Professional Documents
Culture Documents
رياض بسباس
خبير تعليم – األمانة العامة للمجلس األعلى للتخطيط والتنمية
دولة الكويت
Riadh.Besbes@gs-scpd.gov.kw
تهدف الدراسة إلى بيان أهمية رفع كفاءة المعلمين كأحد أهم سياسات اإلصالح في التعليم وأثرها المباشر على مستوى نتائج
المتعلمين ،وبالتالي رفع كفاءة مخرجات النظم التعليمية لتستجيب إلى متطلبات سوق العمل .وفي سبيل تحقيق هذه األهداف ،تنتهج
الدراسة منهجا يحلل اإلجابات على األسئلة التالية:
-ماهي أهم العوامل التي تؤثر أكثر من غيرها في كفاءة نظم التعليم؟
-ما هو واقع حال النظم التعليمية العربية على ضوء نتائج التقييمات الدولية؟
-كيف السبيل إلى تشخيص وتطوير أداء المعلم داخل الصف؟
-ما أهم التوصيات التي تَُوجه إلى و ازرات التربية العربية للنهوض بمستوى مخرجات نظمها التعليمية؟
وقد أخذت الدراسة الوضع القائم في كل من مصر وتونس والكويت كدول ممثلة للمنطقة العربية ،وتعاني من مشكالت كبيرة في
قطاع التعليم ،إضافة لتنوعها الكبير في البيئة واإلمكانات االقتصادية .تم عرض نتائج الدول الثالث – بجانب دول أخرى على سبيل
المقارنة – لمؤشرات تقييمية دولية مرتبطة بالتعليم ،وتحليل هذه النتائج وتشخيص أوضاعها ،لتحديد مكامن الضعف وسبل النهوض
باألوضاع الحالية .تعاني مصر وتونس من مشكالت اقتصادية كبيرة ،تجعل تكلفة إصالح قطاع التعليم عالية ومرهقة لالقتصاد
الذي يعاني أصال من صعوبات عدة .لذلك اقترحت الدراسة ،في محورها الثالث بعد المقدمة ،حال يساهم في النهوض بأكثر العوامل
تأثي ار على جودة المخرجات التعليمية وهو المعلم ،وذلك بتطبيق أسلوب مبتكر لتشخيص وتطوير أداء المعلمين يعتمد تقنيات الذكاء
االصطناعي في رصد مكامن الفعالية في التعليم والتعلم ضمن التفاعالت الصفية بين المدرس والطالب .النهوض بأداء المعلم خطوة
أولى تتميز بنتائج سريعة يمكن قطفها على المدى القصير في انتظار تفعيل إجراءات إصالحية أخرى على المدى المتوسط والبعيد.
1
قائمة المحتويات
المقدمة 3 .............................................................................................................................. 1
تشخيص مخرجات النظم التعليمية العربية على ضوء التقييمات الدولية 55 ................................................... 3
نظام للتشخيص الدقيق والتقييم الذكي لفعالية التعليم داخل الصفوف 15 ...................................................... 4
توصيات للنهوض بمستوى ُمخرجات النظام التعليمي بدول الكويت ،مصر وتونس 12 ....................................... 5
2
المقدمة 1
أهداف التنمية المستدامة لمرحلة ما بعد ،7102التي صيغت في إطار الدورة السبعين للجمعية العامة ُ تُِقُّر
بحد ذاته ،أال
يتضمن غايات عدة في إطار هدف قائم ّ ّ محرًكا أساسيًّا للتنمية ،إذ
بأن التعليم ُيشكل ِّ
لألمم المتحدةّ ،
التعليم بش ْك ٍل ُم ٍ
باشر ُ وهو" :ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع" .فقد ُذ ِك َر
أهداف للتنمية المستدامة من األهداف السبعة عشر .في نفس اإلطارُ ،ي َؤ ِّك ُد تقرير "التنمية المستدامة تبدأ ٍ في أربع
يع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف ُخطَ ِط التنميةِ .لذا أ َّكدت الجمعية العامة ق ِّ
متعددة في تسر ِ بالتعليم" 1أ َّ
َن للتعليم طُُر ٌ
ف خبراء االقتصاد قطاعَ لنمو اقتصادات الدول .كما ُي َعِّر ُ
حجُر األساس ِّ
َن يكون التعليم هو َ
لألمم المتحدة على أ ْ
التعليم على أنه "مخزن الطاقات والكفاءات البشرية" ،فهو يساهم بشكل فعال في رفع كفاءة أداء القوى العاملة مما
ينهض باقتصاديات الدول إلى مستويات أعلى .فقد أكدت التقارير المنبثقة عن المنتدى االقتصادي العالمي أن النظم
التعليمية للدول تأثر في إنتاجها االقتصادي عبر ثالث قنوات ،رفع القدرة الجماعية للقوى العاملة في القيام بمهامها
بأكثر كفاءة وأقل وقت ،عبر التعليم الثانوي والعالي الذي يسهل نقل المعرفة المتعلقة بالتكنولوجيا والمنتجات الجديدة
طرف أخرى ،وأخيرا ،من خالل تشجيع اإلبداع الذي يطلق قدرات اقتصاد الدولة على التجديد وعلى
المبتكرة من أ ا
صياغة معارف جديدة ومنتجات متطورة وتكنولوجيا مبدعة .
أهمية تأثيرات قطاع التعليم على نمو االقتصاد ال تنبع من ارتفاع نِ َس ِب االلتحاق بمختلف مراحله فحسب،
بل تشمل وبشكل أكبر جودته التي تؤثر مباشرة في النمو االقتصادي .فالجدال حول العالقة بين جودة التعليم واإلنتاج
االقتصادي للدولة يركز على ضرورة تطوير "الكفاءات الناعمة" .لذا يتم تحديد مدى منح المؤسسات التربوية طُالَّبها
القدرة على التفكير النقدي واالبداعي ،وكيفية تشجيع هذه المؤسسات وبشكل فعال ومتزايد للفضول وحب االستطالع
مدة من األبحاث التربوية التي تؤكد أن تدريس االبداع وتشجيع الفضول
لدى طالبها .لهذا التوجه داللتان ،األولى ُمستَ ّ
وحب االستطالع يتطلب إعمال التركيز على تدريس الرياضيات والعلوم والقراءة بمفاهيم الذكاء الوجداني .هذا الذكاء
الذي يرتبط تطويره بتدريس الفنون والموسيقى والتواصل ضمن العالقات اإلنسانية .ثانيا ،يتطلب هذا التوجه تقييما
تساو ،فالتوجه نحو التعليم الفارق ٍ
بشكل ُم ٍ جديدا ألساليب التدريس ،انطالقا من االفتراض بأن كل الطالب يتعلمون
بين الطالب الذي يعتمد على تحليل كيفية استيعاب المعارف لكل فرد ،أصبح ضرورة .هذا ما يدعو إلى البحث
على أهم العوامل التي تأثر في جودة النظم التعليمية.
طالب سنغافورة أحرزوا أفضل النتائج في الرياضيات والعلوم بين دول العالم في مختلف التقييمات الدولية
خالل السنوات العشر األخيرة ،مما يدل بدون أدنى شك أن النظام التعليمي بهذا البلد أخذ بزمام العوامل التي تضمن
تعليمي
ٍّ منهج
الجودة العالية في مخرجاته .فقد اقتنع واضعوا السياسات التعليمية بسنغافورة بضرورة اإلنفاق على توفير ٍ
تطوٍر ومواكب لأللفية الجديدة ،مع ب ْن ٍ
ية تحتية متوافقة مع أعلى معايير الهندسة المعمارية للمدارس ،وأكثر السياسات ُم ِّ
ُ
1
منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.7106 ،
3
التعليمية فعالية .ولكنهم اقتنعوا أكثر بأنه إِ ْن لَ ْم ي ُكن على الميدان معلمون يتميزون بجودة األداء ،فإن كل ما سبق،
ص ِب ُح َه ْدًار ال طائل منه .لذلك ،اختص المعهد الوطني للتربية بسنغافورة بتقديم محتوى تطوير مهني عالي الجودة ُي ْ
للقوة العاملة في التدريس بالبالد وأشرف على تنفيذه على مدى مئة ساعة سنويًّا.
نسبيا في الدراسات ٍ
غير مست ْك َشف ً إصالح التعليم في المنطقة ُ
ُ أما على مستوى الدول العربية ،فيبقى
نقص في البيانات ش ّك َل عائقًا أمام وضع سياسات تعليمية فعَّالة .ولكن هذا لم يمنع
الحكومية الرسمية ،نتج عن ذلك ٌ
ظهور نجاح نسبي في بعض النظم التعليمية العربية .فقد بدأت دولة قطر ،منذ ،7112تجربة "المدارس المستقلة"،2
نجاح التجربة ،أُْل ِغَيت كافة مدارس و ازرة
ِ طاع الخاص .نتيجة مولُها الدولة تُسَن ُد إدارتها ِ
للق ِ ْ مدارس حكو ِمّية تُ ِّ
ٌ وهي
التربية والتعليم وبينت التقارير الدولية التحسن الالفت في نتائج الطالب في التقييمات العالمية للرياضيات والعلوم
خالل الدورات األخيرة .كما يستخدم مجلس أبو ظبي للتعليم حاليا مؤشرات قياس األداء لتقييم التقدم السنوي في
معياري لقياس ٍ المؤسسات التربوية ،3فأصبح ي ْخ ِ
الختبار خارجي ْ ابتداء من الصف الثالث األساسي،
ً ضعُ الطالب، ُ
نتائجهم .4تم استخدام بيانات نتائج تلك التقييمات الوطنية للرفع من فاعلية السياسات التربوية .سجل طالب إمارة
أبو ظبي أحسن النتائج على الصعيد العربي في مختلف التقييمات الدولية للرياضيات والعلوم.
كما نعرض أثناء هذا البحث في مجالي التعلِيم والتعلُّم ،فعالية الخوارزميات الذكية المعمول بها في العلوم
الهندسية الخاصة بتقنيات الذكاء االصطناعي في تحليل البيانات وتطبيقها في علوم التشخيص األكاديمي والمتابعة.
فهي محاولة مبتكرة لمزج مجالين ،هما عادة منفصلين تماما :مجال البحوث الهندسية لتحليل البيانات الرقمية ومجال
الكمي والتقدير الكيفي لمؤشرات التعليم
الناجع من حيث تفعيل القياس ِّعلوم التربيةُ .بنِي هذا المزج على مبدأ التّكامل َّ
َ
ِ
والتعلُّم داخل الصفوف المدرسية .نتج عن ذلك صياغة ُنظُم استُغلّت كأدوات إلنتاج قواعد بيانات رقمية حول
ٍ
الممارسات التعليمية للمدرس من ناحية واألداء الدراسي للطالب من ناحية أخرى .أحد أهم مخرجات هذا النظام
المبتكر لتقييم فعالية التدريس هي اإلنتاج اآللي لتقارير تقييمية لممارسات المدرس التعليمية وتفاعل الطالب التّعلُّمية
على مستويات مختلفة .يعقب هذا التشخيص والتحليل ،استشراف لسيناريوهات رفع كفاءة المنظومة التعليمية بكافة
مكوناتها ،من طالب ومعلم واداري ونظم تعليمية ومناهج ،بهدف تقديم برامج إصالح محددة ،تصلح للتطبيق الفعلي
من قبل جهات الدولة المسؤولة عن قطاع التعليم.
نجاح ُجهود اإلصالح التربوي ُم ْرتبطٌ بالتّوازي بين صياغة
َ بأن
وأخيراُ ،نَن ِّوهُ من خالل هذه الورقة البحثية ّ
فيذها في الميدان ،من جهة أخرى. أساليب ْتن ِ
ِ ٍ
تعليمية مواكبة للتطور العلمي والتقني ،من جهة ،ومدى واقعية ٍ
سياسات
النظري
كن حدوثه إذا َب ُع َدت المسافة بين التخطيط العلمي ّ تناغ ٌم ال ُي ْم ُ وهذا ما ُي َحتُِّم التّ ُ
ناغ َم بين التخطيط والتنفيذُ ،
وم َعلِّميها يمتلكون
والقُ ْدرة العملية الفنية على التطبيق في مختلف مستويات الهيكل التعليمي .بمعنى أن ُمدراء المدارس ُ
وريًّا في َنجاح البرامج اإلصالحية للتعليم.َد ْوًار ِم ْح ِ
4
اإلطار المرجعي للجودة في األداء التعليمي 2
ِ8 ِ
لجودة نظام تعليمي أ تتعدى جودةَ ُمعلّميه 2-2ال يمك
تسعى أنجح النظم التعليمية إلى جلب أفضل المرشحين إلى مهنة التعليم ،والتي من شأنها أن تفضي إلى
حصول الطالب على أفضل النتائجُ .يفعِّلون هذه السياسة من خالل ثالثة إجراءات أساسيةَ :ج ْع ِل الدخول إلى كليات
فعالة الختيار المترشحين المناسبين ُليصبحوا معلمين ،ودفع رواتب ّأولية جيدة. ٍ
التربية انتقائي للغاية ،وتطوير آليات ّ
أكدت لجنة كفاءات القوى العاملة األمريكية في إحدى نشراتها التأكيدات التالية" :نحن اآلن بصدد انتداب
معلمينا من بين الثلث األخير من الطالب الناجحين المتخرجين من المعاهد والمتوجهين إلى الكليات ،وبكل بساطة،
ال ُي ْمك للطالب أ يتخرجوا ولديهم المهارات والكفاءات الضرورية إال إذا كانت لدى معلميهم المعارف والمهارات
التي نسعى إلكسابها ألبنائنا" .9من ناحية أخرى ،وجدت بعض الدراسات الميدانية أن المعلمين المتخرجين من أشهر
كليات التربية ،ويعملون في أنجح المؤسسات التعليمية ذات البيئة العالية المعايير في األداء ،يصلون بطالبهم إلى
أفضل النتائج رغم خبرتهم المهنية المحدودة؛ ففعالية وجودة المعلم ترتفع بشكل ملموس خالل السنوات الخمس األولى
من حياته المهنية .10لذلك تتجه األنظمة التعليمية المتفوقة دوليا إلى انتداب معلميهم من بين أفضل ثلث متخرجيهم.
ِّن أفضل %01من المتخرجين كوريا الجنوبية تختار أحسن %2من المتخرجين لاللتحاق بقطاع التعليم ،فنلندا تُعي ُ
ب أفضل %21منهم .بينما تختص منطقة الشرق األوسط (بما فيها الدول العربية) ،تاريخيا ،كما ِ
وسنغافورة تَْنتَد ُ
تؤكد دراسة ماكنزي ،في اختيار مرشحيها لمهنة التعليم من بين الثلث األقل كفاءة من متخرجي كلياتها ،رغم اقتناع
واضعي السياسات التربوية بالحكمة الموروثة من التراث الثقافي العربي" :فاقد الشيء ال يعطيه".
8
Interview: South Korea, 2007.
9
NCEE, 2007.
10
Decker & Mayer, 2004.
6
ولكن ،ما الذي يجعل أفضل المتخرجين يرشحون أنفسهم لمهنة التعليم؟ يعترف واضعوا السياسات التربوية
أن العوامل التي تجتذب الموهوبين من الطالب للتعليم هي التاريخ والثقافة والحالة االجتماعية لمهنة التعليم .وعلى
أن وقائع التجارب العالمية للنهوض ِ
غرار أنها تبدو عوام َل خارجة عن إطار تحكم واضعي السياسات التربوية ،إال ّ
بالمنظومات التعليمية أثبتت إمكانية رفع تحدي تغيير الحالة االجتماعية لمهنة التعليم واالرتقاء بها" .إنجلت ار جعلت
مهنة التعليم أكثر المهن شعبية بين الطالب قبل التخرج وبعده في غضون خمس سنوات" .11فالسياسات المتبعة من
طرف مسؤولي كل مرحلة تعليمية لها األثر القوي على تغيير النظرة االجتماعية الحالية والمستقبلية لمعلمي تلك
عولت عليهما أغلب الدول ذات التعليم المتميز هما :تطوير نظم فعالة الختيار المعلمي
أهم سياستين ّ
المرحلة .إذ أن ّ
للدخول في مرحلة التدريب المهني ،وتأمي راتب أولي جيد .كانا لهاتين السياستين األثر الواضح على كفاءة
المترشحين لمهنة التعليم .آليات اختيار المعلمين للتدريب المهني هي أكثر انتقائية في الدول ذات المنظومات
سيخ ألربعين سنة
سيئ ُي ْفضي إلى ْتر ٍ ٍ
اختيار ٍ أي
التعليمية الناجحة .فالدول المتقدمة في هذا المجال تعي جيدا أن َّ
من التعليم الرديء .لذلك و ِ
ض َعت المعايير النتقاء أفضل المرشحين لهذه المهنة .فمعلم المرحلة االبتدائية ،المتميز ُ
عال في القراءة والكتابة والحساب،بأدائه في مستقبله المهني ،يتصف في حاضره كطالب متخرج بأن لديه مستوى ٍ
ودافعي ٌة للتّ ْدريس .12أما الراتب
ّ استعداد للتعلُّم مدى الحياة
ٌ ولديه مهارات عالية في التواصل والتفاعل مع اآلخري ،و
األولي للمعلم ،فقد أثبتت الدراسات أن أكثر النظم التعليمية فعالية تعطي معلميها الجدد رواتب تتراوح بين %52
و %55من نتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي .دول منظمة التعاون االقتصادي والتنمية تمنح معلميها
الجدد رواتب تتراوح بين %22و %086من الناتج المحلي اإلجمالي للفرد الواحد .الراتب العالي ال يعني بالضرورة
أنه السبب الوحيد للقبول على مهنة التعليم ،ولكن الزيادة في األجور بالتناسب مع معدل الرواتب لخريجي الجامعات
أصحاب نفس مستوى تأهيل المعلمين ،من شأنه أن يدعم مهنة التعليم ،والزيادة المبالغ فيها ال تضمن تحسين الجودة
في التعليم .فنلندا تؤكد في سياساتها التعليمية ،على الرفع من شأن المكانة االجتماعية للمعلمين ،وذلك من خالل
فرض شهادة الماجستير كأدنى درجة جامعية تُ َخ ِّو ُل لمتحصِّلِيها ال ُّ
ترش َح لمهنة التعليم.
11
Training and Development Agency for schools, 2005.
12
Allington & Johnston, 2000.
13
Interview, Boston, 2007.
14
Barber, 2005.
7
أهمها قُ ْدرته على تشخيص تتطلب من المعلّم مجموعة متطورة من المهاراتُّ ، ٍ
جودة عالية ذات ٍ
تعليمات ُ تقديم
ُ
القوة لدى طالبه وبالتالي ،مالئمة تقنيات تعليماته لكل وضعية دراسية.
الضعف و ّ
ْ نواحي
تطوٍر ومواكب لأللفية الجديدة ،مع ب ْن ٍ
ية تحتية تعليمي ُم ِّ
ٍّ منهج
ٍ اقتنعت سنغافورة بضرورة اإلنفاق على توفير
ُ
متوافقة مع أعلى معايير الهندسة المعمارية للمدارس ،وأكثر السياسات التعليمية فعالية .ولكنها اقتنعت أكثر بأنه
ألمو ِال الدولة .لذلك ،اختص إِ ْن لَ ْم ي ُكن على الميدان معلمون يتميزون بجودة األداء ،فإن كل ما سبقُ ،ي ْ
ص ِب ُح َه ْد ًار ْ
المعهد الوطني للتربية بسنغافورة بتقديم محتوى تطوير مهني عالي الجودة للقوة العاملة في التدريس بالبالد ،وأشرف
على تنفيذه على مدى مئة ساعة سنويًّا .في نفس االتجاه ،وعلى الصعيد الدولي كانت هناك تدخالت أثبتت أن
تطوير أداء المعلم داخل الصف له انعكاسات إيجابية وسريعة للغاية على نتائج الطالب .على سبيل المثال ،لو
تفوق طالبه في الرياضيات من %72إلى %22 عدنا إلى النظام التعليمي ببوسطنَّ ،
فإن االرتفاع المذهل لنسب ُّ
وفي اللغة اإلنجليزية من %22إلى %22خالل امتحانات Massachusetts Comprehensive ( MCAS
،)Assessment Systemتحقق بعد ستة سنوات من تطبيق سياسة النهوض بالتعليمات الصفية للمعلمين .في
تطوُر مخرجات التعليم في مستوى نتائج الطالب في الرياضيات واللغات على مدى نصف قرن.
إنجلترا ،توقف ُّ
فعلت فيه أحسن الممارسات والتقنيات في التدريب
فشرعت الحكومة في صياغة برنامج وطني جديد للتدريبّ ،
المهني .في غضون ثالث سنوات من التدريب الميداني للمعلمين ،ارتفع عدد الطالب الذين قابل مستواهم المعايير
المرجوة في اللغات من %62إلى .%22
ّ
تمضي أنجح النظم التعليمية في تطوير جودة التعليمات الصفية بال هوادة ،ولكنهم أيقنوا أن سياستهم هذه
ضرورية ولكنها غير كافية للنهوض بالجودة في التعليم ،فيجب النهوض بما يجري داخل الصف بأسل ٍ
وب جذريٍّ.
كل معلم داخل صفِّ ِه:
يتطلب حدوث ثالثة توجُّهات في أداء ِّ
ُ وهذا
ِّنة بنقاط ضعف ممارساته الصفية ،فَتُْبنى لديه عقلية السعي كل معلم أن يكون على بي ٍ -يحتاج ُّ
ْ
خيص متو ٍ
اصل ألدائه. ٍ لِت ْش
ٍ
دروس ق ذلك عبر بفهٍم ّ
محدد للممارسات التعليمية الجيدة .عادة ما يتحقَّ ُ ض ْيح َ
أن ْ -يحتاج ُّ
كل معلم ْ
ٍ
ظروف ميدانية حقيقية. ض ُرها المعلمون في
يح ُ
ْ
للتح ِ
فيز ليقوم بالتحسينات الالزمة ألدائه .ال يمكن رفع دافعية المعلمين ّإال عندما كل معلم ْ -يحتاج ُّ
جماعي في القدرة
ٌّ قاد
إحساس مشترك بالهدف ،وخاصة اعت ٌ
ٌ ُيصبح للمعلمين مردودات عالية،
المشتركة على تغيير مستقبل الطالب الذين يدرسونهم.
بالرغم من وجود أدلة واضحة على حقيقة بديهية ،وهي أن كل المهن األخرى تقريبا ،تُ َد ُار أغلب تدريباتها
في سياقات مماثلة لو ِاق ِع العوامل الميدانية (األطباء والممرضون في المستشفيات ،المحامون في قاعات المحاكم،
االستشاريون مع العمالء)َّ ،
فإن البعض اليسير من دورات التدريب للمعلمين تأخذ مكانها داخل الصفوف الدراسية،
المكان الوحيد الذي يكون فيه التدريب دقيقًا وذو صلة بما فيه الكفاية ليتميز بفاعلية كبرى .اتبعت النظم التعليمية
8
الناجحة أربعُ مقاربات لمساعدة المعلمين داخل صفوفهم على تحسين تعليماتهم ،إرشادهم إلى تََبي ِ
ُّن نقاط ضعف
ممارساتهم ،توفير المعارف المحددة ألفضل الممارسات ،وتحفيزهم للنهوض بأدائهم:
-بناء مهارات ميدانية (تطبيقية) أثناء التدريب األولي :أثناء السنة األولى من التدريب الداخلي
للمعلمين في بوسطنُ ،ي ْمضي المتدربون أربع أيام أسبوعيا في المدارس .في إنجلترا ،ثلثي سنة التدريب
يقضيها المتدربون في تطبيق الممارسات التعليمية داخل المدارس .في اليابان ،يبقى المتدربون يومين
في األسبوع تحت التوجيه الفردي والشخصي ( )One-On-Oneأثناء ممارساتهم الميدانية.
وه ُم المعلمون َذ ُوو الخبرة والكفاءة المشهود لهم
-وضع مدربي أكفاء في المدارس لدعم المعلمي ُ :
بهاُ ،يأَطِّرون المعلمين الجدد من خالل المشاهدة داخل أقسامهم ،ثم يمدونهم بالنصح والتوجيه نحو
أكثر المعلمين كفاءةً ُي ْعطَ ْو َن جدول عمل مخفف لكي
الممارسات الميدانية الفعالة .في إنجلتراُ ،
يمضوا أكثر وقت في توجيه زمالئهم األقل خبرة ،وخاصة الجدد منهم.
كن أن تتط ّور ناجعا ،ولكن ُي ْم ُ فعالة :التأطير والتوجيه يمثالن ُّ
تدخ ًال ً -اختيار وتطوير قيادة تأطيريه ّ
من استدامة ُن ُم ِّوطورت المدرسة ثقافة التقييم والتوجيه قصد التكوين والتدريب ،فتض ُ فعاليته إذا ّ
ّ
مخرجاتها .إلنجاز هذا الهدف ،عمدت بعض النظم التعليمية إلى تعيين ُم َدراء مدارسها من بين
ودربوهم ُليصبِحوا
خبراء الميدان التعليمي .فوضعوا آليات الختيار المدراء من بين أحسن المعلمين َّ
اء %81
ُخبراء في توجيه الممارسات الصفية للمعلمين .في النظم التعليمية الناجحةُ ،ي ْمضي المدر ُ
مركزين على تطوير تعليمات المعلمين داخل صفوفهم ،من خالل مجموعة من من يوم عملهم ِّ
السلوكيات الداعمة للتعاون والتواصل واإلبداع.
-تمكي ُ المعلمي م االستفادة م بعضهم البعض :في أغلب المدارس ،يعمل المعلمون منفردون،
سويًّا لدروسهمُ ،يشاهدون دروس ططون ِ بينما في اليابان وفنلندا يعم ُل المعلمون في مجموعات ،ي َخ ِّ
ُ
ُّن .تُأسِّس مثل هذه النظم التعليمية لِثَقَ ٍ
افة أساسها ويعينون بعضهم البعض للتحس ِ
ُ بعضهم البعض ُ
التأمل والتفكير في الممارسات التعليمية الف ّعالة ،والتوجيه
المساهمة في التخطيط الجماعي للدروسُّ ،
من طرف المعلمين األكثر خبرة إلى ذوي الخبرة األقل .فكانت تلك النشاطات هي معايير وميزات
المستمر للمعلمين.
ّ التطوُر المهني
ُّ تض َم ُن
الحياة المدرسية التي ْ
جيدة
ق في االنتفاع م ممارسات تعليمية ِّ الح ُّ ِ
4-2ل ُكل طفل َ
ِ ِّ
تسعى النظم التعليمية الناجحة إلى جعل كل متعلم ْينتَفعُ من األداء الجيد لمختلف المعلمين األكفاء .فتضعُ
آماال عالية في نتائج كل متعلم من طالبها ،فاألساليب التي تتبعها النظم التعليمية الناجحة في وضع اآلمال ً
العالية ،مختلفة ومتنوعة .ولكن بعضها موحدة بينهم جميعا ،فكل هذه النظم تضع تركي از عاليا على تدريس الحساب
واللغة في السنوات التعليمية األولى ،وذلك استنادا لنتائج األبحاث التربوية التي أكدت أن القدرات األساسية للمنهج
سن ِّ
مبكرة ُم ْرتبطة ارتباطًا قويًّا بمجموعة من المخرجات المستقبلية .كما أن أنجح النظم التعليمي التي تُْبنى في ٍّ
قياسهُ .لذلك سعت إلى بناء آليات تقييم ومتابعة وعالج على
تستطيعُ َ سين ماال ْ
تح َ تطيع ْ
تس َ تعلَ ُم أنها لن ْ
التعليمية ْ
9
شخص تلك اآلليات وبصفة ِّ
مبكرة ،حاالت المستوى الفردي لكل طالب قصد الوصول إلى النتائج المأمولة .فتُ ِّ ُ
حدٍد .لذلك ،تُأ ِّ
َم ُن النظم الطالب الذين تظهر عليهم أعراض ضع ٍ
ف في االستيعاب ،فَتُ َعالَ ُج مباشرةً وبش ْك ٍل ُم َّ ْ ُ
التعليمية الناجحة ،المو ِارَد والتّ ْمويل للطُّ ّالب الذين يحتاجونها أكثر وليس للذين يحتاجونها أقل.
15
John Hattie, 2012.
16
Jenn David-Lang, 2013.
10
المعلِّ ُم الخبير
ُ 2-5-2
ق على جو ِ
دة تَ َعلُِّم أثر َعمي ٍ خبرة المعلِِّم ولِ ُح ْس ِن أداءه ِم ْن ٍ أكدت األبحاث التربوية ،منذ سنين عديدة ،ما لِ ْ
ْ
وية الناجحة لهذا الموضوع شخصيته وتَ َمي ُِّز نتائِ ِج ِه .انتبهت ُّ
النظُ ُم التّْرَب ّ ّ المالمح األساسية في ِ الطالِ ِب وت ْش ِ
كيل
الدقيق لرأس المال البشري من معلِّميها النظُِم إلى االختيار ّ ب هذه ُّ عت أغلَ ُ فس ْ
صوىَ . أهمية قُ ْاالستراتيجي و ْأولَتْهُ ّ
جامعاتِها على الصعيد لتدريبِ ِهم في أحسن ِ ص ْفوِة طُ ّالبِها .ثم وفّرت ك ّل المستلزمات ْ التعليمية من بين َ
ّ
لِكافّة المر ِ
اح ِل
ض ِم َنت لهم ُك ّل ُمقَ ِّومات الحياة الكريمة أثناء أداء واجباتهم وح ْزًما .ثُم َ ِ
األساليب تطَ ُّوًار َ النظري والتطبيقي ِوْفقَاً أل ِ
كثر ّ
أسباب
ُ االحتِرام .فكانت تِْل َك
جيل و ْ دير والتَّْب ِ كانةٌ اجتِماعية مرموقة َي ْحظو َن فيها ِّ
بكل التَّ ْق ِ ْ المهَنِّية ،فصارت لهم َم َ ِ
عاقبة من الشباب. يال متَ ِ ويم َّرر إلى ْ ٍ ِّ غف ّ ِِ ِ ِّبات ال ّش ِ
أج ُ المعلمين ُ َ ُ وس هؤالء َ الدائم بم ْه َنة التعليم الذي َي ْس ُك ُن ُنفُ َ وم َسب ُُ
تفاع ِل غي ِرِه وتُؤثُِّر ٍ
عامة تُمي ُِّز المعلِّ َم ٍ
إيجابا في ُ ً الخبير عن ْ َ خمس صفات ّ ُ عدد هاتي
الصددّ ، في هذا ّ
ث أ ّكد التالي: حي ُ
الد ْرسْ ، المتعلّمين أثناء حصة ّ
روسه ،فتراهُ يربِطُ ُك َّل ُم ْحتوى معرفي لتقديم ُد ِ
ِ ِ
األساليب قوأفضل الطُُّر ِ
ِ -للمعلِّم الخبير القُ ْدرة على تَ ْح ِ
ديد
ِِّ ِ ِ وي ْد ِم ُجها في ِ
يسعى إلى تحقيق ذلك بالحرص السابِقة للمتَعلمْ .
المعارف ّ جديد بالمواضيع المدروسة آنفًا ُ
البح ِث
يكون دائِ َم ْ
الل هذه العمليةُ ، طلُّعات ُمتعلِّميهِ .خ َ
المع ِرفي مع احتياجات وتَ َ على مالئمة هذا المحتوى ْ
ملموسا.
ً والتّقصي عن ِأدلّة تُْرِش ُدهُ إلى شريحة ُمتعلِّميه الذين لم يستوعبوا ً
جيدا أو لم ُي َحقِّقُوا تقَ ُّد ًما
داخ َل صفّ ِه ِسمتُهُ األمان والثِّقة .فسرعان ما ُي ْد ِر ُ ِّ توفير مناخ دافئ للتّعلُِّم ِِ -للمعلِّم الخبير القُ ْدرة على
ك ُمتَعلموهُ ُْ ُ َ
أساسي للتّعلُِّم.
ٌّ الخطَأَ َم ْسموٌحَ ،ب ْل هو سبي ٌل أن َ ّ
ِ
تشخيص حالة الطالب ٍ
كفاءة عالية في ِ
إظهار داوُم المعلم الخبي ُر على مراقبة عملية سير التعلُّم من خالل ُ -ي ِ
الراجعة البناءة ()Constructive Feedback ِ
بتوفير التّ ْغذية ّ االستيعابيةُ .يعالِ ُج ُم ْختَلف هذه الحاالت
كل ْفرٍد من طُالبه. والخاصة ب ِّ
جام ًدا ،بالتّالي ليس ِ
لديه ٌّ
شك اس ًخا بأ ّ الذكاء البشري قا ِب ٌل للتّطَ ُّو ِر وليس ِ ك المعلّم الخبير اعتقادا ر ِ -يمتَلِ ُ
ُ
الرعاية ِ أن جميع متعلِّميه ِ
يمَن ُحهُم ّ
حيث تراهُ ْ
غف األداءُ ، ِّدهُ َش ُ
اعتقاد ُي َجس ُ
ٌ جاح.
الن ِ معايير ّ قادرين على ُبلوِغ َ ُ ّ
يغمرهم بمستوى ٍ ِ ِ ِّ يترَّد ُد في رفع التّ ّ
عال من االحترام، ص ُعوباتهمُ ُ ْ ،تجاوِز ُوحمل ُمتعلميه على ُ حدي ْ عم ،وال َ الد َوّ
آسٌر بآداءه. ِ
ساع ُدهم على ِّ
تحدي يتعدى نتائج االمتحانات .فهو ي ِ ُ -يؤثُِّر المعلِّ ُم الخبير في متعلّميه على ِنطاق واسع ّ
ُ
اإلدراك المفاهيمي وتحسين ْتعددة أثناء النشاطات التّعليميةْ ، ات ُم ِّ ناء استراتيجي ٍ المخاطر أثناء التّعلُّم وبِ ِِ
ّ َ
ويَن ّمي كفاءة طوير االحترام ْ ِ العميق .على الصعيد الشخصي ،فهو ي ِ
ألنفُسهم ولآلخرين ُ ساع ُدهم على ت ْ ُ
اص ِل َ
بينهُم. التّو ُ
الد ْر ِ
س 3-5-2مر ِ
اح ُل تَ ْح ِ
ضير ّ
طا دقيقًا ألربع مراحل أساسية غير متتالِية أو متز ِ
امنة بالضرورة، يتطلب تحضير الدرس من ِقَب ِل المعلّم تخطي ً
ُ
ف ِ
المعار ُ ركائز للتخطيط يستند عليها المعلّم لتهيئة البيئة المعرفية داخل الصف فتكون
َ عددها هاتي ،وهي تُ ْعتََب ُر
ّ
11
الرْب ِط ،يكتشفها ويتفاعل معها المتعلّم بكافة حواسه .تعدد وسائط ِ
ومتناغ َمةَ َّ المعنى ِ
على شكل معلومات متناسقَةَ ْ
نظر لما أظهرته البحوث من أن التحصيل المعرفي ينمو كلما زاد عدد الحواس وقنوات استشعار المعلومات ُم ِه ٌّم ًا
التي يستخدمها الطالب أثناء عملية التعلم.
فيكون لدى المعلِّم فَ ْه ٌم دقيق السابق للمتَ َعلِّمين، اح ِل تحضير ّ -أو ُل مر ِ
ُ الدرس ت ْك ُم ُن في تشخيص التّ ْحصيل ّ ّ
ص ٍ
جازهُ من نشاطات أثْناءهُِ . ِ
الدرس وما ُي ْمكُنهم إِ ْن ُ لِمدى تغطية المتَعلّمين بِ َم ِ
عارِفهم السابقة َم ْوضو َ
يحر ُ ع ّ
ِ المرحلة أن َيتَعلّم األساليب التي ُيعالِ ُج بها المتَعلِّ ُمون ُم ْختَلَ َ
ف المعارف ،فَي ُش ُّد انت َ
باههُم المعلّم أثناء هذه ْ
تتبي ُن عندها للمعلِّم الصفات والتصرفات التي يأتي بها الطالب بينهُمّ .
قاش فيما َ للن ِ جيع ِه ِّ
الل ت ْش ِ
من ِخ ِ
هوض بها ،مثل ثِقة الطالب في أنفُ ِسهم ،وكفاءتهم الذاتية، الن ِ استيعابها و ُّ
ُ ب على المعلّم للصف والتي ِ
يج ُ
أشكال ال ِ
تقييم التّ ْكويني. ِ كشكل من ٍ اجعة واستراتيجيات التعلّم التي يستعملونها ،ومدى قُبوِلهم للتغذية الر ِ
ّ
عين في رْف ِع ِ حيث ُي ْبقي متَ َعلّميه ُم ِ علم المستَه َد ِ
بيئة من التّ ِ -يضع المعلِّم طالبه في ٍ
وم ْستَ ْمت َ
كين ُشار َ ف ُ ْ ْ َُ ُ َُ
ألهداف التعليمية، ِّح ا ِ ُِّ ِّ
َ نمي المعلم اإلدراك المفاهيمي لطالبه ،فَُي َوض ُ تحدي التّعلم .يكون ذلك ُم ْمكًنا حين ُي ّ
ض أن يتعلموا في حصة الدرس .كما ِ
ويسعى جاه ًدا إلى تطوير الفهم العميق لدى طالبه لما ُي ْفتََر ُ
لطالب
ُ ض ُح العالقة بين مختلف أنشطة الدرس وأهداف الحصة ،مع الحرص على معرفة ما إذا تََبيَّن ل ُي َو ِّ
تقييم مدى اقترابهم في انجازاتهم مي .كما ينمي قُ ُدرات طالبه على ِ تعلُّ ٍّ ٍ
معايير النجاح المرتبطة بكل نشاط َ
بيئة من المشاركة والثقة والتوقعات العالية. يتم كل ذلك في ٍ من معايير النجاح عند آخر كل نشاطُّ .
ِ
بوجوب اك ِه
ف المعلم على تحديد النسق المناسب للتقدم في نشاطات الدرس وذلك نابِع من إدر ِ
ٌ ُ -ي ْش ِر ُ
حدي مرتَبِطٌ باختيارات األنشطة التعليمية .لذا تبرز الحاجة لتطوير ٍ
فهم ِ
وجود مستوى ُمتَزايد من التّ ّ ُ ْ
رك لتحديد النسق المالئم للتقدم في الدرس. م ْشتَ ٍ
ُ
وحد حول التحديات األساسية التي يواجهونها كل ٍ
يوم ٍ -التعاو ُ بي المعلمي هو حجر األساس ٍ
لفهم ُم ّ َ َُ
المتعددة .فالنقد المتبادل خالل التفاعالت ِ ٍ ٍ ِ ِ
ّ م َّما يوص ُل الفريق إلى رؤية جماعّية من خالل النقاشات و ُ
فاعليةُ البحث عن األدلة حول تأثير ّ وير الممارسات التعليمية ممكنا كما ْتنمو ط َالتفاعالت ي ْج َع ُل ت ْ
ُ هذه
تعليمهم في استيعاب طُالبِ ِهم.
الد ْر ِ
س ِ 4-5-2ب َ
داي ُة ّ
درس والتيالح ْسبان عند بداية كل ٍ وجود ثالث عو ِ
ِ
يأخ ُذها المعلم في ُ ام َل مهمة ُ أشار هاتي إلى ضرورة َ
التفاعل ُِّ ِ
الداعم للتّعلم ،نسبة الفرق في ِ َّف ّمناخ الص ِّ ُّ ِ
ِّن من تدفُّق محتوى الدرس وتُساه ُم في تَ َعلم الطالب:
ُ ُ تُ َحس ُ
هوض بالتّعلُّم.ِ تفاع ِل الطُّالب فيما بينهم ُّ
للن اللّفظي بين المتعلّم والمعلّم ،ومدى استغالل ُ
تعلُّم طُالبه .يكون ذلك ف إلى تنمية َ يهِد ُ ِ ِّ
مناخا صفيًّا إيجابيًّا وداع ًما ًْ -يوفُِّر المعلم ،منذ بداية الدرس
اب في تدفق محتوى درسه تباك أو اضطر ٍ ألي ار ٍ
يع ِّ ٍ
تحديد سر ٍ ِ
ممكًنا إذا ما أظهَ َر المعلم قدرة على
ومعالجته بالشكل المناسب .تكون المعالجة مناسبة إذا ما توفر َج ٌّو من االهتمام واالحترام من ِقَب ِل
12
التحكم في تدفُّق محتوى الدرس .حينها ،تُْبنى فيهم ثِقَةٌ ُّ المعلم ،فيشعر متعلموه باألمان والقدرة على
عاد ٌلَ ،س ْه ُل التنب ُِّؤ بردود أ ْفعالِ ِه.
عالية بأن معلمهم ِ
أثناء الدرس .ولكن ،كيف يمكنه تحقيق هذه المفارقة ِِ كالمه وا ِِ يح ِرص المعلم على تَ ْق ِ
كثار إ ْنصاته َ ليل ْ -
تكون
ُ بحيث
ُ دوِرِه التقليدي؟ َي ْك ُمن السبيل لذلك في كيفية صياغة تعليماته، ض مع ْ التي تبدو في تناقُ ٍ
وتدعو لالندماج والمشاركة. تحديْ ،فيز لِ َرْفع ال ّ
تح ٌ عارفَة بين الطالب ،فيها ْ ُ ِ ٍ
ذات صلة بالم ْكتَسبات المتَ َ
حقيقي معهم ،وتثْمينه
ٍّ صهُ على متابعة ِحو ٍار ِ
ق ت ْفكيره ،ح ْر َ ظ ِه ُر لمتعلميه تو ُ
اض َعهُُ ،ع ْم َ إنصات المعلم ُي ْ
ُ
اص ِل.للمهارات العالية في التو ُ
أص ِع َد ٍة ثالث:
عال على ْ ّ -بين هاتي في أبحاثه العلمية أن تأثير دور األقران في التحصيل العلمي للطالب ٍ
ْ
دوٌر أساسي في توفير فَُر ِ
ص التواصل بي الطالب وبالتالي الراجعة .للمعلم ْ
اإلرشاد ،والتّ ْغذية ّ
المساعدةْ ،
التفاعل اإليجابي بينهم .فيحرص المعلم ،في مرحلة أولى ،على
تنمية إحساس االنتماء ،الصداقة ،و ُ
إكساب طالبه المعارف األساسية بما فيه الكفاية قبل أن يدمجهم في نقاشات منظمة بين بعضهم البعض.
الد ْر ِ
س أثناء ّ ِ ِ
المعارف َ 5-5-2تَ َدفُّ ُ
ق
غالبا ما يركز المعلمون على كيفية التعليم ويتغاضون عن كيفية تعلم الطالب .إذا كان المعلم راغبا في
إعانة الطالب على مواجهة صعوبات استيعاب المعارف ،فيجب أن يجعل آليات عملية التعلم "غير المدركة"
واضحة جلية للطالب .فيرشده إلى استكشاف كيفية التعلم من خالل استعمال مختلف االستراتيجيات.
هناك أربع طرق لتحليل كيفية تعلم الطالب ،ترتبط األولى بالقدرات الذهنية التي توجب استكشاف المعارف
انطالقا من المحسوس إلى المجرد ،أما الثانية فتتعلق بأطوار التفكير التحليلي الذي يبدأ من "السطح" حتى يصل
أعماق الفهم لألمور .ثم الثالثة حيث تأتي مراحل الدافعية للتعلم حيث يحرص المعلم على جعل طالبه يدركون
الفجوة بين ما يعرفونه مسبقا وبين المعارف التي سيتعلمونها .تليها مرحلة التخطيط الذي يضعونه للوصول إلى
األهداف التي أدركوها ،ثم مرحلة تطبيق استراتيجيات مختلفة لتقليص الفجوة بين التعلم السابق والحالي .في آخر
المطاف ،تكون لديهم القدرة على تقييم مدى تحقيق هدف تعلمهم .خالل هذا المسار يشخص المعلم مراحل كفاءة
طالبه بمعنى أنه يحدد -خالل تفاعله معهم -من منهم في مرحلة متأخرة من االستيعاب ،من منهم في مرحلة
القدرة على فهم المعلومات األساسية وعلى توفيرها عند الحاجة ،ومن منهم "الخبير" الذي أبدى قدرات على توفير
آليات فهم جعلته يتعلم بذاته في أغلب األحيان.
فعالة يتَّبِ ُعها المعلم لتفريق تَ ْعليماتِه عليهم حسب مستوياتهم
توزيع الطالب إلى مجموعات ،هي مقاربة ّ
المختلفة .يراعي المعلم في توزيع متعلميه مراحل تطور استيعابهم بحيث تحتوي المجموعة الواحدة على قدرات
ذهنية مختلفة مما يسمح بالتعاون المثمر بين أفرادها من خالل تفاعلهم مع بعضهم البعض.
13
الد ْر ِ
س هاي ُة ّ ِ
6-5-2ن َ
ام ِل نجاح الدرس عن ممارسات المعلم في نهاية الحصة من نوه هاتي بضرورة أال يغيب تشخيص عو ِ
ُ ُي ِّ ُ
تعلُّ ِمهم ،مدى بعدهم عن معايير النجاح في استيعاب المعارف المستكشفة، خالل تقييمه لمدى تقدم طالبه في َ
مدى حاجتهم إلى مزيد من التغذية الراجعة ( )Feedbackلتقليص بعدهم عن حد االستيعاب المنشود .فََي ْش ُع ُر
ون" للتّعلم ولم يكونوا َم ْجبورون عليه.
"مدع ُّو َ
ُ الطالب خالل الحصة َّأنهم كانوا
َح ِ
داث ير َم ِ
سار األ ْ 7-5-2المعلِّم ِ
القاد ُر على تَ ْغ ِي ِ ُ
ليم والتَّ َعلُِّم
وجد هاتي خالل دراسته الميدانية إطارات ذهنية كامنة وراء تشكيل تصورات المعلمين حول التَّع ِ
ْ
ٍ
بسلوكيات َّد فبوبها إلى ثمانية أبواب عبر من خاللها على مع ٍ
تقدات تتجس ُ االَّ .فع ً لِيكون التّأْثير على ُّ
ُْ ّ تعلم المتَعلّمين ّ َ َ َ
ميدانية تُمي ُِّز المعلم القادر على تغيير مسار األحداث عن غيره.
تقييم مدى تأثير تعليمهم على تَ َعلُّم طالبهم، اإلطار الذهني :1يعتقد المعلمون أن مهمتهم األساسية هي ُ
عما قاموا به هم كمربين أو أساسا ّ
ً اإلطار الذهني :2يعتقد المعلمون أن النجاح واإلخفاق في تعلُّم طالبهم ناتِ ٌج
يتحم ُل مسؤولية النهوض بتعلُّم طُ ّالبه عام َل ٍ عما لم يقوموا به .بالتالي يرى المعلم نفسه ِ
تغيير ّ ّ
وضب ِط التّوقُّعات العالية لهم،
ْ
وضا عن التعليم، ُّ ِ اإلطار الذهني :3يعتقد المعلمون أن عليهم التَّ َح ُّد َ
ث أكثر عن التّعلم ع ً
اإلطار الذهني :4يرى المعلمون التقييم كتغذية راجعة لمدى تأثيرهم في تعلُِّم طالبهم،
وليس فقط أُحاديَّة الجانب (هيمنة أحاديث صتين) ْ ِ ٍ ِ
(كم ْن َ اإلطار الذهني :2يندم ُج المعلمون في حوارات ثُنائية ُ
المعلم)،
ورْف ِعها،
بمواجهة التحديات َ
ِ
اإلطار الذهني َ :6ي ْستَ ْمتعُ المعلمون ُ
داخ َل الصفوف وداخل المؤسسة هو صميم دوِرِهم، عالقات إيجابية ِ
ٍ تطوير أن ِ
َ اإلطار الذهني :7يعتق ُد المعلمون ّ
بحيث ي ِ طلِعُ المعلمون
جونهم معهم في التجربة. دم َ ُ ميةاألمور على مسار العملية التعلُّ ّ ِ أولياء
َ اإلطار الذهني ُ :8ي ْ
أهم ما يدعو إليه هاتي في ممارسات المعلم والمتعلم داخل الصف هو أن يكون التعليم (إجراءات المعلم) ُّ
طرف المعلّم .فكلما أصبح المتعلم أشبه ِ طرف المتعلّم ،وأن يكون التعلّم (تفاعل المتعلم) ُم ْد َر ٌك م ِ ُم ْد َر ٌك م
نجاحا ُّ
وتمي ًزا. ً بصفات المعلم ،وأصبح المعلم أشبه بصفات المتعلم ،كلما كانت المخرجات أكثر
14
تشخيص مخرجات النظم التعليمية العربية على ضوء التقييمات الدولية 3
بحكم تخصص وعمل الباحثين ،تم اختيار ثالثة دول كمثال عملي لقياس مدى تأثير جودة نظم التعليم
على التقدم االقتصادي ،وهي دول مصر وتونس والكويت ،وهي دول تمثل مناطقها الجغرافية إلى حد بعيد.
مصر بحجمها السكاني الهائل ،وتاريخها "التربوي" العريق ،والذي لألسف عانى من تردي كبير خالل
السنوات األخيرة ،أصبح الصمت عنه جريمة في حق األجيال القادمة ،وتونس والتي تعاني ،رغم تقدمها النسبي
عن مصر ،من عدم استقرار سياسي واقتصادي ،ساهم في أال يأخذ منحنى جودة نظم التعليم بها المنحى المنشود،
في حين مثلت الكويت منطقة الخليج الغنية ،والتي يعتقد الباحثون مساهمة المداخيل االقتصادية الكبيرة في رفع
مستوى نظم التعليم ،وهو أمر اكتشفنا عدم صحته.
وسنعرض في الجزء التالي ألوضاع الدول الثالث ،مع أمثلة لدول أخرى ،على التقييمات الدولية المعروفة
التي تقيس كفاءة نظم التعليم.
حسب مؤشرات ركائز التقرير االثني عشر بواسطة مؤشرات ثانوية لكل ركيزةَ .يبلُغُ عدد المؤشرات تُ َ
بمس ٍح ِلق َيِم هذه المؤشرات في فترة
الثانوية 002مؤشر .في محاولة منا لفهم العالقة بين التنافسية والتعليم ،قُ ْمنا َ
فن َح ِّدد المؤشرات التي جعلت الكثير من الدول اإلقليمية صنفَها حسب قيم معدالتها ُ السنوات الخمس ،محاولين أن ُن َ
األقل رخاء تتفوق على دولة الكويت في مراحل نمو اقتصاداتها ،فكان لنا الجدول ( .)0كل الدول الخليجية ولبنان
واألردن تَفَوقت ،في مؤشرات الجودة في التعليم ،على دولة الكويت .فعلى سبيل المثال نجد أن االقتصاد اللبناني،
المصنف خالل السنوات الخمس 010.5على مؤشر التنافسية ،قد عبر الى مرحلة انتقالية تكاد توصله إلى
المرحلة الثالثة ،مرحلة الجودة واالبتكار في سنة .7102التعليم إ ًذا هو أحد أهم أسباب تدني مرحلة نمو االقتصاد
الكويتي ،ذلك القطاع االستراتيجي الذي يغذي باقي قطاعات الدولة بالموارد البشرية ذات الكفاءة العالية والتي
تكون قادرة على األداء المتميز ،المجدد والمبتكر.
نالحظ أن متوسط قيمة مؤشر "جودة النظام التعليمي" وضع كال من مصر والكويت في الثلث األخير
يجدر باإلشارة أن النظام التعليمي بلبنان
ُ للدول األقل جودة في نظم تعليمها خالل الخمس سنوات األخيرة .كما
يمتلك أعلى جودة في تعليم الرياضيات والعلوم على صعيد الدول العربية ،تليه قطر وتونس.
ف خبراء االقتصاد قطاع التعليم على أنه "مخزن الطاقات والكفاءات البشرية" ،فهو يساهم بشكل فعال
ُي َعِّر ُ
في كفاءة أداء القوى العاملة مما ينهض باقتصاديات الدول إلى مستويات أعلى .فقد أكدت التقارير الصادرة عن
المنتدى االقتصادي العالمي أن النظم التعليمية للدول تؤثر في إنتاجها االقتصادي عبر ثالث قنوات:
16
-رفع القدرة الجماعية للقوى العاملة في القيام بمهامها بأكثر كفاءة وأقل وقت،
-يسهل عبر التعليم الثانوي والعالي ،نقل المعرفة المتعلقة بالتكنولوجيا والمنتجات الجديدة المبتكرة من
أطراف أخرى،
-وأخيرا ،من خالل تشجيع اإلبداع تنطلق قدرات اقتصاد الدولة على التجديد وعلى صياغة معارف
جديدة ومنتجات متطورة وتكنولوجيا مبدعة.
القارات ،منها ستة دول عربية وهي اإلماراتشارك في هذا البرنامج سنة 7102سبعون دولة من كافة ّ
القارة اإلفريقية) ،األردن ،قطر ،لبنان والجزائر .تُ ْجرى التقييمات على
العربية المتّحدة ،تونس (الدولة الوحيدة من ّ
الدول المشاركة وهم عينة تمثل عددا إجماليًّا يناهز 78مليون طالب تدور أعمارهم
201,111طالب من جميع ّ
17
ف الخبراء القائمون على هذا البرنامج نتائج الطالب في هذه التقييمات إلى ستّة مستويات ُمرتّبة حول 02سنةِّ .
يصن ُ
الحد األدنى لِمستوى من المهارات
العلوم .المستوى 7يعكس ّ الرياضيات ،القراءة و ُ
المج َّمعة في ّ
ِ
تصاعديًّا حسب النقاط َ
ُ
مثمر في الحياة االقتصادية .المستويان 2و 6يعكسان مهارات التي تُ َم ِّكن الطُّالب من المشاركة بفعالية وبشكل ٍ
يجمعُ الجدول ( )7بعض المعطيات حول مو االقتصادي والتنمية االجتماعيةِّ . عالية ،ضرورية لالبتكار وتعزيز ُّ
الن ِّ
النتائج لطالب الدول العربية هي
أن أحسن ّنتائج طُالب الدول العربية المشاركة في تقييمات .7102نالحظ هنا ّ
لإلمارات العربية المتحدة* ،وقد ُرتِّبت 26من بين 21دولة ُمشاركة ،تليها قطر بترتيب ،26ثم األردن بترتيب 60
أن
ثم لبنان بترتيب 62ثم تونس بترتيب 66وأخي ار الجزائر بترتيب .65كما نستنتج من معطيات الجدول (ّ )7
المهارات المكتسبة في نهاية التعليم اإللزامي ألكثر من نصف طالب لبنان وتونس والجزائر ال ترقى بهم إلى المشاركة
بفعالية في الحياة االقتصادية لبلدانهم .بينما االبتكار والتجديد لتعزيز النمو االقتصادي هي مهارات أثبت أقل من
%0من طالب تونس واألردن امتالكها %7.2 .من طالب لبنان و %2.2من طالب قطر و %2.8من طالب
يخص مؤشر التغيير السنوي لنتائج الطالب ،فنالحظ أعلى مؤشر للتقدم المطّرد
ّ اإلمارات لديهم هذه القدرات .فيما
تفوقت قطرلمستوى الطالب حققته قطر عبر مختلف تقييمات هذا البرنامج خالل سنوات مشاركتها .فبهذا النسق ّ
على األردن وتونس في برنامج 7102كما كان متوقعا في تقرير .7107تأخرت مهارات القراءة لدى الطالب
التونسيين بمقدار نصف سنة أكاديمية مقارنة بمهاراتهم في تقييمات .7107فيما يخص الفرق الملحوظ بين مستوى
مهارات طالب اإلمارات وغيرهم من طالب الدول العربية ،فإنه يجدر بالذكر أن مستواهم فاق ُنظرائهم من تونس
ولبنان بسنة تكوين أكاديمي وسنة ونصف بالنسبة لنظرائهم من الجزائر وذلك في الرياضيات والقراءة والعلوم.
يصف التقرير التحليلي لنتائج الدراسة الكثير من المقارنات بين مميزات أنجح النظم التعليمية وكيفية تأثير
النظم .فمن بين هذه المتغيرات نرصدمتنوعة ،من خالل مؤشراتها ،على مفاهيم تربوية تميزت بها هذه ّ متغيرات ّ
تأثير االندماج والدافعية والثقة بالنفس على استعداد الطالب للتعلم .يؤكد التقرير أن تغذية أولياء األمور للطموحات
العالية لصالح أبنائهم لها وقع إيجابي على الدافعية الذاتية للطالب ،إذ أنها تحثهم على تعلم الرياضيات فتزيد ثقتهم
تتحول إلى قلق يطغى عليهفي أنفسهم وتتنامى قدرتهم على ح ّل المسائل الرياضية .فقد تبين أن قلّة الثقة بالنفس ّ
الدراسة والتّغيب تؤثِّر سلبا على األداء
خوف من مادة الرياضيات .كذلك قلة الدقّة في مواعيد الحضور لصفوف ّ
اسية كاملة). ص ٍ ِ ِّ
ص كاملة أو أيام در ّ تغيبوا على ح َ
طالب األردن أ ّكدوا أنهم ّ
الطالب (أكثر من نصف ّ
الدراسي ونتائج ّ
بالطالب جيدة كلّما اندمج هؤالء بسهولة في ِ
وسط ِهم الدراسي وساهموا المدرسين
ّ من ناحية أخرى ،كلّما كانت عالقة ّ
يتحمل مسؤوليته
أكثر في الحياة المدرسية .االستماع لرأي الطالب واعتماد نهج المشاركة وتشجيع االستقاللية لديه كي ّ
الفعال الذي يوطّد العالقة الناجحة ذات التأثير اإليجابي .
في عملية التّعلم هي من أهم مميزات التّواصل ّ
الم ْح َوري للمدرسين في رفع مستوى مهارات الطالب فإن التّقرير يوصي بتكليف أنجعالدور ِ
يخص ّ فيما
ّ
الدافعية للتّعلّم .وهذه المدرسين وأكفأهم بم ِه َّمة تدريس الصفوف األكثر ِّ
تحدًيا من ناحية التّحصيل العلمي وضعف ّ
*
يجب األخذ في االعتبار أن اإلمارات العربية المتحدة وقطر دولتان بهما عدد كبير من الوافدين األجانب ،وهو ما يجعل المجتمع السكاني للطلبة عرضه
للتأثر بالمستوى الثقافي واالجتماعي واالقتصادي لذويهم وليس للبيئة التي يعيشون فيها بالكامل.
18
الرفع من فعالية آداء مهمة ليست بالسهلة ،وال يمكن أن ُيترك المدرس بمفرده في مواجهته لهذا الوضع .ففي إطار ّ ّ
الدولية،
المدرسين وتوفير ظروف دراسية مالئمة للطالب تأخذ بعين االعتبار توصيات مختلف تقارير التقييمات ّ ّ
يمية التَّ َعلُّ ِمّية. ِ
الدقيق واالستكشاف العقالني لألداء العام في العملية التَّ ْعل ّ
تمت صياغة آليات للتشخيص ّ ّ
19
نالحظ أن 22من طالب البحرين
84%
2015
75%
داخل تصنيف المستويات األربع ،بما يعني أن
73% اإلمارات العربية المتحدة
62% قطر %72كان أقل من ضعيف ،في حين كانت %72
63%
البحري
46% باإلمارات و %22في قطر ،وهي نسب أضعف
من المستوى الدولي ولكنها بالتأكيد أفضل من
39%
36% 26%
20% الكويت وتونس ومصر.
14%
5%
12% 5% أما في مادة العلوم ،يظهر شكل 2
2% 3%
الضعيفة ()400 المتوسطة ()475 العالية ()550 المتقدمة ()625 (مقارنة لطالب مصر وتونس والكويت) مع
نسبة الطالب ذوي النتائج
شكل ( :)2توزيع نسب طالب الصف الثام حسب نتائجهم في الرياضيات
المتوسط الدولي لتوزيع نسب طالب الصف
الثامن حسب مؤهالتهم الذهنية في مادة العلوم
حسب نفس التقييم ، TIMSS7102فنالحظ أن
84%
2015
72%
تونس
64%
مصر
82من الطالب لديهم مستوى ضعيف فما
أكثر يعني موزعين بين األربع مستويات ،ويبقى
55%
الكويت
73% 64%
قطر
مصر و 22من طالب الكويت لم يرق مستوى
البحري
53% مؤهالتهم في الرياضيات إلى تصنيف "ضعيف"،
46%
49% حسب تقييمات تيمز 7102للعلوم ،في حين
29%
22%
26% كان مستوى تونس أفضل ،حيث كان %78من
21% 7%
7% طالبها تحت مستوى ضعيف ،و %7من طالبها
6%6%
ذوو مستوى متقدم ومهارات عالية ،هذه النسبة
الضعيفة ()400 المتوسطة ()475 العالية ()550 المتقدمة ()625
نسبة الطالب ذوي النتائج صفر في كل من مصر والكويت.
شكل ( :)4توزيع نسب طالب الصف الثام حسب نتائجهم في العلوم
اختلف الوضع كثي ار مع اإلمارات وقطر
والبحرين شكل ،2فهما أقرب كثي ار إلى المتوسط الدولي ،اإلمارات تساوت نسبة طالبها المتميزين %2مع المعدل
الدولي ،في حين كانت النسبة %6في كل من قطر والبحرين ،ومنحنيات الدول الثالث تقريبا على نفس المستوى.
20
نظام للتشخيص الدقيق والتقييم الذكي لفعالية التعليم داخل الصفوف 4
الدراسي مجا ٌل بحثِ ٌّي ناشئ معني بتطوير أساليب ذكية الستخراج المعارف
استكشاف البيانات في الوسط ِّ
ميز ِ
ات وفهم أفضل لم ِّ ٍ
تحديد ٍ من أنواع مختلفة من البيانات في السياق األكاديمي .يهدف استخدام هذه األساليب إلى
ِ
وتفاصيل السِّياق الذي تَقُوم فيه العملية التّعليمية .تؤكد ليندا دارلينغ هاموند ،18أن المدرسين ممارسات التّعلُِّم والتَّع ِ
ليم ْ
هم بال شك ،نقطة ارتكاز لها أكبر األثر على أي سياسة تعليمية ِم َّما ُي َؤِّدي بها نحو النجاح أو الفشل .ومن هنا
أن
تأتي أهمية إعداد ودعم وتطوير الخبرة المهنية للمدرسين ليصبح التدريس والتعلم أكثر نجاعة .من المعلوم ّ
أساسا على نشاطات التدريب الناجع الذي يرتكز على أهمية التشخيص والمالحظة الواضحة
الوصول للفعالية يعتمد ً
داخل السياق التعليمي .المالحظة ال يمكن أن تعكس واقع السياق بإخالص إالّ إذا استعان خبراء الميدان بأداة
تدعم المالحظة المجردة والقياس الناجع.
1-4تحويل التسلسل الهرمي للمفاهيم المعرفية إلى تكنولوجيا المنطق الضبابي FUZZY LOGIC
الكمي للمفاهيم المعرفية من خالل التّساؤل َت أعما ُل البحث لصياغة منظومة التّقييم اإلحصائي و ِّ بدأ ِ
ف من هذا التَّساؤل هو أن يتِ َّم األح ِ
داث؟ ...كان الهَ َد ُ مسار ِْ ير س أن يكون ِ
قاد ًار على تغيِ ِ َ التّالي :كيف ُي ْم ِك ُن َ
للمدِّر ِ
إيجابا على استيعاب الطّالِ ِب للمعرفة
أثير ً المدر َس من التّ ِ
مك ُن ِّ تحديد معايير الممارسات ِ
المهنية والبيداغوجية* التي تُ ِّ
َ
ٍ
تغيير وبالتّالي إحداث
ي في ُم َؤ ّهالته .بدأ
جذر ٍّ
ا يا ا املن ية ا لت ا امل ل ا تق لية ال ال اج ِع علومالبحث في مر ِ
امل ر ا امل ر ا امل ر ا لف فُ ِ
روعها التّربية بمختَ ِ
ا عة ا ية ة ت ا ت ا ا ا المع ِرفي
حول هذا المفهوم ْ َ
والذي ُي َمثِّ ُل إحدى ِّ
أهم
نظام تعليميٍ أي
غايات ِّ
الباحث َّن
ناجح .بي َ
ا ت ي سا ا امل البلجيكي مارسيل لوبران
في نتائج أعمالِ ِه َّ
أن
امل ر ا
جية التي ِ
ا اي ا الخيارات المنهَ ّ
المدرس ومدى ِّ ُيقَِّرُرها
شكل ( :)5ترابط مخرجات المفاهيم التربوية في المستوى الرابع بمدخالت مفهوم المستوى الخامس التزامه ِ
المهَني وحرصه
مدخال يتح ّك ُم في قدرته على تغيير مسار األحداث في فصله ،كما هو مبين في ً على دعم استقاللية طُ ّالبِ ِه تُمثِّ ُل
ِ
المباشرة للمالحظة
الشكل .2أصبحت ،إذا ،المتغيرات التي تتحكم في هذه القدرة واضحة ،ولكنها غير قابلة ُ
18
Hammond, 2000.
*
البيداغوجية :مصطلح تربوي من أصل يوناني ،نقصد به اختصا ار طريقة قيادة األطفال.
21
الكمي ،فهي كذلك مفاهيم معرفية وجب البحث عنها في مراجع علوم التربية لالطالع على المزيد من وللقياس ّ
فإن أعمال الباحث األمريكي جون مارشال ريف الروابط البيداغوجية .لو بدأنا بالمفهوم :دعم استقاللية الطالبّ ،
ويدع ُم دافعية طُ ّالبِ ِه
شجعُ َ تغِذية راجعة َّبناءةُ ،ي ِّ
مارس ْ معارِفهمُ ،ي ِ الداعم الستقاللية طُ َّالبِ ِه في بِ ِ
ناء ِ المدرس ّّبينت أن ّ
ك لهم أوقاتا كافية السالب ،ويتُْر ُ ُّل ِصب ار في تَقَب ِ
طالبه ّ اع ّانط َب َ إرشادية في محادثاته معهم ،كما ُي ْبدي ْ ً ّ مال لُغة
ُمستَ ْع ً
الحصة لُِيرسِّخوا تعلُّمهم بأنفُ ِسهم ٌّ
كل أثناء
ََ ّ َ
يجسد
أن الشكل ّ 6 حسب قُ ُدراته .نالحظ ّ
ة الت ا ية ال
ولكنه ال ُي ّبين المتَ ِّ
غيرين هذه المداخل ّ
لةا ا ة األخيرين" :يتقبل االنطباع السالب"
امل ر ا
و"يترك أوقاتا لترسيخ التّعلّم" .ف ُك ٌّل منهما
ا ية ا ية ل ا ية قابل للمالحظة المباشرة أثناء الممارسة
المهنية للمدرس ٌّ
وكل منهما قابل للقياس.
ت ية ا عة كيفي على ُسلَِّم ٍ
بشكل ٍّ َّم
السلوك األول ُيقي ُ
امل ر ا ليكرت* والثاني ُيقَ َّد ُر بقياس المدة الزمنية
مرة .لهذا السبب َّ
نا ا ية عي ة
التي يستغرقها كل ّ
ضعا في شبكة الممارسات والسلوك وِ
ُ
ال افعية وس ِّميت الشبكة التّفاعلية
القابل للقياس ُ
امل ر ا شرُح في الفقرة التالية .كماألسباب تُ َ
ا ا ا أن المفاهيم
نالحظ على الشكل ّ 6
المعرفية التي تش ّكل ِ
مداخل لمفهوم "دعم
ا تق لية ال ال صِّنفَت إلى استقاللية الطالب" قد ُ
امل ر ا ًّ
هرميا. مستويات مختلِفة لِتُ َك ِّو َن تَ َسْل ُس ًال
ا ا ا فبعد البحث في ِّ
فية
كل المفاهيم المعر ّ
شكل ( :)6ترابط مخرجات بعض المفاهيم التربوية م مستويات مختلفة أوصلت إلى اإلجابة الكاملة على َ التي
ف ِذ ْك ُرهُُ ،بنِ َي التَّرُابطُ بينها
ال اآلنِ ِ
السؤ ِ
ُّ
ٍ وضعُ ُك ُّل ِ
مفهوم معرفي في المستوى الذي يلي أعلى مستوى ألحد مداخله من على األساس المنطقي التَّاليُ :ي َ
كل مداخل المفهوم "لغة المحادثة" هي ممارسات وسلوكيات قابلة المفاهيم المعرفية األخرى .فعلى سبيل المثالُّ :
أما المفهوم ِ
األولّ .
للمالحظة والقياس يعني ّأنها تنتمي إلى الشبكة التّفاعلية لذلك ُوض َع هذا المفهوم في المستوى ّ
ض َع في المستوى 2ألن أعلى مستوى ألحد مداخله هو المستوى 2للمفهوم "دعم "دعم استقاللية الطالب" فو ِ
ُ
فتكون نظام هرمي
تم البحث واالستقصاء عن جميع المفاهيم المعرفية المترابطةّ ،
الدافعية" .باتباع نفس المنهجية َّ
*
مقياس ليكرت :أسلوب لقياس السلوكيات والتفضيالت يستعمل في االختبارات النفسية ،استنبطه عالم النفس ريسنس ليكرت.
22
مفهوم معرفي منها ُيمثّل وحدة لديها مداخل متكونة ٍ ذو خمس مستويات يحتوي على 22مفهوم معرفي مترابطُّ .
كل
ِّمها .تُ َح َّد ُد ِق َي ُم المخرجات حسب
من مفاهيم أخرى أو ممارسات أو سلوكيات تؤثر عليها ولديها كذلك مخرجات تُقَي ُ
القواعد البيداغوجية التي تربط المداخل .ما سبق هو وصف ينطبق على أي وحدة معالجة بيانات في علوم
الحاسب .لذلك كانت الفكرة أن تُ َح َّو َل هذه المفاهيم المعرفية إلى وحدات حوسبية وأن تُعالَ َج القواعد التي تربط بين
المستمدة من الذكاء
ّ مداخلها بأسلوب يقرب إلى أساليب الذكاء البشري .أقرب التقنيات التي تتميز بهذه األساليب و
االصطناعي وهي تكنولوجيا المنطق الضبابي (.)Fuzzy Logic
25
يتِ ُّم استخراج أسباب ضعف األداء
من خالل اتباع نتائج التقييمات
الكمية ِلمداخل هذه المفاهيم خالل
الوصول إلى
سلسل الهرمي حتّى ُ
التّ ُ
يعني َّأنهُ َّ
تم َّ
الشبكة التَّفاعليةْ :
استكشاف وتحديد الممارسات
القابلة للمالحظة والقياس والتي
كانت سببا مباش ار في ضعف تفعيل
المفاهيم المعرفية أثناء الحصة.
الشكل :9مخرجات النظام الذكي :تقييم المفاهيم التربوية بشكل كمي
هكذا تَ ْسهُي ُل بناء ُخطط التنمية
المهنية من خالل المحادثات مع ذوي الخبرة الفاعلين في الميدان ومن خالل ِ
الحصص التدريبية.
توصيات للنهوض بمستوى ُمخرجات النظام التعليمي بدول الكويت ،مصر وتونس 5
أعطت الحكومات المتعاقبة في دولة الكويت أهمية كبرى لقطاع التعليم ،إذ أنها رفعت من مستوى اإلنفاق
تخفيض ٍ
الفت في نسبة األمية ٍ عليه ونجحت في زيادة نسب اإللحاق في مختلف مراحله ،بالتالي تمكنت من تحقيق
بين المواطنين .ولكن ،رغم مستوى اإلنفاق العالي على أجور الموظفين المنتسبين إلى قطاع التعليم ،واالنخفاض
الجيد في نسب األمية في دولة الكويت ،فإن مخرجاته بقيت على حالِها ،متواضعة ،كما تبينه تقارير التنافسية العالمية
ومختلف التقييمات الدولية لمستويات طالب الكويت .لذلك فإن تحسين مستوى مخرجات المنظومة التعليمية يحتُّم
نامجا إصالحيًّا يسعى إلى تحقيق ،على األقل ،االرتقاء بجودة أداء المنظومة التعليمية ،ترشيد توزيع اإلنفاق على
بر ً
مكونات المنظومة التعليمية.
في حين تعاني تونس من مشكالت تنظيمية ،فهناك عدم استقرار امتد لسنوات تأثر به قطاع التعليم ،إضافة
لمشكالت تمويلية ،ومشكالت في تكوين المعلمين ،وهذا السبب األخير أثر كثي ار في جودة العملية التعليمية.
أما مصر فالمشكالت أكبر بكثير ،تعاني مصر من مشكالت كبيرة في تمويل التعليم ،ارتفاع مستويات
التسرب نتيجة للفقر الذي يجبر األسر على إخراج أبناءها لسوق العمل ،ارتفاع كبير في كثافة الفصول الدراسية جعل
من مجرد عمل المعلم صعب فما بالك بتجويد هذا العمل ،انخفاض المقابل المادي لعمل المعلم ،وهو ما أدى لتفشي
تعليم بديل يلجأ إليه المعلمون لرفع مستواهم االقتصادي ،تدني مستوى الطالب الملتحقون بكليات التربية نتيجة تدني
نظرة المجتمع ،فليس أفضل الطالب هم من يلتحقون بها.
رغم االختالف الكبير في مشكالت الدول الثالث ،إال أنها تتشارك في انخفاض مستوى التعليم والتعلم داخل
الفصول الدراسية ،من السهل كثي اًر تطبيق هذا االسلوب في الكويت (المدارس الحكومية) ،وبصورة ما في تونس ،لكن
في مصر األمر يختلف ،فال يمكن تطبيق هذا األسلوب لتقييم عملية التعليم والتعلم في المدارس الحكومية (بوضعها
26
الحالي) ،قد يكون األمر أسهل في مدارس التعليم الخاص ،أو مدارس المنظمات التي ال تهدف للربح ،وهي مدارس
ال تعاني من مشكالت زيادة كثافة الفصول بشكل يجعل من تطبيق هذا األسلوب مستحيال.
يحتاج األمر لـ "ثورة" من أجل رفع كفاءة النظم التعليمية في الدول الثالث ،ورفع جودة مخرجات العملية
التعليمية ،ورفع مستوى أهم مكوناتها "المعلم" ،وهذا ال يتأتى إال بإجراءات جريئة ومدروسة ،منها:
oرفع مستوى االنتقائية في االختبارات الوطنية لقبول أحسن الطالب للدراسة بكليات التربية ،فال يجب
بأي حال من األحوال أن ينخفض مستوى التميز لهؤالء الطالب عن أول %25من الطالب الناجحين
في امتحان الثانوية العامة،
oاالهتمام بمستوى معلمي الرياضيات والعلوم بصفة خاصة ،وزيادة تدريبهم واطالعهم على تجارب دول
متميزة في هذا المجال ،مثل فنلندا وسنغافورة.
oوضع برنامج للتدريب المتواصل خالل العام لكافة المعلمين 011 ،ساعة على األقل ،بما يسمح بتطوير
أداء المعلمين ،خاصة معلمي المرحلة االبتدائية.
oإشراك القطاع الخاص في إدارة بعض المدارس الحكومية ،ودعم استقاللية البعض اآلخر بإعطائها
صالحيات تدعم تسييرها الذاتي.
oاالشتراك في كافة التقييمات الدولية التي تقيس مستوى كفاءة وجودة العملية التعليمية ومخرجاتها ،وذلك
من أجل تطوير األداء المستقبلي.
27
الخالصة 6
ص ُل إِلَ ْيهاالَّتي َن ِ فالحقائِ ُ ِ ِ ِ ِ
ق ضاَ . كان ف ْع ًال َع ْقليًّاّ ،إال أَنَّهُ ف ْع ٌل روح ٌّي ْأي ً
من األقاويل المأثورة" :الفَ ْه ُم وِا ْن َ
اك َر ْو َع ِة
ع ْ إِ ْدر ِ
َ
بارَدة ،أو َنظ ُّل َن ْح ُ ِ
قاصري َ ْ ق ِ ف تَظَ ُّل َحقائِ َ ياضيات ،إِن لَم َنستَ ْش ِعرها بِأَرو ِ
احنا فَ َس ْو َ ْ ْ ْ ْ ْ
ِ
الر ّ المن ِط ِ
ق وبِ ّ بِ ْ
اكنا لَها".19إِ ْدر ِ
تعاني منطقتنا العربية من تدهور على كافة األصعدة ،خاصة في الدول ذات التاريخ التربوي العريق ،كمصر
وتونس وسوريا والعراق ،قد يكون األمر راجعاً ألسباب اقتصادية أو سياسية ،ولكننا نتبنى وجهة النظر التي تأكد أن
تدهور نظم التعليم هو سبب التدهور االقتصادي والسياسي.
ورغم اختالف األوضاع في دول الخليج ،فهي دول تتمتع بعائدات تسمح لها بإحداث تطوير شامل في
منظوماتها التعليمية ،ورغم أنها "ظاهريا" حققت الكثير وتحتل مراتب جيدة على مستوى التقييمات الدولية ،خاصة
قطر واإلمارات والبحرين ،إال أن لنا تحفظ أساسي على هذا األمر ،فهذه الدول ذات مجتمعين سكانيين منفصلين،
يمكن التحكم في كافة مؤشرات القياس بالتحكم في مستوى الوافدين الذين تستقطبهم للعمل ،فال يمكن أن نقول ،في
حالة مثل دولة اإلمارات أن مؤشرات أقل من مليون مواطن إماراتي تتحكم في مؤشرات مجتمع يزيد عن ثمانية ماليين
نسمة؟ لذلك فمؤشرات قطر واإلمارات يمكن أن "توجه" بالتحكم في "جودة" المجتمعات الوافدة ،وهذا بالمناسبة ما ظلم
– نسبياً -دولة مثل الكويت ( %6.7فقط من قوة العمل غير الكويتية تحمل مؤهالت عليا).
األوضاع في مصر – بصفة خاصة – تعاني من تدهور قطاعي التعليم واالقتصاد ،وبالتالي ،إذا أرادت
الدولة أن تحقق "تنمية مستدامة" ،فيجب أن تأسس لسياسات إصالحية تجعل نظامها التعليمي يحقق تدريجيا مستويات
مقبولة من الكفاءة في األداء ،وبالتالي في المخرجات .واقع الحال في مصر يؤشر إلى تدني مخرجات التعليم الذي
لم يقتصر على القطاع الحكومي فقط ،بل أصاب التعليم الخاص ،رغم تميزه النسبي ،وذلك بسبب ضعف مستويات
جودة األداء لمنتسبي وخريجي كليات التربية .لذلك نلفت نظر أصحاب القرار وواضعي السياسات التعليمية بأن
تج َمعها ،وهي التركيز الشديد على تطوير األداء التعليمي للمعلمين ،لما ٍ
سياسة ْ افق في
األنظمة التعليمية الناجحة تتو ُ
تحصيل الطالب وانجا ازتهم .لذلك جمعتهم إجراءات مماثلة لتنفيذ هذه السياسة، قوي وم ٍ
باشر على ْ لديه من ٍ
تأثير ٍّ
نستعرض ثالثة منها بالتفصيل ،وهي:
صبحوا معلمين،
-انتقاء األشخاص المناسبين ُلي ْ
فعالة،
-تطوير الممارسات التعليمية بأساليب ّ
جميعا من االستفادة من األداء التعليمي الجيد. -ووضع أنظمة تُ ِّ
مك ُن الطالب
ً
ب إطا ار تأسيسيا يحتوي على تقييماتوبطبيعة الحال ،تعي الحكومات المعنية بأن هذه اإلجراءات تتطلّ ُ
وفق معايير صارمة ،توقعات واضحة ،وآليات دعم متباينة للمعلمين والطالب مع تسهيالت في الموارد األساسية.
مراجع بالعربية1-7
،" التحديات والتوصيات السياسية: تقرير "نظام اإلصالحي في دول مجلس التعاون الخليجي، أسماء الفضالة.0
.7102 ،مؤتمر القمة واالبتكار في التعليم
. الجزء االول، المنتدى االقتصادي العالمي،7102-7106 تقرير التنافسية العالمية، كالوس شواب.7
.7102 ،" إمارة أبو ظبي: "هجرة التعليم من حالته الراهنة إلى كفاءة أعلى، مغير خميس الغيلي، مسعود بدري.2
.7106 ،" تقرير "التنمية المستدامة تبدأ بالتعليم، منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.2
مراجع باإلنجليزية2-7
1. Allington & Johnston, “What do we know about effective fourth grade teachers and their
classrooms”, interviews in Singapore, South Korea, and Hong Kong, 2000.
2. Barber, “Journeys of discovery”, 2005.
3. Decker & Mayer, “The effect of Teach for America on students: Findings from a national
evaluation”, 2004.
4. International Association for the Evaluation of Educational Achievement (IEA):Trends in
International Mathematics and Science Study (TIMSS), TIMSS 2015, International Results
in Science – Grade 4.
5. International Association for the Evaluation of Educational Achievement (IEA):Trends in
International Mathematics and Science Study (TIMSS), TIMSS 2015, International Results
in Science – Grade 8.
6. International Association for the Evaluation of Educational Achievement (IEA):Trends in
International Mathematics and Science Study (TIMSS), TIMSS 2015, International Results
in Mathematics.
7. J. Reeve, “Why teachers adopt a controlling motivating style toward students and how they
can become more autonomy supportive.” Educational Psychologist, 44, 159-175, 2009.
8. J. Reeve, and Jang, H. “What teachers say and do to support students’ autonomy during a
learning activity.” Journal of Educational Psychology, 98(1), 209-218, 2006.
9. J. Reeve, G. Nix, and D. Hamm, “The experience of self-determination in intrinsic
motivation and the conundrum of choice.” Journal of Educational Psychology, 95, 375-392,
2003.
10. Jenn David-Lang, “The Main Idea”, 2013.
11. John Hattie, “Visible Learning for Teachers: Maximizing Impact on Learning”, Routledge
edition, 2012.
12. L. Darling-Hammond, “Authentic assessment of teaching in context”, Teaching and teacher
education, 16, 523-545, 2000.
13. L. Darling-Hammond, and Ducommun, “Recognizing and developing effective teaching:
what policy makers should know and do”, National Education Association (NEA) and
American Association of Colleges for Teacher Education (AACTE), C.E. May 2010.
14. M. Lebrun, “Des technologies pour enseigner et apprendre. ” De Boeck: Bruxelles, 1998.
15. McKinsey & Company “How the world’s best-performing school systems come out on top”,
September 2007.
16. National Center on Education and the Economy (NCEE), “Tough Choices or Tough Times”,
2007.
30
17. OECD “Attracting Developing and retaining Effective teachers “, 2005.
18.P. Baranyi, Y. Yam, “Fuzzy rule base reduction”, Chapter 7 of “Fuzzy IF-THEN Rules in
Computational Intelligence: Theory and Applications,” D. Ruan and E.E. Kerre, (eds.),
Kluwer, 2000, p. 135-160.
19. R. Besbes, C. Fournier, R. Ghram, A. M. Alimi, “Evaluation ergonomique de l’encadrement
des enseignants de sciences physiques en Tunisie”, Revue Education & Formation, ISSN
2032-8184 Université de Mons – Belgique, p. 105-118, 2010.
20. Sanders & Rivers “Cumulative and Residual Effects of teachers on future student academic
achievement”, 1996.
21. Training and Development Agency for schools, Annual report and accounts, 2005.
31