Professional Documents
Culture Documents
التواصل الإيجابي
التواصل الإيجابي
وأشكالها ،ولكي تنجح اﻷسرة في تحقيق أهدافها في بناء جسور التواصل والحوار الصادق البناء
مع اﻷبناء ،ﻻبد أن يكون قائما ً على أسس ورؤى سليمة وبيئة تفاهم من خﻼل خلق ثقافة الحوار
حيث إن الحوار بين اﻵباء واﻷبناء أو الحوار اﻷسري من أهم وسائل اﻻتصال في اﻷسرة والذي
له تأثير كبير ومهم في بناء أسرة متكاملة وقوية ومترابطة ،وبالطبع له فوائد نفسية وتربوية
ودينية واجتماعية وأخﻼقية تﺆثر بشكل كبير على الفرد ،وبالتالي على المجتمع ككل.
وهنا نجد أن الحوار اﻷسري ما هو إﻻ وسيلة من وسائل اﻻتصال اﻷسري الفعال فمن اﻷهمية
القصوى أن يتوفر حوار إيجابي بين أفراد اﻷسرة ،فمن خﻼل الحوار اﻷسري تنمو المشاعر
اﻹيجابية ويتحقق التواصل بين أفرادها ،ويساعد على إشاعة روح المحبة والمودة بينهم ،ويساهم
الحوار اﻷسري في التقريب بين وجهات النظر ويتعلم كل فرد في اﻷسرة أهمية احترام الرأي
اﻵخر ،حيث يعد الحوار اﻷسري أساس للعﻼقات اﻷسرية الحميمة ويساعد على نشأة اﻷبناء نشأة
سوية صالحة لما يخلق من روح التفاعل اﻻجتماعي مما ينتج من ذلك تعزيز الثقة في أفراد
اﻷسرة مما يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق طموحاتهم وآمالهم .ولما يحققه الحوار اﻷسري من
وهنا الدين اﻹسﻼمي أشار وركز على أهمية الحوار بين اﻷفراد في محيط اﻷسرة من خﻼل
اﻻتصاﻻت الفعالة والجيدة والنقاشات المتعلقة بالحياة اليومية التي لها أثر كبير على نفوس
اﻷشخاص .وتتلخص منها نتائج إيجابية ﻹيجاد حلول للثغرات والمشكﻼت اﻷسرية ،وأيضا من
أجل بناء أسرة سعيدة وأبناء فاعلين في داخل المجتمع .وهنا أوضح الدين اﻹسﻼمي الذي هو دين
ور ٰى
ش َ﴿وأ َ ْم ُر ُه ْم ُ
َ ﻻبد أن يسير عليه الحوار داخل المجتمعات واﻷسر .وأيضا الحوار عبادة
هو نوع من أنواع اﻻتصال والتواصل اﻹيجابي مع الطرف اﻵخر من خﻼل احترام وتقدير الكبير
للصغير الذي يﺆدي إلى تهذيب سلوك اﻷبناء وذلك بمخاطبتهم بلغة هادئة مما يﺆدي إلى التفكير
المنظم السليم ،ويﺆدي أيضا ً إلى تدريب اﻷبناء على الجرأة ومواجهة الحياة ،وتهيئة اﻷبناء ﻹنشاء
اﻷسري
ّ أهميّة الحوار
يعد الحوار اﻷسري من أهم اﻷسس التي يجب الحرص عليها في اﻷسرة ،وتتضح أهمية الحوار
-يعد مفتاح العﻼقات الطيبة ،والجيدة بين الزوجين ،كما يعد عامﻼً رئيسيا ً في تربية اﻷطفال
بصورة إيجابية.
-يقنع اﻷطفال بأية أفكار بصورة هادئة بعيدا ً عن الصراعات ،وعن فرض اﻵراء من اﻵباء.
-يساعد اﻻعتراف باﻷخطاء الشخصية من قبل اﻵباء أثناء الحوار أمام اﻷبناء على تقليد هذا
-يساعد على التعبير عن اﻻهتمام الحماسي بشﺆون الطفل ،والتركيز على مصالحه ،حيث يضمن
-يساعد الحوار على تفهم إحباطات الطفل ،وخيبات اﻷمل التي شعر بها ،والمشاركة فيها،
وتعليمهم المشاعر المتعلقة بالحزن ،وخيبات اﻷمل ،والقلق ،وأنها جزء من الحياة الشخصية،
وتعليمهم أنها مشاعر مﺆقتة تزول مع مرور الوقت ،ومساعدتهم على التعبير عنها.
إن من المفاتيح البسيطة واﻷساسية في الحوار اﻷسري الناجح ،هو أن يصغي كل فرد من أفراد
اﻷسرة إلى الفرد اﻵخر وهو يدلي برأيه ،دون مقاطعته أو إظهار التململ من حديثه ،إنما ينبغي
اﻻستماع بشك ٍل جيد وتفهم كﻼمه جيدا ً حتى في حاﻻت عدم اﻻتفاق مع ما يقول أو يطرح،
فاﻹصغاء الجيد يضفي طابعا ً من اﻻحترام على الجو العام للحوار وهو أهم اﻷسس والمفاتيح
للدخول في حوار ناجح يلتزم كل طرف فيه باحترام اﻵخر واﻻستماع إليه ،ومن ثم تقبل وجهة
نظرته.
وهو ما يطلبه الحوار حول مشكلة تمس أحد أفراد اﻷسرة ،أو في الحوار حول خطأ قام به أحد
أفراد اﻷسرة ،وفي هذه الحالة يكون ضبط النفس وعدم اﻻنفعال عنصرا ً أساسيا ً في التوصل إلى
الحلول واستيعاب المشكلة بشكل كامل ،ﻷن اﻻنفعال في هذه الحاﻻت سيزيد سوء التفاهم ،ويبعد
الحوار عن مجراه الرئيسي ،كما يﺆدي إلى فقدان اﻻحترام في الحديث ،وفي العﻼقة اﻷسرية
ويكون ذلك بأن يتصور كل فرد من أفراد اﻷسرة نفسه مكان اﻵخر حتى يحس بما يحس ،ويتفهم
وجهة نظره بشكل أكبر ،عندها يفهم كل أفراد اﻷسرة وجهة نظر بعضهم البعض ،كأن يتصور
الزوج نفسه بمكان الزوجة وما يقع عليها من مسﺆوليات والعكس صحيح ،فعندها يتفهم اﻵخر
من أهم اﻷسس التي تجعل الحوار مثمرا ً هي الوضوح في طرح موضوع النقاش ،وعدم استخدام
اﻷسلوب المبطن الذي ﻻ يعبر عن المشكلة للطرف اﻵخر بصورة واضحة ،فتنشأ اﻻلتباسات،
ويبتعد الحوار عن مجراه الرئيسي ،وفي هذه الحالة اﻷفضل أن يطرح كل فرد من أفراد اﻷسرة
رأيه بطريقة واضحة وشفافة؛ حتى يفهم كل اﻷفراد اﻵخرين مباشرة ،ومن ثم يقدمون آرائهم
أيضا ً بصورة واضحة بنا ًء على رأيه ،فتتضح المشكلة أو القضية التي تناقش بشك ٍل أفضل.
إن غاية الحوار اﻷسري تقريب وجهات نظر أفراد اﻷسرة ،ووضع حلول للمشاكل العالقة ،أو
التخطيط لمسائل تخص المستقبل ،..لذا فإن الهدف ليس أن يظهر كل شخص نفسه بأنه هو الذي
يملك الحلول وأن وجهة نظره هي اﻷفضل )في حال نقاش إحدى المسائل أو المشروعات التي
تمس مستقبل اﻷسرة(.أما في حال محاولة حل مشكلة بين طرفين في اﻷسرة )سواء اﻷب واﻷم أو
اﻹخوة ،(..فإن إثبات الذات يكون بالتغلب على اﻵخر بالنقاش فقط ﻹثبات أن وجهة نظره هي
الصحيحة وأن اﻵخر هو الخاطئ ،فيصبح الهدف من الحوار فقط كيف يستخدم كل طرف أسلوبه
بهدف التغلب على اﻵخر وإثبات ذاته ،فيبتعد الحوار عن مجراه ،ويصبح أشبه فقط بمنافسة غير
مثمرة.لذا يكون من اﻷفضل ﻷفراد اﻷسرة أن يضعوا نصب أعينهم الهدف الرئيسي للحوار ،أو
المشكلة الرئيسية التي تناقش ،ويحددوا قبل البدء لماذا هم يتحاورون؟ ومن ثم يتقبل كل طرف
رأي الطرف اﻵخر ،حيث يستخدم أفراد اﻷسرة الحوار التشاركي وليس التسلطي.
لكي يكون الحوار مثمرا ً ويغطي كل جوانب الموضوع الذي تتم مناقشته ،على اﻷفراد _ وبعد أن
ينهي الطرف اﻵخر طرح رأيه_ مناقشة رأيه بأن يسدي كل فرد بما لمسه من إيجابيات أو
كل جوانب الموضوع ،كما يتم بذلك حصر كل سلبيات وإيجابيات الموضوع ،ومن ثم يتم ترجيح
أخيرا ً ...يشكل الحوار اﻷسري أساسا ً لنجاح العﻼقات بين أفراد اﻷسرة من خﻼل تعزيز
اﻻحترام والمودة بينهم ،أيضا ً من خﻼل تبادل اﻵراء واﻷفكار التي تساهم في تحقيق أهداف
اﻷسرة ،ولكن الحوار الناجح يقوم على عدة أسس كتقبل رأي اﻵخر ،واﻹصغاء الجيد ،كذلك
ضبط النفس والوضوح؛ حتى يكون مثمرا ً يحقق اﻷهداف المرجوة منه ،في حين أن الحوار
السلبي الذي ﻻ يكرس القيم التي ذكرت يﺆدي إلى خﻼف ذلك ،ويﺆثر على العﻼقات اﻷسرية
حدد أسسا وقواعد لﻼجتماعات العائلية ،مثل ضرورة اﻻستماع للمتحدث والنظر إليه وعدم
مقاطعته ،واحترام كل شخص لما يقوله اﻵخر حتى وإن لم يتفق معه ،مع عدم السماح بالسخرية
من رأي أحد أو التقليل منه ،والحرص على التوصل لحلول ترضي الجميع.
ينصح توماس ليكونا عالم النفس وأستاذ التربية بجامعة وﻻية نيويورك -في مقاله بموقع
"سايكولوجي توداي " (Psychology Today)-بجعل اﻻجتماعات العائلية في البداية بسيطة،
وﻻ تتعدى مدتها نصف ساعة مرة واحدة في اﻷسبوع ،واﻻلتزام بذلك لفترة ،ومع مرور الوقت
يمكن أن تشعر اﻷسرة بالحاجة إلى زيادة وقت اﻻجتماعات ومناقشة المزيد من اﻷمور.
أضف المرح
ويمكن إضافة بعض المرح لهذا التجمع ،بتحضير نوع حلوى خاص وتناوله في أثناء النقاش ،أو
جعلها نزهة لﻸسرة إذا لم يكن اﻷمر جادا ويحتاج للنقاش المطول.
حدد الموضوعات التي تجب مناقشتها ،سواء كانت مشكلة صغيرة مثل تعامل اﻹخوة مع بعضهم
بعضا بشكل غير ﻻئق ،أو قضية كبيرة مثل اﻷمور المالية لﻸسرة ،مع الحرص على عدم التفرع
إلى قضايا أو مشاكل وشكاوى أخرى واﻻنشغال بإلقاء كل طرف اللوم على اﻵخر وشحن
اﻷجواء من دون التوصل إلى حل.
ويجب التأكيد على أن الغرض من اﻻجتماع العائلي هو التعاون وحل المشكﻼت ،وليس تحديد
المذنب وإلقاء اللوم على بعضنا البعض.
احذر من تحويل اﻻجتماع العائلي إلى محاضرة تأديبية ،وتوجيه التوبيخ لكل شخص عن اﻷخطاء
التي اقترفها؛ وبدﻻ من ذلك ،يمكن اتباع نهج حل المشكﻼت بالقول "ﻻحظت عدم تعاون البعض
في الواجبات المنزلية ،كيف يمكن حل ذلك؟"
يمكن اتباع ما يعرف بـ"أسلوب الشطيرة" في النقد ،فبدﻻ من البدء بالتحدث عن المشكلة فورا،
يمكن خلق أجواء إيجابية أوﻻ باﻹشادة بمجهودات أفراد اﻷسرة في التعاون معا ،أو مدح كل
شخص بشكل خاص على شيء يقوم به ،ثم التحدث عن القضية التي تجب مناقشتها.
وعقب اﻻنتهاء من المناقشة يمكن اﻹشارة إلى اﻹيجابيات التي تشاركها اﻷسرة معا مرة أخرى.
ضع خطة
ناقش الحلول المقترحة وحاول التوصل إلى خطة يوافق عليها الجميع ،وينصح العالم النفسي
ليكونا بتجنب التصويت على الخيارات المتاحة ،إذ قد يتسبب ذلك في انقسام أفراد اﻷسرة إلى
"فائزين" و"خاسرين" ،وليس هذا الهدف من المناقشة.
تساعد هذه الفرصة أبناءك على الشعور بالمسﺆولية وإدراك أهمية اﻻجتماعات العائلية ،وتعلم
إدارة الحوار ،والتعرف جيدا على قواعد الحوار وكيفية تطبيقها.
من المتوقع حدوث بعض الخﻼفات والتشاحن بين أفراد اﻷسرة؛ لذا حاول أﻻ تكون هذه هي نهاية
النقاش ،ويمكنك اقتراح المشاركة في نشاط ممتع عقب اﻻجتماع؛ مثل مشاهدة فيلم معا ،أو طلب
عشاء من الخارج ،لجعل اﻷجواء أكثر إيجابية.
وحاول إنهاء كل اجتماع بسﺆال كل فرد من أفراد اﻷسرة عن شعوره تجاه اﻻجتماع ،وما الذي
يمكن عمله بشكل أفضل في المرة القادمة.
تتبع القرارات
احرص على تتبع القرارات التي تم اتخاذها خﻼل اﻻجتماع العائلي ،لترسيخ أهمية هذا الحوار
والقرارات التي تم اﻻتفاق عليها ،وأنه ليس مجرد جدال.
ﻻ تستسلم
إذا لم يسر اجتماعك اﻷول على ما يرام ،فقد يستغرق اﻷمر بعض الوقت حتى يعتاد الجميع على
التحدث معا ومناقشة اﻷمور العائلية ،فﻼ تستسلم سريعا.
وحتى بالنسبة لﻶباء الذين لم تكن عائﻼتهم تعقد اجتماعات للحديث معا ،يمكنهم تجربة ذلك مع
أبنائهم ،وبالوقت سيصبح اﻷمر معتادا ومألوفا مثل اﻻجتماع على الغداء.