمْ( والمراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة‪ ،‬وهو الإجزاء وحقيقة القبول ثمرة وقوع‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا يَقْب َ ُ‬
‫الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة‪ ،‬ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الإجزاء الذي القبول ثمرته عبر عنه بالقبول مجازا‪ ،‬وأما القبول المنفي‬
‫في مثل قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬من أتى عرافا لم تقبل له صلاة‪ ،‬فهي الحقيقي لأنه قد يصح العمل‪ ،‬و يختلف القبول لمانع كذا في‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫السراج المنير‪ ،‬وفي لفظ لا تصح صلاة أحدكم )إذا أحْد َثَ ح ََت ّى يَت َو َ ّ‬
‫ضأَ ( أي بالماء أو ما يقوم مقامه رواه البخاري ومسلم وأبو داود‬
‫والترمذي‪ ،‬وابن ماجه عن أبي هريرة‪.‬‬
‫)‬
‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الوُضُوء ُ عَلَى الوُضُوء ِ نُور ٌ عَلى نُورٍ( أي تجديد الوضوء حسنة على حسنة قال ابن حجر‪ :‬هو مسند رزين رحمه‬
‫وقَا َ‬
‫الل ّٰه‪ ،‬ولم يطلع عليه المنذري كذا في البدر المنير للشيخ عبد الوهاب بن أحمد الأنصاري‪ .‬وفي الأحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ‬

‫ج م ِنْ ذ ُنُوبِه ِ كَيَو ْ ِم وَلَدَت ْه ُ ُأ ُمّه ُ«‪ ،‬وفي لفظ آخر‪» :‬و َل َ ْم‬ ‫ِث ن َ ْفسَه ُ ف ِيهِم َا ب ِشَيْء ٍ م ِ َ‬
‫ن ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬خَر َ َ‬ ‫ن الوُضُوء َ وَصَلَ ّى رَكْ ع َتَيْنِ ل َ ْم يُح َ ّد ْ‬ ‫تَو َ َ ّ‬
‫ضأ ف َأَ حْ سَ َ‬
‫ي َ ْسفُه ْ ف ِيهِم َا غُف ِر َ لَه ُ ما تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ«‪.‬‬
‫}الباب السابع‪ :‬في فضيلة السواك{‬
‫ق الع َانَة ِ‪،‬‬
‫ِب‪ ،‬وَح َل ْ ُ‬ ‫طهاراتُ أَ رْبَعٌ‪ :‬ق ُ َّص ال َ ّ‬
‫ش ار ِ‬ ‫أي الخلال روي عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬ال َ ّ‬
‫سِوَاك ُ« رواه البزار والطبراني عن أبي الدرداء‪.‬‬
‫و َتَقْل ِيم ُ الأظْ ف َارِ‪ ،‬وال ّ‬
‫سب ْع ِينَ رَكْ ع َة ً ب ِغَيْر ِ سِوَاكٍ( رواه الدارقطني عن أم الدرداء‬
‫ك خَيْر ٌ م ِنْ َ‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬رَكْ ع َتَانِ( أي صلاة ركعتين )بِسِوَا ٍ‬
‫وإسناده حسن‪ ،‬أي لما فيه من الفوائد التي منها طيب رائحة الفم‪ ،‬وتذكر الشهادة عند الموت‪ ،‬قال المناوي‪ :‬لا دليل في هذا الحديث‬
‫على أفضلية السواك على الجماعة التي هي بسبع وعشرين درجة‪ ،‬لأن الدرجة متفاوتة المقدار انتهى‬
‫سِوَاك م َ ْطه َرَة ٌ( بفتح الميم أفصح من كسرها مصدر بمعنى اسم الفاعل أي مطهر )لِلْفَمِ( أو‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تَس َ َو ّكُوا فإ َ ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫بمعنى الآلة‪ :‬أي آلة تنظفه كما أفاده العزيزي )م َْرضَاة ٌ ل ِ َلر ّ ِّ‬
‫ب( رواه ابن ماجه‪ ،‬وهو بفتح الميم بمعنى اسم الفاعل‪ ،‬أي مرض للرب‪ .‬قال‬
‫العلقمي‪ :‬سئل ابن هشام عن هذا الحديث كيف أخبر عن المذكر بالمؤنث‪ ،‬فأجاب ليست التاء في مطهرة للتأنيث‪ ،‬وإنما هي مفعلة‬
‫الدالة على الـكثرة‪ ،‬كقوله الولد مبخلة مجبنة‪ ،‬أي محل لتحصيل البخل والجـبن لأبيه بكثرة‪.‬‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬س َِت ّة ٌ م ِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ( وفي لفظ من سنن الأنبياء‪ ،‬أي من طر يقتهم أي من طر يقة غالبهم )الحيََاءُ( بمثناة‬
‫سِواك ُ( أي استعماله‬
‫تحتية والمد وهو تغير يعتري الإنسان من كل عمل لا يحسن شرعا )والحِلْم ُ( أي سعة الصدر والتحمل )والحِجَام َة ُ وال ّ‬
‫)والت ّع َ ُ ّ‬
‫طر ُ( أي استعمال الطيب‪ ،‬لأن حظ الملائكة من البشر الريح الطيب وهم مخالطون للرسل‬ ‫َ‬ ‫و يحصل بكل خشن وأولاه الأراك‬

‫كثْرَة ُ الأَ ْزو ِ‬


‫َاج( أي بالجمع لأنه لا يخاف عليهم الجور للنساء‪ .‬وقال المناوي‪ :‬والصواب كما قاله جماعة بدل الحياء الختان بخاء معجمة‬ ‫)و َ َ‬
‫ومثناة فوقية ونون‪ ،‬والمراد أن هذه الخصال من سنن غالب الرسل من البشر‪ ،‬وإلا فنوح لم يخـتن‪ ،‬وعيسى لم يتزوج‬
‫ِيب(‬
‫ط ِ‬ ‫سِواك ُ وَم ُ َّس ال ّ‬
‫ل يَوْم َ الجم ُُعَة ِ وال ّ‬
‫س ُ‬
‫سلِمٍ( أي فعلهن مندوب ندبا مؤكدا عليه )الغ ُ ْ‬
‫ل مُ ْ‬
‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ثَلاث ََة ٌ واجِب َة ٌ عَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫)و َقَا َ‬
‫ث ه َُنّ‬
‫أي يوم الجمعة‪ ،‬وإن كان ذلك مطلوبا في غيره أيضا‪ ،‬وروي عن عائشة رضي الل ّٰه عنها أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬ثَلا َ ٌ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫سِوَاك ُ و َالوِت ْر ُ و َق ِيَام ُ َ‬
‫الل ّي ِ‬ ‫عَل َيّ فَرِ يضَة ٌ‪ ،‬و َه َُنّ لـكم س َُن ّة ٌ ال ّ‬
‫ق القُر ْآنِ( وفي حديث رواه الطبراني عن‬ ‫ك َ‬
‫فإن ّه ُ َطرِ ي ُ‬ ‫سِوا ِ‬
‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬طَي ِّب ُوا أف ْوَاهَكُمْ( أي بإزالة الرائحة الـكريهة منها )بال ّ‬
‫)و َقَا َ‬
‫ابن مسعود بإسناد حسن‪ ،‬تَخَل ّلُوا ف َ َإن ّه ُ نَظَاف َة ٌ‪َ ،‬‬
‫والن ّظَاف َة ُ ت َ ْدع ُو إلى الإيمانِ‪ ،‬والإيمانُ م َ َع صَاحِبه ِ‪ ،‬أي في الجنة والمعنى‪ :‬أخرجوا ما بين‬
‫جذ ِ‬ ‫اب و َ‬
‫َالن ّوَا ِ‬ ‫ص َح ّة ٌ ل ِ َلن ّ ِ‬
‫الأسنان من الطعام بالخلال‪ ،‬فإن ذلك نظافة للفم والأسنان‪ ،‬وفي رواية‪ ،‬ف َ َإن ّه ُ م َ َ‬
‫)‬
‫طعا ِم( أي من آثار الطعام بإخراج‬‫حم َ الل ّٰه المُت َخَلِّلينَ م ِنْ أ َمّتِي في الوُضُوءِ( أي والغسل أي في شعورهم )و َال َ ّ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ر َ ِ‬
‫ما بقي منه بين الأسنان‪ ،‬وفي هذا الحديث ندب تخليل الشعور في الطهارة‪ ،‬وتخليل الأسنان من آثار الطعام‪ ،‬دعا صلى الل ّٰه عليه وسلم‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫لهم بالرحمة لاحتياطهم في العبادة‪ ،‬فيتأكد الاعتناء به للدخول في دعوة رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم رواه القضاعي عن أبي أيوب‬
‫الأنصاري‪ ،‬وهو حديث حسن‪.‬‬
‫َ‬
‫)والر ّيحانِ( وهو كل نبات طيب الريح‪ ،‬ولـكن إذا أطلق‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا َتَتَخَل ّلُوا ب ِالآسِ( بمد الهمزة هو شجر عطر الرائحة‬
‫َب( بفتحتين كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا )ف َ َإن ّه ُ( أي التخلل بذلك المذكور‬
‫عند العامة انصرف إلى نبات مخصوص )والقَص ِ‬
‫)يُورِثُ الإكل َة َ( بكسر الهمزة‪ ،‬أي الحكة حتى ٺتساقط الأسنان‬
‫سب ْع ِينَ صَلاَة ً( أي من صلوات كثيرة )بِغَيْر ِ سِوَاكٍ( رواه البيهقي وغيره وصححه‬
‫ك خَيْر ٌ م ِنْ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬صَلاَة ٌ بِسِوا ٍ‬
‫الحاكم‪ ،‬فالسبعون للتكثير لا للتحديد كما أفاده العزيزي‪.‬‬
‫خشِيتُ أَ ْن ي َ ْدر َ ْد َ ّ‬
‫ن( بفتح الراء والنون المثقلة )أسْ نَانِي( أي أن تسقط‬ ‫ك ح ََت ّى َ‬
‫سِوا ِ‬
‫ل يُوصيني بال ّ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ل ِ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا ز َا َ‬
‫أسناني‪ ،‬وفي لفظ وأوصاني جبر يل بالسواك حتى خشيت لأدردن‪ ،‬وفي لفظ آخر أمرني بالسواك حتى خفت لأدردن‪ ،‬أي حتى ظننت‬
‫سقوط أسناني‪.‬‬
‫ك ح ََت ّى ِ‬
‫خفْتُ عَلَى أسْ نَانِي( رواه الطبراني عن ابن عباس‪.‬‬ ‫سِوَا ِ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أمرت( بالبناء للمفعول )بال ّ‬
‫}الباب الثامن‪ :‬في فضيلة الأذان{‬
‫ن قَو ْلا ً م َِم ّنْ د َعا إلى الل ّٰه و َعم ِ َ‬
‫ل صَالِ حا{ ]فصلت‪ [٣٣ :‬نزلت هذه الآية في المؤذنين‪.‬‬ ‫وقيل في تفسير قوله عز وجل‪} :‬وَم َنْ أحْ سَ ُ‬
‫)‬
‫ن َ‬
‫الن ّارِ( رواه الترمذي وابن‬ ‫مح ْتَسِبا( أي من غير أجرة )كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ ب َر َاءَة ً م ِ َ‬
‫سب ْ َع سِنينَ ُ‬ ‫قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أَ َذّنَ َ‬
‫للصّ لاَة ِ َ‬
‫ماجه عن ابن عباس‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أَ َذّنَ ثن ْتي ع َشَر َة سَن َة ً( أي محتسبا )وَجَب َْت لَه ُالج َنَ ّة ُ( رواه ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر‪ .‬وحكمة ذلك‬
‫أن أكثر ما يعمر الإنسان من أمة النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم مائة وعشرون سنة‪ ،‬والاثنتا عشرة هذه عشر هذا العمر‪ ،‬ومن سنة الل ّٰه أن‬
‫العشر يقوم مقام الكل كما قال الل ّٰه تعالى‪} :‬م َنْ ج َاء َ ب ِالْحَسَنَة ِ فلََه ُ عَشْر ُ أَ مْثَالِهَا{ ]الأنعام‪ [٠٦١ :‬وأما حديث من أذن سبع سنين‪ ،‬فإنها‬
‫عشر العمر الغالب كذا قال بعض المحدثين‪.‬‬
‫وات إيمَانا( أي تصديقا بأن الأذان من أمور الشر يعة )واحْتِسَابا( أي طلبا للأجر من‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أَ َذّنَ خَم َ‬
‫ْس صَل َ ٍ‬
‫الل ّٰه تعالى )غُف ِر َ لَه ُ( بالبناء للمفعول )م َا تَق َ َ ّدم َ من ذنبه( أي من الصغائر رواه البيهقي عن أبي هريرة بإسناد ضعيف‪ .‬والخمس صادقة‬
‫بأن تكون من يوم وليلة أو من أيام‪.‬‬
‫)‬
‫َاب القِبْر ِ ال َش ّه ِيد ُ( وهو يصدق على شهيد الآخرة فقط كمن قتل ظلما‪ ،‬ولو‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ثَلاث ََة ٌ يَعْصِ مُهُم ُ الل ّٰه تَع َالَى م ِنْ عَذ ِ‬
‫بحسب الهيئة كمن استحق القتل بقطع الرأس‪ ،‬فقتل بالتوسط مثلاً‪ ،‬ومن مات بغرق وإن عصى فيه‪ ،‬بنحو شرب خمر بخلاف من غرق‬
‫بسير سفينة في وقت هيجان الريح‪ ،‬فليس بشهيد‪ ،‬ومن مات بهدم أو حر يق‪ ،‬ومن مات غريبا ًوإن عصى بغربته كآبق وناشزة‪ ،‬ومن‬
‫مات في طلب العلم ولو على فراشه‪ ،‬ومن مات مبطونا‪ ،‬ومن مات بالطاعون ولو في غير زمنه أو بغيره في زمنه أو بعده حيث كان‬
‫صابرا محتسبا‪ ،‬ومن مات عشقا بشرط الـكف عن المحارم حتى عن النظر‪ ،‬بحيث لو اختلى بمحبوبه لم يتجاوز الشرع‪ ،‬وبشرط الـكتمان‬
‫حتى عن معشوقه‪ ،‬وكالمرأة التي ماتت طلقا‪ ،‬ولو من زنى إذا لم ٺتسبب في إسقاط الولد وكذا من مات فجأة أو في دار الحرب قاله‬
‫ابن الرفعة‪ .‬ومعنى الشهادة لهم أنهم أحياء عند ربهم يرزقون كما قاله الحصني و يصدق أيضا على شهيد الدنيا والآخرة معا‪ ،‬وهو من‬
‫مات بسبب من أسباب قتال المشركين لإعلاء دين الل ّٰه لا لر ياء وسمعة بخلاف شهيد الدنيا فقط‪ ،‬فلا يدخل في هذا الحكم وهو من‬
‫مات في قتال الـكفار مدبرا على وجه غير مرضي شرعا‪ ،‬أو مات بقتالهم ر ياء وسمعة‪) .‬والمُؤَذِّنُ( أي لوجه الل ّٰه تعالى لا لطلب أجر من‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫أحد )والمُت َوفَ ّى( بفتح الفاء )يَو ْم الجم ُُعَة ِ و َلَيْلَة َ الجم ُُعَة ِ( قال بعضهم‪ :‬فمن مات من المؤمنين يوم الجمعة أو ليلته إن عذب كان عذابه ساعة‬
‫واحدة‪ ،‬ثم ينقطع ولا يعود إلى يوم القيامة‪ ،‬وكذلك ضغطة القبر والل ّٰه أعلم‪.‬‬
‫)‬
‫ف الأ َ ّولِ(‬ ‫َ‬
‫)والصّ ّ ِ‬ ‫اس( وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم )م َا فِي الن ِّداءِ( أي التأذين‬ ‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لَو ْ يَعْلَم َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫و َقَا َ‬
‫أي من الفضل )ث َُم ّ ل َ ْم َ‬
‫يجِد ُوا( وفي رواية لا يجدوا بلا النافية‪ ،‬و بحذف نون الرفع‪ ،‬وهو ثابت لغة )إلا أَ ْن ي َ ْستَهِم ُوا( بتخفيف الميم )عَلَيْه ِ(‬
‫أي المذكور من الأذان والصف الأول )لاسْ تَهَم ُوا( والمعنى لو علموا فضيلة الأذان‪ ،‬والصف الأول وعظيم جزائهما‪ ،‬ثم لا يجدون‬
‫طر يقا يحصلونهما به لضيق الوقت‪ ،‬أو لـكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيلهما )و َلَو ْ يَعْلَم ُونُ ما في ال َتّه ْجير ِ( أي التبكير‬
‫والصّ ب ِْح( أي ما‬
‫بأي صلاة كان ولا يعارضه أمر الإبراد للظهر‪ ،‬لأنه تأخير قليل )لاستبقوا إليه( أي التهجير )و َلَو ْ يَعْلَم ُونَ م َا فِي الع ِتمَة ِ ُ‬
‫حب ْوا( بفتح الحاء وسكون الموحدة‪ ،‬أي ولو كان الإتيان مشيا على الركب‬
‫في صلاة العشاء والصبح في جماعة من الثواب )لأتوهُمَا و َلَو ْ َ‬
‫واليدين رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داود عن أبي هريرة‪.‬‬
‫)‬
‫ل م َْرحبا بِذِكْر ِ‬
‫ضعَ( أي الإبهامين )عَلَى عَي ْني ْه و َقا َ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ سَم ِـ َع النِّد َاءَ( أي الأذان )فَق ََب ّ َ‬
‫ل إ بْهَامَيْه ِ( أي بالفم )ف َو َ َ‬
‫شف ِيع ُه ُ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ و َقَائِدُه ُ إلى ال َجن ّة ِ و َقَا َ‬
‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذ َا ك َانَ( أي جاء )و َق ْتُ‬ ‫ل الل ّٰه‪ ،‬فأن َا َ‬
‫ك ي َا رَسُو َ‬ ‫الل ّٰه تَع َالى ق ُرة أعْيُن ِنَا ب ِ َ‬

‫سم َاء ِ و َاسْ ت ُجيبَ ال ُد ّعَاء ُ وإذا ك َانَ و َق ْتُ الإقَامَة ِ ل َ ْم ت َرُدّ دَعْوَتُه ُ( قال النووي في الأذكار روينا عن أنس قال‪:‬‬ ‫َت أب ْوَابُ ال َ ّ‬ ‫ن فُتِح ْ‬
‫الأَ ذ َا ِ‬
‫قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة« رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن السني وغيرهم‪ .‬وزاد‬

‫الترمذي في روايته قالوا‪ :‬فماذا نقول يا رسول الل ّٰه؟ قال‪» :‬سَلُوا الل ّٰه الع َاف ِي َة َ فِي ال ُد ّن ْيَا والآ ِ‬
‫خرَة ِ« اهـ‪.‬‬
‫محَا‬
‫حسَنَة ٍ‪ ،‬و َ َ‬
‫لوات و َأَ ه ْلاً‪ ،‬كَت َبَ الل ّٰه تَع َالى لَه ُأَ ل َْف َ‬
‫ِ‬ ‫ن م َرحَبا بالق َائِلينَ عَدْلاً‪ ،‬م َرحَبَا َ‬
‫بالصّ‬ ‫ْ‬ ‫ل عِنْد َ الأَ ذا ِ ْ‬
‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫)وقا َ‬

‫ن ال ُ ّ‬
‫سجُودِ‬ ‫ل المُؤَذِّنُ ف َ َإن ّه ُ يُم ْن َ ُع م ِ َ‬ ‫عَن ْه ُ أَ ل َْف سَي ِّئَة ٍ‪ ،‬وَر َف َ َع لَه ُ أَ ل َْف دَرَجَة ٍ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ سَم ِـ َع الأَ ذ َانَ و َل َ ْم يَق ُلْ مِث ْ َ‬
‫ل م َا قَا َ‬
‫يَوْم َ الق ِيَامة ِ إذ َا سَ جَد َ المُؤَذِّنُونَ(‪.‬‬
‫ل المُؤَذِّنُ« رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي‬
‫ل م َا يَق ُو ُ‬
‫وروي أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬إذ َا سَمِعْتُم ُ الن ِّداء َ فَق ُولُوا مِث ْ َ‬
‫وابن ماجه‪ .‬قال المناوي‪ :‬إجابة المؤذن مندوب‪ .‬وقيل واجب‪ .‬قوله ما يقول‪ ،‬ولم يقل مثال ما قال الماضي ليشعر بأنه يجيبه بعد‬
‫كل كلمة‪ ،‬ولم يقل مثل ما تسمعون إيماء إلى أنه يجيبه في الترجيع‪ ،‬أي وإن لم يسمع‪ .‬قوله مثل ما يقول المؤذن ظاهره أنه يقول مثل‬
‫قوله في جميع الكلمات‪ ،‬لـكن وردت أحاديث باستثناء حي على الصلاة وحي على الفلاح‪ ،‬وأنه يقول بينهما لا حول ولا قوة إلا بالل ّٰه‪،‬‬
‫وهذا هو المشهور عند الجمهور‪ ،‬وعند الحنابلة وجه أنه يجمع بين الحيعلة والحوقلة‪ .‬وقال الأذرعي‪ :‬وقد يقال الأولى أن يقولهما كذا‬
‫قاله العزيزي نقلا ًعن العلقمي‪ ،‬ثم قال العزيزي قلت‪ ،‬وهو الأولى للخروج من خلاف من قال به من الحنابلة‪ ،‬وأكثر الأحاديث على‬
‫الإطلاق انتهى‪.‬‬
‫وقال النووي في الأذكار إذا سمع المؤذن أو المقيم وهو يصلي لم يجبه في الصلاة‪ ،‬فإذا سلم منها أجابه كما يجيبه من لا يصلي‪ ،‬فلو أجابه‬
‫في الصلاة كره‪ ،‬ولم تبطل صلاته‪ ،‬وهكذا إذا سمعه وهو على الخلاء لا يجيبه في الحال‪ ،‬فإذا خرج أجابه فأما إذا كان يقرأ القرآن أو‬
‫يسب ِّح أو يقرأ حديثا أو علما آخر أو غير ذلك‪ ،‬فإن يقطع جميع هذا و يجيب المؤذن‪ ،‬ثم يعود إلى ما كان فيه‪ ،‬لأن الإجابة تفوت‪ ،‬وما‬
‫هو فيه لا يفوت غالبا‪ ،‬وحيث لم يتابعه حتى فرغ المؤذن يستحب أن يتدارك المتابعة ما لم يطل الفصل اهـ‪.‬‬
‫)‬
‫إلا ّ ظِلُ ّه ُ إمام ٌ عَادِلٌ( أي أهل مملـكته )وَم ُؤَذِّ ٌ‬
‫ن ح َاف ٌِظ( قال سيدي‬ ‫ل َ‬ ‫ش يَوْم َ لا َ ظِ َ ّ‬ ‫الن ّب ُيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم ثَلاث ََة ٌ في ظِ ّ ِ‬
‫ل العَر ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫و َقَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الشيخ عبد القادر الجيلاني‪ :‬و يجب على المؤذن الاحتراز عن اللحن في الشهادتين‪ ،‬و يكون عارفا بالأوقات‪ ،‬وأن لا يؤذن إلا بعد دخول‬
‫الوقت إلا في الفجر خاصة‪ ،‬و يحتسب بأذانه وجه الل ّٰه تعالى‪ ،‬ولا يأخذ على أذانه جزاء‪ ،‬ويستقبل القبلة بوجهه في التكبير والشهادتين‪،‬‬
‫و يولي وجهه يمينا وشمالا ًفي الدعاء إلى الصلاة‪ ،‬وإذا أذن لصلاة المغرب جلس بين الأذان والإقامة جلسة خفيفة‪ ،‬و يكره له أن يؤذن‬
‫ل لَيْلَة ٍ مائَت ْي آية( قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني‪ :‬ويستحب أن لا ينام حتى‬
‫ن يَقْرأ في ك ُ ّ ِ‬
‫وهو جنب أو محدث )و َقَارِىء ُ القُر ْآ ِ‬
‫يقرأ ثلاثمائة آية ليدخل في زمرة الع َابدين‪ ،‬ولا يكتب من الغافلين فليقرأ سورة الفرقان والشعر‪ ،‬فإن فيهما ثلاثمائة آية‪ ،‬وإن لم يحسنهما‬
‫قرأ سورة الواقعة ونون والحاقة وسورة الواقعة‪ ،‬أي سأل سائل والمدثر‪ ،‬فإن لم يحسنهن فليقرأ سورة الطارق إلى خاتمة القرآن‪ ،‬فإنها‬
‫ثلاثمائة آية‪ ،‬فإن قرأ مقدار ألف آية كان أحسن‪ ،‬وأكمل للفضل‪ ،‬وكتب له قنطار من الأجر‪ ،‬وكتب من القانتين وذلك من سورة‬
‫}تَبَارَك َ الّذي بيَِدِه ِ الملُْكُ{ ]الملك‪ [١ :‬إلى خاتمة القرآن‪ ،‬فإن لم يحسنها فليقرأ مائتين وخمسين مرة }ق ُلْ ه ُو َ الل ّٰه أحَدٌ{ ]الإخلاص‪[١ :‬‬
‫ل ال َ ّ‬
‫سجْدَة ِ{ ]السجدة‪[١ :‬‬ ‫فإن مجموعها ألف آية أي وذلك مع البسملة‪ ،‬وينبغي أن لا يدع قراءة أربع سور في كل ليلة }الم? تَنْز ِي ُ‬
‫وسورة يس? وحم? الدخان ـ وتبارك‪ ،‬وإن قرأ معها سورة المزمل والواقعة كان أحسن‪ .‬كان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم لا ينام حتى‬
‫ك وفي خبر آخر حتى يقرأ سورة بني إسرائيل ـ والزمر‪ ،‬وفي خبر آخر حتى يقرأ المسبحات‪ ،‬و يقال فيها آية أفضل‬
‫يقرأ السجدة و َتَبَارَك َ الملُ ْ ُ‬
‫من مائة ألف آية‪.‬‬
‫}الباب التاسع‪ :‬في فضيلة صلاة الجماعة{‬
‫)‬
‫ل َ‬
‫الصّ لاَة َ م َ َع الجم ََاعَة ِ و َلَو ْ‬ ‫ص ِّ‬
‫وعن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬أوصاني حبيبي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال لي‪ :‬يا أب َا ه ُر َي ْرَة َ َ‬
‫س وَعِش ْرين صَلاة ً في غَيْر َ الجم ََاعَة ِ( كذا في ر ياض الصالحـين‬
‫ل صَلاة ٍ م َ َع الجم ََاع َة ثَوَابَ خَم ْ ٍ‬
‫ك بِك ُ ّ ِ‬ ‫كن ْتَ ج َال ِسا‪ ،‬فإ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه تَع َالَى يُعْط ِي َ‬ ‫ُ‬

‫الت ّطو ّ ِِع في البَي ِ‬


‫ْت‬ ‫ل صَلاة ِ َ‬
‫ْس وَعِشْر ُونَ دَرَج َة ً و َف َضْ ُ‬
‫ل وَحْده خَم ٌ‬ ‫ل صَلاَة ِ الجم ََاعَة ِ عَلى صَلاة ِ َ‬
‫الر ّج ُ ِ‬ ‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ف َضْ ُ‬
‫ل صَلاة ِ الجم ََاعَة ِ عَلَى صَلاة ِ المُنْف َردِ( رواه ابن السكن عن ضمرة عن أبيه حبيب‬
‫كف َضْ ِ‬
‫جد ِ َ‬
‫س ِ‬
‫عَلى فِعْل ِها في الم َ ْ‬
‫ضلُ( بفتح فسكون فضم )صَلاَة الف َ ّذِ( بفتح الفاء وشد المعجمة‪ ،‬أي تزيد على صلاة‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬صَلاَة ُ الجم ََاعَة ِ ت َ ْف ُ‬
‫ن دَرَج َة ً( أي مرتبة رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي عن ابن عمر بن الخطاب‪.‬‬ ‫المنفرد )بِسَب ٍْع وعِشْر ِي َ‬
‫ورواية الأكثر من الصحابة بخمس وعشرين درجة كما قال العزيزي‬
‫الصّ ب ِْح يَوْم َ الجمُعَة ِ في جَمَاعَة ٍ( رواه أبو نعيم والطبراني عن ابن عمر‪،‬‬
‫وات عِنْد َ الل ّٰه تَع َالى صَلاَة ُ ُ‬ ‫ل َ‬
‫الصّ ل َ ِ‬ ‫ض ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ف ْ َ‬
‫فآكد الجماعات بعد الجمعة صبحها‪ ،‬ثم صبح غيرها ثم العشاء ثم العصر ثم الظهر ثم المغرب‪ ،‬وإنما فضلوا جماعة الصبح فالعشاء لأنها فيهما‬
‫أشق كذا أفاد العزيزي‪.‬‬
‫)‬
‫ستْر ٌ م ِ َ َ‬
‫ن الن ّارِ و َبَر ِىء َ‬ ‫ْس ك َانَ لَه ُ ِ‬ ‫الصّ ب ِْح في الجم ََاعَة ِ ث َُم ّ ج َل َ َ‬
‫س ي َ ْذك ُر ُ الل ّٰه تَع َالَى ح ََت ّى تَطْل َع ال َ ّ‬
‫شم ُ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى صَلاَة َ ُ‬
‫ن دَرَج َة ً( هذا في الإقامة )فَإذ َا ص َ‬
‫َلا ّها(‬ ‫ل في جَمَاعَة ٍ تَز ِيد ُ عَلَى صَلات َِه ِ وَحْده خَم ْسا وَعِش ْري َ‬ ‫الن ّارِ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم صَلاَة ُ َ‬
‫الر ّج ُ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مِ َ‬
‫ض فُلاة ٍ( أي أرض لا ماء بها والمراد في جماعة )ف َأَ ت ََم ّ وُضُوءَه َا وَرُكُوعَه َا و َسُ ج ُود َه َا( أي أتى بالثلاثة تامة الشروط‬
‫أي تلك الصلاة )ب ِأَ ْر ٍ‬
‫َت صَلاتُه ُ خَمْسِينَ دَرَج َة ً( رواه أبو يعلى والحاكم وابن حبان عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح‪ ،‬السر في ذلك‬
‫والأركان والسنن )بلََغ ْ‬
‫أن الجماعة لا ٺتأكد في حق المسافر لوجود المشقة‪.‬‬
‫ن النِّف َاقِ( قال ابن حجر في فتح الجواد‪:‬‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ و َب َر َاءَة ً م ِ َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أ ْدرَك َ الجَماع َة أرْبَع ِينَ يَو ْما كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ ب َر َاءَة ً م ِ َ‬
‫وتسن المحافظة على إدراك تحرم الإمام لخـبر منقطع‪ ،‬وهو ما سقط من رواته واحد قبل الصحابي من صلى أربعين يوما في الجماعة يدرك‬
‫التكبيرة الأولى‪ ،‬كتب الل ّٰه له براءتان‪ :‬براءة من النار وبراءة من النفاق‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى البرْدَيْنِ( بفتح الموحدة وسكون الراء‪ ،‬أي صلاة الفجر والعصر سميا بردين‪ ،‬لأنهما يصليان في‬
‫َاب( قوله من صلى من شرطية‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫حس ٍ‬‫ل الج َنَ ّة َ بِغَيْر ِ ِ‬
‫بردي النهار‪ ،‬وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر )في الجم ََاعَة ِ دَخ َ َ‬
‫دخل جواب الشرط وعبر بالماضي لإرادة التأكيد في وقوعه بجعل ما سيقع كالواقع‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ شَهِد َ( أي حضر )صَلاَة َ الجم ََاعَة ِ( كتب الل ّٰه تعالى له ذاهبا وراجعا عشر حسنات‪ ،‬ومحا عنه عشر‬
‫سيئات‪ ،‬ورفع له عشر درجات‪.‬‬
‫)‬
‫جدِ( رواه الدارقطني والبيهقي عن جابر وعن أبي هريرة‪ ،‬وهذا الحديث‬
‫س ِ‬ ‫جد ِ َ‬
‫إلا ّ في الم َ ْ‬ ‫س ِ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا َ صَلاَة َ لِ جا َرِ الم َ ْ‬
‫محمول على الفر يضة وما ألحق بها‪ ،‬ففعلها في المسجد أفضل‪ ،‬وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل من فعله في المسجد‪ ،‬كذا أفاد‬
‫ل وَس َُن ّة الإ ْ‬
‫حر َام‬ ‫ص ُ‬
‫تح ْ َ‬
‫ل إلا ّ ال ّتي جَمَاع َة ً َ‬
‫ض ُ‬
‫البيوت أَ ف ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ل في‬
‫العزيزي ونظم ذلك العلامة منصور الطبلاوي من بحر الرجز فقال‪ :‬صلاَة ُ ن َ ْف ٍ‬

‫خر ِ و َقَادِم ٌ وَمُن ْشىء ٌ لِل َ ّ‬


‫سفَرِ‬ ‫ات ب َِالت ّأَ ّ‬
‫ل يَو ْ ِم الجم ُْعَة ِ وَخ َائ ُِف الف َو َ ِ‬ ‫نح ْو ُ ع ِل ْمِه ِ الإحْ يَا لِب ُ ْقعَة ِ كَذ َا ُ‬
‫الضّ حَى و َن َ ْف ُ‬ ‫َاف و َ َ‬
‫س للاعْتِك ِ‬
‫ل ج َال ِ ٍ‬
‫اف و َن َ ْف ُ‬ ‫وال َ ّ‬
‫طو َ ِ‬
‫ِب و َهاكذا البَعْد َِي ّة ِ وَك ُل َ‬
‫قبلي ّة دَخ َل فِي و َقْتِها و َن َ ْذر ُ ن َافِلَة ٍ كَذ َا ك َأَ صْ ل ِها‬ ‫ولاسْ ت ِخ َارِة ٍ وللقبْل َِي ّة ِ لمَغْر ٍ‬

‫ن ال ُد ّن ْيَا وَم َا ف ِيها و َالجم ََاع َة ُ رَحْم َة ٌ( أي لزوم جماعة المسلمين موصل إلى الرحمة‬
‫هي َ خَيْر ٌ م ِ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬صَلاَة ُ الجم ََاعَة ِ رَحْم َة ٌ و َ ِ‬
‫َاب( أي مفارقتهم‪ ،‬والانفراد عنهم سبب للعذاب‪.‬‬
‫أو سبب للرحمة )والفر ْق َة ُ عَذ ٌ‬
‫}الباب العاشر‪ :‬في فضيلة الجمعة{‬
‫ْس و َل َ ْم تَغْر ُْب‬
‫شم ُ‬ ‫وروى العلاء عن أبيه عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي اللٰه عنه قال‪ :‬إن النبي صلى اللٰه عليه وسلم قال‪» :‬ل َ ْم تَط ِ‬
‫ْلع ال َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جد ِ‬
‫س ِ‬
‫اب الم َ ْ‬
‫َاب م ِنْ أب ْو َ ِ‬
‫لب ٍ‬‫ْس‪ ،‬و َعَلى ك ُ ّ ِ‬
‫ن الجنّ والإن ُ‬ ‫ل م ِنْ يَو ْ ِم الجم ُُعَة ِ وَم َا م ِنْ د ََاب ّة ٍ إلا ّ و َ ِ‬
‫هي َ تَفْزَع ُ م ِنْ يَو ْ ِم الجم ُُعَة ِ إلا الث ّقلا ِ‬ ‫عَل َيّ أف ْ َ‬
‫ض َ‬
‫ل ق ََر ّبَ‬
‫ل ق ََر ّبَ دَج َاج َة ً‪ ،‬وَك َرَج ُ ٍ‬
‫ل ق ََر ّبَ شَاة ً‪ ،‬وَك َرَج ُ ٍ‬
‫ل ق ََر ّبَ بَق َرَة ً‪ ،‬وَك َرَج ُ ٍ‬
‫ل ق ََر ّبَ بَد َنَة ً‪ ،‬وَك َرَج ُ ٍ‬ ‫اس‪ ،‬الأ َ ّول فَالأ َ ّو ُ‬
‫ل ك َرَج ُ ٍ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ن يَكْتُبا ِ‬
‫م َلَك َا ِ‬

‫ُف« كذا في الغنية‬ ‫طوِي َِت ُ‬


‫الصّ ح ُ‬ ‫الإم َام ُ ُ‬
‫بَيْضَة ً‪ ،‬فَإذا قَام َ ِ‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬سَيِّد ُ الأَ َي ّا ِم يَوْم ُ الجم ُُعَة ِ( أي هو من أفضل الأيام‪ ،‬وفي الجامع الصغير سيد الأيام عند الل ّٰه يوم الجمعة‪ ،‬أعظم‬
‫من يوم النحر والفطر‪ ،‬وفيه خمس خلال في خلق الل ّٰه آدم‪ ،‬وفيه أهبط من الجنة إلى الأرض‪ ،‬وفيه توفي‪ ،‬وفيه ساعة لا يسأل العبد‬
‫فيها الل ّٰه شيئا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم‪ ،‬وفيه تقوم الساعة وما من ملك مقرب‪ ،‬ولا سماء ولا أرض ولا ريح ولا‬
‫جبل‪ ،‬ولا حجر إلا وهو مشفق من يوم الجمعة‪ ،‬أي والحال أن ذلك خائف من قيام القيامة فيه والحشر والحساب‪ .‬روى هذا الحديث‬
‫الإمام الشافعي وأحمد والبخاري عن سعد بن عبادة سيد الأنصار‬
‫ل‬
‫ن اغ ْتَسَ َ‬
‫خطَاي َاه ُ( وهذا هو المراد بقوله صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َ ِ‬
‫ك ّف ِر َْت عَن ْه ُ ذ ُنُوبُه ُ و َ َ‬
‫ل يَوْم َ الجم ُُعَة ِ ُ‬
‫ن اغ ْتَسَ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َ ِ‬
‫يَوْم َ الجم ُُعَة ِ ك َانَ فِي َطه َارَة ٍ إلى الجم ُُعَة ِ ال ُأ ْ‬
‫خر َى« رواه الحاكم عن قتادة‪ ،‬والمراد الطهارة المعنو ية‪.‬‬
‫)‬
‫ن َ‬
‫الن ّارِ( قال سيدي‬ ‫ق مِ َ‬
‫ْف ع َت ِي ٍ‬ ‫ل سَاعَة ٍ مِنْها ُ‬
‫س ّتمائَة ِ أل ِ‬ ‫ق الل ّٰه في ك ُ ّ ِ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إ َ ّ‬
‫ن يَوْم َ الجم ُُعَة ِ و َلَيْلَتَهَا أَ رْبَع َة ٌ وعِشْر ُونَ سَاع َة ً يَعْت ِ ُ‬
‫الشيخ عبد القادر الجيلاني‪ ،‬وأخبرنا أبو نصر عن والده بإسناد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الل ّٰه عنه عن النبي صلى الل ّٰه‬
‫ل يَو ْ ٍم و َلَيْلَة ٍ‪ ،‬و َلَيْلَة ُ الجم ُُعَة ِ‪ ،‬و َيَو ْم الجم ُُعَة ِ أَ رْب َ ٌع وَعِشْر ُونَ سَاع َة ً‪،‬‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ فِي ك ُ ّ ِ‬ ‫ق مِ َ‬
‫ْف ع َتِي ٍ‬ ‫ق َِ‬
‫س ّتم َائَة ِ أَ ل ِ‬ ‫عليه وسلم أنه قال‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه تَع َالَى يَعْت ِ ُ‬

‫الن ّارِ‪ ،‬ك ُُل ّه ُ ْم قَدِ اسْ تَوْجَب ُوا َ‬


‫الن ّار َ« وفي لفظ آخر عن ثابت عن أنس رضي الل ّٰه عنه عن النبي صلى‬ ‫ن َ‬ ‫ق مِ َ‬
‫ْف ع َتِي ٍ‬ ‫ل سَاعِة ٍ ُِ‬
‫س ّتم َائَة ِ أَ ل ِ‬ ‫فِي ك ُ ّ ِ‬
‫الن ّارِ يَعْتِقُهُم ُ ك ُُل ّه ُم قَدِ اسْ تَوْجَب ُوا َ‬
‫الن ّار َ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ‪،‬‬ ‫ن َ‬ ‫ق مِ َ‬
‫ْف ع َت ِي ٍ‬ ‫ل يَو ْ ٍم و َلَيْلَة ٍ م ِنْ أ َي ّا ِم ال ُد ّن ْيَا َِ‬
‫س ّتمائَة ِ أل ِ‬ ‫الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن لل ّٰه فِي ك ُ ّ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الن ّارِ‪ ،‬ك ُُل ّهُم ُ قَدِ‬


‫ن َ‬ ‫ق مِ َ‬
‫ْف ع َت ِي ٍ‬ ‫ل ساعة َِ‬
‫س ّتمائَة ِ أل ِ‬ ‫إلا ّ ولل ّٰه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل في ك ُ ّ ِ‬ ‫وفي يَو ْ ِم الجم ُُعَة ِ و َلَيْلَة َ الجم ُُعَة ِ أرْب َ ٍع وَعِشْر ُونَ سَاع َة ً‪ ،‬لَي َ‬
‫ْس ف ِيهَا سَاع َة ٌ َ‬
‫ن‬‫الن ّار«‪ .‬وقال الغزالي‪ :‬وفي الخـبر أن لل ّٰه عز وجل في كل جمعة ستمائة ألف عتيق من النار وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬ ‫اسْ تَوْجَب ُوا َ‬

‫ن‬ ‫سم َاء ِ فَلا َتُص َُل ّوا‪ ،‬في هاذِه ِ ال َ ّ‬


‫ساعَة ِ إلا ّ يَوْم َ الجم ُُعَة ِ‪ ،‬ف َ َإن ّه ُ صَلاَة ٌ كُل ّه ُوإ َ ّ‬ ‫س في كَبِدِ ال َ ّ‬ ‫ل عِنْد َ اسْ ت ِوَاء ِ ال َ ّ‬
‫ش ْم ِ‬ ‫ل َ‬
‫الز ّوا ِ‬ ‫الجحَ ِيم َ تُس َ َع ّر ُفي ك ُ ّ ِ‬
‫ل يَو ْ ٍم قَب ْ َ‬
‫جه َ َن ّم َ لا تُس َ َع ّر ُ ف ِيه ِ«‪.‬‬
‫َ‬
‫)‬
‫ص َ ّد ْق( أي ندبا )بِدينارٍ( أي من ذهب )فَإ ْن ل َ ْم َ‬
‫يج ِ ْد‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ت َرَك َ الجم ُُع َة َ( أي ممن تلزمه )م ِنْ غَيْر ِ ع ُ ْذ ٍر فَل ْيَت َ َ‬
‫فَن ِصْ ف دينارٍ( فإن ذلك كفارة الترك رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن سمرة بن جندب وهو حديث صحيح‪.‬‬
‫وهو ما اتصل سنده بعدول ضابطين بلا شذوذ‪ .‬وروى البيهقي عن سمرة حديثا ضعيفا من ترك الجمعة بغير عذر‪ ،‬فليتصدق بدرهم‪،‬‬
‫أي من فضة أو نصف درهم أو صاع أو مد‪ ،‬والضعيف ما قصر عن درجة الحسن‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ت َرَك َ ثَلاَثَ جُم ٍَع( بضم ففتح )تَهَاو ُنا بِها( المراد بالتهاون الترك من غير عذر )طَب َ َع الل ّٰه عَلَى قَل ْبِه ِ( أي‬
‫ختم الل ّٰه عليه وغشاه ومنعه ألطافه رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن الجعد وإسناده حسن‬
‫ن المُنَافِق ِينَ( أي إن‬
‫َات( بضم الجيم والميم أو فتحها أو سكونها )م ِنْ غَيْر ِ ع ُ ْذ ٍر كُت ِبَ م ِ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ت َرَك َ ثَلاَثَ جُمُع ٍ‬
‫كان ممن تجب الجمعة عليه‪ ،‬رواه الطبراني عن أسامة بن زيد‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ م َاتَ يَوْم َ الجم ُُعَة ِ أ ْو لَي ْلَتَهَا ر ُف ِـ َع عَن ْه ُ عَذ َابُ القَبْرِ( وفي الإحياء للغزالي قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ‬
‫م َاتَ يَوْم َ الجم ُُعَة ِ أ ْو لَيْلَة َ الجم ُُعَة ِ كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ أ ْ‬
‫جر َ شَه ِيدٍ ووقي فتنة القبر« أي وذلك بشرط الإيمان‬
‫)‬
‫يخْط ُبُ ( الواو للحال )أن ْصِ تَ ( أي اسكت مع الإصغاء الخطبة )أ ْو‬
‫ل يَوْم َ الجم ُُعَة ِ لِصَاحِبِه ِ والإم َام ُ َ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫تَك ََل ّم َ( بكلا ِم لا يتعلق به غرض مهم ناجز كإنذار من يقع في مهلـكة )أو عبث( بكسر الباء‪ ،‬أي عمل ما لا فائدة فيه )أَ ْو أَ شَار َ بيَِدِه ِ‬
‫سه ِ فَق َ ْد لَغ َا( أي أثم )وَم َنْ لَغ َا فَلا َ جُمُع َة َ لَه ُ( وقال ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام‪ ،‬وعن ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما قال قال‬
‫أَ ْو ب ِر َأْ ِ‬
‫َت لَه ُ‬
‫ت لَيْس ْ‬ ‫ل أسْ ف َارا و َال َ ّذي يَق ُو ُ‬
‫ل لَه ُ أن ْصِ ْ‬ ‫ل الحِمَار ُ يَحْم ِ ُ‬ ‫رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ تَك ََل ّم َ يَوْم َ الجم ُُعَة ِ و َالإم َام ُ َ‬
‫يخْط ُبُ ‪ ،‬فَه ُو َ كَمِث ْ ِ‬
‫ت يَو ْم الجم ُُعَة ِ‪ ،‬و َالإم َام ُ‬
‫ك أَ ن ْصِ ْ‬
‫جُمُع َة« رواه أحمد بإسناد لا بأس به وهو يفسر حديثا لأبي هريرة في الصحيحين مرفوعا إذا قلُ ْتَ لِصَاحِب ِ َ‬
‫يخ ْطبُ فَق َ ْد لَغَو ْتَ انتهى‪.‬‬
‫َ‬
‫وقال أبو بكر الحصني في كفاية الأخيار‪ :‬هل يحرم الكلام وقت الخطبة؟ فيه قولان‪ :‬أحدهما ونص عليه الشافعي في القديم أنه يحرم‪،‬‬
‫يخْط ُبُ يَوْم َ الجم ُُعَة ِ‬
‫ك والإم َام ُ َ‬
‫وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد في أرجح الروايتين عنه‪ :‬قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إذ َا قلُ ْتَ لِصَاحِب ِ َ‬
‫ت‪ ،‬فَق َ ْد لَغَو ْتَ «‪ .‬واللغو الإثم والجديد أن الكلام ليس بحرام‪ ،‬والإنصات سنة لما رواه الشيخان أن عثمان دخل وعمر يخطب‬
‫أَ ن ْصِ ْ‬
‫فقال عمر‪ :‬ما بال رجال يتأخرون عن النداء؟ فقال عثمان‪ :‬يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء إلا أن توضأت‪ .‬وروي أن‬
‫النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم دخل عليه رجل‪ ،‬وهو يخطب يوم الجمعة فقال‪ :‬متى الساعة؟ فأومأ الناس إليه بالسكوت‪ ،‬فلم يقبل وأعاد‬
‫ك م َا أعْدَدْتَ لَهَا؟ قال‪ :‬حب الل ّٰه ورسوله‪ .‬فقال‪َ :‬إن ّ َ‬
‫ك م َ َع م َنْ أحْ بَب ْتَ‬ ‫الكلام فقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم له بعد الثلاثة‪ :‬و َيْ ح َ َ‬
‫رواه البيهقي بإسناد صحيح‪ .‬وجه الدلالة أنه عليه الصلاة والسلام لم ينكر عليهم ذلك‪ ،‬ولو كان حراما لأنكره اهـ‪ .‬ومعنى اللغو الإتيان‬
‫بما لا يليق‪ .‬والمنفي بقوله صلى الل ّٰه عليه وسلم فلا جمعة له كمال الجمعة لا صحتها‬
‫ِب( ليس المراد أنه واجب فرضا بل هو مؤول‪ :‬أي واجب في السنة أو في المروءة‬
‫ل يَو ْ ِم الجم ُُعَة ِ و َاج ٌ‬
‫س ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬غ ُ ْ‬
‫مح ْتَلِمٍ( أي بالغ‬
‫ل ُ‬
‫أو في الأخلاق الجميلة كما تقول العرب حقك واجب عليّ أي متأكد‪ ،‬كما أفاده العزيزي نقلا ً عن بعضهم )عَلَى ك ُ ّ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫أراد حضور الصلاة رواه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري‬
‫)‬
‫جر ُ مائة ِ شَه ِيدٍ( وعن أبي هريرة قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬
‫وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أَ ْدرَك َ الجم ُُعَة ِ فلََه ُ عِنْد َ الل ّٰه أَ ْ‬

‫ل أرْبَعا« وقال الظهر رواه الدارقطني فأو للشك من الراوي‪.‬‬


‫ص ِّ‬
‫ن فَل ْي ُ َ‬
‫الر ّكْ ع َتَا ِ‬ ‫ن الجم ُُعَة ِ رَكْ ع َة ً فَل ْي َصِ لْ إلَيْهَا ُأ ْ‬
‫خر َى وَم َنْ فَاٺَت ْه ُ َ‬ ‫»م َنْ أَ ْدرَك َ م ِ َ‬
‫}الباب الباب الحادي عشر‪ :‬في فضيلة المساجد{‬
‫شع َائ ِر َ الل ّٰه فَإ َ ّنها م ِنْ تَقوى الق ُل ُ ِ‬
‫وب{‬ ‫ظ ِم َ‬
‫ُوت أَ ذِنَ الل ّٰه أ ْن تُرْف َ َع و َي ُ ْذك َر ُ فيها اسْم ُه ُ{ ]النور‪ [٣ :‬وقال تعالى‪} :‬وَم َنْ يُع َ ّ‬
‫قال الل ّٰه تعالى‪} :‬في بي ٍ‬
‫َات الل ّٰه فَه ُو َ خَيْر ٌ لَه ُ عِنْد َ ر َبِّه ِ{ ]الحج‪ [٠٣ :‬وروينا عن بريدة رضي الل ّٰه عنه قال قال رسول‬
‫ظ ِم حُرُم ِ‬
‫]الحج‪ [٢٣ :‬وقال تعالى‪} :‬وَم َنْ يَع َ ّ‬
‫جد ُ لمَا بُن ِي َْت لَه ُ«‪ .‬رواه مسلم كذا في الأذكار‪.‬‬ ‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫»إن ّمَا بُن ِي َِت ال ْمَسَا ِ‬
‫ن( رواه أبو نعيم عن سلمان بإسناد ضعيف‪ ،‬لـكن له شواهد أي فكل مسلم له‬
‫ل مُؤْم ِ ٍ‬
‫جد ُ بَي ْتُ ك ُ ّ ِ‬
‫س ِ‬
‫ل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الم َ ْ‬
‫)قَا َ‬
‫فيه حق المأوى‪ ،‬وفي رواية كل تقي لـكن لا يشغله بغير ما بني له أفاد ذلك العزيزي‬
‫)‬
‫جدِ فَاشْهَد ُوا لَه ُ بالإيمانِ( أي اقطعوا له‪ ،‬فإن الشهادة قول صدر على مواطأة‬
‫س ِ‬
‫ل م ُلاَزِم َ الم َ ْ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذا ر َأي ْتُم ُ َ‬
‫الر ّج ُ َ‬
‫القلب اللسان على سبيل القطع‪ ،‬وفي رواية أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري‪،‬‬
‫ن بالل ّٰه{ ]التوبة‪ [٨١ :‬وهذا حديث صحيح‬
‫جد َ الل ّٰه م َنْ آم َ َ‬ ‫إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان فإن الل ّٰه يقول َ‬
‫}إن ّما يَعْم ُر ُ مَسَا ِ‬
‫وفي رواية يتعاهد المسجد‪ ،‬والمراد باعتبار المساجد أن يكون قلبه معلقا بها منذ يخرج منها إلى أن يعود إليها‪ ،‬ونقل بعضهم عن النووي‪،‬‬
‫أي أن يكون شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيها‪ ،‬وليس معناه دوام القعود فيها كذا أفاد العزيزي‬
‫جدِ أَ حْ ب ََط الل ّٰه ع َمَلَه ُأَ رْبَع ِينَ سَن َة ً( قال ابن حجر الهيثمي في تنبيه الأخيار‪ :‬وسن‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَك ََل ّم َ بِك َلا َ ِم ال ُد ّن ْيَا في الم َ ْ‬
‫س ِ‬
‫أن يقال لمن أنشد في المسجد شعرا غير مطلوب فض الل ّٰه فاك ثلاث مرات‪ ،‬ويندب تنز يه المسجد عن حديث الدنيا وخصومة‪ ،‬ورفع‬
‫صوت وشهر سلاح و يكره أن يتخذ منه محلا ً مخصوصا لا يصلى فيه غيره‪ ،‬و يكره تدافع الإمامة‪ ،‬بل يتقدم من له حق الإمامة‪.‬‬
‫جدِ فَق ُولُوا لَه ُ لا َ أرْبَ ح َ الل ّٰه تِ جَار َتَك‪ ،‬وإذ َا ر َأَ ي ْتُم ْ‬
‫س ِ‬
‫وروى مسلم والترمذي والحاكم عن أبي هريرة خبر‪ :‬إذ َا ر َأَ ي ْتُم ْ م َنْ يَب ِي ُع أَ ْو يَب ْتَاع ُ في الم َ ْ‬
‫جد َ ل َ ْم تبُْنَ لِهذا‪ .‬قوله يبتاع‪ :‬أي يشتري‪ .‬قوله فقولوا‪ :‬أي ندبا‪ .‬قوله لا‬ ‫م َنْ يَنْشُد ُ فيه ِ ض ََال ّت َه ُ فَق ُولُوا لَهُ‪ :‬لا ر َ َدّه َا الل ّٰه عَلَيْكَ‪ ،‬فإ َ ّ‬
‫ن المَسَا ِ‬
‫أربح إنه دعاء بالخسران قوله ينشد بفتح أوله وسكون ثانيه وضم الشين المعجمة‪ ،‬أي يطلب‪ ،‬وفي هذا الحديث النهي عن نشد الضالة في‬
‫المسجد ورفع الصوت فيه للإجارة ونحوها من العقود‪ .‬قال النووي نقلا ًعن بعض العلماء‪ :‬يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره‪،‬‬
‫وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن سلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس‪ ،‬لأنه مجمعهم ولا‬
‫بد لهم منه‪ .‬ثم قال العزيزي نقلا ًعن شيخه ينبغي أن لا يكره رفع الصوت بالموعظة فيه‪ ،‬وهذا الحديث شاهد له وخطبة الجمعة وغيرها‬
‫من ذلك‪ ،‬وكذا جميع ما يستحب فيه رفع الصوت كالأذان والإقامة والتلبية والصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم والتكبير في العيد‪.‬‬
‫الل ّغْوِ( أي بالكلام الباطل‪) .‬والجَوْرِ( أي الكلام المائل‬ ‫جدِ بِك َلا َ ِم َ‬
‫س ِ‬ ‫ن المَلائ َِك َة َ يَت َك ََر ّه ُونَ م ِ َ‬
‫ن المُت َكل ِّمينَ فِي الم َ ْ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إ َ ّ‬
‫عن الحق‬
‫َاع( أي بقاع البلدان‪ ،‬وفي رواية شر البلاد )أسْ واقُه َا( لما يقع فيها من الغش والأيمان الكاذبة )وخَي ْر ُ‬ ‫)وقال صلى الله عليه وسلم‪َ :‬ش ّ ُرّ البِق ِ‬
‫ّٰ‬
‫جد ُه َا( وفي رواية شر البلدان أسواقها وخير بقاعها المساجد رواه الحاكم عن جبير بن مطعم‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬وفي رواية‬ ‫البِق ِ‬
‫َاع مَسَا ِ‬
‫شر المجالس الأسواق والطرق وخير المجالس المساجد‪ ،‬فإن لم تجلس في المسجد فالزم بيتك رواه الطبراني عن واثلة بإسناد حسن‪،‬‬
‫)‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫يج ْل ِس ح ََت ّى يُصَل ِّي رَكْ ع َتينِ( رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي‬
‫جد َ فَلا َ َ‬ ‫ل أَ حَد ُكُم ُ الم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذ َا دَخ َ َ‬
‫والنسائي وابن ماجه عن أبي قتادة وابن ماجه عن أبي هريرة قال العلقمي نقلا ً عن بعضهم‪ :‬هذا العدد لا مفهوم لأكثره باتفاق‪،‬‬
‫واختلف في أقله والصحيح اعتباره‪ ،‬فلا ٺتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين‪ ،‬واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب‪.‬‬
‫ثم قال العزيزي وإذا جلس ناسيا أو ساهيا وقصر الفصل شرع له فعلها‪ ،‬وٺتكرر بتكرر الدخول‪ ،‬ولو عن قرب و يكره أن يجلس من غير‬
‫تحية بلا عذر‪ ،‬وتحصل بفرض وورد وسنة لا بركعة وصلاة جنازة‪ ،‬و يحرم بها قائما ولا يجلس فيها وهو ما اختاره الزركشي‪ .‬وقال‬
‫الإسنوي لو أحرم بها قائما‪ ،‬ثم أراد الجلوس فالقياس عدم المنع‪ ،‬وكذا الدميري والأول أوجه‬
‫ن يَتك َل ّم ُونَ ف ِيها بَك َلا ِم الدّن ْيَا‪ ،‬فَتَسْتَقْبِلُه َا المَلائِك َة ُ فَتَق ُو ُ‬
‫ل ا ْرجِعي فَق َ ْد‬ ‫جد ُ شَاكِي َة ً م ِنْ أه ْلِه َا ال َ ّذ ِي َ‬
‫َت المَسَا ِ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم ارْتَفَع ِ‬
‫ك‬ ‫جدِ بِق َ ْدرِ م َا يَد ُور ُ في الع َيْنِ ل َ ْم ت َز َ ِ‬
‫ل المَلائ َِك َة ُ تَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ م َا د َام َ ذَل ِ َ‬ ‫س ِ‬
‫ج سِر َاجا في الم َ ْ‬
‫كهِمْ‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أَ سْر َ َ‬
‫بُعِث ْنَا بِهَلا َ ِ‬
‫جد ِ‬
‫س ِ‬ ‫َ‬
‫الضّ و ْء ُ فِي الم َ ْ‬
‫جدِ ل َ ْم ت َز َ ِ‬
‫ل المَلائ َِك َة ُ تَسْتَغْف ِر ُ لَه ُ م َا د َام َ ذالك‬ ‫س ِ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ بَس ََط حَصِ يرا( وهو الخشن المنسوج المفروش )في الم َ ْ‬
‫خرَج َه ُ الل ّٰه‬
‫جدِ بِق َ ْدرِ م َا يَد ُور ُ في الع َيْنِ أَ ْ‬
‫س ِ‬
‫ن الم َ ْ‬
‫ج قَذَرَة ً( أي نجسا أو طاهرا )م ِ َ‬
‫خر َ َ‬
‫جدِ‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أَ ْ‬
‫س ِ‬
‫الحَصِ ير ُ في الم َ ْ‬
‫تَع َالى م ِنْ أ ْعظَ ِم ذ ُنُوبِه ِ( وفي رواية أن ذلك مهور الحور العين‪ .‬وفي رواية‪ :‬من أخرج أذى من المسجد بنى الل ّٰه له بيتا في الجنة‪ .‬ورواه‬
‫ابن ماجه عن ابن سعيد بإسناد ضعيف‪.‬‬
‫)‬
‫جد َك ُ ْم كال ُ ّ‬
‫طرُقِ( وهذا الحديث ساقط في بعض النسخ‪.‬‬ ‫وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا َ َ‬
‫تجْع َلُوا مَسَا ِ‬
‫}الباب الثاني عشر‪ :‬في فضيلة العمائم{‬
‫اب العَم َا ِئ ِم يَوْم َ الجم ُُعَة ِ‪ ،‬فَإ ْن أَ ك ْر َبَه ُ‬ ‫ن الل ّٰه وَم َلائ َِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ عَلَى أَ ْ‬
‫صح َ ِ‬ ‫روى واثلة بن الأسقع أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬إ َ ّ‬
‫ْت َ‬
‫الصّ لاة ِ‪ ،‬و َلا َ عِنْد َ صُع ُودِ‬ ‫ل إلى الجم ُُعَة ِ و َلا َفِي و َق ِ‬
‫ن المَنْزِ ِ‬ ‫ْت ال َ ّ‬
‫سع ِْي م ِ َ‬ ‫ل َ‬
‫الصّ لاَة ِ و َبَعْد َه َا‪ ،‬ولـكِنْ لا َيَنْزَع ُ فِي و َق ِ‬ ‫الح َُر ّ فَلا َب َأْ َ‬
‫س بِنَزْعِه َا قَب ْ َ‬
‫خطْبَتِه ِ كذا في الإحياء‪.‬‬
‫الإما ِم المنِ ْبَر َ‪ ،‬و َلا َفِي ُ‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬العَم َائِم ُ تِيجانُ الع َر َِب( أي هي لهم بمنزلة التيجان للملوك‪ ،‬لأنهم أكثر ما يكونون بالبوادي رؤوسهم‬
‫مكشوفة والعمائم فيهم قليل )فَإذ َا وَضَع ُوا العَم َائِم َ وَضَع ُوا ع َ ِّزهُمْ( رواه الديلمي عن ابن عباس وإسناده ضعيف‪ .‬قال المناوي لفظ‬
‫رواية الديلمي وضع الل ّٰه عزهم كذا في السراج المنير‬
‫ن الل ّٰه تَع َالى وَم َلائِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ( أي يعظمون )عَلَى‬
‫َت‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إ َ ّ‬
‫ن المَلائِك َة َ تَع َ َمّم ْ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تَع َ َمّموا فَإ َ ّ‬
‫اب العَم َا ِئمِ( أي الذين يلبسونها )يَوْم َ الجُمعة ِ( فيتأكد لبسها في ذلك اليوم‪ ،‬ويندب للإمام أن يزيد في حسن الهيئة رواه الطبراني‬
‫صح َ ِ‬
‫أَ ْ‬
‫عن أبي الدرداء وهو حديث ضعيف كذا قاله العزيزي‪.‬‬
‫ِس( أي لبس العمامة على القلنسوة‪ ،‬وهي ما يلف عليه‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬فَر ْقُ م َا بَي ْنَنَا و َبَيْنَ المُشْر ِكينَ العَم َائِم ُ عَلَى الق َلانَ ِ‬
‫العمامة‪ ،‬فالمسلمون يلبسون القلنسوة وفوقها العمامة‪ ،‬ولبس القلنسوة‪ ،‬وحدها زي المشركين فلبس العمامة سنة رواه أبو داود والترمذي‬
‫عن ركانة بضم الراء‪ ،‬وتخفيف الكاف ابن عبد يزيد‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ص ََل ّ ِ‬
‫ت المَلائ َِك َة ُ عَلَى المُتَعَمِّمينَ( أي دعت لهم بالبركة واستغفرت لهم )يَوْم َ الجم ُُع َة وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬
‫سب ْع ِينَ رَكْ ع َة ً بِلا َ عِمَامَة ٍ( رواه الديلمي عن جابر قال المناوي‪ :‬لأن الصلاة حضرة الملك والدخول إلى حضرة‬
‫ن بِعَم َامة ٍ خَيْر ٌ م ِنْ َ‬
‫رَكْ ع َتَا ِ‬
‫الملك بغير تجمل خلاف الأدب‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫شياطِينَ لا َٺَت َع َمّم ُ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬العَم َائِم ُ سِيم َا المَلائِكَة ِ( بالقصر أي علامات لهم‬
‫ن ال َ ّ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تَع َ َمّم ُوا فَإ َ ّ‬
‫يوم بدر )ف َأ ْرسِلُوها خ َل َْف ظُهورِكُمْ( قالت عائشة‪ :‬ما رأيت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وسخا قط‪ ،‬وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫ِض الو َسَ خ َ وال َ ّ‬
‫شع َثَ وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم يحب لبس القميص‪ ،‬وكان يطلق إزاره‪ ،‬و يحب لبس الحـ ِبرة«‪ .‬بكسر الحاء وفتح‬ ‫»الل ّٰه يُب ْغ ُ‬
‫الباء ثوب يماني من قطن مخطط‪ ،‬وكان حماد يلبس قلنسوة بيضاء‪ ،‬ويدير العمامة و يغرزها من ورائه‪ ،‬ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه‪،‬‬
‫وأقل ما ورد في قدر العذبة أربع أصابع‪ ،‬وأكثر ما ورد ذراع وبينهما شبر كذا في تنبيه الأخيار لابن حجر الهيتمي‬
‫ن المَلائ َِك َة َ ق َ ْد تَس َ َو ّم ْ‬
‫َت( قال ابن حجر في تنبيه الأخيار‪.‬‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تَس َ َو ّم ُوا( أي اجعلوا لـكم علامة بلبس اللباس )فإ َ ّ‬
‫وقد أمرنا صلى الل ّٰه عليه وسلم بلبس أجود ما نجد‪ ،‬وأن نتطيب بأجود ما نجد‪ ،‬وأن نلبس البياض‪ .‬نعم في يوم العيد يقدم الأحسن‬
‫غير الأبيض على الأبيض‪ ،‬غير الأحسن فيسن في يوم العيد تقديم الأخضر على الأبيض‪ ،‬لـكن لا خصوصية للأخضر‪ ،‬بل كل ذي‬
‫لون كذلك‪ ،‬فإن الخضرة أفضل الألوان بعد الأبيض‪ ،‬وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم لا يفارق الطيلسان‪ ،‬وكان طول طيلسانه ستة أذرع‪،‬‬
‫وعرضه ثلاثة أذرع انتهى‪ .‬واستعمله الصوفية‪.‬‬
‫)‬
‫ن الاق ْتِع َاطِ ( بالقاف ثم العين المهملة‪ ،‬أي التعمم من غير‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم نَهَ ى( بالبناء للمفعول وما بعده نائب الفاعل )ع َ ِ‬
‫حِي( بتشديد الحاء المهملة بعد اللام‪ ،‬أي تطو يق العمامة تحت الحنك‪ .‬قال سيدي‬ ‫إدارة تحت الحنك وهو ما تحت الذقن )و َأَ م َر َ‬
‫بالت ّل َ ّ‬ ‫َ‬
‫الشيخ عبد القادر والمندوب على قسمين‪ :‬أحدهما في حق الل ّٰه تعالى‪ ،‬وهو الرداء إذا كان في جماعة‪ ،‬ومجمع الناس فلا يعري منكبيه‬
‫من شيء من الثياب الجميلة كالأعياد والجمع وغير ذلك‪ ،‬الثاني في حق المخلوقين وهو ما يتجملون به بينهم من أنواع الثياب المباحة‪ ،‬ولا‬
‫يزدري بصاحبه‪ ،‬ولا ينقص مروءته بينهم و يكره الاقتعاط‪ ،‬وهو التعمم بغير الحنك‪ ،‬ويستحب التلحي وهو إذا كان بالحنك انتهى‪،‬‬
‫وهذا لا يعمله إلا بعض الصوفية‪.‬‬
‫}الباب الثالث عشر‪ :‬في فضيلة الصوم{‬
‫جز ِي به«‬ ‫الصيام َ َ‬
‫فإن ّه ُ لي و َأَ ن َا أ ْ‬ ‫ْف َ‬
‫إلا ّ ِّ‬ ‫سب ْعمائَة ِ ضع ٍ‬
‫حسَنَة ٍ بِعَشْر ِ أمْثَالِهَا إلى َ‬ ‫قال الل ّٰه تعالى فيما حكاه عنه نبيه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ك ُ ُ ّ‬
‫ل َ‬
‫كذا في الإحياء‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬قَا َ‬
‫ل الل ّٰه تَع َالَى( في الحديث القدسي‪ .‬والفرق بينه وبين القرآن أن القرآن نزل للإعجاز بأقصر سورة‬
‫َ‬
‫)الصّ و ْم لي و َأن َا أَ جز ِي بِه ِ( بفتح الهمزة وسكون الياء‪،‬‬ ‫بخلاف ذلك‪ ،‬فإنه ليس للإعجاز‪ ،‬وكل من القرآن والأحاديث يتعبد بقراءته‬
‫أي جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره‪ ،‬وقيل معنى ذلك أن الصيام أحب العبادات إلي‪ ،‬والمقدم عندي رواه الطبراني عن أبي أمامة‬
‫بإسناد حسن‬
‫)‬
‫ح بِه ِما فَرْح َة ٌ عِنْد َ إفْطَارِه ِ( أي بزوال جوعه وعطشه حين أبيح له الفطر‪ .‬وقيل‪ :‬إن فرحه‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫للصّ ائِم فَرْحَتَان يَفْر َ ُ‬
‫بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه )و َفَرْح َة ٌ عِنْد َ لِق َاء ِ ر َبِّه ِ( أي يوم‬
‫القيامة قال وهب بن منبه ليس للمؤمن راحة دون لقاء ربه‪ ،‬أي بحصول الجزاء والثواب أو بالنظر إلى وجه ربه انتهى‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لَخلُُوف( بضم الخاء المعجمة واللام وسكون الواو‪ ،‬وبعدها فاء واللام جواب قسم وهو قوله صلى الل ّٰه عليه‬
‫الصّ ا ِئمِ( أي تغيره )أَ طْ ي َبُ عِنْد َ الل ّٰه م ِنْ ر ِِيح المِسْكِ ( أي ريح‬
‫وسلم قبله‪» :‬والذي نفس محمد بيده« أي بقدرته وتصر يفه لخلوف )ف َ ِم َ‬
‫فم الصائم أطيب عند الل ّٰه من ريح المسك عندكم‪ .‬وقيل‪ :‬المراد أن الل ّٰه يجز يه في الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك‪ ،‬ورجح النووي أن معنى ذلك أن الخلوف أكثر ثوابا من المسك المندوب‬
‫إليه في الجمع‪ ،‬ومجالس الذكر‪ ،‬وهو حمل معنى الطيب على القبول والرضا‪ ،‬وقد نقل القاضي حسين أن للطاعات يوم القيامة ر يحا يفوح‪،‬‬
‫فرائحة الصيام فيها بين العبادات كالمسك‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫)‬
‫شِتَاء ِ الغ َن ِيم َة ُ‬ ‫ل الل ّٰه وَم َا الغ َن ِيم َة ُ البَارِدَة ُ؟ قال‪َ :‬‬
‫الصّ وْم ُ في ال ّ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬عَلَيْك ُ ْم بالغ َن ِيمَة ِ البَارِدَة ِ( أي الزموها )قالوا يا رَسُو َ‬
‫خر َ( والمراد الصغائر )فَإذ َا ت ََم ّ رَمَضَانُ لا‬
‫البَارِدَة ُ‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَام َ يَو ْما م ِنْ رَمَضَانَ غُف ِر َ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫ْس عَلَيْه ِ ذَن ْبٌ ( أي من الصغائر المتعلقة بحق الل ّٰه‬
‫ل رَمَضَانَ آخ َر ج َاء َ يَوْم َ القيامَة ِ و َلَي َ‬
‫ل الآخر‪ ،‬فإ ْن م َاتَ قَب ْ َ‬
‫يُكْت َبُ عَلَيْه ِ ذَن ْبٌ إلى الحَو ْ ِ‬
‫تعالى وجملة قوله‪ ،‬وليس عليه ذنب حالية من فاعل جاء‪ ،‬فالواو للحال وفي رواية من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه وما تأخر‪ ،‬رواه الخطيب عن ابن عباس‪ .‬قوله إيمانا‪ ،‬أي اعتقادا بحق فرض الصوم‪ ،‬قوله واحتسابا أي طالب الثواب من الل ّٰه‬
‫تعالى‬
‫ض أ ْن ٺَتَك َل ّما لَق َالَتَا بُش ْرى( مبتدأ ونعتها محذوف أي بشرى عظيمة )لم َِنْ صَام َ‬
‫موات والأَ ْر ِ‬
‫ِ‬ ‫س‬‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لَو ْ أَ ذِنَ الل ّٰه لل َ ّ‬
‫الن ّارِ كَج َن ُ ّة ِ أحَدِك ُ ْم م ِ َ‬
‫ن الق ِتَالِ( أي كالدرع المانع من‬ ‫ن َ‬ ‫الصيام ُ ج َُن ّة ٌ( بضم الجيم أي سترة )م ِ َ‬
‫رَمَضَانَ بال َجن ّة ِ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ِّ :‬‬
‫القتل في القتال وحسبك به فضلا ًللصائم‪ ،‬رواه ابن ماجه عن عثمان بن أبي العاص‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬وفي لفظ الصوم جنة أحدكم‬
‫من النار كدرع أحدكم في القتال‬
‫)‬
‫الصّ ائِم ُ إذا أَ فْطَر َ ص ََل ّ ْ‬
‫ت علَيْه ِ المَلائِك َة ُ( أي دعت له بالبركة أو استغفرت له )حَت ّى يَفْرَغَ وقال صلى الل ّٰه عليه‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬

‫الصّ وْم ُ( رواه ابن ماجه عن أبي هريرة والطبراني عن سهل بن سعد‪ ،‬وإنما كان الصوم‬ ‫ل شَيْء ٍ زَك َاة ٌ( أي صدقة )وَزَك َاة ُ الجَسَدِ َ‬ ‫وسلم‪ :‬لِك ُ ّ ِ‬
‫زكاة البدن لأنه سر من أسرار الل ّٰه تعالى‪ ،‬وسبب لنحول الجسد وز يادة بركته‪ ،‬وخيره المعنوي فأشبه الزكاة المالية‪ ،‬فإنها وإن نقصته‬
‫حسا زادته بركة‪ ،‬فكذلك الصوم‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬نَوْم ُ الصّ ا ِئمِ( أي فرضا أو نفلا ً)عِبَادَة ٌ( وفي لفظ نوم العالم عبادة‪ ،‬فيحتمل أنها رواية‪ ،‬و يحتمل أن أحد‬
‫َاب‬
‫صم ْت ُه ُ تَسْب ِيحٌ( أي بمنزلة التسبيح )و َع َمَلُه ُ مُضَاع ٌَف( الحسنة بعشر إلى ما فوقها )وَد ُعَاؤُه ُ مُسْت َج ٌ‬
‫اللفظين سبق قلم كذا أفاد العزيزي )و َ َ‬
‫وَذَن ْب ُه ُ مَغْف ُور ٌ( أي ذنوبه الصغائر رواه البيهقي عن عبد الل ّٰه بن أبي أوفى‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪ ،‬وفي لفظ ونفسه تسبيح وكلامه صدقة‬
‫انتهى‪ .‬وهذا في صائم لم يخرق صومه بنحو غيبة‪ ،‬فالنوم وإن كان عين الغفلة يصير عبادة‪ ،‬لأنه يستعين به على العبادة‪.‬‬
‫}الباب الرابع عشر‪ :‬في فضيلة الفر يضة{‬
‫من صلاة وما معها‪.‬‬
‫)‬
‫س( أي خمس دعائم كما في رواية عبد الرزاق‪،‬‬
‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬بُنِي َ الإسْ لام ُ( بالبناء للمفعول أي أسس الإسلام )عَلَى خَم ْ ٍ‬
‫فالمبني هو الإسلام الكامل والمبني عليه أصل الإسلام‪ ،‬ومجموع هذه الخمس غير المبني عليه من حيث الانفراد‪ ،‬وعينه من حيث الجمع‬
‫ومثاله البيت مثلا ً يجعل على خمسة أعمدة‪ :‬أحدها أوسط‪ ،‬والبقية أركان فإذا دام الأوسط قائما‪ ،‬فسمي البيت موجودا‪ ،‬ولو سقط شيء‬
‫من الأركان‪ ،‬فإذا سقط الأوسط سقط مسمى البيت‪ ،‬فالبيت بالنظر إلى مجموعة شيء واحد‪ ،‬وبالنظر إلى أفراده أشياء كثيرة‪ ،‬وأيضا‬
‫فالنظر إلى رأسه وأركانه الأس أصل‪ ،‬والأركان تبع وتكملة‪ ،‬وأيضا إلى معنى الإسلام هو التذلل العام الذي هو اللغوي‪ ،‬فيبنى عليه‬
‫ل‬ ‫إلا ّ الل ّٰه و َأَ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدا رَسُو ُ‬ ‫التذلل الشرعي الذي هو فعل الواجبات‪ ،‬فلا يلزم على ذلك المذكور بناء الشيء على نفسه )شَه َادَة ُ أ ْن لا َاله َ‬
‫الل ّٰه( بجر شهادة وما بعدها على البدل من خمس‪ ،‬و يجوز الرفع على حذف الخـبر‪ ،‬والتقدير منها شهادة أو على حذف المبتدأ‪ ،‬والتقدير‬
‫أحدها شهادة ولم يذكر صلى الل ّٰه عليه وسلم الجهاد مع هذه الخمس‪ ،‬لأنه فرض كفاية وهذه فروض عينية‪ ،‬ولم يذكر الإيمان بالملائكة‬
‫ونحوه‪ ،‬لأنه صلى الل ّٰه عليه وسلم أراد بالشهادة تصديق الرسول صلى الل ّٰه عليه وسلم بكل ما جاء به فيستلزم ذلك )و َإقَام ُ َ‬
‫الصّ لاة ِ( أي‬

‫صوْم ُ رَمَضَانَ( رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمر بن‬ ‫الز ّكاة ِ( أي إعطاؤها أهلها )و َحَ ُ ج ّ البَي ِ‬
‫ْت و َ‬ ‫المداومة عليها )و َإيتَاء َ‬
‫ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الخطاب‪ ،‬وفي رواية لمسلم عن ابن عمر تقديم الصوم على الحج وقدم صلى الل ّٰه عليه وسلم الشهادتين‪ ،‬لأنهما أصل الأمر كله ثم الصلاة‪،‬‬
‫لأنها عماد الدين و يقتل تاركها بضرب عنقه على المذهب وقيل‪ :‬يضرب بالخشب إلى أن يموت‪.‬‬
‫وقيل بنخس بحديدة إلى أن يصلي أو يموت‪ ،‬ثم الزكاة لأنها فطرة الإسلام ولشمولها المكلف وغيره‪ ،‬ثم الحج للتغليظات الواردة فيه من‬
‫نحو قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم من لم تحبسه حاجة‪ ،‬ولم يحج وله جمع‪ ،‬فليمت إن شاء يهوديا‪ ،‬وإن شاء نصرانيا‪ ،‬والمراد بالجمع مال وغيره‪،‬‬
‫فإن بذلك المذكور من التعاليل أن يقع الصوم آخرا‪.‬‬
‫ووجه الحصر في الخمس أن العبادة إما قولية‪ ،‬وهي الشهادة أو غير قولية وهذا إما تركي وهو الصوم‪ ،‬والمراد بالترك إمساك الصائم‪ ،‬أو‬
‫فعلي وذا إما بدني وهو الصلاة أو مالي وهو الزكاة‪ ،‬أو مركب منهما وهو الحج‪ .‬والإسلام الحقيقي يحصل بالشهادتين بشرط التصديق‬
‫كما أفاده العزيزي‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ص َُل ّوا خَمْسَكُمْ( أي صلواتكم الخمس )وَز َ ُكّ وا أَ مْوَالـَك ُ ْم وَصُوم ُوا شَهْر َكُمْ( أي رمضان كما روي عن عكرمة عن‬

‫شعْبَانُ ش َ ْهرِي وَرَمَضَانُ شَهْر ُ ُأ َمّتِي« )و َحُ ُ ج ّوا بَي ْتَ‬


‫ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬رَجَبُ شَهْر ُ الل ّٰه و َ‬
‫َاب( أي بغير مناقشة فيه فقوله تدخلوا جواب‬
‫حس ٍ‬‫ر َبِّكُمْ( أي الـكعبة المشرفة )ت َ ْدخ ُلُوا ج ََن ّة َ ر َبِّكُمْ( أي الذي رباكم في نعمته )بِغَيْر ِ ِ‬
‫الأمر )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الصّ لاة ُ عِمَاد ُ الد ِّينَ( أي أصله وأسه فالصلاة تحقيق للعبودية‪ ،‬وأداء حق الربوبية وجميع العبادات‪،‬‬
‫وسائل إلى تحقيق سرها كما أفاده العزيزي )فَم َنْ أَ قَامَهَا فَق َ ْد أَ قَام َ الد ِّين وَم َنْ ت َرَكَها فَق َ ْد هَد َم الد ِّينَ( بالدال المهملة‪ ،‬أي أزاله من أصله‬
‫أو بالذال المعجمة‪ ،‬أي قطعه فقوام الدين ليس إلا بها كما أن البيت لا يقوم إلا على عموده‬
‫)‬
‫َت شَهْر َه َا( أي رمضان غير أيام الحيض‬ ‫ت خَم ْسَه َا( أي المكتوبات الخمس )وَز َ َكّ ْ‬
‫ت م َالَها وَصَام ْ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬المَر ْأة ُ إذا ص ََل ّ ْ‬
‫ل ج ََن ّة َ‬
‫َت بَعْلَها( أي في غير معصية )و َأَ حْ صَن َْت فَرْجَها( أي من وطء غير حليلها )ت َ ْدخ ُ ُ‬ ‫والنفاس إن كان )و َحَ َ ج ّ ْ‬
‫ت بَي ْتَ ر َ ّبِها و َأَ طَاع ْ‬
‫ت( وأضاف صلى الل ّٰه عليه وسلم طاعة الزوج إلى مباني الإسلام إشارة إلى أنها عظيمة‬
‫باب شَاء َ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ر َ ّبِها م ِنْ أيّ‬
‫ن َ‬
‫الصّ لاة ُ(‬ ‫ل شَيْء ٍ ع ِلَم ٌ( أي لواء )وَع ِل َ َمّ الإيما ِ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم لِك ُ ّ ِ‬
‫الصّ لاة ِ( أي بتعليم أركانها وشروطها وهيئاتها وأبعاضها‪،‬‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬ات ّقوا الل ّٰه في َ‬
‫الصّ لاة ِ َات ّقوا الل ّٰه في َ‬
‫الصّ لاة ِ اتق ُوا الل ّٰه في َ‬
‫َت أَ يْمَانُك ُم( أي من آدمي وحيوان محـترم َ‬
‫)ات ّقوا الل ّٰه في‬ ‫والإتيان بها في أوقاتها وتكرير الجملة ثلاثا لمزيد التأكيد َ‬
‫)ات ّق ُوا الل ّٰه ف ِيم َا م َلـَك ْ‬
‫َ‬
‫)والصب ّيّ اليتيم( أي الصغير الذي لا أب له ذكرا كان أو أنثى‪ ،‬رواه‬ ‫َ‬
‫الضّ ع ِيف َيْنِ المَرأة الأَ ْرم َلَة( أي المحتاجة المسكينة التي لا كافل لها‬
‫البيهقي عن أنس بن مالك‪ ،‬وهو حديث حسن‪ ،‬وهو ما عرف مخرجه من كونه حجاز يا شاميا عراقيا مكيا كوفيا‬

‫كف َر َ جِهاراً(‬
‫الصّ لاة َ م ُت َعَمِّدا فَق َ ْد َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ص َُل ّوا كَمَا ر َأَ يْتمُُونِي( أي علمتموني ) ُأصَل ِّي و َقَا َ‬
‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم م َنْ ت َرَك َ َ‬
‫أي استوجب عقوبة من كفر أو قارب أن يكفر فإن تركها جاحدا لوجوبها كفر حقيقة‪ ،‬رواه الطبراني عن أنس وإسناده حسن‬
‫)‬
‫ك َ ّفارَة ٌ‬
‫ك َ ّفارَة ٌ لمَا بَيْنَه َُنّ ما اجْ تُن ِب َِت الك َبَائ ِر ُ والجم ُُع َة ُ إلى الجم ُُعَة ِ( أي وصلاة الجمعة إلى الجمعة ) َ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الصّ لواتُ الخم َ ُْس َ‬
‫س كَمث ِ‬
‫ل‬ ‫لوات الخم َ ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ل َ‬
‫الصّ‬ ‫لما بَيْنَهُم َا وَزِي َادَة ُ ثَلاثَة ِ أيا ٍم( رواه أبو نعيم عن أنس وقال الغزالي في الإحياء‪ :‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬مث ُ‬
‫ك يُبْقِي م ِنْ دَر َنِه ِ قالوا‪ :‬لا َشَيْءَ‪ .‬قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬
‫ات‪ ،‬فَمَا ت َر َ ْونَ ذال ِ َ‬
‫ْس م َ َّر ٍ‬
‫ل يو ْ ٍم خَم َ‬ ‫اب أحَدِك ُ ْم يَقْت َ ِ‬
‫حم ُ ف ِيه ِ ك ُ َ ّ‬ ‫ْب غَمْرٍ ببِ َ ِ‬
‫نَهْرٍ عَذ ٍ‬

‫لوات الخم َ َْس ت ُ ْذه ِبُ ال ُذ ّنُوبَ كَمَا ي ُ ْذه ِبُ الماء ُ ال َد ّرَنَ«‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ن َ‬
‫الصّ‬ ‫فَإ َ ّ‬
‫اب الك َبَائِر ِ( رواه الترمذي والحاكم‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬منْ جَم َ َع بَيْنَ َ‬
‫الصّ لاتَيْنِ م َنْ غَيْر ِ ع ُ ْذرٍ( كسفر ومطر )فَق َ ْد أتى بابا م ِنْ أَ ب ْو َ ِ‬
‫عن ابن عباس‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫}الباب الخامس عشر‪ :‬في فضيلة السنن{‬


‫أي نوافل الصلاة قال العلماء‪ :‬والحكمة في مشروعية النوافل التكميل للفرائض إن عرض فيها نقص‪.‬‬
‫والل ّيلَة ِ اث ْن َت ْي ع َشرَة َ رَكْ ع َة ً تَطَو ّعا بنى الل ّٰه لَه ُبيتا في الج َنَ ّة ِ( رواه أحمد ومسلم وأبو داود‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى في اليَو ْ ِم َ‬
‫والنسائي وابن ماجه عن أم حبيبة قال ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام وللترمذي نحوه‪ ،‬وزاد أربعا قبل الظهر‪ ،‬وركعتين بعدها‪،‬‬
‫وركعتين بعد المغرب‪ ،‬وركعتين بعد العشاء‪ ،‬وركعتين قبل صلاة الفجر انتهى‪.‬‬
‫وقال العزيزي‪ :‬ولم يبېن في هذه الرواية العدد المذكور‪ ،‬وقد بينه النسائي عن أم حبيبة فقال‪ :‬أربع ركعات قبل الظهر‪ ،‬وركعتين بعده‪،‬‬
‫وركعتين قبل العصر‪ ،‬وركعتين بعد المغرب‪ ،‬وركعتين قبل صلاة العشاء‬
‫)‬
‫ل‬
‫ل العَصْر ِ دَخ َ َ‬ ‫ل ال ُ ّ‬
‫ظ ْهرِ أربعا و َبَعْد َها أرْبعا( أي من الركعات )و َأَ رْبعا قَب ْ َ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى قَب ْ َ‬
‫ل الف َجْ ر رَكْ ع َتَيْنِ و َقَب ْ َ‬
‫الج َنَ ّة َ( أي مع السابقين‪ ،‬وفي الخـبر ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها رواه مسلم وفيه لا تدعوا ركعتي الفجر‪ ،‬وإن طردتكم الخيل‪،‬‬
‫أي خيل العدو من الـكفار وغيرها بل صلوهما‪ ،‬وإن كنتم ركابا ً أو مشاة بالإيماء إلى الركوع والسجود أخفض‪ ،‬ولو إلى غير القبلة‬
‫فيكره تركهما رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة‪ ،‬وفيهما قول بأنهما أفضل من الوتر الذي قيل بوجوبه‪ .‬ويسن أن يفضل بينهما وبين‬
‫الفرض باضطجاع على جنبه الأيمن‪ ،‬فإن تعذر فبكلام أو تحول من محله أو نحو ذلك‪ ،‬وفي الخـبر أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم كان لا‬
‫يدع أربعا قبل الظهر‪ ،‬وأنه كان يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم‪ ،‬وروي أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪» :‬ر َ ِ‬
‫حم َ الل ّٰه‬
‫ل العَصْر ِ« رواه أحمد وأبو داود والترمذي‬
‫امرا صَلّى أَ رْبعا قَب ْ َ‬
‫ل رقَبَة ٍ م ِنْ بني إسْمَاعِيل( رواه الطبراني عن رجل‬ ‫ل ال ُ ّ‬
‫ظ ْهرِ أربعا ك َانَ( أي ثواب ذلك )كَع َ ْد ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى قَب ْ َ‬
‫صحابي أنصاري‬
‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى رَكْ ع َتَينِ( أي بأي صلاة كانت )في خ َلاَءٍ( أي في محل خال من الآدميين بحيث )لا ي َر َاه ُ‬
‫الن ّارِ( رواه ابن عساكر عن جابر‪ ،‬وذلك يحتمل أن الل ّٰه تعالى‬ ‫ن َ‬ ‫إلا الل ّٰه والمَلائِك َة ُ( أي ومن في معناهم وهم الجن )كُت ِبَ لَه ُ ب َر َاءَة ٌ م ِ َ‬
‫بسبب ذلك يوفقه للتوبة أو يعفو عنه ويرضي خصماءه‪ ،‬فلا تمسه النار أفاد ذلك العزيزي‬
‫ْت م ُ ْظل ِ ٍم ب ِرُك ٍ‬
‫ُوع ت َا ٍمّ و َسُ ج ُودٍ ت َا ٍمّ إلا وَجَب َْت( أي ثبتت )لَه ُالج َنَ ّة ُ( بفضله‬ ‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ يُصَل ِّي في بَي ٍ‬
‫)وقال رَسُو ُ‬
‫َاب( أي مناقشة فيه‬
‫حس ٍ‬‫تعالى )بَلا ِ‬
‫)‬
‫ن النِّف َاقِ( أي نفاق الاعتقاد‬
‫اس فَق َ ْد بَر ِىء َ م ِ َ‬ ‫َات بِ حَي ْثُ ( أي في موضع )لا ت َر َاه ُ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫كع ٍ‬ ‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم م َنْ صَلَ ّى أرْب َ َع ر َ َ‬ ‫وقَا َ‬
‫الن ّارِ( أي كفر الل ّٰه عنه بذلك ذنوبه‪،‬‬‫ل العَصْر ِ أَ رْبَعا ح َرّم َه ُ الل ّٰه عَلَى َ‬
‫ل صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى قَب ْ َ‬ ‫)والـكُفرِ والبِدْعَة ِ َ‬
‫والضّ لالَة ِ وقا َ‬
‫فلا يعاقب بالنار عليها‪ ،‬و يحتمل المعنى غير ذلك رواه الطبراني عن ابن عمر‪.‬‬
‫قال المناوي وفي رواية لم تمسه النار‪ ،‬وفي هذا الحديث ندب أربع قبل العصر وعليه الشافعي‪.‬‬
‫ل أَ ْن يَتَك ََل ّم( أي بشيء مطلقا أو بشيء من أمور الدنيا )كُت ِبَتَا( أي الركعتان‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى بَعْد َ المَغْر ِ‬
‫ِب رَكْ ع َتَينِ قَب ْ َ‬
‫أي ثوابهما )في عليين( هو اسم لديوان الخـير الذي دون فيه كل ما عمله صلحاء الثقلين رواه عبد الرزاق عن مكحول بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وفي الحديث الذي رواه ابن حبان والطبراني عن الزبير بن العوام‪ ،‬ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها‪ ،‬أي أمامها ركعتان‪ ،‬وفي هذا‬
‫الحديث ندب الرواتب القبلية للفرائض‪ ،‬وفي الحديث الذي رواه ابن نصر عن ابن عمر من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن‬
‫يتكلم‪ ،‬غفر له بها ذنوب خمسين سنة‪ ،‬وذلك صلاة الأوابين‪ ،‬وإحياء ما بين المغرب والعشاء سنة مؤكدة‬
‫َات بَعْد َ العِشَاء ِ قَب ْ َ‬
‫ل أَ ْن يَتَك ََل ّم َ فَك َأَ َن ّما أَ ْدرَك َ لَيْلَة َ الق َ ْدرِ( وفي لفظ فقد أحيا ليلة القدر‬ ‫كع ٍ‬‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى أَ رْبع ر َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٠‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫جدِ الحَرا ِم( قالت عائشة رضي الل ّٰه عنها‪ :‬كان رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يصلي بعد العشاء الأخيرة أربع ركعات‪ ،‬ثم ينام‬
‫س ِ‬
‫)في الم َ ْ‬
‫كذا في الأحياء‪.‬‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَلَ ّى ُ‬
‫الضّ حَى ثِن َت ْي ع َشرة َ رَكْ ع َة ً إيمانا( أي اعتقادا بحق )واحْتِسَابا( أي طلبا للأجر من الل ّٰه تعالى )كَت َبَ‬
‫ْف دَرَجَة ٍ و َبَنى الل ّٰه لَه ُ بَي ْتا في الج َنَ ّة ِ وَغَف َر َ الل ّٰه لَه ُ ذ ُنُوبَه ك َُل ّها( وفي‬
‫ْف سَي ِّئَة ٍ ور َف َ َع لَه ُ أَ ل َْف أَ ل ِ‬
‫محَا عَن ْه ُ أَ ل َْف أَ ل ِ‬
‫حسَنَة ٍ و َ َ‬
‫ْف َ‬
‫الل ّٰه لَه ُ أَ ل َْف أَ ل ِ‬
‫رواية الترمذي وابن ماجه عن أنس وابن ماجه عن أنس بإسناد ضعيف من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة‪ ،‬بنى الل ّٰه له قصرا في‬
‫الجنة من ذهب‪ ،‬وفي رواية الطبراني إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين‪ ،‬أو أربعا كتبت من المخبتين‪ ،‬أو ستا كتبت من‬
‫القانتين‪ ،‬أو ثمانيا كتبت من الفائزين‪ ،‬أو عشرا لم يكتب عليك ذلك اليوم ذنب‪ ،‬وإن صليتها اثنتي عشرة ركعة بنى الل ّٰه لك بيتا في‬
‫الجنة‪ ،‬ونظم ذلك عبد السلام بن عبد الملك من بحر الطو يل فقال‪:‬‬
‫ل فَخ ُ ْذ عَد َدا ق َ ْد ج َاءَن َا ع َنْ أبي ذَرِّ‬ ‫ن المخُ ْتَارِ س ُ ّ‬
‫ِت فَضَائ ِ ٍ‬ ‫ك الل ّٰه م ِنْ حُرّ ِ فَف ِيهَا ع َ ِ‬
‫سعْدٌ لم َِنْ ي َ ْدرِي فَبَادِ ْر إلَيْهَا ي َا ل َ َ‬ ‫الضّ حَى ي َا ص ِ‬
‫َاح َ‬ ‫صَلاَة ُ ُ‬

‫ن بِهَا فَوْز ُ المصل ِّي لَد َى الحَشْر ِ و َتُمْحَى ذ ُنُوبُ‬ ‫مخ ْب ِتا ي َا أَ ب َا عَم ْر ُو وَس ُ ّ‬
‫ِت هَد َاك َ الل ّٰه تُكْت َبُ قَانِتا ثَما ٍ‬ ‫ْس تُكْت َب غَاف ِلا ًوأَ رْب َ ُع تُدْعى ُ‬
‫ن مِنْهَا لَي َ‬
‫فَثِن ْتَا ِ‬
‫ل‬
‫ص ِّ‬
‫مجَاوَرَة َ الب َ ْدرِ مُحَم ّد الهَادي و َ َ‬
‫َب فَا ْرز ُق ْنَا ُ‬
‫ل صَالحا و َي َا ر ِّ‬
‫َب و َف ِّقْنَا لِنَعْم َ َ‬
‫ْت ب ِالقَصْر ِ فَيَا ر ِّ‬
‫جئ ْتَ اثنتي عَشْر َة فُز ِ‬
‫اليو ْ ِم ب ِالعَشْر ِ فاصْ طَبِرْ فإ ْن ِ‬
‫صحَابه الغ ُرِ ّ ‪.‬‬
‫نح ْوَه ُ الحا َدِي و َأَ ْ‬
‫عَلَيْه ِ م َا حَد َا َ‬
‫}الباب السادس عشر‪ :‬في فضيلة الزكاة{‬
‫وهي دليل على إيمان فاعلها‪ ،‬فإن المنافق يمتنع منها لـكونه لا يعتقدها‪.‬‬
‫)‬
‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الز ّك َاة ُ قَنْطَرَة ُ الإسْ لام( أي جسره الذي يعبر منه إليه فإيتاؤها طر يق في التمكين في الدين رواه الطبراني‬
‫عن أبي الدرداء والبيهقي عن ابن عمر‬
‫إلا ّ َ‬
‫بالز ّكاة ِ ولا إيمانَ لم َِنْ لا َ زَك َاة لَه ُ‬ ‫ل الل ّٰه الإيمانَ َ‬
‫ن وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا َ يَقْب َ ُ‬
‫طهْر ُ الإيما ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الز ّك َاة ُ ُ‬
‫بالز ّكاة ِ( أي بإخراجها فما تلف مال في بر ولا بحر إلا بمنعها )وَد َاووا م َرضَاك ُ ْم َ‬
‫بالصّ د َقَة ِ(‬ ‫َصن ُوا أموالـ َكم َ‬‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ح ِّ‬
‫ْ‬
‫فإنها أنفع من الدواء الحسي )وأَ ع ِ ُ ّدوا لِل ْبَلاء ِ ال ُد ّعَاءَ( أي بأن تدعوا عند نزوله‪ ،‬فإنه يرفعه رواه الطبراني وأبو نعيم والخطيب‪ ،‬وفي رواية‬
‫لأبي داود بدل هذه الجملة الأخيرة‪ ،‬واستعينوا على حمل البلاء بالدعاء والتضرع‬
‫الز ّك َاة ِ( كما في الحديث الذي رواه ابن عدي والبيهقي عن عائشة ما‬ ‫إلا ّ بِمَن ِْع َ‬
‫بح ْر َ‬
‫ل في بَر ٍّ ولا َ‬
‫ك م َا ٌ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ما هَل َ َ‬
‫اختلطت الصدقة أي الزكاة مالا ًإلا أهلـكته‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا إيمَانَ لم َِنْ لا َ صَلاَة َ لَه ُ( أي لأن الصلاة نور كما في الحديث‪ ،‬أي وهي سبب لإشراق أنوار المعارف‬
‫)ولا صَلاَة َ لم َِنْ لا زَك َاة َ لَه ُ( كما قد روي عن ابن مسعود أمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة‪ ،‬ومن لم يزك فلا صلاة له‪ ،‬وفي رواية لمسلم‬
‫من أقام الصلاة‪ ،‬ولم يؤت الزكاة فليس بمسلم ينفعه عمله‪ ،‬وفي الخـبر إن الل ّٰه تعالى قرن ثلاثة أشياء‪ ،‬فلم يقبل واحد منها بدون الأخرى‬
‫ن‬ ‫الز ّك َاة{ ]النور‪ [٦٥ :‬وقال الل ّٰه تعالى‪} :‬و َأَ طِيع ُوا الل ّٰه و َأَ طِيع ُوا َ‬
‫الر ّسُولَ{ ]النساء‪ [٩٥ :‬وقال تعالى‪} :‬أ ِ‬ ‫الصّ لاَة َ و َآتُوا َ‬
‫فقال تعالى‪} :‬أق ِيم ُوا َ‬
‫أشْ ك ُر لَي و َل ِوَالِدَيْكَ{ ]لقمان‪[٤١ :‬‬
‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬طهّ ِروا أمْوَالـَك ُ ْم َ‬
‫بالز ّكاة ِ(‬
‫)‬
‫الز ّك َاة ُ فَلَم يَدْفَعْه َا( أي الزكاة لمن يستحقها )فَه ُو َ في َ‬
‫الن ّارِ(‪.‬‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم م َنْ وَجَب َْت عَلَيْه ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣١‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ْظ المَالِ( وفي رواية‬


‫حف َ‬ ‫ل لا ي ُز ََك ّى وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ م َن َ َع َ‬
‫الز ّكاة َ م َن َ َع الل ّٰه تَع َالى عَن ْه ُ ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم لا خَيْر َ في م َا ٍ‬
‫للبيهقي وغيره يا معشر المهاجرين خصال خمس ابتليتم بهن‪ ،‬ونزلت بكم‪ ،‬أعوذ بالل ّٰه أن تدركوهن‪ ،‬لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى‬
‫يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم‪ ،‬ولم ينقصوا المكيال والميزان‪ ،‬إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان‪،‬‬
‫ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا المطر من السماء‪ ،‬ولولا البهائم لم يمطروا‪ ،‬ولا نقضوا عهد الل ّٰه وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من‬
‫غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم‪ ،‬وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الل ّٰه جعل الل ّٰه بأسهم بينهم كذا في الزواجر‪.‬‬
‫}الباب السابع عشر‪ :‬في فضيلة الصدقة{‬
‫ل و َلَو ْ ك َانَ ك َاف ِرا« فقال رجل‬ ‫روي عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه أنه قال سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬لا ت َر ُ ُدّوا ال َ ّ‬
‫سائ ِ َ‬
‫من الصحابة رضي الل ّٰه عنهم‪ :‬يا رسول الل ّٰه وهل لنا أن نتصدق بشيء من أموالنا إلى الـكفار؟ فقال‪ :‬نعم إنهم خلق من خلق الل ّٰه‬
‫تعالى‪ ،‬وإن الصدقة لتقع في يد الرحمن كذا في ر ياض الصالحـين‪.‬‬
‫سوءِ( بكسر الميم للهيئة‪ ،‬ثم بفتح السين رواه القضاعي عن أبي هريرة‪ ،‬وهو حديث‬
‫الصّ د َق َة ُ تَم ْن َ ُع م ِيت َة َ ال ُ ّ‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫ضعيف‪ ،‬والمراد بالسوء ما لا تحمد عاقبته من الحالات الرديئة كالحرق والغرق‪.‬‬
‫)‬
‫صد َق َة ُ الع َلاَنيَِة ِ ج َُن ّة ٌ( بضم الجيم أي سترة‬
‫ب( أي تمنع عقابه عمن استحقه )و َ َ‬ ‫صد َق َة ُ الس ِّرِّ ت ُ ْطفِىء غَضَبَ َ‬
‫الر ّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫شي ْئا‪،‬‬
‫ل َ‬ ‫الن ّارِ( كما روي عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ أَ ْعطَى ال َ ّ‬
‫سائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫)م ِ َ‬
‫و َلَو ْ ل ُ ْقم َة َ َطع َا ٍم إلاد َف َ َع الل ّٰه عَن ْه ُ بِهَا ن ِ ْقم َة ً«‪.‬‬

‫سوءِ( بالمهملة‪ ،‬وفي رواية من الشر بالمعجمة والراء رواه الطبراني عن رافع‬
‫ن ال ُ ّ‬
‫الصّ د َق َة ُ تَس ُ ُ ّد سبعينَ بابا م ِ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫بن خديج بإسناد ضعيف‪ ،‬وفي رواية للخطيب عن أنس بإسناد ضعيف الصدقة تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص‬
‫هذا مما علمه الل ّٰه تعالى لنبيه من الطب الروحاني الذي يعجز عن إدراكه الخلق‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬اتّق ُوا َ‬
‫الن ّار َ( أي اجعلوا بينكم وبين نار جهنم وقاية من الصدقات‪ ،‬وأعمال البر‪) .‬و َلَو ْ( كان الاتقاء المذكور‬
‫)بِشِقّ ِ تَم ْرَة ٍ( بكسر الشين المعجمة‪ ،‬أي جانبها أو نصفها‪ ،‬فإنه قد يسد الرمق سيما للطفل فلا يحتقر المصدق ذلك )فإ ْن ل َ ْم َ‬
‫تجِد ُوا( ما‬
‫ٺتصدقون به لفقده حسا أو شرعا‪ ،‬كأن احتجتموه لمن تلزمكم نفقته )فَبِكَل ِمَة ٍ طَي ِّبَة ٍ( أي تطيب قلب الإنسان بأن يتلطف به بالقول أو‬
‫بالفعل‪ ،‬فإنه سبب للنجاة من النار رواه أحمد والبخاري ومسلم عن عدي بن حاتم وقال العزيزي نقلا ًعن السيوطي‪ :‬الذكر أفضل من‬
‫سك ُ ْم و َعَلَى أَ مْوَاتِك ُ ْم و َلَو ْ بشَرْبَة ِ م َاء ٍ فَإ ْن ل َ ْم‬
‫ص َ ّدق ُوا عَلَى أَ نْف ُ ِ‬
‫الصدقة‪ ،‬وهو أيضا يدفع البلاء‪ ،‬وعن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬ت َ َ‬
‫ن الل ّٰه و َعَد َكُم ُ الإج َابَة َ كَذ َا‬
‫والر ّحْمَة ِ‪ ،‬فَإ َ ّ‬
‫ن فَا ْدع ُوا لَه ُ ْم ب ِالمَغْف ِرَة ِ َ‬
‫ن القُر ْآ ِ‬ ‫اب الل ّٰه تَع َالى‪ ،‬فَإن ل َ ْم تَعْلَم ُوا َ‬
‫شي ْئَا م ِ َ‬ ‫ك فَب ِآيَة ٍ م ِنْ ك ِت َ ِ‬
‫ت َ ْقدِر ُوا عَلَى ذَل ِ َ‬
‫ض َ‬
‫الصّ الِ حـينَ«‪.‬‬ ‫فِي ر يا ِ‬
‫)‬
‫ن الحِرْم َانَ( أي عدم الإعطاء بالكلية )أَ ق َ ُ ّ‬
‫ل مِن ْه ُ( أي إعطاء القليل‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا َتَسْت َحي ُوا م ِنْ إعطَاء ِ الق َلِي ِ‬
‫ل فَإ َ ّ‬
‫)و َقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ نَه َر َ سَائِلاً( أحوجته العيلة إلى السؤال‪ ،‬أي من زجره وأغلظ عليه القول )نَه َرَت ْه ُ الملائِك َة ُ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ(‬
‫فينبغي أن يرده ردا جميلا ًقال إبراهيم بن أدهم‪ :‬نعم القوم السّؤال يحملون زادنا إلى الآخرة‪ ،‬وقال إبراهيم النخعي‪ :‬السائل بريدنا‪ ،‬أي‬
‫رسولنا إلى الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول‪ :‬هل تبعثون إلى أهليكم بشيء؟ وقيل‪ :‬المراد بالسائل الذي يسأل عن الدين‪ .‬وروي‬
‫عن الزمخشري أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪ :‬إذا رددت السائل ثلاثا‪ ،‬فلم يرجع فلا عليك أن تزبره أي تزجره وقيل‪ :‬أما إنه ليس‬
‫السائل المستجدي‪ ،‬ولـكن طالب العلم إذا جاءك فلا تنهره‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٢‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫صد َقَة ٍ(‬


‫ل م ِنْ َ‬
‫َص م َا ٌ‬
‫ق الخـُبْزِ( أي شق منه )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا نَق َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬مَه ْر ُالحُورِ الع ِينِ قَبْضَة ُ َ‬
‫التمّْرِ و َفَل ْ ُ‬
‫أي بل يزيده في الدنيا بالبركة‪ ،‬ودفع المفسدات عنه وفي الآخرة بإجزال الأجر‪ ،‬وفي رواية لأحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ما‬
‫نقصت صدقة من مال‪ ،‬فمن زائدة‪ ،‬أي ما نقصت صدقة مالا ًأو صلة لنقصت‪ ،‬أي ما نقصت شيئا من مال وما زاد الل ّٰه عبدا بعفو‬
‫إلا عزا‪ ،‬وما تواضع أحد لل ّٰه إلا رفعه الل ّٰه‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الصّ د َق َة ُ شَي ُء ٌ عَظ ِيم قَالَها( أي تلك الكلمة )ثَلاَثا( أي ثلاث مرات في تلك اللحظة‪ ،‬وفي رواية للطبراني وأبي‬
‫نعيم عن أنس بأسانيد ثقات تصدقوا‪ ،‬فإن الصدقة فكاككم من النار‪ ،‬أي خلاصكم من نار جهنم‪ ،‬والصدقة أفضل من حج التطوع عند‬
‫أبي حنيفة كذا نقله المناوي عن العبادي‬
‫)‬
‫الصّ د َق َة ُ ت َر ُ ُدّ البَلاَء و َتُطَوِ ّ ُ‬
‫ل العُمْر َ( أي تبارك فيه فيصرف في الطاعات‪ ،‬وفي رواية لأبي نعيم عن علي بإسناد‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫ضعيف الصدقة على وجهها‪ ،‬واصطناع المعروف وبر الوالدين وصلة الرحم تحول الشقاء سعادة‪ ،‬وتزيد في العمر وتقي مصارع السوء‪.‬‬
‫وحكي أن رجلا ًكان له شجرة عظيمة عند بيته‪ ،‬فيها أفراخ الورشانة فقالت له زوجته‪ :‬اصعد إلى تلك الشجرة‪ ،‬ونز ِّل الأفراخ لنطعم بها‬
‫الأولاد‪ ،‬ففعل ذلك فشكت الورشانة إلى سيدنا سليمان عليه السلام‪ ،‬وقصت عليه القصة فدعا سليمان عليه السلام بالرجل‪ ،‬وأوعده‬
‫بالتوبة فقال الرجل‪ :‬ما أعود إلى فعل ذلك أبدا‪ .‬فقالت المرأة لزوجها مثل مقالتها الأولى فقال الرجل‪ :‬لا أفعل ذلك‪ ،‬فإن سيدنا‬
‫سليمان نهاني عن ذلك‪ .‬فقالت له‪ :‬أتظن أن سليمان يتفرغ لك أو للورشانة وهو مشغول بملـكه‪ ،‬ولم تزل كذلك به حتى صعد وأنزل‬
‫الأفراخ‪ ،‬فعادت الورشانة إلى سيدنا سليمان وأعلمته بذلك‪ ،‬فغضب ودعا بشيطانين أحدهما من المشرق والآخر من المغرب وقال لهما‪:‬‬
‫الزما الشجرة فإذا عاد الرجل إلى الأفراخ‪ ،‬فخذا برجليه وألقياه من الشجرة‪ ،‬فذهبا يلزمان تلك الشجرة‪ ،‬فلما فرخت الورشانة عمد‬
‫الرجل أن يصعد إليها‪ ،‬ووضع رجليه عليها‪ ،‬وإذا بسائل على الباب‪ ،‬فأمر امرأته أن تعطيه شيئا فقالت ليس عندي شيء فرجع الرجل‪،‬‬
‫فوجد لقمة فدفعها للسائل‪ ،‬ثم صعد إلى تلك الشجرة‪ ،‬وأنزل الأفراخ فرجعت الورشانة إلى سيدنا سليمان‪ ،‬وأخبرته بذلك فغضب‬
‫غضبا شديدا‪ ،‬ودعا بالشيطانين فقال‪ :‬عصيتماني‪.‬‬
‫فقالا‪ :‬ما عصيناك وإنا لزمنا تلك الشجرة‪ ،‬فلما صعد الرجل جاء إلى بابه سائل‪ ،‬فأعطاه لقمة من شعير‪ ،‬ثم عاد فابتدرنا إليه لنأخذه‬
‫إذ بعث الل ّٰه ملـكين‪ :‬أخذ أحدهما بعنقي وألقاني في مطلع الشمس‪ ،‬وأخذ الآخر صاحبي وألقاه في مغرب الشمس‪ ،‬وهذا إذا كانت‬
‫الصدقة من حلال‪ ،‬وأما إذا كانت من حرام‪ ،‬فلا ينتج إلا عذابا كما روي عن أنس بن مالك أنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬
‫ل حَر َا ٍم« وعن الحسن البصري رضي الل ّٰه عنه عن النبي صلى‬ ‫ن أَ ع َ ّده ُ الل ّٰه لم َِنْ ت َ َ‬
‫ص َ ّدقَ م ِنْ م َا ٍ‬ ‫جه َ َن ّم َ بَي ْتا يُس َ َمّى بَي ْتُ الحُز ْ ِ‬ ‫وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن فِي َ‬
‫ن الغِسْلِينِ‪ ،‬قيل‪ :‬يا‬ ‫سكَينٍ َ‬
‫إلا ّ أَ طْ عَمَهُم َا الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ م ِ َ‬ ‫ص َ ّدقَا بِل ُ ْقمَة ٍ م ِنْ حَر َا ٍم عَلَى م ِ ْ‬
‫الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ و َلا َ أَ مَة ٍ ت َ َ‬

‫جه َ َن ّم َ حَت ّى يَصِ ير َ ك َال ْمَاءِ‪ ،‬فإذا أَ ك َ َ‬


‫ل مِن ْه ُ‬ ‫ِس‪ ،‬و َيُذابُ م ِنْ نارِ َ‬ ‫ل الل ّٰه وَم َا َطع َام ُ الغسْلِينِ؟ قال‪َ :‬طع َام ٌ خ َلَق َه ُ الل ّٰه تَع َالى م ِنْ ح َديدٍ ياب ٍ‬ ‫رَسُو َ‬
‫ج م ِنْ د ُبُرِه ِ و َتُنَادِيه ِ َ‬
‫الز ّب َانيِ َة ُ‪ ،‬هذا جَز َاء ُ م َنْ ك َانَ يَكْتَسِبُ الحَرَام ُ و َي َأْ كُل ُه ُ‪،‬‬ ‫تخ ْر ُ ُ‬ ‫ل ُ‬
‫الل ّ ْقم َة ُ م ِنْ ف ِيه ِ‪ ،‬و َ َ‬ ‫َت أَ ْمع َاؤُه ُ‪ ،‬فَت َ ْدخ ُ ُ‬
‫طع ْ‬‫ك الإن ْسانُ تَق َ َ ّ‬‫ذل ِ َ‬
‫كن ْتُم ْ تَفْسق ُونَ« اهـ‪.‬‬ ‫ض بِغ َير ِ الحَقّ ِ و َبِمَا ُ‬‫كن ْتُم ْ تَب ْغ ُونَ فِي الأَ ْر ِ‬ ‫ك بِمَا ُ‬‫و َيَت ََصّ د ُق مِن ْه ُ ذل ِ َ‬
‫}الباب الثامن عشر‪ :‬في فضيلة السلام{‬
‫قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني‪ :‬الابتداء بالسلام سنة‪ ،‬ورده آكد من ابتدائه‪ ،‬وهو مخـير في صيغته إما أن يدخل الألف واللام‬
‫فيقول‪ :‬السلام عليكم ورحمة الل ّٰه وبركاته‪ ،‬أو يحذفهما فيقول‪ :‬سلام عليكم ورحمة الل ّٰه وبركاته‪ ،‬ولا يزيد على ذلك‪ ،‬والسنة أن يسلم‬
‫الماشي على الجالس‪ ،‬والراكب على الماشي وسلام الواحد من الجماعة على غيرهم يجزىء‪ ،‬وكذلك رد الواحد من الجماعة يجزىء‪ ،‬ولا‬
‫يجوز البداءة بالسلام على المشرك بحال‪ ،‬فإن بدأ مشرك رد عليه بأن يقول وعليك‪ ،‬وأما رده على المسلم فيقول‪ :‬وعليكم السلام كما قال‬
‫وإن زاد إلى قوله وبركاته كان أولى‪ ،‬وإن قال مسلم لمسلم لم يجبه و يعرفه أنه ليس بتحية الإسلام‪ ،‬لأنه ليس بكلام تام ويستحب للنساء‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٣‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫السلام بعضهن على بعض‪ ،‬وأما سلام الرجل على المرأة الشابة فمكروه‪ ،‬وإن كانت برزة فلا حرج‪ ،‬وأما السلام على الصبيان فمستحب‪،‬‬
‫لأن فيه تعليم الأدب لهم‪ ،‬وكذلك يستحب لمن قام من المجلس أن يسلم على أهله‪ ،‬وكذلك إذا سلم على رجل‪ ،‬ثم التقاه ثانيا سلم عليه‪،‬‬
‫ولا يسلم على المتلبسين بالمعاصي كمن اجتاز على قوم يلعبون بالشطرنج والنرد‪ ،‬ويشربون الخمر و يلعبون بالجوز والقمار‪ ،‬ويستحب للمسلم‬
‫المصافحة لأخيه‪ ،‬ولا ينزع الآخر يده إذا كان هو المبتدىء‪ ،‬وإن تعانقا وقبل أحدهما رأس الآخر ويده على وجه التبرك جاز‪ ،‬وأما‬
‫تقبيل الفم فمكروه انتهى‪.‬‬
‫ل الك َلا َ ِم( رواه الترمذي عن جابر‪ ،‬وهو حديث صحيح قال العزيزي يحتمل أن المعنى يندب‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ال َ ّ‬
‫سلام ُ قَب ْ َ‬ ‫)وقال َ‬
‫السلام قبل الشروع في الكلام لأنه تحية هذه الأمة‪ ،‬فإذا شرع المقبل في الكلام فات محله‪ .‬وقال النووي‪ :‬والسنة أن المسلم يبدأ‬
‫بالسلام قبل كل كلام‬
‫)‬
‫ل ال َ ّ‬
‫سلا ِم فَلا َ تُجيب ُوه ُ( فيه حث على السلام وزجر عن ترك رواه الطبراني عن ابن عمر بن‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ بَد َأ بالكلا ِم قَب ْ َ‬
‫الخطاب )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ بَد َأَ بال َ ّ‬
‫سلا ِم( أي على من لقيه أو قدم عليه )فَه ُو َ أَ وْلَى بالل ّٰه وَرَسُولِه ِ( رواه أحمد عن أبي أمامة‬
‫قال العزيزي‪ :‬يحتمل أن المراد أولى بأمان الل ّٰه وأمان رسوله‪ ،‬أي أولى لأن يرد عليه من سلم عليه و يؤمنه‪ ،‬لأن السلام معناه الأمان‪،‬‬
‫فيجب الرد والل ّٰه أعلم اهـ‪.‬‬
‫ض ف َأَ فْش ُوه ُ( بقطع الهمزة‪ ،‬أي أظهروه بينكم أن تسلموا على‬ ‫سلام ُ م ِنْ أسْمَاء ِ الل ّٰه تَع َالَى و َ َ‬
‫ضع َه ُ الل ّٰه في الأَ ْر ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ال َ ّ‬
‫سل ِم َ إذا م َ َّر بِقَو ْ ٍم فَسَ َل ّم َ عَلَيْه ِ ْم ف َرَدّوا عَلَيْه ِ ك َانَ لَه ُ عَلَيْه ِ ْم ف َضْ ُ‬
‫ل دَرَجَة ٍ‬ ‫ل الم ُ ْ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّج ُ َ‬ ‫كل ما لقيتموه من المسلمين ممن يشرع عليه السلام )فإ َ ّ‬

‫سلام‪ ،‬فإ ْن ل َ ْم ي َر ُدوا عَلَيْه ِ ر َ َدّ م َنْ ه ُو َ خَيْر ٌ مِنْه ُ ْم و َأَ طْ ي َبُ ( رواه البزار والبيهقي عن ابن مسعود وهو حديث صحيح‪ .‬قوله‬
‫بتِ َ ْذكِيره ِ إ َي ّاه ُم ال َ ّ‬
‫من هو خير منهم هم الملائكة الـكرام فخواص الملائكة أفضل من عوام البشر‪ ،‬وفي الحديث أن بدء السلام‪ ،‬وإن كان سنة أفضل من‬
‫جوابه‪ ،‬وإن كان واجبا كذا أفاده العزيزي‬
‫)‬
‫س بالل ّٰه( أي برحمته وكرامته )م َنْ بَد َأَ ه ُ ْم بال َ ّ‬
‫سلا ِم( أي عند الملاقاة والمفارقة‪ ،‬لأنه السابق إلى‬ ‫ن أَ وْلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إ َ ّ‬
‫الت ّواض ُع الابتداء ُ بال َ ّ‬
‫سلا ِم( قال‬ ‫س َ‬ ‫ذكر الل ّٰه ومذكرهم رواه أبو داود عن أبي أمامة‪ ،‬وهو حديث صحيح )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم ّ‪ :‬ر َأْ ُ‬
‫النووي‪ :‬الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلم ويسلم عليه‪ ،‬فيسن له السلام و يجب الرد عليه‪ ،‬وأما المبتدع ومن اقترف‬
‫ذنبا عظيما ولم يتب منه‪ ،‬فينبغي أن لا يسلم عليه‪ ،‬ولا يرد عليه السلام كذا قاله البخاري وغيره من العلماء اهـ‪ .‬وقال سيدي الشيخ عبد‬
‫القادر‪ :‬ولا يهجر المسلم أخاه فوق الثلاث‪ ،‬إلا أن يكون من أهل البدع والضلال والمعاصي‪ ،‬فمستحب استدامة الهجر لهم وبالسلام‬
‫يتخلص من إثم الهجر للمسلم اهـ‪.‬‬
‫ن أَ ق ْر َبُه ُما إلى الل ّٰه تَع َالى م َنْ بَد َأ بال َ ّ‬
‫سلا ِم( وفي رواية لأبي داود عن البراء بن عازب إذا‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذا ال ْتَقَى المُسْل ِمَا ِ‬
‫التقى المسلمان فتصافحا‪ ،‬وحمدا الل ّٰه واستغفرا غفر لهما وهذا حديث حسن‪ ،‬وقوله المسلمان يشمل الذكرين والأنثيين‪ ،‬والذكر ومحرمه‬
‫وحليلته‪ ،‬ويستثنى من هذا الحكم الأمرد الجميل الوجه‪ ،‬فتحرم مصافحته ومن به عاهة كالأبرص والأجذم‪ ،‬فتكره مصافحته‪ ،‬وفي رواية‬
‫الحكيم الترمذي عن ابن عمر إذا التقى المسلمان‪ ،‬فسلم أحدهما على صاحبه كان أحبهما إلى الل ّٰه أحسنهما بشرا بصاحبه‪ ،‬فإذا تصافحا‬
‫أنزل الل ّٰه عليهما مائة رحمة للبادي تسعون‪ ،‬وللمصافح عشرة‪ .‬قوله بشرا بكسر الموحدة‪ ،‬أي طلاقة الوجه وبشاشته‪ .‬قوله للبادي تسعون‪،‬‬
‫أي البادىء بالسلام والمصافحة تسعون‪ .‬قوله وللمصافح عشرة بفتح الفاء‪ ،‬وفي ذلك أن المندوب قد يفضل الواجب‬
‫)‬
‫س فَسَل ِّم ُوا وإذا خَر َجْ تُم ْ فَسَل ِّم ُوا( أي فيندب السلام عند ملاقاة المسلم‪ ،‬وعند مفارقته بذلا ً‬
‫مج ْل ِ ٍ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذ َا دَخ َل ْتُم في َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٤‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫للأمان‪ ،‬وإقامة لشعائر أهل الإيمان‪ .‬كذا قاله العزيزي‪ .‬وقال النووي‪ :‬يستحب إذا دخل بيته أن يسلم‪ ،‬وإن لم يكن فيه أحد‪ ،‬وليقل‬
‫السلام علينا‪ ،‬وعلى عباد الل ّٰه الصالحـين‪ ،‬وكذا إذا دخل مسجدا أو بيتا لغيره ليس فيه أحد يستحب أن يسلم‪ ،‬وأن يقول‪ :‬السلام علينا‬
‫وعلى عباد الل ّٰه الصالحـين السلام عليكم أهل البيت ورحمة الل ّٰه وبركاته‪ ،‬ويستحب لمن سلم على إنسان‪ ،‬فلم يرد عليه أن يقول له بعبارة‬
‫لطيفة رد السلام واجب‪ ،‬فينبغي لك أن ترد حتى يسقط عنك الفرض‪ ،‬والل ّٰه أعلم‪ .‬وفي رواية البيهقي عن قتادة إذا دخلتم بيتا فسلموا‬
‫على أهله‪ ،‬فإذا خرجتم فأودعوا قبله بالسلام‪ ،‬وهذا حديث ضعيف‪ ،‬أي إذا وصل أحد إلى محل فيه مسلمون‪ ،‬فالتصبر بالدخول وبالبيت‬
‫وبالجمع غالي‬
‫ل بال َ ّ‬
‫سلا ِم( وقال ابن حجر في تنبيه الأخيار‪ ،‬و يحرص أن يسلم في كل يوم على عشرة‬ ‫بخ ِ َ‬
‫س م َنْ َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ بْ خ َ ُ‬
‫من المسلمين وأن يكون هو المبتدىء‪ ،‬فإنه أفضل من الرد وصيغته الكاملة السلام عليكم‪ ،‬ولو لواحد ورحمة الل ّٰه وبركاته‪ ،‬ويريد الراد‬
‫ومغفرته ورضوانه‪ ،‬ومر صلى الل ّٰه عليه وسلم على صبيان فقال‪ :‬السلام عليكم يا صبيان وفي الحديث إذا التقى المسلمان فتصافحا‪ ،‬وحمدا‬
‫الل ّٰه وصليا على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬واستغفرا وضحك كل منهما في وجه صاحبه غفر الل ّٰه لهما‪ ،‬ونزل عليهما مائة رحمة للبادي‬
‫تسعون‪ ،‬وللمصافح عشرة و يقدم السلام على المصافحة اهـ‪.‬‬
‫)‬
‫ن لِذ ِ َمّتنَا( فإذا سلم المسلم على المسلم اطمأن‬
‫تح َِي ّة ٌ لِم َِل ّت ِنا( أي سبب لبقاء الألفة بين أهلها )و َأَ م َا ٌ‬ ‫وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ال َ ّ‬
‫سلام ُ َ‬

‫ن منها أ ْو ر ُ ُدّوه َا( وروى أبو داود والترمذي عن عمران بن الحصين قال‪ :‬جاء‬
‫وزال روعه )قال الل ّٰه تعالى‪ :‬وإذ َا حُي ِّيتُم ْ بِتَح َِي ّة ٍ فَحيَ ّوا بأحْ سَ َ‬
‫رجل أَ عرابي إلى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال‪ :‬السلام عليكم فرد عليه‪ ،‬ثم جلس فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬عَشْر ٌ« ثم جاء‬
‫آخر فقال‪ :‬السلام عليكم ورحمة الل ّٰه فردّ عليه فجلس فقال النبيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬عِشْر ُونَ«‪ .‬ثم جاء رجل آخر فقال السّلام عليكم‬
‫ورحمة الل ّٰه وبركاته‪ ،‬فرد عليه فجلس فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ثلاثون« أي ثلاثون حسنة‪ ،‬وفي رواية لأبي داود من رواية معاذ‬
‫بن أنس ز يادة على هذا قال‪ :‬ثم أتى آخر فقال‪ :‬السلام عليكم ورحمة الل ّٰه وبركاته‪ ،‬ومغفرته‪ ،‬فرد عليه فقال‪» :‬أربعون« وقال‪» :‬هكذا‬
‫تَكُونُ الفَضَائِلُ« وفي كتاب ابن السني بإسناد ضعيف عن أنس قال‪ :‬كان رجل يمر على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم يرعى دواب أصحابه‪،‬‬
‫ك ال َ ّ‬
‫سلاَم ُ وَرَحْم َة ُ الل ّٰه و َب َرَك َاته وَمَغْف ِرَاته وَر ُضْ وانه« فقيل‪:‬‬ ‫فيقول‪ :‬السلام عليك يا رسول الل ّٰه فيقول له النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬و َعَلَي ْ َ‬
‫جر ِ ب ِضْ ع َة َ ع َشَر َ رَج ُلاً«‬ ‫ك و َه ُو َ يَت َص َرّ ُ‬
‫ف ب ِأَ ْ‬ ‫يا رسول الل ّٰه تسلم على هذا سلاما ما تسلمه على أحد من أصحابك؟ قال‪» :‬وما يَم ْنَعَنِي م ِنْ ذال ِ َ‬
‫كذا في الأذكار للنووي والغنية للشيخ عبد القادر الجيلاني‪.‬‬
‫}الباب التاسع عشر‪ :‬في فضيلة الدعاء{‬
‫َب و َإلَى‬
‫قال سيدي الشيخ عبد القادر‪ :‬لا ينبغي للإمام والمأموم أن يخرجا من المسجد من غير دعاء قال الل ّٰه تعالى‪} :‬فَإذ َا ف َرَغْتَ فَانْص ْ‬
‫َب{ ]الشرح‪ [٨ :‬أي إذا فرغت من العبادة فانصب في الدعاء‪ ،‬وارغب فيما عند الل ّٰه‪ ،‬واطلبه منه وقد جاء في الحديث عن‬
‫ك فَا ْرغ ْ‬
‫ر َب ِّ َ‬
‫ك تُصِ يبُ‬ ‫الر ّحْم َة ُ‪ ،‬فأَ َ ّو ُ‬
‫ل ذال ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ُوف ن َزَل َ ِ‬ ‫َت ُ‬
‫الصّ ف ُ‬ ‫أنس بن مالك عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬إذ َا قَام َ الإم َام ُ في مِ ح ْرَابِه ِ و َتَوات َر ِ‬
‫فالر ّ ِ‬
‫ابح ُ م َنْ يَرْف َ ُع يَد َيْه ِ‬ ‫ن َ‬ ‫خسِر َ فُلا ٌ‬ ‫الر ّحْم َة ُ عَلَى الجم ََاعَة ِ‪ ،‬ثم يُنادي م َل َكٌ ر َِبح َ فُلا ٌ‬
‫ن وَ َ‬ ‫ثم ّ م َنْ ع َنْ يَمِينِه ِ‪ ،‬ث َُم ّ م َنْ ع َنْ يَس َارِه ِ‪ ،‬ث َُم ّ ٺَت ََفر ّقُ َ‬
‫الإما ِم َ‬
‫ج بلا د ُعَاء ٍ قَال َ ِ‬
‫ت المَلائِك َة ُ‪ :‬يا‬ ‫جدِ بلا د ُعاءٍ‪ ،‬فإذا خَر َ َ‬
‫س ِ‬
‫ن الم َ ْ‬ ‫بال ُد ّعَاء ِ إلى الل ّٰه تَع َالَى إذا ف َرَغَ م ِنْ صَلات َِه ِ المَكْت ُوبَة ِ‪ ،‬والخَاسِر ُ ال َ ّذي خَر َ َ‬
‫ج مِ َ‬
‫ك عِنْد َ الل ّٰه ح َاج َة ٌ« انتهى‬
‫ن الل ّٰه تَع َالى م َا ل َ َ‬
‫ن اسْ تَغْنَي ْتَ ع َ ِ‬
‫فُلا ٌ‬
‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ال ُد ّعَاء ُ‬
‫مخ ّ العبادة ِ( أي خالصها رواه الترمذي عن أنس‪ ،‬وهو حديث صحيح وإنما كان مخها لأمرين‪:‬‬ ‫ُ‬
‫أحدهما أنه امتثال أمر الل ّٰه تعالى حيث قال ادعوني ـ فهو مخ العبادة وخالصها‪ ،‬والثاني أنه إذا رأى نجاح الأمور من الل ّٰه تعالى قطع أمله‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٥‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫عمن سواه‪ ،‬ودعاه لحاجته وحده‪ ،‬وهذا هو أصل العبادة‪ ،‬ولأن الغرض من العبادة الثواب عليها‪ ،‬وهو المطلوب بالدعاء وقال الحكيم‪:‬‬
‫إنما صار مخا لأنه تبرأ من الحول والقوة‪ ،‬واعترف بأن الأشياء كلها له تعالى‪ ،‬وتسليم إليه قال سيدي الشيخ عبد القادر‪ :‬والأدب في‬
‫الدعاء أن يمد يديه‪ ،‬ويحمد الل ّٰه تعالى‪ ،‬و يصلي على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬ثم يسأل حاجته ولا ينظر إلى السماء في حال دعائه‪ ،‬وإذا‬
‫ك ّفِكُمْ« اهـ‪.‬‬
‫ن أَ ُ‬
‫فرغ مسح يديه على وجهه لما روي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬سَلُوا الل ّٰه ببُِط ُو ِ‬
‫)‬
‫ِب المل ُِحِّينَ في ال ُد ّعَاءِ( أي الملازمين له بإخلاص وصدق نية رواه الحكيم وابن عدي والبيهقي‬ ‫يح ُ ّ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه تَع َالى ُ‬
‫عن عائشة‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪ .‬وفي لفظ يحب اللحاح في الدعاء‪ :‬أي المقبل عليه والمواظب عليه‪ ،‬وفي الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه‬
‫ل لَه ُ‪ ،‬وإ َمّا خَيْر ٌ ي ُ َ ّدخَر ُ له ُ«‪ .‬وقال أبو ذر رضي الل ّٰه‬ ‫ن ال ُد ّعَاء ِ إحْد َى ث َ ٍ‬
‫لاث إمّا ذَن ْبٌ يُغْف َر ُ لَه ُ‪ ،‬وإما خير يُع َ َج ّ ُ‬ ‫يخْط ِئ ُه ُ م ِ َ‬ ‫وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن العَبْد َ لا ُ‬
‫عنه‪ :‬يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح انتهى‪.‬‬
‫ن ال ُد ّعَاءِ( لدلالته على اعتراف الداعي بالعجز‬
‫ْس شَيْء ٌ أَ ك ْرَم َ( بالنصب خبر ليس )عَلَى الل ّٰه تَع َالى م ِ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لَي َ‬
‫والافتقار إلى ربه والذل والإنكار رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن أبي هريرة وأسانيده صحيحة‪.‬‬
‫ل الع ِبَادَة ِ ان ْتِظَار ُ الف َر َِج«‪.‬‬
‫ض ُ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب أَ ْن يُسْأَ لَ‪ ،‬و َأَ ف ْ َ‬ ‫وفي الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬سَلُوا الل ّٰه تَع َالى م ِنْ ف َضْ لِه ِ‪ ،‬ف َ َإن ّه ُ تَع َالَى ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬يَق ُو ُ‬
‫ل الل ّٰه تَع َالى ي َا عَب ْدي أن َا عِنْد َ ظَنِّكَ( أي إن ظن بي خيرا فله مقتضى ظنه‪ ،‬وإن ظن بي شرا بأن ظن‬
‫أني أفعل به شرا فله ما ظن‪) .‬و َأَ ن َا مَعَكَ( أي بالتوفيق )إذ َا دَعَو ْتَنِي( فأسمع ما تقول فأجيبك‪ ،‬وفي رواية العسكري عن أبي هريرة‬
‫بإسناد حسن قال الل ّٰه تعالى‪ :‬م َنْ لا َي َ ْدع ُونِي أَ ْغضَبُ عَلَيْه ِ بإثبات حرف العلة في يدعوني‪ ،‬فينبغي للإنسان أن لا يغفل عن الطلب من‬
‫ربه كذا أفاد العزيزي‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ل َ ْم ي َ ْدع ُ الل ّٰه تَع َالَى يَغْض ْ‬
‫َب عَلَيْه ِ( قال سيدي الشيخ عبد القادر قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم في حديث‬
‫أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه‪» :‬من لا يسأل الل ّٰه يغضب عليه« وقال الشاعر‪:‬‬
‫الل ّٰه يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تَرْك ُ ال ُد ّعَاء َ مَعْصِ ي َة ٌ( أي لعدم امتثال الأمر‬

‫ن( أي به يدافع البلاء كما يدافع عدوه بالسلاح )وَعِمَاد ُ الد ِّينِ( أي عموده الذي يقوم‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ال ُد ّعَاء ُ سِلا ُ‬
‫ح المُؤْم ِ ِ‬
‫موات والأَ ْرضِ( أي يكون للداعي نور فيهما رواه أبو يعلى والحاكم عن علي وهو حديث صحيح‪.‬‬
‫ِ‬ ‫س‬‫عليه )و َنُور ُ ال َ ّ‬
‫سه ِ( رواه الطيالسي وأبو داود عن‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬دَعْوَة ُ المَظْلُو ِم( على من ظلمه )مُسْت َج َابَة ٌ وإ ْن ك َانَ فَاجِرا فَفُجُورُه ُ على ن َ ْف ِ‬
‫أبي هريرة ورواه عنه أحمد‪ ،‬وإسناده عنه حسن‪ ،‬وذلك لأنه مضطر ملتجىء إلى ربه‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬ات ّق ُوا دَعْوَة َ المَظْلُو ِم( أي تجنبوا الظلم لئلا يدعو عليكم المظلوم‪ ،‬وفي ذلك تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم‬
‫ل‬ ‫)فإ َ ّنها تُحْم َ ُ‬
‫ل على الغَم َا ِم( أي يأمر الل ّٰه تعالى بارتفاعها حتى تجاوز الغمام‪ ،‬أي السحاب الأبيض حتى تصل إلى حضرته تعالى )يَق ُو ُ‬
‫الل ّه وَع َ ِّزتِي وَج َلالي لأَ ن ْصُر َن ّكَ( بنون التوكيد الثقيلة وفتح الكاف‪ ،‬أي لأستخلصن لك الحق من ظلمك )و َلَو ْ بَعْد حِينٍ( أي أمد طو يل‬
‫َ‬
‫رواه الطبراني والضياء عن خزيمة بن ثابت بإسناد صحيح‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬ات ّق ُوا دَعْوَة َ المَظْلُو ِم( أي فإنها مقبولة )و َإ ْن ك َانَ( أي المظلوم )ك َاف ِرا( أي معصوما )ف َ َإن ّه( أي الشأن‬
‫َاب( أي ليس بينها وبين القبول مانع رواه أحمد والضياء المقدسي عن أنس بن مالك‪ ،‬وإسناده صحيح قال ابن العربي‬
‫ْس د ُونَها ِحج ٌ‬
‫)لَي َ‬
‫هذا مقيد بالحديث الآخر‪ ،‬إن الداعي على ثلاث مراتب‪ ،‬إما أن يعجل له ما طلب‪ ،‬وإما أن يدخر له أفضل منه‪ ،‬وإما أن يدفع عنه‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٦‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫من السوء مثله‪.‬‬


‫)‬
‫السموات والأرض‪ ،‬لا إله إلا هو عليه توكلت‪ ،‬وهو رب‬
‫ِ‬ ‫خاتمة( هذا الدعاء لسيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني الحمد لل ّٰه الذي خلق‬
‫العرش العظيم سبحانه وتعالى عما يشركون‪ ،‬اللهم اغفر لنا ذنوبنا ما أظهرنا وما أسررنا‪ ،‬وما أخفينا وما َ‬
‫أعلن ّا وما أنت أعلم به منا‪ ،‬اللهم‬
‫أعطنا رضاك في الدنيا والآخرة‪ ،‬واختم لنا بالسعادة والشهادة والمغفرة‪ ،‬اللهم اجعل آخر أعمارنا خيرا‪ ،‬وخواتيم أعمالنا خيرا‪ ،‬وخير أيامنا‬
‫يوم نلقاك‪ ،‬اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك‪ ،‬ومن فجاءة نقمتك‪ ،‬ومن تحو يل عافيتك‪ ،‬اللهم إنا نعوذ بك من درك الشقاء‪ ،‬وجهد‬
‫البلاء وشماتة الأعداء‪ ،‬وتغير النعماء وسوء القضاء‪ ،‬ونعوذ بك من جميع المكاره والأسواء‪ ،‬ونسألك اللهم خير العطاء‪ ،‬اللهم إنا نسألك‬
‫أن تكشف سقمنا وتبرىء مرضنا‪ ،‬وترحم موتانا وتصح أبداننا‪ ،‬وتخلصها لك‪ ،‬وأن تخلص أدياننا‪ ،‬وأن تحفظ عياذنا‪ ،‬وتشرح صدورنا‬
‫وتدبر أمورنا‪ ،‬وتستر جرمنا وترد غي ّابنا‪ ،‬وأن ٺثبتنا على ديننا‪ ،‬ونسألك خيرا ورشدا‪ ،‬اللهم ربنا إنا نسألك أن تؤتينا حسنة في الدنيا‪،‬‬
‫وحسنة في الآخرة‪ ،‬وأن ٺتوفانا مسلمين برحمتك‪ ،‬وقنا عذاب النار‪ ،‬وعذاب القبر يا أرحم الراحمين يا رب العالمين‪.‬‬
‫}الباب العشرون‪ :‬في فضيلة الاستغفار{‬
‫تحْتِهَا‬
‫تجْرِي م ِنْ َ‬ ‫ن َات ّق َوا عِنْد َ ر َ ّبِه ِ ْم ج ََن ّ ٌ‬
‫ات َ‬ ‫ن الل ّٰه ك َانَ غَف ُورا رَحِيما{ ]النساء‪ [٦٠١ :‬وقال تعالى‪َ :‬‬
‫}لل ّذ ِي َ‬ ‫قال الل ّٰه تعالى‪} :‬و َاسْ تَغْفِرِ الل ّٰه إ َ ّ‬
‫ن يَق ُولُونَ ر َب ّنَا إننا آم ََن ّا فَا ْغفِر ْ لَنَا ذ ُنُوبَنَا و َق ِنَا عَذ َابَ َ‬
‫الن ّارِ‬ ‫ن م ِنْ الل ّٰه و َالل ّٰه بَصِ ير ٌ بالع ِبَادِ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ج مُطَ َهّرَة ٌ وَرِضْ وَا ٌ‬
‫ن ف ِيها و َأَ ْزو َا ٌ‬
‫الأنْهَار ُ خ َالِد ِي َ‬
‫بالأسحَارِ{ ]آل عمران‪[٧١ ،٦١ ،٥١ :‬‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫والصّ ادِق ِينَ والق َانتِِينَ والمُنْف ِقينَ والمُسْتَغْفِرِي َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬
‫الصّ ابِر ِي َ‬
‫)‬
‫نوب الاسْ تِغْف َار ُ( أي المقرون بالتوبة رواه الديلمي عن علي بلا سند‪.‬‬ ‫ل د َاء ٍ دَو َاء ٌ وَد َواء ُ ال ُذ ّ ِ‬ ‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لِك ُ ّ ِ‬

‫وب الاسْ تِغْف َار ُ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َ ِ‬
‫ن اسْ تَغْف َر َ غَف َر َ الل ّٰه لَه ُ وإ ْن ك َانَ فارّا‬ ‫ل شَيْء ٍ حِل ْي َة ٌ وَحِل ْي َة ُ ال ُذ ّن ُ ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لِك ُ ّ ِ‬
‫ف( أي صف القتال‪ ،‬فإن الفرار من صف القتال بلا سبب مجوز للفرار من الكبائر‪ ،‬قال النووي في الأذكار‪ .‬وروينا في سنن‬ ‫ن َ‬
‫الز ّحْ ِ‬ ‫مِ َ‬
‫ي الق َُي ّوم ُ‬
‫ل أَ سْ تَغْف ِر ُ الل ّٰه ال ِ ّذي لا َاله إلا ّ ه ُو َ الح َ ُ ّ‬
‫أبي داود والترمذي عن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ قَا َ‬
‫ف«‪ .‬قال الحاكم هذا حديث صحيح‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫الز ّحْ ِ‬ ‫و َأَ تُوبُ إلَيْه ِ غُف ِر َْت ذ ُنُوبُه ُ و َإ ْن ك َانَ ق َ ْد ف ََر ّ م ِ َ‬
‫سب ْع ِينَ م َ َّرة ً( المراد التكثير لا التحديد رواه أبو داود والترمذي عن‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا أَ ص َ َرّ م َ ِ‬
‫ن اسْ تَغْف َر َ وإ ْن عَاد َ في اليَو ْم َ‬
‫عتيق أبي بكر عن سيدنا أبي بكر الصديق‪ .‬والمعنى من أتبع الذنب بالاستغفار فليس بمصرٍّ عليه‪ ،‬وإن تكرر منه )وقال صلى الل ّٰه عليه‬

‫ك َ ّفارَة ٌ( وقال النووي في الأذكار‪ :‬روينا في صحيح‬ ‫ن اسْ تَغْف َر َ بَعْد َ ال ُذ ّن ُ ِ‬


‫وب غَف َر َ الل ّٰه لَه ُ فَه ُو َ( أي الاستغفار )لَها( أي الذنوب ) َ‬ ‫وسلم‪ :‬م َ ِ‬
‫َ‬
‫مسلم عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬و َال ّذ ِي ن َ ْفس ِي بيَِدِه ِ لَو ْ ل َ ْم تَذْنبِ ُوا لَذ َه َبَ الل ّٰه بِكُمْ‪ ،‬وَلَجَاء َ‬
‫بِقَو ْ ٍم يُذْنبِ ُونَ فَيَسْتَغْف ِر ُونَ الل ّٰه تَع َالى فَيَغْف ِر َ لَه ُم« انتهى‪.‬‬

‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذا كَثُر َ عَلى أَ حَدِك ُ ْم ال ُذ ّنُوب فَل ْيَطْل ُ ِ‬
‫ب المَغْف ِرَة َ بالاسْ تِغْف َارِ( وفي لفظ من نسخ هذا الكتاب إذا كثرت ذنوب‬
‫أحدكم فليدع بالاستغفار‬
‫)‬
‫َت ذ ُنُوبُ أَ حَدِك ُ ْم فَل ْيَسْتَغْف ِر الل ّٰه( وقالت عائشة رضي الل ّٰه عنها قال لي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذ َا كَثُر ْ‬
‫ْب َ‬
‫الن ّدَم ُ والاسْ تِغْف َار ُ«‪ ،‬وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول في‬ ‫ن ال َذ ّن ِ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّو ْبَة َ م ِ َ‬ ‫ْت بذَن ٍْب فاسْ تَغْف ِري الل ّٰه و َتُو بِي إلَيْه ِ فَإ َ ّ‬
‫ْت أَ ل ْمَم ِ‬
‫كن ِ‬
‫وسلم‪» :‬إ ْن ُ‬
‫الل ّه ُ َ ّم ا ْغفِر ْ لي هَز ْلي و َ ِ‬
‫ج ّدِي وَخَطئي و َعَم ْدي‪،‬‬ ‫جهْل ِي وإسْر َافِي في أ ْمر ِي‪ ،‬وَم َا أَ ن ْتَ أَ ع ْلَم ُ بِه ِ م ِني‪َ ،‬‬
‫خط ِيئَتِي و َ َ‬ ‫»الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ا ْغفِر ْ لي َ‬ ‫الاستغفار‪َ :‬‬

‫خر ُ‪ ،‬و َأَ ن ْتَ‬ ‫م ا ْغفِر ْ لي ما ق َ ّدمْتُ وَم َا أَ َ ّ‬


‫خرتُ ‪ ،‬وَم َا أَ سْرَرْتُ وَم َا أَ ع ْلَن ْتُ وَم َا أَ ن ْتَ أَ ع ْلَم ُ به مني أَ ن ْتَ المُق َ ّدِم ُ و َأَ ن ْتَ المُؤ َ ِّ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫ك عِن ْدي‪َ ،‬‬ ‫وَك ُ ُ ّ‬
‫ل ذال ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٧‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ل شَي ُء ٍ قدير ٌ« كذا في الإحياء‬


‫عَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ِس( وقال الغزالي في الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬ ‫ل َ‬
‫الن ّار ُ الحَطَبَ الياب َ‬ ‫ل ال ُذ ّنُوبَ كَمَا ت َأْ ك ُ ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الاسْ تِغْف َار ُ ي َأك ُ ُ‬

‫النمّ ْل«‪ .‬وروي‬ ‫فإن ّه ُ لا يَغْف ِر ُ ال ُذ ّنُوبَ إلا أن ْت غُف ِر َ لَه ُ ذ ُنُوبُه ُ و َلَو ْ ك َان َْت َ‬
‫كعَدَدِ َ‬ ‫ك ظَلَم ْتُ ن َ ْفس ِي و َعَم ِل ْتُ سُوءا فَا ْغف ِر لي‪َ ،‬‬
‫سب ْح َان َ َ‬
‫ل ُ‬
‫»م َنْ قَا َ‬
‫أن أفضل الاستغفار‪ :‬اللهم أنت ربي وأنا عبدك خلقتني‪ ،‬وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك من شر ما صنعت‪ ،‬أبوء‬
‫لك بنعمتك علي‪ ،‬وأبوء على نفسي بذنبي فقد ظلمت نفسي‪ ،‬واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي ما قدمت منها وما أخرت‪ ،‬فإنه لا يغفر‬
‫الذنوب جميعها إلا أنت انتهى‪.‬‬
‫)‬
‫ل ال َ ّ‬
‫سم َاء َ عَلَيْك ُ ْم مِدْرارا‬ ‫تج ْلُبُ الر ِ ّزْقَ ( وقد قال تعالى‪} :‬اسْ تَغْف ِر ُوا ر ََب ّك ُم َإن ّه ُ ك َانَ غَفّارا ي ُر ِ‬
‫س ِ‬ ‫كثْرَة ُ الاسْ تِغْف َارِ َ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫يجْع َلْ لـَك ُ ْم أنهارا{ ]نوح‪ [٢١ ،١١ ،٠١ :‬وروي عن أنس بن مالك رضي الل ّٰه عنه‬ ‫يجْع َلْ لـَك ُ ْم ج ََن ّ ٍ‬
‫ات و َ َ‬ ‫و َيُمْدِدْك ُ ْم ب َأَ مْوا ٍ‬
‫ل و َبنين و َ َ‬

‫ن الاسْ تِغْف َارِ« فقلنا‪ :‬يا رسول الل ّٰه علمنا شيئا نستغفر‬
‫ح ف َأَ كْ ث ِر ُوا م ِ َ‬ ‫قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬إذا ص ََل ّي ْتُم ُ ُ‬
‫الصّ ب ْ َ‬
‫ح الل ّٰه‬ ‫ل ذَن ٍْب عَلِم ْنَاه أَ ْو ل َ ْم نَعْلَم ْه ُ في لَي ْ ٍ‬
‫ل أَ ْو نَهَا ٍر فَم َنْ و َاظَبَ عَلَيْه ِ فَت َ َ‬ ‫م إ َن ّا نَسْتَغْف ِرُك َ و َنَت ُوبُ إلَي ْ َ‬
‫ك م ِنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫الل ّٰه تعالى به‪ .‬فقال‪» :‬قولوا َ‬
‫اب الف َ ْقرِ« كذا في ر ياض الصالحـين‬
‫ق عَن ْه ُ بابا م ِنْ أَ ب ْو َ ِ‬
‫ن الر ِ ّ ْزقِ‪ ،‬و َغ َل َ َ‬
‫لَه ُ بابا م ِ َ‬
‫)‬
‫ل الل ّٰه لَه ُ م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫ل‬ ‫جع َ َ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أكْ ث ِر ُوا م ِ َ‬
‫ن الاسْ تِغْف َارِ( أي المقرون بالتوبة الصحيحة )فَم َنْ أَ كْ ثَر َ مِن ْه ُ( أي الاستغفار ) َ‬
‫يح ْتَسِبُ ( أي من وجه لا يخطر بباله‪ ،‬وفي رواية لأحمد عن ابن عباس من أكثر من الاستغفار‬
‫حي ْثُ لا َ َ‬
‫غ َ ٍ ّم و َه َ ٍ ّم ف َر َجا وَرَز َق َه ُ من َ‬
‫جعل الل ّٰه له من كل هم فرجا‪ ،‬ومن كل ضيق مخرجا‪ ،‬ورزقه الل ّٰه من حيث لا يحتسب‪ .‬وقال النووي في الأذكار وروينا في سنن أبي‬
‫مخ ْر َجا‪ ،‬وَم ِنْ‬
‫ق َ‬
‫ل ضي ٍ‬ ‫داود وابن ماجه عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ لَزِم َ الاسْ تِغْف َار َ جَع َ َ‬
‫ل الل ّٰه لَه ُ م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫ل ما يُكَ ّف ِر ُه َا‬
‫ن العَم َ ِ‬
‫َت ذ ُنُوبُ العَبْدِ فَل َ ْم يَكُنْ لَه ُ م ِ َ‬
‫يح ْتَسِبُ « وفي رواية أحمد عن عائشة‪ :‬إذا كَثُر ْ‬
‫حي ْثُ لا َ َ‬
‫ل ه َ ٍ ّم ف َر َجا‪ ،‬وَرَز َق َه ُ م ِنْ َ‬
‫ك ُ ِّ‬
‫اب ْتَلاَه ُ الل ّٰه بالحُز ْ ِ‬
‫ن لِي ُك ّف ِر َه َا عَن ْه ُ بِه ِ‪ ،‬وهو حديث حسن‪ .‬وفي رواية بالهم‪ ،‬أي إذا كثرة ذنوب الإنسان المسلم‪ ،‬فلم يكن له من العمل‬
‫الصالح ما يكفرها لفقده أو لقلته ابتلاه الل ّٰه بالحزن ليكفرها عنه‪ ،‬فغالب ما يحصل من الهموم والغموم من التقصير في الطاعة‪.‬‬
‫}الباب الحادي والعشرون‪ :‬في فضيلة ذكر الل ّٰه تعالى{‬
‫قال الل ّٰه تعالى‪} :‬فَا ْذك ُر ُونِي أَ ْذكُر ْك ُ ْم و َاشْ ك ُر ُوا لي و َلا ت َ ْكف ُر ُونِ{ ]البقرة‪ [٢٥١ :‬اختلف العلماء في ذلك فقال ابن عباس‪ :‬اذكروني بطاعتي‬
‫أذكركم بمعونتي‪ .‬وقال سعيد بن جبير‪ :‬اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي‪ .‬وقال فضيل بن عياض‪ :‬فاذكروني بطاعتي أذكركم بثوابي‪ .‬وقال‬
‫ابن كيسان‪ :‬فاذكروني بالشكر أذكركم بالز يادة‪ .‬وقيل‪ :‬اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالدرجات والجنان‪ ،‬وقيل‪ :‬اذكروني على ظهر‬
‫الأرض أذكركم في باطنها إذا نسيكم أهلها‪ ،‬وقل‪ :‬اذكروني في الدنيا أذكركم في الآخرة‪ ،‬وقيل‪ :‬اذكروني بالطاعات أذكركم بالمعافاة‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫اذكروني بالخلاء والملاء أذكركم بالخلاء والملاء‪ .‬وقيل‪ :‬اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء‪ ،‬وقيل‪ :‬اذكروني بالتسليم‬
‫والتفو يض أذكركم بأصلح الاختيار‪ .‬وقيل‪ :‬اذكروني بالشوق والمحبة أذكركم بالوصل والقربة‪ .‬وقيل‪ :‬اذكروني بالمجد والثناء أذكركم بالعطاء‬
‫والجزاء‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬اذكروني بالتوبة أذكركم بغفران الحوبة‪ ،‬اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء‪ ،‬اذكروني بالسؤال أذكركم بالنوال‪ ،‬اذكروني بلا غفلة أذكركم بلا‬
‫مهلة‪ ،‬اذكروني بالندم أذكركم بالـكرم‪ ،‬اذكروني بالمعذرة أذكركم بالمغفرة‪ ،‬اذكروني بالإرادة أذكركم بالإفادة‪ ،‬اذكروني بالتنصل أذكركم بالتفضل‪،‬‬
‫اذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص‪ ،‬اذكروني بالقلوب أذكركم بكشف الـكروب‪ ،‬اذكروني بلا نسيان أذكركم بالإيمان‪ ،‬اذكروني بالافتقار‬
‫أذكركم بالاقتدار‪ ،‬اذكروني بالاعتذار والاستغفار أذكركم بالرحمة والاغتفار‪ ،‬اذكروني بالإيمان أذكركم بالجنان‪ ،‬اذكروني بالإسلام أذكركم‬
‫بالإكرام‪ ،‬اذكروني بالقلب أذكركم بكشف الحجب‪ ،‬اذكروني ذكرا فانيا أذكركم ذكرا باقيا‪ ،‬اذكروني بالابتهال أذكركم بالإفضال‪ ،‬اذكروني بالتذلل‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٨‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫أذكركم بمغفرة الزلل‪ ،‬اذكروني بالاعتراف أذكركم بمحو الاقتراف‪ ،‬اذكروني بصفاء السر أذكركم بخالص البر‪ ،‬اذكروني بالصدق أذكركم بالرفق‪،‬‬
‫اذكروني بالصفو أذكركم بالعفو‪ ،‬اذكروني بالتعظيم أذكركم بالتكريم‪ ،‬اذكروني بالتكبير أذكركم بالنجاة من السعير‪ ،‬اذكروني بترك الجفاء أذكركم‬
‫بحفظ الوفاء‪ ،‬اذكروني بترك الخطأ أذكركم بأنواع العطاء‪ ،‬اذكروني بالجهد في الخدمة أذكركم بإتمام النعمة‪ ،‬اذكروني من حيث أنتم أذكركم‬
‫من حيث أنا }وَلَذِك ْر ُ الل ّٰه أكْ بر ُ{ ]العنكبوت‪ [٥٤ :‬أفاد ذلك الشيخ عبد القادر‪.‬‬
‫ن النِّف َاقِ( لدلالة حال الذاكر على أنه إنما ذكر الل ّٰه إيمانا بالل ّٰه وتصديقا‬
‫)قال رسول الل ّٰه‪ :‬ذِك ْر ُ الل ّٰه ع ِلَم ُ الإيمانِ( أي لواؤه )و َب َر َاءَة ٌ م ِ َ‬
‫ن النيرانِ( وقيل إذا تمكن الذكر من القلب فإذا دنا منه الشيطان صرع كما يصرع‬ ‫ح ْرز ٌ( أي احتراس )م ِ َ‬
‫ن وَ ِ‬ ‫شيْطَا ِ‬ ‫ن ال ِّ‬
‫ن مِ َ‬
‫به )وَحِصْ ٌ‬
‫الإنسان إذا دنا منه الشيطان فيقولون‪ :‬ما لهذا؟ فيقال‪ :‬قد مسه الإنس كذا أفاد سيدي الشيخ عبد القادر‪.‬‬
‫)‬
‫ل الذِّك ْر ُ الخَف ُِيّ ( وقيل الذكر الخفي لا يرفعه الملك‪ ،‬لأنه لا اطلاع له عليه فهو سر بين العبد وبين الل ّٰه‬
‫ض ُ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ف ْ َ‬
‫تعالى‪ .‬كذا ذكره الشيخ عبد القادر‪ ،‬وفي حديث البيهقي عن عائشة‪ :‬الذكر الذي لا تسمعه الحفظة يزيد على الذكر الذي تسمعه الحفظة‬
‫سبعين ضعفا‪ .‬قال المناوي‪ :‬قيل أراد بذلك الذكر التدبر والتفكر في مصنوعات الل ّٰه وآلائه والمتبادر إرادة الذكر القلبي اهـ‪.‬‬
‫وقال العلقمي‪ :‬لعل المراد به التدبر والتفكر في مصنوعات الل ّٰه تعالى‪ ،‬وفي استباط الأحكام الشرعية‪ ،‬وتصور المسائل الفقهية التي يجريها‬
‫ل و َل َ ْم يَق ُل ال َ ّذي لا َ‬
‫ي المُو َ َكّلُونَ بِكِتَابَة ِ الأَ عْمَا ِ‬
‫الشخص على قلبه‪ ،‬ويتفكر فيها‪ ،‬ولهذا قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ال َ ّذ ِي لا ت َ ْسم َع ُه ُ الحَفَظَة ُ أَ ْ‬
‫تَعْلَم ُه ُ«‪ .‬وسبب الز يادة في ذلك أنه في غالب مسائله نفع متعد وز يادة إيمان وإخلاص اهـ‪.‬‬
‫ل ح َالٍ( أي في كل زمان ومكان )وَم ُوَاسَاة ُ‬ ‫ش ُ ّد الأَ عْمالِ( أي أصعبها وأثقلها )ثَلا َ ٌ‬
‫ث ذِك ْر ُالل ّٰه تَع َالى عَلَى ك ُ ّ ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ َ‬
‫سكَ( أي اجعل نفسك خادما للمحتاج الذي أصابه بؤس أي شدة )وقال‬
‫ِس م ِنْ ن َ ْف ِ‬
‫َاف الف َقير ِ البَائ ِ‬
‫ك وإنْص ُ‬ ‫ِ‬
‫الأخ( أي معاونته )م ِنْ مال ِ َ‬
‫ْض ذِكْر ِ الل ّٰه ع َز وَج َل( رواه البيهقي عن أنس بن مالك قال‬ ‫ُب الل ّٰه ح ُ ّ‬
‫ُب ذِكْر ِ الل ّٰه و َعَلام َة ُ بُغْ ِ‬
‫ض الل ّٰه بُغ ُ‬ ‫صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬عَلاَم َة ُ ح ِّ‬
‫المناوي علامة حب الل ّٰه لعبده حب عبده لذكره‪ ،‬لأنه إذا أحب عبدا ذكره وإذا ذكره حبب إليه ذكره وعكسه‪.‬‬
‫)‬
‫شف َتَاه ُ( قال‬ ‫ن الل ّٰه تَع َالى أَ ن َا م َ َع عَب ْدي( أي بعلمي )إذا ذَك َرني( وفي رواية ما ذكرني )وَتَح ََر ّك ْ‬
‫َت بي َ‬ ‫حك َايَة ع َ ِ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ِ :‬‬
‫ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام أخرجه ابن ماجه وصححه ابن حبان‪ ،‬وذكره البخاري تعليقا والمعلق ما حذف من أول إسناده قال‬
‫الحكيم‪ :‬هذا وما أشبهه من الأحاديث في ذكر عن يقظة لا عن غفلة‪ ،‬لأن ذلك هو حقيقة الذكر‪ ،‬فيكون بحيث لا يبقى عليه مع ذكره‬
‫في ذلك الوقت ذكر نفسه‪ ،‬ولا ذكر مخلوق فذلك الذكر هو الصافي‪ ،‬لأنه قلب واحد فإذا شغل بشيء ذهل عما سواه‪ ،‬وهذا موجود في‬
‫المخلوقات لو أن رجلا ًدخل على ملك في الدنيا لأخذه من هيبته ما لا يذكر في ذلك الوقت غيره‪ ،‬فكيف بملك الملوك‬
‫ل الل ّٰه( وفي الإحياء قال صلى الل ّٰه عليه‬
‫ُوف فِي سَب ِي ِ‬
‫سي ِ‬‫ْب ال ُ ّ‬
‫ل م ِنْ ضَر ِ‬
‫ض ُ‬
‫ي أَ ف ْ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ذِك ْر ُ الل ّٰه تَع َالَى بالغَد َاة ِ والعَش ِ ِ ّ‬

‫ل الل ّٰه وم ِنْ إ ْعطَاء ِ المَا ِ‬


‫ل سحا‪.‬‬ ‫يوف في سَب ِي ِ‬
‫س ِ‬ ‫ل م ِنْ حطم ال ُ ّ‬
‫ي أفض ُ‬ ‫وسلم‪» :‬لَذِك ْر ُ الل ّٰه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل بالغَد َاة ِ و َالْعَش ِ ِ ّ‬

‫وب‪ ،‬أي من أمراضها‪ ،‬أي هو‬


‫شف َاء ُ الق ُل ُ ِ‬ ‫ل الذِّكْر ِ لا إله َ َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه( وفي رواية الديلمي عن أنس ذِك ْر ُ الل ّٰه ِ‬ ‫ض ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ف ْ َ‬
‫دواء لها مما يلحقها من ظلمة الذنوب والغفلة‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ا ْذك ُروا الل ّٰه ذِك ْرا خ َام ِلاً( بخاء معجمة ثم باللام‪ ،‬أي منخفضا )قيل( أي قال بعض الصحب )وما الذكر‬

‫الخامل( يا رسول الل ّٰه )قال‪ :‬الذِّك ْر ُ الخَف ُِيّ ( رواه عبد الل ّٰه بن المبارك عن ضمرة بن حبيب‪ ،‬أي فهو أفضل من الذكر جهرة لسلامته من‬
‫نحو ر ياء‪ ،‬وهذا عند جمع من الصوفية في غير ابتداء السلوك‪ ،‬أما في الابتداء فالذكر الجهري أنفع‪ ،‬وقد كان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫يأمر كل إنسان بما هو الأصلح الأنفع له‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٩‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫)‬
‫ل الع ِبَادِ دَرَج َة ً عِنْد َ الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ ال َذ ّاك ِرونَ الل ّٰه كَث ِيرا( أي والذاكرات‪ ،‬ولم يذكرهن مع إرادتهن‬
‫ض ُ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ف ْ َ‬
‫تغليبا للمذكر على المؤنث رواه أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح‪ ،‬واختلف في الذاكرين الل ّٰه كثيرا فقال الإمام أبو‬
‫الحسن الواحدي قال ابن عباس‪ :‬المراد يذكرون الل ّٰه في أدبار الصلوات غدوا وعشيا‪ ،‬وفي المضاجع وكلما استيقظ من نومه‪ ،‬وكلما غدا‬
‫وراح من منزله ذكر الل ّٰه تعالى‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬لا يكون من الذاكرين الل ّٰه كثيرا حتى يذكر الل ّٰه تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا‪ .‬وقال‬
‫عطاء‪ :‬من صلى الصلوات الخمس بحقوقها‪ ،‬فهو داخل في قوله تعالى‪} :‬وال َذ ّاك ِري َ‬
‫ن الل ّٰه كثيرا{ ]الأحزاب‪ [٥٣ :‬فقال‪ :‬إذا واظب على‬
‫الأذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساء‪ ،‬وفي الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ًونهارا‪ ،‬وهي مثبتة في عمل اليوم والليلة كان من الذاكرين‬
‫الل ّٰه كثيرا‪ ،‬كذا في السراج المنير للعزيزي‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬خَي ْر ُ الذِّكْر ِ الذِّك ْر ُ الخَف ُِيّ ( وفي رواية المخفي بالميم‪ ،‬أي ما أخفاه الذاكر عن الناس فهو أفضل من الجهر‪ ،‬وفي‬
‫أحاديث أخر ما يفيد أن الجهر أفضل‪ ،‬وجمع بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الر ياء أو تأذى به نحو مصل والجهر أفضل حيث أمن‬
‫خ ُ ّفها وَخَي ْر ُ الر ِ ّ ْز ِ‬
‫ق م َا ي َ ْكفِي( أي ما كان يقدر الـكفاية رواه أحمد وابن حبان والبيهقي عن سعد بن مالك‬ ‫من ذلك )وَخَي ْر ُ الع ِبَادَة ِ أَ َ‬
‫وابن أبي وقاص بإسناد صحيح‪.‬‬
‫}الباب الثاني والعشرون‪ :‬في فضيلة التسبيح{‬
‫ق فَل ْيَق ِْف عَلَى يَمِينِه ِ و َل ْيَق ُلْ هاذِه ِ‬ ‫وعن الحسن رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ ك َانَ لَه ُ ح َاج َة ٌ عِنْد َ ُ‬
‫مخ ْلُو ٍ‬

‫ل و َلا َق َُو ّة َ إلا ّ بالل ّٰه العَل ِ ِيّ الع ِ‬


‫َظيم‪ ،‬ف َوَحَقّ ِ رب ِ ّي م َا قَالَها عَبْدٌ إلا‬ ‫سب ْحانَ الل ّٰه و َا ْلحم َْد ُ لل ّٰه و َلا َاله إلا ّ الل ّٰه و َالل ّٰه أَ كْ ب َر ُ‪ ،‬و َلا َ َ‬
‫حو ْ َ‬ ‫هي َ ُ‬
‫الكَل ِمَاتُ ‪ ،‬و َ ِ‬

‫ق َض َى الل ّٰه ح َاجَت َه ُ ال ّتي يَطْلُبُها ك َائِنا ً م َا ك َانَ م ِنْ ُأم ُورِ ال ُد ّن ْيا و َالآ ِ‬
‫خرَة ِ‪ ،‬و َلا َيَمُوتُ حَت ّى ي َر َى م َ ْقعَدَه ُ فِي الج َنَ ّة ِ كذا في ر ياض الصالحـين‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه و َلا َ‬
‫ل لا اله إلا الل ّٰه والل ّٰه أكْ ب َر ُ و ُ‬
‫ض رَجُلٌ« أي إنسان ذكر أو أنثى )يَق ُو ُ‬
‫)قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ما عَلَى الأَ ْر ِ‬
‫ل ز َبَدِ الب َحْ رِ( أي وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه رواه ابن‬ ‫إلا ّ بالل ّٰه َ‬
‫إلا ّ غُف ِر َْت ذ ُنُوبُه ُ و َلَو ْ ك َان َْت( في الـكثرة )مِث ْ َ‬ ‫ل و َلا ق َُو ّة َ َ‬
‫حو ْ َ‬
‫َ‬
‫عمرو‪ ،‬وفي الأحاديث الزاكيات لسيدي البكري عن عبد الل ّٰه بن عمر رضي الل ّٰه عنهما قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َا عَلَى‬
‫ل ز َبَدِ الب َحْ رِ« حديث‬
‫خطَاي َاه ُ‪ ،‬و َلَو ْ ك َان َْت مِث ْ َ‬
‫ك ّف ِر َْت عَن ْه ُ َ‬ ‫ل ولا َق َُو ّة َ إلا بالل ّٰه َ‬
‫إلا ّ ُ‬ ‫حو ْ َ‬
‫ض أَ حَدٌ يَق ُول لا إلَه إلا الل ّٰه والل ّٰه أكْ ب َر ُ و َلا َ َ‬
‫الأَ ْر ِ‬
‫حسن أخرجه الترمذي‪ ،‬ورواه الحاكم وزاد‪ ،‬وسبحان الل ّٰه والحمد لل ّٰه اهـ‪.‬‬
‫خطَاياه ُ( أي غفرت ذنوبه )وإ ْن‬ ‫ت َ‬ ‫ح َّ‬
‫ط ْ‬ ‫سب ْح َانَ الل ّٰه و َب ِحَمْدِه ِ في يَو ْ ٍم مائَة َ م َ َّرة ٍ( أي ولو متفرقة ) ُ‬
‫ل ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫ل ز َبَدِ الب َحْ رِ( رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة قال العلقمي وسبحان الل ّٰه‪ ،‬معناه تنز يه عما‬ ‫ك َان َْت مِث ْ َ‬
‫لا يليق به من كل نعت‪ ،‬وهو مضاف لمفعوله منصوب‪ ،‬أي سبحت الل ّٰه تسبيحا فهو واقع موقع المصدر‪ ،‬و يجوز أن يكون مضافا إلى‬
‫الفاعل‪ ،‬أي نزه الل ّٰه نفسه والمشهور الأول‬
‫)‬
‫ف المِيزانِ( أي قول العبد سبحان الل ّٰه يملأ ثوابها إحدى كفتي الميزان )والحم َْد ُ لل ّٰه م ِلْ ء ُ الميزانِ(‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه ن ِصْ ُ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ُ :‬‬
‫ْس د ُونَها سِتر ٌ‬
‫موات والأ ْرضِ( أي لو قدر ثواب ذلك جسما لملأه )و َلا إله إلا الل ّٰه لَي َ‬ ‫ِ‬ ‫أي ثوابها يملأ الـكفتين )والل ّٰه أَ كْ ب َر ُ م ِلْ ء ُ ال َ ّ‬
‫س‬
‫ل( أي تصل إليه بلا عائق ولا حاجب‪ ،‬وهو‬ ‫ص إلى ر ّبِها ع َ َّز وَج َ َ ّ‬ ‫و َلا ِحج َابُ ( جمع بينهما للتأكيد‪ ،‬أي بلا تصعد بل مانع )ح ََت ّى َ‬
‫تخ ْل َ َ‬
‫كناية عن سرعة قبولها‪ ،‬وكثرة ثوابها رواه السجزي عن ابن عمر بن العاص‪ ،‬ورواه أيضا ابن عساكر عن أبي هريرة بإسناد ضعيف‬
‫ك َب ّر َ( أي قال‪ :‬الل ّٰه أكبر َ‬
‫)فإن ّه ُ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ه َل ّلَ( أي قال لا إله إلا الل ّٰه )م َائَة ً وَس ََب ّحَ( أي قال‪ :‬سبحان الل ّٰه )م َائَة ً و َ َ‬
‫سب ِْع ب َدن ٍ‬
‫َات يَنْح َر ُه َا( حديث حسن أخرجه ابن أبي الدنيا وابن أبي شيبة عن أنس بن مالك‪ ،‬وفي رواية‬ ‫اب يَعْتِقُه َا و َ َ‬
‫خَيْر ٌ م ِنْ عَشْر ِ رِق َ ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٠‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫النسائي عن أبي هريرة بإسناد صحيح من سبح في دبر كل صلاة الغداة مائة تسبيحة‪ ،‬وهلل مائة تهليلة‪ ،‬غفر له ذنوبه ولو كانت مثل‬
‫زبد البحر‬
‫)‬
‫ل و َلا َق َُو ّة إلا بالل ّٰه العَلي العظيم م َ َّرة ً و َاحِدة ً‬
‫حو ْ َ‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه والحم َْد ُ لل ّٰه ولا اله إلا الل ّٰه و َالل ّٰه أَ كْ ب َر ُ ولا َ‬
‫ل ُ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫ْف دَرَجَة ٍ( وفي رواية لابن أبي الدنيا عن عبد الل ّٰه بن عمر‬
‫ْف سَي ِّئَة ٍ وَر َف َ َع لَه ُ مائَة َ أَ ل ِ‬
‫محَا عَن ْه ُ مائَة أل ِ‬
‫حسَنَة ٍ و َ َ‬
‫ْف َ‬
‫كَت َبَ الل ّٰه لَه ُ مائَة َ أَ ل ِ‬
‫ْف عَشْر ُ‬
‫ل حَر ٍ‬ ‫سب ْح َانَ الل ّٰه والحم َْد ُ لل ّٰه ولا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه والل ّٰه أكْ ب َر ُ كُت ِبَ لَه ُ ب ِك ّ ِ‬ ‫ل ُ‬
‫أنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ قَا َ‬
‫ات« وهو حديث حسن كذا في الأحاديث الزاكيات للشيخ البكري‪ ،‬وفيه أيضا عن مصعب بن سعد قال‪ :‬حدثني أبي قال‪ :‬كنا‬
‫حسَن َ ٍ‬
‫َ‬
‫ل م ِنْ ج ُلَسَائِه ِ« كيف يكسب‬
‫حسَنَة ٍ‪ ،‬فَسَأَ لَه ُ سائ ِ ٌ‬ ‫عند رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال‪» :‬أيَعْجَز ُ أَ حَد ُك ُ ْم أَ ْن ي َ ْكسَبَ ك ُ َ ّ‬
‫ل يَو ْ ٍم أَ ل َْف َ‬

‫حسَنَة ٍ‪ ،‬و َيُح ُ َّط عَن ْه ُ أَ ل ُْف َ‬


‫خط ِيئَة ٍ« حديث صحيح أخرجه مسلم وأخرجه‬ ‫ح مائَة َ تَسْب ِيحَة ٍ‪ ،‬فَيُكْت َبُ لَه ُ أل ُْف َ‬
‫أحدنا ألف حسنة قال‪» :‬يُس َب ِّ ُ‬
‫الترمذي والنسائي‪ ،‬لـكن بلفظ و يحط بغير ألف‪ ،‬وعليها يحمل حديث مسلم اهـ‪.‬‬

‫جرِ( وعن أنس رضي الل ّٰه‬


‫ش َ‬ ‫َت عَن ْه ُ الخَطَايا وال ُذ ّنُوبُ كَتَناثُر ِ أوْرا ِ‬
‫ق ال َ ّ‬ ‫خر ِه َا تَنَاث َر ْ‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه إلى آ ِ‬
‫ل ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫عنه أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أخذ غصنا ًفنفضه‪ ،‬فلم ينتفض ثم نفضه‪ ،‬فلم ينتفض ثم نفضه‪ ،‬فانتفض فقال رسول الل ّٰه صلى‬
‫ُض ال َ ّ‬
‫شجَرَة ُ وَر َق َها« حديث صحيح رواه‬ ‫سب ْح َانَ الل ّٰه والحم َْد ُ لل ّٰه ولا اله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه والل ّٰه أكْ بر‪ ،‬تَنْف ُ‬
‫ُض الخَطايا كَمَا تَنْف ُ‬ ‫الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن ُ‬
‫أحمد‪.‬‬
‫)‬
‫َت لَه ُ بِهَا( أي بكل مرة )شَ ج َرَة ٌ في الج َنَ ّة ِ( وفي الجامع الصغير من قال‪:‬‬
‫سب ْح َانَ ر َبي الع َظيم غُرِس ْ‬
‫ل ُ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫سبحان الل ّٰه وبحمده غرست له منها نخلة في الجنة رواه ابن حبان والحاكم عن جابر بإسناد صحيح‪ ،‬وفي الأحاديث الزاكيات عن عبد‬
‫نخْلَة ٌ في الج َنَ ّة ِ« حديث‬
‫َت لَه ُ َ‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه و َب ِحَمْدِه ِ غُرِس ْ‬
‫ل ُ‬
‫الل ّٰه بن عمر رضي الل ّٰه عنهما قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ قَا َ‬
‫صحيح أخرجه البزار ورواه الترمذي عن جابر مرفوعا إلا أنه قال من قال‪ :‬سبحان الل ّٰه العظيم اهـ‪.‬‬
‫سب ْحانَ ر َبي الأع ْلَى غَف َر َالل ّٰه لَه ُ و َأَ ْدخَلَه ُالج َنَ ّة( وروي أن أول من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل‬
‫ل ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ قَا َ‬
‫كذا في تفسير الخطيب‬
‫)‬
‫ن‬
‫ن ثَقيلتا ِ‬ ‫يج ْلُبُ الر ِ ّزْقَ وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬كَل ِمَتَان( المراد بالكلمة الكلام ) َ‬
‫خف ِيفتان عَلَى الل ّ ِسا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الت ّسْب ِي ُ‬
‫في الميزان( وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب )حَبيبتان( أي محبوبتان والمعنى محبوب قائلهما )إلى َ‬
‫الر ّحمانِ( ومحبته‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه( معنى التسبيح تنز يه الل ّٰه عما لا يليق به من كل نقص )و َب ِحَمْدِه ِ( قيل الواو للحال‬
‫تعالى للعبد إرادة إيصال الخـير له والتكريم ) ُ‬
‫والتقدير أسبح الل ّٰه ملتبسا بحمده له من أجل توفيقه وقيل عاطفة‪ ،‬والتقدير أسبح الل ّٰه وألتبس بحمده‪ ،‬و يحتمل أن تكون الباء متعلقة‬
‫ِيم( قال الـكرماني‪:‬‬
‫سب ْح َانَ الل ّٰه العَظ ِ‬
‫بمحذوف متقدم والتقدير‪ ،‬وأثني عليه بحمده فيكون سبحان الل ّٰه جملة مستقلة وبحمده جملة أخرى‪ُ ) .‬‬
‫صفات الل ّٰه تعالى وجودية كالعلم والقدرة‪ ،‬وهي صفات الإكرام وعدمية كلا شر يك له‪ ،‬ولا مثل وهي صفات الجلال‪ ،‬فالتسبيح‬
‫إشارة إلى الجلال والتحميد إشارة إلى صفات الإكرام وترك التقييد مشعر بالتعميم‪ ،‬والمعنى أنزهه عن جميع النقائص وأحمده بجميع‬
‫الـكمالات اهـ‪ .‬ورواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة‪ .‬وكلمتان خبر مقدم وخفيفتان وما بعده صفة‪،‬‬
‫والمبتدأ سبحان الل ّٰه وبحمده سبحان الل ّٰه العظيم أفاد ذلك العزيزي‪.‬‬
‫}الباب الثالث والعشرون‪ :‬في فضيلة التوبة{‬
‫التوبة هي الرجوع عما كان مذموما في الشرع إلى ما هو محمود في الشرع‪ ،‬والعلم بأن الذنوب والمعاصي مهلكات مبعدات من الل ّٰه عز‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤١‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫وجل‪ ،‬ومن جنته وتركها فقرب إلى الل ّٰه عز وجل وجنته‪ ،‬وآدم عليه السلام لما أكل من الشجرة المنهي عنها تطايرت الحلل عن‬
‫جسده‪ ،‬وبدت عورته‪ ،‬وبقي التاج والإكليل على رأسه‪ ،‬فاستحيا أن يرتفعا عنه‪ ،‬فجاءه جبر يل عليه السلام‪ ،‬فأخذ التاج عن رأسه‬
‫والإكليل عن جبينه‪ ،‬ونودي هو وحواء أن اهبطا من جواري فإنه لا يجاورني من عصاني‪ ،‬فالتفت إلى حواء بالحياء كذا أفاد الشيخ‬
‫عبد القادر‬
‫)‬
‫ن ال َذ ّن ِ‬
‫ْب و َه ُو َ مُق ِيم ٌ عَلَيْه ِ‬ ‫ْب كَم َنْ لا ذَن ْبَ لَه ُ( أي فإن التوبة ت ُ ّ‬
‫جب ما قبلها )والمُسْتَغْف ِر ُ م ِ َ‬ ‫ن ال َذ ّن ِ‬ ‫قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الت ّائ ِبُ م ِ َ‬
‫ستَهْزِىء ِ ب ِر َبِّه ِ( رواه البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس‪ ،‬ولهذا قيل الاستغفار باللسان توبة الـكذابين‪ ،‬وهذا حديث موقوف‪ ،‬وهو‬ ‫كالم ُ ْ‬
‫ما قصر على الصحابي قولا ًأو فعلا ًويسمى أثرا أيضا‪.‬‬
‫ن ال َذ ّن ِ‬
‫ْب كَم َنْ لا َ ذَن ْبَ لَه ُ( رواه الطبراني وأبو نعيم عن ابن سعيد الأنصاري وضعفه‬ ‫الن ّدَم ُ تَو ْبَة ٌ َ‬
‫والت ّائ ِبُ م ِ َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫البخاري وغيره‪ ،‬وعلامة صحة الندم رقة القلب‪ ،‬وغزارة الدمع‪ .‬ولهذا روي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬جالِس ُوا َ‬
‫الت ّوابِينَ‬

‫فَإ َ ّنه ُ ْم أر ُ َّق أَ ف ْئِد َة« وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ أَ ذْن َبَ ذَن ْبا ث َُم ّ نَدِم َ عَلَيْه ِ فَه ُو َ َ‬
‫ك َ ّفار َتُه ُ«‪ .‬وقال الحسن رحمه الل ّٰه‪ :‬التوبة على أربع دعائم‪:‬‬
‫استغفار باللسان وندم بالقلب وترك بالجوارح وإضمار أن لا يعود‪ ،‬ذكر ذلك الشيخ عبد القادر الجيلاني‬
‫َض إلى الل ّٰه تَع َالى م ِنْ‬ ‫َاب ت َائ ٍِب( أو شابة تائبة )وَم َا م ِنْ شَيْء ٍ أَ بْغ ُ‬
‫َب إلى الل ّٰه تَع َالَى م ِنْ ش ٍ ّ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا م ِنْ شَيْء ٍ أَ ح ُ ّ‬
‫شي ٍْخ مُق ٍِيم( أي مصر ّ )عَلَى مَع َاصِيه ِ( أو شيخة كذا رواه أبو المظفر عن سلمان الفارسي‬ ‫َ‬
‫)‬
‫ن العَبْد َ لَيُذْن ِبُ ال َذ ّن ْبَ فَي ُ ْدخِله ُ الج َنَ ّة‬
‫الت ّو ْبَة ُ( كما قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫وب َ‬‫ل ش َيء ٍ حِيلة ٌ وحيلة ُ ال ُذ ّن ُ ِ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لِك ُ ّ ِ‬
‫ل الج َنَ ّة َ« ذكر ذلك الشيخ عبد‬
‫فقالوا‪ :‬يا نبي الل ّٰه وكيف يدخله الجنة؟ قال‪ :‬يَكُونُ ال َذ ّن ْبُ نُصْ بَ عَي ْنَيْه ِ يَسْتَغْف ِر ُ مِن ْه ُ و َيَنْدَم ُ عَلَيْه ِ ح ََت ّى ي َ ْدخ ُ َ‬
‫وب َ‬
‫الت ّوبَة ُ(‪ .‬وقال أنس جاء رجل إلى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه‬ ‫ل شَيْء ٍ د َواء ٌ وَد َواء ُ ال ُذ ّن ُ ِ‬
‫القادر الجيلاني )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لِك ُ ّ ِ‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول الل ّٰه إني أذنبت ذنبا‪ .‬قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬اسْ تَغْفِرِ الل ّٰه« قال‪ :‬إني أتوب ثم أعود‪ .‬قال صلى الل ّٰه عليه‬
‫وسلم‪» :‬ك ُ َل ّما أَ ذْنَب ْتَ فَت ُْب ح ََت ّى يَكُونَ ال َ ّ‬
‫شي ْطانُ ه ُو َ الحَسير ُ« قال يا نبي الل ّٰه إذن تكثر ذنوبي‪ .‬فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬عَفْو ُ الل ّٰه أكْ ث َر ُ‬
‫م ِنْ ذ ُنُوبِكَ«‬
‫الت ّو ْبَة ُ تَهْدِم ُ الحَو ْبَة َ( بفتح الحاء المهملة‪ ،‬أي الخطيئة وفي لفظ الحوب بضم الحاء أي الإثم‪ ،‬وروي عن‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الحسن رضي اللٰه عنه عن النبي صلى اللٰه عليه وسلم أنه قال‪ :‬لَو ْ أَ خْ طَأَ أَ حَد ُك ُ ْم ح ََت ّى يَم َْلأ م َا بَيْنَ ال َ ّ ِ‬
‫سم َاء والأَ ْرضِ‪ ،‬ث َُم ّ ت َابَ ت َابَ َ‬
‫الل ّه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عَلَيْه ِ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬تُوبوا إلى الل ّٰه فَإني أتُوبُ إلَيْه ِ ك ُ َ ّ‬
‫ل يَو ْ ٍم مائَة َ م َ َّرة ٍ( رواه الشيخان عن ابن عمر بن الخطاب‪ ،‬وذكر المائة‬
‫للتكبير لا للتحديد‪ ،‬وتوبة العوام من الذنوب‪ ،‬وتوبة الخواص من غفلة القلوب‪ ،‬وخواص الخواص مما حوى المحبوب‪ ،‬فتوبة كل عبد‬
‫بحسبه‬
‫)‬
‫كفْر ٌ( ويروى أن‬
‫س( أي القنوط من عفو الل ّٰه ) ُ‬ ‫وقال عليه السلام‪ :‬تُوبُوا إلى الل ّٰه و َلا َتَي ْأَ سُوا( أي لا تقنطوا من رحمة الل ّٰه )فَإ َ ّ‬
‫ن الي َأْ َ‬
‫رجلا ً سأل ابن مسعود عن ذنب ألم به‪ ،‬هل له من توبة؟ فأعرض عنه ابن مسعود‪ ،‬ثم التفت إليه فرأى عينيه تذرفان فقال له‪ :‬إن‬
‫للجنة ثمانية أبواب كلها تفتح وتغلق إلا باب التوبة فإن عليه ملكا موكلا ًبه لا يغلق فاعمل ولا تيأس‪ ،‬كذا في الإحياء‪.‬‬
‫ْت( أي فوت وقتها‪.‬‬
‫ل الفَو ِ‬ ‫ْت وَعَج ِّلُوا َ‬
‫بالصّ لاة ِ قَب ْ َ‬ ‫ل المَو ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬عَج ِّلوا َ‬
‫بالت ّو ْبَة ِ قَب ْ َ‬
‫قال سيدي الشيخ عبد القادر‪ :‬شروط التوبة ثلاثة‪ :‬أولها الندم على ما عمل من المخالفات والثاني ترك الزلات في جميع الحالات‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٢‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫والساعات‪ .‬والثالث العزم على أن لا يعود إلى مثل ما اقترف من المعاصي والخطيئات‪ .‬فالندم يورث عزما وقصدا فالعزم أن لا يعود‬
‫إلى مثل ما اقترف من المعاصي لعلمه أن المعاصي حائلة بينه بين ربه‪ ،‬ومعنى الندم توجع القلب عند علمه بفوات محبوبه‪ ،‬فتطول أجزانه‬
‫وانسكاب عبراته‪ ،‬فيعزم على أن لا يعود إلى مثل ذلك لما تحقق عنده من العلم بشؤم ذلك‪ ،‬وأنه أضر من السم القاتل‪ ،‬والسبع الضاري‪،‬‬
‫والنار المحرقة والسيف القاطع‪ ،‬وأما القصد وهو إرادة التدارك‪ ،‬فله تعلق بالحال‪ ،‬وهو موجب ترك كل محظور هو ملابس له‪ ،‬وأداء‬
‫كل فرض هو متوجه عليه في الحال‪ ،‬وله تعلق بالماضي وهو تدارك ما فرطه بالمستقبل‪ ،‬وهو المداومة على الطاعة‪ ،‬وترك المعصية إلى‬
‫الموت‪ ،‬فأما شرط صحته فيما يتعلق بالماضي فيفتش عما مضى من عمره سنة سنة‪ ،‬وشهرا شهرا و يوما يوما‪ ،‬وساعة ساعة ونفسا نفسا‪،‬‬
‫فينظر إلى الطاعات ما الذي قصر فيها‪ ،‬وإلى المعاصي ما الذي قارف منها‬
‫)‬
‫ل أ ْن تَمُوتُوا( قال جابر بن عبد الل ّٰه رضي الل ّٰه عنهما‪ :‬خطبنا رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تُوبُوا إلى ر َبِّك ُ ْم قَب ْ َ‬

‫ل أ ْن تَشْت َغ ِلُوا وَصِلوا ال َ ّذي بَي ْنَك ُم و َبَيْنَ ر َبِّك ُ ْم‬ ‫ل َ‬


‫الصّ الِ حَة ِ قَب ْ َ‬ ‫ل أ ْن تَمُوتُوا‪ ،‬و َب َادِروا بالأَ عْمَا ِ‬
‫اس تُوبوا إلى الل ّٰه قَب ْ َ‬ ‫يوم الجمعة فقال‪» :‬أ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّ ُ‬
‫إبليس حِينَ‬ ‫َ‬ ‫ن المُن ْكَر ِ تُن ْص َروا« وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن‬ ‫تحْصُن ُوا‪ ،‬وانْه َوا ع َ ِ‬
‫ُوف َ‬ ‫ت َ ْسعَد ُوا‪ ،‬و َأَ كْ ث ِر ُوا َ‬
‫الصّ د َق َة َ تُرْز َق ُوا‪ ،‬وأمرُوا بالمَعْر ِ‬

‫ب‪ :‬وعزتي وَج َلالي لا َأَ مْن َع ُه ُ َ‬


‫الت ّو ْبَة َ‬ ‫الر ّ ُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫جسَدِه ِ فَق َا َ‬
‫ح في َ‬ ‫ن آدَم َ ما د َام َ ُ‬
‫الر ّو ُ‬ ‫ل أغوي اب َ‬ ‫ك لا َأز َا ُ‬
‫ك وَج َلال َ ِ َ‬ ‫ُأه ْب َِط إلى الأَ ْر ِ‬
‫ض قالَ‪ :‬وَع َ ِّزت ِ َ‬
‫سه ِ« وعن محمد بن عبد الل ّٰه السلمي أنه قال‪ :‬جلست إلى نفر من أصحاب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم بالمدينة فقال‬ ‫م َا ل َ ْم يَت َغَرْغ َْر بنِ َ ْف ِ‬
‫ف يَو ْ ٍم ت َابَ الل ّٰه عَلَيْه ِ‪ .‬وقال آخر‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه‬ ‫رجل منهم‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪ :‬م َنْ ت َابَ قَب ْ َ‬
‫ل مَو ْتِه ِ بنِِصْ ِ‬
‫ف يَو ْ ٍم ت َابَ الل ّٰه عَلَيْه ِ‪ .‬وقال آخر‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪ :‬م َنْ‬
‫ل مَو ْتِه ِ بنِِصْ ِ‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪ :‬م َنْ ت َابَ قَب ْ َ‬
‫ل الغَرْغ َرَة ِ ت َابَ الل ّٰه عَلَيْه ِ‪.‬‬
‫ت َابَ قَب ْ َ‬
‫وقد روى زاذان عن عبد الل ّٰه بن مسعود عن سلمان الفارسي أنه كانت في الإسرائيليات امرأة بغية مغنية مفتنة بجمالها‪ ،‬وكان باب‬
‫دارها أبدا مفتوحا‪ ،‬وهي قاعدة على السرير بحذاء الباب‪ ،‬فكل من مر بها ونظر إليها افتتن بها‪ ،‬واحتاج إلى إحضار عشرة دنانير أو أكثر‬
‫من ذلك حتى تأذن بالدخول عليها‪ ،‬فمر ببابها ذات يوم عابد من عباد بني إسرائيل‪ ،‬فوقع بصره عليها في الدار وهي قاعدة على السرير‪،‬‬
‫فافتتن بها وجعل يجادل نفسه حتى أنه يدعو الل ّٰه تعالى أن يز يل ذلك عن قلبه‪ ،‬فلم يزل ذلك عن نفسه‪ ،‬ولم يملك نفسه حتى باع قماشا‬
‫كان له‪ ،‬فجمع من الدنانير ما يحتاج إليه فجاء إلى بابها فأمرته أن يسلم الذهب إلى وكيل لها وواعدته لمجيئه‪ ،‬فجاء إليها لذلك الوعد‪ ،‬وقد‬
‫تزينت وجلست في بيتها على سريرها‪ ،‬فدخل عليها العابد‪ ،‬وجلس معها على السرير‪ ،‬فلما مد يده إليها وانبسط معها تداركه الل ّٰه برحمته‬
‫ببركة عبادته المتقدمة‪ ،‬فوقع في قلبه أن الل ّٰه تعالى يراني في هذه الحالة من فوق عرشه‪ ،‬وأنا في الحرام‪ ،‬وقد حبط عملي كله فوقعت‬
‫الهيبة في قلبه فارتعد في نفسه وتغير لونه‪ ،‬فنظرت إليه المرأة فرأته متغير اللون فقالت له‪ :‬إيش أصابك يا رجل؟ فقال‪ :‬إني أخاف الل ّٰه‬
‫ربي فأذني لي بالخروج‪ .‬فقالت له و يحك إن كثيرا من الناس يتمنون الذي وجدته‪ ،‬فأيش هذا الذي أنت فيه؟ فقال‪ :‬إني أخاف الل ّٰه‬
‫جل ثناؤه وإن المال الذي دفعته إلى وكيلك هو لك حلال فأذني لي بالخروج‪ .‬فقالت له‪ :‬كأنك لم تعمل هذا قط‪ .‬قال‪ :‬لا‪.‬‬
‫فقالت له‪ :‬من أين أنت وما اسمك؟ فأخبرها أنه من قر ية كذا واسمه كذا فأذنت له بالخروج من عندها‪ ،‬فخرج وهو يدعو بالو يل والثبور‬
‫ويبكي على نفسه‪ ،‬فوقعت الهيبة في قلب المرأة ببركة ذلك العابد فقالت في نفسها‪ :‬إن هذا الرجل أول ذنب أذنب فدخل عليه من‬
‫الخوف ما دخل وإني قد أذنبت منذ كذا وكذا سنة‪ ،‬وإن ربه الذي خاف منه هو ربي‪ ،‬فينبغي أن يكون خوفي أشد من خوفه فتابت‬
‫إلى الل ّٰه تعالى‪ ،‬وغلقت الباب على الناس‪ ،‬ولبست ثيابا خلقة‪ ،‬وأقبلت على العبادة فكانت في عبادتها ما شاء الل ّٰه تعالى‪ ،‬فقالت في نفسها‪:‬‬
‫إني لو انتهيت إلى ذلك الرجل لعله يتزوجني‪ ،‬فأكون عنده وأتعلم منه أمر ديني‪ ،‬و يكون عونا لي على عبادة ربي‪ ،‬فتجهزت وحملت‬
‫معها من الأموال والخدم ما شاء الل ّٰه‪ ،‬وانتهت إلى تلك القر ية وسألت عنه‪ ،‬فأخبروا العابد أنه قدمت امرأة تسأل عنك‪ ،‬فخرج العابد‬
‫إليها‪ ،‬فلما رأته المرأة كشفت عن وجهها كي يعرفها فلما رآها العابد وعرف وجهها‪ ،‬وتذكر الأمر الذي كان بينه وبينها صاح صيحة‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٣‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫فخرجت روحه‪ ،‬فبقيت المرأة حزينة‪ ،‬وقالت في نفسها إني خرجت لأجله‪ ،‬وقد مات‪ .‬فقالت لأهل تلك القر ية‪ :‬له أحد من أقربائه‬
‫يحتاج إلى امرأة فقالوا لها‪ :‬لهذا الرجل أخ صالح لـكنه معسر لا مال له‪ .‬فقالت‪ :‬لا بأس به فإن لي مالا ًيكفينا فجاء أخوه فتزوج بها‬
‫فولدت له سبعا من البنين كلهم صاروا أنبياء في بني إسرائيل وهذا ببركة الصدق والطاعة وحسن النية‪.‬‬
‫}الباب الرابع والعشرون‪ :‬في فضيلة الفقر{‬
‫قال الغزالي‪ :‬الفقر عبارة عن فقد ما هو محتاج إليه أما فقد ما لا حاجة إليه‪ ،‬فلا يسمى فقرا وإن كان المحتاج إليه موجودا مقدورا‬
‫عليه لم يكن المحتاج فقيرا‬
‫ن عَلَى خ َ ّدِ الف َرَسِ( رواه‬
‫ن العِذ َارِ الحَسَ ِ‬
‫ن مِ َ‬
‫ن عَلَى المُؤْم ِ ِ‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الفَقْر ُ( الذي لا يؤدي إلى احتياج الناس )أَ زْي َ ُ‬
‫الطبراني عن شداد بن أوس والبيهقي عن سعد بن مسعود بإسناد ضعيف‬
‫)‬
‫س وَز َي ْ ٌن عِنْد َ الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( أي لسلامة صاحبه في الدارين رواه‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الفَقْر ُ شَيْنٌ( أي عيب وقبح )عِنْد َ َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫الديلمي عن أنس‪ ،‬وإسناده ضعيف‪ ،‬وفي الخـبر آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملـكه‪ ،‬وآخر أصحابي‬
‫دخولا ًالجنة عبد الرحمن بن عوف لأجل غناه‪.‬‬
‫ْض الفُق َرَاء ِ م ِنْ أَ خْلا َ ِ‬
‫ق الف َرَاعِنَة ِ( أي العتاة وهو بفتح الفاء والراء‬ ‫ق الأَ ن ْب ِيَاء ِ و َبُغ ُ‬
‫ُب الفُق َرَاء ِ م ِنْ أَ خْلا ِ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ح ُ ّ‬
‫وكسر العين جمع فرعون فالفراعنة‪ .‬ثلاثة‪ :‬فرعون الخليل واسمه سنان‪ ،‬وفرعون يوسف واسمه الر يان بن الوليد‪ ،‬وفرعون موسى واسمه‬
‫الوليد بن مصعب كذا في المصباح‬
‫ُب المَسَاكِينِ و َالفُق َرَاء ِ ل ِ َ‬
‫صبْرِه ِ ْم ه ُ ْم ج ُلَسَاء ُ الل ّٰه تَع َالى يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( رواه أبو‬ ‫ح الج َنَ ّة ِ ح ُ ّ‬ ‫ل شَيْء ٍ مِفْتَا ٌ‬
‫ح وَمِفْتَا ُ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لِك ُ ّ ِ‬
‫بكر بن لال عن عمر بن الخطاب‪ .‬وقال يحيى بن معاذ حبك الفقراء من أخلاق المرسلين‪ ،‬وإيثارك مجالستهم من علامات الصالحـين‪،‬‬
‫ن الف َقير َ المُت َع ّف َِف( أي المنكف عن‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب عَبْدَه ُ المُؤْم ِ َ‬ ‫وفرارك من صحبتهم من علامة المنافقين )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه تَع َالى ُ‬
‫الحرام والسؤال عن الناس‪ ،‬وقال المناوي أي المبالغ في العفة مع وجود الحاجة لطموح بصيرته عن الخلق إن الخالق )أَ ب َا الع ِيَالِ( أي‬
‫صاحب العيال رواه ابن ماجه عن عمران بن حصين‪ .‬قال المناوي‪ :‬وفي هذا الحديث إشعار بأنه يندب للفقير إظهار التعفف‪ ،‬وعدم‬
‫الشكوى‪.‬‬
‫)تنبيه( الفقر فقران‪ :‬فقر مثوبة‪ ،‬وفقر عقوبة‪ ،‬وعلامة الأول أن يحسن خلقه‪ ،‬و يطيع ربه‪ ،‬ولا يشكو‪ ،‬ويشكر الل ّٰه على فقره‪ ،‬والثاني‬
‫أن يسيء خلقه و يعصي ويشكو ويتسخط‪ ،‬والذي يحبه الل ّٰه الأول دون الثاني كذا أفاد العزيزي‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الفَقْر ُ أَ م َانَة ٌ فَم َنْ كَتَم َه ُ ك َان( أي كتمه )عِبَادَة ً وَم َنْ باح به ِ( أي أظهره )فَق َ ْد قلَ ّد إخوانَه ُ المُسْل ِمِينَ( أي‬
‫قدرهم كلفة التوسعة عليه رواه ابن عساكر عن عمر بإسناد ضعيف‪ .‬وفي هذا الحديث ندب كتمان الفقر ما لم يضطر كذا قاله العزيزي‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬طُوبى( أي الجنة )لِلْف ُقراء ِ والضعفاء ِ م ِنْ أ َمّتي( وفي رواية الديلمي عن أبي هريرة طُوبَى لم َِنْ باتَ ح َاجا‬

‫ج عَنْه ُ ْم ضَاحكا فوالذي نَفْسي بيَِدِه ِ‬


‫يخ ْر ُ ُ‬ ‫ن ال ُد ّن ْيَا ي َ ْدخ ُ ُ‬
‫ل عَلَيْه ِ ْم ضَاحِكا‪ ،‬و َ‬ ‫ل م ُتَع َ ّف ٌِف قَان ِـ ٌع باليسير ِ م ِ َ‬
‫ل مَسْت ُور ٌ ذ ُو عيا ٍ‬
‫ح غَازِ يا رَج ُ ٌ‬
‫و َأَ صْ ب َ َ‬

‫إ َ ّنه ُ ْم هُم ُ الحا ُ ّ‬


‫جون الغ َاز ُونَ في سَب ِيل الل ّٰه‪ ،‬والمعنى الخـير الـكثير لمن تابع بين حجه وغزوه كلما فرغ من أحدهما شرع في الآخر قالوا‪ :‬ومن‬

‫ن ال ُد ّن ْيَا ي َ ْدخ ُ ُ‬
‫ل‬ ‫ل مِ َ‬
‫ض بالق َلي ِ‬ ‫يح ِ ُ ّ‬
‫ل را ٍ‬ ‫الن ّاسِ‪ ،‬و َع ََم ّا لا َ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل مُنْك ّ ٌ‬
‫َف ع َنْ سُؤَا ِ‬ ‫س ذ ُو عِيا ٍ‬ ‫ل مَسْت ُور ٌ بَيْنَ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫هذا يا رسول الل ّٰه؟ قال‪» :‬رَج ُ ٌ‬
‫فات هُم ُ الحاجّون الغ َاز ُون‬
‫الص ِ‬ ‫ن َ‬
‫المت ّصفينَ بهاذه ِّ‬ ‫ج م ِنْ عِنْدِه ِ ْم ضَاحِكا‪ ،‬فوالله الذي روحي بق ُ ْدر َتِه ِ و َتَص ْر يف ِه إ َ ّ‬
‫يخ ْر ُ ُ‬
‫عَلَى عِيَالِه ِ ضَاحِكا و َ َ‬
‫ل الل ّٰه«‪ .‬أشار َ صلى الل ّٰه عليه وسلم بهذا الحديث إلى فضل القناعة والسعي على العيال‬
‫في سَبي ِ‬
‫امات الل ّٰه( تعالى‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الفَقْر ُ ك َرَام َة ٌ م ِنْ ك َر َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٤‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ق الل ّٰه تَع َالى(‪.‬‬ ‫كف َضْ ل ِي عَلى ج ِ‬


‫َميع خ َل ْ ِ‬ ‫ل الفق ِير عَلَى الغَن ِ ِيّ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ف َضْ ُ‬

‫ن الل ّٰه‬ ‫وروي عن علي كرم الل ّٰه وجهه عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬أَ ح ُ ّ‬
‫َب الع ِبادِ إلى الل ّٰه تَع َالى الفَق ِير ُ الق َان ِـ ُع بِرِزْقِه ِ الراضي ع َ ِ‬
‫تَع َالى«‬
‫)‬
‫ل الف َ ْقرِ( وأوحى الل ّٰه تعالى إلى إسماعيل عليه السلام‪ :‬اطلبني عند المنكسرة قلوبهم قال‪:‬‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا َشَيْء َ يُعط ِيه ِ الل ّٰه مِث ْ ُ‬
‫ن الفَق ِير إذا ك َانَ ر َاضِيا«‪.‬‬
‫ل مِ َ‬
‫ض ُ‬
‫ومن هم؟ قال‪ :‬الفقراء الصادقون‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لا أَ حَد َ أَ ف ْ َ‬
‫}الباب الخامس والعشرون‪ :‬في فضيلة النكاح{‬
‫ْس م َِن ّا« وهذا ذم لعلة الامتناع لا لأصل الترك كذا في الإحياء‬ ‫قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ ت َرَك َ ال َت ّزْوِيج َ َ‬
‫مخَاف َة َ العَيْلَة ِ فَلي َ‬
‫)قال النبي عليه الصلاة والسلام‪ :‬ال َت ّزْويج ُ ب َر َكة ٌ والوَلد ُ رَحْم َة ٌ ف َأَ ك ْرموا أوْلاَد َك ُ ْم فإ َ ّ‬
‫ن ك َرَام َة َ الأولادِ عِبَادَة ٌ‪ .‬وقال عليه الصلاة والسلام‪:‬‬
‫ح س َُن ّتِي( أي طر يقتي )فمَ ِنْ رَغِبَ ( بكسر الغين )ع َنْ س َُن ّتِي( أي من لم يردها )فليس مني( أي فليس على منهاجي‪ .‬ومادة رغب‬
‫النِّك َا ُ‬
‫إذا تعدى بفي فمعناه أراد‪ ،‬وإذا تعدى بعن فمعناه لم يرد كما هنا‬
‫ْت( رواه الديلمي والثعلبي عن أبي هريرة وضعفه‬
‫ْت والإماء ُ فَسَاد ُ البَي ِ‬
‫ح البَي ِ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام الحَرَائ ِر ُ( جمع حرة )صَلا ُ‬
‫السخاوي قال المناوي‪ :‬لأن الإماء متبذلات ولا خشية لهن على عروضهن‪ ،‬ولا خير لهن بإقامة نظام البيت غالبا‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ أر َاد َ أ ْن يلَْقَى الل ّٰه طَاه ِرا مُطَ َهّرا( أي من الأدناس المعنو ية )فَل ْيَتَز َ َ ّو ِ‬
‫ج الحَرائ ِر َ( رواه ابن ماجه عن‬
‫أنس بن مالك ومعنى الطهارة هنا السلامة من الآثام المتعلقة بالفروج‪ ،‬لأن تزوج الحرائر أعون على العفاف من تَسرِّي الإماء ِ لاكتفاء‬
‫النفس بهن عن طلب الإماء غالبا بخلاف العكس‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬التم َِس ُوا الر ِ ّزْقَ بالنِّك ِ‬
‫َاح( أي التزوج‪ ،‬فإنه جالب للبركة جار للرزق إذا صلحت النية رواه الديلمي عن ابن‬
‫عباس‪ ،‬وفي رواية للبزار تزوجوا يأتينكم بالأموال‪ ،‬وفي لفظ الرزق يزداد بالنكاح‬
‫)‬
‫ج فَق َ ْد ُأعْطي ن ِصْ َ‬
‫ف الع ِبَادَة ِ( رواه أبو يعلى عن أنس بن مالك‪ .‬وهذا حديث متروك وهو ما تفرد‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ ت َز َ ّو َ‬
‫بروايته واحد وأجمع على ضعفه‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام شِر َار ُكُمْ( أي بعض شراركم )ع َ ُّزابُك ُم( روه أبو يعلى والطبراني وابن عدي عن أبي هريرة‪ ،‬وذلك لأنهم‬
‫ات‬ ‫ليس لهم أفراط يهيئون لهم ما يحتاجون إليه في الآخرة‪ ،‬وقد نظم ذلك ابن العماد فقال‪ :‬شِر َار ُك ُ ْم ع َ ُّزابُك ُ ْم ج َاء َ الخـَبَرْ أَ ر َاذِ ُ‬
‫ل الأمْو َ ِ‬
‫ع َ ُّزابُ الب َشَرْ‬
‫ل مَو ْت َاك ُ ْم ع َ ُّزابُكُمْ( رواه الإمام أحمد عن عطية بن بسر بضم الموحدة وسكون‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬شِر َار ُك ُ ْم ع َ ُّزابُك ُ ْم و َأَ ر َاذِ ُ‬
‫المهملة‬
‫ل(‬
‫سب ْع ِينَ رَكْ ع َة ً م ِنْ غَي ْر م ُت َأَ ه ِّ ٍ‬
‫ل( أي متخذ أهلا ًأي زوجة )خَيْر ٌ م ِنْ َ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬شِر َار ُك ُ ْم ع َ ُّزابُك ُ ْم رَكْ ع َتَا ِ‬
‫ن م ِنْ م ُت َأَ ه ّ ٍ‬
‫رواه ابن عدي عن أبي هريرة وهذا حديث يحتمل أن المراد به الترغيب في التزويج لا الحقيقة كذا أفاده العزيزي‬
‫صد َق َة ٌ( أي إن نواها في الكل كما قيده صلى الل ّٰه عليه وسلم في الخـبر الصحيح‬
‫ك َ‬
‫ك فَه ُو َ ل َ َ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َا أطْ عَمْتَ ز َوجَت َ َ‬
‫بقوله يحتسبها صدقة رواه أحمد والطبراني عن المقدام بن معدي كرب بإسناد صحيح‪ ،‬وفي رواية دينار أنفقته في سبيل الل ّٰه‪ ،‬أي في مؤن‬
‫الغزو أو سبيل الخـير ودينار أنفقته في رقبة‪ ،‬أي في إعتاقها‪ ،‬ودينار تصدقت به على مسكين‪ ،‬ودينار أنفقته على أهلك‪ ،‬أي نفقة واجبة‬
‫أو مندوبة أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك‪ ،‬أي لما فيه من صلة الرحم رواه مسلم عن أبي هريرة‪ .‬قال القاضي البيضاوي‪ :‬دينار‬
‫مبتدأ وأنفقته صفة‪ ،‬وجملة أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك خبر‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٥‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫}الباب السادس والعشرون‪ :‬في التشديد على الزنى{‬


‫قال الل ّٰه تعالى‪} :‬و َلا َتَقْر َبُوا الز ِّنَى َإن ّه ُ ك َانَ فَا ِ‬
‫حشَة ً وَسَاء َ سَب ِيلاً{ ]الإسراء‪[٢٣ :‬‬
‫)‬
‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الز ِّنَى يُورِثُ الفَقْر َ( أي يقل بركة الرزق رواه القضاعي والبيهقي عن ابن عمر بن الخطاب‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام( زِنَى العينين بصيغة المثنى َ‬
‫)الن ّظَر ُ( أي النظر إلى ما لا يحل يجر إلى الزنى رواه ابن سعد والطبراني وأبو‬
‫نعيم عن علقمة بن الحويرث‬
‫ن الك َبَائِر ِ( أي إذا وجدت الشهوة‬ ‫الن ّظَر ُإلى النِّسَاء ِ الأَ جْ نَب َِي ّ ِ‬
‫ات( أي اللاتي يحل للرجل الناظر نكاحهن )م ِ َ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪َ :‬‬
‫وخيف الفتنة‪ ،‬أي ميل القلب إليهن وإلا فمقدمات الزنى ليست كبائر كما في الزواجر‬
‫ْش وَزِنَى العَي ْنَيْنِ َ‬
‫الن ّظَر ُ( أي إلى ما لا يحل‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬زِنَى الر ِ ّجْلَيْنِ المَشْي ُ( أي إلى محال المعاصي )وَزِنَى اليَد َي ْ ِن البَط ُ‬
‫سب ْع ِينَ سَن َة ً( وروى ابن حبان في صحيحه‬
‫ل َ‬
‫تح ْب ُِط ع َم َ َ‬
‫حدَة ٌ ُ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام زَن ْي َة ٌ( بفتح الزاي وسكون النون وهو للمرة )وا ِ‬
‫َف الراه ِبُ‬ ‫ْض فَاخْ ض َ َرّ ْ‬
‫ت ف َأشْر َ‬ ‫صوْمَع َتِه ِ سِتِّينَ عاما‪ ،‬فأَ ْمطَر َِت الأَ ر ُ‬ ‫أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪ :‬تَع ََب ّد َ عَابِد ٌ م ِنْ بَنِي إسْر َائيِ َ‬
‫ل فَع َبَد َ الل ّٰه في َ‬
‫ض لِق ِيته ُ امْرَأة ٌ فَل َ ْم ي َز َل يُكَل ِّمُه َا‬
‫ِيف أَ ْو رَغِيفان‪ ،‬فَبَي ْنَم َا ه ُو َ في الأَ ْر ِ‬
‫ل وَم َع َه ُ رَغ ٌ‬
‫صوْمَع َتِه ِ فقال‪ :‬لَو ْ ن َزَل ْتَ ‪ ،‬فَذَك َر َتَ فَازدَدْتَ خَي ْرا‪ ،‬فَنَز َ َ‬
‫م ِنْ َ‬
‫الر ّغيف َيْنِ‪ ،‬ث َُم ّ م َاتَ ف َو ُزن َْت عِبَادَة ُ سِتينَ سَن َة ً بتِلِ ْ َ‬
‫ك‬ ‫ل ف َأَ ْوم َأَ إلَيْه ِ أَ ْن يأْ خُذ َ َ‬ ‫ح َّ‬
‫م فَجَاء َ سَائ ِ ٌ‬ ‫ل الغَدِير َ لِيَسْت َ ِ‬ ‫و َتُكَل ِّم ُه ُ حَت ّى غَشِيهَا‪ ،‬ث َُم ّ أغم ِ َ‬
‫ي عَلَيْه ِ فَنَز َ َ‬
‫حسَنَاتُه‪ ،‬ف َغُف ِر َ لَه ُ كذا في الزواجر‬
‫حسَنَاتِه ِ‪ ،‬ف َر َجَ ح َْت َ‬
‫ن م َ َع َ‬ ‫ِيف أ ْو َ‬
‫الر ّغِيف َا ِ‬ ‫الز ّن ْي َة ُ بِ حَسَناتِه ِ‪ ،‬ث َُم ّ وُضِـ َع َ‬
‫الر ّغ ُ‬ ‫الز ّن ْيَة ِ‪ ،‬ف َر َجَ ح َْت َ‬
‫َ‬
‫)‬
‫ح ٍم لا يَح ُ ّ‬
‫ل لَه ُ( رواه‬ ‫ل فِي ر َ ِ‬
‫ضع َها رَج ُ ٌ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َا م ِنْ ذَن ٍْب بَعْد َ الش ِّرْكِ( أي الـكفر )أَ ْعظ ُم عِنْد َ الل ّٰه م ِنْ ن ُ ْطفَة ٍ و َ َ‬
‫ابن أبي الدنيا عن الهيثم بن مالك الطائي وقضية هذا الحديث أن الزنى أكبر الكبائر بعد الـكفر‪ ،‬لـكن في أحاديث أصح من هذا أن‬
‫أكبرها بعد القتل كذا أفاده العزيزي‬
‫ل‬
‫ن الز ِّن َاة ُ تَشْت َع ِ ُ‬ ‫صي ْح َة ٌ م ِنْ نَتَنِ ر َِيح فَر ِْج َ‬
‫الز ّانِي( وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم في رواية الطبراني‪ :‬إ َ ّ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّارِ َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إ َ ّ‬
‫ن لأَ ه ْ ِ‬
‫وُجُوهُه ُم نارا‬
‫يج ْتمعانِ(‪.‬‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام الغنِي والز ِّنى لا َ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬تَرْك ُ الز ِّنى يُورِثُ الغ َن َى( أي يكثر الرزق )وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ ز َنَى( بالبناء للفاعل )زُنِي َ بِه ِ(‬
‫ن د َارِه ِ( رواه ابن النجار عن أنس بن مالك‪ .‬قال المناوي‪ :‬وهذا إشارة إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن‬
‫بالبناء للمفعول )و َلَو ْ بحيطا ِ‬
‫يعجل في الدنيا‪ ،‬وهو أن يقع في الزنى في بعض أهل داره حتما مقضيا اهـ‪.‬‬
‫ن من زنى أو فعل شيئا من مقدمات الزنى يقتص مثله من ذريته‪ ،‬فأراد الملك أن يجرب ذلك في‬
‫وقد حكي أنه قيل لبعض الملوك‪ :‬إ ّ‬
‫بنته‪ ،‬وكانت في غاية الحسن والجمال‪ ،‬فتركها مع امرأة فقيرة‪ ،‬وهي مزينة ومعها من أنواع الحلي والحلل‪ ،‬وأمرها أن لا تمنع أحدا أراد‬
‫التعرض لها بأي شيء‪ ،‬وأمرها بكشف وجهها‪ ،‬وأن تطوف بها الأسواق‪ ،‬فامتثلت المرأة‪ ،‬فما مرت بها على أحد إلا وأطرق منها حياء‬
‫وخجلاً‪ ،‬ولم يمد أحد نظره إليها‪ ،‬فلما قربت بها المرأة إلى دار الملك وأرادت الدخول بها أمسكها إنسان فقبلها ثم ذهب عنها‪ ،‬فدخلت‬
‫على أبيها فسألها عما وقع‪ ،‬فذكرت له القصة بتمامها‪ ،‬فسجد شكرا لل ّٰه تعالى وقال‪ :‬الحمد لل ّٰه ما وقع مني في عمري إلا قبلة واحدة في امرأة‬
‫واحدة‪ ،‬فقد قصصت بها من ابنتي كذا في الجواهر للسمرقندي‪.‬‬
‫)‬
‫يخ ْر ُِج م ِنْ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ َ‬ ‫ْواب م ِ َ‬
‫ح الل ّٰه عَلَيْه ِ في قَبرِه ِ ثمانية أب ٍ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ ز َنَى بامرأة ٍ( أي مسلمة أو كافرة حرة أو أمة )فَت َ َ‬

‫ن ر َقَبَة ِ الب َع ِير‬


‫ثخ ُ ُ‬ ‫ات ك ُ ُ ّ‬
‫ل ح ََي ّة ٍ ُ‬ ‫جه َ َن ّم وادٍ ف ِيه ِ ح ََي ّ ٌ‬ ‫الأبواب عَق َارِبُ وَح ََي ّ ٌ‬
‫ات إلى يَو ْ ِم الق ِيَامَة ِ( وعنه صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قال‪» :‬في َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬
‫تِل ْ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٦‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ات و َعق َارِبُ ك ُ ُ ّ‬


‫ل‬ ‫ن ف ِيه ِ ح ََي ّ ٌ‬ ‫جه َ َن ّم و َادِيا اسْم ُه ُ ج ُ ّ‬
‫ُب الْحُز ِ‬ ‫سب ْع ِينَ سَن َة ً ث َُم ّ يَت َ َهر ّى لَحمُه ُ وإ َ ّ‬
‫ن في َ‬ ‫سمِه ِ َ‬
‫ج ْ‬ ‫تلَْسَ ُع ت َارِك َ َ‬
‫الصّ لاَة ِ فَيَغْل ِي سَمّه َا في ِ‬
‫يجِد ُ م َرَارَة َ وَجَعِه َا أل َْف سَنَة ٍ‬
‫سمِه ِ َ‬ ‫الز ّانِي و َتُفرِغ ُ س ََم ّه َا فِي ِ‬
‫ج ْ‬ ‫م تَضْر ِب َ‬
‫ل شَوكة ٍ راو ية ُ س ٍ ّ‬
‫شوْكَة ً فِي ك ُ ّ ِ‬
‫سب ْع ُونَ َ‬
‫ل لَهَا َ‬
‫عَقْر ٍَب مِنْهَا بِق َ ْدرِ ال ْبَغْ ِ‬
‫حشَة َ م ِنْ نِس َائِك ُ ْم فاسْ تَشْهِد ُوا عَلَيْه َِنّ‬ ‫َ‬
‫}واللا ّتي ي َأتينَ الف َا ِ‬ ‫ح َ‬
‫والصّ دِيد ُ« كذا في الزواجر قال الل ّٰه تعالى‪:‬‬ ‫جه ِ القَي ْ ُ‬ ‫ث َُم ّ يَت َ َهر ّى لَحْمه ُ و َيَسِي ُ‬
‫ل م ِنْ فَر ْ ِ‬
‫}والل ّذ َانَ ي َأتيانِها مِنْك ُ ْم ف َآذوهُمَا فإ ْن ت َاب َا و َأَ صْ لَح َا ف َأَ ْعر ِضوا عَنْهُم َا إ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه ك َانَ تَو ّابا رَحِيما{‬ ‫َ‬ ‫أَ رْبَع َة ً مِنْكُمْ{ ]النساء‪ [٥١ :‬وقال الل ّٰه تعالى‪:‬‬
‫]النساء‪ [٦١ :‬قال أبو الليث السمرقندي في الجواهر‪ ،‬فإن لم يؤخذ الحد منهما في الدنيا أخذ في الآخرة بسياط من نار بين الخلائق في‬
‫الموقف‪.‬‬
‫}قصة سيدنا أبي شحمة{‬
‫قال‪ :‬حدثنا عبد العزيز الحجاج الخولاني عن صفوان عن ابن عباس أنه قال‪ :‬كان لعمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه ولدان‪ :‬الواحد اسمه‬
‫عبد الل ّٰه‪ ،‬والآخر اسمه عبيد الل ّٰه‪ ،‬و يكنى بأبي شحمة‪ ،‬وكان أبو شحمة مواظبا لكتاب الل ّٰه وقراءته‪ ،‬وتشبه قراءته قراءة رسول الل ّٰه صلى‬
‫الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬فمرض ذات عام مرضا شديدا حتى أشرف على الموت‪ ،‬ثم بعد ذلك عافاه الل ّٰه تعالى‪ ،‬فلما كان ذات يوم وجد الراحة‬
‫في نفسه‪ ،‬فمر ذلك اليوم بدار اليهود واستضاف عندهم‪ ،‬فأسقوه نبيذ التمر فشرب حتى طابت نفسه‪ ،‬فخرج من عندهم فمر بحائط بني‬
‫النجار‪ ،‬فوجد امرأة نائمة فراودها عن نفسها‪ ،‬فامتنعت ولم تقدر على ذلك الامتناع‪ ،‬فلما قضى منها ما قضى تعلقت بأطواقه‪ ،‬ومزقت‬
‫عليه أثوابه‪ ،‬وشتمته وصبرت على ما قد نزل بها فتربصت أربعة أشهر فظهر حملها‪ ،‬فتربصت تسعة أشهر‪ ،‬فولدت غلاما فلما أن انقطعت‬
‫عنها أوجاعها أخذت الولد‪ ،‬وأقبلت به إلى مسجد رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وكان يومئذ عمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه أمير‬
‫المؤمنين يحكم بين الناس‪ ،‬فتقدمت إليه‪ ،‬ووضعت الولد بين يديه‪ ،‬ثم قالت له‪ :‬يا أمير المؤمنين خذ هذا الولد فأنت أحق به مني فقال‬
‫لها‪ :‬يا جار ية كيف يكون هذا ولدك وأنت والدته‪ ،‬وأكون أنا أحق به منك؟ فقالت له‪ :‬يا أمير المؤمنين هو من ولدك‪ ،‬فقال لها‪ :‬وأي‬
‫ولدي؟ فقالت‪ :‬من ولدك أبي شحمة‪ .‬فقال لها‪ :‬يا جار ية أحلال أم حرام؟ فقالت‪ :‬يا أمير المؤمنين والل ّٰه من قبلي حلال‪ ،‬ومن قبله‬
‫حرام‪.‬‬
‫فقال‪ :‬وكيف ذلك؟ قالت‪ :‬خرجت من منزلي ذات يوم إلى حائط بني النجار أجتني البقل‪ ،‬فأدركني المساء‪ ،‬فنمت في ذلك المكان‪،‬‬
‫فمر علي ولدك أبو شحمة‪ ،‬وهو سكران فراودني عن نفسي‪ ،‬فامتنعت منه‪ ،‬ولم أقدر على ذلك‪ ،‬فلما قضى مني ما قضى تعلقت بأطواقه‪،‬‬
‫ومزقت عليه أثوابه‪ ،‬وانصرفت إلى منزلي صابرة لما قد نزل بي‪ ،‬فانتظرت حيضي‪ ،‬فلم أحض‪ ،‬فتعجبت من ذلك‪ ،‬فتربصت تسعة أشهر‪،‬‬
‫فوضعت هذا الغلام‪ ،‬فخذه فأنت أحق به مني‪ ،‬فإني قد اخترت فضيحة الدنيا على فضيحة الآخرة‪ ،‬فبكى عمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه‬
‫حتى بل لحيته بالدموع وقال‪ :‬وافضيحة عمر بن الخطاب غدا يوم القيامة بين يدي الل ّٰه تعالى‪ ،‬ثم قال لها‪ :‬يا جار ية اصدقيني الصحيح‪،‬‬
‫فإن صدقتني فأنا أنصفك‪ .‬فقالت‪ :‬وما تريد مني يا عمر والل ّٰه ما كذبت عليك فيما قلت‪ ،‬وإني صادقة غير كاذبة‪ ،‬وإن شئت حلفت‬
‫بالمصحف ورقة ورقة‪ ،‬فأحضر لها عمر كتاب الل ّٰه عز وجل‪ ،‬فحلفت من سورة البقرة إلى سورة يس وقالت‪ :‬يا أمير المؤمنين إن هذا‬
‫الولد من ولدك أبي شحمة‪ ،‬فلما وصلت إلى سورة يس قال عمر بن الخطاب‪ :‬يا جار ية فأنت والل ّٰه صادقة غير كاذبة‪ ،‬ثم إنه وثب قائما‬
‫على قدميه وقال‪ :‬يا أصحاب رسول الل ّٰه دوموا على ما أنتم عليه حتى أعود إليكم‪ ،‬فغاب ساعة‪ ،‬وقد أتى‪ ،‬وفي يده ثلاثون دينارا وعشرة‬
‫أثواب فقال‪ :‬يا جار ية خذي هذه الثلاثين دينارا وعشرة أثواب‪ ،‬واستحلّي من ولدي أبي شحمة في هذه الدنيا‪ ،‬وإن كان لك قبله شيء‬
‫فتأخذيه منه في الموقف بين يدي الل ّٰه تعالى‪ ،‬فأخذت الجار ية ذلك وولدها وانصرفت‪ ،‬ثم قال عمر‪ :‬دوموا على ما أنتم عليه يا أصحاب‬
‫رسول الل ّٰه حتى أرجع إليكم‪ ،‬ثم دخل إلى منزله‪ ،‬وجعل يطوف حول ولده أبي شحمة‪ ،‬فإذ هو جالس يتغدى فقال له‪ :‬السلام عليك‬
‫يا ولدي‪ .‬فقال‪ :‬وعليك السلام ادنُ مني وتغد معي‪ .‬قال عمر‪ :‬تغد يا ولدي ما أظن إلا أنه آخر زادك من الدنيا‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا أبت ومن أعلمك بذلك وقد قبض رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وقد انقطع الوحي من السماء ولا وحي بعد رسول الل ّٰه‪.‬‬
‫قال عمر‪ :‬ما علمت بذلك‪ ،‬ولـكن يا ولدي من ذنوب ارتكبتها ومعاص عصيتها فقال‪ :‬والل ّٰه ما عصيت معصية‪ ،‬ولا أذنبت ذنبا‪ ،‬فإن‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٧‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫كان قد بلغك أحد فاسألني عنه‪ ،‬فإني لا أكتم عنك شيئا فقال‪ :‬يا بني سألتك بالذي يرى ولا يرى‪ ،‬وهو بالمنظر الأعلى هل مررت‬
‫يوما من الأيام بمسكنة اليهود واستضفت عندهم‪ ،‬فسقوك خمرا من تمر فشربت حتى طابت نفسك‪ ،‬ثم خرجت من عندهم‪ ،‬فمررت‬
‫بحائط بني النجار‪ ،‬فرأيت امرأة نائمة فراودتها عن نفسها‪ ،‬وامتنعت فلم تقدر على ذلك‪ ،‬فلما قضيت منها ما قضيت تعلقت بأطواقك‪،‬‬
‫ومزقت عليك ثيابك وشتمتك‪ ،‬وانصرفت إلى منزلها فلما سمع أبو شحمة كلام أمير المؤمنين أطرق رأسه حياء من أبيه‪ ،‬وجعل لا يرد‬
‫جوابا ولا خطابا فقال‪ :‬يا بني تكلم‪ ،‬فإن صدقت فقد نجوت‪ ،‬وإن كذبت هكلت‪ .‬فقال‪ :‬يا أبت كان ذلك مني‪ ،‬ولـكن ندمت غاية‬
‫الندم‪ .‬فقال‪ :‬يا بني ما ينفعك الندم بعد الخسران‪ ،‬وإنما أنت ابن أمير المؤمنين ما يستطيع أحد أن يقول لك شيئا‪ ،‬وإنما أردت أن‬
‫تفضحني بين أصحاب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ثم إن أمير المؤمنين وثب قائما على قدميه‪ ،‬وقبض على يد أبي شحمة فقال له‪ :‬أين تريد‬
‫مني يا أبت وإلى أين تذهب بي؟ فقال‪ :‬إلى أصحاب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم آخذ حق الل ّٰه منك في الدنيا قبل أن يؤخذ منك في‬
‫الآخرة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬سألتك بالل ّٰه يا أبت خذ الحق مني في هذا المكان‪ ،‬ولا تفضحني بين أصحاب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال‪ :‬يا بني أنت فضحت‬
‫نفسك‪ ،‬وفضحت أباك ثم لم يزل يمشي به حتى أوقفه على أصحاب رسول الل ّٰه فقالوا له‪ :‬ما وراءك يا عمر؟ فقال‪ :‬يا معشر المسلمين ألا‬
‫وإن ولدي أبا شحمة قد اعترف بذنبه‪ ،‬وإن الجار ية الصادقة غير كاذبة‪ ،‬ثم إن أمير المؤمنين دعا بغلام يقال له مفلح فقال‪ :‬يا مفلح‬
‫قد أفلح اليوم من استعلى اجلده يا مفلح‪ ،‬وأنت حر لوجه الل ّٰه تعالى فقال‪ :‬يا مولاي وكيف أجلده ولو جلدت بعيرا لقتلته أو حائطا‬
‫لهدمته؟ فقال له‪ :‬دع عنك الكلام وخذ السوط بيدك واضربه على ظهره حتى يدخل الوجع إلى جوفه فإن مات فبأجله‪ ،‬وإن عاش‬
‫فلا يعود إلى الذنب أبدا‪ ،‬فأخذ مفلح السوط بيده‪ ،‬وتقدم إلى أبي شحمة وقال يا مولاي‪ :‬لا تلمني ولم نفسك الل ّٰه قد أمر ومولاي‬
‫عمر أمرني أن أضربك فقال له أبو شحمة‪ :‬افعل يا مفلح ما تؤمر وناد هذا جزاء من عصى ربه‪ ،‬واستحقر ذنبه‪ ،‬ثم إن مفلحا رفع يده‬
‫بالسوط حتى بان بياض إبطه وجلده عشرة اسياط‪ .‬فقال‪ :‬يا أبت اشتعلت النار في جسدي‪ .‬فقال‪ :‬يا بني إنها في جسد أبيك أحر ما‬
‫في جسدك اضربه يا مفلح‪ ،‬فضربه عشرين جلدة فقال‪ :‬يا أبت دعني أستريح‪ .‬فقال‪ :‬يا بني لو أن أهل النار في النار إذا طلبوا الراحة‬
‫وجدوا الراحة لأرحناك اضربه يا مفلح‪ ،‬فضربه ثلاثين ضربة‪ .‬فقال‪ :‬يا أبت سألتك بالل ّٰه دعني أتوب‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا بني إذا أخذت حق الل ّٰه منك‪ ،‬فإن شئت فتب‪ ،‬وإن شئت فعد‪ ،‬فإن عدت إلى مثل تلك الفاحشة‪ ،‬فلك مثل ذلك يا مفلح‬
‫اجلده‪ ،‬فجلده أربعين جلدة فقال‪ :‬يا أبت سألتك بالل ّٰه اسقني شربة من الماء أبرد بها حرا في كبدي‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني لو أن أهل العذاب‬
‫في النار إذا طلبوا البارد من الزلال يسقون لسقيناك اجلده يا مفلح‪ ،‬فجلده خمسين جلدة‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبت سألتك بالل ّٰه ارحمني فقال‪ :‬يا‬
‫بني إن رحمتك في الدنيا لم ترحم غدا في الآخرة اجلده يا مفلح‪ ،‬فجلده ستين جلدة فقال‪ :‬يا أبت سألتك بالل ّٰه ادن مني وعانقني أعانقك‬
‫قبل الممات فقال‪ :‬يا بني إن عشت عانقتك‪ ،‬وإن مت فنلتقي غدا على الصراط اجلده يا مفلح‪ ،‬فجلده سبعين جلدة فقال‪ :‬يا أبت نزل‬
‫بي الموت فقال‪ :‬يا بني إذا رأيت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقل له‪ :‬إن أبي عمر بن الخطاب ضربني حتى قتلني اجلده يا مفلح‪،‬‬
‫فضربه ثمانين جلدة‪ ،‬ثم رفع أبو شحمة رأسه ونادى بأعلى صوته يا أصحاب رسول الل ّٰه لم لا تسألون أبي أن يعفو عني‪ ،‬فتقدموا إلى عمر بن‬
‫الخطاب وقالوا‪ :‬يا أمير المؤمنين خل عن الغلام‪ ،‬وانظر ما بقي من السياط فقال‪ :‬يا أصحاب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ألم تقرؤوا‬
‫في كتاب الل ّٰه العزيز‪} :‬و َلا َتأخُذْك ُ ْم بِهِم َا ر َأْ ف َة ٌ في دِي ِن الل ّٰه{ ]النور‪ [٢ :‬ثم قال اجلده يا مفلح‪ ،‬فجلده تسعين جلدة فرفع أبو شحمة رأسه‪،‬‬
‫ونادى بأعلى صوته السلام عليكم يا أصحاب رسول الل ّٰه سلام مودع لا يرجع إلى يوم القيامة‪ ،‬فتباكى أصحاب رسول الل ّٰه بكاء شديدا‪.‬‬
‫فقال عمر‪ :‬اضربه يا مفلح ما بقي من حق الل ّٰه تعالى‪ ،‬فضربه مائة جلدة‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا مفلح ارفع السوط عن ولدي فحركه‪ ،‬فإذا هو‬
‫قد مات فوثب عمر قائما على قدميه ونادى معاشر المسلمين‪ ،‬ألا وإن ولدي أبا شحمة قد مات‪ ،‬ورب الـكعبة فأقبلوا يهرعون من كل‬
‫جانب ومكان حتى انقض المسجد بالناس‪ ،‬وأكثروا البكاء وأقبلت أمه وهي تندب وتقول‪ :‬هنيئا لك يا ولدي استودعتك عند من لا‬
‫تخيب عنده الودائع‪ ،‬ثم إن عمر حمله إلى منزله وغسله وكفنه ودفنه‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٨‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫قال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما‪ :‬فرأيت في منامي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وهو كالبدر في تمامه وعليه ثياب بيض‪ ،‬وأبو شحمة بين‬
‫يديه وعليه ثياب خضر‪ ،‬فتقدمت إليه صلى الل ّٰه عليه وسلم وسلمت عليه وقبلت بين عينيه فقال لي‪ :‬يا ابن عمي أقرىء عمر عني السلام‬
‫وقل له يقول لك رسول الل ّٰه جزاك الل ّٰه عني كل خير كما لم تضيع حق الل ّٰه من بعدي هنيئا لك يا عمر‪ ،‬وما أعد الل ّٰه لك من القصور‬
‫والغرفات في جنات النعيم‪ ،‬وإن ولدك أبا شحمة قد بلغ في مقعد صدق عند مليك مقتدر‪ ،‬وقال ابن عباس‪ :‬فاستيقظت من منامي وأنا‬
‫فرح مسرور لما قد عاينت من بهجة رسول الل ّٰه فأحييت تلك الليلة بالقيام إلى الصباح‪ ،‬ثم جئت إلى المسجد وكان عمر بن الخطاب‬
‫يومئذ حوله جماعة من أصحاب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وهو يحدثهم في كتاب الل ّٰه‪ ،‬فلما فرغ قلت يا عمر لقد رأيت في منامي‬
‫سيد الأولين والآخرين رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وهو كالبدر في تمامه وأبو شحمة بين يديه وعليه ثياب خضر‪ ،‬فتقدمت إليه صلى‬
‫الل ّٰه عليه وسلم وسلمت عليه فقال لي‪ :‬يا ابن عم أقرىء عمر عني السلام وقل له‪ :‬يقول لك رسول الل ّٰه جزاك الل ّٰه عني كل خير كما لم‬
‫تضيع حق الل ّٰه تعالى من بعدي هنيئا لك يا عمر ما أعد الل ّٰه لك من القصور والغرفات في جنات النعيم‪ ،‬وإن ولدك أبا شحمة قد بلغ ـ‬
‫في مقعد صدق عند مليك مقتدر ـ اهـ‪.‬‬
‫}الباب السابع والعشرون‪ :‬في التشديد على اللواط{‬
‫َب الل ّٰه تَع َالى و َيُمْس ُونَ في سَ خطِ الل ّٰه« وقيل له‪:‬‬
‫وفي الزواجر قال صلى الل ّٰه عليه وسلم في رواية الطبراني والبيهقي‪» :‬أَ رْبَع َة ٌ يُصْ بِحُونَ في غَض ِ‬
‫ن الن ِّساء ِ ب ِالر ِ ّج َالِ‪ ،‬و َال َ ّذ ِي ي َأتِي البَهيم َة َ‪ ،‬و َال َ ّذ ِي يأتي الر ِّجالَ«‬
‫ل بالنِّسَاءِ‪ ،‬والمُتَشَبِّهَاتُ م ِ َ‬ ‫من هم يا رسول الل ّٰه؟ قال‪» :‬المُتَشَبِّه ُونَ م ِ َ‬
‫ن الر ِّجا ِ‬
‫اهـ‪.‬‬
‫الن ّارِ( أي نار جهنم )أَ ل َْف سَنة ٍ( وإن كان إبراهيم خليل الل ّٰه‬ ‫ل غُلاَما ب ِشَهْوَة ٍ ع َ ّذبَه ُ الل ّٰه تَع َالى في َ‬
‫)قال النبي عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ قَب ّ َ‬
‫وموسى كليم الل ّٰه وعيسى روح الل ّٰه‬
‫ي بِمَاء ِ الب َحْ رِ ل َ ْم يَجىء ْ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ إلا جُنُبا‪ .‬وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ ق َب ّ َ‬
‫ل غُلاما‬ ‫ل اللوطِ ُ ّ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لَوِ اغ ْتَسَ َ‬
‫اس أجْم َع ُونَ‪.‬‬ ‫ب ِشَهْوَة ٍ ُألْجِم َ بِل ِجا ٍم م ِنْ ن َار‪ .‬وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ م َ َّس غُلاما ب ِشَهْوَة ٍ لَع َن َه ُ الل ّٰه و َالمَلائ َِك َة ُ َ‬
‫والن ّ ُ‬
‫ل قُبلَُه ُ في د ُبُر ِ امْرَأة ٍ بَع َث َه ُ الل ّٰه يَوْم َ القيامَة ِ و َه ُو َ أنْتَنُ م ِ َ‬
‫ن الججَفَة ِ( وفي رواية لأحمد وغيره عن أبي‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ أَ ْدخ َ َ‬

‫ص َ ّدق َه ُ بمَا يَق ُول‪ ،‬أ ْو أتى امْرأة ً حائضا‪ ،‬أو أتى امرأة ً في د ُبُر ِها‪ ،‬فَق َ ْد بَر ِىء َ مِم ّا ُأنْز ِ َ‬
‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ أي هذا إن استحل‬ ‫هريرة م َنْ أتى كاه ِنا ف َ َ‬
‫ذلك‪ ،‬أو أراد صلى الل ّٰه عليه وسلم الزجر والتنفير‪ ،‬وليس المراد حقيقة الـكفر‪ ،‬وإلا لما أمر في وطء الحائض بالـكفارة كذا أفاد العزيزي‬
‫)‬
‫ل َ‬
‫الر ّجُلَ( أي باللواط والمفاخذة )فَهُم َا ز َانيَِانِ( وحد الفاعل حد الزنى إن كان محصنا يرجم‪،‬‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إذا أتَى َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬
‫وإن لم يكن محصنا يجلد مائة‪ ،‬وهو أظهر قولي الشافعي وعلى المفعول به عند الشافعي على هذا القول جلد مائة‪ ،‬وتغريب عام رجلا ًكان‬
‫أو امرأة‪ ،‬محصنا كان أو غير محصن‪ ،‬وذهب قوم إلى أن اللوطي يرجم ولو غير محصن‪ ،‬والقول الآخر للشافعي أنه يقتل الفاعل والمفعول‬
‫به كما جاء في الحديث‪) :‬وإذا أت َِت الم ْرأَ ة ُ المَرأَ ة َ( أي بالسحاق )فَهُم َا ز َانِيَتانِ( قال أبو مسلم‪ :‬وحد فاعلة السحاق الحبس إلى الموت‬

‫سب ْع ِينَ‬
‫ل َ‬ ‫سب ْع ِينَ م َ َّرة ً وَم َنْ ز َنَى م َ َع ُأمِّه ِ م َ َّرة ً و َا ِ‬
‫حدَة ً‪ ،‬فَك َأَ َن ّما قَت َ َ‬ ‫ل غُلاما ب ِشَهوة ٍ فَك َأَ َن ّما ز َنَى م َ َع ُأمِّه ِ َ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬من قَب ّ َ‬
‫ح في قَبْرِه ِ خنز ِيرا( وقال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما‪ :‬إن اللوطي إذا مات من‬
‫ط في غُلا َ ٍم أَ صْ ب َ َ‬
‫نَبيا وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ لا َ َ‬
‫غير توبة مسخ في قبره خنزيرا وقيل‪ :‬في هذه الأمة قوم‪ ،‬يقال لهم اللوطية‪ ،‬وهم ثلاثة أصناف‪ :‬صنف ينظرون‪ ،‬وصنف يصافحون‪،‬‬
‫وصنف يعملون ذلك العمل الخبيث كذا في الزواجر‪.‬‬
‫ْض‪ :‬يا ر َ َب ّنَا أأم ِْرن َا نَب ْلَعه ُ‪،‬‬
‫ت الأَ ر ُ‬ ‫سمواات‪ :‬يا ر َب ّنا أ ُأم ِْرن َا َ‬
‫نخْط ِفه ُ و َقَال َ ِ‬ ‫س الغلام ُ اه ْتَز ّ العَر ُْش وقالت ال َ ّ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إذا لم ُ ِ َ‬
‫ن الحَقّ ِ( أي لا يترك بيان الحق رواه‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لا َ ت َأْ تُوا النِّسَاء َ في أستاهِه َِنّ ( أي أدبارهن )فإ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه لا يَسْتَحِي م ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٩‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫أحمد والترمذي‪.‬‬
‫}الباب الثامن والعشرون‪ :‬في منع شرب الخمر{‬
‫وهي المعتصر من العنب إذا غلى وقذف بالزبد أو من غير العنب‪ .‬وروي في الصحيحين أن عمر رضي الل ّٰه عنه قال على منبر رسول‬
‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ألا إن الخمر قد حرمت وهي من خمسة‪ :‬من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل‪ ،‬أي‬
‫ستره كذا في الزواجر‪.‬‬
‫)قال النبي عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ في ال ُد ّن ْيا ل َ ْم يَشْر َبْها( أي الخمر )في الآ ِ‬
‫خرَة ِ( قال بعضهم هذا وعيد بأنه لا يدخل‬
‫الجنة‪ ،‬لأن الخمر شراب داخل الجنة‪ ،‬إلا أنهم لا يصدعون عنها‪ ،‬ولا ينزفون ومن دخل الجنة لا يحرم شربها‪ ،‬أو كان يدخل الجنة‬
‫و يحرم شرب الخمر‪ ،‬بأن لا يشتهي شربها في الجنة كما لا يشتهي منزلة من هو أرفع منه لحديث البيهقي من شرب الخمر في الدنيا‪ ،‬ولم‬
‫يتب لم يشربها في الآخرة‪ ،‬وإن دخل الجنة وروى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر كل مسكر خمر‪،‬‬
‫وكل مسكر حرام‪ ،‬ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها‪ ،‬ولم يتب لم يشربها في الآخرة‬
‫ح مُشْر ِكا وَم َنْ شَر ِ بَها م ُصْ بحا أَ مْس َى مُشْرِكا( وفي الجامع من شرب بصقة من‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ مُمْسِيا أَ صْ ب َ َ‬
‫خمر‪ ،‬أي شيئا قليلا ًبقدر ما يخرج من الفم من البصاق‪ ،‬فاجلدوه ثمانين‪ ،‬أي إن كان حرا وإلا فعشرين رواه الطبراني عن ابن عمرو‬
‫بن العاص‪.‬‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬الخم َ ْر ُ ُأ ُمّ الخبََائ ِِث فَم َنْ شَر ِ بَها ل َ ْم تُقْب َلْ صَلاتُه ُ أَ رْبَعينَ يَو ْما( خص صلى الل ّٰه عليه وسلم الصلاة بالذكر لأنها‬
‫هي َ‬
‫أفضل عبادات البدن والأربعين‪ ،‬لأن الخمر تبقى في أعضائه أربعين يوما‪ .‬وقال بعضهم ذلك محمول على الزجر والتنفير‪) .‬فَإ ْن م َاتَ و َ ِ‬
‫في بَطنِه ِ م َاتَ م ِيتة ً( بكسر الميم بالتنوين )ج َاه ِلَي ّة ً( أي كميتة أهل الجاهلية‪ ،‬أي صار منابذا ً للشرع تشبيها بأهل الجاهلية رواه الطبراني‬
‫عن ابن عمرو بن العاص بإسناد حسن‬
‫)‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬الخم َ ْر ُ جمَاع ُ الإ ْثمِ( كما قال عثمان بن عفان رضي الل ّٰه عنه‪ :‬اجتنبوا الخمر فإنه كان ممن قبلـكم رجل يتعبد‬
‫و يعتزل الناس فلقيته امرأة بغي‪ ،‬أي زانية فأرسلت جاريتها إليه فقالت‪ :‬إنا ندعوك لشهادة‪ ،‬فلما دخل من باب أغلقت الباب حتى‬
‫أفضى إلى تلك المرأة وعندها غلام وقدح من خمر فقالت‪ :‬والل ّٰه ما دعوتك لشهادة‪ ،‬وإنما دعوتك لتقع عليّ أو تقتل هذا الغلام أو‬
‫ً‬
‫كلا ّ منهما أعظم وزرا من شرب الخمر‪ ،‬فلما شربها واقعها وقتل الغلام‪.‬‬ ‫تشرب هذا الخمر‪ ،‬فاختار شرب الخمر على الزنى والقتل‪ ،‬لأن‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬شَارِبُ الخم َْرِ م َل ْع ُونٌ( لأنها حرام في كل دين‪ ،‬فإن حفظ العقل من الموبقات هو الذي اتفق أهل الملل‬
‫على وجوب حفظه‪.‬‬
‫كع َابِدِ اللا ِّت والع ُز ّى( أي إن استحل ذلك أو هو زجر وتنفير رواه الحارث بن أبي أسامة‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬شَارِبُ الخم َْرِ َ‬
‫عن ابن عمر بن العاص‪ .‬واللات هو صنم ثقيف‪ ،‬والعزى هي شجرة لغسان وهما أعظم أصنام الـكفار‬
‫س َل ّم َ عَلَى شَار ِ‬
‫ِب الخم َْرِ أَ ْو صَافَحَه ُ أَ حْ ب ََط الل ّٰه‬ ‫ل الل ّٰه تَع َالى عَلى أَ ن ْب ِيائِه ِ وَم َنْ َ‬
‫كف َر َ بِمَا أَ ن ْز َ َ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ فَق َ ْد َ‬
‫تَع َالى ع َمَلَه ُ أَ رْبع ِينَ سَن َة ً( وفي الزواجر قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لا تُجَالِس ُوا ش ُ َرّاب الخم َْرِ ولا تَع ُود ُوا م َْرضَاه ُ ْم ولا تَشْهَد ُوا جَنَائ ِز َه ُ ْم وإ َ ّ‬
‫ن‬

‫ل م َنْ ر َآه« قال بعض العلماء وإنما نهى عن‬ ‫ل لُع َابُه ُ يُقذرُه ُ ك ُ ُ ّ‬
‫ص ْدرِه ِ يَسِي ُ‬ ‫شَارِبَ الخم َْرِ يجيء ُ يَوْم َ الق ِيَامة ِ مُسْوَدّا و َجْ ه ُه ُ مُدْلعا لِسَانُه ُ عَلَى َ‬
‫عيادتهم والسلام عليهم‪ ،‬لأن شارب الخمر فاسق ملعون قد لعنه الل ّٰه ورسوله‪ ،‬فإن اشتراها أو عصرها كان ملعونا مرتين‪ ،‬وإن سقاها‬
‫لغيره كان ملعونا ثلاث مرات‪ ،‬فلذلك نهى عن عيادته والسلام عليه إلا أن يتوب‪ ،‬فإن تاب تاب الل ّٰه عليه‬
‫)‬
‫ْب امْرىء ٍ أب َدا( وفي حديث الطبراني عن أبي هريرة من شرب خمرا‪ ،‬أي‬‫يج ْتَمِـ ُع الخم َ ْر ُ والإيمانُ في قَل ٍ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لا َ‬
‫عالما مختارا خرج نور الإيمان من جوفه‪ ،‬أي فإن تاب عاد إليه وعن الفضيل بن عياض أنه حضر عند تلميذ له حضره الموت‪ ،‬فجعل‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٠‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫يلقنه الشهادة ولسانه لا ينطق بها‪ ،‬فكررها عليه فقال‪ :‬أقولها وأنا بريء منها‪ ،‬ثم مات فخرج الفضيل من عنده وهو يبكي‪ ،‬ثم رآه بعد‬
‫مدة في منامه‪ ،‬وهو يسحب به في النار‪ .‬فقال له‪ :‬يا مسكين بم َنزعت منك المعرفة؟ فقال‪ :‬يا أستاذ كان بي علة فأتيت بعض الأطباء‪.‬‬
‫فقال لي‪ :‬تشرب في كل سنة قدحا من الخمر‪ ،‬وإن لم تفعل تبق بك علتك‪ ،‬فكنت أشربها في كل سنة لأجل التداوي‪ ،‬فهذا حال من‬
‫شربها للتداوي‪ ،‬فكيف حال من يشربها لغير ذلك‪ ،‬نسأل الل ّٰه العافية من كل بلاء ومحنة كذا في الزواجر‬
‫ل امْرأتَه ُ( أي في قبلها‬ ‫شيطانُ في د ُبُرِه ِ أَ رْبَع ِينَ م ََرة ً كَمَا يأتي َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫ل عَقْلَه ُ ي َأتيِه ِ ال َ ّ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ ح ََت ّى يُز ِي َ‬
‫ّ‬
‫سك ِر َ ل َ ْم يَقْب َ ِ‬
‫ل الل ّٰه مِن ْه ُ‬ ‫وفي الزواجر قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ و َل َ ْم يَسْكَر ْ أَ عْرَ َ‬
‫ض الل ّٰه عَن ْه ُ أَ رْبَع ِينَ لَيْلَة ً‪ ،‬وَم َنْ شَر ِبَ الخم َ ْر َ و َ َ‬
‫ل قيل‪:‬‬
‫حقّا على الل ّٰه أَ ْن ي َ ْسق ِي َه ُ م ِنْ طِينَة ِ الخب َُا ِ‬
‫صَرْفا و َلا َعَدْلاً‪ ،‬أي نفلا ًولا فرضا أربعين ليلة‪ ،‬فإ ْن م َاتَ فيها م َاتَ كَع َابِدِ و َثَنٍ‪ ،‬وَك َانَ َ‬
‫ح و َال َد ّم ُ«‪.‬‬
‫ل الن ّارِ القَي ْ ُ‬
‫ل الل ّٰه وَم َا طين َة ُ الخَبالِ؟ قال‪ :‬عُصَارَة ُ أَ ه ْ ِ‬
‫يا رَسُو َ‬
‫)‬
‫ن الل ّٰه الخم َ ْر َ وَشَارِ بَهَا وَسَاقِيَهَا( أي للغير )و َب َائ ِعَه َا ومُب ْتَاعَه َا( أي مشتريها )وعَاصِر َه َا وَمُعْتَصِر َه َا( أي‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لَع َ َ‬
‫ل ثَمَنِها( بمد الهمزة أي آخذه وخص الأكل بالذكر‪ ،‬لأنه أغلب وجوه الانتفاع رواه أبو‬
‫طالب عصرها )وَح َام ِلَها والمحَْم ُولَة َ إلَيْه ِ و َآك ِ َ‬
‫داود والحاكم عن ابن عمر وهو حديث صحيح‪.‬‬
‫}الباب التاسع والعشرون‪ :‬في فضيلة الرمي{‬
‫أخرج مسلم وغيره عن عتبة بن عامر قال سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وهو على المنبر يقول‪} :‬و َأَ ع ِ ُ ّدوا لَه ُ ْم ما اسْ تَطَعْتُم ْ م ِنْ ق َُو ّة ٍ{‬
‫وغ المَرَا ِم ثَلاَثا«‪.‬‬ ‫جر ِ م َرتَيْنِ و َفِي بُل ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫الر ّمْي ُ و َتَك ََر ّر ْ‬
‫ن الق ُ َو ّة َ َ‬
‫الر ّمْي ُ أَ لا َإ َ ّ‬
‫ن الق ُ َو ّة َ َ‬
‫الر ّمْي ُ أَ لا َإ َ ّ‬
‫ن الق ُ َو ّة ُ َ‬
‫]الأنفال‪ [٦ :‬أَ لا َإ َ ّ‬
‫َت هَذِه ِ الجم ُْلَة ُ فِي الز ّو َا ِ َ ّ‬
‫ق ر َقَب َة ً( وفي رواية‬ ‫ل الل ّٰه( أي في جهاد الـكفار ولإعلاء دين الل ّٰه‪) ،‬كَم َنْ أعْت َ َ‬ ‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ر َمى سَهْما في سَب ِي ِ‬
‫للترمذي والنسائي والحاكم عن أبي نجيح بإسناد صحيح من رمى بسهم في سبيل الل ّٰه‪ ،‬فهو له عدل محرر‪ ،‬أي مثل عتق رقبة بكسر العين‪،‬‬
‫وقد تفتح ومن بلغ بسهم فهو له درجة في الجنة‪ ،‬وانفرد الحاكم في رواية هذه الجملة الأخيرة‬
‫)‬
‫َ‬
‫)والر ّمْي َ بالس ِّها ِم والمَرأة َ المِغْزَلَ( بكسر الميم‪ ،‬أي الغزل‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬عَل ِّم ُوا أَ وْلاَد َك ُ ْم ال ّ‬
‫سِبَاح َة َ( بكسر السين أي العوم‬
‫بالمغزل‪ ،‬و يجوز فتح الميم والزاي على أنه مصدر ميمي‪ ،‬فلا حاجة لتقدير المضاف رواه البيهقي عن ابن عمر بن الخطاب‪ .‬قال البيهقي‬
‫حديث منكر‪ ،‬أي وذلك لأن الغزل لائق بالمرأة والل ّٰه يحب المؤمن المحترف‪ ،‬ويبغض البطال كذا أفاد العزيزي‪ ،‬وفي رواية لابن منده‬
‫وأبي موسى والديلمي عن بكر بن عبد الل ّٰه بن الربيع الأنصاري بإسناد ضعيف علموا أولادكم السباحة والرماية ونعم لهو المؤمنة في بيتها‬
‫الغزل‪ ،‬وإذا دعاك أبواك فأجب أمك‪ ،‬أي أولا ًثم أباك أفاد هذا الحديث أن الأم مقدمة على الأب في البر‪.‬‬
‫َ‬
‫كالر ّم ِْي عَلَى الجِه َادِ( أي كالرمي على العدو في الجهاد‪ ،‬وفي رواية للديلمي عن ابن عمر‬ ‫ض‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الر ّمْي ُ عَلَى الغ َر َ ِ‬
‫الرمي خير ما لهوتم‪ ،‬أي الرمي بالسهام خير ما لعبتم به تدريبا للحرب‪ ،‬وفي رواية للديلمي عن جابر بن عبد الل ّٰه بإسناد ضعيف علموا بنيكم‬
‫الرمي‪ ،‬فإنه نكاية العدو‪ ،‬أي تعليم الرمي بالسهام للأبناء سنة مؤكدة‪ ،‬وهو أفضل من الضرب بالسيف كذا أفاد العزيزي‬
‫ق ر َقَبَة ٍ‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ت َرَك َ َ‬
‫الر ّمْي َ‬ ‫جر ِ عَت ْ ِ‬
‫ض ك َانَ لَه ُق َدر أَ ْ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ي َر ُ ُدّ ال َس ّ ْهم َ عَلَى المَرْم َى م ِ َ‬
‫ن الغ َر َ ِ‬
‫الر ّمي( أي بالسهام )ث َُم ّ ت َرَك َه ُ( أي رغبة عن السنة )فَلَي َ‬
‫ْس‬ ‫الت ّعْل ِِيم فَق َ ْد ت َرَك َ س َُن ّة ً م ِنْ س َُن ّتِي‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ عُل ِ ّم َ َ‬
‫بَعْد َ َ‬

‫م َِن ّا( أي ليس عاملا ًبأمرنا رواه مسلم عن عقبة بن عامر الجهني‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ت َرَك َ َ‬
‫الر ّ ِمي َ فَل ْيَرْت َم( أي من نسيه فليتعلمه ثانيا‬
‫)‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥١‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الر ّمْي َ( أي بالسهام )ث َُم ّ ت َرَك َه ُ فَق َ ْد عَصَانِي( رواه ابن ماجه عن عقبة بن عامر قال المناوي‪ :‬لأنه‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَع َل ّم َ‬
‫حصل له الدفاع عن الدين ونكاية العدو‪ ،‬فتعين عليه القيام بالجهاد‪ ،‬فإذا أهمله حتى جهله فقد فرط في القيام بما تعين عليه فيأثم وقال‬
‫بعضهم هذا وعيد شديد في نسيان الرمي بعد علمه‪ ،‬وهو مكروه كراهة شديدة لمن تركه بلا عذر‬
‫ق ر َقَبَة ٍ( وفي الزواجر لابن حجر وصح من شاب‬
‫ل الل ّٰه أصَابَ أَ ْو أَ خْ طَأَ ك َانَ لَه ُ عَت ْ ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ رَم َى ب ِس َ ْه ٍم في سَب ِي ِ‬
‫شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة‪ ،‬ومن رمى بسهم في سبيل الل ّٰه فبلغ العدو أو لم يبلغه‪ ،‬كان له كعتق رقبة ومن أعتق رقبة‬
‫مؤمنة كانت له فداء من النار عضوا بعضو‪.‬‬
‫ض الج َنَ ّة ِ للر ّامي في سَب ِي ِ‬
‫ل الل ّٰه( وفي الحديث كل شيء ليس‬ ‫الر ّمْي َ فإ َ ّ‬
‫ن ما بَيْنَ الهَد َفَيْنِ ر َ ْوضَة ٌ م ِنْ رِي َا ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تَع ََل ّم ُوا َ‬
‫من ذكر الل ّٰه عز وجل‪ ،‬فهو لهو وسهو إلا أربع خصال‪ :‬مشي الرجل بين الغرضين وتأديبه فرسه وملاعبته أهله وتعلمه السباحة‪ .‬وفي‬
‫جر ٌ‪،‬‬
‫جر ٌ و َعَارِيَت ُه ُ أَ ْ‬
‫جر ٌ‪ ،‬وَرُكُوبُه ُ أَ ْ‬ ‫الل ّه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل‪ ،‬فَثَم َن ُه ُ أَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ل في سَب ِي ِ‬ ‫ل ثَلاث ََة ٌ‪ :‬ف َر ٌَس يَرْتَبِط ُه ُ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫الحديث الصحيح الذي رواه أحمد‪ :‬الخيَ ْ ُ‬
‫ن الف َ ْقرِ إ ْن شَاء َ الل ّٰه تَع َالى‪.‬‬
‫َرس للبِطْنَة ِ فَع َس َى أَ ْن يَكُونَ سَدادا م ِ َ‬
‫ل و َي ُر َاهِنُ‪ ،‬فَثَم َن ُه ُ و ْزر ٌ‪ ،‬وَرُكُوبُه ُ وِ ْزر ٌ و َف ٌ‬ ‫و َف َر ٌَس يُق َام ِر عَلَيْه ِ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫}الباب الثلاثون‪ :‬في فضيلة بر الوالدين{‬
‫ل علي إذا ذكرت‬
‫أي وفي عقوبة عقوقهما كما في الحديث المرفوع‪ :‬لا يرى وجهي ثلاثة أنفس‪ :‬العاق لوالديه والتارك لسنتي‪ ،‬ومن لم يص ّ ِ‬
‫بين يديه كذا في الجوهر المنظم‪.‬‬
‫)‬
‫ب في رِضَا الوالِد ِ( أي الأصل وإن علا )و َسَ خ َُط الل ّٰه في سَ خ َطِ الوَالِد ِ( أو قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪:‬‬ ‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬رِضَا َ‬
‫الر ّ ِّ‬
‫ضع َيْنِ وهو شك من الراوي رواه ابن حبان والحاكم وصححاه ورجح الترمذي أنه موقوف‪ ،‬وفي رواية رضا الرب في‬
‫»الوَالدَيْنِ« في المَو ْ ِ‬
‫رضا الوالد أي الأصل‪ ،‬وإن علا‪ ،‬وسخط الرب في سخط الولد‪ ،‬أي الذي لا يخالف الشرع رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمرو بن‬
‫العاص والبزار عن ابن عمر بن الخطاب وهو حديث صحيح‪ .‬وهذا وعيد شديد يفيد أن العقوق كبيرة‪ ،‬وعلم من ذلك بالأولى أن الأم‬
‫كذلك‪ ،‬وفي رواية الطبراني عن ابن عمرو رضا الرب في رضا الوالدين‪ ،‬أي الأصلين وإن علموا سخطه في سخطهما‪.‬‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬بُر ّوا آب َاءَكُمْ( أي وأمهاتكم )تَب َُر ّك ُ ْم أَ ب ْنَاؤ ُكُمْ( أي وبناتكم وكما تدين تدان )وَعِفّوا( بكسر العين أي عن‬
‫نساء الناس فلا ٺتعرضوا لهن بالزنى )تَع َ ِّف نِس َاؤ ُكُمْ( أي عن الرجال أي عن الزنى بهم رواه الطبراني عن ابن عمر بإسناد حسن‪ .‬قال‬
‫البرماوي‪ :‬مضارع المضاعف اللازم الـكسر والمتعدي الضم‪ ،‬وما سمع من المضموم في الأول نادر وما سمع من المكسور في الثاني نادر‪،‬‬
‫فيحفظ في كل منهما ولا يقاس عليه‪.‬‬
‫ن عَلَيْه ِ‬
‫خطَا ِ‬ ‫َت لَه ُ أَ ب ْوَابُ الج َنَ ّة ِ وَم َنْ أمْس َى وَلَه ُ أَ بَوَا ِ‬
‫ن سَا ِ‬ ‫ن عَن ْه ُ أَ ْو أَ حَد ُهُمَا فُتِح ْ‬
‫ن ر َاضِيا ِ‬
‫ح وَلَه ُ أبَوَا ِ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ أَ صْ ب َ َ‬
‫ح‬ ‫جه َ َن ّم َ( وفي رواية لابن عساكر عن ابن عباس‪ :‬م َنْ أَ صْ ب َ َ‬
‫ح م ُطيعا لل ّٰه في و َالِدَيْه ِ‪ ،‬أي أصليه المسلمين أصْ ب َ َ‬ ‫َت لَه ُ أب ْوَابُ َ‬
‫أَ ْو أحَد ُهُمَا فُتِح ْ‬
‫ن الج َنَ ّة ِ‪ ،‬وإ ْن ك َانَ و َاحِدا ف َوَا ِ‬
‫حدٌ أي إن كان المطاع من الوالدين واحدا فالمفتوح باب واحد قال المناوي‪ ،‬وفي هذا‬ ‫ن مِ َ‬
‫ن مَفْت ُوح َا ِ‬
‫لَه ُبابا ِ‬
‫الحديث إشارة أن طاعة الوالدين لم تكن مستقلة‪ ،‬بل هي طاعة الل ّٰه وكذا العصيان والأذى‪.‬‬
‫)‬
‫جبْهَا( أي فإن إجابة الوالدين في‬ ‫ك ُأ ُمّ َ‬
‫ك ف َأَ ِ‬ ‫جب ْه ُ و َإن دَعَت ْ َ‬ ‫كن ْتَ في َ‬
‫الصّ لاة( أي النافلة )فَد َعَاك َ أبُوك َ ف َأَ ِ‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إذا ُ‬
‫النفل أفضل من عدمها إن شق عليهما عدمها‪ ،‬وتحرم إجابة الوالدين في الفرض‪ ،‬وتبطل الصلاة بها مطلقا‪ ،‬أي سواء كانت في الفرض‬
‫أو في النفل‪.‬‬
‫)‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ آذى و َالِدَيْه ِ أَ ْو آذى أحَد َهُما ي َ ْدخ ُل َ‬
‫الن ّار َ( وقال أنس بن مالك رضي الل ّٰه عنه‪ :‬كان على عهد رسول‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٢‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم رجل يسمى علقمة‪ ،‬وكان كثير الاجتهاد عظيم الصدقة‪ ،‬فمرض يوما مرضا شديدا واشتد مرضه‪ ،‬فبعثت زوجته‬
‫إلى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول الل ّٰه إن زوجي في نزع روحه‪ ،‬فأردت أن أعلمك بحاله فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ك فلم ينطق‪ ،‬فعلم أنه هالك‬
‫كي َْف ت َر َى ح َال َ َ‬
‫لأصحابه‪» :‬انْطَلِق ُوا بنَِا إلَيْه ِ قال‪ :‬فلما دخلوا عليه قال له النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬يا عَلْقَم َة ُ َ‬
‫ب؟‬
‫فلقنه النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم الشهادة فلم ينطق بها‪ ،‬فكرر عليه مرارا ً فلم ينطق‪ ،‬فعلم أنه هالك فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ لَه ُ أَ ٌ‬
‫فقالوا له‪ :‬يارسول الل ّٰه إن أباه قد مات‪ ،‬وإن له أما ًكبيرة السن فدعا بها النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فأتوا بها إليه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال‬

‫ل عَلْقَم َة َ؟ فقالت‪ :‬يا رسول الل ّٰه كان يصوم ويتصدق و يصلي‪ ،‬وكان فاعلا ً‬ ‫لها النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬يا ُأ َمّ عَلْقَم َة َ‬
‫كي َْف ك َانَ ح َا ُ‬
‫حطَبا حَت ّى أحرق َه ُ‬
‫للخير‪ ،‬لـكني ساخطة عليه لأنه كان يؤثر زوجته على أمه‪ .‬فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم لبعض أصحابه‪ :‬انْطَلِقْ واجْم َعْ َ‬

‫ش ُ ّد إ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه تَع َالى ل َ ْم يَر َ‬
‫ْض إلا‬ ‫َ‬
‫بالن ّارِ فقالت‪ :‬يا رسول الل ّٰه لا تفعل بولدي وثمرة فؤادي‪ .‬فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬فَعَذ َابُ الل ّٰه أَ َ‬
‫خطَة ً عَلَيْه ِ‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول الل ّٰه أشهد الل ّٰه وأشهدك أني قد رضيت عليه‪.‬‬
‫ْت سا ِ‬
‫صد َقَت َه ُ ما دُم ِ‬
‫ل صَلات ََه ُ وَصِيَام َه ُ و َ َ‬
‫بِرِضَاكِ‪ ،‬ولا يَقْب َ ُ‬
‫فتقدم النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم إلى علقمة ولقنه الشهادة فنطق بها ومات ساعته‪ ،‬قال أنس‪ :‬غسلوه وصلوا عليه ودفنوه فقام النبي صلى‬
‫ل الل ّٰه مِن ْه ُ صَرْفا و َلا َ عَدْلاً‪،‬‬ ‫ن والأنصَارِ م َنْ ف ََضّ َ‬
‫ل ز َ ْوجَت َه ُ عَلَى و َالِدَتِه ِ ل َ ْم يَقْب َ ِ‬ ‫الل ّٰه عليه وسلم على شفير قبره وقال‪» :‬يا مَع َاشِر َ المُهاجِري َ‬
‫فالصرف هو النافلة‪ ،‬والعدل هو الفر يضة«‪ ،‬كذا في الجواهر للسمرقندي‪.‬‬
‫ن الل ّٰه تَع َالى قُلْ للبَارِّ ل ِوَالِدَيْه ِ اعْم َلْ م َا شِئ ْتَ فَإ َ ّ‬
‫ن الل ّٰه يَغْف ِر ُلَكَ( وروى مسلم وغيره لا يجزي الولد‬ ‫حك َايَة ٌ ع َ ِ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ِ :‬‬
‫والده إلا أن يجده مملوكا فيشتر يه فيعتقه‪ ،‬وعن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬ما م ِنْ عَبْدٍ‬
‫صَلَ ّى الفَرِ يضَة َ وَد َعَا ل ِوَالِدَيْه ِ ب ِالمَغْف ِرَة ِ إلا اسْ ت َج َابَ الل ّٰه د ُعَاءه ُ‪ ،‬وَغَف َر َ لَه ُ بِبَرَكَة ِ د ُعائِه ِ لهما‪ ،‬ولو ْ كانا فَا ِ‬
‫سق َيْنِ« كذا في ر ياض الصالحـين‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ب ُِر ّ الوَالِدَيْنِ( بكسر الباء الموحدة أي الإحسان إليهما قولا ًوفعلا ً) َ‬
‫ك َ ّفارَة ٌ لِلْك َبَائِر ِ( وفي حديث الديلمي وغيره‬
‫عن الحسن بن علي رضي الل ّٰه عنهما بر الوالدين يجزي عن الجهاد‪ ،‬أي ينوب و يقوم مقامه‪ .‬قال المناوي وهذا ورد جوابا لسائل اقتضى‬
‫حاله ذلك‪ ،‬وإلا فالجهاد أعلى‪ ،‬وفي رواية لابن عدي عن أبي هريرة بر الوالدين يزيد في العمر‪ ،‬أي يبارك في عمر البارّ بأن يمضي في‬
‫الطاعات أو بالنسبة لما في صحف الملائكة‬
‫)‬
‫حرَم َه ُ الل ّٰه تَع َالى لَذ ِيذ َ طَعا ِم الج َنَ ّة ِ وقال عليه الصلاة‬ ‫ض َع َطع َاما طَي ّبا في بَي ْتِه ِ و َأَ كَل َه ُ د ُونَ و َالِدَيْه ِ ِ‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ و َ َ‬
‫جو ْعَانا ً وَع َ ْطشَانا و َل َ ْم يَسْت َِح الل ّٰه تَع َالى م ِنْ عَذ َابِه ِ‬
‫ن حَشَرَه ُ الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ ِ‬
‫ن أ ْو ع َ ْطشَا ٌ‬ ‫شبْع َانا ر َ َي ّانا و َأحَد ُ و َالِدَيْه ِ َ‬
‫جو ْعَا ٌ‬ ‫والسلام‪» :‬م َنْ ب َاتَ َ‬
‫يجِد ُ ر َيحَه َا ّ ٌ‬
‫عاق و َلا َ قَاطِـ ٌع‬ ‫ن الج َنَ ّة َ يُوجَد ُ رِ يحُه َا م ِنْ مَسِيرَة ِ خَم ْسمائَة ِ عَا ٍم و َلا َ َ‬
‫يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( وفي الأحياء قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫رَحَم« اهـ‪.‬‬
‫)‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ ر َف َع يَدَه ُ لِيَضْر ِبَ أَ حَد َ و َالِدَيْه ِ غ َُل ّ ْ‬
‫ت يَدُه ُ يَوم القيامة إلى ع ُنُقِه ِ مَشْلُولَة ً قالوا يا رسول الل ّٰه وإن ضربهما‬
‫ل أ ْن يَج ُوز َ عَلَى الص ِّراط و َتَضْر ِبُه ُ المَلائِك َة ُ( وعن أنس بن مالك رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬
‫قال‪ :‬ت ُ ْقطَ ُع يَدُه ُ قَب ْ َ‬
‫ج م ِنْ قَبْرِه ِ إلا وعلَى و َجْ هِه ِ‬ ‫ج الل ّٰه ر ُوح َه ُ عَلَى غَيْر ِ ال َش ّه َادَة ِ‪ ،‬و َلا َ ُ‬
‫يخ ْر َ ُ‬ ‫خر َ َ‬ ‫ل م َاتَ وَو َالِد َاه ُ غَي ْر راضيَيْنِ عَلَيْه ِ َ‬
‫إلا ّ أَ ْ‬ ‫وسلم يقول‪» :‬ما م ِنْ رَج ُ ٍ‬
‫ُوب هاذا جَز َاء ُ م َنْ ع َص َى الل ّٰه تَع َالى‪ ،‬هذا جَز َاء ُ م َنْ ع ََقّ و َالِدَيْه ِ« وعن علي بن أبي طالب كرم الل ّٰه وجهه ورضي الل ّٰه عنه قال كنا‬
‫مَكْت ٌ‬
‫جلوسا مع النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنا وجماعة من الصحابة إذ أتاه رجل فقال‪ :‬السلام عليكم ورحمة الل ّٰه وبركاته‪.‬‬
‫فقلنا له‪ :‬وعليك السلام‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول الل ّٰه إن عبد الل ّٰه بن سلام يدعوك ليودعك‪ ،‬وإنه مريض وعلى خروج من الدنيا‪ ،‬فلما سمع‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٣‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ذلك رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم استوى قائما‪ ،‬ثم قال لهم‪ :‬ق ُوم ُوا بنا ن َز ُور ُ أَ خ َانا عَبْد َ الل ّٰه ثم مضى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم هو‬
‫ومن معه من أصحابه حتى أتوا إلى منزله فاستأذنوا عليه‪ ،‬ف َأَ ذِن لهم في الدخول فوجدوه في غمرات الموت‪ ،‬فوقف رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه‬
‫ك لَه ُ وأ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ فقالها في أذنه ثلاثا فلم‬ ‫عليه وسلم عند رأسه وقال‪» :‬يا عَبْد َ الل ّٰه قُلْ أَ شْهَد ُ أ ْن لا َاله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه وَحْدَه ُ لا شَر ِي َ‬
‫ل ز َ ْوجُها في‬
‫ل إلى امْرَأتِه ِ واسْ أَ ل ْهَا ما ك َانَ يَعْم َ ُ‬
‫ض يا بِلا ُ‬ ‫ل و َلا ق َُو ّة َ َ‬
‫إلا ّ بالل ّٰه العَل ِ ِيّ العظيم ا ْم ِ‬ ‫حو ْ َ‬
‫يقلها فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬لا َ‬

‫ال ُد ّنيا وما كانَ ُ‬


‫شغْلُه ُ؟« فسألها فقالت له‪ :‬يا بلال وحق رسول الل ّٰه ما أعرف من يوم تزوجني أنه ترك الصلاة خلف رسول الل ّٰه صلى‬
‫ل‬
‫َجيب اسْ أَ ل ْهَا يا بِلا ُ‬
‫ٌ‬ ‫الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬ولا مضى عليه يوم إلا تصدق فيه بشيء لوجه الل ّٰه تعالى‪ ،‬فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫ن الأمْرَ لَع‬
‫ض ل ِوَالِدَتِه ِ« فمضى إليها وقال أجيبي‬ ‫ل ا ْم ِ‬
‫ه َلْ لَه ُ و َالِدَة ٌ؟« فقالت‪ :‬يا رسول الل ّٰه إنها غضبانة عليه‪ .‬فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬يا بِلا ُ‬
‫النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فقالت‪ :‬وما ذلك؟ فقال‪ :‬يصلح بينك وبين ولدك عبد الل ّٰه‪ ،‬وإنه على خروج من الدنيا‪.‬‬
‫فقالت وحق رسول الل ّٰه لا أمضي ولا أجعلنه في حل مما آذاني لا دنيا ولا أخرى‪ ،‬ثم إنها امتنعت فأتى بلال إلى النبي صلى الل ّٰه عليه‬
‫وسلم وأعلمه فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ي َا ع ُم َر ُو يا عَل ِ ُيّ اذْه َبَا‪ ،‬ف َأْ تيَِا بِها« فذهبا إليها‪ ،‬فلما دخلا عليها قالا لها‪ :‬أيتها العجوز إن النبي‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم يدعوك فقالت‪ :‬وما يريد مني فهل له من حاجة؟ فقالا لها‪ :‬لا بد أن تمشي معنا‪ ،‬فمشت معهما حتى أتت إلى النبي‬
‫ك وَم َا ه ُو َ عَلَيْه ِ«‪ ،‬فلما نظرت إليه قالت يا ولدي لا‬ ‫صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال لها النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫»أي ّتُهَا العَجُوز ُ انْظُرِي إلى وَلَد ِ ِ‬
‫»أي ّتُهَا العَجُوز ُ خ َافي الل ّٰه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل واجْ عَلِيه‬ ‫أجعلك اليوم في حل من حقي لا في الدنيا ولا في الآخرة فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫ل« فقالت‪ :‬يا رسول الل ّٰه كيف أجعله في حل وهو قذرني وضربني وطردني من بيته لأجل امرأته‪ ،‬فقال النبي صلى الل ّٰه عليه‬
‫ح ٍّ‬
‫فِي ِ‬
‫ل« فقالت العجوز أشهدك يا رسول الل ّٰه أنت ومن معك أني جعلته في حل‪ .‬فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ي َا‬
‫ح ٍّ‬
‫وسلم‪» :‬اجْ عَلِيه ِ في ِ‬
‫ك لَه ُ‪ ،‬وأَ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ« فرفع صوته بالشهادة ثم توفي على ذلك رضي الل ّٰه‬ ‫عَبْد َ الل ّٰه‪ :‬ق ُلْ أَ شْهَد ُ أ ْن لا َاله َ‬
‫إلا ّ الل ّٰه وَحْدَه ُ لا َش َر ي َ‬
‫ن ال ُد ّن ْيَا عَلَى غَيْر ِ‬ ‫عنه‪ ،‬فلما صلينا عليه ودفناه قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ي َا مَع َاشِر َ المُسْل ِمِينَ أَ لا َ م َنْ ك َانَ لَه ُ و َالِدَة ٌ و َل َ ْم يَبَر ّه َا خَر َ َ‬
‫ج مِ َ‬
‫شَه َادَة ٍ« كذا في ر ياض الصالحـين للعارف بالل ّٰه يحيى النووي‪.‬‬
‫}الباب الحادي والثلاثون‪ :‬في فضيلة تربية الأولاد{‬
‫ِت سِنينَ ُأدِّبَ ‪،‬‬
‫اط عَن ْه ُ الأَ ذ َى‪ ،‬فإذ َا بلَ َ َغ س َ ّ‬ ‫ساب ِ‬
‫ِـع و َيُس َ َمّى و َيُم َ ُ‬ ‫قال أنس رضي الل ّٰه عنه قال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬الغ ُلاَم ُ يُع َُقّ عَن ْه ُ يَوْم َ ال َ ّ‬
‫ِت عَشْر َة سَن َة ً ز َ َ ّوج َه ُ أبُوه ُ ث َُم ّ أَ خَذ َ بيَِدِه ِ و َقَالَ‪:‬‬
‫الصّ لاَة ِ‪ ،‬فَإذ َا بلَ َ َغ س َ ّ‬
‫ل ف ِرَاشُه ُ‪ ،‬فإذا بلَ َ َغ ثَلاَثَ عَشْرَة َ سَن َة ً ضُرِبَ عَلَى َ‬
‫فَإذ َا بلَ َ َغ ت ِ ْس َع سِنينَ عُز ِ َ‬
‫خر َة« كذا في الإحياء‬ ‫ك في ال ُد ّن ْيَا و َعَذ َاب ِ َ‬
‫ك في الآ ِ‬ ‫ك أَ ع ُوذ ُ ب ِالل ّٰه م ِنْ فِت ْنَت ِ َ‬ ‫ك و َع َل ّم ْت ُ َ‬
‫ك و َأَ نْكَحْ ت ُ َ‬ ‫ق َ ْد أَ َدّب ْت ُ َ‬
‫)‬
‫ن( رواه الترمذي والحاكم عن‬
‫حس َ ٍ‬
‫َب َ‬
‫ل م ِنْ أَ د ٍ‬
‫ض َ‬
‫قال النبي عليه الصلاة والسلام‪ :‬ما نَحَلَ( بفتح النون والحاء المهملة )و َالِد ٌ وَلَدَه ُ أَ ف ْ َ‬
‫عمرو بن سعيد بن العاص‪ :‬أي ما أعطاه عطية أفضل من تأديبه بنحو توبيخ وتهديد وضرب على فعل الحسن‪ ،‬وتجنب القبيح‪ ،‬فإن‬
‫حسن الأدب يرفع العبد المملوك إلى رتبة الملوك وعن أبي ذر رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬كنت جالسا عند النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وإذا‬
‫بالحسن والحسين رضي الل ّٰه عنهما ركبا على كتف جدهما رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وهو يحدثنا‪ ،‬فلما فرغ من حديثه قال لهما‪:‬‬
‫انزلا يا أولادي فأقبل علي كرم الل ّٰه وجهه‪ ،‬فلما رأياه خافاه ونزلا عن ظهر جدهما فقال لهما النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا لالـكما؟‬

‫قالا‪ :‬خفنا من أبينا‪ ،‬فأقبل علي رضي الل ّٰه عنه عليهما وضربهما‪ .‬وقال‪ :‬الأدب خير لـكما فقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬ي َا عَل ِ ُيّ لا‬
‫ن والحُسَيْنَ فَإ َ ّنهُم َا ر َيحانَتَايَ وَر َاح َة ُ قَلْبِي و َس َريرَة ُ كَب ِدي« فقال علي كرم الل ّٰه وجهه سمعا وطاعة فنزل جبر يل وقال‪ :‬يا محمد‬
‫تَنْهَرِ الحَسَ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٤‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الحق يقول اترك عليا يؤدبهما أشبعوا أولادكم‪ ،‬وأحسنوا أسماءهم‪ ،‬وطيبوا أبدانهم‪ ،‬ترزقوا شفاعتهم‪ ،‬فلما سمع بذلك النبي صلى الل ّٰه عليه‬
‫ن م َنْ عَل ّم وَلَدَه ُ و َأَ َدّبَه ُ رَز َق َه ُ الل ّٰه َ‬
‫شف َاع َت َه ُ‪ ،‬وَم َنْ ت َرَك َ وَلَدَه ُ‬ ‫وسلم قال‪» :‬ي َا مَعْشَر َ المُسْل ِمينَ م َنْ رَز َق َه ُ الل ّٰه تَع َالى ب ِوَلَدٍ فَعَلَيْه ِ بت َأْ ديبِه ِ و َتَعْلِيمِه ِ‪ ،‬فَإ َ ّ‬

‫ج َاه ِلا ً ك َانَ ك ُ ُ ّ‬


‫ل ذَن ٍْب عَم ِلَه ُ عَلَيْه ِ« كذا في ر ياض الصالحـين‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لأ ْن يُؤَدِّبَ َ‬
‫الر ّجُلُ( وفي لفظ أحدكم )وَلَدَه ُ( أي يعلمه الآداب الشرعية والمندوبة )خَيْر ٌ لَه ُ م ِنْ أ ْن‬
‫َاع( رواه الترمذي عن جابر بن سمرة وهو حديث حسن قال المناوي‪ :‬لأنه إذا أدبه صارت أفعاله من‬ ‫ص َ ّدقَ ( أي كل يوم )بِص ٍ‬
‫يَت َ َ‬
‫صدقاته الجار ية وصدقة الصاع ينقطع ثوابها‬
‫)‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬أَ كْرِم ُوا أولاد َك ُ ْم و َأَ حْ سِن ُوا آد َابَهُمْ( أي بأن تعلموهم ر ياضة النفس ومحاسن الأخلاق‪.‬‬
‫قال العلقمي‪ :‬والأدب هو استعمال ما يحمد قولا ًوفعلاً‪ .‬وقيل‪ :‬هو تعظيم م َن فوقك والرفق بمن دونك رواه ابن ماجه عن أنس قال‬
‫المناوي وفي هذا الحديث نكارة وضعف‪ ،‬والمنكر هو الذي لا يعرف متنه من غير جهة راو يه فلا شاهد له‪ ،‬فما خالف فيه المنفرد من‬
‫هو أحفظ‪ ،‬وأضبط فشاذ مردود‪ ،‬وإن لم يخالف بل روى شيئا لم يروه غيره‪ ،‬وهو عدل ضابط فصحيح أو غير ضابط‪ ،‬ولا يبعد عن‬
‫درجة الضابط فحسن‪ ،‬وإن بعد فشاذ منكر‪.‬‬
‫ِب وَلَدَه ُ وقال عليه الصلاة‬
‫سدَه ُ فَل ْي ُؤَدّ ْ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ أَ ر َاد َ أ ْن يُرْغِم َ( بضم الغين المعجمة أو فتحها أي يذل )ح َا ِ‬
‫ن‬
‫ستْر ٌ م ِ َ‬ ‫كالن ّظَرِ إلى وَجْه ِ نَب ِيِّه ِ‪ ،‬وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬أكْرِم ُوا أوْلاَد َك ُ ْم فإ َ ّ‬
‫ن ك َرَام َة َ الأَ وْلادِ ِ‬ ‫الن ّظَر ُإلى وَجْه ِ الأَ وْلادِ بِشُكْر ٍ َ‬
‫والسلام‪َ :‬‬
‫ن َ‬
‫الن ّارِ وَك َرَامَتُه ُ ْم جَوَاز ٌ عَلَى الص ِّراطِ (‪.‬‬ ‫ل م َعه ُ ْم ب َر َاءَة ٌ م ِ َ‬
‫ك ُ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ والأَ ْ‬ ‫َ‬
‫الن ّارِ‪ .‬وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬الأَ وْلاد ُ حِرز ٌ م ِ َ‬
‫ن في الج َنَ ّة ِ‬
‫ن م َنْ أَ ك ْرَم َ أَ وْلاَدَه ُ أَ ك ْرَم َه ُ الل ّٰه في الج َنَ ّة ِ‪ .‬وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إ َ ّ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬أَ كْرِم ُوا أولاد َك ُ ْم فإ َ ّ‬
‫ل لَهَا د َار ُ الف َر َِح( بفتح الفاء والراء وبالحاء المهملة‪ ،‬أي السرور أي تسمى بذلك‬ ‫د َارا( أي عظيمة جدا في النفاسة فالتنكير للتعظيم )يُق َا ُ‬
‫الصب ْيَانَ( أي الأطفال ذكورا وإناثا‪ ،‬وفي هذا الحديث شمول لأطفال الإنسان‪ ،‬وأطفال غيره ولليتيم‬
‫ح ِّ‬‫إلا ّ م َنْ ف ََر ّ َ‬
‫بين أهلها )لا ي َ ْدخ ُلُها َ‬
‫وغيره‪ ،‬رواه أبو يعلى عن عائشة‪.‬‬
‫)‬
‫ن في الج َنَ ّة ِ د َارا يُقال لَهَا د َار ُ الف َر َِح( أي تسمى بذلك )لا َي َ ْدخ ُلُه َا إلا ّ م َنْ ف ََر ّح يَتَامى المُؤم ِنينَ( رواه حمزة‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إ َ ّ‬
‫بن يوسف وابن النجار عن عقبة بن عامر الجهني‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪ ،‬وذلك لأن الجزاء من جنس العمل فمن فرح من ليس له من‬
‫يفرحه فرحه الل ّٰه تعالى بتلك الدار الغالية المقدار‪ ،‬واليتيم صغير لا أب له وتخصيص اليتامى في هذا الحديث إنما هو للآكدية‪.‬‬
‫}الباب الثاني والثلاثون‪ :‬في فضيلة التواضع{‬
‫ن لا ي ُريد ُونَ عُلُو ّا في الأَ رْض و َلا فَسَادا والع َاق ِب َة ُ لِل ْم َُت ّق ِينَ{ ]القصص‪ [٣٨ :‬والتواضع إظهار‬
‫نجْعَلُه َا َلل ّذ ِي َ‬ ‫ك ال َد ّار ُ الآ ِ‬
‫خرَة ُ َ‬ ‫قال تعالى‪} :‬تِل ْ َ‬
‫التنزل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه‪ .‬وقيل‪ :‬هو تعظيم من فوقه لفضله‪ .‬وقيل‪ :‬هو الاستسلام للحق وترك الاعتراض على الحكم من‬
‫الحاكم‪ .‬وقيل‪ :‬هو أن تخضع للحق وتنقاد له وتقبله ممن قاله صغيرا أو كبيرا شر يفا أو ضعيفا حرا أو عبدا ذكرا أو غيره نظرا ً للقول لا‬
‫للقائل‪ ،‬فهو إنما يتواضع للحق وينقاد له‪ .‬وقيل‪ :‬هو أن لا يرى لنفسه مقاما ولا حالا ًيفضل بهما غيره‪ ،‬ولا يرى أن في الخلق من هو‬
‫شر منه كذا في السراج المنير للعزيزي‪.‬‬
‫)‬
‫ض َع لل ّٰه( أي لأجل عظمة الل ّٰه )ر َفَع َه ُ الل ّٰه( أي في الدنيا والآخرة )وَم َنْ ت َ َ ّ‬
‫كبَر َ وَضَع َه ُ الل ّٰه( رواه ابن منده وأبو نعيم‪.‬‬ ‫قال النبي‪ :‬م َنْ تَوَا َ‬
‫وفي رواية لأبي نعيم من تواضع لل ّٰه رفعه الل ّٰه‪ ،‬فهو في نفسه ضعيف‪ ،‬وفي أنفس الناس عظيم‪ ،‬ومن تكبر وضعه الل ّٰه فهو في أعين الناس‬
‫صغير‪ ،‬وفي نفسه كبير حتى لهو أهون عليهم من كلب أو خنزير‪ ،‬وعن أبي سلمة المدني عن أبيه عن جده قال‪ :‬كان رسول الل ّٰه صلى‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٥‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الل ّٰه عليه وسلم عندنا بقباء‪ ،‬وكان صائما فأتيناه عند إفطاره بقدح من لبن وجعلنا فيه شيئا من عسل‪ ،‬فلما رفعه وذاقه وجد حلاوة‬

‫العسل فقال‪ :‬ما هاذا؟ قلنا‪ :‬يا رسول الل ّٰه جعلنا فيه شيئا من عسل فوضعه وقال‪ :‬أما أني لا ُأحَرِّم ُه ُ وَم َنْ تَوَا َ‬
‫ض َع لل ّٰه ر َف َع َه ُ الل ّٰه‪ ،‬وَم َنْ‬
‫صد َ أَ غْنَاه ُ الل ّٰه وَم َنْ ب َذر َ أَ فْق َرَه ُ الل ّٰه‪ ،‬وَم َنْ أَ كْ ثَر َ ذِك ْر َ الل ّٰه أَ ح ََب ّه ُ الل ّٰه كَذ َا في الإحْ ياء‪.‬‬ ‫تَكَ َب ّر َ و َ َ‬
‫ضع َه ُ الل ّٰه وَم َنْ اق ْت َ َ‬
‫)‬
‫ض َع‬ ‫ض ال َ ّ‬
‫سابِعَة ِ ‪ ،‬فَإذ َا تَوَا َ‬ ‫سم َاء ِ ال َ ّ‬
‫سابِعَة ِ وَسِلْسِلَة ٌ في الأَ ْر ِ‬ ‫سه ِ سلْسِلَتَانِ‪ :‬سِلْسِلَة ٌ فِي ال َ ّ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َا م ِنْ آد َ ِم ِيّ َ‬
‫إلا ّ و َفِي ر َأْ ِ‬
‫سابِعَة ِ( رواه الخرائطي والحسن بن سفيان‬ ‫ض ال َ ّ‬
‫سِلْسِلَة ِ إلى الأَ ْر ِ‬ ‫تجـ َب ّر َ( أي تكبر )و َ َ‬
‫ضع َه ُ الل ّٰه بال ّ‬ ‫سابِعَة ِ و َإذ َا َ‬‫سماء ِ ال َ ّ‬‫سِلْسِلَة ِ إلى ال َ ّ‬‫ر َفَع َه ُ الل ّٰه ب ِال ّ‬
‫وابن لال والديلمي‪ ،‬وفي رواية للطبراني عن ابن عباس وللبزار عن أبي هريرة بإسناد حسن ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك‪،‬‬
‫فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته‪ ،‬وإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته‪ ،‬فقوله ما من آدمي من زائدة قوله إلا في نسخة إلا وفي‪ ،‬أي‬
‫بالواو التي للحال قوله حكمة بفتح الحاء والكاف‪ ،‬وهي حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه تمنعه من مخالفة راكبه‪ ،‬ولما‬
‫كانت الحكمة تأخذ بفم الدابة‪ ،‬وكان الحنك متصلا ً بالرأس جعلها تمنع من هي في رأسه كما تمنع الحكمة الدابة قوله بيد ملك‪ ،‬أي‬
‫موكل بالآدمي قوله فإذا تواضع‪ ،‬أي للحق والخلق قوله قيل للملك‪ ،‬أي من قبل الل ّٰه قوله ارفع حكمته‪ ،‬أي قدره ومنزلته قوله‪ ،‬وإذا تكبر‬
‫قيل للملك ضع حكمته كناية عن إذلاله‪ ،‬فإن من صفة الذليل أن ينكس رأسه‪ ،‬فثمرة التكبر في الدنيا الذلة بين الخلق‪ ،‬وفي الآخرة‬
‫دخول النار‪.‬‬
‫ن فَتَكَ َب ّر ُوا عَلَيْهِمْ(‬
‫كب ِّري َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إذ َا ر َأي ْتُم ُ المُت َوَاضِعينَ( وفي الإحياء بعد ذلك من أمتي )فَت َوَاضَع ُوا لَه ُ ْم وإذ َا ر َأَ ي ْتُم ُ المُت َ َ‬
‫وفي الإحياء بعد ذلك‪ ،‬فإن ذلك مذلة لهم وصغار قال ابن حجر‪ :‬هذا حديث غريب‪ ،‬وهو ما انفرد راو يه بروايته‪.‬‬
‫)‬
‫الت ّكَ ُب ّر َ م َ َع المُتَكَب ِّري َ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬ ‫صد َق َة ٌ و َتَكَ َب ّر ُوا م َ َع المُتَكَبِّر ِينَ‪ ،‬فإ َ ّ‬
‫ض َع م َ َع المُت َوَاضِع ِينَ َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّوَا ُ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬تَوَاضَع ُوا م َ َع المُت َوَاضِع ِينَ‪ ،‬فإ َ ّ‬

‫ن الت ِّيه( أي التكبر )على الت َّي ّاه ِ( أي المتكبر‬ ‫صد َق َة ٌ‪ ،‬وقال عليه الصلاة والسلام تِه ْ( بكسر فسكون )عَلَى ُ‬
‫الت ّي ّاه ِ( أي تكبر على المتكبر )فَإ َ ّ‬ ‫َ‬
‫س‪ .‬وقال‬
‫ن المُسْل ِمينَ في المجََال ِ ِ‬ ‫الت ّوَاض ُِع أَ ْن يَب ْتَدِىء َ بال َ ّ‬
‫سلا ِم عَلَى م َنْ لَق ِي َه ُ م ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫صد َق َة ٌ( أي مثل صدقة )وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ر َأْ ُ‬
‫) َ‬
‫َف( وخرج معاو ية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير فقال معاو ية‬
‫ض ُع مَع َانِد َ الشّر ِ‬ ‫صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الت ّوَا ُ‬
‫ن َ‬
‫الن ّارِ« وقيل‬ ‫اس ق ِياما فَل ْيَتَب َو ّأْ م َ ْقعَدَه ُ م ِ َ‬ ‫ل لَه َ‬
‫ُالن ّ ُ‬ ‫لابن عامر‪ :‬اجلس فإني سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬م َنْ أَ ح َ ّ‬
‫َب أَ ْن يَتمََث ّ َ‬
‫التواضع سلم الشرف‪.‬‬
‫ضعُ( أراد صلى الل ّٰه عليه وسلم بذلك أن الناس متساوون‪ ،‬وأن أحسابهم إنما‬ ‫َف َ‬
‫الت ّوا ُ‬ ‫الت ّقْو َى و َال َش ّر ُ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الـك َرَم ُ َ‬
‫هي بأفعالهم لا بأنسابهم‪ ،‬كذا نقله العزيزي عن المناوي )والي َقين الغ ِن َى( أي لأن من تيقن أن له رزقا قدر له لا يتخطاه استغنى عن‬
‫الجد في الطلب رواه ابن أبي الدنيا عن يحيى بن أبي كثير وهو حديث ضعيف‪.‬‬
‫ق الأَ ن ْب ِياء ِ و َ‬
‫َالت ّكَ ُب ّر ُ‬ ‫ض ُع م ِنْ أخْلا ِ‬ ‫الت ّوَاض ُِع‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الت ّوَا ُ‬ ‫إلا ّ َ‬
‫حبُها َ‬
‫محْس ُود ٌ صَا ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ك ُ ُ ّ‬
‫ل ذي نِعْمَة ٍ َ‬
‫ق الـكُ َ ّفارِ والف َرَاعِنَة ِ( أي العتاة‬
‫م ِنْ أخْلا َ ِ‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَك َب ّر َ عَلَى الفق َراء ِ لَع َن َه ُ الل ّٰه وَم َنْ تَكَ َب ّر َ عَلَى الع ُلَمَاء ِ أَ ْ‬
‫خز َاه ُ الل ّٰه( وفي الإحياء قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ضعُ« اهـ‪ .‬وقال ابن حجر هذا حديث‬ ‫َ‬
‫»الت ّوا ُ‬ ‫لأصحابه يوما‪» :‬ما لي لا َ أر َى عَلَيْك ُم ح َلاَوَة َ الع ِبَادَة ِ«؟ قالوا‪ :‬وما حلاوة العيادة؟ قال‪:‬‬
‫ضعُ« كذا في المستطرف لـكن قال ابن حجر في الزواجر هذا قول‬ ‫ل الع ِبَادَة ِ َ‬
‫الت ّوَا ُ‬ ‫ض ُ‬
‫غريب‪ .‬وقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬أَ ف ْ َ‬
‫عائشة رضي الل ّٰه عنها اهـ‪.‬‬
‫}الباب الثالث والثلاثون‪ :‬في فضيلة الصمت{‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٦‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫اعلم أن الإنسان إما أن يتكلم أو يسكت‪ ،‬فإن تكلم فإما بخـير فهو ربح أو بشر ّ فهو خسران‪ ،‬وإن سكت فإما عن شر فربح‪ ،‬وإما عن خير‬
‫فخسران‪ ،‬فله في كلامه وسكوته ر بحان ينبغي تحصيلهما‪ ،‬وخسرانان ينبغي التخلص منهما‪ ،‬أفاد ذلك إبراهيم الشبرخيتي‪.‬‬
‫ن َ‬
‫الن ّاسِ(‬ ‫ْت( أي السكوت عما لا ثواب فيه )والع َاشِر ُ في العُزْلَة ِ ع َ ِ‬ ‫جز َاء ٍ ت ِ ْسع َة ٌ في َ‬
‫الصّ م ِ‬ ‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الع َاف ِي َة ُ ع َشَرَة ُ أَ ْ‬
‫رواه الديلمي عن ابن عباس‪ ،‬أي وذلك إذا استغنى عنهم واستغنوا عنه‪ ،‬وإلا فمتى دعاه الشرع إلى الخلطة بهم للتعلم أو التعليم فلا‬
‫خير في البعد عنهم‪ ،‬وبهذا يجمع بين الأدلة الدالة على طلب العزلة‪ ،‬والأدلة الدالة على طلب الخلطة‪ .‬قال المناوي‪ :‬فينبغي للعاقل أن‬
‫يختار العافية‪ ،‬فمن عجز واضطر إلى الخلطة لطلب المعيشة‪ ،‬فيلزم الصمت كذا في السراج المنير‪ .‬وفي لفظ والجزء العاشر في ترك مجالسة‬
‫السفهاء‪.‬‬
‫)‬
‫ل شَيْء ٍ نَجَاسَة ٌ وَنَجَاسَة ُ اللِّسَا ِ‬
‫ن البَذ َاءَة ُ( أي الفحش في المنطق وإن كان كلاما صدقا‪ ،‬وفي رواية للطبراني‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لِك ُ ّ ِ‬
‫عن ابن عمر من كثر كلامه كثر سقطه بفتح القاف‪ ،‬أي خطؤه في القول ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه‪ ،‬ومن كثرت ذنوبه كانت‬
‫النار أولى به‪ ،‬أي وذلك لأن السقط ما لا نفع فيه‪ ،‬فإن كان لغوا لا إثم فيه حوسب على تضييع عمره وصرفه عن الذكر إلى الهذيان‪،‬‬
‫ومن نوقش الحساب عذب‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ صَم َتَ ( أي سكت عن النطق بما لا ثواب له )نَجَا( أي من العقاب والعتاب يوم المآب‬
‫سكُوتُه ُ ز َيْنٌ( قال لقمان لابنه‪ :‬لو‬
‫ن وَ ُ‬ ‫سكُوتُ الع َال ِ ِم شَينٌ( أي عيب )وَك َلاَم َه ُ ز َي ْ ٌن وَك َلام ُ الجا َه ِ ِ‬
‫ل شَي ْ ٌ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ُ :‬‬
‫كان الكلام من فضة كان السكوت من ذهب‪ ،‬ومعناه كما قال ابن المبارك‪ :‬لو كان الكلام في طاعة الل ّٰه من فضة كان السكوت‬
‫ُوت اق ْصِ دِ فَلَو ْ‬
‫سك ِ‬‫عن معصية الل ّٰه من ذهب‪ ،‬وما أحسن قول بعضهم من بحر المتقارب‪ :‬إذا ما اضْ طُرِرْتَ إلى كلمَة ٍ فَد َ ْعه َا و َب َابَ ال ُ ّ‬
‫ن فَق ُل ْتُ لَه ُ ْم م َا ق َ ّدر َ الل ّٰه‬
‫ح ْرم َا ٌ‬
‫ك ِ‬
‫سكُوت ُ َ‬
‫ك م ِنْ عَسْجَدِ قال إبراهيم العتكي نظما من بحر البسيط‪ :‬قَالُوا ُ‬ ‫ك م ِنْ ف َِضّ ة ٍ لَك َانَ ُ‬
‫سكُوت ُ َ‬ ‫ك َانَ ن ُ ْطق ُ َ‬

‫َب وهذا صريح في أن الـكف عن المعصية أفضل من‬ ‫ن ال ُ ّلجَيْنِ لَك َانَ َ‬
‫الصّ مْتُ م ِنْ ذ َه ِ‬ ‫َب و َلَو ْ يَكُونُ ك َلامي حِينَ أَ ن ْشُرُه ُ م ِ َ‬
‫ي َأتيني بِلا نَص ِ‬
‫عمل الطاعة‪ ،‬وفي أن الصمت أفضل من الكلام‪ ،‬لـكن ذهب جماعة من السلف إلى تفضيل الكلام‪ ،‬لأن نفعه متعد‪ ،‬وعلى هذا فقول‬
‫الخـير خير من الصمت‪ ،‬والصمت خير من قول الشر أفاد ذلك الشبرخيتي‪.‬‬
‫)‬
‫ُوت َ‬
‫إلا ّ ع َنْ ذِكْر ِ الل ّٰه تَع َالى( والصمت قفل الفم كما قاله عمر رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬ولذا قيل‬ ‫سك ِ‬ ‫ن ال ُ ّ‬ ‫ل الإيما ِ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ صْ ُ‬
‫ل عَلَى ف ِيه ِ مُقْفلُ‪.‬‬ ‫سه ِ إذا ل َ ْم يَكُنْ ق ِ ْف ٌ‬ ‫من بحر الطو يل‪ :‬و َك َ ْم ف َ ِ ٍ‬
‫اتح أَ ب ْوَابَ شَرٍّ لِن َ ْف ِ‬
‫ل( أي لأن المرء جهله مستور‬ ‫الصّ مْتُ ز َي ْ ٌن لِلع َالِمِ( أي لما فيه من الوقار المناسب لحق العلم )و َ َ‬
‫ستْر ٌ للج ِاه ِ ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫ما لم يتكلم رواه أبو الشيخ عن محرز بن زهير الأسلمي‪.‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ك َ ْم م ِنْ كَل ِمَة ٍ سَلَب َْت نِعْم َة ً و َك َ ْم م ِنْ ك َلَمِة ٍ ج َلَب َْت ن َ ْقم َة ً( وقال بعضهم‪ :‬عفة اللسان صمته‪ ،‬فإن اللسان سبع‬
‫ضار‪ ،‬فإن لم توثقه عدا عليك‪ ،‬وروي أن رجلا ً سئل في مرض موته فقيل له‪ :‬أوصني فقال‪ :‬إن شئت جمعت لك علم العلماء وحكم‬
‫الحكماء وطب الأطباء في ثلاث كلمات‪ ،‬أما علم العلماء فإذا سئلت عما لا تعلم‪ ،‬فقل لا أعلم‪ .‬وأما حكم الحكماء فإذا كنت جليس‬
‫قوم‪ ،‬فكن أسكتهم‪ ،‬فإن أصابوا كنت من جملتهم‪ ،‬وإن أخطؤوا سلمت من خطئهم‪ .‬وأما طب الأطباء فإذا أكلت طعاما فلا تقم إلا‬
‫ونفسك تشتهيه‪ ،‬فإنه لا يلم بجسدك غير مرض الموت كذا في الفتوحات الوهبية للشبرخيتي‪.‬‬
‫خر ََس لِسَانَه ُ ل َ ْم يَسْتَحِقّ أَ حَد َ مُهَمّاتِه ِ( وقد قيل‪ :‬الصمت منام اللسان والتكلم يقظته‪ ،‬والمرء مخبوء تحت‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أَ ْ‬
‫طي لسانه لا تحت طيلسانه‪.‬‬
‫جز َاء ٍ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الح ِ ْ‬
‫كم َة ُ( وهي استعمال النفس الإنسانية باقتباس النظر يات على الأفعال الفاضلة بقدر الطاقة )ع َشَرَة ُ أ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٧‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ْت( رواه ابن عدي وابن لال عن أبي هريرة بإسناد واه‪ .‬فينبغي للسالك تجنب العشرة سيما لغير‬ ‫حدٌ في َ‬
‫الصّ م ِ‬ ‫ت َ ْسع َة ٌ مِنْهَا في العُزْلَة ِ وَو َا ِ‬
‫الجنس‪ ،‬أفاد ذلك العزيزي‪.‬‬
‫)‬
‫ل فَاع ِلُه ُ( أي قل من يصمت عما لا‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الصّ مْتُ ح ُ ْكمٌ( أي هو حكمة أي نافع يمنع من الجهل والسفه )و َقَلِي ٌ‬
‫فائدة فيه‪ ،‬ويمنع نفسه عن النطق بما يشينه رواه القضاعي عن أنس بن مالك والديلمي عن عمر بإسناد ضعيف قال بعضهم من بحر‬
‫الخفيف‪:‬‬
‫ل ع َْرضا وَطُولا‬ ‫ل قَصِّرْ قليلا ًق َ ْد ف َر َشْ تَ الفُضُو َ‬
‫ي َا كَث ِير َ الفُضُو ِ‬
‫ُت الآنَ إ ْن أَ رَدْتَ جَم ِيلا ‪.‬‬
‫حظ فَاسْ ك ِ‬ ‫ن الق َب ِ‬
‫ِيح بِ ّ ٍ‬ ‫ق َ ْد أَ خَذْتَ م ِ َ‬
‫}الباب الرابع والثلاثون‪ :‬في فضيلة الإقلال من الأكل والنوم والراحة{‬
‫وفي الخـبر أن الأكل على الشبع يورث البرص‬
‫ل(‪.‬‬
‫ك ِ‬ ‫الر ّاحَة ِ وَح ُ ّ‬
‫ُب الأَ ْ‬ ‫ُب َ‬‫ُب النّو ْ ِم وَح ُ ّ‬
‫ْب ح ُ ّ‬
‫)قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ثَلاثَة ٌ تُورِثُ قَسْوَة َ الق َل ِ‬

‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ شَب ِـ َع في ال ُد ّن ْيَا( أي شبعا مذموما )ج َاعَ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ وَم َنْ ج َاعَ في ال ُد ّن ْيَا شَب ِـ َع يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( قال صلى‬

‫لأى وَم َا ت َرَك َ عَبْدٌ أَ كْل َة ً‬ ‫َض َ‬ ‫شب َِع في الآ ِ‬


‫خرَة ِ‪ ،‬وإ َ ّ‬ ‫وع في ال ُد ّن ْيَا ه ُ ْم أَ ه ْ ُ‬
‫ل ال َ ّ‬ ‫ل الج ُ ِ‬ ‫الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬إ َ ّ‬
‫خم ُونَ الم َ َ‬ ‫س إلى الل ّٰه المُت ْ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ن أَ بْغ َ‬ ‫ن أَ ه ْ َ‬
‫شب َِع في‬ ‫ل ال َ ّ‬ ‫إلا ّ ك َان َْت لَه ُ دَر َجة ٌ في الج َنَ ّة ِ« كذا في الإحياء وفي حديث صحيح للطبراني عن ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما إ َ ّ‬
‫ن أَ ه ْ َ‬ ‫ي َ ْشتَه ِيهَا َ‬
‫خرَة ِ أي في الزمن اللاحق بعد الموت‪.‬‬ ‫وع غ َدا في الآ ِ‬ ‫ل الج ُ ِ‬‫ال ُد ّن ْيَا ه ُ ْم أَ ه ْ ُ‬
‫)‬
‫ل داء ٍ البَرَدَة ُ بفتح الراء ُ‬
‫الت ّخْ م َة ُ«‬ ‫ل ك ُ ِّ‬ ‫شب َِع فَق َ ْد أَ ك َل الحَرَام َ( وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬أَ صْ ُ‬ ‫ل فَو ْقَ ال َ ّ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ أك َ َ‬
‫وأخرج البيهقي عن إبراهيم بن علي الذهلي قال‪ :‬اختار الحكماء من كلام الحكمة أربعة آلاف كلمة‪ ،‬وأخرج منها أربعمائة كلمة‪ ،‬وأخرج‬
‫منها أربعون كلمة‪ ،‬وأخرج منها أربع كلمات‪ ،‬أولها لا ٺثق بالنساء‪ ،‬الثانية لا تحمل معدتك ما لا تطيق‪ ،‬الثالثة لا يغرنك المال وإن كثر‪،‬‬
‫الرابعة يكفيك من العلم ما تنتفع به‪ .‬كذا في السراج المنير‪.‬‬
‫ل الجُوع ُ‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الجُوع ُ ُ‬
‫مخ ّ الع ِبَادَة ِ( أي خالصها وصفوتها وفي الإحياء قال‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬سَيِّد ُ العَم َ ِ‬
‫ن قَل ْب َه ُ« وقال ابن عباس قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ شَب ِـ َع و َن َام َ‬ ‫النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ أج َاعَ بَطْن َه ُ عَظُم ْ‬
‫َت فِك ْرَتُه و َفَط ِ َ‬
‫قَسَا قَل ْب ُه« ثم قال‪ :‬لكل شيء زكاة وزكاة البدن الجوع‪.‬‬
‫شب َِع و َ َطهّ ِر ُوه َا بالج ُ ِ‬
‫وع تَصْ ف ُو و َتَر ُ ِّق( هذا كما في الإحياء وفي نسخة خبثت‬ ‫الضّ حِكِ و َقِلَ ّة ِ ال َ ّ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ حْ يوا قُلُوبَك ُ ْم بِقِلَ ّة ِ َ‬
‫ف‬
‫قلوبكم بالضحك والأكل فطهروها بالجوع تنظروا إلى عظمة الل ّٰه تعالى‪ .‬وقال الحسن‪ :‬قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬الفِك ْر ُ ن ِصْ ُ‬
‫هي َ الع ِبَادَة ُ«‬ ‫الع ِبَادَة ِ و َقِلَ ّة ُ ال َ ّ‬
‫طع َا ِم ِ‬
‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ق ْر َبُك ُ ْم م ِني يَوْم َ الق ِيَامَة ِ أَ كْ ث َر ُك ُ ْم جُوعا و َتَف ُك ّرا( وفي الإحياء قال الحسن قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬

‫ل يَوْم َ الق ِيَامَة ِ ك ُ ُ ّ‬


‫ل نَؤو ٍم‬ ‫ضك ُ ْم عِنْد َ الل ّٰه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬ ‫وسلم‪» :‬أَ فْضَلـُك ُ ْم عِنْد َ الل ّٰه مَنْز ِلَة ً يَوْم َ الق ِيَامَة ِ أَ طْ وَلـَك ُ ْم جُوعا و َتَف َ ُك ّرا ً فِي الل ّٰه ُ‬
‫سب ْح َانَه ُ و َأَ بْغ َ ُ‬
‫ُوب«‬
‫ل شَر ٍ‬
‫أكُو ٍ‬
‫)‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ كَثُر َ َطع َام ُه ُ كَثُر َ عَذ َابُه ُ( أي بالحبس والحساب واللوم والتعيير‪ ،‬فإن حلال الدنيا حساب كما في الحديث‬
‫ن َ‬
‫الن ّع ِِيم{ ]التكاثر‪ [٨ :‬وليس المراد عذاب النار وإنما التعيير واللوم لتركه الأدب مع الل ّٰه لأنه آثر شهوة‬ ‫لقوله تعالى‪} :‬ث َُم ّ لِت ُسأل َنّ يَوْم َئذٍ ع َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٨‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫نفسه واشتغل بذلك عن عبادة ربه مع تمكنه من ذلك من غير تعذر‪ ،‬وهذه الدار دار خدمة للرب‪ ،‬وعبادة لا دار تنعم وشهوة فيستحق‬
‫اللوم بذلك‪ ،‬والتعيير كذا في منهاج العابدين‪ ،‬وفي الإحياء‪ ،‬وقال أبو سعيد الخدري قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬البس ُوا وَك ُلُوا‬
‫ن ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ«‬ ‫َاف البُط ُونِ‪ ،‬ف َ َإن ّه ُ جُزْء ٌ م ِ َ‬
‫واشْر َبُوا في أَ نْص ِ‬
‫شف َاء بِ ح َرَا ٍم‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ُ :‬‬
‫الصّ ب ْح َة َ(‬ ‫الن ّو ْ ِم ولا ِ َ‬
‫كثْرَة ِ َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لا ِ َ‬
‫ل و َلا َ ِ َ‬
‫ك ِ‬
‫كثْرَة ِ الأَ ْ‬
‫صح ّة َ م َ َع َ‬ ‫صح ّة َ م َ َع َ‬
‫بضم الصاد المهملة أو بفتحها فسكون الموحدة أي النوم أول النهار )تَم ْن َ ُع الر ِ ّزْقَ ( أي بعضه أو تمنع البركة منه‪ ،‬لأنه وقت الذكر والفكر‬
‫وتفرقة الأرزاق الحسية والمعنو ية كالعلوم والمعارف‪ ،‬رواه عبد الل ّٰه ابن الإمام أحمد وابن عدي والبيهقي عن عثمان والبيهقي عن أنس‬
‫بإسناد ضعيف‪.‬‬
‫}الباب الخامس والثلاثون‪ :‬في فضيلة الإقلال من الضحك{‬
‫قال الأحنف‪ :‬كثرة الضحك تذهب الهيبة‪ ،‬وكثرة الفرح تذهب المروءة‪ ،‬ومن لزم شيئا عرف به‪.‬‬
‫ك تُمِيتُ الق َل ْبَ ( أي تورث الضغينة في بعض الأحوال‪ ،‬وتسقط المهابة والوقار‪ ،‬وذلك‬
‫ح ُ‬ ‫كثْرَة ُ َ‬
‫الضّ ِ‬ ‫)وقال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫لأن الضحك يدل على الغفلة عن الآخرة كذا في الإحياء‬
‫جدِ ظُل ْم َة ٌ في القَبْرِ( أي يورث ظلمة القبر‪ ،‬فإنه يميت القلب وينسي ذكر الرب رواه الديلمي‬
‫س ِ‬
‫ك في الم َ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬
‫الضّ ِ‬
‫عن أنس‬
‫)‬
‫ن العِلْم ِ( وفي الإحياء‪ :‬قال صلى الل ّٰه عليه وسلم مرة لصهيب وبه رمد وهو‬
‫ك ق َ ْهقَه َة ً فَق َ ْد نَسِيَ بابا م ِ َ‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ضَ ح ِ َ‬
‫ل تَم ْرا و َأَ ن ْتَ أَ ْرمَد ُ«؟ فقال‪ :‬إنما آكل بالشق الآخر يا رسول الل ّٰه‪ .‬فتبسم صلى الل ّٰه عليه وسلم قال بعض الرواة حتى‬ ‫يأكل تمرا‪» :‬أَ ت َأْ ك ُ ُ‬
‫نظرت إلى نواجذه‬
‫مج ّة ً( وفي المستطرف عن علي‪ :‬ما مزح أحد مزحة إلا مج الل ّٰه من عقله‬‫ل َ‬‫ن الع َ ْق ِ‬ ‫ك ق َ ْهقَه َة ً فَق َ ْد َ‬
‫مج ّ م ِ َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ضَ ح ِ َ‬
‫مجة‬
‫خرَة ِ( وقال يوسف بن أسباط‪ :‬أقام الحسن ثلاثين سنة لم‬ ‫ك كَثيرا في ال ُد ّن ْيَا بَك َى كثيرا في الآ ِ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ضَ ح ِ َ‬
‫يضحك‪ .‬وقيل‪ :‬أقام عطاء السلمي أربعين سنة لم يضحك‬
‫ك كَث ِيرا اسْ تَح ََقّ بِه ِ َ‬
‫الن ّار ُ( وفي رواية هناد بن السري عن الحسن‬ ‫ك ق َ ْهقَه َة ً لَع َن َه ُ الج َبَ ّار ُ وَم َنْ ضَ ح ِ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ ضَ ح ِ َ‬
‫البصري‪ :‬الضحك ضحكان ضحك يحبه الل ّٰه وضحك يمقته الل ّٰه‪ ،‬فأما الضحك الذي يحبه الل ّٰه فالرجل يكشر في وجه أخيه لحداثة عهد به‬
‫وشوقا إلى رؤيته‪ .‬وأما الضحك الذي يمقت الل ّٰه تعالى عليه‪ ،‬فالرجل يتكلم بالكلمة الجفاء والباطل ليضحك أو ليضحك يهوي بها في‬
‫جهنم سبعين خر يفا‪ .‬والمعنى الضحك نوعان ضحك يثيب الل ّٰه عليه‪ ،‬وضحك يبغض الل ّٰه صاحبه‪ ،‬أي يعاقبه إن شاء‪ ،‬فأما الضحك الذي‬
‫يثيب الل ّٰه عليه‪ ،‬فضحك الإنسان الذي يكشر عن أسنانه‪ ،‬ويبتسم في وجه أخيه في الدين لحداثة لقائه‪ ،‬ولشوق إلى رؤيته‪ ،‬وأما الضحك‬
‫الذي يبغض الل ّٰه تعالى عليه‪ ،‬فهو الضحك المتسبب عن تكلم الرجل الذي يتكلم بالكلمة الفاسدة ليضحك هو‪ ،‬أو ليضحك غيره يسقط‬
‫إلى السفل بسببها في جهنم يوم القيامة سبعين سنة‪.‬‬
‫قوله يكشر بكسر شين معجمة أي يظهر أسنانه‪ .‬قوله ليضحك أو ليضحك بمثناة تحتية فيهما مفتوحة في الأول مضمومة في الثاني‬
‫)‬
‫ضح ْك ُه كَثُر َ خَطؤُه ُ( وقال عمر رضي الل ّٰه عنه‪ :‬من كثر ضحكه قلت هيبته‪ ،‬ومن مزح استخف به‪،‬‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ كَثُر َ ِ‬
‫ومن أكثر من شيء عرف به‪ ،‬ومن كثر كلامه كثر سقطه‪ ،‬ومن كثر سقطه قل حياؤه‪ ،‬ومن قل حياؤه قل ورعه‪ ،‬ومن قل ورعه‬
‫مات قلبه‪ ،‬وقال علي رضي الل ّٰه عنه‪ :‬إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك‬
‫اس( وفي حديث أحمد وأبي داود والترمذي والحاكم عن معاو ية بن حيدة‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ضح ْك ُه ُ يَسْتَخ ُ ّ‬
‫ِف بِه ِ َ‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ كَثُر َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٩‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫بإسناد قوي و يل للذي يحدث فيكذب في حديثه ليضحك به القوم‪ ،‬و يل له و يل له كرره إيذانا بشدة هلـكته‪.‬‬
‫ك بها ج ُلَسَاءَه ُ( فحتى بمعنى كي )ع َ ّذبَه ُ الل ّٰه تَع َالى( وفي نسخة كبه الل ّٰه أي ألقاه‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ تَك ََل ّم َ بِكَل ِمَة ٍ حتى يَضْ ح َ َ‬
‫الن ّارِ( قال الغزالي‪ :‬المراد ما فيه إيذاء مسلم ونحوه دون مجرد المزاح المباح‪ ،‬وفي رواية للترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة‬ ‫)في َ‬
‫إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خر يفا في النار‪ ،‬والمعنى إن الإنسان ليتكلم بالكلمة لا يظن أنها ذنب يؤاخذ به‬
‫يضحك بها القوم يسقط بسببها في جهنم سبعين عاما‬
‫ك الأَ ن ْب ِيَاء ِ تَب َ ُس ّمٌ( أي وهو الذي ينكشف فيه السن‪ ،‬ولا يسمع له صوت كذا في الإحياء )وضح ُ‬
‫ك‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬ضَ ح ُ‬
‫ن ق َ ْهقَه َة ٌ( فالتبسم مبادي الضحك‪ ،‬والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور‪ ،‬فإن كان بصوت‪ ،‬وكان بحيث‬ ‫ال َ ّ‬
‫شيْطَا ِ‬
‫يسمع من بعد فهو القهقهة‪ ،‬وإلا فالضحك وإن كان بلا صوت‪ ،‬فهو التبسم كذا أفاد العزيزي نقلا ً عن بعضهم وقيل‪ :‬إن يحيى بن‬
‫زكر يا لقي عيسى عليه السلام‪ .‬فقال يحيى‪ :‬ما لي أراك لاهيا كأنك آمن؟ فقال له عيسى‪ :‬ما لي أراك عابسا كأنك آيس؟ فقال‪ :‬لا‬
‫نبرح حتى ينزل علينا الوحي فأوحى الل ّٰه إليهما أن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي‪ ،‬ويروى أن أحبكما إلي الطلق البسام‪.‬‬
‫}‬
‫الباب السادس والثلاثون‪ :‬في فضيلة عيادة المر يض{‬
‫ِيم ُأعِيذُك َ بالل ّٰه الأَ حَدِ َ‬
‫الصّ مَدِ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫قال عثمان رضي الل ّٰه عنه مرضت فعادني رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال‪» :‬ب ِس ْ ِم الل ّٰه َ‬
‫الر ّحْما ِ‬

‫تجِد ُ« قالها مرارا ودخل صلى الل ّٰه عليه وسلم على علي بن أبي طالب رضي الل ّٰه‬ ‫ال َ ّذ ِي ل َ ْم يلَِدْ و َل َ ْم يُولَدْ و َل َ ْم يَكُنْ لَه ُ ُ‬
‫كف ُوا أَ حَدٌ م ِنْ شَر ِّ م َا َ‬

‫ك سَتُعْطَى‬ ‫ك َ‬
‫فإن ّ َ‬ ‫ن ال ُد ّنيا إلى رَحْمَت ِ َ‬ ‫صب ْرا عَلَى بلَ َِي ّت ِ َ‬
‫ك أَ ْو خُر ُوجا م ِ َ‬ ‫ك أَ ْو َ‬
‫ل عَاف ِيَت ِ َ‬
‫ك تَعْجِي َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م إن ِ ّي أَ سْ أَ ل ُ َ‬ ‫عنه وهو مريض فقال له‪» :‬قُلْ َ‬
‫إحْد َاه َُنّ «‬
‫يض( بضم العين والدال بينهما واو‪ ،‬أي زوروه )وات ْب َع ُوا الجنََازَة َ( بسكون المثناة الفوقية وفتح‬
‫)قال النبي عليه السلام‪ :‬ع ُود ُوا المَر َ‬
‫الموحدة التحتية )تُذَك ِّر ْكُم ُ الآ ِ‬
‫خرَة َ( أي أحوالها وأهوالها‪ ،‬والأمر للندب رواه أحمد وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري‬
‫مخ ْر َفَة ِ الج َنَ ّة ِ( فالمخرفة بفتح الميم البستان والجمع مخارف‪،‬‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬عَائِد ُ المَر يضِ( أي الذي تطلب عيادته )يَم ْشي في َ‬
‫أي يمشي في التقاط فواكه الجنة‪ ،‬ومعناه أن العائد فيما يجوزه من الثواب كأنه على نخل الجنة يخـترف‪ ،‬أي يجني ثمارها من حيث إن‬
‫فعله يوجب ذلك )ح ََت ّى يَرْجِـعَ( رواه مسلم عن ثوبان عتيق رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وفي الدرر المنتثرة للسيوطي ثلاث لا يعاد‬
‫صاحب الرمد وصاحب الضرس وصاحب الدمل رواه البيهقي في الشعب وضعفه من حديث أبي هريرة‬
‫ل يَو ْ ٍم( أي زمان )فَرِ يْضَة ٌ وَم َا بَعْد َه َا س َُن ّة ٌ( والمراد بالفرض والسنة هنا بحسب المروءة‬
‫ض أَ َ ّو َ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬عِيَادَة ُ المر ي ِ‬
‫أو الأخلاق الجميلة لا بحسب الشرع كما قال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما‪ :‬عيادة المر يض مرة سنة‪ ،‬فما ازدادت فنافلة‪ ،‬أي زائدة في‬
‫السنة‬
‫)‬
‫ض َ‬
‫إلا ّ بَعْد َ ثَلاث َة ِ أي ّا ٍم( أي لا تطلب طلبا مؤكدا إلا بعدها أو لا تجب بحسب المروءة‬ ‫تج ِبُ عِيَادَة ُ المر ي ِ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لا َ‬
‫والعرف إلا بعدها كما في الإحياء‪.‬‬
‫ث ف َوَاقُ ن َاقَة ٍ« وفي حديث الديلمي عن ابن عمر عيادة المر يض أعظم‬
‫ض بَعْد َ ثَلا َ ٍ‬
‫وروي أنه قال عليه الصلاة والسلام‪» :‬عِيَادَة ُ المَرِ ي ِ‬
‫أجرا من اتباع الجنازة‪ ،‬أي لأن فيها جبر خاطر المر يض وأهله‪.‬‬
‫ْت المر يض م َع َه و َي َ ْدخ ُلُونَ‬
‫يخ ْرُجُونَ م ِنْ بَي ِ‬
‫سب ْع ُونَ م َلَكا يَسْتَغْف ِر ُونَ لَه ُ‪ ،‬و َ َ‬
‫ج م َع َه ُ َ‬
‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬م َنْ عَاد َ مَر ِيضا صَالحا خَر َ َ‬
‫إلى بَي ْتِه ِ( وفي الإحياء عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم من عاد مريضا قعد في مخارف الجنة حتى إذا قام وكل به سبعون ألف ملك يصلون‬
‫عليه حتى الليل‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٠‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫)وقال عليه السلام‪ :‬م َنْ عَاد َ م َريضا ل َ ْم ي َز َلْ في خ ُرفَة ِ الج َنَ ّة ِ( بضم الخاء المعجمة وتفتح والراء ساكنة‪ ،‬أي فيما يخـترف من التمر شبه ما‬
‫يحوزه العائد من الثواب بما يحوزه المخترف من الثمر‪ .‬وقيل‪ :‬المراد بالخرفة هنا الطر يق‪ .‬رواه مسلم عن ثوبان مولى المصطفى صلى الل ّٰه‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫س عِنْدَه ُ( أي المر يض )انْغَم َس ف ِيها( أي تلك‬
‫ُوض( أي يمشي )في رَحْمَة ِ الل ّٰه تَعالى فإذا ج َل َ َ‬
‫ض يَخ ُ‬
‫)وقال عليه السلام‪ :‬عَائِد ُ المَر ي ِ‬
‫الرحمة‪ ،‬وفي رواية للإمام أحمد والطبراني عائد المر يض يخوض في الرحمة‪ ،‬فإذا جلس عنده غمرته الرحمة‬
‫ش ُ ّد( أي أكثر ألما )عَلَيْه ِ م ِنْ م َرَ ِ‬
‫ضه ِ( وفي حديث صحيح للديلمي عن أبي أمامة الباهلي إذا‬ ‫ض أَ َ‬
‫)وقال عليه السلام‪ :‬عَدَم ُ عِيَادَة ِ المَر ي ِ‬
‫عاد أحدكم مريضا فلا يأكل عنده شيئا فإنه حظه من عيادته‪ ،‬أي فيكره للعائد أكل شيء عند المر يض‪ ،‬فإن أكل عنده فلا ثواب له‬
‫في العبادة قال المناوي‪ :‬و يظهر أن مثل الأكل شرب نحو السكر‪ ،‬فهو محبط لثواب العيادة كذا في السراج المنير‬
‫)‬
‫وقال عليه السلام‪ :‬الع ِيَادَة ُ ف َوَاقُ ن َاقَة ٍ( رواه البيهقي عن أنس بن مالك‪ ،‬أي زمان عيادة المر يض قدر فواق ناقة‪ ،‬وهو ما بين الحلبتين‬
‫والفواق بضم الفاء وفتحها الزمان الذي بين الحلبتين‪ ،‬لأن الناقة تحلب‪ ،‬ثم تترك سو يعة يرضعها الفصيل لتدر وتحلب‪ .‬وفي رواية للديلمي‬
‫عن جابر أفضل العيادة أجرا سرعة القيام من عند المر يض‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪ ،‬أي أفضل ز يارة المر يض أن يكون قعود العائد‬
‫عنده فواق ناقة‪ ،‬لأنه قد يبدو للمر يض حاجة‪ ،‬وهذا في غير متعهده ومن يأنس به كذا في السراج المنير‪ .‬وقال طاوس‪ :‬أفضل العيادة‬
‫أخفها‪.‬‬
‫تح َِي ّت ِكم بَي ْنَك ُم المُصَافَحَة ُ(‬ ‫ض َع أَ حَد ُك ُ ْم يَدَه ُ عَلَى و َجْ هِه ِ أَ ْو عَلَى يَدِه ِ فَيَسْأَ لُه َ‬
‫كي َْف ه ُو َ و َتَمام ُ َ‬ ‫ض أَ ْن ي َ َ‬
‫)وقال عليه السلام‪ :‬وَم ِنْ تَمَا ِم عِيَادَة ِ المَر ي ِ‬
‫أي عند الملاقاة بعد السلام رواه أحمد والطبراني عن أبي أمامة بإسناد ضعيف‪ ،‬وهذا تمام الحديث الذي أوله عائد المر يض يخوض في‬
‫ك عَد ُوا‬
‫ف عَبْدَك َ يَنْك َأ ل َ َ‬
‫م اشْ ِ‬ ‫الرحمة‪ ،‬وفي حديث صحيح في رواية الحاكم عن ابن عمرو بن العاص‪ :‬إذا عَاد َ أَ حَد ُك ُ ْم مَر ِيضا فَل ْيَق ُلْ ‪َ :‬‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫ك إلى صَلاَة ٍ‪ ،‬وفي رواية إلى جَنَازَة ٍ‪ ،‬أي إذا زار مسلما في مرضه فليقل في دعائه له ندبا‪ :‬اللهم اشف عبدك إلى آخره‪ .‬قوله‪:‬‬
‫أَ ْو يَم ْشي ل َ َ‬
‫ينكأ بفتح المثناة التحتية وسكون النون وفتح الكاف وبالهمزة وتركه‪ ،‬أي يجرح و يؤلم من النكاية بكسر النون‪ ،‬وهي القتل والإثخان‬
‫وقوله عدوا‪ ،‬أي من الـكفار أما إذا عاد كافرا فلا يمكن الدعاء له بذلك‪ ،‬وإن جازت عيادته‪.‬‬
‫}الباب السابع والثلاثون‪ :‬في فضيلة ذكر الموت{‬
‫قال الغزالي‪ :‬الناس إما منهمك أو تائب‪ ،‬وإما مبتدىء أو عارف‪ ،‬أما المنهمك فلا يذكر الموت‪ ،‬وإن ذكره فيذكره للتأسف على دنياه‪،‬‬
‫ويشتغل بمذمته‪ ،‬وهذه تزيد ذكر الموت من الل ّٰه بعدا‪ .‬وأما التائب‪ ،‬فإنه يكثر من ذكر الموت لينبعث به من قلبه الخوف والخشية‪ ،‬فيفي‬
‫بتمام التوبة وربما يكره الموت خيفة من أن يختطفه قبل تمام التوبة وقبل إصلاح الزاد‪ ،‬وهو معذور في كراهة الموت‪ ،‬ولا يدخل هذا‬
‫تحت قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم‪» :‬م َنْ كَرِه َ لِق َاء َ الل ّٰه كَرِه َ الل ّٰه لِق َاءُه« فإن هذا ليس يكره الموت ولقاء الل ّٰه‪ ،‬وإنما يخاف فوت لقاء الل ّٰه‬
‫لتقصيره ونقصه‪ ،‬وهو كالذي يتأخر عن لقاء الحبيب مشتغلا ًبالاستعداد للقائه على وجه يرضاه فلا يعد كارها للقائه وعلامة هذا أن‬
‫يكون دائم الاستعداد له لا شغل له سواه وإلا التحق بالمنهمك في الدنيا‪ .‬وأما العارف‪ ،‬فإنه يذكر الموت دائما‪ ،‬لأنه موعد للقائه لحبيبه‪،‬‬
‫والمحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب‪ ،‬وهذا في غالب الأمر يستبطىء مجيء الموت ليتخلص من دار العاصين‪ ،‬وينتقل إلى جوار رب‬
‫العالمين‪ ،‬فالتائب معذور في كراهة الموت‪ ،‬وهذا معذور في حب الموت وتمنيه وأعلى منهما رتبة من فوض أمره إلى الل ّٰه تعالى‪ ،‬فصار‬
‫لا يختار لنفسه موتا ولا حياة‪ ،‬بل يكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه‪ ،‬فهذا قد انتهى بفرط الحب إلى مقام التسليم والرضا‪ ،‬وهو‬
‫المنتهى وعلى كل حال ففي ذكر الموت ثواب وفضل فإن المنهمك أيضا يستفيد بذكر الموت التجافي عن الدنيا إذ يكدر عليه صفو لذته‬
‫وكل ما يكدر على الإنسان اللذات والشهوات‪ ،‬فهو من أسباب النجاة‬
‫بيب( وهو‬
‫ل الحبَِيبَ ( أي المؤمن صدقا والمسلم حقا الذي سلم المسلمون من لسانه ويده )إلى الح َ ِ‬
‫جسْر ٌ يُوص ُ‬
‫)وقال عليه السلام‪ :‬المَو ْتُ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦١‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫الل ّٰه تعالى‪ ،‬وفي رواية لأبي نعيم والبيهقي عن أنس بإسناد حسن‪ .‬الموت كفارة لكل مسلم‪ ،‬أي لما يلقاه من الآلام والأوجاع التي لم‬
‫يقع له ما يقرب منها من قبل‬
‫)‬
‫وقال عليه السلام‪ :‬المَو ْتُ أَ رْب َ ٌع مَو ْتُ الع ُلَمَاء ِ وَمَو ْتُ الأَ غْن ِيَاء ِ وَمَو ْتُ الفُق َرَاء ِ وَمَو ْتُ ال ُأم َرَاء ِ فَمَو ْتُ الع ُلَمَاء ِ ثُلم َة ٌ( أي انكسار )في الد ِّينِ(‬
‫وفي لفظ فتنة )وَمَو ْتُ الأَ غْن ِيَاء ِ حَسَرَة ٌ( بفتح الحاء المهملة والسين‪ ،‬أي أشد الحزن على الشيء الغائب )وَمَو ْتُ الفُق َرَاء ِ ر َاح َة ٌ وَمَو ْتُ‬
‫ال ُأم َرَاء ِ فِت ْن َة ٌ( وفي لفظ نكبة‪ ،‬أي مصيبة أو انكسار‬
‫خر َى( وقال أبو علي الروذباري رضي الل ّٰه عنه‪ :‬مات‬‫ن أَ وْلِيَاء َ الل ّٰه لا يَمُوتُونَ وإنّما يَن ْتَق ِلُون م ِنْ د َا ٍر إلاى د َا ٍر ُأ ْ‬
‫)وقال عليه السلام‪ :‬إ َ ّ‬
‫عندنا فقير غريب‪ ،‬فغسلته وصلينا عليه‪ ،‬ووضعته في لحده‪ ،‬فكشفت عن وجهه ليصيبه التراب‪ ،‬ففتح عينيه وقال‪ :‬يا أبا علي أتذللني‬
‫بين يدي من ذللني؟ فقلت‪ :‬يا سيدي أحياة بعد موت؟ قال‪ :‬أنا حي وكل محب لل ّٰه حي لأنصرنك غدا بجاهي يا روذباري كذا في‬
‫تحفة الإخوان للشيخ أحمد الفشني‬
‫ن( وفي رواية لأحمد والبيهقي عن عائشة بإسناد ضعيف موت الفجاءة راحة للمؤمن وأخذة‬
‫)وقال عليه السلام‪ :‬نَع َ ْم المَو ْتُ ر َاح َة ُ المُؤْم ِ ِ‬
‫أسف للفاجر‪.‬‬
‫قوله‪ :‬الفجاءة بفاء مضمومة مع المد أو مفتوحة مع القصر‪ ،‬أي البغتة‪ .‬قوله‪ :‬أسف بفتح السين‪ ،‬أي غضب وبكسرها ومد الهمزة‪،‬‬
‫أي غضبان‪ ،‬قوله‪ :‬للمؤمن أي المتأهب للموت المراقب له‪ .‬قوله‪ :‬للفاجر‪ ،‬أي للكافر والفاسق غير المتأهب للموت‪ ،‬فموت الفجاءة من‬
‫آثارِ غضب الل ّٰه‪ ،‬فإنه لم يتركه ليتوب ويستعد للآخرة‪ ،‬ولم يمرضه ليكون كفارة‬
‫)‬
‫وقال عليه السلام‪ :‬مَو ْتُ الع ُلَمَاء ِ ظُل ْم َة ٌ( وفي لفظ ثلمة )في الد ِّي ِن وقال عليه السلام‪ :‬إذ َا م َاتَ اب ْ َ‬
‫ن آدَم َ( وفي رواية إذا مات الإنسان‬
‫صد َق َة ج َارِ يَة( أي متصلة‬
‫ث( فإن ثوابها لا ينقطع‪ ،‬بل هو دائم متصل النفع ) َ‬
‫)انْقَطَ َع ع َمَلُه ُ( أي فائدة عمله وتجديد ثوابه )إلا ّ م ِنْ ثَلا َ ٍ‬
‫كوقف وفي رواية صدقة دائرة )أَ ْو عِل ْم يَن ْت َف ُع بِه ِ( كتعليم وتصنيف‪ .‬قال التاج السبكي والتصنيف أقوى لطول بقائه على ممر الزمان‬
‫)أَ ْو وَلَد صَالِ ح( أي مسلم يدعو له‪ ،‬لأنه السبب في وجوده وفائدة تقييد الدعاء بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه تحر يض الولد على الدعاء‬
‫لأصله رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة وورد في أحاديث أخر ز يادة على الثلاثة وفتشها السيوطي‪،‬‬
‫س‬
‫ل وَغ َْر ُ‬
‫نج ْ ٍ‬
‫ل غَيْر ِ عَشْر ِ عُلُوم ٌ بَثّهَا وَد ُعَاء ُ َ‬
‫يج ْري عَلَيْه ِ م ِنْ فِع َا ٍ‬
‫ْس َ‬
‫ن آدَم َ لَي َ‬
‫فبلغت أحد عشر ونظمها في قوله من بحر الوافر‪ :‬إذا م َاتَ اب ْ ُ‬

‫ن‬
‫ل ذِكْر ِ و َتَعْل ِيم ٌ لِق ُرآ ٍ‬
‫مح َ ّ ِ‬
‫ِيب بَنَاه ي َأْ وي إلَيْه ِ أَ ْو بنَِاء ُ َ‬
‫ْت لِلْغَر ِ‬
‫جر َاء ُ نَهْرِ و َبَي ٌ‬
‫حفْر ُالبِئْر ِ أَ ْو إ ْ‬
‫َاط ثَغْرٍ و َ َ‬
‫َف وَرِب ُ‬
‫تج ْري وِر َاثَة ُ م ُصْ ح ٍ‬ ‫ل َ‬
‫والصّ د َقَاتُ َ‬ ‫َ‬
‫الن ّخْ ِ‬
‫ِيث بِ حَصْر ِ‬
‫ك َري ٍم فَخُذْه َا م ِنْ أَ ح َاد ٍ‬
‫ل الل ّٰه وما هاذم اللذات قال(‬ ‫)وقال عليه السلام‪ :‬ا ْذك ُر ُوا ه َاذِم َ َالل ّ َذ ّ ِ‬
‫ات( بالذال المعجمة أي قاطعها )قالوا( أي الأصحاب )يا رَسُو ُ‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم )المَو ْتُ المَو ْتُ المَو ْتُ ثَلاَثا( أي قال هذه الكلمة التي هي الموت ثلاث مرات‪ .‬وفي رواية لابن أبي الدنيا عن أنس‬
‫بإسناد ضعيف أكثروا ذكر الموت‪ ،‬فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا فإن ذكرتموه عند الغنى بكسر الغين وفتح النون هدمه بالدال‬
‫المهملة أي أزاله‪ ،‬وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشتكم‬
‫)‬
‫ل( شبه الناسك السالك بالغريب الذي ليس له مسكن‬
‫ك غَر ِيبٌ أَ وْ( أي بل )عَاب ِر سَب ِي ٍ‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬كُنْ في ال ُد ّن ْيا َ‬
‫كأن ّ َ‬
‫يأو يه‪ ،‬ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر السبيل‪ ،‬لأن الغريب قد يسكن في بلد الغربة بخلاف عابر سبيل‪ ،‬وهذا الحديث أصل في الحث‬
‫على الفراغ عن الدنيا والزهد فيها والاحتقار لها والقناعة فيها بالبلغة‪ .‬وقال النووي‪ :‬معنى هذا الحديث لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها‬
‫وطنا ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها ولا ٺتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه وأول الحديث عن عبد الل ّٰه بن عمر قال‪ :‬أخذ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٢‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ل الق ُب ُورِ( استمر سائرا وعد نفسك من‬ ‫رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم بمنكبي وقال‪» :‬كُنْ فِي ال ُد ّن ْيَا« إلى آخره )و َع ُ َ ّد ن َ ْفسَ َ‬
‫ك م ِنْ أَ ه ْ ِ‬
‫الأموات رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر‪ ،‬وكذا البخاري إلا أنه ما روى هذه الجملة الأخيرة‬
‫سب ْع ِينَ يَو ْما وقال عليه الصلاة‬
‫َواات والأَ ْرضِ( أي غير الآدميين ) َ‬
‫سم ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫َت عَلَيْه ِ أَ ه ْ ُ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إذا م َاتَ الع َالِم ُ بَك ْ‬
‫ق قالها ثلاث مرات(‪.‬‬ ‫ق م ُنَاف ِ ٌ‬ ‫ْت الع َالِمِ‪ ،‬فَه ُو َ م ُنَاف ِ ٌ‬
‫ق م ُنَاف ِ ٌ‬ ‫والسلام‪ :‬م َنْ ل َ ْم َ‬
‫يح ْز َ ْن لم َِو ِ‬
‫ل المَلائ َِك َة ُ( أي يقول بعضهم لبعض استفهاما‪ ،‬والمراد الملائكة الذين يمشون أمام‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إذا م َاتَ المَي ِّتُ تَق ُو ُ‬
‫اس م َا خ ََل ّ َ‬
‫ف( بتشديد اللام‪ ،‬أي ما ترك‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫الجنازة )ما ق َ ّدم َ( بتشديد الدال‪ ،‬أي من العمل أهو صالح فنستغفر له أم غيره )و َيَق ُو ُ‬
‫لورثته فالملائكة ليس اهتمامهم إلا بالأعمال والآدميون إلا بالمال رواه البيهقي عن أبي هريرة‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪.‬‬
‫}الباب الثامن والثلاثون‪ :‬في فضيلة ذكر القبر وأهواله{‬
‫قال بعضهم‪ :‬رأيت عاصما في منامي بعد موته بسنتين فقلت‪ :‬أليس ق َ ّد مت؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قلت‪ :‬فأين أنت؟ قال‪ :‬أنا والل ّٰه في روضة‬
‫من ر ياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الل ّٰه المزني‪ ،‬فتبلغنا أخباركم‪ .‬فقلت‪ :‬أجسامكم أم‬
‫أرواحكم؟ قال‪ :‬هيهات بليت الأجسام‪ ،‬وإنما ٺتلاقى الأرواح‪ .‬فقلت‪ :‬هل تعلمون بز يارتنا إياكم؟ قال‪ :‬نعلم بها عشية الجمعة‪ ،‬و يوم الجمعة‬
‫كله و يوم السبت إلى طلوع الشمس‪ .‬قلت‪ :‬فكيف ذلك دون الأيام كلها؟ قال‪ :‬لفضل يوم الجمعة وعظمه كذا في تحفة الإخوان‪.‬‬
‫حفَرِ َ‬
‫الن ّارِ( فالحفر بضم الحاء‬ ‫ض الج َنَ ّة ِ أو ُ‬
‫حفْرَة ٌ( بسكون الفاء وبالتاء )م ِنْ ُ‬ ‫)قال النبي عليه الصلاة والسلام‪ :‬القَب ْر ُ ر َ ْوضَة ٌ م ِنْ رِي َا ِ‬
‫وفتح الفاء و بحذف التاء في الآخر‪ ،‬وهو جمع مثل غرفة وغرف‬
‫سب ْع ِينَ ذِر َاعا و َيُض ِيء ُ ح ََت ّى يَكُونَ كالقَمَرِ لَيْلَة َ الب َ ْدرِ(‬
‫خضْر َاء َ و َيُو ََسّ ُع لَه ُ قَب ْرُه ُ َ‬
‫ضة ٍ َ‬
‫ن في قَبْرِه ِ فِي ر َ ْو َ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬المُؤْم ِ ُ‬
‫وفي الإحياء قال مالك بن أنس‪ :‬بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت‬
‫ْش في ال ُد ّن ْيَا فَتَع َ َو ّذوا( أي استعينوا )بالل ّٰه الـكَر ِيمِ(‬
‫كي َْف عَذ َابُ القَبْر ِ م َا نَفَعَه ُم العَي ُ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لَو ْ أ َ ّ‬
‫ن بَنِي آدَم َ عَل ِم ُوا َ‬
‫ِيم( أي الثقيل وفي حديث حسن للحاكم عن أبي ذر لو تعلمون ما أعلم لضحكتم‬
‫َاب القَبْر ِ الوَخ ِ‬
‫أي الذي يعطي النوال قبل السؤال )م ِنْ عَذ ِ‬
‫قليلا ً ولبكيتم كثيرا‪ ،‬ولما ساغ لـكم الطعام والشراب‪ ،‬وعن الحسن البصري قال‪ :‬من علم أن الموت مورده والقيامة موعده والوقوف‬
‫بين يدي الل ّٰه تعالى مشهده‪ ،‬فحقه أن يطول في الدنيا حزنه‬
‫)‬
‫ل( أي إنسان ذكرا كان أو أنثى )ك َانَ يَعْرِف ُه ُ في ال ُد ّن ْيَا فَيُسَل ِ ّم ُ عَلَيْه ِ إلا عرف َه ُ ور َدّ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َا م ِنْ عَبْدٍ يَم ُ َر ّ بِقَبْر ِ رَج ُ ٍ‬
‫عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلام َ( رواه الخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة قال العزيزي ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض بدنه‪.‬‬
‫قال المناوي قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم كان يعرفه يفهم منه أنه إذا لم يعرفه لا يرد‪ ،‬وهو غير مراد‪ .‬فقد أخرج ابن أبي الدنيا‪ ،‬وزاد في‬
‫روايته وإن لم يعرفه رد عليه السلام اهـ‪.‬‬
‫)‬
‫ل الق ُب ُورِ ي َا غَافِلُ( أي عن عبادة الل ّٰه تعالى )لَو ْ‬
‫ل لَه ُ أَ ه ْ ُ‬
‫سل ِ ٍم م َ َّر بِقَبْرٍ م ِنْ مَق َابِر ِ المُسْل ِمِينَ إلا ّ قَا َ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َا م ِنْ م ُ ْ‬

‫ن إذا وُضِـ َع في القَبْر ِ و َ ُأق ْعِد َ و َقَا َ‬


‫ل‬ ‫ك وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إ َ ّ‬
‫ن العَبْد َ المُؤْم ِ َ‬ ‫ك عَلَى بَد َن ِ َ‬
‫جسَدِك َ وَدَم ُ َ‬
‫ك عَلَى َ‬
‫عَلِم ْتَ م َا نَعْلَم ُ لَذ َابَ لَحْم ُ َ‬
‫ك اسْم َعْ م َا يَق ُولُونَ أَ ن ْتَ‬ ‫أه ْلُه ُ وأَ قْرِب َاؤُه ُ وأَ ح َِب ّاؤُه ُ و َأَ ب ْنَاؤ ُه و َاسَيِّد َاه ُ( فوا حرف نداء وندبة والهاء للوقف )وا ش َر يف َاه ُ وا أم ِير َاه ُ قَا َ‬
‫ل لَه ُ المل ُ‬
‫تخ ْتَل ُِف بها أَ ضْ لاَع ُه( وفي رواية لأحمد وأبي داود‬ ‫ل المَي ِّتُ ‪ :‬يا ليتَه ُ ْم ل َ ْم يَكُونُوا فَي َضْ غَط ُه ُ َ‬
‫ضغْطَة ً َ‬ ‫كن ْتَ سَي ِّدا و َأَ ن ْتَ شَر ِيفا و َأَ ن ْتَ أميرا قَا َ‬
‫ُ‬
‫صحَابُ‬
‫والشيخين والنسائي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم دخل نخلا ً لبني النجار‪ ،‬فسمع صوتا‪ ،‬ففزع فقال‪» :‬م َنْ أَ ْ‬
‫هاذِه ِ الق ُب ُورِ«؟ فقالوا‪ :‬يا رسول الل ّٰه ناس ماتوا في الجاهلية‪ .‬فقال‪ :‬نعوذ بالل ّٰه من عذاب القبر‪ ،‬ومن فتنة الدجال‪ .‬قالوا‪ :‬وما ذاك يا‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٣‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫رسول الل ّٰه؟ قال‪ :‬إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان‪ ،‬فيقعدانه فيقولان له‪ :‬ما كنت‬
‫تقول في هذا الرجل لمحمد؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الل ّٰه ورسوله‪ ،‬فيقال انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الل ّٰه به مقعدا من‬
‫الجنة فيراهما جميعا‪ ،‬و يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون‪ .‬وأما الكافر أو المنافق فيقال له‪ :‬ما كنت تقول‬
‫في هذا الرجل؟ فيقول‪ :‬لا أدري كنت أقول ما يقول الناس‪.‬‬
‫فيقال له‪ :‬لا دريت ولا تليت‪ ،‬ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه‪ ،‬فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين‪ ،‬و يضيق عليه‬
‫قبره حتى تختلف أضلاعه قوله لمحمد‪ ،‬أي في محمد أي إن قول هذا الرجل في حق محمد‪ ،‬ومعنى هذا الرجل‪ ،‬أي الحاضر ذهنا عبر بذلك‬
‫لا بنحو هذا النبي امتحانا للمسؤول لئلا يلقن منه‪.‬‬
‫قوله أو المنافق شك من الراوي أي أن أو بمعنى الواو‪ .‬والمنافق هو الذي أظهر الإسلام وأخفى الـكفر‪ .‬قوله‪ :‬ولا تليت بمثناة مفتوحة‬
‫بعدها لام مفتوحة وتحتانية ساكنة‪ ،‬أي لا قرأت القرآن أو المعنى لا اتبعت من يدري‬
‫ن يَصِ يحُ‪.‬‬
‫ق الن ِّيرا ِ‬ ‫ن ف َصِ ٍ‬
‫يح غدا بَيْنَ أَ طْ بَا ِ‬ ‫نص ٍ‬
‫حيح و َلِسَا ٍ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬قال اللٰه تَع َالى يا ع ِيسى ك َ ْم م ِنْ وَجْه ٍ ص ٍ‬
‫َبيح و َبَد َ ٍ‬ ‫ّ‬
‫ل ال ُد ّن ْيا( وكان عثمان بن عفان رضي الل ّٰه عنه إذا‬
‫ل م ِنْ م َنَازِ ِ‬
‫خر ُ مَنْز ِ ٍ‬
‫خرَة ِ وآ ِ‬
‫ل الآ ِ‬
‫ل م ِنْ م َنَازِ ِ‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬القَب ْر ُ أ َ ّو ُ‬
‫ل مَنْز ِ ٍ‬
‫وقع على قبر بكى ما لا يبكيه عند ذكر الجنة والنار‪ ،‬فقيل له في ذلك فقال سمعت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول‪» :‬القَب ْر ُ أَ َ ّو ُ‬
‫ل‬
‫خرَة ِ‪ ،‬فَإ ْن نَجَا العَبْد ُ مِن ْه ُ فَمَا بَعْدَه ُ أَ ي ْسَر ُ مِن ْه ُ«‬
‫ل الآ ِ‬
‫م َنَازِ ِ‬
‫)‬
‫ن ال ُن ّز ُولِ‪ .‬وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إذا م َاتَ أَ حَد ُك ُ ْم عُر َ‬
‫ِض عَلَيْه ِ م َ ْقعَدُه ُ أي‬ ‫ل لا َب ُ َ ّد ف ِيه ِ م ِ َ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬القَب ْر ُ مَنْز ِ ٌ‬
‫ل الج َنَ ّة ِ(‬
‫ل الج َنَ ّة ِ فمَ ِنْ أَ ه ْ ِ‬
‫ي( أي وقتهما )إ ْن ك َانَ م ِنْ أه ْ ِ‬
‫محل قعوده من الجنة أو النار بأن تعاد الروح إلى بدنه أو بعضه )بالغَد َاة ِ والعَش ِ ِ ّ‬
‫ل َ‬
‫الن ّارِ( أي فمقعده من مقاعد أهل النار فليس الجزاء والشرط‬ ‫ل َ‬
‫الن ّارِ فمَ ِنْ أَ ه ْ ِ‬ ‫أي فمقعده من مقاعد أهل الجنة )وإ ْن كانَ م ِنْ أه ْ ِ‬
‫متحدين معنى بل لفظا )يُق َالُ( أي له من قبل الل ّٰه تعالى )هذا م َ ْقعَدُك َ ح ََت ّى يَب ْع َث َ َ‬
‫ك الل ّٰه إلَيْه ِ( أي إلى ذلك المقعد )يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( أي لا‬
‫تصل إليه إلا بعد البعث‪ ،‬وهذا واضح في حق المؤمن الخالص والكافر‪ ،‬وكذا المؤمن الذي يخلط عمله بذنب فيرى مقعده في الجنة فيقال‬
‫له‪ :‬هذا مقعدك‪ ،‬وستصير إليه بعد مجازاتك بالعقوبة على ما تستحق رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫}الباب التاسع والثلاثون‪ :‬في منع النياحة على الميت{‬
‫وفي بعض النسخ تقديم هذا الباب على الباب الذي قبله قال النووي في الأذكار‪ :‬واعلم أن النياحة رفع الصوت بالندب‪ ،‬والندب تعديد‬
‫النادبة بصوتها محاسن الميت‪ .‬وقيل‪ :‬هو البكاء عليه مع تعديد محاسنه‪ .‬قال أصحابنا و يحرم رفع الصوت بإفراط البكاء‪ ،‬وأما البكاء على‬
‫الميت من غير ندب ولا نياحة فليس بحرام انتهى‪.‬‬
‫)‬
‫ل الجا َه ِل َِي ّة ِ( وفي رواية لابن ماجه النياحة من أمر الجاهلية‪ ،‬وإن النائحة إذا ماتت‬
‫ل م ِنْ أعْمَا ِ‬
‫قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬الن ِّيَاح َة ُ ع َم َ ٌ‬
‫ولم ٺتب قطع الل ّٰه لها ثيابا من قطران ودرعا من لهب النار‪ .‬قال ابن حجر‪ :‬فيحرم الندب وهو تعديد محاسن الميت كوا جبلاه‪ ،‬والنوح‬
‫وهو رفع الصوت بالندب ومثله إفراط رفعه بالبكاء‪ ،‬وإن لم يقترن بندب ولا نوح وضرب نحو الخد وشق نحو الجيب ونشر الشعر وحلقه‬
‫ونتفه‪ ،‬وتسويد الوجه وإلقاء الرماد على الرأس‪ ،‬والدعاء بالو يل والثبور أي الهلاك وكل شيء فيه تغيير للزي‪ ،‬كلبس ما لايعتاد لبسه‬
‫أصلاً‪ ،‬وكترك شيء من لباسه والخروج بدونه على خلاف العادة‪.‬‬
‫تج ِيء َ‬
‫الن ّائِ ح َة ُ يَوْم َ الق ِيَامة ِ(‬ ‫س أَ جْم َع ِينَ‪ .‬وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪َ :‬‬ ‫ل الن ِّيَاح َة عَدُو ٌ لل ّٰه والمَلائ َِكَة ِ َ‬
‫والن ّا ِ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ فَع َ َ‬
‫ح كَنَب ِْح الك َل ِ‬
‫ْب( وهذا يدل على أن النوح من الكبائر‪ .‬وفي حديث ضعيف لابن عساكر عن أبي هريرة‪ :‬تجعل النوائح‪،‬‬ ‫أي الوقف )تَن ْب َ ُ‬
‫أي من النساء يوم القيامة صفين‪ :‬صف عن يمينهم وصف عن يسارهم أي أهل النار فينبحن على أهل النار كما تنبح الكلاب‪.‬‬
‫)‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٤‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫شعْثَاءَ( أي متلبدا شعرها وسخا جسدها )غَبْر َاءَ( أي كثيرة‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬تَجيء َ‬
‫الن ّائِ ح َة ُ يَوْم َ الق ِيَامَة ِ( أي إلى الموقف ) َ‬ ‫ُ‬
‫ل و َا و َي ْلاَه ُ( فوا حرف نداء وندبة و يلاه‬
‫ض ُع يَد َه َا عَلَى ر َأْ سِها و َتَق ُو ُ‬
‫اب( أي ملحفة )م ِنْ ن َا ٍر و َت َ َ‬
‫الغبار في بدنها )عَلَيْهَا( أي النائحة )جِل ْب َ ٌ‬
‫منادى مندوب به والألف للندبة والهاء للاستراحة‪ ،‬ومعنى النداء يا هلاكي أقبل و يا حزني أقبل و يا عذابي احضر فهذا وقتك‪ ،‬ولأنها‬
‫نادت الو يل أن يحضرها لما عرض لها من الأمر الفظيع‪ ،‬وفي حديث الإمام أحمد ومسلم عن أبي مالك الأشعري‪ :‬النائحة إذا لم‬
‫ٺتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب‪ ،‬والسربال قميص وكذا الدرع والقطران بفتح فكسر نحاس‬
‫مذاب‪ ،‬أو ما تداوى به الإبل‪ ،‬والمعنى أنه يصير جلدها أجرب حتى يكون الجرب كقميص على بدنها‪ ،‬وسر ذلك أن الأجرب سر يع‬
‫الألم لتقرح جلده والقطران يقوي اشتعال النار‬
‫ن الل ّٰه َ‬
‫الن ّائِ ح َة َ( أي الرافعة صوتها بالندب و يقال لها الصالقة أيضا )والمُسْتَمِع َة َ( أي لنوحها )والحِالِق َة َ(‬ ‫)وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لَع َ َ‬
‫ش َاق ّة َ( أي لجيب قميصها )وال َ ّ‬
‫سالِغ َة َ( بالغين المعجمة أي الخادشة لوجهها )والوَاشِم َة َ(‬ ‫أي لرأسها عند المصيبة )والخا َرِق َة َ( أي لثوبها )وال َ ّ‬
‫أي التي تشم غيرها )والمُسْتَوْشِم َة َ( أي التي تطلب الوشمة )وال َ ّ‬
‫سلْطَاءَ( أي الصائحة )والمَرْطَاءَ( أي التي تنتف شعرها عند المصيبة‪ ،‬وفي‬
‫خبر الشيخين عن عمر بن الخطاب أن الميت ليعذب ببكاء الحي‪ ،‬أي بكاء مذموما بأن اقترن بنحو ندب أو نوح لا بمجرد دمع العين‪،‬‬
‫ومحل ذلك التعذيب إذا أوصاهم بفعل البكاء المذموم كما هو عادة الجاهلية كقول طرفة لزوجته من بحر الطو يل‪ :‬إذا م ُ ّ‬
‫ُت ف َأنْعَيْنِي بِمَا‬
‫ش ّقِي عَل َيّ الجيَ ْبَ ي َا اب ْن َة َ مَعْبَدِ‬
‫أَ ن َا أَ ه ْلُه ُ و َ ُ‬
‫)‬
‫ح عِنْد َ المُصِ يبَة ِ كُت ِبَ اسْم ُه ُ في ديوان المُنَاف ِقينَ( وفي الزواجر قال أصحابنا وغيرهم ويتأكد لمن ابتلي‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ ن َا َ‬
‫بمصيبة بميت‪ ،‬أو في نفسه أو أهله أو ماله‪ ،‬وإن خفت أن يكثر من قول إنا لل ّٰه وإنا إليه راجعون أأجرني في مصيبتي‪ ،‬واخلف لي خيرا‬
‫منها لخـبر مسلم‪ ،‬إن من قال ذلك آجره الل ّٰه وأخلف له خيرا منها‪ ،‬ولأنه تعالى وعد من قال ذلك بأن عليهم صلوات من ربهم ورحمة‪،‬‬
‫وأنهم المهتدون أي للترجيح أو للجنة والثواب‬
‫ن في ال ُد ّن ْيا و َالآ ِ‬
‫خرَة ِ م ِْزم َار ٌ عِنْد َ نِعْمَة ٍ( أي زمر بالمزمار عند حادث سرور )وَر ََن ّة ٌ( بتشديد‬ ‫ن م َل ْع ُون َا ِ‬
‫صو ْت َا ِ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪َ :‬‬
‫جي ْبَا( وهو ما ينفتح‬
‫النون أي صيحة )عِنْد َ م ُصِ يبَة ٍ( رواه البزار عن أنس بإسناد صحيح )وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َنْ خَر َقَ بيَِدِه ِ َ‬
‫ح عِنْد َ المُصِ يبَة ِ كانَ عَاصِيا لل ّٰه وَرَسُولِه ِ(‬
‫من القميص على الصدر )أَ ْو خَد ََش خَدّا( أي جرحه بالأظفار )أَ ْو ضَر َبَه ُ( أي الخد )أَ ْو ن َا َ‬
‫وفي رواية ابن ماجه وابن حبان عن أبي أمامة لعن الل ّٰه الخامشة وجهها والشاقة جيبها‪ ،‬والداعية بالو يل والثبور‪ ،‬أي وذلك كقولها يا‬
‫حزني و يا هلاكي‪ ،‬فالو يل الحزن والثبور الهلاك‪.‬‬
‫شعْرَة ٍ‬
‫ل َ‬
‫شعْر َ رأسِها‪ ،‬كَت َبَ الل ّٰه لها بِك ُ ّ ِ‬
‫شعْر َ ر َأْ سِها عِنْد َ المُصِ يبَة ِ فإ ْن طَرَحَت َ‬
‫ح َ‬ ‫يح ِ ُ ّ‬
‫ل لِل ْم َرأة ِ أَ ْن تَطْر َ َ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لا َ‬
‫ح ََي ّة ً عَلَى أ ْعضَائِها يَوْم َ الق َيَامِة ِ‪ ،‬وَك َان َْت م َِم ّنْ ع َص َى الل ّٰه و َلَعَنَها الل ّٰه و َالمَلائ َِك َة ُ والأن ْب ِيَاء ُ والن ُ‬
‫ّاس أَ جْم َع ُونَ( وفي رواية للنسائي عن أبي موسى‬
‫الأشعري بإسناد صحيح‪ :‬ليس منا من سلق ولا من حلق ولا من خرق‪ ،‬أي ليس من أهل سنتنا من رفع صوته في المصيبة بالبكاء‬
‫والنوح‪ ،‬ولا من حلق شعره في المصيبة‪ ،‬ولا من خرق ثوبه جزعا‪.‬‬
‫)‬
‫ْس م َِن ّا( أي من أهل طر يقنا )م َنْ لَطَم َ الخُد ُود َ( أي عند المصيبة وخص الخد بذلك لـكونه الغالب في‬
‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬لَي َ‬
‫ذلك‪ ،‬وإلا فضرب بقية البدن داخل في ذلك كذا أفاد العزيزي )وَش ََقّ الجي ُ ُوبَ ( جمع جيب وهو ما يفتح من القميص ليدخل فيه‬
‫الرأس للبسه‪ ،‬وجمع الخدود والجيوب باعتبار إرادة الجمع للتغليظ )وَد َعَا بِدَعْو َى الجا َه ِل َِي ّة ِ( وهي زمن الفترة قبل الإسلام‪ ،‬أي نادى‬
‫بمثل ندائهم نحو واكهفاه واجبلاه واسنداه رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود‪ .‬وليس المراد بهذا‬
‫الحديث إخراج من فعل ذلك من الدين‪ ،‬ولـكن فائدة قوله ليس منا المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك كما يقول الرجل لولده‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٥‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫عند معاتبته لست منك ولست مني‪ ،‬أي ما أنت على طر يقتي‪ ،‬وفي المعنى ليس على ديننا الكامل‪ ،‬وكأن السبب في ذلك ما تضمنه‬
‫شعْرا‪ ،‬فَك َأَ َن ّما‬ ‫ذلك من عدم الرضا بالقضاء‪ .‬وروي في الحديث‪ :‬م َنْ أَ صَابَت ْه ُ م ُصِ يب َة ٌ فَخَر َقَ عَلَيْهَا ثَو ْبا أَ ْو لَطَم َ خَدّا أَ ْو ش ََقّ َ‬
‫جي ْبا أَ ْو نَت ََف َ‬
‫أَ خَذ َ ر ُمْ حا يُر ِيد أَ ْن يُحَارِبَ بِه ِ ر ََب ّه ُ انتهى‪.‬‬
‫}الباب الأربعون‪ :‬في فضيلة الصبر عند المصيبة{‬
‫وفي الحديث ما أصيب عبد بمصيبة إلا لذنب لم يغفر إلا بها‪ ،‬أو درجة لم يكن يبلغها إلا بها‪ ،‬وفي رواية ابن أبي الدنيا‪ :‬ما أصاب رجلا ً‬
‫من المسلمين نكبة فما فوقها حتى الشوكة إلا لإحدى خصلتين‪ :‬إما ليغفر الل ّٰه له من الذنوب ذنبا لم يكن يغفر له إلا بمثل ذلك أو يبلغ‬
‫به من الـكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك كذا في الزواجر‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬الصبر صبران‪ :‬فاللئام أصبر أجساماً‪ ،‬والـكرام أصبر‬
‫نفوسا‪ ،‬وليس الصبر الممدوح أن يكون صاحبه قوي الجسد على اللد والـكد‪ ،‬كما هو من صفات البهائم‪ ،‬بل أن يكون للنفس غلوبا‬
‫وللأمور محتملاً‪ ،‬والفرق بين المتصبر والصابر والصبار أن الأول هو الذي يتحمل المشاق‪ ،‬وتظهر عليه‪ ،‬وإنما يمنعه من السخط خوف‬
‫الل ّٰه‪ ،‬والثاني هو من تعود حمل المشاق‪ ،‬فلم تظهر عليه‪ ،‬والثالث هو الذي عود نفسه الهجوم على المكاره بلا كلفة في ذلك دون المرارة‬
‫كذا في الفتوحات الوهبية‪.‬‬
‫الصّ ْدمَة ِ ال ُأولَى( أي عند ابتداء المصيبة‬ ‫الن ّب ِ ُيّ عليه الصلاة والسلام‪َ :‬‬
‫الصّ ب ْر ُ( أي الكامل الذي يتفرع منه الأجر الجز يل )عِنْد َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫)قَا َ‬
‫لـكثرة المشقة فيها رواه البزار وأبو يعلى عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ .‬قال ابن حجر في معنى هذا الحديث‪ ،‬أي إنما‬
‫يحمد الصبر عند مفاجأة المصيبة‪ ،‬وأما فيما بعد فيقع السلو طبعا وفي حديث صحيح للبزار عن ابن عباس الصبر عند أول مصيبة أي‬
‫الصبر العظيم الثواب عند فورة المصيبة وابتدائها وبعد ذلك تنكسر حدة المصيبة وحرارة الرز ية‪.‬‬
‫)‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬لَو ْ ك َانَ َ‬
‫الصّ ب ْر ُ رَج ُلا ً لَك َانَ رَج ُلا ً كَر ِيما( رواه أبو نعيم عن عائشة وإسناده ضعيف‪ .‬أي لو قدر أن الصبر‬
‫رجل كان كريما‪ ،‬فكيف تتركونه‪ ،‬ولذا قال الحسن البصري الصبر كنز من كنوز الجنة لا يعطيه الل ّٰه إلا لعبد كريم عنده )وقال عليه‬
‫َب الل ّٰه عَب ْدا( أي أراد الل ّٰه له الخـير )اب ْتَلاَه ُ( أي امتحنه )ببَِلاء ٍ لا َ دَو َاء َ لَه ُ( أي من مرض أو هم أو ضيق‬
‫الصلاة والسلام‪ :‬إذ َا أَ ح َ ّ‬
‫ليطهره من الذنوب )فإ ْن صَبَر َ( أي على ذلك البلاء )اجْ تَبَاه ُ( أي اختاره )وإ ْن رَضِيَ( على ذلك وعلى المبلي )واصْ طَف َاه ُ( أي اختاره‬
‫وأحبه حبا عظيما‪.‬‬
‫كظَمها اب ْتَغ َاء وَجْه ِ الل ّٰه تَع َالى( رواه الإمام أحمد‬
‫ل عِنْد َ الل ّٰه م ِنْ جُرْعَة ِ غَي ْظٍ َ‬
‫ض ُ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬م َا َ‬
‫تَج ّرَعَ عَبْدٌ جُرْع َة ً أَ ف ْ َ‬
‫والطبراني عن عمر قال العزيزي‪ :‬أصل الجرعة الابتلاع‪ ،‬والتجرع شرب في عجلة والجرعة من الماء كاللقمة من الطعام‪ ،‬وهو ما يجرع‬
‫مرة واحدة‬
‫حفِظَه َا( أي الوصية )نَجَا( أي من العتاب )وَم َنْ ض ََي ّعَه َا‬ ‫الصّ ب ْر وَص َِي ّة ٌ م ِنْ وَصَاي َا الل ّٰه تَع َالى في أَ ْر َ‬
‫ضه ِ م َنْ َ‬ ‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪َ :‬‬
‫هَلَكَ( أي في العذاب وقال عمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه لرجل‪ :‬إن صبرت مضى أمر الل ّٰه وكنت مأجورا‪ ،‬وإن جزعت مضى أمر‬
‫الل ّٰه‪ ،‬وكنت مأزورا‪.‬‬
‫)‬
‫ْض بِقَضَائِي و َل َ ْم يَصْ بِرْ عَلَى بلائي و َل َ ْم‬ ‫ن عَلَيْهِم َا ال َ ّ‬
‫سلام ُ ي َا م ُوس َى م َنْ ل َ ْم يَر َ‬ ‫وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ْوحَى الل ّٰه تَع َالى إلى م ُوس َى ب ِن عم ْرَا ِ‬
‫ب لَه ُ ر َب ّا سِوائِي( في هذا الكلام أمر تهديد وحث على الرضا بالقضاء والصبر على‬
‫يَشْكُر ْ نَعمائي فَل ْي َخْ ر ُجْ م ِنْ بَيْنِ أَ رضي وَسَمَائِي و َل ْيَطْل ُ ْ‬
‫البلاء‪ ،‬والشكر على النعماء‪ ،‬وفي رواية للطبراني عن أبي هند الداري قال الل ّٰه تعالى‪ :‬من لم يرض بقضائي‪ ،‬ولم يصبر على بلائي‪ ،‬فليلتمس‬
‫ربا سوائي‪ .‬وفي رواية للبيهقي عن أنس قال الل ّٰه تعالى‪ :‬من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا غيري‪.‬‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪َ :‬‬
‫الصّ ب ْر ُ عِنْد َ المُصِ يبَة ِ بِتِسْعم َائة دَرَجَة ٍ( وقال ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما‪ :‬أفضل العدة الصبر عند الشدة‪،‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٦‬‬
‫‪None‬‬ ‫‪١‬‬

‫ن ال ُد ّن ْيَا وَم َا ف ِيها( وقال علي رضي الل ّٰه عنه‪ :‬الصبر مطية لا تكبو وسيف لا يلبو‪.‬‬
‫صب ْر ُ سَاعَة ٍ خَيْر ٌ م ِ َ‬
‫)وقال عليه الصلاة والسلام‪َ :‬‬
‫)‬
‫صبْر ٌ عَلَى الف َرَائِضِ( أي على فعلها وتحمل مشاقها‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪َ :‬‬
‫الصّ ب ْر ُ عَلَى أَ رْبَعَة ِ أَ ْوجُه ٍ( أي أنواعه باعتبار متعلقة أربعة ) َ‬
‫صبْر ٌ عَلَى أذ َى َ‬
‫الن ّاسِ( أي بحيث يتركه على حالة حسنة وأمر‬ ‫صبْر ٌ عَلَى المُصِ يبَة ِ( أي على حرارتها بحيث لا يتسخطها )و َ َ‬
‫حتى يؤديها )و َ‬
‫ض تَو ْف ِيقٌ( أي حصول التوفيق من الل ّٰه‬ ‫َ‬
‫)فالصّ ب ْر ُ عَلَى الف َرائ ِ ِ‬ ‫صبْر ٌ عَلَى الف َ ْقرِ( أي على ضيق المعيشة‬
‫جميل فلا يحسب لهم حسابا أصلا ً)و َ‬
‫محَب ّة ٌ( أي علامة أنه محبوب عند‬
‫س َ‬ ‫)والصّ ب ْر ُ عَلَى أذ َى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫)والصّ ب ْر ُ عَلَى المُصِ يبَة ِ م َث ُوبَة ٌ( أي سبب لحصول الثواب من الل ّٰه تعالى‬ ‫تعالى‬
‫َ‬
‫)والصّ ب ْر ُ عَلَى الف َ ْقرِ رِضَا الل ّٰه‬ ‫الل ّٰه تعالى وعند الخلق‪ ،‬ولذلك عد بعضهم أن من أفضل أنواع الصبر الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم‬
‫تَع َالى( أي دليل على أنه راض بقسمة الل ّٰه تعالى وفي الحديث‪ :‬المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي‬
‫لا يخالط الناس‪ ،‬ولا يصبر على أذاهم‪ ،‬رواه أحمد والبخاري وابن ماجه عن عمر بإسناد حسن‪.‬‬
‫)‬
‫صبْرٍ‬
‫ل ذالِكَ( أي المصيبة )ب ِ َ‬
‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬إذ َا ح َدثَ عَلى عَبْدٍ م ُصِ يب َة ٌ( أي شدة وبلاء )في بَد َنِه ِ أ ْو م َالِه ِ أو وَلَدِه ِ فاسْ تَقْب َ َ‬
‫ل اسْ ت َحْ يَا الل ّٰه يَوْم َ الق ِيَامَة ِ أَ ْن يَن ْصِ بَ لَه ُ( أي لذلك العبد )م ِيزانا أ ْو يَن ْشُر َ لَه ُ دِيوانا( فقوله استحيا جواب الشرط ومعناه ترك الل ّٰه‬
‫جَم ِي ٍ‬
‫نصب الميزان‪ ،‬ونشر الديوان ترك من يستحي أن يفعلهما‪ ،‬وفي بعض النسخ بدل هذا الحديث وروي عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ل اسْ ت َحْ يَي ْتُ يَوْم َ‬
‫صبْرٍ جَم ِي ٍ‬ ‫ل الل ّٰه تَع َالَى إذا و َ َ ّ‬
‫جهْتُ إلى عَبْدٍ م ِنْ ع َب ِيدِي م ُصِ يب َة ً في بَد َنِه ِ أَ ْو فِي وَلَدِه ِ أ ْو في م َالِه ِ فاسْ تَقْبَلَها ب ِ َ‬ ‫أنه قال‪» :‬قَا َ‬
‫الق ِيَامَة ِ أ ْن أَ ن ْصِ بَ لَه ُ م ِيزانا أ ْو أن ْشُر َ لَه ُ ديوانا« رواه الحكيم عن أنس‪ ،‬وإسناده ضعيف قيل الصبر الجميل أن يكون صاحب المصيبة في‬
‫القوم لا يدرى من هو‪ ،‬وفي حديث رواه البيهقي والقضاعي عن أنس‪ :‬أفضل العبادات انتظار الفرج من الل ّٰه‪ ،‬أي فإذا نزل بأحد بلاء‬
‫فترك الشكاية وصبر‪ ،‬وانتظر الفرج فذلك من أفضل العبادات‪ ،‬لأن الصبر في البلاء انقياد لقضاء الل ّٰه تعالى‪ .‬وقد قال الشاعر من بحر‬
‫البسيط‪:‬‬
‫ح مِنْهَا ك ُ َ ّ‬
‫ل ما ارتَتَجَا‬ ‫فالصّ ب ْر ُ يَفْت َ ُ‬ ‫ن ال ُأم ُور َ إذا انْس َ َ ّد ْ‬
‫ت مَسَالـِكُه َا َ‬ ‫إ َّ‬
‫صبْرٍ أ ْن ت َر َى ف َرَج َا‬
‫ت مُطَالَب َة ٌ إذا اسْ تَعَن ْتَ ب ِ َ‬‫لا تَي ْأَ س ََنّ وإ ْن طَال َ ْ‬
‫اب أَ ْن يلَ ِج َا‬ ‫للأب ْو َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ خْلِقْ بذي َ‬
‫ن القَر ْع َ‬ ‫يح ْظى بِ حَاجَتِه ِ وَم ُ ْدم ِ ِ‬
‫الصّ بر ِ أ ْن َ‬
‫وهذا آخر ما يسره الل ّٰه تعالى في هذا الكتاب‪ ،‬والحمد لل ّٰه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الل ّٰه‪ ،‬الحمد لل ّٰه أولا ًوآخرا وباطنا‬
‫وظاهرا يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وصلى الل ّٰه على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين‪ ،‬وإمام المرسلين وحبيب‬
‫رب العالمين صلى الل ّٰه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين‪ ،‬وأصحابه البررة الأكرمين‪ ،‬وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا‬
‫والحمد لل ّٰه رب العالمين‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٧‬‬

You might also like