You are on page 1of 32

‫نحو نظام ذكي لرفع كفاءة التعليم ودعم التنمية المستدامة‬

‫رياض بسباس‬
‫خبير تعليم – األمانة العامة للمجلس األعلى للتخطيط والتنمية‬
‫دولة الكويت‬
‫‪Riadh.Besbes@gs-scpd.gov.kw‬‬

‫أحمد أبو السعد‬


‫خبير ديموغرافي – األمانة العامة للمجلس األعلى للتخطيط والتنمية‬
‫دولة الكويت‬
‫‪saasaad@gs-scpd.gov.kw‬‬

‫بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي‬


‫"نحو تعليم داعم للتنمية المستدامة في مصر"‬
‫معهد التخطيط القومي‪ ،‬القاهرة‪ 8-6 ،‬مايو ‪7102‬‬
‫الملخص‬

‫تهدف الدراسة إلى بيان أهمية رفع كفاءة المعلمين كأحد أهم سياسات اإلصالح في التعليم وأثرها المباشر على مستوى نتائج‬
‫المتعلمين‪ ،‬وبالتالي رفع كفاءة مخرجات النظم التعليمية لتستجيب إلى متطلبات سوق العمل‪ .‬وفي سبيل تحقيق هذه األهداف‪ ،‬تنتهج‬
‫الدراسة منهجا يحلل اإلجابات على األسئلة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ماهي أهم العوامل التي تؤثر أكثر من غيرها في كفاءة نظم التعليم؟‬
‫‪ -‬ما هو واقع حال النظم التعليمية العربية على ضوء نتائج التقييمات الدولية؟‬
‫‪ -‬كيف السبيل إلى تشخيص وتطوير أداء المعلم داخل الصف؟‬
‫‪ -‬ما أهم التوصيات التي تَُوجه إلى و ازرات التربية العربية للنهوض بمستوى مخرجات نظمها التعليمية؟‬
‫وقد أخذت الدراسة الوضع القائم في كل من مصر وتونس والكويت كدول ممثلة للمنطقة العربية‪ ،‬وتعاني من مشكالت كبيرة في‬
‫قطاع التعليم‪ ،‬إضافة لتنوعها الكبير في البيئة واإلمكانات االقتصادية‪ .‬تم عرض نتائج الدول الثالث – بجانب دول أخرى على سبيل‬
‫المقارنة – لمؤشرات تقييمية دولية مرتبطة بالتعليم‪ ،‬وتحليل هذه النتائج وتشخيص أوضاعها‪ ،‬لتحديد مكامن الضعف وسبل النهوض‬
‫باألوضاع الحالية‪ .‬تعاني مصر وتونس من مشكالت اقتصادية كبيرة‪ ،‬تجعل تكلفة إصالح قطاع التعليم عالية ومرهقة لالقتصاد‬
‫الذي يعاني أصال من صعوبات عدة‪ .‬لذلك اقترحت الدراسة‪ ،‬في محورها الثالث بعد المقدمة‪ ،‬حال يساهم في النهوض بأكثر العوامل‬
‫تأثي ار على جودة المخرجات التعليمية وهو المعلم‪ ،‬وذلك بتطبيق أسلوب مبتكر لتشخيص وتطوير أداء المعلمين يعتمد تقنيات الذكاء‬
‫االصطناعي في رصد مكامن الفعالية في التعليم والتعلم ضمن التفاعالت الصفية بين المدرس والطالب‪ .‬النهوض بأداء المعلم خطوة‬
‫أولى تتميز بنتائج سريعة يمكن قطفها على المدى القصير في انتظار تفعيل إجراءات إصالحية أخرى على المدى المتوسط والبعيد‪.‬‬

‫الكلمات الدالة ‪:Keywords‬‬


‫‪ -‬جودة التعليم ‪Quality of teaching‬‬
‫‪ -‬النظم الذكية لتشخيص التعليم ‪Intelligent systems for teaching diagnosis‬‬
‫‪ -‬التقييمات الدولية في التعليم ‪International assessments in education‬‬
‫‪ -‬التنمية المستدامة ‪Sustainable Development‬‬

‫‪1‬‬
‫قائمة المحتويات‬
‫المقدمة ‪3 ..............................................................................................................................‬‬ ‫‪1‬‬

‫اإلطار المرجعي للجودة في األداء التعليمي ‪5 .....................................................................................‬‬ ‫‪2‬‬

‫تشخيص مخرجات النظم التعليمية العربية على ضوء التقييمات الدولية ‪55 ...................................................‬‬ ‫‪3‬‬

‫نظام للتشخيص الدقيق والتقييم الذكي لفعالية التعليم داخل الصفوف ‪15 ......................................................‬‬ ‫‪4‬‬

‫توصيات للنهوض بمستوى ُمخرجات النظام التعليمي بدول الكويت‪ ،‬مصر وتونس ‪12 .......................................‬‬ ‫‪5‬‬

‫الخالصة ‪12 ...........................................................................................................................‬‬ ‫‪6‬‬

‫مراجع الدراسة ‪33 .....................................................................................................................‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬ ‫‪1‬‬
‫أهداف التنمية المستدامة لمرحلة ما بعد ‪ ،7102‬التي صيغت في إطار الدورة السبعين للجمعية العامة‬ ‫ُ‬ ‫تُِقُّر‬
‫بحد ذاته‪ ،‬أال‬
‫يتضمن غايات عدة في إطار هدف قائم ّ‬ ‫ّ‬ ‫محرًكا أساسيًّا للتنمية‪ ،‬إذ‬
‫بأن التعليم ُيشكل ِّ‬
‫لألمم المتحدة‪ّ ،‬‬
‫التعليم بش ْك ٍل ُم ٍ‬
‫باشر‬ ‫ُ‬ ‫وهو‪" :‬ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع"‪ .‬فقد ُذ ِك َر‬
‫أهداف للتنمية المستدامة من األهداف السبعة عشر‪ .‬في نفس اإلطار‪ُ ،‬ي َؤ ِّك ُد تقرير "التنمية المستدامة تبدأ‬ ‫ٍ‬ ‫في أربع‬
‫يع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف ُخطَ ِط التنمية‪ِ .‬لذا أ َّكدت الجمعية العامة‬ ‫ق ِّ‬
‫متعددة في تسر ِ‬ ‫بالتعليم"‪ 1‬أ َّ‬
‫َن للتعليم طُُر ٌ‬
‫ف خبراء االقتصاد قطاعَ‬ ‫لنمو اقتصادات الدول‪ .‬كما ُي َعِّر ُ‬
‫حجُر األساس ِّ‬
‫َن يكون التعليم هو َ‬
‫لألمم المتحدة على أ ْ‬
‫التعليم على أنه "مخزن الطاقات والكفاءات البشرية"‪ ،‬فهو يساهم بشكل فعال في رفع كفاءة أداء القوى العاملة مما‬
‫ينهض باقتصاديات الدول إلى مستويات أعلى‪ .‬فقد أكدت التقارير المنبثقة عن المنتدى االقتصادي العالمي أن النظم‬
‫التعليمية للدول تأثر في إنتاجها االقتصادي عبر ثالث قنوات‪ ،‬رفع القدرة الجماعية للقوى العاملة في القيام بمهامها‬
‫بأكثر كفاءة وأقل وقت‪ ،‬عبر التعليم الثانوي والعالي الذي يسهل نقل المعرفة المتعلقة بالتكنولوجيا والمنتجات الجديدة‬
‫طرف أخرى‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬من خالل تشجيع اإلبداع الذي يطلق قدرات اقتصاد الدولة على التجديد وعلى‬
‫المبتكرة من أ ا‬
‫صياغة معارف جديدة ومنتجات متطورة وتكنولوجيا مبدعة ‪.‬‬
‫أهمية تأثيرات قطاع التعليم على نمو االقتصاد ال تنبع من ارتفاع نِ َس ِب االلتحاق بمختلف مراحله فحسب‪،‬‬
‫بل تشمل وبشكل أكبر جودته التي تؤثر مباشرة في النمو االقتصادي‪ .‬فالجدال حول العالقة بين جودة التعليم واإلنتاج‬
‫االقتصادي للدولة يركز على ضرورة تطوير "الكفاءات الناعمة"‪ .‬لذا يتم تحديد مدى منح المؤسسات التربوية طُالَّبها‬
‫القدرة على التفكير النقدي واالبداعي‪ ،‬وكيفية تشجيع هذه المؤسسات وبشكل فعال ومتزايد للفضول وحب االستطالع‬
‫مدة من األبحاث التربوية التي تؤكد أن تدريس االبداع وتشجيع الفضول‬
‫لدى طالبها‪ .‬لهذا التوجه داللتان‪ ،‬األولى ُمستَ ّ‬
‫وحب االستطالع يتطلب إعمال التركيز على تدريس الرياضيات والعلوم والقراءة بمفاهيم الذكاء الوجداني‪ .‬هذا الذكاء‬
‫الذي يرتبط تطويره بتدريس الفنون والموسيقى والتواصل ضمن العالقات اإلنسانية‪ .‬ثانيا‪ ،‬يتطلب هذا التوجه تقييما‬
‫تساو‪ ،‬فالتوجه نحو التعليم الفارق‬ ‫ٍ‬
‫بشكل ُم ٍ‬ ‫جديدا ألساليب التدريس‪ ،‬انطالقا من االفتراض بأن كل الطالب يتعلمون‬
‫بين الطالب الذي يعتمد على تحليل كيفية استيعاب المعارف لكل فرد‪ ،‬أصبح ضرورة‪ .‬هذا ما يدعو إلى البحث‬
‫على أهم العوامل التي تأثر في جودة النظم التعليمية‪.‬‬
‫طالب سنغافورة أحرزوا أفضل النتائج في الرياضيات والعلوم بين دول العالم في مختلف التقييمات الدولية‬
‫خالل السنوات العشر األخيرة‪ ،‬مما يدل بدون أدنى شك أن النظام التعليمي بهذا البلد أخذ بزمام العوامل التي تضمن‬
‫تعليمي‬
‫ٍّ‬ ‫منهج‬
‫الجودة العالية في مخرجاته‪ .‬فقد اقتنع واضعوا السياسات التعليمية بسنغافورة بضرورة اإلنفاق على توفير ٍ‬
‫تطوٍر ومواكب لأللفية الجديدة‪ ،‬مع ب ْن ٍ‬
‫ية تحتية متوافقة مع أعلى معايير الهندسة المعمارية للمدارس‪ ،‬وأكثر السياسات‬ ‫ُم ِّ‬
‫ُ‬

‫‪1‬‬
‫منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة‪.7106 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫التعليمية فعالية‪ .‬ولكنهم اقتنعوا أكثر بأنه إِ ْن لَ ْم ي ُكن على الميدان معلمون يتميزون بجودة األداء‪ ،‬فإن كل ما سبق‪،‬‬
‫ص ِب ُح َه ْدًار ال طائل منه‪ .‬لذلك‪ ،‬اختص المعهد الوطني للتربية بسنغافورة بتقديم محتوى تطوير مهني عالي الجودة‬ ‫ُي ْ‬
‫للقوة العاملة في التدريس بالبالد وأشرف على تنفيذه على مدى مئة ساعة سنويًّا‪.‬‬
‫نسبيا في الدراسات‬ ‫ٍ‬
‫غير مست ْك َشف ً‬ ‫إصالح التعليم في المنطقة ُ‬
‫ُ‬ ‫أما على مستوى الدول العربية‪ ،‬فيبقى‬
‫نقص في البيانات ش ّك َل عائقًا أمام وضع سياسات تعليمية فعَّالة‪ .‬ولكن هذا لم يمنع‬
‫الحكومية الرسمية‪ ،‬نتج عن ذلك ٌ‬
‫ظهور نجاح نسبي في بعض النظم التعليمية العربية‪ .‬فقد بدأت دولة قطر‪ ،‬منذ ‪ ،7112‬تجربة "المدارس المستقلة"‪،2‬‬
‫نجاح التجربة‪ ،‬أُْل ِغَيت كافة مدارس و ازرة‬
‫ِ‬ ‫طاع الخاص‪ .‬نتيجة‬ ‫مولُها الدولة تُسَن ُد إدارتها ِ‬
‫للق ِ‬ ‫ْ‬ ‫مدارس حكو ِمّية تُ ِّ‬
‫ٌ‬ ‫وهي‬
‫التربية والتعليم وبينت التقارير الدولية التحسن الالفت في نتائج الطالب في التقييمات العالمية للرياضيات والعلوم‬
‫خالل الدورات األخيرة‪ .‬كما يستخدم مجلس أبو ظبي للتعليم حاليا مؤشرات قياس األداء لتقييم التقدم السنوي في‬
‫معياري لقياس‬ ‫ٍ‬ ‫المؤسسات التربوية‪ ،3‬فأصبح ي ْخ ِ‬
‫الختبار خارجي ْ‬ ‫ابتداء من الصف الثالث األساسي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ضعُ الطالب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫نتائجهم‪ .4‬تم استخدام بيانات نتائج تلك التقييمات الوطنية للرفع من فاعلية السياسات التربوية‪ .‬سجل طالب إمارة‬
‫أبو ظبي أحسن النتائج على الصعيد العربي في مختلف التقييمات الدولية للرياضيات والعلوم‪.‬‬
‫كما نعرض أثناء هذا البحث في مجالي التعلِيم والتعلُّم‪ ،‬فعالية الخوارزميات الذكية المعمول بها في العلوم‬
‫الهندسية الخاصة بتقنيات الذكاء االصطناعي في تحليل البيانات وتطبيقها في علوم التشخيص األكاديمي والمتابعة‪.‬‬
‫فهي محاولة مبتكرة لمزج مجالين‪ ،‬هما عادة منفصلين تماما‪ :‬مجال البحوث الهندسية لتحليل البيانات الرقمية ومجال‬
‫الكمي والتقدير الكيفي لمؤشرات التعليم‬
‫الناجع من حيث تفعيل القياس ِّ‬‫علوم التربية‪ُ .‬بنِي هذا المزج على مبدأ التّكامل َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والتعلُّم داخل الصفوف المدرسية‪ .‬نتج عن ذلك صياغة ُنظُم استُغلّت كأدوات إلنتاج قواعد بيانات رقمية حول‬
‫ٍ‬
‫الممارسات التعليمية للمدرس من ناحية واألداء الدراسي للطالب من ناحية أخرى‪ .‬أحد أهم مخرجات هذا النظام‬
‫المبتكر لتقييم فعالية التدريس هي اإلنتاج اآللي لتقارير تقييمية لممارسات المدرس التعليمية وتفاعل الطالب التّعلُّمية‬
‫على مستويات مختلفة‪ .‬يعقب هذا التشخيص والتحليل‪ ،‬استشراف لسيناريوهات رفع كفاءة المنظومة التعليمية بكافة‬
‫مكوناتها‪ ،‬من طالب ومعلم واداري ونظم تعليمية ومناهج‪ ،‬بهدف تقديم برامج إصالح محددة‪ ،‬تصلح للتطبيق الفعلي‬
‫من قبل جهات الدولة المسؤولة عن قطاع التعليم‪.‬‬
‫نجاح ُجهود اإلصالح التربوي ُم ْرتبطٌ بالتّوازي بين صياغة‬
‫َ‬ ‫بأن‬
‫وأخيرا‪ُ ،‬نَن ِّوهُ من خالل هذه الورقة البحثية ّ‬
‫فيذها في الميدان‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫أساليب ْتن ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تعليمية مواكبة للتطور العلمي والتقني‪ ،‬من جهة‪ ،‬ومدى واقعية‬ ‫ٍ‬
‫سياسات‬
‫النظري‬
‫كن حدوثه إذا َب ُع َدت المسافة بين التخطيط العلمي ّ‬ ‫تناغ ٌم ال ُي ْم ُ‬ ‫وهذا ما ُي َحتُِّم التّ ُ‬
‫ناغ َم بين التخطيط والتنفيذ‪ُ ،‬‬
‫وم َعلِّميها يمتلكون‬
‫والقُ ْدرة العملية الفنية على التطبيق في مختلف مستويات الهيكل التعليمي‪ .‬بمعنى أن ُمدراء المدارس ُ‬
‫وريًّا في َنجاح البرامج اإلصالحية للتعليم‪.‬‬‫َد ْوًار ِم ْح ِ‬

‫‪.7102‬‬ ‫أسماء الفضالة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مسعود بدري‪ ،‬مغير خميس الغيلي‪.7102 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫المجلس األعلى للتعليم بأبوظبي‪.7102 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪4‬‬
‫اإلطار المرجعي للجودة في األداء التعليمي‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 1-2‬كيف ارتقت أنجح النظم التعليمية إلى أعلى المراتب الدولية؟‬


‫يؤكد تقرير شركة ماكنزي‪ 5‬أنه رغم الزيادة الجوهرية في اإلنفاق على التعليم‪ ،‬والنوايا الحسنة لمجهودات‬
‫تحسن على مدى عشرات‬ ‫النهوض بالمنظومات التعليمية‪ ،‬فإن أداء أعداد كبيرة من المؤسسات التعليمية بالكاد ّ‬
‫السنين‪ .‬فكان من السذاجة بمكان االعتقاد أن الجودة داخل الصفوف يمكن أن تتحسن بمجرد االرتقاء ببنية‬
‫المنظومة التعليمية ككل‪ .‬فالكثير من الحكومات أعطت استقاللية أكبر لمدارسها‪ ،‬قلّصت أعداد طالبها‪ ،‬زادت من‬
‫آليات القياس والمحاسبة والمتابعة‪ ،‬ولكن النتيجة كانت مخيبة لآلمال من حيث مخرجات تعلُِّم الطالب‪ ...‬ال يمك‬
‫تعلُِّم الطالب دو النهوض بممارسات التعليم لدى المعلِّمي ‪ .‬تُأكد اإلحصائيات المنشورة‬
‫حس م جودة َ‬
‫أ تُ ِّ‬
‫في تقارير منظمة التعاون االقتصادي والتنمية (‪ 6)OECD‬بأن أغلب الدول األعضاء في المنظمة والدول الشريكة‬
‫اتبعت سياسة تخفيض نسبة أعداد الطالب لكل معلم في السنوات األخيرة ولكن التأثير اإليجابي على جودة التعليم‬
‫ملموسا إال في الصفوف األولى من مرحلة التعليم االبتدائي‪ ،‬ولم يكن له أث ار ُي ْذكر على نتائج الطالب في‬
‫ً‬ ‫لم يكن‬
‫أعداد محدودة من الطالب‪ ،‬فقد بينت الدراسات أن أثر جودة‬ ‫ٍ‬ ‫باقي المراحل‪ .‬وحتى في ظل صفوف تحتوي على‬
‫الممارسات التعليمية للمعلم هيمنت على أثر محدودية أعداد الطالب‪ .‬واذا أخذنا بعين االعتبار اإلنفاق المترتب‬
‫فإن العائد على التعليم من هذا اإلجراء ال يرقى إلى المردودية‬
‫عن سياسة التقليل من نسبة أعداد الطالب لكل معلم‪ّ ،‬‬
‫المنشودة‪ :‬أكثر الدراسات تفاؤال تُقدر أن فعالية تأثير تقليص حجم أعداد الطالب داخل الصفوف‪ ،‬من ‪ 72‬إلى‬
‫‪ ،02‬على نتائجهم في الصفوف األولى للمرحلة االبتدائية تقود إلى تحسن في أدائهم بزيادة ‪ 1.7‬في االنحراف‬
‫دودا‪.‬‬
‫مح ً‬‫ْثير ْ‬
‫المعياري لمجموع النتائج‪ ،‬ما ُي ْعتََب ُر تأ ًا‬
‫ُج ِريت في والية تينيسي (‪ )TENNESSEE‬األمريكية‪،‬‬ ‫‪7‬‬
‫منذ عشرين سنة‪ ،‬أثبتت إحدى الدراسات التي أ ْ‬
‫أن السبب الرئيسي في تغيير مستوى تعلُّم الطالب واستيعابهم للمعارف هو جودة أداء المعلمين‪ .‬فعند وضع طفلين‬
‫أحدهما ُي َدِّر ُسهُ معلم ذو مستوى مهني عال‪،‬‬
‫ط ْي المستوى التعليمي في قسمين مختلفين‪ُ ،‬‬
‫تو ِّس َ‬
‫بسن ‪ 8‬سنوات‪ُ ،‬م َ‬
‫وآخر مستواه متدني‪ ،‬فإن نتائج مردودهما يتباعدان بنسبة ‪ %21‬في غضون ثالث سنوات‪ .‬التأثير السلبي للمعلم‬
‫ضار للغاية‪ ،‬خاصة في المرحلة االبتدائية‪ .‬فالطالب الذي يدرس لسنوات لدى معلم ضعيف‬‫ذو األداء الضعيف ٌّ‬
‫اء أساسية ال يمكن استعادتها بأي ٍ‬
‫حال من األحوال‪.‬‬ ‫األداء‪ ،‬يصبح تكوينه العلمي مفتقدا ألجز ٍ‬
‫سجل طالب سنغافورة أعلى الدرجات عالميًّا في امتحانات التقييمات الدولية ‪،PISA‬‬ ‫على الصعيد الدولي‪ّ ،‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن سنغافورة من أقل الدول إنفاقًا‬
‫ودراسة االتجاهات الدولية في الرياضيات والعلوم ‪ .TIMSS‬كما ُ‬
‫ملفت في الخمسة عشر سنة األخيرة‪ .‬بوسطن‪ ،‬عاصمة‬ ‫على قطاع التعليم االبتدائي‪ .‬فنلندا‪ ،‬كذلك‪ ،‬تميَّز طُالبها بأداء ٍ‬
‫ُّز في النهوض السريع بمستوى جودة طالبها‪ .‬تجسد ذلك من خالل االرتفاع‬
‫والية ماساسوسيتش األمريكية‪ ،‬حققت تميًا‬
‫تفوق الطالب في الرياضيات واللغة اإلنجليزية خالل امتحانات ‪Massachusetts ( MCAS‬‬
‫المذهل لنسب ُّ‬
‫‪5‬‬
‫‪McKinsey & Company, 2007.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪OECD, 2005.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Sanders & Rivers, 1996.‬‬
‫‪5‬‬
‫ات ِع ّدة‪،‬‬
‫‪ .)Comprehensive Assessment System‬تختلف هذه األنظمة التعليمية الثالث ج ْذريًّا في ميز ٍ‬
‫فواضعوا السياسات في سيول وهلسنكي وبوسطن يعملون في سياقات ثقافية وسياسية مختلفة تماما‪ ،‬ولكنها اجتمعت‬
‫تفو ِ‬
‫ق طالبها وتمي ُِّزهم‪ .‬ففنلندا تعزو نجاح نظامها التعليمي إلى الالمركزية التي تضفي على مؤسساتها التعليمية‬ ‫في ُّ‬
‫مستوى عال من اإلدارة الذاتية‪ .‬بينما تفتخر سنغافورة بالمركزية العالية في رسم سياساتها التقليدية‪ ،‬والتي تعتبرها أهم‬
‫تج َمعها‪ ،‬وهي التركيز‬ ‫ٍ‬
‫سياسة ْ‬ ‫افق في‬
‫عوامل نجاحها‪ .‬على الرغم من هذه المفارقة‪ ،‬فإن األنظمة التعليمية الناجحة تتو ُ‬
‫نجازهم‪.‬‬
‫تحصيل الطالب وا ا‬ ‫باشر على ْ‬‫قوي وم ٍ‬ ‫الشديد على تطوير األداء التعليمي للمعلمي ‪ ،‬لما لديه من ٍ‬
‫تأثير ٍّ‬
‫لذلك جمعتهم إجراءات مماثلة لتنفيذ هذه السياسة‪ ،‬نستعرض ثالثة منها بالتفصيل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫صبحوا معلمين‪،‬‬
‫‪ -‬انتقاء األشخاص المناسبين ُلي ْ‬
‫فعالة‪،‬‬
‫‪ -‬تطوير الممارسات التعليمية بأساليب ّ‬
‫جميعا من االستفادة من األداء التعليمي الجيد‪.‬‬ ‫‪ -‬ووضع أنظمة تُ ِّ‬
‫مك ُن الطالب‬
‫ً‬
‫ب إطا ار تأسيسيا يحتوي على تقييمات‬‫وبطبيعة الحال‪ ،‬تعي الحكومات المعنية بأن هذه اإلجراءات تتطلّ ُ‬
‫وفق معايير صارمة‪ ،‬توقعات واضحة‪ ،‬وآليات دعم متباينة للمعلمين والطالب مع تسهيالت في الموارد األساسية‪.‬‬

‫ِ‪8‬‬ ‫ِ‬
‫لجودة نظام تعليمي أ تتعدى جودةَ ُمعلّميه‬ ‫‪ 2-2‬ال يمك‬
‫تسعى أنجح النظم التعليمية إلى جلب أفضل المرشحين إلى مهنة التعليم‪ ،‬والتي من شأنها أن تفضي إلى‬
‫حصول الطالب على أفضل النتائج‪ُ .‬يفعِّلون هذه السياسة من خالل ثالثة إجراءات أساسية‪َ :‬ج ْع ِل الدخول إلى كليات‬
‫فعالة الختيار المترشحين المناسبين ُليصبحوا معلمين‪ ،‬ودفع رواتب ّأولية جيدة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫التربية انتقائي للغاية‪ ،‬وتطوير آليات ّ‬
‫أكدت لجنة كفاءات القوى العاملة األمريكية في إحدى نشراتها التأكيدات التالية‪" :‬نحن اآلن بصدد انتداب‬
‫معلمينا من بين الثلث األخير من الطالب الناجحين المتخرجين من المعاهد والمتوجهين إلى الكليات‪ ،‬وبكل بساطة‪،‬‬
‫ال ُي ْمك للطالب أ يتخرجوا ولديهم المهارات والكفاءات الضرورية إال إذا كانت لدى معلميهم المعارف والمهارات‬
‫التي نسعى إلكسابها ألبنائنا"‪ .9‬من ناحية أخرى‪ ،‬وجدت بعض الدراسات الميدانية أن المعلمين المتخرجين من أشهر‬
‫كليات التربية‪ ،‬ويعملون في أنجح المؤسسات التعليمية ذات البيئة العالية المعايير في األداء‪ ،‬يصلون بطالبهم إلى‬
‫أفضل النتائج رغم خبرتهم المهنية المحدودة؛ ففعالية وجودة المعلم ترتفع بشكل ملموس خالل السنوات الخمس األولى‬
‫من حياته المهنية‪ .10‬لذلك تتجه األنظمة التعليمية المتفوقة دوليا إلى انتداب معلميهم من بين أفضل ثلث متخرجيهم‪.‬‬
‫ِّن أفضل ‪ %01‬من المتخرجين‬ ‫كوريا الجنوبية تختار أحسن ‪ %2‬من المتخرجين لاللتحاق بقطاع التعليم‪ ،‬فنلندا تُعي ُ‬
‫ب أفضل ‪ %21‬منهم‪ .‬بينما تختص منطقة الشرق األوسط (بما فيها الدول العربية)‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬كما‬ ‫ِ‬
‫وسنغافورة تَْنتَد ُ‬
‫تؤكد دراسة ماكنزي‪ ،‬في اختيار مرشحيها لمهنة التعليم من بين الثلث األقل كفاءة من متخرجي كلياتها‪ ،‬رغم اقتناع‬
‫واضعي السياسات التربوية بالحكمة الموروثة من التراث الثقافي العربي‪" :‬فاقد الشيء ال يعطيه"‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪Interview: South Korea, 2007.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪NCEE, 2007.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Decker & Mayer, 2004.‬‬
‫‪6‬‬
‫ولكن‪ ،‬ما الذي يجعل أفضل المتخرجين يرشحون أنفسهم لمهنة التعليم؟ يعترف واضعوا السياسات التربوية‬
‫أن العوامل التي تجتذب الموهوبين من الطالب للتعليم هي التاريخ والثقافة والحالة االجتماعية لمهنة التعليم‪ .‬وعلى‬
‫أن وقائع التجارب العالمية للنهوض‬ ‫ِ‬
‫غرار أنها تبدو عوام َل خارجة عن إطار تحكم واضعي السياسات التربوية‪ ،‬إال ّ‬
‫بالمنظومات التعليمية أثبتت إمكانية رفع تحدي تغيير الحالة االجتماعية لمهنة التعليم واالرتقاء بها‪" .‬إنجلت ار جعلت‬
‫مهنة التعليم أكثر المهن شعبية بين الطالب قبل التخرج وبعده في غضون خمس سنوات"‪ .11‬فالسياسات المتبعة من‬
‫طرف مسؤولي كل مرحلة تعليمية لها األثر القوي على تغيير النظرة االجتماعية الحالية والمستقبلية لمعلمي تلك‬
‫عولت عليهما أغلب الدول ذات التعليم المتميز هما‪ :‬تطوير نظم فعالة الختيار المعلمي‬
‫أهم سياستين ّ‬
‫المرحلة‪ .‬إذ أن ّ‬
‫للدخول في مرحلة التدريب المهني‪ ،‬وتأمي راتب أولي جيد‪ .‬كانا لهاتين السياستين األثر الواضح على كفاءة‬
‫المترشحين لمهنة التعليم‪ .‬آليات اختيار المعلمين للتدريب المهني هي أكثر انتقائية في الدول ذات المنظومات‬
‫سيخ ألربعين سنة‬
‫سيئ ُي ْفضي إلى ْتر ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اختيار ٍ‬ ‫أي‬
‫التعليمية الناجحة‪ .‬فالدول المتقدمة في هذا المجال تعي جيدا أن َّ‬
‫من التعليم الرديء‪ .‬لذلك و ِ‬
‫ض َعت المعايير النتقاء أفضل المرشحين لهذه المهنة‪ .‬فمعلم المرحلة االبتدائية‪ ،‬المتميز‬ ‫ُ‬
‫عال في القراءة والكتابة والحساب‪،‬‬‫بأدائه في مستقبله المهني‪ ،‬يتصف في حاضره كطالب متخرج بأن لديه مستوى ٍ‬
‫ودافعي ٌة للتّ ْدريس‪ .12‬أما الراتب‬
‫ّ‬ ‫استعداد للتعلُّم مدى الحياة‬
‫ٌ‬ ‫ولديه مهارات عالية في التواصل والتفاعل مع اآلخري ‪ ،‬و‬
‫األولي للمعلم‪ ،‬فقد أثبتت الدراسات أن أكثر النظم التعليمية فعالية تعطي معلميها الجدد رواتب تتراوح بين ‪%52‬‬
‫و‪ %55‬من نتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي‪ .‬دول منظمة التعاون االقتصادي والتنمية تمنح معلميها‬
‫الجدد رواتب تتراوح بين ‪ %22‬و‪ %086‬من الناتج المحلي اإلجمالي للفرد الواحد‪ .‬الراتب العالي ال يعني بالضرورة‬
‫أنه السبب الوحيد للقبول على مهنة التعليم‪ ،‬ولكن الزيادة في األجور بالتناسب مع معدل الرواتب لخريجي الجامعات‬
‫أصحاب نفس مستوى تأهيل المعلمين‪ ،‬من شأنه أن يدعم مهنة التعليم‪ ،‬والزيادة المبالغ فيها ال تضمن تحسين الجودة‬
‫في التعليم‪ .‬فنلندا تؤكد في سياساتها التعليمية‪ ،‬على الرفع من شأن المكانة االجتماعية للمعلمين‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫فرض شهادة الماجستير كأدنى درجة جامعية تُ َخ ِّو ُل لمتحصِّلِيها ال ُّ‬
‫ترش َح لمهنة التعليم‪.‬‬

‫‪ 3-2‬الطريقة الوحيدة لتحسي المخرجات هي تحسي التعليمات‬


‫تكون جودة التعليم رهينة جودة‬
‫ُ‬ ‫ال يحدث التعلُّ ُم إالّ إذا تفاعل الطالب مع معلميهم داخل الصف‪ ،‬عندها‬
‫النظم التعليمية‪ ،‬وسعت إلى التدخل الفعلي لوضع التعليمات والممارسات‬ ‫ذلك التفاعل‪ .13‬هذا ما َع َرفَتْهُ جيدا أفض ُل ُّ‬
‫الصفّّية من خالل َرْب ِط تدريب المعلمين بما يجري في الصفوف‪ .‬كذلك اتجهت هذه النظم إلى تطوير قيادة مدرسية‬
‫قوية‪ ،‬وتمكين المعلمين من االستفادة من بعضهم البعض‪" .‬يمكنك أن تُ َعِّرف المهمة الكاملة للنظام التعليمي‬
‫المحتوى المعرفي الذي لديه من‬
‫متناسقة مع ْ‬ ‫ِ‬ ‫كاآلتي‪ :‬تأمين ما يحتاج إليه المعلم‪ ،‬عند دخوله الصف‪ ،‬من م ِع ّد ٍ‬
‫ات‬ ‫ُ‬
‫بيد طالِ ٍب آخر نحو معايير نجاح اليوم‪ ،‬زيادةً عن عدد طالب األمس‪ ،‬وأن يعيد الكرة ً‬ ‫قدرٍة وطمو ٍح لِ ْأل ْخِذ ِ‬
‫‪14‬‬
‫غدا" ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪Training and Development Agency for schools, 2005.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Allington & Johnston, 2000.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Interview, Boston, 2007.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Barber, 2005.‬‬
‫‪7‬‬
‫أهمها قُ ْدرته على تشخيص‬ ‫تتطلب من المعلّم مجموعة متطورة من المهارات‪ُّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫جودة عالية‬ ‫ذات‬ ‫ٍ‬
‫تعليمات ُ‬ ‫تقديم‬
‫ُ‬
‫القوة لدى طالبه وبالتالي‪ ،‬مالئمة تقنيات تعليماته لكل وضعية دراسية‪.‬‬
‫الضعف و ّ‬
‫ْ‬ ‫نواحي‬
‫تطوٍر ومواكب لأللفية الجديدة‪ ،‬مع ب ْن ٍ‬
‫ية تحتية‬ ‫تعليمي ُم ِّ‬
‫ٍّ‬ ‫منهج‬
‫ٍ‬ ‫اقتنعت سنغافورة بضرورة اإلنفاق على توفير‬
‫ُ‬
‫متوافقة مع أعلى معايير الهندسة المعمارية للمدارس‪ ،‬وأكثر السياسات التعليمية فعالية‪ .‬ولكنها اقتنعت أكثر بأنه‬
‫ألمو ِال الدولة‪ .‬لذلك‪ ،‬اختص‬ ‫إِ ْن لَ ْم ي ُكن على الميدان معلمون يتميزون بجودة األداء‪ ،‬فإن كل ما سبق‪ُ ،‬ي ْ‬
‫ص ِب ُح َه ْد ًار ْ‬
‫المعهد الوطني للتربية بسنغافورة بتقديم محتوى تطوير مهني عالي الجودة للقوة العاملة في التدريس بالبالد‪ ،‬وأشرف‬
‫على تنفيذه على مدى مئة ساعة سنويًّا‪ .‬في نفس االتجاه‪ ،‬وعلى الصعيد الدولي كانت هناك تدخالت أثبتت أن‬
‫تطوير أداء المعلم داخل الصف له انعكاسات إيجابية وسريعة للغاية على نتائج الطالب‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬لو‬
‫تفوق طالبه في الرياضيات من ‪ %72‬إلى ‪%22‬‬ ‫عدنا إلى النظام التعليمي ببوسطن‪َّ ،‬‬
‫فإن االرتفاع المذهل لنسب ُّ‬
‫وفي اللغة اإلنجليزية من ‪ %22‬إلى ‪ %22‬خالل امتحانات ‪Massachusetts Comprehensive ( MCAS‬‬
‫‪ ،)Assessment System‬تحقق بعد ستة سنوات من تطبيق سياسة النهوض بالتعليمات الصفية للمعلمين‪ .‬في‬
‫تطوُر مخرجات التعليم في مستوى نتائج الطالب في الرياضيات واللغات على مدى نصف قرن‪.‬‬
‫إنجلترا‪ ،‬توقف ُّ‬
‫فعلت فيه أحسن الممارسات والتقنيات في التدريب‬
‫فشرعت الحكومة في صياغة برنامج وطني جديد للتدريب‪ّ ،‬‬
‫المهني‪ .‬في غضون ثالث سنوات من التدريب الميداني للمعلمين‪ ،‬ارتفع عدد الطالب الذين قابل مستواهم المعايير‬
‫المرجوة في اللغات من ‪ %62‬إلى ‪.%22‬‬
‫ّ‬
‫تمضي أنجح النظم التعليمية في تطوير جودة التعليمات الصفية بال هوادة‪ ،‬ولكنهم أيقنوا أن سياستهم هذه‬
‫ضرورية ولكنها غير كافية للنهوض بالجودة في التعليم‪ ،‬فيجب النهوض بما يجري داخل الصف بأسل ٍ‬
‫وب جذريٍّ‪.‬‬
‫كل معلم داخل صفِّ ِه‪:‬‬
‫يتطلب حدوث ثالثة توجُّهات في أداء ِّ‬
‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫ِّنة بنقاط ضعف ممارساته الصفية‪ ،‬فَتُْبنى لديه عقلية السعي‬ ‫كل معلم أن يكون على بي ٍ‬ ‫‪ -‬يحتاج ُّ‬
‫ْ‬
‫خيص متو ٍ‬
‫اصل ألدائه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لِت ْش‬
‫ٍ‬
‫دروس‬ ‫ق ذلك عبر‬ ‫بفهٍم ّ‬
‫محدد للممارسات التعليمية الجيدة‪ .‬عادة ما يتحقَّ ُ‬ ‫ض ْ‬‫يح َ‬
‫أن ْ‬ ‫‪ -‬يحتاج ُّ‬
‫كل معلم ْ‬
‫ٍ‬
‫ظروف ميدانية حقيقية‪.‬‬ ‫ض ُرها المعلمون في‬
‫يح ُ‬
‫ْ‬
‫للتح ِ‬
‫فيز ليقوم بالتحسينات الالزمة ألدائه‪ .‬ال يمكن رفع دافعية المعلمين ّإال عندما‬ ‫كل معلم ْ‬ ‫‪ -‬يحتاج ُّ‬
‫جماعي في القدرة‬
‫ٌّ‬ ‫قاد‬
‫إحساس مشترك بالهدف‪ ،‬وخاصة اعت ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ُيصبح للمعلمين مردودات عالية‪،‬‬
‫المشتركة على تغيير مستقبل الطالب الذين يدرسونهم‪.‬‬
‫بالرغم من وجود أدلة واضحة على حقيقة بديهية‪ ،‬وهي أن كل المهن األخرى تقريبا‪ ،‬تُ َد ُار أغلب تدريباتها‬
‫في سياقات مماثلة لو ِاق ِع العوامل الميدانية (األطباء والممرضون في المستشفيات‪ ،‬المحامون في قاعات المحاكم‪،‬‬
‫االستشاريون مع العمالء)‪َّ ،‬‬
‫فإن البعض اليسير من دورات التدريب للمعلمين تأخذ مكانها داخل الصفوف الدراسية‪،‬‬
‫المكان الوحيد الذي يكون فيه التدريب دقيقًا وذو صلة بما فيه الكفاية ليتميز بفاعلية كبرى‪ .‬اتبعت النظم التعليمية‬

‫‪8‬‬
‫الناجحة أربعُ مقاربات لمساعدة المعلمين داخل صفوفهم على تحسين تعليماتهم‪ ،‬إرشادهم إلى تََبي ِ‬
‫ُّن نقاط ضعف‬
‫ممارساتهم‪ ،‬توفير المعارف المحددة ألفضل الممارسات‪ ،‬وتحفيزهم للنهوض بأدائهم‪:‬‬
‫‪ -‬بناء مهارات ميدانية (تطبيقية) أثناء التدريب األولي‪ :‬أثناء السنة األولى من التدريب الداخلي‬
‫للمعلمين في بوسطن‪ُ ،‬ي ْمضي المتدربون أربع أيام أسبوعيا في المدارس‪ .‬في إنجلترا‪ ،‬ثلثي سنة التدريب‬
‫يقضيها المتدربون في تطبيق الممارسات التعليمية داخل المدارس‪ .‬في اليابان‪ ،‬يبقى المتدربون يومين‬
‫في األسبوع تحت التوجيه الفردي والشخصي (‪ )One-On-One‬أثناء ممارساتهم الميدانية‪.‬‬
‫وه ُم المعلمون َذ ُوو الخبرة والكفاءة المشهود لهم‬
‫‪ -‬وضع مدربي أكفاء في المدارس لدعم المعلمي ‪ُ :‬‬
‫بها‪ُ ،‬يأَطِّرون المعلمين الجدد من خالل المشاهدة داخل أقسامهم‪ ،‬ثم يمدونهم بالنصح والتوجيه نحو‬
‫أكثر المعلمين كفاءةً ُي ْعطَ ْو َن جدول عمل مخفف لكي‬
‫الممارسات الميدانية الفعالة‪ .‬في إنجلترا‪ُ ،‬‬
‫يمضوا أكثر وقت في توجيه زمالئهم األقل خبرة‪ ،‬وخاصة الجدد منهم‪.‬‬
‫كن أن تتط ّور‬ ‫ناجعا‪ ،‬ولكن ُي ْم ُ‬ ‫فعالة‪ :‬التأطير والتوجيه يمثالن ُّ‬
‫تدخ ًال ً‬ ‫‪ -‬اختيار وتطوير قيادة تأطيريه ّ‬
‫من استدامة ُن ُم ِّو‬‫طورت المدرسة ثقافة التقييم والتوجيه قصد التكوين والتدريب‪ ،‬فتض ُ‬ ‫فعاليته إذا ّ‬
‫ّ‬
‫مخرجاتها‪ .‬إلنجاز هذا الهدف‪ ،‬عمدت بعض النظم التعليمية إلى تعيين ُم َدراء مدارسها من بين‬
‫ودربوهم ُليصبِحوا‬
‫خبراء الميدان التعليمي‪ .‬فوضعوا آليات الختيار المدراء من بين أحسن المعلمين َّ‬
‫اء ‪%81‬‬
‫ُخبراء في توجيه الممارسات الصفية للمعلمين‪ .‬في النظم التعليمية الناجحة‪ُ ،‬ي ْمضي المدر ُ‬
‫مركزين على تطوير تعليمات المعلمين داخل صفوفهم‪ ،‬من خالل مجموعة من‬ ‫من يوم عملهم ِّ‬
‫السلوكيات الداعمة للتعاون والتواصل واإلبداع‪.‬‬
‫‪ -‬تمكي ُ المعلمي م االستفادة م بعضهم البعض‪ :‬في أغلب المدارس‪ ،‬يعمل المعلمون منفردون‪،‬‬
‫سويًّا لدروسهم‪ُ ،‬يشاهدون دروس‬ ‫ططون ِ‬ ‫بينما في اليابان وفنلندا يعم ُل المعلمون في مجموعات‪ ،‬ي َخ ِّ‬
‫ُ‬
‫ُّن‪ .‬تُأسِّس مثل هذه النظم التعليمية لِثَقَ ٍ‬
‫افة أساسها‬ ‫ويعينون بعضهم البعض للتحس ِ‬
‫ُ‬ ‫بعضهم البعض ُ‬
‫التأمل والتفكير في الممارسات التعليمية الف ّعالة‪ ،‬والتوجيه‬
‫المساهمة في التخطيط الجماعي للدروس‪ُّ ،‬‬
‫من طرف المعلمين األكثر خبرة إلى ذوي الخبرة األقل‪ .‬فكانت تلك النشاطات هي معايير وميزات‬
‫المستمر للمعلمين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التطوُر المهني‬
‫ُّ‬ ‫تض َم ُن‬
‫الحياة المدرسية التي ْ‬

‫جيدة‬
‫ق في االنتفاع م ممارسات تعليمية ِّ‬ ‫الح ُّ‬ ‫ِ‬
‫‪ 4-2‬ل ُكل طفل َ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫تسعى النظم التعليمية الناجحة إلى جعل كل متعلم ْينتَفعُ من األداء الجيد لمختلف المعلمين األكفاء‪ .‬فتضعُ‬
‫آماال عالية في نتائج كل متعلم من طالبها‪ ،‬فاألساليب التي تتبعها النظم التعليمية الناجحة في وضع اآلمال‬ ‫ً‬
‫العالية‪ ،‬مختلفة ومتنوعة‪ .‬ولكن بعضها موحدة بينهم جميعا‪ ،‬فكل هذه النظم تضع تركي از عاليا على تدريس الحساب‬
‫واللغة في السنوات التعليمية األولى‪ ،‬وذلك استنادا لنتائج األبحاث التربوية التي أكدت أن القدرات األساسية للمنهج‬
‫سن ِّ‬
‫مبكرة ُم ْرتبطة ارتباطًا قويًّا بمجموعة من المخرجات المستقبلية‪ .‬كما أن أنجح النظم‬ ‫التعليمي التي تُْبنى في ٍّ‬
‫قياسهُ‪ .‬لذلك سعت إلى بناء آليات تقييم ومتابعة وعالج على‬
‫تستطيعُ َ‬ ‫سين ماال ْ‬
‫تح َ‬ ‫تطيع ْ‬
‫تس َ‬ ‫تعلَ ُم أنها لن ْ‬
‫التعليمية ْ‬
‫‪9‬‬
‫شخص تلك اآلليات وبصفة ِّ‬
‫مبكرة‪ ،‬حاالت‬ ‫المستوى الفردي لكل طالب قصد الوصول إلى النتائج المأمولة‪ .‬فتُ ِّ ُ‬
‫حدٍد‪ .‬لذلك‪ ،‬تُأ ِّ‬
‫َم ُن النظم‬ ‫الطالب الذين تظهر عليهم أعراض ضع ٍ‬
‫ف في االستيعاب‪ ،‬فَتُ َعالَ ُج مباشرةً وبش ْك ٍل ُم َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫التعليمية الناجحة‪ ،‬المو ِارَد والتّ ْمويل للطُّ ّالب الذين يحتاجونها أكثر وليس للذين يحتاجونها أقل‪.‬‬

‫ُِّ ‪15‬‬ ‫ُّ‬


‫الم ْد َرك م المعلمي ‪ :‬تعظيم األثر على التّعلم‬ ‫‪ 5-2‬التّعل ُم ُ‬
‫تاب جو هاتي " ‪Visible Learning‬‬ ‫ِ‬ ‫أفادت الباحثة التربوية جين ديفيد النج‪ 16‬عبر ُملَ َّخ ٍ‬ ‫ِ‬
‫أن ك َ‬ ‫ص لها ّ‬
‫بوّيين‬ ‫ض ّجةً كبيرةً في أوساط التَّر ِ‬ ‫مرٍة سنة ‪ 7115‬ثَُّم أ َ‬ ‫ِ‬
‫أثار َ‬
‫ُعيد َن ْش ُرهُ سنة ‪َ ،7107‬‬ ‫‪ "for Teachers‬الذي ُنش َر ّأول ّ‬
‫داولَة بين‬ ‫ضت الكثير من المعتقدات المتَ َ‬ ‫توصياته ‪ -‬التي ناقَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ب‪ ،‬في نتائِ ِج‬ ‫ِ‬
‫في العالَم الغربي‪ .‬فقد استند الكات ُ‬
‫ِ‬
‫ام َل نجاح المؤسَّسات‬ ‫إثرها عو ِ‬ ‫دام ُم ّدةَ خمسة عشر سنة‪ ،‬اكتشف خاللها وعلى ِ‬ ‫بحثي َ‬
‫ٍّ‬ ‫بويين ‪ -‬على مشروٍع‬ ‫التر ّ‬
‫خرجت خالل در ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اسة‬ ‫يدانية استُ ِ َ‬ ‫عليمية‪ .‬كان ذلك هو المشروع األضخم الذي اعتمد على أبحاث مدعومة بأدلة َم ّ‬ ‫التّ ّ‬
‫ام ِل أن ُي َوفَّر‬‫تشخيصية إلنجازات ‪ 21,111‬طالب ملتَ ِحقين بِمؤسساتِهم التّعليمية‪ .‬استطاع هاتي بعملِ ِه الدقيق وال ّش ِ‬ ‫ٍ‬
‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عديدة من‬ ‫ٍ‬ ‫َحد قَبله‪ .‬فقد أنهى هاتي معتقدات‬ ‫دركه أ ٌ‬ ‫علمي ِِذو ُمستوى لم ُي ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫لبحث‬ ‫متينا‬
‫أساسا ً‬ ‫للباحثين التربويين‬
‫ً‬
‫نعلم أنها ليست كذلك ‪...‬‬ ‫ٍ‬
‫ارسات َ ِّ ِ‬
‫ُخرى ُ‬ ‫ممارسات أ ْ‬
‫ٌ‬ ‫جي ًدا أنها فَ َّعالة و‬‫نعلم ِّ‬
‫صفية بتْنا ُ‬ ‫جود " ُم َم‬‫حقل التعليم وأَ ّكد ُو َ‬
‫نعلم كيف تسير األمور"‪ْ .‬أد َرَج جو هاتي في ِكتابِ ِه "‪ "Visible Learning for Teachers‬الذي انتشر‬ ‫أصبحنا ُ‬
‫ظم على التّ َعلُِّم‪.‬‬‫األع ِ‬
‫ذات التأْثير ْ‬
‫ام َل ُ‬ ‫الغربية انتشار النار في الهشيم‪ ،‬العو ِ‬
‫في األوساط التربوية َ ْ‬

‫الم ْد َرك؟‬ ‫ُّ‬


‫‪ 1-5-2‬ما هو التّعل ُم ُ‬
‫بأن‬ ‫فإننا ُن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ورْفع اللُّْب ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ذك ُر ّ‬ ‫العلوم التّْربوية‪ّ ،‬‬ ‫المستعملة في‬ ‫س على الم ْفردات ْ‬ ‫الوضو ِح َ‬ ‫قصد إضفاء مزيد من ُ‬
‫فهوم "التَّ ْعلِ ِيم"‬ ‫ِ‬
‫اسي‪ ،‬خاصةً داخل صفّه‪ .‬بينما يرتبطُ َم ُ‬ ‫فاع ِل المتَ َعلِِّم في َو َس ِطه الدر ِّ‬ ‫فهوم ُم ْرتبِطٌ بتَ ُ‬
‫ُّ‬
‫"التَّ َعل َم" ُهو َم ٌ‬
‫فإن ترجمة كلمة "‪ "Visible‬هي مرئي‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ارسات المعلِِّم ِ‬ ‫ِ‬
‫الدراسية‪ .‬من ناحية ثانية‪ّ ،‬‬ ‫أثناء الحصة ّ‬ ‫الصف‪َ ،‬‬ ‫داخ َل‬ ‫َ‬ ‫بم َم‬
‫ُ‬
‫آثرنا بأن ُن ْترِج َمها حسب المعنى التّْربوي‬ ‫ولكن عندما يتعلق األمر بالتّعلُِّم فإن هذه الترجمة تُصبِح ناقصةَ ِّ َّ ِ‬
‫الدقة‪ ،‬لذا ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫المد َر َك"‪ ،‬بِ َرْف ِع الميم‪ ،‬يعني التَّ َعلُّ َم الذي "يراهُ" المعلمون في‬ ‫فاخترنا التَّ َعلُّ َم " ْ‬ ‫يوصلَهُ ِ‬
‫للقارئ‪،‬‬ ‫الذي أراد الكاتب أن ِ‬
‫ْ‬
‫استيعاب ُمتَعلِّمي ِهم‪ .‬وب َش ْك ٍل أ ْكثر وضوحاً من داخل الوسط الدراسي‪ ،‬يكون التّعلُّ ُم ُم ْد َرًكا عندما ال َي ِج ُد المعلِّ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مالم ِح‬
‫ليم ُم ْد َرًكا عندما ال َي ِج ُد المتَعلِّ ُم صعوبةً‬ ‫يكون التّ ْع ُ‬
‫ُ‬ ‫حص َل لِطالبه ْأم ال‪ .‬كما‬ ‫ُّ‬
‫تحديد ما إذا كان التّعل ُم َ‬ ‫صعوبةً في ْ‬
‫ليم ُم ْد َرًكا والتّعلُّ ُم ُم ْد َرًكا إذا‬ ‫ِ ِ ُّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء نشاطاته التَّ َعلمّية‪ .‬وبالتالي‪ُ ،‬‬
‫يكون التّ ْع ُ‬ ‫يجب ف ْعلُهُ وكيف ُي ْمك ُن ف ْعلُهُ أثن َ‬ ‫في تحديد ما ُ‬
‫ييم مدى تأثير‬ ‫حد ًدا ويحتوي على تَح ٍّد‪ .‬عندها‪ ،‬تتم ّكن المؤسسات التربوية من ت ْق ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بوي للنشاط َجِليًّا ُم َّ‬ ‫الهدف التر ُّ‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫ونقاشات قبل أن‬ ‫ٍ‬ ‫تأملِّية‬ ‫ٍ‬
‫مارسات ُّ‬ ‫بداية لِ ُم‬
‫استيعاب طُالبِها‪ ،‬فيكون هذا التشخيص نقطةَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نشاطاتها التعليمية على‬
‫ُ‬
‫الخبير في ميدانِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫للمعلِِّم‬
‫الفعالة ُ‬‫نورُد في الفقرات التالية الممارسات والسلوك والصفات ّ‬ ‫المناسبة‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫تُتَّ َخ َذ الق ارر ُ‬
‫ات‬
‫الدراسية‪.‬‬
‫ُّفوف ّ‬‫داخ َل الص ِ‬ ‫دة العملية التعليمية ِ‬ ‫وأثَرها على جو ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬

‫‪15‬‬
‫‪John Hattie, 2012.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪Jenn David-Lang, 2013.‬‬
‫‪10‬‬
‫المعلِّ ُم الخبير‬
‫‪ُ 2-5-2‬‬
‫ق على جو ِ‬
‫دة تَ َعلُِّم‬ ‫أثر َعمي ٍ‬ ‫خبرة المعلِِّم ولِ ُح ْس ِن أداءه ِم ْن ٍ‬ ‫أكدت األبحاث التربوية‪ ،‬منذ سنين عديدة‪ ،‬ما لِ ْ‬
‫ْ‬
‫وية الناجحة لهذا الموضوع‬ ‫شخصيته وتَ َمي ُِّز نتائِ ِج ِه‪ .‬انتبهت ُّ‬
‫النظُ ُم التّْرَب ّ‬ ‫ّ‬ ‫المالمح األساسية في‬ ‫ِ‬ ‫الطالِ ِب وت ْش ِ‬
‫كيل‬
‫الدقيق لرأس المال البشري من معلِّميها‬ ‫النظُِم إلى االختيار ّ‬ ‫ب هذه ُّ‬ ‫عت أغلَ ُ‬ ‫فس ْ‬
‫صوى‪َ .‬‬ ‫أهمية قُ ْ‬‫االستراتيجي و ْأولَتْهُ ّ‬
‫جامعاتِها على الصعيد‬ ‫لتدريبِ ِهم في أحسن ِ‬ ‫ص ْفوِة طُ ّالبِها‪ .‬ثم وفّرت ك ّل المستلزمات ْ‬ ‫التعليمية من بين َ‬
‫ّ‬
‫لِكافّة المر ِ‬
‫اح ِل‬
‫ض ِم َنت لهم ُك ّل ُمقَ ِّومات الحياة الكريمة أثناء أداء واجباتهم‬ ‫وح ْزًما‪ .‬ثُم َ‬ ‫ِ‬
‫األساليب تطَ ُّوًار َ‬ ‫النظري والتطبيقي ِوْفقَاً أل ِ‬
‫كثر‬ ‫ّ‬
‫أسباب‬
‫ُ‬ ‫االحتِرام‪ .‬فكانت تِْل َك‬
‫جيل و ْ‬ ‫دير والتَّْب ِ‬ ‫كانةٌ اجتِماعية مرموقة َي ْحظو َن فيها ِّ‬
‫بكل التَّ ْق ِ‬ ‫ْ‬ ‫المهَنِّية‪ ،‬فصارت لهم َم َ‬ ‫ِ‬
‫عاقبة من الشباب‪.‬‬ ‫يال متَ ِ‬ ‫ويم َّرر إلى ْ ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫غف ّ ِِ ِ‬ ‫ِّبات ال ّش ِ‬
‫أج ُ‬ ‫المعلمين ُ َ ُ‬ ‫وس هؤالء َ‬ ‫الدائم بم ْه َنة التعليم الذي َي ْس ُك ُن ُنفُ َ‬ ‫وم َسب ُ‬‫ُ‬
‫تفاع ِل‬ ‫غي ِرِه وتُؤثُِّر‬ ‫ٍ‬
‫عامة تُمي ُِّز المعلِّ َم‬ ‫ٍ‬
‫إيجابا في ُ‬ ‫ً‬ ‫الخبير عن ْ‬ ‫َ‬ ‫خمس صفات ّ‬ ‫ُ‬ ‫عدد هاتي‬
‫الصدد‪ّ ،‬‬ ‫في هذا ّ‬
‫ث أ ّكد التالي‪:‬‬ ‫حي ُ‬
‫الد ْرس‪ْ ،‬‬ ‫المتعلّمين أثناء حصة ّ‬
‫روسه‪ ،‬فتراهُ يربِطُ ُك َّل ُم ْحتوى معرفي‬ ‫لتقديم ُد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األساليب‬ ‫قو‬‫أفضل الطُُّر ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ -‬للمعلِّم الخبير القُ ْدرة على تَ ْح ِ‬
‫ديد‬
‫ِِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وي ْد ِم ُجها في‬ ‫ِ‬
‫يسعى إلى تحقيق ذلك بالحرص‬ ‫السابِقة للمتَعلم‪ْ .‬‬
‫المعارف ّ‬ ‫جديد بالمواضيع المدروسة آنفًا ُ‬
‫البح ِث‬
‫يكون دائِ َم ْ‬
‫الل هذه العملية‪ُ ،‬‬ ‫طلُّعات ُمتعلِّميه‪ِ .‬خ َ‬
‫المع ِرفي مع احتياجات وتَ َ‬ ‫على مالئمة هذا المحتوى ْ‬
‫ملموسا‪.‬‬
‫ً‬ ‫والتّقصي عن ِأدلّة تُْرِش ُدهُ إلى شريحة ُمتعلِّميه الذين لم يستوعبوا ً‬
‫جيدا أو لم ُي َحقِّقُوا تقَ ُّد ًما‬
‫داخ َل صفّ ِه ِسمتُهُ األمان والثِّقة‪ .‬فسرعان ما ُي ْد ِر ُ ِّ‬ ‫توفير مناخ دافئ للتّعلُِّم ِ‬‫ِ‬ ‫‪ -‬للمعلِّم الخبير القُ ْدرة على‬
‫ك ُمتَعلموهُ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أساسي للتّعلُِّم‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫الخطَأَ َم ْسموٌح‪َ ،‬ب ْل هو سبي ٌل‬ ‫أن َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫تشخيص حالة الطالب‬ ‫ٍ‬
‫كفاءة عالية في‬ ‫ِ‬
‫إظهار‬ ‫داوُم المعلم الخبي ُر على مراقبة عملية سير التعلُّم من خالل‬ ‫‪ُ -‬ي ِ‬
‫الراجعة البناءة (‪)Constructive Feedback‬‬ ‫ِ‬
‫بتوفير التّ ْغذية ّ‬ ‫االستيعابية‪ُ .‬يعالِ ُج ُم ْختَلف هذه الحاالت‬
‫كل ْفرٍد من طُالبه‪.‬‬ ‫والخاصة ب ِّ‬
‫جام ًدا‪ ،‬بالتّالي ليس ِ‬
‫لديه ٌّ‬
‫شك‬ ‫اس ًخا بأ ّ الذكاء البشري قا ِب ٌل للتّطَ ُّو ِر وليس ِ‬ ‫ك المعلّم الخبير اعتقادا ر ِ‬ ‫‪ -‬يمتَلِ ُ‬
‫ُ‬
‫الرعاية‬ ‫ِ‬ ‫أن جميع متعلِّميه ِ‬
‫يمَن ُحهُم ّ‬
‫حيث تراهُ ْ‬
‫غف األداء‪ُ ،‬‬ ‫ِّدهُ َش ُ‬
‫اعتقاد ُي َجس ُ‬
‫ٌ‬ ‫جاح‪.‬‬
‫الن ِ‬ ‫معايير ّ‬ ‫قادرين على ُبلوِغ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫يغمرهم بمستوى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫يترَّد ُد في رفع التّ ّ‬
‫عال من االحترام‪،‬‬ ‫ص ُعوباتهم‪ُ ُ ْ ،‬‬‫تجاوِز ُ‬‫وحمل ُمتعلميه على ُ‬ ‫حدي ْ‬ ‫عم‪ ،‬وال َ‬ ‫الد َ‬‫وّ‬
‫آسٌر بآداءه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ساع ُدهم على ِّ‬
‫تحدي‬ ‫يتعدى نتائج االمتحانات‪ .‬فهو ي ِ‬ ‫‪ُ -‬يؤثُِّر المعلِّ ُم الخبير في متعلّميه على ِنطاق واسع ّ‬
‫ُ‬
‫اإلدراك المفاهيمي‬ ‫وتحسين ْ‬‫تعددة أثناء النشاطات التّعليمية‪ْ ،‬‬ ‫ات ُم ِّ‬ ‫ناء استراتيجي ٍ‬ ‫المخاطر أثناء التّعلُّم وبِ ِ‬‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ويَن ّمي كفاءة‬ ‫طوير االحترام ْ ِ‬ ‫العميق‪ .‬على الصعيد الشخصي‪ ،‬فهو ي ِ‬
‫ألنفُسهم ولآلخرين ُ‬ ‫ساع ُدهم على ت ْ‬ ‫ُ‬
‫اص ِل َ‬
‫بينهُم‪.‬‬ ‫التّو ُ‬

‫الد ْر ِ‬
‫س‬ ‫‪ 3-5-2‬مر ِ‬
‫اح ُل تَ ْح ِ‬
‫ضير ّ‬
‫طا دقيقًا ألربع مراحل أساسية غير متتالِية أو متز ِ‬
‫امنة بالضرورة‪،‬‬ ‫يتطلب تحضير الدرس من ِقَب ِل المعلّم تخطي ً‬
‫ُ‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫المعار ُ‬ ‫ركائز للتخطيط يستند عليها المعلّم لتهيئة البيئة المعرفية داخل الصف فتكون‬
‫َ‬ ‫عددها هاتي‪ ،‬وهي تُ ْعتََب ُر‬
‫ّ‬
‫‪11‬‬
‫الرْب ِط‪ ،‬يكتشفها ويتفاعل معها المتعلّم بكافة حواسه‪ .‬تعدد وسائط‬ ‫ِ‬
‫ومتناغ َمةَ َّ‬ ‫المعنى‬ ‫ِ‬
‫على شكل معلومات متناسقَةَ ْ‬
‫نظر لما أظهرته البحوث من أن التحصيل المعرفي ينمو كلما زاد عدد الحواس‬ ‫وقنوات استشعار المعلومات ُم ِه ٌّم ًا‬
‫التي يستخدمها الطالب أثناء عملية التعلم‪.‬‬
‫فيكون لدى المعلِّم فَ ْه ٌم دقيق‬ ‫السابق للمتَ َعلِّمين‪،‬‬ ‫اح ِل تحضير ّ‬ ‫‪ -‬أو ُل مر ِ‬
‫ُ‬ ‫الدرس ت ْك ُم ُن في تشخيص التّ ْحصيل ّ‬ ‫ّ‬
‫ص‬ ‫ٍ‬
‫جازهُ من نشاطات أثْناءهُ‪ِ .‬‬ ‫ِ‬
‫الدرس وما ُي ْمكُنهم إِ ْن ُ‬ ‫لِمدى تغطية المتَعلّمين بِ َم ِ‬
‫عارِفهم السابقة َم ْوضو َ‬
‫يحر ُ‬ ‫ع ّ‬
‫ِ‬ ‫المرحلة أن َيتَعلّم األساليب التي ُيعالِ ُج بها المتَعلِّ ُمون ُم ْختَلَ َ‬
‫ف المعارف‪ ،‬فَي ُش ُّد انت َ‬
‫باههُم‬ ‫المعلّم أثناء هذه ْ‬
‫تتبي ُن عندها للمعلِّم الصفات والتصرفات التي يأتي بها الطالب‬ ‫بينهُم‪ّ .‬‬
‫قاش فيما َ‬ ‫للن ِ‬ ‫جيع ِه ِّ‬
‫الل ت ْش ِ‬
‫من ِخ ِ‬
‫هوض بها‪ ،‬مثل ثِقة الطالب في أنفُ ِسهم‪ ،‬وكفاءتهم الذاتية‪،‬‬ ‫الن ِ‬ ‫استيعابها و ُّ‬
‫ُ‬ ‫ب على المعلّم‬ ‫للصف والتي ِ‬
‫يج ُ‬
‫أشكال ال ِ‬
‫تقييم التّ ْكويني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كشكل من‬ ‫ٍ‬ ‫اجعة‬ ‫واستراتيجيات التعلّم التي يستعملونها‪ ،‬ومدى قُبوِلهم للتغذية الر ِ‬
‫ّ‬
‫عين في رْف ِع‬ ‫ِ‬ ‫حيث ُي ْبقي متَ َعلّميه ُم ِ‬ ‫علم المستَه َد ِ‬
‫بيئة من التّ ِ‬‫‪ -‬يضع المعلِّم طالبه في ٍ‬
‫وم ْستَ ْمت َ‬
‫كين ُ‬‫شار َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫ألهداف التعليمية‪،‬‬ ‫ِّح ا‬ ‫ِ‬ ‫ُِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫نمي المعلم اإلدراك المفاهيمي لطالبه‪ ،‬فَُي َوض ُ‬ ‫تحدي التّعلم‪ .‬يكون ذلك ُم ْمكًنا حين ُي ّ‬
‫ض أن يتعلموا في حصة الدرس‪ .‬كما‬ ‫ِ‬
‫ويسعى جاه ًدا إلى تطوير الفهم العميق لدى طالبه لما ُي ْفتََر ُ‬
‫لطالب‬
‫ُ‬ ‫ض ُح العالقة بين مختلف أنشطة الدرس وأهداف الحصة‪ ،‬مع الحرص على معرفة ما إذا تََبيَّن ل‬ ‫ُي َو ِّ‬
‫تقييم مدى اقترابهم في انجازاتهم‬ ‫مي‪ .‬كما ينمي قُ ُدرات طالبه على ِ‬ ‫تعلُّ ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫معايير النجاح المرتبطة بكل نشاط َ‬
‫بيئة من المشاركة والثقة والتوقعات العالية‪.‬‬ ‫يتم كل ذلك في ٍ‬ ‫من معايير النجاح عند آخر كل نشاط‪ُّ .‬‬
‫ِ‬
‫بوجوب‬ ‫اك ِه‬
‫ف المعلم على تحديد النسق المناسب للتقدم في نشاطات الدرس وذلك نابِع من إدر ِ‬
‫ٌ‬ ‫‪ُ -‬ي ْش ِر ُ‬
‫حدي مرتَبِطٌ باختيارات األنشطة التعليمية‪ .‬لذا تبرز الحاجة لتطوير ٍ‬
‫فهم‬ ‫ِ‬
‫وجود مستوى ُمتَزايد من التّ ّ ُ ْ‬
‫رك لتحديد النسق المالئم للتقدم في الدرس‪.‬‬ ‫م ْشتَ ٍ‬
‫ُ‬
‫وحد حول التحديات األساسية التي يواجهونها كل ٍ‬
‫يوم‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬التعاو ُ بي المعلمي هو حجر األساس ٍ‬
‫لفهم ُم ّ‬ ‫َ َُ‬
‫المتعددة‪ .‬فالنقد المتبادل خالل‬ ‫التفاعالت‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫م َّما يوص ُل الفريق إلى رؤية جماعّية من خالل النقاشات و ُ‬
‫فاعليةُ البحث عن األدلة حول تأثير‬ ‫ّ‬ ‫وير الممارسات التعليمية ممكنا كما ْتنمو‬ ‫ط َ‬‫التفاعالت ي ْج َع ُل ت ْ‬
‫ُ‬ ‫هذه‬
‫تعليمهم في استيعاب طُالبِ ِهم‪.‬‬

‫الد ْر ِ‬
‫س‬ ‫‪ِ 4-5-2‬ب َ‬
‫داي ُة ّ‬
‫درس والتي‬‫الح ْسبان عند بداية كل ٍ‬ ‫وجود ثالث عو ِ‬
‫ِ‬
‫يأخ ُذها المعلم في ُ‬ ‫ام َل مهمة ُ‬ ‫أشار هاتي إلى ضرورة‬ ‫َ‬
‫التفاعل‬ ‫ِ‬‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫الداعم للتّعلم‪ ،‬نسبة الفرق في‬ ‫ِ‬ ‫َّف ّ‬‫مناخ الص ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ِّن من تدفُّق محتوى الدرس وتُساه ُم في تَ َعلم الطالب‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تُ َحس ُ‬
‫هوض بالتّعلُّم‪.‬‬‫ِ‬ ‫تفاع ِل الطُّالب فيما بينهم ُّ‬
‫للن‬ ‫اللّفظي بين المتعلّم والمعلّم‪ ،‬ومدى استغالل ُ‬
‫تعلُّم طُالبه‪ .‬يكون ذلك‬ ‫ف إلى تنمية َ‬ ‫يهِد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫مناخا صفيًّا إيجابيًّا وداع ًما ْ‬‫ً‬ ‫‪ -‬يوفُِّر المعلم‪ ،‬منذ بداية الدرس‬
‫اب في تدفق محتوى درسه‬ ‫تباك أو اضطر ٍ‬ ‫ألي ار ٍ‬
‫يع ِّ‬ ‫ٍ‬
‫تحديد سر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ممكًنا إذا ما أظهَ َر المعلم قدرة على‬
‫ومعالجته بالشكل المناسب‪ .‬تكون المعالجة مناسبة إذا ما توفر َج ٌّو من االهتمام واالحترام من ِقَب ِل‬

‫‪12‬‬
‫التحكم في تدفُّق محتوى الدرس‪ .‬حينها‪ ،‬تُْبنى فيهم ثِقَةٌ‬ ‫ُّ‬ ‫المعلم‪ ،‬فيشعر متعلموه باألمان والقدرة على‬
‫عاد ٌل‪َ ،‬س ْه ُل التنب ُِّؤ بردود أ ْفعالِ ِه‪.‬‬
‫عالية بأن معلمهم ِ‬
‫أثناء الدرس‪ .‬ولكن‪ ،‬كيف يمكنه تحقيق هذه المفارقة‬ ‫ِِ‬ ‫كالمه وا ِ‬‫ِ‬ ‫يح ِرص المعلم على تَ ْق ِ‬
‫كثار إ ْنصاته َ‬ ‫ليل‬ ‫‪ْ -‬‬
‫تكون‬
‫ُ‬ ‫بحيث‬
‫ُ‬ ‫دوِرِه التقليدي؟ َي ْك ُمن السبيل لذلك في كيفية صياغة تعليماته‪،‬‬ ‫ض مع ْ‬ ‫التي تبدو في تناقُ ٍ‬
‫وتدعو لالندماج والمشاركة‪.‬‬ ‫تحدي‪ْ ،‬‬‫فيز لِ َرْفع ال ّ‬
‫تح ٌ‬ ‫عارفَة بين الطالب‪ ،‬فيها ْ‬ ‫ُ ِ ٍ‬
‫ذات صلة بالم ْكتَسبات المتَ َ‬
‫حقيقي معهم‪ ،‬وتثْمينه‬
‫ٍّ‬ ‫صهُ على متابعة ِحو ٍار‬ ‫ِ‬
‫ق ت ْفكيره‪ ،‬ح ْر َ‬ ‫ظ ِه ُر لمتعلميه تو ُ‬
‫اض َعهُ‪ُ ،‬ع ْم َ‬ ‫إنصات المعلم ُي ْ‬
‫ُ‬
‫اص ِل‪.‬‬‫للمهارات العالية في التو ُ‬
‫أص ِع َد ٍة ثالث‪:‬‬
‫عال على ْ‬ ‫‪ّ -‬بين هاتي في أبحاثه العلمية أن تأثير دور األقران في التحصيل العلمي للطالب ٍ‬
‫ْ‬
‫دوٌر أساسي في توفير فَُر ِ‬
‫ص التواصل بي الطالب وبالتالي‬ ‫الراجعة‪ .‬للمعلم ْ‬
‫اإلرشاد‪ ،‬والتّ ْغذية ّ‬
‫المساعدة‪ْ ،‬‬
‫التفاعل اإليجابي بينهم‪ .‬فيحرص المعلم‪ ،‬في مرحلة أولى‪ ،‬على‬
‫تنمية إحساس االنتماء‪ ،‬الصداقة‪ ،‬و ُ‬
‫إكساب طالبه المعارف األساسية بما فيه الكفاية قبل أن يدمجهم في نقاشات منظمة بين بعضهم البعض‪.‬‬

‫الد ْر ِ‬
‫س‬ ‫أثناء ّ‬ ‫ِ ِ‬
‫المعارف َ‬ ‫‪ 5-5-2‬تَ َدفُّ ُ‬
‫ق‬
‫غالبا ما يركز المعلمون على كيفية التعليم ويتغاضون عن كيفية تعلم الطالب‪ .‬إذا كان المعلم راغبا في‬
‫إعانة الطالب على مواجهة صعوبات استيعاب المعارف‪ ،‬فيجب أن يجعل آليات عملية التعلم "غير المدركة"‬
‫واضحة جلية للطالب‪ .‬فيرشده إلى استكشاف كيفية التعلم من خالل استعمال مختلف االستراتيجيات‪.‬‬
‫هناك أربع طرق لتحليل كيفية تعلم الطالب‪ ،‬ترتبط األولى بالقدرات الذهنية التي توجب استكشاف المعارف‬
‫انطالقا من المحسوس إلى المجرد‪ ،‬أما الثانية فتتعلق بأطوار التفكير التحليلي الذي يبدأ من "السطح" حتى يصل‬
‫أعماق الفهم لألمور‪ .‬ثم الثالثة حيث تأتي مراحل الدافعية للتعلم حيث يحرص المعلم على جعل طالبه يدركون‬
‫الفجوة بين ما يعرفونه مسبقا وبين المعارف التي سيتعلمونها‪ .‬تليها مرحلة التخطيط الذي يضعونه للوصول إلى‬
‫األهداف التي أدركوها‪ ،‬ثم مرحلة تطبيق استراتيجيات مختلفة لتقليص الفجوة بين التعلم السابق والحالي‪ .‬في آخر‬
‫المطاف‪ ،‬تكون لديهم القدرة على تقييم مدى تحقيق هدف تعلمهم‪ .‬خالل هذا المسار يشخص المعلم مراحل كفاءة‬
‫طالبه بمعنى أنه يحدد ‪ -‬خالل تفاعله معهم ‪ -‬من منهم في مرحلة متأخرة من االستيعاب‪ ،‬من منهم في مرحلة‬
‫القدرة على فهم المعلومات األساسية وعلى توفيرها عند الحاجة‪ ،‬ومن منهم "الخبير" الذي أبدى قدرات على توفير‬
‫آليات فهم جعلته يتعلم بذاته في أغلب األحيان‪.‬‬
‫فعالة يتَّبِ ُعها المعلم لتفريق تَ ْعليماتِه عليهم حسب مستوياتهم‬
‫توزيع الطالب إلى مجموعات‪ ،‬هي مقاربة ّ‬
‫المختلفة‪ .‬يراعي المعلم في توزيع متعلميه مراحل تطور استيعابهم بحيث تحتوي المجموعة الواحدة على قدرات‬
‫ذهنية مختلفة مما يسمح بالتعاون المثمر بين أفرادها من خالل تفاعلهم مع بعضهم البعض‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الد ْر ِ‬
‫س‬ ‫هاي ُة ّ‬ ‫ِ‬
‫‪ 6-5-2‬ن َ‬
‫ام ِل نجاح الدرس عن ممارسات المعلم في نهاية الحصة من‬ ‫نوه هاتي بضرورة أال يغيب تشخيص عو ِ‬
‫ُ‬ ‫ُي ِّ ُ‬
‫تعلُّ ِمهم‪ ،‬مدى بعدهم عن معايير النجاح في استيعاب المعارف المستكشفة‪،‬‬ ‫خالل تقييمه لمدى تقدم طالبه في َ‬
‫مدى حاجتهم إلى مزيد من التغذية الراجعة (‪ )Feedback‬لتقليص بعدهم عن حد االستيعاب المنشود‪ .‬فََي ْش ُع ُر‬
‫ون" للتّعلم ولم يكونوا َم ْجبورون عليه‪.‬‬
‫"مدع ُّو َ‬
‫ُ‬ ‫الطالب خالل الحصة َّأنهم كانوا‬

‫َح ِ‬
‫داث‬ ‫ير َم ِ‬
‫سار األ ْ‬ ‫‪ 7-5-2‬المعلِّم ِ‬
‫القاد ُر على تَ ْغ ِي ِ‬ ‫ُ‬
‫ليم والتَّ َعلُِّم‬
‫وجد هاتي خالل دراسته الميدانية إطارات ذهنية كامنة وراء تشكيل تصورات المعلمين حول التَّع ِ‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫بسلوكيات‬ ‫َّد‬ ‫فبوبها إلى ثمانية أبواب عبر من خاللها على مع ٍ‬
‫تقدات تتجس ُ‬ ‫اال‪َّ .‬‬‫فع ً‬ ‫لِيكون التّأْثير على ُّ‬
‫ُْ‬ ‫ّ‬ ‫تعلم المتَعلّمين ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ميدانية تُمي ُِّز المعلم القادر على تغيير مسار األحداث عن غيره‪.‬‬
‫تقييم مدى تأثير تعليمهم على تَ َعلُّم طالبهم‪،‬‬ ‫اإلطار الذهني ‪ :1‬يعتقد المعلمون أن مهمتهم األساسية هي ُ‬
‫عما قاموا به هم كمربين أو‬ ‫أساسا ّ‬
‫ً‬ ‫اإلطار الذهني ‪ :2‬يعتقد المعلمون أن النجاح واإلخفاق في تعلُّم طالبهم ناتِ ٌج‬
‫يتحم ُل مسؤولية النهوض بتعلُّم طُ ّالبه‬ ‫عام َل ٍ‬ ‫عما لم يقوموا به‪ .‬بالتالي يرى المعلم نفسه ِ‬
‫تغيير ّ‬ ‫ّ‬
‫وضب ِط التّوقُّعات العالية لهم‪،‬‬
‫ْ‬
‫وضا عن التعليم‪،‬‬ ‫ُّ ِ‬ ‫اإلطار الذهني ‪ :3‬يعتقد المعلمون أن عليهم التَّ َح ُّد َ‬
‫ث أكثر عن التّعلم ع ً‬
‫اإلطار الذهني ‪ :4‬يرى المعلمون التقييم كتغذية راجعة لمدى تأثيرهم في تعلُِّم طالبهم‪،‬‬
‫وليس فقط أُحاديَّة الجانب (هيمنة أحاديث‬ ‫صتين) ْ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫(كم ْن َ‬ ‫اإلطار الذهني ‪ :2‬يندم ُج المعلمون في حوارات ثُنائية ُ‬
‫المعلم)‪،‬‬
‫ورْف ِعها‪،‬‬
‫بمواجهة التحديات َ‬
‫ِ‬
‫اإلطار الذهني ‪َ :6‬ي ْستَ ْمتعُ المعلمون ُ‬
‫داخ َل الصفوف وداخل المؤسسة هو صميم دوِرِهم‪،‬‬ ‫عالقات إيجابية ِ‬
‫ٍ‬ ‫تطوير‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اإلطار الذهني ‪ :7‬يعتق ُد المعلمون ّ‬
‫بحيث ي ِ‬ ‫طلِعُ المعلمون‬
‫جونهم معهم في التجربة‪.‬‬ ‫دم َ‬ ‫ُ‬ ‫مية‬‫األمور على مسار العملية التعلُّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫أولياء‬
‫َ‬ ‫اإلطار الذهني ‪ُ :8‬ي ْ‬
‫أهم ما يدعو إليه هاتي في ممارسات المعلم والمتعلم داخل الصف هو أن يكون التعليم (إجراءات المعلم)‬ ‫ُّ‬
‫طرف المعلّم‪ .‬فكلما أصبح المتعلم أشبه‬ ‫ِ‬ ‫طرف المتعلّم‪ ،‬وأن يكون التعلّم (تفاعل المتعلم) ُم ْد َر ٌك م‬ ‫ِ‬ ‫ُم ْد َر ٌك م‬
‫نجاحا ُّ‬
‫وتمي ًزا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بصفات المعلم‪ ،‬وأصبح المعلم أشبه بصفات المتعلم‪ ،‬كلما كانت المخرجات أكثر‬

‫‪14‬‬
‫تشخيص مخرجات النظم التعليمية العربية على ضوء التقييمات الدولية‬ ‫‪3‬‬
‫بحكم تخصص وعمل الباحثين‪ ،‬تم اختيار ثالثة دول كمثال عملي لقياس مدى تأثير جودة نظم التعليم‬
‫على التقدم االقتصادي‪ ،‬وهي دول مصر وتونس والكويت‪ ،‬وهي دول تمثل مناطقها الجغرافية إلى حد بعيد‪.‬‬
‫مصر بحجمها السكاني الهائل‪ ،‬وتاريخها "التربوي" العريق‪ ،‬والذي لألسف عانى من تردي كبير خالل‬
‫السنوات األخيرة‪ ،‬أصبح الصمت عنه جريمة في حق األجيال القادمة‪ ،‬وتونس والتي تعاني‪ ،‬رغم تقدمها النسبي‬
‫عن مصر‪ ،‬من عدم استقرار سياسي واقتصادي‪ ،‬ساهم في أال يأخذ منحنى جودة نظم التعليم بها المنحى المنشود‪،‬‬
‫في حين مثلت الكويت منطقة الخليج الغنية‪ ،‬والتي يعتقد الباحثون مساهمة المداخيل االقتصادية الكبيرة في رفع‬
‫مستوى نظم التعليم‪ ،‬وهو أمر اكتشفنا عدم صحته‪.‬‬
‫وسنعرض في الجزء التالي ألوضاع الدول الثالث‪ ،‬مع أمثلة لدول أخرى‪ ،‬على التقييمات الدولية المعروفة‬
‫التي تقيس كفاءة نظم التعليم‪.‬‬

‫‪ 1-3‬مؤشرات التنافسية العالمية لجودة التعليم في الدول العربية‬


‫ف تقرير التنافسية العالمية‪ ،17‬الصادر عن المنتدى االقتصادي العالمي‪ ،‬التنافسية على أنها مجموعة من‬
‫عر ُ‬
‫ُي ِّ‬
‫المؤسسات والسياسات والعوامل التي تحدد مستوى إنتاجية االقتصاد والذي يتحول إلى ازدهار معيشي تستحقه الدولة‪.‬‬
‫نجاح أخرى‪ ،‬منها ُم َؤسسات "قوية" قادرة‬
‫ٍ‬ ‫مفاتيح‬
‫َ‬ ‫فالحالة الجيدة لألسواق ال تكفي للنهوض بالتنافسية‪ ،‬بل يجب تََوفُّر‬
‫على التكيف مع تَ َغُّيرات البيئة االقتصادية وتََوفُّ ِر رأس مال بشري ذو كفاءة قادر على اإلبداع والتجديد‪.‬‬
‫حدد النمو االقتصادي‬ ‫لمدة ‪ 26‬سنة‪ ،‬صدرت تقارير التنافسية العالمية ُم ِلقيةً الضوء على أهم العوامل التي تُ ّ‬
‫ستقبال‪ .‬خالل هذه الفترة‪ ،‬أوجدت هذه التقارير مفاهيم ُم َوحِّدة ألهم مناحي القوة‬ ‫وم ً‬ ‫ِ‬
‫ومستوى َرخاء الدول حاض ار ُ‬
‫ط ٍط لرفع التحديات وتعزيز فرص‬ ‫والضعف في اقتصاد الدول مما سمح للمعنيين في مختلف المجاالت من رسم ُخ َ‬
‫االستثمار االقتصادي‪ .‬آخر خمس تقارير التنافسية العالمية للسنوات الممتدة من ‪ 7100‬إلى ‪ ،7102‬الصادرة عن‬
‫المنتدى االقتصادي العالمي في إصداراته من ‪ 7102-7107‬إلى ‪ ،7102-7106‬أعطت لمحة عامة عن أداء‬
‫اقتصاديات مجموعة من دول العالم‪.‬‬
‫يصنف التقرير اقتصاديات جميع الدول إلى ثالث مراحل لنموها‪ ،‬ولكل مرحلة مفتاحها الذي هو بمثابة‬
‫ف اقتصاد دولة الكويت فيها‪ ،‬وقد اخترنا‬‫صنِ َ‬
‫المميِزة‪ .‬قمنا بتحليل بسيط لمرحلة النمو التي ُ‬
‫مجموعة من الركائز َ‬
‫الكويت لما تتمتع من رخاء اقتصادي مقارنة بتونس ومصر‪ .‬المؤشر العام للتنافسية العالمية الصادر عن المنتدى‬
‫االقتصادي العالمي في الخمس سنوات األخيرة‪ ،‬يضع دولة الكويت في مرتبة بين ‪ 21‬و‪ .21‬في متوسط الترتيبات‬
‫وم َميزة وتعكس‬
‫النسبية‪ ،‬يصل مستوى ازدهار دولة الكويت ُمستويات ُرُب َع دول العالم‪ .‬تُعتََب ُر هذه الترتيبات متقدمة ُ‬
‫بالضرورة إيجابيات عدة متعلقة بالوضع االقتصادي للبالد‪ .‬من الطبيعي‪ ،‬كذلك‪ ،‬أن تعطي هذه الترتيبات المتقدمة‬
‫تفاؤالً مشروعاً يجعل القارئ يتوقعُ أن تصنيف حالة نمو االقتصاد الكويتي ستكون الثالثة أي مدفوعةً باالبتكار‬

‫‪17‬تقرير التنافسية العاملية ‪.6102-6102‬‬


‫‪15‬‬
‫والتجديد أو على األقل في مرحلة انتقالية بين الثانية والثالثة أي بين التميز واالبتكار‪ .‬ولكن واقع الحال مختلف‪،‬‬
‫فالتقارير الخمسة تصنف مرحلة اقتصاد الكويت بأنها انتقالية بين المرحلة األولى والثانية أي مرحلة االقتصاديات‬
‫المدفوعة بالعوامل األساسية وتلك المدفوعة بالتميز والكفاءة‪ .‬تصنيف غير ُمتََوقع وال يبدو متناسبا مع قيم المؤشرات‬
‫العامة الخمسة للتنافسية الدولية‪ .‬ان هذا التباين بين ترتيب دولة الكويت في مجال التنافسية من ناحية‪ ،‬وتوصيف‬
‫المرحلة التي تميز نموها من ناحية ثانية‪ ،‬قد دفعنا الى البحث عن أسباب تأخر مرحلة نمو االقتصاد الكويتي رغم‬
‫نمو اقتصاد دولة الكويت‬ ‫ِ‬
‫تصنيف مرحلة ِّ‬ ‫ب ُّ‬
‫تأخ ِر‬ ‫ِّن في الفقرة التالية‪ ،‬أن َس َب َ‬
‫سنبي ُ‬
‫ترتيبه الجيد في مجال التنافسية‪ُ .‬‬
‫أداء نِ ِ‬
‫ظامها التعليمي‪.‬‬ ‫ضعف ِ‬
‫ُ‬ ‫أساسا‬ ‫هو‬
‫ً‬
‫جدول (‪ :)1‬معدالت الترتيب حسب مؤشرات جودة التعليم لعدد م الدول العربية في السنوات الخمس األخيرة‬

‫معدل الترتيب خالل الخمس سنوات حسب المؤشرات التالية‬


‫توفر نظم تدريب مختصة‬ ‫مؤشر جودة تعليم الرياضيات والعلوم‬ ‫مؤشر جودة النظام التعليمي‬ ‫الدولة‬
‫نسبي‬ ‫مطلق‬ ‫نسبي‬ ‫مطلق‬ ‫نسبي‬ ‫مطلق‬
‫‪13.4%‬‬ ‫‪19.2‬‬ ‫‪4.3%‬‬ ‫‪6.2‬‬ ‫‪2.5%‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫قطر‬
‫‪13.9%‬‬ ‫‪19.8‬‬ ‫‪9.5%‬‬ ‫‪13.6‬‬ ‫‪8.8%‬‬ ‫‪12.6‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬
‫‪39.0%‬‬ ‫‪55.8‬‬ ‫‪3.5%‬‬ ‫‪5.0‬‬ ‫‪12.4%‬‬ ‫‪17.6‬‬ ‫لبنان‬
‫‪28.1%‬‬ ‫‪40.2‬‬ ‫‪36.4%‬‬ ‫‪52.4‬‬ ‫‪24.0%‬‬ ‫‪34.4‬‬ ‫البحرين‬
‫‪57.1%‬‬ ‫‪101.3‬‬ ‫‪24.5%‬‬ ‫‪43.3‬‬ ‫‪47.3%‬‬ ‫‪83.8‬‬ ‫تونس‬
‫‪73.0%‬‬ ‫‪104.0‬‬ ‫‪71.3%‬‬ ‫‪101.8‬‬ ‫‪68.4%‬‬ ‫‪97.8‬‬ ‫الكويت‬
‫‪84.5%‬‬ ‫‪120.2‬‬ ‫‪95.3%‬‬ ‫‪136.2‬‬ ‫‪97.9%‬‬ ‫‪139.8‬‬ ‫مصر‬

‫حسب مؤشرات ركائز التقرير االثني عشر بواسطة مؤشرات ثانوية لكل ركيزة‪َ .‬يبلُغُ عدد المؤشرات‬ ‫تُ َ‬
‫بمس ٍح ِلق َيِم هذه المؤشرات في فترة‬
‫الثانوية ‪ 002‬مؤشر‪ .‬في محاولة منا لفهم العالقة بين التنافسية والتعليم‪ ،‬قُ ْمنا َ‬
‫فن َح ِّدد المؤشرات التي جعلت الكثير من الدول اإلقليمية‬ ‫صنفَها حسب قيم معدالتها ُ‬ ‫السنوات الخمس‪ ،‬محاولين أن ُن َ‬
‫األقل رخاء تتفوق على دولة الكويت في مراحل نمو اقتصاداتها‪ ،‬فكان لنا الجدول (‪ .)0‬كل الدول الخليجية ولبنان‬
‫واألردن تَفَوقت‪ ،‬في مؤشرات الجودة في التعليم‪ ،‬على دولة الكويت‪ .‬فعلى سبيل المثال نجد أن االقتصاد اللبناني‪،‬‬
‫المصنف خالل السنوات الخمس ‪ 010.5‬على مؤشر التنافسية‪ ،‬قد عبر الى مرحلة انتقالية تكاد توصله إلى‬
‫المرحلة الثالثة‪ ،‬مرحلة الجودة واالبتكار في سنة ‪ .7102‬التعليم إ ًذا هو أحد أهم أسباب تدني مرحلة نمو االقتصاد‬
‫الكويتي‪ ،‬ذلك القطاع االستراتيجي الذي يغذي باقي قطاعات الدولة بالموارد البشرية ذات الكفاءة العالية والتي‬
‫تكون قادرة على األداء المتميز‪ ،‬المجدد والمبتكر‪.‬‬
‫نالحظ أن متوسط قيمة مؤشر "جودة النظام التعليمي" وضع كال من مصر والكويت في الثلث األخير‬
‫يجدر باإلشارة أن النظام التعليمي بلبنان‬
‫ُ‬ ‫للدول األقل جودة في نظم تعليمها خالل الخمس سنوات األخيرة‪ .‬كما‬
‫يمتلك أعلى جودة في تعليم الرياضيات والعلوم على صعيد الدول العربية‪ ،‬تليه قطر وتونس‪.‬‬
‫ف خبراء االقتصاد قطاع التعليم على أنه "مخزن الطاقات والكفاءات البشرية"‪ ،‬فهو يساهم بشكل فعال‬
‫ُي َعِّر ُ‬
‫في كفاءة أداء القوى العاملة مما ينهض باقتصاديات الدول إلى مستويات أعلى‪ .‬فقد أكدت التقارير الصادرة عن‬
‫المنتدى االقتصادي العالمي أن النظم التعليمية للدول تؤثر في إنتاجها االقتصادي عبر ثالث قنوات‪:‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ -‬رفع القدرة الجماعية للقوى العاملة في القيام بمهامها بأكثر كفاءة وأقل وقت‪،‬‬
‫‪ -‬يسهل عبر التعليم الثانوي والعالي‪ ،‬نقل المعرفة المتعلقة بالتكنولوجيا والمنتجات الجديدة المبتكرة من‬
‫أطراف أخرى‪،‬‬
‫‪ -‬وأخيرا‪ ،‬من خالل تشجيع اإلبداع تنطلق قدرات اقتصاد الدولة على التجديد وعلى صياغة معارف‬
‫جديدة ومنتجات متطورة وتكنولوجيا مبدعة‪.‬‬

‫‪ 2-3‬نتائج النظم التربوية العربية في التقييمات الدولية (‪)PISA‬‬


‫أهمها تلك التي‬ ‫ِّم ُم ْخ َرجاتِها‪ ،‬و ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫تُقَد ُر فعالية ونجاعة النُّظُ ُم التعليمية من خالل ع ّدة معايير ومؤشرات تُقي ُ‬
‫أهم التّقييمات في مجال التعليم والتي امتلكت مصداقية في أرجاء العالَ َم ْين المتقدم‬ ‫ق بنتائِ ِج ُمتَ َعلِّميها‪ .‬فمن ِّ‬
‫تتعلّ ُ‬
‫النامي‪ ،‬البرامج الثالثة التي وضعتها منظمة التنمية والتعاون االقتصادي (‪ )OECD‬للبلدان التابعة لها وشركائها‪،‬‬ ‫وّ‬
‫التعلُّم (‪ )TALIS‬والبرنامج الدولي لتقييم‬ ‫وهو البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (‪ ،)PISA‬الدراسة الدولية حول ِ‬
‫التعليم و َ‬ ‫ْ‬
‫المفصلة التي تنتج عن هذه البرامج البحثية في ميدان التعليم‬ ‫الكبار (‪ .)PIAAC‬إذ أصبحت التّقارير‬ ‫كفاءات ِ‬
‫ّ‬
‫النظم التَّعليمية بالنسبة لشرائح مختلفة من مواطنيها‬ ‫غيرات على ُمخرجات ُّ‬ ‫والتي تُحلِّ ُل وبإطناب تأثير ُمختلف المتَ ِّ‬
‫النظُِم التّعليمية‪ .‬فبرنامج (‪ )PISA‬على سبيل‬ ‫أهم منهجيات إصالح ُّ‬‫في أكثر من ستّين دولة‪ُ ،‬مرتكزات تقوم عليها ُّ‬
‫أعمارهم على إثره الخامسة عشرة‪،‬‬ ‫المثال‪ ،‬يستعرض مدى اكتساب طالب نهاية التعليم األساسي‪ ،‬الذين تَُرِاو ُح‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫بعض المعارف والمهارات التي ال غنى عنها للمشاركة الكاملة في المجتمعات الحديثة‪ ،‬وبشكل خاص في القراءة‪،‬‬
‫والرياضيات والعلوم‪ .‬والواقع أن مفهوم اكتساب مهارة القراءة والكتابة هو األساس لنهجها المبتكر الذي يشير إلى‬
‫قدرة المتعلمين على تطبيق المعرفة والمهارات في مجاالت حيوية وقدرتهم على التّحليل والتواصل بشكل فعال‪،‬‬
‫وكذلك حل وتفسير المشاكل في مجموعة متنوعة من السياقات‪.‬‬
‫جدول (‪ :)2‬نتائج الدول العربية المشاركة في تقييمات بي از ‪2115‬‬
‫الرياضيات‬ ‫القراءة‬ ‫العلوم‬
‫نسبة الطالب ذوي‬ ‫نسبة الطالب ذوي‬ ‫الترتيب‬
‫معدل التغيير‬ ‫معدل‬ ‫معدل التغيير‬ ‫معدل‬ ‫معدل التغيير‬ ‫معدل‬
‫المهارات العالية‬ ‫المهارات الضعيفة‬ ‫العام‬ ‫الدولة‬
‫بنقاط النتيجة‬ ‫النقاط‬ ‫بنقاط النتيجة‬ ‫النقاط‬ ‫بنقاط النتيجة‬ ‫النقاط‬
‫(المستوى ‪ 2‬أو ‪)6‬‬ ‫(أقل من مستوى ‪)7‬‬
‫اإلمارات‬
‫‪%2.8‬‬ ‫‪%20.2‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪272‬‬ ‫‪-8‬‬ ‫‪222‬‬ ‫‪-07‬‬ ‫‪222‬‬ ‫‪26‬‬
‫العربية المتحدة‬
‫‪%2.2‬‬ ‫‪%27‬‬ ‫‪+76‬‬ ‫‪217‬‬ ‫‪+02‬‬ ‫‪217‬‬ ‫‪+70‬‬ ‫‪208‬‬ ‫‪26‬‬ ‫قطر‬
‫‪%1.6‬‬ ‫‪%22.2‬‬ ‫‪-0‬‬ ‫‪281‬‬ ‫‪+7‬‬ ‫‪218‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪215‬‬ ‫‪60‬‬ ‫األردن‬
‫‪%7.2‬‬ ‫‪%21.2‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪256‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪222‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪286‬‬ ‫‪62‬‬ ‫لبنان‬
‫‪%1.6‬‬ ‫‪%22.2‬‬ ‫‪+2‬‬ ‫‪262‬‬ ‫‪-70‬‬ ‫‪260‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪286‬‬ ‫‪66‬‬ ‫تونس‬
‫‪%1.0‬‬ ‫‪%60.0‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪261‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪221‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪226‬‬ ‫‪65‬‬ ‫الجزائر‬

‫القارات‪ ،‬منها ستة دول عربية وهي اإلمارات‬‫شارك في هذا البرنامج سنة ‪ 7102‬سبعون دولة من كافة ّ‬
‫القارة اإلفريقية)‪ ،‬األردن‪ ،‬قطر‪ ،‬لبنان والجزائر‪ .‬تُ ْجرى التقييمات على‬
‫العربية المتّحدة‪ ،‬تونس (الدولة الوحيدة من ّ‬
‫الدول المشاركة وهم عينة تمثل عددا إجماليًّا يناهز ‪ 78‬مليون طالب تدور أعمارهم‬
‫‪ 201,111‬طالب من جميع ّ‬
‫‪17‬‬
‫ف الخبراء القائمون على هذا البرنامج نتائج الطالب في هذه التقييمات إلى ستّة مستويات ُمرتّبة‬ ‫حول ‪ 02‬سنة‪ِّ .‬‬
‫يصن ُ‬
‫الحد األدنى لِمستوى من المهارات‬
‫العلوم‪ .‬المستوى ‪ 7‬يعكس ّ‬ ‫الرياضيات‪ ،‬القراءة و ُ‬
‫المج َّمعة في ّ‬
‫ِ‬
‫تصاعديًّا حسب النقاط َ‬
‫ُ‬
‫مثمر في الحياة االقتصادية‪ .‬المستويان ‪ 2‬و‪ 6‬يعكسان مهارات‬ ‫التي تُ َم ِّكن الطُّالب من المشاركة بفعالية وبشكل ٍ‬
‫يجمعُ الجدول (‪ )7‬بعض المعطيات حول‬ ‫مو االقتصادي والتنمية االجتماعية‪ِّ .‬‬ ‫عالية‪ ،‬ضرورية لالبتكار وتعزيز ُّ‬
‫الن ِّ‬
‫النتائج لطالب الدول العربية هي‬
‫أن أحسن ّ‬‫نتائج طُالب الدول العربية المشاركة في تقييمات ‪ .7102‬نالحظ هنا ّ‬
‫لإلمارات العربية المتحدة*‪ ،‬وقد ُرتِّبت ‪ 26‬من بين ‪ 21‬دولة ُمشاركة‪ ،‬تليها قطر بترتيب ‪ ،26‬ثم األردن بترتيب ‪60‬‬
‫أن‬
‫ثم لبنان بترتيب ‪ 62‬ثم تونس بترتيب ‪ 66‬وأخي ار الجزائر بترتيب ‪ .65‬كما نستنتج من معطيات الجدول (‪ّ )7‬‬
‫المهارات المكتسبة في نهاية التعليم اإللزامي ألكثر من نصف طالب لبنان وتونس والجزائر ال ترقى بهم إلى المشاركة‬
‫بفعالية في الحياة االقتصادية لبلدانهم‪ .‬بينما االبتكار والتجديد لتعزيز النمو االقتصادي هي مهارات أثبت أقل من‬
‫‪ %0‬من طالب تونس واألردن امتالكها‪ %7.2 .‬من طالب لبنان و‪ %2.2‬من طالب قطر و‪ %2.8‬من طالب‬
‫يخص مؤشر التغيير السنوي لنتائج الطالب‪ ،‬فنالحظ أعلى مؤشر للتقدم المطّرد‬
‫ّ‬ ‫اإلمارات لديهم هذه القدرات‪ .‬فيما‬
‫تفوقت قطر‬‫لمستوى الطالب حققته قطر عبر مختلف تقييمات هذا البرنامج خالل سنوات مشاركتها‪ .‬فبهذا النسق ّ‬
‫على األردن وتونس في برنامج ‪ 7102‬كما كان متوقعا في تقرير ‪ .7107‬تأخرت مهارات القراءة لدى الطالب‬
‫التونسيين بمقدار نصف سنة أكاديمية مقارنة بمهاراتهم في تقييمات ‪ .7107‬فيما يخص الفرق الملحوظ بين مستوى‬
‫مهارات طالب اإلمارات وغيرهم من طالب الدول العربية‪ ،‬فإنه يجدر بالذكر أن مستواهم فاق ُنظرائهم من تونس‬
‫ولبنان بسنة تكوين أكاديمي وسنة ونصف بالنسبة لنظرائهم من الجزائر وذلك في الرياضيات والقراءة والعلوم‪.‬‬
‫يصف التقرير التحليلي لنتائج الدراسة الكثير من المقارنات بين مميزات أنجح النظم التعليمية وكيفية تأثير‬
‫النظم‪ .‬فمن بين هذه المتغيرات نرصد‬‫متنوعة‪ ،‬من خالل مؤشراتها‪ ،‬على مفاهيم تربوية تميزت بها هذه ّ‬ ‫متغيرات ّ‬
‫تأثير االندماج والدافعية والثقة بالنفس على استعداد الطالب للتعلم‪ .‬يؤكد التقرير أن تغذية أولياء األمور للطموحات‬
‫العالية لصالح أبنائهم لها وقع إيجابي على الدافعية الذاتية للطالب‪ ،‬إذ أنها تحثهم على تعلم الرياضيات فتزيد ثقتهم‬
‫تتحول إلى قلق يطغى عليه‬‫في أنفسهم وتتنامى قدرتهم على ح ّل المسائل الرياضية‪ .‬فقد تبين أن قلّة الثقة بالنفس ّ‬
‫الدراسة والتّغيب تؤثِّر سلبا على األداء‬
‫خوف من مادة الرياضيات‪ .‬كذلك قلة الدقّة في مواعيد الحضور لصفوف ّ‬
‫اسية كاملة)‪.‬‬ ‫ص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫ص كاملة أو أيام در ّ‬ ‫تغيبوا على ح َ‬
‫طالب األردن أ ّكدوا أنهم ّ‬
‫الطالب (أكثر من نصف ّ‬
‫الدراسي ونتائج ّ‬
‫بالطالب جيدة كلّما اندمج هؤالء بسهولة في ِ‬
‫وسط ِهم الدراسي وساهموا‬ ‫المدرسين‬
‫ّ‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬كلّما كانت عالقة ّ‬
‫يتحمل مسؤوليته‬
‫أكثر في الحياة المدرسية‪ .‬االستماع لرأي الطالب واعتماد نهج المشاركة وتشجيع االستقاللية لديه كي ّ‬
‫الفعال الذي يوطّد العالقة الناجحة ذات التأثير اإليجابي ‪.‬‬
‫في عملية التّعلم هي من أهم مميزات التّواصل ّ‬
‫الم ْح َوري للمدرسين في رفع مستوى مهارات الطالب فإن التّقرير يوصي بتكليف أنجع‬‫الدور ِ‬
‫يخص ّ‬ ‫فيما‬
‫ّ‬
‫الدافعية للتّعلّم‪ .‬وهذه‬ ‫المدرسين وأكفأهم بم ِه َّمة تدريس الصفوف األكثر ِّ‬
‫تحدًيا من ناحية التّحصيل العلمي وضعف ّ‬

‫*‬
‫يجب األخذ في االعتبار أن اإلمارات العربية المتحدة وقطر دولتان بهما عدد كبير من الوافدين األجانب‪ ،‬وهو ما يجعل المجتمع السكاني للطلبة عرضه‬
‫للتأثر بالمستوى الثقافي واالجتماعي واالقتصادي لذويهم وليس للبيئة التي يعيشون فيها بالكامل‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الرفع من فعالية آداء‬ ‫مهمة ليست بالسهلة‪ ،‬وال يمكن أن ُيترك المدرس بمفرده في مواجهته لهذا الوضع‪ .‬ففي إطار ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪،‬‬
‫المدرسين وتوفير ظروف دراسية مالئمة للطالب تأخذ بعين االعتبار توصيات مختلف تقارير التقييمات ّ‬ ‫ّ‬
‫يمية التَّ َعلُّ ِمّية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدقيق واالستكشاف العقالني لألداء العام في العملية التَّ ْعل ّ‬
‫تمت صياغة آليات للتشخيص ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 3-3‬نتائج النظم التربوية العربية في التقييمات الدولية (‪)TIMSS‬‬


‫نستعرض في هذه الفقرة نتائج طالب بعض الدول العربية في دراسة االتجاهات الدولية في الرياضيات‬
‫والعلوم (‪ ،)TIMSS‬التي تندرج في إطار برامج التقييمات الدولية في التعليم (‪ .)IEA‬أهم ما نود إب ارزه هو تحليل‬
‫المعلومات حول توزيع مستويات طالب بعض الدول العربية في الرياضيات والعلوم للصف الثامن مقارنة بالمتوسط‬
‫الدولي في مختلف هذه التقسيمات للمؤهالت الفكرية‪.‬‬
‫صنف خبراء التقييمات الدولية نتائج الطالب في الرياضيات والعلوم إلى أربع مستويات في شكل تنازلي‬
‫من المستوى المتقدم إلى المستوى المنخفض‪ .‬يتم تصنيف الطالب إلى المجموعة األعلى كفاءة إذا كان قاد ار على‬
‫إظهار مهارات فكرية مختلفة‪ ،‬تتنوع من أبسطها كالتذكر والفهم والتطبيق إلى أعالها كالتحليل والتأليف والتقييم‪.‬‬

‫‪84%‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫تكون قدرة الطالب على إظهار هذه المهارات‬


‫تونس‬ ‫متجلية في المواقف المعقدة والمتنوعة‪ ،‬مع القدرة‬
‫‪61%‬‬ ‫‪62%‬‬ ‫مصر‬
‫الكويت‬ ‫على تفسير طرقه في معالجة البيانات‬
‫‪47%‬‬
‫والمعارف‪ .‬ينحدر هذا التصنيف الى المستويات‬
‫‪45%‬‬
‫‪26%‬‬
‫األقل كفاءة كالمستوى العالي ثم المتوسط ثم‬
‫‪25%‬‬
‫‪21%‬‬ ‫المنخفض‪ ،‬حسب تغير امتالك الطالب للمعارف‬
‫والمهارات بأنواعها ومستويات كفاءتها‪.‬‬
‫‪18%‬‬ ‫‪5%‬‬
‫‪5%‬‬
‫‪5%‬‬ ‫‪5%‬‬ ‫‪1% 0%‬‬
‫يظهر شكل ‪( 0‬مقارنة لطالب مصر‬
‫‪0%‬‬
‫الضعيفة (‪)400‬‬ ‫المتوسطة (‪)475‬‬ ‫العالية (‪)550‬‬ ‫المتقدمة (‪)625‬‬
‫نسبة الطالب ذوي النتائج‬
‫شكل (‪ )1‬توزيع نسب طالب الصف الثام حسب نتائجهم في الرياضيات‬ ‫وتونس والكويت) مع المتوسط الدولي لتوزيع نسب‬
‫طالب الصف الثامن حسب مؤهالتهم الذهنية في مادة الرياضيات حسب تقرير ‪ ، TIMSS7102‬فنالحظ أن ‪82‬‬
‫من الطالب لديهم مستوى ضعيف فما أكثر يعني موزعين بين األربع مستويات‪ ،‬ويبقى ‪ 06‬من الطالب مستواهم‬
‫دون الضعيف‪ .‬كما نجد أن ‪ 2‬من الطالب لهم مستوى متقدم ومهارات عالية في الرياضيات‪.‬‬
‫بالنسبة للطالب العرب‪ ،‬فإن الفرق في نسب تصنيفاتهم مقارنة بالمتوسطات الدولية شاسع في كافة أنواع‬
‫المؤهالت الذهنية‪ .‬فنالحظ أن ‪ 22‬طالب مصر و‪ 22‬من طالب الكويت لم يرق مستوى مؤهالتهم في‬
‫الرياضيات إلى تصنيف "ضعيف"‪ ،‬حسب تقييمات تيمز ‪ 7102‬للرياضيات (تظهر على الشكل نتائج طالب‬
‫تونس في تيمز ‪ 7100‬بما أنها لم تشارك في تيمز ‪ .)7102‬كما نالحظ تميز طالب الكويت بنسبة ‪ 0‬من‬
‫المتفوقين من اجمالي عددهم‪ ،‬في المقابل‪ ،‬لم يظهر أي تفوق بين طالب مصر وتونس‪.‬‬
‫يظهر شكل ‪( 7‬مقارنة لطالب اإلمارات وقطر والبحرين) مع المتوسط الدولي لتوزيع نسب طالب الصف‬
‫الثامن حسب مؤهالتهم الذهنية في مادة الرياضيات حسب تقرير ‪. TIMSS7102‬‬

‫‪19‬‬
‫نالحظ أن ‪ 22‬من طالب البحرين‬
‫‪84%‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪75%‬‬
‫داخل تصنيف المستويات األربع‪ ،‬بما يعني أن‬
‫‪73%‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬
‫‪62%‬‬ ‫قطر‬ ‫‪ %72‬كان أقل من ضعيف‪ ،‬في حين كانت ‪%72‬‬
‫‪63%‬‬
‫البحري‬
‫‪46%‬‬ ‫باإلمارات و‪ %22‬في قطر‪ ،‬وهي نسب أضعف‬
‫من المستوى الدولي ولكنها بالتأكيد أفضل من‬
‫‪39%‬‬

‫‪36%‬‬ ‫‪26%‬‬
‫‪20%‬‬ ‫الكويت وتونس ومصر‪.‬‬
‫‪14%‬‬
‫‪5%‬‬
‫‪12%‬‬ ‫‪5%‬‬ ‫أما في مادة العلوم‪ ،‬يظهر شكل ‪2‬‬
‫‪2% 3%‬‬
‫الضعيفة (‪)400‬‬ ‫المتوسطة (‪)475‬‬ ‫العالية (‪)550‬‬ ‫المتقدمة (‪)625‬‬ ‫(مقارنة لطالب مصر وتونس والكويت) مع‬
‫نسبة الطالب ذوي النتائج‬
‫شكل (‪ :)2‬توزيع نسب طالب الصف الثام حسب نتائجهم في الرياضيات‬
‫المتوسط الدولي لتوزيع نسب طالب الصف‬
‫الثامن حسب مؤهالتهم الذهنية في مادة العلوم‬
‫حسب نفس التقييم ‪ ، TIMSS7102‬فنالحظ أن‬
‫‪84%‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪72%‬‬
‫تونس‬
‫‪64%‬‬
‫مصر‬
‫‪ 82‬من الطالب لديهم مستوى ضعيف فما‬
‫أكثر يعني موزعين بين األربع مستويات‪ ،‬ويبقى‬
‫‪55%‬‬
‫الكويت‬

‫‪42%‬‬ ‫‪30%‬‬ ‫‪ 06‬من الطالب مستواهم دون الضعيف‪ .‬كما‬


‫نجد أن ‪ 2‬من الطالب لهم مستوى متقدم‬
‫‪29%‬‬ ‫‪29%‬‬

‫ومهارات عالية في العلوم‪.‬‬


‫‪7%‬‬
‫‪20%‬‬ ‫‪10%‬‬
‫‪5%‬‬ ‫‪2%‬‬
‫‪5%‬‬ ‫‪0%‬‬
‫‪0%‬‬
‫الضعيفة (‪)400‬‬ ‫المتوسطة (‪)475‬‬ ‫العالية (‪)550‬‬ ‫المتقدمة (‪)625‬‬ ‫بالنسبة لطالب تونس ومصر والكويت‪،‬‬
‫فإن الفرق في نسب تصنيفاتهم مقارنة‬
‫نسبة الطالب ذوي النتائج‬
‫شكل (‪ :)3‬توزيع نسب طالب الصف الثام حسب نتائجهم في العلوم‬
‫بالمتوسطات الدولية كان شاسع في كافة أنواع‬
‫‪2015‬‬
‫المؤهالت الذهنية‪ .‬فنالحظ أن ‪ 28‬طالب‬
‫‪84%‬‬
‫‪76%‬‬
‫‪70%‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬

‫‪73%‬‬ ‫‪64%‬‬
‫قطر‬
‫مصر و‪ 22‬من طالب الكويت لم يرق مستوى‬
‫البحري‬
‫‪53%‬‬ ‫مؤهالتهم في الرياضيات إلى تصنيف "ضعيف"‪،‬‬
‫‪46%‬‬
‫‪49%‬‬ ‫حسب تقييمات تيمز ‪ 7102‬للعلوم‪ ،‬في حين‬
‫‪29%‬‬

‫‪22%‬‬
‫‪26%‬‬ ‫كان مستوى تونس أفضل‪ ،‬حيث كان ‪ %78‬من‬
‫‪21%‬‬ ‫‪7%‬‬
‫‪7%‬‬ ‫طالبها تحت مستوى ضعيف‪ ،‬و‪ %7‬من طالبها‬
‫‪6%6%‬‬
‫ذوو مستوى متقدم ومهارات عالية‪ ،‬هذه النسبة‬
‫الضعيفة (‪)400‬‬ ‫المتوسطة (‪)475‬‬ ‫العالية (‪)550‬‬ ‫المتقدمة (‪)625‬‬
‫نسبة الطالب ذوي النتائج‬ ‫صفر في كل من مصر والكويت‪.‬‬
‫شكل (‪ :)4‬توزيع نسب طالب الصف الثام حسب نتائجهم في العلوم‬
‫اختلف الوضع كثي ار مع اإلمارات وقطر‬
‫والبحرين شكل ‪ ،2‬فهما أقرب كثي ار إلى المتوسط الدولي‪ ،‬اإلمارات تساوت نسبة طالبها المتميزين ‪ %2‬مع المعدل‬
‫الدولي‪ ،‬في حين كانت النسبة ‪ %6‬في كل من قطر والبحرين‪ ،‬ومنحنيات الدول الثالث تقريبا على نفس المستوى‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫نظام للتشخيص الدقيق والتقييم الذكي لفعالية التعليم داخل الصفوف‬ ‫‪4‬‬
‫الدراسي مجا ٌل بحثِ ٌّي ناشئ معني بتطوير أساليب ذكية الستخراج المعارف‬
‫استكشاف البيانات في الوسط ِّ‬
‫ميز ِ‬
‫ات‬ ‫وفهم أفضل لم ِّ‬ ‫ٍ‬
‫تحديد ٍ‬ ‫من أنواع مختلفة من البيانات في السياق األكاديمي‪ .‬يهدف استخدام هذه األساليب إلى‬
‫ِ‬
‫وتفاصيل السِّياق الذي تَقُوم فيه العملية التّعليمية‪ .‬تؤكد ليندا دارلينغ هاموند‪ ،18‬أن المدرسين‬ ‫ممارسات التّعلُِّم والتَّع ِ‬
‫ليم‬ ‫ْ‬
‫هم بال شك‪ ،‬نقطة ارتكاز لها أكبر األثر على أي سياسة تعليمية ِم َّما ُي َؤِّدي بها نحو النجاح أو الفشل‪ .‬ومن هنا‬
‫أن‬
‫تأتي أهمية إعداد ودعم وتطوير الخبرة المهنية للمدرسين ليصبح التدريس والتعلم أكثر نجاعة‪ .‬من المعلوم ّ‬
‫أساسا على نشاطات التدريب الناجع الذي يرتكز على أهمية التشخيص والمالحظة الواضحة‬
‫الوصول للفعالية يعتمد ً‬
‫داخل السياق التعليمي‪ .‬المالحظة ال يمكن أن تعكس واقع السياق بإخالص إالّ إذا استعان خبراء الميدان بأداة‬
‫تدعم المالحظة المجردة والقياس الناجع‪.‬‬

‫‪ 1-4‬تحويل التسلسل الهرمي للمفاهيم المعرفية إلى تكنولوجيا المنطق الضبابي ‪FUZZY LOGIC‬‬
‫الكمي للمفاهيم المعرفية من خالل التّساؤل‬ ‫َت أعما ُل البحث لصياغة منظومة التّقييم اإلحصائي و ِّ‬ ‫بدأ ِ‬
‫ف من هذا التَّساؤل هو أن يتِ َّم‬ ‫األح ِ‬
‫داث؟‪ ...‬كان الهَ َد ُ‬ ‫مسار ْ‬‫ِ‬ ‫ير‬ ‫س أن يكون ِ‬
‫قاد ًار على تغيِ ِ‬ ‫َ‬ ‫التّالي‪ :‬كيف ُي ْم ِك ُن َ‬
‫للمدِّر ِ‬
‫إيجابا على استيعاب الطّالِ ِب للمعرفة‬
‫أثير ً‬ ‫المدر َس من التّ ِ‬
‫مك ُن ِّ‬ ‫تحديد معايير الممارسات ِ‬
‫المهنية والبيداغوجية* التي تُ ِّ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫تغيير‬ ‫وبالتّالي إحداث‬
‫ي في ُم َؤ ّهالته‪ .‬بدأ‬
‫جذر ٍّ‬
‫ا يا ا املن ية‬ ‫ا لت ا امل ل‬ ‫ا تق لية ال ال‬ ‫اج ِع علوم‬‫البحث في مر ِ‬
‫امل ر ا‬ ‫امل ر ا‬ ‫امل ر ا‬ ‫لف فُ ِ‬
‫روعها‬ ‫التّربية بمختَ ِ‬
‫ا عة‬ ‫ا ية‬ ‫ة‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫المع ِرفي‬
‫حول هذا المفهوم ْ‬ ‫َ‬
‫والذي ُي َمثِّ ُل إحدى ِّ‬
‫أهم‬
‫نظام تعليمي‬‫ٍ‬ ‫أي‬
‫غايات ِّ‬
‫الباحث‬ ‫َّن‬
‫ناجح‪ .‬بي َ‬
‫ا‬ ‫ت ي سا ا‬ ‫امل‬ ‫البلجيكي مارسيل لوبران‬
‫في نتائج أعمالِ ِه َّ‬
‫أن‬
‫امل ر ا‬
‫جية التي‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫اي‬ ‫ا‬ ‫الخيارات المنهَ ّ‬
‫المدرس ومدى‬ ‫ِّ‬ ‫ُيقَِّرُرها‬
‫شكل (‪ :)5‬ترابط مخرجات المفاهيم التربوية في المستوى الرابع بمدخالت مفهوم المستوى الخامس‬ ‫التزامه ِ‬
‫المهَني وحرصه‬
‫مدخال يتح ّك ُم في قدرته على تغيير مسار األحداث في فصله‪ ،‬كما هو مبين في‬ ‫ً‬ ‫على دعم استقاللية طُ ّالبِ ِه تُمثِّ ُل‬
‫ِ‬
‫المباشرة‬ ‫للمالحظة‬
‫الشكل ‪ .2‬أصبحت‪ ،‬إذا‪ ،‬المتغيرات التي تتحكم في هذه القدرة واضحة‪ ،‬ولكنها غير قابلة ُ‬
‫‪18‬‬
‫‪Hammond, 2000.‬‬
‫*‬
‫البيداغوجية‪ :‬مصطلح تربوي من أصل يوناني‪ ،‬نقصد به اختصا ار طريقة قيادة األطفال‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫الكمي‪ ،‬فهي كذلك مفاهيم معرفية وجب البحث عنها في مراجع علوم التربية لالطالع على المزيد من‬ ‫وللقياس ّ‬
‫فإن أعمال الباحث األمريكي جون مارشال ريف‬ ‫الروابط البيداغوجية‪ .‬لو بدأنا بالمفهوم‪ :‬دعم استقاللية الطالب‪ّ ،‬‬
‫ويدع ُم دافعية طُ ّالبِ ِه‬
‫شجعُ َ‬ ‫تغِذية راجعة َّبناءة‪ُ ،‬ي ِّ‬
‫مارس ْ‬ ‫معارِفهم‪ُ ،‬ي ِ‬ ‫الداعم الستقاللية طُ َّالبِ ِه في بِ ِ‬
‫ناء ِ‬ ‫المدرس ّ‬‫ّبينت أن ّ‬
‫ك لهم أوقاتا كافية‬ ‫السالب‪ ،‬ويتُْر ُ‬ ‫ُّل ِ‬‫صب ار في تَقَب ِ‬
‫طالبه ّ‬ ‫اع ّ‬‫انط َب َ‬ ‫إرشادية في محادثاته معهم‪ ،‬كما ُي ْبدي ْ ً‬ ‫ّ‬ ‫مال لُغة‬
‫ُمستَ ْع ً‬
‫الحصة لُِيرسِّخوا تعلُّمهم بأنفُ ِسهم ٌّ‬
‫كل‬ ‫أثناء‬
‫ََ‬ ‫ّ َ‬
‫يجسد‬
‫أن الشكل ‪ّ 6‬‬ ‫حسب قُ ُدراته‪ .‬نالحظ ّ‬
‫ة الت ا ية‬ ‫ال‬
‫ولكنه ال ُي ّبين المتَ ِّ‬
‫غيرين‬ ‫هذه المداخل ّ‬
‫لةا ا ة‬ ‫األخيرين‪" :‬يتقبل االنطباع السالب"‬

‫امل ر ا‬
‫و"يترك أوقاتا لترسيخ التّعلّم"‪ .‬ف ُك ٌّل منهما‬
‫ا ية‬ ‫ا ية‬ ‫ل ا ية‬ ‫قابل للمالحظة المباشرة أثناء الممارسة‬
‫المهنية للمدرس ٌّ‬
‫وكل منهما قابل للقياس‪.‬‬
‫ت ية ا عة‬ ‫كيفي على ُسلَِّم‬ ‫ٍ‬
‫بشكل ٍّ‬ ‫َّم‬
‫السلوك األول ُيقي ُ‬
‫امل ر ا‬ ‫ليكرت* والثاني ُيقَ َّد ُر بقياس المدة الزمنية‬
‫مرة‪ .‬لهذا السبب‬ ‫َّ‬
‫نا‬ ‫ا ية‬ ‫عي ة‬
‫التي يستغرقها كل ّ‬
‫ضعا في شبكة الممارسات والسلوك‬ ‫وِ‬
‫ُ‬
‫ال افعية‬ ‫وس ِّميت الشبكة التّفاعلية‬
‫القابل للقياس ُ‬
‫امل ر ا‬ ‫شرُح في الفقرة التالية‪ .‬كما‬‫ألسباب تُ َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫أن المفاهيم‬
‫نالحظ على الشكل ‪ّ 6‬‬
‫المعرفية التي تش ّكل ِ‬
‫مداخل لمفهوم "دعم‬
‫ا تق لية ال ال‬ ‫صِّنفَت إلى‬ ‫استقاللية الطالب" قد ُ‬
‫امل ر ا‬ ‫ًّ‬
‫هرميا‪.‬‬ ‫مستويات مختلِفة لِتُ َك ِّو َن تَ َسْل ُس ًال‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫فبعد البحث في ِّ‬
‫فية‬
‫كل المفاهيم المعر ّ‬
‫شكل (‪ :)6‬ترابط مخرجات بعض المفاهيم التربوية م مستويات مختلفة‬ ‫أوصلت إلى اإلجابة الكاملة على‬ ‫َ‬ ‫التي‬
‫ف ِذ ْك ُرهُ‪ُ ،‬بنِ َي التَّرُابطُ بينها‬
‫ال اآلنِ ِ‬
‫السؤ ِ‬
‫ُّ‬
‫ٍ‬ ‫وضعُ ُك ُّل‬ ‫ِ‬
‫مفهوم معرفي في المستوى الذي يلي أعلى مستوى ألحد مداخله من‬ ‫على األساس المنطقي التَّالي‪ُ :‬ي َ‬
‫كل مداخل المفهوم "لغة المحادثة" هي ممارسات وسلوكيات قابلة‬ ‫المفاهيم المعرفية األخرى‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ُّ :‬‬
‫أما المفهوم‬ ‫ِ‬
‫األول‪ّ .‬‬
‫للمالحظة والقياس يعني ّأنها تنتمي إلى الشبكة التّفاعلية لذلك ُوض َع هذا المفهوم في المستوى ّ‬
‫ض َع في المستوى ‪ 2‬ألن أعلى مستوى ألحد مداخله هو المستوى ‪ 2‬للمفهوم "دعم‬ ‫"دعم استقاللية الطالب" فو ِ‬
‫ُ‬
‫فتكون نظام هرمي‬
‫تم البحث واالستقصاء عن جميع المفاهيم المعرفية المترابطة‪ّ ،‬‬
‫الدافعية"‪ .‬باتباع نفس المنهجية َّ‬

‫*‬
‫مقياس ليكرت‪ :‬أسلوب لقياس السلوكيات والتفضيالت يستعمل في االختبارات النفسية‪ ،‬استنبطه عالم النفس ريسنس ليكرت‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫مفهوم معرفي منها ُيمثّل وحدة لديها مداخل متكونة‬ ‫ٍ‬ ‫ذو خمس مستويات يحتوي على ‪ 22‬مفهوم معرفي مترابط‪ُّ .‬‬
‫كل‬
‫ِّمها‪ .‬تُ َح َّد ُد ِق َي ُم المخرجات حسب‬
‫من مفاهيم أخرى أو ممارسات أو سلوكيات تؤثر عليها ولديها كذلك مخرجات تُقَي ُ‬
‫القواعد البيداغوجية التي تربط المداخل‪ .‬ما سبق هو وصف ينطبق على أي وحدة معالجة بيانات في علوم‬
‫الحاسب‪ .‬لذلك كانت الفكرة أن تُ َح َّو َل هذه المفاهيم المعرفية إلى وحدات حوسبية وأن تُعالَ َج القواعد التي تربط بين‬
‫المستمدة من الذكاء‬
‫ّ‬ ‫مداخلها بأسلوب يقرب إلى أساليب الذكاء البشري‪ .‬أقرب التقنيات التي تتميز بهذه األساليب و‬
‫االصطناعي وهي تكنولوجيا المنطق الضبابي (‪.)Fuzzy Logic‬‬

‫‪ 2-4‬بناء شبكة تقييم اآلداء المهني للمدرس‬


‫مع تق ّدم بناء المستويات الخمسة ظهرت في نفس الوقت وبصفة تدريجية أغلب الممارسات والسلوكيات‬
‫الصف‪ .‬ظهرت في آخر األعمال البحثية شبكة متكاملة جمعت‬
‫يتبناها داخل ّ‬
‫التي يمكن للمدرس أو المتعلم أن ّ‬
‫الدرس‪ .‬احتوت الشبكة على ‪ 72‬ممارسة بيداغوجية قابلة للقياس بالزمن قُسِّمت‬
‫حصة ّ‬
‫‪ 62‬مؤشر يمكن قياسه أثناء ّ‬
‫داالت بيداغوجية وهي‪ :‬تفاعل الطالب مع العملية التعليمية‪ ،‬ممارسات المدرس التي تهدف إلى تنمية‬
‫إلى خمس ّ‬
‫حث الطالب إلى اإلسهام‪ ،‬الممارسات التّلقينية للمعرفة‪ ،‬الممارسات التقييمية لمدى استيعاب‬‫المعرفة من خالل ِّ‬
‫المتعلمين‪ ،‬وأخي ار الممارسات التي يتم‬
‫من خاللها إثراء الدرس بأمثلة من‬
‫الحياة خارج اإلطار األكاديمي‪.‬‬
‫تحتوي الشبكة كذلك على ‪ 72‬سلوك‬
‫ُيقَي َُّم كيفيا على سلم ليكرت‪ ،‬وقد‬
‫ِّمت كذلك إلى ستة مجموعات‪.‬‬
‫قُس َ‬
‫ثالث منها تخص سلوك المدرس‬
‫داخل الصف وهي التزام المدرس‪،‬‬
‫درسه‪،‬‬ ‫ُّ ِ ِ‬
‫وتمكنه من المحتوى الذي ي ّ‬ ‫َ‬
‫الثالث‬ ‫المنهجية‪.‬‬ ‫وخياراته‬
‫تخص سلوك‬
‫ُّ‬ ‫المجموعات الباقية‬
‫الطالب من حيث االندماج في‬
‫شكل (‪ :)7‬النافذة التفاعلية التي تقيس أداء المعلم وتفاعل المتعلم داخل الصف‬
‫العملية التعليمية بأنواعه الثالثة‪:‬‬
‫اندماج معرفي واندماج سلوكي واندماج وجداني‪ .‬كما أخذت الشبكة بعين االعتبار ‪ 5‬قنوات لتمرير المعرفة (الكتابة‬
‫ويستَ ْخ َرُج من خاللها أساليب تعلّم الطالب‬
‫قاس استعمالُها بالزمن ُ‬
‫على السبورة‪ ،‬المحادثة‪ ،‬التجربة‪ ،‬الرسم‪ُ )...‬ي ُ‬
‫مكونات الشبكة التي ُب ْرِم َجت‬
‫يوضح الشكل ‪ّ 2‬‬ ‫(‪ )Learning Styles‬التي تَ َوجَّهَ إليها المدرس من خالل أداءه‪ّ .‬‬
‫لالستعمال على جهاز حاسب لوحي لتكون أداة المشاهد الخبير في التقييم أثناء حضوره في حصة المدرس ويقوم‬
‫الحصة‪ .‬تقوم الشبكة بقياس كل‬ ‫يتم رصده أثناء‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫بالتفاعل مع الشبكة وذلك بالضغط على كل ممارسة أو سلوك ّ‬
‫‪23‬‬
‫تمت ُمشاهدة العملية التعليمية والتعلمية‬
‫المؤشرات وتخزينها وحساب نسبها‪ ،‬لهذا السبب ُس ِّميت تفاعلية‪ .‬إلى هنا‪ّ ،‬‬
‫داخل الصف وقياس أغلب ما جرى من ممارسات‪ .‬ولكن ماذا عن أداء المتعلم في التقييمات الخطية‪ :‬االمتحانات؟‬
‫هل يمكن استخراج بيانات مفيدة حول مدى استيعابه للمحتوى ومدى تأثير ذلك على مهاراته؟ الفقرة التالية تصف‬
‫طالبه‪.‬‬
‫المدر َس على رصد مكامن ضعف أداء ّ‬
‫صياغة تطبيق عملي يعين ِّ‬

‫‪ 3-4‬صياغة تطبيقات تحليل وتشخيص األداء التّعلُّمي للطالب‬


‫تهدف االمتحانات التحريرية لتقييم مدى تحقيق األهداف والمهارات من خالل نتائج المتعلمين‪ .‬لذلك تخضع‬
‫تم وصفها من خالل نتائج علم التقييم (‪ .)DOCIMOLOGY‬فمن المراجع في هذا‬ ‫هذه االمتحانات إلى أساليب ّ‬
‫المجال‪ ،‬أعمال لوجندر الذي بادر إلى صياغة تصنيف منهجي هرمي للمهارات المستهدفة في العملية التعليمية‬
‫طور تصنيفًا‬ ‫ِ‬
‫حدد من خاللها وبوضوح ترتيبا تسلسليًّا متص ًال لتنمية مهارات المتعلم‪ .‬كذلك بلوم الذي ّ‬ ‫والتقييمية‪ّ ،‬‬
‫يرتب األهداف المعرفية إلى ستة مجاالت وهي‪ ،‬حسب التّرتيب التّصاعدي في التّعقيد‪ ،‬التّذ ّكر‪ ،‬الفهم‪ ،‬التطبيق‪،‬‬
‫التحليل‪ ،‬التأليف‪ ،‬والتقييم‪ .‬فمن المفروض أن تقي َِّم االمتحانات هذه القدرات لدى المتعلم‪.‬‬
‫يتم‪ ،‬في مرحلة ما قبل معالجة أوراق‬‫انطالقا من نفس منهجية العمل المبنية على المشاهدة والقياس‪ّ ،‬‬
‫نص االمتحان (المشاهدة) وذلك بالنسبة ِّ‬
‫لكل المواد األساسية ثم تحديد موقع ك ّل سؤال من‬ ‫إجابات الطالب‪ ،‬قراءة ّ‬
‫ٍ‬
‫مجال من المجاالت الستة التي وقع تقييمها ويقع‬ ‫تصنيف بلوم (القياس)‪ .‬تُجمع آليا مجموع النقاط المحددة ِّ‬
‫لكل‬ ‫ُّ‬
‫حساب نِسبها من النقاط‪ .‬يظهر حينها جليا مدى تعقيد نص االمتحان‪ .‬تأتي في المرحلة الموالية معالجة أوراق‬
‫ال من االمتحان (الشكل ‪ .)2‬عندها‬‫كل سؤ ٍ‬
‫تحصل عليها ك ّل طالب في ِّ‬
‫ّ‬ ‫اإلجابات‪ ،‬حيث يتِ ُّم إدخال ّ‬
‫النقاط التي‬
‫فيتم بذلك حصر مكامن الضعف إن ُو ِج َدت‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫يمكن أن يظهر أداء ك ّل متعلم في كل مجال على حدة ّ‬

‫‪ 4-4‬تقييم أداء المدرسي في أقسامهم‬


‫تم استعمال الشبكة التفاعلية من طرف خبير في تقييم المدرسين أثناء زياراته لصفوف التعليم اإلعدادي‬
‫ّ‬
‫تم‬
‫وفي مختلف االختصاصات‪ .‬وقع تسجيل قيم الممارسات البيداغوجية في قاعدة بيانات ومعالجتها إحصائيا‪ّ ،‬‬
‫يتم عرض حالة عملية لنتائج زيارة‬
‫حصة‪ .‬في الفقرتين المواليتين ّ‬
‫الكمي للمفاهيم المعرفية بالنسبة لك ّل ّ‬
‫التقييم ّ‬
‫لحصة فيزياء في الصف الثامن بإحدى المدارس اإلعدادية في تونس‪.‬‬

‫‪ 5-4‬تحليل الداالت البيداغوجية‬


‫تخرُج هذه‬
‫تم مشاهدتها وقياسها أثناء الحصة‪ .‬تُ ْس َ‬
‫يبين الشكل ‪ 2‬إحصائيات الممارسات البيداغوجية التي ّ‬
‫النقاش بين الخبير والمدرس حول مدى نجاح سير الدرس‪ .‬نالحظ‬ ‫المنحنيات في آخر الحصة لكي تكون محور ّ‬
‫أن الشكل ‪ 8‬يحتوي على رسمين بيانيين‪ ،‬األول متكون من أعمدة تبرز النسب ِ‬
‫المئوية للداالت البيداغوجية‬
‫الحصة‪ .‬أما الثاني فيتكون من ثالث منحنيات‪ ،‬واحدة بالخط المتقطّع‪ ،‬تُمثّل أكبر النسب المسجلة ِّ‬
‫لكل‬ ‫لممارسات‬
‫ّ ّ‬
‫لمدرسين آخرين من نفس االختصاص‪ .‬الثانية‪ ،‬بالخط المتقطّع كذلك‪ ،‬تُمثّل أصغر النسب‬
‫دالّة في الزيارات السابقة ّ‬
‫المسجلة ِّ‬
‫لكل دالّة في الزيارات السابقة والثالثة بينهما‪ ،‬بالخط المتواصل‪ ،‬تُمثّل إحصائيات الممارسات البيداغوجية‬
‫‪24‬‬
‫للحصة‪ .‬المغزى من إبراز هذا الرسم البياني الثاني هو تمكين المدرس من تحديد أداءه بين أداء نظرائه من نفس‬
‫المدرس في مجمله دام‬
‫ّ‬ ‫الطالب مع‬
‫الدرس كاآلتي‪ :‬تفاعل ّ‬‫المادة‪ .‬تكون ِقراءة إحصائيات الشبكة التفاعلية لهذا ّ‬
‫الصفوف‪ .‬حاول المدرس تنمية المعارف واستخراجها‬ ‫طالب باقي ّ‬‫الحصة وهي نسبة قليلة مقارنة بتفاعل ّ‬
‫ّ‬ ‫ربع زمن‬
‫الحصة‪ ،‬وهو بذلك سجل أعلى نسبة زمنية لهذه‬ ‫ّ‬ ‫طالبه من خالل حثِّهم على المشاركة ألكثر من نصف‬ ‫من ّ‬
‫الحصة وهي نسبة ضعيفة مقارنة بما ُس ِّجل في زيارات سابقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الممارسات‪ .‬لم يدم التلقين ِسوى ‪ % 5‬من زمن‬
‫هذا الفرق الشاسع بين ممارسات‬
‫تنمية المعرفة والتّْلقين هو دليل‬
‫على النجاعة البيداغوجية في‬
‫أداء المدرس وهو الدليل على‬
‫وجاهة أسلوب تنشيط متعلميه‬
‫باالعتماد على وضعيات تعلم‬
‫محفزة‪ .‬أسئلة التّقييم لم تحظ‬
‫ٍ‬
‫كاف واألمثلة من الواقع‬ ‫بزمن‬
‫أثناء‬ ‫قليلة‬
‫المعاش كانت‬
‫الحصة‪ُ .‬ي َسلَّ ُم المدرس هذه‬
‫اإلحصائيات ومثيالتها من‬
‫مكونات كل دالة على شكل‬
‫ِّ‬
‫رسوم بيانية تكون منطلقًا ودعما‬
‫شكل (‪ : )8‬النتائج اإلحصائية لقياسات الممارسات التعليمية والتعلمية داخل الصف‬ ‫لممارسات تأملية لحيثيات الدرس‬
‫تهدف أساسا لتطوير هذه الوحدة‬
‫تعليمي شامل‪ .‬فيما يلي عرض للتقديرات الكمية لبعض المفاهيم المعرفية التي أصبحت تُقي َُّم كتقديرات‬
‫ٍّ‬ ‫من ٍ‬
‫نظام‬
‫كمية وهي التي طالما اتصفت بالكيفية‪.‬‬

‫‪ 6-4‬التقدير الكمي للمفاهيم المعرفية‬


‫فإن‬ ‫المجمعة من الشبكة التّفاعلية لنفس هذه الحصة‪ ،‬إلى ِّ‬
‫النظام الهرمي ّ‬ ‫َّ‬ ‫عند إدخال البيانات اإلحصائية‬
‫خرُج ِق َي ًما َك ِّمّية تُقَ ِّد ُر المفاهيم المعرفية ألداء المدرس‪.‬‬
‫قواعد المنطق الضبابي (‪ )Fuzzy Rules‬تعالِ ُجها وتُ ِ‬
‫النظام الهرمي أخرج التّقييم التالي‪ :‬المدرس‬ ‫أن ِّ‬
‫فبالنسبة لنفس الزيارة التي حلّلنا إحصاءاتها‪ُ ،‬نالحظ على الشكل ‪ّ 5‬‬
‫ملتزم ِمهَنيًّا‬ ‫ِ‬
‫قادر على تغيير مسار األحداث بنسبة ‪ %82‬وقد خطّط لخيارات منهجية بنجاعة تبلغ ‪ ،%22‬المدرس ٌ‬
‫كل المفاهيم المعرفية تُقَيَّم بهذا األسلوب ال َك ِّمي‪ِ ،‬م َّما ُي ِّ‬
‫مك ُن‬ ‫بنسبة ‪ ،%27‬وهو يدعم استقاللية طالبه بنسبة ‪ُّ .%80‬‬
‫ُ‬
‫ق في التّحليل‪،‬‬ ‫الحصَّة‪ .‬ثَُّم وبِأكثر ُع ْم ٍ‬‫من استكشاف المفاهيم التي لم تكن في المستوى المطلوب أثناء تفاعالت ِ‬
‫ُ‬

‫‪25‬‬
‫يتِ ُّم استخراج أسباب ضعف األداء‬
‫من خالل اتباع نتائج التقييمات‬
‫الكمية ِلمداخل هذه المفاهيم خالل‬
‫الوصول إلى‬
‫سلسل الهرمي حتّى ُ‬
‫التّ ُ‬
‫يعني َّأنهُ َّ‬
‫تم‬ ‫َّ‬
‫الشبكة التَّفاعلية‪ْ :‬‬
‫استكشاف وتحديد الممارسات‬
‫القابلة للمالحظة والقياس والتي‬
‫كانت سببا مباش ار في ضعف تفعيل‬
‫المفاهيم المعرفية أثناء الحصة‪.‬‬
‫الشكل ‪ :9‬مخرجات النظام الذكي‪ :‬تقييم المفاهيم التربوية بشكل كمي‬
‫هكذا تَ ْسهُي ُل بناء ُخطط التنمية‬
‫المهنية من خالل المحادثات مع ذوي الخبرة الفاعلين في الميدان ومن خالل ِ‬
‫الحصص التدريبية‪.‬‬

‫توصيات للنهوض بمستوى ُمخرجات النظام التعليمي بدول الكويت‪ ،‬مصر وتونس‬ ‫‪5‬‬
‫أعطت الحكومات المتعاقبة في دولة الكويت أهمية كبرى لقطاع التعليم‪ ،‬إذ أنها رفعت من مستوى اإلنفاق‬
‫تخفيض ٍ‬
‫الفت في نسبة األمية‬ ‫ٍ‬ ‫عليه ونجحت في زيادة نسب اإللحاق في مختلف مراحله‪ ،‬بالتالي تمكنت من تحقيق‬
‫بين المواطنين‪ .‬ولكن‪ ،‬رغم مستوى اإلنفاق العالي على أجور الموظفين المنتسبين إلى قطاع التعليم‪ ،‬واالنخفاض‬
‫الجيد في نسب األمية في دولة الكويت‪ ،‬فإن مخرجاته بقيت على حالِها‪ ،‬متواضعة‪ ،‬كما تبينه تقارير التنافسية العالمية‬
‫ومختلف التقييمات الدولية لمستويات طالب الكويت‪ .‬لذلك فإن تحسين مستوى مخرجات المنظومة التعليمية يحتُّم‬
‫نامجا إصالحيًّا يسعى إلى تحقيق‪ ،‬على األقل‪ ،‬االرتقاء بجودة أداء المنظومة التعليمية‪ ،‬ترشيد توزيع اإلنفاق على‬
‫بر ً‬
‫مكونات المنظومة التعليمية‪.‬‬
‫في حين تعاني تونس من مشكالت تنظيمية‪ ،‬فهناك عدم استقرار امتد لسنوات تأثر به قطاع التعليم‪ ،‬إضافة‬
‫لمشكالت تمويلية‪ ،‬ومشكالت في تكوين المعلمين‪ ،‬وهذا السبب األخير أثر كثي ار في جودة العملية التعليمية‪.‬‬
‫أما مصر فالمشكالت أكبر بكثير‪ ،‬تعاني مصر من مشكالت كبيرة في تمويل التعليم‪ ،‬ارتفاع مستويات‬
‫التسرب نتيجة للفقر الذي يجبر األسر على إخراج أبناءها لسوق العمل‪ ،‬ارتفاع كبير في كثافة الفصول الدراسية جعل‬
‫من مجرد عمل المعلم صعب فما بالك بتجويد هذا العمل‪ ،‬انخفاض المقابل المادي لعمل المعلم‪ ،‬وهو ما أدى لتفشي‬
‫تعليم بديل يلجأ إليه المعلمون لرفع مستواهم االقتصادي‪ ،‬تدني مستوى الطالب الملتحقون بكليات التربية نتيجة تدني‬
‫نظرة المجتمع‪ ،‬فليس أفضل الطالب هم من يلتحقون بها‪.‬‬
‫رغم االختالف الكبير في مشكالت الدول الثالث‪ ،‬إال أنها تتشارك في انخفاض مستوى التعليم والتعلم داخل‬
‫الفصول الدراسية‪ ،‬من السهل كثي اًر تطبيق هذا االسلوب في الكويت (المدارس الحكومية)‪ ،‬وبصورة ما في تونس‪ ،‬لكن‬
‫في مصر األمر يختلف‪ ،‬فال يمكن تطبيق هذا األسلوب لتقييم عملية التعليم والتعلم في المدارس الحكومية (بوضعها‬
‫‪26‬‬
‫الحالي)‪ ،‬قد يكون األمر أسهل في مدارس التعليم الخاص‪ ،‬أو مدارس المنظمات التي ال تهدف للربح‪ ،‬وهي مدارس‬
‫ال تعاني من مشكالت زيادة كثافة الفصول بشكل يجعل من تطبيق هذا األسلوب مستحيال‪.‬‬
‫يحتاج األمر لـ "ثورة" من أجل رفع كفاءة النظم التعليمية في الدول الثالث‪ ،‬ورفع جودة مخرجات العملية‬
‫التعليمية‪ ،‬ورفع مستوى أهم مكوناتها "المعلم"‪ ،‬وهذا ال يتأتى إال بإجراءات جريئة ومدروسة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ o‬رفع مستوى االنتقائية في االختبارات الوطنية لقبول أحسن الطالب للدراسة بكليات التربية‪ ،‬فال يجب‬
‫بأي حال من األحوال أن ينخفض مستوى التميز لهؤالء الطالب عن أول ‪ %25‬من الطالب الناجحين‬
‫في امتحان الثانوية العامة‪،‬‬
‫‪ o‬االهتمام بمستوى معلمي الرياضيات والعلوم بصفة خاصة‪ ،‬وزيادة تدريبهم واطالعهم على تجارب دول‬
‫متميزة في هذا المجال‪ ،‬مثل فنلندا وسنغافورة‪.‬‬
‫‪ o‬وضع برنامج للتدريب المتواصل خالل العام لكافة المعلمين‪ 011 ،‬ساعة على األقل‪ ،‬بما يسمح بتطوير‬
‫أداء المعلمين‪ ،‬خاصة معلمي المرحلة االبتدائية‪.‬‬
‫‪ o‬إشراك القطاع الخاص في إدارة بعض المدارس الحكومية‪ ،‬ودعم استقاللية البعض اآلخر بإعطائها‬
‫صالحيات تدعم تسييرها الذاتي‪.‬‬
‫‪ o‬االشتراك في كافة التقييمات الدولية التي تقيس مستوى كفاءة وجودة العملية التعليمية ومخرجاتها‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل تطوير األداء المستقبلي‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الخالصة‬ ‫‪6‬‬
‫ص ُل إِلَ ْيها‬‫الَّتي َن ِ‬ ‫فالحقائِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ضا‪َ .‬‬ ‫كان ف ْع ًال َع ْقليًّا‪ّ ،‬إال أَنَّهُ ف ْع ٌل روح ٌّي ْأي ً‬
‫من األقاويل المأثورة‪" :‬الفَ ْه ُم وِا ْن َ‬
‫اك َر ْو َع ِة‬
‫ع ْ إِ ْدر ِ‬
‫َ‬
‫بارَدة‪ ،‬أو َنظ ُّل َن ْح ُ ِ‬
‫قاصري َ‬ ‫ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف تَظَ ُّل َحقائِ َ‬ ‫ياضيات‪ ،‬إِن لَم َنستَ ْش ِعرها بِأَرو ِ‬
‫احنا فَ َس ْو َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ ْ‬
‫ِ‬
‫الر ّ‬ ‫المن ِط ِ‬
‫ق وبِ ّ‬ ‫بِ ْ‬
‫اكنا لَها"‪.19‬‬‫إِ ْدر ِ‬

‫تعاني منطقتنا العربية من تدهور على كافة األصعدة‪ ،‬خاصة في الدول ذات التاريخ التربوي العريق‪ ،‬كمصر‬
‫وتونس وسوريا والعراق‪ ،‬قد يكون األمر راجعاً ألسباب اقتصادية أو سياسية‪ ،‬ولكننا نتبنى وجهة النظر التي تأكد أن‬
‫تدهور نظم التعليم هو سبب التدهور االقتصادي والسياسي‪.‬‬
‫ورغم اختالف األوضاع في دول الخليج‪ ،‬فهي دول تتمتع بعائدات تسمح لها بإحداث تطوير شامل في‬
‫منظوماتها التعليمية‪ ،‬ورغم أنها "ظاهريا" حققت الكثير وتحتل مراتب جيدة على مستوى التقييمات الدولية‪ ،‬خاصة‬
‫قطر واإلمارات والبحرين‪ ،‬إال أن لنا تحفظ أساسي على هذا األمر‪ ،‬فهذه الدول ذات مجتمعين سكانيين منفصلين‪،‬‬
‫يمكن التحكم في كافة مؤشرات القياس بالتحكم في مستوى الوافدين الذين تستقطبهم للعمل‪ ،‬فال يمكن أن نقول‪ ،‬في‬
‫حالة مثل دولة اإلمارات أن مؤشرات أقل من مليون مواطن إماراتي تتحكم في مؤشرات مجتمع يزيد عن ثمانية ماليين‬
‫نسمة؟ لذلك فمؤشرات قطر واإلمارات يمكن أن "توجه" بالتحكم في "جودة" المجتمعات الوافدة‪ ،‬وهذا بالمناسبة ما ظلم‬
‫– نسبياً ‪-‬دولة مثل الكويت (‪ %6.7‬فقط من قوة العمل غير الكويتية تحمل مؤهالت عليا)‪.‬‬
‫األوضاع في مصر – بصفة خاصة – تعاني من تدهور قطاعي التعليم واالقتصاد‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬إذا أرادت‬
‫الدولة أن تحقق "تنمية مستدامة"‪ ،‬فيجب أن تأسس لسياسات إصالحية تجعل نظامها التعليمي يحقق تدريجيا مستويات‬
‫مقبولة من الكفاءة في األداء‪ ،‬وبالتالي في المخرجات‪ .‬واقع الحال في مصر يؤشر إلى تدني مخرجات التعليم الذي‬
‫لم يقتصر على القطاع الحكومي فقط‪ ،‬بل أصاب التعليم الخاص‪ ،‬رغم تميزه النسبي‪ ،‬وذلك بسبب ضعف مستويات‬
‫جودة األداء لمنتسبي وخريجي كليات التربية‪ .‬لذلك نلفت نظر أصحاب القرار وواضعي السياسات التعليمية بأن‬
‫تج َمعها‪ ،‬وهي التركيز الشديد على تطوير األداء التعليمي للمعلمين‪ ،‬لما‬ ‫ٍ‬
‫سياسة ْ‬ ‫افق في‬
‫األنظمة التعليمية الناجحة تتو ُ‬
‫تحصيل الطالب وانجا ازتهم‪ .‬لذلك جمعتهم إجراءات مماثلة لتنفيذ هذه السياسة‪،‬‬ ‫قوي وم ٍ‬
‫باشر على ْ‬ ‫لديه من ٍ‬
‫تأثير ٍّ‬
‫نستعرض ثالثة منها بالتفصيل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫صبحوا معلمين‪،‬‬
‫‪ -‬انتقاء األشخاص المناسبين ُلي ْ‬
‫فعالة‪،‬‬
‫‪ -‬تطوير الممارسات التعليمية بأساليب ّ‬
‫جميعا من االستفادة من األداء التعليمي الجيد‪.‬‬ ‫‪ -‬ووضع أنظمة تُ ِّ‬
‫مك ُن الطالب‬
‫ً‬
‫ب إطا ار تأسيسيا يحتوي على تقييمات‬‫وبطبيعة الحال‪ ،‬تعي الحكومات المعنية بأن هذه اإلجراءات تتطلّ ُ‬
‫وفق معايير صارمة‪ ،‬توقعات واضحة‪ ،‬وآليات دعم متباينة للمعلمين والطالب مع تسهيالت في الموارد األساسية‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ْن ية خ ل القرن ا ا س ي‬ ‫‪ ،‬ا ت يف ا‬ ‫‪ُ 19‬س ت ىل في سوفة و املة يا يا ‪ ،‬ه‬


‫‪28‬‬
29
‫مراجع الدراسة‬ 2

‫ مراجع بالعربية‬1-7
،"‫ التحديات والتوصيات السياسية‬:‫ تقرير "نظام اإلصالحي في دول مجلس التعاون الخليجي‬،‫ أسماء الفضالة‬.0
.7102 ،‫مؤتمر القمة واالبتكار في التعليم‬

.‫ الجزء االول‬،‫ المنتدى االقتصادي العالمي‬،7102-7106 ‫ تقرير التنافسية العالمية‬،‫ كالوس شواب‬.7

.7102 ،‫ ُكتيب سياسات المدارس الحكومية‬،‫ المجلس األعلى للتعليم بأبوظبي‬.2

.7102 ،"‫ إمارة أبو ظبي‬:‫ "هجرة التعليم من حالته الراهنة إلى كفاءة أعلى‬،‫ مغير خميس الغيلي‬،‫ مسعود بدري‬.2

.7106 ،"‫ تقرير "التنمية المستدامة تبدأ بالتعليم‬،‫ منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة‬.2

‫ مراجع باإلنجليزية‬2-7
1. Allington & Johnston, “What do we know about effective fourth grade teachers and their
classrooms”, interviews in Singapore, South Korea, and Hong Kong, 2000.
2. Barber, “Journeys of discovery”, 2005.
3. Decker & Mayer, “The effect of Teach for America on students: Findings from a national
evaluation”, 2004.
4. International Association for the Evaluation of Educational Achievement (IEA):Trends in
International Mathematics and Science Study (TIMSS), TIMSS 2015, International Results
in Science – Grade 4.
5. International Association for the Evaluation of Educational Achievement (IEA):Trends in
International Mathematics and Science Study (TIMSS), TIMSS 2015, International Results
in Science – Grade 8.
6. International Association for the Evaluation of Educational Achievement (IEA):Trends in
International Mathematics and Science Study (TIMSS), TIMSS 2015, International Results
in Mathematics.
7. J. Reeve, “Why teachers adopt a controlling motivating style toward students and how they
can become more autonomy supportive.” Educational Psychologist, 44, 159-175, 2009.
8. J. Reeve, and Jang, H. “What teachers say and do to support students’ autonomy during a
learning activity.” Journal of Educational Psychology, 98(1), 209-218, 2006.
9. J. Reeve, G. Nix, and D. Hamm, “The experience of self-determination in intrinsic
motivation and the conundrum of choice.” Journal of Educational Psychology, 95, 375-392,
2003.
10. Jenn David-Lang, “The Main Idea”, 2013.
11. John Hattie, “Visible Learning for Teachers: Maximizing Impact on Learning”, Routledge
edition, 2012.
12. L. Darling-Hammond, “Authentic assessment of teaching in context”, Teaching and teacher
education, 16, 523-545, 2000.
13. L. Darling-Hammond, and Ducommun, “Recognizing and developing effective teaching:
what policy makers should know and do”, National Education Association (NEA) and
American Association of Colleges for Teacher Education (AACTE), C.E. May 2010.
14. M. Lebrun, “Des technologies pour enseigner et apprendre. ” De Boeck: Bruxelles, 1998.
15. McKinsey & Company “How the world’s best-performing school systems come out on top”,
September 2007.
16. National Center on Education and the Economy (NCEE), “Tough Choices or Tough Times”,
2007.
30
17. OECD “Attracting Developing and retaining Effective teachers “, 2005.
18.P. Baranyi, Y. Yam, “Fuzzy rule base reduction”, Chapter 7 of “Fuzzy IF-THEN Rules in
Computational Intelligence: Theory and Applications,” D. Ruan and E.E. Kerre, (eds.),
Kluwer, 2000, p. 135-160.
19. R. Besbes, C. Fournier, R. Ghram, A. M. Alimi, “Evaluation ergonomique de l’encadrement
des enseignants de sciences physiques en Tunisie”, Revue Education & Formation, ISSN
2032-8184 Université de Mons – Belgique, p. 105-118, 2010.
20. Sanders & Rivers “Cumulative and Residual Effects of teachers on future student academic
achievement”, 1996.
21. Training and Development Agency for schools, Annual report and accounts, 2005.

31

You might also like