You are on page 1of 37

‫عبد الحميد الثاني‬

‫السلطان الرابع والثالثون للدولة العثمانية‪ ،‬وآخر حاكم‬


‫فعلي لها‬

‫عبد الحميد الثاني (بالتركية العثمانية‪ :‬عبد حميد ثانی؛ وبالتركية الحديثة‪ Sultan Abdülhamid II :‬أو ‪II.‬‬
‫‪ .)Abdülhamid‬هو خليفة المسلمين الثاني بعد المائة والسلطان الرابع والثالثون من سالطين الدولة العثمانية‪ ،‬والسادس‬
‫والعشرون من سالطين آل عثمان الذين جمعوا بين الخالفة والسلطنة‪ ،‬وآخر من امتلك سلطة فعلية منهم‪ ،‬تقسم فترة‬
‫حكمه إلى قسمين‪ :‬الدور األول وقد دام مدة سنة ونصف ولم تكن له سلطة فعلية‪ ،‬والدور الثاني وحكم خالله حكمًا فرديًا‪،‬‬
‫يسميه معارضوه "دور االستبداد" وقد دام قرابة ثالثين سنة‪ .‬تولى السلطان عبد الحميد الحكم في (‪ 10‬شعبان ‪ 1293‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 31‬أغسطس ‪ ،)1876‬و ُخ لع بانقالٍب في (‪ 6‬ربيع اآلخر ‪ 1327‬هـ ‪ 27 -‬أبريل ‪ ،)1909‬فُو ضع رهن اإلقامة الجبرَّية حّت ى‬
‫وفاته في ‪ 10‬فبراير ‪1918‬م‪ ]4[.‬وخلفه أخوه السلطان محمد الخامس‪ .‬أطلقت عليه عدة ألقاب منها "الُس لطان المظلوم"‪،‬‬
‫بينما أطلق عليه معارضوه لقب "الُس لطان األحمر"‪ ،‬ويضاف إلى اسمه أحيانًا لقب الـ "غازي"‪ .‬وهو شقيق كٍل من‪ :‬السلطان‬
‫مراد الخامس والسلطان محمد الخامس والسلطان محمد السادس‪.‬‬
‫عبد الحميد الثاني‬

‫(بالتركية العثمانية‪ :‬عبد الحميد ثانی)‏‬

‫الحكم‬

‫أفول الدولة العثمانية‬ ‫عهد‬

‫أمير المؤمنين وخليفة المسلمين‪ ،‬خادم الحرمين الشريفين‪.‬‬ ‫اللقب‬

‫السلطان المظلوم‪ ،‬الغازي‪ ،‬الخاقان الكبير‪ ،‬خادم المسلمين‪ ]1[،‬السلطان األحمر (كما يلقبه‬ ‫لقب‪2‬‬
‫أعدائه)‬

‫‪ 31‬أغسطس ‪ 1876،18‬شعبان ‪1293‬هـ‬ ‫التتويج‬

‫آل عثمان‬ ‫العائلة الحاكمة‬

‫العثمانية‬ ‫الساللة الملكية‬

‫محمد الخامس العثماني‬ ‫مراد الخامس‬

‫معلومات شخصية‬

‫‪ 21‬سبتمبر ‪1842‬‬ ‫الميالد‬


‫الدولة العثمانية‬ ‫إسطنبول‪،‬‬

‫‪ 10‬فبراير ‪ 75( 1918‬سنة)‬ ‫الوفاة‬


‫الدولة العثمانية‬ ‫إسطنبول‬
‫الثاني[بحاجة لمصدر]‬ ‫تربة السلطان محمود‬ ‫مكان الدفن‬
‫[‪]2‬‬ ‫‪ 11‬فبراير ‪1918‬‬

‫الدولة العثمانية‬ ‫مواطنة‬

‫نازك إدا قادن أفندي‬ ‫الزوجة‬


‫بيدار قادين‬
‫مشفقة قادن أفندي‬
‫بهيجة خانم أفندي‬
‫علوية سلطان‬ ‫األوالد‬
‫محمد سليم أفندي‬
‫زكية سلطان‬
‫السلطانة نعيمة‬
‫نائلة سلطان بنت عبد الحميد‬
‫محمد برهان الدين أفندي‬
‫السلطانة شادية‬
‫حميدة عائشة سلطان‬
‫عبد المجيد األول‬ ‫األب‬

‫تيرُم جگان ُس لطان‬ ‫األم‬

‫مراد الخامس‪ ،‬ومحمد الخامس العثماني‪ ،‬ومحمد برهان الدين أفندي ‪ ،‬ومحمد السادس‬ ‫إخوة وأخوات‬
‫العثماني‪ ،‬وأحمد كمال الدين‬

‫الحياة العملية‬

‫بناء سكة حديد الحجاز[بحاجة لمصدر]‪ ،‬بناء سكة حديد بغداد[بحاجة لمصدر]‪ ،‬الحرب الروسية‬ ‫حدث بار‬
‫(‪[)1897‬بحاجة لمصدر]‪،‬‬ ‫الحرب العثمانية اليونانية‬ ‫(‪[)1878–1877‬بحاجة لمصدر]‪،‬‬ ‫العثمانية‬
‫العثمانية[بحاجة لمصدر]‬ ‫انفصال إمارة بلغاريا عن الدولة‬

‫حاكم‬ ‫المهنة‬

‫الجوائز‬

‫فارس رهبانية الِج َّز ة الذهبية‬


‫نيشان البشارة المقدسة‬
‫وسام صليب القديس أوالف من رتبة فارس أعظم‬
‫نيشان فرسان العقاب األسود‬
‫وسام سيرافيم‬

‫الطغراء‬

‫تعديل مصدري (‪https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%‬‬


‫‪ -‬تعديل (‪https://ar.wikipedia.org/w/index.php?titl‬‬ ‫‪)AF_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A&action=edit&section=0‬‬
‫‪e=%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A‬‬
‫‪)&veaction=edit‬‬

‫خريطة اإلمبراطورية العثمانية خالل عهد عبد الحميد الثاني‬

‫استمر تحديث اإلمبراطورية العثمانية خالل فترة حكمه‪ ،‬بما في ذلك إصالح البيروقراطية‪ ،‬وتمديد سكة حديد روميليا‬
‫وسكة األناضول‪ ،‬وبناء سكة حديد بغداد وسكة الحجاز‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تأسست أنظمة التسجيل السكاني والسيطرة‬
‫على الصحافة‪ ،‬إلى جانب أول مدرسة محلية في عام ‪ُ .1898‬أ نشئت العديد من المدارس المهنية في عدة مجاالت بما في‬
‫ذلك القانون والفنون والمرفقات والهندسة المدنية والطب البيطري والجمارك‪ ،‬على الرغم من أن عبد الحميد الثاني أغلق‬
‫جامعة إسطنبول في عام ‪ ،1881‬إال أنه أعاد فتحها في عام ‪ ،1900‬وُم ددت شبكة من المدارس الثانوية واالستدالية‬
‫والعسكرية في جميع أنحاء اإلمبراطورية‪ .‬لعبت الشركات األلمانية دورًا رئيسيًا في تطوير أنظمة السكك الحديدية‬
‫والتلغراف‪ ]5[.‬أشرف عبد الحميد على حرب فاشلة مع اإلمبراطورية الروسية (‪ )1878-1877‬تلتها حرب ناجحة ضد مملكة‬
‫اليونان في عام ‪ .1897‬خالل فترة حكمه‪ ،‬رفض عبد الحميد عروض تيودور هرتزل لسداد جزء كبير من الدين العثماني‬
‫(‪ 150‬مليون جنيه إسترليني من الذهب) مقابل ميثاق يسمح للصهاينة باالستقرار في فلسطين‪ .‬يتردد أنه قال لمبعوث‬
‫يمكنهم تقسيمها»‪]6[.‬‬ ‫هرتزل «ما دمت على قيد الحياة‪ ،‬لن أقسم أجسادنا‪ ،‬فقط جثتنا هي ما‬

‫حياته المبكرة وتوليه الحكم‬


‫عبد الحميد‪.‬‬

‫الشاهزاده (األمير) عبد الحميد في "قلعة بالمورال" في اسكتلندا عام ‪1867‬م‪.‬‬

‫ولد عبد الحميد الثاني يوم األربعاء في شعبان ‪ 1258‬هـ‪ 21/‬سبتمبر ‪ 1842‬في "قصر جراغان" في إسطنبول ابنًا للسلطان‬
‫عبد المجيد األول[‪ ]7‬والسلطانة "تيرُم جگان" الشركسية األصل التي ماتت وهو في العاشرة من عمره‪ ]8[،‬فاحتضنته (كبيرة‬
‫المحظيات) "برستو هانم" وتعهدت بتربيته‪ ،‬فصارت أمه معنويًا وتقلدت مقام السلطانة األم لمدة ثمان وعشرين سنة عند‬
‫حكمه‪ ]9[.‬درس الموسيقى في شبابه ودرس الخط وتعلم اللغتين العربية والفارسية[‪ ]10‬باإلضافة إلى الفرنسية[‪ ]11‬واألدب‬
‫العثماني والعلوم اإلسالمية وتعمق في التصوف [‪ ،]12‬ونظم بعض األشعار باللغة التركية العثمانية ودرس على يد علماء‬
‫عصره بدًء ا من عام ‪ 1266‬هـ‪ 1850/‬م‪ ،‬وأتم دراسة صحيح البخاري في علم الحديث‪ ،‬وتعلم السياسة واالقتصاد على يد‬
‫وزير المعارف‪ ]10[.‬وذهب عبد الحميد في فترة تولي السلطان عبد العزيز األول العرش مع وفد عثماني في زيارة إلى مصر‬
‫ثم إلى أوروبا استغرقت رحلة أوروبا من ‪ 21‬يونيو إلى ‪ 7‬أغسطس عام ‪ 1867‬زار فيها فرنسا وإنكلترا وبلجيكا‬
‫وألمانيا‪]13[.‬‬ ‫واإلمبراطورية النمساوية المجرية‬

‫امتهن عبد الحميد النجارة وقد بدأ شغفه بها على أيام والده السلطان عبد المجيد األول الذي كان أيضًا محبا لها‪ ،‬وكان إلى‬
‫جانب والده رجل اسمه خليل أفندي تعلم على يده‪ ]14[.‬وكان محبًا للرياضة والفروسية‪ .‬عرف السلطان بتدينه وتقول ابنته‬
‫عائشة بخصوص هذا الموضوع « كان والدي يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها‪ ،‬ويقرأ القرآن الكريم‪ ،‬وفي شبابه سلك‬
‫مسلك الشاذلية‪ ،‬وكان كثير االرتياد للجوامع ال سيما في شهر رمضان‪ ]14[».‬انتسب إلى جمعية العثمانيين الجدد في بداية‬
‫تأسيسها لكنه تركها بعد أن اكتشف نواياهم المضرة بالدولة‪ ]10[.‬وبعد مذابح األرمن في عهده أطلق عليه معادوه لقب‬
‫األرمن"‪]15[.‬‬ ‫"السلطان األحمر" و"قاتل‬

‫تولى عبد الحميد الحكم في ‪ 11‬شعبان ‪ 1293‬هـ‪ 31/‬أغسطس ‪1876‬م خلفًا ألخيه السلطان مراد الخامس‪ ]16[]7[.،‬وتوجه‬
‫في الموكب الملكي إلى ضريح أبي أيوب األنصاري‪ ،‬وهناك تقلد السيف السلطاني وفق العادة المتوارثة مذ أن فتح‬
‫العثمانيون القسطنطينية‪ ،‬ومنه سار لزيارة قبر والده السلطان عبد المجيد األول‪ ،‬ثم ضريح محمد الثاني فاتح إسطنبول‪ ،‬ثم‬
‫األول‪]17[.‬‬ ‫قبر جده محمود الثاني مبيد االنكشارية‪ ،‬ثم قبر عمه عبد العزيز‬

‫فترة حكمه‬
‫عبد الحميد في صغره‪.‬‬

‫بويع عبد الحميد الثاني بالخالفة وعرش السلطنة‪ ،‬عندما كانت البالد تمر في أزمات حادة ومصاعب مالية كبيرة‪ ،‬وتشهد‬
‫ثورات عاتية في البلقان تقوم بها عناصر قومية تتوثّب لتحقيق انفصالها‪ ،‬وتتعرض لمؤامرات سياسية بهدف اقتسام تركة‬
‫"الرجل المريض"‪ .‬ومنذ اليوم األول الرتقائه العرش‪ ،‬واجه السلطان عبد الحميد موق ًف ا دقي ًق ا وعصيًب ا‪ ،‬فقد كانت األزمات‬
‫تهدد كيان الدولة‪ ،‬وازدادت سرعة انتشار األفكار االنفصالية‪ ،‬وأصبح للوطنية معنى جديد أخذت فكرته تنمو وتترعرع في‬
‫واالضطراب‪]18[.‬‬ ‫الواليات العثمانية‪ ،‬ووجد السلطان نفسه مشبع بالثورة‬

‫إعالن المشروطية األولى وافتتاح مجلس المبعوثان‬

‫افتتاح مجلس المبعوثان ‪ 1876‬م‪.‬‬

‫دامت هذه الفترة مدة سنة ونصف من ‪ 31‬أغسطس ‪1876‬م حتى ‪ 13‬فبراير ‪1878‬م وهذا الدور لم يكن فيه للُس لطان عبد‬
‫الحميد القول الفصل وإنما كان لمدحت باشا ومن معه واستمر فيه عبد الحميد بمداراتهم‪ ،‬وخالل هذه الفترة استقال‬
‫رشدي باشا من منصب الصدر األعظم فعين السلطان مدحت باشا محله‪ ،‬وكانت حركات العصيان قد انتشرت في أرجاء‬
‫الدولة‪ ،‬وعقد مؤتمر ترسانة[‪ ]20[]19‬الذي كان هدفه الوصول إلى حل بين الدولة العثمانية والمشكلة الصربية بحضور‬
‫مرخصين من الدول األوروبية وروسيا وكرر كبير المرخصين اإلنكليز اللورد سالزبوري رفضه لحرب روسية عثمانية‪ ،‬وكذلك‬
‫القيصر الروسي ألكسندر الثاني الذي مال إلى السلمية‪ ،‬ولكن مدحت باشا ناصر إعالن الحرب على روسيا ولم يبال‬
‫األساسي‪]22[]21[.‬‬‫بالسلطان الذي كان رافضًا‪ .‬بإصرار من مدحت باشا أعلنت الدولة المشروطية األولى ونشرت القانون‬

‫ثورات البلقان‬
‫تجددت الثورة في إقليمّي البوسنة والهرسك‪ ،‬واستمرت في بلغاريا‪ ،‬وكان الصرب والجبل األسود في حالة حرب مع‬
‫الدولة‪ ]18[.‬ولهذه األسباب تدخلت الدول األوروبية الستغالل الموقف بغية تحقيق مصالحها بحجة إحالل السالم‪ .‬فشجعت‬
‫روسيا والنمسا الصرب والجبل األسود على حرب العثمانيين‪ ،‬حيث رغبت النمسا بضم البوسنة والهرسك‪ ،‬بينما رغبت‬
‫روسيا بضم األفالق والبغدان وبلغاريا‪ ،‬ووعدت روسيا النمسا والصرب والجبل األسود بالوقوف بجانبهم إذا قامت حرب‬
‫بينهم وبين العثمانيين‪ ]23[.‬وبالفعل قامت الحرب بين الدولة العثمانية وتلك الدول‪ ،‬إال أن الجيوش العثمانية استطاعت‬
‫[‪]23‬‬
‫االنتصار ووصلت إلى مشارف بلغراد‪ ،‬غير أن تدخل أوروبا أوقف الحرب‪.‬‬

‫الحرب الروسية العثمانية‬

‫أرسلت الدول األوروبية الكبرى الئحة للدولة العثمانية تقضي بتحسين األحوال المعيشية لرعاياها النصارى‪ ،‬وإجراء‬
‫إصالحات في البوسنة والهرسك وبالد البلغار‪ ،‬وتعيين الحدود مع الجبل األسود‪ ،‬ومراقبة سفراء الدول األوروبية تنفيذ‬
‫هذه الالئحة‪ ،‬وعندما وصلت الالئحة للسلطان عرضها على مجلس المبعوثان (الذي كان رافضًا جر البالد للحرب بسبب تردي‬
‫األحوال الداخلية والخارجية)‪ ،‬فرفض المجلس الالئحة؛ ألن هذا يعتبر تدخًال صريًح ا في شؤونها باسم حماية النصارى‪،‬‬
‫وحتى لم ُت ستشار الدولة بخصوصها ولم تشارك في مناقشتها‪ ،‬فاستغلت روسيا رفض الالئحة واعتبرته سببًا كافيًا للحرب‪،‬‬
‫وقطعت عالقاتها السياسية مع الدولة العثمانية‪ ،‬وأعلنت الحرب‪ ،‬وفي هذه المرة تركت أوروبا روسيا لتتصرف كيفما تشاء‬
‫إسطنبول‪]23[،‬‬ ‫مع العثمانيين‪ ،‬فاحتلت األفالق والبغدان وبلغاريا ووصلت أدرنة وأصبحت على بعد ‪ 50‬كيلومتًر ا فقط من‬
‫كذلك دخلت جيوشها األناضول‪ ]24[،‬وعادت الصرب والجبل األسود لتعلن الحرب على الدولة العثمانية‪ ،‬فاضطرت األخيرة‬
‫[‪]26[]25‬‬
‫إلى طلب الصلح‪ ،‬وأبرمت معاهدة سان ستيفانو مع روسيا‪.‬‬

‫نهاية المشروطية األولى وحل مجلس المبعوثان وحادثة جراغان‬

‫طغراء عبد الحميد الثاني‪.‬‬


‫دعت هذه النكبة السلطان عبد الحميد إن يعطل مجلس المبعوثان وحله إلى أجل غير مسمى في ‪ 7‬ذي الحجة ‪ 1294‬هـ‬
‫بعد أن أجتمع المجلس واستمع إلى خطبة باسم السلطان‪ ،‬ثم صدر أمر بحله‪ ]27[.‬دام هذا الدور بعد حل المجلس حوالي‬
‫ثالثين عامًا وهذه السنوات هي التي أدار فيها السلطان الدولة إدارة فردية ويسمى دور الحكم الفردي للسلطان عبد‬
‫الحميد الثاني وينعته المعارضون ومؤرخي العهد الجمهوري التالي بدور االستبداد‪ .‬وال يحمل المؤرخين والمحققين ما‬
‫حدث في هذا الدور إلى السلطان‪ ]28[.‬استاءت بريطانيا من قرار تعطيل المجلس فحرضت أحد العثمانيين الجدد وهو علي‬
‫سعاوي باقتحام قصر جراغان وهو مقر سكن السلطان مراد المخلوع‪ ،‬وحاولوا خلع السلطان عبد الحميد وتنصيب مراد‬
‫الخامس بدًال منه ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل وُس ميت هذه الواقعة "بواقعة أو حادثة جراغان" أو "واقعة علي‬
‫سعاوي"‪ .‬توفي في هذه الحادثة ‪ 23‬متمردًا وجرح منهم ‪ 15‬وحوكم الكثيرون منهم في المجلس العرفي العسكري ولم‬
‫يصدر بحق أحد منهم حكم اإلعدام‪ ]30[]29[]28[.‬على أعقاب هذا الحدث ومشاهدة عبد الحميد خلع سلفيه عمه عبد العزيز‬
‫األول وأخيه مراد الخامس وحيث لم يكن زمن هذه الحادثة متوقعًا‪ ،‬شكل الُس لطان تشكيالت أمنية استخباراتية وسميت‬
‫"المنظمة الخفية" أو جهاز األمن السري ويسمون بالتركية العثمانية "خافيه" والتي تعني "تحري" بالرغم من أن أعضاء هذه‬
‫المنظمة أقلقوا راحة الشعب خالل ‪ 30‬عامًا وحدوا من حرياتهم إال انهم خدموا أمن الدولة طيلة هذا‬
‫[‪]33[]32[]31[]28‬‬
‫الوقت‪.‬‬

‫معاهدتي سان ستيفانو وبرلين‬

‫مؤتمر برلين بريشة أنطوان فون فيرنو‪.‬‬


‫عبد الحميد في ‪1893‬م‪.‬‬

‫طلب السلطان عبد الحميد من الروس‪ ،‬على أعقاب حرب ‪ 93‬معاهدة إليقاف الحرب[‪ ]34‬وهي معاهدة سان ستيفانو‪ ،‬وتنص‬
‫على أن تعترف الدولة باستقالل الصرب والجبل األسود واألفالق والبغدان وبلغاريا‪ ،‬وتنازلت أي ًض ا عن عدة مدن في آسيا‪،‬‬
‫ويتعهد الباب العالي بحماية األرمن النصارى من األكراد والشركس‪ ،‬وإصالح أوضاع النصارى في كريت‪ ،‬ويبقى مضيقي‬
‫البوسفور والدردنيل‪ ،‬ث ّم ت ّم تعديل هذه المعاهدة في مؤتمر ُع قد في برلين ت ّم بموجبه سلخ المزيد من األراضي عن الدولة‬
‫العثمانية[‪ ]36[]35‬أقيم مؤتمر برلين في ‪ 13‬رجب ‪ 1295‬هـ‪ 13/‬يوليو ‪1887‬م وبحث بهذا المؤتمر تعديل معاهدة سان‬
‫ستيفانو التي عقدت بين الدولة العثمانية واإلمبراطورية الروسية‪ ،‬وهذا بسبب معارضة (إنكلترا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬النمسا)‬
‫لهذه المعاهدة ألنها ال تتفق مع مصالحها االستراتيجية‪ ]37[.‬فعقدت معاهدة برلين‪ ،‬وكان من أبرز نتائجها‪ ،‬استقالل بلغاريا‪،‬‬
‫وضم البوسنة والهرسك للنمسا‪ ،‬واستقالل الجبل األسود والصرب‪ ،‬وضم قاْر ص وأرداهان وباطوم لروسيا‪ ،‬والموافقة على‬
‫مادة‪]39[]38[.‬‬ ‫تحسين أوضاع النصارى في جزيرة كريت‪ .‬تضمنت المعاهدة ‪64‬‬

‫األقاليم التي خسرتها الدولة في عهده‬


‫حدود الدولة العثمانية في عهد عبد الحميد الثاني‪.‬‬

‫كشفت قرارات مؤتمر برلين عن ضعف الدولة العثمانية‪ ،‬فاستغلت الكيانات السياسية والقومية هذا الضعف‪ ،‬وقامت‬
‫بانتفاضات على الحكم المركزي بهدف الحصول على االستقالل الكامل‪ ،‬ودعمتها أوروبا في سبيل تحقيق ذلك‪ ،‬وهكذا‬
‫توالت األزمات السياسية في وجه السلطان عبد الحميد الثاني بعد الحرب العثمانية الروسية ومؤتمر برلين‪ .‬انضمت تونس‬
‫إلى قائمة األقاليم التي فقدتها الدولة العثمانية لصالح أوروبا في عهد عبد الحميد الثاني عندما احتلتها فرنسا التي أجبرت‬
‫باي تونس على توقيع معاهدة قصر سعيد‪ ،‬وأدخلت فرنسا إيالة تونس المستقلة ذاتيًا تحت حمايتها‪ ،‬ولم تعترف الدولة‬
‫حتى معاهدة لوزان ‪ 1923‬م باالحتالل الفرنسي وكانت تعبرها إيالة عثمانية تحت االحتالل الفرنسي غير الشرعي‪ .‬ولم‬
‫تقتنع بريطانيا بما حصلت عليه في قبرص فاستغلت تراكم الديون على الحكومة بعد فتح قناة السويس فاحتلت مصر في‬
‫‪ 1882‬بعد أن انتصرت على قوات أحمد عرابي‪ ،‬وقامت الثورة المهدية في السودان فسيطرت على البالد‪ ،‬بحجة حماية‬
‫[‪]42[]41[]40‬‬
‫الدولة العثمانية من أي اعتداء‪ .‬وتقاسمت مع فرنسا وإيطاليا شرق إفريقيا والحبشة‪.‬‬

‫الحرب العثمانية اليونانية‬

‫لوحة "الهجوم" بريشة فاوستو زونارو‪.‬‬


‫طمعت اليونان في واليتي يانيا وكريت العثمانيتين فأعلنت الحرب ضد الدولة العثمانية‪ ،‬وبعد معارك عديدة انتصرت‬
‫القوات العثمانية وسقطت الوزارة في العاصمة أثينا وطلبت الوزارة الجديدة الدول الكبرى راجية الصلح‪ ،‬وأرسل القيصر‬
‫إلى الُس لطان برقية طالبًا الصلح فوافق بشرط إعادة تيساليا ودفع غرامات قيمتها ‪ 10‬ماليين ليرة عثمانية فعقدت معاهدة‬
‫ًا [‪]44[]43‬‬
‫إسطنبول التي تتكون من ‪ 16‬مادة في ‪ 4‬ديسمبر ‪ 1897‬م وتم منح كريت حكمًا ذاتي ‪.‬‬

‫ثورة البلغار في مقدونيا (‪)1903 - 1902‬‬

‫في ‪ 1320‬هـ ‪ 1321 -‬هـ‪1902/‬م ‪1903 -‬م اندلعت اضطرابات في الواليات الثالث (قوصوة وسالنيك ومناستر) المختلفة‬
‫األعراق واألديان والمذاهب وكانت المادة ‪ 23‬من معاهدة برلين تجبر العثمانيين على إجراء إصالحات في مقدونيا‪ ،‬ولكن‬
‫عبد الحميد كان يرفضها ويجابهها ألنه لو قام بها ستؤدي إلى استقاللها‪ .‬وفي ‪ 1893‬أسس البلغار جمعية ثوار مقدونيا‬
‫وكان األعضاء فيها من العصابات وشكل بقية األعراق (اليونانيون‪ ،‬والصربويون‪ ،‬والرومانيون) في المنطقة عصابات‬
‫ليواجهوا خطرهم ألن هدفهم إزاحة هؤالء عن الطريق ليتفرغوا لألتراك وساند الباب العالي األعراق الثالثة األخيرة‬
‫لمواجهة البلغار‪ ،‬وفي ‪ 1902‬م بدأ هؤالء عملهم‪ ،‬فبدأوا بقتل إخوتهم البلغاريين الذين لم ينضموا لهم‪ ،‬ووزعوا القنابل في‬
‫كل ناحية وفي أواخر عام ‪ 1902‬م تحولت حربهم إلى ثورة حقيقية‪ ،‬وخالل شهر واحد أخمد الجيش الهمايوني الثالث‬
‫ثورتهم في ‪ 21‬سبتمبر ‪ 1902‬م‪ ،‬وقبل مرور سنة في ‪ 2‬أغسطس ‪ 1903‬م قام البلغاريون مرة أخرى بعصيان‪ .‬وزادت‬
‫ضغوط الدول األوروبية إلجراء اإلصالحات فيها‪ .‬وأرسل الباب العالي والي اليمن حسين حلمي باشا إلى هذه الواليات‬
‫الثالث باسم "مفتش عام الواليات الثالث"‪ .‬وُأ لفت لجنة إلصالح أحوال الواليات الثالث برئاسة والي إيالة قونية آفلونيالي‬
‫ًا [‪]46[]45‬‬
‫محمد فريد باشا الذي أصبح الحقًا صدرًا أعظم ‪.‬‬

‫حادثة القنبلة‬

‫مراسم تحية الجمعة أمام جامع يلدز؛ التقطت الصورة في أواخر القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫في عام ‪ 1905‬م حاول األرمن اغتيال الُس لطان عبد الحميد‪ ،‬حيث خّط طوا مؤامرتهم هذه في سويسرا؛ ويذكر بعض‬
‫المؤرخين احتمااًل لوجود بريطانيا خلفها‪ ،‬وكان هدفهم شد انتباه الدول األوروبية وقتل الُس لطان العثماني‪ ،‬فاتفقوا مع‬
‫خبير بلجيكي مختص بهذه األمور يدعى "جوريس" الذي لم يكن لُه عالقة ال باألرمن وال بقضيتهم ولكنه كان أجيرًا‪ .‬وكان‬
‫الُس لطان فيما سبق قد شّد د على األمن واتخذ تدبيرات أمنية قوية بح ّق هم؛ إضافة ألسباب أخرى كهزيمة اليونانيين في‬
‫حربهم مع العثمانيين ورفض عبد الحميد إسكان اليهود في فلسطين‪ ،‬وبعد أن قمع ثورة األرمن‪ ،‬ش ّكل هؤالء جميعًا جبهة‬
‫واحدة ضد الُس لطان‪ .‬أتى جوريس إلى العاصمة إسطنبول كسائح وخالل مراقبة السلطان تأكد أنه ال يمكن االقتراب منه إال‬
‫خارج مراسم صالة الجمعة وأن المدة الزمنية التي يخرج فيها من الجامع قصيرة ومحددة وال تتغير أبدًا‪ ،‬فعزم على تنفيذ‬
‫خّط ته في هذا الوقت‪ ،‬فوضع القنبلة في عربة ثم ُت ركت على الطريق في اللحظة األخيرة عند خروج السلطان من الجامع‪.‬‬
‫في هذه األثناء خالفًا للعادة قام شيخ اإلسالم جمال الدين أفندي باعتراض طريق السلطان ليحدثه ببعض األمور‪ ،‬فانفجرت‬
‫القنبلة ولم يتضرر السلطان لوقوفه على عتبات الجامع‪ ،‬ومات في الحادثة مربيان اثنان من مرّبي األمراء والكثير من‬
‫الجنود‪ .‬تصرف عبد الحميد براحة تامة بعد الحادثة فاستقّل عربة قادها بنفسه إلى القصر‪ُ .‬ق بض على منفذي العملية‬
‫وعوقبوا‪ ،‬وقبض على جوريس أيضًا لكن السلطان منحه ‪ 500‬ليرة ذهبية وتركه‪ ،‬وُي ذكر أن جوريس هذا أرسل لعبد الحميد‬
‫[‪]47[]46‬‬
‫معلومات مهمة من أوروبا في السنوات التالية‪.‬‬

‫قصبة العقبة ‪1906‬‬

‫خارطة تعود لعام ‪1907‬م ُت ظهر الحدود القديمة بين سوريا العثمانية والخديوية المصرية على الرغم من تعديلها في ‪1906‬م‬

‫أرادت بريطانيا أن تتمكن من البحر األحمر من الجنوب ولم تتمكن من ذلك؛ وحاولت مرة أخرى من الشمال فافتعلت مشكلة‬
‫من ال شيء‪ ،‬مّد عية أن العقبة التي تدخل ضمن لواء الكرك (األردن) أرض مصرية‪ ،‬واألصل في هذا أن العثمانيين سمحوا في‬
‫السابق بتواجد جماعات من الجيش المصري بغرض مراقبة الحجاج المصريين‪ .‬فأرسلت بريطانيا جيشًا إلى هناك على أن‬
‫هذه األرض أرض مصرية‪ ،‬وأرادت السيطرة على رأس خليج العقبة‪ ،‬فظهر قصدها الذي يحتمل أن يكون قطع طريق الحج‬
‫أو قطع طريق سكة حديد الحجاز‪ .‬على أثر ذلك بعث الُس لطان عبد الحميد العقيد رشدي بك مع سريتين من الجنود ومدفع‬
‫واحد إلى العقبة ودخل القلعة وأخبر الجنود المصريين بأن الُس لطان سمح لهم بالعودة إلى مصر وأرسلهم إلى بالدهم‪.‬‬
‫وقام باحتالل قصبة طابا بالقرب من العقبة‪ ،‬على الرغم من هجوم خيالة البدو من العشائر العربية المحّر ضة من قبل‬
‫بريطانيا بالذهب‪ .‬وفي هذه األثناء قام الشعب في القاهرة وغيرها من المدن بمظاهرات أثنت فيها على السلطان‪ .‬وأرسلت‬
‫بريطانيا إلى الباب العالي بإخالء قصبتي العقبة وطابا خالل عشرة أيام وإال ستقوم الحرب بين البلدين‪ ،‬فأجاب الباب‬
‫العالي بأن احتالل بريطانيا لمصر غير شرعي ومؤقت‪ ،‬وأن تعديالت الحدود ستجري بين الضباط المصريين والعثمانيين‬
‫وأنه ال يحق لهم االشتراك في هذه المفاوضات‪ ،‬الحقًا تم تعديلها بين الضباط العثمانيين والمصريين في ‪ 1‬أكتوبر ‪1906‬‬
‫م‪]48[]46[.‬‬

‫تشكيل جمعية االتحاد والترقي وتطورها وإعالن المشروطية الثانية وافتتاح مجلس المبعوثان‬
‫‪1908‬‬

‫السلطان عبد الحميد على عربته بعد إعالن المشروطية الثانية ‪ 1908‬م‪.‬‬

‫في عام ‪ 1889‬م وفي الذكرى المائة للثورة الفرنسية ُش كلت جمعية سرية تسمى "جمعية االتحاد والترقي" على أيدي‬
‫طالب المدرسة الحربية والمدرسة الطبية العسكرية وهدفها الوحيد هو عزل السلطان عبد الحميد الثاني‪ ،‬وإعادة الحياة‬
‫الدستورية للدولة‪ ،‬وكان وراء التشكيل ماسوني ألباني يدعى "إبراهيم تيمو" أو أدهم كما يدعى أحيانًا‪ ،‬أخذت أفكار هذه‬
‫الجمعية تنتشر بين طالب المدارس الُع ليا في العاصمة‪ ،‬وانتشرت خارج البالد بين المنفيين األتراك في باريس وجنيف‬
‫والقاهرة‪ ،‬وأصدرت مجلة "عثمانلي" في جنيف لبث أفكارها والترويج لها‪ ،‬وأخذت الحركة تتطور بشكل سريع داخل الدولة‬
‫وخارجها‪ ،‬فقامت الدول األوروبية والمنظمات الماسونية واليهودية باحتضانها حسب تعبير المؤرخين‪ ،‬وبداية من هذا‬
‫الوقت بدأ الصهاينة بالتحرك لخلع الُس لطان عبد الحميد‪ ،‬وكان للسفارات الخارجية الدور األكبر في دخول الصحف‬
‫والمنشورات المعادية للسلطان لداخل الدولة وتوزع على التشكيالت الداخلية بسرية‪ ،‬اكتشفت هذه الجماعة في ‪ 1897‬م‬
‫فتم نفي الكثير من أعضائها وفر بعضهم إلى باريس‪ ،‬فأرسل السلطان مدير األمن العام الفريق األول أحمد جالل الدين باشا‬
‫الستمالتهم للعودة فأقنع أكثريهم ومنحهم عبد الحميد مناصب كبيرة في الدولة‪ ،‬إال أن "أحمد رضا بك" أصر على البقاء‬
‫في باريس مع حفنة من مؤيديه‪ ،‬ولم يترك السلطان المحاولة في استمالة هؤالء‪ ،‬فأمر سفرائه في الدول األجنبية بالضغط‬
‫على الحكومات التي تساعد المنظمة‪ ،‬وأرسل أناس لها بهدف عمل االنقسامات الداخلية فيها‪ .‬انضم "داماد محمود جالل‬
‫الدين باشا" صهر الُس لطان هو وابنيه "صباح الدين" (الذي أشاع الحقًا لقب "السلطان األحمر" قاتل األرمن على السلطان عبد‬
‫الحميد للصحافة األوروبية) وابنه "لطف اهلل"‪.‬‬
‫مجلس المبعوثان في ديسمبر ‪ 1908‬م‪.‬‬

‫عبد الحميد على عربته في عام ‪ 1908‬م‪.‬‬

‫انتشرت الجمعية في واليات الدولة منها مصر التي كانت بريطانيا قد احتلتها في وقت سابق‪ ،‬وأصبحت مالذًا ألفرادها‬
‫الهاربين‪ .‬إال أن سالونيك ظلت المركز األساسي لنشاطات الجمعية السياسية والعسكرية‪ .‬أثارت هذه شعارات االتحاديين عن‬
‫"الحرية‪ ،‬العدالة‪ ،‬المساواة" بعض الجماعات العربية وساعدتهم على قلب نظام الحكم‪ .‬ما بين ‪ 4‬إلى ‪ 9‬فبراير ‪ 1902‬م أقيم‬
‫في مدينة باريس "مؤتمر العثمانيين األحرار"‪ ،‬وحضره جميع المناهضين ضد حكم عبد الحميد على رأسهم جمعية االتحاد‬
‫والترقي‪ ،‬خالل هذه األيام اتخذوا العديد من القرارات أبرزها‪ :‬تقسيم حكومات مستقلة استقالًال ذاتيًا على أساس قومي‪،‬‬
‫رفض "أحمد رضا بك" هذه الفكرة إال أن األغلبية قامت بتأييد القرار‪ ،‬رفض أحمد رضا بك رئيس المؤتمر وعلي حيدر بك بن‬
‫مدحت باشا قرارات المؤتمر ولم يوقعا عليها‪ ،‬بعد ذلك انقسمت المعارضة‪ ،‬وقرر االتحاديون العمل وحدهم في مقدونيا‬
‫والحصول على تأييد الجيش الثالث المرابط هناك‪ ،‬ترك هؤالء باريس كونها مركزهم السابق‪ ،‬وأسسوا مركزًا صغيرًا في‬
‫سالونيك‪ ،‬وتبعته شعبة في مناسطر‪ ،‬ومع مرور الوقت انضم الكثير من المدنيين للجمعية‪ ،‬وتبعهم أشخاص ذوي مراكز عليا‪.‬‬
‫اشتد أنصار الجمعية بالضغط على عبد الحميد من أجل تطبيق القانون األساسي كامًال‪( ،‬أقيم مؤتمر آخر ما بين ‪ 27‬إلى ‪29‬‬
‫ديسمبر ‪ 1907‬م حضره ممثلون عن الشعوب النصرانية التابعة للدولة العثمانية‪ ،‬وقد قرر فيه‪ :‬إجبار الُس لطان على التنحي‪،‬‬
‫والتغيير الجذري إلدارته)‪ ،‬في شهر يوليو ‪ 1908‬م أعلنوا الثورة التي سميت "بثورة الشباب األتراك"‪ ،‬وفي ‪ 23‬يوليو تمرد‬
‫الجيش الثالث في سالونيك بقيادة أحمد نيازي وأعلن الثورة‪ ،‬وقاموا في صباح اليوم التالي بإلقاء الخطب هاتفين "إما‬
‫الحرية وإما الموت"‪ ،‬وانضم لهم أنور باشا ومصطفى كمال‪ ،‬واحتلوا مدينة مناستر التي فيها مقر الجيش األول‪ ،‬وأرسل‬
‫الُس لطان "شمسي باشا" لتتبع أثر نيازي الذي كان قد عمل هو وجماعة أنور باشا ورائف وجماعته على مقاومة أعمال‬
‫الحكومة المركزية‪ ،‬وإخماد الثورة‪ ،‬فقتل شمسي باشا قبل أن يبدأ مهمته على يد عاطف بك‪ ،‬فأرسل عبد الحميد ثالثين‬
‫فرقة من "فرق الرديف" إال أنها انضمت لهم وكان ذلك عامًال على تقوية صفوفهم‪ .‬ونتيجة هذه الضغوط أعلن السلطان‬
‫[‪]51[]50[]49‬‬
‫العمل بالقانون األساسي‪ ،‬في ‪ 24‬جمادى اآلخرة ‪ 1326‬هـ‪ 23/‬يوليو ‪ 1908‬م‪.‬‬

‫غالف صحيفة لو بوتي جورنال الفرنسية في ‪1908‬م‪ ،‬تصور فرديناند األول ملك بلغاريا وفرانتس يوزف األول إمبراطور النمسا وهما ينتزعان األراضي‬
‫العثمانية وذلك بعد ُأ علن استقالل بلغاريا وضم اإلمبراطورية النمساوية المجرية للبوسنة والهرسك وعبد الحميد الثاني سلطان الدولة العثمانية يقف بال‬
‫حيلة‪.‬‬

‫انفصال بلغاريا والبوسنة والهرسك ‪1908‬‬

‫ارتكب االتحاديون خطأ بعدم تخصيصهم مكانًا في البروتوكول لممثل أمير بلغاريا‪ ،‬فاستفادت بلغاريا من هذا وأعلنت‬
‫انفصالها عن الدولة وكان ذلك في ‪ 5‬أكتوبر ‪ 1908‬م‪ ،‬وفي نفس اليوم أعلنت اإلمبراطورية النمساوية المجرية ضمها‬
‫للبوسنة والهرسك مستفيدين جميعًا من هذه األزمات التي مرت بها الدولة‪ .‬وفي اليوم التالي ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1908‬م بلغ مجلس‬
‫إيالة كريت انفصاله عن الدولة العثمانية والتحاقه باليونان‪ ،‬لكن كريت لم تتمكن من ذلك حتى عام ‪1913‬م‪ .‬في معاهدة‬
‫إسطنبول بتاريخ ‪ 26‬فبراير ‪ 1909‬م‪ ،‬تركت الدولة البوسنة والهرسك للنمسا مقابل تعويضات قدرها ‪ 2,5‬مليون ليرة‬
‫إسطنبول‪]52[]50[.‬‬ ‫ذهبية‪ .‬وُم نحت بلغاريا االستقالل لقاء ‪ 5‬ماليين ليرة ذهبية ‪ 19‬أبريل ‪ 1909‬م في معاهدة‬

‫القضية األرمنية‬
‫ر ي‬ ‫ي‬

‫الواليات األرمنية الست‬

‫كرتون فرنسي معاصر للسلطان يصوره كجزار‪ .‬أطلق األرمن على عبد الحميد "السلطان األحمر"‪.‬‬
‫تنص المصادر العثمانية واإلسالمية أو المؤيدة للعثمانيين على أن األرمن تجرأوا بعد معاهدة برلين حيث تضمنت المادة ‪61‬‬
‫من المعاهدة إصالح أوضاع األرمن في الواليات الست الموجودين فيها وهي‪ :‬أرضروم وديار بكر وسيواس وخربوط ووان‬
‫وبدليس ولم يطيق العثمانيون هذه المادة‪ ،‬فأمنت الدول األوروبية وروسيا األسلحة لهؤالء األرمن فبدأوا بالذبح والتقتيل‬
‫في شرق األناضول منادين باستقاللهم وتشكيل "أرمينيا" مستقلة‪ ،‬فقاموا بمهاجمة القرى المسلمة التي يتحدث سكانها‬
‫اللغة الكردية فبدأوا باإلرهاب فيها‪ ،‬وقام العثمانيون بالرد على هذه الثورة والمجازر التي فعلوها بتشكيل الخيالة الحميدية‬
‫المشكلة من األكراد أنفسهم إلى مناطق الثورة حيث دّم روا العديد من القرى األرمنية وقتلوا كثيًر ا من الثّو ار ومن ساندهم‪،‬‬
‫فيما أصبحت هذه الحادثة ُت عرف باسم "المجازر الحميدية"‪ .‬وبعد هذا الحادث األخير قام األرمن بعصيان في ديار بكر قتل‬
‫فيه منهم ‪ .1190‬وقام الحقًا أمام الكل في عاصمة الدولة إسطنبول بطريق األرمن أزميرليان بتسليح بضع مئات من األرمن‬
‫وكان قصدهم الذهاب إلى الباب العالي والقيام بمظاهرات معادية للحكومة ولكن ُق طع طريقهم‪ ،‬فانسحبوا إلى منطقة يكثر‬
‫فيها األرمن في إسطنبول وهي "قادرغة"‪ .‬وأما شغبهم الثاني في العاصمة في تاريخ ‪ 26‬أغسطس ‪ 1896‬م فقد كانوا قد‬
‫عزموا على تفجير المصرف العثماني ولكن اكتشفوا من قبل األمن السري‪ ،‬واعترفوا بعزمهم على التفجير المصرف وكذلك‬
‫[‪]53‬‬
‫الباب العالي‪ ،‬وُع زل أزميرليان ونفي إلى مدينة القدس‪.‬‬

‫بالمقابل تنص المصادر المؤيدة لألرمن والمصادر األرمنية على أن األرمن بدأوا بالمطالبة بتفعيل اإلصالحات السياسية في‬
‫الدولة العثمانية والتي نص عليها مؤتمر برلين‪ ]54[،‬وقاموا بمظاهرات داعية إلى مزيد من الحرية واإلصالح‪ ،‬غير أنها‬
‫جوبهت بعنف من قبل السلطان عبد الحميد‪ ،‬وحدثت سلسلة من المجازر وإبادة شبه جماعية بحق األرمن القاطنين شرق‬
‫األناضول بين عامي (‪1894‬م ‪1896 -‬م)‪ .‬وكانت قد ابتدأت باندالع صراع وقع في صيف عام ‪1894‬م في مدينة ساسون‬
‫فيما سمي بمقاومة ساسون ‪ ،1894‬وواجه األرمنيون في ساسون الجيش العثماني وأدى انضمام القوات غير النظامية‬
‫الكردية "الخيالة الحميدية" إلى جانب الجيش الستسالم أعداد كبيرة من المقاومة األرمنية‪ .‬كما قام السلطان بتحريض‬
‫سكان بعض المدن من األكراد واألتراك بالقيام بعمليات إبادة شملت قرى بأكملها في جنوب وغرب األناضول‪ ]55[.‬وأسفر‬
‫الحادث السابق عن احتجاجات أرمنية قوية ضد سياسات السلطان الوحشية‪ ،‬وتدخلت الدول األوروبية إلقناع الحكومة‬
‫العثمانية إلى تبني إصالحات للمحافظات التي يسكنها األرمن‪ .‬في بداية شهر أكتوبر ‪1895‬م تجمع ألفين من األرمن‬
‫متظاهرين في العاصمة إسطنبول لتنفيذ إصالحات بخصوصهم‪ ،‬ولكن الشرطة العثمانية قمعتهم بعنف‪ .‬وبعد فترة قصيرة‪،‬‬
‫اندلعت مذابح األرمن في العاصمة وتلتها بقية الواليات العثمانية التي يسكنها األرمن والية بدليس ووالية ديار بكر ووالية‬
‫أرضروم‪ ،‬ووالية معمورة العزيز ووالية سيواس ووالية طرابزون ووالية فان‪ ،‬وقتل اآلالف على أيدي جيرانهم المسلمين‬
‫والجنود العثمانيين‪ ،‬ولقي الكثير مصرعهم خالل فصل الشتاء البارد من (‪1895‬م ‪ .)1896 -‬ولم يكن ضحايا "المجازر‬
‫الحميدية" األرمن فقط بل شملت اآلشوريين‪/‬السريان‪/‬الكلدان‪ .‬وقد راح ضحية هذه المجازر حسب المصادر الغربية‬
‫[‪]57[]56‬‬
‫واألرمنية ‪ 300,000 - 80,000‬من األرمن و‪ 25،000‬من اآلشوريين‪/‬السريان‪/‬الكلدان‪.‬‬

‫عالقاته مع اليهود‬
‫تيودور هرتزل في ‪1904‬م‪.‬‬

‫نشط اليهود منذ ثمانينات القرن التاسع عشر إلى تهجير اليهود المتشتتين في أنحاء العالم وطالبوا بإنشاء دولة لهم في‬
‫فلسطين‪ .‬وكانت أول محاوالتهم في عام ‪ 1293‬هـ‪1876/‬م إذ عرض "حاييم گوديال" على السلطان شراء مساحات من‬
‫األراضي في فلسطين إلسكان المهاجرين اليهود فيها إال أنه رفض عرضه‪ ]58[.‬واستعان اليهود الروس بالسفير األمريكي في‬
‫إسطنبول أيضًا ولم ينجح بذلك‪ ]60[]59[.‬ولم تنقطع الهجرات الفردية‪ ،‬وكانت هناك هجرات جماعية بين (‪ 1285‬هـ ‪1298 -‬‬
‫هـ‪1868/‬م ‪1881 -‬م) و(‪ 1299‬هـ ‪ 1314 -‬هـ‪1882/‬م ‪1896 -‬م) وكانت هذه األكثر فعالية‪ .‬وعلى أثر اغتيال القيصر‬
‫الروسي ألكسندر الثاني وإتهام منظمة "أحباء صهيون" في ‪ 1298‬هـ‪1881/‬م تعرض اليهود إلى حملة مذابح واضطهادات‪،‬‬
‫فطلبوا من القنصل العثماني في أوديا منحهم تصريحات لدخول فلسطين إال أن الحكومة رفضت هذا‪ ،‬ورحبت بهم في أي‬
‫إقليم آخر من أقاليم الدولة‪ ]62[]61[.‬ونتيجة الزدياد شعور السلطان بالتحرك اليهودي‪ ،‬أبلغ المبعوث اليهودي "أوليڤانت" أن‬
‫باستطاعة اليهود العيش بسالم في أية بقعة من أراضي الدولة العثمانية إال فلسطين‪ ،‬وأن الدولة ُت رحب بالمضطهدين‪،‬‬
‫ولكنها ال ُت رحب بإقامة دولة دينية يهودية فيها‪ .‬وقد حاول بعض اليهود تحدي قرار الباب العالي بالنزول في يافا‪ ،‬لكن‬
‫السلطات العثمانية منعت دخولهم إلى مدينة القدس‪ .‬لكن هجرتهم استمرت بشكل بطيء وبشكل غير رسمي عن طريق‬
‫التحايل على القانون‪ ،‬ورشوة الموظفين‪ ،‬وبمساعدة قناصل الدول األجنبية‪ ،‬وأرسلت الحكومة إلى متصرف القدس "رؤوف‬
‫[‪]61‬‬
‫باشا" أن يمنع دخول اليهود من الجنسيات الروسية والرومانية والبلغارية من دخول القدس‪ ،‬والروس بشكل خاص‪.‬‬
‫تدخلت الدول األوروبية بعد إلحاح اليهود عليها‪ ،‬فأصدرت الحكومة العثمانية تعليمات جديدة سمحت لليهود بسكن‬
‫القدس لمدة شهر واحد فقط‪ ]63[.‬في ‪ 1305‬هـ‪1888/‬م وبعد مرور ثالثة أعوام‪ ،‬تدخلت بريطانيا وبذلت جهودها للتخفيف‬
‫من شرط اإلقامة الزمني‪ ،‬فرضخ الُس لطان لتلك الضغوط وخفف المدة إلى ثالثة أشهر‪ ]64[.‬واتخذ الباب العالي قرارًا بتحويل‬
‫سنجق القدس التابع لوالي دمشق إلى متصرفية حيث أن المتصرفيات تتبع الباب العالي مباشرة وذلك لتشديد المراقبة‪.‬‬
‫وأرسل أعيان مدينة القدس إلى السلطان شكوى يطلبون فيها إجراء فعال يمنع دخول اليهود ويمنعهم من شراء األراضي‪،‬‬
‫فأصدر فرمانًا في (‪ 10‬جمادى اآلخرة ‪ 1310‬هـ‪ 30/‬ديسمبر ‪1892‬م) يحرم فيه بيع األراضي الحكومية لليهود حتى لو‬
‫الدولة‪]65[.‬‬ ‫كانوا عثمانيين من رعايا‬

‫خارطة عثمانية تعود لعام ‪1893‬م تظهر متصرفية القدس‪.‬‬

‫في أواخر القرن التاسع عشر برز "تيودور هرتزل" وهو صحفي يهودي نمساوي استطاع قيادة الحركة الصهيونية وسعى‬
‫إلى إيجاد وطن قومي لليهود‪ ،‬وحاول هرتزل بكل الطرق لمحاولة إقناع الُس لطان عبد الحميد‪ ،‬فاستغل "القضية األرمنية"‬
‫وعرض عليه بذل الجهود من أجل تسوية المشكلة ولقيت فكرته ترحيبًا من السلطان‪ ،‬وعهد إليه وإلى صديقه الصحفي‬
‫النمساوي "نيولنسكي" بمطالبة لجان األرمن في أوروبا بالطاعة ألن السلطان سيحقق مطالبهم التي رفض تحقيقها تحت‬
‫الضغوطات‪ ،‬وبذال جهودهما في أقناع األرمن والطلب من بريطانيا لوقف تحركاتهم‪ ،‬إال أنهم فشلوا فيما يسعون إليه‪ .‬عندها‬
‫قرر تيودور هرتزل بالسفر إلى إسطنبول ولقاء السلطان‪ ،‬إال أنه لم يتمكن من ذلك وتركها بعد عشرة أيام في ‪1314‬‬
‫هـ‪1896/‬م‪ ،‬وبعد حوالي الشهرين اتصل باألوساط العثمانية محاوًال إعطاء الدولة مساعدات مالية وغيرها وقوبل‬
‫[‪]66‬‬
‫بالرفض‪.‬‬

‫خارطة تعود لعام (‪ 1300‬هـ‪1882/‬م) تظهر "سنجق القدس"‪.‬‬


‫السلطان عبد الحميد‪.‬‬

‫عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني األول في مدينة بال السويسرية برئاسة تيودور هرتزل مابين (‪ 30-29‬ربيع اآلخر و‪1‬‬
‫جمادى األولى ‪ 1315‬هـ‪ 31-29/‬أغسطس ‪1897‬م)‪ ،‬واتخذوا عدة قرارات أطلق عليها "برنامج بال" أو "البرنامج‬
‫الصهيوني"‪ ،‬وكان أهم قرار اتفقوا عليه تأسيس وطن قومي في فلسطين‪ ،‬وبعد أن كانوا يطمحون أن يكونوا فيها تحت‬
‫سيادة الدولة العثمانية أصبحوا بعد هذا المؤتمر يطمعون بالسيطرة على فلسطين‪ .‬راقب الُس لطان عبد الحميد المؤتمر‬
‫ومقرراته عن قرب‪ ،‬واتخذ قرارًا جديدًا هو منع اليهود من السكن في فلسطين ومنع اليهود األجانب من دخول مدينة‬
‫القدس‪ ]67[.‬ولم تتوقف المؤتمرات الصهيونية عن االنعقاد وكانت في كل مرة تزيد عددًا وقوة‪ ،‬ولم تتوقف جهود "تيودور‬
‫هرتزل" لالجتماع بالُس لطان عبد الحميد الثاني وسافر للعاصمة إسطنبول في (‪ 24‬محرم ‪ 1319‬هـ‪ 13/‬مايو ‪1901‬م)‬
‫وقابل السلطان بعد أربعة أيام ثم قابله مرتين أخريين وعرض عليه إصدار فرمان يجيز لليهود األجانب الهجرة إلى فلسطين‬
‫ومنحهم حكمًا ذاتيًا‪ ،‬مقابل دفعهم ثالثة ماليين جنيه وفي بعض المصادر مليوني جنيه‪ ،‬وبعدها بدفع الجزية‪ ،‬لكن السلطان‬
‫كان على موقفه رافضًا إال أنه وافق على هجرتهم إلى آسيا الصغرى والعراق لقاء دفع الديون المترتبة على الدولة ولم يكن‬
‫هرتزل راضيًا عن هذا‪ ،‬عندها حاول عرض رشوة كبيرة على عبد الحميد تقدر بمليون جنيه مقابل حصولهم على فلسطين‪.‬‬
‫عندها قال السلطان كلمته الشهيرة للصدر األعظم «انصحوا الدكتور هرتزل بأال يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع‪،‬‬
‫فإني ال أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من األرض‪ ،‬فهي ليست ملك يميني‪ ،‬بل ملك األمة اإلسالمية التي جاهدت في‬
‫سبيلها وروتها بدمائها‪ ،‬فليحتفظ اليهود بماليينهم‪ ،‬وإذا مزقت دولة الخالفة يومًا فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا‬
‫فلسطين بال ثمن‪ ،‬أما وأنا حّي ‪ ،‬فإن عمل المبضع في بدني ألهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة اإلسالمية‪،‬‬
‫وهذا أمر ال يكون‪ .‬إني ال أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة‪ ]68[».‬على الرغم من جهود السلطان‬
‫في حد دون هجرة اليهود فقد استمرت الحركة الصهيونية بإنشاء أجهزة تشرف على شراء األراضي وتنظيم عملية‬
‫االستيطان وطلب هرتزل من السلطان في (محرم ‪ 1320‬هـ‪/‬مايو ‪1902‬م) األذن إلنشاء جامعة عبرية في مدينة القدس‬
‫للشبان األتراك‪ ،‬إال أن السلطان رده بعكس ما يريد‪ .‬وفي (‪ 1321‬هـ‪1903/‬م) حاول اليهود عقد أول مؤتمر صهيوني في‬
‫فلسطين‪ ،‬فحظر الُس لطان نشاطهم السياسي الدولي‪ .‬وفي (‪ 1322‬هـ‪1904/‬م) توفي تيودور هرتزل ولم يتخلف أتباعه من‬
‫[‪]69‬‬
‫تحقيق ما يريدون‪ ،‬في (‪ 1336‬هـ‪1917/‬م) وافقت بريطانيا بعد وعد بلفور على تأسيس وطن قومي يهودي‪.‬‬

‫سياسة االتحاد اإلسالمي‬

‫عبد الحميد ملقيًا التحية على الحشود وهو في عربته‪.‬‬

‫اعتلى عبد الحميد عرش السلطنة والعالم العربي يشهد قيام فكرتين كانتا ردة فعل ضد االستعمار والسيطرة األجنبية‪،‬‬
‫إحداهما فكرة "الجامعة اإلسالمية"‪ ،‬والثانية "القومية العربية" والوحدة العربية وكانت قد انتشرت في البلدان العربية‬
‫وخاصة بين نصارى الشام‪ .‬وعندما أصبح العالم اإلسالمي هدفًا للدول االستعمارية‪ ،‬استيقظت فكرة إحياء الوحدة‬
‫اإلسالمية لتوحيد الجهود ضد هذه الدول‪ .‬فتزعم السلطان عبد الحميد إبان حكمه هذه السياسة نظرًا للظروف الداخلية‬
‫والخارجية‪ ،‬ألنه وجدها عالج دولته‪ ،‬ولم ير أن الوحدة الداخلية وحدها كافية بل أن يمتد تأثيرها نحو كل مسلمي العالم‪.‬‬
‫بدأ السلطان بتطبيق هذه السياسة‪ ،‬وأخذ ينفذها‪ ،‬وأخذ من نامق كمال في البيئة العثمانية‪ ،‬وجمال الدين األفغاني في‬
‫البيئة اإلسالمية والعربية‪ ،‬لتنفيذ سياسته في الداخل وفي الخارج‪ ،‬ففي الداخل كان تنفيذ مبادئ الحركة يعني االلتزام‬
‫بحدود الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وفي الخارج يعني التفاف المسلمين حول الخالفة‪ .‬بعد أن بدأ بتطبيق "حركة الجامعة‬
‫اإلسالمية" استطاع أن يحتفظ بوالء األقوام غير التركية في الدولة‪ ،‬وكسب جميع المسلمين إلى جانبه‪ .‬وللمحافظة على ما‬
‫تبقى من األقاليم العربية بعد ضياع تونس ومصر أخذ يقرب عددًا من الشخصيات العربية كعزت باشا العابد وأبو الهدى‬
‫الصيادي وغيرهم‪ ،‬وكون فرقة عسكرية أدخلها في حرسه الخاص‪ ،‬واهتم بالمقدسات اإلسالمية الثالث التي جميعها بحوزة‬
‫العرب وخصص لها األموال‪ ،‬وعمد إلى مصاهرتهم فزوج أميرتين من آل عثمان بشابين عربيين‪ .‬وعمد إلى دعوة الزعماء‬
‫والمفكرين من غير العرب ليظهر اهتمامه برعاية العلم والعلماء فقام بدعوة جمال الدين األفغاني إلى إسطنبول‪ ،‬مما يذكر‬
‫أن السلطان استعان بجملة من العلماء على رأسهم جمال الدين األفغاني محاوًال التقريب بين المذاهب اإلسالمية والتقرب‬
‫من إيران‪ .‬من الوسائل التي لجأ إليها السلطان لدعم الحركة إحياء مركز الخالفة اإلسالمية الستمالة المسلمين حول العالم‬
‫من غير رعاية الدولة حوله وحرص على إقران األسماء الدينية مثل "أمير المؤمنين" و"خادم الحرمين الشريفين"‪ .‬وعمد‬
‫على إضافة مظاهر الزهد وممارسة الشعائر الدينية عالنية وأحاط نفسه بعلماء الدين‪ ،‬وغيرها‪ .‬وأدخل اللغة العربية على‬
‫برامج الدروس في المعاهد وحاول جعلها مساوية لّل غة التركية اللغة الرسمية للدولة‪ .‬وكان أهم منجزاته لدعم حركة‬
‫الجامعة اإلسالمية مشروع خط حديد الحجاز‪ .‬كانت هذه الحركة نجاحًا تأرجح بين القوة والضعف‪ ،‬وانتشر صداها في‬
‫العالم اإلسالمي والعالم العربي‪ ،‬وبرزت دعوات رافضة لحركة الجامعة اإلسالمية كفكرة دينية في العالم العربي وتركيا‬
‫وأوروبا‪ ،‬ففي العالم العربي برزت القومية العربية خاصة بين النصارى‪ ،‬ودور عبد الرحمن الكواكبي الذي هو أحد رواد‬
‫الحركة اإلسالمية إال أنه رسخها بصورة مغايرة عن حركة السلطان عبد الحميد وقد أراد أن تكون الخالفة عربية وفي قريش‬
‫ومركزها مكة المكرمة وإبعادها عن آل عثمان‪ ،‬وفي تركيا الحركة الطورانية‪ ،‬وأما أوروبا فقد عملت على تشويه صورة‬
‫[‪]72[]71[]70‬‬
‫السلطان أمام رعاياها المسلمين بوصفه حاكمًا استبداديًا يتسم بالظلم‪.‬‬

‫نهاية السلطان‬

‫واقعة ‪ 31‬مارت وخلعه‬

‫مدينة سالونيك في ‪1917‬م المدينة التي نفي إليها السلطان عبد الحميد بعد خلعه‪.‬‬

‫يجمع الكثير من المؤرخين أن هذه الواقعة "واقعة ‪ 31‬مارت" مدبرة بالكامل وأن أهدافها محددة من قبل االتحاديين‬
‫وبمساعدة من بريطانيا بالرغم من أن المطالب ال تجعل أحدًا يشك أنها كانت منهم وبهدف إثارة القالقل والفوضى‪]74[]73[.‬‬

‫فرتبوا شعارات دينية أثناء الحوادث التي افتعلوها مثل‪" :‬الشريعة تنتهك" أو "ُض يعت الشريعة"‪ ،‬وألصقوا هذا كله‬
‫بالمسلمين واتهموهم "بالرجعية"‪ .‬كانت األسباب التي دفعت االتحاديين إلى تدبير هذه الحوادث هي إقدامهم على فعل‬
‫خطوات حساسة مثل قتل "إسماعيل ماهر باشا" والصحفيين المعارضين لهم "أحمد صميم بك" وحسن فهمي بك‪ ،‬وفي‬
‫نفس الوقت ارتفعت معدالت الجريمة وتزايدها يومًا بعد يوم‪ ،‬وأيضًا قلق الشعب بسبب زيادة الجرائم‪ ،‬وظهور من يرغب‬
‫بإعادة زمام األمور إلى الُس لطان عبد الحميد مرة أخرى‪ ،‬ودخول الجيش في السياسة‪ ،‬وتسريح العديد من الضباط والجنود‬
‫المخالفين أثار قلقًا واسعًا‪]75[.‬‬

‫"قصر أالتيني" حيث احتجز الُس لطان وعائلته عند نفيه إلى سالونيك‪.‬‬

‫صورة حديثة لقصر بكلربكي في مدينة إسطنبول‪ ،‬القصر الذي ُن قل إليه السلطان بعد أن كان في مدينة سالونيك‪.‬‬

‫وتحت هذه األجواء انطلق الجنود القادمين إلى إسطنبول من الجيش الثالث وهتفوا "نطالب بالشريعة" وأعلنوا التمرد‬
‫وهذا كله بغياب الضباط وبرئاسة عرفاء‪ ،‬وطالبوا أمام جامعي آيا صوفيا والسلطان أحمد بعزل الصدر األعظم حسين حلمي‬
‫باشا ورئيس مجلس المبعوثان "أحمد رضا بك" ونفي االتحاديين وانضم لهم حشود من أصناف الشعب وخاصًة‬
‫الحمالين‪ ]76[.‬يظهر أن هدف هذه المؤامرة هو كبح جماح جمعية االتحاد والترقي ونصرة الُس لطان عبد الحميد والشريعة‬
‫كما يهتفون‪ .‬قاموا بقتل وزير العدل "ناظم باشا" ظانين أنه "أحمد رضا بك" وقتلوا "األمير شكيب أرسالن" أحد المبعوثين‬
‫ظانين أنه الصحفي "حسين جاهد"‪ .‬قام السلطان عبد الحميد باستدعاء قائد الفرقة الثانية وأمره بإخماد التمرد لكنه رفض‬
‫قائًال أنه ينتظر األمر من قائد الجيش‪ ]77[.‬أنضم في الفترة إلى حركة التمرد معارضي جمعية االتحاد والترقي وبعض علماء‬
‫الدين‪ .‬وساقت جمعية االتحاد والترقي جيشًا سمي "بجيش الحركة" من مدينة سالونيك إلى العاصمة إسطنبول وكان يقال‬
‫أن هدفه األساسي "نجدة السلطان" تحت قيادة "محمود شوكت باشا"‪ ،‬وطلب قائد الجيش األول "ناظم باشا" من الُس لطان‬
‫التدخل لردعه‪ ،‬لكنه رفض قائًال بأنهم مسلمون مثلكم‪ ،‬دخل "جيش الحركة" إلى إسطنبول في ‪ 6‬رجب‪ 25/‬أبريل وسيطر‬
‫عليها وأعلن الطوارئ وأعدم اآلالف ونهب قصر يلدز مقر السلطان‪ ]79[]78[]73[.‬وفي اليوم التالي ‪ 7‬ربيع اآلخر ‪ 1327‬هـ‪27/‬‬
‫أبريل ‪1909‬م دعا "محمود شوكت باشا" مجلسي النواب واألعيان لمجلس مشترك ُس مي "بالمجلس الوطني المشترك"‬
‫واستصدروا فتوى بخلعه بالضغط على شيخ اإلسالم‪ ،‬وقيل أنه رفض وحصلوا على توقيع أحد العلماء اآلخرين‪ ،‬وقيل أنهم‬
‫عرضوا على "أمين الفتوى" الحاج نوري أفندي إال أنه رفض‪ .‬واتهم السلطان عبد الحميد الثاني بعدة تهم‪ ،‬تدبير "واقعة ‪31‬‬
‫مارت"‪ ،‬وباإلسراف‪ ،‬وبالظلم وسفك الدماء‪ ،‬وتحريق المصاحف والكتب الدينية‪ ،‬انكر جل المؤرخون هذه التهم التي وجهت‬
‫للسلطان‪ .‬استدعى المجلس الصدر األعظم "توفيق باشا" ليبلغ السلطان بقرار الخلع إال أنه رفض‪ ،‬فكلفوا وفدًا من أربعة‬
‫أشخاص هم‪" :‬عارف حكمت باشا" و"آرام األرمني" و"أسعد طوطاني" و"قره صو عمانوئيل اليهودي"‪ ،‬وقرأ الوفد الفتوى‬
‫على الخليفة‪ .‬ونصب محمد الخامس أخ عبد الحميد األصغر محله‪ .‬ونفي إلى مدينة سالونيك مع مرافقيه وعائلته عبر‬
‫القطار‪ ،‬ولم ُي سمح ألحد منهم بأخذ حاجياته وصودرت كل أراضيه وأمواله‪ ،‬وبقى في قصر "أالتيني" تحت الحراسة‬
‫[‪]82[]81[]80‬‬
‫المشددة‪.‬‬

‫الرسالة األصلية التي أرسلها السلطان إلى محمود أبو الشامات‪.‬‬


‫السلطان في ‪1908‬م‪.‬‬

‫تعرف السلطان عبد الحميد الثاني على الشيخ الشاذلي محمود بن محيي الدين بن مصطفى أبو‬
‫الشامات‪ ،‬عند زيارته إلسطنبول عن طريق مدير القصر السلطان "راغب رضا بك" الذي كان من تالميذ‬
‫الشيخ‪ ،‬ومن بعد تعرفه عليه اتبع عبد الحميد الطريقة الشاذلية‪ .‬وفي ديسمبر ‪1972‬م نشر المحرر‬
‫سعيد األفغاني في مجلة العربي في العدد رقم ‪ 169‬رسالة مترجمة من اللغة العثمانية إلى اللغة‬
‫العربية ذكر أنها كانت بحوزة أحفاد محمود أبو الشامات‪ ،‬وقد أرسلها السلطان إليه عندما كان منفي ًا‬
‫في مدينة سالونيك عن طريق أحد الجنود الذي كان من تالميذ أبو الشامات‪ ،‬الرسالة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم وبه نستعين‪،‬‬

‫الحمد هلل رب العالمين وأفضل الصالة وأتم التسليم على سيدنا محمد رسول رب العالمين وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين والتابعين إلى يوم الدين‪.‬‬

‫أرفع عريضتي إلى شيخ الطريقة العلية الشاذلية‪ ،‬إلى مفيض الروح والحياة‪ ،‬إلى شيخ أهل عصره‬
‫الشيخ محمود أفندي أبي الشامات‪ ،‬وأقبل يديه المباركتين راجي ًا دعواته الصالحة‪.‬‬

‫بعد تقديم احترامي أعرض أنني تلقيت كتابكم المؤرخ في ‪ 22‬مايس في السنة الحالية‪ ،‬وحمدت‬
‫المولى وشكرته أنكم بصحة وسالمة دائمتين‪.‬‬

‫سيدي‬
‫انني بتوفيق اهلل تعالى مداوم على قراءة األوراد الشاذلية ليًال ونهارًا‪ .‬وأعرض أنني ما زلت محتاج ًا‬
‫لدعواتكم القلبية بصورة دائمة‪.‬‬

‫بعد هذه المقدمة أعرض لرشادتكم وإلى أمثالكم أصحاب السماحة والعقول السليمة المسألة المهمة‬
‫اآلتية كأمانة في ذمة التاريخ‪:‬‬

‫انني لم أتخل عن الخالفة اإلسالمية لسبب ما‪ ،‬سوى أنني ـ بسبب المضايقة من رؤساء جمعية‬
‫االتحاد المعروفة باسم (جون تورك) وتهديدهم ـ اضطررت وأجبرت على ترك الخالفة‪.‬‬

‫إن هؤالء االتحاديين قد أصروا وأصروا علي بأن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في األرض‬
‫المقدسة (فلسطين)‪ ،‬ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف‪ ،‬وأخيرا وعدوا بتقديم‬
‫(‪ )150‬مائة وخمسين مليون ليرة إنكليزية ذهبا‪ ،‬فرفضت بصورة قطعية أيضا وأجبتهم بهذا الجواب‬
‫القطعي اآلتي‪:‬‬

‫«إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهب ًا ـ فضًال عن (‪ )150‬مائة وخمسين ليرة إنكليزية ذهبا فلن أقبل‬
‫بتكليفكم هذا بوجه قطعي‪ .‬لقد خدمت الم ّلة اإلسالمية واألمة المحمدية ما يزيد عن ثالثين سنة فلم‬
‫أسود صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السالطين والخلفاء العثمانيين‪ .‬لهذا لن أقبل بتكليفكم‬
‫بوجه قطعي أيض ًا‪».‬‬

‫وبعد جوابي القطعي اتفقوا على خلعي‪ ،‬وأبلغوني أنهم سيبعدونني إلى سالونيك فقبلت بهذا التكليف‬
‫األخير‪.‬‬

‫هذا وحمدت المولى وأحمده أنني لم أقبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم اإلسالمي بهذا العار‬
‫األبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في األراضي المقدسة‪ :‬فلسطين‪ ..‬وقد كان بعد ذلك‬
‫ما كان‪ .‬ولذا فاني أكرر الحمد والثناء على اهلل المتعال‪ .‬وأعتقد أن ما عرضته كاف في هذا الموضوع‬
‫الهام‪ ،‬وبه أختم رسالتي هذه‪.‬‬

‫ألثم على يديكم المباركتين وأرجو واسترحم أن تتفضلوا بقبول إحترامي وسالمي إلى جميع اإلخوان‬
‫واألصدقاء‪.‬‬

‫يا أستاذي المعظم‪ ،‬لقد أطلت عليكم التحية‪ ،‬ولكن دفعني لهذه اإلطالة أن أحيط سماحتكم علم ًا ‪،‬‬
‫وتحيط جماعتكم بذلك علم ًا أيض ًا ‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫في ‪ 22‬أيلول ‪.1329‬‬

‫خادم المسلمين‬
‫عبد الحميد عبد المجيد[‪"]84[]83‬‬

‫وفاته‬

‫الضريح الذي دفن فيه السلطان عبد الحميد وجده السلطان محمود الثاني (‪1785‬م ‪1839 -‬م) وعمه السلطان عبد العزيز األول (‪1830‬م ‪1876 -‬م)‪.‬‬

‫نفي عبد الحميد إلى مدينة سالونيك وبقي هناك تحت الحراسة المشددة وفي أحوال سيئة‪ ]85[،‬كان لعبد الحميد أموال‬
‫مودعة في البنوك األلمانية‪ ،‬ضغط االتحاديون على السلطان فترة طويلة حتى تنازل لهم عنها‪ ،‬إال أنه شرط عدة شروط‬
‫عليهم ألخذها وهي عودة ابنه عبد الرحيم أفندي إلى إسطنبول ليتحصل على العلم‪ ،‬وعودة بناته ليتزوجن‪ ،‬ومنح بعض‬
‫العمال معه الحرية‪ ،‬وتخصيص قدر كافي من النقود له وشراء قصر الالتيني وغيرها من الشروط‪ ]86[،‬وبقي هناك في‬
‫سالونيك من ‪1908‬م وحتى اندالع حرب البلقان األولى عام ‪1912‬م ألن مدينة سالونيك أصبحت معرضة للخطر وبهذا ُق رر‬
‫نقله إلى العاصمة إسطنبول وقد خصصت له السفارة األلمانية باخرتها‪ ،‬ووصل إليها في ‪ 1‬نوفمبر ‪1912‬م واستقر في‬
‫قصر بكلربكي‪ ]87[.‬تدهورت صحة عبد الحميد وأصبح يشكو من اإلرهاق ومن مشاكل في الجهاز الهضمي‪.‬‬

‫وفي ‪ 9‬فبراير ‪1918‬م شعر بألم في جسمه بعد أن نهض من مائدة الطعام‪ ،‬وكان طبيبه الخاص قد حصل على أذن‪ ،‬فقام‬
‫أحد من كانوا معه وهو "راسم بك" باستدعاء طبيب أخيه األصغر محمد وحيد الدين الذي أصبح سلطانًا الحقًا‪ ،‬وعندما‬
‫فحصه أبلغهم بأن مرضه بوادر سل خطير‪ ،‬فابلغ راسم بك السلطان محمد الخامس‪ ،‬وفحصه الدكتور "عاطف بك" وتوصل‬
‫لنفس األمر‪ ،‬واستدعوا طبيًب ا مشهور وهو "نشأت عمر بك" ليفحصه وعند الصباح التالي أصر على االستحمام على غير‬
‫رغبة الطبيب وعند خروجه منه بدأ يتصبب عرًق ا‪ ،‬وأرسل أخوه السلطان محمد رشاد األطباء ودخلوا عليه وقالوا أنه من‬
‫الممكن أن هذا نتيجة اإلفراط في الطعام في الليلة السابقة‪ .‬واستدعي ابنه محمد سليم أفندي وأحمد أفندي وقبل‬
‫إسطنبول‪]88[.‬‬ ‫دخولهم عليه توفي وكان ذلك في ‪ 10‬فبراير ‪1918‬م يوم األحد ودفن في مدينة‬

‫ورثاه الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي‪ ،‬بقصيدة عن العهد الحميدي قال فيها‪:‬‬
‫إلى الناس إن اهلل للناس يرحم‬ ‫وقد بعث اهلل الخليفة رحمة‬
‫فليست على رغم العدى تتهدم‬ ‫دينه‬ ‫أركان‬ ‫الديان‬ ‫أقام به‬
‫به إزدان من خود الحكومة معصم‬ ‫وصاغ النهى منه سوار عدالة‬
‫بهن صنوف الناس تدري وتعلم‬ ‫مآثر‬ ‫المؤمنين‬ ‫ألمير‬ ‫وكم‬
‫فكيف يسيء الظن من هو مسلم‬ ‫ويشهد حتى األجنبي بفضله‬
‫[‪]89‬‬
‫ألسعد عهد في الزمان وأنعم‬ ‫سالم على العهد الحميدي إنه‬
‫اإلسالمية‪]91[]90[:‬‬ ‫وكذلك رثاُه الشاعر أحمد شوقي قائاًل عنه في بعض قصيدته التي رثا بها الخالفة‬

‫وُن عيِت‬ ‫ُن‬ ‫َأ‬


‫اَألفراِح‬ ‫بين َم عا ِل ِم‬ ‫عادت غاني الُع رِس َر جَع واٍح‬
‫ّل‬ ‫وُد ِف نِت‬ ‫ُكِّف نِت في َليِل ا لِّز فاِف بثوِب ِه‬
‫اإلصباِح‬ ‫عند تب ِج‬
‫صاِح‬ ‫في ُكِّل ناحيٍة وسكرِة‬ ‫ُش ِّي عِت من َه َلٍع ِب عبَرِة ضا ِح ٍك‬

‫وَن واٍح‬ ‫ممالٌك‬ ‫عليِك‬ ‫وبكت‬ ‫وَم ناِب ٌر‬ ‫مآِذ ٌن‬ ‫َض َّج ت عليِك‬
‫َت بكي عليِك‬ ‫حزينٌة‬ ‫وا ِل هٌة‬ ‫ال ِه نُد‬
‫سحاِح‬ ‫بمدمِع‬ ‫وِم صُر‬
‫َة‬
‫َم حى من اَألرِض الِخ الف ماٍح‬
‫َأ‬ ‫والَّش اُم َت سَأ ُل والِع را ُق وفارٌس‬
‫وأتت لِك الُج مُع الجالئُل‬
‫َم أَت ًم ا‬
‫اَألنواِح‬ ‫مقاعَد‬ ‫فيه‬ ‫فقعدَن‬
‫ُق تلت‬ ‫موؤوَد ٌة‬ ‫َلُح َّر ٌة‬ ‫للِّر جاِل‬
‫وجناِح‬ ‫َج ريرٍة‬ ‫ِب غير‬ ‫يا‬

‫ِج راِح‬ ‫ِب َغ يِر‬ ‫َس لُم ُه ُم‬ ‫َق َت َلتِك‬ ‫إَّن الذين َأ َس ت ِج را َح ك َح رُب هم‬
‫ال َف َّت اح‬ ‫بمواهِب‬ ‫ُم َو شيًة‬ ‫َه َت كوا بأيديهم مالَء َة َف خِر هم‬

‫َو َنُض وا عن األعطاِف خير ِو شاِح‬ ‫خيَر ِق الَد ٍة‬ ‫َنَز عوا عن األعنا ِق‬
‫قد طاَح بين َع ِش َّي ٍة وصباِح‬ ‫َح ْس ٌب َأ تى طوُل الليالي د وَن ُه‬

‫األرواِح‬ ‫عالئق‬ ‫َأ بَّر‬ ‫كانت‬ ‫وَع الَقٌة ُف ِص مت ُع رى أسباِب ها‬

‫عليه سرائر ا لُّنزاِح‬ ‫جمعت‬ ‫جمعت على الِب ِّر الحضوَر وُر َّبما‬
‫ِّل‬ ‫َنَظ مت صفوَف المسلمين َو َخ ط َو هم‬
‫في ُك َغ د َو ِة ُج معٍة وَر واِح‬
‫بالَّش رع عربيد ال َق ضاِء َو قاِح‬ ‫بكت الّص الة وتلك ِف تنُة عاِب ٍث‬

‫اإلصالحات‬
‫افتتاح مستشفى األطفال في ‪ 5‬يونيو ‪1899‬م‪.‬‬

‫بلغت الدولة العثمانية الذروة في عهد أفولها خالل عهد السلطان عبد الحميد الثاني في مجال اإلصالحات الداخلية‪ ،‬تشمل‬
‫النهوض بالزراعة‪ ،‬وتحديث الصناعة ونتشيط التجارة‪ ،‬وإصالح القضاء‪ ،‬والتعليم المدني والعسكري والفني‪ ،‬واالهتمام‬
‫بالسلك الصحي‪ ،‬والمواصالت الحديدية والبحرية والبرقية والبريدية‪ ]92[.‬عندما تولى عبد الحميد الخالفة كانت الديون‬
‫العثمانية قد بلغت ‪ 2,528,010,885‬ليرة عثمانية فاستطاع تخفيضها إلى ‪ 106,437,234‬ليرة عثمانية وذلك باستقدام‬
‫خبراء ماليين أوربيين‪ ]93[.‬من أهم إصالحات عبد الحميد هي اإلصالحات العسكرية وذلك عندما بدأ التقارب العثماني‪-‬‬
‫األلماني‪ ،‬فاستقدم جنراالت ألمان لتدريب الجيش العثماني منهم‪ :‬فون دركولج‪ ،‬وفون هوفز‪ ،‬وكامب هوفز‪ .‬وأرسلت بعثات‬
‫عسكرية‪ ،‬واستقدمت األسلحة من هناك‪ ]95[]94[.‬وبنى من ماله الخاص مستشفى األطفال في حي شيشلي في مدينة‬
‫إسطنبول ودارًا للعجزه‪ .‬وافتتح مركز البريد العام ودار النفوس العامة‪ ،‬والغرف التجارية والزراعية والصناعية‪ ،‬وافتتاح‬
‫معمل للخرف‪ ،‬وجرى توسيع معمل الطرابيش‪ ،‬وقام بمد أنابيب المياه «مياه الحميدية» التي ال تزال موجودة وأصبحت‬
‫تابعة ألمانة مدينة إسطنبول‪ ]97[]96[.‬بدأت مرحلة اإلصالحات القضائية في عهد عبد الحميد الثاني بافتتاح "مدرسة‬
‫الحقوق الُس لطانية" في ‪ 1295‬هـ‪1878/‬م‪ ،‬وكان المتخرجون يتم تعيينهم في المحاكم النظامية‪ ،‬وأعاد تنظيم وزارة‬
‫العدل‪ ،‬فأصبحت تشرف على القضائين المدني والجنائي‪ ،‬وظلت المحاكم الشرعية تابعة لشيخ اإلسالم‪ .‬ووضع برنامجًا‬
‫لإلصالح القضائي‪ ،‬وطلب الُس لطان من وزارة العدل اتخاذ اإلجراءات لوضع قوانين تشمل عمل المحاكم المدنية وتحديد‬
‫اختصاصاتها‪ ،‬وإعداد لوائح لتنفيذ األحكام القضائية‪ ،‬وتعيين مفتشين قضائيين لكل والية‪ ،‬ومدعين عامين في محاكم‬
‫االستئناف في الواليات والفصل بينها وبين المحاكم االبتدائية‪ .‬وأنشأت محكمة التمييز‪ ،‬والمحاكم النظامية والتجارية‬
‫خاصة في الواليات ذات النشاط التجاري الكثيف‪ ،‬وُأ صدرت قوانين تنفيذية تتعلق بالقضاء‪]98[.‬‬
‫صورة حديثة لمحطة حيدر باشا في إسطنبول التي تم‬
‫بنائها لتكون المحطة الرئيسية الغربية لكل من سكة‬
‫حديد بغداد وسكة حديد الحجاز‪.‬‬

‫خارطة تبين مسار سكة حديد بغداد ويتضح الربط بينها‬


‫وبين سكة حديد الحجاز‪.‬‬

‫المواصالت‬

‫لم يكن للدولة العثمانية شبكة من الخطوط الحديدية تناسب مركزها كدولة كبرى‪ ،‬وكانت قد بدأت بإدخالها في (‪1268‬‬
‫هـ‪1852/‬م) بمد ‪ 452‬كيلو متر في عهد السلطان عبد المجيد األول كلها في قارة أوروبا‪ .‬وفي (‪ 1278‬هـ‪1861/‬م) ُو قع‬
‫عقد مع شركة فرنسية‪-‬بلجيكية لمد خطوط في أراضي الدولة إال أنها توقفت بعد خسارة فرنسا أمام ألمانيا في عامي‬
‫‪1870‬م ‪1871 -‬م‪.‬‬

‫وفي عهد السلطان عبد الحميد وصل أول قطار يربط المدن األوروبية ببعضها وانطلق من مدينة فيينا إلى مدينة إسطنبول‬
‫العاصمة وهو "قطار الشرق السريع" في ‪ 1305‬هـ‪1888/‬م‪ .‬أبدى السلطان اهتمامًا بالغًا بتوسيع إنشاء شبكة من الخطوط‬
‫الحديدية بهدف ربط أجزاء الدولة المترامية األطراف‪ ،‬واستخدامها عسكريًا‪ ،‬حتى أن طول الخطوط الحديدية في عهده‬
‫بلغ ‪ 5883‬كيلو متر بين (‪ 1325‬هـ ‪ 1326 -‬هـ‪1907/‬م ‪1908 -‬م)‪ ،‬وكان أهم إنجاز في عهده هو سكة حديد الحجاز‬
‫الذي بدأ إنشائه في عام ‪1900‬م ويصل بين مدينة دمشق في الشام حتى المدينة المنورة في الحجاز‪ ،‬وكان لهذا المشروع‬
‫عدة أهداف أولها خدمة الحجاج المسلمين‪ ،‬واألهداف األخرى تتنوع بين عسكرية وسياسية‪ ،‬ونشر السلطان بين المسلمين‬
‫في أرجاء األرض بيانًا يناشدهم فيه بالمساهمة وبالتبرع حتى أصبحت هذه التبرعات التي ُج معت هي ثلث نفقات وتكاليف‬
‫المشروع‪ .‬وتم االنتهاء منه في أغسطس ‪1908‬م وكان هذا الشهر الذي وصل فيه أول قطار إلى المدينة المنورة‪ .‬وكان من‬
‫المقرر أن تصل الخطوط حتى مدينة مكة المكرمة إال أنها توقفت بسبب أن شريف مكة حسين بن علي الهاشمي قام بعرقلة‬
‫المشروع خوفًا على سلطانه‪ .‬وعند قيام الثورة العربية الكبرى قام الثوار بتخريب السكة بقيادة ابنه فيصل بن الحسين بن‬
‫علي وبمعاونة االستخبارات البريطانية‪ ،‬وال زالت السكة معطلة‪ُ ]100[]99[.‬ي ذكر أن من المشاريع الكبيرة التي لم تكتمل هو‬
‫المشروع‪]102[]101[.‬‬ ‫مشروع مد خط سكة حديد في اليمن إال أن السلطان قد خلع قبل تنفيذ‬

‫التعليم‬
‫[‪]103‬‬
‫مدرسة العشائر السلطانية‪ ،‬أنشئت في سنة ‪ 1892‬على يد السلطان عبد الحميد الثاني وأغلقت في سنة ‪.1907‬‬

‫إن عبد الحميد الثاني أبرز السالطين الذين تطور التعليم في عهدهم‪ ،‬أنشأ المدارس المتوسطة والعليا والمعاهد الفنية‬
‫لتخريج الشباب العثماني‪ .‬واهتم اهتماًم ا بالًغ ا بالمدرسة التي أنشأت عام ‪1859‬م على عهد السلطان عبد المجيد األول‪،‬‬
‫فأعاد تنظيمها وفق خطة علمية‪ ،‬وتحديثها بمناهج دراسية جديدة‪ ،‬وفتح أبوابها للطالب القائمين في العاصمة‪ ،‬والوافدين‬
‫من مختلف األقاليم العثمانية‪ .‬وأنشأ السلطان بدًء ا من عام ‪1878‬م‪ ،‬المدرسة السلطانية للشؤون المالية‪ ،‬ومدرسة الحقوق‬
‫التي تخرج القضاة وتخرج الطالب للوظائف اإلدارية‪ ،‬ومدرسة الفنون الجميلة‪ ،‬ومدرسة التجارة‪ ،‬ومدرسة الهندسة المدنية‪،‬‬
‫ومدرسة الطب البيطري‪ ،‬ومدرسة الشرطة‪ ،‬ومدرسة الجمارك‪ ،‬كما أنشأ مدرسة طب جديدة في عام ‪1898‬م‪ ]104[،‬ومدرسة‬
‫الزراعة‪ ،‬ومدرسة التجارة البحرية‪ ،‬ومدرسة اللغات‪ ،‬ومدرسة األحراج والمعادن‪ ،‬ومدرسة المعوقين‪ ،‬ودار المعلمات ومدرسة‬
‫[‪]106[]105‬‬
‫الفنون النسائية‪ .‬وافتتح متحفي اآلثار القديمة والمتحف العسكري‪ ،‬ومكتبتي يلدز وبايزيد‪ ،‬وثانوية حيدر باشا‪.‬‬

‫مدخل جامعة إسطنبول سنة ‪.1900‬‬

‫وقام السلطان عبد الحميد الثاني بتطوير "مدرسة إستانبول الكبرى"‪ ،‬التي أنشئت في عهد السلطان محمد الفاتح‪،‬‬
‫وأصبحت جامعة إسطنبول‪ ،‬وضّم ت‪ ،‬في أول أمرها‪ ،‬أربع كلّي ات هي‪ ]107[:‬العلوم الدينية‪ ،‬والعلوم الرياضية‪ ،‬والعلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬والعلوم األدبية‪ ،‬وُع ّد ت مدرستا الحقوق والطب كليتين ملحقتين بالجامعة‪ .‬وتطلبت المدارس الملكية‪ ،‬أو المدنية‪،‬‬
‫بدورها إنشاء عدد من دور المعلمين لتخريج معلمين أكفاء يتولون التدريس فيها‪ ،‬وكانت أول دار للمعلمين في الدولة‬
‫أنشئت‪ ،‬في عام ‪1848‬م‪ ،‬على عهد السلطان عبد المجيد األول‪ ،‬وأضحى عددها في عام ‪1908‬م‪ ،‬ثمان وثالثين داًر ا منتشرة‬
‫في العاصمة وحواضر الواليات والسنجقيات‪ ،‬وأنشأ السلطان عدًد ا كبيًر ا من المدارس الرشدية التي كانت بمثابة مدارس‬
‫متوسطة‪]109[]108[.‬‬

‫حياته الشخصية‬

‫عبد الحميد بعد توليه الحكم بعامين ‪1878‬م‪.‬‬

‫عينة من شعر السلطان عبد الحميد باللغة الفارسية وترجمته هي‪َ« :‬يا إلهي أني أعرف أنَك العزيُز ‪َ..‬و ليَس أحٌد سواَك إنك الواحُد وليَس سواَك َيا إلهي ُخ ذ‬
‫[‪]83‬‬
‫بيدي في هذِه المحنِة َيا إلهي ُكن عوني في هذِه الساعة الحاسمة»‪.‬‬

‫أ‬
‫أسرته‬
‫زوجاته‬

‫تزوج السلطان مثل أغلب أسالفه من الجواري وزوجاته هن‪:‬‬

‫[‪]110‬‬
‫‪ .1‬نازك إدا‪.‬‬
‫عثمان‪]110[.‬‬ ‫‪ .2‬بدر فلك تم دفنها في إسطنبول بعد نفي أسرة آل‬
‫[‪]110‬‬
‫‪ .3‬نور أفسون الزوجة الثالثة‪ .‬طلقها السلطان وزوجها من األثوابجي الثاني صفوت بك ‪،‬وتوفيت وهي على ذمته‪.‬‬
‫عثمان‪]110[.‬‬ ‫‪ .4‬بيدار‪ .‬تم دفنها في إسطنبول بعد نفي أسرة آل‬
‫دلبسند‪]110[.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫[‪]110‬‬
‫‪ .6‬مزيدة‪.‬‬
‫عثمان‪]110[.‬‬ ‫‪ .7‬نور أمثال أو أمثال نور‪ .‬تم دفنها في إسطنبول بعد نفي أسرة آل‬
‫إسطنبول‪]110[.‬‬ ‫‪ .8‬مشفقة‪ .‬توفت عام ‪ 1961‬ودفنت في مقبرة يحيى أفندي‬
‫[‪]110‬‬
‫‪ .9‬سازكار‪ .‬تم دفنها في الشام بعد نفي أسرة آل عثمان‪.‬‬
‫عثمان‪]110[.‬‬ ‫‪ .10‬بيوسته‪ .‬تم دفنها في باريس بعد نفي أسرة آل‬
‫[‪]110‬‬
‫‪ .11‬فاطمة بسند‪ .‬تم دفنها في إسطنبول بعد نفي أسرة آل عثمان‪.‬‬
‫أفندي‪]110[.‬‬ ‫‪ .12‬بهيجة‪ .‬عاشت في نابولي في إيطاليا‪ ،‬وتوفت عام ‪ 1969‬ودفنت في مقبرة يحيى‬

‫‪ .13‬صالحة ناجية‪ .‬توفيت قبل صدور قرار نفي آل عثمان بشهر واحد‪ ،‬وتم دفنها في ضريح السلطان محمود في ‪4‬‬
‫‪]110[.1924‬‬ ‫فبراير‬
‫أوالده‬
‫قبر األمير أحمد نور الدين (‪)1945-1900‬‬

‫للسلطان عبد الحميد سبعة عشر ولًد ا‪ ،‬ثمانية ذكور‪ ،‬وتسعة إناث‪ ،‬هم‪:‬‬

‫‪ .1‬األميرة علوية ولدت في إسطنبول في قصر دولمة باهجة عام ‪1868‬م‪ ،‬وتوفيت عام ‪1875‬م عقب حادثة اشتعال‬
‫[‪]111‬‬
‫النيران في جسدها‪.‬‬

‫‪ .2‬محمد سليم أفندي ولد في إسطنبول في قصر دولمة باهجة عام ‪1870‬م‪ ،‬وتوفي عام ‪1937‬م في جونيه بيروت‬
‫[‪]111‬‬
‫ودفن في الشام في ضريح جامع السلطان سليم‪.‬‬

‫‪ .3‬األميرة زكية ولدت في إسطنبول في قصر دولمة باهجة عام ‪1872‬م‪ ،‬وتوفيت عام ‪1950‬م في مدينة بو الفرنسية‬
‫ومكان دفنها ليس معلومًا‪]111[.‬‬

‫‪ .4‬األميرة نعيمة ولدت في إسطنبول في قصر دولمة باهجة عام ‪1876‬م‪ ،‬غادرت ديارها إلى مدينة تيران في ألبانيا‪،‬‬
‫أرملة‪]111[.‬‬ ‫توفيت في تاريخ غير معلوم أثناء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬تزوجت مرتين وماتت‬

‫‪ .5‬محمد عبد القادر أفندي ولد في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1878‬م‪ ،‬غادر دياره إلى بلغاريا‪ ،‬طلق زوجتين وبعد‬
‫خلع والده حظي من زوجته الثالثة (مهربان) بمولود أسماه أورخان‪ ،‬وتوفي هناك من الرعب أثناء غارة جوية أثناء‬
‫[‪]111‬‬
‫الحرب العالمية الثانية ودفن هناك‪.‬‬

‫‪ .6‬أحمد نوري أفندي ولد في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1878‬م‪ ،‬غادر تركيا إلى فرنسا وتوفي ودفن هناك بعد أن‬
‫والعوز‪]112[.‬‬ ‫عانى من الضيق‬
‫‪1957‬م‪]113[.‬‬ ‫‪ .7‬األميرة نائلة ولدت في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1884‬م‪ ،‬غادرت ديارها إلى بيروت وتوفيت عام‬

‫‪ .8‬محمد برهان الدين أفندي ولد في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1885‬م خرج في رحلة إلى أوروبا وعندما ُأ علنت‬
‫سليم‪]113[.‬‬ ‫الجمهورية التركية حال ذلك دون عودته‪ ،‬توفي في نيويورك ودفن في ضريح السلطان‬
‫‪ .9‬األميرة شادية ولدت في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1886‬م‪ ،‬توفيت عام ‪1977‬م ودفنت في ضريح السلطان‬
‫محمود‪]113[.‬‬

‫‪ .10‬األميرة عائشة ولدت في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1887‬م‪ ،‬تزوجت بفخري بك عام ‪1910‬م ثم بأحمد نامي ثم‬
‫ُط لقت منه وتزوجت بأحمد علي بك وغادرت معه إلى فرنسا ثم ترملت منه عام ‪1937‬م توفيت في ‪ 10‬أغسطس‬
‫أفندي بإسطنبول‪]114[.‬‬ ‫‪1960‬م ودفنت في مقبرة يحيى‬

‫‪ .11‬األميرة رفيعة ولدت في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1891‬م‪ ،‬توفيت عام ‪1938‬م في بيروت ودفنت في ضريح‬
‫سليم‪]114[.‬‬ ‫جامع السلطان‬

‫‪ .12‬عبد الرحيم خيري أفندي ولد في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1894‬م‪ ،‬مات في باريس في ‪ 20‬يناير ‪1952‬م ودفن‬
‫المسلمين‪]114[.‬‬ ‫في مقبرة‬

‫‪ .13‬األميرة خديجة ولدت في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1897‬م‪ ،‬توفيت قبل أن تكمل عامًا ودفنت في مقبرة يحي‬
‫أفندي‪ .‬وقد أقيم مستشفى األطفال (مستشفى شيشلي لألطفال حاليًا) تخليدًا لذكراها‪]115[.‬‬

‫‪ .14‬األمير أحمد نور الدين توأم األمير محمد بدر الدين ولد في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1901‬م‪ ،‬توفي مريضًا في‬
‫[‪]115‬‬
‫باريس عام ‪1945‬م ودفن في مقبرة المسلمين‪.‬‬

‫‪ .15‬األمير محمد بدر الدين توأم األمير أحمد نور الدين ولد في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1901‬م‪ ،‬توفي نتيجة مرض‬
‫[‪]115‬‬
‫أصابه ‪1903‬م‪.‬‬

‫‪ .16‬األمير محمد عابد أفندي ولد في إسطنبول في قصر يلدز عام ‪1905‬م‪ ،‬توفي بيروت عام ‪1972‬م ودفن في ضريح‬
‫[‪]115‬‬
‫جامع السلطان سليم بدمشق‪.‬‬
‫أفندي‪]115[.‬‬ ‫‪ .17‬األميرة سامية آخر أنجال السلطان‪ ،‬توفيت وهي طفلة صغيرة دفنت في مقبرة يحيى‬

‫قالوا عنه‬
‫السلطان عبد الحميد الثاني‬

‫أرنولد توينبي‪:‬‬

‫( إن السلطان عبد الحميد كان يهدف من سياسته اإلسالمية‪ ،‬تجميع مسلمي العالم تحت راية واحدة‪ ،‬وهذا ال يعني إال‬
‫هجمة مضادة‪ ،‬يقوم بها المسلمون ضد هجمة العالم الغربي التي استهدفت عالم المسلمين )‪.‬‬

‫الكاتب التركي آت صز‪:‬‬

‫( عبد الحميد الثاني‪ ،‬واحد من أعظم الشخصيات المفترى عليها في التاريخ )‪.‬‬

‫سعيد األفغاني ‪:‬‬

‫( رحم اهلل عبد الحميد‪ .‬لم يكن في مستواه وزراء‪ ،‬وال أعوان وال شعب‪ .‬لقد سبق زمنه‪ .‬وكان في كفايته ودرايته وسياسته‬
‫وبعد نظره‪ ،‬بحيث استطاع وحده بدهائه وتصرفه مع الدول‪ ،‬تأجيل انقراض الدولة ثلث قرن من الزمان ‪ .‬و لو وجد األعوان‬
‫األكفياء واألمة التي تفهم عنه لترك للدولة بناء من الطراز األول )‪.‬‬

‫رضا توفيق‪:‬‬
‫حياء )‪]116[.‬‬ ‫( أيها السلطان العظيم‪ ،‬لقد افترينا عليك دون‬

‫انظر أيًض ا‬

‫عبد العزيز األول‬

‫عبد المجيد األول‬

You might also like