You are on page 1of 8

‫خطوات إلى عبادات‬

‫فيها حسنات ودرجات ومحو سيئات‬

‫إن الحمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‪ ،‬ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال‬
‫‪.‬هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محم ًدا عبده ورسوله‬

‫ِين آ َم ُنوا ا َّتقُوا هَّللا َ َح َّق ُت َقا ِت ِه َواَل َتمُو ُتنَّ ِإاَّل َوَأ ْن ُت ْم مُسْ لِم َ‬
‫ُون ﴾ [آل عمران‪﴿ ]102 :‬‬ ‫‪َ .‬يا َأ ُّي َها الَّذ َ‬

‫ث ِم ْن ُه َما ِر َجااًل َكثِيرً ا َو ِن َسا ًء َوا َّتقُوا هَّللا َ الَّذِي َت َسا َءلُ َ‬
‫ون ِب ِه ﴿‬ ‫َيا َأ ُّي َها ال َّناسُ ا َّتقُوا َر َّب ُك ُم الَّذِي َخلَ َق ُك ْم مِنْ َن ْف ٍ‬
‫س َواحِدَ ٍة َو َخلَقَ ِم ْن َها َز ْو َج َها َو َب َّ‬
‫ان َعلَ ْي ُك ْم َرقِيبًا ﴾ [النساء‪]1 :‬‬ ‫‪َ .‬واَأْلرْ َحا َم ِإنَّ هَّللا َ َك َ‬

‫ِيدا * يُصْ لِحْ َل ُك ْم َأعْ َمالَ ُك ْم َو َي ْغفِرْ لَ ُك ْم ُذ ُنو َب ُك ْم َو َمنْ يُطِ ِع هَّللا َ َو َرسُولَ ُه َف َق ْد َف َ‬
‫از َف ْو ًزا َعظِ يمًا ﴾ ﴿‬ ‫َيا َأ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنوا ا َّتقُوا هَّللا َ َوقُولُوا َق ْواًل َسد ً‬
‫‪[:‬األحزاب‪]71 ،70 :‬؛ أما بعد‬

‫فإن أصدق الحديث كتاب هللا‪ ،‬وأحسن الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة‬
‫‪.‬ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة في النار‬

‫‪ .‬أعاذني هللا وإياكم وسائر المسلمين من النار‪ ،‬ومن كل عمل يقرب إلى النار‪ ،‬اللهم آمين‬
‫األجر العظيم‪ ،‬كلم ُة "سبحان هللا"‪ ،‬و"الحمد هلل"‪ ،‬و"ال إله إال هللا" ‪-‬‬ ‫َ‬ ‫فض ُل هللا سبحانه وتعالى علينا عظيم‪ ،‬إذا كان ويجازينا بالكلمة الطيبة‬
‫أبدا؛ ألن الحمد هلل تمأل الميزان‪ ،‬تمأل ما بين السماء واألرض أجرً ا‬ ‫أجرها كبير عند هللا‪ ،‬ال يستوعبها عقلك‪ ،‬األجر ال يستوعبه العقل ً‬
‫َأ‬ ‫َآَل‬ ‫َ‬ ‫هَّلِل‬ ‫ْ‬
‫هللا َوال َحمْ ُد ِ تمْ ِن ‪ْ -‬و‬
‫ان ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫صلى هللاُ َعل ْي ِه َو َسل َم‪َ ...( :‬و ُسب َْح َ‬ ‫َّ‬ ‫وثوابًا عند هللا؛ َعنْ َأ ِبي َمالِكٍ اَأْل ْش َع ِريِّ رضي هللا عنه‪َ ،‬قا َل‪َ :‬قا َل َرسُو ُل ِ‬
‫هللا َ‬
‫ض‪))...‬؛ [(م) ‪])223( - 1‬‬ ‫ت َواَأْلرْ ِ‬ ‫‪َ .‬ت ْمُأَل ‪َ -‬ما َبي َْن ال َّس َم َاوا ِ‬

‫أجر‬ ‫ٌ‬
‫مشقة أو نو ٌع من التعب‪ ،‬فهذا أجره مضاعف‪ ،‬ستعجبون من ذلك أثناء هذه الخطبة؛ حيث جعل ُتها فقط عن ِ‬ ‫فكيف إذا كان فيما تقوم به‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وينكر األخبار‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫وحسنات‪ ،‬ومحوُ سيئات‪ ،‬أج ٌر عظيم ال ينكره إال من ينكر‬ ‫ٌ‬
‫درجات‬ ‫ب الخطوات إلى العبادات‪ ،‬وهو‬ ‫وثوا ِ‬
‫‪.‬التي جاءت عن هللا جل جالله‪ ،‬وعن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫ار ُه ْم َو ُك َّل َشيْ ٍء َأحْ َ‬


‫ص ْي َناهُ فِي ِإ َم ٍام م ُِب ٍ‬
‫ين ﴾ [يس‪]12 :‬‬ ‫‪.‬وإذا كان هللا سبحانه وتعالى يقول‪ِ ﴿ :‬إ َّنا َنحْ نُ ُنحْ يِ ْال َم ْو َتى َو َن ْك ُتبُ َما َق َّدمُوا َوآ َث َ‬

‫ت ْال ِب َقا ُع َح ْو َل ْال َمسْ ِجدِ))؛ خلت البقاع‪ :‬أي‪ :‬ال‬ ‫((خلَ ِ‬
‫هللا رضي هللا تعالى عنهما‪َ ،‬قا َل‪َ :‬‬ ‫ْن َع ْب ِد ِ‬ ‫وآثارهم حتى اآلثار تكتب؛ جاء َعنْ َج ِاب ِر ب ِ‬
‫ت ِد َيا ُر َنا َناِئ َية))؛ أي‪ :‬في أطراف المدينة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫((و َكا َن ْ‬
‫يوجد فيها أحد‪ ،‬يعني هناك متسع لبعض الناس أن يأتي ويسكن حول المسجد النبوي‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫عْ‬ ‫ُ‬ ‫نْ‬‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فك ِر َه ت َرى ال َمدِينة))؛ أي‪:‬‬ ‫ب مِنْ ْال َمسْ ِجدِ‪َ ،‬ف َبلَغَ َذل َِك َرسُو َل ِ‬ ‫بعيد ًة (( َعنْ ْال َمسْ ِجدِ‪َ ،‬فَأ َر ْد َنا َأنْ َن ِب َ‬
‫يع ُبيُو َت َنا َف َن ْق َت ِر َ‬
‫َأ‬
‫ب ْال َمسْ ِجدِ‪َ ،‬قالُوا‪َ :‬ن َع ْم َيا َرسُو َل هللاِ‪َ ،‬ق ْد َر ْد َنا‬ ‫َأ‬
‫ُون نْ َت ْن َتقِلُوا قُرْ َ‬ ‫َأ‬
‫أن تخلو من أطرافها‪ ،‬وال يبقى فيها أحد‪َ (( ،‬ف َقا َل لَ ُه ْم‪ِ :‬إ َّن ُه َبلَ َغنِي َّن ُك ْم ُت ِريد َ‬
‫ك ))‪ ،‬لماذا أرادوا هم هذا؟ يريدون أن يحافظوا على الصلوات الخمس في مسجد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وال يشغلهم شاغل عن‬ ‫َذلِ َ‬
‫ار ُك ْم))؛ أي‪:‬‬ ‫ُون آ َث َ‬ ‫ار ُه ْم ﴾ [يس‪َ ،))]12 :‬ف َقا َل‪َ :‬يا َبنِي َسلِ َم َة‪َ ،‬أاَل َتحْ َتسِ ب َ‬ ‫ت َه ِذ ِه اآْل َية‪ِ ﴿ :‬إ َّنا َنحْ نُ ُنحْ يِ ْال َم ْو َتى َو َن ْك ُتبُ َما َق َّدمُوا َوآ َث َ‬ ‫ذلك؛ (( َف َن َزلَ ْ‬
‫دياركم وابقوا في أماكنكم ودياركم‪َ (( ،‬فِإ َّن َها‬ ‫ار ُك ْم))؛ ي‪ :‬الزموا َ‬ ‫َأ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫أال تحتسبون أجر ُخطاكم‪ِ(( ،‬إلَى ال َمسْ ِجدِ؟ َقالوا‪َ :‬بلَى َيا َرسُو َل هللاِ‪َ ،‬ف َقا َل‪ِ :‬د َي َ‬
‫ُت ْك َتبُ آ َثا ُر ُك ْم‪ِ ،‬إنَّ لَ ُك ْم ِب ُك ِّل َخ ْط َو ٍة دَ َر َج ًة ))‪ ،‬فخطوات البعيد عن المسجد أكثر بكثير من خطوات من هو بجانب المسجد‪(( ،‬فقالوا‪َ :‬ما ك َ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َيسُرُّ َنا َأ َّنا ُك َّنا َت َح َّو ْل َنا))؛ [الحديث بزوائده عند‪( :‬خ) (‪( ،)655‬خ) (‪( ،)1887‬م) ‪( ،)664( -279‬م) ‪( ،)665( -280‬م) ‪( -281‬‬
‫‪( ،)665‬ت) (‪( ،)3226‬جه) (‪( ،)784‬جه) (‪( ،)785‬حم) (‪])15231 ،15034 ،14606 ،12052‬؛ يعني‪ :‬إن بقاءهم في أماكنهم‬
‫‪.‬أفضل لهم أجرً ا وثوابًا‬
‫‪.‬خطوة بدرجة‬

‫ولو سألتكم وسألت نفسي‪ :‬كم خطوة بين بيتي وبين المسجد؟ ما علمت! وهناك أجهزة اآلن تقيس الخطى‪ ،‬تعرفكم كم خطوة مشيتموها‪،‬‬
‫لكن ما عند هللا سبحانه وتعالى مقياس‪ ،‬ال تغيب عنه خطوة وال نصف الخطوة‪ ،‬وإن حسبت اليوم خطواتك إلى المسجد‪ ،‬فلن تستطيع‬
‫‪.‬إحصاءها غ ًد ا وال بعد غد‪ ،‬وعند هللا لن تضيع خطاكم‪ ،‬وما تنساه أنت وال تعرفه لن يضيع‬

‫هللا بن مسعود رضي هللا عنه فيما رواه مسلم في حديثه الطويل‬ ‫فالخطوات إلى الصلوات الخمس في المساجد‪ ،‬درجات وحسنات؛ َعنْ َع ْب ِد ِ‬
‫ُور))؛‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َقا َل‪َ ...(( :‬و َما مِنْ َرج ٍُل))‪ ،‬فالخطوة حتى يُك َتب لك بها األجر ال بد لها من مقدمات‪ ،‬منها‪ :‬وما من رجل (( َيتط َّه ُر فيُحْ سِ نُ الطه َ‬
‫َ‬
‫مضطرا‪ ،‬فمن أراد الثواب كاماًل يتطهر في البيت‪ُ ،‬‬
‫((ث َّم َيعْ ِم ُد ِإلَى َمسْ ِج ٍد مِنْ‬ ‫ًّ‬ ‫يعني‪ :‬يتوضأ في بيته‪ ،‬ال يأتي يتوضأ على حساب المسجد إال‬
‫ُط َع ْن ُه ِب َها َس ِّيَئ ًة‪))...‬؛ [(م) ‪])654( -257‬‬ ‫طو َها َح َس َن ًة‪َ ،‬و َيرْ َف ُع ُه ِب َها َد َر َج ًة‪َ ،‬و َيح ُّ‬‫ب هللاُ لَ ُه ِب ُك ِّل َخ ْط َو ٍة َي ْخ ُ‬
‫‪َ .‬ه ِذ ِه ْال َم َسا ِجدِ‪ِ ،‬إاَّل َك َت َ‬

‫عالم الغيوب‬
‫ِ‬ ‫عددا‪ ،‬لكنها عند هللا‬ ‫ُ‬
‫الدرجات؟ وكم الحسنات؟ وكم مُحي عنا من السيئات؟ ال ندري ً‬ ‫‪.‬فكم‬

‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ (( :‬منْ َخ َر َج مِنْ َب ْي ِت ِه ِإلَى‬‫ْن َعام ٍِر ْال ُج َهنِيِّ رضي هللا عنه َقا َل‪َ :‬قا َل َرسُو ُل ِ‬ ‫واألعجب من ذلك ما ثبت َعنْ ُع ْق َب َة ب ِ‬
‫طو َها َع ْش ُر َح َس َناتٍ))‪ً ،‬إذ ا‪ ،‬فهناك ثواب الخطوة حسنة‪ ،‬وثبت أن ثوابها عش ُر حسنات‪ً ،‬إذا فالثواب يزيد‬ ‫ِب لَ ُه ِب ُك ِّل ُخ ْط َو ٍة َي ْخ ُ‬
‫ْال َمسْ ِجدِ‪ُ ،‬كت َ‬
‫وينقص حسب النية‪ ،‬إذا كانت النية الذهاب للمسجد وخالصة هلل‪ ،‬تختلف عمَّن يريد السوق‪ ،‬أو التجارة‪ ،‬ثم يصلي في المسجد‪ ،‬ك ٌّل له‬
‫((وي ُْك َتبُ مِنْ‬ ‫ت))؛ أي‪ :‬القانت‪ :‬القائم للصالة‪َ ،‬‬ ‫الصاَل ةَ‪َ ،‬ك ْال َقا ِن ِ‬
‫((و ْال َقاعِ ُد فِي ْال َمسْ ِج ِد َي ْن َتظِ ُر َ‬
‫أجره‪ ،‬لكن يزداد إذا كان اإلخالص أكثر‪َ ،‬‬
‫صحِيح الت غِ يبِ‪])298( :‬‬ ‫رْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫صحِيح ال َجامِع‪َ ،)434( :‬‬ ‫َ‬
‫ين َح َّتى َيرْ ِج َع ِإلى َبي ِتهِ))؛ [ حم (‪َ ،)17495‬‬
‫ْ‬ ‫‪ْ .‬ال ُم َ‬
‫صلِّ َ‬
‫وهذا تنبيه إلى كثير ممن يقصر في صالة الجماعة في المسجد‪ ،‬ولنستمع إلى ما ورد َعنْ َأ ِبي ُأ َما َم َة ْال َبا ِهلِيِّ رضي هللا عنه َقا َل‪َ :‬قا َل‬
‫صاَل ٍة َم ْك ُتو َبةٍ‪َ ،‬فَأجْ ُرهُ َكَأجْ ِر ْال َحا ِّج ْالمُحْ ِر ِم))‪ ،‬كم أجر الحاج؟ سنعلمه في‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ (( :‬منْ َخ َر َج مِنْ َب ْي ِت ِه ُم َت َطهِّرً ا ِإلَى َ‬
‫َرسُو ُل ِ‬
‫صاَل ِة َت َطوُّ ٍع‪ ،‬وفي رواية‪َ :‬و َمنْ َم َشى ِإلَى ُسب َْح ِة الض َُّحى))؛ أي‪ :‬يخرج إلى المسجد حتى يصلي الضحى‪،‬‬ ‫((و َمنْ َم َشى ِإلَى َ‬
‫الخطبة التالية‪َ ،‬‬
‫صاَل ةٍ))‪ ،‬التوالي بصلوات‪(( ،‬اَل َل ْغ َو َب ْي َن ُه َما))‪ ،‬وال‬ ‫صاَل ةٌ َعلَى ِإ ْث ِر َ‬
‫((اَل َي ْنصِ ُب ُه ِإاَّل ِإيَّاهُ))‪ ،‬ليس له نية أخرى‪َ (( ،‬فَأجْ ُرهُ َكَأجْ ِر ْالمُعْ َتم ِِر‪َ ،‬و َ‬
‫ِّين))؛ [(د) (‪( ،)558‬د) (‪( ،)1288‬حم) (‪ ،)22358‬وقال شعيب‬ ‫معصية‪ ،‬وال ما شابه ذلك‪ ،‬ما األجر والثواب؟ (( ِك َتابٌ فِي عِ لِّي َ‬
‫صحِيح ْال َجامِع‪( ،)6228( :‬‬ ‫صحِيح ْال َجامِع‪َ ،)6556( :‬‬ ‫األرنؤوط‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬مسند الشاميين‪( :‬ج‪ /4‬ص‪ 315‬ح‪ ،)3412‬انظر َ‬
‫صحِيح ال َّترْ غِ يبِ‪])446( ،)320( :‬‬ ‫‪َ ،)6556.‬‬

‫هل هذا كثير على هللا أن يكتب لك أجر الحاج وأجر المعتمر؟ هل هذا األجر والثواب كبير على الكبير المتعال سبحانه؟ ال وهللا ليس بكثير‬
‫‪.‬وال كبير‪ ،‬فإن تعجبوا من كرم هللا فيما ذكرته لكم‪ً ،‬إذ ا‪ ،‬فاعجبوا أكثر مما سأذكره لكم‪ ،‬مما ثبت عن نبيكم محمد صلى هللا عليه وسلم‬

‫معلوم أنَّ ال َّس َن َة فيها ثالثمائة وستون يومًا‪ ،‬فلو أنَّ رجاًل صام أيامها الثالثمائة والستين‪ ،‬وقام لياليها الثالثمائة والستين‪ ،‬مخل ً‬
‫صا محتسبًا‪،‬‬
‫كم أجرُه؟ وكم نا َل من الثواب؟ أال تعلمون أنَّ خطوة واحدة تخطوها في يوم الجمعة لصالة الجمعة‪ ،‬تحصل بها على هذا األجر إن شاء‬
‫هللا سبحانه وتعالى؟‬

‫نأخذ هذا األجر‬ ‫ُ‬ ‫واألجر الجسيم‪ ،‬فلنستمع إلى قوله صلى هللا عليه وسلم الذي يبين لنا كيف‬ ‫ب العظيم‪،‬‬ ‫لكن تمسَّكْ بما يوصلك إلى ذلك الثوا ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫أس ُه َي ْو َم ال ُج ُم َعةِ))‪ ،‬حتى‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ (( :‬منْ َغ َّس َل َر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س رضي هللا عنه‪ ،‬قا َل‪ :‬قا َل َرسُو ُل ِ‬ ‫ْن َأ ْو ٍ‬ ‫سب ِ‬ ‫وكيف نصل إليه؛ ثبت َعنْ َأ ْو ِ‬
‫اح مب ِّكرا فِي َأ َّو ِل‬ ‫((و َب َّك َر))؛ َأيْ ‪َ :‬ر َ‬ ‫اغ َت َس َل ))؛ أي‪ :‬واغسل جسمك في هذا اليوم الفضيل بنية الجمعة‪َ ،‬‬ ‫((و ْ‬ ‫تأخذ األجر الكامل اغسل رأسك‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫ور َة ال َف َوا ِكهِ‪ ،‬و َكرَّ َرهُ لِل َّتأكِيدِ‪ ،‬حتى‬ ‫َأ‬ ‫َ‬
‫ور ُتهُ‪َ ،‬وا ْب َت َك َر الرَّ ُجلُ‪ِ :‬إذا َك َل َبا ُك َ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ك وَّ َل ال ُخط َبةِ‪َ ،‬و وَّ ُل ُك ِّل َشيْ ٍء َبا ُك َ‬‫َأ‬ ‫((وا ْب َت َك َر))؛ َمعْ َناهُ‪َ :‬أ ْد َر َ‬
‫ْال َو ْقتِ‪َ ،‬‬
‫صتَ ))‪ً ،‬إذا‬ ‫((و َم َشى َولَ ْم َيرْ َكبْ ‪َ ،‬و َد َنا مِنْ اِإْل َم ِام‪َ ،‬فاسْ َت َم َع َوَأ ْن َ‬
‫((وغَ دَ ا َوا ْب َت َك َر))‪َ ،‬‬
‫يحث الناس أن يصلوا إلى هذا األجر العظيم‪ ،‬وفي رواية‪َ :‬‬ ‫َّ‬
‫ان لَ ُه ِب ُك ِّل‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫الغ فارغ‪َ (( ،‬ك َ‬ ‫ليس هناك أحاديث جانبية‪ ،‬وال أحاديث دنيوية حتى تأخذ األجر‪ ،‬وفي رواية‪َ (( :‬فاسْ َت َم َع َولَ ْم َيل ُغ))؛ لم يتكلم بكالم ٍ‬
‫طو َها َأجْ ُر َس َن ٍة صِ َيا ُم َها َوقِ َيا ُم َها))؛ [الحديث بزوائده عند‪( :‬حم) (‪( ،)16206 ،6954‬د) (‪( ،)345‬د) (‪( ،)346‬ت) (‪،)496‬‬ ‫ُخ ْط َو ٍة َي ْخ ُ‬
‫صحِيح ال َّترْ غِ يبِ‪])690( :‬‬ ‫صحِيح ْال َجامِع‪َ ،)6405( :‬‬ ‫‪(.‬جه) (‪( ،)1087‬س) (‪( ،)1381‬س) (‪( ،)1384‬س) (‪ ،)1398‬وانظر َ‬
‫صلَّى هللاُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم َقا َل‪(( :‬الَ َي ُقو َلنَّ َأ َح ُد ُك ْم‪ :‬اللَّ ُه َّم ْ‬
‫اغفِرْ لِي‬ ‫وفض ُل هللا عظيم‪ ،‬أعظ ُم مما نتخيَّل‪ ،‬وأعظم مما نف ِّكر؛ لذلك ثبت َأنَّ َرسُو َل هَّللا ِ َ‬
‫ِإنْ شِ ْئ تَ ‪ ،‬اللَّ ُه َّم ارْ َح ْمنِي ِإنْ شِ ْئ تَ ‪ ،‬ارْ ُز ْقنِي ِإنْ شِ ْئ تَ ‪ ،‬لِ َيعْ ِز ِم الـ َمسْ َألَ َة‪َ ،‬فِإ َّن ُه الَ ُم ْك ِر َه لَهُ))؛ [(خ) (‪ ،])7477( ،)6339‬وفي رواية عند‬
‫((و ْل ُي َع ِّظ ِم الرَّ ْغ َب َة))‪ ،‬ال تطلب من هللا شيًئ ا قلياًل ‪ ،‬اطلب الكثير‪ ،‬والكبير من عند الكبير سبحانه‪ ،‬فأنت ال تطلب من عند إنسان فقير‬ ‫مسلم‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫َأ‬
‫هللا اَل َي َت َعاظ ُم ُه َشيْ ٌء عْ طاهُ))؛ [(م) ‪( -8‬‬‫َ‬ ‫محتاج‪ ،‬ادخل على هللا‪ ،‬واطلب ما شئت من خيري الدنيا واآلخرة‪ ،‬وليعظم الرغبة؛ (( َفِإنَّ َ‬
‫‪])2679.‬‬

‫‪.‬أقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‬

‫‪:‬الخطبة اآلخرة‬

‫‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن وااله‪ ،‬واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد‬

‫ث َو َل ْم‬ ‫فعنْ َأ ِبي ه َُري َْر َة رضي هللا عنه‪َ ،‬قا َل‪َ :‬قا َل َرسُو ُل ِ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ (( :‬منْ َح َّج َه َذا ْال َبيْتَ ))؛ أي‪ :‬بيت هللا الحرام‪َ (( ،‬فلَ ْم َيرْ فُ ْ‬ ‫َ‬
‫َي ْفس ُْق ))؛ لم يتكلم بالكالم الذي يكون بين الرجل وزوجته‪ ،‬كالم العشق والهيام ونحو ذلك‪ ،‬لم يكن في هذا الحج شيء من هذا‪ ،‬ولم يفسق؛‬
‫وب ِه َك َي ْو ِم َولَدَ ْت ُه ُأ ُّمهُ))؛ [الحديث بزائده عند‪( :‬خ) (‪( ،)1723‬م) ‪( ،)1350( -438‬أحمد في‬ ‫((خ َر َج مِنْ ُذ ُن ِ‬
‫لم يرتكب ذنبًا وال معصية‪َ ،‬‬
‫حديثا‪ ،‬هل عليه ذنوب؟ ال وهللا‬ ‫ً‬ ‫‪.‬مسنده) (‪( ،)10279‬ت) (‪( ،)811‬س) (‪( ،)2627‬جه) (‪ ،])2889‬كالطفل الصغير المولود‬

‫ًإذا كيف هذا الحا ُّج إذا خال من الرفث والفسوق يرجع كيوم ولدته أمه؟ كيف وهو محمَّل بالذنو ِ‬
‫ب والخطايا طوال هذا العمر‪ ،‬قبل أن يذهب‬
‫إلى بيت هللا الحرام؟‬

‫هذا ما يوضحه فض ُل هللا سبحانه وتعالى العظيم في هذا الحديث الكبير‪ ،‬فالخطوات التي يمشيها الحا ُّج والمعتمر وال يريد بخطواته إال‬
‫‪ :‬العمرة والحج‪ ،‬هلل سبحانه وتعالى‪ ،‬تمحو الذنوب ويرجع الحاج كيوم ولدته أمُّه ال َ‬
‫ذنب عليه‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ل َِّلث َقفِيِّ ‪َ :‬يا‬ ‫((جا َء َر ُج ٌل مِنْ َثقِيفٍ ِإ َلى ال َّن ِبيِّ صلى هللا عليه وسلم‪َ ،‬ف َقا َل َرسُو ُل ِ‬ ‫ْن ُع َم َر رضي هللا عنهما‪َ ،‬قا َل‪َ :‬‬ ‫َعنْ اب ِ‬
‫َأ َخا ثقِيفٍ ))‪ ،‬وثقيف بعيدة عن المدينة بمئات الكيلومترات‪ ،‬ومع ذلك جاء هذا الرجل الغريب‪ ،‬فقابله النبي صلى هللا عليه وسلم وعرفه‪،‬‬ ‫َ‬
‫ك َأعْ َجبُ ِإلَيَّ ‪ -‬يا رسول هللا ‪َ -‬أنْ َت ْف َع َل))‪ ،‬أن‬ ‫ك َعمَّا ِجْئ تَ َتسْ َأ ُل َع ْنهُ‪َ ،‬قا َل‪َ :‬ف َذا َ‬ ‫ك‪َ ،‬وِإنْ شِ ْئ تَ َأنْ ُأ ْخ ِب َر َ‬ ‫اج ِت َ‬ ‫((س ْل َعنْ َح َ‬ ‫وقال‪ :‬يا أخا ثقيف‪َ ،‬‬
‫تخبرني بسؤالي الذي أنا جئت به‪ ،‬وهذا وحيٌ من هللا إلى رسول هللا‪ ،‬فالرسول ال يعلم الغيب‪ ،‬إال إذا أعلمه هللا سبحانه وتعالى‪َ (( ،‬قا َل‪:‬‬
‫((و َعنْ َط َواف َِك‬ ‫ك فِيهِ))‪ ،‬من أجر؟ ثانيها‪َ :‬‬ ‫ك َتُؤ ُّم ْال َبيْتَ ْال َح َرا َم‪َ ،‬و َما لَ َ‬ ‫ك مِنْ َب ْي ِت َ‬ ‫ك ِجْئ تَ َتسْ َألُنِي َعنْ )) تسعة أشياء؛ أولها عن‪َ (( :‬م ْخ َر ِج َ‬ ‫َفِإ َّن َ‬
‫ك فِيهِ))‪،‬‬ ‫ص َفا َو ْال َمرْ َو ِة َو َما لَ َ‬ ‫((و َعنْ َط َواف َِك ِبال َّ‬ ‫ك فِي َها))‪ ،‬رابعها‪َ :‬‬ ‫الط َوافِ ‪َ ،‬و َما َل َ‬ ‫ك َبعْ دَ َّ‬ ‫((و َعنْ َر ْك َع َت ْي َ‬ ‫ك فِيهِ؟))‪ ،‬ثالثها‪َ :‬‬ ‫ِب ْال َب ْيتِ‪َ ،‬و َما َل َ‬
‫ك فِيهِ))‪،‬‬ ‫َ‬
‫ك‪َ ،‬و َما ل َ‬ ‫((و َعنْ َنحْ ِر َ‬ ‫ك فِيهِ))‪ ،‬سابعها‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ار َو َما ل َ‬ ‫ْ‬
‫ك ال ِج َم َ‬ ‫((و َعنْ َرمْ ِي َ‬ ‫ك فِيهِ))‪ ،‬سادسها‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫((و َعنْ وُ قوف َِك ِب َع َر َفة‪َ ،‬و َما ل َ‬ ‫ُ‬ ‫خامسها‪َ :‬‬
‫ك فِيهِ))‪ ،‬هذه األسئلة‪ ،‬هل هذا الرجل جاء يريد أن‬ ‫ك‪َ ،‬و َما ل ََ‬ ‫ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫دَ‬ ‫عْ‬‫ب‬ ‫ك‬
‫َ ِ َ َ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ط‬‫َ‬ ‫نْ‬ ‫ع‬
‫َ َ‬ ‫((و‬ ‫تاسعها‪:‬‬ ‫ِ))‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫َ‬
‫((و َعنْ َ ِ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫أ‬‫ر‬ ‫ك‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ح‬ ‫ثامنها‪َ :‬‬
‫ك‪َ ،‬قا َل)) رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بأبي هو وأمي‪،‬‬ ‫َأ‬
‫ت سْ لُ َ‬ ‫َأ‬ ‫ك ِب ْال َح ِّق‪ ،‬عن َه َذا ِجْئ ُ‬ ‫يسألها أم ال؟ فماذا قال الثقفي؟ (( َقا َل‪ِ :‬إي َوالَّذِي َب َع َث َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ِبك ِّل َوط ةٍ))؛ أي‪ :‬خطوة‪ ،‬تضع القدم على األرض‪(( ،‬تطُؤ َها‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِك َتُؤ ُّم ال َبيْتَ ال َح َرا َم‪ ،‬فِإنَّ ل َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك مِنْ َب ْيت َ‬ ‫جوابًا عن المسألة األولى‪َ(( :‬أمَّا ُخرُو ُج َ‬
‫ك ِب َها َس ِّيَئ ًة))‪ً ،‬إذا تذ َّك روا الحديث الذي ذكرناه‪(( :‬رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه))‪ ،‬ع َّد‬ ‫ك ِب َها َح َس َن ًة‪َ ،‬و َي ْمحُو َع ْن َ‬ ‫ك‪َ ،‬ي ْك ُتبُ هللاُ لَ َ‬ ‫َرا ِحلَ ُت َ‬
‫ك‬ ‫ً‬
‫ك ِب َها َح َس َنة‪َ ،‬و َم َحا َع ْن َ‬ ‫ب ُ َع َّز َو َج َّل لَ َ‬ ‫هَّللا‬ ‫اَّل‬
‫ض ُع ِرجْ َواَل َترْ َف ُع َها ِإ َك َت َ‬ ‫اًل‬ ‫ك اَل َت َ‬ ‫‌بال َب ْيتِ‪َ ،‬فِإ َّن َ‬ ‫ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫َ‬
‫‌و مَّا‌ط َوافُ َ‬ ‫َأ‬ ‫ت وع َّد محو للسيئات‪ ،‬ثانيها‪َ (( :‬‬ ‫خطوا ٍ‬
‫ك))؛ ركعتي سنة الطواف (( َبعْ َد‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫((و مَّا َرك َعت ْي َ‬ ‫َأ‬ ‫ً‬
‫ِب َها َخطِ ي ة))‪ ،‬كم خطوة في الطواف الواحد؟ في السبعة أشواط‪ ،‬كم؟ علمها عند هللا‪ ،‬ثالثا‪َ :‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َئ‬
‫عبدا كان ح ًُّر ا من بني إسماعيل‪ ،‬فاشتريته‪ ،‬وأعتقته‪ ،‬وهذا أجره عظيم عند‬ ‫الط َوافِ ‪َ ،‬فِإ َّن َها َك ِع ْت ِق َر َق َب ٍة مِنْ َبنِي ِإسْ مَاعِ ي َل))‪ ،‬كأنك اشتريت ً‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك عَشِ َّية َع َر َفة؛ َفِإنَّ هللاَ تعالى َيه ِْبط ِإلى ال َّس َما ِء‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫((و مَّا وُ قوف َ‬ ‫َأ‬ ‫ِين َر َق َبة))‪ ،‬خامسً ا‪َ :‬‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫ص َفا َوال َمرْ َوةِ‪َ ،‬ف َك ِعت ِق َس ْبع َ‬ ‫ْ‬ ‫ك ِبال َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫((و مَّا ط َواف َ‬ ‫َأ‬ ‫هللا‪ ،‬راب ًعا‪َ :‬‬
‫شعْ ًثا ُغبْرً ا))‪ ،‬واألشعث الذي تش َّعث شعر رأسه من قلة الدهن والتمشيط‬ ‫ظرُوا ِإلَى عِ َبادِي‪َ ،‬جاؤونِي ُ‬ ‫ال ُّد ْن َيا‪َ ،‬ف ُي َباهِي ِب ُك ُم ْال َماَل ِئ َك َة‪َ ،‬ف َيقُولُ‪ :‬ا ْن ُ‬
‫ُون‬‫الط ِريق ْال َواسِ ع البعيد‪َ (( ،‬يرْ ج َ‬ ‫ِيق))‪ْ ،‬ال َف ُّج العميق‪َّ :‬‬ ‫شعثا غبرً ا ((مِنْ ُك ِّل َف ٍّج َعم ٍ‬ ‫ونحو ذلك‪ ،‬واألغبر الذي عليه غبار السفر‪ ،‬جاؤوني ً‬
‫والز َبدُ‪َ :‬ما َيعْ لُو ْال َما َء َو َغي َْرهُ مِنْ الرَّ ْغ َوةِ‪ ،‬ورغوة البحر كم يكون عدد‬ ‫ت ُذ ُنو ُب ُك ْم َعدَدَ الرَّ ْم ِل‪َ ،‬أ ْو َك َز َب ِد ْال َبحْ ِر))؛ َّ‬ ‫َرحْ َمتِي َو َم ْغف َِرتِي‪َ ،‬فلَ ْو َكا َن ْ‬
‫الفقاعات فيها؟ وكم عدد حبات الرمل؟ لو كانت الذنوب كذلك‪(( ،‬لَغَ َفرْ ُت َها‪َ ،‬أفِيضُوا عِ َبادِي َم ْغفُورً ا لَ ُك ْم َولِ َمنْ َش َفعْ ُت ْم لَهُ))‪ ،‬حتى من يدعو‬
‫((وَأمَّا‬ ‫من أهل عرفة هناك يدعون ألهليهم ولذويهم وأصحابهم وأصدقائهم‪ ،‬هم شفعاء لكم عند هللا على ذاك الموقف العظيم‪ ،‬سادسً ا‪َ :‬‬
‫ت))‪ ،‬بكل حصاة وهي تصل أكثر من سبعين حصاة‪،‬‬ ‫ت ْالمُو ِج َبا ِ‬ ‫ُوب َقا ِ‬ ‫اِئر ْالم ِ‬ ‫ير ٍة م َِن ْال َك َب ِ‬ ‫صا ٍة َر َم ْي َت َها َت ْكفِي ُر َك ِب َ‬ ‫ك ِب ُك ِّل َح َ‬ ‫ار‪َ ،‬فلَ َ‬ ‫ُك ْال ِج َم َ‬ ‫َر ْمي َ‬
‫ك))‪ ،‬كم األجر في النحر والذبيحة التي تذبحها هناك؟ الحديث لم يبين عد ًدا؛ لعظم األجر والثواب للذبائح والنسك؛‬ ‫((وَأمَّا َنحْ ُر َ‬ ‫سابعً ا‪ :‬قال‪َ :‬‬
‫ك‪َ ،‬ف ِب ُك ِّل َشعْ َر ٍة َحلَ ْق َت َها َح َس َن ٌة‪َ ،‬و ُيم َْحى‬ ‫ك َرأ َس َ‬ ‫((وَأمَّا ِحاَل قُ َ‬ ‫ِّك))‪ ،‬تجد ثوابه هناك‪ ،‬كم؟ ال ندري‪ ،‬ثام ًنا‪َ :‬‬ ‫ك عِ ْندَ َرب َ‬ ‫فقال‪ :‬أما نحرك (( َف َم ْد ُخو ٌر لَ َ‬
‫ت‬‫ك ِب َها َخطِ يَئ ٌة ))‪ ،‬الثقفي ما صبر‪ ،‬محو للسيئات والخطايا‪ ،‬ما صبر فسأل النبي صلى هللا عليه وسلم (( َقا َل‪َ :‬يا َرسُو َل هللاِ‪َ ،‬فِإنْ َكا َن ِ‬ ‫َع ْن َ‬
‫ك‬ ‫ً‬
‫ك؟)) ف َمن عنده ذنوب قدر الخطى‪ ،‬وقدر حصا الرجم‪ ،‬وقدر ال َّشعر‪ ،‬فإن كانت ذنوبه أقل من ذلك؟! (( َقا َل‪ِ :‬إذا ُتد ََّخ ُر َل َ‬ ‫َأ‬
‫الذ ُنوبُ َق َّل مِنْ َذلِ َ‬ ‫ُّ‬
‫ك))‪،‬‬ ‫ب لَ َ‬‫طوفُ َواَل َذ ْن َ‬ ‫ك َت ُ‬ ‫ت َبعْ َد َذلِ َ‬
‫ك‪َ ،‬فِإ َّن َ‬ ‫ك ِب ْال َب ْي ِ‬ ‫((وَأمَّا َط َوافُ َ‬ ‫الحسنات السيئاتِ‪ ،‬ما بقيت سيئة‪ُ ،‬تكتب لك حسنات‪ ،‬تاس ًعا‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ك))‪ ،‬تمحو‬ ‫َح َس َنا ُت َ‬
‫ض َع‬ ‫ك َح َّتى َي َ‬ ‫وأنت تذكر الحديث المذكور قبل قليل‪(( :‬كيوم ولدته أمُّه))‪ ،‬وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف وال ذنب لك‪َ (( ،‬يأتِي َملَ ٌ‬
‫ضى))؛ [رواه (طب) في (األحاديث‬ ‫ك َما َم َ‬ ‫ْك‪ُ ،‬ث َّم َيقُولُ‪ :‬اعْ َم ْل لِ َما َتسْ َت ْق ِبلُ))‪ ،‬أنت مولود جديد يا أيها الحاج‪َ (( ،‬ف َق ْد ُغف َِر َل َ‬ ‫َيدَ هُ َبي َْن َك ِت َفي َ‬
‫صحِيح ال َّترْ غِ يبِ‪])1112( ،)1106( :‬‬ ‫صحِيح ال َجامِع‪ ،)5596( ،)1868( ،)1360( :‬و َ‬ ‫ْ‬ ‫‪.‬الطوال)‪ ،‬حديث رقم‪ ،)61( :‬وانظر َ‬

‫هذا هو العمل الذي يقوم به اإلنسان بسيط‪ ،‬وسهل وميسور‪ ،‬لكن األجر عند هللا عظيم وكبير‪ ،‬وكذلك السيئات نسأل هللا السالمة‪ ،‬ال‬
‫سيئة وأنت تقوم بفعلها‪ ،‬ولكن انظر إلى من عصيت‪ ،‬صحيح هذه صغيرة‪ ،‬لكن من هو الذي عصيته يا عبدهللا؟ إنه الكبير‬ ‫ً‬ ‫تستصغر‬
‫تنس ذلك؛ لذلك ف تحت أمامنا أبواب الرحمة‪ ،‬وأبواب التوبة‪ ،‬وأبواب األوبة‪ ،‬وأبواب الرجوع إلى هللا عز وجل‪ ،‬في كل وقت‬ ‫ُ‬ ‫المتعال‪ ،‬ال َ‬
‫ِ‬
‫ون‬ ‫ُّ‬
‫َ َ‬ ‫ل‬‫ص‬‫ي‬‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ِئ‬ ‫اَل‬ ‫م‬ ‫و‬
‫َ َ َ‬ ‫هَّللا‬ ‫نَّ‬‫ِإ‬ ‫﴿‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫كتابه؛‬ ‫في‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫صلى‬ ‫الذي‬ ‫هللا‬ ‫رسول‬ ‫على‬ ‫نصلي‬ ‫أن‬ ‫وجل‬ ‫عز‬ ‫هللا‬ ‫فيه‬ ‫نذكر‬ ‫شيء‬ ‫وأحسن‬ ‫وحين‪،‬‬
‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َسلِّمُوا َتسْ لِيمًا ﴾ [األحزاب‪]56 :‬‬ ‫‪َ .‬علَى ال َّن ِبيِّ َيا َأ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنوا َ‬
‫‪.‬اللهم ص ِّل على محمد وعلى آله وصحبه‪ ،‬ومن اهتدى بهديه وسلم تسليمًا كثيرً ا يا رب العالمين‬

‫وارض ع َّنا يا رب العالمين معهم بم ِّنك‬


‫َ‬ ‫وعثمان وعليٍّ ‪ ،‬وسائر الصحابة أجمعين‪،‬‬
‫َ‬ ‫وعمر‬
‫َ‬ ‫بكر‬
‫ارض عن الخلفا ِء األربعة؛ أبي ٍ‬
‫َ‬ ‫اللهم‬
‫ِك‪ ،‬يا أكرم األكرمين‬‫‪.‬وكرم َ‬

‫‪.‬اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات‪ ،‬والمسلمين والمسلمات‪ ،‬األحياء منهم واألموات‪ ،‬إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين‬

‫اللهم ال َتدَ عْ لنا في مقامنا هذا ذنبًا إال غفرته‪ ،‬وال ه ًّما إال فرَّ جته‪ ،‬وال دَ ي ًنا إال قضي َته‪ ،‬وال مريضً ا إال شفي َته‪ ،‬وال مبتلًى إال عافيته‪ ،‬وال‬
‫‪.‬غائبًا إال رددته إلى أهله سالمًا غانمًا يا رب العالمين‬

‫صاَل َة َت ْن َهى َع ِن ْال َفحْ َشا ِء َو ْال ُم ْن َك ِر َولَ ِذ ْك ُر هَّللا ِ َأ ْك َب ُر َوهَّللا ُ َيعْ لَ ُم َما َتصْ َنع َ‬
‫ُون ﴾ [العنكبوت‪﴿ ]45 :‬‬ ‫‪َ .‬وَأق ِِم ال َّ‬
‫صاَل َة ِإنَّ ال َّ‬

‫‪: https://www.alukah.net/sharia/0/156237/%D8%AE‬رابط الموضوع‬


‫‪%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D9%84%D9%89-‬‬
‫‪%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A‬‬
‫‪%D9%87%D8%A7-%D8%AD%D8%B3%D9%86%D8%A7%D8%AA-‬‬
%D9%88%D8%AF%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D8%AA-
%D9%88%D9%85%D8%AD%D9%88-%D8%B3%D9%8A
%D8%A6%D8%A7%D8%AA/#ixzz89F8jSoLi

You might also like