You are on page 1of 20

‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫" دور مبادئ القانون الدولي اإلنساني في حماية البيئة "‬

‫‪The Role of principles of international humanitarian‬‬


‫‪law in protecting the environment‬‬
‫د‪.‬علي الطنيجي‬

‫مدير معهد تدريب الشرطة ‪-‬القيادة العامة لشرطة الفجيرة‪-‬و ازرة الداخلية‪-‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬

‫المستخلص‪:‬‬

‫عبئا على عاتق الدول في كل األوقات‪،‬‬ ‫المحافظة علي البيئة وحظر تلويثها‪ ،‬تشكل ً‬‫مما ال شك فيه أن ُ‬
‫العالقات بينها عادية أو متوترة‪ ،‬وال شك أن هذا االلتزام‬ ‫سواء في ِ‬
‫وقت السل ِم أو في زمن الحرب‪ ،‬وسواء كانت‬
‫ُ‬
‫يصبح أشد إلحاحا في أوقات الحروب والنزاعات الم َّ‬
‫سلحة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ويبرز دور القانون الدولي اإلنساني في أوقات النزاعات المسلحة‪ ،‬حيث أنه يعد القانون الواجب التطبيق‪،‬‬
‫وكما هو معلوم فإن البيئة في أوقات النزاعات المسلحة تتعرض النتهاكات جسيمة قد تفوق تلك التي تتعرض‬
‫لها في أوقات السلم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مجموعة من المبادئ التي يتعيَّن على‬ ‫ِ‬
‫البيئية في القانو ِن الدولي اإلنساني يتجسد في‬ ‫ِ‬
‫الحماية‬ ‫إن مضمو َن‬
‫و َّ‬
‫ِ‬
‫الظروف‪ ،‬ومن أهم هذه المبا دئ‪ ،‬مبدأ‬ ‫اف المتحاربة مراعاة أحكامها والنزول على مقتضاها في ِ‬
‫مثل هذه‬ ‫األطر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بصدد استخدا ِم وسائل وأساليب القتال‪ ،‬ومبدأ حظر اآلالم التي ال ُم ِِّ‬ ‫ِ‬
‫برر لها‪ ،‬ومبدأ‬ ‫تقييد حقوق ُ‬
‫المتحاربين‬
‫ِ‬
‫األهداف العسكرية‪ ،‬ومبدأ التناسب‬ ‫ِ‬
‫األهداف المدنيَّة و‬ ‫التمييز بين‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪No doubt that the preservation of the environment and the prohibition of its‬‬
‫‪pollution constitue a burden on States at all times, both in peacetime and in time‬‬

‫‪6‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪of war, and whether relations between them are normal or tense, and this obligation‬‬
‫‪becomes even more urgent in times of war and armed conflict.‬‬
‫‪The role of international humanitarian law is highlighted in times of armed‬‬
‫‪conflict, as it is the applicable law. As is well known, the environment in times of‬‬
‫‪armed conflict is subject to serious violations that may exceed those in times of‬‬
‫‪peace.‬‬
‫‪The content of environmental protection in international humanitarian law is‬‬
‫‪embodied in a set of principles on which the belligerents must observe its provisions‬‬
‫‪in such circumstances. The most important of these principles are the principle of‬‬
‫‪prohibition of unjustifiable pain, the principle of distinction between civilian and‬‬
‫‪military objectives, and the principle of proportionality.‬‬

‫المقدمة‬
‫أوالً‪ :‬موضوع الدراسة‪:‬‬
‫عبئا على عاتق الدول في كل األوقات‪،‬‬ ‫المحافظة علي البيئة وحظر تلويثها‪ ،‬تشكل ً‬‫مما ال شك فيه أن ُ‬
‫العالقات بينها عادية أو متوترة‪ ،‬وال شك أن هذا االلتزام‬ ‫سواء في ِ‬
‫وقت السل ِم أو في زمن الحرب‪ ،‬وسواء كانت‬
‫ُ‬
‫سلحة‪.‬‬‫يصبح أشد إلحاحا في أوقات الحروب والنزاعات الم َّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫وفي أوقات النزاعات المسلحة يبرز دور القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬حيث أنه يعد القانون الواجب التطبيق‪،‬‬
‫وكما هو معلوم فإن البيئة في أوقات النزاعات المسلحة تتعرض النتهاكات جسيمة قد تفوق تلك التي تتعرض‬
‫لها في أوقات السلم‪ ،‬ومن هنا يبرز دور القانون الدولي اإلنساني في حماية البيئة‪.‬‬
‫ومن هنا يأتي موضوع هذه الدراسة والذي يتمثل في بيان دور مبادئ القانون الدولي اإلنساني في حماية‬
‫وم على‬
‫المسلح – الهج ُ‬
‫البيئة‪ ،‬وفي الحقيقة إن هذه المبادئ في مجملها تؤكد وتقر أنه ال يجوز – أثناء النزاع ُ‬
‫ِ‬
‫الطبيعية َّإال إذا شكلت هد ًفا عسكرًيا‪ ،‬كما ال يجوز تدميرها َّإال إذا اقتضت ذلك الضرورة العسكرية‬ ‫ِ‬
‫البيئة‬
‫القهرية‪ ،‬وفى حدود ما تقتضيه الضرورة فقط‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫ثانيا‪ :‬تساؤالت الدراسة‪:‬‬


‫ً‬
‫ئيسيا مؤداه ما هو دور مبادئ القانون الدولي اإلنساني في حماية البيئة‪،‬‬
‫تدور هذه الدراسة حول تساؤالً ر ً‬
‫ويتفرع عن هذا التساؤل ع دة تساؤالت فرعية‪ ،‬يمكن إجمالها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ )1‬ما هو مفهوم القانون الدولي اإلنساني؟‪.‬‬
‫‪ )2‬ما هي المراحل التي مر بها القانون الدولي اإلنساني؟‪.‬‬
‫‪ )3‬ما هي مبادئ القانون الدولي اإلنساني التي يمكن تطبيقها في مجال حماية البيئة؟‪.‬‬
‫‪ )4‬ما هو مفهوم مبدأي التناسب والضرورة العسكرية‪ ،‬وما هي مدى عالقتهما بالبيئة؟‪.‬‬
‫‪ )5‬ما هو مفهوم مبدأي التمييز بين األهداف المدنية والعسكرية وحظر اآلالم التي ال مبرر لها‪ ،‬وما هي‬
‫مدى عالقتهما بالبيئة؟‪.‬‬
‫‪ )6‬ما هي مدى كفاية هذه المبادئ في حماية البيئة؟‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬منهج الدراسة‪:‬‬
‫يسلك الباحث المنهج الوصفي التحليلي لتحليل مبادئ القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬من أجل الوقوف على‬
‫المبادئ التي يمكن تطبيقها في مجال حماية البيئة‪ ،‬والتوصل إلى مدى كفاية هذه المبادئ في مجال حماية‬
‫البيئة؟‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬تقسيمات الدراسة‪:‬‬
‫رً‬
‫تأسيسا على ما سبق سيتم تقسيم الدراسة إلى مبحثين‪ ،‬وخاتمة تشتمل على أهم النتائج والتوصيات‪ ،‬وذلك‬
‫ً‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬مفهوم القانون الدولي اإلنساني وتطوره‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬تعريف القانون الدولي اإلنساني‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬نشأة وتطور القانون الدولي اإلنساني‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬مبادئ القانون الدولي اإلنساني ودورها في حماية البيئة‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬مبدأي التناسب والضرورة العسكرية‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬مبدأي التمييز بين األهداف المدنية والعسكرية وحظر اآلالم التي ال مبرر لها‬

‫‪8‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم القانون الدولي اإلنساني وتطوره‬
‫تتنوع فروع القانون الدولي العام‪ ،‬ومن أهم هذه الفروع "القانون الدولي اإلنساني"(‪ ،)1‬والتي تستعمل قواعده‬
‫في أوقات النزاع المسلح الدولي أو الداخلي بغية تحقيق التوازن بين الضرورات العسكرية واالعتبارات‬
‫اإلنسانية(‪.)2‬‬
‫ولقد مر القانون الدولي اإلنساني بعدة مراحل وتطورات حتى ظهر بشكله الحالي‪ ،‬وفي هذا المبحث يسعى‬
‫الباحث إلى بيان مفهوم القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وتطوره من خالل تقسيمه إلى مطلبين‪ ،‬وذلك على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬تعريف القانون الدولي اإلنساني‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬نشأة وتطور القانون الدولي اإلنساني‬
‫المطلب األول‬
‫تعريف القانون الدولي اإلنساني‬
‫أسماء أخرى من قبيل "قانون الحرب"‪" ،‬القانون اإلنساني"‪ ،‬القواعد‬ ‫ٌ‬ ‫ُيطلق على القانو ِن الدولي اإلنساني‬
‫أن اسم " القانون الدولي اإلنساني" هو‬‫الم َسَّلحة" َّإال َّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫الم َسلح"‪" ،‬قانو النزاعات ُ‬
‫المطبَّقة أثناء النزاع ُ‬
‫الَق ُانونيَّة ُ‬
‫ذيوعا وشهرًة اآلن(‪.)3‬‬
‫األكثر ً‬
‫ولقد أصبح مصطلح القانون الدولي اإلنسانى تعبير شائع االستخدام فى المنظمات الدولية والجامعات‪،‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القانوني المشهور "ماكس هبر" ‪ ،"Max Huber‬والرئيس السابق للجنة الدولية للصليب‬
‫األحمر هو أول من ابتكر هذا المصطلح(‪.)4‬‬
‫ومنذ ابتكار هذا المصطلح‪ ،‬فقد تعددت التعاريف التي قيلت بشأنه‪ ،‬فقد عرفه البعض بأنه‪" :‬مجموعة‬
‫سلحة عن‬‫المبادئ والقواعد المتَّفق عليها دوليا‪ ،‬والتي تهدف إلى الحد من استخدام العنف في وقت النزاعات الم َّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫المشاركة فيها‪ ،‬والجرحى واألسرى‬
‫المشتركين في العمليات الحربية‪ ،‬أو الذين توقفوا عن ُ‬
‫طريق حماية األفراد ُ‬
‫قتصر على تلك األعمال الضرورية لتحقيق‬
‫والمدنيين‪ ،‬وكذلك عن طريق جعل العنف في المعارك العسكرية ُم ًا‬
‫الهدف العسكري"(‪.)5‬‬

‫‪9‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫أيضا بأنه‪" :‬مجموعة القواعد الدولية المستمدة من االتفاقيات أو العرف الرامية على وجه التحديد‬
‫ويعرف ً‬
‫إلى حل المشكالت اإلنسانية الناشئة بصورة مباشرة من النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية‪ ،‬والتي تقيد‬
‫ألسباب إنسانية‪ ،‬حق أطراف النزاع في استخدام طرق وأساليب الحرب التي تروق لهم‪ ،‬أو تحمي األعيان‬
‫واألشخاص الذين تضرروا أو قد يتضررون بسبب النزاعات المسلحة‪ ،‬وقد اعتمدت اللجنة الدولية للصليب‬
‫األحمر"(‪.)6‬‬
‫بأنه‪" :‬فرعٌ من فروِع القانو ِن الدولي العام‪،‬‬ ‫وعرف األستاذ الدكتور عامر الزمالي القانو َن الدولي اإلنساني(‪َّ )7‬‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫اع ُم َسَّلح بما ْان َج َر عن ذلك النز ِ‬ ‫األشخاص المتض ِررين في ِ‬ ‫ِ‬
‫اع‬ ‫حالة نز ٍ‬ ‫ِ ُ َ َ ِّ‬ ‫حماية‬ ‫تهدف قواعده العرفيَّة والمكتوبة إلى‬
‫ُ‬
‫ال (األعيان) التي لها عالقةٌ ُمباشرةٌ بالعمليَّات العسكرَّية"(‪.)8‬‬ ‫ِ‬
‫حماية األمو ِ‬ ‫تهدف إلى‬ ‫من آالمٍ‪ ،‬كما‬
‫ُ‬
‫خصصة‬ ‫بمقتضى اتفاقيَّات وأعراف دوليَّة ُم َّ‬
‫كما ُيعرف أيضًا بأنه "مجموع ُة القواعد الدوليَّة الموضوعة ُ‬
‫الدولي ة أو غير الدوليَّة‬
‫َّ‬ ‫الم َسَّلحة‬
‫المنازعات ُ‬
‫ِ‬
‫بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة اإل ْن َسانيَّة الناجمة ُمباشرًة عن ُ‬
‫ات إنسانيَّة من حق أطراف النزاع في اللجوء إلى ما يختارونه من أساليب ووسائل في القتال‪،‬‬ ‫والتي تُح َّدد العتبار ٍ‬
‫َ‬
‫ضرر من جر ِاء النزاع"(‪.)9‬‬
‫الممتلكات التي تَتَ َّ‬
‫األشخاص و ُ‬
‫َ‬ ‫وتحمي‬
‫ومن التعاريف السابقة يمكن استخالص بعض النتائج منها ما يلي‪:‬‬
‫األول‬ ‫‪ )1‬يختلف مضمو ُن القانون الدولي اإلنساني عن مضمو ِن القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬في َّ‬
‫أن َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫بحماية الفرد واألعيان المدنيَّة من جراء العمليَّات العدائية العسكرَّية‪ ،‬في حين َّ‬ ‫ٍ‬
‫بصفة أساسيَّة‬ ‫يعني‬
‫ٍ‬
‫بصفة عامة من جراء االعتداء على الحقوق‬ ‫يعِني بطبيعة أساسيَّة بالفرد‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان ْ‬
‫السلطة(‪.)10‬‬
‫األساسيَّة التي له في مواجهة ُ‬
‫إن الغاي َة من وجود القانون الدولي اإلنساني هي حماي ُة اإلنسان نفسه والبيئة التي يحيا فيها‪ ،‬خاص ًة‬
‫‪َّ )2‬‬
‫كون في‬ ‫أقرتها األمم المتَّحدة‪ ،‬والتي تُ ِِّ‬
‫ُ ُ‬ ‫الم َسَّلحة‪ ،‬ورغم َّ‬
‫أن قواعد القانون الدوليَّة التي َّ‬ ‫في أثناء النزاعات ُ‬
‫مجموعها القانون الدولي اإلنساني موجودةٌ بالفعل‪ُ ،‬متَ َمِثِّلة في االتفاقيَّات الدوليَّة واألعراف الدوليَّة‬
‫ِ‬

‫الملزمة‪ ،‬والمبادئ الَق ُانونيَّة العامة السابقة‪َّ ،‬إال أن تطبيق قواعد القانون الدولي اإلنساني تشتر ُ‬
‫ط بداية‬ ‫ُ‬
‫قائم قبل اندالع النزاع ال ُم َسَّلح‪ ،‬ولكن‬ ‫َّ‬
‫اندالع الحرب أو نزاع ُمسلح دولي أو غير دولي‪ ،‬فالقانو ُن بالفعل ٌ‬
‫الم َسَّلح(‪.)11‬‬ ‫مجال عمله ال يبدأ أوَّ ً‬
‫ال إال بنشوب النزاع ُ‬

‫‪10‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ )3‬يعمل القانو َن الدولي اإلنساني على التوفيق بين اعتبارين أساسيَّين‪ُ ،‬هما ‪ :‬الضرور ُ‬
‫ات الحربيَّة أو‬ ‫(‪)12‬‬

‫أمور أخرى‪ ،‬مثل السيطرِة على إقلي ٍم ما أو في‬ ‫َّ‬


‫وتتمثل المَب ِِّررات العسكريَّة في ٍ‬ ‫ُمقتضيات الحرب؛‬
‫ُ‬
‫الم َسَّلحة للعدو‪ ،‬أو في تحرير إقليم ُمحتل‪ ،‬وأما االعتبار الثاني فيتمثل في‬
‫إضعاف أو تحطيم القوات ُ‬
‫الم َسَّلحة سواء من العسكريين أو‬ ‫المعاملة بالمثل‪ ،‬ويرمي هذا المبدأُ إلى حماية ضحايا ُ‬
‫المنازعات ُ‬ ‫مبدأ ُ‬
‫المفيدة(‪.)13‬‬
‫المعاناة غير ُ‬
‫المدنيين ضد كل أوجه ُ‬
‫المطلب الثاني‬
‫نشأة وتطور القانون الدولي اإلنساني‬
‫ال خالف على أن القانون الدولي اإلنساني له جذور تاريخية تضرب في أعماق التاريخ‪ ،‬ومع مرور فترة‬
‫زمنية طويلة تحولت بعض العادات والتقاليد التي تنظم العالقات البشرية وخصوصا في الحروب وحماية حقوق‬
‫ً‬
‫اإلنسان(‪ ،)14‬إلى قواعد عرفية للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬والتي تحولت مع مرور الزمن إلى قواعد قانونية من‬
‫خالل إبرام المعاهدات الدولية في هذا المجال بين الدول(‪.)15‬‬
‫يجيا في‬
‫فعلي مدى أكثر من خمسة آالف عام‪ ،‬تطورت المبادئ اإلنسانية المنظمة للنزاعات المسلحة تدر ً‬
‫تطورت‬ ‫ِ‬
‫للجيوش التي َّ‬ ‫الممارسات العرفيَّة‬ ‫مختلف الحضارات‪ ،‬ولذا فإن القانون الدولي اإلنساني تَ ُع ُ‬
‫ود أصوُله إلى ُ‬
‫ِ‬
‫سم من القانو ِن الدولي الذي ُي ْع َرف ً‬
‫عادة بقوانين وأعراف‬ ‫ِ‬
‫على مر العصور وفي جميع القارات‪ ،‬ولم يكن هذا الق ُ‬
‫ِ‬

‫الحرب ُيطبَّق من ِقَبل جميع الجيوش‪ ،‬كما لم ُ‬


‫يكن ُيطبَّق بالضرورِة تجاه كل األعداء‪ ،‬ولم ُ‬
‫تكن جميع القواعد‬
‫عتمدا‪ ،‬والقائم في األصل على مفهوم شرف الجندي‪ ،‬قد‬‫النموذج الذي كان ُم ً‬
‫َ‬ ‫المطبَّقة هي نفسها‪ ،‬غير َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫المقاتلين والمدنيين(‪.)16‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صر على ضبط السلوك تجاه ُ‬ ‫ا ْقتَ َ‬
‫األديان السماويَّة في تكوين قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ومنها الديانة‬
‫ُ‬ ‫وفضالً عما سبق كما ساهمت‬
‫ِ‬
‫الشرف‬ ‫امل عديدة‪ ،‬منها فكرُة‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الم َسلحة عو ٌ‬
‫العرف الدولي الخاص بالنزاعات ُ‬
‫تكوين ُ‬ ‫َس َه َمت في‬
‫المسيحيَّة؛ حيث أ ْ‬
‫المحاربون القدامى والفرسان في العصور الوسطى‪ ،‬حيث كانت‬ ‫َّ‬
‫الحروب في نظرهم‬
‫ُ‬ ‫العسكري الذي تحلى به ُ‬
‫المقاتلين من ُس َّكان‬ ‫َّ‬
‫التعرض لغير ُ‬
‫ضى وعدم ُّ‬ ‫الم ْر َ‬
‫بمعاملة الجرحى و َ‬
‫اعد خاصة‪ ،‬تتعلق ُ‬‫تحكمه قو ٌ‬
‫كفاحا شر ًيفا ُ‬
‫ً‬
‫أساسيا في نظام الفروسيَّة يعود‬
‫ً‬ ‫عنصر‬
‫ًا‬ ‫الفضل في إنماء هذا االتجاه لدى الفرسان الذي ُي ُّ‬
‫عد‬ ‫ُ‬ ‫دولة العدو‪ ،‬وكان‬
‫أصدقاء‪ ،‬وأبرز‬
‫ً‬ ‫أعداء أم‬
‫ً‬ ‫المعاملة للجميع سواء كانوا‬
‫إلى مبادئ الدين المسيحي التي تُنادي بالمحبة وطيب ُ‬

‫‪11‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫صور الفروسيَّة كانت َّ‬


‫تتجلى في االهتما ِم بالجرحى وتأمين العالج لهم من قبل آباء القصور أنفسهم‪ ،‬وبات‬
‫دفن موتاهم وإجراء مراسيم الدفن‬ ‫ِ‬
‫لغرض ِ‬ ‫اله َدن‬
‫غالبا ما عقدوا ُ‬
‫شائعا بين الفرسان األعداء الذين ً‬
‫ً‬ ‫تقليدا‬
‫ذلك ً‬
‫ومعالجة المرضى(‪.)17‬‬
‫المسيحيَّة ُ‬
‫ومع بداية القرن التاسع عشر أخذت القواعد –التي أوحت بها االعتبارات اإلنسانية والشرف والفروسية‬
‫والدين واألخالق‪ -‬تكتسب صفة اإللزام باعتبارها قواعد قانونية عرفية‪ ،‬بحيث انتقلت من دائرة األخالق غير‬
‫الملزمة إلى دائرة القواعد القانونية الملزمة‪ ،‬وكان لظهرو الدولة بمفهومها الحديث واالعتماد على القوات النظامية‬
‫التي تخضع للق اررات والتشريعات التي تسنها‪ ،‬باإلضافة إلى كتابة الفقهاء القانونيين‪ ،‬عالوة على القواعد التي‬
‫أرستها األديان السماوية –في هذا الشأن‪ -‬وعلى األخص الدين اإلسالمي‪ ،‬كان لكل ذلك أثره في االتجاه نحو‬
‫تقنين القواعد العرفية التي تحكم سلوك المحاربين في شكل إعالنات واتفاقات دولية أو في شكل تعليمات موجهة‬
‫من الحكومات إلى جيوشها في الميدان(‪.)18‬‬
‫ومْل ِزمة‪ ،‬حتى ُمنتصف القرن التاسع عشر ‪ ،‬حيث بدأت‬ ‫ُ ن‬
‫الحال دو وجود قواعد قانونية دوليَّة ثابتة ُ‬ ‫استمر‬
‫و َّ‬
‫الجهود التي ُبذلت خالل‬
‫ُ‬ ‫مرحلة تدوين القانون الدولي اإلنساني منذ أواسط القرن التاسع عشر‪ ،‬فقد أسفرت‬
‫عظم القواعد واألحكام‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬
‫تضمنت ُم َ‬
‫َّ‬ ‫المعاهدات الدوليَّة التي‬
‫النصف الثاني من هذا القر عن إب ار ِم مجموعة من ُ‬
‫العامة الم َّ‬
‫نظمة للعمليَّات القتاليَّة‪ ،‬والتي ُعرفت باسم" قانون الهاي"(‪ ،)19‬وهذه االتفاقيات هي(‪:)20‬‬ ‫ُ‬
‫‪ )1‬اتفاقيَّة جنيف لعام ‪ 1864‬بشأن تحسين حال العسكريين الجرحى في الميدان(‪ :)21‬تحظى هذا االتفاقية‬
‫بأهمية كبيرة في نظام القانون الدولي اإلنساني؛ ألنها تعتبر بحق أول اتفاقية تضمنت قواعد عملية في‬
‫مجال حماية الجرحى والمرضى‪ ،‬وتخفيف حدة معاناة اإلنسان أثناء الحرب‪ ،‬كما أنها تعد أول محاولة‬
‫للمجتمع الدولي في اتجاه تدوين قواعد قانون الحرب‪ ،‬إذ تعهدت الدول المتعاقدة ألول مرة‪ ،‬من خالل‬
‫هذه االتفاقية بتقديم الرعاية بدون تحيز‪ ،‬أو تمييز بين الجرحى من رعايا العدو(‪.)22‬‬
‫‪ )2‬اتفاقية الهاي بشأن تعديل مبادئ اتفاقية جنيف ‪.1864‬‬
‫‪ )3‬اتفاقية جنيف لعام ‪ 1906‬بشأن تحسين حالة الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان‪.‬‬
‫‪ )4‬اتفاقية الهاي لعام ‪ 1907‬بشأن تعديل وتطوير اتفاقية ‪ 1899‬الخاصة بالنزاع في البحار(‪.)23‬‬

‫‪12‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ )5‬اتفاقية جنيف لعام ‪ :1929‬بسبب نشوب الحرب العالمية األولى (‪ )1918-1914‬وقصور القواعد‬
‫القانونية في توفير الحماية الالزمة لضحايا الحرب‪ ،‬انعقد في مدينة جنيف في يوليو عام ‪1929‬م بناء‬
‫على دعوة الحكومة السويسرية مؤتمر دبلوماسي حضره ممثلو ‪ 47‬دولة إلعادة النظر في القواعد‬
‫المتعلقة بحماية ضحايا الحرب وتقرير مزيدًا من قواعد الحماية لهؤالء الضحايا(‪.)24‬‬
‫‪ )6‬اتفاقيات جنيف األربعة لعام ‪ ،1949‬وهذه االتفاقيات هي‪:‬‬
‫الم َسَّلحة في الميدان‪.‬‬
‫اتفاقي ُة جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات ُ‬
‫َّ‬ ‫االتفاقي ُة األولى‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫الم َسَّلحة في البحار‪.‬‬
‫اتفاقي ُة جنيف لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات ُ‬‫َّ‬ ‫االتفاقي ُة الثاني ُة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫اتفاقيةُ جنيف بشأن ُمعاملة أسرى الحرب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫االتفاقي ُة الثالثةُ‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫اتفاقي ُة جنيف بشأن حماية األشخاص المدنيين في وقت الحرب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫االتفاقي ُة الرابع ُة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫‪ )7‬البروتوكوالن اإلضافيان التفاقيات جنيف لعام ‪.)25(1977‬‬
‫‪ )8‬اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس والمعاقبة عليها لعام ‪.1948‬‬
‫‪ )9‬اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬الخاصة بحماية الملكية الثقافية في حالة النزاع المسلح‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫مبادئ القانون الدولي اإلنساني في حماية البيئة‬
‫مما ال شك فيه أنه باإلضافة إلى نصوص القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬التي تنص على حماية البيئة‪ ،‬بصورة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬فإن القانون الدولي اإلنساني يتضمن كذلك مجموعة من القواعد العامة‪ ،‬التي يمكن من‬
‫خاللها توفير حماية فاعلة للبيئة أثناء النزاعات المسلحة‪ ،‬األمر الذي دفع بعض الباحثين في هذا المجال إلى‬
‫القول بأن القواعد القانونية العامة الموجودة في هذا القانون‪ ،‬مع تلك التي يوفرها القانون الدولي البيئي(‪،)26‬‬
‫تضمن أفضل وأقوى طريقة لحماية البيئة من اآلثار المدمرة الناجمة عن النزاعات المسلحة أو أثناءها(‪.)27‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق سيتناول الباحث في المبحث مضمون حماية البيئة في القانون الدولي اإلنساني‪،‬‬
‫ً‬
‫وذلك من خالل بيان المبادئ التي يمكن تطبيقها في مجال حماية البيئة‪ ،‬وذلك من خالل تقسيمه إلى مطلبين‪،‬‬
‫وذلك من خالل تقسيمه إلى مطلبين على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬مبدأي التناسب والضرورة العسكرية‬

‫‪13‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ ‬ا لمطلب الثاني‪ :‬مبدأي التمييز بين األهداف المدنية والعسكرية وحظر اآلالم التي ال مبرر لها‬
‫المطلب األول‬
‫مبدأي التناسب والضرورة العسكرية‬
‫يثور التساؤل في هذا المطلب حول مدى عالقة مبدأي التناسب والضرورة العسكرية بحماية البيئة‪ ،‬وفيما‬
‫يلي بيان لهذه العالقة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مبدأ التناسب‪:‬‬
‫ُيقصد بمبدأ التناسب –في نطاق القانون الدولي اإلنساني‪ -‬مراعاة التناسب ما بين الضرر الذي قد يلحق‬
‫الممكن تحقيُقها نتيجة الستخدام القوة أثناء سير عملياتها العسكرية‪ ،‬ويسعى مبدأ‬
‫بالخصم والمزايا العسكرية ُ‬
‫التناسب إلى إقامة التوازن بين مصلحتين ُمتعارضتين هما‪ :‬اإلنسانية والضرورة الحربية‪ ،‬فتتمثل األولى فيما‬
‫تُمليه ُمقتضيات اإلنسانية حينما ال تكون هناك حقو ٌق أو محظورات ُمطلقة‪ ،‬بينما تتمثل الثانية فيما تُمليه‬
‫اعتبارات الضرورة العسكرية(‪.)28‬‬
‫وفي الحقيقة فإن هذا المبدأ يميز عدة أحكام من القانون االنساني‪ ،‬وينطق بدون أي شك على حماية‬
‫البيئة في فترة التراع المسلح‪ ،‬ولعل هذا ما نالحظه في المادة (‪ )55‬من البروتوكول األول حيث تؤكد واجب‬
‫كل أطراف النزاع المسلح احترام البيئة وذلك بالنص على أنه(‪:)29‬‬
‫‪ )1‬تراعي أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من األضرار البالغة واسعة االنتشار و طويلة األمد‪ ،‬وتتضمن‬
‫هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه‬
‫األضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثم تضر بصحة أو بقاء السكان‪.‬‬
‫‪ )2‬تحظر هجمات الردع التي تشن ضد البيئة "‬
‫ومن هنا يمكن القول بأن قاعدة التناسب تشكل حماية للبيئة المحيطة بالعمليات القتالية –خاصة البيئة‬
‫الطبيعية‪ -‬أفضل حتى من الحماية التي توفرها النصوص االتفاقية التي تنص صراحة على حماية البيئة كالمواد‬
‫(‪ )3/35‬و (‪ )55‬من البروتوكول األول؛ ألن هذه المواد –كما سبق أن رأينا‪ -‬قد حصرت حماية البيئة فقط‬
‫من األضرار ال بالغة واسعة االنتشار وطويلة األمد‪ ،‬مما يعني أن األضرار التي تلحق بالبيئة الطبيعية خارج‬
‫هذه الشروط تكون أض ار ًار جائزة وغير محظورة(‪.)30‬‬

‫‪14‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫ثانيا‪ :‬مبدأ الضرورة العسكرية‪:‬‬


‫ً‬
‫تطلِبات الضرورة العسكرية واالعتبارات اإلنسانية‪،‬‬
‫يقوم القانو ُن الدولي اإلنساني على أساس الموازنة بين ُم ِّ‬
‫فالضرورةُ العسكرية تتطلب استخدام القوة العسكرية بالقدر الالزم لتحقيق ميزة أو تفوق عسكري‪ ،‬بينما تتطلب‬
‫المعدات وبأكثر الوسائل واألساليب(‪.)31‬‬
‫االعتبارات اإلنسانية أن يتم تحقيق هذه الميزة بأقل الخسائر في األرواح و ُ‬
‫العسكرية في إطار فكرة قوامها أن استعمال أساليب العنف والقسوة والخداع في‬ ‫(‪)32‬‬
‫ويدور مبدأ الضرورة‬
‫الحرب تقف عند حد قهر العدو وتحقيق الهدف من الحرب وهو هزيمته وتحقيق النصر أو إخضاع الطرف‬
‫اآلخر وإلحاق الهزيمة به‪ ،‬فإذا ما تحقق الهدف من الحرب على هذا النحو‪ ،‬امتنع التمادي واالستمرار في‬
‫توجيه األعمال العدائية ضد الطرف اآلخر(‪.)33‬‬
‫وفيما يتعلق بعالقة قاعدة الضرورة العسكرية‪ ،‬في حماية البيئة‪ ،‬فإنه يمكن التمييز بين حالتين‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو التالي(‪:)34‬‬
‫‪ ‬حالة البيئة الطبيعية‪ :‬فإنه ال يمكن التذرع بالضرورة العسكرية لالعتداء على البيئة الطبيعية‪ ،‬كتلويث‬
‫المترتبة على هذا االعتداء ال تتفق‬
‫الهواء أو المياه أو قتل الحيوانات أو الطيور؛ ألن الميزة العسكرية ُ‬
‫بيئيا‬
‫تدمير ً‬
‫ًا‬ ‫ار أو‬
‫مع الغاية من الحرب وهي إضعاف الخصم عسكرًيا‪ ،‬بل تتجاوز ذلك وتُحدث أضرًا‬
‫يتجاوز هذه الغاية ويوصف بالتالي بأنه ال طائل من ورائه‪.‬‬
‫الممتلكات المدنية‪ ...‬إلخ) فإنه يمكن التذرع‬
‫‪ ‬حالة البيئة االصطناعية أو غير الطبيعية (األعيان و ُ‬
‫بالضرورة العسكرية لمهاجمتها أو تدميرها؛ ألن ذلك يمكن أن ي ِِّ‬
‫حقق ميزة عسكرية ُمتفقة مع غاية الحرب‬ ‫ُ‬
‫(إضعاف القوة العسكرية للخصم) في ظل الظروف السائدة‪ ،‬ومن هنا نجد كثرة اللجوء إلى الضرورة‬
‫العسكرية لتبرير عمليات قصف المدن واألعيان المدنية خالل حرب الخليج الثانية عام ‪ ،1991‬حين‬
‫دافعت عن ذلك قائلة بأن فعلها هذا كانت تستدعيه الضرورة العسكرية(‪.)35‬‬

‫‪15‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫مبدأي التمييز بين األهداف المدنية والعسكرية‬
‫وحظر اآلالم التي ال مبرر لها‬
‫يتناول الب احث في هذا المطلب مدى عالقة مبدأي التمييز بين األهداف المدنية والعسكرية وحظر اآلالم‬
‫التي ال مبرر لها بحماية البيئة‪ ،‬وفيما يلي بيان لهذه العالقة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مبدأ التمييز بين األهداف المدنية والعسكرية‪:‬‬
‫قد وردت هذه القاعدة في نص المادة (‪ )52‬من البروتوكول اإلضافي األول‪ ،‬وذلك بنصها على أنه‪" :‬في‬
‫كل وقت بين المدنيين أو غيرهم من األشخاص المحميين والمقاتلين‪ ،‬وكذلك بين األعيان ذات الطابع المدني‬
‫أو التي هي في مأمن من الهجمات واألهداف العسكرية"‪ ،‬وكما هو واضح فإن هذا النص يوجب التمييز بين‬
‫األهداف العسكرية والغير العسكرية التي ال تمثل في حد ذاتها أهدافًا عسكرية(‪.)36‬‬
‫ويخلص مبدأ التمييز إلى ما يلي(‪:)37‬‬
‫‪ ‬حظر تظاهر المقاتلون بمظهر المدنيين‪.‬‬
‫‪ ‬حظر توجيه العمليات العسكرية ضد األهداف المدنية أو السكان المدنيين‪.‬‬
‫‪ ‬حظر ارتكاب أعمال الخطف الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين وتهديدهم‪.‬‬
‫‪ ‬تحظر الهجمات العشوائية‪ ،‬حيث يجب أن تتخذ جميع االحتياطات الالزمة عند مهاجمة األهداف‬
‫العسكرية أو في اختيار مكان هذه األهداف من أجل تقليل الخسائر واألضرار المدنية العارضة إلى‬
‫الحد األدنى‪ ،‬ويجب أال تزيد الخسائر واألضرار عن المزايا العسكرية الملموسة والمنتظرة من الهجوم‪.‬‬
‫وهذا ما أكدت عليه المادة (‪ )57‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪.1977‬‬
‫‪ ‬يحظر استخدام سالح تجويع السكان المدنيين التابعين للخصم أو تدمير المواد األساسية واألغذية التي‬
‫ال غنى عنها لبقاء المدنيين‪.‬‬
‫‪ ‬ال يجوز إحداث إضرار بالغة واسعة االنتشار وطويلة ا ألمد للبيئة الطبيعية‪.‬‬
‫‪ ‬توفير الحماية الخاصة لألعيان الثقافية واألشغال الهندسية والمنشات المحتوية على مواد خطرة‪،‬‬
‫كالمنشآت النووية السلمية‪ ،‬ويحظر الهجوم علي دور العبادة وتدمير اآلثار‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ ‬حظر مهاجمة المناطق المجردة من وسائل الدفاع والمناطق المنزوعة السالح والمناطق المأمونة‬
‫والمحايدة‪.‬‬
‫‪ ‬على القادة عند اإلعداد لهجوم اتخاذ التدابير واالحتياطات أثناء الهجوم للحفاظ على حياة المدنيين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مبدأ حظر اآلالم التي ال مبرر لها‬
‫ً‬
‫ذهبت محكمة العدل الدولية إلى تعريف قاعدة حظر اآلالم التي ال م ِِّ‬
‫برر لها‪ ،‬في رأيها االستشاري عام‬ ‫ُ‬
‫ظر استخدام‬
‫‪1996‬م‪ ،‬حول شرعية استخدام األسلحة النووية أو التهديد بها‪ ،‬بأنها القاعدة اإلنسانية التي تح ُ‬
‫الوسائل واألساليب الحربية التي ت ِ‬
‫حدث مآسي وآالما إنسانية تتجاوز الغاية المشروعة من الحرب أو تفوق‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫األهداف العسكرية المشروعة(‪.)38‬‬
‫وفيما يتعلق بحماية البيئة فإ نه يمكن القول بأن قاعدة حظر اآلالم التي ال مبرر لها تشمل حظر اآلالم‬
‫بمفهومها الواسع والتي تضم(‪:)39‬‬
‫‪ )1‬حظر اآلالم أو المعاناة أو األوجاع التي تلحق بالسالمة البدنية أو الذهنية أو بحياة األشخاص أثناء‬
‫النزاعات المسلحة والتي ال مبرر لها أي تتجاوز الهدف من الحرب‪.‬‬
‫‪ )2‬ح ظر األضرار أو التدمير أو التلوث الذي يلحق بالبيئة‪ ،‬بنوعيها الطبيعي وغير الطبيعي بما فيها‬
‫األعيان المدنية‪ ،‬التي تحيط بميدان القتال أو تتعداه والتي توصف بأنها ال مبرر لها أو غير الضرورية‬
‫لتحقيق الهدف العسكري المشروع‪.‬‬
‫ويرى الباحث أن قاعدة حظر اآلالم التي ال مبرر لها‪ ،‬تلعب دو ًار هامًا في حماية البيئة أثناء النزاعات‬
‫المسلحة‪ ،‬بل يمكن القول بأن هذه القاعدة توفر حماية للبيئة أثناء النزاعات المسلحة أفضل من تلك الحماية‬
‫التي توفرها النصوص االتفاقية؛ ألن أي ضرر غير مألوف يلحق بالبيئة أثناء النزاعات المسلحة‪ ،‬هو ضرر‬
‫ال مبرر له ويتجاوز الغاية من النزاع المسلح‪ ،‬بينما بعض النصوص االتفاقية‪ ،‬تحمي البيئة من األضرار المدمرة‬
‫البالغة والواسعة االنتشار وطويلة األمد فقط(‪.)40‬‬

‫الخاتمة‬
‫تدور الدراسة حول موضوع دور مبادئ القانون الدولي اإلنساني في حماية البيئة‪ ،‬وفي سبيل تناول هذا‬
‫الموضوع تم تقسيم الدراسة إلى مبحثين وخاتمة تشتمل على أهم النتائج والتوصيات؛ حيث تناول المبحث األول‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫مفهوم القانون الدولي اإلنساني وتطوره‪ ،‬وذلك من خالل تقسيمه إلى مطلبين؛ تناول المطلب األول‪ :‬تعريف‬
‫القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬في حين تناول المطلب الثاني‪ :‬نشأة وتطور القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫وجاء المبحث الثاني ليتناول صلب هذه الدراسة‪ ،‬حيث تناول مبادئ القانون الدولي اإلنساني ودورها في‬
‫حماية البيئة‪ ،‬وذلك من خالل تناوله ألربعة مبادئ من مبادئ القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وقد تم تقسيمه على‬
‫مطلبين؛ حيث تناول المطلب األول‪ :‬مبدأي التناسب والضرورة العسكرية‪ ،‬في حين تناول المطلب الثاني‪:‬‬
‫مبدأي التمييز بين األهداف المدنية والعسكرية وحظر اآلالم التي ال مبرر لها‪.‬‬
‫وقد اختتمت الدراسة بعدد من النتائج والتوصيات‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬النتائج‪:‬‬
‫ِ‬
‫لتوفير هذه الحماية‪ ،‬من‬ ‫‪ )1‬لقد بات موضوع حماية البيئة‪ ،‬وإقرار القواعد الوطنية والدولية الالزمة‬
‫ِ‬
‫الكثير من دوائر المجتمع الدولي‪.‬‬ ‫الموضوعات التي استحوذت على اهتما ِم‬
‫ِ‬
‫الحروب‬ ‫كبير في ظ ِل‬
‫اهتماما ًا‬ ‫أيضا أنها القت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫‪ )2‬باإلضافة إلى االهتما ِم بالبيئة في أوقات السلم‪ ،‬فنجد ً‬
‫سلحة‪.‬‬‫والنزاعات الم َّ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مجموعة من المبادئ التي يتعيَّن‬ ‫ِ‬
‫البيئية في القانو ِن الدولي اإلنساني يتجسد في‬ ‫إن مضمو َن الحماي ِة‬ ‫‪َّ )3‬‬
‫ِ‬
‫الظروف‪ ،‬ومن أهم هذه‬ ‫اف المتحاربة مراعاة أحكامها والنزول على مقتضاها في ِ‬
‫مثل هذه‬ ‫على األطر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بصدد استخدا ِم وسائل وأساليب القتال‪ ،‬ومبدأ حظر اآلالم التي‬ ‫المتحاربين‬ ‫ِق‬
‫المبادئ‪ ،‬مبدأ تقييد حقو ُ‬
‫ِ‬
‫األهداف العسكرية‪ ،‬ومبدأ التناسب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األهداف المدنيَّة و‬ ‫ال ُم ِِّ‬
‫برر لها‪ ،‬ومبدأ التمييز بين‬
‫اع الم َّ‬
‫سلح باحترام القواعد اإلنسانية‪ ،‬بما فيها قواعد حماية البيئة أثناء النزاعات‬ ‫اف النز ِ ُ‬
‫الدول أطر ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ )4‬تلتزم‬
‫الدول أط ارًفا في اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني أم لم تكن كذلك‪.‬‬ ‫سلحة‪ ،‬سواء كانت هذه‬ ‫الم َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات‪:‬‬
‫ً‬
‫نظر الرتكاب العديد من الجرائم البيئية أثناء النزاعات المسلحة‪ ،‬لذا فمن الضروري إبرام اتف ٍ‬
‫اقية خاصة‬ ‫‪ً )1‬ا‬
‫نص عليه البروتوكوالن اإلضافيان لعام‬‫سلحة‪ ،‬وعدم االكتفاء بما َّ‬ ‫لحماية البيئة أثناء النزاعات الم َّ‬
‫ُ‬
‫‪1977‬م‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫اقعة ِ‬
‫أثناء‬ ‫البيئية الو ِ‬
‫ِ‬ ‫دور أكبر في تحديد المسؤولية عن األضرِار‬ ‫ِ‬
‫مجلس األمن الدولي ًا‬ ‫‪ )2‬ضرورة منح‬
‫النزاعات الم َّ‬
‫سلحة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أمر ضرورًيا في الوقت‬ ‫ِ‬
‫بالبيئة‪ ،‬حيث أن ذلك يعد ًا‬ ‫ٍ‬
‫دولية خاصة‬ ‫نظ ٍ‬
‫مة‬ ‫‪ )3‬يوصي الباحث بضروة إنشاء م َّ‬
‫ُ‬
‫نظمة‬ ‫ِ‬
‫بالبيئة‪ ،‬األمر الذي يستلزم قيام مثل هذه الم َّ‬ ‫تعلِقة‬
‫الم ِّ‬
‫ُ‬ ‫نظر لكثرة المشاكل الدولية ُ‬
‫الحالي ًا‬
‫الم ِ‬
‫تخصصة‪.‬‬
‫ُ ِّ‬
‫‪ )4‬ضرورة عقد ندوات ومؤتمرات تختص ببيان مدى االنتهاكات الجسيمية التي تتعرض لها البيئة أثناء‬
‫النزاعات المسلحة‪.‬‬
‫هوامش الدراسة‪:‬‬
‫‪ )1‬د‪ .‬هشام بشير وإبراهيم عبدربه إبراهيم‪ ،‬المدخل لدراسة القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات‬
‫القانونية‪ ،2011 ،‬ط‪ ،1‬ص‪.13‬‬
‫‪ )2‬انظر‪ :‬المستشار حسن الحريشي‪ ،‬ورقة عمل للدورة اإلقليمية األولى في مجال القانون الدولي اإلنساني‪،‬‬
‫معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية‪ 9-5 ،‬مارس ‪.2005‬‬
‫‪( )3‬انظر‪ :‬د‪ .‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬النظريَّة العامة للقانون الدولي اإلنساني "في القانون الدولي وفى الشريعة‬
‫اإلسالميَّة"‪ ،‬دار النهضة العربيَّة‪ ،‬القاهرة‪2006 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.3‬‬
‫‪ )4‬انظر‪ :‬زيدان مريبوط‪ ،‬مؤلف حقوق االنسان‪ ،‬المجلد الثانى‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت ‪1989‬م‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ )5‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمد نور فرحات‪" ،‬القانون الدولي اإلنساني لحقوق اإلنسان" "جوانب الوحدة والتمييز"‪ ،‬بحث‬
‫قدم إلى المؤتمر اإلقليمي العربي بمناسبة االحتفال باليوبيل الذهبي التفاقيات جنيف للقانون الدولي‬
‫ُم َ‬
‫اإلنساني ‪ ،1999-1949‬القاهرة في الفترة ما بين ‪ 16-14‬نوفمبر ‪ ،1999‬ص‪.1‬‬
‫‪ )6‬انظر‪ :‬المجلة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬العدد ‪ ،728‬مارس‪ -‬أبريل ‪1981‬م‪ ،‬ص‪ .86-79‬مشار إليه في‪:‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني عبد الحميد محمود‪ ،‬حماية ضحايا النزاعات المسلحة في القانون الدولي اإلنساني والشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪2000 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.6‬‬
‫‪ )7‬د‪ .‬محمد المجذوب‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان في زمن النزاعات المسلحة‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪19‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ )8‬د‪ .‬هشام بشير وإبراهيم عبدربه إبراهيم‪ ،‬المدخل لدراسة القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ )9‬انظر‪ :‬د‪ .‬فيصل شطناوي‪" ،‬حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني"‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪،2001 ،‬‬
‫ص‪.190‬‬
‫‪ )10‬انظر‪ :‬د‪ .‬صالح محمد محمود بدر الدين‪ ،‬االلتزام الدولي بحماية البيئة من التلوث على ضوء قواعد‬
‫القانون الدولي للبيئة وق اررات وتوصيات المن َّ‬
‫ظمات الدوليَّة‪ ،‬دار النهضة العربيَّة‪ ،‬القاهرة‪2006 ،‬م‪،‬‬ ‫َُ‬
‫ص‪110-107‬؛ د‪ .‬صالح محمد محمود بدر الدين‪" ،‬االلتزام الدولي بحماية حقوق اإلنسان" دار النهضة‬
‫العربيَّة‪2003 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪.51‬‬
‫‪ )11‬انظر‪ :‬د‪ .‬نجاة أحمد أحمد إبراهيم‪ ،‬المسئولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف‪1430 ،‬هـ‪2009 /‬م‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫لمنازعات‬ ‫ن‬
‫‪ )12‬للمزيد من التفاصيل انظر‪ :‬د‪ .‬أحمد أبو الوفا‪" ،‬القانو الدولي اإلنساني وحماية المدنيين خالل ا ُ‬
‫الم َسَّلحة في القانون الدولي اإلنساني‪ ..‬آفاق وتحديات" الجزء َّ‬
‫األول‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫‪ ،2005‬ط‪ ،1‬ص ‪.217-195‬‬
‫‪ )13‬انظر‪ :‬سهيل حسين الفتالوي وعماد محمد ربيع‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬القاهرة‪2007 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.142‬‬
‫‪ )14‬د‪ .‬محمد نور فرحات‪ ،‬تاريخ القانون الدولي االنساني والقانون الدولي لحقوق االنسان‪ ،‬جوانب الوحدة‬
‫والتمييز‪ ،‬دراسات في القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪89-83‬؛ جان‬
‫بكتيه‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬تطوره ومبادئه‪ ،‬معهد هنري دونان‪ ،‬جنيف‪1984 ،‬م‪ ،‬ص ص ‪.9-6‬‬
‫‪See Also: T. Buergental, International Human Rights, (west publishing co.,‬‬
‫‪st.paul, 1995, pp.17-20.‬‬
‫‪ )15‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمد فهاد الشاللدة‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬دار منشأة المعارف‪ ،‬األسكندرية‪2011 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.2‬‬

‫‪20‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ )16‬انظر‪ :‬د‪ .‬سعيد سالم الجويلي‪ ،‬المدخل لدراسة القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬دار النهضة العربية‪2003 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪ 61‬وما بعدها؛ خالد بن علي آل خليفة حماية الطفل في النزاعات المسلحة‪ ،‬مجلة الطفولة والتنمية‪،‬‬
‫المجلس العربي للطفولة والتنمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مج‪ ،)1( :‬ع‪2001 ،)4( :‬م‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ )17‬للمزيد من التفاصيل انظر‪ :‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمود سامي جنينة‪ ،‬قانون الحرب والحياد‪ ،‬مطبعة لجنة التأليف‬
‫والنشر والترجمة‪ ،‬القاهرة‪ ،1944 ،‬ص ‪41‬؛ أيريك موريز‪ ،‬مدخل إلى التاريخ العسكري "ترجمة أكرم ديري‬
‫المؤسسة العربيَّة للدراسات والنشر‪1979 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪141‬؛ جان غليرمان‪ ،‬بحث بعنوان‪:‬‬
‫َّ‬ ‫وهيثم األيوبي"‪،‬‬
‫للصليب األحمر‪َّ ،‬‬
‫اللجنة الدوليَّة‬ ‫ِ‬ ‫"إسهام أطباء الجيوش في نشأة القانون الدولي اإلنساني"‪ ،‬المجلة الدوليَّة‬
‫ِ‬
‫للصليب األحمر‪ ،‬جنيف‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬ع‪ ،)8( :‬تموز‪ /‬آب‪1989 /‬م‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫‪ )18‬د‪ .‬صالح الدين عامر‪ ،‬مقدمة للتعريف بالقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬الندوة األولى حول القانون الدولي‬
‫اإلنساني باالشتراك بين الجمعية المصرية للقانون الدولي واللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬نوفمبر‬
‫‪ ،1982‬ص‪.6‬‬
‫ِ‬
‫للصليب األحمر"‪ ،‬القانو ُن الدولي اإلنساني‪..‬تطوره ومحتواه"‪ ،‬سلسلة القانون الدولي‬ ‫‪ )19‬انظر‪َّ :‬‬
‫اللجنة الدوليَّة‬
‫اإلنساني رقم (‪2008 ،)1‬م‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪ )20‬للمزيد من التفاصيل انظر‪ :‬د‪ .‬هشام بشير وإبراهيم عبدربه إبراهيم‪ ،‬المدخل لدراسة القانون الدولي‬
‫اإلنساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38-28‬‬
‫‪ )21‬ال تسهم قواعد هذه االتفاقية في حماية ضحايا أفراد القوات المسلحة ضد آثار األعمال العدوانية فحسب‪،‬‬
‫بل تقوم بإلزام الدول األطراف في القواعد الم سلحة بمواصلة السير في الطريق الذي ال يؤدي إلى انتهاك‬
‫حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬وتمثل قواعد ومبادئ االتفاقية‪ ،‬أول نظام تفصيلي يعرفه القانون الوضعي‪ ،‬في‬
‫مجال حماية العسكريين أثناء النزاعات المسلحة‪ ،‬فهذه القواعد تقنن ألول مرة في تحييد الخدمات الصحية‬
‫في الجيوش‪ ،‬وتقر إنشاء جمعية مدنية من المتطوعين في كل بلد تكون على استعداد لنجدة الضحايا‪.‬‬
‫انظر‪ :‬د‪ .‬عمر سعد هللا‪ ،‬تطور تدوين القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬دار المغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪،13‬‬
‫‪.31 ،30 ،25‬‬
‫‪ )22‬د‪ .‬محمد فهاد الشاللدة‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30-29‬‬

‫‪21‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ )23‬عقد مؤتمر الهاي الثاني للسالم بمدينة الهاي في الفترة الواقعة ما بين ‪ 15‬يونيو و‪ 18‬تشرين األول‬
‫‪ ، 1907‬وأسفر ذلك المؤتمر عن اعتماد المشاركين فيه لثالث عشر اتفاقية‪ ،‬إضافة لمشروع اتفاقية حول‬
‫إقامة محكمة للتحكيم الدولي‪ ،‬وتصريح ملحق باالتفاقيات الثالث عشرة بحظر استعمال القذائف والمتفجرات‬
‫من على المناطيد الطائرة‪ ،‬وبيان ختامي ينطوي على بعض القواعد المتعلقة بتسيير األعمال العدائية‪،‬‬
‫ويؤكد على بعض القواعد بهذا الشأن‪ ،‬وفيما يلي بيان لهذه االتفاقيات‪:‬‬
‫‪-‬اتفاقية التسوية السلمية للمنازعات الدولية‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية تقييد استخدام القوة لتحصيل الديون التعاقدية‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية بدء حالة الحرب‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية قوانين وأعراف الحرب البرية‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية حقوق وواجبات المحايدين في الحروب البرية‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية وضع السفن التجارية للعدو عند بدء العمليات العدائية‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية تحويل السفن التجارية إلى سفن حربية‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية وضع األلغام تحت سطح الماء‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية القصف بالقنابل بواسطة القوات البحرية زمن الحرب‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية تطبيق مبادئ اتفاقية جنيف على حالة الحرب في البحار‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية الحجز أثناء الحرب البحرية‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية إنشاء محكمة دولية للغنائم‪.‬‬
‫‪-‬اتفاقية حقوق وواجبات الدول المحايدة في الحروب البحرية‪.‬‬
‫‪-‬التصريح الخاص بإلقاء القذائف والمتفجرات من المناطيد الطائرة إلى األرض‪.‬‬
‫‪ -‬مشروع اتفاقية خاصة بإنشاء المحكمة الدولية للتحكيم القضائي الدولي‪.‬‬
‫‪-‬د‪ .‬عمر سعد هللا‪ ،‬تطور تدوين القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.71-61‬‬
‫‪ )24‬د‪ .‬محمد فهاد الشاللدة‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36-35‬‬

‫‪22‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪ )25‬لقد اعتمدت الدول المجتمعة في جنيف في ‪ 8‬يونيو ‪ 1977‬البروتوكولين اإلضافيين التفاقيات جنيف‬
‫لعام ‪ ،1949‬بغرض تأكيد وتطوير القانون الدولي اإلنساني المطبق في المنازعات المسلحة‪ ،‬وكان الغرض‬
‫األساسي من إعداد هاتين المعاهدتين هو سد الفجوات األساسية التي أهملت عام ‪ ،1949‬أي تعزيز‬
‫القواعد الدولية التي تحمي السكان المدنيين من آثار العمليات العسكرية واألعمال العدائية األخرى‪ .‬د‪.‬‬
‫محمد فهاد الشاللدة‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ )26‬يعرف القانون الدولي للبيئة بأنه مجموعة قواعد ومبادئ القانون الدولي التي تنظم نشاط الدول في مجال‬
‫منع وتقليل األضرار المختلفة التي تنتج عن مصادر مختلفة‪ ،‬للمحيط البيئي أو خارج حدود السيادة‪،‬‬
‫وتتمثل هذه المبادئ بحق الدولة الكامل في ممارسة سيادتها على ثرواتها الطبيعية واستخراجها طبقًا للقانون‬
‫الدولي وميثاق األمم المتحدة ‪ ،‬ووفقًا لسياستها في مجال حماية البيئة‪ ،‬وأن ال تؤدي نشاطاتها داخل حدود‬
‫سيادتها اإلقليمية أو في األقاليم التي تخضع لواليتها إلى اإلضرار بالبيئة المحيطة للدول األخرى وبخالف‬
‫ذلك فإنها تتحمل المسئولية الدولية‪ .‬للمزيد من التفاصيل انظر‪ :‬د‪ .‬حسين أمين‪ ،‬مقدمات القانون للبيئة‪،‬‬
‫مجلة السياسة الدولية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد‪ ،1994 ،117 :‬ص‪ 130‬؛ د‪ .‬حسين أمين ود‪ .‬أحمد عبد الوهاب‪،‬‬
‫حماية البيئة على الصعيدين الوطني والدولي "بعض الجرائم البيئية"‪ ،‬مجلة الحق‪ ،‬العدد ‪،1995 ،3‬‬
‫ص‪88-87‬؛ د‪ .‬بدرية العوضي‪ ،‬دور المنظمات الدولية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬مجلة الحقوق‪،‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬العدد الثاني‪ ،1985 ،‬ص‪ 83‬وما بعدها؛ د‪ .‬صالح عبد الرحمن عبد الحديني‪ ،‬النظام‬
‫القانوني الدولي لحماية البيئة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2010 ،‬ط‪ ،1‬ص‪.64-63‬‬
‫‪-‬وقد عرف البروفسور (‪ )Alen L. Springer‬القانون الدولي للبيئة بشمولية حيث ضمنه الجوانب‬
‫القانونية والفنية يكونه‪" :‬يعني بدراسة المعايير والقوانين المنصوص عليها من قبل النظام القانوني الدولي‬
‫والتي تتولى عملية تنظيم التغييرات البيئية بشكل مباشر أو غير مباشر والذي يمكن عزوه إلى النشاط‬
‫البشري‪ ،‬ويقر المجتمع الدولي بأنها ذات تأثير ضار بمصالح بشرية قيمة"‪.‬‬
‫‪-Allen L. Springer, The International Law of Pollution Protections the Global‬‬
‫‪Enivironment in a World of Sovereign State, Westport, Connecticut: Querum‬‬
‫‪Books, 1983, P.54.‬‬

‫‪23‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪-‬مشار إليه في‪ :‬د‪ .‬صالح عبد الرحمن عبد الحديني‪ ،‬النظام القانوني الدولي لحماية البيئة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.64‬‬
‫‪27) Betsy Baker, "Legal Protection for The Environment in Time of Armed Conflict",‬‬
‫‪Virginia Journal of International Law, Vol.33, No.2, Winter 1993, P.353.‬‬
‫ِ‬
‫للصليب األحمر‪" ،‬المبادئ األساسية للقانون الدولي اإلنساني"‪ ،‬سلسلة القانون الدولي‬ ‫‪ )28‬انظر‪ :‬اللجنة الدولية‬
‫اإلنساني رقم ‪ ،2‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪7‬؛ د‪ .‬هشام بشير وإبراهيم عبدربه إبراهيم‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‬
‫الدولي اإلنساني‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،2012 ،‬ط‪ ،1‬ص‪.117‬‬
‫‪ )29‬بن سالم رضا‪ ،‬حماية البيئة البحرية أثناء النزاعات المسلحة في البحار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ )30‬حسين على الدريدي‪" ،‬مدى فعالية القواعد الدولية اإلنسانية فى حماية البيئة أثناء النزاعات الم َّ‬
‫سلحة"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.136-135‬‬
‫‪ )31‬جان بكتيه‪ " ،‬القانون الدولي اإلنساني تطوره ومبادئه"‪ ،‬الناشر معهد هنري دونان‪ ،‬جنيف‪،1984 ،‬‬
‫ص‪.46‬‬
‫‪ )32‬ترجع فكرة الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني إلى الفكر الميكافيليي الذي يرى في كتابه‬
‫األمير "أن الحرب تكون عادة عندما تكون ضرورية‪ ،‬وأن الرغبة في االنتصار شيء طبيعي وعام‪ ،‬ويبرر‬
‫استخدام القوة الضرورية الالزمة لتحقيق هذه الرغبة"‪ .‬انظر‪ :‬د‪ .‬إبراهيم دسوقي أباظة ود‪ .‬عبد العزيز‬
‫الغنام‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي‪ ،‬دار النجاح‪ ،‬بيروت‪ ،1973 ،‬ص‪ .185-173‬مشار إليه في‪ :‬د‪ .‬هشام‬
‫بشير وإبراهيم عبدربه إبراهيم‪ ،‬المدخل لدراسة القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ )33‬انظر‪ :‬د‪ .‬حامد سلطان‪" ،‬الحرب في نطاق القانون الدولي"‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬ع‪،25 :‬‬
‫‪ ،1969‬ص‪.18‬‬
‫وكذلك انظر‪:‬‬
‫‪-Oppenheim Vol, II, War and Neutrality, (London 1963), P. 232.‬‬
‫‪ )34‬حسين على الدريدي‪" ،‬مدى فعالية القواعد الدولية اإلنسانية في حماية البيئة أثناء النزاعات الم َّ‬
‫سلحة"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪24‬‬
‫مجلة كلية السياسة واالقتصاد العدد التاسع ‪ -‬يناير ‪2021‬‬

‫‪35) Stephanie N. Simonds, "Conventional Warfare and Environmental Protection:‬‬


‫‪Aproposal for International Legal Reform", Stanford Journal of international Law,‬‬
‫‪vol.29, No.1, fall 1992. p. 206.‬‬
‫مشار إليه في‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ )36‬بن سالم رضا‪ ،‬حماية البيئة البحرية أثناء النزاعات المسلحة في البحار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫ِ‬
‫للصليب األحمر‪" ،‬المبادئ األساسية للقانون الدولي اإلنساني"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪ )37‬اللجنة الدولية‬
‫‪38) Report, I.C.J, 1996, par. 78 , P.227.‬‬
‫‪ )39‬حسين على الدريدي‪" ،‬مدى فعالية القواعد الدولية اإلنسانية في حماية البيئة أثناء النزاعات الم َّ‬
‫سلحة"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ )40‬حسين على الدريدي‪" ،‬مدى فعالية القواعد الدولية اإلنسانية في حماية البيئة أثناء النزاعات الم َّ‬
‫سلحة"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫******‬

‫‪25‬‬

You might also like