You are on page 1of 115

‫ات‬

‫مختار ٌ‬

‫يني ال َقديم‬
‫الص ِّ‬
‫من الشِّ عر ِّ‬
‫أرست تانغ َو سونغ الَملَك َّي َتني )‬
‫(يف َ‬

‫ترجمة ‪ :‬سالمة عبيد‬


‫الطَّبعة األوىل ‪1983‬‬

‫‪1‬‬
‫الصني “‬
‫ال َّنارش ‪ :‬مجلَّة “ بناء ِّ‬
‫الصني‬
‫عامرة واي ون ـ بكِّني ـ ِّ‬
‫الصني‬
‫املوزِّع ‪ :‬دار املنشورات يف ِّ‬
‫الصني‬
‫ص ‪ .‬ب ‪ 399 .‬بكني ـ ِّ‬
‫طُب َِع يف جمهوريَّة ِّ‬
‫الصني الشَّ عب َّية‬

‫‪2‬‬
‫كلم ُة املح ِّرر‬

‫ات من الشِّ ع ِر الصيني القديم “ عىل ‪ 74‬قصيد ًة من ‪ 15‬شاعراًمشهوراً‪.‬‬


‫تحتوي “ مختار ٌ‬
‫يف أرسة ِتانغ امللك َّية ( ‪ 618‬ــــ ‪ ، ) 907‬وأرسة ِسونغ امللك َّية( ‪ 960‬ـــ ‪ )1279‬مع ن ٍ‬
‫ُبذات‬
‫الصني “ باللغ ِة العرب َّية يف عامي ‪َ 1981‬و‬
‫القصائد مجل ُة “ بناء ِّ‬
‫َ‬ ‫من حياتهم ‪.‬ن ََشت هذه‬
‫‪1982‬عىل ال َّتوايل ‪.‬‬
‫وقصائدهام من أرو ِع وأع ِز‬
‫ُ‬ ‫الصيني‬ ‫األدب ِّ‬
‫أرستا تانغ َو سونغ عهد ٌمز َده ٌر يف تاري ِخ ِ‬
‫الصيني ‪ ،‬متنوع ٌة ٌعميقة واسعة يف معانيها تعكس ُكاملرايا‬ ‫التاث الثقايف ِّ‬
‫الكنوز من ُّ‬
‫الصافية الحيا َة االجتامع ّية الواقعية ‪ ،‬ش ّيقة مبوسيقاها ‪ ،‬رائعة يف أساليبها التي ترتبع يف‬ ‫َّ‬
‫الصين َّي ِة واألجنبية تلقى إقباالً‬ ‫ِ‬
‫التبادالت الثَّقاف ّية ِّ‬ ‫ذرو ِة الكامل والجامل ‪ .‬وقد بدأت مع‬
‫الصني بعضها باللغ ِة العرب َّية ‪ ،‬نرجو‬ ‫تنش ِّ‬‫عوب العامل َّية ‪ .‬وأل َّو ِل م َّر ٍة ُ ُ‬
‫واهتامماً م َن الشُّ ِ‬
‫إقبال من الق ّراء العرب األع َّزاء ‪.‬‬‫أن تلقى ً‬
‫القصائد األستاذ ُ العر ُّيب سالمة عبيد املد ِّر ُس يف جامع ِة بكِّني مبساعد ِة‬‫َ‬ ‫ترجم هذه‬
‫َ‬
‫حول هذه‬ ‫املد ِّرس يف الجامعة لوى شيوى ده ‪ ،‬ولألستاذ عبيد كلم ٌة موجز ٌة َو مكثَّف ٌة َ‬
‫القصائد املرتجمة‬
‫َ‬

‫‪3‬‬
‫ُاملتـــــرجم‬
‫ِ‬ ‫كلمــــــ ُة‬
‫يقف عىل قدمني إحداهام املوسيقا والثاني ُة املعنى أو املعاين ‪ ،‬ولهذا كانت‬ ‫الِّشع ُر ُ‬
‫ظل لسانُ‬ ‫كسيح ‪ ،‬وإن َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ترجم ُة الشِّ ع ِر تحرمه من إحدى ساقيه فإذا هو شع ٌر أعرج أو‬
‫ِ‬
‫الحاالت ‪.‬‬ ‫معباً يف ِ‬
‫بعض‬ ‫العاهات فصيحاً ِّ‬‫ِ‬ ‫ذوي‬
‫وهذه املجموع ُة ُ من القصائ ِد الصين َّي ِة القدمي ِة التي ن ُِش أكرثها تباعاً يف مجلَّ ِة بناء‬
‫الصني بني عامي ( ‪ 1981‬ـ ‪ ) 1982‬ليست سوى محاولة متواضعة ِ‬
‫للفت انتباه ق َّراء‬
‫أكثها مجهوالً زمناً‬ ‫ظل َ ُ‬ ‫هذه املجلَّة العرب إىل هذه الكنو ِز الضَّ خم ِة من ِ‬
‫األدب والتي َّ‬
‫تستحق منهم الدراسة واالهتامم ‪ ،‬وق ِد اعتمدت هذه الرتجم ُة بالدرج ِة‬ ‫ُّ‬ ‫طويالً والتي‬
‫وساعد يف‬
‫َ‬ ‫القسم العريب يف املجلّة ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫صوص الشعري َة التي اختارتها إدار ُة‬ ‫األوىل ال ّن َ‬
‫الزميل خليق لوى شيوى ده مدرس اللغ ِة العربي ِة يف‬ ‫ُ‬ ‫الصين ّي ِة مبارش ًة‬
‫ترجمتها من َ ِّ‬
‫ثم كانت االستعان ُة ببعض املراجعِ الفرنسي ِة و اإلنكليزي ِة وهي‬ ‫جامع ِة بكِّني ‪ ،‬ومن ّ‬
‫اجع ق ِّيم ٌة إجامالً ‪.‬‬
‫مر ُ‬
‫وتركت بعضَ ها‬
‫ْ‬ ‫بعض املُختار ِ‬
‫ات‬ ‫حاولت الرتجم ُة أن تسب َغ املوسيقا الشعريَّة عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫ات ونقائص َّإل أن الرتجم َة حاولت جاهد ًة أن‬ ‫“شعراً منثوراً “ ‪ .‬ولكال الطَّريقتني ميز ٌ‬
‫يل قد َر إمكانها ‪َ ،‬و لهذا ظل َِّت املعاين سليم ًة غالباً ‪ ،‬أ َّما خسارة‬ ‫تكونَ أمين ًة لل َّن ِّص األص ِّ‬
‫ُ موسيقا الشِّ ع ِر األصلية فخسار ٌة ال تع َّوض ‪ ،‬ألنَّ الشِّ ع َر الصيني ميتاز ُ بد ّق ِة موسيقاه‬
‫بحد ِ ذاتها أي بلفظها ذاته ِ عن ِ املعاين واملشاعر ِ حزين ًة أو‬ ‫املعبة ّ‬‫خاص ًة بكلامته ِّ‬ ‫‪َّ ،‬‬
‫فرِح ًة ً ‪ ،‬قويَّ ًة صاخبة ً أو سلِ َسة ً ناعم ًة ‪.‬‬
‫اض التي تناولها الشعر الصيني القديم ‪..‬؟‬ ‫أهم ُ املعاين أ ِو األغر ُ‬
‫واآلن ‪ ،‬ما هي ّ‬
‫شك َ يف أنّ َ الطَّبيع َة هي أغزر مناهل هذا الشعر ‪ ،‬فالصني بال ُد األنهار امللونة‬ ‫ال ّ‬
‫والجبال املرتاكبة امللتفعة أبدا ً بربد ٍة خرضاء املع َّممة غالبا ًبعاممة ٍ بيضا َء ‪ ،‬املنتصبة‬
‫ِ جروفا ً مهيبة ً فوق َ أودية ٍ سحيقة ٍ تتناثر فيها املقاصري ُ واملعابد ُ وتلوذ بجنباتها‬
‫القرى الريف ّية ‪ ،‬تتدرج بيوتها املسقوفة بالقرميد الداكن كأنها لوحة رسمتها يد فنان‬
‫عبقري ‪.‬‬
‫ويف الصني سهول ٌ متتد بساطا ً سندس َّياً بعض الوقت ‪ ،‬ثم بحراً متاموجا ً من َ الذهب‬

‫‪4‬‬
‫ِ يف أكرث ِ الوقت ِ وفيها املراعي الشاسعة املزركشة بالزهور وقطعان املاشية والطيور‬
‫ًبالسحب الشفَّافة كغالئل الحريرالجوادة بغيثها‬
‫الربية ‪ .‬وفيها السامء املربقعة غالبا ُّ‬
‫مدرارا ً وبال حساب ‪.‬‬
‫وخاصة من َ الليل املقمر‬
‫كل ِ هذا يستلهم الشاعر القديم قصيدته أو مقطوعته َّ‬ ‫من ّ‬
‫والربيع الطلق والبحرية الساحرة والريف الهادئ ‪ ،‬وقد ميزج ب َني الواقع والخيال أو‬
‫بني َ الواقع واألسطورة ولكن بأسلوب الومضات الخاطفة واإليجاز البليغ املوحي ‪ ،‬أو‬
‫الجنوب مع نسامت الخريف هي‬ ‫ِ‬ ‫يلجأ إىل ال َّرمز‪ ،‬فالوزَّة ُ الربيّة العائدة إىل وطنها يف‬
‫قادم‬
‫مغيب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واألصيل هو الشيخوخ ُة املنحدر ُة نحو َ‬
‫ُ‬ ‫املشوق إىل مسقط الرأس ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الشاعر‬
‫لرتمتي يف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫توقف‬ ‫والجبل العنفوانُ والشموخُ والتحدي ‪ ،‬والنه ُر مص ُري الحياة تعرب ُ بال‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬
‫بح ٍر ال عود َة منه ‪.‬‬
‫يربط الشاعر بني الطبيعة واملناسبة لتشاركه هذه الطبيع ُة أحزانه وأشواقه ُ‬
‫وكثرياً ما ُ‬
‫أو أفراحه ُ ول َّذاته ‪:‬‬
‫الصبح ِ الرىب‬
‫سكرت ْ من مطر ِ َّ‬
‫َوزها الصفصاف ُ يف ال ُّنزل القديم‬
‫كأسك مثنى فغداً‬
‫َ‬ ‫فأدر‬
‫الكأس وال تلقى ال َّنديم‬
‫َ‬ ‫تجد‬

‫والطَّبيعة ُ ال ميكن ُ فصلها عن الشعب الذي يعيشها ‪ّ ،‬‬


‫فأن اتجه الشاعر ُ فال بد َّ أن‬
‫يرى بعينيه ويسمع َ بأذنيه ويلمس بيديه ويحس َّ بوجدانه آالم َهذا الشعب وآماله ‪،‬‬
‫ِ‬
‫الربابات‬ ‫مآسيه وما أكرثها ‪ ،‬أفراحه وما أقلَّها ‪.‬ومل يستطع أكرث ُ شعراء القرص أن يحملوا‬
‫واملباخر طويال ً فقد أثقل َ ضامئرهم ما رأوا من مظامل َ واعوجاج يف القرص ِ‬
‫وبالط القرص‬
‫الشعب وأحضانِ الطبيعة ونعمة ِ‬‫ِ‬ ‫فرمى أكرثهم رباباتهم ومباخرهم وعادوا إىل أكواخِ‬
‫الح ِّريَّة ‪.‬‬
‫فام هي تلك َ املآيس التي يصورها لنا شعراء ذلك العرص ؟ املأسا َة الكربى كانت مأساة‬
‫الحرب ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫فالشعراء الصينيون القدامى استطاعوا أن مييزوا بني الحرب الدفاعية العادلة والحرب‬
‫العدوانية التوسعية الظاملة ‪ ،‬فمجدوا حرب املقاومة والتحرر وخلفوا لوحات كئيبة‬
‫عن الحرب التوسعية التي كان األباطرة ُ يشنونها ومل‬ ‫وألحانا ً حزينة ً وإيحاء مريرا ً ِ‬
‫يكونوا فيها املنترصين يف كل حمل ٍة ‪ ،‬وصوروا املآيس التي تخلِّفها الحروب ‪،‬‬
‫أشالء الرجال ال تجد ُ من يدفنها حتى متنى األب ُ أن يكونَ وليده طفلة ال طفال ً حتى‬
‫ال ترضسه الحرب ُ بأنيابها وال تطأه مبنسمها ‪ ،‬والحقول ُ التي ال تجد من يحييها سوى‬
‫أرامل أو ثكاىل ال خرب َة له َّن يف الزراعة وال قدرة له َّن عىل أعاملها الشا َّق ِة املجهدة ‪.‬‬
‫والحرب ُ تتطلَّب ُ وقودا ً رجاال ً وماال ً ‪.‬‬
‫الرجال ُ يساقون َ سوقا ً إىل معارك ال يدرون أسبابها وأهدافها غالبا ً ليقاتلوا أناسا ً ال‬
‫ات بينهم ‪.‬‬
‫يحقدون َ عليهم وال ثار ٌ‬
‫واملال ُ يجبى بالسياط بإيعا ٍز من القرص ِ أو الحاكم ِ أو بالتغايض من أحدهام أو كليهام‬
‫‪ ،‬الرضائب ُباهضة ٌ مجحفة ٌ والجباة ُ قساة ُ القلوب ِ أجالف ٌ ‪ ،‬والكوارث ُ البرشيَّة ُ‬
‫أو الطبيع َّية تتعاقب والشعب ُ ي ّنئ ُ والشاعر ُ يتألّم ُ ‪ ،‬فيصور ُ آالم َ الشعب الكادح ‪:‬‬
‫الفحام العجوز ‪ ،‬الحصادين ‪ ،‬املرشدين ‪ ،‬األرامل ‪ ،‬السخرة ‪ ..........‬وينقد ُ ويفضح ُ‬
‫الطبقات املستغلَّة ِ الظاملة ِ ‪ :‬املامليك ‪ ،‬املالكني الكبار ‪ ،‬الجباة ‪ ،‬حتى الوزراء وحتى‬
‫القرص ‪:‬‬
‫ولقد يهدي جباة ُ القرص للقرص ِ الحرير‬
‫غصبوه ُ بسياط ِ الظلم ِ من بيت فقري‬

‫وكلهم يف نظر شاعر آخر ذئاب ٌ وضباع ٌ يأكلون لحم الشعب ويرشبون َ دمه ‪............‬‬
‫الصيني ّ القديم الحنني إىل الوطن ِ أو باألحرى إىل‬ ‫ومن بني األغراض ِ الها ّمة ِ يف الشعر ِ ِّ‬
‫مسقط الرأس إىل مالعب الطفولة ِ وذكريات الشباب ‪ ،‬حنني الطائر إىل عشه والحبيب‬
‫إىل حبيبه وأكرث ما يالحظ اتجاه هذا الحنني نحو َ الجنوب فقد كانت العاصمة يف شامل‬
‫الصني أوشاملها الغريب ِّ تجتذب إليها األدباء والشعراء والفنانني باعتبارها مركزا ً لكل ِّ‬
‫نشاط ٍ فكري أو علمي ‪ ،‬ولكن ّ العاصمة َ مل تستطع أن تطفئ َ يف القلوب ِ الشاعرية‬

‫‪6‬‬
‫ِ الحنني َ إىل مسقط ِ الرأس ِ وإىل األهل يف الجنوب غالبا ً بل زادته رضاما ً وتأججا ً ‪،‬‬
‫هذا الحنني الذي يذكرنا بقصائد ِ الشعراء املهجرريني العرب وخاصة ً اللبنانيني منهم يف‬
‫مطلع هذا القرن ‪.‬‬
‫فإذا الحت سحابة ٌ تتجه نحو َ الجنوب ِ هتف َ ‪:‬‬
‫فيا ليت أين بأذيالها‬
‫أثبت كفي عند َ الغروب‬
‫فتحملني نحو َ بيتي الحبيب‬
‫وإذا أطل ّ البدر ُ سا َءلَه ُ ‪:‬‬
‫فمتى درب ُ إيايب‬
‫نحو َ بيتي‬
‫أيها البدر ُ تنري ؟ !‬

‫وإذا جاء الخريف وبدأ اإلوز ُّ الربّي ُّ عودته إىل دياره يف الجنوب ازداد الشاعر ُ تشوقا‬
‫ً إىل األهل ِ والبلد ِ فح َّمله ُ السالم ومتنى لو كانت له أجنحة مثله لريافقه يف طريانه “‬
‫فحنينه أبدا ً ألول منزل “ ‪.‬‬
‫ومن األغراض املشرتكة ِ بني أكرث شعراء الصني القدمية ‪ :‬الخمرة يبارون فيها أبا نواس‬
‫والخ َّيام فتتوحد معانيهم وحاالتهم جميعا ً يف إطار وحدة ِ املوضوع ِ ‪ ،‬ولعل ّ َ شهرة َ‬
‫الخ َّيام العامل َّية لن تطغى إىل األبد عىل شهرة ِ دو فو وىل باي ‪.‬‬
‫أما أغراض الشعر األخرى كالغزل واملديح والرثاء ‪ .....‬فاملجال ُ يف هذه املقتطفات ال‬
‫يسعها ‪.‬‬
‫وأخريا ً يبدو الشاعر الصيني القديم شجاعا ً طموحا ً ملتزما ً بالشعب ِ عاشقا ً لوطنه‬
‫ِ ّ‬
‫يتحل بالشفافية ِ والنظرة ِ البعيدة إىل غد ٍ مرشق ٍ تحقق بعد َ نضال ٍ طويل ٍ مرير ٍ‬
‫وتضحيات ٍ ال تحىص ودماء ٍ ودموع ٍ عرب َ قرون ٍ طويلة ٍ ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفهرس‬

‫يف الجبل ‪ .....................‬وانغ وى‬


‫وادي الطيور املغردة‬
‫غروب خريفي يف الجبل‬
‫فالحو وادي ويتشوان‬
‫غروب‬
‫وداع ُ املسافر‬
‫أغنية ُ العروس الحزينة ‪ .........................‬ىل باى‬
‫وداع صديق‬
‫حداء ُ عامل السخرة‬
‫رحلة يف جبال الجن‬
‫وداع الذاهبني بال رجوع‬
‫أنشودة تشيو بو‬
‫حنني إىل مسقط الرأس‬
‫يف جبل لوشان‬
‫وداع ٌ يف يوم ٍ عاصف ‪ ...................‬تسن سان‬
‫وداع ٌ عند جبل النار‬
‫رسالة ٌ إىل األهل‬
‫يف الصحراء ِ الغربية‬

‫‪8‬‬
‫أمام َ جبل تايشان ‪ ............................‬دو فو‬
‫أغنية املركبات الحربية‬
‫ليل ٌة مقمرة‬
‫الربيع يف األطالل‬
‫غيث ٌ يف ليلة ٍ ربيعية‬
‫خواطر يف ليل ٍة مقمرة‬
‫يف الريف‬
‫أغنية ريح الخريف وكوخ القصب‬
‫متفرقات‬
‫الفحام العجوز ‪ ..................‬باى جيوى يى‬
‫من وحي املروج‬
‫أغنية للنهر ِ عند الغروب‬
‫نزهة ٌ ربيعية يف البحرية ِ الغربية‬
‫من وحي الحصاد‬
‫س ّجادة ُ الحرير األحمر‬
‫رشاء ُ الزهور‬
‫ببغاء ُ أرسة تسني‬
‫موكب املامليك‬
‫سؤال ٌ إىل الصديق ليو‬
‫لغة ٌ أحببتها ‪ ....................‬كامل‬
‫ولدي والكتاب‬

‫‪9‬‬
‫شكوى من الضباع والذئاب‬
‫رباعية القينة املغنية ‪ ............................‬دو مو‬
‫نزهة ٌ يف الجبل‬
‫رباع ّية قرص هواتشني‬
‫الوزة ُ الربيَّة ُ الشَّ اردة‬
‫رباعية الربيع يف جنوب النهر‬
‫أغنية ُ الوداع‬
‫الغروب ‪ .........................‬ىل شانغ ين‬
‫قصيدة ٌ بال عنوان‬
‫هموم ُ اإلمرباطور‬
‫الزيز‬
‫إمرباطور يلهو وشعب ٌ يشقى‬
‫الحثالة ُ للشعب ‪ ...................................‬أو يانغ شيو‬
‫الجامل الغارب‬
‫عازف القيثار‬
‫أهايل شامل النهر ‪ ...........................‬وانغ آن ىش‬
‫حنني ٌ إىل مسقط ِ الرأس‬
‫فوق َ الق ّمة الطائرة‬
‫تأوهات فالحة ‪ ..............................‬سو ىش‬
‫فوق َ البحرية‬
‫يف عيد البدر‬

‫‪10‬‬
‫البحرية الغربية‬
‫جبل لوشان‬
‫ليلة ٌ يف القارب‬
‫خاطرة‬
‫املساء ُ الحزين ‪ ............................‬يل تشينغ تشاو‬
‫ترنيمة املرشدة‬
‫أشواق ٌ إىل الراحل ِ بعيد ا ً‬
‫التشوق ُ إىل املعركة ‪ .......................‬يويه ىف‬
‫أرق ُ املحارب‬
‫نزهة ٌ يف القرية الغربية ‪ ..................‬لو يو‬
‫ترنيمة ُ الفجر ِ الحزينة‬
‫إىل ولدى‬
‫زهرة ُ امليهوا‬
‫العجوز الحارس‬
‫املساء ُ ‪ ......................‬شني تىش جى‬
‫بني َ عهدين‬
‫حرسة ُ القائد‬

‫‪11‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة تانغ امللكية‬

‫وانغ وى‬
‫شاب ناقد ٌ َو شيخ ٌ زاهد ٌ‬
‫( ‪ 701‬ـ ‪) 761‬‬
‫معارص ٌ للشاعرين الكبريين دو فو َو ىل باى ‪ ،‬توىل منصب مستشار اإلمرباطور ومندوبه املتجول ويف‬
‫األربعني من عمره اضطر َّ ألسباب ٍ سياسية إىل االعتزال يف بعض ِ الجبال مع االحتفاظ اسميا ً مبنصبه‬
‫السابق ‪ .‬ويف أواخر حياته أنعم َ عليه مبنصب وزير امليمنة ‪ .‬أتقن َ فن َّ املوسيقا ورسم الطبيعة ‪ ،‬وهكذا‬
‫جاءت قصائده غنية ً بالجرس املوسيقي واللوحات ِ الفنية ‪ ،‬حتى قيل َ فيه “ قصائد ه لوحات ٌ منظومة ٌ‬
‫“‬
‫له ديوان اسمه “ ديوان وانغ وزير امليمنة “ ‪.‬‬

‫يف الجبل‬

‫من الوادي املغطَّى باألدغال‬


‫صخو ٌر بيضاء تربز ‪،‬‬
‫السامء الباردة‬
‫ويف َّ‬
‫أور ٌاق حمراء تتناثر ‪،‬‬
‫الدرب الجبيل‬
‫وعىل َّ‬
‫مل ْ‬
‫ينزل مطر ‪.‬‬
‫لك َّنام من زُرقة ِ الفضاء‬
‫يكاد ُ ثويب بال َّندى يقطر ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وادي الطّـ ُّـيور املغ ِّردة‬

‫ال َّناس ُ يسرتيحون ‪،‬‬


‫وأزهار ُ العنرب ِ تتساقط ُ ‪.‬‬
‫الليل ُ ربيع ٌ هادئ‬
‫فوق َ الجبل الخايل ‪،‬‬
‫والبدر ُ عند َ بزوغه ِ‬
‫أقلق الطيور َ الغافية ‪،‬‬
‫َ‬
‫وحينا ً بعد َ حني ‪،‬‬
‫تتجاوب ُ أصواتها‬
‫مع السواقي الربيع َّية ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫غروب خريفي ٌ يف الجبل‬
‫ٌ‬

‫بعد َ غيث ٍ جديد ‪،‬‬


‫فوق َ الجبل ِ الخايل ‪،‬‬
‫توحي رطوبة ُ املسا‬
‫بعودة ِ الخريف ‪.‬‬
‫الصنوبر‬
‫القمر ُ عرب َ َّ‬
‫صافيا ً يرشق ُ ‪،‬‬
‫والجدول ُ ال ّرقراق ُ‬
‫ينساب ُ فوق َ الحىص ‪.‬‬
‫يوسوس البامبو‬
‫بعودة ال ِّنساء بالغسيل ‪.‬‬
‫ويرقص ُ اللوتس‬
‫الص َّياد ‪.‬‬
‫خلف َ قارب ِ َّ‬
‫وإن يكن َّ‬
‫ول‬
‫مع ال َّربيع الطَّلق عطر ال َّربيع ‪،‬‬
‫فإنني باق مع الخريف‬
‫ألن َّللخريف بعض الشَّ ذا‬
‫تشتاقه ُ جوانح ال َّناسكني ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ّفلحو وادي ويتشوان‬

‫عندما الشَّ مس الغاربة‬


‫تو ِّدع بنورها القرية ‪،‬‬
‫تعود ُ األبقار والخراف‬
‫تتزاحم ُ يف األز َّقة الضّ ّيقة ‪.‬‬
‫العجوز ُ ال ّريفي ينتظر بشوق‬
‫الصغري ‪،‬‬
‫راعيه ّ‬
‫مستندا ً إىل عكازه‬
‫أمام َ بوابة من األعواد الشائكة ‪،‬‬
‫ديوك الغابة تزقو‬
‫والقمح يسنبل‬
‫القز ُّ ينام‬
‫وأوراق التـ ُّـوت نضبت ‪.‬‬
‫الفالحون فؤوسهم عىل أكتافهم‬
‫يتقاربون‬
‫ويدردشون طويال ً طويال ً ‪.‬‬
‫يف هذه اللّحظة‬
‫أغبط فيهم‬
‫تلك الطُّأمنينة الهادئة‬
‫وبصوت ٍ خافت ٍ مرير‬
‫أر ِّدد يف نفيس ‪:‬‬
‫“ ما أحالها عيشة ُ ّ‬
‫الفلح ‪“ .‬‬
‫‪15‬‬
‫غروب‬

‫ال طيف َ إنسان ٍيلوح‬


‫يف جوانب الجبل ‪.‬‬
‫لكن لصوت ِ ال َّناس ِ‬
‫يف سفوحه صدى ‪.‬‬
‫أش ّعة ُ الغروب‬
‫تسلّلت يف الغابة العميقة‬
‫وغمرت بنورها‬
‫الطَّحالب َالخرضاء من جديد ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وداع ُ املسافر‬

‫الصبح ِ الرىب‬
‫سكرت ْ من مطر ِ ُّ‬
‫الصفصاف ُ يف ال ُّنزل ِ القديم‬
‫وزها َّ‬
‫فأدر ْ كأسك َ مثنى ‪ ،‬فغدا ً‬
‫تجد الكأس َ وال تلقى ال َّنديم ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة ِ تانغ امللكية‬
‫ىل باى‬
‫شعره خمرة ٌ ما زادها الزمن ُ ّإل جودة ً‬
‫( ‪ 701‬ـــــ ‪) 762‬‬

‫أقدم وأشهر الشعراء الرومنطيقيني الصينيني ‪ ،‬عاش حياة الجوالة الرحالة فانطبعت آثار أقدامه عىل أشهر‬
‫الجبال واألودية وانطبعت صورته عىل أشهر األنهار والبحريات ‪.‬‬
‫يف عام ‪ 742‬أنعم عليه اإلمرباطور بلقب “ هان لني “ أي شاعر القرص ولك ّنه ما لبث أن غادر القرص بعد‬
‫رشدا ً بائسا ً ‪.‬‬
‫الحساد والوشاة ضده وهكذا قىض شيخوخته م ّ‬
‫تألب ّ‬
‫له ُ ديوان يحمل اسمه ويحتوي عىل ما يقرب من تسعامئة ٍ و تسعني قصيدة ‪.‬‬

‫أغنية ُ العروس الحزينة‬


‫عندما بدأ شعري يغطي جبيني ‪،‬‬
‫كنا نقطف ُ الزهور َ معا ً ‪،‬‬
‫ونلعب ُ معا ً أمام َ البوابة ِ ‪.‬‬
‫كنت َ تأيت ‪،‬‬
‫حصانك َ من قصب البامبو ‪،‬‬
‫وزادك َ برقوق ٌ أخرض ‪،‬‬
‫ُ‬
‫تجول حول َ رسيري ‪.‬‬
‫طفلني متجاورين‬
‫نلهو بال ريب أو ظنون ‪.‬‬
‫يف الرابعة عرش من عمري‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫زفوين إليك ‪.‬‬
‫اِستبد َّ يب الحياء ‪،‬‬
‫فأحنيت رأيس ‪،‬‬
‫وانزويت ُ يف ركن ٍ مظلم ‪،‬‬
‫وألف نداء منك‬
‫ظلت بال جواب ‪.‬‬
‫يف الخامسة عرش ‪،‬‬
‫عرفت ُ السعادة ‪،‬‬
‫ومتنيت ُ أن نظل َّ معا ً‬
‫كاملاء والخمر ‪،‬‬
‫وأن ِ‬
‫نف بعهدنا‬
‫وفاء حاضن الركيزة * ‪......‬‬
‫ومل يدر يف خلدي ذات يوم‬
‫فوق مسطبة ِ الشوق **‪،‬‬
‫أرقب ُ عودتك َ من بعيد ‪.‬‬
‫ويف السادسة عرش ‪,‬‬
‫بعيدا ً أقلعت ‪.‬‬
‫صخور املضيق‬
‫املختفية تحت َ املاء يف مايو ‪،‬‬
‫تشيع ُ يف السفينة الخوف ‪،‬‬
‫وعويل َ القرود‬

‫‪19‬‬
‫يف عنان ِ السامء ‪،‬‬
‫يبعث ُ الحزن ُ يف النفوس ‪.‬‬
‫وهنا أمام َ بابنا‬
‫قد غطَّت الطَّحالب‬
‫أثار َ أقدامك القدمية ‪.‬‬
‫وريح ُ الخريف ِ املبكرة‬
‫نرثت فوقها أوراق الشجر ‪،‬‬
‫فكيف َ أكنسها ؟ !‬
‫الصيف ِ‬
‫ويف َّ‬
‫ِ‬
‫أقبلت الفراشات ُ‬
‫زوجني زوجني‬
‫ترتاقص فوق َ املرج ِ األخرض ‪.‬‬
‫وزوجتك َ يلفُّها الحزن ُ ‪،‬‬
‫ويذبل ُ يف وجنتيها الورد ُ ‪.‬‬
‫قلبي يحدثني بأنك عائد ‪،‬‬
‫فهال رسالة منك ‪،‬‬
‫فأطري الستقبالك ‪ ،‬مئات األميال ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫*حاضن الركيزة ‪ :‬إشارة إىل قصة قدمية تعترب رمزاً للوفاء ‪ ،‬تروي أن حبيبني تواعدا أن يلتقيا تحت الجرس ‪.‬‬
‫وظل الحبيب ينتظر رغم ارتفاع مياه النهر بسبب الفيضان وهو يحضن ركيزة الجرس حتى غمرته املياه‬ ‫ّ‬
‫** مصطبة الشوق ‪ :‬إشارة إىل أي مكان مرتفع يقف فوقه الشخص الذي ينتظر عودة حبيب أو قريب ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫وداع ُ صديق‬

‫من مقصورة الكرىك ‪،‬‬


‫أودع ُ صديقا ً حميام ً‬
‫يف طريقه ِ إىل الجنوب ‪.‬‬
‫الصفصاف تتطاي ُر من حويل ‪،‬‬
‫زهور َّ‬
‫وال أرى غري َ رشا ٍع وحيد‬
‫يبتعد ُ ويبتعد ُ ‪ ،‬يف األفق األزرق ِ‬
‫حيث ال يشء ‪،‬‬
‫إال نهر ُ اليانغتىس‬
‫السامء ‪.‬‬
‫كأنه يجري يف حوايش ّ‬

‫‪21‬‬
‫السخرة‬
‫عمل ّ‬
‫حداء ّ‬

‫بالحبال يسحبون السفينة مصعدين ‪،‬‬


‫وعىل الشاطئني ترتاءى أشباح ُ التجار ‪.‬‬
‫ما أصعب سحب السفينة وما أضناه !‬
‫عندما تلهث الجواميس تحت ضوء القمر ‪،‬‬
‫وعندما يصبح ُ ماء النهر‬
‫كدرا ً ال يرشب ‪،‬‬
‫فطاسة نصفها حثالة من طني ‪.‬‬
‫حداؤهم أرجوزة ٌ حزينة ‪،‬‬
‫تبلل الخدود بالدموع ‪.‬‬
‫وآالف الحجارين‬
‫يرهقهم تكسري الصخور ‪،‬‬
‫ويدمي مناكبهم نقلها ‪.‬‬
‫ألف ميل ٍ متتد ُّ الصخور املدببة ُ ‪،‬‬
‫والحزن ُ املبلل ُ بالدموع‬
‫ميتد ُّ ألف َ عام !‬

‫‪22‬‬
‫رحلة ٌ يف جبال الجن‬

‫عن جبال الجن يف البحر الرشقي ‪،‬‬


‫يتحدث جوابة البحار ‪.‬‬
‫جبال ملتفعة بالدخان والضباب ‪،‬‬
‫محجبة عن أعني الناظرين ‪.‬‬
‫ويف الجنوب ‪،‬‬
‫يتحدث الناس عن جبل تيان مو ‪،‬‬
‫جبل ٌ رداؤه سحب ٌ وردية ‪،‬‬
‫تزيده فتنة ً للنظر ‪.‬‬
‫تيان مو ينطح برأسه السامء ‪،‬‬
‫شامخا ً فوق َ أكتاف الجبال الخمسة ‪،‬‬
‫آالف األذرع يرتفع ُ جبل ُ تيان تاي ‪،‬‬
‫و لك َّنه يبدو ساجدا ً عند قدميه ‪.‬‬
‫لذ َّ يل أن أحلم بأنني طائر ٌ إليه ‪،‬‬
‫عابراً فوق َ بحرية ِ املرآة ‪،‬‬
‫القمر ُ السابح ُ يف املاء‬
‫يعكس ُ ِّ‬
‫ظل ‪،‬‬
‫ويحملني يف ليلة ٍ واحدة ٍ إليه ‪.‬‬
‫بيت الشيخ شيه ما زال عىل حاله ‪،‬‬
‫املياه الخرضاء املرتقرقة‬

‫‪23‬‬
‫وعويل السعادين‬
‫تحدق ُ به ‪............‬‬
‫ِّ‬
‫لبست ُ حذاء الشيخ ‪،‬‬
‫وتسلقت ُ سالمل َ السحب الساموية ‪.‬‬
‫رأيت ُ الشمس َ تنبثق ُ من صدر البحر ‪،‬‬
‫وسمعت ُ صياح الديك الساموي‬
‫يرتدد يف أجواء الفضاء ‪.‬‬
‫آالف الصخور تشمخ ُ بأنفها ‪،‬‬
‫والدرب ُ منعطفات ٌ ال تحىص ‪.‬‬
‫أسندت ُ ظهري إىل صخرة ‪،‬‬
‫مسحورا ً بفتنة ِ الزهور ‪،‬‬
‫وفجأة ً هجم َ الظالم ‪.‬‬
‫الدب ُ يزمجر ُ ‪،‬‬
‫وال ِّت ّنني ُ يزأر ُ ‪،‬‬
‫والينابع ُ صخابة ً تهدر ‪،‬‬
‫فالغابة ُ الكثيفة ُ مذعورة ترتعش ُ ‪،‬‬
‫والجبال ُ الشاهقة ُ من خوفها متيد ُ ‪.‬‬
‫السحب ُ الداكنة ُ مثقلة ٌ باملطر ‪.‬‬
‫واملياه تتواثب ُ ‪ ،‬رذاذها دخان ‪.‬‬
‫الرعد يدوي والربق ُ يشتعل ‪،‬‬
‫والصواعق ُ تدك ُّ الجبال ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫بوابة ُ الكهف ِ الصخرية‬
‫اِنفتحت بقرقعة ٍ هادرة ‪،‬‬
‫كاشفة ً عن عامل ٍ رحب ٍ بال نهاية ٍ ‪،‬‬
‫شموسه تسطع ُ عىل قصور ٍ‬
‫من ذهب ٍ وفضّ ة ‪.‬‬
‫ومن فضائه تتنزل متالحقة مواكب الجن ‪.‬‬
‫أرديتهم السحب ُ امللونة ‪،‬‬
‫وجيادهم الرياح املتدافعة ‪.‬‬
‫النمور تعزف عىل أعوادها ‪،‬‬
‫والعنقاوات تجر ُّ عربات العودة ‪،‬‬
‫تشابكت صفوفهم تشابك الخيوط يف النسيج ‪،‬‬
‫اِرتجفت روحي فجأة ‪،‬‬
‫وارتعش َ بدين ‪.‬‬
‫نهضت خائفا ً بني بني ‪،‬‬
‫وفؤادي يخفق ُ بالدهشة ‪.‬‬
‫وبدأ الحلم ُ يتبدد ‪،‬‬
‫فتالشت السحب ُ امللونة‬
‫والضباب واملواكب ‪،‬‬
‫ومل يبق َ يل‬
‫غري الوسادة والحصري ‪،‬‬
‫وهكذا مباهج الدنيا‬

‫‪25‬‬
‫منذ الزمان الغابر الغابر‬
‫متيض كامء النهر ال تنثني ‪،‬‬
‫وترمتي يف عامل آخر ‪.‬‬
‫أصدقايئ ودعتهم ‪،‬‬
‫َّ‬
‫فأن نلتقي ؟‬
‫وحيدا ً أرعى الغزال األبيض ‪،‬‬
‫علَّه يحملني يوما ً إىل جبل الجن ّ‪.‬‬
‫‪.......................‬‬
‫كيف َ أطأطئ رأيس‬
‫يف خدمة ِ الحكَّام ‪،‬‬
‫وأحني ظهري ‪.‬‬
‫إن أفعل ‪،‬‬
‫خيم يف عيني الحزن ُ و يف صدري !‬

‫‪26‬‬
‫وداع ُ ال َّذاهبني بال رجوع‬

‫هب املتهاوية ‪،‬‬


‫السوق تتالحق مثل َالشُّ ِ‬
‫أوامر ُ ُّ‬
‫والتقى ال ّنمر ُاملشطو ُر بالنم ِر املشطور ‪.‬‬
‫وتعالت صيحات ٌ تستعجل ُ إرسال َ ال َّنجدات ‪،‬‬
‫صيحات ٌتفزِع حتى الطَّري الجاثم يف األعشاش ‪.‬‬
‫الشَّ مس تطل ُّ وتسطع ُ يف ردهات ِ القرص ِ ‪,‬‬
‫وكبار القادة يف التفكري ويف التدبري ‪.‬‬
‫والسالم ‪،‬‬
‫يف األرض والسامء يخيم الوئام َّ‬
‫وعىل البحار األربعة يهيمن األمان ‪.‬‬
‫ويربز السؤال ‪،‬‬
‫ملاذا كل ذلك الضجيج ؟ !‬
‫وتسمع ُ الجواب ‪،‬‬
‫لنجدة ِ الحدود يجند الرجال من جديد ‪.‬‬
‫ليعربوا يف شهر مايو اليانغتىس ‪،‬‬
‫ويزحفوا للحرب ِ يف يوننان ‪.‬‬
‫ال يصلح املجند القرسي للقتال ‪،‬‬
‫والرحلة الطويلة‬
‫يف البلد املغمور باللهيب ال تطاق ُ ‪.‬‬
‫وداعهم مناحة تطاول السامء ‪،‬‬
‫فغام َ وجه الشمس ِ والقمر ‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫وشحب َ الضياء ‪.‬‬
‫وعندما تالشت الدموع ‪،‬‬
‫تقاطرت دموعهم دماء ‪.‬‬
‫قلوبهم كسرية ‪،‬‬
‫ال صوت إال النوح والنشيج ‪.‬‬
‫كأنَّهم أيائل ‪،‬‬
‫يف دربها املسدود تقاوم النمور ‪.‬‬
‫كالسمك املرهق‬
‫تجري خلفه الحيتان ‪.‬‬
‫من كل ألف ال يعود واحد ‪،‬‬
‫وهل يرجى الجسد املرمي يف النريان‬
‫أن يعود ‪.......‬‬
‫يا حبذا لو يرقص الجنود‬
‫هناك بالرماح والرتوس ‪،‬‬
‫فيغسلوا بالحب ّ والغناء‬
‫ضغائن َ النفوس ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫أنشودة ُ تشيو بو‬

‫السامء واألرض ‪،‬‬


‫نريانُ التنور تيضء َّ‬
‫البنفسجي ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الدخان‬
‫الرش ُر األحمر يخالط ُ ُّ‬
‫ِ‬
‫العامل مرشقة تيضء ظلامت الليل ‪،‬‬ ‫وجوه‬
‫وأهازيجهم تهيج ُ مياه ال َّنه ِر الباردة ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫حنني ٌ إىل مسقط ِال َّرأس‬

‫ضوء ُ القمر يرمتي أمام َ رسيري ‪،‬‬


‫أخالُه ُ غاللة ً من صقيع ‪.‬‬
‫ناظري الضياء ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أرفع ُ رأيس فيغمر‬
‫أخفض ُ رأيس ف ُيلهِب ُ جوانحي الحنني ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫يف جبل لوشان‬

‫ق َّمة ُاملبخرة تنفث ضبابا ً بنفسج َّيا ً‬


‫تحت َ أش َّعة ِ الشمس ِ ‪.‬‬
‫من بعيد ٍ يلوح شالل معلق ‪،‬‬
‫ينقض من ثالثة ِ آالف ذراع ‪،‬‬
‫سيل ُّ‬
‫يخيل ُ إيل ّ أن نهر َ املج ّرة ِ‬
‫ينصب ُّ من َ السامء ِ التاسعة ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة تانغ امللكية‬
‫تسن سان‬
‫شاعر ُ الخيل ِ والليل ِ والبيداء‬
‫(‪ 715‬ـ ‪) 770‬‬
‫تول عدة مناصب مرموقة وعاش َ فرتات‬‫قمة من قمم األدب يف العرص الذهبي يف أرسة ِ تانغ امللكية ‪َّ .‬‬
‫طويلة يف مناطق الحدود بحكم ِ وظيفته فخرب حياة َاملعسكرات الحدودية ومتتع مبناظر هذه املناطق‬
‫النائية ‪ ،‬فانطبع َ كل ذلك يف قصائده التي تنترش بشكل ٍ خاص يف مناطق الحدود‪ ،‬له ديوان باسمه يشتمل‬
‫عىل ثالمثائة وستني قصيدة ‪.‬‬

‫يوم عاصف ٍ‬
‫وداع ٌ يف ٍ‬

‫ال ِّريح الشَّ امل ّية تطوي األرض َ ‪،‬‬


‫وتقصف ُ أعناق َ الغزار ‪.‬‬
‫ومع إطاللة ِ الشهر ِ الثامن‬
‫تطاير الثلج ُ يف سامء “ هو “ ‪.‬‬
‫كان َ نسيم ُ الربيع قد هب ّ فجأة ً ‪،‬‬
‫فتفتحت يف ليلة ٍ واحدة‬
‫زهور آالف من أشجار الك َّمرثى ‪.‬‬
‫رقع الثلج ِ الشَّ اردة‬
‫تسللت عرب ستار الخرز ‪،‬‬
‫فبللت ِ الستائر الحريرية ‪.‬‬
‫فرو الثعلب مل يعد يدفئ ‪،‬‬
‫واللحاف ُ تقلَّص ورق ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫تجمدت قوس ُ القائد ‪،‬‬
‫فال ميكن ُ توتريها ‪.‬‬
‫وقميصه ُ املرسودة ُ من حديد‬
‫يصعب ُ ارتداؤها ‪.‬‬
‫بحر ُ الرمال مدثَّر‬
‫بألف ِ ذراع ٍ من الجليد ‪،‬‬
‫والغيوم الداكنة الحزينة‬
‫تلبدت عىل مدى آالف األميال‬
‫بذل القائد ُ الخمر َ‬
‫إلرواء ِ الضيف ِ املسافر ‪.‬‬
‫وعزفت آالت السامع‬
‫القانون والعود واملزمار البلدي ‪.‬‬
‫ومع الغروب‬
‫تزاحمت رقع الثلج عىل باب املعسكر ‪.‬‬
‫والريح تعجز عن تحريك الراية املتجمدة ‪.‬‬
‫أشيع الصديق املسافر‬
‫حتى البوابة الرشقية ‪.‬‬
‫ومن بعيد تلوح الدروب الجبلية‬
‫ويف منعطفاتها يختفي طيفه املبتعد ‪،‬‬
‫وال يشء‬
‫غري آثار من حوافر حصانه ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وداع عند جبل النار‬

‫يزحف الجيش ‪،‬‬


‫ُ‬ ‫خلفك َ‬ ‫يف الشهر الخامس‬
‫وأمامك ترشق ُالزهرة ‪.‬‬ ‫يندر أن مير ّإنسان‬
‫ومع دوي األبواق‬ ‫بجبل النار ‪.‬‬
‫ينبثق الفجر ُ‬ ‫ولكني رأيتك هناك‬
‫يف سامء الحدود ‪.‬‬ ‫عىل صهوة جوادك‬
‫تسابق الطري ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫رسال ٌة إىل األهل‬

‫تلفت نحو داري يف الرشق ‪،‬‬


‫فاملدى بعيد بعيد ‪.‬‬
‫تبللت أردايئ ‪،‬‬
‫ودمعي مل يجف ‪.‬‬
‫راكبا ً صادفتك َ ‪،‬‬
‫ال قلم وال ورق ٌ ‪.‬‬
‫َّ‬
‫فهل حملت َ إىل أهيل‬
‫أخبار َ سالمتي ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الصحراء الغرب َّية‬
‫يف َّ‬

‫جوادي يطري نحو الغرب ‪،‬‬


‫يكاد ُ يالمس أطراف السامء ‪،‬‬
‫ودعت أهيل ‪،‬‬
‫ورأيت القمر يبدر ُ مرتني ‪.‬‬
‫أين أبيت هذه الليلة ‪،‬‬
‫ال أدري ‪.‬‬
‫الرمال ُ تنبسط عىل مدى النظر‬
‫بال شبح إلنسان‬
‫أو خيط من دخان ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫شاعر من أرسة تانغ امللكية‬
‫دو فو‬
‫شاعر نب َذه ُ القرص وخلَّده الكوخ‬
‫( ‪ 712‬ـ ‪) 770‬‬
‫ٌّعظيم واسع ُاملعرفة أذىك يف نفسه طموحات ٍسياس ّية ً مل يخمدها ّإل املوت ‪ ،‬لك ّنه مل يوفق‬
‫ٌ‬ ‫شاعر ٌ واقعي‬
‫الحصول عىل وظيف ٍة بسيطة ٍيف الخدمات العسكريّة وهو يف الثالثة‬
‫ِ‬ ‫بسبب ِالظُّروف السائدة آنذاك ّإل يف‬
‫سنوات حتى انترشت الفوىض يف البالد وهكذا أتيح له أن يخترب َ بنفسه آالم َ الشعب‬‫ٌ‬ ‫واألربعني ‪.‬ومل متض ِ‬
‫ِوآماله ‪ .‬وصل َ إلينا من شعره حوايل ‪ 1400‬قصيدة طبعت يف ديوان يحمل ُ اسم َ الشاعر ‪.‬‬

‫أمام َ جبل تايشان‬


‫آه ‪ ،‬ماذا عن جبل تايشان ؟‬
‫متتد بال نهاية ‪.‬‬
‫خرضة ٌشامخة ُّ‬
‫مبدع ُالكون ِ أودع َ فيه ‪،‬‬
‫كل َّما يف الطَّبيعة من جامل ‪.‬‬
‫حاجزاً يقف ُ بني الظلامت ِ والنور ‪،‬‬
‫السحب ُ املرتاقصة ُحوله ‪،‬‬
‫الصدور ‪.‬‬
‫ترشح ُ بتهوميها ّ‬
‫السامء الواسعة ‪،‬‬
‫بحدة ٍ إىل ّ‬
‫أحدق ُ ّ‬
‫فأملح ُ الطيور َ عائدة ً إىل أعشاشها ‪.‬‬
‫ال بد َّ يل أن أعتيل ق َّمته ‪،‬‬
‫فأرى الجبال حوله أقزاما ً ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫أغني ُة املركبات ِالحرب َّية‬

‫املركبات ُ تقرقع ‪،‬‬


‫والخيول ُ تصهل ‪،‬‬
‫وال ِّرجال ُ يتمنطقون بالقىس وال ِّنبال ‪.‬‬
‫اآلباء ُواأل ّمهات ُوال َّزوجات ُيش ِّيعونهم ‪،‬‬
‫يثريون َ غباراً يكاد ُيحجب جرس َ الوداع وراء شيانيانغ ‪.‬‬
‫يعرتضون طريقهم ‪،‬‬
‫يتشبثون َ بأطراف ِ مالبسهم ‪،‬‬
‫َاألرض بأقدامهم ‪،‬‬
‫منتحبني ضاربني َ‬
‫السامء ‪.‬‬
‫فيخرتق ُ عويلهم عنان َ َّ‬
‫ويتساءل ُ العابرون َ ‪ ،‬فال جواب ‪،‬‬
‫إال تفاقم ال َّتجنيد القرسي ‪.‬‬
‫الفتيان يف الخامسة عرش يحرسون ال َّنهر َ يف الشّ امل ‪،‬‬
‫وبعد َ األربعني يساقون َ إىل الغرب‬
‫للعمل ِيف املزارع ِامللك َّية ‪.‬‬
‫السوق ‪،‬‬
‫الشَّ يخ ُ عصب َ رؤوسهم بالعامئم قبيل َّ‬
‫وما زالوا حتى اليوم يرابطون َ عىل الحدود ‪،‬‬
‫وقد عمم الشيب ُرؤوسهم ‪.‬‬
‫الحدود ُبح ٌر من دم ٍ‬
‫وتعطُّش اإلمرباطور ّ‬
‫للتوسع ال يعرف ُ الشَّ بع ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫هل سمعت َ بأن َّ مائتي والية وآالف القرى‬
‫خلف َ الجبال الرشق َّية‬
‫تنبت ّإل الهشيم ‪.‬‬
‫ال ُ‬
‫واألرض ُالتي تولت النساء زراعتها ‪،‬‬
‫تشعثت وتنافرت أثالمها ‪.‬‬
‫أشداء بواسل يف املعارك ‪،‬‬
‫أجل ‪ ،‬هؤالء ال ّرجال ّ‬
‫ولكن ضباطهم يسوقونهم سوق َ الكالب أو الفراخ ‪.‬‬
‫وسؤال ُ العجوز عن أحوالهم ظل ّ‬
‫بال جواب ‪،‬‬
‫فمن يجرؤ منهم عىل بث ِّشكواه امل َّرة ‪.‬‬
‫الشِّ تاء عا َد ‪،‬‬
‫واملرابطون عىل ب َّوابة البالد الغرب ّية‬
‫ملَّا يُ َّ‬
‫رسحوا ‪.‬‬
‫يشددون َ يف جمع ِ الرضائب ‪،‬‬
‫والحكام ُ ّ‬
‫الدفع ؟‬
‫ومن يقدر عىل ّ‬
‫علّمتنا األ ّيام ‪،‬‬
‫الصبي ‪،‬‬
‫أن نحزن َ لوالدة َّ‬
‫رش بالبنت ‪.‬‬
‫وأن نستب َ‬
‫البنت ُ قد تتز ّوج من ابن ِ الجريان ‪،‬‬
‫أما الولد ُ فأكفانه ُ أعشاب ُ الربِّ ‪.‬‬
‫أال ترى العظام َ ال ّنخرة‬

‫‪39‬‬
‫منثورة ًعىل شواطئ البحرية ِ ال ّزرقاء ‪،‬‬
‫وال من يدفنها ‪.‬‬
‫أشباح قتىل اليوم‬
‫يعولون مع أشباح قتىل األمس ‪،‬‬
‫ونشيجهم يرتد ُد أعىل فأعىل‬
‫يف اليوم ِ العاصف ِ املطري ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ليل ٌة ُمق ِمرة‬

‫هذه ِالليل ُة يبدو القم ُر ِّ‬


‫الفض ُّ‬
‫بدرا ً فوق فوتشو ‪،‬‬
‫وهي من ش َّباكها ترنو إليه ‪.‬‬
‫تدرك‬
‫بنتها الطفلة مل ْ‬
‫لهيب َ الشوق ِ أو طعم َ الفراق ‪.‬‬
‫وضباب الليل ِ بالعطر ِ يندي شع َرها ‪،‬‬
‫ُ‬
‫وضياء ُالقمر ِالبارد أضفى‬
‫حلة ً فوق َ ذراعيها بلون املرمر ‪.‬‬
‫فمتى ‪ ،‬آه نرجو اللّقاء ‪،‬‬
‫ومعا ً نرنو إىل البدر ِ الويضء ‪،‬‬
‫الدمع َ بكفينا وأحزان الفراق ‪.‬‬
‫منسح ُ َّ‬

‫‪41‬‬
‫ال َّربيع ُ يف األطالل‬

‫الدولة ُ تحطَّمت ‪،‬‬


‫ّ‬
‫تتغي ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والجبال فلم َّ ْ‬ ‫أ ّما األنها ُر‬
‫ات ال ِّربية‬
‫األعشاب ُ والشُّ جري ُ‬
‫تنمو طليقة ً بني أطالل ِ املدينة ‪.‬‬
‫ال ُّزهور ُ الباسمة ُ‬
‫عيني الحزينتني ‪،‬‬
‫ُالدموع َيف َّ‬
‫تبعث ُّ‬
‫وتغريد ُ الطّيور‬
‫يبعث الفزع َيف قلبي الكئيب ‪.‬‬
‫تخمد من ُذ عام ‪،‬‬
‫ْ‬ ‫نريان ُ الحرب مل‬
‫ورسالة من األهل ِ تسوى ألف َ مثقال ‪.‬‬
‫شعري األبيض حتى تقطَّع ‪،‬‬
‫َ‬ ‫شددت ُ‬
‫وزل ّ عن بقاياه مشبك ُ الضّ فرية ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫غيث ٌ يف ليلة ٍ ربيع َّية‬

‫أقبل َالغيث ُالربيعي ُّ ‪،‬‬


‫يل ّبي شوق َ األرض ِ إليه ‪.‬‬
‫تسلل ليال ً عىل أجنح ِة ال ّريح ‪،‬‬
‫مرطبا ً منعشا ً برفق ٍ وخفــّة ‪.‬‬
‫السامء َواألرض ‪،‬‬
‫الظـ ّـالم يسود ُ ّ‬
‫ال ضوء َ إال مصباح قارب ٍ نهري ‪.‬‬
‫الصباح ‪،‬‬
‫جميال ً فاتنا ً يرشق ُ َّ‬
‫عىل غصون ِ منورة مثقلة ٍ بآللئ املطر ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫خواط ُر يف ليلة ٍ ُمقمرة‬

‫أعشاب الشَّ اطئ ال َّرشيقة ‪،‬‬


‫َ‬ ‫ال َّنسيم ُيداعب ُ‬
‫الشاع ّية تنساب وحيدة ً يف الليل ‪.‬‬‫السفينة ُ ِّ‬
‫َّ‬
‫السهل ِ الشاسع ِ ‪،‬‬ ‫ال ُّنجوم عناقيد فض َّية معلَّقة َ‬
‫فوق ّ‬
‫مياه النهر ِ تتد َّفق ُ ملتفعة ً بضوء ِ القمر ‪.‬‬
‫أ صحيح ٌ أنَّ قصائدي أكسبتني الشُّ هرة َ ؟‬
‫عجوزا ً مريضا ً عيل َّ أن أعتزل َ املنصب ‪.‬‬
‫ملرشد الضارب ُيف اآلفاق ؟‬
‫مباذا أشبهك َ أ ُّيها ا َّ‬
‫والسامء ‪.‬‬
‫قطاة صحراويّة أنت هامئة بني األرض ِ َّ‬

‫‪44‬‬
‫يف ال ِّريف‬

‫ما أجمل بيتي يف ال ِّريف ‪،‬‬


‫يف ال ّريف الفتان ال ّن ِض‬
‫أختال ُ بظل ِّ حديقته ‪،‬‬
‫رسح يف الدنيا نظري !‬
‫وأ ِّ‬
‫ال َّنهر ُ مير ُّ به غردا ً ‪،‬‬
‫يزهو بأكاليل ِال َّزهر ِ ‪.‬‬
‫وصغا ُر األسامك انطلقت ‪،‬‬
‫ترتاقص ُ نشوى باملطر ِ ‪.‬‬
‫وتجوب ُ الج َّو سنونات ٌ ‪،‬‬
‫والشمس ُ تو ِّدع ُ يف خفر ٍ ‪.‬‬
‫أرجاء مدينتنا ازدحمت‬
‫الدور وبالبرش ِ ‪.‬‬
‫بألوف ّ‬
‫بيت ‪،‬‬
‫وهنا بيتان ‪ ،‬ويل ٌ‬
‫يف ال ِّريف الفتان ِ ال ّنرض ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫أغني ُة ريحِ الخريف ِوكوخُ القصب ِ‬

‫عصفت يف الخريف ريح ٌ بكوخي‬


‫فأطارت يف واسع الجو سقفه‬
‫نرثته يف النهر يعبث فيه‬
‫ثم يلقيه يف مجاهل ضفَّه‬
‫ورمت بعضَ ه بأحضان ِ دوح ٍ ‪........‬‬
‫ومن القرية القريبة جاءت‬
‫الصبيان‬
‫تتنادى عصائب ِّ‬
‫وجدوين شيخا ً ضعيفا ً فه ُّبوا‬
‫يرسقون املنثور من خيزراين‬
‫ويف ّرون من أمامي تباعا ً‬
‫حاملني األسالب لألكواخ‬
‫ال تبايل أسامعهم برصاخي‬
‫جف َّ حلقي ‪ ،‬وبح َّ صويت ‪ ،‬وضاعا ‪.......‬‬
‫فتوكأت ُ فوق َ منت عصايا‬
‫ثم َّ جرجرت ُ نحو َ بيتي خطايا‬
‫وتالىش اإلعصار ُ يف األجواء‬
‫السوداء‬
‫السحائب ِ َّ‬
‫وفلول ُ ّ‬
‫ح ّومت تستحث َ‬
‫جيش املساء‬
‫ورأيت الفراش عند رجوعي‬
‫ُ‬

‫‪46‬‬
‫باردا ً كالحديد وهو حطام‬
‫تحت أقدام صبيتي األشقياء‬
‫السقف ِ وابل الوكف يهمي‬
‫ومن ّ‬
‫فهو َ يبدو كالقنب املبلول‬
‫كل ُّ غصن ٍ فيه يسح ُّ ويهمي ‪..........‬‬
‫لست ُ أدري كم طال َ ُم ُّر سهادي‬
‫بعد َ أن لف َّ ثورة اإلعصار‬
‫معطف الليل ِ ‪ ،‬فاستعدت رجايئ‬
‫وتهادت يف خاطري األحالم ‪............‬‬
‫أمن املستطاع ِ تشييد دار‬
‫بألوف من املساكن تزهو ؟ ! ‪....‬‬
‫حيث ُ يلقى الرتحيب َ كل ُّ فقري ٍ‬
‫للدفء مأوى‬
‫ويالقي املحتاج ُ ِّ‬
‫منزل راسخ ٌ رسوخ َ الجبال ِ‬
‫ياح واألمطارا ! ؟ ‪....‬‬
‫ال يهاب ُ ال ِّر َ‬
‫راضيا ً ‪ ،‬راضيا ً سألقى مصريي‬
‫أن يحقق لذيذ حلمي ال ّزمان‬
‫ولو ّأن رأيت كوخي حطاما ً‬
‫ولو أين قضيت ُ جوعا ً و َ بردا ! ‪....‬‬

‫‪47‬‬
‫متف ّرقات‬

‫ـ‪1‬ـ‬
‫رص للقرص ِ الحرير ‪،‬‬
‫ولقد يهدي جباة ُ الق ِ‬
‫غصبوه ُ بسياط الظلم ِ من بيت ٍ فقري ‪.‬‬

‫ـ‪2‬ـ‬
‫القص ِ الوسيع ‪،‬‬
‫فسد اللّحم و خم َّ الخمر ُ يف ْ‬
‫َ‬
‫الدرب ِ ميوت ُ ال ّناس من برد ٍ وجوع ‪.‬‬
‫وعىل َّ‬

‫ـ‪3‬ـ‬
‫وتقدمت س ِّني فرصت ُ ببسمة ٍ‬
‫ّ‬
‫ألقى لذيذ َ الحادثات ِ وم َّرها ‪.‬‬

‫ـ‪4‬ـ‬

‫ما أنا ناسك ٌ ألحيا لنفيس‬


‫رجس‬
‫حاملا ً بالخالص ِ من كل ِّ ِ‬
‫فإذا غيمة ٌمن الحزنِ الحت‬
‫فنشيدي يجلو الهموم َ وكأيس ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫شاع ٌر من أرس ِة تانغ امللك َّية‬

‫باى جيوى يى‬


‫حتى العجوز ُ األ ّم ّية تطرب ُ لشعره‬
‫( ‪ 772‬ـ ‪) 846‬‬

‫أغزر شعراء عرصه إنتاجا ً ومن أبرز املساهمني يف الحركة ِاألدب َّية التي ظهرت يف أواخر أرسة ِتانغ ‪ ،‬والرامية‬
‫إىل تبسيط اللغة وتعميمها وال َّتجديد يف األسلوب واألغراض ‪.‬‬
‫ّ‬
‫تول بعض املناصب ِالعالية ‪.‬‬
‫يحمل اسمه يحتوي عىل أكرثَ من ثالثة آالف ِقصيدة ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫له ديوان‬

‫الفحام ُ العجوز‬

‫الحطب ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َالسفح الجنويب يقطع ُ‬
‫فوق َّ‬
‫ويصنع ُ منه الفحم ‪.‬‬
‫بالتاب وال ّرماد‬ ‫وجهه املغطَّى ّ‬
‫السخام ِ وال َّنار ‪.‬‬
‫يبدو بلون ِ ُّ‬
‫شعر ُ َفو َديه صار أبيض ‪،‬‬
‫وأنامله العرش اسو ّدت ‪.‬‬
‫ملاذا يبيع ُ الفحم َ ؟‬
‫لرشاء ِ ما يقي َبدنه الربد‬
‫وبط َن ُه الجوع ‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫مسك ٌني !‬
‫ثيابُه خفيفة ٌ‪،‬‬
‫ومع ذلك يتمنى أن يشتد َّ الربد ُ‪،‬‬
‫يك ال يكسد َ فحمه ‪.‬‬
‫هذه الليلة‬
‫سقط َالثلج ُ نصف َ ذراع‬
‫خارج َ أسوا ِر املدينة‬
‫ها هو َ منذ ُ الفجر ‪،‬‬
‫يسوق ُ عربته‬
‫رص وتتهاوى‬
‫تَ ُّ‬
‫بني َ الحفر ِ الجليد َّية ‪.‬‬
‫الثّوران ِ مرهقان ‪.‬‬
‫وال ّرجل جائع ‪.‬‬
‫ومع ارتفاع ِ الشَّ مس‬
‫توقف يسرتيح‬
‫أمام َ الب َّوابة ِ الجنوب َّية‬
‫يف الطَّريق ِ املوحل ‪.‬‬
‫ول ِكن ْ ‪،‬‬
‫من هذان الخياالن القادمان بزهو ٍ ؟‬
‫ضابط ٌ ببزة ٍ صفراء وصبي بقميص أبيض ‪.‬‬
‫هتفا وهام يلوحان بوثيقة رسم َّية ‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫“ أم ٌر إمرباطوري ّ “ !‬
‫زجر الخياالن الثو َرين ‪،‬‬
‫و ساقا العربة َنح َو الشّ امل ‪.‬‬
‫العرب ُة مثقلة ٌبالفحم ‪.‬‬
‫ُ‬
‫الضابط يصاد ُر الفحم ‪.‬‬
‫وما جدوى الشَّ كوى ؟‬
‫اش األحمر‬
‫نصف قطعة من الشَّ ِ‬
‫ُ‬
‫وعرشة ُأقدام ٍمن الحرير املزيَّن بالزهور‬
‫ُربطت عىل قرون الثورين ‪.‬‬
‫مثن الفحم !‬
‫كل ِ‬‫هذا ّ‬

‫‪51‬‬
‫من َوحي املروج‬

‫كل عام ‪،‬‬ ‫عشب ُ ال َّر ِ‬


‫وض يزدهي َّ‬
‫ُالصقيع ‪.‬‬
‫بعد أن ْغالَه َّ‬
‫وإذا النار ُ ح َّولته رمادا ‪،‬‬
‫فس َي ْحيا مع ال َّربيع ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪52‬‬
‫نزهة ٌ ربيعية يف البحرية ِ الغرب َّية‬

‫املياه ُيف مدها ال َّربيعي ‪،‬‬


‫شامل املعبد الجبيل‬
‫وغرب َ املقصورة ِ املائية‬
‫هادئة ساكنة ‪.‬‬
‫السحب منخفضة تنساب ُ ‪،‬‬
‫ُ‬
‫والعنادل ُ تتزاحم ُ فوق َ الشجرة ِ املشمسة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫لبيت م ْن تحمل ُ هذه السنونو يف منقارها‬
‫الطني الربيعي ؟‬
‫الزهور املتنوعة‬
‫تزيدك َ حسنا ً كلام زدتها نظرا ً ‪.‬‬
‫واألعشاب ُ النرضة ُ ال تخفي أكرث من‬
‫حوافر الحصان ‪.‬‬
‫أحب ُّ الضفة الرشقية من البحرية الغربية ‪،‬‬
‫التجول فيها ‪ ،‬تحت َظالل ِ الحور ِ‬
‫األخرض ِ‬
‫وفوق َ السد ّاألبيض ‪،‬‬
‫ال ميل ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫أغنية ٌ لل َّنهر عند َ الغروب‬

‫حزمة ٌ من أشعة ِالشمس الغاربة‬


‫تفرتش ُ سطح َ املاء ‪،‬‬
‫نصف ُ النهر ِ أخرض زمردي ‪،‬‬
‫ونصفه أحمر ُ كالياقوت ‪.‬‬
‫ما أحب الليلة الثالة من الشَّ هر ال َّتاسع !‬
‫الندى فيها لؤلؤ ‪،‬‬
‫والهالل ُ قوس ٌ من فضَّ ة ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫من وحي الحصاد‬

‫العاملون يف الحقول‬
‫أيامهم ال تعرف الراحة والكسل ‪،‬‬
‫لكنهم يف مطلع الصيف‬
‫يضاعفون الجهد يف العمل ‪.‬‬
‫تهب ُّ يف الليل رياح الجنوب ‪،‬‬
‫فتغمر ُ السنابل ُ السفوح بالذهب ‪،‬‬
‫قوافل ُ الصبايا يحملن يف السالل‬
‫أغدية العامل يف الحقول ‪.‬‬
‫ويحمل ُ الرشاب يف الجرار‬
‫الصبية ُ الصغار ‪.‬‬
‫ينترش ُ الرجال ُ يف السفوح ‪،‬‬
‫أقدامهم عارية ‪،‬‬
‫واألرض ُ مثل الجمر ‪.‬‬
‫ظهورهم تحرقها أشعة ٌ من نار ‪.‬‬
‫أنساهم ُ التعب ُ حرارة النهار ‪،‬‬
‫واليوم رغم طوله‬
‫وح ِّره ِ الشديد‬
‫يرونه مييض رسيع َ الخطى‬
‫وخلفهم أرملة ٌ تسري أو فقرية‬

‫‪55‬‬
‫طفل عىل ذراعها ‪،‬‬
‫بكفها اليمنى‬
‫تلملم السنابل َ النثرية ‪،‬‬
‫والسلَّة الرثة فوق َ العاتق اليسار ‪.‬‬
‫سمعت من حديثهن نتفا ً ‪،‬‬
‫فأي ُّ قلب ليس تدميه‬
‫األحاديث الحزينة ‪:‬‬
‫“ حقولنا بيعت لتسديد الرضائب الفظيعة‬
‫ليس لنا إال التقاط الحب للجياع ‪”..‬‬
‫عندئذ ٍ تساءلت نفيس ‪:‬‬
‫لِ َم أنت ال تتعب ُ يف الحقول ‪،‬‬
‫ال همك القز وال أرهقك الحصاد ‪.‬‬
‫فأي ُّ فضل ٍ لك ؟‬
‫يفيض ُ يف مطبخك َ الرشاب ُ َو الطعام‬
‫والراتب ُ الكبري ُ يأتيك َ بانتظام ‪.‬‬
‫عندئذ ٍ أحسست ُ بالخجل ِ ‪،‬‬
‫وظل ّ طول اليوم يندى بالحيا جبيني ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫َس َّجادة ُ الحرير ِ األحمر‬

‫س َّجادة ُ الحرير ِ األحمر ‪،‬‬


‫تختار ُ فيالجه وتغيل لحل ِّ خيوطها ‪،‬‬
‫تصبغ ُ الخيوط بحوذان الزهارين ‪.‬‬
‫فتزهو بحمرة ٍ أشد من حمرة الحوذان ‪،‬‬
‫منها تحاك سجادة قاعة ش الرقص ِ يف القرص ‪.‬‬
‫القاعة ضلعها مائة ذراع ‪،‬‬
‫تغطى بسجادة واحدة ‪.‬‬
‫خيوطها ناعمة وزغبها األحمر مخميل‬
‫تنؤ بالحمل ِ وإن خف َّ ‪.‬‬
‫إذا رقصت فوقها الغانية الحسناء ‪،‬‬
‫غاص َ فيها الجورب ُ الحريري‬
‫ُ‬
‫املزركش ‪.‬‬ ‫والحذاء ُ‬
‫سجاد تاي يوان خشن ٌ قاس ‪،‬‬
‫وسجاد تشن دو رقيق بارد ‪.‬‬
‫ليس ألي منهام الدفء والنعومة‬
‫ميزتا هذه السجادة‬
‫التي تحمل ُ كل َّ عام إىل شيوان تشو‬
‫يف الشهر العارش ‪.‬‬
‫فالوايل يأمر ُ أن تكون َ كل عام‬

‫‪57‬‬
‫جديدة الطراز دقيقة الصنع ‪،‬‬
‫زاعام ً أنه و ّيل اإلمرباطور ‪،‬‬
‫واملتفاين يف خدمته ‪.‬‬
‫مائة خادم يحملونها إىل القرص ‪،‬‬
‫ألنها ضخمة ال تطوى ‪.‬‬
‫هل تعرف ُ أيها الوايل ؟‬
‫أن َّ يف كل عرشة أذرع من هذه السجادة‬
‫ألف ُ النغ * من خيوط الحرير‬
‫وأن ّ األرض َ ال يعوزها الدفء ُ‬
‫لكن اإلنسان هو املحتاج إليه ‪.‬‬
‫فال تسلب مالبس َ الناس‬
‫لتكس َو بها وجه َ األرض !‬

‫• النغ ‪ :‬يساوي خمسني غ ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫رشاء ُ الزهور‬

‫يف أواخر الربيع مبدينة اإلمرباطور‬


‫تروح ُ العربات وتغدو يف جلبة ٍ وضجيج ‪.‬‬
‫تنادوا مرددين ‪ :‬جاء َ موسم ُ الفوانيا‬
‫وتراكضوا لرشاء ِ الزهور ‪.‬‬
‫ليس للفوانيا سعر ٌ ثابت ‪،‬‬
‫سعرها يف كفة القدر ‪.‬‬
‫قد تساوي مائة زهرة حمراء‬
‫خمسة ملفات من الحرير األبيض‬
‫الزهور تغطى بالستائر ‪،‬‬
‫وتصان بسياج من البامبو ‪.‬‬
‫ترش باملاء وتغرس ُ يف الرتاب الناعم ‪،‬‬
‫فال يحول لونها األصيل ‪.‬‬
‫رشاء ُ الفوانيا عادة ً يف كل ِّ أرسة غنية ‪،‬‬
‫عادة ٌ متسكوا بها متسكا ً أعمى ‪.‬‬
‫جاء َ سوق ُ الزهور صدفة ً‬
‫فالح ٌ عجوز ‪.‬‬
‫أحنى رأسه ُ وتن َّهد َ طويال ً ‪،‬‬
‫مل يدرك أحد ٌ رس َّ هذا التنهد ِ ‪.‬‬
‫شميلة من الفوانيا القرمزية‬
‫متوسطة ‪.‬‬
‫تسد ُد الرضائب َ عن عرش ِأرس ٍ ّ‬
‫ِّ‬
‫‪59‬‬
‫ببغاء ُ أرسة تسني‬

‫ببغاء ُ أرسة تسني‬


‫جاءت من بالد الجنوب ‪،‬‬
‫ريشها أخرض وأسود‬
‫جيدها منقط باألحمر‬
‫أذنها دقيقة‬
‫قلبها رقيق‬
‫لسانها طليق ‪.‬‬
‫تعرف لغة الناس‬
‫ولغة الطيور ‪.‬‬
‫الصقر ُ ذو املخالب ِ الطويلة‬
‫يأيت أحيانا ً‬
‫وأحيانا ً الغراب‬
‫ذو املنقار ِ الطويل ‪.‬‬
‫الصقر ُ يهاجم ُ السنونو‬
‫يحطِّم ُ عشَّ ها ‪.‬‬
‫الغراب ُ ينقر ُ الدجاجة‬
‫ويفقأ عينيها ‪.‬‬
‫الدجاجة ترصخ ُفزعة‬
‫وتسقط ُ أرضا ً ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫السنونو تفر ُّ خائفة‬
‫عندئذ‬
‫األول يلتهم ُ البيض‬
‫واآلخر ُ الفراخ ‪.‬‬
‫أين َ العقبان ُ والنسور ؟‬
‫بطونها متخمة‬
‫ال يقدرون عىل وقف هذه الفوىض ‪،‬‬
‫وأرساب ُ العنقاوات والكرايك‬
‫يرقدن كساىل فوق َ األرض‬
‫أو يحلقن َ عاليا ً يف السامء‬
‫وال من يسمع !‬
‫آه ‪ ،‬يا ببغاء تسني‬
‫أنت الطائر القادر عىل الكالم‬
‫أال ترى املظامل‬
‫التي يشكو منها الدجاج والسنونو ؟ !‬
‫فإذا أنت ال تبدي الشكوى‬
‫أمام السادة الحكام‬
‫فام جدوى رصاخك َهذا‬
‫وكالمك َ الفارغ ؟ !‬

‫‪61‬‬
‫موكب املامليك‬
‫ُ‬

‫الغطرسة ُ والكربياء متآلن الطريق ‪،‬‬


‫رسوج الجياد ملاعة تعكس حتى ذرات ِ الغبار ‪.‬‬
‫تساءلت ُ من هؤالء ؟‬
‫إنهم مامليك ُ اإلمرباطور ‪.‬‬
‫حملة ُ الوشائح الحمراء أعيان الدولة ‪،‬‬
‫والبنفسجية كبار القادة ‪،‬‬
‫يرسعون يف زهو إىل وليمة يف القلعة‬
‫فوق جياد متر مر السحاب‬
‫الدنان تفيض بالخمرة املعتقة ‪،‬‬
‫واألطباق ُ ملذات البحر ِ وال ِّرب الثامنية ‪.‬‬
‫اليوسفي من بحرية دونغ تينغ ‪،‬‬
‫والسمك من الربكة الساموية ‪.‬‬
‫بطروا بعد الشبع ‪،‬‬
‫وزادوا عربدة ً وغطرسة ً بعد َ الرشاب ‪.‬‬
‫يف جنوب اليانغتىس سنة غرباء ‪،‬‬
‫ويف تشيو تشو اإلنسان يأكل اإلنسان ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫سؤال ٌ إىل الصديق ليو‬

‫الحباب يرتاقص فوق الخمرة الجديدة ‪،‬‬


‫والكانون من صلصال أحمر ‪.‬‬
‫والسامء يف املساء ‪،‬‬
‫تنذر بالثلج ِ ‪،‬‬
‫فهل لك يف كأس ؟ !‬

‫‪63‬‬
‫شاع ٌر من أرسة تانغ امللك َّية‬

‫كمــــال‬
‫كنز أديب مازال دفينا ً‬

‫شاعر ٌ شعبي من قومية هوى هوه الصينية املعروفة اليوم باسم القومية الويغورية ‪ ،‬معارص للشاعر باى‬
‫جيوى يى ‪ .‬اكتشف موظفو شينجيانغ ذات الحكم الذايت “ مخطوط قصائد كامل” يف سنة ‪ 1959‬يف أطالل‬
‫مدينة مى الن يف شينجيانغ ‪ .‬كانت أوراق ُ املخطوط قد التصق بعضها ببعض فبدت عىل الوجهني كتابة‬
‫بالعربية والويغورية ‪.‬‬
‫ولكنهم مل يفتحوا األوراق َ امللتصقة إال يف سنة ‪ 1962‬عندما قاموا برتتيب وتصنيف التحف األثرية ‪.‬‬
‫وعندئ ٍذ وجدوا عىل الصفحات امللتصقة ثالث قصائد َ بالصين ّية ‪.‬‬

‫ولدي والكتاب‬

‫ابني الصغري ال يجتهد يف الدراسة ‪،‬‬


‫وال يعرف ُ أنّ يف طيات الكتب ذهبا ً ‪،‬‬
‫ولو عرف َ مبكِّرا ً أن ّ فيها ذهبا ً غاليا ً ‪،‬‬
‫لرفع َ فتيلة َ املصباح ودرسها حتى مطلع الفجر ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫لغة ٌ أحببتها‬

‫ا ِتخذت ُ الهانيني أساتذة ً يل منذ زمان ‪،‬‬


‫فال أعرف ُ التعب والكلل يف تعل ُِّم اللغة ِ منهم ‪.‬‬
‫جدي أكرث من عرش سنني ‪،‬‬
‫درسها ِّ‬
‫ودرسها أيب أكرث من اثنتي عرشة سنة ‪،‬‬
‫و أنا اليوم َ أدرسها منذ ثالثة َعرش عاما ً ‪،‬‬
‫أعجبت بقصائد ىل باى َو دو فو ‪،‬‬
‫وأنا اليوم أجيد ُ روايتها وأنظم ُ عىل غرارها ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫شكوى من الضِّ باع وال ِّذئاب‬

‫مالكو األرايض أرشس من َ الضباع ِ والذئاب ‪،‬‬


‫خبزي يأكلون ‪،‬‬
‫َو دمي يرشبون ‪،‬‬
‫غلتي قبل َ أن تنقل من البيدر ‪،‬‬
‫َو نسيجي قبل َ أن ينزِل َ عن النول ‪،‬‬
‫صارت جميعا ً ملكا ً لغريي ‪.‬‬
‫سيأيت يوم ٌ ‪،‬‬
‫تتفجر ُ فيه السامء ‪،‬‬
‫َوتنشق ُّ األرض ‪،‬‬
‫فتهلك الضباع والذئاب ‪،‬‬
‫وتنجيل الغيوم ‪،‬‬
‫وترشق السامء يف عيني‬
‫من جديد ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫شاع ٌر من أرسة تانغ امللكية‬

‫دو مو‬
‫دو فو الصغري‬
‫( ‪ 803‬ــــ ‪) 853‬‬

‫من أشهرالشعراء يف أواخر أرسة تانغ ‪ ،‬أطلق عليه لقب دو فو الصغري‬


‫بسبب شعره الرائع ولكنه يظل ّ كبريا ً بالنسبة إىل شعراء عرصه ‪.‬‬
‫توىل عدة مناصب عالية وقد أقلقه تردي األوضاع السياسية يف البالد‬
‫وخاصة يف مسقط رأسه العاصمة ‪ ،‬فكان مزيجا ً من التشهري بالفساد ِ وأربابه‬
‫ومن القلق عىل الشعب ِ الكادح ِ والشفقة ِ عليه ‪.‬‬
‫له ديوان يحمل ُ اسمه ‪.‬‬

‫رباع َّي ُة القينة املغن َّية‬

‫املياه الباردة تلتحف ُ بالضّ باب ‪،‬‬


‫وضوء ُ القمر ِ ُ‬
‫يفرتش ال ِّرمال ‪.‬‬
‫أرسيت ُ قاريب عند الخامرة ‪.‬‬
‫والقينة املغنية‬
‫ال تدرك مرارة َ العبوديّة‬
‫ِالدولة ‪،‬‬
‫الناجمة عن سقوط ّ‬
‫فهي ما زالت تغ ِّني ‪:‬‬
‫ْعنك لومي فإن ّ اللو َم إغراء ُ ‪”......‬‬
‫“ دع َ‬
‫‪67‬‬
‫نزهة ٌ يف الجبل‬

‫بعيد ا ً ‪ ،‬بعيدا ً‬
‫عاليا ً ‪ ،‬عاليا ً‬
‫يف الجبل ِ البارد ِ‬
‫وعىل الدرب ِ الصخري ِّ‬
‫ِالسحب البيضاء‬
‫يف منابت ُّ‬
‫بيت ٌ ينتصب ‪.‬‬
‫وقفت عربتي ‪،‬‬
‫ورحت ُ أتأ َّمل‬
‫غابات الدلب‬
‫امللتفع ِة بالضباب‬
‫أورا ُقها املخضَّ بة بح َّناء َّ‬
‫الصقيع‬
‫أشد حمرة ً‬
‫ُّ‬
‫من زهور ال َّربيع ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫رباع ّية قرص هواتشني*‬

‫من تشانغآ ن تلوح لناظري‬


‫كتلة هائلة من الزخارف ‪،‬‬
‫رشعة‬
‫ألف ُ بوابة م ّ‬
‫تدرج فوق َ سفح ِ الجبل ‪،‬‬
‫غبا ُر جواد السبوق‬
‫يثري ابتسامة املحظية ‪،‬‬
‫وال أحد يعلم‬
‫أنه يحمل ُ إليها‬
‫من أقايص الجنوب مثار الليتىش ‪.‬‬

‫•قرص هواتشني ‪ :‬قرص إمرباطوري فوق بعض الجبال املرشفة عىل تشانغآن‬
‫عاصمة أرسة تانغ الحاكمة ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الوزة ُ الربِّيَّة الشَّ اردة‬

‫يف منتصف الخريف‬


‫وفوق َ نهر ِ الذهب‬
‫أقواسهم ‪.‬‬
‫وتر املعتدون َ‬
‫تطايرت الوزات ُ الربّية‬
‫السحب فزعة ً حزينة ً ‪.‬‬ ‫فوق ّ‬
‫وتحت ضو ِء القم ِر‬
‫مر َّ ظل ّالوزة الشّ اردة‬
‫رص الندى ‪.‬‬
‫فوق َق ِ‬
‫ويف أرجا ِء القرص ِ البارد‬
‫بني املصابيح ِ الشّ احبة‬
‫ترددت أصداء رصخاتها ‪.‬‬
‫عليك ِأن تعريف‬
‫أيتها الوزات الربية‬
‫أن خيالة املعتدين مازالوا هناك ‪.‬‬
‫فكيف َ تعودين مع نسيم الربيع‬
‫واحدة ً تلو األخرى ؟ !‬
‫السكان يف الجنوب ‪،‬‬
‫ال تشتيك من قلة ّ‬
‫والسالم ‪.‬‬
‫ففي الجنوب املاء ُوالخرضا ُء َّ‬

‫‪70‬‬
‫جنوب ال َّنهر‬
‫ِ‬ ‫رباع َّية ُال َّربيع يف‬

‫البالبل متأل اآلفاق بتغريدها ‪،‬‬


‫والخرضة ُ تعكس الحمرة ‪.‬‬
‫ويف القرى املنترشة عىل ضفاف النهر‬
‫ويف ضواحي املدينة الجبلية‬
‫يداعب ُ النسيم أعالم الخامرات ‪.‬‬
‫األربعامئة والثامنون ديرا ً‬
‫من عهد ِ األرس الجنوبية‬
‫تلتفع ُ مقاصريها وسطوحها‬
‫بالضباب ِ واملطر ِ ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫أغنية ُ الوداع‬

‫فيض ٌ من املشاعر‬
‫قد يفقد الشعور‬
‫وهكذا يف زحمة ِ الكؤوس‬
‫يحول دون بسمتي‬
‫ضباب أحزاين ‪.‬‬
‫والشمعة ُ الرقيقة‬
‫عزت عليها ليلة ُ الوداع‬
‫وهذه دموعها‬
‫نيابة ً عن أدمع ِ الرفاق ِ‬
‫واحدة ً واحدة‬
‫الصباح ‪.‬‬
‫تقط ُر حتى مطلع ِ َّ‬

‫‪72‬‬
‫شاع ٌر من أرسة تانغ امللك ّية‬

‫ىل شانغ ين‬


‫ىل باى الصغري‬
‫( ‪ 813‬ـ ‪) 858‬‬

‫من أبرز شعراء الفرتة املتأخرة من أرسة التانغ امللكية ‪ ،‬ل ِق َب بىل باى الصغري ‪.‬‬
‫يف تلك َ الفرتة بدأت أرسة تانغ امللكية تودع ُ عرصها الذهبي ‪ ،‬وأخذ األباطرة يهملون شؤون الدولة‬
‫فيزداد األغوات والوالة استبدادا ً بالشعب وتفردا ً بالسلطة والتكتل يف فئات متناحرة ‪ .‬آملت هذه‬
‫الحالة الشاعر فنقدها ومتنى عودة عهود الدولة الزاهرة فتعرض للنقمة وظل مبعدا ً خارج َ العاصمة‬
‫موظفا ً بسيطا ً ‪.‬‬
‫له ديوان يحمل اسمه ‪.‬‬

‫الغروب‬

‫كلام أقبل َ األصيل ‪،‬‬


‫أشع ُر بالكآبة ‪.‬‬
‫أسوق ُ نحو َ القمة املناظر َ الفريدة‬
‫عربتي الوئيدة ‪.‬‬
‫مس يف غروبها رائعة الجامل ِ ‪،‬‬
‫الشَّ ُ‬
‫لكنه جامل‬
‫ينذ ُر بال َّزوال ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫قصيدة ٌ بال عنوان‬
‫ما أعرس َ اللقاء ‪،‬‬
‫وما أمر َّ ساعة َ الفراق ‪،‬‬
‫الصبا قدرة‬
‫وليس يف ريح ِ ّ‬
‫تجنب األزاه َر الذبول ‪.‬‬
‫ودودة الحرير‬
‫تظل حتى ال َّنفس األخري‬
‫ُ‬
‫تنسج ُمن لعابها الحرير ‪.‬‬
‫والشّ معة ُ الوضيئة‬
‫ال ت ْنضُ ُب الدموع يف مقلتها‬
‫إال إذا أدركها الفناء ‪.‬‬
‫وإنني أخىش‬
‫الصباح‬
‫أن تفضح َ املرآة يف ّ‬
‫يف شعرها بواد َر املشيب ‪.‬‬
‫سهدها‬
‫وأن تطيل َ َ‬
‫تالوة ُالقصائد‬
‫والليلة القمراء باردة الضياء ‪.‬‬
‫والدرب نحو َ بيتها‬
‫َّ‬
‫يا هدهدي ال ّرسول‬
‫ال يرهق الجناح ‪،‬‬
‫فهل تكرمت َ‬
‫بنقل ِ أشواقي وأخباري ‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫ال ّزيز‬

‫طبعه أن يسكن الذروة ‪،‬‬


‫والذروة ال تشبع جوعه ‪.‬‬
‫يشتيك ‪ ،‬يجهد ُ يف الشكوى ‪،‬‬
‫ولكن دون جدوى ‪.‬‬
‫ومع الفجر ينئ ّالصوت‬
‫منهوكا ً أبح ‪.‬‬
‫وتظل الدوحة ُ الخرضاء‬
‫وسنى ال تبايل ‪.‬‬
‫واملوظف‬
‫غصن ٌ يطفو مع التيار ‪،‬‬
‫أىن ساقه التيار مييض‬
‫والحقول‬
‫يف مغاين مسقط الرأس‬
‫يغطيها هشيم ٌ ويباب ‪.‬‬
‫لك مني الشكر‬
‫إذ حركت أعامق ضمريي ‪.‬‬
‫فسأبقى أنا واألهل‬
‫وإن جعنا ‪ ،‬أعزاء كراما ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫همو ُم اإلمرباطور‬

‫ِ‬
‫منتصف الليل‬ ‫يف‬
‫استدعى اإلمرباطو ُر العامل جيا شينغ‬
‫العامل الذي ال ند له وال نظري ‪.‬‬
‫تربّع َ يصغي إليه‬
‫ولكن ما الجدوى ؟ وا أسفاه !‬
‫مل يسأله عن أحوال ال ّرع ّية ‪،‬‬
‫بل عن ِ الشياطني ِ واآللهة ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫إمرباطور ٌ يلهو وشعب ٌ يشقى‬

‫بفرحٍ وبهجة‬
‫ال يحظر ال ّتجول‬
‫منطلقا يف رحلة ٍ نهر ّية‬
‫نحو جنان الخلد يف الجنوب ‪.‬‬
‫ويختفي يف قرصه املح ّرم ‪،‬‬
‫أىن له أن يسمع النصيحة ‪،‬‬
‫أو يقرأ الوارد من والته ؟ !‬
‫ويف الربيع‬
‫ال ينشط الفدان يف الحقول ‪،‬‬
‫املقص يف الحرير‬
‫بل ينشط ُ ُّ‬
‫نصف ُ حرير الشعب‬
‫مراشح ُ الخيول ‪،‬‬
‫ونصفه ُ أرشعة ٌ لسفن ِ القصور ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة سونغ امللك َّية‬

‫أو يانغ شيو‬


‫عبقرية نادرة املثال‬
‫( ‪ 1008‬ـ ‪)1072‬‬

‫شخصية سياسية من الدرجة األوىل ‪ ،‬عارض إصالحات وانغ آن ىش ‪.‬‬


‫كاتب كبري وشاعر بليغ َو مؤرخ ٌ ساهم َ بقسط ٍكبري يف تسجيل ِ‬
‫تاريخ ِ أرسة تانغ الجديدة والتاريخ الحديث لألرس الخمس ‪.‬‬

‫الحثالة ُ للشَّ عب‬

‫الفالح ُ يزرع ُ األر َّز ‪،‬‬


‫والحاكم يصنعه خمرا ً ‪.‬‬
‫يكسب منه املال ‪،‬‬
‫َو يحاسب ُ عىل الشعرة ‪.‬‬
‫حتى الحثالة يكومها من عام إىل عام‬
‫يف غرفة ً كبرية حتى تتعفن ‪.‬‬
‫ينساب الخمر ُ رقراقا ً فواراً ‪،‬‬
‫فتنبعث ُ منه الرائحة الذكية ‪،‬‬
‫كلام هب النسيم ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الدنان تتكدس‬
‫فال يخىش للخمر نفادا ً ‪.‬‬
‫شتان ما بني الخمرتني‬
‫خمرة الحاكم الثقيلة‬
‫َو خمرة ُ الفالح الرقيقة ‪.‬‬
‫خمرة الحاكم لذة للشاربني ‪.‬‬
‫َو لكن ‪ ،‬أال ترى هؤالء الكادحني‬
‫يزرعون األر َّز‬
‫َو تظل ُّ قدورهم محرومة من الحساء‬
‫يف الشتاء والربيع ‪،‬‬
‫يقصدون َ الحاكم ليشرتوا منه‬
‫حثالة َ األرز ‪،‬‬
‫َو الحاكم ُ يتفضَّ ل ُ بالبيع‬
‫يتصدق ُ !‬
‫َّ‬ ‫َوكأنه‬
‫أف ٍّ ‪ ،‬لهؤالء الحكام ‪،‬‬
‫كيف َ يزعمون َ أنهم رؤساء الشعب ‪،‬‬
‫يأكلون ويلبسون‬
‫دون أن يتعبوا‬
‫يف تربية الحرير أو فالحة ِ األرض ‪.‬‬
‫تعلموا العدل َ ولكنهم مل ميارسوا العدل ‪،‬‬
‫تعلموا الرب َّ دون َ أن يكونوا أبراراً‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫تستطيع ُ أصواتهم الوصول إىل الطبقات ِالعليا ‪،‬‬
‫و َ سلطاتهم قادرة عىل اإلحسانِ إىل الشعب ‪،‬‬
‫و َلكنهم مل يستطيعوا أن يغنوا خزينة َ الدولة‬
‫فوق‬
‫ومل يشبعوك َ أنت الذي تحيا تحت ‪.‬‬
‫أنا أرشب ُ الخمر ‪،‬‬
‫و َ أنت تأكل ُ الحثالة ‪،‬‬
‫أنت َ مل توجه إيل َّ اللوم ‪،‬‬
‫و َ لكني ال أستطيع ُ أن أته َّرب من املسؤول ّية ! ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الجامل ُ الغارب‬

‫جميلة ٌ مازالت البحرية ُ الغربية‬


‫رغم َ انقضاء ِ موسم ِالزهور ‪:‬‬
‫تناثرت بقية الحمرة ِ يف الغصون ‪،‬‬
‫ورف مثل املطر املوسمي‬
‫قطن ٌ من َ الصفصاف ‪.‬‬
‫و َ داعبت أنامل ُ الرياح‬
‫غصونها ال ّنحيلة َالرشيقة‬
‫تف َّرق َ السامر ال خمر وال طرب ‪،‬‬
‫و َ أقفرت معامل ُ الربيع ‪.‬‬
‫عندئذ ٍ أسدلت ستائر الشباك ‪،‬‬
‫و َ يف الفضاء‬
‫زوج ٌ من السنونو‬
‫يشق ُّ يف الرذاذ‬
‫طريقه لعشه الدافئ ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫عازف ُ القيثار‬

‫الحانة تنبع من قرارة الزمن‬


‫رقراقة تنساب مثل جدول‬
‫مغرد بني الحىص‬
‫ال يعرف النضوب ‪.‬‬
‫يداعب ُ األوتار َ باألنامل ِ ‪،‬‬
‫لكنام ألحانها من قلبه تجيء ‪.‬‬
‫تصغي لها النفوس‬
‫ال اآلذان ‪،‬‬
‫تسمو مبن يسمعها‬
‫من عامل الجسد‬
‫لعامل القلوب والنفوس ‪.‬‬
‫ألحانه أنستني السامء َ والرثى‬
‫وغيمة ُ الحزن التي تغلف النهار ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫شاعر من أرسة سونغ امللكية‬

‫وانغ آن ىش‬
‫ذو الوزارتني شاع ٌر ومرشع ٌ‬
‫( ‪ 1021‬ـ ‪) 1086‬‬

‫وعي‬ ‫سيايس ومفكر و َ شاعر َّ‬


‫تول عدة َ مناصب محلية َّ‬
‫مرتني رئيسا ً للوزراء وقد أبدع قانونا ً جديدا ًإلصالح‬
‫املساوئ السياسية فتع َّرض لنقمة ِ األرستقراطيني ومالك األرايض فاستقال َ ‪.‬‬
‫لكن َّ القانون َ الذي س َّنهُ لعب دورا ً يف كبح ِ جشع ِ املالكني الكبار وتطوير‬
‫اإلنتاج وتعزيز قوة البالد الدفاعية ‪.‬‬
‫له ديوان يحمل اسم مسقط رأسه ‪.‬‬

‫أهايل شامل ال َّنهر‬

‫األهايل يف شامل ال َّنهر‬


‫أبنا ُء الحدود‬
‫كم يعانون من البؤس‬
‫وألوانِ الشَّ قاء ‪.‬‬
‫كل ُّ بيت ٍ فيه نول ٌ ومعدات الفالحة ‪،‬‬
‫غري َ أنَّ القرص َ والحكَّام َ يجنون َ الثامر ‪.‬‬
‫كان َ هذا العام ُ عاما ً أغرب ‪،‬‬
‫أقفرت فيه ال َّروايب والحقول ‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫والوالة رغم هذا‬
‫ال يكفون َ عن التجنيد للسخرة‬
‫يف النهر الغضوب ‪.‬‬
‫والصغار‬
‫الشيوخ ُ العاجزون ِّ‬
‫يسند بعضا ً هامئني‬
‫بعضهم ُ‬
‫نحو َ أطر ِ‬
‫اف الجنوب ‪.‬‬
‫و َ الجنوبيون حتى يف سنني ال ِخصب‬
‫قد ال يشبعون ‪.‬‬
‫خ َّيم َ الحزن ُ َو ساد َ الهم ُ ّ ‪،‬‬
‫فاألرض ُ قتام ٌ يف النهار‬
‫السامء ‪.‬‬
‫َو َّ‬
‫و َ عىل الدرب وجوه ٌ عابسات ٌ شاحبات ‪.‬‬
‫أين َ أيامك يا أرسة تانغ !‬
‫حيث ُ بيع ُ األرز ِّ مكياالً بدرهم‬
‫و َ عىل األرض ِ السالم ‪.‬‬

‫حنني ٌ إىل مسقط ِ الرأس‬


‫قاريب أرسيت ُ يف النهر الكبري ‪،‬‬
‫فاختفى مسقط ُ رأيس‬
‫خلف َ أطواد ِ الجبال ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫و َ ال ّربيع‬
‫عاد َ يكسو الشط َّ‬
‫باألزهار ِ والعشب ِ النضري ‪.‬‬
‫فمتى درب ُ إيايب‬
‫نحو َ بيتي‬
‫أيها البدر ُ تنري ؟ !‬

‫‪85‬‬
‫فوق الق َّمة ِالطَّائرة‬

‫َوقفت ُ فوق القمة الطائرة‬


‫ُ‬
‫يطاول السامء ‪.‬‬ ‫يف معبد ٍ‬
‫أصغي لصوت ِ الديك ِمستبرشاً ‪،‬‬
‫و َأرقب ُ الشمس َ تشيع الضياء ‪.‬‬
‫أرسح ُ الطرف طليقا ً فال‬
‫أخىش حجابا ً من سديم الضباب ‪،‬‬
‫السحاب ‪.‬‬
‫ألنني وقفت فوق َ ّ‬

‫مالحظة من املرتجم ‪ :‬لعل َّ الشاعر يرمز بالديك والشمس‬


‫إىل فجر عهد ٍ جديد َو بوقوفه عىل الق َّمة الطائرة يرمز ُ إىل تر ُّفعه عن أسلوب املتملَّقني الذين َ يحاولون أن‬
‫يحجبوا الحقائق َ عن ِ القرص ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة سونغ امللك َّية‬

‫سو ىش‬
‫شاعر ٌ مبدع ٌ و َ سيايس ٌ عاثر‬
‫( ‪ 1037‬ـ ‪) 1101‬‬

‫شاعر ٌرقيق ٌ رومنطيقي ٌ كريم ُ األخالق ‪ ،‬من أشهر‬


‫الشعراء يف أرسة سونغ ‪ .‬كان َ أيضا ً رساما ً و َ ناثرا ً‬
‫لقي يف حياته ِالسياس َّية النقمة و َ النعمة و َالنفي َو َ العزة ‪.‬‬
‫كثريون ‪ ،‬هم الشعراء الذين اكتشفهم و َ حامهم ‪.‬‬
‫مستواه األديب يف النرث والشعر مستوى رفيع ‪ .‬فقد قدَّ م َ مساهمة عظيمة يف تطوير الشعر الصيني القديم ‪.‬‬
‫وله ديوان يحمل اسمه ‪.‬‬

‫تأ ُّوهات فالحة‬

‫الر ّز مل ينضج ْ‬
‫يف موسم الحصاد ِ هذا العام ‪.‬‬
‫و َ عادت الرياح‬
‫قارسة ً تهب‬
‫نذيرة مبقدم الخريف ‪،‬‬
‫مصحوبة بالغيم واملطر ‪.‬‬
‫ينصب ُّ كالطوفان ‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫فاكتست الفؤوس واملناجل‬
‫غاللة نسيجها العفن ‪.‬‬
‫تقرحت جفوننا ‪،‬‬
‫و الدمع ُ يف محاجر السامء‬
‫ال يعرف ُ النضوب ‪.‬‬
‫حزينة ً رأيتها السنابل الصفراء‬
‫تنام ُ يف الوحول !‬
‫سقيفة ً بنيت للحراسة ‪،‬‬
‫أبيت فيها طيلة الشهر ‪.‬‬
‫ُ‬
‫َو عندما تقشعت جوانب السامء‬
‫نقلت ُ بالعربة الرز‬
‫لبيعه يف السوق ‪.‬‬
‫كلَّلني العرق ُ ‪،‬‬
‫َو احمر ّمنكبي ‪.‬‬
‫توسيل ‪،‬‬
‫ما فادين ُّ‬
‫فالرز ال يسام ُ‬
‫كأنه الزوان َو النخالة ‪.‬‬
‫بقريت أرخصتها ‪،‬‬
‫أسد ُد الرضيبة َ ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫و َ سقف غرفتي‬
‫أطعمته املوقد ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫عازفة عن كل تفكري‬
‫يف الجوع ِ َو الحرمان‬
‫يف عامي اآليت ‪.‬‬
‫َو السادة ُ الحكَّام‬
‫ال يقبلون أرزَّنا رضيبة ً ‪،‬‬
‫بل فض ًة يهدونها‬
‫للناقمني َ يف مناطق الحدود ‪.‬‬
‫أكلام تكاثر األبرار‬
‫يف القصور ‪،‬‬
‫تزايد الشقاء يف األكواخ ‪.‬‬
‫خري من الحياة‬
‫لو أنني أزف‬
‫*!‬ ‫إىل إله األنهر الغاضبة‬

‫•يف التقاليد القدمية كانت بعض الفتيات ترمى يف النهر‬


‫الغاضب لتسكني هياجه فتسمى عروسة النهر ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫فوق البحرية‬

‫الغيوم السوداء تسبح حربا ً‬


‫دون أن تحجب القمم ‪.‬‬
‫َو عىل القارب الرذاذ تهاوى‬
‫الدرر ‪.‬‬
‫كنثار من ُّ‬
‫فجأة ًه َّبت الرياح فساقت‬
‫حجب الغيم و َ املطر ‪.‬‬
‫فبدت صفحة املياه‬
‫مثل إرشاقة السامء‬

‫‪90‬‬
‫يف عيد ِ البدر ِ‬

‫َوالكأس يف يدي ‪،‬‬


‫ُ‬ ‫أسائل ُ السامء‬
‫متى خلقت ِ القمر املنري‬
‫أيتها السامء ؟‬
‫َوهذه القصور يف الفضاء‬
‫كم عمرها أيتها السامء ؟‬
‫وددت لو ركبت صهوة الرياح ‪،‬‬
‫تحملني إليك ‪.‬‬
‫لكنني أخاف ُ أن يقتلني الصقيع‬
‫بني َ قصو ِر اليشم َو املرمر ‪.‬‬
‫َو ها أنا أرقص رقصة الظالل‬
‫كأنني أسبح ُ يف عوامل ِ الخيال ‪.‬‬
‫َو دار َ ضوء ُ البدر‬
‫من جانب لجانب ‪،‬‬
‫فم َّر من شباكنا املزركش ‪،‬‬
‫الفض ‪،‬‬
‫يغمرين بضوئه ّ‬
‫لك َّنه يرسق ُ من جفو َين الكرى ‪.‬‬
‫ما أنت موتور وال حاقد ٌ‬
‫فلم َ إذن ال تجتيل بدرا ً ‪،‬‬
‫إال إذا تف َّرق الشمل ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫للناس يف الدنيا أ َّيام ُ أترا ٍح و َ أفراح ٍ‬
‫ولحظة الفراق َو اللقاء ‪.‬‬
‫َو القمر ُ الفيض يف احتجاب‬
‫حينا ً َو حينا ً باسم سافر ‪،‬‬
‫مكتمل ٌ يف سريه تارة ً‬
‫َو تارة ً يف نقصه سادر ‪.‬‬
‫َو هكذا الحياة‬
‫ال تعرف الكامل َ َو الثبات ‪.‬‬
‫وددت ُ لو أيامنا ُ‬
‫تطول يف هذه الدنيا ‪،‬‬
‫تجمعنا يف قرصها آلهة األقامر ‪،‬‬
‫َو إن نأت عن بعضها‬
‫الجسوم ُ َوالديار ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫البحرية ُ الغرب َّية‬

‫تراقص األضواء فوق َ املويجات‬


‫تعشقه العيون ‪،‬‬
‫لك َّنه أجمل إن تبسم َ له السامء ‪.‬‬
‫َو منظر ُ الجبال يلفها الضباب َو السحب ُ املطرية‬
‫يف غاية ِ الجامل ‪.‬‬
‫ما أشبه البحرية َ الغربية َ‬
‫بغادة ٍ حسناء ‪.‬‬
‫جاملها وضَّ اء ‪،‬‬
‫تزيَّنت أو خلعت زينتها سواء ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫جبل ُ لوشان‬

‫سلسلة ٌ ال تنتهي ‪،‬‬


‫َو قمم ٌ تطاول ُ السامء‬
‫بعيدة ً قريبة ً‬
‫عالية ً خفيضة‬
‫غريبة ُ األشكال ‪.‬‬
‫عينك َ ال تدرك ُ وجه َ الجبل ِ الحقيقي ‪،‬‬
‫ما دمت َمن سفوحه ِ ترنو إىل الجبل ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫ليلة ٌ يف القارب‬

‫النسيم ُ يهمس ُ‬
‫خفيفا ً لطيفا ً بني َ القصب ‪.‬‬
‫أفتح الباب َ‬
‫شالل ٌ من ضوء ِ القمر‬
‫يغم ُر البحرية ‪.‬‬
‫املراكبية ُ َو طيور ُ املاء‬
‫يحلمون جميعا ً ‪.‬‬
‫َو األسامك ُ الكبرية‬
‫تف ُّر فرار الثعالب ِ الرشيقة ‪.‬‬
‫يف هذه الليل ِة العميقة‬
‫حيث ُ تختلِط ُ األشباح ُ باألشباح ‪،‬‬
‫َو حيث ُ يرتاقص ُ جسدي َوحيدا ً مع َ ظله ِ ‪.‬‬
‫َو األمواج الليل ّية تتل ّوى ثعابني‬
‫صاخبة عىل الساحل ‪.‬‬
‫َو القمر ُ الهاوي يتشبث بالصفصاف‬
‫كالعنكبوت املعلّق ‪.‬‬
‫يف هذه الحياة الخاطفة‬
‫املرسعة عربَ ضجيج العامل ‪،‬‬
‫قد تلمح ُ عيوننا‬

‫‪95‬‬
‫طيف َ صورة ٍ لذيذة‬
‫َو لكنها متر ُّ مرو َر الشبح الهارب ‪.‬‬
‫فجأة ً صاح الديك ‪،‬‬
‫َو رن َّ جرس ٌ بعيد ‪.‬‬
‫فتف َّر ِ‬
‫قت الطيور فزعة ً ‪،‬‬
‫َو من بعيد تسمع طبول َ الصيادين‬
‫تتنادى للعودة ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫خاطرة‬

‫ما أشبه الحياة‬


‫بطائر اإلوز ‪،‬‬
‫يهبط ُ فوق َ الثلج ‪،‬‬
‫و َ يختفي‬
‫مخلِّفا ً آثا َر أقدامه ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫شاع ٌر من أرسة ِ سونغ امللك َّية‬

‫ىل تشينغ تشاو‬


‫خنسا ُء الصني‬
‫( ‪ 1084‬ـ ‪) 1155‬‬

‫أشهر شاعرة صينية ‪ ،‬تزوجت بشاعر أديب و َلكنهام‬


‫اضط َّرا إىل الهرب جنوبا ً أمام العدوان القبيل ‪.‬‬
‫ظلت تندب ُ زوجها متشوقة ً بلهجة ٍ حزينة مؤثرة موكدة ً‬
‫أن الحب َّ بني الزوجني ال يقل ُّ عاطفة ً‬
‫عن الحب ِّبني َ العاشقني ‪.‬‬

‫املساء ُ الحزين‬

‫تفكري ٌ يحدو تفكريا ً ‪،‬‬


‫وبحث ٌ يعقب ُ بحثا ً ‪،‬‬
‫و َ عزلة تلف ُ ّ عزلة ‪،‬‬
‫و َوحشة تواكب ُ وحشة ‪،‬‬
‫آالمي تنضح أملا ً ‪،‬‬
‫و َ حزين ميعن ُ حزنا ً ‪.‬‬
‫موجة دافئة تعقبها موجات راعشة ‪،‬‬

‫‪98‬‬
‫ما أصعبها و َ ما أقساها ‪.‬‬
‫َأن يل أن أقاوم َ الريح َ الهوجاء‬
‫بثالثة ِ أقداح ٍ من الخمرة الخفيفة !‬
‫و َ أرساب ُ اإلو ِّز الربي‬
‫الذي طاملا ح َّملته أشواقي‬
‫مي ُّر مثرياً بحفيفه ذكريات ِ املايض ‪.‬‬
‫الزهور ُ الصفراء تتك َّوم ُ عىل األرض ِ‬
‫ذابل ًة نثرية ‪،‬‬
‫أين َ الرفيق الذي يقطفها معي ؟‬
‫و َ ها أنا واقفة ٌ بجانب ِ الشباك ‪،‬‬
‫َف َّأن يل القدرة‬
‫عىل مجابهة الظلامت ِ وحدي !‬
‫أشجار الدلب الشاحبة‬
‫و َ هذا املطر الناعم ُ الناعم‬
‫املتساقط مع املساء قطرة قطرة ‪،‬‬
‫يف مثل هذه الحالة‬
‫أحزاين تعجز عن إدر ِ‬
‫اك معانيها‬
‫كلامت الحزن !‬

‫‪99‬‬
‫ملرشدة‬
‫ترنيمة ُا َّ‬

‫توقفت حدة الرياح ‪،‬‬


‫و َ فاح َ عطر ُ الزهر ِ الذابل ‪،‬‬
‫و َ انساب َ حتى يف ثنايا الغبار ‪.‬‬
‫و َ كلام امتد َّ رواق الظالم‬
‫أحس بالفتور ‪،‬‬
‫أمل ُّ حتى زينة َ الشعر ‪.‬‬
‫موفورة ٌ مطالب الحياة‬
‫حويل و َ لكن ْ باطل ٌ كلُّها ‪،‬‬
‫إن ْ غاب َ عنها وجه من أهوى‬
‫أحاول ُ التعبري عن همي ‪،‬‬
‫لكن ّ دمعي يسبق ُ الكالم ‪.‬‬
‫سمعت أن يف رىب الرافدين‬
‫ما زال َ طلقا ً موسم ُ الربيع ‪،‬‬
‫و ددت ُ لو أقصدها‬
‫بقاريب ال ّرشيق ‪،‬‬
‫لكنني أخىش‬
‫بأن ينوء القارب ُ الرشيق ُ‬
‫بحمل ِ أحزاين ‪.‬‬
‫إن شئت َ أن تحيا فعش بطال ً ‪،‬‬
‫و َ بعا ِمل األرواح ِ كن بطال ً ‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫أشواق ٌ إىل ال َّراحل ِ بعيدا ً‬

‫تركت ُ عود َ الند‬


‫يهمد ُ يف املبخرة ‪،‬‬
‫و َ غطاء الرسير األحمر‬
‫مشعثا ً كأمواج البحر ‪.‬‬
‫مرهقة أنهض‬
‫ال أقوى عىل ترتيب ِ شعري ‪،‬‬
‫علبة زينتي‬
‫ما زالت مقفلة ‪،‬‬
‫و َ ستائري مسدولة ‪،‬‬
‫و َ إن ارتفعت الشمس حتى حلقاتها ‪،‬‬
‫ما زلت ُ طريحة أحزاين ‪.‬‬
‫و َ البعد ُ مرير ‪،‬‬
‫صدري مفعم ٌ بالشكوى ‪،‬‬
‫لكن َّ لساين ال يقوى ‪.‬‬
‫نَحل جسمي ‪،‬‬
‫ال املرض ُ السبب ‪،‬‬
‫و َ ال الرشاب ‪،‬‬
‫و َ ال أحزان ُ الخريف ‪.‬‬
‫كل ُّ يشء انتهى ‪،‬‬

‫‪101‬‬
‫انتهى ‪.‬‬
‫يف هذه املرة ارتحل َ بعيدا ً ‪،‬‬
‫و ال أقدر عىل إبقائه ‪،‬‬
‫و لو توسلت‬
‫بألف ِأغنية من أغاين الوداع ‪.‬‬
‫و َ ها أنا يف أواخر ِ الربيع ‪،‬‬
‫أطري ُ بأفكاري إليه‬
‫من َ املقصورة العالية سجينة َ السحب ‪.‬‬
‫و أمام بيتي الجدول ُ الرقراق‬
‫يظل ُّ الشاهد ُ الوحيد‬
‫عىل تلك َ األيام الطويلة ‪،‬‬
‫يتس َّمر ُ فيها نظري‬
‫يف البعيد البعيد ‪،‬‬
‫و هناك َ حيث يتس َّمر ُ نظري ‪،‬‬
‫هناك َ مج ّمع ُ أشواقي وأشجاين ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة سونغ امللك َّية‬
‫يو يه ىف‬
‫شاعر ٌ فذ ٌّ َوبطل ٌ أسطوري‬
‫( ‪ 1101‬ـ ‪)1141‬‬

‫جندي ٌ شجاع ٌ باسل ٌ اشتهر بنضاله الحريب حتى‬


‫وصل إىل رتبة قائد ‪ ،‬ميثل ويجسد البطولة و روح املقاومة‬
‫لدى الصينيني ‪ .‬قاوم َ الغزاة بعناد ٍ حتى رماه يف السجن خصمه‬
‫امليال إىل املفاوضات حيث مات ‪.‬‬
‫رضيحه بالقرب من البحرية الغربية يف هانغتشو‬
‫يعترب مزارا ً مقدسا ً لبطل ٍ وطني ‪.‬‬
‫له ديوان يحمل اسمه ‪.‬‬

‫ال َّتش ُّوق ُإىل املعركة‬

‫قف َّشعري من الغضب ‪،‬‬


‫فتهاوت عاممتي ‪.‬‬
‫و َ أنا أتكئ عىل‬
‫حاجز ٍ بلَّه املطر ‪،‬‬
‫السام ‪،‬‬
‫ناظري يذرع ُ َّ‬
‫و َ رصاخي يه ُّزها ‪،‬‬
‫و َ فؤادي مؤ َّجج ‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫ثالثون َ عاما ً من املجد ِ تبدو‬
‫لعيني مثل الهبا والرتاب ‪.‬‬
‫أجوب ُ املعارك َ خلف القتام‬
‫و َ تحت َ السحاب ِ وضوء ِ القمر ‪.‬‬
‫و َ غرة أيام ذاك َ الشباب‬
‫يكللها الشيب ُ شيب ُ الفراغ ‪،‬‬
‫فوا حرستاه !‬
‫َو عار ُ املذلَّة مل يغسل ‪،‬‬
‫َّ‬
‫فأن يربد ُ هذا الغليل‬
‫و َ تطفأ جمرته ُ الالهبة ‪.‬‬
‫فأحطم تحت سنابك خييل‬
‫معاقل َ أعدائنا يف الذرى ‪.‬‬
‫و َ أشبع من لحمهم جندنا ‪،‬‬
‫و َ من دمهم طربا ً ينتشون ‪.‬‬
‫و َ ها أنا أبدأ من جديد‬
‫كفاحي العنيد ‪،‬‬
‫ألسرت َّد من يد الغزاة‬
‫أنهارنا و َ القمم العريقة ‪،‬‬
‫و َ أنثني ُمظَف َر اللواء‬
‫مبرشا ً بوابة السامء ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫أرق ُ املحارب‬

‫أيقظني من حلمي الواسع‬


‫يف ظلمة ِ الليل‬
‫تغريد رصصور رتيب النغم ‪.‬‬
‫أر ّقني فرحت ُ يف وحديت‬
‫أجول ُ يف غرفتي الهادئة ‪،‬‬
‫و َ قد تهادت خلف َ أستارها‬
‫أشعة من قمر معتم ‪.‬‬
‫كللني الشيب ُ و َ يف دارنا‬
‫شاخت فروع ُ الرسو ِ َو البامبو‪،‬‬
‫أىن يل العود وملا يزل ْ‬
‫دريب طويال ً يف الكفاح ِ املرير ‪.‬‬
‫وددت ُ لو أسكب من خافقي‬
‫يف الوتر املنشد ِ لحن َ األىس ‪،‬‬
‫وا حرستا !‬
‫أين الذي يفهم ألحاين ‪،‬‬
‫أين َ الذي يصغي و إن قطعت‬
‫أناميل أوتار قيثاري ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة سونغ امللك َّية‬

‫بلبل ٌ يصدح ُ يف ظلامت ِ الليل ِ‬


‫( ‪ 1125‬ـ ‪) 1210‬‬

‫أشهر شاعر يف أرسة سونغ الجنوبية توىل عدة مناصب‬


‫و لكنه مل يكن موظفا ً شديد التقيد بل ظل ّ شاعرا ً يحلم‬
‫منذ ُ شبابه بتوحيد الصني ثم ّ ح ّول هذا الوجد السيايس إىل متجيد الطبيعة و َ التغ ِّني بها ‪.‬‬
‫له ُ ديوان يحمل اسمه ‪.‬‬

‫نزه ٌة ٌ يف القرية الغرب َّية‬

‫من خمرة ِ الفالح ِ ال تضحك ‪،‬‬


‫إن مل تكن رائقة ً سلسبيل ‪،‬‬
‫فالضيف ُ يلقى الخري َ يف بيته ‪،‬‬
‫إن مل يكن عاما ً مريرا ً محيل ‪.‬‬
‫تراكمت خلف َ الجبال ِ الجبال ‪،‬‬
‫و َ خلف َ نهر ٍ صاخب نهر ٌ ‪،‬‬
‫و اختلطت يف ناظريك َ الطريق ‪،‬‬
‫و َ فجأة متايل َ الصفصاف‬
‫مراقصا ً خياله الرشيق ‪،‬‬
‫و َ أرشقت مفاتن ُ الزهور ‪،‬‬
‫‪106‬‬
‫و خلفها الحت لنا قرية ‪،‬‬
‫تضج ُّ بالطبول ِ والزمور‬
‫بهيجة ً ملقدم ِ الربيع ‪،‬‬
‫و َ عودة ِ الحياة للموات ‪.‬‬
‫ثيابهم بسيطة ٌ ساذجة ‪،‬‬
‫كأنهم من عامل ٍ قديم ‪.‬‬
‫فإن أتيح َ يل يف مقبل ِ األيام‬
‫أن أعيش َ شاعرا ً مهوما ً ‪،‬‬
‫حملت ُ عكازي ‪،‬‬
‫َو رست ُ تحت َ القمر ِ الساطع ِ‬
‫أدق ُّ بابا ً باسام ً للضيوف‬
‫يف كل ِّ وقت ٍ موهنا أو مساء ‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ترنيمة ُ الفجر ِ الحزينة‬

‫هناك َ يف الرشق‬
‫جدا ً‬
‫الرشق ِ البعيد ِ ّ‬
‫يصب ُّ النهر ُ األصفر ُ‬
‫يف البحر ِ ‪.‬‬
‫و هنا يف األعايل‬
‫املقدسة‬
‫تنتصب ُ القمة ُ َّ‬
‫تعانق ُ السامء ‪.‬‬
‫و الشعب ُ بال نصري ‪،‬‬
‫يبلل بدموعه‬
‫ُ‬
‫غبار َ خيل ِ الغزاة ‪.‬‬
‫عام ٌ جديد ٌ مير ُّ ‪،‬‬
‫و َ الناس ُ يرقبون‬
‫دون َ جدوى‬
‫إطاللة الجيش ِ‬
‫من َ الجنوب ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫إىل ولدي‬

‫بعد َ مويت‬
‫أنا أدري‬
‫أنني أميس رمادا ً ‪،‬‬
‫إنَّ ا يؤمل ُ نفيس‬
‫أن أغيب َ‬
‫قبل َ أن أشهد َ توحيد َ بالدي ‪.‬‬
‫فإذا ما ارتفعت فوق الرىب‬
‫و َ السهول الخرض يف قلب ِ بالدي‬
‫راية الجيش الشاميل املظفر ‪،‬‬
‫و َ إذا ما جئت ُبالقربان‬
‫تكرميا لسكان ِ القبور ‪،‬‬
‫فاحمل البرشى ‪،‬‬
‫وال تنس َ‬
‫إىل روح ِ أبيك ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫زهرة ُ امليهوا‬

‫بالقرب ِ من مخفر الربيد‬


‫هده َالزمن‬
‫و َ فوق جرس ٍ َّ‬
‫وحيدة طليقة تفتحت ‪،‬‬
‫ال مالك َ لها ‪.‬‬
‫و َإن هي تع َّرضت للريح ِ َو املطر ‪.‬‬
‫و َ عندما يلفها األصيل ‪،‬‬
‫تشعر ُ بالفراغ ِ َو الحزن ‪.‬‬
‫تحسدها طوائف ُ الزهور ‪،‬‬
‫ألنها الطليعة ُ الجريئة ‪،‬‬
‫ترفع ُ يف عواصف ِ الثلوج‬
‫بشائر َ الربيع‬
‫َو راية َ الربيع ‪.‬‬
‫وإن ذرت تيجانها الرياح‬
‫َو مرغت نثارها بالوحل و َ الرتاب‬
‫سنابك الخيول ‪،‬‬
‫يظل ُّ من عبريها‬
‫الرتاب والوحول ُ والهوا‬
‫تفوح ُ بالشذا ‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫العجوز ُ الحارس ُ‬

‫هامدا ً مستلقيا ً‬
‫يف قرية ٍ نائية ‪،‬‬
‫لكنني ال أعرف ُ الحزن َ ‪.‬‬
‫آليت ُ رغم َ الشيب ِ‬
‫أن أظل َّ حارس َ الحدود ‪.‬‬
‫يلفني الظالم ‪،‬‬
‫و َ تعصف ُ الرياح ُ واملطر ‪.‬‬
‫و َ عندما أغفيت ‪،‬‬
‫أحسست ُ أين‬
‫أدخل ُ املنام‬
‫عىل جواد ٍ مرسج ٍ بالحديد‬
‫وفوق َ نهر ٍ شاسع ٍ من جليد ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫شاعر ٌ من أرسة سونغ امللكية‬
‫شني تىش جى‬
‫شباب من نار ٍ و َ كهولة ٌ من ثلج‬
‫( ‪ 1140‬ـ ‪) 1207‬‬

‫شخصية ٌ سياسية وقائد ٌ عسكري ٌ خدم َ أرسة سونغ بكل ِّ إخالص‬


‫تنسك عرشين سنة عاد بعدها إىل الكفاح‬
‫و َحارب َ املعتدين ‪ ،‬ثم َّ زهد َ َو َّ‬
‫السيايس حتى املوت ‪ .‬شاعر ٌ مشهور يتبط ُ اسمه غالبا ً‬
‫بالشاعر سو ىش و َ صديقه الفيلسوف تشو ىش ‪.‬‬

‫املساء‬

‫هذا املسا‬
‫ريح ُ الصبا‬
‫فتحت الزهور َ‬
‫يف الغوطة ِ الوسيعة ‪،‬‬
‫و َ نرثتها مطرا ً من شهب ِ السامء‬
‫َو املركبات الفارهات‬
‫تج ُّرها ضوامر ُ الجياد ‪،‬‬
‫تنرث ُ يف الدروب‬
‫روائع َ العطور ِ والطيوب ‪,‬‬

‫‪112‬‬
‫و الناي و املزمار‬
‫تضج ّباللحون ‪.‬‬
‫و َ البدر ُ يف السامء‬
‫صين َّية من فضة ٍ‬
‫تسبح ُ فوق َ املاء ‪.‬‬
‫تراقص ُاألسامك َوال ِّتنني‬
‫ح َّتى مرشق ِالضياء ‪.‬‬
‫مررن َبني َ شجر ِ الصفصاف‬
‫املكتيس غالئل َ القمر‬
‫مثل فراشات تردين‬
‫الحرير َ والذهب‬
‫يهمسن َ أو يضحكن‬
‫يف العش َّية األريجه‬
‫بحثت عنها بينهن ّ‬
‫ألف م َّرة و َ م َّرة‬
‫َو فجأة ً ملحتها هناك‬
‫نعم هناك‬
‫حيث ُ الفوانيس بدت‬
‫أمامها شاحبة َ الضياء ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫بني َعهدين‬

‫يف شبايب‬
‫كنت ُ ال أعرف معنى الهم‬
‫والحزن ِ الكئيب ‪.‬‬
‫كنت ُ أميض‬
‫أطلب ُ اإللهام َ‬
‫يف أعىل مقاصري ِ التالل‬
‫يف املقاصري ِ ال َّرفيعة ‪.‬‬
‫أنظم ُ األشعار‬
‫ألحانا ً حزينة‬
‫َو شج َّية ‪.‬‬
‫و أنا اليوم‬
‫وقد ذقت ُ‬
‫مرارات ِ الكآبة‬
‫ال أغني الحزن َ‬
‫ال أغني الحزن َ ‪.‬‬
‫لكني أقول‬
‫إنه جو ٌ بهيج ‪،‬‬
‫آه ِ ‪ ،‬ما أجمله ُ فصل ُ الخريف ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫حرسة ُ القائد ِ‬

‫تحت َ ضوء ِ املصباح ِ أرنو لسيفي‬


‫وكأين أعود ُ يف أحالمي‬
‫لخيامي بنشوة ٍ و اعتزاز‬
‫َو كأن ّ األبواق َ تصدح ُ حويل‬
‫َو بنودي عىل امتداد ِ الحدود ِ‬
‫تتهادى مشاعال ً خافقات ٍ‬
‫زادها نشوة ً نسيم ُ الخريف‬
‫وانطالق الخيول ِ ومضة برق ٍ‬
‫َو رنني السهام ِ رعد ٌ يدوي ٌّ‬
‫ها أنا واجبي قضيت ُ حميدا ً‬
‫يف حيايت مكرما ً و َ ماميت‬
‫غري َ ِّأن وا حرستا رصت ُ شيخا ً‬
‫َو دبيب ُ املشيب ِ يدمي فؤادي ‪.‬‬

‫‪115‬‬

You might also like