You are on page 1of 180

‫املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج ‪ -‬الكويت‬

‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪ 1433‬هـ ‪ 2012 -‬م‬


‫فهرسة‬
‫مكتبة الكويت الوطنية أثناء النشر‬

‫‪ 379.11‬املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج‬


‫اقتصاديات التعليم‪ /‬املركز العربي للبحوث التربوية‪ -.‬ط‪ .1‬الكويت‪ :‬املركز‪2012 ،‬‬
‫‪ 180‬ص؛ ‪ 24‬سم‬
‫ردمك‪978-99966-705-2-7 :‬‬

‫‪ .2‬التخطيط التربوي ‪ -‬دول اخلليج‬ ‫‪ .1‬التعليم ‪ -‬جوانب اقتصادية ‪ -‬دول اخلليج العربية‬
‫العربية ‪ .3‬التعليم ‪ -‬استثمار أ‪ .‬العنوان‬

‫رقم اإليداع ‪2012/026‬‬


‫ردمك‪978-99966-705-2-7 :‬‬

‫© حقوق الطبع محفوظة للمركز العربي‬


‫للبحوث التربوية لدول اخلليج ‪ -‬الكويت‬
‫‪1433‬هـ ‪2012 /‬م‬
‫المحتويات‬

‫احملتويات‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫‪5‬‬ ‫تقدمي‬
‫‪7‬‬ ‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية في متويل التعليم وواقعه في الدول األعضاء‬

‫‪15‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬اقتصاديات التعليم‬


‫‪29‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬متويل التعليم في عدد من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬

‫‪45‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬متويل التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬
‫‪71‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬توفير موارد لتمويل التعليم‪ :‬دور السلطات احلكومية في متويل التعليم‬

‫‪83‬‬ ‫الفصل اخلامس‪ :‬معايير توزيع املوارد داخل األنظمة التعليمية‬


‫خامتة‬
‫‪99‬‬ ‫مراجع اجلزء األول ‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه‬
‫‪105‬‬ ‫في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬
‫‪107‬‬ ‫مقدمة‬

‫‪111‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬حتديد تكلفة حتقيق األهداف التربوية في ضوء الناجت احمللي اإلجمالي‬
‫‪121‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬ضوابط حتديد تكلفة التعليم ‬
‫‪131‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التوازن بني اإلنفاق عل التعليم العام والتعليم العالي‬

‫‪137‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬دور دالة اإلنتاج التربوي في اتخاذ قرارات توزيع املوراد‬

‫‪151‬‬ ‫الفصل اخلامس‪ :‬دور دراسات اجلدوى في املشاريع والبدائل التربوية‬

‫‪155‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬ترشيد اإلنفاق على التعليم وتنويع مصادر متويله‬
‫‪165‬‬ ‫الفصل السابع‪ :‬أدوار القطاع اخلاص في متويل التعليم واإلنفاق عليه‬

‫‪171‬‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬اجلودة التربوية وحساب تكلفة التعليم‬

‫‪175‬‬ ‫هوامش ومراجع اجلزء الثاني‬

‫‪3‬‬
‫املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج ‪ -‬الكويت‬

‫‪4‬‬
‫تقديم‬

‫تقديــم‬
‫يستهدف برنامج «اقتصاديات التعليم» بناء معايير وآليات تعني على التوظيف األمثل‬
‫ملوارد التعليم وتقليل الهدر املالي والبشري في املشروعات التربوية‪ ،‬ووضع األسس‬
‫واملعايير التعليمية االقتصادية التي حتقق مصلحة متبادلة بني القطاعني التعليمي‬
‫والتجاري‪ ،‬وزيادة الوعي لدى املؤسسات التربوية بأساليب االستثمار األمثل للتعليم‪.‬‬
‫ولتحقيق أه��داف هذا البرنامج‪ ،‬وهو من برامج مشروع تطوير التعليم في الدول‬
‫األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ ،‬تعاون املركز العربي للبحوث التربوية‬
‫لدول اخلليج مع بيت خبرة عاملي‪ ،‬وهو املعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو‬
‫بباريس‪ ،‬إلع��داد اجلزء األول من هذه الوثيقة‪« :‬االجتاهات العاملية في متويل التعليم‪،‬‬
‫وواقعه في ال��دول األع�ض��اء»‪ ،‬حيث يتناول الفصل األول مفهوم اقتصاديات التعليم‪،‬‬
‫واملفاهيم املعاصرة التي أثرت على آليات متويل التعليم واإلنفاق عليه‪ ،‬ويعرض الفصل‬
‫الثاني آليات متويل التعليم في بعض دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬في حني‬
‫يعرض الفصل الثالث تلك اآلليات في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪،‬‬
‫من واقع دراسات احلالة التي قامت بها بعض هذه الدول‪ ،‬ويوضح الفصل الرابع دور‬
‫السلطات احلكومية في متويل التعليم في الدول األعضاء‪ ،‬مقارنة بدور نظيرتها في دول‬
‫منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬ويحدد الفصل اخلامس معايير توزيع املوارد داخل‬
‫األنظمة التعليمية‪.‬‬
‫وقد شارك خبراء املعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو في ورشة عمل‬
‫عقدها املركز في بداية تنفيذ نشاطات البرنامج‪ ،‬في دولة الكويت في الفترة من ‪ 15‬إلى‬
‫‪ 17‬ربيع اآلخر ‪ 1427‬هـ املوافق من ‪ 13‬إلى ‪ 15‬مايو ‪ 2006‬م‪ ،‬حضرها خبراء من الدول‬
‫األعضاء في مجال اقتصاديات التعليم والتخطيط التربوي‪ ،‬ومت فيها وضع اخلطوط‬
‫العامة لدراسات احلالة على مستوى كل دولة من الدول األعضاء‪ ،‬لتوفير قاعدة بيانات‬
‫من واقع هذه الدول األعضاء حول آليات متويل التعليم‪ ،‬وبنود اإلنفاق‪.‬‬
‫كما شارك خبراء املعهد الدولي في املشغل التربوي الذي عقده املركز العربي للبحوث‬
‫التربوية في مملكة البحرين في الفترة من ‪ 6‬إلى ‪ 8‬ربيع األول ‪ 1430‬هـ املوافق من ‪ 3‬إلى‬

‫‪5‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪ 5‬مارس ‪ 2009‬م‪ ،‬وحضره مسئولو الدول األعضاء ملناقشة نتائج الدراسة‪ ،‬ووضع‬
‫املالمح العامة لإلطار املرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه‪ .‬وقد تعاون‬
‫املركز مع أحد خبراء التخطيط التربوي واقتصادياته وإدارته في الوطن العربي‪ ،‬لوضع‬
‫تفاصيل هذا اإلطار املرجعي‪ ،‬والذي يعرضه اجلزء الثاني من هذه الوثيقة‪ ،‬وذلك في ثمانية‬
‫فصول‪ :‬يبدأ الفصل األول بعرض منطلقات اإلط��ار املرجعي‪ ،‬ويرى أن البداية العملية‬
‫لترشيد اإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه‪ ،‬تتمثل في حتديد التكلفة املطلوبة‬
‫لتحقيق األهداف التربوية‪ ،‬ثم حتديد نسبتها إلى الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬ويوضح الفصل‬
‫الثاني ضوابط حتديد كلفة التعليم في مراحله املختلفة‪ ،‬ويبني الفصل الثالث كيفية حتقيق‬
‫التوازن بني اإلنفاق على مراحل التعليم العام في مقابل التعليم العالي‪ ،‬ويشرح الفصل‬
‫الرابع كيفية تعظيم دوال اإلنتاج التربوي في صناعة القرارات املتعلقة بتوزيع املوارد‬
‫التربوية‪ ،‬في حني يبني الفصل اخلامس كيفية تعظيم دراسات اجلدوى في املشروعات‬
‫التربوية‪ ،‬ويق ّدم الفصل السادس إجراءات ترشيد اإلنفاق على التعليم وتنويع مصادره‪،‬‬
‫ويوضح الفصل السابع أدوار القطاع اخلاص في متويل التعليم واإلنفاق عليه‪ ،‬وأخيرا ً‬
‫ينبّه الفصل الثامن إلى ض��رورة أن تكون ج��ودة التعليم هي ب��ؤرة االهتمام منذ بداية‬
‫التخطيط لتحديد تكلفة التعليم‪ ،‬والتفكير في توفير م��وارده‪ ،‬حتى عملية تقومي الكفاءة‬
‫الداخلية واخلارجية للعملية التعليمية‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬يأمل املركز العربي للبحوث التربوية أن يجد املسئولون عن التخطيط التربوي‬
‫والتعليمي‪ ،‬وعن توزيع امليزانيات املخصصة للتعليم‪ ،‬واملهتمني بتحسني جودته من‬
‫القطاعني احلكومي واخلاص‪ ،‬في هذا العمل ما يعينهم على إجناز هذه املهام‪ ،‬مبا يحقق‬
‫ألبنائنا أفضل تعليم‪ ،‬وال يرهق كاهل ميزانيات دولنا‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪،‬‬

‫مدير املركز‬ ‫ ‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬مرزوق يوسف الغنيم‬ ‫ ‬

‫‪6‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫اجلزء األول‬
‫االجتاهات العاملية في متويل التعليم وواقعه‬
‫في الدول األعضاء‬

‫‪7‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪8‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫مقدمــة‪:‬‬
‫يعد متويل التعليم شاغال أساسيا لصناع السياسة على املستوى الوطني واحمللي‬
‫في العديد من البلدان‪ .‬فلكي يضمن صناع السياسة اتساق أهداف السياسة التعليمية‬
‫مع االحتياجات واملوارد املتاحة‪ ،‬يجب عليهم حتديد التمويل املطلوب واملوازنة بينه وبني‬
‫امل��وارد املتاحة‪ .‬ويلجأ صناع السياسة في هذا اإلطار إلى املقارنة الدولية لتقييم حجم‬
‫االستثمار املناسب في التعليم والتعرف على االستخدام األمثل للموارد املخصصة لقطاع‬
‫التعليم‪.‬‬
‫وتعتمد آليات متويل التعليم في كل دول��ة على ظروفها اخلاصة؛ حيث يرتبط ذلك‬
‫مبستوى التنمية االقتصادية‪ ،‬والسياسة املالية املتبعة‪ ،‬ومدى أهمية الدور املعطى للتعليم‬
‫في عمليات التنمية‪ .‬ولقد خصصت الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬
‫استثمارات كبيرة للتعليم خالل العقود القليلة املاضية‪ ،‬مستفيدة من العوائد احلكومية‬
‫املتزايدة نتيجة صناعة النفط‪ ،‬فوفرت املزيد من الفرص التعليمية لغالبية املواطنني‪.‬‬
‫واليوم‪ ،‬تسعى حكومات هذه الدول الستكشاف إمكانية تنويع مصادر التمويل‪ ،‬خاصة‬
‫متويل التعليم ما بعد الثانوي‪ ،‬وأيضا إيجاد ط��رق لتحسني كفاءة استخدام املوارد‬
‫املخصصة للتعليم‪.‬‬
‫لقد أصبحت العالقة بني السياسة املتبعة في متويل التعليم واملمارسات التي تسير‬
‫وفق برمجة محددة مهمة للغاية بالنسبة لصناع السياسة في ال��دول األعضاء مبكتب‬
‫التربية العربي لدول اخلليج‪ .‬فقد انتبه املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج(‪ )1‬إلى‬
‫أهمية إجراء حتليل اقتصادي قبل إدخال العديد من البرامج اجلديدة في مناهج التعليم‬
‫بالدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ .‬وكان السؤال الذي يشغل املركز‬
‫هو‪ :‬كيف نتأكد من أن القائمني على التخطيط التعليمي‪ ،‬وتطوير املناهج‪ ،‬وإدارة التعليم‬
‫في الدول األعضاء لديهم املعرفة الكافية باملفاهيم االقتصادية ومدى تأثيرها على صناعة‬
‫القرار في مجال التعليم؟‬

‫(‪ )1‬تشمل ال��دول األعضاء‪ :‬دول��ة اإلم��ارات العربية املتحدة‪ ،‬ومملكة البحرين‪ ،‬واجلمهورية اليمنية‪ ،‬ودولة‬
‫الكويت‪ ،‬واململكة العربية السعودية‪ ،‬وسلطنة عمان‪ ،‬ودولة قطر‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫لذلك أطلق املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج املشروع البحثي احلالي والذي‬
‫يتضمن إعداد دراسة تخاطب بالدرجة األولى القائمني على التخطيط التعليمي وتطوير‬
‫املناهج وغيرهم من صناع السياسة التعليمية في منطقة اخلليج‪ .‬وتتناول هذه الدراسة‬
‫جملة من القضايا املرتبطة باقتصاديات التعليم‪ ،‬وخاصة تكلفة التعليم وسياسة التمويل‬
‫على املستوى ال��دول��ي‪ ،‬وعلى مستوى ال��دول األع�ض��اء مبكتب التربية العربي لدول‬
‫اخلليج‪.‬‬
‫يقدم الفصالن األول والثاني من هذا اجلزء مراجعة لالجتاهات الدولية في متويل‬
‫التعليم‪ ،‬ثم يركز بعد ذلك على دراس��ات حالة خاصة بأربع من الدول األعضاء مبكتب‬
‫التربية العربي لدول اخلليج‪ .‬إنه يتطرق إلى املصادر املتنوعة لتمويل التعليم‪ ،‬وحتليل‬
‫حجم ميزانية التعليم بالنظر إلى حجم امليزانيات احلكومية في عدد من الدول املتقدمة‬
‫وفي عدد من ال��دول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ .‬أما الفصول التالية‬
‫من اجلزء األول فتعرض دراسات حالة عن أربع دول من الدول األعضاء مبكتب التربية‬
‫العربي لدول اخلليج‪ ،‬مقدمة حتليال أكثر عمقا للتطوير التعليمي في هذه الدول واجتاهات‬
‫متويل التعليم فيها‪.‬‬
‫وتستخدم الدراسة املنهج الوصفي‪ ،‬وتعتمد على التقارير احلكومية الرسمية وغيرها‬
‫من الوثائق املنشورة (كالكتب واملقاالت الصحفية حول املوضوع) كمصادر أساسية‬
‫للمعلومات‪ .‬وسينصب التركيز بصورة أكبر على التعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬مع التطرق‬
‫ملستويات التعليم األخرى متى أمكن ذلك‪.‬‬
‫وأول خطوة في هذه الدراسة‪ ،‬والتي سيتم إجنازها في الفصل األول من اجلزء األول‪،‬‬
‫هي مراجعة املفاهيم اخلاصة باقتصاديات التعليم‪ ،‬ومصادر متويل التعليم‪ ،‬وتوزيع هذه‬
‫املوارد على قطاع التعليم‪ .‬وسوف يلي هذه املراجعة ملفاهيم اقتصاديات التعليم فصل‬
‫حول متويل التعليم في عدد من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية (‪.)OECD‬‬
‫فبعد تقدمي وصف مختصر حلالة تطوير التعليم في تلك ال��دول‪ ،‬سيركز التحليل على‬
‫اجتاهات متويل التعليم مع التركيز بصورة خاصة على متويل التعليم ما قبل اجلامعي‪.‬‬
‫أما الفصل الثالث فيتناول موضوع متويل التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية‬

‫‪10‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫العربي لدول اخلليج وفي البلدان العربية األخرى‪ .‬ويبدأ الفصل مبراجعة لتطور التعليم‬
‫في العالم العربي‪ ،‬مع التركيز بصورة خاصة على أربع من الدول األعضاء مبكتب التربية‬
‫العربي ل��دول اخلليج وه��ي‪ :‬الكويت‪ ،‬واململكة العربية السعودية‪ ،‬واإلم ��ارات العربية‬
‫املتحدة‪ ،‬واليمن‪ .‬ويتناول اجلزء الثاني من هذا الفصل اجتاهات متويل التعليم في بعض‬
‫ال��دول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ ،‬مع التركيز بصورة خاصة على‬
‫توزيع ميزانية التعليم العام في أربع من هذه الدول‪ .‬ويعقد هذا اجلزء مقارنة بني الدول‬
‫األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج ودول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫فيما يتعلق باحلصة املخصصة للتعليم من الناجت احمللي اإلجمالي ومن امليزانية العامة‪.‬‬
‫كما يقارن هذا اجل��زء أيضا بني هذه ال��دول في نسب الطلبة للمعلمني في إط��ار دراسة‬
‫الكلفة‪-‬الفاعلية لتشغيل املعلمني في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪.‬‬
‫ويتناول الفصل الرابع حتليل اخليارات والبدائل املختلفة املتاحة أمام الدول إليجاد‬
‫م��وارد جديدة للتعليم‪ .‬فبعد مراجعة لألفكار االقتصادية التي تؤكد على أهمية دور‬
‫احلكومات املركزية في هذا الشأن‪ ،‬يعرض الفصل حتليال ملجموعة من التوصيات التي‬
‫ميكن أن تستفيد منها الدول التي تعاني من شح في املوارد املالية إليجاد مصادر بديلة‬
‫لتمويل التعليم‪ .‬أما الفصل اخلامس فيقدم حتليال للمعايير التي حتكم سبل توزيع املوارد‬
‫داخل قطاع التعليم‪ .‬ويتم في هذا الفصل تناول موضوع املساواة والكفاءة في استخدام‬
‫املوارد‪ .‬وأخيرا‪ ،‬يتم عرض خالصة عامة حول املوضوعات الواردة في هذا اجلزء األول‬
‫من الدراسة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‬
‫اقتصاديات التعليم‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪14‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل األول‪ :‬اقتصاديات التعليم‬


‫أوال‪ :‬مفاهيم اقتصاديات التعليم‪:‬‬
‫لقد أصبحت اقتصاديات التعليم كفرع من النظرية االقتصادية جزءا من اخلطابات‬
‫األساسية في مجال العلوم االجتماعية في أواخر الستينيات من القرن العشرين(‪ .)2‬ولقد‬
‫استخدمت األبحاث في اقتصاديات التعليم عددا من املفاهيم التي ظهرت في تلك الفترة‪.‬‬
‫وقد أثرت هذه املفاهيم وال تزال تؤثر على خيارات احلكومات وصناع السياسة في مجال‬
‫متويل التعليم‪ .‬وفي هذا الفصل سنلقي الضوء على بعض هذه املفاهيم اخلاصة بالفكر‬
‫االقتصادي والتي أثرت على طرق متويل التعليم في الوقت احلالي‪.‬‬

‫‪ -1‬العامل الباقي في النمو االقتصادي ورأس املال البشري‪:‬‬


‫لقد ركزت النماذج االقتصادية التي تطورت في فترة الستينيات من القرن العشرين‬
‫على حتليل النمو االقتصادي وعلى العوامل التي حتدد ذلك النمو‪ .‬وك��ان يتم تفسير‬
‫النمو االقتصادي في ضوء عوامل اإلنتاج التقليدية وهي‪ :‬األرض والعمل ورأس املال‪.‬‬
‫وقد بذلت محاوالت‪ ،‬باستخدام تلك النماذج‪ ،‬ملقارنة البيانات اإلمبيريقية اخلاصة بنمو‬
‫الدخل القومي بالبيانات اخلاصة بهذه العوامل التقليدية‪ .‬ولكن هذه املقارنات كشفت عن‬
‫أن هناك نسبة كبيرة من النمو في الدخل القومي ال ترجع إلى الزيادة في عوامل األرض‬
‫والعمل ورأس املال‪ ،‬وإمنا ترجع إلى عامل آخر لم تستطع تلك النماذج تفسيره أطلق عليه‬
‫العامل الباقي في النمو االقتصادي‪.‬‬
‫وقد حاول كل من دينيسون ( ‪ )Denison, 1962‬وجيلوتشيز (‪)Guilloches, 1963‬‬
‫وغيرهما تفسير العامل الباقي في النمو االقتصادي‪ ،‬وقيل بأنه يتمثل في تأثير «التقدم‬
‫التكنولوجي»(‪ ،)3‬الذي يحدث في األساس نتيجة التحسن الذي يطرأ على نوعية العمل‪.‬‬

‫‪(2) See Maureen Woodhall (1987) “Economics of Education: a review” in “Economics of‬‬
‫‪education research and studies” edited by G. Psacharopoulos.‬‬
‫‪ See also Denison, E. F. (1962) “The Sources of Economic Growth in the US and the‬‬
‫‪Alternatives before Us”, Committee for Economic Development, New York.‬‬
‫‪(3) Ibid. page 2.‬‬

‫‪15‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫بعبارة أخرى‪ ،‬ترجع الفروق في اإلنتاجية إلى الفروق في مستوى تعليم األيدي العاملة‪.‬‬
‫وقد مثلت األدلة اإلمبيريقية التي أظهرتها هذه األبحاث أساس فكرة التوسع في التعليم‬
‫من أجل زيادة اإلنتاجية ومنو ثروات الدول‪.‬‬

‫‪ -2‬نظرية رأس املال البشري‪:‬‬


‫نتيجة لظهور ه��ذه النماذج اجل��دي��دة ف��ي حتليل النمو االق�ت�ص��ادي‪ ،‬وال�ت��ي حتاول‬
‫تفسير السبب في منو االقتصاد األمريكي مبعدل أكبر من معدل النمو في عوامل اإلنتاج‬
‫التقليدية وهي األرض والعمل ورأس املال‪ ،‬وضعت أعمال تشولتز ‪ Schultz‬دراسات‬
‫حول «االستثمار في رأس املال البشري»(‪ )4‬وغيرها من الدراسات اإلمبيريقية في بداية‬
‫الستينيات األساس لتطوير مفهوم رأس املال البشري ‪ .human capital‬وقد مت تعريف‬
‫رأس املال البشري وقتها بأنه العامل املجهول الذي يسهم في إحداث النمو االقتصادي‬
‫والذي يتكون أساسا من التعليم والتدريب(‪ .)5‬وتفترض نظرية رأس املال البشري بأن‬
‫اإلنفاق على التعليم يعد مبثابة استثمار في رأس املال البشري‪ .‬وهذا االستثمار يؤدي‬
‫بدوره إلى زيادة دخل األفراد وزيادة الدخل القومي‪ .‬وقد أبرزت الفروق التي أظهرتها‬
‫الدراسات اإلمبيريقية التي أجريت في فترة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين‬
‫أهمية التعليم في زيادة الدخول‪ .‬ولذلك فقد استخدم رجال االقتصاد نظرية رأس املال‬
‫البشري في دعم فكرة زيادة االستثمار في التعليم كوسيلة لزيادة رأس املال البشري‬
‫وهو عامل مهم في زيادة النمو وفي حتقيق املساواة في توزيع الثروة‪.‬‬
‫وهكذا فقد اتضح بأن زيادة مستوى اإلنتاج نتيجة االرتقاء برأس املال البشري يعود‬
‫بالفائدة على كل من األف��راد واملجتمع‪ .‬فقد أشار تشولتز إلى أن «الفوائد اخلاصة التي‬
‫يجنيها الفرد من رأس املال البشري حتفز األف��راد والعائالت على االستثمار في رأس‬
‫مالهم البشري‪ .‬كما أن الفوائد االجتماعية حتفز املجتمعات على االستثمار في رأس املال‬
‫البشري»(‪ .)6‬وبشكل عام‪ ،‬يتم تكوين رأس املال البشري من خالل االستثمار في تعليم‬

‫‪(4) Schultz (1962 and 1963).‬‬


‫‪(5) See Psacharopoulous.‬‬
‫‪(6) Theodore W. Schultz (1993), “The economic importance of human capital in modernization”,‬‬
‫‪in Education Economics, Vol.1, No.1,pp.1319-.‬‬

‫‪16‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫البشر‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬وبالنظر إلى الدور الذي يؤديه التعليم في حتسني إنتاجية العمل‬
‫ومن ثم زيادة الدخل القومي‪ ،‬فقد شجع علماء االقتصاد احلكومات على استخدام املوارد‬
‫العامة في متويل التعليم‪.‬‬

‫‪ - 3‬العائد من االستثمار في التعليم‪:‬‬


‫لقد أجريت العديد من الدراسات في العقدين املاضيني حول مفهوم «معدل العائد من‬
‫التعليم» ‪ rates of return to education‬الذي اشتق من األعمال املبكرة جلاكوب مينسر‬
‫)‪ )Jacob Mincer, 1958‬وتشولتز )‪ )Schultz, 1961 and 1962‬وبلوج (‪Blaug, 1965‬‬
‫‪ .)P. 45‬فقد ركز ساكاروبولوس (‪)Psacharopoulos 1973, 1981, 1985, and 1994‬‬
‫أبحاثه ح��ول ه��ذا املوضوع محلال املضامني اخلاصة باستخدام ه��ذا املفهوم بالنسبة‬
‫لتمويل التعليم‪ .‬وقد أظهرت دراسات معدل العائد أن العائد من االستثمار في التعليم أعلى‬
‫وأكثر إيجابية من االستثمار في القطاعات األخرى‪ .‬ومن بني اإلسهامات األساسية في‬
‫حتليل معدل العائد من التعليم وأثره على متويل التعليم تقرير البنك الدولي لعام ‪1995‬‬
‫والذي جاء فيه‪:‬‬
‫إن التعليم يعد استثمارا إنتاجيا له عائد اقتصادي‪ ...‬وتؤدي أنظمة التمويل احلالية‬
‫إلى سوء تقدير حصة التعليم من اإلنفاق العام‪ ...‬وتوجد أدلة في الكثير من الدول على أن‬
‫العائد من االستثمار في التعليم االبتدائي يساوي ضعف العائد من االستثمار في التعليم‬
‫العالي‪ .‬ومع ذلك فحكومات هذه الدول تدعم التعليم العالي على حساب التعليم االبتدائي‪.‬‬
‫ويشير تقرير البنك الدولي أيضا إلى أن معدل العائد من االستثمار في التعليم األساسي‬
‫(االبتدائي والثانوي) في البلدان ضعيفة ومتوسطة الدخل أعلى من معدل العائد من‬
‫االستثمار في التعليم العالي‪ .‬ومن ثم ينبغي وضع التعليم األساسي على قمة أولويات‬
‫اإلنفاق العام في تلك البلدان التي لم حتقق حتى اآلن درجة االستيعاب الكامل في التعليم‬
‫األساسي‪)World Bank, 1995, p. 56( .‬‬
‫وعلى أساس حتليل معدل العائد‪ ،‬ذكرت الدراسات أن العائد االجتماعي من االستثمار‬
‫في التعليم يكون أكبر في املستويات األولى من التعليم مقارنة بالعوائد اخلاصة‪ ،‬بينما‬
‫العوائد اخلاصة من االستثمار في التعليم تكون أكبر في املستويات العليا من التعليم‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫ومن ثم يوصى بأن يركز اإلنفاق العام بصورة أكبر على املستويات األولى من التعليم‬
‫بينما يشجع التمويل اخلاص في التعليم ما بعد الثانوي‪ .‬وتشكل هذه األفكار األساس‬
‫الذي بنيت عليه خطط تقدمي القروض للطلبة والتي تضع قواعد إلعطاء هذه القروض‬
‫لطلبة التعليم العالي في مقابل تسديد الطلبة لهذه القروض بعد تخرجهم‪.‬‬
‫إن االستثمار في التعليم يعد استثمارا طويل املدى‪ .‬وباإلشارة إلى مفهوم العائد من‬
‫التعليم‪ ،‬ميكن التأكيد على أن كال من الفرد واملجتمع يستفيد من هذا العائد‪ .‬بعبارة أخرى‪،‬‬
‫هناك نوعان من العائد من االستثمار في التعليم‪ :‬عائد خاص وعائد اجتماعي‪ .‬وكما أشرنا‬
‫من قبل‪ ،‬فإن معدل العائد اخلاص من االستثمار في التعليم يكون كبيرا في كل مراحل‬
‫التعليم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن معدل العائد االجتماعي من االستثمار في املستويات األولى من‬
‫التعليم أقل من معدل العائد من االستثمار في املستويات العليا منه‪ .‬ويتضح ذلك من خالل‬
‫نتائج دراسة ساكاروبولوس وباترينوس (‪)Psacharopoulos and Hpatrinos, 2002‬‬
‫واملوضحة في اجلدول التالي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)1‬‬
‫متوسط العائد اخلاص واالجتماعي من االستثمار في التعليم حسب املنطقة‬
‫واملرحلة التعليمية (بالنسبة املئوية)‬
‫العائد اخلاص‬ ‫العائد االجتماعي‬
‫املرحلة املرحلة التعليم املرحلة املرحلة التعليم‬ ‫املنطقة‬
‫االبتدائية الثانوية العالي االبتدائية الثانوية العالي‬
‫‪18.2‬‬ ‫‪15.8‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪11.1‬‬ ‫‪16.2‬‬ ‫آسيا٭‬
‫‪18.8‬‬ ‫‪13.6‬‬ ‫‪13.8‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫‪15.6‬‬ ‫أوروبا والشرق األوسط وشمال أفريقيا‬
‫‪19.5‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪26.6‬‬ ‫‪12.3‬‬ ‫‪12.9‬‬ ‫‪17.4‬‬ ‫أمريكا الالتينية والكاريبي‬
‫دول منظمة التعاون والتنمية‬
‫‪11.6‬‬ ‫‪11.3‬‬ ‫‪13.4‬‬ ‫‪8.5‬‬ ‫‪9.4‬‬ ‫‪8.5‬‬
‫االقتصادية ‪OECD‬‬
‫‪27.8‬‬ ‫‪24.6‬‬ ‫‪37.6‬‬ ‫‪11.3‬‬ ‫‪18.4‬‬ ‫‪25.4‬‬ ‫دول جنوب الصحراء األفريقية‬
‫‪19‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪26.6‬‬ ‫‪10.8‬‬ ‫‪13.1‬‬ ‫‪18.9‬‬ ‫العالم‬
‫٭ من غير دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫املصدر‪)Psacharopoulos and Hpatrinos, 2002 ( :‬‬

‫‪18‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫وكما يتضح م��ن اجل��دول السابق‪ ،‬ف��إن م�ع��دالت العائد االجتماعي واخل��اص من‬
‫االستثمار في التعليم تختلف باختالف مناطق العالم اعتمادا على مستوى تقدمها‪.‬‬
‫فمعدالت العائد االجتماعي وأي�ض��ا اخل��اص ف��ي املناطق املتقدمة م��ن العالم تعد أقل‬
‫من مثيالتها في املناطق النامية‪ .‬فمعدالت العائد في دول منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬على سبيل امل�ث��ال‪ ،‬أق��ل من معدالت العائد في منطقة جنوب الصحراء‬
‫اإلفريقية وذلك بالنسبة لكل مستويات التعليم‪ .‬كما تظهر معدالت العائد أيضا تأثيرات‬
‫إعادة توزيع اإلنفاق العام على التعليم‪ .‬ففي بعض البلدان النامية جند أن التوسع في‬
‫التعليم االبتدائي ال ميثل فقط استثمارا مفيدا بل يزيد أيضا من املساواة وتكافؤ الفرص‬
‫وذلك ألن التعليم االبتدائي يؤدي بصورة عامة إلى إعادة توزيع املوارد لصالح الفقراء‬
‫(‪.)Psacharopoulos and Woodhall, 1985, P.245‬‬
‫‪ - 4‬حتليل سوق العمل ومدخل القوى العاملة‪:‬‬
‫كثيرا ما استخدم التحليل االقتصادي لتحليل بنية وتطور سوق العمل مما كان له‬
‫أثر كبير على متويل التعليم‪ .‬فالفكر االقتصادي املتجسد في دراسات سوق العمل دفع‬
‫إلى العمل على إيجاد مؤشرات بالتوقعات املستقبلية الحتياجات الشركات في سوق‬
‫العمل إلى األي��دي العاملة ومن ثم وضع استراتيجيات للتعليم من شأنها أن تلبي تلك‬
‫االحتياجات‪ .‬ويطلق على هذا األسلوب «مدخل تخطيط القوى العاملة»‪ ،‬وهو املدخل الذي‬
‫يستخدم لتنظيم برامج التعليم والتدريب بهدف تلبية احتياجات العمل املستقبلية‪ ،‬ومن‬
‫ثم توجيه عمليات متويل التعليم والتدريب‪.‬‬
‫‪ - 5‬ضرورة القيام بتحليل اقتصادي عند اتخاذ قرارات تعليمية‪:‬‬
‫تفيد اقتصاديات التعليم في تقييم خطط االستثمار في التعليم في العديد من البلدان‪.‬‬
‫وميكن االختيار من بني العديد من املداخل اخلاصة بتقدمي خدمات التعليم حيث ميكن‬

‫‪19‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫حتليل مختلف برامج التطوير التعليمي واملقارنة بينها على أساس فعاليتها االقتصادية‪.‬‬
‫بالفعل‪ ،‬فهذا املدخل اخلاص باقتصاديات التعليم يقدم أداة مفيدة لالختيار بني املداخل‬
‫املختلفة لتطوير التعليم‪ .‬ويطبق التحليل االقتصادي على قطاع التعليم بنفس الطريقة‬
‫التي يطبق من خاللها على املجاالت األخ��رى للحياة االجتماعية والتي يتم فيها إنتاج‬
‫وتوزيع السلع واخل��دم��ات س��واء كانت عامة أو خاصة‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬يستخدم‬
‫التحليل االقتصادي للتعليم للمقارنة بني الكلفة والفاعلية واالختيار من بني املدخالت‬
‫املختلفة مثل تدريب املعلمني‪ ،‬والكتب املدرسية‪ ،‬ومختلف أنواع حجرات الدراسة‪ ...‬الخ‪،‬‬
‫عندما تكون املوارد محدودة‪ ،‬مثلما هو احلال مع إنتاج أية سلعة أو خدمة‪.‬‬
‫كما ميكن أن تفيد اقتصاديات التعليم أيضا في فهم بعض القضايا اخلاصة بعمل‬
‫النظام التعليمي‪ .‬ففي الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬كثيرا ما يدور النقاش‬
‫بني صناع السياسة على مستوى الواليات حول ما إذا كان املعلمون يتقاضون أجورا‬
‫مرتفعة أم منخفضة مقارنة بغيرهم في الواليات األخ��رى‪ .‬وقد حاولت دراسة حديثة‬
‫قام بها ستودارد (‪ )Stoddard, 2005‬توضيح الطرق املختلفة ملقارنة أجور املعلمني‪،‬‬
‫موضحا كيف أن مثل هذه املقارنات تكون مفيدة بالنسبة لصناع السياسة التعليمية‪.‬‬
‫وباستخدام بيانات حول أجور املعلمني عبر البلدان املختلفة‪ ،‬قام املؤلف بتطبيق طريقتني‬
‫مختلفتني ملقارنتها‪ .‬الطريقة األولى تقارن أجور املعلمني عندما يتم حتديدها بالنظر إلى‬
‫تكاليف املعيشة‪ ،‬بينما تقارنها الطريقة الثانية عندما يتم حتديدها بالنظر إلى مميزات‬
‫وفرص مجال العمل‪ .‬وانتهى املؤلف إلى أنه عندما يتم حتديد األجور بالنظر إلى مميزات‬
‫وفرص مجال العمل‪ ،‬تتوصل املقارنة إلى نتائج أكثر دقة عما هو احلال بالنسبة للطريقة‬
‫األخ��رى التي تقارن بني األج��ور في حالة حتديدها بالنظر إلى تكاليف املعيشة‪ .‬ولذلك‬
‫فهذه النتيجة توفر لصناع السياسة األساس الالزم الختيار الطريقة املناسبة عند مقارنة‬
‫أجور املعلمني‪.‬‬
‫مثال آخر على مدى فائدة اقتصاديات التعليم في اتخاذ القرارات اخلاصة بتمويل‬
‫التعليم جنده في أعمال ه��واجن (‪ )Hwang, 2005‬ال��ذي استخدم التحليل االقتصادي‬
‫للتعرف على ما إذا كان توزيع الثروة يؤثر في شكل اإلنفاق احلكومي على التعليم‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫وباستخدام بيانات عبر القطاعات املختلفة من عدد من البلدان‪ ،‬أظهر املؤلف أن التفاوت‬
‫في توزيع الثروة في بلد من البلدان يرتبط إيجابيا بنسبة اإلنفاق على التعليم اجلامعي‬
‫مقارنة باإلنفاق على التعليم احلكومي‪ ،‬حتى بعد التحكم في بعض املتغيرات التي تؤثر‬
‫في هذه العالقة‪ .‬وميكن استخدام نتائج هذه الدراسة لدعم اإلج��راءات التي تهدف إلى‬
‫تقليل التأثيرات السلبية للتفاوت في توزيع الثروة على العدالة في التعليم‪ .‬وباملثل‪ ،‬فقد‬
‫أظهر سانت بول وفيرديار (‪ ،)Saint-Paul and Verdier, 1992‬باستخدام التحليل‬
‫االقتصادي‪ ،‬أن مناذج التنمية التي يتم فيها توفير الدعم احلكومي املتواصل للتعليم العام‬
‫تقلل من مستوى التفاوت في الدخول مبرور الزمن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬طبيعة التكاليف التعليمية‪:‬‬


‫يدرك اجلميع إسهام التعليم بصورة عامة في التنمية االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬
‫كما يدرك اجلميع أيضا أن متويل التعليم يشكل شاغال أساسيا من شواغل صناع‬
‫السياسة على املستويات الوطنية واحمللية وأيضا على مستوى العائالت‪ .‬فعلى مستوى‬
‫احلكومات املركزية واحمللية‪ ،‬من األهمية مبكان أن يتم التعرف على اإلنفاق املطلوب‬
‫للمستويات املختلفة من التعليم حتى ميكن اتخاذ قرارات بخصوص توزيع حصص‬
‫املوارد املتاحة‪ ،‬خاصة وأن هناك خدمات عامة أخرى تنافس التعليم على االستئثار‬
‫بهذه املوارد‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن تعرف احلكومات بشكل كامل على البنود املختلفة‬
‫للتكلفة وفهم النسبة التي ميثلها اإلنفاق الكلي على التعليم من الثروة الوطنية ومن‬
‫إجمالي اإلنفاق العام‪ ،‬هذه املعرفة تسمح للحكومات بعقد مقارنات بني دولها والدول‬
‫األخرى‪ .‬فمثل هذه املقارنات تساعد على تقييم مدى كفاية املوارد املخصصة للتعليم‬
‫وعما إذا كانت هذه امل��وارد يتم استخدامها بفعالية‪ .‬وبرغم ذلك‪ ،‬فإن عقد املقارنات‬
‫الدولية ال يخلو دوم��ا من الصعوبات‪ .‬فالبلدان تختلف فيما بينها من حيث أنظمة‬
‫التعليم‪ ،‬وأساليب التمويل‪ ،‬كما توجد أيضا اختالفات في أنواع ومستويات التعليم‬
‫التي يتم تقدير نفقاتها‪.‬‬
‫ومن بني املجاالت التي يتم فيها استخدام معلومات حول النفقات التعليمية‪ ،‬تكاليف‬

‫‪21‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫التعليم التي تتحملها العائالت‪ .‬فالعائالت بصورة عامة هي التي تستفيد من خدمات‬
‫التعليم‪ ،‬ومن ثم فإن متويل التعليم يعد من الشواغل الرئيسية لها‪ ،‬خاصة تلك العائالت‬
‫التي تعيش في مجتمعات فقيرة‪ .‬ولذلك فإن أية سياسة تعليمية حكومية تقلل من أعباء‬
‫تعليم أبناء تلك العائالت‪ ،‬ستحظى بتقدير كبير من جانبها‪ .‬وفى كثير من البلدان‪ ،‬ال يتم‬
‫تقدير التكاليف العائلية للتعليم بصورة منتظمة وال يتم أخذها في االعتبار دائما عند‬
‫مقارنة نفقات التعليم على املستوى الدولي‪ .‬وفى املواقف التي يتم فيها استخدام التمويل‬
‫العام فقط بغرض عقد مقارنات دولية حول تكلفة التعليم‪ ،‬يكون هناك ميل خلفض نفقات‬
‫التعليم عندما يسهم القطاع اخلاص بصورة كبيرة في متويل التعليم‪ .‬ومن ناحية أخرى‪،‬‬
‫عندما يؤخذ في االعتبار النفقات التعليمية العائلية‪ ،‬ال يتم في كثير من األحيان التمييز بني‬
‫النفقات التي تتحملها العائالت باستخدام املساعدات احلكومية وغيرها من النفقات التي‬
‫تخلو من تلك املساعدات‪ .‬وبسبب تلك الصعوبات املختلفة‪ ،‬فان املقارنات الدولية اخلاصة‬
‫باإلنفاق التعليمي يتعني إجرائها بحذر من أجل ضمان اعتمادها على معلومات حقيقية‬
‫ومتطابقة بني الدول‪ .‬ويقدم اجلزء التالي تعريفا مفصال لبعض املصطلحات املستخدمة‬
‫بكثرة في حتليل اإلنفاق على التعليم‪.‬‬
‫وفى الفصل املقبل سيتم باختصار مناقشة تطور التعليم في دول منظمة التعاون‬
‫والتنمية االقتصادية وبعدها سيتم التركيز على حتليل اإلنفاق التعليمي ومصادر التمويل‬
‫في تلك الدول‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫ثالثاً‪ :‬املصطلحات املستخدمة في حتليل االنفاق على التعليم‪:‬‬


‫من املنظور االق�ت�ص��ادي‪ ،‬ميكن النظر للتعليم كخدمة أو ك��أداة إلنتاج أص��ول غير‬
‫ملموسة‪ :‬وه��ي اكتساب املعرفة وال��دراي��ة الفنية‪ .‬وينطوي تقدمي التعليم على توفير‬
‫املؤسسات واألثاث والقوى العاملة واستهالك األوراق والكتب وما إلى ذلك؛ وبهذا املعنى‬
‫ميكن مقارنة التعليم باملصانع التي تصنع منتجات مادية‪.‬‬
‫إن امل��وارد املادية والبشرية التي يتم توفيرها للتعليم ميكن التعبير عنها بصورة‬
‫مالية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن مفهوم التكاليف ميكن تطبيقه في مجال التعليم‪ .‬فوحدات اإلنتاج‬
‫هي املدارس‪ ،‬التي يتم توفير مواردها املالية من خالل الدولة‪ ،‬كما تساهم أيضا السلطات‬
‫احمللية وأولياء األمور والقطاع اخلاص في تقدمي اخلدمة‪ :‬توفير التعليم‪.‬‬
‫لكن التحليل االقتصادي للتعليم يختلف عن التحليل االقتصادي ملؤسسات اإلنتاج أو‬
‫املصانع‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‪:‬‬
‫السبب األول يتعلق مباهية املنتج التعليمي‪ .‬فاكتساب املعرفة مفهوم من الصعب‪ ،‬إن‬
‫لم يكن من املستحيل‪ ،‬قياسه بدقة ـ هذا إلى جانب العوائد األخرى للتعليم التي تعود على‬
‫املتعلمني كأمناط الفكر والسلوك‪ .‬وألسباب عملية‪ ،‬يتم غالبا التعبير عن «منتج» النظام‬
‫التعليمي في ضوء أعداد الطلبة املتعلمني أو أعداد املؤهالت التعليمية املمنوحة‪ ،‬والتي تعبر‬
‫بصورة مالئمة عن اخلدمة التي يتم تقدميها بالفعل‪.‬‬
‫السبب الثاني هو أن التعليم في معظم احل��االت ليس سلعة سوقية‪ ،‬أي أن��ه ليس‬
‫خدمة «تباع» إلى مستهلكيها (الطلبة)؛ حيث تتحمل السلطات احمللية معظم تكاليفه‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فالتحليل االقتصادي للتعليم يرتبط بالتمويل العام واخلاص بقدر ما يرتبط أيضا‬
‫بتكاليف اإلنتاج اخلاصة باملدارس‪.‬‬
‫الفرق الثالث هو أنه‪ ،‬خالفا للمشروعات التجارية أو الصناعية‪ ،‬فإن الهدف من التعليم‬
‫ليس تعظيم األرباح‪ ،‬وإمنا توزيع موارده بأكبر قدر ممكن من الفعالية‪ .‬فالدولة تتحمل‬
‫تكاليف قطاع التعليم ليس جلني مكاسب مالية‪ ،‬ولكن لضمان تنمية الفرد واملجتمع ككل‪.‬‬
‫وهدف الدولة هو تلبية احتياجات املجتمع‪ :‬إعداد الشباب للحياة في املجتمع‪ ،‬واكتساب‬
‫املهارات املهنية الالزمة للنشاط االقتصادي‪ ،‬وتدريب األشخاص لشغل وظائف تنطوي‬

‫‪23‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫على مسؤولية كبيرة‪ ،‬فضال عن تلبية االحتياجات الفردية‪ ،‬من خالل إكساب اجلميع‬
‫أعلى مستوى ممكن من التعليم العام‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬فإن التعليم هو نوع خاص من السلع ألنه استثمار‪ ،‬مبعنى أنه يؤدي إلى‬
‫نقل املعرفة والدراية الفنية التي يدرك تأثيرها على املجتمع وعلى الفرد في املدى البعيد‪.‬‬
‫وتوفير التعليم بوصفه خدمة يحتاج للموارد البشرية واملادية (موارد حقيقية) التي ميكن‬
‫التعبير عنها في صورة موارد مالية‪.‬‬
‫إن تطبيق املفاهيم االقتصادية في مجال التعليم يساعد على حتليل امل��وارد املالية‬
‫املخصصة ألنظمة التعليم‪ .‬ونحن اآلن بصدد دراسة مختلف مفاهيم التكاليف والنفقات‪،‬‬
‫وكيف ميكن تكييفها ملجال التعليم‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلنفاق النقدي وتكلفة الفرصة البديلة‪:‬‬
‫اإلنفاق النقدي‪ :‬اإلنفاق النقدي (أو التكاليف النقدية) متثل املبالغ املدفوعة فعال في‬
‫مقابل احلصول على جميع امل��وارد املادية والبشرية الالزمة لتنفيذ األنشطة‪ .‬وبالنظر‬
‫إلى األنشطة التعليمية‪ ،‬فإن النفقات النقدية تتمثل في دفع الرواتب (اخلاصة بالهيئة‬
‫التدريسية وغيرها)‪ ،‬وتكاليف بناء وصيانة وجتهيز وتشغيل املدارس‪.‬‬
‫تكلفة الفرصة البديلة (أو تكاليف املكسب الضائع)‪ :‬الفكرة الكامنة وراء هذا‬
‫املفهوم هي أن أي استثمار يعني أن املبلغ املستثمر ال ميكن استخدامه في فرص أخرى‬
‫لالستثمار أو حتى إنفاقه على الفور‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬الوقت الذي يقضيه الطالب في‬
‫مواصلة دراساتهم بعد السن املقررة لترك املدرسة له انعكاساته العديدة بالنظر لفرص‬
‫املكسب الضائع‪ ،‬حيث يحرم سوق العمل من القوى العاملة الفعالة‪ ،‬وينعكس ذلك على‬
‫فقدان القدرة على اإلنتاج وبالتالي انخفاض في الثروة املتولدة عن األمة‪.‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإنه يحرم الطالب وأسرته من فرص الدخل‪ ،‬ويرجع ذلك جزئيا‬
‫إلى النفقات التي تنفق على املواصالت‪ ،‬والرسوم املدرسية‪ ،‬ورمبا أيضا على تكاليف‬
‫اإلعاشة‪ ،‬ويعزى ذلك جزئيا أيضا إلى خسارة الدخل ال��ذي كان من املمكن أن يكسبه‬
‫الطالب إذا التحق بوظيفة بدال من البقاء في املدرسة‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬فإن «نزوح األدمغة» إلى مناطق أو بلدان أخرى ميثل مكسبا كبيرا ً ضائعا‬
‫بالنسبة للمجتمع ككل‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫إن مفهوم تكلفة الفرصة البديلة يساعد في تفسير السبب وراء عدم إرسال بعض‬
‫األسر أطفالها إلى امل��دارس‪ .‬فتكاليف الفرصة قصيرة املدى قد تفوق املكاسب املتوقعة‬
‫على املدى الطويل‪.‬‬
‫وحلساب تكاليف الفرص الضائعة‪ ،‬ال بد من النظر في جميع االستخدامات املمكنة‬
‫للموارد البشرية واملادية التي يتم تسخيرها للتعليم‪.‬‬
‫وسيكون هناك متييز واضح في كل التعريفات التالية‪ ،‬بني مفهومي النفقات النقدية‬
‫(أو التكاليف املالية) والتكاليف احلقيقية (تكاليف الفرصة البديلة)‪ .‬التكاليف احلقيقية‪،‬‬
‫والتي تشمل تكاليف الفرص الضائعة‪ ،‬تختلف عن التكاليف النقدية (أو اإلنفاق) من حيث‬
‫إن األولى تعبر عن املبالغ «الضائعة»‪ ،‬وليس املبالغ التي ينفقها املستهلك في مقابل السلعة‬
‫أو اخلدمة‪ .‬ويستخدم مصطلح النفقات النقدية عندما يتم دفع مبلغ مالي مقابل احلصول‬
‫على سلعة أو خدمة حقيقية‪.‬‬
‫نشاط‪:‬‬
‫زيد طالب جامعي‪ .‬والداه دفعا له رسوم التسجيل في اجلامعة والتي تقدر بـ‪10000‬‬
‫دوالر لهذا العام‪ .‬وكان زيد يحصل منهما على ‪ 5000‬دوالر كل شهر(ملدة تسعة أشهر‬
‫من الدراسة)‪ .‬وتنفق الدولة في املتوسط ‪ 150000‬دوالر في السنة لكل طالب جامعي‪.‬‬
‫وكان من املمكن لزيد احلصول على وظيفة يتقاضى من خاللها ‪ 12000‬دوالر شهريا‪،‬‬
‫لو قرر ترك اجلامعة‪.‬‬
‫كم تنفق الدولة وعائلة زيد ملدة سنة واحدة من الدراسة اجلامعية؟‬
‫ما هي تكلفة الفرصة البديلة لزيد وأسرته؟‬
‫‪ -2‬التكاليف اخلاصة والتكاليف االجتماعية‪:‬‬
‫التكاليف اخلاصة (أو الفردية) هي تلك التي يتحملها الطلبة وأسرهم‪ .‬ومتثل هذه‬
‫التكاليف ما يدفعونه مقابل اخلدمة التعليمية املقدمة‪ .‬على سبيل املثال‪:‬‬
‫• الرسوم املدرسية (أو التي تخصم من منحة دراسية)‪.‬‬
‫• الكتب املدرسية واللوازم األخرى‪.‬‬
‫• املواصالت املدرسية‪.‬‬
‫• الزى املدرسي‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫كل هذه البنود تشكل النفقات النقدية‪ ،‬والتي يجب أن يضاف إليها املكاسب الضائعة‬
‫التي يخسرها الطلبة‪ ،‬من أجل احلصول على مجموع التكاليف اخلاصة‪.‬‬
‫التكاليف االجتماعية هي تلك التي يتحملها املجتمع ككل في مقابل توفير التعليم‬
‫والتدريب‪ .‬على سبيل املثال‪:‬‬
‫• مرتبات املدرسني وغيرهم من املوظفني‪.‬‬
‫• النفقات اجلارية األخرى على السلع واخلدمات (املياه‪ ،‬والغاز‪ ،‬وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫• الكتب واللوازم األخرى‪.‬‬
‫• اإليجار السنوي الذي يعادل النفقات الرأسمالية على املباني واملرافق‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬هذه أمثلة توضيحية فحسب‪ ،‬وال تتطابق مع الوضع في جميع البلدان‪ ،‬أو‬
‫على جميع فئات املدارس‪.‬‬
‫وميكن أن يضاف لهذه البنود من النفقات النقدية تكلفة الفرصة احلقيقية في مجال‬
‫االستثمار في املجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬النفقات اجلارية والنفقات الرأسمالية‪:‬‬
‫النفقات اجلارية تنطبق على السلع واخلدمات التي يتم استخدامها بصورة فورية (في‬
‫أقل من سنة واحدة‪ ،‬كقاعدة عامة)‪ ،‬كما يتم شراؤها بصورة منتظمة‪ .‬على سبيل املثال‪،:‬‬
‫مرتبات املوظفني‪ ،‬والكتب املدرسية‪ ،‬وبعض املواد التعليمية والكهرباء واملياه والغاز‪ ،‬وما‬
‫إلى ذلك‪ .‬إن معرفة وحتليل النفقات اجلارية‪ ،‬والتي متثل نسبة كبيرة من ميزانية الدولة‪،‬‬
‫من شأنه أن يتيح حتسني استخدام املوارد و احلد من الفوارق بني املدارس‪.‬‬
‫النفقات الرأسمالية تتعلق بالسلع واخل��دم��ات املستخدمة على م��دى أط��ول‪ ،‬مثل‬
‫املباني واملعدات واألثاث‪ .‬وتستفيد عدة أجيال من الطالب من هذا االستثمار في السلع‬
‫الرأسمالية؛ حيث تعد أصوال دائمة‪ ،‬خالفا لألشياء غير املعمرة التي تستهلك في مدة‬
‫قصيرة نسبيا‪ .‬إن عمر هذه األصول ليس دائما معروفا‪ ،‬والذي يساعد على ذلك بصورة‬
‫أكبر ظهور ابتكارات جديدة من وقت آلخر‪ ،‬ومن ثم يقل العمر االفتراضي لهذه األصول‪.‬‬
‫وال متثل النفقات الرأسمالية سوى جزءا ً فقط من التكاليف احلقيقية للتعليم االبتدائي‬
‫والثانوي‪ ،‬ولكنها تؤثر على قدرة مؤسسات التعليم على استيعاب الطلبة وتساعد على‬
‫املواءمة بني العرض من األماكن املتاحة والطلب عليها وتوزيع املعدات وفقا لالحتياجات‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل الثاني‬
‫متويل التعليم في عدد من دول منظمة‬
‫التعاون والتنمية االقتصادية‬

‫‪27‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪28‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل الثاني‬
‫متويل التعليم في عدد من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫أوال‪ :‬تطور التعليم في عدد من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪:‬‬
‫يوجد في دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية أكثر أنظمة التعليم تطورا في‬
‫العالم‪ ،‬وحتاول كثير من البلدان النامية اقتفاء أثر األنظمة التعليمية في تلك الدول‪ .‬فقد‬
‫وصلت دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية إلى مستوى االستيعاب الكامل في‬
‫مرحلة التعليم االبتدائي واملرحلة األولى من التعليم الثانوي كما توضح البيانات التي مت‬
‫احلصول عليها حول عدد من الدول‪ ،‬واملبينة في اجلدول رقم (‪ .)2‬حتى بالنسبة للتعليم‬
‫الثانوي ككل‪ ،‬يبلغ معدل القيد اإلجمالي حوالي ‪ .% 90‬وفيما يتعلق بالتعليم اجلامعي‪،‬‬
‫تبلغ نسبة القيد ‪ % 50‬على األقل في معظم دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وبالنظر إلى املستوى املرتفع للدخل في تلك الدول‪ ،‬فإنها تخصص موارد كافية لتعليم‬
‫مواطنيها‪ .‬ويوضح اجلدول رقم (‪ )2‬نسب االستيعاب التعليمي في املراحل املختلفة عام‬
‫(‪)7‬‬
‫‪ ،2005‬واإلنفاق التعليمي لكل طالب في املرحلة االبتدائية‪ ،‬حسب معدل القوة الشرائية‬
‫(‪ )PPP‬للدوالر لعام ‪ .2004‬ويشير اجلدول إلى أن اإلنفاق العام على التعليم االبتدائي‬
‫في دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية يتراوح ما بني ‪ 3203‬دوالر في اليونان‬
‫إلى ‪ 7718‬دوالر في أيسلندة لكل طالب‪ .‬وهذه األرق��ام تفوق بكثير املعدل العام الذي‬
‫يبلغ ‪ 985‬دوالر عام ‪ .2005‬ويبلغ متوسط معدل اإلنفاق العام على التعليم االبتدائي‬
‫لدول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية عام ‪ 4762 ،2005‬دوالر(‪ .)8‬وفى الصفحات‬
‫القادمة نقدم حتليال مفصال آلليات التمويل في بعض هذه الدول‪.‬‬

‫(‪ )7‬معدل القوة الشرائية (‪ :purchasing power parity (PPP‬معدل الصرف الذي يراعى اختالف األسعار بني الدول مما‬
‫يسمح بعقد املقارنات الدولية بصورة تقدم نتائج حقيقية‪.‬‬
‫‪(8) UNESCO: EFA Global Monitoring Report 2008, PP. 320 - 354.‬‬

‫‪29‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫جدول رقم (‪)2‬‬


‫(‪)9‬‬

‫نسب القيد في التعليم واإلنفاق العام على التعليم االبتدائي في بعض دول‬
‫منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫اإلنفاق العام اجلاري‬ ‫نسب القيد في التعليم‬
‫معدل القيد معدل القيد معدل القيد لكل طالب في التعليم‬ ‫معدل القيد‬
‫االبتدائي حسب‬ ‫اإلجمالي‬ ‫الصافي‬ ‫اإلجمالي‬ ‫الصافي‬
‫الدول‬ ‫رقم‬
‫في املرحلة في املرحلة في املرحلة معدل القوة الشرائية‬ ‫في املرحلة‬
‫للدوالر عام ‪2004‬‬ ‫الثانوية األولى الثانوية ككل اجلامعية‬ ‫االبتدائية‬
‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪6127‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪99‬‬ ‫بلجيكا‬ ‫‪1‬‬
‫‪7023‬‬ ‫‪7021‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪99‬‬ ‫أستراليا‬ ‫‪2‬‬
‫‪7358‬‬ ‫‪7054‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪119‬‬ ‫‪100‬‬ ‫الدمنرك‬ ‫‪3‬‬
‫‪4924‬‬ ‫‪4404‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪99‬‬ ‫فنلندا‬ ‫‪4‬‬
‫‪4837‬‬ ‫‪4280‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪99‬‬ ‫فرنسا‬ ‫‪5‬‬
‫‪103‬‬ ‫‪100‬‬ ‫أملانيا‬ ‫‪6‬‬
‫‪3203‬‬ ‫‪2157‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪99‬‬ ‫اليونان‬ ‫‪7‬‬
‫‪7718‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪99‬‬ ‫أيسلندا‬ ‫‪8‬‬
‫‪5215‬‬ ‫‪3182‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪99‬‬ ‫أيرلندا‬ ‫‪9‬‬
‫‪4996‬‬ ‫‪4765‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪99‬‬ ‫إسرائيل‬ ‫‪10‬‬
‫‪6571‬‬ ‫‪4207‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪99‬‬ ‫إيطاليا‬ ‫‪11‬‬
‫‪5441‬‬ ‫‪4446‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪99‬‬ ‫هولندا‬ ‫‪12‬‬
‫‪7013‬‬ ‫‪6267‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪99‬‬ ‫النرويج‬ ‫‪13‬‬
‫‪4762‬‬ ‫‪3838‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪109‬‬ ‫‪99‬‬ ‫البرتغال‬ ‫‪14‬‬
‫‪4399‬‬ ‫‪3890‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪99‬‬ ‫أسبانيا‬ ‫‪15‬‬
‫‪7193‬‬ ‫‪6635‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪94‬‬ ‫السويد‬ ‫‪16‬‬
‫‪60‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫اململكة املتحدة‬ ‫‪17‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪ 18‬الواليات املتحدة‬

‫‪(9) UNESCO: EFA Global Monitoring Report 2008, PP. 320 - 354.‬‬

‫‪30‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫ثانيا‪ :‬متويل التعليم االبتدائي والثانوي‪:‬‬


‫في معظم البلدان املتقدمة‪ ،‬تتحمل الدولة املسئولية األولى عن متويل خدمات وبرامج‬
‫التعليم االبتدائي والثانوي حتى في حالة قيام القطاع اخل��اص ب��دور مهم في تقدمي‬
‫اخلدمات التعليمة‪ .‬وفى البلدان املختلفة يتم استخدام آليات وأساليب لتمويل التعليم‬
‫وتوفير خدماته‪ ،‬حيث يشيع في معظم ه��ذه البلدان استخدام أساليب التمويل العام‬
‫للتعليم وأيضا اجلمع بني التمويل العام واخلاص مع وجود شراكة بني احلكومة والقطاع‬
‫اخلاص في تقدمي اخلدمات التعليمية‪ .‬وكما ستوضح األمثلة القادمة‪ ،‬فان هذه اآلليات قد‬
‫تختلف من حيث درجة التعقيد‪.‬‬
‫ق��ام ك��رون��ر (‪ )Crowner, 1985‬بتصنيف م �ص��ادر مت��وي��ل ال�ب��رام��ج واخلدمات‬
‫التعليمية في املرحلة االبتدائية والثانوية في ال��والي��ات املتحدة األمريكية إل��ى خمسة‬
‫مصادر‪ :‬التمويل الفيدرالي‪ ،‬والتمويل الذي تتحمله الواليات‪ ،‬والتمويل احمللي‪ ،‬والتمويل‬
‫املتوسط‪ ،‬والتمويل اخلاص‪ .‬ويصل متويل احلكومة الفيدرالية إلى التعليم عبر الواليات‪،‬‬
‫وذلك من خالل البرامج اخلاصة التي يتم تنفيذها على املستوى الفيدرالي‪ ،‬من خالل‬
‫البنوك‪ ،‬وبالنسبة التعليم ما بعد الثانوي يتم ذلك عبر اجلامعات واملؤسسات األخرى‬
‫للتعليم العالي‪ ،‬وأيضا من خالل اآلب��اء عن طريق ما يسمى بـ‪ .voucher system‬ففي‬
‫فرنسا‪ ،‬تقدم احلكومة املركزية تعليما ابتدائيا وثانويا مجانيا جلميع األطفال في املدارس‬
‫العامة‪ .‬حتى املؤسسات التعليمية اخلاصة في هاتني املرحلتني حتصل على مساعدات‬
‫حكومية‪ .‬وتسير كل من أملانيا واململكة املتحدة وكندا وغيرها من البلدان املتقدمة الرئيسية‬
‫على نفس النمط في متويل التعليم االبتدائي والثانوي‪ .‬ويقدم املثال التالي حول الواليات‬
‫املتحدة األمريكية شرحا تفصيليا ألسلوب الشراكة في متويل التعليم‪.‬‬
‫ي�ق��دم امل�ث��ال اخل��اص ب��والي��ة كاليفورنيا من��وذج��ا معقدا لنظام مت��وي��ل التعليم في‬
‫الواليات املتحدة كما يوضح كرونر (‪ .)Crowner,1985‬ففي الواليات املتحدة األمريكية‬
‫يأتي متويل برامج وخدمات التعليم بالنسبة للمرحلة االبتدائية والثانوية من احلكومة‬
‫الفيدرالية والواليات واملصادر احمللية املتوسطة واخلاصة‪ .‬وتتلقى املناطق التعليمية‬

‫‪31‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫التمويل الفيدرالي بصورة مباشرة (من خالل السلطات الفيدرالية عبر احلوافز واملنح)‬
‫أو بصورة غير مباشرة (من خالل سلطات الواليات والوحدات املتوسطة) وتقوم املناطق‬
‫التعليمية بدورها بتقدمي هذا التمويل للمدارس‪.‬‬
‫ويتم متويل البرامج اخلاصة بنظام التعليم بكاليفورنيا من خالل امل��وارد العامة‪.‬‬
‫فكما في الواليات األمريكية األخرى‪ ،‬فإن عدد البرامج التعليمية ومصادر متويل كل‬
‫منها يعد أمرا خاصا بالوالية‪ .‬وفي هذه الوالية‪ ،‬تعتمد مراحل التعليم ما قبل االبتدائي‬
‫واالبتدائي والثانوي على العديد من البرامج‪ .‬ومن أمثلة برامج التعليم في كاليفورنيا على‬
‫مستوى التعليم االبتدائي والثانوي‪ :‬برنامج التعليم ثنائي اللغة‪ ،‬البرنامج التعويضي‪،‬‬
‫برنامج التعليم في مرحلة الطفولة املبكرة‪ ،‬برنامج مؤسسة كاليفورنيا‪ ،‬برنامج تعليم‬
‫املوهوبني‪ ،‬وبرامج أخرى مثل برامج حتسني املدارس‪ ،‬برنامج املعلم املراقب‪ ،‬برنامج‬
‫تغذية الطفل‪ .‬ومعظم هذه البرامج يتم متويلها من مصادر مختلطة تشمل احلكومة‬
‫الفيدرالية وسلطات ال��والي��ة واملنطقة التعليمية‪ .‬فمثال‪ ،‬يتم متويل برنامج التعليم‬
‫التعويضي من سلطات الوالية وأيضا من احلكومة الفيدرالية‪ .‬برامج أخرى كبرنامج‬
‫املساعدة االقتصادية‪ ،‬وبرنامج ‪ Miller-Unruh‬لتعليم القراءة‪ ،‬وبرنامج تعليم الهنود‬
‫احلمر‪ ،‬ومراكز تعليم الهنود احلمر‪ ،‬يتم متويلها من خ�لال قواعد وش��روط خاصة‬
‫حسب ما تسمح به قوانني الوالية‪.‬‬
‫ومن بني الوسائل القانونية لتمويل التعليم في كاليفورنيا قانون كاليفورنيا رقم ‪98‬‬
‫لسنة ‪ 1998‬والذي مت مبقتضاه حتديد نسبة مئوية من التمويل العام للوالية لإلنفاق‬
‫على التعليم‪ .‬في البداية كانت هذه النسبة ‪ % 40‬من التمويل العام للوالية‪ ،‬ولكن بعد‬
‫حتويل نسبة من عائدات ضرائب األمالك من احلكومة احمللية إلى املدارس‪ ،‬مت تقليل هذه‬
‫النسبة‪ .‬ويتم متويل التعليم أيضا من خالل عائدات محلية أخرى مثل عائدات الضرائب‬
‫املتنوعة‪ ،‬كضرائب املبيعات احمللية‪ ،‬وأيضا الدعم املالي اخلاص للمدارس باإلضافة إلى‬
‫إسهامات املجالس البلدية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫وتستخدم معظم البلدان األخرى في منظمة التعاون والتنمية االقتصادية آليات أكثر‬
‫أو أقل تعقيدا لتمويل التعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬وذلك اعتمادا على السياقات االجتماعية‬
‫والثقافية والسياسية واإلداري��ة لتلك ال��دول‪ .‬ومع ذل��ك‪ ،‬فإن معظم التمويل املخصص‬
‫للتعليم االبتدائي والثانوي في دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية يأتي من املوارد‬
‫العامة‪ ،‬حتى على الرغم من اختالف مسارات التعليم من بلد آلخر‪ .‬وحتى البلدان التي‬
‫يسهم فيها القطاع اخلاص بقدر كبير في توفير التعليم االبتدائي والثانوي مثل أستراليا‬
‫واليابان وكوريا‪ ،‬جند أن القطاع اخلاص يستفيد من الدعم أو املساعدات املالية املهمة التي‬
‫يحصل عليها من احلكومة املركزية واحمللية في صورة منح أو أجهزة علمية أو كتب أو‬
‫ما إلى ذلك‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التمويل العام واخلاص في التعليم العالي‪:‬‬


‫لقد أشار كل من املدافعني عن نظريات رأس املال البشري واملدافعني عن نظريات رأس‬
‫املال االجتماعي وغيرهم من علماء االقتصاد إلى أهمية ال��دور الذي يؤديه التعليم في‬
‫حتقيق رفاهية األمم واالرتقاء باألفراد من املواطنني(‪ .)10‬كما أظهرت الدراسات احلديثة‬
‫ملنظمة التعاون والتنمية االقتصادية أن األموال التي تنفق على التعليم العالي تدر عائدا‬
‫يفوق معدالت الفائدة احلقيقية‪ .‬فطبقا لدراسة قام بها شيندر ‪ A. Schneider‬لصالح‬
‫منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪« :‬فإن الفرق في مقدار املال الذي ميكن أن يكسبه‬
‫شخص حصل على التعليم العالي مقارنة مبقدار امل��ال ال��ذي ميكن أن يكسبه شخص‬
‫حصل على التعليم الثانوي‪ ،‬هذا الفرق قد ازداد في املتوسط بنسبة ‪ %1‬كل عام فيما بني‬
‫عامي ‪ 1997‬و ‪ 2003‬وذلك في ‪ 22‬دولة من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫توفرت البيانات حولها»‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد أظهرت الدراسة أن الفرق في الدخل بني‬
‫العمال احلاصلني على الشهادة الثانوية وغيرهم من احلاصلني على التعليم اجلامعي قد‬
‫تتراوح بني ‪ ،%25‬في الدمنرك ونيوزلندة‪ ،‬و‪ % 50‬إلى ‪ ،% 119‬في جمهورية التشيك‬

‫‪(10) See Gary S. Becker (1994): “Human Capital: A Theoretical and Empirical Analysis, With‬‬
‫‪Special Reference to Education” see also M. Whoodhall, J-C Eicher for further discussion on‬‬
‫‪this issue.‬‬

‫‪33‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫وفنلندا وفرنسا وأملانيا واملجر وايرلندا وايطاليا والبرتغال وسويسرا واململكة املتحدة‬
‫والواليات املتحدة‪ .‬كما أن البلدان التي تعطى األفراد تعطى عام إضافيا من التعليم ميكنها‬
‫أن تزيد من اإلنتاجية وحتقق زي��ادة في املخرجات االقتصادية بنسبة تتراوح ما بني‬
‫‪ % 3‬إلى ‪ % 6‬مبرور الوقت‪ .‬وفى الوقت ذاته‪ ،‬فإن األف��راد الذين يفتقرون إلى املهارات‬
‫األساسية يواجهون مخاطر البطالة والفقر بصورة أكبر‪.‬‬
‫وتظهر البيانات اخلاصة مبنظمة التعاون والتنمية االقتصادية أن عدد األفراد الذين‬
‫يحصلون على مؤهالت تعليمية عليا ي��زدادون حول العالم يوم بعد يوم‪ .‬وفى الوقت‬
‫احلالي فان جميع دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية الثالثني تقريبا يخرجون‬
‫طالبا حاصلني على التعليم العالي بصورة أكبر مما ك��ان احل��ال عليه في الستينيات‬
‫من القرن العشرين‪ ،‬لكن معدل الزيادة اختلف بصورة كبيرة‪ .‬ففي الستينات تساوى‬
‫الناجت احمللي اإلجمالي لكوريا مع الناجت احمللي اإلجمالي ألفغانستان‪ ،‬وكان ترتيبها في‬
‫ذلك الوقت الدولة اإلح��دى والعشرين من بني ال��دول الثالثني ملنظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية من حيث عدد البالغني احلاصلني على مؤهالت عليا كنسبة من املجتمع‪ .‬أما‬
‫اليوم فترتيب كوريا هو الثالث بني هذه الدول بالنظر إلى نسبة املؤهالت التعليمية العليا‬
‫بني األفراد الذين تتراوح أعمارهم بني ال‪ 25‬إلى ‪ 34‬عام‪.‬‬
‫وبالنظر إلى الطلب االجتماعي والفردي الكبير على التعليم العالي‪ ،‬فإن هناك حاجة‬
‫إل��ى تطبيق سياسات متويلية ميكنها زي��ادة التمويل ال�ع��ام واخل��اص بطريقة تعكس‬
‫االستفادة االجتماعية واخلاصة من التعليم العالي‪ .‬إن مصادر متويل التعليم العالي في‬
‫الدول املتقدمة ميكن حصرها في املصادر العامة واخلاصة‪ ،‬وتختلف الدول فيما بينها من‬
‫حيث درجة االعتماد على أحد هذين املصدرين‪ .‬وتشمل مصادر التمويل العامة احلكومة‬
‫الفيدرالية أو املركزية‪ ،‬الواليات واحلكومات احمللية‪ ،‬بينما تتمثل مصادر التمويل اخلاصة‬
‫في االقتصاد والتبرعات والعائالت‪ .‬وتقدم احلكومات الفيدرالية أو املركزية معظم‬
‫التمويل إلى مؤسسات التعليم العالي من خالل وسائل مختلفة‪ .‬فقد يقدم هذا التمويل‬
‫في ص��ورة منح للمناطق أو الواليات‪ ،‬أو من خالل منح خاصة للمؤسسات التعليمية‬

‫‪34‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫(لألنشطة البحثية وغيرها من األنشطة العامة) أو من خالل بناء مؤسسات متخصصة‪.‬‬


‫كما ميكن للطالب أيضا تلقى الدعم املالي من احلكومة الفيدرالية أو املركزية في صورة‬
‫منح دراسية‪ ،‬أو برامج املساعدات الطالبية أو غيرها من املساعدات‪.‬‬
‫كما تقدم حكومات الواليات أو احلكومات احمللية املساعدات للمؤسسات التعليمية‬
‫والطالب بطرق عدة‪ .‬فالطلبة يحصلون على مثل هذا الدعم العام في صورة توفير سكن‪،‬‬
‫ومنح دراسية‪ ،‬ومنح دراسية عملية (انظر الشكل رقم (‪ )1‬وال��ذي يبني آليات متويل‬
‫التعليم العالي في والية كلورادو األمريكية)‪ .‬ويظهر الشكل أن امل��وارد الفيدرالية يتم‬
‫توجيهها إما إلى الطلبة (في عدة صور من املساعدات) وإما إلى املؤسسات التعليمية ذاتها‬
‫(في صورة منح تغطي املجاالت املختلفة)‪ .‬كما تقدم احلكومة الفيدرالية أيضا متويال‬
‫عبر والية كلورادو والتي تقوم بدورها بتمويل الطلبة أو املؤسسات‪ .‬كما متول العائالت‬
‫الطلبة من خ�لال دف��ع املصروفات الدراسية وغيرها من النفقات‪ .‬وتقدم املؤسسات‬
‫والهيئات اخليرية منحا للمؤسسات التعليمية كما تقدم منحا دراسة للطلبة‪ .‬ومن خالل‬
‫املرتبات التي يتقاضاها الطلبة أثناء عملهم في القطاع اخلاص ميكنهم متويل جزءا ً من‬
‫نفقات تعلمهم‪ .‬ويوضح ذلك أمناط املشاركة في كلفة مؤسسات التعليم العالي في والية‬
‫كلورادو‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫(‪)11‬‬
‫شكل رقم (‪)1‬‬
‫متويل التعليم العالي بوالية كلورادو األمريكية‬

‫هيئات التبرعات‬ ‫حكومة الوالية‬


‫اخليرية‬ ‫والسلطات احمللية‬ ‫االقتصاد‬

‫املؤسسات‬ ‫الطلبة‬

‫العائالت‬ ‫ ‬
‫احلكومة الفيدرالية‬

‫وفي مقالة علمية لكل من جني كلود وتيري شيفلر ‪(Jean-Claude Eicher and‬‬
‫)‪ Thierry Chevalier, 2002‬بعنوان «متويل التعليم‪ :‬قضية اقتصادية؟»‪ ،‬مت التأكيد على‬
‫أهمية الدور الذي يؤديه الفكر االقتصادي مجسدا في تلك املفاهيم اخلاصة باالستثمار‬
‫في التعليم‪ ،‬واملشاركة في التكلفة‪ ،‬وقروض الطالب مستحقة الدفع بعد التخرج‪ ،‬بالنسبة‬
‫للتمويل اخلاص والعام للتعليم العالي(‪ .)12‬وفى هذه املقالة‪ ،‬يتناول املؤلفان موضوع‬
‫التمويل اخلاص والعام ويشيران إلى أن «العوائد اخلاصة من التعليم ما بعد اإللزامي‬
‫تشمل الدخل املرتفع واملكانة االجتماعية العالية وارتفاع مستوى االستهالك وحتسن‬
‫احلالة الصحية وزيادة الكفاءة السياسية والفهم األفضل للثقافة والقدرة األفضل على‬
‫التعامل مع العلم والتكنولوجيا» (ص‪.)74‬‬

‫‪(11) Chart taking from Colorado HE Department, Denver, Colorado, 2006.‬‬


‫‪(12) Eicher, J-C. and Chevallier, T.: Rethinking the Financing of post-compulsory education.‬‬
‫)‪Higher education in Europe (1992) 17, 6 - 13. Reprinted in: Higher Education in Europe (2002‬‬
‫‪17 (1 - 2) 69 - 88.‬‬

‫‪36‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫وتتمثل العوائد التي تعود على املجتمع في «اإلسهام في تقدم املعرفة وحتقيق النمو‬
‫االقتصادي وال��زي��ادة في مرونة س��وق العمل‪ ،‬وتقليل نسبة األمية وزي��ادة املشاركة‬
‫السياسة الفعالة»(ص‪ .)74‬وانتهى الكاتبان إلى أن هذه الفوائد تبرر وجود دور حكومي‬
‫فعال في متويل التعليم‪ .‬وف��ي نفس الوقت ينبغي التأكيد على أهمية تقاسم تكاليف‬
‫التعليم‪.‬‬
‫ولقد أكد هذان املؤلفان في حتليلهما وتوصياتهما على مفهوم قروض الطلبة مستحقة‬
‫الدفع بعد التخرج‪ .‬فقد أشارا إلى أن القروض التي يحصل عليها الطلبة ملواصلة تعلمهم‬
‫ينبغي على الطلبة قضاؤها عندما يحصلون على عمل ويكون لهم دخل بعد التخرج‪،‬‬
‫ويتطلب ذل��ك وج��ود ظ��روف محلية مناسبة كي يكون هناك ن��وع من التأمني املتبادل‬
‫(ص ‪ .)87‬وعلى أساس هذا التفكير االقتصادي‪ ،‬يرى املؤلفان أن النظام املثالي لتمويل‬
‫التعليم العالي يتمثل في اآلتي‪( :‬أ) التمويل العام عن طريق املنح املالية املقدمة ملؤسسات‬
‫التعليم العالي‪ ،‬واملنح املقدمة للطلبة ملساعدتهم على دفع الرسوم الدراسية والتي يجب‬
‫على الطلبة قضاؤها فيما بعد عندما يحصلون على دخل بعد التخرج‪ ،‬وتوفير الضمانات‬
‫الالزمة حلصول الطلبة على قروض؛ (ب) والتمويل اخلاص عن طريق الرسوم الدراسية‪،‬‬
‫وإعادة قضاء الديون‪ ،‬واإلسهامات املقدمة من رجال األعمال واجلمعيات اخليرية‪ .‬لقد‬
‫أثرت املفاهيم املشار إليها سابقا والتي مت اشتقاقها من األعمال املبكرة لشولتز ‪(Schultz,‬‬
‫)‪ 1961 - 1962‬وبلوج (‪ )Blaug, 1965‬والتي تتمثل في مفهوم معدل العائد من التعليم‬
‫ومفهوم تقاسم تكلفة التعليم العالي ومفهوم قروض الطلبة مستحقة الدفع بعد التخرج‪،‬‬
‫أث��رت هذه املفاهيم بقوة في سياسات التعليم العالي عبر العالم خالل العشرين عاما‬
‫املاضية وال تزال تؤثر(‪.)13‬‬
‫وميكن للقطاع اخلاص‪ ،‬وخاصة القطاع االقتصادي‪ ،‬توفير السكن للطالب والعمل‬
‫بعد التخرج وفي بعض األحيان تقدمي منح دراسية للطلبة تتيح لهم فرصة مواصلة‬
‫التعليم اجلامعي‪ .‬كما أن العائالت تعتبر مصدرا أساسيا لتمويل التعليم العالي في العديد‬
‫من البلدان املتقدمة والنامية‪ .‬ومثل هذا الدعم للتعليم قد تشارك الهيئات العامة فيه بأكثر‬

‫(‪ )13‬ملزيد من التحليل حول تأثر مفهوم معدل العائد على سياسة التعليم العالي أنظر‪.)woodhall, 2006, pp.2 - 20( :‬‬

‫‪37‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫من صورة‪ .‬فمؤسسات التعليم العالي ذاتها ميكن أن تقدم دعما للطلبة عن طريق التنازل‬
‫عن الرسوم الدراسية ومتويل بعض األنشطة التعليمية باستخدام مواردها اخلاصة‪.‬‬
‫وتعتمد حصة اجلهات املساهمة في متويل التعليم واملبينة في الشكل السابق على الظروف‬
‫التاريخية اخلاصة بكل بلد على حدة‪ .‬ويبني اجلدول رقم (‪ )3‬حصة املصادر اخلاصة‬
‫والعامة في متويل التعليم ما قبل اجلامعي واجلامعي في عدد من الدول املتقدمة‪.‬‬

‫جدول رقم (‪)3‬‬


‫اإلنفاق على املؤسسات التعليمية كنسبة من الناجت احمللي اإلجمالي حسب مصدر‬
‫التمويل واملرحلة التعليمية‬
‫بدول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية عام ‪)www.oecd.org/edu/eag2006( 2006‬‬
‫جميع مراحل التعليم‬ ‫التعليم اجلامعي‬ ‫مراحل التعليم ما قبل اجلامعي‬
‫التمويل التمويل‬ ‫التمويل التمويل‬ ‫السنة املالية التمويل التمويل‬ ‫الدولة‬
‫املجموع‬ ‫املجموع‬ ‫املجموع‬
‫العام اخلاص‬ ‫العام اخلاص‬ ‫العام اخلاص‬
‫‪5.8‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫أستراليا‬
‫‪5.5‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫النمسا‬
‫‪6.1‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪5.9‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫بلجيكا‬
‫‪5.9‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪2002/2001‬‬ ‫كندا‬
‫جمهورية‬
‫‪4.7‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪2003‬‬
‫التشيك‬
‫‪7.0‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪6.7‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫الدمنرك‬
‫‪6.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪n‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫فنلندا‬
‫‪6.3‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪5.3‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪4.4‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫أملانيا‬
‫‪4.2‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪n‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫اليونان‬
‫‪6.1‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫املجر‬
‫‪8.0‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪7.5‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪n‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫أيسلندا‬

‫‪38‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫جميع مراحل التعليم‬ ‫التعليم اجلامعي‬ ‫مراحل التعليم ما قبل اجلامعي‬


‫التمويل التمويل‬ ‫التمويل التمويل‬ ‫السنة املالية التمويل التمويل‬ ‫الدولة‬
‫املجموع‬ ‫املجموع‬ ‫املجموع‬
‫العام اخلاص‬ ‫العام اخلاص‬ ‫العام اخلاص‬
‫‪4.4‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫أيرلندا‬
‫‪5.1‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫إيطاليا‬
‫‪4.8‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪3.0‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪2003/2002‬‬ ‫اليابان‬
‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫لكسمبرج‬
‫‪6.8‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫املكسيك‬
‫‪5.0‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫هولندا‬
‫‪6.8‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪5.7‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪4.9‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪2004/2003‬‬ ‫نيوزيلندا‬
‫‪6.6‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫النرويج‬
‫‪6.4‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪4.4‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫بولندا‬
‫‪5.9‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪n‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫البرتغال‬
‫‪7.5‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪4.4‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫كوريا‬
‫‪4.7‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫سلوفيكيا‬
‫‪4.7‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪3.0‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫أسبانيا‬
‫‪6.7‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪1.6‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪n‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫السويد‬
‫‪6.5‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪1.6‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫سويسرا‬
‫‪3.7‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫تركيا‬
‫‪6.1‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪2003/2002‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫الواليات‬
‫‪7.5‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪1.6‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪2003/2002‬‬
‫املتحدة‬
‫‪5.9‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫املتوسط‬

‫ومع األخذ في االعتبار البعد السياقي والنظري ملا مت تقدميه في األج��زاء السابقة‪،‬‬
‫تتزايد األص��وات املنادية بضرورة وجود دور قوي للقطاع اخلاص في متويل التعليم‬
‫العالي في دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ .‬وتعتبر اململكة املتحدة واحدة من‬

‫‪39‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫بني العديد من الدول في غرب أوروب��ا التي تنظر بعني االعتبار إلى التحدي الذي ميثله‬
‫متويل التعليم العالي‪ .‬ففي دفاعه عن فكرة فرض رسوم دراسية في التعليم العالي في‬
‫اململكة املتحدة‪ ،‬أوضح بيل راميل‪ ،‬وهو الوزير السابق للتعليم املستمر والعالي في اجنلترا‬
‫(‪ ،)14()2006‬أن التمويل هو املشكلة األساسية التي تقف عقبة أمام توفير تعليم عال جيد‪.‬‬
‫ولقد كان التعليم العالي منذ احلرب العاملية الثانية‪ ،‬مثله مثل التعليم االبتدائي والثانوي‪،‬‬
‫ينظر إليه على أنه خدمة عامة‪ ،‬وكذلك احلال بالنسبة ملعظم دول منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬حيث كانت تقدم خدمات التعليم العالي للطالب بصورة مجانية من خالل‬
‫االعتماد على الضرائب كمصدر للتمويل‪.‬‬
‫وبرغم ذلك‪ ،‬أدى الضغط على امليزانيات العامة وازدياد املنافسة العاملية إلى العودة‬
‫إلى فرض رسوم دراسية على الطلبة كحل للحصول على مزيد من التمويل‪ .‬فقد أشار‬
‫بيل راميل إل��ى أن القضية حتمل في طياتها العديد من التحديات فيما يتعلق بتوفير‬
‫األماكن الكافية وحتقيق املساواة ومشاركة الطلبة في التمويل والقروض االئتمانية وغير‬
‫ذلك من التحديات التي أدت إلى تزايد اجلدل حول متويل التعليم في العديد من البلدان‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يجدر القول بأنه في معظم دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪،‬‬
‫أصبحت املصادر اخلاصة حتظى بأهمية متزايدة في متويل التعليم العالي في العقود‬
‫القليلة املاضية؛ فعلى سبيل املثال‪ ،‬منذ العام الدراسي ‪ 1998‬أصبحت الرسوم الدراسية‬
‫تدر أكثر من ‪ 3,5‬بليون جنيه إسترليني (‪ 6,2‬بليون دوالر) للمؤسسات اإلجنليزية‪،‬‬
‫وهو ما يعادل ‪ % 25‬من إجمالي األموال التي حتصل عليها هذه املؤسسات من املصادر‬
‫املختلفة(‪ .)15‬ويبني اجلدول رقم (‪ )3‬هذا االجتاه في اإلنفاق على املؤسسات التعليمية في‬
‫عدد من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪(14) Mr. Rammell introduces a seminar on “Who should pay for higher education?” at the 2006‬‬
‫‪OECD Education Ministerial Meeting in Athens, 27 - 28 June 2006. See www.oecd.org/‬‬
‫‪edumin2006.‬‬
‫‪(15) Bill Rammell, idem.‬‬

‫‪40‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫رابعا‪ :‬ملخص للسمات األساسية لتمويل التعليم في دول منظمة التعاون‬


‫والتنمية االقتصادية‪:‬‬
‫يوضح اجل��دول رقم (‪ )3‬مصادر متويل التعليم في دول منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية‪ .‬ويظهر هذا اجلدول أن تلك الدول تنفق في املتوسط ‪ % 5.9‬من الناجت احمللي‬
‫اإلجمالي لها على التعليم عام ‪ .2003‬وميثل إسهام احلكومات املركزية واحمللية ‪%5.2‬‬
‫من الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬بينما تقدر اإلسهامات اخلاصة بـ ‪ % 0.7‬من الناجت احمللي‬
‫اإلجمالي‪ .‬وهذا يعني أن املوارد العامة متثل أكثر من ‪ % 88‬من اإلنفاق على التعليم بينما‬
‫متثل نسبة إسهام القطاع اخلاص حوالي ‪ % 11‬من إجمالي تكلفة التعليم‪.‬‬
‫ويبلغ إس�ه��ام احلكومات املركزية وغيرها م��ن الهيئات العامة ف��ي متويل التعليم‬
‫االبتدائي والثانوي حوالي ‪ % 3.9‬من الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬حوالي ‪ % 3.6‬من الناجت‬
‫احمللي اإلجمالي تأتي من األموال العامة بينما تقتصر نسبة مساهمة القطاع اخلاص على‬
‫‪ % 0.3‬من الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬وهذا يعني أن السلطات العامة املركزية واحمللية تسهم‬
‫بحوالي ‪ % 92.7‬من جملة التمويل املخصص للتعليم االبتدائي والثانوي في دول منظمة‬
‫التعاون والتنمية االقتصادية‪ .‬أما إسهام القطاع اخلاص في اإلنفاق على هاتني املرحلتني‬
‫فال يتعدى نسبة ‪ % 7.3‬من إجمالي التكلفة‪ .‬ويوضح اجلدول رقم (‪ )4‬أيضا الفروق التي‬
‫توجد بني دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية في منط متويل التعليم االبتدائي‬
‫والثانوي وما بعد الثانوي دون العالي والعالي‪ .‬فبالنسبة للتعليم ما دون العالي‪ ،‬تبلغ أقل‬
‫مساهمة من القطاع اخلاص في التمويل نسبة ‪ % 2‬من إجمالي التكلفة (النمسا‪ ،‬وبولندا)‪،‬‬
‫بينما تتراوح أعلى نسبة مساهمة للقطاع اخلاص بني ‪( % 17‬أستراليا‪ ،‬وأملانيا) و‪% 20‬‬
‫(كوريا) من التكلفة‪.‬‬
‫وبالنسبة للتعليم العالي‪ ،‬تبلغ نسبة التمويل من املصادر العامة في املتوسط ‪% 1.2‬‬
‫من الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬بينما تبلغ نسبة مساهمة القطاع اخلاص ‪ % 0.7‬من الناجت‬
‫احمللي اإلجمالي‪ .‬وهذا يعني أن نسبة ‪ % 78.5‬من جملة متويل التعليم العالي تأتي من‬
‫القطاع العام‪ ،‬و‪ % 21.4‬تأتي من القطاع اخل��ص‪ .‬وهنا ميكن مالحظة مجموعتني من‬
‫البلدان ضمن دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ :‬دول غرب أوروبا‪ ،‬والدول التي‬

‫‪41‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫تقع خارج أوروبا‪ .‬بالنسبة للدول غير األوروبية في منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪،‬‬
‫تتمثل حصص القطاع اخلاص في متويل التعليم العالي فيما يلي‪ % 76 :‬في كوريا‪61.2 ،‬‬
‫‪ %‬في اليابان‪ % 55 ،‬في الواليات املتحدة األمريكية‪ % 52 ،‬في أستراليا‪ % 41.6 ،‬في كندا‪،‬‬
‫و‪ % 40‬في نيوزيلندا‪.‬‬
‫وبالنسبة ملعظم الدول املتقدمة في غرب أوروبا‪ ،‬تعتبر نسبة مساهمة القطاع اخلاص‬
‫قليلة نسبيا مقارنة بالدول املتقدمة غير األوروبية‪ ،‬حيث جند أن أعلى نسبة ملشاركة‬
‫القطاع اخلاص في متويل التعليم العالي في دول غرب أوروبا تتمثل في اآلتي‪ :‬بولندا‬
‫(‪ ،)% 33‬واململكة املتحدة (‪ ،)% 27‬وإسبانيا (‪ ،)% 25‬وإيطاليا (‪ ،)% 22‬واملجر (‪.)% 23‬‬
‫وتبلغ نسبة مساهمة القطاع اخلاص في التمويل أقل درجاتها في دول أخرى كالنمسا‬
‫(‪ ،)% 7.7‬والنرويج (‪ ،)% 7‬وأيسلندا (‪ ،)% 8‬وفنلندا (‪ ،)% 5.6‬والدمنرك (‪ ،)% 6‬وأملانيا‬
‫(‪ ،)% 9‬وفرنسا (‪ ،)% 14‬وهذا االختالف بني دول غرب أوروبا وبقية دول منظمة التعاون‬
‫والتنمية االقتصادية في نسبة مساهمة القطاع اخلاص في متويل التعليم العالي إمنا‬
‫يعكس االختالفات التي توجد بني هذه الدول في النواحي االجتماعية والثقافية ودرجة‬
‫االهتمام بقضية املساواة إضافة إلى اختالف األوضاع السياسية واإلدارية‪.‬‬
‫وسوف ينصب تركيز الفصل التالي على الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول‬
‫اخلليج وغيرها من البلدان العربية‪ .‬يبدأ الفصل بعرض مختصر للتطور التعليمي في‬
‫املنطقة‪ ،‬وبعد ذلك يتناول الفصل مناقشة مصادر متويل التعليم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل الثالث‬
‫متويل التعليم في الدول األعضاء‬
‫مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬

‫‪43‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪44‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل الثالث‬
‫متويل التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬
‫أوال‪ :‬نظرة عامة على تطور التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج وفي بعض الدول العربية األخرى‪:‬‬
‫من أجل التوصل إلى فهم أفضل آلليات متويل التعليم في ال��دول األعضاء مبكتب‬
‫التربية العربي لدول اخلليج ومقارنتها بالبلدان األكثر تقدما في منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬يتعني أوال إلقاء نظرة عامة على اجتاهات تطور التعليم في دول املنطقة على‬
‫مدار األعوام القليلة السابقة‪ .‬وتقدم دراسات احلالة حول اقتصاديات التعليم في أربع من‬
‫الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج معلومات مفيدة حول تطور األنظمة‬
‫التعليمية‪ ،‬والتي تنقسم حسب البرامج املختلفة للقطاعات الفرعية اخلاصة باألنظمة‬
‫التعليمية‪ ،‬والتي تقدم معلومات حول اجتاهات القيد في املدارس‪ ،‬واملعلمني ومدى توفر‬
‫حجرات الدارسة باإلضافة إلى اجتاهات ميزانيات التعليم‪ .‬وهذه املعلومات‪ ،‬إضافة إلى‬
‫البيانات احلديثة املنشورة عن معهد اليونسكو لإلحصاء‪ ،‬تساعدنا على حتليل التغيرات‬
‫التي طرأت على تطور التعليم في ال��دول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬
‫ومقارنة هذه التغيرات بتلك التي تالحظ في ال��دول العربية األخ��رى وفي دول منظمة‬
‫التعاون والتنمية االقتصادية‪ .‬وميكن احلصول على معلومات تفصيلية حول الدول‬
‫األربع التي قدمت عنها دراسات حالة في اجلزء الثاني من هذه الدراسة‪ .‬وسوف ينصب‬
‫التركيز بصورة أساسية على التعليم ما قبل اجلامعي حيث اقتصرت دراس��ات احلالة‬
‫املقدمة على مراحل التعليم ما قبل اجلامعي في معظمها‪.‬‬
‫ويقدم اجلدوالن رقم (‪ )4‬ورقم (‪ )5‬التغيرات التي طرأت على تطور التعليم من حيث‬
‫املعدل الصافي واملعدل اإلجمالي للقيد في مختلف مراحل التعليم‪ ،‬في الدول األعضاء‬
‫مبكتب التربية العربي لدول اخلليج وغيرها من الدول العربية خالل الفترة من ‪1999‬‬
‫إل��ى ‪ .2004‬وب�ص��ورة أكثر تفصيال‪ ،‬ف��إن اجل��دول رق��م (‪ )4‬يبني أن ال��دول األعضاء‬
‫مبكتب التربية العربي لدول اخلليج قد أظهرت تقدما مهما في االجنازات التعليمية على‬
‫جميع املراحل بني عامي ‪ 1999‬و ‪ .2005‬ففي مرحلة التعليم االبتدائي‪ ،‬زاد معدل القيد‬

‫‪45‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫الصافي أو ظل مستقرا كما هو خالل هذه الفترة في أربع دول من الدول السبع األعضاء‬
‫مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ .‬أما عمان واإلمارات العربية املتحدة واململكة العربية‬
‫السعودية فهي الدول الثالث التي انخفض فيها معدل القيد الصافي في التعليم االبتدائي‬
‫طبقا للبيانات اخلاصة مبعهد اليونسكو لإلحصاء‪ .‬ولقد وصلت جميع تلك الدول إلى‬
‫درجة املساواة بني اجلنسني في املرحلتني االبتدائية والثانوية‪ .‬وميكن تفسير انخفاض‬
‫معدل القيد الصافي في التعليم االبتدائي في اإلمارات العربية املتحدة بالنمو الكبير في‬
‫عدد السكان نتيجة زيادة العمالة املهاجرة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فاألمر يحتاج إلى مزيد من التحليل‬
‫من أجل الوصول إلى تفسير علمي دقيق لهذا االنخفاض‪.‬‬
‫كما يبني اجلدول رقم (‪ )4‬أن معدل القيد اإلجمالي في التعليم العالي في كل من الكويت‬
‫وقطر واليمن قد انخفض من ‪ %23.2‬إلى ‪ %17.6‬ومن ‪ %25‬إلى ‪ %18.6‬ومن ‪%10.4‬‬
‫إلى ‪ %9.4‬على الترتيب بني عامي ‪ 1999‬و ‪ .2004‬وبالنسبة إلى الدول العربية ككل فقد‬
‫زاد معدل القيد الصافي في التعليم االبتدائي بنسبة ‪ ،%4.2‬وفى التعليم الثانوي بنسبة‬
‫‪ ،%7.7‬بينما ارتفع معدل القيد اإلجمالي في التعليم العالي بنسبة ‪ .%2‬وقد شهد العالم‬
‫ككل ارتفاعا أكبرا في املؤشرين األولني كما ارتفع معدل القيد اإلجمالي في التعليم العالي‬
‫بأكثر من ‪.%6‬‬
‫وبصورة عامة‪ ،‬فإن مستوى معدل تطور االلتحاق بالتعليم في الدول األعضاء مبكتب‬
‫التربية العربي لدول اخلليج يتماشى مع االجتاهات العامة للدول العربية األخرى حيث‬
‫شهدت تلك الدول تقدما في ارتفاع معدالت القيد في التعليم االبتدائي والثانوي بني عامي‬
‫‪ 1999‬و ‪ .2005‬فقد ظل معدل القيد الصافي في التعليم االبتدائي بالنسبة جلميع الدول‬
‫فوق ‪ %85‬في عام ‪ ،2005‬ماعدا موريتانيا حيث ظل ها املؤشر فيها أقل من ‪ %75‬في عام‬
‫‪.2004‬‬
‫وفيما يتعلق بالتعليم الثانوي‪ ،‬سجلت بعض الدول العربية غير اخلليجية مستوى‬
‫منخفضا في نسبة االستيعاب في التعليم مقارنة بالدول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج‪ .‬وتتمثل أقل نسبة في معدل القيد الصافي في موريتانيا (‪ )%35‬واملغرب‬
‫(‪ )%35‬والعراق (‪ )%38‬من بني الدول العربية غير اخلليجية في عام ‪ .2004‬وبالنسبة‬

‫‪46‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫للدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج فقط سجلت اليمن أقل معدل للقيد‬
‫الصافي في التعليم الثانوي بنسبة تقل عن ‪ .%50‬أما الدول األخرى فقد وصل فيها معدل‬
‫القيد الصافي في التعليم الثانوي إلى ‪ %55‬على األقل‪ ،‬وبلغت أعلى نسبة في البحرين‬
‫(‪ )%90‬وقطر(‪.)%90.1‬‬
‫وفيما يتعلق بالتعليم العالي‪ ،‬تبلغ أعلى نسبة ملعدل القيد اإلجمالي في لبنان (‪،)%48‬‬
‫وفي السلطة الفلسطينية (‪ ،)% 38‬وفي األردن (‪ ،)% 39‬في مصر (‪ ،)% 33‬وهي الدول‬
‫التي تسجل أعلى نسبة قيد إجمالي مقارنة بالدول العربية األخ��رى‪ ،‬مبا فيها الدول‬
‫األعضاء مبكتب التربية العربي ل��دول اخلليج (م��ا ع��دا البحرين) التي زاد معدل القيد‬
‫اإلجمالي في التعليم العالي فيها إلى نسبة أكبر من ‪ % 35‬وذلك في العام ‪.2005/2004‬‬
‫وهذه الدول ذات نسبة القيد العالية تعتبر املصدر األساسي في توفير التعليم العالي في‬
‫العالم العربي‪.‬‬
‫جدول قم (‪)4‬‬
‫تطور التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬

‫معدل القيد‬
‫معدل القيد‬ ‫معدل القيد‬ ‫معدل القيد‬ ‫معدل القيد‬
‫الصافي في‬
‫اإلجمالي في التعليم الصافي في التعليم اإلجمالي في‬ ‫اإلجمالي في التعليم‬
‫التعليم االبتدائي‬
‫الثانوي (‪ )%‬التعليم العالي (‪)%‬‬ ‫الثانوي (‪)%‬‬ ‫الدولة االبتدائي (‪)%‬‬
‫(‪)%‬‬
‫‪2005 1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪35.5‬‬ ‫‪21.0‬‬ ‫‪90.0‬‬ ‫‪84.6‬‬ ‫‪98.6‬‬ ‫‪94.5‬‬ ‫‪97.1‬‬ ‫‪96.1‬‬ ‫‪104.4‬‬ ‫‪105.0‬‬ ‫البحرين‬
‫‪17.6‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫‪000‬‬ ‫‪88.7‬‬ ‫‪94.9‬‬ ‫‪98.6‬‬ ‫‪86.5‬‬ ‫‪86.5‬‬ ‫‪97.9‬‬ ‫‪100.0‬‬ ‫الكويت‬
‫‪18.4‬‬ ‫‪000‬‬ ‫‪76.8‬‬ ‫‪64.8‬‬ ‫‪88.0‬‬ ‫‪75.3‬‬ ‫‪73.3‬‬ ‫‪80.2‬‬ ‫‪81.6‬‬ ‫‪90.6‬‬ ‫عمان‬
‫‪18.6‬‬ ‫‪25.0‬‬ ‫‪90.10‬‬ ‫‪75.7‬‬ ‫‪100.0‬‬ ‫‪89.6‬‬ ‫‪95.9‬‬ ‫‪94.0‬‬ ‫‪106.0‬‬ ‫‪104.6‬‬ ‫قطر‬
‫اململكة‬
‫‪28.4‬‬ ‫‪20.3‬‬ ‫‪65.8‬‬ ‫‪000‬‬ ‫‪87.6‬‬ ‫‪70.5‬‬ ‫‪92.5‬‬ ‫‪96.0‬‬ ‫‪108.1‬‬ ‫‪101‬‬ ‫العربية‬
‫السعودية‬
‫اإلمارات‬
‫‪22.5‬‬ ‫‪18.6‬‬ ‫‪57.4‬‬ ‫‪74.3‬‬ ‫‪63.8‬‬ ‫‪82.1‬‬ ‫‪70.5‬‬ ‫‪79.0‬‬ ‫‪83.3‬‬ ‫العربية ‪90.0‬‬
‫املتحدة‬

‫‪47‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫معدل القيد‬
‫معدل القيد‬ ‫معدل القيد‬ ‫معدل القيد‬ ‫معدل القيد‬
‫الصافي في‬
‫اإلجمالي في التعليم الصافي في التعليم اإلجمالي في‬ ‫اإلجمالي في التعليم‬
‫التعليم االبتدائي‬
‫الثانوي (‪ )%‬التعليم العالي (‪)%‬‬ ‫الثانوي (‪)%‬‬ ‫الدولة االبتدائي (‪)%‬‬
‫(‪)%‬‬
‫‪2005 1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪9.4‬‬ ‫‪10.4‬‬ ‫‪000‬‬ ‫‪31.8‬‬ ‫‪46.8‬‬ ‫‪40.9‬‬ ‫‪75.3‬‬ ‫‪57.3‬‬ ‫‪88.6‬‬ ‫‪73.1‬‬ ‫اليمن‬
‫‪24.36 18.0‬‬ ‫‪58.7‬‬ ‫‪52.8‬‬ ‫‪66.0‬‬ ‫‪60.1‬‬ ‫‪76.7‬‬ ‫‪83.2‬‬ ‫‪107.3‬‬ ‫‪100.4‬‬ ‫العالم‬
‫الدول‬
‫‪16.8‬‬ ‫‪11.0‬‬ ‫‪53.4‬‬ ‫‪45.9‬‬ ‫‪60.3‬‬ ‫‪52.8‬‬ ‫‪78.6‬‬ ‫‪81.5‬‬ ‫‪107.8‬‬ ‫‪100.1‬‬
‫النامية‬
‫الدول‬
‫‪21.4‬‬ ‫‪19.0‬‬ ‫‪59.4‬‬ ‫‪51.7‬‬ ‫‪68.2‬‬ ‫‪60.0‬‬ ‫‪83.0‬‬ ‫‪78.8‬‬ ‫‪95.4‬‬ ‫‪90.4‬‬
‫العربية‬
‫املصدر‪ :‬معهد اليونسكو لإلحصاء‪ ،‬تقرير املتابعة العاملي ‪.2008‬‬
‫جدول رقم (‪)5‬‬
‫اجتاهات القيد في التعليم في عدد من الدول العربية غير اخلليجية‬
‫معدل القيد معدل القيد اإلجمالي نسبة املعلمني إلى الطلبة‬ ‫معدل القيد‬
‫املرحلة‬ ‫العالي‬ ‫التعليم‬ ‫في‬ ‫التعليم‬ ‫في‬ ‫الصافي‬ ‫التعليم‬ ‫الصافي في‬
‫املرحلة االبتدائية‬ ‫(‪)%‬‬ ‫الثانوي (‪)%‬‬ ‫االبتدائي (‪)%‬‬ ‫الدولة‬ ‫رقم‬
‫الثانوية‬
‫‪2004‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪91‬‬ ‫اجلزائر‬ ‫‪1‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪93‬‬ ‫مصر‬ ‫‪2‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪58‬‬ ‫العراق‬ ‫‪3‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪92‬‬ ‫األردن‬ ‫‪4‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪94‬‬ ‫لبنان‬ ‫‪5‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪ 6‬موريتانيا‬
‫‪18‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪72‬‬ ‫املغرب‬ ‫‪7‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪97‬‬ ‫فلسطني‬ ‫‪8‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪94‬‬ ‫تونس‬ ‫‪9‬‬
‫املصدر‪ :‬معهد اليونسكو لإلحصاء‪.2007 ،‬‬

‫‪48‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫وتسجل غالبية الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج معدالت قيد أقل‬
‫من ‪ ،% 30‬حيث تتراوح بني ‪ % 9.4‬في اليمن و ‪ % 17.6‬في الكويت‪ .‬ومن اجلدير بالذكر‬
‫هنا أن البيانات املستخدمة تغطي فقط نسب القيد في التعليم العالي داخل تلك الدول‪ .‬فمن‬
‫املعروف أن الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج ترسل الكثير من الطلبة‬
‫للدراسة باخلارج في الدول الغربية املتقدمة‪ ،‬وهذه األعداد من الطلبة ال تدخل في البيانات‬
‫اخلاصة مبعدالت القيد املستخدمة في حتليلنا احلالي‪.‬‬
‫وفيما يخص نسب القيد في املستويات املختلفة للتعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬نقدم فيما‬
‫يلي بعض التفاصيل حول اجتاهات تطور االلتحاق بالتعليم في كل من الكويت واململكة‬
‫العربية السعودية واإلمارات العربية املتحدة واليمن خالل السنوات القليلة املاضية‪ .‬لكن‬
‫األمر يتطلب إج��راء مزيد من الدراسات من أجل الكشف عن العوامل التي قد تؤثر في‬
‫تطور التعليم العالي في املنطقة‪ .‬وفيما يلي نقدم حتليال الجتاهات القيد في كل من الكويت‬
‫واململكة العربية السعودية واإلمارات العربية املتحدة واليمن‪.‬‬
‫‪ -1‬دولة الكويت‪:‬‬
‫تظهر البيانات اخلاصة بالتعليم في دولة الكويت أن القيد في املدارس االبتدائية‪ ،‬منذ‬
‫العام الدراسي ‪ 2002/2001‬حتى ‪ ،2006/2005‬قد ازداد من ‪ 103498‬طالب إلى‬
‫‪ 132804‬طالب‪ % 50.5 ،‬من هذا العدد إناث و ‪ % 49.5‬ذك��ور‪ .‬وهذا ميثل معدل منو‬
‫سنوي يبلغ ‪ % 6.4‬في املتوسط‪ .‬كما ازداد القيد في امل��دارس املتوسطة مبعدل سنوي‬
‫يصل إلى ‪ % 1.2‬في املتوسط خالل نفس الفترة‪ ،‬حيث ازداد عدد الطلبة من ‪95287‬‬
‫طالب عام ‪ 2002/2001‬إلى ‪ 100114‬طالب عام ‪.2006/2005‬‬
‫وبالنسبة للمرحلة الثانوية‪ ،‬هناك نظامني تعليميني يعمالن بالتوازي‪ .‬النظام األول‬
‫ينقسم إلى شعبتني وقد بلغ عدد الطلبة املقيدين فيه ‪ 37896‬طالبا عام ‪ 2002/2001‬و‬
‫‪ 31997‬طالبا عام ‪ .2006/2005‬وتظهر هذه األعداد انخفاضا في أعداد الطلبة املقيدين‬
‫خالل هذه الفترة بنسبة تزيد عن ‪ % 4.4‬في العام‪ .‬أما النظام الثاني في التعليم الثانوي‬
‫فهو نظام املقررات‪ ،‬وقد انخفض فيه معدل القيد بنسبة سنوية تصل إلى حوالي ‪% 5.4‬‬
‫بني عامي ‪ 2002/2001‬و ‪ .2006/2005‬ويرجع انخفاض القيد في نظامي التعليم‬

‫‪49‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫الثانوي في الكويت‪ ،‬وال��ذي أدى إلى انخفاض في القيد العام باملرحلة الثانوية بنسبة‬
‫‪ %4.9‬خالل الفترة من ‪ 2002/2001‬إلى ‪ ،2006/2005‬هذا االنخفاض يرجع إلى‬
‫تقليص عدد سنوات الدراسة باملرحلة الثانوية مبقدار عام واحد‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)6‬‬
‫تطور القيد في نظام التعليم العام بدولة الكويت في الفترة من ‪ 2002/2001‬إلى‬
‫‪2006/2005‬‬
‫‪ 2006/2005‬نسبة التغير نسبة اإلناث‬ ‫‪2002/2001‬‬
‫‪% 50.5‬‬ ‫‪% 28‬‬ ‫‪132804‬‬ ‫‪103498‬‬ ‫القيد في املدارس االبتدائية‬
‫‪% 5.1‬‬ ‫‪100114‬‬ ‫‪95287‬‬ ‫القيد في املدارس املتوسطة‬
‫‪% 15.6-‬‬ ‫‪31997‬‬ ‫‪37896‬‬ ‫القيد في املدارس الثانوية (نظام الشعبتني)‬
‫القيد في املدارس الثانوية‬
‫‪% 5.4-‬‬ ‫‪30851‬‬ ‫‪38642‬‬
‫(نظام املقررات)‬

‫‪ -2‬اململكة العربية السعودية‪:‬‬


‫لقد كان التعليم في اململكة العربية السعودية على رأس أولويات احلكومة في العقود‬
‫القليلة املاضية‪ .‬فقد سعت احلكومة إلى مضاعفة اجلهود من أجل تطوير التعليم االبتدائي‬
‫في األعوام األخيرة‪ ،‬وقد أدت هذه اجلهود إلى زيادة نسب القيد عبر املراحل التعليمية‪.‬‬
‫ففي التعليم ما قبل االبتدائي‪ ،‬ازداد القيد من ‪ 330612‬طالب عام ‪ 2002/2001‬إلى‬
‫‪ 536442‬طالب عام ‪ ،2006/2005‬بينما ارتفع مؤشر املساواة بني اجلنسني ليصل‬
‫إلى ‪ 0.99‬عام ‪.2006/2005‬‬
‫وبالنسبة ملعدل القيد اإلجمالي في املرحلة االبتدائية‪ ،‬فقد ارتفع من ‪ % 89.5‬إلى ‪104.8‬‬
‫‪ %‬في الفترة من ‪ 2002/2001‬إلى ‪( 2006/2005‬كما ارتفع معدل القيد الصافي من‬
‫‪ % 88‬إلى ‪ % 92.8‬خالل نفس الفترة)‪ .‬فقد ازداد عدد الطلبة املقيدين في التعليم االبتدائي‬
‫من ‪ 2809829‬طالب عام ‪ 2002/2001‬إلى ‪ 3263648‬طالب عام ‪.2006/2005‬‬
‫أكثر من ‪ %93‬من هؤالء الطلبة مقيد في املدارس العامة‪.‬وتقدر نسبة النمو في القيد بـ ‪16‬‬
‫‪ %‬خالل مدة أربع سنوات (مبعدل منو سنوي يبلغ ‪ % 3.8‬في املتوسط)‪ .‬كما وصل معدل‬

‫‪50‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫القيد الصافي إلى ‪ %92.8‬في عام ‪ ،2006/2005‬في حني وصل مؤشر املساواة بني‬
‫اجلنسني إلى ‪.0.97‬‬
‫جدول رقم (‪)7‬‬
‫تطور القيد في نظام التعليم العام باململكة العربية السعودية في الفترة من‬
‫‪ 2002/2001‬إلى ‪2006/2005‬‬
‫نسبة اإلناث‬ ‫نسبة التغير‬ ‫‪2006/2005‬‬ ‫‪2002/2001‬‬
‫‪% 50.5‬‬ ‫‪% 16.1‬‬ ‫‪3 263 648‬‬ ‫‪2 809 829‬‬ ‫القيد في املدارس االبتدائية‬
‫‪% 45.6‬‬ ‫‪1.12-%‬‬ ‫‪1071747‬‬ ‫‪1083935‬‬ ‫القيد في املدارس املتوسطة‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫القيد في املدارس الثانوية‬

‫وبالنسبة للمرحلة املتوسطة‪ ،‬بلغ إجمالي القيد ‪ 1083935‬طالبا‪ 494281 ،‬منهم‬


‫طلبة إناث وذلك في عام ‪2002/2001‬؛ وفي العام الدراسي ‪ ،2006/2005‬بلغ عدد‬
‫الطلبة املقيدين ‪ 1071747‬طالبا‪ .‬وهذه األرقام تظهر انخفاضا في نسبة القيد مبقدار‬
‫‪ % 1.12-‬خالل هذه الفترة (مبعدل منو سنوي يقدر بـ ‪ % 0.3-‬في املتوسط)‪ .‬وفي العام‬
‫‪ 2006/2005‬بلغت أعداد الطلبة املقيدين في امل��دارس الثانوية ‪ 855525‬طالبا‪ ،‬عدد‬
‫اإلناث منهم ‪ 413324‬طالبة‪.‬‬

‫‪ -3‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‪:‬‬


‫لقد أظهر حتليل البيانات اإلحصائية اخلاصة بالتعليم في اإلم��ارات العربية املتحدة‬
‫خالل الفترة م ��ن‪ 1992/1991‬إلى ‪ 2005/2004‬واخلاصة بالصف األول من كل‬
‫مرحلة تعليمية انخفاضا في نسب التسرب‪ .‬كما أوضحت البيانات اخلاصة بنسب القيد‬
‫في كل مرحلة من مراحل التعليم ما قبل اجلامعي انخفاضا في معدالت القيد بنسبة‪%2.6‬‬
‫خالل الفترة من ‪ 2001/2000‬إلى ‪ ،2005/2004‬مع وص��ول هذا االنخفاض إلى‬
‫ذروته في املرحلة االبتدائية مسجال ‪ %9.3-‬عام ‪.2003‬‬
‫وبالنسبة للمرحلة الثانوية‪ ،‬فقد ازداد معدل القيد في املرحلة الثانوية الدنيا بنسبة ‪%5.1‬‬

‫‪51‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫بينما ازدادت تلك النسبة في املرحلة الثانوية العليا مبقدار ‪ %0.6‬فقط سنويا‪ .‬كما شهدت‬
‫املدارس الدينية والفنية انخفاضا في معدالت القيد مبقدار ‪ %6.6‬و ‪ %4.9‬على الترتيب‪.‬‬
‫ويرجع هذا االنخفاض العام في معدالت القيد بنظام التعليم العام في دول��ة اإلمارات‬
‫العربية املتحدة إلى انخفاض قبول الطلبة غير اإلماراتيني في امل��دارس العامة وزيادة‬
‫قيدهم في املدارس اخلاصة‪.‬‬

‫‪ -4‬اجلمهورية اليمنية‪:‬‬
‫لقد ركزت اجلمهورية اليمنية جهودها على خفض معدالت األمية (التي انخفضت من‬
‫‪ %55.9‬عام ‪ 1994‬إلى ‪ %45.3‬عام ‪ )2004‬كما ركزت جهودها أيضا على تطوير نظام‬
‫التعليم الرسمي العام‪ .‬وكان من نتائج تلك اجلهود انتشار برامج محو األمية وبرامج‬
‫التدريب التي عكفت احلكومة على تنفيذها خالل السنوات العشر املاضية وحاولت من‬
‫خاللها أن تلبى احتياجات كل من الصغار والبالغني الذين لم تتح لهم الفرصة لاللتحاق‬
‫باملدارس الرسمية‪ .‬فقد ارتفعت معدالت القيد في برنامج محو األمية من ‪ 84575‬متعلم‬
‫في عام ‪ 2002/2001‬إلى ‪ 618438‬متعلم في عام‪ ,2006/2005‬ومن ‪ 6317‬متعلم‬
‫في عام ‪ 2002/2001‬إلى ‪ 89232‬متعلم في عام ‪ 2006/2005‬في برنامج مهارات‬
‫التعلم األساسية‪ .‬كما منا نظام التعليم العام (التعليم األساسي والثانوي) مبقدار ‪% 2.2‬‬
‫(بنسبة منو ‪ %2.4‬بالنسبة للتعليم األساسي الذي تبلغ سنوات الدراسة فيه تسعة أعوام‪,‬‬
‫و‪ %1.1‬بالنسبة للتعليم الثانوي) خالل الفترة من‪ 2002/2001‬إلى ‪.2006/2005‬‬
‫وخالل نفس الفترة‪ ،‬مت تشجيع التعليم اخلاص الذي منا بشكل غير مسبوق مبعدل‬
‫‪ %96.4‬بني عامي ‪ 2001‬و ‪ .2005‬وهذه النسبة متثل زيادة سنوية في القيد مبقدار‬
‫‪ %18.24‬خالل هذه الفترة (‪ %19.8‬في التعليم األساسي و ‪ %11.3‬في التعليم الثانوي)‪.‬‬
‫وهذه الزيادة في معدالت القيد بالتعليم اخلاص أدت إلى زيادة حصته من الطلبة مبقدار‬
‫‪ %2.3‬من إجمالي الطلبة املقيدين في التعليم العام‪ .‬ولقد ارتبطت الزيادة في معدالت‬
‫القيد بتحسن في مؤشر املساواة بني اجلنسني بالنسبة للتعليم األساسي حيث ارتفع من‬
‫‪ 58.94‬إلى ‪ 73.23‬بني عامي ‪ 2002/2001‬و ‪.2006/2005‬‬

‫‪52‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫كما تطور التعليم الفني واملهني بصورة سريعة خالل الفترة من ‪2002/2001‬‬
‫إلى ‪ ,2006/2005‬برغم أن هذا القطاع الفرعي ال يزال صغيرا بالنسبة للتعليم العام‬
‫(‪ %3.9‬من نسبة القيد في التعليم الثانوي و ‪ %4.5‬من القيد في املرحلة اجلامعية)‪.‬‬
‫وبالنسبة للتعليم العالي فقد بلغت أعداد القيد فيه ‪ 200000‬طالب في العام الدراسي‬
‫‪ %15 ,2005/2004‬منهم مقيدين في مؤسسات تعليمية خاصة‪ .‬وهذا ميثل معدل منو‬
‫يقدر بـ ‪ %5.2‬خالل فترة ثالث سنوات‪ .‬وقد لوحظت هذه الزيادة بشكل أساسي في القيد‬
‫مبؤسسات التعليم العالي اخلاصة (‪.)%238‬‬

‫ملخص حول تطور التعليم في الدول األربع‪:‬‬


‫يوضح اجلدول رقم (‪ )8‬نسب القيد في مختلف مراحل التعليم في الدول األربع‪ .‬ففي‬
‫التعليم االبتدائي‪ ،‬شهدت اإلمارات العربية املتحدة انخفاضا بنسبة ‪ %2.6‬في القيد بينما‬
‫ارتفعت نسبة القيد في كل من الكويت واململكة العربية السعودية واليمن‪ ،‬مع بلوغ منو‬
‫القيد ذروته في الكويت(‪ .)%6.4‬وفيما يتعلق باملرحلة املتوسطة‪ ،‬انخفض معدل القيد‬
‫قليال في اململكة العربية السعودية(‪ ،)%0.3‬بينما ازداد القيد في البلدان األخرى حيث‬
‫شهدت اإلمارات العربية املتحدة أعلى معدل منو (‪ .)%5.1‬وبالنسبة للتعليم الثانوي‪ ,‬فقد‬
‫انخفضت معدالت القيد في الكويت بينما ازدادت في الدول األخرى‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫جدول رقم (‪)8‬‬


‫معدالت التغير في القيد في املراحل التعليمية املختلفة في أربع من الدول األعضاء‬
‫مبكتب التربية العربي لدول اخلليج في الفترة من ‪ 2002‬إلى ‪2006‬‬

‫متوسط املعدل السنوي للنمو في معدالت القيد (‪)%‬‬


‫املرحلة االبتدائية املرحلة املتوسطة املرحلة الثانوية التعليم الفني واملهني‬ ‫الدول‬
‫‪-‬‬ ‫‪4.9-‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪6.4‬‬ ‫الكويت‬
‫‪-‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫‪0.3-‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫اململكة العربية السعودية‬
‫‪4.9-‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫‪2.6-‬‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬
‫‪-‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫(‪)16‬‬
‫اليمن‬
‫املصدر‪ :‬قام املؤلف بحساب هذه األرقام من خالل البيانات التي وردت في دراسات احلالة‪.‬‬

‫(‪ )16‬تتعلق البيانات بالقيد في املدارس العامة فقط‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫ثانيا‪ :‬االجتاهات العامة في متويل التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية‬


‫العربي لدول اخلليج‪:‬‬
‫لقد أشار تقرير التنمية البشرية العربي لعام ‪ ،2002‬الصادر عن برنامج األمم املتحدة‬
‫اإلمنائي‪ ،‬إلى أن نسبة ما أنفقته الدول العربية على الفرد في التعليم منذ عام ‪ 1990‬يزيد‬
‫قليال عما أنفقته الدول النامية‪ ،‬لكنه أقل بكثير مما أنفقته الدول الصناعية املتقدمة (برنامج‬
‫األمم املتحدة اإلمنائي‪ .)53 :2002 ،‬وبحلول منتصف التسعينيات من القرن العشرين‪،‬‬
‫بلغت نسبة ما تنفقه الدول العربية على الفرد في التعليم حوالي ‪ % 10‬فقط مما تنفقه الدول‬
‫الصناعية‪ .‬ويأتي ذلك برغم زي��ادة نسبة اإلنفاق العام على التعليم منذ فترة السبعينيات‬
‫وحتى التسعينيات‪ ،‬في كل من البلدان العربية املنتجة للنفط وغير املنتجة للنفط‪ ،‬حيث زادت‬
‫هذه النسبة من ‪ % 8.3‬إلى ‪ % 14‬في البلدان النفطية‪ ،‬ومن ‪ 11.9‬إلى ‪ 14‬في البلدان غير‬
‫النفطية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد شهدت منطقة اخلليج في السنوات األخيرة منوا سريعا في االستثمار‬
‫في التعليم‪.‬‬
‫ويوضح اجلدول التالي اإلنفاق العام على التعليم كنسبة من الناجت احمللي اإلجمالي‬
‫وكنسبة م��ن إجمالي اإلن�ف��اق ال�ع��ام بالنسبة لعدد م��ن دول منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية والدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ .‬ويظهر اجلدول أن ما‬
‫تنفقه معظم الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج على التعليم كنسبة من‬
‫الناجت احمللي اإلجمالي يقل عما تنفقه معظم دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وبرغم ذلك‪ ،‬فإن اإلنفاق العام على التعليم في ال��دول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج كنسبة من إجمالي اإلنفاق احلكومي العام ميثل نسبة أكبر مما تنفقه دول‬
‫منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ .‬وهذا يوضح حجم اجلهود الكبيرة التي تبذلها الدول‬
‫األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج لتطوير أنظمة التعليم التي تظل واحدة من‬
‫أهم أولويات حكومات هذه الدول‪.‬‬
‫وفيما يلي سنقوم بتحليل آليات واجتاهات متويل التعليم في أربع من الدول األعضاء‬
‫مبكتب التربية العربي لدول اخلليج وهي الكويت واململكة العربية السعودية واإلمارات‬
‫العربية املتحدة واليمن‪ .‬ويقدم اجلدول رقم (‪ )10‬ملخصا الجتاهات متويل التعليم في‬
‫الدول األربع خالل الفترة من ‪ 2001‬حتى ‪.2005‬‬

‫‪55‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫جدول رقم (‪)9‬‬


‫اإلنفاق العام على التعليم كنسبة من الناجت احمللي اإلجمالي في عدد من دول منظمة التعاون‬
‫والتنمية االقتصادية وفي الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج عام ‪2002‬‬
‫اإلنفاق العام على التعليم كنسبة اإلنفاق العام على التعليم كنسبة‬
‫الدولة‬
‫من امليزانية احلكومية‬ ‫من الناجت احمللي اإلجمالي‬
‫دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫‪11.2‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‬
‫‪13‬‬ ‫‪6.9‬‬ ‫السويد‬
‫‪11.0‬‬ ‫‪6.1‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪12.7‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫فنلندا‬
‫‪10.6‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫اليابان‬
‫‪14.3‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫أستراليا‬
‫‪12.6‬‬ ‫‪5.9‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫‪9.8‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫أملانيا‬
‫‪10.6‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫هولندا‬
‫‪11.1‬‬ ‫‪4.9‬‬ ‫أسبانيا‬
‫‪9.9‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫إيطاليا‬
‫الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬
‫‪-‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫البحرين‬
‫‪13‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫الكويت (‪)2004‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫عمان‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫قطر‬

‫‪26‬‬ ‫‪6.7‬‬
‫اململكة العربية السعودية٭‬
‫السعودية(‪)2007‬٭‬
‫‪18‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬
‫‪15.9‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫اليمن (‪)2005‬‬
‫٭ األرقام تقديرية‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫جدول رقم (‪)10‬‬


‫حتليل اجتاهات متويل التعليم في أربع من الدول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج‬
‫اإلنفاق العام على التعليم كنسبة من‬ ‫اإلنفاق العام على التعليم كنسبة من الناجت‬
‫امليزانية احلكومية‬ ‫احمللي اإلجمالي‬ ‫الدولة‬
‫‪2005 2004‬‬ ‫‪2003 2002 2001 2005‬‬ ‫‪2004 2003 2002 2001‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪4.4‬‬ ‫الكويت‬
‫اململكة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪28.0‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪6.7‬‬ ‫‪-‬‬
‫السعودية‬
‫اإلمارات العربية‬
‫‪19.6‬‬ ‫‪18.0‬‬ ‫‪18.2‬‬ ‫‪18.0‬‬ ‫‪17.1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪2.0‬‬
‫املتحدة‬
‫‪15.9‬‬ ‫‪14.6‬‬ ‫‪17.5 21.26 21.1‬‬ ‫‪5.35‬‬ ‫‪5.76‬‬ ‫‪6.17‬‬ ‫‪6.54‬‬ ‫‪6.12‬‬ ‫اليمن‬

‫‪ -1‬متويل التعليم في الكويت‪:‬‬


‫تتحمل حكومة الكويت‪ ،‬مثل حكومات الدول األخرى مبنطقة اخلليج‪ ،‬كل التكاليف‬
‫اخلاصة بالتعليم العام‪ .‬فاحلكومة تقوم بتخصيص م��وارد من ميزانية الدولة لتمويل‬
‫جميع مراحل التعليم العام‪ .‬وال تقدم احلكومة متويال للتعليم اخلاص‪ .‬ومتثل ميزانية‬
‫التعليم منذ ‪ 1999‬حتى ‪ 2004‬نسبة ‪ % 4‬ف��ي املتوسط م��ن ال�ن��اجت احمللي اإلجمالي‬
‫للدولة‪.‬‬
‫وخالل الفترة من ‪ 2000‬حتى ‪ ،2004‬ازداد اإلنفاق العام على التعليم ما قبل اجلامعي‬
‫م��ن ‪ 610989066‬دي�ن��ار كويتي ليصل إل��ى ‪ 679012343‬دي�ن��ار كويتي‪ ،‬بنسبة‬
‫زيادة تقدر بـ ‪ % 11.1‬خالل األع��وام الثالثة‪ .‬وبرغم أن متوسط الزيادة السنوية يبلغ‬
‫‪ %2.7‬سنويا‪ ،‬إال أن الزيادة لم تكن مضطردة‪ .‬فبني العامني الدراسيني ‪2000/1999‬‬
‫و‪ ،2002/2001‬انخفضت ميزانية التعليم بنسبة ‪ % 15.7‬قبل أن ترتفع بنسبة ‪% 19.2‬‬
‫في عام ‪ .2002/2001‬لكنها ما لبثت أن انخفضت ثانية عام ‪ 2003/2002‬لتصل إلى‬
‫‪ 597260021‬دينار كويتي‪ ،‬ثم ارتفعت بعد ذلك بنسبة ‪ % 13.7‬في العام التالي‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫وخالل نفس الفترة‪ ،‬تزايدت معدالت القيد في التعليم ما قبل اجلامعي من ‪323169‬‬
‫طالب إلى ‪ 331457‬طالب‪ .‬وتقدر هذه الزيادة الكلية بـ ‪ ،% 2.6‬مبعدل منو سنوي قدره‬
‫‪ .% 0.6‬ويقدر منو اإلنفاق على التعليم بـ ‪( % 11.1‬أو مبعدل منو سنوي يبلغ ‪)% 2.7‬‬
‫بينما تزايد القيد بنسبة ‪( % 2.6‬مبعدل منو سنوي ق��دره ‪ .)0.6‬وأدي ذلك إلى زيادة‬
‫نسبة اإلن�ف��اق السنوي لكل طالب‪ ،‬حيث زادت ه��ذه النسبة من ‪ 1890‬دينار كويتي‬
‫لتصل إلى ‪ 2048‬دينار كويتي فيما بني عامي ‪ 2000/1999‬و ‪ ،2004/2003‬مبا‬
‫ميثل معدل زيادة يبلغ ‪( % 8.4‬أي مبتوسط منو سنوي يبلغ ‪ .)% 2.7‬وإذا ما افترضنا‬
‫وجود استخدام فعال للموارد املخصصة للتعليم‪ ،‬ميكننا القول بأن هذه الزيادة في نسبة‬
‫اإلنفاق لكل طالب يفترض بأن تنعكس إيجابيا على حتسني نوعية عمليات التعليم والتعلم‬
‫في دولة الكويت‪.‬‬
‫و يظهر حتليل البيانات اخلاصة باإلنفاق على التعليم في دولة الكويت أن نسبة كبيرة‬
‫من امليزانية تخصص للرواتب واملكافآت (‪ % 54.8‬عام ‪ 2000/1999‬و ‪ % 57‬عام‬
‫‪ ،)2004/2003‬ثم يلي ذلك النسبة املخصصة لالستثمار الرأسمالي (تراوحت هذه‬
‫النسبة بني ‪ % 32.7‬و ‪ % 28.3‬خالل هذه الفترة)‪ .‬أما نسبة اإلنفاق على الكتب وغير‬
‫ذلك من الوسائل واملواد التربوية فتتراوح بني ‪ % 2‬و ‪ % 4‬فقط من إجمالي اإلنفاق على‬
‫التعليم‪ .‬وبرغم ذلك‪ ،‬فإن النسبة املخصصة لإلنفاق على الرواتب من ميزانية التعليم تبدو‬
‫قليلة مقارنة مبعظم الدول األخرى‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬في دول منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية يقدر اإلنفاق اجلاري في املتوسط بحوالي ‪ % 92‬من ميزانية التعليم‪ ،‬ومتثل‬
‫النسبة املخصصة لرواتب املعلمني حوالي ‪ % 86‬من ميزانية التعليم االبتدائي و‪ % 80‬من‬
‫ميزانية التعليم الثانوي‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن توزيع امليزانية على بنود اإلنفاق يختلف من مرحلة تعليمية‬
‫ألخ��رى‪ .‬فمثال‪ ،‬نسبة اإلنفاق على الكتب وامل��واد التعليمية في مرحلة ري��اض األطفال‬
‫تنحصر ما بني ‪ % 0.2‬و ‪ % 0.1‬خ�لال الفترة احمل��ددة‪ ،‬بينما تقدر نسبة اإلنفاق على‬

‫‪58‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الرواتب واملكافآت األخرى بحوالي ‪ % 45.8‬في عام ‪ 2000/1999‬و ‪ % 47.8‬في عام‬


‫‪ .2004/2003‬أما نسبة النفقات الرأسمالية في هذه املرحلة التعليمية فتبلغ ‪ % 42.9‬في‬
‫عام ‪ 2000/1999‬و ‪ % 39.8‬في عام ‪ ،2004/2003‬مبا يشير إلى أهمية االستثمار‬
‫في هذا القطاع الفرعي خالل هذه الفترة‪.‬‬
‫وفيما يخص املرحلة االبتدائية‪ ،‬بلغت نسبة اإلنفاق على الرواتب واملكافآت ‪% 56.2‬‬
‫من اإلنفاق عام ‪ 2000/1999‬و ‪ % 53.8‬عام ‪ ،2004/2003‬بينما بلغت نسبة اإلنفاق‬
‫على التجهيزات الرأسمالية ‪ % 26.6‬و ‪ % 31.9‬في هذين العامني على الترتيب‪ .‬وفيما‬
‫يتعلق باإلنفاق على الكتب الدراسية‪ ،‬ظلت هذه النسبة هامشية للغاية حيث تقدر مبا يقل‬
‫عن ‪ .% 1‬وفي املرحلة املتوسطة‪ ،‬تقدر نسبة الرواتب بـ ‪ % 60.7‬من إجمالي اإلنفاق عام‬
‫‪ 2000/1999‬وبـ ‪ % 62.7‬عام ‪ .2004/2003‬وتلك هي أعلى نسبة تخصص للرواتب‬
‫واملكافآت في أي من املراحل التعليمية‪ .‬كما تتميز هذه املرحلة التعليمية أيضا بأعلى نسبة‬
‫إنفاق على اإلدارة العامة (من ‪ 11.4%‬إلى ‪ )13.4%‬بينما تبلغ أعلى نسبة إنفاق على الكتب‬
‫الدراسية (‪ % 4.1‬و ‪ )% 2.1‬في املرحلة الثانوية‪.‬‬
‫وفي املرحلة الثانوية‪ ،‬ظلت نسبة اإلنفاق على الرواتب أقل من ‪ % 51.9( % 60‬عام‬
‫‪ 2000/1999‬و ‪ % 58.6‬ع��ام ‪ .)2004/2003‬أم��ا اإلنفاق الرأسمالي في املرحلة‬
‫الثانوية فيشكل أعلى نسبة إنفاق بني جميع املراحل‪ ،‬حيث بلغت هذه النسبة ‪% 36.5‬‬
‫من اإلنفاق عام ‪ 2000/1999‬و ‪ % 27‬عام ‪ .2004/203‬وكما هو احلال في مرحلة‬
‫رياض األطفال‪ ،‬يشهد التعليم الثانوي توسعا في التجهيزات خالل فترة األربع سنوات‪.‬‬
‫وبصورة عامة‪ ،‬فإن نسبة الرواتب واملكافآت من إجمالي اإلنفاق تعد قليلة مقارنة بدول‬
‫منظمة التعاون والتنمية االقتصادية حيث تتعدي هذه النسبة ‪ % 70‬من اإلنفاق في مراحل‬
‫التعليم ما قبل اجلامعي‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫جدول رقم (‪)11‬‬


‫اإلنفاق على التعليم في دولة الكويت عامي ‪ 2002/2001‬و‪2004/2003‬‬

‫التكاليف اإلدارية األخرى‬ ‫الرواتب واملكافآت‬ ‫‪2000/2001‬‬


‫التكاليف إجمالي تكاليف‬ ‫التكاليف‬ ‫رواتب الهيئة رواتب الهيئات‬
‫التعليم‬ ‫إجمالي الرواتب تكاليف السلع تكاليف اخلدمات‬ ‫رواتب الهيئة رواتب الهيئة‬
‫اإلدارية‬ ‫املخصومة‬ ‫التدريسية املساعدة‬ ‫املرحلة التعليمية‬
‫املطلوبة‬ ‫املطلوبة‬ ‫واملكافآت‬ ‫اإلدارية‬ ‫التدريسية‬
‫اجلارية‬ ‫الرأسمالية‬ ‫األخرى‬ ‫املساعدة‬
‫‪87509223 7246065 42935706‬‬ ‫‪344236‬‬ ‫‪1151831 35831385 3118193 2198410 3599724 26915058‬‬ ‫رياض األطفال‬
‫‪101918890 17279073 4486091‬‬ ‫‪373966‬‬ ‫‪702468‬‬ ‫‪79077292‬‬ ‫‪498777‬‬ ‫‪4914485 5901142 67762888‬‬ ‫االبتدائي‬
‫‪136707643 1672182 39576426‬‬ ‫‪743014‬‬ ‫‪890795‬‬ ‫‪78775726‬‬ ‫‪357044‬‬ ‫‪3872646 6455492 68090544‬‬ ‫املتوسط‬
‫‪135482546 12819957 53638629 1700165‬‬ ‫‪1074860 66248935‬‬ ‫‪259372‬‬ ‫‪3261700 7449625 55278238‬‬ ‫الثانوي‬

‫‪7836377‬‬ ‫‪1114777‬‬ ‫‪380044‬‬ ‫‪352129‬‬ ‫‪98757‬‬ ‫‪5899670‬‬ ‫‪76439‬‬ ‫‪755101‬‬ ‫‪587243‬‬ ‫‪4480887‬‬
‫االحتياجات‬
‫اخلاصة‬
‫‪469454679 55181554 141016896 3513510‬‬ ‫‪3909717 265833008 4309825 15002342 23993226 222527615‬‬ ‫املجموع‬
‫‪2003/2003‬‬

‫‪102332961 10554770 40690913‬‬ ‫‪789129‬‬ ‫‪1385099 48913350 2524143 2124266 3836788 40428153‬‬ ‫رياض األطفال‬
‫‪210604351 28116869 66953667 1035766‬‬ ‫‪984903 113009146 501612‬‬ ‫‪4003943 7253768 101249823‬‬ ‫االبتدائي‬
‫‪179634360 26384426 37806010 2005161‬‬ ‫‪757230 112681533 400195‬‬ ‫‪3176071 4738524 104366743‬‬ ‫املتوسط‬
‫‪169501714 21110541 45774548 2102829‬‬ ‫‪1209673 99304123‬‬ ‫‪253014‬‬ ‫‪2904145 13646432 82500532‬‬ ‫الثانوي‬

‫‪11532827‬‬ ‫‪791535‬‬ ‫‪972180‬‬ ‫‪338937‬‬ ‫‪160443‬‬ ‫‪9269732‬‬ ‫‪71185‬‬ ‫‪957866‬‬ ‫‪915904‬‬ ‫‪7324777‬‬
‫االحتياجات‬
‫اخلاصة‬
‫‪673066213 86958141 192197018 6271822‬‬ ‫‪4461348 383177884 3750149 13166291 30391416 335870028‬‬ ‫املجموع‬

‫املصدر‪ :‬وزارة التربية بدولة الكويت‪.‬‬

‫‪ -2‬متويل التعليم في اإلمارات العربية املتحدة‪:‬‬


‫تواصل اإلمارات العربية املتحدة تخصيص نسبة كبيرة من ميزانيتها العامة للتعليم‪.‬‬
‫ففي العام املالي ‪ ،2005‬خصصت حكومة اإلمارات العربية املتحدة ‪ % 19.6‬من امليزانية‬
‫العامة لوزارة التربية والتعليم‪ ،‬أي حوالي ‪ 4451061000‬درهم إماراتي(‪ .)17‬وقد مثل‬
‫ذلك زيادة قدرها ‪ % 18.2‬مقارنة بعام ‪ 2000‬الذي مت فيه تخصيص مبلغ ‪3764905‬‬

‫(‪ )17‬في يناير ‪ 100 ،2008‬دوالر أمريكي = ‪ 366.5‬درهم إماراتي‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫درهم إماراتي للتعليم (أي مبعدل منو سنوي يصل إلى ‪ % 3.4‬على مدار األعوام اخلمسة)‪.‬‬
‫ومبقارنة اإلنفاق على التعليم ما قبل اجلامعي عام ‪ 2005‬بعام ‪ ،2000‬ميكن أن نالحظ‬
‫أنه برغم زيادة مستوى اإلنفاق العام بأكثر من ‪ % 124‬خالل هذه الفترة‪ ،‬إال أن نسبة‬
‫اإلنفاق على الرواتب ظلت ثابتة‪ ،‬كما أن نسبة اإلنفاق الرأسمالي ونفقات املشروعات‬
‫شهدت انخفاضا بنسبة ‪ % 6‬و‪ .% 12‬فاإلنفاق على الرواتب واألجور شكل نسبة ‪85.4‬‬
‫‪ %‬من امليزانية عام ‪ ،2000‬و ‪ % 79.7‬عام ‪ .2004‬وهذه النسب تعتبر قريبة من النسب‬
‫اخلاصة بدول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وفي عام ‪ ،2000‬قدرت حصة الرواتب في امليزانية الكلية للتعليم ما قبل اجلامعي‬
‫بنسبة ‪ ،% 85‬بينما وصل اإلنفاق العام إلى ‪ .% 10‬ومت تخصيص حوالي ‪ % 5‬من امليزانية‬
‫إلى النفقات الرأسمالية ونفقات املشروعات‪ .‬أما بنود اإلنفاق األخرى على التعليم فكانت‬
‫في وزارة التعليم العالي التي بلغ حجم إنفاقها ‪ 110‬مليون درهم إماراتي عام ‪.2004‬‬
‫ويظهر توزيع اإلنفاق عام ‪ 2004‬أنه برغم أن الرواتب متثل ‪ % 80‬من اإلنفاق على التعليم‬
‫ما قبل اجلامعي‪ ،‬إال أنها ال متثل سوى ‪ % 22‬من ميزانية وزارة التعليم العالي‪ ،‬و‪ % 70‬من‬
‫ميزانية جامعة اإلمارات‪.‬‬
‫وتتمتع الكليات الفنية العليا وجامعة الشيخ زايد مبيزانياتها املستقلة التي يتم متويلها‬
‫من امليزانية احلكومية العامة‪ .‬ويبلغ حجم األموال التي تنفق على هذه املؤسسات حوالي‬
‫‪ 783.1‬ألف درهم إماراتي‪ .‬وفيما بني عامي ‪ 2000‬و ‪ ،2004‬اختلف اإلنفاق الكلى على‬
‫التعليم العام والتعليم العالي من ‪ 5134‬مليون درهم إماراتي إلى ‪ 5982‬مليون درهم‬
‫إماراتي (بنسبة زيادة تقدر بـ ‪ .)16.5%‬وميثل ذلك نسبة من الناجت احمللي ‪ %2‬عام ‪2000‬‬
‫و ‪ % 1.8‬عام ‪ 2003‬و‪ % 1.5‬عام ‪ .2004‬وكنسبة من ميزانية الدولة‪ ،‬اختلفت ميزانية‬
‫التعليم من ‪ 16.3%‬عام ‪ 2000‬إلى ‪ %18.2‬عام ‪ 2003‬و ‪ %15‬عام ‪.2004‬‬

‫‪61‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫جدول رقم (‪)12‬‬


‫تطور ميزانية التعليم في الفترة من ‪( 2005 – 2000‬باأللف درهم إماراتي)‬

‫نسبة‬
‫الرواتب‬ ‫النفقات النفقات‬ ‫الرواتب‬ ‫العام‬
‫اإلجمالي‬ ‫املشروعات‬ ‫البند‬
‫من‬ ‫العامة الرأسمالية‬ ‫واألجور‬ ‫املالي‬
‫اإلنفاق‬
‫‪3,764,905‬‬ ‫‪149,000‬‬ ‫‪39,124‬‬ ‫‪363,077 3,213,704‬‬ ‫حجم اإلنفاق‬
‫‪% 85.4‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪%9‬‬ ‫(‪% 11.6)-‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪% 11.4‬‬ ‫معدل النمو‬
‫‪3,872,905‬‬ ‫‪152,000‬‬ ‫‪47,124‬‬ ‫‪370,077 3,303,704‬‬ ‫حجم اإلنفاق‬
‫‪% 85.3‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪% 2.9‬‬ ‫‪%2‬‬ ‫‪% 20.4‬‬ ‫‪% 1.9‬‬ ‫‪% 2.8‬‬ ‫معدل النمو‬
‫‪4,094,905‬‬ ‫‪166,000‬‬ ‫‪55,124‬‬ ‫‪600,320 3,273,461‬‬ ‫حجم اإلنفاق‬
‫‪% 79.9‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪% 5.7‬‬ ‫‪% 9.2‬‬ ‫‪% 17‬‬ ‫‪% 62.2‬‬ ‫(‪% 9.)-‬‬ ‫معدل النمو‬
‫‪4,240,405‬‬ ‫‪206,500‬‬ ‫‪39,915‬‬ ‫‪635,529 3,358,641‬‬ ‫حجم اإلنفاق‬
‫‪% 79.22‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪% 3.6‬‬ ‫‪% 24.4‬‬ ‫(‪% 27.6)-‬‬ ‫‪% 5.9‬‬ ‫‪% 2.5‬‬ ‫معدل النمو‬
‫‪4,305,500‬‬ ‫‪145,500‬‬ ‫‪45,915‬‬ ‫‪669,624 3,444,461‬‬ ‫حجم اإلنفاق‬
‫‪% 80.0‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪% 1.5‬‬ ‫(‪% 29.5)-‬‬ ‫‪% 15‬‬ ‫‪% 5.4‬‬ ‫‪% 2.6‬‬ ‫معدل النمو‬
‫‪4,451,061‬‬ ‫‪80,061‬‬ ‫‪29.032‬‬ ‫‪814,357 3,527,611‬‬ ‫حجم اإلنفاق‬
‫‪% 79.3‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪% 3.4‬‬ ‫(‪% 45)-‬‬ ‫(‪36.8)-‬‬ ‫‪% 21.6‬‬ ‫‪% 2.4‬‬ ‫معدل النمو‬
‫املصدر‪ :‬دراسة احلالة اخلاصة باإلمارات العربية املتحدة‪.‬‬

‫‪ -3‬متويل التعليم في اململكة العربية السعودية‪:‬‬


‫التعليم في اململكة العربية السعودية يتم متويله بالكامل تقريبا من امليزانية احلكومية‬
‫حيث ال يزال إسهام القطاع اخلاص في التمويل هامشيا‪ .‬لقد أنفقت احلكومة حوالي ‪%25‬‬
‫من ميزانيتها على التعليم خالل األع��وام القليلة املاضية‪ .‬وتقوم احلكومة بتخصيص‬
‫امل��وارد للمناطق واحملافظات على أساس عدد امل��دارس وعدد الطلبة واملعلمني داخل كل‬
‫منطقة ومحافظة‪ .‬أما متويل املشروعات فيتم على أساس معايير مختلفة‪ .‬وفيما يتعلق‬

‫‪62‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫بالتعليم العام االبتدائي والثانوي‪ ،‬مت تخصيص حوالي ‪ %90‬من امليزانية لرواتب املعلمني‪،‬‬
‫وهذه النسبة تشبه ما تنفقه معظم الدول النامية على رواتب املعلمني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ازداد‬
‫االستثمار في البنية التحتية التعليمية ليصل إلى ما يزيد عن ‪ 2.6‬بليون في عام ‪.2005‬‬
‫ومن بنود اإلنفاق الرئيسية األخرى تكاليف تدريب املعلمني والتكاليف اإلدارية‪.‬‬
‫وتخصص أعلى نسبة من ميزانية التعليم للتعليم االبتدائي‪ ،‬ولكن بسب النمو السريع‬
‫للتعليم الثانوي والعالي‪ ،‬فان اإلنفاق اجلاري على التعليم االبتدائي كنسبة من األنفاق‬
‫اجل��اري الكلي على التعليم ق��د انخفض م��ن ‪ %50‬ع��ام ‪ 2001‬إل��ى ‪ %43‬ع��ام ‪.2005‬‬
‫وانخفض اإلنفاق على التعليم االبتدائي كنسبة من الناجت احمللي اإلجمالي من ‪ %4.8‬إلى‬
‫‪ %3.0‬في نفس الفترة‪ ،‬وذلك نتيجة زيادة الناجت احمللي اإلجمالي للمملكة بعد االرتفاع‬
‫الكبير في أسعار البترول‪.‬‬
‫‪ -4‬متويل التعليم في اجلمهورية اليمنية‪:‬‬
‫تعتبر امليزانية العامة املصدر الرئيسي لإلنفاق على التعليم في اجلمهورية اليمنية‪،‬‬
‫ولكن خالفا للبلدان األخرى في املنطقة‪ ،‬يلعب القطاع اخلاص دورا جوهريا في متويل‬
‫التعليم‪ .‬ويبلغ متوسط نسبة ميزانية التعليم ‪ % 17.3‬من امليزانية احلكومية‪ ،‬حيث يأتي‬
‫قطاع التعليم في املرتبة الثالثة بعد وزارة اخلدمات العامة (‪ ،)% 22.1‬ووزارة الشئون‬
‫االقتصادية (‪ )% 20.7‬خالل الفترة من ‪ 2001‬إلى ‪ .2005‬ولقد انخفضت هذه النسبة‬
‫من ‪ % 19.5‬إلى ‪ % 15.7‬خالل هذه الفترة‪ .‬وفي العام املالي ‪ ،2006‬ق��درت ميزانية‬
‫التعليم بـ ‪ % 5.07‬من الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬وبرغم أن هذه النسبة تعد أقل من النسبة‬
‫التي شكلتها ميزانية التعليم من الناجت احمللي اإلجمالي عام ‪ 2001‬والتي بلغت ‪،% 6.12‬‬
‫إال أنها ال تزال مرتفعة مقارنة بالدول األخرى في املنطقة ذات الدخل األكبر‪.‬‬
‫وتتكون ميزانية التعليم من مكونني‪ :‬ميزانية احلكومة املركزية‪ ،‬وميزانية السلطات‬
‫احمللية‪ .‬مت��ول امليزانية احمللية ‪ % 89‬من املصروفات اجل��اري��ة بينما مت��ول امليزانية‬
‫احلكومية ‪ % 44‬فقط من إجمالي النفقات الرأسمالية خالل الفترة من ‪ 2002‬حتى‬
‫‪( 2006‬أنظر اجلدول رقم ‪.)13‬‬

‫‪63‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫أما التعليم العالي فيتم متويله من جانب احلكومة املركزية دون مشاركة السلطات‬
‫احمللية في التمويل‪ .‬ولقد تأثر متويل التعليم العالي بعدة عوامل أوضحتها دراسة احلالة‬
‫فيما يلي‪ :‬التوسع في مؤسسات التعليم العالي العامة‪ ،‬اجلامعات اخلاصة‪ ،‬وإنشاء وزارة‬
‫التعليم العالي‪ ،‬وإصدار قانون جديد‪.‬‬
‫يضم قطاع التعليم العام ‪ % 90‬من الطلبة ويحظى بـ ‪ % 80‬من ميزانية التعليم (‪4.72‬‬
‫‪ %‬من الناجت احمللي اإلجمالي)‪ ،‬بينما ينفق على التعليم العالي والتعليم الفني ‪% 0.86‬‬
‫و‪ % 0.21‬من الناجت احمللي اإلجمالي على الترتيب‪ .‬ومتثل النفقات اجلارية ‪ % 90‬من‬
‫إجمالي اإلنفاق في عام ‪ .2006‬وكانت هذه النسبة ‪ % 94.6‬عام ‪ .2002‬وتزداد ميزانية‬
‫التعليم األساسي الذي يبتلع أكثر من ‪ % 80‬من امليزانية مبعدل ‪ % 13.3‬سنويا‪ .‬وينفق‬
‫حوالي ‪ % 88‬من النفقات اجلارية في التعليم األساسي على املرتبات‪ ،‬وهذه النسبة تزيد‬
‫عن نظيرتها في الكويت‪ ،‬ولكنها تشبه ما ينفق على الرواتب في العديد من دول منظمة‬
‫التعاون والتنمية االقتصادية‪ .‬ورمبا يكون من املفيد عمل دراسة أخرى للكشف عما إذا‬
‫كان توزيع املوارد بهذا الشكل يعتبر مناسبا أم ال وخاصة عند األخذ في االعتبار عمليات‬
‫التعليم والتعلم‪ .‬وتبلغ كلفة الوحدة في التعليم األساسي في املتوسط ‪ 3/2‬من كلفة‬
‫الوحدة في التعليم الثانوي‪.‬‬
‫ويتم متويل التعليم الفني واملهني‪ ،‬مثله مثل التعليم العام‪ ،‬من جانب احلكومة املركزية‬
‫عبر وزارة التعليم الفني والتدريب املهني وأيضا بواسطة السلطات احمللية‪ .‬فبينما‬
‫تتحمل السلطات احمللية ‪ % 70‬من النفقات اجلارية‪ ،‬فإنها تتحمل ‪ % 3‬فقط من التكاليف‬
‫الرأسمالية التي تتحملها احلكومة املركزية‪ .‬وحتصل احلكومة املركزية على جزء من‬
‫التمويل املخصص لهذا القطاع الفرعي من القروض واملنح التي تقدمها جهات خارجية‪،‬‬
‫والتي متثل في املتوسط ‪ % 23‬من إجمالي اإلنفاق على التعليم العام و ‪ % 33.7‬من اإلنفاق‬
‫على هذا القطاع الفرعي خالل الفترة من ‪ 2002‬إلى ‪.2006‬‬

‫‪64‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫جدول رقم (‪)13‬‬


‫حصة احلكومة املركزية والسلطات احمللية في اإلنفاق على التعليم في اليمن‬
‫(‪)2006-2002‬‬
‫اإلجمالي‬ ‫النفقات الرأسمالية‬ ‫النفقات اجلارية‬
‫السلطات‬ ‫السلطات احلكومة السلطات‬ ‫السلطات احلكومة السلطات‬ ‫العام احلكومة السلطات‬
‫املالي املركزية احمللية املجموع احمللية ‪ %‬املركزية احمللية املجموع احمللية ‪ %‬املركزية احمللية املجموع احمللية ‪%‬‬
‫‪83.91 100738 84533 16205 31.12 5669‬‬ ‫‪1764‬‬ ‫‪3905‬‬ ‫‪87.06 95069 82769 12300 2002‬‬
‫‪83.68 106556 89163 17393 47.79 10273 4909‬‬ ‫‪5364‬‬ ‫‪87.51 96283 84254 12029 2003‬‬
‫‪85.16 119076 101408 17668 45.65 14487 6613‬‬ ‫‪7874‬‬ ‫‪90.64 104589 94795‬‬ ‫‪9794 2004‬‬
‫‪88.25 138295 122046 16249 47.30 14403 6812‬‬ ‫‪7591‬‬ ‫‪93.01 123892 115234 8658 2005‬‬
‫‪83.67 139404 116637 22767 48.40 21107 10215 10892 89.96 118297 106422 11875 2006‬‬
‫‪84.93‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪44.05‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪89.94‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫املتوسط‬
‫املصدر‪ :‬اإلحصاءات املالية احلكومية‪ ،‬العدد ‪ ،26‬وزارة املالية اليمنية‪ ،‬صنعاء‪.‬‬
‫النسب املئوية من حساب املؤلف‪.‬‬
‫لقد تطور التعليم اخلاص بسرعة منذ بداية التسعينيات‪ ،‬حيث بلغ عدد اجلامعات‬
‫اخلاصة ‪ 12‬جامعة عام ‪ .2006‬وهذه اجلامعات اخلاصة ضمت حوالي ‪ % 15‬من إجمالي‬
‫طلبة اجلامعات في اليمن في ذلك العام‪ .‬واحلكومة ال تقدم دعما متويليا لهذه اجلامعات‪.‬‬
‫أما اجلامعات احلكومية فتتحمل احلكومة املركزية مسئولية متويلها ما عدا ‪ % 5‬تتلقاها‬
‫من مصادر أخرى‪.‬‬
‫وع��ادة ما يتم حتويل القروض واملنح إلى بند النفقات الرأسمالية‪ ،‬وقد شكلت تلك‬
‫القروض واملنح ‪ % 3.3‬من إجمالي نفقات التعليم عام ‪ .2006‬ومن مصادر التمويل أيضا‬
‫الرسوم الدراسية التي يحدد لها معدالت معينة في مراحل التعليم املختلفة‪ .‬ولذلك فاليمن‬
‫هي الدولة الوحيدة من بني الدول األربع التي تتميز بتنوع مصادر متويل التعليم‪.‬‬
‫وفي ختام هذا التحليل الجتاهات متويل التعليم في أربع من الدول األعضاء مبكتب‬
‫التربية العربي لدول اخلليج‪ ،‬ميكننا التأكيد على أنه ال يوجد منوذج واحد لتوزيع امليزانية‬
‫حسب قطاعات التعليم أو حسب نوع اإلنفاق في هذه الدول‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فبالنظر‬

‫‪65‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫الرتفاع أسعار البترول التي تعظم من دخول دول اخلليج‪ ،‬وصغر حجم القيد في املدارس‪،‬‬
‫فليس من السهل عقد مقارنة بني هذه الدول وغيرها من الدول النامية حول حصة التعليم‬
‫من الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬دول مثل تونس وماليزيا وشيلي تنفق‬
‫على التعليم ‪ % 8.1‬و ‪ % 7.4‬و ‪ % 6.8‬من الناجت احمللي اإلجمالي لكل منها على الترتيب‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن نسبة اإلنفاق لكل طالب عند هذه الدول تعد أقل مما تنفقه الدول األعضاء‬
‫مبكتب التربية العربي لدول اخلليج حتى على الرغم من أن األخيرة تنفق على التعليم‬
‫نسبة أقل من الناجت احمللي اإلجمالي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حتليل نسبة الطالب إلى املعلمني في التعليم االبتدائي والثانوي في‬
‫الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪:‬‬
‫م��ن ب�ين العديد م��ن م��دخ�لات العملية التعليمية‪ ،‬مثل معدل املعلمني إل��ى الطالب‪،‬‬
‫ومؤهالت وخبرات املعلمني‪ ،‬ومرتبات املعلمني‪ ،‬ونسبة اإلنفاق لكل طالب‪ ،‬والتجهيزات‬
‫املدرسية والكتب الدراسية‪ ،‬وهي كلها مدخالت مهمة‪ ،‬فإننا سنركز على نسبة الطالب‬
‫إلى املعلمني لتناول موضوع الكفاءة أو الفعالية في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج‪ .‬ولقد وقع االختيار على هذا العامل بسبب توفر البيانات حوله‪ .‬كما يرجع‬
‫هذا االختيار إلى النسبة الكبيرة التي متثلها روات��ب املعلمني في اإلنفاق اجل��اري على‬
‫التعليم في جميع البلدان التي مت دراستها في هذا الفصل‪ .‬وبداية ال توجد أدلة قوية تشير‬
‫إلى أن التغير في هذه النسبة‪ ،‬عندما يكون معدلها أقل من ‪ 20‬طالب لكل معلم‪ ،‬له تأثير‬
‫إيجابي أو سلبي في حتسني نوعية التعليم (‪ .)Robert and Becker, 2006‬ومع ذلك‪،‬‬
‫فإن الصغر الكبير حلجم الصف سيؤدي إلى زيادة تكاليف رواتب املعلمني ومن ثم يؤدي‬
‫إلى هدر في استغالل املوارد التعليمية‪.‬‬
‫ويوضح اجل��دول رقم (‪ )14‬نسب الطالب إلى املعلمني في ال��دول األعضاء مبكتب‬
‫التربية العربي لدول اخلليج‪ .‬وتظهر البيانات أن معدل الطالب إلى املعلمني يتراوح بني‬
‫‪( 9‬في قطر) و‪( 19‬في عمان)‪ ،‬وهذه النسب شبيهة بتلك اخلاصة بدول منظمة التعاون‬
‫والتنمية االقتصادية بالنسبة للمرحلة االبتدائية‪ .‬فهذه النسبة تتراوح في دول منظمة‬
‫التعاون والتنمية االقتصادية بني ‪( 10‬في السويد) و ‪( 19‬في فرنسا) بالنسبة للمرحلة‬

‫‪66‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫االبتدائية‪ .‬وتقدر هذه النسبة في الواليات املتحدة األمريكية بـ ‪ 14‬وفي اململكة املتحدة بـ‬
‫‪ 17‬وذلك في عام ‪ .2005‬وميكن اعتبار النسبة املنخفضة ملعدل الطالب إلى املعلمني في‬
‫الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج مؤشرا على جودة التعليم املقدم في‬
‫هذه الدول‪ ،‬لكنها أيضا قد تكون عالمة على الهدر في استغالل املوارد إذا لم تكن جودة‬
‫التعليم في هذه الدول على نفس مستوى جودة التعليم في الدول األكثر تقدما‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)14‬‬
‫نسب الطالب إلى املعلمني في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬

‫نسب الطالب إلى املعلمني‬


‫املرحلة الثانوية املرحلة الثانوية إجمالي املرحلة‬
‫املرحلة االبتدائية‬ ‫الدولة‬
‫الثانوية‬ ‫العليا‬ ‫الدنيا‬
‫‪2004‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪0‬‬ ‫البحرين‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬ ‫الكويت‬
‫‪16‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪25‬‬ ‫عمان‬
‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪13‬‬ ‫قطر‬
‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬ ‫اململكة العربية السعودية‬
‫‪13‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬

‫املصدر‪ :‬معهد اليونسكو لإلحصاء‪2007 ،‬‬


‫وفي التعليم الثانوي‪ ،‬جند أن نسبة الطالب إلى املعلمني مشابهة للتعليم االبتدائي‪.‬‬
‫فبينما تتراوح تلك النسبة في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج بني‬
‫‪( 10‬في الكويت) و ‪( 16‬في عمان)‪ ،‬تتراوح نفس النسبة بني ‪( 7‬في بلجيكا) و ‪( 14‬في‬
‫أملانيا)‪ .‬ومن املفيد إج��راء دراس��ة على توزيع الهيئة التدريسية بني امل��دارس واملناطق‬
‫املختلفة وكيفية تأثير ذلك في تقليل املساواة بني املدارس واملناطق‪ ،‬وفي نفس الوقت في‬
‫حتسني الكفاءة والفعالية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫ومن أجل دراسة الكلفة‪-‬الفعالية لتمويل التعليم في املنطقة‪ ،‬يتعني أن يتطرق التحليل‬
‫االقتصادي ملوضوع العالقة بني اختيار االستثمار ومجموعة األهداف اخلاصة بالكم‬
‫والكيف والتي ينبغي على صناع السياسة حتديدها في كل بلد‪ .‬وهذا يعني حتليل مدى‬
‫االستفادة من املعلمني‪ ،‬ومستوى مؤهالتهم وخبراتهم‪ ،‬والعائد من الرواتب واحلوافز‬
‫التي يحصل عليها املعلمون‪ ،‬ومقارنة ذلك بتكاليف مدخالت أخرى مثل املواد التعليمية‬
‫واألدل��ة والكتب الدراسية والبنية التحتية للمدارس وجتهيزاتها‪ .‬ينبغي تقييم النفقات‬
‫التي تنفق على هذه املدخالت ومقارنتها باملخرجات والنتائج اخلاصة بالعملية التعليمية‪.‬‬
‫أما حتليل نسبة الطالب إلى املعلمني وحدها فال تقدم معلومات مفيدة حول أفضل البلدان‬
‫استغالال ملواردها التي تنفق على هيئتها التدريسية‪.‬‬
‫وفي ظل غياب املعلومات حول أداء األنظمة التعليمية‪ ،‬فلم تستطع هذه الدراسة التأكد‬
‫مما إذا كانت النسبة القليلة ملعدل الطالب إلى املعلمني‪ ،‬والتي تشير إلى توفر املعلمني‬
‫املؤهلني‪ ،‬قد أدت إلى حتسني جودة التعليم في ال��دول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج‪ .‬وفي اجلزء التالي من الدراسة سينصب التركيز على قضية توفير املوارد‬
‫لتمويل التعليم‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل الرابع‬
‫توفير موارد لتمويل التعليم‪ :‬دور‬
‫السلطات احلكومية في متويل التعليم‬

‫‪69‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪70‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل الرابع‬
‫توفير موارد لتمويل التعليم‪ :‬دور السلطات احلكومية في متويل التعليم‬
‫أوال‪ :‬منطق املشاركة احلكومية‪:‬‬
‫في ضوء األفكار االقتصادية املختلفة (وخاصة األفكار القائمة على نظرية معدالت‬
‫العائد من التعليم) اخلاصة بالتعليم والتي ظهرت في العقود األخيرة‪ ،‬ال ينبغي على‬
‫السلطات احلكومية أن تظل وحدها املصدر األساسي لتمويل التعليم‪ ،‬بل ينبغي عليها‬
‫أن تبحث عن مصادر أخرى للموارد‪ ،‬وأن تتولى مسئولية تنظيم العرض والطلب على‬
‫التعليم داخل الدولة‪ .‬وينبغي على السلطات احلكومية‪ ،‬في أي بيئة كانت‪ ،‬أن تتولى القيام‬
‫بثالث وظائف فيما يتعلق بتمويل التعليم (‪:)18‬‬
‫‪16‬‬

‫‪ -‬سن التشريعات التعليمية الوطنية‪ ،‬ومتابعة تطبيقها‪ ،‬وتقومي نتائجها؛‬


‫‪ -‬توفير التمويل الفعلى للتعليم (الذي ال ميكن االستغناء عنه في أي نوع من التعليم أو‬
‫في أية مرحلة تعليمية‪ ،‬مبا في ذلك املساعدات الفعلية أو «اخلفية» للتعليم اخلاص أو‬
‫العالي أو املستمر)؛‬
‫‪ -‬إدارة نظام التعليم العام‪ ،‬أي ضمان توفير العدد املناسب من املدارس واملعلمني والكتب‬
‫الدراسية واملواد التعليمية واألثاث والبنية التحتية‪ ..‬الخ كلما كان ذلك ضروريا‪.‬‬
‫كما أن ال��دور التمويلي للسلطات احلكومية دائما ما يكون مهما عندما تكون هناك‬
‫حاجة لالستثمار في بعض البرامج واملشروعات‪ ،‬مثل إنشاء املدارس والطرق‪ ،‬وتدريب‬
‫املعلمني‪ ،‬وامل�ش��روع��ات املرتبطة بالبنية التحتية مثل توصيل الكهرباء وبناء أسوار‬
‫املدارس‪ ،‬وبرامج التغذية املدرسية‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫ومن أدوار احلكومات املركزية أيضا تنويع التمويل التعليمي‪ ،‬والعمل على االقتصاد‬
‫التكلفة‪ ،‬واملشاركة في التكلفة‪ ،‬وتوليد الدخل في املستويات الدنيا من اإلدارة التعليمية‪.‬‬
‫وق��د يشمل تنويع مصادر التمويل العام توسيع القاعدة الضريبية‪ ،‬وتعظيم القوة‬

‫‪(18) See the IIEP Training materials on Costs and Finance (ATP 2004 /2005).‬‬

‫‪71‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫الضريبية‪ ،‬ومنح صالحيات التمويل للمستويات الدنيا‪ ،‬وتخصيص ضرائب للتعليم‬


‫بصورة عامة أو ملراحل أو أنواع معينة منه‪.‬‬
‫وف��ي حالة اإلدارة الالمركزية‪ ،‬يتطلب األم��ر إي�ج��اد آل�ي��ات تنظيمية على املستوى‬
‫املركزي لتقليل الفوارق بني املناطق الريفية واحلضرية‪ ،‬وبني املقاطعات واملجتمعات‬
‫احمللية املختلفة‪ .‬ومن بني الطرق التي ميكن استخدامها لتحقيق ذلك منح صالحية اتخاذ‬
‫القرارات حلكومات احمللية التي ينبغي أن تتحمل املسئولية األول��ى عن توفير التعليم‬
‫وإدارة الدخل واإلنفاق‪.‬‬
‫وحتى مع منح صالحيات اتخاذ القرار للمستويات الدنيا داخل األجهزة احلكومية‬
‫املركزية‪ ،‬ينبغي على احلكومة املركزية أن تظل املصدر األساسي للتمويل العام بالنسبة‬
‫للتعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬حتى عندما يتم تتحمل السلطات احمللية مسئولية إدارة‬
‫مصادر الدخل واإلنفاق‪ .‬فاملدارس احمللية تتلقى منح القيد (أو ما يطلق عليها الصكوك‬
‫التعليمية ‪ )vouchers‬من احلكومة املركزية‪ ،‬كما تتلقى األم��وال من مصادر الدخل‬
‫احمللية‪ .‬وفي بعض البلدان‪ ،‬قد يتم تقدمي املنح احلكومية للمدارس اخلاصة التي ال تقوم‬
‫بدورها بفرض رسوم دراسية على الطلبة‪ .‬وألن املنح احلكومية مرتبطة بالقيد املدرسي‪،‬‬
‫فإن هذا النظام التمويلي يقدم حوافز للمدارس كي توفر تعليما جيدا كما يتيح الفرصة‬
‫للطلبة الختيار املدارس التي يفضلونها‪.‬‬
‫أكثر احللول التي يوصى بها تتعلق باالستخدام األمثل للموارد املتاحة ومحاولة‬
‫إيجاد مصادر أخرى للتمويل‪ .‬فمن أجل متكني امليزانية احلكومية من التغلب على مشكلة‬
‫متويل نظام التعليم‪ ،‬ينصح علماء االقتصاد وهيئات املساعدة بالبحث عن مصادر‬
‫جديدة للتمويل‪ .‬هذا إلى جانب حتسني كفاءة استخدام املوارد املوجودة‪ ،‬وحتسني إدارة‬
‫النظام التعليمي‪ .‬ومن أمثلة املصادر املمكنة لتمويل التعليم‪ ،‬غير التمويل املقدم من جانب‬
‫الدولة‪ ،‬العائالت‪ ،‬السلطات احمللية‪ ،‬واملجتمعات احمللية ورجال األعمال‪ .‬كما أن املساعدات‬
‫اخلارجية والتمويل الذاتي من جانب املدارس يؤدي إلى تقليل الضغط عن امليزانية العامة‬
‫للدولة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫وميكن إلس�ه��ام��ات األس��ر ف��ي التمويل أن تأخذ شكل تقدمي م�ص��روف��ات دراسية‬
‫ورسوم استخدام وتبرعات خيرية‪ .‬وينبغي توخي احلذر عند فرض مصروفات دراسية‬
‫أو رسوم استخدام ألنها من املمكن أن يكون لها تأثير على فرص االلتحاق بالتعليم ومن‬
‫ثم املساواة بني الشرائح االجتماعية في املجتمع‪.‬‬
‫وينصح بفرض املصروفات الدراسية والرسوم التعليمية في التعليم العالي بصورة‬
‫خاصة‪ ،‬وبعد مراحل التعليم األساسي بصورة عامة‪ .‬فحقيقة أن هؤالء الذين يستفيدون‬
‫من مثل هذا التعليم سوف يحصلون على مرتبات أعلى في سوق العمل‪ ،‬هذه احلقيقة‬
‫تبرر مساهمتهم في تكلفة تعلمهم‪ .‬وللحفاظ على املساواة وتكافؤ الفرص في االلتحاق‬
‫بهذه املراحل التعليمية العليا‪ ،‬ينبغي أيضا استخدام أنظمة املنح الدراسية والقروض إلى‬
‫جانب الرسوم الدراسية‪.‬‬
‫وميكن من خالل التحصيل التدريجي للقروض استعادة بعض األموال التي أنفقتها‬
‫ال��دول��ة على األف ��راد‪ .‬وف��ي املناطق التي تعاني فيها األس��ر م��ن قلة ف��ي امل ��وارد‪ ،‬ميكن‬
‫ملساهمتهم أن تأخذ صورا أخرى غير الدفع النقدي‪ ،‬مثل تزويد املعلمني بالغذاء‪ ،‬أو القيام‬
‫بأعمال الصيانة داخل املدارس‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يجب على املدارس أن تطلب من األسر نفقات‬
‫زائدة عن احلد‪.‬‬
‫وقد تؤثر املصروفات والرسوم الدراسية ومقدارها على تقليل معدالت القيد‪ .‬وقد‬
‫يكون لها تأثير سلبي عندما تعوق األسر عن تلبية حاجاتها األساسية‪ .‬وميكن للمجتمعات‬
‫احمللية‪ ،‬سواء كانت في موقع السلطات احمللية أم ال‪ ،‬أن تسهم في متويل التعليم عن طريق‬
‫بناء املدارس وتوفير السكن للمعلمني‪ ،‬وأحيانا دفع جزء من رواتب املعلمني‪ .‬ففي بعض‬
‫البلدان‪ ،‬ذهبت بعض املجتمعات في املدن والقرى إلى أبعد من ذلك حيث تدفع كل رواتب‬
‫املعلمني كي تضمن أن هناك مدرسة في القرية واملدينة وقد تكون مشاركة املجتمعات في‬
‫صورة نقدية وقد تأخذ صور أخرى وميكن ملشاركة املجتمعات في التمويل أن تقلل من‬
‫تكاليف املباني التعليمية عن طريق استخدام املواد احمللية وأساليب البناء البسيطة‪ ،‬وعمل‬
‫الصيانة املطلوبة بأسعار منخفضة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫كما أن للشركات االقتصادية دور مهم في متويل التعليم‪ ،‬لكن مشاركتها ينبغي أن‬
‫تتركز على التعليم الفني والعالي‪ .‬وقد مت في بعض البلدان فرض بعض الضرائب على‬
‫الشركات‪ .‬وميكن تقدمي بعض احلوافز للشركات لتشجيعها على املشاركة في التمويل‬
‫مثل االستثناء من دفع الضرائب‪ .‬ويتم في بعض ال��دول مثل الصني وبتسوانا وتركيا‬
‫فرض ضرائب خاصة لتمويل برامج التوسع التعليمي‪ .‬وفى البرازيل‪ ،‬جتبى احلكومة‬
‫ضريبة تصل إلى ‪ %2.5‬من أجور موظفي القطاع اخلاص وتنفق خصيصا على التعليم‬
‫االبتدائي‪ .‬وفى عام ‪ ،1982‬فرضت حكومة كوريا اجلنوبية ضريبة تعليمية ملدة خمسة‬
‫أعوام على مبيعات التبغ‪ ,‬وبحلول عام ‪ 1987‬كانت هذه الضريبة متول ‪ %15‬تقريبا من‬
‫نفقات وزارة التعليم‪.‬‬
‫لقد بذلت العديد من الدول جهودا كبيرة لتمكن املؤسسات التعليمية من أن تصبح ذاتية‬
‫التمويل ومدرة للدخل‪ .‬وفى املرحلة األولى في هذا التوجه يحتاج األمر إلى بعض األموال‬
‫كبداية‪ .‬لكن مقدار تلك املوارد يجب مقارنته بعناية مع العوائد املتوقعة‪ ،‬وخاصة في حالة‬
‫ما إذا كانت تلك املشروعات ال ترتبط مباشرة ب��أدوار املؤسسات التعليمية‪ .‬وقد تأخذ‬
‫أنشطة توليد الدخل في التعليم العالي شكل إبرام عقود بحثية‪ ،‬وعمل دورات تدريبية‬
‫للشركات‪ ،‬وبيع اخلدمات االستشارية‪ ،‬وتأجير املمتلكات‪ .‬وقد يأخذ التمويل الذاتي‬
‫صورة العمل املنتج بواسطة الطلبة‪ .‬وقد أجريت بعض التجارب في املدارس االبتدائية‪،‬‬
‫ولكن دون أن حتقق نتائج تذكر حيث جتاوزت التكاليف الفعلية و»اخلفية» العوائد‪ .‬وقد‬
‫تنجح مثل هذه التجارب في املدارس الفنية‪ ،‬حيث تتداخل احلاجة االقتصادية مع الهدف‬
‫التعليمي‪.‬‬
‫ومن الطرق التي ميكن إتباعها لتوفير موارد إضافية للتعليم تطوير التعليم اخلاص‪،‬‬
‫واألمر الذي قد يحدث تغييرا لكن ال يترتب عليه بالضرورة تقويض الوظائف التنظيمية‬
‫للسلطات احلكومية‪ .‬ففي معظم بلدان العالم‪ ،‬يعتمد التعليم اخلاص على مساعدات من‬
‫السلطات احلكومية‪ ،‬وخاصة السلطات احمللية‪ ،‬وعلى تشريعات حكومية مشجعة‪،‬‬
‫وعلى بيئة سياسية داعمة‪ .‬ويجب أيضا على املدارس واجلامعات اخلاصة تلبية املعايير‬
‫التعليمية التي يتم وضعها على املستوى الوطني مع تدبير دخول إضافية للتعليم‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫وتوصي بعض هيئات املساعدة أيضا بتأسيس شبكة من املؤسسات اخلاصة التي‬
‫ميكنها زيادة القيد دون استخدام األموال العامة‪ .‬إن استخدام القطاع اخلاص في توفير‬
‫خدمات التعليم قد يزيد من املشكالت املتعلقة باملساواة وتكافؤ الفرص في االلتحاق‬
‫بالتعليم‪ ،‬وإشراف السلطات احلكومية على املدارس‪ .‬وتلعب اجلماعات الدينية واملنظمات‬
‫اخليرية دورا مهما في العديد من البلدان في إدارة ومتويل املؤسسات التعليمية اخلاصة‪.‬‬
‫وال ينبغي أن تكون القواعد وال�ق��وان�ين عقبة أم��ام تطور ومن��و املؤسسات التعليمية‬
‫اخلاصة‪.‬‬
‫ومي�ث��ل اللجوء للمساعدات األجنبية ض ��رورة بالنسبة لتلك ال�ب�ل��دان ال�ت��ي تواجه‬
‫صعوبات كبيرة في متويل التعليم من خالل مواردها الوطنية‪ .‬ويتطلب هذا النوع من‬
‫الوطنية‬
‫ﺍﻷﻋﻀﺎء‬ ‫السياساتﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫ضمنﻭﻭﺍﻗﻌﻪ ﻓﻲ‬ ‫�واردﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‬
‫هذه امل�‬
‫ﺗﻤﻮﻳﻞ‬ ‫ﺍﻻﺗﺠﺎﻫﺎﺕوإدراج‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ‬ ‫املصادر املختلفة‬ ‫التنسيق بني‬
‫ﺍﻟﺠﺰء ﺍﻷﻭﻝ‪:‬‬ ‫التمويلﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ –‬
‫ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ‬
‫لتطوير أنظمة التعليم‪.‬‬
‫ﺍﻷﻋﻀﺎء‬ ‫ﺍﻟﺪﻭﻝ‬
‫النامية‬ ‫ﻭﻭﺍﻗﻌﻪال�ﻓﻲ‬
‫�دول‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إح��دى‬ ‫متويلﺗﻤﻮﻳﻞ‬
‫التعليم في‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ‪2‬ﻓﻲ‬
‫مصادر‬ ‫ﺍﻻﺗﺠﺎﻫﺎﺕ‬
‫ﺍﻷﻭﻝ‪:‬مثاال على‬
‫ﺍﻟﺠﺰءالتالي‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ –الشكل‬
‫ويوضح‬ ‫ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ‬
‫(بنني)‪.‬‬
‫ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ‪2‬ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ )ﺑﻨﻴﻦ(‬
‫شكل رقم (‪)2‬‬

‫ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ )ﺑﻨﻴﻦ(‬


‫ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ; ‪2.8‬‬

‫ﺍﻵﺑﺎء; ‪29.4‬‬
‫ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ; ‪2.8‬‬

‫ﺍﻵﺑﺎء; ‪29.4‬‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ; ‪55.6‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ; ‪5.4‬‬

‫ﺍﻟﻤﻨﺢ; ‪4.8‬‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ; ‪55.6‬‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻭﺽ; ‪0.7‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ; ‪5.4‬‬
‫‪1.34.8‬‬
‫ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ;‬
‫ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔﺍﻟﻤﻨﺢ;‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻭﺽ; ‪0.7‬‬ ‫(‪.)19‬‬
‫)‪(21‬بنني‬
‫املصدر‪ :‬اإلنفاق على التعليم في‬
‫ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ; ‪1.3‬‬
‫‪(19) Extract from S. Peano and Dramani Oulai: “Educational Expenditure in Benin”, IIEP‬‬
‫‪UNESCO 1998.‬‬ ‫)‪(21‬‬ ‫‪55.6‬‬

‫‪75‬‬ ‫‪55.6‬‬
‫‪1998‬‬ ‫‪29.4‬‬
‫‪4.8‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫‪5.4‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫يظهر الشكل أن ‪ % 55.6‬من إجمالي اإلنفاق على التعليم في ها البلد يأتي من الدولة‪.‬‬
‫ويعد اآلباء املصدر الثاني لتمويل التعليم األساسي في بينني وذلك بنسبة ‪ % 29.4‬في‬
‫عام ‪ .1998‬اجلزء املتبقي من التمويل يأتي من املنظمات غير احلكومية (‪ )%5.4‬واملانحني‬
‫الدوليني (‪ % 4.8 ،% 5.5‬من هذه النسبة في صورة منح بينما ‪ %0.7‬من هذه النسبة‬
‫في صورة ق��روض)‪ ،‬وميثل اإلنفاق الذاتي نسبة ‪ ،% 2.8‬أما احلكومة احمللية فتساهم‬
‫بنسبة ‪ %1.3‬من إجمالي اإلنفاق على التعليم‪ .‬ويتمثل دور احلكومة في توفير التمويل‬
‫للتعليم وأيضا في تدبير املوارد األخرى الالزمة‪ .‬كما تلعب احلكومة املركزية دورا مهما‬
‫في حتسني إدارة املوارد املخصصة للتعليم‪ .‬وسينصب تركيز اجلزء التالي من الدراسة‬
‫على هذا اجلانب املهم من دور احلكومة في هذا الشأن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلدارة اجليدة للموارد املخصصة للتعليم‪:‬‬


‫وف��ي م ��وازاة ذل��ك‪ ،‬وب��اإلض��اف��ة إل��ى توفير م�ص��ادر متويل ج��دي��دة للتعليم‪ ،‬حتاول‬
‫احلكومات في معظم البلدان حتسني االستفادة من املوارد املتاحة‪ ،‬فضال عن إيجاد موارد‬
‫إضافية للتعليم‪ .‬إن حتسني الكفاءة في استخدام املوارد املتاحة‪ ،‬وحتسني إدارة النظام‬
‫التعليمي أمور ضرورية لكي تتمكن ميزانيات الدول من مواجهة صعوبات متويل نظم‬
‫التعليم‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد أوصت العديد من وكاالت املعونة واالقتصاديني باتخاذ اإلجراءين‬
‫التاليني بهدف حتسني استخدام املوارد املخصصة للتعليم‪:‬‬
‫‪ -‬حتسني استخدام املوارد القائمة من خالل تعديل معايير تقدمي خدمات التعليم؛‬
‫‪ -‬حتسني تنظيم وإدارة النظام التعليمي؛‬
‫هذه التدابير املقترحة ال تستبعد زي��ادة اإلنفاق العام على التعليم عن طريق زيادة‬
‫الضرائب أو زيادة نسبة األموال العامة املخصصة للتعليم (أو كليهما)‪ .‬فبعض البلدان في‬
‫واقع األمر متكنت من زيادة النسبة املخصصة للتعليم من ميزانية الدولة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فما تشير إليه هذه التدابير هو أن احلكومات يجب أن تسعى لزيادة فعالية‬
‫استخدام املوارد العامة‪ .‬ويزداد القلق في أوقات الضائقة املالية ـ عندما يتعني على البلدان‬

‫‪76‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫حتسني االستفادة من امل��وارد وحتقيق املزيد بنفس القدر من املبلغ عن طريق خفض‬
‫تكاليف الوحدة‪ ،‬وحتسني كفاءة وإدارة النظام التعليمي‪.‬‬
‫ومن أجل خفض تكاليف التعليم‪ ،‬وبخاصة في التعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬من املمكن‬
‫أن نتخذ بعض اإلجراءات في عملية توفير التعليم‪.‬‬
‫اخل�ي��ار األول ه��و زي��ادة ع��دد الطلبة ف��ي الصف ال��واح��د‪ .‬فحجم الصفوف ه��و أحد‬
‫املتغيرات التي ميكن استخدامها جلعل أعداد األماكن املطلوبة في املدارس تتناسب مع‬
‫أعداد الصفوف التي يستطيع النظام التعليمي متويلها‪ .‬فقد أظهر البحث‪ ،‬مثال‪ ،‬أن تغير‬
‫متوسط حجم الصفوف في امل��دى من ‪ 20‬إلى ‪ 45‬طالبا لكل معلم ليس له تأثير يذكر‬
‫على ما يتعلمه الطلبة في املدارس (‪.)Speas, 2003; Munoz, 2001; Johnson, 2000‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن االرتفاع الكبير في متوسط عدد الطلبة في الصف الواحد كما هو احلال‬
‫بالفعل في بعض البلدان من شأنه أن يستبعد إمكانية خفض التكاليف عن طريق زيادة‬
‫عدد الطلبة في الصف الواحد‪.‬‬
‫اخليار الثاني هو اعتماد نظام الفترتني أو الثالث فترات‪ ،‬أو الفصول ذات الصفني‬
‫الدراسيني في مرحلة التعليم االبتدائي‪ .‬وبالتالي يكون املعلم مسئوال عن مجموعتني‬
‫أو ثالث مجموعات من التالميذ‪ .‬هذا احلل ينطوي على مشكلة تقليل زمن احلصة ولكن‬
‫قد يكون فعاال ألنه يقلل من عدد املعلمني املطلوبني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وضع هذا النظام موضع‬
‫التنفيذ ليس من السهل دائما؛ حيث ميكن أن يؤدي إلى البطالة في صفوف املعلمني‪ .‬كما‬
‫أنه يثير املشاكل اإلدارية املتعلقة باستخدام واحدة من قاعات الدراسة من قبل مجموعة‬
‫أو ثالث مجموعات من التالميذ‪ .‬في بعض البلدان‪ ،‬ال يستخدم نظام الفترتني إال لسبب‬
‫عدم وجود قاعات الدراسة‪ .‬وفي تلك احلالة يكون هناك مجموعتني من الطلبة ومعلمني‬
‫اثنني يشتركان في نفس الغرفة‪.‬‬
‫ثمة خيار ثالث يتمثل في إدخال أساليب تدريس جديدة وأقل تكلفة‪ .‬فقد طبقت جتارب‬
‫التعليم عن بعد على التعليم العالي في ع��دة بلدان‪ .‬ولكن جت��ارب التدريس من خالل‬
‫التلفزيون لم تلق الكثير من احلاسمة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫اخليار الرابع هو توظيف مناوبني في هيئة التدريس؛ حيث ميكن االقتصاد في املوارد‬
‫عن طريق تخصيص بعض أوق��ات التدريس ملعلمني مساعدين أو ملتطوعني ممن تقل‬
‫مؤهالتهم عن مؤهالت املعلمني األساسيني ومن ثم يحصلون على رواتب أقل‪.‬‬
‫اخليار األخير هو حتقيق معايير اقتصاديات احلجم عن طريق ضمان أن املدارس‬
‫ليست صغيرة جدا في احلجم‪ .‬هذا األمر ليس ممكنا في كل الظروف‪ ،‬السيما في املناطق‬
‫ذات الكثافة السكانية املنخفضة‪.‬‬
‫إن حتسني كفاءة التعليم واحلد من الرسوب والتسرب من شأنه أن يزيد من فعالية‬
‫اإلنفاق على التعليم‪ .‬فخفض عدد الراسبني يجعل من املمكن‪ ،‬في الواقع‪ ،‬خفض العدد‬
‫اإلجمالي لألماكن املطلوبة في امل��دارس‪ .‬كما أن احلد من التسرب مييل إلى زي��ادة عدد‬
‫التالميذ في املدارس حسب الدورة احملددة‪ ،‬وبالتالي يقلل من الهدر في التعليم بالنظر‬
‫إلى الطلبة الذين يفشلون في استكمال الدراسة املطلوبة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن حتسني‬
‫كفاءة نظام التعليم يجعل اإلنفاق على التعليم أكثر فعالية ولكنه قد يؤدي في الواقع إلى‬
‫زيادة أعداد الطلبة‪ ،‬وبالتالي إلى زيادة احلاجة إلى األموال‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن حتسني الكفاءة يعني العمل على اتخاذ التدابير التي جتعل هذا‬
‫األمر ممكنا‪ .‬ومن بني أكثر هذه التدابير فعالية توفير عدد كاف من الكتب املدرسية للطلبة‬
‫وعدد كاف من املواد التعليمية للمعلمني‪ .‬وحتسني جودة وكفاءة التعليم يتطلب نفقات‬
‫إضافية‪.‬‬
‫إن حتقيق الالمركزية في اإلدارة‪ ،‬مع إعطاء ق��در أكبر من االستقاللية للمدارس‬
‫وحتسني إدارة نظام التعليم‪ ،‬ميكن أيضا أن يزيد م��ن فعالية اإلن�ف��اق على التعليم‪.‬‬
‫فالالمركزية من شأنها أن تكيف النفقات التعليمية وفقا الحتياجات املدارس بنجاح أكبر‪،‬‬
‫كما تؤدي إلى إعطاء قدر أكبر من املسؤولية ملديري املدارس واإلداريني احملليني‪ .‬وهذه‬
‫اإلجراءات تفترض وجود إطار من األنظمة والقوانني‪ ،‬التي حتدد بوضوح املسؤوليات‬
‫وتنظم اإلشراف على املوارد والنفقات‪ ،‬وذلك لتفادي الفساد واختالس األموال العامة‪.‬‬
‫وينبغي أن يؤدي حتسني اخلدمات اإلداري��ة‪ ،‬وخاصة إدارة أعمال املعلمني‪ ،‬إلى زيادة‬
‫كفاءة استخدام املوارد املتاحة للتعليم‪ .‬كما ميكن أن توفر الضرائب موارد إضافية للدول‬
‫لإلنفاق على التعليم‪ ،‬مع ضمان املساواة في العبء الضريبي‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫ثالثاً‪ :‬النمو االقتصادي‪:‬‬


‫حتقيق النمو االقتصادي املناسب يجعل من املمكن متويل النظام التعليمي في الدول‬
‫ذات الدخل احمل��دود‪ .‬ف��اإلج��راءات التي ينصح بها للتغلب على صعوبة متويل النظام‬
‫التعليمي ليست كافية ملواجهة الزيادة الكبيرة في أعداد الطلبة والعمل على حتسني جودة‬
‫التعليم‪ .‬ولكن األمر يكون مختلفا بالنسبة لالقتصاد «الصحي»‪ ،‬حيث ميكن حينئذ التوسع‬
‫في النظام التعليمي‪ ،‬أي توفير متويل كاف للتعليم يتناسب مع التنمية االقتصادية‪ .‬كما أن‬
‫مستويات محو األمية ومستوى املؤهالت التعليمية للسكان تعد من الشروط الضرورية‬
‫جللب االستثمار األجنبي في أية دولة‪ ،‬ومن ثم زيادة منوها االقتصادي‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬حتديد األولويات‪:‬‬


‫يجب حتديد األولويات بالنسبة للعمل العام‪ .‬فنقص املوارد قد يدفع إلى التساؤل حول‬
‫أولويات العمل العام‪ .‬أال ينبغي على الدولة أن تضع التنمية االقتصادية واالجتماعية على‬
‫رأس األولويات؟ وفيما يتعلق بالتعليم‪ ،‬يجب أن يركز التمويل العام أوال على مشروعات‬
‫التوسع في التعليم األساسي وتطوير جودته‪ .‬فاإلنفاق ذو الطبيعة التعليمية الصرفة‬
‫ينبغي أن يحظى باألولوية على اإلن�ف��اق على مساعدات الطلبة‪ .‬فالتعليم يحدث في‬
‫حجرات الدراسة في املقام األول‪ ،‬حيث يوجد معلم ومجموعة من الطلبة‪ .‬وترتبط فعالية‬
‫التعليم أوال مبدى دافعية املعلم ونوعيته ومبدى توفر مواد التدريس اجليدة بني يديه‪.‬‬
‫ولضمان فعالية اإلنفاق على التعليم‪ ،‬يجب إعطاء املعلمني رواتب مناسبة‪ ،‬ويجب أن تهيأ‬
‫لهم ظروف عمل مناسبة‪ ،‬ويجب أن يشعروا بتقدير اجتماعي‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل اخلامس‬
‫معايير توزيع املوارد داخل األنظمة‬
‫التعليمية‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪82‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫الفصل اخلامس‬
‫معايير توزيع املوارد داخل األنظمة التعليمية‬
‫ينصب تركيز هذا الفصل على املعايير التي تستخدمها احلكومة لتوزيع املوارد داخل‬
‫األنظمة التعليمية‪ .‬فهناك عدد من الشواغل االجتماعية واألخالقية واالقتصادية واإلدارية‬
‫التي حتدد منط تخصيص املوارد االقتصادية للتعليم‪ .‬ومن بني هذه الشواغل املساواة‬
‫وحاجات الطلبة واملدارس‪ .‬ويوضح هذا الفصل كيف أن قضية املساواة قد دخلت ضمن‬
‫النقاش الدائر حول متويل التعليم‪ ،‬وسيتطرق التحليل أيضا إلى كيفية إيجاد معادلة‬
‫لتوزيع م��وارد التعليم حتقق كل من املساواة واحتياجات الطلبة وامل��دارس‪ ،‬إلى جانب‬
‫حتسني كفاءة استخدام املوارد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬املساواة في االستثمار التعليمي‪:‬‬


‫كما ذك��رن��ا م��ن ق�ب��ل‪ ،‬ف��إن االستثمار ف��ي التعليم ق��د ازداد بشكل كبير ف��ي فترة‬
‫الستينيات والسبعينيات مما انعكس على التوسع الكبير في تقدمي اخلدمات التعليمية‬
‫عبر العالم كله‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وبرغم هذا االستثمار الضخم في التعليم‪ ،‬ال يزال هناك فقر‬
‫وتفاوت صارخ في الثروة والفرص في العالم إضافة إلى انتشار البطالة بني املتعلمني‬
‫(‪ .)Psacharopoulos and Woodhall, 1985, P. 4‬واعتمادا على تقارير البنك الدولي‪،‬‬
‫يشير سيجدل )‪ )Sigdel, 2004‬إلى أن هذه احلقيقة تبني التحيز ال��ذي ينطوي عليه‬
‫اإلنفاق العام في معظم البلدان النامية‪ .‬فاخلمس األق��ل دخال من البشر هم األق��ل من‬
‫حيث املستوى التعليمي‪ ،‬فاألطفال املنحدرون من أسر فقيرة تقل فرص حصولهم على‬
‫التعليم وتقل هذه الفرص أكثر وأكثر كلما تقدمنا في إلى املستويات العليا من التعليم‬
‫وذلك مقارنة بأبناء األسر الغنية‪ ،‬كما أن معدل تسربهم أو رسوبهم يزداد مع التقدم‬
‫في التعليم (تقرير البنك الدولي ‪ ،2003‬الفصل ‪ 2‬و ‪ .)20( )7‬ولذلك فقد أصبحت قضية‬
‫املساواة في متويل التعليم وعالقتها بفعالية وكفاءة النظام التعليمي مثار جدل في‬
‫فترة الثمانينيات‪ .‬فقد أشار تقرير التنمية العاملي عام ‪ 1980‬و ‪ ،1981‬إلى أن النظام‬
‫‪(20) Quoted from The Political Economy of Public Spending on Education, Inequality, and Growth‬‬
‫‪by Mark Gradstein. World Bank Policy Research Working Paper 3162, November 2003.‬‬

‫‪83‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫التعليمي ميكنه حتقيق هدفي املساواة والكفاءة في ذات الوقت‪ ،‬كما انتهت ورقة سياسة‬
‫قطاع التعليم الصادرة عن البنك الدولي عام ‪ 1980‬إلى أن املساواة في التعليم والتنمية‬
‫االقتصادية هدفان متسقان ال ميكن التضحية بأحدهما‪.‬‬
‫وتعني كلمة املساواة في التعليم «حصول كل طفل‪ ،‬بغض النظر عن ظروفه‪ ،‬على تعليم‬
‫ميكنه من تنمية قدراته بصورة كاملة» (صندوق النقد الدولي‪ .)1998 IMF‬وكما أشار‬
‫صندوق النقد الدولي (‪ ،)1998‬فإن «الدول املختلفة تطبق استراتيجيات مختلفة لزيادة‬
‫املساواة‪ .‬فبعض الدول اعتمدت إستراتيجية تشجيع استخدام امل��وارد العامة لالرتقاء‬
‫بالشريحة الدنيا في توزيع الدخل‪ .‬وركزت دول أخرى على الشرائح العليا من خالل‬
‫زيادة الضرائب»‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬أكد البنك الدولي على أهمية إتباع إستراتيجيات‬
‫االستثمار في التعليم من أجل «التغلب على مشكلة التوزيع غير العادل للموارد واالرتقاء‬
‫ب��األداء العام للمدرسة» (‪ .)Psacharopoulos and Woodhall, 1985 P.4‬وفيما يلي‬
‫نعرض اإلستراتيجيات التي اقترحها البنك الدولي من أجل التغلب على مشكلة التوزيع‬
‫غير العادل للموارد العامة كما بينتها دراسة ساكاروبولس وودهول (‪Psacharopoulos‬‬
‫‪:)and Woodhall 1985, 5‬‬
‫‪ -‬يجب توفير التعليم األس��اس��ي جلميع األط�ف��ال والكبار بقدر ما تسمح به املوارد‬
‫والظروف‪.‬‬
‫‪ -‬من أجل زيادة اإلنتاجية وحتقيق املساواة االجتماعية‪ ،‬ينبغي توفير فرص التعليم‬
‫بصرف النظر عن االختالف في اجلنس أو اخللفية العرقية أو املكانة االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي على النظام التعليمي أن يحاول حتقيق أقصى درجة من الكفاءة الداخلية في‬
‫اإلدارة‪ ،‬وفي توزيع واستخدام املوارد املتاحة وذلك من أجل زيادة اجلودة وحتسني‬
‫املساواة في التعليم‪.‬‬
‫وهكذا فإن ربط كل من اإلنتاجية واملساواة االجتماعية بالتعليم هو املبدأ األساسي في‬
‫جميع اإلستراتيجيات السابقة‪ .‬ولذا‪ ،‬انصب التركيز على توفير الفرص التعليمية جلميع‬

‫‪84‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫األطفال والكبار ب��دون أي متييز؛ بعبارة أخ��رى‪ ،‬االستثمار في التعليم حتى تتحسن‬
‫جودته‪ ،‬وتزداد الكفاءة الداخلية للنظام التعليمي‪ ،‬وتقل الالمساواة االجتماعية‪.‬‬
‫وعادة ما يشار إلى معدل العائد من التعليم عند إعداد اإلستراتيجيات ووضع األولويات‬
‫اخلاصة باالستثمار في التعليم‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬طبقا لزاجن (‪« ،)Zhang, 2002‬فإنه خالل‬
‫الثالثني عاما املاضية‪ ،‬مالت الدول األكثر تفاوتا في توزيع الدخل إلى اإلنفاق بصورة أكبر‬
‫على التعليم اجلامعي وبصورة أقل على التعليم الثانوي‪ .‬وخالل نفس الفترة الزمنية‪ ،‬مالت‬
‫الدول التي تنفق أكثر على التعليم الثانوي في أحد العقود إلى الشعور بتقليص الفجوة في‬
‫توزيع الدخول في العقد الذي يليه‪ .‬لذلكن فإن العالقة بني توزيع اإلنفاق التعليمي وتوزيع‬
‫الدخل تقدم تفسيرا محتمال الستمرار حالة الالمساواة في بعض املجتمعات» (ص ‪ .)1‬وقد‬
‫ذكر كثيرا «أن اإلنفاق العام على التعليم العالي في الدول النامية يأتي بنتائج عكسية تتمثل‬
‫في حتويل الدخل من األسر الفقيرة إلى األسر الغنية‪ ،‬التي يستفيد أبناؤها من التعليم العالي‬
‫املدعوم من جانب الدولة»‪.‬‬
‫وق��د انتهى ك��ل م��ن جرادستاين (‪ )Gradstein, 2003‬وس��اك��اروب��ول��س ووده��ول‬
‫(‪ )Psacharopoulos and Woodhall, 1985‬في دراساتهم إلى أن التمويل العام يذهب‬
‫في كثير من األحيان ملصلحة املجموعات السكانية األكثر نفوذا‪ .‬وهذا التحيز في اإلنفاق‬
‫العام يبدو أكثر ب��روزا في البلدان النامية‪ .‬فقد أظهرت دراس��ة أجراها البنك الدولي أن‬
‫األداء األكادميي في املجر قد تدهور خالل السنوات األخيرة مع زيادة الفوارق في األداء‬
‫بني الشرائح االجتماعية املختلفة‪.‬‬
‫وفي نفس الدراسة‪ ،‬أشار كل من ساكاروبولس وودهول إلى أن الالمساواة ميكن‬
‫تقليلها م��ن خ�لال تخصيص م ��وارد إضافية إل��ى أك�ث��ر ال�ب�ل��دان وامل�ن��اط��ق واجلماعات‬
‫االجتماعية حرمانا‪ .‬وميكن القيام بذلك فقط إذا مت حتديد ه��ذه اجلماعات احملرومة‬
‫بصورة صحيحة وإذا أعطت احلكومات واملؤسسات الدولية مثل البنك الدولي أولوية‬
‫كبيرة إلعادة توزيع امل��وارد (املرجع السابق‪ .)258 :‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬أظهرت األبحاث‬
‫أن هناك عالقة قوية بني توزيع املوارد وأداء األطفال‪ .‬فقد أشار داين بان وآخرون (‪Pan‬‬
‫‪ )Diane et al, 2003‬أن تخصيص املوارد ملناطق بعينها وألنشطة بعينها ميكن أن يؤدي‬

‫‪85‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫إلى نتائج ملموسة في أداء الطلبة‪ .‬كما أشارت الدراسات إلى أن األمثلة اخلاصة ببعض‬
‫البلدان توضح إمكانية اجلمع بني األداء املتميز والتوزيع االجتماعي العادل لفرص التعلم‬
‫(البرنامج الدولي لتقييم الطالب ‪ .)21( )2000 ،PISA‬إن األمثلة اخلاصة بكندا وفنلندا‬
‫واليابان وكوريا والسويد تشير إلى أن أداء الفقراء في امل��دارس ال يتبع بصورة آلية‬
‫منطا معينا غالبا ما يرتبط بالطلبة املنحدرين من خلفيات اجتماعية اقتصادية محرومة‪.‬‬
‫فالنتائج اخلاصة بتلك الدول تظهر أن هدف حتقيق توزيع عادل ومرتفع للنتائج التعليمية‬
‫ميكن بلوغه بفعالية (‪.)OECD,2004‬‬
‫ويعد متويل التعليم شاغال عاما بالنسبة جلميع مستويات النظام التعليمي ـ املستوى‬
‫الوطني‪ ،‬ومستوى الواليات‪ ،‬واملناطق التعليمية‪ ،‬وامل��دارس‪ .‬حقا‪ ،‬فمستقبل كل طفل‪،‬‬
‫وأيضا مستقبل كل أمة‪ ،‬يتوقف إلى حد كبير على جودة النظام التعليمي‪ .‬ويعد التوزيع‬
‫العادل للموارد شاغال كبيرا للدول النامية‪ ،‬وخاصة بالنسبة لتك الدول التي ال ميكن فيها‬
‫تدبير متويل إضافي للتعليم االبتدائي وليس أمامها خيار سوى استغالل املوارد املتاحة‬
‫بطرقة فعالة وعادلة‪ .‬ولذلك يجب التطرق باهتمام للسؤال اخلاص باالستراتيجيات التي‬
‫مت تطبيقها وأثبتت فعالية في متويل التعليم بصورة عادلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إستراتيجيات حتقيق املساواة في متويل التعليم‪:‬‬


‫حتدث الالمساواة في توزيع التمويل العام نتيجة عدم توجيه املوارد لصالح املجموعات‬
‫االجتماعية احملرومة كالطلبة الفقراء واإلن��اث واألقليات العرقية أو السكان األصليني‪.‬‬
‫فيمكن للتمويل احلكومي أن يركز على الطلبة الذين ال يستطيعون حتمل تكاليف التعليم‬
‫الذي اختاروه في كل من املؤسسات التعليمية اخلاصة والعامة‪ ،‬كأن توفر لهم احلكومة‪،‬‬
‫على سبيل املثال‪ ،‬منحا تعليمية أو تقوم بتوسيع فرص االلتحاق بالتعليم أو تعمل على‬
‫حتسني اجلودة التعليمية (‪ .)Psacharopoulos and Woodhall, 1985, P.137‬وهناك‬
‫بصورة عامة إستراتيجيتان مشهورتان في هذا الصدد‪ :‬إحداهما تعتمد على المركزية‬
‫اإلدارة التعليمية بحيث يتم تخطيط وإدارة املوارد املالية املتاحة بواسطة املدارس ذاتها‬

‫‪(21) PISA study was conducted in OECD countries that measured 265,000 15 years old on literacy‬‬
‫‪in reading, mathematics and science.‬‬

‫‪86‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫أو بواسطة احلكومات احمللية‪ .‬أما اإلستراتيجية األخ��رى فتعتمد على التمويل حسب‬
‫االحتياجات اخلاصة بالطلبة واملدارس‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلدارة الالمركزية‪:‬‬
‫هناك الكثير من األدبيات التي تتحدث عن قضية الالمركزية‪ ،‬ولن نتطرق هنا إلى‬
‫حتليل كل هذه األدبيات‪ .‬إننا نحتاج فقط إلى أن نلقى الضوء على اخلاصية أو السمة‬
‫األساسية لألشكال املختلفة من الالمركزية وكيف يتم استخدامها لزيادة املساواة في‬
‫توزيع امل��وارد التعليمية‪ .‬الالمركزية تتضمن ع��ادة أشكاال مختلفة يتم فيها االحتفاظ‬
‫ببعض اإلج ��راءات املركزية التي قد تزيد أو تقل من حيث درجتها‪ .‬وم��ن بني الصور‬
‫الشائعة لالمركزية في كثير من البلدان اعتماد اإلدارة القائمة على املدرسة ‪school-‬‬
‫)‪ based management (SBM‬فقد أظهر دوهو أبو )‪ Duhou-Abu (1999‬أن اعتماد‬
‫اإلدارة القائمة على املدرسة يعني «إح��داث تغيير كبير يؤدي إلى حركة في اجتاه نقل‬
‫السلطات» (ص ‪ .)18‬وف��ي ظل ه��ذا النظام من اإلدارة الالمركزية‪« ،‬يتم حتديد مهام‬
‫اإلدارة املدرسية طبقا خلصائص واحتياجات املدرسة ذاتها‪ ،‬ومن ثم فإن أعضاء املدرسة‬
‫(مبن فيهم هيئة اإلدارة‪ ،‬واملشرفني‪ ،‬والنظار‪ ،‬واملعلمني‪ ،‬وأولياء األمور والطلبة‪ ...‬الخ)‬
‫يتمتعون باستقاللية ومسئولية أكبر في استخدام املوارد حلل املشكالت وتنفيذ األنشطة‬
‫التعليمية الفعالة‪ ،‬من أجل التنمية طويلة املدى للمدرسة» (‪Cheng, 1996, P.44, quoted‬‬
‫‪.)from Duhou-Abu, 1999 P.114‬‬
‫وتعتمد كثير من البلدان على المركزية اإلدارة التعليمية وتفويض الصالحيات‬
‫للمستويات احمللية ومستوى املؤسسات التعليمية بهدف حتسني الكفاءة وتقاسم‬
‫التكاليف وتقدمي خدمة تعليمية أفضل‪ .‬إن السؤال اخل��اص مب��دى استمرارية متويل‬
‫التعليم بصورة حتقق كال من العدالة واجل��ودة يعد من األسئلة املهمة بالنسبة جلميع‬
‫الدول األسيوية (‪ )Asian Development Bank, 2002, P.2‬ومع ذلك‪ ،‬فنظام اإلدارة‬
‫القائمة على املدرسة ينتشر حاليا في مناطق أخرى من العالم‪ ،‬مبا فيها أجزاء من القارة‬
‫األوروبية‪ ،‬ومعظم دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬وشرق أوروبا‪ ،‬وإسرائيل‪،‬‬
‫وال��دول النامية‪ .‬ويطبق أكثر أنظمة اإلدارة القائمة على املدرسة تطرفا في فيكتوريا‬

‫‪87‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫واستراليا (‪ .)Duhou-Abu, 1999, P.19‬ومن بني السمات األساسية في هذا االنتقال‬


‫نحو امل��دارس ذاتية اإلدارة «تطوير وتنفيذ منوذج التمويل القائم على املدرسة والذي‬
‫يسيطر على نسبة كبيرة من املوارد املالية املتاحة على مستوى املدرسة» (‪.)Hill, 2003‬‬
‫املخاطر املرتبطة بالالمركزية في إدارة املدارس‪:‬‬
‫لقد ظلت قضية املساواة في بؤرة اإلدارة املدرسية الالمركزية‪ .‬فعلى عكس النتائج‬
‫املتوقعة‪ ،‬تزايد التفاوت وتزايدت الالمساواة في بعض البلدان بعد تطبيق ال مركزية‬
‫التعليم‪ .‬فتجربة كل من شيلي وبوركينافاسو تظهر أن الالمركزية ميكن أن تزيد من‬
‫الالمساواة من خالل «توسيع الفجوة املوجودة في األداء بني طلبة املناطق الغنية وطلبة‬
‫املناطق الفقيرة» (‪ .)Fiske, 1996, P.27‬وميكن أن تؤدي الالمركزية إلى زيادة الفجوة‬
‫بني األغنياء والفقراء عن طريق تقدمي تعليم أفضل لطلبة املناطق الغنية عن ذلك الذي يقدم‬
‫لطلبة املناطق الفقيرة‪ ،‬ومن ثم زيادة فرص الطلبة الذين حصلوا على تعليم أفضل مقارنة‬
‫بأقرانهم من الفقراء‪ .‬وميكن حتاشي ذلك لو عمدت احلكومة إلى جعل تقليل الفجوة هدفا‬
‫من أهداف سياسة الالمركزية‪ ،‬وهو ما يتطلب احتفاظ احلكومة بدور مركزي في اتخاذ‬
‫خطوات عالجية وتعويضية كتقدمي منح خاصة للمدارس األقل أداء‪.‬‬
‫ومن بني الطرق التي ميكن من خاللها حل مشكلة التفاوت بني املدارس والطلبة الذين‬
‫ينتمون إلى مناطق مختلفة نظام التمويل القائم على تقدير االحتياجات وال��ذي ميكن‬
‫تطبيقه في ظل األنظمة اإلدارية املختلفة ـ املركزية والالمركزية والقائمة على املدرسة‪.‬‬
‫فقد أشار كل من روس وليفاسيك )‪ )Ross and Levacic, 1999‬إلى أنه «ميكن حتقيق‬
‫قدرا أفضال من املساواة في الفرص التعليمية من خالل نظام التمويل القائم على تقدير‬
‫االحتياجات وال��ذي يضمن حتقيق م�س��اواة أفقية في توزيع امل��وارد وال��ذي يأخذ في‬
‫اعتباره االحتياجات التعليمية التكميلية للطلبة» (ص ‪ .)23‬وفيما يلي سنقوم بتوضيح‬
‫املبادئ والعناصر األساسية لنظام التمويل القائم على تقدير االحتياجات‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫‪ -2‬التمويل القائم على تقدير االحتياجات‪:‬‬


‫فيما يتعلق بتعريف مفهوم التمويل القائم على تقدير االحتياجات وتطوره التاريخي‪،‬‬
‫يرى روس وليفاسيك )‪:)Ross and Levacic, 1999‬‬
‫أن التمويل القائم على تقدير االحتياجات هو مدخل خاص لتصميم معادلة متويلية‬
‫بحيث أن م�ق��دار التمويل املخصص لكل م��درس��ة يتم حت��دي��ده على أس��اس حتليل ما‬
‫حتتاجه املدرسة من أجل تقدمي نوعية محددة من التعليم لطلبتها‪ .‬واستخدام تقديرات‬
‫االحتياجات لتحديد احلصص املالية للمدارس ليس مفهوما جديدا‪ .‬فالعديد من وزارات‬
‫التعليم في العالم لديها بالفعل نوعا بسيطا من أنظمة تقدير االحتياجات‪ ،‬والذي يسترشد‬
‫بنسبة الطلبة إلى املعلمني كدليل أثناء اتخاذ القرارات‪ .‬ولكن يوجد في بعض أنظمة التعليم‬
‫مؤشرات لقياس حالة الفقر أو تدهور األوضاع االجتماعية االقتصادية‪ ،‬وعلى أساس هذه‬
‫املؤشرات يتم تقدمي موارد إضافية للمدارس التي توجد في مجتمعات تصنف على أنها‬
‫محرومة أو فقيرة‪ .‬وقد حدث تطور كبير في اجلوانب النظرية والتطبيقية لنظام التمويل‬
‫القائم على تقدير االحتياجات خالل فترة التسعينيات عندما بدأت بعض أنظمة التعليم‬
‫في بلدان مثل أستراليا وكندا ونيوزيلندا واململكة املتحدة والواليات املتحدة األمريكية‬
‫تطبيق درجة عالية من الالمركزية في اإلدارة التعليمية‪ .‬ففي ظل منوذج اإلدارة القائمة‬
‫على املدرسة‪ ،‬فإن أكثر من ‪ % 80‬من املوارد املتاحة لنظام التعليم تكون خاضعة للسيطرة‬
‫املباشرة للمدارس ذاتها (ص‪.)4‬‬
‫كما أشار كل من روس وليفاسيك إلى أن أكثر الطرق تعقيدا لنظام التمويل القائم على‬
‫تقدير االحتياجات ترتبط باجلهود احلديثة إلصالح التعليم العام في عدد من البلدان‪،‬‬
‫وخاصة إذا كان هذا اإلصالح يتضمن منح صالحيات في السلطة واملسئولية واملساءلة‬
‫للمدارس في إطار من الالمركزية في ظل سياسات وأولويات ومعايير معينة‪ .‬وإذا كان‬
‫املفترض توزيع املوارد على املدارس مباشرة كميزانية إجمالية‪ ،‬فإن احلكومة وأجهزتها‬
‫تواجه أسئلة من قبيل‪ :‬ما مقدار التمويل الذي ينبغي تخصيصه لكل مدرسة؟ وما العوامل‬
‫التي ينبغي أخذها في االعتبار في حتديد مستوى املوارد التي ينبغي تخصيصها ملدرسة‬
‫معينة؟ ومثل هذه األسئلة تثير أسئلة أخرى‪ ،‬وخاصة عندما يصبح من الواضح أن املداخل‬

‫‪89‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫احلالية لتوزيع املوارد هي مداخل غير واضحة وغير متسقة‪ ،‬وفي بعض احلاالت تخضع‬
‫للتالعب كنتيجة لالستجابة لبعض االلتماسات أو التدخالت السياسية‪ .‬وهكذا فإن األمر‬
‫يحتاج إلى درجة عالية من النزاهة والشفافية‪ ،‬ولذا فقد مت تطوير نظام التمويل القائم على‬
‫تقدير االحتياجات على أساس حتليل ما حتتاج املدارس إلى إنفاقه من أجل تقدمي نوعية‬
‫معينة من التعليم جلميع طالبها (‪ .)Ross and Levacic, 1999, P.10‬ومع ذلك‪ ،‬فهذا ال‬
‫يعني أن توزيع املوارد على أساس االحتياجات يطبق فقط في اإلدارة الالمركزية القائمة‬
‫على املدرسة‪ .‬على العكس متاما‪ ،‬يرى روس وليفاسيك )‪)Ross and Levacic, 1999‬‬
‫أنه برغم ظهور هذا املدخل في التمويل في ظل األنظمة الالمركزية‪ ،‬إال أن نفس األسباب‬
‫ونفس األسئلة تشكل مداخل توزيع املوارد في أي نظام في التمويل العام‪ ،‬حتى ولو كان‬
‫يطبق درجة عالية من املركزية‪.‬‬
‫إن القيم أو االفتراضات التي تشكل أساس مفهوم التمويل القائم على تقدير االحتياجات‬
‫كما ظهر في الدول الغربية املتقدمة هي نفسها القيم واالفتراضات التي شكلت املجتمعات‬
‫الغربية تاريخيا‪ .‬وطبقا لسوانسون وكينج )‪ ،Swanson and King, (1991‬فهناك‬
‫خمسة قيم أو سياسات تتصل باتخاذ قرارات حول تقدمي اخلدمات التعليمية‪ :‬احلرية‪،‬‬
‫واملساواة‪ ،‬واإلخاء‪ ،‬والكفاءة‪ ،‬والنمو االقتصادي‪.‬‬
‫احلرية قيمة تراثية تظهر في ص��ور مختلفة‪ .‬فالتنوع واالختيار ميكن الدفاع عنهما‬
‫كقيمتني في حد ذاتهما يدعمان حرية الفرد عند استهالك إحدى اخلدمات التي تقدمها الدولة‪،‬‬
‫وأيضا كمحفزتني للمنتجني لالرتقاء بجودة منتجاتهم (‪.)Ross and Levacic, 1999, P.13‬‬
‫وتبدو قيمة احلرية والكفاءة في مقدمة األمور التي تشكل السياسة العامة حيث تظهر قيمة‬
‫احلرية في السياسة اخلاصة باالختيار‪ ،‬لتعكس وجهة النظر التي ترى أن من الواجب أن‬
‫تكون هناك مجاالت وفرص الختيار املدارس أمام اآلباء والطلبة بصورة أكبر عما كان عليه‬
‫احلال من قبل (املرجع السابق‪.)16 :‬‬
‫املساواة أيضا من القيم التراثية‪ ،‬التي يقصد بها في األساس الرغبة في أن يتم التعامل‬
‫مع الناس صورة متساوية‪ .‬وتتطلب املساواة األفقية أن يحصل طلبة النظام التعليمي‬
‫الواحد على نفس مقدار املوارد إذا كانت لهم نفس احتياجات التعلم بغض النظر عن املكان‬

‫‪90‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫ال��ذي تقع فيه مدرستهم‪ .‬أما املساواة الرأسية‪ ،‬من ناحية أخ��رى‪ ،‬فتتطلب أن يتم أخد‬
‫الظروف احلياتية للطلبة في االعتبار إذا ما أردنا احلفاظ على قيمة املساواة‪ .‬ومن األمثلة‬
‫على ذلك‪ ،‬البرامج التعليمية املختلفة والتكاليف املختلفة املرتبطة بتقدمي تعليم مدرسي‬
‫للطلبة ذوى االحتياجات اخلاصة أو الذين يعانون من إعاقة أو أخرى‪ .‬فإذا مولنا هؤالء‬
‫الطلبة بنفس املعيار اخلاص بالطلبة العاديني فإننا نكون قد خرقنا قيمة املساواة‪ ،‬فمن‬
‫املساواة أخذ الفرص التعليمية وحتى النتائج التعليمية في االعتبار‪.‬‬
‫اإلخاء من القيم األصيلة التي شكلت أساس سياسة التعليم العام‪ .‬وقيمة اإلخاء ترتبط‬
‫بطريقة ما بقيمة املساواة‪ ،‬وتظهر هذه القيمة في التعليم كسمة أساسية للتعليم العام‪.‬‬
‫فاملدرسة تعد مؤسسة لتلبية احتياجات الصغار‪ ،‬بصرف النظر عن الظروف االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬والدين‪ ،‬والطبقة‪ ،‬واجلنس وما إلى ذلك‪ .‬وتدخل هذه القيمة مجال املوارد‬
‫ألن األمر يتطلب مستويات مختلفة من املوارد لضمان إمكانية تقدمي تعليم عام مناسب‬
‫لطلبة يجمعهم خليط من تلك الظروف واخللفيات‪ .‬وقد أثرت قيم املساواة واإلخ��اء في‬
‫سياسات التمويل بطرق عدة على مدار السنني‪ .‬فقد حتولت السياسات من تخصيص‬
‫موارد إضافية للمدارس التي تخدم الطلبة ذوي املستوى التعليمي املنخفض في فترة‬
‫الستينات والسبعينيات إلى التوزيع القائم على حتديد خصائص الطلبة واالفتراض بأن‬
‫األنواع املختلفة من املوارد تتطلبها الفئات املختلفة من الطلبة وذلك في فترة الثمانينيات‪،‬‬
‫ثم إلى توزيع موارد التعليم بصورة حتقق تكافؤ الفرص أمام جميع األطفال كوسيلة‬
‫لتحقيق أهداف اجتماعية بعيدة املدى مثل احلد من الفقر وذلك في السنوات األخيرة‪.‬‬
‫الكفاءة تعتبر بصورة عامة قيمة تأخذ في اعتبارها املدخالت واملخرجات‪ .‬فاملطلوب‬
‫هو حتقيق أعلى قدر ممكن من املخرجات بالنسبة ملدخل معني‪ ،‬أو أن مخرجا معينا يتم‬
‫حتقيقه بأقل قدر من املدخالت‪ .‬وتظهر هذه القيم في السياسات العامة عندما تواجه‬
‫احلكومات مهمة متويل عدد متزايد من اخلدمات في ظل موارد محدودة أو متناقصة‪.‬‬
‫وحتقيق الكفاءة التعليمية يعني فيما يعني الربط الوثيق بني توزيع املوارد واحتياجات‬
‫التعلم ونتائج الطلبة‪ .‬ويتم هذا الربط من خالل اإلدارة الالمركزية أو احمللية أو القائمة على‬
‫املدرسة‪ .‬وتشير الدالئل إلى أن اإلدارة التعليمية الالمركزية حتسن من كفاءة استغالل‬

‫‪91‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫املدارس للموارد‪ ،‬حيث يتم حتقيق املخرجات املطلوبة بأقل قدر من التكلفة (‪Ross and‬‬
‫‪.)Levacic, 1999, P.17‬‬
‫النمو االقتصادي يعد أيضا من القيم املهمة في السياسة العامة وذلك ألنه يؤدي إلى‬
‫ارتفاع مستويات املعيشة ومن ثم زيادة عوائد اخلدمات العامة ومنها التعليم‪ .‬ومن بني‬
‫اخلصائص املميزة للسياسات التعليمية خالل السنوات العشرين املاضية أن النظام‬
‫التعليمي ينظر إلية على أنه يلعب دورا رئيسا في حتسني مستوى التنافسية العاملية‬
‫لألمة؛ فالتعليم هو الذي يوجد املعرفة واملهارات واالجتاهات املطلوبة إلعداد قوى عاملة‬
‫مرنة وعالية اإلنتاجية قادرة على االنخراط في التعلم مدى احلياة‪ .‬ولتحقيق هذه القيمة‪،‬‬
‫تقوم احلكومات بتحديد إطار عام للمعايير التعليمية التي على أساسها يتم تقومي املدارس‬
‫والطلبة والتي يجب على املدارس تلبيتها (‪.)Ross and Levacic, 1999, P.13‬‬
‫وقد ذكر كل من روس وليفاسيك (‪ )Ross and Levacic, 1999‬أربعة مكونات أساسية‬
‫لنظام التمويل القائم على تقدير االحتياجات‪:‬‬
‫املكون األول‪ :‬حصة الطلبة األساسيني‪ :‬وهي التكلفة اخلاصة بتعليم الطلبة ذوي‬
‫االحتياجات التعليمية «العادية»‪ ،‬حيث يتم إعطاء كل مدرسة نفس مقدار التمويل لكل‬
‫طالب‪ ،‬ويختلف هذا املقدار باختالف الصف الدراسي‪ .‬وتتكون حصة الطلبة األساسيني‬
‫من مكونني فرعيني‪ )1 :‬حصة أساسية لكل طالب أو لكل مجموعة تدريسية أو لكل‬
‫مدرسة‪ ،‬ويتم حتديدها اعتمادا على عدد الطلبة؛ ‪ )2‬متويل إضافي حسب مستوى الصف‬
‫يتم تقدميه بصورة إضافية بناءا على مستوى الصف الدراسي أو املجموعة العمرية‪.‬‬
‫املكون الثاني‪ :‬املناهج احملسنة‪ :‬إضافة إلى اختالف التمويل باختالف مستوى‬
‫الصف‪ ،‬تقدم بعض األنظمة التعليمية مناهج محسنة لبعض الطلبة الذين يتم اختيارهم‬
‫بطريقة ما حسب القدرات أو االستعدادات‪ .‬وهذه البرامج تركز عادة على موضوعات‬
‫محددة‪ :‬كاملوسيقى والرياضة واللغات والتكنولوجيا والرياضيات والعلوم‪ .‬ومي‬
‫تقدمي املناهج احملسنة تلك من خ�لال برامج خاصة داخ��ل امل��دارس العادية أو في‬
‫مدارس خاصة‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫املكون الثالث‪ :‬االحتياجات التعليمية التكميلية للطلبة‪ :‬ويرتبط هذا املكون بالفروق‬
‫التي توجد بني الطلبة في اخلصائص والسمات والتي ينتج عنها احتياج بعض الطلبة‬
‫ملوارد إضافية من أجل متكينهم من الوصول ملستوى يؤهلهم للتعامل مع املنهج اخلاص‬
‫مبعظم الطلبة في مستواهم الصفي‪ .‬ولكن هذا املكون ال يلبي معيار املساواة في النتائج‬
‫التعليمية‪.‬‬
‫املكون الرابع‪ :‬احتياجات موقع املدرسة‪ :‬وحدة التمويل اخلاصة باملكون الرابع‪ ،‬خالفا‬
‫للمكونات الثالثة األول��ى‪ ،‬هي موقع املدرسة‪ .‬وطبقا لهذا املكون يتم تخصيص مبالغ‬
‫مالية إضافية للمدارس التي لها تكاليف مرتفعة مرتبطة بوقعها كاملدارس ذات املباني‬
‫التي حتتاج إلى تكاليف تدفئة أو صيانة مرتفعة‪ ،‬أو املدارس التي تقع أبنيتها في أكثر من‬
‫مكان مما يزيد من تكاليف املواصالت أو املدارس التي تقع في أماكن بعيدة عن العمران‪.‬‬
‫وهذه التكاليف املرتبطة باملوقع حتتاج إلى أن يتم حسابها من خالل إعداد دليل لألسعار‬
‫التعليمية (‪ ،)42-Ross and Levacic, 1999, P.39‬حيث أن هذه العوامل تعتبر عوامل‬
‫بنائية وال ميكن تغييرها عن طريق اإلدارة املدرسية‪ .‬إن التوزيع املتساوي للموارد املالية‬
‫لكل طالب بالنسبة جلميع املدارس يعني أن الطلبة الذين يدرسون في مدارس ترتفع فيها‬
‫تكلفة الوحدة لكل طالب سوف يتلقون خدمات تعليمية أقل جودة‪ .‬ولذلك فإن معايير‬
‫الكفاءة التعليمية واملساواة تبرر تعديل عقود األسعار الثابتة لتتماشى مع الفروق البنائية‬
‫بني املدارس في التكاليف املرتبطة باملوقع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬اإلنفاق حسب طبيعة النفقات‪:‬‬
‫ميكن أيضا التفريق في امليزانية احلكومة املخصصة للتعليم بني التكاليف الرأسمالية‬
‫والتكاليف اجلارية وكذلك بني أنواع مختلفة من النفقات‪ .‬ومن بني طرق تقييم املعايير‬
‫املستخدمة في توزيع موارد للتعليم حتليل طريقة توزيع ميزانية التعليم على األنواع‬
‫املختلفة من النفقات‪ ،‬السيما بني مختلف املدخالت املستخدمة في إنتاج اخلدمات التعليمية‪.‬‬
‫فتحليل تكاليف امل��دخ�لات ال�لازم��ة لألنشطة التعليمية يحدد حصة كل من املرتبات‪،‬‬
‫وغيرها من التكاليف اجلارية‪ ،‬والتكاليف الرأسمالية‪ .‬وميكن للتصنيف أن يكون أكثر أو‬
‫أقل تفصيال‪ ،‬استنادا إلى البيانات املتاحة‪ ،‬والغرض من التحليل‪ .‬لكن التمييز األساسي‬

‫‪93‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫يتم بني النفقات اجلارية والنفقات الرأسمالية‪ .‬وفي إطار النفقات اجلارية‪ ،‬من املفيد فصل‬
‫رواتب املوظفني عن البنود أخرى‪.‬‬
‫وفيما يلي نقدم مثاال للتصنيف حسب طبيعة النفقات التعليمية‪:‬‬
‫‪ -1‬النفقات اجلارية‬
‫ •الرواتب‬
‫ •رواتب الهيئة التدريسية‬
‫ •رواتب املوظفني اإلداريني‬
‫ •رواتب موظفي اخلدمات‬
‫‪ -2‬من النفقات اجلارية األخرى‪:‬‬
‫ •اإليجار‬
‫ •املياه‪ ،‬والكهرباء‪ ،‬والهاتف‪ ،‬وما إلى ذلك‬
‫ •اللوازم الصغيرة‬
‫ •الكتب املدرسية واملواد التعليمية‬
‫‪ -3‬النفقات الرأسمالية‬
‫• األرض وتوصيل املرافق‬
‫• أعمال البناء‬
‫• الترميمات واإلصالحات األساسية‬
‫إن التعرف على حصة كل نوع من هذه النفقات من تكاليف التعليم ميكن أن يساعد‬
‫في فهم أولويات السياسة احلكومية بشأن تطوير التعليم‪ .‬فعندما ت��زداد حصة رأس‬
‫املال واالستثمار في البنية التحتية من نفقات التعليم في بلد ما‪ ،‬فإن هذا قد يعكس اجلهد‬
‫املبذول من قبل احلكومة في توسيع النظام التعليمي‪ .‬وعندما يوجه اإلنفاق إلى تدريب‬
‫املعلمني أثناء اخلدمة‪ ،‬فقد يشير ذلك إلى تركيز اجلهود على حتسني نوعية التعليم‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫فعندما يتم حتليل هيكل وبنية التكاليف من خالل طبيعة النفقات‪ ،‬فإن ذلك يقدم معلومات‬

‫‪94‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫هامة عن معايير توزيع املوارد داخل النظام التعليمي‪ .‬ويظهر الرسم البياني التالي توزيع‬
‫النفقات في التعليم ما قبل اجلامعي في البحرين عام ‪.2004‬‬
‫ويبني الرسم البياني أن رواتب املوظفني تشكل أهم عنصر في النفقات‪ ،‬حيث متثل‬
‫‪ ٪57.5‬ألعضاء هيئة التدريس و‪ ٪ 20.8‬للموظفني من خارج هيئة التدريس‪ .‬وميثل‬
‫اإلنفاق على استثمارات رأس املال واألصول ‪ ٪ 8.4‬من مجموع النفقات‪.‬‬
‫وميثل اإلنفاق على امل��واد التعليمية مثل الكتب والوثائق املطبوعة نسبة هامشية ال‬
‫تزيد عن ‪ ٪ 0.4‬من مجموع النفقات‪ .‬أما النفقات التشغيلية األخ��رى (املياه والكهرباء‬
‫والنقل واخلدمات األخرى) فتمثل ‪ ٪ 12.9‬من اإلنفاق على التعليم ما قبل اجلامعي في‬
‫عام ‪ .2004‬إن هياكل اإلنفاق على التعليم االبتدائي والتعليم الثانوي العام والتعليم‬
‫الثانوي التقني مختلفة متاما عن بعضها البعض ومختلفة عن الرسم املبني أعاله حيث‬
‫تختلف نسبة الطلبة إلى املعلمني من مرحلة إلى أخرى في النظام التعليمي‪ .‬فحصة رواتب‬
‫املعلمني في التعليم الثانوي التقني أو الفني‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬أكبر بكثير من مثيلتها في‬
‫املراحل التعليمية األخرى‪.‬‬
‫شكل رقم (‪)3‬‬
‫توزيع النفقات في التعليم ما قبل اجلامعي في البحرين عام ‪2004‬‬
‫ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ – ﺍﻟﺠﺰء ﺍﻷﻭﻝ‪ :‬ﺍﻻﺗﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﻭﺍﻗﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎء‬

‫‪95‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫لقد أوضحت هذه املناقشة املختصرة للمداخل املختلفة حول العوامل املؤثرة في أنظمة‬
‫توزيع املوارد أنه برغم استمرار تأثير نظرية رأس املال البشري في سياسات التمويل‬
‫العام للتعليم‪ ،‬إال أن قضية املساواة في متويل التعليم قد أصبحت على رأس أولويات هذا‬
‫اخلطاب‪ .‬ومن ثم فقد مت حتديد العديد من االستراتيجيات وتطبيقها لضمان أن جميع‬
‫األطفال تتاح أمامهم فرص متكافئة للحصول على التعليم بصرف النظر عن خلفياتهم‬
‫الثقافية واالجتماعية وطبقتهم وقدراتهم وجنسهم‪ .‬وم��ن بني ه��ذه االستراتيجيات‬
‫التمويل اعتمادا على تقدير االحتياجات والتي ظهرت كآلية فعالة لتلبية احتياجات الطلبة‬
‫واملدارس حتقيقا لألهداف الوطنية للتعليم‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫اجلزء األول‪ :‬االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬

‫خامتــة‬
‫تتمثل األهداف األساسية لهذه الدراسة في‪ :‬مراجعة املفاهيم االقتصادية املختلفة التي‬
‫تطبق على حتليل قطاع التعليم‪ ،‬وخاصة تلك املفاهيم اخلاصة بتمويل التعليم؛ ودراسة‬
‫اجتاهات متويل التعليم في عدد من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية وفي الدول‬
‫األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج وعقد مقارنة بينهما حول بعض العناصر‪.‬‬
‫وقد مت استخدام دراسات حالة حول أربع من الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول‬
‫اخلليج كمصادر للمعلومات اخلاصة بالتحليل املقارن‪.‬‬
‫وقد أظهرت تلك التحليالت األهمية الكبيرة التي توليها الدول األعضاء مبكتب التربية‬
‫العربي لدول اخلليج للتعليم على مدار العقدين املاضيني والتي انعكست على الزيادة في‬
‫معدالت القيد في جميع مراحل التعليم‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬فإنه بحلول عام ‪ 2005‬فإن جميع‬
‫الدول السبع‪ ،‬فيما عدا اليمن وعمان‪ ،‬قد حققت أو كادت أن حتقق االستيعاب الكامل في‬
‫التعليم االبتدائي‪.‬وتراوحت نسب القيد الصافي في املرحلة الثانوية في هذه البلدان ما بني‬
‫‪ %55‬و ‪( % 90.1‬ما عدا اليمن)‪ ،‬وبذلك فقد جتاوزت املتوسط العاملي الذي يبلغ ‪%53.4‬‬
‫بالنسبة للدول النامية‪ .‬كما أن جميع نسب القيد الصافي لهذه الدول (ما عدا اإلمارات‬
‫العربية املتحدة واليمن) تتجاوز متوسط نسب القيد الصافي في العالم العربي والذي‬
‫يبلغ ‪.% 59.4‬‬
‫كما أظهرت الدراسة أن الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ ،‬مقارنة‬
‫ببعض دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬تنفق على التعليم في املتوسط كنسبة‬
‫من الناجت امللي اإلجمالي أقل من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية؛ ومع ذلك فإن‬
‫دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية تخصص نسبة أقل من ميزانياتها العامة للتعليم‬
‫مقارنة بالدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪.‬‬
‫املوارد العامة في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‪ ،‬كما هو احلال‬
‫في دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬تشكل املصدر األساسي لتمويل التعليم‬
‫االبتدائي والثانوي‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ففي الوقت الذي جند فيه أن مصادر متويل التعليم‬
‫العالي في دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية تتميز بالتنوع‪ ،‬حيث تشمل األسر‬

‫‪97‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫والقطاع اخلاص والشركات االقتصادية‪ ،‬جند أن احلكومات في الدول األعضاء مبكتب‬


‫التربية العربي لدول اخلليج هي التي تشكل املصدر األساسي والوحيد لتمويل التعليم‬
‫العالي (ما عدا اليمن‪ ،‬حيث تستوعب مؤسسات التعليم العالي اخلاصة عددا كبيرا من‬
‫الطلبة)‪ .‬وال تفرض أي من ه��ذه احلكومات رس��وم دراس�ي��ة على طلبة التعليم العالي‬
‫احلكومي‪ .‬ورمبا تفكر هذه احلكومات في مسألة فرض رسوم دراسية متواضعة إذا‬
‫كانت ترغب في البحث عن مصادر بديلة أو إضافية لتمويل التعليم العالي‪ ،‬وأيضا لضمان‬
‫شعور الطلبة بتكاليف تعليمهم‪.‬‬
‫ولم يقدم حتليل توزيع املوارد على الطلبة وعلى بنود اإلنفاق املختلفة أية مؤشرات‬
‫على وجود معايير معينة حتكم عملية توزيع املوارد‪ .‬وقد لوحظ أن هناك تشابه في نسب‬
‫املعلمني إلى الطلبة بني الدول األعضاء في مكتب التربية العربي لدول اخلليج ودول منظمة‬
‫التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬ولكن هل هناك تشابه بني تلك الدول في مستوى حتصيل‬
‫الطلبة أيضا؟ هذا سؤال يحتاج إلى إجابة من خالل األبحاث التحليلية‪.‬‬
‫وقد تكون الشواغل اخلاصة بتحقيق املساواة وتلبية احتياجات الطلبة واملدارس من‬
‫األمور التي تشكل أساس استراتيجيات توزيع املوارد التي مت تطبيقها في كل من الدول‬
‫األربع التي أجريت حولها دراسات احلالة‪ ،‬حتى وإن لم يتم التعبير عن تلك الشواغل في‬
‫دراسات احلالة‪ .‬وقد راجعت الدراسة الطرق املختلفة لتدبير موارد جديدة لتمويل التعليم‪،‬‬
‫مع التركيز خصوصا على التمويل غير احلكومي مثل الرسوم الدراسية وإسهامات‬
‫الشركات اخلاصة إلى جانب الدخل الذي ميكن للمؤسسات التعليمية أن حتصله بصورة‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫وتسمح دراس��ات احلالة للقارئ بالوقوف على السمات واخلصائص املميزة لكل‬
‫دولة من خالل التعرف على أهداف واستراتيجيات السياسة التعليمية‪ ،‬واجتاهات النمو‬
‫التعليمي‪ ،‬وتوزيع املوارد على قطاعات التعليم‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬أو أن أشكر مؤلفي هذه‬
‫الدراسات على اهتمامهم وحماستهم الكبيرة في كتابة دراسات احلالة‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫ االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬:‫اجلزء األول‬

‫مراجع اجلزء األول‬


1. Ali Abdel Gadir Ali: Building Human Capital for Economic Development in
the Arab countries; Arab Planning Institute, Kuwait, January 2002.

2. Asian Development Bank (ADB) (2002), Policy on Education (Volume 2):


Education in Developing Asia: Management and Efficiency in Education:
Goals and Strategies, Asian Development Bank Comparative Education
Research Centre, The University of Hong Kong.

3. Cassidy, Thomas J. (2003) “Education in the Arab World: Preparing to


Compete in the Global Economy” in Claus Schawb & Peter Cornelius (Eds),
The Arab World Competitiveness Report (pp. 218 - 234), Geneva, World
Economic Forum.

4. Fiske, Edward B (1996), Decentralization of Education Politics and


Consensus, World Bank, Washington D. C.

5. Jean-Richard Cytermann: “Existe-t-il un modèle éducatif français”, Le revue


de l’inspection générale no.3, Ministère de l’Education nationale, p. 101 -
107, Paris, 2006

6. Eicher, J-C. and Chevallier, T.: Rethinking the Financing of post-compulsory


education, Higher education in Europe (1992) 17, 6 - 13 Reprinted in Higher
Education in Europe (2002) 17 (1 - 2) 69 - 88.

7. Gradstein, Mark (2003) The Political Economy of Public Spending on


Education, Inequality, and Growth, World Bank, Washington D. C.

8. Griliches, Z. (1963) “Sources of Measured Productivity Growth: US


Agriculture, 1940 - 1960”, Journal of Political Economy, Vol. 81, No 4, pp.
331 - 346.

99
‫اقتصاديات التعليم‬

9. Hill, W. Peter (2003) Building Equity and Effectiveness into School-Based


Funding Models: An Australian Case Study. Center for Applied Educational
Research, University of Melbourne Victoria, Australia.

10. Hwang, Jinyoung (2005): “Asset distribution and tertiary education


expenditure in developing countries”. Economics of Education Reviews Vol.
24 N0 2, PP.121 - 178.

11. International Monitoring Fund (IMF) (1998) Should Equity Be a Goal of


Economic Policy? Issue Paper, Prepared by Expenditure Policy Division for
the Conference on Economic Policy and Equity June 8 - 9 Washington, D. C.
Quoted from internet: http://www.imf.org/external/pubs/ft/issues/issues16/
index.htm.

12. Johnson, K.A. (2000). Do small classes influence academic achievement?


What the National Assessment of Educational Progress shows: A report of the
Heritage Center for Data Analysis. Washington, DC: Heritage Foundation.

13. Johnstone, D. B. (2004) “The Economics of Costs Sharing in Higher


Education: Comparative analysis”, The Economics of Education Review Vol.
23. pp. 403 - 410.

14. OECD (2004), Raising the quality of educational performance at school,


Policy Brief, www.pisa.oecd.org

15. Munoz, M. A. (2001). Class size reduction in a large urban school district:
A mixed methodology evaluation research study. Louisville, KY: Jefferson
County Public Schools.

16. Pan, Diane; Zena H. Rudo; Cynthia L. Schneider; Lotte Smith-Hansen (2003).
Examination of Resource Allocation in Education: connecting Spending
to Student Performance, Southwest Educational Development Laboratory,
Austin, Texas.

100
‫ االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬:‫اجلزء األول‬

17. Parajuli, Dilip (2001): External Efficiency and Equity in Education.


Background paper for the working paper on finance for the World Bank
Education Sector Review.

18. Psacharopoulos, George and Hpatrinos, Anthony, (2002), Returns to


Investment in Education: A Further Update, World Bank, Washington D, C
(World Bank Policy Research Working Paper 2881, September 2002).

19. Psacharopoulos, G. (1973) “Returns to Education: An international


Comparison”. Amsterdam, London & New York: Elsevier.

20. Psacharopoulos, G. (1981). “Returns to Education: An Update International


Comparison”. Comparative education, Vol. 17, No 3 pp. 321 - 341.

21. Psacharopoulos, G. (1985 “Returns to Education: Further International


Update and implications”, Journal of Human resources, Vol. 20 N0 4, pp.
583 - 604.

22. Psacharopoulos, George and Woodhall, Maureen (1985), Education for


Development: An analysis of Investment Choices, World Bank, Washington
D, C.

23. Psacharopoulos, G. (1994) “Returns to Investment in Education: A Global


update”, World development, Vol. 22 pp. 1325 - 43.

24. Robert T. Becker, Jr. (2006). STUDENT ACHIEVEMENT AS A FUNCTION


OF CLASS SIZE AND PUPIL-TEACHER RATIO. A dissertation Submitted
to the Department of Leadership and Counseling, Eastern Michigan University,
in partial fulfillment of the requirements for the degree of DOCTOR OF
EDUCATION.

25. Ross, Kenneth N. and Levacic, Rosalind (1999) Need-Based Resource


Allocation in Education Via Formula Funding of Schools, International
Institute for Education Planning (IIEP), Paris, France.

101
‫اقتصاديات التعليم‬

26. Ross, N Kenneth; Farish Stephen and Plunkett Michael (1988) Indicators of
Socio-Economic Disadvantage for Australian Schools, Deakin Institute for
Studies in Education, Geelong, Victoria, Australia

27. Saint- Paul & Verdier (1992): “Education, Democracy and Growth”.
Discussion Paper, No 613, February 1992, Center for Economic Policy
Research (CEPR), London, United Kingdom

28. Theodore W. Schultz (1961) “Investment in Human Capital” American


Economic Review, Vol. 51, pp. 1 - 17.

29. Theodore W. Schultz (1993) “The Economic Importance of Human Capital


in Modernization”. Education Economics, Vol. 1 no1, 1993, p.13 - 19.

30. Sigdel, Shailendra Prasad (2004): “Formulae for allocating public resources
to primary schools in Nepal”, Unpublished Master's thesis, IIEP/UNESCO,
Paris.

31. Speas, C. (2003). Class-size reduction program evaluation, 2001 - 2002 : A


report to the North Carolina Department of Public Instruction. Raleigh, NC:
Wake County Public School System, Department of Evaluation and Research.

32. Stoddard, Christiana (2005) “Adjusting teachers' salaries for costs of living:
the effects of salary comparisons and policy conclusions”. Economics of
Education review, Vol. 24 no3, January 2005 pp.323 - 340.

33. UNESCO (2003), EFA Global Monitoring Report, 2003 - 4, Gender and
Education for All: The Leap to Equality.

34. US National Conference of State Legislatures (2007) “Education Finance


Database” Website: http://WWW. Ncsl.org/programs/educ/ed_finance/

35. N.V Varghese (2003). “Eeducation and development” The Changing perception
(Research series). Paris: IIEP-UNESCO.

102
‫ االجتاهات العاملية فى متويل التعليم وواقعه فى الدول األعضاء‬:‫اجلزء األول‬

36. World Bank (2001), Nepal Priorities and Strategies for Education Reform,
Human Development Unit, South Asia Region

37. Woodhall, Maureen: Financing higher education: the contribution of economic


thinking to debate and policy development on reform of higher education
funding, International Conference on the Economics of Education, in memory
of Jean-Claude Eicher, IREDU, Dijon, France, 21 - 23 June 2006.

38. Zhang, Lei (2002) Income Distribution and Political Economy of Allocation of
Public Education Spending, Department of Economics, Stanford University,
November 2002.

103
‫اجلزء الثاني‬
‫إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله‬
‫واالستثمار فيه في الدول األعضاء مبكتب‬
‫التربية العربي لدول اخلليج‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪106‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ينطلق هذا اإلطار االسترشادي من عدة مرتكزات مهمة‪ ،‬لعل من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫‪1 .1‬األهداف اإلستراتيجية املنشود حتقيقها في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج‪ ،‬وهى تعكس رغبة حقيقية لنهضة شاملة على أساس من التعليم‬
‫عالي اجلودة‪ ،‬والتنمية الشاملة املتكاملة للمواطن في هذه الدول‪ .‬وتعكس هذه‬
‫األهداف أيضا ً النظرة إلى التعليم على أنه استثمار ال يقل عن غيره من مجاالت‬
‫االستثمارات األخرى‪.‬‬
‫‪2 .2‬االنطالق مما انتهت إليه الدراسات اخلاصة باقتصاديات التعليم في هذه الدول‪،‬‬
‫من تشخيص دقيق لواقع اإلنفاق على التعليم ومتويله فيها‪ ،‬خاصة الدراستان‬
‫التاليتان‪:‬‬
‫ •مشغل اقتصاديات التعليم بعنوان‪« :‬متويل التعليم واإلنفاق عليه في الدول‬
‫األعضاء‪ :‬دراسات حالة»‪ ،‬املنظم من قبل املركز العربي للبحوث التربوية‬
‫ل��دول اخلليج‪ ،‬واملنعقد في الفترة (‪ )8-6‬ربيع األول ‪1430‬ه �ـ‪ ،‬املوافق‬
‫(‪ )5-3‬مارس ‪ 2009‬م‪ ،‬في املنامة‪ ،‬مملكة البحرين‪.‬‬
‫ •االجتاهات العاملية في متويل التعليم‪ ،‬وواقعه في الدول األعضاء‪ ،‬املركز‬
‫العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج بالكويت‪.‬‬
‫‪3 .3‬املنظور الشمولي والعقالني في التعامل مع تكلفة التعليم ومتويله‪ ،‬بحيث تتجاوز‬
‫حدود الزيادات العشوائية إلى الزيادة العلمية‪ ،‬املقرونة بدقة االستثمار األمثل‪،‬‬
‫وحتسني املخرجات التربوية القريبة والبعيدة‪ ،‬على مستوى الفرد واملجتمع‪.‬‬
‫‪4 .4‬تكافؤ الفرص التعليمية بني كل من‪:‬‬
‫ • جميع مراحل التعليم وأنواعه‪.‬‬
‫ •الذكور واإلناث‪.‬‬
‫ •املناطق اجلغرافية داخل البلد الواحد‪.‬‬
‫ •الفئات االجتماعية واالقتصادية املتعددة داخل البلد الواحد‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪5 .5‬دعم التنوع ‪ variety‬والوحدة ‪ unity‬بني الدول األعضاء‪ .‬ونقصد بالتنوع أن‬
‫نراعى خصوصيات كل دولة والتي متيزها عن جاراتها وأخواتها العربيات‪ ،‬وفى‬
‫الوقت نفسه نعظم من األرض املشتركة واأله��داف والطموحات املشتركة بني‬
‫جميع هذه الدول‪ ،‬وهذا ما نقصده بالوحدة‪.‬‬
‫‪6 .6‬تعظيم االستفادة من مبادئ علم اقتصاديات التعليم‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتحديد‬
‫التكلفة حاضراً‪ ،‬ومستقبالً‪ ،‬ومتويلها‪ ،‬واستثمارها‪.‬‬
‫‪7 .7‬األخذ في االعتبار ما يتطلبه ضمان اجلودة واالعتماد التربوي والتنافسية على‬
‫املستوى الوطني‪ ،‬والعربي‪ ،‬والعاملي‪ ،‬من متطلبات بشرية ومادية‪ ،‬خاصة مع‬
‫تزايد وقع وتأثير العوملة ‪ ،Globalization‬وتزايد احلاجة أيضا ً إلى العاملية‬
‫‪.Internationalization‬‬
‫‪8 .8‬التعاون بني القطاعني احلكومي واخلاص في اإلنفاق على التعليم ومتويله‪ ،‬خاصة‬
‫في التعليم الفني والعالي‪ ،‬وفق ضوابط تضمن حتقيق كل املرتكزات السابقة‪.‬‬
‫‪9 .9‬مراجعة هذا اإلطار من وقت إلى آخر‪ ،‬ونقترح أن يكون ذلك كل خمسة أعوام في‬
‫املتوسط‪.‬‬
‫واستنادا ً إلى هذه املنطلقات يسير اإلطار وفق ما يلي‪:‬‬

‫‪108‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل األول‬
‫حتديد تكلفة حتقيق األهداف التربوية في ضوء‬
‫الناجت احمللي اإلجمالي‬

‫‪109‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪110‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل األول‬
‫حتديد تكلفة حتقيق األهداف التربوية في ضوء الناجت احمللي اإلجمالي‬

‫نأمل أن تكون البداية احلقيقية لتعظيم اقتصاديات التعليم في الدول األعضاء‪ ،‬إجراء‬
‫دراسات علمية دقيقة لتحديد التكليفات املطلوبة إلجناز األهداف املنشودة بعيدة املدى‪،‬‬
‫وقريبة املدى‪ ،‬في كل مرحلة تعليمية على حدة‪.‬‬
‫وبعد إمتام هذه العمليات ‪ -‬التي نراها ملحة ‪ -‬نحسب التكلفة اإلجمالية‪ ،‬ثم نفكر في‬
‫مرحلة التمويل‪ ،‬خاصة دور احلكومات في حتديد احلد األقصى لنسبة املخصص للتعليم‬
‫إلى الناجت احمللي اإلجمالي‪.‬‬
‫ويعود هذا االقتراح إلى عديد من األسباب‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬عادة ما تظهر مشكلة في عديد من الدول مؤداها التنافس الشديد بني قطاع‬
‫التعليم وغيره من القطاعات‪ ،‬خاصة التسليح واألمن القومي‪ ،‬والصناعة‪،‬‬
‫والزراعة‪ ،‬وغيرها‪:‬‬
‫ونسارع بالقول بأننا ال نرى تعارضا ً بني التعليم وهذه القطاعات‪ ،‬ولكن املالحظ‬
‫سهولة حتديد التكلفة في هذه القطاعات بالقياس إلى قطاع التعليم‪ ،‬وسرعة بروز العوائد‬
‫من هذه القطاعات بالقياس إلى عوائد التعليم‪ ،‬التي ال تقل شأناً‪ ،‬ولكنها تأخذ وقتا ً أطول‬
‫في الظهور في اإلنسان‪ ،‬بل إن عوائد التعليم وثمراته تؤدي إلى نهضة بكل القطاعات‬
‫وامل�ج��االت األخ��رى‪ ،‬وه��ذا ما تؤكده عديد من ال��دراس��ات‪ ،‬ال يتسع املجال لذكرها‪ ،‬بل‬
‫نقتصر هنا على ما أكده إعالن أوسلو ‪ Oslo Declaration‬املعبر عن أهم ما توصل‬
‫إليه االجتماع الثامن للمجموعة رفيعة املستوى بخصوص التعليم للجميع ‪Eighth‬‬
‫‪ ،Meeting of High Level Group on Education for All‬في اجتماعها‬
‫مبدينة أوسلو بالنرويج في الفترة (‪ )18-16‬ديسمبر ‪ ،2008‬برعاية من اليونسكو‬
‫ودولة النرويج‪ ،‬حيث أكد اإلعالن على أن‪:‬‬
‫«يعد التعليم من أكثر األدوات تأثيرا ً في حتقيق النمو االقتصادي‪ ،‬واحلد من الفقر‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫واجل��وع‪ ،‬وعمالة األطفال‪ ،‬وكذلك حتسني الصحة‪ ،‬والدخل‪ ،‬ومستوى املعيشة‪ .‬وعليه‬
‫فإن الدعم الثابت لتحقيق أهداف التنمية املتفق عليها دولياً‪ ،‬مبا في ذلك التعليم للجميع‪،‬‬
‫وأهداف التنمية في األلفية الثالثة‪ ،‬قد أصبح أكثر أهمية عما كان عليه قبل اآلن»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬املشاكل املرتبطة بالنسبة املئوية املخصصة للتعليم من الناجت احمللي اإلجمالي‪:‬‬
‫فخالل الستينيات والنصف األول من السبعينيات من القرن العشرين كانت «الكفاية»‬
‫التمويلية للتعليم ت�ع��رف ب��دالل��ة النسبة املئوية م��ن ال�ن��اجت احمل�ل��ي اإلج�م��ال��ي‪ ،‬وكانت‬
‫نسبة (‪ )%8‬غالبا ً هي املناسبة‪ ،‬ومب��ا يعادل تقريبا ً (‪ )%20‬من ميزانيات احلكومات‬
‫املركزية(‪.)2‬‬
‫ولم يكن هذا املقياس مرضيا ً عبر التاريخ؛ ألنه كان يهمل أحيانا ً التعليم اخلاص‪،‬‬
‫والدخول املتعددة التي تدفعها السلطات احمللية‪ ،‬والهبات واملعونات‪ ،‬واتسم مثل هذا‬
‫املقياس أيضا ً بالغموض؛ ألنه فشل في معاجلة السؤال املتعلق بالكفاءة‪ ،‬خاصة فيما‬
‫يتعلق باالستخدام األمثل للموارد‪ ،‬كما أنه أغفل التباين الكبير بني الدول في حجم كل‬
‫من الناجت احمللي اإلجمالي وامليزانية املركزية‪ .‬فنسبة (‪ )%1‬من الناجت احمللي اإلجمالي‬
‫لدولة متقدمة قد تزيد عن (‪ )%20‬من الناجت احمللي اإلجمالي لدولة نامية‪ ،‬حسبما تشير‬
‫اإلحصاءات والتقارير الدولية‪.‬‬
‫ومن األمثلة التاريخية على هذا التباين أن نسبة النفقات اإلجمالية على التعليم في‬
‫الواليات املتحدة ‪ -‬على سبيل املثال ‪ -‬بلغت نسبتها (‪ )%6.7‬من الناجت القومي اإلجمالي‬
‫عام ‪1980‬م‪ ،‬انخفضت إلى (‪ )%5.0‬عام ‪ ،1985‬وبلغت حوالي(‪ )%5.3‬عام ‪1989‬م؛‬
‫مما أدى إلى أن نسبة هذه النفقات إلى ميزانية الدولة تنخفض من(‪ )% 15.5‬عام ‪1985‬‬
‫م إلى (‪ )%12.4‬عام ‪1989‬م‪ ،‬على الرغم من أن الزيادة النسبية في إجمالي اإلنفاق على‬
‫التعليم في الواليات املتحدة وصلت إلى حوالي (‪ )%38‬بني عامي ‪1985‬م‪ 1989 ،‬م‪ .‬ولم‬
‫يختلف احلال كثيرا ً في اململكة املتحدة؛ حيث انخفضت نسبة إجمالي اإلنفاق على التعليم‬

‫‪112‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫من الناجت القومي اإلجمالي من (‪ )%5.6‬عام ‪1980‬م إلى (‪ )%4.9‬عام ‪ 1988‬م‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن الزيادة النسبية في إجمالي اإلنفاق وصلت (‪.)3()%72.3‬‬
‫والالفت للنظر أنه في عام ‪2002‬م انخفضت نسبة اإلنفاق على التعليم في الواليات‬
‫املتحدة إلى (‪ )%2.7‬من الناجت القومي اإلجمالي‪ ،‬بينما زادت في العام نفسه إلى (‪)%5.9‬‬
‫في اململكة املتحدة‪.‬‬
‫ومن األمثلة األحدث في هذا الشأن ما نالحظه في دولة اإلمارات العربية املتحدة ‪-‬‬
‫على سبيل املثال ‪ -‬فقد انخفضت نسبة اإلنفاق العام على التعليم العام من الناجت احمللي‬
‫اإلجمالي من (‪ )%2‬عام ‪2000‬م إلى (‪ )%1.5‬عام ‪ ،2004‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن نسبة‬
‫اإلنفاق على التعليم العام زادت بنسبة (‪.)4()%16.52‬‬
‫وش� ��يء مم��اث��ل جن ��ده ف��ي دول� ��ة ال �ك��وي��ت؛ ح �ي��ث ان�خ�ف�ض��ت ن�س�ب��ة اإلن� �ف ��اق على‬
‫التعليم احلكومي من الناجت احمللي من (‪ )%4.6‬ع��ام ‪2000/1999‬م إل��ى (‪ )%4‬عام‬
‫‪2004/2003‬م‪ ،‬وفى املقابل زادت امليزانيات املعتمدة للوزارة بنسبة (‪ )%18.48‬بني‬
‫العامني املذكورين(‪.)5‬‬
‫‪ -3‬املشاكل املرتبطة بالتناظر بني الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬وامليزانية املركزية‬
‫للحكومات عبر الدول‪:‬‬
‫وهذه مشكلة أخرى؛ حيث ال توجد قاعدة ثابتة عبر الدول لتحويل نسبة اإلنفاق على‬
‫التعليم من الناجت احمللي اإلجمالي إلى نظيراتها املتمثلة في نسبة اإلنفاق على التعليم من‬
‫امليزانية احلكومية؛ الختالف منابع حسابات كل منهما‪ ،‬ففي الواليات املتحدة األمريكية‬
‫‪ -‬على سبيل املثال ‪ -‬بلغت نسبة اإلنفاق العام على التعليم (‪ )%2.7‬من الناجت احمللي‬
‫اإلجمالي عام ‪2002‬م‪ ،‬ومبا يعادل (‪ )%11.2‬من امليزانية احلكومية‪ ،‬وفى املقابل ارتفعت‬
‫نسبة اإلنفاق العام على التعليم في أملانيا في العام ذات��ه إلى (‪ )%5.3‬ولكن مبا يعادل‬

‫‪113‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫(‪ )%9.8‬من امليزانية احلكومية‪ .‬وشيء مماثل جنده في الدول األعضاء في عام ‪2004‬م‪،‬‬
‫فقد بلغت نسبة اإلنفاق على التعليم في دولة اإلمارات العربية املتحدة (‪ )%1.5‬من الناجت‬
‫احمللي اإلجمالي‪ ،‬ومبا يعادل (‪ )%18‬من امليزانية احلكومية‪ ،‬وفى املقابل ارتفعت هذه‬
‫النسبة في دولة الكويت في العام ذاته (‪ )2004‬إلى (‪ )%4‬من الناجت احمللي إجمالي ولكن‬
‫مبا يعادل (‪ )%13‬من امليزانية احلكومية(‪.)6‬‬
‫‪ -4‬الفروق الكبيرة التي تظهر في عدد من الدول بني كل من الناجت احمللي إجمالي‬
‫والناجت القومي اإلجمالي و الدخل القومي‪:‬‬
‫يسود عادة مفهوم أن الناجت القومي اإلجمالي ‪ GNP‬يتعلق بجميع دخول عناصر‬
‫اإلنتاج القومية‪ ،‬س��واء كانت مقيمة بالداخل أو اخل��ارج‪ .‬وف��ى املقابل يفضل كثير من‬
‫املتخصصني رؤي��ة الناجت احمللي اإلجمالي على أنه كل الدخول التي تتولد في النطاق‬
‫اجلغرافي للدولة‪ ،‬سواء كانت مملوكة للدولة أو ألجانب‪ ،‬بينما يحسب الدخل القومي‬
‫على أساس الفرق بني الناجت القومي اإلجمالي مطروحا ً منه صافي الضرائب‪ .‬أما املوازنة‬
‫املركزية فهي ببساطة عبارة عن إيرادات عامة ونفقات عامة‪ .‬وتختلف الدول فيما بينها‬
‫في مقادير ونوعيات كل ما سبق‪ ،‬بل وطرائق احلساب أحياناً‪.‬‬
‫اخلالصة‪:‬‬
‫إنه لهذه األسباب األربعة السابقة وغيرها‪ ،‬فإن االسترشاد في متويل التعليم واإلنفاق‬
‫عليه ال يكون باالتفاق أوالً على حتديد نسبة ما من الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬أو من امليزانية‬
‫املركزية للحكومة‪ ،‬تخصص للتعليم‪ ،‬وإمنا نركز على اخلطوات التالية‪:‬‬
‫ ‪ .‬أحتديد األه��داف اإلجرائية املنبثقة من األه��داف اإلستراتيجية التي اتفقت عليها‬
‫دولة ما‪ ،‬وفق خطة إستراتيجية معينة للتعليم‪ ،‬تتسق مع األهداف اإلستراتيجية‬
‫للخطة الوطنية للدولة‪ .‬وهذا عمل يقوم به في املقام األول مجموعة من التربويني‬

‫‪114‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫في تخصصات متعددة‪ ،‬بالتعاون مع آخرين في تخصصات السياسة واالجتماع‬


‫واالقتصاد‪ ،‬وال مانع من التخصصات العلمية األخرى‪.‬‬
‫ ‪ .‬بترجمة هذه األهداف اإلجرائية إلى تكلفة إجمالية وتفصيلية عبر سنوات اخلطة‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬وعبر مراحل التعلم‪ ،‬وأنواعه املختلفة‪ .‬وهذا عمل يقوم به في املقام‬
‫األول مجموعة من املتخصصني في علم اقتصاديات التعليم‪ ،‬مع أهمية التعاون‬
‫مع مجموعة من املتخصصني في علم االقتصاد‪.‬‬
‫ ‪ .‬جإيجاد نوع من التناسق بني هذه امليزانية املطلوبة للتعليم‪ ،‬وغيرها من امليزانيات‬
‫املخصصة لقطاعات اإلنتاج واخلدمات األخرى‪ ،‬وفى هذا يقرر «ليونز» ‪Lyons‬‬
‫أن تقديرات النفقات الكلية للتعليم يعد شرطا ً أساسيا ً ملناقشة حصة التعليم من‬
‫نفقات امليزانية‪ ،‬وكذا من الناجت القومي اإلجمالي(‪. )7‬‬
‫وتبقى املسئولية امللقاة على عاتق املسئولني عن التعليم عظيمة وثقيلة في الوقت ذاته؛‬
‫في ضوء املنافسة الشديدة بني التعليم‪ ،‬وغيره من قطاعات اإلنتاج واخلدمات‪ ،‬والسيما‬
‫إذا أخذنا في االعتبار األزم��ات االقتصادية العاملية‪ ،‬وتزايد كلفة التعليم بشكل كبير‬
‫ومستمر‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أن عوائد التعليم وثمراته – وبخاصة املتعلقة ببناء اإلنسان‬
‫وتكوينه – ال تظهر سريعاً‪ ،‬على العكس من قطاعات اإلنتاج واالستثمارات األخرى‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر أهمية أن يتسلح املسئولون عن التعليم بأدلة العلم وبراهينه املشتقة من‬
‫الدراسات االقتصادية واالجتماعية والتربوية‪ ،‬التي تبرر وجوب تزايد حصة التعليم من‬
‫امليزانية العامة‪ ،‬ومن الناجت القومي اإلجمالي‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فقد آن األوان للتعامل مع التعليم‪ :‬تخطيطاً‪ ،‬وتنفيذاً‪ ،‬وتقومياً‪ ،‬مبا‬
‫في ذلك التكلفة والتمويل‪ ،‬على أنه قضية أمن قومي‪ ،‬ال يقل عن القطاعات األخرى خاصة‬
‫التسليح والدفاع‪ .‬وبهذه الطريقة نستطيع أن نقول إن نسبة ما لنفقات التعليم بالنسبة‬
‫للناجت القومي اإلجمالي تكون مناسبة إذا كانت قد صدرت وفق دراسات التكلفة‪ ،‬بشرط‬

‫‪115‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫أن تكون هذه الدراسات دقيقة وموضوعية‪.‬‬


‫واجلدير بالذكر أن العرض السابق ال يعني باملرة إغفال املقارنات الدولية اخلاصة‬
‫باإلنفاق على التعليم كنسبة م��ن ال�ن��اجت القومي اإلج�م��ال��ي‪ ،‬أو كنسبة م��ن امليزانيات‬
‫احلكومية‪ ،‬السيما أن االجتماع الثامن للمجموعة رفيعة املستوى بخصوص التعليم‬
‫للجميع قد أكد‪ ،‬بل ألح على حكومات الدول املختلفة أن تكون نسبة اإلنفاق على التعليم‬
‫من الناجت القومي اإلجمالي تتراوح من ‪ 4‬إلى ‪ ،% 6‬وهذا ما يراه إعالن أوسلو مقابالً‬
‫للمدى (‪ )% 20-15‬من اإلنفاق احلكومي‪ .‬كما ألح اإلعالن على شركاء التنمية والهيئات‬
‫الداعمة للمزيد من االستثمار‪ ،‬والدعم في مرحلة التعليم األساسي‪ ،‬وقد أكد اإلعالن أيضا ً‬
‫على شركاء التنمية ‪ Development Partners‬في العالم للوفاء بالتزاماتهم القدمية‪،‬‬
‫خاصة فيما يتعلق بتحقيق التعليم للجميع في مرحلة التعليم األساسي(‪.)8‬‬
‫والالفت للنظر أن ما تنفقه معظم الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج‬
‫على التعليم كنسبة من الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬يقل عما تنفقه معظم دول منظمة التعاون‬
‫والتنمية االقتصادية (‪ )OECD‬عام ‪2002‬م‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن اإلنفاق العام على‬
‫التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول اخلليج كنسبة من إجمالي اإلنفاق‬
‫احلكومي العام ميثل نسبة أكبر مما تنفقه دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ .‬وهذا‬
‫يوضح حجم اجلهود الكبيرة التي تبذلها الدول األعضاء لتطوير أنظمة التعليم التي تظل‬
‫واحدة من أهم أولويات حكومات هذه الدول(‪.)9‬‬
‫وم��ن هنا ميكن ال�ق��ول بأنه م��ن ال �ض��روري أن يتم حتديد نفقات التعليم بالطرق‬
‫املوضوعية التي أشرنا إلى أهم ضوابطها من قبل‪ ،‬ثم تنسب إلى الناجت احمللي اإلجمالي‪،‬‬
‫فإن كانت نسبتها أقل من (‪ ،)% 4‬فنستهدف مستويات أعلى من اجلودة التربوية‪ ،‬التي ال‬
‫سقف لها حتى تصل النسبة إلى (‪ ،)%4‬وإن كانت أكبر من (‪ )%6‬فال يقلل ذلك؛ استنادا ً‬
‫إلى األهمية القصوى للتعليم في التنمية الشاملة واألمن القومي‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫ ‪ .‬د توزيع املوارد املتاحة للتعليم – بخاصة املوارد املالية – توزيعا ً عادالً ومنطقيا ً‬
‫بني مراحل التعليم‪ ،‬وأنواعه املختلفة‪ ،‬في ضوء معايير متعددة‪ ،‬رمبا من أبرزها‪:‬‬
‫األهداف املنشودة من كل مرحلة تعليمية‪ ،‬وأعداد الطالب املسجلني في كل منها‪،‬‬
‫وخصائصهم‪ ،‬وطبيعة املناهج املقررة‪ ،‬وغير ذلك من املعايير‪ .‬وما ينسحب على‬
‫املراحل التعليمية ميكن أن ينسحب أيضاً‪ ،‬وبشيء من التعديل على أنواع التعليم‬
‫في كل مرحلة‪.‬‬
‫ ‪ .‬هالتأكد من أن األجهزة التعليمية جتيد استغالل امل��وارد التي تخصص لها في‬
‫األوق��ات احمل��ددة‪ ،‬وف��ى ه��ذا يقرر «ليونز» ‪ Lyons‬أيضا ً أن حتليل الكلفة لكل‬
‫طالب‪ ،‬ولكل فصل‪ ،‬يزودنا بحافز لتطوير كفاءة التعليم‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أيضا َ أن االجتاه املفضل في اآلونة األخيرة لدى عديد من الدول هو‬
‫التأكيد على االستغالل األمثل للموارد املتاحة للتعليم‪ ،‬قبل التفكير في زيادة حجمها؛ نظرا ً‬
‫لتزايد تكلفة التعليم بشكل كبير‪ ،‬مع اشتداد وقع األزمات االقتصادية احمللية والعاملية‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫ضوابط حتديد تكلفة التعليم‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل الثاني‬
‫ضوابط حتديد تكلفة التعليم‬

‫من األمور املهمة عند حتديد تكلفة التعليم في الدول األعضاء مبكتب التربية العربي‬
‫لدول اخلليج أن تكون على أعلى درجة من التفصيل؛ قبل اإلجمال‪ ،‬حتى تتضح األمور‬
‫إيجابا ً وسلباً‪.‬‬
‫ونرى أن احلد األدنى من التفصيل هو على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬تظهر التكلفة املطلوبة باألسعار الثابتة ‪ Constant Prices‬وليست باألسعار‬
‫اجلارية ‪Current Prices‬؛ حتييدا ً لعامل الغالء أو التضخم االقتصادي‪:‬‬
‫ونقترح أن تكون بداية اخلطة اإلستراتيجية للتعليم في كل دولة هي سنة األساس‬
‫لباقي سنوات اخلطة في الدولة ذاتها‪.‬‬
‫وال�لاف��ت للنظر ع��امل�ي�ا ً ه��و وج ��ود شبه إج �م��اع ‪ -‬إن ل��م يكن إج�م��اع�ا ً ك��ام�لاً ‪ -‬من‬
‫املتخصصني في مجالي االقتصاد واقتصاديات التعليم وغيرهما على ضرورة استخدام‬
‫مخفض (مع ّدلٍ ) ‪Deflator‬‬
‫ٍ‬ ‫األسعار الثابتة بدالً من األسعار اجلارية‪ ،‬من خالل استخدام‬
‫مناسب للسعر‪ ،‬وذلك على الرغم من اعترافهم بأن أي «مع ّدل» قد يعتريه بعض النقص‬
‫في حتديده‪ ،‬ولكنهم يعتقدون أن استخدام مثل هذه املعدالت – على الرغم من عيوبها ‪-‬‬
‫أفضل بكثير من املقارنات املطلقة؛ والتي عادة ما تكون مضللة‪.‬‬
‫‪ -2‬توزيع التكلفة بني التكلفة اجلارية والتكلفة الرأسمالية‪:‬‬
‫من األهمية أن نحدد ما إذا كانت أرق��ام النفقات تشمل تكلفة رأسمالية ‪Capital‬‬
‫‪ ،Cost‬أو تغطى كلها تكلفة جارية ‪ .Current Cost‬ويعتبر التمييز بينهما مهما ً جداً‪،‬‬
‫وذلك على الرغم من أنه ُي َعد إلى حد ما اختيارياَّ‪ ،‬ويعتمد على طول مدة خدمة مدخالت‬
‫املوارد املختلفة‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫ووفقا ً للتحديدات العلمية في هذا الشأن فيمكن القول بأن(‪:)10‬‬


‫(أ) النفقات اجلارية‪:‬‬
‫تشمل مرتبات املعلمني واإلدارة واملكافآت واألج��ور‪ ،‬فضالِّ عن بند املصروفات‬
‫العامة‪ ،‬من مثل‪ :‬تكاليف اإلضاءة‪ ،‬واإليجار‪ ،‬والصيانة البسيطة‪ ،‬وكذلك بند املصروفات‬
‫على أبواب النشاط املدرسي‪ ،‬من مثل‪ :‬الرياضة واجلمعيات والرحالت‪.‬‬
‫(ب) النفقات الرأسمالية‪:‬‬
‫تتسع لتشمل ثمن شراء األراضي‪ ،‬وثمن املباني‪ ،‬وكذا نفقات اإلحالل للمباني اجلديدة‬
‫محل غير الصاحلة‪ ،‬فضالً عن بند التجهيزات‪ ،‬من مثل‪ :‬املعدات واآلالت واألجهزة واألثاث‪،‬‬
‫فضالً عن اإلصالحات اجلوهرية التي عادة ما يبقى أثرها ملدة تزيد عن سنة مالية‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن النفقات الرأسمالية (ملبنى مدرسي جديد مثالً) تتضمن نفقات‬
‫إجمالية كبيرة جدا ً قد متول عن طريق القروض‪ ،‬ورمبا تشكل حجما ً كبيرا ً من النفقات‬
‫التربوية اإلجمالية لسنة معينة‪ ,‬ولكن عندما تسدد ديون الوحدات الرأسمالية (وذلك‬
‫بتخصيص مبالغ دورية لهذا الشأن) خالل فترة حياتها النافعة‪ ،‬وتوزع على كل سنة‬
‫خدمة‪ ،‬فإن التكلفة الرأسمالية تنتهي في النهاية إلى أن تشكل فقط جزءا ً يسيرا ً من التكلفة‬
‫اإلجمالية السنوية‪ ،‬ومن إجمالي التكلفة لكل طالب‪.‬‬
‫ويجب التأكيد هنا على أن التوزيع على النحو السابق يكشف بالضرورة اإليجابيات‬
‫والسلبيات؛ فعندما تزيد بنود مرتبات املعلمني‪ ،‬واإلدارة‪ ،‬واملكافآت‪ ،‬واألجور‪ ،‬عن ‪%65‬‬
‫من النفقات اجلارية‪ ،‬فهذا يعني في الغالب األعم التأثير السلبي على األموال املخصصة‬
‫للنشاط املدرسي من مثل‪ :‬الرياضة واجلمعيات والرحالت‪ ،‬فضالً عن تأثيرها السلبي‬
‫على األموال املرصودة جلودة الكتاب املدرسي‪ ،‬واملواد اخلام املطلوبة في معامل العلوم‬
‫والرياضيات‪ ،‬وغير ذل��ك من متطلبات اجل��ودة‪ ،‬وف��ي ه��ذه احلالة ف��إن على املسئولني‬
‫سرعة اتخاذ الالزم نحو دعم هذه األنشطة املهمة جلودة العملية التعليمية‪ ،‬دون املساس‬

‫‪122‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫باملرتبات‪ ،‬على فرض أن احلجم احلالي للقوة التدريسية واإلداري��ة مناسب وال يعاني‬
‫تضخماً‪.‬‬
‫‪ -3‬أهمية التعامل بتكلفة الوحدة وباألسعار الثابتة ومن املنظور النوعي‪:‬‬
‫وقد حتدثنا من قبل عن أهمية األسعار الثابتة‪ ،‬وهنا نؤكد على أهمية أخذ مفردات‬
‫التعامل في االعتبار‪ ،‬وهو ما يسمى بتكلفة الوحدة ‪.Unit Cost‬‬
‫والوحدة هنا قد تكون الطالب‪ ،‬أو الفصل‪ ،‬أو املدرسة‪ ،‬أو املعلم‪ ،‬أو أي وحدة قابلة‬
‫للتعريف‪ ،‬املهم أن نعرف بدقة ما الوحدة موضع القياس‪ ،‬وأن ندرك جيدا ً أن متوسط‬
‫كلفة الوحدة قد ال يكون صحيحا ً بدقة ألي مفردة (وحدة) من مفردات املجموعة‪ .‬ولعل‬
‫هذا عيب يتعلق عامة باملتوسط احلسابي‪ ،‬سواء كان متوسط كلفة أو متوسط درجة‪ ،‬أو‬
‫متوسط دخل‪ ،‬أو أي متوسط‪ .‬ويظهر هذا العيب جلًّيا عندما تشتد الفروق بني املفردات‪،‬‬
‫والعكس بالعكس‪ .‬وتعتبر وحدة الكلفة لكل طالب من أكثر تكلفة الوحدات انتشاراً‪ ،‬وهى‬
‫تعد مقياسا مالئما ً لعدة أغراض‪ ،‬من مثل‪ :‬مقارنة الكلفة بني مستويات تربوية مختلفة‪ ،‬أو‬
‫بني مؤسسات مختلفة‪ ،‬أو بني مناطق جغرافية‪ ،‬أو فترات زمنية مختلفة‪.‬‬
‫وكلفة الطالب هي ببساطة خارج قسمة النفقات اإلجمالية في فترة معينة‪ ،‬إما للنظام‬
‫التعليمي ككل‪ ،‬أو في الغالب جلزء منه‪ ،‬على عدد الطالب في النظام ككل‪ ،‬أو على عدد‬
‫الطالب في هذا اجلزء‪.‬‬
‫أما كلفة الطالب املسجل في مقابل كلفة الطالب الناجح‪ ،‬فتعبَّ ُر في الغالب األعم عن‬
‫كلفة الوحدة بداللة كل طالب مسجل ‪ ،Enrolled‬ولكن لبعض األغراض يكون من املفيد‬
‫أن حتسب تكلفة الوحدة لكل خريج‪ .‬ومتثل اإلضافة األخيرة جوهر اهتمام عديد من‬
‫املتخصصني في مجاالت اقتصاديات التعليم في اآلون��ة األخ�ي��رة؛ حيث ترتبط تكلفة‬
‫املدخالت عادة باملخرجات‪ ،‬وليس بأعداد املسجلني ‪ ،Enrollments‬وذلك لتوضيح الفاقد‬
‫التعليمي (من‪ :‬رس��وب‪ ،‬وتسرب‪ ،‬وحتصيل متدن) لدرجة أن باحثا ً متمرسا ً من مثل‪:‬‬
‫«براين نايت» ‪ B. Knight‬يقرر أنه في املجال التجاري ُت َعد تكلفة املدخالت غير ذات قيمة‬

‫‪123‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫إلى حد كبير‪ ،‬إذا لم ترتبط باملخرجات‪ )11( .‬ويضرب الباحث األمثلة في مجال الصناعة‪،‬‬
‫ثم ينتقل إلى جوهر اهتمامه وهو التعليم‪ ،‬الذي يختلف في رأى كاتب هذه السطور من‬
‫حيث الوظيفة والطبيعة عن مجرد مصنع‪ ،‬ولكن دون شك‪ ،‬فإن تكلفة الطالب املسجل قد‬
‫تكون مضللة في حالة ارتفاع نسب الرسوب‪ ،‬والتسرب‪ ،‬والتحصيل املتدني‪.‬‬
‫ولتوضيح النقطة السابقة نفترض أن ألفا ً من طالب الصف الثالث الثانوي قد تكلفوا‬
‫(‪ )50000‬خمسني ألفا من عملة بلد ما باألسعار الثابتة‪ .‬إذا ً يكون متوسط التكلفة لكل‬
‫طالب مسجل هو (‪ )50‬خمسني من وح��دات هذه العملة‪ .‬ولكن لو كانت نسبة النجاح‬
‫بني هؤالء ‪ %50‬مثالً‪ ،‬فيكون متوسط التكلفة لكل خريج مساويا ً (‪ )100‬مائة وحدة‪،‬‬
‫أي الضعف‪ .‬وقد يعترض بعض الباحثني على أساس أن الراسب قد تعلم شيئاً‪ ،‬وهذا‬
‫صحيح من منظورهم‪ ،‬ولكن دون شك أن للرسوب أض��رارا ً مادية واجتماعية‪ ،‬واألمر‬
‫يزداد صعوبة في حالة أخذ نسب التسرب‪ ،‬أو التحصيل املتدني في احلسبان‪.‬‬
‫وحتى في حالة استخدام متوسط تكلفة الطالب املسجل‪ ،‬فإن هذا املتوسط ميكن أن‬
‫يكشف عن مدى الزيادة احلقيقة في امليزانية‪ ،‬بشرط استخدام األسعار الثابتة‪.‬‬
‫ولتوضيح ذلك نفترض أن ميزانية التعليم الثانوي الفني قد بلغت عشرة ماليني من‬
‫عملة إحدى ال��دول عام ‪2007‬م‪ ،‬وكان عدد الطالب (‪ ،)20000‬فيكون متوسط تكلفة‬
‫الطالب املسجل في عام ‪2007‬م هو (‪ )500‬من عملة هذا البلد‪ .‬فإذا وصلت ميزانية عام‬
‫‪2008‬م إلى الضعف‪ ،‬وتضاعف أيضا ً عدد املسجلني‪ ،‬فإن تكلفة الوحدة تظل ثابتة دون‬
‫زيادة في العامني‪ ،‬على الرغم من أن امليزانية تضاعفت ظاهر ًّيا‪.‬‬
‫أما إذا تعاملنا مع نسب النجاح من منظور اجل��ودة وليس الكم‪ ،‬فإن األمر سيكون‬
‫مختلفا ً متاماً‪ .‬ونقصد بذلك‪ :‬نسبة النجاح املعبرة عن الكم هي النسبة العادية خلارج‬
‫قسمة عدد الناجحني (على الرغم من تباين مستوى جناحهم) على إجمالي الداخلني‬
‫لالمتحان‪ ،‬وعلى هذه املعادلة حتفظات رياضية‪ ،‬سوف نشير إليها في الفصل السابع‪،‬‬
‫وكيفية ربطها بتكلفة الوحدة من املنظور النوعي‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫‪ -4‬عدم إغفال تكلفة الفرصة ‪:Opportunity Cost‬‬


‫بدالً من حساب تكلفة املدخالت التربوية من خالل األموال التي ُدفعت فيها‪ ،‬فإن مفهوم‬
‫تكلفة الفرصة ينحو نحوا ً آخر‪ ،‬وهو القيمة التي كان من املمكن كسبها لو استخدمنا هذه‬
‫األموال في البديل األكثر ربحية‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإن املنطق املتضمن في مدخل تكلفة الفرصة‬
‫هو أن األمم واجلماعات واألفراد متتلك فقط موارد اقتصادية محددة لالستخدام خالل‬
‫فترة محددة‪ ،‬وأن قرار استخدام بعض هذه املوارد احملددة لغرض ما‪ ،‬من مثل التعليم‪،‬‬
‫يعني تضحية بفرصة إنفاق هذه املوارد في بديل آخر‪ .‬ومن هنا يسميها بعض الباحثني‬
‫تكلفة التضحية ‪ .)12(Sacrifice Cost‬وإلى املعنى نفسه تقريبا ً يشير «فيلدن وبيرسون»‬
‫‪ Fielden & Pearson‬بقولهما إن مفهوم تكلفة الفرصة يعنى ببساطة أن��ه في حالة‬
‫إنفاق الوقت وامل��ال في أحد املجاالت أو البرامج‪ ،‬التي ميكن أن تكون منتجة في مجال‬
‫آخر‪ ،‬فإن الدخل أو الفائدة التي قد ُفقدت تعد تكلفة الفرصة‪ ،‬والناجتة من إنفاق املال أو‬
‫الوقت في املجال األول دون البديل اآلخر(‪ .)13‬ومن هنا يطلق عليها أيضا ً املكاسب الضائعة‬
‫‪ ،Foregone Earnings‬أو التكلفة غير املباشرة‪ ،‬وغير ذلك من األسماء املتعددة‪.‬‬
‫‪ -5‬حساب تكلفة العوامل ‪ Factor Cost‬قبل حساب النفقات اإلجمالية‪:‬‬
‫وهذه ببساطة هي األسعار املدفوعة عن طريق التربية لعوامل اإلنتاج التربوي‪ ،‬أي‬
‫مدخالت املوارد التربوية املختلفة‪ ،‬من مثل‪ :‬املعلمني‪ ،‬واملعدات‪ ،‬واملباني‪ ،‬وغيرها‪ .‬وحيث‬
‫إن أسعار املدخالت املختلفة هذه غالبا ً ما تتباين متاما ً من عامل إلى آخر‪ ،‬وتتحدد بقوى‬
‫مختلفة‪ ،‬لذا فإنه من األهمية أن نتعامل معها وندرسها على انفراد‪ ،‬وذلك عندما نتنبأ‬
‫بالتكلفة في املستقبل‪ .‬وقد يعبر عن تكلفة العوامل إما بحدود حقيقة أو نقدية وإما باألسعار‬
‫الثابتة أو اجلارية‪ .‬ولكن لكي تكون التكلفة ذات معنى‪ ،‬فيجب أن ترتبط مبستويات كيفية‬
‫ومادية واضحة‪ ،‬من مثل‪ :‬ع��دد معلمي مستوى أو صف معني‪ ،‬واملساحات بالوحدة‬

‫‪125‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫املربعة‪ ،‬وإجمالي أدوات الكتابة ذات حجم معني‪ ،‬وعدد الكتب ملقرر معني ومبواصفات‬
‫جودة معينة(‪ ،)14‬وغير ذلك من العوامل الكمية والنوعية‪.‬‬
‫‪ -6‬نحتاج إلى وحدات املوارد وتكلفتها النقدية أيضاً‪:‬‬
‫قد يعبر عن املدخالت التربوية بلغة كلفة املوارد احلقيقة ‪ ،Real Resource Cost‬وذلك‬
‫عندما تقاس بوحدات طبيعية‪ ،‬من مثل‪ :‬أعداد املدرسني‪ ،‬أو ساعات عمل املدرسني‪ ،‬وعدد‬
‫الكتب املدرسية وغير ذلك‪ ،‬وميكن أن تقاس هذه املدخالت التربوية بداللة قيمتها املالية‬
‫‪ ،Monetary Value‬ويعبر عنها ككلفة مالية أو متويلية‪ .‬ونحتاج عادة لكلتا الطريقتني‬
‫للتعبير عن تكلفة املدخالت‪ ،‬وذلك ألغراض حتليل الكلفة التعليمية‪.‬‬
‫‪ -7‬التعبير عن التكلفة العامة في مقابل التكلفة اخلاصة‪:‬‬
‫التكلفة العامة ‪ Public Cost‬هي التي ُتدفع أو متول بواسطة احلكومة‪ ،‬ويتم توفيرها‬
‫عادة من الضرائب والقروض وغيرهما من مصادر الدخل احلكومية‪ ،‬أما التكلفة اخلاصة‬
‫‪ Private Cost‬فهي تلك التي يتحملها الطالب وأسرهم في شكل مصاريف مدرسية‪،‬‬
‫وشراء زى املدارس والكتب وغير ذلك من املستلزمات‪ .‬وتشمل التكلفة اخلاصة أيضا ً‬
‫الهبات واملنح والهدايا لكل من التعليم النظامي وغير النظامي‪ .‬واجلدير بالذكر أن منح‬
‫الدعم احلكومي للكليات واملدارس اخلاصة املعانة تدخل في حسابات النفقات العامة‪ ،‬وال‬
‫يجب ضمها للنفقات اخلاصة؛ حتى ال حتدث ازدواجية في احلسابات(‪.)15‬‬
‫‪ -8‬النفقات اإلجمالية ‪:Total Expenditures‬‬
‫وهذه تشمل عادة النفقات اجلارية والرأسمالية لفترة موازنة معينة‪ .‬ويجب أن تعكس‬
‫كل أو جل الدروس املستفادة من املصطلحات املفتاحية للتكلفة السابق عرضها‪ ،‬فيجب‬
‫أن توزع بنود اإلنفاق على املدخالت التربوية بأنواعها املختلفة‪ ،‬ويفضل التعبير عنها‬

‫‪126‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫في شكل أسعار ثابتة‪ ،‬وليست أسعارا ً جارية مع استخدام تكلفة الوحدة‪ ،‬أو الوحدات‬
‫املختلفة‪ ،‬وأن نأخذ في االعتبار قدر اإلمكان التكلفة غير املباشرة مبحاذيرها املتعددة‪ ،‬مع‬
‫رصد الفارق أو الفروق بني املوازنات املرصودة واإلنفاق الفعلي‪ ،‬وغير ذلك من إجراءات‬
‫التعامل مع النفقات مبوضوعية وعلمية قد تغيب عن بعض الباحثني‪.‬‬
‫‪ -9‬توزيع التكلفة عبر مراحل وأنواع التعليم املختلفة‪:‬‬
‫وهذا ما سنفرد له الفصل التالي‪.‬‬
‫وخالصة الرأي أنه عند االلتزام على األقل بهذه الضوابط التسعة عند حتديد تكلفة‬
‫التعليم في ال��دول األعضاء‪ ،‬فإن التكلفة تتسم باملزيد من الشفافية دون الغموض أو‬
‫الضبابية‪ ،‬ويعد ذلك خطوة نحو حتقيق عدد من األهداف‪ ،‬لعل من أهمها‪:‬‬
‫األول‪ :‬يتعلق بتزايد احتمال حصول املسئولني عن التعليم على النصيب العادل من الناجت‬
‫احمللي اإلجمالي‪ ،‬أو امليزانية احلكومية‪ ،‬بالقياس لقطاعات اإلنتاج واخلدمات األخرى‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تيسير التوزيع العادل مليزانية التعليم على مراحل وأنواع التعليم املختلفة‪ ،‬وكذلك‬
‫املناطق اجلغرافية‪ ،‬وغير ذلك من العوامل‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬وضوح الرؤية عند متابعة وتقومي مدى االستثمار لهذه التكلفة على أرض الواقع‪،‬‬
‫وبالتالي العدالة في احملاسبية‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬تيسير احلسابات املتعلقة باملقارنات بني العوائد والتكلفة‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫التوازن بني اإلنفاق على التعليم العام والتعليم العالي‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪130‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل الثالث‬
‫التوازن بني اإلنفاق على التعليم العام والتعليم العالي‬

‫يعد التوسع الكمي والكيفي في التعليم العالي أكثر مراحل التعليم تكلفة؛ نظرا لطبيعة‬
‫الدراسة فيه وألهدافه املتميزة؛ مما قد يؤثر على باقي مراحل التعليم العام‪ .‬ومن هنا‬
‫تشير إحدى الدراسات إلى أن تكلفة الطالب في التعليم العالي في الدول النامية تساوي‬
‫اثنتي عشرة مرة تكلفة الطالب في املرحلة الثانوية‪ ،‬وترتفع إلى ثمان وثمانني ضعفا ً‬
‫بالنسبة ملتوسط تكلفة في املدرسة االبتدائية(‪ .)16‬وهناك بالطبع فروقً بني الدول النامية‬
‫في هذه النسب‪ ،‬ولكن االستنتاج السابق يكاد يكون صحيحا ً بشكل عام بالنسبة لغالبية‬
‫الدول النامية‪ ،‬حيث تشير دراسة أخرى إلى أن أفريقيا – التي كانت في املرحلة األخيرة‬
‫بالنسبة ملتوسط التكلفة اجلارية للطالب في املرحلة االبتدائية – جاءت في املرتبة األولي‪،‬‬
‫بالنسبة ملتوسط تكلفة الطالب في التعليم العالي‪ .‬وتشير الدراسة أيضا ً إلى أن متوسط‬
‫التكلفة لطالب التعليم العالي في أفريقيا تعادل ستني مرة تكلفة طالب املرحلة االبتدائية‪،‬‬
‫ومن الصعب – على حد تعبير الدراسة – استنتاج أن جودة التعليم في هذه القارة تفوق‬
‫ما هو عليه في املناطق األخرى(‪.)17‬‬
‫ورمبا تفسر التباينات السابقة في تكلفة الوحدة بني مراحل التعليم املختلفة‪ ،‬في الدول‬
‫النامية‪ ،‬حرص بعض املتخصصني البارزين في اقتصاديات التعليم على ضرورة إعادة‬
‫جزء من التوازن املنشود بني هذه املراحل في تكلفة الوحدة‪ .‬ورمبا نلمح ذلك في التعليق‬
‫املوضوعي املثير «جل��ورج سكاروبولس» (‪ )G.Psacharopoulos, 1996‬ال��ذي حمل‬
‫عنوانا ً الفتا ً للنظر «اإلنفاق احلكومي على التعليم العالي في الدول النامية‪ :‬أكثر من الالزم‬
‫وليس أقل من الالزم» ر ًدا على دراسة «نانسي برد سول» (‪ ،)N.Birdsall, 1996‬والتي‬

‫‪131‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫جاء عنوانها في تساؤل‪« :‬اإلنفاق احلكومي على التعليم العالي‪ :‬أهو أكثر من الالزم أم أقل‬
‫من الالزم ؟»‪ .‬ويدور رأى «سكاروبولس»حول أنه ضد التوسع في متويل التعليم العالي‬
‫على حساب التعليم االبتدائي؛ خاصة في ال��دول النامية التي لم تصل بعد لالستيعاب‬
‫الكامل في التعليم االبتدائي وال إلى مستوى اجلودة املطلوب‪ .‬ويدلل على ذلك بأدلة كثيرة‬
‫ال يتسع املجال لعرضها وتقوميها‪ ،‬ولكنها تدور حول املقارنة بني العوائد املتوقعة من‬
‫التوسع في التعليم االبتدائي‪ ،‬ورفع مستوى جودته وبني العوائد املتوقعة في حالة زيادة‬
‫نسبة متويل التعليم العالي على حساب التعليم االبتدائي‪ ،‬وهو يرى أن التعليم االبتدائي‬
‫هو األفضل بالنسبة ألبعاد كثيرة من العوائد‪ ،‬بالقياس إلى نظائرها في التعليم العالي‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد استشهد بأمثلة من بعض الدول‪ ،‬حيث يعتقد أن بناء هرم‬
‫تعليمي من القاعدة فصاعدا ً هو الذي أدى إلى حدوث املعجزة االقتصادية في عدد من‬
‫ال��دول األسيوية‪ .‬ورمبا شجعته أدلته هذه على أن يختم تعليقه برأي جرئ م��ؤداه أنه‬
‫من سوء توزيع املوارد مبكان أن يتم إنشاء‪ ،‬ولو معشار كلية للدراسات العليا في دولة‬
‫نامية تعدادها خمسة ماليني نسمة‪ ،‬وال يسجل في هذه الدولة في التعليم االبتدائي سوى‬
‫(‪ )%50‬من عدد األطفال في الفئة العمرية (‪ )12-6‬سنة(‪.)18‬‬
‫وفي حدود اإلحصاءات املتاحة لنا عن الدول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول‬
‫اخلليج جند أن دراسة احلالة املقدمة من اجلمهورية اليمنية تتطلب وقفة؛ فعلى الرغم من‬
‫التحسن امللحوظ في استيعاب الطالب في مراحل التعليم قبل العالي‪ ،‬فإن مرحلة التعليم‬
‫األساسي ال تعاني فقط من ضعف قدرتها على استيعاب جميع األطفال في الفئة العمرية‬
‫(‪ )14-6‬سنة‪ ،‬بل أيضا ً ضعف قدرتها على االحتفاظ باألطفال حتى نهاية املرحلة‪،‬‬
‫مما يشكل معينا ً ال ينضب لألمية في هذا البلد؛ فلقد زاد عدد األميني من ‪4.550.202‬‬
‫أميا ً (‪ %65.26‬منهم من اإلن��اث) عام ‪ ،1994‬إلى ‪ 6.195.039‬أميا ً (‪ %66.76‬منهم‬

‫‪132‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫من اإلن��اث) عام ‪ ،2004‬أي بزيادة قدرها ‪ 1.644.837‬خالل عشرة أع��وام‪ ،‬ومبعدل‬
‫‪ 164.474‬أميا ً إضافيا ً كل عام‪ ،‬ومبعدل نحو ‪ %36.15‬خالل هذه الفترة(‪.)19‬‬
‫وعلى الرغم من التحسن في معدالت االلتحاق في التعليم األساسي (أي قبول األطفال‬
‫اجلدد في بداية املرحلة) من ‪ %63.2‬عام ‪ 2002/2001‬إلى ‪ %75.8‬عام ‪2006/2005‬‬
‫(‪ %87‬ذك��ور‪ %63.7 ،‬إن��اث) فال ي��زال هناك ‪ %36.3‬من اإلن��اث في سن بداية التعليم‬
‫األساسي خارج املدارس في مقابل ‪ %13‬من الذكور‪.‬‬
‫ويعاني التعليم األساسي في اليمن من تدني الكفاءة الداخلية‪ ،‬على الرغم من أن‬
‫املؤشرات توضح حتسنا ً في هذا اجلانب‪ ،‬فاملراجعة السنوية لتنفيذ اإلستراتيجية عام‬
‫‪ 2006/2005‬قد أفادت أن نسبة من يصلون إلى الصف التاسع وصلت إلى ‪ %70‬من‬
‫كل مائة يلتحقون بالصف األول‪ ،‬بعد أن كانت هذه النسبة ‪ %51‬في العام السابق له‪.‬‬
‫وبقدر التفاؤل بالتحسن في معدالت الكفاءة الداخلية‪ ،‬إال أن ‪ %30‬من امللتحقني ال يصلون‬
‫إلى الصف التاسع‪ ،‬مما ال ميثل هدرا ً اقتصاديا فقط‪ ،‬بل يشكل حتديا ً تربويا ً واجتماعيا‬
‫أيضا ً(‪.)20‬‬
‫وبالرجوع إلى اإلح�ص��اءات الدالة على نصيب امللتحق (تكلفة الطالب) في مراحل‬
‫التعليم املختلفة من اإلنفاق اجل��اري خالل الفترة (‪)2006/2005 – 2002/2001‬‬
‫جند املوقف كاألتي‪:‬‬
‫متوسط نصيب امللتحق في التعليم األساسي خالل الفترة املذكورة هو ‪ 20878‬ريال‬
‫ميني بينما يرتفع إلى ‪ 30638‬في حالة التعليم الثانوي‪ ،‬وإلي ‪ 69067‬في حالة التعليم‬
‫اجلامعي احلكومي‪ ،‬أي بنسبة‪ )1 :3.309( :‬في حالة مقارنة التعليم اجلامعي باألساسي‪،‬‬
‫وإلي (‪ )1 :2.255‬في حالة مقارنة التعليم اجلامعي بالثانوي‪ ،‬وإلي (‪ )1 :1.467‬في‬
‫حالة مقارنة التعليم الثانوي باألساسي(‪.)21‬‬

‫‪133‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫اخلالصة‪:‬‬
‫يعد التوازن املنشود في اإلنفاق على مراحل التعليم قبل العالي في مقابل التعليم‬
‫العالي‪ ،‬وكذلك التوازن في اإلنفاق على التعليم من ناحية والقطاعات األخ��رى خاصة‬
‫التسليح والدفاع من ناحية أخ��ري من األم��ور املهمة التي تتطلب حكمة وموضوعية‪.‬‬
‫ونرى أنه من األفضل تركيز اجلهود لتوفير تعليم أساسي عالي اجلودة يغطي مراحل‬
‫التعليم العام (ملدة ‪ 12‬عاما ً في املتوسط وليكن من سن ‪ 6‬إلى ‪ 18‬عاماً) ويتسع ليشمل‬
‫جميع األفراد في هذه الفئة العمرية املهمة‪ ،‬ويعد تعليما ً إلزاميا ً مجانيا ً تخصص له نسبة‬
‫دالة من امليزانيات احلكومية‪ ،‬دون غلبة من التعليم العالي‪ ،‬على أساس أن هذه املرحلة‬
‫اإللزامية املجانية كفيلة بإعداد املواطن الصالح املستنير‪ ،‬والقادر على مواصلة تعليمه‬
‫العالي‪ ،‬أو االنخراط في سوق العمل واحلياة لفترة ما‪ ،‬ويعود ملواصلة تعليمه العالي‬
‫متى شاء وبطريقة تناسب ظروفه‪ ،‬من خالل تنوع مؤسسات التعليم العالي لتخرج عن‬
‫النطاق التقليدي إلى التعلم اإلليكتروني واجلامعات التخيلية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ونؤكد في نهاية هذا احملور أننا لسنا ضد التعليم العالي أو التوسع فيه‪ ،‬إمنا ضد أن‬
‫يكون ذلك على حساب التعليم العام الذي يجب أن يكون إلزاميا ً مجانيا ً عالي اجلودة‪.‬‬
‫وتترك احلرية لكل دول��ة في حتديد صيغ التناسق التمويلي بني التعليم العالي وقبل‬
‫العالي‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل الرابع‬
‫دور دالة اإلنتاج التربوي في اتخاذ قرارات توزيع املوارد‬

‫‪135‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪136‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل الرابع‬
‫دور دالة اإلنتاج التربوي في اتخاذ قرارات توزيع املوارد‬

‫دالة اإلنتاج التربوي ‪ Educational Production Function‬هي ببساطة عالقات‬


‫رياضية تصف كيف ميكن أن تتحول املوارد التربوية (املدخالت) إلى مخرجات تربوية‪،‬‬
‫واتخاذ ذلك أساسا ً لتوزيع املوارد التربوية بني أنواع املدخالت التربوية‪ ،‬وفقا ً لدرجة‬
‫ارتباطها باملخرجات(‪ .)22‬وعادة ما تستخدم هذه الدوال ‪ -‬بالتالي ‪ -‬في صناعة قرارات‬
‫توزيع املوارد التربوية‪.‬‬
‫ورمبا يكون من املفيد إلقاء الضوء في إيجاز شديد على أبرز النتائج التي عليها اتفاق‬
‫نسبى‪ ،‬مركزين فقط على تأثيرات املدخالت التربوية‪ ،‬ونقتصر هنا على ستة من مدخالت‬
‫العملية التعليمية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ - 1‬مستوى اإلنفاق لكل طالب‪Expenditure Per Student :‬‬
‫على الرغم من التباين الكبير بني الباحثني في هذا الشأن‪ ،‬وعلى الرغم من دراسات‬
‫«هانوشيك» ‪ Hanushik‬املتواصلة‪ ،‬و«روسملر» (‪ )Rossmiller‬وغيرهما من الذين يرون‬
‫أن مستوى اإلنفاق لكل طالب ال يفسر بطريقة دالة الفروق في املخرجات التربوية عند‬
‫الطالب‪ ،‬فإن اخلط اآلخر يبدو أكثر قوة ومنطقية وبروزا ً في السنني األخيرة‪ ،‬كما تشير‬
‫الدراسات املتعاقبة لفريق البحث من جامعة شيكاغو «جرينوالد‪ ،‬وهيدجز‪ ،‬والن» (‪1997‬‬
‫‪ ،Greenwold, Hedges, and Laine (1994, 1995,‬وغيرهم من الذين وقفوا باحلجة‬
‫العلمية ضد «هانوشيك» وبخاصة «سبنسر ووي�ل��ى» (‪،Spencer& Wiley )1981‬‬
‫و«بيكر» )‪.Baker (1991‬‬

‫‪137‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫ورمبا جند من املناسب أن نشير إلى إحدى النتائج املهمة التي توصل إليها كل من‬
‫«تشب وم��و» (‪ ،Chubb & Moe (1990‬والتي فحواها أن امل��دارس ذات األداء العالي‬
‫‪ High Performance‬تنفق أمواالً بنسبة ‪ %20‬أكثر على كل طالب بالقياس إلى املدارس‬
‫ذات األداء املنخفض(‪.)24‬‬
‫وإذا كنا نؤيد الباحثني الذين توصلوا إلى عالقات إيجابية بني مستوى اإلنفاق لكل‬
‫طالب‪ ،‬وبني املستوى التحصيلي‪ ،‬فإننا لسنا مع اإلنفاق غير الرشيد‪ ،‬وغير املستخدم‬
‫بحكمة‪ ،‬بل نؤيد استغالل كل اإلمكانات املادية االستغالل الذي يثري العائد منها‪ .‬وإذا‬
‫كانت بعض األبحاث توصلت إلى عكس االجتاه الذي نفضله‪ ،‬فإن هذا يعني – تكامليا ً‬
‫كاف في حد ذاته‬‫ورياضيا ً – أن مستوى اإلنفاق شرط أو مطلب ضروري‪ ،‬ولكنه غير ٍ‬
‫بالنسبة للتحصيل األكادميي؛ فالعبرة باستخدام املال استخداما ً حسناً‪ ،‬لتحقيق أهداف‬
‫تربوية معينة‪ ،‬وليست العبرة مبجرد اإلنفاق‪.‬‬
‫وإذا كنا نعبر عن رضانا في اجتهاد ال��دول األعضاء مبكتب التربية العربي لدول‬
‫اخلليج في توفير م��وارد مالية إضافية للتعليم مبراحله املختلفة‪ ،‬فإننا نستحث هذه‬
‫ال��دول على تخصيص املزيد‪ ،‬بشرط أن يتم تقييم املوقف بداللة تكلفة الطالب‪ ،‬وليس‬
‫التكلفة اإلجمالية‪ ،‬واستخدام األسعار الثابتة وليست اجلارية‪ ،‬ويفضل أيضا استخدام‬
‫تكلفة العوامل وغيرها من الضوابط التي عرضناها سابقاً‪ ،‬مع وضع كافة الضمانات‬
‫لالستغالل األمثل لهذه امل��وارد اإلضافية‪ ،‬وتقومي فعالية استخدامها بشكل مستمر‪،‬‬
‫بحيث تسهم بشكل أكثر فعالية في رفع مستويات جودة التربية وعوائدها‪.‬‬
‫‪ - 2‬املباني املدرسية‪:‬‬
‫هناك تباين ملحوظ بني األبحاث في هذا الشأن‪ ،‬فتشير نتائج بعض األبحاث إلى أن‬
‫جودة املبنى الطبيعي للمدرسة ال يعد محددا ً مهما للتعلم الطالبي‪ .‬وهناك أبحاث أخرى‬

‫‪138‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫تشير إلى العكس‪ ،‬بل تخطو خطوة إضافية نحو حتديد نسبة التحسن في التحصيل‬
‫الطالبي‪ ،‬ناهيك عن املكاسب التربوية األخ��رى في شخصية الطالب ومن��وه املتكامل‪،‬‬
‫فيقرر «كريستوفر» ‪ - Christopher‬على سبيل املثال – أن اللجنة اخلاصة بعمارة‬
‫التعليم التابعة للمعهد األمريكي للمهندسني املعماريني‪ ،‬قد بحثت مسألة كيفية تأثير‬
‫العمارة ‪ Architecture‬في التعليم‪ .‬ومن بني النتائج التي توصلت إليها اللجنة تلك‬
‫النتيجة القائلة بأن تطورا ً حدث بنسبة (‪ )%20‬في نتائج االمتحانات في العام األول‪ ،‬الذي‬
‫مت فيه افتتاح هذه املباني‪ ،‬مقارنة بالعام السابق في مرفق آخر(‪.)25‬‬
‫ورمبا يعود االختالف بني الباحثني إلى عدد من العوامل‪ ،‬رمبا يأتي من أهمها‪ :‬درجة‬
‫التخطيط والتنفيذ لالستغالل األمثل لهذه املباني‪ ،‬فضالً عن التباين بني الدراسات في‬
‫قياس متغير جودة املبنى ذاته‪ ،‬واألساليب اإلحصائية املستخدمة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫ونعتقد‪ ،‬من ناحية أخ��رى‪ ،‬أنه لو مت التخطيط اجليد للمباني اجلديدة‪ ،‬ومبستويات‬
‫جودة محددة‪ ،‬مع االستغالل األمثل إلمكاناتها‪ ،‬ألثر ذلك بالتأكيد في التحصيل الطالبي‪،‬‬
‫وفى النمو الشامل املتكامل للطالب‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإننا مع إج��راءات اإلنفاق لرفع مستوى جودة املباني املدرسية‪ ،‬مع حسن‬
‫التخطيط والتنفيذ الستغاللها‪ ،‬ون��رى أن التخفيض الكبير إم��ا في ج��ودة اإلمكانات‬
‫املدرسية‪ ،‬أو في مستوى اإلن�ف��اق‪ ،‬ميكن أن تكون له تأثيرات عكسية على معنويات‬
‫وإمكانات املعلمني وال�ط�لاب‪ ،‬األم��ر ال��ذي قد ي��ؤدى مباشرة إل��ى تدهور في مخرجات‬
‫التعليم‪ ،‬على الرغم من التباين البحثي في هذا املجال‪ ،‬وإن كنا نغلب كفة األبحاث التي‬
‫تشير إلى األثر اإليجابي جلودة املباني املدرسية في التحصيل‪.‬‬
‫‪ - 3‬حجم املدرسة ‪:School Size‬‬
‫قد حظي احلجم املناسب أو األكثر مناسبة للمدرسة – السيما الثانوية – باهتمام‬
‫كبير من جانب عدد من الدراسات عن التربية‪ ،‬باإلضافة إلى التقارير التي توضح األفكار‬

‫‪139‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫اخلاصة بإصالح املدارس وتطويرها‪ .‬ونالحظ تفضيل هذه اآلراء بشكل عام لألحجام‬
‫الصغيرة من امل��دارس الثانوية‪ ،‬التي حددها بعض الباحثني على أنها تتراوح من ‪500‬‬
‫إلى ‪ 600‬طالب‪ ،‬واستند هؤالء إلى مبررات متعددة‪ ،‬منها‪ :‬سهولة الرعاية االجتماعية‬
‫والتربوية للطالب‪ ،‬مبا في ذلك تنمية العالقات االجتماعية األقوى بني كل املعنيني بالعملية‬
‫التربوية‪ ،‬وغير ذلك من األسباب(‪.)26‬‬
‫وقد كشفت دراسة «فاليرى لى‪ ،‬وجوليا سميث» ‪ V.Lee & J.Smith 1997‬عن أن‬
‫احلجم املثالي للمدرسة الثانوية بداللة الفعالية – أي تعلم الطالب – يتراوح ما بني ‪،600‬‬
‫‪ 900‬طالب‪ ،‬وتقل فعالية املدرسة الثانوية إذا قل العدد عن هذا املتوسط‪ ،‬وتقل أكثر إذا زاد‬
‫العدد عن (‪ )2100‬طالب (‪.)27‬‬
‫واجلدير بالذكر أن الدراسة قد قسمت أعداد الطالب في املدرسة (حجم املدرسة) إلى‬
‫ثمانية تقسيمات‪ ،‬هي‪ 300( :‬أو أقل)‪،)1200- 901( ،)900 – 601( ،)600 – 301( ،‬‬
‫(‪( ،)2100 – 1801( ،)1800 – 1501( ،)1500- 1201‬أكبر من ‪ ،)2100‬فكأن‬
‫احلجم املثالي الذي كشفت عنه الدراسة هو األصغر نسب ٌيًا؛ حيث جاء التقسيم الثالث‬
‫(‪ )900 – 6001‬من بني هذه التقسيمات‪.‬‬
‫وقد كشفت الدراسة أيضا ً عن أن التعلم يعتبر أكثر عدالة (في توزيعه بني الطالب)‬
‫في املدارس الصغيرة جداً‪ ،‬وذلك وفق تعريف الدراسة للعدالة بالعالقة بني تعلم الطالب‬
‫واحل��ال��ة االقتصادية واالجتماعية لهم‪ .‬وتعد إح��دى النتائج املهمة ف��ي ه��ذه الدراسة‬
‫هي أن تأثير حجم املدرسة في التعلم الطالبي يعد مختلفا ً في امل��دارس التي بها طالب‬
‫متفاوتون في اخللفية االقتصادية االجتماعية‪ ،‬وفى املدارس التي بها مجموعات مختلفة‬
‫من األقليات‪ ،‬فحجم املسجلني له تأثير أقوى في التعلم في املدارس التي بها طالب ذوى‬
‫خلفيات اقتصادية اجتماعية أكثر انخفاضاً‪ ،‬وأيضا في املدارس التي بها جتمعات عالية‬
‫من طالب األقليات‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫وخلصت الدراسة إلى توصية مهمة‪ ،‬مؤداها أن املدارس الثانوية يجب أن تكون أصغر‬
‫مما هي عليه اآلن‪ .‬ولعل ذلك يرجع لعديد من األسباب‪ ،‬منها‪ :‬أن العالقات االجتماعية في‬
‫املدارس الصغيرة عادة ما تكون أكثر شخصية ومتيزاً‪ .‬ومن هنا فضلت الباحثتان احلجم‬
‫املثالي على أنه ‪ 600‬طالب في املدرسة الثانوية الواحدة‪ ،‬أو في املدى (‪)900 – 600‬‬
‫طالب؛ وفقا العتبارات التعلم الطالبي والرعاية االجتماعية لهم‪.‬‬
‫وتتفق هذه الدراسة بشكل عام مع دراسة «جرينوالد‪ ،‬وهيدجز‪ ،‬والن» (‪ ،)1997‬التي‬
‫كان متغير حجم املدرسة فيها أحد متغيرات مدرسية سبعة‪ ،‬ركزت عليها في عالقاتها‬
‫بالتحصيل ال��دراس��ي‪ ،‬وتوصلت إلى أن امل��دارس األصغر ترتبط إيجابيا ً وبشكل دال‬
‫بالتحصيل الطالبي‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فوفقا ً ملا بني أيدينا من دراسات‪ ،‬فإننا نوصى بالتخطيط جلعل أحجام املدارس‬
‫بني الصغيرة واملتوسطة‪،‬أو امل��دى (‪ )900 – 600‬طالب‪ ،‬واالبتعاد ق��در اإلمكان عن‬
‫اإلحجام الكبيرة‪ ،‬السيما التي يزيد عدد طالبها عن ألفى طالب؛ إثرا ًء للنمو االجتماعي‬
‫والتربوي والتعليمي للطالب مبا في ذلك األهداف التحصيلية‪.‬‬
‫‪ - 4‬حجم الفصل ‪:Class Size‬‬
‫نقصد عادة بحجم الفصل أو كثافة عدد الطالب الذين يدرسون بداخله‪ .‬ويعد هذا املتغير‬
‫املهم من أكثر املتغيرات أو العوامل املدرسية التي حظيت بالكثير من دراسات دوال اإلنتاج‬
‫التربوي إن لم يكن أكثرها على اإلط�لاق‪ ،‬لدرجة يصعب بالفعل حصرها عامليا‪ ،‬ورمبا‬
‫يرجع ذلك لالرتباط الشديد بني حجم الفصل ومقادير التكلفة املالية املطلوبة للتعليم‪،‬‬
‫فأبسط زيادة في حجم الفصل توفر الكثير من املال‪ ،‬والعكس بالعكس‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫ذلك‪ ،‬فهو يعد أيضا ً من أكثر العوامل املدرسية التي تضاربت األبحاث بخصوصها‪ ،‬وذلك‬
‫على الرغم من أن املتوقع هو زي��ادة التحصيل الطالبي كلما قلت كثافة الفصل‪ ،‬ورمبا‬
‫يرجع ه��ذا التضارب الكبير في نتائج األبحاث اخلاصة بهذا العامل‪ ،‬وضعف اتساق‬
‫نتائجها وعدم حسمها إلى عديد من األسباب‪ ،‬لعل من أهمها‪:‬‬
‫(أ) عدم االتفاق على مفهوم الفصل «الصغير» في مقابل «الكبير»‪ .‬وباستعراض عديد‬

‫‪141‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫من أبحاث هذا املجال‪ ،‬جند بعضها قد اعتبر الفصل الصغير هو الذي يحوى أقل من (‪)25‬‬
‫تلميذاً‪ ،‬في مقابل أبحاث أخرى رأت أنه هو الذي يحتوى على أقل من (‪ )20‬تلميذاً‪ ،‬بل أقل‬
‫من (‪ )15‬تلميذا ً وف ًقا لرؤية بعض األبحاث‪ .‬وبتباين مماثل اعتبرت بعض األبحاث الفصل‬
‫الكبير هو الذي يحتوى على أكثر من (‪ )30‬تلميذاً‪ ،‬وأبحاث أخرى رأت أن مدى الفصل‬
‫الكبير‪ ،‬هو (‪ ،)35 -30‬وفى مجموعة ثالثة من األبحاث كان املدى هو (‪ ،)40 – 35‬مع‬
‫اإلشارة إلى أن بعض األبحاث قسمت الفصول إلى صغيرة‪ ،‬ومتوسطة‪ ،‬وكبيرة‪.‬‬
‫وبالطبع‪ ،‬فإن التباين السابق يرجع إلى عوامل متعددة‪ ،‬لعل منها‪ :‬طبيعة الطلبة‬
‫ونوع املرحلة التعليمية واملناهج الدراسية‪ ،‬وغير ذلك من العوامل‪ ،‬إال أن هناك أمرين قد‬
‫يكون من املفيد اإلشارة إليهما‪ :‬يتعلق األول منهما بأن الفصول التي قد اعتبرتها هذه‬
‫األبحاث كبيرة‪ ،‬قد تعتبر صغيرة‪ ،‬ورمبا جداً‪ ،‬بالنسبة لبعض الدول النامية‪ .‬ويتعلق‬
‫األمر الثاني بأن التباين السابق قد يجعل من الصعب‪ ،‬ورمبا من املستحيل‪ ،‬املقارنة بني‬
‫النتائج‪.‬‬
‫(ب) عدم االتفاق على مدى أثر كثافة الفصل على جودة العملية التعليمية‪ ،‬فهناك‬
‫دراس��ات ترى أن املعلمني األكفاء يدرسون للفصول الكبيرة‪ ،‬والطالب الضعفاء رمبا‬
‫يحدد لهم فصول معينة عادة ما تكون صغيرة‪ ،‬وتكون النتيجة اإلجمالية هي دحض‬
‫‪ Confound‬وتشويه أثر حجم الفصل كمتغير مستقل في حالة وجوده(‪ .)28‬واألمر‬
‫أيضا ً يتوقف على إمكانات املعلمني واجتاهاتهم‪ ،‬فقد ال يتحمس املعلم – على سبيل املثال‬
‫– للتفاعل مع األعداد الصغيرة‪ ،‬وال يستغل هذه الفرصة للتدريس بشكل أفضل‪ ،‬وقد‬
‫يحدث العكس في حالة الفصول الكبيرة نسبياً‪ ،‬حيث قد يتبع املعلم طرقا ً علمية للتغلب‬
‫على هذه األعداد الكبيرة نسبياً‪ ،‬أو قد يستعني ببعض املساعدين‪ ،‬أو غير ذلك من األساليب‬
‫العالجية التي قد كشفت عنها بعض الدراسات‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫(ج �ـ) تركيز معظم األب�ح��اث على قياس امل�خ��رج املعرفي‪ ،‬وإه�م��ال املخرجات غير‬
‫املعرفية ‪ ،Noncognitive‬وإذا كانت النواجت األخيرة غير متضمنة في التحليل‪ ،‬يكون‬
‫من الصعب حتديد األثر الفعلي حلجم الفصل(‪.)29‬‬
‫وإذا أخذنا في االعتبار أن أكثر من دراسة – عندما استخدمت عينات أكبر مت جتميعها‬
‫بطرق نظامية – قد توصلت إلى نتائج تدعم الفرض ال��ذي م��ؤداه أن الزيادة في حجم‬
‫الفصل تقلل التحصيل التربوي واملكاسب املستقبلية للطالب(‪ ،)30‬وإذا أخذنا في االعتبار‬
‫أي�ض�ا ً إح��دى نتائج دراس��ة «تشب وم��و» (‪ ،Chubb & Moe )1990‬التي م��ؤداه��ا أن‬
‫املدارس ذات األداء العالي ‪ High Performance‬لديها حجم فصل أقل نسبيا ً من املدارس‬
‫ذات األداء املنخفض مبقدار طالبني لكل فصل(‪ ،)31‬ومع تقديرنا لألبحاث التي كشفت عن‬
‫نتائج‪ ،‬قد تختلف بدرجة أو بأخرى مع النتائج السابقة‪ ،‬ومع إمياننا املتزايد بأن العبرة في‬
‫التربية بالتعلم ‪ Learning‬وليس التعليم ‪ ،Instruction‬ومن هنا حتمية استخدام أسلوب‬
‫التعلم الذاتي ‪ Self-Learning Approach‬و ما يتطلبه من كثافة في الفصول متوسطة أو‬
‫صغيرة‪ ،‬ومع تزايد أهمية املخرجات غير املعرفية دون تقليل من أهمية املخرجات املعرفية‬
‫وألسباب منهجية وعلمية يطول شرحها‪ ،‬فإننا منيل إلى ترجيح كفة مجموعة األبحاث‬
‫التي وصلت إلى أن زيادة حجم الفصول يؤثر سلبيا ً في التحصيل الطالبي‪ ،‬والعكس‬
‫بالعكس‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإننا نشجع كل اجلهود املبذولة إلنقاص حجم الفصول‪ ،‬ولو بالتدريج عبر‬
‫الزمن‪ ،‬ووفق اإلمكانات‪ .‬ونأمل أن تصل الكثافات في املرحلتني االبتدائية والثانوية إلى‬
‫مدى يتراوح من ‪ 25‬إلى ‪ 35‬طالباً‪ ،‬مع زيادة تدريب املعلمني على طرق التعليم الفردي‪،‬‬
‫ودعم إمكاناتهم‪ ،‬واجتاهاتهم نحو تفاعل أفضل بينهم وبني الطالب (جماع ًة وأفراداً)‪،‬‬
‫السيما إذا علمنا أن الدراسات ‪ -‬التي أوضحت أن نقصا ً في حجم الفصل رمبا يؤدى‬

‫‪143‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫بشكل أفضل إل��ى تدريس متفرد‪ ،‬وإل��ى تفاعل أفضل بني املعلم والطالب‪ ،‬وإل��ى تعدد‬
‫طرق التدريس‪ -‬قد أوضحت أيضا ً أن هذه التأثيرات غالبا ً ما تعتمد على إدارة املعلمني‬
‫واجتاهاتهم‪.‬‬
‫والالفت للنظر أن الدول األعضاء تلتزم عادة باملدى املفضل وهو (‪ )30 – 25‬طالبا ً‬
‫في الفصل الواحد‪ ،‬إال أنه تبقى مالحظة مهمة مؤداها أن األحجام املتوسطة والصغيرة‬
‫للفصول م��ع وج��ود معلمني أك�ف��اء ذوي إرادة قوية ل�لإص�لاح‪ ،‬وم��زودي��ن باجتاهات‬
‫وممارسات تربوية حديثة‪ ،‬ومحاطني ببيئة تربوية وإدارية مشجعة‪ ،‬هو أمل يراودنا؛‬
‫لألخذ بأيدي أبنائنا في رحلة التعلم (وليس التعليم) والتنمية الشاملة‪ ،‬التي تتجاوز بكثير‬
‫جدا ً مرحلة التحصيل املعرفي‪ ،‬إلى دعم قدرة الطالب على التفكير البناء‪ ،‬والتعلم الذاتي‪،‬‬
‫والنقد املوضوعي‪ ،‬والتفاعل اإليجابي‪ ،‬وغير ذلك من األمور التي نحن في أشد احلاجة‬
‫إليها في رحلة االستثمار البشري الشامل في أبنائنا في القرن احلادي والعشرين‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فلسنا مع األعداد الصغيرة جداً‪ ،‬والتي عادة ما تقل عن عشرين‬
‫طالب في الفصل الواحد؛ ألن ذلك ميثل هدراً‪ ،‬السيما مع وجود معلمني أكفاء‪.‬‬
‫‪ - 5‬بعض املتغيرات اخلاصة بجودة املعلم ‪:Quality of Teacher‬‬
‫بغض النظر عن التباين في نتائج األبحاث في هذا املجال – والتي منها أبحاث «هانوشيك»‬
‫‪ ،Hanushek‬وأبحاث الفريق البحثي الثالثي «جرينوالد‪ ،‬وهيدجز‪ ،‬والن» ‪Greenwald,‬‬
‫‪ Hedges, and Laine‬ودراسة «كوبر وكون» (‪ ،Copper and Cohn )1997‬وغير ذلك‬
‫من الدراسات التي استخدمت دوال اإلنتاج التربوي‪ ،‬فإننا منيل إلى تغليب اجتاه األبحاث‬
‫التي كشفت عن عالقات قوية جدا ً بني التحصيل الدراسي كمتغير تابع‪ ،‬وعدد من املتغيرات‬
‫املعبرة عن جودة املعلمني ‪Quality of Teachers‬؛ خاصة قدرات املعلمني‪ ،‬وخبراتهم‬
‫وإعدادهم‪.‬‬
‫وحتى لو كانت كفتا األبحاث املتعارضة متساويتني‪ ،‬فإننا منيل إلى ترجيح الكفة‬
‫التي جاءت لصالح جودة املعلم؛ ألنها األقرب إلى املنطق‪ ،‬واألقوى ارتباطا ً مع النظريات‬
‫التربوية في هذا الشأن‪ ،‬في ظل تعدد أدوار املعلم وتعقيدها وكونها أكبر بكثير جدا ً من‬
‫مجرد حتقيق مستويات حتصيلية مرتفعة‪ ،‬وتتطلب ه��ذه األدوار املتعددة واملتنامية‬

‫‪144‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫معلمني ذوي أبعاد متميزة للجودة‪.‬‬


‫وعليه‪ ،‬فإننا م��ع زي��ادة اإلن�ف��اق لرفع مستويات ج��ودة املعلمني ب��داي��ة م��ن اختيار‬
‫العناصر املتميزة من الطالب املعلمني‪ ،‬ومرورا ً بنظم اإلعداد‪ ،‬والتدريب‪ ،‬ورفع املستوى‬
‫العلمي واملهني‪ ،‬وتقدير اخلبرات املتميزة‪ ،‬وغير ذلك من عناصر اجلودة مع توجيه برامج‬
‫التدريب والدراسات العليا للمعلمني قدر اإلمكان؛ إلثراء إمكاناتهم التدريسية والتعليمية‬
‫والتربوية‪ ،‬ضمن منظومة أشمل من األهداف‪.‬‬
‫ولعل مما يدعونا إلى االطمئنان للرأي السابق أن بعضا ً من األبحاث قد أكدت التأثير‬
‫الكبير إلمكانات املعلمني وقدراتهم واجتاهاتهم ومنط إعدادهم في ثالثة من العوامل‪،‬‬
‫التي تؤثر بشكل إيجابي دال في األداء الطالبي‪ ،‬وهذه العوامل هي(‪:)32‬‬
‫ •تأكيد املدرسة على الناحية األكادميية‪.‬‬
‫ •إدارة الفصل‪.‬‬
‫ •النظام ومشاركة الطالب في مسئوليات وشئون الفصل‪.‬‬
‫وتشير العوامل الثالثة السابقة – وغيرها بالفعل – إلى أن املعلم سوف يظل حجر‬
‫الزاوية في العملية التربوية‪ ،‬وتتوقف على جودته بشكل أساسي نواجت العملية التربوية‬
‫ومخرجاتها‪ ،‬دون تقليل من أهمية عوامل اإلنتاج األخرى‪ .‬وتشير العوامل السابقة أيضا ً‬
‫إلى أنه ميكن رفع مستوى األداء‪ ،‬من خالل االستغالل األمثل لإلمكانات البشرية واملادية‬
‫املتاحة‪ ،‬ومن خالل عوامل ومدخالت ال تتكلف كثيرا ً من املال‪.‬‬
‫‪ - 6‬احلوافز ‪:Incentives‬‬
‫رمب��ا يعد ه��ذا العامل من أكثر العوامل التي أظهرت ال��دراس��ات ارتباطه العالي‬
‫بالتحصيل الطالبي‪ ،‬وتعد أيضا ً االختالفات حوله قليلة بدرجة كبيرة؛ فقد حلل‬

‫‪145‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫«كون وتيل» ‪ – Cohn & Teel‬على سبيل املثال – تأثير احلوافز املقدمة للمعلمني في‬
‫مستويات أداء الطالب‪ ،‬وقد توصال إلى أن مشاركة املعلمني في برنامج املكافآت هذه‬
‫حتقق مستويات أعلى في درجات طالبهم في مادتي الرياضيات والقراءة‪ ،‬بالقياس‬
‫باملعلمني غير املشاركني في هذا البرنامج‪ .‬وفي حتليل أكثر شموالً وعمقاً‪ ،‬قام «كوبر‬
‫وكون» (‪ Copper and Cohn )1997‬بتضمني نظام مبتكر للحوافز في والية جنوب‬
‫كارولينا‪ ،‬ضمن عوامل أخ��رى متعددة في حتليالت دال��ة اإلنتاج التربوي‪ ،‬وتشير‬
‫النتائج إلى األثر اإليجابي الكبير ألنظمة احلوافز املستخدمة(‪.)33‬‬
‫واجلدير بالذكر أن عديدا من الباحثني قد ركزوا على أهمية التفكير اجلدي في نظام‬
‫احلوافز‪ ،‬حتى أولئك الذين أسفرت أبحاثهم املستمرة عن ضعف العالقة بني املوارد‬
‫املدرسية والتحصيل الطالبي‪ ،‬رأوا في أنظمة احلوافز طوق النجاة‪ .‬ويأتي في قمة هؤالء‬
‫«إيريك هانوشيك» ‪ ،Eric Hanushek‬الذي ركز في إحدى دراساته بشكل متعمق على‬
‫«أنظمة احل��واف��ز»‪ ،‬ويعتقد أن «هياكل احلوافز» سوف تشكل العمود الفقري للتطوير‬
‫الكبير‪ ،‬الذي يتوقع حدوثه في السياسة التربوية‪ ،‬ومبا يشبه الثورة احملتملة‪ ،‬كما أنه‬
‫يرى أننا نحتاج إلى وقت طويل لوضع نظام معرفي متكامل عن احلوافز‪.‬‬
‫وإذا كنا لم نتحمس كثيرا ً لنتائج أبحاثه باستخدام دوال اإلنتاج‪ ،‬والتي أسفرت على‬
‫الدوام عن ضعف العالقة بني املدخالت املدرسية واألداء الطالبي‪ ،‬وذلك ألسباب منهجية‬
‫وإحصائية‪ ،‬فإننا نتحمس هنا بشدة ألفكاره اخلاصة باحلوافز‪ ،‬والتي متثل توصيات‬
‫بأبحاث مستقبلية؛ خاصة فيما يتعلق بأهمية جتريب أنظمة جديدة للحوافز املادية وغير‬
‫املادية‪ ،‬والضمانات التي يجب أن تراعى في هذا الشأن(‪.)34‬‬
‫ويبدو أنه يحبذ توسيع نطاق احلوافز وتعميق أثرها في كافة أبعاد العملية التربوية‪.‬‬
‫فحتى لو أدخلنا أنظمة تكنولوجيا تعليمية متقدمة في العملية التعليمية‪ ،‬فمن الواجب‬

‫‪146‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫أن يواكب ذلك‪ :‬التفكير في هيكل للحوافز والتدريب يرتبط بهذه التكنولوجيا اجلديدة‬
‫ويساعد على إجناحها؛ فقد يرجع ضعف استخدام املعلمني ألجهزة الكمبيوتر – على‬
‫سبيل املثال‪ -‬إلى خلل في أنظمة احلوافز والتدريب‪.‬‬
‫ونعتقد بالفعل أننا ما زلنا في حاجة إل��ى بناء معرفي متكامل ح��ول احل��واف��ز‪ .‬فما‬
‫أكثر عناصر احلوافز أهمية؟ وما التأثيرات التي متارسها املداخل البديلة؟ وكيف تتباين‬
‫احلوافز بتباين وظائف املعنيني بالعملية التعليمية‪ ،‬وخصائصهم وأعمارهم وغير ذلك من‬
‫املتغيرات؟ أعتقد أن تلك أسئلة من األهمية اإلجابة عنها‪ ،‬في السياق العربي بشكل عام‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫الفصل اخلامس‬
‫دور دراسات اجلدوى في املشاريع والبدائل التربوية‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪150‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل اخلامس‬
‫دور دراسات اجلدوى في املشاريع والبدائل التربوية‬

‫على الرغم من كثرة دراسات اجلدوى في املشاريع االقتصادية والعسكرية وغيرها‪،‬‬


‫على قدر ندرتها في املشاريع التربوية في العالم العربي‪ ،‬مثل إنشاء جامعة أو كلية‪ ،‬أو‬
‫حتى شعبة جديدة‪ ،‬أو اختيار طريقة ما من طرائق التدريس‪ ،‬وغير ذلك من املشاريع‬
‫والبدائل التربوية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من حداثة هذا املجال نسبيا ً في احلقل التربوي‪ ،‬فعادة ما تشيع أكثر من‬
‫طريقة‪ ،‬لعل من أهمها‪.)35( :‬‬
‫‪ -1‬حتليل الكلفة ‪ -‬املنفعة ‪ Cost-Benefit Analysis‬للمقارنة بني تكلفة تعليم ما‬
‫واملكاسب املادية املتوقعة في املستقبل‪ ،‬وذلك على مستوى الفرد أو مراحل التعليم أو‬
‫أنواعه‪.‬‬
‫ويستخدم هذا األسلوب عادة في حالة التمكن من التعبير عن كل من املدخالت (الكلفة)‬
‫واملخرجات (املنفعة) في صورة نقدية‪ ،‬وذلك لكل بديل‪ ،‬ثم اختيار البديل الذي يحقق‬
‫أفضل نسبة‪ ،‬أي أعلى معدل عائد‪ .‬ولهذا األسلوب مميزات‪ ،‬وعليه عيوب أو مالحظات‪،‬‬
‫وتزخر املكتبات بآالف من الدراسات التربوية التي طبقته؛ لتفضيل بديل على آخر‪.‬‬
‫‪ -2‬حتليل الكلفة – الفعالية ‪ Cost-effectiveness Analysis‬وهو تقنية لقياس‬
‫العالقة بني املدخالت الكلية‪ ،‬أو تكلفة مشروع‪ ،‬أو نشاط ما‪ ،‬وبني نواجته وأهدافه‪ ،‬وإذا‬
‫كان يجب تكميم كل من الكلفة والفعالية‪ ،‬فعادة ما نبعد عن التكلفة بحدود مالية‪ ،‬والفعالية‬
‫بحدود كمية‪ ،‬ولكن غير مالية‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫وع��ادة ما يستخدم ه��ذا األسلوب في حالة ع��دم التمكن من التعبير عن املخرجات‬


‫(األه��داف) أو املنفعة في صورة مالية‪ ،‬وهذا هو السائد في التربية‪ ،‬فيمكن على سبيل‬
‫املثال استخدامه للمقارنة بني طرائق تدريس مختلفة؛ لتوضيح أي منها يحقق الهدف‬
‫املذكور بأقل تكلفة‪ ،‬والشيء نفسه حول استخدام الكمبيوتر في العملية التعليمية‪ ،‬أو‬
‫إطالة اليوم الدراسي‪ ،‬أو العام الدراسي‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن هذا األسلوب قد استخدم في األساس لتقومي السياسة العامة في‬
‫مجاالت من أبرزها الدفاع‪ ،‬حيث ميكن بوضوح ويسر حتديد األهداف وقياسها بدالالت‬
‫غير مالية‪ ،‬وقد استخدم حديثا ً لتقومي املشاريع في مجاالت أخرى للسياسة العامة منها‪:‬‬
‫التربية‪ ،‬والصحة‪ ،‬وغيرها‪ .‬وهو يأخذ أشكاالً متعددة‪ ،‬وتزخر الساحة التربوية بالعديد‬
‫من الدراسات التي استخدمته‪ ،‬خاصة في الدول املتقدمة؛ لترشيح بديل ما من جملة بدائل‬
‫أخرى لتحقيق هدف أو مجموعة من األهداف التربوية‪.‬‬
‫واستخدام مثل هذه األساليب‪ ،‬وغيرها‪ ،‬يجعل التخطيط التربوي واقتصاديات التعليم‬
‫أكثر وظيفية وعملية‪ ،‬وميثل في الوقت نفسه أساسا ً عقالنيا ً ملناقشة سياسات التعليم‬
‫أمام الشعب واملسئولني في الدولة‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل السادس‬
‫ترشيد اإلنفاق على التعليم وتنويع مصادر متويله‬

‫‪153‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪154‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل السادس‬
‫ترشيد اإلنفاق على التعليم وتنويع مصادر متويله‬

‫تؤكد معظم الدراسات في هذا املجال على ضرورة ترشيد اإلنفاق‪ ،‬قبل البحث عن‬
‫صيغ جديدة لتمويل التعليم‪ .‬وقد أصبح‪ ،‬بالتالي‪ ،‬موضوع «خفض التكلفة أو استثمارها»‬
‫موضوعا ً ال ينضب لعديد من األبحاث والدراسات‪ ،‬بل منبعا ً لعديد من الدراسات املمولة‬
‫من قبل بعض الهيئات واملنظمات الدولية‪ )36(،‬والتي تستهدف إمداد املخطط التربوي‪،‬‬
‫وصانع القرار‪ ،‬ومتخذه‪ ،‬بتوجيهات مفيدة في كيفية تفسير املشكالت في مجال تكلفة‬
‫التعليم ومحاولة التغلب عليها‪ ،‬والسيما في الدول النامية‪.‬‬
‫وهناك مداخل متعددة ملواجهة مشكالت التكلفة‪ ،‬منها ما يتعلق بزيادة كفاءة التعليم‬
‫وإنتاجيته‪ ،‬وهذا اجتاه يلقى كثيرا ًمن التأييد؛ السيما في اآلونة األخيرة‪ ،‬فيشير «ماثيوس»‬
‫‪ - Mathews‬على سبيل املثال – إلى أن على التربويني أن يهتموا بفاعلية النفقات التربوية‬
‫بالنسبة لألغراض املنشودة‪ ،‬على األقل قدر محاولتهم زيادة مستوى هذه النفقات(‪.)37‬‬
‫ويتفق «سنل» ‪ Snell‬مع «ماثيوس»؛ حيث يؤكد وجوب ترحيب التربويني ورجال اإلدارة‬
‫باالهتمام املتزايد من جانب املجتمع بصفة عامة‪ ،‬والذي يستهدف التأكد من أن املوارد‬
‫التي خصصت للتعليم تكون مستخدمة ألقصى حد ممكن من الفاعلية‪ .‬ويحدث خاصة‬
‫هذا في أوقات األزمات املالية ‪ ،‬حيث توجد ضغوط متزايدة على املوارد احلقيقية املتاحة‬
‫ملؤسسات املجتمع(‪.)38‬‬
‫ولم يجد «والبرج» ‪ Walberg‬غضاضة في اإلشارة إلى أن أسئلة اإلنتاجية املتزايدة‪،‬‬
‫ميكن أن تؤدي‪ ،‬ليس فقط إلى تكلفة منخفضة‪ ،‬بل إلى تعليم أفضل وتوفير للوقت‪ ،‬فهي‬
‫قيمة ال يستعاض عنها في احلياة البشرية‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإنه حتى في حاالت الزيادة‬

‫‪155‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫النسبية البسيطة في اإلنتاجية‪ ،‬فإن ذلك سوف يؤدي إلى وفر كبير في املوارد اخلاصة‬
‫(‪)39‬‬
‫مبجهود ال�ط�لاب وامل��رب�ين‪ ،‬وال�ت��ي تشمل ك��ل ال�ن��اس ف��ي بعض ال��وق��ت م��ن حياتهم‪.‬‬
‫فاالستثمار األمثل للنفقات‪ ،‬وكم املخرجات التعليمية‪ ،‬ونوعها‪ ،‬عادة ما تعطي الكلفة املعني‬
‫احلقيقي لها‪.‬‬
‫وملزيد من اإليضاح‪ ،‬سنعالج هذا احملور في جزأين رئيسني‪:‬‬
‫األول ‪ :‬طرائق ترشيد اإلنفاق على التعليم‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬تنوع مصادر متويل التعليم‪ ،‬خاصة العالي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬طرائق ترشيد اإلنفاق على التعليم‪:‬‬
‫وميكن أن نركز على طريقتني رئيستني ميكن استخدامهما معا ً لترشيد اإلنفاق‬
‫وخفض تكلفة التعليم‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫(أ) الطريقة غير املباشرة‪:‬‬
‫تهتم ه��ذه الطريقة مبجموعة األساليب التي ميكن ع��ن طريقها زي��ادة ك�ف��اءة التعليم‬
‫وإنتاجيته‪ ،‬وتفيد كلمة «غير املباشرة» هنا أن��ه قد يكون من وسائل تخفيض التكلفة‬
‫وترشيدها هو زيادتها على املدى القريب‪ ،‬في مقابل مزيد من الفائدة على املدى البعيد‪،‬‬
‫وتتمثل األساليب املتضمنة في هذه الطريقة في عديد من األساليب‪ ،‬لعل من أهمها‪:‬‬
‫‪1 .1‬االهتمام بربط خطط التعليم العالي – كما وكيفا – بخطط التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية مبا يجعل هذا التعليم أداة فعالة في إحداث التنمية‪ .‬وعادة ما يؤدي ذلك‬
‫إلى زيادة نفقات التعليم على املدى القريب‪ ،‬حيث قد يستلزم إعطاء مزيد من االهتمام‬
‫للكليات العملية ذات التكلفة املرتفعة‪ ،‬ولكن على املدى البعيد يتم تعويض هذه النفقات‬
‫عن طريق العائد املرتفع خلريجي هذه الكليات‪ ،‬وقضية الربط هذه تختلف من مجتمع‬
‫إلى آخر‪ ،‬وميكن إجراؤها بأكثر من أسلوب‪.‬‬
‫‪2 .2‬تكثيف اجلهود للحد من الفاقد بصوره املختلفة‪ ،‬فالرسوب – مثالً – ميثل أحد صور‬
‫الفاقد اخلطيرة من حيث تأثيره على رفع التكلفة وزيادة النفقات‪ .‬ويعد التحصيل‬
‫املتدني صورة خطيرة من صور الهدر‪ ،‬فقد ترتفع نسب النجاح ملدرسة أو كلية ما‪،‬‬
‫ولكن مبستويات متدنية من التحصيل‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫‪3 .3‬االهتمام بعوامل اجل��ودة في التعليم‪ ،‬مثل التنمية املهنية للمعلمني ورفع جودتهم‬
‫وحوافزهم‪ ،‬وإطالة اليوم الدراسي أو العام الدراسي‪ ،‬واالهتمام باملكتبات واألنشطة‬
‫والتطبيقات التربوية‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫(ب) الطريقة املباشرة‪:‬‬
‫تتضمن هذه الطريقة عشرات األساليب‪ ،‬لعل من أهمها‪:‬‬
‫‪1 .1‬تشكل املباني و التجهيزات التعليمية عنصرا ً من عناصر التكلفة الرأسمالية‪ ،‬ولقد‬
‫أجريت دراسات عديدة من أجل تخفيض تكاليف األبنية مع حتسني شروطها‪ ،‬وتبني‬
‫هذه الدراسات أنه من املمكن احلصول على وفر هام عن طريق حسن اختيار املكان‪،‬‬
‫وتوفير الشروط الهندسية والتربوية املالئمة‪ ،‬كما يجب أن يوضع في االعتبار‬
‫اختيار املوقع حيت ينخفض سعر األرض‪.‬‬
‫‪2 .2‬ميكن تخفيض التكلفة أيضا ً عن طريق استخدام املباني ألغراض أخرى قد تدر على‬
‫املؤسسة التربوية موارد مالية أخري‪ ،‬أو قد توفر عليها تكلفة إضافية‪.‬‬
‫‪3 .3‬االلتزام بنسب متفق عليها نسبيا ً حلجم الفصل‪ ،‬أو نسب الطالب لكل معلم‪ .‬وميكن‬
‫االسترشاد باملعدالت العاملية في هذا الشأن‪ .‬وتشير اإلحصاءات املتوافرة عن الدول‬
‫األعضاء إلى أنها تناظر تقريبا ً معدالت الدول املتقدمة فيما يتعلق بنسب الطالب لكل‬
‫معلم في مراحل التعليم العام‪ .‬وهذا شيء جيد نأمل أن يستغل لدعم اجلودة التربوية‬
‫من خالل باقي العوامل‪ ،‬خاصة املعلم‪.‬‬
‫‪4 .4‬وجت��در اإلش��ارة إل��ي التفكير في إمكان الدمج والتكامل بني اجلامعات في الدول‬
‫األعضاء‪ ،‬أو حتى بني األقسام املتناظرة داخل الدولة الواحدة؛ لقلة الطالب في بعض‬
‫األقسام العلمية؛ األمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التكلفة بشكل ميثل هدراً‪.‬‬
‫‪5 .5‬وإذا كان البعض يتحدث عن تعاون أو دمج أو تكامل على املستوي العاملي‪ ،‬فإنه من‬
‫األجدى التفكير فيه على مستوى األقسام املتناظرة في جامعات الدولة الواحدة‪ ،‬أو‬
‫جامعات الدول األعضاء؛ توفيرا ً للتكلفة‪ ،‬وإثرا ًء للخبرات‪ ،‬ودعما ً للترابط والتآخي‪.‬‬
‫‪6 .6‬تدلنا اخلبرة العادية في عديد من جامعات دول العالم املتقدم على حرص املسئولني‬
‫في هذه الدول على استخدام أثاث بسيط ورخيص‪ ،‬في حني قد نرى أثاثا ً ترفيا ً غالي‬

‫‪157‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫الثمن بدرجة كبيرة في بعض اجلامعات العربية؛ مما يستنزف أمواالً مضاعفة ميكن‬
‫توفيرها وتوجيهها لرفع جودة العملية التعليمية‪.‬‬
‫‪7 .7‬احلد – قدر اإلمكان – من التكدس الواضح ملوظفي اجلامعات من غير أعضاء هيئة‬
‫التدريس‪ ،‬الذين قد تتزايد أعدادهم بدرجة كبيرة عن متطلبات العمل الوظيفي داخل‬
‫اجلامعة‪ ،‬خاصة مع تزايد التوجه نحو استخدام التقنية احلديثة‪ ،‬في إنهاء كثير من‬
‫األمور اخلاصة بشئون أعضاء هيئة التدريس والشئون األخرى‪ ،‬مبا في ذلك كثير‬
‫من أعمال االمتحانات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنوع مصادر متويل التعليم‪:‬‬
‫وجنمع هنا بني عرض موجز ألحد عشر من هذه املصادر اآلخذة في االنتشار عامليا ً مع‬
‫شرح خلمسة منها‪:‬‬
‫(أ) عرض موجز لتسعة من املصادر اآلخذة في االنتشار عاملياً‪:‬‬
‫‪1 .1‬التفكير في ضريبة خاصة تدفعها الشركات واملؤسسات اخلاصة التي ع��ادة ما‬
‫تستفيد من خريجي اجلامعات دون أن تشارك في تكلفة تعليمهم‪ ،‬وميكن أن يطلق‬
‫عليها «تكلفة دعم التعليم»‪ ،‬ونقترح املعايير التالية‪:‬‬
‫ •أن تكون في تناسب طردي مع عدد خريجي اجلامعات احلكومية الذين‬
‫يعملون في كل من هذه الشركات‪.‬‬
‫ •أن تكون في تناسب طردي أيضا ً مع حجم كل شركة وحجم استثماراتها‪.‬‬
‫ •ميكن أن ي��ؤخ��ذ ف��ي االع�ت�ب��ار أي �ض �ا ً م��ؤه�لات اخل��ري�ج�ين العاملني بهذه‬
‫الشركات‪ ،‬فتتزايد قيمة الوحدة (للخريج) إذا ك��ان من خريجي التعليم‬
‫العالي‪ ،‬وتقل نسبيا ً في حالة خريجي املؤهالت املتوسطة‪.‬‬
‫‪2 .2‬أن يتحمل الطالب اجلزء األكبر من تكلفة الدراسة في حالة البقاء لإلعادة أول مرة‬
‫في نفس الصف الدراسي‪ ،‬على أن يتحمل التكلفة كلها إذا رسب مرة ثانية في هذا‬
‫الصف‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫‪3 .3‬أن يتحمل طالب الدراسات العليا جزءا ً من تكلفة الدراسة التي ترتفع بشكل ملحوظ‬
‫بالقياس إلى تكلفة الطالب في املراحل السابقة‪.‬‬
‫‪4 .4‬في ضوء ارتفاع تكلفة اإلسكان الطالبي والتغذية‪ ،‬ميكن أن يعاد النظر فيما يدفعه‬
‫الطالب للسكن في املدن اجلامعية‪ ،‬على أن ُيعفى الطالب املتفوقون وغير القادرين‬
‫من هذه الزيادة‪.‬‬
‫‪5 .5‬توفير نظام إقراض الطالب في التعليم العالي‪.‬‬
‫‪6 .6‬التفكير في إمكان استخدام نظم الدعم (الكفاالت أو الكوبونات) لدعم نشر التعليم‬
‫قبل العالي‪.‬‬
‫‪7 .7‬استخدام مؤسسات التعليم‪ ،‬وبخاصة التعليم العالي‪ ،‬كمكاتب استشارية‪.‬‬
‫‪8 .8‬استخدام مؤسسات التعليم‪ ،‬وبخاصة التعليم العالي‪ ،‬كمراكز إنتاج‪.‬‬
‫‪9 .9‬تطبيق نظام التعليم اجلامعي احلكومي املدعم‪.‬‬
‫(ب) شرح موجز خلمسة منها‪:‬‬
‫وسوف نتحدث عن الطرق اخلمس األخيرة بشيء من التفصيل‪:‬‬
‫‪ 1 .1‬نظام إقراض الطالب في التعليم العالي‪:‬‬
‫ففي حالة زيادة الرسوم الدراسية‪ ،‬يفضل تقدمي قروض للطالب احملتاجني؛ بحيث‬
‫تغطي رسوم الدراسة ونفقات املعيشة والدراسة‪ ،‬مما يفتح الباب أمام ذوي الدخول‬
‫احمل��دودة الستكمال تعليمهم العالي واجلامعي‪ ،‬على أن تسدد هذه القروض فيما بعد‬
‫التخرج‪ ،‬وفق نظم متفق عليها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من تزايد أعداد الباحثني املهتمني بنظم إقراض الطالب‪ ،‬وظهور اجتاهات‬
‫وتطبيقات جديدة‪ ،‬بل وتوقعات مستقبلية مثل تلك التي احتوتها دراسة «ساندى بوم»‬
‫(‪ )40(S.Baum )1996‬إن «مورين ووده��ول» ‪ M. Woodhall‬تعد من أبرزهم في هذا‬

‫‪159‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫املجال‪ ،‬السيما دراساتها في املوسوعات الدولية باإلضافة إل��ى تلك التقارير الثالثة‬
‫الشهيرة عن قروض الطالب في التعليم العالي‪ ،‬والتي نشرت من خالل املعهد الدولي‬
‫للتخطيط التربوي ‪ IIEP‬بباريس(‪ ،)41‬وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫التقرير األول ونشر عام ‪1990‬م‪ :‬عالج نظم إقراض الطالب بشكل أساسي في‬ ‫‪ -‬‬
‫ال��والي��ات املتحدة األمريكية‪ ،‬وخمس دول من أوروب ��ا‪ ،‬وه��ي‪ :‬ال��دمن��رك‪ ،‬وأملانيا‬
‫االحتادية‪ ،‬وهولندا‪ ،‬والسويد‪ ،‬واململكة املتحدة‪.‬‬
‫التقرير الثاني ونشر عام ‪1991‬م‪ :‬ركز بشكل أساسي على إحدى عشرة دولة هي‪:‬‬ ‫‪ -‬‬
‫الصني‪ ،‬وهوجن كوجن‪ ،‬والهند‪ ،‬وإندونيسيا‪ ،‬واليابان‪ ،‬وكوريا‪ ،‬وماليزيا‪ ،‬والفلبني‪،‬‬
‫وسنغافورة‪ ،‬وتايالند‪ ،‬باإلضافة إلي أستراليا‪.‬‬
‫التقرير الثالث ونشر عام ‪1991‬م‪ :‬ركز على ثماني دول أفريقية‪ ،‬ناطقة باللغة‬ ‫‪ -‬‬
‫اإلجنليزية‪ ،‬وهي‪ :‬بتسوانا‪ ،‬وغانا‪ ،‬وكينيا‪ ،‬وليسوتو‪ ،‬ومالي‪ ،‬ونيجيريا‪ ،‬وأوغندا‪،‬‬
‫وزميبابوي‪.‬‬
‫وال يتسع املجال لتلخيص أبرز ما توصلت إليه تلك الدراسات والتقارير‪ ،‬لكن هذا‬
‫املجال يعد مجال بحث خصب في عديد من الدول‪ ،‬ويجب أن يكون محل اهتمام الباحثني‬
‫العرب‪ ،‬ورمبا يكون من املفيد اإلش��ارة إلى بعض إيجابياته‪ ،‬حيث يطبق إق��راض نظام‬
‫الطالب في عديد من الدول التي فيها التعليم اجلامعي مبصروفات‪ ،‬ويقدم مؤيدوه بعض‬
‫البراهني ذات الطابع االقتصادي واالجتماعي والتربوي نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن هذا النظام يضع على عاتق املنتفعني جزءا ً من تكلفة اإلعداد‪.‬‬
‫أن هذا النظام ميكن أن يؤدي إلى حتسني جودة التعليم مبقدار ما يحث املستفيدين‬ ‫‪ -‬‬
‫منه على إنهاء دراستهم في أقصر وقت ممكن‪.‬‬
‫أن هذا النظام من شأنه أن يسمح لكل فرد مبتابعة دروسه حسب قدراته ومؤهالته‪.‬‬ ‫‪ -‬‬

‫‪160‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫ويخضع منح القروض بوجه عام العتبارات تختلف من دولة إلى أخرى‪ ،‬وعلى كل دولة أن‬
‫حتدد الصيغة التي تناسبها‪ .‬وعلى الرغم من وجود بعض الصعوبات في هذا النظام‪ ،‬السيما‬
‫عند بدء العمل به‪ ،‬فإننا ال ننكر أن له بعض احلسنات التي تدعونا على األقل إلى التفكير فيه‪.‬‬
‫‪2 .2‬التفكير في إمكان استخدام نظم الدعم (الكفاالت أو الكوبونات ‪)Vouchers‬‬
‫لدعم التعليم قبل العالي‪:‬‬
‫وهي كوبونات تقدم للوالدين في تناسب عكسي مع مستويات دخولهم؛ وذلك لتعليم‬
‫أبنائهم في املدارس التي يختارونها بأنفسهم‪ .‬وتستخدم هذه الكفاالت لدفع املصاريف‬
‫املطلوبة‪ ،‬كلها أو بعضها‪ ،‬وفقا ً لقيمة الدعم ونوعية املدرسة‪ .‬ومن هنا تتركز وظيفة الدولة‬
‫في املساعدة في متويل مصاريف التعليم‪ ،‬بدال من توفير التعليم نفسه(‪.)42‬‬
‫‪3 .3‬استخدام مؤسسات التعليم وبخاصة العالي كمكاتب استشارية‪:‬‬
‫ف��اجل��ام�ع��ات – على سبيل امل �ث��ال – تضم ص�ف��وة العلماء وال�ب��اح�ث�ين ف��ي مختلف‬
‫التخصصات‪ ،‬وميكن االستفادة منهم خلدمة رجال األعمال وقطاعات اإلنتاج اخلاص‬
‫والعام من خالل إجراء الدراسات والبحوث‪ ،‬وتقدمي املشورة‪ ،‬ومبا قد يعود على اجلامعة‬
‫وأساتذتها بدخول إضافية‪ ،‬فضالً عن إظهار وظيفية اجلامعة‪ ،‬واإلعالء من تأثيرها في‬
‫املجتمع احمللي(‪ .)43‬وهذا االجتاه قد بدأ منذ فترة طويلة‪ ،‬وهو آخذ في التنامي بشكل كبير‬
‫ج��داً‪ ،‬وبخاصة بعدما أنشأت عديد من اجلامعات العربية والعاملية قطاعا ً رئيسا ً يعنى‬
‫بقطاع شؤون البيئة وخدمة املجتمع‪.‬‬
‫والالفت للنظر أن قدرة اجلامعات على خدمة املجتمع احمللي والقومي بل والعاملي‬
‫أصبحت اآلن من املعايير املهمة لتصنيف اجلامعات محليا ً وعاملياً‪.‬‬
‫‪4 .4‬استخدام مؤسسات التعليم وبخاصة العالي كمركز إنتاج‪:‬‬
‫ويرتبط هذا املصدر بسابقه‪ ،‬وإن كنا قد فضلنا التأكيد عليه هنا في بند مستقل تأكيدا ً لتزايد‬
‫أهميته‪ ،‬حيث متتلك اجلامعات مستشفيات تعليمية ومزارع وورشاً‪ ،‬وغيرها من املراكز‪ ،‬التي‬

‫‪161‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫ميكن أن تستغل كمراكز إنتاج متقدم‪ ،‬توظف فيها اجلامعة معطيات العلم احلديث؛ السيما في‬
‫العلوم التطبيقية لتطوير اإلنتاج الزراعي بأنواعه املختلفة‪ ،‬وميكن للجامعات أن تدخل مجال‬
‫الصناعة والتصنيع بالتدريج‪ ،‬مستغلة إمكاناتها البشرية في هذا الشأن‪.‬‬
‫وما ينسحب على اجلامعات والتعليم بشكل عام‪ ،‬ميكن أن ينسحب إلى حد ما على‬
‫التعليم الفني قبل اجلامعي‪ ،‬ونرى أن هذا املجال يعد جديرا ً باالهتمام كمصدر للتمويل‬
‫الذاتي‪ ،‬وطريقة فعاله لربط النظرية بالتطبيق‪.‬‬
‫وتخضع هذه الطريقة وغيرها منذ فترة للتجريب في عديد من الدول املتقدمة والنامية‪،‬‬
‫ووصلت في بعض منها إلي الثبات النسبي‪ ،‬لدرجة أن بعض مؤسسات التعليم العالي في‬
‫الصني – على سبيل املثال – قد جنحت منذ فترة طويلة في إنتاج طائرات صغيرة من إبداع‬
‫الباحثني‪ ،‬ناهيك عن مشروعات التخرج لطالب الكليات التقنية‪ ،‬حتت إشراف أساتذتهم‪.‬‬
‫وتعد التجارب السابقة وغيرها‪ ،‬مثار جدل علمي واسع نتمنى أن يشارك فيه مزيد‬
‫من الباحثني في الدول األعضاء بدراسات تقوميية وتخطيطية‪ ،‬السيما أن اجتاه األبحاث‬
‫واخلبرات في هذا اجلانب في تزايد‪.‬‬
‫‪5 .5‬نظام التعليم اجلامعي احلكومي املدعم‪:‬‬
‫ميكن التفكير في قبول نسبة من الطالب خريجي الثانوية العامة بالتعليم اجلامعي‬
‫احلكومي مبجموع أقل قليالً من احلد األدن��ى ال��ذي يحدده مكتب التنسيق‪ ،‬في مقابل‬
‫دفعهم مصاريف دراسية تخصص لتحسني جودة العملية التعليمية‪.‬‬
‫فإذا افترضنا – على سبيل املثال – أن كلية الطب في إحدى اجلامعات احلكومية في بلد ما‬
‫قد قبلت طالبا ً مستجدين بالفرقة األولي (أو اإلعدادية) بحد أدنى (‪ )%95‬من املجموع الكلي‬
‫للثانوية العامة‪ ،‬فإننا نقترح التفكير في إمكان السماح بقبول نسبة من الطالب احلاصلني على‬
‫(‪ )%94‬على األقل بدخول هذه الكلية في العام ذاته‪ ،‬في مقابل دفع نصف القيمة املتوسطة‬
‫للمصاريف التي حتصلها كليات الطب في اجلامعات اخلاصة في هذا البلد في هذا العام‪ ،‬على‬
‫أن تخصص هذه املصروفات لرفع جودة العملية التعليمية في هذه الكلية احلكومية‪.‬‬
‫وميكن أن يعمم املثال السابق على بقية الكليات‪ ،‬خاصة تلك التي ُتسمى بكليات القمة‪،‬‬
‫وميكن أن نطلق عليه تسمية مناسبة من مثل‪« :‬نظام التعليم اجلامعي املدعم»‪ ،‬أو «نظام‬
‫التعليم املوازى»‪ ،‬أو أي تسمية أخرى مناسبة‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل السابع‬
‫أدوار القطاع اخلاص في متويل التعليم واإلنفاق عليه‬

‫‪163‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪164‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل السابع‬
‫أدوار القطاع اخلاص في متويل التعليم واإلنفاق عليه‬

‫توجد على مستوى العالم أجمع ضغوط طالبية متزايدة على التعليم بكافة مراحله‬
‫وأنواعه‪ ،‬السيما التعليم العالي واجلامعي‪ .‬ومن ناحية أخ��رى‪ ،‬تزايدت تكلفة التعليم‬
‫بدرجات مضاعفة‪ ،‬وأصبحت تشكل عبئا ً كبيرا على ميزانيات معظم دول العالم‪ ،‬خاصة‬
‫الدول النامية‪ ،‬وإن كان عديد من الدول املتقدمة ليس مستثنى من هذا األمر‪ .‬ومن ناحية‬
‫ثالثة‪ ،‬حالت ظروف بعض الدول النامية دون توفير التعليم اإللزامي املجاني لكافة أبنائها‪،‬‬
‫خاصة في املناطق النائية‪.‬‬
‫وم��ن هنا‪ ،‬ظهرت احلاجة املاسة إل��ى توسيع مظلة التخطيط التعليمي ليكامل بني‬
‫اجلهود احلكومية وغير احلكومية في مجال نشر التعليم واالرتفاع مبستواه في جميع‬
‫مراحل التعليم‪ ،‬مما بلور اجتاها ً معاصرا ً في التخطيط التعليمي‪ ،‬انعكس بدوره على بعض‬
‫األبحاث‪ ،‬التي قدمت للمؤمترين الدوليني احلادي والثالثني والثاني والثالثني للجمعية‬
‫الدولية للتخطيط التعليمي في أطالنطا بوالية جورجيا بالواليات املتحدة األمريكية‬
‫(أكتوبر ‪ ،)2001‬وفي اسطنبول بتركيا (أكتوبر ‪ )2002‬على الترتيب‪ ،‬التي نذكر منها‬
‫على سبيل املثال‪« :‬ال مركزية التعليم احلكومي ‪ :‬دروس من التعليم اخلاص في العالم‬
‫النامي»‪ ،‬و»الدعم املجتمعي للتعليم في مصر‪ :‬دراسة تقوميية»(‪.)44‬‬
‫وميكن القول إن هذا اخلط التكاملي ظل سائدا ً في مؤمترات هذه اجلمعية الدولية‪،‬‬
‫حتى مؤمترها التاسع والثالثني املنعقد في سافانا ‪ Savannah‬بوالية جورجيا في‬
‫أكتوبر ‪.2009‬‬
‫وجت��در اإلش��ارة إل��ى أن العرض السابق ال يعني أب��دا ً سهولة تطبيق ه��ذا التكامل‬
‫املنشود؛ نظرا ً لتعدد املتغيرات احمليطة بهذا املوضوع‪ ،‬خاصة قضايا املساواة والعدالة‪،‬‬
‫واألمن القومي‪ ،‬والعوامل السياسية واالجتماعية احمللية والعاملية‪ ،‬ومدى توافر اإلمكانات‬
‫البشرية واملدربة‪ ،‬وغير ذلك من العوامل التي تبرز في الوقت نفسه احلاجة إلى التخطيط‬

‫‪165‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫الفعال لتحقيق هذا التكامل‪ ،‬والذي ميثل أيضا ً معادلة صعبة يحاول املخططون التربويون‬
‫التصدي لها اآلن‪ ،‬وفي املستقبل القريب‪ ،‬ورمبا البعيد أيضاً‪.‬‬
‫وفيما يلي بعض مما ميكن أن يؤديه القطاع اخل��اص‪ ،‬مصحوبا ً بضوابط تضمن‬
‫الشفافية والعدالة واملوضوعية‪.‬‬
‫‪ - 1‬إقرار ضريبة خاصة للتعليم على القطاع اخلاص‪:‬‬
‫وقد سبق احلديث عن هذه الضريبة في البديل األول من بدائل «تنوع مصادر متويل‬
‫التعليم‪ ،‬خاصة العالي»‪ ،‬وهنا نؤكد على أن هذه الضريبة حق للدولة والتي ترعى كل‬
‫مواطنيها‪ ،‬ومن العدل واملنطق التفكير في إمكان حتصيل مثل تلك الضريبة‪ ،‬شأن دول‬
‫أخرى مثل فرنسا‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي نرى فيه أهمية ذلك‪ ،‬فإننا نؤكد أيضا ً على أهمية ضمان حقوق هؤالء‬
‫اخلريجني لدى القطاع اخلاص‪ ،‬وتقنني نسبتهم إلى غيرهم من العمالة الوافدة‪ ،‬وبشكل‬
‫يضمن التوطني التدريجي للوظائف في كل بلد من دول املنطقة‪.‬‬
‫وم��ن ناحية أخ��رى‪ ،‬فمن األهمية تتبع ه��ؤالء اخلريجني في س��وق العمل بالقطاع‬
‫اخل��اص؛ ملعرفة إيجابيات إع��داده��م في مراحل التعليم قبل العمل‪ ،‬والصعوبات التي‬
‫يقابلونها في عملهم بسبب إعدادهم في أثناء التعليم‪ ،‬خاصة اجلامعي‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫مشاكلهم وصعوباتهم‪ ،‬والعمل على تأكيد اإليجابيات وعالج السلبيات والصعوبات‪.‬‬
‫‪ - 2‬املشاركة في نشر التعليم اخلاص ورفع جودته‪:‬‬
‫وهذا مجال خصب إلسهام القطاع اخلاص في متويل التعليم بشكل غير مباشر‪ ،‬وهو‬
‫آخذ في التزايد في ُجل الدول العربية والعاملية‪ ،‬إن لم يكن كلها على مستوى التعليم قبل‬
‫العالي (اإللزامي املجاني في بعض الدول)‪ ،‬وأيضا ً على مستوى التعليم العالي واجلامعي‪،‬‬
‫الذي أخذ في االنتشار السريع في معظم الدول األعضاء أيضاً‪.‬‬
‫ونرى اآلن أن هذا من االجتاهات املرحب بها تعليميا ً وسياسيا ً واقتصاديا ً واجتماعياً‪،‬‬
‫بشرط توافر عديد من الشروط والضمانات‪ ،‬لعل من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫ ‪ .‬أاخلضوع إلشراف وزارتي التربية والتعليم‪ ،‬والتعليم العالي‪ ،‬ومبا يضمن اإلشراف‬

‫‪166‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫على عديد من األم��ور من أهمها‪ :‬املناهج‪ ،‬بحيث تكون هي ذاتها في حالة التعليم‬
‫األساسي (اإللزامي املجاني)‪ ،‬وإن سمح باملزيد من املوضوعات في واحدة أو أكثر‬
‫من اللغات األجنبية‪ ،‬دون املساس باللغة العربية‪ .‬أما في حالة اجلامعات اخلاصة‪،‬‬
‫فاألمر يتطلب االتفاق على الئحة معتمدة باملواد الدراسية‪.‬‬
‫ ‪ .‬بوضع الضوابط التي ال جتعل الهدف األسمى من مؤسسات التعليم اخل��اص هو‬
‫التربح فقط‪ ،‬وعليه نرى ض��رورة االتفاق على سقف للمصروفات الدراسية‪ ،‬مع‬
‫إعطاء نصيب للطالب املتفوقني للدراسة بهذه املؤسسات مبصروفات أقل‪ ،‬ورمبا‬
‫باملجان‪.‬‬
‫ ‪ .‬ج ونوصى أيضا ً مبراجعة التبرعات التي قد متنح لبعض هذه املدارس أو اجلامعات من‬
‫بعض أولياء األمور‪ ،‬بحيث ال تكون بابا ً خلفيا ً لزيادة املصروفات‪ ،‬أو لتحقيق مآرب‬
‫غير مشروعة لولي األمر أو ولده باملدرسة‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بالتجاوز في سن‬
‫القبول‪ ،‬أو احلد األدنى للمجموع‪ ،‬أو غير ذلك من املآرب الشخصية‪.‬‬
‫ ‪ .‬دعدم الترخيص أو التنازل في مؤهالت هيئة التدريس‪ ،‬خاصة في مرحلة التعليم‬
‫األساسي‪ ،‬بحيث ال تقل عن نظائرهم في التعليم احلكومي‪.‬‬
‫ ‪ .‬هالتأكد من أن املعلمني في املدارس اخلاصة يحصلون على رواتب تكافئ إلى حد ما‬
‫زمالئهم في التعليم احلكومي‪ ،‬إن لم تكن أفضل‪ ،‬ووضع حدود دنيا وعليا لألعباء‬
‫التدريسية لهيئة التدريس بهذه املدارس‪.‬‬
‫ ‪ .‬وجعل الفرق بني احلد األدنى لقبول خريجي املرحلة الثانوية باجلامعات احلكومية‬
‫متقاربا ً إلى حد ما مع نظيره في حالة اجلامعات اخلاصة‪ ،‬ف��إذا كانت كلية الطب‬
‫احلكومية في إحدى الدول تقبل طالبا ً بحد أدني ‪ %95‬من املجموع الكلي للدرجات‪،‬‬
‫فنرى أن كليات الطب اخلاصة بهذه ال��دول ال تقبل مجموعا يقل عن ‪ ،%90‬ونرى‬
‫أال يزيد الفارق عن ‪ %5‬بني الكليات املتناظرة؛ حتقيقا ً ملبدأ تكافؤ الفرص التعليمية‪،‬‬
‫والعدالة االجتماعية‪.‬‬
‫ ‪ .‬زعدم اتخاذ هذه املدارس أو اجلامعات لدعم أي نوع من التمييز الديني‪ ،‬أو العرقي‪ ،‬أو‬

‫‪167‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫السياسي‪ ،‬أو االقتصادي‪ ،‬أو االجتماعي‪ ،‬أو غيرها‪.‬‬


‫‪ -3‬التوأمة بني املدارس والكليات الفنية من جهة‪ ،‬وبني الشركات املناظرة من جهة أخرى‪:‬‬
‫وهو منط آخذ في االتساع عربيا ً وعاملياً‪ ،‬بحيث يشارك أصحاب هذه الشركات في‬
‫التخطيط لهذه امل��دارس والكليات الفنية‪ ،‬وحتديد مواصفات خريجيها‪ ،‬وعالقة ذلك‬
‫باملناهج وطرائق التدريس‪.‬‬
‫وعلى اجلانب اآلخر‪ ،‬ميارس طالب هذه املدارس والكليات التدريب العملي في هذه‬
‫الشركات‪ ،‬كل حسب تخصصه‪ ،‬حتت إش��راف مشترك من وزارت��ي التربية والتعليم‪،‬‬
‫والتعليم العالي من جهة‪ ،‬وممثلني عن هذه الشركات من جهة أخرى‪.‬‬
‫وغني عن الذكر ما ميكن أن يقدمه هذا األسلوب من فرص التدريب في هذه الشركات‪،‬‬
‫فضالً عن توسيع نطاق فرص التوظيف املتاحة‪ ،‬ناهيك عن الدروس املستفادة من متابعة‬
‫اخلريجني العاملني في هذه الشركات‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه االيجابيات‪ ،‬فمن األهمية وضع الضوابط لتفعيل اجلانب امليداني‬
‫للطالب داخل هذه الشركات‪ ،‬ومعرفة آرائهم وآراء مشرفيهم أوالً بأول‪ ،‬وتعديل املسار‬
‫إن لزم األمر‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل الثامن‬
‫اجلودة التربوية وحساب تكلفة التعليم‬

‫‪169‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫‪170‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫الفصل الثامن‬
‫اجلودة التربوية وحساب تكلفة التعليم‬

‫على الرغم من تعدد تعريفات اجل��ودة في التربية؛ إال أننا منيل إل��ى رؤيتها على‬
‫أنها(‪:)45‬‬
‫«مجموعة اخلصائص أو السمات التي تعبر بدقة وشمولية عن جوهر التربية وحالتها‬
‫مبا في ذلك كل أبعادها‪ :‬مدخالت‪ ،‬وعمليات‪ ،‬ومخرجات قريبة وبعيدة‪ ،‬وتغذية راجعة‪،‬‬
‫وكذا التفاعالت املتواصلة‪ ،‬التي تؤدي إلى حتقيق األهداف املنشودة واملناسبة ملجتمع‬
‫معني‪ .‬وعلى قدر سالمة اجلوهر تتفاوت مستويات اجلودة»‪.‬‬
‫ومن املالحظات املفسرة لهذا التعريف‪ ،‬واملكملة‪ ،‬ورمبا املؤيدة له‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫ ‪ .‬أاتسام التعريف بالشمولية النسبية‪ ،‬فلم يربط اجلودة باألهداف فقط‪ ،‬وإمنا ركز‬
‫أيضا ً على املكونات األخرى‪.‬‬
‫ ‪ .‬بطاملا أن اخلصائص ه��ي ال��وج��ه اآلخ��ر للجوهر‪ ،‬فعلى ق��در تعدد اخلصائص‬
‫وشمولها ودقتها يكون وضوح اجلوهر أو حالة التربية‪.‬‬
‫ ‪ .‬جميكن تكييف هذا التعريف العام ليالءم اجلودة حسب مستويات متدرجة‪ :‬نظام‬
‫التعليم في بلد ما‪ ،‬التعليم في مرحلة معينة‪ ،‬التعليم في منطقة مدرسية‪ ،‬فصل‬
‫دراسي‪ ،‬وأيضا ً طرائق التدريس‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫ ‪ .‬دعلى قدر قرب املخرجات من األهداف‪ ،‬وعلى قدر سالمة املدخالت والعمليات (في‬
‫ضوء معطيات األبحاث العلمية) تكون جودة التربية (عالية اجلودة‪ ،‬متوسطة‪،‬‬
‫ضعيفة‪ ،)...،‬وذلك على الرغم من االقتران الشائع بني جودة الشيء وكونه جيداً‪،‬‬
‫أو ربط اجلودة عادة بالرتب العالية من االمتياز‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫ ‪ .‬هليس بشرط الزم التعبير عن كل اخلصائص أو السمات املعبرة عن اجلوهر في‬


‫شكل كمي؛ فحسب طبيعة الظاهرة املدروسة يكون التعبير املالئم‪ :‬كمياً‪ ،‬أو نوعياً‪،‬‬
‫أو كميا ً ونوعياً‪ .‬فاألمور اخلاصة بنسب النجاح ومستوياته – على سبيل املثال‬
‫– قد يسهل التعبير عنها بشكل كمي أو رقمي‪ .‬أما األمور اخلاصة باملشكالت‬
‫التي يواجهها املعلمون في تنفيذ املنهج‪ ،‬وكذا وصف املعلمني واملدربني والطالب‬
‫للمناخ الدراسي‪ ،‬فرمبا يعد ذلك من الصعب التعبير عنها بشكل كمي‪ ،‬ومن هنا‬
‫فال مانع من الوصف النوعي‪ ،‬والذي ميكن بلورته أيضا ً من خالل بعض األرقام‬
‫أو النسب‪ .‬ومن ناحية أخ��ري‪ ،‬يجب تطوير وسائل الوصف لتكون أق��رب إلى‬
‫املوضوعية والدقة‪.‬‬
‫وال يتسع املجال لإلضافة في هذا اجلانب‪ ،‬إال أننا نركز فقط هنا على أمر واحد يتعلق‬
‫بتطوير أحد مقاييس الكفاءة الداخلية‪ ،‬وهو املتعارف عليه بـ‪« :‬نسب النجاح» لتصبح أكثر‬
‫قربا ً من اجلودة‪ ،‬دون إغفال للمقاييس األخرى للكفاءة الداخلية‪ ،‬خاصة معدالت استيعاب‬
‫الطالب باملدارس‪ ،‬ومعدالت تدفق الطالب عبر سنوات الدراسة‪ ،‬ومعدالت االستثمار‬
‫األمثل للموارد‪ ،‬وغير ذلك كثير‪ ،‬وليس من املستحب في عصر اجلودة االقتصار على‬
‫استخدام نسب النجاح التقليدية‪ ،‬التي تستخرج مباشرة من خارج قسمة عدد الناجحني‬
‫(رغم تباين مستوياتهم) على عدد املتقدمني‪ ،‬وفق املعادلة التالية‪:‬‬

‫عدد الناجحني‬
‫× ‪ 100‬‬ ‫ ‬ ‫نسبة النجاح العادية = ‬ ‫ ‬
‫عدد املتقدمني‬

‫فهناك اعتراض رياضي مؤداه أن البسط (وهو عدد الناجحني) يعد غير متجانس؛ ألنه‬
‫يضم مستويات شديدة التباين في النجاح‪ ،‬رغم أن جميعهم ناجحون‪.‬‬
‫ونعرض البدائل التالية‪.)46( :‬‬

‫‪172‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫(أ) استخراج نسبة كل مستوى من مستويات النجاح إلى إجمالي عدد املتقدمني‪:‬‬
‫نسبة احلاصلني على ممتاز (‪ %85‬فأكثر) إلى إجمالي املتقدمني‪.‬‬
‫نسبة احلاصلني على جيد جدا ً فقط (‪ %75‬إلى أقل من ‪ )%85‬إلى إجمالي املتقدمني‪.‬‬
‫نسبة احلاصلني على جيد فقط (‪ %65‬إلى أقل من ‪ )%75‬إلى إجمالي املتقدمني‪.‬‬
‫نسبة احلاصلني على مقبول فقط (‪ %50‬إلى أقل من ‪ )%65‬إلى إجمالي املتقدمني‪.‬‬
‫وميكن تعديل النسب السابقة مبا يجعلها أكثر متاشيا ً مع طبيعة التعليم قبل اجلامعة‪ ،‬وإن‬
‫كانت النسب السابقة تبدو مقبولة‪.‬‬
‫(ب) استخدام نظام األوزان النسبية للتحويل بني مستويات النجاح السابقة أو غيرها وفقا ً‬
‫للهدف املنشود (عادة ما يتخذ الهدف اخلاص بالتعلم لإلتقان ‪.)Mastery Learning‬‬
‫٭ فإذا كان الهدف املنشود هو أن يحصل كل طالب على ‪ % 85‬على األقل من املجموع‬
‫الكلي‪ ،‬فيمكن أن حتدد نسبة حتقق الهدف املنشود باملعادلة التالية‪:‬‬

‫(م) ‪( 0.75 +‬ج ج) ‪( 0.50 +‬ج) ‪( 0.25 +‬ل)‬


‫× ‪100‬‬ ‫نسبة حتقق هدف التعلم لإلتقان =‬
‫إجمالي عدد املتقدمني لالمتحان‬

‫حيث إن‪:‬‬
‫(م)‪( ،‬ج ج)‪( ،‬ج)‪( ،‬ل) أع��داد الطالب احلاصلني على تقديرات‪ :‬ممتاز‪ ،‬جيد ج��داً‪ ،‬جيد‪،‬‬
‫ومقبول على الترتيب‪.‬‬
‫األوزان (‪ )0.25( ،)0.50( ،)0.75‬أوزان نسبية مقترحة لتحويل التقديرات األقل من‬
‫ممتاز إلى التقدير املطلوب وهو في هذه احلالة تقدير (ممتاز)‪.‬‬
‫وبالطبع تعتبر األوزان النسبية محل اجتهاد وهي قابلة للتعديل‪ ،‬واملهم أن أي نسبة من‬
‫هذا النوع ستكون أفضل من مجرد النسبة التقليدية املستخرجة من قسمة عدد الناجحني‬
‫(على الرغم من تباينهم) على جملة أعداد املتقدمني لالمتحان‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

‫٭ أما إذا كان الهدف املنشود هو جيد جدا ً على األقل‪ ،‬فإن‪:‬‬

‫‪ × 1.25‬م ‪( × 1 +‬جـ جـ) ‪( × 0.75 +‬جـ) ‪( × 0.50 +‬ل)‬ ‫نسبة حتقق هدف التعليم‬
‫× ‪100‬‬
‫إجمالي عدد املتقدمني‬ ‫لإلتقان (جيد جدا ً على األقل) =‬
‫٭ وفق هذا التعديل‪ ،‬عادة ما يتوفر لنا ثالث نسب للنجاح‪:‬‬
‫األولى‪ :‬هي النسبة التقليدية‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬على اعتبار أن املنشود هو التعلم لإلتقان مبستوى جيد جداً‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬على اعتبار أن املنشود هو التعليم لإلتقان مبستوى ممتاز‪.‬‬
‫وعادة ما تنخفض النسب من األولى إلى الثانية ثم الثالثة‪ ،‬وعادة أيضا ً ما يكون االنخفاض‬
‫كبيرا ً في حالة جناح معظم الطلبة‪ ،‬ولكن مبستويات جناح متدنية‪.‬‬
‫فإذا ما نسبنا التكلفة إلى العدد احلقيقي للناجحني مبستوى متكن ممتاز‪ ،‬أو جيد جداً‪،‬‬
‫يتضح لنا مدى الهدر احلقيقي للتكلفة‪.‬‬
‫وه��ذا اجت��اه نأمل التفكير فيه في ال��دول األعضاء مبكتب التربية العربي ل��دول اخلليج‬
‫لتكون رائدة في املنطقة العربية‪.‬‬
‫إن مالمح ه��ذا اإلط��ار املقترح قد جتعل منه إط��ارا ً موجها ً ومفيدا ً في رس��م سياسات‬
‫اإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه‪ ،‬حاولنا فيها معاجلة األمور بدرجة وسط‬
‫بني اإلسهاب واإلجمال‪ ،‬وميكن أن يكيف هذا اإلطار حسب ظروف كل دولة من الدول‬
‫األعضاء‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫اجلزء الثاني‪ :‬إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬

‫هوامش ومراجع اجلزء الثاني‬

‫‪(1) UNESCO, Oslo Declaration, Eighth Meeting of High Level Group on‬‬
‫‪Education for all. Oslo, Norway, (16 - 18) December 2008.‬‬

‫‪(2) Benson, C., “Educational Financing”, International Encyclopedia of Education,‬‬


‫‪Vol. 4, 1985, pp 1878 - 1879.‬‬

‫‪(3) See: UNESCO, Statistical Yearbook, 1992, Paris: UNESCO, 1992, PP. 4 - 21.‬‬

‫(‪ )4‬املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج‪ ،‬مشغل اقتصاديات التعليم عن «متويل‬
‫التعليم واإلنفاق عليه في الدول األعضاء ‪ -‬دراسات حالة»‪ ،‬املنامة مملكة البحرين‪،‬‬
‫(‪ )8-6‬ربيع األول ‪1430‬ه �ـ‪ ،‬املوافق (‪ )5-3‬م��ارس ‪ ،2009‬دراس��ة حاله دولة‬
‫اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫(‪ )5‬املرجع السابق‪ ،‬دراسة حالة دولة الكويت‪ ،‬جدول (‪.)17‬‬
‫(‪ )6‬يرجى مراجعة كالً من‪:‬‬
‫(أ) املرجع السابق‪ ،‬دراسة حالة دولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫(ب) املركز العربي للبحوث التربوية ل��دول اخلليج‪ ،‬برنامج اقتصاديات التعليم‪،‬‬
‫االجتاهات العاملية في متويل التعليم وواقعه في ال��دول األعضاء‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪(7) Lyons, R., “Economics of Education”, International Review of Education,‬‬
‫‪Vol. 25, No. 3, 1979, p. 421.‬‬

‫‪(8) UNESCO, Oslo Declaration, op.cit.‬‬

‫(‪ )9‬املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج‪ ،‬برنامج اقتصاديات التعليم‪ ،‬االجتاهات‬
‫العاملية في متويل التعليم وواقعه في الدول األعضاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫(‪ )10‬محمود عباس عابدين‪ ،‬علم اقتصاديات التعليم احلديث‪ ،‬ط‪ ،2004 ،2‬ص‪.54‬‬

‫‪175‬‬
‫اقتصاديات التعليم‬

(11) Knight, B., Managing School Finance, London: Heine – Mann Educational
Books, 1983, p.96.

(12) Coombs, p. & Hallak, J., Cost Analysis in Education: A Tool for Policy and
Planning, London: Johns Hopkins University Press, 1987, p.13.

(13) Fielden, J., & Pearson, P.K., Costing Educational Practice, Leicester (G.B.):
Council For Educational Technology, 1978, p.30.

(14) Coombs, p., & Hallak, J., op. cit., p.14.

(15) Ibid., p.17.

(16) Psacharopouls, G. & Sanyal, B.C., Higher Education and Employment: The
IIEP Experience in Five Lass Developed Countries, Paris: UNESCO/ IIEP,
1981, p.24.

،»‫ دراسة إحصائية عاملية‬:‫ «تخصيص املوارد املالية للتعليم‬،‫ أوريفل‬.‫ ف‬،‫ أيشر‬.‫) ج‬17(
)‫ أبريل‬/‫ (يناير‬،‫ السنة السابعة‬،)19( ‫ العدد‬،‫ التربية اجلديدة‬،‫ترجمة أنطون خوري‬
.129 -114‫ من ص‬،1980
:‫ يرجى مراجعة‬،‫) ملزيد من التفاصيل بخصوص هذا الرأي والرأي اآلخر‬18(
(a) Birdsall, Nancy, “Public Spending on Higher Education in Developing
Countries: Too Much or Too Little”, Economics of Education Review,
Vol. 15, NO40, 7/ 29/ 2009, pp. 407 - 412.

(b) Psacharopouls, G., “Public Spending on Higher Education in Developing


Countries: Too Much Rather Than Too Little”, Economics of Education
Review, Vol. 15, No.4, 1996, pp. 421- 422.

‫ مرجع‬،‫ مشغل اقتصاديات التعليم‬،‫) املركز العربي للبحوث التربوية لدول اخلليج‬19(
.4‫ ص‬،‫ دراسة حالة اليمن‬،‫سابق‬
.9‫ ص‬،‫) املرجع السابق‬20(

176
‫ إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬:‫اجلزء الثاني‬

.47-39 ‫ ص ص‬،‫) املرجع السابق‬21(


.71‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫) محمود عباس عابدين‬22(
(23) See. Rossmiller, R. A., “Use of Resources: Does It Influence Student
Achievement?”, Educational Perspectives, Vol.21, No.1, Spring 1982, pp.
25 - 32.

(24) See. Chubb, J.E.and Moe, T.M., Politics, Markets and America’s Schools,
Washington, DC.: The Brookings Institution, 1990.

(25) See, Christopher, G., Effect of Architecture on Education, Ranch Cucamonga,


California: Wolfk / Lang / Christopher Architects, Inc., 1990.

(26) See for example:

(a) Goodlad, J.I., A Place Called School: Prospects for the Future, New York:
McCraw – Hill, 1984, p.310.

(b) Lee,V.E., and Smith, J.B., “High School Size: Which Works Better and
for Whom?”, Educational Evaluation and Policy Analysis, Vol.19, No.3,
Fall 1997, pp. 217 - 227.

(27) See, Ibid., pp.205 - 227.

(28) Lau, L.J., “Educational Production Functions”, in: National Academy of


Education, Economic Dimensions of Education, U.S.A.: National Academy
of Education, 1979, p.41 - 42.

(29) Ibid., p.42.

(30) See for example:

(a) Finn, J.D. & Achihles, C.M., “Answers and Questions about Class Size:
A Statewide Experiment“, American Educational Research Journal,
Vol. 27, 1990, pp.557 - 577.

177
‫اقتصاديات التعليم‬

(b) Card, D.& Krueger, A.B., “Does School Quality Matter? Returns to
Education and the Characteristics of Public Schools in the United
States”, Journal of Political Economy, Vol.10, 1992,pp.1 - 40.

(31) See, Chubb, J.E., and Moe, J.M., op. cit.

.281-279 ‫ ص ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ محمود عباس عابدين‬:‫) يرجى مراجعة‬32(


(33) See, Cooper, S., and Cohn, E., “Estimation of a Frontier Production Function
for the South Carolina Educational Process”, Economics of Education
Review, Vol.16, No.3, 1997, pp.315 - 321.

(34) See, Hanushek, E.A., “Outcomes, Incentives, and Beliefs: Reflections on


Analysis of the Economics of School”, Educational Evaluation and Policy
Analysis, Vol.19, No.4, Win.1997, pp.301 - 308.

.201-171 ‫ ص ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ محمود عباس عابدين‬:‫) يرجى مراجعة‬35(


(36) See:

(a) Coombs, p., & Hallak, J., op. cit.

(b) Psacharopouls, G., and others, Financing Education in Developing


Countries: An Exploration of Policy Options, Washington, D.C., The
World Bank, 1986.

(c) Bray, M. & Lillis, K. (eds.), Community Financing of Education, Oxford:


Pergamum Press, 1988.

(d) Lewin, K., Education in Austerity: Options for Planners. Paris. IIEP
1987.

‫ واملرجع الرابع بدعم‬،‫املراجع الثالثة األولى بدعم من البنك الدولي مبؤسساته املتعددة‬
.‫من هيئة التنمية الدولية السويدية‬
(37) Mathews, R.L., “Patterns of Educational Finance“, Australian Economic
Papers, Vol.12, 1973, p.145.

178
‫ إطار مرجعي لإلنفاق على التعليم ومتويله واالستثمار فيه في الدول األعضاء‬:‫اجلزء الثاني‬

(38) Snell, W., “Efficiency and Productivity in Education Systems“, Journal of


Tertiary Educational Administration. Vol.4, No.2, Oct. 1981, p.177.

(39) Walberg, H.J., “Educational Productivity: Theory, Evidence and Prospects “,


The Australian Journal of Education, Vol.26, No.2, 1982, p.116.

(40) See, Baum, Sandy, “New Directions in Students Loans: Intergenerational


Implications“, Journal of Student Financial Aid, Vol.26, No.2, 1996, pp.7 - 18.

(41) See:

(a) Woodhall, M., “Student Loans “, in: The International Encyclopedia


of Economics of Education, 2nd ed., edited by M. Carnoy, Oxford:
Elsevier Science Ltd, 1995, pp.420 - 425.

(b) “Students Loans in Higher Education: English Speaking Africa”,


Educational Forum Series No.3, Paris: IIEP, 1991.

(c) ”Students Loans in Higher Education: Asia“, Educational Forum Series


No.2, Paris: IIEP, 1991.

(d) ”Students Loans in Higher Education: Western Europe and the USA“,
Educational Forum No.1, Paris: IIEP, 1990.

.315-314 ‫ ص ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫) محمود عباس عابدين‬42(


‫ وط��رق تطويرها في ظل‬،‫ «أن��واع اإلح�ص��اءات التربوية‬،‫) محمود عباس عابدين‬43(
‫ ورقة عمل مقدمة إلى ورشة العمل اإلقليمية للسادة املسئولني عن‬،»‫متطلبات اجل��ودة‬
‫التخطيط التربوي والتقومي حول أحدث االستخدامات لإلحصاءات التربوية في عملية‬
‫ املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة‬،‫ الرباط – اململكة املغربية‬،‫التخطيط والتقومي‬
‫ في‬،)‫ بالتعاون مع املنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (األليسكو‬،)‫(األيسيسكو‬
.‫م‬2003 ‫ يوليو‬5-1 ‫الفترة من‬

179
‫اقتصاديات التعليم‬

(44) See:

(a) Yasin, Said & Nur-Awaleh, Mohamed, «Decentralization of Public


Education: Lesson from Private Education in the Developing World»,
Paper presented at the 31st Annual Meeting of the International Society
for Educational Planning (ISEP), On «Planning Education for the
Success of All», Atlanta, Georgia, U.S.A., (10 - 14) October (2001).

(b) Abdeen, Mohmoud Abbas, «Community Reinforcement of Education


in Egypt: An Evaluative Study», Paper presented at the 32nd Annual
Meeting of the International Society for Educational Planning (ISEP),
On «Planning for the Social Justice, Equality and Improvement of
Education», Istanbul, Turkey, (2 - 6) October (2002).

.315-314 ‫ ص ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫) محمود عباس عابدين‬45(


‫ وط��رق تطويرها في ظل‬،‫ «أن��واع اإلح�ص��اءات التربوية‬،‫) محمود عباس عابدين‬46(
‫ ورقة عمل مقدمة إلى ورشة العمل اإلقليمية للسادة املسئولني عن‬،»‫متطلبات اجل��ودة‬
‫التخطيط التربوي والتقومي حول أحدث االستخدامات لإلحصاءات التربوية في عملية‬
‫ املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة‬،‫ الرباط – اململكة املغربية‬،‫التخطيط والتقومي‬
‫ في‬،)‫ بالتعاون مع املنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (األليسكو‬،)‫(األيسيسكو‬
.‫م‬2003 ‫ يوليو‬5-1 ‫الفترة من‬

180

You might also like