You are on page 1of 66

‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫مقدمة الشارح‬
‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ ابهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد هللا‬
‫فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له وأشهد أن نبينا حممدا‬
‫عبده ورسوله اللهم صل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني أما بعد ‪...‬‬
‫فإن أصدق احلديث كتاب هللا وخري اهلدي هدي نبينا حممد صلى هللا عليه وسلم وشر األمور حمداثهتا وكل‬
‫حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة ‪.‬‬
‫يسرين يف هذا املساء املبارك عصر يوم اجلمعة أن ألتقي بكم وأتذاكر وإايكم حديث نبينا حممد صلى هللا‬
‫عليه وسلم يف أمر عظيم جاء ذكره يف الكتاب والسنة وبوب له عامة أهل العلم أبوااب مسوها أبواب الفنت ‪.‬‬
‫والفنت أمر الزم البد منه للعبد لكن فرق بني ما يبتلى به اإلنسان فيكون من جنس قول هللا‬
‫‪١‬‬
‫آمنَّا َو ُه رم ََل يُ رفتَ نُو َن﴾ وبني دخول اإلنسان يف‬ ‫تعاىل‪﴿:‬امل ﴿‪ ﴾١‬أ ِ‬
‫ْتُكوا أَن يَ ُقولُوا َ‬
‫َّاس أَن يُ ر َ‬
‫ب الن ُ‬
‫َحس َ‬
‫َ‬
‫‪2‬‬
‫الفتنة كما يف قول هللا تعاىل‪َ ﴿:‬ولَٰ ِكنَّ ُك رم فَ تَنتُ رم أَن ُف َس ُك رم ﴾‬
‫والفتنة تكون يف أمر الدين ويف أمر الدنيا ‪.‬‬
‫فإن كانت يف أمر الدين فإن الغالب أن الذين يدخلون فيها هم املنتسبون للعلم والعبادة‪ ،‬ومعظم ما ذكره‬
‫املؤلف هنا هو متعلق هبذا‪ ،‬ألن الفتنة هبذا النوع أعظم وأشد وهلذا تواترت األحاديث عن النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم يف اخلوراج ألن فتنتهم كانت وال زالت فتنة عظيمة ‪.‬‬
‫وفتنة يف الدنيا كفتنة املال وفتنة النساء وهي نوع احنراف ملن وقع فيها ‪.‬‬
‫والفتنة هلا ٍ‬
‫معان كثرية لكن مجلة ما ميكن أن يقال يف معىن الفتنة أهنا كل ما صرفك عن دينك وأشغلك‬

‫وأهلاك عنه وأدخلك فيما يضاده ‪ ،‬وإال فالفتنة تطلق ويراد هبا الصد عن سبيل هللا كقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِن َك ُ‬
‫ادوا‬

‫(‪)1‬سورة العنكبوت آية ‪1 2،‬‬


‫(‪)2‬سورة احلديد آية ‪1 4‬‬
‫‪1‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫لَيَ رفتِنُونَ َ‬
‫ك ﴾ أي يصدونك‪ ،‬ويراد منها‬
‫‪١‬‬
‫االبتالء واالختبار وهذا كثري يف القرآن الكرمي‪ ،‬ويراد منها العذاب‬
‫‪2‬‬
‫كقوله تعاىل‪﴿:‬ذُوقُوا فِ رت نَ تَ ُك رم َهٰ َذا الَّ ِذي ُكنتُم بِ ِه تَ رستَ رع ِجلُو َن﴾‬
‫وهلا معان أخرى لعلها تظهر فيما نقرؤه من األحاديث اليت سنعلق عليها إن شاء هللا وبعضها حتتاج إىل‬
‫إمالء يسري وهي عبارة عن نكات‪.‬‬
‫أرى أن تراجم ابن ماجه وتبويبه ألبواب الفنت هي من أكمل وأفضل الكتب الستة وسبق أن قرأان أبواب‬
‫الفنت من الكتب الستة فوجدت أن أبواب ابن ماجه أدقها فهما ملقاصد الشريعة يف هذا الباب مع كامل‬
‫التقدير لألئمة غريه‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة اإلسراء آية ‪7 3‬‬


‫(‪)2‬سورة الذارايت آية ‪1 4‬‬
‫‪2‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ال‪ََ :‬ل إِلَهَ إََِّل َّ‬


‫اّللُ‬ ‫ف َع َّم رن قَ َ‬‫ب الر َك ِ‬ ‫‪َ - ١‬ب ُ‬
‫اث‪َ ،‬ع رن‬ ‫‪ - 3927‬ح َّدثَنَا أَبو ب رك ِر برن أَِِب َش ري بةَ‪ ،‬ح َّدثَنَا أَبو معا ِويةَ وح رفص برن ِغي ٍ‬
‫ُ َُ َ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ت أَ رن أُقَات َل الن َ‬
‫َّاس‬ ‫اّلل ‪" :‬أ ُِم رر ُ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫صالِ ٍح َع رن أَِِب ُه َرير َرَة‪ ،‬قَ َ‬
‫ش‪َ ،‬ع رن أَِِب َ‬ ‫راْلَ رع َم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اء ُه رم َوأ رَم َوا َلُ رم إ ََّل ِبَق َها‪َ ،‬وح َ‬
‫س ُاُبُ رم‬ ‫ص ُموا م ِّن د َم َ‬ ‫وها َع َ‬ ‫اّللُ‪ ،‬فَِإذَا قَالُ َ‬
‫َح ََّّت يَ ُقولُوا‪ََ :‬ل إِلَهَ إََِّل َّ‬
‫َعلَى َِّ‬
‫اّلل َع َّز َو َج َّل"‪.‬‬
‫ش‪َ ،‬ع رن أَِِب ُس رفيَا َن‬ ‫يد‪َ ،‬ح َّدثَنَا َعلِ ُّي بر ُن ُم رس ِه ٍر‪َ ،‬ع رن راْلَ رع َم ِ‬‫‪ - 3928‬ح َّدثَنَا سوي ُد بن س ِع ٍ‬
‫َُر ر ُ َ‬ ‫َ‬
‫اّللُ‪ ،‬فَِإذَا‬‫َّاس َح ََّّت يَ ُقولُوا‪ََ :‬ل إِلَهَ إََِّل َّ‬ ‫ِ‬
‫ت أَ رن أُقَات َل الن َ‬ ‫اّلل ‪" :‬أ ُِم رر ُ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫َع رن َجابِ ٍر‪ ،‬قَ َ‬
‫اّلل َعصموا ِم ِّن ِدماءهم وأَموا َلم إََِّل ِِب ِقها‪ ،‬و ِحس ُاُبم َعلَى َِّ‬
‫اّلل عز وجل"‪.‬‬ ‫َ َ ُ ر َ ر َ ُر َ َ َ َ ُ ر‬ ‫قَالُوا‪ََ :‬ل إِلَهَ إََِّل َُّ َ ُ‬
‫هنا تبويبه مجيل ويدل على فقه ألنه أراد هبذه الرتمجة اإلشارة إىل أن الفتنة فتنتان ‪:‬‬
‫‪١‬‬
‫َّت ََل تَ ُكو َن فِ رت نَةٌ ﴾ والفتنة‪ :‬الشرك‪ ،‬واملراد هو‬ ‫فتنة يراد زواهلا وهي الشرك كما قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وقَاتِلُ ُ‬
‫وه رم َح َّ ٰ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت أَ ْن أُقَات َل الن َ‬
‫َّاس" ويعين النيب‬ ‫قتال املسلمني لغريهم من امللل األخرى‪ ،‬فقوله عليه الصالة والسالم "أُم ْر ُ‬
‫صلى هللا عليه وسلم ابلناس ‪ :‬الكفار ‪ ،‬فاستنبط من هذا احلديث أن القتال داخل اجملتمع املسلم هذا هو‬
‫الفتنة ‪ ،‬أي أن القتال نوعان ‪:‬‬
‫َّت ََل تَ ُكو َن فِ رت نَةٌ ﴾وهذا احلديث يفسر اآلية‪.‬‬ ‫النوع األول ‪ :‬قتال للكفار ‪ :‬كما قال تعاىل ﴿ َوقَاتِلُ ُ‬
‫وه رم َح َّ ٰ‬
‫النوع الثاين ‪ :‬قتال داخل اجملتمع املسلم وهذا هو الفتنة بعينها ‪.‬‬
‫فأراد رمحه هللا التفصيل بني أنواع الفنت ‪.‬‬

‫الس ره ِم ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َح ِاِتُ بر ُن‬


‫اّلل بر ُن بَ رك ٍر َّ‬‫‪ - 3929‬ح َّدثَنَا أَبو ب رك ِر بن أَِِب َشي بةَ‪ ،‬ح َّدثَنَا َعب ُد َِّ‬
‫ر‬ ‫رَ َ‬ ‫ُ َ رُ‬ ‫َ‬
‫ال‪ :‬إِ ََّّن‬ ‫َبُهأَ َّن أ ََبهُ أَ رو ًسا أَ رخ ََ‬
‫َبهُ قَ َ‬ ‫س أَ رخ ََ‬‫َن َع رم َرو بر َن أ رَو ٍ‬ ‫ان بر ِن َس ٍِامل‪ ،‬أ َّ‬ ‫ُّعم ِ‬
‫ريةَ‪َ ،‬ع رن الن ر َ‬
‫صغ َ‬
‫أَِِب ِ‬
‫َ‬
‫َّب ‪" :‬ا رذ َهبُوا‬ ‫ال النِ ُّ‬
‫ارهُ‪ ،‬فَ َق َ‬‫س َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص َعلَري نَا َويُ َذك ُرََّن‪ ،‬إ رذ أ َََتهُ َر ُج ٌل فَ َ‬ ‫َّب ‪َ ،‬و ُه َو يَ ُق ُّ‬ ‫لَ ُقعُو ٌد ِع رن َد النِ ِ‬

‫(‪)1‬سورة البقرة آية ‪9 3‬‬


‫‪3‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫"ه رل تَ رش َه ُد أَ رن ََل إِلَهَ إََِّل‬ ‫ول َِّ‬ ‫بِ ِه فَاقرتُ لُوهُ‪ ".‬فَ لَ َّما َو ََّّل َّ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫اّلل ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫الر ُج ُل‪َ ،‬د َعاهُ َر ُس ُ‬
‫َّاس َح ََّّت يَ ُقولُوا‪ََ :‬ل إِلَهَ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪" :‬ا رذ َهبُوا فَ َخلُّوا َسبِيلَهُ‪ ،‬فَِإ ََّّنَا أ ُِم رر ُ‬
‫ت أَ رن أُقَات َل الن َ‬ ‫ال‪ :‬نَ َع رم‪ ،‬قَ َ‬ ‫َّ‬
‫اّللُ؟"قَ َ‬
‫ك‪َ ،‬ح ُرَم َعلَ َّي ِد َما ُؤ ُه رم َوأ رَم َوا ُلُرم"‪.‬‬ ‫اّللُ‪ ،‬فَِإ َذا فَ َعلُوا َذلِ َ‬
‫إََِّل َّ‬
‫هذا احلديث فيه التفصيل يف أحوال الكفار فإن كان القتال قائما بني جيش املسلمني وجيش الكفار فإن‬
‫الكافر يقتل ‪،‬كما قال تعاىل‪﴿ :‬فَ يَ رقتُ لُو َن َويُ رقتَ لُو َن﴾‪١‬وإن كان األمر ليس كذلك وإمنا قُ ِدر على أحدهم‬
‫كأن يكون أحدهم قد أ ُِسر أو غري ذلك من األسباب فإن هذا ُي َّري ويستتاب فإن اتب فاحلمد هلل وإن مل‬
‫يتب فاإلمام خمري يف أمره إن شاء قتله وإن شاء أسره وإن شاء فادى به وغري ذلك من األمور اليت هي حتت‬
‫صالحية إمام املسلمني ‪.‬‬
‫ال‪" :‬ا ْذ َهبُوا‬
‫ال‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬قَ َ‬ ‫الشاهد من ذلك هو قول النيب صلى هللا عليه وسلم " َه ْل تَ ْش َه ُد أَ ْن َال إِلَهَ إَِّال َّ‬
‫اَّللُ؟" قَ َ‬
‫فَ َخلُّوا َسبِيلَهُ‪ "،‬فهذه استتابة ‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن الغاية من قتال الكفار هو التوحيد‪ ،‬وليس الغاية من قتال الكفار أخذ أمواهلم وأراضيهم‬
‫أو سيب نسائهم فإن هذه أمور اتبعة ‪ ،‬وإال فاألصل يف قتال الكفار هو التوحيد ‪ ،‬فمىت أعلنوا التوحيد ولو‬
‫ابللسان ‪ ،‬ولو قالوا ال إله إال هللا وهم يضمرون غري التوحيد يف قلوهبم فالواجب حينئذ الكف عنهم وأييت‬
‫مزيد بيان إن شاء هللا ‪.‬‬

‫الس َم ري ِط بر ِن‬ ‫مس ِه ٍر‪َ ،‬عن َع ِ‬


‫اص ٍم‪َ ،‬ع رن ُّ‬ ‫ر‬ ‫ُر‬ ‫يد‪َ ،‬ح َّدثَنَا َعلِ ُّي‬
‫بر ُن‬ ‫‪ - 3930‬ح َّدثَنَا سوي ُد بن س ِع ٍ‬
‫َُر ر ُ َ‬ ‫َ‬
‫ال‪ :‬أَتَى ََّنفِ ُع‬ ‫ِ‬
‫ت ََي‬ ‫راْلَ رزَر ِق َوأ ر‬
‫َص َحابُهُ‪ ،‬فَ َقالُوا‪َ :‬هلَ رك َ‬ ‫بر ُن‬ ‫ْي‪ ،‬قَ َ‬‫صرِ‬ ‫الس ِم ِري َع رن ع رم َرا َن بر ِن ا رْلُ َ‬ ‫َّ‬
‫اّللُ عز وجل‪:‬‬ ‫ال َّ‬‫ال‪َ :‬ما الَّ ِذي أَ رهلَ َك ِّن؟ قَالُوا‪ :‬قَ َ‬ ‫ت‪ .‬قَالُوا‪ :‬بَلَى‪ .‬قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ما َهلَ رك ُ‬ ‫ِع رم َرا ُن‪ ،‬قَ َ‬
‫اه رم‬ ‫ين ُكلُّهُ لِلَّ ِه ۚ‪[ ‬اْلنفال‪ ]39 :‬قَ َ‬
‫ال‪ :‬قَ رد قَاتَلرنَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّت ََل تَ ُكو َن ف رت نَةٌ َويَ ُكو َن الد ُ‬ ‫وه رم َح َّ ٰ‬‫‪َ ‬وقَاتِلُ ُ‬
‫اّلل ‪،‬‬ ‫ول َِّ‬ ‫ّلل‪ ،‬وإِ رن ِش رئ تُ رم َح َّدثر تُ ُك رم َح ِديثًا ََِس رعتُهُ ِم رن ر ُس ِ‬
‫الدين ُكلُّه َِِّ‬
‫اه رم‪ ،‬فَ َكا َن ِ ُ ُ‬ ‫َح ََّّت نَ َف ري نَ ُ‬
‫َ‬

‫(‪)1‬سورة التوبة آية ‪1 11‬‬


‫‪4‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫شا ِم رن‬ ‫ث َج ري ً‬ ‫اّلل ‪ ‬وبَ َع َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ال‪ :‬نَ َع رم‪َ ،‬ش ِه رد ُ‬ ‫اّلل‪‬؟ قَ َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ت ََِس رعتَهُ ِم رن ر ُس ِ‬
‫َ‬ ‫قَالُوا‪َ :‬وأَنر َ‬
‫وه رم أَ ركتَافَ ُه رم‪ ،‬فَ َح َم َل‬ ‫ِ‬ ‫الرمسلِ ِمْي إِ ََّل الرم رش ِركِْي‪ ،‬فَ لَ َّما لَ ُقوهم قَاتَلُ ِ‬
‫وه رم قتَ ًاَل َشدي ًدا‪ ،‬فَ َمنَ ُح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُر‬ ‫ُ َ‬ ‫ُر َ‬
‫ال‪ :‬أَ رش َه ُد أَ رن ََل إِلَهَ إََِّل َّ‬ ‫ْي ِب ُّلررم ِح‪ ،‬فَ لَ َّما غَ ِشيَهُ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اّللُ‪،‬‬ ‫َر ُج ٌل م رن ُْلر َم ِِت َعلَى َر ُج ٍل م رن ال ُرم رش ِرك َ‬
‫ال‪َ " :‬وَما الَّ ِذي‬ ‫ت‪ .‬قَ َ‬ ‫اّلل‪َ ،‬هلَ رك ُ‬‫ول َِّ‬ ‫ال‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫اّلل‪ ‬فَ َق َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫إِِّن ُم رسلِ ٌم‪ ،‬فَطَ َعنَهُ فَ َقتَ لَهُ‪ ،‬فَأَتَى َر ُس َ‬
‫ول َِّ‬ ‫ِ‬
‫ت َع رن‬ ‫اّلل ‪ ":‬فَ َه ََّّل َش َق رق َ‬ ‫ال لَهُ َر ُس ُ‬ ‫صنَ َع‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َبهُ ِبلَّذي َ‬ ‫ْي‪ ،‬فَأَ رخ ََ‬‫ت؟ " َم َّرةً أ رَو َم َّرتَ ر ِ‬ ‫صنَ رع َ‬ ‫َ‬
‫ت أَ رعلَ ُم َما ِِف قَ رلبِ ِه؟‬ ‫ت بَطرنَهُ أ ُك رن ُ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل‪ ،‬لَرو َش َق رق ُ‬ ‫ال‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ت َما ِِف قَ رلبِ ِه؟" قَ َ‬ ‫بَطرنِ ِه فَ َعلِ رم َ‬
‫ول‬‫ت َع رنهُ َر ُس ُ‬ ‫س َك َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َ‬ ‫ت تَ رعلَ ُم َما ِِف قَ رلبِ ِه"‪.‬قَ َ‬ ‫رت َما تَ َكلَّ َم بِ ِه‪َ ،‬وََل أَنر َ‬ ‫ت قَبِل َ‬ ‫ال‪" :‬فَ ََّل أَنر َ‬ ‫قَ َ‬
‫اّلل‪ ،‬فَ لَم ي لرب ر ِ ِ‬ ‫َِّ‬
‫ض‪ ،‬فَ َقالُوا‪ :‬لَ َع َّل‬ ‫َصبَ َح َعلَى ظَ ره ِر راْل رَر ِ‬ ‫ات‪ ،‬فَ َدفَ نَّاهُ‪ ،‬فَأ ر‬ ‫ريا َح ََّّت َم َ‬ ‫ث إ ََّل يَس ً‬ ‫ر ََ‬
‫ض‪ ،‬فَ ُقلرنَا‪ :‬لَ َع َّل‬ ‫َصبَ َح َعلَى ظَ ره ِر راْل رَر ِ‬ ‫ِ‬
‫شهُ‪ ،‬فَ َدفَ نَّاهُ‪ُُ ،‬ثَّ أ ََم ررََّن غل َرمانَنَا َرَي ُر ُسونَهُ‪ ،‬فَأ ر‬ ‫َع ُد ًّوا نَبَ َ‬
‫ض‪ ،‬فَأَلر َق ري نَاهُ ِِف بَ رع ِ‬
‫ض‬ ‫سوا‪ ،‬فَ َدفَ نَّاهُ ُُثَّ َح َر رسنَاهُ ِِبَنر ُف ِسنَا‪ ،‬فَأ ر‬
‫َصبَ َح َعلَى ظَ ره ِر راْل رَر ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغل َرما َن نَ َع ُ‬
‫رك ِ‬
‫الش َع ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫تِل َ‬
‫هذا احلديث غري حديث أسامة ‪ ،‬فحديث أسامة قصة أخرى ‪ ،‬وهذه القصة يشهد هلا حديث جندب‬
‫البجلي رواه الطرباين إبسناد حسن وهي قريبة من هذه القصة ‪ ،‬وهبذا فسر احلديث احلسن وقتادة ‪ ،‬فلهذه‬
‫القصة أصل ‪ ،‬وكوهنم دفنوه مث نبذته األرض وألقته فإن مثل هذا ال يستغرب‪.‬‬
‫ويف حديث جندب بن عبد هللا البجلي قال ‪ :‬استغفر يل اي رسول هللا قال ‪ :‬ال أستغفر لك قال ‪ :‬استغفر‬
‫يل اي رسول هللا قال ‪ :‬ال أستغفر لك ‪.‬‬
‫ويؤخذ من هذا اْلديث فوائد ‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫يل اللَّ ِه فَ تَ بَ يَّ نُوا َوََل‬


‫ض َربر تُ رم ِِف َسبِ ِ‬
‫آمنُوا إِذَا َ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫الفائدة اْلوَّل‪ :‬أنه تفسري لقول هللا تعاىل‪َ﴿ :‬ي أَيُّ َها الذ َ‬
‫ريةٌ ۚ َك َٰذلِ َ‬ ‫ض ا رْلياةِ ُّ ِ َّ ِ ِ ِ‬ ‫الس ََّلم لَس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫الدنريَا فَعن َد الل ه َمغَاِنُ َكث َ‬ ‫ت ُم رؤمنًا تَ رب تَ غُو َن َع َر َ ََ‬ ‫تَ ُقولُوا ل َم رن أَلر َق ٰى إِلَري ُك ُم َّ َ ر‬
‫‪١‬‬
‫ُكنتُم ِمن قَ رب ُل فَ َم َّن اللَّ هُ َعلَري ُك رم فَتَ بَ يَّ نُوا ۚ إِ َّن اللَّ هَ َكا َن ِِبَا تَ رع َملُو َن َخبِ ًريا﴾‬
‫الس ََّل َم" أي ‪ :‬أظهر اإلسالم‪.‬‬ ‫وقوله‪" :‬أَلر َق ٰى إِلَري ُك ُم َّ‬
‫الفائدة الثانية‪ :‬التأين يف األمور وعدم العجلة واخلفة الطيش فإن بث الثقة واألمان بني املسلمني من مقاصد‬
‫الشريعة ‪ ،‬وإدخال الشك يفتح اباب يعسر سده ‪ ،‬فيكون سببا يف تفكك اجملتمع ‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة‪ :‬أن األصل أن يؤخذ الناس وحيكم عليهم ابلظواهر ‪ ،‬والسرائر يتوالها هللا ‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪ :‬النهي عن قتل من أظهر اإلسالم ولو كان قصد القاتل احلرص على حتقق وصف اإلميان‪،‬‬
‫فإن هذا التحقق غري مراد للشريعة يف املقتول ‪ ،‬واملعترب يف األحكام الظاهرة هو صفة اإلسالم ‪.‬‬
‫الفائدة اخلامسة‪ :‬فيها التنبيه على أن اإلنسان ال يغفل عند مؤاخذته غريه أحواال كان هو عليها قال تعاىل‪:‬‬
‫فَ تَ بَ يَّ نُوا‪‬‬ ‫ك ُكنتُم ِمن قَ رب ُل فَ َم َّن اللَّ هُ َعلَري ُك رم‬
‫‪َ ‬ك َٰذلِ َ‬
‫الفائدة السادسة‪ :‬لوم هللا لبعض اجملاهدين على تعمقهم يف الغاية من اجلهاد ‪.‬‬

‫اث‪َ ،‬عن َع ِ‬ ‫ص راْلُب لِ ُّي‪ ،‬ح َّدثَنَا ح رفص برن ِغي ٍ‬ ‫ِ‬
‫اص ٍم‪َ ،‬ع رن‬ ‫ر‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫‪3930‬م ‪َ -‬ح َّدثَنَا إِ رَسَاعي ُل بر ُن َح رف ٍ ُ‬
‫ّلل‪ِِ‬ف َس ِريٍَّة‪ ،‬فَ َح َم َل َر ُج ٌل ِم رن‬ ‫ول ا َِّ‬ ‫ال‪ :‬بَ َعثَ نَا َر ُس ُ‬ ‫ْي‪ ،‬قَ َ‬ ‫صرِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫الس َم ريط َع رن ع رم َرا َن بر ِن ا رْلُ َ‬
‫يث‪ ،‬وَز َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‪ ،‬فَأُ رخِ َ‬
‫َب‬ ‫اد فيه‪ :‬فَ نَ بَ َذترهُ راْلَ رر ُ‬ ‫ْي‪ ،‬فَ َذ َك َر ا رْلَد َ َ‬ ‫ْي َعلَى َر ُج ٍل م رن ال ُرم رش ِرك َ‬ ‫ال ُرم رسل ِم َ‬
‫يم ُح ررَم ِة ََل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب أَ رن يُ ِريَ ُك رم تَ رعظ َ‬ ‫ال‪" :‬إِ َّن راْل رَر َ‬
‫ض لَتَ رقبَ ُل َم رن ُه َو َش ٌّر م رنهُ‪َ ،‬ولَك َّن ا َّّللَ أ َ‬
‫َح َّ‬ ‫َّب‪َ ‬وقَ َ‬‫النِ ُّ‬
‫إِلَهَ إََِّل َّ‬
‫اّللُ "‪.‬‬
‫وهذا طريق آخر غري الطريق السابق وله طريق آخر يف مسند أمحد أيضا هو يدل على عظم هذا األمر وهو‬
‫قتل املسلم الذي يشهد أن ال إله إال هللا ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة النساء آية ‪9 4‬‬


‫‪6‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ب ُح ررَم ِة َدِم ال ُرم رؤِم ِن َوَمالِ ِه‬


‫‪َ - 2‬ب ُ‬
‫صالِ ٍح‬ ‫ِ‬ ‫‪َ - 393١‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫ش‪َ ،‬ع رن أَِِب َ‬ ‫س‪َ ،‬ح َّدثَنَا ا رْلَ رع َم ُ‬ ‫يسى بر ُن يُونُ َ‬ ‫ام بر ُن َع َّما ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ع َ‬
‫شُ‬
‫َح َرَم راْلَ ََّيِم يَ روُم ُك رم َه َذا‪ ،‬أَل‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َعن أَِِب س ِع ٍ‬
‫اّلل‪ِِ‬ف َح َّجة ال َرو َد ِاع‪" :‬أ َََل إِ َّن أ ر‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫يد‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫ِ ِ‬
‫وإن أحرم الشهور شهركم هذا‪ ،‬أَل وإن أحرم البلد بلدكم هذا‪ ،‬أ َََل َوإ َّن د َم َ‬
‫اء ُك رم َوأ رَم َوالَ ُك رم‬
‫ت؟ " قَالُوا‪:‬‬ ‫َعلَري ُك رم َح َر ٌام َك ُح ررَم ِة يَ روِم ُك رم َه َذا‪ِِ ،‬ف َش ره ِرُك رم َه َذا‪ِِ ،‬ف بَلَ ِد ُك رم َه َذا‪ ،‬أ َََل َه رل بَلَّ رغ ُ‬
‫ال‪" :‬اللَّ ُه َّم ا رش َه رد"‪.‬‬ ‫نَ َع رم‪ .‬قَ َ‬
‫يف مثل هذا اجملمع العظيم الذي مل حيصل قبله وال بعده مثله يف احلج واجتماع املسلمني وإتياهنم من كل‬
‫حدب وصوب يبني النيب صلى هللا عليه وسلم فيه أمرا يريد منهم أن يبلغوه وحيفظوه وكأنه يقول ‪ :‬إن إميانكم‬
‫مربوط حبفاظكم على دمائكم وأموالكم‪.‬‬
‫ويبني أمرا آخر وهو أن اإلصالح داخل اجملتمع املسلم ال يكون ابلسالح مهما بلغ الفساد يف اجملتمع املسلم‬
‫فإن هذا يزيد األمر سوءا‪.‬‬
‫َحَرَم ْاأل ََّايِم يَ ْوُم ُك ْم َه َذا‪ ،‬أال وإن أحرم الشهور شهركم هذا‪ ،‬أال وإن أحرم البلد بلدكم هذا"‬
‫وقوله ‪" :‬أََال إِ َّن أ ْ‬
‫هذه حرمات عظام ‪،‬وقد حرمها هللا حترميا أبداي وهي حرمة الشهر احلرام واملسجد احلرام وحرمة املؤمن ‪.‬‬

‫ص ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَِِب‪،‬‬ ‫صر برن ُمَ َّم ِد بر ِن سلَريما َن ا رْلِم ِ‬ ‫اس ِم بر ُن أَِِب َ‬ ‫‪ - 3932‬ح َّدثَنَا أَبو الر َق ِ‬
‫ر‬ ‫ُ َ‬ ‫ض رم َرَة نَ ر ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي ح َّدثَنَا َعب ُد َِّ‬ ‫ح َّدثَنَا َعب ُد َِّ‬
‫ول‬‫ت َر ُس َ‬ ‫ال‪َ :‬رأَير ُ‬ ‫اّلل بر ُن عُ َم َر‪ ،‬قَ َ‬ ‫ر‬ ‫َّص ِر ُّ َ‬
‫س الن ر‬ ‫اّلل بر ُن أَِِب قَ ري ٍ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ك وأَ رعظَم حرمتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وف ِبلر َك رعبَ ِة‪َ ،‬ويَ ُق ُ‬ ‫َِّ‬
‫ك!‬ ‫ب ِرَيَك‪َ ،‬ما أَ رعظَ َم َ َ ُ ر َ‬ ‫"ما أَطريَ بَك َوأَطريَ َ‬‫ول‪َ :‬‬ ‫اّلل‪‬يَطُ ُ‬
‫ك‪َ ،‬مالِ ِه َو َد ِم ِه‪َ ،‬وأَ رن نَظُ َّن بِ ِه‬
‫اّلل حرمةً ِم رن ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِِ‬
‫س ُمَ َّمد بِيَده‪َْ ،‬لُررَمةُ ال ُرم رؤم ِن أَ رعظَ ُم ع رن َد َّ ُ ر َ‬
‫َّ ِ‬
‫َوالذي نَ رف ُ‬
‫ِ‬
‫ريا"‪.‬‬‫إ ََّل َخ ر ً‬
‫هذا احلديث يف إسناده ضعف لكن معناه مقبول عند أهل العلم وقد جاء عن ابن عمر‪ :‬ألن هتدم الكعبة‬
‫حجرا حجرا أهون عند هللا من قتل مؤمن ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ك وأ َْعظَم حرمتَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك!" هذا شيء متقرر عند الناس حىت قبل‬ ‫ب ِرحيَك‪َ ،‬ما أ َْعظَ َم َ َ ُ ْ َ‬
‫وقوله "" َما أَطْيَ بَك َوأَطْيَ َ‬
‫اإلسالم ‪ ،‬وإمنا مهد النيب هبذا ليبني حرمة دم املسلم وأهنا أعظم عند هللا من هدم الكعبة ‪ ،‬ورِبا يشري إىل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫هذا قوله تعاىل﴿ أَجعلرتم ِس َقايةَ ا رْل ِ ِ‬
‫اه َد ِِف‬ ‫آم َن ِبللَّ ه َوالريَ روم راْلخ ِر َو َج َ‬
‫اج َوع َم َارةَ ال َرم رسجد ا رْلََر ِام َك َم رن َ‬ ‫ََ ُر َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبِ ِ ِ‬
‫ْي ﴾ مث بني سبحانه وتعاىل أن‬ ‫يل اللَّ ه ۚ ََل يَ رستَ ُوو َن عن َد اللَّ ه ۚ َواللَّ هُ ََل يَ رهدي الر َق رو َم الظَّال ِم َ‬
‫‪١‬‬
‫الذي‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعمر مساجد هللا هم املؤمنون فقال‪ ﴿:‬إِ ََّّنَا ي رعمر م ِ‬
‫الص ََّل َة‬
‫ام َّ‬ ‫آم َن ِبللَّ ه َوالريَ روم راْلخ ِر َوأَقَ َ‬
‫ساج َد اللَّ ه َم رن َ‬ ‫َ ُُ َ َ‬
‫‪2‬‬
‫ين ﴾ وهنا تنبيه يف الكالم على قتل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش إََِّل اللَّ هَ ۚ فَ َع َس ٰى أُولَٰئِ َ‬ ‫َوآتَى َّ‬
‫ك أَن يَ ُكونُوا م َن ال ُرم رهتَد َ‬ ‫الزَكاةَ َوَملر ََير َ‬
‫املؤمن عمداً لكن أحياان قد ال يريد املؤمن قتل املؤمن عمدا ورمبا يؤاخذ‪،‬والدليل على هذا قول هللا تعاىل‬
‫صيبَ ُكم ِم رن ُهم َّم َع َّرةٌ بِغَ رِري‬
‫وهم فَ تُ ِ‬ ‫ساءٌ ُّم رؤِمنَ ٌ‬
‫ات َّملر تَ رعلَ ُم ُ‬
‫وه رم أَن تَطَئُ ُ ر‬
‫ِ‬ ‫‪﴿:‬ولَوََل ِرج ٌ ِ‬
‫ال ُّم رؤمنُو َن َون َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫احلديبية وعدم قتال مشركي قريش هو وجود مؤمنني بينهم ُيفون إمياهنم‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫ِعل ٍرم ۚ ﴾ فكان من مقاصد صلح‬
‫فلو قاتلهم املؤم نون خلفي عليهم أولئك ورمبا قاموا بقتلهم ‪ ،‬مع أن عددهم ال يزيد على االثين عشر ما بني‬
‫رجل وامرأة كما جاء يف التفسري ‪ ،‬ومع ذلك فإن هللا عز وجل هنى املؤمنني عن القتال حىت ال يقتلوا هؤالء‬
‫املؤمنني‪.‬‬
‫صيبَ ُكم ِم رن ُهم َّم َع َّرةٌ بِغَ رِري ِعل ٍرم ۚ " فهذا كله يدل على ِعظم حرمة املؤمن ‪.‬‬
‫والشاهد هو قوله ‪:‬فَ تُ ِ‬

‫اّلل برن ََّنفِ ٍع‪ ،‬ويونُس برن َرَيَي‪َِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ - 3933‬ح َّدثَنَا بَ ركر بر ُن َع رب ِد ال َروه ِ‬
‫َج ًيعا‬ ‫َُ ُ ُ َ‬ ‫َّاب‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ول‬
‫َن َر ُس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫س‪َ ،‬ع رن أَِِب َسعيد َم رو ََّل َع ربد ا َّّلل بر ِن َعام ِر بر ِن ُك َرير ٍز َع رن أَِِب ُه َرير َرَة‪ ،‬أ َّ‬ ‫َع رن َد ُاو َد بر ِن قَ ري ٍ‬
‫ضهُ"‪.‬‬ ‫ال‪ُ " :‬ك ُّل ال ُرم رسلِ ِم َعلَى ال ُرم رسلِ ِم َح َرا ٌم‪َ ،‬د ُمهُ َوَمالُهُ َو ِع رر ُ‬‫اّلل ‪ ‬قَ َ‬ ‫َِّ‬

‫(‪)1‬سورة التوبة آية ‪1 9‬‬


‫(‪ )2‬سورة التوبة آية ‪1 8‬‬
‫(‪ )3‬سورة الفتح آية ‪2 5‬‬
‫‪8‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ضهُ " يذكران بقول هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬والَّ ِذي َن ََل يَ ردعُو َن َم َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله " ُك ُّل الْ ُم ْسل ِم َعلَى الْ ُم ْسل ِم َحَر ٌام‪َ ،‬د ُمهُ َوَمالُهُ َوع ْر ُ‬
‫س الَِِّت َح َّرَم اللَّ هُ إََِّل ِب رْلَ ِق َوََل يَ رزنُو َن ۚ ﴾ والحظ هذه احملرمات وكيف‬ ‫اللَّ ِه إِلَٰ ًها َ‬
‫آخ َر َوََل يَ رقتُ لُو َن النَّ رف َ‬
‫‪١‬‬

‫جاء ترتيبها فأوهلا الشرك مث القتل مث الزان ‪.‬‬

‫ي‪ ،‬ح َّدثَنَا َعب ُد َِّ‬


‫ب‪َ ،‬ع رن أَِِب‬ ‫اّلل بر ُن َو ره ٍ‬ ‫ر‬ ‫ص ِر ُّ َ‬ ‫الس رر ِح ال ِرم ر‬
‫َْحَ ُد بر ُن َع رم ِرو بر ِن َّ‬ ‫‪َ - 3934‬ح َّدثَنَا أ ر‬
‫ال‪" :‬ال ُرم رؤِم ُن َم رن‬ ‫َّب ‪‬قَ َ‬ ‫َن النِ َّ‬‫ضالَةَ بر َن عُبَ ري ٍد َح َّدثَهُ‪ ،‬أ َّ‬‫َن فَ َ‬‫ك ا رْلَرنِ ِب أ َّ‬‫َهانِ ٍئ‪َ ،‬عن َعم ِرو بر ِن مالِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ر ر‬
‫وب"‪.‬‬ ‫َّاس َعلَى أ رَم َوالِِ رم َوأَنر ُف ِس ِه رم‪َ ،‬وال ُرم َها ِج ُر َم رن َه َج َر ا رخلَطَ َاَي َو ُّ‬ ‫ِ‬
‫الذنُ َ‬ ‫أَمنَهُ الن ُ‬
‫فيه التنبيه إىل التالزم بني اإلميان واألمن حبيث ال وجود لإلميان بدون األمن وهلذا قال النيب يف احلديث"و َِّ‬
‫اَّلل‬ ‫َ‬
‫ال ‪َ :‬ج ٌار ال َأيَْم ُن َج ُارُه‬
‫ك؟ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ ال ي ؤِمن ‪ .‬قَالُوا ‪ :‬اي رس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال يُ ْؤِم ُن ‪َ ،‬و َّ‬
‫ول ا ََّّلل َوَما ذَل َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اَّللُ ال يُ ْؤم ُن ‪َ ،‬و َّ ُ ْ ُ‬
‫بَ َوائَِقهُ"ففيه تالزم بني اإلميان واألمن ‪.‬‬
‫ين َُيَا ِربُو َن اللَّ َه‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫وهلذا جعل هللا سبحانه وتعاىل املخل ابألمن حماراب هلل ورسوله فقال تعاىل‪ ﴿:‬إ ََّّنَا َج َزاءُ الذ َ‬
‫ادا أَن ي َقتَّ لُوا أَو يصلَّبوا أَو تُ َقطَّع أَي ِدي ِهم وأَرجلُهم ِمن ِخ ََّل ٍ‬
‫ف أ رَو يُن َف روا‬ ‫َوَر ُسولَهُ َويَ رس َع رو َن ِِف راْل رَر ِ‬
‫َ ر ر َ رُ ُ ر‬ ‫ر َُُ ر‬ ‫سً ُ‬ ‫ض فَ َ‬
‫يم ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ۚ ٰذَلِ َ‬ ‫ِم َن راْل رَر ِ‬
‫الدنريَا ۚ َوَلُ رم ِِف راْلخ َرة َع َذ ٌ‬
‫ي ِِف ُّ‬
‫‪2‬‬
‫اب َعظ ٌ‬ ‫ك َلُ رم خ رز ٌ‬
‫ويتبني وجه أن اإلخالل ابألمن فيه حماربة هلل ورسوله من عدة أمور ‪:‬‬
‫اج َع رل َهٰ َذا‬
‫ب ر‬‫اْلول‪ :‬أن الدين وأعظمه التوحيد ال يقوم إال ابألمن وهلذا قال إبراهيم عليه السالم ﴿ َر ِ‬

‫ام ﴾ فبدأ ابألمن قبل التوحيد ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ّن أَن نَّ رعبُ َد راْل ر‬
‫اجنُ رب ِّن َوبَِ َّ‬
‫‪3‬‬
‫َصنَ َ‬ ‫الربَ لَ َد آمنًا َو ر‬

‫(‪)1‬سورة الفرقا ن آية ‪6 8‬‬


‫(‪ )2‬سورة املائدة آية ‪3 3‬‬
‫(‪)3‬سورة إبراهيم آية ‪3 5‬‬
‫‪9‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫َّع ِبل ُرع رم َرةِ إِ ََّل ا رْلَ ِج‬ ‫ِ‬


‫الثاّن‪ :‬أن العبادة ال تقوم إال ابألمن‪ ،‬ومن أمثلة ذلك قوله تعاىل ‪ ﴿:‬فَِإذَا أَمنتُ رم فَ َمن َتََت َ‬
‫شروط احلج أمن الطريق فإذا مل يوجد األمن تتعطل‬ ‫‪١‬‬
‫س َر ِم َن ا رلَ رد ِي ۚ ﴾ وهلذا قال الفقهاء‪ :‬إن من‬
‫استَ ري َ‬
‫فَ َما ر‬
‫شعرية احلج ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن الدماء واألموال واألعراض ال حتفظ إال بوجود األمن ‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن مصاحل العباد كالزراعة والصناعة والشراء والبيع وغريها ال ميكن أن تتم هلم إال ابألمن ‪.‬‬

‫ين َُيَا ِربُو َن اللَّ هَ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫سولَهُ ‪..‬‬
‫َوَر ُ‬ ‫ومن هنا يتبني وجه قوله تعاىل‪ :‬إ ََّّنَا َج َزاءُ الذ َ‬
‫وهنا ملحظ مهم وهو أنه مل يذكر يف اآلية شيئا يتعلق ابالعتقاد وإمنا كلها أعمال فيها إخالل ابألمن‪.‬‬
‫ويف احلديث اآليت يتبني لنا ملاذا خصص النهي عن النهبة ابلتبويب‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة البقرة آية ‪1 96‬‬


‫‪10‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫‪١‬‬
‫ُّهبَ ِة‬
‫َّه ِي َع رن الن ر‬‫ب الن ر‬ ‫‪َ - 3‬ب ُ‬
‫اص ٍم‪َ ،‬ح َّدثَنَا ابر ُن‬ ‫شا ٍر‪ ،‬و ُمَ َّم ُد برن الرمثَ َّىن‪ ،‬قَ َاَل‪ :‬ح َّدثَنَا أَبو َع ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪َ - 3935‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ َ‬
‫ول َِّ‬ ‫الزب رِري َعن جابِ ِر ب ِن َعب ِد َِّ‬
‫ب ُُنربَةً‬ ‫"م رن انر تَ َه َ‬‫اّلل‪َ : ‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫اّلل‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَ َ‬ ‫ُج َرير ٍج‪َ ،‬ع رن أَِِب ُّ َ ر َ ر ر‬
‫س ِمنَّا"‪.‬‬‫ورةً‪ ،‬فَ لَري َ‬
‫َم رش ُه َ‬
‫ث بر ُن َس رع ٍد‪َ ،‬ع رن عُ َق ري ٍل‪َ ،‬ع رن ابر ِن ِش َه ٍ‬ ‫َخَبََّن اللَّري ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اب‪َ ،‬ع رن‬ ‫يسى بر ُن َْحَّاد‪ ،‬أ َ‬ ‫‪َ - 3936‬ح َّدثَنَا ع َ‬
‫"َل يَ رزِّن‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ّلل ‪‬قَ َ‬ ‫ول ا َِّ‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫شاٍم َع رن أَِِب ُه َرير َرةَ‪ ،‬أ َّ‬ ‫ث بر ِن ِه َ‬ ‫أَِِب بَ رك ِر بر ِن َع رب ِد َّ‬
‫الر رْحَ ِن بر ِن ا رْلا ِر ِ‬
‫َ‬
‫السا ِر ُق‬‫ْي يَ رش َرُُبَا َو ُه َو ُم رؤِم ٌن‪َ ،‬وََل يَ رس ِر ُق َّ‬ ‫الز ِاّن ِحْي ي زِّن وهو م رؤِمن‪ ،‬وََل ي رشرب ر ِ‬
‫اخلَ رم َر ح َ‬ ‫َ َر َ َُ ُ ٌ َ َ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْي يَ رن تَ ِهبُ َها‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫ارُه رم ح َ‬ ‫صَ‬ ‫َّاس إِلَريه أَبر َ‬ ‫ب ُُنربَةً يَ ررفَ ُع الن ُ‬ ‫ْي يَ رس ِر ُق َو ُه َو ُم رؤم ٌن‪َ ،‬وََل يَ رن تَ ِه ُ‬ ‫حَ‬
‫ُم رؤِم ٌن"‪.‬‬
‫س ُن َع رن‬ ‫‪َ - 3937‬ح َّدثَنَا ُْحَري ُد بر ُن َم رس َع َدةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا يَ ِزي ُد بر ُن ُزَرير ٍع‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُْحَري ٌد‪َ ،‬ح َّدثَنَا ا رْلَ َ‬
‫س ِمنَّا" ‪.‬‬ ‫ب ُُنربَةً‪ ،‬فَ لَري َ‬ ‫"م رن انر تَ َه َ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫اّلل‪‬قَ َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫ْي‪ ،‬أ َّ‬‫صرِ‬‫ع رم َرا َن بر ِن ا رْلُ َ‬
‫ِ‬
‫ص‪َ ،‬عن َِسَ ٍ‬
‫اك َع رن ثَ رعلَبَةَ بر ِن‬ ‫‪َ - 3938‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَبُو راْلَ رح َو ِ ر‬
‫ب ‪ِ ‬بلر ُق ُدوِر‪ ،‬فَأ ََم َر‬ ‫ِ‬ ‫ا رْلَ َك ِم‪ ،‬قَ َ‬
‫ورََّن‪ ،‬فَ َم َّر النَِّ ُّ‬
‫ص رب نَا قُ ُد َ‬‫َص رب نَا غَنَ ًما لل َرع ُد ِو‪ ،‬فَانر تَ َه رب نَا َها‪ ،‬فَ نَ َ‬
‫ال‪ :‬أ َ‬
‫ُّهبَةَ ََل َِت ُّل"‪.‬‬ ‫ال‪" :‬إِ َّن الن ر‬ ‫ت‪ُُ ،‬ثَّ قَ َ‬‫ُِبَا فَأُ رك ِفئَ ر‬
‫وهنا سؤال مهم وهو ‪ :‬ملاذا خصص النهبة بعد ذكر ابب األمن ؟‬
‫س‬
‫فاجلواب ‪ :‬ألن فيها إرجافا وقطعا للسبيل وإخالال ابألمن ‪ ،‬وهلذا كرر النيب يف هذه األحاديث قوله "لَْي َ‬
‫ِمنَّا" ‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال الشيخ ‪ :‬النهبة غري السرقة وهيكمن أيخذ مالك أمام عينيك ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫سو ٌق‪َ ،‬وقِتَالُهُ ُك رف ٌر‬ ‫ِ‬ ‫‪-4‬ب ِ‬


‫اب ال ُرم رسل ِم فُ ُ‬
‫ب‪ :‬سبَ ُ‬ ‫َ ٌ‬
‫ش‪َ ،‬ع رن َش ِق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ - 3939‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫يق‬ ‫س‪َ ،‬ح َّدثَنَا ا رْلَ رع َم ُ‬ ‫يسى بر ُن يُونُ َ‬ ‫ام بر ُن َع َّما ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ع َ‬ ‫شُ‬
‫سو ٌق‪َ ،‬وقِتَالُهُ ُك رف ٌر"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َعن اب ِن مسع ٍ‬
‫اب ال ُرم رسل ِم فُ ُ‬
‫اّلل ‪" : ‬سبَ ُ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ود‪ ،‬قَ َ‬ ‫ر ر َ رُ‬
‫ي‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَبُو‬ ‫َس ِد ُّ‬‫س ِن راْل ر‬ ‫‪َ - 3940‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن ا رْلَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِه ََّل ٍل‪َ ،‬عن اب ِن ِس ِريين َعن أَِِب ُهري رَة‪َ ،‬عن النَِّ ِب ‪‬قَ َ ِ‬
‫سو ٌق‪َ ،‬وقِتَالُهُ‬ ‫اب ال ُرم رسل ِم فُ ُ‬ ‫ال‪" :‬سبَ ُ‬ ‫َر َ ر‬ ‫َ ر‬ ‫ر ر‬
‫ُك رف ٌر"‪.‬‬
‫يك‪َ ،‬ع رن أَِِب إِ رس َحا َق‪َ ،‬ع رن ُمَ َّم ِد بر ِن‬ ‫يع‪َ ،‬عن َش ِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪َ - 394١‬ح َّدثَنَا َعل ُّي بر ُن ُمَ َّمد‪َ ،‬ح َّدثَنَا َوك ٌ ر‬
‫سو ٌق‪َ ،‬وقِتَالُهُ ُك رف ٌر"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َس رع ٍد َع رن َس رع ٍد‪ ،‬قَ َ‬
‫اب ال ُرم رسل ِم فُ ُ‬
‫اّلل ‪" : ‬سبَ ُ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫ب إِلَري ُك ُم رِ‬ ‫ِ َّ‬
‫اْلميَا َن‬ ‫ترتيب هذه األحاديث يذكران بقول هللا تعاىل كما جاء يف سورة احلجرات ﴿ َولَٰك َّن الل هَ َحبَّ َ‬
‫سو َق َوال ِرع ر‬
‫صيَا َن ۚ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوَزيَّنَهُ ِِف قُلُوب ُك رم َوَك َّرَه إلَري ُك ُم الر ُك رف َر َوالر ُف ُ‬
‫‪١‬‬

‫َص ِل ُحوا بَ ري نَ ُه َما ۚ ﴾ مث‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ويالحظ أن هللا جل وعال ذكر قوله ﴿ َوإِن طَائَِفتَان م َن ال ُرم رؤمنِ َ‬
‫‪2‬‬
‫ْي اقرتَ تَ لُوا فَأ ر‬
‫س ٍاء‬ ‫ذكر ﴿ َي أَيُّ َها الَّ ِذين آمنُوا ََل يس َخر قَ وٌم ِمن قَ وٍم َعس ٰى أَن ي ُكونُوا َخ رريا ِم رن ُهم وََل نِ ِ ِ‬
‫ساءٌ من ن َ‬ ‫ر َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ر َ‬ ‫َر ر ر‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫سو ُق بَ رع َد‬ ‫اب ۚ بِرئ ِ‬ ‫َعس ٰى أَن يَ ُك َّن َخ رريا ِم رن ُه َّن ۚ َوََل تَل ِرم ُزوا أَن ُفس ُك رم َوََل تَنَابَ ُزوا ِب رْلَلر َق ِ‬
‫س اَل رس ُم الر ُف ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ان ۚ ﴾ فهذه األحاديث مأخوذة من‪3‬اآلية ‪.‬‬ ‫اْلميَ ِ‬
‫رِ‬
‫قوله " َوقِتَالُهُ ُك ْفٌر " فيه تفصيل ‪:‬‬
‫فقتل املؤمن إن كان استحالال لدمه كما يفعله بعض اخلوارج فهذا كفر خمرج من امللة وأما إن كان ألمر آخر‬

‫َص ِل ُحوا بَ ري نَ ُه َما ۚ فَِإن بَغَ ر‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫ت‬ ‫جرى بينهما كما يف قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِن طَائَِفتَان م َن ال ُرم رؤمنِ َ‬
‫ْي اقرتَ تَ لُوا فَأ ر‬

‫(‪)1‬سورة احلجرات آية ‪7‬‬


‫(‪)2‬سورة احلجرات آية ‪9‬‬
‫(‪)3‬سورة احلجرات آية ‪1 1‬‬
‫‪12‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫َص ِل ُحوا بَ ري نَ ُه َما ِبل َرع رد ِل‬


‫ت فَأ ر‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َّت تَِف ِ‬
‫يء إ َ َّٰل أ رَم ِر الل ه ۚفَإن فَ َ‬
‫اء ر‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫إِ رح َد ُ‬
‫اُهَا َعلَى راْلُ رخ َر ٰى فَ َقاتلُوا ال ِِت تَ ربغي َح َّ ٰ َ‬
‫وأَق ِ‬
‫رسطُوا ۚ ﴾فهذا ليس بكفر بدليل أن هللا جل وعال جعل وصف اإلميان اثبتا هلم ‪ ،‬وألن امللة واحدة‬ ‫َ‬
‫والعقيدة واحدة وإمنا اخلالف على أمر من أمور الدنيا فاقتتلوا عليه فهذا ال يرجهم من اإلميان ‪ ،‬لكن‬
‫يرجهم من اإلميان إذا اختلفت العقيدة ‪ ،‬كأن يقاتل غريه مكفرا له ومستحال لدمه وماله وعرضه فحينئذ‬
‫يكون كافرا كما سيأيت يف احلديث اآليت ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬‫اب بَ رع ٍ‬ ‫ض ُك رم ِرقَ َ‬ ‫ب بَ رع ُ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫‪َ - 5‬بب ََل تَ ررجعُوا بَ رعدي ُك َّف ً‬
‫ارا يَ ر‬
‫الر رْحَ ِن بر ُن َم ره ِد ٍي‪ ،‬قَ َاَل‪:‬‬‫شا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن َج رع َف ٍر‪َ ،‬و رعبَ ُد َّ‬ ‫‪َ - 3942‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ‬
‫ث َع رن َج ِري ِر‬ ‫ت أ ََب ُزرر َعةَ بر َن َع رم ِرو بر ِن َج ِري ٍر َُيَ ِد ُ‬ ‫ال‪ََِ :‬س رع ُ‬ ‫َح َّدثَنَا ُش رعبَةُ‪َ ،‬ع رن َعلِ ِي بر ِن ُم رد ِر ٍك قَ َ‬
‫"َل تَ ررِجعُوا‬ ‫‪":‬استَ رن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ب ِن َعب ِد َِّ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫س" فَ َق َ‬ ‫ت النَّا َ‬‫ص ر‬ ‫ال ِِف َح َّجة ال َرو َد ِاع ر‬ ‫اّلل ‪‬قَ َ‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫اّلل‪ ،‬أ َّ‬ ‫ر ر‬
‫ِ‬
‫ض"‪.‬‬ ‫اب بَ رع ٍ‬‫ض ُك رم ِرقَ َ‬ ‫ب بَ رع ُ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫بَ رعدي ُك َّف ً‬
‫ارا يَ ر‬
‫َبِّن عُ َم ُر بر ُن ُمَ َّم ٍد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم‪َ ،‬ح َّدثَنَا ال َرولي ُد بر ُن ُم رسل ٍم‪ ،‬أَ رخ ََ‬ ‫الر رْحَ ِن بر ُن إبر َراه َ‬
‫‪َ - 3943‬ح َّدثَنَا َع رب ُد َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َع رن أَبِ ِيه َع رن ابر ِن عُ َم َر‪ ،‬أ َّ‬
‫"و رَيَ ُك رم ‪ -‬أ رَو َوير لَ ُك رم ‪ََ -‬ل تَ ررجعُوا بَ رعدي ُك َّف ً‬
‫ارا‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫اّلل‪‬قَ َ‬ ‫َن َر ُس َ‬
‫ض"‪.‬‬ ‫اب بَ رع ٍ‬ ‫ض ُك رم ِرقَ َ‬ ‫ب بَ رع ُ‬ ‫ض ِر ُ‬
‫يَ ر‬
‫َّارا " حممولة عند أهل العلم على أمور ‪:‬‬
‫كلمة " ُكف ً‬
‫ص ُموا ِِبَرب ِل اللَّ ِه‬
‫‪ -‬أن اجتماع املسلمني نعمة من هللا وهي من أعظم النعم حىت قال هللا تعاىل‪ ﴿ :‬وا رعتَ ِ‬
‫َ‬
‫َصبَ رحتُم بِنِ رع َمتِ ِه‬
‫ْي قُلُوبِ ُك رم فَأ ر‬ ‫اء فَأَلَّ َ‬
‫ف بَ ر َ‬ ‫ِ‬ ‫َجيعا وََل تَ َف َّرقُوا ۚواذر ُكروا نِعم َ َّ ِ‬
‫ت الل ه َعلَري ُك رم إ رذ ُكنتُ رم أَ رع َد ً‬ ‫َ ُ رَ‬ ‫َ ً َ‬
‫ِ‬

‫إِ رخ َو ًاَّن ﴾ فهذه نعمة عظيمة ولو أنفق ‪١‬النيب جبال الدنيا ذهبا ال ميكن أن حيصل عليها لوال أن هللا وهبه‬

‫ْي قُلُوُبِِ رم َولَٰ ِك َّن اللَّ َه أَلَّ َ‬


‫ف‬ ‫ت بَ ر َ‬ ‫ض َِ‬
‫َج ًيعا َّما أَلَّرف َ‬ ‫إايها وهلذا قال تعاىل يف آية األنفال﴿ لَ رو أَن َف رق َ‬
‫ت َما ِِف راْل رَر ِ‬
‫ِ‬
‫يم ﴾‬‫بَ ري نَ ُه رم ۚ إِنَّهُ َع ِز ٌيز َحك ٌ‬
‫‪2‬‬

‫إذاً اإلخالل هبذه النعمة العظيمة عن طريق االقتتال بني املسلمني ال ريب أنه كفر ابلنعمة وهذا هو املعىن‬
‫األول ‪.‬‬
‫َّارا " أي ‪ :‬ال تعملوا أعمال الكفار ألن أعمال الكفار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهناك معىن آخر يف قوله " َال تَ ْرجعُوا بَ ْعدي ُكف ً‬
‫ليست من أعمال املسلمني ‪.‬‬

‫عمر ن آية ‪1 03‬‬


‫(‪)1‬سورة آل ا‬
‫(‪)2‬سورة األنفال آية ‪6 3‬‬
‫‪14‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ْي قُلُوبِ ُك رم‬ ‫اء فَأَلَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫من جهة أخرى الحظ يف قوله تعاىل‪ ﴿ :‬اذر ُكروا نِعم َ َّ ِ‬
‫ف بَ ر َ‬ ‫ت الل ه َعلَري ُك رم إ رذ ُكنتُ رم أَ رع َد ً‬ ‫ُ رَ‬
‫آَيتِِه‬
‫ْي اللَّ هُ لَ ُك رم َ‬
‫ك يُبَِ ُ‬ ‫َصبَ رحتُم بِنِ رع َمتِ ِه إِ رخ َو ًاَّن َوُكنتُ رم َعلَ ٰى َش َفا ُح رف َرةٍ ِم َن النَّا ِر فَأَن َق َذ ُكم ِم رن َها ۚ َك َٰذلِ َ‬
‫فَأ ر‬
‫اخلَ رِري وَيرمرو َن ِبلرمعر ِ‬
‫وف َويَ رن َه رو َن َع ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َ رُ‬ ‫لَ َعل ُك رم ََترتَ ُدو َن﴿‪َ ﴾١03‬ولرتَ ُكن من ُك رم أ َُّمةٌ يَ ردعُو َن إ ََّل ر َ َ ُ ُ‬
‫ين تَ َف َّرقُوا َوا رختَ لَ ُفوا ِمن بَ رع ِد‬ ‫‪ِ َّ ١‬‬ ‫ِ‬ ‫ال ُرمن َك ِر ۚ َوأُولَٰئِ َ‬
‫ك ُه ُم ال ُرم رفل ُحو َن ﴾ مث قال بعد ذلك ﴿ َوََل تَ ُكونُوا َكالذ َ‬
‫يم ﴿‪ ﴾١05‬أي ‪ :‬ال يرجكم أمركم‬ ‫ِ‬ ‫ات ۚ َوأُولَٰئِ َ‬
‫اء ُه ُم الربَيِنَ ُ‬
‫ابملعروف وهنيكم عن‬ ‫اب َعظ ٌ‬
‫ك َلُ رم َع َذ ٌ‬ ‫َما َج َ‬
‫‪2‬‬

‫املنكر إىل حد االفرتاق والقتال ‪،‬فإن هذا منهي عنه مث بعد ذلك قال ﴿ يَ رو َم تَ رب يَ ُّ‬
‫ض ُو ُجوهٌ َوتَ رس َو ُّد‬
‫‪3‬‬
‫وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة" ‪ ،‬وال ريب أن أعظم‬ ‫ُو ُجوهٌ ۚ ‪ ﴾ ..‬قال ابن عباس ‪" :‬تبيض‬
‫أهل البدع يف اإلسالم هم اخلوارج فاآلية فيها اإلشارة إليهم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض" فيه التنبيه على حرمة دماء املسلمني وأن من‬ ‫ض ُك ْم ِرقَ َ‬
‫اب بَ ْع ٍ‬ ‫ض ِر ُ‬
‫ب بَ ْع ُ‬ ‫َّارا يَ ْ‬
‫إذاً قوله "َال تَ ْرجعُوا بَ ْعدي ُكف ً‬
‫قتل أحدا من املسلمني فإنه كافر وال يلو أن يكون كفره يرجه من ملة اإلسالم أو يكون كافرا بنعمة هللا‬
‫اليت أنعم هللا هبا عليه والكفر بنعمة هللا ليس أمرا هينا وال تنسوا قول أولئك القوم الذين قالوا ﴿ فَ َقالُوا َربَّنَا‬
‫َس َفا ِرََّن﴾ فمزقهم هللا كل ممزق ‪ ،‬فقد ال‪ 4‬يلد صاحبه يف النار لكنه ذنب عظيم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْي أ ر‬
‫َبع رد بَ ر َ‬

‫‪ - 3944‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بن َعب ِد َِّ‬


‫اّلل بر ِن َُّنَرٍري‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَِِب‪َ ،‬و ُمَ َّم ُد بر ُن بِ رش ٍر‪ ،‬قَ َاَل‪َ :‬ح َّدثَنَا‬ ‫رُ ر‬ ‫َ‬
‫اّلل‪" :‬أ َََل إِِّن فَ َرطُ ُك رم َعلَى‬ ‫ِ‬ ‫ول َّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫َْحَ ِس ِي‪ ،‬قَ َ‬ ‫لصنَابِ ِح راْل ر‬ ‫س َع رن ا ُّ‬ ‫يل‪َ ،‬ع رن قَ ري ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫إ رَسَاع ُ‬
‫ض‪َ ،‬وإِِّن ُم َكاثٌِر بِ ُك رم راْل َُم َم‪ ،‬فَ ََّل تَ َقتتِلُ َّن بَ رع ِدي"‪.‬‬
‫ا رْلَرو ِ‬
‫ض‪َ ،‬وإِِِين ُم َكاثٌِر بِ ُك ْم ْاألَُم َم‪"،‬كل هذه مرغبات يف االجتماع أي‪ :‬اجتمعوا وال‬ ‫قوله "إِِِين فَ َرطُ ُك ْم َعلَى ْ‬
‫احلَْو ِ‬
‫تتفرقوا‪ ،‬فإن تفرقكم قد حيرمكم من أن تردوا علي احلوض‪ ،‬وهلذا قال بعدها‪" :‬فَ َال تَ ْقتَتِلُ َّن بَ ْع ِدي "‪.‬‬

‫عمر ن آية ‪104-1 03‬‬


‫(‪)1‬سورة آل ا‬
‫عمر ن آية ‪1 05‬‬
‫(‪ )2‬سورة آل ا‬
‫عمر ن آية ‪1 06‬‬
‫(‪)3‬سورة آل ا‬
‫(‪)4‬سورة سبأ آية ‪1 9‬‬
‫‪15‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫‪ - 6‬بب‪ :‬الرمسلِمو َن ِِف ِذ َّم ِة َِّ‬


‫اّلل َع َّز َو َج َّل‬ ‫َ ٌ ُر ُ‬
‫َْحَ ُد بر ُن‬‫ص ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا أ ر‬ ‫يد بر ِن َكثِ ِري بر ِن ِدينَا ٍر ا رْلِم ِ‬ ‫‪ - 3945‬ح َّدثَنَا َعمرو بن عُثرما َن ب ِن س ِع ِ‬
‫ر‬ ‫رُ رُ َ ر َ‬ ‫َ‬
‫اح ِد بر ِن أَِِب َع رو ٍن‪َ ،‬ع رن‬ ‫شو ُن‪ ،‬عن عب ِد الرو ِ‬ ‫ب‪ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد الرع ِزي ِز برن أَِِب سلَمةَ الرم ِ‬ ‫ٍِ‬
‫َ ر َر َ‬ ‫اج ُ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َخالد ال َرو رهِ ُّ َ‬
‫ال رس ُ ِ‬ ‫لص ِد ِيق‪ ،‬قَ َ‬‫اّن َعن أَِِب ب رك ٍر ا ِ‬ ‫يم‪َ ،‬ع رن َحابِ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫"م رن‬‫ول ا َّّلل ‪َ :‬‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫س الريَ َم ِِ ر َ‬ ‫َس رعد بر ِن إبر َراه َ‬
‫الصبح فَ هو ِِف ِذ َّم ِة َِّ‬
‫اّلل‪ ،‬فَ ََّل ُُترِف ُروا ا َّّللَ ِِف َع ره ِدهِ‪ ،‬فَ َم رن قَ تَ لَهُ طَلَبَهُ َّ‬
‫اّللُ َح ََّّت يَ ُكبَّهُ ِِف‬ ‫صلَّى ُّ ر َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫النَّا ِر َعلَى َو رج ِه ِه"‪.‬‬
‫س ِن َع رن‬ ‫ث‪َ ،‬ع رن ا رْلَ َ‬ ‫ح بر ُن عُبَا َدةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَ رش َع ُ‬ ‫شا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا َررو ُ‬‫‪َ - 3946‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ‬
‫الصبح فَ هو ِِف ِذ َّم ِة َِّ‬
‫اّلل َع َّز َو َج َّل"‪.‬‬ ‫صلَّى ُّ ر َ ُ َ‬ ‫"م رن َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫َّب ‪‬قَ َ‬ ‫ب‪َ ،‬ع رن النِ ِ‬ ‫ََسُرَة بر ِن ُج رن َد ٍ‬
‫َ‬
‫يف ذمة هللا أي ‪ :‬يف عهده وكأنه بذلك يشري إىل قوله تعاىل عن غري املسلمني ‪ََ ﴿ :‬ل يَ ررقُبُو َن ِِف ُم رؤِم ٍن إًَِّل‬
‫‪١‬‬
‫َوََل ِذ َّمةً ۚ َوأُولَٰئِ َك ُه ُم ال ُرم رعتَ ُدو َن ﴾‬
‫وال شك أن أعظم من ابتلي هبذا هم اخلوارج‪ ،‬فاخلوارج ال يرقبون يف مؤمن ًإال وال ذمة‪ ،‬أي‪ :‬فال قرابة‬
‫يعتربوهنا وال ذمة هللا يرعوهنا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ين ُه رم ِْل ََم َاَّنَتِِ رم َو َع ره ِد ِه رم َراعُو َن ﴾‬ ‫َّ ِ‬
‫أما املؤمنون فقد وصفهم هللا بقوله ﴿ َوالذ َ‬

‫ِ‬
‫ام بر ُن َع َّما ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ال َرولي ُد بر ُن ُم رسلِ ٍم‪َ ،‬ح َّدثَنَا َْح ُ‬
‫َّاد بر ُن َسلَ َمةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا‬ ‫شُ‬ ‫‪َ - 3947‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫اّلل ‪" :‬ال ُرم رؤِم ُن أَ رك َرُم‬
‫ول َِّ‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول‪ :‬قَ َ‬ ‫أَبُو ال ُرم َه ِزِم يَ ِزي ُد بر ُن ُس رفيَا َن‪ ،‬قال‪ََِ :‬س رع ُ‬
‫ت أ ََب ُه َرير َرةَ يَ ُق ُ‬
‫ض َم ََّلئِ َكتِ ِه"‪.‬‬‫اّلل ‪ِ ‬م رن بَ رع ِ‬
‫َعلَى َِّ‬
‫احلديث فيه ضعف لكن املؤلف قصد من إيراده تعظيم حرمة املؤمن ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة التوبة آية ‪1 0‬‬


‫(‪)2‬سورة املعارج آية ‪3 2‬‬
‫‪16‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫صبِيَّ ِة‬
‫ب ال َرع َ‬
‫‪َ - 7‬ب ُ‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫اف‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد الر َوا ِرث بر ُن َسعيد‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَيُّ ُ‬
‫وب‪َ ،‬ع رن‬ ‫‪َ - 3948‬ح َّدثَنَا بِ رش ُر بر ُن ِه ََّل ٍل َّ‬
‫الص َّو ُ‬
‫ت‬‫"م رن قَاتَ َل َتر َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫غَري ََّل َن بر ِن َج ِري ٍر‪َ ،‬ع رن ِزََي ِد بر ِن ِرََي ٍح َع رن أَِِب ُه َرير َرةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫اّلل ‪َ :‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫اهلِيَّةٌ"‪.‬‬
‫ضب لِعصبِيَّ ٍة‪ ،‬فَِق رت لَته ج ِ‬
‫ُُ َ‬
‫راي ٍة عُ ِميَّ ٍة‪ ،‬ي ردعُو إِ ََّل َع ٍ‬
‫صبِيَّة‪ ،‬أ رَو يَ رغ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫هذا الباب فيه وقفات ‪:‬‬
‫‪ -‬أراد املؤلف من هذه الرتمجة اإلشارة إىل أن العصبية مما يضاد اإلميان ‪ ،‬واألصل فيها قوله تعاىل‪ ﴿ :‬إِ رذ‬
‫‪١‬‬
‫ين َك َف ُروا ِِف قُلُوُبِِ ُم ا رْلَ ِميَّةَ َِْحيَّةَ ا رْلَ ِاهلِيَّ ِة ﴾‬ ‫َّ ِ‬
‫َج َع َل الذ َ‬
‫ومعىن العصبية ‪ :‬مجاعة جمتمعون على أمر جمهول ال يستند إىل الدليل من الكتاب والسنة ‪.‬‬

‫ك ِمن َّربِ َ‬
‫ك ا رْلَ ُّق َك َم رن ُه َو‬ ‫وقوله‪" :‬عُ ِِميَّ ٍة"‪ :‬فيه إشارة إىل قوله تعاىل ﴿ أَفَ َمن يَ رعلَ ُم أَََّّنَا أُن ِز َل إِلَري َ‬
‫‪2‬‬
‫أَ رع َم ٰى ۚ﴾‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُّموا َكثِريٌ م رن ُه رم ۚ َواللَّ هُ‬
‫ب اللَّ هُ َعلَري ِه رم ُُثَّ َع ُموا َو َ‬ ‫وقوله‪َ ﴿ :‬و َحسبُوا أ َََّل تَ ُكو َن ف رت نَةٌ فَ َع ُموا َو َ‬
‫ص ُّموا ُُثَّ ََت َ‬
‫إبصار احلق ومساعه ‪ ،‬وهلذا يقال فتنة صماء وفتنة عمياء ‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫صريٌ ِِبَا يَ رع َملُو َن ﴾ فالفتنة يعمى املرء فيها عن‬ ‫بِ‬
‫َ‬
‫وأييت أيضا حديث "فنت كقطع الليل ‪"..‬‬
‫اع ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫روى مسلم عن أيب هريرة رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪َ ":‬م ْن َخَر َج م َن الطَّ َ‬
‫صبَ ٍة‪،‬‬ ‫اهلِيَّةً‪ ،‬ومن قَاتَل َْحتت راي ٍة ِع ِميَّ ٍة ي ْغضب لِع ٍ‬
‫اجلماعةَ فَمات‪ ،‬مات ِميتةً ج ِ‬
‫صبَة‪ ،‬أَْو يَ ْدعُو إِ َىل َع َ‬
‫ََ ْ َ َ َ َ ِ َ َ ُ َ َ‬ ‫َوفَ َار َق َْ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اهلِيَّةٌ‪" ،‬‬
‫أَو ي ْنصر عصبةً‪ ،‬فَ ُقتِل‪ ،‬فَِقْت لَةٌ ج ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُ ُ َ ََ‬

‫(‪ )1‬سورة الفتح آية ‪2 6‬‬


‫(‪)2‬سورة الرعد آية ‪1 9‬‬
‫(‪)3‬سورة املائدة آية ‪7 1‬‬
‫‪17‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ويف لفظ "ليس من أميت من خرج على أميت يضرب برها وفاجرها وال يتحاشى مؤمنها وال يويف لذي عهدها‬
‫فليس مين ولست منه"‬
‫فهذه األنواع الثالثة قال عنها النيب صلى هللا عليه وسلم مات ميتة جاهلية ‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ‪":‬فاألول هو الذي يرج عن طاعة ويل األمر ويفارق جلماعة [قلت‪ :‬والحظ أن األول مل‬
‫يرج ال ابلسيف وال بغريه‪ ،‬وإمنا اعتقد هذه العقيدة خبروجه عن طاعة ويل األمر ومفارقته اجلماعة]‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬هو الذي يقاتل ألجل العصبية والرايسة ال يف سبيل هللا كأهل األهواء مثل قيس ويُ ْمن ‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬مثل الذي يقطع الطريق فيقتل من لقيه من مسلم وذمي ليأخذ ماله وكاحلرورية املارقني الذين‬
‫قاتلهم علي رضي هللا عنه‪".‬‬
‫مث ساق األحاديث فيهم ‪.‬‬

‫ي‪َ ،‬عن َعبَّ ِ‬


‫اد بر ِن َكثِ ٍري‬ ‫ِِ‬
‫الربِي ِع الريُ رحمد ُّ ر‬
‫‪َ - 3949‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا ِزََي ُد بر ُن َّ‬
‫رت‪:‬‬ ‫َّب ‪ ‬فَ ُقل ُ‬ ‫ت النِ َّ‬ ‫ت أَِِب يَ ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬سأَلر ُ‬ ‫ت َِ‬
‫‪َ:‬س رع ُ‬ ‫س ري لَةُ‪ ،‬قَالَ ر‬
‫ال َلَا‪ :‬فُ َ‬ ‫الش ِام ِي‪َ ،‬ع رن رام َرأَةٍ ِم رن ُه رم يُ َق ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫"َل‪ ،‬ولَ ِكن ِمن الرع ِ‬ ‫صبِيَّ ِة أَ رن َُِي َّ‬ ‫ول َِّ ِ‬
‫صبِيَّة أَ رن يُع َ‬
‫ْي‬ ‫ال‪ َ َ :‬ر ر َ َ‬ ‫الر ُج ُل قَ روَمهُ؟ قَ َ‬‫ب َّ‬ ‫اّلل‪ ،‬أَم َن ال َرع َ‬ ‫ََي َر ُس َ‬
‫الر ُج ُل قَ روَمهُ َعلَى الظُّل ِرم"‪.‬‬ ‫َّ‬
‫هذا إسناده ضعيف‬

‫‪18‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫الس َو ِاد راْلَ رعظَِم‬


‫ب َّ‬ ‫‪َ - 8‬ب ُ‬
‫الد َم رش ِق ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا ال َرولِي ُد بر ُن ُم رس لِ ٍم‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُم َع ا ُن بر ُن‬
‫‪ - 3950‬ح َّدثَنَا الرعبَّ اس ب ن عُثرم ا َن ِ‬
‫َ ُ رُ َ‬ ‫َ‬
‫ول َِّ‬
‫اّلل‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ول‪ََِ :‬س رع ُ‬ ‫ك يَ ُق ُ‬ ‫ف راْلَ رعمى أنه ََِس ع أَنَس بر ن مالِ ٍ‬ ‫الس ََّل ِم ُّي‪ ،‬ح َّدثَِّن أَبو َخلَ ٍ‬
‫اعةَ َّ‬‫ِرفَ َ‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لس َو ِاد‬
‫ض ََّللَ ٍة‪ ،‬فَ ِإذَا َرأَير تُ رم اَل رخ تِ ََّلف فَ َعلَ ري ُك رم ِب َّ‬ ‫ول‪" :‬إِ َّن أ َُّم ِِت لَ ن َلرتَ ِم ُع َعلَ ى َ‬ ‫‪ ‬يَ ُق ُ‬
‫راْلَ رعظَِم"‪.‬‬
‫هذا احلديث فيه ضعف ولكنه مشهور على ألسنة أهل السنة ‪.‬‬
‫وهنا أراد املؤلف من هذه الرتمجة أن من أصول أهل السنة لزوم اجلماعة ‪.‬‬
‫لس َو ِاد ْاأل َْعظَِم " له معنيان‪:‬‬
‫قوله ‪" :‬فَ َعلَْي ُك ْم ِاب َّ‬
‫اْلول ‪ :‬ي راد ب ه مجل ة الن اس ومعظمه م ال ذين تمع ون عل ى طاع ة الس لطان ‪ ،‬ويش هد هل ذا املع ىن إخب ار الن يب‬
‫ص لى هللا علي ه وس لم ع ن اف رتاق الن اس فس أله حذيف ة م اذا يص نع فق ال "ال زم مجاع ة املس لمني وإم امهم" فه ذا‬
‫هو السواد األعظم ‪.‬‬
‫اخلَو ِ‬
‫ف أَ َذاعُوا بِ ِه ۚ َولَ رو َردُّوهُ إِ ََّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويشري إىل ذلك أيضا قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وإ َذا َج َ‬
‫اء ُه رم أ رَم ٌر م َن راْل رَم ِن أَ ِو ر ر‬
‫ُوِل راْل رَم ِر ِم رن ُه رم ﴾ وأولو األمر هنا هم أهل احلل ‪١‬والعقد‪ ،‬وهذا يعين وجود مجاعة وإمام ‪،‬‬ ‫الر ُس ِ‬
‫ول َوإِ َ َّٰل أ ِ‬ ‫َّ‬
‫فاهلل عز وجل ينهاهم أن يتحدثوا عن شيء هو من خصائص اإلمام ومن خصائص أهل احلل والعقد‬
‫وأيمرهم أن يردوا ذلك إليهم ألهنم أعلم به من غريهم ‪.‬‬
‫يم َكا َن أ َُّمةً﴾ فإنه عليه الصالة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الثاّن ‪ :‬كون اإلنسان على احلق ولو كان وحده كقوله تعاىل‪ ﴿ :‬إ َّن إبر َراه َ‬
‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫ط ۚ ﴾ ونقول‬ ‫والسالم كان وحده على احلق مث آمن له لوط كما أخرب هللا بذلك فقال ‪ ﴿:‬فَ َ‬
‫آم َن لَهُ لُو ٌ‬

‫(‪)1‬سورة النساء آية ‪8 3‬‬


‫(‪)2‬سورة النحل آية ‪1 20‬‬
‫(‪)3‬سورة العنكبوت آية ‪2 6‬‬
‫‪19‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫بذلك يف احلالة الثانية حينما قال حذيفة للنيب "فإن مل يكن هلم مجاعة وال إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها‬
‫‪ "...‬فطاملا كان العبد على ما كان عليه النيب وأصحابه فهو السواد األعظم وإن كان وحده‬

‫‪20‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ب َما يَ ُكو ُن ِم رن ال ِرف َ ِ‬


‫ت‬ ‫‪َ -9‬ب ُ‬
‫اّلل بر ِن َُّنَرٍري‪َ ،‬و َعلِ ُّي بر ُن ُمَ َّم ٍد‪ ،‬قَ َاَل‪َ :‬ح َّدثَنَا أَبُو ُم َعا ِويَةَ‪َ ،‬ع رن‬ ‫‪ - 395١‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بن َعب ِد َِّ‬
‫رُ ر‬ ‫َ‬
‫اد َع ن مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش‪َ ،‬ع ن رج ٍاء راْلَنرص ا ِر ِي‪َ ،‬ع ن َعب ِد َِّ‬
‫ال‪:‬‬‫اذ بر ِن َجبَ ٍل‪ ،‬قَ َ‬ ‫اّلل بر ِن َش َّداد بر ِن ا رلَ ر ُ َ‬ ‫ر ر‬ ‫َ‬ ‫راْلَ رع َم ِ ر َ َ‬
‫ول‬
‫ف قُلرنَ ا ‪ -‬أ رَو قَ الُوا ‪ََ :-‬ي َر ُس َ‬ ‫ص َر َ‬ ‫اّلل ‪ ‬ي وم ا ص ََّل ًة‪ ،‬فَأَطَ َ ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫صلَّى َر ُس ُ‬
‫ال ف َيه ا‪ ،‬فَ لَ َّم ا انر َ‬ ‫َر ً َ‬ ‫َ‬
‫اّللَ ‪ِْ ‬ل َُّم ِِت ثَ ََّل ً‪،،‬‬ ‫ص ََّل َة َر رغبَ ٍة َوَررهبَ ٍة‪َ ،‬س أَل ُ‬ ‫صلَّري ُ‬ ‫َِّ‬
‫رت َّ‬ ‫ت َ‬ ‫ال‪" :‬إِِّن َ‬ ‫الص ََّل َة! قَ َ‬
‫رت الريَ روَم َّ‬ ‫اّلل‪ ،‬أَطَل َ‬
‫ط َعلَ ري ِه رم َع ُد ًّوا ِم رن غَ رِريِه رم‪ ،‬فَأَ رعطَانِ َيه ا‪،‬‬ ‫س لِ َ‬ ‫ِ‬
‫ْي َوَر َّد َعلَ َّي َواح َدةً‪َ ،‬س أَلرتُهُ أَ رن ََل يُ َ‬ ‫فَأَ رعطَ ِاّن اثر نَ تَ ر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّها َعلَ َّي"‪.‬‬ ‫َو َسأَلرتُهُ أَ رن ََل يُ رهل َك ُه رم غَ َرقًا‪ ،‬فَأَ رعطَان َيها‪َ ،‬و َسأَلرتُهُ أَ رن ََل َرَي َع َل َِب َ‬
‫رس ُه رم بَ ري نَ ُه رم فَ َرد َ‬
‫هذا احلديث يف الصحيحني لكن من غري هذا الطريق وهو حديث مشهور وله طرق ‪.‬‬
‫ص َال َة َر ْغبَ ٍة َوَرْهبَ ٍة " ‪ :‬رغبة يف أن يستجيب هللا دعائي ورهبة يف أن يرد دعائي ‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫صلَّْي ُ‬
‫قوله " َ‬
‫ث َعلَري ُك رم َع َذ ًاب ِمن فَ روقِ ُك رم أ رَو ِمن‬ ‫هذا احلديث تفسري لقوله تبارك وتعاىل﴿ قُل هو الر َق ِ‬
‫اد ُر َعلَ ٰى أَن يَ رب َع َ‬ ‫ر َُ‬
‫‪١‬‬
‫ض ۚ ﴾ وقال النيب صلى هللا عليه‬ ‫رس بَ رع ٍ‬ ‫س ُك رم ِشيَ ًعا َويُ ِذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وسلم عند‬ ‫ض ُكم َِب َ‬ ‫يق بَ رع َ‬ ‫َترت أ رَر ُجل ُك رم أ رَو يَ رلب َ‬
‫س ُك رم ِشيَ ًعا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫قوله ‪َ ‬ع َذ ًاب من فَ روق ُك رم ‪"‬أعوذ بوجهك" ‪‬أ رَو من َترت أ رَر ُجل ُك رم ‪‬قال‪":‬أعوذ بوجهك"‪‬أ رَو يَ رلب َ‬
‫ض ۚ‪ ‬قال‪" :‬هذه أهون" ‪.‬‬ ‫رس بَ رع ٍ‬
‫ض ُكم َِب َ‬ ‫يق بَ رع َ‬ ‫َويُ ِذ َ‬
‫لكن هاهنا أمر ينبغي التوقف عنده وأتمله وهو ‪:‬‬
‫ملاذا مل يعط هللا نبيه صلى هللا عليه وسلم الثالثة؟‬
‫فاجلواب ‪ :‬أن الس ر واحلكم ة وهللا أعل م يف أن هللا مل ب نبي ه يف أن ال يُس لِِط بعض هم عل ى بع ض أن هللا ق د‬
‫ين ِم ن قَ ربلِ ُكم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس تَ رمتَ رعتُم َِلَََّلق ُك رم َك َم ا ر‬
‫اس تَ رمتَ َع ال ذ َ‬
‫ِ‬
‫اس تَ رمتَ عُوا َِلَََّلق ِه رم فَ ر‬
‫قض ى كم ا يف قول ه تع اىل‪ ﴿ :‬فَ ر‬
‫اضوا ۚ ﴾ ومما ابتلى هللا به ب ين إس رائيل ‪2‬أهن م مل ا عب دوا العج ل أم رهم عن د التوب ة‬ ‫ضتُ رم َكالَّ ِذي َخ ُ‬
‫َِلَََّلقِ ِه رم َو ُخ ر‬

‫(‪)1‬سورة األنعام آية ‪6 5‬‬


‫(‪)2‬سورة التوبة آية ‪6 9‬‬
‫‪21‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫أن يقتل وا أنفس هم ح ىت قُتِ ل م نهم يف ذل ك‪1‬الي وم س بعون ألف ا إىل أن تض رع موس ى إىل رب ه أن يق ف ه ذا‬
‫األمر‪.‬‬
‫اء اللَّ هُ َم ا‬
‫فح دأ أن هللا س لط بعض هم عل ى بع ض وق د ورد ه ذا يف آي ة أخ رى كم ا ق ال تع اىل ﴿ َولَ رو َش َ‬
‫اقرتَ تَ لُ وا َولَٰ ِك َّن اللَّ هَ يَ رف َع ُل َم ا يُ ِري ُد﴾ ومل ا قُتِ ل فرع ون مل يع د هن اك ع‪2‬ذاب ابالستئص ال‪ ،‬وإمن ا بق ي أن يبتل ي‬
‫هللا بعض اخللق ببعض وهلذا كانت بداية اجلهاد يف شريعة التوراة ‪.‬‬
‫وأخرب النيب عن أمته أهنا ستسلك طريق من قبلها فقال "لتتبعن سنن من كان قبلكم شربا بش رب وذراع ا ب ذراع"‬
‫وحينئذ فإنه سيصيبها ما أصاب األمم السابقة وهبذا تك ون س نة كوني ة قدري ة ال ميك ن أن تتب دل وال أن تتغ ري‪،‬‬
‫وهذا هو سبب عدم إجابة نبيه فيها ‪.‬‬
‫ومن سنن هللا القدرية يف هذه األمة أن السيف إذا وقع فيها مل يرفع ‪ ،‬فلما وقع السيف يف زم ن عثم ان مل يرف ع‬
‫حىت يومنا هذا ‪.‬‬
‫اء اللَّ هُ‬
‫فاالقتتال ابلنسبة لبين إسرائيل ك ان توب ة م ن هللا هل م وك ان أم را كوني ا ق دراي كم ا ق ال تع اىل‪َ ﴿ :‬ولَ رو َش َ‬
‫َما اقرتَ تَ لُوا َولَٰ ِك َّن اللَّ هَ يَ رف َع ُل َما يُ ِري ُد﴾‪.‬‬
‫وأم ا ابلنس بة ألم ة حمم د فق د ق ال الن يب ص لى هللا علي ه وس لم ع ن أمت ه‪" :‬إن أم يت أم ة مرحوم ة ل يس عليه ا‬
‫عذاب يف اآلخرة " فما يصيبها يف الدنيا من هذه األمور يُ َّ‬
‫كفر هبا عنهم يف اآلخرة ‪.‬‬
‫وهذا األمر ال يقع على أمة حممد كلها وإمنا يقع على من سلك سبيل اليهود والنصارى‪.‬‬

‫بعض املفاسد املْتتبة على الدخول ِف الفت‪:‬‬


‫اْلوَّل ‪ :‬أن الفنت ال يُ َ‬
‫عرف ما فيها من الشر إال إذا أدبرت ‪ ،‬فأما إذا أقبلت فإهنا تزين ويُظَ ُن أن فيها خريا‬
‫ين يُ ِري ُدو َن ا رْلَيَاةَ‬ ‫وقد جاء هذا املعىن يف كتاب هللا فقال تعاىل﴿ فَ َخرج َعلَ ٰى قَ وِم ِه ِِف ِزينَتِ ِه ۚ قَ َ َّ ِ‬
‫ال الذ َ‬ ‫ر‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ُوِت قَارو ُن إِنَّهُ لَ ُذو ح ٍظ َع ِظ ٍيم ﴿‪ ﴾79‬وقَ َ َّ ِ‬ ‫الدنريا َي لَي َ ِ‬
‫اب‬
‫رم َوير لَ ُك رم ثَ َو ُ‬‫ين أُوتُوا الرعل َ‬ ‫ال الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت لَنَا مثر َل َما أ ِ َ ُ‬ ‫ُّ َ َ ر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّ ِه َخ رري لِمن آمن و َع ِمل ِ‬
‫ض فَ َما َكا َن لَهُ‬ ‫الصابِ ُرو َن ﴿‪﴾80‬فَ َخ َس رفنَا بِه َوبِ َدا ِره راْل رَر َ‬‫اها إََِّل َّ‬
‫صاْلًا َوََل يُلَ َّق َ‬
‫ٌ َر ََ َ َ َ‬

‫(‪ )1‬قال الشيخ أ ي ‪ :‬يقتل بعضهم بعضا وليس املقصود أ ن يقتل املرء نفسه فإ ن هذا ال وز يف أ ي شريعة ‪.‬‬
‫(‪)2‬سورة البقرة آية ‪2 53‬‬
‫‪22‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ين َتََن رَّوا َم َكانَهُ ِب رْل رَم ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍِ‬
‫س‬ ‫َصبَ َح الذ َ‬
‫ين ﴿‪َ ﴾8١‬وأ ر‬ ‫نص ُرونَهُ من ُدون الل ه َوَما َكا َن م َن ال ُرمنتَص ِر َ‬ ‫من فئَة يَ ُ‬
‫ف‬ ‫س َ‬ ‫َّ‬ ‫ط ال ِررز َق لِمن ي َ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫يَ ُقولُو َن َوير َكأ َّ َّ‬
‫شاءُ م رن عبَاده َويَ رقد ُر ۚ لَ روََل أَن َّم َّن الل هُ َعلَري نَا َخلَ َ‬ ‫َ َ‬ ‫سُ‬‫َن الل هَ يَ رب ُ‬
‫بِنَا ۚ َوير َكأَنَّهُ ََل يُ رفلِ ُح الر َكافِ ُرو َن ﴿‪ ﴾﴾82‬هذا الكالم مقتبس من شيخ‪١‬اإلسالم‪.‬‬
‫وهلذا كل من دخل فيها– أي‪ :‬الفنت‪ -‬مل حيمد عاقبة دخوله ملا حيصل من الضرر يف دينه ودنياه ‪.‬‬
‫الثاني ة ‪ :‬األحادي ث ت دل عل ى أن الف نت تش تمل عل ى الش بهات والش هوات ‪ ،‬ف ال تنض بط مقاص د م ن دخ ل‬
‫فيها وال عقائدهم ألهنم ما بني شبهة وشهوة ‪.‬‬
‫ض عُوا ِخ ََّللَ ُك رم يَ رب غُونَ ُك ُم ال ِرف رت نَ ةَ‬ ‫الثالثة ‪ :‬التنبيه إىل قوله تعاىل‪ ﴿:‬لَ رو َخ َر ُجوا فِي ُكم َّما َز ُ‬
‫ادوُك رم إََِّل َخبَ ًاَل َوَْل رَو َ‬
‫َوفِي ُك رم ََسَّاعُو َن َلُ رم ۚ ﴾ ويستفاد من هذه اآلية أن من‪2‬آاثر الفنت أن يصبح اجملتمع فوضى ‪.‬‬

‫ب بر ِن َش ابُوٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا َس ِعي ُد بر ُن‬ ‫ام بر ُن َع َّم ا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن ُش َع ري ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫‪َ - 3952‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫اّلل ابر ِن َزير ٍد‪َ ،‬ع رن أَِِب أ ر‬ ‫ادةَ‪ ،‬أَنَّه ح َّدثَهم َع ن أَِِب قِ ََّلب ةَ ا رْلرِم ِي َعب ِد َِّ‬ ‫ِ‬
‫اء ال َّر َحِ ِب‬
‫ََسَ َ‬ ‫ر‬ ‫َ َر‬ ‫بَش ٍري‪َ ،‬ع رن قَ تَ َ ُ َ ُ ر ر‬
‫"ز ِويَ ر‬ ‫ول َِّ‬ ‫اّلل ‪ ، ‬ع ن ر ُس ِ‬ ‫ول َِّ‬‫َع رن ثَ روب َن َم رو ََّل ر ُس ِ‬
‫ت‬‫ض َح ََّّت َرأَير ُ‬ ‫ت ِِل راْلَ رر ُ‬ ‫ال‪ُ :‬‬ ‫اّلل ‪ ‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ب‬‫ض‪ -‬يَ رع ِّن ال َّذ َه َ‬ ‫َْحَ َر ‪َ -‬و راْلَبر يَ َ‬ ‫َص َف َر ‪ -‬أ رَو راْل ر‬ ‫ت الر َك رن َزير ِن‪ :‬راْل ر‬ ‫ش ا ِرقَ َها َوَمغَا ِرَُبَ ا‪َ ،‬وأُ رعطي ُ‬ ‫َم َ‬
‫ط‬‫س لِ َ‬ ‫اّللَ ‪ ‬ثَ ََّل ً‪ :،‬أَ رن ََل يُ َ‬ ‫رت َّ‬ ‫ك‪َ ،‬وإِِّن َس أَل ُ‬ ‫ي لَ َ‬ ‫ث ُز ِو َ‬ ‫ك إِ ََّل َح ري ُ‬ ‫ض ةَ‪َ ،-‬وقِي َل‪ :‬إِ َّن ُم رل َك َ‬ ‫َوال ِرف َّ‬
‫ض‪َ ،‬وإِنَّهُ‬ ‫رس بَ رع ٍ‬ ‫س ُه رم ِش يَ ًعا َويُ ِذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َعلَى أ َُّم ِِت ُج ً‬
‫ض ُه رم َِب َ‬ ‫يق بَ رع َ‬ ‫وعا فَ يُ رهل َك ُه رم ب ه َع َّام ةً‪َ ،‬وأَ رن ََل يَ رلب َ‬
‫وع ا فَ يُ رهلِ َك ُه رم‪َ ،‬ولَ رن‬
‫ك ُج ً‬ ‫ط َعلَ ى أ َُّمتِ َ‬ ‫ُس لِ َ‬ ‫اء فَ ََّل َم َر َّد لَ هُ‪َ ،‬وإِِّن لَ رن أ َ‬ ‫ض ً‬‫ت قَ َ‬ ‫ض ري ُ‬‫قِي َل ِِل‪ :‬إِ َذا قَ َ‬
‫ض ا‪ .‬وإِذَا و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ََجَ َع َعلَ ري ِه رم َم رن بَ ر َ‬
‫ض َع‬ ‫ض ُه رم بَ رع ً َ ُ‬ ‫ض ا‪َ ،‬ويَ رقتُ َل بَ رع ُ‬ ‫ض ُه رم بَ رع ً‬ ‫ّن بَ رع ُ‬ ‫ْي أَقرطَارَه ا َح ََّّت يُ رف ِ َ‬ ‫أر‬
‫ْي ‪،‬‬ ‫ضل َ‬
‫ف َعلَ ى أ َُّم ِِت أَئِ َّم ةً م ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ف ِِف أ َُّم ِِت فَ لَ رن يُ ررفَ َع َع رن ُه رم إِ ََّل يَ روِم ال ِرقيَ َام ِة‪َ ،‬وإِ َّن ِ َّا أ ََُتَ َّو ُ‬ ‫الس ري ُ‬
‫َّ‬

‫(‪)1‬سورة القصص آية ‪82-7 9‬‬


‫(‪)2‬سورة التوبة آية ‪4 7‬‬
‫أ الفنت يف األمة وهم األئمة املضلو ن ويقع يف هذا املنتسبو ن للعلم والدين‪.‬‬
‫(‪ )3‬قال الشيخ‪ :‬هذا من أعظم أسباب دح و‬
‫‪23‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْي‪َ ،‬وإِ َّن بَ ر َ‬
‫ْي يَ َد ري‬ ‫رح ُق قَ بَائِ ُل م رن أ َُّم ِِت ِبل ُرم رش ِرك َ‬ ‫َو َس تَ رعبُ ُد قَ بَائ ُل م رن أ َُّم ِِت راْل رَوَ‪َ ،‬ن ‪َ ،‬و َس تَ ل َ‬
‫‪١‬‬

‫ال طَائَِفةٌ ِم رن أ َُّم ِِت َعلَى‬


‫ب‪َ ،‬ولَ رن تَ َز َ‬ ‫ْي‪ُ ،‬كلُّ ُه رم يَ رزعُ ُم أَنَّهُ نَِ ٌّ‬
‫‪2‬‬ ‫ِ‬
‫ْي ‪ ،‬قَ ِريبًا م رن ثَََّلثِ َ‬ ‫ْي َك َّذابِ َ‬
‫الس ِ ِ‬
‫اعة َد َّجال َ‬ ‫َّ َ‬
‫ض ُّرهم من َخالََفهم‪ ،‬ح ََّّت َيِرِت أَمر َِّ‬
‫اّلل َع َّز َو َج َّل"‪.‬‬ ‫ُ ر َ َ َ رُ‬ ‫ين‪ََ ،‬ل يَ ُ ُ ر َ ر‬ ‫صوِر َ‬ ‫ا رْلَِق َم رن ُ‬
‫اّلل ِمن َه َذا ا رْل ِد ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س ِن‪ :‬لَ َّما فَ َر َ‬
‫ال‪َ :‬ما أَ ره َولَهُ!‬ ‫يث قَ َ‬ ‫َ‬ ‫غ أَبُو َع ربد َّ ر‬ ‫ال أَبُو ا رْلَ َ‬‫قَ َ‬
‫ين"‬
‫صور َ‬ ‫قوله " َولَ ْن تَ َز َال طَائَِفةٌ ِم ْن أ َُّم ِيت َعلَى ْ‬
‫احلَ ِِق َمْن ُ ِ‬
‫وقد أخرب النيب عن غربة اإلسالم فقال ‪":‬بدأ اْلسَّل غريبا وسيعود غريبا‪" ..‬والغربة هنا نوعان‪ :‬زمانية‬
‫ومكانية ‪ ،‬مث أخرب أنه سيعود ويظهر‪ ،‬وظهور الدين وعودته ال أتيت من فراغ وإمنا البد من أن هناك طائفة‬
‫من أمته ابقني على احلق ‪ ،‬وظهور الدين يكون يف قرون معينة يف جهة معينة مث ختتلف إىل جهة أخرى‬
‫حبسب وجود الطائفة املنصورة‪ ،‬وقد أشار القرآن إىل أنه يف حال اختالف الناس البد أن يؤيد هللا طائفة‬
‫آمنُوا َعلَ ٰى َع ُد ِو ِه رم‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫ين َ‬
‫يل َوَك َف َرت طائ َفةٌ ۚ فَأَيَّ رد ََّن الذ َ‬ ‫حيث قال تعاىل‪ ﴿ :‬فَ َ‬
‫آمنَت طائ َفةٌ من بَِّن إ رس َرائ َ‬
‫ين ﴾ فالبد من وجود طائفة‪ ،‬فبنو ‪3‬إسرائيل كان فيهم طائفة منصورة وأمة حممد صلى هللا‬ ‫ِ‬
‫َصبَ ُحوا ظَاه ِر َ‬
‫فَأ ر‬
‫عليه وسلم فيهم طائفة منصورة ‪.‬‬
‫إذاً هي سنة كونية قدرية ‪.‬‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ادوا‬
‫ين َه ُ‬
‫آمنُوا َوالذ َ‬ ‫وهلذا قال شيخ اإلسالم رمحه هللا –وهذا من الفهم الدقيق‪ -‬يف قوله تعاىل ‪ ﴿:‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬
‫الصابِئِ َ‬
‫ْي‪ ﴾ ....‬يشري إىل الطائفة املنصورة و‬
‫‪4‬‬
‫الفرقة الناجية من األمم املذكورة يف اآلية كما قال‬ ‫َّص َار ٰى َو َّ‬
‫َوالن َ‬
‫تعاىل‪( :‬فلوال كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد يف األرض إال قليال ممن أجنينا منهم)‬

‫(‪)1‬قال الشيخ‪ :‬وهنا أييت ما يقع فيه العامة من الوقوع يف الشرك‪.‬‬


‫(‪)2‬قال الشيخ‪ :‬وهذه من أسباب الفنت‪ ،‬فالدجال هو الذ ي أييت بكالم يريد منك تصديقه وتكذيب النيب حىت إ ن بعضهم‬
‫يقول‪ :‬ال ب على اليهود والنصار ى اتباع النيب وال ريب أ ن هذا من الدجالني األفاكني الذين أشار إليهم النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫(‪)3‬سورة الصف آية ‪1 4‬‬
‫(‪)4‬سورة البقرة آية ‪6 2‬‬
‫‪24‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫الزره ِر ِي‪َ ،‬ع رن عُ ررَو َة‪،‬‬ ‫‪َ - 3953‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُس رفيَا ُن بر ُن عُيَ ري نَ ةَ‪َ ،‬ع رن ُّ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ش‪ ،‬أ ََُّنَ ا قَالَ ر‬‫ت َج رح ٍ‬ ‫َع ن َزير نَ ب ابر نَ ِة أُِم س لَمةَ‪َ ،‬ع ن حبِيب ةَ‪َ ،‬ع ن أُِم حبِيب ةَ َع ن َزير نَ ب بِرن ِ‬
‫َ‬ ‫ر َ َ ر‬ ‫ر َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫ب ِم رن َش ٍر قَ رد‬ ‫اّللُ‪َ ،‬ويرل لِل َرعر ِ‬
‫"َل إلَهَ إ ََّل َّ ٌ َ‬
‫ول‪ِ ِ َ :‬‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل ‪َ ‬و ُه َو ُرم َم ٌّر َو رج ُههُ‪َ ،‬و ُه َو يَ ُق ُ‬ ‫ظ َر ُس ُ‬ ‫استَ ري َق َ‬
‫ر‬
‫وج" َو َع َق َد بِيَ َدهِ َع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪ََ :‬ي‬ ‫ب‪ :‬قُ رل ُ‬ ‫ت َزير نَ ُ‬ ‫ش َرًة‪ ".‬قَالَ ر‬ ‫رج َ‬ ‫وج َوَم أ ُ‬‫رج َ‬ ‫ب‪ ،‬فُ ت َح الريَ روَم م رن َر ردِم ََي ُ‬ ‫ْت َ‬‫اقر ََ‬
‫ث"‪.‬‬ ‫ال‪" :‬إِذَا َكثُ َر ر‬
‫اخلَبَ ُ‬ ‫اْلُو َن؟ قَ َ‬ ‫الص ِ‬
‫ك َوفِينَا َّ‬ ‫اّلل‪ ،‬أ ََُنرلِ ُ‬
‫ول َِّ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ه ذا احل ديث في ه إش ارة إىل كث رة القت ل ألن أعظ م ص فات أيج وج وم أجوج ه ي القت ل ‪ ،‬ف النيب أش ار بي ده‬
‫ومقصوده ما حيدأ بعده من كثرة القتل ‪.‬‬

‫الررملِ ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا ال َرولِي ُد بر ُن ُم رس لِ ٍم‪َ ،‬ع رن ال َرولِي ِد ابر ِن ُس لَري َما َن‬ ‫اش ُد بن س ِع ٍ‬
‫يد َّ‬ ‫ِ‬
‫‪َ - 3954‬ح َّدثَنَا َر ر ُ َ‬
‫ب‪َ ،‬ع ن َعلِ ِي ب ِن ي ِزي َد‪َ ،‬ع ن الر َق ِ‬
‫اس ِم أَِِب َع رب ِد ال َّر رْحَ ِن َع رن أَِِب أَُم َام ةَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫بر ِن أَِِب َّ ِ‬
‫ال‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ر‬ ‫ر َ‬ ‫الس ائ ِ ر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص بِح َّ ِ‬ ‫ول َِّ‬
‫َحيَ اهُ َّ‬
‫اّللُ‬ ‫الر ُج ُل في َه ا ُم رؤمنً ا َوميُرس ي َك اف ًرا‪ ،‬إََِّل َم رن أ ر‬ ‫ت‪ ،‬يُ ر ُ‬ ‫"س تَ ُكو ُن فِ ٌَ‬
‫اّلل ‪َ : ‬‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ِبل ِرعل ِرم"‪.‬‬
‫هذا احلديث إسناده ضعيف لكن معناه صحيح ‪.‬‬
‫الر ُجل فِ َيها ُم ْؤِمنًا " أي ‪ِِ :‬‬
‫حمرما لدم أخيه املسلم‬ ‫قوله ‪" :‬يُ ْ ِ‬
‫صب ُح َّ ُ‬
‫قوله ‪َ " :‬وميُْ ِسي َكافًِرا " أي ‪ :‬حمال لدم أخيه املسلم ‪.‬‬
‫ألنك إذا مجعت طرق احلديث تبني لك هذا املعىن ‪.‬‬
‫وأشار القرآن إىل هذا املعىن وأن العبد قد يكون بني اإلميان والكفر يف قوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬ه رم لِ رل ُك رف ِر يَ روَمئِ ٍذ‬
‫‪١‬‬
‫الكفر ‪.‬‬ ‫أَقررب ِم رن هم لِ رِْلميَ ِ‬
‫ان ۚ ﴾ فهو يتأرجح بني اإلميان و‬ ‫َ ُ ُر‬
‫اَّللُ ِابلْعِْل ِم " فإن العلماء ينجون من هذه الفنت بسبب علمهم وقد مر معن ا قول ه تع اىل ‪:‬‬ ‫قوله ‪" :‬إَِّال َم ْن أ ْ‬
‫َحيَاهُ َّ‬
‫"قال الذين أوتوا العل م ويلك م ‪".....‬وق د أش ار إىل ذل ك الن يب فق ال ‪" :‬إن هللا َل ينت زع ه ذا العل م انتزاع ا‬

‫عمر ن آية ‪1 67‬‬


‫(‪)1‬سورة آل ا‬
‫‪25‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫من صدور العلماء وإَّنا يقبض العلم بقبض العلماء حَّت إذا مل يُرب ِق عاملا اُتذ الن اس رؤوس ا جه اَل ف أفتوا‬
‫بغري علم فضلوا وأضلوا"‬

‫ش‪َ ،‬ع رن‬ ‫اّلل بر ِن َُّنَ رٍري‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَبُو ُم َعا ِويَ ةَ‪َ ،‬وأَِِب‪َ ،‬ع رن راْلَ رع َم ِ‬ ‫‪ - 3955‬ح َّدثَنا ُمَ َّم ُد ب ن عب ِد َِّ‬
‫ر ُ َر‬ ‫َ َ‬
‫اّلل ‪ِِ ‬ف‬ ‫ول َِّ‬ ‫يث ر ُس ِ‬
‫ظ َح د َ َ‬
‫ال‪ :‬أَيُّ ُك م َرَي َف ُ ِ‬
‫ر‬ ‫وسا ِع رن َد عُ َم َر‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ال‪ُ :‬كنَّا ُجلُ ً‬ ‫يق َع رن ُح َذير َفةَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َش ِق ٍ‬
‫ول‪" :‬فِ رت نَ ةُ‬‫ف؟ قَ ا َل‪ََِ :‬س رعتُ هُ يَ ُق ُ‬ ‫ال‪َ :‬ك ري َ‬ ‫ك َْلَ ِريءٌ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪ :‬إِنَّ َ‬‫ت‪ :‬أَ ََّن‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال ُح َذير َفةُ‪ :‬فَ ُق رل ُ‬ ‫ال ِرف رت نَ ِة؟ قَ َ‬
‫َّه ُي‬‫وف َوالن ر‬‫الص َدقَةُ‪ ،‬و راْلَم ر ِبلرمع ر ِ‬ ‫ام َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ِل ِِف أ رَهلِ ِه َوَولَ ِدهِ َو َج ا ِرهِ تُ َك ِف ُرَه ا َّ‬
‫َ ر ُ َرُ‬ ‫الص ََّلةُ َوالص يَ ُ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫ك‬‫ال‪َ :‬م ا لَ َ‬ ‫وج َك َم رو ِج الربَ رح ِر‪ .‬فَ َق َ‬ ‫س َه َذا أُ ِري ُد‪ ،‬إِ ََّّنَا أُ ِري ُد ال ِِت ََتُ ُ‬ ‫ال عُ َم ُر‪ :‬لَ ري َ‬ ‫َع رن ال ُرم رن َك ِر"‪ .‬فَ َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ََ :‬ل‪،‬‬ ‫اب أ رَو يُ رف تَ ُح؟ قَ َ‬ ‫س ُر الربَ ُ‬‫ال‪ :‬فَ يُ رك َ‬‫ك َوبَ ري نَ َها َب ًب ُم رغلَ ًقا‪ .‬قَ َ‬ ‫ري ال ُرم رؤمنِ َ‬
‫ْي‪ ،‬إِ َّن بَ ري نَ َ‬ ‫َوَلَا؟ ََي أَم َ‬
‫ِ‬
‫ال‪:‬‬‫اب؟ قَ َ‬ ‫َج َد ُر أَ رن ََل يُ رغلَ َق‪ .‬قُلرنَ ا ْلُ َذير َف ةَ‪ :‬أَ َك ا َن عُ َم ُر يَ رعلَ ُم َم رن الربَ ُ‬ ‫اك أ ر‬ ‫ال‪َ :‬ذ َ‬ ‫س ُر‪ .‬قَ َ‬ ‫بَ رل يُ رك َ‬
‫َن ُدو َن غَ ٍد اللَّي لَ ةَ‪ ،‬إِِّن ح َّدثر ت ه ح ِديثًا لَ يس ِب رْلَغَ الِ ِ‬
‫يط‪ .‬فَ ِه رب نَ ا أَ رن نَ رس أَلَهُ َم رن‬ ‫نَ َع رم‪َ ،‬ك َم ا يَ رعلَ ُم أ َّ‬
‫ر َ‬ ‫َ ُُ َ‬ ‫ر‬
‫ال‪ :‬عُ َمر ‪.‬‬ ‫سأَلَهُ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اب‪ ،‬فَ ُقلرنَا ل َم رس ُروق‪َ :‬سلرهُ‪ .‬فَ َ‬ ‫الربَ ُ‬
‫َّه ُي َع ْن‬ ‫ِ‬
‫الص َدقَةُ‪َ ،‬و ْاأل َْم ُر ِابلْ َم ْع ُروف َوالن ْ‬
‫ِ‬
‫الص يَ ُام َو َّ‬ ‫الر ُج ِل ِيف أ َْهلِ ِه َوَولَ ِدهِ َو َج ا ِرهِ تُ َك ِِف ُرَه ا َّ‬
‫الص َالةُ َو ِ‬ ‫قول ه ‪ " :‬فِْت نَ ةُ َّ‬
‫َ‬ ‫الص ََّلةَ طَرَِِف النَّه ا ِر وُزلًَف ا ِم ن اللَّي ِل ۚ إِ َّن ا رْل ِ ِ‬ ‫الْ ُمْن َك ِر" يشري إىل قول هللا تع اىل‪َ ﴿ :‬وأَقِ ِم َّ‬
‫س نَات يُ رذه ر َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ر‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ين ﴾‬ ‫ك ِذ ركر ٰى لِ َّ ِ‬ ‫َّ ِ ِ ٰ ِ‬
‫لذاك ِر َ‬
‫‪١‬‬
‫السيئَات ۚ ذَل َ َ‬
‫‪2‬‬
‫ض ۚ ﴾ وفي ه إش ارة إىل كث رة القت ل‬ ‫وج ِِف بَ رع ٍ‬ ‫ٍِ‬ ‫وج " م ن قول ه تع اىل‪َ ﴿:‬وتَ َرركنَ ا بَ رع َ‬
‫ض ُه رم يَ روَمئ ذ ميَُ ُ‬ ‫قول ه ‪ُ َُُ" :‬‬
‫وسفك الدماء ‪.‬‬
‫قوله ‪" :‬إِ َّن بَْي نَ َ‬
‫ك َوبَْي نَ َها َاب ًاب ُم ْغلَ ًقا " فيه التنبيه على أن ويل األمر يف أي جمتمع –وكل جمتمع حبسبه ‪ -‬هو‬
‫الباب جملتمعه‪ ،‬ومعىن ذلك أنه بسبب وجود ويل األمر حتصل الربكات وحتصل مصاحل الدين والدنيا ‪ ،‬وقد‬

‫ض ري نَا َعلَري ِه ال َرم رو َ‬


‫ت‬ ‫أشار القرآن إىل أن وجود ويل األمر يدفع عن الناس شًرا عظيما يف قوله تعاىل﴿ فَ لَ َّما قَ َ‬

‫(‪)1‬سورة هود آية ‪1 14‬‬


‫(‪)2‬سورة الكهف آية ‪9 6‬‬
‫‪26‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َما َد َّلُ رم َعلَ ٰى َم روتِِه إََِّل َدابَّةُ راْل رَر ِ‬
‫ب َما‬ ‫ض ََتر ُك ُل م َ‬
‫نسأَتَهُ ۚ فَ لَ َّما َخ َّر تَبَ يَّ نَت ا رْل ُّن أَن ل رو َكانُوا يَ رعلَ ُمو َن الرغَري َ‬
‫‪١‬‬
‫الشر وحصلت الفنت وخرجت الشياطني وعاد‬ ‫ْي ﴾ فبعد موت ويل األمر حصل‬ ‫لَبِثُوا ِِف ال َرع َذ ِ‬
‫اب ال ُرم ِه ِ‬
‫السحر كما كان فوجود ويل األمر هو كالباب فإذا ذهب انفتحت على الناس أبواب الفنت ‪.‬‬
‫وإذا مل يوجد ويل أمر يهاب فسوف يعتدي الناس بعضهم على بعض ‪،‬وهلذا ح دثنا بع ض اإلخ وان ع ن بع ض‬
‫البلدان اليت حصلت فيها فنت كليبيا ال يت ك ان حيكمه ا الق ذايف الظ امل الف اجر وم ع ذل ك ق الوا‪ :‬كن ا آمن ني عل ى‬
‫أموالنا وأعراضنا‪ ،‬ومصاحل ديننا ودنياان قائمة‪ ،‬ومدارس القرآن قائمة‪،‬وبعد ما حصلت الفتنة وقُتِل ذل ك الرج ل‬
‫حصل االفرتاق وترتب عليه ذهاب مصاحل الدين والدنيا وزال األمن واألمان ‪.‬‬
‫يل ِِبَا‬‫ِ ِ‬
‫ىن َعلَ ٰى بَِّن إ رس َرائ َ‬ ‫ت َكلِ َم ُ‬
‫ت َربِ َ‬
‫ك ا رْلُ رس َ ٰ‬ ‫وهلذا من احلكمة الصرب على ذلك كما قال تعاىل ‪َ ﴿:‬وََتَّ ر‬
‫الذي كان يُذبِِح أبناءهم ويستحيي نساءهم ‪ -‬حىت أهلكه هللا‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫ص ََبُوا ۚ ﴾ فصربوا على ظلم فرعون ‪-‬‬‫َ‬
‫وهل ذا ك ان م ن ك الم اإلم ام أمح د "اص ربوا ح ىت يس رتيح ب ر أو يس رتاح م ن ف اجر" وق ال احلس ن ‪" :‬إن احلج اج‬
‫ع ذاب هللا ف ال ت دفعوا ع ذاب هللا مي ديكم ولك ن عل يكم ابالس تكانة والتض رع " أي توب وا إىل هللا واس تغفروه ‪،‬‬
‫فإنه ما نزل بالء إال بذنب وما رفع إال بتوبة‪.‬‬
‫إذاً هذا هو العالج ال أن تصادم سنن هللا تعاىل‪.‬‬

‫ب‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَبُ و ُم َعا ِويَ ةَ َو َع رب ُد ال َّر رْحَ ِن ال ُرم َح ا ِرِ ُِّب َوَوكِي ٌع‪َ ،‬ع رن‬ ‫‪َ - 3956‬ح َّدثَنَا أَبُ و ُك َرير ٍ‬
‫ت إِ ََّل َع رب ِد‬
‫ال‪ :‬انر تَ َه ري ُ‬ ‫ب الر َك رعبَ ِة‪ ،‬قَ َ‬‫ب‪َ ،‬ع رن َع رب ِد ال َّر رْحَ ِن بر ِن َع رب ِد َر ِ‬ ‫ش‪َ ،‬ع رن َزير ِد بر ِن َو ره ٍ‬ ‫راْلَ رع َم ِ‬
‫س ِم رعتُهُ يَ ُق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬
‫ول‪:‬‬ ‫َّاس ُرُمتَمعُو َن َعلَريه‪ ،‬فَ َ‬ ‫س ِِف ظ ِل الر َك رعبَة‪َ ،‬والن ُ‬ ‫اص‪َ ،‬و ُه َو َجال ٌ‬ ‫اّلل بر ِن َع رم ِرو بر ِن ال َرع ِ‬
‫اءهُ‪َ ،‬وِمنَّ ا َم رن‬ ‫ب خبَ َ‬
‫ض ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫اّلل ‪ِِ ‬ف َس َف ٍر إِ رذ نَ َز َل َم رن ِزًَل‪ ،‬فَمنَّ ا َم رن يَ ر ُ‬
‫ول َِّ‬
‫بَ ري نَ ا َرن ن َم َع ر ُس ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ول‬
‫ام َر ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ادي ِه‪َّ :‬‬ ‫ش ِرهِ ‪ ،‬إِ رذ ََّن َدى منَ ِ‬ ‫ض ُل ‪َ ،‬وِمنَّا َم رن ُه َو ِِف َج َ‬ ‫ي رن تَ ِ‬
‫اجتَ َم رعنَ ا‪ ،‬فَ َق َ‬
‫الص ََّلةُ َجام َع ةٌ‪ .‬فَ ر‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫(‪)1‬سورة سبأ آية ‪1 4‬‬


‫(‪)2‬سورة األعراف آية ‪1 37‬‬
‫(‪ )3‬قال الشيخ أ ي ‪ :‬ابلسهام‪.‬‬
‫(‪ )4‬قال الشيخ‪ :‬أ ي يف ماشيته ‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ال‪" :‬إِنَّه َمل ي ُكن نَِ ٌّ ِ‬ ‫َِّ‬


‫ب قَ ربلي إََِّل َكا َن َح ًّقا َعلَري ِه أَ رن يَ ُد َّل أ َُّمتَهُ َعلَ ى َم ا يَ رعلَ ُم هُ‬ ‫اّلل ‪ ‬فَ َخطَبَ نَا‪ ،‬فَ َق َ ُ ر َ ر‬
‫ت عافِي ت ه ا ِِف أ ََّوِل ا‪ ،‬وإِ َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ َرُه رم‬ ‫َ َ‬ ‫ريا َلُ رم‪َ ،‬ويُ رن ذ َرُه رم َم ا يَ رعلَ ُم هُ َش ًّرا َلُ رم‪َ ،‬وإِ َّن أ َُّم تَ ُك رم ُجعلَ ر َ َ ُ َ‬ ‫َخ ر ً‬
‫ول الرم رؤِمن‪ :‬ه ِذهِ‬ ‫ت يُ َرقِ ُق بَ رع ُ‬
‫وُنَ ا‪ُُ ،‬ثَّ َِل يءُ فِ ٌَ‬ ‫ور ت رن ِك ُر َ‬ ‫ِ‬
‫ض ا‪ ،‬فَ يَ ُق ُ ُ ُ َ‬ ‫ض َها بَ رع ً‬ ‫يُص يبُ ُه رم بَ ََّلءٌ‪َ ،‬وأُ ُم ٌ‬
‫ف‪ ،‬فَ َم رن َس َّرهُ‬ ‫ول ال ُرم رؤِم ُن‪َ :‬ه ِذهِ ُم رهلِ َك ِِت‪ُُ ،‬ثَّ تَ رن َك ِش ُ‬ ‫ف‪ُُ ،‬ثَّ َِليءُ فِ رت نَ ةٌ فَ يَ ُق ُ‬ ‫ُم رهلِ َك ِِت‪ُُ ،‬ثَّ تَ رن َك ِش ُ‬
‫ّلل والري وِم راْل ِخ ِر‪ ،‬ولري أ ِ‬
‫رت إِ ََّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫ح َع رن النَّا ِر َويُ رد َخ َل ا رْلَنَّةَ‪ ،‬فَ لرتُ رد ِرركهُ َم روتَ تُ هُ َو ُه َو يُ رؤم ُن ِب َّ َ َ ر‬ ‫أَ رن يُ َز رح َز َ‬
‫ص رف َقةَ َميِينِ ِه‪َ ،‬وَةَ َرَة قَ رلبِ ِه‪ ،‬فَ لريُ ِط رع هُ َم ا‬ ‫ِ‬
‫ب أَ رن ََيرتُوا إِلَريه‪َ ،‬وَم رن َبيَ َع إِ َم ًام ا فَأَ رعطَاهُ َ‬ ‫َّاس الَّ ِذي َُِي ُّ‬ ‫الن ِ‬
‫اس‪،‬‬ ‫ْي النَّ ِ‬ ‫رت َرأر ِس ي ِم رن بَ ر ِ‬ ‫ال‪ :‬فَأَ رد َخل ُ‬ ‫ض ِربُوا عُنُ َق راْل َخ ِر"‪ .‬قَ َ‬ ‫آخ ُر يُنَا ِزعُهُ‪ ،‬فَا ر‬ ‫اء َ‬ ‫اع‪ ،‬فَِإ رن َج َ‬ ‫استَطَ َ‬ ‫ر‬
‫ار بِيَ ِدهِ إِ ََّل أُذُنَ ري ِه‪،‬‬ ‫ول َِّ‬ ‫ت َه َذا ِم رن ر ُس ِ‬ ‫ت ََِس رع َ‬ ‫ش ُد َك َّ‬
‫اّللَ! أَنر َ‬ ‫فَ ُق رل تُ ‪ :‬أَنر ُ‬
‫ال‪ :‬فَأَ َش َ‬ ‫اّلل ‪ ‬؟ قَ َ‬ ‫َ‬
‫ي‪َ ،‬وَو َعاهُ قَ لِرب ‪.‬‬ ‫فَ َق َ ِ‬
‫ال‪ََ :‬س َع رتهُ أُذُ ََّن َ‬
‫هذا احلديث يف الصحيح ‪.‬‬
‫"وإِ َّن‬
‫وفيه إخبار النيب صلى هللا عليه وسلم من هللا جعل عافية هذه األمة وخريها يف أوهلا حيث قال ‪َ :‬‬
‫وهنَا" أي ‪ :‬حيدأ اختالف عما كان عليه األمر يف وقته صلى هللا عليه‬ ‫ور تْن ِك ُر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخَرُه ْم يُصيبُ ُه ْم بََالءٌ‪َ ،‬وأ ُُم ٌ‬
‫وسلم ويف وقت اخللفاء الراشدين رضي هللا عنهم ‪.‬‬
‫ض َها‬ ‫أخرب النيب صلى هللا عليه وسلم أن هناك فتنا بعضها أشد من بعض حيث قال ‪ُ " :‬مثَّ ََِتيء فِ ِ‬
‫نت يَُرقِ ُق بَ ْع ُ‬
‫ُ ٌَ‬
‫ص ْف َق َة َميِينِ ِه‪ ،‬وََثَرَة قَ ْلبِ ِه‪ ،‬فَ ْلي ِط ْعهُ ما ا ْستَطَ َ ِ‬
‫ضا" وختم احلديث بقوله " َوَم ْن َابيَ َع إَِم ًاما فَأ َْعطَاهُ َ‬
‫اع‪ ،‬فَإ ْن َجاءَ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫بَ ْع ً‬
‫آخ ُر يُنَا ِزعُهُ‪ ،‬فَ ْ‬
‫اض ِربُوا عُنُ َق ْاآل َخ ِر"‬ ‫َ‬
‫وهذا فيه التنبيه على أن من أعظم أسباب العصمة من الفنت هو لزوم طاعة السلطان وترك اخلروج عليه ولزوم‬
‫مجاعة املسلمني وإمامهم ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ت ِِف ال ِرف رت نَ ِة‬ ‫‪ - ١0‬بب التَّثَ بُّ ِ‬


‫َ ُ‬
‫اح‪ ،‬قَ َاَل‪َ :‬ح َّدثَنَا َع رب ُد ال َرع ِزي ِز بر ُن أَِِب‬ ‫ام بر ُن َع َّم ا ٍر‪َ ،‬و ُمَ َّم ُد بر ُن َّ‬
‫الص بَّ ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫‪َ - 3957‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫ف‬‫ال‪َ " :‬ك ري َ‬‫ّلل ‪ ‬قَ َ‬ ‫ول ا َِّ‬
‫َن َر ُس َ‬‫اّلل بر ِن َع رم ٍرو‪ ،‬أ َّ‬ ‫حا ِزٍم‪ ،‬ح َّدثَِّن أَِِب‪َ ،‬عن عُمارةَ ب ِن حزٍم َعن َعب ِد َِّ‬
‫ر َ َ ر َر ر ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫اس‪ ،‬قَ رد َم ِر َج ر‬ ‫اس فِي ِه غَ رربَلَ ةً‪ ،‬تَ رب َق ى ُحثَالَ ةٌ ِم رن النَّ ِ‬ ‫ك أَ رن ََيِرِتَ‪ ،‬يُغَ رربَ ُل النَّ ُ‬‫وش ُ‬‫ان ي ِ‬ ‫ٍ‬
‫بِ ُك رم َوبَِزَم ُ‬
‫ف بِنَ ا ََي َر ُس َ‬
‫ول‬ ‫َص ابِ ِع ِه‪ -‬قَ الُوا‪َ :‬ك ري َ‬
‫ْي أ َ‬ ‫ك بَ ر َ‬‫ود ُه رم َوأ ََم َاَّن َُتُ رم‪ ،‬فَا رختَ لَ ُفوا َوَكانُوا َه َك َذا؟ " َو َشبَّ َ‬
‫عُ ُه ُ‬
‫"َتر ُخ ُذو َن ِِبَا تَ رع ِرفُو َن‪َ ،‬وتَ َدعُو َن َما تُ رن ِك ُرو َن‪َ ،‬وتُ رقبِلُو َن َعلَى َخ َّ‬
‫اصتِ ُك رم‪،‬‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ك؟ قَ َ‬ ‫اّلل إِذَا َكا َن ذَلِ َ‬ ‫َِّ‬
‫َوتَ َذ ُرو َن أ رَم َر َع َو ِام ُك رم"‪.‬‬
‫أراد رمحه هللا أن من أصول أهل السنة ترك القتال يف الفتنة ‪.‬‬
‫يس تفاد م ن ه ذا احل ديث التنبي ه واإلش ارة إىل فس اد طريق ة اخل وارج ‪ ،‬فإن ه ل و كان ت ط ريقتهم حق ة ألم ر الن يب‬
‫ص لى هللا علي ه وس لم امل ؤمنني هب ا وألرش دهم إليه ا ‪ ،‬ولكن ه مل أيم ر هب ا وإمن ا ق ال‪َ " :‬أتْ ُخ ُذو َن ِمبَ ا تَ ْع ِرفُ و َن‪،‬‬
‫اص تِ ُك ْم‪َ ،‬وتَ َذ ُرو َن أ َْم َر َع َو ِِام ُك ْم " وه ذا ه و حك م هللا فيم ا إذا مرج ت‬
‫َوتَ َدعُو َن َم ا تُْن ِك ُرو َن‪َ ،‬وتُ ْقبِلُ و َن َعلَ ى َخ َّ‬
‫عهود الناس وأماانهتم وظهر الفساد ‪ ،‬وال يوجد ال يف الكتاب وال يف السنة حديث واحد أيمر حبم ل الس الح‬
‫على املسلم ‪.‬‬
‫وأييت التفصيل يف هذا احلديث عند قول املؤلف ابب يف العزلة ‪.‬‬

‫ث‬ ‫َّاد بر ُن َزير ٍد‪َ ،‬ع رن أَِِب ِع رم َرا َن ا رْلَ روِِّن‪َ ،‬ع رن ال ُرم َ‬
‫ش عَّ ِ‬ ‫َْحَ ُد بر ُن َع رب َدةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا َْح ُ‬
‫‪َ -3958‬ح َّدثَنَا أ ر‬
‫ت ََي‬ ‫ف أَنر َ‬ ‫اّلل ‪َ " : ‬ك ري َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ت َع رن أَِِب َذ ٍر‪ ،‬قَ َ‬ ‫الص ِام ِ‬ ‫يف‪َ ،‬عن َعب ِد َِّ‬
‫اّلل بر ِن َّ‬ ‫بر ِنَ ط ِر ٍ ر ر‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ار‬
‫ت‪َ :‬م ا َخ َ‬ ‫َب‪ -‬قُ رل ُ‬‫ت ِبل َروص يف؟ " ‪-‬يَ رع ِّن الر َق ر َ‬ ‫َّاس‪َ ،‬ح ََّّت يُ َق َّوَم الربَ ري ُ‬
‫يب الن َ‬ ‫أ ََب ذَ ٍر َوَم روت يُص ُ‬
‫‪١‬‬

‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ف أَنر َ‬ ‫اّللُ َوَر ُس ولُهُ أَ رعلَ ُم ‪ -‬قَ َ‬ ‫ال‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫ت َو ُج وع يُص ُ‬ ‫ال‪َ ":‬ك ري َ‬ ‫ص َّرَب" قَ َ‬
‫ال‪" :‬تَ َ‬ ‫اّللُ َوَر ُس ولُهُ ‪ -‬أ رَو قَ َ‬
‫وم ِم رن‬‫يع أَ رن تَ ُق َ‬
‫ِ‬
‫ك‪َ ،‬وََل تَ رس تَط َ‬ ‫اش َ‬ ‫النَّ اس ح ََّّت ََتِرِت مس ِج َد َك فَ ََّل تَس تَ ِطيع أَ رن تَ رِج ع إِ ََّل فِر ِ‬
‫َ‬ ‫ر َ‬ ‫ر َ‬ ‫ََر‬ ‫َ َ‬

‫(‪)1‬قال الشيخ‪ :‬يصبح سع ره قليال ال قيمة له‬


‫‪29‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ال‪:‬‬‫اّللُ َوَر ُس ولُهُ ‪ -‬قَ َ‬ ‫ار َّ‬ ‫اّللُ َوَر ُس ولُهُ أَ رعلَ ُم ‪ -‬أ رَو َم ا َخ َ‬ ‫ت‪َّ :‬‬ ‫ال‪ ،‬قُ رل ُ‬ ‫ك إِ ََّل َم رس ِج ِد َك؟ " قَ َ‬ ‫اش َ‬‫فِر ِ‬
‫َ‬
‫لدِم؟( )"‬ ‫ت ِب َّ‬ ‫الزير ِ‬
‫ارةُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف أَنر َ‬ ‫ك ِبل ِرع َّف ِة" ُُثَّ قَ َ‬
‫َّاس َح ََّّت ت رغ َر َق ح َج َ‬
‫يب الن َ‬ ‫ت َوقَ رتل يُص ُ‬ ‫ال‪َ " :‬ك ري َ‬ ‫"علَري َ‬
‫‪١‬‬
‫َ‬
‫اّلل‪ ،‬أَفَ ََّل ُ‬
‫آخ ُذ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ت‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ال‪ :‬قُ رل ُ‬ ‫ت ِم رن هُ" قَ َ‬ ‫ال‪" :‬ا رْلَ رق ِِبَ رن أَنر َ‬ ‫اّللُ َوَر ُسولُهُ‪ .‬قَ َ‬ ‫ار َّ‬‫رت‪َ :‬ما َخ َ‬ ‫قُل ُ‬
‫ت‪ََ :‬ي‬‫ك" قُ رل ُ‬ ‫ت الر َق روَم إِذًا‪َ ،‬ولَ ِك رن ا رد ُخ رل بَ ري تَ َ‬ ‫اررك َ‬
‫ال‪َ " :‬ش َ‬ ‫ك؟ قَ َ‬ ‫ب بِ ِه َم رن فَ َع َل ذَلِ َ‬ ‫ض ِر َ‬ ‫س ري ِفي فَأَ ر‬ ‫بَ‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫ف ِر َدائِ َ‬ ‫ف‪ ،‬فَ أَل ِرق طَ َر َ‬ ‫الس ري ِ‬
‫يت أَ رن يَ رب َه َر َك ُش َعاعُ َّ‬ ‫ال‪" :‬إِ رن َخ ِش َ‬ ‫اّلل‪ ،‬فَِإ رن ُد ِخ َل بَ ري ِِت؟ قَ َ‬ ‫ول َِّ‬‫َر ُس َ‬
‫َص َح ِ‬
‫اب النَّا ِر"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وء ِبِِ رةِ ِه َوإِ رةِ َ‬ ‫َعلَى َو رج ِه َ‬
‫ك‪ ،‬فَ يَ ُكو َن م رن أ ر‬ ‫ك‪ ،‬فَ يَ بُ َ‬
‫هذا احلديث فيه فوائد ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬فيه التنبيه إىل أن االجتهاد السائغ ال يبلغ مبلغ الفتنة والفرقة ‪ ،‬إال مع البغي ال جمرد االجتهاد( ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي التنبه إىل أن قتال اخل وارج وحن وهم م ن الطوائ ف املمتنع ة ل يس م ن قت ال الفتن ة ‪ ،‬وأن قت اهلم يك ون م ع‬
‫أئم ة الع دل واجل ور وأن الش ارع إمن ا أم ر بقت ال اخل وارج ومل أيم ر بقت ال أئم ة اجل ور ومثل ه قت ال قط اع الط رق إذا‬
‫‪3‬‬
‫امتنعوا على السلطان ( ) ‪.‬‬
‫آخ ُذ بِ َس ْي ِفي" أم ره الن يب إذا ص ارت األم ور هب ذه املثاب ة أن ال أيخ ذ س يفه ول ذا ج اء يف ح ديث‬
‫قول ه ‪":‬أَفَ َال ُ‬
‫آخر قال "كن عبد هللا القاتل وال تكن عبد هللا املقتول"وهذا يكون يف حال الفتنة اليت ال يتبني فيه ا الص واب‬
‫‪.‬‬
‫فإن قال قائل ماذا يقال يف قول النيب "فإن قتلك فأنت شهيد" ؟‬
‫ف اجلواب ‪ :‬يق ال ه ذا ل يس يف ح ال الفتن ة وإمن ا يف دف ع الص ائل‪ ،‬ك أن أيتي ك ل ص ف إن قاتلت ه فقتلت ه ك ان يف‬
‫النار ‪ ،‬وإن قتلك فأنت شهيد‪.‬‬
‫أما يف حال الفتنة اليت ُوج يف الناس كموج البحر فك ن عب د هللا املقت ول وال تك ن عب د هللا القات ل وأص ل ه ذه‬
‫اس ٍط‬
‫ِل ي َد َك لِتَ رقتُ لَ ِّن م ا أَ ََّن بِب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫طت إِ ََّ َ‬
‫س َ‬ ‫ِ‬
‫املسألة هو ما قاله النيب ‪" :‬كن كأحد ابين آدم " قال تع اىل‪ ﴿:‬لَئن بَ َ‬
‫‪4‬‬
‫يَ ِد َي إِلَري َك ِْلَقرتُ لَ َك ۚ ﴾‬

‫(‪ )1‬قال الشيخ ‪:‬هذا حدأ يف زمن يزيد بن معا وية‬


‫(‪ )2‬هذا مقتبس من كالم شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫(‪ )3‬هذا مقتبس من كالم شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫(‪)4‬سورة املائدة آية ‪2 8‬‬
‫‪30‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫س ِن‪َ ،‬ح َّدثَنَا‬ ‫ف‪َ ،‬ع رن ا رْلَ َ‬ ‫شا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن َج رع َف ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رو ٌ‬ ‫‪َ - 3959‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ‬
‫اع ِة َلَرر ًج ا"‬ ‫س ح َّدثَنا أَبو موسى‪ ،‬ح َّدثَنا رس و ُل َِّ‬ ‫َسي ُد برن الرمتَ َ ِ‬ ‫أِ‬
‫الس َ‬ ‫ْي يَ َد ري َّ‬ ‫اّلل ‪" : ‬إِ َّن بَ ر َ‬ ‫شم ِ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ول َِّ‬
‫ول‬
‫ْي‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ض ال ُرم رس ل ِم َ‬ ‫ال بَ رع ُ‬ ‫ال‪" :‬الر َق رت ُل‪ ،‬الر َق رت ُل" فَ َق َ‬ ‫ج؟ قَ َ‬ ‫اّلل‪َ ،‬ما ا رلَرر ُ‬ ‫رت‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ال‪ :‬قُل ُ‬ ‫قَ َ‬
‫ول َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َِّ‬
‫س‬‫اّلل ‪" :‬لَ ري َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ْي َك َذا َوَك َذا‪ .‬فَ َق َ‬ ‫اّلل‪ ،‬إِ ََّّن نَ رقتُ ُل راْل َن ِِف ال َرع ِام ال َرواح د م رن ال ُرم رش ِرك َ‬
‫ارهُ َوابر َن َع ِم ِه َوذَا قَ َرابَتِ ِه"‬ ‫ض ا‪َ ،‬ح ََّّت يَ رقتُ َل ا َّلر ُج ُل َج َ‬ ‫ض ُك رم بَ رع ً‬ ‫ْي‪َ ،‬ولَ ِك رن يَ رقتُ ُل بَ رع ُ‬ ‫ِ‬
‫بَِق رت ِل ال ُرم رش ِرك َ‬
‫"َل‪ ،‬تُ رن َزعُ‬ ‫ّلل ‪َ : ‬‬ ‫ول ا َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ك الريَ روَم؟ فَ َق َ‬ ‫اّلل‪َ ،‬وَم َعنَا عُ ُقولُنَا ذَلِ َ‬
‫ول َِّ‬ ‫ض الر َق روِم‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ال بَ رع ُ‬
‫فَ َق َ‬
‫ي‪َ :‬و رامُ‬ ‫ال راْلَ رش َع ِر ُّ‬
‫ول َلُ رم"‪ُُ .‬ثَّ قَ َ‬ ‫اس ََل عُ ُق َ‬ ‫ف لَ هُ َهبَ اءٌ ِم رن النَّ ِ‬ ‫ان‪َ ،‬وََيرلُ ُ‬ ‫الزم ِ‬
‫ك َّ َ‬ ‫ول أَ ركثَ ِر َذلِ َ‬
‫عُ ُق ُ‬
‫يم ا َع ِه َد إِلَري نَ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اّلل‪ ،‬إِِّن َْلَظُنُّها م رد ِرَك ِِت وإِ ََّي ُكم‪ ،‬و رام َِّ‬ ‫َِّ‬
‫ج إِ رن أَ رد َرَك رت نَ ا ف َ‬‫اّلل‪َ ،‬ما ِِل َولَ ُك رم م رن َها ََمرَر ٌ‬ ‫َ ر َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ج منها َك َما َد َخلرنَا فِ َيها‪.‬‬ ‫نَبيُّ نَا ‪ ، ‬إََِّل أَ رن ََنر ُر َ‬
‫ِ‬
‫في ه دلي ل عل ى أن م ن ي دعو إىل إاثرة القت ال ب ني املس لمني أن ه س فيه كم ا ق ال تع اىل‪ ﴿:‬إََِّل َم ن َس ِفهَ‬
‫الزم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س هُ ۚ﴾ وأن ه ال عق ل ل ه كم ا ق ال الن ‪١‬يب ‪" :‬تُْن َزعُ عُ ُق ُ‬
‫ان" وهل ذا ق ال ش يخ اإلس الم يف‬ ‫ول أَ ْكثَ ِر َذل َ‬
‫ك ََّ‬ ‫نَ رف َ‬
‫وقت الفنت ال يكاد يظهر احلق ويتبني وميكن أن يعلمه املرء ‪.‬‬
‫خصوصا إذا كان اإلنسان صاحب هوى –نسأل هللا العافية ‪ ، -‬فصاحب اهلوى ال يوفق للصواب ‪.‬‬
‫وهلذا كان من طريقة أهل البدع أهنم يتوبون من بدعة لكنهم ميرقون يف بدعة أخرى ‪.‬‬
‫عرف فيها احلق من الباطل ‪.‬‬
‫وفيه التنبيه إىل أن الفنت ال يُ ُ‬
‫قوله عند قوله يف أول الباب‪َ " :‬وتَ َذ ُرو َن أ َْمَر َع َو ِِام ُك ْم "فيه فائدة وهي‪:‬‬
‫ض َّل إِذَا راهتَ َديرتُ رم ۚ ﴾ وهل ا‬ ‫َّ ِ‬
‫يف قول هللا تع اىل‪ََ ﴿ :‬ي أَيُّ َها الذ َ‬
‫‪2‬‬
‫ض ُّرُكم َّم ن َ‬
‫س ُك رم ۚ ََل يَ ُ‬
‫آمنُوا َعلَ ري ُك رم أَن ُف َ‬
‫ين َ‬
‫تفسريان صحيحان‪:‬‬

‫(‪)1‬سورة البقرة آية ‪1 30‬‬


‫(‪ )2‬سورة املائدة آية ‪1 05‬‬

‫‪31‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫َّاس‪ ،‬إِنَّ ُك ْم تَ ْق َرؤو َن َه ِذ ِه ْاآليَةَ ‪َ ﴿:‬اي أَيُّ َها‬


‫اْلالة اْلوَّل‪ :‬ما جاء يف حديث أيب بكر حيث قال‪َ ":‬اي أَيُّ َها الن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وهنَا َعلَى َغ ِْري َم ْوضع َها‪َ ،‬وإِِِين َمس ْع ُ‬ ‫ضُّرُك ْم َم ْن َض َّل إِذَا ْاهتَ َديْتُ ْم ﴾ َوإِنَّ ُك ْم تَ َ‬
‫ول‬
‫ت َر ُس َ‬ ‫ضعُ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َآمنُوا َعلَْي ُك ْم أَنْ ُف َس ُك ْم َال يَ ُ‬
‫الذ َ‬
‫ك هللاُ أَ ْن يَ ُع َّم ُه ْم بِعِ َقابِِه" ‪.‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه وسلَّم‪ ،‬ي ُق ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس إِ َذا َرأَْوا الْ ُمْن َكَر فلم يُغَِِريُوهُ أ َْو َش َ‬
‫ول‪" :‬إ َّن النَّ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫هللا َ ُ‬
‫فهذه هي اْلالة اْلوَّل‪ .‬قال شيخ اإلسالم‪ :‬تكون هذه احلالة عند قوة املسلمني وظهورهم‪.‬‬
‫اْلالة الثانية‪ :‬ما جاء يف حديث ثعلبة أن النيب قال‪" :‬إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة‬
‫وإعجاب كل ذي رأي برأيه‪ ،‬فعليك خبويصة نفسك ودع عنك أمر العامة"‬
‫قال شيخ اإلسالم‪" :‬فإذا قوي أهل الفجور فلم يبق هلم إصغاء إىل الرب بل يؤذون الناهي لغلبة الشح واهلوى‬
‫سقط التغيري ابللسان وبقي ابلقلب" وهذا معىن قوله "دع عنك أمر العامة"‪.‬‬
‫‪١‬‬ ‫ت ِ‬
‫الذ رك َرى﴾‬ ‫وهذا يف حال كونك أتمر أوتنهى وال يسمع لك‪ ،‬وهلذا قال تعاىل‪ ﴿:‬فَ َذكِر إِن نَّ َفع ِ‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬

‫ش ا ٍر‪ ،‬ح َّدثَنَا ص رفوا ُن ب ن ِعيس ى‪ ،‬ح َّدثَنَا َعب ُد َِّ‬


‫اّلل ابر ُن عُبَ ري ٍد‬ ‫ر‬ ‫َ َ رُ َ َ‬ ‫‪َ - 3960‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ َ‬
‫ب‬ ‫اء َعلِ ُّي بر ُن أَِِب طَالِ ٍ‬ ‫ت‪ :‬لَ َّما َج َ‬ ‫سةُ بِرن ُ‬
‫ت أ رُهبَا َن‪ ،‬قَالَ ر‬ ‫ال‪َ :‬ح َّدثَ رت ِّن عُ َدير َ‬
‫جر َدا َن قَ َ‬ ‫ِِ‬
‫ُم َؤذ ُن َم رسجد ر‬
‫ِ‬
‫ال‪ :‬بَلَ ى‪،‬‬ ‫ال‪ََ :‬ي أ ََب ُم رسلِ ٍم‪ ،‬أ َََل تُ ِعينُِّن َعلَى َه ُؤََل ِء الر َق روِم؟ قَ َ‬ ‫ص َرَة‪َ ،‬د َخ َل َعلَى أَِِب‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫اهنَا‪ ،‬الربَ ر‬
‫َه ُ‬
‫س َّل ِم رن هُ قَ رد َر ِش رٍَب‪،‬‬ ‫ال‪ :‬فَأَ رخ َر َج رت هُ‪ ،‬فَ َ‬‫ال‪ََ :‬ي َجا ِريَةُ‪ ،‬أَ رخ ِرِجي َس ري ِفي‪ .‬قَ َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َد َعا َجا ِريَةً لَهُ‪ ،‬فَ َق َ‬‫قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِل "إِذَا َكانَ ر ِ‬ ‫ال‪ :‬إِ َّن َخلِيلِي َوابر َن َع ِم َ‬
‫ْي ال ُرم رس ل ِم َ‬
‫ْي‬ ‫ت الرف رت نَ ةُ بَ ر َ‬ ‫ك ‪َ ‬ع ِه َد إِ ََّ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫شٌ‬ ‫فَِإذَا ُه َو َخ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫يك‪َ ،‬وََل ِِف َس ري ِف َ‬ ‫اجةَ ِِل فِ َ‬ ‫ال‪ََ :‬ل َح َ‬ ‫ك‪ .‬قَ َ‬ ‫ت َم َع َ‬‫ت َخ َر رج ُ‬ ‫ب" فَِإ رن ِش رئ َ‬ ‫شٍ‬ ‫اُت ُذ َس ري ًفا ِم رن َخ َ‬‫فَ َِّ‬
‫إسناده جيد ‪.‬‬
‫وم ا فعل ه أهب ان ه و ال ذي أخ ذ ب ه مج ع م ن الص حابة ك ابن عم ر وس عد وأس امة وغ ريهم ‪ ،‬ف اعتزلوا الفتن ة ال يت‬
‫ج رت ب ني عل ي ومعاوي ة رض ي هللا ع نهم ‪ ،‬ألن الن يب هن ى ع ن ال دخول فيه ا ‪ ،‬ألن ه قت ال ب ني املس لمني ‪،‬‬
‫وخالفهم مل يكن على تنزيل القرآن وإمنا على أتويله وفهمه ‪.‬‬
‫ول يس مع ىن ه ذا أن احل ق مل يك ن م ع عل ي رض ي هللا عن ه ‪ ،‬ب ل ك ان احل ق مع ه وه ذا أم ر ال ري ب في ه ‪ ،‬لك ن‬
‫القتال مع علي رضي هللا عنه شيء وكون احل ق مع ه ش يء آخ ر فإن ه ك ان خليف ة ‪ ،‬لك ن القت ال مع ه حيت اج إىل‬
‫نص وال يوجد نص من النيب يف القتال معه ‪ ،‬وإمنا يوجد نص من النيب ابالعتزال ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة األعلى آية ‪9‬‬


‫‪32‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫وهذا الذي قاله علي رضي هللا عنه بعد مضي زمن وُىن أنه مل يدخل يف الفتنة وكان ابنه احلسن رض ي هلل عن ه‬
‫يوصي أابه بعدم الدخول يف الفتنة ‪.‬‬
‫وهذا فيه أنه ليس هناك أحد دخل يف الفنت ومحد عاقبتها سواء كان عليا أو معاوية أو غريمها‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ‪ :‬هذا خبالف قتاهلم للخوارج فكلهم محدوه وأقروه ‪.‬‬
‫ألنه يوجد نص من النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫فأخرج هذا الصحايب سيفا من خشب يريد بذلك أنه لن يدخل معه يف الفتنة ‪.‬‬

‫ث ب ن س ِع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يد‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن‬ ‫وسى اللَّريث ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد الر َوا ِر ر ُ َ‬ ‫‪َ - 396١‬ح َّدثَنَا ع رم َرا ُن بر ُن ُم َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫وس ى راْلَ رش َع ِر ِي‪ ،‬قَ َ‬ ‫يل َع رن أَِِب ُم َ‬ ‫ِ‬
‫الر رْحَ ِن بر ِن ث ررَوا َن‪َ ،‬ع رن ُه َزير ِل بر ِن ُش َر رحب َ‬ ‫اد َة‪َ ،‬ع رن َع رب ِد َّ‬
‫ُج َح َ‬
‫الر ُج ُل فِ َيها ُم رؤِمنً ا‬
‫صبِ ُح َّ‬ ‫ِ‬
‫اع ِة فِتَ نًا َك ِقطَ ِع اللَّري ِل ال ُرمظرل ِم‪ ،‬يُ ر‬‫الس َ‬ ‫اّلل ‪" :‬إِ َّن بَ ر َ‬
‫ْي يَ َد ري َّ‬ ‫ول َِّ‬‫ال َر ُس ُ‬
‫قَ َ‬
‫اع ُد فِ َيها َخ رريٌ ِم رن الر َقائِِم‪َ ،‬والر َق ائِ ُم فِ َيه ا َخ رريٌ ِم رن‬ ‫وميُر ِسي َكافِرا‪ ،‬وميُر ِسي م رؤِمنا ويصبِح َكافِرا‪ ،‬الر َق ِ‬
‫ُ ً َُ ر ُ ً‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬
‫ض ِربُوا‬ ‫اعي‪ ،‬فَ َك ِس ُروا قِ ِس يَّ ُك رم‪َ ،‬وقَ ِطعُ وا أ رَوََت َرُك رم‪َ ،‬وا ر‬ ‫الس ِ‬ ‫اش ي فِ َيه ا َخ رريٌ ِم رن َّ‬ ‫اش ي‪ ،‬والرم ِ‬ ‫الرم ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بِسيوفِ ُكم ا رْلِجارةَ‪ ،‬فَِإ رن ُدخل َعلَى أ ِ‬
‫آد َم"‪.‬‬
‫ّن َ‬ ‫َحد ُك رم‪ ،‬فَ لريَ ُك رن َك َخ رِري ابر َ ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ ر َ َ‬
‫تقدم أن معىن " َك ِقطَ ِع اللَّْي ِل الْ ُمظْلِ ِم" فنت ال يعرف فيها احلق من الباطل ‪ ،‬وتقدم أيضا قوله "عمية" وقول هللا‬
‫تعاىل ﴿ َو َح ِسبُوا أَََّل تَ ُكو َن ِف رت نَةٌ فَ َع ُموا﴾‬
‫اع ُد فِ َيها َخ ْريٌ ِم ْن الْ َقائِِم" ورد يف رواية "النائم فيها خري من اليقظان" ‪.‬‬
‫قوله ‪" :‬الْ َق ِ‬
‫وفيه التنبيه إىل الفرار من الفتنة وذلك بتجنبها واهلرب منها وترك املشاركة فيها ألي سبب من األسباب‬
‫وأن خطرها على املرء حبسب تعلقه هبا ‪.‬‬

‫‪ - 3962‬ح َّدثَنَا أَبو ب رك ِر بن أَِِب َشي بةَ‪ ،‬ح َّدثَنَا ي ِزي ُد بن َهارو َن‪َ ،‬عن َْح ِ‬
‫َّاد ابر ِن َسلَ َمةَ‪َ ،‬ع رن‬ ‫ر‬ ‫رَ َ َ ر ُ ُ‬ ‫ُ َ رُ‬ ‫َ‬
‫رت َعلَى‬‫ال‪َ :‬د َخل ُ‬ ‫ك أَبُو بَ رك ٍر ‪َ -‬ع رن أَِِب بُ رر َدةَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ت ‪ -‬أ رَو َعلِ ِي بر ِن َزير ِد بر ِن َج رد َعا َن‪َ ،‬ش َّ‬ ‫َ‪،‬بِ ٍ‬
‫ف‪ ،‬فَِإذَا‬‫ال‪" :‬إِ َُّنَا َستَ ُكو ُن فِ رت نَةٌ َوفُ ررقَةٌ َوا رختِ ََّل ٌ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل ‪ ‬قَ َ‬ ‫ال‪ :‬إِ َّن َر ُس َ‬ ‫ُمَ َّم ِد بر ِن َم رسلَ َمةَ فَ َق َ‬

‫‪33‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ك َح ََّّت ََترتِيَ َ‬
‫ك يَ ٌد‬ ‫س ِِف بَ ريتِ َ‬ ‫ض ِربه ح ََّّت ي رن َق ِطع‪ُُ ،‬ثَّ ِ‬ ‫س ري ِف َ‬ ‫َكا َن َك َذلِ َ ِ ِ‬
‫اجل ر‬
‫ر‬ ‫ُح ًدا‪ ،‬فَا ر ر ُ َ َ َ‬ ‫كأُ‬ ‫ك‪ ،‬فَأرت ب َ‬
‫اّلل ‪. ‬‬ ‫ول َِّ‬‫ال َر ُس ُ‬
‫رت َما قَ َ‬
‫ت‪َ ،‬وفَ َعل ُ‬‫اضيَةٌ"‪ .‬فَ َق رد َوقَ َع ر‬ ‫َخ ِ‬
‫اطئَةٌ‪ ،‬أَو منِيَّةٌ قَ ِ‬
‫ر َ‬
‫يف هذا التنبيه إىل أن اإلنسان يلزم بيته يف الفنت ‪ ،‬وقد أشار القرآن إىل هذا يف قوله تعاىل‪ ﴿:‬قَالَ ر‬
‫ت َّنَرلَةٌ ََي‬

‫ساكِنَ ُك رم ََل َرَي ِط َمنَّ ُك رم ُسلَري َما ُن َو ُجنُ ُ‬


‫ودهُ َو ُه رم ََل يَ رشعُ ُرو َن﴾ وهذه القصة قصها هللا لنا‬
‫‪١‬‬
‫أَيُّ َها الن رَّم ُل ا رد ُخلُوا َم َ‬
‫لنعترب هبا وليس من أجل معرفة ما قالته النملة ‪.‬‬
‫ففي حال الفنت وحدوأ أمور ال قبل لإلنسان هبا ‪ ،‬فاخلري يف أن يلزم بيته ‪ ،‬وهكذا كان السلف رمحهم هللا‬
‫تعاىل يف حال الفتنة يلزمون بيوهتم وال يرجون حىت لصالة اجلماعة كما قال جابر‪" :‬فأصبح أحدان ال يصلي‬
‫إال سرا" فرارا من الفنت والدخول فيها ‪.‬‬

‫س ري َف ري ِه َما‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫‪َ - ١١‬بب إ َذا الرتَ َقى ال ُرم رسل َمان ب َ‬

‫(‪)1‬سورة النمل آية ‪1 8‬‬


‫‪34‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ص َه ري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ب َع رن‬ ‫ار ُك بر ُن ُس َح ري ٍم‪َ ،‬ع رن َع ربد ال َرع ِزي ِز ابر ِن ُ‬ ‫‪َ - 3963‬ح َّدثَنَا ُس َوير ُد بر ُن َسعيد‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمبَ َ‬
‫َس يَافِ ِه َما‪ ،‬إََِّل َك ا َن الر َقاتِ ُل‬ ‫"م ا ِم رن ُم رس لِ َم ر ِ‬
‫ْي الرتَ َقيَ ا ِِب ر‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ك‪َ ،‬ع رن النَّ ِ ِب ‪‬قَ َ‬ ‫س بر ِن مالِ ٍ‬
‫َ‬ ‫أَنَ ِ‬
‫ول ِِف النَّا ِر"‪.‬‬
‫َوال َرم رقتُ ُ‬
‫يد بر ِن أَِِب‬ ‫ان‪ ،‬ح َّدثَنَا ي ِزي ُد بن َهارو َن‪َ ،‬عن سلَيما َن التَّي ِم ِي وس ِع ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫‪َ - 3964‬ح َّدثَنَا أ ر‬
‫ر ََ‬ ‫ر ُ رَ‬ ‫َْحَ ُد بر ُن سنَ َ َ ر ُ ُ‬
‫اّلل ‪" :‬إِذَا الرتَ َق ى‬ ‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫وس ى‪ ،‬قَ َ‬ ‫س ِن َع رن أَِِب ُم َ‬ ‫اد َةَ َع رن ا رْلَ َ‬ ‫َع ُروبَ ةَ‪َ ،‬ع رن قَ تَ َ‬
‫اّلل‪َ ،‬ه َذا الر َقاتِ ُل‪ ،‬فَ َم ا َب ُل‬ ‫ول َِّ‬ ‫ول ِِف النَّ ا ِر" قَ الُوا‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫س ري َف ري ِه َما‪ ،‬فَالر َقاتِ ُل َوال َرم رقتُ ُ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ال ُرم رسل َمان ب َ‬
‫ال‪" :‬إِنَّه أَراد قَ رتل ص ِ‬
‫احبِ ِه "‪.‬‬ ‫الرم رقتُ ِ‬
‫ول؟ قَ َ ُ َ َ َ َ‬
‫‪١‬‬
‫َ‬
‫ص وٍر‪َ ،‬ع رن‬ ‫ش ا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن َج رع َف ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُش رعبَةُ‪َ ،‬ع رن َم رن ُ‬ ‫‪َ - 3965‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ‬
‫ان َْح ل أَح ُد ُُها علَ ى أ ِ‬ ‫ِربر ِع ِي بر ِن ِح َر ٍ‬
‫َخي ِه‬ ‫ال‪" :‬إِ َذا ال ُرم رس لِ َم ِ َ َ َ َ َ‬ ‫اش َع رن أَِِب بَ رك َرَة‪َ ،‬ع رن النَِّ ِب ‪ ،‬قَ َ‬
‫َج ًيعا"‪.‬‬ ‫احبهُ‪َ ،‬د َخ ََّل َِ‬ ‫ف جهنَّم‪ ،‬فَِإذَا قَ تل أَح ُد ُُها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫ح‪ ،‬فَ ُه َما َعلَى ُج ُر َ َ َ‬ ‫الس ََّل َ‬
‫ب اللَّ هُ‬ ‫ِ‬ ‫هذه األحاديث يصدقها قول هللا ﴿ ومن ي رقتُل م رؤِمنًا ُّمتَ ع ِم ًدا فَجزا ُؤهُ جهن ِ ِ‬
‫َّم َخال ًدا ف َيها َوغَض َ‬ ‫ََ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ر ُ‬
‫يما ﴾ وهذا األمر ال هتاون فيه وال‬ ‫ِ‬ ‫َعلَري ِه َولَ َعنَهُ َوأ َ‬
‫َع َّد لَهُ َع َذ ًاب َعظ ً‬
‫‪2‬‬
‫تسامح وال عذر يف الكتاب والسنة ‪ ،‬إال‬
‫إذا قتل املسلم أخاه خطأً فهذا أمر آخر ومع ذلك فإن هذا فيه دية وكفارة مغلظة ‪ ،‬وقد تقدم الكالم على‬
‫َصلِ ُحوا بَ ري نَ ُه َما ۚ ﴾وأن اقتتاهلما مل يرجهما عن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِن طَائَِفتَان م َن ال ُرم رؤمنِ َ‬
‫ْي اقرتَ تَ لُوا فَأ ر‬
‫اإلميان وتقدم التفصيل يف ذلك ‪ ،‬وأنه إن كان القتال كما ري بني الناس على اختالف األسباب فهؤالء ال‬
‫يرجون من مسمى اإلميان ويبقون يف اإلسالم ‪ ،‬أما من قتل غريه مستحال له فهذا الذي يرج من مسمى‬
‫اإلميان ‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال الشيخ‪ :‬نو ى وعزم وليس نو ى فقط‬


‫(‪)2‬سورة النساء آية ‪9 3‬‬
‫‪35‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫س ُد ِ‬
‫وس ِي‪،‬‬ ‫يد‪َ ،‬ح َّدثَنَا َم ررَوا ُن بر ُن ُم َعا ِويَ ةَ‪َ ،‬ع رن َع رب ِد ا رْلَ َك ِم ال َّ‬‫‪ - 3966‬ح َّدثَنَا س وي ُد ب ن س ِع ٍ‬
‫ُ َر ر ُ َ‬ ‫َ‬
‫َّاس م رن ِزلَةً ِع رن َد َِّ‬ ‫ّلل ‪ ‬قَ َ ِ‬ ‫ول ا َِّ‬ ‫َح َّدثَنَا َش ره ُر بر ُن َح رو َش ٍ‬
‫ب َع رن أَِِب أ َُم َامةَ‪ ،‬أ َّ‬
‫اّلل‬ ‫ال‪" :‬م رن َش ِر الن ِ َ‬ ‫َن َر ُس َ‬
‫ي وم ال ِرقيام ِة‪ ،‬عب ٌد أَ رذهب ِ‬
‫آخ َرتَهُ بِ ُدنر يَا غَ رِريهِ"‪.‬‬ ‫َ ر َ َ َ َر َ َ‬
‫آخَرتَهُ بِ ُدنْيَا َغ ِْريِه " قتل غريه ليأخذ دنياه فأذهب بذلك آخرته ‪.‬‬
‫قوله ‪" :‬عب ٌد أَ ْذهب ِ‬
‫َْ َ َ‬

‫‪36‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫‪١‬‬ ‫ف اللِس ِ‬
‫ان ِِف ال ِرف رت نَ ِة‬ ‫ب َك ِ‬
‫َ‬ ‫‪َ - ١2‬ب ُ‬
‫اد بر ن س لَمةَ‪َ ،‬ع ن لَري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ - 3967‬ح َّدثَنا عب ُد َِّ‬
‫ث‪َ ،‬ع رن‬ ‫ر‬ ‫اّلل بر ُن ُم َعا ِويَ ةَ ا رْلُ َمح ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َْحَّ ُ ُ َ َ‬ ‫َ َ َر‬
‫ول َِّ‬
‫اّلل‪" :‬تَ ُك و ُن فِ رت نَ ةٌ‬ ‫ْي ُكوش عن عب ِد َِّ‬ ‫ِ‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫اّلل بر ِن َع رم ٍرو‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫س‪َ ،‬ع رن ِزََيد َس ري ِم ر ر َ ر َ ر‬ ‫طَ ُاو ٍ‬
‫سا ُن فِ َيها أَ َش ُّد ِم رن َوقر ِع َّ‬
‫الس ري ِ‬
‫ف"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب‪ ،‬قَ رت ََّل َها ِِف النَّا ِر‪ ،‬الل َ‬ ‫تَ رستَ رن ِظ ُ‬
‫ف ال َرع َر َ‬
‫هذا احلديث فيه ضعف ولكن معناه صحيح ‪.‬‬
‫في ه التنبي ه عل ى أن الف نت ابلس الح الب د أن يس بقها ك الم ‪ ،‬فإهن ا ال تب دأ هك ذا مباش رة وإمن ا الب د أن يس بقها‬
‫هتييج وإاثرة وإيغار للصدور وغريها ‪.‬‬
‫َّ ِ‬
‫آمنُ وا اتَّ ُق وا‬ ‫وأشار القرآن إىل أن الكالم سبب لصالح األعمال أو فسادها يف قوله تعاىل‪ََ ﴿ :‬ي أَيُّ َها ال ذ َ‬
‫ين َ‬
‫ص لِ رح لَ ُك رم أَ رع َم الَ ُك رم‪ ﴾ ...‬اآلي ة ففي ه إش ارة إىل أن الق ول‪2‬غ ري الس ديد‬ ‫ِ‬
‫اللَّ هَ َوقُولُوا قَ روًَل َس دي ًدا ﴿‪ ﴾70‬يُ ر‬
‫الذي ال يرضى هللا عنه سبب لفساد األعمال‪.‬‬
‫وهلذا روى الرتمذي أن النيب قال ‪ " :‬إذا أصبح ابن آدم ف إن األعض اء كله ا تكف ر اللس ان فتق ول‪ :‬ات ق هللا فين ا‬
‫فإمن ا حن ن ب ك ف إن اس تقمت اس تقمنا وإن اعوجج ت اعوججن ا" وق د ق ال الن يب "م ن ك ان ي ؤمن ابهلل والي وم‬
‫اآلخر فليقل خريا أو ليصمت"‬
‫إذاً الكالم يف الفتنة ال يعذر اإلنسان به ‪.‬‬

‫ث‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد ابر ُن الربَ ري لَ َم ِِ‬‫شا ٍر‪ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد برن ا رْلا ِر ِ‬
‫اّن‪َ ،‬ع رن‬ ‫ُ َ‬ ‫‪َ - 3968‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ َ‬
‫س ا َن فِ َيه ا ِمثر ُل َوقر ِع‬ ‫ِ ِ‬
‫ت‪ ،‬فَ إ َّن الل َ‬
‫ِ‬
‫اّلل‪" :‬إِ ََّي ُك رم َوالرف ََ‬
‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪:‬قَ َ‬‫أَبِي ِه َع رن ابر ِن عُ َم َر‪،‬قَ َ‬
‫الس ري ِ‬
‫ف"‪.‬‬ ‫َّ‬
‫روى ابن أيب شيبة إبسناد صحيح ع ن حذيف ة ق ال ‪ " :‬وكل ت الفتن ة بثالث ة ‪ :‬ابجل اد النحري ر ال ذي ال يري د أن‬
‫يرتفع له شيء إال قمعه ابلسيف وابخلطي ب ال ذي ي دعو إلي ه األم ور‪ ،‬وابلش ريف امل ذكور ‪ ،‬فأم ا اجل اد النحري ر‬
‫فتصرعه ‪ ،‬وأما هذان فتبلو ما عندمها"‬

‫(‪)1‬نذكر يف ذلك قوله تعاىل ‪:‬يبغونكم الفتنة وفيكم مساعو ن هلم" مباذا يبغوهنم الفتنة ؟ فاجلواب‪ :‬يبغوهنم الفتنة ابلكالم ‪.‬‬
‫(‪)2‬سورة األحزاب آية ‪71 - 7 0‬‬

‫‪37‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫‪َ - 3969‬ح َّدثَنَا أَبُ و بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بِ رش ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن َع رم ٍرو‪،‬‬
‫ك‬‫ال لَ هُ َع رل َق َم ةُ‪ :‬إِ َّن لَ َ‬‫ف‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ال‪َ :‬م َّر بِ ِه َر ُج ٌل لَ هُ َش َر ٌ‬‫اص‪ ،‬قَ َ‬ ‫َح َّدثَِّن أَِِب َع رن أَبِ ِيه َع رل َق َمةَ بر ِن َوقَّ ٍ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء َّ‬
‫اّللُ أَ رن‬ ‫ك تَ رد ُخ ُل َعلَ ى َه ُؤََلء راْلَُم َراء‪َ ،‬وتَ تَ َكل ُم ع رن َد ُه رم ِبَا َش َ‬ ‫ك َح ًّقا‪َ ،‬وإِِّن َرأَير تُ َ‬ ‫َرْحًا‪َ ،‬وإِ َّن لَ َ‬
‫ول َِّ‬ ‫ول َِّ‬ ‫احب ر ُس ِ‬ ‫ث الرمزِّنَّ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫تَ تَ َكلَّ َم بِ ِه‪َ ،‬وإِِّن ََِس رع ُ‬
‫اّلل‬ ‫ال‪َ :‬ر ُس ُ‬ ‫ول‪ :‬قَ َ‬ ‫اّلل‪ ‬يَ ُق ُ‬ ‫ص َ َ‬ ‫ت بِ ََّل َل بر َن ا رْلَا ِر ُ َ َ‬
‫ان َِّ‬ ‫ضو ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ب َّ‬
‫اّللُ‬ ‫ت‪ ،‬فَ يَ ركتُ ُ‬ ‫اّلل‪َ ،‬م ا يَظُ ُّن أَ رن تَ رب لُ ََ َم ا بَلَغَ ر‬ ‫َح َد ُك رم لَيَ تَ َكلَّ ُم ِبلر َكل َم ة م رن ِر ر َ‬
‫‪" :‬إِ َّن أ َ‬
‫ض وانَه إِ ََّل ي وِم ال ِرقيام ِة‪ ،‬وإِ َّن أَح َد ُكم لَي ت َكلَّم ِبلر َكلِم ِة ِم ن س رخ ِط َِّ‬ ‫ِ‬
‫اّلل‪َ ،‬م ا يَظُ ُّن أَ رن‬ ‫َ ر ُ‬ ‫‪‬لَهُ ُبَا ِر ر َ ُ َ ر َ َ َ َ ر َ َ ُ‬
‫ك‬‫ال َع رل َق َم ةُ‪ :‬فَ انرظُرر َو رَيَ َ‬‫اّللُ ‪َ ‬علَري ِه ُِبَا ُس رخطَهُ إِ ََّل يَ روِم يَ رل َقاهُ"‪.‬قَ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫ت‪ ،‬فَ يَ ركتُ ُ‬ ‫تَ رب لُ ََ َم ا بَلَغَ ر‬
‫ت ِم رن بِ ََّل ِل بر ِن‬ ‫ب َك ََّلٍم قَ رد َمنَ َع ِّن أَ رن أَتَ َكلَّ َم بِ ِه َم ا ََِس رع ُ‬
‫ول‪َ ،‬وَم اذَا تَ َكلَّ ُم بِ ِه‪ ،‬فَ ُر َّ‬ ‫َم اذَا تَ ُق ُ‬
‫ث‪.‬‬ ‫ا رْلا ِر ِ‬
‫َ‬
‫َّ ِ‬
‫َص َواتَ ُك رم فَ رو َق‬
‫آمنُوا ََل تَ ررفَعُوا أ ر‬ ‫فيه أن الكالم قد حيبط عمل اإلنسان وهلذا قال تعاىل‪ََ ﴿ :‬ي أَيُّ َها الذ َ‬
‫ين َ‬
‫‪١‬‬
‫ط أَ رع َمالُ ُك رم َوأَنتُ رم ََل تَ رشعُ ُرو َن ﴾ وقد‬ ‫ض ُك رم لِبَ رع ٍ‬
‫ض أَن َتربَ َ‬ ‫َّب وََل َلر َهروا لَهُ ِبلر َقو ِل َكج ره ِر ب رع ِ‬
‫ر َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ص روت النِ ِ َ‬
‫َ‬
‫يسخط هللا على العبد بسبب كلمة تكلم هبا ‪ ،‬بل قد يكفر اإلنسان ابلكلمة وخترجه من امللة ‪.‬‬

‫الرقِ ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن َس لَ َمةَ‪َ ،‬ع رن‬ ‫الص ري َد ََلِّنُّ ُمَ َّم ُد بر ُن أ ر‬
‫َْحَ َد َّ‬ ‫ف َّ‬ ‫‪َ - 3970‬ح َّدثَنَا أَبُو يُو ُس َ‬
‫ول َِّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اّلل ‪:‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫‪،‬ع رن أَِِب َس لَ َمةَ َع رن أَِِب ُه َرير َرَة‪ ،‬قَال‪:‬قَ َ‬ ‫يم َ‬ ‫ابر ِن إ رس َحا َق‪َ ،‬ع رن ُمَ َّم د بر ِن إبر َراه َ‬
‫اّلل‪ََ ،‬ل ي رى ُِبا ِبرسا‪ ،‬فَ ي ره ِوي ُِبا ِِف ََّن ِر جه ن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ْي‬
‫َّم َس ربع َ‬‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُج َل لَيَ تَ َكلَّ ُم ِبلر َكل َمة م رن ُس رخط َّ َ َ َ َ ً َ‬ ‫"إِ َّن َّ‬
‫َخ ِري ًفا"‬
‫ص الِ ٍح َع رن أَِِب‬
‫ْي‪َ ،‬ع رن أَِِب َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ص‪َ ،‬ع ن أَِِب ح ِ‬
‫َ‬ ‫َح َو ِ ر‬ ‫‪َ - 397١‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَبُو راْل ر‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬
‫"م رن َك ا َن يُ رؤم ُن ِب َّّلل َوالريَ روم راْلخ ِر‪ ،‬فَ لريَ ُق رل َخ ر ً‬
‫ريا أ رَو‬ ‫اّلل ‪َ :‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ُه َرير َرَة‪ ،‬قَ َ‬
‫ت"‪.‬‬‫لِيَ رس ُك ر‬

‫(‪)1‬سورة احلجرات آية ‪2‬‬


‫‪38‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫يم بر ُن َس رع ٍد‪َ ،‬ع رن ابر ِن‬ ‫ِ ِ‬


‫‪َ - 3972‬ح َّدثَنَا أَبُو َم ررَوا َن ُمَ َّم ُد بر ُن عُثر َم ا َن الرعُثر َم ِاّنُّ‪َ ،‬ح َّدثَنَا إبر َراه ُ‬
‫َن س رفيا َن ب ن عب ِد ا َِّ‬
‫ّلل الثَّ َق ِف َّي قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِش َه ٍ‬
‫ال‪:‬‬ ‫اب‪َ ،‬ع رن ُمَ َّم د بر ِن َع رب د ال َّر رْحَ ِن بر ِن َم اع ٍز ال َرع ام ِر ِي أ َّ ُ َ ر َ َ ر‬
‫اّللُ‪ُُ ،‬ثَّ ا رس تَ ِق رم"‪ .‬قُ رل ُ‬‫ص ُم بِ ِه‪ .‬قَ ا َل‪" :‬قُ رل‪َ :‬رِ َِب َّ‬ ‫ت‪َ :‬ي رس َ ِ‬
‫اّلل‪ ،‬ح ِدثرِّن ِِب رَم ٍر أَ رعتَ ِ‬
‫ت‪ََ :‬ي‬ ‫ول َّ َ‬ ‫قُ رل ُ َ َ ُ‬
‫"ه َذا"‪.‬‬‫ال‪َ :‬‬ ‫ان نَ رف ِس ِه‪ُُ ،‬ثَّ قَ َ‬‫ّلل ‪ ‬بِلِس ِ‬ ‫ول ا َِّ‬‫اف َعلَ َّي؟ فَأَ َخ َذ َر ُس ُ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل‪َ ،‬ما أَ ركثَ ُر َما َُتَ ُ‬ ‫َر ُس َ‬
‫َ‬
‫استَ َق ُاموا تَتَ نَ َّز ُل َعلَري ِه ُم ال َرم ََّلئِ َكةُ﴾ وفيه‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ين قَالُوا َربُّنَا اللَّ هُ ُُثَّ ر‬
‫فيه إشارة إىل قول هللا تعاىل‪ ﴿ :‬إ َّن الذ َ‬
‫‪١‬‬

‫إشارة إىل أن أكثر ما يفسد عمل اإلنسان وحيبط حسناته لسانه ‪.‬‬
‫وفي ه التنبي ه عل ى أن اإلنس ان ب علي ه أن حي ذر م ن تلق ي الك الم ونش ره م ن غ ري العل م حبقيقت ه ‪ ،‬وه ذا مم ا‬
‫اشتهر يف زماننا وهو ما يسمى ب (اإلشاعة) فيُخشى على اإلنسان إذا فعل هذا أن حيبط عمله بذلك ‪.‬‬
‫فينبغ ي للم ؤمن أن حيف ظ لس انه‪ ،‬فبحفظ ه للس انه حيف ظ عمل ه وإبطالق ه للس انه يُ ذهب عمل ه كم ا ه و يف‬
‫احلديث اآليت ‪.‬‬

‫ِ‬
‫اّلل بن مع ٍ‬
‫اذ‪َ ،‬عن م رعم ٍر‪َ ،‬عن َع ِ‬
‫اص ِم‬ ‫ر‬ ‫ر َ َ‬ ‫‪َ - 3973‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن أَِِب عُ َم َر ال َرع َدِّنُّ‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد َّ ر ُ ُ َ‬
‫ت‬ ‫َصبَ رح ُ‬‫َّب ‪ِِ ‬ف َس َف ٍر‪ ،‬فَأ ر‬ ‫ت َم َع النِ ِ‬ ‫ال‪ُ :‬ك رن ُ‬ ‫ود‪َ ،‬عن أَِِب وائِ ٍل َعن مع ِ‬
‫اذ بر ِن َجبَ ٍل‪ ،‬قَ َ‬ ‫ب ِن أَِِب النُّج ِ‬
‫ر َُ‬ ‫ر َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫اع ُدِّن ِم رن‬ ‫اّلل‪ ،‬أَ رخ َِبِّن بِعم ٍل ي رد ِخلُِّن ا رْلنَّ ةَ وي ب ِ‬
‫َ َ َُ‬ ‫ر ََ ُ‬
‫ول َِّ‬ ‫ت‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫يَ روًما قَ ِريبًا ِم رن هُ َوَرن ُن نَ ِس ريُ‪ ،‬فَ ُق رل ُ‬
‫اّللَ ََل تُ رش ِر ُك بِ ِه‬
‫اّللُ َعلَري ِه‪ :‬تَ رعبُ ُد َّ‬
‫س َرهُ َّ‬ ‫يما‪َ ،‬وإِنَّهُ لَيَ ِسريٌ َعلَ ى َم رن يَ َّ‬ ‫ال‪" :‬لََق رد سأَل َ ِ‬ ‫النَّا ِر‪ .‬قَ َ‬
‫رت َعظ ً‬ ‫َ‬
‫ك َعلَ ى‬ ‫َدلُّ َ‬
‫ت" ُُثَّ ق ال‪" :‬أ َََل أ ُ‬ ‫ض ا َن‪َ ،‬وَتُ َّج الربَ ري َ‬‫وم َرَم َ‬ ‫الص ََّلةَ‪َ ،‬وتُ رؤِِت َّ‬ ‫ِ‬
‫ص ُ‬ ‫الزَكاةَ‪َ ،‬وتَ ُ‬ ‫يم َّ‬ ‫َش ري ئًا‪َ ،‬وتُق ُ‬
‫الر ُج ِل م ن‬ ‫ص ََّلةُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫الص َدقَةُ تُط ِرفئ ر ِ‬ ‫اخلَ رِري؟ َّ‬ ‫اب ر‬ ‫أَبر َو ِ‬
‫َّار ال َرماءُ‪َ ،‬و َ‬
‫اخلَطيئَةَ َك َما يُطرف ُئ الن َ‬ ‫ُ‬ ‫الص رو ُم ُجنَّةٌ‪َ ،‬و َّ‬
‫اء ِِبَ ا َك انُوا‬ ‫وُبم َع ِن الرم َ ِ‬ ‫ف اللَّري ِل" ُُثَّ قَ َرأَ‪:‬تَ تَ َج َ ٰ‬ ‫ج وِ‬
‫ض اجع‪َ ‬ح ََّّت بَلَ ََ‪َ ‬ج َز ً‬ ‫َ‬ ‫اُ ُجنُ ُُ ر‬ ‫َ ر‬
‫ودهِ َوذُ ررَوةِ َس نَ ِام ِه؟‪.....‬‬ ‫س راْلَم ِر و َعم ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪" :‬أ َََل أُ رخ َِبُ َك ب َرأر ِ ر َ ُ‬ ‫يَ رع َملُ و َن‪[‬الس جدة‪ُُ ،]١7 - ١6 :‬ثَّ قَ َ‬
‫ف‬ ‫ال‪" :‬تَ ُك ُّ‬ ‫س انِِه فَ َق َ‬ ‫ِِ‬ ‫ك ُكلِ ِه؟ " قُ رل ُ‬ ‫ال‪" :‬أ َََل أُ رخ َِبُ َك ِِبِ ََّل ِك ذَلِ َ‬ ‫ا رْلِ َه ُ‬
‫ت‪ :‬بَلَ ى‪ .‬فَأَ َخ َذ بل َ‬ ‫اد"‪ُُ ،‬ثَّ قَ َ‬

‫(‪)1‬سورة فصلت آية ‪3 0‬‬


‫‪39‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ك ََي ُم َع اذُ‪،‬‬ ‫ال‪" :‬ثَ ِكلَرت َ‬


‫ك أ ُُّم َ‬ ‫ب َِّ‬
‫اّلل‪َ ،‬وإِ ََّّن لَ ُم َؤا َخ ُذو َن ِِبَا نَ تَ َكلَّ ُم بِ ِه؟ قَ َ‬ ‫ت‪ََ :‬ي نَِ َّ‬
‫ك َه َذا" قُ رل ُ‬ ‫َعلَري َ‬
‫رسنَتِ ِه رم؟! "‪.‬‬‫وه ِهم ِِف النَّا ِر إََِّل حصائِ ُد أَل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه رل يُ ِك ُّ‬
‫َ َ‬ ‫َّاس َعلَى ُو ُج ر‬ ‫ب الن َ‬ ‫َ‬
‫ك ُكلِِ ِه؟ " يس تنبط من ه فائ دة مجيل ة ج دا‬ ‫ِ‬
‫ُخ ِربُ َك مبِِ َال ِك ذَل َ‬
‫ملا ذكر النيب مجلة من األعمال الصاحلة قال ‪ " :‬أََال أ ْ‬
‫ك َه َذا " ‪.‬‬
‫ف َعلَْي َ‬
‫وهو أن مالك ذلك كله هو قوله ‪" :‬تَ ُك ُّ‬
‫وفيه التنبيه على أن أعظم األعمال بع د الف رائض ه و مالزم ة ذك ر هللا ح ىت إن ش يخ اإلس الم ق ال ‪" :‬يك اد أن‬
‫يب ص لى‬ ‫يكون هذا إمجاعا بني أهل العلم "‪ ،‬ويشهد له قوله "أََال أُخ ِرب َك مبِِ َال ِك ذَلِ َ ِ ِ‬
‫ك ُكلِ ه؟ " وهل ذا مل ا س أل الن َّ‬ ‫ُْ‬
‫‪1‬‬
‫هللا علي ه وس لم رج ٌل فق ال ‪" :‬إن ش رائع اإلس الم ق د كث رت عل ي ف أخربين بش يء أتش بث ب ه ‪ ،‬ق ال‪ :‬ال ي زال‬
‫احلديث ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫لسانك رطبا من ذكر هللا" آخر‬

‫ت َس ِعي َد بر َن‬ ‫س ال َرم ِك ُّي‪ََِ ،‬س رع ُ‬


‫شا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن يَ ِزي َد بر ِن ُخنَ ري ٍ‬
‫‪َ - 3974‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن بَ َّ‬
‫ص ِفيَّةَ ابِرنة َش ري بَةَ َع رن أُِم َحبِيبَ ةَ َزرو ِج النَِّ ِب ‪،‬‬ ‫ال‪ :‬ح َّدثَ رت ِّن أ ُُّم ِ‬ ‫ِ‬
‫صال ٍح‪َ ،‬ع رن َ‬ ‫َ‬ ‫سا َن ال َرم رخ ُزوم َّي قَ َ َ‬ ‫َح َّ‬
‫َّه َي َع رن ال ُرم رن َك ِر‪َ ،‬وِذ رك َر‬ ‫آدم َعلَي ِه ََل لَه‪ ،‬إََِّل راْلَمر ِبلرمعر ِ‬ ‫َع رن النِ ِ‬
‫وف َوالن ر‬ ‫رَ َ رُ‬ ‫ُ‬ ‫ال‪َ " :‬ك ََّل ُم ابر ِن َ َ ر‬ ‫َّب ‪‬قَ َ‬
‫اّلل ‪."‬‬ ‫َِّ‬
‫ِ‬
‫ري ِِف َكثِ ٍري من َّرَّن َو ُ‬
‫اه رم إََِّل َم رن‬ ‫هذا احلديث ضعيف ‪ ،‬ولكن يصدقه القرآن حيث قال هللا تعاىل ‪ََّ ﴿:‬ل َخ ر َ‬
‫آد َم َعلَْي‪ِ2‬ه َال لَهُ" مثل قوله‬ ‫َّاس ۚ ﴾ فقوله ‪َ " :‬ك َال ُم ابْ ِن َ‬
‫ْي الن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أَمر بِ ٍ‬
‫ص َدقَة أ رَو َم رع ُروف أ رَو إِ ر‬
‫ص ََّل ٍح بَ ر َ‬ ‫ََ َ‬
‫ِ‬
‫اه رم ﴾فإن معىن جنواهم أي ‪ :‬كالمهم ‪.‬‬ ‫﴿ ََّل َخ ر َري ِِف َكثِ ٍري من َّرَّن َو ُ‬

‫(‪ )1‬قال الشيخ‪ :‬معىن أتشبث به ‪ :‬أ ي شيء مع يل ذلك كله‬


‫(‪)2‬سورة النساء آية ‪1 14‬‬

‫‪40‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫يم‪َ ،‬ع رن أَِِب‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪َ - 3975‬ح َّدثَنَا َعلِ ُّي بر ُن ُمَ َّم ٍد‪َ ،‬ح َّدثَنَا َخ ِاِل يَ رعلَ ى‪َ ،‬ع رن راْلَ رع َم ِ‬
‫ش‪َ ،‬ع رن إبر َراه َ‬
‫ِ‬ ‫يل َِلبر ِن عُ َم َر‪ :‬إِ ََّّن نَ رد ُخ ُل َعلَ ى أ َُم َرائِنَ ا فَ نَ ُق ُ‬ ‫الش رعثَ ِاء‪ ،‬قَ َ ِ‬
‫َّ‬
‫ول الر َق رو َل‪ ،‬فَ إ َذا َخ َر رجنَ ا قُلرنَ ا غَ ر َ‬
‫ريهُ!‬ ‫ال‪:‬ق َ‬
‫اّلل‪ ‬النِ َفا َق‪.‬‬ ‫ول َِّ‬ ‫ك َعلَى َع ره ِد ر ُس ِ‬ ‫ال‪ُ :‬كنَّا نَعُ ُّد َذلِ َ‬
‫قَ َ‬
‫َ‬
‫ري الَّ ِذي‬ ‫ند َك ب يَّ َ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ت طَائ َفةٌ م رن ُه رم غَ ر َ‬ ‫اعةٌ فَِإذَا بَ َرُزوا م رن ع َ‬ ‫ويشهد هلذا قول هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬ويَ ُقولُو َن طَ َ‬
‫‪2‬‬
‫ألحد فيما هنى هللا عنه من‬ ‫ول ۚ ﴾ قال شيخ اإلسالم ‪" :‬وأما أهل‪ ١‬العلم والدين والفضل فال يرخصون‬
‫تَ ُق ُ‬
‫معصية والة األمور وغشهم واخلروج عليهم بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين‬
‫قدميا وحديثا ومن سرية غريهم"‬
‫وأشار القرآن إىل هذا املعىن وهذا املنهج وأن اإلنسان إذا استُ ِأمن من قِبل ويل األم ر فإن ه ب علي ه أن يك ون‬
‫أمينا غري خائن ولو كان ويل األم ر ه ذا ك افرا ‪ ،‬وج اءت اإلش ارة إىل ه ذا يف قص ة يوس ف علي ه الس الم ‪ ،‬ف إن‬
‫يوس ف علي ه الس الم س ئل ع ن ال رؤاي ال يت رآه ا املل ك ‪ ،‬وتل ك ال رؤاي مل تك ن جم رد رؤاي وإمن ا ك ان يرتت ب عليه ا‬
‫بقاء الدولة أو ذهاهب ا ‪ ،‬وم ع ذل ك ع رب هل م يوس ف علي ه الس الم ال رؤاي مث ب ني هل م الطريق ة الص حيحة واملناس بة‬
‫للحفاظ على اقتصاد الدولة ‪.‬‬
‫ف ذكر هل م الس بع الس نني الس مان مث الس بع الس نني العج اف مث دع اه املل ك وقرب ه وق ال ل ه أن ت ممَُ َّك ٌن عن دي‬
‫فطلب يوسف أن عله على خزائن األرض ‪.‬‬
‫وهنا ملحظ مهم وهو أن يوسف مل يبتدئ هذا األمر وإمنا عُ ِرض عليه فاختار هذا األمر ‪.‬‬
‫ويس تفاد م ن ه ذا أن ال دخول يف حك م الك افر ال ين اقض التوحي د إال عن د فع ل م ا ين اقض التوحي د‪ ،‬ف إن‬
‫يم َوإِ رس َحا َق‬ ‫ت ِملَّ ةَ ِ ِ ِ‬ ‫يوس ف علي ه الس الم دخ ل يف حك م الك افر وم ع ذل ك ق ال‪َ :‬واتَّبَ رع ُ‬
‫آبئ ي إبر َراه َ‬
‫َ‬
‫وب‪ ‬إال أن ه ذا املل ك م ن فض‪3‬ل هللا علي ه أن ه مل يع ِاد يوس ف يف عقيدت ه ومل مينع ه م ن نش ر عقيدت ه ‪-‬‬
‫َويَ رع ُق َ‬
‫كم ا فع ل فرع ون م ع موس ى حينم ا طل ب موس ى علي ه الس الم أن يل ي بين ه وب ني قوم ه ف رفض فرع ون‪ ، -‬ومل‬
‫مينعه من الدعوة إىل هللا مع أنه مل يدخل يف اإلسالم فثبت ملكه ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة النساء آية ‪8 1‬‬


‫(‪ ) 2‬الحظ أنه مل يقل أهل العلم فقط وإمنا أضاف الدينأل ن هناك من الناس من لديه علم ولكن ليس لديه دين‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف آية ‪3 8‬‬
‫‪41‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫والدليل على أن يوسف عليه السالم كان ينشر دعوته بينهم ومل يعارضه امللك ه و قول ه تع اىل﴿ َولََق رد َج َ‬
‫اء ُك رم‬
‫الم ُم ِِك ن م ن‬ ‫اء ُكم بِ ِه ۚ ﴾ الش اهد أن يوس ف علي ه الس‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يوس ُ ِ‬
‫ف من قَ رب ُل بلربَينَات فَ َما ِزلر تُ رم ِِف َش ك َّا َج َ‬
‫‪١‬‬
‫ُ ُ‬
‫هذا الرجل ‪.‬‬
‫وهل ذا ل وال أن املفس رين ق الوا أن ه ذا املل ك ل يس م ن الفراعن ة وإمن ا أت ى م ن الش ام م ن اهلكس وس لقلن ا إن هللا‬
‫أطلق عليه اسم امللك وأنه استثين من الفراعنة ومل‪2‬يسم فرعوان وإمنا مسي ملكا ألنه مل ِ‬
‫يعاد العقيدة وأهلها ‪.‬‬
‫وهل ذا َت دون ال دول يف أورواب اآلن ق د مك ن هللا هل م ألهن م ال يع ادون اإلنس ان يف إظه ار عقيدت ه وال ربون‬
‫اإلنسان على تغيري عقيدته ‪ ،‬بل رمبا مسحوا ابملساجد ‪.‬‬
‫وهلذا كان من أعظم أسباب سقوط الدولة العثمانية حرهب ا أله ل التوحي د يف جن د ‪ ،‬وإال ف إن األم ور قب ل ذل ك‬
‫كانت تسري‪ ،‬على ما عندهم م ن ب دع وض الالت وخراف ات ‪ ،‬وك ان م ا حيص ل بي نهم وب ني ال دول األخ رى ه و‬
‫من ابب املدافعة فقط ‪ ،‬ولكنهم ملا حاربوا أهل التوحيد سقطت الدولة وهذه سنة هللا تعاىل‪.‬‬

‫ب ب ِن َشابوٍر‪ ،‬ح َّدثَنا راْلَوَز ِ‬ ‫‪َ - 3976‬ح َّدثَنَا ِه َ‬


‫اع ُّي‪َ ،‬ع رن‬ ‫ام بر ُن َع َّما ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن ُش َع ري ِ ر ُ َ َ ر‬ ‫شُ‬
‫ول‬
‫ال َر ُس ُ‬‫ال‪ :‬قَ َ‬‫الزره ِر ِي‪َ ،‬ع رن أَِِب َسلَ َمةَ َع رن أَِِب ُه َرير َرةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫يل‪َ ،‬ع رن ُّ‬ ‫الر رْحَ ِن بر ِن َح ري َوئ َ‬ ‫قُ َّرةَ بر ِن َع رب ِد َّ‬
‫‪":‬م رن ُح رس ِن إِ رس ََّلِم ال َرم ررِء تَ ررُكهُ َما ََل يَ رعنِ ِيه"‪.‬‬
‫اّلل ‪ِ ‬‬ ‫َِّ‬
‫هذا احلديث قيل إنه ليس له إسناد ومع ذلك فهو من األحاديث املقبولة عند أهل العلم حىت عده بعض‬
‫أهل العلم ثلث اإلسالم ‪.‬‬
‫احلكمة من إيراد املؤلف هلذا ‪ :‬أن من األشياء اليت يؤمر هبا اإلنسان حال عيشه يف أي جمتمع حىت يَسلم هو‬
‫ويَسلم غريُه أنه عليه أن يرتك ما ال يعنيه ‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ‪:‬فإن أكثر كالم الناس يف بعضهم لبعض دافعه احلسد أو الرائسة ‪ ،‬وهلذا قال صاحب‬
‫الشريعة "من حسن إسالم املرء تركه ما ال يعنيه"‬

‫(‪)1‬سورة غافر آية ‪3 4‬‬


‫(‪ )2‬قال الشيخ‪ :‬كلمة امللك ليس فيها ثناء وليس فيها ذم وإمنا تكو نكذلك على حسب احلال ‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ب الرعُ رزلَ ِة‬


‫‪َ - ١3‬ب ُ‬
‫َبِّن أَِِب‪َ ،‬ع رن بَ َع َج ةَ‬ ‫ٍ‬
‫اح‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد ال َرع ِزي ِز بر ُن أَِِب َح ا ِزم‪ ،‬أَ رخ ََ‬ ‫‪َ - 3977‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن َّ‬
‫الصبَّ ِ‬
‫اس َلُ رم‪َ ،‬ر ُج ٌل‬ ‫ش النَّ ِ‬ ‫"خ رريُ َم َع ايِ ِ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫َّب ‪ ‬قَ َ‬ ‫ب ِن َعب ِد َِّ‬
‫اّلل بر ِن بَ رد ٍر ا رْلَُه ِِّن َع رن أَِِب ُه َرير َرَة‪ ،‬أَ َّن النِ َّ‬ ‫ر ر‬
‫ار َعلَري ِه‪ ،‬يَ رب تَ ِغ ي‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يل َِّ ِ‬ ‫ان فَ َر ِس ِه ِِف َسبِ ِ‬ ‫ك بِ ِعنَ ِ‬‫ُر ِس ٌ‬
‫اّلل‪ ،‬يَطريُ َعلَى َم رتنه‪ُ ،‬كلَّ َما ََس َع َه ري َعةً أ رَو فَ رز َعةً طَ َ‬
‫اف‪ ،‬أَ رو بَطر ِن َو ٍاد ِم رن‬ ‫الش ع ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫س َش َع َفة م رن َه ذه َ‬
‫ٍِ‬ ‫ت والر َق رت َل َمظَانَّ هُ‪َ ،‬وَر ُج ٌل ِِف غُنَ ري َم ٍة ِِف َرأر ِ‬ ‫ال َرم رو َ‬
‫اس إََِّل ِِف‬ ‫س ِم رن النَّ ِ‬ ‫ْي‪ ،‬لَري َ‬
‫ِ‬
‫الزَكا َة‪َ ،‬ويَ رعبُ ُد َربَّهُ َح ََّّت ََيرتِيَهُ الريَق ُ‬
‫الص ََّل َة‪َ ،‬ويُ رؤِِت َّ‬
‫يم َّ‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬
‫َهذه راْل رَوديَة‪ ،‬يُق ُ‬
‫َخ رٍري"‪.‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫الزره ِر ُّ‬
‫ي‪َ ،‬ح َّدثَِّن ُّ‬ ‫الزبِي ِد ُّ‬
‫ام بر ُن َع َّم ا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا َرَي ََي بر ُن َْحر َزةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُّ‬ ‫شُ‬ ‫‪َ - 3978‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫اس‬‫َي النَّ ِ‬ ‫ال‪ :‬أ ُّ‬ ‫ب ‪ ‬فَ َق َ‬ ‫َن َر ُج ًَّل أَتَ ى النَّ ِ َّ‬ ‫اخلُ رد ِر ِي‪ :‬أ َّ‬
‫يد ر‬ ‫َع ن َعطَ ِاء ب ِن ي ِزي َد اللَّيثِ ِي َع ن أَِِب س ِع ٍ‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر َ‬ ‫ر‬
‫ب‬ ‫"ُثَّ رام ُرٌؤ ِِف ِش رع ٍ‬ ‫ال‪ُ :‬‬ ‫اّلل بِنَ رف ِس ِه َوَمالِ ِه" قَا َل‪ُُ :‬ثَّ َم رن؟ قَ َ‬ ‫يل َِّ‬ ‫اه ٌد ِِف َسبِ ِ‬ ‫ال‪" :‬رجل ُُمَ ِ‬
‫ض ُل؟ قَ َ َ ُ ٌ‬ ‫أَفر َ‬
‫اس ِم رن َش ِرهِ"‪.‬‬ ‫اّللَ َع َّز َو َج َّل‪َ ،‬ويَ َدعُ النَّ َ‬ ‫اب‪ ،‬يَ رعبُ ُد َّ‬‫الش َع ِ‬‫ِمن ِ‬
‫ر‬
‫آَيتِنَ ا َع َجبً ا ﴿‪ ﴾9‬إِ رذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األصل فيه قول هللا تعاىل‪ ﴿:‬أ رَم َح ِس رب َ‬
‫اب الر َك ره ف َوال َّرق ِيم َك انُوا م رن َ‬ ‫َص َح َ‬ ‫ت أ َّ‬
‫َن أ ر‬
‫‪١‬‬
‫نك َر رْحَ ةً َو َهيِ رئ لَنَ ا ِم رن أ رَم ِرََّن َر َش ًدا ﴾ وقول ه تع اىل ع ن‬
‫ف فَ َق الُوا َربَّنَ ا آتِنَ ا ِم ن لَّ ُد َ‬
‫أَوى ال ِرف رت ي ةُ إِ ََّل الر َك ره ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫تفصيل ‪:‬‬ ‫ون اللَّ ِه‪ ﴾ ....‬لكن أمر العزلة واخللطة فيه‬ ‫إبراهيم‪ ﴿ :‬وأَ رعتَ ِزلُ ُكم وما تَ ردعُو َن ِمن ُد ِ‬
‫ر ََ‬ ‫َ‬
‫ْي‬ ‫ِ‬ ‫اْلالة اْلوَّل‪ :‬أن تكون اخللطة أفضل من العزلة‪ ،‬ودليلها قوله تعاىل‪ ﴿ :‬وما أَرسلرنا قَ ب لَ َ ِ‬
‫ك م َن ال ُرم رر َسل َ‬ ‫ََ ر َ َ ر‬
‫ض ُكم لِب ع ٍ ِ‬ ‫َسو ِ‬
‫صَِبُو َن ۚ َوَكا َن َربُّ َ‬
‫ك‬ ‫ض ف رت نَةً أَتَ ر‬ ‫اق ۚ َو َج َعلرنَا بَ رع َ ر َ ر‬ ‫شو َن ِِف راْل ر َ‬ ‫إََِّل إِ َُّنُ رم لَيَأر ُكلُو َن الطَّ َع َ‬
‫ام َوميَر ُ‬
‫‪3‬‬
‫بَ ِص ًريا ﴾‬

‫(‪)1‬سورة الكهف آية ‪10-9‬‬


‫(‪)2‬سورة مرمي آية ‪4 8‬‬
‫(‪)3‬سورة الفرقا ن آية ‪2 0‬‬
‫‪43‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ويندرج حتت ذلك أيضا حديث النيب صلى هللا عليه وسلم "املؤمن الذي يالط الناس ويصرب على أذاهم خري‬
‫من الذي ال يالطهم وال يصرب على أذاهم"وهذا يف حال ترتب اخلري على خمالطتهم ‪ ،‬ولو كان اخلري قليال ‪.‬‬
‫اْلالة الثانية‪ :‬هي اليت أشار إليها النيب بقوله "حىت إذا رأي ت ش حا مطاع ا وه وى متبع ا ودني ا م ؤثرة وإعج اب‬
‫كل ذي رأي برأيه فعليك خبويصة نفسك"‬
‫س ِم ْن َشِِرهِ"‬
‫اَّللَ َعَّز َو َج َّل‪َ ،‬ويَ َدعُ النَّا َ‬
‫اب‪ ،‬يَ ْعبُ ُد َّ‬ ‫"مثَّ امرٌؤ ِيف ِشع ٍ ِ ِ‬
‫الشع ِ‬
‫ب م ْن ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫قوله ُ ْ ُ‬
‫فيه دليل على أن االعتزال يكون ليسلم الناس من شرك وليس لتسلم من شرهم ‪.‬‬

‫‪َ - 3979‬ح َّدثَنَا َعلِ ُّي بر ُن ُمَ َّم ٍد‪َ ،‬ح َّدثَنَا ال َرولِي ُد بر ُن ُم رسلِ ٍم‪َ ،‬ح َّدثَِّن َع رب ُد ال َّر رْحَ ِن ابر ُن يَ ِزي َد بر ِن‬
‫اخلَ وََلِّنُّ أنَّ هُ ََِس ع ح َذير َف ةَ بر ن الريم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ج ابِ ٍر‪ ،‬ح َّدثَِّن بس ر ب ن عُب ي ِد َِّ‬
‫ان‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫س رر‬ ‫اّلل‪َ ،‬ح َّدثَِّن أَبُ و إ ردري َ‬ ‫ُ ر ُ ر ُ َر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َج َاُبُ رم إِلَري َه ا قَ َذفُوهُ فِ َيه ا"‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬
‫َّم‪َ ،‬م رن أ َ‬
‫اّلل‪" :‬يَ ُك و ُن ُد َع اةٌ َعلَ ى أَبر َواب َج َه ن َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول‪ :‬قَ َ‬ ‫يَ ُق ُ‬
‫ت‪ :‬فَ َم ا‬ ‫رس نَتِنَا" قُ رل ُ‬‫‪":‬هم قَ وم ِم ن ِج رل َدتِنَا‪ ،‬ي تَ َكلَّم و َن ِِبَل ِ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل‪ِ ،‬‬
‫َ ُ‬ ‫ال ُ ر ر ٌ ر‬ ‫ص رف ُه رم لَنَ ا‪ .‬قَ َ‬ ‫رت‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫قُل ُ‬
‫ِ‬ ‫ََت ُرم ُرِّن إِ رن أَ رد َرَك ِّن ذَلِ َ‬
‫ْي َوإِ َم َام ُه رم" ‪ .‬قل ت‪ :‬فَِإ رن َملر يَ ُك رن َلُ رم‬ ‫اع ةَ ال ُرم رس ل ِم َ‬
‫ال‪" :‬فَ ال َرزرم ََجَ َ‬ ‫ك؟ قَ َ‬
‫‪١‬‬

‫ك‬ ‫َص ِل َش َج َرةٍ َح ََّّت يُ رد ِرَك َ‬ ‫ض ِِب ر‬ ‫ك ال ِرف َر َق ُكلَّ َه ا‪َ ،‬ولَ رو أَ رن تَ َع َّ‬‫ام! ق ال‪" :‬فَ ا رعتَ ِز رل تِرل َ‬ ‫اعةٌ َوََل إِ َم ٌ‬
‫ََجَ َ‬
‫ك"‪.‬‬ ‫ت َك َذلِ َ‬ ‫ت َوأَنر َ‬ ‫ال َرم رو ُ‬

‫(‪ )1‬نقل مهم عن شيخ اإلسالم نقله الشيخ ‪.‬‬


‫قال شيخ اإلسالم ‪ :‬ومن املعلوم أ ن الناس ال يصلحو ن إال بوالة ‪ ،‬وأنه لو توىل من هودو ن هؤالء من امللوك الظلمة لكا ن‬
‫ذلك خريا من عدمهم كما يقال ستو ن سنة مع إمام جائر خري من ليلة واحدة بال إمام ‪ ،‬ويرو ى عن علي رضي هللا عنه أنه‬
‫قال ‪ :‬البد للناس من إمارة برة كانت أ و فاجرة ‪ ،‬قيل له هذه الربة قد عرفناها فما ابل الفاجرة ‪ ،‬قال ‪ :‬يؤمن هبا السبل‪،‬‬
‫ويقام هبا احلد ود‪ ،‬واهد هبا العد و‪ ،‬ويقسم هبا الفيء ذكره علي بن معبد يف كتاب الطاعة اوملعصية ‪.‬‬
‫والناس ال ميكنهم بقاء أايم قليلة بال والة أمور بل كانت تفسد أمورهم ‪ .‬منهاج السنة ‪548 -547 1/‬‬
‫وقال رمحه هللا ‪ :‬وهلذارو يأ ن السلطا ن ظل هللا يف األرض ‪ ،‬ويقال ‪ :‬ستو ن سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بال‬
‫سلطا ن والتجربة تبني ذلك وهلذا كا ن السلف كالفضيل بن عياض وأمحد بن حنبل وغريمها يقولو ن لو كا ن لنا دعوة جمابة‬
‫‪ 390 28‬وما بعدها ‪.‬‬‫لد وعنا هبا للسلطا ن ‪ .‬جمموع الفتا و ى ‪/‬‬

‫‪44‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ني َوإَِما َم ُه ْم "‬ ‫ِِ‬ ‫قوله ‪ُ " :‬د َعاةٌ َعلَى أَبْو ِ‬
‫اعةَ الْ ُم ْسلم َ‬
‫اب َج َهن ََّم " مث قوله ‪ " :‬فَالَْزْم َمجَ َ‬ ‫َ‬
‫يُفهم منه أن ه ؤالء ال دعاة ي دعون إىل االف رتاق ‪ ،‬وأن الوج ه الص حيح وامل نهج احل ق أن ال َتي بهم إىل ذل ك ‪،‬‬
‫بل تلزم مجاعة املسلمني وإمامهم ‪.‬‬

‫وهلذا فإن قواعد اجملتمع املسلم ال ميكن أن تقوم إال ممور ثالثة ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬وحدة العقيدة وهي اليت أشار إليها النيب يف قوله "إن هللا يرضى لكم ثالاث ويك ره لك م ث الاث أن تعب دوا‬
‫هللا وال تشركوا به شيئا ‪".....‬‬
‫الثاين ‪ :‬وحدة املنهاج والسبيل والشريعة والسنة أي ‪ :‬يكون فهمنا للدين واحدا ‪،‬‬
‫الثالث ‪ :‬وحدة الوالية ‪.‬‬
‫هذه القواعد الثالأ يقوم هبا اجملتم ع املس لم ‪ ،‬ف إن مل توج د ه ذه القواع د أو مل توج د بعض ها ف إن العب د م أمور‬
‫ابالعتزال لقوله "فاعتزل تلك الفرق كلها"‬
‫ويف قوله ‪" :‬فاعتزل تلك الفرق كلها" إشارة إىل بطالن منهج اخلوارج ‪ ،‬فإنه مل أيمر النيب ص لى هللا علي ه وس لم‬
‫بقتاهلم مع وجود االختالف واالفرتاق وإمنا أمر ابعتزال تلك الفرق كلها ‪.‬‬
‫ويف قوله "يفر بدينه من الفنت" فيه إشارة إال أن املؤمن ال يعرض نفس ه للف نت ‪ ،‬ال ف نت ال دين وال ف نت ال دنيا ‪،‬‬
‫وهلذا قال النيب يف الدجال "من مسع به منكم فلين أ عن ه" واع عن ه ‪:‬أي اه رب من ه ‪ ،‬فك ذلك الف نت ال ي دخلها‬
‫وال حيرص على الدخول فيها ‪.‬‬

‫يد‪َ ،‬ع ن َعب ِد َِّ‬ ‫اّلل بن َُّنَ رٍري‪َ ،‬ع ن َرَي َي ب ِن س ِع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ - 3980‬ح َّدثَنَا أَبُو ُك َرير ٍ‬
‫اّلل ب ن‬ ‫ر ر‬ ‫ر َ ر َ‬ ‫ب‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد َّ ر ُ‬
‫اّلل ‪:‬‬ ‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول‪ :‬قَ َ‬ ‫ي يَ ُق ُ‬ ‫عب د ال رْحن راْلَنرص ا ِر ِي‪َ ،‬ع ن أَبِي ِه أَنَّ هُ ََِس ع أَب س ِع ٍ‬
‫يد ا رخلُ رد ِر َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ال‪َ ،‬وَم َواقِ َع الر َقطر ِر‪ ،‬يَِف ُّر بِ ِدينِ ِه‬
‫ف ا رْلِبَ ِ‬ ‫ال ال ُرم رس لِ ِم غَ نَ ٌم يَ رت بَ ُع ُِبَا َش َع َ‬
‫ك أَ رن يَ ُكو َن َخ رري َم ِ‬
‫َ‬ ‫وش ُ‬ ‫"ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِم رن ال ِرف َ ِ‬
‫ت"‪.‬‬

‫‪َ - 398١‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن عُ َم َر بر ِن َعلِ ٍي ال ُرم َق َّد ِم ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َس ِعي ُد بر ُن َع ِام ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَبُو َع ِام ٍر‬
‫ال‬‫ال‪ :‬قَ َ‬‫ان‪ ،‬قَ َ‬ ‫اخلَ َّز ُاز‪َ ،‬ع ن ُْحَري ِد بر ِن ِه ََّل ٍل‪َ ،‬ع ن َع رب ِد ال َّر رْحَ ِن بر ِن قُ ر ٍط َع ن ح َذير َف ةَ بر ِن الريم ِ‬ ‫ر‬
‫ََ‬ ‫ر ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫‪45‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ول َِّ‬
‫اض َعلَ ى ِج رذ ِل‬ ‫ت‪َ ،‬علَى أَبر َو ِاُبَا ُد َع اةٌ إِ ََّل النَّ ا ِر‪ ،‬فَ أَ رن ََتُ َ‬
‫وت َوأَنر َ‬
‫ت َع ٌّ‬ ‫اّلل ‪" :‬تَ ُكو ُن فِ ٌَ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫َح ًدا ِم رن ُه رم"‪.‬‬ ‫َشجرةٍ‪َ ،‬خري لَ َ ِ‬
‫ك م رن أَ رن تَ رت بَ َع أ َ‬ ‫َ َ رٌ‬
‫فيه التنبيه على أن الناس إذا كانوا يف فرقة واختالف فإن اإلنسان يعتزل ‪.‬‬

‫ث بر ُن َس رع ٍد‪َ ،‬ح َّدثَِّن عُ َق ري ٌل‪َ ،‬ع رن‬ ‫ي‪َ ،‬ح َّدثَنَا اللَّري ُ‬ ‫ث ال ِرم ر‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫‪ - 3982‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ن ا رْل ا ِر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ول َِّ‬ ‫سيَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫"َل يُ رل َدغُ‬‫ال‪َ :‬‬ ‫اّلل ‪ ‬قَ َ‬ ‫َن َر ُس َ‬‫َبهُ‪ ،‬أ َّ‬ ‫ب أ َّ‬
‫َن أ ََب ُه َرير َرةَ أَ رخ ََ‬ ‫َبِّن َسعي ُد بر ُن ال ُرم َ‬ ‫ابر ِن ش َهاب‪ ،‬أَ رخ ََ‬
‫ال ُرم رؤِم ُن ِم رن ُج رح ٍر َم َّرتَ ر ِ‬
‫ْي"‪.‬‬
‫ي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َزرم َع ةُ بر ُن‬ ‫َْحَ َد ال ُّزبَ رِري ُّ‬
‫ال‪َ :‬ح َّدثَنَا أَبُ و أ ر‬ ‫‪َ - 3983‬ح َّدثَنَا عُثر َم ا ُن بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫"َل يُ رل َدغُ ال ُرم رؤِم ُن ِم رن‬
‫ّلل ‪َ :‬‬ ‫ول ا َِّ‬‫ال‪ :‬قَا َل َر ُس ُ‬ ‫الزره ِر ِي‪َ ،‬ع رن َس ٍِامل َع رن ابر ِن عُ َم َر‪ ،‬قَ َ‬ ‫صالِ ٍح‪َ ،‬ع رن ُّ‬ ‫َ‬
‫ُج رح ٍر َم َّرتَ ر ِ‬
‫ْي"‪.‬‬
‫ال إِِّن لَيَ رح ُزنُِّن أَن تَ رذ َهبُوا بِ ِه‬
‫مصداق هذا احلديث يف كتاب هللا يف قصة يعقوب مع بنيه إذ قال هلم ﴿ قَ َ‬
‫ون َم روثًِقا ِم َن اللَّ ِه لَتَأرتُن َِّّن بِ ِه ‪...‬‬ ‫ب‪ ﴾ ....‬مث قال‪﴿ :‬لَ رن أ رُر ِسلَهُ َم َع ُك رم َح َّ ٰ‬
‫َّت تُ رؤتُ ِ‬ ‫‪١‬‬ ‫ِ‬
‫اف أَن ََير ُكلَهُ الذئر ُ‬
‫َخ ُ‬
‫َوأ َ‬
‫﴾ ‪ ،‬وأراد ابن ماجه من إيراد هذا‪ 2‬احلديث معىن دقيقا وهو أن الذي يلذغ أكثر من مرة عنده ابتداع يف‬
‫الدين ‪ ،‬وإال لو كان مؤمنا حلفظه هللا جل وعال ‪ ،‬ويدل على هذا املعىن فيما يظهر يل وهللا أعلم قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪3‬‬ ‫﴿ أ ََوََل يَررو َن أ ََُّنُ رم يُ رفتَ نُو َن ِِف ُك ِل َع ٍام َّم َّرًة أ رَو َم َّرتَ ر ِ‬
‫ْي ُُثَّ ََل يَتُوبُو َن َوََل ُه رم يَ َّذ َّك ُرو َن﴾ ويقول شيخ اإلسالم‬ ‫َ‬
‫ابن تيمية ‪" :‬أهل البدع أشبه ما يكون ابملنافقني" ففيه إشارة إىل نقص اإلميان ‪ ،‬وإال لو كان مؤمنا ملا أصابه‬
‫هذا األمر ‪ ،‬فلما نقص إميانه ونقصت عناية هللا له ‪ ،‬صارت تلدغه األمور وال يرعوي وال يتوب ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة يوسف آية ‪1 3‬‬


‫(‪)2‬سورة يوسف آية ‪6 6‬‬
‫(‪)3‬سورة التوبة آية ‪1 26‬‬

‫‪46‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫الشب َه ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات‬ ‫ب ال ُروقُوف ع رن َد ُّ ُ‬
‫‪َ - ١4‬ب ُ‬
‫ار ِك‪َ ،‬ع رن َزَك ِرََّي بر ِن أَِِب َزائِ َدةَ‪َ ،‬ع رن‬ ‫‪ - 3984‬ح َّدثَنا عمرو بن رافِ ٍع‪ ،‬ح َّدثَنا عب ُد َِّ‬
‫اّلل بر ُن ال ُرمبَ َ‬ ‫َ َ َر‬ ‫َ َ َرُ رُ َ‬
‫ت‬‫ص بَ َع ري ِه إِ ََّل أُذُنَ ري ِه‪ََِ :‬س رع ُ‬
‫ول َعلَى ال ِرم رن ََِب‪َ ،‬وأ رَه َوى ِبِِ ر‬ ‫ُّع َما َن بر َن بَ ِش ٍري يَ ُق ُ‬
‫ت الن ر‬ ‫ال َِ‬
‫‪َ:‬س رع ُ‬ ‫الش رعِ ِب‪ ،‬قَ َ‬
‫َّ‬
‫ات ََل يَ رعلَ ُم َه ا َكثِ ريٌ ِم رن‬ ‫ْي‪َ ،‬وبَ ري نَ ُه َم ا ُم رش تَبِ َه ٌ‬‫ْي‪َ ،‬وا رْلَ َر ُام بَ ِ ٌ‬
‫ول‪" :‬ا رْلَ ََّل ُل بَ ِ ٌ‬‫اّلل ‪ ‬يَ ُق ُ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ات‪َ ،‬وقَ َع ِِف‬ ‫الش ب َه ِ‬ ‫ات‪ ،‬اس تَ ر ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫الش ب َه ِ‬
‫َبأَ لدين ه َوع ررض ه‪َ ،‬وَم رن َوقَ َع ِِف ُّ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫اس‪ ،‬فَ َم رن اتَّ َق ى ُّ ُ‬ ‫النَّ ِ‬
‫ك ِْحى‪ ،‬أ َََل وإِ َّن ِْحى َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا رْلر ِام‪َ ،‬ك َّ ِ‬
‫اّلل‬ ‫َ َ‬ ‫ك أَ رن يَ ررتَ َع فِ ِيه‪ ،‬أَََل َوإِ َّن ل ُك ِل َمل ٍ َ‬ ‫وش ُ‬ ‫اعي حو َل ا رْلِمى‪ ،‬ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫الر َ ر‬ ‫ََ‬
‫س ُد‬
‫س َد ا رْلَ َ‬
‫ت فَ َ‬ ‫س َد ر‬ ‫صلُ َح ا رْلَ ُّ ِ‬
‫س ُد ُكل هُ‪َ ،‬وإ َذا فَ َ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫صلُ َح ر‬ ‫ضغَةً‪ ،‬إِ َذا َ‬ ‫س ِد ُم ر‬ ‫ِ‬
‫َمَا ِرُمهُ‪ ،‬أ َََل َوإ َّن ِِف ا رْلَ َ‬
‫ِ‬
‫رب"‪.‬‬ ‫ُكلُّهُ‪ ،‬أ َََل َوه َي الر َقل ُ‬
‫هذا احلديث من أصول اإلسالم والذي قبله‪ ،‬ولو أن املؤلف أضاف حديث "من عم ل عم ال ل يس علي ه أم ران‬
‫فهو رد" لكان مجيال ‪.‬‬
‫احلََر ُام بَِِ ٌ‬
‫ني‪َ ،‬وبَْي نَ ُه َما ُم ْشتَبِ َه ٌ‬
‫ات" ليس خاصا ابألكل والشرب والبيع والشراء ‪ ،‬بل‬ ‫قوله ‪" :‬ا ْحلََال ُل بَِِ ٌ‬
‫ني‪َ ،‬و ْ‬
‫هو عام يف مجيع أمور الدين ‪ ،‬فهن اك أم ور بين ة واض حة وهن اك أم ور مش تبهة ال ي درى ه ل ه ي ح ق أو ابط ل‬
‫‪.‬‬
‫الرجال واألئمة والعلماء منهم من يكون من الصنف األول – أي واضح ‪ ، -‬ورايته راية أهل السنة ‪.‬‬
‫ومنهم من يكون من الصنف الثاين فيكون مبتدعا ‪ ،‬كأن يكون رافضيا ‪...‬‬
‫ومنهم من يلط بني هذا وهذا فيكون مشتبها‪ ،‬وهلذا قال‪" :‬وإمنا أخاف على أميت من األئمة املضلني" وأشار‬
‫يب ُسو ٌد﴾‬‫ِ‬ ‫يض َو ُْحر ٌر َُّمرتَلِ ٌ‬ ‫القرآن إىل هذا يف قوله تعاىل‪﴿ :‬وِمن ا رْلِبَ ِ‬
‫ال ُج َد ٌد بِ ٌ‬
‫ف أَل َروا ُُنَا َوغَ َراب ُ‬
‫‪١‬‬
‫َ َ‬
‫فقوله " ُج َد ٌد بِ ٌ‬
‫يض " وه و ال دين الواض ح كم ا ق ال الن يب "ت ركتكم عل ى البيض اء ليله ا كنهاره ا ال يزي غ عنه ا إال‬
‫هالك"‬
‫وقوله " َو ُْحر ٌر َُّمرتَلِ ٌ‬
‫ف أَل َروا ُُنَا " ألواهنا خمتلطة‬
‫يب ُسو ٌد" هذا هو الكفر الواضح ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وقوله " َوغَ َراب ُ‬

‫(‪)1‬سورة فاطر آية ‪2 7‬‬


‫‪47‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫‪١‬‬ ‫شى اللَّ َه ِمن ِعب ِ‬


‫ادهِ ال ُرعلَ َماءُ ۚ ﴾ فالعبد مأمور شرعا‬ ‫ويتبني ذلك ابآلية اليت بعدها حيث قال‪ ﴿ :‬إِ ََّّنَا ََير َ‬
‫ر َ‬
‫من يرتك املشتبه وأيخذ ابلبني الواضح ‪.‬‬
‫ركتَ ِ‬ ‫ات ه َّن أ ُُّم ال ِ‬ ‫ركت ِ‬ ‫وهلذا قال تعاىل‪ ﴿ :‬هو الَّ ِذي أَنز َل َعلَي َ ِ‬
‫ُخ ُر‬
‫اب َوأ َ‬ ‫ت ُّرم َك َم ٌ ُ‬
‫آَي ٌ‬
‫اب م رنهُ َ‬
‫ك ال َ َ‬ ‫َ ر‬ ‫َُ‬
‫اء ََتر ِو ِيل ِه ۚ َوَما يَ رعلَ ُم‬ ‫شاب َه ِم رنهُ ابرتِغَ ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ش ِاُبَ ٌ‬
‫اء الرف رت نَة َوابرتغَ َ‬
‫َ‬ ‫ين ِِف قُلُوُب رم َزير ٌَ فَ يَ تَّبِعُو َن َما تَ َ َ‬
‫ات ۚ فَأ ََّما الذ َ‬ ‫ُمتَ َ‬
‫ََتر ِويلَهُ إََِّل اللَّ هُ ۚ ﴾ فاملؤلف ساق احلديث ألجل ‪2‬هذا املعىن ‪.‬‬

‫‪َ - 3985‬ح َّدثَنَا ُْحَري ُد بر ُن َم رس َع َدةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا َج رع َف ُر بر ُن ُس لَري َما َن‪َ ،‬ع رن ال ُرم َعلَّ ى ابر ِن ِزََي ٍد‪َ ،‬ع رن‬
‫ادةُ ِِف ا رلَرر ِج‪َ ،‬ك ِه رج َرةٍ إِ ََّ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل ‪" :‬ال ِرعبَ َ‬ ‫سا ٍر‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ِل"‪.‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ُم َعا ِويَةَ بر ِن قُ َّرَة َع رن َم رعق ِل بر ِن يَ َ‬
‫هذا احلديث يف الصحيح ‪.‬‬
‫اهل رج يش مل كث رة الف نت وامللهي ات واملش غالت ف النيب يق ول ‪" :‬الْعِبَ َادةُ ِيف ا ْهلَ ْرِج‪َ ،‬ك ِه ْج َرةٍ إِ ََّ‬
‫يل " وال ري ب أن‬
‫اهلج رة إىل الن يب م ن أعظ م األعم ال وأج ل الق رابت ‪ ،‬ففي ه التنبي ه عل ى فض ل العب ادة يف وق ت غفل ة الن اس ‪،‬‬
‫وهلذا جاءت األحاديث يف فض ل ص الة الض حى ألن ه وق ت غفل ة وهك ذا فض ل الص الة يف الثل ث األخ ري م ن‬
‫الليل ألنه وقت نوم وغفلة ‪ ،‬فلهذا يعظم فعل العبادة يف وقت غفلة الناس ‪.‬‬

‫ب‪ :‬بَ َدأَ رِ‬


‫اْل رس ََّل ُم غَ ِريبًا‬ ‫‪َ - ١5‬ب ٌ‬

‫(‪)1‬سورة فاطر آية ‪2 8‬‬


‫عمر ن آية ‪7‬‬
‫(‪)2‬سورة آل ا‬

‫‪48‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ب وس وي ُد ب ن س ِع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يد‪،‬‬ ‫وب بر ُن ُْحَري د بر ِن َكاس ٍ َ ُ َ ر ر ُ َ‬ ‫يم‪َ ،‬ويَ رع ُق ُ‬ ‫الر رْحَ ِن بر ُن إبر َراه َ‬ ‫‪َ - 3986‬ح َّدثَنَا َع رب ُد َّ‬
‫سا َن‪َ ،‬ع رن أَِِب َحا ِزٍم َع رن أَِِب ُه َرير َرَة‪،‬‬
‫ي‪َ ،‬ح َّدثَنَا يَ ِزي ُد بر ُن َك ري َ‬‫قَالُوا‪َ :‬ح َّدثَنَا َم ررَوا ُن بر ُن ُم َعا ِويَةَ الر َف َزا ِر ُّ‬
‫وَب لِ رلغَُرَب ِء"‪.‬‬
‫ود غَ ِريبًا‪ ،‬فَطُ َ‬
‫اْل رس ََّل ُم غَ ِريبًا‪َ ،‬و َسيَ عُ ُ‬ ‫اّلل ‪" :‬بَ َدأَ رِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫قَ َ‬
‫خَبََّن َعمرو ابرن ا رْلا ِر ِ‬ ‫‪ - 3987‬ح َّدثَنَا حرملَةُ بن َرَيَي‪ ،‬ح َّدثَنَا َعب ُد َِّ‬
‫اّلل بر ُن َو ره ٍ‬
‫ث‪َ ،‬وابر ُن‬ ‫ب‪ ،‬أَ َ ر ُ ُ َ‬ ‫ر‬ ‫َ رَ ر ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ول َِّ‬ ‫ك‪َ ،‬ع رن ر ُس ِ‬ ‫س بر ِن مالِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َلِ َيعةَ‪َ ،‬ع رن يَ ِزي َد بر ِن أَِِب َحبِي ٍ‬
‫اّلل ‪‬‬ ‫َ‬ ‫ب‪َ ،‬ع رن س نَان بر ِن َس رعد َع رن أَنَ ِ َ‬
‫وَب لِ رلغَُرَب ِء" ‪.‬‬
‫ود غَ ِريبًا‪ ،‬فَطُ َ‬ ‫اْل رس ََّل َم بَ َدأَ غَ ِريبًا‪َ ،‬و َسيَ عُ ُ‬ ‫ال‪" :‬إِ َّن رِ‬‫قَ َ‬
‫قال شيخ اإلسالم‪ :‬قوله‪" :‬غريبا" حيتمل أمرين ‪:‬‬
‫‪ -‬أنه يف أمكنة وأزمنة يعود غريبا بينهم مث يظهر كما كان يف أول األمر غريبا ‪.‬‬
‫‪ -‬وحيتمل أنه يف آخر الدنيا ال يبقى مسلم إال قليل وهذا إمنا يكون بعد الدجال وأيجوج ومأجوج‪.‬‬
‫وهنا ننبه إىل مسألة مهمة ب أن نعيها ويعيها مجيع أهل هذه ال بالد ويعلموه ا و ِِ‬
‫يدرس وها ألبن ائهم‪ ،‬وه ي م ا‬
‫ذك ره ش يخ اإلس الم م ن أن الش ام يف زمان ه كان ت ه ي معق ل اإلس الم وكان ت احلج از ينتش ر فيه ا ال رفض‬
‫واجلهل مع أن الشام كان فيها مظ اهر ش رك وب دع ولكنه ا كان ت خ ريا م ن احلج از ألن م ن ت وىل عل ى احلج از‬
‫يف ذاك الزمن هم الرافضة واستمر هذا من القرن السادس إىل زمان شيخ اإلسالم‪.‬‬
‫ومل ا م ات ش يخ اإلس الم اس تمر ه ذا األم ر إىل الق رن الث اين عش ر حي ث قام ت ه ذه الدول ة بقي ادة ش يخ‬
‫اإلسالم اجمل دد حمم د ب ن عب د الوه اب وانص ره وعاض ده حمم د ب ن س عود ‪ ،‬وهن ا ب دأ اإلس الم غريب ا م ن جدي د‬
‫فقام ت الدول ة الس عودية األوىل وحص ل خ ري كث ري وه ذا اخل ري فيم ا وقف ت علي ه وفيم ا أدي ن هللا ب ه مل حي دأ‬
‫مثلها بعد القرون الثالثة املفضلة‬
‫فدعوة األنبياء وملة إبراهيم ما ظهرت وتبيِنت دراسة وعلم ا ودع وة ودول ة إال يف ه ذه الدول ة الس عودية األوىل‪،‬‬
‫مث سقطت ‪ ،‬مث قامت الدول ة الس عودية الثاني ة وم ا أن لبث ت قل يال إال وس قطت‪ ،‬ح ىت قام ت الدول ة الس عودية‬
‫الثالثة إىل عصران هذا‪.‬‬
‫وك الم ش يخ اإلس الم ح ق ‪ ،‬فإن ك ل و أتي ت إىل املق ابر يف مك ة ‪ ،‬ول و ش اهدت بع ض الص ور قب ل قي ام الدول ة‬
‫السعودية الثالثة كانت القباب على املقابر حىت أصبحت القبور مثل الكعبة‪.‬‬
‫وك ذلك املق ابر يف البقي ع فع ادت اجلاهلي ة مث زال ت وهلل احلم د ه ذه املش اهد بع د قي ام الدول ة الس عودية الثالث ة‬
‫بقي ادة املل ك عب د العزي ز رمح ه هللا‪ ،‬وطُ ِِه رت اجلزي رة العربي ة م ن مظ اهر الش رك والب دع وم ن مظ اهر التن ازع‬

‫‪49‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫واالختالف حىت إنه كان يف احلرم املكي أربعة حماريب للشافعية واحلنفية واملالكية واحلنبلي ة فزال ت مع امل الش رك‬
‫والبدع ة وانبع ث اإلس الم م ن جدي د ‪ ،‬وانتش ر اخل ري إىل أقاص ي أفريقي ا واهلن د وص ار أله ل الس نة دول ة ‪ ،‬وإال‬
‫فإن الدولة العثمانية قبلها مل تكن ُث ل أه ل الس نة مل ا فيه ا م ن اخلراف ات ول ذلك كث ري مم ن دخ ل اإلس الم عل ى‬
‫أيديهم مل يكونوا يعرفون العقيدة ومل يتعلموها ‪.‬‬
‫وانظر إىل سنة هللا تعاىل ‪ ،‬فإنه ملا أراد سقوط الدولة العثمانية اليت كان فيه ا ن وع م ن محاي ة املس لمني أق ام هللا‬
‫الدولة السعودية فكان هذا من رمحة هللا ‪.‬‬
‫وتص ور ل و أن هللا مل يُِق م ه ذه الدول ة بع د س قوط الدول ة العثماني ة ألص بح املس لمون ش ذر م ذر ‪ ،‬ولك ن م ن‬
‫رمحة هللا أن أقام هذه الدولة ‪.‬‬
‫وهذه الدولة مل تكن لتقوم لوال أن هللا سبحانه وتعاىل جعل الكفار عل ى اخ تالف ملله م يغفل ون عنه ا وس بب‬
‫غفلتهم كانت انشغاهلم ابحلرب العاملية الثانية ‪.‬‬
‫ت‪ :‬إن قي ام ه ذه الدول ة كان ت كقي ام خالف ة أيب بك ر ‪ ،‬وخالف ة أيب بك ر قي ل إهن ا فلت ة – أي وقاه ا‬
‫وهل ذا قل ُ‬
‫هللا الشرور‪ -‬فكذلك هذه الدولة وقاها هللا الشرور ‪.‬‬
‫ولذلك ملا أراد طالبان أن يقيموا دولة يف أفغانستان ُأل عليهم الكفار مجيعا حىت منعوهم من ذلك ‪.‬‬
‫وهذا من نعمة هللا علينا اليت ب علينا أن نشكره عليها ‪ ،‬وإال لكنِا حنن وأبن اؤان وآابؤان مث ل كث ري م ن اجلهل ة‬
‫يف بعض الدول ممن يعبدون قرب البدوي وقرب زيد بن اخلطاب وغريهم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َوِِبَا ُكنتُ رم تَ رد ُر ُسو َن ﴾ فالدين ليس‬ ‫والدين كما قال تعاىل﴿ َولَٰكن ُكونُوا َرَّبنِيِ َ‬
‫ْي ِِبَا ُكنتُ رم تُ َعل ُمو َن الركتَ َ‬
‫‪١‬‬

‫شيئا نرثه عن آابئنا وإمنا هو عقيدة تدرس ‪.‬‬


‫وهذه العقيدة حتتاج قوة وإال فإهن ا ال تق وم ب دون ق وة ‪ ،‬والكت اب ال يق وم لوح ده ول ذلك ق ال الن يب يف ح ديث‬
‫زايد بن ‪" :‬ذاك أوان ذهاب العلم" قال زايد‪ :‬اي رسول هللا وكيف يذهب العل م وحن ن نق رأ الق رآن ونقرئ ه أبن اءان‬
‫ويقرئ ه أبن اؤان أبن اءهم إىل ي وم القيام ة؟ فق ال‪ :‬ثكلت ك أم ك اي زايد إن كن ت ألراك م ن أفق ه رج ل ابملدين ة‪،‬‬
‫أوليس اليهود والنصارى يقرؤون التوراة واإلجنيل ال يعملون بشيء مما فيهما؟"‬
‫اب إََِّل أ ََم ِاّنَّ َوإِ رن ُه رم إََِّل يَظُنُّو َن ﴾ وهذه حال املسلمني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وم رن ُه رم أُميُّو َن ََل يَ رعلَ ُمو َن الركتَ َ‬
‫‪١‬‬

‫اليوم‪.‬‬

‫عمر ن آية ‪7 9‬‬


‫(‪ )1‬سورة آل ا‬
‫‪50‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫اب إََِّل أَ َم ِاّنَّ " يتلون ه فق ط ولك ن ال يعرف ون العقي دة والس نة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف إن مع ىن " َوم رن ُه رم أُميُّ و َن ََل يَ رعلَ ُم و َن الركتَ َ‬
‫ويعب دون هللا عل ى غ ري بص رية‪ ،‬وحينئ ذ ال ينتفع ون ابلق رآن ‪ ،‬ف إن الق رآن حيت اج علم اء ومحل ة حيملون ه ويبينون ه‬
‫وحيتاج سلطاان يعضده أما بغري هذا فإنه ال ميكن أن ينهض ‪.‬‬
‫وهل ذا ك ان م ن فض ل هللا علين ا أن أنع م علين ا معظ م نعم ة وه ي نعم ة التوحي د ألن ه هب ذه النعم ة ت دخل اجلن ة‬
‫وتنجو من النار ‪ ،‬وكانت هذه النعمة على يد هذه الدولة ‪.‬‬
‫تنبيه مهم ‪:‬‬
‫وش يخ اإلس الم اجمل دد حمم د ب ن عب د الوه اب مل يك ن موج ودا يف الدول ة الس عودية الثاني ة والثالث ة وم ع ذل ك‬
‫قام ت ه ذه الدول ة عل ى التوحي د والعقي دة ‪ ،‬ومل يك ن قيامه ا سياس يا كم ا ي زعم بعض هم ب ل ك ان قيام ا عق داي‬
‫دينيا ‪ ،‬وهذا الفرق بينها وبني غريها من الدول ‪.‬‬
‫فائدة ‪:‬‬
‫ذكران فيما سبق أن امللك يف زمن يوسف عليه السالم ُم ِِكن له ألنه مل يكن حيارب العقيدة فكيف مبن يصون‬
‫وعظُو َن بِ ِه‬
‫العقيدة وحيميها؟ فال ريب أن هذا من أعظم أسباب ثباته‪ :‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ رو أ ََُّنُ رم فَ َعلُوا َما يُ َ‬
‫‪2‬‬
‫لَ َكا َن َخ ر ًريا َّلُ رم َوأَ َش َّد تَثربِيتًا ﴾‬

‫ش‪َ ،‬ع رن أَِِب‬ ‫ث‪َ ،‬ع رن راْلَ رع َم ِ‬ ‫‪ - 3988‬ح َّدثَنَا س رفيا ُن بر ن وكِي ٍع‪ ،‬ح َّدثَنَا ح رف ص بر ن ِغي ا ٍ‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫َ‬
‫اّلل ‪" :‬إِ َّن رِ‬‫ول َِّ‬ ‫ص َع ن َعب ِد َِّ‬
‫اْل رس ََّل َم بَ َدأَ غَ ِريبً ا‪،‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫اّلل‪ ،‬قَ َ‬ ‫َح َو ِ ر ر‬ ‫إِ رس َحا َق‪َ ،‬ع رن أَِِب راْل ر‬
‫ُّزاعُ ِم رن الر َقبَائِ ِل"‪.‬‬
‫ال‪" :‬الن َّ‬‫يل‪َ :‬وَم رن الرغَُرَبءُ؟ قَ َ‬ ‫ود غَ ِريبا‪ ،‬فَطُوَب لِ رلغُرب ِء"‪ .‬قَ َ ِ‬
‫ال‪ :‬ق َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َو َسيَ عُ ُ ً‬
‫فيه إشارة إىل حصول النقص يف الدين ولكن يبقى من عباد هللا من هو قائم هلل ابحلجة ‪.‬‬
‫لكن هذا احلديث ذكرين بشيء آخر وهو قول النيب يف الصحيحني "إن اإلميان ليأرز إىل املدينة كما أترز‬
‫احلية إىل جحرها" وهذا يعين أنه يتقلص ويعود من حيث بدأ ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة البقرة آية ‪7 8‬‬


‫(‪)2‬سورة النساء آية ‪6 6‬‬
‫‪51‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫والواقع يصدق ذلك ‪ ،‬ال من حيث العقيدة والتوحيد والعلم‪ ،‬وال من حيث تطبيق الشريعة واحلكم مبا أنزل‬
‫هللا فإن هذا ال يكاد أن يوجد اآلن إال يف هذه البالد مصداقا حلديث النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫‪١‬‬ ‫الس ََّل َمةُ ِم رن ال ِرف َِ‬


‫ت‬ ‫ب َم رن تُ رر َجى لَهُ َّ‬
‫‪َ - ١6‬ب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ - 3989‬ح َّدثَنا حرملَةُ بن ََيَي‪ ،‬ح َّدثَنا عب ُد َِّ‬
‫اّلل بر ُن َو ره ٍ‬
‫يس ى‬‫َبِّن ابر ُن َلي َع ةَ‪َ ،‬ع رن ع َ‬ ‫ب‪ ،‬أَ رخ ََ‬ ‫َ َ َ ر َ ر ُ ر َ َ َ َر‬
‫ج يَ روًم ا إِ ََّل َم رس ِج ِد‬‫اب‪ :‬أَنَّهُ َخ َر َ‬ ‫َسلَ َم‪َ ،‬ع رن أَبِي ِه َع رن عُ َم َر بر ِن ر‬
‫اخلَطَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الر رْحَ ِن‪َ ،‬ع رن َزيرد بر ِن أ ر‬‫بر ِن َع رب ِد َّ‬
‫ال‪:‬‬‫يك؟ قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ما يُ رب ِك َ‬ ‫َّب ‪ ‬يَ رب ِكي‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫اع ًدا ِع رن َد قَ رَِب النِ ِ‬‫اّلل ‪ ،‬فَ وج َد معا َذ بن جب ٍل قَ ِ‬
‫َ َ َُ ر َ ََ‬
‫ول َِّ‬ ‫ر ُس ِ‬
‫َ‬
‫ري ال ِرََي ِء ِش رر ٌك‪،‬‬ ‫اّلل ‪ ‬ي ُق ُ ِ ِ‬
‫ول‪" :‬إ َّن يَس َ‬ ‫ول َّ َ‬
‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫اّلل ‪ََ ،‬س رع ُ َ ُ‬
‫ول َِّ‬ ‫يُ رب ِك ِيّن َشيءٌ ََِس رعتُ هُ ِم رن ر ُس ِ‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ِ‬
‫اء راْلَ رخفيَ َ‬
‫اء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب ا رْلَبر َر َار راْلَترقيَ َ‬ ‫اربَ ِة‪ ،‬إِ َّن َّ‬
‫اّللَ َُِي ُّ‬ ‫اّللَ ِبل ُرم َح َ‬‫ّلل َولِيًّ ا‪ ،‬فَ َق رد َب َرَز َّ‬
‫ادى َِِّ‬
‫َوإِ َّن َم رن َع َ‬
‫يح ا رلَُدى‪ََ ،‬ير ُر ُجو َن‬ ‫وُبُ رم َم َ ِ‬ ‫ين إِ َذا غَابُوا َملر يُ رفتَ َق ُدوا‪َ ،‬وإِ رن َح َ‬ ‫َّ ِ‬
‫صاب ُ‬ ‫ض ُروا َملر يُ رد َع روا َوَملر يُ رع َرفُوا‪ ،‬قُلُ ُ‬ ‫الذ َ‬
‫اء ُمظرلِ َم ٍة"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫م رن ُك ِل غَ ر َ‬
‫َب َ‬
‫ه ذا احل ديث يف إس ناده عب د هللا ب ن هليع ة ورواه عن ه عب د هللا ب ن وه ب ولفظ ه موج ود يف الص حيح مل ا ذه ب‬
‫عبد هللا بن سعد بن وقاص إن هللا حيب العبد اخلفي التقي‬
‫فإنه قال يف نفس املناسبة‬
‫وله شاهد من حديث معاذ رواه احلاكم وصححه ورواه البيهقي ‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال شيخ اإلسالم رمحه هللا يف تفسري وقصد املؤلف يف قوله ترجى له السالمة من الفنت‪:‬‬
‫كوثري ما يالط النفوس من الشهوات اخلفية ما يفسد عليها حتقيق حمبتها هلل وعبوديتها هلل وإخالص دينها له كما قال شداد‬
‫بن أ وس رضي هللا عنه ‪ :‬اي بقااي العرب إ ن أخوف ما عليكم الرايء اولشهوة اخلفية ‪.‬‬
‫قيل أليب دا ود السجستاين وما الشهوة اخلفية ؟ قال حب الرائسة ‪.‬‬
‫مث ذكر حديث "ما ذئبا ن جائعا نأرسال على زريبة غنم مفسد من حرص املرء على املال والشرف لدينه الفتاو ى الكرب ى‬
‫‪1965/‬‬
‫وهذا معىن من ترجى له السالمة ‪ ،‬وهذا فيه عبارات كثرية عن السلف التابعني‬
‫على أ ن اإلنسا ن يسلم إذا مل يكن حريصا على الشهرة ‪.‬‬
‫وهذه هي الشهوة اخلفية فذكر شيخ اإلسالم أنه يفسد دينه من غري أ ن يشعر ورمبا وقع يف الرايء‬
‫وهلذا يف مسألة اإلمارة قال النيب‪" :‬نعمة املرضعة وبئست الفاطمة"‬
‫الشاهد أ نكالم الشيخ يفسر قوله ابب من ترجى له السالمة ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ام بر ُن َع َّم ا ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد ال َرع ِزي ِز بر ُن ُمَ َّم ٍد ال َّد َر َاوررِد ُّ‬
‫ي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َزير ُد بر ُن‬ ‫شُ‬ ‫‪َ - 3990‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫اد َِل ُد فِ َيه ا‬ ‫ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫أَسلَم عن عب ِد َِّ‬
‫س َكِإبِ ِل مئَ ٍة‪ََ ،‬ل تَ َك ُ‬ ‫اّلل ‪" :‬النَّ ا ُ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬‫اّلل بر ِن عُ َم َر‪ ،‬قَ َ‬ ‫ر َ َ ر َر‬
‫رِ‬
‫احلَةً"‪.‬‬‫َ‬
‫هذا احلديث يف الصحيح ‪.‬‬
‫الراحلة يف اإلبل هي اليت إذا انطلقت يف املسرح انطلقت اإلبل خلفها ‪ ،‬وإذا ذهبت إىل املراح ذهبت اإلبل‬
‫خلفها فهي تدرب على أن تقود اإلبل ‪.‬‬
‫قوله "النَّاس َكِإبِ ِل ِمئ ٍة‪َ ،‬ال تَ َكاد ََِت ُد فِيها ر ِ‬
‫احلَةً"‪ :‬فيه التنبيه على اخلطأ الكبري أن تدخل العامة يف أمور مل‬‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حيملهم هللا إايه‪ ،‬وأيضا هم ال يفقهوهنا وال يدوهنا ‪.‬‬
‫وهلذا أفىت علماؤان ومشاينا بتحرمي املظاهرات ألهنا تدخل العامة يف أمور ال يعلمون مصلحتها وال عواقبها ‪.‬‬
‫فإدخال العامة يف أمور هو من شؤون اخلاصة وليست من شؤون العامة غلط كبري ‪.‬‬
‫الر ُس ِ‬
‫ول َوإِ َ َّٰل أ ِ‬ ‫اخلَو ِ‬
‫ف أَذَاعُوا بِ ِه ۚ َولَ رو َردُّوهُ إِ ََّل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُوِل‬ ‫وهلذا قال تعاىل‪َ ﴿" :‬وإذَا َج َ‬
‫اء ُه رم أ رَم ٌر م َن راْل رَم ِن أَ ِو ر ر‬
‫ين يَ رستَنبِطُونَهُ ِم رن ُه رم ۚ﴾ والنيب يقول‪" :‬عليهم ما محلوا ‪١‬وعليكم ما محلتم" ‪.‬‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫راْل رَم ِر م رن ُه رم لَ َعل َمهُ الذ َ‬
‫فكل له حقوق وعليه واجبات‪ ،‬وليس من واجبات العامة التدخل يف شؤون ويل األمر ويف السياسة العامة‬
‫فإهنم مل ياطبوا به ومل حيملوا إايه‪.‬‬
‫كذلك الفقيه ليس له أن يتكلم يف االقتصاد واحلروب وهو ال يفقه فيهما‪ ،‬أو األمري حينما يتحدأ يف أمر‬
‫العقيدة وهو ال يفقه فيه ‪.‬‬
‫وهلذا التخصص موجود يف الشريعة ‪ ،‬وكان النيب صلى هللا عليه وسلم يقدم يف اجليش من أتخر إسالمه ألنه‬
‫أنفع وأعلم ابحلرب‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة النساء آية ‪8 3‬‬


‫‪54‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫رك‬ ‫وت َملِ ًكا ۚ قَالُوا أ َّٰ‬


‫ََّن يَ ُكو ُن لَهُ ال ُرمل ُ‬ ‫ث لَ ُك رم طَالُ َ‬‫ال َلُ رم نَبِيُّ ُه رم إِ َّن اللَّ َه قَ رد بَ َع َ‬
‫وقد قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وقَ َ‬
‫ادهُ بَ رسطَةً ِِف‬ ‫ال إِ َّن اللَّ هَ ر‬
‫اصطََفاهُ َعلَري ُك رم َوَز َ‬ ‫ال ۚ قَ َ‬‫ت َس َعةً ِمن الرم ِ‬ ‫رك ِم رنهُ َوَملر يُ رؤ َ‬ ‫َعلَري نَا وَرنن أَح ُّق ِبلرمل ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫‪١‬‬
‫سياسة احلرب ‪.‬‬ ‫ال ِرعل ِرم َوا رْلِ رس ِم ۚ ﴾ قال الصحابة ‪ :‬العلم أي‬
‫يل لِلنَّا ِ‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫املقصود أن إقحام العامة يف أمور ال عالقة هلم فيها هي طريقة فرعون وقومه كما قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وق َ‬
‫ِ‬ ‫َه رل أَنتُم ُّرُمتَ ِمعُو َن ﴿‪ ﴾39‬لَ َعلَّنَا نَتَّبِ ُع َّ‬
‫الس َح َرَة إِن َكانُوا ُه ُم الرغَالبِ َ‬
‫ْي ﴾ فهم يستغلون العامة لتحقيق‬
‫‪2‬‬

‫مآرهبم ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة البقرة آية ‪2 47‬‬


‫(‪)2‬سورة الشعراء آية ‪40-3 9‬‬
‫‪55‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫‪ - ١7‬بب افرِْت ِ‬
‫اق راْلَُم ِم‬‫َ ُ َ‬
‫‪َ - 399١‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُرم َّم ُد بر ُن بِ رش ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن َع رم ٍرو َع رن‬
‫ِ‬ ‫ول َِّ‬
‫ود َعلَ ى إِ رح َدى َو َس ربع َ‬
‫ْي‬ ‫ت الريَ ُه ُ‬ ‫اّلل ‪" :‬تَ َف َّرقَ ر‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬‫أَِِب َس لَ َمةَ َع رن أَِِب ُه َرير َرَة‪ ،‬قَ َ‬
‫ْي فِ ررقَةً"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ث َو َس ربع َ‬ ‫فِرقَةً‪ ،‬وتَ رف َِْت ُق أ َُّم ِِت َعلَى ثَََّل ٍ‬
‫ر َ‬
‫االفرتاق واضح يف القرآن الكرمي ‪ ،‬وإن كان بعض املتعاملني واألئمة املضلني يريد إنكاره ويدعي أن األمة مل‬
‫تفرتق ‪ ،‬فهم ال يعرفون مبادئ العلم‪.‬‬
‫ون ﴿‪ ﴾52‬فَ تَ َقطَّعُوا أ رَم َرُهم بَ ري نَ ُه رم‬ ‫وهللا تعاىل يقول‪ ﴿:‬وإِ َّن هٰ ِذهِ أ َُّمت ُكم أ َُّم ًة و ِ‬
‫اح َد ًة وأ َََّن ربُّ ُكم فَاتَّ ُق ِ‬
‫َ َ ر‬ ‫ُ ر َ‬ ‫َ َ‬
‫سنن من كان قبلكم حىت لو دخلوا‬ ‫‪١‬‬
‫ب ِِبَا لَ َدير ِه رم فَ ِر ُحو َن ﴾ والنيب قال يف أمته "لتتبعن‬ ‫ُزبُرا ۚ ُك ُّل ِح رز ٍ‬
‫ً‬
‫استَ رمتَ عُوا َِلَََّلقِ ِه رم‬
‫جحر ضب لدخلتموه" فاالفرتاق والتقطع حصل يف أمة حممد قال تعاىل‪ ﴿ :‬فَ ر‬
‫اضوا ۚ ﴾‬ ‫ين ِمن قَ ربلِ ُكم َِلَََّلقِ ِه رم َو ُخ ر‬
‫ضتُ رم َكالَّ ِذي َخ ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫استَ رمتَ َع الذ َ‬
‫ِ‬
‫استَ رمتَ رعتُم َِلَََّلق ُك رم َك َما ر‬‫فَ ر‬
‫ض إََِّل قَلِ ًيَّل‬‫اد ِِف راْل رَر ِ‬ ‫ون ِمن قَ بلِ ُكم أُولُو ب ِقيَّ ٍة ي رن هو َن َع ِن الر َفس ِ‬ ‫وقال يف آية أخرى ﴿ فَ لَوََل َكا َن ِمن الر ُقر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َر‬ ‫ر ر‬ ‫َ ُ‬ ‫ر‬
‫‪2‬‬
‫ِ َّ رن أََّنَري نَا ِم رن ُه رم ۚ ﴾‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ادوا‬ ‫ين َه ُ‬ ‫آمنُوا َوالذ َ‬ ‫فأشار إشارة إىل الفرقة الناجية ومر معنا قول شيخ اإلسالم يف قوله تعاىل ﴿ إِ َّن الَّذي َن َ‬
‫اْلًا﴾ قال‪ :‬هؤالء الفرقة الناجية من تلك األمم‬ ‫الصابِئِْي من آمن ِبللَّ ِه والري وِم ا رْل ِخ ِر و َع ِمل ص ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َر‬ ‫َّص َار ٰى َو َّ َ َ ر َ َ‬ ‫َوالن َ‬
‫إذاً االفرتاق يف هذه األمة أمر كوين قدري كما قال تعاىل "وال يزالون خمتلفني إال من رحم ربك"‪ ،‬فاالجتماع‬
‫رمحة واالفرتاق عذاب ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة املؤمنو ن آية ‪53 -5 2‬‬


‫(‪)2‬سورة هود آية ‪1 16‬‬
‫‪56‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫اد بر ُن‬‫ص ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َعبَّ ُ‬ ‫يد بر ِن َكثِ ِري بر ِن ِدينَ ا ٍر ا رْلِم ِ‬‫‪ - 3992‬ح َّدثَنَا َعم رو ب ن عُثرم ا َن ب ِن س ِع ِ‬
‫ر‬ ‫رُ رُ َ ر َ‬ ‫َ‬
‫ف بر ِن مالِ ٍ‬ ‫اش ِد ب ِن سع ٍد عن عو ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫ص رف َوا ُن بر ُن َع رم ٍرو‪َ ،‬ع رن َر ر َ ر َ ر َ ر‬ ‫ف‪َ ،‬ح َّدثَنَا َ‬ ‫وس َ‬‫يُ ُ‬
‫اح َدةٌ ِِف ا رْلَنَّ ِة‪َ ،‬و َس رب عُو َن ِِف النَّ ا ِر‪،‬‬ ‫ت الري ه ود علَ ى إِح َدى وس ب ِعْي فِرقَ ةً‪ ،‬فَ و ِ‬ ‫َِّ‬
‫َ‬ ‫ْتقَ ر َ ُ ُ َ ر َ َ ر َ ر‬ ‫اّلل ‪" :‬افر ََ‬
‫اح َدةٌ ِِف ا رْلَنَّ ِة‪،‬‬ ‫ْي وس ب ِعْي فِرقَ ةً‪ ،‬فَِإح َدى وس ب عو َن ِِف النَّ ا ِر‪ ،‬وو ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫ر َ َرُ‬ ‫ارى َعلَ ى ث رن تَ ر ِ َ َ ر َ ر‬ ‫َّص َ‬
‫ت الن َ‬ ‫ْتقَ ر‬
‫َوافر ََ‬
‫اح َدةٌ ِِف ا رْلنَّ ِة‪ ،‬وثِرن تَ ِ‬ ‫ث وس ب ِعْي فِرقَ ةً‪ ،‬فو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ان‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫س ُمَ َّم د بِيَ ده‪ ،‬لَتَ رف َِْتقَ َّن أ َُّم ِِت َعلَ ى ثَ ََّل َ َ ر َ ر‬ ‫َوالذي نَ رف ُ‬
‫ول َِّ‬ ‫ِ‬
‫اعةُ"‪.‬‬‫ال‪" :‬ا رْلَ َم َ‬ ‫اّلل‪َ ،‬م رن ُه رم؟ قَ َ‬ ‫يل‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫َو َس رب عُو َن ِِف النَّا ِر" ق َ‬
‫ِ‬
‫ادةُ‬‫ام بر ُن َع َّما ٍر‪َ ،‬ح َّدثَنَا ال َرولي ُد بر ُن ُم رسلِ ٍم‪َ ،‬ح َّدثَنَا أَبُو َع رم ٍرو‪َ ،‬ح َّدثَنَا قَ تَ َ‬ ‫شُ‬ ‫‪َ - 3993‬ح َّدثَنَا ِه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ول َِّ‬ ‫س بر ِن مالِ ٍ‬
‫ت َعلَ ى إِ رح َدى َو َس ربع َ‬
‫ْي‬ ‫ْتقَ ر‬
‫يل افر ََ‬ ‫ِ‬
‫اّلل ‪" :‬إ َّن بَِّن إ رس َرائ َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫َع رن أَنَ ِ َ‬
‫ِ‬
‫اعةُ"‪.‬‬ ‫ْي فِ ررقَةً‪ُ ،‬كلُّ َها ِِف النَّا ِر إََِّل َواح َد ًة‪َ ،‬و ِه َي ا رْلَ َم َ‬ ‫فِرقَةً‪ ،‬وإِ َّن أ َُّم ِِت ستَ رف َِْت ُق َعلَى ثِرن تَ ر ِ ِ‬
‫ْي َو َس ربع َ‬ ‫َ‬ ‫ر َ‬
‫ارو َن‪َ ،‬ع رن ُمَ َّم ِد ابر ِن َع رم ٍرو‪َ ،‬ع رن‬ ‫‪َ - 3994‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬ح َّدثَنَا يَ ِزي ُد بر ُن َه ُ‬
‫اّلل ‪" :‬لَتَ تَّبِعُ َّن ُسنَّة َم رن َك ا َن قَ رب لَ ُك رم‪َ ،‬ب ًع ا بِبَ ٍاع‪،‬‬ ‫ول َِّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬‫أَِِب َسلَ َمةَ َع رن أَِِب ُه َرير َرةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫ول َِّ‬
‫اّلل‪،‬‬ ‫ب لَ َد َخلرتُ رم فِ ِيه"‪ .‬قَالُوا‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ضٍ‬ ‫َبا بِ ِش رٍَب‪َ ،‬ح ََّّت لَ رو َد َخلُوا ِِف ُج رح ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫وِذر ً ِ ِ‬
‫اعا بذ َر ٍاع‪َ ،‬وش ر ً‬ ‫َ َ‬
‫ال‪" :‬فَ َم رن إِذًا؟ "‪.‬‬ ‫ارى؟ قَ َ‬ ‫َّص َ‬‫الريَ ُهو ُد َوالن َ‬
‫أمور مهمة يف مسألة االفرتاق ‪:‬‬
‫أوَل ‪:‬االفرتاق ال يكون إال من تؤسس كل فرقة عقيدة خمالفة لعقيدة النيب وأصحابه ومفاهيم جديدة مغايرة‬
‫وهذا البد منه وإال ملا أصبح افرتاقا وملا أصبحت هناك فرق وأشار القرآن إىل هذا يف سورة مرمي عند ذكر‬
‫‪١‬‬
‫اب ِمن بَ رينِ ِه رم ۚ ﴾‬
‫َح َز ُ‬ ‫عيسى عليه السالم حيث قال تعاىل‪ ﴿ :‬فَا رختَ لَ َ‬
‫ف راْل ر‬
‫املقصود أن كل حزب ال بد أن يكون قد أسس عقيدة جديدة ‪ ،‬فاالفرتاق مالزم الختالف العقائد ‪.‬‬
‫‪،‬نيا ‪:‬كم ا أن البخ اري وقبل ه اإلم ام أمح د فس روا الطائف ة املنص ورة مهن م أه ل العل م‪ ،‬ف اعلم أن االف رتاق ك ذلك‬
‫هو يف أهل العلم‪ ،‬والعامة ليس هلم مدخل إال من انتصر هلذا املفارق ‪.‬‬
‫وتنبه هلذا ألن البعض يشبه بشبهة وهي قوهلم ‪ :‬إذاً على هذا فكل املسلمني يف النار ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة مرمي آية ‪3 7‬‬


‫‪57‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫والرد علي ه أن نق ول ‪ :‬م ن أس س فرق ة تب اين م ا ك ان علي ه الن يب وأص حابه يف العقي دة ه ذا ه و املف ارق والغال ب‬
‫أهم أهل علم مع أهنم منحرفون وأهل بدع ‪ ،‬والعامة ال يدخلون يف هذا ‪.‬‬
‫أم ا م ن ك ان م ن العام ة م ن ينتص ر هل ذا املف ارق كالرافض ة وبع ض الص وفية فإن ه يت بعهم ‪ ،‬فم ن ك ان م ن العام ة‬
‫سليم العقيدة وال يعبد غري هللا فإنه داخل يف الفرقة الناجية ‪.‬‬
‫إذاً الف رق تك ون يف أه ل العل م ال ذين حيرفون ه ع ن عل م ‪ ،‬وأم ا العام ة ففي ه تفص يل فم ن دخ ل معه م م ن ه ؤالء‬
‫فهو منهم ومن مل يدخل فال‪.‬‬
‫وهبذا يبطل قوهلم أن كل املسلمني أو أغلبهم يف النار ‪.‬‬
‫َّاس ولَو حرص َ ِ‬
‫ت ِِبُرؤمنِ َ‬
‫ْي ﴾ والنيب صلى هللا‬ ‫مث هناك أمر آخر وهو أن هللا عز وجل قال ‪َ ﴿:‬وَما أَ ركثَ ُر الن ِ َ ر َ َ ر‬
‫‪١‬‬

‫عليه وسلم قال ‪" :‬يقال آلدم‪ :‬أخرج بعث النار‪ ،‬قال‪ :‬وما بعث النار؟ قال‪ :‬من كل ألف تسعمائة وتسعني‬
‫‪ "....‬فاملقصود أن من يقول كل الناس على خري فإنك بذلك حتارب هللا ورسوله ‪ ،‬وهذا القول يؤدي إىل‬
‫القول من الكتاب والسنة ال فائدة منهما ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ول‪﴾ ...‬‬ ‫وهللا تعاىل يقول ‪ ﴿:‬فِإن تَنَ َاز رعتُ رم ِِف َش ري ٍء فَ ُردُّوهُ إِ ََّل اللَّ ِه َو َّ‬
‫الر ُس ِ‬

‫كيف يقال الناس كلهم على خري وهم يعبدون غري هللا ؟‬
‫كيف يقال ذلك ومنهم من حيج إىل كربالء والنجف ويعبدوهنا من دون هللا ‪.‬‬
‫وقائ ل ه ذا مل ينص ح هلل وال لرس وله والن يب ص لى هللا علي ه وس لم يق ول "ال دين النص يحة" قلن ا‪ :‬مل ن؟ ق ال‪" :‬هلل‬
‫ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني وعامتهم"فأين النصح هلل ورسوله ؟‬
‫فقول إن األمة مل تفرتق وإن األمة على خري هو قول مرجئة العصر وهم الذين يصدق فيهم قول هللا‪﴿ :‬‬
‫يسى ابر ِن َم ررَمَ ۚ ٰذَلِ َ‬ ‫ان داو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ك ِِبَا َع َ‬
‫صوا َّوَكانُوا‬ ‫سِ َُ َ‬
‫ود َوع َ‬ ‫يل َعلَ ٰى ل َ‬
‫ِ ِ‬
‫ين َك َف ُروا من بَِّن إ رس َرائ َ‬
‫لُع َن الذ َ‬
‫اه رو َن َعن ُّمن َك ٍر فَ َعلُوهُ ۚ ‪ ﴾ ...‬فإن أتوا إىل أمر احلاكم َتدهم‪3‬يقيمون‬
‫يَ رعتَ ُدو َن ﴿‪َ ﴾78‬كانُوا ََل يَتَ نَ َ‬

‫(‪)1‬سورة يوسف آية ‪1 03‬‬


‫(‪)2‬سورة النساء آية ‪5 9‬‬
‫(‪)3‬سورة املائدة آية ‪79-7 8‬‬
‫‪58‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫الدنيا وال يقعدوهنا ‪ ،‬وإذا أتوا عند أمر العقيدة والشرك ال يرفعون به رأسا ألن هذا األمر ال يدم مصاحلهم‬
‫وهذا خالف دعوة األنبياء‪.‬‬
‫فإن األنبياء علماء عامة ‪ ،‬وهل ذا ك ان األنبي اء م ن ب ين إس رائيل أيت ون إىل املل ك يف زم اهنم وينص حونه فيقول ون‪:‬‬
‫أم ا أم ر دني اك فه ذا بين ك وب ني رب ك ولك ن العقي دة ال تتع رض هل ا ف إن تعرض ت هل ا زال ملك ك ‪ ،‬فم ن مس ع‬
‫حرف يف الدين ألجل مصاحلهم زال ملكه‪ ،‬ذكره ابن كثري‪.‬‬ ‫منهم بقي ملكه ‪ ،‬ومن ِ‬
‫وهبذا انتهى الكالم يف أمور الفتنة يف الدين واالبتداع املتعلقة ابلعلم وأهل ه ‪ ،‬والب اب اآليت س يتكلم املؤل ف ع ن‬
‫فتن ة امل ال وك أن املؤل ف يش ري غل ى أن االحن راف ل يس يف ال دين فق ط ‪ ،‬وإمن ا ق د يك ون االحن راف يف ال دنيا ‪،‬‬
‫فاملنحرف إما أن يكون مبتدعا وإما أن يكون فاجرا ‪.‬‬
‫وهلذا القرآن مل حيذران من الشرك فقط ‪ ،‬وإمنا حذران أيضا من الدنيا وهلذا قال تعاىل‪ ﴿ :‬فَ ََّل تَغَُّرنَّ ُك ُم ا رْلَيَاةُ‬
‫ِ‬
‫الدنريَا ۚ َوََل يَغَُّرنَّ ُكم ِبللَّ ه الرغَ ُر ُ‬
‫ور ﴾ فالدنيا خطر على اإلنسان‬ ‫ُّ‬
‫‪١‬‬
‫أيضا‪ ،‬وكثري من اخللق ضاع دينه بسبب‬
‫الدنيا كما سيأيت‪.‬‬

‫ب فِ رت نَ ِة الرم ِ‬
‫ال‬ ‫‪َ - ١8‬ب ُ‬
‫َ‬

‫(‪)1‬سورة فاطر آية ‪5‬‬


‫‪59‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ث ب ن س رع ٍد‪َ ،‬ع ن س ِع ٍ‬ ‫‪ - 3995‬ح َّدثَنَا ِعيس ى ب ن َْحَّ ٍ‬


‫اد ال ِرم ر‬
‫يد ال َرم رق َُِب ِي‪،‬‬ ‫ر َ‬ ‫ي‪ ،‬أَخ ََبََّن اللَّري ُ ر ُ َ‬ ‫ص ِر ُّ‬ ‫َ رُ‬ ‫َ‬
‫ول َِّ‬ ‫اّلل أَنَّهُ ََِسع أَب س ِع ٍ‬
‫يد ا رخلُ رد ِر َّ‬ ‫اض ب ِن عب ِد َِّ‬ ‫ِ‬
‫اس‪،‬‬‫ب النَّ َ‬ ‫اّلل ‪ ‬فَ َخطَ َ‬ ‫ام َر ُس ُ‬ ‫ول‪ :‬قَ َ‬‫ي يَ ُق ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َع رن عيَ ِ ر َ ر‬
‫اّللُ لَ ُك رم ِم رن َزره َرةِ ال ُّدنر يَا"‬
‫ج َّ‬ ‫اس‪ -‬إََِّل َم ا َُير ِر ُ‬
‫ش ى َعلَ ري ُك رم ‪-‬أَيُّ َه ا النَّ ُ‬
‫"َل‪ ،‬و َِّ‬
‫اّلل َم ا أَ رخ َ‬ ‫ال‪َ َ :‬‬ ‫فَ َق َ‬
‫ول َِّ‬ ‫اخلَ رريُ ِب َّ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل‪ ،‬أ َََيِرِت ر‬
‫ف‬‫ال‪َ " :‬ك ري َ‬ ‫اعةً‪ُُ ،‬ثَّ قَ َ‬
‫اّلل ‪َ ‬س َ‬ ‫ت َر ُس ُ‬ ‫فص َم َ‬‫لش ِر؟ َ‬ ‫ال لَهُ َر ُج ٌل‪ََ :‬ي َر ُس َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ري ََل ََيِرِت إََِّل َِلَ رٍري‪،‬‬ ‫اّلل ‪" :‬إِ َّن ر‬ ‫ول َِّ‬ ‫لش ِر؟ فَ َق َ‬ ‫اخلَ رريُ ِب َّ‬
‫رت‪َ :‬و َه رل ََيِرِت ر‬
‫اخلَ ر َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قُل ُ‬ ‫رت؟ " قَ َ‬ ‫قُل َ‬
‫ت َح ََّّت إِ َذا‬ ‫ض ِر‪ ،‬أَ َكلَ ر‬ ‫الربِي ُع يَ رقتُ ُل َحبَطًا أ رَو يُلِ ُّم‪ ،‬إََِّل آكِلَ ةَ ر‬
‫اخلَ ِ‬ ‫ت َّ‬ ‫أ ََو َخ رريٌ ُه َو؟ إِ َّن ُك َّل َم ا يُ رنبِ ُ‬
‫ت‪ ،‬فَ َم رن‬ ‫ت فَأَ َكلَ ر‬ ‫اد ر‬‫ت‪ ،‬فَ َع َ‬ ‫اج َْتَّ ر‬
‫ت‪ُُ ،‬ثَّ ر‬ ‫ت َوَبلَ ر‬ ‫س‪ ،‬فَ ثَ لَطَ ر‬ ‫ت َّ‬ ‫َت َخ ِ‬
‫الش رم َ‬ ‫اس تَ رقبَ لَ ر‬
‫اص َرََت َها ر‬ ‫رامتَ ََل ر‬
‫رخ ُذ َم ًاَل بِغَ رِري َح ِق ِه‪ ،‬فَ َمثَ لُهُ َك َمثَ ِل الَّ ِذي ََير ُك ُل َوََل يَ رشبَ ُع"‪.‬‬‫ار ُك لَهُ‪َ ،‬وَم رن ََي ُ‬ ‫ِ ِِ‬
‫رخ ُذ َم ًاَل ِبَقه يُبَ َ‬
‫ََي ُ‬
‫اَّللُ لَ ُك ْم ِم ْن َزْهَرِة الدُّنْيَا" النيب مل يقل هذا عبثا وهللا يقول‪َ ﴿" :‬وََل َتَُ َّد َّن َع ري نَ ري َ‬
‫ك إِ َ َّٰل َما‬ ‫ِج َّ‬ ‫ِ‬
‫قوله ‪" :‬إَّال َما ُيْر ُ‬
‫الدنريَا لِنَ رفتِنَ ُه رم ِف ِيه ۚ ﴾ فالدخول يف زهرة احلياة الدنيا‪ ١‬فيه فتنة‪.‬‬ ‫اجا ِم رن ُه رم َزره َرَة ا رْلَيَاةِ ُّ‬ ‫مت ِ‬
‫َّعنَا بِه أَ رزَو ً‬
‫َ ر‬

‫ي‪ ،‬أَ رخ َبِّن َعب ُد َِّ‬


‫ب‪ ،‬أَخ ََبََّن َع رم ُرو بر ُن‬ ‫اّلل بر ُن َو ره ٍ‬ ‫ص ِر ُّ ََ ر‬ ‫‪َ - 3996‬ح َّدثَنَا َع رم ُرو بر ُن َس َّو ٍاد ال ِرم ر‬
‫َن ي ِزي َد بن رب ٍح ح َّدثَه َعن َعب ِد َِّ‬ ‫ا رْلا ِر ِ‬
‫اص‪،‬‬ ‫اّلل بر ِن َع رم ِرو بر ِن ال َرع ِ‬ ‫ادةَ َح َّدثَهُ أ َّ َ ر َ َ َ َ ُ ر ر‬ ‫َن بَ رك َر بر َن َس َو َ‬ ‫ث‪ ،‬أ َّ‬ ‫َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫َي قَ روٍم أَنر تُ رم؟ " قَ َ‬‫س َوال ُّر ِوم‪ ،‬أ ُّ‬ ‫ِ‬
‫ت َعلَري ُك رم َخ َزائ ُن فَ ا ِر َ‬ ‫ال‪" :‬إِ َذا فُتِ َح ر‬ ‫اّلل ‪ ‬أَنَّهُ قَ َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َع رن ر ُس ِ‬
‫َ‬
‫س و َن ُُثَّ‬‫ك‪ ،‬تَ تَ نَافَ ُ‬‫ري َذلِ َ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول ا َّّلل ‪" :‬أ ََو غَ ر َ‬ ‫اّللُ‪ .‬قَ َ َ ُ‬ ‫ول َك َما أ ََم َرََّن َّ‬
‫ف‪ :‬نَ ُق ُ‬ ‫الر رْح ِن بن َعو ٍ‬
‫َع رب ُد َّ َ ر ُ ر‬
‫ِ‬ ‫س اكِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض و َن‪ ،‬أ رَو َرن َو ذَلِ َ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ْي ال ُرم َه اج ِر َ‬ ‫ك‪ُُ .‬ثَّ تَ رنطَل ُق و َن ِِف َم َ‬ ‫اس ُدو َن‪ُُ ،‬ثَّ تَ تَ َدابَ ُرو َن ُُثَّ تَ تَ بَاغَ ُ‬‫تَ تَ َح َ‬
‫ض"‪.‬‬ ‫اب بَ رع ٍ‬‫ض ُه رم َعلَى ِرقَ ِ‬ ‫فَ تَ رج َعلُو َن بَ رع َ‬
‫قال بعض السلف ‪" :‬من سلم من فتنة البدعة وفتنة الدنيا فقد سلم"‬

‫(‪)1‬سورة طه آية ‪1 31‬‬


‫‪60‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫س‪َ ،‬ع رن‬ ‫َبّن يُونُ ُ‬


‫ب‪ ،‬أَ رخ ََِ‬ ‫َبِّن ابر ُن َو ره ٍ‬ ‫ي‪ ،‬أَ رخ ََ‬ ‫س بر ُن َع رب ِد راْلَ رعلَ ى ال ِرم ر‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫‪َ - 3997‬ح َّدثَنَا يُونُ ُ‬
‫َن ال ِرمس ور ب ن ََمررم ةَ أَ رخ َبه ع ن عم ِرو ب ِن ع و ٍ‬ ‫ابر ِن ِش َه ٍ‬
‫ف َو ُه َو‬ ‫ََُ َ ر َ ر ر َ ر‬ ‫اب‪َ ،‬ع رن عُ ررَو َة بر ِن ال ُّزبَ رِري‪ ،‬أ َّ ر َ َ ر َ َ َ‬
‫َن رس و َل َِّ‬ ‫ف ب ِّن َع ا ِم ِر ب ِن لُ َؤ ٍي‪ ،‬وَك ا َن َش ِه َد ب ردرا م ع رس وِل َِّ‬ ‫ِ‬
‫ث أ ََب‬ ‫اّلل ‪ ‬بَ َع َ‬ ‫اّلل ‪ :‬أ َّ َ ُ‬ ‫َ ً َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َحلي ُ َ‬
‫ص ا ََ أَ ره َل الربَ رح َرير ِن‪َ ،‬وأ ََّم َر‬ ‫ب ‪ُ ‬ه َو َ‬ ‫اح إِ ََّل الربَ رح َرير ِن‪ََ ،‬يِرِت ِ ِ رزيَتِ َه ا‪َ ،‬وَك ا َن النَّ ِ ُّ‬ ‫عُبَ ري َدةَ بر َن ا رْلَ َّر ِ‬
‫ار بِ ُق ُد ِوم أِب‬ ‫صُ‬ ‫ت راْلَنر َ‬ ‫س ِم َع ر‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َرم ِي‪ ،‬فَ َقد َم أَبُو عُبَ ري َد َة ِبَال م رن الربَ رح َرير ِن‪ ،‬فَ َ‬
‫علَي ِهم الرع ََّلء بن ا رْل ر ِ‬
‫َ ر ر َ َ رَ َ‬
‫ضوا‬ ‫ف‪ ،‬فَ تَ َع َّر ُ‬ ‫ص َر َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫صلَّى َر ُس ُ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ص ََّل َة الر َف رج ِر َم َع ر ُس ِ‬
‫اّلل ‪ ‬انر َ‬ ‫اّلل ‪ ،‬فَ لَ َّما َ‬ ‫َ‬ ‫عُبَ ري َد َة‪ ،‬فَ َوافَ روا َ‬
‫ش ري ٍء ِم رن‬ ‫َن أ ََب عُبَ ري َدةَ قَ ِد َم بِ َ‬
‫ال‪" :‬أَظُنُّ ُك رم ََِس رع تُ رم أ َّ‬ ‫آه رم‪ُُ ،‬ثَّ قَ َ‬ ‫ْي َر ُ‬
‫ول َِّ ِ‬
‫اّلل‪ ‬ح َ‬ ‫س َم َر ُس ُ‬ ‫لَ هُ‪ ،‬فَ تَ بَ َّ‬
‫ال‪" :‬أَب ِش روا وأ َِملُ وا م ا يس ُّرُكم‪ ،‬فَ و َِّ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل َم ا الر َف رق َر‬ ‫َ َُ ر َ‬ ‫اّلل‪ .‬قَ َ ر ُ َ‬ ‫َج رل‪ََ ،‬ي َر ُس َ‬ ‫الربَ رح َرير ِن؟ " قَ الُوا‪ :‬أ َ‬
‫ت َعلَ ى َم رن َك ا َن‬ ‫ط ال ُّدنر يَا َعلَ ري ُك رم‪َ ،‬ك َم ا بُ ِس طَ ر‬ ‫س َ‬ ‫ش ى َعلَ ري ُك رم أَ رن تُ رب َ‬ ‫شى َعلَري ُك رم‪َ ،‬ولَ ِك ِّن أَ رخ َ‬ ‫أَ رخ َ‬
‫وها‪ ،‬فَ تُ رهلِ َك ُك رم َك َما أ رَهلَ َك رت ُه رم"‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫وها َك َما تَ نَافَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫قَ رب لَ ُك رم‪ ،‬فَ تَ نَافَ ُ‬
‫هذا احلديث فيه فائدة وتنبيه إىل بعض ال دعاة ال ذين عن دهم ش يء م ن العجل ة وح ث الن اس عل ى التن افس يف‬
‫َخ َش ى َعلَ ْي ُك ْم "‬
‫ال دنيا ‪ ،‬ف إن ه ذا خ الف م ا دع ت إلي ه الش ريعة‪ ،‬والن يب هن ى ع ن ذل ك فق ال ‪َ " :‬م ا الْ َف ْق َر أ ْ‬
‫وها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وإمن ا يش ى " أَ ْن تُْب َس َ‬
‫وها َك َم ا تَنَافَ ُس َ‬‫ت َعلَ ى َم ْن َك ا َن قَ ْب لَ ُك ْم‪ ،‬فَتَ نَافَ ُس َ‬
‫ط ال دُّنْيَا َعلَ ْي ُك ْم‪َ ،‬ك َم ا بُس طَ ْ‬
‫فَتُ ْهلِ َك ُك ْم َك َما أ َْهلَ َكْت ُه ْم "‬
‫إذاً الواجب عدم حث الناس على التنافس على الدنيا ألهنم هبذا يُص رفون ع ن ال دين‪ ،‬فكي ف إذا ك ان الك الم‬
‫على ويل أمرهم؟ فهذه أشد وأشد ‪.‬هذا من جهة ‪.‬‬
‫وم ن جه ة أخ رى ال وز لن ا أن نعل ق ال رزق مح د ‪،‬ألن ال رزق أييت م ن عن د هللا ‪ ،‬ف إذا نق ص ال رزق فعل ى‬
‫اإلنس ان أن يع ود إىل رب ه ويس تغفر م ن ذنوب ه ‪ ،‬ألن ال رزق ال ي نقص إال ب ذنب وهل ذا ج اء يف احل ديث "ليح رم‬
‫الرزق ابلذنب يصيبه" وقد قال تع اىل"﴿ فَ ابرتَ غُوا ِعن َد اللَّ ِه ال ِررز َق‪ ﴾ ..‬ومل يق ل ابتغ وا ال رزق عن د هللا ‪١‬إش ارة‬
‫إىل اختصاص هللا سبحانه ابلرزق ‪ ،‬فالرزق بيد هللا هو الذي يوسع ويضيق ‪.‬‬
‫وملا قيل للنيب "سعر لنا " قال إن هللا هو املسعر ‪ ،‬فاألمور بيد هللا‪.‬‬
‫فال بد من النظر إىل األمور نظرة عامة وشاملة ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة العنكبوت آية ‪1 7‬‬


‫‪61‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫ومن جهة اثلثة املرء ال يعلم أين اخلرية ‪ ،‬هل هي يف أن يبسط له الرزق أو يف أن يضيق عليه ‪.‬‬
‫فالنيب وهو خري اخللق كان يربط على بطنه احلجر من شدة اجلوع ويرج من بيته ومل يكن هذا شرا له ‪.‬‬
‫وبنو إسرائيل ملا كانوا حتت فرعون كان يسومهم سواء يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم‪ ،‬وكانوا صابرين وقالوا‬
‫س ٰى َربُّ ُك رم أَن‬ ‫ُوذينَا ِمن قَ رب ِل أَن ََترتِيَ نَا َوِمن بَ رع ِد َما ِج رئ تَ نَا ۚ ﴾قال موسى ﴿قَ َ‬
‫ال َع َ‬
‫ملوسى ‪ ﴿:‬قَالُوا أ ِ‬

‫ف تَ رع َملُو َن ﴾ فذهبوا حىت تبعهم فرعون ومض‪١‬وا وغرق‬ ‫ك َع ُد َّوُك رم َويَ رستَ رخلِ َف ُك رم ِِف راْل رَر ِ‬
‫ض فَيَنظَُر َك ري َ‬ ‫يُ رهلِ َ‬
‫يل الربَ رح َر فَأَتَ روا َعلَ ٰى قَ روٍم‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫فرعون مث مروا على أانس يعبدون األصنام قال تعاىل ﴿ َو َج َاورزََّن ببَ ِّن إ رس َرائ َ‬
‫‪2‬‬
‫ال إِنَّ ُك رم قَ روٌم َلر َهلُو َن ﴾ مث‬ ‫آلَةٌ ۚ قَ َ‬‫ي ع ُك ُفو َن َعلَ ٰى أَصنَ ٍام َّلم ۚ قَالُوا َي موسى اجعل لَّنَا إِلَٰها َكما َلم ِ‬
‫ً َ ُر‬ ‫َ ُ َ رَ‬ ‫ر ُر‬ ‫َر‬
‫ظلل هللا عليهم الغمام وأنزل عليهم املن والسلوى وفجر هلم األحجار أهنارا مث ذهب موسى إىل ميقات ربه‬
‫السامري بعجل له خوار فعبدوه من دون هللا ومل يقف األمر عند هذا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فأاتهم‬
‫فق د طلب وا م ن موس ى أن يس معوا ك الم هللا فأخ ذ طائف ة م نهم فس معوا ك الم هللا مث تعنت وا وطلب وا أن ي روا هللا‬
‫ك فَ َق اتََِّل إِ ََّّن َه ُ‬
‫اهنَ ا‬ ‫ت َوَربُّ َ‬ ‫فأخ ذهتم الص اعقة مث بع ثهم هللا ‪ ،‬وبع د ذل ك ق الوا ملوس ى ﴿ فَا رذ َه ر‬
‫ب أَن َ‬
‫‪3‬‬
‫قَ ِاع ُدو َن ﴾‬
‫فكان ت ح اهلم م ع فرع ون خ ريا م ن ح اهلم م ع موس ى حينم ا أنع م هللا عل يهم ابمل ن والس لوى وظل ل عل يهم‬
‫الغمام‪.‬‬
‫وهلذا ال يعلم العبد أين تكون اخلرية ‪.‬‬
‫وحينئذ ال تلوم غريك يف رزقك فرزقك عند هللا فإن شاء وسع للعباد وإن شاء ضيق وقدر ‪.‬‬
‫وابلذنوب تضيق األرزاق وهي السبب يف زوال النعمة وبسببها أهبط آدم من اجلنة إىل الدنيا ‪.‬‬
‫فالذنوب هي سبب احلرمان من النعم سواء كانت نعم الدين أو نعم الدنيا ‪.‬‬
‫وحينئذ التنافس على الدنيا ال يكون عالجا شرعيا ‪ ،‬والعاقل حيمد هللا على ما أنعم به هللا عليه ‪.‬‬
‫وهذه عقيدة مهمة ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة األعراف آية ‪1 29‬‬


‫(‪ )2‬سورة األعراف آية ‪1 38‬‬
‫(‪)3‬سورة املائدة آية ‪2 4‬‬
‫‪62‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫س ِاء‬ ‫‪ - ١9‬ب ِ ِ ِ‬
‫ب ف رت نَة الن َ‬
‫َ ُ‬
‫‪63‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫يد‪َ ،‬ع رن ُس لَري َما َن‬ ‫ث ب ن س ِع ٍ‬ ‫ِ‬


‫اف‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد الر َوا ِر ر ُ َ‬ ‫الص َّو ُ‬‫‪َ - 3998‬ح َّدثَنَا بِ رش ُر بر ُن ِه ََّل ٍل َّ‬
‫ار ِك‪َ ،‬ع رن ُس لَري َما َن الت رَّي ِم ِي‪َ ،‬ع رن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ح)و َح َّدثَنَا َع رم ُرو بر ُن َراف ٍع‪َ ،‬ح َّدثَنَا َع رب ُد ا َّّلل بر ُن ال ُرمبَ َ‬
‫الت رَّيم ِي َ‬
‫"م ا أ ََدعُ بَ رع ِدي فِ رت نَ ةً أ َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫ُس َامةَ بر ِن َزير ٍد‪ ،‬قَ َ‬ ‫أَِِب عُثرما َن الن ر ِ‬
‫َض َّر‬ ‫اّلل ‪َ :‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫َّهد ِي َع رن أ َ‬ ‫َ‬
‫س ِاء"‪.‬‬ ‫َعلَى ِ ِ ِ ِ‬
‫الر َجال م رن الن َ‬
‫ات ِم ن النِس ِاء والربنِ ْي والر َقنَ ِ‬
‫اط ِري ال ُرم َقنطَ َرةِ ِم َن ال َّذ َه ِ‬ ‫الش هو ِ‬ ‫يف قول ه تع اىل ‪ُ ﴿:‬زيِ َن لِلنَّ ِ‬
‫ب‬ ‫َ َ َ َ ََ‬ ‫ب َّ َ َ‬ ‫اس ُح ُّ‬
‫ض ِة ‪ ﴾ ..‬ب دأ هللا تع اىل ابلنس اء ‪ ،‬وال ري‪١‬ب أن فتن ة النس اء اآلن عظم ت بس بب انتش ار األجه زة‪ ،‬فم ن‬
‫َوال ِرف َّ‬
‫سلم من الوقوع يف الفاحشة رمبا ال يسلم من النظر إىل ما حرم هللا وهل ذا كان ت فتن ة النس اء فتن ة ش ديدة ‪ ،‬ب ل‬
‫إن شيخ اإلسالم قال‪ :‬فليحذر العاقل من طاعة النساء وذكر حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" ‪.‬‬
‫والن يب ص لى هللا علي ه وس لم ذك ر أن أول فتن ة ب ين إس رائيل كان ت يف النس اء ‪ ،‬وق ال أيض ا‪" :‬رأي ت الن ار ف إذا‬
‫أكثر أهلها النساء" وقال‪" :‬إذا خرجت املرأة تقبل يف صورة شيطان وتدبر يف صورة شيطان"‬
‫الر َج ِال ِم ْن النِِ َس ِاء"‬
‫َضَّر َعلَى ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وهلذا قال‪َ " :‬ما أ ََدعُ بَ ْعدي فْت نَةً أ َ‬

‫يع‪َ ،‬ع رن َخا ِر َج ةَ بر ِن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫‪َ - 3999‬ح َّدثَنَا أَبُو بَ رك ِر بر ُن أَِِب َش ري بَةَ‪َ ،‬و َعل ُّي بر ُن ُمَ َّمد‪ ،‬قَ َاَل‪َ :‬ح َّدثَنَا َوك ٌ‬
‫ول َِّ‬ ‫ب‪َ ،‬عن َزي ِد ب ِن أَسلَم‪َ ،‬عن َعطَ ِاء ب ِن يسا ٍر َعن أَِِب س ِع ٍ‬
‫"م ا‬
‫اّلل ‪َ :‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫يد‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫ر ََ ر‬ ‫ص َع ٍ ر ر ر ر َ ر‬ ‫ُم ر‬
‫س ِاء ِم رن ِ‬
‫الر َج ِ‬
‫ال"‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫لرجا ِل ِمن النِ ِ‬
‫ساء‪َ ،‬وَوير ٌل للن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اح إ ََّل َوَملَ َكان يُنَاد ََين‪َ :‬وير ٌل ل ِ َ ر َ‬
‫صبَ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫م رن َ‬
‫فيه ضعف ‪.‬‬

‫اد بر ُن َزير ٍد‪َ ،‬ح َّدثَنَا َعلِ ُّي بر ُن َزير ِد بر ِن‬ ‫ِ‬
‫وس ى اللَّريثِ ُّي‪َ ،‬ح َّدثَنَا َْحَّ ُ‬
‫‪َ - 4000‬ح َّدثَنَا ع رم َرا ُن بر ُن ُم َ‬
‫ال‪" :‬إِ َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن رس و َل َِّ‬ ‫ٍِ‬
‫يم ا قَ َ‬ ‫ام َخطيبً ا‪ ،‬فَ َك ا َن ف َ‬ ‫اّلل ‪ ‬قَ َ‬ ‫ض َرةَ َع رن أَِِب َس عيد‪ :‬أ َّ َ ُ‬ ‫ُج رد َعا َن‪َ ،‬ع رن أَِِب نَ ر‬
‫اّلل مس ت رخلِ ُف ُكم فِيه ا‪ ،‬فَ نَ ِ‬ ‫ال ُّدنر يا َخ ِ‬
‫ف تَ رع َملُ و َن‪ ،‬أَََل فَ اتَّ ُقوا ال ُّدنر يَا‪،‬‬
‫اظ ٌر َك ري َ‬ ‫ر َ‬ ‫ض َرةٌ ُح رل َوةٌ‪َ ،‬وإِ َّن ََّ ُ ر َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اء"‪.‬‬‫سَ‬ ‫َواتَّ ُقوا الن َ‬

‫عمر ن آية ‪1 4‬‬


‫(‪ )1‬سورة آل ا‬

‫‪64‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫قوله ‪ " :‬فَاتَّ ُقوا الدُّنْيَا‪َ ،‬واتَّ ُقوا النِِ َساءَ "الحظ أنه أمجل يف الدنيا مث خصص النساء ‪.‬‬

‫وس ى‪،‬‬ ‫‪ - 400١‬ح َّدثَنا أَبو ب رك ِر بن أَِِب َشي بةَ‪ ،‬وعلِ ُّي بن ُمَ َّم ٍد‪ ،‬قَ َاَل‪ :‬ح َّدثَنا عب ي ُد َِّ‬
‫اّلل ابر ُن ُم َ‬ ‫َ َ َُ ر‬ ‫رَ َ َ ر ُ‬ ‫َ َ ُ َ رُ‬
‫ت‪ :‬بَ ري نَ َم ا‬ ‫وس ى بر ِن عُبَ ري َد َة‪َ ،‬ع رن َد ُاو َد بر ِن ُم رد ِر ٍك‪َ ،‬ع رن عُ ررَو َة بر ِن ال ُّزبَ رِري َع رن َعائِ َ‬
‫ش ةَ‪ ،‬قَالَ ر‬ ‫َع رن ُم َ‬
‫ت رام َرأَةٌ ِم رن ُم َزير نَ ةَ تَ ررفُ ُل ِِف ِزينَ ٍة َلَا ِِف ال َرم رس ِج ِد‪،‬‬‫س ِِف ال َرم رس ِج ِد‪ ،‬إِ رذ َد َخلَ ر‬ ‫ِ‬
‫اّلل ‪َ ‬جال ٌ‬
‫ول َِّ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫س ال ِزينَ ِة َوالتَّبَ رخ ُِْت ِِف ال َرم رس ِج ِد‪ ،‬فَِإ َّن‬
‫اء ُك رم َع رن لُ رب ِ‬
‫س َ‬
‫ِ‬
‫اس‪ ،‬راُنَ روا ن َ‬‫ب ‪ََ " :‬ي أَيُّ َه ا النَّ ُ‬ ‫ال النَِّ ُّ‬
‫فَ َق َ‬
‫اج ِد"‪.‬‬ ‫لزينَةَ وتَ ب رخ َْت َن ِِف الرمس ِ‬
‫ََ‬ ‫سا ُؤ ُه رم ا ِ َ َ ر‬
‫ب ِّن إِ رسرائِيل َمل ي لرعنُوا ح ََّّت لَبِ ِ‬
‫سنَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ رُ َ َ‬ ‫َ‬
‫يف إسناده ضعف ولكن معناه صحيح ‪.‬‬

‫اص ٍم‪َ ،‬ع رن َم رو ََّل أَِِب‬ ‫‪ - 4002‬ح َّدثَنَا أَبو ب رك ِر برن أَِِب َش ري بةَ‪ ،‬ح َّدثَنَا س رفيا ُن برن عُي ري نَةَ‪َ ،‬عن َع ِ‬
‫ر‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫َن أ ََب ُه َرير َرةَ لَِق َي رام َرأَةً ُمتَطَيِبَ ةً تُ ِري ُد ال َرم رس ِج َد‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ال‪ََ :‬ي أ ََم ةَ ا رْلَبَّ ا ِر‪ ،‬أَير َن‬ ‫اَسُ هُ عُبَ ري ٌد أ َّ‬‫ُرره ٍم‪ ،‬ر‬
‫ول َِّ‬ ‫ت‪ :‬نَ َع رم‪ .‬قَ ا َل‪ :‬فَ ِإِّن ََِس رع ُ‬ ‫ال‪ :‬ولَ هُ تَطَيَّ رب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اّلل‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ت؟ قَالَ ر‬ ‫ت‪ :‬ال َرم رس ج َد‪ ،‬قَ َ َ‬ ‫ين؟ قَالَ ر‬ ‫تُ ِري د َ‬
‫ص ََّلةٌ َح ََّّت تَ رغتَ ِس َل"‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ت إِ ََّل ال َرم رسجد‪َ ،‬ملر تُ رقبَ رل َلَا َ‬ ‫ت‪ُُ ،‬ثَّ َخ َر َج ر‬ ‫ول‪" :‬أَُّميَا رام َرأَةٍ تَطَيَّ بَ ر‬
‫‪‬يَ ُق ُ‬
‫في ه التنبي ه إىل أم ر ق د انتش ر وظه ر خصوص ا يف امل دن الك ربى وه و ت ربج النس اء‪ ،‬وت ربج النس اء ل يس عالم ة‬
‫على اخلري‪،‬والواجب أن يقوم ك ل راع عل ى أهل ه ق ال الن يب ‪" :‬أال كلك م راع وكلك م مس ؤول ع ن رعيته"وس وف‬
‫يُسأل كل إنسان عن هذا ‪.‬‬
‫والواجب على املرأة إذا خرجت خصوصا إىل املسجد أال تكون متربجة وال متطيبة وال متزينة وهلذا قال‬
‫‪١‬‬
‫اه ِليَّ ِة راْل َ ٰ‬
‫ُوَّل ۚ ﴾‬ ‫َبج ا رْل ِ‬ ‫تعاىل‪َ ﴿ :‬وقَ رر َن ِِف بُيُوتِ ُك َّن َوََل تَ ََّ‬
‫َب رج َن تَ َُّ َ َ‬
‫فق د أمره ا أن ال تت ربج ت ربج اجلاهلي ة ه ذا وه ي يف منزهل ا فكي ف إذا خرج ت م ن منزهل ا ؟ ال ري ب أن ه ذا في ه‬
‫فتنة عظيمة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة األحزاب آية ‪3 3‬‬


‫‪65‬‬
‫رشح أبواب الفنت من سنن ابن ماجه للش يخ عبد هللا العبيالن‬

‫اد‪ ،‬ع ن عب ِد َِّ‬


‫اّلل بر ِن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫‪َ - 4003‬ح َّدثَنَا ُمَ َّم ُد بر ُن ُررم ٍح‪ ،‬أَخ ََبََّن اللَّري ُ‬
‫ث بر ُن َس رعد‪َ ،‬ع رن ابر ِن ا رلَ َ ر َ ر‬
‫رن َوأَ ركثِ رر َن‬ ‫ش ر النِ ِ‬ ‫اّلل ‪ ‬أَنَّهُ قَ َ‬‫ول َِّ‬ ‫اّلل بر ِن عُمر‪َ ،‬ع رن ر ُس ِ‬ ‫ِدينا ٍر عن عب ِد َِّ‬
‫ص َّدق َ‬
‫س اء‪ ،‬تَ َ‬ ‫"َي َم رع َ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ر َر‬
‫ت رام َرأَةٌ ِم رن ُه َّن َج رزلَ ةٌ‪َ :‬وَم ا لَنَ ا ََي َر ُس َ‬
‫ول‬ ‫ِم رن ِاَل رس تِ رغ َفا ِر‪ ،‬فَِإِّن َرأَير تُ ُك َّن أَ ركثَ َر أ رَه ِل النَّ ا ِر"‪ ،‬فَ َقالَ ر‬
‫ات َع رق ٍل‬ ‫ت ِم ن ََّنقِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫اّلل‪ ،‬أَ ركثَ ُر أَ ره ِل النَّ ا ِر؟ قَ َ‬ ‫َِّ‬
‫ري‪َ ،‬م ا َرأَير ُ ر َ‬ ‫ال‪" :‬تُ ركث رر َن الل رع َن‪َ ،‬وتَ رك ُف رر َن الر َعش َ‬
‫ص ا ُن ال َرع رق ِل َوال ِدي ِن؟ قَ َ‬ ‫ت‪َ :‬ي رس َ ِ‬ ‫وِدي ٍن أَ رغلَ ب لِ ِذي لُ ٍ ِ‬
‫ال‪" :‬أ ََّم ا‬ ‫ول ا َّّلل‪َ ،‬وَم ا نُ رق َ‬ ‫ب م رن ُك َّن" قَالَ ر َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْي تَ رع ِد ُل َش َها َد َة رج ٍل‪ ،‬فَ َه َذا ِم ن نُ رقص ِ‬
‫ان ال َرع رق ِل‪َ .‬وَتَر ُك ُ َّ‬ ‫ادةُ رام َرأَتَ ر ِ‬ ‫نُ رقص ِ‬
‫ث الليَ ِ َ‬
‫اِل‬ ‫ر َ‬ ‫َُ‬ ‫ش َه َ‬‫ان ال َرع رق ِل فَ َ‬ ‫َ‬
‫الدي ِن"‪.‬‬ ‫ضا َن‪ ،‬فَ ه َذا نُ رقصا ُن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫صلِي‪َ ،‬وتُ رف ِط ُر ِِف َرَم َ‬ ‫َما تُ َ‬
‫خنتم هبذا لكن انظر إىل فقه املؤلف رمحه هللا إذ ذكر بعد هذا الباب ابب األمر ابملعروف والنهي عن املنكر‪،‬‬
‫يشري بذلك إىل أن الصمام للمجتمع هو األمر ابملعروف والنهي عن املنكر ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ين ظَلَ ُموا ِمن ُك رم َخ َّ‬
‫اصةً ۚ ﴾ فائدة وهي ‪:‬‬ ‫ص َّ َّ ِ‬
‫يَ الذ َ‬
‫ِ‬
‫ويف قول هللا تعاىل ﴿ َواتَّ ُقوا ف رت نَةً ََّل تُ ِ َ‬
‫أن هذ ا يكون إذا كان اجملتمع طائفتني ‪ ،‬طائفة تقع يف املنكر وطائفة ال تنكر ‪.‬‬
‫أما إذا كان هناك طوائف ثالثة طائفة تنكر وطائفة واقعة يف املنكر وطائفة ساكتة ‪ ،‬فإذا وقع العذاب فإنه‬

‫يقع على الذين وقعوا يف املنكر ويسلم الذين أنكروا وهلذا قال تعاىل يف بين إسرائيل ‪ ﴿ :‬فَ لَ َّما نَ ُ‬
‫سوا َما‬
‫‪2‬‬ ‫اب بَئِ ٍ‬
‫يس ِِبَا َكانُوا يَ رف ُس ُقو َن ﴾‬ ‫ين ظَلَ ُموا بِ َع َذ ٍ‬ ‫وء وأ َ َّ ِ‬ ‫ذُكِروا بِ ِه أََّني نا الَّ ِذين ي رن هو َن ع ِن ُّ ِ‬
‫َخ رذ ََّن الذ َ‬ ‫الس َ‬ ‫َ َ َر َ‬ ‫َر َ‬ ‫ُ‬
‫وهلذا قال عكرمة دخلت يوما على ابن عباس فرأيته يبكي فقلت ما يبكيك؟ قال‪ :‬إن هللا ذكر طائفتني‬
‫الطائفة الواقعة يف املنكرة واليت أنكرت‪ ،‬فذكر أن هذه جنت والثانية هلكت والثالثة ال ‪ ،‬وحنن نرى منكرات‬
‫وال ننكرها‪ ،‬فقال عكرمة طاملا أن هللا سكت عنها فقد جنت"‪ .‬مث وجدت يف الصحيح "ستكون أمراء‬
‫فتعرفون وتنكرون‪ ،‬فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي واتبع‪"....‬فهذا يصدق على‬
‫الثالأ ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة األنفال آية ‪2 5‬‬


‫(‪)2‬سورة األعراف آية ‪1 65‬‬
‫‪66‬‬

You might also like