You are on page 1of 300

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫‪République algérienne démocratique et populaire‬‬

‫وزارة التعلي ــم العــالي والبح ــث العلمــي‬


‫‪Ministère de l’enseignement supérieure et de la recherché scientifique‬‬

‫جامعــة محمـد خيضـر بسكـرة – الجزائــر‪-‬‬

‫كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫قسم عل ــوم التسيي ــر‬

‫مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية‬


‫دراسة تطبيقية على مجموعة من املؤسسات‬

‫أطروحة دكتوراه علوم في علوم التسييـر في إطار مدرسة الدكتوراه إلاقتصاد التطبيقي‬
‫وإدارة املنظمات تخصص ‪ :‬اقتصاد و إدارة املعرفة واملعارف‬

‫إش ـ ـ ـ ـ ـ ـراف ألاس ـ ـ ـ ــتاذ‬ ‫إعداد الطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالب‬


‫أ‪.‬د‪ .‬الطي ــب داودي‬ ‫بن عامر داهينين‬

‫لجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنة املناقشة‪:‬‬


‫رئيـ ـ ــسا‬ ‫جامعة بسـ ـ ـ ـ ــكرة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الحميد غوفي‬
‫مقـ ـ ـ ــررا‬ ‫جامعة بس ـ ـ ـ ـ ــكرة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬الط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب داودي‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة سـ ـ ـ ــطيف‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الرزاق فوزي‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة بس ـ ـ ـ ـ ـ ــكرة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوني‬
‫أ‪.‬د‪ .‬رابح ـ‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة الـ ـ ـ ـ ـ ــوادي‬ ‫أستاذ مح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاضر "أ"‬ ‫د‪ .‬إلياس الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهد‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة ام البواقي‬ ‫أستاذ مح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاضر "أ"‬ ‫د‪ .‬الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعيد بريكة‬

‫املوسم الجامعي ‪6102/6102‬‬


‫الإهـداء‬
‫أهدي ثمرة هذا الجهد ‪:‬‬

‫إلى والدتي‪..‬‬
‫ً‬
‫عطفا ًو حنانا‪..‬‬

‫إلى والدي‪..‬‬
‫ً‬
‫ب ّرا ً و إحسانا‪..‬‬

‫إلى أسانذتي‪..‬‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫سكرا وتفدبرا وعرفانا‪..‬‬

‫إلى إخوتي وأصدفاتي‪..‬‬


‫ً‬
‫حــــــــــب ًة وامنـــــنانا‪..‬‬
‫م ّ‬

‫ّ‬
‫و إلى بيتي َالصغير‪:‬‬

‫زوحتي الغالبة ‪..‬دك تورة بن ساهل وسنلة ‪...‬التي وقفت الى جانتي طوال عملي وكانت‬
‫ت‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫لم‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ج‬‫ش‬‫ت‬‫ل‬
‫ع‬ ‫ل‬
‫مصدر ا ع وا عزبز ور ع روحي ا توية لما ازدادت ا عونات في طرقي‪.‬‬

‫والى قرة عيتي‪ ...‬ووردة حناتي‪ ...‬ابيتي سيربن‪...‬‬


‫سكر و تفدبر‬
‫أخرج ّاليرمذي في سنبه في كناب الير وال ّصلة‪،‬ناب ما جاء في ال ّسكر لمن أحسن إلنك‪،‬جدنث رقم‪،4591:‬بسنده إلى أتي‬
‫هربرة‪،‬فال‪:‬فال رسول هللا صلى هللا علبه وسلم ‪:‬‬
‫َ‬
‫« من ال بسكر ال ّناس ال بسكر هللا »‪.‬‬

‫اميناال لهذا ال توجبه الي توي الكريم أتف ّدم بحالص ال ّسكر وال يّفدبر والعرفان إلى سماحة األسناذ الدك تور داودي الطنب على تف ّصله‬
‫تق تول اإلشراف على هذه األطروحة ‪،‬وعلى ما لمسبه فبه من روح اإلجالص‪ ،‬وعاطفة األبوة ال ّصادقة ‪،‬وعلى كل ما فدمه من بوجبه‪،‬‬

‫ل‬
‫و إرساد ألجل اكتمال هذا ا عمل‪.‬‬

‫ّ‬ ‫لس‬
‫فال بسعتي إال أن أسأل هللا سنحايه و تغالى أن بهغله ذخرا لإلسالم وا م ل‪ ،‬ن‪ ،‬و أن بجزيه عتي و عن طالب الغلم جير الجزاء‪.‬‬

‫كما أتف ّدم نال ّسكر و ال يّفدبر واالبجناء بواضغا إلى األسانذة الفصالء‪ ،‬أعصاء لجبة المناقشة على جدمتهم للغلم و تفانتهم في ذلك‪.‬‬

‫و إلى كل من أندى لي تصحا أو فدم لي مساعدة من قرنب أو من تعند‪.‬‬

‫وأجيرا فإن كنت أحسنت فتما جمغت‪ ،‬وأصنت في الذي صيغت ووضغت‪ ،‬فذلك من عطتم م ن هللا تغالى وخزنل قصله‪،‬‬
‫وعطتم أتعمه علي وجلنل طوله ‪ .‬وان أنا أسا ت فتما قغلت وأخطأت إذا وضغت‪ ،‬قما أجدر اإلبسان ناإلسا ة والع توب‪ ،‬إذا لم‬
‫ّ‬
‫تعصمه وبهفظه عالم الع توب‪:‬‬

‫ّ‬
‫وما أب ّرئ تفسي أنتي بشر أسهو وأخطئ مالم بحمتي فدر‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫من أن تقول مقر ‪ :‬أنتي بشر‬ ‫وال برى عذرا أولى نذي زلل‬
‫ملخص ادلراسة‬
‫ملخص الدراسة‬

‫تواجه املنظمات الحالية عدة تحديات جوهرية‪ ،‬نجد في مقدمتها الرغبة في البقاء والاستمرار خاصة مع الاضطرابات التي تشهدها‬
‫البيئة والناتجة عن شدة التغيرات الاقتصادية وحتمية إلابداع والتميز في ظل ما يسمى باالقتصاد املبني على املعرفة‪ .‬فعدم السعي نحو‬
‫الاحتفاظ بكفاءاتها ومعرفتها ألاساسية يجعل كل منظمة غير قادرة على مواجهة هذا التحدي وتصبح مهددة بالخروج من ألاسواق العاملية‪.‬‬
‫وكما تفرض طبيعة املعرفة وأهميتها كمورد إستراتيجي تحدى من نوع آخر ذو بعد استراتيجي‪ ،‬اذ تتميز عن غيرها من موارد املؤسسة في كونها‬
‫ال تخضع لقانون تناقص الغلة و ال تعاني من مشكلة الندرة‪ ،‬وتعتبر املورد الوحيد الوافر الذي يبنى بالتراكم وال يتناقص باالستخدام؛ هذه‬
‫ألاهمية ادت الى ازدياد وعي العديد من املؤسسات بأن هذه املعارف التي يمتلكها املوظفون تعتبر رأس مال المادي يجب الاهتمام بإدارته‬
‫تماما كما يدار رأس املال املالي واملادي‪ .‬فامتالك املعرفة والعمل على مشاركتها وتقاسمها داخل املؤسسة يعد من العوامل ألاساسية للنجاح‪.‬‬
‫إال أن التغيرات التي عرفتها املؤسسات وخاصة في مجال إدارة املوارد البشرية‪ ،‬السيما تلك املتعلقة باإلحالة واسعة النطاق للتقاعد أو موجات‬
‫تسريح العمال‪ ،‬جعلتها تفقد كما هائال من معرفتها املتراكمة وبالتالي الفقدان التدريجي للذاكرة التنظيمية‪ ،‬مما انعكس سلبا على أدائها وقراراتها‬
‫وحل مشكالتها‪ .‬وكثيرا ما يستشهد بحالة وكالة (‪ ،)NASA‬والتي صرحت بأنها لن تكون قادرة على إعادة إرسال من جديد رواد إلى القمر نظرا‬
‫لفشلها في معرفة كيفية املحافظة على الخبرة واملهارات املتراكمة لديها من خالل برنامج دام ما يقارب العشرين سنة‪ ،‬بسبب فقدان أهم‬
‫عامليها‪ ،‬فهي تعتبر مثاال نموذجيا لـ"ذاكرة مفقودة"‪ ،‬أي بمعنى آخر إلدارة معرفة فاشلة‪ .‬وتطرح بذلك إشكالية إدارة هذه الذاكرة‪.‬‬
‫وبناءا عليه هدفت دراستنا إلى معرفة كيف تتمكن إدارة املعرفة من بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية‪ .‬من خالل إسقاط تصورنا هذا‬
‫على الواقع وفق دراسة حالة ملجموعة من املؤسسات جزائرية (سوناطراك‪ ،‬صيدال‪ ،‬كوندور)‪ ،‬اذ تبرز الدراسة أهم املعايير التي يمكن‬
‫استخدامها كأداة لتقييم ومقارنة أفضل املمارسات إلدارة املعرفة‪ ،‬كما يمكن للدراسة أن تساعد املؤسسات والباحثين على تعزيز فهمهم إلدارة‬
‫املعرفة من خالل تقديم صورة واقعية حول أفضل املمارسات في هذا املجال ومعرفة املحاوالت واملعوقات والتحديات التي تواجه عملية بناء‬
‫الذاكرة التنظيمية وكيفية تطويرها‪ ،‬وتحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬قمنا بتشخيص واقع ممارسة إدارة املعرفة ومدى تبنيها في املؤسسات محل الدراسة‬
‫من خالل استخدام أداة لتقييم ممارسة إدارة املعرفة وفق نموذج (‪ )CAF‬واملقسمة إلى أربعة مجموعات أساسية ضرورية في تطبيق إدارة‬
‫املعرفة تتضمن الاستراتجية ومدى توافقها مع أهداف مشروع ادارة املعرفة اضافة الى سياسات ادارة املوارد البشرية املنتهجة وكذا العمليات‬
‫املطبقة الى جانب الادارة العليا و املتمثلة في القيادة ومدى استعدادهها لتبني مشروع ادارة املعرفة ‪ .‬اذ احتوت هذه الاداة على ثالثين معيار‬
‫لقياس ممارسات إدارة املعرفة ليتم فيما بعد إجراء مجموعة مقابالت شبه موجهة مع إطارات املؤسسات‪ .‬هدفها الوقوف على أهم آلاليات‬
‫وتقنيات عمليات إدارة املعرفة (اكتشاف امتالك مشاركة وتطبيق) معتمدين في ذلك على نموذج املق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم من طرف الباحثان‬
‫(‪ )Sabherwal & Bacerra-Fernandez‬ومدى مساهمتها في تطوير الذاكرة التنظيمية من خالل عملياتها الجوهرية (بناء تحديث توزيع‬
‫واسترجاع) متبعين في ذلك على نموذج الباحثين (‪ .)Walsh & Ungson‬وقد تم التحقق بشكل منتظم من كافة الافتراضات املقترحة توصلنا‬
‫من خاللها إلى أن للوصول إلى بناء الذاكرة التنظيمية وإدامتها تحتاج املنظمة إلى توفير البنى التحتية ألاساسية من تكنولوجيا املعلومات‬
‫الضرورية للمؤسسة إضافة إلى زرع ثقافة تقاسم املعرفة ووجود هيكل تنظيمي مرن يتماش ى وأهدافها حتى تتمكن املنظمة من تعظيم‬
‫الاستفادة منها من خالل التوثيق الفعال لتجارب وخبرات املنظمة وتحويل املعرفة الضمنية إلى صريحة وهيكلية بإبقاء اكبر ما يمكن من معرفة‬
‫ألافراد في انظمه املنظمة وهيكلها‪ ،‬واملحافظة على أفرادها ألاساسيين بما يضمن املحافظة على الذاكرة الحية للمنظمة واستمراريتها‪ ،‬وتحسين‬
‫عملية الوصول للمعرفة مما يعزز عملية مشاركة وتبادل املعرفة والتي تؤدى إلى إعادة توزيع ونشر الذاكرة في جميع مستويات املنظمة‪ .‬وكما‬
‫أن آليات وتقنيات اكتشاف املعرفة التي تقدمها حلول إدارة املعرفة تعمل على تحديث وتحيين الذاكرة التنظيمية وكذا استخدام املعرفة من‬
‫خالل جملة نظم إدارة املعرفة الداعمة يساهم في استرجاع الذاكرة وتطبيقها‪ .‬هذا ما يجنب املنظمة الحوادث املكلفة ويجعلها تتفادى إعادة‬
‫حل املشكالت وضمان الاستعمال املتجدد للتجربة املستقاة من ألافراد وفرق العمل والحفاظ على الهياكل وألاجهزة الحساسة التي تتعدى فترة‬
‫حياتها فترة حياة العاملين عليها‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬املعرفة‪ ،‬إدارة املعرفة‪ ،‬عمليات إدارة املعرفة‪ ،‬نظم إدارة املعرفة‪ ،‬الذاكرة التنظيمية‪ ،‬ذاكرة الوثائق‪ ،‬الذاكرة‬
‫الديناميكية‪ ،‬الذاكرة الساكنة‪.‬‬
RESUME
Les organisations se trouvent aujourd'hui confrontées à des défis importants, parmi lesquels la volonté d’assurer leur survie et
pérennité en constituent le plus important, face aux turbulences que connu l'environnement liées aux changements économiques
rapides et l’exigence inévitable d'innover et d’atteindre l'excellence au sein de la nouvelle économie fondée sur la connaissance.
L’organisation qui ne réussit pas à conserver ses compétences et connaissances principales ne sera pas en mesure de relever ce
défi et risque de perdre sa part de marché. La nature de la connaissance et son importance en tant qu’une ressource stratégique
impose également un autre défi stratégique. De telle ressource se distingue des autres ressources de l’organisation, en n’étant
pas soumis à la loi des rendements décroissants et ne souffre pas du problème de la pénurie, elle est une ressource ample, qui se
construit par accumulation et accroit par utilisation, face à cette importance, un bon nombre d’organisations ont pris conscience
que les connaissances possédées par leurs employés constituent un capital immatériel que l’organisation doit gérer de la même
manière que le capital financier et matériel. De plus, le fait de posséder des connaissances et permettre leur participation et
partage au sein de l'organisation est devenu l'un des facteurs clés de succès. Cependant, les changements qu’ont connu les
organisations au niveau de la gestion de leurs ressources humaines, en particulier celles liées au départ volontaire des salariés,
la mise à la retraite ou les vagues de licenciement massif, ont causé la perte d’une énorme quantité de leurs connaissances
accumulées et, par conséquent, la perte progressive de leur mémoire organisationnelle, ce qui affectera négativement leur
performance et leur manière de prise de décision et de résolution des problèmes. On fait souvent référence au cas du centre du
(NASA), qui affirme qu'elle serait dans l'incapacité d'envoyer à nouveau des hommes sur la Lune faute d'avoir su pérenniser ce
savoir-faire, et conserver son expérience et compétences accumulées dans le cadre de son programme qui a duré près de vingt
ans, et en fin de compte, il a perdu la plupart de ses employés qualifiés. il est souvent cité comme un exemple de "mémoire
défaillante", autrement dit d'une mauvaise gestion de la connaissance de l'entreprise. Ce qui nous permet de poser ainsi le
problème de la gestion de cette mémoire.
Notre objectif dans le cadre de ce travail est de découvrir comment la gestion de connaissance peut-elle construire et développer
la mémoire organisationnelle. Nous avons choisi pour cette fin l’étude de cas d’un groupe d’entreprises algériennes (Sonatrach,
Saidal, Condor), à partir duquel nous avons exploré les applications opérationnelles de la gestion de connaissances et tirer les
enseignements, ce qui permet d'évaluer et de comparer ces applications avec d'autres applications dans les différentes
entreprises. L'étude met en évidence les critères les plus importants qui peuvent être utilisés comme un outil pour évaluer et
comparer les meilleures pratiques de gestion des connaissances. Cet étude pourrait aider les organisations et les chercheurs à
améliorer leur compréhension de la gestion des connaissances en offrant une image réaliste sur les meilleures pratiques dans ce
domaine et de découvrir les tentatives, les contraintes et les défis du processus de construction et de développement de la
mémoire organisationnelle. À cette fin, nous avons mené un diagnostic de l’état des pratiques de la gestion des connaissances
sur le terrain et mesuré le niveau de son adoption dans les trois entreprises étudiées, à travers l'utilisation d'un outil d’évaluation
spécialisé dans le domaine de la gestion des connaissances en conformité avec le modèle (CAF) divisé en quatre groupes de
base, chaque groupe reflète une dimension particulière de l'application de la gestion stratégique des connaissances et sa
cohérence avec les objectifs du projet de gestion de connaissance, ainsi que les politiques de gestion des ressources humaines et
des processus opérationnels. A cela s’ajoute l’évaluation de la direction générale et les responsables du projet. En parallèle,
nous avons mené des entretiens semi-directifs avec les cadres de ces entreprises afin de déterminer les importants outils et
techniques du processus de gestion des connaissances (découverte, possession, participation et application) en se référant au
modèle de (Sabherwal & Bacerra-Fernandez), et la mesure de leur contribution au développement de la mémoire
organisationnelle grâce à ses opérations de base (construction, renouvellement, distribution et récupération) selon le modèle de
(Walsh & Ungson). Nous avons pu vérifier toutes les hypothèses proposées et nous avons conclu que pour construire et
pérenniser la mémoire organisationnelle, l’entreprise a besoin de fonder l'infrastructure à base de technologie d'information
nécessaire et de développer une culture de partage de connaissance et d’adopter une structure organisationnelle souple qui
s’aligne efficacement avec les objectifs. Cela permet à l'organisation de maximiser les avantages issus de ceux-ci, notamment
grâce à un système de documentation efficace de l'expérience et de l'expertise de l'organisation et le transfert des connaissances
tacites en connaissances explicites, afin de conserver au possible les connaissances des individus dans les systèmes et la
structure de l'organisation, et maintenir les membres clés afin d'assurer une mémoire organisationnelle vive et garantir sa
pérennité. Cela permet également à l’organisation d'améliorer les possibilités d’accès à la connaissance afin de promouvoir le
processus de partage et de l'échange des connaissances, ce qui permet la redistribution et le partage de la mémoire à travers
l'organisation. Les différents outils et techniques de découverte de la connaissance permettent de ce fait, de moderniser et de
mettre à jour la mémoire organisationnelle, et l’utilisation des connaissances par le biais des systèmes de gestion de
connaissance permet de son tour la récupération et l’application de la mémoire. Cela offre à l'organisation l’opportunité
d’éviter les accidents coûteux et la résolution fréquente des problèmes et lui assure une utilisation renouvelée de l'expérience
acquise auprès des travailleurs et des équipes de travail et de maintenir les structures les dispositifs sensibles dont la durée de
vie dépasse celle des travailleurs.
Mots clés : connaissances, gestion des connaissances, les processus de gestion des connaissances, et des systèmes
de gestion des connaissances, de la mémoire organisationnelle, les documents de la mémoire, la mémoire
dynamique, mémoire statique.
Abstract

Today, organizations are faced with major challenges, one of the most important of which is the desire to ensure
their survival and sustainability, in the face of the environmental turbulence associated with rapid economic change
and the inevitable demand for Innovation and excellence within the new knowledge-based economy. An
organization that fails to retain its core skills and knowledge will not be able to meet this challenge and may lose its
market share. The nature of knowledge and its importance as a strategic resource also imposes another strategic
challenge. Such a resource is distinguished from the other resources of the organization by being not subject to the
law of diminishing returns and does not suffer from the problem of shortage, it is an ample resource, built up by
accumulation and increased by use. In view of this importance, many organizations have realized that the
knowledge owned by their employees is an intangible capital that the organization must manage in the same way as
financial and material capital. Moreover, having knowledge and enabling their participation and sharing within the
organization has become one of the key factors for success. However, the changes experienced by organizations in
the management of their human resources, particularly those related to the voluntary departure of employees,
retirement or waves of mass layoffs, have caused the loss of their huge accumulated knowledge and, consequently, a
progressive loss of their organizational memory, which will negatively affect their performance and their way of
decision making and problem solving. Reference is often made to the case of the NASA Center, which states that it
will be unable to send men back to the Moon because it has not been able to sustain this know-how and retain its
experience and skills accumulated as part of its 20-year program, and ultimately lost most of its skilled employees.
It is often cited as an example of "failing memory", in other words a mismanagement of the knowledge of the
company. Which pose the problem of memory management.

Our goal in this work is to discover how knowledge management can build and develop organizational memory. To
this end, we have chosen the case study of a group of Algerian companies (Sonatrach, Saidal, Condor), from which
we explored the operational applications of knowledge management and draw lessons, evaluate and compare these
applications with other applications in different companies. The study highlights the most important criteria that
can be used as a tool to assess and compare best practices in knowledge management. This study could help
organizations and researchers to improve their understanding of knowledge management by providing a realistic
picture of best practices in this area and to discover the attempts, constraints and challenges of the process of
building and developing organization memory. To this end, we conducted a diagnosis of the state of knowledge
management practices in the field and measured the level of its adoption in the three companies studied through the
use of a specialized assessment tool in the domain of knowledge management in accordance with the model (CAF)
divided into four core groups, each group reflects a particular dimension of the application of strategic knowledge
management and its consistency with the objectives of knowledge management project, as well as human resource
management and business process policies. This is complemented by an evaluation of the top management and those
responsible for the project. In parallel, we conducted semi-structured interviews with executives of these companies
to determine the important tools and techniques of the knowledge management process (discovery, ownership,
participation and application) by referring to (Sabherwal & Bacerra-Fernandez) model, and the measure of their
contribution to the development of organization memory representing by its basic operations (construction, renewal,
distribution and recovery) according to (Walsh & Ungson) model. We were able to verify all the hypotheses
proposed and we concluded that to build and sustain organizational memory, the company needs to build the
infrastructure based on the necessary information technology and to develop a culture of knowledge sharing and
adopt a flexible organizational structure that aligns effectively with the objectives. This allows the organization to
maximize its benefits, through including an efficient system of documentation of the organization's experience and
expertise and the transfer of tacit knowledge into explicit knowledge, and the knowledge of individuals to the
systems and structure of the organization, and to maintain key members to ensure a strong organizational memory
and guarantee its sustainability. This also allows the organization to improve opportunities for access to knowledge
in order to promote the process of sharing and exchange of knowledge, allowing for the redistribution and sharing
of memory through the organization. The different tools and techniques of knowledge discovery thus make it
possible to modernize and update the organizational memory, and the use of knowledge through knowledge
management systems in turn allows the recovery and reapplication of memory. This provides the organization with
the opportunity to avoid costly accidents and the frequency of problems resolution and ensures a renewed use of the
experience gained among workers and work teams and to maintain structures and sensitive devices which are
longer than workers.

Keywords: knowledge, knowledge management, knowledge management processes, knowledge management


systems, organizational memory, memory documents, dynamic memory, static memory.
‫قامئة الفهارس‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫الصفحة‬ ‫املحتويات‬
‫ملخص الدراسة‬

‫قائمة الاشـ ـ ـ ــكال‬

‫قائمة الج ــداول‬

‫[ أ ‪ -‬ل]‬ ‫املق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدمة‬

‫[‪]97-1‬‬ ‫الفصل الاول‪ :‬مبادئ إدارة املعرفة‬

‫‪2‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪3‬‬ ‫املبحث ألاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة‬

‫‪3‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬مفهوم املعرفة‬

‫‪6‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬التمييز بين املعرفة‪ ،‬املعلومات والبيانات‬


‫‪12‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬النظرة الفلسفية للمعرفة‬

‫‪11‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬من املقاربة القائمة على املوارد إلى املقاربة القائمة على املعرفة‬

‫‪16‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬املقاربة القائمة على املوارد‬


‫‪19‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬املقاربة القائمة على املعرفة‬

‫‪17‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬تصنيفات املعرفة‬


‫‪17‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬املعرفة إلاجرائية واملعلنة‬

‫‪22‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬املعرفة الضمنية أو الصريحة‬


‫‪22‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬املعرفة العامة واملعرفة الخاصة‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬املعرفة والخبرة‬

‫‪26‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬خصائص املعرفة‬

‫‪26‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬الوضوح‬


‫‪29‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الشخصنة‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الطبيعة املضمرة‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬التعزيز الذاتي‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع الخامس‪ :‬التغير والزوال‬

‫‪22‬‬ ‫املطلب الخامس‪ :‬مواقع املعرفة ومصادرها‬

‫‪22‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬املعرفة لدى املوظفين‬

‫‪II‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪22‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬املعرفة املنتجة داخل املنظمة‬


‫‪27‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬املعرفة في الكيانات التنظيمية‬
‫‪32‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬مصادر املعرفة وأنواع رأس املال الفكري‬

‫‪31‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬تطور إدارة املعرفة‬

‫‪31‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬جذور إدارة املعرفة‬

‫‪31‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬التيار الاقتصادي‬


‫‪32‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تيار الذكاء الاصطناعي وهندسة املعرفة‬
‫‪32‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬التيار املعلوماتي‬
‫‪32‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬التيار التكنولوجي‬

‫‪33‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬مقاربات إدارة املعرفة‬

‫‪33‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬مقاربة رأس املال الفكري‬


‫‪31‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مقاربة خلق املعرفة الجديدة‬

‫‪36‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة‬

‫‪36‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬مفهوم إدارة املعرفة‬


‫‪39‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬مفاهيم ذات الصلة بإدارة املعرفة‬

‫‪39‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬ذكاء ألاعمال‬


‫‪37‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬هندسة املعرفة‬

‫‪22‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬أهمية إدارة املعرفة والقوى الدافعة لها‬

‫‪22‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬أهمية إدارة املعرفة‬


‫‪21‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬القوى الدافعة إلدارة املعرفة‬

‫‪21‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة‬

‫‪21‬‬ ‫املطلب ألاول‪:‬البنية التحتية إلدارة املعرفة‬

‫‪21‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬ثقافة املنظمة‬


‫‪29‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الهيكل التنظيمي‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬املعرفة العامة املشتركة‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬البيئة املادية‬

‫‪27‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬العناصر ألاساسية إلدارة املعرفة‬

‫‪27‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬املحتوى‬


‫‪27‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التكنولوجيا‬

‫‪III‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪12‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬العمليات‬


‫‪12‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬ألافراد‬

‫‪12‬‬ ‫املطلب الثالث ‪ :‬إستراتجيات إدارة املعرفة‬

‫‪12‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬تحديد الفجوة املعرفیة‬


‫‪11‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اختيار إلاستراتجية‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬تنفيذ إلاستراتجية‬

‫‪16‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬إدارة املعرفة حسب نموذج‪Nonaka‬‬

‫‪12‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬التفاعل الاجتماعي‬


‫‪12‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إلاظهار أو التجسيد‬
‫‪17‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬التجميع أو الدمج‬
‫‪17‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬التذويب أوالتضمين الداخلي‬

‫‪62‬‬ ‫املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقييمها‬

‫‪62‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬عمليات إدارة املعرفة‬

‫‪61‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬اكتشاف املعرفة‬


‫‪63‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬امتالك املعرفة‬
‫‪62‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬مشاركة املعرفة‬
‫‪66‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬تطبيق املعرفة‬

‫‪62‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬القيادة وتقييم إدارة املعرفة‬

‫‪62‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬قيادة إدارة املعرفة‬


‫‪67‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية تقييم إدارة املعرفة‬
‫‪92‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬أنماط تقييم إدارة املعرفة‬

‫‪97‬‬ ‫خالصة الفصل‬

‫[‪]126-21‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬


‫‪21‬‬ ‫املبحث ألاول‪ :‬مفهوم الذاكرة التنظيمية‬

‫‪26‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬جدلية تواجد الذاكرة التنظيمية في املنظمة‬

‫‪26‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬وجهة النظر املفاهيمية‬


‫‪29‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬من وجهة النظر العملية‬

‫‪29‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تعريف الذاكرة التنظيمية‬

‫‪IV‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪72‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬التشبيه املنظمة كآلة والذاكرة التنظيمية املوافقة لها‬
‫‪73‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تشبيه املنظمة كنظام سياس ي والذاكرة التنظيمية املوافقة لها‬
‫‪72‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬تشبيه املنظمة كثقافة والذاكرة التنظيمية املوافقة لها‬

‫‪76‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬أنواع الذاكرة التنظيمية‬

‫‪76‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬الذاكرة إلاجرائية‪/‬التصريحية‬


‫‪72‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الذاكرة الجماعية‪/‬الفردية‬

‫‪121‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬تصنيفات الذاكرة التنظيمية‬

‫‪121‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬الذاكرة التنظيمية التقنية‬


‫‪123‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الذاكرة التنظيمية إلادارية‬
‫‪121‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الذاكرة التنظيمية الثقافية‬
‫‪126‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الذاكرة التنظيمية التسويقية‬

‫‪122‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها‬

‫‪122‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬دور الذاكرة التنظيمية‬

‫‪129‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬دور معلوماتي‬


‫‪129‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬وظيفة رقابية‬
‫‪129‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬دور سياس ي‬
‫‪122‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬دور التفسير وتوجيه النشاط‬

‫‪127‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬ألاشكال املادية ووسائط تخزين الذاكرة التنظيمية‬

‫‪127‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬ذاكرة الوثائق‬


‫‪111‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الذاكرة املبنية على الحاالت‬

‫‪111‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية وعملياتها‬

‫‪111‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬نموذج (‪)Walsh & Ungson‬‬


‫‪111‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬نموذج ‪Watson‬‬
‫‪111‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬نموذج ( ‪) Stein & Zwass‬‬
‫‪111‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬نموذج (‪)Dixon‬‬
‫‪112‬‬ ‫الفرع الخامس‪ :‬عمليات الذاكرة التنظيمية‬

‫‪122‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬إدارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية‬

‫‪122‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬عملية امتالك املعرفة وبناء الذاكرة التنظيمية‬

‫‪122‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬طريقة إدارة نظام املعرفة ‪M KSM‬‬

‫‪V‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪126‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬طريقة ‪KADS‬‬


‫‪129‬‬ ‫‪KALAM‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬طريقة‬
‫‪111‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬طريقة عودة الخبرة (‪)REX‬‬

‫‪132‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬عملية اكتشاف املعرفة وتحديث الذاكرة التنظيمية‬

‫‪132‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬التعلم التنظيمي‬


‫‪139‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬طريقة املقارنة املرجعية أو املعيارية‬

‫‪137‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬عملية مشاركة املعرفة وتوزيع الذاكرة التنظيمية‬

‫‪137‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬تبادل أفضل املمارسات داخل املؤسسة‬


‫‪137‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬جماعات النقاش املعتمدة على الويب‬

‫‪122‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬عملية تطبيق املعرفة واسترجاع الذاكرة التنظيمية‬

‫‪121‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬النظم الخبيرة املستندة على القواعد املعرفة‬


‫‪121‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬نظم التفكري املعتمدة على الحالة‬
‫‪122‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬نظم دعم القرار‬

‫‪123‬‬ ‫املطلب الخامس‪ :‬إدارة املعرفة ومقاربات الذاكرة التنظيمية‬

‫‪123‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬مقاربة املحتوى‬


‫‪122‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مقاربة السيرورة‬

‫‪121‬‬ ‫املطلب السادس‪ :‬النموذج املقترح‬


‫‪126‬‬ ‫خالصة الفصل‬

‫[‪]196-129‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬


‫‪129‬‬ ‫املبحث ألاول‪ :‬إستراتجية البحث‬

‫‪129‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬التوجه إلابستمولوجي لدراسة‬


‫‪122‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬مجال البحث واملنهج املتبع‬

‫‪122‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬مجال البحث‬


‫‪127‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬منهج الدراسة و النمط الاستداللي‬

‫‪111‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬مقاربة البحث املعتمدة‬

‫‪111‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬تعريف البحث املندمج ‪/‬املختلط‬


‫‪112‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬استراتجيات وتصاميم البحث املندمج‪/‬املختلط‬

‫‪112‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬تقنية البحث املعتمدة‬

‫‪VI‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪162‬‬ ‫املطلب الخامس‪ :‬صحة املنهجية‬

‫‪162‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬الظاهرة موضع البحث‪ ،‬هل فهمها يستدعي دراستها ضمن سياقها الطبيعي؟‬
‫‪161‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬هل هذه إلاشكالية تعتبر من بين التحديات الحديثة واملعاصرة ؟‬
‫الفرع الثالث‪ :‬هل يمكن إلاملام الجيد بكافة جوانب الظاهرة من دون الحاجة للتأثير في أفراد الدراسة أو التحكم في ألاحداث‬
‫‪161‬‬ ‫املسببة لها؟‬
‫‪162‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬هل يحتوي إلاطار النظري املرتبط باإلشكالية قيد الدراسة على عناصر غير مفسرة؟‬

‫‪163‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات‬

‫‪163‬‬ ‫املطلب الاول‪ :‬اختيار عينة الدراسة‬

‫‪163‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬وحدة املعاينة‬


‫‪162‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬معايير اختيار العينة‬
‫‪161‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬اختيار املشاركين في البحث‬

‫‪166‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات‬

‫‪166‬‬ ‫الفرع ألاول‪ :‬املقابلة شبه املوجهة‬


‫‪192‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬استمارة نموذج(‪)CAF‬‬

‫‪192‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬معالجة وتحليل البيانات‬

‫‪192‬‬ ‫املطلب الاول‪ :‬طرق تحليل البيانات‬


‫‪191‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬ادوات تحليل البيانات‬

‫‪196‬‬ ‫خالصة الفصل‬


‫[‪]221-192‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬مناقشة النتائج وتحليلها‬
‫‪197‬‬ ‫املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج‬

‫‪197‬‬ ‫املطلب الاول‪ :‬تقديم املؤسسات‬

‫‪197‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬تقديم مؤسسة سوناطراك‬


‫‪122‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تقديم مؤسسة صيدال‬
‫‪121‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬تقديم مجمع كوندور‬

‫‪122‬‬ ‫املطلب الثاني ‪ :‬اختيار ألاقسام محل الدراسة‬

‫‪122‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬قسم الهندسة وتطوير البترول بمؤسسة سوناطراك‬


‫‪123‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مركز البحث والتطوير‬
‫‪122‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬قسم خدمات ما بعد البيع‬

‫‪121‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬عرض النتائج اداة (‪)CAF‬‬

‫‪VII‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪121‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬عرض نتائج ألاداة (‪ )CAF‬جدوليا‬


‫‪129‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عرض النتائج بيانيا‬

‫‪171‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬واقع إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‬

‫‪171‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬واقع املعرفة ومشكل فقدان الذاكرة التنظيمية‬

‫‪171‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬املغادرة إلارادية للعاملين في مؤسسة سوناطراك‬


‫‪176‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إلاحالة على التقاعد‬
‫‪221‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الكم الهائل للمعلومات‬
‫‪221‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬عائد استثمار راس املال الفكري‬

‫‪223‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تقييم إدارة املعرفة‬

‫‪123‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬إلادارة العليا (القيادة)‬


‫‪229‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إلاستراتجية والتخطيط‬
‫‪216‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬ادارة املوارد البشرية‬
‫‪221‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الشركاء و املوارد‬

‫‪223‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬إدارة املعرفة و الذاكرة التنظيمية‬

‫‪223‬‬ ‫الفرع الاول‪ :‬عملية إمتالك املعرفة ومساهمتها في بناء الذاكرة التنظيمية‬
‫‪229‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عملية اكتشاف املعرفة و مساهمتها في تحديث الذاكرة التنظيمية‬
‫‪231‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عملية مشاركة املعرفة ومساهمتها في توزيع الذاكرة التنظيمية‬
‫‪236‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬مساهمة عملية تطبيق املعرفة في استرجاع الذاكرة التنظيمية‬

‫‪237‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج‬

‫‪237‬‬ ‫املطلب ألاول‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية ألاولى‬


‫‪221‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية الثانية‬
‫‪222‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية الثالثة‬
‫‪222‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية الرابعة‬

‫‪227‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪212‬‬ ‫قائمة املراجع‬

‫‪VIII‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫قائمة ألاشكال‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫الرقم‬


‫‪4‬‬ ‫العقل البشري كمصدر للمعرفة‬ ‫(‪)1-1‬‬
‫‪5‬‬ ‫العناصر املكونة للمعرفة‬ ‫(‪)2-1‬‬
‫‪9‬‬ ‫سلمية املعرفة‬ ‫(‪)3-1‬‬
‫‪11‬‬ ‫البيانات واملعلومات واملعرفة (حسب القيمة)‬ ‫(‪)4-1‬‬
‫‪11‬‬ ‫البيانات واملعلومات واملعرفة املرتبطة باألحداث‬ ‫(‪)5-1‬‬
‫‪12‬‬ ‫آلية تشكيل املعرفة‬ ‫(‪)6-1‬‬
‫‪14‬‬ ‫التصورات املختلفة للمعرفة‬ ‫(‪)7-1‬‬
‫‪21‬‬ ‫مستويات املعرفة‬ ‫(‪)8-1‬‬
‫‪48‬‬ ‫مراحل نضوج إدارة املعرفة املؤسسية‬ ‫(‪)9-1‬‬
‫‪49‬‬ ‫العناصر ألاساسية إلدارة املعرفة‬ ‫(‪)11-1‬‬
‫‪58‬‬ ‫نموذج (‪ )SECI‬لتوليد املعرفة‬ ‫(‪)11-1‬‬
‫‪61‬‬ ‫عمليات إدارة املعرفة‬ ‫(‪)12-1‬‬
‫‪112‬‬ ‫نموذج (‪)Walsh & Ungson‬صناديق التخزين للذاكرة التنظيمية‬ ‫(‪)1-2‬‬
‫‪113‬‬ ‫نموذج (‪ )Watson‬للذاكرة التنظيمية‬ ‫(‪)2-2‬‬
‫‪114‬‬ ‫نموذج (‪ )Stein & Zwass‬لنظم املعلومات الذاكرة التنظيمية‬ ‫(‪)3-2‬‬
‫‪115‬‬ ‫نموذج (‪ )Dixon‬للذاكرة التنظيمية‬ ‫(‪)4-2‬‬
‫‪116‬‬ ‫عمليات الذاكرة التنظيمية‬ ‫(‪)5-2‬‬
‫‪122‬‬ ‫عملية رسملة املعرفة‬ ‫(‪)6-2‬‬
‫‪131‬‬ ‫مصادر تحديث وتشكيل الذاكرة التنظيمية‬ ‫(‪)7-2‬‬
‫‪134‬‬ ‫رسم تخطيطي ملختلف أسباب الخطأ البشري‬ ‫(‪)8-2‬‬
‫‪143‬‬ ‫نموذج الدراسة‬ ‫(‪)9-2‬‬
‫‪153‬‬ ‫التصميم التثليث املتزامن‬ ‫(‪)1-3‬‬
‫‪153‬‬ ‫التصميم التفسيري املتتابع‬ ‫(‪)2-3‬‬
‫‪154‬‬ ‫التصميم الاستكشافي املتتابع‬ ‫(‪)3-3‬‬
‫‪155‬‬ ‫طرق البحث العملي الكمية والكيفية‬ ‫(‪)4-3‬‬
‫‪155‬‬ ‫الحاجة لتفسير نتائج أولية‬ ‫(‪)5-3‬‬
‫‪156‬‬ ‫الحاجة لتحسين مخرجات دراسة‬ ‫(‪)6-3‬‬
‫‪157‬‬ ‫الحاجة لفهم أكثر للعالقة املدروسة‬ ‫(‪)7-3‬‬
‫‪171‬‬ ‫اداة التقييم الذاتي ملمارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬ ‫(‪)8-3‬‬
‫‪173‬‬ ‫سلم تنقيط الداة (‪)CAF‬‬ ‫(‪)9-3‬‬
‫‪189‬‬ ‫تقييم العامل ألاول املتعلق باإلدارة العليا القيادة‬ ‫(‪)1-4‬‬
‫‪191‬‬ ‫تقييم العامل الثاني املتعلق باإلستراتجية والتخطيط‬ ‫(‪)2-4‬‬
‫‪191‬‬ ‫تقييم العامل الثالث املتعلق بإدارة املوارد البشرية‬ ‫(‪)3-4‬‬
‫‪193‬‬ ‫تقييم العامل الرابع املتعلق بالشركاء واملوارد‬ ‫(‪)4-4‬‬
‫‪194‬‬ ‫تقييم إدارة عمليات املعرفة‬ ‫(‪)5-4‬‬

‫‪IX‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪195‬‬ ‫مدى وجود مشروع ادارة املعرفة باملؤسسات محل الدراسة‬ ‫(‪)6-4‬‬
‫‪198‬‬ ‫الهرم العمري ملؤسسة سوناطراك‬ ‫(‪)7-4‬‬
‫‪199‬‬ ‫تطور عدد املتقاعدين‬ ‫(‪)8-4‬‬
‫‪212‬‬ ‫ميزانية التدريب من ‪ 2212‬إلى ‪2212‬‬ ‫(‪)9-4‬‬
‫‪213‬‬ ‫معايير تقييم إلادارة العليا (القيادة)‬ ‫(‪)11-4‬‬
‫‪217‬‬ ‫معايير تقييم إلاستراتجية والتخطيط‬ ‫(‪)11-4‬‬
‫‪219‬‬ ‫الكفاءات الاستراتجية لقسم الهندسة وتطوير البترول‬ ‫(‪)12-4‬‬
‫‪211‬‬ ‫خريطة املهام لقسم الهندسة وتطوير البترول‬ ‫(‪)13-4‬‬
‫‪211‬‬ ‫معايير الحرجة‬ ‫(‪)14-4‬‬
‫‪211‬‬ ‫رادار نشاط نمذجة املخازن‬ ‫(‪)15-4‬‬
‫‪214‬‬ ‫استراتجية سوناطراك‬ ‫(‪)16-4‬‬
‫‪216‬‬ ‫معايير تقييم املوارد البشرية‬ ‫(‪)17-4‬‬
‫‪219‬‬ ‫توزع التدريب حسب النوع‬ ‫(‪)18-4‬‬
‫‪221‬‬ ‫نسبة املتدربين حسب الانشطة‬ ‫(‪)19-4‬‬
‫‪221‬‬ ‫معايير تقييم الشركاء واملوارد‬ ‫(‪)21-4‬‬
‫‪246‬‬ ‫الدور ألاساس ي لعمليات إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية‬ ‫(‪)21-4‬‬

‫قائمةالجداول‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الجدول‬ ‫الرقم‬


‫‪21‬‬ ‫أمثلة ملختلف أنواع املعرفة‬ ‫(‪)1-1‬‬
‫‪38‬‬ ‫مقارنة بين إدارة املعرفة وذكاء ألاعمال‬ ‫(‪)2-1‬‬
‫‪51‬‬ ‫الفروقات في دور عمال املعرفة ما بين ألامس واليوم‬ ‫(‪)3-1‬‬
‫‪73‬‬ ‫اجراءات توضيحية للجوانب الرئيسية لحلول ادراة املعرفة‬ ‫(‪)4-1‬‬
‫‪75‬‬ ‫معايير توضيحية لقياس لتأثيرات إدارة املعرفة على املوظفين‬ ‫(‪)5-1‬‬
‫‪76‬‬ ‫معايير توضيحية لقياس لتأثيرات إدارة املعرفة على العمليات التنظيمية‬ ‫(‪)6-1‬‬
‫‪77‬‬ ‫معايير توضيحية لقياس لتأثيرات إدارة املعرفة على املنتجات‬ ‫(‪)7-1‬‬
‫‪78‬‬ ‫معايير توضيحية لقياس لتأثيرات إدارة املعرفة على أداء املنظمة‬ ‫(‪)8-1‬‬
‫‪91‬‬ ‫ملخص للطبيعة التشغيلية والعملية لتعريف الذاكرة التنظيمية ومدى عمقه حسب التشبيه املجازي‬ ‫(‪)1-2‬‬
‫"املنظمة كآلة"‬
‫‪91‬‬ ‫ملخص للطبيعة التشغيلية والعملية لتعريف الذاكرة التنظيمية ومدى عمقه حسب التشبيه‬ ‫(‪)2-2‬‬
‫املجازي "املنظمة كنظام سياس ي"‬
‫‪93‬‬ ‫الطبيعة التشغيلية والعملية لتعريف الذاكرة التنظيمية ومدى عمقه حسب نماذج التشبيه‬ ‫(‪)3-2‬‬
‫املجازي الثالث للمنظمة‬
‫‪111‬‬ ‫أساليب تخزين املعرفة‬ ‫(‪)4-2‬‬
‫‪159‬‬ ‫مؤسسات محل الدراسة ومعايير اختيارها‬ ‫(‪)1-3‬‬
‫‪164‬‬ ‫معايير إختيار املستجوبين‬ ‫(‪)2-3‬‬
‫‪175‬‬ ‫النموذج العام ملراحل تحليل مضمون‬ ‫(‪)3-3‬‬
‫‪186‬‬ ‫نتائج التقييم الذاتي إلدارة املعرفة (‪)CAF‬‬ ‫(‪)1-4‬‬

‫‪X‬‬
‫[الفهرس العام]‬ ‫قائمة الفهارس‬

‫‪198‬‬ ‫تقدير عدد العمال املغادرين بالتقاعد بين سنتي ‪ 2221 -2211‬ملؤسسة سوناطراك‬ ‫(‪)2-4‬‬
‫‪212‬‬ ‫التكلفة املالية لعملية التدريب من سنة ‪ 2212‬إلى ‪2212‬‬ ‫(‪)3-4‬‬
‫‪216‬‬ ‫فريق ادارة املعرفة بمؤسسة سوناطراك‬ ‫(‪)4-4‬‬
‫‪218‬‬ ‫التدريب املنجز حسب املجال خالل سنة ‪2213.‬‬ ‫(‪)5-4‬‬
‫‪218‬‬ ‫توزع التدريب حسب النوع‬ ‫(‪)6-4‬‬
‫‪219‬‬ ‫مجاالت التدريب في مؤسسة سوناطراك حسب إلاحتياجات‪.‬‬ ‫(‪)7-4‬‬

‫‪XI‬‬
‫املقدمة العامة‬
‫املقدمة العامة‬

‫تعد املساعي العلمية ملركز (‪ )NASA‬التي توجت بإنزال أول أمريكي فوق سطح القمر في ‪ 02‬من شهر جويلية من‬
‫عام ‪ ،9191‬ضمن ما يسمى ببرنامج أبوللو‪ ،‬واحدة من أهم إلانجازات التي شهدتها البشرية‪ .‬غير أن لحظة إعالن الرئيس‬
‫الامريكي جون كينيدي في عام ‪ 9199‬ان الواليات املتحدة ستقوم بإنزال أول رجل فوق سطح القمر وإعادته ساملا إلى‬
‫ألارض قبل نهاية ذلك العقد‪ ،‬لم تكن لدى مركز (‪ )NASA‬معظم املعارف العلمية والتقنية الالزمة للقيام بهذه املهمة‬
‫الاستثنائية ‪ ،‬اذ كان البد لها من العمل على تطوير العلوم الضرورية واملعرفة التقنية لتحقيقها‪ .‬فقد أصبح للكثير من‬
‫هذه التطورات التقنية حضورا دائما في حياتنا اليومية بدأ من ألادوات الالسلكية‪ ،‬الحواسيب‪ ،‬وصوال إلى الهواتف‬
‫النقالة‪ .‬رغم ان هذه الرحلة الفضائية حملت على متنها حاسوبا بإمكانيات أقل من الحاسبات املحمولة التي نملكها في‬
‫وقتنا الراهن؛ الا انها استطاعت إدارة كميات هائلة من املعرفة إلنجاز هذه املهمة‪ ،‬سواء تعلقت باملعارف الخاصة‬
‫بالسفر للفضاء‪ ،‬أو بمجال الصواريخ‪ ،‬وديناميكا الهواء‪ ،‬ونظم التحكم‪ ،‬والاتصاالت‪ ،‬وعلم ألاحياء‪ ،‬وغيرها من‬
‫التخصصات‪ ،‬وقد بدى أن تلك املساعي قد حققت نجاحا استثنائيا من منظور إنتاج املعرفة‪.‬‬

‫الا ان املتتبع لتطورات هذا الحدث الهام يكتشف بأن محاوالت املحافظة على املعرفة الناتجة عن كل تلك‬
‫الجهود لم تلق النجاح املتوقع‪ ،‬حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن مركز (‪ )NASA‬الذي نجح بفضل مجهوداته‬
‫املعرفية الضخمة في مهمة الوصول للقمر آنذاك قد فقد كل تلك املعارف بالفعل‪ .‬هذا ما أكده (‪ ،)Sylvia Fries‬الذي‬
‫يعد من اكبر مؤرخي (‪ )NASA‬بين الفترة ‪ 3691‬إلى ‪ ،3661‬من خالل تصريح له‪« :‬جاء الاحتفال بالذكرى العشرين لهبوط‬
‫أول أمريكي على سطح القمر ليمنحنا الكثير من الانطباعات التي كان بعضها حلوا وبعضها مرا‪ .‬فكان الاحتفال بالحدث‬
‫التاريخي نفسه هو الجانب الحلو‪ ...‬في حين أن الجانب املر تمثل في تبخر تجارب جيال من الرجال والنساء الذين ارتبطت‬
‫حياتهم إلى حد كبير بهذه الانطالقة التاريخية لألمة من سطح ألارض‪ ...‬اذ رحل كلهم عن البرنامج الذين كانوا قد بنوه‬
‫خالل العشرين عاما املاضية »‪.‬‬

‫ّ‬
‫املنظمة خسرت ّ‬
‫كما من معرفتها املتراكمة بسبب وفاة معظم مهندسيها الذين شاركوا في الرحلة الفضائية‪.‬‬ ‫ف‬
‫لذلك‪ ،‬أصبحت عملية املحافظة على املعرفة من خالل توثيقها ضرورة ملحة عن طريق نقل وتخزين املعارف والخبرات‬
‫ّ‬
‫أساسية للمنظمة؛ كونها تتطلب جهودا‬ ‫ويعد ّ‬
‫التوثيق عمل ّية‬ ‫واس ها من خالل التشارك فيها لخلق وتوليد معرفة جديدة‪ّ .‬‬
‫تثمار‬
‫ّ‬
‫كبيرة وتحتاج الكثير من املوارد من أجل امتالك املعرفة واملهارات والخبرات‪ ،‬هذا فضال عن كونها تمثل ضمانا للمنظمة من‬
‫متنوعة كدوران العاملين واستقاالتهم ووفاتهم‪ ،‬مما ينتج‬‫خطر فقدان معرفتها املتراكمة والحساسة والتي تعود ألسباب ّ‬
‫عنه الفقدان التدريجي لذاكرتها التنظيمية وينعكس بالتالي سلبا على أدائها‪ .‬ألامر الذي دفع الباحثين ومسيري املنظمات‬
‫نظيمية‪ ،‬باعتبارها توفر للمنظمة ضمانا للحفاظ على املعرفة والوصول‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫على ّ‬
‫الت‬ ‫السواء إلى الاهتمام بموضوع‬
‫السهل وامليسر ملا تم تخزينه من معرفة اساسية مخزنة في مستودعاتها والعمل على استرجاعها واستخدامها وقت الحاجة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية أحد ألاصول غير امللموسة الهامة التي تساهم في بناء املعرفة وتدفع نحو إحداث‬ ‫الت‬ ‫اليها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬أصبحت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كافة أشكال املعرفة ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية‪.‬‬ ‫الت‬ ‫التكامل بين‬

‫‌أ‬
‫املقدمة العامة‬

‫رغم هذه ألاهمية البارزة وامللموسة للذاكرة التنظيمية‪ ،‬ال يزال الخروج بمفهوم متكامل لها ّ‬
‫يعد أمرا تكتنفه بعض‬
‫ّ‬
‫الصعوبات‪ ،‬ويطرح تجسيدها في املنظمة إشكالية كبيرة في كال من الجانب النظري والعملي‪ ،‬باعتبارها موضوعا حديثا ال‬
‫ّ‬
‫نظيمية وإدارة املعرفة‪.‬‬ ‫والتحليل‪ ،‬ونظرا الرتباطها الوثيق بموضوعات أخرى قريبة كاملعرفة ّ‬
‫الت‬ ‫يزال عرضة للنقد ّ‬

‫‪ -‬فمن وجهة النظر النظرية‪ ،‬يصور مفهوم الذاكرة التنظيمية املنظمة ككائن بشري لديه القدرة على تذكر‬
‫ألاحداث والتجارب وتخزينها واسترجاعها عند الحاجة إليها‪ .‬لكن نظرا لصعوبة فهم كيفية عمل ذاكرة الفرد‬
‫ومحاكاة تفاصيلها لتجسيدها في املنظمة يجعل وجهة النظر هذه مضللة وغير قابلة للتطبيق‪.‬‬
‫‪ -‬ومن وجهة النظر امليدانية‪ ،‬فالذاكرة التنظيمية تعتبر أداة لالحتفاظ بتاريخ وتجارب املنظمة والاستفادة منها في‬
‫املستقبل وهذا ما لم ياخذه مركز (‪ )NASA‬بعين الاعتبار‪ .‬بالتالي فهي جزء ال يتجزأ من املنظمة‪ .‬غير أن هذا‬
‫التصور يعتبر في حد ذاته مناقض ألغلب املمارسات إلادارية الواقعية‪ ،‬خاصة ضمن املنظمات البيروقراطية‪،‬‬
‫التي لديها حوافز قوية بعدم الاحتفاظ بسجالت أنشطتها وتجاربها‪ ،‬وتشجيع بالتالي ما يسمى ب ـ"النسيان‬
‫التنظيمي"‪ .‬فتصبح الذاكرة التنظيمية هنا مجمدة وال قيمة لها في املنظمة‪.‬‬

‫وبقيت فكرة الذاكرة التنظيمية تواجه تحديات نظرية وميدانية‪ ،‬سواء من ناحية تعريفها أو تجسيدها في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية والتي تقوم بشكل رئيس ي على ثالث‬ ‫الت‬ ‫املنظمة‪ .‬الا انه يوجد اتفاق شامل بين الباحثين على طريقة عمل‬
‫عمل ّيات هي‪ :‬الحصول على املعلومات وتخزينها واسترجاعها‪ .‬لذلك‪ ،‬فمن الضروري الحرص على تعظيم إفادة الذاكرة‬
‫التنظيمية وتطويرها من خالل ما تقدمه إدارة املعرفة من حلول الكتشاف املعرفة‪ ،‬امتالكها‪ ،‬مشاركتها وتطبيقها من‬
‫خالل مختلف آلاليات والتقنيات الداعمة لتطبيق ممارسات إدارة املعرفة‪.‬‬

‫غير انه عند محاولة تبني مشروع إدارة املعرفة‪ ،‬غالبا ما نجد صراع ناش ئ بين مقاربتين أساسيتين‪ :‬مقاربة تركز‬
‫على شخصنة املعرفة و أخرى تهتم بترميز املعرفة‪ .‬تعتمد إستراتجية إضفاء طابع الشخصية على الجانب الاجتماعي الذي‬
‫ينعكس في خبرة العاملين‪ ،‬املعتقدات وطرق التفكير وتمثيل وعرض املواقف الاجتماعية املعاشة وطرق املشاركة والتفاعل‬
‫فيها‪ .‬هذا النوع من املعرفة يمكن تحويله وإدارته عن طريق اختيار وتنظيم حاالت معينة ألفراد معينين‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تعتمد إستراتجية الترميز على السلوكيات والسمات ألاكثر ثباتا مع محاولة استغالل تكنولوجيا‬
‫املعلومات لتحويل هذه املعرفة التنظيمية من ألافراد إلى قواعد بيانات‪ .‬فاملعرفة املخزنة توفر للمنظمة نماذج التفكير‬
‫والعمل التي تطور العاملين ألاقل مهارة نسبيا في إلانتاجية إلى أعلى مستوى من املهارة‪.‬‬

‫ومن الواضح أن كال من إستراتجية الترميز والشخصنة توافق بطريقة ما فكرة أن املعرفة التنظيمية يمكن أن‬
‫تخزن وتسترجع أو يعاد إنشائها في ظل ما يسمى بعملية التذكر التي تعتبر الذاكرة التنظيمية املسؤولة املباشرة عنها‪ .‬هذه‬
‫الذاكرة غالبا ما ينظر إليها كمجرد أداة بسيطة لتخزين البيانات‪ ،‬في ظل ما يسمى بالذاكرة الساكنة؛ غير أنها في حقيقة‬

‫‌ب‬
‫املقدمة العامة‬

‫ألامر تعتبر إضافة إلى ذلك أداة للحفاظ على املعرفة وإلنشاء رصيد ثري من املعرفة واملهارات واستثماره في تدعيم امليزة‬
‫التعامالت املختلفة والتقليل من الوقوع في ألاخطاء وتسهيل ّ‬
‫عملية صنع القرارات‬ ‫نافسية والعمل على تخفيض تكاليف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬
‫في املنظمة‪ ،‬مجسدة بذلك الجانب الديناميكي لها‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬نحاول في هذا العمل عرض بعض التناقضات والاختالفات املحيطة بالذاكرة التنظيمية بغية معرفة‬
‫مدى مساهمة إدارة املعرفة في استرجاع الخبرة التنظيمية والحفاظ عليها لالستخدام الحالي واملستقبلي‪.‬‬

‫‪ ‬إشكالية الدراسة وعناصرها‬

‫من بين أهم التحديات التي تواجهها املنظمات الحالية والتي تقود إلى ثالث مخاطر هي‪:‬‬

‫التحدي ألاول‪ :‬يتمثل في استمرارية وبقاء املؤسسة؛ فعدم الاحتفاظ بجميع كفاءاتها ومعرفتها ألاساسية سيهدد‬
‫ديمومتها وبقائها داخل ألاسواق التنافسية‪ .‬وهو ما يعرض املنظمة لخطر‪.‬‬

‫اما التحدي الثاني ذو بعد استراتيجي‪ ،‬فنظرا لطبيعة املعرفة وأهميتها كمورد إستراتيجي يتميز عن املوارد ألاخرى في‬
‫املؤسسة ذلك النه ال يخضع لقانون تناقص الغلة وأنه ال يعاني من مشكلة الندرة‪ ،‬وأنه املورد الوحيد الوافر الذي يبنى‬
‫بالتراكم وال يتناقص باالستخدام‪ ،‬فامتالك للمعرفة والعمل على مشاركتها وتقاسمها داخل املؤسسة (إدارة املعرفة) يعد‬
‫من العوامل الرئيسة للنجاح ‪.‬‬

‫والتحدي الثالث فهو ذو بعد عملي‪ ،‬ويتعلق بإدارة ألافراد الذين يحملون هذه املعرفة‪ ،‬فإن املؤسسة لربما تخسر‬
‫الكم الهائل من معرفتها املتراكمة ألسباب متنوعة منها دوران العاملين فيها أو استقاالتهم أو وفاتهم مما ينعكس سلبا على‬
‫أدائها وقراراتها وحل مشكالتها‪ .‬مما يودي الى خطر فقدان املعرفة الذي ينتج عنه فقدان التدريجي للذاكرة التنظيمية‪،‬‬

‫ومن جانب اخر‪ ،‬إن زيادة وعي العديد من املؤسسات بأن هذه املعارف التي يمتلكها املوظفون تعتبر رأس مال‬
‫المادي يجب الاهتمام بإدارته تماما كما يدار رأس املال املالي واملادي‪ .‬وقد لعبت التطورات التي عرفتها املؤسسات وخاصة‬
‫في مجال قوى العمل‪ ،‬السيما تلك املتعلقة باإلحالة واسعة النطاق للتقاعد أو موجات تسريح العمال‪ ،‬دورا مفعال لهذا‬
‫الوعي‪ .‬وكثيرا ما يستشهد بحالة وكالة (‪ ،)NASA‬التي صرحت بأنها لن تكون قادرة على إعادة إرسال من جديد رواد إلى‬
‫القمر نظرا لفشلها في معرفة كيفية املحافظة على الخبرة ومهارات املتراكمة لديها من خالل برنامج دام ما يقارب‬
‫العشرين سنة‪ ،‬فهي تعتبر مثاال نموذجيا لـ"ذاكرة مفقودة"‪ ،‬أي بمعنى آخر إلدارة معرفة فاشلة‪ .‬وتطرح بذلك إشكالية‬
‫إدارة هذه الذاكرة ‪.‬‬

‫‌ج‬
‫املقدمة العامة‬

‫لذلك‪ ،‬فالوصول إلى بناء الذاكرة التنظيمية وإدامتها يحتاج إلى توفير البنى التحتية ألاساسية من تكنولوجيا‬
‫املعلومات الضرورية للمؤسسة‪ ،‬وإلى معرفة معمقة في عمليات إدارة املعرفة ونظم إدارة املعرفة‪ ،‬كما أنه يتطلب بالضرورة‬
‫معرفة املحاوالت واملعوقات والتحديات التي تواجه عملية بناء الذاكرة التنظيمية وكيفية تطويرها‪ ،‬وهو ما ستتصدى له هذه‬
‫الدراسة بالتحليل والتوضيح والتفسير من خالل منهجيتها العلمية واملباحث التي ستشكل محتوياتها ملعالجة إلاشكالية‬
‫املصاغة في السؤال الجوهري التالي‪:‬‬

‫كيف يمكن أن تساهم إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية داخل املؤسسة ؟‬

‫ويمكن التعبير عن املشكلة من خالل التساؤالت آلاتية التي تشكل عناصرها‪:‬‬

‫‪ .1‬ما عالقة إدارة املعرفة بالذاكرة التنظيمية ؟‬


‫‪ .2‬ما هي تقنيات وآليات إدارة املعرفة املساندة لعملية بناء الذاكرة التنظيمية؟‬
‫‪ .1‬ما هو املقصود بالذاكرة التنظيمية ومحتوياتها‪ ،‬وما هي ألاسباب التي تدعو إلى التفكير بها‪ ،‬وما هي جدواها؟‬
‫‪ .4‬هل تمت محاوالت ناجحة لبناء الذاكرة التنظيمية ؟ وما هي العقبات والتحديات التي تواجه هذا البناء؟‬
‫‪ .5‬ماهي املداخل التي تم تطويرها لبناء الذاكرة التنظيمية ؟‬

‫‪ ‬فرضيات الدراسة‬

‫ّ‬
‫التحقق من صحة الفرضيات آلاتية‪:‬‬ ‫الد اسة وعناصرها تسعى ّ‬
‫الدراسة إلى‬ ‫ّ‬ ‫من خالل التساؤالت ّ‬
‫السابقة عن مشكلة ر‬

‫تساهم إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية‬

‫وتتفرع من خالل هذه الفرضية الرئيسية أربعة فرضيات فرعية كالتالي‪:‬‬

‫‪ .3‬تساهم عملية امتالك املعرفة في بناء الذاكرة التنظيمية‬


‫‪ .2‬تساهم عملية اكتشاف املعرفة في تحديث الذاكرة التنظيمية‬
‫‪ .1‬تساهم عملية مشاركة املعرفة في توزيع الذاكرة التنظيمية‬
‫‪ .4‬تساهم عملية تطبيق املعرفة في اسرجاا الذاكرة التنظيمية‬

‫‌د‬
‫املقدمة العامة‬

‫‪ ‬أهداف الدراسة‬

‫من أجل إلاحاطة بأبعاد مشكلة الدراسة فإن الدراسة تسعى إلى بلوغ ألاهداف آلاتية ‪ :‬الهدف الرئيس ي هو إجراء‬
‫دراسة استكشافية ودراسة الحالة لبيان دور إدارة املعرفة في تنمية وتطوير الذاكرة التنظيمية‪ ،‬وينبثق عنه ألاهداف‬
‫الفرعية آلاتية‪:‬‬

‫‪ .1‬التحقيق في كيفية الاحتفاظ باملعرفة للعاملين في حالة فقدانها بسبب ترك العمل او الاستقالة‪ ،‬والاستراتجيات التي‬
‫تعتمد بقاء هذه املعرفة ونقلها تنظيميا للعاملين الجدد؛‬
‫‪ .2‬تقديم نظرة عن تطبيق ادارة املعرفة وابراز اهميتها‪.‬‬
‫‪ .3‬البحث في ألادبيات الحالية بهدف فهم الدور املهم إلدارة املعرفة وعالقتها بالذاكرة التنظيمية؛‬
‫‪ .4‬وصف كيفية بناء وتصميم الذاكرة التنظيمية؛‬
‫‪ .5‬وصف كيفية تطبيق إدارة املعرفة في املنظمات؛‬
‫‪ .6‬التعرف إلى دواعي بناء الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫‪ ‬أهمية الدراسة‬

‫تنبع أهمية الدراسة من حداثة موضوع الذاكرة التنظيمية الذي تتناوله ومن اهتمام الكثير من الدارسين والباحثين‬
‫في املجاالت والحقول املختلفة (بما فيها الدراسات في علوم التسيير) بموضوع الذاكرة التنظيمية ‪ .‬هذا فضال عن كون‬
‫ّ‬
‫نظيمية توثق خبرات املنظمة ومعارفها بأشكالها املختلفة ليكون هذا املخزون املعرفي مرجعا رئيسا لإلدارة‪،‬‬ ‫الذاكرة ّ‬
‫الت‬
‫يبعدها عن التعامل مع الكم الكثير من املعلومات دون تنظيم‪ ،‬وكما تظهر أهميتها من خالل النظر إلى النقاط التالية‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التنظيمية وأبعادها املختلفة؛ ألامر الذي ربما‬ ‫‪ .1‬تقدم الدراسة مزيد من الفهم والتوضيح ملوضوع الذاكرة‬
‫بالتقدم املعرفي في حقل إلادارة بشكل عام وفي مجال‬ ‫ألاكاديمية ّالتي ّ‬
‫تهتم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُيضيف إسهاما جديدا ّ‬
‫للدراسات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية بشكل خاص؛‬ ‫الت‬
‫‪ .2‬الدور املهم والضروري المتالك املؤسسات في الحاضر واملستقبل لنظم إدارة املعرفة كضرورة تنافسية‬
‫تساعدها في بناء الذكرة التنظيمية التي تدعم امليزة التنافسية؛‬
‫‪ .3‬دور الذاكرة التنظيمية في إدارة املوارد الذكية التي تمتلكها املؤسسات وتجنب الغباء التنظيمي‪ ،‬وتجنب‬
‫النسيان التنظيمي؛‬

‫‌ه‬
‫املقدمة العامة‬

‫‪ ‬منهجية الدراسة‬

‫انطالقا من طبيعة الدراسة واملعلومات املراد الحصول عليها‪ ،‬للتعرف على الية مساهمة إدارة املعرفة في تطوير‬
‫الذاكرة التنظيمية؛ وبغية القيام بتحليل علمي ومنهجي لهذه إشكالية‪ ،‬من خالل مدخلي املعرفة والذاكرة التنظيمية‪.‬‬
‫إتبعنا في ذلك التواه إلابستمولوجي التفسيجي بغرض فهم وتفسير حقيقة مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة‬
‫التنظيمية‪ ،‬حيث قمنا بتحليل إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية من خالل أهم املقاربات املفسرة لهما‪ .‬ومقارنة ماتوصلنا‬
‫إليه في الجانب النظري مع الواقع العملي من خالل جمع املعطيات ومحاولة تحليلها للوصول إلى نتائج تؤكدا أهمية كال‬
‫من مفهومي إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‪ .‬معتمدين في ذلك املسار الاستكشافي‪/‬إلاستطالعي وذلك من اجل فهم‬
‫حقيقة الترابط املوجود بين كال من املدخلين إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية ‪ .‬إلى جانب أسلوب أستدالل التجريبي‬
‫(الاختبار) ملقارنة الجانب النظري مع الواقع‪ ،‬أي لوضع ما توصلنا إليه في الجانب النظري من مفاهيم املتعلقة بإدارة‬
‫املعرفة والذاكرة‪.‬‬

‫وبهدف اختبار صحة الفرضيات املقترحة استخدمنا في بحثنا أسلوب الاستدالل التمثيلي (الابعاد والتمحور) الذي‬
‫يجمع بين الاستنباط والاستقراء باإلضافة الى اختيار املقاربة البحثية (مزيج املندمج‪/‬املختلط) التي تجمع بين الجانب‬
‫الكيفي والكمي‪ ،‬معتمدين في ذلك على تقنية املقابلة شبه موجهة و واستبيان نموذج (‪ )CAF‬من أجل تحليلها لغرض‬
‫الوصول إلى إلاجابة على هذه الفرضيات‪.‬‬

‫‪ ‬الدراسات السابقة‬

‫دراسة (‪)Rajiv Sabherwal & Irma Becerra-Fernandez,2003‬‬

‫« دراسة تجريبية لتأثيج عمليات إدارة املعرفة على املستوى الفردي‪ -‬والجماعي والتنظيمي »‬

‫هدفت هذه الدراسة إلى معرفة كيف تؤثر عمليات إدارة املعرفة والتي حددها الباحث في أربع عمليات أساسية‬
‫واملعروفة في نموذج نوناكا الرباعي ‪:‬التجسيد‪ ،‬التذويب‪ ،‬التجميع ‪ ،‬التفاعل إلاجتماعي‪ ،‬على فعالية الجوانب الفردية‬
‫والجماعية وحتى التنظيمية‪ ،‬عن طريق دراسة لعينة متكونة من ‪ 159‬فردا وبعض اللقاءات الفردية‪ ،‬نموذج الدراسة يقترح‬
‫أن هناك تاثير التجسيد والتذويب على فعالية الجوانب الفردية (التعلم الفردي) في إدارة املعرفة؛ أما التجميع والتفاعل‬
‫الاجتماعي فتؤثر على فعالية الجانب الاجتماعي والتنظيمي‪ ،‬تدعم نتائج الدراسة ما توجهت إليه النظريات الخاصة بالتعلم‬
‫الفردي والجماعي والتنظيمي‪ ،‬كما أظهرت أن هناك تاثيرا للعمليات في نموذج نوناكا على الجوانب الثالثة‪ ،‬أيضا دعت‬
‫الدراسة إلى استخدام النموذج لتأثير عمليات إدارة املعرفة على املستويات الثالثة‪ ،‬من خالل املزيد من ألابحاث التي تهدف‬
‫إلى نمذجة للعالقة املذكورة باستخدام التقنيات إلاحصائية املعروفة‪.‬‬

‫‌و‬
‫املقدمة العامة‬

‫وقد أفاد الباحث من هذه الدراسة بإعتماد عمليات إدارة املعرفة حسب نموذج نوناكا الرباعي الواردة في الدراسة‬
‫الدراسة الحالية وتختلف الدراسة الحالية عن هذه دراسة‪ ،‬في دراسة ّ‬
‫متغيرات إدارة املعرفة‬ ‫متغيرات ّ‬
‫والتي تعتبر أحد ّ‬

‫الدراسة الحالية قد أجريت في‬ ‫أن ّ‬‫بابعاده عمليات إدارة املعرفة لنوذج نوناكا ومساهمتها في تطوير الذاكرة التنظيمية كما ّ‬

‫بيئة أعمال مختلفة‪.‬‬

‫دراسة )‪ (Marwick ، 2001‬بعنوان‬

‫»تكنولوايا إدارة املعرفة‪«.‬‬

‫أوضحت الدراسة أن استخدام نموذج (‪ )Nonaka‬في ألانواع ألاربعة من املعرفة ركز على املعرفة الضمنية‪ .‬وتبين‬
‫بأن تكنولوجيا املعلومات والاتصاالت ساهمت بدور قوي في توفير الحلول للتعامل مع املعرفة الصريحة مثل البحث‬
‫والتصنيف‪ ،‬لكن هذه املساهمات ال زالت ضعيفة في مجال املعرفة الضمنية ودعمها لتصبح واضحة‪ ،‬رغم وجود تطورات‬
‫بارزة مثل استخدام قاعدة النص ومواقع الخبرة من خالل مقابلة العاملين وجها لوجه والتي تكمن فيها عمليات التشاركية‬
‫باملعرفة مثل املؤتمرات الفيديوية إال أنه ال تزال فيها صعوبات لفهم إلايماءات والتفسيرات وغيرها‪.‬‬

‫وقد توصلت الدراسة إلى ضرورة التعامل مع املعرفة الانسانية وليس مع املعلومات املستخدمة في النظم الخبيرة‬
‫والنظم املعتمدة على املعرفة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإنه إذا حققت التكنولوجيا نجاحا في الوصول إلى الوثائق الصحيحة الستخدامها‬
‫باملهمة الصحيحة فان ألامل يبقى معقودا إليصالها إلى العاملين في املواقع الوظيفية التي تطلبها وقت الحاجة‪ ،‬هذا وقد‬
‫أجريت الدراسة في أمريكا‪.‬‬

‫دراسة (‪ )Wu,2009‬بعنوان‪:‬‬

‫العالقات الااتماعية‪ ،‬إدارة املعرفة‪ ،‬وألاداء التنظيمي‪ :‬الذاكرة التنظيمية كوسيط‬

‫هدفت الدراسة إلى اختبار دور الثقة والاتصال بين ألافراد والتشارك في املعرفة ّ‬
‫وتنوع املعرفة وعالقات الشبكات في‬
‫نظيمية‪ .‬وأجريت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫الدراسة على (‪ )108‬مؤسسة من املؤسسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات ذات التكنولوجيا العالية في‬ ‫الت‬ ‫تطوير‬
‫نظيمية على ألاداء املالي وإلابداع في املؤسسات املبحوثة ّ‬
‫وأن‬ ‫ّ‬ ‫الد اسة التأثير إلايجابي للذاكرة ّ‬
‫الت‬ ‫ّ‬
‫)‪ (Science Park‬وأظهرت ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اسة ّ‬ ‫ّ‬
‫باملتغيرات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫الاجتماعية‬ ‫أن العالقات‬ ‫السابقة باستثناء شبكة العالقات‪ .‬وافترضت الدر‬ ‫نظيمية يتأثر‬ ‫الت‬ ‫تطوير‬
‫الصناعات ذات التكنولوجيا العالية ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية وتؤثر على ألاداء التنظيمي في ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وادارة املعرفة تؤثر على تطوير الذاكرة ّ‬
‫املعقدة‬ ‫الت‬
‫وال ّسريعة التغيير‪.‬‬

‫‌ز‬
‫املقدمة العامة‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية وهدفت إلى‬ ‫الت‬ ‫لقد أسهمت دراسة (‪ ،)Wu, 2009‬في إلقاء الضوء على العوامل التي تؤثر في تطوير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية كمتغير وسيط بينما‬ ‫الت‬ ‫نظيمية على ألاداء وامليزة التنافسية للمنظمة وقياس تأثير‬ ‫الت‬ ‫اختبار تأثير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫سعت ّ‬
‫كمتغير تابع‪.‬‬ ‫نظيمية‬ ‫الت‬ ‫الدراسة الحالية إلى قياس‬

‫دراسة كل من (‪ )Chang and Cho,2008‬بعنوان‪:‬‬

‫»أثر الذاكرة التنظيمية على نجاح املنتج الجديد «‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية على نجاح املنتج الجديد من خالل دراسة (‪ )169‬مشروعا في مؤسسات تصنيع‬ ‫الت‬ ‫هدفت إلى دراسة تأثير‬
‫كورية تعمل في مجال تطوير منتجات جديدة‪.‬‬

‫ّ‬
‫املنظمة ليس لديها ّ‬ ‫خارجية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫وأظهرت ّ‬
‫كل‬ ‫ألن‬ ‫وأهمية استخدام معلومات‬ ‫أهمية التشارك في الذاكرة‬ ‫الدراسة‬
‫التكنولوجيا ّ‬
‫والزبائن ّ‬ ‫الخارجية عن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة التي تحتاجها لتطوير املنتج ّ‬
‫واملوردين‬ ‫وأن على املنظمات أن تستوعب املعلومات‬
‫ّ‬ ‫الد اسة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتطوير ّ‬ ‫ّ‬
‫املنظمات في مجال البحث ّ‬ ‫وأن وجود ّ‬
‫ّ‬
‫الرسمية‬ ‫أن إلاجراءات‬ ‫تعزز هذا الجانب وأكدت ر‬ ‫التحالفات بين‬
‫أهمية النشاطات مثل تطبيق شهادات آلايزو وبالتالي ّ‬
‫تعزز نجاح املنتج الجديد بينما ال يوجد ّ‬ ‫وتؤكد على ّ‬ ‫ّ‬
‫أي‬ ‫مفيدة للمنظمة‬
‫ّ‬ ‫وأن هذه العالقة ّ‬
‫يمية ّ‬ ‫تأثير للذاكرة ّ‬
‫التنظ ّ‬
‫املعقدة تتأثر بخصائص املشروع كاإلبداع‪.‬‬

‫ّ‬ ‫الد اسة على ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬


‫تبني املنظمات مداخل مختلفة في إدارة املشاريع وادارة هياكل املعرفة إلى جانب تمكين أعضاء‬ ‫وركزت ر‬
‫الذاكرة كعامل نجاح مهم وليس فقط ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نظيمية ّ‬
‫ّ‬ ‫الفريق من الوصول إلى املعرفة ّ‬
‫مجرد تخزين‬ ‫املخزنة وعلى دور التشارك في‬ ‫الت‬
‫ّ‬
‫الخارجية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املستمر للمعلومات‬ ‫املعرفة في ذاكرة املنظمة إضافة إلى ّ‬
‫أهمية املسح‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫ّ‬
‫إن د اسة (‪ّ )Chang and Cho,2008‬‬
‫نظيمية في تطوير املنتج‬ ‫الت‬ ‫تقدم إسهاما ذا قيمة في مجال استخدام‬ ‫ر‬
‫الجديد من خالل إلاختبار والتطبيق العلمي لنموذج الدراسة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫وقد أفاد الباحث من دراسة(‪)Chang and Cho,2008‬في مجال ّ‬


‫أهمية املعلومات الخارجية والتشارك في الذاكرة‬
‫متغيرات أخرى تتعلق بمحتوى وشكل‬ ‫الحالية إلى جانب اختبار ّ‬‫ّ‬ ‫متغيرات ّ‬
‫الدراسة‬ ‫نظيمية حيث ّتمت دراستها ضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية ودور إدارة املعرفة في تعزيز وتنميتها في بيئة ألاعمال الجزائرية‪.‬‬ ‫الت‬

‫‌ح‬
‫املقدمة العامة‬

‫دراسة )‪ ) Siegel,2006‬بعنوان‪:‬‬

‫»أثر الذاكرة التنظيمية على ألاداء التنظيمي‪ :‬دراسة حالة مؤسسة ستوديبيكر«‬

‫الدراسة التي قام بها (‪ )Li et al., 2004‬في ‪ 164‬مؤسسة صناعية صينية والتي‬ ‫إعتمدت هذه الد اسة على نتائج ّ‬
‫ر‬
‫هدفت إلى بحث الذاكرة ّ‬
‫املوجهة نحو إلادارة والثقافة والتكنولوجيا والسوق ودراسة تأثير كل منها على ألاداء إلاداري‬
‫نظيمية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫القوية وألاداء التنظيمي الايجابي‪.‬‬ ‫الت‬ ‫والثقافي والتقني والتسويقي والتي أظهرت إرتباطا بين‬

‫واعتمد (‪ )Siegel ,2006‬على منهج دراسة الحالة ملؤسسة (‪ ،)Studebaker Corporation‬وكانت نتائج دراسته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫نظيمية بأداء املنظمة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية في مجال أداء‬ ‫الت‬ ‫وأن إلافادة من‬ ‫الت‬ ‫التحفظ عند ربط‬ ‫قد أشارت إلى ضرورة‬
‫حد ما والى أن د اسة (‪ )Li et al., 2004‬قد أغفلت ّ‬ ‫ّ‬
‫املنظمة هي محدودة إلى ّ‬
‫الدور الكبير للمديرين وألافراد في تفسير‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية‪.‬‬ ‫الت‬

‫ّ‬ ‫نظيمية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫كما ّبينت ّ‬
‫تزود املنظمة بإطار عام لفهم ثقافة املنظمة‪ .‬ولقد تبنت دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‬ ‫الت‬ ‫الدراسة أن‬
‫نظيمية على ألاداء اعتمادا على متغيرات دراسة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نوعية سابقة‪.‬‬ ‫الت‬ ‫(‪ )Siegel ,2006‬منهج دراسة الحالة لتحليل تأثير‬

‫متغيرات املحتوى‬ ‫ّ‬


‫الذاكرة‪ ،‬إلى جانب إختبار ّ‬ ‫ّ‬
‫التوجه في‬ ‫وقد أفاد الباحث من دراسة (‪ )Siegel ,2006‬في موضوع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية وفحص دور إدارة املعرفة في تعزيز وتطوير الذاكرة التنظيمية‪ .‬واستخدمت الدراسة‬ ‫الت‬ ‫وشكل وتشكيل‬
‫الحالية منهج البحث املندمج خالفا لد اسة (‪ )Siegel ,2006‬التي انتهجت منهج البحث ّ‬
‫النوعي فقط‪.‬‬ ‫ر‬

‫دراسة )‪ )Moorman and Miner,1997‬بعنوان‪:‬‬

‫»‪«The Impact of Organizational Memory on New Product Performance and Creativity‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية على ألاداء وإلابداع في‬ ‫الت‬ ‫لقد هدفت دراسة ) ‪ )Moorman and Miner,1997‬إلى اختبار تأثير‬
‫ّ‬ ‫الذاكرة ّ‬‫ّ‬ ‫َ‬
‫املنتج الجديد من خالل ّ‬
‫نظيمية املتعلقة‬ ‫الت‬ ‫الدراسة التطبيقية ‪.‬وقد أفاد الباحث من دراستهما في مجال متغيرات‬
‫نظيمية والتي هدف الباحث إلى اختبارهما ضمن متغيرات ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫الدراسة الحالية إلى جانب املتغيرات‬ ‫الت‬ ‫بمستوى وانتشار‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية واختبار دور إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية‪.‬‬ ‫الت‬ ‫التي تتعلق بمحتوى وشكل وتشكيل وتوجه‬

‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية تؤثر على العلميات ألاساسية‬ ‫الت‬ ‫حيث توصل كل من ‪ Moorman and Miner‬في دراستهما إلى أن‬
‫الخاصة بتطوير منتج جديد بتأثيرها على تفسير املعلومات وألاداء الخاص باملنتج الجديد‪ .‬وقد تم جمع البيانات من ‪92‬‬
‫مشروعا خاصة بتطوير منتجات جديدة‪.‬‬

‫‌ط‬
‫املقدمة العامة‬

‫نظيمية ّ‬
‫ّ‬ ‫ى ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫وأظهرت د استهما ّ‬
‫يعزز ألاداء املالي على املدى القصير للمنتجات الجديدة بينما‬ ‫الت‬ ‫أن زيادة مستو‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫نظيمية يزيد من ألاداء وإلابداع في املنتجات الجديدة‪.‬‬ ‫الانتشار الواسع للذاكرة ّ‬
‫الت‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الذاكرة ّ‬ ‫وأشارت الد اسة إلى ّ‬
‫نظيمية يستدعي الاهتمام ليس فقط بمستويات الذاكرة بل أيضا‬ ‫الت‬ ‫أن تطوير وبقاء‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية في تطوير منتج جديد يعني الفشل في‬ ‫نظيمية‪ .‬وأن فشل املنظمة في فهم تأثير الذاكرة الت‬ ‫بأهمية انتشار الذاكرة الت‬
‫تحقيق التعلم التنظيمي‪.‬‬

‫دراسة (‪)Stein and Zwass,1995‬بعنوان‪:‬‬

‫"‪"Actualizing Organizational Memory with Information Systems‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫هدفت ّ‬
‫نظيمية ومن خالل‬ ‫الت‬ ‫الدراسة إلى اختبار دور أنظمة املعلومات املعتمدة على تكنولوجيا املعلومات في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫فاعلية املنظمة‪.‬‬ ‫نظيمية وأنشطتها املتعلقة بجمع وتخزين واسترجاع املعلومات لدعم‬ ‫الت‬ ‫بناء نموذج ألنظمة معلومات‬
‫فاعلية املنظمة على نموذج" القيم املتعارضة ملمنظمة "والذي ّ‬
‫قد م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ّ‬
‫كل من‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة في تحديد معايير‬ ‫واعتمدت ّ‬

‫‪Quinn and Rohrbaugh‬في عام ‪ ،1983‬واعتمد هذا النموذج في تحديد معايير الفاعلية على نموذج ‪ Parsons‬الذي‬
‫قدم أربع وظائف ّ‬
‫للنظام وهي ‪:‬تحقيق التكامل والتكيف وتحقيق ألاهداف وإلادامة‪ .‬لقد حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاولت دراسة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫بفاعلية املنظمة‪.‬‬ ‫نظيمية وربطه‬ ‫الت‬ ‫)‪( Stein and Zwass‬بناء نموذج ألنظمة معلومات‬

‫ّ‬
‫الحالية قد اختلفت في إستخدام منهج‬ ‫الدراسة‬ ‫وأفاد الباحث من د اسة )‪ ( Stein and Zwass, 1995‬إال ّ‬
‫أن ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البحث املندمج في اختبار مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة ّ‬
‫نظيمية‪.‬‬ ‫الت‬

‫دراسة (‪ )Girod, 1996‬بعنوان‪:‬‬

‫»‪«Pour une defintion operationnelleion et une modelisation de la mémoire organisationnelle‬‬

‫هدفت هذه الدراسة الى إعطاء تعريف عملي للذاكرة التنظيمية‪ .‬خالفا لالعمال الباحثين السابقين امثال كل من‬
‫(‪ ،)Levitt et March, 1988; Stein, 1989; Walsh et Ungson, 1991; Koenig, 1995‬والذين قدمو تعريفا‬
‫شامال‪ ،‬باعتبارهم ان الذاكرة التنظيمية بصفة عامة على انها مجموع املعارف املخزنة في ذاكرة الافراد والوثائق‬
‫واملحفوظات وقواعد البيانات الحاسوب‪ ،‬والثقافة‪ ،‬وهيكل ‪....‬‬

‫وقد استفاد الباحث من دراسته بالوقوف على اهم التعاريف املقدمة واعتماده عليها في الوصول الى تعريف عملي‬
‫ملفهوم الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫‌ي‬
‫املقدمة العامة‬

‫دراسة (‪ )Djilali Benmahamed & Ermine‬بعنوان‪:‬‬

‫‪Techniques de gestion et d’ingénierie des connaissances pour la conception des dispositifs de‬‬
‫‪transfert de savoir-faire dans les métiers pétroliers‬‬

‫هدفت هذه الدراسة الى استخدام تقنيات إدارة وهندسة املعرفة لوضع نهج استراتيجي لنقل املعرفة املهنية ‪ .‬عمل‬
‫على تصميم نماذج لتقاسم املعرفة والتعلم التي تم تحديدها بشكل جيد في مجال املهن البترولية حيث اجريت هذه‬
‫الدراسة بمؤسسة سوناطراك والتي كانت كدراسة تجريبية على قسم ‪( PED‬هندسة وتطوير البترول ) اذ قام الباحث‬
‫بتحديد الكفاءات إلاستراتيجية من خالل نموذج "البطاقة إلاستراتيجية" (‪ ،)carte de la stratégie‬املستوحاة من أعمال‬
‫(‪ ،)Kaplan & Norton‬والتي هدف من خاللها وضع تمثيل نموذجي يضمن قراءة معرفية جيدة عن طريق عرض هرمي‬
‫لرأسمال املعرفي للمؤسسة‪ .‬وقد استفاد الباحث من هذا العمل في اختيار ميدان العمل الذي يتالئم واهداف الدراسة‬
‫وذلك لتبني مؤسسة سوناطراك ملشروع ادارة املعرفة‪.‬‬

‫وقد حاول الباحث الاستفادة من الدراسات السابقة من خالل ما يلي‪:‬‬

‫التعرف على بعض املراجع والدوريات والبحوث النظرية والتطبيقية‪ ،‬بحيث أمكن الاطالع عليها وتتبع نتائجها‪ ،‬مما سهل‬
‫بناء إلاطار النظري للدراسة؛‬
‫معرفة النتائج التي توصلت إليها الدراسات السابقة وكذا الجوانب التي ربما لم تتناولها بالبحث؛‬
‫اختيار الوسائل إلاحصائية املالئمة لتحليل البيانات وتحديد الوسائل املالئمة الختبار فرضيات الدراسة‪.‬‬

‫الد اسة ُي ّ‬
‫عد من املوضوعات الحديثة التي حظيت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدراسات ّ‬‫كما يتضح من استعراض ّ‬
‫السابقة أن موضوع ر‬
‫السابقة في‬ ‫الحالية عن ّ‬
‫الدراسات ّ‬ ‫ّ‬ ‫باهتمام الباحثين ّ‬
‫والدارسين في العديد من الدول‪ .‬و يمكن إبراز ما تضيفه الدراسة‬
‫النقاط ّ‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تختلف ّ‬
‫الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة في أنها تركز على دراسة مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة‬
‫ّ‬
‫نظيمية؛‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫‪ .2‬أجريت غالبية الدراسات في بيئة غربية غير عربية في حين أجريت الدراسة الحالية في بيئة ألاعمال الجزائرية؛‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫‪ .3‬تفحص ّ‬
‫نظيمية في املؤسسات جزائرية وذلك الن هذه املؤسسات بدأت بتطبيق أنظمة‬ ‫الت‬ ‫الدراسة الحالية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية ألامر الذي يجعل قياس‬ ‫الت‬ ‫جودة تتضمن معايير توثيق املعارف والخبرات وبعض ممارسات بناء‬
‫السابقة فقد كانت من مؤسسات البناء‬ ‫متغيرات ّ‬
‫الدراسة في هذه املؤسسات ممكنا‪ .‬أما مجتمع غالبية الدراسات ّ‬
‫تهتم بتطوير املنتجات الجديدة واملؤسسات ذات ّ‬
‫التكنولوجيا العالية؛‬ ‫واملؤسسات التي ّ‬

‫‌ك‬
‫املقدمة العامة‬

‫ّ‬
‫الحالية بأنها تعتمد ألاسلوب امليداني في جمع البيانات وتحليلها من خالل الاستمارة واملقابلة التي‬ ‫‪ّ .4‬تتسم ّ‬
‫الدراسة‬
‫صممها الباحث ألغراض ّ‬
‫الدراسة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ ‬هيكل الدراسة‬

‫الهدف العام من هذا البحث هو تقييم إدارة املعرفة ومدى مساهمتها في بناء وتنمية الذاكرة التنظيمية ولغرض‬
‫الفهم املعمق‪ ،‬ينقسم هذا العمل إلى اربعة فصول منفصلة‪.‬‬

‫يقدم الفصل ألاول تعريفات عامة حول مفهومي املعرفة وإدارة املعرفة‪ ،‬كما يسلط الضوء على بعض ألاسس‬
‫املفاهيمية املرتبطة بهما‪ ،‬كما يحدد أيضا‪ ،‬املكونات ألاساسية إلدارة املعرفة بما في ذلك البناء ألاساس ي والعمليات والنظم‬
‫وألادوات والتقنيات‪ .‬ويوضح ألانماط ألاربعة لعمليات إدارة املعرفة وهي‪ :‬تطبيق املعرفة‪ ،‬امتالك املعرفة‪ ،‬وتبادل املعرفة‪،‬‬
‫واكتشاف املعرفة‪.‬‬

‫نحاول من خالل الفصل الثاني تحت عنوان الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية باحتواء املفهوم من كافة‬
‫جوانبها والتطرق لكافة إلاشكاليات النظرية والعملية املطروحة ضمن ألادبيات املتخصصة في ذلك‪ ،‬والتي من أهمها‪:‬أوال‬
‫مشكل التجسيد أو الكينونة‪ :1‬أي مدى إمكانية اعتبار املنظمة كمجموعة ذكريات تاريخية غير قابلة للحفظ أم ككائن له‬
‫ذاكرة مجسدة قائمة بحد ذاتها؛ ثانيا‪ ،‬مشكل التموقع‪ :‬أي إذا ما كانت الذاكرة متواجدة في عقول أعضاء التنظيم فقط‬
‫أم في كامل عناصر نظام املنظمة؛ ثالثا‪ ،‬مشكل كيفية التعامل معها‪ :‬أي اعتبارها كش يء ساكن يمكن نمذجته في شكل‬
‫مخزون أو كعملية ديناميكية ذات طابع اجتماعي؛ رابعا‪ ،‬مشكل ألاثر الذي تعكسه‪ :‬أي هل للذاكرة التنظيمية دور‬
‫وظيفي فعال في تحسين ألاداء أم تعتبر سببا لالختالل في وظيفة املنظمة؛ خامسا‪ ،‬مشكل عالقتها بإدارة املعرفة‪ :‬أي فيما‬
‫تكمن العالقة بين مجاالت البحث املتخصصة في الذاكرة التنظيمية وكذا في إدارة املعرفة‪.‬‬

‫ويستعرض الفصل الثالث منهجية الدراسة والافتراضات الفلسفية ألاساسية‪ ،‬إضافة إلى طرق البحث التطبيقية‬
‫التي اعتمدت عليها‪ .‬وكذا الادوات التي تم اعتماده في جمع البيانات‬

‫والفصل الرابع تحت عنوان النتائج والتوصيات الذي يستعرض دراسة الحالة متعددة ويقدم نظرة تفصيلية‬
‫لكيفية ممارسة إدارة املعرفة داخل مجموعة من املؤسسات الوطنية كدراسة حالة‪ ،‬واليات وعمليات بناء الذاكرة‬
‫التنظيمية وعالقتها بهذه املمارسات‪.‬اضافة الى تقديم النتائج التي تم الوصول إليها إلى جانب التحقق من صحة‬
‫الافتراضات املقترحة للخروج في ألاخير بجملة توصيات وأفاق الدراسة املستقبلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪anthropomorphism‬‬

‫‌ل‬
‫الفصل ا ألول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫تمهيد‬

‫اكتسبت املعرفة في وقتنا الحاضر أهمية بالغة وذلك لقدرتها على تحقيق النجاح داخل املؤسسات ومساهمتها في‬
‫التحول نحو الاقتصاد املبني على املعرفة‪ .‬اذ تزداد هذه ألاهمية كلما توجهت املؤسسة نحو الاستثمار في املعرفة الضمنية‬
‫املتواجدة في أذهان وعقول ألافراد‪ ،‬والتي تتجسد في حدسهم وخبرتهم ومهارتهم وقدراتهم التفكيرية‪ ،‬كما أنها تتوجد‬
‫بشكها الصريح على شكل معلومات ذات معنى عن السوق والعميل والاتصاالت والتقنية‪ .‬اذ تعتبر أصل غير ملموس‪ ،‬و‬
‫التي تلعب دورا حاسما في زيادة كفاءة ألاعمال‪ ،‬تسريع وتيرة الابتكار وتحديد الوقت املناسب للدخول إلى السوق‪ ،‬تحسين‬
‫عملية اتخاذ القرار ‪ ،‬وخاصة في بناء ميزة تنافسية مستدامة في ظل بيئة تتصف بالتغير السريع والتعقيد‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬أصبحت قيمة املنظمات تقاس بمدى استثمارها في أصولها املعرفية املتمثلة في رأس مالها الفكري‪ ،‬وهذا ما‬
‫يفسر اتساع الفجوة بين قيمة املؤسسة املالية كما تجسدها موجوداتها املادية وبياناتها املحاسبية وقيمتها السوقية‪.‬‬
‫وأفضل مثال على ذلك‪ ،‬املنظمات كثيفة املعرفة‪ ،‬كشركة (‪ ،)Microsoft‬التي تتضاعف قيمتها السوقية من ثالث إلى‬
‫ثماني مرات عن قيمتها املالية‪ .‬وبسبب املعرفة‪ ،‬وجدت املنظمات نفسها أمام تحديات جديدة‪.‬‬

‫وملواجهة هذه التحديات‪ ،‬توجهت املنظمات نحو تطبيق وممارسة إدارة املعرفة التي تعتبر أحد الاتجاهات إلادارية‬
‫الحديثة املساعدة على تحقيق التحول املطلوب‪ .‬حيث تركز على تنظيم وتوفير املعرفة املهمة‪ ،‬متى وأينما لزم ألامر‪ .‬فهي‬
‫بذلك تهدف الى تحسين ألاداء الفردي واملؤسس ي داخل املنظمات‪.‬‬

‫واستنادا ألهمية املعرفة وإدارة املعرفة‪ ،‬نحاول في هذا الفصل ألاول‪ ،‬عرض املفاهيم ألاساسية للمعرفة وإلدارة‬
‫املعرفة‪ ،‬وكما نتناول أهم الحلول التي تقدمها إدارة املعرفة‪ ،‬من خالل الطرق املختلفة إلدارة هذه املعرفة والتي تتضمن‬
‫مكونين أساسين هما‪ :‬عمليات إدارة املعرفة ونظمها‪ ،‬والتي تعتمد على أسس ثالثة هي ‪ :‬آلاليات‪ ،‬التقنيات‪ ،‬والبنية‬
‫التحتية إلدارة املعرفة (الثقافة التنظيمية‪ ،‬الهيكل التنظيمي‪ ،‬تكنولوجيا الاتصال واملعلومات‪ ،‬املعرفة العامة)‪ ،‬وكما‬
‫يناقش الفصل الحالي أسس إدارة املعرفة الثالثة‪ ،‬والوقوف على القوى الدافعة لها‪ ،‬كما سنعرض القضايا التنظيمية‬
‫املتعلقة بإدارة املعرفة‪ ،‬وسنتناول على وجه التحديد‪ ،‬نظم إدارة املعرفة ودورها في املنظمة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املبحث ألاول ‪ :‬املعرفة في املؤسسة‬

‫نحاول من خالل هذا املبحث تقديم ماهية املعرفة بقدر من التفصيل‪ ،‬وتوضيح الفرق بين كل من املعرفة‪،‬‬
‫املعلومات والبيانات‪ .‬كما نقدم بعض وجهات النظر الفلسفية البديلة للمعرفة‪ ،‬ذاتية كانت أم موضوعية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تناول طرق تصنيف املعرفة وتحديد بعض السمات املستخدمة في تصنيف ألانواع املختلفة للمعرفة‪ .‬كما نتطرق من‬
‫خالل هذا املبحث إلى مفهوم رأس املال الفكري (‪ )intellectual capital‬بأبعاده املختلفة‪ .‬وفي ألاخير‪ ،‬يعرض هذا‬
‫املبحث مختلف ألاوعية واملواقع تواجدا ملعرفة‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬مفهوم املعرفة‬

‫إن أول ما يتبادر إلى ألاذهان عندما نشير إلى املعرفة هو ذلك املخزون الهائل من املعلومات التي يملكها العقل‬
‫البشري‪ .‬وهو معيار املعرفة واصلها وسببها‪ ،‬حيث يعالج عقلنا بيانات ومعلومات كثيرة جدا لتكوين املعاني‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل بناء عالقات بين املعلومات والبيانات تجعل للتجارب التي نعيشها معنى‪ .‬ثم يستخدم عقلنا هذا املعنى في دعم‬
‫‪1‬‬
‫عملية التخطيط وتحديد كيفية الاستجابة للحقائق التي يتم إدراكها‪ ،‬وهذا هو في جوهره ما يشكل ويكون املعرفة‪.‬‬

‫ومن منظور فردي‪ ،‬فإن املعرفة البشرية ال تخزن في جزء واحد من الدماغ بل في أجزاء متعددة منه‪ ،‬حيث يتم‬
‫الوصول إلى املعرفة من خالل تفاعل وتعاون أجزاء عديدة في الدماغ‪ ،‬تبني معا شبكة عقلية ديناميكية كما هو موضح في‬
‫‪2‬‬
‫الشكل (‪.)3-3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Wittrock, M.C. (1992). Generative Learning Processes of the Brain, Educational Psychologist, 27 (4), p531-541.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Supp, G. & al., (2007), Directed Cortical Information Flow During Human Object Recognition: Analyzing‬‬
‫‪Induced EEG Gamma band Responses in Brain’s Source Space, PLoS One, p2.‬‬

‫‪3‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الشكل (‪ :)3-3‬العقل البشري كمصدر للمعرفة‬

‫‌‬

‫املصدر‪ :‬علي محمد الخوري (‪ ،)2115‬إدارة املعرفة في القطا العام‪ ،‬املنظمة العربية للتنمية إلادارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫وإذا ما ربطنا ذلك بالسياق املؤسس ي‪ ،‬فإن إدارة املعرفة تصبح نتاج شبكة مماثلة مبنية بصورة تشاركية‪ .‬وتنتج‬
‫املعرفة ع ن فهم العالقات القائمة بين العمليات التي يلزم القيام بها بشكل دائم‪ ،‬حيث يتم فحص تلك العالقات وتغيرها‬
‫حسب الحاجة‪ .‬وتعني املعرفة أيضا أن تتضمن عمليات التعلم عناصر التوقع والتعامل مع التغذية العكسية‬
‫‪1‬‬
‫(‪ ،)Feedback‬وإنشاء املعرفة من خالل تلك التغذية وكيفية اتخاذ القرارات‪.‬‬

‫وقد تضمنت ألادبيات املتوفرة حاليا حول املعرفة العديد من وجهات النظر التي تم تعريف املعرفة من خاللها‪،‬‬
‫حيث يعرفها ‪ Ayer‬بأنها «معتقد صحيح له ما يبرره»‪ .‬ويعرف ‪ O’Dell & Grayson‬أن املعرفة هي «مزيج سلس من‬
‫الخبرات والقيم واملعلومات املتس ـقة (‪ )Contextual Information‬والـ ـرؤية املتيقنة (‪ )Expert Insight‬التي تقدم‬
‫‪2‬‬
‫إطار عمل لتقييم وتحصيل خبرات ومعلومات جديدة»‪.‬‬

‫وقد أشار هؤالء الباحثون إلى أن «املعرفة تنشأ في عقل العارف وتطبق فيه»‪ .‬أما «في املؤسسات فتصبح املعرفة‬
‫غالبا صريحة ليس فقط في املستندات أو ألارشيف‪ ،‬بل أيضا في العمليات واملمارسات والقيم املؤسسية »‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jones, P.M. (2001), Collaborative Knowledge Management, Social Networks, and Organizational Learning,‬‬
‫‪Proceedings of HCI International 2001: Ninth International Conference on Human- Computer Interaction, p1-4.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫‪4‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫نحن نكتسب املعرفة من تفاعالتنا وقراءتنا وتجاربنا التي نعيشها‪ .‬فعندما نعالج ما ندركه ونعطيه معنا ما فإنه‬
‫يتحول إلى معلومات‪ .‬وعندما نضع املعلومات في سياق ما تصبح معرفة‪ .‬ثم تتحول هذه املعرفة إلى مخزون للبيانات‬
‫ألاساسية التي يمكن في املستقبل استخدامها وتكوين معلومات ومعارف جديدة (الذاكرة التنظيمية)‪ .‬لذلك ينظر إلى‬
‫‪1‬‬
‫املعرفة على أنها عملية دورية‪ ،‬وكما هو موضح في الشكل (‪.)2-1‬‬

‫الشكل ( ‪ :) 2 -3‬العناصر املكونة للمعرفة‬

‫املصدر‪ :‬علي محمد الخوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬فضمن التوجهات إلادارية‪ ،‬هناك من يربط بين "البيانات"‪" ،‬املعلومات" و"املعرفة"‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من عدم وضوح الحدود الفاصلة بين هذه املصطلحات‪ ،‬فإن هناك من يعتبرهم شيئا واحدا‪ ،‬والتفرقة بينها تعد‬
‫خطوة أساسية‪ ،‬فإذا اعتبرنا أن املعرفة هي البيانات أو هي املعلومات‪ ،‬فال داعي النتظار أي إضافة من إدارة املعرفة‪ ،‬واملدخل‬
‫الشائع لفهم املعرفة هو تمييزها أوال عن املفاهيم املرتبطة بها‪.‬‬

‫‪1‬علي محمد الخوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪5‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر ألاول ‪ :‬التمييز بي ن املعرفة‪ ،‬املعلومات والبيانات‬

‫تختلف املعرفة اختالفا تاما عن البيانات واملعلومات‪ ،‬فعلى الرغم من أن هذه املصطلحات الثالثة قد تستخدم‬
‫بصورة تبادلية‪ ،‬إال أنها تختلف تمام الاختالف من حيث طبيعة كل منهما‪ .‬وسوف نحدد في هذا الجزء ونوضح هذه‬
‫املفاهيم ونميز بينهم‪ .‬من اجل الوصول إلى تعريف واضح للمعرفة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬البيانات‬

‫وتتضمن الحقائق‪ ،‬املالحظات أو املفاهيم (والتي قد تكون صحيحة أو غير صحيحة )‪ .‬وتمثل البيانات‪ ،‬بحد ذاتها‪،‬‬
‫أرقاما قد تأتي بال سياق أو بال معنى أو هدف‪ ،1‬أو رموزا غير مفسرة‪ ،‬أو حروف ليس لها معنى إال بعد إجراء عملية املعالجة‬
‫‪2‬‬
‫عليها والاستفادة منها‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬املعلومات‬

‫هي مجموعة جزئية (‪ )Subset‬من البيانات‪ ،‬وال تضم سوى البيانات التي لها سياق‪ ،‬أو ارتباط أو غرض‪ .‬وحسب‬
‫‪ ،Davenport3‬تنطوي املعلومات عادة على معالجة أولية للبيانات للحصول على داللة تكون أكثر تعبيرا من الاتجاهات‬
‫أو ألانماط التي تشمل عليها هذه البيانات‪ .‬وحسب ‪ ،Wiig4‬فهي حقائق منظمة لوصف حالة أو ظرف معين‪ .‬وهي ناتج‬
‫معالجة البيانات‪ ،‬تحليال وتركيبا‪ ،‬الستخالص ما تتضمنه هذه البيانات أو تشير إليه من مؤشرات وعالقات ومقارنات‬
‫وموازنات ومعادالت وغيرها‪ ،‬من خالل تطبيق العمليات الحسابية والطرق إلاحصائية والرياضية واملنطقية‪ ،‬أو من خالل‬
‫‪5‬‬
‫إقامة النماذج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I. (2010), Knowledge Management: Systems and Process, M.E., Sharp,‬‬
‫‪New York, p17.‬‬
‫‪2‬صالح الكبيس ي (‪ ،)2115‬إدارة املعرفة‪ ،‬منشورات املنظمة العربية للتنمية إلادارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Davenport, T. (1997), Information Ecology: Mastering the Information and Knowledge Environment, Oxford‬‬
‫‪University Press, New York, p21.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Wiig, K.M. (1995), Knowledge Management Methods: Practical Approaches to Managing Knowledge, Schema‬‬
‫‪Press, Arlington, TX.p‬‬
‫ُّ‬
‫التحول نحو الاقتصاد املعرفي‪ ،‬املؤتمر العلمي الرابع حول إدارة املعرفة في العالم العربي‪ ،‬جامعة الزيتونة‬ ‫‪ّ 5‬‬
‫محمد خضري (‪ ،)2114‬متطلبات‬
‫ألاردنية‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫‪6‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ثالثا ‪ :‬املعرفة‬
‫‪1‬‬
‫فإذا أردنا إعطاء تعريفا أكثر شمولية "للمعرفة"‪ ،‬فيمكننا الاسترشاد بطريقة تعبير ‪ Perrin‬عنها على النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬املعرفة هي عبارة عن مفهوم غير محدد أو دقيق تماما؛‬

‫ب‪ ‌.‬املعرفة تعني القدرة على الفهم وعلى العلم بش يء ما ؛‬

‫ج‪ ‌.‬املعرفة هي الحكم على ش يء حسب مستوى معرفتنا به‪.‬‬

‫ويضيف ‪ ،Perrin‬بأن هذه التعريفات تبين أن املعرفة تتضمن ثالث خصائص أساسية و ضرورية إلنشائها وهي‪:‬‬

‫القدرات (الحكم‪ ،‬الفهم)؛‬

‫املهارة (استخدام هذه القدرات)؛‬

‫الكفاءة (إعطاء أحكام)‪.‬‬

‫فهذا التصنيف يمثل املقاربة ألاولية ملصطلح املعرفة‪ .‬إلى جانب ذلك اقترح ‪ Sanchez, Heene & Thomas‬تصنيفا‬
‫‪2‬‬
‫آخر للمعرفة داخل املنظمة‪ ،‬وبشكل أكثر تحديدا كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬القدرات‪ :‬هي نماذج وتخطيط إجراءات العمل الستخدام ألاصول من أجل خلق أو إنتاج أو عرض املنتجات في‬
‫السوق‪ ،‬وهي الحالة التي يكون فيها الفرد متمكنا من النجاح في انجاز مهمة معينة‪ ،‬كالقدرة على التحليل‬
‫والتركيب واملقارنة والتوليف‪ .‬كما أن القدرة ال تظهر إال من خالل تطبيقها على محتوى‪.‬‬
‫‪ ‬املهارة‪ :‬وتعبر عن القدرة على التعامل مع وضعية محددة‪ ،‬وهي التمكن من انجاز مهمة بكيفية محددة وبدقة‬
‫متناهية وسرعة في التنفيذ‪ .‬وهي تدل على السلوك املتعلم أو املكتسب الذي يتوفر له شرطان اوهريان‪،‬‬
‫أولهما‪ :‬أن يكون موجها نحو إحراز هدف أو غرض معين‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أن يكون منظما بحيث يؤدي إلى إحراز الهدف‬
‫في أقصر وقت ممكن‪.‬‬
‫‪ ‬املوارد‪ :‬هي ألاصول امللموسة وغير امللموسة املتوفرة واملتاحة والتي تحشدها املنظمة للكشف عن أو اقتناص‬
‫فرصة متاحة في السوق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Perrin, A. (2004), La valorisation des pratiques de management des connaissances : outils de mesure et mesure‬‬
‫‪des outils, Université de Nice Sophia Antipolis, France, p140.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sanchez, R., Heene, A., & Thomas, H. (1996), Dynamics of Competence-Based Competition: Theory and‬‬
‫‪Practice in the NEC Strategic Management, Elsevier, Oxford, p12.‬‬

‫‪7‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ ‬الكفاءات‪ :‬تمثل مهارة منظمة في الاستغالل الجيد ألصولها لبلوغ أهدافها‪ ،‬كما تشمل القدرة على استعمال‬
‫املهارات واملعارف الشخصية في وضعيات جديدة داخل إطار حقله املنهي‪ .‬كما تتضمن أيضا تنظيم العمل‬
‫وتخطيطه وكذا الابتكار والقدرة على التكيف مع النشاطات غير العادية‪ .‬كما أن الكفاءة تتضمن املزايا الفردية‬
‫الضرورية للتعامل مع الزمالء وإلادارة‪.‬‬

‫غير أن التعريف الذي لقي إجماع العديد من الباحثين‪ ،‬هو ذلك الذي يعرف املعرفة على أنها «مجموعة من املعتقدات‬
‫لدى فرد حول وجود عالقة سببية بين الظواهر؛ وقد نجد مجموعة من ألافراد داخل املنظمة يتقاسمون نفس‬
‫‪1‬‬
‫املعتقدات حول نفس العالقة السببية»‪.‬‬

‫وبناءا على ما سبق‪ ،‬يبدو الاختالف بين املصطلحات الثالثة واضحا‪ ،‬فالبيانات تشير إلى مجموعة من الحقائق غير‬
‫املنظمة التي قد تأخذ شكل ألارقام أو الرموز ليس لها معنى حقيقي بشكلها الخام وال تؤثر في سلوك املتلقي لها‪ ،‬في حين تعني‬
‫املعلومات تلك البيانات التي نظمت ورتبت وأصبحت ذات معنى وتؤثر في من يتلقاها‪ ،‬وتعتبر البيانات واملعلومات أساس‬
‫املعرفة واملادة ألاساسية املكونة لها‪ ،‬أما املعرفة فتتألف من مجموعة من املعلومات مضاف إليها املعنى الداللي‪ ،‬ويمكن‬
‫تعريفها بأنها هيكل الحقائق واملفاهيم إلانسانية املتراكمة أو ألافعال أو الحقائق التي تعبر عن حالة معرفية‪ .‬وبالتالي‬
‫فإن»املعرفة أكثر من مجرد تراكم بعض املعلومات‪ ،‬إنها تكمن فيما يفهمه ألافراد من تلك املعلومات‪ ،‬ويرتبط الفهم‬
‫‪2‬‬
‫باالعتقادات‪ ،‬الخبرات‪ ،‬الكفاءات‪ ،‬التعلم‪ ،‬وترجمة كل ذلك إلى فعل أو اتخاذ قرار معين«‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬هناك ثالثة طرق للتمييز بين املعرفة واملعلومات والبيانات‪ ،‬فالبعض ينظر إلى املعرفة باعتبارها حلقة ضمن‬
‫سلسة متكاملة ومترابطة‪ ،‬تبدأ بالبيانات ثم املعلومات ثم املعرفة وتنتهي بالحكمة‪ ،‬وفق هذا التسلسل‪ ،‬التفرقة تمت على‬
‫أساس سلمي أو هرمي‪ .‬يمكن التمييز بينها أيضا من وجهة نظر القيمة أو حسب وجهة النظر آلالية لتشكل املعرفة‪ .‬نحاول‬
‫تلخيصهم في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Perrin, A., op. cit., p141.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Curley, K.F., & Kivowitz, B. (2001), The Manager's Guide to Knowledge Management, HRD PRESS, Canada,‬‬
‫‪USA, p28.‬‬

‫‪8‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .3‬الرؤية ألاولى‪ :‬واهة النظر السلمية‬

‫تقع املعرفة وفقا وجهة النظر هذه في أعلى مستويات التسلسل الهرمي التي تأتي فيه املعلومات في املستوى‬
‫املتوسط والبيانات في املستوى ألادنى‪ .‬ووفقا لهذه الرؤية‪ ،‬فإن املعرفة تشير إلى املعلومات التي تتيح إمكانية التصرف‬
‫واتخاذ القرارات أو هي املعلومات التي لها اتجاه محدد‪ ،‬وعلى هذا ألاساس‪ ،‬فإن املعرفة تتشابه بشكل جوهري مع‬
‫املعلومات والبيانات‪ ،‬رغم أنها هي ألاكثر ثراء وعمقا‪ ،‬وبالتالي ألاكثر قيمة‪.‬‬

‫وبناءا على هذه الرؤية‪ ،‬فإن البيانات تشير إلى حقائق مجردة خالية من السياق‪ ،‬مثل رقم الهاتف‪ ،‬أما املعلومات فهي‬
‫بيانات داخل سياق‪ ،‬مثل دليل الهاتف‪ ،‬وبالنسبة للمعرفة فهي معلومات تسهل القيام بعمل ما‪ ،‬وعلى سبيل املثال‬
‫ألافراد الذين لهم خبرة في مجال معين داخل منظمة ما‪ ،‬وكمثال على ذلك‪ ،‬إدراك أن رقم الهاتف يخص عميال جيدا‬
‫‪1‬‬
‫يجب الاتصال به مرة في ألاسبوع ألخذ طلباته‪ .‬ولتوضيح ذلك نقدم الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل (‪ :)1-3‬سلمية املعرفة‬

‫معلومات ذات سياق‬ ‫املعرفة‬


‫الوعي‬

‫بيانات ذات معنى‬ ‫املعلومات‬

‫الذكاء‬

‫البيانات‬
‫بيانات خام‬

‫‪Source : Filos, E., (2006). Smart Organizations in the Digital Age, Idea Group Publishing, United‬‬
‫‪States of America, P 17.‬‬

‫على الرغم من أن هذه الرؤية املبسطة عن املعرفة قد تبدو دقيقة‪ ،‬إال أنها حسب وجهة نظرنا ال تقدم تفسيرا‬
‫كافيا لخواص املعرفة‪ ،‬ولذا فإننا نستعين برؤية أكثر شمولية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p18.‬‬

‫‪9‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .2‬الرؤية الثانية‪ :‬من واهة نظر القيمة وألاحداث‬

‫حسب هذه الرؤية تختلف املعرفة في جوهرها عن املعلومات‪ ،‬فبدال من النظر إلى املعرفة بأنها مجموعة حقائق‬
‫أكثر ثراءا وتفصيال من املعلومات‪ ،‬فإننا نعرف املعرفة في مجال معين على أنها‪" :‬الاعتقادات املبررة حول العالقات التي‬
‫تربط املفاهيم املتعلقة بذلك املجال"‪ .‬وهذا التعريف له ما يؤيده في أدبيات إدارة املعرفة (مثل أعمال ‪.)Nonaka1‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن املعرفة تساهم في إنتاج معلومات مستخلصة من البيانات أو في إنتاج معلومات أكثر قيمة من أخرى أقل‬
‫قيمة‪ .‬ووفق هذا املعنى‪ ،‬فإن املعلومات من شأنها تيسير عمل ما‪ ،‬مثل اتخاذ قرار بشأن الدخول في صفقة من عدمه‪.‬‬
‫وبناءا على املعلومات الجديدة املستحدثة للقيمة املتوقعة للنتيجة‪ ،‬وكذلك العالقة مع املفاهيم ألاخرى‪ ،‬مثل توقع مسير‬
‫ما إذا كان بإمكانه الفوز في الصفقة أم ال‪ ،‬فإن هذه املعرفة تتيح لهذا املسير الفرصة في معرفة ما إذا كان بإمكانه قبول‬
‫أو رفض الصفقة‪ .‬وهذه السمة من العالقة بين البيانات واملعلومات يوضحها الشكل (‪ ،)4-3‬حيث يوضح العالقة بين‬
‫البيانات (التي قيمتها صفر أو اقل في اتخاذ القرار)‪ ،‬واملعلومات (التي لها قيمة أكبر من البيانات)‪ ،‬رغم اختالف قيمة كل‬
‫‪2‬‬
‫منها‪.‬‬

‫و يرى ‪ Godbout‬من جهة أخرى أن الاختالف بين هذه املصطلحات يتعلق بأمرين‪ :‬الهدف أي الغرض الذي وجدت‬
‫أو تستخدم ألجله وأيضا السياق الذي تستخدم فيه‪ ،‬وهذا ينش ئ القيمة لكل منها؛ وبالتالي فإن املعلومات أوسع وأعلى قيمة‬
‫من البيانات‪ ،‬واملعرفة أوسع وأعلى قيمة من املعلومات‪ ،‬باعتبار أن الهدف والسياق في كل مرة يتعلق بمستوى أكبر و أهمية‬
‫‪3‬‬
‫وهدف أكبر‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)4-3‬البيانات واملعلومات واملعرفة (حسب واهة نظر القيمة)‬


‫املعرفة‬

‫القيمة‬

‫عالية ادا‬ ‫عالية‬ ‫متوسط‬ ‫منخفض‬ ‫صفر‬

‫‪Source: Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I, op. cit., p18.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Nonaka, I. (1994), A Dynamic Theory of Organizational Knowledge Creation, Organization Science, Vol.5, N°1,‬‬
‫‪p14.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p19.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Godbout, A.J. (1999), Filtering Knowledge - Changing Information into Knowledge Assets, Journal of Systemic‬‬
‫‪Knowledge Management, January, p43.‬‬

‫‪10‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ويوضح الشكل (‪ )4-3‬ارتباط البيانات واملعلومات واملعرفة بنظم املعلومات والقرارات وألاحداث‪ .‬وكما سبق‬
‫إلاشارة إليه‪ ،‬فإن املعرفة تساعد على تحويل البيانات إلى معلومات يمكن حفظها في دليل أو في نظام معلوماتي حاسوبي‬
‫يتلقى البيانات باعتبارها مدخالت لينتج معلومات في صورة مخرجات‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن استخدام املعلومات في اتخاذ‬
‫القرار يتطلب أيضا معرفة‪ ،‬وتؤدي القرارات‪ ،‬باإلضافة إلى عوامل أخرى متفرقة‪ ،‬إلى أحداث تتسبب في إنتاج املزيد من‬
‫‪1‬‬
‫البيانات‪ ،‬كما انه قد تتسبب ألاحداث واستخدام املعلومات ونظامها في إدخال تعديالت على املعرفة ذاتها‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)2-3‬البيانات واملعلومات واملعرفة املرتبطة باألحداث‬

‫املعلومات‬ ‫انظمة املعلومات‬ ‫البيانات‬

‫استخدام املعلومات‬

‫القرار‬

‫ألاحداث‬

‫‪Source : Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p19.‬‬

‫‪ .1‬الرؤية الثالثة‪ :‬من واهة نظر آلية تشكيل املعرفة‬

‫تستند آلية تشكيل املعرفة على نظرية ‪ .Shigehisa Tsuchiya‬فمن خالل وجهة نظره‪ ،‬فإن املصطلحات‬
‫(البيانات‪ ،‬املعلومات واملعرفة) تستعمل في كثير من ألاحيان بش يء من الغموض‪ ،‬وأنه يوجد فرق واضح بين هذه‬
‫املصطلحات‪ ،‬والبيان املوضح في الشكل (‪ )6-1‬يعطي تفسير دقيق لوجهة نظر الباحث‪ ،‬فاملعرفة الضمنية والتي تتواجد في‬
‫عقول ألافراد ناتجة عن البيانات التي نعطي لها معنى‪ -‬من خالل آلية التفسير‪ -‬والتي تنتج معلومة نقوم بنشرها‪ .‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬فاملعرفة ال تنتج إال من خالل التقاء موضوع معين مع املعطيات‪ ،‬ويركز الباحث على أن الحوار والنقاش هو أساس‬
‫‪2‬‬
‫تشكيل املعرفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p18.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Grundstein, M. (2003), De la capitalisation des connaissances au management des connaissance dans‬‬
‫‪l’entreprise: Les fondamentaux du knowledge, Université Paris Dauphine, p7.‬‬

‫‪11‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الشكل (‪ :)9-3‬آلية تشكيل املعرفة‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Source: Grundstien, M., op. cit., p8.‬‬

‫وبإعادة صياغة أفكار الباحث نقول أن املعرفة يمكن التعبير عنها بلغة ومعنى عام‪ .‬ثم أن هذه املعرفة والتي هي‬
‫معلومات بالنسبة لغيرهم من ألافراد‪ ،‬تصبح معرفة لدى فرد آخر فقط عندما تفهم من قبل النموذج التفسيري للعقل‬
‫‪1‬‬
‫والذي يعطي لها معنى (معنى مقروء)‪ ،‬وكل معلومة ال تخضع لنموذج التفسيري ال يمكن إدراكها في غالب الحاالت‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬النظرة الفلسفية للمعرفة‬

‫يمكن النظر إلى املعرفة من منظور ذاتي أو موضوعي‪ ،‬حيث تركز النظرة الذاتية على تمثيل املعرفة من خالل‬
‫استخدام وجتهي نظر وهما‪ )1( :‬الحالة ذهنية أو (‪ )2‬املمارسة؛ أما حسب النظرة املوضوعية‪ ،‬تمثل املعرفة وفق ثالث‬
‫وجهات نظر‪ :‬باعتبارها هدفا‪ ،‬أو سبيال للمعلومات أو باعتبارها قدرة‪ .‬وتتضح تلك التصورات املعرفية في الشكل (‪.)7-3‬‬

‫أوال ‪ :‬النظرة الشخصية للمعرفة‬

‫وفقا للنظرة الشخصية‪ ،‬فإن الحقيقة تتبلور من الناحية الاجتماعية عبر التفاعالت مع ألافراد‪ .2‬وتعتبر املعرفة‬
‫إنجازا مستمرا يؤثر ويتأثر باملمارسات الاجتماعية‪ .3‬وبالتالي‪ ،‬فإن املعرفة ال يمكن أن تكمن في مكان واحد‪ ،‬ألنها ال تستقل‬
‫‪1‬‬
‫‪Grundstien, M., op. cit., p8.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Schultze, U. (1999), Investigating the Contradictions in Knowledge Management. In Information Systems:‬‬
‫‪Current Issues and Future Changes, ed. T.J. Larsen, L. Levine, & J.I. De Gross, p155.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Boland, R.J. & Tenkasi, R.V. (1995), Perspective Making and Perspective Taking in Communities of Knowing,‬‬
‫‪Organization Science, 6(4), p350.‬‬

‫‪12‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫عن املمارسات الاجتماعية والتجارب البشرية‪ .‬بالتالي فحسب هذه النظرة الشخصية‪ ،‬فإنه يمكن النظر إلى املعرفة من‬
‫‪1‬‬
‫منظورين‪ ،‬سواء كحالة ذهنية أو كممارسة‪.‬‬

‫‪ .3‬املعرفة كحالة ذهنية‬

‫هذا املنظور يرى املعرفة بأنها حالة ذهنية للفرد‪ ،‬ولذا فإنه ينظر للمعرفة التنظيمية في السياق الحالي على أنها‬
‫معتقدات إلافراد داخل منظمة ما‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فطاملا أن التجارب والخلفيات تتباين باختالف ألافراد‪ ،‬فكذلك‬
‫معتقداتهم ومعارفهم قد تختلف من شخص آلخر‪.‬‬

‫وعليه فالتركيز هنا يدور حول تمكين ألافراد من تعزيز مجاالت املعرفة الشخصية (الذاتية) لديهم‪ ،‬بحيث يمكن‬
‫‪2‬‬
‫استخدامها في تحقيق أهداف املنظمة على الوجه ألاكمل‪.‬‬

‫‪ .2‬املعرفة كممارسة‬

‫تعتبر املعرفة ذاتية وفق هذا املنظور غير أنها مملوكة ملجموعة‪ ،‬ومن ثم ال يمكن تجزئتها إلى عناصر يملكها أفراد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫لذا‪ ،‬وحسب هذا املنظور‪ ،‬فإن املعرفة "ال يملكها عامل واحد‪ ،‬وال توجد في وعاء مملوك لفرد واحد"‪.‬‬

‫ذلك فضال عن أن املعرفة ال تستقر في ذهن شخص بعينه ولكنها تكمن في املمارسة‪ .‬وتتكون املعرفة من معتقدات‬
‫وهو ما يتوافق مع تعريفنا السابق‪ ،‬غير أن املعتقدات ذاتها هي نشاط جماعي وليس فردي‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فهي تنعكس بشكل‬
‫أفضل في ألانشطة التنظيمية وليست في عقول ألافراد املنتمين للمنظمة‪ .‬وإذا ما نظرنا للمعرفة من هذا املنطق‬
‫‪4‬‬
‫فسنجدها "غير محددة بطبيعتها ودائمة التطور"‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬النظرة املوضوعية للمعرفة‬

‫تأتي النظرة املوضوعية مختلفة تماما للمنظور السابق (الذاتي)‪ ،‬ووفقا لهذه النظرة‪ ،‬فإن الحقيقة تأتي مستقلة‬
‫عن التصورات البشرية‪ ،‬ويمكن ترتيبها وفقا للتصنيفات واملفاهيم املنطقية‪ .5‬وبالتالي‪ ،‬يمكن وضع املعرفة في صورة ش يء‪،‬‬
‫أو قوة يمكن اكتشافها‪ ،‬أو تحسينها من خالل العوامل البشرية‪ .‬ومن هذا املنطق فإن النظرة املوضوعية تتناول املعرفة‬
‫من ثالث جوانب محتملة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p22.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Alavi, M. & Leidner, D. (2001), Knowledge Management and Knowledge Management Systems: Conceptual‬‬
‫‪Foundations and Research Issues, MIS Quarterly, 25(1), p107.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Schultze, U., op. cit., p10.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Tsoukas, H. (1996), The Firm as a Distributed Knowledge System: A Constructionist Approach, Strategic‬‬
‫‪Management Journal, p22.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Schultze, U., op. cit., p11.‬‬

‫‪13‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .3‬املعرفة باعتبارها كمجموعة أشياء‬

‫يرى هذا املنظور أن املعرفة ش يء يمكن حفظه ونقله والتعامل معه‪ .‬وتماشيا مع تعريف املعرفة على أنها مجموعة‬
‫من املعتقدات املبررة‪ ،‬فإن هذه ألاشياء املعرفية (أي املعتقدات) قد توجد في مواضع مختلفة‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬فمن‬
‫‪1‬‬
‫املمكن أن تكون متعددة ألانواع‪ ،‬وهو ما سيتم مناقشته الحقا‪.‬‬

‫‪ .2‬املعرفة باعتبارها شرطا للوصول إلى املعلومات‬

‫يعتبر هذا املنظور أن املعرفة شرطا للوصول للمعلومة‪ .‬وبالتالي تعتبر املعرفة في هذا السياق أداة تتيح الوصول إلى‬
‫املعلومات‪ ،‬ومن ثم الاستفادة منها‪ .‬ويوسع هذا املنظور بالتالي وجهة النظر ألاولى للمعرفة باعتبارها مجموعة أشياء‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ويؤكد على إمكانية الاستفادة منها‪.‬‬

‫‪ .1‬املعرفة باعتبارها قدرة‬

‫يتسق هذا املنظور مع املنظورين ألاخيرين للمعرفة باعتبارها مجموعة أشياء أو باعتبارها شرطا للوصول إلى‬
‫املعلومات‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فهو مختلف من حيث تركيز املعرفة على طريقة استخدامها في التأثير على الحدث‪ ،‬ويؤكد هذا‬
‫املنظور على املعرفة باعتبارها قوة إستراتجية يمكن استخدامها في البحث عن امليزة التنافسية‪ ،‬الشكل التالي يوضح‬
‫‪3‬‬
‫مختلف التصورات‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)7-3‬التصورات املختلفة للمعرفة‬

‫‪Source : Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p23.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p22.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Alavi, M. & Leidner, D., op. cit., p107.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p23.‬‬

‫‪14‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وبناءا على ما سبق‪ ،‬تختلف وجهات النظر الخمسة السابقة في تركيزها على رؤيتها للمعرفة‪ ،‬وإن اتفقت جميعها في‬
‫اعتبار املعرفة مجموعة من املعتقدات الخاصة بالعالقات‪ ،‬فاملنظور ألاول الذي يرى أن املعرفة حالة ذهنية‪ ،‬يركز على‬
‫املعتقدات داخل عقول البشر‪ ،‬في حين يركز املنظور الثاني‪ ،‬وهو املعرفة باعتبارها ممارسة‪ ،‬على تأثير املعتقدات على‬
‫ألافعال أو املمارسات‪ .‬وفي كلتا الحالتين‪ ،‬تعتبر املعتقدات واملعرفة التي تشمل عليها أمورا شخصية (ذاتية)‪ ،‬وعلى العكس‬
‫من ذلك‪ ،‬فإن وجهات النظر الثالثة ألاخيرة (املعرفة باعتبارها مجموعة أشياء‪ ،‬واملعرفة باعتبارها سبيال للمعلومات‪،‬‬
‫واملعرفة باعتبارها قوة) ترى املعرفة أمرا موضوعيا‪ ،‬حيث تركز على املعتقدات باعتبارها أشياء يمكن حفظها وإدارتها‪،‬‬
‫وأيضا باعتبارها شرطا للوصول إلى املعلومات‪ ،‬وقدرة تؤثر في الفعل ‪.‬‬

‫وال شك أننا ندرك أهمية وجهات النظر الخمسة على حد السواء‪ ،‬ونرى أنها تقدم لنا مناهج مختلفة لدراسة وفهم‬
‫املعرفة‪ ،‬ومع ذلك فإننا نتبنى في دراستنا هذه موقفا يميل للموضوعية أكثر منه من الشخصية‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن‬
‫النظرة املوضوعية تيسر التوصل إلى توصيات عملية بشأن كيفية إدارة املنظمات للمعرفة‪.‬‬

‫وسنتناول فيما يلي الصور املختلفة للمعرفة‪ ،‬والتي تتفق بوضوح مع املنظور املوضوعي لها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن‬
‫القول بأن بعض أنواع املعرفة على ألاقل‪ -‬التي سيتم مناقشتها الحقا (مثل املعرفة الضمنية)‪ -‬ال تتوافق مع النظرة‬
‫الشخصية أيضا‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬من املقاربة القائمة على املوارد إلى املقاربة القائمة على املعرفة‬

‫منذ بداية الثمانينات‪ ،‬سعت إلادارة الحديثة إلى البحث عن حلول مختلفة عن تلك املقترحة من قبل املقاربات‬
‫إلاستراتيجية التقليدية املرتكزة على تحليل البيئة‪ ،‬والتي بين من خاللها بورتر (‪ )Porter‬بأن إستراتجية املنظمة تقوم على‬
‫مفاهيم املنتج والسوق في استجابتها ملتطلبات البيئة الخارجية‪ .‬فظهرت نظرية املوارد مـؤكدة بأن مزايا التفوق التنافس ي تأتي‬
‫من داخل املؤسسة أي من بيئتها الداخلية‪ ،‬وبشكل خاص من مواردها التي قسمها ‪ Wernerfelt‬إلى موارد مادية وغير‬
‫‪1‬‬
‫مادية‪.‬‬

‫حينها أدرك أغلب الباحثين أهمية املوارد النادرة التي تمتلكها املنظمة في تفكيرها الاستراتيجي وتنميتها‪ ،‬وبروز ما يسمى‬
‫بمقاربة املوارد )‪ ،(RBV‬ثم تلتها املقاربة املبنية على املعرفة )‪ .(KBV‬نقوم فيما يلي‪ ،‬بعرض املقاربتين ومختلف نقاط‬
‫الاختالف بينهما‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Wernerfelt, B. (1984), A Resource-Based View of the Firm, Strategic Management Journal, Vol.5, p171-180.‬‬

‫‪15‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر ألاول ‪ :‬املقاربة القائمة على املوارد‬

‫حسب ‪ ،Arrègle1‬تركز املقاربة القائمة على املوارد )‪ (RBV‬على أهمية املوارد النادرة التي تمتلكها املنظمة في تفكيرها‬
‫الاستراتيجي وتطورها‪ .‬وتنطلق فكرة هذه املقاربة من املالحظة التجريبية بأن أداء املنظمات في نفس الصناعة يختلف من‬
‫منظمة ألخرى‪ ،‬وال توجد أبحاث كافية لتفسير هذه الاختالفات‪ .‬وعلى هذا ألاساس ظهرت املقاربة القائمة على املوارد‪،‬‬
‫وحاولت تفسير هذا الاختالف باإلشارة إلى عدم تجانس املنظمات من حيث املوارد التي يستخدمونها‪ .‬ويقصد باملوارد هنا‬
‫ألاصول الخاصة (أي ذات الخصوصية العالية ‪ )Actifs spécifiques‬باملنظمة‪ ،‬وكذا ألاصول إلاستراتيجية التي يمكن‬
‫أن تكون ملموسة أو غير ملموسة‪ .‬ويبين ‪ ،Barney2‬بأن موارد املنظمة هي «ألاصول‪ ،‬القدرات‪ ،‬العمليات التنظيمية‪،‬‬
‫املعلومات‪ ،‬املعارف‪ ...‬التي تمتلكها املنظمة وتمكنها من تصميم وتنفيذ إستراتيجياتها‪.» ...‬‬

‫وقد ظهرت املقاربة القائمة على املوارد خالل الثمانينات ‪ 9192‬كما ذكرنا سابقا‪ ،‬واستلهمت أفكارها من أعمال‬
‫‪ ،Penrose‬التي الحظت بأن الاقتصاديين قد أدركوا أهمية املعرفة في النظام الاقتصادي لكن من دون التركيز على دراسة‬
‫موضوعها بعمق‪" :‬لطاملا أدرك الاقتصاديون‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬الدور املهيمن الذي تلعبه زيادة املعرفة في العمليات‬
‫الاقتصادية لكنهم في الغالب اعتبروا موضوع املعرفة بمجمله غامض ويصعب التعامل معه"‪ .‬فحسبها‪ ،‬يرتبط ألاداء بمزج‬
‫وتجميع املوارد أكثر من ارتباطه بهيكلها أو حجمها‪ ،‬وهذا يعني عدم وجود أي عالقة سببية مباشرة بين حجم املوارد‬
‫وألاداء‪ .‬يمكننا تأكيد ذلك من خالل مقولتها‪" :‬ما يهم‪ ،‬من منظور القيمة‪ ،‬هو كيفية استخدام ومزج الش يء وليس الكمية‬
‫املتاحة منه"‪ .‬فاملؤسسات التي لديها املعرفة املتفوقة أو القادرة على التنسيق بين أو مزج مواردها بطريقة مختلفة‬
‫ومبتكرة‪ ،‬تمتلك قيمة إستراتيجية عالية‪ ،‬وتحقق بالتالي امليزة التنافسية‪.‬‬

‫إضافة لذلك‪ ،‬تعتبر هذه الباحثة‪ ،‬بأن املنظمة ليست كمجموعة من ألانشطة‪ ،‬وإنما كمجموعة من املوارد ( & ‪Amit‬‬
‫‪ )Schoemaker, 1993 ; Grant, 1991 ; Wernerfelt, 1984‬التي تقوم املنظمة بجمعها وتعبئتها بمهارة عالية‬
‫لتحقيق التطور‪« :‬فنمو املنظمة يعتبر في ألاصل عملية تطورية قائمة على أساس زيادة تراكمية للمعرفة الجماعية‬
‫املرتبطة بأهداف املؤسسة »‪ .‬ولذلك‪ ،‬تعتبر املعرفة من قبل أنصار املقاربة القائمة على املعرفة املورد ألاكثر إستراتيجية‬
‫بالنسبة للمنظمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Arrègle, J.L. (1995), Le savoir et l’approche « resource based » : une ressource et une compétence, Revue‬‬
‫‪Française de Gestion, p87.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Barney, J.B. (1991), Firm Resources and Sustained Competitive Advantage, Journal of Management, Vol.17,‬‬
‫‪N°1, p111.‬‬

‫‪16‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثاني ‪ :‬املقاربة القائمة على املعرفة‬

‫وكاستمرار ألفكار املقاربة القائمة على املوارد(‪ ،)KBV‬ساهمت املقاربة القائمة على املعرفة في تغيير النظرة التقليدية‬
‫للمعرفة‪ ،‬وأيضا تغيير الكثير من وجهات النظر خاصة فيما يتعلق بنظرية املنظمة‪.‬‬

‫فهناك العديد من النظريات التي حاولت إلاجابة على التساؤل الهام‪ :‬ملاذا تتواجد املنظمات؟‪ ،‬أهمها أعمال ‪ 1Knight‬الذي‬
‫بين بأن وجود املنظمة يرتبط بهدف التوزيع ألامثل للخطر بين ألافراد‪ .‬هذا ما شجع فيما بعد على ظهور مقاربة تكاليف‬
‫املعامالت التي ترى أن املنظمة جاءت لتقليل تكاليف التعاقدات مقارنة باألسواق ( ‪Coase, 1937 ; Williamson,‬‬
‫‪ )1975‬وتعززت هذه النظريات فيما بعد بنظريات أخرى أهمها النظرية التطورية للمنظمة )‪.(Nelson & Winter, 1982‬‬
‫فحسب ‪ 2Grover & Davenport‬فإن النقاش حول نظرية املنظمة ينطلق حاليا من أمريين أساسيين‪:‬‬

‫ألاول ‪ :‬يعتمد على اقتصاديات تكاليف املعامالت )‪ (transaction cost economics‬الذي يظهر أن املؤسسة وجدت‬
‫بديال للسوق لتقليل تكاليف املعامالت والسلوكات الانتهازية‪.‬‬

‫الثاني ‪:‬يعتمد على املوارد‪ ،‬التي تؤكد أن ألاداء الفعال على املدى الطويل مرتبط بامتالك املنظمة ملوارد نادرة‪ ،‬قيمة‪ ،‬مميزة‪،‬‬
‫واملقصود هنا هو أن املعرفة مورد أساس ي‪ ،‬يخلق مزايا فريدة للتحكم في النشاطات الاقتصادية من خالل منطق يختلف‬
‫كثيرا عن السوق‪.‬‬

‫أما املقاربة املبنية على املعارف فترى بأن نجاح املنظمات ال يعتمد فقط على اقتصاديات العقود التي تحددها‬
‫(حقوق امللكية‪ ،‬الحوافز) ولكن على مخزون غير متجانس ومتدفق من املعارف‪ .‬ف ـ« املنظمة وجدت لدمج املعرفة والبحث في‬
‫آليات الدمج التي تنش ئ قدرات الاستجابة املرنة في ألاسواق ذات التنافسية الفائقة‪ ،‬ومن هنا تعتبر املنظمة كمركز ملعالجة‬
‫ودمج املعارف‪ 3،‬أو مجموعة من املوارد التي يرتكز جوهرها ألاساس ي على املعرفة‪ .‬هذه ألاخيرة تعتبر مورد «غير قابل‬
‫لإلهتالك»‪ ،‬مما يعني‪ ،‬أنه من املمكن استخدامه من دون أن ينفذ‪ .‬وبامتالكها من قبل املنظمة‪ ،‬تعتبر املعرفة كيان‬
‫ديناميكي يمكنها أن تتغير وتزداد في قيمتها عند دمج معلومات جديدة إليها‪ ،‬هذا ما يثبت من الناحية النظرية اعتبارها‬
‫‪4‬‬
‫موردا استراتيجيا‪ ،‬مثلها مثل الكفاءات ورأس املال املادي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Michael Taylor & Paivi Oinas ,Understanding the Firm: Spatial and Organizational Dimensions, Oxford‬‬
‫‪University Press, New York, USA, 2006, P 16.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Grover, V., & Davenport, T. (2001), General Perspectives on Knowledge Management: Fostering a Research‬‬
‫‪Agenda, Journal of Management Information Systems, 18(1), p19.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Gottschalk, P. (2005), Strategic Knowledge Management Technology, Idea Group Publishing, p57.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ben Hamadi, O. (2012), Management des connaissances et mémoire organisationnelle : Entre perdre‬‬
‫‪connaissance et retrouver la mémoire- le cas d’Hydro-Québec, Université du Québec, Canada, p58.‬‬

‫‪17‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫غير أن اعتبار املعرفة كمورد استراتيجي ال يعتبر السبب الوحيد الذي دفع املنظمات للمزيد من الاستثمار فيها‪،‬‬
‫بل توجد أسباب أخرى أهمها ما ساد في فترة الثمانيات من ممارسات إدارية نتج عنها بعض آلاثار السلبية‪ ،‬من بين هذه‬
‫املمارسات انتهاج املنظمات إلستراتجية تقليص الحجم من خالل تسريح العاملين رغبة في تخفيض التكاليف والتركيز على‬
‫قلب النشاط‪ .‬تسبب ذلك في فقدان املنظمة ملعارف وخبرات مهمة متراكمة لدى العاملين على مدار سنوات‪ .‬هذا ما دفع‬
‫املنظمات للبحث عن أساليب المتالك املعرفة التي توجد لدى العاملين وتخزينها والاحتفاظ بها‪ ،‬إلعادة استخدامها في‬
‫‪1‬‬
‫املستقبل وهو ما يعرف بإدارة املعرفة‪.‬‬

‫وبالنسبة ‪ ،Nonaka & Takeuchi‬يعتبر خلق املعرفة جوهر إلاستراتيجية ذاتها‪ ،‬وبالتالي ال تعتبر املنظمات فقط‬
‫كنظم اجتماعية معقدة‪ ،‬وإنما كنظم تعلم‪ 2‬أو أيضا كمحفظة للمعارف والكفاءات بدال من كونها محفظة أنشطة‪ .‬وهذا‬
‫يعتبر في حد ذاته انطالقة هامة ملفهوم املنظمات املبنية على املعرفة‪ .‬وبالتالي ازداد الاهتمام باملعرفة كمورد استراتيجي أكثر‬
‫قيمة من املعلومات وظهرت الحاجة إلى إدارتها‪ .‬وكان ظهور إدارة املعرفة استجابة للتطورات املتالحقة في بيئة ألاعمال؛ مما‬
‫أهمها‪ :‬أين تقع املنظمة من كل هذه التطورات ؟ ماذا تملك‬‫دفع املنظمة الحديثة إلى أن تطرح على نفسها أسئلة متعددة ّ‬
‫املنظمة من معرفة ؟ من الذي يملك هذه املعرفة ؟ ما املعرفة التي ال تمتلكها املنظمة ؟ ماذا ينبغي أن تمتلك املنظمة من‬
‫معرفة ؟‬

‫هذا ما يؤكده الباحثون ( ‪Drucker, 1993 ; Nonaka & Takeuchi, 1995; Spender, 1996, 1998; Sveiby,‬‬
‫‪ )1994‬بأنه ينبغي على املديرين التركيز على إنتاج املعرفة واقتنائها والتعرف على تحركاتها وعوائقها‪ ،‬ومن ثم تطبيقها‪.‬‬
‫وحسب ‪ ،Foray & Cowan3‬تصبح املعرفة بترميزها مماثلة للمنتج‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد تطورت إدارة املعرفة ملعالجة هذه‬
‫القضايا‪:‬‬

‫‪ -‬املعرفة تعتبر موردا غير قابل لالهتالك‪ ،‬ويجب التركيز على طرق تثمينه‪،‬‬
‫‪ -‬يجب على املنظمة تحديد املعرفة‪ ،‬ترميزها‪ ،‬تبادلها وتصنيفها‪.‬‬

‫‪ 1‬العلوانى حسن (‪ ،)2001‬إدارة املعرفة املفهوم واملداخل النظریة‪ ،‬مداخلة ضمن فعالیات املؤتمر العربي الثاني في إلادارةة‪ ،‬حول "القیادة‬
‫إلابداعیة في مواجهة التحدیات املعاصرة"‪ ،‬املنظمة العربیة للتنمیة إلاداریة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nonaka, I., & Takeuchi, H. (1995), The Knowledge-Creating Company: How Japanese Companies Create the Dynamics‬‬
‫‪of Innovation, Oxford University Press, New York, p58.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cowan, R., David, P.A., & Foray, D. (2000), The explicit economics of knowledge codification and tacitness,‬‬
‫‪Industrial and Corporate Change, 9(2), p232.‬‬

‫‪18‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬تصنيفات املعرفة‬

‫لقد عرف مفهوم املعرفة عدة تصنيفات‪ ،‬حيث صنفت على سبيل املثال‪ ،‬إلى فردية وجماعية‪ ،‬كما صنفت أيضا‬
‫إلى معلنة وإجرائية‪ .‬وسوف نتناول في هذا الجزء بعض التصنيفات املهمة للمعرفة‪ ،‬غير انه من ألاهمية أن نقف على‬
‫طبيعة هذه ألانواع املختلفة للمعرفة نظرا الختالف أسلوب إدارتها‪ ،‬وهو ما سيتم مناقشته في املباحث الالحقة‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬املعرفة إلاارائية واملعلنة‬

‫أولى الفروق التي نتناولها بالدراسة‪ ،‬هي الفرق بين املعرفة املعلنة (كالحقائق) واملعرفة إلاجرائية (كيفية سياقة‬
‫سيارة)‪ .‬وتركز املعرفة املعلنة (أو املعرفة الثابتة كما يطلق عليها أحيانا) على املعتقدات الخاصة بالعالقات بين املتغيرات‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬بالرغم من تساوي كل ألامور ألاخرى‪ ،‬إال أن سعر املنتج من شأنه أن يتسبب في خفض مبيعاته نسبيا‪،‬‬
‫ومن ثم يمكن أن تترجم املعرفة املعلنة في صورة مقترحات أو عالقات متوقعة‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك فاملعرفة إلاجرائية ترتكز على املعتقدات املرتبطة بمجموعة خطوات أو إجراءات تعطي‬
‫نتائج مطلوبة (أو غير مطلوبة)‪ .‬ومن أمثلة ذلك مجموعة املعتقدات املبررة بشأن إلاجراء الواجب إتباعه من طرف منظمة‬
‫‪1‬‬
‫حكومية حول اتخاذ قرار بشان الشخص الذي يقدم له عمل في مجال معين (مثل تطوير أحد النظم املعلوماتية)‪.‬‬

‫ويمكن تمييز املعرفة املعلنة على أنها « دراية »‪ ،‬في حين يمكن اعتبار املعرفة إلاجرائية « مهارة »‪ .‬والستيعاب الفرق‬
‫بين هذين النوعين من املعرفة بصورة أشمل‪ ،‬سنأخذ مثاال لشركة افتراضية لتصنيع السيارات‪ ،‬حيث تعتبرها «مجموعة‬
‫املعتقدات املبجرة»‪ ،‬هي تأثير نوعية كل مكون من مكونات السيارة على املنتج النهائي‪ ،‬كمثال للمعرفة املعلنة في هذا‬
‫السياق‪ ،‬تأثير الجودة على كل خاصية من الخصائص كاملوثوقية‪ ،‬استهالك الوقود‪ ،‬تراجع ألاداء بمرور الوقت‪ ،‬ونمط‬
‫اقتناء طراز معين‪ .‬ومن أمثلة املعرفة إلاجرائية مجموعة املعتقدات الخاصة بتجميع طراز معين من السيارات‪ .‬وقد يشتمل‬
‫ذلك على أمور منها الخطوات املتبعة في عملية تجميع املحرك‪ ،‬واملهام التي يمكن القيام بها بالتوازي مع تلك العملية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫والزمن الذي تستغرقه كل خطوة‪ ،‬والوقت املطلوب إلنجاز الخطوات املتتالية‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Kogut, B., & Zander, U. (1992), Knowledge of the Firm, Combinative Capabilities and the Replication of‬‬
‫‪Technology, Organization Science, 3(3), p383.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p24.‬‬

‫‪19‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثاني ‪ :‬املعرفة الضمنية أو الصريحة‬

‫هناك تصنيف آخر مهم للمعرفة‪ ،‬نسبة ألعمال ‪ ، Polanyi1‬و‪ ،Nonaka‬حيث ينظر إليها على أنها إما ضمنية أو‬
‫‪2‬‬
‫صريحة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬املعرفة الصريحة‬

‫تنعكس هذه املعرفة الضمنية(‪ )Explicit Knowledge‬عادة في صورة كلمات وأرقام‪ ،‬ويمكن مشاركتها بشكل‬
‫رسمي ومنتظم في صورة كتبات وأدلة‪ ،‬رسومات‪ ،‬شرائط سمعية ومرئية‪ ،‬برامج حاسوبية‪ ،‬وبراءات اختراع‪ .‬وفي املنظمة‬
‫يمكن تجسيدها في كل ألاهداف والسياسات‪ ،‬وإلاجراءات‪ ،‬والتعليمات‪ ،‬واملعايير والنتائج املكتوبة‪ .‬وهذا النوع من املعرفة‬
‫قابل لالنتقال بسهولة بين ألافراد في مختلف املستويات في التنظيم خاصة من خالل قنوات الاتصال الرسمية ويطلق على‬
‫وتكون هذه املعرفة الذاكرة التنظيمية (‪ ،)Organizational Memory‬وعلى سبيل‬‫هذه املعرفة (‪ّ ،)Know -What‬‬
‫املثال‪ ،‬تعتبر املبادئ ألاساسية لتحليل سوق ألاسهم املوجود في كتاب أو دليل‪ ،‬معرفة صريحة قد تشبه البيانات او‬
‫املعلومات من حيث الشكل‪ ،‬إال انه ينبغي مراعاة الفرق بين كل منها‪ ،‬وهو ما سبق تناول في السابق (أنظر الصفحة رقم‬
‫‪ ،)12‬وعلى الرغم من ان مبادئ تحليل سوق لها تفسيراتها‪ ،‬إال أنها معتقدات مبررة عن العالقات (أي معرفة) ‪ ،‬وليست‬
‫‪3‬‬
‫مجرد حقائق بسيطة ومالحظات (أي بيانات)‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬املعرفة الضمنية‬

‫وعلى العكس من املعرفة الصريحة(‪ ،)Tacit Knowledge‬فإن املعرفة الضمنية تشمل القيم والاتجاهات‬
‫والادراكات‪ ،‬والتي تتكون من الخبرات والتجارب الذاتية‪ ،‬الحدس والفهم العميق؛ وتتميز بصعوبة الحصول عليها واستخدامها‬
‫ومشاركتها ورسملتها؛ نظرا ألنها تتواجد في عقول ألاشخاص‪ .‬فهي أكثر ميال لالعتماد على الجانب الشخص ي وعلى تجارب‬
‫الفرد‪ ،‬ويطلق عليها معرفة الكيف (‪ ،)know-how‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬تعد سنوات املالحظة العديدة لصناعة معينة‬
‫كفيلة بأن تتكون لدى محلل سوق ألاسهم معرفة تساعده في التوصل إلى توصيات للمستثمرين في سوق ألاسهم حول‬
‫اتجاهات السوق على املدى القريب والبعيد ألسهم املؤسسات داخل تلك الصناعة‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يوضح الشكل (‪ )8-3‬هذين النوعين من املعرفة في طبقتين‪ :‬طبقة على مستوى الفردي‬
‫وألاخرى على مستوى املؤسسة‪ ،‬حيث يمكن في أفضل ألاحوال جمع جزء من املعرفة الضمنية ووضعها في نسق ورقي أو‬
‫مستندات إلكترونية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Polanyi, M. (1966), The Tacit Dimension, Doubleday, Garden City, NY.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nonaka, I. (1994), A Dynamic Theory of Organizational Knowledge Creation, Organization Science Review, Vol.‬‬
‫‪5, No. 1, February, p16.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op.cit., p25.‬‬

‫‪20‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وفي املقابل‪ ،‬فإن أغلب املعرفة الضمنية للمؤسسات تكمن في العمليات أو ألاعمال غير املنظمة وغير املوثقة‪ .‬وهذا‬
‫يعني أن إلاجراءات التي يتم إتباعها دون أن تكون موثقة هي ما يشكل املعرفة الضمنية للمؤسسة‪ .‬ومن ثم فإن تنظيم‬
‫املعرفة الضمنية والانتقال بها لتصبح معرفة صريحة هو ما يشكل إدارة املعرفة‪ ،‬حيث يمثل العنصر الرئيس ي هنا في‬
‫كيفية جمع املعرفة الضمنية وتحويلها لجعلها معرفة صريحة كما يحدث عندما يقوم شخص لديه قدر كبير من املعرفة‬
‫الضمنية حول موضوع معين بتأليف كتاب أو دليل ويصيغ تلك املعرفة‪ .‬وتحويل املعرفة الصريحة إلى معرفة ضمنية‪،‬‬
‫كما يحدث‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬عندما يقوم شخص بقراءة كتاب ويتحصل منه على ما يفيده‪ ،‬ليحول بذلك املعرفة‬
‫الصريحة التي يحويها الكتاب إلى معرفة ضمنية تتشكل داخل عقله‪ .1‬وسوف تتم مناقشة هذين الاحتمالين النتقال‬
‫املعرفة بالتفصيل في املبحث الذي يتناول الحلول التي تقدمها إدارة املعرفة‪.‬‬

‫الشكل(‪ :)8-3‬مستويات املعرفة‬

‫املصدر‪ :‬علي محمد الخوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪1‬علي محمد الخوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪21‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثالث ‪ :‬املعرفة العامة واملعرفة الخاصة‬


‫‪1‬‬
‫يركز التصنيف الثالث للمعرفة على ما إذا كان الحصول على املعرفة يتم على نطاق واسع أو محدود‪.‬‬

‫أوال‪ :‬املعرفة العامة (‪ :)General knowledge‬يحصل عليها عدد كبير من ألافراد ويمكن نقلها بسهولة عبر أولئك ألافراد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬املعرفة الخاصة (‪ :)Specific knowledge‬أو املعرفة التخصصية (‪ )Idiosyncratic knowledge‬ال تتوفر إلى‬
‫لعدد محدود من ألافراد‪ ،‬كما أنها مكلفة في نقلها‪.‬‬

‫ويمكن تقسيم املعرفة الخاصة إلى ثالث أنواع‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬املعرفة التقنية الخاصة‬

‫تعتبر املعرفة التقنية الخاصة ( ‪ )Technology- Specific knowledge‬معرفة متعمقة في مجال معين‪ ،‬وتشمل‬
‫املعرفة باألدوات وألاساليب التي يمكن استخدامها في حل املشكالت املتعلقة بهذا املجال‪ ،‬وغالبا ما يتم اكتساب جزء من‬
‫هذه املعارف عن طريق التدريب الرسمي ثم يزيد ويكتمل بالتجربة في املجال نفسه‪ .‬ومن أمثلة ذلك املعرفة بمكونات‬
‫الحاسوب لدى مهندس إلاعالم آلالي‪ .‬ففي إلادارة الهندسية بمركز (‪ ،)NASA‬تعتبر معرفة أساليب إدارة املشروعات‪ ،‬مثل‬
‫خريطة (‪ )Pert Chart‬تحليل املسار الحرج‪ ،‬معرفة تقنية ألنها تتعلق بإدارة املشروعات العامة دون أن تكون خاصة‬
‫بمركز (‪.)NASA‬‬

‫ثانيا ‪ :‬املعرفة السياقية الخاصة‬

‫تشير إلى معرفة بمالبسات الزمان واملكان التي تم إجراء العمل فيه‪ .‬وتتعلق املعرفة السياقية باملنظمة وبالوحدة‬
‫الفرعية التي يتم فيها أداء املهام‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬تعد املعرفة التفصيلية بخصوصيات مجموعة تصميم معينة والتي‬
‫تتوافر لدى مهندس التصميم‪ .‬وال يمكن اكتساب املعرفة السياقية من خالل التدريب الرسمي وإنما ينبغي الحصول عليها‬
‫من داخل السياق املعين (كعضوية في نفس مجموعة التصميم)‪ .‬ونجد في إطار إلادارة الهندسية بمركز (‪ ،)NASA‬أن‬
‫معرفة آليات املستخدمة في التقنية التي طورتها (‪ )NASA‬كبراءة الاختراع والترخيص لالستخدام العام تعد معرفة‬
‫‪2‬‬
‫سياقية ألنها تعتمد بشكل أساس ي على سياق مركز (‪ )NASA‬مع أقل تأثير للتخصص التقني على وجه التحديد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jensen, M.C., & Meckling, W.H. (1996), Specific and General Knowledge, and Organizational Structure, In‬‬
‫‪Knowledge Management & Organizational Design, ed. P.S. Myers, Newton, MA, Butterworth-Heinemann, p11.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p25.‬‬

‫‪22‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ثالثا ‪ :‬املعرفة التقنية السياقية الخاصة‬

‫املعرفة التقنية السياقية الخاصة ( ‪ )Context-and-Technology Specific knowledge‬هي معرفة تتعلق‬


‫بالسياق وبالنواحي التقنية معا‪ ،‬وتشمل املعرفة السياقية والتقنية كال من املعرفة العلمية الثرية وتفهم سياق محدد‪.‬‬
‫فكيفية إتخاذ قرار بشأن ألاسهم املراد شراؤها داخل صناعة معينة‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬تعتبر معرفة سياقية وتقنية‬
‫أيضا‪ ،‬فهي تمزج بين فهم الديناميكيات تلك الصناعة وألادوات املستخدمة في تحليل أداء السوق‪ .‬أيضا وكما في إلادارة‬
‫الهندسية بمركز (‪ ،)NASA‬فإن املعرفة بكيفية تخطيط وتطوير النظم ألارضية ونظم دعم الطيران في مركز (‪)NASA‬‬
‫‪1‬‬
‫ومبادئ الهندسة‪.‬‬

‫ال تعد التصنيفات السابقة للمعرفة مستقلة عن بعضها‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن املعرفة إلاجرائية إما أن تكون‬
‫ضمنية أو صريحة وإما عامة أو خاصة‪ ،‬ومن خالل دمج التصنيفات الثالثة السابقة مع أخذ بعين الاعتبار املعرفة‬
‫الخاصة التقنية والسياقية فسيكون لدينا عندئذ ‪ )3×2×2( 12‬نوعا من املعرفة كما هو مبين في الجدول (‪.)3-3‬‬

‫الجدول (‪ :)3-3‬أمثلة ملختلف أنوا املعرفة‬

‫تقنية‬ ‫سياقية‬ ‫عامة‬

‫دليل يصف العوامل الوااب مراعاتها في‬ ‫وثيقة خاصة باملنظمة تحدد الظروف التي‬ ‫كتاب يصف العوامل الوااب مراعاتها عند اتخاذ‬ ‫صريحة‬
‫تصميم حاسوب بهدف الالرزام بمواصفات‬ ‫بموابها يتعين على مدير الفريق الاستشاري‬ ‫قرار بشأن شراء أسهم إحدى املنظمات‪ .‬وقد يشمل‬ ‫معلنة‬
‫ألاداء‬ ‫التفكيج في استبدال عضو في الفريق ممن لديه‬ ‫ذلك نسبة السعر إلى املكاسب‪ ،‬وحصص ألارباح‪.‬‬
‫مشكالت مع املشرو ‪.‬‬

‫معرفة احد الفنيين باألعراض التي يجب‬ ‫معرفة مدير املوارد البشرية بالعوامل‬ ‫معرفة العوامل الرئيسية الوااب مراعاتها عتد‬ ‫ضمنية‬
‫البحث عنها ملحاولة إصالح اهاز تلفاز‬ ‫الوااب مراعاتها في تحفيز موظف في منظمة‬ ‫اتخاذ قرار بشأن شراء أسهم منظمة‬
‫معلنة‬
‫معطل‬ ‫معينة‪.‬‬

‫كتب يشرح كيفية تغييج وضع نظام‬ ‫وثيقة خاصة باملنظمة تحدد ترتيب ألافعال التي‬ ‫كتاب يتناول خطوات تحديد ما كيفية شراء أسهم‬ ‫صريحة‬
‫التشغيل على اهاز الحاسوب بهدف‬ ‫يجب على مدير الفريق الاستشاري القيام به‬ ‫منظمة ‪.‬‬
‫إارائية‬
‫تغيجات ألاداء املراوة‬ ‫عند طلبه من إلادارة العليا الستبدال أحد‬
‫أعضاء الفريق الذي يعاني مشكالت مع‬
‫املشرو ‪.‬‬

‫معرفة أحد الفنين برجتيب الخطوات التي‬ ‫معرفة مدير املوارد البشرية بالخطوات املتبعة‬ ‫معرفة أساسية بالخطوات املتبعة في تحديد ما إذا‬ ‫ضمنية‬
‫يتم عن طريقها إصالح اهاز تلفاز معطل‬ ‫في تحفيز أحد املوظفين في املنظمة‪.‬‬ ‫كان سيتم شراء أسهم منظمة ما‬ ‫إارائية‬

‫‪Source : Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p25.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Hayek, F.A. (1945), The Use of Knowledge in Society, American Economic Review, XXXV(4), p519.‬‬

‫‪23‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الرابع ‪ :‬املعرفة والخبجة‬

‫يمكن تعريف الخبرة بأنها معرفة من نوعية أعلى‪ ،‬فهي تتعلق بدرجة املعرفة‪ ،‬وبمعنى آخر من تتوفر لديهم الخبرة‬
‫تكون لديهم القدرة على أداء مهمة أفضل ممن يفتقرون إليها‪ .‬ومن ثم فهي معرفة واسعة بش يء محدد يتم اكتسابها من‬
‫‪1‬‬
‫خالل التعليم‪ ،‬التدريب‪ ،‬القراءة‪ ،‬والتجربة العلمية‪ ،‬وتشمل املجاالت التالية‪:‬‬

‫‪ ‬النظريات والحقائق املتعلقة بموضوع معين؛‬

‫‪ ‬إلاجراءات الخاصة باملجال العام للمشكلة؛‬

‫‪ ‬إلاجراءات أو القواعد التجريبية ملا يمكن عمله في موقف معين‪.‬‬

‫أما كلمة «خبير» فتستخدم لوصف من يمتلك مهارات أو معارف مختلفة‪ ،‬فقد يكون لدى شخص خبرة مهمة‬
‫بغض النظر عن مدى تعقد ذلك املجال‪ .‬فسائق الحافالت‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬يعتبرون خبراء بقدر ما يعتبر جراحو املخ‬
‫خبراء في مجال تخصصهم‪ .‬فكالهما متميز في أداء مهام تخصصه‪ .‬لذلك البد من تصنيف مفهوم الخبرة حسب املجاالت‬
‫املختلفة‪ ،‬فمستويات املهارة لدى الخبراء في مختلف املجاالت مسألة ال ينبغي مقارنتها نظرا الختالف تخصصاتهم‪ ،‬فجميع‬
‫الخبراء يحتجون تقريبا إلى نفس املهارات إلادراكية‪ ،‬ومن ثم يكمن الفرق في عمق خبرتهم مقارنة بأقرانهم املتخصصين في‬
‫املجال نفسه‪ ،‬حيث يملك سائق الحافلة املحترف (املاهر)‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬قدرات أعلى تمام من السائق املبتدئ ‪،‬كما‬
‫أن جراح املخ الخبير يمتلك مهارات أكبر من الجراح املتدرب‪.‬وقد أكدت ألابحاث التجريبية بشأن الخبرة‪ ،‬حيث أن املرء في‬
‫حاجة إلى وقت ‪" :‬كي يصبح خبيرا"‪ ،‬لدرجة أن معظم املوهوبين يحتاجون إلى عشر سنوات على ألاقل من التدريب املكثف‬
‫‪2‬‬
‫قبل أن يفوزوا باملسابقات الدولية‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الخبجة التشاركية‬

‫من املعتاد في الكثير من املجاالت تفضيل الخبراء ممن لديهم فهم دقيق للنظريات ألاساسية داخل ذلك املجال‪.‬‬
‫ولكن هل يعد ذلك أمرا ضروريا؟ ماذا عن تقني إصالح التلفزيون الذي يعتبر خبيرا ولكنه ال يفهم طرق التشغيل الداخلية‬
‫املعقدة للترانزيستور أو إطار الصورة؟ فهو بإمكانه ربط املالحظات التي يرصدها على أداء الجهاز بأسباب معينة بناءا على‬
‫ما لديه من خبرة‪ ،‬وقد يمتلك هذا الشخص فهما تشاركيا (‪ )Associational understandings‬بمستوى خبير في تلك‬

‫‪1‬خبابة عبد هللا‪ ،‬جباري عبد الوهاب (‪ ،)2111‬النظم الخبيجة ونظم دعم القرار كمدخل التخاذ القرار في املؤسسة‪ ،‬موسوعة الاقتصاد‬
‫والتمويل الاسالمي‪ ،‬ص‪ ،3‬متاح على املوقع‪iefpedia.com :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ericsson, K.A., Prietula, M.J., & Cokely, E.T. (2007), The Making of an Expert, Harvard Business Review, p114.‬‬

‫‪24‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ألاجهزة وقد يكون قادرا على إصالح أي مشكلة تواجهه تقريبا‪ ،‬ومع ذلك فإنه إذا واجهته مشكلة جديدة لم يعهدها من‬
‫‪1‬‬
‫قبل‪ ،‬فقد ال يعرف كيفية معالجتها ألنه ال يفهم تفاصيل التشغيل الداخلية للجهاز‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬خبجة املهارات الحركية‬

‫هي خبرة بدنية أكثر منها إدراكية‪ ،‬لذلك‪ ،‬فليس من السهل محاكاة هذا النوع من الخبرة ووضعها في النظم‬
‫املستندة إلى املعرفة‪ ،‬حيث يقوم البشر بتحسين تلك املهارات عن طريق ألاداء املتكرر والتدريب‪ .‬وبينما يمتلك البعض‬
‫قدرات اكبر من غير هم في هذه املهارات‪ ،‬إال أن التعليم الحقيقي والخبرة ينتجان عن التدريب املوجه واملستمر‪ .‬ومن أمثلة‬
‫ذلك‪ ،‬مهارات ركوب الدراجة‪ ،‬والتزلج على الجليد‪ ،‬فعندما تالحظ الخبراء وهم يقومون بتلك ألانشطة ستبدو لك ردود‬
‫أفعالهم تلقائية وعفوية‪ ،‬وهذه التصرفات ناجمة عن املمارسة املستمرة واملتواصلة واملدربة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الخبجة النظرية ( العميقة )‬

‫إن إيجاد حل ملشكلة تقنية‪ ،‬يتطلب في الغالب تجاوز الفهم السطحي ملجال الخبرة‪ ،‬إذ يتعين استخدام املوهبة‬
‫إلابداعية‪ ،‬والتي تعتمد على معرفتنا النظرية في املجال املستهدف‪ .‬ويسمح هذا النوع من املعرفة للخبراء بحل املشكالت‬
‫التي تعترضهم‪ ،‬وبالتالي ال يمكن حلها عن طريق الخبرة التشاركية‪.‬‬

‫وتكتسب هذه املعرفة النظرية العميقة من خالل التدريب املنتظم وحل املشكالت عمليا‪ .‬فاملهندسون والعلماء‬
‫الذين قضوا العديد من السنوات في التدريب بانتظام يمتلكون هذا النوع من املعرفة‪ .‬واملثال التالي يوضح املعرفة‬
‫النظرية العميقة (‪.)Deep theoretical knowledge‬‬

‫باإلضافة إلى أنواع املعرفة السابقة‪ ،‬فإن هناك بعض التصنيفات ألاخرى التي ينبغي إلاشارة إليها‪ ،‬حيث تتعامل‬
‫إحدى هذه التصنيفات مع املعرفة على أنها معرفة بسيطة (‪ ،)Simple knowledge‬أو معقدة ( ‪Complex‬‬
‫‪ )knowledge‬فبينما تركز املعرفة البسيطة على مجال واحد أساس ي‪ ،‬تعتمد املعرفة املعقدة على مجاالت مختلفة‬
‫‪2‬‬
‫ومتعددة من الخبرة‪.‬‬

‫وهناك تصنيف آخر يتعلق بدور املعرفة داخل املنظمات‪ ،‬حيث يقسم املعرفة إلى‪:‬‬

‫أ‪ .‬معرفة مساندة (‪ :)Support knowledge‬وهي التي ترتبط بالبنية التحتية للمنظمة وتسهل العمليات اليومية؛‬

‫ب‪ .‬معرفة تكتيكية ( ‪ :)Tactical knowledge‬وهي التي تتعلق بوضع املنظمة على املدى القصير بالنسبة ألسواقها‪،‬‬
‫ومنافسيها‪ ،‬ومورديها؛‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p03.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p03.‬‬

‫‪25‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ت‪ .‬املعرفة إلاسرجاتجية ( ‪ :)Strategic knowledge‬وهي التي تتعلق بوضع املنظمة على املدى البعيد بالنسبة لرؤية‬
‫املنظمة وإستراتجية تحقيق تلك الرؤية‪.‬‬

‫املطلب الرابع ‪ :‬خصائص املعرفة‬

‫لقد حددت ألابحاث العديد من الخصائص التي تميز املعرفة‪ ،‬نحاول في هذا العنصر عرض أهمها واملتمثلة في‪:‬‬
‫الوضوح‪ ،‬الشخصنة‪ ،‬الطبيعة املضمرة‪ ،‬التعزيز الذاتي والتغير والزوال‪.1‬‬

‫الفر الاول ‪ :‬الوضوح‬

‫وتعني صفة الوضوح مدى القابلية لتمثيل املعرفة بصورة ملموسة وواضحة بما يمكن املنظمة من حفظها ونقلها‬
‫إلى آلاخرين‪ .‬فالوضوح يشير إذا إلى التصنيف البسيط للمعرفة بكونها صريحة أو ضمنية‪ ،‬واملعرفة الصريحة هي التي‬
‫تتصف بالوضوح‪ .‬ويمكن تمثيل العالقة بين املعرفة الصريحة والضمنية بقطعة مستقيمة‪ ،‬يرتكز في طرفي القطعة كل‬
‫من املعرفة الصريحة والضمنية‪ ،‬ويبين امتداد الخط بينهما مدى تسلسل درجة الوضوح‪ .‬حيث كلما اقتربنا من الصريحة‬
‫زادت درجة وضوح املعرفة وصراحتها والعكس صحيح‪ ،‬أي كلما اقتربنا من الضمنية انخفضت درجة وضوح املعرفة‪،‬‬
‫ويرى ‪ Zander & Kogout‬بأن صفة الوضوح ال تتجسد فقط من خالل تصنيف املعرفة على أنها صريحة أو ضمنية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫بل تظهر بشكل أوضح عند ألاخذ بعين الاعتبار لصفة قابلية ترميز املعرفة وقابلية نعليمها‪ ،‬بحيث‪:‬‬

‫‪ ‬قابلية الرجميز‪ :‬وتعكس مدى القدرة على جعل املعرفة واضحة‪ ،‬حتى وإن تعذر نقلها إلى شخص آخر‪.‬‬
‫‪ ‬قابلية التعليم‪ :‬وتعكس مدى إمكانية تعليم املعرفة ألفراد آخرين‪ ،‬من خالل التدريب‪ ،‬والتلمذة املهنية‪ ،‬وما إلى‬
‫ذلك‪ ...‬فكلما زادت قابلية التعليم كلما دل ذلك على وضوح املعرفة‪.‬‬

‫كما يمكن ربط خاصية الوضوح بتصنيف املعرفة على أساس درجة تعقيدها‪ ،‬إلى معرفة بسيطة ومعرفة معقدة‪.‬‬
‫فكلما كانت املعرفة بسيطة كلما زاد وضوحها والعكس‪ ،‬كلما زاد تعقيد املعرفة كلما قلت درجة وضوحها وصعبت إدارتها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Kluge, J., & al. (2001), Knowledge Unplugged : The McKinsey & Company Global Survey On Knowledge‬‬
‫‪Management, Palgrave Macmillan, UK., p63.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Zander, U., & Kogut, B. (1995), Knowledge and the Speed of the Transfer and Imitation of Organizational‬‬
‫‪Capabilities: An Empirical Test. Organization Science, p76.‬‬

‫‪26‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثاني ‪ :‬الشخصنة‬

‫يرتبط تفسير املعرفة بخلفية الفرد والسياق الذي تستخدم فيه هذه املعرفة‪ ،‬فاستخراج املحتوى املعرفي من‬
‫مكونات معلوماتية معينة يرتبط أوال بالفرد ذاته وثانيا بالسياق املوضوعة فيه تلك املعلومات؛ بل أكثر من ذلك فإن املعرفة‬
‫املستخرجة من “ فهم ”شخص معين لتلك املعلومات السابقة قد يولد محتوى معرفيا آخر إذا تم وضعها في سياق آخر‪ ،‬أو‬
‫تعريضها لفهم فرد آخر ولذلك فإن املعرفة تتميز بالشخصنة‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬الطبيعة املضمرة‬

‫تعتبر املعرفة في غالبها ضمنية‪ ،‬وليس من السهل استخراجها من عقل مالكيها حتى وإن أبدوا استعدادهم لذلك‪ .‬فاملخزون‬
‫املعرفي املتراكم في عقل الفرد يبقى مخزن لدى صاحبه فترة زمنية قد تكون طويلة‪ ،‬وينتج عن هذا التراكم مزيجا معرفيا‬
‫معقدا من الصعب اكتشافه أو محاكاته أو إيجاد بديل له لدى آلاخرين‪ .‬إن فهم هذه الخاصية للمعرفة غاية في ألاهمية‬
‫لنجاح برامج إدارة املعرفة ولتحديد ألاساليب املالئمة الستخراج املمكن من هذه املعرفة املضمرة‪.‬‬

‫الفر الرابع ‪ :‬التعزيز الذاتي‬

‫املعرفة ال تفقد قيمتها عندما تتم مشاركتها مع آلاخرين بل تنمو وتتوسع أكثر‪ .‬فالشخص الذي يمتلك املعرفة ويشارك بها‬
‫غيره ستبقى معرفته لديه‪ ،‬في حين أنه يضيف إليه معرفة غيره‪ ،‬وأكثر من ذلك فمشاركة املعرفة بين ألافراد تضيف قيمة‬
‫للمعرفة السابقة لكل منهما‪ ،‬ويختلف الحال بالنسبة للمنظمة فتسرب معرفتها للخارج قد يفقدها قيمتها‪.‬‬

‫الفر الخامس ‪ :‬التغيج والزوال‬

‫إن قيمة املعرفة وأهميتها ليست ثابتة مع الزمن بل هي عرضة للتغير والزوال مع مرور الوقت خاصة في مجال ألاعمال‬
‫التي تعمل وتنافس في بيئة مفتوحة‪ .‬والسباق بين املتنافسين في مجال امتالك التقنيات الحديثة واختراع تقنيات جديدة‬
‫يمكن أن ينهي قيمة ما تمتلكه منظمة ما وتحقق من خالله ميزة تنافسية مستدامة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املطلب الخامس ‪ :‬موا قع املعرفة ومصادرها‬

‫تتواجد املعرفة في عدة مواقع أو مستودعات مختلفة وتشمل املوظفين (سواء كانوا أفرادا أم جماعات)‪ ،‬أو إنتاجا‬
‫صناعيا (مثل املمارسات‪ ،‬والتقنيات‪ ،‬واملستودعات‪ ،)...‬باإلضافة إلى الهياكل التنظيمية (كالوحدات التنظيمية واملنظمات‬
‫‪1‬‬
‫والشبكات) داخل املنظمات‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬املعرفة لدى املوظفين‬

‫يتم حفظ قدر كبير من املعرفة لدى املوظفين‪ ،‬حيث يمكن حفظها على مستوى الفرد أو داخل مجموعة من‬
‫ألافراد كفرق العمل‪ .‬ويعتبر الفرد العامل في أي مجال مصدرا للمعرفة‪ ،‬إال أن هذه الصفة ال تتوفر بالضرورة لدى كل‬
‫العاملين في محيط العمل إلانتاجي‪ ،‬بل تشمل فقط العاملين الذين لديهم معارف وخبرات في كيفية إنجاز ألاعمال ذات‬
‫الطبيعة الخاصة والتي تتجسد في مبادرات قيمة وإبداعا في العمل‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فهناك قدر كبير من املعرفة داخل املجموعات نظر للعالقات التي تنشأ بين أفراد املجموعة‪،‬‬
‫فعندما يعمل ثالثة موظفين معا ملدة طويلة‪ ،‬فإن ذلك كاف للتعرف على نقاط القوة والضعف املتواجدة لديهم‪ ،‬وفهم‬
‫طريقة تفكير كل منهم وإدراك السمات التي يتعين مشاركتها وتلك التي تعد من املسلمات‪ .‬وبالتالي فاملجموعة تكون‬
‫معتقدات حول ما يفيد وما ال يفيد‪ .‬وهذه املعرفة تأتي في منزلة أعلى من املعرفة الكامنة لدى كل عضو من أعضاء‬
‫املنظمة‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن املعرفة الجماعية تنتج بطريقة تفاعلية وتعاونية تفوق حصيلة جمع املعرفة الفردية‬
‫(‪ .)Synergies‬كفرق عمل الذين يمثلون مجموعة من العاملين ضمن مجال وظيفي معين أو مجاالت مختلفة ويتميزون‬
‫بقدرات إبداعية ويعملون معا البتكار معارف جديدة في مجال عملهم من خالل الاستثمار في تفاعلهم معا وتعاونهم‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬املعرفة املنتجة داخل املنظمة‬

‫مثلما يتم حفظ كمية كبيرة من املعلومات املنتجة داخل املنظمة‪ ،‬يتم أيضا تخزين املعرفة في املمارسات أو الروتين‬
‫التنظيمي أو في أنماط التفاعل املتتالية‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬يتم وضع املعرفة في صورة إجراءات‪ ،‬قواعد وقيم يتم تطويرها‬
‫بمرور الوقت من خالل التجربة وعبر توجيه السلوك املستقبلي‪ .‬كما تقوم املنظمة بحفظ كميات ضخمة من املعرفة في‬
‫التقنيات والنظم‪ ،‬كنظم املعلومات املستندة على الحاسوب التي بإمكانها حفظ املعرفة الخاصة بالعالقات‪ .‬فعلى سبيل‬
‫املثال يحتوي نظام تخطيط الطلبيات على قدر كبير من املعلومات حول العالقة بين أنماط الطلبيات‪ ،‬والفترة بين تقديم‬
‫الطلب واستالمه والكميات التي يعاد طلبها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p02.‬‬

‫‪28‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وتمثل أوعية املعرفة (‪ )Knowledge repositories‬طريقة ثالثة لحفظ املعرفة املنتجة داخل املنظمة‪ ،‬وقد تأتي أوعية‬
‫املعرفة في صورة ورقية كالكتب‪ ،‬وألابحاث وغيرها من املستندات‪ ،‬أو قد تأتي في صورة إلكترونية‪ .‬ومن أمثلة ألاوعية‬
‫الورقية مجموعة املالحظات التي تضعها إحدى الاستشاريات لنفسها بشأن ألاشياء التي قد يركز عليها العميل أكثر من‬
‫غيرها عند فحص املقترحات املقدمة من الشركة الاستشارية ومنافسيها‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن موقع الويب الذي يحتوي‬
‫على إجابات على ألاسئلة الشائعة (‪ )FAQs‬حول املنتج يعد بمثابة مستودع معرفي إلكتروني‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬املعرفة في الكيانات التنظيمية‬

‫يتم حفظ املعرفة داخل الكيانات التنظيمية‪ ،‬يمكن النظر للكيانات من مستويات ثالث هي‪ :‬الوحدات التنظيمية‬
‫(أجزاء املنظمة)‪ ،‬املنظمة ككل والعالقات بين مكونات املنظمة ( مثل العالقة بين املنظمة وزبائنها)‪ .‬تحفظ املعرفة جزئيا‬
‫داخل الوحدة التنظيمية‪ ،‬كاإلدارة أو املكتب حيث تحفظ على شكل عالقات بين املوظفين العاملين في الوحدات‪ .‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬تمثل الوحدة التنظيمية تجمعا رسميا ألفراد يجتمعون ليس بسبب املصالح املشتركة وإنما بسبب التركيب‬
‫املؤسس ي‪ .‬ومع مرور الوقت‪ ،‬وبسب مغادرة املوظفين الذ واستبدالهم بآخرين‪ ،‬يرث شاغلوا املناصب بعض وليس كل‬
‫املعرفة‪ ،‬التي طورها السابقون‪ ،‬وربما تم اكتساب تلك املعرفة من خالل النظم واملمارسات والعالقات داخل الوحدة‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن املعرفة السياقية تكون أكثر ارتباطا بالوحدة التنظيمية املعنية‪ .‬كما تقوم املنظمة‪ ،‬سواء كانت‬
‫وحدة تجارية أو شركة‪ ،‬بحفظ نمط محدد من املعرفة‪ ،‬وتحديدا املعرفة السياقية الخاصة‪ .‬فعادات املنظمة وقيمها‬
‫وممارساتها‪ ،‬وكذا ثقافتها تشمل جميعها على معرفة غير مخزنة داخل عقول أي من موظفيها‪ .‬لذلك ال تعتمد على طريقة‬
‫استجابة املنظمة لألحداث‪ ،‬وعلى املعرفة املحفوظة لدى املوظفين ووحدات املنظمة فحسب؛ بل تعتمد أيضا على إجمالي‬
‫املعرفة التنظيمية التي تطورت بمرور الوقت عبر التجارب التي مرت بها املنظمة سواء إلايجابية أو السلبية‪.‬‬

‫وأخير يتم حفظ املعرفة كذلك من خالل العالقات التي تنشأ بين املنظمة وألاطراف الفاعلة‪ .‬وخاصة إذا كانت‬
‫املنظمات تقيم عالقات قوية مع العمالء واملوردين‪ ،‬فهي تعتمد على املعرفة الكامنة في تلك العالقات‪ .‬وغالبا ما يمتلك‬
‫العمالء الذين يستهلكون منتجات املنظمة‪ ،‬وكذلك املوردين الذين يزودون املنظمة باملواد ألاولية لتصنيع منتجاتها‪،‬‬
‫معرفة كبيرة بنقاط القوة والضعف في هذه املنتجات‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن املنظمات غالبا ما تتعلم من تجارب عمالئها مع‬
‫املنتجات وتعرف طرق تحسين منتجاتها وكيفية تطويرها من خاللهم‪ ،‬كما أنها قد تتعلم كذلك كيفية إخراج منتج جديد‬
‫قادر على جذب عمالء جدد‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬املعرفة في املؤسسة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الرابع ‪ :‬مصادر املعرفة وأنوا رأس املال الفكري‬

‫يشير رأس املال الفكري (‪ )Intellectuel capital‬في منظمة ما إلى املحصلة النهائية ملجموع مواردها املعرفية‪ ،‬والتي قد‬
‫تكون داخل أو خارج املنظمة‪ .‬وقد تم تقسيم رأس املال الفكري إلى أنواع مختلفة من حيث املواضع التي تستقر فيها‬
‫‪1‬‬
‫املعرفة‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫‪ .3‬رأس املال البشري‪ :‬أي املعرفة‪ ،‬املهارات وإلامكانيات التي يمتلكها املوظفون كأفراد‪.‬‬
‫‪ .2‬رأس املال التنظيمي‪ :‬التجربة املحفوظة والكامنة في قواعد املعرفة‪ ،‬كتيبات التشغيل‪ ،‬الثقافة‪ ،‬النظم والهياكل‬
‫والعمليات‪.‬‬
‫‪ .3‬رأس املال الااتماعي‪ :‬املعرفة الكامنة في العالقات والتفاعالت بين املوظفين‪.‬‬

‫ترتبط هذه ألانواع الثالثة لرأس املال الفكري ارتباطا مباشرا باملصادر السابق ذكرها‪ :‬حيث يرتبط رأس املال البشري‬
‫باملعرفة لدى املوظفين‪ ،‬ويرتبط رأس املال الاجتماعي باملعرفة املنتجة داخل املنظمة‪ ،‬ويرتبط رأس املال التنظيمي‬
‫باملعرفة املوجودة في الهياكل التنظيمية‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬عرضنا في هذا املبحث‪ ،‬دراسة تفصيلية لطبيعة املعرفة‪ ،‬حيث تم التفريق بين املعرفة والبيانات‬
‫واملعلومات‪ ،‬والتأكيد على أهمية النظر للمعرفة على أنها مختلفة جوهريا عن البيانات واملعلومات‪ ،‬بدال من اعتبارها‬
‫جزءا من سلسلة هرمية‪ ،‬كما أوردنا تعريفا للمعرفة في مجال ما على أنها "املعتقدات املبجرة عن العالقات بين املفاهيم‬
‫ذات الصلة بذلك املجال"‪ .‬باإلضافة إلى ذلك تناولنا املنظور الذاتي واملوضوعي للمعرفة‪ ،‬بما في ذلك وجهات النظر التي‬
‫تعتبر املعرفة حالة ذهنية‪ ،‬وممارسة‪ ،‬ومجموعة من ألاشياء‪ ،‬وكشرط للوصول إلى معلومات‪ ،‬وقدرة بحيث من يمتلكها‬
‫يحصل على ميزة تنافسية‪ .‬وقد ميزنا بين املعرفة إلاجرائية واملعلنة‪ ،‬وبين املعرفة الضمنية والصريحة‪ ،‬وكذا بين املعرفة‬
‫العامة والخاصة‪ ،‬كما تم وصف أهم طرق تصنيف املعرفة‪ .‬وبناءا على تصنيفات املعرفة املختلفة‪ ،‬تناولنا خصائص‬
‫املعرفة ومنها ضمنية املعرفة وخصوصيتها‪ .‬وغيرها‪ .‬كما تناولنا في هذا املبحث مصادر ومواقع املعرفة املحتملة التي تتوافر‬
‫فيها املعرفة ومنها املوظفين والنتاج الصناعي‪ ،‬والهياكل التنظيمية وربط هذه املواضع بمختلف أنواع رأس املال الفكري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Subramaniam, M., & youndt, M. A, (2005). The influence of intellectual capital on the types of innovative‬‬
‫‪capabilities, Academy of Management Journal, Vol. 48, No. 3, p451.‬‬

‫‪30‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬تطور إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬تطور إدا رة املعرفة‬

‫قد ال تكون ممارسة إدارة املعرفة في أصلها حديثة‪ ،‬ألن عملية اكتساب املعرفة ونقلها كانت مداولة عبر العصور‪ .‬وما‬
‫يمكن اعتباره حديثا هو دخول إدارة املعرفة كعملية أساسية وإستراتيجية في إدارة ألاعمال‪ ،‬إذ تعتبر مصدرا أساسيا‬
‫لتحقيق امليزة التنافسية للمنظمات‪ .‬وفي إطار تقص ي الجذور التاريخية إلدارة املعرفة‪ ،‬يرجع البعض أصول ظهور إدارة‬
‫املعرفة إلى السنوات ألاولى لتطور إلادارة في حد ذاتها‪ ،‬رغم أن بروزها كظاهرة لم يتحقق إال في العقود الخمسة ألاخيرة‪.‬‬
‫نحاول في هذا املبحث تقديم نظرة تاريخية عن تطور مفهوم إدارة املعرفة‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬اذور إدارة املعرفة‬

‫تأثر مفهوم إدارة املعرفة عبر الزمن بالعديد من التيارات الفكرية‪ .‬وقد حدد () ثالثة تيارات كان لها تأثير كبير على‬
‫مفهوم إدارة املعرفة‪ ،‬والتي سيتم شرحها فيما يلي‪ :‬التيار الاقتصادي‪ ،‬تيار الذكاء الاصطناعي وهندسة املعرفة وتيار‬
‫تكنولوجيا املعلومات‬

‫الفر ألاول ‪ :‬التيار الاقتصادي‬

‫أثر هذا التيار تأثيرا بالغا في مفهوم إدارة املعرفة‪ ،‬والذي يرتكز على ثالث مراحل‪ :‬تغير التوجه الاستراتجي للمنظمة‪،‬‬
‫الرؤية الجديدة للمنظمة‪ ،‬التغييرات التنظيمية‪.‬‬

‫ففي املرحلة ألاولى‪ ،‬ووفق «املقاربة القائمة على املوارد»‪ ،‬التي تأسست على يد ‪ ،Penrose1‬والتي ساهمت في‬
‫تغيير التوجه الاستراتيجي للمنظمة‪ ،‬تعد املعرفة موردا استراتجيا كسائر املوارد املادية التي يقوم عليها رأس مال املنظمة‪.‬‬
‫وعليه فتحت الباحثة (‪ )Penrose‬املجال لنظرية اقتصادية جديدة تضع املعرفة في جوهر عملية خلق الثروة‪.‬‬

‫وفي املرحلة الثانية‪ ،‬حدد ‪ Nelson & Winter2‬رؤية جديدة للمنظمة‪ ،‬من خالل إدماج مفهوم مستودعات‬
‫املعرفة (الكفاءات) والروتينات التنظيمية‪ .‬ويعرف املؤلفان مفهوم الكفاءات باعتبارها القدرة على التنسيق بين سلسلة‬
‫من السلوكات في سياق معين لتحقيق ألاهداف‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬اقترحا مفهوم الروتين التنظيمي كنمط سلوكي تنبؤي‬
‫ومنتظم‪ ،‬ويعتبر كمستودع ملعارف املنظمة‪ ،‬فأفضل طريقة لتخزين املعرفة في املنظمة تكمن في هذه املستودعات‬
‫املعرفية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Penrose, E.T, (1959), The theory of the growth of the firm, Editions Basic Blackwell, Oxford‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nelson, R.R., & Winter S.G. (1982), An Evolutionary Theory of Economic Change, Belknap Press/Harvard‬‬
‫‪University Press, Cambridge/MA.‬‬

‫‪31‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬تطور إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وفي املرحلة الثالثة‪ ،‬حدد بعض الباحثين ( ‪Drucker, 1993 ; Nonaka & Takeuchi, 1995 ; Pralahad‬‬
‫‪ )& Hamel, 1995‬التغييرات التنظيمية التي تدعم مسألة رسملة املعرفة في املنظمة‪ ،‬مركزين بذلك على أهمية إنشاء‬
‫قنوات الاتصال عبر كل املستويات املختلفة وبين كل أطراف املنظمة الذين ينشؤون املعارف الجديدة‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬تيار الذكاء الاصطناعي وهندسة املعرفة‬

‫ظهر هذا التيار بعد تطور الذكاء الاصطناعي في مجال الكمبيوتر‪ ،‬حيث وفقا ل ـ‪ ،Ganascia1‬تحدد املعرفة كل من‬
‫«سلوك‪ ،‬شكل ونطاق برامج الذكاء الاصطناعي»‪ .‬فبإدخال املعرفة كمادة أولية في مجال إلاعالم آلالي‪ ،‬أحدث الذكاء‬
‫الاصطناعي ثورة حقيقية في الفكر؛ فقد نتج عن تعميم تقنيات حل املشكالت نمط جديد من البرمجيات تقوم على‬
‫تمثيل معرفة مجال معين على شكل برامج رغبة في محاكاة الاستدالل البشري‪ .‬وفعال قد تحقق ذلك من خالل تجاوز‬
‫البرمجة إلاجرائية الكالسيكية إلى بناء قواعد معرفة‪ ،‬أي الانتقال من التنفيذ الصارم لسلسلة من التعليمات إلى املنطق‬
‫الضبابي‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬التيار املعلوماتي‬

‫يعتبر أنصار التيار املعلوماتي (‪ )Information Approach‬أن إدارة املعرفة وإدارة املعلومات وجهان لعملة‬
‫واحدة‪ .‬وينظرون إلى إدارة املعرفة على أنها عبارة عن عملية منهجية لتوجيه رصيد املعرفة وتنظيم واسترجاع املعلومات‬
‫‪2‬‬
‫واستخراجها من البيانات ألاولية‪.‬‬

‫الفر الرابع ‪ :‬التيار التكنولوجي‬

‫من رواد املدخل التكنولوجي ‌(‪‌)Technology Approach‬يمكننا ذكر ‌(‪Sabramani (‌،)Fenessy(‌،)Maier‬‬


‫‪‌)& Hahn‬و(‪‌،)Davenport‬ويهتم هذا املدخل ببناء وتطوير نظم إدارة املعرفة املستندة على تكنولوجيا املعلومات مثل‬
‫نظم التنقيب عن البيانات‪ ،‬مستودعات البيانات‪ ،‬ألانظمة الخبيرة‪ ،‬نظم املعلومات الذكية وغيرها‪ .‬إذ تلعب التكنولوجيا‬
‫بـ‪3‌:‬‬ ‫دور كبير في دعم مختلف عمليات إدارة املعرفة‪ ،‬فالتكنولوجيا تسمح‬

‫‪ ‬تحسين عملية خلق املعرفة؛‬


‫‪ ‬تتيح إمكانية كبيرة لتخزين املعرفة وفق أشكال مختلفة (صور‪ ،‬وثائق‪ ،‬صوت‪)...‬؛‬
‫‪ ‬تسهيل عملية الوصول ونقل املعرفة؛‬

‫‪1‬‬
‫‪Ganascia, J.G. (1996), Les sciences cognitives, Flammarion, Paris, p44.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Erickson, W., & Kellogg, A., & Thomas, J.C. (2001), The Knowledge Management Puzzle: Human and Social‬‬
‫‪Factors In Knowledge Management, I.B.M. System Journal, Vol. 40, Issue 4, p4.‬‬
‫‪3‬الرفاعي غالب ياسين (‪ ،)2114‬دور إدارة املعرفة في تقليل مخاطر الائتمان‪ ،‬املؤتمر العلمي الدولي السنوي الرابع حول إدارة املعرفة في‬
‫العالم العربي‪ ،‬جامعة الزيتونة ألاردنية‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪32‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬تطور إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ ‬تسمح بتصميم برامج تطبيقية للمعرفة فعالة وسريعة كاألنظمة الخبيرة‪.‬‬

‫املطلب الث اني ‪ :‬مقاربات إدارة املعرفة‬

‫إن مالحظة املمارسات الحديثة للمنظمات من حيث الاستراتيجيات التنافسية تبين بأن جميع الخيارات التي تم‬
‫تنفيذها تتضمن بعدا الماديا‪ :‬إعادة هندسة وتشكيل املهام والعمليات‪ ،‬البحث عن آليات لتوليد معارف تنافسية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫محاولة تحديد أدوات حفظ املعارف التي تم توليدها‪ ...‬وبصورة عامة محاولة إعادة تكوين مزايا تنافسية في السوق‪.‬‬

‫وعليه فمن املهم التأكيد وإلاشارة من ناحية‪ ،‬إلى قيمة هذه املوارد الالمادية حسبما تنص عليه مقاربة «رأس‬
‫املال الفكرى»‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬إلى عملية توليد معارف جديدة وفق مقاربة «إنشاء املعرفة»‪ .‬وهذا ما سنتناوله في‬
‫النقاط املوالية‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬مقاربة رأس املال الفكري‬

‫تحرص هذه املقاربة على أهمية قياس قيمة املوارد غير امللموسة (‪ ،)Stewart2; Edvinson3‬وتفترض أن نجاح‬
‫املنظمات يرتبط بمدى استخدامها ألامثل لهذه املوارد في اقتناص أكبر قدر من الفرص ومواجهة التهديدات‪ .‬لذلك‪ ،‬فتمثل‬
‫املوارد غير امللموسة‪ ،‬بما فيها املعرفة‪« ،‬نشاط غير مرئي»‪ ،‬يضمن مستقبل املنظمة‪.‬‬

‫وقد تباينت آلاراء واختلفت ألابحاث في محاولة تقديم تعريف دقيق لرأس املال الفكري‪ ،‬وأفضلها تعريف ‪ Stewart‬الذي‬
‫يعتبره "مورد فكري ‪ -‬املعرفة‪ ،‬املعلومات وامللكية الفكرية والخبرة – تستخدمه املنظمة من اجل خلق القيمة"‪.‬‬

‫وبالعودة إلى أصل املصطلح‪ ،‬فاملورد هو كل ما تمتلكه املنظمة ويمكنها الاستثمار فيه من أجل تحقيق أهدافها‪ ،‬ويمكن‬
‫‪4‬‬
‫تقسيمها إلى فئتين‪:‬‬

‫‪ ‬املوارد املادية امللموسة التي غالبا ما تكون مقيدة في ميزانية املنظمة‪ :‬نقود‪ ،‬املباني‪ ،‬آلاالت‪...‬‬
‫‪ ‬املوارد غير امللموسة التي تتعلق باملوارد البشرية واملعنوية‪ ،‬وتشمل الخبرة‪ ،‬والعمليات التي تم تنميتها داخل‬
‫املنظمة‪ ،‬إلاجراءات‪ ،‬امللكية الفكرية (براءات الاختراع‪ ،‬والعالمات التجارية)؛ وألاصول غير امللموسة ألاخرى‬
‫املتعلقة بالسوق في صورة والء العمالء‪ .‬فكالهما تسمي ب "رأس املال الفكري" أو "ألاصول غير املادية"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Bayad, M., & Simen, S-F. (2003), Le management des connaissances: état des lieux et perspectives,‬‬
‫‪Communication présentée à la XIr Conférence de l'Association internationale de management stratégique, Les‬‬
‫‪Côtes De Carthage, p5.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Edvinsson, L., & Malone M., (1997), Intellectual Capital, Harper Business, New York, p87.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Stewart, T.A. (1997), Intellectual Capital, The New Wealth of Organizations, Doubleday/Currency, New York,‬‬
‫‪p89.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Bayad, M. & Simen, S-F., op. cit., p6.‬‬

‫‪33‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬تطور إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وقد ميز الباحثون بين املوارد من حيث قيمتها ودرجة تأثيرها على قرارات املنظمة ومكانتها التنافسية‪ ،‬فاملوارد ذات القيمة‬
‫والتأثير الكبير على مستقبل املنظمة سميت باملوارد إلاستراتجية ( ‪Barney, 1991; Grant, 1991; Wenerfelt,‬‬
‫‪ ،)1984‬أو املوارد ألاساسية‪ ،‬رغم عدم وجود اتفاق شامل على نوعها أو طبيعتها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أجمع الباحثون على ضرورة‬
‫توفر ثالثة خصائص أساسية في املورد حتى يصبح مورد إستراتيجي‪:‬‬

‫‪ ‬يجب أن يقدم قيمة حقيقية للمنظمة؛‬


‫‪ ‬يجب أن يكون فريدا من نوعه في املنظمة ويميزها عن غيرها‪ ،‬أو موجود فقط عند بعض املنافسين؛‬
‫‪ ‬يجب أن يكون محدودا أو غير قابل لالستبدال‪.‬‬

‫ويضيف ‪ ،Grant‬بأنه من الضروري التمييز أيضا بين مفهوم املورد والقدرة‪ ،‬فـ"القدرة هي قابلية مزج املوارد لتحقيق‬
‫بعض املهام و تنفيذ ألانشطة‪ ،‬في حين أن املوارد هي املصادر ألاساسية لكفاءات املنظمة‪ ،‬والكفاءات هي املصادر‬
‫‪1‬‬
‫ألاساسية للمزايا التنافسية للمنظمة»‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أربعة مقاربات للموارد غير امللموسة في املنظمة‪:‬‬ ‫ويبين ‪Bounfour‬‬

‫‪ ‬بالنسبة للمقاربة ألاولى‪ ،‬كل ما في املنظمة يعتبر المادي أو يؤول ليصبح كذلك‪ ،‬فهي تتصور املنظمة ليس‬
‫كعملية خطية ترتكز على إنتاج السلع املادية‪ ،‬وإنما كعملية تفاعلية منفتحة على املحيط الخارجي‪ ،‬تمنح مكانة‬
‫خاصة للجوهر بدال من املادة‪ ،‬ولدينامكية ألانماط السلوكية وإلاجراءات والعالقات التفاعلية‪.‬‬
‫‪ ‬تركز املقاربة الثانية‪ ،‬على توضيح أهمية تطور أنشطة الخدمات داخل وخارج املؤسسات الصناعات‪ .‬وقد‬
‫اقترحت هذه املقاربة من قبل ‪ Quinn‬الذي دعا إلى إعادة النظر في ألادوات إلاستراتيجية املستخدمة من طرف‬
‫املنظمات‪.‬‬
‫‪ ‬تأخذ املقاربة الثالثة الطابع التحليلي وتركز على تحديد تعريف لالمادي‪ ،‬وتثير إلاشكالية املتكررة الخاصة‬
‫بقياس الاستثمار الالمادي‪.‬‬
‫‪ ‬أما املقاربة الرابعة‪ ،‬فهي ذات طابع استراتيجي‪ ،‬وتهتم بمدى مساهمة املوارد غير امللموسة في تطوير ميزة‬
‫تنافسية‪ .‬فهي تركز على الطبيعة املتعددة ألابعاد (العرضية ‪ )transversal‬للموارد غير امللموسة في املنظمة‪،‬‬
‫وفقا ألساليب اكتسابها وتراكمها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Grant, R.M. (1991), The Resource-Based Theory of Competitive Advantage: Implications for Strategy‬‬
‫‪Formulation, California Management Review, 33(3), p133.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Bounfour, A. (1998), Le management des ressources immatérielles: Maîtriser les nouveaux leviers de l'avantage‬‬
‫‪compétitif, Dunod, Paris, p23.‬‬

‫‪34‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬تطور إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وكخالصة ملا تقدم‪ ،‬يمكننا أن نقول أن الاهتمام باملوارد غير امللموسة نتج بال شك عن أهمية مساهماتها في تطوير امليزة‬
‫التنافسية‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬مقاربة خلق املعرفة الجديدة‬

‫يبين ‪ Nonaka‬مدى أهمية خلق املعرفة وكيف يمكن أن تنشأ‪ ،‬تستخدم وتتقاسم بطريقة تمكن من زيادة قيمة‬
‫املنظمة‪ .1‬ويضيف ‪ ،Nonaka‬بأن عمليات الابتكار تظهر في الحوار بين املعرفة الضمنية والصريحة‪ ،‬في إطار مقاربة خلق‬
‫املعرفة في املنظمة‪ .‬ويحدد ‪ Nonaka‬نموذج ‪ SECI‬وفق منظور عام موضحا بأن الابتكار يعتبر آلية موجهة لجميع‬
‫املنظمات التي تمتلك املعرفة بشكل فردي وجماعي‪ .‬كما بين بأن حلقة املعرفة تساهم في تطوير وتحسين العالقة بين‬
‫‪2‬‬
‫املعرفة الضمنية واملعرفة الصريحة في إطار مسار التعلم‪.‬‬

‫يتمثل الهدف ألاساس ي من املقاربات املختلفة إلدارة املعرفة في زيادة قيمة ألاصول غير امللموسة للمنظمة‪ .‬وعليه‪،‬‬
‫فيمكن اعتبار إدارة املعرفة كعملية ضرورية لتنمية وتطوير الكفاءات البشرية‪ ،‬ومن هنا تأتي أهمية تحديد املبادئ‬
‫ألاساسية لنظام إدارة املعرفة في النقطة املوالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Nonaka, I.,Toyama, R., & Konno, N. (2000), SECI, Ba and Leadership: A Unified Model of dynamic Knowledge‬‬
‫‪Creation, Long Range Planning 33, p12.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nonaka, 1. (1994), A Dynamic Theory of Organizational Knowledge Creation, Organization Science, 5(1), p21.‬‬

‫‪35‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدا رة املعرفة‬

‫يتناول هذا املبحث بعض املفاهيم الهامة في إدارة املعرفة‪ ،‬تتعلق أساسا بإشكالية إدارة املعرفة كمورد غير مرئي‪،‬‬
‫وأيضا بعض التعاريف واملداخل املفهومية‪ ،‬ثم مبررات وأهمية تطبيق إدارة املعرفة في ظل بيئة ألاعمال الحالية‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬مفهوم إدارة املعرفة‬

‫هناك عدة مساهمات لتعريف إدارة املعرفة في ألادبيات الحالية‪ .‬وعموما‪ ،‬تعرف إدارة أي مورد على أنها القيام‬
‫بكل ما هو ضروري للحصول على اكبر قدر من ذلك املورد‪ .‬على هذا ألاساس‪ ،‬تعرف مؤسسة ‪ Gartner‬إدارة املعرفة‬
‫"بأنها نظام يتضمن نهجا متكامال لتحديد وإدارة ومشاركة كافة الاحتياجات املعرفية ألية منظومة عمل‪ ،‬مثل قواعد‬
‫البيانات واملستندات والسياسات وإلاجراءات‪ ،‬وأيضا الخبرات والتجارب الضمنية التي يمتلكها كل عامل في املؤسسة"‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫كما تعرف أيضا إدارة املعرفة على أنها القيام بكل ما من شأنه الحصول على أكبر قدر ممكن من موارد املعرفة‪.‬‬

‫نحاول بداية تحليل هذا التعريف البسيط بش يء من التفصيل من خالل تقديم بعض التفسيرات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬من املهم التأكيد على أن هذا التعريف يمكن تطبيقه على املستوى الفردي والتنظيمي على حد سواء‪ ،‬إذ يمكن‬
‫للمعرفة أن تكون مرتبطة بقرارات وأهداف وإستراتجيات الفرد أو املنظمة‪ ،‬وقد تكون املنظمة عبارة عن قسم أو إدارة‬
‫تابعة لها وما إلى ذلك‪ .‬ومن ثم ال يقتصر مصطلح موارد املعرفة‪ ،‬على املعرفة التي يمتلكها الفرد أو املنظمة في الوقت‬
‫الحالي‪ ،‬وإنما يشير أيضا إلى املعرفة التي من املمكن الحصول عليها من املوظفين أو من منظمات أخرى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعكس عبارة «الحصول على اكبج قدر ممكن» تأثيرات إدارة املعرفة على تحقيق هدف الفرد أو املنظمة‪ .‬فهدف إدارة‬
‫املعرفة هو العمل على زيادة درجة سهولة الحصول على املعرفة لتحقيق أهداف الفرد واملنظمة‪ .‬فضال عن ذلك يصبح‬
‫مبدأ التكلفة‪/‬املنفعة مفهوما ضمنيا في هذا الحالة‪ ،‬وبعبارة اخرى‪ ،‬فإن الهدف من ذلك تعزيز تأثير املعرفة بطريقة‬
‫مجدية اقتصاديا بحيث تزيد فوائد إدارة املعرفة عن تكاليفها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬وتشير عبارة «كل ما من شأنه» الواردة في التعريف السابق إلدارة املعرفة‪ ،‬إلى مجموعة من ألانشطة املحتملة التي‬
‫تدخل ضمن إدارة املعرفة‪ .‬وتهدف هذه ألانشطة بصفة عامة إلى‪:‬‬

‫‪ )1‬اكتشاف معرفة جديدة؛‬


‫‪1‬‬
‫‪Harris, K. (1998), Gartner Group’s Knowledge Management Glossary, Gartner Group Commentary, September‬‬
‫‪18th, p4.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p40.‬‬

‫‪36‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ )2‬امتالك املعرفة املوجودة؛‬


‫‪ )3‬مشاركة املعرفة مع آلاخرين؛‬
‫‪ )4‬تطبيق املعرفة‪.‬‬

‫وهذا ما يتوافق مع تعريف ‪ Dalkir‬والذي يعرف إدارة املعرفة على أنها « تشكل إدارة املعرفة إستراتجية مهمة‬
‫لتمكين القيادات من تطوير مجموعة من املمارسات التي تستهدف خلق وتجميع ومشاركة واستخدام املعرفة بهدف‬
‫‪1‬‬
‫تحقيق التقدم املنشود»‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه التفسيرات فإنه يمكن صياغة تعريف مفصل إلدارة املعرفة؛ إذ تمثل "القيام باألنشطة التي‬
‫تدخل في اكتشاف املعرفة‪ ،‬وامتالكها‪ ،‬ومشاركتها‪ ،‬واستخدامها بطريقة مجدية اقتصاديا لتعزيز تأثير املعرفة لتحقيق‬
‫وحدة هدفها"‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬مفاهيم ذات الصلة ب إدارة املعرفة‬

‫الفر ألاول ‪ :‬ذكاء ألاعمال‬

‫هناك تقنية أخرى ترتبط بإدارة املعرفة وهي الذكاء ألاعمال (‪ ،)Business Intelligence‬والتي تستخدم أحيانا‬
‫كبديل عن إدارة املعرفة‪ .‬وعلى الرغم من وجود عالقة بين إدارة املعرفة وذكاء ألاعمال‪ ،‬إال أنهما منفصالن تماما‪ .‬حيث‬
‫يهتم ذكاء ألاعمال‪ ،‬مثله مثل إدارة املعرفة‪ ،‬باملعرفة‪ ،‬إال أنه يركز بشكل خاص على تزويد متخذي القرار باملعرفة‬
‫‪2‬‬
‫واملعلومات القيمة عبر العديد من مصادر البيانات واملعلومات الرسمية وغير الرسمية‪.‬‬

‫وبخالف إدارة املعرفة التي تنطلق من املعلومات واملعرفة باعتبارها مدخالت‪ ،‬ينطلق ذكاء ألاعمال من املعلومات‬
‫املعرفة باعتبارهما مخرجات‪ .‬وتؤدي إدارة املعرفة بشكل مباشر إلى اكتشاف معرفة جديدة وتحويل املعرفة من صورة إلى‬
‫أخرى (أي من ضمنية إلى صريحة أو العكس)‪ ،‬أو مشاركة املعرفة أو تطبيقها عند اتخاذ القرار‪ .‬بينما تنتج عن ذكاء‬
‫ألاعمال معلومات ذات قيمة بشكل مباشر يتم تحويلها إلى معرفة صريحة يتم على أساسها اتخاذ أفضل القرارات‪ ،‬فينتج‬
‫عنه هو أيضا معرفة جديدة أو رؤى يتم الحصول عليها بإيجاد العالقات التي لم تكن معروفة من قبل أو ألانماط‬
‫املوجودة داخل البيانات واملعلومات‪ .‬لذا فإن إدارة املعرفة غير معنية بالبيانات بشكل مباشر (باستثناء اكتشاف املعرفة‬
‫من البيانات واملعلومات مثال من خالل استخدام أساليب التنقيب أو البحث في البيانات‪ ،‬والتي تمثل نقطة تداخل بين‬
‫إدارة املعرفة وذكاء ألاعمال)‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬فإن البيانات تعتبر ضرورية للذكاء ألاعمال‪ ،‬حيث يعتمد الذكاء غالبا على‬

‫‪1‬‬
‫‪Dalkir, K. (2005), Knowledge Management in Theory and Practice, Elsevier Butterworth–Heinemann, USA, p4.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p43.‬‬

‫‪37‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫أنشطة مثل حفظ البيانات والبحث عنها‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فإن نتائج (أو مخرجات) ذكاء ألاعمال قد تكون مدخالت مفيدة‬
‫إلدارة املعرفة وغالبا ما تكون كذلك بالفعل‪.‬‬

‫وتتضمن إدارة املعرفة امتالك املعرفة (‪ )knowledge Capture‬ومشاركتها (‪ ،)Sharing‬وتطبيقها )‪،(Aplication‬‬


‫باإلضافة إلى اكتشافها )‪ .(Discovery‬أما ذكاء ألاعمال‪ ،‬فيتعلق بالوصول إلى البيانات واملعلومات الحساسة وتحليلها‬
‫إلكسابها معنى (تحويلها إلى معرفة) ثم عرضها بطريقة تمكن من اتخاذ القرار‪ .‬وتقتصر العالقة بين ذكاء ألاعمال وإدارة‬
‫املعرفة على إيجاد املعرفة (باكتشاف ألانماط استنادا إلى البيانات واملعلومات املوجودة)‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فإن ذكاء‬
‫ألاعمال يركز بشكل مباشر على اكتشاف املعرفة الصريحة‪ ،‬بينما تتعلق إدارة املعرفة باكتشاف كل من املعرفة الصريحة‬
‫والضمنية معا‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬يمكن أن تنتج املعرفة الصريحة بشكل مباشر من ذكاء ألاعمال‪ ،‬بينما إدارة املعرفة تنتج‬
‫كال من املعرفة الصريحة والضمنية‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬تركز إدارة املعرفة على الجانب الاجتماعي وكذا التقني من خالل استخدام تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬إال أنها‬
‫تعتبر في كثير من ألاحيان اجتماعية أكثر منها تقنية‪ .‬أما ذكاء ألاعمال‪ ،‬فيقوم بشكل أساس ي على الجانب التقني بطبيعته‪،‬‬
‫وال يشتمل على آليات اجتماعية تتعلق باكتشاف املعرفة‪ ،‬مثل الاجتماعات وجلسات العصف الذهني‬
‫(‪.)Brainstroming Retreats‬‬

‫ويلخص الجدول (‪ ) 2-3‬الفروق السابقة بين إدارة املعرفة وذكاء ألاعمال‪.‬‬

‫ادول(‪ :)2-3‬مقارنة بين إدارة املعرفة وذكاء ألاعمال‬

‫ذكاء ألاعمال‬ ‫إدارة املعرفة‬

‫الرئيسية‪ :‬البيانات‬ ‫الرئيسية‪ :‬املعرفة (الصريحة والضمنية)‬ ‫املكونات الفكرية‬

‫الثانوية‪ :‬املعلومات واملعرفة الصريحة‬ ‫الثانوية‪ :‬املعلومات‪ ،‬البيانات‬

‫الوصول إلى البيانات وتحليلها‬ ‫امتالك املعرفة‪ ،‬مشاركتها‪ ،‬تطبيقها واكتشافها‪.‬‬ ‫العمليات‬

‫تكنولوايا املعلومات بشكل أساس ي‬ ‫آلاليات إلااتماعية‪ ،‬تكنولوايا املعلومات‬ ‫املكونات ألاساسية‬

‫‪Source : Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p43.‬‬

‫‪38‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثاني ‪ :‬هندسة املعرفة‬

‫غالبا ما تستخدم إدارة املعرفة وهندسة املعرفة كمترادفتين‪ ،‬وقد حظيا معا باهتمام كبير من قبل املفكرين‬
‫والكتاب في املجال‪ .‬ففي سنة ‪ ،9192‬وفي املؤتمر ألامريكي ألاول للذكاء الاصطناعي‪ ،‬أشار ‪ Edward Freignebaum‬إلى‬
‫عبارته الشهيرة "املعرفة قوة" (‪ ،)Knowledge is Power‬ومنذ ذلك الوقت ظهر مجال معرفي جديد أطلق عليه هندسة‬
‫املعرفة (‪ )Knowledge Engineering‬ومع ظهوره استحدثت وظيفة جديدة هي مهندس املعرفة‪.‬‬

‫فبالنسبة لهندسة املعرفة‪ ،‬يراد بكلمة الهندسة ذاتها التصميم أو البناء أو الاستنباط الذي يعبر عنه في الغالب‬
‫بمهارات ورسوم ونظم دقيقة مقارنة بكلمة إلادارة التي تهتم باتجاهات املمارسة والتنفيذ وإلاشراف‪ .‬ومن هذا املنطلق‬
‫فإن عبارة هندسة املعرفة تشير إلى العمليات املتضمنة في بناء النظم الخبيرة ونصبها وصيانتها‪ .‬يعكس املفهومين إدارة‬
‫املعرفة وهندسة املعرفة مهارات املتخصصين‪ ،‬فمدير املعرفة يوطد اتجاه العملية املطلوب إنجازها بينما يطور مهندس‬
‫املعرفة الوسيلة إلنجاز ذلك الاتجاه‪ ،‬وعليه فاألول مهتم باحتياجات املؤسسة من املعرفة‪ ,‬ومن احتياجات املؤسسة تبنى‬
‫سياسات إدارة املعرفة بينما يعمل الثاني في مجاالت مثل طرق تشفير املعرفة وتمثيلها وتصميم قواعد البيانات وصيانتها‬
‫وإدارة تدفق العمل إلكترونيا وإعداد برامج ألانظمة الخبيرة كما يبحث في التطورات ودراسة حاجة املؤسسة منها إلدارة‬
‫معرفتها‪.‬‬

‫املفيد في الوصف الوظيفي لالثنين هو أن كل واحد منهما يمكن أن يكون املالك للبيانات واملعلومات املكونة‬
‫للمعرفة إال أن املدير هو الشخص الرئيس ي للمعلومات أو املسؤول عن إدارة مصادر املعلومات في املؤسسة‪ ،‬بينما الثاني‬
‫هو متخصص في الحاسوب لـه القدرة على تطوير قواعد املعرفة والنظم الذكية (النظم الخبيرة والنظم املعتمدة على‬
‫‪1‬‬
‫املعرفة) وروابط الاتصال وواجهات التخاطب‪.‬‬

‫‪1‬نعيمة حسن جبر زروقي (‪ ،)2115‬الدور الجديد ملهنة املعلومات في عصر هندسة املعرفة وإدارتها‪ ،‬مجلة مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ،‬مج‪،11‬‬
‫عدد‪ ،2‬سعودية‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫‪39‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬أهمية إدارة املعرفة والقوى الدافعة لها‬

‫الفر ألاول ‪ :‬أهمية إدارة امل عرفة‬

‫تعتبر إدارة املعرفة عملية إستراتجية بطبعها‪ ،‬حيث تساعد على بناء منظمة يقظة‪ ،‬قادرة على تحدي التغيرات‬
‫والحفاظ على ميزتها التنافسية‪ .‬وينتج عن إدارة املعرفة إلاستراتجية حلقات تعلم من شأنها أن تحول بشكل آلي قاعدة‬
‫‪2‬‬
‫معرفة املنظمة وتزيد من قيمتها لدى املنظمة‪ .1‬ويرى ‪ Dalkir‬أن أهمية إدارة املعرفة تبرز في ثالثة مستويات‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬على مستوى ألافراد‬

‫تساعد إدارة املعرفة ألافراد أثناء أداء ألاعمال بتوفير الوقت من خالل تحسين عملية اتخاذ القرارات وحل املشاكل‬
‫وتعزيز مفهوم الروابط املشتركة داخل املنظمة‪ ،‬وأيضا زيادة فرص املساهمة الفردية في تحقيق ألاهداف التنظيمية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬على مستوى اماعات املمارسة‬

‫تنمية املهارات الوظيفية‪ ،‬وتعزيز فعالية الشبكات والعمل التعاوني واملشاركة باملعرفة وتطوير لغة مشتركة داخل املنظمة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬على املستوى التنظيمي‬

‫تساعد إدارة املعرفة في قيادة إلاستراتجية وتحقيق أهدافها‪ ،‬وأيضا الحل السريع والفعال للمشاكل التنظيمية ونشر‬
‫أفضل املمارسات داخل املنظمة وبالتالي تحسين دمج املعرفة في منتجات وخدمات املنظمة‪ ،‬وكذلك تحين ألافكار وزيادة‬
‫‪3‬‬
‫فرص الابتكار وأخيرا بناء ذاكرة تنظيمية‪ .‬ويضيف الكبيس ي أن إدارة املعرفة تكتس ي أهمية بالغة ألنها‪:‬‬

‫تعد فرصة كبيرة للمنظمات لتخفيض التكاليف ورفع موجوداتها الداخلية لتوليد إلايرادات الجديدة؛‬ ‫‪‬‬
‫تعزز قدرة املنظمة على الاحتفاظ باألداء التنظيمي املعتمد على الخبرة واملعرفة وتحسينه؛‬ ‫‪‬‬
‫تعد أداة تحفز للمنظمات لتشجيع القدرات إلابداعية ملواردها البشرية لخلق معرفة جديدة والكشف املسبق عن‬ ‫‪‬‬
‫العالقات غير املعروفة والفجوات في توقعاتهم‪.‬‬

‫‪ 1‬لطيف عبد الرضا عطية (‪ ،)2008‬رأس املال الفكري وإدارة املعرفة العالقة وألاثر‪ :‬دراسة استطالعية آلراء عينة من مدراء املصارف‬
‫الحكومية في محافظة املدونية‪ ،‬مجلة القادسية للعلوم إلادارية والاقتصادية‪ ،‬املجلد ‪ ،11‬العدد‪ ،‬جامعة القادسية‪ ،‬العراق‪ ،‬ص‪.154‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Dalkir, K., op. cit., p14.‬‬
‫‪ 3‬صالح الدین الكبیس ي (‪ ،)2005‬إدارة املعرفة‪ ،‬منشورات املنظمة العربیة للتنمیة إلاداریة‪ ،‬جمهوریة مصر العربیة‪ ،‬ص ص‪.43-42‬‬

‫‪40‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثاني ‪ :‬القوى الدافعة إلدارة املعرفة‬

‫تعتمد املنظمات على متخذي القرار التخاذ قرارات "حيوية خاصة باملهمة" بناء على املدخالت املتحصل عليها من‬
‫مجاالت متعددة‪ .‬ويمتلك متخذ القرار الكفؤ فهما عميقا ملجاالت محددة من شانها التأثير على عملية اتخاذ القرار‪ ،‬ويأتي‬
‫هذا الفهم مصحوبا بخبرة تسمح له بالعمل وفقا للمعلومات التي تتوافر له بشكل سريع وحاسم‪ .‬وعادة ما تتفق سمات‬
‫متخذ القرار الكفؤ مع سمات ذلك الشخص الذي يتمتع بخبرة طويلة وحكمة أكتسبها على مدار سنوات من املالحظة‬
‫والتجربة‪ .‬وعلى الرغم من أن هذه السمات ال تختلف كثيرا عن املاض ي‪ ،‬إال أن الاتجاهات ألاربعة التالية تزيد من املخاطر‬
‫‪1‬‬
‫املحتملة في عملية صنع القرار‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬زيادة تعقيد املجاالت املعرفية‬

‫تعقيد مجاالت املعرفة ألاساسية هي مسالة آخذة في الازديادـ ونتيجة لذلك‪ ،‬فقد زاد أيضا حجم تعقيد املعرفة‬
‫الالزمة إلنجاز مهمة محددة‪ .‬وقد أسهم تعقيد العمليات الداخلية والخارجية‪ ،‬وزيادة املنافسة‪ ،‬وسرعة التقدم التقني في‬
‫زيادة تعقيد تلك املجاالت‪ ،‬إذ لم يعد تطوير منتج جديد‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬يكتفي بجلسات عصف ذهني يعقدها‬
‫مصمموا املنتجات املبدعين في املنظمة‪ ،‬بل يحتاج بدال من ذلك شراكة بين الفرق املختلفة داخل املنظمة‪ ،‬والتي تمثل‬
‫مختلف الوحدات الوظيفية الفرعية –ابتداء بوحدة املوارد املالية ومرورا بوحدة التسويق وانتهاء بوحدة الهندسة‪ .-‬لذا‬
‫نرى اهتمام كبير من جانب منظمات التوظيف املنهي حول العالم بالبحث عن متقدمين جدد للوظائف‪ ،‬ليس فقط بمن‬
‫يمتلكون مؤهالت تعليمية ومهنية متميزة‪ ،‬بل ممن تتوافر لديهم مهارات كبيرة في الاتصال والعمل الجامعي‪ ،‬حيث تمكنهم‬
‫هذه املهارات من مشاركة معرفتهم مع آلاخرين مما يحقق هدف املنظمة ويخفض من حاالت التعقيد‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تزايد وتيجة تقلب السوق‬

‫لقد تزايدت وتيرة التغير أو التقلب داخل كل مجال من مجاالت السوق بشكل كبير خالل العقد املاض ي‪ ،‬وقد‬
‫تؤدي تأثيرات السوق والبيئة‪ ،‬إلى تغيرات مفاجئة داخل املنظمة‪ ،‬فإعالن مؤسسة عن عدم تحقيقها ألحد أهدافها املالية‬
‫ربع السنوية‪ ،‬من شأنه أن يعصف برأس مال املؤسسة‪ ،‬أو ربما برأس املال الصناعة ككل‪ .‬فقد شهدت ألاسهم في بورصة‬
‫(‪ )Wall Street‬لألوراق املالية تقلبات ضخمة خالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬مما نتج عن ظاهرة املضاربة اليومية‪،‬‬
‫التي استطاع من خاللها العديد من ألاشخاص ممن تنقصهم الخبرة املالية من الاستفادة من التقلبات الحادة في سوق‬
‫ألاوراق املالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p5.‬‬

‫‪41‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ثالثا ‪ :‬سرعة الاستجابة‬

‫تشهد املدة املطلوبة التخاذ إجراء عملي في ظل التغيرات الدقيقة‪ ،‬التي تحدث داخل املجال الواحد‪ ،‬وكذلك بين‬
‫املجاالت املختلفة‪ ،‬تضاؤال ملحوظا‪ ،‬حيث أدى التقدم السريع في مجال التقنية إلى إحداث تغيرات مستمرة في مشهد‬
‫اتخاذ القرار‪ ،‬مما يستلزم سرعة اتخاذ القرارات وتنفيذهاـ‪ ،‬خشية ضياع الفرصة‪.‬‬

‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬كانت عملية املبيعات تستغرق في السابق وقتا طويال للمعالجة‪ ،‬مما يتيح لألطراف‬
‫املعنية "مجال للراحة" أثناء عملهم لصناعة القرار‪ .‬واستجابة لطلب العميل‪ ،‬كان املندوب املبيعات كعادته يعود ملكتبه‪،‬‬
‫ليناقش الفرصة مع مديره ويعد اقتراحه ليرسل بعد ذلك للعميل الذي قد يقبل العرض أو يرفضه‪ ،‬وكان الوقت املحدد‬
‫للقيام بهده العملية يتيح لألطراف املعنية مساحة للتفكير في أكثر الحلول كفاءة عند كل مرحلة من مراحل اتخاذ القرار‪.‬‬

‫فعمليات البيع التي تتم حاليا هي على العكس تماما مما كانت عليه باألمس‪ ،‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬تلك العملية التي‬
‫تحتاج إليها العديد من أسواق املزايدة عبر الانترانت التي تشهد ازدهارا على شبكة املعلومات الدولية‪ .‬ولنأخذ على سبيل‬
‫املثال املأزق الذي قد يواجهه مدير أحد الفنادق الذي يشارك في مزاد دولي للغرف الفندقية عبر انترنت حيث يتساءل‪:‬‬
‫"هل يجب أن احجز (غرفة قيمتها ‪ 211‬دوالر)‪ ،‬مقابل عرض قيمته ‪ 81‬دوالر ومن ثم اشغل الغرفة‪ ،‬أم أخاطر بعدم قبول‬
‫العرض أمال في الحصول على عميل متجول يدفع ‪ 211‬دوالر؟"‪ .‬إن مواجهة قرار بشغل غرفة بسعر أقل مما يعلن عنه‬
‫الفندق عادة مثاال التخاذ قرار مهم يجب على املدير الفندق اتخاذه في دقائق معدودة‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬دوران العمل‬

‫تواجه املنظمات مشكل دوران العمل بصفة مستمرة سواء ألسباب إدارية (أي التي يقررها املوظف مثال بسبب‬
‫فرص الترقية الوظيفية)‪ ،‬أو أسباب قهرية (أي خارجة عن إرادة املوظف‪ ،‬كاملشكالت الصحية أو إنهاء مدة الخدمة من‬
‫جانب صاحب العمل)‪.‬‬

‫إن دوران العمل له أهمية بالغة خاصة في الظروف الاقتصادية الصعبة كتلك التي سادت بين عامين ‪0229‬‬
‫و‪ 0221‬عندما قرر العديد من املنظمات الكبرى التخلص من عدد كبير من موظفيها‪ .‬ويؤدي هذا التغير في املوظفين حتما‬
‫إلى فقدان املنظمة لقدر من املعرفة التي أكتسبها ألافراد املغادرون‪ ،‬فضال عن ذلك‪ ،‬فإن هؤالء املوظفين قد يحملون في‬
‫بعض الحاالت خبرة قد تكون قيمة بالنسبة للمنافسين‪ .‬وطبقا ملا أورده ‪ Kenny‬في قوله‪" :‬عندما يترك املوظفون العمل‪،‬‬
‫يستلزم على املنظمة إعادة التدريب‪ ،‬وألامر الذي يؤدي إلى إجهاد موارد املنظمة وإعاقة النمو‪ ،‬فاستبدال عامل يعمل‬
‫بدوام كامل في القطاع الخاص يكلف على اقل تقدير ‪ %02‬من إجمالي ما يتقاضاه في السنة‪ .‬باإلضافة النخفاض املفاجئ‬
‫ملستوى إلانتاج وبالتالي يؤدي في نهاية املطاف إلى انخفاض معدالت الربحية لدى املنظمة»‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬فعندما يواجه املسيرون اليوم بزيادة معدل التعقيد‪ ،‬تقلبات السوق‪ ،‬سرعة الاستجابة‪،‬‬
‫ودوران العمل‪ ،‬فإنهم يشعرون بأنهم اقل كفاءة في اتخاذ القرارات الصعبة التي يواجهونها يوميا‪ .‬وفي عملية اتخاذ القرار‬
‫سالفة الذكر‪ ،‬فمن الواضح أن املعرفة من شانها أن تساعد متخذ القرار بشكل كبير‪ ،‬وتشير التعقيدات التي سبق ذكرها‬
‫على أن املعرفة الالزمة ال تتوفر بشكل كافي ملتخذ القرار في املنظمات الحديثة‪ ،‬وبالتالي فهو بحاجة إلى تزويده باملعرفة‬
‫املطلوبة التخاذ القرارات الصحيحة وفي الوقت املناسب‪.‬‬

‫وربما ال نجد ما يوضح الحاجة إلى إدارة املعرفة‪ ،‬أكثر من اتجاه املنظمات العامة و الخاصة إلى تقليص املؤسس ي‬
‫والذي ميز حقبة إعادة هندسة املنظمات في فترة التسعينات من القرن العشرين‪ ،‬حيث تعتبر من السمات املعروفة‬
‫للمشهد الاقتصادي آنذاك‪ .‬و الدافع السائد للتقليص في معظم املنظمات مفهوما تماما‪ ،‬وهو سرعة خفض التكاليف‬
‫بهدف املحافظة على مكانتها التنافسية‪ ،‬ويبقى تبديد موارد معرفة‪ ،‬واحدا من آلاثار السليبة الواضحة لسياسة‬
‫التقليص‪ ،‬وهو ألامر الذي نتج عنه منظمات شبه ميتة‪ .‬ومن بين الاعراض التي أصابت تلك املنظمات‪ ،‬حسب ما أورده‬
‫‪ :Eisenberg‬انخفاض الروح املعنوية‪ ،‬وتدني مستوى الانتماء‪ ،‬وضعف الجودة‪ ،‬وغياب العمل الجماعي‪ ،‬وانخفاض‬
‫معدالت إلانتاجية وضياع القدرة إلابداعية‪.‬‬

‫والحقيقة الواضحة هو أن العديد من املوظفين الذين تم الاستغناء عنهم نتيجة لسياسة تقليص حجم العمالة‪،‬‬
‫كانوا قد أدوا مهام اساسية واكتسبوا مهارات كثيرة وقيمة كبيرة على مر السنين‪ .‬ولم يكن العديد من املنظمات على‬
‫استعداد لتسريح هذا الكم من العمالة‪ ،‬بينما أتخذ العدد القليل منهم خطوات ملنع فقدان املعرفة الذي يتبع عادة‬
‫سياسة تقليص حجم العمالة‪ .‬للحد من أثر تلك السياسة إلى أدنى مستوياتها‪ ،‬فإنه يجب على املنظمات أوال تحديد‬
‫املهارات ومصادر املعلومات التي ستكون ضرورية وبحاجة إليها لتحقيق ألاهداف ألاساسية للمهمة ( ‪Mission-critical‬‬
‫‪ ،)objectives‬ولذ يتعين وجود منهجيات فعالة (‪ )Effective Methodologies‬لدى املنظمة تتضمن أدوات وأساليب‬
‫المتالك املعرفة الضرورية‪ ،‬حتى يتسنى لها املحافظة على قوتها التنافسية‪.‬‬

‫وتعد إدارة املعرفة مسألة أساسية ومهمة للمنظمات التي تواجه سياسية التقليص باستمرار أو التي ترتفع فيها‬
‫نسبة دوران العمل نظر لطبيعة عملها‪ ،‬كما تعد إدارة املعرفة أساسية أيضا بالنسبة لجميع املنظمات بصفة عامة نظرا‬
‫ألن متخذ القرارات يقع تحت ضغوط التخاذ أفضل القرارات وأسرعها في بيئة تتسم بدرجة عالية من التعقيد سواء في‬
‫مجال عملها أو على مستوى التقلبات السوقية‪ ،‬على الرغم من أن متخذ القرار ‪ ،‬وفي واقع ألامر‪ ،‬قد يفتقر لخبرة التوقع‬
‫عادة‪ ،‬وعلى الرغم كذلك من أن نتيجة تلك القارات قد يكون لها اثر الكبير على املنظمة‪ .‬ولهذا نقول أن إدارة املعرفة‬
‫مسألة مهمة للجميع املنظمات‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مفاهيم أساسية حول إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪1‬‬
‫إضافة للدوافع سابقة‪ ،‬يضيف الباحث سعد غالب ياسين دوافع أخرى‪ ،‬ويربطها باملتغيرات النوعية التالية‪:‬‬

‫ّ‬
‫التطور النوعي في تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬السرعة‪ ،‬ومنظومات الحاسوب‪ ،‬وهي خصائص جوهرية وفرت طاقات‬ ‫‪.1‬‬
‫اندماجية هائلة لتكنولوجيا املعلومات مع أنماط أخرى من التكنولوجيا وتطبيقاتها في مختلف ألانشطة إلانسانية‬
‫باإلضافة إلى ضمان قدرات املعالجة الحاسوبية بسرعة هائلة وتكلفة أقل؛‬
‫الترابطية واستمرار تزاوج الحوسبة والاتصاالت والتي مهدت لظهور تكنولوجيا الشبكات‪ .‬فلم يعد الحاسوب‬ ‫‪.2‬‬
‫مجرد كينونة معالجة مستقلة فالحاسوب بمفرده ليس له قيمة إال إذا أصبح جزءا من عناقيد شبكية تضفي على‬
‫محطات العمل الحاسوبية قيمة وطاقة من خالل الشبكة )‪(Internet, Intranet, Extranet‬؛‬
‫الاستخدام الواسع للمعلومات الرقمية والوسائط املتعددة التي نجحت في دمج املعلومات واملعارف‪ ،‬والتي‬ ‫‪.3‬‬
‫مهدت لظهور تكنولوجيا الواقع الافتراض ي واملعلومات متعددة ألابعاد وألاشكال املجسمة وأنماط التعبير ثالثية ألابعاد؛‬
‫العوملة وما رافقها من تحول نوعي في تدويل العالم من خالل ظهور السوق الكوني‪ ،‬املنتج الكوني‪ ،‬املنافسة‬ ‫‪.4‬‬
‫الكونية‪ ،‬ورأس املال العالمي‪ .‬ومع العوملة تزايد تأثير املؤسسات املتعددة الجنسيات التي تستند على كثافة املعرفة‬
‫والتكنولوجيا وتزايد حاجتها لتعلم أساليب وقواعد العمل في السوق العالمي الكبير وقيادة ألاسواق املحلية على نفس‬
‫املستوى من ألاهمية‪ .‬وتتجه هذه املؤسسات بقوة نحو تطوير إستراتيجيات هجومية تجمع ما بين التوجه العولمي‬
‫والخصائص املحلية لتلبية الاحتياجات الخاصة للزبائن؛‬
‫ظهور نماذج ألاعمال الجديدة املستندة على املعرفة وتكنولوجيا الشبكات واملمتدة إلى مجال إلادارة إلالكترونية‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ألاعمال إلالكترونية‪ ،‬التجارة إلالكترونية وغيرها من ألانشطة التي غيرت كل ش يء تقريبا في إلادارة‪ ،‬التنظيم وفي وسائل‬
‫خلق الثروة وإنتاج القيمة وتوزيعها للزبائن واملستفيدين‪.‬‬
‫قوانين (‪ :)Gilder( ،(Metcalfe) ،)Moore‬اذ نص قانون (‪ )Moore‬مؤسس ورئيس مؤسسة (‪ )Intel‬أن من‬ ‫‪.6‬‬
‫املمكن مضاعفة عدد دارات املوصالت (‪ )Transistor circuits‬املطبــوعة على رقائق الحاسوب(‪)Computer chip‬‬
‫كل ثمانية عشر شهرا‪ .‬ويعني القانون أيضا أن الذاكرة وقوة املعالج سوف تتضاعف عشرات املرات كل خمس سنوات‬
‫ومئات املرات كل عشر سنوات‪ .‬في نفس السياق ظهر تأثير قانون )‪ (Metcalfe‬مخترع تقنية (‪ )Ethernet‬والذي قال أن‬
‫قيمة الشبكة تتناسب مع مربع عدد املستخدمين لها‪ .‬بمعنى أن قيمة الشبكة تزداد بنسبة مباشرة مع عدد ألاجهزة‬
‫املوجودة فيها‪ .‬ويعرف هذا القانون بتأثير الشبكة (‪ . )Network effect‬وأخيرا قانون (‪ )Gilder‬الذي يشير إلى أن‬
‫عرض(‪ )Bandwidth‬تردد الاتصال سيتضاعف ثالثة مرات خالل الخمسة والعشرين سنة القادمة‪ ،‬مما ينعكس على‬
‫التحسين النوعي لكفاءة وفعالية وسرية اتصاالت البيانات عبر شبكات الحاسوب‪.‬‬

‫‪1‬سعد غالب ياسين (‪ ،)2114‬إدارة املعرفة وشبكات القيمة‪ ،‬املؤتمر العلمي السنوي الدولي الرابع حول "إدارة املعرفة في العالم العربي"‪ ،‬جامعة‬
‫الزيتونة ألاردنية‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‪.5‬‬

‫‪44‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املبحث الرابع ‪ :‬أسس إدا رة املعرفة‬

‫لقد اجتهد الباحثون من خالل تنظيرهم ملفهوم إدارة املعرفة‪ ،‬في إعطاء صبغة عملية تسهل تطبيق هذا املفهوم في بيئة‬
‫عمل املنظمات‪ ،‬من خالل وضع العديد من النماذج واقتراح عدة إستراتجيات‪ .‬نحاول في هذا املبحث تقدیم نظرة حول أسس إدارة‬
‫املعرفة والتي تعتبر النواحي التنظيمية التي تدعم إدارة املعرفة سواء على املدى القصير أو البعيد‪ ،‬حيث تشمل على البينية‬
‫التحتية إلدارة املعرفة والتي تنطوي في سياقها على خمسة مكونات رئيسة منها الثقافة التنظيمية واملعرفة املشتركة إضافة إلى‬
‫الهيكل التنظيمي‪ ،‬كما سيتم التطرق إلى أهم إلاستراتجيات املتبناة إلدارة املعرفة كإستراتجية الشخصنة والترميز إلى جانب‬
‫عرض لنموذج نوناكا‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬البنية التحتية إلدارة املعرفة‬

‫تعتبر البنية التحتية إلدارة املعرفة بمثابة ألاساس الذي تركن إليه إدارة املعرفة‪ ،‬حيث تحتوي على خمسة عناصر‬
‫أساسية هي‪ :‬ثقافة املؤسسة‪ ،‬الهيكل التنظيمي‪ ،‬املعرفة العامة‪ ،‬البيئة املادية والبنى التحتية لتكنولوجيا املعلومات‪ .‬وفيما يلي شرح‬
‫موجز لها‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬ثقافة املنظمة‬

‫تتمثل ثقافة املؤسسة في القيم والعادات واملعتقدات التي تحكم سلوك ألافراد العاملين في املنظمة‪ ،‬وبذلك تعتبر أحد‬
‫العوامل املساندة ألاساسية والضرورية إلدارة املعرفة في املنظمة‪ .‬وقد أشارت دراسة ‪ Dyer & Mcdonough‬التي أجريت على‬
‫ممارسات إدارة املعرفة في الشركات ألامريكية إلى أن أهم أربعة تحديات في إدارة املعرفة هي تحديات غير تقنية في طبيعتها‬
‫‪1‬‬
‫وتتضمن ترتيب أهميتها كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬عدم توفر الوقت للعاملين إلدارة املعرفة؛‬


‫‪ .2‬عدم تشجيع املنظمة الحالية على مشاركة املعرفة؛‬
‫‪ .3‬فهم منقوص إلدارة املعرفة وفوائدها؛‬
‫‪ .4‬عدم القدرة على قياس الفوائد املادية املتأتية من إدارة املعرفة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن ثاني التحديات السابقة يشير ضمنيا إلى ثقافة املنظمة‪ ،‬إال أن التحديين ألاول والثالث يعتمدان‬
‫اعتمادا مباشرا على ثقافة املنظمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p42.‬‬

‫‪45‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫فثقافة املنظمة الداعمة إلدارة املعرفة تساعد على تحفيز العاملين على استيعاب فوائدها وتوفير الوقت الالزم لها‪ .‬وفي‬
‫الواقع‪ ،‬أن دفع العاملين لالنخراط في مشاركة املعرفة يعتبر أصعب جزء في إدارة املعرفة‪ .‬فالعاملون‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬ال‬
‫يرغبون عادة في املساهمة بمعارفهم في مستودعات حفظ املعرفة‪ ،‬كما يدل ذلك التعليق التالي من أحد املختصين بإدارة‬
‫املعرفة‪" :‬إذا شاركت آلاخرين معرفتي‪ .‬فقد يستفيدون من ذلك‪ .‬فهل سيفعلون نفس الش يء معي؟"‪ .1‬وغالبا ما يسود الاعتقاد‬
‫بأنه من بين املنظمات التي تحاول تنفيذ إدارة املعرفة‪ ،‬هناك أقل من ‪ %92‬منها فقط نجحت في جعلها جزءا من ثقافتها‪.‬‬

‫تكمن سمات ثقافة املنظمة الداعمة في فهم قيمة ممارسة إدارة املعرفة‪ ،‬ودعم إلادارة لها على جميع املستويات‪ ،‬من‬
‫خالل رصد الحوافز املناسبة ملكافئة العاملين على مشاركة املعرفة‪ ،‬وتشجيع التفاعل بينهم إلنتاج املعرفة ومشاركتها‪ .‬وعلى‬
‫العكس من ذلك‪ ،‬فالثقافات التي تؤكد على ألاداء الفردي واختزان املعلومات داخل الوحدات تدعم محدودية التفاعل بين‬
‫العاملين‪ ،‬كما أن عدم مشاركة إلادارة العليا يؤدي إلى حظر مشاركة املعرفة ومن ثم احتجازها‪ .‬ذلك فضال عن أن العاملين‬
‫غالبا ما يتحاشون استفسار آلاخرين عن سؤال معين إذا كان لديهم إلاجابة عنه‪ ،‬ويتجنبون بصفة خاصة طرح تساؤل ممكن‬
‫أن تطلع عليه املنظمة بأسرهم خشية أن يظهر ذلك جهلهم‪.‬‬

‫وكشفت دراسة حالة التي أجريت على أحد مصنعي أغذية ألاطفال‪ ،‬أن التنافس املتأصل في الهيكل التنظيمية قد ثبط‬
‫من ممارسات مشاركة املعرفة التي كان من املمكن أن تزيد العائدات بشكل ملحوظ‪ .‬حيث كانت املؤسسة تتبع سياسة تقييم‬
‫أداء عاملي املبيعات ألاساسيين مقارنة بأداء غيرهم من عاملي املبيعات غير ألاساسيين‪ .‬وقد اكتشفت مجموعة من عاملي‬
‫املبيعات ألاساسيين سوقا متخصصة في بيع أغذية ألاطفال إلى كبار السن ممن يعدو غير قادرين على تناول الطعام الصلب‪،‬‬
‫ولكنهم احتفظوا بمعرفتهم بقاعدة هؤالء العمالء ألنفسهم ولم يسمحوا إال بأرقام مبيعاتهم أن تتنبأ بما اكتشفوه‪ .‬وألن ثقافة‬
‫املنظمة غرست روح املنافسة بين موظفيها وقدمت الحوافز لهم بناءا على منحى ألاداء‪ ،‬فلم تفقد املنظمة فرصة زيادة عائداتها‬
‫على مستوى املنظمة بأسرها فحسب‪ ،‬بل كذلك على مستوى املبيعات إلاضافية في تلك السوق املتخصصة أيضا‪ .‬كما عجزت‬
‫عن زيادة العائدات على تطوير املنتج الذي كان من املمكن أن يلبي احتياجات السوق املتخصصة بشكل أفضل‪.‬‬

‫وفي دراسة حالة أخرى‪ ،‬وضع املدير التنفيذي ألحد املنظمات الاستشارية املتخصصة في مجال شبكة املعلومات‬
‫(‪ ،)Web‬عدة إجراءات لتعزيز استخدام نظام املعرفة في املنظمة‪ .‬وبدأ عالنية في التعرف على املوظفين الذين برزوا كمساهمين‬
‫في املعرفة بدرجة قوية‪ ،‬كما استفاد من نظام إدارة املعرفة كجزء من الوصف الوظيفي لوظيفة الفرد‪ ،‬كما بدأ في دفع‬
‫مكافآت للموظفين مقابل استخدام النظام‪ .‬وتم تخصيص نقاط محددة بكل مهمة على ذلك النظام‪ ،‬فإذا وضع أحد‬
‫املستشارين سيرته الذاتية على النظام‪ ،‬فإنه يحصل بذلك على نقطة‪ ،‬وإذا انشأ سجال ملشروع‪ ،‬فإنه يحصل على خمس نقاط‪.‬‬
‫وكان مدير معرفة الشركة بمثابة الحكم الذي يقرر إذا كانت املدخالت تستحق نقاطا أم ال‪ .‬وكان إجمالي النقاط يحتسب كل‬
‫ثالثة شهور‪ ،‬وكانت الدرجة التي يحصل عليها املوظف تمثل ‪ %92‬من الحافز ربع السنوي لكل استشاري‪ .‬وقبل إدخال أنماط‬

‫‪1‬‬
‫‪Standing, C. & Benson, S, (2000), Knowledge Management in a Competitive Environment: In Decision Support‬‬
‫‪Through Knowledge Management, Department of Computing Systems Sciences, University of Stockholm and Royal‬‬
‫‪Institute of Technology, p336.‬‬

‫‪46‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫القياس هذه في جانفي من سنة ‪ ،9111‬كانت نسبة موظفي املنظمة الذين تم تقييم معدل استخدامهم لنظام إدارة املعرفة‬
‫بدرجة "جيد" أو أعلى من ذلك لم تزد عن الثلث‪ ،‬إال أن معدل الاستخدام بلغ الضعف تقريبا بعد مرور شهرين‪.‬‬

‫يعد تقديم الحوافز املناسبة أحد ألاساليب املعتمدة في بناء ثقافة الداعمة ملشاركة املعرفة‪ ،‬إذ أن بعض املنظمات مثل‬
‫مؤسستي (‪ )Shell oil Company and Giant Eagle‬تقدران العاملين الذين يشاركون معارفهم بشكل رسمي وذلك عبر‬
‫إلاشادة بإنجازاتهم في مجلة املنظمة‪ ،‬أو البريد إلالكتروني أو أثناء الاجتماعات‪ .‬وتستخدم مؤسسة ( ‪Halliburton‬‬
‫‪ )Company‬برنامج «الالعب ألانفع»‪ ،‬لتقدير الفرد الذي قدم أفضل فكرة خالل الشهر‪ ،‬أما مؤسسة الاستشارات ( ‪Brain‬‬
‫‪ )Company‬فتقدم ملوظفيها جائزتين سنويتين‪ ،‬إحداهما ألفضل موظف قام بتحقيق أهداف إدارة املعرفة والابتكار‪ .‬وغالبا ما‬
‫تقوم املنظمة بإدراج مشاركة املعرفة في التقييمات الوظيفية الرسمية للموظفين‪ ،‬وبعض املنظمات تربط ترقيات املوظفين‬
‫وحوافزهم بمشاركتهم املعرفية‪ ،‬بينما يستخدمها البعض آلاخر كأحد العوامل املعتبرة في عملية التقييم الشاملة‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬الهيكل التنظيمي‬


‫‪1‬‬
‫تعتمد إدارة املعرفة بصورة كبيرة على الهيكل التنظيمي في املؤسسة حيث توجد له العديد من ألابعاد وهي‪:‬‬

‫هرمية الهيكل في املؤسسة والتي تؤثر على ألافراد العاملين والعالقات فيما بينهم ولذلك تحدد الخرائط التنظيمية مواقع‬ ‫‪.1‬‬
‫إلادارات املتخصصة وتبين الصالحيات واملسؤوليات والعالقات فيما بينها والتي يتم تحديثها وتطويرها باستمرار‪.‬‬
‫‪ .2‬من املمكن أن تدعم الهياكل التنظيمية داخل املؤسسة عملية تفعيل إدارة املعرفة وذلك من خالل التطبيقات‬
‫الاجتماعية العامة والتي تتمثل في الندوات واملؤتمرات والدورات التدريبية‪.‬‬
‫‪ .3‬تستطيع الهياكل التنظيمية تفعيل إدارة املعرفة من خالل الهياكل الخاصة والقواعد التي تدعم بصورة مباشرة إدارة‬
‫املعرفة مثل نماذج الهياكل التنظيمية ملراكز البحث والتطوير والتدريب والاستشارات ولإلدارات املتخصصة‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬املعرفة العامة املشرجكة‬

‫تمثل املعرفة العامة أحد املكونات الضرورية للبنية التحتية التي تساند إدارة املعرفة وتمثل الخبرات التراكمية في املؤسسة‬
‫والتي تؤدي إلى بناء الشمولية إلدارة املعرفة وفعالياته ونضوجها كما هو موضح في الشكل (‪ .)3-1‬باإلضافة إلى تنظيم املبادئ التي‬
‫‪2‬‬
‫تساند الاتصاالت والشبكات وعمليات التنسيق ومن أمثلتها اللغة املشتركة ورموز العمل والشيفرة واملعايير املحددة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p40.‬‬
‫‪2‬على محمد الخوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪47‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫شكل(‪ :)6-3‬مراحل نضوج إدارة املعرفة املؤسسية‬

‫املصدر‪ :‬علي محمد الخوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫الفر الرابع ‪ :‬البيئة املادية‬

‫تتمثل البيئة املادية في توفر املؤسسة على املباني املجهزة بالقاعات واملساحات الخاصة واملرافق التي تسهل مشاركة املعرفة‬
‫غير الرسمية مثل النوادي واملقاهي واملطاعم وغرف الاستراحة‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬العناصر ألاساسية إلدارة املعرفة‬

‫تتكون إدارة املعرفة من أربعة عناصر أساسية كما هو موضح في الشكل (‪:)31-3‬‬

‫‪48‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫شكل(‪ :)31-3‬العناصر ألاساسية إلدارة املعرفة‬

‫املصدر‪ :‬علي محمد الخوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫الفر الاول ‪ :‬املحتوى‬

‫ويشمل البيانات واملعلومات واملعرفة بأشكالها املختلفة من معرفة صريحة ومعرفة ضمنية متعلقة باألعمال‬
‫الاستثمارية للمؤسسة‪ .‬وال بد أن ينبثق املحتوى من أهداف وإستراتيجية املؤسسة‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬التكنولوايا‬

‫وتشمل مجموعة من ألانظمة وبرامج الحاسوب املختلفة التي تساعد على تسهل الحصول والوصول ملختلف أنواع‬
‫املعرفة املتوفرة لدى املؤسسة‪ .‬كما تساهم في ربط أفراد املؤسسة الواحدة بعضهم ببعض من أجل املشاركة الفعالة‬
‫والتي بدورها تؤدي إلى أفضل املمارسات‪ .‬هذا باإلضافة إلى كون التكنولوجيا تعمل على أتمتة ألاعمال الاستثمارية‬
‫باملؤسسة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر ال ثالث ‪ :‬العمليات‬

‫وهي مجموعة من إلاجراءات وألانشطة املختلفة املرتبطة والتي تعمل على تسهيل عملية الحصول على املعرفة‪.‬‬

‫الفر ال رابع ‪ :‬ألافراد‬

‫وهم يمثلون العنصر الرئيس والهام في بناء إدارة املعرفة‪ ،‬إذ تقوم القوى البشرية ببناء املعرفة واستخدامها‬
‫‪1‬‬
‫واملشاركة بها‪ .‬وحسب ‪ ،Krogh‬يساهم ألافراد في ما يلي‪:‬‬

‫املشاركة ألاولية في املعرفة‪ ،‬الخبرات املهارات‪ ،‬املمارسات بين أعضاء الفرق داخل املؤسسة؛‬

‫تطبيق مفهوم املشاركة باملعرفة واعتماده أساسا إليجاد الخدمة واملنتج الجيد؛‬

‫إعداد نموذج للمنتج أو الخدمة ألاساسية التي تقدمها املؤسسة‪.‬‬

‫وأفضل مصطلح وظف لتمثيل ألافراد وأهميتهم في إدارة املعرفة هو "عمال املعرفة"‪ ،‬الذين يستخدمون عقولهم‬
‫في تحويل أفكارهم إلى منتجات وخدمات أو عمليات‪ .‬وقد قام ‪ Rogoski‬بتعداد خصائصهم‪ ،‬ووصفهم بأنهم يمتلكون معرفة‬
‫مميزة وقدرة كامنة على جمع املعلومات وتحليلها وصنع القرارات املفيدة‪ ،‬يثمنون العمل التعاوني والتعلم الجماعي‪ .‬يتصفون‬
‫أيضا بحبهم للمغامرة وقدرتهم على مواجهة املخاطرة‪ .‬ويبين ‪ Gordon‬بأنه في عصر املعرفة أصبحت ألادمغة أكثر قيمة من‬
‫‪2‬‬
‫العضالت‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يعرض ‪ Khaw & Leong‬الفروقات ألاساسية في دور عمال املعرفة ما بين ألامس واليوم‪:‬‬

‫‪1‬سوزان صالح دروزة‪ ،)2118( ،‬العالقة بين متطلبات إدارة املعرفة وعملياتها وأثرها على تميز ألاداء املؤسس ي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية‬
‫العلوم إلادارية واملالية‪ ،‬جامعة الشرق ألاوسط للدراسات العليا‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪2‬نعيمة حسن جبر زروقي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪50‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ادول (‪ :)1-3‬الفروقات في دور عمال املعرفة ما بين ألامس واليوم‬

‫عمال املعرفة باألمس‬ ‫عمال املعرفة اليوم‬

‫ينتظرون كي ُيعلموا‪.‬‬ ‫يبحثون عن التعلم‪.‬‬

‫يفرجضون أن التعلم يحصل في داخل قاعة الدراسة‪.‬‬ ‫يدركون قوة التعلم من خبجة العمل‪.‬‬

‫يرجكون مسؤولية سيجتهم املهنية إلى مديريهم‪.‬‬ ‫يتحملون مسؤولية سيجتهم الذاتية‪.‬‬

‫ليسوا مساءلين عن التطوير‪.‬‬ ‫مساءلون عن تطويرهم الذاتي‪.‬‬

‫يحملون واهة نظر بأن التنافس في املدرسة‪.‬‬ ‫ً‬


‫مستمرا مدى الحياة‪.‬‬ ‫ينظرون إلى التعليم بكونه‬

‫ال يواد ربط بين التدريب وألاداء والعمل‪.‬‬ ‫يرون أن التعليم يؤثر على العمل‪.‬‬

‫يرجكون التعليم للبديهة والحدس‪.‬‬ ‫ً‬


‫اعتمادا على ما تعلموه‪.‬‬ ‫يصنعون القرارات‬

‫ينتظرون من آلاخرين تصور املستقبل‪.‬‬ ‫لديهم تصور حول املستقبل‪.‬‬

‫لديهم إلاحساس الجدي لالضطرار إلى إعادة الابتكار ال إحساس ادي لديهم باالضطرار إلى إعادة الابتكار‬
‫املستمر‪.‬‬ ‫املستمر‪.‬‬

‫ال شعور لديهم لإلبدا ‪.‬‬ ‫الشعور والتعاطف مع إلابدا لتكوين الثجوة‪.‬‬

‫ال اهود ثابتة للربط الشبكي الجاد‪.‬‬ ‫اهود شبكية اادة‪.‬‬

‫ال تنافس ادي‪.‬‬ ‫ازدهار في التنافس الصحي الصحيح‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬نعيمة حسن جبر زروقي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫‪51‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪1‬‬
‫يمكن بذلك تلخيص السمات العامة لعمال املعرفة في‪:‬‬

‫‪ ‬استخدامهم للتكنولوجيا في جمع املعلومات وتحليلها وتوضيح املعرفة؛‬

‫‪ ‬امتالكهم للمهارات التحليلية العالية؛‬

‫‪ ‬قدرتهم على التكيف مع التغيير السريع وغير املتوقع؛‬

‫‪ ‬مقارنة عملهم وقيامه مع أفضل املمارسات؛‬

‫‪ ‬فهمهم لكيفية توافق عملهم ومالءمته مع عمل مؤسساتهم؛‬

‫‪ ‬يطبقون الذكاء العاطفي(أنظر الفصل الثاني‪ -‬تعريف الذكاء‪ )-‬في موقع العمل‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ومن اهة أخرى‪ ،‬بين ‪ Brown‬أهم املعايير التي يحدد على أساسها عمال املعرفة وهي‪:‬‬

‫‪ – 1‬التخصص املنهي على سبيل املثال املحامون وألاطباء واملبرمجون ومصممو نظم املعلومات واملكتبيون واختصاصيو‬
‫املعلومات واملدرسون‪.‬‬

‫‪– 2‬املهنيين‪ :‬فهم أفراد يمكنهم تحليل املعلومات وتركيبها وتقييمها واستخدام تلك املعلومات في حل املشاكل ذات‬
‫املحتويات املتنوعة‪ .‬حيث ينطبق الشطر ألاول من الخصائص على عمل اختصاص ي املعلومات بينما نادرا ما يشارك في‬
‫عملية حل املشاكل بقدر ما يوفر املعلومات لآلخرين لغرض حل املشاكل وهذا يكمل النقص ألاول في صفات اختصاصيي‬
‫املعلومات ليكونوا عمال معرفة‪.‬‬

‫إضافة إلى عمال املعرفة‪ ،‬يتوقف نجاح إدارة املعرفة أيضا على توفر مدير املعرفة‪ .‬حيث يرى ‪ Denning‬بأن‬
‫هناك مجموعة من املهارات التي يجب أن يمتلكها مديرو املعرفة‪ ،‬بغض النظر عن توجهاتهم التخصصية ومساهماتهم‬
‫العملية في إدارة املعرفة‪ ،‬وهذه املهارات تشمل‪:‬‬

‫‪ .1‬الاتصاالت‪ ،‬بحيث يمتلك مدير املعرفة‪:‬‬

‫‪ ‬القدرة على التعاون مع جميع وحدات أو أقسام املؤسسة التي يعمل على إدارة معرفتها؛‬
‫‪ ‬القدرة على توضيح املفاهيم املعقدة التي تتعلق باملعرفة و املستفيدين منها؛‬
‫‪ ‬القدرة على التواصل مع مختلف مستويات وأجناس املستفيدين‪.‬‬

‫‪1‬نعيمة حسن جبر زروقي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.114‬‬


‫‪ 2‬نفس املراع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫‪52‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .2‬التواه نحو املستفيد‪ ،‬بما في ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬فهم احتياجات املستفيدين واهتماماتهم؛‬


‫‪ ‬الاستجابة بسرعة وفاعلية لتلك الاحتياجات؛‬
‫‪ ‬تسويق الخدمات ومنتجات املعرفة كلما كان ذلك ممكنا لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة‪.‬‬

‫‪ .3‬الاندفا نحو النتائج‪ ،‬من خالل‪ :‬املوازنة بين التحليل والفعل‪ ،‬والالتزام بأهداف املؤسسة‪.‬‬

‫‪ .4‬الاعتماد على فرق العمل الذين يمكنهم‪:‬‬

‫‪ ‬التعاون مع آلاخرين؛‬
‫‪ ‬الرغبة في البحث عن املساعدة كلما كانت هنالك حاجة لها؛‬
‫‪ ‬كسب مساندة آلاخرين ودعمهم والتزامهم‪.‬‬

‫‪ .2‬التعلم والتشارك باملعرفة‪ ،‬بحيث يكون‪:‬‬

‫‪ ‬منفتحا لألفكار الجديدة؛‬

‫‪ ‬مشاركا بما يمتلك من املعرفة؛‬

‫‪ ‬مطبقا للمعرفة في العمل اليومي وليس امتالكها فحسب‪.‬‬

‫ومن أهم خصائص مدير املعرفة‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون إعداد مدير املعرفة إعدادا متميزا يجمع ما بين التعامل مع املعلومات وكيفية استخدامها واملشاركة بها‬
‫وبين نظم وتكنولوجيا املعلومات والشبكات وإلادارة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يمتلك خبرة مسبقة لوظيفة مدير املعرفة في مجال املعلومات أو إدارة املشاريع البحثية واملعلوماتية ونظم‬
‫املعلومات وهندستها باإلضافة إلى املهارات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬املعرفة بمفهوم إدارة املعرفة وأهميتها ونظريتها؛‬

‫‪ ‬الخبرة الفنية في مجال تكنولوجيا املعلومات؛‬

‫‪ ‬الخبرة التنظيمية املتعلقة بمجتمع املؤسسة التي يخدمها وثقافتها؛‬


‫‪ ‬نقاط قوة ذاتية تتعلق باإلبداع والتفكير إلابداعي والرغبة في التعلم والتحفيز الذاتي؛‬

‫‪53‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ ‬القدرة على التواصل واكتساب مهارات الاتصاالت؛‬


‫‪ ‬الخبرة في مجال البحث عن املعلومات تقليديا وإلكترونيا من خالل مهارات استراتيجيات البحث‬
‫املتقدمة؛‬
‫‪ ‬الخبرة في تقديم الاستشارات‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬إسرجاتجيات إدارة املعرفة‬

‫يهدف هذا املطلب لتوضيح كيفية وضع إستراتجية دقيقة لدمج املعرفة املؤسسية مع ألادوات املستخدمة إلدارة‬
‫املعرفة‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬تحديد الفجوة املعرفیة‬

‫اقترح ‪ Zack‬مصطلح تحليل الفجوة املعرفية‪ ،‬ويقصد به الفرق بين ما تعرفه املنظمة وبين ما تستطيع أن تعرفه‬
‫وكذلك ما ينبغي أن تعرفه‪ .‬ويرى ‪ Wiig‬أن هناك أنواع عديدة من الفجوة املعرفية وأن بعضها يظهر من خالل حدوث فجوة‬
‫بين املعرفة املوجودة وبين املعرفة املطلوبة للتعامل مع املواقف‪ ،‬كما قد يتطلب العمل توافر مهارة معينة ال يمتلكها صانع‬
‫‪1‬‬
‫املعرفة؛ ومن أجل إدارة فجوة املعرفة تم تحديد الخطوات التالية‪:‬‬

‫تحديد طبيعة الفجوة املعرفية؛‬ ‫‪‬‬


‫تحديد أفضل خيارات إدارة الفجوة؛‬ ‫‪‬‬
‫تنفيذ الخيارات فيما يتعلق بالتدريب‪ ،‬وإعادة تحديد واجبات ألافراد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫ويرى نجم عبود نجم أن تحليل الفجوة املعرفية يعمل على مستويين‪:‬‬

‫املستوى ألاول‪:‬الفجوة الداخلية وتواد في حالتين‪:‬‬

‫‪ .1‬الحالة ألاولى‪:‬الفجوة الداخلية بين الفعلي وإلامكانية‪ ،‬وهذه تمثل الفرق بين ما تفعل الشركة فعال وما تستطيع‬
‫فعله وتتعلق بأبعاد نقاط القوة والضعف‪.‬‬
‫‪ .2‬الحالة الثانية‪ :‬الفجوة الداخلية بين إلامكانية والهدف‪ :‬تتمثل في الفجوة بين ما تستطيع املنظمة أن تفعله وهي‬
‫تتعلق بالوعي (‪ ، )What it must do‬وبين ما يجب عليها أن تفعله (‪ .)What firm can do‬فهي تعمل بإمكانات‬
‫تطوير املعرفة الحالية نحو ما ينبغي معرفته ومن ثم عمله فيما يتعلق بتعزيز نقاط القوة وتجاوز نقاط الضعف‪.‬‬

‫‪ 1‬هیثم علي حجازي (‪ ،)2005‬إدارة املعرفة‪ :‬مدخل نظري‪ ،‬ألاهلیة للنشر والتوزیع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‪. 71‬‬
‫‪2‬نجم عبود نجم (‪ ،)2008‬إدارة املعرفة‪ :‬املفاهيم وإلاسرجاتجيات والعمليات‪ ،‬الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‬
‫ص‪.162- 166‬‬

‫‪54‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املستوى الثاني ‪:‬الفجوة الخاراية وتواد في حالتين أيضا‪:‬‬

‫‪ .1‬الفجوة الخاراية بين الفعلي وإلامكانية‪ :‬وهي الفجوة بين ما تعمل عليه املؤسسة آلان وما تستطيع عمله حيال‬
‫البيئة‪ ،‬وهي تتعلق بالفهم الفعال ملا تستطيع أن تفعله في استغالل الفرص وتجنب التهديدات‪.‬‬

‫‪ .2‬الفجوة الخاراية بين إلامكانية والهدف‪ :‬وتتمثل في الفجوة بين ما تستطيع فعله املنظمة وما ينبغي عمله من‬
‫ألاهداف واملخططات حيال تلك الفرص والتهديدات‪ ،‬وهذه الفجوة هي فجوة معرفة أيضا‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬اختيار إلاسرجاتجية‬

‫من خالل النموذج الذي يميز بين املعرفة الصريحة واملعرفة الضمنية‪ ،‬ورد في دراسة "املؤسسات الخالقة‬
‫للمعرفة" عام ‪ ،1991‬أن املنظمات انتهجت إستراتيجيتين متميزتين على أساس هذين النوعين من املعرفة‪ :‬إستراتيجية‬
‫الترميز والشخصنة‪.‬‬

‫‪ ‬إسرجاتيجية الرجميز (‪)Codification Strategy‬‬

‫والتي تعتمد على املعرفة الصريحة بوصفها معرفة نمطية‪ ،‬رسمية‪ ،‬قابلة للوصف‪ ،‬التحديد‪ ،‬القياس‪ ،‬النقل‬
‫والتقاسم ويمكن تحويلها بسهولة إلى قواعد بيانات وقاعدة معرفة نمطية يمكن من خالل شبكة املؤسسة تعميمها على‬
‫جميع ألافراد من أجل الاطالع عليها واستيعابها وتوظيفها في أعمال املؤسسة املختلفة‪.‬‬

‫‪ ‬إسرجاتيجية الشخصنة)‪(Personalization Strategy‬‬

‫وهي تركز على املعرفة الضمنية وهي املعرفة غير القابلة للترميز‪ ،‬وغير الرسمية ألنها تكون حوارية تفاعلية في عالقات‬
‫ألافراد وجها لوجه‪ ،‬غير قابلة للوصف‪ ،‬النقل‪ ،‬التعليم والتدريب ‪ ،‬وإنما قابلة للتعلم باملالحظة املباشرة واملعايشة املشتركة‬
‫والتشارك في العمل والخبرة‪ ،‬وهذه إلاستراتيجية تناسب املؤسسات كثيفة املعرفة كاملؤسسات الاستشارية‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬تنفيذ إلاسرجاتجية‬

‫إن تطبيق إلاستراتجية الكلية للمنظمة بشكل عام بما فيها إلاستراتجية املعرفية يشكل في الحقيقة تحديا أكثر‬
‫صعوبة وتعقيد‪ ،‬وذلك ألن فشل إدارة املعرفة في تطبيق نمط إلاستراتجية املعرفية املعتمد يعني فشل إلادارة إلاستراتجية‬
‫ككل‪ .‬وبذلك فإن التطبيق الجيد لإلستراتجية يتطلب عدة مستلزمات‪ ،‬فمثال عندما نختار تطبيق إستراتجية املعرفة‬
‫الترميزية في املنظمة‪ّ ،‬‬
‫فإن ألامر يتطلب ذلك إتباع عدة خطوات أساسية تتمثل أساسا في تحديد طبيعة تغير إلاستراتجية‪ ،‬أي‬
‫حجم ومدى التغير املطلوب انجازه في التنظيم‪ ،‬إذ يعتمد أساسا على نظم املعلومات التقنية املتطورة‪ ،‬وأيضا تغيير في ثقافة‬

‫‪55‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املنظمة وجعلها تنسجم مع إلاستراتجية املعتمدة‪ ،‬أيضا فإن تطبيق هذه إلاستراتجية يتطلب وجود أدوار جديدة في املنظمة‬
‫كأنظمة املعلومات إلاستراتجية و إدارة البحث والتطوير وغيرها‪.‬‬

‫إذا فاألمر ال يقتصر على توافق إلاستراتجية املعرفية مع البيئة الخارجية لكن ينبغي أن تتالءم مع عوامل متعددة‬
‫‪1‬‬
‫تستجيب لتنفيذ إلاستراتجية وطرقها مثل‪:‬‬

‫أ‪ .‬النظم والعمليات‪ :‬التي تساهم في زيادة قدرة العاملين على خلق وتوليد املعرفة وهي تشكل القدرة الجماعية‬
‫للمنظمة على خلق املعرفة‪.‬‬
‫ب‪ .‬املوارد البشرية‪ :‬فمستوى املهارات والخبرات والقدرات املعرفية واملؤهالت التي يمتلكها ألافراد العاملون باملنظمة‬
‫يحدد مستوى املعرفة باملنظمة يحدد مستوى املعرفة التي يمكن أن تتحقق في املنظمة‪ ،‬فإمكانات املنظمة ألاخرى ال‬
‫تحقق املعرفة املطلوبة في غياب عنصر املوارد البشرية‪.‬‬
‫ت‪ .‬البيئة‪ :‬فتنفيذ إلاستراتجية املعرفية بصورة ناجحة‪ ،‬يتطلب تحقيق اتصال فاعل مع املستفيدين وأصحاب‬
‫املصالح‪.‬‬

‫املطلب الرابع ‪ :‬إدارة املعرفة حسب نموذج ‪NONAKA‬‬

‫قد تم تناول موضوع إدارة املعرفة في عدة دراسات وتيارات فكرية التي أسهمت في بناءه‪ ،‬ولعل أبرز دراسة تحول فيها‬
‫املوضوع من الحيز ألاكاديمي إلى النطاق العلمي التطبيقي املنتشر ضمن املمارسة إلادارية ترجع إلى نوناكا الذي يعد من أكبر‬
‫املفكرين في إشكالية املعرفة في املنظمة‪ ،‬إلى جانب تاكوتش ي‪ ،‬وقد ألفا معا كتاب املؤسسات الخالقة للمعرفة‪ .‬وقد ولت‬
‫أطروحاتهما أهمية كبيرة للجانب إلانساني على حساب الجانب التكنولوجي‪ ،‬الذي اهتم به مفكرون آخرون‪ ،‬ووضع نموذج‬
‫تفسيري قوي‪ ،‬أوضح من خالله أهمية إدارة املعرفة في املؤسسة‪ ،‬هذا الباحث الذي بدأ نشر دراساته منذ منتصف‬
‫الثمانينات املتعلقة بتطوير املنتجات من طرف كبرى املؤسسات اليابانية‪ ،‬استطاع أن يضع القواعد ألاساسية لنموذج‬
‫‪2‬‬
‫تفسيري إلدارة املعرفة‪ ،‬أهم خصائصه‪:‬‬

‫‪ ‬املعرفة في املؤسسة موزعة بين ألافراد وأغلبها موجود على شكل ضمني‪.‬‬
‫‪ ‬إن عمليات النشر تساهم بشكل كبير في تكوين معرفة جديدة والناتجة عن إعادة تشكيل املعرفة املنبثقة عن‬
‫تفاعالت ألافراد‪.‬‬

‫‪1‬عجالن ‪ ،‬حسن‪ ،)2008(،‬اسرجاتیجیات إلادارة املعرفیة في منظمات ألاعمال‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ 1‬نذير عليان وعبد الرحمان بن عنتر (‪ ،)2114‬نحو نموذج لتسييج املعرفة في املؤسسة‪ ،‬امللتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الاندماج في‬
‫اقتصاد املعرفة والكفاءات البشرية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪. 232‬‬

‫‪56‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ ‬إن املحيط الاجتماعي للعمل املشترك في املؤسسة هو شرط افتراض ي أساس ي لشرح وفهم مصفوفة إدارة وتبادل‬
‫املعرفة‪.‬‬
‫‪ ‬بأن إنتاج وتبادل املعرفة يتم عن طريق عملية تطوير املنتجات أو أي عملية إبداع‪.‬‬

‫وقد اقترح ‪ Nonaka‬أربعة نماذج لتحويل وتبادل املعارف كما هو مبين في الشكل (‪ .)11-1‬يقوم هذا النموذج على‬
‫فكرة جوهرية تتلخص بوجود حركة حلزونية تفاعلية للمعرفة الصريحة واملعرفة الضمنية ترافقها أربع عمليات تحويلية‬
‫للمعرفة تؤدي إلى تكوين املعرفة التنظيمية الجديدة‪ .‬إذا تحوالت املعرفة الصريحة والضمنية وتفاعالت ألافراد‬
‫والجماعات مع هذه ألانماط املعرفية هي التي تشكل الحركة الحلزونية املستمرة للمعرفة والتي تتم في ثالث مستويات‬
‫أساسية هي مستوى ألافراد و املجموعات واملؤسسة كما هو واض ــح في الشكل (‪.1)11-1‬‬

‫‪2‬‬
‫ومنه يمثل هذا النموذج إطارا جديدا لفهم حركة توليد املعرفة في املنظمات و ذلك من خالل تطبيق املبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ ‬توجد املعرفة في شكلين ضمنية وصريحة؛‬

‫‪ ‬التفاعل الحركي بين املعرفة الصريحة والضمنية؛‬

‫‪ ‬وجود ثالث مستويات للتفاعل الاجتماعي(ألافراد‪ ،‬املجموعات‪ ،‬البيئة التنظيمية)‬

‫‪ ‬أربعة أنواع من ألانشطة و العمليات املكونة للمعرفة‪.‬‬

‫كما يبين هذا النموذج أنماط تكوين املعرفة نتيجة التفاعل والتحول من املعرفة الضمنية إلى املعرفة الصريحة‬
‫‪3‬‬
‫وتتحدد في أربعة أشكال وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬من معرفة ضمنية إلى معرفة ضمنية نسمي ذلك التفاعل الاجتماعي؛‬
‫‪ ‬من معرفة ضمنية إلى معرفة صريحة نسمي ذلك إلاظهار أو التجسيد؛‬
‫‪ ‬من معرفة صريحة إلى معرفة صريحة ونسمي ذلك التجميع أو الدمج؛‬
‫‪ ‬من معرفة صريحة إلى معرفة ضمنية ونسمي ذلك التذويب أو التضمين الداخلي‪.‬‬

‫‪1‬هيثم علي حجازي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬


‫‪ 2‬سعد غالب ياسين‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪3‬هيثم علي حجازي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬

‫‪57‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الشكل (‪ :)33-3‬نموذج (‪ )SECI‬لتوليد املعرفة‬

‫‪Source: Nonaka, I., & konno, N. (1998), The Concept of ¨Ba”: Building a Foundation for‬‬
‫‪Knowledge Creation, California Management Review, Spring, p43.‬‬

‫‪1‬‬
‫نالحظ أن هناك أربع تحوالت للمعرفة الصريحة والضمنية التي تقود إلى إنشاء معرفة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫الفر الاول ‪ :‬التفاعل الااتماعي‬

‫يعني تحول املعرفة الضمنية إلى معرفة ضمنية أي إنشاء معرفة ضمنية جديدة من خالل التفاعل بين ألافراد‬
‫العاملين أو بين العاملين والزبائن أو املوردين أو املستفيدين من منتجات و خدمات املؤسسة‪ ،‬ويتم تبادل هذه املعرفة‬
‫الضمنية بين ألافراد بصورة شخصية من خالل أنشطة مشتركة وفي التواجد سوية داخل املؤسسة‪ ،‬أو العمل املشترك‬
‫ضمن تجارب العمل وممارسة املهام أو فرق عمل فيتم تبادل املعلومات و الخبرات واملعارف‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬إلاظهار أو التجسيد‬

‫يعني تحول املعرفة الضمنية لدى ألافراد إلى معرفة صريحة مكتوبة أو بأشكال قابلة للفهم من قبل آلاخرين أي هي‬
‫التعبير عن املعرفة الضمنية ويعد العصف الذهني (‪ )Brainstorming‬من أهم الوسائل‪ ،‬وهو يقوم على تكوين بيئة‬
‫البتكار ألافكار املبدعة الجديدة واستثمار قدرات العقل للمجموعة في البحث عن الحلول املثلى‪ ،‬أو الاتفاق الجماعي على‬
‫الحل ألافضل للمشكلة موضوع الدراسة‪.‬‬

‫‪1‬سعد غالب ياسين‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫‪58‬‬
‫[املبحث الرابع‪ :‬أسس إدارة املعرفة]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثالث ‪ :‬التجميع أو الدمج‬

‫وتعني تحول املعرفة الصريحة إلى معرفة صريحة أخرى أكثر تعقيدا ويتم ذلك بادراك وفهم واستيعاب املعرفة‬
‫الصريحة و املرمزة ومن خالل ممارستها في العمل من قبل ألافراد يتم تحويلها إلى معرفة صريحة أخرى جديدة من خالل‬
‫إلاضافات املعرفية ذات القيمة ألصحاب املعرفة في املؤسسة‪.‬‬

‫الفر الرابع ‪ :‬التذويب أوالتضمين الداخلي‬

‫وتعني تحول املعرفة الصريحة إلى معرفة ضمنية عن طريق اكتساب املعرفة الصريحة و الظاهرة باملمارسة‬
‫واستنباط الحقائق وألافكار‪ ،‬و تضاف هذه املعرفة إلى املخزون املعرفي لألفراد‪ ،‬وإن هذه العملية غير نمطية وتختلف من‬
‫شخص إلى آخر كل حسب معتقداته وقدرة استيعابه وفهمه للمعرفة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫املبحث الخامس ‪ :‬حلول إدا رة املعرفة وعملية تقييمها‬

‫يعرض املبحث الحالي توضيحا للعمليات املستخدمة في إدارة املعرفة‪ ،‬والتي تضم عمليات تطبيق املعرفة‪،‬‬
‫وامتالكها ومشاركتها باإلضافة إلى عمليات اكتشافها‪ .‬ومن خالل هذه العمليات الخاصة بإدارة املعرفة نحاول تناول‬
‫العمليات الفرعية السبع التي تسهل أداءها‪ ،‬باالعتماد في ذلك على نموذج نوناكا واهم آليات التي ذكرها‪ .‬وسعيا وراء فهم‬
‫أفضل لإلدارة الشاملة إلدارة املعرفة في أي منظمة فقد تناولنا في هذه املبحث كذلك قيادة ادارة املعرفة وأساليب‬
‫تحديد قيمة إدارة املعرفة في منظمة ما‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬عمليات إدارة املعرفة‬

‫عرفنا فيما سبق أن إدارة املعرفة بأنها أداء ألانشطة ذات الصلة باكتشاف املعرفة وامتالكها ومشاركتها وتطبقيها‪،‬‬
‫وذلك بهدف تعزيز تأثير املعرفة على تحقيق هدف املنظمة بطريقة فعالة وغير مكلفة‪ ،‬ولهذا تعتمد إدارة املعرفة على‬
‫أربعة أنواع رئيسية من العمليات‪ ،‬وكما هو موضح بالشكل (‪ ،)32-3‬فإنها تتضمن العمليات التي يتم من خاللها اكتشاف‬
‫املعرفة وامتالكها‪ ،‬وتشمل أيضا العمليات التي تم من خاللها مشاركة وتطبيق هذه املعرفة‪.‬‬

‫تستند العمليات ألاربع إلدارة املعرفة إلى مجموعة من سبع عمليات فرعية‪ ،‬كما هو موضح في الشكل (‪،)32-3‬‬
‫حيث تدعم واحدة من تلك العمليات الفرعية التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة كال من عمليتي إدارة املعرفة وهما‬
‫(الاكتشاف و املشاركة)‪ .‬ومن بين العمليات الفرعية السبع إلدارة املعرفة تستند أربع عمليات منها على ما ذهب إليه‬
‫‪ ،Nonaka‬والذي قام من خالل التركيز على الوسائل التي يمكن من خاللها تحويل املعرفة عبر التفاعل الاجتماعي بين‬
‫املعرفة الضمنية والصريحة‪ ،‬وبتحديد أربع وسائل إلدارة املعرفة وهي التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة والتجسيد‬
‫والتذويب والتجميع‪ ،‬أما العمليات الفرعية الثالث أخرى إلدارة املعرفة وهـي التبادل والتـوجيه والروتين فهـي ترتكز بشكل‬
‫‪1‬‬
‫كبير على رأي ‪ Ghoshal‬و‪.Grant‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p61.‬‬

‫‪60‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الشكل(‪ :)32-3‬عمليات إدارة املعرفة‬

‫‪ ‬التجميع‬

‫‪‬‬
‫التطبيق‬ ‫املشاركة‬
‫التوايه‬ ‫‪‬‬ ‫التبادل‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫التجسيد‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪Source : Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p61.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬اكتشاف املعرفة‬

‫يمكن تعريف اكتشاف املعرفة (‪ )Knowledge Discovery‬بأنها تطوير ملعرفة جديدة سواء ضمنية أو صريحة‬
‫وذلك من خالل البيانات واملعلومات‪ ،‬أو من خالل دمج مكونات معرفية سابقة‪ .‬ويستند اكتشاف املعرفة الصريحة الجديدة‬
‫بصورة أساسية ومباشرة إلى التجميع (‪ ،)Combination‬في حين تعتمد اكتشاف املعرفة الضمنية جديدة بصورة‬
‫أساسية ومباشرة على التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة‪ .‬ويتم في كلتا الحالتين اكتشاف معرفة جديدة عن طريق دمج‬
‫معرفة من اثنين أو أكثر من املجاالت املختلفة مع معرفة صريحة مستمدة من مجالين تم التوفيق بينهما عبر التجميع‪،‬‬
‫وكذلك بالنسبة ملعرفة ضمنية املتأتية من مجالين تم دمجهما من خالل التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة‪ .‬وفيما يلي‬
‫‪1‬‬
‫توضيح لعمليتي التجميع والتفاعل الاجتماعي داخل املنظمة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التجميع والدمج‬

‫يتم اكتشاف املعرفة الصريحة الجديدة من خالل التجميع (‪ ،)Combination‬وهي العملية الفرعية التي يتم‬
‫من خاللها تركيب أجزاء متعددة من املعرفة الصريحة من البيانات أو املعلومات أو كليهما‪ ،‬إلنشاء املزيد من املجموعات‬
‫املعقدة الجديدة من املعرفة الصريحة‪ .2‬ويتم إنشاء املعرفة الصريحة الجديدة‪ ،‬على النحو تدريجي أو جزئي‪ ،‬من خالل‬
‫‪3‬‬
‫التواصل والتكامل وتنظيم تدفقات متعددة من املعرفة الصريحة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p75.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nonaka I. (1994), A Dynamic Theory of Organizational Knowledge Creation, Organization Science, Vol. 5, No. 1,‬‬
‫‪p20.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Nahapiet, J. & Ghoshal, S. (1998), Social Capital, Intellectual Capital, and the Organizational Advantage,‬‬
‫‪Academy of Management Review, 23(2), p252.‬‬

‫‪61‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫في حين يعاد تحديد وتصنيف ووضع إطار املعرفة الصريحة والبيانات واملعلومات املتوافرة إلنتاج معرفة صريحة‬
‫جديدة‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬عند عرض مقترح جديد على أحد العمالء‪ .‬يمكن تجميع بيانات واملعلومات واملعرفة الصريحة‬
‫التي يحتويها اقتراحات سابقة في الاقتراح الجديد‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإنه يمكن استخدام تقنيات البحث في البيانات‬
‫للكشف عن عالقات جديدة بين البيانات الصريحة التي يمكن تتبعها إليجاد نماذج تنبؤية أو تصنيفية من شأنها امتالك‬
‫‪1‬‬
‫معرفة جديدة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التفاعل الااتماعي داخل املنظمة‬

‫يعد التفاعل الااتماعي (‪ )Socialization‬داخل املنظمة بمثابة تجميع املعرفة الضمنية التي لدى املوظفين‪،‬‬
‫وعادة ما يتم من خالل ألانشطة املشتركة بدال من التعليمات املكتوبة أو الشفهية‪ .‬فاملتدربون‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬لديهم‬
‫القدرة على مساعدة الوافدين الجدد في إدراك الكيفية التي يفكر بها آلاخرون‪ ،‬وذلك عبر نقل ألافكار والصور إليهم‪ .‬وقد‬
‫بين ‪ Davenport & Prusak2‬كيف أن تبادل الحديث عند مبرد املياه كان له دور في مشاركة املعرفة بين املجموعات‬
‫‪3‬‬
‫في منظمة ‪.IBM‬‬

‫وفي شركة ‪ Xerox‬مثال‪ ،‬قام عالم ألانثروبولوجيا (‪ )Julian Orr‬الذي كان يعمل في السابق بمركز ابحاث ( ‪Palo‬‬
‫‪ )Alto Research Centre PARC‬التابع لشركة (‪ ،)Xerox‬بإجراء دراسة حول ما يقوم به مندبو خدمة العمالء‬
‫املختصون بإصالح ماكينات (‪ .)Xerox‬الحظ (‪ )Julian Orr‬أحد املندوبين أثناء قيامه بإصالح ماكينة في غاية من‬
‫إلازعاج‪ ،‬والتي تم تركيبها مؤخر ولكنها لم تعمل بصورة صحيحة على إلاطالق‪ ،‬وفي كل مرة تخفق فيه املاكنة كانت تظهر‬
‫رسالة مختلفة عن سابقتها‪ ،‬تشير إلى وجود خطأ بها‪ ،‬وكما أن إتباع إلارشادات املحددة للتعامل مع كل رسالة‪ ،‬كالرسائل‬
‫التي تشير إلى ضرورة ضبط املاكينة أو استبدالها‪ ،‬فقد فشل أيضا في إصالح املشكلة ككل‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فإن‬
‫‪4‬‬
‫الرسائل عند دراستها مجتمعة لم يكن لها معنى‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬امتالك امل عرفة‬

‫سبق وان ناقشنا في املبحث ألاول الخاص بطبيعة املعرفة‪ ،‬أن املعرفة قد تكمن داخل البشر (ألفرادا أو جماعة)‪،‬‬
‫أو قد تنتج داخل املنظمة (كممارسات أو تقنيات أو مستودعات)‪ ،‬أو تتواجد بهياكل التنظيمية(كوحدات تنظيمية‪،‬‬
‫التنظيمات‪ ،‬الشبكات التنظيمية البينية)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p75.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Davenport, T.H., & Prusak, L. (1998), Working knowledge: How organizations manage what they know,‬‬
‫‪Harvard Business School Press, Boston.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p75.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p75.‬‬

‫‪62‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬قد تكون املعرفة صريحة أو ضمنية‪ ،‬وقد تكمن في بعض ألاحيان بداخل عقل الفرد دون أن‬
‫يتعرف هذا الفرد عليها أو يشاركها مع آلاخرين‪ .‬وباملثل‪ ،‬فقد تكمن املعرفة بشكل صريح داخل كتيب ما ‪ ،‬إال أنه ربما ال‬
‫يدركها سوى القليل من ألافراد‪ ،‬ومن الضروري الحصول على املعرفة الضمنية واستخالصها من عقول ألافراد أو من‬
‫الكتيب فيما يخص املعرفة الصريحة‪ ،‬ومن ثم مشاركتها مع آلاخرين‪ .‬وهذا هو ما يركز عليه مصطلح إمتالك املعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرفة‬
‫(‪ .)Knowledge Capture‬والذي يمكن تعريفه بأنه‪" :‬عملية استرجاع املعرفة الصريحة أو الضمنية التي تكمن داخل‬
‫ألاشخاص‪ ،‬أو التي يعكسها املنتوج الصناعي أو الهياكل التنظيمية‪ ،‬كما أن املعرفة التي يتم امتالكها قد تكمن خارج‬
‫حدود التنظيمية بما في ذلك الاستشاريين واملنافسين والعمالء واملوردين‪ ،‬وأرباب العمل السابقين للموظفين الجدد‬
‫‪1‬‬
‫باملنظمة"‪.‬‬

‫وتستفيد عملية امتالك املعرفة بصورة أساسية ومباشرة من عمليتين فرعيتين وهما التجسيد والتذويب‪.‬‬
‫واستنادا إلى ما ورد في أعمال ‪ ،Nonaka‬فإن التجسيد والتذويب يساعدان في امتالك املعرفة الضمنية والصريحة على‬
‫‪2‬‬
‫التوالي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التجسيد‬

‫بالنسبة للتجسيد (‪ ،)Externalization‬فيتعلق بتحويل املعرفة الضمنية إلى أشكال صريحة‪ ،‬كالكلمات‬
‫واملصطلحات وش يء مرئي‪ ،‬أو إلاستعانة بلغة املجازية (كاالستعارات والتشبيهات)‪ ،‬والقصص‪.‬‬

‫كما تساعد في ترجمة املعرفة الضمنية لألفراد إلى أشكال صريحة يسهل على بقية ألافراد استيعابها‪ ،‬إال أن هذه‬
‫العملية ليست بالعملية السهلة ألن املعرفة الضمنية يصعب التعبير عنها في الغالب‪ .‬وفد أقترح ‪ Nonaka‬بأن التجسيد‬
‫(‪ )Externalization‬يمكن تحقيقه باستخدام الاستعارة بمعنى فهم وتجريب ش يء ما بألفاظ غير تلك املوضوعة له‪.‬‬
‫ويمكن ضرب مثال للتجسيد بفريق استشاري يقوم بكتابة وثيقة أو مستند لوصف الدروس التي تعلمها من خالل‬
‫انخراطه في املنظمات التي عمل بها‪ ،‬وكذلك مع العمالء الذين تعامل معهم من بين املسئولين التنفيذيين باإلضافة إلى‬
‫ألاساليب التي نجحت في مثل هذه املهمة‪ .‬كل هذا من شأنه يؤدي إلى امتالك املعرفة التي أكتسبها أعضاء الفريق‬
‫‪3‬‬
‫الاستشاري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ibid, p59.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nonaka, I., & Takeuchi, N. (2001), Knowledge Emergence: Social, Technical, and Evolutionary Dimensions of‬‬
‫‪Knowledge Creation, Oxford University Press, New York, USA, p16-17.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p75.‬‬

‫‪63‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ثانيا ‪ :‬التذويب‬

‫بمثابة تحويل للمعرفة الصريحة الى معرفة ضمنية‪ ،‬كما انها تمثل املفهوم التقليدي للتعلم‪ ،‬ويمكن ان تتجسد‬
‫املعرفة الصريحة في عمل اوفي ممارسة ما بحيث ان الفرد يسعى الكتساب املعرفة قد يعاني ما عاناه الاخرون‪ .‬ويمكن‬
‫ايضا ان يكتسب الافراد املعرفة الضمنية في املواقف الافتراضية‪ ،‬سواء بطريقة مباشرة عبر قراءة كتيبات او قصص‬
‫‪1‬‬
‫الاخرين او بصورة مباشرة من خالل املحاكاة او التجارب‪.‬‬

‫ومن امثلة التذويب ان يقراء احد استشاري البرمجيات املعينين حديثا كتايا عن تطوير البرمجيات الابداعية وان‬
‫‪2‬‬
‫يتعلم منه‪ ،‬حيث تساعده القراءة وكذا املنظمة التي يعمل بها في امتالك املعرفة املوجددة في صفحات هذا الكتاب‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬مشاركة املعرفة‬

‫هي تلك العملية التي يتم من خاللها نقل املعرفة الصريحة والضمنية إلى آخرين‪ .‬يذكر ‪ Zmud‬أن أحد أبرز‬
‫أسباب التركيز على نقل املعرفة هو أن عملية اكتشاف املعرفة بحد ذاتها ال تؤدي إلى أداء متفوق للمنظمة ما لم يتم نقل هذه‬
‫املعرفة إلى آلاخرين‪ ،‬وتمكنهم من استخدامها دون تحميل املنظمة تكاليف باهظة جراء النقل‪ .‬ويتعين في هذا الصدد تقديم‬
‫إيضاحات ثالثة مهمة مرتبة على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪،‬أن مشاركة املعرفة (‪ )Knowledge Sharing‬تعني النقل الفعال‪ ،‬بحيث يمكن ملستقبل املعرفة أن يفهمها بدرجة‬
‫تمكنه من العمل في ضوئها؛‬

‫ثانيا‪،‬إن ما يتم مشاركته هي املعرفة وليست التوصيات املبنية على املعرفة‪ ،‬فالحالة ألاولى تنطوي على اكتساب‬
‫املستقبل للمعرفة املشتركة وللقدرة على القيام باملهام على ضوئها‪ ،‬في حين تنطوي الثانية(أال وهي التوجيه‪ ،‬والذي‬
‫سنقوم بمناقشته في عملية تطبيق املعرفة) على استخدام وتطبيق املعرفة دون تجسيدها؛‬

‫ثالثا‪ ،‬أن مشاركة املعرفة عملية قد تتم بين ألاشخاص وكذلك بين املجموعات وإلادارات والتنظيمات‪.‬‬

‫فإن املعرفة بوصفها موجودا تزداد باالستخدام واملشاركة‪ ،‬وبتبادل ألافكار والخبرات واملهارات بين ألاشخاص تنمو‬
‫وتتعاظم لدى كل منهم‪ ،‬لذا سعت املنظمات إلى تشجيع املشاركة‪ ،‬حيث يرى الكثير من الباحثين أن أهم عناصر النجاح في‬
‫تبني نظم إدارة املعرفة وتحقيق ألهداف املنظمة هو نجاح الجزء املتعلق بمشاركة املعرفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Nonaka, I., & takeuchi, N. (2001), op. cit., p17‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p60.‬‬

‫‪64‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وتعتبر الخطوة ألاولى في عملية املشاركة هي نقل املعرفة‪ ،‬هذه ألاخيرة تعني إيصال املعرفة املناسبة إلى الشخص‬
‫املناسب في الوقت املناسب وضمن الشكل املناسب وبالتكلفة املناسبة‪ .1‬إن تواجد املعرفة بمكان غير ما طلبت له‪ ،‬فسيكون‬
‫من الحتمي مشاركتها أو استخدامها بدون جدوى (سيتم مناقشة هذا ألامر في عملية تطبيق املعرفة)‪.‬ومن الواضح أن‬
‫مشاركة املعرفة تعد عملية مهمة إلبداع وأداء املنظمة‪ ،‬وينعكس ذلك في كونها أسلوبا من أساليب العمل الثالثة التي‬
‫تولى املدير التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك (‪ )Jack Welch‬كمسؤولية شخصية (بينما كانت املسئوليات ألاخرى عبارة‬
‫عن تخصيص املوارد و تطوير املوظفين)‪.2‬‬

‫أيضا فإذا كان نقل املعرفة شرط ملشاركتها‪ ،‬فإن تراكم املعرفة عملية تسبق نقلها‪ ،‬حيث أن دورة تكوين املعرفة‬
‫تتطلب وجود تراكم معرفي حقيقي يوفر إلادارة احتياجاتها ويعمل على تحقيق التوازن بين الوحدات والتشكيالت التنظيمية‬
‫‪3‬‬
‫من خالل تقليل الفجوة املعرفية‪.‬‬

‫ويتم استخدام عمليات التبادل والتفاعل الاجتماعي داخل املنظمة اعتمادا على مستوى املشاركة املعرفة‬
‫الصريحة والضمنية‪ ،‬حيث تقوم التفاعالت الاجتماعية داخل املنظمة بتسيير مشاركة املعرفة الضمنية سواء في حاالت‬
‫التي يتم فيها إنتاج هذا النوع من املعارف‪ .‬فال يوجد فرق جوهري بين استخدام عملية التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة‬
‫الكتشاف املعرفة أو ملشاركتها‪ ،‬على الرغم من أن الطريقة التي قد يتم أستخدم تلك العملية بها قد تكون مختلفة‪.‬‬
‫فعندما تستخدم‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬ملشاركة املعرفة‪ ،‬فإن اللقاءات املباشرة( والتي تعد آلية لتسهيل التفاعل الاجتماعي‬
‫داخل املنظمة) قد تنطوي على انعقاد جلسة تعتمد أسلوب السؤال والجواب بين املرسل املعرفة ومستقبلها‪ ،‬في حين إذا‬
‫استخدمنا عملية التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة في إيجاد املعرفة‪ ،‬فقد يأتي اللقاء املباشر في صورة جدال أو نقاش‬
‫مشترك يستهدف حل املشكالت‪.‬‬

‫وعلى العكس من التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة‪ ،‬يركز مفهوم التبادل (‪ )Exchange‬على مشاركة املعرفة‬
‫الصريحة‪ ،‬ويستخدم في إيصال املعرفة أو نقلها بين ألافراد واملجموعات واملنظمات‪ .4‬فإذا نظرنا إلى طبيعة ألاساسية لهذا‬
‫املفهوم‪ ،‬سنجد أن عملية تبادل املعرفة الصريحة ال تختلف عن العملية التي يتم من خاللها نقل املعلومات‪ .‬ومن أمثلة‬
‫التبادل كتيب تصميم منتج ينقله موظف ما إلى موظف آخر‪ ،‬ليقوم هذا ألاخير بعد ذلك باستخدام املعرفة الصريحة‬
‫التي يحتويها هذا الكتيب‪ ،‬كما أن تبادل مستند ما يمكن أيضا أن يستخدم في نقل املعلومات‪.‬‬

‫‪1‬هیثم علي حجازي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪32‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Stewart, T.A. (2000), The House that Knowledge Built, Fortune, p2.‬‬
‫‪3‬غالب سعد یاسين‪ ،‬مراع سابق‪،‬ص‪. 10‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Grant, I., op. cit., p117.‬‬

‫‪65‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الرابع ‪ :‬تطبيق املعرفة‬

‫تساهم املعرفة بصورة مباشرة وأساسية في أداء املنظمة عند استخدامها في اتخاذ القرارات وأداء املهام‪ ،‬وبالطبع‪،‬‬
‫تعتمد عملية تطبيق املعرفة (‪ )Knowledge Application‬على املتاح منها‪ ،‬و"نعني بتطبيق املعرفة جعلها أكثر مالئمة‬
‫‪1‬‬
‫لالستخدام في تنفيذ أنشطة املؤسسة‪ ،‬وأكثر ارتباطا باملهمات التي تقوم بها"‪.‬‬

‫كما أن املعرفة ذاتها تعتمد على عمليات اكتشاف املعرفة وامتالكها ومشاركتها‪ ،‬وكلما قمنا بعمليات اكتشاف‬
‫املعرفة وامتالكها ومشاركتها على أحسن صورة‪ ،‬ازدادت احتمالية توافر املعرفة املطلوبة من التطبيق الفعال في اتخاذ‬
‫القرارات وأداء املهام‪ .‬ليس بالضرورة أن يكون الطرف املستهدف من املعرفة مستوعبا لها عند تطبيقها‪ ،‬وإنما املطلوب هو‬
‫استخدام املعرفة‪ ،‬بطريقة ما‪ ،‬في توجيه القرارات وإلاجراءات‪ ،‬ولهذا‪ ،‬فإن استخدام املعرفة يرتكز على عمليتين اثنتين‬
‫(الروتين والتوايه) واللتين ال تنطويان على النقل أو التبادل الفعلي للمعرفة بين ألافراد املعنيين بل يقتصران على نقل‬
‫‪2‬‬
‫التوصيات التي يمكن تطبيقها في سياق محدد‪.‬‬

‫أما مصطلح التوايه (‪ )Direction‬فيشير إلى العملية التي يقوم من خاللها الشخص الذي يمتلك املعرفة بتوجيه‬
‫سلوك شخص أخر دون أن ينقل إليه املعرفة التي تتضمن ذلك التوجيه‪ .‬ومن ثم فالتوجيه يتمثل فيى نقل املعرفة‬
‫الالزمة التخاذ القرارات‪ ،‬وبذلك فقد أطلق على هذه العملية «استبدال املعرفة»‪ .‬وهو ما يحافظ على مميزات التخصص‬
‫‪3‬‬
‫ويتجنب املصاعب املتأصلة في نقل املعرفة الضمنية‪.‬‬

‫وتشير اللجنة إلاقتصادية وإلاجتماعية لغربي آسيا )‪ (2004‬إلى أن املؤسسات التي تستخدم املعرفة على أحسن وجه‬
‫تمتلك امليزة التنافسية‪ ،‬ويجب تطبيق املعرفة بكاملها على ألانشطة‪ ،‬إذ أن بعض املنظمات تعاني من فجوة بين املعرفة‬
‫‪4‬‬
‫والعمل‪ ،‬وهذه املنظمات تعقد كثيرا من دورات التخطيط واملناقشة والتلخيص بدال من القيام باألعمال والتطبيق‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التوايه‬

‫فالتوجيه هو تلك العملية التي تتمثل في قيام احد عمال إلانتاج باالتصال بخبير ليسأله عن كيفية حل مشكلة‬
‫معينة باملاكينة‪ ،‬ليشرع بعد ذلك في حل املشكلة بناءا على التعليمات التي قدمها له الخبير‪ .‬إال أن العامل يقوم في هذه‬
‫الحالة بحل املشكلة دون أن يكتسب املعرفة‪ ،‬ولهذا فإن صادفته مشكلة مشابهة في املستقبل فلن يكون قادرا على‬

‫‪ 1‬نعیم إبراهیم الظاهر (‪ ،)2009‬إدارة املعرفة‪ ،‬عالم الكتب الحدیث للنشر والتوزیع‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‪. 36‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Grant, I., op. cit., p118.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Conner, K.R., & Prahalad, C.K. (1996), A Resource-Based Theory of the Firm: Knowledge Versus Opportunism.‬‬
‫‪Organization Science, p480.‬‬
‫‪ 4‬اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لغربي آسیا‪ ،‬منهجية إدارة املعرفة‪ :‬مقاربة تجريبية في قطاعات مركزية في دول إلاسكوا ألاعضاء‪ ،‬ألامم‬
‫املتحدة‪ ،‬نيويورك ‪ ،‬ص‪. 13‬‬

‫‪66‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫تحديدها‪ ،‬وسيكون بذلك غير قادر على حلها بنفسه دون الاستعانة بالخبير‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن الطالب الذي يطلب من زميله‬
‫في الفصل أن يلقنه إجابة سؤال ما أثناء الامتحان يحصل بذلك على توجيه (والذي بالطبع يمكن أن يكون خاطئا)‪ ،‬في‬
‫حين ال تحدث مشاركة فعالة للمعرفة بين الطرفين‪ ،‬وهو ما يعني أنه في املرة القادمة التي يواجه فيها هذا الطالب ذلك‬
‫السؤال مطروحا بصيغة مختلفة إلى حد ما‪ ،‬ربما لن يكون قادرا على أن يتبين إلاجابة الصحيحة‪ .‬ولنالحظ هنا الفرق بين‬
‫التوجيه والتفاعل الاجتماعي داخل املنظمة أو التبادل‪ ،‬حيث تنقل املعرفة بالفعل إلى الشخص ألاخر إما بصورتها‬
‫‪1‬‬
‫الضمنية وهو ما يعرف ب (التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة)أو صورتها الصريحة وهو ما يعرف بـ(التبادل)‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الروتين‬

‫وتتمثل إلاجراءات الروتينية (‪ )Routines‬على استخدام املعرفة الضمنية في إلاجراءات والقواعد واملعايير التي‬
‫تواجه السلوك املستقبلي‪ ،‬كما أنها تنتهج أسلوبا اقتصاديا حيث تعتمد على التواصل بدرجة أكبر من التوجيهات نظرا‬
‫‪2‬‬
‫لكونها مدمجة في إلاجراءات و التقنيات‪ ،‬ومع ذلك فإنها تتطلب وقتا لكي تتطور اعتمادا على « التكرار املتواصل»‪.‬‬

‫ويمكن صياغة هذه إلاجراءات الروتينية بطريقة آلية من خالل استخدام تقنيات املعلومات‪ ،‬كما هو ألامر في‬
‫النظم التي تمد وكالء الخدمة العمالء واملهندسين امليدانين والاستشاريين واملستخدمين النهائيين بإجابات محددة وآلية‬
‫‪3‬‬
‫من خالل القاعدة املعرفية‪.‬‬

‫وباملثل فإن نظام تسير مخزون يستخدم قدرا كبيرا من املعرفة في تحديد العالقة بين العرض والطلب‪ ،‬إال انه ال‬
‫يتم نقل املعرفة أو التوجيهات من خالل ألاشخاص‪ ،‬كما انه يتم ترميز نظم املنظمات بإجراءات روتينية تصف أساليب‬
‫العمل داخل قطاعات الصناعة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملعرفة يجب أن توظف في حل املشكالت التي تواجهها املنظمة وأن تتالءم معها‪ ،‬إضافة إلى أن تطبق املعرفة‬
‫يجب أن يستهدف تحقيق ألاهداف وألاغراض الواسعة التي تحقق لها النمو والتكيف‪ .‬حيث أن نجاح أي منظمة في برامج‬
‫إدارة املعرفة لديها یتوقف على حجم املعرفة املنفذة قیاسا ملا هو متوافر لديها فالفجوة بين ما تعرفه وما نفذته مما تعرفه‬
‫یعد أحد أهم معایير التقییم في هذا املجال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p61.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Grant, I., op. cit., p113.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Sabherwal, S. (2007), How Do Knowledge Management Announcements Affect Firm Value? A‬‬
‫‪Study of Firms Pursuing Different Business Strategies, IEEE Transactions on Engineering Management, p432.‬‬

‫‪67‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ا ملطلب الثاني ‪ :‬القيادة وتقييم إدارة املعرفة‬

‫يناقش هذا املطلب القيادة الشاملة إلدارة املعرفة في منظمة ما‪ ،‬يلي ذلك مناقشة دواعي اجراء التقييم إلدارة‬
‫املعرفة ثم يعرض بعد ذلك ألاساليب البديلة لتقييم إدارة املعرفة في املنظمة وذلك لتقييم الجوانب العديدة املتصلة‬
‫بإدارة املعرفة و إلجراء تقييم شامل لفعالية إدارة املعرفة‪.‬‬

‫الفر الاول ‪ :‬ق يادة إدارة املعرفة‬

‫يمارس كل من املدير التنفيذي واملجلس التنفيذي تأثيرا مباشرا على كيفية تحديد رؤية املنظمة إلدارة املعرفة‪،‬‬
‫وينبغي على إلادارة العليا إذ أرادت إلدارة املعرفة أن تمارس على نطاق املنظمة أن تتبنى مشروع إدارة املعرفة وتشدد‬
‫على أهميتها ‪ .‬كما ينبغي على املدير التنفيذي أن يكون معنيا بجهود مشاركة املعرفة كي يحذو آلاخرين في املنظمة حذوه‪.‬‬
‫كما انه إذ لم تتغلغل إدارة املعرفة في جميع مستويات داخل املنظمة بداية من املستويات العليا فمن غير املرجح أن‬
‫ينجح مشروع إدارة املعرفة ويكون له فعالية‪ .‬وخالصة القول أن املدير التنفيذي يلعب دورا أساسيا في نجاح إدارة‬
‫املعرفة داخل املنظمة حيث يقوم أوال ببلورة النظرية الكبرى الحاكمة لرؤية املنظمة تجاه إدارة املعرفة ويقوم ثانيا بدمج‬
‫‪1‬‬
‫هذه الرؤية في ألاهداف املنظمة كما يقوم أخيرا بتحديد مبادرات إدارة املعرفة التي تدعم تلك إستراتجية‪.‬‬

‫وتقوم املنظمات التي تدرك أهمية ادراة املعرفة باعتبارها وظيفة تفوق أهميتها أهمية إدارة املعلومات أو تنمية‬
‫املوارد البشرية بتعين مدير تنفيذي لشئون املعرفة وتلقي على هذا الفرد مسؤولية إدارة ألاصول الفكرية وعمليات إدارة‬
‫املعرفة ونظمها وتقنياتها باملنظمة‪ .‬ويعد تعيين مدير تنفيذي لشؤون املعرفة أحد أساليب تنظيم وتوجيه وتنسيق مشروع‬
‫إدارة املعرفة‪ .‬وتتمثل أهم عوامل نجاح املديرين التنفيذيين لشؤون املعرفة في تحقيق هدفهم املتمثل في إدارة املعرفة‬
‫‪2‬‬
‫داخل املنظمات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬وجود رعاية رفيعة املستوى تمتد ألبعد من دعم املدير التنفيذي؛>‬


‫‪ ‬اضفاء طابع مؤسس ي على الحوافز مشاركة املعرفة؛‬
‫‪ ‬تذليل العوائق املعرفية في املنظمة والتي تعيق التدفق السلس للمعرفة؛‬
‫‪ ‬ترسيخ املعرفة في ممارسات والعمليات؛‬
‫‪ ‬تخصيص فترة استرخاء تنظيمي للتفكير؛‬
‫‪ ‬انشاء مشاريع مرجعية توضح قيمة ادارة املعرفة؛‬
‫‪ ‬توثيق نجاحات واضحة ألدائهم الخاص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p75.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Earl, M. and Scott, I. 1999. What is a chief knowledge officer? Sloan Management Review, p35.‬‬

‫‪68‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫الفر الثاني ‪ :‬أهمية تقييم إدارة املعرفة‬

‫يتعين في أي من جوانب أداء املهام التنظيمية أو الفردية الوقوف على الجهود املبذولة ومدى قدرتها على تمكين‬
‫املنظمة او الفرد من تحقيق ألاهداف ألاساسية من عدمه‪ .‬وبدون هذا التقييم سيكون من املستحيل تحديد ما اذا كان‬
‫هناك احتياج لتلك الجهود او لقيام بتلك التحسينات ام ال ‪ .‬ويهدف تقييم إدارة املعرفة بشكل محدد الى تقييم الحاجة‬
‫إلى حلول التي تقدمها إدارة املعرفة وهي املعرفة التي يمكن لهذه الحلول ان تساهم في اكتشافها او امتالكها أو مشاركتها أو‬
‫تطبيقها وكذلك الوقوف على مدى تأثيرها على ألاداء الفردي او التنظيمي‪ .‬ويمكن لتقييم إدارة املعرفة أن تساهم في بناء‬
‫القيمة القاعدية لتنفيذ الحلول التي تقدمها إدارة املعرفة تلك‪ ،‬بما في ذلك البنية التحتية والتقنيات املتاحة التي يمكن‬
‫ان تدعم تلك الجهود‪ .‬وعموما فان تقييم إدارة املعرفة هو جانب أساس ي من تطبيق إدارة املعرفة فما ال يمكن قياسه ال‬
‫‪1‬‬
‫يمكن إدارته بشكل جيد‪ .‬إذ هناك عدة أسباب تقود إلجراء تقييم إدارة املعرفة نلخصها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تحديد املساهمات الجارية آنيا عن طريق إدارة املعرفة‪ .‬اذ يساهم تقييم إدارة املعرفة في إلاجابة على السؤال‬
‫التالي‪ :‬هل تعمل إدارة املعرفة على تحسين قدرة الفرد او املنظمة على أداء مختلف املهام ومن ثم تحسين‬
‫الكفاءة والفعالية أو الابتكار أو كليهما؟‬
‫‪ .2‬فهم نوعية الجهود املبذولة في إدارة املعرفة إلى جانب الرأس مال الفكري الذي ينتج عنها‪ .‬ولذا فتقييم إدارة‬
‫املعرفة يساهم في إلاجابة على ألاسئلة التالية‪ :‬هل تستخدم الحلول التي تقدمها إدارة املعرفة بشكل كاف لتلبية‬
‫احتياجات الفرد او املنظمة؟ هل تؤدي هذه الجهود الى إنتاج رأس املال الفكري الضروري ألداء املهام الفردية‬
‫والتنظيمية؟‬
‫‪ .3‬يساعد تقييم إدارة املعرفة على معرفة ما إذا كانت تكاليف الجهود إدارة املعرفة تؤدي إلى نتائج تبرر تلك‬
‫التكاليف‪ ،‬وباإلضافة الى ذلك تقييم إدارة املعرفة يساعد أيضا في إلاجابة على السؤال التالي‪ :‬هل تتجاوز الفوائد‬
‫املباشرة وغير املباشرة الناتجة عن إدارة املعرفة أم تساوي التكاليف املختلفة التي تتكبدها عملية التقييم؟‬
‫‪ .4‬يساهم تقييم ادارة املعرفة في التعرف على الثغرات التي يتعين التعامل معها والتي تظهر في الجهود التي يبذلها‬
‫الافراد او املنظمة إلدارة املعرفة‪ ،‬كما يساهم في الاجابة على السؤال املطروح حول تحديد نوعية الحلول التي‬
‫تقدمها ادراة املعرفة التي قد تكون ذات قيمة ويفتقر اليها الفرد واملنظمة في الوقت الحالي‪ ،‬وكذلك تحديد‬
‫املعرفة التي ربما تكون هامة للمنظمة وال تحظى بدعم كاف من طرف جهود ادارةاملعرفة؛‬
‫‪ .5‬واخيرا من شأن تقييم اإدارة املعرفة ان يساهم في خلق حالة من العمل لكبار املديرين التنفيذين في املنظمة‬
‫إلستثمار بصورة اكبر في جهود ادارة املعرفة من خالل املزيا التي تم توفيرها من قبل الحلول التي تقدمها ادارة‬
‫املغرفة باملنظمة(النقطة رقم ‪ 1‬اعاله) والفجوات املوجودة في جهود أدارةاملعرفة( النقطة رقم‪ 4‬اعاله) ‪ ،‬فانه‬
‫يمكن وضع حالة عمل لتطوير حلول تعالج هذه الفجوات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p78.‬‬

‫‪69‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬تتضح اهمية تقييم ادارة املعرفة استنادا إلى عدة أسباب (كما هو موضح اعاله) ‪ .‬ليتم بعد ذلك‬
‫ملناقشة مختلف أنواع التقييمات إلدارة املعرفة بشكل مفصال‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬أنماط تقييم إدارة املعرفة‬

‫يمكن تصنيف تقييمات إدارة املعرفة وفق عدة أساليب مختلفة‪ ،‬والتي تتصل بالجوانب التالية‪ )3( :‬متى يمكن‬
‫تقييم إدارة املعرفة (التوقيت)؟ (‪ )2‬كيف يتم تقييم ادارة املعرفة (الطريقة)؟(‪ )3‬ماهي الجوانب التي يتم تقييمها في إدارة‬
‫‪1‬‬
‫املعرفة (العناصر)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬توقيت تقيم إدارة املعرفة‬

‫يمكن إجراء تقييم إدارة املعرفة في أوقات ومناسبات مختلفة‪ ،‬فهناك ثالثة احتماالت تجدر إلاشارة إليها وهي‪ :‬أوال؛‬
‫يمكن إجراء تقييم دوري إلدارة املعرفة على مستوى املؤسسة بأسرها أو على مستوى وحدة من وحداتها الفرعية‪ ،‬ويمكن‬
‫الهدف من مثل هذا التقييم قياس جودة الشاملة للحلول التي تقدمها إدارة املعرفة وأيضا قياس الجودة الشاملة لرأس‬
‫املال الفكري وأثار ذلك على املنظمة‪ .‬ومن شأن هذا التقييم أن يساهم في تحديد جوانب إدارة املعرفة التي تحتاج‬
‫لتحسين‪ .‬ويمكن إجراء مثل هذا التقييم‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬بواسطة استطالع لرأي املوظفين والاستفسار عن درجة‬
‫اتفاقهم مع العبارات املوضوعة فيه‪.‬‬

‫كما يمكن تقييم إدارة املعرفة في بداية مشروع إدارة املعرفة بهدف إيجاد حالة من العمل لذلك املشروع‪ .‬ويمكن‬
‫الهدف من هذا التقييم في تحديد الفجوة في إدارة املعرفة الحالية باملنظمة وتحديد الفوائد املحتملة ملشروع إدارة‬
‫املعرفة املقترح فاملؤسسة التي تركز على سبيل املثال على املنتجات الجديدة وزيادة حصتها السوقية بحيث يمثل البحث‬
‫والتطوير احد بنود التكاليف الكبيرة‪ ،‬قد تنطوي خطة عملها على العبارة التالية التي تصف قيمة املشروع املقترح إلدارة‬
‫املعرفة‪:‬‬

‫‪ ‬سيكون الهدف من مشرو ادارة املعرفة تقليص مدة الدورة في مشاريع الجديدة بنسبة ‪ %21‬باإلضافة إلى‬
‫ذلك سيحدد املشرو سبل توفيج النفقات والوقت الالزم للعلماء أثناء عملهم في الوحدة بنسبة ‪.%22‬‬

‫إذ يوضح املثال السابق نتيجة تقييم ادارة املعرفة الذي اجري في بداية املشروع‪ ،‬فهو يشير الى وجود مشكالت في‬
‫ادارة املعرفة تتعلق بالبحث والتطوير واللذين يعدان عنصرين حاسمين باملنظمة‪ ،‬كما يشير الى معالجة هذه املشكالت‬
‫من خالل املشروع املقترح سيكون مفيدا للغاية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p 60.‬‬

‫‪70‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ويمكن إجراء تقييم إدارة املعرفة عقب الانتهاء من املشروع ويهدف مثل هذا التقييم الى تحديد آثار مشروع إدارة‬
‫املعرفة وقد يركز التقييم على املنظمة كاملة أو على وحدة فرعية منها‪ .‬وقد يكون من الضروري تتبع أداء إدارة املعرفة‬
‫وذلك لتقييم آلاثار املترتبة عن مشروع إدارة املعرفة وفيما يلي بعض الجوانب التي يمكن تقديرها في مثل هذا التقييم‬
‫الذي اجري في مرحلة ما بعد املشروع‪:‬‬

‫‪ .1‬بعض مؤشرات العائد املالي؛‬


‫‪ .2‬مشاركة املعرفة في جميع أنحاء املنظمة بقدر اكبر؛‬
‫‪ .3‬زيادة توفر املعرفة في املجال الذي تم تطبيق املشروع به؛‬
‫‪ .4‬زيادة الوعي بأهمية إدارة املعرفة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬طبيعة تقييم ادراة املعرفة‬

‫يتم كذلك تمييز تقييمات ادارة املعرفة استنادا الى الطريقة املتبعة في تقييم ادراة املعرفة فهناك طريقتان مميزتان‬
‫ومهمتان إلجراء تقييمات ادارة املعرفة وهما التقييم النوعي والتقييم الكمي‪ .‬تستهدف التقييمات النوعية إلدارة املعرفة‬
‫ما إذ كانت جهود إدارة املعرفة تتمخض عن نتائج ايجابية أم ال إذ تشمل على إجراء مقابالت رسمية موجهة او شبه‬
‫موجهة مع مجموعة من املوظفين تم اختيارهم بدقة إذ تساعد على الكشف عن قصص تتعلق بمدى نجاح جهود إدارة‬
‫املعرفة وعالوة على ذلك يمكن اجراء مثل هذه التقييمات النوعية على فترات بشكل دوري كبداية املشروع أو عقب‬
‫الانتهاء منه على النحو الذي سبق مناقشته من قبل‪.‬‬

‫وتقوم التقييمات الكمية إلدارة املعرفة على الجانب الاخر بتقديم نقاط محددة تشير الى مستوى اداء وحدة‬
‫فرعية او فرد باملنظمة فيما يخص ممارسات إدارة املعرفة‪ .‬وقد تعتمد هذه التقييمات على دراسة استقصائية وقد تكون‬
‫مستندة على الناحية املالية‪ ،‬كالعائد على الاستثمار او معدل توفير في تكاليف مشاريع إدارة املعرفة معدالت أو نسب‬
‫مئوية ملستويات إلابقاء على املوظفين (أي النسبة املئوية للموظفين ألاكثر أهمية بالنسبة للمنظمة والذين تم إلابقاء‬
‫عليهم خالل العام السابق) أو نفقات التدريب بالنسبة للرواتب(أي إجمالي إلانفاق على التدريب كنسبة مئوية من‬
‫الرواتب السنوية التي تدفعها املنظمة)‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اوانب املختلفة لتقييم إدارة املعرفة‬

‫يركز ألاسلوب الثالث على الجانب الذي يخضع للتقييم‪ .‬وبما أن إدارة املعرفة من شانها أن تؤثر سواء بشكل‬
‫مباشر أو غير مباشر على أداء املنظمة في عدة مستويات تشمل‪ :‬ألافراد‪ ،‬العمليات‪ ،‬املنتجات‪ ،‬وأداء الشامل للمنظمة‬
‫ككل‪ .‬وتأتي هذه آلاثار إما من خالل حلول إدارة املعرفة مباشرة او من معرفة التي تم إنتاجها ومشاركتها من خالل هذه‬
‫الحلول‪ ،‬ولذلك فان تقييم إدارة املعرفة من شانه التركيز على‪ )( :‬حلول إدارة املعرفة‪ )( ،‬املعرفة التي تم إنتاجها أو‬

‫‪71‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫مشاركتها من خالل حلول إدارة املعرفة‪ ،‬أثار الحلول إدارة املعرفة وأثار املعرفة على ألاداء بما في ذلك ألافراد آو املوظفين‬
‫والعمليات واملنتجات واداء الشامل املنظمة‪.‬‬

‫أ‪ .‬تقييم حلول إدارة املعرفة‬

‫ينطوي تقييم حلول ادارة املعرفة على التقييم مدى الاستفادة من عمليات اكتشاف املعرفة وامتالكها ومشاركتها‬
‫وتطبيقها ومدى اعتمادها على التقنيات ونظم ادارة املعرفة الداعمة لهاويقدم الجدول () بعض الاجراءات التوضيحية‬
‫للجوانب الاربعة لحلول ادارة املعرفة(الاكتشاف الامتالك املشاركة والتطبيق)‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ادول(‪ :)4-3‬ااراءات توضيحية للجوانب الرئيسية لحلول ادراة املعرفة‬

‫الااراءات التوضيحية‬ ‫البعد‬

‫مدى نقل املعرفة من املشرفين نحو املتدربين املبتدئين ‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫إكتشاف املعرفة‬
‫تدوير املوظفين‪ ،‬عدد املوظفين الذين انتقل والى مجاالت مختلفة كل عام‬ ‫‪‬‬

‫عدد براءات الاخرجا املنشورة لكل موظف‬ ‫‪‬‬

‫متوسط عدد الزيارات السنوية لكل وثيقة في قاعدة الوثائق‬ ‫‪‬‬

‫عدد الاشرجكات في املجالت لكل موظف‬ ‫‪‬‬

‫مدى استخدام التعلم عن طريق العمل‬ ‫‪‬‬


‫إمتالك املعرفة‬
‫نسبة املعلومات املستخدمة التي يمكن الاطال عليها على صفحات الويب (الشبكة الداخلية وشبكة‬ ‫‪‬‬
‫الانرجنات)‬

‫نسبة املعلومات التنظمية املواودة في قاعدة البيانات‬ ‫‪‬‬

‫حجم قواعد بيانات النقاش‬ ‫‪‬‬

‫العدد السنوي للوثائق التي تم مشاركتها واملنشورة لكل موظف‬ ‫‪‬‬

‫معدل تكرار طلب النصيحة لكل موظف‬ ‫‪‬‬ ‫مشاركة املعرفة‬

‫تغطية دليل املؤسسة‪ ،‬نسبة املوظفين الذين تم ادراج خبجاتهم في دليل املؤسسة‬ ‫‪‬‬

‫العدد السنوي القرجحات التحسين التي تمت لكل موظف‬ ‫‪‬‬

‫مستوى استخدام نظم دعم القرارات والنظم الخبيجة‬ ‫‪‬‬


‫تطبيق املعرفة‬
‫عدد زيارات مواقع ادارة املعرفة على شبكة الانرجنات‬ ‫‪‬‬

‫مستوى استخدام البجمجيات التطبيقية للمجموعة ومستودعات املعلومات وافضل املمارسات والدروس‬ ‫‪‬‬
‫املستفادة‬

‫‪Source: Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p335.‬‬

‫‪73‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫ب‪ .‬تقييم املعرفة‬

‫يتطلب تقييم املعرفة مايلي‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد مختلف مجاالت املعرفة ذات الصلة باملنظمة او بوحدة فرعية معينة؛‬
‫‪ ‬تقييم مدى توفر املعرفة في كل مجال من هذه املجاالت‪.‬‬

‫ويمكن اجراء اولى هاتين الخطوتين وهي تحديد مختلف مجاالت املعرفة ذات الصلة باملنظمة والتي قد تتم من‬
‫خالل املقابالت مع املديرين أو موظفين آخرين في هذه املنظمة أو الوحدة الفرعية‪ ،‬وقد يكون من املفيد في هذه الخطوة‬
‫القيام اوال بالتعرف على العوامل ألاساسية لنجاح املنظمة او الوحدة الفرعية حيث تم تعريف هذه العوامل « بانها العدد‬
‫املحدود من املجاالت التي تضمن نتائجها نجاح اداء املنظمة اذا كانت هذه النتائج مرضية »‪.‬‬

‫ولذلك ينبغي على املنظمات ان توليها اهتماما خاصا‪ ،‬وذلك سعيا للوصول ألداء جيد الى ابعد حد في املجاالت‬
‫القليلة التي تمثلها بدال من السعي لتنفيذ عدد اكبر من املهام بدرجة اداء مقبولة‪ ،‬كما على مسؤلين التنفيذين العمل‬
‫على تحديد ما بين ستة الى ثمانية عوامل اساسية للنجاح ثم العمل بعد ذلك على تحديد املعرفة اللزمة للنجاح كل‬
‫عامل من تلك العوامل من شانه ان يؤدي الى الحصول على اهم مجاالت املعرفة‪.‬‬

‫وما ان يتم تحديد مجاالت املعرفة ذات الصلة‪ ،‬حتى يتعين تقييم مدى املعرفة املتاحة في كل مجال ونوعيتها‪.‬‬
‫وغالبا ما تكون هذه املسالة شديدة التعقيد‪ .‬نظرا الن مثل هذه املعرفة قد توجد في عقول املوظفين وفي قواعد البيانات‬
‫ومستندات املؤسسة وايضا في عمليات التنظيمية‪ ...‬كما يمكن اجراء مثل هذا القياس للمعرفة املتاحة من خالل‬
‫استبيانات أو إجراء مقابالت مع موظفي املنظمة‪.‬‬

‫ث‪ .‬تقييم التاثيجات‬

‫كما سبق وناقشنا في الفقرات السابقة بان حلول ادارة املعرفة باإلضافة الى مساعدتها على اكتشاف املعرفة‬
‫وامتالكها ومشاركتها وتطبيقها قد تؤثر على الافراد واملنتجات والعمليات وعلى ألاداء الكلي للمنظمة‪ ،‬ولذلك فان تقييم‬
‫ادارة املعرفة ال يتعلق فقط على تقييم حلول ادارة املعرفة وكذا املعرفة ذاتها‪ ،‬ولكن يشمل كذلك على تقييم تأثيراتها‪ ،‬إذ‬
‫يقدم هذا القسم شرحا لكيفية تقييم هذه التأثيرات‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .3‬تقييم تأثيج املعرفة على املوظفين‬

‫يمكن أن تؤثر إدارة املعرفة على موظفي املنظمة عبر تسهيل عملية تعلم بعضهم من بعض ومن الخبرات السابقة‬
‫للموظفين السابقين باإلضافة الى مصادر الخارجية‪ .‬كما يمكن لها إتاحة الفرصة للموظفين الكتساب مزيد من املرونة من‬
‫خالل تعزيز وعيهم واكتساب أفكار جديدة التي تهيئهم الستجابة إلى التغيرات ويجعلهم كذلك أكثر استعدادا لتقبل التغيير‪.‬‬
‫وكما يمكن لهذه التأثيرات أيضا‪ ،‬أن تشعر املوظفين بالرضا الوظيفي الكتساب املعرفة وتعزيز مهارات وتحسين قيمتهم‬
‫السوقية‪ .‬و عليه‪ ،‬يمكن إلدارة املعرفة أن تعزز التعلم والقدرة على التكيف والرضا الوظيفي‪ .‬والجدول() التالي يعرض‬
‫بعض املعايير التوضيحية لقياس ألاثار املترتبة على كل بعد من هذه إلابعاد الثالثة‪.‬‬

‫ادول(‪ :)2-3‬معاييج توضيحية لقياس لتأثيجات إدارة املعرفة على املوظفين‬

‫املقاييس التوضيحية‬ ‫البعد‬


‫تعلم املوظفين‬
‫متوسط الوقت الذي يقضيه املوظف سنويا في التدريب‬ ‫‪‬‬

‫متوسط عدد املؤتمرات والندوات التي يحضرها كل موظف سنويا‬ ‫‪‬‬

‫متوسط الوقت الذي يقضيه كل موظف سنويا في تدريب اخرين داخل املنظمة‬ ‫‪‬‬

‫متوسط التقييم السنوي ملستوى تعلم املوظفين خالل العام‬ ‫‪‬‬


‫قدرة املوظفين على التأقلم‬
‫نسبة املوظفين الذين سبق لهم العمل في منقة اخرى(بخالف منطقة عملهم الحالية) الكثج من‬ ‫‪‬‬
‫سنة‬

‫متوسط عدد املناطق التي عمل فيها كل موظف من قبل‬ ‫‪‬‬


‫الرضا الوظيفي‬
‫نسبة املوظفين الذين يعبجون عن دراة رضا عالية عن املنظمة وعن وظائفهم‬ ‫‪‬‬

‫النسبة املئوية للموظفين املهمين الذين تم ابقائهم خالل السنة املاضية‬ ‫‪‬‬

‫النسبة املئوية لفرص العمل التي تتطلب دراة علمية عالية وتم تشغيلها خالل سنة املاضية‬ ‫‪‬‬

‫‪Source: Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p338.‬‬

‫‪75‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .2‬تقييم تأثيج املعرفة على العمليات‬

‫يمكن إلدارة املعرفة ان تحسن من مستوى العمليات التنظيمية مثل التسويق وإلانتاج واملحاسبة ‪ ...‬ويمكن إجراء‬
‫هذه التحسينات بالتوازي مع مراعاة ثالث أبعاد رئيسية هي‪ :‬الفعالية والكفاءة ودرجة ابتكار العمليات‪ ،‬ففي مؤسسة ()‬
‫استطاع نظام إدارة املعرفة الخاص بموزعي أجهزة الحاسوب تعزيز مستوى الكفاءة من خالل خفض عدد املكاملات‬
‫الخاصة بمصلحة خدمات ما بعد البيع بشكل كبير ‪ .‬والجدول التالي يعرض بعض املعايير توضيحية لقياس لتأثيرات‬
‫إدارة املعرفة واملعرفة التنظيمية وفق كل بعد من هذه الابعاد‪.‬‬

‫ادول(‪ :)9-3‬معاييج توضيحية لقياس لتأثيجات إدارة املعرفة على العمليات التنظيمية‬

‫املقاييس التوضيحية‬ ‫البعد‬


‫الكفاءة‬
‫انخفاض نسبة التكاليف الانتاج مقارنة باملبيعات السنوية‬ ‫‪‬‬

‫خفض مدة الطلب‬ ‫‪‬‬

‫اتخاذ قرارات اسرا‬ ‫‪‬‬

‫توصيل املنتوج بشكل اسر للسوق‬ ‫‪‬‬


‫الفعالية‬
‫خدمة عمالء مكثفة‬ ‫‪‬‬

‫قلة املفااات بسبب احداث خاراية‬ ‫‪‬‬

‫النسبة املئوية للعمالء الذين يقدمون شكاوي حول املنتجات‪ /‬الخدمات‬ ‫‪‬‬
‫الابتكار‬
‫النسبة املئوية لجميع املنتجات‪ /‬الخدمات الحالية التي تم طرحها في العام السابق‬ ‫‪‬‬

‫عدد براءات الاخرجا لكل موظف‬ ‫‪‬‬

‫عدد الافكار الجديدة‬ ‫‪‬‬

‫‪Source: Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p109.‬‬

‫‪76‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .1‬تقييم تأثيج املعرفة على املنتجات‬

‫كما يمكن ان تؤثر ادارة املعرفة على منتجات املنظمة من خالل مساعدتهم في تقديم منتجات ذات قيمة مضافة‬
‫او منتجات تستند بطبيعتها على املعرفة‪ .‬فاملنتجات ذات القيمة املضافة هي تلك املنتجات الجيدة او للمحسنة التي توفر‬
‫قيمة اضافية كبيرة مقارنة باملنتجات السابقة‪ .‬اما املنتجات املستندة بطبيعتها على املعرفة فهي تلك املنتجات التي توفرها‬
‫قطاعات الاستشارات وتطوير البرمجيات‪ .‬على سبيل املثال‪ .‬والجدول التالي يعرض بعض املعايير توضيحية املحتملة ملا‬
‫قدد تحدثه إدارة املعرفة من تاثيرات على هذين البعدين‪.‬‬

‫ادول(‪ :)7-3‬معاييج توضيحية لقياس لتأثيجات إدارة املعرفة على املنتجات‬

‫املقاييس التوضيحية‬ ‫البعد‬


‫املنتجات ذات قيمة مضافة‬
‫زيادةمعدالت طرح منتجات الجديدة‬ ‫‪‬‬

‫زيادةمعدالت تطوير املنتجات‬ ‫‪‬‬

‫متوسط هامش الربح مقارنة بالسعر عبج تشكيلة من املنتجات التي تقدمها املنظمات‬ ‫‪‬‬
‫املنتجات املستندة الى املعرفة‬
‫زيادة محتوى املعلومات في املنتجات‬ ‫‪‬‬

‫نسبة العمالء الذين يحصلون على معرفة متصلة باملنتجات التي تضعها املنظمة على شبكة‬ ‫‪‬‬
‫الانرجنات‬

‫‪Source: Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p109.‬‬

‫‪77‬‬
‫[املبحث الخامس‪ :‬حلول إدارة املعرفة وعملية تقيمها]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫‪ .4‬تقييم تأثيج املعرفة على أداء املنظمة‬

‫قد تؤثر إدارة املعرفة على أداء الشامل للمنظمة بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬فالتأثيرات املباشرة تختص‬
‫باإليرادات أو التكاليف أو كليهما‪ ،‬ويمكن ربطها بشكل صريح برؤية املنظمة أو استراتجياتها‪ ،‬ويناء على ذلك فإننا نالحظ‬
‫هذا التأثير املباشر في زيادة املبيعات وانخفاض التكاليف وزيادة الربحية أو العائد على الاستثمار‪ .‬وقد تمكنت مؤسسة ()‬
‫على سبيل املثال من جني ارباح عن طريق تراخيص براءات الاختراع وحقوق امللكية الفكرية‪ .‬ومع ذلك فمن الصعب ان‬
‫نرجع زيادة إلايرادات وتوفير التكاليف إلى إدارة املعرفة لوحدها‪ .‬وبالنسبة لآلثار غير مباشرة على أداء املنظمة فهي تأتي‬
‫نتيجة ألنشطة ال ترتبط برؤية املنظمة او إستراتجيتها وكذلك إيراداتها وعليه ال يمكن ربطها باملعامالت‪ .‬إذ تشمل‬
‫اقتصاديات الحجم وامليزة التنافسية املستدامة ويعرض الجدول التالي بعض ألامثلة على املقاييس املحتملة ملا قد تحدثه‬
‫إدارة املعرفة من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على أداء املنظمة الشامل‪.‬‬

‫ادول(‪ :)8-3‬معاييج توضيحية لقياس لتأثيجات إدارة املعرفة على أداء املنظمة‬

‫املقاييس التوضيحية‬ ‫البعد‬


‫تاثيجات مباشرة‬
‫العائد‪ :‬زيادة العائد الاجمالي لكل موظف مقارنة بالسنة السابقة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التكاليف‪ :‬زيادة التكاليف السنوية الاجمالية للموظف مقارنة بالسنة السابقة‬ ‫‪‬‬

‫العائد على الاستثمار (‪ :)ROI‬زيادة العائد على الاستثمار مقارنة بالسنة املاضية‬ ‫‪‬‬
‫تاثيجات غيج مباشرة‬
‫اقتصاديات الحجم‪ :‬متوسط التغير في التكلفة الاجمالية لكل وحدة مباعة مقارنة بالعام السابق‬ ‫‪‬‬
‫(على مستوى جميع املنتجات التي تعرضها املؤسسة)‬

‫امليزة التنافسية‪ :‬متوسط عدد السنوات التي قام بها العمالء بشراء منتجات‪ /‬خدمات املنظمة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪Source: Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op. cit., p133.‬‬

‫‪78‬‬
‫[خالصة الفصل الاول]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫خالصة الفصل‬

‫ومما سبق عرضه في هذا الفصل من نقاش حول معرفة في املؤسسة وأهميتها واهم تصنيفاتها ومقارباتها الى‬
‫اانب الجانب املفهومي إلدارة املعرفة واهم املقاربات الشارحة واملمهدة لظهور هذا التواه إلاداري الجديد وما‬
‫حمله من حلول إدارة املعرفة‪ ،‬والتي تشيج إلى واود عدة طرق إلدارة املعرفة‪ ،‬كما أوضحنا أن حلول إدارة املعرفة‬
‫تضمن عمليات إدارة املعرفة ونظمها‪ ،‬حيث تعتمد هذه النظم على أسس متمثلة في آلاليات والتقنيات إلى اانب‬
‫البنية التحتية إلدارة املعرفة‪ .‬لذا يتعين على املنظمات‪:‬‬

‫أوال‪،‬‬

‫أن تستخدم مزيج من ألانماط ألاربعة لعمليات ونظم إدارة املعرفة‪ ،‬فعلى الرغم من أن العمليات املختلفة‬
‫إلدارة املعرفة قد تكون ألانسب في ضوء إسرجاتجية العمل الخاصة باملنظمة‪ ،‬إال أن الرجكيز بشكل حصري على نمط‬
‫واحد من عمليات إدارة املعرفة (والنمط املماثل من نظم إدارة املعرفة) لن يكون مناسبا ألنها تخدم أهداف‬
‫تكميلية‪ .‬لذا‪ ،‬فإنه من املهم مالحظة ما يلي‪:‬‬

‫‪ .3‬أن تطبيق املعرفة يعني تمكين الكفاءة‪ ،‬إال أن إلافراط في الرجكيز على تطبيق املعرفة قد يضعف من عملية‬
‫امتالكها‪ ،‬وهو ألامر الذي عادة ما يستفيد منه أولئك الذين ينظرون إلى املشكلة نفسها برؤى مختلفة‪ ،‬مما‬
‫ينتج عنه قدر محدود من الكفاءة فضال عن اانخفاض مستوى إلابدا ‪.‬‬

‫‪ .2‬أن امتالك املعرفة يتيح لها إمكانية التحول من املعرفة الضمنية إلى املعرفة الصريحة‪ ،‬أو من صريحة إلى‬
‫ضمنية‪ ،‬وبذلك تسهل مشاركة املعرفة‪ ،‬إال أن ذلك قد يؤدي ضعف التنبه إلى عملية امتالك املعرفة‪ .‬فضال‬
‫عن ذلك‪ ،‬فقد يؤدي امتالك املعرفة إلى فقدان البعض منها أثناء عملية التحويل‪ ،‬فال يمكن تحويل ونقل كل‬
‫ما كان من معرفة ضمنية إلى صورتها الصريحة أثناء عملية التجسيد‪ ،‬كما ال يمكن نقل كل من املعرفة‬
‫الصريحة إلى صورتها ضمنية خالل عملية التذويب‪.‬‬

‫‪ .1‬أن مشاركة املعرفة يعني تمكين الكفاءة عبج تقليل الفائض‪ ،‬غيج أن إلافراط في مشاركة املعرفة قد يؤدي إلى‬
‫تسريبها من املنظمة وإتاحتها ملنافسيها‪ ،‬وبالتالي تقل فائدتها للمنظمة املعنية‪.‬‬

‫‪ .4‬إن اكتشاف املعرفة يعني إلابدا ‪ ،‬غيج أن إلافراط في الرجكيز على اكتشاف املعرفة قد يؤدي إلى مستوى الكفاءة‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬فقد ال يكون من املناسب امتالك معرفة اديدة‪ ،‬كما أنه قد ال يكون مناسب إعادة استخدام املعرفة‬
‫املواودة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫[خالصة الفصل الاول]‬ ‫الفصل ألاول‪ :‬مبادئ ادارة املعرفة‬

‫وثانيا‪،‬‬

‫قد تستفيد كل عملية من عمليات إدارة املعرفة من عمليتين فرعيتين مختلفتين‪ ،‬وتعتبج هذه العمليات‬
‫متممة لبعضها البعض‪ ،‬إذ يتعين استخدامها وفق ملقتضيات الحال‪ ،‬فقد تجري مشاركة املعرفة‪ ،‬على سبيل‬
‫ا ملثال‪ ،‬من خالل التفاعل الااتماعي داخل املنظمة أو من خالل التبادل‪ ،‬فإذا كانت املعرفة التي يتم مشاركتها ذات‬
‫طبيعة ضمنية‪ ،‬فسيكون التفاعل الااتماعي داخل املنظمة مناسبا‪ ،‬في حين أنه إذا كانت ذات طبيعة صريحة‪ ،‬ففي‬
‫هذه الحالة سيكون التبادل هو ألانسب‪ .‬أما إذا إحتاج املوظفون إلى مشاركة املعرفة الضمنية والصريحة‪ ،‬فيمكن‬
‫حينها الدمج بين العمليتين(التفاعل الااتماعي داخل املنظمة والتبادل)‪.‬‬

‫وأخيجا‪،‬‬

‫يتعين النظر إلى العمليات ونظم إدارة املعرفة في ضوء ارتباط كل منه باألخرى‪ ،‬حتى تستطيع املنظمة أن‬
‫تطور حقيبة تضم عمليات ونظم إدارة املعرفة‪ ،‬بحيث تصبح بمرور الوقت مكملة لبعضها البعض‪ ،‬وهو ما يتطلب‬
‫وضع إسرجاتجية طويلة املدى إلدارة املعرفة‪ ،‬باإلضافة إلى فهم أواه التعاون بين ألاسس املشرجكة بين عمليات ونظم‬
‫إدارة املعرفة(كاآلليات والتقنيات التي تدعم هذه النظم والعمليات)‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الااطار املفاييم لاذاررة النظييمةة‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫تمهيد‬

‫رغم ألاهمية التي تحتلها الذاكرة التنظيمية ضمن أدبيات إلادارة ومجاالت تطبيقها‪ ،‬إال أن إلاطار املفاهيمي العام‬
‫املرتبط بها ما يزال فتي وغير متطور؛ فأبسط تشخيص ملختلف ألادبيات الحالية يكشف لنا الاختالف الظاهر والتناقض‬
‫في الفهم العميق للمفهوم‪ ،‬إلى درجة النفي التام لوجود الذاكرة في املنظمة‪ .‬هذا ما يستوجب الوقوف على هذا التناقض‪،‬‬
‫ومحاولة الفصل فيه من أجل اقتراح تعريف موحد ومقبول للذاكرة التنظيمية وفهم دورها ألاساس ي في املنظمة‪.‬‬

‫فأغلب ألابحاث في هذا املجال تميل نحو التركيز على تحديد مفهوم الذاكرة التنظيمية‪ ،‬أو عرض محتواها‬
‫وأنواعها‪ ،‬أو تحديد موقعها ومكان تواجدها أو وصف العمليات املرتبطة بها من استقطاب‪ ،‬تخزين‪ ،‬استرجاع وحفظ‬
‫الذاكرة في املنظمة‪ .‬ونحاول من خالل هذا الفصل احتواء هذا املفهوم من كافة جوانبه والتطرق لكافة املشاكل املتعلقة‬
‫به والتي من أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬مشكل التجسيد أو الكينونة (‪ :)anthropomorphism‬أي مدى إمكانية اعتبار املنظمة كمجموعة‬


‫ذكريات تاريخية غير قابلة للحفظ أم ككائن له ذاكرة مجسدة قائمة بحد ذاتها؛‬
‫‪ ‬مشكل التموقع‪ :‬أي إذا ما كانت الذاكرة متواجدة في عقول أعضاء التنظيم فقط أم في كامل عناصر نظام‬
‫املنظمة؛‬
‫‪ ‬مشكل كيفية التعامل معها‪ :‬أي اعتبارها كش يء ساكن يمكن نمذجته في شكل مخزون أو كعملية‬
‫ديناميكية ذات طابع اجتماعي؛‬
‫‪ ‬مشكل ألاثر الذي تعكسه‪ :‬أي هل للذاكرة التنظيمية دور وظيفي فعال في تحسين ألاداء أم تعتبر سببا‬
‫لالختالل في وظيفة املنظمة؛‬
‫‪ ‬مشكل عالقتها بإدارة املعرفة‪ :‬أي فيما تكمن العالقة بين مجاالت البحث املتخصصة في الذاكرة‬
‫التنظيمية وكذا إدارة املعرفة‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املبحث ألاول ‪ :‬مفهوم الذاكرة التنظيمية‬

‫لقد عرف مجال الذاكرة التنظيمية اهتماما كبيرا من قبل الباحثين في عدة تخصصات‪ ،‬أهمها نظرية املنظمة‪،‬‬
‫علم النفس‪ ،‬علم الاجتماع‪ ،‬نظرية الاتصال ونظم املعلومات‪ .‬وقد بين الباحث ‪ ،Stein‬في دراسة استكشافية مفصلة‬
‫‪1‬‬
‫حول الذاكرة التنظيمية‪ ،‬بأن هناك ثالث دواعي أساسية للتركيز على هذا املفهوم ودراسته بعمق‪:‬‬

‫‪ ‬أوال‪ .‬تعتبر الذاكرة التشبيه املناسب الذي يعكس جليا حياة املنظمة وديناميكيتها؛‬

‫‪ ‬ثانيا‪ .‬تعتبر الذاكرة التنظيمية مجاال منبثقا من عدة نظريات للتسيير؛‬

‫‪ ‬ثالثا‪ .‬تعتبر الذاكرة التنظيمية أساسا مهما للممارسات التسييرية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى يقر الباحث ‪ Jean Yves Prax‬بأن مسألة الذاكرة التنظيمية مسألة أساسية وحيوية‪ ،‬حيث تمكن‬
‫‪2‬‬
‫من‪:‬‬

‫‪ ‬تجنب الحوادث املكلفة و تجنب إعادة حل املشكالت (عطب في محرك)؛‬


‫‪ ‬السماح باالستعمال املتجدد للتجربة املستقاة من طرف أفراد مجموعة خالل مشروع ما (مثل بناء خط القطار‬
‫السريع‪ ،‬أو برنامج فضائي(؛‬
‫‪ ‬الحفاظ على هياكل وأجهزة حساسة تتعدى فترة حياتها فترة حياة العاملين عليها (مثل مجال املفاعالت النووية(‪.‬‬

‫ورغم هذه ألاهمية‪ ،‬إال أن أغلب الباحثين وحتى املؤسسات مازالوا لحد آلان يشككون في قيمة الذاكرة التنظيمية‬
‫وخاصة في إمكانية تواجدها أساسا في املنظمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Stein, E.W. (1995), Organizational Memory: Review of Concepts and Recommendations for Management,‬‬
‫‪International Journal of Information Management, 15, p32.‬‬
‫‪2‬حمال صبرينة (‪ ،)2111‬تقنيات الاتصال والتعلم التنظيمي‪ ،‬ماجستير في إلاعالم والاتصال‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫‪83‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬ادلية توااد الذاكرة التنظيمية في املنظمة‬

‫يتساءل بعض الباحثين عن مدى إمكانية الحديث عن التواجد الفعلي للذاكرة التنظيمية في املنظمة أم ال‪.‬‬
‫فأغلبهم يعتبر أن املنظمة‪ ،‬خالفا للكائن البشري‪ ،‬ال يمكنها امتالك ذاكرة أساسا‪.‬‬

‫على هذا ألاساس‪ ،‬بين ‪ Ungson & Walsh‬بأن أول مشكل تطرحه فكرة الذاكرة التنظيمية هو مشكل الكينونة‬
‫أو التجسيد (‪ ،)anthropomorphism‬ألن إسناد صفات الكائن البشري للمنظمة واعتبارها تمتلك هي أيضا ذاكرة‬
‫تنظيمية مستقلة قد يكون إضافة علمية مفيدة‪ ،‬لكن في نفس الوقت قد يزيد ذلك أكثر في تعقيد إلاشكالية نظرا‬
‫لصعوبة املقاربة بينهما‪ .‬إذ تكمن الصعوبة بشكل عام في كون تشبيه املنظمة بالكائن البشري يطرح في نفس الوقت‬
‫‪1‬‬
‫مشكل مفاهيمي وعملي‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬واهة النظر املفاهيمية‬

‫تعرف الذاكرة بأنها عملية تخزين ألاحداث املاضية واسترجاعها‪ ،‬وهي مرتبطة بشكل أساس ي باإلنسان‪ .‬وهناك اعتقاد‬
‫سائد بأن الحصول على املعرفة والخبرات وتخزينها واسترجاعها من مستودعات الذاكرة تؤثر على السلوك الالحق لألفراد‪.‬‬
‫ومثلما يربط هذا التعريف معنى الذاكرة بالبشر‪ ،‬يرى بعض الباحثين بأن املنظمة أيضا تمتلك ذاكرة وقدرة على التذكر‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي فهي تعتبر كيانات عقلية قادرة على التفكير‪.‬‬

‫إال أن اعتبار املنظمة كفرد يمتلك القدرة على تخزين ألاحداث والخبرات يقودنا إلى التعمق والتفصيل في آليات‬
‫التذكر لدى الكائن البشري‪ ،‬والتي مازال لحد آلان يشوبها غموض كبير نظرا لصعوبة تحديد مسارات التذكر الدقيقة‬
‫‪3‬‬
‫لدى إلانسان والتي قد تكون في الغالب غير واضحة‪ ،‬منسية أو مفقودة تماما‪.‬‬

‫بالتالي يمكن أن يوجد لدى للمنظمة نوع من الذاكرة‪ ،‬لكن ليست بالضرورة شبيهة بذاكرة إلانسان‪ .‬بهذا الصدد‪،‬‬
‫ّ‬
‫التنظيمية بنظرية معالجة‬ ‫حاوال كل من ‪ ،Walsh & Ungson‬تجسيدها من الجانب التقني من خالل ربط فكرة الذاكرة‬
‫املعلومات‪ ،‬والتي تصور املنظمة على أنها مجموعة أنظمة تعالج البيانات واملعلومات وتخزنها لالسترجاع املستقبلي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Walsh, J.P., & Ungson, G.R. (1991), Organizational Memory, Academy of management Review, 16, p58.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jasimuddin, S-M., Connell, N.A.D., & Klein, J-H. (2009), Understanding Organizational Memory, IGI Global,‬‬
‫‪UK, p266 .‬‬

‫‪84‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثاني ‪ :‬من واهة النظر العملية‬

‫يرتبط مشكل كينونة الذاكرة التنظيمية ووجودها بتطبيقات إدارة املعرفة‪ ،‬التي تعتبرها بعض املنظمات في‬
‫جانبها العملي معارضة (أو معرقلة) للممارسات إلادارية‪ .‬حيث يبين الباحث ‪ Jackall‬بأن املسيرين في أغلب املنظمات‬
‫البيروقراطية ال يحتفظون بتفاصيل أنشطتهم‪ ،‬ويساهمون بالتالي في تشجيع ممارسات فقدان الذاكرة (‪.)Amnesia‬‬
‫ّ‬
‫ويؤكد ‪ Argyris & Schon‬بأن املنظمة ال يمكنها حفظ املعرفة التي تراكمها في املاض ي‪ ،1‬فالذاكرة التنظيمية ليست إال‬
‫‪2‬‬
‫"تعبير مجازي‪ ...‬واملنظمات بمعناها الدقيق ال تتذكر"‪.‬‬

‫بينما يفترض آخرون العكس‪ ،‬حيث بين ‪ Weick‬بأن الذاكرة التنظيمية موجودة حقيقة وتعتبر مكون أساس ي‬
‫‪3‬‬
‫لهوية املنظمة‪ ،‬وعلى هذه ألاخيرة قبول ذكرياتها وحفظها والتعايش معها‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬تعريف الذاكرة التنظيمية‬

‫على ضوء مراجعة ألادبيات املختلفة ذات العالقة بالذاكرة ّ‬


‫التنظيمية‪ ،‬لوحظ إشارة الكثير من الباحثين إلى صعوبة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية‪.‬‬ ‫الت‬ ‫الاتفاق حول وجود تعريف موحد ملفهوم‬

‫ّ‬
‫نظيمية هو مفهوم حديث وما تزال‬ ‫وهذا ما أكده الباحثين البغدادي والعبادي إذ بينا بأن "مفهوم الذاكرة ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬ ‫تتجاذبه اجتهادات الكتاب بنوع من الغموض وإلارباك‪ ...‬وعلى هذا ألاساس ّ‬
‫فإن الخروج بمفهوم متكامل عن الذاكرة‬
‫ّ‬
‫ويتقبل الكثير من النقد‬ ‫نظيمية يعد أمرا تكتنفه ّ‬
‫الصعوبة في الوقت الحاضر‪ .‬إذ ما يزال هذا املوضوع موضوعا حديثا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬ ‫نظيمية بموضوعات أخرى كاملعرفة ّ‬
‫ّ‬ ‫الذاكرة ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية وتكنولوجيا‬ ‫الت‬ ‫الت‬ ‫متحركا؛ وذلك الرتباط‬ ‫والتحليل‪ ،‬بما يجعله مفهوما‬
‫‪4‬‬
‫املعلومات وعلم النفس والاجتماع"‪.‬‬

‫وقد عبر عن ذلك ‪ ،Halverson & Ackerman‬عندما بينا بأنه بعد ما يقرب ‪ 31‬سنوات من البحث‪ ،‬مازال‬
‫مصطلح الذاكرة التنظيمية يشوبه درجة كبيرة من اللبس والتناقض‪ .‬وقد حان الوقت إلعادة النظر فيه وإبراز مجمل‬
‫املهام الحيوية التي تلعبها الذاكرة في الحفاظ على الخبرة التنظيمية واسترجاعها‪ ،‬والتي لطاملا تجاهلها الباحثون بتركيزهم‬

‫‪1‬‬
‫‪Jasimuddin, S-M., & al., op. cit., p267.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Walsh, J.P., & Ungson, G.R., op. cit., p58.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jasimuddin. S-M., & al., op. cit., p267.‬‬
‫‪4‬البغدادي عادل‪ ،‬هادي حسين والعبادي هاشم فوزي (‪ ،)2010‬التعلم التنظيمي واملنظمة املتعلمة وعالقتهما باملفاهيم إلادارية املعاصرة‪،‬‬
‫دار الوراق‪ ،‬عمان‪ ،‬ص ص‪.188-182‬‬

‫‪85‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫على بعض أشكال الذاكرة فقط‪ .1‬وتوجد العديد من الدعوات من قبل املهتمين باملوضوع إلى املزيد من الدراسات التطبيقية‬
‫ّ ‪2‬‬ ‫في ا ّلذاكرة ّ‬
‫التنظيمية‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التنظيمية‪،‬‬ ‫كما يؤكد الباحث ‪ Spender‬في دراسة ‪" :Barbara‬أن هناك التباسا في ألادبيات بشأن مفهوم الذاكرة‬
‫ّ‬
‫وأن مصدر هذا الالتباس ذو شقين‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والذاكرة ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية بشكل مجرد‬ ‫الت‬ ‫ألاول ينبع من مشكل تناول املفاهيم ذات العالقة كالتعلم التنظيمي واملعرفة‬ ‫‪‬‬
‫ومستقل‪ ،‬واحدا تلو آلاخر من دون ألاخذ بعين الاعتبار ملجاالت التكامل والترابط فبما بينها؛‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الذاكرة ّ‬
‫الجماعية‬ ‫نظيمية من زاوية محدودة على أنها تساوي مجموع الذاكرة‬ ‫الت‬ ‫‪ ‬والثاني يتعلق بالنظر ملفهوم‬
‫‪3‬‬ ‫ّ‬
‫لجميع ألافراد في املنظمة"‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية من حيث محتويات الذاكرة‬ ‫الت‬ ‫بينما يشير آخرون مثل ‪ Stein‬أنه "في كثير من ألاحيان يتم تعريف‬
‫‪4‬‬ ‫ّ‬
‫نظيمية والعمليات املرتبطة بها"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الت‬

‫ويضيف ‪ّ Walsh & Ungson‬‬


‫بأن محاولة إيجاد تعريف دقيق للذاكرة التنظيمية عرفت نفس الصعوبة التي‬
‫شهدها مفهوم النظام عندما تم اشتقاقه من الكائنات الحية ودمجه في الظواهر التنظيمية‪ ،‬بالتالي فهي ليست مشكلة‬
‫ّ‬
‫منظمة تعلم ّ‬ ‫جديدة؛ حتى ّ‬
‫الن ّ‬
‫وأن لها مرحلة والدة‪ ،‬نضج ومرحلة اضمحالل قد تم‬ ‫ظريات التي نظرت إلى املنظمة على أنها‬
‫‪5‬‬ ‫ّ‬
‫انتقادها أيضا لنفس ألاسباب‪ ،‬وان امتداد أو نقل هذه املفاهيم إلى مستوى املنظمة محفوف باملخاطر«‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬ارتبط إلاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية ارتباطا وثيقا بأعمال ‪ ،Walch & Ungson‬إذ اعتبراها مجاال‬
‫من مجاالت إدارة املعرفة‪ ،‬لكونها تتضمن عمليات تخزين واسترجاع املعرفة التنظيمية املاضية من أجل الاستخدام‬
‫الحالي واملستقبلي‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬اكتسبت الذاكرة التنظيمية أهمية بالغة وتعددت آثارها النظرية والعملية على‬
‫املنظمة‪ .‬حيث بين ‪ ،Argote, Beckman & Epple‬بأن الاستخدام الفعال للذاكرة التنظيمية يمكن من حماية‬

‫‪1‬‬
‫‪Ackerman, M.S., & Halverson, C. (1998), Considering an Organization’s Memory, Proceedings of Computer‬‬
‫‪Supported Cooperative Work (CSCW), Washington, pp39-48.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ackerman, M., & Halverson, C. (2004), Organizational Memory as Objects, Processes, and Trajectories: An‬‬
‫‪Examination of Organizational Memory in Use, Proceedings of Computer Supported Cooperative Work (CSCW),‬‬
‫‪pp2-3.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Barbara, H.A. (2004), Organizational Memory: An Important Concept within the Praxis of Organizational and‬‬
‫‪Adult Learning, The Midwest Academy of Management, p5.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Stein, E.W., & Zwass, V. (1995), Actualizing Organizational Memory with Information Systems, Information‬‬
‫‪Systems Research, 6, 2, p4.‬‬
‫الص ّ‬ ‫ّ‬
‫املنظمات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ناعية‪ ،‬أطروحة دكتوراه في إدارة ألاعمال‪ ،‬كلية‬ ‫فاعلية‬ ‫نظيمية في تعزيز‬‫‪5‬حمود علي الفاعوري إلهام (‪ ،)2112‬دور الذاكرة الت‬
‫ألاعمال‪ ،‬جامعة عمان العربية‪ ،‬ألاردن‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪86‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املنظمة من عدة آثار سلبية ناجمة عن فقدان املوظفين ذوي الخبرة‪ .‬في حين يؤكد ‪ Stein‬بأن الاهتمام بالذاكرة‬
‫‪1‬‬
‫التنظيمية يمكن أن يسهل حل املشاكل املرتبطة باالحتفاظ باملعرفة واستعمالها داخل املنظمات‪.‬‬

‫نظيمية بفكرة ‪ Karl Weick‬لعام ‪ 1979‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫وقد استشهد ‪ Walsh & Ungson‬في وصفهما ملعنى الذاكرة ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬
‫مفادها ‪" :‬إذا أرادت املنظمة أن تتعلم كل ش ي فعليها تطوير الذاكرة التنظيمية وعدم النظر إليها على أنها قيد أو عقبة" ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية تشير إلى "معلومات مخزنة من تاريخ املنظمة والتي يمكن أن تؤثر على‬ ‫الت‬ ‫وبين الباحثان على أساسها بأن‬
‫القرارات الحالية"‪ .2‬ويرون أن الذاكرة التنظيمية ال تقتصر فقط على الذاكرة البشرية‪ ،‬بل تشمل ستة عناصر وهي‪:‬‬
‫ألافراد‪ ،‬الثقافة‪ ،‬التحوالت التنظيمية (إجراءات العمل)‪ ،‬الهياكل‪ ،‬البيئة التنظيمية واملحفوظات الخارجية (ألارشيف)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كما يبرز الباحثان أيضا أولويات يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند محاولة تجسيد الذاكرة التنظيمية وهي‪:‬‬

‫فهم هياكل أو أماكن التخزين للذاكرة التنظيمية؛‬

‫فهم العمليات التي يمكن من خاللها الحصول على املعرفة وتخزينها واسترجاعها من مخازن الذاكرة‪.‬‬

‫لذا ّ‬
‫فإن أهم ما يميز تعريف ‪ Walsh & Ungson‬للذاكرة التنظيمية هو استعمال املفهوم لإلشارة إلى أنظمة‬
‫التخزين وأرشفة الوثائق والاسترجاع والتي زادت حاجة املنظمة لها مع تفاقم مشكلة التدفق الهائل للبيانات واملعلومات‪،‬‬
‫إضافة إلى تقدم عمر أغلب العمالة النشطة أو زيادة خطر فقدانها‪ ،‬مما زاد من صعوبة الاحتفاظ باملهارات الضرورية‬
‫لسير املنظمة‪ .‬بالتالي فالذاكرة التنظيمية تضمن للمنظمة إمكانية احتفاظها بمعرفة ألافراد وخبراتهم حتى بعد تركهم‬
‫ملنظمتهم‪ ،4‬من خالل توفير الطريقة التي يمكن من خاللها استحضار هذه املعرفة من املاض ي والتأثير بها على ألانشطة‬
‫الحالية‪ .5‬فهي بهذا املعنى تلعب دور قاعدة املعلومات واملعرفة التي‪ ،‬حسب ‪ ،Bannon & Kuutti‬تمكن املنظمة من‬
‫‪6‬‬
‫"استخدام املعرفة واملحافظة عليها بكافة أشكالها"‪.‬‬

‫وتتفق وجهة نظر ‪ Walsh & Ungson‬إلى حد كبير مع التعريف الذي قدمه ‪ Day‬للذاكرة والذي ورد في دراسة‬
‫‪ Moorman & Miner‬بأنها "مستودع‪ ،‬أو خزين للبصيرة‪ ،‬والحكمة الجماعية في املنظمة‪ ،‬التي يتم تضمينها في السياسات‬
‫وإلاجراءات والروتين والقواعد التي يمكن استرجاعها عند الحاجة"‪ .7‬وعلى هذا ألاساس‪ ،‬فان املعلومات املدونة في السجالت‬

‫‪1‬‬
‫‪Jasimuddin. S-M., & al., op. cit., p266.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Walsh, J.P., & Ungson, G.R., op. cit., p61.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Barbara, H.A., op. cit., pp5-6.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Stein, E.W., & Zwass, V., op. cit., p89.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Bannon, L.J., & Kuutti, K. (1996), Shifting Perspectives on Organizational Memory: From Storage to Active‬‬
‫‪Remembering, Proceedings of the 29th Annual Hawaii International Conference on System Sciences, pp156-157.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Moorman, C., & Miner, A.S. (1997), The Impact of Organizational Memory on New Product Performance and‬‬
‫‪Creativity, Journal of Marketing Research, 34(1), p93.‬‬

‫‪87‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املخزنة‪ ،‬الفواتير‪ ،‬النسخ من الرسائل‪ ،‬وقواعد البيانات املخزنة في أجهزة الكمبيوتر‪ ،‬والخطط إلاستراتيجية الحديثة‪،‬‬
‫وبراءات الاختراع‪ ،‬وحقوق النشر‪ ،‬والعالمات التجارية‪ ،‬والاسم والشهرة‪ ،‬وأنماط التصميم املسجلة‪ ،‬وألاسرار التجارية‬
‫والعمليات‪ ...‬فضال عن ما هو موجود في عقول جميع أفراد املنظمة (من معرفة وخبرات ومهام‪ ،‬وكذا املصنوعات وألادوات‬
‫‪1‬‬
‫املطلوبة لتحديد مكان و‪/‬أو تفسير املعلومات املتاحة‪ ،)...‬كلها تمثل جزءا من الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫وتضيف ‪ ،Ben hamadi‬بأنه عادة ما يتم تعريف الذاكرة التنظيمية على أنها جميع املعارف املخزنة في ذاكرة‬
‫‪2‬‬
‫ألافراد‪ ،‬املستندات‪ ،‬السجالت‪ ،‬بنوك وقاعد البيانات املخزنة في الحاسوب‪ ،‬الثقافة وهيكل املنظمة‪.‬‬

‫ومع زيادة الوعي لدى العديد من املنظمات بان املعرفة املكتسبة لدى أفرادها تشكل رأس مالها الالمادي والذي‬
‫يمكن املنظمة من تحقيق ميزة تنافسية‪ ،‬زاد الاهتمام أكثر بالذاكرة التنظيمية وبضرورة إيجاد تعريف دقيق لها يتعدى‬
‫مجرد كونها مخزن للمعلومات واملعرفة‪ .‬فبالنسبة لـ‪ ،Kim‬حسب ما ورد عنه في دراسة ‪ ،Bannon & Kuutti‬الذاكرة‬
‫التنظيمية باملفهوم الواسع تشمل كل ش ي تحتويه املنظمة ويمكن استرجاعه بطريقة أو بأخرى‪ .3‬ويضيف ‪ ،Barthes‬بأن‬
‫مفهوم الذاكرة التنظيمية يشمل بمعناها العام كل املعارف واملهارات املتجمعة لدى أعضاء املنظمة والتي تمكنهم من‬
‫تحقيق أهدافها‪.‬‬

‫وقد حدد ‪ Polanyi‬منذ ‪ 9191‬وكذا ‪ Dieng‬بأن الذاكرة التنظيمية تتعدى فكرة كونها مخزن للمعرفة‪ ،‬فهي‬
‫مجموعة من املعارف الصريحة ( التي تنقل عن طريق اللغة‪ ،‬والتي يمكن امتالكها وإيصالها عن طريق الكتابة أو عرضها‬
‫بواسطة الوثائق وكذا تخزينها في قواعد البيانات‪ ،)...‬والضمنية (املعرفة التي نملكها وال ندركها‪ ،‬والتي يصعب تحديدها‬
‫وإضفاء الطابع الرسمي عليها‪ ،‬أو التواصل بها عن طريق اللغة)‪ .‬فهي بشكل أوضح تمثيل ملعرفة املنظمة وبصورة دائمة‪،‬‬
‫ويمكن حسب ‪ Pomian‬تطويرها "عن طريق حفظ كل السلوكيات‪ ،‬املواقف‪ ،‬املعرفة وكل أنواعها‪ ،‬وإعادة استخدامها‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫حتى وإن كانت متناقضة"‪.‬‬

‫ويضيف ‪ El Bortef‬بأن أفضل طريقة لتحديد معنى الذاكرة التنظيمية تكون بالتمييز بين أنواع املعرفة‬
‫املتواجدة داخل هيكلها‪ :‬الكفاءات (معرفة كيفية التصرف كيفية تحمل مسؤولية‪ ،‬وكيفية اتخاذ القرار)؛ املعارف‬
‫النظرية (املفاهيم‪ ،‬املخططات‪ ،‬املعرفة املتخصصة‪ ،‬املعرفة إلاجرائية‪ ،‬املعرفة الاجتماعية‪ ،‬املعرفة التنظيمية‪ ،‬املعرفة‬
‫املتعلقة باملنتجات املادية)؛ واملعارف العملية (كيفية العمل)؛ املعرفة إلاجرائية (التي تسمح بعد التدريب بتطبيق أساليب‬

‫‪1‬حمود علي الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Ben Hamadi, O., op. cit., p83.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Bannon, L.J., & Kuutti, K. op. cit., p158.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ben Hamadi, O., op. cit., p82.‬‬

‫‪88‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫معينة أثناء العمل‪ ،‬إلاجراءات املعروفة)؛ املعرفة التجريبية (تشمل الدروس املستفادة من التجربة العملية)‪ ،‬وأخيرا‬
‫‪1‬‬
‫املعرفة إلاجرائية الجماعية‪.‬‬

‫وكما هو مالحظ‪ ،‬تختلف وجهات النظر في تقديم تعريف دقيق ملفهوم الذاكرة التنظيمية‪ .‬ويكمن هذا الاختالف‬
‫بين الباحثين حسب ‪ Fourati & El Louadi‬في صعوبة تحديد محتوى الذاكرة التنظيمية‪ :‬فهي حسب ‪Ungson‬‬
‫عبارة عن معلومات‪ ،‬وحسب ‪ Stein‬عبارة عن معرفة‪ ،‬وحسب ‪ Wijnhoven‬فهي نماذج‪ ،‬أما بالنسبة لـ & ‪Nonaka‬‬
‫‪ Takeuchi‬فهي مجموع كفاءات‪ .2‬وتمثل الذاكرة التنظيمية بالنسبة لـ‪ Argyris & Schon‬مجموعة من إلاجراءات‬
‫املعيارية التشغيلية؛ وبالنسبة لـ‪ ،Weick‬هي مجموعة من الخرائـط املعـرفة الجماعية؛ ووفقا لـ‪ ،Van Heijst & al.‬فهي‬
‫تمثيل صريح ومستمر للمعارف واملعلومات في املنظمة؛ أما بالنسبة لـ‪ Muller‬فالذاكرة التنظيمية هي مجموعة من‬
‫‪3‬‬
‫البيانات املتجمعة واملوارد املعرفة املنظمة‪.‬‬

‫ويبدو جليا مما سبق‪ ،‬بأن إيجاد تعريف واحد وثابت للذاكرة التنظيمية يعتبر أمرا صعبا نظر لكونها مفهوم نسبي‬
‫مرتبط بطبيعة ونوع املنظمة وأفرادها‪ .‬هذا ما جعلنا نحسم هذا التعارض والاختالف بما قدمته ‪ Girod‬من خالل‬
‫دمجها لكل ألاعمال البحثية النظرية املتعلقة بالذاكرة التنظيمية وتنظيمها حول ثالثة تشبيهات مجازية أساسية‬
‫للمنظمة‪ :‬تشبيه املنظمة بوصفها كآلة‪ ،‬تشبيه املنظمة كنظام سياس ي وتشبيه املنظمة كثقافة‪ .4‬على حسب التشبيه‬
‫‪5‬‬
‫املجازي املتبنى‪ ،‬يمكننا اقتراح تعريف للذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬التشبيه املنظمة كآلة والذاكرة التنظيمية املوافقة لها‬

‫حسب ‪ ،Girod‬يعتبر تشبيه آلالة بان املنظمة كمجموعة من ألاجزاء أو القطع التي تقوم بأداء مهام محددة من‬
‫أجل هدف مشترك‪ .‬وفقا لـ‪ Cyert & March‬يعتبر هذا التمثيل تصور بيروقراطي للمنظمة يقوم على تخصيص املهام‬
‫وعلى إضفاء الطابع الرسمي وتحديد ألاولويات من أجل تحقيق هدف وحيد وهو الفعالية‪ ،‬سواء في فرض ألاوامر أو في‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nonaka, I., & Takeuchi, H. (1995), The Knowledge-Creating Company: How Japanese Companies Create the Dynamics‬‬
‫‪of Innovation, Oxford University Press, New York, p60.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ben Hamadi, O., op. cit., p82.‬‬
‫‪ 4‬توجد تشبيهات مجازية أخرى‪ ،‬لكن التشبيهات الثالثة املختارة هنا تعتبر ألاهم في تقديم أفضل توليفة ملختلف مقاربات الذاكرة في ألادبيات‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬يوجد أيضا تشبيه املنظمة كدماغ (مخ) الذي يقدم أيضا تصور مهم وقد استخدم على نطاق واسع في احد ألاعمال البحثية‬
‫(‪.)Girod, 1995, Mémoire et Organisation‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Girod, M.S. (1996), Pour une définition opérationnelle et une modélisation de la mémoire organisationnelle,‬‬
‫‪Vème Conférence de l’Association Internationale de Management Stratégique (AIMS), p3.‬‬

‫‪89‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫مدونة التعليمات وتحديد املهام‪ .‬يتم تخزينها على دعائم أو وسائط مادية‪ ،‬أي في البنية التنظيمية‪ ،‬في تقسيم املهام وفي‬
‫‪1‬‬
‫نظام ألادوار التي تتجسد في الهيكل التنظيمي وفي الكتيبات واملدونات‪.‬‬

‫ووفقا لـ‪ ،Simon‬تعتبر املنظمة كنظام أدوار مترابطة فيما بينها‪ ،‬تحدد هذه ألادوار للفرد وجهة النظر التي يمكنه‬
‫من خاللها العثور على املعلومات املناسبة ومعرفة ما الذي عليه فعله‪ .‬ويمكن بالتالي اعتبار البنية ونظام ألادوار كأساس‬
‫‪2‬‬
‫للتخزين (‪ .)Koenig‬ومع هذا التنميط في إلاجراءات والتقسيم في املهام‪ ،‬يتم التخزين في الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫ويشير ‪ Girin‬في هذا الصدد بأن املعرفة التنظيمية‪ ،‬تتجسد في املاديات‪« :‬فاألشياء وإلاجراءات املادية هي‬
‫الحاملة للمعرفة‪ ،‬لخطط العمل‪ ،‬لطريقة التصرف والتفكير املحددة سلفا لألفراد»‪ .‬هذا الطابع إلاجرائي القائم على‬
‫‪3‬‬
‫أساس دعائم التخزين امللموسة التي تحتوي في نهاية املطاف جميع املهام وخطوط الاتصال والقرارات الرسمية لكل فرد‪.‬‬

‫ويبين الجدول (‪ )1-2‬ملخص ألفكار ‪ ،Girod‬فيما يتعلق بالذاكرة التنظيمية حسب وجهة نظر هذا التشبيه‬
‫املجازي الذي يعتبرها مجموعة من املعارف الرسمية (إلاجراءات‪ ،‬القواعد‪ ،)...‬التي يتم تخزينها في وسائط ودعائم ملموسة‬
‫‪4‬‬
‫على شكل أدلة إجرائية‪ ،‬وثائق‪ ،‬بنوك املعلومات‪...‬‬

‫الجدول (‪ :)3-2‬ملخص للطبيعة التشغيلية والعملية لتعريف الذاكرة التنظيمية حسب التشبيه املجازي "املنظمة كآلة"‬

‫الطبيعة العملية للتعريف‬ ‫مدى عمق املعنى في التعريف‬

‫الذاكرة التنظيمية هي ظاهرة شفافة (من السهل‬ ‫الذاكرة التنظيمية ليست إال "هيكل عظمي "‬
‫مالحظتها)‬
‫التشبيه املجازي‬
‫الذاكرة التنظيمية تهمل الجوانب الضمنية وغيج محتوى الذاكرة التنظيمية وكذا آليات عملها من السهل‬ ‫"املنظمة كآلة"‬
‫الوصول إليها ومالحظتها‪.‬‬ ‫الرسمية‬

‫‪Source: Girod, M.S., op. cit., p8.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cyert, R.M., & March J.G. (1970), Processus de décision dans l'entreprise, Dunod, Paris, p35.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Koening, G. (1994), L'apprentissage organisationnel: Repérage des lieux, Revue française de gestion, janvier-‬‬
‫‪février, p78.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Girin, J. (1995), Les agencements organisationnels, les savoirs en action, (Sous la dir.de F. Charue-Duboc),‬‬
‫‪p244.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Girod, M.S., op. cit., p8.‬‬

‫‪90‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثاني ‪ :‬تشبيه املنظمة كنظام سياس ي وا لذاكرة التنظيمية املوافقة لها‬

‫يحاول هذا التشبيه املجازي إعادة النظر في التصور املحدود للذاكرة الذي يتصف به التشبيه املجازي السابق‬
‫(املنظمة كآلة)‪ ،‬ويعتبر املنظمة كنظام سياس ي يأخذ بعين الاعتبار مختلف املصالح‪ ،‬الصراعات وعالقات السلطة في‬
‫املنظمة‪ .‬فهو بذلك يحاول "حل الغموض الذي يشوب الحياة التنظيمية حول النزاعات والتوترات الكامنة خلف‬
‫‪1‬‬
‫املمارسات وألانشطة املعلنة"‪.‬‬

‫هذا التصور يمكن من رؤية املنظمة من زاوية التعددية‪ ،‬أي من حيث كونها عبارة عن مجموعة من الجهات‬
‫الفاعلة الذين يمارسون لعبة السلطة والصراعات حول املصالح‪ .‬هذا يمكننا من اعتبار الذاكرة التنظيمية كمجموعة‬
‫أفراد ذوي مصالح خاصة يمتلكون نقاط سلطة ويؤثرون بشكل أساس ي وغير مباشر على طريقة عمل الذاكرة بدال من‬
‫التأثير على مجموعة املعارف واملعلومات املنظمة واملخزنة على الوسائط والدعائم امللموسة‪ .‬وإضافة لذلك‪ ،‬يوجد وفقا‬
‫لـ(‪ ،)Stein‬عدة أطراف أساسيين في املنظمة يمثلون املفاتيح التي تساعد على استرجاع املعلومات والسيطرة على اتخاذ‬
‫‪2‬‬
‫القرار‪ .‬هذه املفاتيح يسميها ‪ Sainsaulieu‬ب ـ ـ"ألافراد ألاساسيين" » ‪.«Key people‬‬

‫وتبين ‪ Girod‬في ألاخير بأن الذاكرة التنظيمية ترتكز على ذاكرات ألافراد ألاساسيين وعلى كيفية قيام هؤالء‬
‫‪3‬‬
‫ألافراد بوضع ذاكراتهم في خدمة املنظمة‪ .‬وبالتالي الذاكرة تقوم على دعائم ووسائط المادية‪ :‬الذاكرات الفردية‪.‬‬

‫يبين الجدول (‪ ،)2-2‬كيف تلخص ‪ Girod‬أفكارها بشأن الذاكرة التنظيمية كنظام سياس ي نسبة لهذا التشبيه‬
‫املجازي‪ .‬فهو يركز على دور الذاكرات الفردية في الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫الجدول (‪ :)2-2‬الذاكرة التنظيمية حسب التشبيه املجازي "املنظمة كنظام سياس ي"‬

‫الطبيعة العملية للتعريف‬ ‫مدى عمق املعنى في التعريف‬


‫‪ ‬من الصعب مالحظة الذاكرة التنظيمية‪ .‬يجب حل‬
‫التشبيه املجازي "املنظمة تعريف الذاكرة التنظيمية يبجز دور‬
‫الغموض الذي يشوب طريقة عمل املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبج الحضور القوي للباحثين‪ ،‬وتأسيس العقود‬ ‫الذاكرات الفردية في الذاكرة التنظيمية‬ ‫كنظام سياس ي"‬
‫وعالقات الثقة مع ألافراد ألاساسيين ضروري‬
‫للغاية‪.‬‬

‫‪Source: Girod, M.S., op. cit., pl2.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Girod, M.S., op. cit., p8.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ben Hamadi, O., op. cit., p85.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Girod, M.S., op. cit., p12.‬‬

‫‪91‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثالث ‪ :‬تشبيه املنظ مة كثقافة والذاكرة التنظيمية املوافقة لها‬

‫حسب ‪ ،Morgan‬هذا التشبيه املجازي يكشف الواقع الاجتماعي للمنظمة الذي يتطور من خالل القيم واملعاني‬
‫املشتركة التي تفسر املمارسات‪ ،‬املعلومات‪ ،‬الوثائق وقواعد املنظمة‪ .‬وهو ما يعني بأن اعتبار املنظمة كثقافة ليس سوى النظر إليها‬
‫‪1‬‬
‫على أنها مجموعة من أنماط املعتقدات واملعاني الرمزية واملشتركة‪.‬‬

‫ووفقا لـ‪ ،Girod‬فالذاكرة التنظيمية هي إذا «مجموعة من العناصر التي تحمل على مر الزمن وبين الوحدات‬
‫التنظيمية‪ ،‬القدرة على التفسير املشتركة أو التفسير املشترك»‪ .‬تقوم الذاكرة التنظيمية على وسائط ودعائم معرفية جماعية‬
‫عرضها الباحثين بصور مختلفة‪ :‬هذه الهياكل املعرفية تم ابرازها من قبل مختلف الباحثين في التسيير من خالل مفاهيم‬
‫مختلفة مثل الخرائط املعرفية الجماعية ( ‪Axelrod, 1976; Bougon, Fahey & Narayanan, 1989; Binkhorst‬‬
‫‪ )& Weick, 1977‬هياكل املعتقدات املتبـادلة (‪ ،)Lyles & Schwenck, 1992‬الهياكل املرجعية ( ‪Dunn & Ginsberg,‬‬
‫‪ ،)1986; Schwenck, 1988‬الافتراضات املشتركة )‪ (Bartuneck, 1984‬والنظريات الضمنية ( ‪Brief et Downey,‬‬
‫‪ .)1983‬الذاكرة التنظيمية تعتبر بهذا السياق جميع العناصر التي تحمل على مر الزمن‪ ،‬وبين وحدات املنظمة القدرة على‬
‫التفسير املشتركة‪ .‬لذا يمكننا القول أن الذاكرة التنظيمية في إطار تشبيه املنظمة كثقافة تقوم على أنماط وخطط التفسير‬
‫املشتركة‪ .‬وتعتبرها ‪ Girod‬كأنماط وخطط التفسير الجماعية التي تقوم على وسائط ودعائم مثل اللغة‪ ،‬الطقوس العادات‪،‬‬
‫والقصص‪ ...‬وتشمل حتى تاريخ املنظمة ذاتها‪ .‬وتضيف هذه الباحثة بأن تشبيه املنظمة كثقافة يبرز معنى عميق وغني ألنه‬
‫‪2‬‬
‫يلفت الانتباه للدور ألاساس ي للتفسير‪:‬‬

‫‪« ‬يقوم التشبيه املجازي للمنظمة بوصفها كثقافة بكشف الجوانب السرية العميقة للذاكرة التنظيمية‬
‫ولطريقة عملها‪ .‬بالتالي‪ ،‬فالتعريف املقدم للذاكرة التنظيمية وفق تصور الثقافة يبجز معنى قوي ومتطور من‬
‫‪3‬‬
‫الناحية النظرية‪ ،‬ويلفت الانتباه إلى دورها ألاساس ي واملركزي متمثل في التفسيج»‪.‬‬

‫وكخالصة‪ ،‬يبين الجدول (‪ )3-2‬الطبيعة التشغيلية والعملية لنماذج التشبيه املجازي الثالث للمنظمة‪ .‬يمكن القول‬
‫بأن نموذج املنظمة كآلة أو كنظام سياس ي يتصفان بالسهولة النسبية في التطبيق‪ ،‬لكنهما رغم ذلك ال يقدمان إال صورة‬
‫جزئية عن الذاكرة التنظيمية‪ .‬غير أن تشبيه املنظمة كثقافة يقدم تعريف معمق وذو معنى قوي للذاكرة التنظيمية رغم‬
‫صعوبة تطبيقه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ben Hamadi, O., op. cit., p86.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Girod, M.S., op. cit., p13.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Idem., pl6.‬‬

‫‪92‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الجدول(‪ :)1-2‬الطبيعة التشغيلية والعملية لتعريف الذاكرة التنظيمية حسب نماذج التشبيه املجازي الثالث‬
‫للمنظمة‬

‫الطبيعة العملية للتعريف‬ ‫مدى عمق املعنى في التعريف‬

‫الذاكرة التنظيمية هي ظاهرة شفافة من السهل‬ ‫الذاكرة التنظيمية ليست إال "هيكل عظمي"‬ ‫"املنظمة كآلة"‬
‫مالحظتها‬

‫تعريف الذاكرة التنظيمية يبجز دور الذاكرات من الصعب مالحظة الذاكرة التنظيمية‪ .‬يجب‬ ‫"املنظمة كنظام سياس ي"‬
‫حل الغموض الذي يشوب طريقة عمل املنظمة‪.‬‬ ‫الفردية في الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫تعريف أعمق وغني باملعاني‪ ،‬نظرا لقدرته على تفسيج من الصعب وضع الذاكرة محل التطبيق وفهم‬ ‫"املنظمة كثقافة"‬
‫الجوانب املتعددة لطريقة عمل الذاكرة التنظيمية إاراءات عملها‪ ،‬يشوبها غموض كبيج‪.‬‬
‫من خالل الرجكيز على دور التفسيج‪ .‬هذا التعريف‬
‫يبجز الروابط بين مختلف عناصر الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫‪Source: Girod, M.S., op. cit., pl2‬‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬أنوا الذاكرة التنظيمية‬

‫انطالقا من أعمال ‪ Walsh & Ungson‬و‪ ،Stein‬تعددت وجهات النظر حول تقديم تصنيف دقيق وواضح‬
‫‪1‬‬
‫للذاكرة تنظيمية‪ ،‬وقد اقترح ‪ Ashcraft‬تصنيف للذاكرة التنظيمية مجزئا إياها إلى ثالثة عناصر هي‪:‬‬

‫‪ -‬الذاكرة املرحلية‪ :‬املعرفة املتعلقة باألحداث كما تمت من قبل ألافراد؛‬


‫‪ -‬الذاكرة الداللية‪ :‬املعرفة التقنية؛‬
‫‪ -‬الذاكرة إلاارائية ‪:‬مهارات مكتسبة‪.‬‬

‫بينما اعتبرت ‪ Girod‬الذاكرة التنظيمية كمجموعة من املهارات املرتبطة باملعتقدات وباملعرفة التصريحية منها‬
‫‪2‬‬
‫وكذا إلاجرائية‪ ،‬وقسمت بالتالي الذاكرة إلى ثالثة أنواع‪:‬‬

‫الذاكرة التصريحية‪ :‬وهي عبارة عن ذاكرة تحتوي على املعرفة الصريحة املتراكمة في ذاكرة إلانسان واملتعلقة‬
‫بالحقائق وألاشياء وألاحداث؛‬
‫الذاكرة إلاارائية‪ :‬وهي ضمنية وتحتوي على معرفة كيف تتم ألامور أو كيف يمكن لبعض املهام القيام بها؛‬
‫‪1‬‬
‫‪O’Donovan B., & al., (2010), The Influence of Organisational Memory Mismatches and Coping Strategies on‬‬
‫‪ERP Outcomes, The Electronic Journal Information Systems Evaluation, Vol.13, Issue 2, p167.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Girod, M.S., op. cit., p11.‬‬

‫‪93‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ذاكرة الحكمة‪ :‬تحتوي على املعرفة الناجمة عن التجربة الشخصية ألفراد‪.‬‬

‫في ما يلي‪ ،‬سوف نناقش الانماط املختلفة للذاكرة التنظيمية ومختلف نماذج إدارة املعرفة املتعلقة بها‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬الذاكرة إلاارائية ‪ /‬التصريحية‬

‫أوال ‪ :‬الذاكرة إلاارائية‬

‫تشير الذاكرة إلاارائية إلى الذاكرة التي تتعلق بالعمليات والتي تحدد املهارات املطلوبة ألداء املهمات وباملقابل فإن‬
‫‪1‬‬
‫الذاكرة التصريحية تعني الذاكرة التي تتعلق باملفاهيم وألاحداث والحقائق‪.‬‬

‫فقد بدأت املنظمات بشكل متزايد بتوثيق ألانشطة املتعلقة بتطوير منتجاتها وجعلها أفضل املمارسات الواجب‬
‫إتباعها إذ ترتبط الذاكرة إلاجرائية بالكيفية التي يتم فيها إنجاز ألاشياء أو ألاعمال‪ ،‬أو ألاشياء التي بإمكان الفرد أن يعملها‪.‬‬
‫ويمكن وصفها أحيانا بالذاكرة املحرك (‪ ،)Motor Memory‬وتظهر طبيعتها الروتينية كأحد أشكال السلوك املكتسب‬
‫والذي تم تعلمه‪ .‬وبالتالي فان لذاكرة إلاجرائية مضامين مهمة إذ إنها تأخذ شكل املهارات التي تطبق في مجال معين‪ .‬فعلى‬
‫سبيل املثال‪ ،‬وفي مجال تطوير منتجات جديدة‪ ،‬تتضمن الذاكرة إلاجرائية إجراءات تبين كيفية التعاون مع الفريق واملهارات‬
‫‪2‬‬
‫املرتبطة بتحليل السوق وغيرها‪.‬‬

‫واملضمون الثاني للذاكرة إلاجرائية أنها تلقائية أو آلية )‪ (Automatic‬إذ تكون متاحة ملستخدميها بدون وجود‬
‫املعرفة الجوهرية ألاساسية (‪ .)Substantive Knowledge‬إذ يالحظ على سبيل املثال‪ ،‬إتقان الباعة البارزين مهارات‬
‫‪3‬‬
‫حساب ألاسعار‪ ،‬وبشكل سريع دون معرفتهم باإلجابة عن السؤال إذا سئلوا مباشرة عن العمليات الحسابية‪.‬‬

‫وال تخلو الذاكرة إلاجرائية أيضا من بعض املعوقات إذ إن الذاكرة إلاجرائية تعتمد على املعرفة الضمنية )‪،(Soft‬‬
‫التي ترتبط باألفراد والتي غالبا ما تكون ألاكثر عرضة إلى الخطر عندما يغادر ألافراد ‪-‬الذين يملكون هذه املعرفة‪ -‬املنظمة ‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫تحد الذاكرة إلاجرائية من إلابداع في املنظمة؛ من خالل تعزيز بيئة يميل فيها أعضاء املنظمة إلى إتباع‬ ‫كما ُويمكن أن‬
‫إلاجراءات الروتينية بطريقة ميكانيكية‪ ،‬رغم إشارة باحثين آخرين إلى أهمية الذاكرة إلاجرائية في تسهيل العمل من خالل‬
‫إيجاد املعيارية والنمطية في عمليات التشغيل‪ .‬وإزاء ذلك فقد اقترح بعض الباحثين فكرة الجمع بين كل من الذاكرة إلاجرائية‬
‫‪4‬‬
‫والتصريحية في املنظمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Moorman, C., & Miner, A.S., op. cit., p93.‬‬
‫‪2‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ 3‬نفس املراع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Barbara, H.A., op. cit., pp9-10.‬‬

‫‪94‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ثانيا ‪ :‬الذاكرة التصريحية‬

‫وهي عكس الذاكرة إلاجرائية‪ ،‬إذ تحتوي على معرفة عامة وغير مرتبطة باستخدام محدد وفي ذلك مضامين مهمة تؤخذ‬
‫باالعتبار؛ إذ إن عملية الاستذكار الواعي واملقصود للذاكرة التصريحية تمكن املستخدمين من استخدام املبادئ العامة في‬
‫تحليل املشكالت الجديدة ومعرفة ألاسباب واملسببات وإيجاد التشابه مع ألاحداث املاضية‪ ،‬واختيار الحلول املناسبة‬
‫للمشكلة‪ .1‬كما يمكن استخدام الذاكرة التصريحية في مجموعة متنوعة من التطبيقات‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬تستخدم‬
‫املهارات املتعلقة بإعداد النماذج في تطوير املنتجات‪ ،‬أما املعرفة العامة بديناميكية السوق فتستخدم في الكثير من العمليات‬
‫‪2‬‬
‫في املنظمة مثل إنجاز الطلبيات وتوزيع الخدمات واستراتيجيات التطوير‪.‬‬

‫ويمكن أن تشمل الذاكرة التصريحية تفاصيل حول استخدام آالت‪ ،‬التي تم تعلمها في املعاهد و املكتسبة لدى‬
‫ألافراد عند التوظيف‪ .‬هذا النوع من املعرفة يمكن أن تتواجد في ذاكرة إلانسان أو في الارشيف‪ ،‬كما يعتبران الذاكرة‬
‫املتكونة من املعرفة التصريحية ليست بالضرورة تقتصر على الفرد بحد ذاته‪ ،‬وانه يمكن ان تتكون من التفاعل املشترك‬
‫بين فردين أو جماعة‪ ،‬وفي هذه الحالة‪ ،‬يمكن ان تسمى بالذاكرة التصريحية الجماعية ويمكن ان تتسم بالرسمية وتخزن‬
‫في قواعد املعطيات وتصبح ذاكرة تصريحية مركزية او غير رسمية في صورة معرفة ضمنية مشكلة ذاكرة تصريحية‬
‫‪3‬‬
‫جماعية المركزية‪.‬‬

‫وتجدر إلاشارة هنا إلى أن الذاكرة التصريحية تواجه الكثير من العوائق والسلبيات؛ ويرجع ذلك إلى حقيقة أنها تشمل‬
‫على أكثر أنواع املعرفة زوالا‪ ،‬فقد وصفت باملعرفة القصيرة العمر وباملعرفة العابرة‪ .‬كما أن الذاكرة التصريحية وبسبب‬
‫طبيعتها العامة فهي تطيل عمليات البحث والاسترجاع حول موضوع معين‪ ،‬وهو ألامر الذي يتطلب إجراء مسح ملكامن هائلة‬
‫‪4‬‬
‫من املعلومات في املنظمة‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬الذاكرة الجماعية ‪ /‬الفردية‬

‫وتعود النقاشات حول الطبيعة الاجتماعية للذاكرة إلى أبحاث علم النفس من قبل ‪ Bartlett‬وكذا ‪Casey‬‬
‫أهمية الخرائط (‪ )Schemas‬في‬‫و‪ Olson‬والتي أظهرت التأثير الاجتماعي على ذاكرة ألافراد والجماعة التنظيمية وأوضحت ّ‬
‫ّ‬
‫عملية التذكر وفي إدراك املعلومات‪ .‬هذه الخرائط‪ ،‬والتي تعرف أيضا بهياكل املعرفة‪ ،‬تساعد في تنظيم املعلومات وإبراز‬
‫ّ‬
‫املعاني على مستوى الفرد أو الجماعة أو املنظمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Tsai, C-Y., Lin, J.L., & Chen, C-H. (2006), Core Competence and Core. Rigidity: Organizational Memory‬‬
‫‪Perspective, 5th Asia Academy of Management Conference, p26.‬‬
‫‪2‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‌‬
‫‪3‬‬
‫‪Girod, M.S., op. cit., p12.‬‬
‫‪4‬حمود علي الفاعوري‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫‪95‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫وقد تم اعتبار نموذج صناديق التخزين كتصور مبسط يحاول تمثيل الذاكرة التنظيمية من خالل مجموعة من‬
‫أساليب استقطاب واسترجاع املعرفة‪ ،‬مثل ألافراد والوثائق… التي تقوم بجمع وتخزين املعرفة وتوفير مسارات الوصول إلى‬
‫الخبرة التنظيمية‪ .1‬إال أنه ال يمكن أن يكون تصور شامل‪ .‬حيث عارض ‪ Nissley & Casey‬مقاربة صناديق التخزين‪،‬‬
‫مبينا بأن الذاكرة الجماعية هي مجموعة تفسيرات مشتركة ذات بناء اجتماعي ملاض ي وتاريخ املنظمة‪ ،‬وتم اعتماد هذه‬
‫املقاربة العديد من الباحثين فيما بعد (‪& Conklin & Star, 1991; Randall, O’Brien, Rounefield‬‬
‫‪al., 2001; Nissley & Casey, 2002; Ackermann & Hughes, 1996; Casey, 1997; Randall et‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.)Halveson, 1998‬‬

‫وقد أكد ‪ Randall & al.‬على ضرورة الاعتراف بالسياق الاجتماعي للذاكرة التنظيمية‪ ،‬والذي ال يتجسد فقط في‬
‫عملية استقطاب وتبادل املعرفة‪ ،‬ولكن أيضا في كيفية جعل هذه املعرفة مفيدة لألفراد في إطار عملهم‪ .‬وباملثل‪ ،‬يرى‬
‫‪ Conklin & Star‬الذاكرة التنظيمية كعامل يسهل عملية التعلم التنظيمي‪ ،‬إذ تمثل مجمل محتويات الذاكرة‬
‫‪3‬‬
‫التنظيمية أكثر من مجموع ذكريات أعضاء التنظيم‪ ،‬لذلك فهي تعتبر ظاهرة اجتماعية‪.‬‬

‫فاملنظمات »أنظمة اجتماعية تتكون من ألافراد وتتطلب تفاعل ألافراد وتعاونهم وبناء عالقات اجتماعية فيما‬
‫بينهم«؛‪ 4‬وبالتالي تصبح املنظمات مركز للذاكرة الجماعية‪ ...‬وأن على املديرين أن يدركوا املكون ألاساس ي لذاكرة منظماتهم ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فالذاكرة ّ‬
‫نظيمية موجودة في عقول أفراد املنظمة‬ ‫الت‬ ‫ألافراد وعالقاتهم والتي تمثل الجانب إلانساني في الذاكرة التنظيمية ‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫وفي العالقات التي ّ‬
‫يطورها ألافراد بشكل مستمر ومتكرر ‪.‬‬

‫ويتطلب ألامر من املنظمات الاعتراف بمعرفة أفرادها كونها ثروة مهمة وأصل من أصولها إلاستراتيجية التي تمتلكها‬
‫والتي تساهم في تعزيز قدراتها على الاستجابة للمتطلبات والتغيرات في السوق وحاجات الزبائن‪ .‬وإزاء ذلك كله تحتاج املنظمة‬
‫إلى إدارة املعرفة املخزنة لدى أفرادها والعمل على إدامتها من خالل التقييم املستمر ملا يملكه أفراد املنظمة من معرفة‬
‫صريحة وضمنية‪ ،‬وحتى تتحقق الغاية من ذلك‪ ،‬ال بد وأن تتبنى املنظمة الخطط والاستراتيجيات الالزمة لتعلم ألافراد‬

‫‪1‬‬
‫‪Olivera, F. (2000), Memory Systems in Organizations: An Empirical Investigation of Mechanisms for‬‬
‫‪Knowledge Collection, Storage and Access, Journal of Management Studies, 37(6), p815.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nissley, N., & Casey, A. (2001), The Politics of the Exhibition: Viewing Corporate Museums Through the‬‬
‫‪Paradigmatic Lens of Organizational Memory, British Journal of Management, 13, p6.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jasimuddin, S-M., & al., op. cit., p266.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Endlich, N.A. (2001), An Investigation of the Nexus between Strategic Planning and Organizational Learning,‬‬
‫‪Unpublished doctoral dissertation, Virginia Polytechnic Institute and State University, Virginia, p29.‬‬
‫‪5‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪96‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫عد ّ‬
‫الركيزة ألاساسية في‬ ‫وتثقيفهم‪ ،‬وتبني التكنولوجيا والوسائل املختلفة التي تدعم ذلك؛ فتكامل معرفة ألافراد وتعليم ُي ّ‬
‫‪1‬‬
‫إدارة املوارد البشرية في املنظمة ودعم تطويرها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وملا كان تواجد الذاكرة في العالقات الاجتماعية بين ألافراد فإنه ينجم عنها ما يعرف بإعادة تدوير‬
‫املعلومات )‪ (Recycling Information‬التي طورها آلاخرون عبر لقاءاتهم ومناقشاتهم خالل فترات الاستراحة وفي املمرات‬
‫وفترات الغداء‪ ،‬ويمكن أن تعد هذه للقاءات بمثابة "قصص تروى"‪ ،‬إذ يناقش ألافراد املشروعات التي ينفذونها واملشكالت‬
‫التي تواجههم والحلول التي اتخذوها‪ .‬فهذه اللقاءات وألاحاديث في جوهرها هي حدث اجتماعي يحمل املعلومات الغنية‬
‫واملعاني الكثيرة التي يستخدمها الفرد في حل املشكالت التي تواجهه وتفادي إيجاد الحلول التي كانت موجودة في السابق؛ ذلك‬
‫أن التفاعل بين ألافراد من أكثر الطرق فعالية الكتساب ونقل أنواع املعرفة الضمنية والتي يمكن أن تكون املعرفة ألاساسية‬
‫والجوهرية الكتساب امليزة التنافسية للمنظمة‪ّ .‬‬
‫وأن تقاسم املعرفة الضمنية على أساس الحوار والتفاعل الاجتماعي هي أكثر‬
‫ّ‬
‫الطرق العلمية لخلق املعرفة التي يمكن تطبيقها في مكان العمل‪ .‬ويجدر بالذكر أن الواقع يكشف أن ألافراد يرجعون إلى‬
‫ّ‬ ‫الزمالء الذين يثقون بهم وبقدراتهم وإمكاناتهم ‪ -‬بدال من الرجوع إلى قواعد البيانات ّ‬
‫والسجالت وألادلة‪ -‬بمعدل خمس مرات‬
‫للحصول على املعلومة والنصيحة مقارنة باملصادر ألاخرى‪ .‬إن فهم وإدراك الجوانب املرتبطة بالتفاعل الاجتماعي في املنظمة‬
‫ّ‬
‫له مضامين مهمة تؤخذ باالعتبار في بناء الذاكرة التنظيمية كاالهتمام بوجود فترة زمنية كافية تدعم التفاعل الاجتماعي‪،‬‬
‫وبناء الثقة لدى أفراد املنظمة وتطوير العالقات من خالل العمل ضمن فريق أو املشروعات املشتركة‪ ،‬والتي تعطي فرصة‬
‫إدراك ألافراد ووعيهم بما يملكه آلاخرون من إمكانات وقدرات ومعرفة؛ ولكن املشكلة تكمن في أن املنظمة تهتم ببناء رؤية‬
‫‪2‬‬
‫مشتركة ولكن تغفل الاهتمام بالتعريف باملهارات والخبرات واملعرفة التي يملكها كل فرد في املنظمة‪.‬‬

‫ويضيف ‪ Randall & al.‬في هذا السياق بأنه‪" :‬يمكن اعتبار الذاكرة التنظيمية كمجموعة من ألانشطة‬
‫الاجتماعية املنتظمة التي يقوم بها ألافراد في املنظمة؛ ويعتبر التذكر أساس إنجاز هذه ألانشطة‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فتشبيه‬
‫الذاكرة التنظيمية بالصناديق املوضح سابقا لم يتمكن من التعبير عن هذا الجانب الاجتماعي‪ ،‬إذ أخفق في التمييز بين‬
‫أنواع التذكر الاجتماعي الذي قد ينشأ في الحياة التنظيمية‪ ،‬وال يقدم إال بعض ألامثلة عن كيفية التذكر‪ ،‬ما يجب‬
‫‪3‬‬
‫تذكره‪ ،‬ماذا تتذكر والتي هي محل اهتمامنا‪.‬‬

‫ّ‬
‫التنظيمية ظهرت في أعمال ‪ ،Durkheim‬والتي بنيت على‬ ‫وفي نفس السياق‪ ،‬يؤكد ‪ّ Wexler‬‬
‫بأن فكرة الذاكرة‬
‫ّ‬
‫مفهوم الذاكرة الجماعية (‪ ،)Collective Memory‬وهي العملية التي يتم من خاللها تذكر جوهر الحدث من قبل أفراد‬
‫التنظيم الذين مارسوا وعاشوا الحدث‪ ،‬وتعد ضرورية إلعادة بناء املاض ي وإعادة تكييف الصور وألاحداث املاضية لتناسب‬

‫‪1‬‬
‫‪Wolpers, M., & Grohmann, G. (2005), PROLEARN: Technology Enhanced Learning and Knowledge‬‬
‫‪Distribution for the Corporate World, International Journal of Knowledge and Learning, 1, p44 .‬‬
‫‪2‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jasimuddin, S-M., & al., op. cit., p267.‬‬

‫‪97‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الروحية في الوقت الحاضر‪ .‬وهنا ركز ‪ Durkheim‬على ّ‬


‫أهمية إحياء املاض ي عبر ألاجيال عن طريق‬ ‫ّ‬ ‫املعتقدات والجوانب‬
‫‪1‬‬
‫إحياء ألاحداث التي تؤكد وتدعم املعتقدات التي يحملها املجتمع‪.‬‬

‫وفي ألاخير‪ ،‬يعتبر هذا التصور املعرفة املخزنة في الذاكرة شيئا ضمنيا ومعنويا منسابا يصعب مسكه أو إبقاءه على‬
‫ما هو عليه‪ ،‬وتعتبر بالتالي سيرورة بناء املعرفة وإنشاء الذاكرة املرتبطة بها عملية نابعة عن ظواهر اجتماعية وثقافية بحتة‬
‫قبل أن تكون مادية أو تكنولوجية‪ .‬و بصياغة أخرى أن الذاكرة تتولد عن الترابطات الحاصلة بين الفاعل‪ ،‬املوضوع‬
‫والسياق وهو ما يسوقنا إلى صعوبة أو استحالة تصور الذاكرة بمعزل عن الشبكة الاجتماعية التي أدت إلى انبثاقها‪ ،‬هذا‬
‫التصور ألنسقي جعل الذاكرة التنظيمية مدمجة في النية الاجتماعية‪ ،‬تتأثر بالثقافة واملمارسات التنظيمية‪.‬‬

‫املطلب الرابع ‪ :‬تصنيفات الذاكرة التنظيمية‬

‫ال تشمل ذاكرة املنظمة فقط الذاكرة التنظيمية التي تنتج عن رسملة مهارات العاملين ومعرفهم كما يعتقد الغالبية‪،‬‬
‫وإنما تشمل الذاكرة إلادارية املرتبطة بالهياكل التنظيمية املاضية والحاضرة (موارد بشرية‪ ،‬إلادارة‪ ،)...،‬وكذا ذاكرة‬
‫املشروع الخاصة برسملة دروس املشاريع تجاربها‪.2‬‬

‫وقد ميز ‪ Tourtier3‬بين‪:‬‬

‫ذاكرة املهنة (‪ )mémoire métier‬التي تشمل الوثائق‪ ،‬املستندات‪ ،‬ألادوات والطرق املستخدمة في مهمة معينة؛‬
‫ذاكرة املؤسسة (‪ )mémoire société‬املرتبطة باملنظمة‪ ،‬بأنشطتها‪ ،‬بمنتجاتها‪ ،‬باألطراف الفاعلية (مثل‬
‫الزبائن‪ ،‬املوردين‪ ،‬املتعاقدين باطنيا‪)...‬؛‬
‫الذاكرة الفردية (‪ )mémoire individuelle‬التي تشمل املهارات‪ ،‬الكفاءات‪ ،‬أنشطة ألافراد في املنظمة؛‬
‫ذاكرة املشروع (‪ )mémoire de projet‬التي تشمل التعريف باملشروع‪ ،‬أنشطته‪ ،‬تاريخه وكذا نتائجه‪.‬‬

‫ويميز ‪ Barthès, Dieng & Kassel‬بين الذاكرة الداخلية التي تشمل املعارف واملعلومات الداخلية للمنظمة‪ ،‬وكذا‬
‫‪4‬‬
‫الذاكرة الخارجية‪ ،‬الخاصة باملعلومات واملعرفة ذات قيمة والتي تستقطب من املحيط الخارجي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Pomian J. (1996), Mémoire d’entreprise: techniques et outils de la gestion du savoir, Sapienta, p22.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Tourtier P.A. (1995), Analyse préliminaire des métiers et de leurs interactions, Rapport intermédiaire, projet‬‬
‫‪GENIE, INRIA-Dassault-Aviation,‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Barthès, J.P., Dieng, R., & Kassel, G. (1999), Mémoire d'Entreprise, Le bulletin de l'AFIA, n°36, disponible dans‬‬
‫‪le site : https://www.irit.fr/GRACQ/article.php3?id_article=51 (date de consultation 25/04/2015).‬‬

‫‪98‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر ألاول ‪ :‬الذاكرة التنظيمية التقنية‬

‫فهي تعني سلسلة من الذاكرة املبنية على املعرفة املهنية املتضمنة للمعرفة التقنية‪ ،‬والخبرات ذات العالقة والتي‬
‫تدعم وتقوي العمليات النظامية للمنظمة‪ ،‬ونظم تطوير املنتج‪ ،‬طريقة الرقابة على إلانتاج‪ ،‬نظام رقابة معلومات إلانتاج‪،‬‬
‫باستخدام تقنية شبكة املعلومات (‪ ،)Internet‬التجهيزات واملعدات‪ ،‬ألاسلوب التقني املستخدم‪ ،‬إعادة الهندسة‪ ،‬وإدارة‬
‫الجودة الشاملة‪ .‬هذه العوامل تؤثر على تكوين الكفاءة‪ ،‬جودة املنتج‪ ،‬وكلفة إلانتاج‪ .‬ويمكن للذاكرة التقنية أن تجعل‬
‫املنظمة قائدة في مجال صناعته‪ ،‬من خالل ما يمتلكه العاملين من معرفة تقنية‪ ،‬والتي تؤدي إلى تحسين إلانتاجية‪ .‬إذ‬
‫تتطور التقنية بشكل مستمر‪ ،‬وعلى املنظمة أن تبدع وتهتم بالتقنيات التي تحدث في البيئة‪ ،‬وان تتعلم منها‪ .‬ولكن من جانب‬
‫‪1‬‬
‫آخر‪ ،‬على املنظمة املحافظة على سرية املعرفة التقنية التي تمتلكها‪ ،‬وتتفادى خطر تسربها إلى املنافسين‪.‬‬

‫كما تمثل ألانظمة التقنية املختلفة‪ ،‬معرفة املنظمة التي تم تجميعها عبر فترات طويلة‪ ،‬وتعد من موجودات التي‬
‫تمتلكها املنظمة‪ ،‬والتي تمثل حصيلة التعلم الجماعي من خالل التنسيق بين مهارات إلانتاج املتنوعة وايجاد التكامل بين‬
‫‪2‬‬
‫التقنيات املختلفة في املنظمة‪.‬‬

‫وتعرف التكنولوايا بأنها "ألادوات والتقنيات وألانشطة التي تستخدم لتحويل مدخالت املنظمة إلى مخرجات ‪.‬‬
‫ويرتبط بالتكنولوجيا معرفة ومهارات مهنية متخصصة؛ والتي تختلف في مستوياتها اعتمادا على نوع التكنولوجيا ودرجة‬
‫ّ‬
‫تعقيدها"‪ 3.‬كما تؤثر التكنولوجيا وتغيراتها املختلفة في إعادة تصميم التنظيم إذ تولد ألانواع املختلفة من التكنولوجيا أنواعا‬
‫ّ‬
‫متعددة من العالقات الاعتمادية داخل املنظمة‪ 4.‬وتعتبر البرمجيات أحد أشكال التكنولوجيا التي تحظى باالستخدام الواسع‬
‫في املنظمات‪ .‬وخالل فترة الثمانينات والتسعينات تم تطوير حزمة متكاملة من البرمجيات والتي تعمل على ربط التطبيقات‬
‫املختلفة ملشروع بقاعدة بيانات‪ ،‬حيث تمر املعاملة الواحدة أو ألامر الواحد على املوقع الخاص بالتطبيق بأكمله‪ ،‬ويتم‬
‫ّ‬
‫الخاصة باملخزون دون الحاجة إلى إدخال بيانات إضافية لتغذية ألانظمة املختلفة‪ ،‬الخاصة‬ ‫التحديث آليا ّ‬
‫للسجالت املالية‬
‫‪5‬‬
‫بالتخطيط ودعم القرار‪.‬‬

‫أما بالنسبة ألنظمة التقنية املختلفة التي تستخدم في تخطيط موارد املشروع فهي ال تعتبر مجرد مجال وظيفي واسع‬
‫يدعم العديد من العمليات املختلفة فقط بل ّ‬
‫تعد جزءا من الذاكرة التنظيمية‪ ،‬وتشكل نظام معلومات يتضمن محتويات‬

‫‪1‬عادل ھادي البغدادي (‪ ،)2007‬عالقة وتأثيج الذاكرة التنظيمية في ألاداء التنظيمي‪ :‬دراسة تطبيقية في عينة من الشركات الصناعية العامة‪،‬‬
‫مجلة إلادارة والاقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،65‬كلية إلادارة والاقتصاد‪ ،‬جامعة املستنصرية‪ ،‬العراق‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Leonard-Barton, D. (1992), Core Capabilities and Core Rigidities: A Paradox in Managing New Product‬‬
‫‪Development, Strategic Management Journal, 13, p114.‬‬
‫‪3‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪4‬جواد شوقي ناجي (‪ ،)2111‬إدارة ألاعمال‪ :‬منظور كمي‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪. 265‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Markus, M.L., & Tanis, C. (2000), The Enterprise Systems Experience from Adoption to Success, p175. Aviable‬‬
‫‪at http://pro.unibz.it/staff/ascime/documents/ERP%20paper.pdf‬‬

‫‪99‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الذاكرة التي تحتوي على املعلومات التي تتعلق باملوارد املالية واملعرفة التكنولوجية التي تهتم بالتخطيط اللوجستي ملوارد‬
‫‪1‬‬
‫املنظمة والنماذج الخاصة باملشروع كالنماذج التي توفر أفضل املمارسات ونماذج جدولة املخزون وغيرها‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬الذاكرة التنظيمية إلادارية‬

‫وهي تشير إلى املعرفة التنظيمية إلادارية التي تسيطر على أعمال املنظمة وتشغيلها‪ ،‬ويمكن أن توصف على أنها‬
‫أسلوب إلادارة في املنظمة وهيكل املنظمة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أسلوب إلادارة في املنظمة‬

‫من ألامثلة على مجاالت املعرفة التي تتضمنها الذاكرة التنظيمية إلادارية‪ :‬أسلوب إدارة املعرفة‪ ،‬إدارة الجودة‬
‫الشاملة‪ ،‬إدارة املوارد البشرية‪ ،‬إلادارة إلاستراتيجية‪ ،‬إدارة إلانتاج‪ ،‬إدارة الوثائق واملستندات وإدارة ألازمات وغيرها من‬
‫مجاالت املعرفة‪ .‬وأن الذاكرة إلادارية قائمة على أساس تاريخ املنظمة وليس من السهولة على املنافسين كشف جوهر‬
‫ومحتوى هذه الذاكرة‪ ،‬ولكن يجب أن تكون معروفة للعاملين‪ ،‬إلدراك هدف املنظمة فهي تمثل جملة اطر العمل‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫واستراتيجياته وسياساته وبرامجه وقواعده‪.‬‬

‫ّ‬
‫ومن املؤشرات العديدة الدالة على الاهتمام بالذاكرة إلادارية وما تتضمنه من مجاالت معرفة مختلفة‪ ،‬هو التركيز‬
‫فردية من خالل تحليل‬‫يتضمن الدراسة املنظمة للمنظمات ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫على تحليل تاريخ ألاعمال (‪ ،)Business history‬والذي‬
‫ّ‬
‫إلادارية فيها‪ .‬ويؤكد املهتمون بتاريخ ألاعمال أن التاريخ يعد أكثر املخازن كفاءة ونقال للذاكرة‬ ‫ّ‬
‫نظيمية واملمارسات‬ ‫ذاكرتها ّ‬
‫الت‬
‫‪3‬‬
‫التنظيمية‪ .‬فالتاريخ الجيد للمنظمة يدل على جودة أعمال املنظمة‪ ،‬يصبح بالتالي كل مدير مؤرخ‪.‬‬

‫ّ‬
‫التنظيمية وثيق الصلة بممارسات إلادارة؛ إذ تعتبر إدارة الذاكرة التنظيمية‬ ‫وقد أكد ‪ Stein‬على أن موضوع الذاكرة‬
‫النشاط اليومي في معظم املنظمات‪ .‬فالذاكرة التنظيمية هي »الوسيلة التي من خاللها تنقل املعرفة من املاض ي إلى ألانشطة‬
‫الحالية للمنظمة في مجاالت اتخاذ القرارات والتنظيم والقيادة والتصميم والضبط والاتصال والتخطيط والتحفيز‬
‫وغيرها»‪ 4.‬كما أن استعمال مفهوم الذاكرة في إدارة املعرفة يشير ضمنيا إلى أن معرفة املنظمة ضرورية لعمل املنظمة؛ من‬

‫‪1‬‬
‫‪Stijn, E.V., & Wensly, A. (2001), Organizational Memory and the Completeness of Process Modeling in ERP‬‬
‫‪Systems. Some Concerns, Methods and Directions for Future Research, Business Process Management Journal,‬‬
‫‪p183.‬‬
‫‪2‬عادل ھادي البغدادي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪3‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Stein, E.W., op. cit., pp2-5.‬‬

‫‪100‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫خالل الاعتماد على وجود معرفة صريحة عن املوارد الضرورية والعمليات في املنظمة‪ .‬وبالتالي تتحدد جودة ذاكرة املنظمة من‬
‫‪1‬‬
‫خالل كفاية الذاكرة في تسهيل تقسيم العمل ودعم عملية التنسيق‪.‬‬

‫ويعد مخزون الذاكرة التنظيمية من الركائز التي تعول عليها املنظمات في مجال إلادارة إلاستراتجية؛ إذ إن قدرة‬
‫‪2‬‬
‫املنظمة على تحليل املعلومات يمكنها من تجنب املفاجآت من خالل غلق فجوتين مهمتين قد تتعرض إليها املنظمة وهما‪:‬‬

‫‪ ‬فجوة الاستجابة‪ :‬وهي الفجوة التي تستطيع املنظمة بإمكاناتها وقدراتها وبحجم املعلومات املتوفرة لديها تضييقها‬
‫وغلقها‪ .‬والتي تعكس التفاوت والتباين بين تنفيذ إلاستراتجية القائمة وبين الحاجة إلى إيجاد إستراتجية جديدة‪،‬‬
‫تتناسب وتستجيب للتغير املمكن في البيئة املفاجئة‪.‬‬
‫‪ ‬الفجوة الحاسمة‪ :‬وهي فجوة الفصل والحسم والبت‪ ،‬والتي تقود ألامور خارج نطاق دائرة أعمال املنظمة‪ ،‬وتنتج‬
‫عن فشل إلادارة في استخدام املعلومات املتوفرة لصنع القرار املناسب وفق إلاستراتجية القائمة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الهيكل التنظيمي‬


‫ّ‬
‫وتشتمل ذاكرة املنظمة على املعرفة املخزنة في شكل هيكل تنظيمي‪ ،‬والتي توضح العالقات املرتبطة باملهام‬
‫والسلطات‪ ،‬كما تحدد طريقة عمل ألافراد‪ .‬ويتأثر عموما الهيكل التنظيمي بالتغير البيئي؛ إذ يختلف الهيكل التنظيمي الذي‬
‫تختاره املنظمات التي تعمل في بيئة مستقرة عن الهيكل التنظيمي الذي تختاره املنظمات التي تعمل في بيئة متغيرة ويصنف‬
‫‪3‬‬
‫الهيكل التنظيمي عادة إلى ثالثة أبعاد رئيسة وهي‪:‬‬

‫الرسمية‪ :‬تشير إلى املعيارية في وظائف املنظمة‪ ،‬ومدى وجود القواعد وإلاجراءات الواضحة والصريحة التي تحكم عمل‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫املركزية‪ :‬وترتبط بتركز سلطة اتخاذ القرار في مستويات إلادارة العليا‪.‬‬
‫ُ‬
‫التكامل‪ :‬ويشير إلى مدى الترابط بين الوحدات التنظيمية املختلفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Weinberger, H., Te'eni, D., & Frank, A.J. (2003), Ontologies of Organizational Memory as Basis for Evaluation.‬‬
‫‪In Proceedings of 11th European Conference on Information Systems (ECIS), pp1-2.‬‬
‫‪2‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Chen, C.J., & Huang, J.W. (2007), How Organizational Climate and Structure Affect Knowledge Management:‬‬
‫‪The Social Interaction Perspective, International Journal of Information Management, 27, pp105-107.‬‬

‫‪101‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثالث ‪ :‬الذاكرة التنظيمية الثقافية‬

‫تعرف على أنها ثروة ذهنية تراكمت مع تطور املنظمة‪ ،‬فهي موجودة في أي مكان في املنظمة‪ ،‬كتاريخ املنظمة‪ ،‬القيم‬
‫‪1‬‬
‫املشتركة‪ ،‬التنظيم غير الرسمي‪ ،‬ألاعراف‪ ،‬التقاليد واقتراحات العاملين‪.‬‬

‫وقد عرفها ‪ ،Schein‬بأنها تجسيد لذاكرة املنظمة وتاريخها وحاضرها‪ .‬ومن كونها متشكلة في تاريخ املنظمة‪ .‬فهي تتأثر‬
‫بالثقافة الخارجية‪ ،‬ومن الصعب تغييرها‪ .‬إضافة إلى أن الذاكرة التنظيمية الثقافية تتأثر بتصرفات وأفعال الفرد‪ ،‬وتعتبر في‬
‫نفس الوقت موجهة لتصرفاته‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب أن تفهم‪ ،‬وتمارس من قبل جميع العاملين‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وتساهم هذه الذاكرة في تطوير الذاكرات التنظيمية ألاخرى‪ ،‬كونها املرتكز ألاساس ي لها‪ .‬وقد اعتبر & ‪Walsh‬‬
‫‪ Ungson‬الثقافة التنظيمية أحد مكونات النموذج الذي قدمه حول مخازن الذاكرة التنظيمية‪ 3 .‬وترتبط الثقافة‬
‫‪4‬‬
‫التنظيمية بإدارة الذاكرة التنظيمية بطريقتين‪:‬‬

‫‪ ‬الطريقة ألاولى‪ :‬إذ تعد الثقافة التنظيمية وسيلة لنقل املعاني في مكان العمل على مر الزمن‪ .‬فهي بمثابة « الوعاء »‬
‫الذي تصب فيه أفكار وتجارب املاض ي؛ ألامر الذي يجعل من الثقافة التنظيمية »الذاكرة الحية« في املنظمة‬
‫والتي تشكل إطارا عاما لفهم طريقة العمل في املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬الطريقة الثانية‪ :‬فتكون عن طريق تأثير الثقافة التنظيمية على طريقة املشاركة باملعرفة‪ ،‬وفي كيفية الحفاظ‬
‫عليها‪ .‬فال يمكن تقاسم املعرفة في املنظمة دون وجود ثقافة تنظيمية صديقة للمعرفة ( ‪friendly knowledge‬‬
‫‪ ،)culture‬والتي تتسم بااللتزام لدى أفراد املنظمة‪ ،‬واعتبار املعرفة أحد ألاصول الهامة في املنظمة التي يجب‬
‫التشارك فيها‪ ،‬واملرونة التي تسمح لألفراد بالسؤال‪ ،‬وتجريب ألاساليب والعمليات الجديدة‪.‬‬

‫‪1‬عادل ھادي البغدادي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص ‪. 158‬‬


‫‪2‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Walsh, J.P., & Ungson, G.R., op. cit., pp63-65.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Stoyko, P. (2009), Organizational Culture and the Management of Organizational Memory, Information Science‬‬
‫‪Reference, New York, USA, pp2-4.‬‬

‫‪102‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الرابع ‪ :‬الذاكرة التنظيمية التسويقية‬

‫وهي تشمل كل ما له عالقة باألطراف الخارجية بما فيها الزبائن والوسطاء‪ ،‬واملوزعين‪ ...‬وتهدف إلى توجيه إلادارة نحو‬
‫بناء عالقات جيدة مع الزبائن‪ ،‬صياغة إستراتيجية مناسبة للتسويق‪ ،‬وبناء أسس التعاون مع املنظمات ألاخرى‪ ،‬ومبادئ‬
‫الوصول إلى الزبائن واختيار الوسطاء‪ ،‬قنوات التوزيع‪ ،‬واملزيج التسويقي‪ ...1‬وغيرها من مجاالت املعرفة والتي تتطلب‬
‫‪2‬‬ ‫ّ‬
‫الخاصة بالعرض والطلب‪.‬‬ ‫الحماية من املنافسين والعمل على تحديثها باستمرار استجابة ملتغيرات السوق والتوقعات‬

‫وتعد املعرفة التي توثقها املنظمة‪ ،‬والتي تتعلق بتحليل الصناعة واملنافسة‪ ،‬من الركائز ألاساسية التي تستند إليها‬
‫قرارات املنظمة‪ .‬ويمكن للمنظمة فحص وتحديد إمكاناتها في الصناعة باستخدام عدة تقنيات للتحليل منها‪ ،‬تحليل ّ‬
‫القوة‬
‫ّ‬
‫والضعف والفرص واملخاطر )‪ ،(SWOT‬وتحليل التكلفة املرتبطة باألنشطة منذ البداية وحتى النهاية؛ إذ تعد مزايا التكلفة‬
‫ّ‬
‫من الجدارات التي تملكها املنظمة‪ .‬كما يمكن تحليل املكانة إلاستراتجية للمنظمة من خالل املقارنة مع املنظمات املنافسة‬
‫وإلافادة من املعرفة املتأتية من عملية التقييم في تحديد املكانة إلاستراتجية للمنظمة (‪ ،)Benchmarking‬وفي تحديد‬
‫‪3‬‬
‫الاستراتجيات‪ ،‬واملجاالت التي تتطلب التغيير‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى تمثل إدارة عالقات الزبائن )‪ ،(CRM‬إسهاما حديثا لفهم الزبائن من منظور معرفي‪ ،‬والتي تعتمد على‬
‫أدوات تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬لغايات جمع البيانات عن الزبائن وتحليلها؛ بهدف الوصول إلى فهم واضح للزبون‪ ،‬بحيث تكون‬
‫التفاعالت املستقبلية معه ذات طابع شخص ي؛ وكما تمكن املنظمة من الحصول على بيانات الزبون في الوقت املناسب من‬
‫خالل نظم املعلومات‪ ،‬والعمل على تجزئة الزبائن على أساس الخصائص الديموغرافية‪ ،‬وتحديد الزبائن القيمين‪ ،‬الذين‬
‫‪4‬‬ ‫ّ‬
‫سيلقون اهتماما خاصا من املنظمة مع الاستمرار في محاولة كسب حتى الزبائن ذوي التعامالت املحدودة وتحفيزهم‪.‬‬

‫ويلتقي هذا املفهوم مع مفهوم إدارة معرفة الزبون (‪ )CKM‬والتي تعرف على أنها « مجموعة عمليات تقوم بها‬
‫املنظمة لتغيير موقف زبائنها من استالم املنتجات أو الخدمة إلى تمكينهم كمشاركين في املعرفة الخاصة بهذه املنتجات أو‬
‫الخدمات»؛ بالتالي يركز هذا املفهوم على كيفية جعل الزبون شريك حيث يمكن للمنظمة الاستفادة من أفكاره ومعارفه‬
‫للوصول إلى منتجات تتوافق وتطلعاته (حسب ‪.)Reinartz‬‬

‫‪1‬عادل ھادي البغدادي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.153‬‬


‫‪2‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪3‬نفس املراع السابق‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬
‫والت ّ‬
‫السوقية للمنظمات‪ ،‬كلية إلادارة والاقتصاد‬ ‫وايات‬ ‫‪4‬صادق درمان سليمان (‪ ،)2008‬العالقة بين إدارة معرفة الزبو‬
‫اامعة دهوك‪ ،‬العراق‪ .،‬ص‪.1‬‬

‫‪103‬‬
‫[مفهوم الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ولقد بدأت اغلب املنظمات تطور هذا النوع من معرفة الزبون‪ ،‬بإيجاد ملفات خاصة تتضمن معلومات عن كل‬
‫زبون‪ ،‬نظرا ألهميته في تهيئة املعلومات الخاصة بالزبون وإمكانية الاستفادة منها في فهم طلبات الزبائن وتطوير عالقات‬
‫املنظمة بهم‪ .‬وهناك طرائق كثيرة للحصول على هذه املعرفة منها مايسمى (‪ )work bench‬التي يتم فيها استخدام (‪)12‬‬
‫نظاما مختلفا‪ ،‬وتوضع لكل زبون صورة متكاملة عنه ويتم تحديث هذه الانظمة بشكل مستمر يزود بها ذوي العالقات من‬
‫املعنيين في إدارات وأقسام املنظمة ومن الطرق ألاخرى التي ظهرت في املنظمات ما يسمى بمصانع استشارات الزبائن‬
‫ويكون مقرها في املنظمة وكذلك هناك طريقة تشكيل فرق عمل الزبائن تهتم بالقضايا ألاساسية للزبون‪ ،‬وتقترب من كل‬
‫الحركات السياسية والاقتصادية والعلمية لفهم قضايا وتصميم نموذج الخدمة‪ ،‬وبما يتالئم مع متطلبات الزبون‪ ،‬ويمكن‬
‫ان تضم هذه الفرق مجموعة من الزبائن‪ .‬وقد حدد ‪ Murillo & Anrabi‬أنواع املعرفة عن الزبون والتي تشمل كل من‬
‫‪1‬‬
‫معرفة عن فرص السوق‪ ،‬وعن حاجات املنتج وخصائصه‪.‬‬

‫وبناءا على ما تقدم‪ ،‬فأن هذه املكونات ألاربعة للذاكرة التنظيمية تلعب دورا هاما في املنظمة‪ ،‬إذ من خاللها يمكن‬
‫ملتخذي القرارات واملسيرين أن يستخدموا املعرفة لتوجيه ألانشطة الحالية‪ .‬وتتجسد هذه املعرفة حول تحسينات ألاداء‬
‫التنظيمي في املنظمات وبشكل رئيس ي في الذاكرة التنظيمية إلادارية‪ ،‬والذاكرة التنظيمية التقنية‪ ،‬والذاكرة التنظيمية‬
‫التسويقية‪ ،‬أما الذاكرة التنظيمية الثقافية فهي موضوع قابل للتغير ويصاحب التغير في خبرة املنظمة‪.‬‬

‫‪‌ 1‬علي حسون الطائي (‪ ،)2118‬إدارة معرفة الزبون وأبعاد الخدمة الصحية (العالقة وألاثر)‪ ،‬بحث تطبيقي في مستشفى بغداد‬
‫التعليمي‪ ،‬مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،12‬العراق‪ ،‬ص‪.151‬‬

‫‪104‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دور ها وسائط تخزينها‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬دور الذاكرة التنظيمية‬

‫تهدف الذاكرة التنظيمية إلى تسهيل سير العمل‪ ،‬وإيجاد تفسيرات لسلوك املنظمة السابق‪ ،‬إلى جانب فهم أفضل‬
‫التوجهات العامة والقيم الحالية‪ ،‬والتعامل بشكل أفضل مع املشاكل الجديدة واملتكررة‪ ،‬التخاذ أحسن القرارات والقيام‬
‫بأفضل تخطيط إستراتيجي‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬ال تزال أهم ألادوار التي تؤديها الذاكرة التنظيمية في تسيير املنظمات محدودة‬
‫وغير واضحة‪ 1،‬لذا نجد في أوساط الباحثين (خاصة ‪ )Paper & Johnson‬حجج متناقضة بعضها مؤيدة وأخرى‬
‫مناقضة لضرورة جعل املعرفة املكتسبة في املاض ي متاحة ومخزنة في مستودعات املعرفة‪.‬‬

‫وقد قام ‪ Walsh, Ungson & Stein‬بتأييد بقوة لهذه الفكرة ملا للذاكرة التنظيمية من دور وظيفي فعلي‬
‫‪2‬‬
‫وحساس‪ ،‬لخصه (‪ )Ungson & Walsh‬في ثالثة ادوار وظيفية تنظيمية هامة‪:‬‬

‫الفر الاول ‪ :‬دور معلوماتي‬


‫ّ‬ ‫املخزنة في وسائل ّ‬ ‫دور معلوماتي (لتبرير وتوثيق صنع القرار)‪ ،‬إذ ّ‬
‫إن محتوى املعلومات ّ‬
‫التخزين املختلفة للذاكرة‬
‫صنع القرارات؛‬ ‫نظيمية ُتساهم في رفع كفاءة وفع ّ‬
‫الية ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬

‫الفر الثاني ‪ :‬وظيفة رقابية‬

‫الصفقات املرتبطة بتنفيذ القرارات الجديدة ‪ .‬حيث تحتوي مخازن‬ ‫الذاكرة في إعادة ّ‬
‫النظر بتكاليف ّ‬ ‫ّ‬
‫إذ يبرز دور‬
‫َ‬ ‫الس ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املطلوب بشكل كفؤ دون ت َح ُّمل تكاليف‬
‫ُ‬ ‫لوك‬ ‫الذاكرة على الكثير من املعلومات املتعلقة )بكيف وبماذا( والتي تشك ُل ّ‬
‫مرتفعة‪ ،‬على سبيل املثال رقابة على تنفيذ القرار و ألانشطة الناجمة عنه؛‬

‫الفر الثالث ‪ :‬دور سياس ي‬

‫والسيطرة على املعلومات يخلق مصدرا ّ‬


‫للقوة‬ ‫فالضبط ّ‬‫ّ‬ ‫تشكل السيطرة على املعلومات مصدر السلطة والنفوذ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تصرفات آلاخرين ‪ّ .‬‬
‫وأن فلترة أو تصفية معلومات ّ‬ ‫والذي من خالله ُيمارس الفرد أو املجموعة التأثير على ّ‬
‫معينة من الذاكرة‬
‫معينة أو قرارات ُيساعد في الحفاظ على ّ‬
‫القوة وتعزيزها ‪.‬‬ ‫لدعم أعمال ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪Maurel, D., & Bergeron, P. (2009), Quel rôle pour les archivistes dans la gestion de la mémoire‬‬
‫‪organisationnelle ?, Archives, Vol. 40, N° 2, p27.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jasimuddin, S-M., & al., op. cit., p269.‬‬

‫‪105‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ولهذه ألادوار عدة منافع للمنظمة إذ تمكنها من زيادة التعلم التنظيمي ( كما بينها ‪،)Te’eni & Weinberger‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأن ما يؤول إليه ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫يتجسد في مخرجات املنظمة‪ .‬وإزاء ذلك حرصت العديد‬ ‫التعلم ال يمكن أن يكون ملموسا إال بعد أن‬
‫التنظيمية من خالل ّ‬
‫التوثيق الفعال للتجارب والخبرات ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫ّ‬
‫مما جعلها قادرة على‬ ‫من املنظمات على تعظيم إلافادة من‬
‫الحية‬ ‫ّ‬
‫ألاساسيين بما يجعل الخصائص ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية في ضوء تجاربها املختلفة واملحافظة على أفرادها‬ ‫تكوين وتطوير ذاكرتها ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬
‫لهذه الذاكرة مستمرة ومتواصلة وتحسين عملية الوصول إلى معرفة املنظمة باستخدام تكنولوجيا املعلومات‪.‬‬

‫الفر الرابع ‪ :‬دور التفسيج وتوايه النشاط‬

‫وحسب ‪ ،Yates‬تعمل الذاكرة التنظيمية على تحسين عملية التنسيق والتطوير السريع للمنتجات‪ ،‬ووفقا‬
‫لـ‪ Moorman & Miner‬فهي تساهم في تسهيل عملية تقاسم املعرفة‪ ،‬من خالل رسم خارطة املعرفة وتحديد مركزها في‬
‫ّ‬ ‫الضمنية إلى معرفة صريحة‪ .‬وتصبح هذه ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التوجهات بالتالي جزءا أساسيا من سياسات املنظمة في‬ ‫املنظمة وتحويل املعرفة‬
‫ّ‬
‫وفعاليتها‪ .‬ويضيف ‪ ،Stein‬بأن الذاكرة التنظيمية تفيد املنظمة‬ ‫ّ‬
‫نظيمية وفي دعم كفاءة أعمالها‬ ‫دعم وتطوير ذاكرتها ّ‬
‫الت‬
‫بعدة طرق‪ ،‬إذ تمكنها من تعزيز هويتها ومنح املوظفين الجدد فرصة التعلم من خالل التعرف على خبرات املوظفين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وللذاكرة ّ‬
‫نظيمية كذلك نتائج وآثار مهمة على أداء املنظمة؛ حيث ّإنها تدعم امليزة‬
‫ّ‬ ‫الت‬ ‫السابقين املخزنة لدى املؤسسة‪.‬‬
‫نافسية وتعمل على تخفيض تكاليف ا ّلتعامالت املختلفة وتقليل الوقوع في ألاخطاء ُوتسهل ّ‬
‫عملية صنع القرار‪ .‬وتركز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫‪1‬‬
‫نظيمية َدورين أساسيين هما‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أن ل ّلذاكرة ّ‬
‫الت‬ ‫أبحاث أخرى (مثل أعمال ‪ )Miner & al.‬على ّ‬

‫ّ‬
‫الذاكرة ب ّ‬
‫التفسير من خالل الطريقة التي يتم بها تصنيف‬ ‫‪ -‬أوال‪ .‬دور التفسيج (‪ :)Interpretative Role‬إذ تقوم‬
‫وتخزين املعلومات والخبرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويتحقق من خالل التأثير على سلوك ألافراد والجماعات‪ .‬فمثال قد تتضمن الذاكرة‬ ‫‪ -‬ثانيا‪ .‬دور توايه النشاط‪:‬‬
‫توجه نشاطات أعضاء الفريق في العمل‪ُّ .‬‬
‫ويعد الدور الخاص‬ ‫قواعد وأسسا ّ‬
‫محددة ملراحل تطوير املنتج والتي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية التي ظهرت في ألابحاث الكالسيكية‪.‬‬ ‫الت‬ ‫بتوجيه النشاط واحدا من أهم خصائص‬

‫وفي ألاخير يمكن طرح وجهة نظر مخالفة ملا تقدم من أدور إيجابية للذاكرة التنظيمية‪ ،‬فهناك بعض الباحثين‬
‫(أمثال ‪ )Walsh & Ungson, Stein & Zwass‬بينوا بأن الذاكرة التنظيمية قد تكون سببا لعدة إختالالت وظيفية‪.‬‬
‫حسب وجهة نظرهم‪ ،‬فقد ترغب املنظمات للتخلص من ممارسات املاض ي وتعمل على تطوير ممارسات جديدة‪ ،‬بدال من‬
‫التقيد بما خزنته من املاض ي والاستمرار في الاستثمار فيه‪ ،‬وهذا يندرج في إطار ما يسمى بـ«النسيان التنظيمي»‪ .‬ويوضح‬

‫‪1‬حمود الفاعوري إلهام‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪106‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ Argote‬أهمية هذه السياسات املغيرة للماض ي ويؤكد بذلك فكرة ‪ Stein‬الذي يرى بأن الذاكرة التنظيمية ليست‬
‫‪1‬‬
‫بالضرورة شيئا مهما لألفراد أو للمنظمات‪ ،‬إذ قد تصبح أكبر عائق يهدد بقاء وسالمة التنظيم‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬ألاشكال املادية ووسائط تخزين الذاكرة التنظيمية‬

‫بين ‪ ،Dieng & al.‬بأنه منذ مطلع التسعينات‪ ،‬تم اعتماد العديد من التقنيات التي تساهم في بناء وتصميم‬
‫الذاكرة التنظيمية‪ ،‬فمنها الحاسوبي واملجسد في شكل برامجي‪ ،‬ومنها غير الحاسوبي‪ ،‬والذي يظهر في شكل منشور وثائقي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للذاكرة ّ‬
‫نظيمية‪ ،‬فقد أكد ‪ Stein‬على أنه «حتى يتم‬ ‫الت‬ ‫كتاب‪ ،‬معرضا للصور‪ ،‬فيلم‪ ،‬شريط صوتي‪ ...‬وعن الجانب التقني‬
‫تعويض فقدان املعرفة في املنظمة عمليا من الضروري توجيه املزيد من مواردها لدعم الحاسوب وإلاجراءات املتعلقة بإدارة‬
‫امللفات فيها وأنظمة التوثيق والحفظ واستخدام ألانظمة الخبيرة التي تستخلص املعرفة من عقول ألافراد واملهددة‬
‫‪2‬‬ ‫بالفقدان بسبب موتهم أو تركهم للمنظمة‪ .‬فقوة هذه ّ‬
‫النظم مستمدة من املعرفة التي تختزنها»‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬لجأت املنظمات في تخزين معرفتها الضمنية إلى الاعتماد على الحلول التكنولوجية في محاولة لتملك‬
‫املعرفة خاصة الضمنية منها وتحويلها‪ ،‬وعلى هذا ألاساس‪ ،‬احتلت نظم معلومات الذاكرة التنظيمية ‪(Organizational‬‬
‫)‪ ،Memory Information Systems‬أو ما يشار إليها ب )‪ (OMIS‬مكانة كبيرة مجسدة الجانب امللموس من الذاكرة‬
‫‪3‬‬
‫التنظيمية‪.‬‬

‫ويمكن النظر إلى تكنولوجيا املعلومات التي تدعم الذاكرة التنظيمية (‪ )OMIS‬على أنها «أنظمة معلومات الذاكرة‬
‫التنظيمية« ويعرفها ‪ Abdul Rahman & Hamidi‬بأنها النظام الذي يدرك أجزاء من املعرفة التنظيمية بمساعدة‬
‫‪4‬‬
‫تقنيات الاتصال واملعلومات والذي يدعم املهام والوظائف وإلاجراءات‪ ،‬التي تتعلق باستخدام قاعدة املعرفة التنظيمية‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬عملت تكنولوجيا املعلومات والاتصاالت على تهيئة البنية التحتية وألادوات الالزمة لتجسيد هذه‬
‫الذاكرة‪ ،‬في مجموعة متنوعة من ألاشكال‪ ،‬والتي سيتم مناقشتها في هذا الجزء ‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬ذاكرة الوثائق‬

‫تتجسد ذاكرة الوثائق‪ ،‬حسب ‪ ،Bahloul, Dieng & al.‬في نظام الوثائق الذي يعتمد على الاستغالل الفعال‬
‫لجميع امللفات املوجودة داخل املنظمة من خالل الاستناد على تقنيات نمذجة الوثائق (التشفير‪ ،‬الفهرسة والتحليل)‬
‫‪1‬‬
‫والنص التشعبي (‪ ...)hypertexte‬ووفق الباحثين‪ ،‬فالذاكرة الوثائقية تتضمن الخطوات التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jasimuddin, S-M., & al., op. cit., p270.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Stein, E.W., op. cit., pp 9-11.‬‬
‫‪3‬البغدادي عادل‪ ،‬هادي حسين والعبادي هاشم فوزي‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Abdul Rahman & Hamidi, op.cit.,, pp3-4.‬‬

‫‪107‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ ‬اختيار الوثائق التي سيتم إدراجها في الذاكرة (لتحديد الوثائق التي يجب إن تكون جزءا من الذاكرة)؛‬
‫‪ ‬التشفير الرقمي للوثائق و يتمثل في تحويل الوثائق من حالتها الورقية إلى وثائق الكترونية (باستخدام نظم من‬
‫النوع (‪ )OCR‬أو املاسح الضوئي (‪)scanners‬؛‬
‫‪ ‬مراعاة تجانس شكل الوثائق حسب طبيعتها (حسب الحالة‪ ،‬يمكن اعتماد في ذلك ألانظمة املكتبية التقليدية‬
‫(‪ ،)Lotus ,Excel, Word‬أو حسب شكلها التركيبي (‪ ،)SGML, XML‬أو حسب شكلها في الويب‬
‫(‪)HTML‬؛‬
‫‪ ‬إمكانية إعداد وثائق جديدة؛‬
‫‪ ‬فهرسة الوثائق (لتسهيل البحث عن املعلومات)‪ ،‬باستخدام أنواع مختلفة من الفهارس‪ :‬فهرس كامل‪ ،‬الفهرس‬
‫الخاص بمجال املعرفة التي تم رسملتها (‪،)capitalisées‬فهرس متعلق بأنشطة املنظمة؛‬
‫‪ ‬اختيار تنظيم للذاكرة وثائقية‪ ،‬حيث يجب تنظيم الذاكرة الوثائقية في شكل يسهل الوصول لها من طرف‬
‫املستخدمين)؛‬
‫‪ ‬استخدام نظام إلكتروني إلدارة الوثائق من اجل تحضير الوثائق‪ ،‬استرجاع‪ ،‬إضافة أو حذف وثيقة‪ .‬هذا النظام‬
‫يشمل بوجه عام‪ ،‬دورة حياة الوثائق في املنظمة؛‬
‫‪ ‬توفير الوثائق في الشبكة الداخلية (انترنت) داخل املنظمة باستخدام محرك البحث‪ ،‬مع سهولة معالجتها لغويا؛‬
‫‪ ‬تطوير الذاكرة عن طريق جمع وثائق جديدة وإدراجها في قاعدة وثائقية‪ ،‬سواء كان هذا التجميع إيجابي أو سلبي‬
‫من وجهة نظر املنظمة‪ ،‬مركزي في الخدمة أو موزع بين أفراد املنظمة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبناءا عليه‪ ،‬يمكن القول أن ذاكرة الوثائق تضم ثالثة أشكال أساسية‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1‬الوثائق الورقية (املستندات) (‪ُ :)Paper documents‬وت ّ‬


‫تستقر في املخازن‬ ‫عد مصادر واسعة للمنظمة والتي‬
‫قنية‪.‬‬ ‫التقارير وإلاجراءات واملعايير ّ‬
‫الت ّ‬ ‫املؤسسة‪ .‬ومن ألامثلة على الوثائق الورقية ّ‬
‫املركزية مثل مكتبة ّ‬
‫ّ‬ ‫واملستودعات‬
‫كافة املعلومات املعتمدة على الكمبيوتر والتي ّ‬ ‫ّ‬
‫تتم‬ ‫‪ .2‬وثائق الحاسوب (‪ :)Computer documents‬وتشمل‬
‫يتم‬ ‫ّ‬
‫املتعددة أو ّ‬ ‫ّ‬
‫الفرعية أو‬ ‫املحافظة عليها على مستوى العمل الجماعي‪ .‬وقد تكون متاحة ويمكن تنزيلها في أماكن العمل‬
‫تخزنها في قواعد البيانات املركزّية أو في أنظمة ّ‬
‫امللفات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والحاسوبية التي يحتفظ بها الفرد وتشمل‬ ‫الورقية‬ ‫وتتضمن كافة الوثائق‬ ‫الذاتية (‪: )Self-memory‬‬ ‫‪ .3‬الذاكرة‬
‫ّ‬
‫الذ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫اتية بما يعتبره‬ ‫وتتحدد الذاكرة‬ ‫امللفات ودفاتر املالحظات وأرشيفات أخرى والتي ليست لها قاعدة أو صيغة رسمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫مهما بالنسبة له وكما تعكس خبرته في املنظمة‪.‬‬ ‫الشخص‬

‫‪1‬‬
‫‪Vrîncianu M. (2008), Une approche basée sur la mémoire organisationnelle pour les systèmes informationnels,‬‬
‫‪Vol. 4, p15.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jennex et al, Op.Cit , p 2‬‬

‫‪108‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثاني ‪ :‬الذاكرة املبنية على الحاالت‬

‫حسب الباحث ‪ ،Oumar‬يتمثل التفكير على أساس حاالت في إلادراك املبني على أساس حاالت عملية وقعت في‬
‫املاض ي‪ ،‬والتي يمكن من خاللها استرجاع الحاالت القريبة واملماثلة للمشكلة الحالية (موضوع القرار)‪ .‬فلكل منظمة‬
‫مجموعة من التجارب السابقة (قصص النجاح أو الفشل)‪ ،‬والتي قامت بتخزينها في قاعدة الحاالت (فكل تجربة يعبر عنها‬
‫بحالة)‪ ،‬من أجل الاستفادة من حلول املاض ي واستغالل نتائجها في الحاالت املماثلة‪ ،‬كما يمكن تكرارها في بعض ألاحيان‬
‫مع بعض التعديل أو التطوير في ظل الظروف والتغيرات الجديدة‪ .‬هذا يعني أن نظم التفكير وإلادراك على أساس الحاالت‬
‫التي وقعت في املاض ي تعتمد بصفة جوهرية على قدرات تخزين مشكالت املاض ي التي تم حفظها كحاالت مستقلة‪ ،‬ومن‬
‫خالل تقنية املطابقة واملماثلة بين الحاالت املخزنة واملشكلة الحالية‪ ،‬يتم إقامة عالقة بين املاض ي والحاضر من منظور‬
‫‪1‬‬
‫تنمية خبرة املنظمة‪.‬‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية وعملياتها‬

‫يطرح مكان تواجد الذاكرة التنظيمية جدال كبيرا بين الباحثين‪ ،‬إذ يبين ‪ El Sawy et al.‬بأن املعرفة التنظيمية‬
‫تستقطب من ألافراد داخل املنظمة‪ ،‬وبالتالي فهي متواجدة داخل عقول املورد البشري (حسب النظرة التقليدية)‪ .‬ويربط‬
‫‪2‬‬
‫باحثون آخرون مثل ‪ Galbraith‬تواجدها بتواجد املنظمة في حد ذاتها‪.‬‬

‫يمكن أن تتواجد ذاكرة املنظمة ضمن تاريخها والذي يعبر عن كل ألاحداث والذكريات التي تعيشها املنظمة‬
‫وتسجلها‪ ،‬والتي قد يحتوي مضمونها على قدرا هائال من املعرفة‪ ،‬يمكن تخزينها بأساليب مختلفة وفق جدول (‪.)4-2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ben Hamadi O., op. cit., p58.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jasimuddin. S-M., & al., op. cit., p266.‬‬

‫‪109‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ادول(‪ :)4-2‬أساليب تخزين املعرفة‬

‫(‪)Nelson & Winter, 1982‬‬ ‫السلوكات الروتينية الرسمية وغيج الرسمية وإلااراءات والنصوص‬

‫(‪)Stein, 1995‬‬ ‫إلااراءات الروتينية املعيارية‬

‫(‪)Leonard-Barton, 1992‬‬ ‫ألانظمة التقنية إلادارية والقدرات‬

‫(‪)El Sawy et al., 1986‬‬ ‫ألافراد‬

‫(‪)Cook & Yanov, 1992‬‬ ‫الثقافة‬

‫(‪)Olivera & Argote, 1999‬‬ ‫املنتجات‬

‫(‪)Campbell-Kelly, 1996‬‬ ‫تقنيات التصنيع في املنظمة‬

‫(‪)Stein & Zwass, 1995‬‬ ‫نظم املعلومات الحاسوبية‬

‫‪Source: Jasimuddin. S-M., & al., op. cit., p266.‬‬

‫الفر الاول ‪ :‬نموذج ( ‪) WALSH & UNGSON‬‬

‫اذ يشير ‪ Walsh & Ungson‬إلى أن الذاكرة تتواجد في العديد من املواقع التنظيمية املختلفة‪ ،‬ويمكن تصنيفها‬
‫إلى ستة صناديق تخزين تدعم عمليات استقطاب واسترجاع املعرفة‪ ،‬وذلك حسب الشكل (‪ .)1-2‬إذ تنقسم هذه‬
‫‪1‬‬
‫الصناديق إلى‪ :‬ألافراد‪ ،‬الثقافة‪ ،‬التحوالت التنظيمية‪ ،‬الهياكل‪ ،‬البيئة التنظيمية واملحفوظات الخارجية (ألارشيف)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬صناديق التخزين الداخلية‬

‫أ‪ .‬ألافراد (‪)Individuals‬‬


‫ّ‬
‫إذ يحتفظ أفراد املنظمة بمعلومات مستندة إلى ما يمتلكونه من تجارب وخبرات ومالحظات مباشرة والتي يحتفظون‬
‫بها في مخازن ذاكرتهم الخاصة (الذاكرة املساعدة الخاصة بهم‪ ،‬امللفات)‪ ،‬هذه الذاكرة التي تحتوي معتقداتهم والخرائط‬
‫السببية والافتراضات والقيم؛ وعالوة على ذلك فإن ألافراد واملنظمات على حد السواء يحتفظ كل منهم بسجالت وملفات‬
‫باعتبارها أدوات مساعدة للذاكرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Walsh, J.P., & Ungson, G.R., op. cit., p60-66.‬‬

‫‪110‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ب‪ .‬الثقافة (‪)Culture‬‬

‫تجسد الثقافة الخبرات السابقة والتي تكون مفيدة في التعامل مع املستقبل‪ .‬لذا فالثقافة هي إحدى وسائل الاحتفاظ‬
‫بالذاكرة التنظيمية‪ .‬واملعلومات الثقافية املتعلمة يتم تخزينها في اللغة ذات أطر وقواسم مشتركة وعلى شكل رموز وقصص‬
‫ومراسيم‪ .‬وبالتالي فإن الثقافة هي مجموع ما يلتقطه الفرد أو تلتقطه املنظمة مما يدور حول كل منهما ويتناقلونها فيما‬
‫بينهما‪ ،‬وتشمل القصص‪ ،‬النماذج العقلية‪...‬‬

‫ج‪ .‬التحوالت‬

‫تعني التحوالت (‪ )Transformations‬العمليات التنظيمية املختلفة‪ ،‬أي إلاجراءات والقواعد والنظم التي تعالج‬
‫وتحول املدخالت إلى مخرجات‪ ،‬حيث تتضمن عمليات التحوالت في املنظمة لكثير من املعلومات والتي تعد املنطق الذي‬
‫يحكم ويوجه عمليات تحويل املدخالت إلى مخرجات سواء البسيطة منها التي تعتمد على طرق معروفة أو املعقدة التي تعتمد‬
‫على الحدس والخبرة‪ .‬وتشمل إلاجراءات والقواعد وألانظمة ّ‬
‫الرسمية املختلفة‪.‬‬

‫الهياكل‬ ‫‪.‬‬

‫يجب النظر إلى الهيكل التنظيمي في ضوء آثاره املترتبة على السلوك الفردي وألادوار وارتباطها بالبيئة‪ .‬ويمكن النظر إلى‬
‫أن سلوك ألافراد يحتكم إلى القواعد العامة املوضوعة من‬ ‫نظيمية؛ ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ألافراد وأدوارهم)كمخازن) لتخزين املعلومات ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬ ‫الر ّ‬‫التركيبة ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املنظمة‪ُّ .‬‬ ‫قبل املنظمة والتي تمثل السلوك الذي ُ‬
‫سمية لهيكل املنظمة‬ ‫وكل ذلك يجب أن يقع في إطار‬ ‫تطلبه‬
‫ويتالئم معها‪.‬‬

‫ه‪ .‬البيئة‬

‫تحتفظ الجوانب املادية وبيئة(‪ )Ecology‬مكان العمل(الهيكل املادي ملكان العمل) بقدر كبير من املعلومات بشان‬
‫ما يجري داخل املنظمة وأعضائها؛ فالجوانب املادية وبيئة مكان العمل تعكس تدرج املكانة في املنظمة وتساعد في تشكيل‬
‫وتعزيز شكل ّ‬
‫السلوك في املنظمة وأن الخبرات الذاتية ألفراد تتأثر بتصميم مكان العمل وتركيبته‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬صن اديق التخزين الخاراية‬

‫‪ ‬املحفوظات الخاراية (ألارشيف)‪:‬‬

‫التي غالبا ما تكون على شكل معلومات وثائقية‪ ،‬ويجدر بالذكر أن املنظمة ليست وحدها املكان الوحيد لتخزين‬
‫املعلومات عن ألاحداث املاضية بل توجد جهات أخرى تعمل في بيئة املنظمة وتهتم بتسجيل أنشطتها وأدائها مثل املنافسين‬

‫‪111‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫والحكومة والجهات التنظيمية الحكومية واللجان ومنظمات الخدمات ّ‬


‫املالية وأجهزة إلاعالم املختلفة ومؤرخي ألاعمال الذين‬
‫ّ‬
‫ييتمون بتوثيق ماض ي املنظمة‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)3-2‬نموذج (‪)Walsh & Ungson‬صناديق التخزين للذاكرة التنظيمية‬

‫‪Source: Walsh, J.P., & Ungson, G.R., op. cit., p66‬‬

‫‪112‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثاني ‪ :‬نموذج ‪WATSON‬‬

‫تقنية (‪ّ )Technological Entity‬‬


‫نظيمية بانها كيانات ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫وأن امل ّهمات املطلوبة في‬ ‫الت‬ ‫عرف ‪Watson‬‬ ‫لقد ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية مشابهة لتلك التي ُتوظف في إدارة البيانات ‪.‬وقد ركز ‪ Watson‬على سؤالين إثنين ‪:‬كيف وأين ُتخزن‬
‫ّ‬ ‫الذاكرة ّ‬
‫الت‬
‫مكونات ّ‬
‫النموذج‪.1‬‬ ‫البيانات؟؛ وكيف ُيمكن الوصول إلى البيانات؟‪ّ .‬‬
‫ويوضح الشكل () ّ‬

‫شكل(‪ :)2-2‬نموذج (‪ )Watson‬للذاكرة التنظيمية‬

‫الاوضا‬ ‫الادوار‬
‫الافراد‬
‫الشبكات‬ ‫الثقافة‬

‫الجداول‬
‫النصوص‬
‫الوثائق‬

‫الذاكرة التنظيمية‬
‫رسوم البيانية‬ ‫رسوم‬

‫النماذج الذهنية‬

‫وسائل البصرية‬ ‫وسائل سمعية‬


‫ادوات النظام‬

‫املعرفة‬

‫‪Source: Luis A. Guerrero, Jose Pino , 2001, op. Cit. p0.‬‬


‫اليومية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صنع القرار ّ‬
‫والتعامل مع ّ‬ ‫ّ‬
‫املنظمة تحتاج تخزين املعلومات لغايات ُ‬ ‫وافترض ‪ّ Watson‬‬
‫وان‬ ‫عمليات التشغيل‬ ‫أن‬
‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫ّ‬
‫خارجية‪.‬‬ ‫نظيمية ُيمكن تغذيتها بمعلومات‬
‫ّ‬ ‫الت‬

‫‪1‬‬
‫‪Luis A. Guerrero, Jose Pino , 2001, Understanding Organizational Memory.Proceedings of XXI International‬‬
‫‪Conference of the Chilean Computer Science Society, SCCC 2001, IEEE CS Press, Punta Arenas, November, 2001,‬‬
‫‪Chile, p0.‬‬

‫‪113‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثالث ‪ :‬نموذج ( ‪) STEIN & ZWASS‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية )‪(OMIS‬‬ ‫الت‬ ‫اقت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرح كل من الباحثين‪( Stein & Zwass‬نقال عن ‪ )Scott‬نموذجا لنظم معلومات‬
‫ّ‬ ‫‪ّ Information System Organizational Memory‬‬
‫يتكون من طبقتين؛ تشتمل الطبقة ألاولى على مجموعة من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفاعلية؛ ترتكز الطبقة الثانية على نموذج معالجة معلومات الذاكرة‬ ‫الفرعية والتي تدعم الوظائف ألاربع لتحقيق‬ ‫النظم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتضمن مجموعة من وظائف الذاكرة التي تتعلق بالحصول على املعلومات والاحتفاظ بها والبحث عنها‬ ‫نظيمية والذي‬ ‫الت‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أن كافة تطبيقات نظم معلومات الذاكرة‬ ‫وأخيجا اسرجااعها املعلومات والتي ستدعم الطبقة ألاولى‪ .‬وقد أشير إلى‬
‫‪1‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نظيمية تتطلب الوظائف في الطبقة الثانية‪ ،‬والشكل() يعكس ذلك‪.‬‬ ‫الت‬

‫شكل(‪ :)1-2‬نموذج (‪ )Stein & Zwass‬لنظم املعلومات الذاكرة التنظيمية‬

‫‪Source: Scott, J. E., op. Cit., p24.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Scott, J. E., (1996). The Impact of Organizational Memory Information Systems: The Case of Product‬‬
‫‪Information Management Systems, Proceedings of the 29th Annual Hawaii International Conference on System‬‬
‫‪Science, Graduate School of Management University of California,p24.‬‬

‫‪114‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الرابع ‪ :‬نموذج ( ‪) DIXON‬‬


‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬ ‫ُي ّ‬
‫رجية وتقسم الذاكرة الداخل ّية بدورها إلى ذاكرة‬ ‫نظيمية إلى ذاكرة داخل ّية وذاكرة خا‬ ‫ّ‬ ‫الت‬ ‫قسم ‪Dixon‬‬
‫ّ‬ ‫التقارير‪ّ ،‬‬‫السجالت ّ‬
‫مستهدفة أو مقصودة وتتضمن‪ :‬ألانظمة الخبيرة‪ ،‬قواعد البيانات‪ّ ،‬‬
‫الدروس املتعلمة إضافة إلى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياسات واملُنتجات والعمل ّيات ّ‬
‫ّ‬
‫التحويل ّية‪ّ .‬أما الذاكرة الداخل ّية غير املقصودة فتتمثل في ثقافة املنظمة بما فيها ألاساطير‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫القصص‪ ،‬اللغة ّ‬
‫الخارجية املعرفة‬ ‫والرموز إضافة إلى أدوار املهام والرقابة) اليهاكل ونظريات النشاط ‪(.‬في حين توفر الذاكرة‬
‫ّ‬ ‫نظيمية ّ‬ ‫الذاكرة ّ‬‫ّ‬
‫بحد ذاتها إال ّأنها تحتفظ باملعلومات حول ماض ي‬ ‫ّ‬ ‫الت‬ ‫املوجودة في أرشيف خارجي‪ .‬ومع ّأنها ليست جزءا من‬
‫ّ‬
‫املنظمة والتي ُيمكن استرجاعها واستخدامها عند الحاجة‪. .‬و الشكل التالي ّ‬
‫يوضح نموذج (‪.)Dixon‬‬

‫شكل(‪ :)4-2‬نموذج (‪ )Dixon‬للذاكرة التنظيمية‬

‫نجم عبود نجم‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.267-266‬‬

‫‪115‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الخامس ‪ :‬عمليات الذاكرة التنظيمية‬

‫تشمل الذاكرة التنظيمية املعارف العامة للمنظمة والتي توفر ألاسس العملياتية للذاكرة‪ ،‬وتتمثل عمليات الذاكرة‬
‫التنظيمية في اكتساب املعرفة‪ ،‬الاحتفاظ بها وإدامتها‪ ،‬واسترجاعها‪ 1.‬والشكل التالي يوضح العمليات املختلفة للذاكرة‬
‫ّ‬
‫نظيمية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الت‬

‫الشكل (‪ :)2-2‬عمليات الذاكرة التنظيمية‬

‫‪Source: Stein, E. W., op. cit., p24.‬‬

‫أوال‪ :‬عملية اكتساب املعرفة‬

‫يتم الحصـول على املعرفة ّ‬


‫التنظيمية من خالل توظيف عاملين جدد أو التعلم بكافة أشكاله الفردي أو الجماعي‪ .‬فهي‬
‫عملية ناتجة عن مدى وعي املنظمة واطالعها بكل ما يجرى داخلها أو خارجها‪ .‬ويتحقق اكتساب املعرفة من خالل الهياكل‬
‫والخرائط املعرفية التي تعتبر احد املكونات ألاساسية املساعدة على إدامة وحفظ املعرفة داخل الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عملية تخزين املعرفة‬

‫ويشمل كافة آليات ترميز املعلومات من خالل هياكل حفظ املعرفة‪ ،‬على شكل مخططات‪ ،‬نصوص مكتوبة‪ ،‬إجراءات‬
‫ُ‬
‫والنظم والتي تتكيف مع ا ألنواع املختلفة من املعرفة املراد تخزينها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Stein, E. W., op. cit., p24.‬‬

‫‪116‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬نماذج الذاكرة التنظيمية دورها وسائط تخزينها]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ثالثا‪ :‬عملية إدامة املعرفة‬

‫تهدف عملية إدامة املعرفة إلى املحافظة على الذاكرة التنظيمية باستمرار من خالل إتاحة الوصول إلى املعرفة‬
‫والتشارك فيها سواء داخل املنظمة أو مع منظمات أخرى‪ .‬كما تحرص هذه العملية على تكييف وتحديث محتوى الذاكرة بما‬
‫ُ‬
‫يتناسب وتغيرات البيئة ونسيان املعرفة غير املجدية ودمج املعرفة الحديثة مع املعرفة الحالية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬عملية الاسرجاا املعرفة‬

‫تعتمد هذه عملية على تحديد مواقع املعرفة في املنظمة‪ ،‬ثم استرجاعها لدعم عمليات صنع القرار وحل املشكالت‬
‫التنظيمية املختلفة‪ ،‬عن طريق التواصل اللفظي وتفاعل ألافراد‪ .‬وتعتمد هذه املرحلة بشكل كبير على املرحلتين السابقتين‬
‫لعملية الذاكرة التنظيمية‪ .‬وتتأثر عملية استرجاع املعرفة‪ ،‬حسب ‪ ،Girod‬بالنسيان إلارادي أو غير إلارادي‪ .‬تتعرض‬
‫املنظمات إلى النسيان غير إلارادي لعدة عوامل أساسية منها‪ :‬دوران املوظفين‪ ،‬حجب املعلومات وصعوبة تصفية والتحكم في‬
‫‪1‬‬
‫الكم الهائل من املعلومات‪ .‬ويرتبط النسيان إلارادي بأخطاء املنظمة التي تحاول هذه ألاخيرة تفادي تكرارها أو العودة إليها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Girod, M.S., op. cit., p20.‬‬

‫‪117‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬إدا رة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية‬

‫يطرح موضوع العالقة بين الذاكرة التنظيمية وإدارة املعرفة جدال ونقاشا واسعا بين الباحثين‪ .‬فإدارة املعرفة‬
‫تعني إدارة املعرفة التنظيمية من أجل تعزيز امليزة التنافسية ومن خالل تتبع منهجية متكاملة لتحديد‪ ،‬استقطاب‪ ،‬حفظ‬
‫واسترجاع املعرفة املرتبطة بأنشطة املنظمة‪ .‬وقد عرف ‪ ،Prusak & Davenport‬إدارة املعرفة على أنها عملية‬
‫استقطاب‪ ،‬حفظ وتوزيع املعرفة التنظيمية‪ ،1‬بما أن أهم جوانب إدارة املعرفة هو حفظ واسترجاع املعرفة التنظيمية‬
‫وان الذاكرة التنظيمية هي آلالية التي يتم من خاللها تطبيق املعرفة املاضية واستخدامها في الحاضر واملستقبل‪ ،‬فيبدو‬
‫امرأ مشروعا اعتبار الذاكرة التنظيمية كمكون إلدارة املعرفة‪ .‬لذلك‪ ،‬فحسبهما‪ ،‬املصطلحين ليسا بمترادفين‪ :‬فإدارة‬
‫املعرفة‪ ،‬التي تتناول مسألة إدارة املعرفة التنظيمية‪ ،‬تعتبر مجال أوسع بكثير من الذاكرة التنظيمية‪ ،‬وال يمثل تخزين‬
‫‪2‬‬
‫واسترجاع املعرفة التنظيمية إال جزء‪ ،‬وأهم جزء‪ ،‬من عملية إدارة املعرفة ككل‪.‬‬

‫فمجال البحث الخاص بالذاكرة التنظيمية والخاص بإدارة املعرفة عرفا حسب ‪ ،Schwartz & al.‬مسارات‬
‫تطور متسارعة ومتقاربة‪ .3‬ومعظم الباحثين‪( ،‬خاصة ‪ ،)Kuhn & Abecker‬ركزوا على اعتبار الذاكرة التنظيمية كمكون‬
‫أساس ي إلدارة املعرفة‪ ،‬وحجتهم في ذلك في أن الذاكرة التنظيمية‪ ،‬باعتبارها تهتم بالحفاظ على املعرفة من أجل‬
‫الاستخدام الحالي واملستقبلي‪ ،‬يجب أن تتكامل مع إدارة املعرفة وتندمج فيها‪ .4‬وباملثل‪ ،‬يعتبر ‪ Randall & al.‬أن الذاكرة‬
‫التنظيمية هي مفهوم شقيق إلدارة املعرفة‪ ،‬وعمليا يستخدمان كمترادفان‪ .5‬ويقر ‪ Spek & Hoog‬بالعالقة الوطيدة بين‬
‫الذاكرة التنظيمية وإدارة املعرفة عندما بينا بأن املشكلة ألاساسية إلدارة املعرفة هو الاستخدام غير الكافي للمعرفة‬
‫‪6‬‬
‫املخزنة في ذاكرات املؤسسة املنتشرة‪.‬‬

‫لكن حسب وجهة نظر مختلفة‪ ،‬بين بعض الباحثين أن الذاكرة التنظيمية ليست هي نفسها إدارة املعرفة‪،‬‬
‫وينبغي عدم الخلط بينهما‪ .‬وقد ألفت ‪ Morris & Marsh‬الانتباه حول البعد الزمني‪ ،‬وبينوا أن إدارة املعرفة هي‬
‫الحاضر‪ ،‬في حين الذاكرة التنظيمية هي املاض ي‪ .‬أي اعتبرا أن إدارة املعرفة مرتبطة بإدارة املعرفة التي هي قيد الاستخدام‬

‫‪1‬‬
‫‪Jasimuddin, S-M., & al., op. cit., p265.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Davenport, T.H., Prusak, L. (1998), Working Knowledge: How Organizations Manage What They Know,‬‬
‫‪Harvard Business School Press, Boston, p22.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Schwartz, D.G., Divitini, M., & Brasethvik, T. (2000), Internet-Based Organizational Memory and Knowledge‬‬
‫‪Management, Idea Group Publishing, PA, Hershey, p56.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Kuhn, O., & Abecker, A. (1998), Corporate Memories for Knowledge Management in Industrial Practice, In‬‬
‫‪U.M. Borghoff & R. Pareschi, (Eds.), Prospects and challenges. Springer, Berlin, p186.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Randall, D., O’Brien, J., Rounefield, M., & Hughes, J.A. (1996), Organizational Memory and CSCW: Supporting‬‬
‫‪the Mavis Phenomenon, Proceedings of 6t h Australian Conference on Computer-Human Interaction, p6.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪Hoog, R.D., & Spek, R.V.D. (1997), Knowledge Management: Hope or Hype?, Expert Systems with Applications,‬‬
‫‪13(1), p15.‬‬

‫‪118‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الحالي‪ ،‬في حين أن الذاكرة التنظيمية تهتم بتخزين املعرفة املاضية الستخدامها في املستقبل‪ .1‬فهل تعتبر الذاكرة‬
‫التنظيمية مجال بحث مختلف ومستقل كليا عن إدارة املعرفة؟ أم هل يحتويان على نقاط جوهرية مشتركة؟ لحد آلان‪،‬‬
‫هذا التساؤل ليس محسوما من قبل الباحثين‪ ،‬فاألدبيات الحديثة في مجال إدارة املعرفة تعتبر أحيانا الذاكرة التنظيمية‬
‫كجزء من إدارة املعرفة‪ ،‬وأحيانا أخرى تعتبرهما‪ ،‬سواء صدفة أو عن قصد‪ ،‬كمصطلحان مترادفان من دون التفرقة‬
‫بينهما‪ .‬فال يوجد سوى بعض املحاوالت القليلة التي تميز الذاكرة التنظيمية عن إدارة املعرفة وسعت للتركيز على أوجه‬
‫الاختالف والتشابه النظامي فيما بينهما‪.‬‬

‫وبالنسبة لبحثنا‪ ،‬نتبنى التوجه ألاخير‪ ،‬حيث تختلف الذاكرة التنظيمية عن إدارة املعرفة وعلى أساس هذا‬
‫الاختالف نحاول إثبات مدى مساهمة إدارة املعرفة في بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية بما يساعد املنظمة في استثمار‬
‫أفضل الفرص لتحسين آلية التذكر لديها واستغاللها في دعم القرارات الحالية واملستقبلية‪ .‬فمجرد اكتساب املعرفة‬
‫واملهارات الجديدة ال يضمن على إلاطالق استخدامها في املستقبل‪ ،‬إذ قد يصعب إعادة استرجاعها أو فقدانها ونسيانها‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت‪ ،‬ما تتعلمه املنظمة اليوم يؤثر بشكل حتمي في ما ستتعلمه مستقبال من خالل توجيه العمل أو التأثير‬
‫على عملية فهم ألاحداث وتفسيرها‪ .‬فال يجب أن تنتظر املنظمة مغادرة كل عامليها ألاساسيين حتى تعلم بأنها قد تم‬
‫خسارة وفقدان معارفها؛ كما قد يكون ضعف الذاكرات الفردية سببا في ذلك‪ .‬ألجل ذلك‪ ،‬وللقضاء على مشكل زوال‬
‫املهارات وفقدان املعارف‪ ،‬يمكن للمنظمة أن تشجع ثقافة تقاسم ومشاركة املعرفة بين ألافراد واستخدام نظم واليات‬
‫اكتساب وتخزين املعرفة وتقنيات إدارتها لضمان النقل الطبيعي للمعرفة قبل أن تطرأ عليها أي تغيرات جذرية‪ .‬فهي تمثل‬
‫الحلول وألاسس التي تقدمها إدارة املعرفة لضمان اكتساب وحفظ واسترجاع املعرفة (عمليات الذاكرة التنظيمية) بشكل‬
‫فعال والحيلولة دون فقدانها‪ .‬وقد وضح ‪ 2Stein‬و‪ 3Walch & Ungson‬بأن وجود عملية التذكر التنظيمي تتكون من‬
‫أربعة مراحل أساسية والتي تعتبر من أهم عمليات إدارة املعرفة‪ :‬عملية الاكتساب‪ ،‬التخزين‪ ،‬إلادامة واسترجاع املعرفة‪.‬‬

‫ولفهم الذاكرة التنظيمية بشكل معمق نحاول التعرف على أهم النماذج و ألادوات التي تم تطويرها لتصميم و‬
‫بناء هذه الذاكرة التنظيمية‪ ،‬وفق دليل منهجي يستند إلى املراحل التالية‪:‬‬

‫بناء الذاكرة التنظيمية؛‬ ‫‪.3‬‬


‫تحديث الذاكرة التنظيمية؛‬ ‫‪.2‬‬
‫نشر وتوزيع الذاكرة التنظيمية؛‬ ‫‪.1‬‬
‫اسرجاا الذاكرة التنظيمية‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Marsh, C.H., & Morris, E.C. (2001), Corporate Memory and Technical Communicators: A Relationship with a‬‬
‫‪New Urgency, IEEE on Communication Dimensions Proceedings, IEEE International, p10.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Stein, E.W., op. cit., p27.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Walsh, J.P., & Ungson, G.R., op. cit., p62.‬‬

‫‪119‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬عملية امتالك املعرفة وبناء الذاكرة التنظيمية‬

‫نظرا ألهميتها‪ ،‬زاد توجه املنظمات نحو بناء ذاكرة تنظيمية من خالل التركيز على وضع آليات ترميز للمعلومات‬
‫واملعرفة وتأسيس هياكل خاصة لحفظها في شكل مخططات‪ ،‬نصوص مكتوبة‪ ،‬إجراءات ونظم قادرة على التكيف مع‬
‫ُ‬
‫ألانواع املختلفة من املعرفة املراد تخزينها‪ .‬ومنها شركات الطيران التي عملت منذ سنوات على حفظ ذاكرة املشروع من خالل‬
‫حفظ التقارير الرسمية ووثائق التصاميم والنقاشات واملذكرات ومحاضر الاجتماعات‪ .‬ومن جانب آخر حرصت على حفظ‬
‫ذاكرة فريق املشروع ممثلة في ألافكار والقرارات والاتصاالت والبريد الالكتروني من خالل تسجيالت الفيديو والاجتماعات‬
‫املرئية سعيا منها بأن تتعلم من دروسها السابقة وتجاربها في تطوير الذاكرة التنظيمية‪ .‬وبعض املنظمات ألاخرى حاولت‬
‫استخدام أدوات وبرمجيات املجموعات إلدامة الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫على هذا ألاساس‪ ،‬أصبحت التقنيات الحديثة كوسيلة للحصول على املعلومات خارج قاعدة بيانات التنظيم و تعمل‬
‫الشبكات الداخلية للتنظيمات كأماكن لتخزين املشاكل الظرفية التي تم حلها (‪ ،)mémoire épisodique‬حيث يقوم‬
‫فاعلو التنظيم بتغذية جماعات النقاش املتخصصة على الانترنت في كل مرة يوجد فيها الحل املناسب‪ ،‬مما يساعد على تكوين‬
‫ذاكرة تنظيمية تشبه الذاكرة إلانسانية املختصة‪ .‬ويمكن اعتبار بعض هذه التكنولوجيات بتكنولوجيات ذاكراتية‬
‫(‪ ،1)technologies mémorielles‬ألنها تعمل على تخزين املعلومات وكذا التأويالت والعالقات بين هذه املعلومات وحتى‬
‫املعرفة‪ .‬و إذا اعتبرنا التطور الذي عرفته هذه التكنولوجيات في عالقتها مع الذاكرة نجد أنها مرت ب ‪ 3‬أجيال‪:‬‬

‫‪ .1‬ألانظمة الخبيرة )‪( Les systèmes Experts‬‬


‫‪ .2‬أنظمة الذاكرة التنظيمية )‪(Les systèmes Mémoire organisationnelle OMS‬‬
‫‪ .3‬أنظمة إدارة املعرفة )‪(Les systèmes de KM‬‬

‫وهو ما يدفعنا إلى اعتبار أن الربط بين أنظمة إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية يمكن من التعامل مع املظهرين‬
‫ألاساسيين للمعرفة التنظيمية‪ ،‬من خالل تسهيل عملية الحصول عليها سواء داخليا أو خارجيا وكذا مع إشكالية تخزينها أو‬
‫دمجها في العالقات والتفاعالت الحاصلة على املستويين الفردي والجماعي‪ .‬أي أنه أصبح من السهل على الفرد الحصول على‬
‫املعلومة واملعرفة سواء كانت مخزنة أو متحركة‪ ،‬داخل التنظيم أو خارجه‪.‬‬

‫وتعد الذاكرة التنظيمية‪ ،‬على هذا ألاساس‪ ،‬واحدة من أهم املفاهيم التي ترتبط ارتباطا وثيقا بإدارة املعرفة فهي‬
‫تمثل تصورا تسعى املنظمة إلى تطبيقه على ارض الواقع و كذا وسيلة تدفعها إلى الوصول إلى تحقيق بقية ألاهداف‪ .‬وعلى‬

‫‪1‬‬
‫‪Ellaouadi, M., & Fourati, A.A., (2002), Hétérogénéité de la mémoire, structure et techniques de l’information‬‬
‫‪.organisationnelles, Un cadre de recherche intégrateur étendu, Institut supérieur de gestion de Tunis, Université‬‬
‫‪de Sfax, p6.‬‬

‫‪120‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫اعتبار أن دراستنا اعتمدت كلها على إدارة املعرفة كوسيلة للتعامل مع املعرفة التنظيمية‪ ،‬فإن الذاكرة التنظيمية تأخذ‬
‫قيمة محورية كونها تشكل دعامة أساسية للمعرفة التنظيمية وتشكيلها أو بنائها من خالل طرق رسملة املعرفة‪ .‬هذه ألاخيرة‬
‫تعتبر مرحلة أساسية من مراحل إدارة املعرفة واملتجسدة في عملية امتالك املعرفة‪.‬‬

‫وحسب ‪ ،Jean Yves Prax‬فإن عملية الرسملة (‪ )La capitalisation‬تمثل الانتقال من الذاكرة الجماعية إلى‬
‫الذاكرة التنظيمية‪ ،‬والتي تعرف بأنها رأس املال املعرفي املتاح بصفة مستقلة عن الفاعلين الذين أوجدوه‪ ،‬أي أنها املوجودات‬
‫الخاصة باملنظمة التي ستبقى وإن رحل فاعلوها‪ ،‬وفي غياب لعملية رسملة واضحة تضيع وتفقد املعرفة الجماعية‪ ،‬وتبقى‬
‫‪1‬‬
‫عبارة عن مجموعة من التجارب املعزولة‪.‬‬

‫ومن خالل أعمال ‪ Polanyi2‬و‪ ،Dieng & al.3‬تعتبر الذاكرة التنظيمية مجموعة من املعارف الصريحة (التي‬
‫تنقل عن طريق اللغة‪ ،‬والتي يمكن امتالكها وإيصالها عن طريق الكتابة أو العرض بواسطة الوثائق وقواعد البيانات‪،)...‬‬
‫واملعارف الضمنية (املعرفة التي نملكها وال ندركها‪ ،‬يصعب تحديدها‪ ،‬وإضفاء الطابع الرسمي عليها‪ ،‬أو التواصل بها عن‬
‫طريق اللغة)؛ كما يمكن اعتبارها بأنها تمثيل ملعرفة املنظمة وبصورة دائمة ويمكن أن تشمل على سبيل املثال‪ ،‬معرفة‬
‫حول املنتجات وعمليات إلانتاج والعمالء واستراتيجيات املبيعات والنتائج املالية والخطط إلاستراتيجية وألاهداف‪ ...‬فيتم‬
‫بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية حسب ‪ ،Pomian‬من اجل «الحفاظ على كل من السلوكيات‪ ،‬املواقف‪ ،‬املعرفة وكل‬
‫‪4‬‬
‫أنواعها‪ ،‬إلعادة استخدامها في وقت الحق أو في أقرب وقت ممكن‪ ،‬وحتى التناقضات بكل تنوعها »‪.‬‬

‫وتهدف عملية رسملة املعرفة إلى الكشف عن املعرفة عن طريق تعريفها وتحديد موقعها في املؤسسة‪ ،‬وهي تتطلب‬
‫إدارة املوارد املعرفية‪ ،‬من أجل تثمينها و سهولة الوصول إليها‪ ،‬مشاركتها‪ ،‬استخدامها ودمجها‪ .5‬ويمكن تمثيل عملية رسملة‬
‫املعرفة بالشكل املوالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Prax, J.Y. (2003), Le guide du knowledge management, Dunod, France, p53.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Polanyi, M., op. cit.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Dieng, K.R., & al. (2001), Méthodes et outils pour la gestion des connaissances: Une approche pluridisciplinaire‬‬
‫‪du knowledge management, 2e éd, Dunod, Paris, p44.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Pomian J., op. cit., p46.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Stewart, T.A. (1991), How Intellectual Capital Is Becoming Americans Most Valuable Asset, Fortune, p11.‬‬

‫‪121‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الشكل (‪ :)9-2‬عملية رسملة املعرفة‬

‫معرفة‬
‫اسرجاتیجیة‬

‫‪Source: Barthése J.PA., Capitalisation des connaissances et intelligence artificielle,‬‬


‫‪www.hds.fr/IIIA-pub/IIIA-art97-gpb‬‬

‫وضمن سياق رسملة نظام املعرفة ونمذجته في املؤسسة توجد العديد من الطرق املختلفة سنذكر أهمها‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬طريقة إدارة نظام املعرفة ‪MKSM‬‬

‫لقد تم تطوير طريقة ‪ )MKSM( Method for Knowledge System Management1‬من قبل لجنة‬
‫الطاقة الذرية (‪ )CEA‬بفرنسا‪ ،‬على يد ‪ ERMINE J.L‬وفريقه سنة ‪ ،1996‬وتعتبر منهجية للتحليل تسمح ولو جزئيا‬
‫بالسيطرة على التعقيد في مشاريع إدارة املعرفة‪ ،‬قبل التوصل إلى مشروع عمل شامل‪ .‬استعملت في ثالثة ميادين أساسية‪:‬‬
‫التجارب النووية‪،‬النيترونات السريعة‪ ،‬تخصيب اليورانيوم بأشعة الليزر‪ ،‬وهي عبارة عن نموذج (عملية‪/‬معلومة‪/‬قرار)‪ .‬تتم‬
‫عملية النمذجة في إطارها على أساس فهم دور الخبير ونشاطه في املؤسسة‪ ،‬وإدراك املعلومات التي ينتجها والتي يستهلكها‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن ثم القرار املناسب الذي يتخذه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cortes Robles, G. (2006), Management de l’innovation technologique et des connaissances: Synergie entre la‬‬
‫‪théorie TRIZ et le Raisonnement à Partir de Cas, Application en génie des procédés et systèmes industriels, Thèse‬‬
‫‪de doctorat de l’Institut National Polytechnique de Toulouse, p66.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ermine, J.L., Chaillot, M., Bigeon, P., Charreton, B., & Malavieille, D, (1996), MKSM Méthode pour la gestion‬‬
‫‪des connaissances, Ingénierie des systèmes d'information, AFCET-Hermès, Vol 04, N° 04, p549.‬‬

‫‪122‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫بموجب هذه الطريقة‪ ،‬يعتبر نظام املعرفة للمؤسسة نظام معقد يدمج نظم أخرى بداخله مثل نظام إدارة الوثائق‪،‬‬
‫نظام املعلومات‪ ،‬نظام إدارة الجودة‪ ...‬والتي غايتها املالحظة والتحكم في نظام املعرفة في مجمله وبتعقيده‪ .‬فهي بالتالي تنظر‬
‫إلى نظام املعرفة كنظام شامل يتكون من ثالثة محاور متكاملة‪ :‬محور تنظيمي‪ ،‬محور وظيفي ومحور تطوري‪.‬‬

‫‪ ‬املحور التنظيمي‪ :‬ينظر إلى النظام كمجموعة من العناصر املتفاعلة؛‬


‫‪ ‬املحور الوظيفي ‪:‬ينظر إلى النظام على انه متدخل "يقوم بوظيفة معينة"؛‬
‫‪ ‬املحور التطوري (الزمني)‪ :‬ينظر إلى النظام من جانب تطوره عبر الزمن في عالقته وارتباطه بمشروعه‪.‬‬

‫وهذه الطريقة مدعمة بثالثة مفاهيم أساسية‪:‬‬

‫‪ ‬ميدان النشاط الذي نحاول نمذجة معرفته ليس إال جزءا من كل كبير‪ ،‬يجب أوال أن ينظر إليه في عالقته‬
‫الوظيفية مع بيئته‪ ،‬من دون التركيز في بداية ألامر على بناء صورة ممثلة صحيحة وكاملة عن بنيته الداخلية‪.‬‬
‫‪ ‬يجب الاهتمام بالبحث عن تصور مليدان النشاط‪ ،‬ال على تحليله‪.‬‬
‫‪ ‬نظام املعلومات يجب أن ينظر إليه كوسيط ينظم التراسل بين نظام التخاذ القرار ونظام عملي تشغيلي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عند تنفيذ طريقة (‪ ،)MKSM‬يجب مراعاة ما يلي‪:‬‬

‫‪ )1‬إعداد مخطط يوجه إدارة املعرفة‪ ،‬بحيث يتم التركيز فيه على أن تكون املعرفة التي يتم نمذجتها أداة حقيقية‬
‫للمساعدة على اتخاذ القرار في ميدان النشاط املعني‪.‬‬
‫‪ )2‬إعداد مخطط لتحليل املخاطر‪ ،‬والذي يسمح بتأهيل تحديات الرسملة لكل ميدان للنشاط‪.‬‬
‫‪ )3‬تحديد الصعوبات التي تواجهها املؤسسة في الوصول للمصادر التي عليها الرجوع إليها من حيث التحليل‪ ،‬الرسملة‪،‬‬
‫الحجم‪ ،‬التعقيد والطبيعة‪.‬‬
‫‪ )4‬مدى حساسية املعرفة بالنسبة للمؤسسة‪ :‬هل هي حاسمة‪ ،‬هل هي مفقودة‪ ،‬ما هي أهميتها بالنسبة للمؤسسة‪ ،‬ما‬
‫هي الفائدة املستقبلية لها؟‬
‫‪ )5‬الفائدة التي سيجنيها املستخدم من وراء هذه املعرفة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وتنفذ طريقة (‪ )MKSM‬عن طريق سلسلة من عمليات النمذجة الدقيقة وهي‪:‬‬

‫‪ ‬نموذج نظام املصادر املعرفية‪ :‬في هذه املرحلة نعرف ونحدد النظام الذي نرغب العمل فيه‪ ،‬ونقوم بإنشاء‬
‫خريطة للمعرفة‪ ،‬بتعريف امليادين ألاساسية لنشاط املؤسسة وتدفقات املعرفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ermine, J.L. (2003), La gestion des connaissances, Hermès Science Publications, Lavoisier, France, p190.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Prax, J.Y., op. cit., p277.‬‬

‫‪123‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ ‬نموذج امليدان ‪ :‬في هذه املرحلة يتم وصف ميدان معين بمجموعة العمليات التي تجري فيه‪ .‬من أجل هذا‪ ،‬ترتكز‬
‫على نمذجة (مصدر املعرفة‪ ،‬الهدف منها‪ ،‬التدفق‪ ،‬الحقل املعرفي)‪ ،‬وتستكمل عملية الوصف ببطاقات تحليلية‬
‫من قبل الخبراء (معايير‪ ،‬نماذج كاملة‪ ،‬أوامر‪ ،‬قواعد‪ ،‬إجراءات)‪.‬‬
‫‪ ‬نموذج النشاط‪ :‬في هذه املرحلة يتم إجراء تحليل للنشاط الذي ينتج أو يستعمل املعرفة‪ .‬وهي عبارة عن تحليل‬
‫وظيفي نازل‪ ،‬يجزأ كل نشاط فيه حسب التسلسل الهرمي إلى مهام‪ ،‬موجه ببيانات متصلة بتدفقات‪.‬‬
‫‪ ‬نموذج املهام‪ :‬ينمذج املعرفة الديناميكية املتحركة‪ ،‬بمعنى تمثيل إستراتيجية حل املشكل أو عملية استخدام‬
‫املعرفة الساكنة‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد نموذج املفاهيم‪ :‬في هذه املرحلة نقوم بوصف معاني الكلمات مليدان النشاط‪ ،‬املفاهيم وخصوصيات ميدان‬
‫املجال املعرفي أي نمذجة املعرفة الساكنة‪.‬‬

‫الفر الث اني ‪ :‬طريقة ‪KADS‬‬

‫تعتبر طريقة ‪ )KADS( Knowledge Acquisition and Structuring‬طريقة منهجية لتحليل ونمذجة‬
‫املعرفة املتقاسمة‪ ،‬ظهرت سنة ‪ 1985‬في الجامعة الحرة ألمستردام بهولندا في إطار البرنامج الاستراتيجي ألاوروبي للبحث في‬
‫مجال تكنولوجيا املعلومات (‪ 1)ESPRIT‬حيث كانت تسمى طريقة اكتساب املعرفة وتنظيم الوثائق‪ ،‬وعرفت تغيرات عميقة‬
‫منذ ‪ 1990‬ليصبح اسمها تحليل املعرفة وتصميم النظام‪ .‬بالتالي فهي تهدف إلى "التمكين من نمذجة املعرفة املستخدمة‬
‫من طرف الخبراء لحل املشاكل تبعا آلفاق مختلفة"‪ ،2‬وتستند على افتراض أن تقاسم املعرفة يقوم على أساس الاتصال‬
‫وإعادة خلق املعرفة التي يمكن تقسيمها حسب ثالث فئات‪:‬‬

‫‪ )1‬معرفة" امليدان ‪":‬تصف املعرفة ذات الصلة بالنظر إلى نطاق العمل‪ ،‬من مفاهيم نظرية وعالقات‪.‬‬
‫‪ )2‬معرفة" الاستدالل ‪":‬تصف خطوات التفكير املتبعة في نطاق العمل املدروس‪.‬‬
‫‪ )3‬معرفة" املهمة ‪":‬تصف التحلل الهرمي ملهمة ما في مهمة فرعية‪ ،‬إلى غاية املهام ألاولية ألادنى مستوى من الشجرة‪.‬‬
‫‪ )4‬معرفة" املشكل ‪":‬تصف إلاستراتيجية املتبعة في حل مشكلة ما‪.‬‬

‫تستخدم طريقة ‪ KADS‬ستة نماذج لتحليل املعرفة‪ :‬نموذج املؤسسة‪ ،‬املهمة‪ ،‬الوكيل‪ ،‬الاتصاالت‪ ،‬املعرفة‬
‫‪3‬‬
‫والتصميم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪European Strategic Program on Research in Information Technology.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Pachulski, A. (2001), Le repérage des connaissances cruciales pour l’entreprise: Concepts, méthode et outils,‬‬
‫‪Thèse de doctorat à l’Université Paris IX.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Dieng, K.R., & al., op. cit., p49.‬‬

‫‪124‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ ‬نموذج الخبجة‪ :‬هو النموذج ألاساس ي الذي يحاول نمذجة العمليات التي يتبعها الخبير لحل املشكلة‪ ،‬حيث أن‬
‫الخبير معني بإتباع قواعد إستراتيجية خاصة‪ ،‬ضمنية أو صريحة‪ ،‬التي يقترح جعلها رسمية‪ ،‬ويعتمد على عدة أنواع‬
‫من املعرفة واملتمثلة في الفئات ألاربعة من املعرفة التي قمنا بذكرها سابقا‪.‬‬
‫‪ ‬نموذج املؤسسة‪ :‬ويصف املؤسسة ككل وكذلك وظائفها‪ ،‬حيث يصف املؤسسة التي سوف يستعمل فيها النظام‪،‬‬
‫كما يصف التعديالت املحتملة للهيكل التنظيمي‪ .‬هذا النموذج يسمح بتحديد املناطق الواعدة في املؤسسة من‬
‫اجل نظام قائم على املعرفة‪ ،‬ويحلل ألاثر على النشاطات‪ .‬كما يصف مختلف املهام املنفذة في البيئة التي نقترح‬
‫وضع نظام قائم على املعرفة فيها‪ ،‬حيث توصف املهام باستقاللية عن ألاشخاص الذين ينفذونها‪.‬‬
‫‪ ‬نموذج العون (‪ :)Agent‬يصف ويحدد مختلف ألاعوان من ألافراد أو الحواسيب املعنية بتأدية املهام‪ .‬كما يصف‬
‫مساهمات ألاعوان الذين يقومون بتنفيذ املهام‪ ،‬ويحدد كل ألاعوان املعنيين باملشروع ومن هنا تحديد املستخدمين‬
‫املستقبليين للنظام‪ ،‬سواء كان هؤالء ألاعوان أفرادا أو تطبيقات الحاسوب‪.‬‬
‫‪ ‬نموذج الاتصال‪ :‬فهو يصف الاتصال بين مختلف ألاعوان "من أفراد أو آالت"‪ .‬كل مهمة تملك اتصال يتعلق‬
‫بتنفيذها‪ .‬فنموذج الاتصال يصف التفاعالت بين ألاعوان ويمنح آلاليات من اجل تحسين قدرة الاتصال لألعوان‬
‫أثناء تنفيذ مهامهم‪.‬‬
‫‪ ‬نموذج التصميم‪ :‬ويتعلق بتصميم نظام ذو قاعدة معرفية موجه لتطبيق املعرفة املنمذجة‪ .‬فهو الرابط بين‬
‫النماذج املفاهيمية (املهام‪ ،‬ألاعوان‪ ،‬الاتصال) وتطبيقاتها املحوسبة والوظائف املفصلة للنظام‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬طريقة ‪KALAM‬‬

‫تتميز طريقة ‪ )KALAM( Knowledge And Learning in Action Mapping‬عن الطرق ألاخرى‬
‫(‪ )KADS ،MKSM‬في كون ألافراد يمثلون جوهر عملية النمذجة‪ ،‬بحيث يعتبر البعد التشاركي جوهر هذه الطريقة‬
‫ويمكن لألفراد إعادة تكييفها بما يخدم احتياجاتهم بأنفسهم‪ ،‬ويعتبر ذلك الش يء املحوري لها‪ .‬وقد تطورت هذه الطريقة‬
‫على يد ‪ Jean-Yves Parx‬بمـكتب لالستشارات )‪ ،(POLIA Consulting‬وتعتمد على خريطة املعرفة والكفاءات املهمة‬
‫‪1‬‬
‫في تنفيذ مهام عملية حساسة بالنسبة للمؤسسة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫تمر هذه الطريقة بعدة مراحل يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ )3‬رسم مخطط منطقي للعمليات الحساسة والجوهرية‪ :‬في هذه املرحلة يتم تحديد العمليات ذات ألاهمية الخاصة‬
‫بنشاط املؤسسة (جوهر املهنة)‪ ،‬وجمع الفاعلين املتدخلين في هذه العملية‪ ،‬ورسم مخطط منطقي للعمليات‬
‫بشكل تشاركي تظهر فيه أدوار ألافراد في انجاز هذه العمليات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Prax J.Y., op. cit., p280.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫‪125‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ )2‬وصف تدفق املعلومات‪ :‬في هذه املرحلة يتم وصف تدفق املعلومات املصاحبة للعمليات الجوهرية بالنسبة‬
‫للمؤسسة‪ .‬ومن أجل القيام بهذه املهمة‪ ،‬يجب تحديد أي معلومة تحتاجها هذه العمليات‪ ،‬وفي أي شكل تحتاجها‪،‬‬
‫وفي أي وقت‪ ...‬ومن هنا يمكن تحديد نوعين من املعلومات‪:‬‬

‫‪ -‬معلومات ساكنة "ثابتة"‪ :‬على شكل وثائق‪ ،‬على سبيل املثال بطاقات املنتجات أو بطاقات التطبيقات‪،‬‬
‫بطاقات ألامن‪ ،‬بمعنى املعلومات غير املرتبطة باملجريات الحالية ولكن ضرورية لتنفيذ العمليات؛‬
‫‪ -‬املعلومات الحالية في حالة املعالجة‪ ،‬حيث تبقى هذه املعلومات جارية على مدار العملية‪.‬‬

‫‪ )1‬وصف من يقوم بماذا داخل املؤسسة‪ :‬أثناء هذه املرحلة يتم تحديد من يفعل ماذا‪ .‬وال يتعلق ألامر بمخطط‬
‫املرحلة التي ترتكز عليها طريقة الوظائف‪ ،‬ألن عناوين ألافراد غالبا ال تعطي أي استعالمات عن النشاطات‪ ،‬وإنما‬
‫تحاول إيجاد الشخص املناسب الذي يقوم بمهمة معينة في مكان معين‪ ،‬وهنا يجب تحديد عنصرين أساسيين‪:‬‬

‫‪ -‬الوظيفة املسندة على املهمة‪ :‬هي الرابط بين الوظيفة واملهمة‪.‬‬


‫‪ -‬الشخص املسند على الوظيفة‪ :‬هي الرابط بين الشخص والوظيفة‪.‬‬

‫‪ )4‬مؤشر النقاط الحراة ونقاط الضعف‪ :‬هذه املرحلة تتعلق بتخصيص مؤشر لكل مهمة في إطار العملية ككل‪،‬‬
‫وانطالقا من مرحلة من يفعل ماذا يمكن أن نحسب ضعف املؤسسة أو القسم باملقارنة مع الكفاءات املوجودة‪.‬‬
‫فهناك عدة حاالت تكون فيها املؤسسة ضعيفة بالنسبة لبعض ألافراد أي في تبعية لهم‪ ،‬الن هؤالء ألاخيرين يعتبروا‬
‫الوحيدين الذين يعرفون أين توجد بعض الوثائق املهمة‪ ،‬أو هم الوحيدين الذين يملكون هذه املعرفة‪.‬‬

‫‪ -‬مثال عن الضعف العالي‪ :‬إذا كانت هناك مهمة معينة في املؤسسة تستدعي خبرة وحيدة من الصعب جدا‬
‫استبدالها‪ ،‬وال يوجد في املؤسسة إال شخص واحد عمره أكثر من ‪ 58‬سنة‪ ...‬أو إذا قامت املؤسسة ببرمجة‬
‫معينة أو ترتيب معين عن طريق مقاول من الباطن وهو الوحيد الذي لديه املخطط والذي يستطيع القيام‬
‫بالصيانة‪....‬‬
‫‪ -‬مثال عن الضعف الخفيف‪ :‬كفاءة غير مهمة نسبيا وألافراد املكلفين بها يمكن تغيرهم‪ ،‬فالكفاءة املتحكم فيها‬
‫بشكل كبير يمكن‪ ،‬إيجاد فرد آخر يقوم بها‪ ،‬أو استخراجها من املؤسسة‪.‬‬

‫‪ )5‬تحديد املعرفة العامة واملتخصصة املتعلقة بانجاز املهمة‪ :‬في هذه املرحلة تطرح املؤسسة سؤالين مهمين هما‪:‬‬

‫‪ -‬السؤال ألاول‪ :‬ما هي الكفاءات العامة الضرورية للفرد حتى يكون كفؤا (مهنيا) في وظيفته؟ وهو الذي يحدد‬
‫املعرفة العامة‪ ،‬حيث يتم استهداف الكفاءات ألاساسية والخلفية العلمية عن املهنة‪ ،‬الشهادة العلمية‪،‬‬
‫التكوين املتواصل )‪...‬والخبرة املكتسبة في ميدان النشاط‪ ،‬تمكننا من أداء وظيفة معينة‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ -‬السؤال الثاني‪ :‬ما هي املعرفة الضرورية للفرد من اال أن يكون كفؤا (عمليا) في مهمته؟ وهو الذي يحدد‬
‫املعرفة املتخصصة املتعلقة بانجاز املهمة (املهارات الفنية والخبرة املتخصصة) انطالقا من إجراء تقاطع بين‬
‫النقاط الحرجة‪/‬الضعف للمؤسسة واملعرفة العامة واملتخصصة املتوفرة فيها (أو السائرة في طريق الاختفاء)‪.‬‬
‫تستطيع املؤسسة تكوين قاعدة معرفية تسمح لها نسبيا باتخاذ قرار الاستثمارات ألاساسية وعلى املدى البعيد‬
‫في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬التكوين املنهي‪ ،‬إلارشاد‪ ،‬الرسكلة؛‬


‫‪ ‬سياسة التوظيف؛‬
‫‪ ‬إدخال ‪/‬تخريج بعض املهام و النشاطات؛‬
‫‪ ‬النظر في بعض العمليات الكلية ألاساسية ‪:‬اندماج ‪ /‬دمج مؤسسات؛‬
‫‪ ‬تعزيز شبكات الاتصال‪.‬‬
‫‪ ‬توفير الدعائم التكنولوجية للمعرفة‪:‬‬

‫توفير قاعدة تقنية تكنولوجية تسمح بالعمل على الشبكة والوصول إلى مجموع املعلومات واملعرفة‪ ،‬وإدماج عمليات‬
‫الرسملة (الفهرسة‪ ،‬التوثيق) في املهمة ذاتها بالتزامن معها‪ .‬مثلما قمنا باملقارنة بين مختلفة طرق رسملة املعرفة في املبحث‬
‫السابق سنحاول هنا كذلك املقارنة بين مختلف طرق نمذجة نظام املعرفة التي تعرضنا لها‪ ،‬وهذا دائما في محاولة منا‬
‫لتسهيل ألامر على القارئ‪ .‬عموما يكمن الفرق الوحيد بينها في كون الطريقتين ألاوليتين تم وضعهما من قبل أكاديميين‪،‬‬
‫حيث تكمن نقاط قوة كل من ‪ MKSM ،KADS‬في أهمية النماذج املقدمة‪ ،‬إال أن نقاط ضعفهما تكمن في الصعوبة‬
‫الكبيرة في تطبيقهما‪ .‬أما طريقة ‪ ،KALAM‬فهي أكثر بساطة في تصميمها‪ ،‬وهدفها عملي‪ ،‬وتصلح لدعم الديناميكية‬
‫التشاركية‪.‬‬

‫الفر الرابع ‪ :‬طريقة عودة الخبجة ) ‪( REX‬‬

‫تعتبر طريقة استرجاع الخبرة (‪ 1)REX‬من بين أكثر طرق رسملة املعرفة استعماال‪ .‬حيث يكمن الهدف ألاساس ي لها‬
‫في إدارة املعرفة من أجل الوصول إلى استرجاع خبرة املؤسسة » ‪ ،«Retour d’Expérience‬املخزنة والعمل على‬
‫استغاللها‪ .‬وتأسست هذه الطريقة عام ‪ 1987‬في محافظة الطاقة الذرية )‪ 2(CEA‬بفرنسا‪ ،‬وصممت بهدف استرجاع‬

‫‪1‬‬
‫‪Buscal, C. (2000), Rex, MKSM, Kads: le choix de la méthode : Knowledge management: premier rouage,‬‬
‫‪Archimag, N°137, Paris, p24.‬‬
‫‪2‬محافظة الطاقة الذرية )‪ : (CEA‬هيئة عمومية فرنسية لها تسعة مراكز‪ ،‬تضم ‪ 15‬ألف باحث ومتعاون‪ ،‬تعمل هذه املحافظة أساسا في ثالث‬
‫مجاالت رئيسية وهي الطاقة النووية‪ ،‬تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬الصحة والدفاع وألامن‪ ،‬وتعمل على إجراء البحوث ألاساسية في هذه املجاالت تقوم‬
‫أساسا بتصميم صناعة وإنشاء وصيانة املفاعالت النووية ألهداف سلمية وعسكرية كما تعمل في مجال النانو تكنولوجيا خاصة في مجال‬
‫الاتصاالت‪ ،‬كما تعمل على استخدام التكنولوجيا النووية ألهداف صحية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الخبرات املرسملة والناتجة عن تصميم وتشغيل املفاعالت النووية‪ ،‬على مستوى دوره الحياة الصناعية‪ ،‬من اجل تفادي‬
‫‪1‬‬
‫تكرار ألاخطاء في التصميمات وإعادة استخدام وفهم الخيارات املتبعة مع الاحتفاظ بأسباب اتخاذ القرارات‪.‬‬

‫وقد تم تطبيقها في نشاطات مختلفة ذات طابع صناعي (صناعة نووية‪ ،‬طائرات‪،‬سفن‪ ،‬سيارات‪ ،‬صناعة كيميائية‪)...‬‬
‫‪.‬املبدأ ألاساس ي لهذه الطريقة هو بناء عناصر املعرفة مثل‪ :‬عناصر الخبرة املستنبطة من نشاط معين‪ ،‬والعمل على‬
‫استرجاعها حتى يتمكن املستخدم من استخدامها وإضافة قيمة لها‪ ،‬مع مراعاة تخزين عناصر املعرفة قبل إعادة‬
‫‪2‬‬
‫استخدامها‪.‬‬

‫و تشتمل هذه الطريقة في املرحلة ألاولى على جمع عناصر املعرفة‪ ،‬والتي ليست فقط عناصر املعرفة الرسمية ولكن‬
‫أيضا عناصر املعرفة ألاخرى والتي تكون في شكل صور‪ ،‬فيديوهات‪ ،‬رسوم بيانية‪ ...‬ويتم وصف عناصر املعرفة ضمن‬
‫نصوص مكتوبة على شكل لوحة تقنية قصيرة تسمى « بطاقة املعرفة »‪ ،‬ويستكمل هذا الوصف‪ ،‬بوصف مجال املعرفة‬
‫‪3‬‬
‫بناءا على وجهات النظر املختلفة لعدة خبراء‪.‬‬

‫تتم مرحلة امع الخبجات من خالل تحليل الوثائق واملقابالت مع املختصين والخبراء‪ ،‬ليتم بعد ذلك ترقيم هذه الخبرات‪،‬‬
‫وحفظها‪ ،‬ثم إتاحتها ألفراد املنظمة‪ ،‬بعد ذلك يمكن للمستخدمين تقديم مساهماتهم في إثراء هذه الخبرات بمجرد إتقانهم‬
‫ملفهوم عناصر املعرفة التي أتيحت لهم‪ .‬يتم بعد ذلك جمع عناصر املعرفة في شكل ملفات مرتبة حسب ألاهمية املتناقصة‬
‫لها مقارنة بالطلب عليها‪ ،‬انطالقا من هنا يمكن الرجوع إلى عناصر املعرفة عن طريق تصفح بطاقات الخبرة ‪-‬امللفات أو‬
‫‪4‬‬
‫الوثائق‪ -‬املرتبطة بمراكز ألاهمية بالنسبة لنشاط املؤسسة‪.‬‬

‫فمهما يكن شكل املعرفة التي نريد رسملتها ومن ثم استرجاعها يتم وصفها والتعبير عنها في نص كتابي على شكل لوحة‬
‫‪5‬‬
‫تقنية قصيرة أو « بطاقة » تحمل ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬ازء متعلق بالسياق (‪ :)Context‬يشير إلى املعرفة وفق سياق ميدان النشاط املعني؛‬
‫‪ ‬ازء متعلق باملضمون‪ :‬يتم عرض املعرفة في شكل ملخص‪ ،‬مثل وصف عمل ما تمت متابعته ومالحظته‪ ،‬أو‬
‫وصف مشكلة ما واجهتها املؤسسة‪ ،‬والحل الذي قامت باستخدامه للتخلص منها؛‬

‫‪1‬‬
‫‪Barthelme-Trapp, F., & Vincent, B. (2011), Analyse comparée de méthodes de Gestion des connaissances pour‬‬
‫‪une approche managériale, Xième Conférence de l’Association Internationale de Management Stratégique (AIMS),‬‬
‫‪Faculté des Sciences de l’administration, Université Laval, Québec, p9.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Matta. N., Corby. O., & Ribière, M. (2006), Méthodes de capitalisation de mémoire de projet, HAL archive‬‬
‫‪ouvert, p29.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Prax J.Y., op. cit., p240.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Matta. N., Corby. O., & Ribière, M., op. cit., p30.‬‬
‫‪5‬العقاب كمال (‪ ،)2113‬إدارة املعرفة في املؤسسة‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬ص‪.85‬‬

‫‪128‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ ‬ازء متعلق بالتحليل‪ :‬يحمل وجهة نظر املؤلف من قام بتحرير النص الذي يحتوي على عناصر املعرفة‪ ،‬ممثلة في‬
‫شكل اقتراح‪ ،‬تعليق‪ ،‬تفسير‪ ،‬توجيه‪.‬‬

‫لنحصل في ألاخير على ملف خاص بميدان النشاط املعني‪ ،‬يتكون من مجموعة بطاقات معرفة كل بطاقة خاصة‬
‫بخبير معين‪ .‬الفائدة من هذا التنوع بالنسبة للمستخدم‪ ،‬تظهر عندما يقوم بتحرير طلب على مفهوم ما‪ ،‬فإنه يتلقى ملف‬
‫يتكون من قائمة تعرض املفهوم املنظور إليه من طرف عدة مختصين‪ ،‬ومجموع وجهات النظر هذه هي التي تعطي خاصية‬
‫بيداغوجية لعرض املفهوم‪ .‬وتكون عناصر املعرفة حسب هذه الطريقة منظمة في شكل شبكة تشكل نموذج ملعرفة ميدان‬
‫النشاط‪ ،‬هذا التنظيم يتكون من ثالثة شبكات ‪:‬‬

‫‪ ‬شبكة الوصف‪ :‬تحمل مختلف وجهات النظر التي تصف ميدان النشاط املعني‪ ،‬وتكون على شكل تمثيل تخطيطي‬
‫جزئي‪ ،‬منظم مليدان معين؛‬
‫‪ ‬شبكة لغوية‪ :‬تعد اللغة من بين الصعوبات الكالسيكية املعروفة في املؤسسة‪ ،‬من هذا الواقع‪ ،‬فالشبكة التي تتكون‬
‫من متتالية من القوائم املكتوبة وبالخصوص من قبل عدة خبراء ومختصين نجدها تختلف في الشكل ومن حيث‬
‫املصطلحات املستخدمة‪ .‬ومن هنا نجد أنه من الضروري وضع شبكة لغوية للمفردات‪ ،‬تضع عالقات بين الكلمات‬
‫واملجموعات الاسمية مليدان النشاط املعني بذلك‪.‬‬
‫‪ ‬شبكة السياق‪ :‬تتضمن مجموع وجهات النظر التي تصف سياق ميدان النشاط‪ :‬من‪ ،‬متى‪ ،‬ماذا‪ ،‬أين‪ ،‬ملن‪ ،‬بماذا‪...‬‬
‫وإضافة معايير كيفية (السرية‪ ،‬ألاهمية‪ ،‬الخطورة)‪ ...‬ومعايير تقنية خاصة بامليدان (املهن)‪ ،‬مراحل املشروع‪ ،‬ألادوات‪،‬‬
‫فريق العمل‪ ...‬وبعدها تكون السيرورة من عمليات املؤسسة قد شكلت قاعدة معرفة تتاح إلى ألافراد الستخدامها في‬
‫أداء عملهم‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬تساهم إدارة املعرفة في بناء الذاكرة التنظيمية من خالل رسملة املعرفة التي تتيح العديد من املعارف‬
‫الصريحة لألفراد والعمل على تقاسمها داخل املنظمة‪ :‬كاملعرفة التقنية الفردية أو الجماعية‪ ،‬أسرار العمل‪،‬‬
‫املعرفة املتعلقة بتاريخ املنظمة‪ ،‬والسياقات الخاصة باتخاذ القرار‪ ...‬ووفقا لألهداف املنشودة في بناء الذاكرة‬
‫املؤسسية‪ ،‬وتبعا لطبيعة املعرفة التي تم رسملتها‪ ،‬يمكن التمييز بين الذاكرة التنظيمية إلادارية‪ ،‬الذاكرة التقنية‪،‬‬
‫ذاكرة املهنة‪ ،‬الذاكرة الفردية وذاكرة املشروع‪ .‬وحسب طبيعة مصادر الخبرة املتاحة وأهداف الذاكرة التنظيمية‬
‫على مستوى املستخدمين‪ ،‬يمكن أن تأخذ الذاكرة شكل نظام وثائق‪ ،‬قاعدة املعرفة‪ ،‬قاعدة الحاالت أو مزود‬
‫املعرفة عبر الانترنت‪ .‬مما يمكن طرح الفرضية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تساعم عملية امتالك املعرفة في بناء الذاكرة التنظيمية‬

‫‪129‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املطلب ال ثاني ‪ :‬عملية اكت شاف املعرفة وتحديث الذاكرة التنظيمية‬

‫يتم الحصـول على املعرفة ّ‬


‫التنظيمية من خالل توظيف عاملين جدد أو التعلم بكافة أشكاله الفردي أو الجماعي‪.‬‬
‫فهي عملية ناتجة عن مدى وعي املنظمة واطالعها بكل ما يجرى داخلها أو خارجها‪ .‬ويتحقق اكتشاف املعرفة من خالل‬
‫الهياكل والخرائط املعرفية التي تعتبر احد املكونات ألاساسية املساعدة على إدامة وحفظ املعرفة داخل الذاكرة‬
‫التنظيمية‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬التعلم التنظيمي‬

‫تتعدد املصادر التي يمكن أن تساهم في تشكيل وتحديث الذاكرة التنظيمية‪ ،‬إال أن أغلب الباحثين‪ ،‬مثل‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،Ozorhon‬يؤكدون بأن املصدر الرئيس لتحديث الذاكرة التنظيمية يكمن في التعلم التنظيمي ‪ .‬وقد عرف ‪Robey‬‬
‫التعلم التنظيمي بأنه » العلمية وألانشطة التي تمكن من الحصول على مخزون للذاكرة التنظيمية والذي يمكن اكتسابه‬
‫‪2‬‬
‫والوصول إليه ومرااعته حتى يواه لصالح نشاطات املنظمة»‪.‬‬

‫وقد اقترح ‪ Ozorhon‬نموذجا يبين فيه أن الذاكرة التنظيمية يمكن تشكيلها وتحديثها من ثالثة مصادر رئيسة‬
‫موضحة في الشكل التالي‪ .‬ومن ثم يمكن استخدام محتوى الذاكرة التنظيمية التخاذ القرارات إلاستراتيجية وتنقيح‬
‫‪3‬‬
‫ومراجعة ألافكار الجديدة ُليصبح بالتالي التعلم نشاطا مستمرا‪ .‬وفيما يلي توضيح ملصادر تشكيل الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ozorhon , B., (2004). Organizational memory in construction companies: a case- based reasoning model as an‬‬
‫‪organizational learning tool. MSc thesis, Graduate School of Natural and Applied Sciences, Middle East Technical‬‬
‫‪University. Ankara.,p 28.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Robey, D., Boudreau, M.C., & Rose, G.M. (2000), Information Technology and Organizational Learning: a‬‬
‫‪Review and Assessment of Research, Accounting Management & Information Technology, 10 (1), p134.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ozorhon, B., op. cit., p 28.‬‬

‫‪130‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫شكل(‪ :)7-2‬مصادر تحديث وتشكيل الذاكرة التنظيمية‬

‫‪source: Ozorhon, B., op. cit., p 28.‬‬

‫أوال ‪ :‬التعلم من التجارب والخبجات الخاصة باملنظمة‬

‫يمكن اعتبار التعلم من الخبرات الخاصة باملنظمة أكثر العلميات تكرارا في علمية التعلم التنظيمي‪ ،‬حيث تشكل‬
‫املعرفة املختلفة التي يتم تجميعيا من مشروعات املنظمة املختلفة التي تنفذها وقرارتها إلاستراتجية ركيزة أساسية في تشكيل‬
‫نظيمية‪ .‬وقد أكد ‪ 1Levitt & March‬على أهمية تعلم املنظمة من الخبرات الذاتية والتي تنعكس من خالل ما‬ ‫ّ‬ ‫الذاكرة ّ‬
‫الت‬
‫يعرف بالروتين‪ ،‬الذي ّ‬
‫يوجه سلوك ألافراد في املنظمة‪.‬‬

‫واملفهوم العام للروتين‪ ،‬يشير إلى الذاكرة التنظيمية بمكوناتها املختلفة‪ .‬ويتغير الروتين في املنظمة كاستجابة للخبرات‬
‫املباشرة للمنظمة‪ ،‬من خالل أسلوبين رئيسين‪ :‬هما حاالت التجربة والخطأ؛ ومن خالل عمليات البحث في تجارب املنظمة‪.‬‬

‫ويعتبر التعلم من ألاخطاء ومن حاالت الفشل التي تمر بها املنظمة‪ ،‬من املواقف التي تدعم تعلم املنظمة وأفرادها‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وعندما تفشل املنظمة في التعلم من الفشل‪ ،‬فإنها تصبح عرضة إلى املفاجآت وألازمات التي ستؤثر على أعمالها‪.‬‬

‫وعند الحديث عن تعلم املنظمة‪ ،‬فإنه ال يمكن تجاهل دور ألافراد في دعم عملية التعلم التنظيمي‪ ،‬من خالل‬
‫خصائص الذاكرة الفردية‪ .3‬إذ يحدث التعلم التنظيمي‪ ،‬عندما يتصرف أفراد املنظمة كوكالء تعلم في منظماتهم‪ ،4‬من خالل‬

‫‪1‬‬
‫‪Levitt, B., & March, J.G. (1988), Organizational Learning, Annual Review of Sociology, 14, p320.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Seeger, M.W., & Ulmer, R.R. (2002), A post-crisis discourse of renewal: The cases of Malden Mills and Cole‬‬
‫‪Hardwoods, Journal of Applied Communication Research, 30(2), p133.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Levitt, B., & March, J.G., op. cit., p326.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Sinkula, J.M., Baker, W.E., & Noordewier, T. (1997), A Framework for Market-Based Organizational Learning:‬‬
‫‪Linking Values, Knowledge, and Behaviour, Journal of the Academy of Marketing Science, 25, 4, p306‬‬

‫‪131‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الاستجابة ملتغيرات البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة وعن طريق استكشاف ألاخطاء وتصحيحها‪ ،‬وتخزين النتائج التي‬
‫تتعلق باستكشافاتهم واستفساراتهم‪ ،‬ضمن الخرائط الذهنية الخاصة بهم‪ ،‬وفي خرائط املعرفة الخاصة بمنظماتهم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التعلم من تجارب املنظمات ألاخرى ومن املصادر الخاراية‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لقد أكد ‪ Walsh & Ungson‬على أن العالقات والاطراف الخارجية تساهم في تعلم املنظمة‪ ،1‬والتي وصفها نجم‬
‫ّ‬
‫عبود نجم بالذاكرة الخارجية للمنظمة‪ .2‬إذ تؤثر تجارب املنظمات املختلفة واملصادر الخارجية على املنظمة وأعمالها نتيجة‬
‫لالختالف في ألافراد وألاساليب املتبعة في العمل والجوانب الثقافية والقيم والتصورات املشتركة وغيرها من املعطيات والتي‬
‫ّ‬
‫تقدم ألافكار الجديدة ووجهات النظر املختلفة والتي تحرص املنظمة على تخزين الخبرات املستفادة منها ضمن قواعد بياناتها‬
‫‪3‬‬ ‫ّ‬
‫تجنبا لخسارتها‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التعلم من ألاخطاء‬

‫تترجم هذه الطريقة املثل املعروف « الرضا بالوضع الحالي يؤدي إلى التأخر أكثر من ارتكاب ألاخطاء »‪ ،‬حيث انه وفي‬
‫بيئة ديناميكية تنافسية تزداد تعقيدا من يوم آلخر‪ ،‬على املؤسسة عدم الاكتفاء بواقعها ومستوى حصتها في السوق لخطر‬
‫استيالء املنافسين عليها‪ .‬بالتالي فعليها املبادرة والبحث عن ميزات تنافسية جديدة‪ ،‬والتي قد تكون مكلفة جراء ارتكابها‬
‫ألاخطاء‪ .‬فاألخطاء غالبا ما ينظر إليه من وجهة نظر ضيقة كرسوب‪ ،‬أو على اقل تقدير كأخطاء تخل بالعمليات‪.‬‬

‫وفي هذا إلاطار يجب على املؤسسة أن تؤسس ورشة كبيرة إلعادة تأهيل ألاخطاء ألنه إذا كان الخطأ ش يء من الطبيعي‬
‫حدوثه‪ ،‬فيجب تفادي إعادة الوقوع فيه ملرة أخرى‪ ،‬بالتالي فالخطأ يعتبر مصدر للتعلم‪ .‬ويمكن للمنظمة أن تستغل‬
‫‪4‬‬
‫ألاخطاء التي وقعت فيها بعدة طرق‪:‬‬

‫‪ ‬يمكن للمؤسسة أن تتجاهل ألاخطاء إلى غاية مثال أن يقوم الزبون الذي لم يرض ى باملنتوج بالتعبير عن سخطه‪ .‬نجد‬
‫هذه الحالة عند صغار املوردين الذين هم في عزلة عن زبائنهم‪ ،‬وليس لديهم القدرة على الوصول إلى البيانات العملية‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن للمؤسسة أن تقوم بإحصاء هذه ألاخطاء‪ .‬رغم أن هذه الطريقة قليلة الفائدة فيما يخص معالجة الخطأ في حد‬
‫ذاته‪ ،‬إال أنها تصلح لتقييم حالة املؤسسة فيما يخص تعرضها لألخطاء‪ ،‬وكذا ما إذا كانت تتطور أو تتدهور‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن للمؤسسة أن تحلل كل خطأ لتحديد أسبابه‪ ،‬وهذا ما يسمح بتحديد أفضل املمارسات التصحيحية لألعمال‬
‫السابقة‪ .‬هذه الطريقة ضرورية ملعالجة وضبط املشاكل ملجموعة من الحوادث السابقة‪ ،‬وضمان رضا الزبون‪ .‬لكن‬
‫هذه الطريقة تؤدي إلى خطر تقيد املؤسسة بمجموعة من املمارسات العالجية والابتعاد عن التحسين الكلي للنظام‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Walsh, J.P., & Ungson, G.R., op. cit., p66.‬‬
‫‪2‬نجم عبود نجم‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.267-266‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ozorhon, B., Dikmen I., & Birgonul, M.T., op. cit., pp33-34.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Prax J.Y., op. cit., p260.‬‬

‫‪132‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ ‬أخيرا يمكن للمؤسسة أن تستخلص «دروس» من ألاخطاء التي تواجهها بحيث يمكن أن تحسن املنتجات املستقبلية‪،‬‬
‫وهذا هو أساس التعلم من ألاخطاء السابقة‪.‬‬

‫وفي إطار تحليل ألاخطاء املتعلقة بالعامل البشري‪ ،‬يمكن للمؤسسة إلاجابة عن ألاسئلة التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬كيف حدث الخطأ ؟‬


‫‪ .2‬ما هو الفرق بين الخطأ التنظيمي والخطأ الشخص ي ؟‬
‫‪ .3‬هل الخطأ ناتج عن تهاون من الفرد أم من عدم توفر املهارة الفنية والخبرة ؟‬
‫‪ .4‬هل الخطأ ناتج من عدم توفر الخبرة الالزمة لدى املؤسسة أم من عدم تمكن الفرد من الوصول إلى الخبرة رغم‬
‫توفرها ؟‪ ،‬وتوضح لنا الشجرة في الشكل املوالي مختلف الحاالت التي قد نواجهها‪.‬‬

‫من خالل الشكل املوالي يمكن أن نميز بين عدة أسباب متعلقة بالعامل البشري‪:‬‬

‫‪ ‬النية‪ :‬ال يمكن إلغاء النية السيئة للفرد الذي يقوم بالخطأ وهو يتعمد إلاضرار باملؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬التأهيل‪ :‬في الحالة التي يكون فيها الفرد غير مؤهال ألداء مهمته‪ ،‬يمكن إذا أن ندين املؤسسة التي أعطته هذه‬
‫املهمة‪ ،‬والتي لم تعطه مستوى كافي من التأهيل املنهي‪.‬‬
‫‪ ‬إلااراء‪ :‬إذا كان الفرد مؤهال وخرج عن إلاجراء بإرادته‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الشكل(‪ :)8-2‬رسم تخطيطي ملختلف أسباب الخطأ البشري‬

‫حوادث ذات عامل بشري‬

‫النية الحسنة للفرد‬ ‫نية الفرد في إلحاق الضرر‬


‫باملؤسسة‬
‫فعل إارامي‬

‫فرد مؤهل‬ ‫التشويش والعرقلة‬

‫الانتحار‬

‫قصور فردي‬ ‫قصور اماعي‬

‫‪ ‬تنظيم‬

‫‪ ‬إاراءات‬

‫التفكيج في تطبيق إلااراء‬ ‫خارج إلااراء‪‬بإرادته‬


‫الاتصال‬

‫خطأ ناتج عن الخروج‬


‫عن إاراءات العمل‬
‫‪ ‬خطأ‬ ‫بقصد ربح الوقت‬
‫أو تقليل الجهد‬

‫خطأ روتيني‬ ‫خطأ في‬ ‫خطأ في‬


‫‪ ‬إغفال‬ ‫حكم س يء نتيجة نقص املعرفة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬فعل انعكاس ي قلة التفكيج‬
‫إهمال‬ ‫‪‬‬

‫‪Source : Prax J.Y., op. cit., p258.‬‬

‫‪134‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫الفر الثاني ‪ :‬طريقة املقارنة املراعية أو املعيارية‬

‫تعني املقارنة املرجعية أو ما يسمى ب ـ‪ Benchmarking‬في ألاصل "املعلم"‪ ،‬وكانت مستعملة من طرف مهندس ي‬
‫(‪ ،1)benchmark‬تم تطبيقها في عالم املؤسسة وفق معنى « تشخيص النجاح » وهي عملية نظامية تقوم بها املؤسسة‬
‫بهدف تحسين أدائها‪ .‬ويعرفها ‪ Vermeulen‬بأنها »أسلوب تحسين ألاداء واملمارسات من خالل قياس أداء مؤسستنا مقارنة‬
‫‪2‬‬
‫بأداء وممارسات املؤسسات أكثر نجاحا والتي تعمل في أو خارج مجال الصناعة الذي نعمل فيه»‪.‬‬

‫كما يعرفها أيضا ‪ Goetsch & Davis‬بأنها « عملية مقارنة وقياس نشاطات املؤسسة أو عملياتها الداخلية مع‬
‫‪3‬‬
‫املؤسسات ذات ألاداء العالي من داخل أو خارج الصناعة التي تعمل فيها تلك املؤسسة » ‪ .‬وحسب & ‪Krajewski‬‬
‫‪ Ritzman‬فهي تمثل « السعي للفهم ألافضل لكيفية انجاز املؤسسات الرائدة ألنشطتها ‪...‬واملقارنة معها بغية تحسين‬
‫‪4‬‬
‫ألاداء الحالي للمؤسسة »‪.‬‬

‫في هذه التعاريف‪ ،‬هناك تأكيد على فهم أساليب عمل املؤسسات الرائدة ومقارنة أداء املؤسسة بأداء هذه املؤسسات‬
‫‪5‬‬
‫من أجل تحسنه وتطويره‪ .‬وتصنف عموما أنواع املقارنة املرجعية إلى صنفين رئيسين هما‪:‬‬

‫‪ )1‬املقارنة املراعية الداخلية‪ :‬وتتضمن اعتماد وحدات تنظيمية ذات أداء متميز داخل املؤسسة واعتبارها كأساس‬
‫للمقارنة لتحسين أداء الوحدات التنظيمية ألاخرى لنفس املؤسسة‪ .‬ويدخل ضمن هذا النوع عملية املقارنة املرجعية‬
‫التي تتم في املؤسسة التي لها عدة فروع أو مصانع‪ ...‬فيتم مقارنة أداء احد الفروع (أو وحدات تنظيمية فيه) مع فرع‬
‫آخر أو أقسام محددة في ذلك الفرع أو املصنع‪.‬‬
‫‪ )2‬املقارنة املراعية الخاراية‪ :‬وتتضمن إجراء املقارنة مع مؤسسات أخرى رائدة تعمل في نفس مجال عمل املؤسسة أو‬
‫‪6‬‬
‫مجال آخر‪ ،‬وتشمل‪:‬‬

‫‪ ‬املقارنة املراعية التنافسية‪ :‬وتقوم على أساس املقارنة املباشرة مع أفضل املنافسين لتحقيق مستويات أفضل في‬
‫ألاداء‪ ،‬لذلك تسمى أيضا (املقارنة املرجعية في ألاداء) املنتجات‪ ،‬الخدمات‪ ،‬التكنولوجيا‪ ،‬ألافراد‪ ،‬الجودة‪،‬‬
‫التسعير‪...‬‬

‫‪1‬الكلمة إنجليزية تعني مسح ألاراض ي من اال تشخيص أفضل مسار للطريق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Vermeulen W. (2006), The Extent of Benchmarking in the South African Financial Sector, Sajems, Vol. 9, N°3,‬‬
‫‪p315.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Goetsch, D.L. & Davis, S.B. (1997), Introduction to Total Quallity, 2nd ed., Prentice Hall, New Jersy, p434.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Krajewski, L.J., & Ritzman L.P. (1996), Operations Management: Strategy and. Analysis, Fourth Edition,‬‬
‫‪Addison-Werley, p141.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪http://www.valuebasedmanagement.net/methods_benchmarking.html‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Pickering, I.M., & Chambers S. (1991), Competitive Benchmarking: Progress and Future Development,‬‬
‫‪Computer integrated manufacturing systems, Vol. 4, N°2, p101.‬‬

‫‪135‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ ‬املقارنة املراعية الوظيفية‪ :‬وتسمى أيضا املقارنة املرجعية للعملية‪ ،‬وتتضمن مقارنة وظيفة معينة (التسويق‪،‬‬
‫املوارد البشرية‪ )...‬أو عملية معينة (تدريب العاملين‪ ،‬أساليب التخزين‪ )...‬بمثيالتها في املؤسسات ألاخرى‪ .‬حيث تتم‬
‫املقارنة مع مؤسسات تعمل في نفس املجال أو مجاالت أخرى‪ ،‬مثال ذلك يتم مقارنة استقبال املرض ى في إحدى‬
‫املستشفيات الخاصة مع استقبال الزبائن في احد الفنادق املتميزة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ويمكن إجمال املنافع التي تحققها املؤسسات من خالل تطبيق املقارنة املرجعية فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬تساعد املؤسسة في التحديد الدقيق للفجوة بين أدائها و أداء املؤسسات الرائدة؛‬
‫‪ .2‬تساعد على توفير املناخ املالئم وتعزيز الرغبة لدى املؤسسة وألافراد فيها على تبني التغيير؛‬
‫‪ .3‬تضمن تخصيص املوارد بدقة اكبر واستخدام أفضل؛‬
‫‪ .4‬تساعد املؤسسة على تحديد العمليات الحرجة وإعطائها الاهتمام الالزم وألاولوية في التنفيذ؛‬
‫‪ .5‬تسهم بشكل فاعل في تطوير إلابداع الفردي والجماعي؛‬
‫‪ .6‬تساعد املؤسسة على أن تكون أفضل مما هي عليه آلان؛‬
‫‪ .2‬تؤثر ايجابيا على معنويات ألافراد وتجعلهم يشعرون بالفخر املستند إلى الانجاز املتميز؛‬
‫‪ .8‬تساعد املؤسسة على اكتشاف ممارسات جديدة تؤدي إلى تحقيق أهداف جديدة؛‬
‫‪ .3‬تؤدي إلى توفير املناخ املالئم لتحقيق تعاون وتكامل بين ألافراد في القسم الواحد وبين مختلف أقسام املؤسسة؛‬
‫‪ .11‬تعزز إمكانية زيادة إنتاجية املؤسسة من خالل تهيئة الفهم ألافضل ألسلوب أداء العمل؛‬
‫‪ .11‬تساعد املؤسسة على البقاء في دائرة املنافسة مع املؤسسات الرائدة؛‬
‫‪ .12‬تساهم بشكل فاعل في بناء ميزة تنافسية للمؤسسة من خالل التحسين املتسارع واملستمر‪.‬‬

‫ومن هنا نقول‪ ،‬أن املنظمة تقوم باملقارنة املرجعية من أجل اكتشاف املعرفة التي أدت باملنظمات الرائدة أو‬
‫باألقسام الرائدة في نفس املنظمة إلى الوصول للمكانة التي هي عليه‪ ،‬ومحاولة استخدامها للحاق بها‪ .‬الى جانب اعتمادها على‬
‫التعلم سواء داخل املنظمة او من خالل تجارب املنظمات الاخرى مما يساهم في تحديث معرفتها وتحينها مما يقود الى‬
‫تحديث الذاكرة التنظيمية‪ .‬وعليه يمكن طرح الفرضية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تساهم عملية اكتشاف املعرفة في تحديث الذاكرة التنظيمية‬

‫‪1‬‬
‫‪Wootinun S.O. (2003), Benchmarking, Working Paper, pp3-4.‬‬

‫‪136‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املطلب ال ثالث ‪ :‬عملية مشاركة املعرفة وتوزيع الذاكرة التنظيمية‬

‫تهدف عملية مشاركة املعرفة إلى املحافظة على الذاكرة التنظيمية باستمرار من خالل إتاحة الوصول إلى املعرفة‬
‫والتشارك فيها سواء داخل املنظمة أو مع منظمات أخرى‪ .‬كما تحرص هذه العملية على تكييف وتحديث محتوى الذاكرة بما‬
‫ُ‬
‫يتناسب وتغيرات البيئة ونسيان املعرفة غير املجدية ودمج املعرفة الحديثة مع املعرفة الحالية‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬تبادل أفضل املمارسات داخل املؤسسة‬

‫تبادل أفضل املمارسات هو جوهر املعرفة العملية أو التطبيقية‪ ،‬وال يمكن حصره في توزيع بسيط للمعلومات بل هي‬
‫طريقة تتطلب عملية أكثر رسمية‪ ،‬تتم عبر خمسة مراحل‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد أفضل املمارسة‪ :‬يولي عناية خاصة برصد مجموع أفضل املمارسات داخل املؤسسة واملحافظة على‬
‫أصلها‪ ،‬أي نسبها إلى صاحبها؛‬
‫‪ -‬التعديل‪ :‬يسمح بجعلها تتداول في فريق معين من الخبراء الذين سيقومون ربما بتحسينها وتطويرها (مفهوم‪،‬‬
‫مقياس‪ ،‬وثيقة‪ ،‬رابط)؛‬
‫‪ -‬املصادقة‪ :‬هو تبني هذه املمارسة من طرف املؤسسة؛‬
‫‪ -‬التوزيع‪ :‬توجيه املمارسة إلى كل ألافراد الذين يعتبرون كمستفيدين محتملين؛‬
‫إلادارة‪ :‬تسمح بإيجاد التقنيات الالزمة واملناسبة لتطبيق هذه املمارسات في املؤسسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬اماعات النقاش املعتمدة على الويب‬

‫أحدثت شبكة الانترنات والشبكة العنكبوتية العاملية ‪ www‬ثورة في عامل الاتصاالت مكنت من مشاركة املعرفة بين‬
‫الجهات املختلفة التي ترتبط بها نظرا لكوهنا تربط بين مخازن عمالقة للمعلومات وبين متلقي الخدمات الذين يبحثون عن‬
‫املعلومات وذلك عن طريق املتصفحات ومحركات البحث املختلفة باستخدام لغات برجمة ‪ Java‬و‪.HTML‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬يمكن القول ان عملية اكتشاف املعرفة من خالل الاليات وتقنيات نظم إدارة املعرفة واملتمثلة في‬
‫تبادل افضل املمارسات و جماعات النقاش املعمدة على الويب اذ يعد هذا الوسط اداة لتسهيل تبادل املعلومات‬
‫والبيانات وكما تتسم باالنتشار وامكانية الربط بين منصات الحاسوبية مختلفة من خالل واجهة املستخدم املشتركة مما‬
‫يساعد على تنظيم وتوزيع الذاكرة التنظيمية حتى يمكن الوصول اليها حتى بعد ان تكون املصادر الاصلية للمعرفة غير‬
‫متاحة داخل املنظمة‪ .‬مما يمكن طرح الفرضية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تساهم عملية مشاركة املعرفة في توزيع الذاكرة التنظيمية‬

‫‪137‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املطلب ال رابع ‪ :‬عملية تطبيق املعرفة واسرجاا الذاكرة التنظيمية‬

‫وتعتمد هذه املرحلة بشكل كبير على املراحل السابقة لعملية الذاكرة التنظيمية‪ ،‬وتتأثر‪ ،‬حسب ‪،Girod‬‬
‫بالنسيان إلارادي أو غير إلارادي‪ .‬حيث تتعرض املنظمات إلى النسيان غير إلارادي لعدة عوامل أساسية منها‪ :‬دوران‬
‫املوظفين‪ ،‬حجب املعلومات وصعوبة تصفية والتحكم في الكم الهائل من املعلومات‪ .‬ويرتبط النسيان إلارادي بأخطاء‬
‫‪1‬‬
‫املنظمة التي تحاول هذه ألاخيرة تفادي تكرارها أو العودة إليها‪.‬‬

‫تعتمد هذه العملية على تحديد مواقع املعرفة في املنظمة‪ ،‬ثم استرجاعها لدعم عمليات صنع القرار وحل‬
‫املشكالت التنظيمية املختلفة‪ ،‬من خالل استخدام أنظمة إدارة املعرفة التي تشمل‪ :‬ألانظمة إلادارية وبشكل خاص أنظمة‬
‫دعم القرار‪ ،‬وكذا ألانظمة املعتمدة على الذكاء الاصطناعي (التفكير املستند على حالة‪ ،‬ألانظمة الخبيرة‪ .)...‬فحسب‬
‫‪ ،Grunstein‬فالذاكرة التنظيمية تتيح "املعرفة الصحيحة أو املعلومات إلى الشخص املناسب في الوقت املناسب على‬
‫‪2‬‬
‫املستوى الصحيح لذلك الشخص التخاذ القرار الصحيح"‪.‬‬

‫هنالك العديد من تكنولوجيات إدارة املعرفة الداعمة لنظم إدارة املعرفة والتي تستفيد من البنية التحتية إلدارة‬
‫املعرفة من تكنولوجيا املعلومات وهي على النحو التالي‪:‬‬

‫الذكاء الصناعي‬

‫يعد الذكاء الاصطناعي (‪ )Intelligence Artificial‬وتطبيقاته املجال التي قاد نحو توظيف نظم إدارة املعرفة في‬
‫املؤسسات كثيفة املعرفة وذلك لحل املشكالت التنظيمية املختلفة‪ .‬ويعرف الذكاء الصناعي بأنه العلم الذي يزود الحواسيب‬
‫بالقدرة على حل املشكالت املعقدة من خالل النماذج الخوارزمية‪ .‬اذ أن الذكاء الاصطناعي يحاول محاكاة الذكاء الانساني‬
‫عن طريق استخدام الحاسوب بهدف فهم العمليات الذهنية املعقدة التي يقوم بها العقل البشري أثناء ممارسه التفكري‪.‬ومن‬
‫ثم ترمجة هذا التفكري الى ما يوازيه من عمليات حاسوبية تزيد من قدرة الحاسوب على حل املشكالت املعقدة‪ .‬ولعل من‬
‫‪3‬‬
‫أبرز تطبيقات الذكاء الصناعي مايلي‪:‬‬

‫‪ ‬معالجة اللغات الطبيعية‪ :‬التي تحاول التحاور مع املستخدمين عن طريق الاستفسارات ويمكن استخدامها في‬
‫عمليات الترجمة والتلخيص والبحث عن املراجع؛‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Grundstein, M. (1996), La capitalisation des connaissances de l’entreprise, une problèmatique de management,‬‬
‫‪Actes des 5ème Rencontres du programme MCX, Complexité : la stratégie de la reliance, Aix-en-Provence, p2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op.cit., p103.‬‬

‫‪138‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ ‬نظم رؤية الحاسوب هي التي تزوده بأجهزة الاستشعار الضوئي للتعرف على الاشخاص أو البصمات ‪:‬الاصابع أو‬
‫العين ‪.‬مثل نظام مراقبة الدوام ونظام مراقبة الحريق وجهاز الكشف عن العمالت املزيفة؛‬
‫‪ ‬تعلم الالة‪ :‬مثل التعلم الاستقرائي والتعلم املبني على الحالة ومناجم البيانات؛‬
‫‪ ‬الانسان الالي‪ :‬وهو جهاز أو آلة كهروميكانيكية تقوم بتلقي الاوامر من حاسوب تابع للقيام بأداء اعمال أو وظائف‬
‫محددة؛‬
‫‪ ‬اتمتة اكتساب املعرفة مثل الخرائط املفاهيمية والتنظيمية‬

‫الفر الاول ‪ :‬النظم الخبيجة املستندة على القواعد املعرفة‬

‫هي نظم معلومات معتمدة على املعرفة تستخدم املعرفة املحددة في برامجيات لتقدم للمستخدم النهائي خبرة‬
‫املستشار في عملية حل املشكالت املعقدة‪ .‬ومما يجدر ذكره هنا أن النظم املعتمدة على املعرفة تقدم النصح كأساليب‬
‫لحل املشكالت بدال من كونها تشكل إطار عمل لنظم إدارة املعرفة ‪.‬هذا‪ ،‬وتختلف النظرة الى هذه النظم من وجتهي نظر‬
‫الاولى لدى املستخدم النهائي الذي يعدها من جانبه بانها تتكون من ثالثة مكونات هي ‪ :‬برامج الذكاء وواجهة املستخدم‬
‫وبيانات محددة عن املشكلة‪.‬‬

‫أما وجهة النظر الثانية لدى مطور النظم الذي يعرف بمهندس املعرفة وتتكون النظم املعتمدة على املعرفة لديه‬
‫من مكونني هما برنامج الذكاء الذي يتكون من قاعدة املعرفة املبنية على عبارات ‪ then-if‬ومحرك الواجهة‪ .‬أما املكون الثاني‬
‫‪1‬‬
‫فهو بيئة التطوير التي تتكون من ثالثة مكونات هي أدوات اكتساب املعرفة وقواعد بيانات فحص الحالة وواجهة املطورين‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬نظم التفكري املعتمدة على الحالة‬

‫يتم بموجب هذه النظم استخدام املعرفة املصرح بها من خالل دراسة الحاالت املخزنة تاريخيا والتي تدعى مكتبة‬
‫الحالة من خالل ايجاد واسترجاع الحلول التي تمت في حاالت مشابهة للمشكلة الحالية وبعد ذلك يتم إضافة الحل الجديد‬
‫ملكتبة الحالة وهكذا‪ .‬والذي يعد واحدا من اساليب الذكاء الاصطناعي الذي صمم ملحاكاة املعرفة البشرية في حل‬
‫املشكالت وصنع القرار‬

‫ويعتمد نظم التفكير املستند على حالة على النموذج الذاكرة الدينامكية‪ .‬والذي يهدف الى محاكاة اسلوب الذي‬
‫ينتهجه الخبراء في حل املشكالت التي تعترضهم فعندما يواجه الاخبير مشكلة جديدة فانه يبحث في ذكرياته عن مشكالت‬
‫سابقة تتشابه مع املشكلة الحالية‪ ،‬ويتكون نظام تطبيق املعرفة املستند الى الحالة من العمليات التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., op.cit., p203.‬‬

‫‪139‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫‪ .1‬البحث داخل مكتبة الحاالت إليجاد الحلول املماثلة‪ .‬وتتضمن هذه العملية استخدام محرك بحث‬
‫يفحص الحاالت املالئمة فقط؛‬
‫‪ .2‬اختيار واسترجاع الحالة اكثر تشابها‪ ،‬حيث يتم حل املشكلة الجديدة عن طريق استرجاع الحاالت‬
‫املجربة سابقة وتتضمن ذلك امتالك الوسائل املقارنة كل حالة تم دراستها مع املشكلة الحالية ثم‬
‫تحديد مدى تشابه ثم تصنيفها تنازليا حسب درجة التشابه؛‬
‫‪ .3‬تطبيق الحل الناتج والقيام بالتغذية عكسية بمجرد التوصل الى حل ليتم تصنيف الحل املستخدم مع‬
‫هذه املشكلة سواء بنجاح الحل او اخفاقه؛‬
‫‪ .4‬اضافة املشكلة الحالية التي تم حلها الى مكتبة الحاالت‪.‬‬

‫الفر الثالث ‪ :‬نظم دعم القرار‬

‫هي نظم معلومات معتمدة على الحاسوب وتزود املديرين باملعلومات أثناء عملية اتخاذ القرارات وتستخدم هذه‬
‫النظم نماذج التحليل وقواعد بيانات لدعم القرارات شبه املهيكلة وغير املهيكلة‪.‬‬

‫وبناءا على ما تقدم تساهم عملية تطبيق املعرفة سواء من خالل انظمة دعم القرار املستخدمة من طرف‬
‫املسيرين او من خالل انظمة التفكير املستند على حالة والتي تعمل على استرجاع الذاكرة التنظيمية املتواجدة‬
‫سواء في قاعدة املعطيات او في مكتبة الحاالت وعليه نقول بان تطبيق املعرفة يؤدي الى استرجاع الذاكرة‬
‫التنظيمية والتي تم تخزينها مسبقا‪.‬‬

‫مما يمكن طرح الفرضية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تساهم عملية تطبيق املعرفة في اسرجاا الذاكرة التنظيمية‬

‫‪140‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫املطلب الخامس ‪ :‬إدارة املعرفة ومقاربات الذاكرة التنظيمية‬

‫قدمنا في هذا الدراسة العديد من النماذج املختلفة التي توضح أهم ممارسات إدارة املعرفة‪ ،‬وتعتمد في غالبيتها‬
‫على نفس املنطق‪ ،‬وكذا نفس الغرض الذي يتمحور حول عملية خلق وإنشاء املعرفة داخل املؤسسة‪ ،‬ولكن في عملنا‬
‫هذا كان اهتمامنا منصبا حول التركيز على كيفية تطوير وتنمية الذاكرة التنظيمية داخل املؤسسة وذلك باالعتماد على‬
‫مقاربة ديناميكية على شكل « سيجورة »‪ ،‬تبرز مدى حركية الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫هذه املقاربة ترى الذاكرة التنظيمية على أنها دعامة للمعارف وعملية تعتمد على أربعة مراحل ‪ :‬البناء‪ ،‬التحديث‪،‬‬
‫التوزيع وإلاسرجاا ‪ .‬هذا التصور يأتي في إطار رؤية ديناميكية تسعى فيها الذاكرة إلى رسملة املعارف وإلى تحديثهاـ إذ‬
‫تمثل مجموعة من املعارف التنظيمية املخزنة في ذاكرة ألافراد‪ ،‬الثقافة‪ ،‬عملية التحول‪ ،‬الهياكل‪ ،‬املحيط وألارشيف‬
‫الخارجي للتنظيم‪ .‬ودورها الوظيفي كمحرك لخلق املعارف أو عامل للتعلم ‪ ،Agent d’Apprentissage،‬يتم تطويرها‬
‫وفق جملة الحلول التي تقدمها ممارسة إدارة املعرفة (عمليات ونظم إدارة املعرفة)‪.‬‬

‫الفر ألاول ‪ :‬مقاربة املحتوى‬

‫وفق هذا املنظور‪ ،‬تعرف الذاكرة التنظيمية على أنها مجرد مخزون ساكن من املعارف غير املتجانسة‪ .‬ومنه‬
‫فدورها محدود فهي تسمح بتذكر املعارف التي تعتمد على العادات التنظيمية كدعامة مستقرة لسلوكات العاملين‪ .‬وقد‬
‫‪1‬‬
‫قسم الباحثون وفق هذه املقاربة املعرفة إلى ثالثة أنواع رئيسة‪:‬‬

‫‪ -‬املعارف الصريحة ‪ :‬ويقصد باملعارف الصريحة (‪ )Savoirs ou Connaissance Déclarative‬كل املعارف‬


‫‪2‬‬
‫التقنية‪ ،‬العلمية وإلادارية زالتي يمكن نقلها بسهولة وتداولها‪.‬‬
‫‪ -‬املهارات ( املعرفة إلاارائية) )‪ :( Savoir-faire, Connaissance procédurale‬تتشكل هذه املعرفة نتيجة للخبرة‬
‫والتجربة الشخصية لحاملها‪ ،‬فهي معرفة تابعة لحاملها وال يمكن فصلها ال عنه وال عن سياق استعمالها‪ .‬كما أنها‬
‫تمتاز بصعوبة نقلها فهي ضمنية تتأتى عن طريق الاعتماد على املحاكاة أو التجربة‪ .‬ووسائل الحصول على هذه املعرفة‬
‫‪3‬‬
‫هي العمل الجماعي أو أداء مهمة محددة‪.‬‬
‫‪ -‬املعرفة الكينونة (‪ :)Savoir être, Connaissance de jugement‬فهي تجمع جملة املعارف إلاجرائية للفرد‪،‬‬
‫كقدرته على تأويل السياق وإيجاد الحلول‪ ،‬أي أنه يعتمد على خبرة الفرد وكذا على حدسه‪ .‬وهي املعارف السلوكية‬
‫املكتسبة‪ ،‬هذه املعارف تتواجد في التنظيم في أشكال مختلفة وعلى وسائط متعددة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Thomassian, M.M. (2004), Gestion des connaissances et dynamique d’apprentissage pour une reconsidération‬‬
‫‪du rôle de la mémoire organisationnelle, Presse Université de Nice Sophia Antipolis, p12.‬‬
‫‪2‬حمال صابرينة‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Reix, R. (1995), Savoir tacite et savoir formalisé dans l’entreprise, Revue Française de gestion, N°105, p20.‬‬

‫‪141‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫و قد قدمنا هذه التقسيمات بناء على دراسة أجريت في مؤسسة بقطاع املحروقات‪ ،‬وسمحت بتوضيح ألاماكن‬
‫املختلفة لتخزين املعارف‪ .‬وقد قسمت الذاكرة إلى تسعة أنظمة جزئية ناتجة عن تقاطع بعدين أساسيين‪:‬‬
‫املك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـونات (‪ ،)les composantes‬والتي تتوافق مع أنواع املعارف السابقة الذكر‪ ،‬وكذا مستويات املعالجة ( ‪niveau‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،)de traitement‬و هي على التوالي ‪ :‬الفردي‪ ،‬الجماعي غير املركزي والجماعي املركزي‪.‬‬

‫فقدمت بالتالي مقاربة "املحتوى" تعريف مادي ساكن و مبسط للذاكرة التنظيمية‪ ،‬ال يسمح بالتوسع في مساهمة‬
‫مختلف عمليات إدارة املعرفة خالف عملية التخزين‪.‬‬

‫الفر الثاني ‪ :‬مقاربة السيجورة‬

‫هذه املقاربة تعتبر الذاكرة التنظيمية على أنها دعامة للمعارف وعملية تعتمد على أربعة مراحل‪ :‬البناء‪ ،‬التحديث‪،‬‬
‫التوزيع وإلاسرجاا ‪ .‬هذا التصور يأتي في إطار رؤية ديناميكية تسعى فيها الذاكرة إلى رسملة املعارف وتحديثها‪ ،‬ثم توزيعها‬
‫واسترجاعها الستخدامها في اتخاذ القرارات الجيدة‪ .‬إلى جانب كونها مجموعة من املعارف التنظيمية املخزنة في ذاكرة‬
‫‪2‬‬
‫ألافراد‪ ،‬الثقافة‪ ،‬سيرورة التحول‪ ،‬الهياكل‪ ،‬املحيط وألارشيف الخارجي للتنظيم‪.‬‬

‫هذا التعريف املوسع للذاكرة التنظيمية يؤدي بنا إلى إعادة النظر في دورها مع تحميلها وظيفة أخرى وهي اعتبارها‬
‫محرك لخلق املعارف أو عامل للتعلم (‪. )Agent d’Apprentissage‬‬

‫فبعد أن كانت الذاكرة التنظيمية تعتبر كمجرد مخزون معرفي‪ ،‬يمكن أن يستغل فقط عند الحاجة‪ ،‬وال يمكن‬
‫بأي حال من ألاحول أن يؤثر في السلوك‪ ،‬أصبحت اليوم تعتبر دعامة للمعرفة وعملية على حد سواء‪ ،‬قادرة على دعم‬
‫عملية التذكر داخل املنظمة‪ .3‬كما يؤكد ‪ Thomassian‬بان الذاكرة ليست فقط مخزون من املعرفة‪ ،‬ولكن أيضا‬
‫‪4‬‬
‫مجموعة من ألاسس العملية التي تنمي القدرة على استرجاع املعارف املالئمة في الوقت املناسب وبشكل فعال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Thomassian, M.M., op. cit., p16.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Walsh, J.R., & Ungson, G.R. (1991), Organizational Memory, Academy of Management Review, Vol.16, N°1, p60.‬‬

‫‪3‬حمال صابرينة‪ ،‬مراع سابق‪ ،‬ص‪.83‬‬


‫‪4‬‬
‫‪Thomassian, M.M., op. cit., p17.‬‬

‫‪142‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬ادارة املعرفة وتطوير الذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الاطار املفاهيمي للذاكرة التنظيمية‬

‫ا ملطلب السادس ‪ :‬النموذج املقرجح‬

‫شكل(‪ :)6-2‬نموذج الدراسة‬

‫ماذا؟‬
‫اعداد الاسرجاتجيات‬
‫كيف؟‬
‫الهيكل التنظيمي‬

‫الاسس الداعمة‬
‫الثقافة التنظيمية‬
‫من؟‬ ‫بنية التحتية لتكنولوايا الاعالم والاتصال‬
‫تطوير املوارد البشرية‬

‫عمليات ادارة املعرفة‬

‫املس ـ ـ ـ ـ ــاهمة وتطوير‬


‫تطبيق‬ ‫اكتشاف‬ ‫مشاركة‬ ‫امتالك‬

‫اسرجاا‬ ‫تحديث‬ ‫توزيع‬ ‫بناء‬


‫الذاكرة التنظيمية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد الباحث‬

‫في إطار هذا النموذج‪ ،‬تم الاعتماد على املراحل التي قدمها كل من ‪ Stein‬و‪ Walsh & Ungson‬واملتعلقة بعملية‬
‫الذاكرة التنظيمية وإعادة استخدامها‪ .‬ونعتقد بأن هذه املراحل ألاربعة تسمح بفهم الذاكرة التنظيمية‪ ،‬حيث أن كل‬
‫البحوث التي أجريت مؤخرا على الذاكرة التنظيمية‪ ،‬تبين أنها دعامة للمعرفة وعملية على حد سواء‪ ،‬كما اثبت أنها تلعب‬
‫دورا معتبرا في التذكر داخل املنظمة‪.‬‬

‫نحاول من خالل النموذج املقدم فهم هذه الظاهرة من كافة جوانبها‪ :‬من مرحلة اكتشاف املعرفة إلى غاية وضعها‬
‫حيز التطبيق في العمل‪ .‬واهم الحلول التي قدمتها إدارة املعرفة تساهم اتوماتيكيا في بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫وباالعتماد على ألادبيات املتخصصة في إدارة املعرفة‪ ،‬تم اعتماد أهم الحلول إدارة املعرفة التي قمنا بتقديمها‬
‫مسبقا والتي تشمل اكتشاف املعرفة وامتالكها إضافة إلى مشاركة وتطبيق املعرفة‪ .‬فهذا النموذج يمثل نقطة البداية‬
‫لبحثنا امليداني وملسار جمع البيانات إلجابة على أهم الافتراضات والتأكد من صحتها‪ .‬نحاول إضافة إلى ذلك‪ ،‬التطرق‬
‫ملكانة إدارة املعرفة في إطار مقاربات الذاكرة التنظيمية التي تتلخص في مقاربتين أساسيتين تقوم كل واحدة بالتعامل مع‬
‫املفهوم بطريقة معينة ووفق أسس خاصة‪ :‬مقاربة الذاكرة الساكنة واملتحركة‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬معالجة وتحليل البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والااراءات‬

‫خالصة الفصل‬

‫في هذا الفصل‪ ،‬حاولنا الرجكيز على عدد من الاختالفات والتناقضات التي يعرفها مجال الفكر الخاص‬
‫بالذاكرة التنظيمية‪ ،‬وكان هدفنا هو الوقوف على أهم هذه الاختالفات والتي نعتبجها سببا أساسيا ساهم في تطوير‬
‫الذاكرة التنظيمية نظريا وعمليا‪.‬‬

‫ويصف التصور الحالي الذاكرة التنظيمية على أنها الطريق التي يمكن للمنظمات من خاللها أن تتعلم‬
‫وتحفظ املعرفة املاضية في صورة مصنوعات يدوية‪ ،‬فكرية أو هيكلية‪ .‬على هذا النحو‪ ،‬يمكن أن ينظر إليها كعنصر‬
‫هام من إدارة املعرفة‪ ،‬إذ تتناول إدارة املعرفة بشكل كلي املعرفة التنظيمية في حين تركز الذاكرة التنظيمية على آلية‬
‫التخزين للمعرفة املاضية أو الحالية من اال الاستخدام الحالي واملستقبلي‪.‬‬

‫وقد تم طرح مقاربات متباينة حول الذاكرة التنظيمية منها الساكنة (صناديق تخزين املعرفة) ومنها‬
‫الدينامكية (عمليات تنشأ بالتفاعل الااتماعي)‪ ،‬من اال الوصول إلى نموذج يمثل بشكل مناسب الذاكرة‬
‫التنظيمية‪ .‬وبالرغم من كون أغلب ألابحاث تميل أكثج إلى املقاربة الساكنة واملادية‪ ،‬إال أننا نتوقع أن نرى في‬
‫املستقبل مساهمات اديدة تسعى للتكامل بين املقاربتين وواهات النظر املختلفة‪ ،‬وقد يتطور اتجاهها نحو "ذاكرة‬
‫تنظيمية ذات بنية ديناميكية ااتماعية وقابلة في نفس الوقت للتخزين في صناديق املنظمة"‪ .‬أي بناء نموذج من‬
‫شأنه أن يجسد الجوانب الجوهرية للمقاربتين معا والتي تعتبج املؤسسات اليوم في أمس الحااة إليه‪.‬‬

‫وباملوازاة مع ذلك‪ ،‬فقد تم نقد التواه التكنولوجي للذاكرة التنظيمية والذي تبناه العديد من الباحثين من‬
‫قبل‪ ،‬الذين يؤكدون بأنه من أال وضع ممارسات إدارة املعرفة محل التنفيذ‪ ،‬وبالتالي إدارة الذاكرة التنظيمية‪ ،‬من‬
‫الضروري فهم طبيعة العالقة بين التكنولوايا والخصائص التنظيمية‪ ،‬ألافراد على واه الخصوص‪ .‬لذلك‪ ،‬نتوقع‬
‫في املستقبل رؤية املزيد من املقاربات ألاكثج توازنا التي تمزج البعد البشري والتكنولوجي في تطوير مساهمات الذاكرة‬
‫التنظيمية‪ .‬على الرغم من ضرورة الاعرجاف بقوة الحجج املبجرة للدور غيج الفعال للذاكرة التنظيمية واملسبب‬
‫الختالالت تنظيمية وظيفية‪ ،‬فإننا نرى في نفس الوقت بان تبني نموذج املنظمة املاركوفية ‪ -‬املنظمة بال ذاكرة – تعتبج‬
‫مجازفة كبيجة‪ .‬بالتالي‪ ،‬على كل منظمة البدا في التفكيج الجدي في ألاهمية الوظيفية للذاكرة التنظيمية‪ ،‬والبحث عن‬
‫سبل تحويلها من ذاكرة غيج فعالة إلى ذاكرة ذات أثر وظيفي فعال (أو على ألاقل تقليص إلى أقص ى حد مساهمتها في‬
‫حدوث الاختالالت الوظيفية)‪ ،‬بدال من تجاهلها وعدم الاعرجاف بدورها‪ .‬فالدور الفعال للذاكرة التنظيمية يكمن في‬
‫املساهمة التي يمكن أن تقدمها للتسييج الفعال ملستقبل املنظمة والتخاذ القرار التنظيمي‪ ،‬خاصة بعد التأكد من أن‬
‫املعارف املتاحة في مستودعات الذاكرة التنظيمية تخدم فعال هذا الهدف‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬املهنجية والاجراءات‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫تمهيد‬

‫تعد منهجية البحث في مجال علوم التسيير من املسائل التي تطرقت لها العديد من ألادبيات‪ ،‬حيث تم إلاعتماد‬
‫في عملنا هذا على جملة باحثين وكتاب من مختلف التخصصات الذين وضعوا ألاطر إلابستمولوجية واملنهجية لهذه‬
‫العلوم‪ ،‬وكما ساهموا في تحديد املبادئ املنهجية لعمل البحث العلمي في ميدان العلوم التسيير‪ .‬وفقا ‪Wacheux‬‬

‫املنهجية هي الهيكل الذي يسمح القيام بعملية البحث‪ «:‬منهجية املالئمة تتيح وصول‪ ،‬حفظ‪ ،‬وتحليل املواقف من خالل‬
‫تمثيلها ومالحظتها»‪ 1.‬فاملنهجية هو تلك الطريقة العلمية التي ينتهجها أي باحث في دراسته وتحليله لظاهرة معينة أو‬
‫ملعالجته ملشكلة معينة وفق خطوات بحث محددة من أجل الوصول إلى املعرفة اليقينية بشأن موضوع الدراسة‬
‫والتحليل‪ ،‬ووسيلة تفكير وطريقة إجراء البحث وتحليل البيانات‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬نتناول من خالل هذا الفصل منهجية الدراسة وإجراءاتها التي اتبعها الباحث ونفذها لتحقيق الغاية‬
‫املرجوة وفق دراسة ميدانية استكشافية بهدف تحليل مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية داخل مؤسسات‬
‫في بيئة جزائرية ‪ .‬و باالضافة الى استراتجية البحث املتبعة يقدم هذا الفصل طريقة املعاينة املتبعة وكيفية‬
‫اختيارها‪،‬اضافة الى ادوات جمع البيانات وطريقة تحليلها‪ ،‬كما يعرض ايضا هذا الفصل تحليال لكيفية اختيار نموذج‬
‫الدراسة واملنهج املستخدم باإلضافة الى املقاربة املتبعة في الدراسة امليدانية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Wacheux, F. (1996), Méthodes qualitatives de recherches en gestion. Paris: Économica., P9.‬‬

‫‪146‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫املبحث ألاول ‪ :‬إستراتجية البحث‬

‫استنادا للباحث ‪ ،Drapeau‬تعتمد قيمة البحث العلمي بشكل كبير على قدرة الباحث في إثبات مصداقية ما‬
‫توصل اليه من نتائج مستند في ذلك على معايير علمية مرتبطة باملوقف إلابستمولوجي املنتهج‪ .‬اذ قد ال تكون هناك مجال‬
‫للمقارنة في الغالب بين هذه املعايير من بحث إلى آخر‪ ،‬بالرغم من لاختالف ألاسس إلابستمولوجية أحيانا‪ .‬ومن الصعب‬
‫مقارنة املعايير املستخدمة من طرف الباحثين نظرا العتماده على معايير واسعة واختالفات كبيرة في املصطلحات‬
‫‪1‬‬
‫املستخدمة‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬التوجه إلابستمولوجي لدراسة‬

‫يعد التفكير لابستمولوجي جوهر كل عمل بحثي منجز‪ ،‬فهو ضروري من أجل إضفاء صفة الشرعية والقبول على‬
‫العمل البحثي ونتائجه التي يراد منها أيضا‪ :‬الوصف‪ ،‬الفهم‪ ،‬الشرح‪ ،‬أو التوقع‪ .‬فكل عمل بحث البد أن يرتكز على نظرة‬
‫‪2‬‬
‫خاصة للعالم‪ ،‬يستخدم منهجية و يقترح نتائج تهدف للتنبؤ‪ ،‬التقرير‪ ،‬الفهم أو الشرح‪.‬‬

‫وفي علوم التسيير هناك ثالث مرجعيـات بحثية أسـاسية‪ ،‬النمـوذج الوصفي (‪،)Le paradigme positiviste‬‬
‫النمــوذج التفسيـري(‪ ،)Le paradigme interprétativiste‬الن ــموذج البنائي(‪.)Le paradigme constructiviste‬‬
‫يرى الباحث ‪ Thiétart‬أنه من ألافضل الرجوع إلى استخدام نماذج ابستمولوجية وطرق متنوعة من طرف الباحثين ألن‬
‫ذلك يشكل ثروة‪.3‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم وانطالقا من طبيعة الدراسة واملعلومات املراد الحصول عليها‪ ،‬للتعرف على الية مساهمة‬
‫إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية؛ وبغية القيام بتحليل علمي ومنهجي لهذه إشكالية‪ ،‬من خالل مدخلي املعرفة‬
‫والذاكرة التنظيمية‪ .‬إتبعنا في ذلك التوجه إلابستمولوجي التفسيري (‪)Le paradigme interprétativiste‬بغرض فهم‬
‫وتفسير حقيقة مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية‪ ،‬حيث قمنا بتحليل إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‬
‫من خالل أهم املقاربات املفسرة لهما‪ .‬ومقارنة ما توصلنا إليه في الجانب النظري مع الواقع العملي من خالل جمع‬
‫املعطيات ومحاولة تحليلها للوصول إلى نتائج تؤكدا أهمية كال من مفهومي إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Drapeau, M. (2004). Les critères de scientificité en recherche qualitative. Pratiques Psychologiques, 10(1), P08.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Thiétart, R.A et Coll.( 2003) , Méthodes de recherches en management, 2ème Edition, Dunod, Paris, p11.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Thiétart, R.A et Coll.,Op.Cit., p12.‬‬

‫‪147‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬مجال البحث واملنهج املتبع‬

‫نحاول في هذا القسم مناقشة وتسليط الضوء على مجاالت البحث من اجل تحديد مجال بحث الذي تم اعتماده‬
‫واملنهج املتبع في هذه الدراسة‪.‬‬

‫الفرع الاول ‪ :‬مجال البحث‬


‫‪1‬‬
‫حسب الباحث ‪ Wacheux‬يوجد أربعة أنواع للبحث العلمي منها‪ :‬ألاساس ي‪ ،‬التطبيقي‪ ،‬التجريبي واملحاكاة‪:‬‬

‫اوال‪ :‬البحوث ألاساسية؛ تتناول اليقين‪ ،‬التناقض أو نقص املعرفة في مجال معين‪ ،‬وهي بحوث تجرى من أجل الحصول‬
‫على املعرفة بحد ذاتها وتسمى أحيانا البحوث النظرية وهي تشتق من املشاكل الفكرية واملبدئية إال أن ذلك ال يمنع من‬
‫تطبيق نتائجها فيما بعد على مشاكل قائمة بالفعل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬البحوث التطبيقية؛ هي بحوث ميدانية تكون أهدافها محددة بشكل أدق من البحوث ألاساسية النظرية وتكون‬
‫عادة موجهة لحل مشكلة من املشاكل العلمية أو الكتشاف معارف جديدة يمكن تسخيرها ولاستفادة منها في واقع فعلي‬
‫موجود في مؤسسة أو منطقة لدى ألافراد‪ ...‬فهي مستوحاة من التعارض التقليدي بين لاستقراء ولاستنباط‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬البحوث التجريبية؛ تقوم هذه البحوث على منهج البحث العلمي القائم على املالحظة وفرض الفروض والتجربة‬
‫الدقيقة املضبوطة للتحقق من صحة هذه الفروض‪ .‬وهي البحوث التي تجرى في املختبرات العملية املختلفة‪ ،‬ولعل أهم ما‬
‫تتميز به البحوث التجريبية على غيرها من أنواع البحوث هو ضبط للمتغيرات والتحكم فيها عن قصد من جانب الباحث‪.‬‬
‫يمكن تكرارها وتعطي دائما نفس النتائج‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬بحوث املحاكاة؛ الذي يعامل في كثير من ألاحيان على أنه إسقاط للتكنولوجيا على الواقع في نموذج محاكاة‬
‫مفترض‪.‬‬

‫فاستنادا للباحث ‪ Gauthier‬الذي يرى انه بغض النظر عن نوع البحث‪ ،‬سواء كان أساس ي أو تطبيقي‪ ،‬فالهدف‬
‫منه هو العمل على التقليل من عدم اليقين‪« :‬الفهم الجيد لبيئتنا‪ ،‬والحد من املخاطر املتأتية من استكشاف الحاالت‬
‫الجديدة وغير املؤكدة»‪ 2 .‬اذن فكيف‬

‫‪1‬‬
‫‪Wacheux, F. OP.cit. P 156.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Gauthier, B. (2003). La structure de la preuve. Dans Recherche sociale: de la problématique à la collecte des‬‬
‫‪données. Ste-Foy, Québec: Presses de l'Université du Québec., P8.‬‬

‫‪148‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫ومن خالل الشرح املقدم من طرف الباحث ‪ Cooper et Schindler‬بأنه من بين أهداف البحث في علم‬
‫التسيير هو تكوين « منهج منتظم يسعى لتوفير املعلومات‪/‬املعرفة الضرورية للوقوف على مشكلة ما عمليا‪ ،‬هذه املشكلة‬
‫‪1‬‬
‫هي في كثير من ألاحيان القرار الواجب اتخاذها من قبل املسير »‪.‬‬

‫واستنادا إلى الباحثين أعاله‪ ،‬يندرج بحثنا ضمن مجال البحوث ألاساسية‪ ،‬فهذا النوع من ألابحاث يسمح لنا‬
‫بالتعمق في الظاهرة املدروسة‪ ،‬والنظر إلى إلاشكالية من منظور جديد عند صياغتنا ألسئلة و فرضيات البحث‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬منهج الدراسة و النمط الاستداللي‬

‫فبعد القيام بتحديد التوجه لابستمولوجي للدراسة ومجال الدراسة‪ ،‬ننتقل الى تحديد املنهج املتبع اي التوجه‬
‫نحو املرحلة العملياتية بمعنى لانتقال من سؤال البحث الذي يمتاز أكثر بالعمومية والتجريد إلى السلوكات التي نسعى‬
‫إلى مالحظتها في الواقع‪ .‬اي لانتقال من الجانب املجرد إلى امللموس للبحث‪ .‬فهذه مرحلة حساسة ألنها تربط ما بين مرحلة‬
‫التعريف باإلشكالية ومرحلة جمع وتحليل البيانات‪ .‬وعليه إن مرحلة العملياتية تسعى إلى إلاجابة عن السؤال "كيف‬
‫‪2‬‬
‫أبحث؟"‪ .‬وبالتالي فهي توضح أكبر عمليتي البناء املعرفي وهما‪ :‬الاستكشاف والتجريب (الاختبار)‪.‬‬

‫فاالستكشاف‪ :‬هو املسار الذي يهدف الباحث من خالله إلى اقتراح نتائج نظرية مبدعة‪ .‬وفي مجال التسيير‪ ،‬يتمثل‬
‫لاستكشاف في اكتشاف هيكل مفهومي نظري لتحقيق هدفين أساسيين‪ :‬البحث عن التفسير (بما فيه التأويل) والبحث‬
‫عن الفهم بغية الوصول إلى نتائج نظرية مبدعة‪ .‬أي بمعنى آخر خلق نقاط ترابط نظرية جديدة بين املفاهيم أو إدماج‬
‫‪3‬‬
‫مفاهيم جديدة في مجال نظري معين‪.‬‬

‫أما الاختبار ‪ :‬فيتعلق بوضع موضوع نظري تحت التجريب الواقعي‪ .‬أي بمعنى آخر هو مجموعة العمليات التي‬
‫بواسطتها يستطيع الباحث مقارنة موضوع نظري ما مع الواقع‪ ،‬بهدف تقييم مصداقية فرضية‪ ،‬أو نموذج أو نظرية بهدف‬
‫‪4‬‬
‫التفسير‪.‬‬

‫والتوجه نحو لاستكشاف أو لاختبار ال يتم بطريقة عشوائية وإنما تخضع للتوجه لابستمولوجي الذي يتبناه‬
‫الباحث‪ .‬فإذا كانت عملية لاختبار تخضع حتما البحث للتوجه الوضعي‪ ،‬فان عملية لاستكشاف ال تخضع لنموذج‬
‫‪5‬‬
‫ابستمولوجي ثابت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cooper, D, R. et Schindler, P. S. (1998). Business research methods. (6eme éd.) New York : Irwin/McGraw-Hill,‬‬
‫‪p14.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Thiétart, R.A et Coll.,Op.Cit., p11.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Idem.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪idem‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Idem.‬‬

‫‪149‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬تم لاعتماد املنهج الاستكشافي‪/‬إلاستطالعي‪ 1‬وذلك من اجل فهم حقيقة الترابط املوجود بين كال من‬
‫املدخلين إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‪ .‬كما نسعى من خالله للتعمق في فهم مشكلة الدراسة من خالل الكشف عن‬
‫املعاني بعمق‪ ،‬وطرح إشكالية مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية من منظور جديد وكذا صياغة أسئلة‬
‫وفرضيات البحث وفق تصور مختلف‪ .‬وعليه‪ ،‬فالهدف من البحث لاستكشافي هو تكوين رؤية كاملة وشاملة قدر إلامكان‬
‫ملشكلة الدراسة‪ ،‬وذلك من اجل الحصول على معرفة أعمق ‪ .‬ووفقا ل (‪)EVRARD‬وآخرون‪ ،‬تستخدم الدراسة‬
‫‪2‬‬
‫لاستكشافية من اجل‪:‬‬

‫‪ -‬الوصول الى أفضل صياغة لسؤال البحث‪ ،‬والقيام بعد ذلك باختبار دقيق؛‬
‫‪ -‬صياغة الفرضيات من خالل التوضيح الدقيق للعالقات فيما بين متغيرات الدراسة‪ ،‬وتعريف الباحث أكثر‬
‫بمجال الدراسة؛‬
‫‪ -‬إضافة قيمة ألدوات وتقنيات البحث العلمي كاالستبيان من خالل توضيح كيفية إيجاد مقاييس فعالة ملتغيرات‬
‫الدراسة‪ ،‬متكيفة مع الحالة املدروسة‪.‬‬

‫ودائما حسب الباحث ‪ EVRARD‬وآخرون‪ ،‬فالبحوث لاستكشافية تتميز بأربع خصائص‪:‬‬


‫‪ -‬صغر حجم العينة‪ ،‬الذي يوفر لنا الجهد والتكلفة الكبير ة التي تتطلبها عملية جمع البيانات؛‬
‫‪ -‬التفاعل بين الباحث والظاهرة املالحظة؛‬
‫‪ -‬تعتمد على الباحث كأداة تحليلية؛‬
‫‪ -‬وأخيرا جمع البيانات النوعية‪.‬‬

‫وإضافة إلى املنهج لاستكشافي تم كذلك اعتماد أسلوب أستدالل التجريبي ‪(3‬الاختبار) ملقارنة الجانب النظري مع‬
‫الواقع‪ ،‬أي لوضع ما توصلنا إليه في الجانب النظري من مفاهيم املتعلقة بإدارة املعرفة وواقع تطبيقها داخل املؤسسات‬
‫محل الدراسة‪.‬‬

‫وبما ان الثنائية استكشاف‪ -‬اختبار تستوحي أهميتها من املنطق لاستداللي أو النمط لاستداللي املتحكم في‬
‫كليهما‪ ,‬فإذا كان لاستكشاف يجعل الباحث يتبنى أسلوب لاستقراء ‪ ،‬فان لاختبار يقوم على أسلوب لاستنباط‪ .‬فالباحث‬
‫في التسيير‪ ،‬فال يستطيع التفكير ال بواسطة آلية لاستقراء وال بواسطة آلية لاستنباط‪ ،‬ولكنه يفكر وفقا آللية التمثيل أو‬
‫ما يسمى بأسلوب إلابعاد (التمحور)‪ .‬فالباحث غالبا ما يحاول استكشاف أو فهم ظواهر معقدة محل مالحظات عديدة‪،‬‬

‫‪1‬ا كتشاف أو تعميق نشاط معين لتحقيق هدفين أساسيين‪ ،‬التفسير والفهم‪ ،‬فهو مناسب للباحث الذي يريد اقتراح نتائج نظرية جديدة‬
‫وذلك من خالل خلق ترابط جديد بين املفاهيم‪ ،‬أو إدماج مفاهيم جديدة في مجال نظري عملي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Evrard. Y., & al, (2009), Market-Fondements et méthodes des recherches en marketing, dunod, paris, p 23.‬‬
‫‪3‬وهو مجموعة العمليات التي بواسطتها يستطيع الباحث مقارنة موضوع نظري مع الواقع بهدف لاختبار‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫ذات طابع مختلف و غامض في بداية ألامر‪ .‬فيحاول في هذه الحالة تنظيم وهيكلة نظام مالحظاته إلبراز وتحديد املعنى‪.‬‬
‫فهدف الباحث في علوم التسيير ليس التحقق من فرضيات معينة من أجل استنتاج قوانين عامة ذات قابلية كاملة‬
‫للتطبيق‪ ،‬كما يدعو أسلوب لاستقراء‪ ،‬ألننا في العديد من الحاالت ال يهمنا أساسا الوصول إلى قوانين عامة بقدر ما يهمنا‬
‫إيجاد تفسيرات قادرة على إزالة الغموض حول ظاهرة معينة‪ .‬أي يكفينا اقتراح إطار مفاهيمي نظري صحيح‪ ،‬قوي مبني‬
‫بشكل محكم ناتج عن ابداع العقل لعالقات من درجة ما مـن الدقة والعمق بينها‪ ،‬انطالقا من خبرة الباحث السابقة‪،‬‬
‫يساهم في تفسير الظاهرة‪ .‬لكن التعرف على هذه العالقات ليس معطى لإلدراك سلفا‪ ،‬بل يتوقف على بلورة وإعادة نظر‬
‫للباحث في كل بناء‪ .‬ففي هذه الحالة نقول أن الباحث ينتهج أسلوب التمثيل أو إلابعاد ‪ )1990( Eco‬أو التمحور ‪Blaug‬‬
‫‪1‬‬
‫(‪.)1982‬‬

‫وبناءا عليه تم انتهاج اسلوب استدالل إلابعاد (التمحور)‪ .‬ألنه نحاول استكشاف و فهم كيفية إدراة املعرفة‬
‫في تطوير الذاكرة التنظيمية والتي هي محل مالحظات عديدة ذات طابع مختلف و غامض وكما ال نهدف التحقق من‬
‫الفرضيات من أجل استنتاج قوانين عامة ذات قابلية كاملة للتطبيق‪ ،‬كما يدعو أسلوب الاستقراء‪ ،‬ألننا ال يهمنا‬
‫الوصول إلى قوانين عامة بقدر ما يهمنا إيجاد تفسيرات قادرة على إزالة الغموض حول كيفية مساهمة إدارة املعرفة في‬
‫تطوير الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫ا ملطلب الثالث ‪ :‬مقاربة البحث املعتمدة‬

‫إن اختيار الطريقة املتبعة في جمع البيانات تتوقف على مدى تحقيقها ألهداف الدراسة‪ ،‬فيمكن للباحث اعتماد‬
‫املقاربة البحثية املناسبة ألهداف البحث وإلاجابة على إشكالية الدراسة سواء كانت نوعية او كمية ومزيج بينهما (البحث‬
‫املندمج‪/‬املختلط)‪ .‬اذ تم لاعتماد في هذه الدراسة على مقاربة البحث املندمج والذي سنتطرق له بقدر من التفصيل‬
‫من خالل تعريفه وتحديد اهم املبررات التي قادتنا الى استخدامه‪.‬‬

‫الفرع الاول ‪ :‬تعريف الب حث املندمج ‪ /‬املختلط‬

‫يمكن تعريف البحث املندمج‪/‬املختلط )‪ (Mixed Methods‬على أنه البحث الذي يقوم من خالله الباحث‬
‫بتنويع أساليب وأدوات جمع وتحليل البيانات الكمية والنوعية في دراسة واحدة والعمل على املزج بينهما في عملية‬
‫‪2‬‬
‫التحليل وكذا املزج بين النتائج املتحصل عليها من اجل الحصول على تركيبة تقدم فهما أفضل إلشكالية البحث‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وسيلة بن ساهل (‪،)1122‬التصور الابستمولوجي ومنهج البحث‪ ،‬يوم دراس ي حول منهجية البحث العلمي‪ ،‬مخبر العلوم لاقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪2‬‬
‫‪. Creswell, J. W, Plano Clark, V.L. (2006), Designing and Conducting Mixed Methods Research. 1er éd. Sage‬‬
‫‪Publications, Inc.p5.‬‬

‫‪151‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫إذ يرى البعض أن البحث املندمج هو أكثر من مجرد دمج ما بين البحث الكمي والنوعي‪ ،‬فهم يرونه كاستراتيجية‬
‫جديدة تفتح املجال للبحث في الظواهر والتعرف عليها بطريقة لم تكن تتيحها وتوفرها الطريقتين السابقتين‪ .‬فالبحث‬
‫الكمي يتحدث بلغة ألارقام فقط ويبتعد فيه الباحث عن الفهم املعمق واملفصل ملحتوى الظاهرة وتفاصيلها (إذ يدعي‬
‫الباحث فيها الحياد الكلي وعدم التأثير في الظاهرة)‪ ،‬بينما يهتم البحث النوعي بكيفية فهم الظاهرة بعمق واستيعابها من‬
‫كافة جوانبها (وهنا يندمج الباحث في الظاهرة محل الدراسة ويؤثر ويتأثر بها)‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬استراتجيات وتصاميم البحث املندمج ‪ /‬املختلط‬

‫قدم الباحثين )‪ )Greene & al, 1989 ; Patton, 1990 ; Creswell & al., 2003‬العديد من تصاميم‬
‫‪1‬‬
‫ولاستراتجيات والتي يمكن تصنيفها وفق اربعة استراتجيات‪:‬‬

‫اوال‪ :‬استراتجية وتصميم التثليث )‪(Triangulation‬‬

‫مفهوم التثليث باملعنى التقليدي للكلمة‪ ،‬هو الحصول على بيانات مختلفة (نوعية وكمية) لكنها متكاملة حول‬
‫نفس املوضوع من أجل فهم أفضل للمشكلة البحث‪ .‬إذ يهدف الباحث من ذلك لالستفادة من املزايا املختلفة لكل من‬
‫ألاساليب النوعية (ملزيد من التفاصيل‪ ،‬العمق) وكمية (حجم العينة‪ ،‬ولاتجاهات‪ ،‬التعميم) والحد من الضعف في كل‬
‫منهما واملكملة لبعضها البعض‪ .‬اذ تبحث عن التقارب و التحقق من النتائج على نفس الظاهرة قيد الدراسة لتعزيز‬
‫صحتها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Aldebert, B. &, Rouzies, A. (2011),L’utilisation des méthodes mixtes dans la recherche française en stratégie :‬‬
‫‪constats et pistes d’amélioration, XXème Conférence de l'AIMS, IAE de l’Université de Nantes, France, P6.‬‬

‫‪152‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫شكل(‪ :)1-3‬تصميم التثليث املتزامن‬

‫نتا ج البيانات‬ ‫نتا ج البيانات‬


‫الكمية‬ ‫النوعية‬

‫التفسير‬
‫كمي ‪ +‬نوعي‬

‫‪Source: Aldebert, B. &, Rouzies, op.cit , P6.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تصميم املتكامل‬

‫يسمح تصميم املتكامل للباحث أن تأخذ في لاعتبار مختلف مستويات التحليل لنفس الظاهرة‪ .‬يمكن هذا‬
‫التصميم من إلاجابة على ألاسئلة املختلفةالتي تتضمن أنواعا مختلفة من البيانات من أجل الوصول الى فهم اعمق‬
‫وشامل للظاهرة‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬التصميم التفسيري املتتابع)‪(Explanatory Sequential Design‬‬

‫تصميم التفسيري هو تصميم متتابع فهو نوع من البحث الذي يعتمد على جمع بيانات البحث الكمية و تحليلها‬
‫في املرحلة لاولى ‪ .‬ومن أجل زيادة شرح ما تم العثور عليه في الجزء ألاول يتبع بجمع البيانات النوعية‪/‬الكيفية و تحليلها‬
‫في مرحلة ثانية‪ .‬عادة ما تقدم البيانات النوعية شرح أعمق ومزيد من التفصيل للنتائج الكمية ألاولى‪.‬‬

‫شكل(‪ :)2-3‬التصميم التفسيري املتتابع‬

‫نتا ج البيانات‬ ‫ي بعه‬ ‫نتا ج البيانات‬ ‫التفسير‬


‫الكمية‬ ‫النوعية‬

‫‪Source : Aldebert, B. &, Rouzies, op.cit., P6.‬‬

‫‪153‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫رابعا‪:‬التصميم الاستكشافي املتتابع)‪(Exploratory Sequential Design‬‬

‫التصميم لاستكشافي هو تصميم متسلسل يستخدم ألاساليب النوعية الستكشاف املواضيع املتعلقة بمشكلة‬
‫الدراسة‪ ،‬ثم استخدام هذه املوضوعات لتطوير أداة اواستبيان من اجل توليد البيانات التي سيتم تحليلها كميا‪.‬‬
‫وتستخدم هذه الطريقة في حالة عدم توفر ادوات البحث أو ان املتغيرات غير معروفة ومحددة‪ .‬اذ تعتمد هذه‬
‫ً‬
‫لاستراتيجية على جمع و تحليل البيانات النوعية أوال ثم لانتقال الى عملية جمع و تحليل البيانات الكمية‪.‬‬

‫شكل(‪ :)3-3‬التصميم الاستكشافي املتتابع‬

‫نتا ج البيانات‬ ‫من اجل بناء‬ ‫البيانات‬ ‫التفسير‬


‫النوعية‬ ‫الكمية‬

‫‪Source : Aldebert, B. &, Rouzies, op.cit., P7.‬‬

‫وبناء على ما تقدم من تصنيفات الستراتجيات وتصاميم مقاربة البحث املندمج‪/‬املختلط تم اعتماد استراتجية‬
‫التصميم التفسيري املتتابع)‪ (Explanatory Sequential Design‬وذلك لعدة اعتبارات ومبررات سيتم ذكرها في‬
‫النقطة املوالية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مبررات استخدام البحث املندمج‪/‬املختلط (استراتجية تصميم التفسيري)‬

‫ت ـ ـ ـ ــم اعتمـاد مقاربة الب ــحث املنـ ــدمج متبعين في ذلك إس ـ ـ ـ ــتراتجية التصميـم التفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيري املتتابع ‪(Explanatory‬‬
‫)‪ .Sequential Design‬اذ تعتمد على جمع بيانات البحث الكمية و تحليلها في املرحلة لاولى من جمع البيانات يليها‬
‫جمع البيانات النوعية‪/‬الكيفية وتحليلها في مرحلة ثانية‪ .‬وذلك لعدة مبررات قادتنا الستخدامه‪ .‬إذ نحاول أن نستعرض‬
‫أهمها في النقاط التالية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نوع أو مصدر واحد من البيانات ال يكفي‬

‫تساعد املقاربة الكيفية أو النوعية في فهم الظاهرة بشكل معمق حتى من خالل دراسة عدد بسيط من ألافراد أو‬
‫وحدات البحث‪ ،‬لكن يصعب من خاللها الوصول إلى نتائج قابلة للتعميم‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬تحتاج املقاربة الكمية‬
‫(‪ )Quantitative‬لوصف الظاهرة لعدد كبير من ألافراد أو وحدات البحث حتى تتمكن من الوصول إلى نتائج وقواعد‬
‫عامة‪ ،‬لكن من دون محاولة التعمق في الدراسة والتفصيل في كافة محدداتها وأبعادها‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫الشكل (‪ :)4-3‬طرق البحث العملي الكمية والكيفية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد الباحث أستنادا ملوقع‪http://educad.me/ :‬‬

‫لذلك‪ ،‬يساعدنا املزج بين البحث النوعي أو الكيفي )‪ (Qualitative‬والبحث الكمي )‪ (Quantitative‬معا على فهم‬
‫ظواهر البحث من وجهات نظر مختلفة‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الحاجة لتفسير نتا ج أولية‪/‬مبد ية‬

‫في كثير من ألاحيان‪ ،‬قد تكون نتائج الدراسة التي تم التوصل إليها بإحدى الطرق (الكمية أو الكيفية) غير كافية‬
‫ً‬
‫لحل مشكلة البحث أو الوصول لفهم كافي ألبعادها ومحتواها‪ .‬في هذه الح ــالة‪ ،‬غالبا ما يحتاج الباحث لبذل مجهود‬
‫إضافي من خالل إضافة دراسة الحــقة )‪ (Followup Study‬إلتمام فهم الظاهرة والتفسير الجيد للنتائج‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)5-3‬الحاجة لتفسير نتا ج أولية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد الباحث أستنادا ملوقع‪http://educad.me/ :‬‬

‫‪155‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫فمثال‪ ،‬غالبا ما تحاول الدراسة الكمية (‪ )Quantitative‬وصف الظواهر وتفسير العالقات املوجودة ما بين‬
‫العناصر أو العوامل املختلفة بشكل عام من خالل تطبيق لاختبارات الكمية وإلاحصائية‪ ،‬فإذا احتاجت نتائجها للمزيد‬
‫من التوضيح والتفسير من أفراد أو وحدات البحث للوصول إلى فهم حقيقي ومعمق ملا تعنيه نتائج لاختبارات إلاحصائية‬
‫بدقة أو أثرها‪ ،‬وبالتالي احتواء كافة جوانب الظاهرة‪ ،‬يمكن إضافة دراسة نوعية (‪ )Qualitative‬موضحة ومكملة‪.‬‬
‫ً‬
‫فالبحث املندمج في هذه الحالة يساعدنا في الوصول لفهم أفضل وفق أكثر من منظور‪ ،‬خصوصا أن الحاجة تدعو ملثل‬
‫هذا الفهم املتعمق والشامل خاصة في مجال علوم التسيير‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحاجة لتحسين مخرجات دراسة‬

‫إن استخدام طريقة بحث إضافية ثانوية في الدراسة للوصول لفهم أفضل حول بعض أجزاء الدراسة قبل تطبيق‬
‫الدراسة ألاساسية نفسها‪ .‬فإذا قمنا بجمع البيانات بطريقة بحث نوعية أو كيفية )‪ (Qualitative‬للتوصل لفهم أعمق‬
‫عن أفراد العينة والتعرف على بعض املعلومات التي قد تساعد في صياغة ألاسئلة أو لالستفادة القصوى من أفراد‬
‫ً‬
‫العينة وتقسيمهم حسب الطريقة ألامثل في الدراسة ألاساسية الالحقة‪ ،‬سواءا كانت نوعية )‪ (Qualitative‬أم كمية‬
‫)‪.(Quantitative‬‬

‫الشكل (‪ :)6-3‬الحاجة لتحسين مخرجات دراسة‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد الباحث أستنادا ملوقع‪http://educad.me/ :‬‬

‫بالتالي‪ ،‬يمكن إلاستفادة من طريقة بحث أساسية (بحث مندمج) كيفية وكمية في نفس الوقت‪ ،‬وذلك للحصول‬
‫على معلومات أولية عند جمع البيانات من خالل طريقة البحث ألاساسية‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫رابعا‪ :‬الحاجة لفهم أكثر للعالقة بين إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‬

‫واعتمدنا طريقة البحث املندمج الذي يمزج ما بين مختلف لاستخدمات (النوعية والكمية) ملا له من إيجابيات‬
‫عديدة‪ ،‬وذلك الن مشكلة البحث معقدة‪ ،‬ومن الصعب دراستها بطريقة بحث وحيدة (نوعية أو كمية)‪ ،‬بغية لاستفادة‬
‫من إلايجابيات في كل طريقة و تجنب السلبيات و توصل الى نتائج أفضل‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)7-3‬الحاجة لفهم أكثر للعالقة املدروسة‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد الباحث أستنادا ملوقع‪http://educad.me/ :‬‬

‫‪157‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫امل طلب الرابع ‪ :‬تقنية البحث املعتمدة‬

‫اعتمدت منهجية البحث العلمي في هذا البحث على تقنية « دراسة الحالة »‪ .‬فوفق الباحث ‪ ،Feagin‬تعد‬
‫دراسة الحاالت إحدى أهم ألادوات التحليلية التي يتم لاستعانة بها عند الحاجة إلجراء تحقيق شامل ومتعمق في البحوث‬
‫‪1‬‬
‫املرتبطة بالعلوم واملعارف‪ ،‬مثل علم النفس وعلم لاجتماع‪ ،‬ولاقتصاد‪ ،‬والطب وعلوم ال سيير‪.‬‬

‫ويعود اختيارنا لهذه التقنية إلى مساهمتها في استكشاف النواحي إلاجرائية والسلوكية الجديدة‪ ،‬أو تلك التي ال تحظى‬
‫بفهم جيد‪ 2.‬وعالوة على ذلك‪ ،‬يرى الباحثون أن هناك أنواعا من املعلومات يصعب‪ ،‬بل يستحيل في بعض ألاحيان‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫التعامل معها بوسائل أخرى غير «املقاربات النوعية»‪ ،‬مثل إلاستراتجيات القائمة على دراسات الحالة‪.‬‬

‫ويشرح ‪ Yin‬السياق الطبيعي لدراسة الحالة في تعريفه لها بأنها استفسار تجريبي (‪،)Empirical Inquiry‬‬
‫«يبحث في ظاهرة معاصرة ضمن سياقها الطبيعي الواقعي‪ ،‬ويعالج وضعا تكون فيه الحدود الفاصلة بين الظاهرة والسياق‬
‫‪4‬‬
‫غير واضحة بشكل تام »‪.‬‬

‫ويش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـار إلى أن تقنية دراسة الحالة مفيدة خاصة في وصف وتحليل املشكالت القائمة على املمارسة‬
‫‪5‬‬
‫(‪ ،)Practice-based Problem‬التي تكون خبرة ألاطراف الفاعلة فيها مهمة‪ ،‬ويكون سياق الفعل مهما‪.‬‬

‫وإضافة إلى ذلك‪ ،‬تسمح تقنية دراسة الحالة بـ« الوصف العميق » للظاهرة موضع الدراسة‪ ،‬وتساعد في الوصول‬
‫إلى التفاصيل غير الواضحة التي يعود سبب عدم وضوحها إلى تعدد املتغيرات والتفسيرات‪ ،‬والتي ال تستطيع ألاساليب‬
‫البحثية ألاخرى الكمية أو التجريبية رصدها بشكل صحيح‪ .‬كما أن تقنية دراسة الحالة تعتبر أكثر تناسبا مع الدراسات‬
‫‪6‬‬
‫التي تحاول فهم الطبيعة إلاجرائية في املنظمات أو املشروعات التي يمتد أجلها لفترة زمنية طويلة‪.‬‬

‫وكما ذكرنا‪ ،‬فإن الهدف من هذه الدراسة هو تكوين فهم أفضل لكيفية ممارسة إدارة املعرفة في املؤسسات ولكيفية‬
‫مساهمتها في بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية‪ .‬وهو ما استلزم إجراء دراسة تفصيلية لسياق وعمليات التنفيذ والتغيرات‬
‫الناجمة عنها‪ ،‬مما أدى بنا إلى تبني موقف تفسيري‪ ،‬يسعى الستكشاف الحقائق عن طريق فهم الظواهر املوجودة في‬
‫سياقات الحياة الفعلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Feagin. J. R., & al., (1991). A Case For Case Study, University of North Carolina Press, London, p4.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Hartley, J. F. (1994). Case Studies in Organizational Research, in: C. Cassell and G. Symon (Eds.), Qualitative‬‬
‫‪Methods in Organizational Research, Sage Publications, London, p 323.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Chamard. J., (2000), Implementation of Realism in Case Study Research Methodology, International Council for‬‬
‫‪Small Business, Annual Conference, Brisbane, p13.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Yin, R. K., (1994). Case Study Research: Design and Methods, London: Sage Publication, p14.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Lee, A. S. (1989). A Scientific Methodology for MIS Case Studies, MIS Quarterly,13, (1), p 40.‬‬
‫‪6‬علي محمد الخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪158‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫وقد وقع لاختيار في هذه الدراسة على دراسة حالة متعددة (‪ )multiple-case study‬ملا لديها من مزايا مقارنة مع‬
‫دراسة حالة منفردة‪ .‬اذ ألادلة التي يتم حصول عليها من هذه دراسة حالة متعددة غالبا ما تعتبر أكثر اقناعا‪ ،‬مما يجعل‬
‫الدراسة شاملة و يزيد من قوتها‪ .‬اذ ان دراسات الحالة املنفردة واجهت تساؤالت كثيرة حول إمكانية تعميمها بشكل‬
‫علمي ‪ ،‬نجد أن هناك أسبابا منطقية عديدة ال تدعو إلجراء مثل هذه الدراسات‪ .‬أنها قد تمثل حاالت نادرة الحدوث او‬
‫فريدة تستحق التوثيق والتحليل‪ .‬و في ان الحاالت التي تظهر لعيان لم تحظ فيما سبق بالبحث العلمي الكافي؛ وعليه‬
‫شملت دراسة حالة متعددة كل من مجمع سوناطراك كواحدة من أكبر املؤسسات لاقتصادية في الجزائر‪ .‬إلى جانب‬
‫مجمع صيدال وكذا مجمع كوندور ‪ ،‬استنادا لعدة معايير واملوضحة في الجدول التالي‪.‬‬

‫جدول(‪ :)1-3‬مؤسسات محل الدراسة ومعايير اختيارها‬

‫مؤسسة كوندور‬ ‫مؤسسة صيدال‬ ‫مؤسسة سوناطراك‬ ‫معايير الاختيار‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫بنية التحتية تكنولوجيا إلاعالم وإلاتصال‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫نسبة العمال املغادرين مرتفعة (فقدان املعرفة)‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫شهادة الجودة الشاملة‬

‫املصدر‪ :‬إعداد الباحث‬

‫ومن اجل محاولة البحث عن ممارسات تساعد املؤسسات في تعزيز مفاهيمها حول آليات التطبيق الفعال إلدارة املعرفة‬
‫وبناء وتطوير ذاكرتها التنظيمية‪ .‬تم تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصميم هذه الدراسة وفقا لنمط عرض دراسة حالة متعددة ( ‪multiple-case‬‬
‫‪ )study‬تفسيرية يتم تحليلها من خالل الوسائل النوعية و الكمية‪ .‬اذ تم جمع البيانات من مصادر ثانوية وأساسية‪،‬‬
‫تضمنت‪:‬‬

‫املصادر ألاساسية‪:‬‬
‫‪ ‬مقابلة شبه موجهة والتي سمحت باالتصال والتواصل مع ألاطراف املعنية في املؤسسات محل الدراسة‪ ،‬من‬
‫أجل استكشاف واستطالع ردودها؛‬
‫‪ ‬لاستمارة‪ :‬نمودج (‪ )CAF‬لتقييم الذاتي إلدارة املعرفة‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫املصادر الثانوية‪ :‬بينما شملت البيانات الثانوية في املقام ألاول‪:‬‬

‫‪ ‬تحليل املطبوعات والوثائق الفنية للمؤسسات؛‬


‫‪ ‬التقرير السنوية ملؤسسات محل الدراسة؛‬
‫‪ ‬تدخالت املسؤولين في الجرائد وامللتقيات‪،‬‬
‫‪ ‬أعمال الخبير في مجال إدارة املعرفة ‪.Jean-Louis Ermine‬‬
‫‪ ‬مواقع لانترنات الرسمية خاصة باملؤسسات محل الدراسة‬

‫املطلب الخامس ‪ :‬صحة املنهجية‬

‫فى هذه املرحلة من البحث‪ ،‬من الضروري التأكد والتحقق من مدى التزامنا باملسار املنهجي الصحيح‪ .‬ومن أجل‬
‫ضمان التوافق مابين إشكالية البحث‪ ،‬املنهجية‪ ،‬وكذا أدوات الدراسة املتبعة‪ ،‬إقترح الباحث ‪ )7891( Benbasat‬أربعة‬
‫‪1‬‬
‫أسئلة تستدعي إجابات تأكيدية وهي كالتالي‪:‬‬

‫الفرع ألاول ‪ :‬الظاهرة موضع البحث‪ ،‬هل فهمها يستدعي دراستها ضمن سياقها الطبيعي؟‬

‫في الجانب النظري‪ ،‬تبين من خالل عمل العديد من الباحثين الذين عرفوا إدارة املعرفة بأنها عملية جماعية‬
‫اجتماعية وتفاعلية تدخل ضمن سياق معين‪ ،‬ويتوقف تطبيقها ونجاحها على مجموعة ألافراد املندمجين في البيئة‬
‫التنظيمية الخاصة بها‪ ،‬وكذا على مختلف الشبكات لاجتماعية التي ينشؤونها فيما بينهم‪ .‬وباملقابل‪ ،‬تقترح إدارة املعرفة‬
‫على املنظمات الراغبة في لالتزام بتطبيقها بجدية إشراك مختلف ألاطراف الفاعلة ذوي املصالح من داخل وخارج‬
‫املنظمة‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬اذ يبدو جليا سعينا إلى فهم السياق والتعرف على كيفية مساهمة إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة‬
‫التنظيمية (بناء‪ ،‬تحديث‪ ،‬توزيع ولاسترجاع) من خالل الحلول التي تقدمها إدارة املعرفة واملتمثلة في العمليات التالية‪:‬‬
‫اكتشاف‪ ،‬امتالك‪ ،‬مشاركة وتطبيق املعرفة وفق سيرورة دينامكية في صلب الحياة اليومية للمنظمة‪ .‬وعلى هذا ألاساس‪،‬‬
‫ال يمكن فهم هذه الظاهرة إال إذا تم دراستها في سياقها الطبيعي‪ ،‬بمعنى السياق الذي تعمل فيه املنظمة بإدارة معرفتها‬
‫وكيف يتم بناء وتطوير ذاكرتها التنظيمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Benbasat, 1., Goldstein, D. K, & Mead, M. (1987),The case research strategy in studies Of information systems,‬‬
‫‪MIS Quarterly, p327‬‬

‫‪160‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬هل هذه إلاشكالية تعتبر م ن بين التحديات الحديثة واملعاصرة ؟‬

‫إن زيادة الوعي حول ألاهمية إلاستراتجية إلدارة املعرفة في الوقت الحالي‪ ،‬وكذا ضرورة تطوير املنظمات لرصيدها املعرفي‬
‫واستغالله أحسن استغالل من خالل بناء وتطوير ذاكرتها التنظيمية نتج عن تطور الفكر إلاداري في ظل تغير املحيط‬
‫واشتداد املنافسة أكثر فأكثر‪ ،‬إلى جانب التطور الحاصل في مجال تكنولوجيا املعلومات ولاتصال‪ ،‬وبروز الجانب‬
‫لاجتماعي والثقافي في املنظمة كمحددات أساسية الكتساب ميزة تنافسية‪ .‬كل هذه ألاحداث تعكس التحديات املعاصرة‬
‫التي يفرضها كال من املتغيرين إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية على املنظمة‪.‬‬

‫هذه التحديات ساهمت في التوجه الكبير ألغلب املنظمات نحو التبني الجدي إلدارة املعرفة ولاهتمام بالذاكرة التنظيمية‪،‬‬
‫خاصة بعد مالحظة آلاثار إلايجابية لهذه إلادارة على مسار نشاط املنظمات والنتائج‪ ،‬مما أصبح ضرورة ملحة الكتشاف‬
‫وفهم ألاحداث املصاحبة لها واملساهمة فيها‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬هل يمكن إلاملام الجيد بكافة جوانب الظاهرة من دون الحاجة للتأثير في أفراد‬
‫الدراسة أو التحكم في ألاحداث املسببة لها؟‬

‫إن النجاح في اختيار وحدة التحليل املالئمة ملشروع البحث‪ ،‬يعتبر من أهم التحديات التي يواجهها الباحث‪ ،‬ملا له‬
‫من اثر كبير على طريقة جمع البيانات‪ ،‬وعلى مستوى تعميم النتائج املرغوب في تحقيقه‪.‬‬

‫في إطار هذا العمل تبنينا أسلوب املقابلة شبه املوجهة واستبيان نموذج (‪)CAF‬كأداة لجمع البيانات‪ ،‬وبالتالي اعتمدنا في‬
‫فهم الظاهرة على محادثات مع أفراد الدراسة‪ .‬لذلك استنادا لباحث ‪ )1993( Yin‬اذ يؤكد على انه من الضروري‬
‫إعطاء الحرية للمقابل لتحديد تصوره وعرض أفكاره بدون قيود حتى نضمن إثراء عملية جمع وتحليل البيانات‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪1‬‬
‫الفهم الجيد لظاهرة‪.‬‬

‫وأفضل طريقة لتحقيق ذلك‪ ،‬تكمن في جعل املتحدث هو املسير ألاساس ي للمقابلة‪ ،‬ويترك له فرصة التعبير عنها‬
‫بأسلوبه وطريقته التي يختارها من اجل تطوير معرفتنا بالظاهرة املدروسة من دون الحاجة للتأثير فيه أو توجيه أفكاره‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Yin, R. K., op.cit. P15.‬‬

‫‪161‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬استراتجية البحث]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬هل يحتوي إلاطار النظري املرتبط باإلشكالية قيد الدراسة على عناصر غير مفسرة؟‬

‫كال من متغيرتي الدراسة إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية تمتلك خلفية نظرية خاصة بها‪ ،‬ولكن يوجد القليل من‬
‫الباحثين من عالج العالقة بينهما في إطار نظري موحد‪ .‬في بحثنا هذا نحاول عرض هذه املتغيرات واستكشاف العالقة‬
‫بينهما وإضافة قيمة معرفية للبحث‪.‬‬

‫وبناءا عليه ومن خالل لاجابة وبشكل ايجابي على جملة ألاسئلة التي اقترح ـها الباحث ‪ ،Benbasat‬يمكننا القول‬
‫ان هذه إلاشكالية تفى بمعايير اعتماد دراسة حالة كمنهجية لبحث‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬أدوات جمع البيانات‬

‫فى هذه املرحلة من البحث‪ ،‬من الضروري التأكد والتحقق من مدى اختيارنا ألنسب أدوات جمع البيانات‪ ،‬وعليه‬
‫نحاول من خالل هذا املبحث عرض إجراءات اختيار العينة واهم أدوات جمع وتحليل البيانات املتبعة في هذه الدراسة‪.‬‬

‫املطلب الاول ‪ :‬اختيار عينة الدراسة‬

‫ان إختيار عينة البحث هو موضوع مهم و البد منه خصوصا في حالة ألابحاث التي ال يمكن فيها الحصول على‬
‫معلومات من كافة أفراد املجتمع لكثرة العدد‪.‬‬

‫الفرع ألاول ‪ :‬وحدة املعاينة‬

‫العينة )‪ (Sample‬في البحث العلمي هي جزء يتم اختياره من مجتمع البحث )‪ (Population‬بحيث تمثل هذه‬
‫العينة املجتمع و تحتوي على الصفات ألاساسية للمجتمع‪ .‬أما املعاينة فتعرف بأنها « عملية اختيار جزء من املجتمع‬
‫إلاحصائي لالستدالل على خواص املجتمع بأكمله عن طريق تعميم نتائج العينة»‪ .‬وتتنوع طرق اختيار العينة حسب‬
‫‪1‬‬
‫خصائص املجتمع املدروس ومزايا وعيوب كل طريقة‪.‬‬

‫وحسب الباحث ‪ Pires‬إن كلمة عينة تحمل معنى مزدوج‪ :‬فاملعنى الدقيق أو العملي‪ ،‬يشير إلى كونها نتيجة عملية‬
‫ٌ‬
‫تهدف إلى تخصيص جزء من كل محدد بدقة‪ .‬وبمعناها الواسع‪ ،‬تعنى نتيجة أي عملية تهدف إلى تكوين مجموعة‬
‫‪2‬‬
‫تجريبية للبحث‪.‬‬

‫والطريقة املالئمة عموما الختيار العينات في دراسة حالة هي الطريقة غير احتمالية‪ ،‬من خالل قيام الباحث‬
‫باختيار املشتركين بنفسه والتحديد الذاتي ملعايير هذا لاختيار‪ .‬وعليه فإننا ال يمكن تقدير هامش الخطأ مما يؤدي الى‬
‫احتمالية الحصول على عينة متحيزة‪ .‬ووفقا للباحث ‪ Lamoureux‬فانه من املست ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحيل تحديد هامش الخطأ‪ « :‬فمن‬
‫املستحيل‪ ،‬اثناء تحليل البيانات‪ ،‬تقدير هامش خطأ النتائج التي سيتم الحصول عليها من العينة‪ ،‬و كنتيجة لذلك ال‬
‫يمكن للباحث تقييم إلى أي درجة يمكن أن تكون النتائج املتحصل عليها قابلة للتعميم على املجتمع املستهدف‪ .‬مما‬
‫‪3‬‬
‫يواجه خطر اختيار عينة متحيزة»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اماني موس ى محمد‪ ،)1112( ،‬التحليل الاحصائي للبيانات‪ ،‬مركز تطوير الدراسات العليا والبحوث‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Pires. A., (1997). Échantillonnage et recherche qualitative : essai théorique et méthodologique, Université‬‬
‫‪d’Ottawa, canada, p7.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Lamoureux, A. (1995). Recherche et méthodologie en sciences humaines. Laval,Québec: Éditions Études‬‬
‫‪Vivantes.P 204.‬‬

‫‪163‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫‪1‬‬
‫وكما يحدد الباحث ‪ Lamoureux‬خصائص الطريقة غير لاحتمالية اذ يراها عكس الطرق لاحتمالية‪:‬‬
‫‪ ‬فكل فرد من املجتمع لديه فرصة غير محددة الختياره‪ ،‬وبالتالي من غير املمكن حساب احتمال اختياره؛‬
‫‪ ‬ال يهم الحصول على قائمة بأسماء أفراد املجتمع؛‬
‫‪ ‬ال يتم اختيار أفراد البحث بشكل عشوائي وإنما تكون مقصودة؛‬
‫‪ ‬التركيز فقط على أفراد البحث املالئمين للبحث‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم‪ ،‬نستطيع القول بأن طريقة أخذ العينات غير لاحتمالية هي الطريقة املناسبة لتطبيق‬
‫دراسة الحالة‪ .‬اذ تمتاز بسهولتها‪ ،‬غير انها تتطلب جهدا كبيرا من حيث لاختيار والتفسير‪ ،‬وكما ال يمكن تقدير هامش‬
‫الخطأ فيها‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬معايير اختيار العينة‬

‫تبعا لجملة التعاريف املذكورة أعاله‪ ،‬تم في هذا البحث اختيار عينة غير إحتمالية من خالل طريقة كرة الثلج‪،‬‬
‫وتحديد أفراد الدراسة وفق املعايير املحددة ضمن النقاط التالية‪:‬‬

‫الجدول(‪ :)2-3‬معايير اختيار املستجوبين‬

‫مجال الخبرة‬ ‫الخبرة‬ ‫الوظيفة‬ ‫عدد املستجوبين‬


‫‪ ‬املوارد البشرية‪،‬‬ ‫من‪ 5‬سنوات فما فوق‬ ‫‪ ‬مدير‪،‬‬ ‫من ‪ 7‬إلى ‪ 8‬حتى يتم الوصول‬
‫‪ ‬إلادارة إلاستراتيجية‪،‬‬ ‫(ويفضل أن تكون في مجال ال سيير)‬ ‫‪ ‬إطار‪،‬‬ ‫إلى مرحلة إلاشباع من البيانات‬
‫‪ ‬نظام املعلومات‪.‬‬ ‫‪ ‬ر يس قسم‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬إعداد الباحث‬

‫واضافة الى معايير املحددة سابقا تم لاعتماد على بعض املعايير الذاتية‪ :‬كوجود الدافع والرغبة الذاتية‬
‫للمستجوبين للمساهمة في موضوع بحثنا وخاصة فيما يخص إدارة املعرفة‪ ،‬اذ يعتبر معيار ساهم في اختيار عينة‬
‫البحث‪ .‬ولتحديد املستجوبين‪ ،‬قدمنا رسالة توضيحية لهذا البحث والتي أرسلت عن طريق البريد إلالكتروني في البداية‬
‫تتضمن عنوان وهدف الدراسة وأسباب اختيار املؤسسة للقيام بدراسة الحالة‪ .‬تحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬تم تحديد الئحة‬
‫ألافراد املرجح أن تتوافق خصائصهم مع املعايير املذكورة واملطلوبة أعاله‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تم لاتصال بكل مستجوب عن‬
‫طريق تطبيق طريقة «كرة الثلج »‪ ،‬بحيث نبدأ أوال باختيار املدير التنفيذي واملسير الذي يستوفي املواصفات املوضوعة‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫‪164‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫لالختيار ضمن العينة‪ ،‬ثم تم الطلب من احدها توجيهنا إلى ألافراد الذين تتوفر فيهم املعايير املذكورة سابقا‪ ،‬واحتمالية‬
‫موافقته على املشاركة في هذا البحث‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬اختيار املشاركين في البحث‬

‫حسب الباحث ‪ ، Laforest‬فالفرد املشارك في البحث يجب ان يكون «شاهدا ومالحظا متميزا‪ ،‬ومن ألافراد‬
‫الذين لديهم معرفة جيدة باملشكلة سواء من خالل موقفه أو عمله أو مسؤولياته»‪ .‬وعموما‪ ،‬في البحوث لاستقرائية‪،‬‬
‫تعتبر مهمة التحديد الدقيق لعدد املستجوبين من خالل املقابالت مهمة صعبة جدا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن ان تستند عملية‬
‫‪1‬‬
‫اختيار عدد املقابالت على ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬مصادر البيانات الكمية والنوعية التي تم استخدمها بالفعل‪ :‬فإذا ما جاءت املقابالت تابعة لتحليل كمي‬
‫مفصل‪ ،‬يصبح عدد ولو قليل من املقابالت مع املستجوبين الرئيسيين كافيا‪.‬‬
‫‪ ‬تنوع وجهات النظر املمثلة في ال شخيص‪ :‬كلما زاد عدد املستجوبين أو زادت أهميتهم في البحث‪ ،‬كلما مكنت‬
‫املقابالت الباحث من جمع أكبر قدر ممكن من التصورات حول مختلف جوانب املوضوع‪.‬‬
‫‪ ‬الوقت واملوارد املتاحة‪ :‬الوقت املستغرق لتحضير‪ ،‬أداء وتسجيل وتحليل كل مقابلة ال يقل عن يومين‪ ،‬وعليه‪،‬‬
‫فإنه يوص ى بوضع خطة لعدد املقابالت للتمكن من قياس الوقت و املوارد املتاحة‪.‬‬
‫‪ ‬مرحلة ال شبع من املعلومات‪ :‬الوصول إلى مرحلة إلاشباع من املعلومات يعتبر دليل على الوصول إلى املعلومات‬
‫ألاساسية املطلوبة وبالتالي لاحتواء التام للموضوع‪ .‬بعد نقطة إلاشباع هذه‪ ،‬تصبح أي مقابالت أو معلومات‬
‫إضافية مكررة ملا تم التصريح به من قبل املستجوبين‪ .‬وهذا يعني أن املقابالت الزائدة ال تقدم أي عناصر أو‬
‫توضيحات جديدة للموضوع‪.‬‬

‫واستنادا الى ما سبق‪ ،‬أشار الباحثان ‪ miles & Huberman‬إلى أن «الباحثين في مجال ألابحاث النوعية عادة‬
‫ما يعملون على عينات صغيرة جدا من ألافراد ضمن سياقها وباجراء دراسة متعمقة وعلى العكس من الباحثين في مجال‬
‫‪2‬‬
‫الكمي اذ يبحثون في العديد من الحاالت‪ ،‬عينات الكبيرة‪ ،‬خارج سياقها ويهدفون الى التمثيل لاحصائي »‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬فان العينة في إطار التحليل النوعي ال تحتاج إلى عدد كبير جدا لكي تكون ممثلة‪ .‬ولهذا السبب وقع‬
‫اختيارنا على بعض املؤسسات فقط‪ ،‬والتي تعد من اكبر املؤسسات التي تنشط في بيئة جزائرية؛ حيث تم استجواب بين‬

‫‪1‬‬
‫‪Laforest, J. & al. (2009). Trousse diagnostique de sécurité à l'intention des collectivités locales, Guide‬‬
‫‪d'organisation d’entretiens semi-dirigés avec des informateurs clés. (Vol Il). Institut national de santé publique du‬‬
‫‪Québec, canada, pp 2-3.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Miles, M. B, Hberman, A. M, (1994), analyse des donnes qualitative, méthode en science humaine, 2 EME édition,‬‬
‫‪de Boeck, Belgique, p58.‬‬

‫‪165‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫سبعة وثمانية موظفين بها وذلك حسب إلامكانية‪ .‬من خالل إرسال رسالة عبر املصادر املختلفة املتاحة والذي تم إلاشارة‬
‫إليه سابقا‪ ،‬ليتم لاتصال باملستجوبين الذين أبدو موافقتهم على املشاركة في هذا البحث عن طريق الهاتف لتحديد‬
‫املوعد‪ .‬فبعد إعالم املستجوبين املحتملين حول الغرض من البحث والتعهد بسرية البيانات املتحصل عليها‪ ،‬تم جدولة‬
‫رزنامة اللقاءات مع ألاخذ بعين لاعتبار التوقيت املتاح لهم‪ .‬تم في ألاخير‪ ،‬تحديد الساعة ويوم املقابلة لكل مستجوب‬
‫وإمكانية ذلك‪ ،‬مما يتيح لهم أيضا الحصول على معلومات شاملة حول إشكالية البحث وسير عملية املقابلة‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬أدوات جمع البيانات‬

‫تعرض هذه النقطة أهم ألادوات التي تم اعتمادها في جمع بيانات الدراسة‪ ،‬اذ تم اعتماد استبيان نموذج‬
‫(‪ )CAF‬لتقييم ممارسات ادراة املعرفة في املؤسسات محل الدراسة للوقوف على الواقع العملي والفعلي لتطبيق ادارة‬
‫املعرفة داخل هذه املؤسسات‪ ،‬إضافة الستخدام املقابلة شبه موجهة لتحليل العالقة بين ادارة املعرفة و الذاكرة‬
‫التنظيمية و التعمق في تفسير ها‪ .‬والحصول على معلومات أكثر أو تبريرات قد توضح بعض ألاجوبة‪ .‬استخدام لاستبيانات‬
‫مع املقابلة الشخصية يوفر لنا إمكانية الرجوع إلى عينة الدراسة من خالل املقابلة الشخصية للحصول على أجوبة‬
‫أوضح أو مبررات أكثر قد توضح سبب قيام شخص ما باختيار إجابة معينة في ألاسئلة املوجودة في لاستبيانات دون‬
‫غيرها‪.‬‬

‫الفرع ألاول ‪ :‬املقابلة شبه املوجهة‬

‫حسب الباحث ‪ 9008 Laforest‬وآخرون تعتبر املقابلة شبه املوجهة طريقة لجمع املعلومات النوعية‪ ،‬تماما‬
‫كاملالحظة في عين املكان وكذا تحليل الوثائق‪ .‬فهي تطبق غالبا على عينة صغيرة‪ ،‬ويمكن أن تستخدم في استكشاف حالة‬
‫معينة أو في استكمال والتحقق من صحة املعلومات املجمعة من مصادر أخرى مستخدمة في التشخيص (عرض الحقائق‬
‫والتحقق منها)‪ .‬وباعتبارها أداة تمكن من الوصول إلى تصورات وآراء املستجوبين‪ ،‬فاملقابلة شبه املوجهة تعتبر فرصة‬
‫للكشف عن الخبايا واملشاكل الخفية‪ ،‬التي تشغل قطاع أو فئة معينة‪ .‬اذ تعتبر املقابلة شبه املوجهة طريقة مرنة‪ ،‬غير انها‬
‫تتطلب إجراءات إعداد واستعداد دقيق وصارم‪ .‬فتحديد أهداف املقابلة‪ ،‬إعداد دليل املقابلة وتكييف نموذج املوافقة‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫تعتبر كلها خطوات أساسية وحساسة‪ .‬وتشير النقاط التالية إلى بعض خطواتها ألاساسية‪:‬‬

‫‪ ‬تكييف دليل املقابلة‪ ،‬تحديد ألاسئلة ألاكثر مالئمة للمتحدث أو تطوير أسئلة جديدة؛‬
‫‪ ‬تطوير نموذج املوافقة التي تحدد قواعد املقابلة ولالتزام بالسرية؛‬

‫‪1‬‬
‫‪Laforest, J. & al., Op.cit., p3.‬‬

‫‪166‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫‪ ‬أول اتصال مع املستجوب‪ :‬شرح الغرض من املقابلة ومشروع البحث‪ ،‬الحصول على املوافقة‪ ،‬أخذ املوعد‬
‫ولاتفاق على مكان إجراء املقابلة‪ .‬من ألافضل اختيار مكان محايد‪ ،‬سري ومريح‪ ،‬خالي من الفوض ى ومن‬
‫مسببات إلازعاج والشرود الذهني‪ ،‬ويسهل للمستجوب الوصول إليه؛‬
‫‪ ‬إرسال استمارة املوافقة ودليل املقابلة‪ ،‬إذا لزم ألامر؛‬
‫‪ ‬إعداد التجهيزات املطلوبة لتسجيل املقابلة‪ ،‬إذا لزم ألامر؛‬
‫‪ ‬لاتصال الثاني مع املستجوب‪ :‬تأكيد موعد ومكان املقابلة‪.‬‬

‫وفي نفس السياق‪ ،‬بين ‪ 9002 Albarello & Bajoit‬بأن املقابالت شبه املوجهة تجرى على أساس دليل‬
‫املقابلة الذي يتكون من مختلف املواضيع وألاسئلة املعدة مسبقا نسبة لالفتراضات املقترحة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ينصح الباحثين‬
‫بتوخي الحذر فيما يتعلق بتدوين املالحظات‪« :‬ال يجب أن يبنى التحليل على أساس نقاط وأفكار مدونة تم أخذها‬
‫بسطحية خالل اللقاء أو أسوأ من ذلك‪ ،‬مجرد سرد للذكريات املخزنة‪ ،‬فهذا ألاسلوب ال يعكس أي شرعية أو‬
‫مصداقية علمية‪ ،‬اذ يجب تسجيل كل املقابالت على ألاشرطة السمعية ونسخها بالكامل لتحليلها الحقا‪ .‬لكن‬
‫‪1‬‬
‫يس ثنى من ذلك حالة رفض صريح من قبل املستجوب‪ ،‬رغم ندرتها في الجانب العملي»‪.‬‬

‫وفي الختام‪ ،‬يمكننا القول بأننا فضلنا استخدام املقابلة الفردية شبه املوجهة لألسباب التالية‪ :‬وذلك ألهميتها اذ‬
‫تسمح لنا بالفهم والتعمق في إلاشكالية املدروسة والحصول على معلومات دقيقة‪ .‬و التي يبدو لنا من الصعب حصول‬
‫عليها من خالل تقنيات لاخرى املعتمدة على التحليل الكمي كاالستبيان اذ يقوم فيه املستجوب‪ ،‬في معظم لاحيان‪،‬‬
‫باإلجابة على اسئلة مغلقة فقط‪ ،‬من خالل وضع عالمة على لاختيار املحدد‪ .‬بينما تتيح املقابلة الفردية شبه املوجهة‬
‫فرصة مناقشة املشترك بعمق‪ ،‬وحصول على إجابات مفصلة كما تأخد بعين لاعتبار السياق الخاص الذي طرحت فيه‬
‫ألاسئلة‪ .‬وبناء عليه تم تصميم دليل املقابلة خاص بموضوع دراستنا‪ ،‬إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‪ ،‬والذي نستطيع‬
‫من خالله توجيه النقاش خالل املقابالت‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التجهيزات الالزمة‬

‫يجب أن تأخذ املقابلة شبه املوجهة بين ‪ 66‬و‪ 06‬دقيقة‪ .‬وفي املتوسط تعتبر ساعة من الزمن مدة مقبولة تماما‬
‫وتضمن أن ال يفقد السائل واملستجوب تركيزه؛‪ 2‬وينصح بشدة تسجيل املقابلة (تسجيل رقمي أو غيره)‪ ،‬حتى وإن كان من‬
‫املمكن نسخ ألافكار والعبارات حرفيا وبشكل تام‪ .‬التسجيل دائما مشروطا بالحصول على موافقة مسبقة من طرف‬

‫‪1‬‬
‫‪Albarello, L., & Bajoit,G.,(2004), Apprendre a cherche, méthode en science humaines, de Boeck, Belgique, P71.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Laforest, J. & al. Op.cit., p3.‬‬

‫‪167‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫املستجوب‪ ،‬فإذا رفض‪ ،‬يجب تدوين املالحظات يدويا رغم صعوبتها‪ .‬وحتى تجرى املقابلة في أفضل الظروف املمكنة‪ ،‬يجب‬
‫علينا التحقق مسبقا من موثوقية أداة التسجيل من خالل نوعية الصوت املسجل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دليل املقابلة شبه املوجهة‬

‫من أجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل السير الحسن للمقابلة شبه املوجهة‪ ،‬يجب على البـ ـاحث إعداد دليل املقابلة‪ .‬فحس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب‬
‫‪ ،)9002( Albarello & Bajoit‬يتضمن دليل املقابلة عادة العديد من ألاسئلة واملحاور‪ ،‬يتم تناولها بالترتيب وبطرح‬
‫مماثل حتى ال تتأثر نوعية إلاجابات‪ .‬تكون ألاسئلة مصنفة على حسب املحاور املتطرق لها في الجزء النظري‪ .‬كما ذكرنا من‬
‫قبل‪ ،‬يستخدم دليل املقابلة في جميع املقابالت شبه املوجهة‪ ،‬من أجل ضمان نوع من التجانس في إلاجابات والصرامة في‬
‫هذا ألاسلوب‪ .‬وألن املجتمع الذي اخترناه متجانس ويعتبر جزء من املنظمة نفسها‪ ،‬فنفس دليل املقابلة سيوجه لكافة‬
‫املستجوبين بشكل متماثل‪ .‬يحتوي هذا الدليل على مختلف الجوانب ذات الصلة بمتغيرات الدراسة املختلفة‪ ،‬من أجل‬
‫الحصول على أكبر قدر ممكن من املعلومات‪ ،‬وبالتالي استكمال بحثنا‪ .‬ويسعى الجزء ألاول للتعرف على املؤسسة ومجال‬
‫نشاطاتها‪ .‬يحتوي الجزء الثاني على ألاسئلة الخاصة بإدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‪ .‬وأخيرا‪ ،‬في الجزء الثالث يطلب من‬
‫‪1‬‬
‫املستجوبين ملء أو إضافة أية معلومات قد تم نسيانها خالل املقابلة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬طريقة سير املقابلة شبه املوجهة‬

‫حسب ‪ :)9002( Gauthier‬تتضمن طريقة سير املقابلة شبه املوجهة ثالث فترات‪ :‬لافتتاح‪ ،‬املقابلة نفسها‬
‫والختام‪ 2.‬لكننا فضلنا استخدام املصطلحات التالية للتعبير بشكل أفضل عن العملية‪ :‬بداية املقابلة‪ ،‬إجراء املقابلة‬
‫ونهايتها‪.‬‬

‫‪ .1‬بداية املقابلة‬

‫يطرح ‪ )9002( Gauthier‬ألاسئلة التالية املتعلقة بكيفية فتح حوار املقابلة‪« :‬كيف نكسر الجليد‪ ،‬كيف نقيم‬
‫عالقة ثقة مع املستجوب؟»‪.‬والطريقة البسيطة لبدء املقابلة تتمثل في التعريف بالنفس ثم تحديد ألاهداف املرجوة‪،‬‬
‫املدة املتوقعة واملواضيع التي سيتم تناولها‪.‬‬

‫حسب ‪ ،)7881( Lamoureux‬تتمثل القواعد العامة الواجب إتباعها قبل املقابلة فيما يلي‪« :‬يجب التعامل مع‬
‫املستجوب بما يتناسب وشخصيته‪ ،‬وضمان سرية الحديث املدلى به‪ ،‬وبناء معه جو تسوده الثقة»‪ .‬ومن الضروري‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Albarello, L., & Bajoit,G.,Op.Cit. P68.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Gauthier, B. (2003). Recherche Sociale: De La Problématique À La Collecte Des Données (4e Éd.), Presses de‬‬
‫‪l'Université du Québec. Canada, P 76.‬‬

‫‪168‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫‪1‬‬
‫بالتالي‪ ،‬الحصول على موافقة املستجوب على تسجيله وتذكيره بنية الحفاظ على سرية أقواله وعدم الكشف عن هويته‪.‬‬
‫ويوضح ‪ Laforest‬وآخرون (‪ ،)9008‬بأن هنا الوقت املناسب للتوقيع على استمارة املوافقة‪ ،‬إن وجدت‪.‬‬

‫‪ .2‬إجراء املقابلة‬

‫يعتبر دليل املقابلة هنا ذو أهمية كبيرة‪ .‬ويشير ‪ )9002( Gauthier‬بأنه يجب أن ينظر إلى هذا الدليل على أنه أداة‬
‫لينة ومرنة‪ ،‬وأسلوب يساعد الباحث على التذكير وعلى ضمان بأن كل املواضيع املقررة قد تم التطرق لها ومناقشتها‪ .‬كما‬
‫أن ألاسئلة املعدة تهدف أيضا إلى تغذية النقاش وإلى مساعدة املستجوب على تنظيم خطابه‪ .‬فصيغ ألاسئلة‬
‫‪2‬‬
‫واستخداماتهم املتنوعة تعتبر كأدوات تمكن الباحث من الوصول إلى تجربة وحقائق املستجوب‪.‬‬

‫أثناء اللقاء‪ ،‬يجب أن تحدد مدة املقابلة إلى ساعة أو ساعة ونصف على ألاكثر‪ ،‬هذه املدة تختلف حسب الحاجة‬
‫وحسب املستجوب‪ .‬ويفضل أن ينعقد اللقاء في مكتب املستجوب أو قاعة لاجتماعات في املؤسسة‪ .‬كما فضلنا توفر‬
‫بعض التفاصيل الهامة التي أبرزتها ‪ Lamoureux‬و‪ Wacheux‬مثل‪:‬‬

‫‪ ‬طريقة تقديم البحث (وضع املستجوبين في وضعية مفتوحة أو مغلقة)؛‬


‫‪ ‬املكان (يجب أن يكون مالئما للكشف عن ألاسرار)؛‬
‫‪ ‬طول املدة (إذا كانت املدة طويلة جدا‪ ،‬يمكن أن تسبب تعب أو تثبيط املستجوب مما يؤثر على نوعية ردوده)‪.‬‬
‫‪ ‬وأخيرا‪ ،‬علينا أن نضمن أن املستجوبين غير معرضين ألي إزعاج أو فقدان التركيز من قبل آلاخرين أو عن طريق‬
‫املكاملات الهاتفية‪.‬‬

‫علينا إتباع نفس دليل املقابلة شبه املوجهة مع جميع مستجوبينا الذين أبدو موافقتهم على كل شروط املقابلة بما‬
‫فيها التسجيل من خالل جهاز الصوت‪ ،‬وحاولنا معهم ضمان حسن سير اللقاء‪.‬‬

‫وقد تبنينا ما صرح به ‪ Lamoureux‬عندما بين بأن القواعد العامة التي يجب إتباعها خالل املقابلة هي‪« :‬لم‬
‫أقوم أبدا بإعطاء قرا ن وإشارات من شأنها أن توحي بإجابة معينة؛ فغالبا ما أشجع في مقابالتي املستجوب على‬
‫قول املزيد وأقوم بالرجوع في وقت الحق للسؤال الذي لم يستطع املجيب إلاجابة عنه فورا أو يشعر باالنزعاج في‬
‫‪3‬‬
‫إلاجابة عنه»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Lamoureux, A. , Op.cit. P128 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Gauthier, B., Op.cit. P 76.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Lamoureux, A. , Op.cit. P128 .‬‬

‫‪169‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫‪ .3‬نهاية املقابلة‬

‫بمجرد اقتراب املقابلة من نهايتها‪ ،‬يجب على الباحث تصور نهاية اللقاء‪ .‬وبما أن املقابلة شبه املوجهة ال تخضع‬
‫ألسئلة مغلقة‪ ،‬فيكون أحيانا من الصعب وضع نقطة النهاية‪.‬‬

‫وفقا لـ‪ Laforest‬وآخرون (‪ ،)9008‬عندما يحكم الباحث بأن جميع املحاور قد تم تناولها ومناقشتها وبأن الوقت‬
‫املحدد للمقابلة قد انتهى‪ ،‬يمكن أن يطلب من املستجوب إذا ما كان لديه أي ش يء ليضيفه‪ .‬يمكن مثال أن يقترح‬
‫الباحث في دليل املقابلة سؤالين لالختيار إلنهاء اللقاء‪ .‬يقوم الباحث حينها بشكر املستجوب على مشاركته‪ ،‬ويشرح له‬
‫بقية مراحل عملية البحث ويذكره بأن نتائج التشخيص سيتم إعالمه بها بنهاية هذه العملية‪ .‬من املفيد بعد نهاية‬
‫املقابلة‪ ،‬القيام بتلخيص أقوال وأفكار املستجوب وتسجيل أية انطباعات أو عناصر ملفتة للنظر‪ .‬يمكن لهذه املعلومات‬
‫أن تسهل نسخ وتحليل املقابلة‪ .‬وبشكل موجز‪ ،‬من املهم خلق عالقة ثقة مع املستجوبين‪ ،‬وأيضا‪ ،‬أن يأخذ الباحث في‬
‫‪1‬‬
‫لاعتبار جميع العناصر املذكورة سابقا‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بطريقة سير املقابلة شبه املوجهة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬استم ارة نموذج ( ‪) CAF‬‬

‫وباإلضافة إلى املقابلة شبه موجه تم اعتماد استمارة نموذج (‪ )CAF‬لتقييم ممارسات إدارة املعرفة باملؤسسات‬
‫محل الدراسة وتشخيص سريع لواقعها ومدى اعتماد هذه املؤسسات ملشروع إدارة املعرفة‪.‬‬

‫اوال‪ :‬أداة التقييم الذاتي ملمارسة ادراة املعرفة (‪ :)CAF‬البنية والتحديات‬

‫تعتبر أداة التقييم الذاتي إلدارة املعرفة‪ 2‬أداة مستوحاة من نموذج «‪ ،»CAF‬املوجه للمنظمات وإلادارات‬
‫العمومية التي قامت بتطوير مشروع إدارة املعرفة أو لم تشرع في ذلك بعد‪ .‬تقوم هذه ألاداة بتقديم تشخيص سريع لواقع‬
‫إدارة املعرفة في لحظة معينة‪ ،‬هذا التشخيص قد يشمل املؤسسة بكاملها كما قد يركز فقط على جزء منها (مصلحة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫قسم) كما هو الحال في املؤسسات الكبيرة‪.‬‬

‫اداة التقييم الذاتي (‪ )CAF‬هي حصيلة الجهود الجماعية املبذولة من قبل وزارات الدول ألاعضاء في لاتحاد‬
‫ألاوروبي واملسؤولة عن إلادارة العامة‪ .‬كما هي ثمرة عمل خبراء هدفهم عصرنة وتحديث إلادارة‪ ،‬وقد صمم لالستخدام في‬
‫جميع املجاالت‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Laforest, J. & al. Op.cit., p4.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Common Assessment Framework‬‬
‫‪3‬‬
‫‪www.publicquality.be‬‬
‫‪4‬‬
‫‪L’outil d’auto-évaluation Gestion des connaissances‬‬

‫‪170‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫وبالرجوع إلى الوثائق والتقارير التي أعدتها وزارة الوظيفة العمومية يعتبر إطار التقييم الذاتي للوظيفة العمومية‬
‫(‪ )CAF‬أداة إلدارة الجودة الشاملة‪ ،‬مستوحى من برنامج تنافس ي حكومي للتميز يتم من خالله تقييم املؤسسات‬
‫الحكومية وفقا الدائها حسب معايير لاطار ألاوروبي إلدارة الجودة (‪ )EFQM‬ونم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوذج جامعة العلوم إلادارية‬
‫(‪ .)Speyer, Allemagne‬هذه ألاداة تقوم على فكرة أساسية مفادها أن نتائج ألاداء املفتاحية التي ترتبط بنتائج‬
‫العمالء‪ ،‬املوظفين والعمليات يمكن أن تؤدي إلى التميز من خالل قدرة إلادارة على تدعيم إلاستراتيجية والتخطيط‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫املوارد البشرية‪ ،‬الشركاء واملوارد وكذا العمليات‪.‬‬

‫تعمل أداة (‪ )CAF‬على تقييم املنظمة من زوايا مختلفة‪ ،‬معتمدة في ذلك على مقاربة شاملة لتحليل أداء املنظمة‬
‫والوقوف على مدى تطبيق إدارة املعرفة‪ .‬هذا ما جعل ما يقارب ‪ 7900‬إدارة حكومية أوروبية تلجأ بين سنتي ‪9000‬‬
‫و‪ 9009‬لهذه ألاداة من اجل تحسين منظمتها‪.‬‬

‫‪ .2‬بنية أداة التقييم الذاتي(‪)CAF‬‬

‫يعتبر نموذج (‪)CAF‬أداة للتقييم الذاتي إلدارة املعرفة‪ ،‬فهو معد على شكل استبيان يهدف إلى مساعدة املنظمة‬
‫على اكتشاف نقاط القوة والضعف لديها‪ ،‬وإعداد خطط التحسين‪ .‬ولفهم هذه ألاداة بشكل أفضل‪ ،‬نحاول توضيح بنية‬
‫نموذج (‪.)CAF‬‬

‫شكل(‪ :)8-3‬اداة التقييم الذاتي ملمارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫‪Source: www.fonction-publique-public.lu/caf‬‬

‫‪1‬‬
‫‪https://www.publicquality.be/index.php/fr/caf-fr/description‬‬

‫‪171‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫كما هو موضح في هذا الشكل‪ ،‬يستند نموذج (‪ )CAF‬على عنصرين هما‪( :‬العوامل والنتائج)‪ ،‬والتي تنقسم إلى‬
‫تسعة أقسام (‪:)0-1‬‬

‫العوامل‪ :‬وتتضمن خمسة معايير مرتبة من ‪ 1‬إلى ‪ ،5‬وتتعلق باألدوات املستخدمة من طرف املنظمة (املدخالت)‬
‫للوصول إلى ألاهداف‪.‬‬

‫النتائج‪ :‬تتمثل في املعايير املرتبة من ‪ 6‬إلى ‪ ،0‬وتتناول النتائج املتعلقة باملؤسسة وألافراد ونتائج ألاداء املفتاحية‬
‫التي يتم تقديرها وفق معايير قائمة على رأي املستجوب ووجهة نظره‪ .‬كل معيار ينقسم إلى معايير فرعية مدعمة‬
‫بأمثلة توضيحية ملحتوى كل منها‪:‬‬

‫"ال يهتم نموذج (‪)CAF‬بالتقييم الدقيق والشامل لكل الجوانب العمل داخل املؤسسة فقط وإنما يحاول أيضا‬
‫توضيح كيفية تأثير كل مكون على املكونات ألاخرى"‬

‫وتاسيسا على ما تقدم نهدف من وراء تطبيق أداة التقييم الذاتي إلدارة املعرفة (‪ )CAF‬لتشخيص واقع إدارة‬
‫املعرفة داخل املؤسسات محل الدراسة والتأكد من وجود وجود سياسة أو مشروع إلدارة املعرفة من عدمه انطالقا من‬
‫التطبيقات الثالثين التي احتوتها هذه ألاداة (القسم ‪ .)2‬وقد تم لاستغناء عن القسم الثاني من ألاداة (املتضمن النتائج‬
‫املرتبطة باملوظفين‪ ،‬النتائج املرتبطة بالعمليات‪ ،‬نتائج أداء املؤسسة) ولاكتفاء بالقسم ألاول لتحقيق اهداف الدراسة‪.‬‬

‫‪ .2‬طريقة قياس اداة التقييم الذاتى (‪)CAF‬‬

‫سنحاول في البداية شرح نظام التنقيط الذي سيتم تطبيقه على مؤشرات ألاداة‪ .‬ووفقا لدليل استخدام‬
‫(‪ 1)CAF‬يتم تقييم كل معيار من خالل تقديم نقطة معينة لكل معيار اساس ي و فرعي بحيث يتم ذلك إجباريا‪ ،‬من اجل‬
‫تحقيق أربعة أهداف‪:‬‬

‫‪ .2‬قياس التقدم املحرز في ادارة املعرفة؛‬


‫‪ .1‬تحديد التطبيقات الجيدة ذات أحسن تنقيط؛‬
‫‪ .3‬تسهيل عملية املقارنة بين املصالح؛‬
‫‪ .4‬توجيه املنظمة للقيام باجراءات التحسين‪.‬‬

‫وكما تم لاشارة اليه في الفقرات السابقة فأداة التقييم الذاتي إلدارة املعرفة‪ 2‬عبارة عن استبيان وفق نموذج‬
‫(‪ .)CAF‬بحيث يتم تنقيط كل معيار داخله لتحديد مستوى ممارسة ادارة املعرفة داخل املنظمة‪ ،‬والتي تعد مؤشرا‬

‫‪1‬‬
‫‪www.fonction-publique-public.lu/caf‬‬
‫‪2‬‬
‫‪www.publicquality.be‬‬

‫‪172‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬أدوات جمع البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫ودليال على وجودها من عدمه ‪ .‬وعليه‪ ،‬القسم الاول (العوامل) ألداة التقييم الذاتي يهدف إلى تقييم ممارسات إدارة‬
‫املعرفة داخل املنظمة او في فرع من فروعها‪ .‬ومن اجل تقييم املعايير ألاساسية والفرعية لعوامل التنظيمية (املوارد‬
‫البشري‪ ،‬القيادة‪ ،‬التخطيط ولاستراتجية‪ ،‬العمليات) تم اقترح سلم التنقيط التالي‪:‬‬

‫شكل(‪ :)0-3‬سلم تنقيط الداة (‪)CAF‬‬

‫…‪Cette pratique est‬‬

‫‪Partiellement‬‬ ‫‪Entièrement‬‬ ‫‪Evaluée après‬‬ ‫‪Adapte après‬‬ ‫‪Un processus‬‬


‫‪Inexistante‬‬ ‫‪Planifie‬‬ ‫‪applique‬‬ ‫‪applique‬‬ ‫‪application‬‬ ‫‪application‬‬ ‫‪systematique‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Source: www.fonction-publique-public.lu/caf‬‬

‫‪173‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬معالجة وتحليل البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬م عالجة وتحليل البيانات‬

‫املطلب الاول ‪ :‬طرق تحليل البيانات‬

‫ال تزال مسألة تحليل وتفسير البيانات الناتجة عن لاستقصاء النوعي محل نقاش‪ .‬إذ تعتبر فى الواقع‪ ،‬العملية‬
‫ألاكثر أهمية‪ .‬فحسب الباحث ‪ Tesch‬وانطالقا من أعمال كل من ‪ ، Bogdan et Taylor‬يعتبر تحليل البيانات عملية‬
‫استقرائية بصورة أساسية تتضمن جهود واضحة لتحويل البيانات املتحصل عليها من أجل إخراجها وإبرازها في شكل‬
‫معلومات يتم استخدامها بهدف إلاجابة على أسئلة البحث‪ ،‬إسقاط الظاهرة املدروسة على الواقع العملي‪ ،‬بناء‬
‫لافتراضات (ألافكار)‪ ،‬فضال عن شرح وتوضيح العالقة بين ألاثر والسبب لظاهرة ما‪ .‬وباختصار‪ ،‬يمكننا تحليل البيانات‬
‫‪1‬‬
‫من‪:‬‬

‫‪ -‬وضع تصور لألمور وألاحداث؛‬


‫‪ -‬الحصول على إجابات واضحة ألسئلة محددة؛‬
‫‪ -‬التوصل إلى استنتاج يخص ظاهرة معينة؛‬
‫‪ -‬البحث عن ظاهرة ما‪ ،‬ثم ربطها بالواقع ودراسة أبعادها‪ ،‬وآثارها‪ ،‬والطرق املثلى للتعامل معها‪.‬‬

‫وتشتمل عملية تحليل البيانات على مرحلتين‪:‬‬

‫‪ ‬املرحلة ألاولى‪ :‬تتمثل في تنظيم البيانات وترتيبها لتسهيل تحليلها مثل‪ :‬وضع إلاجابات في جداول لعرضها‬
‫وتحليلها‪( ،‬والتي تقوم حسب ‪ Tesch‬على تجزئة البيانات وفصلها عن سياقها ألاصلي)؛‬
‫‪ ‬واملرحلة الثانية‪ :‬تفسيرها من خالل تصنيفها في فئات أي إعادة سياقها‪.‬‬

‫ويضيف ‪ ، Blais et Martineau‬بأنه على الباحث في مساره التحليلي تولي مهمة استخالص املعنى الذي‬
‫يعكس الواقع الحقيقي املعاش من قبل الفاعلين في الظاهرة‪ .‬وهذا ما أكده ‪ ، Savoie-Zajc‬حيث بين بان قيمة البحث‬
‫النوعي تستند إلى حد كبير على قدرة الباحث على إعطاء معنى للبيانات‪ ،‬وإكسابها قيمة مقارنة بشكلها الخام‪ ،‬وكذا‬
‫تفسير املتغيرات التي تؤثر في الظاهرة معينة‪ .‬وأشهر تقسيم لعملية تحليل البيانات النوعية‪ ،‬هي تلك املقترحة وفق ثالث‬
‫‪2‬‬
‫مراحل‪ :‬تلخيص‪ ،‬جمع وعرض هذه البيانات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Savoie-Zajc, L., (2000), recherche qualitative, vol.21, université de Québec a Hull, canada, p100.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Blais, M., et Martineau, S. (2006). L'analyse inductive générale: description d'une démarche visant à donner un‬‬
‫‪sens à des données brutes. Recherches qualitatives,26(2), P3.‬‬

‫‪174‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬معالجة وتحليل البيانات]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫وقد تم تبني املقاربة على أساس تحليل املضمون‪ ،‬يعتبر تحليل املضمون طريقة لتصنيف وترميز مختلف عناصر‬
‫الظاهرة املدروسة‪ ،‬بما يسمح للمستخدم معرفة خصائصها ألاساسية واملعنى‪ .‬وهي مجموعة الخطوات املنهجية التي‬
‫تسعى إلى اكتشاف املعاني الكامنة في املحتوى‪ ،‬والعالقات لارتباطية لهذه املعاني من خالل البحث الكمي املوضوعي‪،‬‬
‫واملنظم للسمات الظاهرة في هذا املحتوى‪ ،‬فيستهدف الوصف الدقيق و املوضوعي كما يقال عن موضوع معين في وقت‬
‫معين‪ 1.‬وفي ألاخير يبين الجدول التالي بشكل مختصر مختلف خصائص ومراحل تحليل املضمون‪.‬‬

‫الجدول (‪ :)3-3‬النموذج العام ملراحل تحليل مضمون‬

‫املراحل و الخصا ص‬

‫قراءة البيانات التي تم جمعها‬

‫تحديد الفئات لتصنيف البيانات التي تم جمعها‬

‫تصنيف البيانات حسب فئات‬

‫املعالجة إلاحصا ية والكمية للبيانات‬

‫التحليل والوصف العلمي للحالة املدروسة‬

‫استخالص الاستنتاجات و تفسير النتا ج و فق املؤشرات الكمية وإلاحصا ية‬

‫املصدر‪ :‬احسان محمد الحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.162‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬ادوات تحليل البيانات‬

‫وبمجرد الحصول على كل البيانات التي تم جمعها من خالل املقابالت واملصادر ثانوية‪ ،‬ولضمان تحليل منهجي جيد‬
‫ال بد من نقلها إلى دعامة واحدة التي تساعد على حفظها و التحكم فيها بسهولة‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫[خالصة الفصل]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫خالصة الفصل‬

‫هدف هذا الفصل إلى تقديم الخطوات املنهجية املتبعة في إطار هذا البحث‪ .‬بحيث تم التطرق الى التوجه‬
‫الابستمولوجي املعتمد وكذا املنهج املتبع واهم واملبررات التي قادت الى اعتماده‪ ،‬اذ اعتمدنا في بحثنا هذا التوجه‬
‫التفسيري ذو منهج استكشافي وذلك لطبيعة إلاشكالية وأهداف املرجوة من هذه الدراسة وذلك بتطبيق الاستدالل‬
‫التمثيلي (الابعاد والتمحور) الذي يجمع بين الاستنباط والاستقراء باإلضافة الى اختيار املقاربة البحثية (مزيج‬
‫املندمج‪/‬املختلط) التي تجمع بين الجانب الكيفي والكمي‪ ،‬كما تم التحقق من صحة املنهجية ومدى مال متها مع‬
‫اشكالية الدراسة واهدافها‪ ،‬ومن جهة اخرى تم عرض أهم ألادوات املستخدمة في جمع وتحليل البيانات التي يمكن‬
‫أن تقدم املزيد من الفهم لبحثنا‪ ،‬من اختيار العينة والتي تم اعتبارها عينة غير احتمالية الى تقنيات املستعملة لجمع‬
‫البيانات والتي جمعت بين استبيان نموذج(‪ )CAF‬واملقابلة شبه موجهة فتم الاستعانة باالولى ل شخيص واقع‬
‫ممارسة ادراة املعرفة ومدى اعتماد املؤسسات محل الدراسة على مشروع إلدارة املعرفة واملدعمة باملقابلة شبه‬
‫موجهة للوصول الى تفسير عميق للعالقة بين إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية في دراس نا امليدانية‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬حتليل النتاجئ ومناقش هتا‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫تمهيد‬

‫اذ نسعى من خالل هذا الفصل التطبيقي لإلجابة على إشكالية الدارسة والوصول إلى ألاهداف املسطرة في‬
‫السابق من خالل رفع الغموض عن مفاهيم الذاكرة التنظيمية (امكانية اعتبار املنظمة ككائن له ذاكرة)‪ ،‬وممارسات‬
‫ادارة املعرفة‪ ،‬وما تقدمه من حلول(اليات وتقنيات) لظاهرة فقدان املعرفة التي تقود حتما الى فقدان الذاكرة في صورة‬
‫عمليات امتالك‪ ،‬مشاركة‪ ،‬اكتشاف‪ ،‬وتطبيق للمعرفة ومن اجل الوصول الى هذا املسعى سنحاول اسقاط الجانب‬
‫النظري على الواقع العملي من خالل أسلوب دراسة الحالة متعددة ملجموعة من املؤسسات في بيئة جزائرية‪.‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬يهدف هذا الفصل إلى تقديم النتائج التي تم الحصول عليها من خالل أداة التقييم الذاتي لنموذج‬
‫(‪ ،)CAF‬بغية تحديد نقاط الضعف والقوة ملمارسات إدارة املعرفة و درجة اعتماد مشروع إدارة املعرفة ملؤسسات محل‬
‫الدراسة في بيئة عمل جزائرية الى جانب تحليل عالقة ادارة املعرفة بالذاكرة التنظيمية من خالل تحليل نتائج املقابالت‬
‫شبه موجهة‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املبحث الاول ‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الد راسة وتحليل النتائج‬

‫تم باتجاه متزايد في الشركات واملؤسسات عموما‪ ،‬وبشكل خاص في الشركات ألاعمال خالل الفترة الحالية بتحويل‬
‫أعمالها إلى أعمال قائمة على املعرفة‪ ،‬وتحول مؤسسات نفسها إلى مؤسسات قائمة على املعرفة الكثيفة أو إلى شركات خالقة‬
‫للمعرفة‪ .‬مما جعلها ترصد أموالها واستثماراتها الكبيرة ملشروعات إدارة املعرفة‪ .‬بما يشير بوضوح إلى تحول تركيزها من‬
‫ألاصول املادية إلى ألاصول غير املادية‪ ،‬املعرفة ورأس املال الفكري‪ ،‬وتحول إهتمامها من العمال اليدويين والكتابة وحفظة‬
‫البيانات إلى أفراد املعرفة الذين هم ألاصل ألاكثر أهمية وقيمة وألاكثر تجدد ومساهم في تكوين القدرات الجوهرية للشركة‬
‫وفي تحقيق تقدمها وتطورها وتميزها‪.‬‬

‫والى جانب هذا تواجه املؤسسات الجزائرية تحديات كثيرة نتيجة الانفتاح الاقتصادي الذي نتج عنه غزو‬
‫املؤسسات ألاجنبية للسوق الجزائرية و خاصة بعد تطبيق اتفاقية الشراكة ألاوروبية‪ -‬جزائرية‪ ،‬و انضمام الجزائر‬
‫للمنظمة العاملية للتجارة‪ .‬إنها تحديات عاملية خطيرة و غير مسبوقة و التي من املمكن أن تتحول إلى تهديدات واقعية تندر‬
‫باندثار و زوال املؤسسات الجزائرية التي لو بقيت على حالها فإنها لن تقوى على مواجهة املنافسة الشرسة للمؤسسات‬
‫ألاجنبية و لن يتمكن الاقتصاد الوطني من مواكبة التطورات الاقتصادية العاملية‪.‬‬

‫املطلب الاول ‪ :‬تقدي م املؤسسات‬

‫ومن اجل إلاجابة على إشكالية الدراسة ‪،‬ودراسة واقع الذاكرة التنظيمية في املؤسسات داخل البيئة الجزائرية‬
‫ومدى ممارسات ادراة املعرفة فيها‪ ،‬والوصول إلى أهداف البحث تم اختيار عينة قصديه كدراسة حالة متعددة من‬
‫مجموع املؤسسات الجزائرية والتي تشمل كل من مؤسسة سوناطراك‪ ،‬مؤسسة صيدال‪ ،‬مؤسسة كوندور وذلك لعدة‬
‫اعتبارات ذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬مكانتها الاقتصادية داخل قطاعها ومساهمتها في الدخل الوطني؛‬


‫‪ ‬كثافة املعرفة في مجالها‪،‬‬
‫‪ ‬حصولها على شهادة الجودة في مجال نظام التسيير املتكامل‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الاول ‪ :‬تقديم مؤسسة سوناطراك‬

‫تعتبر سوناطراك من أهم الشركات البترولية في الجزائر و إفريقيا‪ ،‬تنشط في مجال التنقيب‪ ،‬إلانتاج و النقل عبر‬
‫ألانابيب‪ ،‬تحويل و تسويق املحروقات و مشتقاتها‪ .‬معتمدة على إستراتجية التنويع‪ ،‬تطوير نشاطات توليد الكهرباء‪،‬‬
‫ّ‬
‫املنجمية‪ .‬بهدف مواصلة استراتجياتها‬ ‫الطاقات الجديدة و املتجددة‪ ،‬تحليه مياه البحر‪ ،‬كذلك البحث و استغالل الطاقة‬
‫العاملية‪ ،‬تنشط سوناطراك في الجزائر في ّ‬
‫عدة بلدان في العالم ‪ :‬إفريقيا (مالي‪ ،‬النيجر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬مصر) في أوروبا (إسبانيا‪،‬‬
‫إيطاليا‪ ،‬البرتغال‪ ،‬بريطانيا العظمى)‪ ،‬في أمريكا الالتينية (البيرو) و كذالك الواليات املتحدة ألامريكية‪ .‬برقم أعمال يقارب‬
‫‪ 33‬مليار دوالر محقق خالل سنة ‪ 1025‬كما إنها توظف ‪ 120‬ألف عامل في كل مجموعة كما تدعم البحث و ألاعمال‬
‫ّ‬
‫مصدر للغاز الطبيعي ّ‬
‫املميع و‬ ‫العلمية‪ .‬اذ ّ‬
‫تحتل سوناطراك املرتبة ألاولى في إفريقيا‪ ،‬الثانية عشر في العالم‪ ،‬هي أيضا رابع‬
‫‪1‬‬ ‫ّ‬
‫مصدر للغاز الطبيعي‪.‬‬ ‫املميع و خامس‬ ‫ّ‬
‫مصدر عالمي لغاز البترول ّ‬ ‫ثالث‬

‫ّ‬
‫إفريقية‬ ‫أول شركة‬ ‫‪‬‬
‫رابع عشر شركة بترولية ّ‬
‫عاملية‬ ‫‪‬‬

‫ثالث عشر شركة عاملية للمحروقات السائلة (الاحتياطات)‬ ‫‪‬‬


‫ّ‬
‫يخص الغاز الطبيعي (احتياطات و إنتاج)‬ ‫سادس شركة عاملية في ما‬ ‫‪‬‬

‫خامس و عشرون شركة بترولية من حيث عدد املوظفين‬ ‫‪‬‬


‫ّ‬
‫مصدر عالمي للغاز الطبيعي‬ ‫خامس‬ ‫‪‬‬

‫املميع‬ ‫ّ‬
‫مصدر عالمي للغاز الطبيعي ّ‬ ‫رابع‬ ‫‪‬‬

‫املميع‬ ‫ّ‬
‫مصدر عالمي لغاز البترول ّ‬ ‫ثالث‬ ‫‪‬‬

‫مؤسسة بترولية عاملية كبيرة من خالل‬ ‫عامليا واملرتبة ألاولى إفريقيا من بين‬ ‫واحتلت املرتبة الثانية عشرة‬ ‫‪‬‬

‫التحقيق الذي قامت به مجلة ‪ Petroleum Intelligence Weekly‬ألحسن شركة بترولية عاملية؛‬

‫‪1‬‬
‫‪http://www.sonatrach.com/‬‬

‫‪180‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تقديم مؤسسة صيدال‬

‫تعتبر شركة ذات أسهم برأسمال قدره ‪ 0002202220222‬دينار جزائري‪ % 02 .‬من رأسمال صيدال ملك للدولة و‬
‫الـ ‪ % 02‬املتبقية قد تم التنازل عنها في سنة ‪ 9111‬عن طريق البورصة إلى املستثمرين من املؤسسات وألاشخاص‪ .‬اذ‬
‫يعد مؤسسة رائدة في صناعة الصيدالنية في الجزائر‪ ،‬فهو يختص في صناعة ألادوية الجنيسة و املساهمة قدر إلامكان‬
‫في وقاية وعالج وتحسين نوعية حياة املواطنين باإلستجابة إلحتياجاتهم الطبية الرئيسية ‪ .‬حيث تحتوي منتجاتها على أكثر‬
‫‪1‬‬
‫من ‪ 022‬منتوج دواء على مختلف ألاشكال‪.‬‬

‫‪ ‬رؤية مؤسسة صيدال‬

‫يتمثل الهدف الاستراتيجي ملجمع صيدال في تعزيز مكانته كرائد في إنتاج ألادوية الجنيسة وضمان استقالله املالي‬
‫والاستدامة في الحفاظ على توازنه املالي وضمان تحسين القدرة التنافسية ملنتجاته‪ ،‬من أجل تحقيق أهداف نموه‬
‫وتطوير موارده البشرية‪ ،‬و من اهم مهامه‪:‬‬

‫‪ ‬تطوير إنتاج وتسويق املواد الصيدالنية املوجهة لالستهالك البشري‪.‬‬


‫‪ ‬تعزيز مكانته كرائد في إنتاج ألادوية الجنيسة واملساهمة‪ ،‬بشكل فعلي‪،‬‬
‫‪ ‬ضمان استقالله املالي والاستدامة في الحفاظ على توازنه املالي‬
‫‪ ‬وضمان تحسين القدرة التنافسية ملنتجاته‪ ،‬من أجل تحقيق أهداف نموه وتطوير موارده البشرية‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق ألاهداف املنوطة به من قبل الدولة‪ ،‬بصفتها املساهم الرئيس ي‪.‬‬

‫ّ‬
‫و في إطار مهمته ألاساسية‪ ،‬حدد مجمع صيدال خطوط العمل التي تمكنه من ضمان نموه وتعزيز مكانته الرائدة‬
‫في إنتاج ألادوية الجنيسة في طليعة هذه الخطوط ‪،‬يظهر مخطط شامل ومتكامل للتنمية يرافق توسع املجمع والذي‬
‫يتمركز حول‪:‬‬

‫‪ ‬تثمين املوارد البشرية؛‬


‫‪ ‬تحسين التنظيم ونظام املعلومات؛‬
‫‪ ‬تعزيز ثقافة املؤسسة وتنفيذ سياسة اتصال فعالة ؛‬
‫‪ ‬املساهمة في الحد من الواردات‪،‬‬
‫‪ ‬الانفتاح على ألاسواق الخارجية‪،‬‬
‫‪ ‬الزيادة من مستوى رضا املستهلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪http://www.saidalgroup.dz/index.php/ar/‬‬

‫‪181‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬تقديم مجمع كوندور‬

‫كوندور الكترونيكس هي مؤسسة متخصصة في تصنيع (إلالكترونيات وألاجهزة املنزلية‪ ،‬أجهزة الكمبيوتر‪ ،‬إنتاج‬
‫القمح الصلب ومشتقاته‪ ،‬مواد التغليف‪ ،‬مواد البناء) مما جعلها قطب أعمال بامتياز ‪ .‬اذ تتمثل سياستها في استخدام‬
‫احدث التكنولوجيات املبتكرة وتحسين جودة منتجاتها‪ ،‬وذلك من خالل الاهتمام باملورد البشري‪ .‬اذ يعد عامال اساسيا‬
‫في مقاربتها باالستثمار فيه وتطوير معارفهم ومهاراتهم املهنية‪ ،‬واشراكه في العملية الانتاجية وجميع املشاريع كفريق منهي‬
‫من اجل ت حقيق الاهداف املسطرة واملتمثلة في توسع في منتجاتها بابتكار منتجات جديدة ذات جودة عالية‪ ،‬سهلة‬
‫الاستعمال و زيادة والء زبائنها وثقتهم‪ .‬و ترقية وتطوير نشاطاتها القاعدية وخاصة في مجال تركيب وتصنيع املنتجات‬
‫الكهرومنزلية والالكترونية‪ ،‬اذ تحتـل املؤسسـة بتشكيلة جهاز التلفاز مرتبة متقدمة ضمن مراتب املؤسسات الرائدة على‬
‫املستوى الوطني‪ .‬كما يعتبر اليوم املجمع تكتل مؤسساتي الاقوى والفعال في مجال الاقتصاد الوطني‪ .‬من خالل نشاطه‬
‫‪1‬‬
‫في مختلف املجاالت وتتقديم نتائج جديرة بان تكون قدوة لجميع املؤسسات الجزائرية‪.‬‬

‫‪ ‬رؤية مؤسسة كوندور‬

‫في ظل التحديات التي تواجه مجمع كوندور كالعمل على تحقيق رضا العمالء‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬السعي نحو‬
‫تعزيز مكانتها الرائدة في مجال ألاجهزة واملنتجات الالكترونية والكمبيوتر في الجزائر ومواصلة النمو على الصعيد الدولي‪.‬‬
‫عمدت املؤسسة على اتباع سياسة واضحة من خالل املجاالت الرئيسية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تكييف هيكلها التنظمي مع استراتيجيتها الكبرى؛‬


‫‪ ‬فتح أسواق دولية جديدة؛‬
‫‪ ‬تحسين املردودية التجارية؛ ‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين رضا العمالء والحفاظ على الءهم؛‬
‫‪ ‬التحسين املستمر في الجودة والصحة واملحافظة على البيئة؛‬
‫‪ ‬تخفيض تكاليف التصنيع املنتجات؛‬

‫ومن اجل تحقيق هذه الغاية‪ ،‬والتزام بتنفيذ هذه السياسة عمدت املؤسسة على ‪:‬‬

‫‪ ‬توفير املوارد الالزمة؛‬


‫‪ ‬خلق الظروف املناسبة إلشراك املوظفين؛‬
‫‪ ‬اتخاذ جميع التدابير الالزمة ملنع مخاطر التلوث‪ ,‬واملحافظة على سالمة وامن العاملين;‬
‫‪ ‬تعزيز الاتصال داخل املنظمة لزيادة إدراك العمال ألهم التحديات و دفعهم نحو املشاركة الفعالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪http://www.condor.dz/‬‬

‫‪182‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ ‬املراقبة الدائمة لنظم التسيير املتكامل ليبقى مجديا و فعاال‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬اختيار ألاقسام محل الدراسة‬

‫باعتبار أداة التقييم الذاتي إلدارة املعرفة نموذج «‪ ،»CAF‬موجه للمؤسسات التي قامت بتطوير مشروع إدارة‬
‫املعرفة أو لم تشرع في ذلك بعد‪ .‬إذ تقوم هذه ألاداة بتقديم تشخيص سريع لواقع إدارة املعرفة في لحظة معينة‪ ،‬هذا‬
‫التشخيص قد يشمل املؤسسة بكاملها كما قد يركز فقط على جزء منها (مصلحة‪ ،‬قسم) كما هو الحال في املؤسسات‬
‫الكبيرة‪ ،‬و نظرا لكبر املؤسسات محل الدراسة واستحالة اجراء التقييم عليها بالكامل لهذا تم اختيار ثالث أقسام فرعية‬
‫من املؤسسات محل الدراسة إلجراء التقييم الذاتي ملمارسات ادارة املعرفة فيها عن طريق ألاداة (‪ .)CAF‬وقد وقع‬
‫اختيارنا على هذه الاقسام ملدى توفر عامل الاهتمام بمجال إدارة املعرفة وتوجيه ممارساتهم نحو هذا املجال وقد تم‬
‫التاكد من ذلك من خالل الاتصال بهم عن طريق البريد الالكتروني‪.‬‬

‫الفرع الاول ‪ :‬قسم الهندسة وتطوير البترول بمؤسسة سوناطراك‬

‫يعتبر قسم الهندسة وتطوير البترول قسم جزئي من أقسام النشاط ألاولي ملؤسسة سوناطراك‪ ،‬وأحد الحلقات‬
‫املهمة في سلسلة قيمة هندسة إلانتاج ‪)Engineering Production( E&P‬؛ اذ يستخدم أكبر قدر من البيانات‬
‫البتروتقنية املتنوعة‪ .‬ومن بين أهم ألادوار ألاساسية لـقسم هندسة وتطوير البترول تجميع وتخزين البيانات ألاساسية‬
‫املنتجة في ألاقسام ألاخرى‪ .‬مما جعلت من هذا القسم قلب التفاعالت بين مختلف ألاقسام التابعة للنشاط ألاولي‪ .‬وكما‬
‫يساهم هذا القسم في‪:‬‬

‫‪ ‬إعداد دراسة الهندسة القاعدية وتحديد فرص التطور لكل مجال؛‬


‫‪ ‬تخطيط ومتابعة العمليات (التنقيب وصيانة آلابار) وإلانتاج؛‬
‫‪ ‬اليقظة التكنولوجية وتبني التكنولوجيات الحديثة (مثل تقنيات تنقيب آلابار ألافقية ذات النصف القطري‬
‫القصير)؛‬
‫‪ ‬تصميم وتحديد خطط التنمية والاستغالل لحقول النفط (املنجزة من قبل سوناطراك أو بالشراكة)؛‬
‫‪ ‬إعداد الدراسات التقنو‪-‬اقتصادية في إطار سياسة تثمين حقول النفط املوجودة أو املكتشفة؛‬
‫‪ ‬تقييم مخزون مجمل الحقول على مستوى الوطن‪ ،‬ووضع تقديرات لإلنتاج على أساس حالة املخزون ومستوى‬
‫تطور الحقول وقدرات إلانجاز‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مركز البحث والتطوير‬

‫يقوم املركز من خالل أنشطته بتطوير ألادوية الجنيسة والتي تصبح فيما بعد ملكية الحصرية ملجمع صيدال‪ .‬كما‬
‫يساھم املركز في إنشاء الصناعة الصيدالنية الوطنية وتشجيع التطوير التكنولوجي في مجال إلابداع الصيدالني‪ .‬وتتمثل‬
‫املهام ألاساسية للمركز في ‪:‬‬

‫إعداد وتصميم سياسة البحث في مجال العلوم الطبية وإلابداع الصيدالني؛‬ ‫‪‬‬
‫املشاركة في وضع سياسة لتطوير أدوية املجمع من خالل اقتراح قائمة لألدوية الواجب تطويرھا؛‬ ‫‪‬‬
‫لتصميم والتطوير الصناعي لألدوية الجنيسة لفائدة املجمع؛‬ ‫‪‬‬
‫تأمين املساعدة الفنية الالزمة للفروع إلانتاجية للمجمع؛‬ ‫‪‬‬
‫تقديم الخدمات في مجال الرقابة على الجودة لفروع املجمع وكذا للزبائن الخارجيين؛‬ ‫‪‬‬
‫إجراء التحاليل والفحوص على املنتجات التابعة للقطاع الزراعي ‪-‬الغذائي‪ ،‬البيطري‪ ،‬مواد التجميل؛‬ ‫‪‬‬
‫تجميع وتنظيم كافة إلامكانيات واملوارد البشرية واملادية والتقنية التي من شأنھا ضمان اليقظة التكنولوجية‬ ‫‪‬‬
‫للمجمع؛‬
‫ترقية وترويج الاعمال التقنية والعلمية ونتائج البحث التي يقوم بھا املجمع؛‬ ‫‪‬‬
‫تركيب الادوية من أساس نباتي؛‬ ‫‪‬‬
‫إجراء دراسات الاستقرار على ألادوية املطورة وفق املعايير )‪ ICH‬الحرارة والرطوبة النسبية)؛‬ ‫‪‬‬
‫تحضير امللفات العلمية والتقنية الالزمة لتسجيل ألادوية املطورة؛‬ ‫‪‬‬
‫املساھمة في توفير إلاعالم العلمي الخاص باالدوية املطورة؛‬ ‫‪‬‬
‫املساھمة في تدريب الاطارات الفنية للمجمع‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كما يتولى املركز تنظيم امللتقيات والندوات العلمية الوطنية والدولية ويتعاون مع عدة مؤسسات وجامعات في مجال‬
‫التدريب‪ .‬إضاف ـ ـ ــة إلى ذلك‪ ،‬يشترك املركز مع املجلس العـلمي ملجمع ص ــيدال في إدارة مجلة (‪ ، )Santé Saidal‬حيث تهدف ھذه‬
‫املجلة ان تكون‪:‬‬

‫وسيلة للمساھمة في إثراء املعلومة الطبية وإبالغھا للمھنيين؛‬ ‫‪‬‬


‫مجال لتجميع الخبرات والتقاء كل املھتمين بالبحث من خالل أعمالھم البحثية؛‬ ‫‪‬‬
‫وسيلة لترقية املجمع وتحسين صورة عاملته ومنتجاته؛‬ ‫‪‬‬
‫ھمزة وصل بين الصناعة الصيدالنية والجامعات في مجال البحث العلمي والتقني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪184‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬قسم خدمات ما بعد البيع‬

‫إن دور مصلحة خدمات ما بعد البيع هو رسم السياسة العامة التي سوف تنتهجها املؤسسة في التعامل مع الزبائن‬
‫والوكالء املعتمدين من طرفها ‪ ،‬وكذا الاستفادة من تقارير هذه املصلحة‪ ،‬والعمل على تطوير إلانتاج وتحسين الجودة‬
‫ومواكبة التطورات ورصد التحوالت الجارية في محيط املؤسسة الى جانب تطوير صورة العالمة للمؤسسة بترقية مبيعات و‬
‫تحسين نوعية املنتوج عن طريق املعلومات املستخلصة من عمليات التصليح أثناء الضمان أو خارجه‪ .‬وتعمل هذا القسم‬
‫على ترقية الخدمــة‪ ،‬وذلك عن طريق‪:‬‬

‫‪ ‬البحث عن أفكار جديدة لتطبيقها على ثالث فترات قبل‪ ،‬أثناء وبعد الشراء؛‬
‫‪ ‬تكوين وتحسين مستوى ألاشخاص التجاريين في مجال الخدمة؛‬
‫‪ ‬إلاشهار الذي يعمل على تجديد للخدمة‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬عرض النتائج اداة ( ‪) CAF‬‬

‫تشتمل اداة (‪)CAF‬على ثالثون تطبيقا إلدارة املعرفة مقسمة الى خمسة عوامل اساسية نذكر منها‪ :‬إلادارة العليا‬
‫(القيادة) ؛ الاستراتجية؛ إدارة املوارد البشرية؛ ألاطراف املشاركة؛ ادارة العمليات‪ .‬اذ سيتم تقديم النتائج املتحصل عليها و‬
‫عرضها على النحو التالي‪ )1( :‬عرض النتائج جدوليا؛ ‪ )0‬عرض النتائج بيانيا ؛ (‪ )3‬تحليل وتفسير النتائج‪0‬‬

‫الفرع الاول ‪ :‬عرض نتائج ألاداة ( ‪ ) CAF‬جدوليا‬

‫يـتض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـن الجـ ــدول التالي ثالثون (‪ )00‬مم ـ ـ ــارسة نمـطية إلدارة املعـ ـرفة تندرج تحت خمسـ ـة ع ـوامل أساسية‬
‫( انظر نموذج ‪ .)CAF‬بحيث كل سطر يعبر عن معيار نمطي يوافقه درجة تقييم كل قسم‪.‬‬

‫جدول(‪ :)9-4‬نتائج التقييم الذاتي إلدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫قسم‪:3‬‬ ‫قسم‪:0‬‬ ‫قسم‪:9‬‬


‫قسم خدمات ما‬ ‫البحث والتطوير‬ ‫هندسة‬ ‫معـ ـايير التقييم الذاتي‪ :‬العوامل التنظيمية‬
‫بعد البيع‬ ‫وتطوير البترول‬

‫صيدال‬
‫‪Condor‬‬ ‫سوناطراك‬

‫العامل الاول‪ :‬الادارة العامة (القيادة)‬


‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫تحدد إلادارة العليا املعرفة واجب تطويرها و أهداف املنظمة؛‬ ‫‪.1‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫تقاسم املعرفة ومشاركة في التعلم قيم راسخة في اتصاالتهم بصفة منتظمة؛‬ ‫‪.2‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫تقدم إلادارة العليا سلوك مثالي لتعزيز قيم تقاسم املعرفة واملشاركة في التعلم؛‬ ‫‪.3‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫تشارك إلادارة العليا بفعالية في مشاريع تحسين إدارة املعرفة؛‬ ‫‪.4‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫تقوم إلادارة العليا بتثمين مساهمة ألافراد والفرق في تطوير معارفهم؛‬ ‫‪.5‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الهيكل التنظيمي‪ ،‬املهام ومسؤوليات مجال إدارة املعرفة محددة ؛‬ ‫‪.6‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫دور ألاشخاص املؤطرين (رئيس‪ ،‬مدير‪)...‬بالنسبة ملشروع إدارة املعرفة‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫العامل الثاني‪ :‬الاستراتجية والتخطيط‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫تقوم املؤسسة بجرد مجموع املعارف ألاساسية املهددة بالزوال‬ ‫‪.8‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .9‬تحدد املؤسسة املعارف الجديدة التي يجب تطويرها‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .11‬تشمل إستراتجية املؤسسة برنامج إلدارة املعارف‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .11‬قامت املنظمة بتخطيط الاستثمارات في املوارد البشرية واملعدات لتنفيذ ودعم إدارة املعرفة‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ .12‬تعتمد املؤسسة على مؤشرات لقياس مدى تطور في إدارة املعرفة‬

‫‪186‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫قسم‪:3‬‬ ‫قسم‪:0‬‬ ‫قسم‪:9‬‬ ‫مع ــايير التقييم الذاتي‪ :‬العوامل التنظيمية‬


‫قسم خدمات ما‬ ‫البحث‬ ‫هندسة‬
‫بعد البيع‬ ‫وتطوير البترول والتطوير‬

‫‪Condor‬‬ ‫صيدال‬ ‫سوناطراك‬


‫العامل الثالث‪ :‬إدارة املوارد البشرية‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .13‬يتضمن تخطيط العمالة احتياجات املؤسسة من املعارف على مدى قصير وطويل ألاجل‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ .14‬يتضمن تخطيط تطوير املؤسسة املعارف التي يجب تطويرها‪ ،‬وإلامكانيات الالزمة لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ .15‬تتضمن عملية توصيف مهام الخبراء (املختصين في املجال) نقل املعارف كنشاط أساس ي‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ .16‬يتم تثمين تقاسم املعارف أثناء تقييم أداء املوظفين (الحوافز املادية واملعنوية)‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ .17‬تسمح بيئة العمل بتطوير مهارات املوظفين‪.‬‬
‫العامل الرابع‪ :‬الشركاء واملوارد‬
‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .18‬تستفيد مؤسستنا من شركائها من خالل التعلم‪ ،‬اكتشاف املستجدات والتوجهات؛‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .19‬تستغل مؤسستنا خبرة عامليها بشكل كامل؛‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .21‬تستثمر مؤسستنا فى أدوات إلاعالم آلالي إلدارة املعرفة (انترنات‪ ،‬ادارة الوثائق الكترونية‪)...‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .21‬تمكننا إلاجراءات والقواعد باالستعمال ألامثل ألدوات إلاعالم آلالي ومصادر الوثائق؛‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ .22‬املباني والفضاءات داخل املؤسسة تشجع على التعاون والالتقاء؛‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ .23‬تستثمر مؤسستنا فى الخدمات الداعمة الدارة املعرفة (تدريب عن بعد‪.)... ،‬‬
‫العامل الخامس‪ :‬إدارة العمليات‬
‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ .24‬قبل وأثناء وبعد القيام بمهمة معقدة‪ ،‬وجود لحظات للتشاور مع الزمالء من ذوي الخبرة‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ .25‬يعمل الخبراء على تقاسم ومشاركة معارفهم وتطوير ها داخل الشبكات‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ .26‬مرافقة املوظفين الجدد وتجهيزهم للعمل بوتيرة بسريعة‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .27‬يتم الاحتفاظ بمعارف الخبراء لحظة مغادرتهم للمنظمة‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ .28‬هناك مبادرات التحفيز والتشجيع على تطوير ألافكار الجديدة‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ .29‬القيام برسملة املعارف ألاساسية بشكل رسمي‪.‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ .31‬تم إعداد "كتاب املعارف" املتضمنة دراسات الحاالت‪ ،‬الدروس املستفادة من التجربة‪،‬‬
‫والقصص الغنية باملعرفة الخبراء املتاحة وسهلة الوصول‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عرض النتائج بيانيا‬

‫نحاول من خالل هذه القسم تقديم النتائج ألاداة (‪ )CAF‬وفق أشكال بيانية وذلك حسب كل عامل تنظيمي‬
‫وبشكل تصاعدي‪ ،‬اذ نهدف من وراء ذلك عرض اجابات كل قسم حول كل عامل بمعنى مالحظة تطبيقات ادراة املعرفة‬
‫حسب املعايير املقسمة وفق خمسة عوامل تنظيمية أساسية (إلادارة العليا‪،‬إستراتجية‪ ،‬إدارة املوارد البشرية‪ ،‬الشركاء‬
‫واملوارد‪ ،‬إدارة العمليات) داخل كل قسم من املؤسسات محل الدراسة‪ .‬اذ يمكننا هذا العرض ألاولي للنتائج بإجراء‬
‫مقارنة بين مختلف املؤسسات‪ ،‬ولقراءة النتائج تم استخدام سلم التنقيط املعد من طرف نموذج (‪.)CAF‬‬

‫العامل ألاول‪ :‬إلادارة العليا (القيادة)‬

‫تم اعتماد مفهوم إلادارة العليا (القيادة) ملا لها من دور في وضع ألاهداف وتوجهات املؤسسة الكبرى ومدى‬
‫استعدادها للمستقبل من خالل إجراء التغيرات الالزمة لتحقيق رسالة املؤسسة وخلق بيئة إلدارة املعرفة‪ .‬وعليه‪ ،‬ووفق‬
‫هذا السياق تحاول أداة (‪ )CAF‬تقييم سياسات إلادارة العليا و الكشف عن دورها في مجال إدارة املعرفة من خالل‬
‫سبعة معايير التالية‪:‬‬

‫‪ 09‬تحدد إلادارة العليا املعرفة واجب تطويرها و أهداف املنظمة؛‬


‫‪ 00‬تقاسم املعرفة ومشاركة في التعلم قيم راسخة في اتصاالتهم بصفة منتظمة؛‬
‫‪ 03‬تقدم إلادارة العليا سلوك مثالي لتعزيز قيم تقاسم املعرفة واملشاركة في التعلم؛‬
‫‪ 04‬تشارك إلادارة العليا بفعالية في مشاريع تحسين إدارة املعرفة؛‬
‫‪ 00‬تقوم إلادارة العليا بتثمين مساهمة ألافراد والفرق في تطوير معارفهم؛‬
‫‪ 06‬الهيكل التنظيمي‪ ،‬املهام ومسؤوليات مجال إدارة املعرفة محددة ؛‬
‫‪ 07‬دور ألاشخاص املؤطرين (رئيس‪ ،‬مدير‪)000‬بالنسبة ملشروع إدارة املعرفة محدد‪0‬‬

‫‪188‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫شكل(‪ :)9-4‬تقييم العامل ألاول املتعلق باإلدارة العليا القيادة‬

‫فسم خدمات ما بعد البيع‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث اعتمادا على قيم تقييم ممارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫ومن خالل الشكل اعاله نالحظ ان جميع ألاقسام اجتمعت بها من ‪ 3‬الى ‪ 5‬معايير من بين املعايير السبع التي‬
‫يضمها العامل الاول الادارة العليا‪ ،‬اذ تراوح التنقيط ما بين ‪ 1‬الى ‪ 2‬ماعدا قسم الهندسة وتطوير البترول الذي تحصل‬
‫على نقطة ‪ 2‬الى ‪ 3‬فيما يخص املعيار(‪« :)1‬تحدد إلادارة العليا املعرفة واجب تطويرها و أهداف املنظمة» ملا لهذا املعيار‬
‫من قيمة جوهرية داخل برنامج إدارة املعرفة‪ ،‬وهذا ما تم الاشار اليه في الجانب النظري‪ ،‬اذ يجب ان ياخذ في الاعتبار‬
‫تطوير املعارف ومدى عالقتها باستراتجية املؤسسة وغياب هذا العامل يقود نحو فشل املشروع‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكده الباحث (‪)Takeuchi‬من خالل قوله‪« :‬أن املدير التنفيذي يلعب دورا أساسيا في نجاح إدارة‬
‫املعرفة داخل املنظمة‪ ،‬حيث يقوم أوال ببلورة النظرية الكبرى الحاكمة لرؤية املنظمة تجاه إدارة املعرفة‪ ،‬ليقوم‬
‫فيما بعد بدمج هذه الرؤية ضمن أهداف املنظمة‪ ،‬ليتم تحديد مبادرات إدارة املعرفة التي تدعم إلاستراتجية»‪.‬‬

‫وتاسيسا على ماسبق‪ ،‬نستطيع القول بان من بين ألاقسام الثالثة ملؤسسات محل الدراسة قسم الهندسة‬
‫وتطوير البترول ملؤسسة سوناطراك الوحيد فقط الذي يتوافق مع هذه الرؤية‪.‬‬

‫العامل الثاني‪ :‬إلاستراتجية والتخطيط‬

‫إن كال من إلاستراتيجية والتخطيط يعكسان عمليتي التحديث و الابتكار املعتمد من طرف املؤسسة‪ ،‬من خالل‬
‫التوفيق بين ألانشطة التي تساهم في ألاداء العام‪ .‬فاملؤسسة تنفذ رسالتها ورؤيتها من خالل إستراتيجية واضحة مدعمة‬
‫بالتسسير املثالي ملواردها وعملياتها والتي تترجم في ألاخير على شكل خطط‪ ،‬أهداف قابلة للقياس‪ .‬كما يجب على املؤسسة‬
‫املراقبة املستمرة والتدقيق في مسار تنفيذ إستراتجيتها ومدى توافقها مع ما تم التخطيط له‪ .‬وعلى هذا ألاساس تقدم‬
‫أداة (‪)CAF‬خمسة معايير من اجل معرفة ما اذ كان خطة إلادارة تتضمن هذه النقاط في إطار إدارة املعرفة‪:‬‬

‫‪189‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ 00‬تقوم املؤسسة بجرد مجموع املعارف ألاساسية املهددة بالزوال‬


‫‪ 01‬تحدد املؤسسة املعارف الجديدة التي تم تطويرها‬
‫‪ 092‬تتضمن إستراتجية املؤسسة برنامج إلدارة املعارف‬
‫‪ 099‬قامت املنظمة بتخطيط الاستثمارات في املوارد البشرية واملعدات لتنفيذ ودعم إدارة املعرفة‪0‬‬
‫‪ 090‬تعتمد املؤسسة على مؤشرات لقياس مدى تطور في إدارة املعرفة وتعديل مخطط العمل‬

‫شكل(‪ :)0-4‬تقييم العامل الثاني املتعلق باإلستراتجية والتخطيط‬

‫فسم خدمات ما بعد البيع‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث اعتمادا على قيم تقييم ممارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫كما هو موضح في هذا الشكل السابق‪ ،‬فإن عدد املعايير املمارسة فعليا داخل ألاقسام الثالث تراوحت ما بين ‪ 3‬و‬
‫‪ 4‬من بين (‪)5‬معايير املقدمة‪ ،‬التي تقيس العامل الثاني املتمثل في مدى وجود استراتجية وتخطيط تتضمن ممارسة‬
‫ادارة املعرفة‪ ،‬كما تحصال كال من (قسم ابحث والتطوير‪ ،‬قسم الصناعة والشراكة) على تنقيط ضعيف تراوح ما بين (‪1‬‬
‫و ‪ .)2‬وعليه من خالل هذه النتائج نستطيع الخروج بمالحظتين أساسيتين هما‪:‬‬

‫‪ -‬ان قسم الهندسة وتطوير البترول ملؤسسة سوناطراك هو القسم الوحيد الذي تحصل على تنقيط مرتفع (‪3‬‬
‫و‪ )4‬ليؤكد لنا إن داخل هذا القسم تعمل املؤسسة على جرد املعارف ألاساسية املهددة بالزوال (املعيار ‪،)8‬‬
‫ويتم تحديد املعارف الجديدة التي تم تطويرها (املعيار ‪)9‬؛‬

‫‪ -‬ان قسم الهندسة وتطوير البترول ملؤسسة سوناطراك هو القسم الوحيد الذي يتجسد فيه املعيار(‪)11‬‬
‫« تتضمن إستراتجية املؤسسة برنامج إلدارة املعارف»‪.‬‬

‫العامل الثالث‪ :‬إدارة املوارد البشرية‬

‫‪190‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫نحاول التركيز من خالل هذا العامل على تحديد ما اذا كان سياسة ادارة املوارد البشرية تتماش ى مع أهدافها‬
‫إلاستراتيجية و مدى قدرتها على توجيه املورد البشري نحو تطوير املنظمة‪ ،‬اذ نسعى في اطار هذا العمل الى تقييم الواقع‬
‫العملي للمنظمة‪ ،‬وما إذا كانت تقوم بالتخطيط‪ ،‬التسيير ‪ ،‬وتحسين املوارد البشرية بما يتماش ى مع إستراتجيتها وخططها‬
‫من خالل خمسة معايير التي تضمنتها أداة (‪: )CAF‬‬

‫‪ 093‬يتضمن تخطيط العمالة احتياجات املؤسسة من املعارف على املدى القصير وطويل ألاجل؛‬
‫‪ 094‬يتضمن تخطيط تنمية املؤسسة املعارف التي يجب تطويرها‪ ،‬وإلامكانيات الالزمة لتحقيق ذلك؛‬
‫‪ 090‬تتضمن عملية توصيف مهام الخبراء (املختصين في املجال) نقل املعارف نشاطا أساسيا؛‬
‫‪ 096‬يتم تثمين تقاسم املعارف أثناء تقييم أداء املوظفين (الحوافز املادية واملعنوية)؛‬
‫‪ 097‬تسمح بيئة العمل بتطوير مهارات املوظفين‪0‬‬

‫شكل(‪ :)3-4‬تقييم العامل الثالث املتعلق بإدارة املوارد البشرية‬

‫فسم خدمات ما بعد البيع‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث اعتمادا على قيم تقييم ممارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫من خالل الشكل والقراءة ألاولية لبيانات يت ح لنا ان وجود عددا من املعايير داخل قسم الهندسة وتطوير‬
‫البترول بمؤسسة سوناطراك وذات مستوى أداء جيد وهذا ما يعكسه حصوله على تنقيط عالي ملختلف املعايير‪ ،‬اذ‬
‫يرجع ذلك لحرصه على رسملة املعارف (املعيار ‪ ،)15‬و تثمين تقاسم املعرفة (املعيار‪ ،)16‬وكمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يتوفر على بيئة عمل‬
‫مناسبة تسمح بتطوير مهارات املوظفين (املعيار ‪)17‬‬

‫‪191‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫وفي املقابل حصول (املعيار‪ )13‬على مستوى تنقيط ضعيف بالنسبة لبقية الاقسام تاخد ادارة املوارد البشرية‬
‫(التوظيف‪ ،‬وبرنامج التدريب ) في الاعتبار املعارف التي تحتاجها املنظمة على املدى القصير واملتوسط‪ ،‬حيث يوضح‬
‫هذا املعيار دور ادراة املوارد البشرية داخل مشروع ادارة املعرفة‪ ،‬اذ يجب ان تقوم سياسة ادراة املوارد البشرية على‬
‫رسملة املعرفة وتصميم خريطة لها من اجل الاستجابة الحتياجات الاستراتجية ملؤسسة من التوظيف التدريب وغيرها‪.‬‬
‫وكما يؤكد الباحث(‪:)Jean-Marie Peretti‬‬

‫‪ ‬عند حديثه عن املوارد البشرية ال يمكن اعتبار الفرد كمورد وإنما يتمثل املورد فيما يمتلكه هذا الفرد‬
‫(معارف‪ ،‬مهارات‪ ،‬قدرات‪0)00000‬‬

‫وعليه يجب على كال من مؤسستي كوندور وصيدال إدراك و زيادة وعي إدارة املوارد البشرية ألهمية إدارة املعرفة ضمن‬
‫سياساتها من خالل تنمية معارف أفرادها بوضع برامج تدريب تستجيب الحتياجاتها‪.‬‬

‫العامل الرابع‪ :‬الشركاء واملوارد‬

‫يعالج هذا العامل كيفية تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ ،‬وإدارة شركاء ألاساسيين للمؤسسة‪ ،‬والى جانب ذلك تحتاج املؤسسة‬
‫الى املوارد (تكنولوجيا ‪،‬معدات‪ )...‬ألداء ألاعمال على أحسن وجه‪ .‬وعليه يسمح هذا العامل بتحديد إحتياجات املؤسسة‬
‫من املعرفة واملعلومات التي تم أخذها بعين الاعتبار أثناء تقييم إلاستراتيجية والتخطيط‪.‬‬

‫كما يجب على املؤسسة ان تضع تحت تصرف عامليها املعرفة واملعلومات الضرورية‪ ،‬في الوقت املناسب‪ ،‬وبطريقة‬
‫سهلة الوصول من اجل أداء مهامهم بفعالية‪ .‬باإلضافة الى ذلك يجب على املؤسسة توفير املعلومات واملعارف التي‬
‫يحتاجها شركائها ألاساسين و أصحاب املصلحة‪ .‬ومن اجل تقييم هذا العامل حددت أداة (‪ )CAF‬املعايير التالية‪:‬‬

‫‪ 090‬تستفيد مؤسستنا من شركائها من خالل التعلم‪ ،‬اكتشاف املستجدات والتوجهات؛‬


‫‪ 091‬تستغل مؤسستنا خبرة عامليها بشكل كامل؛‬
‫‪ 002‬تستثمر مؤسستنا فى أدوات إلاعالم آلالي إلدارة املعرفة (انترنات‪ ،‬ادارة الوثائق الكترونية‪)000‬‬
‫‪ 009‬تمكننا إلاجراءات والقواعد باالستعمال ألامثل لدوات إلاعالم آلالي ومصادر الوثائق؛‬
‫‪ 000‬املباني والفضاءات داخل املؤسسة تشجع على التعاون والالتقاء؛‬
‫‪ 003‬تستثمر مؤسستنا فى الخدمات الداعمة الدارة املعرفة (تدريب عن بعد‪0)000 ،‬‬

‫‪192‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫شكل(‪ :)4-4‬تقييم العامل الرابع املتعلق بالشركاء واملوارد‬

‫فسم خدمات ما بعد البيع‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث اعتمادا على قيم تقييم ممارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫من خالل معاينة بيانات شكل اعاله نالحظ إن تنقيط معايير عامل الشركاء واملوارد بالنسبة لقسم الهندسة‬
‫وتطوير البترول تراوح ما بين (‪ 1‬و‪ )5‬والذي يفسر بسعيها نحو تفعيل التعاون و استخدام أدوات إلاعالم آلالي و كذلك‬
‫تبادل الخبرات مع شركائها وفي املقابل نالحظ كال من القسمين البحث والتطوير وقسم خدمات ما بعد البيع تحصال على‬
‫تنقيط متوسط ويعود ذلك لعدم وجود مشروع إلدارة املعرفة ‪.‬‬

‫العامل الخامس‪ :‬إدارة العمليات‬

‫يمكن تعريف العملية بأنها سلسلة من ألانشطة التي تحول مجموعة من املوارد (املدخالت) الى منتجات وخدمات‬
‫(مخرجات) وإحراز نتائج (حصيلة) وتقديم قيمة مضافة‪ .‬إذ تأخذ هذه العمليات عدة أشكال ‪ :‬عمليات تشغيلية‪ ،‬تتعلق‬
‫برؤية املؤسسة‪ ،‬التي لها دور أساس ي وجوهري في إنتاج السلع والخدمات‪ ،‬وعمليات التسيير التي تقود املؤسسة‪ ،‬الى‬
‫جانب العمليات الداعمة التي تتيح املوارد الضرورية‪ ،‬وعليه فالعمليات املراد تقييمها تتعلق بموارد املعرفة والتي يمكن‬
‫تلخيصها وفق املعايير التالية‪:‬‬

‫‪ 004‬قبل وأثناء وبعد القيام بمهمة معقدة‪ ،‬وجود لحظات للتشاور مع الزمالء من ذوي الخبرة‪0‬‬
‫‪ 000‬يعمل الخبراء على تقاسم ومشاركة معارفهم وتطوير ها داخل الشبكات‪0‬‬
‫‪ 006‬مرافقة املوظفين الجدد وتجهيزهم للعمل بوتيرة بسريعة‪0‬‬
‫‪ 007‬يتم الاحتفاظ بمعارف الخبراء لحظة مغادرتهم للمنظمة‪0‬‬
‫‪ 000‬هناك مبادرات التحفيز والتشجيع على تطوير ألافكار الجديدة‪0‬‬
‫‪ 001‬القيام برسملة املعارف ألاساسية بشكل رسمي‪0‬‬

‫‪193‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ 032‬تم إعداد "كتاب املعارف" املتضمنة دراسات الحاالت‪ ،‬الدروس املستفادة من التجربة‪ ،‬والقصص الغنية‬
‫باملعرفة الخبراء املتاحة وسهلة الوصول اليها‪0‬‬

‫شكل(‪ :)0-4‬تقييم إدارة عمليات املعرفة‬

‫فسم خدمات ما بعد البيع‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث اعتمادا على قيم تقييم ممارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫من خالل قراءتنا ألاولية ملعطيات البيان نالحظ وجود ممارسات إدارة املعرفة بصفة عامة في مجمل ألاقسام داخل‬
‫املؤسسات الثالث محل الدراسة‪ ،‬إال أن التطبيق الفعلي وبصفة رسمية إلدارة املعرفة يظهر بشكل واضح فقط في‬
‫قسم هندسة وتطوير البترول بمؤسسة سوناطراك‪ ،‬اذ يتم داخل هذا ألاخير كل من عملية امتالك اكتشاف مشاركة‬
‫وكذا تطبيق املعرفة كما تم اعداد لكتاب املعارف ورسملة املعارف الاساسية داخل القسم‪ ،‬وخالفا لبقية ألاقسام داخل‬
‫املؤسسات ألاخرى‪ ،‬فهو القسم الوحيد الذي يتجسد فيه املعيار "اعتماد مشروع إدارة املعرفة "‪ .‬مما دفعنا الختيار قسم‬
‫هندسة وتطوير البترول بمؤسسة سوناطراك‪ ،‬ودراسته بشكل خاص وبصفة أكثر تفصيل وتفسير نتائج املتحصل عليها‬
‫من خالل التقييم الذاتي لهذا القسم‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق يمكن القول أن التحليل ألاولي لنتائج أداة التقييم الذاتي في مختلف أقسام املؤسسات محل‬
‫الدراسة مكننا من‪:‬‬

‫‪ ‬معرفة‪ ،‬مالحظة‪ ،‬ومقارنة النتائج املتحصل عليها لكل قسم‪ ،‬ومعاينة مختلف معايير تطبيق ادارة املعرفة ومدى‬
‫تجسيدها داخل كل قسم‪.‬‬

‫‪ ‬اختيار القسم ألاكثر توجها نحو تطبيق إدارة املعرفة من اجل إجراء تحليل مفصال وتحديد نقاط القوة‬
‫والضعف وتحديد أهم محاور التي يجب تحسينها في مجال إدارة املعرفة‬

‫‪194‬‬
‫[املبحث الاول‪ :‬تقديم عام ملؤسسات محل الدراسة وتحليل النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫وعليه نقول بان تجسد املعيار(‪)11‬أي وجود ملشروع ادارة املعرفة داخل قسم هندسة وتطوير البترول بمؤسسة‬
‫سوناطراك كان له دور حاسما في اختيارنا لهذا القسم و دراسة النتائج املتعلقة به دون بقية أقسام املؤسسات ألاخرى‪،‬‬
‫وذلك ألنه يستجيب ألهداف الدراسة وكما يسمح لنا بدراسة العالقة بين كال من إدارة املعرفة والذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫شكل(‪ :)6-4‬مدى وجود مشروع ادارة املعرفة باملؤسسات محل الدراسة‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث اعتمادا على قيم تقييم ممارسة إدارة املعرفة (‪)CAF‬‬

‫‪195‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬واقع إدا رة املعرفة والذاكرة التنظيمية‬

‫نحاول من خالل هذا املبحث استكشاف واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية من خالل عدة‬
‫مؤشرات والتي تشمل كال من ظاهرة مغادرة العاملين اراديا او عن طريق التقاعد وكذا إسقاط الضوء‬
‫على املعرفة داخل املنظمة ‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬واقع املعرفة ومشكل فقدان الذاكرة التنظيمية‬

‫نحاول من خالل هذه النقطة إسقاط الضوء على واقع املعرفة ومشكل فقدان الذاكرة التنظيمية في مؤسسة‬
‫سوناطراك وألاسباب الرئيسة املؤدية لذلك‪ ،‬واهم إلاجراءات التي وضعتها املؤسسة لتخفيض آلاثار السلبية الناتجة عن‬
‫هذا الفقدان وحاجتها لبناء الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫الفرع الاول ‪ :‬املغادرة إلارادية للعاملين في مؤسس ة سوناطراك‬

‫تعاني مؤسسة سوناطراك‪ ،‬في السنوات ألاخيرة‪ ،‬من ظاهرة مغادرة العاملين ألاكثر كفاءة الذين يقررون ترك‬
‫املؤسسة بشكل إرادي من أجل عرض كفاءاتهم على مؤسسات أجنبية خارج الوطن‪ .‬مما تشكل هذه الظاهرة فقدان‬
‫للمعارف واملهارات ألاساسية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تقدير حجم املغادرة إلارادية للعاملين‬

‫قدر عدد العاملين الذين غادروا إراديا املؤسسة ما يقارب ‪ 3213‬عامل بين سنة ‪ 0293‬و‪ .0294‬فإذا نظرنا لذلك من‬
‫جانب املعرفة‪ ،‬يمكننا القول أن مؤسسة سوناطراك فقدت ‪ 3213‬بئر معرفة بين ‪ 0293‬و‪.0294‬‬

‫‪ 09‬اسباب املغادرة العمل الاردية‬

‫من بين ألاسباب ألاساسية لهذه املغادرة إلارادية نجد ألاجور الذي تمنحها سوناطراك إلطاراتها مصنفة كأجور ألاكثر‬
‫انخفاضا في قطاع املحروقات على مستوى العالم‪ .‬هذا ما يدفعهم لترك املؤسسة والعمل في املؤسسات املنافسة بحكم‬
‫ألاجور املرتفعة التي تقدمها والتي تفوق عشرون مرة تلك املقدمة من قبل سوناطراك‪ .‬ومن أجل الحد من هذه الظاهرة‪،‬‬
‫صرحت سوناطراك في إطار تعديالتها املحتملة بأنها ستقترح سلم أجور جديد‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ 00‬اجراءات تعويض العاملين الذين غادروا إراديا‬

‫في إطار مؤسسة سوناطراك‪ ،‬املغادرة إلارادية ال تكون بطريقة مفاجئة‪ ،‬وإنما تتم باحترام الاتفاقية الجماعية‬
‫للدولة التي تفرض على العاملين الذي يرغبون في ترك هذه املؤسسة‪ ،‬تمديد فترة تنفيذ قرار املغادرة حتى تجد البديل‬
‫الذي يحل محلهم في العمل‪ .‬وهذا التمديد مرتبط بفئة إلاطارات‪:‬‬

‫‪ ‬إلاطار املتوسط مجبر على الانتظار ‪ 6‬أشهر؛‬


‫‪ ‬إلاطار السامي مجبر على الانتظار لسنة‪.‬‬

‫خالل هذه الفترة (ستة أشهر أو سنة) تحاول املؤسسة سوناطراك إيجاد البديل عن هؤالء إلاطارات والذين يكونون في‬
‫أغلب ألاحيان من دون خبرة‪ .‬يتم وضع املوظف الجديد مع إلاطار الذي ينوي املغادرة في نفس مكان العمل لعدة أيام أو‬
‫أحيانا لعدة شهور‪ .‬خالل هذه الفترة‪ ،‬يتكفل إلاطار بتدريب املوظف الجديد أو على ألاقل يقوم بالتوضيح له أهم النقاط‬
‫الخاصة بطريقة سير العمل‪.‬‬

‫وحسب دراستنا الاستكشافية‪ ،‬ال يوجد أي نص قانوني يجبر إلاطار على نقل معارفه للموظف الجديد‪ ،‬وال حتى‬
‫رقابة تسهر على تنفيذ هذا إلاجراء‪ ،‬هذا ما يجعل عملية النقل املعرفة نسبية نظرا الرتباطها بشخصية ورغبة إلاطار الذي‬
‫اتخذ قرار املغادرة‪ ،‬فإذا كان كريم وغير انتهازي‪ ،‬يمكنه مساعدة املوظف الجديد وإال‪ ،‬فسيتركه من دون تقديم أي‬
‫تفاصيل عن العمل؛ ويعتبر نظام التحفيز والاعتراف أهم ألاساليب التي تمكن من تحسين عملية نقل املعرفة بين‬
‫املغادرين والجدد‪ ،‬لكن ولألسف هذه التحفيزات غير موجودة في مؤسسة سوناطراك‪ ،‬هذا ما يدفع أغلب املغادرين إلى‬
‫إهمال هذا إلاجراء وعدم الالتزام به‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إلاحالة على التقاعد‬

‫تواجه مؤسسة سوناطراك‪ ،‬وخاصة في السنوات ألاخيرة‪ ،‬ارتفاع عدد العاملين املحالين للتقاعد‪ ،‬بمعنى فقدان ما يقارب‬
‫ثالثين سنة خبرة أو ما يزيد بالنسبة لكل متقاعد‪.‬‬

‫اوال‪:‬تقدير حجم إلاحالة للتقاعد‬

‫إذ قدر عدد العمال الذين تم إحالتهم على التقاعد ما يقارب ‪ 0760‬متقاعد لسنة ‪ .0294‬هذا الرقم يشير إلى‬
‫املاليين من املواقف الصعبة والغامضة املعاشة واملعالجة من قبل هؤالء العاملين‪ ،‬والتي ترسخت في عقولهم كمعارف‬
‫ضمنية لكنها فقدت من املؤسسة سوناطراك بإحالتهم للتقاعد‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫شكل(‪ :)7-4‬الهرم العمري ملؤسسة سوناطراك‬

‫املصدر‪ :‬التقرير السنوي لسنة ‪ 0294‬ملجمع سونلطراك‬

‫من خالل تحليل هرم العمر للمؤسسة سوناطراك‪ ،‬وحسب تحليلنا لعمر العاملين‪ ،‬الحظنا بأن أغلب العاملين في‬
‫املؤسسة ال ينتمون لفئة الشباب‪ 00001 :‬عامل عمره بين ‪ 42‬و‪ 62‬سنة‪ ،‬و‪ 90423‬فقط عمرهم بين ‪ 02‬و‪ 42‬سنة‪ ،‬هذا ما‬
‫سينتج عنه عدد كبير لإلحالة املستقبلية للتقاعد خالل بضعة سنوات؛ وباستخدام هرم العمر‪ ،‬يمكننا وضع التقديرات‬
‫حول إلاحالة للتقاعد بين سنة ‪ 0290‬و‪ ،0200‬مع افتراض عدم وجود مغادرة إرادية أو وفيات‪ ،‬الجدول التالي يوضح هذه‬
‫التقديرات‪.‬‬

‫جدول(‪ :)0-4‬تقدير عدد العمال املغادرين بالتقاعد بين سنتي ‪ 0200 -0290‬ملؤسسة سوناطراك‬
‫‪0200- 0202‬‬ ‫‪0202 -0290‬‬ ‫الفترة‬
‫‪0034‬‬ ‫‪7400‬‬ ‫عدد العمال املغادرين بالتقاعد‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد الباحث إستنادا لتقرير السنوي لسنة ‪ 0290‬ملؤسسة سوناطراك‬

‫‪198‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫شكل(‪ :)0-4‬تطور عدد املتقاعدين‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث باالعتماد على بيانات الشكل السابق‬


‫حسب الرسم البياني؛ نالحظ أن عدد املحالين للتقاعد سيزداد من فترة ألخرى‪ 7400 :‬في ‪ 0202‬و ‪ 0034‬في ‪،0200‬‬
‫وهذا ما يمثل في إلاجمال ‪ 02679‬إحالة للتقاعد في ‪ .0200‬وهو عدد كبير جدا‪ ،‬من شأنه أن يوقع مؤسسة سوناطراك في‬
‫وضعية حرجة للغاية‪ ،‬إذ ستجد نفسها أمام ‪ 02679‬خبرة مفقودة و‪ 02679‬موظف جديد ليس لديهم في الغالب أي‬
‫خبرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اجراءات تعويض املحالين للتقاعد‬

‫تسجل مؤسسة سوناطراك كل سنة ما يقارب ‪ 9001‬عامل محال للتقاعد‪ ،‬مما يستدعي توظيف ‪ 9001‬عامل‬
‫جديد لتعويض املحالين للتقاعد غالبيتهم متخرجين من الجامعات لديهم معارف نظرية دون أي خبرة مهنية‪ .‬مما‬
‫يستوجب على املؤسسة إعادة تأهيلهم وتدريبهم‪.‬‬

‫أ‪ .‬التدريب املبدئي‪:‬‬

‫وكما هو الحال بالنسبة لحالة العاملين الذين قرروا املغادرة إراديا‪ ،‬يخضع العاملين الجدد الذين سيحلون محل املحالين‬
‫للتقاعد للتدريب ألاولي‪ .‬خالل هذا التدريب يحاول املوظفين الجدد أخذ فكرة عامة حول املؤسسة‪ ،‬أهدافها‪ ،‬مهامها‪...‬‬
‫لديهم أيضا الفرصة لتقديم أنفسهم لزمالئهم من خالل زيارتهم ملكاتبهم املتواجدة في مستوى إلادارة العليا حيث تم‬
‫توظيفهم‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫ب‪ .‬تدريب املحالين للتقاعد للموظفين الجدد‪:‬‬

‫يقوم املحال للتقاعد‪ ،‬قبل تركه املؤسسة‪ ،‬بالتكفل بشرح للموظف الجديد طريقة سير العمل بحيث يخصص‬
‫له ثالثة أيام للتدريب‪ .‬خالل هذه الفترة‪ ،‬يحاول املتقاعد توضيح للموظف الجديد النقاط ألاساسية التي تمكنه من‬
‫بداية عمله بشكل جيد‪ .‬وحسب دراستنا الاستكشافية‪ ،‬ال يوجد أي نص قانوني لدى مؤسسة سوناطراك يجبر‬
‫املتقاعد على تحويل معارفه‪ ،‬مما يجعل هذا إلاجراء كعادة يحترمها البعض ويتجاهلها آلاخرون‪ .‬من بين ألاسباب‬
‫التي تمنع تحويل املعرفة من املتقاعد للموظف الجديد‪:‬‬

‫‪ ‬غياب الرقابة التي تحاول ضبط عملية التدريب وتحويل املعرفة؛‬


‫‪ ‬غياب نظام التحفيز والاعتراف التي تشجع على نقل املعرفة؛‬
‫‪ ‬السلوك الانتهازي الذي يميز بعض املتقاعدين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬وضعية املوظفين الجدد‬

‫تواجه املوظف الجديد صعوبات كبيرة اذ يجد نفسة بعد فترة التدريب يخوض عمله بنقص في املعارف والتقنيات‬
‫التي تمكنه من أداء نشاطه بفعالية‪ ،‬يمكن تفسير هذه الوضعية بـ‪:‬‬

‫‪ ‬التدريب الذي يتلقاه من قبل املتقاعد غير كاف بسبب التصرفات الانتهازية وعدم احترام الفترة املخصصة‬
‫لنقل املعرفة؛ وحتى وإن احترمها‪ ،‬ال يمكنه على إلاطالق تحويل خبرة ثالثين سنة في ثالثة أيام؛‬
‫‪ ‬غياب البديل للمعرفة الضمنية التي يمتلكها املتقاعدين‪ ،‬أي بمعنى آخر عدم توفر املعرفة الصريحة التي‬
‫تمكن من توجيه املوظفين الجدد‪.‬‬

‫مما يخضع املؤسسة الى تبعية املتقاعدين و موردها نلخصها في النقاد التالية‪:‬‬

‫‪ 09‬التبعية للمتقاعدين‬

‫يمثل املتقاعد خبرة طويلة املدى (أكثر من ثالثين سنة) بئر من قدرات التحكم في املواقف ومعالجتها‪ .‬في إطار‬
‫مؤسسة سوناطراك‪ ،‬كل ما يمتلكه املتقاعد (خبرة‪ ،‬تحكم‪ )...،‬يعتبر معرفة ضمنية مرسخة في عقله‪ .‬هذا ما يجعلنا نقول‬
‫بأن رأس املال املعرفي لهذه املؤسسة يمثل ما يمتلكه الخبراء‪ ،‬وبالتالي ذهابهم يسبب فقدان رأسمالها املعرفي‪ .‬اضافة الى‬
‫ان املعارف التي يمتلكها املتقاعدين في مؤسسة سوناطراك ال يتم تقاسمها وال مشاركتها‪ ،‬هذا ما يجعلها‪ ،‬في املواقف‬
‫الصعبة التي ال تتمكن فيها من إيجاد حلول‪ ،‬تلجأ للمتقاعدين القدامى وتطلب منهم العون واملساعدة‪ .‬هذا الاحتكار الناتج‬
‫عن تملك املعرفة يسبب تبعية املؤسسة ملتقاعديها‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ 00‬التبعية ملوردها‬

‫خالل تدريب عاملي مؤسسة سوناطراك (أي نقل املعرفة) من قبل املورد (ألاجنبي) املصدر لآلالت‪ ،‬قد يحتفظ‬
‫املورد (املدرب) ببعض املعارف وألافكار كأسرار ال يمكنه إلافشاء بها وبالتالي ال يقوم بنقلها لعاملي املؤسسة (وغالبا يكون‬
‫ذلك عمدا)‪ .‬فعند وقوع أعطال أو مشاكل في التشغيل ال يمكن ملهارات وإطارات سوناطراك مواجهتها أو إيجاد حل لها‪،‬‬
‫تضطر املؤسسة لللجوء إلى املورد‪ ،‬وهذا ما يجعلها في تبعية دائمة ملوردها‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬الكم الهائل للمعلومات‬

‫تقف مؤسسة سوناطراك أمام مشكلة تتمثل عدم استغالل موظفيها لكم الهائل من املعلومات املخزنة في أرشيف‬
‫مختلف املكاتب‪ ،‬وعدم وجود الحافز لنفض الغبار املتراكم على مر السنين عن هذه امللفات‪ ،‬وهذا ما صرح به احد‬
‫املوظفين بقوله‪:‬‬

‫‪« ‬كل هذه الوثائق املوجودة داخل املكتب تتعلق بموظف شغل هذا املنصب وهو في حالة تقاعد‪ 0000000‬كما قد‬
‫تحتوي هذه امللفات على معلومات مهمة جدا ‪ 000‬فانا شخصيا لم اقم بتصفحها وبصراحة ليست لي إرادة‪0000‬‬
‫وحتى وان قرر احدهم تصفح هذه امللفات وإذ وجد بها معلومات جيدة‪ ،‬سيضيع وقتا كبيرا في ذلك»‪0‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬عائد استثمار راس املال الفكري‬

‫تواجه مؤسسة سوناطراك إشكالية عدم القدرة على قياس النتائج أو ثمار إلانفاق الكبير على مواردها الفكرية‪ :‬تدريب‬
‫الخبراء‪ ،‬وتبني منطق العمليات في أداء املهام و يرجع ذلك إلى طبيعة املعرفة الضمنية الناتجة عن هذا النوع من العمل‬
‫وصعوبة تقييمها‪ .‬اذ تقدم مؤسسة سوناطراك كل سنة ميزانية توضح طريقة سير تدريب عامليها‪ ،‬والتي تزداد تكاليفها‬
‫من سنة ألخرى‪ :‬في سنة‪ 0290‬كانت ‪ 93773,14‬د‪.‬ج‪/‬لليوم‪/‬للعامل ‪ ،‬ثم انخفضت لتبلغ ‪ 1697171‬د‪.‬ج‪/‬لليوم‪/‬للعامل‬
‫سنة‪ ،0293‬لترتفع من جديد لتبلغ ‪ 92110,40‬د‪.‬ج‪/‬لليوم‪/‬للعامل سنة ‪ 0294‬كما هو موضح في الجدول التالي‪:‬‬

‫‪201‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫إلى ‪1024‬‬ ‫‪ 0-4‬التكلفة املالية لعملية التدريب من سنة‬


‫‪0294‬‬ ‫‪0293‬‬ ‫‪0290‬‬ ‫السنة‬
‫‪92110140‬‬ ‫‪1697171‬‬ ‫‪93773114‬‬ ‫امليزانية(متوسط‪/‬عامل‪/‬اليوم)‬
‫‪011‬‬ ‫‪3116‬‬ ‫‪0100‬‬ ‫امليزانية مليار دج‬
‫املصدر‪ :‬التقرير السنوي ملؤسسة سوناطراك ‪1024 -1020‬‬
‫ويمكن التعبير عنها بالشكل التالي ‪:‬‬

‫ميزانية التدريب من‬

‫املصدر‪ :‬التقرير السنوي ملؤسسة سوناطراك لسنة‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يمكننا الاستنتاج بأن مؤسسة سوناطراك واجهت عدة مشاكل متعلقة بازدياد فاتورة‬
‫التدريب من سنة ألخرى وعدم استغلل الكم الهائل من املعلومات املخزنة في أرشيف املكاتب الى جانب فقدانها للمعرفة‬
‫يوما بعد يوم الناجم عن مغادرة العاملين سواء إراديا او عن طريق إلاحالة على التقاعد مما نجم عنه الفقدان التدريجي‬
‫للذاكرة التنظيمية ملؤسسة‪ .‬ورغم إلاجراءات املعتمدة لتعويض املتقاعدين والعمل على نقل الخبرة واملعرفة إال أنها تبقى‬
‫غير كافية اذ تحتاج الليات وتقنيات تعمل على امتالك واملحافظة على معرفتها واسترجاعها من اجل الاستفادة منها في‬
‫املواقف املماثلة او الكتشاف معرفة جديدة وال يتأتى هذا إال إذا كثفت من جهودها وذلك من خالل تبني مشروع طموح‬
‫إلدارة املعرفة للمحافظة على ذاكرتها تنظيمية‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬تقييم إدارة املعرفة‬

‫نهدف من خالل هذا املطلب محاولة تقييم ادارة املعرفة باالعتماد على اداة التقييم الذاتي نموذج (‪ )CAF‬الذي‬
‫يحتوي على ‪ 31‬ممارسة إلدارة املعرفة واملقسمة الى اربعة عوامل اساسية لنجاح ادارة املعرفة الادارة العليا (القيادة)‪،‬‬
‫الاستراتجية والتخطيط‪ ،‬ادارة املوارد البشرية ‪ ،‬ألاطراف املشاركة‪ ،‬والعمليات‪.‬‬

‫الفرع الاول ‪ :‬إلادارة العليا ( القيادة )‬

‫نحاول من خالل هذه النقطة قياس درجة اهتمام إلادارة العليا بتبني إدارة املعرفة من خالل وجود قناعة لدى‬
‫قيادة املؤسسة بضرورة تطبيقها؟ ومدى استعدادها مستقبال إلحداث التغييرات الالزمة على مستوى الهيكل التنظيمي‬
‫لتحقيقها؟ و مدى توجه القيادة نحو ترسيخ ثقافة تقاسم ومشاركة املعرفة؟‬

‫وفي هذا السياق تسعى أداة (‪ )CAF‬الى تقييم السياسات املتخذة من قبل إلادارة العليا من خالل عاملين‬
‫اساسيين في نجاح إدارة املعرفة أال وهما‪ :‬الهيكل التنظيمي‪ ،‬وثقافة املنظمة‪،‬‬

‫شكل(‪ :)92-4‬معايير تقييم إلادارة العليا (القيادة)‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث باالعتماد على اداة تقييم ممارسة ادارة املعرفة(‪)CAF‬‬

‫احتوى هذا العامل على سبعة معايير لتقييم سياسات إلادارة العليا كما هو موضح في الشكل()‪ ،‬إذ نالحظ عدم‬
‫تجسيد كال من املعيارين(‪ )5،2‬ضمن ممارسة إدارة املعرفة داخل القسم محل الدراسة‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫اوال‪:‬املعايير غير مطبقة‬

‫‪ )1‬ال تقوم إلادارة العليا بتثمين مساهمة ألافراد والفرق في تطوير معارفهم؛ إن غياب هذا املعيار قد يقود إلى‬
‫فشل مشروع إدارة املعرفة عموما‪ ،‬اذ تكمن سمات ثقافة املنظمة الداعمة في فهم قيمة ممارسة إدارة‬
‫املعرفة‪ ،‬ودعم إلادارة العامة لها على جميع املستويات‪ ،‬من خالل رصد الحوافز املناسبة ملكافئة العاملين على‬
‫مشاركة املعرفة‪ ،‬وتشجيع التفاعل بينهم إلنتاج املعرفة ومشاركتها‪ .‬ففي مؤسسة سوناطراك‪ ،‬يشمل نظام‬
‫التحفيز ما يلي‪:‬‬

‫مكافآت املتغيرة؛‬ ‫‪‬‬


‫العالوات واملنح؛‬ ‫‪‬‬
‫شهادات (لوحة شرف ‪ ،‬قائمة الخبراء املميزين‪)....‬؛‬ ‫‪‬‬
‫التمكين بالنسبة ملشاريع جديدة وامليزانية ملحقة لها؛‬ ‫‪‬‬
‫تكوين متخصص؛‬ ‫‪‬‬
‫سفريات للتكوين بالخارج؛‬ ‫‪‬‬

‫غير ان ما يمكن إلاشارة أليه أن هذا النظام ال يكاد يعدو ان يكون نظام كالسيكي كغيره من أنظمة تحفيز أداء‬
‫العاملين إذ لم يتم إعادة النظر فيه و توظيفه كآلية لتشجيع تقاسم ومشاركة املعرفة‪.‬‬

‫‪ )2‬ان تقاسم املعرفة والتعلم املشترك ال يعتبر قيم راسخة في اتصاالت العاملين بصفة منتظمة؛ فالتعلم‬
‫املشترك وتقاسم املعرفة يعتبر عملية جوهرية ضمن ممارسات ادراة املعرفة وغياب هذا املعيار يعود اعتماد‬
‫مؤسسة سوناطراك خيار مشاركة املعرفة غير املباشر من خالل عمليتي التجسيد والتذويب دون الخيار املباشر‬
‫التفاعل الاجتماعي‪ ،‬باعتبار أن دفع العاملين لالنخراط في مشاركة املعرفة يعتبر أصعب جزء في إدارة املعرفة‪.‬‬
‫فالعاملون‪ ،‬عموما‪ ،‬ال يرغبون عادة في املساهمة بمعارفهم في مستودعات حفظ املعرفة‪ ،‬فضال عن ذلك أن‬
‫العاملين غالبا ما يتحاشون استفسار آلاخرين عن سؤال معين إذا كان لديهم إلاجابة عنه‪ ،‬ويتجنبون بصفة‬
‫خاصة طرح تساؤل ممكن أن تطلع عليه املنظمة وخشية أن يظهر ذلك جهلهم‪ .‬وقد بررت مؤسسة سوناطراك‬
‫هذا الاختيار بعادات وسلوكات عامليها‪ ،‬اذ وضح مدير مشروع ادارة املعرفة بأنه‪:‬‬

‫‪ « ‬تندرج اعمالنا ضمن حلقة التبادل غير مباشرة للمعرفة السباب جلية وهي ثقافة املجتمع ثقافة املؤسسة‬
‫وعادات املهنية الخاصة بسوناطراك »‪ 0‬من بين اهم الشروط ألاساسية لنجاح مشروع إدارة املعرفة‪،‬‬
‫تأسيس ثقافة الرسملة‪ ،‬الحفظ‪ ،‬الامتالك تقاسم ومشاركة املعرفة في املؤسسة‪0‬‬

‫‪204‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫وهذا ما يتوافق الى حد ما مع التعليق أحد املختصين بإدارة املعرفة الذي جاء ضمن دراسة الب ـ ـ ــاحث ‪: Standing‬‬
‫‪1‬‬
‫«إذا شاركت آلاخرين معرفتي‪ 0‬فقد يستفيدون من ذلك‪ 0‬فهل سيفعلون نفس الش يء معي؟»‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬املعايير املطبقة بشكل جزئي‬


‫‪ ‬تقدم إلادارة العليا سلوك مثالي لتعزيز قيم تقاسم املعرفة واملشاركة في التعلم تمتلك مؤسسة سوناطراك‬
‫وعي تام بمدى أهمية ثقافتها تنظيمية كدعامة أساسية لنجاح مشروع إدارة املعرفة وذلك وفق ما جاء في‬
‫املقابلة التي تم اجراءها مع مدير املشروع وتصريحه بأن‪:‬‬

‫‪ « ‬من بين اهم الشروط الاساسية لنجاح مشروع إدارة املعرفة‪ ،‬تاسيس ثقافة الرسملة‪ ،‬الحفظ‪ ،‬الامتالك‬
‫تقاسم ومشاركة املعرفة في املؤسسة»‪0‬‬

‫وقد اضاف‪:‬‬

‫‪« ‬بأنه كان حريصا على مشاركة اهم نتائج أبحاثه وأعماله –رسالة دكتوراه‪ -‬مع زمالئه في مؤسسة‬
‫سوناطراك خاصة في إطار ألايام الدراسية السنوية ‪ 7، 6، 0‬املنظمة من قبل مركز تحسين املؤسسة‪0»2‬‬

‫‪ ‬تشارك إلادارة العليا بفعالية في مشاريع تحسين إدارة املعرفة؛‬

‫ثالثا‪ :‬املعايير املطبقة بشكل كامل‬

‫‪ ‬فمهام ومسؤوليات فريق إدارة املعرفة محدد بدقة الى جانب دورهم ‪ :‬وتجسد هذين املعيارين من خالل‬
‫اعتبار الهيكل التنظيمي أحد ألاسس الهامة ملشروع إدارة املعرفة داخل مؤسسة سوناطراك‪ ،‬و أن تطبيق هذا‬
‫املشروع يفرض عدة تغييرات تنظيمية‪ :‬تغييرات في البنية من خالل ظهور مهام جديدة تعمل على ضمان حسن‬
‫سير املشروع واملتمثلة في عمال املعرفة‪ ،‬إذ يعتبرون أساس اي مشروع إلدارة املعرفة‪ ،‬وكما يشكلون ابار‬
‫املعارف و حجر الزاوية في إدارة املعرفة‪ .‬وقد نتج عن تاسيس مشروع ادارة املعرفة داخل مؤسسة سوناطراك‬
‫عدة تغيرات على مستوى املهام ويتعلق ذلك بخلق مناصب خاصة تبرز عمال املعرفة في املؤسسة وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Standing, C. and Benson, S,(2000) OP. CIT ,P 336.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪centre de perfectionnement de l’enterprise‬‬

‫‪205‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫جدول(‪ :)4-4‬فريق ادارة املعرفة بمؤسسة سوناطراك‬

‫املهام واملسؤوليات‬ ‫عمال املعرفة‬

‫تمثل هذه اللجنة املديرية العامة‪ ،‬وتعمل على تحديد الاولويات‪ ،‬وتكلف هذه اللجنة ايضا‬ ‫لجنة القيادة‬
‫بتحديد واملحافظة على قواعد سير العمل ملختلف مشاريع املؤسسة‪.‬‬

‫فهو الذي يقرر التوجهات الكبرى ملشروع‪ ،‬اذ يعمل على تقديم تقارير دورية املتعلقة بتوزيع‬ ‫مدير املشروع‬
‫امليزانية وفق مخطط الانجاز‪ .‬ومراقبة الخيارات التقنية ألاساسية ومدى تجانسها‪ .‬وتدعيم رئيس‬
‫املشروع‪.‬‬

‫املسؤول عن تحقيق الاهداف واحترام الحدود الزمنية و إلاعتمادات املالية‪.‬‬ ‫رئيس املشروع‬

‫يكمن الدور الاساس ي لألطراف ألاخرى في مدى الاستجابة الحتياجات غير ماخوذة بعين الاعتبار‬ ‫ألاطراف ألاخرى (متعاقدين باطنيا)‬
‫من طرف فريق املشروع‪ ،‬اذ تتمثل هذه ألاطراف في‪:‬‬

‫يتمثل دورهم في تقديم معارفهم الخاصة واملميزة فيما يتعلق باملشروع وفق عقد مكتوب‬ ‫الخبراء املستشارين ‪:‬‬
‫بمهمة محددة (كمساعد للفريق او ضمن السلم إلاداري)‬

‫يتمثل دورهم في املصادقة (اوعدم املصادقة) على الاختيارات التقنية املنجزة من قبل فريق‬ ‫الخبراء املمثلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين‪:‬‬
‫املشروع‪ ،‬والتدخل اثناء الرقابة التقنية ملشروع‪0‬‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث اعتمادا على وثائق املؤسسة‬

‫‪ ‬تحدد إلادارة العليا املعرفة واجب تطويرها و أهداف املنظمة؛ اذ تمثل الخطوة الثالثة ملشروع إدارة املعرفة‬
‫املقترح من قبل مؤسسة سوناطراك‪ (.‬املوائمة إلاستراتيجية للمعارف) فهي تهدف إلى املزج بين الرؤية‬
‫إلاستراتيجية حول الكفاءات ورؤية املهام حول املعارف ألاساسية والحساسة؛ ثم تحديد وتفسير أهم الاختالفات‬
‫املمكن ظهورها‪ .‬الشكل التالي يقدم تمثيل لهذه الخطوة‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إلاستراتجية والتخطيط‬

‫تعكس إستراتيجية مسار الحداثة والابتكار املتبنى من قبل املؤسسة وطريقة التنسيق ما بين انشطتها مما يساهم‬
‫في تحسين ألاداء العام‪ .‬تقوم املؤسسة بتنفيذ رسالتها ورؤيتها من خالل تبني استراتيجية واضحة مدعمة بتسيير امثل‬
‫ملواردها وعملياتها تترجم هذه الاستراتجية في شكل خطط وأهداف قابلة للقياس‪ .‬وعلى املؤسسة مراقبة تنفيذ‬
‫استراتجيتها وفقا ملا تم التخطيط له‪ .‬وعلى هذا ألاساس حددنا خمسة معايير ملعرفة ما اذا كانت إستراتجية املؤسسة‬
‫الثالث تتضمن النقاط التالية في إطار إدارة املعرفة‪:‬‬

‫شكل(‪ :)99-4‬معايير تقييم إلاستراتجية والتخطيط‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث باالعتماد على اداة تقييم ممارسة ادارة املعرفة(‪)CAF‬‬

‫من خالل الشكل يتضمن هذا العامل خمسة معايير كالتالي‪:‬‬

‫اوال‪:‬املعايير غير مطبقة‬

‫املعيار‪ :90‬تعتمد املؤسسة على مؤشرات لقياس مدى تطور في إدارة املعرفة وتعديل مخطط العمل‪،‬‬

‫إلى غاية يومنا هذا لم تستخدم مؤسسة سوناطراك مؤشرات آو أدوات لتقييم مشروع ادارة املعرفة‪ ،‬إذ ال يزال‬
‫هذا ألاخير في مرحلة البداية‪ ،‬اذ تتطلع الن يكون بين املشاريع املقبلة ملؤسسة سوناطراك‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫ثانيا‪ :‬املعايير املطبقة كليا‬

‫املعيار‪ :99‬قامت املنظمة بتخطيط الاستثمارات في املوارد البشرية واملعدات لتنفيذ ودعم إدارة املعرفة‪0‬‬

‫وذلك من خالل العمل على تكوين متخصيصين في مجال عدة (نظم املعلومات‪ ،‬التكنولوجيا‪ ) ...،‬وذلك من اجل‬
‫التخفيف من الصعوبات و ايجاد حلول للمشاكل التقنية وذلك حسب اللجدول التالي‪:‬‬

‫التدريب املنجز حسب املجال خالل سنة ‪01020‬‬ ‫جدول‬

‫ساعة ‪/‬اليوم‬ ‫ايام التدريب‬ ‫املشاركين‬ ‫املجال‬


‫‪24542‬‬ ‫‪2110‬‬ ‫‪1302‬‬ ‫إدارة الرجال‬
‫‪9951‬‬ ‫‪209‬‬ ‫‪2522‬‬ ‫نظم املعلومات‬
‫‪355055‬‬ ‫‪424‬‬ ‫‪2031‬‬ ‫املراقبة وألامن‬
‫‪4539‬‬ ‫‪099‬‬ ‫‪2210‬‬ ‫إقتصاد والحقوق‬
‫‪4099‬‬ ‫‪090‬‬ ‫‪295‬‬ ‫املالية واملحاسبة‬
‫‪4035‬‬ ‫‪430‬‬ ‫‪590‬‬ ‫اللغات‬
‫‪1103‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪440‬‬ ‫إدارة املشاريع‬
‫‪1219‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪011‬‬ ‫التكنولوجيا‬
‫‪2034‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪092‬‬ ‫إدارة الجودة‬
‫‪220‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪251‬‬ ‫إدارة املوارد البشرية‬
‫‪252‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪14‬‬ ‫البيداغوجي‬
‫‪35‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪29‬‬ ‫إستراتجية املنظمات التسويق‬

‫املصدر‪ :‬تقرير السنوي ملؤسسة سوناطراك‬

‫املعيار ‪ :0‬تقوم املؤسسة بجرد مجموع املعارف ألاساسية املهددة بالزوال ‪ :‬وذلك من خالل املراحل التالية‪:‬‬

‫املرحلة ألاولى‪ :‬التحليل الاستراتيجي‪:‬‬

‫اذ قام فريق العمل الخاص بمشروع إدارة املعرفة في مؤسسة سوناطراك بجرد كل الكفاءات ذات اهمية بالغة‬
‫لتحقيق ألاهداف املسطرة واملتعلقة بقسم الهندسة وتطوير البترول‪ ،‬اذ تم على أساس ذلك بناء خريطة الكفاءات‬
‫إلاستراتيجية من خالل تنظيم عدة حصص عمل ومقابالت مع الخبراء‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ %02( ‬من خبراء املعرفة املستجوبين يملكون ‪ 02‬سنة خبرة في املتوسط في مجال تخصصهم ويملكون‬
‫مهارات نوعية في مهامهم)‪.‬‬

‫وكما يوضح الشكل التالي‪ ،‬تتمركز الكفاءات إلاستراتيجية لقسم الهندسة وتطوير البترول على مستوى الوظائف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬إلانتاج التي تتضمن الوظائف الفرعية التالية‪ :‬صيانة آلابار (‪)Workover‬؛ املحاكاة‪.‬‬
‫‪ ‬مخزون املحروقات والذي يشمل‪ :‬إدارة املخازن؛ مراقبة املخازن؛ البتروفيزياء‪.‬‬
‫‪ ‬التنقيب‪ ،‬الاستكشافي والزلزالي؛‬
‫‪ ‬مناقصات مناطق الاستكشاف‪0‬‬

‫شكل(‪ :)90-4‬الكفاءات الاستراتجية لقسم الهندسة وتطوير البترول‬

‫‪Source : Djilali Benmahamed, Jean-Louis Ermine,(2006) Techniques de gestion et d’ingénierie‬‬


‫‪des connaissances pour la conception des dispositifs de transfert de savoir-faire dans les‬‬
‫‪métiers pétroliers, Institut National des Télécommunications, Département Systèmes‬‬
‫‪d'Information, paris.p5.‬‬

‫‪209‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املرحلة الثانية‪ :‬تحليل املهام‬

‫تهدف هذه املرحلة لبناء خريطة املهام‪ ،‬ثم القيام بتحليل ألاثر والحرجية (‪ )Criticité‬لها‪ .‬خالل هذه املرحلة‪،‬‬
‫تتبنى املؤسسة مبدأ تجميع مختلف ألانشطة في مجاالت املعرفة‪ ،‬ثم محاولة عرضها واملصادقة على الخريطة املنجزة من‬
‫قبل خبراء املعرفة املستهدفين‪.‬‬

‫خريطة املهام‪ :‬بدأ فرق العمل الخاص بإدارة املعرفة باستجواب خبراء املهام (والذين يمثلون أطراف أو مالكي املعرفة)‬
‫لقسم الهندسة وتطوير البترول من خالل املقابالت‪ ،‬فتتشكل الخريطة تدريجيا إلى غاية الحصول على خريطة مهام كاملة‬
‫تقدم وصفا دقيقا للمهام‪.‬‬

‫وكما توضح الخريطة التالية‪ ،‬أهم مهام قسم الهندسة وتطوير البترول هي‪ :‬هندسة املخازن‪ ،‬هندسة إلانتاج‪،‬‬
‫الاقتصاد الجيوفيزيائي والجيولوجيا‪.‬‬

‫شكل(‪ :)93-4‬خريطة املهام لقسم الهندسة وتطوير البترول‬

‫‪Source : Djilali Benmahamed, Jean-Louis Ermine, op.cit. p6.‬‬

‫‪ ‬خريطة املهام الحرجة‪ :‬من أجل دراسة الحرجية (‪ )Criticité‬ومن خالل خريطة املهام املنجزة قام فريق العمل‬
‫الخاص بإدارة املعرفة برسم أوال شجرة الحرجية وذلك حسب الشكل التالي‪:‬‬

‫‪210‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫شكل(‪ :)94-4‬معايير الحرجة‬

‫‪Source : Djilali Benmahamed, Jean-Louis Ermine, op.cit. P6.‬‬

‫تمكن الدراسة الحرجية فريق العمل الخاص بإدارة املعرفة من الحصول على خريطة مهام حرجة‪ .‬ويتم تمثيل نتائج‬
‫الدراسة املرتبطة بكل مجال معرفة بيانيا على شكل رادار‪ ..‬تحصل فريق العمل الخاص بإدارة املعرفة عل شكل الرادار‬
‫املوضح سابقا بعد تقييم كل مجال حسب كل معيار والقيام بتنقيطه‪ .‬فكل ما كان املجال حرج‪ ،‬كلما كان التنقيط عاليا‪.‬‬
‫تظهر حرجية املجاالت بحسب مستوى ألالوان‪ :‬ألاحمر‪ ،‬البرتقالي‪ ،‬ألاخضر‪.‬واملوضحة في الشكل التالي‪.‬‬
‫شكل(‪ :)90-4‬رادار نشاط نمذجة املخازن‬

‫‪Source : Djilali Benmahamed, Jean-Louis Ermine, op.cit. P7.‬‬

‫‪211‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املعيار‪ :1‬تحدد املؤسسة املعارف الجديدة التي تم تطويرها‬

‫ويتجلى ذلك من خالل مشروع نظام تسيير الوثائق وماله من اهمية‪ .‬اذ يحص ي مختلف املعارف املتراكمة التي‬
‫تم إنتاجها حول كل نشاطاتها التقنية‪ ،‬إلادارية‪ ،‬املالية و إلاستراتيجية و التي تكرس الخبرة املكتسبة‪ ،‬وذلك لتفادي‬
‫الاخطاء الرتكبة في املاض ي و تسريع وتيرة ألاداء‪ .‬وهذا ما يؤكده املسئول عن املشروع بقوله‪:‬‬

‫‪« ‬و مع مرور السنوات اكتسبت مؤسسة سوناطراك كفاءة عالية في امليدان و أصبحت مضطرة أكثر مما‬
‫مض ى الرجوع إليها و استغاللها أحسن الاستغالل لتثمين كل جهودها و تفادي ألاخطاء املرتكبة في املاض ي و‬
‫تسريع و تحسين وتيرة إلانجاز‪ 000‬وذلك من خالل نظام تسيير الوثائق»‪0‬‬

‫املعيار‪ :92‬تشمل استراتجية املؤسسة مشروع الدارة املعارف‬

‫من بين جميع مؤسسات محل الدراسة نجد مؤسسة سوناطراك الوحيدة التي انفردت باعتماد مشروع إدارة‬
‫املعرفة ضمن خطتها إلاستراتجية ‪ .‬اذ تهدف املؤسسة من خالله تجنيب املؤسسة لفقدان ذاكرتها التنظيمية الناجم‬
‫عن مغادرة العمال‪.‬‬

‫‪« ‬تؤكد مصلحة التقييم على ان جزء كبير من املعلومات يجرى تخزينه ضمن الوثائق الشخصية لبعض‬
‫ألاشخاص الذين يعتبرون مصدرا لها حيث يتم اللجوء إليهم في وقت الحاجة الى هذه املعلومات‪ 0‬وفي حالة‬
‫مغادرة هذه الشخص تفقد املؤسسة هذه املعلومات»‪0‬‬

‫وعليه اعتمدت مؤسسة سوناطراك مشروعا إدارة املعرفة يعمل على تحديد أفضل مهارات أداء املهام‪ ،‬ثم‬
‫ترميزها في شكل نماذج من أجل ضمان تبادلها ومشاركتها‪ .‬ويتطلب ذلك تصميم نظام مرجعي للمهام على شكل خرائط‪ ،‬و‬
‫العمل على التوافق الاستراتيجي للمعارف التي تم حصرها مع الخيار الاستراتيجي املتوقع‪ ،‬وعليه قامت مؤسسة سوناطراك‬
‫يتبني مسار منهجي يشمل الخطوات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬التحليل الاستراتيجي؛‬
‫‪ ‬تحليل املهام؛‬
‫‪ ‬التوافق الاستراتيجي للمهام؛‬

‫‪212‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الخطوة الاولى‪ :‬التحليل الاستراتيجي‬

‫يتم من خالله تحديد الكفاءات الضرورية على شكل موارد تسعى من خاللها املؤسسة إلى وضع الخطة‬
‫إلاستراتيجية‪.‬‬

‫‪ ‬الخريطة إلاستراتيجية‬

‫تعتبر الخريطة إلاستراتيجية تمثيل مبسط إلستراتيجية املؤسسة (أو لجزء من املنظمة)‪ ،‬يضمن إسقاط معرفي‬
‫سهل القراءة وذو استخدام كفؤ يمكن من تحديد الكفاءات إلاستراتيجية‪ .‬كما تقدم هذه الخريطة أيضا تعريف مبسط‬
‫وعملي لهذه الكفاءات إلاستراتيجية‪ .‬وقد صممت مؤسسة سوناطراك هذه الخريطة من خالل نمـ ـوذج «البطاقة‬
‫إلاستراتيجية» (‪ ،)carte de la stratégie‬املستوحاة من أعمال (‪ ،)Kaplan & Norton‬والتي تهدف من خاللها‬
‫املؤسسة إلى وضع تمثيل نموذجي يضمن لها قراءة جيدة ألهم املعارف من خالل عرض هرمي لرأسمالها املعرفي‬
‫املستهدف‪ .‬اذ يتطلب بناء الخريطة إلاستراتيجية القيام بما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬حصص عمل تجمع ألافراد املعنيين باإلشكالية محل النقاش؛‬


‫‪ ‬مقابالت فردية مع العديد من ألافراد على مستوى العمليات والوظائف املختلفة (عمال املعرفة‪/‬خبراء املهام)؛‬
‫‪ ‬مقابالت مع املسيرين من أجل توضيح عناصر إلاستراتيجية؛‬
‫‪ ‬البحث في الوثائق املرجعية‪.‬‬

‫أدوات الخريطة إلاستراتيجية‬

‫من أجل انجاز ألاعمال الخاصة بالخريطة إلاستراتيجية‪ ،‬قامت مؤسسة سوناطراك باستخدام ألادوات التالية‪:‬‬

‫معايير لتقييم درجة أهمية وحرجية (‪ )Criticité‬فريق إدارة املعرفة؛‬


‫ألاوراق الشخصية؛‬
‫التسجيالت؛‬
‫تقنيات املقابالت؛‬
‫تقنيات لتسهيل تبادل املعلومات واملعرفة‪ ،‬مثل العصف الذهني‪ ،‬من أجل تجميع ألافكار الجماعية من خالل‬
‫آالت العرض ( ‪.)vidéo projecteur‬‬

‫إلى جانب كل هذه التقنيات‪ ،‬يوضح رئيس مشروع إدارة املعرفة بمؤسسة سوناطراك‪ ،‬في إطار مقابالتنا معه‪ ،‬بأن‬

‫‪« ‬املعرفة املسبقة بالواقع العملي‪ ،‬والانتماء للمؤسسة سهل عملية التواصل وخاصة املقابالت»‪0‬‬

‫‪213‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫إستراتيجية مؤسسة سوناطراك‬

‫بعد إجراء املقابالت والبحث في الوثائق املرجعية‪ ،‬تمكن فريق العمل الخاص بإدارة املعرفة من استخراج‬
‫مجموعة العناصر السياقية املكونة إلستراتيجية مؤسسة سوناطراك‪ .‬و وضع خريطة إلاستراتيجية املوجهة ألعمال‬
‫مؤسسة سوناطراك وكذا املصادقة عليها من قبل إلادارة العليا‪ .‬ويمكن تلخيص املحاور ألاساسية لهذه إلاستراتيجية في‬
‫النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تحسين إستراتيجية الاستكشاف وتقوية قاعدة تخزينها (احتياطها)؛‬


‫‪ ‬تطوير مستوى التخزين (اكتشاف وإعادة التقييم)؛‬
‫‪ ‬املكانة التنافسية؛‬
‫‪ ‬القدرة على الزيادة السريعة في إلانتاج؛‬
‫‪ ‬التوسع على املستوى الدولي على مستوى كل فروع سلسلة إلانتاج؛‬
‫‪ ‬زيادة التصدير‪.‬‬

‫شكل(‪ :)96-4‬استراتجية سوناطراك‬

‫‪Source : Djilali Benmahamed, Jean-Louis Ermine, op.cit. p4.‬‬

‫‪214‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الخطوة الثانية‪ :‬تحليل املهام‬

‫يمثل تحليل املهام الخطوة الثانية ملشروع إدارة املعرفة املقترح من قبل مؤسسة سوناطراك‪ .‬فهي تهدف إلى‬
‫صياغة (وبشكل رسمي) الرؤية التي يمتلكها العاملون حول مهامهم ومدى حساسيتها‪ .‬أي بمعنى محاولة أخراج رؤية كل‬
‫طرف ملهمته وكذا مخاطر وفرص الناجمة عن انجازه لها‪ ،‬ثم يتم توضيحا وتفسيرها‪ .‬يتطلب تحليل املهام‪:‬‬

‫‪ ‬عرض مجاالت املهام (‪ )domaines des métiers‬من خالل استخدام نموذج«خريطة املجاالت ( ‪Carte des‬‬
‫‪ »)domaines‬املدعمة بتمثيل بياني‪ .‬يسمح هذا التمثيل بتحديد موقع املهارات (‪ )Savoir-faire‬لتسهيل‬
‫الوصول إليها؛‬
‫‪ ‬القيام بعملية التدقيق التي تأخذ شكل «هندسة املعارف»‪ ،‬والتي تتضمن ألاطراف املنجزة للمهام‪ .‬تشمل هذه‬
‫العملية بناء خريطة املهام وتقييمها بحسب درجة الحرجة‪.‬‬

‫الخطوة الثالثة‪ :‬املوائمة إلاستراتيجية للمعارف‬

‫تعني املوائمة الاستراتجية للمعارف‪ ،‬املزج بين الرؤية إلاستراتيجية حول الكفاءات ورؤية املهام حول املعارف‬
‫ألاساسية والحرجة؛ ثم تحديد وتفسير أهم الاختالفات ممكنة الظهور‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬فاإلستراتجية والتخطيط يعدان عامالن أساسيان لنجاح إدارة املعرفة‪ .‬إذ تضمنت‬
‫النتائج الخاصة به معايير ذات أداء قوي‪ ،‬وكذا اعتماد مشروع ادراة املعرفة ضمن استراتجية املؤسسة‪ .‬غير انه لم ياخذ‬
‫بعض املعايير بعين اعتبار في جوهر العملية‪.‬‬

‫وعليه ننتقل الى النقطة املوالية واملتعلقة بمعرفة مستوى اداء العمليات ضمن ممارسات ادارة املعرفة ومدى‬
‫اعتماد املؤسسة على الاليات والتقنيات المتالك‪ ،‬مشاركة‪ ،‬اكتشاف‪ ،‬وتطبيق املعرفة وخاصة التي تم انتاجها داخل‬
‫املؤسسة او املكتسبة من خارجها‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬ادارة املوارد البشرية‬

‫شكل(‪ :)97-4‬معايير تقييم املوارد البشرية‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث باالعتماد على اداة تقييم ممارسة ادارة املعرفة(‪)CAF‬‬

‫املعايير املطبقة جزئيا‬

‫املعيار ‪ :90‬تتضمن عملية توصيف مهام الخبراء (املختصيين في املجال ) نقل املعارف كنشاط اساس ي‬

‫يتجلى هذا املعيار بوضوح من خالل جراءات تعويض الخبراء املحالين للتقاعد‪ ،‬اذ تسجل مؤسسة سوناطراك كل‬
‫سنة ما يقارب ‪ 9001‬عامل محال للتقاعد‪ ،‬مما يستدعي توظيف ‪ 9001‬عامل جديد لتعويض املحالين للتقاعد غالبيتهم‬
‫متخرجين من الجامعات لديهم معارف نظرية دون أي خبرة مهنية‪ .‬مما يستوجب على املؤسسة إعادة تأهيلهم وتدريبهم‪.‬‬

‫يقوم الخبير املحال على التقاعد‪ ،‬قبل تركه املؤسسة‪ ،‬بالتكفل بشرح للموظف الجديد طريقة سير العمل‬
‫بحيث يخصص له ثالثة أيام للتدريب‪ .‬خالل هذه الفترة‪ ،‬يحاول املتقاعد توضيح للموظف الجديد النقاط‬
‫ألاساسية التي تمكنه من بداية عمله بشكل جيد‪.‬‬

‫وحسب دراستنا الاستكشافية‪ ،‬ال يوجد أي نص قانوني لدى مؤسسة سوناطراك يجبر املتقاعد على تحويل‬
‫معارفه‪ ،‬مما يجعل هذا إلاجراء كعادة يحترمها البعض ويتجاهلها آلاخرون‪ .‬من بين ألاسباب التي تمنع تحويل املعرفة‬
‫من املتقاعد للموظف الجديد‪:‬‬

‫‪ ‬غياب الرقابة التي تحاول ضبط عملية التدريب وتحويل املعرفة؛‬


‫‪ ‬غياب نظام التحفيز والاعتراف التي تشجع على نقل املعرفة؛‬

‫‪216‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ ‬السلوك الانتهازي الذي يميز بعض املتقاعدين‪.‬‬

‫املعايير املطبقة بشكل كامل‬

‫املعيار‪ :93‬يتضمن تخطيط العمالة احتياجات املؤسسة من املعارف على مدى القصير وطويل ألاجل‬

‫أولت مؤسسة سوناطراك اهتماما خاصا بتنمية راس املال البشري لديها من خالل تنمية مهارات املوظفين‬
‫وقدراتهم الشخصية‪ .‬وقد تمكنت من خالل استراتجيات املوارد البشرية التي وضعتها من تنفيذ سياسات تطوير متعددة‬
‫في مجال إدارة املوارد البشرية؛ حيث عالجت هذه الاستراتجيات آلية اختيار القوى العاملة وتوظيفهم وتدريبهم ورعايتهم‬
‫بهدف تمكينهم من تحقيق مستويات أداء أكثر فعالية والقيام بواجباتهم الوظيفية على أكمل وجه وذلك من خالل‬
‫النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تحديد الاحتياجات‪ :‬يتم تحديد الاحتياجات في مؤسسة سوناطراك من خالل تحديد أوال‪ ،‬املحور الاستراتيجي‪،‬‬
‫أي التعريف باألهداف التي تسعى عملية التدريب لتحقيقها‪ ،‬ليتم بعدها تحديد املجال املستهدف واملقصود بهذا التدريب‬
‫على ضوء ألاهداف املحددة سابقا‪ .‬ثم تحدد الفئة املستهدفة‪ ،‬أي العاملين املعنيين بهذه العملية‪.‬‬
‫‪ .2‬تحليل الاحتياجات‪ :‬بمجرد تحديد الاحتياجات‪ ،‬تأتي مرحلة التحليل‪ ،‬والتي تقوم على استجواب العاملين‬
‫ودراسة مناصب العمل والتغيرات التكنولوجية والتنظيمية‪.‬‬

‫‪ 03‬إعداد الخطط وامليزانيات ‪ :‬تقوم مؤسسة سوناطراك خالل هذه املرحلة بـ‪ :‬وضع امليزانيات الضرورية إلعداد أنشطة‬
‫التدريب؛ إعداد مخطط التدريب الذي يحتوي على املؤشرات التالية‪ :‬أهداف مخطط التدريب؛ ادة التدريب؛ ألافراد‬
‫الذين سيخضعون للتدريب؛ تكاليف التدريب‪.‬‬

‫املعيار‪ :94‬يتضمن مخطط التنمية على مستوى املنظمة‪ ،‬ألافراد‪ ،‬وفرق العمل املعارف التي يجب تطويرها‪،‬‬
‫وإلامكانيات الالزمة لتحقيق ذلك‪0‬‬

‫يت ح هذا املعيار جليا من خالل جهود املؤسسة في عملية التدريب بغية تحقيق عدة أهداف‪:‬‬

‫‪ ‬تنمية املهارات التسييرية؛‬


‫‪ ‬إعداد من سيخلف املناصب ألاساسية؛‬
‫‪ ‬تدريب املتخصصين في املهام ألاساسية والحساسة (التنقيب‪ ،‬التخزين‪ ،‬الهندسة)؛‬
‫‪ ‬تكوين إلاطارات في مهام املوارد البشرية‪ ،‬املالية‪ ،‬القانون‪ ،‬التدقيق‪...‬؛‬
‫‪ ‬تنمية التخصص والخبرة في املجاالت املالية‪ ،‬الاقتصاد البترولي‪ ،‬الجباية البترولية وتسيير املشاريع؛‬

‫‪217‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫لذلك تطبق مؤسسة سوناطراك عدة أنواع من التدريب‪:‬‬

‫‪ 09‬التدريب الداخلي‪:‬‬

‫من انشطة‬ ‫يتم في مراكز التدريب الخاصة بها مثل ‪ NAFTOGAZ CPE IAP‬حيث تم تحقيق‬
‫التدريب على مستوى مراكز التدريب باملؤسسة في سنة ‪ ،1020‬اذ بلغ عدد املشاركين إلاجمالي الخاضعين للتدريب في‬
‫منهم على مستوى مركز التدريب‪ .‬فهو يمثل بالتالي‬ ‫‪1020‬‬ ‫املؤسسة بصفة عامة ‪15325‬‬
‫النسبة ألاكبر بالنسبة إلجمالي التدريب في مؤسسة سوناطراك (أنظر الجدول‬

‫‪ 00‬التدريب الخارجي‪:‬‬

‫يتم خارج مؤسسة سونا طراك‪ ،‬وخارج مراكز تدريبها ولكن ال يتعدى حدود الوطن‪ .‬تمثل نسبة التدريب الخارجي‬
‫وهي بالتالي أقل بكثير من نسبة التدريب الداخلي‪.‬‬ ‫عامل في اليوم سنة‬ ‫أي ما يقارب‬ ‫للمؤسسة‬

‫‪ 03‬التدريب بالخارج‪:‬‬

‫تعتمد مؤسسة سوناطراك أيضا على التدريب في الخارج‪ ،‬ولكن نسبته ضئيلة جدا مقارنة بالنوعين السابقين‬
‫للتدريب‪ .‬الجدول والشكل التاليين يوضحان نسبة كل نوع من أنواع التدريب على مدار الثالث سنوات‬

‫جدول(‪ :)3-4‬توزع التدريب حسب النوع‬


‫‪1009‬‬ ‫‪1003‬‬ ‫‪1005‬‬

‫‪9553‬‬ ‫‪9352‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪NAFTOGAZ ،CPE ،IAP‬‬


‫‪10‬‬ ‫‪1055‬‬ ‫‪14‬‬ ‫بالجزائر‬
‫‪451‬‬ ‫‪054‬‬ ‫‪4‬‬ ‫بالخارج‬

‫مصدر‪ :‬إدارة املوارد البشرية بمؤسسة سوناطراك‪،‬‬

‫‪218‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫توزع التدريب حسب النوع‬ ‫شكل‬

‫مصدر‪ :‬إدارة املوارد البشرية بمؤسسة سوناطراك‪1009 ،‬‬

‫و يوجه التدريب لألنشطة ألاساسية (أي املهام ألاساسية مثل الصيانة‪ ،‬السالمة الصناعية‪ ،‬والبيئة) وكذا‬
‫ألانشطة الثانوية‪ ،‬التي تحاول من خاللها سوناطراك تطوير معارف ومهارات عامليها وهذا ما يزيد من تراكم رأسمالها‬
‫املعرفي‪.‬‬

‫مجاالت التدريب‪ :‬الشكل التالي يبين مجاالت التدريب في املؤسسة حسب إلاحتياجات‪.‬‬

‫مجاالت التدريب في مؤسسة سوناطراك حسب إلاحتياجات‪0‬‬ ‫جدول‬


‫ساعة‪/‬اليوم‬ ‫املشاركين‬ ‫النوع‬
‫‪230252‬‬ ‫‪11023‬‬ ‫التحسين وإعادة تحويل‬
‫‪22399‬‬ ‫‪2295‬‬ ‫تربص عند املوردين‬
‫‪113315‬‬ ‫‪2024‬‬ ‫التدريب‪ /‬التوظيف‬
‫‪3032‬‬ ‫‪490‬‬ ‫الشركات‬
‫‪422909‬‬ ‫‪15325‬‬ ‫املجموع‬
‫املصدر‪ :‬التقرير السنوي ملؤسسة سوناطراك‬

‫‪219‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫نسبة املتدربين حسب الانشطة‬ ‫شكل‬

‫املصدر‪ :‬تقرير السنوي ملؤسسة سوناطراك‬

‫املعيار‪ :97‬تسمح بيئة العمل بتطوير مهارات املوظفين‬

‫تعتبر بيئة العمل املادية (املكاتب‪ ،‬املباني‪،‬أماكن العمل) احد العوامل التي تؤثر على أداء العامل الذي لم يحظ‬
‫عد بيئة العمل من ّ‬
‫املقومات والجوانب ّ‬
‫الهامة لنجاح ّ‬
‫أي منشأة أو مؤسسة والتي‬ ‫بالوعي الكافي في مجال ادارة املعرفة‪ُ .‬ت ّ‬

‫أن رضا املوظفين والعاملين داخل املؤسسة عن مكان أو بيئة العمل ينعكس ذلك على‬ ‫تحظى باهتمام كبيرا على أساس ّ‬

‫مما يؤدي لنجاح هذه املؤسسة‪.‬‬ ‫ّ‬


‫وفعالية إنتاجهم‪ّ ،‬‬ ‫مدى أدائهم وكفاءتهم‬

‫تتوفر مؤسسة سوناطراك على مساحات مفتوحة وأثاثا وظيفيا مالئما ولم يقتصر آلامر على تصميم املكاتب بل‬
‫تعدى ذلك ليشمل تحسين معدالت رضا املوظفين وإضافة ميزات جديدة مثل املقاهي واملطاعم خدمة الانترنت الالسلكي‬
‫(‪ )WIFI‬املفتوحة ومواقف السيارات وغرف استراحة مما يسهل عملية مشاركة املعرفة غير رسمية‪.‬‬

‫وتأسيسا على ماسبق‪ ،‬نستطيع القول بأن إلاجراءات املتخذة من قبل إدارة املوارد البشرية تدعم إدارة املعرفة‬
‫داخل املؤسسة وتعمل على تطوير مهارات ومعارف جديدة‪ .‬لكن يجب تعزيزها من خالل جرد مختلف املعارف املوجودة‬
‫باملؤسسة والعمل على تطويرها و خاصة على املستوى الاستراتجي وصناعة القرار‪ .‬كما عليها خلق ثقافة تقاسم املعرفة‬
‫داخل املؤسسة وتثمين ذلك من خالل الحوافز وشهادات التقدير وذلك ملا لها من دور جوهري في نجاح برنامج إدارة‬
‫املعرفة‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬الشركاء و املوارد‬

‫شكل(‪ :)02-4‬معايير تقييم الشركاء واملوارد‬

‫املصدر‪ :‬من اعداد الباحث باالعتماد على اداة تقييم ممارسة ادارة املعرفة(‪)CAF‬‬

‫يتالف هذا العامل من ستة معايير تم تقيمها عن طريق اداة (‪ )CAF‬فكانت النتائج على النحو التالي‪:‬‬

‫اوال‪ :‬املعايير غير مطبقة‬

‫املعيار‪ :09‬تستثمر مؤسستنا فى الخدمات الداعمة الدارة املعرفة (تدريب عن بعد‪0)000 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬املعايير مطبقة جزئيا‬

‫املعايير ‪ :00‬املباني والفضاءات داخل املؤسسة تشجع على التعاون والالتقاء؛ تتوفر املؤسسة على بعض الفضاءات‬
‫التي تسهل من أداء العمل بشكل جيد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬املعايير املطبقة بشكل كامل‬

‫املعيار‪ :91‬استغالل املؤسسة لخبرة عامليها بشكل كامل؛ تولي املؤسسة لعملية جرد و حصر وثائق الخبراء‪ .‬من اجل‬
‫الاستفادة من محتوياتها حسب الاحتياجات وطلب صناع القرار‪.‬‬

‫املعيار ‪ :90‬تستفيد مؤسستنا من شركائها من خالل التعلم‪ ،‬اكتشاف املستجدات والتوجهات؛ تولي مؤسسة‬
‫سوناطراك اهتماما بما يدور حولها من توجهات ومستجدات وذلك بإبرامها التفاقية شراكة مع شركة الطاقة إلايطالية‬
‫"إيني"‪ ،‬للقيام بسلسلة مشاريع للطاقة املتجددة في الجزائر‪ .‬الى جانب عقد اتفاقيات مع الجامعات الجزائرية وذلك من‬

‫‪221‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫خالل فتح مدارس وطنية متخصصة في مجال التكوين في مجال الطاقة املتجددة من اجل اكتساب معارف ومهارات في‬
‫هذا املجال‪.‬‬

‫املعيار‪ :91‬تستغل مؤسستنا خبرة عامليها بشكل كامل؛‬

‫املعيار ‪ :02‬تستثمر مؤسستنا فى أدوات إلاعالم آلالي إلدارة املعرفة (انترنات‪ ،‬ادارة الوثائق الكترونية‪ ،)000‬وذلك من‬
‫خالل مشروع في مجال إدارة الوثائق الالكتروني ‪ .‬والذي يعمل على تسهيل سير العمل‪ ،‬وتبسيط إلاجراءات اذ يتيح‬
‫الوصول املباشر إلى املعلومات الرقمية ذات القيمة العالية‪ .‬وكذا الاشتراك او إلاضافة لوثائق جديدة مما يساهم في تدفق‬
‫املعلومات‪ ،‬والوصول إلى الوثائق والنصوص الكاملة‪ .‬وهذا ما أكده احد املسيرين باملؤسسة من خالل ورقة عمل بحثية‬
‫مقدمة في مؤتمر بلدية دبي املنعقد سنة ‪ 2113‬تحت عنوان التوثيق و ألارشفة إلالكترونية‪.‬‬

‫‪« ‬إدراج نظام شامل و دقيق لتسيير و تنظيم الوثائق التي بحوزتها منذ نشأتها حتى نهاية استعمالها فأنشأت‬
‫مشروعا لهذا الغرض و حضرت له الوسائل ألاولية إلنجاحه»‪0‬‬

‫املعيار‪ :09‬تمكننا إلاجراءات والقواعد باالستعمال ألامثل لدوات إلاعالم آلالي ومصادر الوثائق؛ ويتجسد ذلك من‬
‫إلادارة إلالكترونية للمعلومات والوثائق املوجودة‪ ،‬اذ تمثل هذه إلادارة كوسيلة تسمح ليس فقط بتنظيم‪ ،‬مشاركة‪ ،‬ونقل‬
‫املعلومات من قبل نظام املعلومات‪ ،‬وإنما أيضا بتبسيط إلادارة والتخزين اليدوي للوثائق الورقية‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬ال‬
‫يكمن الغرض من هذه إلادارة في التقليل من استخدام الورق‪ ،‬وإنما في كيفية وضع إجراءات تسمح ألعضاء املنظمة‬
‫بإيجاد واسترجاع املعرفة املالئمة واملتميزة املخبأة ضمن البيانات‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق تفاوتت نقاط تقييم معايير ممارسة ادارة املعرفة بقسم هندسة وتطوير البترول بمؤسسة‬
‫سوناطراك والخاصة بعامل الشركاء واملوارد اذ تراوحت بين في قيمها (‪ . ) 3 ،1‬وما يمكن استنتاجه هو ان املؤسسة تولي‬
‫اهمية كبيرة لشراكة بغية الاستفادة من خبراتها و تعلم املعارف الجديدة‪ ،‬و تعزيز التعاون وتبادل املعلومات‪ .‬وذلك من‬
‫خالل عقدها لعدة اتفاقيات‪ .‬والى جانب ذلك عملت على دعمم ممارسات ادارة املعرفة من خالل مشروع ادراة الوثائق‬
‫مما يؤدي الى مشاركة مختلف الوثائق وخاصة الوثائق املتعلقة بسير العمل والخاصة بخبراء املؤسسة‪ .‬مما يساهم في‬
‫تداولها عبر مختلف الجهات و اتاحتها لكل العاملين في املجال‪ ،‬مما يساعد على مشاركة وتقاسم املعرفة‪ ،‬اضافة الى‬
‫اكتشاف معارف جدديدة ومهمة‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬إدارة املعرفة و الذاكرة التنظيمية‬

‫إن الهدف من هذه النقطة هو دراسة كيف تساهم إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية (بناء‪ ،‬تحديث‪،‬‬
‫توزيع واسترجاع الذاكرة التنظيمية)‪ .‬باالعتماد على نتائج املقابالت شبه املوجهة التي أجريت مع إطارات املؤسسة‪ ،‬وذلك‬
‫للتحقق من فرضيات البحث املطروحة في إلاطار املفاهيمي‪.‬‬

‫الفرع الاول ‪ :‬عملية إمتالك املعرفة ومساهمتها في بناء الذاكرة التنظيمية‬

‫سبق وان ناقشنا في الجانب النظري أن املعرفة قد تكمن داخل البشر (ألافراد أو الجماعة)‪ ،‬أو قد تنتج داخل‬
‫املنظمة (كممارسات‪ ،‬تقنيات أو قواعد بيانات )‪ ،‬أو تتواجد بهياكل التنظيمية(كوحدات تنظيمية‪ ،‬التنظيمات‪ ،‬الشبكات‬
‫التنظيمية البينية)‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬قد تكون املعرفة صريحة أو ضمنية‪ ،‬وقد تكمن في بعض ألاحيان بداخل عقل‬
‫الفرد دون ان يتعرف عليها هذا الفرد او يشاركها مع آلاخرين‪.‬‬

‫وباملثل‪ ،‬فقد تكمن املعرفة بشكل صريح داخل كتيب ما‪ ،‬إال أنه ربما ال يدركها سوى القليل من ألافراد‪ ،‬ومن‬
‫الضروري الحصول على املعرفة الضمنية وإستخالصها من عقول الافراد أو اكتسابها من خالل الكتيب فيما يخص‬
‫املعرفة الصريحة‪ ،‬ومن ثم مشاركتها مع آلاخرين‪ .‬وهذا هو ما يركز عليه مصطلح إمتالك املعرفة‪ 0‬فقد أولت مؤسسة‬
‫سوناطراك اهمية بالغة المتالك املعرفة من خالل إدارة عملية التجسيد بتحويل املعرفة الضمنية الى معرفة صريحة‬
‫متبعة في ذلك اليات وتقنيات هندسة املعرفة من اجل رسملة املعرفة‪.‬‬

‫اوال‪ :‬رسملة املعرفة‬

‫إذ تعتبر أحد ركائز عمليات إدارة املعرفة وبناء الذاكرة التنظيمية‪ ،‬فمفهوم رسملة املعرفة‪ ،‬يعني تثمين وإدامة‬
‫وتنمية املعارف إلاجرائية التي تم (اكتسابها‪ ،‬ونمذجتها) وفق مجاالت هندسة املعرفة ‪.‬‬

‫اذ اخذ هذا املفهوم حيز كبير من الاهتمام في املؤسسة محل الدراسة‪ .‬حيث أصبح من أولويات إلادارة العليا وفى‬
‫صميم اهتماماتها ألنه يسمح في كل مشروع‪ ،‬بإضفاء الطابع الرسمي على بعض التجارب والخبرة امليدانية املكتسبة‬
‫(املعرفة إلاجرائية)‪ ،‬واملتعلقة بسير العمل‪ ،‬إلاجراءات املتبعة في ألانشطة‪.‬‬

‫ولتعبير عن مصطلح رسملة املعرفة أستخدم املستجوبين العديد من مصطلحات املتباينة نذكر منها‪" :‬توثيق‬
‫املعرفة"‪ ،‬والبعض آلاخر "تخزين املعرفة"‪ ،‬أو حفظ املعارف لإلشارة إلى جميع ألانشطة املتعلقة برسملة املعرفة‬
‫الضمنية والصريحة‪ .‬وكشفت املقابالت التي أجريت على إن عملية رسملة وامتالك املعرفة هي احد العمليات ألاساسية‬
‫في املؤسسة‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪" ‬نحن نعتبر أن املعرفة املستخدمة‪ ،‬والتي يتم إنتاجها داخل املؤسسة‪ ،‬ثروة حقيقة من رأس املال‪،‬‬
‫والاستفادة منها يقدم قيمة مضافة للمؤسسة‪ ،‬وال يمكن ذلك إال من خالل وجود نظام جيد ملعالجة‬
‫املعلومات و امتالك والحفاظ على هذه املعرفة ‪"000‬‬

‫اذ هدفت عملية رسملة املعرفة إلى تحديد املعارف إلاستراتيجية‪ ،‬املراد املحافظة عليها وامتالكها من أجل‬
‫الاستثمار في قيمتها‪ .‬حيث يتطلب انجاز هذه املرحلة اختيار الطريقة املناسبة لها‪ .‬وقد صرح رئيس مشروع إدارة املعرفة‬
‫بسوناطراك والباحث ‪ J. Louis ERMINE‬في مقالهما بأن‪:‬‬

‫‪« ‬ليس من السهل اختيار هذه الطريقة نظر ملشكل تكاليف الامتالك لهذه الطريقة‪ ،‬وكذا مشكل مدى تكيفها‬
‫مع مجاالت املعرفة املحددة‪0»000‬‬

‫وباألخذ بعين الاعتبار لكل هذه الصعوبات‪ ،‬اختار فريق العمل الخاص بإدارة املعرفة طريقة نمذجة املعرفة‬
‫أي طريقة تحليل وهيكلة املعرفة والتي تهدف إلى تقديمها في شكل كتاب املعارف (تفسير‬ ‫املعروفة باسم ‪MASK‬‬

‫وشرح جزئي وكذا بنية هيكلية لجزء من رأسمال املعرفة في املؤسسة‪ ،‬مع إبراز مدى الارتباط الوثيق لها عن طريق نظام‬
‫املعلومات)‪ .‬فهي طريقة تحاول التركيز أكثر على تحسين عملية تحليل املشكلة بداية حتى يتم فيما بعد إيجاد الحلول‬
‫املمكنة واملناسبة بسهولة‪ ،‬وهذا خالف التطبيقات املوجودة سابقا والتي تركز على التفكير املباشر في الحلول وألادوات‪.‬‬

‫يقوم مشروع ‪ MASK‬بشكل كبير على طرفين‪ :‬مالكي املعرفة‪ ،‬واملتخصصين في تسيير نظام املعرفة من أجل‬
‫هيكلة املعرفة‪ .‬تتم عملية الرسملة في مؤسسة سوناطراك حسب املراحل التالية‪:‬‬

‫املرحلة ألاولى‪ :‬تجسيد املعرفة ‪ L’extériorisation des connaissances‬يقوم املهندسين املتخصصين في نظام‬
‫املعرفة باستجواب خبراء املهام (املالكين للمعرفة) من أجل استخراج معارفهم‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬التحرير‪ ،‬يقوم املهندسين املتخصصين في نظام املعرفة بجمع كل املعارف املستخرجة من أجل فرزها‬
‫وإعدادها لتحرير املقاالت فيما بعد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Methodologie for Analysing and Structuring Knowledge‬‬
‫‪Electricité de France, Cofinoga, DCN, Thomson CSF, La‬‬ ‫‪MASK‬‬
‫‪25‬‬ ‫…‪.)Poste, Gaz de France, SNCF,‬‬

‫‪COGEMA‬‬ ‫‪Livre de Connaissances SILVA, au CEA‬‬ ‫‪LCS‬‬


‫‪Prototype‬‬ ‫‪Procédé SILVA‬‬ ‫‪000‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪1000‬‬ ‫‪210‬‬ ‫‪COGEMA‬‬ ‫‪industriel‬‬

‫‪5000‬‬

‫‪224‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬ال يمكن ان يقتصر دور عملية امتالك املعرفة في بعض ألاحيان على عمليتين بسيطتين هما جمع‬
‫وتخزين املعرفة واملعلومات‪ ،‬مركزين بذلك على وجهة النظر الساكنة للذاكرة التنظيمية‪ ،‬و التي ال تتيح للمنظمة‬
‫الاستفادة من الكم الهائل من املعلومات واملعرفة املخزنة في مختلف املستندات الورقية وإلالكترونية‪.‬‬

‫وبالتالي فيعتبر تحديد املعلومات املناسبة واملعرفة ألاساسية خطوة ذات أهمية بالغة في فعالية عملية بناء‬
‫الذاكرة التنظيمية‪ .‬ومن خالل العديد من ألاسئلة التي طرحت أثناء املقابالت‪ ،‬تمكنا من تحديد العديد من املؤشرات‬
‫التي تسمح لنا بالقول بأن املؤسسة محل الدراسة تعطي أهمية كبيرة لعملية البحث عن املعلومات ولقنوات تدفقها عبر‬
‫مختلف الجهات التنظيمية الفاعلة في املؤسسة‪ .‬اثناء عملية تخزين املعرفة واملعلومات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قواعد البحث عن املعلومات‬

‫حاولنا هنا معرفة إذا ما كانت مهمة املؤسسة محل الدراسة تقتصر على مجرد تجميع وتخزين املعرفة‪ .‬ومن اجل‬
‫ذلك‪ ،‬تم طرح سلسلة من ألاسئلة ملختلف مستجوبي البحث‪.‬‬
‫‪ .1‬ماهي مختلف أسس البحث عن املعلومات؛‬
‫‪ .2‬ماهي اهم قنوات الاتصال وتدفق املعلومات‪ ،‬وتراخيص الدخول والوصول للمعلومات؛‬
‫‪ .3‬هل تأخذ إلاجراءات الطابع الرسمي‪.‬‬

‫بالنسبة للمستخدمين‪ ،‬يبدو إلاجراء واضحا‪ .‬ويؤكد املسيرين فيما يتعلق بوسائل البحث وتعقب املعلومات بأن‪:‬‬

‫‪" ‬كل الوسائل مالئمة وجيدة إليجاد أي معلومة"‪0‬‬

‫فبمجرد حصر هذه املعلومات وتحديدها‪ ،‬تخضع للعديد من عمليات املعالجة‪ :‬حيث يتم فرزها وتحليلها‪،‬‬
‫لتلخيصها‪ ،‬وتخزينها ألهداف الاستغالل وترجمتها في شكل إجراءات‪ ،‬مستودع سجالت‪ ،‬كتيبات (دليل إجرائي) والتي تكون‬
‫متاحة لجميع املستخدمين ومصنفة حسب نوع املوضوع واملهمة‪:‬‬

‫‪" ‬نمتلك كتيبات وإجراءات تساهم في تنظيم جميع أنشطة املنظمة والوحدات املختلفة‪ 0‬فيمكن لكل طرف‬
‫الوصول إليها حسب إحتياجاته من املعلومات ومستوى عمله "‪0‬‬

‫‪225‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ 09‬بروتوكوالت ضمان أمنية املعلومات‬

‫وفيما يخص البروتوكوالت الخاصة بحماية وضمان أمنية املعلومات في املؤسسة محل الدراسة‪ ،‬فقد أجمع كل‬
‫املستجوبين واتفقوا على أن مستوى أمن املعلومات عال وجيد داخل املؤسسة‪ :‬ويؤكد مستوجب آخر على صرامة عملية‬
‫ضمان أمنية املعلومات حيث يقول‪:‬‬

‫‪" ‬إن الوصول إلى املعلومة داخل الشبكة يتم على حسب املستوى والدرجة‪ 0‬ففي حالة حاجة أي عامل‬
‫ملعلومات تفوق مستواه‪ ،‬فعليه أن يطلبها من رئيسه املباشر أو تقديم طلب يبرر سبب حاجته لها"‬

‫كما الحظنا أيضا إدماج املؤسسة ألكثر تكنولوجيات املعلومات والاتصال تطورا في عملية حفظ املعلومات‪ ،‬بامتالكها‬
‫على شبكة حاسوبية قادرة على إدارة مختلف تدفقات املعلومات الداخلية والخارجية‪:‬‬

‫‪" ‬نستعمل عموما الشبكة الحاسوبية لإلدارة اليومية لتدفق املعلومات وتمركزها في قاعدة البيانات‪ ،‬هذا ما‬
‫يضمن حماية املعلومات"‬

‫ثالثا‪ :‬حفظ املعلومات‬

‫وتأكد املؤسسة في الواقع بأن جميع إجراءات العمل موثقة بشكل جيد وموزعة على مستوى كل املؤسسة‪ .‬لكن‪،‬‬
‫نظرا للتطور السريع في كل مجاالت املعلوماتية بما فيها الحاسوب وملحقاته‪ ،‬فالحفاظ على حداثة جميع إلاجراءات‬
‫يشكل تحديا كبيرا لجميع وحدات املؤسسة‪ .‬لهذا‪ ،‬فبمجرد اكتشاف أي قصور أو حاجة معينة‪ ،‬تقوم املؤسسة‬
‫بتخصيص املوارد الالزمة لسد النقص والقضاء على العجز عن طريق إنشاء أدوات أو دليل من شأنه تأطير ذلك‪.‬‬

‫وحسب املسيرين‪ ،‬كل هذه إلاجراءات املتخذة من شأنها أن تساعد في حفظ املعلومات‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬تعتبر عملية‬
‫حفظ املعلومات واملعرفة داخل الذاكرة التنظيمية مهمة ومسؤولية الجميع في املؤسسة محل الدراسة‪ ،‬ألن كل عضو‪،‬‬
‫إدارة أو وحدة تسعى لحفظ معارفها وتعمل كمركز توثيق مهمته جمع وتنظيم ومعالجة وتزويد املستخدمين باملعلومات‬
‫الالزمة من أجل السير الحسن للعمل‪ .‬وهذا ما تؤكده الاجابة التالية‪:‬‬

‫‪" ‬لقد صممنا برنامجا لإلعالم آلالي كي يقوم بتعيين كل امللفات التي تدفع في كل سنة من املكاتب إلى مصلحة‬
‫ألارشيف الوسيط و منها إلى الحفظ النهائي مصنفة حسب املصالح فأدرجنا فيه الحقول املكونة لجدول‬
‫الحفظ"‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫واضافة لعملية التجسيد املنتهجة من قبل املؤسسة واملتمثلة في تحويل املعرفة الضمنية الى صريحة وفق اليات رسملة‬
‫املعرفة تعمل املؤسسة على امتالك املعرفة من خالل عملية التذويب أي انتقال املعرفة الصريحة املوجودة داخل‬
‫قواعد البيانات وكتب املتوفرة داخل مكتبة املؤسسة الى معرفة ضمنية لدى الافراد ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬قاعدة الوثائق واملستندات‬

‫اذ أكد أغلبية إطارات مؤسسة محل الدراسة الذين تم استجوابهم‪ ،‬بان هناك جهود معتبرة مبذولة من اجل‬
‫إثراء و الاستفادة بطريقة مثلى من املعارف‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬أن للمؤسسة مكتبة الكترونية تضم عديد من قواعد الوثائق‬
‫واملستندات ملختلف ألانشطة‪ .‬والتي وضعت تحت تصرف العاملين‪ ،‬بحيث تسمح لهم بإثراء معارفتهم وإدراكهم ألهمية‬
‫هذه املعارف‪ ،‬وعليه وضعت إلادارة العليا للمؤسسة مجموعة خصيصا لذلك تهتم بهذه املهمة‪ ،‬املتعلقة بعمليات البحث‬
‫وتخزين وتصنيف أي منشور جديد تم نشره مؤخرا‪ ،‬مقاالت علمية‪ ،‬كتب أو غيرها‪ ،‬ليتم نشرها عبر موقع املؤسسة‪ .‬وهذا‬
‫حسب املثال املقدم من طرف احد املستجوبين‪:‬‬

‫‪" ‬كمثال على ذلك فيما يخص املوارد البشرية‪ ،‬هناك منشورات حديثة‪ ،‬وكتب تتعلق باملمارسات الجديدة فى‬
‫مجال ادارة املوارد البشرية سوف تكون مسجلة‪ ،‬ومتاحة لجميع املوظفين‪ 0‬فشغل الشاغل املسيرين هو‬
‫إعالم بوجود هذه املعرفة‪ ،‬ودورهم بنشر هذه املعرفة"‪0‬‬

‫وتاسيسا على ما سبق‪ ،‬نستنتج ان مؤسسة سوناطراك انتهجت أساليب هندسة املعرفة من اجل رسملتها‬
‫معتمدة في ذلك على طريقة (‪ )MASK‬والتي من خاللها استطاعت املؤسسة تجسيد معرفة الخبراء والعاملين لديها‬
‫وتحويلها من معرفة الضمنية الى معرفة صريحة مخزنة في ذاكرة التنظيمية للمؤسسة‪ .‬باالضافة الى اعتمادها على‬
‫عملية التذويب وذلك من خالل تحويل املعرفة الصريحة املوجودة في قاعدة الوثائق واملستندات واملتاحة باملؤسسة الى‬
‫معرفة ضمنية لدى ألافراد العاملين‪ .‬لنقول بان عملية امتالك املعرفة ساهمت فعال في بناء الذاكرة التنظيمية من‬
‫خالل عملية التذويب والتجسيد وفق اليات الرسملة املنتهجة من قبل املؤسسة وقواعد الوثائق واملستندات‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عملية اكتشاف املعرفة و مساهمتها في تحديث الذاكرة التنظيمية‬

‫يمكن تعريف اكتشاف املعرفة ‪ Knowledge Discovery‬بأنها تطوير ملعرفة جديدة سواء ضمنية أو صريحة‬
‫وذلك من خالل البيانات واملعلومات‪ ،‬أو من خالل دمج مكونات معرفية سابقة‪ .‬ويستند اكتشاف املعرفة الصريحة‬
‫‪ Combination‬في حين تعتمد اكتشاف املعرفة الضمنية‬ ‫الجديدة بصورة أساسية ومباشرة على التجميع‬
‫جديدة بصورة أساسية ومباشرة على التفاعل الاجتماعي داخل املنظمة‪ .‬ويتم في كلتا الحالتين اكتشاف معرفة جديدة‬
‫عن طريق دمج معرفة من اثنين أو أكثر من املجاالت املختلفة مع معرفة صريحة مستمدة من مجالين تم التوفيق بينهما‬

‫‪227‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫عبر التجميع والدمج‪ ،‬وكذلك بالنسبة ملعرفة ضمنية املتأتية من مجالين تم دمجهما من خالل التفاعل الاجتماعي داخل‬
‫املنظمة‪ .‬وفيما يلي توضيح لعمليتي التجميع والتفاعل الاجتماعي داخل مؤسسة ‪.‬‬

‫اوال‪ :‬دمج وتجميع املعارف‬

‫بمجرد رصد وتلقي املعلومات ألول مرة من طرف املتلقي‪ ،‬حيث تعتبر هذه العملية خطوة حاسمة في عملية‬
‫اكتشاف املعرفة‪ .‬والذي يقوم هو بدوره باستخدامها‪ ،‬تخزينها‪ ،‬نشرها‪ ،‬ثم تحديثها‪ .‬في الواقع‪ ،‬املعلومات املفيدة التي‬
‫مكنت املؤسسة من حل مشكلة يتم تثمينها وحفظها ألغراض أخرى‪ ،‬فى حين أن املعلومات الثانوية يتم تخزينها بشكل‬
‫طبيعي دون أن تخضع ملعالجة خاصة‪ .‬وأشار غالبية املسيرون إلى‪:‬‬

‫‪ " ‬إن فقدان املعلومات إلاستراتيجية هو فقدان لرأسمال املؤسسة‪ ،‬وتصنيف املعلومات ورسملتها من اجل‬
‫استعمالها املستقبلي‪ ،‬كما تساعد باستخدامها فى املستقبل في وضعيات مماثلة أو قابلة ملقارنة "‪0‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحين و تحديث معارف‬

‫تعتبر عملية تحين وتحديث املعارف من بين أهم املراحل في عمليات إدارة املعرفة وتحديث الذاكرة التنظيمية‪، .‬‬
‫وهذا ما أكدته إجابة املستوجبين من خالل املقابالت‪ ،‬على ان املؤسسة تولي أهمية بالغة لعملية تحين رأسمال املعارفي ‪:‬‬

‫‪" ‬فكل مصلحة أو وحدة تنفيذية مسئولة عن تحديث قواعدها املعرفية‪ ،‬بدءا بتقييم املوجود‪ ،‬ثم محاولة‬
‫تعزيزه وإثراءه‪ 0‬وفيما يخص املعارف الفردية‪ ،‬نحاول اكتشافها ثم العمل على مشاركتها وتقاسمها من خالل‬
‫الحوار‪ ،‬املناقشة‪ ،‬والعمل الجماعي‪ 0‬ولكل مصلحة الخبرة الفنية الالزمة إلجراء هذا التحديث و ضمان‬
‫إتاحة املعرفة ونشرها‪0‬‬

‫في الواقع أن العملية املتبعة في تحين املعارف الجماعية والفردية هي "املسح الشامل للمعارف"‪ ،‬بحيث يتم‬
‫مالحظة و مقارنة ممارسات القائمة داخل املؤسسة مع املمارسات املؤسسات ألاخرى‪ .‬مما يتيح فرصة التعلم من تجارب‬
‫آلاخرين‪ ،‬واكتشاف الثغرات والفجوات‪ ،‬لتصحيح أو دعم املمارسات‪ ،‬لتبقى دائما ألافضل‪.‬‬

‫‪" ‬هذه العملية تمكننا من تحديث املعارف الفردية والجماعية في جميع أنحاء املنظمة‪ ،‬و تحسين املعارف‬
‫الصريحة‪ ،‬واملساعدة على تطوير مزيد من املعارف الضمنية لدى موظفينا"‬

‫ويضيف مسير آخر أيضا‪:‬‬

‫‪228‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ " ‬أن عملية مسح املعارف الفرية والجماعية تتم من اقل إلى اكبر درجة في السلم إلاداري‪ ،‬ومن أصغر إلى اكبر‬
‫وحدة تنفيذية"‪0‬‬

‫ثالثا‪ :‬فهرست املعارف‬

‫نالحظ أيضا‪ ،‬أن هناك ممارسات أخرى تجعل من عمليات اكتشاف وانتاج املعرفة كآلية لتحديث الذاكرة‬
‫التنظيمية‪ .‬واملتمثلة في تسجيل جميع أنواع املشاكل‪ ،‬حيث أن هذه ألانواع من املشاكل والشكاوي قد تتضمن أحيانا‬
‫معلومات إستراتيجية والتي يجب التعامل معها بطريقة خاصة‪ .‬والقيام بعد ذلك بتخزينها على مستويات مختلفة حسب‬
‫درجة أهمية مضمونها‪ .‬حيث أن احد املستجوبين أخبرنا خارج إطار املقابلة‪:‬‬

‫‪ " ‬أن شكاوى يتم حفظها الكترونيا في الحاسوب‪ ،‬وال يمكن إلاطالع عليها سوى من طرف أفراد معينين‪ ،‬ثم‬
‫يتم إرسالها إلى املسئول املعني بهذه الشكوى "‪0‬‬

‫وفى نفس هذا املسعى‪ ،‬تعمل املؤسسة على إعدا نظام لبرمجة كل املشاكل املحتملة‪ .‬فعلى املستوى التشغيلي‪ ،‬يتم‬
‫حفظ كل ألاجوبة الخاصة بجميع ألاسئلة وإتاحتها لجميع املوظفين في حالة الحاجة إليها‪ .‬وفيما يخص إدارة املشاريع‪،‬‬
‫فإن برمجة املشاكل املحتملة و الحلول املالئمة لها تعتبر خطوة جوهرية في تخطيط أي مشروع‪ .‬حيث يتم تخزين هذه‬
‫املعلومات في قواعد البيانات‪ ،‬مع حرية الوصول إليها من طرف أي شخص له صلة باملشروع‪ .‬و تعتبر هذا العملية مهمة‬
‫جدا إلنشاء مذكرات املعرفة‪ ،‬كما أنها تعود بالفائدة ألي مؤسسة‪ ،‬كما ذكر احد املستجوبين‪:‬‬

‫‪" ‬وهذا يتيح لنا من جهة‪ ،‬تجنب إلى أقص ى حد ممكن ملشاكل ومخاطر محتملة لفشل املشروع ‪ ،‬و من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬أن حفظ كل هذه املشاكل والحلول تسمح بإثراء املعرفة الجماعية للمؤسسة" ‪0‬‬

‫واضافة الى ذلك تولي مؤسسة سوناطراك لعملية اكتشاف املعرفة عبر حدودها التنظيمية اهمية كبيرة وقد‬
‫ساعدها في ذلك التطورات التكنولوجية و ما تقدمه من تسهيالت مثل‪:‬‬

‫‪ ‬املؤتمرات عن بعد؛‬
‫‪ ‬شبكة ألانترنيت و غيرها؛‬
‫‪ ‬من خالل الاستخبارات التسويقية و تحليلها؛‬
‫‪ ‬ابحاث عن الصناعة و ألابحاث ألاكاديمية؛‬
‫‪ ‬الخبراء و املختصين في مجال الطاقة؛‬
‫‪ ‬كذلك من الاندماج و الاستحواذ؛‬

‫‪229‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ ‬لجوء مؤسسة سوناطراك إلى كفاءات من خارجها لحل بعض مشاكلها؛ وهذا ما جاء في حديث احد‬
‫املسؤلين ‪:‬‬

‫‪« ‬أن املؤسسة تلجأ أحيانا لكفاءات خارجية للحصول على الاستشارة حول بعض املشاكل التي تواجهها»‪.‬‬

‫وهذا ال يعني بأن املؤسسة تلجأ إلى هؤالء دائما إنما هي تفعل ذلك في الحاالت املستعصية أو عند عجز كفاءاتها عن‬
‫إيجاد الحلول أو عندما تكون هذه الاستشارات قد أثبتت نجاعتها في حاالت وأحداث مماثلة وقعت سابقا في املؤسسات‬
‫أخرى ولجوء املؤسسة إلى كفاءات ألاجنبية يأخذ عدة أشكال فقد تكون من خالل‪:‬‬

‫‪ ‬الاعتماد على مكاتب دراسات إلثبات جدوى بعض املشاريع؛‬


‫‪ ‬عقود الشراكة التي تحصل بين سوناطراك واملؤسسات ألاجنبية التي من خاللها تستفيد املؤسسة من تجارب‪،‬‬
‫مهارات وخبرات هذه الشركات؛‬
‫‪ ‬امللتقيات ‪،‬الندوات‪ ،‬ألايام الدراسية التي ينظمها خبراء أجانب‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تبادل املعارف والخبرات‬

‫من أحسن الوسائل تحديث الذاكرة التنظيمية هي تبادل املعارف والخبرات من خالل التفاعل الاجتماعي‪:‬‬

‫‪" ‬منذ ‪ 42‬عاما لدينا اجتماعات أسبوعية‪ 0‬وباإلضافة الى هذه الاجتماعات‪ ،‬وعند تسير كل مشروع يقوم كل‬
‫فريق بإدارة جلسات عمل‪ ،‬وبهذه الطريقة‪ ،‬يمكننا تبادل املعارف والخبرات داخليا"‪0‬‬

‫ومما يؤكد ذلك أيضا‪ ،‬أنه على مستوى الجماعي‪ ،‬يتم التعاون بشكل طبيعي و دون تردد‪ .‬غير انه على املستوى‬
‫الفردي‪ ،‬فامتالك املعلومات إلاستراتيجية هو شكل من أشكال السلطة واعتقادهم بان املشاركة املعرفة التي يحتفظ بها‬
‫الفرد بشكل خاص‪ ،‬فإنه يمكن أن يخسر بعض النفوذ داخل املنظمة‪ ،‬مما يحول دون التفاعل الاجتماعي وتبادل‬
‫املعرفة‪ .‬ولتشجيع على املزيد من مشاركة وتقاسم املعرفة‪ ،‬وضعت مؤسسة محل الدراسة خطة خاصة تبدأ بالترحيب‬
‫باملوظفين الجدد‪ .‬وقيامها بجهود كبيرة لكشف عن أفضل املواهب‪ ،‬وجذبهم‪ ،‬والعمل على الاستفادة من معارفهم ‪ .‬كما‬
‫أشار املسيرين خالل املقابالت إلى أن‪:‬‬

‫‪« ‬إن الفرد املتحفظ واملتردد في مشاركة و تقاسم معارفه‪ ،‬يمكن أن يكون لنا مشاكل على مستوى العمل‬
‫الجماعي "‪0‬‬

‫وبناء عليه نستنج ان املؤسسة تعمل على اكتشاف املعارف من خالل عمليتي الدمج والتجميع للمعارف الصريحة‬
‫وعملية تبادل املعارف عن طريق التفاعل الاجتماعي بين الافراد والتي تقود الى تحديث وتحين الذاكرة التنظيمية ‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عملية مشاركة امل عرفة ومساهمتها في توزيع الذاكرة التنظيمية‬

‫هي تلك العملية التي يتم من خاللها نقل املعرفة الصريحة والضمنية إلى آخرين‪ .‬يذكر (‪ )Zmud‬أن أحد أبرز‬
‫أسباب التركيز على نقل املعرفة هو أن عملية اكتشاف املعرفة بحد ذاتها ال تؤدي إلى أداء متفوق للمنظمة ما لم يتم نقل هذه‬
‫املعرفة إلى آلاخرين‪ ،‬وتمكنهم من استخدامها دون تحميل املنظمة تكاليف باهظة جراء النقل‪ .‬ويتعين في هذا الصدد تقديم‬
‫إيضاحات ثالثة مهمة مرتبة على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪،‬أن مشاركة املعرفة تعني النقل الفعال‪ ،‬بحيث يمكن ملستقبل املعرفة ان يفهمها بدرجة جيدة تمكنه من العمل في‬
‫ضوئها؛‬

‫ثانيا‪،‬إن ما يتم مشاركته هي املعرفة وليست التوصيات املبنية على املعرفة‪ ،‬فالحالة ألاولى تنطوي على اكتساب‬
‫املستقبل للمعرفة املشتركة وللقدرة على القيام باملهام على ضوئها‪ ،‬في حين تنطوي الثانية(أال وهي التوجيه‪ ،‬والذي‬
‫سنقوم بمناقشته في عملية تطبيق املعرفة) على استخدام وتطبيق املعرفة دون تجسيدها؛‬

‫ثالثا‪ ،‬أن مشاركة املعرفة عملية قد تتم بين ألاشخاص وكذلك بين املجموعات وإلادارات والتنظيمات‪.‬‬

‫فإن املعرفة بوصفها موجودا تزداد باالستخدام واملشاركة‪ ،‬وبتبادل ألافكار والخبرات واملهارات بين ألاشخاص تنمو‬
‫وتتعاظم لدى كل منهم‪ ،‬لذا سعت املنظمات إلى تشجيع املشاركة‪ ،‬حيث يرى الكثير من الباحثين أن أهم عناصر النجاح في‬
‫تبني نظم إدارة املعرفة وتحقيق ألهداف املنظمة هو نجاح الجزء املتعلق بمشاركة املعرفة‪ .‬اذ تتكون الذاكرة التنظيمية من‬
‫مجمل ألاصول الفكرية للمنظمة‪ ،‬اذ تعد بمثابة تجميع لكل من املعرفة الضمنية والصريحة التي يمكن أو ال يمكن‬
‫توثيقها بشكل صريح إال انه يمكن الرجوع اليها بشكل محدد وهي معارف ضرورية لعمليات املنظمة ولقدراتها التنافسية‪.‬‬
‫وتهتم إدارة املعرفة بتطوير تطبيقات التي تحول دون فقدان الذاكرة التنظيمية والتي تحدث عادة نتيجة لنقص التقنيات‬
‫املناسبة داخل املنظمة أو عدم القيام بتبادل املستندات على اكمل وجه‪ ،‬اضافة الى ذلك نقص الدعم الكافي لالتصال‬
‫وكثرة املصادر املتباينة للمعلومات وهو ما ينتج عنه فقدان املعرفة التنظيمية الصريحة‪ .‬وعليه نحاول من خالل هذ‬
‫الجزء التركيز على اهم آلاليات والتقنيات مشاركة املعرفة التي تتوفر عليها املنظمة والتي تحول دون فقدان الذاكرة‬
‫التنظيمية و تساهم في توزيعها من خالل طرح ألاسئلة التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬هل تقوم املؤسسة بامتالك املعرفة وتعمل على مشاركتها؟‬


‫‪ .2‬كيف يتم مشاركة املعرفة بين أفراد املؤسسة (التفاعل الاجتماعي)؟‬

‫‪231‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫أوال‪ :‬تبادل املعرفة‬

‫يؤكد أغلب املستجوبين بأن عملية الرسملة من خالل الترميز‪ ،‬التجسيد (‪ )externalization‬ال تغطي سوى جزء‬
‫بسيط من الحاجة‪ .‬يتعين على املنظمة حصر‪ ،‬تحديد شبكة ألافراد الذين يمتلكون غالبا املعرفة الضمنية لبناء رصيد‬
‫معرفي منظم‪،‬كما يجب عليها أيضا جعل رأس املال املعرفي متاح في جميع مستويات املنظمة‪ ،‬مع ألاخذ بعين الاعتبار‬
‫احتياجات كل مستوى‪ .‬وهذا ما ال يمكن تحقيقه إال من خالل مشاركة املعرفة تقاسما وتوزيعا‪ ،‬ثم القيام فيما بعد‬
‫بتشجيع استغالل ما تم توثيقه وجعله في متناول الجميع‪ .‬وتحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬يؤكد أحد املستجوبين‪:‬‬

‫‪" ‬نحن نبذل جهدا خاصا في تخزين ومشاركة بمعارفنا‪ ،‬ونمتلك لهذا الغرض مجموعة من املوارد البشرية‬
‫والتقنية املخصصة ملشاركة املعرفة‪"0‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فمن املهم فتح كل مجاالت التواصل بقوة حول هذا املوضوع عبر جميع مستويات املؤسسة من أجل‬
‫تمرين املوظفين وتكييفهم على هذه العملية وتشجيع كل منهم على تغذيتها والسعي الدائم الستخدامها‪:‬‬

‫‪ ‬يتم تقاسم ومشاركة املعرفة والتحاور املستمر بين أطراف املنظمة بشكل أساس ي من خالل الاجتماعات‬
‫وكذا جميع وسائل الاتصال املتاحة‪ ،‬وبشكل خاص البريد إلالكتروني والشبكة الداخلية التي تضمن أفضل‬
‫توزيع للمعرفة ضمن كل ألاعمال الروتينية في الوقت الحقيقي وكذا الاستغالل ألامثل لها‪"0‬‬

‫واضافة لذلك‪ ،‬فال يمكن جمع ثمار الجهود املبذولة إال من خالل معرفة مدى أهمية املعرفة وقيمتها املضافة في‬
‫املؤسسة‪ ،‬يبدو أن الجميع مقتنعون بأن‪:‬‬

‫‪" ‬القيمة الحقيقية املضافة تكمن في نجاح عملية مشاركة املعلومات واستغاللها سواء على املستوى الفردي‬
‫أو الجماعي والتنظيمي"‪0‬‬

‫وال يتم تحقيق هذه القيمة املضافة إال إذا توافقت املعلومات مع احتياجات الطرف املتلقي لها‪:‬‬

‫‪" ‬نقوم غالبا بالتأكد‪ ،‬عند إرسال الرسائل إلالكترونية‪ ،‬من كون املستقبلين لها هم املعنيين املباشرين بهذه‬
‫املعلومات"‪ ،‬ولذلك "نحرص على التأكد من كون ألافراد جديرين بالثقة من خالل التأكد من جودة‬
‫مصادرهم"‪0‬‬

‫‪232‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫ثانيا‪ :‬جهود التواصل‪ ،‬توزيع املعرفة‬

‫يؤكد معظم املستجوبين بأن توزيع املعرفة واملعلومات يتم في الوقت الحقيقي‪ ،‬وذلك لتمكينهم من اتخاذ القرار‬
‫وجعل آلاخرين يستجيبون له‪:‬‬

‫‪ " ‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬بمجرد إرسال الرسالة‪ ،‬كل فرد يساهم بمعرفته ومجاله في تحسين سير النشاط أو‬
‫إيجاد حلول للمشاكل بأسرع ما يمكن‪ 0‬هذا ما يسمح لكل فرد باالستفادة من معارف آلاخرين‪".‬‬

‫ويتفق املسيرين جميعا على أن املؤسسة تبذل جهدا خاصا لدعم الاتصال من أجل مشاركة وتقاسم املعلومات‬
‫واملعرفة‪ ،‬يعتبرون عملية اساسية لتوزيع الذاكرة الجماعية والوسيلة ألاكثر ضمانا لتنفيذ العمل في الحاضر والاستعداد‬
‫للعمل في املستقبل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نظام املعلومات والشبكة الداخلية (الانترانات)‬

‫من أجل جمع معلومات أكثر عن مختلف وسائل الاتصال والتوزيع في املؤسسة‪ ،‬تم طرح العديد من ألاسئلة حول‬
‫نظام املعلومات وكذا مدى استخدام الشبكة الداخلية‪ .‬نالحظ في الواقع‪ ،‬أن املؤسسة تمتلك نظام معلومات كفؤ‬
‫وفعال‪ ،‬في مجال عملها وكذا في مجاالت النشاط املماثلة‪ .‬لكن وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬يواجه هذا النظام عدة تحديات‬
‫أهمها التقدم التكنولوجي الكبير والتدفق الهائل في املعلومات وبوتيرة متسارعة‪ .‬ويؤكد ذلك أحد املستجوبين قائال‪:‬‬

‫‪" ‬ال يوجد ش يء مثالي‪ ،‬التقدم يحدث بوتيرة مستمرة‪ ،‬ولكن إرادتنا قوية للتسيير الفعال لنظام املعلومات‬
‫وللتدفق في املعلومات الالزم لنشطة مختلف أطراف املؤسسة"‬

‫واضافة الى ذلك تقوم عملية املشاركة على الية التفاعل الاجتماعي من خالل‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬اللقاءات والنقاشات املباشرة ‪:‬‬

‫هناك عدة أنواع من الاجتماعات في املؤسسة يتم تنظيمها من أجل تسهيل تدفق املعلومات من جهة‪ ،‬ولتعزيز‬
‫مشاركة املعرفة من جهة أخرى‪ .‬أهمها‪:‬‬

‫الاجتماعات ألاساسية‪ :‬يتم عقدها مرة واحدة في ألاسبوع‪ ،‬وتشمل رئيس الوحدة مع مساعديه (نقصد بالوحدة‬ ‫‪‬‬
‫مصلحة أو مجموعة مصالح)‪ .‬يقوم رئيس الوحدة بتفقد سير العمل بوحدته أو مصلحته‪ ،‬ويقدم حلوال ملموسة لتحسين‬
‫نوعية العمل‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫اجتماعات املؤسسة‪ :‬ويتم عقدها مرة واحدة في ألاسبوع وتضم مسؤولي املصالح‪ ،‬يتعلق النقاش فيها بقضايا‬ ‫‪‬‬
‫ذات املصلحة العامة‪ .‬ويلعب هذا الاجتماع دورا هاما على مستوى الاتصاالت الرسمية وخاصة غير الرسمية فيما بين‬
‫املسؤولين في نفس الوحدة‪ ،‬فهي تسمح بتركيز الصراعات ومشاكل الاتصاالت وتطوير ثقافة املجموعة‪.‬‬
‫الاجتماعات في املكتب‪ :‬وتشمل ثالثة اجتماعات‪ .‬أوال‪ ،‬الجمعية العامة للمدراء )‪ ،(AGD‬ثم مجلس إلادارة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وأخيرا اجتماعات ألاطراف التشغيلية‪.‬‬
‫تجتمع الجمعية العامة للمدراء مرة كل ربع سنة‪ ،‬كجمعية عامة للمجموعة‪ ،‬من أجل دراسة كل املشاكل العامة‬ ‫‪-‬‬
‫واقتراح كل ما يساهم في تطوير املصلحة العامة‪ .‬تتكون ‪ AGD‬من العديد من العروض التي غالبا ما تحفز النقاشات‬
‫الثرية بالتعليمات والتي تساهم في ترسيخ ثقافة وقيم املؤسسة‪ .‬وقد شهد تطورات مختلفة أثرت في تكوينه وفي جدول‬
‫أعماله‪ ،‬حيث يتم عرض النتائج والاستراتيجية الخاصة بكل منطقة ومناقشتها واتخاذ القرار بصددها‪.‬‬
‫اجتماعات ألاطراف التشغيلية هي اجتماعات دورية وتجمع مسؤولي املستوى التشغيلي للمؤسسة مع أمثالهم‬ ‫‪-‬‬
‫بكافة املناطق‪ .‬وقد أسس في السنوات ألاخيرة‪ ،‬كجزء من أسس الحوار في املؤسسة وكأداة لإلدارة ولالتصاالت لنظام‬
‫التسلسل الهرمي املزدوج‪ .‬والواقع أن هذه الاجتماعات تسمح بـ‪:‬‬
‫تطوير العالقات إلانسانية واملهنية بين مسؤولي نفس مجال املهام؛‬ ‫•‬
‫تبادل الخبرات بين الفروع والتدريب املستمر ملسؤولي الوظيفة؛‬ ‫•‬
‫املحافظة على حداثة إجراءات العمل؛‬ ‫•‬
‫الحفاظ على مستوى التحكم في هذه إلاجراءات من قبل مسؤولي الوظيفة؛‬ ‫•‬
‫توفير املعلومات حول القضايا الراهنة والتطورات السارية‪.‬‬ ‫•‬

‫عقبات وعراقيل مشاركة املعرفة‬

‫أهم عقبات أو عراقيل تقاسم ومشاركة املعلومات حسب ما ذكره املسيرين هي الوقت والتكلفة‪ ،‬حيث يؤكدون‬
‫عدم كفاية الوقت أحيانا لتخصيص كل املوارد الالزمة لنجاح سير هذه العملية‪:‬‬

‫‪" ‬فحجم املهام اليومية يقف عائق امامنا لقيام بتقاسم ومشاركة املعلومات على النحو املرغوب فيه‪ ،‬ولكن‬
‫لدينا إرادة قوية للنجاح في هذا املسعى"‪0‬‬

‫ويعتبر مسيرون آخرون أن املحيط املتقلب‪ ،‬والتحوالت إلاستراتيجية وكذا إعادة التنظيم هي العوامل ألاكثر تأثيرا‬
‫على سير وتنفيذ عملية إدارة املعرفة وبالتالي على عملية تقاسم املعلومات واملعرفة‪ .‬وينقد أحد املستجوبين أمن نظام‬
‫املعلومات قائال‪:‬‬

‫‪234‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ " ‬لكن يجب أال ننس ى أن املعلومات واملعرفة تتواجدان إلى حد كبير في نظام املعلومات‪ ،‬وهناك حدود وقيود‬
‫للوصول إليها موضوعة على حسب املستوى والدرجة‪ ،‬هذا من شأنه أن يعيق النشر السليم والتوفير‬
‫ألامثل للمعرفة لجميع ألاطراف‪"0‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬من السهل مالحظة أن لدى املؤسسة مشروع طموح إلدارة املعرفة على مستوى ألافراد‪ ،‬ألنه يتطلب من‬
‫الجميع السعي لجعل جزء من معارفهم صريحة‪ .‬فهي عملية صعبة التنفيذ وتصبح غير مجدية إذا لم تساهم في تحسين‬
‫معرفة الفرد‪ .‬آراء املستجوبين في هذا الصدد متباينة ويمكن مالحظتها في إجاباتهم املترددة التي تتراوح بين التأكيد والتردد‪،‬‬
‫فبالنسبة للبعض‪:‬‬

‫‪" ‬بمجرد نشر املعلومات في إطار مجموعة العمل‪ ،‬سينتج عنها ردود فعل ومقترحات فيما بين ألاطراف‪ 0‬وهذا‬
‫من شأنه أن يعزز ويثري املعرفة الفردية والجماعية"‪.‬‬

‫بينما يرى البعض آلاخر‪:‬‬

‫‪" ‬إن النظام مأمن على حسب املستوى وهذا يحد من مجال نشر املعرفة‪ ،‬كما ان تحسين املعرفة ال يتم من‬
‫خالل ألانظمة حتى ولو افترضنا ان تدفق املعلومات بين قواعد البيانات مثالي"‪.‬‬

‫والى جانب ذلك هناك ثالث مشكالت رئيسية تعوق مساهمات الافراد في مشاركة املعرفة وهما‪ :‬املخاوف املتعلقة‬
‫بالخصوصية‪ ،‬املخاوف املرتبطة باملعرفة كسلطة‪ ،‬و مقاومة التغيير لدى كبار املديرين التنفيذين‪.‬‬

‫‪ ‬مخاوف الخصوصية‬

‫ربما تسبب التهديدات املحتملة تجاه الخصوصية في منع الافراد من املشاركة في املعرفة‪ ،‬فربما يكون الفرد اقل‬
‫استعدادا لتقديم اراء صادقة اذا اعتقد بان التوصيات التي يدلي بها لقرار ما سيتم تجميعها واحتمال ان يطلع عليها في‬
‫املستقبل‪ ،‬الى جانب ادراك الفرد ان هذه التعليقات قد ال يفضلها شخص ذو نفوذ داخل املؤسسة‪.‬‬

‫‪ ‬مخاوف املتعلقة باملعرفة بصفتها سلطة‬

‫والتي تظهر جليا في الافراد العاملين الذين تنتابهم مشاعر القلق حيال الامان الوظيفي داخل املؤسسة مما يحول‬
‫دون مشاركة املعرفة مع افراد اخرين داخل املؤسسة العتقادهم بانه مشاركة املعرفة التي يحتفظون بها بشكل خاص‬
‫فانه يمكن الاستغناء عنهم او قد يخسر بعض النفوذ داخل املؤسسة‪.‬‬

‫‪ ‬تردد كبار املسؤلين تجاه التكيف (مقاومة التغيير)‬

‫‪235‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫قد تفرض ممارسة ادراة املعرفة اجراء تغيرات كبيرة سواء في الهيكل التنظيمي او في سلوكيات الافراد ولالسف ال‬
‫يرغب كبار املسؤلين التنفيذين في الاقرار باهمية التغيرات والاستعداد للتنازل عن سلطتهم بقدر ما قد يحمله املفهوم‬
‫التقليدي ملصطلح التمكين والذي يعد امرا ضروريا لتحقيق ديمقراطية املعرفة‪ .‬وال يتحقق ذلك حتى يقتنع كبار املسؤلين‬
‫فعليا بان املوظفين العاملين في املؤسسة بما فيهم من هم في مستويات التشغلية الدنيا والذين يتفاعلون بصفة دائمة مع‬
‫الزبائن قد يكون لهم افكار قيمة من شانها ان تؤثر على الاستراتجية املؤسسة او على خارطة الطريق الخاصة باملنتج‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم‪ ،‬نصل إلى نتائج الفرضية الثالثة واملتعلقة بمساهمة عملية مشاركة املعرفة (في شكليها‬
‫الضمني والصريح) في توزيع الذاكرة التنظيمية داخل املؤسسة‪ ،‬اذ يتحقق ذلك من خالل التفاعل الاجتماعي بين ألافراد‬
‫سواء عن طريق الحوار والنقاشات املباشرة املتمثلة في الاجتماعات الدورية أو عن طريق عملية التدريب أثناء العمل‪،‬‬
‫إضافة إلى عملية التبادل من خالل جهود املبذولة من طرف املؤسسة‪ ،‬تقنيات الاتصال املتمثلة في الشبكات الداخلية‬
‫وألانظمة‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬مساهمة عملية تطبيق املعرفة في استرجاع الذاكرة التنظيمية‬

‫تساهم املعرفة بصورة مباشرة وأساسية في أداء املنظمة عند استخدامها في اتخاذ القرارات وأداء املهام‪ ،‬وبالطبع‪،‬‬
‫تعتمد عملية تطبيق املعرفة على املتاح منها‪ ،‬و"نعني بتطبيق املعرفة جعلها أكثر مالئمة لالستخدام في تنفيذ أنشطة‬
‫املؤسسة‪ ،‬وأكثر ارتباطا باملهمات التي تقوم بها"‪.‬‬

‫أشارت الفرضيات السابقة‪ ،‬على أنه اعتبارا من لحظة تخزين و معالجة املعلومات‪ ،‬ينبغي ملرحلة الاسترجاع أن‬
‫تسمح بإيجاد املعرفة واستغاللها بشكل سهل وسريع في الحاالت التي تصادفها‪ .‬وهذا ما يتعلق بتطبيق املعرفة املكتسبة‪،‬‬
‫حيث تعرف هذه العملية "العلم باملعرفة" ‪ 0 Brown& Cook‬كما يت ح أن هذه املرحلة حاسمة لدى املسيرين‪ ،‬ألنه‬
‫ليس املهم امتالك املعرفة لكل ألاعمال‪ ،‬ولكن كيفية تطبيق هذه املعرفة‪ ،‬خصوصا في حاالت معينة وسياق محدد‪ .‬كما‬
‫أن املعرفة ذاتها تعتمد على عمليات اكتشاف املعرفة وامتالكها ومشاركتها‪ ،‬وكلما قمنا بعمليات اكتشاف املعرفة‬
‫وامتالكها ومشاركتها على أحسن صورة‪ ،‬ازدادت احتمالية توافر املعرفة املطلوبة من التطبيق الفعال في اتخاذ القرارات‬
‫وأداء املهام‪ .‬ليس بالضرورة أن يكون الطرف املستهدف من املعرفة مستوعبا لها عند تطبيقها‪ ،‬وإنما املطلوب هو‬
‫استخدام املعرفة‪ ،‬بطريقة ما‪ ،‬في توجيه القرارات وإلاجراءات‪،‬‬

‫ولهذا‪ ،‬فإن استخدام املعرفة يرتكز على عمليتين اثنتين(الروتين والتوجيه) واللتين ال تنطويان على النقل أو‬
‫التبادل الفعلي للمعرفة بين ألافراد املعنيين بل يقتصران على نقل التوصيات التي يمكن تطبيقها في سياق محدد‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫أما مصطلح التوجيه فيشير إلى العملية التي يقوم من خاللها الشخص الذي يمتلك املعرفة بتوجيه سلوك‬
‫شخص أخر دون أن ينقل إليه املعرفة التي تتضمن ذلك التوجيه‪ .‬ومن ثم فالتوجيه يتمثل فيى نقل املعرفة الالزمة‬
‫التخاذ القرارات‬

‫اذ تستطيع تقنية املعلومات ونظمها ان توفر دعما فعاال لتطبيق املعرفة ويشير مصطلح نظم إدارة املعرفة الى نوع‬
‫نظام تقنية املعلومات الذي يتم فيه تخزين املعرفة واسترجاعها او تحديد اماكن مصادر املعرفة او البحث في مستودعات‬
‫املعارف او الحصول على املعرفة واستخدامها‪.‬‬

‫اوال‪ :‬نظام (‪)CIS‬‬

‫تعتمد املؤسسة في تطبيق املعرفة على جملة من الانظمة الداعمة (‪)CIS‬في مجال الانتاج والادارة مما يمكن‬
‫املديرين من اتخاذ القرارات بناء على البيانات املدخلة في نظام املعلومات‪ .‬وهذا ما يؤكده احد املسيرين على هامش الايام‬
‫العلمية (‪)TH2‬‬

‫‪ ‬هذا النظام سوف يزود متخذي القرار بالبيانات في مجاالت إلانتاج واملوارد البشرية والصيانة‬
‫وإلامداد‪،‬‬

‫اذ دعمت هذه النظم ايضا املؤسسة في تطوير عملية صنع القرار واشراك جميع موظفيها على اختالف‬
‫مستوياتهم الوظيفية ومواقع عملهم في هذه العملية وتفويض الصالحيات عند اللزوم وهو ما كان له اثر واسع على مجمل‬
‫اداء املؤسسة و التي تساهم في عملية استرجاع الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظام التفكير املستند على الحالة‬

‫كما تعتمد مؤسسة سوناطراك على تطبيق منهجية التفكير املستند الى حالة والذي يعد واحدا من اساليب‬
‫الذكاء الاصطناعي الذي صمم ملحاكاة املعرفة البشرية في حل املشكالت وصنع القرار بمصلحة الصيانة ويعتمد التفكير‬
‫املستند الى حالة على النموذج الذاكرة الدينامكية‪ 0‬والذي يهدف الى محاكاة اسلوب الذي ينتهجه الخبراء في حل‬
‫املشكالت التي تعترضهم فعندما يواجه الاخبير مشكلة جديدة فانه يبحث في ذكرياته عن مشكالت سابقة تتشابه مع‬
‫املشكلة الحالية ويتكون نظام تطبيق املعرفة املستند الى الحالة من العمليات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬البحث داخل مكتبة الحاالت إليجاد الحلول املماثلة‪ .‬وتتضمن هذه العملية استخدام محرك بحث‬
‫يفحص الحاالت املالئمة فقط؛‬

‫‪237‬‬
‫[املبحث الثاني‪ :‬واقع ادارة املعرفة والذاكرة التنظيمية]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫‪ .2‬اختيار واسترجاع الحالة اكثر تشابها‪ ،‬حيث يتم حل املشكلة الجديدة عن طريق استرجاع الحاالت‬
‫املجربة سابقة وتتضمن ذلك امتالك الوسائل املقارنة كل حالة تم دراستها مع املشكلة الحالية ثم‬
‫تحديد مدى تشابه ثم تصنيفها تنازليا حسب درجة التشابه؛‬
‫‪ .3‬تطبيق الحل الناتج والقيام بالتغذية عكسية بمجرد التوصل الى حل ليتم تصنيف الحل املستخدم مع‬
‫هذه املشكلة سواء بنجاح الحل او اخفاقه؛‬
‫‪ .4‬اضافة املشكلة الحالية التي تم حلها الى مكتبة الحاالت‪.‬‬

‫وبناءا على ما تقدم تساهم عملية تطبيق املعرفة سواء من خالل انظمة دعم القرار املستخدمة من طرف‬
‫املسيرين او من خالل انظمة التفكير املستند على حالة والتي تعمل على استرجاع الذاكرة التنظيمية املتواجدة سواء في‬
‫قاعدة املعطيات او في مكتبة الحاالت وعليه نقول بان تطبيق املعرفة يؤدي الى استرجاع الذاكرة التنظيمية والتي تم‬
‫تخزينها مسبقا‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬مناقشة النتائج‬

‫في هذا الجزء‪ ،‬نحاول تفسير النتائج التي توصلنا إليها من أجل التحقق من صحة الفرضيات التي قمنا بصياغتها‬
‫في بداية العمل‪ .‬وقد مكنتنا املقابالت واداة التقييم الذاتي للمارسة ادارة املعرفة (‪ )CAF‬من الخروج بالعديد من‬
‫الاستنتاجات حول دور إدارة املعرفة في بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية داخل املؤسسات محل الدراسة‪ .‬وكما نقدم في‬
‫ختام هذا العمل بعرض لحدود وآلافاق املستقبلية للدراسة‪.‬‬

‫املطلب ألاول ‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية ألاولى‬

‫تهدف الفرضية الاولى إلى التحقق من مساهمة عملية امتالك املعرفة (الاحتفاظ باملعرفة و تشكيلها) من خالل‬
‫عمليتي التجسيد والتذويب في بناء الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫الفرع ألاول ‪ :‬رسملة املعرفة ( إمتالك املعرفة )‬

‫وفيما يتعلق بعملية رسملة املعرفة‪ ،‬مكنتنا املقابالت مع املسيرين من استنتاج بأن هذه العملية ضرورية لبناء‬
‫ذاكرة التنظيمية من اجل تخزين وحفظ املعلومات واملعرفة‪ .‬وللتذكير بشكل سريع فالرسملة عبارة عن تحديد وتخزين‬
‫املعلومات واملعرفة‪ .‬وفي إطار املقابالت‪ ،‬أكد املسيرون بأن املؤسسة تولي أهمية كبيرة لتخزين املعرفة في قواعد الذاكرة‪،‬‬
‫إال أنهم أعربوا عن العديد من املخاوف حول هذه العملية‪ ،‬باعتبار أن عملية تخزين املعلومات واملعرفة تطرح في الواقع‬
‫مشكلة استخدامها‪ .‬ولذلك‪ ،‬يتبادر هنا في ذهننا عدة أسئلة‪:‬‬

‫‪ ‬ما هي أقص ى مدة يمكن للمعرفة املرسملة أن تتقادم بعدها؟‬


‫‪ ‬إلى أي مدى يمكن الحفاظ على مختلفة سياقات املعرفة؟‬

‫كل املحاوالت إلدارة املعرفة تتعرض لخطر ترميز معرفة غير‬ ‫فحسب الباحث ‪Paraponaris & Simoni‬‬

‫كاملة (فقدت سياقها) ملواقف والظروف املحيطة بها كما كانت وفق النشاط الحقيقي‪ .‬اذ يمكن ملحاوالت الترميز تلك‬
‫عرقلة عمليات توليد املعرفة والابداع اذ قد يسبب التخزين الطوعي واملركزي للمعرفة خطر املبالغة في الترميز للمعرفة‬
‫(‪ ،)surcodage‬مما يجعل استخراجها من قواعد البيانات واستخدامها غير مفيد وكافي‬

‫في الواقع‪ ،‬من خالل تحليلنا للمقابالت التي أجريت مع مختلف املسيرين‪ ،‬يمكننا القول بأن ما يهم املؤسسة ال‬
‫يكمن في تراكم مخزون املعرفة التي كانت مسبقا ملكا ألطرافها‪ ،‬وإنما كيفية خلق روابط وشبكات بين مختلف املعارف أو‬
‫بين ألاطراف الحاملين للمعارف املميزة‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬يمكن التعبير عن عملية رسملة املعرفة التي تساهم في بناء‬

‫‪239‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫الذاكرة التنظيمية بثالث كيفيات متكاملة مستوحاة من أعمال (‪ )Hatchuel & Weil‬التي قدمت وصف دقيق لعملية‬
‫رسملة املعرفة‪:‬‬

‫‪ .1‬عملية الرسملة هي عملية نشيطة وقابلة للتكيف مع الظروف‪ :‬فيختلف تعامل املؤسسة معها إذا ما ارتبط‬
‫ألامر بالعناصر املادية امللموسة – الصريحة ‪( -‬البيانات‪ ،‬إلاجراءات‪ ،‬الخطط‪ ،‬النماذج‪ ،‬الخوارزميات‪ ،‬الوثائق)‬
‫مقارنة بتلك غير امللموسة – الضمنية ‪( -‬القدرات الفردية‪ ،‬املهارات املهنية‪ ،‬املعارف الشخصية‪ ،‬املعرفة‬
‫املتراكمة عبر تاريخ املؤسسة)؛‬
‫‪ .2‬عملية الرسملة تكون دائما غير مباشرة‪ :‬فهي تتطلب صياغة املناهج والهياكل املعرفية في شكل قواعد أو‬
‫أشكال الستخراج املعرفة من سياقها‪ ،‬وذلك من خالل املزج بين املعرفة امللموسة وغير امللموسة (الصريحة‬
‫والضمنية)؛‬
‫‪ .3‬تضمن عملية الرسملة إمكانية الرجوع للمكتسبات املعرفية‪ :‬وبالتالي فهي دعم لعمليات توليد املعارف‬
‫الجديدة وتدمير أخرى‪.‬‬

‫وتاسيسا على ماسبق نستنتج من خالل نتائج أن عملية إمتالك املعرفة من خالل رسملة املعرفة تعتبر حقيقة‬
‫أداة لتعزيز بناء الذاكرة التنظيمية في املؤسسة سوناطراك وهذا ما اكده الباحث ‪ ،Jean Yves Prax‬فإن عملية‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫الرسملة تمثل الانتقال من الذاكرة الجماعية إلى الذاكرة التنظيمية‪ .‬ومن خالل أعمال ‪ Polanyi‬و ‪،Dieng & al.‬‬
‫تعتبر الذاكرة التنظيمية مجموعة من املعارف الصريحة (التي تنقل عن طريق اللغة‪ ،‬والتي يمكن امتالكها وإيصالها عن‬
‫طريق الكتابة أو العرض بواسطة الوثائق وقواعد البيانات‪ ،)...‬واملعارف الضمنية (املعرفة التي نملكها وال ندركها‪ ،‬يصعب‬
‫تحديدها‪ ،‬وإضفاء الطابع الرسمي عليها‪ ،‬أو التواصل بها عن طريق اللغة)؛ فيتم بناء الذاكرة التنظيمية حسب‬
‫‪ ،Pomian‬من اجل «الحفاظ على كل من السلوكيات‪ ،‬املواقف‪ ،‬املعرفة وكل أنواعها‪ ،‬إلعادة استخدامها في وقت الحق‬
‫‪4‬‬
‫أو في أقرب وقت ممكن‪ ،‬وحتى التناقضات بكل تنوعها »‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Prax, J.Y. (2003), Le guide du knowledge management, Dunod, France, p53.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Polanyi, M., op. cit.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Dieng, K.R., & al. (2001), Méthodes et outils pour la gestion des connaissances: Une approche pluridisciplinaire‬‬
‫‪du knowledge management, 2e éd, Dunod, Paris, p44.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Pomian J., op. cit., p64.‬‬

‫‪240‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية الثانية‬

‫تهدف الفرضية الثانية إلى إثبات ما إذا كانت عملية مشاركة وتقاسم املعرفة في إطار عملية إدارة املعرفة تساهم في‬
‫توزيع الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫اوال‪ :‬مجاالت الاتصال والشبكة الداخلية‬

‫تؤكد نتائج املقابالت مع املسيرين بأن التخزين ال يضمن على إلاطالق تقاسم املعرفة وإعادة استخدامها‪ .‬فقبل‬
‫الحديث عن إعادة استخدام املعرفة‪ ،‬ركز العديد من املستجوبين على مفهوم تقاسم املعرفة‪:‬‬

‫‪" ‬يجب علينا تقاسم املعرفة إذا كنا نريد إعادة استخدامها"‪.‬‬

‫بهذا املعنى‪ ،‬تعتبر تكنولوجيا املعلومات والاتصاالت ألادوات ألاكثر تميزا لتبادل املعرفة‪ .‬وهذا ما الحظناه حقيقة‬
‫في املؤسسة من خالل الجهود املبذولة إلنشاء مستودعات تجمع الخبرات الفردية أو الجماعية والتي تساهم إلى حد كبير‬
‫في تقاسم ونشر املعرفة على املستوى الفردي والتنظيمي‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬الحظنا التشجيع الكبير من قبل املؤسسة‬
‫للتفاعالت بين ألافراد (التفاعل إلاجتماعي) من خالل الاجتماعات اليومية وألاسبوعية بهدف تقاسم املعرفة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬توزيع الخبرات وتقوية املعرفة‬

‫إن احتواء مؤسسة سوناطراك على عدة وحدات ومصالح‪ ،‬باالضافة الى عدد وحجم املشاريع املستثمر فيها تطرح‬
‫أحيانا مشكل تداول املعرفة‪ .‬لهذا الغرض تم اعتماد شبكة انترانت بغية توفير املعلومات التقنية املستخدمة في مختلف‬
‫ألاقسام ألاخرى‪ .‬والتي ساهمت في تسهيل عملية نشر الخبرات بين مختلف املناطق رغم بعد املسافة الجغرافية بين‬
‫الوحدات‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬تعتبر هذه ألاداة غير كافية لتحقيق املساهمة الفعلية في مشاركة وتقاسم املعرفة بهدف توزيع الذاكرة‬
‫التنظيمية‪ .‬اذ تحتاج الى ثقافة مشاركة وتقاسم املعرفة والتي تعد من ألامور ألاساسية لنجاح هذه العملية‪ .‬وذلك من‬
‫اعطاء حوافز مادية ومعنوية وتضمينها وفق اليات تقييم اداء العاملين‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬نقل املعرفة‬

‫يعتبر تبادل املعرفة حجر الزاوية في إستراتيجية إدارة املعرفة بمؤسسة سوناطراك‪ .‬حيث تمثل مسألة استخالف‬
‫الجيل الجديد للجيل القديم (التعاقب)‪ ،‬في السنوات ألاخيرة‪ ،‬أبرز اهتمامات املؤسسة‪ ،‬ومن بين أهم الوسائل التي‬
‫تستخدم للتعامل مع هذه املسألة نجد نقل املعرفة‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫وهنا يمكننا طرح السؤال التالي‪ :‬كيف يمكن التأكد من أن الخبرات القيمة للموظفين لن تترك املؤسسة بترك‬
‫العاملين لها؟‬

‫وقد شعرنا بأن هذا املوضوع يسبب حساسية كبيرة املسيرين املستجوبين‪ ،‬حيث أشاروا بشكل متكرر لخطة دعم‬
‫عملية الاستخالف التي وضعتها املؤسسة والتي تتبنى فيها استراتيجيات مختلفة للحفاظ على الخبرة وعلى استمرار حياتها‬
‫وفعاليتها‪:‬‬

‫‪" ‬في املؤسسة محل الدراسة‪ ،‬تزيد أهمية الاستعداد إلحالة املقبلين على التقاعد كلما كانت املعرفة التقنية‬
‫التي يمتلكونها ذات قيمة إستراتيجية بالنسبة للمؤسسة"‪.‬‬

‫وهي فكرة معروفة في جميع أنحاء املؤسسة ويحاول املسيرين بذل مجهود كبير لتحديد املناصب والخبرات‬
‫الحساسة‪:‬‬

‫‪" ‬اليوم‪ ،‬تتمثل املرحلة ألاولى من خطة دعم الاستخالف في جعل كل وحدة من الوحدات تقوم بوضع تصميم‬
‫للمناصب الحرجة الخاصة بها‪ 0‬ولكن بمجرد تحديد النقاط املحتملة التي تطرح إشكاليات حساسة‪ ،‬وجب‬
‫اللجوء إلى التبادل السريع في املعرفة"‪.‬‬

‫وألن عملية إلاحالة للتقاعد غالبا ما تكون معروفة مسبقا‪ ،‬فمن املمكن وضع مجموعة من ألاساليب املساعدة في‬
‫الحفاظ على معرفة الخبير الذي يستعد لترك املؤسسة‪ ،‬وكما يوضح أحد املستجوبين في املؤسسة محل الدراسة‪:‬‬

‫‪" ‬إن أغلب املعلومات تأخذ الطابع الضمني‪ ،‬أي بمعنى أنها غير موثقة ويتركز وجودها في عقول ألافراد‪0‬‬
‫بالتالي‪ ،‬فتبادل املعرفة يتم بشكل رئيس ي فيما بين ألافراد"‪.‬‬

‫وبناءا عليه يمكن القول على الرغم من أن جل الاهتمام في مجال إدارة املعرفة قد وجه إلى عملية خلق املعرفة‬
‫واملحافظة عليها وتخزينها كما توصلنا اليه في السابق‪ .‬إال أنه توجود جوانب أخرى الدارة املعرفة التي تكتس ي أهمية أكبر‬
‫واملتمثلة في تبادل املعلومات واملعرفة من خالل قدرة تقنيات واليات ادارة املعرفة في تحفيز وتسهيل الحوار والاتصال‬
‫بشكل عام‪.‬‬

‫اذ نجد على راسها الية تبادل املعرفة الضمنية عن طريق التفاعل الاجتماعي من خالل العالقات الاجتماعية‬
‫بين ألافراد فإنه ينجم عنها ما يعرف بإعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـادة تدوير املعلومات ) ‪ (Recycling Information‬التي طورها آلاخرون عبر‬
‫لقاءاتهم ومناقشاتهم خالل فترات الاستراحة وفي املمرات وفترات الغداء ‪ ،‬ويمكن ان تعد هذه للقاءات بمثابة "قصص‬
‫تروى"‪ ،‬إذ يناقش ألافراد املشروعات التي ينفذونها واملشكالت التي تواجههم والحلول التي اتخذوها‪ .‬فهذه اللقاءات‬
‫وألاحاديث في جوهرها هي حدث اجتماعي يحمل املعلومات الغنية واملعاني الكثيرة التي يستخدمها الفرد في حل املشكالت التي‬

‫‪242‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫تواجهه وتفادي إيجاد الحلول التي كانت موجودة في السابق؛ ذلك أن التفاعل بين ألافراد من أكثر الطرق فعالية الكتساب‬
‫ونقل أنواع املعرفة الضمنية والتي يمكن أن تكون املعرفة ألاساسية والجوهرية‪ ،‬الكتساب امليزة التنافسية للمنظمة‪ّ .‬‬
‫وأن‬
‫تقاسم املعرفة الضمنية على أساس الحوار والتفاعل الاجتماعي هي أكثر الطرق العلمية لخلق املعرفة التي يمكن تطبيقها في‬
‫ّ‬
‫مكان العمل‪ .‬ويجدر بالذكر أن الواقع يكشف أن ألافراد يرجعون إلى الزمالء الذين يثقون بهم وبقدراتهم وإمكاناتهم ‪ -‬بدال‬
‫ّ‬ ‫من الرجوع إلى قواعد البيانات ّ‬
‫والسجالت وألادلة‪ -‬بمعدل خمس مرات للحصول على املعلومة والنصيحة مقارنة باملصادر‬
‫ّ‬
‫ألاخرى‪ .‬إن فهم وادراك الجوانب املرتبطة بالتفاعل الاجتماعي في املنظمة له مضامين مهمة تؤخذ باالعتبار في بناء الذاكرة‬
‫التنظيمية كاالهتمام بوجود فترة زمنية كافية تدعم التفاعل الاجتماعي‪ ،‬وبناء الثقة لدى أفراد املنظمة وتطوير العالقات من‬
‫خالل العمل ضمن فريق أو املشروعات املشتركة‪ ،‬والتي تعطي فرصة إدراك ألافراد ووعيهم بما يملكه آلاخرون من إمكانات‬
‫وقدرات ومعرفة؛ ولكن املشكلة تكمن في أن املنظمة تهتم ببناء رؤية مشتركة ولكن تغفل الاهتمام بالتعريف باملهارات‬
‫والخبرات واملعرفة التي يملكها كل فرد في املنظمة‪.‬‬

‫وبناء عله‪ ،‬فالجوانب ألاكثر أهمية في تقنيات واليات ادراة املعرفة ال تكمن في قدرتها على توثيق ورسملة التجارب‬
‫والخبرات السابقة فقط وإنما أكثر من ذلك في تمكين ألافراد من الوصول إلى الذكريات الحية لألفراد آلاخرين‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫فقيمة نظم ادارة املعرفة ال تتجسد فقط في قدرتها على تخزين التجارب والخبرات املوثقة فقط‪ ،‬وإنما تتجسد بشكل‬
‫أفضل عند استخدامها كأداة لالتصال في الوقت الحقيقي‪ ،‬تضمن الفورية‪ ،‬سهولة الوصول والتفاعل‪ ،‬بدال من اعتبارها‬
‫كمجرد أداة جامدة لالسترجاع‪ .‬بل كعوامل مساعدة على إعادة تدوير ألافكار والخبرات‪ ،‬وبشكل خاص املعرفة‪ .‬مما‬
‫يساهم فعال في توزيع الذاكرة التنظيمية‪ .‬وهذا ما ادكده الباحثان (‪ )Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez‬بان‬
‫عملية تقاسم املعرفة يساعد على تنظيم وتوزيع الذاكرة التنظيمية حتى يمكن الوصول اليها حتى بعد ان تكون‬
‫املصادر الاصلية للمعرفة غير متاحة داخل املنظمة‬

‫وكما يجب الاشارة الى انه قد تجلب مشاركة املعرفة كذلك مخاطر معينة‪ ،‬بمعنى ان تقع املعرفة في يد اشخاص‬
‫غير اسوياء إما بقصد او بغير قصد‪ .‬كما تقوم تقنيات الاتصال نفسها التي تدعم مشاركة املعرفة داخل املؤسسة باتاحة‬
‫املجال لتسريب املعرفة خارج املنظمة ونقلها للمؤسسات املنافسة‪ .‬وبالنظر الى قيمة املعرفة واعتماد املؤسسة عليها‪ ،‬فان‬
‫فقدان هذه املعرفة قد ينجم عنه عواقب وخيمة للمؤسسة‪ ،‬ولذلك من الضروري للمؤسسات ان تقوم بادارة املعرفة‬
‫بشكل يعزز مشاركتها مع التحكم فيها والحيلولة دون تسرب املعرفة والشك ان هذا التوازن امر ليس باليسير ‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية الثالثة‬

‫تشير كل النتائج املتحصل عليها بأن اكتشاف املعرفة يحظي باهتمام كبير من قبل املؤسسة‪ ،‬ومعظم العمليات‬
‫املتخذة تؤكد هذا الالتزام‪ .‬وتتحقق هذه الرغبة في تطوير وخلق املعرفة الجديدة من قبل املؤسسة من خالل تأسيس‬
‫وحدات بحث متنوعة‪ ،‬التعاون مع عدة مؤسسات ذات قدرات نمو عالية ‪ ،‬وأيضا من خالل سياسة التوظيف على‬
‫أساس الشراكات ألاكاديمية‪:‬‬

‫‪" ‬توفر لنا التربصات ‪ ٪02‬من املوظفين الجدد"‪.‬‬

‫ففي مجال الهندسة مثال يوجه التوظيف للحاصلين على مستوى ماجستير او دكتوراه الذين يبرزون مواهب تجمع‬
‫بين الخبرة التقنية والقدرة على فهم تحديات الاستخدام املستقبلي لهذه التكنولوجيا‪ .‬ويوضح املسيرين بأن أصحاب هذا‬
‫املستوى نادرون للغاية باعتبارهم يفضلون التوجه نحو املؤسسات التعليمية (الجامعية)‪ .‬في هذه الحالة‪ ،‬يعتبر التعاون‬
‫ألاكاديمي مجاال مفتوحا للوصول إلى املعرفة النادرة‪.‬‬

‫فاملؤسسة محل الدراسة تعمل على تمويل برامج رسائل الدكتوراه على مستوى معاهدها (‪ .)IAP‬هذا التعاون الذي‬
‫طورته املؤسسة يمكنها من التعلم واكتساب املعرفة ‪ ،‬وتشارك مباشرة في استيعاب املعارف الجديدة‪.‬‬

‫ونالحظ أيضا أن هذه العملية تسهم بشكل فعال في إثراء وتحين الذاكرة التنظيمية املوجودة‪ ،‬أي إثراء املعرفة‬
‫الصريحة‪ ،‬وبالتالي تطوير املعرفة الضمنية‪.‬‬

‫ا ملطلب الرابع ‪ :‬تحليل مصداقية الفرضية الرابعة‬

‫نحاول من خالل هذه النقطة تحقق من صحة فرضية الرابعة و ان عملية تطبيق املعرفة تساهم في استرجاع‬
‫الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫تعتبر عملية تطبيق املعرفة أكثر أهمية من املعرفة ذاتها فتطبيق املعرفة يسمح بعمليات التعلم الفردي و‬
‫الجماعي و التي تؤدي إلى ابتكار معرفة جديدة و من هنا جاء وصف عمليات إدارة املعرفة بالحلقة املغلقة فتطبيق املعرفة‬
‫هو غاية إدارة املعرفة و هو يعني استثمار املعرفة فالحصول عليها و خزنها و املشاركة فيها أمور ال تعد كافية‪ ،‬ويعرف‬
‫‪ Pomian‬بهذا الصدد أهداف ذاكرة املؤسسة كـ‬

‫‪" ‬الرغبة في الحفاظ على ألاحكام‪ ،‬السلوكات واملعارف بتناقضاتها وتنوعها وذلك إلعادة استخدامها في وقت‬
‫الحق‪ ،‬أو في أقرب وقت ممكن"‪0‬‬

‫‪244‬‬
‫[املبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج]‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تحليل النتائج ومناقشتها‬

‫وبناءا عليه يمكن القول بان تستطيع تقنية املعلومات ونظمها ان توفر دعما فعاال لتطبيق املعرفة والتي تعمل‬
‫على استرجاع الذاكرة التنظمية من خالل تحديد اماكن ومصادر املعرفة او البحث في مستودعات املعارف او الحصول‬
‫على املعرفة واستخدامها‪ .‬غير انه يمكن ان تواجه بعض القيود لكون معظم هذه النظم يتم تطويرها لخدمة مشكلة‬
‫تحدث في نطاق محدد‪ .‬وتكون هذه املشكلة غير مدمجة في نظم املشاريع املنظمة‪ .‬اذ تتمثل قيود نظم تطبيق املعرفة‬
‫املعتمدة على التفكير املستند الى حالة حسب ‪ kitano & shimazu‬فيمايلي‪:‬‬

‫‪ .1‬الامان‪ :‬قد تحتوي الحاالت على معلومات حساسة‪ ،‬لذا يتعين على نظم تطبيق املعرفة مراعاة إلاجراءات ألامنية‪،‬‬
‫من خالل التحكم في إمكانية الوصول وفقا ملستوى التنظيمي للمستخدم‪ .‬اما اذا كانت هذه النظم ال تراعي‬
‫إجراءات ألامان فقد ال تحقق قيمتها العظمى‪.‬‬
‫‪ 00‬الحجم‪ :‬يجب ان تصل الى درجة التشبع ان يكون اغلب الحاالت املحتملة تم إدراجها في النظام‪.‬‬
‫السرعة‪ :‬حيث كلما ازداد حجم مكتبة الحاالت ازدادت تكاليف الحوسبة والبحث ولذ يتعين على مطوري نظم‬
‫تطبيق املعرفة استخدام مخططات الفهرسة املعقدة بحيث تسرع من عملية الاسترجاع ‪0‬‬

‫ورغم هذه القيود إال أن الفوائد املحققة لدى املؤسسة من جراء تنفيذ نظم تطبيق املعرفة تفوق في جوهرها‬
‫تلك القيود فضال على انها تقدم ميزة تنافسية للمؤسسة‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫[خالصة الفصل]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫خالصة الفصل‬

‫تحليل نتائجنا مكننا من الاستنتاج بأن عمليات ادارة املعرفة من اكتشاف‪ ،‬امتالك‪ ،‬مشاركة‪ ،‬وتطبيق املعرفة‬
‫تلعب دور جوهريا في تطوير الذاكرة من خالل بناءها توزيعها وتحديثها واسترجاعها ‪ 0‬وعليه‪ ،‬فاملسار املنتهج من قبل‬
‫مؤسسة سوناطراك يبرز أربعة أنشطة أساسية لعملية ادارة املعرفة الفعالة التي تعب دورا اساسيا في تطوير‬
‫الذاكرة التنظيمية ‪:‬‬

‫‪ 09‬اكتشاف املعرفة؛(تحديث)‬

‫‪ 00‬تخزين أو توثيق املعرفة‪( .‬بناء )‬

‫‪ 03‬مشاركة املعرفة‪( .‬توزيع)‬

‫‪ 04‬إعادة تطبيق املعرفة (أو الاسترجاع)‪.‬‬

‫ويوضح الشكل (‪ )09-4‬املراحل ألاربعة التي تسلط الضوء على الدور ألاساس ي لعمليات إدارة املعرفة في تعزيز وتطوير‬
‫الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)09-4‬الدور ألاساس ي لعمليات إدارة املعرفة في تطوير الذاكرة التنظيمية‬

‫ماذا؟‬
‫كيف؟‬
‫اعداد الاستراتجيات‬
‫الهيكل التنظيمي‬
‫الاسس الداعمة‬

‫الثقافة التنظيمية‬
‫من؟‬ ‫بنية التحتية لتكنولوجيا الاعالم والاتصال‬
‫تطوير املوارد البشرية‬

‫عمليات ادارة املعرفة‬


‫املس ـ ـ ـ ـ ــاهمة وتطوير‬

‫تطبيق‬ ‫اكتشاف‬ ‫مشاركة‬ ‫امتالك‬

‫استرجاع‬ ‫تحديث‬ ‫توزيع‬ ‫بناء‬


‫الذاكرة التنظيمية‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد الباحث‬

‫‪246‬‬
‫[خالصة الفصل]‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬املنهجية والاجراءات‬

‫لذلك يبدو أن هناك نوعين من الذاكرة لدى مؤسسة سوناطراك‪ ،‬ذاكرة قائمة على تكنولوجيا الحاسوب‬
‫والاتصاالت وذاكرة أخرى قائمة على آلاليات البشرية‪ 0‬و كال الذاكرتين تساهم عمليات إدارة املعرفة في بنائهما‬
‫وتطويرهما‪ 0‬وباختصار‪ ،‬تعمل عمليات مشاركة وتقاسم املعرفة وتطبيقها في تنمية عملية إسترجاع الذاكرة‬
‫التنظيمية (الذاكرة الدينامكية) وعمليتي إلاكتشاف وإلامتالك للمعرفة في إدامتها (الذاكرة الساكنة) في املؤسسة‬
‫محل الدراسة‪0‬‬

‫يمكن القول أن ظهور فكرة إدارة املعرفة والنظم التكنولوجية املختلفة املخصصة لتخزين واسترجاع‬
‫املعرفة في املنظمة قد أكسبت مفهوم الذاكرة التنظيمية أهمية كبيرة‪ 0‬فيمكن النظر ملحركات البحث وقواعد‬
‫البيانات كآليات لالسترجاع والتخزين تشبه إلى حد كبير وتحاكي قدرة الفرد على الذاكرة والتذكر‪ 0‬ومع ذلك‪ ،‬يجب‬
‫إلاشارة إلى أنه‪ ،‬ال يمكن بأي حال من ألاحوال أن تحل أنظمة إدارة املعرفة محل قدرات الذاكرة لدى الفرد وتعمل‬
‫كبديال عنها‪ ،‬بل تقوم في الواقع‪ ،‬بتوسيع هذه القدرات الفردية وتقويتها‪0‬‬

‫فنظم إدارة املعرفة ال تقوم بـ"التذكر"‪ ،‬وال تستطيع أن تمتلك "ذكريات"‪ ،‬ولكن يمكنها باملقابل أن تسهل‪،‬‬
‫تقوي‪ ،‬توسع وتضاعف ذاكرة الفرد وقدرته على التذكر‪ 0‬كما يمكن لنظم إدارة املعرفة أن تجعل املنظمة أقل‬
‫اعتمادا على أفراد معينين‪ ،‬لكن هذا ال يعني أنها تقوم باستبدال القدرات الفردية بالقدرات التنظيمية‪ ،‬وإنما تسمح‬
‫هذه النظم بجعل من السهل الوصول إلى تجارب الفرد‪ ،‬واستغاللها واستفادة ألافراد آلاخرين منها‪0‬‬

‫‪247‬‬
‫اخلامتة‬

‫‪248‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‬

‫تعتبر املعرفة من اهم الاصول التي تمتلكها اي مؤسسة و ان الذاكرة التنظيمية هي مجموع هذه الاصول‪ .‬وتعد‬
‫الذاكرة التنظيمية‪ ،‬على هذا ألاساس‪ ،‬واحدة من أهم املفاهيم التي ترتبط ارتباطا وثيقا بإدارة املعرفة فهي تمثل تصورا‬
‫تسعى املنظمة إلى تطبيقه على ارض الواقع و كذا وسيلة تدفعها إلى الوصول إلى تحقيق ألاهداف‪ .‬وعلى اعتبار أن دراستنا‬
‫اعتمدت كلها على إدارة املعرفة كوسيلة للتعامل مع املعرفة التنظيمية‪ ،‬فإن الذاكرة التنظيمية تأخذ قيمة محورية كونها‬
‫تشكل دعامة أساسية للمعرفة التنظيمية وتشكيلها أو بنائها من خالل اليات وتقنيات ادارة املعرفة‪ .‬اذ يكمن الهدف‬
‫الرئيس ي إلدارة املعرفة ببساطة في تحويل املعرفة الضمنية (املعرفة املتاحة ولكنها مستترة) الى معرفة صريحة بما يعود‬
‫بالنفع على املنظمة‪.‬‬

‫غير انه تظل إدارة املعرفة عملية لسيت بالسهلة ملواجهتها العديد من التحديات وذلك الرتباطها بجانبين هامين‬
‫هما الفرد والتكنولوجيا اذ يتعين عليها تبني تكنولوجيا حديثة وتحفيز الافراد داخل املنظمة وخارجها ودمجهم في عمليات‬
‫ادارة املعرفة‪ .‬لذلك حاولنا في ظل الاطار املفاهيمي للمعرفة وإلدارة املعرفة تقديم نظرة شاملة السس ادارة املعرفة‬
‫والفرص والتحديات الى جانب عدد من التوجهات الناشئة واملستقبلية املهمة‪ .‬فمستقبل ادارة املعرفة هو ذلك املجال‬
‫الذي سيظل فيه الافراد والتكنولوجيا املتقدمة يعملون جنبا الى جنب في شكل يتيح تكامل املعرفة عبر نطاقات متنوعة‬
‫وبنتائج عملية مميزة‪.‬‬

‫وقد حاولت هذه الدراسة القاء الضوء على ممارسة ادارة املعرفة داخل املؤسسات في بيئة جزائرية من خالل‬
‫تقنيات واليات تعمل على اكتشاف امتالك مشاركة وتطبيق املعرفة وتهدف من ورائها إلى املحافظة على معرفتها وتفادي‬
‫خطر فقدانها‪ ,‬هذا الخطر من شأنه أن يقود الى مشكلة فقدان ذاكرتها التنظيمية شيئا فشيئا والذي ينتج عادة عن‬
‫التسرب الوظيفي‪ ،‬الاحالة على التقاعد‪ ،‬الاستقالة او الوفاة‪ .‬ألامر الذي دفع الباحثين ومسيري املنظمات على حذ ّسواء إلى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاكرة ّ‬
‫نظيمية‪ ،‬باعتبارها توفر للمنظمة ضمانا للحفاظ على املعرفة والوصول السهل وامليسر ملا تم‬ ‫الت‬ ‫الاهتمام بموضوع‬
‫تخزينه من معرفة اساسية مخزنة في مستودعاتها والعمل على استرجاعها واستخدامها وقت الحاجة اليها‪.‬‬

‫وقد قدمت هذا الدراسة مقاربات متباينة حول الذاكرة التنظيمية منها الساكنة (صناديق تخزين املعرفة) ومنها‬
‫الدينامكية (عمليات تنشأ بالتفاعل الاجتماعي)‪ ،‬من اجل الوصول إلى نموذج يمثل بشكل مناسب الذاكرة التنظيمية‪.‬‬
‫وبالرغم من كون أغلب ألابحاث تميل أكثر إلى املقاربة الساكنة واملادية‪ ،‬إال أننا قمنا في إطار هذا العمل بالتكامل بين‬
‫املقاربتين ووجهات النظر املختلفة قصد التطور نحو "ذاكرة تنظيمية ذات بنية ديناميكية اجتماعية وقابلة في نفس‬
‫الوقت للتخزين في صناديق املنظمة"‪ .‬وبالتالي بناء نموذج من شأنه أن يجسد الجوانب الجوهرية للمقاربتين معا والتي‬
‫تعتبر املؤسسات اليوم في أمس الحاجة إليه‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫و على الرغم من وجود حجج مبررة للدور غير الفعال للذاكرة التنظيمية كمسبب الختالالت تنظيمية وظيفية‪،‬‬
‫فإننا نرى في نفس الوقت بان تبني نموذج املنظمة املاركوفية ‪ -‬املنظمة بال ذاكرة – تعتبر مجازفة كبيرة‪ .‬بالتالي‪ ،‬على كل‬
‫منظمة البدأ في التفكير الجدي في ألاهمية الوظيفية للذاكرة التنظيمية‪ ،‬والبحث عن سبل تحويلها من ذاكرة غير فعالة‬
‫إلى ذاكرة ذات أثر وظيفي فعال (أو على ألاقل تقليص إلى أقص ى حد مساهمتها في حدوث الاختالالت الوظيفية)‪ ،‬بدال من‬
‫تجاهلها وعدم الاعتراف بدورها‪ .‬فالدور الفعال للذاكرة التنظيمية يكمن في املساهمة التي يمكن أن تقدمها للتسيير‬
‫الفعال ملستقبل املنظمة والتخاذ القرار التنظيمي‪ ،‬خاصة بعد التأكد من أن املعارف املتاحة في مستودعات الذاكرة‬
‫التنظيمية تخدم فعال هذا الهدف‪.‬‬

‫وعلى هذا الاساس سعينا الى رفع الغموض عن مفاهيم الذاكرة التنظيمية (امكانية اعتبار املنظمة ككائن له‬
‫ذاكرة)‪ ،‬ومدى مساهمة ممارسات ادارة املعرفة‪ ،‬من خالل ما تقدمه من حلول (اليات وتقنيات) لظاهرة فقدان املعرفة‬
‫التي تقود حتما الى فقدان الذاكرة في صورة عمليات امتالك‪ ،‬مشاركة‪ ،‬اكتشاف وتطبيق للمعرفة من خالل اسقاط‬
‫الجانب النظري على الواقع العملي باستخدام أسلوب دراسة حاالت متعددة ملجموعة من املؤسسات في بيئة جزائرية‪.‬‬
‫وتوصلت هذه الدراسة الى نتائج العملية والنظرية التالية‪.‬‬

‫النتائج النظرية‬

‫بينت النتائج املتوصل إليها بأن إنشاء مشروع إدارة املعرفة يعتبر تحدي حقيقي ويتطلب التزامات كبيرة من قبل‬
‫املؤسسة‪ .‬حيث تتطلب غالبا استثمارات مالية كبيرة وكذا جهود مستمرة من أجل إنشاء بيئة تنظيمية من شأنها أن تعزز‬
‫خلق املعرفة وثقافة قائمة على التفاعل وتبادل املعلومات‪.‬‬

‫ومن جانب اخر‪ ،‬تطرح فكرة الذاكرة التنظيمية إشكالية كبيرة‪ ،‬فهي تشير إلى أن املنظمة ال تمتلك فقط أفراد‬
‫قادرين على التذكر والاستذكار‪ ،‬بل هي أيضا على نحو سواء يمكنها التذكر والاستذكار بنفس طريقة البشر وحتى‬
‫باالستقالل عنهم‪ .‬وان إدارة املعرفة تحاول إضفاء الطابع الاجتماعي للعمليات التنظيمية من خالل الحلول التي تقدمها‬
‫حتى تتمكن املنظمة من التذكر والاستذكار‪ .‬فهي تشير إلى ضرورة ليس الاعتراف بالذاكرة فحسب بل يجب إدارتها من‬
‫خالل ألاخذ بعين الاعتبار ملختلف جوانب وأبعاد املنظمة وخاصة الاجتماعية منها‪ .‬من هذا املنطلق‪ ،‬فاملسألة ال تتعلق‬
‫بماهية "الذاكرة التنظيمية" بقدر ما تتعلق بمكانتها‪ ،‬كيفية بنائها‪ ،‬تطويرها واملحافظة عليها على مستوى املنظمة‪.‬‬

‫هذا املنظور ال يفترض كون املنظمة كشخص أو كش يء يمتلك قدرات إدراكية ومعرفية‪ ،‬وإنما يشير إلى أن املنظمة‬
‫عبارة عن مجاالت سياقية تنشأ فيها ما يسمى بـ"الذاكرة التنظيمية"‪ .‬روتينات متكررة وممارسات وعمليات‪ .‬وتجدر إلاشارة‬
‫هنا إلى ضرورة تفصيل جانبين أساسيين للذاكرة في املنظمة‪ :‬الذاكرة عبارة عن بناء اجتماعي؛ وكما يشير مفهوم إدارة‬
‫املعرفة‪ ،‬فالذاكرة هدف محتمل للجهود إلادارية‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫أوال‪:‬التذكر والذاكرة التنظيمية عبارة عن عملية اجتماعية‬

‫غالبا ما ينظر للذاكرة التنظيمية على أنها ذاكرة ساكنة وثابتة‪ ،‬غير انها متحركة ودينامكية لكون الذكريات التي‬
‫ضمنها تنتج باستمرار بطريقة اجتماعية وال يمكن تجسيدها بسهولة‪ .‬فهي تقال‪ ،‬تسرد وتستذكر في الاجتماعات‬
‫والتجمعات واملناسبات التفاعلية ألاخرى‪ ،‬مما يجعل من املمكن لألفراد التعلم منها‪ ،‬رسم خططهم والعمل عل أساسها‪،‬‬
‫وفي النهاية مشاركتها‪ .‬ووفق وجهة نظر هذه تنشأ هذه الذكريات وممارسات الذاكرة املتبادلة واملتقاسمة داخل حدود‬
‫املنظمة مما يسمح لها ببعض الحرية في التصرف فيها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فهذه الحدود ليست ثابتة او مقيدة‪ ،‬بل هي نتيجة‬
‫تفاعل مستمر بين ألاطراف‪ ،‬وبالتالي فهي في حد ذاته منتج من منتجات العمليات التنظيمية‪ .‬لذلك‪ ،‬فالطابع الروتيني‬
‫واملشترك للذاكرة التنظيمية هو الذي يصنع املمارسات الاجتماعية املتكررة‪ .‬فهي تتجسد بالتالي في شبكات والعالقات‪،‬‬
‫التقاليد‪ ،‬القيم‪ ،‬املعاني‪ ،‬التفاعالت والتكنولوجيات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الذاكرة التنظيمية يمكن إدارتها‬

‫على الرغم من صعوبة خلق وتعديل الذاكرة التنظيمية‪ ،‬إال أنه من املمكن تنظيمها‪ ،‬تنسيقها‪ ،‬تطويرها أو حذفها‪.‬‬
‫وبهذا املعنى فهي مكون يسمح بالتدخل إلاداري‪ .‬فالذاكرات التنظيمية التي تنشأ في سياق املنظمة يمكن أن تتأثر بالعمل‬
‫إلاداري‪ ،‬باعتبار أن هذا ألاخير ينشأ أيضا ضمن السياق التنظيمي‪ .‬لكن‪ ،‬وكما يفترض مفهوم إدارة املعرفة‪ ،‬فيمكن أن‬
‫تكون الذاكرة التنظيمية أيضا هدفا مباشر للنشاط إلاداري‪ ،‬ألن هذا ألاخير يمكن أن يشمل أنشطة تحديد املناطق ذات‬
‫ألاهمية إلاستراتيجية للذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول أن بظهور فكرة إدارة املعرفة والنظم التكنولوجية املختلفة املخصصة لتخزين واسترجاع‬
‫املعرفة في املنظمة‪ ،‬أكسب مفهوم الذاكرة التنظيمية أهمية كبيرة‪ .‬فيمكن النظر ملحركات البحث وقواعد البيانات كآليات‬
‫استرجاع وتخزين تشبه إلى حد كبير وتحاكي قدرة الفرد على الذاكرة والتذكر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يجب إلاشارة إلى أنه‪ ،‬ال يمكن‬
‫بأي حال من ألاحوال أن تحل أنظمة إدارة املعرفة محل قدرات الذاكرة لدى الفرد وتعمل كبديال عنها‪ ،‬بل تقوم في‬
‫الواقع‪ ،‬بتوسيع هذه القدرات الفردية وتقويتها‪.‬‬

‫فنظم إدارة املعرفة ال تقوم بـ"التذكر"‪ ،‬وال تستطيع أن تمتلك "ذكريات"‪ ،‬ولكن يمكنها باملقابل أن تسهل‪ ،‬تقوي‪،‬‬
‫توسع وتضاعف ذاكرة الفرد وقدرته على التذكر‪ .‬كما يمكن لنظم إدارة املعرفة أن تجعل املنظمة أقل اعتمادا على أفراد‬
‫معينين‪ ،‬لكن هذا ال يعني أنها تقوم باستبدال القدرات الفردية بالقدرات التنظيمية‪ ،‬وإنما تسمح هذه النظم بجعل من‬
‫السهل الوصول إلى تجارب الفرد‪ ،‬واستغاللها واستفادة ألافراد آلاخرين منها‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫النتائج العملية‬

‫في إطار هذه ألاطروحة‪ ،‬قمنا بدراسة حالة مؤسسة سوناطراك‪ ،‬والتي تعتبر‪ ،‬خالف املؤسستين (صيدال‬
‫وكوندور)‪ ،‬من املؤسسات التي تبنت ممارسات إدارة املعرفة من أجل تعزيز إستراتيجية تعاقب العاملين‪ .‬فبالرغم من‬
‫التحديات التي واجهتها املؤسسة خالل تجاربها املاضية‪ ،‬إال أن تطبيقها لعملية إدارة املعرفة مكن من التقريب فيما بين‬
‫ألافراد العاملين الذين كانوا يعانون من مشاكل البعد املادي فيما بينهم‪ ،‬ومن تعزيز املشاركة الحقيقية للمعرفة‪ ،‬وهذا‬
‫يعتبر في حد ذاته تحدي استراتيجي حاسم‪.‬‬

‫يعتبر اعتماد مشروع إدارة املعرفة ضمن إستراتيجية املؤسسة ضرورة ملحة من اجل نجاح ممارسة ادارة املعرفة‬
‫وبالتالي‪ ،‬فتجربة املؤسسة محل الدراسة تبين بأن تبني إستراتيجية حقيقية إلدارة املعرفة يشمل مجاالت إلادارة‬
‫إلاستراتيجية‪ ،‬وسياسة إدارة املوارد البشرية الداعمة الليات تطوير املعرفة وتخزينها في الذاكرة‪ ،‬الى جانب مشاركتها‪ ،‬اذ‬
‫تعتبر حجر الزاوية للمقاربة الكيفية التي تستثمر في استدامة املعرفة الضمنية والصريحة املتراكمة لدى ألافراد خالل‬
‫حياتهم املهنية‪.‬‬

‫كما نؤكد أن تبني عملية ممارسة إدارة املعرفة ال يؤدي بالضرورة إلى بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية‪ ،.‬إال إذا‬
‫توفرت شروط أساسية وهي‪ :‬البنية التحتية (ثقافة املنظمة املشجعة على تقاسم املعرفة)‪ ،‬نظام اتصاالت فعال يمكن‬
‫من وضع ألافراد ضمن عالقات تفاعلية تمكنهم من التفاعل وبالتالي خلق ومشاركة معارفهم‪ .‬الى جانب هيكل تنظيمي‬
‫مرن يساعد على تبادل الافكار ويمكن العاملين من مشاركة معرفتهم وتحقيق ديمقراطية املعرفة‪.‬‬

‫ومن جانب اخر فمن اجل الوصول الى بناء ذاكرة تنظيمية فعالة يتطلب الامر عملية امتالك املعرفة من خالل‬
‫مختلف اليات وتقنيات توثيق ورسملة التجارب والخبرات السابقة ومما يجنب املنظمة نسيان روتين العمل الذي قامت‬
‫بتراكمه وتحسين عمل الفريق في عملية حل املشكالت واتخاذ القرارات‪ .‬اذ تحقق املؤسسة عددا من املزايا بوجود الذاكرة‬
‫التنظيمية منها تخزين املعرفة املنتشرة وغير املهيكلة فيها مثل املعارف الاساسية مما يجنب املؤسسة خطر الفقدان‬
‫املفاجئ للمعرفة الاستراتجية (‪ )knowledge crash‬أو فقدان التدريجي ملعرفة وخبرات العاملين املتراكمة لسنوات‬
‫عديدة من العمل (‪ .)knowledge loss‬وكما يجب الاشارة الى ان عملية بناء نظم الذاكرة التنظيمية تواجه تحديات كبيرة‬
‫تعود إلى مبالغة في عملية الرسملة والتركيز عليها يؤدي الى فقدان سياق املعرفة‪.‬‬

‫كما توصلت الدراسة الى ان عملية تقاسم ومشاركة املعرفة من خالل التقنيات واليات التي تقدمها ادارة املعرفة‬
‫تعمل على تحفيز وتسهيل الحوار والاتصال بشكل عام‪ .‬وبالتالي تمكين ألافراد من الوصول إلى الذكريات الحية لألفراد‬
‫آلاخرين‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تساهم في الوصول للمعلومة في الوقت الحقيقي‪ ،‬اذ تضمن الفورية‪ ،‬و تساعد على إعادة تدوير ألافكار‬
‫والخبرات‪ ،‬وبشكل خاص املعرفة‪ .‬مما يساهم فعال في توزيع الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫و كما يجب الاشارة الى انه من دون عملية تقاسم ومشاركة املعرفة والتي تضمن استمرارية املعرفة املهنية داخل‬
‫املؤسسة‪ ،‬تصبح إدارة التعاقب كعملية ذات طابع كمي تسعى املؤسسة من خاللها إلى ملء الكراس ي الفارغة بعد إحالة‬
‫العاملين إلى التقاعد‪ .‬لذلك فتنظيم عملية مشاركة وتقاسم املعرفة من جيل إلى جيل يساعد على ضمان نقل املعرفة‬
‫الصريحة للموظفين الجدد وكذا املعرفة الضمنية أيضا التي يتم تحديدها ومناقشتها وتخزينها عن طريق شبكات التفاعل‬
‫والتي تقود الى اعادة توزيع الذاكرة التنظيمية الحية بين الافراد داخل املؤسسة‪.‬‬

‫وكما توصلت الدراسة بان اكتشاف املعرفة يحظي باهتمام كبير من قبل املؤسسة‪ ،‬ومعظم العمليات املتخذة تؤكد‬
‫هذا الالتزام‪ .‬وتتحقق هذه الرغبة في تطوير وخلق املعرفة الجديدة من قبل املؤسسة من خالل تأسيس وحدات بحث‬
‫متنوعة‪ ،‬التعاون مع عدة مؤسسات ذات قدرات نمو عالية ‪ ،‬وأيضا من خالل سياسة التوظيف على أساس الشراكات‬
‫ألاكاديمية مثال يوجه التوظيف للحاصلين على مستوى ماجستير او دكتوراه الذين يبرزون مواهب تجمع بين الخبرة‬
‫التقنية والقدرة على فهم تحديات الاستخدام املستقبلي لهذه التكنولوجيا‪ .‬ويوضح املسيرين بأن أصحاب هذا املستوى‬
‫نادرون للغاية باعتبارهم يفضلون التوجه نحو املؤسسات التعليمية (الجامعية)‪ .‬في هذه الحالة‪ ،‬يعتبر التعاون ألاكاديمي‬
‫مجاال مفتوحا للوصول إلى املعرفة النادرة‪ .‬فاملؤسسة محل الدراسة تعمل على تمويل برامج رسائل الدكتوراه على‬
‫مستوى معاهدها (‪ .)IAP‬هذا التعاون الذي طورته املؤسسة يمكنها من التعلم واكتساب املعرفة ‪ ،‬وتشارك مباشرة في‬
‫استيعاب املعارف الجديدة‪ .‬ونالحظ أيضا أن هذه العملية تسهم بشكل فعال في إثراء وتحين الذاكرة التنظيمية‬
‫املوجودة‪ ،‬أي إثراء املعرفة الصريحة‪ ،‬وبالتالي تطوير املعرفة الضمنية‪.‬مما يجنب املؤسسة خطر فجوة املعرفة‬
‫(‪)knowledge gap‬‬

‫وكما توصلت الدراسة الى ان عملية تطبيق املعرفة من خالل الحلول التي تقدمها تقنيات ونظم تطبيق املعرفة‬
‫والتي نجد على رأسها نظم تطبيق املعرفة املعتمدة على التفكير املستند الى حالة تساهم في استرجاع الذاكرة التنظمية‬
‫التي تم بنائها وتخزينها في املاض ي إلستخدام الحالي اذ تمكن من تحديد اماكن وجودها ومصادر ها‪ .‬غير انه يمكن ان‬
‫تواجه بعض القيود لكون معظم هذه النظم قد تم تطويرها لخدمة مشكلة تحدث في نطاق محدد‪ .‬وتكون هذه املشكلة‬
‫غير مدمجة في نظم املشاريع املنظمة‪ .‬اذ تتمثل قيود نظم تطبيق املعرفة املعتمدة على التفكير املستند الى حالة حسب‬
‫‪ kitano & shimazu‬فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الامان‪ :‬قد تحتوي الحاالت على معلومات حساسة‪ ،‬لذا يتعين على نظم تطبيق املعرفة مراعاة إلاجراءات‬
‫ألامنية‪ ،‬من خالل التحكم في إمكانية الوصول وفقا ملستوى التنظيمي للمستخدم‪ .‬اما اذا كانت هذه النظم ال‬
‫تراعي إجراءات ألامان فقد ال تحقق قيمتها العظمى‪.‬‬
‫‪ ‬الحجم‪ :‬يجب ان تصل الى درجة التشبع ان يكون اغلب الحاالت املحتملة تم إدراجها في النظام‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫‪ ‬السرعة‪ :‬حيث كلما ازداد حجم مكتبة الحاالت ازدادت تكاليف الحوسبة والبحث ولذ يتعين على مطوري نظم‬
‫تطبيق املعرفة استخدام مخططات الفهرسة املعقدة بحيث تسرع من عملية الاسترجاع ‪0‬‬

‫وهكذا في نهاية هذا الدراسة نعتقد أننا قدمنا بعض ألاجوبة وتساؤل يمكن أن يوجه باحثون آخرون على مواصلة‬
‫البحث في هذه الفكرة بكل دقة‪.‬‬

‫حدود البحث‬

‫تعتبر ألاطراف الفاعلة املعنية بالدراسة وكذا الفترة الزمنية املدروسة من محض اختيار الباحث أو حددت تحت‬
‫قيود مفروضة من قبل املؤسسة‪ .‬وبالتأكيد هذه الاختيارات تعتبر كحدود للدراسة‪.‬‬

‫الظاهرة املدروسة‬

‫تركز الظاهرة قيد الدراسة على تحليل عملية إدارة املعرفة بالتركيز على إحدى املؤسسات الكبيرة وتفسر تطور هذه‬
‫العملية ومساهمتها في بناء وتطوير الذاكرة التنظيمية‪ .‬لكن في الحقيقة ال يوجد على حد علمنا أي طرق نظرية متفق عليها‬
‫لقيادة مشروع تصميم وتعزيز الذاكرة التنظيمية‪ .‬وباملقابل‪ ،‬فإذا اعتبارنا عملية تصميم الذاكرة كمشروع مستقل قائم‬
‫بحد ذاته‪ ،‬فمن املمكن تسييره كما تسير املشاريع املادية ألاخرى وبنفس املنطق‪ .‬غير أن تعقيد الجانب املعرفي البشري قد‬
‫يجعل من الصعب القيام بنمذجة املعرفة بشكل أفضل؛ هذا الجانب يعتبر في حد ذاته تحديا منهجيا حقيقيا قد ال‬
‫يضمن صحة النتائج‪.‬‬

‫فالنتائج املتحصل عليها تنشأ بالتالي من دراسة هذا النوع من الظواهر وفي إطار هذا السياق من التطبيق‪ ،‬وعالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬وبتبني النموذج البنائي‪ ،‬فال يمكن تعميم النتائج‪ ،‬نظرا لكون الدراسة التطبيقية قد تمت على عدد محدود من‬
‫املشاركين املستجوبين‪ ،‬وتم إجراؤها في مصلحة واحدة من املؤسسة محل الدراسة‪ ،‬كان من ألانسب استجواب عدد كبير‬
‫من املشاركين ضمن العديد من أقسام ومصالح املؤسسة وفي مناطق مختلفة من املقاطعة لتقديم أفضل تمثيل للعينة‪.‬‬
‫فبعد املسافة الجغرافية وقلة املوارد املالية حالت دون قيامنا بذلك‪.‬‬

‫الحدود املنهجية‬

‫أغلب الحدود ألاساسية التي تم تحديدها تتعلق باملنهجية املتبعة‪ ،‬حيث تتضمن هذه الدراسة معارف ذاتية‬
‫وسياقية والنتائج املتحصل عليها في إطار هذا البحث ال تعبر إال عن مجرد تصور أو وجهة نظر للباحث‪ .‬ففيما يتعلق‬
‫بأساليب املعاينة‪ ،‬فإن تقنية املقابلة شبه املوجهة توفر فهما أعمق للمواضيع املتناولة وتمكن من الحصول على إجابات‬

‫‪254‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫أكثر شخصية للمستجوب‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فقد يتأثر جمع البيانات من خاللها وتفسير النتائج بذاتية الباحث‪ ،‬لذلك ال يجب‬
‫أن ننس ى أن معظم املقاربات الكيفية تعتبر حساسة ملشكل التحيز ‪Yin 1989‬‬

‫وإدركنا باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬بأن ذاتية املقابلة شبه املوجهة يمكن أن تؤثر في الباحث واملستجوب على حد سواء‪.‬‬
‫فالباحث يمكن أن يوجه ألاسئلة في الاتجاه الذي يرغبه واملستجوب قد يميل إلى إلاجابة إلايجابية حتى يرض ي السائل‬
‫ويهرب من إلاحراج‪ .‬وعلى الرغم من هذه الشكوك‪ ،‬فإننا نؤكد بأن املقابالت قد أجريت بطريقة ممنهجة وبصرامة عالية‬
‫وأن النتائج التي تم الحصول عليها رغم نسبيتها فهي تمكننا من إسقاط اقتراحاتنا وتأكيدها أو نفيها‪ .‬وأخيرا‪ ،‬ورغم كل‬
‫هذه الصعوبات‪ ،‬فقد تم إنجاز هذا البحث بدقة علمية كبيرة ويستحق أن يلقى اهتماما كبيرا‪.‬‬

‫التوصيات‬

‫على ضوء ما توصلت اليه الدراسة من نتائج نقدم التوصيات آلاتية‪ ،‬فيتعين على املؤسسة من اجل تطوير ذاكرتها‬
‫التنظيمية ان تستخدم مزيج من ألانماط ألاربعة لعمليات ونظم إدارة املعرفة‪ ،‬ولكن بنوع من التوازن دون الافراط اذ من‬
‫املهم مالحظة ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬إن تطبيق املعرفة يؤدي الى استرجاع الذاكرة التنظيمية مما يضمن تعزيز الكفاءة التنظيمية‪ ،‬إال أن إلافراط في‬
‫التركيز على تطبيق املعرفة قد يضعف من عملية امتالكها‪ ،‬مما ينتج عنه قدر محدود من الكفاءة فضال عن‬
‫انخفاض مستوى إلابداع‪.‬‬

‫‪ .2‬أن امتالك املعرفة يتيح لها إمكانية التحول من املعرفة الضمنية إلى املعرفة الصريحة‪ ،‬أو من صريحة إلى ضمنية‪،‬‬
‫وبذلك تسهل بناء الذاكرة التنظيمية‪ ،‬الا انه قد يؤدي امتالك املعرفة إلى فقدان البعض منها أثناء عملية التحويل‪،‬‬
‫فال يمكن تحويل ونقل كل ما كان من معرفة ضمنية إلى صورتها الصريحة أثناء عملية التجسيد‪ ،‬كما ال يمكن نقل‬
‫كل من املعرفة الصريحة إلى صورتها الضمنية خالل عملية التذويب‪.‬‬

‫‪ .3‬أن مشاركة املعرفة تؤدي الى توزيع الذاكرة التنظيمية مما يضمن تعزيز الفعالية‪ ،‬غير أن إلافراط في مشاركة‬
‫املعرفة قد يؤدي إلى تسريبها من املنظمة وإتاحتها ملنافسيها‪ ،‬وبالتالي تقل فائدتها للمنظمة املعنية‪.‬‬

‫‪ .4‬إن اكتشاف املعرفة يؤدي الى تحديث الذاكرة التنظيمية والذي يقود الى إلابداع‪ ،‬غير أن إلافراط في التركيز على‬
‫اكتشاف املعرفة قد يؤدي إلى انخفاض مستوى الكفاءة‪ .‬لذا‪ ،‬فقد ال يكون من املناسب امتالك معرفة جديدة‪ ،‬كما‬
‫أنه قد ال يكون مناسب إعادة استخدام املعرفة املوجودة‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫[الخاتمة]‬ ‫الخاتمة‬

‫الى جانب ذلك على مؤسسة سوناطراك اعادة النظر في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬انشاء هيكل تنظيمي مستو بصورة اكبر بدل الهياكل الهرمية التقليدية والتي تحول دون تبادل الافكار وتعيق‬
‫عملية مشاركة املعرفة وبالتالي تؤثر على عملية توزيع الذاكرة التنظيمية‪.‬‬

‫‪ 00‬على املسؤلين الكبار واملديرين التنفيذين الاستعداد للتنازل عن سلطتهم بقدر ما يحمله مفهوم التمكين لتحقيق‬
‫ديمقراطية املعرفة واتاحة الفرصة للعاملين في كل املستويات وخاصة الدنيا بمشاركة افكارهم مما قد يحملونه‬
‫من افكار قيمة‪.‬‬

‫ألافاق املستقبلية للدراسة‬

‫تفتح نتائج هذا البحث آفاقا للتحسين وللتوسيع والتي يمكن أن تعتبر كنقطة انطالق مهمة للكثير من البحوث‬
‫املستقبلية‪ .‬حيث تدعو هذه ألاطروحة للمزيد من البحوث التي من شأنها أن تجلب املزيد من ألافكار والتوضيحات ألاكثر‬
‫عمقا للظواهر الخاصة بالذاكرة التنظيمية وإدارة املعرفة‪ .‬ومن املهم أيضا محاولة التركيز أكثر على أثر السياقات البشرية‬
‫والتكنولوجية وغيرها من ألابعاد الخاصة بإدارة املعرفة‪ .‬تأكيد بعض النتائج املتحصل عليها‪ ،‬بتطبيق هذه الدراسة على‬
‫عينة أكبر وأكثر تنوعا‪ ،‬مما يمكن من الوصول الى تفسير وتحليل اعمق‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫قامئة املراجع‬

‫‪257‬‬
‫[املراجع]‬ ‫قائمة املراجع‬

‫اوال‪ :‬املراجع باللغة العربية‬

‫‪ ‬الكتب‬

‫‪ 09‬احسان محمد الحسن‪ ،‬مناهج البحث الاجتماعي‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.0220 ،‬‬
‫‪ 00‬البغدادي عادل‪ ،‬واخرون ‪ ،‬التعلم التنظيمي واملنظمة املتعلمة وعالقتهما باملفاهيم إلادارية املعاصرة‪ ،‬دار‬
‫الوراق‪ ،‬عمان‪02010،‬‬

‫‪ 03‬جواد شوقي ناجي ‪ ،‬إدارة ألاعمال‪ :‬منظور كمي‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪.0222 ،‬‬
‫‪ .4‬صالح الكبيس ي ‪ ،‬إدارة املعرفة‪ ،‬منشورات املنظمة العربية للتنمية إلادارية‪ ،‬القاهرة‪.2115،‬‬
‫‪ .5‬علي محمد الخوري‪ ،‬إدارة املعرفة في القطاع العام‪ ،‬املنظمة العربية للتنمية إلادارية‪ ،‬القاهرة‪.2115 ،‬‬

‫عجالن ‪ ،‬حسن‪ ،‬استراتیجیات إلادارة املعرفیة في منظمات ألاعمال‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫الطبعة ألاولى‪. 2118 ،‬‬
‫نجم عبود نجم‪ ،‬إدارة املعرفة‪ :‬املفاهيم وإلاستراتجيات والعمليات‪ ،‬الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪07‬‬
‫الثانية‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪02008.‬‬
‫نعیم إبراهیم الظاهر ‪ ،‬إدارة املعرفة‪ ،‬عالم الكتب الحدیث للنشر والتوزیع‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،‬‬ ‫‪00‬‬
‫‪.0221‬‬
‫هیثم علي حجازي‪ ،‬إدارة املعرفة‪ :‬مدخل نظري‪ ،‬ألاهلیة للنشر والتوزیع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪.2115،‬‬ ‫‪.9‬‬

‫‪ ‬املقاالت وامللتقيات‬

‫‪ 09‬الرفاعي غالب ياسين ‪ ،‬دور إدارة املعرفة في تقليل مخاطر الائتمان‪ ،‬املؤتمر العلمي الدولي السنوي‬
‫الرابع حول إدارة املعرفة في العالم العربي‪ ،‬جامعة الزيتونة ألاردنية‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪00224،‬‬

‫اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لغربي یسیا‪ ،‬منهجية إدارة املعرفة‪ :‬مقاربة تجريبية في قطاعات‬ ‫‪00‬‬
‫مركزية في دول إلاسكوا ألاعضاء‪ ،‬ألامم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪0‬‬
‫اماني موس ى محمد‪ ،‬التحليل الاحصائي للبيانات‪ ،‬مركز تطوير الدراسات العليا والبحوث‪ ،‬جامعة‬ ‫‪03‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪00227 ،‬‬
‫خبابة عبد هللا‪ ،‬جباري عبد الوهاب ‪ ،‬النظم الخبيرة ونظم دعم القرار كمدخل التخاذ القرار في‬ ‫‪04‬‬
‫املؤسسة‪ ،‬موسوعة الاقتصاد والتمويل الاسالمي‪00292،‬‬
‫سعد غالب ياسين ‪ ،‬إدارة املعرفة وشبكات القيمة‪ ،‬املؤتمر العلمي السنوي الدولي الرابع حول‬ ‫‪00‬‬

‫‪258‬‬
‫[املراجع]‬ ‫قائمة املراجع‬

‫"إدارة املعرفة في العالم العربي"‪ ،‬جامعة الزيتونة ألاردنية‪ ،‬ألاردن‪00224،‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬
‫والت ّ‬
‫وجيات السوقية للمنظمات‪ ،‬كلية‬ ‫‪ 06‬صادق درمان سليمان ‪ ،‬العالقة بين إدارة معرفة الزبو‬
‫إلادارة والاقتصاد‪00220 ،‬‬
‫‪ 07‬عادل ھادي البغدادي ‪ ،‬عالقة وتأثير الذاكرة التنظيمية في ألاداء التنظيمي‪ :‬دراسة تطبيقية في‬
‫عينة من الشركات الصناعية العامة‪ ،‬مجلة إلادارة والاقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،60‬كلية إلادارة‬
‫والاقتصاد‪ ،‬جامعة املستنصرية‪ ،‬العراق‪0227 0،‬‬
‫ُّ‬
‫التحول نحو الاقتصاد املعرفي‪ ،‬املؤتمر العلمي الرابع حول إدارة املعرفة‬ ‫محمد خضري ‪ ،‬متطلبات‬ ‫ّ‬ ‫‪00‬‬
‫في العالم العربي‪ ،‬جامعة الزيتونة ألاردنية‪ ،‬ألاردن‪00224 ،‬‬
‫‪ 01‬نذير عليان ‪،‬عبد الرحمان بن عنتر ‪ ،‬نحو نموذج لتسيير املعرفة في املؤسسة‪ ،‬امللتقى الدولي حول‬
‫التنمية البشرية وفرص الاندماج في اقتصاد املعرفة والكفاءات البشرية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪00224‬‬
‫‪ 092‬نعيمة حسن جبر زروقي ‪ ،‬الدور الجديد ملهنة املعلومات في عصر هندسة املعرفة وإدارتها‪ ،‬مجلة‬
‫مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ،‬مج‪ ،92‬عدد‪ ،0‬سعودية‪00220 ،‬‬
‫‪ 099‬وسيلة بن ساهل‪،‬التصور الابستمولوجي ومنهج البحث‪ ،‬يوم دراس ي حول منهجية البحث العلمي‪،‬‬
‫مخبر العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪00299 ،‬‬

‫‪ ‬رسائل الدكتوراه وجاستير‬


‫ّ‬
‫املنظمات ّ‬
‫الص ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ناعية‪ ،‬أطروحة‬ ‫فاعلية‬ ‫نظيمية في تعزيز‬ ‫‪ 09‬حمود علي الفاعوري إلهام‪ ،‬دور الذاكرة الت‬
‫دكتوراه في إدارة ألاعمال‪ ،‬كلية ألاعمال‪ ،‬جامعة عمان العربية‪ ،‬ألاردن‪.0290 ،‬‬
‫‪ 00‬سوزان صالح دروزة‪ ، ،‬العالقة بين متطلبات إدارة املعرفة وعملياتها وأثرها على تميز ألاداء‬
‫املؤسس ي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم إلادارية واملالية‪ ،‬جامعة الشرق ألاوسط للدراسات‬
‫العليا‪ ،‬ألاردن‪.0220،‬‬

‫‪259‬‬
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

‫ املراجع باللغة الاجنبية‬:‫ثانيا‬


‫ الكتب‬

1. Albarello, L., & Bajoit,G., , Apprendre a cherche, méthode en science


humaines, de Boeck, Belgique, 2004.

2. Arrègle, J.L., Le savoir et l’approche « resource based » : une ressource et


une compétence, Revue Française de Gestion, 1995

3. Bounfour, A., Le management des ressources immatérielles: Maîtriser les


nouveaux leviers de l'avantage compétitif, Dunod, Paris, 1998.

4. Cooper, D, R. et Schindler, P. S.. Business research methods. 6eme éd. New


York : Irwin/McGraw-Hill, 1998.

5. Cyert, R.M., & March J.G., Processus de décision dans l'entreprise, Dunod,
Paris, 1970.

6. Dieng, K.R., & al., Méthodes et outils pour la gestion des connaissances: Une
approche pluridisciplinaire du knowledge management, 2e éd, Dunod, Paris,
2001.

7. Evrard. Y., & al, , Market-Fondements et méthodes des recherches en


marketing, dunod, paris, 2009.
8. Hartley, J. F.. Case Studies in Organizational Research, in: C. Cassell and G.
Symon Eds., Qualitative Methods in Organizational Research, Sage
Publications, London, 1994.
9. Krajewski, L.J., & Ritzman L.P., Operations Management: Strategy and.
Analysis, Fourth Edition, Addison-Werley, 1996.
10. Sabherwal, R., & Bacerra-Fernandez, I., Knowledge Management: Systems
and Process, M.E., Sharp, New York, 2010.
11. Thiétart, R.A et Coll., Méthodes de recherches en management, 2ème
Edition, Dunod, Paris, 2003.

260
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

‫ املقاالت وامللتقيات‬

1. Ackerman, M., & Halverson, C., Organizational Memory as Objects,


Processes, and Trajectories: An Examination of Organizational Memory in
Use, Proceedings of Computer Supported Cooperative Work CSCW, 2004.

2. Ackerman, M.S., & Halverson, C., Considering an Organization’s Memory,


Proceedings of Computer Supported Cooperative Work CSCW,
Washington,1998.

3. Alavi, M. & Leidner, D., Knowledge Management and Knowledge


Management Systems: Conceptual Foundations and Research Issues, MIS
Quarterly, 2001.

4. Aldebert, B. &, Rouzies, A.,L’utilisation des méthodes mixtes dans la


recherche française en stratégie : constats et pistes d’amélioration, XXème
Conférence de l'AIMS, IAE de l’Université de Nantes, France, 2011.

5. Bannon, L.J., & Kuutti, K., Shifting Perspectives on Organizational Memory:


From Storage to Active Remembering, Proceedings of the 29th Annual
Hawaii International Conference on System Sciences, 1996.

6. Barbara, H.A., Organizational Memory: An Important Concept within the


Praxis of Organizational and Adult Learning, The Midwest Academy of
Management, 2004.

7. Barney, J.B., Firm Resources and Sustained Competitive Advantage, Journal


of Management, Vol.17, N°1, 1991

8. Barthelme-Trapp, F., & Vincent, B., Analyse comparée de méthodes de


Gestion des connaissances pour une approche managériale, Xième
Conférence de l’Association Internationale de Management Stratégique
AIMS, Faculté des Sciences de l’administration, Université Laval, Québec,
2011.

9. Barthès, J.P., Dieng, R., & Kassel, G. 1999, Mémoire d'Entreprise, Le bulletin
de l'AFIA, n°36, disponible dans le site :
https://www.irit.fr/GRACQ/article.php3?id_article=51 date de consultation
25/04/2015.

10. Bayad, M., & Simen, S-F., Le management des connaissances: état des lieux
et perspectives, Communication présentée à la XIr Conférence de
l'Association internationale de management stratégique, Les Côtes De
Carthage, 2003

261
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

11. Ben Hamadi, O., Management des connaissances et mémoire


organisationnelle : Entre perdre connaissance et retrouver la mémoire- le cas
d’Hydro-Québec, Université du Québec, Canada, 2012.

12. Benbasat, 1., Goldstein, D. K, & Mead, M.,The case research strategy in
studies Of information systems, MIS Quarterly, 1987.

13. Djilali Benmahamed, Jean-Louis Ermine, Techniques de gestion et


d’ingénierie des connaissances pour la conception des dispositifs de transfert
de savoir-faire dans les métiers pétroliers, Institut National des
Télécommunications, Département Systèmes d'Information, paris.2006.

14. Blais, M., et Martineau, S.. L'analyse inductive générale: description d'une
démarche visant à donner un sens à des données brutes. Recherches
qualitatives,262, 2006.

15. Boland, R.J. & Tenkasi, R.V., Perspective Making and Perspective Taking in
Communities of Knowing, Organization Science, 64, 1995.

16. Buscal, C., Rex, MKSM, Kads: le choix de la méthode : Knowledge


management: premier rouage, Archimag, N°137, Paris,2000.

17. Chamard. J., , Implementation of Realism in Case Study Research


Methodology, International Council for Small Business, Annual Conference,
Brisbane,2000.

18. Chen, C.J., & Huang, J.W., How Organizational Climate and Structure
Affect Knowledge Management: The Social Interaction Perspective,
International Journal of Information Management, 27, 2007.

19. Conner, K.R., & Prahalad, C.K., A Resource-Based Theory of the Firm:
Knowledge Versus Opportunism. Organization Science, 1996.

20. Cortes Robles, G., Management de l’innovation technologique et des


connaissances: Synergie entre la théorie TRIZ et le Raisonnement à Partir de
Cas, Application en génie des procédés et systèmes industriels, Thèse de
doctorat de l’Institut National Polytechnique de Toulouse, 2006.

21. Cowan, R., David, P.A., & Foray, D., The explicit economics of knowledge
codification and tacitness, Industrial and Corporate Change, 92,2000.

22. Creswell, J. W, Plano Clark, V.L., Designing and Conducting Mixed Methods
Research. 1er éd. Sage Publications, Inc.2006.

23. Curley, K.F., & Kivowitz, B., The Manager's Guide to Knowledge
Management, HRD PRESS, Canada, USA, 2001.

24. Dalkir, K., Knowledge Management in Theory and Practice, Elsevier

262
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

Butterworth–Heinemann, USA, 2005.

25. Davenport, T., Information Ecology: Mastering the Information and


Knowledge Environment, Oxford University Press, New York, 1997.

26. Davenport, T.H., & Prusak, L., Working knowledge: How organizations
manage what they know, Harvard Business School Press, Boston. 1998.

27. Drapeau, M.. Les critères de scientificité en recherche qualitative. Pratiques


Psychologiques, 101, 2004.

28. Edvinsson, L., & Malone M., , Intellectual Capital, Harper Business, New
York, 1997.

29. Ellaouadi, M., & Fourati, A.A., , Hétérogénéité de la mémoire, structure et


techniques de l’information .organisationnelles, Un cadre de recherche
intégrateur étendu, Institut supérieur de gestion de Tunis, Université de
Sfax,2002.

30. Endlich, N.A., An Investigation of the Nexus between Strategic Planning and
Organizational Learning, Unpublished doctoral dissertation, Virginia
Polytechnic Institute and State University, Virginia, 2001.

31. Erickson, W., & Kellogg, A., & Thomas, J.C., The Knowledge Management
Puzzle: Human and Social Factors In Knowledge Management, I.B.M.
System Journal, Vol. 40, Issue 4, 2001.

32. Ericsson, K.A., Prietula, M.J., & Cokely, E.T., The Making of an Expert,
Harvard Business Review, 2007.

33. Ermine, J.L., La gestion des connaissances, Hermès Science Publications,


Lavoisier, France, 2003.

34. Ermine, J.L., Chaillot, M., Bigeon, P., Charreton, B., & Malavieille, D, ,
MKSM Méthode pour la gestion des connaissances, Ingénierie des systèmes
d'information, AFCET-Hermès, Vol 04, N° 04, 1996.
35. Feagin. J. R., & al.,. A Case For Case Study, University of North Carolina
Press, London, 1991.
36. Ganascia, J.G., Les sciences cognitives, Flammarion, Paris, 1996.
37. Gauthier, B.. La structure de la preuve. Dans Recherche sociale: de la
problématique à la collecte des données. Ste-Foy, Québec: Presses de
l'Université du Québec., 2003.
38. Gauthier, B.. Recherche Sociale: De La Problématique À La Collecte Des
Données 4e Éd., Presses de l'Université du Québec. Canada, 2003.
39. Girin, J., Les agencements organisationnels, les savoirs en action, Sous la
dir.de F. Charue-Duboc, 1995.

263
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

40. Girod, M.S., Pour une définition opérationnelle et une modélisation de la


mémoire organisationnelle, Vème Conférence de l’Association Internationale
de Management Stratégique AIMS, 1996.
41. Godbout, A.J., Filtering Knowledge - Changing Information into Knowledge
Assets, Journal of Systemic Knowledge Management, January, 1999.
42. Goetsch, D.L. & Davis, S.B., Introduction to Total Quallity, 2nd ed., Prentice
Hall, New Jersy, 1997.
43. Gottschalk, P., Strategic Knowledge Management Technology, Idea Group
Publishing, 2005.
44. Grant, R.M., The Resource-Based Theory of Competitive Advantage:
Implications for Strategy Formulation, California Management Review, 333,
1991.
45. Grover, V., & Davenport, T., General Perspectives on Knowledge
Management: Fostering a Research Agenda, Journal of Management
Information Systems, 181, 2001.
46. Grundstein, M., La capitalisation des connaissances de l’entreprise, une
problèmatique de management, Actes des 5ème Rencontres du programme
MCX, Complexité : la stratégie de la reliance, Aix-en-Provence, 1996.
47. Grundstein, M., De la capitalisation des connaissances au management des
connaissance dans l’entreprise: Les fondamentaux du knowledge, Université
Paris Dauphine, 2003.
48. Harris, K., Gartner Group’s Knowledge Management Glossary, Gartner
Group Commentary, September 18th, 1998
49. Hayek, F.A., The Use of Knowledge in Society, American Economic Review,
XXXV4, 1945.

50. Hoog, R.D., & Spek, R.V.D., Knowledge Management: Hope or Hype?,
Expert Systems with Applications, 131, 1997.
51. Jasimuddin, S-M., Connell, N.A.D., & Klein, J-H., Understanding
Organizational Memory, IGI Global, UK, 2009 .
52. Jensen, M.C., & Meckling, W.H., Specific and General Knowledge, and
Organizational Structure, In Knowledge Management & Organizational
Design, ed. P.S. Myers, Newton, MA, Butterworth-Heinemann, 1996.
53. Jones, P.M., Collaborative Knowledge Management, Social Networks, and
Organizational Learning, Proceedings of HCI International 2001: Ninth
International Conference on Human- Computer Interaction, 2001.
54. Kluge, J., & al., Knowledge Unplugged : The McKinsey & Company Global
Survey On Knowledge Management, Palgrave Macmillan, UK., 2001.
55. Koening, G., L'apprentissage organisationnel: Repérage des lieux, Revue
française de gestion, janvier-février, 1994.
56. Kogut, B., & Zander, U., Knowledge of the Firm, Combinative Capabilities
and the Replication of Technology, Organization Science, 33, 1992.
57. Kuhn, O., & Abecker, A., Corporate Memories for Knowledge Management in
Industrial Practice, In U.M. Borghoff & R. Pareschi, Eds., Prospects and
challenges. Springer, Berlin, 1998.
58. Laforest, J. & al.. Trousse diagnostique de sécurité à l'intention des
collectivités locales, Guide d'organisation d’entretiens semi-dirigés avec des
informateurs clés. Vol Il. Institut national de santé publique du Québec,

264
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

canada, 2009.
59. Lamoureux, A.. Recherche et méthodologie en sciences humaines.
Laval,Québec: Éditions Études Vivantes. 1995.
60. Lee, A. S.. A Scientific Methodology for MIS Case Studies, MIS Quarterly,13,
1, 1989.
61. Leonard-Barton, D., Core Capabilities and Core Rigidities: A Paradox in
Managing New Product Development, Strategic Management Journal, 13,
1992.
62. Levitt, B., & March, J.G., Organizational Learning, Annual Review of
Sociology, 14, 1988.
63. Luis A. Guerrero, Jose Pino , , Understanding Organizational
Memory.Proceedings of XXI International Conference of the Chilean
Computer Science Society, SCCC 2001, IEEE CS Press, Punta Arenas,
November, 2001, Chile, 2001.
64. Markus, M.L., & Tanis, C., The Enterprise Systems Experience from
Adoption to Success, 2000. Aviable at
http://pro.unibz.it/staff/ascime/documents/ERP%20paper.pdf
65. Marsh, C.H., & Morris, E.C., Corporate Memory and Technical
Communicators: A Relationship with a New Urgency, IEEE on
Communication Dimensions Proceedings, IEEE International, 2001.
66. Matta. N., Corby. O., & Ribière, M., Méthodes de capitalisation de mémoire
de projet, HAL archive ouvert, 2006.

67. Maurel, D., & Bergeron, P., Quel rôle pour les archivistes dans la gestion de
la mémoire organisationnelle ?, Archives, Vol. 40, N° 2, 2009.
68. Michael Taylor & Paivi Oinas ,Understanding the Firm: Spatial and
Organizational Dimensions, Oxford University Press, New York, USA, 2006.
69. Miles, M. B, Hberman, A. M, , analyse des donnes qualitative, méthode en
science humaine, 2 EME édition, de Boeck, Belgique, 1994.
70. Moorman, C., & Miner, A.S., The Impact of Organizational Memory on New
Product Performance and Creativity, Journal of Marketing Research,
341,1997.
71. Nahapiet, J. & Ghoshal, S., Social Capital, Intellectual Capital, and the
Organizational Advantage, Academy of Management Review, 232, 1998.
72. Nelson, R.R., & Winter S.G., An Evolutionary Theory of Economic Change,
Belknap Press/Harvard University Press, Cambridge/MA. 1982.
73. Nissley, N., & Casey, A., The Politics of the Exhibition: Viewing Corporate
Museums Through the Paradigmatic Lens of Organizational Memory, British
Journal of Management, 13, 2001.
74. Nonaka, I., A Dynamic Theory of Organizational Knowledge Creation,
Organization Science, Vol.5, N°1, 1994.
75. Nonaka, I., & Takeuchi, H., The Knowledge-Creating Company: How
Japanese Companies Create the Dynamics of Innovation, Oxford University
Press, New York, 1995.
76. Nonaka, I., & Takeuchi, N., Knowledge Emergence: Social, Technical, and
Evolutionary Dimensions of Knowledge Creation, Oxford University Press,
New York, USA, 2001.
77. Nonaka, I.,Toyama, R., & Konno, N., SECI, Ba and Leadership: A Unified

265
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

Model of dynamic Knowledge Creation, Long Range Planning 33, 2000.


78. O’Donovan B., & al., , The Influence of Organisational Memory Mismatches
and Coping Strategies on ERP Outcomes, The Electronic Journal
Information Systems Evaluation, Vol.13, Issue 2, 2010.
79. Olivera, F., Memory Systems in Organizations: An Empirical Investigation of
Mechanisms for Knowledge Collection, Storage and Access, Journal of
Management Studies, 2000.
80. Ozorhon , B.,. Organizational memory in construction companies: a case-
based reasoning model as an organizational learning tool. MSc thesis,
Graduate School of Natural and Applied Sciences, Middle East Technical
University. Ankara., 2004.
81. Pachulski, A., Le repérage des connaissances cruciales pour l’entreprise:
Concepts, méthode et outils, Thèse de doctorat à l’Université Paris IX. 2001.
82. Penrose, E.T, , The theory of the growth of the firm, Editions Basic Blackwell,
Oxford,1959.
83. Perrin, A., La valorisation des pratiques de management des connaissances :
outils de mesure et mesure des outils, Université de Nice Sophia Antipolis,
France, 2004.
84. Pickering, I.M., & Chambers S., Competitive Benchmarking: Progress and
Future Development, Computer integrated manufacturing systems, Vol. 4,
N°2, 1991.
85. Pires. A.,. Échantillonnage et recherche qualitative : essai théorique et
méthodologique, Université d’Ottawa, canada,1997.
86. Polanyi, M., The Tacit Dimension, Doubleday, Garden City, NewYork. 1966.
87. pomian J., Mémoire d’entreprise: techniques et outils de la gestion du savoir,
Sapienta, 1996.
88. Prax, J.Y., Le guide du knowledge management, Dunod, France, 2003.
89. Randall, D., O’Brien, J., Rounefield, M., & Hughes, J.A., Organizational
Memory and CSCW: Supporting the Mavis Phenomenon, Proceedings of 6t h
Australian Conference on Computer-Human Interaction, 1996.
90. Reix, R., Savoir tacite et savoir formalisé dans l’entreprise, Revue Française
de gestion, N°105, 1995.
91. Robey, D., Boudreau, M.C., & Rose, G.M., Information Technology and
Organizational Learning: a Review and Assessment of Research, Accounting
Management & Information Technology, 10 1, 2000.
92. Sabherwal, R., & Sabherwal, S., How Do Knowledge Management
Announcements Affect Firm Value? A Study of Firms Pursuing Different
Business Strategies, IEEE Transactions on Engineering Management, 2007.
93. Sanchez, R., Heene, A., & Thomas, H., Dynamics of Competence-Based
Competition: Theory and Practice in the NEC Strategic Management,
Elsevier, Oxford, 1996.
94. Savoie-Zajc, L., , recherche qualitative, vol.21, université de Québec a Hull,
canada, 2000.
95. Schultze, U., Investigating the Contradictions in Knowledge Management. In
Information Systems: Current Issues and Future Changes, ed. T.J. Larsen, L.
Levine, & J.I. De Gross, 1999.

266
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

96. Schwartz, D.G., Divitini, M., & Brasethvik, T., Internet-Based Organizational
Memory and Knowledge Management, Idea Group Publishing, PA, Hershey,
2000.
97. Scott, J. E.,. The Impact of Organizational Memory Information Systems: The
Case of Product Information Management Systems, Proceedings of the 29th
Annual Hawaii International Conference on System Science, Graduate
School of Management University of California, 1996.
98. Seeger, M.W., & Ulmer, R.R., A post-crisis discourse of renewal: The cases of
Malden Mills and Cole Hardwoods, Journal of Applied Communication
Research, 302, 2002.
99. Sinkula, J.M., Baker, W.E., & Noordewier, T., A Framework for Market-
Based Organizational Learning: Linking Values, Knowledge, and Behaviour,
Journal of the Academy of Marketing Science, 25, 4, 1997.
100. Standing, C. & Benson, S, , Knowledge Management in a Competitive
Environment: In Decision Support Through Knowledge Management,
Department of Computing Systems Sciences, University of Stockholm and
Royal Institute of Technology, 2000.
101. Stein, E.W., & Zwass, V., Actualizing Organizational Memory with
Information Systems, Information Systems Research, 6, 2, 1995.
102. Stewart, T.A., How Intellectual Capital Is Becoming Americans Most
Valuable Asset, Fortune, 1991.
103. Stewart, T.A., Intellectual Capital, The New Wealth of Organizations,
Doubleday/Currency, New York, 1997.
104. Stewart, T.A., The House that Knowledge Built, Fortune, 2000.
105. Stijn, E.V., & Wensly, A., Organizational Memory and the Completeness of
Process Modeling in ERP Systems. Some Concerns, Methods and Directions
for Future Research, Business Process Management Journal, 2001.
106. Stoyko, P., Organizational Culture and the Management of Organizational
Memory, Information Science Reference, New York, USA, 2009.
107. Subramaniam, M., & youndt, M. A,. The influence of intellectual capital on
the types of innovative capabilities, Academy of Management Journal, Vol.
48, No. 3, 2005.
108. Supp, G. & al., , Directed Cortical Information Flow During Human Object
Recognition: Analyzing Induced EEG Gamma band Responses in Brain’s
Source Space, PLoS One, 2007.
109. Thomassian, M.M., Gestion des connaissances et dynamique d’apprentissage
pour une reconsidération du rôle de la mémoire organisationnelle, Presse
Université de Nice Sophia Antipolis, 2004.
110. Tourtier P.A. 1995, Analyse préliminaire des métiers et de leurs interactions,
Rapport intermédiaire, projet GENIE, INRIA-Dassault-Aviation,
111. Tsai, C-Y., Lin, J.L., & Chen, C-H., Core Competence and Core. Rigidity:
Organizational Memory Perspective, 5th Asia Academy of Management
Conference, 2006.
112. Tsoukas, H., The Firm as a Distributed Knowledge System: A Constructionist
Approach, Strategic Management Journal, 1996.
113. Vermeulen W., The Extent of Benchmarking in the South African Financial
Sector, Sajems, Vol. 9, N°3, 2006.

267
]‫[املراجع‬ ‫قائمة املراجع‬

114. Vrîncianu M., Une approche basée sur la mémoire organisationnelle pour les
systèmes informationnels, Vol. 4, 2008.
115. Wacheux, F., Méthodes qualitatives de recherches en gestion. Paris:
Économica., 1996.
116. Walsh, J.R., & Ungson, G.R., Organizational Memory, Academy of
Management Review, Vol.16, N°1, 1991.
117. Weinberger, H., Te'eni, D., & Frank, A.J., Ontologies of Organizational
Memory as Basis for Evaluation. In Proceedings of 11th European
Conference on Information Systems ECIS, 2003.
118. Wernerfelt, B., A Resource-Based View of the Firm, Strategic Management
Journal, Vol.5, 1984.
119. Wiig, K.M., Knowledge Management Methods: Practical Approaches to
Managing Knowledge, Schema Press, Arlington, TX. 1995.
120. Wittrock, M.C.,Generative Learning Processes of the Brain, Educational
Psychologist, 27 4, 1992.
121. Wolpers, M., & Grohmann, G., PROLEARN: Technology Enhanced
Learning and Knowledge Distribution for the Corporate World, International
Journal of Knowledge and Learning, 1, 2005 .
122. Yin, R. K.,. Case Study Research: Design and Methods, London: Sage
Publication, 1994.
123. Zander, U., & Kogut, B., Knowledge and the Speed of the Transfer and
Imitation of Organizational Capabilities: An Empirical Test. Organization
Science, 1995.

268

You might also like