Professional Documents
Culture Documents
المجلة الجزائرية للدراسات الإسلامية- العدد الافتتاحي
المجلة الجزائرية للدراسات الإسلامية- العدد الافتتاحي
العدد اﻷول
صفر1443ه /س تم 2021م
توجه اﳌراسﻼت إ السيد رئ س التحر ر
العناو ن اﻵتية:
algerian.is.mgz@assala-alg.net
algerian.is.mgz@gmail.com
رقم ال اتف0658.33.13.33 :
اﳌوقع اﻻلك و ي للمؤسسة:
www.assala-alg.net
رئ س التحر ر
جامعة آك محند و اج )البو رة(. د .م ـحـ ّـمــد ـنــدو
مـديرالـتحر ر
جامعة اﻷم عبد القادر )قسنطينة(. أ .م ـحـ ّـمــد ﺣـ ّـبــي
أعضاء يئة التحر ر
جامعة ا اج ضر )باتنة.(1- أد .مـسـعـود فـلــو
جامعة بن يوسف بن خدة )ا زائر.(1- أد .أﺣـمــد مـعـبـوط
جامعة أ ي بكر بلقايد )تلمسان(. أد .م ــاﺣـي ق ـنــدوز
جامعة قطر. أد .ﺣـمـيـد ق ــوفــي
جامعة الشارقة )اﻹمارات( -سابقا. أد .عـبد ا ّق ﺣم ش
جامعة بن يوسف بن خدة )ا زائر.(1- د .م ـراد ب ـل ـعـ ّـبـاس
جامعة عمار ثلي )اﻷغواط(. أ .سـم ـيــر كـيـجـاور
رابطة العالم اﻹسﻼمي )مكة اﳌكرمة(. ـحمـد سـكـحـالأ .م ّ
أعضاء ال يئة اﻻس شار ة
من خارج الوطن
مؤسسة العمل ،والبلد اﻷستاذ | بلد ا سية
جامعة ﺣمد بن خليﻔة ،قطر. أد .مـح ّـمـد الـمـخـتار الشنقيطي| مور تانيا .1
جامعة العلوم اﻹسﻼمية ،مور تانيا. د .الــش ـ ـي ـ ـخ الـ ـتـ ـجـان ـ ـي أﺣـمـدي | مور تانيا .2
جامعة سيدي محمد بن عبد ﷲ ،فاس. أد .م ـ ـ ـص ـ ــط ـ ـﻔــى ال ـ ــح ـ ــكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ـ ـ ــم | الـمغرب .3
جامعة القا عياض ،مراكش. أد .م ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ّـم ـ ـ ـ ـ ـ ــد خ ـ ـ ـ ـ ــرو ـ ـ ـ ـ ـ ــات | الـمغرب .4
مؤسسة الدراسات السن ية ،ال و ج. د .ال ـ ـ ـ ــط ـ ـ ـ ـ ّـي ـ ـ ـ ـ ـ ــﺐ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرغ ـ ـ ـ ـ ـ ــوث | الـجزائـر .5
جامعة قطر. أد .ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدران ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ل ـ ـ ـ ــح ـ ـ ـس ــن | الـجزائـر .6
جامعة اﻹمام محمد بن سعود ،السعودية. د .ع ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـد الــح ـ ـك ـ ــيم ب ـل ـم ـ ــدي | الـجزائـر .7
جامعة أم القرى ،السعودية. أد .عـ ـ ــبـ ـ ــد ال ـ ـ ـ ـ ـح ــلـ ـ ــي ـ ـ ـ ـم ق ــاب ـ ـ ـ ــة | الـجزائـر .8
اﻷ اديمية العاﳌية للبحوث الشرعية ،مال يا. أد .ي ـ ـ ـ ـون ـ ـ ـ ـ ـس ص ـ ـ ـ ـ ــوالـ ـ ـ ـ ـ ــحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي | الـجزائـر .9
مؤسسة دار العلوم ،فر سا. د .زك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ص ـ ـ ـ ـ ـ ّـديـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي | الـجزائـر .10
جامعة الز تونة ،تو س. أد .ﺣ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ــم ـ ـ ـ ـ ّـنـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ــي | ت ــو ــس .11
جامعة الز تونة ،تو س. أد .م ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ّـم ـ ـ ـ ــد ب ـ ـ ـ ــوزغ ـ ـ ــي ـ ـ ــب ـ ـ ــة | ت ــو ــس .12
جامعة مصراتة ،لي يا. د .ســال ـ ــم ســال ـ ــم جـ ــب ــر زقــﻼم | ل ـيـب ـيــا .13
جامعة السﻼم العاﳌي ،جنوب إفر قيا. أد .جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودة | م ـصــر .14
رابطة العالم اﻹسﻼمي ،اﳌملكة العر ية السعودية. أد .ع ـ ــﺜـ ـمــان أب ــو ز ــد ع ـ ــﺜـمـان | السودان .15
جامعة ﺣمد بن خليﻔة ،قطر. أد .إب ـرا ـ ــيـ ـ ـم م ـ ــح ـ ـ ّـمـ ـ ــد ز ـ ـ ـ ـ ــن | السودان .16
جامعة النجاح الوطنية ،فلسط ن. أد .جـ ـ ـم ـ ـ ــال ز ـ ـ ـ ــد الـ ـ ـك ـ ــيـ ــﻼنــي | فلسط ن .17
جامعة النجاح الوطنية ،فلسط ن. دبـ ــاغ | فلسط ن د .أي ـ ـ ـ ــم ـ ـ ــن مـصـطـﻔـى ال ـ ّ .18
ا امعة اﻷردنية ،اﻷردن. أد .عـ ـ ـ ـ ّبـ ـ ـ ــاس أﺣـ ـ ــم ـ ـ ــد الـ ـ ـ ـب ــاز | ال ــأردن .19
جامعة قطر. أد .عـبـد ال ّـســﻼم أبـ ــو سـمـحـة | ال ــأردن .20
جامعة ا نان ،ا امعة اللبنانية ،لبنان. أد .ماجد أﺣمد نيازي الدرو ش | ل ـبـنـان .21
جامعة ﺣمد بن خليﻔة ،قطر. أد .م ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــتـ ـ ـ ــ ـ ـ ّـز ال ـ ـ ـخـ ـط ـ ـ ـ ــي ـ ـ ـ ــﺐ | ســور ــا .22
ا امعة العراقية ،العراق. ـحيا ي | ال ـعـراق أد .عبد الو ّ ـ ـاب ﺣ ـمد ال ّ .23
ا امعة العراقية ،العراق. أد .عبد القادر مصطﻔى ا مدي | ال ـعـراق .24
جامعة اﻹمام عبد الرﺣمن بن فيصل ،الدمام. أد .ســارة ب ت عــز ـز الش ري | السعودية .25
جامعة قطر. أد .ع ـ ـبـ ــد ال ّـس ــﻼم الـمـجيـدي | ال ـيـمــن .26
وزارة اﻷوقاف ال و ية ،ال و ت. ـحقـان | الكـو ت د .عـبـد الـرﺣمن اشد ال ّ .27
ر
جامعة البحر ن ،البحر ن. ّ
د .ﺣ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــيـ ـ ـ ــﺐ الـ ــنـ ـ ـام ـ ـلـ ـ ــيـ ـ ـ | البحر ن .28
جامعة زايد )د ي( ،اﻹمارات. دة .ك ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـﺜ ـ ـ ــم ع ـ ـمــر الـمـاجــد | اﻹمارات .29
ا امعة اﻹسﻼمية العاﳌية ،مال يا. الدين | مـالـ يـا د .مصطﻔى ج ـ ـ ي شـمس ّ .30
NECMETTIN ERBAKAN UNIVERCITY | Pr. Dilaver GÜRERتــرك ــيا .31
FACULTETI I STUDIMEVE ISLAME, prishtine | Dr. Valon MYRTAألـبانـيـا .32
من داخل الوطن
جامعة أ ي بكر بلقايد )تلمسان(. أد .م ـحـ ّـمــد ﺣ ــاج ع ـ ـ ـيـ ـ ـ | الـجزائـر .33
جامعة أﺣمد بن بلة )و ران.(1- أد .م ـ ـ ـخ ــتـ ـ ــار ﺣ ـ ـ ـم ـ ـ ـحــامـ ـي | الـجزائـر .34
جامعة أﺣمد بن بلة )و ران.(1- أد .ع ـ ـ ـ ـبـ ـ ـد الـ ـق ــادر داودي | الـجزائـر .35
جامعة بن يوسف بن خدة )ا زائر.(1- أد .عـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـمـ ـ ـ ـ ــار ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــدل | الـجزائـر .36
جامعة بن يوسف بن خدة )ا زائر.(1- أد .وسـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ــة خ ـ ـ ـ ـل ـ ــﻔ ـ ـ ــي | الـجزائـر .37
جامعة آك محند و اج )البو رة(. دة .عـ ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ــة أو ـ ـ ـ ـ ـ ــاب | الـجزائـر .38
ّ
جامعة آك محند و اج )البو رة(. دة .ع ـ ـ ـ ــز ـ ـ ـ ـ ــزة ع ـ ـ ـ ـ ــك ـ ـ ـ ــوش | الـجزائـر .39
جامعة مولود معمري )ت ي وزو(. د .الـ ـ ـ ـس ـ ـ ــعـ ـ ـ ـي ـ ـ ــد ق ـ ـ ـ ــاﺿ ــي | الـجزائـر .40
ّ
جامعة محمد بوﺿياف )اﳌسيلة(. أد .ن ـ ـ ـ ـ ّـوار بـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ــش ـ ـ ــل ـ ـ ــي | الـجزائـر .41
جامعة ا اج ضر )باتنة.(1- أد .ع ـ ـ ــبـ ـ ــد ال ـ ـ ـح ـ ّـق م ـي ـحـي | الـجزائـر .42
جامعة ا اج ضر )باتنة.(1- د .ال ـ ـ ــذوادي ق ـ ـ ـ ــومـ ـ ـ ـي ــدي | الـجزائـر .43
جامعة اﻷم عبد القادر )قسنطينة(. أد .ﺣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاي | الـجزائـر .44
جامعة اﻷم عبد القادر )قسنطينة(. أد .ع ـب ـ ــد ال ـق ـ ـ ـ ـادر ج ــدي | الـجزائـر .45
جامعة اﻷم عبد القادر )قسنطينة(. دة .يـ ـ ـ ـمـ ـ ــيـ ـن ــة ب ــوس ـعــادي | الـجزائـر .46
جامعة ع ّـمـار ثـلـيـ )اﻷغواط(. دة .ﺣ ـ ـ ـب ـ ـ ــيـ ـ ـ ـب ـ ـ ــة ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة | الـجزائـر .47
جامعة غرداية. أد .ع ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــر م ـ ـ ـ ـ ـ ــونـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة | الـجزائـر .48
جامعة ﺣ ّـمة ضر )الوادي(. أد .ي ــوس ــف ع ـبــد الـﻼوي | الـجزائـر .49
جامعة أﺣمد دراية )أدرار(. أد .ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـائ ـ ـ ـ ــشـ ـ ــة ل ـ ـ ـ ـ ــروي | الـجزائـر .50
قواعد وشروط ال شر ا لة
.1أﻻ يكون البحث قد نُشر من قبل ،أو طُلب نشره ﰲ ﳎلة أخرى ،وأﻻ يكون مستﻼ من دراسة جامعية أو ﻛتاب
مﻨشور.
.2أن يكون العﻤل أﺻيﻼ لﺼاﺣبﻪ ،ﻏﲑ مﻘتبﺲ من أﻋﻤال أخرى.
.3أن يتﻨاول إشكالية ﻋلﻤية دقيﻘة وﳏددة ،وجديرة لبحث.
.4أن يتسﻢ ﺑتﻘدﱘ جانب من جوانب اﻹﺿاﻓة العلﻤية ،وﻻ يكون ﳏﺾ ﺗكرار ﻷﻋﻤال أخرى.
.5أن يتﺼﻒ البحث ﲟﻨﻬﺠيات ﻛتاﺑة البحوث شكليا ،وموﺿوﻋيا.
.6أﻻ يتﺠاوز ﺣﺠﻢ البحث 35ص ،وﻻ يﻘل ﻋن 15ص ،وﻓﻘا للﻤﻘاييﺲ الشكلية اﳌوﺿحة اﳌﻄلوﺑة ،مﻊ إمكان
نشر البحث ﰲ جﺰأين إذا ﻛان يستحﻖ ذلﻚ.
معﲔ.
متﺨﺼﺼﲔ ،وﻓﻖ ﳕوذج ّ ّ .7ﲣﻀﻊ البحوث اﳌرﻏوب ﰲ نشرﻫا للتحكيﻢ من طرف ﳏ ّكﻤﲔ
.8ﺗلتﺰم ا لة خﻄار الباﺣثﲔ ﺑﻘبول أﲝاثﻬﻢ ،أو ﺗعديلﻬا ،أو رﻓﻀﻬا ،ﰲ ﻇرف شﻬر ونﺼﻒ -ﻋلﻰ اﻷﻛثر -من
ريخ اﻻستﻼم.
.9ﰲ ﺣال أﻋلﻨت ا لة ﻋن التوقﻒ ﻋن استﻼم البحوث ﰲ ﻓﱰة معيﻨة ،ﻓإ ّن استﻼم أي ﲝث ﰲ ﺗلﻚ الفﱰة ﻻ
يعت ّد ﺑﻪ.
معﲔ ،وﻓﻖ ما ﺗراه مﻨاسبًا.
.10قد ﲣﺼص ا لة ﺑعﺾ اﻷﻋداد ﶈور موﺿوﻋي ّ
رسل البحوث )مرﻓوقة ﺑسﲑة ذاﺗية ﳐتﺼرة للباﺣث( ﺑﺼيﻐﱵ ) ،(wordو) (pdfإﱃ الﱪيد اﻻلكﱰوﱐ .11ﺗُ َ
للﻤﺠلة ،وﻫو ، algerian.is.mgz@assala.net :وإﱃ الﱪيد اﻻﺣتياطي:
algerian.is.mgz@gmail.com
.12ﲢتفظ ﻫيئة التحرير ﲝ ّﻘﻬا ﰲ ﻋدم نشر أي ﲝث دون إﺑداء اﻷسباب ،وﺗُعتﱪ قرارا ا ائية.
.13ﺑعد قبول نشر البحث ،ﺗلتﺰم ا لة ﺑﻨشره ﰲ العدد اﳌواﱄ ،وﺑﻨاء ﻋليﻪ ﻻ ﳚوز نشر البحث ﰲ ﳎلة ﻋلﻤية أخرى
يعرض ﺻاﺣبﻪ لعﻘوﺑة ﻋدم الﻨشر ﰲ ﳎلّتﻨا ﳌدة سﻨة.طيلة ﺗلﻚ الفﱰة ،وﻓعل ذلﻚ ّ
.14يُع ّد البحث ﰲ ﺣكﻢ اﳌسحوب إذا ّخر الباﺣث ﻋن إجراء التعديﻼت اﳌﻄلوﺑة ﳌدة ﺗﺰيد ﻋن شﻬر من ريخ
ﺗسلّﻤﻪ الرد من ا لة.
.15ﲤتلﻚ ا لة ﺣﻖ نشر البحث ورقيا والكﱰونيا ،وﻛذا إﻋادة نشره ﲟا ﺗراه مﻨاسبًا ،دون ﺣاجة ﻹذن الباﺣث،
اﳊﻖ ﰲ السﻤاح للﻐﲑ دراج ﲝوثﻬا ﰲ قواﻋد البيا ت اﳌﺨتلفة.
ﻛﻤا ﳍا ّ
مستﻼت من ﲝثﻪ اﳌﻨشور. ﻛل ﺣث نسﺨة واﺣدة من العدد الكامل ،مﻊ ﻋشر ّ ُ .16ﳝﻨح ّ
يتحﻤل الباﺣثون مسﺆولية آرائﻬﻢ.
ﺗعﱪ لﻀرورة ﻋن رأي ا لة ،ﺑل ّ .17اﻵراء الواردة ﰲ ا لة ﻻ ّ
.18لﻼطﻼع ﻋلﻰ اﳌﻨﻬﺠية اﳌفﺼلة اﳌﻄلوﺑة ﰲ ﻛتاﺑة البحث؛ انﻈر الراﺑﻂ اﻵﰐ:
https://cutt.ly/Xl6TBNu
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
10
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
اﳌﻠﺨﺺ
العامة ﻫﻢ ﲨﻬور الﻨّاس التّاﺑعﲔ لسلﻄة سياسية ﲢكﻤﻬﻢ ،والتّاﺑعﲔ ﻛذلﻚ لسلﻄة ﻋلﻤية ﻓيﻤا يتوقّﻒ ﻋلﻰ ّ
العامة طبيعيا ﲟﻘتﻀﻰ ﺗباين الوﻇائﻒ ،وﻻ يستدﻋي الشريعة ،وﻋليﻪ يﺼﲑ التّفاوت ﺑﲔ اﳋاﺻة و ّ اﻻجتﻬاد من أﺣكام ّ
العامة الﱵ ﺗرﲰﻬا ﺑعﺾ اﳌﺼادر من ﺗراثﻨا السياسي لكن ﺻورة ّ للﺨاﺻةّ ،
ّ للعامة وﻻ استعﻼء
ذلﻚ نﻈرة استحﻘار ّ
ﳜاطب الﻘرآ ُن
ُ قدرا من اﻻستﻬانة ﻻ ﳜفﻰ ،خﻼﻓًا لتلﻚ الﱵ ﳒدﻫا ﰲ الﻘرآن الكرﱘ ،إذ والفﻘﻬي ﻋﱪ التاريخ ﲢﻤل ً
الﺼورة الﻘائﻤة ﻋلﻰ معﲎ التّكرﱘ ﰲ اﻹنسان ﻋﻘلَﻪ وﻓكره ووجدانَﻪِ ُ ،
وﳛ ّﻤلُﻪ مسﺆولياﺗﻪ ﻛاملةً مﻬﻤا ﻛانت مﻨﺰلتﻪ ،وﻫي ّ َ
لبﲏ اﻹنسان قاطبة.
واليوم مﻊ ﺗﺼاﻋد خﻄاب الﻘيﻢ اﻹنسانية اﳌعاﺻر ،اﳌتﻤرﻛﺰ ﺣول اﻹنسان ،اﳉاﻋل مﻨﻪ مﺼدراً للﻘيﻢ ،ﻓإنّﻪ
يستبعد الﻘيﻢ ال ِّديﻨية ،ويدﻋو ﺑﻨاءً ﻋلﻰ ذلﻚ إﱃ نبذ الﱰاث العلﻤي للﻤسلﻤﲔُ ،مت َذ ِّر ًﻋا ﲟا ﳚده ﻓيﻪ من ﺑعﺾ اﻷﻓكار
ﺣﻖ أو اﳌﻤارسات ال ّدالة ﻋلﻰ استحﻘار العامة ،ومن ﲦّة يعتﱪ ﻛل اﺗّباع للعلﻤاء سلبا للحرية الفرديةٍّ ،
وﺗعد ﻋلﻰ ّ ّ ّ ً ّ ّ
اﻹنسان ﰲ ﻓﻬﻢ ال ّدين وﳑارستﻪ.
العامة ﰲ الﻘرآن والسﻨّة ،وﺻور ﻢ ﰲ ﺑعﺾ اﻷدﺑيات الﱰاثية ،وخﻄاب إ ّن ﻫذه اﳌﻘاﺑلة الثﻼثية ﺑﲔ ﺻورة ّ
الﻨّﺰﻋة اﻹنسانية اﳌعاﺻر ،يفرض ﺿرورة الوقوف ﻋلﻰ مفﻬوم الﻘيﻢ اﻹنسانية ،والبعد العﻘدي ﰲ ﺿبﻄﻬا ،قبل مﻨاقشة
مﻘوﻻت ﻫذا اﳋﻄاب ،وﲨلة ال ّدﻋاوى الﱵ يتبﻨّاﻫا ُرّو ُاده ،من دﻋوى إﱃ ﺿرورة اﻻنتﻈام ﰲ الﻘيﻢ اﻹنسانية اﳌعاﺻرة
ونبذ اﳌورو ت اﳌﺨالفة لﻪ ،انﻄﻼقاً من ﻛون اﻹنسان ﻫو ﺑذاﺗﻪ مرﻛﺰ قِيَ ِﻤﻪ ،إﱃ دﻋوى ﺿرورة اﻹﺑداع من خﻼل
للعامة إﱃ اﺗّباع العلﻤاء
ﻛل دﻋوة ّ الرأي ال ّديﲏ ،وأ ّن ّ
العامة ﰲ إﺑداء ّ
حرر من الﻘيﻢ ال ّديﻨية ،إﱃ دﻋوى ﺿرورة إشراك ّ التّ ّ
يسا لسلﻄة ديﻨية ﺗﻨﺰع ﻋن الﻨّاس ﺣريّتﻬﻢ.
ليست إﻻّ ﺗكر ً
إ ّن مﻨاقشة ﻫذه ال ّدﻋاوى ﺗستدﻋي إﱃ جانب ﲢرير اﳌفاﻫيﻢ ﲨلةً من اﳌﻀامﲔ اﻷﺻولية الﱵ استﻨدت إليﻬا،
وﻋلﻰ رأسﻬا أﺻل اﻹﲨاع وقواﻋد التّﻘليد ،وﻫذا ما ُرمتﻪ ﰲ البحث من خﻼل ﻋﻨاﺻره التفﺼيلية.
الﻜﻠمات اﳌﻔتاﺣﻴﺔّ :
العامة ،الﻘيﻢ اﻹنسانية ،خﻄاب الﻨّﺰﻋة اﻹنسانية اﳌعاﺻر.
11
_____________________________________________________________ ( ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا
Abstract
When the term “commoners” refers to a mass of people who are under the govern
of a political authority, and who are also subordinate to a scientific authority in terms of
deducting provisions from the Islamic Law (Sharia), then the disparity between the elite and
the commoner becomes normal considering the diversity of functions, without any
arrogance or contempt for the common people. However, different political and
jurisprudential sources from our heritage have portrayed the commoner with a degree of
contempt. On the other hand, we find the Holly Quran praising the concept of honoring
all human beings, regardless their positions and status. Hence, it addresses their reason,
intellect and conscience and holds them fully responsible for their actions.
Today, with the rise of the cotemporary discourse of human values, which is centered
on the human being as a source of values, it excludes religious values and therefore calls for
the exclusion of the scientific heritage of Muslims, basing its argument on some ideas or
practices that may indicate public contempt. Thus, according to this discourse, any
following of the scholars is considered plundering of individual freedoms, and it is a
violation of the right to understand and practice religion.
This threefold rapprochement between: the portrayal of commoners in Quran and
Sunnah (traditions of the prophet), their portrayal in some heritage literature, and the
contents of contemporary humanistic discourse, imposes the necessity of determining the
concept of human values, and the creedal dimension to control them (human values) before
discussing the arguments of this speech, and all the claims adopted by its pioneers; starting
with the claim to the necessity of being regularized under the contemporary human values
and renounce legacies that contradict it, based on the fact that man himself is the center of
values, to the claim of the necessity to innovate through liberation from religious values, to
the necessity of involving the commoners in expressing their religious opinions, and any
call for the commoners to follow the scholars is nothing but a dedication to a religious
authority that strips people of their freedom.
The discussion of these claims requires, in addition to defining concepts, a set of
fundamentalist contents on which it is based, mainly the origin of the consensus and the
rules of imitation. This is what I have put under discussion through the different detailed
components of this research.
12
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
مق ّدمﺔ:
اﳊﻖ
ﻓسﺨر ﳍﻢ الكون وﺑدائﻊ ما خلﻖ ،وﺑعث اﻷنبياء ليﻬدوﻫﻢ إﱃ ّ
ﻛﱠرم ﷲ سبحانﻪ ﺑﲏ آدم أﲨعﲔّ ،
ادﻋا من ﻋﻘل واستﺠاﺑةً من ﻓﻄرة ،ﰒ ختﻢ ِّ
الرساﻻت اﳉادة ،وجعل ﳍﻢ من أنفسﻬﻢ ر ً
واﳋﲑ ﻛلّﻤا ﺣادوا ﻋن ّ
ﺑﻨبيّﻨا ﳏﻤد ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،و لﻘرآن ﻫداية للﺨلﻖ ﻛلّﻬﻢ وﺗكرﳝاً لبﲏ آدم أﲨعﲔ ،خﻼﻓاً ﳌا ساد ﰲ
السادة والعبيد ،واﳊ ّكام واﶈكومﲔ،
ا تﻤعات البشريّة ﻋﱪ التاريخ من التّﻤييﺰ ﺑﲔ الكﱪاء واﳌستﻀعفﲔ ،و ّ
الرجال والﻨّساء.
العامة ،و ّ
اﳋاﺻة و ّ
و ّ
الﻨﲑة الﱵ يرﲰﻬا الﻘرآن الكرﱘ ﲤثّل ﺣﻘيﻘةَ معﲎ التّكرﱘ ﲟﻘتﻀﻰ اﻵدميّة ،ﺗكرﳝًا لﻺنسان
الﺼ َور ّ
إ ّن ﻫذه ّ
اقﻒ ُمتبايﻨةً إزاء
اﻹسﻼمي مو َ
ّ الﱰاث
من ﺣيث ﻫو إنسا ٌن دون ﲤييﺰ ،ومﻊ ذلﻚ ﳚد ال ّدارس لبعﺾ أدﺑيات ّ
العامة ،ﻓأﺣيا ً ﻫﻢ اﳉُﻤﻬور؛ ﲪاةُ البﻼد ،وأساس العﻤران ،وﺑُﻨاة اﳊﻀارة ،وﰲ العلوم الﻨّﻘليّة؛ ﻫﻢ الكثرة
ّ
ﺻﻤ ُام اﻷمان ﰲ ﺣفظ الﻨّﺼوص ونﻘلﻬا ،وﺣﺼن اﻷﻋراف وﳏاسن اﳊاﻓﻈة لل ّذاﻛرة ،اﶈ ّﻘﻘة ﳌعﲎ التّواﺗرّ ،
العادات ،الﱵ ﺗُع ّد مستﻨد ﻛثﲑ من اﻷﺣكام ،وأﺣيا ً ﻫﻢ اﳉُﻬﻼء الذين نﻒ ذوو اﳍيئات ﳎالستﻬﻢ ،وﻫﻢ
الﺼﻨاﻋات واﳊِرف،
ِ
ﺣﱴ ﺑعﺾ أﻫل ّ
ِ
الرﻋاع والﻐوﻏاء وال ّدﳘاء ،ورّﲟا ﴰلت ﺗلﻚ اﻷوﺻاف ال َـﻤشيﻨة ّ
ال ﱡسوقَة و ّ
اﻷمة. ِ
السواد اﻷﻋﻈﻢ من ّ وﴰلت الﻨّساء ﻛذلﻚ ،والواقﻊ أ ّن ﻫﺆﻻء ﻫﻢ ّ
أﻫﻢ الﻘﻀا الﱵ شﻐلت العامة؛ يﻀعان اﳌسلﻢ اﳌعاﺻر أمام قﻀية من ّ
إ ّن ﻫذين اﳌوقفﲔ اﳌتبايﻨﲔ إزاء ّ
اﻹسﻼمي اﳌعاﺻر ،وﻫي اﳌﻨﻬﺞ ﰲ التّعامل مﻊ الﱰاث اﳌعرﰲ ﻋلﻰ وجﻪ اﳋﺼوص ،ﻋﻨدما ﺗستوقفﻪ مثل
ّ الفكر
ﻫذه اﳌﻀامﲔ اﳌﻨﻘولة ﻻ ﻋلﻰ سبيل اﻻﻋﱰاض ،ﺑل ﻋلﻰ سبيل التّﻘرير واﳌراﻋاة ،مﻊ ما يبدو ﻓيﻬا من ا اﻓاة
العامة؛ ﻋﻨد ﺗﻨاوﳍا ﻛذلﻚ من
ﳌا جاء ﰲ الكتاب والسﻨّة ،وﺗﺰداد ﻫذه اﻷزمةُ ﻋﻤ ًﻘا ﰲ ﺑعﺾ الﻘﻀا ﻛﻘﻀية ّ
خﻼل ﺑعﺾ اﳌرجعيات الفكرية اﳌعاﺻرة ،وما راﻛﻤتﻪ التّﺠرﺑة اﻹنسانية من خﱪة ﰲ ﳎال اﳊﻘوق واﳊر ت.
13
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
14
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
ﻓاﳉﻤﻬور ﰲ اللّﻐةُ » :م ْعﻈَ ُﻢ ُﻛ ِّل َش ْيء«) ،(1واﳌﻘﺼود ﻢ العﻤوم العريﺾ الذي يش ّكل ا تﻤﻊ ،وﻋﻨدما
الﱰاث اﻹسﻼمي؛ ﻓاﳌﻘﺼود ﻢ :اﳉﻤﻬور التّاﺑﻊ ﰲ العادة لسلﻄتﲔ ليﺲ لﻪ العامة ﰲ أدﺑيات ّ يُﻄلﻖ اسﻢ ّ
السياسية لدى اﳊ ّكام.
السلﻄة ّ
السلﻄة العلﻤية لدى الفﻘﻬاء ،و ّ ﲡاوزﳘا؛ ّ
العامة ،ﺗكشﻒ ﻋن ﺗباين اﳌعﲎ اﳌلحوظ
سﻤﻰ ﻓيﻬا الﻨّاس ﳉﻤﻬور أو ّ السياقات اﳌﺨتلفة الﱵ يُ ّ
إﻻّ أ ّن ّ
اب واﳋﲑ ٍ
الﺼو َ
اﳌسﻤﻰ ،ﻓيكون ﰲ سياقات ما ﲟعﲎ اﻷﻏلبية والكثرة الﱵ ﲤيل الﻨّفوس ﻋادة إﱃ أ ّن ّﰲ ذلﻚ ّ
ظ يُذﻛر ،وﻋليﻪ ﲢﻤلمعﻬا ،وأﺣيا ً ﲟعﲎ العو ّام من اﳌﻘلّدة واﻷﺗباع الذين ليﺲ ﳍﻢ من العلوم واﳌعارف ﺣ ﱞ
ﺑعﻀﻬا نوع وي ٍن من
ﻛل ﳎتﻤﻊ ،ﺑيﻨﻤا ﲢﻤل ُ العامة ﰲ ّالسياقات معاﱐ اﻹشادة والتّﻨبيﻪ ﻋلﻰ أﳘية ّ ﺑعﺾ ّ
قيﻤتﻬﻢ وأﳘية ما يﺼدر ﻋﻨﻬﻢ.
العامة ،ﻛﱰجيح قراءة أو لﻐة، من ذلﻚ ما جاء ﰲ أ ّن دليل رجحان اﻷمر ﻫو انتشاره واستﻘراره ﺑﲔ ّ
)(2
العامة ﳍا ،واستﻘباح اﻷمر السﻨن ﲝﻤل ّ ﻛﻤا ﰲ مواﺿﻊ ﻛثﲑة من ﺗفسﲑ اﻹمام الﻄﱪي وﻏﲑه ،وثبوت ّ
وسرﻋة اﳔداﻋﻬﻢ وﺑُعدﻫﻢ ٍ
العامة ،ومن ﺣية أخرى؛ دلّت ﺑعﺾ الﻨّﺼوص ﻋلﻰ جﻬلﻬﻢ ُ اﻓاﺗﻪ استحسان ّ
خاﺻة ﰲ مراﺣل رﳜية من اﻻﳓﻄاط ،ﻛﻤا ﰲ ﻋﺼر اﺑن ﺗيﻤية وﺗلﻤيذه اﺑن ِ
ﺼرفّ ، ﻋن اﳊكﻤة وﺣسن التّ ّ
اﻷمة قد طال الﻘﺼود الﻘيّﻢ وال ّشاطﱯ؛ إذ يﻈﻬر ﰲ ما ﺗﻨاولوه من مسائل الفﻘﻪ واﻷﺻول أ ّن اﻻﳓراف ﰲ ّ
ﳎرد اﻷﻋﻤال الﻈّاﻫرة ،ﻓيﻘول ال ّشاطﱯ وﻫو يتﺼ ّدى ﳌﻈاﻫر البدع ﰲ العباداتَ » :وﻏَلَبَ ِة اﳉﻬلوالﻨّيات ،ﻻ ّ
يفرقون ﺑﲔ السﻨّة والبدﻋة«) ،(3ويﻘول اﺑن الﻘيﻢ» :وأﻛثر الﻨّاس إّﳕا ﻫﻢ أﻫل ﻇواﻫر
ﺣﱴ إ ّ ﻢ ﻻ ّالعامةّ ،
ﻋلﻰ ّ
ﰲ الكﻼم واللّباس واﻷﻓعال«).(4
سﻤاه، ٍ ٍ ٍ ٍ ٍ
ﳏكوم ﺑﻈروف رﳜية وسياقات ثﻘاﻓية ومعرﻓية ﺗتح ّكﻢ ﰲ ﲢديد ُم ّ
ٌ اسﻢ
ﻓالعامة واﳉﻤﻬور إذن؛ ٌ
ّ
دليل ﻋلﻰ ﻫذا
الﱰاثية إﻻّ ٌ
اﳌسﻤﻰ ﰲ الﻨّﺼوص ﱡ وﲢديد ﻏرض استدﻋاء ﻫذا اﳌعﲎ ،وما ﺗع ﱡد ُد اﻷﲰاء ﳍذا ّ
وإما يُﻘﺼد
السواد اﻷﻋﻈﻢّ ،
العامة و ّ
التّباين ﰲ زاوية الﻨّﻈر ،ﻓﻐالباً ّإما يُﻘﺼد ا مﻄلﻖ الكثرة ﻛاسﻢ اﳉﻤﻬور و ّ
) (1الﺰﺑيدي ،ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد اﳌرﺗﻀﻰ اﳊسيﲏ اﳊﻨفي )ت1205ه( ،ج الﻌﺮوس) ،ﲢﻘيﻖ :ﳎﻤوﻋة من اﶈﻘﻘﲔ( د.ط ،دار اﳍداية ،د.ت:
ج ،10ص.473
) (2انﻈر :الﻄﱪي ،ﳏﻤد ﺑن جرير أﺑو جعفر )ت310ﻫـ( ،ﺟامع البﻴان ﰲ ويل القﺮآن) ،ﲢﻘيﻖ :أﲪد ﳏﻤد شاﻛر( ،ط ،1مﺆسسة الرسالة،
ﺑﲑوت1420 ،ﻫ2000-م :ج ،13ص 79؛ ﻋﻄيّة ،ﻋبد اﳊﻖ ﺑن ﻏالب أﺑو ﳏﻤد اﻷندلسي اﶈارﰊ )ت542ه( ،اﶈﺮر الوﺟﻴﺰ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ
السﻼم ﻋبد ال ّشاﰲ ﳏﻤد( ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1422 ،ه :ج ،3ص.467الﻜتاب الﻌﺰيﺰ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد ّ
) (3ال ّشاطﱯ ،إﺑراﻫيﻢ ﺑن موسﻰ اللّﺨﻤي الﻐر طي )ت790ه( ،اﻻﻋتﺼام) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﺑن ﻋبد الرﲪن ال ّشﻘﲑ( ،ط ،1دار اﺑن اﳉوزي،
الر ض1429 ،ﻫ2008/م :ج ،1ص.298
) (4اﺑن قيِّﻢ اﳉوزية ،ﳏﻤد ﺑن أﰊ ﺑكر ﺑن أيوب ﺑن سعد الﱠﺰرﻋي )ت751ه( ،أﻋﻼم اﳌوﻗﻌﲔ ﻋن ِّ
رب الﻌاﳌﲔ) ،رﺗّبﻪ :ﳏﻤد ﻋبد السﻼم
إﺑراﻫيﻢ( ،د.ط ،دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1417 ،ﻫـ1996/م :ج ،4ص.148
15
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
) (1انﻈر :دﻻل لواﰐ ،ﻋامّﺔ القﲑوان ﰲ ﻋﺼﺮ اﻷﻏالبﺔ ،د.ط ،دار رؤية للﻨشر والتوزيﻊ ،الﻘاﻫرة2014 ،م :ص 78وما ﺑعدﻫا.
) (2ال ّشاطﱯ ،إﺑراﻫيﻢ ﺑن موسﻰ اللّﺨﻤي الﻐر طي )ت 790ه( ،اﳌواﻓقات ﰲ أﺻول الﺸّﺮيﻌﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻋبد ﷲ دراز( ،ط ،2دار
اﳌعرﻓة ،ﺑﲑوت1395 ،ﻫـ1975-م :ج ،2ص.69
16
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
17
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﺻو َن( ]اﻷنعام ،[116 :يﻘول الشيخ ﳏﻤد الﻄاﻫر ﺑﲔ ﻋاشورُ » :
وسبب ﻫذه اﻷﻛثرية؛ أ ّن اﳊ ﱠﻖ ُﻫ ْﻢ إِﱠﻻ ﳜَُْﺮ ُ
اﳊﻖ ﻋلﻰ اﳍوى ،والﱡرشدﺼاﱀ والﻀﱠار ،وﺗﻘدﱘ ِّ واﳍدى ﳛتاج إﱃ ُﻋﻘول َسليﻤة ،ونُفوس ﻓاﺿلة ،و ﱡمل ﰲ ال ﱠ
ﺻفات إذا اخت ﱠل واﺣ ٌد مﻨﻬا؛ ﺗﻄﱠر َق الﻀﱠﻼل إﱃ الﻨّفﺲ ﲟﻘدار ما
ٌ ﻋلﻰ الشﱠﻬوة ،وﳏبّة اﳋﲑ للﻨّاس ،وﻫذه
الﺼفات«).(1
انثَـلَ َﻢ من ﻫذه ّ
العامة
ﺗلﻤﺲ ملﻤح لﺼورة اﳉﻤاﻫﲑ و ّ من خﻼل ﺗتبّﻊ ﻫذه اﻵ ت وﻏﲑﻫا ﳑّا يﻘﻊ ﰲ معﻨاﻫا ﳝكن ّ
الرساﻻتالسواد اﻷﻋﻈﻢ من ا تﻤعات ،ﻓﻬﻢ ﳐاطبون ﲟﻀامﲔ الﻘرآن ﻛﻤا ﻛانوا مﻊ ﲨيﻊ ِّ
الذين يش ّكلون ّ
اﳊﻖ وإشاﻋة اﳋﲑ ﰲ اﻷرض؛ ولكن قد ﺗعرض ﳍﻢ ال ﱠسﻤاوية ،ﲟﻘتﻀﻰ آدميتﻬﻢ؛ وﻫﻢ مسﺆولون ﻋن إقامة ّ
اﳊﻖ واﺗّباﻋﻪ.
الﺼﱪ وا اﻫدة ﰲ التﺰام ّ
يتعﲔ ّ
ﻋوارض من ﻇلﻢ الكﱪاء وقﻬرﻫﻢ ومﻨعﻬﻢ ما يستحﻘون ،ﻓﻬﻨا ّ
السلﻄان ،ﺑل ألﺰم اﻷنبياء لكن ﱂ ﳒد الﻘرآن ﳜلي الﻨّاس من مسﺆوليا ﻢ ﲨلةً ﺑدﻋوى قﻬر ذوي ّ
اﳊﻖ ،إ ﱠما مباشرة ﻓيﻤا يسﻊ اﳉﻤيﻊ معرﻓتﻪ ،وإما ﺑواسﻄة العلﻤاء استحث الﻨّاس ﲨيعا ﻋلﻰ معرﻓة ّ ّ لبﻼغ ،و
لﻀرب ﰲ اﻷرض استحث اﳌستﻀعفﲔ ﻋلﻰ اﳍﺠرة وأ ََم َرﻫﻢ ّ ّ ﻓيﻤا ﳛتاج إﱃ ﻓﻘﻪ واستﺨراج ،ﺑل إ ّن الﻘرآن قد
ِ ِ ِِ ِ ِ
ﻴﻢ ُﻛﻨتُ ْﻢ ۖ اﳊﻖ ،يﻘول ﺗعاﱃ) :إِ ﱠن الﱠﺬ َ
ين ﺗَـ َوﻓﱠ ُ
اﻫ ُﻢ ال َْم َﻼﺋ َﻜﺔُ ﻇَالمﻲ أَن ُﻔﺴ ِﻬ ْﻢ ﻗَالُوا ﻓ َ الرﻛون وﺗرك ّ وﱂ يﻘبل مﻨﻬﻢ ﱡ
ﱠﻢ ۖ
اﻫ ْﻢ َﺟ َﻬﻨ ُ ﻴﻬا ۚ ﻓَﺄُوٰلَﺌِ َ
ﻚ َمﺄ َْو ُ اسﻌﺔً ﻓَـتُـﻬ ِ ِ
اﺟ ُﺮوا ﻓ َ
ِ ِ
ض ا ﱠ َو َ َ ﲔ ِﰲ ْاﻷ َْر ِ
ض ۚ ﻗَالُوا أََﱂْ ﺗَ ُﻜ ْن أ َْر ُ
ﻗَالُوا ُﻛﻨﱠا مﺴتَ ْ ِ
ﻀ َﻌﻔ َ ُْ
ﺼ ًﲑا( ]الﻨساء ،[97 :وأﻛثر من ذلﻚ ،يُ ِّ تمِ
ﺼور لﻨا الﻘرآن الكرﱘ مشﻬ ًدا من يوم الﻘيامة ﰲ معاﺗبة اء ْ َ َو َس َ
ْﱪُوا إِ ﱠ ُﻛﻨﱠا ول الﻀ ِ ِ
استَﻜ َ ﱡﻌ َﻔاءُ لﻠﱠﺬ َ
ين ْ ﻫﺆﻻء اﳌستﻀعفﲔ لكﱪائﻬﻢ ﻓيﻘول ﺗعاﱃَ ) :وإِ ْذ يَـتَ َﺤا ﱡﺟو َن ِﰲ الﻨﱠا ِر ﻓَـﻴَـ ُق ُ َ
ِ ﺼﻴبا ِمن الﻨﱠا ِر ﻗَ َ ِ ِ
ﻴﻬا إِ ﱠن ا ﱠَ ﻗَ ْد َﺣ َﻜ َﻢ ﺑَ َْ
ﲔ ْﱪُوا إِ ﱠ ُﻛلﱞ ﻓ َ ين ْ
استَﻜ َ ال الﱠﺬ َ لَ ُﻜ ْﻢ ﺗَـبَـ ًﻌا ﻓَـ َﻬ ْل أَنتُﻢ ﱡمﻐْﻨُو َن َﻋﻨﱠا نَ ً ّ َ
اد( ]ﻏاﻓر.[48 – 47 : الْﻌِب ِ
َ
الﻌامﺔ والﻨّﻔﺮة لﻠﻔقﻪ ﰲ ال ّدين:
ّ /5
ﺴ ْﺮَ الْ ُق ْﺮآ َن لِﻠ ِّﺬ ْﻛ ِﺮ ﻓَـ َﻬ ْل ِمن يسٌر لل ّذﻛر والﻘراءةَ ) :ولََق ْد يَ ﱠ ِ ِ
ّﻓرق الﻘرآن ﺑﲔ ذﻛره وﻓﻘﻬﻪ ،ﻓﻘال إنّﻪ ُم ّ
ِ ِ
خاﺻة ،ﻛﻤا ّﺑﲔ ذلﻚ ﱡم ﱠدﻛ ٍﺮ( ]الﻘﻤرّ ،[17 :أما الفﻘﻪ واستكﻨاه ما خفي من معانيﻪ ﻓﻘد جعلﻪ مرﺗبةً من العلﻢ ّ
جﻬدا ونـَ ْف َرةً ،وأنّﻪ َشأْ ُن طائفة من الﻨّاس ﳐﺼوﺻة ،ندﺑت الفﻘﻪ ﰲ ال ّدين يتﻄلّب ً ﺻراﺣةً ﻋﻨدما قال أ ّن ِ
نفسﻬا لﻪ ،ﻓﻘال ﺗعاﱃَ ) :وَما َﻛا َن ال ُْم ْﺆِمﻨُو َن لِﻴَ ِﻨﻔ ُﺮوا َﻛاﻓﱠﺔً ۚ ﻓَـﻠَ ْوَﻻ نَـ َﻔ َﺮ ِمن ُﻛ ِّل ﻓِ ْﺮﻗَ ٍﺔ ِّم ْﻨـ ُﻬ ْﻢ طَاﺋَِﻔﺔٌ لِّﻴَـتَـ َﻔ ﱠق ُﻬوا ِﰲ
ﻨﺬ ُروا ﻗَـ ْوَم ُﻬ ْﻢ إِذَا َر َﺟﻌُوا إِل َْﻴ ِﻬ ْﻢ ل ََﻌﻠﱠ ُﻬ ْﻢ َْﳛ َﺬ ُرو َن( ]التوﺑة ،[122 :ﻓاﳌﻘﺼود لتّفﻘﻪ ﻫﻨا ﻛﻤا يﻘول اﺑن ال ِّدي ِن ولِﻴ ِ
َُ
) (1ﺑن ﻋاشور ،ﳏﻤد الﻄّاﻫر )ت 1393ه1973-م( ،التّحرير والتّﻨوير ،د.ط ،الدار التونسية للﻨّشر ،ﺗونﺲ :1984 ،ج ،8ص.25
18
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
)(1
للعامة،
اﻷمة« ،وﻫذه ﻫي اﳌعرﻓة اﳌتاﺣة ّ ﻓأما معرﻓة ﷲ ﻓبأوامر الﻘرآن وإﲨاع ّ
طلب العلﻢ دلّتﻪّ ،
العرﰊُ » :
عﲔ ﻻ يُﻄلب من ﲨيﻊالﺼيﻐة من ﺑذل الوسﻊ ﰲ ﲢﺼيل ﻋل ٍﻢ ُم ّ ٍ
ﺗدل ﻋليﻪ ﻫذه ّ خﻼﻓاً ﳌعﲎ التّفﻘﻪ ،وما ّ
الﻨّاس.
ﳐﺼوص
ٌ وﱂ يفﻬﻢ اﳌسلﻤون من ﻫذه اﻵية َﻋﱪ رﳜﻬﻢ ﰲ ﺗفسﲑ الﻘرآن؛ أ ّن التّف ّﻘﻪ اﳌﻘﺼود طلبﻪ
اﳊﻖ ﰲ اﳌعرﻓة ال ّديﻨية ﰲ سﻼﻻت ِ
ﺑﻄائفة ﻋرقية أو اجتﻤاﻋية أو سياسية ،ﻛﻤا ﻫو اﳊال ﰲ د ت ﲢﺼر ّ
ﺼ َل أسبا َ ا العِلﻤيﱠة ،وﻫو يدخل ﰲ ﻓروضﺗفرغ ﳍا ،وﺣ ﱠ
وطوائﻒ ﺑعيﻨﻬا ،ﺑل ﻓﻬﻤوا أ ّ ا َمعرﻓةٌ ُمتاﺣة ﳌن ّ
الكفا ت).(2
ﳏﻤد ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ ِ ِ
السﲑة العﻄرة لرسول ﷲ ّ
لﻘد ﻛانت ﻫذه اﳌعاﱐ الﻘرآنية ُمتَ َﺠلّيةً ﰲ السﻨّة الﻨﱠبوية ،و ّ
ﺗوجﻪ ﺑدﻋوﺗﻪ إﱃ الﻨّاس ﲨيعا ،ﻛﱪائﻬﻢ وﺿعفائﻬﻢ ،وخاطبﻬﻢ لﻘرآن ،وﻛان ﳛرص ﻋلﻰ لﻘاء وسلّﻢ ،ﻋﻨدما ّ
اﳊﺞ ليعرض ﻋليﻬﻢ الدﻋوة ،مستﻨكراً ﻋلﻰ مستكﱪي قريﺶ وقوﻓَﻬﻢ ﰲ وجﻬﻪ ،ومﻨعﻬﻢ لﻪ الﻨّاس ﰲ مواسﻢ ّ
ﻛل الﻨّاس ،ﻛﻤا قال لﻘريﺶ ﺣﲔ خرجت ﻋام اﳊديبية ﲤﻨعﻪ دخول م ّكة: من ﻋرض اﻹسﻼم ﻋلﻰ الﻨّاس؛ ِّ
»ماذا ﻋليﻬﻢ لو خلﱡوا ﺑيﲏ وﺑﲔ سائر العرب«).(3
وﻛان أﺗباﻋُﻪ ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ّأوَل ال ّدﻋوة من اﳌستﻀعفﲔ الذين ﱂ ﺗكن قريﺶ ﺑﻪ ﻢ ،لكﻨّﻬﻢ
ﲢﻤلوا اﻷمانة و ﳍﻢ من اﻷذى ال ّشيء الكثﲑ ،ﻓحوﺻروا ﰲ شعاب مكة ،وﻋُ ّذﺑوا ﰲ ﺑﻄاﺣﻬا ،وﻫاجروا معﻪ ّ
ﻋتاب
رﻛﲔ د رﻫﻢ وأمواﳍﻢ ،ويُت ﱠو ُج ﻫذا اﻻﻫتﻤام ﳌستﻀعفﲔ ﰲ خﻄاب ال ّدﻋوة ﺑﻨﺰول الﻘرآن الكرﱘ ﳐلّ ًدا َ
ﷲِ نبيﱠﻪُ الكرﱘ ،ﻋﻨدما التفت إﱃ ﺑعﺾ ال ُكﱪاء من قريﺶ يدﻋوﻫﻢ ،ﺑيﻨﻤا أﻋرض ﻋن ﻋبد ﷲ اﺑن ّأم مكتوم
يﻚ ل ََﻌﻠﱠﻪُ يَـ ﱠﺰﱠﻛ ٰﻰ أ َْو يَ ﱠﺬ ﱠﻛ ُﺮ ﻓَـتَﻨ َﻔ َﻌﻪُ ال ِّﺬ ْﻛ َﺮ ٰى ﺲ َوﺗَـ َو ﱠ ٰﱃ أَن َﺟ َ
اءﻩُ ْاﻷَ ْﻋ َم ٰﻰ َوَما يُ ْد ِر َ الﻀعيﻒَ ) :ﻋبَ َ الرجل اﻷﻋﻤﻰ ّ ّ
ﱠﻰ(َنﺖ َﻋ ْﻨﻪُ ﺗَـﻠَﻬ ٰ ﺸ ٰﻰ ﻓَﺄ َ ﻚ أ ﱠَﻻ يَـ ﱠﺰﱠﻛ ٰﻰ َوأَ ﱠما َمن َﺟاءَ َك يَ ْﺴ َﻌ ٰﻰ َو ُﻫ َو ﳜَْ َﱠى َوَما ﻋَﻠَْﻴ َ ﺼد ٰ َنﺖ لَﻪُ ﺗَ َ
ﲎ ﻓَﺄ َ أَ ﱠما َم ِن ْ
استَـﻐْ َ ٰ
]ﻋبﺲ.[10–1 :
الﺼديﻖ -رﺿي ﷲ
الراشدين -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬﻢ ،-ﻓأﺑو ﺑكر ّ
استﻤر اﻷمر ﻋلﻰ ﻋﻬد اﳋلفاء ّ
وﻛذلﻚ ّ
أﺣسﻨت
ُ يت ﻋليكﻢ ولست ﲞﲑﻛﻢ ،ﻓإن
ﻓإﱐ قد ُولّ ُ
قائﻼّ » :
ﺗوﱃ اﳊكﻢ ً
ﻋﻨﻪ -خﻄب ﰲ الﻨّاس ّأول ما ّ
ﳏﻤد ﺑن أﲪد اﳌعاﻓري )ت543ﻫـ( ،أﺣﻜام القﺮآن) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋلي ﳏﻤد البﺠاوي( ،د.ط ،دار
ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲ ﺑن ّ
) (1اﺑن العرﰊ ،أﺑو ﺑكر ّ
اﳉيل ،ﺑﲑوت ،د.ت :ج ،2ص.1031
الساﺑﻖ :ج ،2ص1031؛ الﺰرﻛشي ،ﳏﻤد ﺑن ادر ﺑن ﻋبد ﷲ ﺑدر ال ّدين )ت794ه( ،البﺤﺮ اﶈﻴﻂ ﰲ أﺻول الﻔقﻪ، ) (2انﻈر :اﳌرجﻊ ّ
)ﲢرير ومراجعة :ﻋبد الستار أﺑو ﻏ ّدة ،وﻋبد الﻘادر ﻋبد ﷲ العاﱐ( ،ط ،2دار الﺼفوة ،الﻐردقة1413 ،ﻫ 1992/م :ج ،1ص.243
ﳏﻤد ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن أيوب اﳊﻤﲑي اﳌعاﻓري )ت213ه( ،الﺴّﲑة الﻨبويﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :مﺼﻄفﻰ السﻘا ،وإﺑراﻫيﻢ
) (3اﺑن ﻫشام ،ﲨال ال ّدين أﺑو ّ
اﻷﺑياري ،وﻋبد اﳊفيظ الشلﱯ( ،ط ،2مﻄبعة مﺼﻄفﻰ الباﰊ اﳊلﱯ ،مﺼر1375 ،ﻫ1955 /م :ج ،2ص.309
19
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﻓﻘوُموﱐ«) .(1وﻋﻤر -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -ﻛذلﻚ يﻄلب من الﻨّاس ﺗﻘوﳝﻪ إن َرأَوا ﻓيﻪ أسأت ِّ
ُ ﻓأﻋيﻨوﱐ ،وإن
يستحﻖ، أﺣدﻫﻢ ﰲ اﳌسﺠد ﰲ ٍ
رداء لﻪ ﻏﻨيﻤةً ،لكن ﻇﻬر ﳍذا اﳌعﱰض أنّﻪ أزيد ﳑﱠا اﻋوجاجا ،ﻓيعﱰض ﻋليﻪ ُ
ّ ً
ﻓﻤا ﻛان من ﻋﻤر إﻻّ أن ّﺑﲔ لﻪ أنّﻪ ﻫديةٌ من اﺑﻨﻪ ﻋبد ﷲ -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬﻤا ،-واﻋﱰﺿت امرأةٌ ﻋليﻪ ﻋﻨدما
إﺣداﻫن
ّ قال» :ﻻ ﺗﻐالوا ﰲ مﻬور الﻨّساء« ،ﻓﻘالت اﳌرأة :ليﺲ ذلﻚ لﻚ ﻋﻤر ،إ ّن ﷲ يﻘول» :وإن آﺗيتﻢ
)(2
الﻘﺼة ﻓيﻘول» :إ ّن ﻫذه
يردﻫا وﻻ رﻫا ،ﺑل ﲰﻊ وأجاب ،ويعلّﻖ اﺑن ﺗيﻤية ﻋلﻰ ّ قﻨﻄاراً من ذﻫب« ،ﻓلﻢ ّ
ِ
ﺣﱴ من امرأة،
اﳊﻖ ّ
ﺗبﲔ لﻪ ،وأنّﻪ يﻘبل ّ دليل ﻋلﻰ َﻛ َﻤال ﻓﻀل ﻋﻤر وديﻨﻪ وﺗﻘواه ،ورجوﻋﻪ إﱃ ِّ
اﳊﻖ إذا ّ الﻘﺼة ٌ
معﱰف ﺑفﻀل الواﺣد ﻋليﻪ ،ولو ﰲ أدﱏ مسألة«).(3
ٌ ويتواﺿﻊ لﻪ ،وأنّﻪ
لعامة واﻷﺗباع الذين ﻻ سلﻄة
نسﻤيﻬﻢ اليوم ّ
وﻏﲑ ﻫذا من اﳌواقﻒ ﻛثﲑ ،ﺗشﻬد ﲨيعُﻬا ﻋلﻰ أ ّن من ّ
ﳍﻢ ،ما ﻛان يُﻨﻈر إليﻬﻢ ﻋلﻰ ﻋﻬد رسول ﷲ ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ واﳋلفاء الﱠراشدين من ﺑعده ستﺨفاف
ﳝلﺆﻫا اﻹﺣساس ﺑﻘلّة ال ّشأن ،ﻛﻤا ﺻار
وﻋدم اﻛﱰاث ،وﱂ يكونوا ﻫﻢ أن ُف ُسﻬﻢ يشعرون ّ ﻢ طبﻘة ُمستحﻘرة ُ
إليﻪ اﻷمر ﻓيﻤا ﺑعد.
الﺴﻴاسﻲ والﻔقﻬﻲ اﻷﺻوﱄ.
الﻌامﺔ ﰲ ﺗﺮاثﻨا ّ
نﻴا :ﺻورة ّ
ﻋﻨدما نستدﻋي ﺗراثﻨا قراءةً أو ﲝثًا ودراسةً ،ﻓإنّﻨا ﰲ اﳊﻘيﻘة نستدﻋي ﲡرﺑـَتَـﻨَا اﻹنسانية ،ﺑكل ما ﲢﻤل
أنﺼعِﻬا من ﺣيث ﲤثّل نﺼوص الوﺣي ﰲ الواقﻊ ،أو ﰲ ﺻورﻫا و َ الﻀعﻒ ،ﰲ أﻛﻤل ُ الﻘوة و ّ
من ﻋﻨاﺻر ّ
ﺣاﻻت ﺗراجعﻬا وانتكاسا ا ،وﻫي ﲡرﺑة ﳑت ّدة ﻋﱪ قرون طويلة ،ﻻ ﳝكن للباﺣث ﻓيﻬا إﻻ أن يﻨتﻘي مﻨﻬا
الﻼزمة
متوسﻼ إﱃ ُﺣسن ﻓَﻬﻤﻬا ﻷدوات اﳌﻨﻬﺠية ّ ِ ِ
الﻀوء ،ويﻘﺼدﻫا لﻨّﻈر والفحصّ ، أجﺰاءً يسلّﻂ ﻋليﻬا ّ
واﳌﻨاسبة.
العامة وأ ّ ﻢ اﳉﻤﻬور التّاﺑﻊ لسلﻄة سياسية ِ ِ
الساﺑﻖ ﳌفﻬوم ّ
وﰲ سياق ﻫذا اﳌوﺿوع وﺑﻨاء ﻋلﻰ التّحديد ّ
العامة الﱵ ﺗرﲰﻬا لﻨا ﲨلةٌ من اﳌﺼادر
ﰲ شﺆون اﳊكﻢ وسلﻄة ﻋلﻤية ﰲ شﺆون التّديّن ،ﻓإ ّن البحث ﻋن ﺻورة ّ
ﰲ ﻫذين ا الﲔ ﻋلﻰ الﻨّحو اﻵﰐ:
20
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
) (1اﳉويﲏ ،أﺑو اﳌعاﱄ ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن يوسﻒ )ت478ه( ،ﻏﻴاث اﻷمﻢ ﰲ التﻴاث الظﱡﻠﻢ ،ط ،1دار اﳌﻨﻬاج الﻨّشر والتّوزيﻊ ،ج ّدة،
1432ﻫ2011/م :ص.245
) (2اﺑن الﻄﻘﻄﻘي ،ﳏﻤد ﺑن ﻋلي ﺑن طباطبا )ت709ه( ،الﻔﺨﺮي ﰲ اﻵداب الﺴّﻠﻄانﻴﺔ والدول اﻹسﻼمﻴﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد الﻘادر ﳏﻤد
مايو( ،ط ،1دار الﻘلﻢ العرﰊ ،ﺑﲑوت1418 ،ﻫ 1997/م ،ص.42
21
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
) (1الﻄﱪي ،أﺑو جعفر ﳏﻤد ﺑن جرير )ت310ه( ،ريخ الﺮّسل واﳌﻠوك ،ط ،2دار الﱰاث ،ﺑﲑوت1387 ،ه :ج ،8ص.632
) (2نفﺲ اﳌرجﻊ :ص.250
22
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
ﳏﻤد ﺑن اﳊسن الثعالﱯ اﳉعفري الفاسي )ت1376ه( ،الﻔﻜﺮ الﺴّامﻲ ﰲ ريخ الﻔقﻪ اﻹسﻼمﻲ ،ط ،1دار الكتب العلﻤية،
) (1اﳊﺠويّ ،
ﺑﲑوت1416 ،ﻫ 1995/م :ج ،2ص.47
) (2الشاﻓعي ،ﳏﻤد ﺑن إدريﺲ )ت 204ه( ،الﺮسالﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :أﲪد شاﻛر( ،د.ط ،اﳌكتبة العلﻤية ،ﺑﲑوت ،د.ت :ص .42
23
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
الﺴﻨﺔ:
-الﺜاﱐ :ﺻﻌﻴد ﺣﻔﻆ ّ
ﺑعﺾ الﻨّاس
اﻷمة ﻋلﻰ وجﻪ قد ﳚﻬل ﻓيﻪ ُ مبثوث ﻓيﻤا ﳛفﻈﻪ ﲨيﻊ ّ
ٌ السﻨة؛ ﻓﺠﻤيعﻬا
ﻛذلﻚ ﺣفظ ّ
ﺑعﻀﻬا ،وﰲ ذلﻚ يﻘول اﻹمام ال ّشاﻓعي» :العلﻢ ﺑﻪ ]اللّسان العرﰊ[ﺑعﺾ الﻨّاس َ
ﺑعﺾ ال ﱡسﻨن ،ويعلﻢ ﻓيﻪ ُ
َ
السﻨن ﻓلﻢ يذﻫب مﻨﻬا ﻋليﻪ شيء ،ﻓإذا ُﲨﻊ ﻋﻨد العرب ﻛالعلﻢ لسﻨّة ﻋﻨد أﻫل الفﻘﻪ ،ﻻ نعلﻢ رجﻼً ﲨﻊ ّ
اﺣد مﻨﻬﻢ ذﻫب ﻋليﻪ ال ّشيء مﻨﻬا ،ﰒّ ما ذﻫبﻋلﻢ ﻋامة أﻫل العلﻢ ا أﺗﻰ ﻋلﻰ السﻨن ،وإذا ﻓـُرق ﻋلﻢ ﻛل و ٍ
ّ ّ ّ ّ
)(1
موجود ﻋﻨد ﻏﲑه« ،وﻫو اﳌعﲎ الذي أ ّﻛده ﰲ موﺿﻊ آخر ﻋﻨدما قال» :ونعلﻢ أ ّ ﻢ إذا ﻛانت ٌ ﻋليﻪ مﻨﻬا
ﻋامتﻬﻢ ،وقد ﺗعﺰب ﻋن ﺑعﻀﻬﻢ«).(2
سﻨن رسول ﷲ ﻻ ﺗعﺰب ﻋن ّ
والﻈّاﻫر أ ّن اﻹمام ال ّشاﻓعي ﱂ يكن يﻘﺼد لعلﻢ ﻫﻨا؛ ﻓﻘﻪ الﻨّﺼوص ،ولكن قﺼد العلﻢ ﲝديث رسول
ﻋامتﻬﻢ،
ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -من ﺣيث معرﻓتُﻪ واﻻطّﻼع ﻋليﻪ ،وﻫذا معﲎ قولﻪ :إ ّ ا ﻻ ﺗعﺰب ﻋن ّ
ﻓﻘد نبّﻪ ﰲ مواﺿﻊ من رسالتﻪ إﱃ الفرق ﺑﲔ ﻓﻘﻪ الﻨّﺼوص وﲪلﻬا ،ﰲ ﺣديث رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ
وسلّﻢ» :-ﻓر ﱠ ِ
ب ﺣام ِل ﻓﻘﻪ ليﺲ ﺑفﻘيﻪ« ،وﻫكذا ﻛان ّ
)(3
للعامة من اﳊََفﻈة الذين ﱂ يبلﻐوا درجة الفﻘﻪ ﰲ ُ
اﻷمة وموروثﻬا. ِ
سﻤيﻪ اليوم :ﺣفظ ذاﻛرة ّ
دور ﻛبﲑ ﻓيﻤا نُ ّ
ال ّدين؛ ٌ
ﻋامﺔ:
ﺧاﺻﺔ وﻋﻠﻢ ّ
ﻋﻠﻢ ّ
ب /أ ّن الﻌﻠﻢ ﻗﺴمانُ ،
الﺼحاﺑة ﺑعد وﻓاة رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﺑﲔ أﻫل الفتوى وﻏﲑﻫﻢ مﻨذ أن ﻇﻬر التّﻤايﺰ ﺑﲔ ّ
اﳋاﺻة
لﻀرورة مﻨتشر ﺑﲔ اﳉﻤيﻊ ،وإﱃ معلوم لدى ّ الﺼحاﺑة ،ﺑدأ العلﻢ ل ّدين يﻨﻘسﻢ إﱃ معلوم ّ ﻋامة ّمن ّ
من الفﻘﻬاء ا تﻬدين ،و ّﻛد ﻫذا ﻋﻨد انﻘﻼب ﻋلوم ال ّشريعة ِﺻﻨاﻋةً؛ يﻘول اﻹمام ال ّشاﻓعي» :العلﻢ ﻋِ ْلﻤان:
الﺼْﻨﻒ ﻛلﱡﻪ ِمن
ِ ﻋلﻢ ﻋا ﱠم ٍة ،ﻻ يسﻊ لِﻐاً ﻏﲑ مﻐلوب ﻋلﻰ ﻋ ْﻘلِﻪ جﻬلُﻪ ...مثل ال ﱠ ِ
ﺼلَ َوات اﳋﻤﺲ ...وﻫذا ّ ُ َْ ُ َ ََُ ُ
ِ
أﻫل اﻹسﻼم ،يﻨﻘلﻪ َﻋ َوا ﱡمﻬﻢ ﻋن من مﻀﻰ من ﻋو ّامﻬﻢ، وموجود ﻋاما ﻋْﻨد ِ
ٌ موجود نَﺼا ﰲ ﻛتاب ﷲ،
ٌ العلﻢ
وب
اﳋاﺻة ﻓيﺼفﻪ ﺑﻘولﻪ» :ما يـَﻨُ ُ
َْﳛكونﻪ ﻋن رسول ﷲ ،وﻻ يتﻨازﻋون ﰲ ﺣكايتﻪ وﻻ وجوﺑﻪ ﻋليﻬﻢ«ّ ،أما ﻋلﻢ ّ
ص سﻨﱠة، نص ﻛتاب ،وﻻ ﰲ أﻛثره ن ﱡ ص ﺑﻪ ِمن اﻷﺣكام وﻏﲑﻫا ،ﳑّا ليﺲ ﻓيﻪ ﱡ العِباد ِمن ﻓُروع الفرائﺾ ،وما ُﳜَ ﱡ
ِ
العامة ،وما ﻛان مﻨﻪ ﳛتﻤل التّأويلﺻة ،ﻻ أخبا ِر ّ أخبار اﳋا ﱠوإن ﻛانت ﰲ شيء مﻨﻪ سﻨةٌ ﻓإّﳕا ﻫي من ْ
قياسا«).(4
ستدرك ًويُ َ
24
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
) (1اﺑن ﺗيﻤية ،أﺑو العباس ﺗﻘي الدين أﲪد ﺑن ﻋبد اﳊليﻢ اﳊراﱐ اﳊﻨبلي الدمشﻘي )ت728ﻫـ( ،اﻹﳝان) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﺻر الدين اﻷلباﱐ(،
ط ،5اﳌكتب اﻹسﻼمي ،اﻷردن 1416 ،ﻫ1996/م :ج ،1ص.156
كﻤا،
سﻤﻰ العوا ّم ،ﻓأدخلوا إﱃ جانب العو ّام ﺣﻘيﻘة العو ّام ُﺣ ً ) (2انﻈر :الﺰرﻛشي ،البﺤﺮ اﶈﻴﻂ ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،4صّ ،361
وﺗوسعوا ﰲ ُم ّ
ﺣﻖ
»أما الﻨّحوي واﳌتكلّﻢ ﻓﻼ يُعت ّد ﻤا؛ ﻷ ّ ﻤا من العو ّام ﰲ ّ
اﳌفسرين واﶈ ّدثﲔ ،يﻘول اﻹمام الﻐﺰاﱄّ :
وﻫﻢ العلﻤاء من ﻏﲑ الفﻘﻬاء ﻛالﻨّحويﲔ و ّ
ﻫذا العلﻢ ،إﻻّ أن يﻘﻊ الكﻼم ﰲ مسألة ﺗﻨبﲏ ﻋلﻰ الﻨّحو أو ﻋلﻰ الكﻼم« ،اﳌﺴتﺼﻔﻰ ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد سليﻤان اﻷشﻘر( ،ط،1
مﺆسسة الرسالة ،ﺑﲑوت1417 ،ﻫ 1997/م :ج ،1ص.343
اﻷمة ﺑل أقل البعﺾ ،انﻈر :اﻵمدي ،سيﻒ ال ّدين ﻋلي ﺑن
لكل اﻷمة ﻻ لبعﻀﻬا ،والعلﻤاء ا تﻬدون ﻫﻢ ﺑعﺾ ّ
) (3اﻋتﱪ العﺼﻤة الثاﺑتة؛ ﻫي ّ
ﳏﻤد ﺑن ساﱂ التﻐلﱯ )ت631ه( ،اﻹﺣﻜام ﰲ أﺻول اﻷﺣﻜام) ،ﲢﻘيﻖ :سيّد اﳉﻤيلي( ،ط ،1دار الكتاب العرﰊ ،ﺑﲑوت،
1404ﻫ1984/م :ج ،1ص.284
) (4انﻈر :الرازي ،ﻓﺨر ال ّدين ﳏﻤد ﺑن ﻋﻤر التّيﻤي )ت606ه( ،اﶈﺼول ﰲ ﻋﻠﻢ اﻷﺻول) ،ﲢﻘيﻖ :طﻪ جاﺑر ﻓياض العلواﱐ( ،ط ،3مﺆسسة
الرسالة ،ﺑﲑوت1418 ،ﻫ 1997/م :ج ،4ص.197
25
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
) (1اﳉويﲏ ،أﺑو اﳌعاﱄ ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن ﻋبد ﷲ ﺑن يوسﻒ )ت478ه( ،الﱪﻫان ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد العﻈيﻢ ال ّديب( ،ط ،4دار
الوﻓاء ،مﺼر1418 ،ﻫـ1997/م :ج ،1ص.441
) (2وﻛذلﻚ السيوطي ،جﻼل ال ّدين ﻋبد الرﲪن ﺑن أﰊ ﺑكر )ت911ﻫـ( ،الﺮدّ ﻋﻠﻰ من أﺧﻠد إﱃ اﻷرض وﺟﻬل أ ّن اﻻﺟتﻬاد ﰲ ﻛلّ ﻋﺼﺮ
ﻓﺮض ،د.ط ،مكتبة الثﻘاﻓة الديﻨية ،الﻘاﻫرة ،د.ت :ص.94
) (3انﻈر :الﻐﺰاﱄ ،اﳌﺴتﺼﻔﻰ ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،2ص496؛ اﻵمدي ،اﻹﺣﻜام ﰲ أﺻول اﻷﺣﻜام ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،4ص ،242وﻏﲑﻫﻢ.
26
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
27
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
اﳌفﱵ واﳌستفﱵ» :ليﺲ لﻪ -ال ُـﻤفﱵ -إذا استُفﱵ ﰲ شيء من اﳌسائل الكﻼمية أن يفﱵ لتّفﺼيل ،ﺑل ﳝﻨﻊ
العامة من اﳋوض ﰲ ذلﻚ أﺻﻼ ،و مرﻫﻢ ن يﻘتﺼروا ﻓيﻬا ﻋلﻰ اﻹﳝان ﲨلة من ﻏﲑ ُمستفتَيﻪ وسائر ّ
ﺗفﺼيل«).(1
العامة ﰲ ﺣكﻢ ﺑعﺾ مسائل العﻘيدة ،ﻛﻤا جاء ﻋﻨد اﳌالكية ﰲ اﳋاﺻة و ّ وﺑﻨاءً ﻋليﻪ؛ ّﻓرقوا ﺑعدﻫا ﺑﲔ ّ
نبوﺗﻪ ،ﻛذي الﻘرنﲔ ،أو من أنكر من اختلﻒ ﰲ ﻛونﻪ من اﳌﻼئكة، نبوة من اختُلﻒ ﰲ ّ ﺣكﻢ من أنكر ّ
ﱠﺼ ُﻬﻢ ،و ّأما ُمﻨكر نُب ﱠو ﻢ أو ِملكيﱠتِﻬﻢ؛ ﻓإن ﻛان من أﻫل العلﻢ ﻓﻼ
ب من ﺗَـﻨَـﻘ َ
ﻛﻬاروت وماروت ،ﻓﻘالوا» :يـُ َﺆﱠد ُ
ﺣرج ﻋليﻪ ،وإن ﻛان من العو ِّام ُزِجر ﻋن اﳋوض ﻓيﻪ«).(2
الﺼﻼح ،أﺑو ﻋﻤرو ﻋثﻤان ﺑن ﻋبد الرﲪن ﺑن موسﻰ ال ّشﻬرزوري )ت643ه( ،أدب اﳌﻔﱵ واﳌﺴتﻔﱵ )ﲢﻘيﻖ :موﻓّﻖ ﻋبد ﷲ ﻋبد
) (1اﺑن ّ
اﳌﻨورة1423 :ﻫ2002/م ،ص.15
الﻘادر( ،ط ،2مكتبة العلوم واﳊكﻢ ،اﳌديﻨة ّ
) (2ﻋلّيﺶ ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن أﲪد ﺑن ﳏﻤد اﳌالكي )ت1299ه( ،مﻨح اﳉﻠﻴل ﺷﺮح ﳐتﺼﺮ ﺧﻠﻴل ،د.ط ،دار الفكر ،ﺑﲑوت،
1409ﻫ1989-م :ج ،9ص.231
) (3انﻈر :اﺑن اﳍﻤام ،ﻛﻤال ال ّدين ﳏﻤد ﺑن ﻋبد الواﺣد السيواسي )ت861ه( ،ﻓتح القديﺮ ﻋﻠﻰ اﳍدايﺔ ،د.ط ،دار الفكر ،ﺑﲑوت ،د.ت:
ج ،5ص.347
) (4نفﺲ اﳌرجﻊ.
28
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
ﻋلي ﺑن ﺣسام ال ّدين اﺑن قاﺿي خان )ت975ﻫـ( ،ﻛﻨﺰ الﻌمّال ﰲ سﻨن اﻷﻗوال واﻷﻓﻌال) ،ﲢﻘيﻖ:
) (1انﻈر :اﳌتﻘي اﳍﻨدي ،ﻋﻼء ال ّدين ّ
ﺑكري ﺣياﱐ ،ﺻفوة السﻘا( ،ط ،5مﺆسسة الرسالة ،ﺑﲑوت1401 ،ﻫـ1981/م :رقﻢ ،8919 :ج ،3ص ،843رقﻢ،8922 ،8921 :
ج ،3ص.846
) (2الكاساﱐ ،ﻋﻼء ال ّدين أﺑو ﺑكر ﺑن مسعود ﺑن أﲪد اﳊﻨفي )ت587ﻫـ( ،ﺑداﺋع الﺼﻨاﺋع ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ الﺸﺮاﺋع ،ط ،2دار الكتب العلﻤية،
ﺑﲑوت1406 ،ﻫ1986/م :ج ،7ص.64
) (3الﻨّووي ،ﳏيي ال ّدين أﺑو زﻛر ﳛﲕ ﺑن شرف )ت676ﻫـ( ،ا موع ﺷﺮح اﳌﻬ ّﺬب ،د.ط ،دار الفكر ،ﺑﲑوت ،د.ت :ج ،17ص.67
29
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
)(2 )(1
الرجل
الﺼحيحﲔ ،قيل :إ ّن ﻫذا ّﻋﲑ رجﻼً ّمﻪ ﻛﻤا جاء ﰲ ّ الﻐفاري» :إنّﻚ امرٌؤ ﻓيﻚ جاﻫلية« ،وقد ّ
ﻋﲑه ﺑسواد ّأمﻪ) ،(3وﲟﻨﻄﻖ الفتوى اﳌذﻛورة ﻻ يكون ﻫذا ﺗعيﲑاً؛ ﻷنّﻪ ﻋلﻰ
ﻫو ﺑﻼل -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ ،-وأنّﻪ ّ
ﻓرض أنّﻪ ﺑﻼل ﻓيكون قد ذﻛره ﲝﻘيﻘة ﻓيﻪ ،وﻋلﻰ ﻓرض أنّﻪ ﻏﻼم لﻪ ﻓﻼ يكون أﺻﻼً من ذوي ال ّشأن الذين
لكن موقﻒ رسول ﷲ ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ﲞﻼف ﻫذا التّوجيﻪ ﲤاماً ،وﱂ يﻘبل من أﰊ
يشيﻨﻬﻢ ﻫذا الوﺻﻒّ ،
ﺗتﻤة
اﻷخوة الﱵ ﲡﻤعﻬﻢ ﺗﻘتﻀي إﻋانتﻬﻢ واﻹﺣسان إليﻬﻢ ،ﻛﻤا جاء ﰲ ّ ذ ّر أن يﻘول ما قال ،ﺑل ذ ّﻛره ّن ّ
اﳊديث» :إخوانكﻢ خولكﻢ ،جعلﻬﻢ ﷲ ﲢت أيديكﻢ ،ﻓﻤن ﻛان أخوه ﲢت يده ،ﻓليﻄعﻤﻪ ﳑّا ﻛل ،وليلبسﻪ
ﳑّا يلبﺲ ،وﻻ ﺗكلّفوﻫﻢ ما يﻐلبﻬﻢ ،ﻓإن ﻛلّفتﻤوﻫﻢ ﻓأﻋيﻨوﻫﻢ«).(4
استﻘر ﻋليﻪ اﻷمر اليوم ﰲ الفكر اﳊﻘوقي اﳌعاﺻر ،وﳕﻂ ال ّدولة
أيﻀا ﳌا ّ ﰒّ إ ّن ﺗلﻚ اﻷقوال ﳎاﻓيةٌ ً
اﳊديثة ﺣيث ﺗﻀﻊ قاﻋدة اﳌواطﻨة ﲨيﻊ أﻓراد ال ّشعب الواﺣد ﰲ درجة سواء أمام أﺣكام الﻘانون.
الﻌامﺔ: ِ ﺟـ /مﺮاﻋاة الﻔقﻬاء ٍ
يﺴتﺤقﺮ ﺑﻌﺾ م َﻬن ّ
ُ لﻌﺮف
الﺼﻨائﻊ الﱵ ﻛانت ﺗوﺻﻒ العامة ،ﳑّن امتﻬﻨوا ﺑعﺾ ّ
ﳒد ﻛذلﻚ لدى الفﻘﻬاء مواقﻒ إزاء شرائح من ّ
الﺼﻨاﻋات ،من ذلﻚ ما جاء ﰲ ﻋﻤل ِ
ﺑرد شﻬاد ﻢ ﺑسبب امتﻬا ﻢ ﺗلﻚ ّ ستح َﻘرة ،ﻓحكﻤوا ّ
َلوﺿيعة وال ُـﻤ ْ
الﺼﻨاﻋات؛ إن ﺻﻨعﻬا ﺗﺼﻐﲑاً لﻨفسﻪ ،أو ليدخل ال ﱡسرور أيت لبعﻀﻬﻢ أ ّن ﻫذه ّ
الﱪُزﱄ» :ر ُ
اﳊياﻛة ﺣيث قال ُ
ا ﻋلﻰ الفﻘراء ،أو يتﺼ ّدق ﲟا خذ؛ ﻓإ ّ ا ﺣسﻨة ،وإﻻّ ﻓﻬي جرﺣة« .أي :أ ّن ُم ـ ـ ْﻤ ـ ـتَـ ـ ِﻬـ ـﻨَ ـﻬا ٌ
)(5
ﳎروح ﺗُ ّرد ا
شﻬادﺗﻪ.
) (1رواه البﺨاري ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن إﲰاﻋيل )ت256ه( ،ﺻﺤﻴح البﺨاري) ،ﺗرقيﻢ وﺗرﺗيب :ﳏﻤد ﻓﺆاد ﻋبد الباقي ،وﺗﻘدﱘ :أﲪد شاﻛر(،
ط ،2ألفا للﻨشر والتوزيﻊ ،مﺼر1432 ،ه2011/م ،ﻛتاب اﻹﳝان ،ب اﳌعاﺻي من أمر اﳉاﻫلية وﻻ يُك ّفر ﺻاﺣبﻬا رﺗكا ا إﻻ ل ّشرك،
اﳊﺠاج الﻘشﲑي الﻨّيساﺑوري )ت261ﻫـ( ،ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ) ،ﺗرقيﻢ وﺗرﺗيب :ﳏﻤد ﻓﺆاد ﻋبد
ﺣديث رقﻢ ،30 :ومسلﻢ ،أﺑو اﳊسﲔ مسلﻢ ﺑن ّ
الباقي( ،ط ،1ألفا للﻨشر والتوزيﻊ ،مﺼر1429 ،ه2008/م ،ﻛتاب اﻷﳝان ،ب إطعام اﳌﻤلوك ﳑّا ﻛل ،وإلباسﻪ ﳑّا يلبﺲ ،وﻻ يكلّفﻪ ما
يﻐلبﻪ ،ﺣديث رقﻢ.1661 :
) (2الﻨووي ،ا ﻤوع :ج ،17ص.67
) (3نفﺲ اﳌرجﻊ.
) (4رواه البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مﺼدر ساﺑﻖ ،ﻛتاب اﻹﳝان ،ب اﳌعاﺻي من أمر اﳉاﻫلية وﻻ يُك ّفر ﺻاﺣبﻬا رﺗكا ا إﻻ ل ّشرك،
ﺣديث رقﻢ.30 :
الرﻋيﲏ اﳌالكي )ت954ﻫـ( ،مواﻫﺐ اﳉﻠﻴل ﰲ ﺷﺮح ﳐتﺼﺮ ﺧﻠﻴل ،ط ،3دار الفكر،
) (5اﳊﻄّاب ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﴰﺲ ال ّدين ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد ّ
ﺑﲑوت1412 ،ﻫ1992/م :ج ،6ص.153
30
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
) (1اﺑن قدامة ،موﻓﻖ ال ّدين أﺑو ﻋبد ﷲ ﻋبد ﷲ ﺑن أﲪد اﳌﻘدسي ﰒ الدمشﻘي اﳊﻨبلي )ت620ﻫـ( ،اﳌﻐﲏ ،د.ط ،مكتبة الﻘاﻫرة ،مﺼر،
1388ﻫ1968/م :ج ،10ص.150
31
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
موﺿﻊ
َ سﻤﻰ »الﻘيﻢ اﻹنسانية« ﰲ الواقﻊ
والكون واﳊياة واﻹنسان؛ وﻷ ّن ﻫذه ﳐتلفةٌ ﺑﲔ ﺑﲏ البشر ﺻار ما يُ ّ
اﳋﻼف اﻷساس ﺑيﻨﻬﻢ ،ﺑدﻻً من أن يكون قاﻋدة اﻻﺗِّفاق.
إ ّن ﲢديد مفﻬوم »الﻘيﻢ اﻹنسانية« ﳛتاج إﱃ ﲢديد ُج ْﺰئَيﻪ» :الﻘيﻢ« ،ووﺻﻒ »اﻹنسانية«ّ ،أما
ﲟﺼﻄلح ﺗراثِي ﻋﻨد اﳌسلﻤﲔ ،وﻻ نكاد ﳒد ﳍذه الكلﻤة استعﻤاﻻً ﻋﻨد اﳌتﻘ ّدمﲔ ﻋلﻰ
ٍ مﺼﻄلح ِ
الﻘيﻢ ﻓليﺲ ُ
اختﻼف موﺿوﻋات ﻋلومﻬﻢ ﺑبعدﻫا اﳌﻘﺼود اليوم ،لكﻨّﻬا ﺻارت شائعة اﻻستعﻤال ﰲ خﻄاب الفكر
اﻹسﻼمي اﳌعاﺻر ،وﻫي ﺗرﲨة لكلﻤة » «valeurمن اللّﻐة الفرنسية ،وﺗعﲏ :الﻘيﻤة ،والتﻘييﻢ ﰲ العرﺑية ﻫو
الﺼفات أو اﳌعاﱐ ،ﻓكأ ّن مفﻬوم الكلﻤة
التﻘدير ،وقد ﺗُﻀاف إﱃ اﻷشﺨاص أو اﻷشياء أو اﻷﺣداث أو ّ
مﻊ اﻹﺿاﻓة ُﳚيب ﻋن سﺆال :ما مﻘدار أو ما قيﻤة ﻛذا؟ ّأما ﰲ لسان العرب؛ ﻓﻐالب استعﻤال ﻛلﻤة
الﺼدق ،وقيﻤة اﳌساواة،
سﻤﻰ اليوم قيﻤة ّ
»اﳌﻘدار« أو »الﻘيﻤة« يكون ﰲ اﶈسوسات ،ﻻ ﰲ اﳌعﻨو ت ،ﻓﻤا يُ ّ
الﱰاث العرﰊ واﻹسﻼمي :أخﻼقاً.
سﻤﻰ ﰲ أدﺑيات ّ
وقيﻤة العدل ،إّﳕا ﻛانت ﺗُ ّ
ﺗﺼور اﻹنسان ﰲ ﳐتلﻒاﳌشتﻖ من ﻛلﻤة »إنسان« ،ﻓيتح ّدد من خﻼل ّ
ّ ّأما وﺻﻒ »اﻹنسانية«
ال ّد ت والفلسفات ،ﻓالفلسفة اﳌادية الﱵ ﺗتح ّدث ﻋن اﻹنسان الﻄبيعي ﲟعﲎ ّ
اﳌادي ،يكون مفﻬوم الﻘيﻢ
التﺼور اﻹسﻼمي
اﻹنسانية ﻓيﻬا أ ّ ا :الﻘيﻢ اﳌاديّة ،وﻋلﻰ قدر قيﻤتﻬا اﳌاديّة ﻓﻘﻂ خذ مرﻛﺰﻫاّ ،أما ﰲ ّ
اﻷﻫﻢ ،ﻓاﻹخﻼص واﻷمانة
مادة وروح ،ويش ّكل اﳉانب الروﺣي واﳌعﻨوي ﰲ ﺣياﺗﻪ اﳉانب ّ لﻺنسان ﲟا ﻫو ّ
الﺼدق والتّﻀحية ﺗﺼﲑ قِيَ ًﻤا إنسانية ،ﺑل رّﲟا ﻫي ﻋلﻰ رأس الﻘيﻢ اﻹسﻼميّة ،ﻛﻤا يﻘتﻀيﻪ مفﻬوم مﻨﻈومة
و ّ
ولعل ِ
الﻘيﻢ ،الﻘائﻢ ﻋلﻰ معﲎ الﱰاﺗُبيﱠة ﺣيث يُﻀ ﱠحﻰ ﺑبعﻀﻬا من أجل ﺑعﺾ ،ﻋتبار درجتﻬا ﰲ سلّﻢ الﻘيﻢّ ،
ﻋﺰة ﺑيﻐوﻓتﺶ ،وﻫو اﳌسلﻢ العارف ﺻول ديﻨﻪ من جﻬة ،واﳋبﲑ لفلسفة الﱵ قامت ﻋليﻬا ما ﻛتبﻪ ﻋلي ّ
الرئيسية ﰲ
اﳊﻀارة اﻷورﺑية؛ ﻫو خﲑ ﺗعبﲑ ﻋن ﻫذا اﳌعﲎ ﻋﻨدما قال» :اﻹنسان نتيﺠة ﺑيئتﻪ؛ ﻫذه اﳌسلّﻤة ّ
ﺗتفرع مﻨﻬا :ﰲ الﻘانون ،وﰲ ﻋلﻢ
اﳌادي ،ﲣدم ﻛﻨﻘﻄة انﻄﻼق ﳉﻤيﻊ الﻨّﻈر ت الﻼإنسانية الﱵ ّ اﳌذﻫب ّ
اﻻجتﻤاع ،وﰲ ﳑارسة التّﻼﻋب لبشر ،الﱵ ﺑلﻐت ذرو ا ﰲ ﻋﻬد الﻨّازية والستاليﻨيّة ،وﲨيﻊ الﻨّﻈر ت اﻷخرى
ﻷي ِ
يﺼح ﻋﻨد أن يكون اﻹنسان خاد ًما ّ اﳌﻤاثلة ﰲ اﻹﻏواء ،والﱵ ﺗﻀﻊ أولوية ا تﻤﻊ ﻓوق اﻷﻓراد ...وﻻ ّ
خادم ٍ
ﻛل شيء ﰲ خدمة اﻹنسان ،ﻓاﻹنسان ٌ إنسان ،وﻻ يﻨبﻐي أن يـُتّﺨذ وسيلة ،ﺑل ﳚب أن يوﺿﻊ ّ
ﻓحسب ،وﻫذا ﻫو اﳌعﲎ ال ُـﻤﻄلﻖ لﻺنسانية«).(1
ومﻘياسا ُﳛكﻢ من
ً ﻛل ما يُعتﱪ ذا قيﻤة واﻋتبار ،ﲝيث يﺼﲑ معياراً
العام للﻘيﻢ ﻫوّ :
وﻋليﻪ؛ ﻓإ ّن اﳌعﲎ ّ
وموجﻬا لل ﱡسلوك ،ﻛﻤا يﺼﲑ ﻛذلﻚ ﻫدﻓًا مرﻏوً ﻓيﻪ.
خﻼلﻪ ﻋلﻰ ﻏﲑهّ ،
32
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
امتدادا ﻛبﲑاً
ساﻋا و ً
لكن الﻘيﻢ ﲣتلﻒ لدى البشر ﲝسب معتﻘدا ﻢ ،ومن ﻫﻨا اﻛتسب ﻫذا اﳌفﻬوم اﺗّ ً
ّ
ختﻼف اﻷد ن والثّﻘاﻓات والفلسفات.
/1مﻔﻬوم القﻴﻢ اﻹنﺴانﻴﺔ ﰲ ﺧﻄاب الﻔﻜﺮ اﻹسﻼمﻲ اﳌﻌاﺻﺮ:
مﻨذ ﲬسيﻨيات الﻘرن اﳌاﺿي وإﱃ اليوم؛ مازال أﻋﻼم الفكر اﻹسﻼمي اﳌعاﺻر يستعﻤلون مﺼﻄلح
التﺼور اﳌستﻤ ّد من الﻘرآن والسﻨّة ﻋن اﻹنسان وﻋﻼقتﻪ لكون ،واﳊﻘيﻘة أ ّ ﻢ
»الﻘيﻢ اﻹنسانية« ﲟفﻬوم ّ
خاﺻة ﳌسلﻤﲔ ،ومن ﳕاذج ﺗلﻚ اﻻستعﻤاﻻت ما ﰐ: استعاروه من ﻏﲑﻫﻢ ،واستعﻤلوه ﲝﻤولة مفاﻫيﻤية ّ
أ /أ ّن رسالﺔ اﻹسﻼم ﻫﻲ مﺼدر القﻴﻢ اﻹنﺴانﻴﺔ:
جاء ﰲ ﻛتاب أثر اﻹﳝان ﰲ ﲢﺼﲔ اﻷمة» :ﻓاستعﻼء إنسانية اﻹنسان ﻋلﻰ اﳌادة ،وسيادة الﻘيﻢ
ﺗﻨﻤي إنسانية اﻹنسان ﻻ ﺣيوانيتﻪ ...وﺣرمة اﻷسرة ،واﳋﻼﻓة ﰲ اﻷرض ﻋلﻰ ﻋﻬد ﷲ وشرطﻪ
اﻹنسانية الﱵ ّ
...وﲢكيﻢ مﻨﻬﺞ ﷲ وشريعتﻪ وﺣدﻫا ﰲ شﺆون ﻫذه اﳋﻼﻓة«).(1
ﺗﺼحح الﻘيﻢ
ﻛذلﻚ جاء ﰲ اﳌوسوﻋة الﻘرآنية ﻋﻨد ﺗفسﲑ مﻄلﻊ سورة »ﻋبﺲ« أ ّ ا» :آيةٌ نﺰلت ّ
اﻹنسانية ،وﺗﻀﻊ اﻷسﺲ اﻹسﻼمية ﻷقدار الﻨّاس وأوزا ﻢ ،وﺗﺆّﻛد أ ّن قيﻤة اﻹنسان ﺑعﻤلﻪ وسلوﻛﻪ ومﻘدار
اﺗّباﻋﻪ ﳍدى السﻤاء«).(2
نسﻤيﻪ لﻘيﻢ
ﻓﻬﻬﻨا ﳒد ﰲ ﻫذا اﻻستعﻤال للﻤﺼﻄلح التّﻤاﻫي التّام ﺑﲔ الﻘيﻢ اﻹنسانية وما ﳝكن أن ّ
اﻹسﻼمية.
وﻗوف مع أﻫل القﻴﻢ اﻹنﺴانﻴﺔ:
ٌ ب /أ ّن رسالﺔ اﻹسﻼم
قﺼة إﻏراق ﻓرﻋون وقومﻪ ﺑﻘولﻪ» :إ ّن ﻫذه الﻘﺼة ﲤثّل ﺻراع اﳉباﺑرة ﻋلّﻖ وﻫبة الﺰﺣيلي ﰲ ﺗفسﲑه ﻋلﻰ ّ
اﳌتوسﻂ أو الفﻘراء«).(3
الرشيدة؛ ذوي الدﱠخل ّ الﻄﱡﻐاة أﺻحاب الثّروة واﳌال ،مﻊ أﻫل الﻘيﻢ اﻹنسانية وال ّديﻨية ّ
العامة اﳌسلوﺑة اﻹرادة ﰲ مﻘاﺑل قﻬر اﳌستب ّدين
ﻓالﻘيﻢ اﻹنسانية الرشيدة ﻫﻨا؛ ﳒدﻫا ﺗوﻇّﻒ ﰲ ﺻاﱀ ّ
ﻢ.
) (1اﳉرﺑوع ،ﻋبد ﷲ ﺑن ﻋبد الرﲪن ،أثﺮ اﻹﳝان ﰲ ﲢﺼﲔ اﻷمﺔ اﻹسﻼمﻴﺔ ﺿد اﻷﻓﻜار اﳍدامﺔ ،ط ،1ﻋﻤادة البحث العلﻤي ﳉامعة
اﻹسﻼمية ،اﳌديﻨة اﳌﻨورة1423 ،ﻫ2003/م :ج ،2ص.543
) (2جعفر شرف ال ّدين ،اﳌوسوﻋﺔ القﺮآنﻴﺔ ،ﺧﺼاﺋﺺ الﺴّور) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد العﺰيﺰ ﺑن ﻋثﻤان التوﳚﺰي( ،ط ،1دار التّﻘريب ﺑﲔ اﳌذاﻫب
اﻹسﻼمية ،ﺑﲑوت1420 ،ﻫ :ج ،11ص.67
) (3الﺰﺣيلي ،وﻫبة ﺑن مﺼﻄفﻰ الدمشﻘي )ت1436ه2015/م( ،التﻔﺴﲑ اﳌﻨﲑ ﰲ الﻌقﻴدة والﺸﺮيﻌﺔ واﳌﻨﻬﺞ ،ط ،2دار الفكر اﳌعاﺻر،
دمشﻖ1418 ،ﻫ :ج ،25ص.168
33
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
) (1سيد قﻄب ،إﺑراﻫيﻢ ﺣسﲔ الشارﰊ )ت1385ﻫـ1966 /م( ،ﰲ ﻇﻼل القﺮآن ،ط ،17دار الشروق ،ﺑﲑوت1412 ،ه1992/م:
ج ،3ص.1258
34
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
يتحول ال ّدين نفسﻪ وقد استعﺼﻰ ﻋلﻰ اﻻستئﺼالﻛذلﻚ يتأ ّﻛد اﳊ ﱡﻖ ﰲ نﻘد »اﳌﻘ ّدس« ﲟا ﻓيﻪ ال ّدين ،ﰒّ ّ
ﺣرﺻا ﻋلﻰ العيﺶ اﳌشﱰك الذي ﲢكﻤﻪ ﻛليّة إﱃ قﻀية شﺨﺼية ،وﻋﻼقة ﺑﲔ الفرد ورﺑّﻪ ،ﰒّ يﺼﲑ ﺑعد ذلﻚ ً
ويستﻤر ﻫذا التوالد لسلسلة
ّ الﻘيﻢ اﳌاديّة اﳋالﺼة ،والﱵ ﻻ ﺗسﻤح ن يكون ا تﻤﻊ ميدا ً ﳌﻈاﻫر التديّن،
من »الﻘيﻢ« اﳌتولّدة ﻋن خلفية ﻛون اﻹنسان مرﻛﺰ ذاﺗﻪ.
الرﲪة
من ﻫﻨا يتﺠلّﻰ ﻋﻤﻖ اﳌشكل ﰲ قﻀية اﳌعيار اﳌرجﻊ الذي ﳛ ّدد مﻀﻤون قيﻢ اﳊرية واﳉﻤال و ّ
ﻛالسوائل خذ
ﻫﻼمي مائﻊّ ،ﱞ مﺼﻄلح
ٌ واﳋﲑ ،وﻏﲑﻫا ،وﻋليﻪ ﳝكن الﻘول :إ ّن مﺼﻄلح »الﻘيﻢ اﻹنسانية«
ﻛل ما يعﻄي ِ
ﺼب ﻓيﻪ ،والذي ﻫو ّإما ال ّدين ،أو الفلسفات واﻹيديولوجيات والثّﻘاﻓات ،و ّ
شكل اﻹ ء الذي ﺗُ ّ
ومعﲎ.
ﳊياة اﻹنسان ﺗﺼ ﱡوًرا ً
ومسﻤيا ا ،وﻓدت إﱃ ﳎتﻤعاﺗﻨا اﳌسلﻤة ﲨلةٌ من اﳌﻘوﻻت ﻇل ﻫذا التّباين ﺑﲔ أﲰاء الﻘيﻢ اﻹنسانية ّ
ﰲ ّ
العامة من الﻨّاس،
اﳌوﺻوﻓة لتّحرريّة ،واﳌستﻨدة ﰲ زﻋﻢ أﺻحا ا إﱃ قيﻢ إنسانية ﻋليا ﺣاﻛﻤة ،خوطب ا ّ
لعل أﳘّﻬا ﳑّا يتّﺼل ﳊر ت الفردية ما ﰐ: ِ
مﻊ يُ ْسر وسائل اﻻﺗّﺼال ،و ّ
أ /أ ّن ال ُـﻤعاﺻرة ﺗﻘتﻀي ﺿرورة اﻻنتﻈام ﰲ مﻨﻈومة الﻘيﻢ اﳌعاﺻرة ،وﻋلﻰ اﳌسلﻤﲔ أن يﻘﻄعوا مﻊ
ﺗراثﻬﻢ ﲟا ﻓيﻪ الوﺣي؛ ﻷنّﻪ -ﰲ اﻋتﻘادﻫﻢ -أﻛﱪ ٍ
ﻋائﻖ أمام ﺗﻘ ّدمﻬﻢ ،وﻫذا ما يﻨادي ﺑﻪ خﺼوم ال ّدين. ُ
ﻛل ما أنتﺠﻪ العﻘل اﳌسلﻢ من ﻋلوم ،وما دامت ب /أ ّن اﻹﺑداع قيﻤةٌ إنسانيةٌ ﺗﻘتﻀي التّﺠديد ﰲ ّ
أقل من ساﺑﻘتﻬا إذ ﲣرج الوﺣي ﳑّا يﻘبل اﳌراجعة ،وﻫو ما يﻨادي ﺑﻪ
ليست وﺣيًا ﻓكلّﻬا ﺗﻘبل التّﻐيﲑ ،وﻫذه ّ
ﺑعﺾ اﳌف ّكرين اﳌسلﻤﲔ الراﻓﻀﲔ للﱰاث ﲨلةً وﺗفﺼيﻼً.
ﺼﺼا ﻋلﻤيا ،ولكل ٍ
إنسان ٍ
ﻋاقل أن ّ ﺟـ /أ ّن اﳊرية الفكرية قيﻤةٌ إنسانية ،وﻋليﻪ ﻻ ﳛتاج ُ
ﻓﻬﻢ ال ّدين ﲣ ﱡ ً
يﻘرأ الﻨّﺼوص ويفﻬﻤﻬا ﻋلﻰ طريﻘتﻪ ،وﻫذه دﻋوة من يﻨتﻈﻤون ﰲ ﺗيار التأويلية اﳌعاﺻرة).(1
وﻏﲑﻫا من اﳌﻘوﻻت الكثﲑة الﱵ طفح ا اليوم اﻹﻋﻼم واﳌﻨشورات اﳌﺨتلفة ،والﱵ ﺗﻀﻊ اﳌسلﻢ اﳌعاﺻر
ﰲ خﺼومة مﻊ ﺗراثﻪ ،ﺑل وأﺣيا ً مﻊ الﻘرآن والسﻨّة.
الﻨﺠار ،ﻋبد ا يد ،القﺮاءة اﳉديدة لﻠﻨّﺺ ال ّديﲏ ،ط ،1مرﻛﺰ الراية للتّﻨﻤية الفكرية ،دمشﻖ،
) (1انﻈر ﳕاذج من ذلﻚ ﰲ ﻛتابّ :
1427ﻫ2006/م :ص 97وما ﺑعدﻫا.
35
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
) (1قﻄب ،ﳏﻤد إﺑراﻫيﻢ ﺣسﲔ الشارﰊ )ت1435ه2014/م( ،مﺬاﻫﺐ ﻓﻜﺮيﺔ مﻌاﺻﺮة ،ط ،1دار ال ّشروق ،ﺑﲑوت1403 ،ﻫ1983/م:
ص.460
36
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
) (1انﻈر ﻋلﻰ سبيل اﳌثال؛ ما جاء ﰲ رسالة الدﻛتوراه ،للباﺣث التونسي ﲪادي ذويب ،ﺟدل اﻷﺻول والواﻗع ،ط ،1دار اﳌدار اﻹسﻼمي،
اﳌدونة اﻷﺻولية ،ص 493وما ﺑعدﻫا. ﺑﲑوت2009 ،م ،ﻓﺼل :ﻓئة العوامّ ﰲ ّ
ِ
) (2يﻘول الفيلسوف اﳌﻐرﰊ ﳏﻤد ﻋاﺑد اﳉاﺑري» :إ ّن ما ﳝيّﺰ اﻹسﻼم رسوﻻً وﻛتا ً ﻫو خل ﱡوهُ من ثﻘل اﻷسرار ) (mystèresالﱵ ﲡعل العرﻓة
ﺑ ـ »ال ّدين« ﺗﻘﻊ خارج ﺗﻨاول العﻘل« ،انﻈر ﻛتاﺑﻪ :مدﺧل إﱃ القﺮآن الﻜﺮﱘ ،ط ،1مرﻛﺰ دراسات الوﺣدة العرﺑية ،ﺑﲑوت2006 ،م :ص.433
37
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
38
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
الشأن العام ،وقد ﺗفاﻋل اﳌسلﻤون مﻊ ﳐتلﻒ اﳋﱪات البشرية ،ﺑل ﺻارت ﺗلﻚ اﳋﱪات السياسة وإدارة ّ
يتﺠﺰأ من اﳊياة اﻹسﻼمية نفسﻬا ،مﻊ دخول أقوام من شعوب وثﻘاﻓات ﳐتلفة اﻹسﻼم،
والثﻘاﻓات جﺰءاً ﻻ ّ
ﺼادما
ﺣاملﲔ معﻬﻢ مورو ﻢ الثﻘاﻓية الﱵ ﱂ مرﻫﻢ اﻹسﻼم ﺑﱰﻛﻬا ﲨلةً ،ﺑل أمرﻫﻢ ﺑﱰك ما ﻛان مﻨﻬا ُم ً
لل ّدين ﻓحسب.
ﻛل اﳌعارف ال ّشرﻋية ﻫكذا ﲨلة دون ﺗفﺼيل أو ﺗفريﻖ ﺑﲔ الثّواﺑت وﻋليﻪ؛ ﻓدﻋوى إمكان ﲡاوز ّ
اﳌتﻐﲑة ﲝسب الﻈّروف ،دﻋوى ﻻ
اﳌستﻤرة اﳌتعالية ﻋن الﻈّرﻓية التﱠارﳜية والﻈّﻨيات ّ
ّ اﳌتﻐﲑات ،ﺑﲔ الﻘﻄعيات
و ّ
ﺗﺼﻤد أمام ﲨلة من اﳊﻘائﻖ العلﻤية الثّاﺑتة الﱵ ّسست ﻋليﻬا ﺗلﻚ العلوم وأنتﺠتﻬا ،وما زادﻫا ﺗراﻛﻢ العﻤل
العلﻤي اﳉا ّد ﻋﱪ العﺼور إﻻّ ثبا ً واستﻘراراً.
الﺮأي ال ّديﲏ:
الﻌامﺔ ﰲ إﺑداء ّ
/5دﻋوى ﺿﺮورة مﺸارﻛﺔ ّ
السبيل لتحرير الﻨّاس
العامة ﰲ ﳐتلﻒ الﻘﻀا ال ّديﻨية أ ّن ﻫذا ﻫو ّيﺼور ال ّداﻋون إﱃ ﺿرورة مشارﻛة ّ
ّ
ﻛرستﻬا ﺑعﺾ الﻨّﺼوص الﱰاثية من استحﻘار ِ (1 )
ﺼورة السيّئة الﱵ ّ
يسﻤونﻪ سلﻄة الفﻘﻬاء ،وﻛسر ﺗلﻚ ال ﱡ
ﳑّا ّ
اﳌﺨتص.
ّ العلﻤي
ّ العام ،والرأي
الرأي ال ّديﲏ ّ
يفرقوا ﺑﲔ ّ
لكن أﺻحاب ﻫذه ال ّدﻋوة ﱂ ّ
للعامةّ ،
ّ
العام؛ ﳝكن لك ّل ﻓرد من ﻋامة الﻨّاس من ﻏﲑ ذوي اﻻختﺼاص ﰲ ﻋلوم ال ّشريعة أن
ﻓالرأي ال ّديﲏ ّ
ّ
اختص ﻓيﻪ وأﺗﻘﻨﻪ ،ذلﻚ أ ّن معارف
ّ يﺼﻨعﻪ لﻨفسﻪ ،ﺑﻨاءً ﻋلﻰ ﺣسن ﻓﻬﻤﻪ لل ّدين ،وﳎال ﻋﻤلﻪ واﻫتﻤامﻪ الذي
ﻛل
مﻘرٌر ﻋﻨد الفﻘﻬاء ،وقد نبّﻬوا قدﳝًا أ ّن ّ
لكل ﻓرد ﲝسب وﻇيفتﻪ ﻛﻤا ﻫو ّ مﻄلوب ﲢﺼيلﻬا ّ
ٌ ال ّدين العﻤليّة؛
ﻛل ﺣالة يتّﺼﻒ ا اﳌكلّﻒ؛ ﺻرح ﺑذلﻚ الﻘراﰲ ﺣﲔ قالّ » : مﻄالب ﺑعلﻢ ما لﻪ ﺻلةٌ ﺑوﻇيفتﻪ ،ﻛﻤا ّ
ٌ شﺨص
ﳚب ﻋليﻪ أن يعلﻢ ﺣكﻢ ﷲ ﺗعاﱃ ﻓيﻬا ،ﻓعلﻰ ﻫذا ﻻ يﻨحﺼر ﻓرض العﲔ ﰲ العبادات ،وﻻ ﰲ ب من
أﺑواب الفﻘﻪ ﻛﻤا يعتﻘده ﻛثﲑ«).(2
نشﻂ اﻹنسان ﰲ ﳐتلﻒ ﳎاﻻت اﳊياة ،وﲡ ّددت وﻇائفﻪ ،ﻛلّﻤا ازدادت إ ّن مﻘتﻀي ﻫذا؛ أنّﻪ ﻛلّﻤا ِ
اﻹسﻼمي
ﱡ مﻄالبتﻪ ﺑتحﺼيل ﻋل ٍﻢ جديد ،و ذا يﺼﲑ ّ
مﺆﻫﻼً ليدﱄ ﺑرأيﻪ ال ّديﲏ ﰲ ﳎالﻪ ،وقد ﻋرف الفكر
وﻋلي
الشرﻋي ،ﻛﻤالﻚ ﺑن نﱯّ ،
الرﺻﲔ من ﻏﲑ ذوي اﻻختﺼاص ّ
الرأي ال ّديﲏ ّ
اﳌعاﺻر أﻋﻼماً من ذوي ّ
ﻋﺰت ﺑيﻐوﻓيتﺶ ،وإﲰاﻋيل الفاروقي ،وﻏﲑﻫﻢ.
ّ
) (1انﻈر :ﲪادي ذويب ،ﺟدل اﻷﺻول والواﻗع ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ص526؛ نﺼر ﺣامد أﺑو زيد )ت1431ه2010/م( ،اﻹمام الﺸاﻓﻌﻲ
و سﻴﺲ اﻹيديولوﺟﻴﺔ الوسﻄﻴﺔ ،ط ،1اﳌرﻛﺰ الثﻘاﰲ العرﰊ ،اﳌﻐرب2014 ،م :ص 10وما ﺑعدﻫا؛ جويرو زﻫية ،اﻹﻓتاء ﺑﲔ سﻴاج اﳌﺬﻫﺐ
وإﻛﺮاﻫات التاريخ ،ط ،1دار الﻄليعة ،ﺑﲑوت2014 ،م :ص.83
) (2الﻘراﰲ ،أﺑو العبّاس شﻬاب ال ّدين أﲪد ﺑن إدريﺲ ﺑن ﻋبد الرﲪن )ت684ه( ،ﺷﺮح ﺗﻨقﻴح الﻔﺼول ،ط ،1دار الفكر ،ﺑﲑوت،
1418ه1007/م :ص ،341وانﻈر :اﺑن ﺗيﻤية ،اﻹﳝان ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،1ص.156
39
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
40
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
41
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﺗﺼوٍر و ٍ
اﺿح ﻋن اﻹنسان والكون واﳊياة ،ﻓﻼﺑ ّد للتّعامل معﻬا من استدﻋاء اﳌفاﻫيﻢ والتّﺼورات، إﻻّ ﺿﻤن ّ
ﲢولت إﱃ مﻘوﻻت جوﻓاء.
وإﻻّ ّ
ﻓﻤﻘولة الﻘيﻢ اﻹنسانية العليا؛ ﻻ ﺑ ّد أن يُتعامل معﻬا ﺑعد ﲢرير مفاﻫيﻤﻬا ورﺑﻄﻬا ﲟاﺻدقا ا ﰲ الواقﻊ،
ﻛل ﺑﲏ آدم ،وال ّدﻋوة ٍ
التبﺼر ﲞلفيا ا الفلسفية ﰲ الﻨّﻈرة لﻺنسان ،ﻋﻨدئذ ﳝكن ﺗﻘرير قيﻢ مشﱰﻛة ﺑﲔ ّ و ّ
للتّعاون ﻋلﻰ أساسﻬا.
ﺗوﺻلت
إ ّن الفﺼام الذي يشعر ﺑﻪ اﳌتعامل مﻊ ﺑعﺾ أدﺑيات ﺗراثﻨا اﻹسﻼمي ﺑﲔ الثاﺑت َو ْﺣيًا ،وما ّ
ﻂ ﰲ مواقفﻪ إزاء موروثﻪ ،لكن إن
إليﻪ اﳋﱪة اﻹنسانية اليوم؛ ﻻ يﻨبﻐي أن يﻨتﻬي ﳌسلﻢ اﳌعاﺻر إﱃ أن يشت ّ
ومكتسب إنساﱐﱞ ،ﻓإ ّن ﻋلﻰ العﻘﻼء من الباﺣثﲔ اﳌسلﻤﲔ ﻋلﻤ ٍي ﺑﻨ ٍ
ﱠاء ﳛتاجﻪ ﺗراثﻨا؛ ﲟا ﻫو ﲡرﺑةٌ ٍ ِ
ٌ ﻛان من نﻘد ّ
السكوت ﻋن مواﺿﻊ اﳋلل ِ
تحررين من اﳌواقﻒ اﳌسبﻘة اﳌعادية لﱰاثﻬﻢ ،ﺑدل ّ أنفسﻬﻢ أن يﻘوموا ﺑﻪُ ،م ّ
واﻻستﻤرار ﰲ خﻄاب ال ّدﻓاع واﻹشادة.
42
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
43
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
.17الﺰﺑيدي ،ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد اﳌرﺗﻀﻰ اﳊسيﲏ اﳊﻨفي )ت1205ه( ،ج الﻌﺮوس) ،ﲢﻘيﻖ :ﳎﻤوﻋة من اﶈﻘﻘﲔ( د.ط،
دار اﳍداية ،د.ت.
.18الﺰﺣيلي ،وﻫبة ﺑن مﺼﻄفﻰ الدمشﻘي )ت1436ه2015/م( ،التﻔﺴﲑ اﳌﻨﲑ ﰲ الﻌقﻴدة والﺸﺮيﻌﺔ واﳌﻨﻬﺞ ،ط،2
دار الفكر اﳌعاﺻر ،دمشﻖ1418 ،ﻫ.
.19الﺰرﻛشي ،ﳏﻤد ﺑن ادر ﺑن ﻋبد ﷲ ﺑدر ال ّدين )ت794ه( ،البﺤﺮ اﶈﻴﻂ ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢرير ومراجعة :ﻋبد
الستار أﺑو ﻏ ّدة ،وﻋبد الﻘادر ﻋبد ﷲ العاﱐ( ،ط ،2دار الﺼفوة ،الﻐردقة1413 ،ﻫ 1992/م.
.20السيوطي ،جﻼل ال ّدين ﻋبد الرﲪن ﺑن أﰊ ﺑكر )ت911ﻫـ( ،الﺮدّ ﻋﻠﻰ من أﺧﻠد إﱃ اﻷرض وﺟﻬل أ ّن اﻻﺟتﻬاد
ﰲ ﻛلّ ﻋﺼﺮ ﻓﺮض ،د.ط ،مكتبة الثﻘاﻓة الديﻨية ،الﻘاﻫرة ،د.ت.
.21الشاطﱯ ،إﺑراﻫيﻢ ﺑن موسﻰ اللّﺨﻤي الﻐر طي )ت 790ه( ،اﳌواﻓقات ﰲ أﺻول الﺸّﺮيﻌﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻋبد ﷲ
دراز( ،ط ،2دار اﳌعرﻓة ،ﺑﲑوت1395 ،ﻫـ1975-م.
.22الشاطﱯ ،إﺑراﻫيﻢ ﺑن موسﻰ اللّﺨﻤي الﻐر طي )ت790ه( ،اﻻﻋتﺼام) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﺑن ﻋبد الرﲪن ّ
الشﻘﲑ( ،ط،1
دار اﺑن اﳉوزي ،الر ض1429 ،ﻫ2008/م.
.23الشاﻓعي ،ﳏﻤد ﺑن إدريﺲ )ت 204ه( ،الﺮسالﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :أﲪد شاﻛر( ،د.ط ،اﳌكتبة العلﻤية ،ﺑﲑوت ،د.ت.
الشﻬرزوري )ت643ه( ،أدب اﳌﻔﱵ واﳌﺴتﻔﱵ )ﲢﻘيﻖ:
.24اﺑن الﺼﻼح ،أﺑو ﻋﻤرو ﻋثﻤان ﺑن ﻋبد الرﲪن ﺑن موسﻰ ّ
اﳌﻨورة1423 :ﻫ2002/م.
موﻓّﻖ ﻋبد ﷲ ﻋبد الﻘادر( ،ط ،2مكتبة العلوم واﳊكﻢ ،اﳌديﻨة ّ
.25الﻄﱪي ،أﺑو جعفر ﳏﻤد ﺑن جرير )ت310ه( ،ريخ الﺮّسل واﳌﻠوك ،ط ،2دار الﱰاث ،ﺑﲑوت1387 ،ه.
.26الﻄﱪي ،أﺑو جعفر ﳏﻤد ﺑن جرير )ت310ﻫـ( ،ﺟامع البﻴان ﰲ ويل القﺮآن) ،ﲢﻘيﻖ :أﲪد ﳏﻤد شاﻛر( ،ط،1
مﺆسسة الرسالة ،ﺑﲑوت1420 ،ﻫ2000-م.
.27اﺑن الﻄﻘﻄﻘي ،ﳏﻤد ﺑن ﻋلي ﺑن طباطبا )ت709ه( ،الﻔﺨﺮي ﰲ اﻵداب الﺴّﻠﻄانﻴﺔ والدول اﻹسﻼمﻴﺔ) ،ﲢﻘيﻖ:
ﻋبد الﻘادر ﳏﻤد مايو( ،ط ،1دار الﻘلﻢ العرﰊ ،ﺑﲑوت1418 ،ﻫ 1997/م.
.28ﻋبد الرزاق ،أﺑو ﺑكر ﺑن ﳘام ﺑن ﻓﻊ اﳊﻤﲑي اليﻤاﱐ الﺼﻨعاﱐ )ت211ﻫـ( ،اﳌﺼﻨّﻒ) ،ﲢﻘيﻖ :ﺣبيب الرﲪن
اﻷﻋﻈﻤي( ،ط ،2اﳌكتب اﻹسﻼمي ،ﺑﲑوت1403 ،م.
ﳏﻤد ﺑن أﲪد اﳌعاﻓري )ت543ﻫـ( ،أﺣﻜام القﺮآن) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋلي ﳏﻤد
ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲ ﺑن ّ
.29اﺑن العرﰊ ،أﺑو ﺑكر ّ
البﺠاوي( ،د.ط ،دار اﳉيل ،ﺑﲑوت ،د.ت.
.30اﺑن ﻋﻄيّة ،ﻋبد اﳊﻖ ﺑن ﻏالب أﺑو ﳏﻤد اﻷندلسي اﶈارﰊ )ت542ه( ،اﶈﺮر الوﺟﻴﺰ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ الﻜتاب الﻌﺰيﺰ،
الشاﰲ ﳏﻤد( ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1422 ،ه.
السﻼم ﻋبد ّ
)ﲢﻘيﻖ :ﻋبد ّ
.31ﻋلّيﺶ ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن أﲪد ﺑن ﳏﻤد اﳌالكي )ت1299ه( ،مﻨح اﳉﻠﻴل ﺷﺮح ﳐتﺼﺮ ﺧﻠﻴل ،د.ط ،دار
الفكر ،ﺑﲑوت1409 ،ﻫ1989/م.
.32الﻐﺰاﱄ ،أﺑو ﺣامد ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد الﻄوسي )ت505ﻫـ( ،اﳌﺴتﺼﻔﻰ ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد سليﻤان اﻷشﻘر(،
ط ،1مﺆسسة الرسالة ،ﺑﲑوت1417 ،ﻫ 1997/م.
44
______________________ صورة العامة أدبيات ال اث اﻹسﻼمي وخطاب ال عة اﻹ سانية اﳌعاصر :عرض ونقد ،أد .وسيلة خلﻔي
.33اﺑن قدامة ،موﻓﻖ ال ّدين أﺑو ﻋبد ﷲ ﻋبد ﷲ ﺑن أﲪد اﳌﻘدسي ﰒ الدمشﻘي اﳊﻨبلي )ت620ﻫـ( ،اﳌﻐﲏ ،د.ط ،مكتبة
الﻘاﻫرة ،مﺼر1388 ،ﻫ1968/م.
.34الﻘراﰲ ،أﺑو العبّاس شﻬاب ال ّدين أﲪد ﺑن إدريﺲ ﺑن ﻋبد الرﲪن )ت684ه( ،ﺷﺮح ﺗﻨقﻴح الﻔﺼول ،ط ،1دار
الفكر ،ﺑﲑوت1418 ،ه1007/م.
.35قﻄب ،سيد إﺑراﻫيﻢ ﺣسﲔ الشارﰊ )ت1385ﻫـ1966 /م( ،ﰲ ﻇﻼل القﺮآن ،ط ،17دار الشروق ،ﺑﲑوت،
1412ه1992/م.
الشروق ،ﺑﲑوت، .36قﻄب ،ﳏﻤد إﺑراﻫيﻢ ﺣسﲔ الشارﰊ )ت1435ه2014/م( ،مﺬاﻫﺐ ﻓﻜﺮيﺔ مﻌاﺻﺮة ،ط ،1دار ّ
1403ﻫ1983/م.
.37اﺑن قيِّﻢ اﳉوزية ،ﳏﻤد ﺑن أﰊ ﺑكر ﺑن أيوب ﺑن سعد الﱠﺰرﻋي )ت751ه( ،أﻋﻼم اﳌوﻗﻌﲔ ﻋن ِّ
رب الﻌاﳌﲔ) ،رﺗّبﻪ:
ﳏﻤد ﻋبد السﻼم إﺑراﻫيﻢ( ،د.ط ،دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1417 ،ﻫـ1996/م.
.38الكاساﱐ ،ﻋﻼء ال ّدين أﺑو ﺑكر ﺑن مسعود ﺑن أﲪد اﳊﻨفي )ت587ﻫـ( ،ﺑداﺋع الﺼﻨاﺋع ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ الﺸﺮاﺋع ،ط،2
دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1406 ،ﻫ1986/م.
.39لواﰐ ،دﻻل ،ﻋامّﺔ القﲑوان ﰲ ﻋﺼﺮ اﻷﻏالبﺔ ،د.ط ،دار رؤية للﻨشر والتوزيﻊ ،الﻘاﻫرة2014 ،م.
ﻋلي ﺑن ﺣسام ال ّدين اﺑن قاﺿي خان )ت975ﻫـ( ،ﻛﻨﺰ الﻌمّال ﰲ سﻨن اﻷﻗوال .40اﳌتﻘي اﳍﻨدي ،ﻋﻼء ال ّدين ّ
واﻷﻓﻌال) ،ﲢﻘيﻖ :ﺑكري ﺣياﱐ ،ﺻفوة السﻘا( ،ط ،5مﺆسسة الرسالة ،ﺑﲑوت1401 ،ﻫـ1981/م.
اﳊﺠاج الﻘشﲑي الﻨّيساﺑوري )ت261ﻫـ( ،ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ) ،ﺗرقيﻢ وﺗرﺗيب :ﳏﻤد ﻓﺆاد
.41مسلﻢ ،أﺑو اﳊسﲔ مسلﻢ ﺑن ّ
ﻋبد الباقي( ،ط ،1ألفا للﻨشر والتوزيﻊ ،مﺼر1429 ،ه2008/م.
ﻨﺠار ،ﻋبد ا يد ،القﺮاءة اﳉديدة لﻠﻨّﺺ ال ّديﲏ ،ط ،1مرﻛﺰ الراية للتّﻨﻤية الفكرية ،دمشﻖ1427 ،ﻫ2006/م.
.42ال ّ
.43نﺼر ﺣامد أﺑو زيد )ت1431ه2010/م( ،اﻹمام الﺸاﻓﻌﻲ و سﻴﺲ اﻹيديولوﺟﻴﺔ الوسﻄﻴﺔ ،ط ،1اﳌرﻛﺰ الثﻘاﰲ
العرﰊ ،اﳌﻐرب2014 ،م.
.44الﻨووي ،ﳏيي ال ّدين أﺑو زﻛر ﳛﲕ ﺑن شرف )ت676ﻫـ( ،ا موع ﺷﺮح اﳌﻬ ّﺬب ،د.ط ،دار الفكر ،ﺑﲑوت ،د.ت.
ﳏﻤد ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن أيوب اﳊﻤﲑي اﳌعاﻓري )ت213ه( ،الﺴّﲑة الﻨبويﺔ) ،ﲢﻘيﻖ:
.45اﺑن ﻫشام ،ﲨال ال ّدين أﺑو ّ
مﺼﻄفﻰ السﻘا ،وإﺑراﻫيﻢ اﻷﺑياري ،وﻋبد اﳊفيظ الشلﱯ( ،ط ،2مﻄبعة مﺼﻄفﻰ الباﰊ اﳊلﱯ ،مﺼر،
1375ﻫ1955/م.
.46اﺑن اﳍﻤام ،ﻛﻤال ال ّدين ﳏﻤد ﺑن ﻋبد الواﺣد السيواسي )ت861ه( ،ﻓتح القديﺮ ﻋﻠﻰ اﳍدايﺔ ،د.ط ،دار الفكر،
ﺑﲑوت ،د.ت.
45
_____________________________________________________________ ( ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا
إبرا يم والع.ذ
. اﳌملكة اﳌغر ية- وجدة، لية اﻵداب،جامعة محمد اﻷول
oulaizb@gmail.com
اﳌﻠﺨﺺ
إذ ﻇﻬر،إ ّن ﻋﻤلية الﻨﻘد ﻛﻤا ﻫو واﺿح من ﺗﻄبيﻘا ا ﰲ الفﻘﻪ اﳌالكي؛ سايرت ﻫذا الفﻘﻪ ﰲ ﲨيﻊ مراﺣلﻪ
ﺑبيان، انﺼبّت جﻬودﻫﻢ ﻋلﻰ مراجعة ما أنتﺠﻪ الفﻘﻬاء الساﺑﻘون من ﻓﻘﻪ،ﻛل مرﺣلة مﻨﻬا ﻓﻘﻬاءُ ن ّﻘاد
ّ ﰲ
أوﺿح اﳋﻄوط ّ وقد قﺼدت من ﻫذه الدراسة أن، وما يﺼلح العﻤل ﺑﻪ مﻨﻪ وما ﻻ يﺼلح،قويّﻪ من ﺿعيفﻪ
العامة للﻤﻨﻬﺞ الﻨﻘدي الذي سلكﻪ الفﻘﻬاء اﳌالكية ﰲ نﻘد اﳌﺼﻨّفات الفﻘﻬية ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي مﻨذ مرﺣلة
ّ
.سيﺲ اﳌذﻫب
.اﳌﺼﻨفات الفﻘﻬية-اﳌذﻫب اﳌالكي- الﻨﻘد الفﻘﻬي:الﻜﻠمات اﳌﻔتاﺣﻴﺔ
Abstract
The process of criticism, as is clear from its applications in the Maliki
jurisprudence, went along with this jurisprudence in all its stages, as at each
stage critical jurists appeared, their efforts focused on reviewing what the
previous jurists produced of jurisprudence, with a strong statement from the
weak, and what works and what is not. The purpose of this study is to clarify
the general outlines of the critical approach to the jurisprudential literature
in the Maliki school of thought since the establishment stage of the school.
Key words: Fiqh criticism, The Maliki school, Fiqh literature.
46
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
مقدمﺔ.
ﺑسﻢ ﷲ الرﲪن الرﺣيﻢ ،والﺼﻼة والسﻼم ﻋلﻰ أشرف اﳌرسلﲔ ،اﳊﻤد رب العاﳌﲔ ،والﺼﻼة
اﻷمي وﻋلﻰ آلﻪ وﺻحبﻪ أﲨعﲔ ،وﺑعد:
والسﻼم ﻋلﻰ أشرف اﳌرسلﲔ؛ سيد ﳏﻤد الﻨﱯ ّ
لتﻄور مﻨﻬﺞ الﻨﻘد ،ورسﻢ
أﻫﻢ العلوم اﻹسﻼمية الﱵ ﻛانت ﳎاﻻً خﺼبًا ّ ﻓإ ّن ﻋلﻢ الفﻘﻪ يُعتﱪ واﺣ ًدا من ّ
معاﳌﻪ ومﻼﳏﻪ ﰲ ﺑﻘية العلوم اﻹسﻼمية اﻷخرى؛ ذلﻚ أ ّن ﻋﻤلية الﻨﻘد ﻛﻤا ﻫو واﺿح من معاﳌﻬا وﲡلّيا ا
خﺼوﺻا؛ سايرت الفﻘﻪ ﰲ ﲨيﻊ مراﺣلﻪ الﱵ ﻇﻬر ﰲ
ً ﻋﻤوما ،وﰲ الفﻘﻪ اﳌالكي
التﻄبيﻘية ﰲ الفﻘﻪ اﻹسﻼمي ً
ﻛل مرﺣلة مﻨﻬا ﻓﻘﻬاء ن ّﻘاد من ﲨيﻊ اﳌذاﻫب ،انﺼبّت جﻬودﻫﻢ ﻋلﻰ مراجعة وﲤحيص وﺗﻨﻘيح اﻷقوال ّ
واﳌسائل والفروع الفﻘﻬية الﱵ أنتﺠﻬا الفﻘﻬاء الساﺑﻘون ،وذلﻚ ﺑبيان قويّﻬا من ﺿعيفﻬا ،وما يﺼلح العﻤل
ﺑﻪ مﻨﻬا وما ﻻ يﺼلح.
العامة ،واﳌﻼمح الكﱪى للﻤﻨﻬﺞ الﻨﻘدي الذي سلكﻪ
أوﺿح اﳌعاﱂ ّ
قﺼدت من ﻫذه ال ّدراسة أن ّ
ُ وقد
السادة اﳌالكية ﰲ ﺗﻨﻘيح اﳌذﻫب وﲤحيص اﳌﺼﻨّفات ،واﻷقوال ،والروا ت ،والفتاوى ﻓيﻪ .ﺗلﻚ اﳌعاﱂ واﳌﻼمح
وقعد قواﻋدﻫا ﻫو
أﺻلﻬا ّ
لعل أقدم من ّالﱵ ﺗعود ﰲ اﳊﻘيﻘة إﱃ زمن مب ّكر مﻨذ مرﺣلة سيﺲ اﳌذﻫب ،و ّ
أقل ﺑكثﲑ
ﻋددﻫا ّ
ﺣﱴ أﺻبح ُ اﻹمام مالﻚ -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -الذي ﻛان يﻨﻬﺞ سبيل الﻨﻘد ﰲ أﺣاديث موطّئﻪ ّ
اﳌتأخرة مﻘارنة ﺑعددﻫا ﰲ الﻨسخ اﳌتﻘ ّدمة ،ﺣﱴ روي ﰲ ذلﻚ» :ﻛان ﻋلﻢ الﻨّاس ﰲ ز دة ،وﻋلﻢ
ﰲ الﻨسخ ّ
التحري«).(1
مالﻚ ﰲ نﻘﺼان ،ولو ﻋاش مالﻚ ﻷسﻘﻂ ﻋلﻤﻪ ﻛلّﻪ من ﻛثرة ّ
البار ﻋبد الرﲪن ﺑن الﻘاسﻢ ،الذي ﻛانت لﻪ استدراﻛات وﺗعﻘيبات
ﰒّ جاء من ﺑعد اﻹمام ﺗلﻤيذه ّ
اﳌدونة الكﱪى وﻏﲑﻫا من اﳌﺼادر
وﳐالفات لشيﺨﻪ مالﻚ ﰲ ﻛثﲑ من ﻓروع اﳌذﻫب ،ﻛﻤا ﺗشﻬد ﺑذلﻚ ّ
اﻷوﱃ للفﻘﻪ اﳌالكي ،ﰒّ ﺗوالت اﳉﻬود ﰲ ﻫذا ا ال من قِبَل ﺗﻼمذة اﻹمام مالﻚ اﻵخرين وأﺗباﻋﻪ) (2إﱃ
أﻫﻢ مدخل
الﻀعﻒ واﳍرم ،ذلﻚ أ ّن الﻨﻘد الفﻘﻬي يُعتﱪ ّ
نﻈرا ﻷﳘية الﻨﻘد الفﻘﻬي ﰲ ﲪاية الفﻘﻪ من ّ
اﻵنً ،
قادرا ﻋلﻰ مواﻛبة
لتﺠديد الفﻘﻪ وﺗﻄويره؛ ﺑتﻨﻘيحﻪ من اﻷقوال الﻀعيفة واﻵراء الشاذة ،دف جعلﻪ ً
الﺰمان
ﻛل ﻋﺼر ،وﺗتﺠ ّدد ﺑتﺠ ّدد ّ
اﳌستﺠ ّدات ،وﺗﻘدﱘ اﻹجا ت ﻋن ﻛ ّل الﻄوارئ والﻨوازل الﱵ ﺗﻈﻬر ﰲ ّ
واﳌكان واﻷقوام.
) (1ﻋشاق؛ ﻋبد اﳊﻤيد ،مﻨﻬﺞ اﳋﻼف والﻨقد الﻔقﻬﻲ ﻋﻨد اﻹمام اﳌازري ،دار البحوث للدراسات اﻹسﻼمية وإﺣياء الﱰاث ،دﰊ ،ط،1
2005م :ج ،1ص.10
) (2اﳌﺼلح؛ ﳏﻤد ،اﻹمام أﺑو اﳊﺴن الﻠﺨمﻲ وﺟﻬودﻩ ﰲ ﺗﻄويﺮ اﻻﲡاﻩ الﻨقدي ﰲ اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ لﻐﺮب اﻹسﻼمﻲ ،دار البحوث
للدراسات اﻹسﻼمية وإﺣياء الﱰاث ،دﰊ .ط2007 ،1م :ج ،1ص.10-9
47
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
إﺷﻜالﻴﺔ البﺤﺚ.
إ ّن أﳘية البحث ﰲ ﻫذا اﳌوﺿوع ﺗتﺠلّﻰ ﰲ اﻹجاﺑة ﻋلﻰ إشكال مرﻛﺰي ﺻيﻐتﻪ ﻛﻤا يلي :ﻫل ﻛان
لﻔقﻬاء اﳌالﻜﻴﺔ ﻋﻨايﺔ لﻨقد الﻔقﻬﻲ ﰲ مﺆلّﻔا ﻢ ومﺼﻨّﻔا ﻢ الﻔقﻬﻴﺔ؟
ﺗفرع ﻋن ﻫذا اﻹشكال سﺆاﻻن اثﻨان ﺗسﻬﻢ اﻹجاﺑة ﻋﻨﻬﻤا ﰲ ﲢﻘيﻖ الﻐرض من ﻫذه الورقة
وقد ّ
البحثية ،وﳘا:
-ما مفﻬوم الﻨﻘد الفﻘﻬي؟ وما ﻫي ﺻوره وأنواﻋﻪ؟
أﻫﻢ ا اﻻت الﱵ ﺗﻈﻬر ﻓيﻬا ﻋﻨاية الفﻘﻬاء اﳌالكية لﻨﻘد الفﻘﻬي؟
-وما ّ
ﺗقﺴﻴمات البﺤﺚ.
يسعﻰ البحث إﱃ اﳉواب ﻋلﻰ أسئلة اﻹشكالية ،وقد قسﻤتﻪ إﱃ ﺗكون مﻘدمة ،وﳏورين ،وخاﲤة.
ﻨت أﳘيتﻪ وأسئلتﻪ اﻹشكالية وﺗﻘسيﻤاﺗﻪ.
ﻓت ﻓيﻬا ﲟوﺿوع البحث ،وﺑيّ ُ
ﻋر ُ
ّأما اﳌﻘ ّدمة ﻓﻘد ّ
خﺼص لتحديد مفاﻫيﻢ ومﺼﻄلحات البحث ،وﻫي :الﻨﻘد الفﻘﻬي،
و ّأما اﳌبحث اﻷول :ﻓﻘد ّ
واﳌذﻫب اﳌالكي.
ﺗﻀﻤن معاﱂ الﻨﻘد الفﻘﻬي ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي وﲡلّياﺗﻪ التﻄبيﻘية من خﻼل
و ّأما اﳌبحث الثاﱐ :ﻓﻘد ّ
نﻘد اﳌﺼﻨّفات الفﻘﻬية.
متﻀﻤﻨة ﳋﻼﺻتﻪ ونتائﺠﻪ.
وجاءت خاﲤة البحث ّ
اﳌبﺤﺚ اﻷول :ﲢديد مﻔاﻫﻴﻢ ومﺼﻄﻠﺤات البﺤﺚ.
قبل ﺗوﺿيح وﺑيان ﻋﻼقة الﻨﻘد الفﻘﻬي ﺑتﺠديد الفﻘﻪ ،وآ ر الﻨﻘد الفﻘﻬي ﺑتﺠديد الفﻘﻪ ﰲ اﳌذﻫب
اﳌالكي ،يفرض ﻋليﻨا اﳌﻨﻬﺞ أن نﻘوم ﺑتحديد دﻻلة مﺼﻄلحات البحث ،وﻫي :الﻨﻘد الفﻘﻬي ،واﳌذﻫب
اﳌالكي ،وذلﻚ ﻛﻤا يلي:
اﳌﻄﻠﺐ اﻷول :مﻔﻬوم الﻨقد الﻔقﻬﻲ.
اﻫتﻤت ﳊدود يﻒ ﰲ اﳌﺼادر الﱵ ّ الﻨﻘد الفﻘﻬي من اﳌﺼﻄلحات اﳌعاﺻرة الﱵ ﻻ يوجد ﳍا ﺗعر ٌ
والتعريفات قدﳝاً ،وﻫو مﻨﻬﺞ مارسﻪ الفﻘﻬاء اﳌتﻘ ّدمون ،واستﻨتﺞ مﻨﻪ اﳌعاﺻرون ﻫذا اﳌﺼﻄلح ﺑﻨاءً ﻋلﻰ
استعﻤالﻪ ﰲ العلوم اﻷخرى ،ﻛالﻨﻘد ﰲ ﻋلوم اﻷدب ،والﻨﻘد ﰲ ﻋلوم اﳊديث وﻏﲑﻫا .يﻘول العﻼّمة الفاﺿل
أسﺲ مﻨﻬﺠﻬا
ﺑن ﻋاشور» :ﻓﻬﺆﻻء ﻫﻢ الذين سلكوا طريﻘةً جديدةً ﰲ خدمة اﳊكﻢ ،ﻫي الﻄريﻘة الﻨﻘدية الﱵ ّ
48
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
)(1
ﺗﺼرف ﺗﻨﻘيح ،ويﻨتﺼبون ﰲ ﳐتلﻒ اﻷقوال يتﺼرﻓون ﻓيﻪ ّ
اﻹمام أﺑو اﳊسن اللﺨﻤي ،ﻓﺼاروا ﰲ الفﻘﻪ ّ
انتﺼاب اﳊكﻢ الذي يﻘﻀي ّن ﻫذا مﻘبول وﻫذا ﺿعيﻒ ،وﻫذا ﻏﲑ مﻘبول ،وﻫذا ﺿعيﻒ السﻨد ﰲ الﻨﻘل،
وﻫذا ﺿعيﻒ الﻨﻈر ﰲ اﻷﺻول ،وﻫذا مﻐرق ﰲ الﻨﻈر ﰲ اﻷﺻول ،وﻫذا ﳏرج للﻨاس أو مش ّدد ﻋلﻰ الﻨاس
ﺗكون ﺆﻻء ﺗك ﱡو ً جديداً ،إذ دخل ﻋليﻪ ﻋﻨﺼر الﻨﻘد والتﻨﻘيح
إﱃ ﻏﲑ ذلﻚ ...ﻓكان اﳌذﻫب اﳌالكي قد ّ
واﻻختيار ...وﺣدث أ ّن ﻫذا العﻤل الذي ﻫو ﻋﻤل دور التﻨﻘيح -الذي جرى ﰲ ﻏﲑ اﳌذﻫب اﳌالكي ﻛﻤا
ﺣﺠة
جرى ﰲ اﳌذﻫب ،-قد ولّد ﰲ اﳌذﻫب الشاﻓعي نﺰﻋة جديدة ﻫي الﻨﺰﻋة الﱵ ﻇﻬر ا اﻹمام العﻈيﻢ ّ
اﻹسﻼم أﺑو ﺣامد الﻐﺰاﱄ).(3)«(2
وﻫذا الذي ذﻛره اﻷستاذ الفاﺿل ﺑن ﻋاشور يﺆّﻛده ما ورد من ﻋبارات ﻋﻨد الفﻘﻬاء اﳌتﻘ ّدمﲔ ﺗشﲑ
)(4
ﻛل شيء أﻓﱴ ﻓيﻪ ا تﻬد ،ﻓﺨرجت ﻓتياه ﻋلﻰ إﱃ معﲎ الﻨﻘد الفﻘﻬي ،وأذﻛر مﻨﻬا؛ قول اﻹمام الﻘراﰲ ّ » :
خﻼف اﻹﲨاع ،أو الﻘواﻋد ،أو الﻨص ،أو الﻘياس اﳉلي الساﱂ ﻋن اﳌعارض الراجح ،ﻻ ﳚوز ﳌﻘلّده أن يﻨﻘلﻪ
ﻓكل ما وجدوه
إﱃ الﻨاس ،وﻻ يفﱵ ﺑﻪ ﰲ دين ﷲ ،...ﻓعلﻰ ﻫذا ﳚب ﻋلﻰ أﻫل العﺼر ﺗف ّﻘد مذاﻫبﻬﻢّ ،
يﻘل وقد يكثر«).(5
من ﻫذا الﻨوع ﳛرم ﻋليﻬﻢ الفتوى ﺑﻪ ،وﻻ يعرى مذﻫب من اﳌذاﻫب ﻋﻨﻪ ،لكﻨﻪ قد ّ
وقول اﻹمام الﻨووي) (6وﻫو يتح ّدث ﻋن ﺿرورة مراجعة ما ﰲ ﻛتب اﳌذﻫب من الروا ت واﻷقوال
وثوق
اختﻼف شدي ٌد ﺑﲔ اﻷﺻحاب ،ﲝيث ﻻ ﳛﺼل للﻤﻄالﻊ ٌ ٌ للوثوق ا» :واﻋلﻢ أ ّن ﻛتب اﳌذﻫب ﻓيﻬا
ﺣﱴ يﻄالﻊ معﻈﻢ ﻛتب اﳌذﻫب اﳌشﻬورة ،ﻓلﻬذا ﻻ أﺗرك قوﻻً ،وﻻ
ﻒ مﻨﻬﻢ ﻫو اﳌذﻫبّ ، ﺑكون ما قالﻪ مﺼﻨّ ٌ
49
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
اجحا،
وجﻬا ،وﻻ نﻘﻼً ،ولو ﻛان ﺿعي ًفا أو واﻫيًا ،إﻻّ ذﻛرﺗﻪ إذا وجدﺗﻪ إن شاء ﷲ ﺗعاﱃ ،مﻊ ﺑيان ما ﻛان ر ً
ً
وﺗﻀعيﻒ ما ﻛان ﺿعي ًفا ،وﺗﺰييﻒ ما ﻛان زائ ًفا ،واﳌبالﻐة ﰲ ﺗﻐليﻂ قائلﻪ ولو ﻛان من اﻷﻛاﺑر«).(1
وقد واﻓﻖ العﻼّمة اﳊﺠوي الﻘولﲔ اﳌذﻛورين وأ ّﻛدﳘا ﻓﻘال» :إ ّن ﻋدم ﺗﻨﻘيح ﻛتب الفﻘﻪ ﻫو من
موجبات ﻫرمﻪ«).(2
وﲡدر اﻹشارة إﱃ أ ّن الﻨﻘد الفﻘﻬي ﻛﻤا مورس ﰲ ريخ اﳌذاﻫب الفﻘﻬية نوﻋان ):(3
الرد ﻋليﻬا، أ -نقد ﻓقﻬﻲ ﺧارﺟﻲ :وﻫو الذي ّ
يﻬتﻢ ﲝﺠﺞ اﳌذﻫب اﳌﺨالﻒ ودراستﻬا ومﻨاقشتﻬا و ّ
وﻫو ما يعرف ﰲ الفﻘﻪ ﺑ ـ »ﻋلﻢ اﳋﻼف«.
ب -نقد ﻓقﻬﻲ داﺧﻠﻲ :وﻫو الﻨﻘد الذي يكون داخل اﳌذﻫب نفسﻪ ،ﺣيث ّ
يﻬتﻢ أﺣد ﻓﻘﻬاء اﳌذﻫب
ﺑتﺼحيح أﺑﻨيتﻪ اﻷﺻولية واﳌﻨﻬﺠية ،ويﻘوم ﺑبيان أسباب ّقوة اﳌذﻫب وﻋوامل ﺿعفﻪ وﻫرمﻪ ،ﻓيﻘ ّدم ﺑﻨاءً ﻋلﻰ
مﻘﱰﺣات لتﺠديد اﳌذﻫب وﺑعثﻪ وإﺣيائﻪ ،وذلﻚ ﻫو ﺻﻨيﻊ العﻼّمة اﳊﺠوي ﰲ مﺆلّفﻪ »الﻔﻜﺮ ٍ ذلﻚ
مشروﻋا إﺻﻼﺣيًا ﻹﺣيائﻪ وﲡديده.
ً الﺴامﻲ« ،ﺣيث انتﻘد ﻓيﻪ الفﻘﻪ اﳌالكي ﻋلﻰ اﳋﺼوص ،وق ّدم
ّ
وانﻄﻼقاً ﳑّا سبﻖ من الﻨﻘول ،ومن ﺗﻘسيﻢ للﻨﻘد الفﻘﻬي؛ ﳝكن ﺻياﻏة ﺗعريفﻪ ﻛﻤا يلي» :ﻫو ﻋبارة
ﻋن ﻋمﻠﻴﺔ ﺗقوﱘ وﲡديد اﻹنتاج الﻔقﻬﻲ ﳌﺬﻫﺐ من اﳌﺬاﻫﺐ الﻔقﻬﻴﺔ«.
الﻀعيﻒ مﻨﻬا ،ﰲ
الﺼحيح من ّ وﻫذه العﻤلية ﺗشﻤل ﺗﻨﻘيح اﻷقوال واﻻستدﻻﻻت ﰲ اﳌذﻫب ،ﺑبيان ّ
ﻛل ما لﻪ ﻋﻼقة ﻹنتاج الفﻘﻬي ،ﻛدراسة اﳌﺆلّفات الفﻘﻬية وﺗﻘوﳝﻬا من
اﳌسائل الفﻘﻬية ،ﻛﻤا ﺗشﻤل ﺗﻘوﱘ ّ
ﺣيث طريﻘة ﻋرض اﳌادة الفﻘﻬية ،وﺗﻘوﱘ طرائﻖ ﺗدريﺲ اﳌادة الفﻘﻬية.
اﳌﻄﻠﺐ الﺜاﱐ :اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ.
ﻋما ذﻫﺐ إلﻴﻪ اﻹمام مالﻚ من اﻷﺣﻜام اﻻﺟتﻬاديﺔ ،مﺮاﻋﻴا
ﻤوما ﻫو» :ﻋبارة ّ
اﳌذﻫب اﳌالكي ﻋ ً
ﰲ ذلﻚ أﺻوﻻ مﻌﻠومﺔ ،وأﺧﺮى ﳐﺼوﺻﺔ«).(4
جديدا
أمرا ًقال العﻼّمة الفاﺿل ﺑن ﻋاشور» :ﻓكان ﻇﻬور مالﻚ ﺑن أنﺲ -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -ﱂ ﳛدث ً
ﺑن أنﺲ،
مالﻚ ُ
استﻤر متسلسﻼً من ﻋﺼر ﻓﻘﻬاء الﺼحاﺑة إﱃ ﻓﻘﻬاء التاﺑعﲔ ،ﺣ ّﱴ ﺗل ّﻘاه ُ
ﰲ ﻫذا الفﻘﻪ الذي ّ
) (1الﻨووي ،أﺑو زﻛر ﳏيي ال ّدين ﳛﲕ ﺑن شرف ،ا موع ﺷﺮح اﳌﻬﺬب ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﳒيب اﳌﻄيعي .د.ط ،مكتبة اﻹرشاد ،جدة ،د.ت:
ج ،1ص.18
) (2اﳊﺠوي ،ﳏﻤد ﺑن اﳊسن ،الﻔﻜﺮ الﺴامﻲ ﰲ ريخ الﻔقﻪ اﻹسﻼمﻲ ،ﻋﻨاية :ﻫيثﻢ خليفة طعيﻤي .ط ،1اﳌكتبة العﺼرية ،لبﻨان1427 ،ﻫـ/
2006م :ج ،2ص.708
) (3اﳌﺼلح ،اﻹمام أﺑو اﳊﺴن الﻠﺨمﻲ وﺟﻬودﻩ ﰲ ﺗﻄويﺮ اﻻﲡاﻩ الﻨقدي ﰲ اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ لﻐﺮب اﻹسﻼمﻲ :ج ،1ص.11-10
) (4ر ض ،ﳏﻤد ،أﺻول الﻔتوى والقﻀاء ﰲ اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ ،ط ،1مﻄبعة الﻨﺠاح اﳉديدة ،الدار البيﻀاء1416 ،ﻫـ1996/م :ص.99
50
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
جديدا ،إﻻّ أنّﻪ درج ﻋلﻰ الﻄريﻘة أو اﳌﻨﻬﺞ الفﻘﻬي الذي وجد الﻨّاس متعاقدين ﻋليﻪ من
ﱂ ﳛدث ﻓيﻪ شيئًا ً
الشرﻋية
قبلﻪ ،ﰒّ إنّﻪ زاد ﻋلﻰ ذلﻚ أن استﻘرأ من اﻷمر الواقعي العﻤلي ﺑتتبﻊ ﻓروع الفتاوي وجﺰئيات اﻷﺣكام ّ
الﺼحاﺑة وﻓﻘﻬاء التاﺑعﲔ ،ﻓاستﺨرج من
التفﺼيلية الﱵ اجتﻬد ﻓيﻬا ﻫو ،واجتﻬد ﻓيﻬا من قبلﻪ من ﻓﻘﻬاء ّ
استﻘرائﻬا أﺻوﻻً ﺗتعلّﻖ لﻄرائﻖ اﻻستدﻻلية اﻻستﻨتاجية الﱵ يﻨبﻐي ...ﻓيﻤا يرى ﻫو ،وﻓيﻤا يدرك من سﲑة
السﲑ ﻋليﻬا ﰲ استﻨباط اﻷﺣكام الفرﻋية
ﺑتﺨرجﻪ ﻢ من قبل ...أن يكون ّ
الفﻘﻬاء الذين اقتدى ﻢ ،وﺗكون ّ
التفﺼيلية من أﺻوﳍا اﻹﲨالية ،ﻓكان ﻇﻬور اﻷﺻول لتلﻚ البيئة الفﻘﻬية اﳌدنية ﻋلﻰ يد مالﻚ ﺑن أنﺲ،
ولذلﻚ اشتﻬر ﻫذا اﳌذﻫب ﻹﺿاﻓة إﱃ اﲰﻪ ،ﻓﻘيل :اﳌذﻫب اﳌالكي«).(1
اﳌبﺤﺚ الﺜاﱐ :مﻌاﱂ الﻨقد الﻔقﻬﻲ ﰲ اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ وﲡﻠّﻴاﺗﻪ التﻄبﻴقﻴﺔ :نقد اﳌﺼﻨﻔات الﻔقﻬﻴﺔ
ﳕوذﺟا.
ﻋدد من اﳌعاﱂ ،وﲨلةٌ من اﳌﻈاﻫر والتﺠلّيات التﻄبيﻘية ،أﳘّﻬا
الﻨﻘد الفﻘﻬي ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي لﻪ ٌ
ﺗفرع ﻋن ﺗﻄبيﻖ ﻫذا الﻨوع من الﻨﻘد ﰲ اﳌذﻫب طريﻘتﲔ اثﻨتﲔ لﻪ ،أﲨل اﳊديث
نﻘد اﳌﺼﻨّفات الفﻘﻬية ،وقد ّ
ﻋﻨﻬﻤا ﰲ اﳌﻄلبﲔ التاليﲔ:
اﳌﻄﻠﺐ اﻷول :نقد طﺮيقﺔ ﺗدوين اﳌﺼﻨّﻔات الﻔقﻬﻴﺔ ﰲ اﳌﺬﻫﺐ.
ومن ﲡلّيات ﻫذا الﻨﻘد وﺻوره:
-1نقد مﻨﻬﺞ التﻠﺨﻴﺺ واﻻﺧتﺼار:
إ ّن ﻫذا الﻨوع من التدوين والتأليﻒ الفﻘﻬي لﻘي معارﺿةً شديدةً من قِبَل ﺑعﺾ أﻋﻼم اﳌدرسة اﳌالكية
الذين أﻇﻬروا رﻓﻀﻬﻢ لﻪ ،إذ اﻋتﱪوه مﻨﻬﺠاً ﻋﻘيﻤاً أدخل اﳌذﻫب ﰲ دائرة اﳉﻤود والتعﻘيد ،ومن أمثلة ﻫذا
الﻨوع من الﻨﻘد:
51
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﰒّ قال مبيِّﻨاً مفاسد ﻫذه اﳌﻨﻬﺠية ومساوئﻬا ﻋلﻰ الفﻘﻪ» :وذلﻚ أ ّن ّ
اﳌدونة- مثﻼً ،-ﻓيﻬا ﳓو
لكن خليل ﻻ ﳝكﻨﻨا
ثﻼثة أسفار ﺿﺨام ،وﻫي مفﻬومة ﺑﻨفسﻬا ،ﻻ ﲢتاج لشرﺣﻬا ﰲ ﻏالب مواﺿعﻬاّ ،
52
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
53
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
-مشﻘة الفﻬﻢ ،وﻋُسر التﻨاول ،وﺑُعد استفادة اﻷﺻحاب ﳑّا اشتﻤل ﻋليﻪ اﳌذﻫب اﳌالكي من معاﱐ
ﻂ ﺑﲔ
ﳌدونة ،الﱵ ﻓيﻬا خل ٌ
نفيسة ودقيﻘة ،وقد أرجﻊ نفﺲ العﻼّمة ذلﻚ إﱃ ارﺗباط معﻈﻢ ﻛتب اﳌذﻫب ّ
ﺣﱴ
قﻀا ﳐتلفة ،وسﺆاﻻت متباﻋدة ،وﱂ ﳚتﻬد مﺼﻨّفو ﺗلﻚ اﳌﺼﻨّفات ﰲ ﺗرﺗيبﻬا وﺗﻨﻈيﻤﻬا ﲢت ﺿواﺑﻂّ ،
ومﻄوﻻﺗﻪ .يﻘول -رﲪﻪ ﷲ- ﺗﺰول ﺻعوﺑة البحث ﻋن مسائل الفﻘﻪ اﳌالكي وﻓروﻋﻪ ﰲ ّأمﻬات ﻛتب اﳌذﻫب ّ
أئﻤة اﳌذﻫب ﺑﱰﺗيبﻪ ﻋن استفادة ما اشتﻤل ﻋليﻪ من ﲢﻘيﻖ اﳌعاﱐ الﻨفيسة الدقيﻘة،
» :ﻓﺼرﻓﻬﻢ ﻋدم اﻋتﻨاء ّ
السلﻒ ﺣسن طريﻘة ،واستثارة اﻷسباب واﳊكﻢ الﱵ ﻫي ﻋلﻰ التحﻘيﻖ واستﻨباط اﻷﺣكام اﳉارية ﻋلﻰ سﻨن ّ
ﻋﲔ اﳊﻘيﻘة .ﻓكانوا ﻛاﳌعرض ﻋن اﳌعاﱐ الﻨفيسة ﳌش ّﻘة ﻓﻬﻤﻬا ،واﳌﻀرب ﻋن اﳉواﻫر الثﻤيﻨة لتكلّﻒ
نﻈﻤﻬا«).(1
وجﻬﻬا العﻼّمة اﳌالكي اﺑن شاس ﳌﺼﻨّفات اﳌذﻫب؛ ﻫي الﱵ دﻓعتﻪ إﱃ إ ّن ﻫذه اﻻنتﻘادات الﱵ ّ
ليﻒ ﻛتاﺑﻪ اﳌذﻛور ،ﺑﻐرض ﺗرﺗيب مسائل اﳌذﻫب ووﺿعﻬا ﲢت ﺿواﺑﻂ لتﻘريبﻬا وﺗيسﲑﻫا ﻋلﻰ العلﻤاء
وشرﻋت ﰲ نﻈﻢ اﳌذﻫب سلوب يواﻓﻖ مﻘاﺻدﻫﻢ
ُ استﺨرت ﷲ ﺗعاﱃ،
ُ والباﺣثﲔ ،يﻘول -رﲪﻪ ﷲ» :-وقد
ﻓحذﻓت التكرار الذي ﻋيبوا أئﻤة اﳌذﻫب إذ ﱂ ﳛذﻓوه ،وﺣللت
ُ ورﻏبا ﻢ ،وﳜالﻒ ﻇﻨو ﻢ ﻓيﻪ ومعتﻘدا ﻢ،
الﻨﻈام الذي ﻛرﻫوه ،ﰒ نﻈﻤتﻪ ﻋلﻰ ما جﻨحوا إليﻪ وألفوه«).(2
اﳌﻄﻠﺐ الﺜاﱐ :نقد مﻀمون وﳏتوى اﳌﺼﻨﻔات الﻔقﻬﻴﺔ ﰲ اﳌﺬﻫﺐ.
ومن ﺻور وأمثلة ﻫذا الﻨﻘد وﲡلّياﺗﻪ ما يلي:
يﺼح نﺴبتﻪ من مﺼﻨّﻔات ﻷﺋمﺔ اﳌﺬﻫﺐ:
-1نقد ما ﻻ ّ
إ ّن السادة اﳌالكية نبّﻬوا إﱃ ﻛتب موجودة ﺑﲔ أيدي الﻨّاس ،ﺗُﻨسب إﱃ ﻛبار أئﻤة اﳌذﻫب اﳌالكي،
ﺗﺼح ،ومثال ذلﻚ:
ونسبتﻬا إليﻬﻢ طلةٌ ﻻ ّ
-إنﻜارﻫﻢ لﺮسالﺔ اﻹمام مالﻚ إﱃ ﻫارون الﺮﺷﻴد):(3
السر« ،وسبب إنكارﻫﻢ ﳍا :ﺿعﻒ أﺣاديثﻬا ،وشذوذ مسائلﻬا .قال الﻘاﺿي اﳌعروﻓة ﺑـ ـ »ﻛتاب ّ
)(4
ﺗﺼح ،وإ ّن طريﻘﻬا ﳌالﻚ ﺿعيﻒ ،وﻓيﻪ أﺣاديث ﻻ
ﻋياض » :وقد أنكرﻫا ﺑعﺾ مشاﳜﻨا ،وقالوا :إ ّ ا ﻻ ّ
نعرﻓﻬا.
54
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
أﺣاديث مﻨكرةٌ ﲣالﻒ أﺻولﻪ ،قالوا :وأشياء ﻓيﻬا ﻻ ﺗعرف من مذﻫب مالﻚ
ُ قال اﻷ ري) :(1ﻓيﻬا
أيﻀا ،وﺣلﻒ :ما ﻫي من وﺿﻊ مالﻚ«).(3 ً
)(2
ورأيﻪ ،وقد أنكرﻫا أﺻبﻎ ﺑن الفرج
ﺗﻀﻤﻨتﻪ ﻫذه الرسالة من مسائل شاذة :ﺗوقيت م ّدة اﳌسح ﻋلﻰ اﳋ ّفﲔ .قال العﻼّمة الباجي:
وﳑّا ّ
»اﳌشﻬور من قول ٍ
مالﻚ وأﺻحاﺑﻪ أ ّن م ّدة اﳌسح ﻏﲑ مﻘ ّدرة ...وقال ﻏﲑ واﺣد من أﺻحاﺑﻨا البﻐداديﲔ ﰲ
ﺗﺼح ﻋﻨﻪ«).(4
ﺗﺼح ،وﻓيﻬا أﺣاديث ﻻ ّالرسالة اﳌﻨسوﺑة إﱃ مالﻚ ﰲ التوقيت :إ ّ ا ﻻ ّ
ّ
رﻫن .قال العﻼّمة اﺑن
الرسالة :إجازة وطء الﻨساء ﰲ أد ّ
ومن اﳌسائل الشاذّة واﳌﻨكرة ﻛذلﻚ ﰲ ﻫذه ّ
اﳊاج)» :(5وليحذر أن يفعل مﻊ زوجتﻪ أو جاريتﻪ ﻫذا الفعل الﻘبيح الشﻨيﻊ الذي أﺣدثﻪ ﺑعﺾ السفﻬاء،ّ
وﻫو إﺗيان اﳌرأة ﰲ دﺑرﻫا ،وﻫي مسألة معﻀلة ﰲ اﻹسﻼم .وليتﻬﻢ لو اقتﺼروا ﻋلﻰ ذلﻚ ،لكﻨّﻬﻢ نسبوا ذلﻚ
ي ﻋن ٍ
مالﻚ -رﲪﻪ ﷲ ،-وﻫي روايةٌ مﻨكرةٌ ﻋﻨﻪ ﻻ أﺻل ﳍا ،ﻷ ّن من نسبﻬا إﱃ إﱃ اﳉواز ،ويﻘولون إنّﻪ مرو ﱞ
متﻘوٌل ﻋليﻪ ،وأﺻحاب مالﻚ -رﲪﻪ ﷲ- ٍ
السر ،وإن وجد ذلﻚ ﰲ ﻏﲑه ﻓﻬو ّ مالﻚ إّﳕا نسبﻬا لكتاب ّ
سر«).(6
مﻄبﻘون ﻋلﻰ أ ّن مال ًكا ﱂ يكن لﻪ ﻛتاب ّ
ﳏﻤد ﺑن ﺻاﱀ التﻤيﻤي اﻷ ري شيخ اﳌالكية ﰲ العراق ،شرح ﳐتﺼري اﺑن ﻋبد اﳊكﻢ الكبﲑ والﺼﻐﲑ،
ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲ ﺑن ّ
) (1ﻫو أﺑو ﺑكر ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 375ﻫـ .انﻈر :قاسﻢ ﻋلي سعد ،ﲨﻬﺮة ﺗﺮاﺟﻢ الﻔقﻬاء
الرد ﻋلﻰ اﳌﺰﱐ« ،وﻛتاب »إﲨاع أﻫل اﳌديﻨة«ّ .
ولﻪ ﻛتاب » ّ
اﳌالﻜﻴﺔ ،ط ،1دار البحوث للدراسات اﻹسﻼمية وإﺣياء الﱰاث ،دﰊ1423 ،ﻫـ2002 /م :ج ،3ص.1126-1124
) (2ﻫو أﺑو ﻋبد ﷲ أﺻبﻎ ﺑن الفرج ﺑن سعيد ﺑن ﻓﻊ ،موﱃ ﻋبد العﺰيﺰ ﺑن مروان اﳌﺼري ،رﺣل إﱃ اﳌديﻨة ليسﻤﻊ من مالﻚ ،ﻓدخلﻬا يوم
مات ،وﺻحب اﺑن الﻘاسﻢ وأشﻬب واﺑن وﻫب ،لﻪ ليﻒ مﻨﻬا :ﻛتاب اﻷﺻول ،وﺗفسﲑ ﻏريب اﳌوطأ ،وآداب الﻘﻀاة ،والرد ﻋلﻰ أﻫل اﻷﻫواء.
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 225ه .انﻈر :قاسﻢ ﻋلي سعد ،ﲨﻬﺮة ﺗﺮاﺟﻢ الﻔقﻬاء اﳌالﻜﻴﺔ :ج ،1ص.240-238
ّ
) (3ﻋياض ،أﺑو الفﻀل الﻘاﺿي ﻋياض ﺑن موسﻰ اليحﺼﱯ ،ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌدارك وﺗقﺮيﺐ اﳌﺴالﻚ ﳌﻌﺮﻓﺔ أﻋﻼم مﺬﻫﺐ مالﻚ ،ﲢﻘيﻖ :سعيد أﲪد
أﻋراب ،ط ،1مﻄبعة ﻓﻀالة ،اﳌﻐرب1401 ،ﻫـ1981 /م :ج ،1ص.110
) (4الباجي ،أﺑو الوليد سليﻤان ﺑن خلﻒ ،اﳌﻨتقﻰ ﺷﺮح اﳌوطﺄ ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻋبد الﻘادر أﲪد ﻋﻄا ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت،
1420ﻫـ1999/م :ج ،1ص.362
ﳏﻤد أﺑو ﻋبد ﷲ العبدري ،اﳌعروف ﺑن اﳊاج اﳌﻐرﰊ الفاسي ،ﲰﻊ ﳌﻐرب من ﺑعﺾ شيوخﻪ ،وقدم الﻘاﻫرة ،وﲰﻊ ا ﳏﻤد ﺑن ّ
) (5ﻫو ّ
ﻋلﻤا ﻏﺰيراً.
ﺣفيل ﲨﻊ ﻓيﻪ ً
ﻛتاب ٌ
الﺼﻼح ،ﺻﻨّﻒ ﻛتا ً ﲰّاه »اﳌدخل« ،وﻫو ٌ اﳊديث ،وﺣ ّدث ا ،وﻫو أﺣد اﳌشايخ اﳌشﻬورين لﺰﻫد واﳋﲑ و ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 737ﻫـ .انﻈر :اﺑن ﻓرﺣون ،ﺑرﻫان ال ّدين إﺑراﻫيﻢ ﺑن ﻋلي ﺑن ﳏﻤد ،ال ّديباج اﳌﺬﻫّﺐ ﰲ مﻌﺮﻓﺔ أﻋﻴان اﳌﺬﻫﺐ ،ﲢﻘيﻖ:
ّ
ﳏﻤد اﻷﲪدي أﺑو الﻨور ،د.ط ،دار الﱰاث للﻄبﻊ والﻨشر ،الﻘاﻫرة ،د.ت :ج ،2ص 321وما ﺑعدﻫا. ّ
اﳊاج ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد ،اﳌدﺧل ،ﲢﻘيﻖ :ﺗوﻓيﻖ ﲪدان ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1415 ،ﻫـ1995 /م :ج،2
) (6اﺑن ّ
ص.368-367
55
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﳏﻤد ﺑن سحﻨون؛ اﻹمام ﺑن اﻹمام شيخ اﻹسﻼم وﻋلﻢ اﻷﻋﻼم ،الفﻘيﻪ اﳊاﻓظ الﻨﻈّار ،مﻊ اﳉﻼلة والثﻘة والعدالة .لﻪ ليﻒ
) (1ﻫو أﺑو ﻋبد ﷲ ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 255ﻫـ .انﻈر :ﺷﺠﺮة
ﻛثﲑة ،مﻨﻬا :ﻛتاب ﺗفسﲑ اﳌوطأ ،وﻛتاب نوازل الﺼﻼة ،وﻛتاب الﺰﻫد ،وﻛتاب أدب اﳌتعلّﻤﲔّ .
الﻨور الﺰﻛﻴﺔ :ج ،1ص.105
كﲎ أ ﺑكر.
) (2ﳏﻤد ﺑن أﲪد ﺑن ﻋلي ﺑن ﺣسن ﺑن ﻋلي ﺑن الﺰ ت الكﻼﻋي ،ولد الشيخ اﳋﻄيب أﰊ جعفر ﺑن الﺰ ت ،من أﻫل ﺑلﺶ ،يُ ّ
ﺗوﱃ الﻘﻀاء ﺑبلده ،وخلﻒ أ ه ﻋلﻰ اﳋﻄاﺑة واﻹمامة ،واستعﻤل
شبيﻬا ﺑيﻪ ﰲ ﻫديﻪ وﺣسن ﲰتﻪ ،ووقارهّ ،
من أﻋﻼم الﻘرن الثامن اﳍﺠري ،ﻛان ً
ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲ ،اﻹﺣاطﺔ ﰲ أﺧبار ﻏﺮ طﺔ ،ﲢﻘيﻖّ :
ﳏﻤد ﻋبد ﷲ ﻋﻨان ،ط،2 ﰲ السفارة ﻓس ّد مس ّد مثلﻪ .انﻈر :اﺑن اﳋﻄيب ،لسان ال ّدين ّ
مكتبة اﳋاﳒي للﻄبﻊ والﻨشر والتوزيﻊ ،الﻘاﻫرة1393 ،ﻫـ1973 /م :ج ،2ص139-138؛ اﺑن ﺣﺠر ،أﺑو الفﻀل أﲪد ﺑن ﻋلي العسﻘﻼﱐ،
الدرر الﻜامﻨﺔ ﰲ أﻋﻴان اﳌﺌﺔ الﺜامﻨﺔ ،د.ط ،دار إﺣياء الﱰاث العرﰊ ،د.ت :ج ،3ص.341
) (3ﻫو أﺑو ﻋﻤران موسﻰ ﺑن ﻋيسﻰ ﺑن أﰊ ﺣﺠاج الﻐفﺠومي ،أﺻلﻪ من ﻓاس ،وﺑيتﻪ مﻨﻬا ﺑيت مشﻬور معروف يعرﻓون ﺑبﲏ ﺣﺠاج ،استوطن
وﺣﺞ ،ودخل العراق ،ﻛان من أﺣفظ الﻨاس وأﻋلﻤﻬﻢ ،ﲨﻊ
الﻘﲑوان ،وﺣﺼلت لﻪ ا ر سة العلﻢ ،ورﺣل إﱃ قرطبة وﺗف ّﻘﻪ ا ،ورﺣل إﱃ اﳌشرقّ ،
وﳚوده ،مﻊ معرﻓتﻪ ّلرجال
لسبﻊّ ،
ﺣفظ اﳌذﻫب اﳌالكي إﱃ ﺣديث رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ومعرﻓة معانيﻪ ،وﻛان يﻘرأ الﻘرآن ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 430ﻫـ ،وﻫو اﺑن ﲬﺲ وستﲔ سﻨة .انﻈر :ال ّديباج اﳌﺬﻫّﺐ :ج ،2ص 337وما ﺑعدﻫا. وجرﺣﻬﻢ وﺗعديلﻬﻢّ .
ﳏﻤد ﻋبد الﻘادر ﻋلي الفﻬري الفاسي شﻬرةً وداراً ،ﻋﻼّمة اﳌﻐرب ،وشيخ مشاﳜﻪ .انتﻬت إليﻪ الر سة ﰲ الفتوى ل ّد ر اﳌﻐرﺑية مﻊ
) (4أﺑو ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 1091ﻫـ. وﲤسﻚ لسﻨة ،لﻪ ﻓﻘﻬية وﻋﻘيدة شﻬﲑة ،و ليﻒ ﳐتﺼر ﰲ اﻷﺻول ،وﻓتاوي وﺣواشي ﻋلﻰ الﺼحيحّ . نﺰاﻫة ّ
انﻈر :اﳊﺠوي ،الﻔﻜﺮ الﺴامﻲ :ج ،2ص.612
ﳏﻤد ﺑن قاسﻢ ﺑن أﲪد اللﺨﻤي اﳌكﻨاسي اﳌﻐرﰊ ،ويُعرف ﺑ ـ »الﻘوري« ،مفﱵ اﳌﻐرب اﻷقﺼﻰ ،ﻛان متﻘ ّدما ﰲ ﺣفظ اﳌتون ) (5ﻫو أﺑو ﻋبد ﷲ ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 872ﻫـ .انﻈر :السﺨاوي ،ﴰﺲ ال ّدين ﳏﻤد وﻓﻘﻬﻬا ،وﻋلّﻖ ﻋلﻰ ﳐتﺼر الشيخ خليل شيئاً ﱂ يﻨتشر ،وانتفﻊ ﺑﻪ الﻄلبةّ .
ﺑن ﻋبد الرﲪن ،الﻀّوء الﻼّمع ﻷﻫل القﺮن التاسع ،د.ط ،دار اﳉيل ،ﺑﲑوت ،د.ت :ج ،8ص.280
) (6الفﻼﱄ ،أﺑو العبّاس أﲪد اﳍﻼﱄ ،نور البﺼﺮ ﺷﺮح ﺧﻄبﺔ اﳌﺨتﺼﺮ لﻠﻌﻼّمﺔ ﺧﻠﻴل ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﳏﻤود ولد ﳏﻤد اﻷمﲔ ،ط ،1دار
يوسﻒ ﺑن شفﲔ ،ومكتبة اﻹمام مالﻚ1428 ،ﻫـ2007/م ،ص.131
56
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
) (1انﻈر :ميكلوش موراﱐ ،دراسات ﰲ مﺼادر الﻔقﻪ اﳌالﻜﻲ ،ط ،1دار الﻐرب اﻹسﻼمي ،ﺑﲑوت1409 ،ﻫـ1988/م :ص14؛ ﻋبد
السﻼم أﲪد ﻓيﻐو ،أمﻬات الﻜتﺐ الﻔقﻬﻴﺔ ،د.ط ،دار الكلﻤة للﻨشر والتوزيﻊ ،مﺼر .د.ت :ص 10وما ﺑعدﻫا؛ ﺑشﲑ ﺿيﻒ ،مﺼادر الﻔقﻪ
اﳌالﻜﻲ أﺻوﻻ وﻓﺮوﻋا ﰲ اﳌﺸﺮق واﳌﻐﺮب ﻗدﳝا وﺣديﺜا ،ط ،1دار اﺑن ﺣﺰم ،ﺑﲑوت1429 ،ﻫـ2008 /م :ص 43وما ﺑعدﻫا.
) (2ﻫو أﺑو سعيد ﻋبد السﻼم سحﻨون ﺑن سعيد ﺑن ﺣبيب التﻨوخي الﻘﲑواﱐ ،الفﻘيﻪ اﳊاﻓظ العاﺑد ،والورع الﺰاﻫد ،اﻹمام العاﱂ اﳉليل اﳌتفﻖ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ- ومدونتﻪ ﻋليﻬا اﻻﻋتﻤاد ﰲ اﳌذﻫبّ . اﳌعول ﰲ اﳌشكﻼت وإليﻪ الرﺣلةّ ، ﻋلﻰ ﻓﻀلﻪ وإمامتﻪ ،انتﻬت إليﻪ الر سة ﰲ العلﻢ ،وﻋليﻪ ّ
سﻨة 240ﻫـ .انﻈر :ﺷﺠﺮة الﻨور الﺰﻛﻴﺔ :ج ،1ص.105-103
متﺼرف ﰲ ﻓﻨون من اﻵداب وسائر اﳌعاﱐ ،ﻛثﲑ اﳊديث
) (3ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن ﺣبيب ﺑن سليﻤان ﺑن ﻫارون ،أﺑو مروان السلﻤي ،ﻓﻘيﻪ مشﻬورّ ،
ومﻄرف وﻏﲑﳘا ،ويﻘال إنﻪ
واﳌشايخ ،ﺗف ّﻘﻪ ﻷندلﺲ ﰒ رﺣل إﱃ اﳌشرق ،ﻓلﻘي أﺻحاب مالﻚ وﻏﲑﻫﻢ .روى ﻋن ﻋبد اﳌالﻚ ﺑن اﳌاجشونّ ،
اﳌسﻤﻰ ﺑ ـ ـ »الواﺿحة ﰲ اﳊديث واﳌسائل« ،ﻋلﻰ أﺑواب الفﻘﻪ .وﻛانت وﻓاﺗﻪ ﻷندلﺲ
أدرك مالكاً ﰲ آخر ﻋﻤره .ولﻪ ﰲ الفﻘﻪ الكتاب الكبﲑ ّ
سﻨة 238ﻫـ ،وقيل سﻨة 239ﻫـ .انﻈر :الﻀﱯ ،أﺑو جعفر أﲪد ﺑن ﳛﲕ ،ﺑﻐﻴﺔ اﳌﻠتمﺲ ﰲ ريخ رﺟال أﻫل اﻷندلﺲ ،ﲢﻘيﻖ :إﺑراﻫيﻢ اﻷﺑياري،
ط ،1دار الكتاب اﳌﺼري ،الﻘاﻫرة ،ودار الكتاب اللبﻨاﱐ ،ﺑﲑوت1410 ،ﻫـ1989 /م :ج ،2ص.114-112
) (4ﻫو أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن أﲪد ﺑن ﻋبد العﺰيﺰ العتﱯ من أﻫل اﻷندلﺲ ،ﻛان ﺣاﻓﻈا للﻤسائل ،جامعا ﳍا ،ﻋاﳌا لﻨوازل ،وﻛان ﻋﻈيﻢ الﻘدر
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 255ﻫـ .انﻈر :ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌدارك :ج ،1ص.450-449
ﻋﻨد العامة ،معﻈﻤا ﰲ زمانﻪ ،وﻫو الذي ﲨﻊ »اﳌستﺨرجة«ّ .
اﳌواز ،اﻹمام الفﻘيﻪ اﳊاﻓظ الﻨﻈّار ،ألّﻒ الكتاب الكبﲑ اﳌعروف ﺑ ـ »اﳌوازية«،
) (5ﻫو أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن إﺑراﻫيﻢ اﻹسكﻨدري اﳌعروف ﺑن ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 269ﻫـ .انﻈر :ﺷﺠﺮة الﻨور الﺰﻛﻴﺔ :ج ،1ص.102
أﺻحﻬا وأوﻋبﻬاّ .
أجل الكتب الﱵ ألّفﻬا اﳌالكيون و ّ
وﻫو من ّ
) (6ﻋشاق ،ﻋبد اﳊﻤيد ،مﻨﻬﺞ اﳋﻼف والﻨقد الﻔقﻬﻲ ﻋﻨد اﻹمام اﳌازري :ج ،1ص.11
57
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
)(1
ﻓلﻤا ارﲢل
اﳌدونة أسئلةٌ سأﳍا أسد ﺑن الفرات ﻻﺑن الﻘاسﻢّ ،
قال ﰲ سﲑ أﻋﻼم الﻨبﻼء» :وأﺻل ّ
اﺣتﺞ لكث ٍﲑ من
وﺑو ا ،و ّ
ﻛثﲑا ،وأسﻘﻂ ،ﰒّ رﺗّبﻬا سحﻨون ّ
سحﻨون ا ﻋرﺿﻬا ﻋلﻰ اﺑن الﻘاسﻢ ،ﻓأﺻلح ﻓيﻬا ً
مسائلﻬا ﻵ ر من مرو ﺗﻪ ،مﻊ أ ّن ﻓيﻬا أشياء ﻻ يﻨﻬﺾ دليلﻬا ،ﺑل رأي ﳏﺾ .وﺣكوا أ ّن سحﻨون ﰲ أواخر
اﳌدونة ،ﻓأدرﻛتﻪ اﳌﻨية -رﲪﻪ ﷲ .-ﻓكﱪاء اﳌالكية يعرﻓون ﺗلﻚ
وﻫﻢ سﻘاطﻬا ،و ذيب ّ اﻷمر ﻋلّﻢ ﻋليﻬاّ ،
ويوﻫﻨون ما ﺿعﻒ دليلﻪ«).(2ويﻘررون مﻨﻬا ما قدروا ﻋليﻪّ ،
اﳌسائلّ ،
-نقد »الﻌتبﻴﺔ«:
ﺗعرﺿت »العتبية« ﻛذلﻚ -وﻫي معدودةٌ ﺿﻤن ّأمﻬات اﳌذﻫب-
و ﻹﺿاﻓة إﱃ نﻘد »اﻷسدية« ،ﻓﻘد ّ
للﻨﻘد من قبل السادة اﳌالكية ،ذلﻚ أ ّن مﺆلّفﻬا -رﲪﻪ ﷲ -ﲨﻊ ﻓيﻬا روا ت ﻛثﲑةً ﻋن اﻹمام مالﻚ وأﺻحاﺑﻪ،
متﻀﻤﻨةً
ﳝحص ﺗلﻚ الروا ت ،وﻻ ميّﺰ ﺑﲔ الﺼحيح والسﻘيﻢ مﻨﻬا ،ﻓﺠاءت »العتبية« ّ
وﺗوسﻊ ﰲ ذلﻚ ،وﱂ ّ
ّ
لروا ت ﺻحيحة وأخرى شاذة ،وأقوال مشﻬورة وأخرى شاذة ﻻ أﺻل ﳍا.
»ولذلﻚ ﻛان معاﺻروه من العلﻤاء يﻄعﻨون ﻓيﻬا«) ،(3ﻓﻘال ﻋﻨﻬا اﺑن ﻋبد اﳊكﻢ)» :(4أﺗيت ﺑكتب
ﺣسﻨة اﳋﻂ ﺗدﻋﻰ اﳌستﺨرجة ،من وﺿﻊ ﺻاﺣبكﻢ العتﱯ ،ﻓرأيت جلّﻬا مكذو ،ومسائل ﻻ أﺻول ﳍا ...
وشواذّ من مسائل ا الﺲ ﱂ يوقﻒ ﻋليﻬا أﺻحا ا ،ﻓﺨشيت أن أموت ،ﻓتوجد ﰲ ﺗرﻛﱵ ،ﻓوﻫبتﻬا لرجل يﻘرأ
ﻓيﻬا«).(5
58
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
وﺿاح)» :(1وﰲ اﳌستﺨرجة خﻄأ ﻛثﲑ«) ،(2وقال اﺑن لباﺑة)» :(3وﻫو الذي ﲨﻊ اﳌستﺨرجة، وقال اﺑن ّ
وﻛثر ﻓيﻬا من الروا ت اﳌﻄروﺣة ،واﳌسائل الشاذة ،وﻛان ﰐ ﳌسائل الﻐريبة ،ﻓإذا أﻋﺠبتﻪ قال :ادخلوﻫا ﰲ
اﳌستﺨرجة«) ،(4ﻏﲑ أ ّن ﷲ سبحانﻪ قيّﺾ للعتبية العﻼّمة »اﺑن رشد اﳉ ّد ،ﻓﻬ ّذ ا وﲨﻊ ﺑﲔ روا ا ﰲ ﻛتاﺑﻪ
وﺗبﲔ ما ﻓيﻬا من ﺻحيح وسﻘيﻢ ،وﺑذلﻚ
البيان والتحﺼيل ،ﻓﺰال ما ﻛان ﰲ روا ا من إشكال وﻏﻤوضّ ،
مﺼدرا أﺻيﻼً ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي ،ورﻛﻨاً رﻛيﻨاً ﰲ مﺼادره«).(5
ً أﺻبحت
-3نقد ﺑﻌﺾ اﳌﺼادر اﻷساسﻴﺔ ﰲ اﳌﺬﻫﺐ:
ﻋدد من اﳌﺼادر اﻷساسية للﻤذﻫب اﳌالكي اﳌعتﻤدة لدى اﳌالكية ﰲ ﺗﻘرير مسائل
ﺗعرﺿت ٌ لﻘد ّ
الفﻘﻪ وﻓروﻋﻪ للﻨﻘد الفﻘﻬي ،ومن أمثلة ذلﻚ:
» -الﺮسالﺔ« ،ﻻﺑن أﰊ زيد القﲑواﱐ:
والﱵ ﺗُعتﱪ من اﳌﺼادر اﻷساسية اﳌعتﻤدة ﰲ مذﻫب مالﻚ -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ ،-وقد انتﻘدﻫا العﻼّمة
الفﺨار ﳌـّا ألّﻒ رسالة لﻄيفة ﲰّاﻫا؛ »التبﺼرة« ،ﺣيث ﺗتبّﻊ ﻓيﻬا رسالة اﺑن أﰊ زيد ﰲ مسائل رآﻫا ﻻ
اﺑن ّ
ﳏﻤد ﻋبد ﷲ ﺑن أﰊ زيد ﺗتّفﻖ ومذﻫب ﻋاﱂ اﳌديﻨة .قال ﰲ مﻘ ّدمتﻬا» :ﻓﻘد ﻓﻬﻤت ما ذﻛرﺗﻪ من إﻏفال أﰊ ّ
-رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -ﰲ رسالتﻪ ﰲ ما سﻬا ﻋﻨﻪ وﻏلﻂ ﻓيﻪ من طريﻖ قلّة الﻨﻈر ،وإﳘال الفكر ،وقد ﻋﺰمت ﳌـّا
أﺑﲔ ذلﻚ ﲟا أقول ﻓيﻪ وأنبّﻪ ﻋليﻪ ،وإﱃ ﷲ سبحانﻪ أرﻏب ﰲ التوﻓيﻖ«).(6
رأيت ﺗﻄلّعﻚ إﱃ معرﻓة اﳊﻘائﻖ ،أن ّ
» -التﻬﺬيﺐ« لﻠﱪاذﻋﻲ):(7
وﺿاح ﺑن يﺰيد الﻘرطﱯ ،الفﻘيﻪ اﶈ ّدث ،الراوية الثﻘة ،الثبت اﻷمﲔ ،العﻤدة الفاﺿل .ليفﻪ ﻛثﲑة ،مﻨﻬا؛ ﻛتاب
ﳏﻤد ﺑن ّ
) (1ﻫو أﺑو ﻋبد ﷲ ّ
ﺗوﰲ -رﲪﻪ ﷲ -سﻨة 286ه .انﻈر :ﺷﺠﺮة الﻨور الﺰﻛﻴﺔ :ج ،1ص.114-113
الﺼﻼة ﰲ الﻨعلﲔ ،وﻛتاب الﻨﻈر إﱃ ﷲ ﺗعاﱃّ .
) (2ﻋياض ،ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌدارك :ج ،1ص.450
ﳏﻤد ﺑن ﻋﻤر ﺑن لباﺑة ،ﻛان من اﻷئﻤة ﰲ الفﻘﻪ ،مات -رﲪﻪ ﷲ -ﰲ اﻷندلﺲ سﻨة 314ﻫـ .انﻈر :الﻀﱯ ،ﺑﻐﻴﺔ اﳌﻠتمﺲ:
) (3ﻫو أﺑو ﻋبد ﷲ ّ
ج ،1ص.147
) (4ﻋياض ،ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌدارك :ج ،1ص.450-449
) (5اﳌامي ،اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ مدارسﻪ ومﺆلّﻔاﺗﻪ :ص.251
) (6اﺑن الفﺨار ،التبﺼﺮة :ص.101
كﲎ ﰊ سعيد ،من ﺣ ّفاظ اﳌذﻫب اﳌالكي ،ولﻪ ﻓيﻪ ليﻒ مﻨﻬا :ﻛتاب
) (7ﻫو أﺑو الﻘاسﻢ خلﻒ ﺑن أﰊ الﻘاسﻢ اﻷزدي اﳌعروف لﱪاذﻋي ،يُ ّ
التﻬذيب ﰲ اختﺼار اﳌدونة .وﻫو من الﻄبﻘة الثامﻨة ،و ريخ وﻓاﺗﻪ ﻏﲑ معروف .انﻈر :الديباج اﳌﺬﻫّﺐ :ج ،1ص 349وما ﺑعدﻫا؛ الﻔﻜﺮ
الﺴامﻲ :ج ،2ص.545
59
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
60
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
)(1
خﺼوﺻا
ً ي من شروح خليل،
موقﻒ انتﻘاد ﱞ
ٌ ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲوقد ﻛان للسلﻄان العلوي سيدي ّ
ﻓن الفﻘﻪ
اﳌتأخرة» ،ومن ﻋﺠيب سﲑﺗﻪ -رﲪﻪ ﷲ -أنّﻪ ﻛان يرى اشتﻐال طلبة العلﻢ ﺑﻘراءة اﳌﺨتﺼرات ﰲ ّ
ّ
ﺗﻀييعا لﻸﻋﻤار ﰲ ﻏﲑ طائل ،وﻛان يﻨﻬﻰ ﻋن ذلﻚ ً اﻷمﻬات اﳌبسوطة الواﺿحة؛
وﻏﲑه ،وإﻋراﺿﻬﻢ ﻋن ّ
ﻏاية ،وﻻ يﱰك من يﻘرأ ﳐتﺼر خليل وﳐتﺼر اﺑن ﻋرﻓة وأمثاﳍﻤا ،ويبالﻎ ﰲ التشﻨيﻊ ﻋلﻰ من اشتﻐل ﺑشيء
ﺣﱴ ﻛان الﻨّاس يﱰﻛون قراءة ﳐتﺼر خليل«).(2
من ذلﻚّ ،
ومن ﻫﻨا قام ﻓﻘﻬاء اﳌذﻫب اﳌالكي خﻀاع شروح ﳐتﺼر خليل للﻨﻘد والتﻤحيص ،وﻛان اﻫتﻤامﻬﻢ
)(3
ﺗلﺨيﺼا ﻵراء شيﺨﻪ اﻷجﻬوري ،ﻓألّﻒ العﻼّمة البﻨّاﱐ
ً ُمﻨْﺼبا ﺑشكل ﻛبﲑ ﻋلﻰ شرح الﺰرقاﱐ ،ﻋتباره
الﺰرقاﱐ«) ،(4وألّﻒ الشيخ التاودي) (5ﺣاشيةً ﻋليﻪ.
ﻛتاب »الفتح الرّ ﱐ ﻓيﻤا ذﻫل ﻋﻨﻪ ّ
ﺣرر اﳌﻐارﺑة ون ّﻘحوا آراء مدرسة اﻷجﻬوري وﺗﻼميذه وﺗرجيحا ﻢ ،وأﺻبح من و ذين الكتاﺑﲔ ّ
عتﻤد إﻻّ ﺑتأييدﻫا وإقرارﻫا نﺼا
الﻀواﺑﻂ اﳌسلّﻢ ا ﻋﻨدﻫﻢ أ ّن اﻵراء والﱰجيحات الﱵ اﻋتﻤدﻫا الﺰرقاﱐ ﻻ ﺗُ َ
ّ
)(6
الﺰرقاﱐ ﻛﻤا ذﻛر البﻨّاﱐ »ﻛثﲑاً ما يﻨﺰل الﻨّﻘل ﰲ ﻏﲑ ﳏلّﻪ ،ويلحﻖأو سكو ً من البﻨّاﱐ أو التاودي ؛ ﻷ ّن ّ
الفرع ﺑﻐﲑ أﺻلﻪ«) ،(7ﻏﲑ أنّﻪ قد ﺑﻘيت مواﺿﻊ ﳛتاج إﱃ التﻨبيﻪ ﻋليﻬا ،إ ْذ ﱂ ﺗﻘﻊ مﻨﻬﻤا إشارة إليﻬا ،اﻋتﻘدﻫا
الﻄلبة من ﻛﻼمﻪ ﺻحيحة؛ ﻷنّﻪ من اﳌسكوت ﻋليﻬا ﻋﻨد البﻨّاﱐ والتاودي ،ﻫذا ﻹﺿاﻓة إﱃ ﻛو ﻤا قد
الرﻫوﱐ ﺣاشيتﻪ ﻋلﻰ الﺰرقاﱐ ،وﺑذلﻚ أﺻبح
ﻛل ﻫذا ألّﻒ العﻼّمة ّ
الﺼحاح ،ولتحرير ّ
اﻋﱰﺿا ﻋلﻰ مسائلﻪ ّ
يتﻢ إﻻّ ﲝواشيﻪ).(8
نﻘل الﺰرقاﱐ ﻻ ّ
61
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
خﺼوﺻا؛ العﻼّمة
ً ﻋﻤوما ،وﳐتﺼر الشيخ خليل
اﳌلﺨﺼات ً وﳑّن انتﻘد من اﳌعاﺻرين اﳌﺨتﺼرات و ّ
اﳌلﺨﺼات واﳍوامﺶ
اﳌلﺨﺼات وشروح ّالسامي« أ ّن ثﻘاﻓة ّ
سﺠل ﰲ »الفكر ّ
ﳏﻤد ﺑن اﳊسن اﳊﺠوي الذي ّ
اﳌلﺨﺼات ﻏايتﻬا مﻊ الشيخ خليل
ﻋلﻰ ال ّشروح ﻫيﻤﻨت ﻋلﻰ الفﻘﻪ اﳌالكي ﺑشكل ﺗدرﳚي ،ﻓبلﻐت ثﻘاﻓة ّ
مرات،
ﺑتكرر اﻹﺿاﻓة ثﻼث ّ
أواسﻂ الﻘرن الثامن اﳍﺠري ،ذلﻚ »ﻷ ّن ﳐتﺼر خليل ﳐتﺼر ﳐتﺼر اﳌﺨتﺼر ّ
جل ﻋبارﺗﻪ أن يكون لﻐﺰاً ،وﻓكر ﻢ ﻫذه مبﻨية ﻋلﻰ مﻘﺼدين وﳘا؛ ﺗﻘليل اﻷلفاظ
أخل لفﺼاﺣة ،وﻛاد ّ
وإن ّ
ﻛل مﻨﻬﻤا مﻘﺼ ٌد
ﺗيسﲑاً ﻋلﻰ اﳊفظ ،وﲨﻊ ما ﻫو ﰲ ﻛتب اﳌذﻫب من الفروع ،ليكون أﲨﻊ للﻤسائل ،و ّ
ﺣسن لوﻻ ﺣﺼول اﳌبالﻐة ﰲ اﻻختﺼار الﱵ نشأت ﻋﻨﻬا أﺿرار«).(1
ٌ
ﰒّ أ ّﻛد ﻋلﻰ أ ّن ّأول أﺿرار اﻻختﺼار ﻋلﻰ مادة الفﻘﻪ؛ إﻓساد الفﻘﻪ ،ذلﻚ أ ّن ﲨﻊ الفروع الكثﲑة ﰲ
مفﻬوما،
ً اللفظ الﻘليل أوجب ﻫرم الفﻘﻪ) ،(2وﺑرﻫان ذلﻚ لديﻪ ﻫو ﺣاجة اﳌﺨتﺼر إﱃ ﳎلّدات ﺣﱴ يﺼبح
ﻛﻤا سبﻖ الﻨﻘل ﻋﻨﻪ ﰲ ﻛﻼمﻪ ﻋلﻰ ﳐتﺼر خليل.
ﺧاﲤﺔ:
وﺑعد ختام ﻫذا البحث الذي قﺶ موﺿوع الﻨﻘد الفﻘﻬي وﺗﻄبيﻘاﺗﻪ ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي :نﻘد اﳌﺼﻨفات
الفﻘﻬية ﳕوذجا ،يﻄيب ﱄ أن أختﻤﻪ لﻨتائﺞ التالية:
ات ﻛثﲑةٌ ﰲ العﺼر اﳊاﺿر مﻄالبةً ﺑتﺠديد الفﻘﻪ اﻹسﻼمي ،ومﻨﻪ الفﻘﻪ اﳌالكي،
-1ﺗتعاﱃ أﺻو ٌ
الﻀعيﻒ مﻨﻬا
الﺼحيح من ّالروا ت واﻻستدﻻﻻت ﻓيﻪ ،دف ﺑيان ّ ﺑتﻨﻘيح وﲤحيص وﻏرﺑلة ﳐتلﻒ اﻷقوال و ّ
ﻛل ما لﻪ ﻋﻼقة لﻨشاط واﻹنتاج الفﻘﻬي ،من أجل أن ﺗكون للفﻘﻪ قدرةٌ
ﰲ اﳌسائل والفروع الفﻘﻬية ،وﰲ ّ
التﻄور اﳊﻀاري والعلﻤي واﻻجتﻤاﻋي ﰲ الوقت اﳌعاﺻر ،ومتّﻬﻤة ﰲ ذات الوقت ﻓﻘﻬاء السلﻒ
ﻋلﻰ مواﻛبة ّ
واﳋلﻒ من السادة اﳌالكية وﻏﲑﻫﻢ ﳉﻤود والتﻘليد وﲡريد الفﻘﻪ من أدلّتﻪ ،ﺑيﻨﻤا لﻘد اﲡﻪ الﻨﻘد اﳌذﻫﱯ
للﻤذاﻫب نفسﻬا من داخلﻬا مﻨذ نشأ ا ،وسلّﻂ أﺻحاب اﳌذاﻫب ﻋلﻰ مذاﻫبﻬﻢ قاﻋدة التﻘوﱘ ،وﱂ يﻨتﻈروا
ﳎيء ﻫذه الدﻋوات.
-2التعريﻒ لفﻘﻬاء الﻨ ّﻘاد ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي ﺑدراسة مﻨاﻫﺠﻬﻢ وإنتاجا ﻢ يتﻄلّب الكشﻒ ﻋن
ﻋام ﻋلﻰ موﺿوع الﻨﻘد الفﻘﻬي
ﺗﺼور ّ ﺗراثﻬﻢ ،وﲨعﻪ وﲢﻘيﻘﻪ ،ودراستﻪ وإﺑراز خﺼائﺼﻪ ،من أجل ﺗكوين ّ
الداخلي ،دف استثﻤاره وﺗفعيلﻪ ﺑﻘواﻋده وﺿواﺑﻄﻪ ،لتﺠديد الفﻘﻪ وإﺣيائﻪ ،ووﺻلﻪ دلّتﻪ ّأوﻻً ،ﰒّ ﲝسن
متﻐﲑات العﺼر ومستﺠ ّداﺗﻪ.
ﺗﻨﺰيل أﺣكامﻪ ﻋلﻰ الوقائﻊ والﻨوازل نياً ،ليساير ّ
62
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
اﳌﻘعدين
اﳌﺆسسﲔ للﻨﻘد الفﻘﻬي ﺑﻨوﻋيﻪ؛ الداخلي واﳋارجيّ ، -3ﻓﻘﻬاء اﳌذﻫب اﳌالكي ﻫﻢ من ّ
ﺗدل ﻋلﻰ ذلﻚ الﻨﻤاذج التﻄبيﻘية الواردة ﰲ ﻫذا البحث ،وﻫدﻓﻬﻢ من ذلﻚ
لﻘواﻋده وأسسﻪ وﺿواﺑﻄﻪ ،ﻛﻤا ّ
ﻛل ﻋﺼر ،ﲡدي ًدا ﻷمر الفﻘﻪ ،وﺗوﺿيح ﻋوامل شيﺨوختﻪ
ﺑيان أسباب ّقوة الفﻘﻪ وشباﺑﻪ ونشاطﻪ ،لﻸخذ ا ﰲ ّ
لتحل
وﻫرمﻪ لتﺠﻨّبﻬا واﻻﺑتعاد ﻋﻨﻬا ،ﲢذيراً وﺗرﻫيباً للفﻘﻬاء من الوقوع ﰲ آﻓة ﻓﺼل ﻓﻘﻪ اﻷمة ﻋن واقعﻬاّ ،
مكانﻪ الﻘوانﲔ الوﺿعية اﳌستﻤ ّدة من الﻘوانﲔ الﻐرﺑية ،وﰲ ذلﻚ إساءةٌ لﻐةٌ لل ّشريعة اﻹسﻼمية.
ﰲ البدء واﳋتام. انتﻬﻰ ،واﳊﻤد
63
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
64
________________________________النقد الﻔق وتطبيقاته اﳌذ ﺐ اﳌال ي :نقد اﳌصنﻔات الﻔق ية نموذجا .ذ .إبرا يم والع
.17ﻋلي ،ﳏﻤد إﺑراﻫيﻢ ،اﺻﻄﻼح اﳌﺬﻫﺐ ﻋﻨد اﳌالﻜﻴﺔ ،ط ،1دار البحوث للدراسات اﻹسﻼمية وإﺣياء الﱰاث ،دﰊ،
1421ه2000/م.
.18اﺑن العﻤاد ،أﺑو الفﻼح ﻋبد اﳊي ﺑن أﲪد اﳊﻨبلي ،ﺷﺬرات ال ّﺬﻫﺐ ﰲ أﺧبار من ذﻫﺐ ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد الﻘادر
اﻷر ؤوط ،وﳏﻤود اﻷر ؤوط ،ط ،1دار اﺑن ﻛثﲑ ،دمشﻖ-ﺑﲑوت1406 ،ﻫـ1986 /م.
.19ﻋياض ،أﺑو الفﻀل الﻘاﺿي ﻋياض ﺑن موسﻰ اليحﺼﱯ ،ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌدارك وﺗقﺮيﺐ اﳌﺴالﻚ ﳌﻌﺮﻓﺔ أﻋﻼم مﺬﻫﺐ
مالﻚ ،ﲢﻘيﻖ :سعيد أﲪد أﻋراب ،ط ،1مﻄبعة ﻓﻀالة ،اﳌﻐرب1401 ،ﻫـ1981 /م.
.20اﺑن ﻓرﺣون ،ﺑرﻫان ال ّدين إﺑراﻫيﻢ ﺑن ﻋلي ﺑن ﳏﻤد ،ال ّديباج اﳌﺬﻫّﺐ ﰲ مﻌﺮﻓﺔ أﻋﻴان اﳌﺬﻫﺐ ،ﲢﻘيﻖّ :
ﳏﻤد اﻷﲪدي
أﺑو الﻨور ،د.ط ،دار الﱰاث للﻄبﻊ والﻨشر ،الﻘاﻫرة ،د.ت.
.21الفﻼﱄ ،أﺑو العبّاس أﲪد اﳍﻼﱄ ،نور البﺼﺮ ﺷﺮح ﺧﻄبﺔ اﳌﺨتﺼﺮ لﻠﻌﻼّمﺔ ﺧﻠﻴل ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﳏﻤود ولد ﳏﻤد
اﻷمﲔ ،ط ،1دار يوسﻒ ﺑن شفﲔ ،ومكتبة اﻹمام مالﻚ1428 ،ﻫـ2007/م.
.22ﻓيﻐو ،ﻋبد السﻼم أﲪد ،أمﻬات الﻜتﺐ الﻔقﻬﻴﺔ ،د.ط ،دار الكلﻤة للﻨشر والتوزيﻊ ،مﺼر .د.ت
.23قاسﻢ ﻋلي سعد ،ﲨﻬﺮة ﺗﺮاﺟﻢ الﻔقﻬاء اﳌالﻜﻴﺔ ،ط ،1دار البحوث للدراسات اﻹسﻼمية وإﺣياء الﱰاث ،دﰊ،
1423ﻫـ2002 /م.
ﺣﺠي ،ط ،1دار الﻐرب اﻹسﻼمي- .24الﻘراﰲ ،شﻬاب ال ّدين أﺑو العبّاس أﲪد ﺑن إدريﺲ ،الﺬﺧﲑة ،ﲢﻘيﻖّ :
ﳏﻤد ّ
ﺑﲑوت1994 ،م.
.25الﻘراﰲ ،شﻬاب ال ّدين أﺑو العبّاس أﲪد ﺑن إدريﺲ ،الﻔﺮوق ،ﲢﻘيﻖ :ﻋﻤر ﺣسن الﻘيام ،ط ،1مﺆسسة الرسالة ،ﺑﲑوت،
1424ﻫـ2003/م.
.26اﺑن ﻛثﲑ ،أﺑو الفداء إﲰاﻋيل ﺑن ﻋﻤر ،البدايﺔ والﻨﻬايﺔ ،ﲢﻘيﻖ :الدﻛتور ﻋبد ﷲ ﺑن ﻋبد اﶈسن الﱰﻛي ،ط ،1ﻫﺠر
للﻄباﻋة والﻨشر والتوزيﻊ واﻹﻋﻼن1417 ،ﻫـ1997/م.
ﳏﻤد اﳌﺨتار ،اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ مدارسﻪ ومﺆلﻔاﺗﻪ ،ﺧﺼاﺋﺼﻪ وﲰاﺗﻪ ،ط ،1مرﻛﺰ زايد للﱰاث والتاريخ،
ﳏﻤد اﳌاميّ ،
ّ .27
دﰊ1422 ،ﻫـ2002 /م.
.28ﳐلوف ﳏﻤد ،ﺷﺠﺮة الﻨور الﺰﻛﻴﺔ ﰲ طبقات اﳌالﻜﻴﺔ ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد ا يد خياﱄ ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت،
2003م.
.29اﳌﺼلح؛ ﳏﻤد ،اﻹمام أﺑو اﳊﺴن الﻠﺨمﻲ وﺟﻬودﻩ ﰲ ﺗﻄويﺮ اﻻﲡاﻩ الﻨقدي ﰲ اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ لﻐﺮب اﻹسﻼمﻲ،
دار البحوث للدراسات اﻹسﻼمية وإﺣياء الﱰاث ،دﰊ .ط2007 ،1م.
ﳏﻤد التلﻤساﱐ ،أزﻫار الﺮّ ض ﰲ أﺧبار ﻋﻴاض ،ﲢﻘيﻖ :مﺼﻄفﻰ ّ
السﻘا ،وإﺑراﻫيﻢ .30اﳌ ّﻘري ،شﻬاب ال ّدين أﲪد ﺑن ّ
اﻷﺑياري ،وﻋبد اﳊفيظ شلﱯ ،د.ط ،مﻄبعة ﻓﻀالة ،اﳌﻐرب ،د.ت.
.31اﳌكﻨاسي ،أﲪد ﺑن الﻘاﺿي ،ﺟﺬوة اﻻﻗتباس ﰲ ذﻛﺮ من ﺣلّ من الﻌﻠماء مديﻨﺔ ﻓاس ،د.ط ،دار اﳌﻨﺼور للﻄباﻋة
والوراقة ،الر ط1973 ،م.
.32ميكلوش موراﱐ ،دراسات ﰲ مﺼادر الﻔقﻪ اﳌالﻜﻲ ،ط ،1دار الﻐرب اﻹسﻼمي ،ﺑﲑوت1409 ،ﻫـ1988/م.
65
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
.33الﻨاﺻري ،أﺑو العبّاس شﻬاب ال ّدين أﲪد ﺑن خالد ،اﻻستقﺼا ﻷﺧبار دول اﳌﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻋثﻤان،
ط ،2دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت ،د.ت.
.34الﻨووي ،أﺑو زﻛر ﳏيي ال ّدين ﳛﲕ ﺑن شرف ،ا موع ﺷﺮح اﳌﻬﺬب ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﳒيب اﳌﻄيعي .د.ط ،مكتبة
اﻹرشاد ،جدة.
.35الونشريسي ،أﺑو العبّاس أﲪد ﺑن ﳛﲕ ،اﳌﻌﻴار اﳌﻌﺮب واﳉامع اﳌﻐﺮب ﻋن ﻓتاوي أﻫل إﻓﺮيقﻴﺔ واﻷندلﺲ واﳌﻐﺮب،
ﲢﻘيﻖ :ﲨاﻋة من الفﻘﻬاء شراف الدﻛتور ﳏﻤد ﺣﺠي ،نشر وزارة اﻷوقاف والشﺆون اﻹسﻼمية للﻤﻤلكة اﳌﻐرﺑية،
1401ﻫـ1981/م.
66
عبد الباسط صيد. د،_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد
مﻠﺨﺺ
،إن اية الﻘرن الثاﱐ وﺑداية الثالث اﳍﺠري شﻬدت انتشارا للﻤذاﻫب اﻹسﻼمية ﰲ اﳌﻐرب اﻹسﻼمي
وﺗﻼﳘا مذﻫب اﻹمام مالﻚ؛ الذي ﺻار اﻫتﻤام الﻨاس،وﻋﻤل ﻤا واﻋتُﻤدا ُ ﻓسبﻖ مذﻫب اﻷوزاﻋي واﳊﻨفي
وﳌا رجعوا لبلدا ﻢ نشروا مذﻫبﻪ وأﻓتوا ﺑﻪ،ﺑﻪ ﻻنتشار رﺣلة الﻄلبة من إﻓريﻘية لبﻼد اﳊﺠاز و ثّرﻫﻢ ﺑﻪ
ّ
ومﻊ ذيوع ﺻيت اﻹمام ﻓﻘﻬا. وﻛل ﻫذا ﰲ ﺣياة اﻹمام مالﻚ،واﻋتﻤدوه ﰲ التدريﺲ والﻘﻀاء والشورى
وﺑدأت ﺑعﺾ،وخلﻘا وﲰتا ﺻار ﻻ مﻨاص من اﻋتﻤاده مذﻫبا لبﻼد اﳌﻐرب اﻹسﻼمي ﻛلّﻬا ﺗعبّدا وقﻀاء
.اﳌذاﻫب ﺗﱰاجﻊ شﻬر ا والعﻤل ا
ﳛاول ﻫذا البحث اﻹجاﺑة ﻋن التساؤل الذي قد يﻄرح ﺣول مدى ﴰولية اﳌذﻫب اﳌالكي واستيعاﺑﻪ
معرجا ﻋلﻰ ثﻨائية التﻤذﻫب
ّ .للحاجة التشريعية ﲟا ﳛﻘﻖ اﳌﻘﺼد من الدرس الفﻘﻬي اﳌذﻫﱯ استﻘرارا واستﻤرارا
.واﻻستدﻻل؛ ﳏاوﻻ ﻓﻬﻢ العﻘلية اﻻجتﻬادية الﱵ ﺻار إليﻬا الدرس الفﻘﻬي اﳌالكي
. الدليل، متأخرو اﳌالكية، الﻨوازل، التﺠديد، اﳌتون، اﳌذﻫب اﳌالكي:الﻜﻠمات اﳌﻔتاﺣﻴﺔ
Abstract
The end of the second century and the beginning of the third Hijri witnessed the
spread of Islamic schools of thought in the Islamic Maghreb. Al-Awza’i and Hanafi
doctrines preceded them and were adopted and considered, followed by the doctrine of
Imam Malik; what people became interested in was due to the spread of the students’
journey from Africa to the Hijaz and their influence on it .
With the spread of the imam's reputation for jurisprudence, morals and character, it
became inevitable that he adopts a doctrine for all the countries of the Islamic Maghreb
in worship and The judicial system, and some doctrines began to decline in popularity
and disappear.
This research attempts to answer the question that may be raised about the extent
of the comprehensiveness of the Maliki school of thought and its absorption of the
legislative need in order to achieve the doctrinal purpose in stability and continuity.
Lapping on the dualism of doctrine and reasoning; trying to understand the mentality of
Maliki jurisprudence approach.
Keywords: The Maliki school, texts, renewal, calamities, late Malikis, evidence.
67
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
مقدمﺔ.
ﺗﻄوره ،ﻛﺂلية للتّشريﻊ ﺗﻘوم ﻋلﻰ اﻻستدﻻل والﻨّﻈر،
يﻘوم ال ّدرس الفﻘﻬي ﻋلﻰ نﻀﺞ اجتﻬاد الفﻘﻬاء و ّ
اﻷئﻤة اﻷرﺑعة ونﻈراءﻫﻢ أﺿرا ﻢ من الفﻘﻬاء،
ﺗﺼﻘلﻬا سعة اﻻطّﻼع واﳊفظ ،واﳌلكة الفﻘﻬية الّﱵ ﻓاق ا ّ
الراﺑﻊ ﺑعد أن ﻛان استﻤدادﻫﻢ من الوﺣي مباشرة ،ﻓﺨلّفوا ﺗرا ً
ﺣﱴ أﻏلﻖ ﰲ الﻘرن ّ
ﻓانفردوا ﻻجتﻬاد اﳌﻄلﻖ ّ
ﺣﱴ ﺣﺼرت طرق الفتوى ﰲ اﳌذاﻫب ﺻار مستﻨد أﺗباﻋﻬﻢ من الفﻘﻬاء ﰲ سﱪ سبل الفتوى واﻻجتﻬادّ ،
أسا.
الرجوع إﱃ الوﺣي ر ً
اﳌشتﻬرة دون ّ
وﺻﻤام اﻷمان للحوادث والﻨوازل اﳌتﺠ ّددة للﻤﺠتﻤﻊ،
اﳌوجﻪ للحياة التشريعيةّ ،
وﺑﻘي التﻤذﻫب ﻫو ّ
ويﱪز ذلﻚ ﰲ ال ّدرس الفﻘﻬي اﳌالكي -ﻋلﻰ ﻏرار ﺑعﺾ اﳌذاﻫب اﻷخرى الﱵ ﺻحبتﻪ ﰲ ﻫذا الﻘﻄر من
اﳌﻐرب اﻹسﻼمي ،-ﺻولﻪ اﻷثرية ﻛتا ً وسﻨّة ،وﰲ مراﻋاﺗﻪ اﻷﻋراف والعادات واﻋتبار اﳌﺼاﱀ اﳌرسلة وما
جرى ﺑﻪ العﻤل ،واﻫتﻤامﻪ لفﻘﻪ العﻤلي ﰲ اﻷقﻀية والﻨوازل واﳌعامﻼت.
جعل اﻷﺻوليّون اﻻجتﻬاد داخل اﳌذﻫب واﻻجتﻬاد ﰲ الفتوى مﻘاﺑﻼً لﻼجتﻬاد اﳌﻄلﻖ ﺑعد ﻏلﻖ ﺑﻪ،
أي
وﺣﺼر ﰲ ﲤييﺰ اﻷقوال اﳌعتﻤدة ﰲ الفتوى ،ﳑّا ﻻ يُفﱴ ﺑﻪ وﻻ يُعتﻤد .ﻓإﱃ ّ
ﺗﻄور اﻻجتﻬادُ ،
ﻓأدى إﱃ ّ ّ
اجتﻬادا؟ وﻫل العﻤل ﻋلﻰ الشروح
ً مدى يُعتﱪ العﻤل ﻋلﻰ ﲤييﺰ ﻫذه اﻷقوال اﳌعتﻤدة ﰲ الفتوى من ﻏﲑﻫا
واﳊواشي والتّﻘييدات والﻄّرر ﻋﻼمة ﻋلﻰ دروس الفﻘﻪ واﻻجتﻬاد ،أم ﻫو ﺻورة لﻨوع مﻐاير من أنواع اﻻجتﻬاد؟
وخلوه من الدليل ،ﺑبيان دور
وﻓشو التﻘليد ﻓيﻪ ّ
ﳛاول ﻫذا البحث الوقوف مﻊ دﻋاوى ﲨود اﳌذﻫب ّ
اﳌتأخرين من اﳌالكية ،خاﺻة ﺑعد
ﻓﻘﻪ الﻨوازل ﻛﺼورة من ﺻور التﺠديد ﻋﻨد اﳌالكية ،وﻛذا ﻋرض جﻬود ّ
ﳐتﺼر الشيخ خليل ﰲ اﻻستدﻻل ﻋلﻰ اﳌتون ،ﳏاوﻻً اﻹجاﺑة ﻋن التساؤل الذي قد يﻄرح ﺣول مدى
استﺠاﺑة واستيعاب اﳌذﻫب اﳌالكي للحاجة التشريعية ،ﲟا ﳛ ّﻘﻖ اﳌﻘﺼد من الدرس الفﻘﻬي اﳌذﻫﱯ استﻘر ًارا
واستﻤر ًارا.
التﺼور سأسعﻰ إﱃ ﺑﻨاء البحث ﻋلﻰ اﻷساس اﻵﰐ:
ﺑﻨاءً ﻋلﻰ ﻫذا ّ
ﺗﻄور الدرس الفﻘﻬي اﳌذﻫﱯ.
اﳌﻄلب اﻷولّ :
اﳌﻄلب الثاﱐ :التﺼﻨيﻒ ﻋﻨد اﳌالكية وسﺆال التﺠدد.
اﳌﻄلب الثالث :اﻻستدﻻل ﻋﻨد اﳌالكية اﳌتأخرين.
68
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
69
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﺣﱴ من
ﻛل أطراف العاﱂ اﻹسﻼميّ ،
ﻛل مﺼر ﳌكانتﻪ العليّة ﻋﻨدﻫﻢ ،ورﺣلوا من ّ جاءه الﻄلبة من ّ
ﺑﻼد ﻓارس وإﻓريﻘية ،ﻓﺼار اﻹمام الّذي ﺗُش ّد رﺣال العلﻢ إليﻪ.
يﻨص
وﳜرج ﻋليﻬا ما ﱂ ّ
ﻋدد مﻨﻬﻢ ﺻار ﳝثّل مذﻫب مالﻚ ﰲ مﺼره ،يفﱵ ﺑفتواهّ ، اشتﻬر من طلبتﻪ ٌ
ﺣﱴ ﺻار مذﻫب اﻹمام مالﻚ معروف اﻷﺻول ،ﺗبﻨّتﻪ ﺑعﺾ اﻷقﻄار اﻹسﻼمية ﻋليﻪ اﻹمام ،ويروي ﻋﻨﻪ أقوالﻪّ ،
اﻷمﻬات ودواوين
ب ﻋﻨﻪ ،ويﻨاﻇر ﻋليﻪ ا ،وﺻارت ﻛتب ّ فﱴ ﺑﻪ ﰲ رﺑوﻋﻬا ،ويُ َذ ﱡ
رﲰي لل ّدولة ي َ ٍ
ﻛﻤذﻫب ٍّ
سﺠﻼ ﻢ أن ﻻ ﳜرج الﻘاﺿي ﻋن قول اﺑن
اﳌذﻫب دستوراً ﰲ الﻘﻀاء والفتوى؛ ﺑل شرط أﻫل اﻷندلﺲ ﰲ ّ
ﺻحة الﻄّريﻖ اﳌوﺻل ﳌذﻫب مالﻚ.
الﻘاسﻢ ما وجده ،اﺣتياطًا ورﻏبةً ﰲ ّ
أوﻻ :مﺮﺣﻠﺔ الﻨﺸوء -الﺴماﻋات والﺮوا ت:-
ﺗﻄور اﳌﺆلّفات والتّﺼﻨيفات ﰲ ﺗلﻚ الفﱰة؛
ﺗﻄور اﳊرﻛة الفﻘﻬية اﻻجتﻬادية ﰲ زمان ما يﻈﻬر ﰲ ّ
إ ّن ّ
ﺗﻄور الفﻘﻪ؛ خﺼائص وﲰات ،ﻓﻤا ﻏلب ﻋلﻰ مرﺣلة الﻨّشوء ﰲ ﲨﻊ آراء اﻹمام ﰲ
لكل مرﺣلة من مراﺣل ّو ّ
اﳌدو ت واﳌﺼﻨّفات ﰲ رواية سﺆاﻻت لﻺمام وأقوالﻪ.
ﻓدونوا ّ
شﱴ اﻷمﺼارّ ، مسائل الفﻘﻪ من أﻛﱪ طلبتﻪ من ّ
نﻴا :مﺮﺣﻠﺔ التقﻌﻴد والتﺄﺻﻴل -ﻛتﺐ اﻻستدﻻل واﳋﻼف والﻨّظﺮ:-
ﻏلب ﻋلﻰ مرﺣلة التأﺻيل والتﻘعيد التﺼﻨيﻒ ﰲ ﻛتب اﻷﺻول واﳉدل واﳋﻼف العاﱄ وأﺣكام الﻘرآن
الرد ﻋلﻰ اﳌﺨالﻒ إن
وشروح اﳊديث وﻏﲑﻫا من الفﻨون الّﱵ مبﻨاﻫا اﻻستدﻻل للﻤذﻫب ،وﺗﻘعيد أﺻولﻪ ،و ّ
اقتﻀﻰ اﳊال ﰲ ﻛتب اﳋﻼف العاﱄ ،أو ﻛتب الردود ا ّردة ،وﰲ نفﺲ اﳌرﺣلة اشتﻐل ﺑعﺾ العلﻤاء ﺑتﺼﻨيﻒ
اﳌتون ﻋلﻰ طريﻘة الﻘرويّﲔ؛ ﻻقتﺼار ﻋلﻰ الروا ت اﳌشﻬورة للﻤذﻫب ،وﲡريد اﳌتون من الروا ت الشاذّة
اﳌدونة ﰲ التﻬذيب.
واﳌرجوﺣة؛ ﻓتواﱃ التﺼﻨيﻒ مﻨذ ﺗﺼﻨيﻒ الﱪاذﻋي اختﺼار ّ
لﺜا :مﺮﺣﻠﺔ الﻨﻀﺞ واﻻستقﺮار –اﳌتون وما ﻋﻠﻴﻬا ،وﻛتﺐ الﻌمل:-
وسﱪت ﻓيﻬاﺿبﻄت ﻓيﻬا طرق الفتوىُ ، ﲣتﻢ سلسلة التﺼﻨيﻒ الفﻘﻬي ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي ﲟرﺣلة ُ
مﺼادر الﻨّﻘل اﻷساسية للراجح اﳌشﻬور الذي ﺑﻪ ﻋﻤل اﳌفتﲔ والﻘﻀاة ،ﻓعكﻒ الفﻘﻬاء ﻋلﻰ ﲢرير اﳌفﱴ ﺑﻪ،
وﺻار ﳐتﺼر الشيخ خليل ﺑشروﺣﻪ وﺣواشيﻪ) (1الﺼورة الﻨﻬائية ﳌﺼﻨّﻒ ﲨﻊ شتات ما ﺑﻪ الفتوى من ّأمﻬات
وﺣل ﻏوامﻀﻪ ورموزه ،وﻋرﺿوه ﻋلﻰ الﻨّﻘد والتع ّﻘب ﻓيﻤا
ﻓﻚ ﻋباراﺗﻪّ ،
اﳌذﻫب ،ﻓتوقّﻒ ﻋﻤل الفﻘﻬاء ﻋلﻰ ّ
خالﻒ اﳌعتﻤد ﰲ اﳌذﻫب.
70
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
) (1اﳊﺠوي ،ﳏﻤد ﺑن اﳊسن ﺑن العرﰊ الثعالﱯ الفاسي )ت1376ﻫـ( ،الﻔﻜﺮ الﺴامﻲ ﰲ ريخ الﻔقﻪ اﻹسﻼمﻲ ،ط ،1دار الكتب العلﻤية،
ﺑﲑوت1416 ،ﻫـ1995/م :ج ،2ص.287
) (2التﻨبكﱵ ،أﺑو العباس أﲪد ﺑن أﲪد ﺑن الفﻘيﻪ اﳊاج أﲪد التكروري السوداﱐ )ت1036ﻫـ( ،نﻴل اﻻﺑتﻬاج ﺑتﻄﺮيﺰ الديباج) ،ﲢﻘيﻖ:
ﻋبد اﳊﻤيد ﻋبد ﷲ اﳍرامة( ،دار الكاﺗب ،طراﺑلﺲ-ليبيا2000 ،م :ص.171
71
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
وﱂ ﺗكن ﻛثرة اﳊواشي والشروح للﻤﺨتﺼرات إﻻّ ﻛكتب مدرسية يكثر ﺗداوﳍا .وﳐتﺼر الشيخ خليل
مثﻼً اﻋتُﻤد ﲟﺠﻤوع اﳌﺼﻨّفات الﱵ خدمتﻪ ،والﱵ ﻋﻤلت ﻋلﻰ ﺗﻨﻘيحﻪ وﺗﺼفيتﻪ وﺗﺼحيحﻪ ،وﱂ يكن اﳌالكية
شرﺣا أﺣﺼيت ﻋلﻰ اﳌﺨتﺼر ،ﱂ يعتﻤد
ﻛل ﻛتاب خدم اﳌﺨتﺼر ،ﻓﻤن ﺑﲔ مئتﲔ وسبعة وسبعﲔ ً يعتﻤدون ّ
مﻨﻬا إﻻ ﲦانية ﻋشر.
ﳌوازاة مﻊ ﺣرﻛة التﺼﻨيﻒ واﻻﻫتﻤام ﳌتون وما ﻋليﻬا؛ ازدﻫر التﺼﻨيﻒ ﰲ ﻛتب العﻤل) ،(1ﻋلﻰ أنّﻪ
اشتﻬر ﻋلﻰ ألسﻨة الباﺣثﲔ والعلﻤاء أ ّن اﳌذﻫب اﳌالكي أﺻيب ﺑعﻘر ا تﻬدين وﲨود اﳌﻨتسبﲔ ،ورموه ﳉﻤود
اﳊﺲ الﻨﻘدي ،وﻫذه اﳌسألة أ رﻫا قدﳝاً اﺑن ﺣﺰم الﻈاﻫري ،وﺑعده ﺑعﺾ من يﻨبذالتام مﻊ ﻏياب ّ
والتﻘليد ّ
التﻤذﻫب ،وﺗبعﻬﻢ ﺑعﺾ الباﺣثﲔ اﳌعاﺻرين ،ومﻨﻬﺞ البحث العلﻤي يﻘتﻀي اﻹجاﺑة ﻋن ﺗلﻚ التّﻬﻢ ،ولو
ﳎرد دﻋاوى ،وﰲ ﻫذا يﻘول ﻋﻤر اﳉيدي» :وﻫي دﻋوى ﻻ ﺗستﻨد ﻋلﻰ أساس؛ إذا ﻻ يوجد ما ﻛانت ّ
يﺆيّدﻫا ،ويﻨﻬﺾ دليﻼً لتﺼديﻘﻬا ،ﺑل لديﻨا ما يفﻨّدﻫا ويبﻄلﻬا«).(2
رده ﻋلﻰ ﺣث معاﺻر يﻘول» :نكتفي يراد اﻋﱰاﺿﲔ ﻋلﻰ ﻤتﻪ:
وﰲ سياق ّ
يﻄور ﻫذا
متحﺠرين ﻛﻤا زﻋﻢ ،ﺑل ﻛان ﻓيﻬﻢ من ّ
ّ اﻷول :أ ّن أﺗباع اﳌذﻫب ﱂ يكونوا ﻛلّﻬﻢ جامدين
مر ا الفﻘﻪ ،ويبدي رأيﻪ ﰲ أقوال ﺻاﺣب اﳌذﻫب ،ﻓيأخذ ﲟا رآهالفﻘﻪ وﳚ ّدده ﰲ ﳐتلﻒ اﳌراﺣل الﱵ ّ
خﺼﻬﻢ ل ّذﻛر -
ﺻوا ً ،ويرﻓﺾ ما ثبت لديﻪ ﺿعﻒ مأخذه ،وﻛبار ﻓﻘﻬاء اﳌالكية ﰲ اﻷندلﺲ الذين ّ
ﻛﻐﲑﻫﻢ -ﻓعلوا ذلﻚ ﺑﻼ استثﻨاء ...
الثاﱐ :ما أورده لتعليل وجﻬة نﻈره من أ ّ ﻢ ﻛانوا يريدون اﶈاﻓﻈة ﻋلﻰ الوﺣدة ال ّديﻨية ﰲ ﺑﻼد اﻷندلﺲ،
ﻻ يﻨﻬﺾ دليﻼً ﻋلﻰ ﺻحة رأيﻪ ...ذلﻚ ّن اﻷندلﺲ ﱂ ﺗكن خاليةً من اﳌذاﻫب ،وﻻ ﻛان اﻷندلسيون
ﳚﻬلو ا ،ﻓاﳌذاﻫب اﻹسﻼمية ﻛلّﻬا ﺗعايشت ﰲ اﻷندلﺲ ،وإن ﻇلّت الﻐلبة للﻤذﻫب اﳌالكي ﻋتباره اﳌذﻫب
الرﲰي للدولة ...
اﳊﻖ أ ّن وﺻﻢ اﳌالكية لتﻘليد واﳉﻤود؛ ﻫي نﻈرة ﺗكاد ﺗكون سائدةً لدى الكثﲑ من الباﺣثﲔ و ّ
يﺆﻫلﻬﻢ
ومرد ذلﻚ ﰲ نﻈر أ ﻢ ﳚﻬلون ﺗراث ﻫذا اﳌذﻫب ،أو أ ﻢ ﱂ يﻄّلعوا ﻋليﻪ لﻘدر الّذي ّ اﳌعاﺻرينّ ،
ﻷن يﺼدروا ﰲ ﺣ ّﻘﻪ الرأي الﺼائب .(3) «...
السﺠﻼت
ﺗﻀﻢ ﻛتب الﻨّوازل والفتاوى واﻷقﻀية والو ئﻖ الشروط و ّ
لكل مذﻫب؛ ّ
الشﻖ الثالث من أنواع التﺼﻨيﻒ الفﻘﻬي ّ
) (1ﻛتب العﻤل؛ ﻫي ّ
واﳊسبة والفرائﺾ .وﻫي قسيﻤة لكتب اﳌتون ،وما ﻋليﻬا من شروح وﺣواشي ،وﻛذا ﻛتب اﻻستدﻻل ،ﻛكتب أﺻول الفﻘﻪ ،وشروح السﻨة،
وأﺣكام الﻘرآن ،واﳋﻼف العاﱄ ،والردود.
) (2اﳉيدي ،ﻋﻤر ،مباﺣﺚ ﰲ اﳌﺬﻫﺐ اﳌالﻜﻲ ﳌﻐﺮب ،ط1993 ،1م :ص.149
) (3نفﺲ اﳌرجﻊ .150 ،149
72
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
) (1قال اﺑن خلدون» :إ ّن الﻨّاس ﺣﺼروا مﻘاﺻد التأليﻒ الّﱵ يﻨبﻐي اﻋتﻤادﻫا وإلﻐاء ما سواﻫا ،ﻓع ّدوﻫا سبعةّ :أوﳍا :استﻨباط العلﻢ ﲟوﺿوﻋﻪ
اﳌتأخر
لعل ّ لتعﻢ اﳌﻨفعة ﺑﻪ ،ﻓيودع ذلﻚ لكتاب ﰲ الﺼحﻒّ ، ...أو استﻨباط مسائل ومباﺣث ﺗعرض للعاﱂ اﶈ ّﻘﻖ ،وﳛرص ﻋلﻰ إيﺼالﻪ لﻐﲑهّ ،
الشاﻓعي ّأوﻻ ﰲ اﻷدلّة الشرﻋيّة اللفﻈيّة وﳋّﺼﻬا ،ﰒّ جاء اﳊﻨفيّة ﻓاستﻨبﻄوا مسائل
ّ يﻈﻬر ﻋلﻰ ﺗلﻚ الفائدة ،ﻛﻤا وقﻊ ﰲ اﻷﺻول ﰲ الفﻘﻪ ،ﺗكلّﻢ
اﻷولﲔ و ليفﻬﻢ؛ ﻓيﺠدﻫا مستﻐلﻘة ﻋلﻰ اﻷﻓﻬام ،ويفتح ﷲ الﻘياس واستوﻋبوﻫا ،وانتفﻊ ﺑذلﻚ من ﺑعدﻫﻢ إﱃ اﻵن .و نيﻬا :أن يﻘﻒ ﻋلﻰ ﻛﻼم ّ
لﻪ ﰲ ﻓﻬﻤﻬا ،ﻓيحرص ﻋلﻰ إ نة ذلﻚ لﻐﲑه ﳑّن ﻋساه يستﻐلﻖ ﻋليﻪ ،لتﺼل الفائدة ﳌستح ّﻘﻬا ...ﻓﻬذه ﲨاع اﳌﻘاﺻد الّﱵ يﻨبﻐي اﻋتﻤادﻫا
وﱄ ال ّدين ﻋبد الرﲪن ﺑن ﳏﻤد اﳊﻀرمي اﻹشبيلي )ت808ﻫـ( ،الﻌﱪ وديوان اﳌبتدأ واﳋﱪ ﰲ أ م
لتأليﻒ ومراﻋا ا« .اﺑن خلدون ،أﺑو زيد ّ
الﻌﺮب والﻌﺠﻢ والﱪﺑﺮ ومن ﻋاﺻﺮﻫﻢ من ذوي الﺴﻠﻄان اﻷﻛﱪ ) ريخ اﺑن ﺧﻠدون() ،ﲢﻘيﻖ :أﺑو ﺻﻬيب الكرمي( ،د.ط ،ﺑيت اﻷﻓكار
الدولية ،د.ت :ج ،1ص.733-731
73
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
74
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
-معﲔ اﳊ ّكام ﰲ نوازل الﻘﻀا واﻷﺣكام ،ﻻﺑن ﻋبد الرﻓيﻊ إﺑراﻫيﻢ ﺑن ﺣسن التونسي )ت733ﻫــ(.
-العﻘد اﳌﻨﻈﻢ للح ّكام ﻓيﻤا ﳚري ﺑﲔ أيديﻬﻢ من العﻘود واﻷﺣكام ،ﻻﺑن سلﻤون ،سلﻤون ﺑن ﻋلي
ﺑن ﻋبد ﷲ الكﻨاﱐ الﻐر طي )ت767ﻫــ(.
-ﻓتاوى الﻘبّاب ،أﲪد ﺑن قاسﻢ ﺑن ﻋبد الرﲪن ،قاﺿي جبل طارق )ت772ﻫــ(.
لب ،ﻓرج ﺑن قاسﻢ التﻐلﱯ الﻐر طي )ت782ﻫــ(.
-اﻷجوﺑة الثﻤانية ،ﻻﺑن ّ
-ﻓتاوى الشاطﱯ ،ﻹﺑراﻫيﻢ ﺑن موسﻰ اللﺨﻤي الﻐر طي )ت790ﻫــ(.
-ﻓتاوى اﺑن ﻋﻼّق ،ﳏﻤد ﺑن ﻋلي ﺑن قاسﻢ الﻐر طي )ت806ﻫــ(.
-ﻓتاوى اﳊ ّفار ،ﳏﻤد ﺑن ﻋلي اﻷنﺼاري الﻐر طي )ت810ﻫــ(.
-جامﻊ مسائل اﻷﺣكام ﳑّا نﺰل ﳌفتﲔ واﳊ ّكام ،للﱪزﱄ أﰊ الﻘاسﻢ اﺑن أﲪد الﻘﲑواﱐ ﰒ التونسي
)ت844ﻫــ(.
-نوازل اﺑن زاﻏو ،أﲪد ﺑن ﳏﻤد ﺑن ﻋبد الرﲪن اﳌﻐراوي التلﻤساﱐ )ت845ﻫــ(.
-نوازل العبدوسي ،ﻋبد ﷲ ﺑن ﳏﻤد ﺑن موسﻰ الفاسي )ت849ﻫــ(.
-أجوﺑة ال َﻘوري ،ﳏﻤد ﺑن قاسﻢ اللﺨﻤي الفاسي )ت872ﻫــ(.
-الدرر اﳌكﻨونة ﰲ نوازل مازونة ،للﻤازوﱐ ﳛﲕ ﺑن موسﻰ ﺑن ﻋيسﻰ اﳌﻐيلي )ت883ﻫــ(.
-نوازل اﺑن ﻫﻼل ،إﺑراﻫيﻢ ﺑن ﻫﻼل ﺑن ﻋلي الﺼﻨﻬاجي السﺠلﻤاسي )ت903ﻫــ(.
-اﳌعيار اﳌعرب واﳉامﻊ اﳌﻐرب ﻋن ﻓتاوى ﻋلﻤاء إﻓريﻘية واﻷندلﺲ واﳌﻐرب ،ﻷﰊ العباس أﲪد ﺑن
ﳛﲕ الونشريسي )ت914ﻫــ(.
-ﳎالﺲ الﻘﻀاة واﳊكام ،للﻘاﺿي اﳌكﻨاسي ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲ اليفرﱐ )ت917ﻫــ(.
-اﳌسائل اﳊسان اﳌرﻓوﻋة إﱃ ﺣﱪ ﻓاس وﺗلﻤسان ،ﻻﺑن ﻏازي اﳌكﻨاسي ،ﳏﻤد ﺑن ﻋلي العثﻤاﱐ
الفاسي )ت919ﻫــ(.
-نوازل اﳉﺰوﱄ ،اﳊسن ﺑن ﻋثﻤان التﻤلي السوسي )ت932ﻫــ(.
-نوازل ﻋﻤرو اﳌفﱵ ،أﲪد ﺑن زﻛر ء البعﻘيلي السوسي )ت969ﻫــ(.
-أجوﺑة التﻤﻨارﰐ ،ﳏﻤد ﺑن إﺑراﻫيﻢ الشيخ اللكوسي السوسي )ت971ﻫــ(.
75
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
76
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
) (1الشيباﱐ ،ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد الشﻨﻘيﻄي ،ﺗبﻴﲔ اﳌﺴالﻚ ﺷﺮح ﺗدريﺐ الﺴالﻚ إﱃ أﻗﺮب اﳌﺴالﻚ) ،ﺗﻘدﱘ :أﲪد ﺑن ﻋبد العﺰيﺰ آل مبارك(،
ط ،4دار اﺑن ﺣﺰم ،ﺑﲑوت1434 ،ﻫـ2013/م :ج ،1ص.12
77
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
» -1مواﻫﺐ اﳉﻠﻴل من أدلﺔ ﺧﻠﻴل« ،ﻷﲪد ﺑن أﲪد اﳌﺨتار اﳉﻜﲏ الﺸﻨقﻴﻄﻲ):(1
ﺣاول ﻓيﻪ مﺼﻨّفﻪ رﺑﻂ الفروع دلتﻬا من الكتاب والسﻨة والﻘياس ،وما ﻛان من قبيل اﻻجتﻬاد ﻓإنّﻪ
شرﻋي ﻋﻤل لﻨص ال ّشرﻋي،
نص ّ ﺣاول إجراءه ﻋلﻰ قواﻋد اﳌذﻫب ،وﻛان أثر ً؛ ﻓإذا ﺗعارض لديﻪ الفرع مﻊ ّ
ﻛﻤا ﲡاوز اﻻستدﻻل للﻤسائل اﳌفروﺿة.
وذﻛر الداﻓﻊ لﻪ ﻋلﻰ ليفﻪ ﻓﻘال» :وﺣيث إ ّن ﻫذا اﳌﺨتﺼر وﺿﻊ ﻋليﻪ ﺣﱴ اﻵن ﺣول مائة شرح
ويوﺿح معانيﻪ وأﺣكامﻪ .لذلﻚ ﻓﻘد ّقررت
يبﲔ ألفاﻇﻪّ ،
وﺗعليﻖ ،ﻓإنّﻪ أﺻبح ﻏﻨيّا ﻋن وﺿﻊ شرح جديدّ ،
لكن
ﻋدم اﻻﻋتﻨاء ﺑشرح اﳌﺨتﺼر ،ﳏيﻼً طلبة العلﻢ ﰲ ذلﻚ إﱃ ﻋشرات الشروح الﱵ ﺗﺰخر اﳌكتبات اّ ،
موﺿوع ﻋﻨايﱵ ﻫو وﺿﻊ ما استﻄعت الوقوف ﻋليﻪ من أدلة ﻓروع ﻫذا اﳌﺨتﺼر ،الذي ﻫو ما ﺑﻪ الفتوى ﰲ
أﻓﻀل اﻷخذ ﺑرأيﻪ ﰲ مسائل اﻻجتﻬاد ،وﻛثﲑاً ما ﲰعت -وﻻ سيﻤا ﰲمذﻫب اﻹمام مالﻚ ﺑن أنﺲ ،الذي ّ
اﳌشرق -من ﺑعﺾ طلبة العلﻢ ...يﻘولون :من أين ﳋليل قولﻪ ﻛذا؟ من أين ﳌالﻚ قولﻪ ﻛذا؟ وما ّأدى ﻢ
يتذوقوا طعﻢ الفﻘﻪ ...وقد ﻛانت ﻓروع اﳌذﻫب اﳌالكي من أﻛثر الفروع جرً ﻋلﻰ
إﱃ ذلﻚ إﻻّ ﻷ ّ ﻢ ﱂ ّ
مذﻫﱯ الشاﻓعي وأﲪد معروﻓان
ّ اﳌدونة ﻓروﻋﻬا ،ذلﻚ أ ّن
أي مذﻫب من اﳌذاﻫب ّ اﻷدلّة ،ﻻ ﳝاثلﻪ ﰲ ذلﻚ ّ
ﻤا أﻫل اﳊديث ،ومذﻫب أﰊ ﺣﻨيفة معروف لرأي ،وقد ﲨﻊ مذﻫب مالﻚ اﻷخذ من الكتاب والسﻨة
والﻘياس .(2)«...
» -2إﻗامﺔ اﳊﺠﺔ لدلﻴل ﺷﺮح نظﻢ اﺑن دي ﳌﺨتﺼﺮ ﺧﻠﻴل« ،لﻠﻌﻼمﺔ ﳏمد ي ﺑﻠﻌاﱂ ):(3
ﳏﻤد ﺑن دي) (4ﳌﺨتﺼر الشيخ خليل ،ﳏاوﻻً اﻻستدﻻل لفروع الﻨﻈﻢ واﳌﺨتﺼر شرح ﻓيﻪ نﻈﻢ الشيخ ّ
وﺻرح
من الكتاب والسﻨة والﻘياس وأﺻول اﳌذﻫب ،وﻋ ّدد اﻷدلّة الﱵ ساقﻬا ﰲ شرﺣﻪ ﻓبلﻐت 3085دليﻼًّ ،
شرﺣا ﳓلّل ﻓيﻪ ألفاﻇﻪ ونستﺨرج
ﺑسبب ليفﻪ ﻓﻘال» :ﻓدﻋتﲏ الﻐﲑة الديﻨية واﶈبة العلﻤية أن أﺿﻊ ﻋليﻪ ً
وخﺼوﺻا ﻓﻘﻪ مذﻫبﻨا
ً معانيﻪ ،ونستأﺻلﻬا من الكتاب والسﻨة وإﲨاع اﻷمة ،ﻷ ّن لﻸدلة اﻷﺻلية أﳘية ﻛبﲑة،
ﻓروﻋا ،وقد خﻼ الكثﲑ من مﺼﻨّفات اﳌذﻫب من اﳌالكي الذي يُعتﱪ من أﻏﲎ اﳌذاﻫب أﺻوﻻً ،وأﴰلﻬا ً
اﻻستدﻻل ﻋليﻪ ﺻوﳍا من الكتاب والسﻨة وإﲨاع اﻷمة ،وذلﻚ ليﺲ ﺑﻨاﺗﺞ ﻋن جﻬلﻬﻢ لﻸدلة اﻷﺻلية،
) (1الشﻨﻘيﻄي ،أﲪد ﺑن أﲪد اﳌﺨتار اﳉكﲏ ،مواﻫﺐ اﳉﻠﻴل من أدلﺔ ﺧﻠﻴل) ،اﻋتﻨاء :ﻋبد ﷲ إﺑراﻫيﻢ اﻷنﺼاري( ،إدارة إﺣياء الﱰاث
اﻹسﻼمي ،قﻄر1403 ،ﻫـ1983/م.
) (2نفﺲ اﳌرجﻊ :ج ،1ص.10-7
) (3ﺑلعاﱂ ،ﳏﻤد ي )ت2009م( ،إﻗامﺔ اﳊﺠﺔ لدلﻴل ﺷﺮح نظﻢ اﺑن دي ﳌﺨتﺼﺮ ﺧﻠﻴل ،دار اﺑن ﺣﺰم ،ﺑﲑوت1428 ،ﻫـ2007/م.
العﺰيّة ،نﻈﻢ أقرب اﳌسالﻚ للدردير ،أرجوزة
) (4ﻫو اﳌﺨتار ﺑن ﳏﻤد ﺑن الشيخ اﳌﺨتار ﺑن أﲪد ﺑن أﰊ ﺑكر الكﻨﱵ ،لﻪ مﺆلفات ﻛثﲑة مﻨﻬا :نﻈﻢ ّ
ﰲ الفرائﺾ ،ﺗوﰲ سﻨة 1368ﻫـ.
78
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
للشيخ اﳌﺨتار ﺑن العرﰊ مﺆمن اﳉﺰائري ،وﻫو شرح معاﺻر ﺣديث لرسالة اﻹمام اﺑن أﰊ زيد الﻘﲑواﱐ،
اﻋتﲎ ﻓيﻪ ﺻاﺣبﻪ ﺑذﻛر اﻷدلة وأقوال العلﻤاء من أﻫل اﳌذﻫب وﻏﲑﻫﻢ مﻊ ﺗوثيﻖ اﳌسائل من مﺼادر الفﻘﻪ
وﻏﲑﻫا.
»الﻌﺮف الﻨاﺷﺮ ﰲ ﺷﺮح وأدلﺔ اﺑن ﻋاﺷﺮ«: -7
) (1ﺑلعاﱂ ،إﻗامﺔ اﳊﺠﺔ لدلﻴل ﺷﺮح نظﻢ اﺑن دي ﳌﺨتﺼﺮ ﺧﻠﻴل :ج ،1ص.16
79
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
ﻋلﻰ التعاقب الفﻘﻬاء اﳌﺼريون الذين طال ﻋﻬﻢ ﰲ ﲢرير اﳌذﻫب اﳌالكي واختﺼاره :اﺑن شاس ﰒ اﺑن
اﳊاجب ﰒ الﻘراﰲ ﰒ خليل .وﻛان ﳌﻨﻬﺞ اﻻختﺼار اﶈكﻢ الذي ﻇﻬر ﺑﻪ اﻹمام الﻐﺰاﱄ ﰲ اﳌذﻫب الشاﻓعي
ﺻرح ﺑذلﻚ مﻘ ّدم ﻫذه اﳊلبة؛ اﺑن
ي ﰲ دﻓﻊ العﻤل الفﻘﻬي ﻋلﻰ ذلﻚ اﳌﻨﻬﺞ ،ﻛﻤا ّ
ﺑكتاب )الوجيﺰ( ثﲑٌ قو ﱞ
شاس ،ﰲ خﻄبة ﻛتاﺑﻪ )اﳉواﻫر الثﻤيﻨة( ،وﻫو الذي سار ﻋلﻰ خﻄتﻪ اﺑن اﳊاجب والﻘراﰲ ومن ﺑعدﻫﻢ.
اﳌﻨﻬﺞ الثاﱐ :مﻨﻬﺞ التفاﺻيل ﰲ الﺼور العﻤلية ﳌسائل اﻷﺣكام ودراستﻬا من ﺣيث الوﻓاء ﺑتحﻘيﻖ
اﳌﺼاﱀ الشرﻋية اﳌﻨوطة ا ﻋلﻰ ﺣسب مﻘتﻀيات اﻷﺣوال ،وقد ﻇﻬرت ﻋلﻰ ﻫذا اﳌﻨﻬﺞ ﻛتب اﻷﺣكام
والتوثيﻖ الﱵ ّنوﻫﻨا ا ،وﺗبعﻬا ازدﻫار التحﻘيﻖ الفﻘﻬي ﰲ جﺰئيات اﳌسائل العﻤلية ،الذي طفحت ﺑﻪ الفتاوى
والرسائل ﰲ مسائل اﻻلتﺰام ،وﺻيﻎ اﻷﺣباس ،وﻋﻘود اﳌﻐارسة ،وﺑيﻊ الﺼفﻘة ،ومسائل اﻷﺑﻨية واﳉدران،
السا ط والدﻛانة وﺣﻘوق الﻄريﻖ ،إﱃ ﻏﲑ ذلﻚ
اﳋلو وﺑيﻊ اﳍواء ،وأﺣكام العرﺻة و ّ
وﺣﻘوق اﳉوار واﻹنﺰال و ّ
ﻛل
الب ﺗعبﲑيةٌ مبتكرة ،ﺣ ّﻘﻘت مواﺿيﻊ ﺗلﻚ اﻷنﻈار ،وأﺿاﻓت ﰲ ّأنﻈار ﻓﻘﻬيةٌ جديدة ،وقو ُ
ﳑّا ﺑرزت ﺑﻪ ٌ
موﺿوع شيئاً جدي ًدا إﱃ اﳌﺼﻄلح الفﻘﻬي ،مأخوذًا ﳑّا ﺗﻄلﻊ ﺑﻪ اﳊوادث وﺗﻨﺰل ﺑﻪ ﺻور اﻷقﻀية ،وﻻ سيّﻤا
الرسائل مثل ﻛتاب :جامﻊ مسائل اﻷﺣكام ﰲ اﻷندلﺲ واﳌﻐرب ،وإ ّن ذلﻚ ليتﻤثّل ﰲ ﳎاميﻊ الفتاوى و ّ
للﱪزﱄ ،ﻓﻘيﻪ ﺗونﺲ ﰲ الﻘرن التاسﻊ ،وﻛتاب اﳌعيار للونشريسي ﻓﻘيﻪ اﳉﺰائر ﰲ الﻘرن نفسﻪ ،وﻫو موسوﻋة
ﻛاملة ﺑفاس ﰲ اثﲏ ﻋشر ﳎلّدا ﰲ أوائل ﻫذا الﻘرن.
اب واسعةٌ
وقد نشأت من ﻫذا اﻻﲡاه الﻘﻀائي التوثيﻘي ﰲ الفﻘﻪ اﳌالكي؛ أن انفتحت للﻘﻀاة أﺑو ٌ
لﻼجتﻬاد ،ﰲ اﻷخذ ﻷﺣكام اﳌﻨﺼوص ﻋليﻬا ﰲ دواوين اﳌذﻫب ،ﻋلﻰ وجﻪ قد ﳛﻤلﻬﻢ ﻋلﻰ ﳐالفة
اﳌﻨﺼوص أو اﳌشﻬور؛ إذ يرون ذلﻚ أدﻋﻰ إﱃ ﲢﻘيﻖ مﻘﺼد ال ّشرع من ﺻﻼح الﻨّاس ،ﻓيﺼبح جر ن العﻤل
الﻘﻀائي ﳐال ًفا ﰲ جﺰئيات ﳌا ﻫو مأخوذٌ ﺑﻪ ﰲ ﻛتب الفﻘﻪ ،وقد جرى ﻫذا ﻛثﲑاً ﰲ اﻷندلﺲ ،وذﻛر اﺑن ّ
ﻋاﺻﻢ مﻨﻪ ﺻوراً ﰲ ﲢفة اﳊ ّكام .وﻛان معاﺻره ﺑتونﺲ الشيخ اﺑن ﻋرﻓة قد سار ﻋلﻰ مﻨﻬﺞ ﰲ دراسة الفﻘﻪ،
ﺑُﲏ ﻋلﻰ مﻨاقشة اﻷنﻈار اﳌﺨتلفة ،واﻻختيار ﺑيﻨﻬا ﺣسب ما يرى من أدلّتﻬا ّقوةً وﺿع ًفا ،ﻓانتﻬﻰ ﺑﻪ ذلﻚ إﱃ
ﻋﻤا اختاره أﺻحاب اﳌﺨتﺼرات مثل اﺑن اﳊاجب ،و ثّر ﲟﻨﻬﺠﻪ ذلﻚ ﺗﻼميذه اﳋروج ﰲ ﺑعﺾ اختياراﺗﻪ ّ
من التونسيﲔ واﳉﺰائريﲔ واﳌﻐارﺑة واﻷندلسيﲔ والليبيﲔ ،وﻛذا الﻘﻀاة مﻨﻬﻢ؛ يﻨﻬﺠون ﺞ ذلﻚ اﻻختيار ﰲ
أقﻀيتﻬﻢ ،وأﻛدت ﻋليﻬﻢ اﻻﺿﻄرا ت اﻻجتﻤاﻋية لﺰوم اﺗباع ذلﻚ اﳌﻨﻬﺞ ،قﻄعاً ﳌا ﻓشا من الفساد واﳊيل،
قﻀائي جا ٍر ﻋلﻰ خﻼف اﳌعروف من دواوين اﳌذﻫب اﳌالكي، ﱞ ﻋﻤل
يتﻘرر ﺑذلﻚ ﰲ اﻷقﻄار اﳌﻐرﺑية ٌ
ﻓبدأ ّ
ﻛانت اليد الﻄوﱃ ﰲ اختيار أوجﻬﻪ لﻘاﺿي الﻘﲑوان ﰲ الﻘرن التاسﻊ؛ الشيخ أﰊ الﻘاسﻢ اﺑن جي ،ﻓاﻫت ّﻢ
اﳌعتﻨون ﺑفﻘﻪ الﻘﻀاء ﲜﻤﻊ ﺗلﻚ اﻷقﻀية ،ونﻈّﻤوا ﻓيﻬا أراجيﺰ ﻋُرﻓت سﻢ :ﻛتب العﻤليات ،وأُلّفت ﻋليﻬا
80
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
شروح ،ﻓأﺻبحت العﻤليات وشروﺣﻬا مادة ﻷﲰاء ومﺼﻄلحات ﻛثﲑة ﻻ ﺗوجد إﻻّ ﰲ الﻘرون واﻷقﻄار الﱵ
جرى ﻓيﻬا العﻤل ﺑتلﻚ اﻷﺣكام ...
التﻄور الذي دخل ﻋلﻰ اﳌعاﱐ الفﻘﻬية وألفاﻇﻬا اﻻﺻﻄﻼﺣية؛ نﺰﻋة قوية إﱃ ﲢليل
ولﻘد سبﻖ ﻫذا ّ
اﳌعاﱐ وﲤحيﺼﻬا ،أنتﺠت ﺗدقي ًﻘا ﰲ اﳌﺼﻄلحات والﻀواﺑﻂ ،ارﺗبﻄت ﺑﻪ التحارير الفﻘﻬية ﰲ اﳌذﻫب اﳌالكي،
وﺗﻄور
ﺗﺼرﻓات الﻘﻀاة الﱵ ﺗولّد ﻋﻨﻬا اختﻼف جر ن العﻤل ّ وﺣفلت ﺑﻪ الرسائل والفتاوى ،واستﻨدت إليﻪ ّ
الﺼيﻎ التوثيﻘية.
وﻫذه الﻨﺰﻋة الﻨﻈرية ﻫي الﱵ ﻇﻬر ا شﻬاب ال ّدين الﻘراﰲ ﲟﺼر ،ﰲ أواخر الﻘرن الساﺑﻊ ،وأﺑرزﻫا ﰲ
ﻛتاﺑﻪ الشﻬﲑ )الفروق( ،ﲟا أﺣكﻢ ﻓيﻪ من ﲢﻘيﻖ اﳌعاﱐ الفﻘﻬية العامة ،وﺗدقيﻖ العبارات اﳌفﺼحة ﻋﻨﻬا،
ﺑﺼورة ﺗدﻓﻊ اﻻلتباس وﺗﻘاﺑل ﺑﲔ اﳌعاﱐ سلوب ﺣكيﻢ؛ إذ ﺗﻨبّﻪ إﱃ معاقد الفرق ﺑيﻨﻬا ،وذلﻚ ما زاد الفﻘﻬاء
وﺣرﺻا ﻋلﻰ وﺿﻊ اﳌعاﱐ ﰲ نﺼا ا ،وأجرى ﻋلﻰ أقﻼمﻬﻢ ﰲ الﻘرن الثامن وما ﺑعده دقائﻖ ً ﺗعلّﻘا لﻀبﻂ،
مرجوﻋا إليﻬا ،وﳏاﻻً ﻋليﻬا ﰲ ﲢﻘيﻖ اﳌﻨاط ...وذلﻚ
ً العبارات الﱵ اخﱰﻋﻬا الﻘراﰲ ،ﻓأﺻبحت مﺼﻄلحاﺗﻪ
ما زاد ﰲ ﺻﻘل اﳌﺼﻄلحات الفﻘﻬية وجﻼئﻬا ،رجاﻋﻬا إﱃ ﻫذه الفروق والﻀواﺑﻂ العامة ،ورﺑﻄﻬا إليﻬا،
وﻓتح الباب لرجال من أئﻤة الفﻘﻪ ﳌﻐرب ﰲ الﻘرن الثامن والﻘرن التاسﻊ أن ﳝﻀوا ﰲ وﺿﻊ الﻘواﻋد والفروق،
مثل :اﳌﻘري والونشريسي«).(1
ﺧاﲤﺔ:
أﻫ ّﻢ الﻨتائﺞ اﳌتوﺻل إليﻬا ﻫي ﻋلﻰ الﻨحو اﻵﰐ:
.1اﻻجتﻬاد والﻨﻈر من اﻷدوات الرئيسة لتحرير الفﻘﻪ اﻹسﻼمي ومتانة ﺑﻨائﻪ.
ﺗﻄوراً طبيعيا ﻛﻐﲑه من اﳌذاﻫب ﲟرﺣلة نشوء ﲨعت ﻓيﻬا آراء اﻹمام،
.2ﺗﻄ ﱠور الدرس الفﻘﻬي اﳌالكي ّ
ﻀﺞ؛ سﱪت ﻓيﻬا طرق الفتوى
ﰒ مرﺣلة ﺗﻘعيد انتشر ﻓيﻬا التﺼﻨيﻒ والتﻘعيد وﻋلﻢ اﳋﻼف ،وأﻋﻘبتﻬا مرﺣلة نُ ْ
وسبل التشريﻊ اﳌذﻫﱯ ،وﻓيﻬا استﻘر اﳌذﻫب.
.3إ ّن ﻋ ّد ﺑعﺾ العلﻤاء والباﺣثﲔ اﳌرﺣلة اﻷخﲑة من مراﺣل ﺗﻄ ّور الدرس الفﻘﻬي اﳌالكي مرﺣلة
شروﺣا وﺣواشي ﳌتون ﻓﻘﻂ ،ﱂ يرﺗﻀﻪ أﻫل اﳌذﻫب
متحﺠﺠﲔ ﺑكون التﺼﻨيﻒ ﺻار ً ّ اﳉﻤود وﻓشو التﻘليد،
والعارﻓﲔ ﺑﻪ ،ﻏﲑ مﻨكرين لﻀرورة الﻨﻈر التﺠديدي ومراﻋاة اﳊاجة التشريعية اﳊادثة ،وﺣ ّذروا من دﻋوى
) (1ﺑن ﻋاشور ،ﳏﻤد الفاﺿل ،ومﻀات ﻓﻜﺮ ،د.ط ،الدار العرﺑية للكتاب ،د.ت :ص77-71
81
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( _____________________________________________________________
التﺠديد لﻘﻄيعة مﻊ الﱰاث .ﺑل إ ّن اﳌﻘﻄوع ﺑﻪ ﻋﻨدﻫﻢ أ ّن واﺻﻢ اﳌذﻫب ﳉﻤود لﻪ نﻈرة قاﺻرة لفلسفة
الدرس اﳌذﻫﱯ.
.4ﻋ ّد البحث ﻏﺰارة التﺼﻨيﻒ ﰲ ﻛتب العﻤل ،من خﻼل ﻛتب الﻨوازل والﻘﻀاء دليﻼً ﻋلﻰ ﻋدم ﻓتور
اجتﻬادا وﺗﻘﺼي ًدا،
ً ﺿح ﲜﻼء ﺣﻀور الﻨﻈر التﺠديدي
خﺼوﺻا يو ّ
ً التأمل ﰲ ﻛتب الﻨوازل
ﳘﻢ اﳌالكية ،و ّ
ﻋﻤﻼً لﻘاﻋدة اﳉليلة :ﻻ ﳜلو زمن من قائﻢ ﳊﺠة.
اﳋلو من اﻻستدﻻل ،وإطﻼلة ﻋلﻰ اﳌكتبة اﳌالكية ﰲ ﻛتب اﻻستدﻻل
.5ﺗرﺗبﻂ دﻋوى اﳉﻤود ﺑدﻋوى ّ
متأخري اﳌالكيةّ ،أما ﰲ ﻛتب
ﺑعﻀا من ﻛتب اﻻستدﻻل ﻋﻨد ّ
ﺗرد ﻫذه الدﻋوى ،ذﻛر البحث ً واﳋﻼف ّ
اﳌتﻘ ّدمﲔ ﻓﻤﺼﻨّفا ﻢ ﺑلﻐت ﺣ ّدا من الكثرة ﺗرﻓﻊ ﻫذه الدﻋوى.
82
_______________________________________________________________ اﳌذ ﺐ اﳌال ي وسؤال التجدد ،د .عبد الباسط صيد
83
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
اﳌﻠﺨﺺ
84
خالد بن ز ان. د،______________________________________________________________ ب ن التﻔس النبوي والتﻔس بالسنة
Abstract
One of the problematics in the Qur’anic studies, is the distinction
between: Interpreting of the prophet and the interpreting with
«Sunah».
Thus, we need to clear up these conceptions, they are not similar but
different.
Interpreting with «Sunah» is not interpreting of the prophet but a
choice of scholars, whereas the interpreting of the prophet is a real
and direct explanation of Qur’anic verses.
This present paper will deal with the distinction between the two
conceptions and defines their types and displays what is assiduousness
and translative.
Key Words: Interpretation, Interpreting with «Sunah»,
Interpreting of the prophet, Distinction.
85
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
مقدمﺔ:
أﺻح الﻄرق ﰲ ذلﻚ أن يف ﱠسر الﻘرآن لﻘرآن ،ﻓﻤا
قال اﺑن ﺗيﻤية ﻋن أﺣسن طرق التفسﲑ» :إ ّن ّ
مكان ﻓإنّﻪ قد ﻓُ ِّسر ﰲ موﺿﻊ آخر ،وما اختُﺼر من مكان ﻓﻘد ﺑُسﻂ ﰲ موﺿﻊ آخر ،ﻓإن أﻋياك أُ ِْ
ﲨل ﰲ ٍ
وموﺿحةٌ لﻪ .(1)«...
ذلﻚ ﻓعليﻚ ل ﱡسﻨﱠة ﻓإ ّ ا شارﺣةٌ للﻘرآن ّ
ﻛل من
ﻓﻘد ّقرر شيخ اﻹسﻼم اﺑن ﺗيﻤية ﰲ مﻘ ّدمتﻪ اﳌاﺗعة ﰲ أﺻول التفسﲑ؛ الﻄّرق الﱵ يعتﻤدﻫا ّ
يريد ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ﻓبدأ ﺑتفسﲑ الﻘرآن لﻘرآن ،ﰒّ ّثﲎ ﺑتفسﲑ الﻘرآن ل ﱡسﻨﱠة ،وﻏﲑﻫا من الﻘواﻋد والﻀواﺑﻂ
ودب ،ﰲ ِّ
ﻫب ّ لكل من ّاسعا ّﳎال التفسﲑ ﻓﻀاءً و ًﺣﱴ ﻻ يبﻘﻰ ُ وجلّ ،
ﻋﺰ ّاﶈددة واﳌعيﻨة لفﻬﻢ ﻛﻼم ﷲ ّ
ﻛل دخيل.
ﲢريﻒ مراد ﷲ ،وﳊفﻈﻪ من ّ
وقد اشتﻬر ﺗفسﲑ الﻘرآن ﳌأثور و لرأي ،وما ّقرره اﺑن ﺗيﻤية ﻓﻬو من قبيل التفسﲑ ﳌأثور ،وقد وقﻊ
ﻂ ﻛبﲑٌ ﰲ ب اﳌﺼﻄلحات ﰲ ﺿاﺑﻂ الفريﻖ ﺑﲔ ما ﻫو مأثور ورأي ،ﻓاﺣتاج ﻫذا ﰲ الدراسات اﳌعاﺻرة خل ٌ
اﳌﺼﻄلح إﱃ مﺰيد دراسة وﲢﻘيﻖ ).(2
ٍ
ﺣث أﳘية العﻨاية ﺑتفسﲑ الﻘرآن ﻛل
ومن التفسﲑ ﳌأثور ﺗفسﲑ الﻘرآن لسﻨة ،وﻻ ﳜفﻰ ﻋلﻰ ّ
مسلﻚ
ُ ات مﻄالبةٌ ﻻقتﺼار ﻋلﻰ ﺗفسﲑ الﻘرآن لﻘرآن وﺣده ،وﻫذا لسﻨّة ،ﻻ سيّﻤا ﰲ ﻋﺼ ٍر ْ
ﻋلت ﻓيﻪ أﺻو ٌ
اﳌفسرين من الﺼحاﺑة -رﺿوان ﷲ ﻋليﻬﻢ -إﱃ اﻵن ،ﻓﻘد اﻋتﻤد الﻀﻼل.ﻛيﻒ ﻻ وﻫو مﻨﻬﺞ ّ الﺰيﻎ و ّ
أﻫل ّ
اﻫتﻤوا ا وﺑروايتﻬا ونﻘلﻬا ،وﺗﻘدﳝﻬا ﻋلﻰ ﻏﲑﻫا
اﳌفسرون ﻋلﻰ ﺗفسﲑ اﻵ ت لسﻨّة ﰲ ﻋﺼور التأليﻒ ،و ّ ّ
من اﳌﺼادر.
وﰲ ﻫذا البحث؛ ﳓاول ﲢديد وﲢرير مﺼﻄلح التفسﲑ الﻨبوي ،والتفسﲑ لسﻨّة ) ،(3وﺿاﺑﻂ ما ﻫو
للﻤفسر.
ّ اجتﻬادي مرﱡده
ّ نﻘلي ،وما ﻫو
ّ
ﳊراﱐ اﳊﻨبلي الدمشﻘي )ت728ﻫـ( ،ﳎموع الﻔتاوى) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد الرﲪن ﺑن
) (1اﺑن ﺗيﻤية ،أﺑو العباس ﺗﻘي ال ّدين أﲪد ﺑن ﻋبد اﳊليﻢ ا ّ
ﳏﻤد ﺑن قاسﻢ( ،ط ،3دار الوﻓاء ،اﳌﻨﺼورة1426 ،ﻫـ :ج ،13ص.363
) (2انﻈر :الﻄيار ،مساﻋد ﺑن سليﻤان ،ﻓﺼول ﰲ أﺻول التﻔﺴﲑ ،ط ،3دار ﺑن اﳉوزي للﻨشر والتوزيﻊ ،الر ض1420 ،ﻫـ1999/م:
ص55-54؛ اﳌﻨيﻊ ،ﺻر ﺑن ﳏﻤد ﺑن ﻋثﻤان ،مﻌاﱂ ﰲ أﺻول التﻔﺴﲑ ،د.ط ،دار الﺼﻤيعي للﻨشر والتوزيﻊ ،الر ض1433 ،ﻫـ2011/م:
ص.87
ﻛل قسﻢ ،ومن ﻫذه الدراسات:
) (3ﻛتب ﻛثﲑ من الباﺣثﲔ ﰲ التفسﲑ لسﻨة ،والتفسﲑ الﻨبوي من الﻨاﺣية الﻨﻈرية ،وﻛذلﻚ ﰲ ﲨﻊ اﻷمثلة ﰲ ّ
التﻔﺴﲑ الﻨبوي من أول سورة مﺮﱘ إﱃ آﺧﺮ القﺮآن ،ﳌراد العوﰲ ،والتﻔﺴﲑ الﺼﺤﻴح اﳌﺴﻨد من التﻔﺴﲑ الﻨبوي ،للﻘاﺿي ﺑرﻫوم ،واﻷﺣاديﺚ
اﳌﺮﻓوﻋﺔ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ القﺮآن الﻜﺮﱘ :ﲨﻌا ودراسﺔ ،ﳋالد الباﺗلي ،والتﻔﺴﲑ الﻨبوي ﺣقﻴقتﻪ ومﺼادرﻩ ،ﶈﻤد مﻘاﺗلي.
86
______________________________________________________________ ب ن التﻔس النبوي والتﻔس بالسنة ،د .خالد بن ز ان
أﻫﻢ مﻼمح
ﻛل قسﻢ ،مﻊ ﺑيان شروطﻪ وأنواﻋﻪ مﻊ التﻤثيل ،ونذﻛر ّ
وﳌعرﻓة ذلﻚ؛ سﻨحاول ﺗعريﻒ ّ
الفروق ﺑﲔ التفسﲑ الﻨبوي والتفسﲑ لسﻨة.
القﺴﻢ اﻷول :التﻔﺴﲑ الﻨبوي:
للﺼحاﺑة من
يفسر ّ
اﳌتأمل ﰲ التفسﲑ الﻨبوي للﻘرآن الكرﱘ؛ ﳚد أنّﻪ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﱂ ّ
إ ّن ّ
ألفاظ الﻘرآن إﻻّ ما اﺣتاجوا إليﻪ ،وﻫو قليل).(1
ﱠﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﻋلﻰ التفسﲑ ﺻراﺣة ،وقد يكون ذلﻚ
نص ﻓيﻪ الﻨ ّ
والتفسﲑ الﻨّبوي ﻫو ما ّ
الﺼرﳛة ﰲ ٍ
الﺼحاﺑة ،ومن اﻷمثلة ّ
ﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-وقد يكون إثر سﺆال من أﺣد ّ اﺑتداءً من الﻨّ ّ
ذلﻚ:
ﻚ َﺟ َﻌﻠْﻨَا ُﻛ ْﻢ أُ ﱠمﺔً َو َسﻄًا( -1ﺗفسﲑه -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -معﲎ الوسﻂ ﰲ قولﻪ ﺗعاﱃَ ) :وَﻛ َٰﺬلِ َ
]البﻘرة .[143 :قال» :والوسﻂ :العدل«).(2
ﺾ ِم َن ْ
اﳋَْﻴ ِﻂ ﻂ ْاﻷَﺑْـﻴَ ُ اﳋَْﻴ ُ
ﲔ لَ ُﻜ ُﻢ ْ ﱴ يَـتَـبَ ﱠ َ
-2ﺗفسﲑه اﳋيﻂ اﻷﺑيﺾ واﳋيﻂ اﻷسود ﰲ قولﻪ ﺗعاﱃَ ) :ﺣ ﱠ ٰ
ْاﻷ ِ ِ
ﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ- ﻓفسره لﻪ الﻨّ ّ ﻋدي ﺑن ﺣاﰎّ ، َس َود م َن الْ َﻔ ْﺠ ِﺮ ۖ( ]البﻘرة ،[187:ﻋﻨدما أشكل ﻋلﻰ ّ
ْ
نّﻪ ﺑياض الﻨّﻬار وسواد اللّيل).(3
الﺼحاﺑة -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬﻢ -ﻛانوا ﳚتﻬدون ﰲ ﻓﻬﻢ الﻘرآن ،لوﺿوح ذلﻚ ﻋﻨدﻫﻢ،
يدل ﻋلﻰ أ ّن ّ
وﻫذا ّ
ﻋدي ﺑن ﺣاﰎ -
ﻓإذا أشكل ﻋليﻬﻢ مﻨﻪ شيء؛ سألوا رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-ﻛﻤا ﺣدث مﻊ ّ
رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ.-
ِ
آمﻨُوا -3وﻛذلﻚ يشﻬد لذلﻚ ﺣديث ﻋبد ﷲ ﺑن مسعود -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -قال ﳌـّا نﺰلت) :الﱠﺬ َ
ين َ
ﺴوا إِﳝَا َُﻢ ﺑِظُﻠ ٍْﻢ أُوٰلَﺌِ َ
ﻚ َﳍُُﻢ ْاﻷ َْم ُن َو ُﻫﻢ ﱡم ْﻬتَ ُدو َن( ]اﻷنعام [82:؛ قلﻨا :رسول ﷲ؛ أيﱡﻨا ﱂ يﻈلﻢ نفسﻪ؟ ِ
َوَﱂْ يَـ ْﻠب ُ
الرسول -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -من الﻘرآن ،انﻈر :اﺑن ﺗيﻤية ،أﺑو العباس ﺗﻘي ال ّدين أﲪد ﺑن
خﻼف ﺑﲔ العلﻤاء ﰲ اﳌﻘدار الذي ﺑيّﻨﻪ ّ
ٌ ) (1وقﻊ
ﳊراﱐ اﳊﻨبلي الدمشﻘي )ت728ﻫـ( ،مق ّدمﺔ ﰲ أﺻول التّﻔﺴﲑ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋد ن زرزور( ،ط ،1دار الﻘرآن الكرﱘ ،الكويت،
ﻋبد اﳊليﻢ ا ّ
1391ه :ص37-35؛ الذﻫﱯ ،ﳏﻤد ﺣسﲔ )ت1397ﻫـ( ،التﻔﺴﲑ واﳌﻔﺴّﺮون ،ط ،1دار الكتب اﳊديثة1381 ،ه :ج ،1ص.51
) (2أخرجﻪ البﺨاري ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن إﲰاﻋيل )ت256ه( ،ﺻﺤﻴح البﺨاري) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد زﻫﲑ ﺑن ﺻر الﻨاﺻر ،ﺗرقيﻢ :ﳏﻤد ﻓﺆاد
ِ
)مﺼورة ﻋن السلﻄانية(1422 ،ﻫـ ،ﻛتاب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب قولﻪ ﺗعاﱃَ ) :وَﻛ َٰذل َ
ﻚ َج َعلْﻨَا ُﻛ ْﻢ أُﱠمةً َو َسﻄًا ﻋبد الباقي( ،ط ،1دار طوق الﻨﺠاة ّ
،(...ﺣديث رقﻢ.4487 :
) (3أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب الﺼوم ،ب قول ﷲ ﺗعاﱃَ ) :وُﻛلُوا َوا ْشَرﺑُوا َﺣ ﱠ ٰﱴ يـَتَـبَ ﱠ َ
ﲔ لَ ُك ُﻢ ،(...ﺣديث رقﻢ:
.1916
87
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
قال» :ليﺲ ﻛﻤا ﺗﻘولون؛ ﱂ يلبسوا إﳝا ﻢ ﺑﻈلﻢ ﺑشرك ،أﱂ ﺗسﻤعوا إﱃ قول لﻘﻤان ﻻﺑﻨﻪَ ) :وإِ ْذ ﻗَ َ
ال لُْق َما ُن
ﺸﺮ َك لَظُﻠ ِِ ِ ِﻻﺑْﻨِ ِﻪ َو ُﻫ َو يَﻌِظُﻪُ َ ﺑُ َﱠ
ﻴﻢ( ]لﻘﻤان.(1)«[13 :
ْﻢ َﻋظ ٌ
ٌ ﲏ َﻻ ﺗُ ْﺸ ِﺮ ْك ِ ﱠ ۖ إِ ﱠن ال ّ ْ
الﺼحاﺑة -رﺿوان ﷲ ﻋليﻬﻢ -ﻛانوا ﳚتﻬدون ﰲ ﻓﻬﻢ الﻘرآن ،ﻓإن أشكل ﻋليﻬﻢ
ﻓﻬذا اﳌثال يﺆّﻛد أ ّن ّ
ﻇاﻫر من ﺣديث اﺑن مسعود من وجﻬﲔ:مﻨﻪ شيء سألوا رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-وﻫذا ٌ
اﻷول :أ ّ ﻢ جعلوا معﲎ الﻈلﻢ ﻋاما ﻋلﻰ ما يعرﻓون من لﻐتﻬﻢ ،ﻓأرشدﻫﻢ الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ
الوجﻪ ّ
ﻓسروا ﺑﻪ اﻵية ﻏﲑ
وسلّﻢ -إﱃ اﳌعﲎ اﳌراد ﰲ اﻵية ،وأنّﻪ ليﺲ ﻋلﻰ ﻋﻤومﻪ ،ﻓﻨبّﻬﻬﻢ أ ّن اﳌعﲎ اللّﻐوي الذي ّ
مراد.
يفسروا الﻘرآن ﺑلﻐتﻬﻢ ،ﻓالتفسﲑ الﻨبوي
الوجﻪ الثاﱐ :أ ّن الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﱂ يﻨﻬﻬﻢ ﻋن أن ّ
أن يﻘﺼد الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﺗفسﲑ اﻵية ﺑﻘولﻪ أو ﻓعلﻪ أو ﺗﻘريره.
ﺗﻘرر ﻋﻨد العلﻤاء أنّﻪ إذا ثبت اﳊديث ﻋن الﻨﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-وﻛان نﺼا ﰲ ﺗفسﲑ
ولذلﻚ ّ
اﻵية ،ﻓﻼ يﺼار إﱃ ﻏﲑه ،وﻫذه قاﻋدة جليلة من قواﻋد التفسﲑ).(2
قال شيخ اﻹسﻼم اﺑن ﺗيﻤية» :وﳑّا يﻨبﻐي أن يُعلﻢ أ ّن اﻷلفاظ اﳌوجودة ﰲ الﻘرآن واﳊديث؛ إذا ﻋُرف
الرسول -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﱂ ُﳛتﺞ ﰲ ذلﻚ إﱃ اﻻستدﻻل قوال أﻫل ﺗفسﲑﻫا وما أريد ا من جﻬة ّ
اللّﻐة وﻻ ﻏﲑﻫﻢ«).(3
ﺷﺮوط التﻔﺴﲑ الﻨبوي:
خاﺻةً متعلّﻘةً لتفسﲑ الﻨبوي ،وﻫي:
اﳌفسر ،نﺰيد شروطًا ّ
ز دةً ﻋلﻰ ما ّقرره العلﻤاء ﰲ شروط ّ
-1ثبوت اﳊديث.
-2ﻛونﻪ نﺼا ﰲ اﻵية ،ﲟعﲎ أن يكون ﺻرﳛًا ﰲ ﺗفسﲑ اﻵية.
-3وروده مورد التفسﲑ والبيان ﻷلفاظ اﻵية ،ﻓإنّﻪ ﳚب ﲪل اﻵية ﻋليﻪ ،وﻻ ﳚوز ﺗرﻛﻪ ،وﻻ يﺼار
إﱃ ﻏﲑه.
ِ ِ ِ ﱠ
) (1أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب أﺣاديث اﻷنبياء ،ب قول ﷲ ﺗعاﱃَ ) :واﲣَ َذ ا ﱠُ إﺑْـَراﻫ َيﻢ َخل ً
يل( ،ﺣديث رقﻢ:
.3360
) (2اﳊرﰊ ،ﺣسﲔ ﺑن ﻋلي ﺑن ﺣسﲔ ،ﻗواﻋد الﱰﺟﻴح ﻋﻨد اﳌﻔﺴّﺮين ،ط ،2دار الﻘاسﻢ ،الر ض1429 ،ﻫـ :ج ،1ص.191
) (3اﺑن ﺗيﻤية ،ﳎموع الﻔتاوى ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،7ص.286
88
______________________________________________________________ ب ن التﻔس النبوي والتﻔس بالسنة ،د .خالد بن ز ان
-ﻋن أﰉ ﻫريرة -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -أ ّن رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -قال» :إذا ّ
أﺣب ﷲ ﻋب ًدا
إﱐ قد أﺣببت ﻓﻼ ً ﻓأﺣبّﻪ .قال :ﻓيﻨادي ﰲ السﻤاء ،ﰒّ ﺗﻨﺰل لﻪ اﶈبّة ﰲ أﻫل اﻷرض، دى :جﱪيل؛ ّ
ات َسﻴَ ْﺠ َﻌ ُل َﳍُُﻢ ال ﱠﺮ ْ ٰ
ﲪَ ُن ُودا( ]مرﱘ ،[96 :وإذا أﺑﻐﺾ ﷲ ﻓذلﻚ قول ﷲ) :إِ ﱠن الﱠ ِﺬين آمﻨُوا و َﻋ ِمﻠُوا ال ﱠ ِ
اﳊ ِ
ﺼ َ َ َ َ
)(1
إﱐ أﺑﻐﻀت ﻓﻼ ،ﻓيﻨادي ﰲ السﻤاء ،ﰒ ﺗﻨﺰل لﻪ البﻐﻀاء ﰲ اﻷرض« . ﻋب ًدا دى :جﱪيل؛ ّ
-وﻋن أﰊ ﻫريرة -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ-؛ قال رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ» :-من أ ه ﷲ ماﻻً ﻓلﻢ
يﻄوقﻪ يوم الﻘيامة خذ ﺑلﻬﺰمتيﻪ -يعﲏ :شدقيﻪ – يﻘول :أ يﺆد زﻛاﺗﻪ؛ ُمثِّ َل لﻪ مالﻪِ
شﺠاﻋا أقرع لﻪ زﺑيبتانّ ، ً ّ
ين يَـ ْب َﺨﻠُو َن ِﲟَا آ َ ُﻫ ُﻢ ا ﱠُ ِمن ﻓَ ْ
ﻀﻠِ ِﻪ ُﻫ َو َﺧ ْ ًﲑا ﱠﳍُﻢ ۖ ﺑَ ْل مالﻚ ،أ ﻛﻨﺰك ،ﰒ ﺗﻼ ﻫذه اﻵية) :وَﻻ َْﳛﺴ ﱠ ِ
ﱭ الﱠﺬ َََ َ
ض ۗ َوا ﱠُ ِﲟَا ﺗَـ ْﻌ َمﻠُو َن َﺧبِﲑٌ( ﺴماو ِ
ات َو ْاﻷ َْر ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ﱠ
اث ال ﱠ َ َ ﲑ ُ ُﻫ َو َﺷ ﱞﺮ ﳍُ ْﻢ ۖ َسﻴُﻄَﱠوﻗُو َن َما َﲞﻠُوا ﺑﻪ يَـ ْوَم الْقﻴَ َامﺔ ۗ َو ﱠ م َ
]آل ﻋﻤران.(2)«[180 :
-ﻋن أﰊ سعيد اﳋدري وأﰊ ﻫريرة -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬﻤا -ﻋن الﻨﱠﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -قال:
أﺑدا ،وإ ّن لكﻢ أن ِ
ﺗشبﱡوا ﻓﻼ أﺑدا ،وإ ّن لكﻢ أن ﲢيوا ﻓﻼ ﲤوﺗوا ً
ﺗﺼحوا ﻓﻼ ﺗسﻘﻤوا ً ٍ
»يﻨادي ُمﻨاد إ ّن لكﻢ أن ّ
ودوا أَن ﺗِْﻠ ُﻜ ُﻢ ا ْﳉَﻨﱠﺔُ أُوِرثْـتُ ُم َ
وﻫا ِﲟَا أﺑدا ،ﻓذلﻚ قولﻪ ﺗعاﱃَ ) :ونُ ُ
أﺑدا ،وإ ّن لكﻢ أن ﺗﻨعﻤوا ﻓﻼ ﺗيأسوا ً
رموا ً
ُﻛﻨتُ ْﻢ ﺗَـ ْﻌ َمﻠُو َن( ]اﻷﻋراف.(3)«[43 :
) (1أخرجﻪ الﱰمذي ،أﺑو ﻋيسﻰ ﳏﻤد ﺑن ﻋيسﻰ )ت279ﻫـ( ،سﻨن الﱰمﺬي) ،ﲢﻘيﻖ :أﲪد ﳏﻤد شاﻛر ،وإﺑراﻫيﻢ ﻋوض( ،ط ،2دار إﺣياء
الﱰاث العرﰊ ،ﺑﲑوت1395 ،ﻫـ ،أﺑواب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب :ومن سورة مرﱘ ،ﺣديث رقﻢ.3161 :
ِ ِ ِ ِ ) (2أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب )وَﻻ َﳛس ﱠ ِ
ﻀلﻪ ُﻫ َو َخ ْ ًﲑا ﱭ الﱠذ َ
ين يـَْب َﺨلُو َن ﲟَا آ َ ُﻫ ُﻢ ا ﱠُ من ﻓَ ْ َ ْ ََ
ﱠﳍُﻢ ۖ( ،ﺣديث رقﻢ.4565 :
اﳊﺠاج الﻘشﲑي الﻨّيساﺑوري )ت261ﻫـ( ،ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ) ،ﺗرقيﻢ وﺗرﺗيب :ﳏﻤد ﻓﺆاد ﻋبد الباقي(،
) (3أخرجﻪ مسلﻢ ،أﺑو اﳊسﲔ مسلﻢ ﺑن ّ
د.ط ،دار إﺣياء الﱰاث العرﰊ ،ﺑﲑوت ،د.ت ،ﻛتاب اﳉﻨة وﺻفة نعيﻤﻬا وأﻫلﻬا ،ب ﰲ دوام نعيﻢ أﻫل اﳉﻨة ،ﺣديث رقﻢ.2837 :
89
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
-ﻋن ﻋبد ﷲ ﺑن مسعود -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -قال :قال رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ» :-من
اقتﻄﻊ مال امر ٍئ مسلﻢ ﺑيﻤﲔ ﻛاذﺑة لﻘي ﷲ وﻫو ﻋليﻪ ﻏﻀبان .قال ﻋبد ﷲ :ﰒّ قرأ رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ
ين يَ ْﺸ َﱰُو َن ﺑِ َﻌ ْﻬ ِد ا ﱠِ َوأ َْﳝَا ِِ ْﻢ َﲦَﻨًا ﻗَﻠِ ًﻴﻼ أُوٰلَﺌِ َ
ﻚ ِ
جل ذﻛره) :إِ ﱠن الﱠﺬ َ
ﻋليﻪ وسلّﻢ -مﺼداق ذلﻚ من ﻛتاب ﷲ ّ
ﻴﻢ( ]آل َﻻ َﺧ َﻼ َق َﳍﻢ ِﰲ ْاﻵ ِﺧﺮةِ وَﻻ ي َﻜﻠِّمﻬﻢ ا ﱠ وَﻻ يﻨظُﺮ إِلَﻴ ِﻬﻢ يـوم ال ِْقﻴام ِﺔ وَﻻ يـ َﺰّﻛِﻴ ِﻬﻢ و َﳍﻢ َﻋ َﺬ ِ
اب أَل ٌٌ َ َ ُ ُ ُ ُ ُ َ َ ُ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ ُْ ُْ
ﻋﻤران.(1)«[77 :
اﻷسﻠوب الﺜاﱐ :أن يﺬﻛﺮ اﻵيﺔ ،ﰒّ يﺬﻛﺮ ﺗﻔﺴﲑﻫا.
وأمثلة ذلﻚ:
استَﻄَ ْﻌتُﻢ ِّمن ﻗُـ ﱠوةٍ( ]اﻷنفال .[60 :ﻓعن ﻋﻘبة ﺑن ﻋامر ِ
-ﺗفسﲑ )الﻘوة( ﰲ قولﻪ ﺗعاﱃَ ) :وأَﻋدﱡوا َﳍُﻢ ﱠما ْ
ِ
-رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -قال :ﲰعت الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -وﻫو ﻋلﻰ اﳌﻨﱪ يﻘولَ )» :وأَﻋ ﱡدوا َﳍُﻢ ﱠما ْ
استَﻄَ ْعتُﻢ
الرمي«).(2 ِ ٍ
الﻘوة ّ
الرمي ،أﻻ إ ّن ّ الﻘوة ّ ّمن قُـ ﱠوة( ،أﻻ إ ّن الﻘوة ّ
الرمي ،أﻻ إ ّن ّ
-ﻋن أﰊ ﻫريرة -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -ﻋن الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -قال» :قيل لبﲏ إسرائيل:
اب ُس ﱠﺠ ًدا َوﻗُولُوا ِﺣﻄﱠﺔٌ( ]البﻘرة ،[58 :ﻓدخلوا يﺰﺣفون ﻋلﻰ أستاﻫﻬﻢ ،ﻓب ّدلوا وقالوا :ﺣﻄة؛ ﺣبّة
) َوا ْد ُﺧﻠُوا الْبَ َ
ﰲ شعرة«).(3
-ﻋن أنﺲ ﺑن مالﻚ -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -قال :ﺑيﻨا رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ذات يوم ﺑﲔ
ﻋلي آن ًفا
لت ﱠ متبسﻤا ،ﻓﻘلﻨا :ما أﺿحكﻚ رسول ﷲ؟ قال» :أُنﺰ ْ ً أﻇﻬر ،إ ْذ أﻏفﻰ إﻏفاءةً ﰒّ رﻓﻊ رأسﻪ
اﻷَﺑْ َﱰُ( ]الكوثر:
ﻚ ُﻫ َو ْ ﺼ ِّل لَِﺮﺑِّ َ
ﻚ َو ْاﳓَ ْﺮ إِ ﱠن َﺷانِﺌَ َ سورة ،ﻓﻘرأ :ﺑسﻢ ﷲ الرﲪن الرﺣيﻢ )إِ ﱠ أَ ْﻋﻄَْﻴـﻨَ َ
اك الْ َﻜ ْوثَـ َﺮ ﻓَ َ
وجل ،ﻋليﻪ خﲑٌ ﻛثﲑ، ِ
ﻋﺰ ّرﰊ ّ .[3-1ﰒّ قال :أﺗدرون ما الكوثر؟ ﻓﻘلﻨا ﷲ ورسولﻪ أﻋلﻢ ،قال :ﻓإنّﻪ ٌر َو َﻋ َدنيﻪ ّ
ﺣوض ﺗ ِرُد ﻋليﻪ ّأمﱵ يوم الﻘيامة ،آنيتﻪ ﻋدد الﻨﺠوم .(4)«... ٌ ﻫو
-ﻋن اﺑن ﻋﻤر -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬﻤا -أ ّن الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -قال) :يـوم يـ ُقوم الﻨ ِ
بﱠاس ل َﺮ ِّ
َْ َ َ ُ ُ
ﺣﱴ يﻐيب أﺣدﻫﻢ ﰲ رشحﻪ إﱃ أنﺼاف أذنيﻪ«).(5 ﲔ( ]اﳌﻄففﲔّ » :[6 :ال َْﻌال َِم َ
) (1أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب التوﺣيد ،ب قول ﷲ ﺗعاﱃ) :وجوه يـومئِ ٍذ ِ
ﱠﺿَرةٌ إِ َ ٰﱃ َرَِّا َ ِﻇَرةٌ( ،ﺣديث رقﻢ: ُ ُ ٌ َْ َ
.7445
وذم من ﻋلﻤﻪ ﰒّ نسيﻪ ،ﺣديث رقﻢ.1917 : اﳊث ﻋليﻪّ ، ) (2أخرجﻪ مسلﻢ ،ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب اﻹمارة ،ب ﻓﻀل الرمي و ّ
) (3أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب ) َوإِ ْذ قـُلْﻨَا ْاد ُخلُوا َٰﻫ ِذ ِه الْ َﻘْريَةَ ،(...ﺣديث رقﻢ.4479 :
) (4أخرجﻪ مسلﻢ ،ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب الﺼﻼة ،ب ﺣﺠة من قال :البسﻤلة آيةٌ من ّأول ّ
ﻛل سورة سوى ﺑراءة ،ﺣديث رقﻢ:
.400
ِ ) (5أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب )يـوم يـ ُﻘوم الﻨ ِ
ﲔ( ،ﺣديث رقﻢ.4938 : ﱠاس لَر ِّ
ب الْعَالَﻤ َ َْ َ َ ُ ُ
90
______________________________________________________________ ب ن التﻔس النبوي والتﻔس بالسنة ،د .خالد بن ز ان
ﻓﻴﻔﺴﺮﻫا ﳍﻢ.
الﺼﺤاﺑﺔ ﻓﻬﻢ آيﺔ ّ
الﻨوع الﺜاﱐ :أن يﺸﻜل ﻋﻠﻰ ّ
مثال ذلﻚ:
ﳛاسب -ﻋن ﻋائشة -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬا -قالت :قال رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ» :-ليﺲ أﺣ ٌد َ
ُوﰐَ ﻛِتَاﺑَﻪُ
ﻋﺰوجل) :ﻓَﺄَ ﱠما َم ْن أ ِ
إﻻّ ﻫلﻚ« .قالت :قلت رسول ﷲ؛ جعلﲏ ﷲ ﻓداءك ،أليﺲ يﻘول ﷲ ّ ّ
ﺴا ً يَ ِﺴ ًﲑا( ]اﻻنشﻘاق ،[8 :قال» :ذلﻚ العرض يعرﺿون ،ومن نوقﺶ اﳊساب ف ُﳛاس ِ ِ ِ ِِ
ﺐﺣَ
ﺴ ْو َ َ َ ُ
ﺑﻴَمﻴﻨﻪ ﻓَ َ
ﻫلﻚ«).(1
الﺼحاﺑة ،ومثالﻪ:
ويلحﻖ ذا الﻨوع ﻓﺼلُﻪ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -اﳋﻼف الواقﻊ ﺑﲔ ّ
-ﻋن أﰊ سعيد اﳋدري -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ -قال :اختلﻒ رجﻼن ْ -أو ْام َﱰَ -؛ ٌ
رجل من ﺑﲏ ُخ ْدرة،
ورجل من ﺑﲏ ﻋﻤرو ﺑن ﻋوف ،ﰲ اﳌسﺠد الذي أُ ِّسﺲ ﻋلﻰ التﻘوى ،ﻓﻘال اﳋدري :ﻫو مسﺠد رسول ﷲ ٌ
-ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،وقال العﻤري :ﻫو مسﺠد قباء ،ﻓأﺗيا رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﻓسأﻻه ﻋن
ذلﻚ ،ﻓﻘال -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ» :-ﻫو ﻫذا اﳌسﺠد«؛ ﳌسﺠد رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-وقال
-ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ» :-ﰲ ذاك خﲑٌ ﻛثﲑ« ،يعﲏ :مسﺠد قباء).(2
يتﺄول القﺮآن ﻓﻴﻌمل ﲟا ﻓﻴﻪ من أوامﺮ.
الﻨوع الﺜالﺚ :أن ّ
مثال ذلﻚ:
-ﻋن ﻋائشة -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬا -قالت :ما ﺻلّﻰ الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﺻﻼة ﺑعد أن نﺰلت
ِ
ﻋليﻪ) :إِذَا َﺟاءَ نَ ْ
ﺼ ُﺮ ا ﱠ َوالْ َﻔْت ُح( ]الﻨﺼر ،[1 :إﻻّ يﻘول ﻓيﻬا» :سبحانﻚ رﺑّﻨا وﲝﻤدكّ ،
اللﻬﻢ اﻏفر ﱄ«).(3
اللﻬﻢ
وﰲ رواية ﻋﻨﻬا :أ ّن الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﻛان يكثر أن يﻘول ﰲ رﻛوﻋﻪ وسﺠوده» :سبحانﻚ ّ
يتأول الﻘرآن).(4
اللﻬﻢ اﻏفر ﱄ«ّ ، رﺑّﻨا وﲝﻤدكّ ،
ﺗﻀمﻨتﻪ من مﻌان أو أﺣﻜام.
الﻨوع الﺮاﺑع :اﻛتﻔاؤﻩ -ﺻﻠّﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وسﻠّﻢ -ﺑتﻼوة اﻵيﺔ لتقﺮيﺮ ما ّ
مثال ذلﻚ:
91
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
-ﻋن اﺑن ﻋبّاس -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻬﻤا -أ ّن رسول ﷲ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -قال وﻫو ﰲ قبة يوم
اللﻬﻢ إن ﺗشأ ﻻ ﺗعبد ﺑعد اليوم« ،ﻓأخذ أﺑو ﺑكر ﺑيده ،ﻓﻘال: إﱐ أنشدك ﻋﻬدك ووﻋدكّ ، اللﻬﻢ ّ
ﺑدرّ » :
ب ﰲ ال ِّدرع ،ﻓﺨرج وﻫو يﻘولَ ) :سﻴُـ ْﻬ َﺰُم ا ْﳉَ ْم ُع َويُـ َولﱡو َن ِ
ﺣسبﻚ رسول ﷲ؛ أﳊحت ﻋلﻰ رﺑّﻚ ،وﻫو يَث ُ
ال ﱡدﺑُـ َﺮ( ]الﻘﻤر.(1)[45 :
ﺴﻨﱠﺔ.
القﺴﻢ الﺜاﱐ :ﺗﻔﺴﲑ القﺮآن ل ﱡ
ِ
اﳌفسر من السﻨّة الﻨّبوية ،سواءً أﻛانت قوﻻً أم ﻓعﻼً أم
ﻛل إﻓادة يستفيدﻫا ّالتفسﲑ ل ﱡسﻨﱠة يشﻤل ّ
أﺣاديث ﺗﻨاسب معﲎ اﻵية ،مﻊ أ ّن اﳊديث ﱂ يورد ﺗفسﲑاً ِ
اﳌفسرين من
َ ﺗﻘريراً ،ومثال ذلﻚ :ما يذﻛره ﺑعﺾ ّ
ﺻرﳛاً من الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -لﻶية ،ومثال ذلﻚ:
ين َْﳚتَﻨِبُو َن َﻛبَاﺋَِﺮ ِ
ما ورد ﰲ ﺗفسﲑ الﻄﱪي ،ﻋن اﺑن ﻋبّاس ﰲ ﺗفسﲑ »اللّﻤﻢ« من قولﻪ ﺗعاﱃ) :الﱠﺬ َ
ﺶ إِﱠﻻ الﻠﱠ َم َﻢ ۚ( ]الﻨﺠﻢ ،[32 :قال) :ما رأيت شيئاً أشبﻪ للّﻤﻢ ﳑّا قال أﺑو ﻫريرة ﻋن الﻨّﱯ - ِ ِْ
اﻹ ِْﰒ َوالْ َﻔ َواﺣ َ
ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ» :-إ ّن ﷲ ﻛتب ﻋلﻰ اﺑن آدم ﺣﻈّﻪ من الﺰﱏ ،أدرﻛﻪ ﻻ ﳏالة ،ﻓﺰﱏ العيﻨﲔ الﻨﻈر ،وزﱏ
ﺗتﻤﲎ وﺗشتﻬي ،والفرج يﺼ ّدق ذلﻚ ﻛلّﻪ أو يك ّذﺑﻪ«).(3)((2
اللّسان اﳌﻨﻄﻖ ،والﻨفﺲ ّ
يروون ما وﺻلﻬﻢ أو
الﺼحاﺑة من السﻨة الﻨبوية ﰲ ﺗفسﲑﻫﻢ للﻘرآن ،وﻫﻢ ﰲ ﺑعﺾ اﻷﺣيان ُ
ﻓﻘد أﻓاد ّ
يﻨﺼوا ﻋلﻰ
يدل ﻋلﻰ اﻋتﻤادﻫﻢ السﻨة الﻨبوية وإن ﱂ ّ
ﲰعوه من ﺗفسﲑ الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-وﻫذا ّ
رﻓعﻪ ،ومن أمثلﻪ ذلﻚ:
ول َﻫل ِمن ﱠم ِﺰ ٍ ِ ﺗفسﲑ اﺑن ﻋباس لﻘولﻪ ﺗعاﱃ) :يـوَم نَـ ُق ُ ِ
يد( ]ق ،[30 :قال ﱠﻢ َﻫ ِل ْامتَ َﻸْت َوﺗَـ ُق ُ ْ ول ﳉََﻬﻨ َ َْ ّ
ِ
ﱠﻢ م َن ا ْﳉِﻨ ِﱠﺔ َوالﻨ ِ
ﱠاس أ ْ ِ
ﲔ( ]السﺠدة،[13 :
َﲨَﻌ َ ﻓيﻪ) :إ ّن ﷲ اﳌلﻚ ﺗبارك وﺗعاﱃ قد سبﻘت ﻛلﻤتﻪَ ) :ﻷ َْم َﻸَ ﱠن َﺟ َﻬﻨ َ
ﻓوجا ،ﻻ يُلﻘﻰ
ﻓوجا ً
ﻓلﻤا ﺑُعث الﻨّاس وأُﺣﻀروا ،وسيﻖ أﻋداء ﷲ إﱃ الﻨّار ُزَمراً ،جعلوا يﻘتحﻤون ﰲ جﻬﻨّﻢ ً
ّ
لتﻤﻸﱐ من اﳉﻨّة والﻨّاس أﲨعﲔ؟
ّ ﰲ جﻬﻨّﻢ شيءٌ إﻻّ ذﻫب ﻓيﻬا ،وﻻ ﳝلﺆﻫا شيء ،قالت :ألست قد أقسﻤت
ﻓإﱐ قد امتﻸت ،ﻓليﺲ ﱄ مﺰيد ،وﱂ يكن ﳝلﺆﻫا شيء، ﻓوﺿﻊ قدمﻪ ،ﻓﻘالت ﺣﲔ وﺿﻊ قدمﻪ ﻓيﻬا :قد قدّ ،
مﺲ ما وﺿﻊ ﻋليﻬا ،ﻓتﻀايﻘت ﺣﲔ جعل ﻋليﻬا ما جعل ،ﻓامتﻸت ﻓﻤا ﻓيﻬا موﺿﻊ إﺑرة().(4
ﺣﱴ وجدت ّ ّ
) (1أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب قولﻪَ ) :سيُـ ْﻬَﺰُم ا ْﳉَ ْﻤ ُﻊ َويـُ َولﱡو َن ال ﱡدﺑـَُر( ،ﺣديث رقﻢ.4875 :
) (2أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب اﻻستئذان ،ب ز اﳉوارح دون الفرج ،ﺣديث رقﻢ.6243 :
) (3الﻄﱪي ،أﺑو جعفر ﳏﻤد ﺑن جرير )ت310ﻫـ( ،ﺟامع البﻴان ﰲ ويل آي القﺮآن) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد ﷲ ﺑن ﻋبد اﶈسن الﱰﻛي( ،ط ،1دار
ﻫﺠر ،الﻘاﻫرة1422 ،ﻫـ :ج ،22ص.62
) (4الﻄﱪي ،ﺟامع البﻴان ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ج ،21ص.444
92
______________________________________________________________ ب ن التﻔس النبوي والتﻔس بالسنة ،د .خالد بن ز ان
ﻓسر ﻫذه اﻵية ﲟا جاء ﻋن الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -وإن ﱂ يسﻨده مباشرة إليﻪ)،(1
ﻓاﺑن ﻋبّاس ّ
وﻫذا ﰐ ﻏالباً ﻓيﻤا ﻻ ﳎال للعﻘل ﻓيﻪ.
نبوي ،لكن ﻫذا الﻘول من الﻨّﱯ - ٍ
ﻓسر اﻵية ﺑﻘول ّ
يدل ﻋلﻰ أ ّن ﺣﱪ اﻷمة اﺑن ﻋبّاس قد ّ
ﻓﻬذا اﳌثال ّ
ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -ﱂ يكن ﺻرﳛاً ﰲ ﺗفسﲑ اﻵية ،وإّﳕا ﻛان ﲪلﻪ ﻋلﻰ اﻵية اجتﻬاداً من اﺑن ﻋبّاس -
رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ ،-ﻓﻬذا اﳌثال يﺼلح أن يكون من التفسﲑ لسﻨة.
اﳌفسر ،سواء ﻛان ﺻحاﺑيًا أو ﺑعيًا أو من
جتﻬاد من ّ
ﲝث وا ٌ
وﻋلﻰ ﻫذا؛ ﻓإ ّن ﺗفسﲑ الﻘرآن لسﻨة ٌ
دو ﻤا.
ﺷﺮوط ﺗﻔﺴﲑ القﺮآن لﺴﻨﺔ:
يفسر الﻘرآن لسﻨّة ﻓعليﻪ أن يراﻋي الشروط اﻵﺗية:
من أراد أن ّ
-1معرﻓة أﳘية السﻨة ومكانتﻬا وﺣﺠيّتﻬا ﰲ التشريﻊ.
-2العﻨاية لكتب واﳌﺼﻨّفات الﱵ ﲨعت أﺣاديث الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-وﻫي ﻛثﲑة،
وﳝكن ﺗﺼﻨيفﻬا إﱃ ﺻﻨفﲔ:
الﺼﻨﻒ اﻷول :مﺼﻨّفات اقتﺼرت ﻋلﻰ رواية اﳌأثور ﻋن الﻨّﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ ،-وﻋن
الﺼحاﺑة والتاﺑعﲔ ،مﻊ ﲡريد التفسﲑ من اﻷقوال والﻘراءات واﳌعاﱐ اللﻐوية وﳓوﻫا ،ومﻨﻬا:
ﺗفسﲑ ﻋبد الرزاق ﺑن ﳘام الﺼﻨعاﱐ )ت211ﻫـ(.
ﺗفسﲑ ﳏﻤد ﺑن يونﺲ الفر ﰊ )ت212ﻫـ(.
ﺗفسﲑ سعيد ﺑن مﻨﺼور اﳋراساﱐ )ت227ﻫـ(.
ﺗفسﲑ ﻋبد ﺑن ﲪيد ﺑن نﺼر الكشي )ت249ﻫـ(.
ﺗفسﲑ ﺑﻘي ﺑن ﳐلد )ت276ﻫـ(.
ﺗفسﲑ اﺑن ماجة )ت279ﻫـ(.
ﺗفسﲑ اﺑن اﳌﻨذر )ت318ﻫـ(.
ﺗفسﲑ الﻘرآن العﻈيﻢ ﻻﺑن أﰊ ﺣاﰎ )ت327ﻫـ(.
ﺗفسﲑ أﰊ الشيخ اﻷﺻبﻬاﱐ )ت369ﻫـ(.
ول َﻫ ْل ِمن
) (1ﺣديث أنﺲ ﺑن مالﻚ ،وأﰊ ﻫريرة ،أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب قولﻪَ ) :وﺗَـ ُﻘ ُ
يد( ،ﺣديث رقﻢ.4849 ،4848 : ﱠم ِﺰ ٍ
93
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
94
______________________________________________________________ ب ن التﻔس النبوي والتﻔس بالسنة ،د .خالد بن ز ان
) (1أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب اﻷذان ،ب اﻷذان للﻤساﻓر إذا ﻛانوا ﲨاﻋة ،...ﺣديث رقﻢ.631 :
اﳊﺞ ،ب استحباب رمي ﲨرة العﻘبة يوم الﻨحر راﻛبا ،...ﺣديث رقﻢ.1297 : ) (2أخرجﻪ مسلﻢ ،ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب ّ
ورا( ،ﺣديث رقﻢ: ِ ) (3أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب ﺗفسﲑ الﻘرآن ،ب )ذُ ِّريﱠةَ َم ْن َﲪَلْﻨَا َم َﻊ نُ ٍ
وح إنﱠﻪُ َﻛا َن َﻋْب ًدا َش ُك ً
.4712
) (4أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب اﳌﻐازي ،ب :أين رﻛﺰ الﻨﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ -الراية يوم الفتح؟ ﺣديث رقﻢ:
.4283
) (5أخرجﻪ مالﻚ ،أﺑو ﻋبد ﷲ مالﻚ ﺑن أنﺲ اﻷﺻبحي )ت179ه( ،اﳌوطﺄ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻓﺆاد ﻋبد الباقي( ،د.ط ،دار إﺣياء الﱰاث العرﰊ،
مﺼر ،د.ت ،ﻛتاب العﻘول ،ب ما جاء ﰲ مﲑاث العﻘل والتﻐليظ ﻓيﻪ ،ﺣديث رقﻢ.1557 :
ِ
) (6أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب اﳊدود ،ب قول ﷲ ﺗعاﱃَ ) :وال ﱠسا ِر ُق َوال ﱠسا ِرقَةُ ﻓَاقْﻄَعُوا أَيْديـَ ُﻬ َﻤا( ،ﺣديث رقﻢ:
.6789
95
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
) (1للتفريﻖ ﺑﲔ اﳌﺼﻄلحﲔ رأى ﺻر ﺑن ﻋثﻤان اﳌﻨيﻊ ﺗسﻤية التفسﲑ الﻨبوي لتفسﲑ الﺼريح ل ﱡسﻨﱠة ،والتفسﲑ ل ﱡسﻨﱠة لتفسﲑ ﻏﲑ ﺻريح
لسﻨة ،يﻨﻈر :مﻌاﱂ ﰲ أﺻول التﻔﺴﲑ :ص.118
96
______________________________________________________________ ب ن التﻔس النبوي والتﻔس بالسنة ،د .خالد بن ز ان
97
____________________________________________________________ ( ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا
مﻠﺨﺺ
متﻘررة ﻋﻨد ﻋامة الفﻘﻬاء
ّ وقبل أن ﺗﻐدو قاﻋدة،جل مسالﻚ اﻻستﻨباط ّ متشعبة اﻷﻓانﲔ ﰲ
ّ الشريعة قﻀيةّ لﻈن ﰲّ الﱰجيح
ﻓﺠاء ﻫذا، شاﺑتﻬا شوائب خﻼف ﰲ اﳊِﻘب اﻷوﱃ من ريخ اﻻجتﻬاد، ﺑلﻪ إﲨاﻋية ﻋلﻰ اﳊﻘيﻘة،واﻷﺻوليﲔ اﳌتأخرين
َمن أطراﻓﻪ؟ ما أقواﳍﻢ؟ ما أدلّتﻬﻢ الﱵ يستﻨدون إليﻬا؟ ﻛيﻒ قﺶ ﺑعﻀﻬﻢ، ما ﺣﻘيﻘة ﻫذا اﳋﻼف:البحث ليﻄرح إشكالية
. ﰒ اﳋلوص إﱃ وجﻪ اﳊﻖ والﺼواب ﰲ الﻘﻀية اﳌﻄروﺣة،ﺑعﻀاً؟ مستﻬدﻓا ﲢرير اﳌﺼﻄلحات واﳌفاﻫيﻢ اﳌفتاﺣية ﰲ الﻘﻀية
من خﻼل التفسﲑ والﻨﻘد واﳌﻘارنة، ﻋامدا إﱃ ﺗفكيﻚ اﻹشكال وإﻋادة ﺗرﻛيبﻪ،وقد سلكت ﰲ ذلﻚ اﳌﻨﻬﺞ التحليلي ﺣواري
.واﻻستﻨباط
وﻋلﻰ، وأ ّن اﳋﻼف اﶈكي ﰲ ذلﻚ ﻏﲑ موثّﻖ،متحرر ﻋلﻰ اﳊﻘيﻘة
ّ وقد خلص البحث إﱃ أ ّن اﳋﻼف ﰲ ﻫذه الﻘﻀية ﻏﲑ
، وﺑﻨاءً ﻋليﻪ ﻓإ ّن دﻋوى اﻹﲨاع ﻋلﻰ وجوب العﻤل لﻈن والﱰجيح ﺑﻪ.ﻓرض ثبوﺗﻪ ﻓأدلّتﻪ ﺿعيفة ﻻ ﺗﻘوم ﻋلﻰ ساق البتة
.ﻫي دﻋوى ﺻحيحة ﻻ يﻨﻘﻀﻬا شيء
. الشريعة، الﻈن، الﱰجيح:الﻜﻠمات اﳌﻔتاﺣﻴﺔ
abstract
The preponderance of conjecture in the Sharia is a complex issue in most of the deduction
paths, and before it becomes a established rule among the general jurists and the later
fundamentalists, it is unanimous on the truth, marred by impurities of disagreement in the
first eras of the history of ijtihad, so this research came to pose a problem: the reality of
this dispute, from its parties? What do they say? What evidence do they rely on? How do
they discuss with each other? Aiming at liberating key terms and concepts in the case,
then arriving at the right and right side of the issue at hand.
In that, I followed the analytical, dialogical method, intending to dismantle the problem
and reconstruct it, through interpretation, criticism, comparison and deduction.
The research concluded that the dispute in this case is not liberated on the truth, and that
the spoken dispute in that is not documented. Accordingly, the claim of unanimity on the
necessity of acting on conjecture and preponderance of it is a valid claim that is not
invalidated by anything.
Keywords: weighting, conjecture, Sharia.
98
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
ﳏﻤد ﺑن ﻋلي )ت1250ﻫـ( ،إرﺷاد الﻔﺤول إﱃ ﲢقﻴﻖ اﳊﻖ من ﻋﻠﻢ اﻷﺻول) ،ﲢﻘيﻖ :الشيخ أﲪد ﻋﺰو ﻋﻨاية ،قدم لﻪ:) (1الشوﻛاﱐّ ،
الشيخ خليل اﳌيﺲ والدﻛتور وﱄ الدين ﺻاﱀ ﻓرﻓور( ،ط ،1دار الكتاب العرﰊ1419 ،ﻫـ1999/م :ج ،1ص.18
ﻋﺰ ال ّدين ﻋبد العﺰيﺰ ﺑن ﻋبد السﻼم )ت660ﻫـ( ،ﺷﺠﺮة اﳌﻌارف واﻷﺣوال وﺻاﱀ اﻷﻗوال واﻷﻋمال،
ﳏﻤد ّ
) (2اﺑن ﻋبد السﻼم ،أﺑو ّ
ﺣسان ﻋبد اﳌﻨّان( ،د.ط ،ﺑيت اﻷﻓكار الدولية ،الر ض ،د.ت :ص.423
)ﲢﻘيﻖّ :
) (3الشاطﱯ ،أﺑو إسحاق إﺑراﻫيﻢ ﺑن موسﻰ )ت790ﻫـ( ،اﻻﻋتﺼام) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد رشيد رﺿا( ،د.ط ،اﳌكتبة التﺠارية الكﱪى ،مﺼر ،د.ت:
ج ،2ص.143
) (4الﻘرطﱯ ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن أﲪد )ت671ﻫـ( ،اﳉامع ﻷﺣﻜام القﺮآن) ،ﲢﻘيﻖ :أﲪد الﱪدوﱐ وإﺑراﻫيﻢ أطفيﺶ( ،ط ،2دار الكتب
اﳌﺼرية ،الﻘاﻫرة1384 ،ﻫـ1964/م :ج.332 ،16
99
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
) (1ﺑن ﻋاشور ،ﳏﻤد الﻄاﻫر ﺑن ﳏﻤد التونسي )ت1393ﻫـ( ،التﺤﺮيﺮ والتﻨويﺮ ،د.ط ،الدار التونسية للﻨشر ،ﺗونﺲ1984 ،م :ج،1
ص.32
) (2اﳉرجاﱐ ،ﻋلي ﺑن ﳏﻤد )ت816ﻫـ( ،التﻌﺮيﻔات) ،ﲢﻘيﻖ :ﲨاﻋة من العلﻤاء( ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1403 ،ﻫـ1983/م:
ص.10
) (3ﻛتبت ﻫذا البحث قبل ﻋشر سﻨوات ،أثﻨاء دراسﱵ العليا ﳉامعة اﻷردنية ﰲ الفﱰة.2011-2010 :
100
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
101
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
102
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
) (1اﺑن ﻓارس ،أﺑو اﳊسﲔ أﲪد ﺑن ﻓارس ﺑن زﻛر ء الﻘﺰويﲏ الرازي )ت395ﻫـ( ،مﻌﺠﻢ مقايﻴﺲ الﻠّﻐﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد السﻼم ﳏﻤد ﻫارون( ،دار
الفكر ،ﺑﲑوت1399 ،ﻫـ1979/م :ج ،3ص.463-462
) (2اﺑن مﻨﻈور ،أﺑو الفﻀل ﲨال ال ّدين ﳏﻤد ﺑن مكرم الرويفعي اﻹﻓريﻘي )ت711ﻫـ( ،لﺴان الﻌﺮب ،ط ،3دار ﺻادر ،ﺑﲑوت1414 ،ﻫـ :ج،13
ص.272
) (3اﺑن ﻛثﲑ ،أﺑو الفداء إﲰاﻋيل ﺑن ﻋﻤر )ت774ﻫـ( ،ﺗﻔﺴﲑ القﺮآن الﻌظﻴﻢ) ،ﲢﻘيﻖ :سامي ﺑن ﳏﻤد سﻼمة( ،ط ،2دار طيبة للﻨشر والتوزيﻊ،
1420ﻫـ1999/م ،ج ،1ص.254
) (4نفﺲ اﳌرجﻊ :ج ،5ص.171
103
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
الشﻚ ﻇﻨا،
ﺗسﻤي اليﻘﲔ ﻇﻨا ،و ّ و ّأما من لﻐة العرب؛ ﻓﻨﻘل اﺑن ﻛثﲑ ﻋن اﺑن جرير قولﻪ» :العرب قد ّ
نﻈﲑ ﺗسﻤيتﻬﻢ ال ﱡسدﻓة ﻇلﻤة ،والﻀياء ُسدﻓة ،واﳌﻐيث ﺻارخاً ،واﳌستﻐيث ﺻارخاً ،وما أشبﻪ ذلﻚ من اﻷﲰاء
الﺼﻤة:
سﻤﻰ ا الشيء وﺿ ّده ،ﻛﻤا قال دريد ﺑن ّ الﱵ يُ ّ
الفارسي اﳌسﱠرِد
ِّ ﻓﻘلت ﳍﻢ ﻇُﻨّوا لْ َف ْي ُم َد ﱠج ِﺞ َ ...سَرا ُ ﻢ ﰲ
ُ
مدجﺞ ﺗيكﻢ.
يعﲏ ﺑذلﻚ :ﺗي ّﻘﻨوا لفي ّ
وقال ﻋﻤﲑ ﺑن طارق:
مرﲨاً
الﻈن ﻏيباً ّ
مﲏ ّ وأجعل ّ ﻓإن يعﱪوا قومي وأقعد ﻓيكﻢ
مرﲨا.
مﲏ اليﻘﲔ ﻏيبا ّ
يعﲏ :وﳚعل ّ
الﻈن ﰲ معﲎ اليﻘﲔ أﻛثر من أن ﲢﺼر«).(1
قال :وال ّشواﻫد من أشعار العرب وﻛﻼمﻬﻢ ﻋلﻰ أ ّن ّ
الﺸﻚ ﰲ القﺮآن:
ّ الظن ﻋﻠﻰ
ومن الﺸواﻫد ﻋﻠﻰ إطﻼق ّ
اﻋﺔُ إِن
ﺴَ ﻴﻬا ﻗُـﻠْتُﻢ ﱠما نَ ْد ِري َما ال ﱠاﻋﺔُ َﻻ ري ِ
ﺐﻓَﺴ َ َْ َ ﻴل إِ ﱠن َو ْﻋ َد ا ﱠِ َﺣ ﱞﻖ َوال ﱠ ِ ِ
-قولﻪ ﺗعاﱃَ ) :وإذَا ﻗ َ
ِ
ﺗوﳘاً ،أي:نتوﻫﻢ وقوﻋﻬا إﻻّ ّ ﲔ( ]اﳉاثية .[32 :قال اﺑن ﻛثﲑ» :أي :إن ّ نﱠظُ ﱡن إِﱠﻻ ﻇَﻨا َوَما َْﳓ ُن ِﲟُ ْﺴتَـْﻴقﻨِ َ
مرجوﺣاً«).(2
ﻇن ﰲ الﻘرآن من اﳌﺆمن ﻓﻬو يﻘﲔ ،ومن الكاﻓر
»ﻛل ّ
الﻀحاك أنّﻪ قالّ :
ﻫذا وقد نﻘل الشوﻛاﱐ ﻋن ّ
شﻚ«).(3
وﻇن الدنيا ّ
»ﻇن اﻵخرة يﻘﲔّ ،
شﻚ« ،وﻋن ﳎاﻫد أنّﻪ قالّ :
ﻓﻬو ّ
الﻈن ﰲ اللّﻐة ﰲ ﻫذين اﳌعﻨﲔ ،ﻏﲑ أ ّن اﻷﺻوليﲔ اﺻﻄلحوا ﻋلﻰ استعﻤالﻪ ﰲ
و ّلرﻏﻢ من استعﻤال ّ
معﲎ آخر ،وﻫو الذي نبيِّﻨﻪ ﲝول ﷲ ﰲ العﻨﺼر التاﱄ.
الظن اﺻﻄﻼﺣاً.
نﻴاً :ﺣقﻴقﺔ ّ
الﻈن ﻋليﻪ ﻫو :اﻻﺣتمال الﺮاّﺟح من أﺣد اﺣتمالﲔ
اﳌعﲎ الذي اﺻﻄلح اﻷﺻوليون ﻋلﻰ إطﻼق ّ
أو ﻋ ّدة اﺣتماﻻت ﻷمﺮ ما.
للﻈن ،ومﻨﻬا ما يلي:
يﻈﻬر ﻫذا من خﻼل استﻘراء ﺗعريفات اﻷﺻوليﲔ ّ
) (1اﺑن ﻛثﲑ ،ﺗﻔﺴﲑ القﺮآن الﻌظﻴﻢ ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،1ص.254
) (2نفﺲ اﳌرجﻊ :ج ،7ص.272
) (3الشوﻛاﱐ ،ﳏﻤد ﺑن ﻋلي )ت1250ﻫـ( ،ﻓتح القديﺮ ،ط ،1دار اﺑن ﻛثﲑ ،دار الكلﻢ الﻄيب ،دمشﻖ ،ﺑﲑوت1414 ،ﻫـ :ج ،5ص.339
104
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
) (1الباجي ،أﺑو الوليد سليﻤان ﺑن خلﻒ )ت474ه( ،اﳌﻨﻬاج ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳊﺠاج) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد ا يد ﺗرﻛي( ،ط ،2دار الﻐرب اﻹسﻼمي،
ﺑﲑوت1987 ،م :ص.11
) (2الشﲑازي ،أﺑو إسحاق إﺑراﻫيﻢ ﺑن ﻋلي )ت476ه( ،الﱡﻠمع ﰲ أﺻول الﻔقﻪ ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1985 ،م :ج،1
ص.150
) (3اﳉويﲏ ،أﺑو اﳌعاﱄ ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن ﻋبد ﷲ )ت478ه( ،الورﻗات ،ط ،1دار الﱰاث ،الﻘاﻫرة1977 ،م :ص.3
) (4اﻵمدي ،سيﻒ ال ّدين ﻋلي ﺑن أﰊ ﻋلي )ت631ه( ،اﻹﺣﻜام ﰲ أﺻول اﻷﺣﻜام ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1983 ،م :ج،1
ص.30
) (5الﻘراﰲ ،شﻬاب ال ّدين أﲪد ﺑن إدريﺲ )ت684ه( ،ﺷﺮح ﺗﻨقﻴح الﻔﺼول ﰲ اﺧتﺼار اﶈﺼول ﰲ اﻷﺻول) ،ﲢﻘيﻖ :طﻪ ﻋبد الرؤوف
سعد( ،ط ،1دار الفكر ،الﻘاﻫرة1973 ،م :ص.63
105
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
للواقﻊ قﻄعاً دون أن يﻘﱰن جﺰمﻪ لدليل الﻘاطﻊ ﻋلﻰ مﻄاﺑﻘتﻪ للواقﻊ؛ ﻓﻬو ما يُﻄلﻖ ﻋليﻪ اسﻢ )اﻻﻋتﻘاد
اﳉازم( ﻓﻘﻂ ،أو اسﻢ )اﻹﳝان( ،وقد ﻻ يكون ﻫذا اﻻﻋتﻘاد ﰲ ﺣﻘيﻘة اﻷمر مﻄاﺑ ًﻘا للواقﻊ وﻋﻨدئذ يكون
اﻋتﻘادا ﻓاس ًدا«).(1
ً
الﻈن ﺗتعاوره اﻻﺣتﻤاﻻت ﻋلﻰ ﺻعيد اﻹدراك؛ ﲨيعا أ ّن ّ
الﻈن وﻫذه الثﻼثة ً
وﺑﻨاءً ﻋليﻪ :ﻓالفرق ﺑﲔ ّ
ﲝيث ﻻ ﳚﺰم اﳌـُد ِرك ّن أﺣد اﻻﺣتﻤالﲔ أو اﻻﺣتﻤاﻻت متﻄاﺑﻖ مﻊ الواقﻊّ ،أما العلﻢ واليﻘﲔ واﻻﻋتﻘاد
ﻓﻬي إدراﻛات ﻻ ﺗتﺰاﺣﻢ ﻓيﻬا اﻻﺣتﻤاﻻت لﻨسبة للﻤد ِرك ،ﺑل يتّﺠﻪ مباشرة إﱃ معﲎ واﺣد ﰲ رأسﻪ.
الﺸﻚ.
ّ نﻴاً:
الشﻚ ،وﻫي مرﺗبة ﺗتساوى ﻓيﻬا
ّ الراجح مرﺗبة
الﻈن ّ
قال الشيخ ﺣبﻨّكة» :و ﰐ من دون مرﺗبة ّ
اﻻﺣتﻤاﻻت ﺗساو ً ما؛ ﻓﻼ يكون لبعﻀﻬا رجحان ﻋلﻰ ﺑعﺾ ،واﻹدراك ﰲ ﻫذه اﳌرﺗبة إدراك ﺑﻼ رجحان«.
ﺣﱴ أدﱏ درجاتالشﻚ يُﻄلﻖ ﻋلﻰ ﻫذا اﳌعﲎ ويُﻄلﻖ أيﻀاً ﻋلﻰ ما ﻫو دونﻪ؛ ّ وذﻛر -ﻋليﻪ رﲪة ﷲ -أ ّن ّ
الوﻫﻢ ،ومﻨﻪ ﰲ اﻻستعﻤاﻻت الﻘرآنية) :أَِﰲ ا ﱠِ َﺷ ﱞ
ﻚ( ،أي :أﰲ ﲢ ّﻘﻖ وجوده أدﱏ ّ
ﻇن).(2
ﻛل مﺼﻄلح ﻋلﻰ رﺗبة لكن من ب ﲤييﺰ اﳌﺼﻄلحات ﻋن ﺑعﻀﻬا؛ ِّ
نفﻀل ﰲ ﻫذا البحث أن نﻘﺼر ّ
واﺣدة دون ﻏﲑﻫا.
الشﻚ ﰲ ﺗوارد ﻋ ّدة اﺣتﻤاﻻت ﻋلﻰ اﻷمر الواﺣد ،لكﻨّﻪ يتﻤيّﺰ ﻋﻨﻪ ﺑعﻨﺼر
الﻈن مﻊ ّ
وﻫكذا يشﱰك ّ
الشﻚ يفتﻘر إﱃ ﻫذا العﻨﺼر ،ﻷ ّن ميﺰﺗﻪ ﻫي التساوي ﺑﲔ اﻻﺣتﻤاﻻت.
الﱰجيح؛ إذ ّ
لﺜا :الوﻫﻢ.
الﻈن الوﳘي اﳌﻘاﺑل للﻈن
قال الشيخ ﺣبﻨّكة» :و ﰐ من دون مرﺗبة الشﻚ مرﺗبة الﻈن اﳌرجوح ،وﻫو ّ
سﻤﻰ )وﳘا(«).(3
الراجح ،ولذلﻚ يُ ّ
ﻓالﻈن والوﻫﻢ يشﱰﻛان ﰲ ﻋﻨﺼرين ﳘا :ازدﺣام اﻻﺣتﻤاﻻت ،وﺗرجيح أﺣدﻫا ﻋلﻰ اﻵخر.
وﺑﻨاءً ﻋليﻪ؛ ّ
الﻈن أخ ٌذ ّلراجح ﻓعﻼً ﰲ الواقﻊ ونفﺲ اﻷمر ،والوﻫﻢ أخ ٌذ ﳌرجوح ﰲ الواقﻊ ونفﺲ
ويفﱰقان ﰲ أ ّن ّ
اﻷمر وإن ﺑدا أنّﻪ راجح لﺼاﺣبﻪ.
) (1اﳌيداﱐ ،ﻋبد الرﲪن ﺣسن ﺣبﻨّكة )ت2004م( ،ﺿواﺑﻂ اﳌﻌﺮﻓﺔ وأﺻول اﻻستدﻻل واﳌﻨاﻇﺮة ،ط ،4دار الﻘلﻢ ،دمشﻖ،
1414ه1993/م :ص.124-123
) (2نفﺲ اﳌرجﻊ :ص .125
) (3نفﺲ اﳌرجﻊ :ص .125
106
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
) (1انﻈر :اﺑن مﻨﻈور ،لﺴان الﻌﺮب ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،2ص.445
) (2الشوﻛاﱐ ،إرﺷاد الﻔﺤول ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،2ص.257
) (3انﻈر :اﺑن ﺑدران ،ﻋبد الﻘادر ﺑن أﲪد )ت1346ه( ،اﳌدﺧل إﱃ مﺬﻫﺐ اﻹمام أﲪد ،د.ط ،دار إﺣياء الﱰاث العرﰊ ،د.ت :ص.197
) (4انﻈر :البﺨاري ،ﻋﻼء ال ّدين ﻋبد العﺰيﺰ أﲪد )ت730ه( ،ﻛﺸﻒ اﻷسﺮار ﻋن أﺻول ﻓﺨﺮ اﻹسﻼم البﺰدوي ،دار الكتاب العرﰊ،
ﺑﲑوت1973 ،م :ج ،4ص.77
107
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
ﺗﻌﺮيﻒ الﺴﺮﺧﺴﻲ:
»الﱰجيح ﰲ الشريعة ﻫو ﻋبارة ﻋن ز دةٍ ﺗكون وﺻ ًفا ﻻ أﺻﻼً«).(1
ﺗﻌﺮيﻒ ﻋبد الﻌﺰيﺰ البﺨاري:
ﺣﺠة معارﺿة«).(2
»الﱰجيح ﻋبارة ﻋن إﻇﻬار ّقوة ﻷﺣد الدليلﲔ اﳌتعارﺿﲔ؛ لو انفردت ﻋﻨﻪ ﻻ ﺗكون ّ
ﺗﻌﺮيﻒ الﻜمال ﺑن اﳍمام:
يستﻘل«).(3
ّ »إﻇﻬار الﺰ دة ﻷﺣد اﳌتﻤاثلﲔ ﻋلﻰ اﻵخر ﲟا ﻻ
خاﺻة، ِ ِ
لﺼﻨاﻋة اﳊ ّدية ّ
نكتفي ذا الﻘدر من التعريفات ،وﻫي ﻻ ﲣلو من اﻻنتﻘادات الﱵ ﺗُعﲎ ّ
لكن لﻨّﻈر إﱃ اﳌعﲎ اﳌﻘﺼود؛ ﳒد أ ّن مفﻬوم الﱰجيح ﻋﻨد اﳊﻨفية يﻘوم ﻋلﻰ العﻨاﺻر اﻵﺗية:
أ .التماثل ﺑﲔ الدلﻴﻠﲔ من ﺣﻴﺚ اﻷﺻل:
أي من ﺣيث ال ّذات ،ﻓإذا ﻛان أﺣد الدليلﲔ أقوى من اﻵخر ذا ً؛ مثل اﻵية الﻘرآنية مﻊ السﻨة
اﻷﺣادية ،أو السﻨة اﳌتواﺗرة مﻊ السﻨة اﻵﺣادية ،أو السﻨة اﳌشﻬورة مﻊ السﻨة اﻷقل شﻬرة )العﺰيﺰ والﻐريب(،
والﻨص من الﻘرآن أو السﻨة مﻊ الﻘياس ...ﻫذا من ﺣيث الثبوت.
ومن ﺣيث الدﻻلة الﻘﻄعي مﻊ الﻈﲏ ،والعبارة مﻊ اﻹشارة وما دو ا ،والﻨص مﻊ الﻈاﻫر؛ وﻏﲑ ذلﻚ،
ﻓإنّﻪ ﻻ ﳚري ﺑيﻨﻬا ﺗعارض ،ﺑل يﻘدﱠم اﻷقوى ﻋلﻰ ما ﻫو دونﻪ.
ﺣﺠﺔ لو انﻔﺮد: ِ
اﳌﺮﺟح ﻻ ﺑ ّد أن ﻻ يﻜون ّ
بّ .
ِ
اﳌرجح والدﱠليل ِ
مﻨفردا ،ﻓﻬﻨا يرى اﳊﻨفية أنّﻪ ﻻ ﺗعارض ﺑﲔ ﻫذا الدليل ّ
تﺞ ﺑﻪ ً اﳌرجح ﳑّا ُﳛ ّ
ّأما إذا ﻛان ّ
ِ
اﳌرجح مﻨذ البداية ﻋلﻰ أساس أنّﻪ ال ّدليل اﻷقوى ﰲ اﳌسألة.
الذي ﻋارﺿﻪ ،و لتاﱄ ﻻ ﺗرجيح ،ﺑل يُﺼار إﱃ ّ
ِ
اﳌرجحات :ﻛثرة اﻷدلّة ،ﻛثرة ِ
مرجحات يعتﱪﻫا اﳉﻤﻬور ﺻحيحة ،ومن ﻫذه ّ وﻫذا الﻘيد ﲣرج ﺑﻪ ﻋ ّدة ّ
الرواة ،مواﻓﻘة الدليل للﻘياس ...
ّ
ﳏﻤد ﺑن أﲪد ﺑن أﰊ سﻬل )ت483ه( ،أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :أﺑو الوﻓاء اﻷﻓﻐاﱐ( ،دار اﳌعرﻓة ،ﺑﲑوت :ج ،2ص.249
) (1السرخسيّ ،
) (2البﺨاري ،ﻛﺸﻒ اﻷسﺮار ،مرجﻊ ساﺑﻖ.78/4 :
) (3انﻈر :أمﲑ دشاه ،ﳏﻤد أمﲔ ﺑن ﳏﻤود البﺨاري )ت972ه( ،ﺗﻴﺴﲑ التﺤﺮيﺮ ﻋﻠﻰ ﻛتاب التﺤﺮيﺮ ﻻﺑن اﳍمام ،د.ط ،دار الفكر،
ﳏﻤد )ت879ه( ،التقﺮيﺮ والتﺤبﲑ ﻋﻠﻰ ﻛتاب التﺤﺮيﺮ
ﳏﻤد ﺑن ّ
ﺑﲑوت ،د.ت :ج ،3ص153؛ اﺑن أمﲑ اﳊاج ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﴰﺲ ال ّدين ّ
ﻻﺑن اﳍمام ،ط ،2دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1983 ،م :ج ،3ص.17
108
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
ج .اﻹﻇﻬار:
أي :أ ّن الﱰجيح ﻫو ﻋﻤل ا تﻬد اﳌتﻤثِّل ﰲ إﺑراز وﻛشﻒ الﺰ دة والفﻀل ﻷﺣد اﳌتﻤاثلﲔ ﻋلﻰ اﻵخر،
ﻋﱪا ﺑـ )ز دة( ،و)ﻓﻀل( ،واﳊﻘيﻘة أ ّن الﺰ دة
وﻋلﻰ ﻫذا ﻻ يكون ﺗعريفا البﺰدوي والسرخسي دقيﻘﲔ؛ ﻷ ّ ﻤا ّ
والفﻀل ﻋبارة ﻋن رجحان ،ﻻ ﻋن ﺗرجيح.
-2مﻨﻬﺞ اﳉمﻬور:
ومن ﺗعريفا ﻢ:
ﺗﻌﺮيﻒ أﰊ اﳊﺴن البﺼﺮي:
»الﱰجيح ﻫو الشروع ﰲ ﺗﻘوية أﺣد الﻄريﻘﲔ ﻋلﻰ اﻵخر«).(1
ﺗﻌﺮيﻒ اﳉويﲏ:
الﻈن«).(2
»ﺗﻐليب ﺑعﺾ اﻷمارات ﻋلﻰ ﺑعﺾ ﰲ سبيل ّ
ﺗﻌﺮيﻒ الﻐﺰاﱄ:
»ﺗرجيح أمارة ﻋلﻰ أمارة ﰲ مﻈا ّن الﻈﻨون«).(3
ﺗﻌﺮيﻒ اﻵمدي:
»اقﱰان أﺣد الﺼاﳊﲔ للدﻻلة ﻋلﻰ اﳌﻄلوب مﻊ ﺗعارﺿﻬﻤا ﲟا يوجب العﻤل ﺑﻪ وإﳘال اﻵخر«).(4
ﺗﻌﺮيﻒ اﺑن اﳊاﺟﺐ:
»اقﱰان اﻷمارة ﲟا ﺗﻘوى ﺑﻪ ﻋلﻰ معارﺿﻬا«).(5
) (1البﺼري ،أﺑو اﳊسﲔ ﳏﻤد ﺑن ﻋلي )ت436ه( ،اﳌﻌتمد ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﲪيد ﷲ( ،د.ط ،اﳌعﻬد العلﻤي الفرنسي
للدراسات العرﺑية ،دمشﻖ1965 ،م :ج ،2ص.299
) (2اﳉويﲏ ،أﺑو اﳌعاﱄ ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن ﻋبد ﷲ )ت478ه( ،الﱪﻫان ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد العﻈيﻢ ﳏﻤود ال ّديب( ،ط ،4دار الوﻓاء،
اﳌﻨﺼورة1418 ،ه :ج ،2ص.1142
) (3الﻐﺰاﱄ ،أﺑو ﺣامد ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد )ت505ه( ،اﳌﻨﺨول من ﺗﻌﻠﻴقات اﻷﺻول) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﺣسن ﻫيتو( ،ط ،2دار الفكر ،دمشﻖ،
1980م :ص .426
) (4اﻵمدي ،اﻹﺣﻜام ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،4ص.320
) (5اﺑن اﳊاجب ،ﲨال ال ّدين أﺑو ﻋﻤرو ﻋثﻤان ﺑن ﻋﻤرو )ت646ه( ،مﻨتﻬﻰ الوﺻول واﻷمل ﰲ ﻋﻠمﻲ اﻷﺻول واﳉدل ،ط ،1دار الكتب
العلﻤية ،ﺑﲑوت1985 ،م :ص.222
109
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
) (1اﺑن العرﰊ ،أﺑو ﺑكر ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲ اﳌعاﻓري اﻹشبيلي اﳌالكي )ت543ﻫـ( ،اﶈﺼول ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﺣسﲔ ﻋلي اليدري،
ﻋﻤان1420 ،ﻫـ1999/م :ص.149 سعيد ﻓودة( ،ط ،1دار البيارقّ ،
110
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
و ّأما ﻋبارة )ﺗﻘوية(؛ ﻓإ ّ ا وإن ﻛانت ﰲ دئ اﻷمر ﺗوﺣي ّن الﱰجيح ﻫو ﻋﻤل ا تﻬد؛ ﻏﲑ أ ّ ا
الﻘوة ،ﻻ
مﻨتﻘدة أيﻀاً ﺑكون التﻘوية إّﳕا ﻫي ﻋﻤل ال ّشارع ،ﻻ ﻋﻤل ا تﻬدّ ،أما ا تﻬد ﻓعﻤلﻪ إﻇﻬار ﻫذه ّ
إﺣداثﻬا).(2
رجح الشيخ ﲞيت اﳌﻄيعي رأي اﳊﻨفية ﰲ ﻫذه اﳊيثية ﻓﻘال» :وقال اﳊﻨفية :الﱰجيح إﻇﻬاروﳍذا ّ
الﻘوة ،ﻻ ﺗﻘوية وﻻ اقﱰان ،ﺑل إﻇﻬار ذلﻚ ﻓﻘﻂ«).(3
ﳎرد إﻇﻬار الﺰ دة و ّ
ز دة أﺣد اﳌتﻤاثلﲔ ،ليﺲ إﻻّ ّ
أﻇن -وﷲ أﻋلﻢ -أ ّ ا
ويرى البحث أ ّن ﻫذه الﻨﻘﻄة ﺗتعلّﻖ لدقّة اللّفﻈية ﰲ ﺻﻨاﻋة اﳊدود ﻓﻘﻂ ،وﻻ ّ
ﻻزم للرجحان،شﻚ أ ّن الﱰجيح ٌ
ﳑّا يﱰﺗّب ﻋليﻪ ﲦرة ﻋﻤلية ،والشيخ ﲞيت -رﲪﻪ ﷲ -نفسﻪ يﻘول» :ﻻ ّ
و لعكﺲ؛ ﻷ ّن ا تﻬد ﻻ ﳝكﻨﻪ أن ِّ
يبﲔ أ ّن إﺣدى اﻷمارﺗﲔ أقوى إﻻّ إذا اقﱰنت ﲟا ﺗﻘوى ﻋلﻰ معارﺿتﻬا،
ﻓﻤﺂل التعريفﲔ واﺣد ،وﻛﻼﳘا ﺗعريﻒ لﻼزم ،ﻏاية اﻷمر أ ّن اﳌﺼﻨِّﻒ -يﻘﺼد اﻹسﻨوي -نﻈر ﰲ ﺗعريفﻪ إﱃ
ﻓعل ا تﻬد ،واﺑن اﳊاجب واﻵمدي -وقد سبﻖ ذﻛر ﺗعريفيﻬﻤا -إﱃ ﺗرجيح اﻷمارة نفسﻬا .(4)«...
وﺗعريفات اﳊﻨفية أوﱃ -وﷲ أﻋلﻢ -من ﺣيث دقّة اللّفظ ،ﻋلﻰ أ ّن ﻋبارة )إﻇﻬار( أيﻀا قد ﻻ ﺗسلﻢ
من اﻻنتﻘاد؛ ﻷ ّن الﱰجيح ﻏايتﻪ العﻤل لدليل الراجح ،وليﺲ ﳎﱠرد اﻹﻇﻬار.
ويبدو ﱄ أ ّن ﺗعريﻒ اﺑن اللﱠحام قد يكون من أﺣسن التعريفات إذا أدخلﻨا ﻋليﻪ ﺑعﺾ التعديﻼت،
ﺑﻘوة ﰲ الدﻻلة«).(5
وﺗعريفﻪ ﻫو» :ﺗﻘدﱘ أﺣد طريﻘي اﳊكﻢ ﻻختﺼاﺻﻪ ّ
ووجﻪ ﺗفﻀيل ﻫذا التعريﻒ -ﰲ نﻈري -ما يلي:
ﳏﻤد ﲨال ال ّدين ﻋبد الرﺣيﻢ ﺑن اﳊسن ﺑن ﻋلي )ت772ﻫـ( ،ايﺔ الﺴﱡول ﰲ ﺷﺮح مﻨﻬاج اﻷﺻول ،د.ط ،ﻋاﱂ الكتاب،
) (1اﻹسﻨوي ،أﺑو ّ
د.ت :ج ،4ص.445
) (2انﻈر :اﺑن السبكي ،أﺑو اﳊسن ﺗﻘي الدين ﻋلي ﺑن ﻋبد الكاﰲ )ت756ه( ،وولده ج ال ّدين ﻋبد الوﻫاب )ت771ه( ،اﻹ اج ﰲ
ﺷﺮح اﳌﻨﻬاج) ،ﲢﻘيﻖ :شعبان ﳏﻤد إﲰاﻋيل( ،د.ط ،مﻄبعة أسامة1982 ،م :ج ،3ص.223
ﳏﻤد ﲞيت )ت1354ه( ،سﻠّﻢ الوﺻول لﺸﺮح ايﺔ الﺴول ،د.ط ،ﻋاﱂ الكتاب ،د.ت :ج ،4ص.445 ) (3اﳌﻄيعيّ ،
) (4اﳌرجﻊ الساﺑﻖ.
اللحام ،ﻋﻼء ال ّدين أﺑو اﳊسن ﻋلي ﺑن ﳏﻤد )ت803ه( ،اﳌﺨتﺼﺮ ﰲ أﺻول الﻔقﻪ ،مرﻛﺰ البحث العلﻤي ،مكّة ّ
اﳌكرمة :ص.168 ) (5اﺑن ّ
111
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
) (1الﱪزﳒي ،ﻋبد اللﻄيﻒ ﻋبد ﷲ ﻋﺰيﺰ ،التﻌارض والﱰﺟﻴح ﺑﲔ اﻷدلﺔ الﺸﺮﻋﻴﺔ ،ط ،1مﻄبعة العاﱐ ،العراق1977 ،م :ج ،1ص.139
) (2الشﻨﻘيﻄي ،أﺑو ﳏﻤد ﻋبد ﷲ ﺑن إﺑراﻫيﻢ العلوي )ت1235ه( ،نﺸﺮ البﻨود ﻋﻠﻰ مﺮاﻗﻲ الﺴﻌود ،د.ط ،مﻄبعة ﻓﻀالة ،اﳌﻐرب ،د.ت:
ج ،2ص.279
112
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
113
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
البحث ﰲ اﳌﻄلب اﻵنﻒ إﱃ ﺗعريﻒ الﱰجيح ﲟا يﻘيِّده ﺑكونﻪ ﻇﻨياً ﻋﻨدما اقﱰح أن يُﻘال :ﺗﻘدﱘ أﺣد طريﻘي
لظن اختﺼاﺻﻪ ﲟﺰيد ّقوة ﰲ الدﻻلة.
اﳊكﻢ ليُعﻤل ﺑﻪ ،نﻈراً ّ
الﻈن -ﺑداع ﰲ
ﻋﱪ العﻼّمة الشﻨﻘيﻄي ﻋن ﻫذا اﳌعﲎ -أي :ﻛون الﱰجيح يﻘوم ويﻘعد ﻋلﻰ ّقوة ّ وقد ﱠ
مﻨﻈومتﻪ مراقي ال ﱡسعُود ﻋﻨدما قال:
حات ﻓاﻋتﱪ ...واﻋلﻢ ّن ﻛلﱠﻬا ﻻ يﻨحﺼر ِ
رج ٌوقد َخلَت ُم ّ
)(1
ﻗﻄﺐ رﺣـاﻫا ﻗ ّـوة اﳌظ ـﻨّـﺔ ...ﻓﻬي لــدى ﺗعارض مئﻨة
ﺗرجح ﻋلﻰ سبيل ﻏلبة
لﻈن( :أ ّن الﻄريﻖ الذي ّﰎ ﺗرجيحﻪ؛ إّﳕا ّ
و لتاﱄ ﻓاﳌﻘﺼود من ﻋبارة )الﱰجيح ّ
الﻈن ،وليﺲ ﻋلﻰ سبيل الﻘﻄﻊ؛ إذ لو ﻛان ﻋلﻰ جﻬة الﻘﻄﻊ؛ ﻻنتفﻰ أﺻﻼً وقوع التعارض مﻨذ البداية، ّ
وﻻنتفﻰ ﺗبعا لذلﻚ وقوع الﱰجيح اﺻﻄﻼﺣاً.
ذﻛرت ﰲ اﳌﻘ ِّدمة ،وذلﻚ
ﻏﲑ أ ّن ﻫذه اﳌسألة ُﺣكي ﻓيﻬا اﳋﻼف ﰲ العﺼور اﻷوﱃ من اﻻجتﻬاد ﻛﻤا ُ
ﻓحكي ﻋن ﺑعﺾ اﻷﺻوليﲔ أنّﻪ يرﻓﺾ أن يكون ويستﻘر ﻋلﻰ ما ﻫو ﻋليﻪ اﻵنُ ،
ّ يتﻘرر مفﻬوم الﱰجيح
قبل أن ﱠ
الﱰجيح ﲟا ﻫو ﻇﲏ ،واشﱰط أﻻّ يكون الﱰجيح إﻻّ قﻄعياً ،وقد ذﻛروا ﰲ ذلﻚ ﺑعﺾ اﻷدلّة ،وخالفﻬﻢ اﳉﻤﻬور
ﰲ مذﻫبﻬﻢ ﻫذا ،وﻫو ما ﳓاول ﺑيانﻪ ومﻨاقشتﻪ ﰲ اﳌبحث اﻵﰐ ﲝول ﷲ.
) (1انﻈر :الشﻨﻘيﻄي ،نﺸﺮ البﻨود ﻋﻠﻰ مﺮاﻗﻲ الﺴﻌود ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،2ص.314
114
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
وقول الﻐﺰاﱄ» :وﻋﺰا ّ ..لرمﺰ« ،واﻷقوال ذات الشأن ﻻ ﺗُعﺰى ّلرمﺰ ،ﺗُعﺰى لﺼريح ِّ
البﲔ.
115
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
ﻋامة العلﻤاء،
وجاء ﰲ اﳌس ﱠودة ﻵل ﺗيﻤية» :ﳚوز ﺗرجيح أﺣد ال ّدليلﲔ الﻈﻨّيﲔ ﻋلﻰ اﻵخر ﻋﻨد ّ
واختلﻒ الﻨﻘل ﻓيﻪ ﻋن البﺼري«).(1
وقال ال ّشوﻛاﱐ» :وقد ﲰّﻰ ﺑعﻀﻬﻢ ﻫذا اﳌﺨالﻒ ﰲ العﻤل لﱰجيح ﻓﻘال ﻫو البﺼري اﳌلﻘﱠب ﲜُعل،
ﻛﻤا ﺣكاه الﻘاﺿي ،واستبعد اﻷنباري وقوع ذلﻚ من مثلﻪ« ).(2
الشﻚ ﰲ وجود ﻫذا الﻘائل أﺻﻼً ،وإن ﻓُرض وجوده يدل اﺑتداءً ﻋلﻰ ّ
دل ﻋلﻰ شيء ﻓإّﳕا ّ
وﻫذا إن ّ
اﳊﺠة والدليل ،إذ اﻷقوال الشاذّة ﻏالباً ما ﺗُذﻛر ﺑﺼيﻎ
الرأي وﺿعفﻪ من ﺣيث ّ يدل ﻋلﻰ شذوذ ﻫذا ّ
ﻓإنّﻪ ّ
التﻤريﺾ والتﺠﻬيل وﻻ يُعرف قائلوﻫا ،ولو ﻛان ﳍذا الﻘول شأن؛ لشاع وذاع ،و ُلعرف أﺻحاﺑﻪ ،ولﻨاﻓحوا ﻋن
مذﻫبﻬﻢ ،ولتوارثﻪ ﺗﻼميذﻫﻢ من ﺑعد.
نﻴاً :القاﺿﻲ الباﻗﻼﱐ.
ِ
اﳌرجح قﻄعياً ،ﻓإن ﱂ يكن
يُﻨسب إﱃ الﻘاﺿي الﻘول ﺑرﻓﺾ الﱰجيح ﲟا ﻫو ﻇﲏ ،واشﱰاط أن يكون ّ
ﻛذلﻚ ﻓالواجب ﻫو التوقﱡﻒ.
وﻫذا الﻘول ﲢكيﻪ ﻛثﲑ من ﻛتب اﻷﺻول).(3
ﺻحتﻬا ،ﻓﻐاية ما يذﻛره اﻷﺻوليون أ ّن الباقﻼﱐ
واﳊﻘيﻘة أ ّن ﻫذه الﻨّسبة ﻻ ﲣلو أيﻀاً من التشكيﻚ ﰲ ّ
ﺣكﻰ ﻫذا الﻘول ،وﺣكاية الﻘول ﻻ ﺗعﲏ أنّﻪ يﻘول ﺑﻪ ،وﳍذا قال الدﻛتور ﻋبد اﳊﻤيد أﺑو زنيد ﰲ ﲢﻘيﻘﻪ
ﻷﱐ ﱂ أجد من
لكتاب اﺑن ﺑرﻫان )الوﺻول إﱃ اﻷﺻول(» :نسبة ﻫذا الﻘول للﻘاﺿي أﰊ ﺑكر ﻓيﻪ نﻈرّ ،
ﻂ ﻛﻬذا ﺗكون الدواﻋي موجودة ﻋلﻰوقول ساق ٌ
نسب ﻫذا الﻘول إليﻪ ﳑّن ﻫﻢ شديدو اﻻﻋتﻨاء ﺑﻨﻘل أقوالﻪٌ ،
نﻘلﻪ«).(4
السﻼم ﺑن ﺗيﻤية )ت652ﻫـ( ،واﻷب؛ ﻋبد اﳊليﻢ ﺑن ﺗيﻤية )ت682ﻫـ( ،واﳊفيد؛ أﲪد ﺑن ﺗيﻤية
) (1آل ﺗيﻤية ،اﳉ ّد؛ ﳎد ال ّدين ﻋبد ّ
)ت728ﻫـ( ،اﳌﺴ ﱠودة ﰲ أﺻول الﻔقﻪّ ،
اﳌﺆسسة السعودية ،الﻘاﻫرة1983 ،م :ص.277
) (2الشوﻛاﱐ ،إرﺷاد الﻔﺤول ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ص.276
) (3انﻈر :البﻨاﱐ ،ﻋبد الرﲪن ﺑن جاد ﷲ اﳌﻐرﰊ )ت1198ه( ،اﳊاﺷﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﳉﻼل اﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﲨع اﳉوامع ﻻﺑن الﺴبﻜﻲ ،د.ط،
دار الفكر ،ﺑﲑوت ،د.ت :ج ،2ص361؛ العﻄّار ،ﺣسن ﺑن ﳏﻤد الشاﻓعي )ت1250ﻫـ( ،اﳊاﺷﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﳉﻼل اﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﲨع
اللحام ،اﳌﺨتﺼﺮ ﰲ أﺻول الﻔقﻪ ،مرجﻊ ساﺑﻖ:
اﳉوامع ﻻﺑن الﺴبﻜﻲ ،د.ط ،دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت ،د.ت :ج ،2ص404؛ اﺑن ّ
ص169؛ الشﻨﻘيﻄي ،نﺸﺮ البﻨود ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،2ص279؛ اﳌﻄيعي ،سﻠّﻢ الوﺻول ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ج ،4ص 446وﻏﲑﻫا.
) (4أﺑو زنيد ﻋبد اﳊﻤيد ،ﲢقﻴﻖ ﻛتاب الوﺻول إﱃ اﻷﺻول ﻻﺑن ﺑﺮﻫان ،ط ،1مكتبة اﳌعارف1404 ،ﻫـ1984/م :ج ،2ص.332
116
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
117
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
قالوا :أمر ﷲ ﺗعاﱃ ﲟﻄلﻖ اﻻﻋتبار من ﻏﲑ ﺗﻘييد ،والعﻤل ﳌرجوح نوع من اﻻﻋتبار؛ ﻓﻼ ي ﻋن
الراجح.
ﺗرﻛﻪ ﻷجل ّ
يتوﱃ السرائر().(1
-2قول الﻨﱯ -ﺻلّﻰ ﷲ ﻋليﻪ وسلّﻢ) :-أمرت أن أﺣكﻢ لﻈاﻫر وﷲ ّ
قالوا :الدليل اﳌرجوح ﻇاﻫر؛ ﻓالعﻤل ﺑﻪ جائﺰ.
-3ﻷ ّن الدليلﲔ إذا ﺗعارﺿاِ ،
ض
معار ٌ
مﻘدار ﻫو َ
ﻛل واﺣد مﻨﻬﻤا ٌ ور ّجح أﺣدﳘا ﻋلﻰ اﻵخر؛ ﻓفي ِّ
ُ
وﳎرد الرجحان ليﺲ ﺑدليل ،وما ليﺲ ﺑدليل ﻻ ﳚوز اﻻﻋتﻤاد
ﳎرد الرجحانّ ،
ﲟثلﻪ ،ﻓسﻘﻂ اﳌثﻼن ،ويبﻘﻰ ّ
ﻋليﻪ.
ﻇن لو انفرد ﺑﻨفسﻪ لوجب اﺗِّباﻋﻪ ،ﻓالواجب إذا ﻫو التﺨيﲑ
ﻛل ٍّ ِ
ﺗرجحون أﺣد الﻈﻨﲔ ،و ّ
-4ﻛيﻒ ّ
أو الوقﻒ.
الكل من ﻋﻨد ﷲ ،وﲨيﻊ اﻷدلة
-5ليﺲ ﻫﻨاك آيةٌ أوﱃ من آية ،وﻻ ﺣديث أوﱃ من ﺣديث ،ﺑل ّ
سواء ﰲ ب وجوب الﻄاﻋة واﻻمتثال.
118
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
الدلﻴل الﺜالﺚ:
الرجحان ،وإّﳕا
الرجحان ﺗسﻘﻂ ﲟﻘاﺑلﻬا إذا ﻋﻀدﻫا ّ نوقﺶ نّﻪ ﻻ يُسلﱠﻢ ّن ّ
اﳊﺼة اﳌتساوية ﰲ جﻬة ّ
يُسلّﻢ السﻘوط مﻊ اﳌساواة ،وﻫذا ﻛﻤا يﻘﻀﻰ ﻋدل البيِّﻨتﲔ ،إذ ليﺲ معﻨاه أنّﻪ يُﻘﻀﻰ ﲟﺰيد العدالة دون
الراجحة ﻻ ﺑرجحا ا مﻊ قﻄﻊ الﻨّﻈر ﻋﻨﻬا ،ﻓكذلﻚ ِ
أﺻلﻬا ،ﺑل ﺻل العدالة مﻊ الﱡرجحان ،ﻓيُﻘﻀﻰ لبيّﻨة ّ
ﻫﻬﻨا.
الﺮاﺑع:
الدلﻴل ّ
دل ﻋلﻰ خﻼﻓﻪ؛
نُوقﺶ نّﻪ ﻛان ﳚوز ورود التعبّد لتسوية ﺑﲔ الﻈﻨّﲔ وإن ﺗفاو ،لكن إﲨاع ال ﱠسلﻒ ّ
ﻓلﻘد ُﻋلﻢ من ال ﱠسلﻒ ﺗﻘدﳝﻬﻢ ﺑعﺾ اﻷخبار ﻋلﻰ ﺑعﺾ ﻛﻤا سيأﰐ ﺑيانﻪ ﲝول ﷲ.
الدلﻴل اﳋامﺲ:
نُوقﺶ ّن ﺗﻘدﱘ آية ﻋلﻰ آية ،أو ﺣديث ﻋلﻰ ﺣديث ليﺲ أمراً اﻋتباطياً أو جﺰاﻓياً ﻻ مستﻨد لﻪ،
ﻓاﳌرجح ﻫو الذي يعﻄي ﻫذه اﻷولوية ﰲ العﻤل ذه اﻵية دون ﺗلﻚ ،وﻫذا اﳊديث دون ذاك. ِ
ّ
الدلﻴل الﺴادس:
نوقﺶ من ﻋ ّدة وجوه:
ﺗرجح ﺑيِّﻨة ﻋلﻰ ﺑيِّﻨة ليﺲ ﻋلﻰ إطﻼقﻪ ،ﺑل قد يُعتﱪ ذلﻚ ﰲ الشﻬادة ،وقد ذﻛر اﳉويﲏ أ ّن
-1ﻋدم ّ
رجح ﺑعﺾ البيِّﻨات ﻋلﻰ ﺑعﺾ ،ﻓﻘد قال» :ﻓإ ّن ﰲ العلﻤاء من يرى ﺗرجيح البيِّﻨة ﻋلﻰ ِ
ﺑعﺾ أﻫل العلﻢ يُ ّ
السلﻒ«).(1 ِ
البيّﻨة ،وﻫو مالﻚ -رﺿي ﷲ ﻋﻨﻪ ،-وطوائﻒ من ﻋلﻤاء ّ
يﺼح قياس ﻋدم الﱰجيح ﰲ اﻷخبار ﻋلﻰ ﻋدم الﱰجيح ﰲ ب الشﻬادة ،ﻷ ّن الشﻬادة يُعتﱪ -2ﻻ ّ
ﺗﱰجح
ﺻحتﻬا ﻓإّ ا ّ ﻓيﻬا اللفظ والعدد واﳊرية ،وﻻ ﺗفتﻘر إﱃ معﲎ آخرّ ،أما اﻷخبار ﻓكل ما يُ ِّ
ﻘوي ﰲ الﻨّفﺲ ّ ّ
ﺑﻪ.
مبﲏ ﻋلﻰ التعبّد؛ إذ ﻻ ﺗُﻘبل شﻬادة مائة امرأة ،وﻻ مائة ﻋبد ﻋلﻰ قة ﺑﻘل ،وليﺲ
-3ب الشﻬادة ﱞ
ﻛذلﻚ اﻷخبار.
-4أﲨﻊ الﺼحاﺑة ﻋلﻰ التفريﻖ ﺑﲔ ب الشﻬادة ،و ب اﻷخبار ،وقد أُلﻒ مﻨﻬﻢ الﱰجيح ﰲ الثاﱐ
دون اﻷول.
119
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
) (1انﻈر :الريسوﱐ ،أﲪد ،نظﺮيﺔ التقﺮيﺐ والتﻐﻠﻴﺐ وﺗﻄبﻴقا ا ﰲ الﻌﻠوم اﻹسﻼمﻴﺔ ،ط ،1دار الكلﻤة1418 ،ﻫـ1997/م :ص.145
) (2انﻈر :نفﺲ اﳌرجﻊ :ص.153
120
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
شﻚ
ﻓﻬذه اﻵ ت ﺗفيد أنّﻨا مﻄالبون أن نفعل أﺣسن ما ﳝكن ﻓعلﻪ ،ونﻘول أﺣسن ما ﳝكن قولﻪ ،وﻻ ّ
أ ّن العﻤل لراجح الﻈﲏ ﰲ مﻘاﺑلة اﳌرجوح ﻫو ﻋﻤل ﻷﺣسن ،وقول ﻷﺣسن.
ﺴﻨَﻪُ ۚ(» :ومﻨﻪ الﻨّﻈر واﻻستدﻻل ﰲ شرائﻊ قال العﻼّمة ﺑن ﻋاشور ﰲ ﺗفسﲑ قولﻪ ﺗعاﱃ) :ﻓَـﻴَـتﱠبِ ُﻌو َن أ ْ
َﺣ َ
التﻬﻤﻢ ﺑرﻋاية مﻘاﺻده ﰲ شرائﻊ العبادات
اﻹسﻼم ،وإدراك دﻻئل ذلﻚ ،والفﻘﻪ ﰲ ذلﻚ والفﻬﻢ ﻓيﻪ ،و ّ
واﳌعامﻼت ،وﳑّا يتبﻊ ذلﻚ :انتﻘاء أﺣسن اﻷدلّة ،وأﺑلﻎ اﻷقوال اﳌوﺻلة إﱃ ﻫذا اﳌﻘﺼود ،ﺑدون اختﻼل وﻻ
اﻋتﻼل .(3)«...
121
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
) (1أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب الرقاق ،ب الﻘﺼد واﳌداومة ﻋلﻰ العﻤل ،ﺣديث رقﻢ.6467 :
) (2الﻨووي ،شرف ال ّدين أﺑو زﻛر ﳛﲕ ﺑن شرف )ت676ه( ،ﺷﺮح ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ ،د.ط ،دار الفكر ،ﺑﲑوت ،د.ت :ج ،17ص.162
) (3أخرجﻪ البﺨاري ،ﺻﺤﻴح البﺨاري ،مرجﻊ ساﺑﻖ ،ﻛتاب اﻻﻋتﺼام لكتاب والسﻨة ،ب أجر اﳊاﻛﻢ إذا اجتﻬد ﻓأﺻاب أو أخﻄأ ،ﺣديث
رقﻢ.7352 :
) (4اﺑن ماجة ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن يﺰيد الﻘﺰويﲏ )ت273ﻫـ( ،سﻨن اﺑن ماﺟﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻓﺆاد ﻋبد الباقي( ،د.ط ،دار إﺣياء الكتب
العرﺑية-ﻓيﺼل ﻋيسﻰ الباﰊ اﳊلﱯ ،د.ت ،ﻛتاب الفﱳ ،ب السواد اﻷﻋﻈﻢ ،ﺣديث رقﻢ.3950 :
122
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
123
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
) (1انﻈر :اﳌراجﻊ الساﺑﻘة ،ونظﺮيﺔ التقﺮيﺐ والتﻐﻠﻴﺐ ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ص .163
) (2اﺑن ﻋبد السﻼم ،ﺷﺠﺮة اﳌﻌارف واﻷﺣوال ،مرجﻊ ساﺑﻖ :ص.89
) (3أﲪد ،أﺑو ﻋبد ﷲ أﲪد ﺑن ﳏﻤد ﺑن ﺣﻨبل الشيباﱐ )ت241ﻫـ( ،مﺴﻨد أﲪد) ،ﲢﻘيﻖ :شعيب اﻷرنﺆوط ،ﻋادل مرشد ،وآخرون ،إشراف:
ﻋبد ﷲ ﺑن ﻋبد اﶈسن الﱰﻛي( ،ط ،1مﺆسسة الرسالة ،ﺑﲑوت1421 ،ﻫـ2001/م ،ﺣديث رقﻢ.3600 :
124
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
125
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
.17البﻨاﱐ ،ﻋبد الرﲪن ﺑن جاد ﷲ اﳌﻐرﰊ )ت1198ه( ،اﳊاﺷﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﳉﻼل اﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﲨع اﳉوامع ﻻﺑن
الﺴبﻜﻲ ،د.ط ،دار الفكر ،ﺑﲑوت ،د.ت.
السﻼم ﺑن ﺗيﻤية )ت652ﻫـ( ،واﻷب؛ ﻋبد اﳊليﻢ ﺑن ﺗيﻤية )ت682ﻫـ( ،واﳊفيد؛
.18آل ﺗيﻤية ،اﳉ ّد؛ ﳎد ال ّدين ﻋبد ّ
أﲪد ﺑن ﺗيﻤية )ت728ﻫـ( ،اﳌﺴ ﱠودة ﰲ أﺻول الﻔقﻪّ ،
اﳌﺆسسة السعودية ،الﻘاﻫرة1983 ،م.
.19اﳉرجاﱐ ،ﻋلي ﺑن ﳏﻤد )ت816ﻫـ( ،التﻌﺮيﻔات) ،ﲢﻘيﻖ :ﲨاﻋة من العلﻤاء( ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت،
1403ﻫـ1983/م.
.20اﳉويﲏ ،أﺑو اﳌعاﱄ ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن ﻋبد ﷲ )ت478ه( ،الﱪﻫان ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد العﻈيﻢ ﳏﻤود ال ّديب(،
ط ،4دار الوﻓاء ،اﳌﻨﺼورة1418 ،ه.
.21اﳉويﲏ ،أﺑو اﳌعاﱄ ﻋبد اﳌلﻚ ﺑن ﻋبد ﷲ )ت478ه( ،الورﻗات ،ط ،1دار الﱰاث ،الﻘاﻫرة1977 ،م.
.22اﺑن اﳊاجب ،ﲨال ال ّدين أﺑو ﻋﻤرو ﻋثﻤان ﺑن ﻋﻤرو )ت646ه( ،مﻨتﻬﻰ الوﺻول واﻷمل ﰲ ﻋﻠمﻲ اﻷﺻول
واﳉدل ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1985 ،م.
ﻋلي ﺑن أﲪد )ت456ه( ،اﻹﺣﻜام ﰲ أﺻول اﻷﺣﻜام ،ط ،1دار اﻵﻓاق اﳉديدة ،ﺑﲑوت،ﳏﻤد ّ .23اﺑن ﺣﺰم ،أﺑو ّ
1980م.
.24اﳊفﻨاوي ،ﳏﻤد إﺑراﻫيﻢ ﳏﻤد ،التﻌارض والﱰﺟﻴح ﻋﻨد اﻷﺻولﻴﲔ وأثﺮﳘا ﰲ الﻔقﻪ اﻹسﻼمﻲ ،ط ،2دار الوﻓاء،
اﳌﻨﺼورة1408 ،ﻫـ1987/م.
.25الريسوﱐ ،أﲪد ،نظﺮيﺔ التقﺮيﺐ والتﻐﻠﻴﺐ وﺗﻄبﻴقا ا ﰲ الﻌﻠوم اﻹسﻼمﻴﺔ ،ط ،1دار الكلﻤة1418 ،ﻫـ1997/م.
.26اﺑن السبكي ،أﺑو اﳊسن ﺗﻘي الدين ﻋلي ﺑن ﻋبد الكاﰲ )ت756ه( ،وولده ج ال ّدين ﻋبد الوﻫاب )ت771ه(،
اﻹ اج ﰲ ﺷﺮح اﳌﻨﻬاج) ،ﲢﻘيﻖ :شعبان ﳏﻤد إﲰاﻋيل( ،د.ط ،مﻄبعة أسامة1982 ،م.
ﳏﻤد ﺑن أﲪد ﺑن أﰊ سﻬل )ت483ه( ،أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :أﺑو الوﻓاء اﻷﻓﻐاﱐ( ،دار اﳌعرﻓة ،ﺑﲑوت.
.27السرخسيّ ،
.28الشاطﱯ ،أﺑو إسحاق إﺑراﻫيﻢ ﺑن موسﻰ )ت790ﻫـ( ،اﻻﻋتﺼام) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد رشيد رﺿا( ،د.ط ،اﳌكتبة التﺠارية
الكﱪى ،مﺼر ،د.ت.
.29الشاﻓعي ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن إدريﺲ اﳌﻄّلﱯ الﻘرشي اﳌ ّكي )ت204ﻫـ( ،مﺴﻨد الﺸاﻓﻌﻲ) ،رﺗّبﻪ :ﳏﻤد ﻋاﺑد
السﻨدي( ،د.ط ،دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت1370 ،ﻫـ1951/م.
.30الشﻨﻘيﻄي ،أﺑو ﳏﻤد ﻋبد ﷲ ﺑن إﺑراﻫيﻢ العلوي )ت1235ه( ،نﺸﺮ البﻨود ﻋﻠﻰ مﺮاﻗﻲ الﺴﻌود ،د.ط ،مﻄبعة
ﻓﻀالة ،اﳌﻐرب ،د.ت.
ﳏﻤد ﺑن ﻋلي )ت1250ﻫـ( ،إرﺷاد الﻔﺤول إﱃ ﲢقﻴﻖ اﳊﻖ من ﻋﻠﻢ اﻷﺻول) ،ﲢﻘيﻖ :الشيخ أﲪد
.31الشوﻛاﱐّ ،
ﻋﺰو ﻋﻨاية ،قدم لﻪ :الشيخ خليل اﳌيﺲ والدﻛتور وﱄ الدين ﺻاﱀ ﻓرﻓور( ،ط ،1دار الكتاب العرﰊ،
1419ﻫـ1999/م.
.32الشوﻛاﱐ ،ﳏﻤد ﺑن ﻋلي )ت1250ﻫـ( ،ﻓتح القديﺮ ،ط ،1دار اﺑن ﻛثﲑ ،دار الكلﻢ الﻄيب ،دمشﻖ ،ﺑﲑوت،
1414ﻫـ.
126
___________________________________________________________ ال جيح بالظن ب ن اﻹثبات ودعوى اﻹن ار ،د .محمد ندو
.33الشﲑازي ،أﺑو إسحاق إﺑراﻫيﻢ ﺑن ﻋلي )ت476ه( ،الﱡﻠمع ﰲ أﺻول الﻔقﻪ ،ط ،1دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت،
1985م.
ﻋﺰ ال ّدين ﻋبد العﺰيﺰ ﺑن ﻋبد السﻼم )ت660ﻫـ( ،ﺷﺠﺮة اﳌﻌارف واﻷﺣوال وﺻاﱀ ﳏﻤد ّ
.34اﺑن ﻋبد السﻼم ،أﺑو ّ
اﻷﻗوال واﻷﻋمال) ،ﲢﻘيﻖّ :
ﺣسان ﻋبد اﳌﻨّان( ،د.ط ،ﺑيت اﻷﻓكار الدولية ،الر ض ،د.ت.
.35اﺑن العرﰊ ،أﺑو ﺑكر ﳏﻤد ﺑن ﻋبد ﷲ اﳌعاﻓري اﻹشبيلي اﳌالكي )ت543ﻫـ( ،اﶈﺼول ﰲ أﺻول الﻔقﻪ) ،ﲢﻘيﻖ:
ﻋﻤان1420 ،ﻫـ1999/م.
ﺣسﲔ ﻋلي اليدري ،سعيد ﻓودة( ،ط ،1دار البيارقّ ،
.36العﻄّار ،ﺣسن ﺑن ﳏﻤد الشاﻓعي )ت1250ﻫـ( ،اﳊاﺷﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮح اﳉﻼل اﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﲨع اﳉوامع ﻻﺑن الﺴبﻜﻲ،
د.ط ،دار الكتب العلﻤية ،ﺑﲑوت ،د.ت.
.37الﻐﺰاﱄ ،أﺑو ﺣامد ﳏﻤد ﺑن ﳏﻤد )ت505ه( ،اﳌﻨﺨول من ﺗﻌﻠﻴقات اﻷﺻول) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﺣسن ﻫيتو( ،ط،2
دار الفكر ،دمشﻖ1980 ،م.
.38اﺑن ﻓارس ،أﺑو اﳊسﲔ أﲪد ﺑن ﻓارس ﺑن زﻛر ء الﻘﺰويﲏ الرازي )ت395ﻫـ( ،مﻌﺠﻢ مقايﻴﺲ الﻠّﻐﺔ) ،ﲢﻘيﻖ :ﻋبد
السﻼم ﳏﻤد ﻫارون( ،دار الفكر ،ﺑﲑوت1399 ،ﻫـ1979/م.
.39الﻘراﰲ ،شﻬاب ال ّدين أﲪد ﺑن إدريﺲ )ت684ه( ،ﺷﺮح ﺗﻨقﻴح الﻔﺼول ﰲ اﺧتﺼار اﶈﺼول ﰲ اﻷﺻول) ،ﲢﻘيﻖ:
طﻪ ﻋبد الرؤوف سعد( ،ط ،1دار الفكر ،الﻘاﻫرة1973 ،م.
.40الﻘرطﱯ ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن أﲪد )ت671ﻫـ( ،اﳉامع ﻷﺣﻜام القﺮآن) ،ﲢﻘيﻖ :أﲪد الﱪدوﱐ وإﺑراﻫيﻢ أطفيﺶ(،
ط ،2دار الكتب اﳌﺼرية ،الﻘاﻫرة1384 ،ﻫـ1964/م.
.41اﺑن ﻛثﲑ ،أﺑو الفداء إﲰاﻋيل ﺑن ﻋﻤر )ت774ﻫـ( ،ﺗﻔﺴﲑ القﺮآن الﻌظﻴﻢ) ،ﲢﻘيﻖ :سامي ﺑن ﳏﻤد سﻼمة( ،ط،2
دار طيبة للﻨشر والتوزيﻊ1420 ،ﻫـ1999/م.
.42اﺑن الل ّحام ،ﻋﻼء ال ّدين أﺑو اﳊسن ﻋلي ﺑن ﳏﻤد )ت803ه( ،اﳌﺨتﺼﺮ ﰲ أﺻول الﻔقﻪ ،مرﻛﺰ البحث العلﻤي،
اﳌكرمة.
م ّكة ّ
.43اﺑن ماجة ،أﺑو ﻋبد ﷲ ﳏﻤد ﺑن يﺰيد الﻘﺰويﲏ )ت273ﻫـ( ،سﻨن اﺑن ماﺟﻪ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻓﺆاد ﻋبد الباقي( ،د.ط،
دار إﺣياء الكتب العرﺑية-ﻓيﺼل ﻋيسﻰ الباﰊ اﳊلﱯ ،د.ت.
.44مالﻚ ،أﺑو ﻋبد ﷲ مالﻚ ﺑن أنﺲ اﻷﺻبحي )ت179ه( ،اﳌوطﺄ) ،ﲢﻘيﻖ :ﳏﻤد ﻓﺆاد ﻋبد الباقي( ،د.ط ،دار إﺣياء
الﱰاث العرﰊ ،مﺼر ،د.ت.
اﳊﺠاج الﻘشﲑي الﻨّيساﺑوري )ت261ﻫـ( ،ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ) ،ﺗرقيﻢ وﺗرﺗيب :ﳏﻤد ﻓﺆاد
.45مسلﻢ ،أﺑو اﳊسﲔ مسلﻢ ﺑن ّ
ﻋبد الباقي( ،د.ط ،دار إﺣياء الﱰاث العرﰊ ،ﺑﲑوت.
ﳏﻤد ﲞيت )ت1354ه( ،سﻠّﻢ الوﺻول لﺸﺮح ايﺔ الﺴول ،د.ط ،ﻋاﱂ الكتاب ،د.ت.
.46اﳌﻄيعيّ ،
.47اﺑن مﻨﻈور ،أﺑو الفﻀل ﲨال ال ّدين ﳏﻤد ﺑن مكرم الرويفعي اﻹﻓريﻘي )ت711ﻫـ( ،لﺴان الﻌﺮب ،ط ،3دار ﺻادر،
ﺑﲑوت1414 ،ﻫـ.
.48اﳌيداﱐ ،ﻋبد الرﲪن ﺣسن ﺣبﻨّكة )ت2004م( ،ﺿواﺑﻂ اﳌﻌﺮﻓﺔ وأﺻول اﻻستدﻻل واﳌﻨاﻇﺮة ،ط ،4دار الﻘلﻢ،
دمشﻖ1414 ،ه1993/م.
127
ا لة ا زائر ة للدراسات اﻹسﻼمية )العدد اﻻفتتا ( ____________________________________________________________
.49الﻨووي ،شرف ال ّدين أﺑو زﻛر ﳛﲕ ﺑن شرف )ت676ه( ،ﺷﺮح ﺻﺤﻴح مﺴﻠﻢ ،د.ط ،دار الفكر ،ﺑﲑوت ،د.ت.
الوﱄ ،ﺿواﺑﻂ الﱰﺟﻴح ﻋﻨد وﻗوع التﻌارض لدى اﻷﺻولﻴﲔ ،ط ،1مكتبة أﺿواء السلﻒ ،الر ض،
.50اﺑن يونﺲّ ،
1425ﻫـ2004/م.
128