You are on page 1of 79

‫شعر كعب بن زهير في الجاهلية واإلسالم‬

‫)دراسة أسلوبية مقارنة(‬

‫بحث مقدم إلى كلية الدراسات اإلسالمية والعربية‬


‫المتطلبات استكماال الحصول على الدرجة الجامعة األولى )‪)S.S.I‬‬

‫إعداد‬
‫الطالبة ‪ :‬أنيس عفيفة‬
‫رقم التسجيل ‪0000111111111 :‬‬

‫كلية الدراسات اإلسالمية والعربية‬


‫جامعة شريف هداية اهلل اإلسالمية الحكومية‬
‫جاكرتا ‪ 0311‬ه ـ ـ ـ ـ ‪ 1105 -‬م‬
‫إقرار أصالة البحث‬

‫أقر أنا املوقع أدناه‪:‬‬

‫‪ .1‬أن حبثي املوسوم (شعر كعب بن زهري يف اجلاهلية واإلسالم) عمل أصيل يل‬

‫أجنزته بصفته جزءا من متطلبات احلصول على الدرجة اجلامعية األوىل جبامعة‬

‫شريف هداية اهلل اإلسالمية احلكومية جاكرتا‪.‬‬

‫‪ .2‬أن مجيع املصادر واملراجع اليت اعتمدت عليها يف إعداد هذا البحث مت وضعها‬

‫بشكل صحيح وفقا للقرارات املعمول هبا يف جامعة شريف هداية اهلل اإلسالمية‬

‫احلكومية جاكرتا‪.‬‬

‫‪ .3‬إذا تبني مستقبال أن هذا البحث ليس من إعدادي أو أنه انتحال من أعمال‬

‫شخص آخر فإنين على استعداد لتحمل العقوبات اليت قررهتا جامعة شريف‬

‫هداية اهلل اإلسالمية احلكومية جاكرتا‪.‬‬

‫جاكرتا‪ 3 ،‬يوليو ‪2112‬‬

‫أنيس عفيفة‬
‫ملخص البحث‬

‫أنيس عفيفة‪ ،‬شعر كعب بن زهير في الفترة الجاهلية والفترة اإلسالم‬

‫)دراسة أسلوبية مقارنة(‪.‬‬

‫يهدف‌هذا‌البحث‌إىل‪‌:‬معرفة‌حياة‌كعب‌بن‌زهري ‌وشخصيته‪‌،‬معرفة‌حملة‌‬

‫عن‌األسلوبية‪‌،‬وكذلك‌دراسة‌أسلوبية‌مقارنة‌يف‌شعره‌بني‌اجلاهلية‌واإلسالم‪‌.‬‬

‫‌واعتمدت ‌يف‌كتابة‌هذا‌البحث‌على‌الدراسة‌املتكتبية‌والطريقة‌الوصفية‌التكيفية‌‬

‫وذلك‌عن‌طريقة‌االستقراء‌والتحليل‌واملقارن‌يف‌التكتب‌العديدة‌خاصة‌ما‌يرتبط‌بالشعر‌‬

‫واألسلوب‪‌.‬‬

‫أن‌كعب‌بن‌زهري‌من‌‬
‫‌وأما النتائج اليت‌توصلت‌هبا‌من‌خالل‌هذا‌البحث‌فهي‪‌ ‌:‬‬

‫الشعراء ‌املخضرمني ‌املشهورين‪‌ ،‬وكعب ‌ال ‌يذيع ‌قصيدة ‌أو ‌شعر ‌إال ‌بعد ‌أن ‌ينقحها‌‬

‫ويصفيها‪‌،‬ويشذهبا‌ويهذهبا‌مدة‌عام‌(حول)‌بتكامله‪‌ .‬كان‌قصائده‌أو‌أشعاره‌يناسب‌‬

‫باألسلوب‪‌،‬ومن‌خالل‌املستوى‌التصويري‌يف‌األسلوب‪‌،‬أن‌الشاعر‌يستخدم‌يف‌شعره‌‬

‫من‌علم‌املعاين‌يف‌علم‌البالغة‌عن‌مجال‌اإلنشاء‌واخلرب‌واإلطناب‪‌‌،‬من‌علم‌البيان‌عن‌‬

‫مجال‌التشبيه‌واجملاز‪‌،‬وأما‌من‌علم‌البديع‌عن‌مجال‌الطباق‌واملقابلة‌وكذلك‌السجع‪‌.‬‬

‫‌أ‬
ABSTRAK

Anis Afifah. Syi’ru Ka’ab bin Zuhair Fîl Jahiliyyah wal Islâm (Dirâsah
UslÛbiyyah Muqâranah)

Tujuan penelitian ini yaitu: Mendeskripsikan biografi Ka’ab bin Zuhair,


mendeskripsikan pengertian tentang gaya bahasa dan mendeskripsikan
perbandingan gaya bahasa dalam syair Ka’ab bin Zuhair.

Dalam penulisan skripsi ini, peneliti menggunakan metode deskriptif


kualitatif komparatif serta merujuk pada buku-buku yang berkaitan erat dengan
syair dan gaya bahasa.

Hasil analisis dari penelitian ini adalah bahwa penyair Ka’ab bin Zuhair
salah satu dari penyair-penyair yang hidup pada masa jahiliyyah dan islamiyyah,
dan Ka’ab tidak akan mengumumkan sya’irnya sebelum meninjau kembali,
merevisi, merapikan selama satu tahun. bahwa puisi maupun syairnya selalu
sesuai dengan gaya bahasa yang ada, dan dari segi balaghah yang ada di gaya
bahasa, dan dalam syairnya, penyair menggunakan unsur ilmu balaghah, dari ilmu
ma’ani ada segi insya’, khabar, dan juga itnab, dan dari ilmu bayan ada segi
tasyabih dan majaz, dan dari ilmu badi’ ada segi tibaq, muqabalah dan juga sajak.

‫‌ب‬
‫الشكر والتقدير‬

‫بسم‌اهلل‌الرمحن‌الرحيم‌‬

‫احلمدهلل‌الذي‌أرشدنا‌مجيعا‌إىل‌طاعته‌وزجرنا عن‌معصيته‪‌،‬وأشهد‌‌أن ال‌إله‌‬

‫إال‌اهلل‌إقرارا‌بوحدانيته‌وأشهد‌أن‌حممدا‌رسول‌اهلل‌اعرتافا‌بنبوته‪‌،‬والصالة‌والسالم‌على‌‬

‫من‌أرسله‌اهلل‌إلرشاد‌العباد‌وعلى‌آله‌وصحبه‌املتكرم‌إىل‌سبيل‌الرشاد‪‌،‬أما‌بعد‪‌.‬‬

‫من‌كتابة‌هذا‌البحث‌حتت‌‬
‫فقد‌أهنيت‌بعناية‌اهلل‌سبحانه‌وتعاىل‌وتوفيقه‌وإذنه‌ ‌‬

‫موضوع ‌" ‌شعر كعب بن زهير في الجاهلية واإلسالم (دراسة أسلوبية مقارنة) ‌"‪‌.‬‬

‫فيسعدين ‌يف ‌هذه ‌الفرصة ‌الطيبة ‌أن ‌أقدم ‌شتكري ‌وتقديري ‌إىل ‌كل ‌من ‌أرشدين‌‬

‫بالتوجيهات‌الثمينة‌والنصائح‌املفيدة‪‌،‬وقاموا‌مبسامهة‌إلمتام‌هذا‌البحث‌مسامهة‌فتكرية‌أو‌‬

‫مادية‌حىت‌خيرج‌هذا‌البحث‌بالصورة‌املنش ‌وذة‪‌،‬وهم‪‌:‬‬

‫‪ -1‬فضيلة ‌الدكتور‌محتكا‌حسن ‌املاجستري‪‌،‬عميد‌كلية‌الدراسات‌اإلسالمية‌والعربية‌‬

‫جبامعة‌شريف‌هداية‌اهلل‌اإلسالمية‌احلتكومية‌جاكرتا‪.‬‬

‫‪ -2‬فضيلة ‌وردة ‌فاخرة ‌فخري ‌املاجستري‪‌ ،‬اليت ‌قامت ‌باإلشراف ‌على ‌هذا ‌البحث‌‬

‫على‌كل‌ما‌قدمته‌يل‌من‌التوجيهات‌واملعلومات‌واخلربات‌يف‌إمتام‌هذا‌البحث‪.‬‬

‫‌ج‬
‫‪ -3‬والدي‌ووالديت‌التكرميان‌عبد‌اهلل‌رافعي‌و‌نور‌عزيزة‌اللذان‌ربياين‌صغريا‌وزوداين‌‬

‫أحسن‌زاد‌وشجعاين‌على‌إمتام‌دراسيت‪‌،‬عسى‌اهلل‌أن‌يرزقهما‌الصرب‌اجلميل‪‌،‬‬

‫"ريب‌ارمحهما‌كما‌ربياين‌صغريا"‪.‬‬

‫‪ -4‬مجيع ‌املدرسني ‌واملدرسات ‌بتكلية ‌الدراسات ‌اإلسالمية ‌والعربية ‌جامعة ‌شريف‌‬

‫هداية ‌اهلل ‌اإلسالمية ‌احلتكومية ‌جباكرتا‪‌ ،‬الذين ‌بذلوا ‌جهدهم ‌يف ‌سبيل ‌تربييت‌‬

‫وتعليمي‌حىت‌أشرب‌من‌كأسهم‌علوما‌نافعة‪.‬‬

‫‪ -5‬فضيلة‌الدكتور‌أمحدي‌عثمان ‌والدكتور‌ت ‌وباغوس‌أدي‌أسناوي‌املاجستري ‌على‌‬

‫قيامهما ‌مبناقشة ‌هذا ‌البحث ‌حيث ‌أستفيد ‌من ‌توجيهاهتما ‌الراشدة ‌وعلومهما‌‬

‫الغزيرة‪.‬‬

‫‪ -6‬أمناء‌متكتبة‌جامعة‌شريف‌هداية‌اهلل‌اإلسالمية‌احلتكومية‌جباكرتا‌ومتكتبة‌كلية‌‬

‫الدراسات‌اإلسالمية‌والعربية‌الذين‌أتاحوا‌يل‌فرصة‌واسعة‌لالطالع‌على‌التكتب‌‬

‫املتعلقة‌مبوضوع‌هذا‌البحث‪.‬‬

‫‪ -7‬الزمالء‌واألصدقاء‌األعزاء‌الذين‌قاموا‌مبساعديت‌يف‌إمتام‌هذا‌البحث‪‌،‬فجزاهم‌‬

‫اهلل‌خري‌اجلزاء‪.‬‬

‫‌وجل ‌أن ‌يفيض ‌عليهم ‌العناية ‌والتيسري ‌والتوفيق ‌والسداد‌‬


‫‌عز ّ‬‫هذا ‌وأسأل ‌اهلل ّ‬
‫وجيزيهم ‌أوفر ‌اجلزاء‪‌ ،‬ويوفقين ‌وإياهم ‌إىل ‌ما ‌حيبه ‌ويرضاه‪‌ ،‬ولتكل ‌من ‌له ‌حق ‌الشتكر‌‬

‫‌د‬
‫والتحية‪‌،‬واهلل‌املستعان‌ومنه‌أستمد‌العون‌والتوفيق‪‌،‬وهو‌حسيب‌ونعم‌الوكيل‪‌،‬وصلى‌اهلل‌‬

‫على‌سيدنا‌حممد‌وعلى‌آله‌وصحبه‌أمجعني‪‌.‬‬

‫‌‬

‫جاكرتا‪‌27‌،‬يونيو‌‪2115‬م‌‬

‫‪‌11‬رمضان‌‪1436‬ه‌‬

‫‌‬

‫أنيس‌عفيفة‌‬ ‫‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌ه‬
‫محتويات البحث‬

‫ملخص‌البحث‌‪.................................................................‬أ‌‌‬

‫الشتكر‌والتقدير‌‪‌..................................................................‬ج‬

‫حمتويات‌البحث‌‪‌.................................................................‬و‌‬

‫‌‬

‫الفصل األول‬

‫مقدمة‬

‫‌أ‪ .‬خلفية‌البحث‌‪‌1‌...............................................................‬‬

‫ب‪ .‬حتديد‌مشتكالت‌البحث‌‪5‌.....................................................‬‬
‫‌‬

‫ج‪ .‬أهداف‌البحث‌‪5‌.............................................................‬‬
‫‌‬

‫‌د‪ .‬منهج‌البحث‌‪‌6‌...............................................................‬‬

‫‌‌ه‪‌.‬خطة‌البحث‌‪‌7‌..............................................................‬‬

‫‌‬

‫‌و‬
‫الفصل الثاني‬

‫كعب بن زهير وحياته‬

‫‌أ‪ .‬امسه‌ونسبه‌‪8‌.................................................................‬‬

‫ب‪ .‬مولده‌ووفاته‌‪‌9‌................................................................‬‬
‫‌‬

‫‌ج‪‌‌.‬نشأته‌‪‌11‌.....................................................................‬‬

‫د‪‌‌.‬حياته‌قبل‌دخوله‌إىل‌اإلسالم‌‪‌11‌.................................................‬‬

‫ه‪‌.‬إسالم‌كعب‌بن‌زهري‌‪‌12‌.........................................................‬‬

‫و‪‌.‬حياته‌وثقافته‌الشعرية‌‪‌16‌.........................................................‬‬

‫‌‬

‫الفصل الثالث‬

‫لمحة عن األسلوبية‌‬

‫‌أ‪ .‬مفهوم‌األسلوب‌‪28‌........................................................‬‬

‫ب‪ .‬نشأة‌األسلوب‌(األسلوبية)‌‪32‌..............................................‬‬
‫‌‬

‫‌ز‬
‫ج‪ .‬ميادين‌الدراسة‌األسلوبية‌‪35‌................................................‬‬
‫‌‬

‫‌د‪ .‬أنواع‌األسلوب‌‪38‌.........................................................‬‬

‫‌ه‪ .‬تطبيق‌األسلوبية‌يف‌الشعر‌‪41‌...............................................‬‬

‫‌‬

‫الفصل الرابع‬

‫دراسة أسلوبية مقارنة في شعر كعب بو زهير‬

‫‌أ‪ .‬حتليل‌شعر‌كعب‌بن‌زهري‌يف‌الفرتة‌اجلاهلية‌‪42‌..................................‬‬

‫ب‪ .‬حتليل‌شعر‌كعب‌بن‌زهري‌يف‌الفرتة‌اإلسالمية‌‪51 ‌...............................‬‬


‫‌‬

‫‌‬

‫الفصل الخامس‬

‫الخاتمة‬

‫‌أ‪ .‬نتيجة‌البحث‌‪61‌..........................................................‬‬

‫ب‪‌ .‬االقرتاحات‌‪62‌...........................................................‬‬
‫‌‬

‫ثبت‌املصادر‌واملراجع‌‪63‌...................................................‬‬

‫‌ح‬
‫‪1‬‬

‫الفصل األول‬

‫مقدمة‬

‫أ‪ .‬خلفية البحث‬

‫الشعر هو الكالم املوزون املقفى قصدا‪ ،‬وقال أدباء العرب أن الشعر هو الكالم‬

‫الفصيح املوزون املقفى املعرب غالبا الصور اخليال البديع‪ ،‬الشعر اجلاهلي هو األدب الذي‬

‫اعتمد عليه اجلاهليون قبل اإلسالم‪ ،‬وتنافس فيه املتنافسون‪ ،‬وركزوا على الشعر وصبوا فيه كل‬

‫طاقاهتم األدبية حىت بلغوا به إىل دورة البالغة والتعبري ‪ ،‬أما الشعر اإلسالمي ارتبط بظهور‬

‫الدعوة اإلسالمية مع نبينا حممد –صلى اهلل عليه وسلم‪.-‬‬

‫األعظمي الندوي‪ ،‬شعراء الرسول‪ ،‬مكتبة الفردوس قاهرة‪ 991 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 1‬‬
‫د‪ .‬مصطفى الشكعة‪ ،‬األدب يف موكب احلضارة اإلسالمية‪ ،‬دار الكتاب اللبناين بريوت‪ ،‬ط ‪ 911 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪. 01‬‬
‫‪2‬‬

‫وردت يف بعض كتب الدراسات األدبية‪ ،‬أن موضوعات الشعر اجلاهلي مثان وهي‬

‫احلماسة واملرايي والنسيب‪ 1‬واهلجاء واحلكمة‪ 1‬واملديح والصفات‪ 1‬وكذلك الرثاء ‪ .‬يف‬

‫العصر اجلاهلي مل يكن هناك أثار القرآن يف شعر الشعراء‪ .‬أما يف العصر اإلسالمي فهناك‬

‫تأثري يقوي ويضعف حسب نفسية الشعراء‪ ،‬إذ كان بينهم من تعمق اإلسالم وكان مل‬

‫يتغلغل إىل أعماقه‪ ،‬على أهنم مجيعا كانوا يستظلون بظالله‪.‬‬

‫ومن الشعراء من قضى نصف عمرهم يف العصر اجلاهلي ونصفه اآلخر يف العصر‬

‫اإلسالمي‪ ،‬صغارا كانوا أو كبارا ويتأثرون بتلك النفحة الدينية اليت تلمس به ارتياحا شديدا‬

‫إىل نعيم اآلخرة‪ ،‬حيث استخدم الشاعر ألفاظا مل تكن مألوفة من قبل على حقيقتها‬

‫احلماسة هي شعر احلرب بكل ما يستتبعه من التحريض على القتال‪ ،‬والدعوة إىل األخذ بالثأر واالفتخار بشجاعة‬
‫أبناء القبيلة وقوهتا‪.‬‬
‫املرايي هي يطلق على من يفعل الشيئ حىت يقال هذا رجل صاحل‪ ،‬أو طلب املنزلة يف قلوب الناس بإرايهم خصال‬
‫اخلري‪.‬‬
‫‪ 1‬النسيب أو التشبيب باملرأة هو وصف حماسنها ومفاتن جسمها‪ ،‬وذكر أخالقها‪.‬‬
‫اهلجاء هو نقيض املديح يكتب عندما يريد الشاعر أن يعرب عن سخطه وامشئزازه من شخص آخر‪.‬‬
‫‪ 1‬احلكمة هو التأمل والتفكري على تلخيص النظر إىل احلياة واملوت يف الشعر‪.‬‬
‫املديح هو موضوع الشعر يف املباهي مبحامدها كالكرم والشجاعة والوفاء بالعهد‪ ،‬ومحاية اجلار وإغاثة امللهوف‪.‬‬
‫‪ 1‬الصفات هي يرد عرضا يف قصايد شعراء‪ ،‬واقتصر الصفات أو الوصف على البيئة الصحرايية وطبيعتها‪ ،‬إما وصف‬
‫الطبيعة الصامتة أو الطبيعة املتحركة‪.‬‬
‫الرثاء هو وجود موضوع الرثاء بسبب كثرة احلرب‪ ،‬فريث قتالهم الذين يصرعون يف ساحات املعارك‪،‬أو يرث أشراف‬
‫وزعماء‪ ،‬فيعدد مناقبه‪ ،‬ويشيد مبآثره وفضايله‪ ،‬ويظهر التوجع والبكاء‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ومعانيها األصلية‪ ،‬كما اكتسب الشعر نوعا جديدا وهو اهلجاء السياسي‪ .‬ومل يسلموا كل‬

‫الشعراء املخضرمن مباشرة بنزول الوحي أو بعد بعثة رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪، -‬‬

‫ولكن هناك بعض الشعراء أسلم بعد وقت طويل من البعثة‪ ،‬مثل كعب بن زهري‪.‬‬

‫كان كعب بن زهري عاش يف العصر الذي يعتد بالشاعر‪ ،‬ورث موهبة الشعر عن‬

‫والده فهو شاعر موهوب ابن شاعر فحل‪ ،‬أمجع النقاد واألدباء على أنه من أعظم شعراء يف‬

‫عصره‪ .‬إنه كعب بن زهري‪ ،‬أبوه زهري بن أيب سلمى الشاعر اجلاهلي الكبري الذي كان شعره‬

‫شعره موضع التقدير يف عصره وما بعد عصره‪.‬‬

‫بدأ كعب قصيدته متغزال مبحبوبته سعاد على هنج القصيدة اجلاهلية‪ ،‬قبل أن ينتقل‬

‫من أبيات الغزل يف ختلص بديع إىل وصف الناقه الىت نقلته إىل حمبوبته الباينة‪ ،‬ومنها يصل‬

‫إىل أبيات القصيدة كلها حيث الثناء إىل الرسول الكرمي وأصحابه فيما يشبه االنقالب على‬

‫كل ما كتب‪ .‬وهناك بعض القصايد يف اعتذار لرسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪: -‬‬

‫جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬دار اهلالل‪ ،‬ص ‪. 1 ،1‬‬
‫زهري بن أيب سلمى ( ‪ 09-10‬م) هو أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء يف اجلاهلية وهو أحد الثالثة‬
‫املقدمن على ساير الشعراء‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫َّك إِ يين َعنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ك َمشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـغُ ُ‬ ‫الَ أُلفيَـن َ‬ ‫آم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلُهُ‬
‫ت ُ‬‫َوقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َال ُك ُّل َخل ٍيل ُكنـ ـ ـ ـ ُ‬

‫ول‬
‫َّر ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـَّرمح ُن َمفعُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫فَ ُك ُّل َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا قَـ ـد َ‬ ‫ت َخلُّوا َسبيلِي‪ 1‬الَ أَبًـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا لَـ ـ ـ ـ ُك ُم‬
‫فَـ ُقل ُ‬

‫يَـوًمـ ـ ـ ـ ـ ـا َعلَى آلَـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍة َحدبَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاءَ َحم ُم ُ‬ ‫ُك ُّل اب ِن أُنـثَـ ـ ـى َوإِن طَـ ـ ـالَت َسـ ـالََمتُهُ‬
‫‪1‬‬
‫ول‬

‫َوال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َعف ُو ِعن َد َر ُسوِل اهللِ َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأ ُم ُ‬ ‫ول الل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِه أَو َعـ ـ ـ ـ ـ ـ َدِين‬ ‫أُنبِئ ُ‬
‫‪1‬‬
‫ول‬ ‫ت َّ‬
‫أن َر ُس َ‬

‫وها هي املوضوعات اليت سأحبث يف هذه البحث‪ ،‬وهي دراسة أسلوبية مقارنة يف‬

‫شعر وقصيدة كعب بن زهري بن العصر اجلاهلي ونظريه يف العصر اإلسالمي‪.‬‬

‫آمله‪ :‬أرجو مساعدته‬


‫ال ألفينك‪ :‬الأكون معك يف شيئ أو الأنفعك فاعمل لنفسك‬
‫‪ 1‬ويروي‪" :‬طريقي"‬
‫"ال أبالكم" تعبري يستعمل يف املدح والذم‪ ،‬يقول املفجع واملتعجب‪ ،‬وهو يعلم أن للمخاطب أبا‪ ،‬ولكنها قد جرت‬
‫على ألسنة العرب‬
‫‪ 1‬آلة‪ :‬حالة؛ جدباء‪ :‬معوجة؛ يقول‪ :‬كل من ولد فمآله املوت‬
‫أنبىت‪ :‬أخربت‬
‫‪ 1‬أوعد‪ :‬هدد؛ والوعد يف اخلري واإلبعاد يف الشر‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ب‪.‬تحديد مشكالت البحث‬

‫فيمكنين أن أحدد املشكالت اليت سأحللها يف هذا البحث‪ ،‬وترتيب من ذلك هذه‬

‫املشكالت‪ ،‬وهم‪:‬‬

‫‪ .‬كيف حياة كعب بن زهري وشخصيته؟‬

‫‪ .‬ما مفهوم األسلوب؟‬

‫‪ .1‬ما دراسة أسلوبية مقارنة يف شعر كعب بن زهري بن اجلاهلية واإلسالم ؟‬

‫ج‪ .‬أهداف البحث‬

‫بناء على حتديد املشكلة السابق‪ ،‬فإن األهداف اليت يراد حتقيقها من خالل هذا‬

‫البحث هي ما يلي‪:‬‬

‫‪ .‬التعرف على حياة كعب بن زهري وشخصيته‬

‫‪ .‬معرفة األسلوب وما يتعلق به‪.‬‬

‫‪ .1‬دراسة أسلوبية مقارنة يف شعر كعب بن زهري بن اجلاهلية واإلسالمية‬


‫‪6‬‬

‫د‪ .‬منهج البحث‬

‫سأسلك يف هذا البحث أكثر من منهج‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -‬املنهج االستقرايي الذي يعترب أساسا يف كل حبث‪ ،‬ويكون ذلك بتتبع املوضوع‬

‫واستقرايه يف مظانه ومجع املعلومات املتعلقة باملوضوع يف هذا املظان‪.‬‬

‫‪ -‬املنهج التحليلي وهو املنهج الذي يعين بتحليل ما استقرأه الباحث من النصوص‬

‫واألفكار ‪.‬‬

‫‪ -‬املنهج املقارن وهو املنهج الذي يعتمد على املقارنة يف دراسة الظاهرة حيث يربز أوجه‬

‫الشبه واالختالف فيما بن ظاهرتن أو أكثر‪.‬‬

‫وأما طريقة الكتابة فأرجع إىل كتاب "طرق كتابة البحث العلمي للدرجة اجلامعية‬

‫األويل واملاجستري والدكتوراه جلامعة شريف هداية اهلل اإلسالمية احلكومية جاكرتا"‪.‬‬

‫حممد رواس قلعة جين‪ ،‬طرق البحث في الدراسات اإلسالمية‪( ،‬بريوت‪ :‬دار النفايس‪ 1 0 ،‬ه)‪ ،‬ص‬
‫‪7‬‬

‫ه‪ .‬خطة البحث‬

‫وأما خطة هذا البحث فهي وقف اخلطوات التالية‪ ،‬وحيث أقسم حبثي إىل مخسة‬

‫فصول‪:‬‬

‫‪ .‬الفصل األول يضم خلفية البحث‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬وحتديده‪ ،‬ومنهجي يف عرضه‪،‬‬

‫وخطته‪.‬‬

‫‪ .‬الفصل الثاين يضم الدراسة عن ترمجة كعب بن زهري‪.‬‬

‫‪ .1‬الفصل الثالث يضم معرفة ومفهوم األسلوب ومايتعلق به‪.‬‬

‫‪ .‬الفصل الرابع وهو دراسة أسلوبية مقارنة يف شعر كعب بن زهري بن اجلاهلية واإلسالم‪.‬‬

‫‪ .1‬الفصل اخلامس وهو يضم اخلامتة املشتملة على النتايج واالقرتاحات والفهارس‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫كعب بن زهير وحياته‬

‫أ‪ -‬اسمه ونسبه‬

‫كعب بن زهري بن ربيعة املعروف بأيب سلمى‪ ،‬ابن رياح بن قطر احلارث بن‬

‫مازن بن ثعلبة بن ثور بن هزمة بن ألم بن عثمان بن مزينة ‪ ،‬أبوه زهري بن أيب سلمى‪،‬‬

‫أخوه جبري بن زهري‪ ،‬أخته سلمى بنت أيب سلمى‪ ،‬ولكعب ابن هو عقبة وهو املضرب‬

‫ابن كعب‪ ،‬ولعقبة ابن وهو احلجاج بن ذي الرقبية بن عبد الرمحن بن عقبة املضرب‬

‫وحفيده العوام‪ ،‬كلهم شعراء‪.‬‬

‫ينظر ترمجة كعب بن زهري يف كتب التالية‪:‬‬


‫‪،‬‬ ‫‪ -‬حممد بن سالم اجلمحي‪ ،‬طبقات الشعراء‪ ،‬حتقيق حممود حممد شاكر‪ ،‬مطبعة املدين‪ ،‬ط‪ ،8‬ص‪، 2‬‬
‫‪. 8‬‬
‫‪ -‬أبو حممد عبد اهلل بن مسلم ابن قتيبة‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬حتقيق أمحد حممد شاكر‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬ج ‪،‬‬
‫ص ‪. 21- 4‬‬
‫‪ -‬أبو الفرج األفهاين علي بن حسن‪ ،‬األغاني‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪،‬ج‪ ، 1‬ص‪.44- 8‬‬
‫‪ -‬عبد القادر بن عمر البغدادي‪ ،‬خزانة األدب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ج ‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬دار اهلالل‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫حممد بن سالم اجلمحي‪ ،‬طبقات الشعراء‪ ،‬ص‪. 2‬‬
‫أبو املنذر هشام بن حممد بن السائب‪ ،‬جمهرة النسب‪ ،‬حتقيق د‪.‬ناجي حسن‪ ،‬مكتبة النهضة العربية‪ ،‬ط ‪،‬‬
‫ص‪. 88‬‬
‫‪9‬‬

‫وأم كعب امرأة من بين عبد اهلل بن غطفان وهي كبشة بنت عمار بن عدي بن‬

‫سحيم بن غطفان‪ ،‬وهي أم سائر أوالد زهري ‪ ،‬تزوج بأم أوىف رغبة منه يف الولد أثار‬

‫حفيظة أم أوىف فأصبتها الغرية‪ ،‬فطلقها نادما‪ ،‬والت ساعة مندم‪ ،‬وكان كعب يكىن بأيب‬

‫املضرب‪ .‬يعيش الشاعر كعب بن زهري من قبيلة مزينة‪ ،‬والنسبة إليها مزين‪ ،‬ومزينة قبيلة‬

‫ذات علو وشرف‪.‬‬

‫ب‪ -‬مولده ووفاته‬

‫وكان تاريخ ميالده جمهوال ‪ ،‬وتضاربت اآلراء واألقوال عند مؤرخي األدب العريب‬

‫حول تعيني سنة وفاة كعب بن زهري‪ ،‬فذكر بعضهم السنة ‪ 4‬ه أي ‪444‬م ‪ ،‬وذكر‬

‫بعضهم اآلخر السنة ‪ 4‬ه أي ‪442‬م‪ ،4‬وحدد غريهم السنة ‪4‬ه أي ‪44‬م‪.2‬‬

‫األصفهاين‪ ،‬األغاني‪ ،‬ج ‪ ،11‬ص‪. 8‬‬


‫ينظر يف بعض الكتب األدبية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬نار الدين األسد‪ ،‬مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية‪ ،‬دار اجليل بريوت‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ -‬مصطفى صادق الرافعي‪ ،‬تاريخ آداب العرب‪ ،‬مكتبة اإلميان‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -‬عبد القادر بن عمر البغدادي‪ ،‬خزانة األدب‪ ،‬ص‪. 2‬‬
‫‪ -‬جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ،‬ج ‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ،‬ج ‪ ،‬ص‪. 28 ،14‬‬
‫‪4‬‬
‫خري الدين بن حممود بن حممد بن علي بن فارس الزركلي الدمشقي‪ ،‬األعالم‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص‪. 4‬‬
‫‪ 2‬أحد أخوة املدارس املسيحية‪ ،‬تاريخ اآلداب العربية‪ ،‬ص‪. 08‬‬
‫‪01‬‬

‫مستندين إىل حادثة "الربدة"ورغبة معاوية يف شرائها حيث إن خالفته امتدت من ‪-440‬‬

‫‪480‬م‪.‬‬

‫ج‪ -‬نشأته‬

‫أقام كعب بن زهري يف قوم بين غطفان حىت كاد ينسب إليهم‪ ،‬بل نسبه إليهم‬

‫بعض املؤرخني ‪ ،‬فنشأه فيه كأنه واحد منهم‪ ،‬يشرتك يف مجيع ما أتاهم حربا وسلما‪ .‬وقد‬

‫رثى ربيعة بن مكدم بقوم أمه‪ ،‬على أنه مل ينس أصله وقومه‪ .‬ويف هذه البيئة الشعرية‬

‫نشأ كعب‪ ،‬فسمع الشعر طفال‪ ،‬ورواه ناشئا‪ ،‬وقاله يافعا‪ .‬وهو كبري أبناء زهري‪ ،‬فعين به‬

‫أبوه عناية خاصة‪ ،‬يهذب ذوقه‪ ،‬ويرويه شعره‪.4‬‬

‫عندما يقول الشعر وهو صغري حىت ال يأتى بشعر ال يرقى للمستوى الذي يراه‬

‫الناس يف هذه العائله الشاعرة‪،‬الىت بدأ جمدها الشعري منذ ما قبل اإلسالم بتلك املعلقة‬

‫الىت كتبت مباء الذهب وعلقت على أستار الكعبة بتوقيع زهري بن أىب سلمى‪ ،‬وترسخ‬

‫بتلك القصيدة اليت أورث قائلها كعب بن زهريه جناه ىف الدنيا واآلخره وبرده نبويه توارثتها‬

‫بين غطفان قبيلة عربية كبرية من قبائل اجلاهلية وصدر اإلسالم وهي واحده من مجاجم سكنوا بادية جند‬
‫واحلجاز جهة وادي القرى ويوادي املدينة املنورة‪.‬‬
‫اين قتيبة‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬ج ‪ ،‬ص ‪4‬‬
‫ربيعة بن مكدم الفراسي الكناين فارس عريب من قبيلة كنانة وأحد فرسان العرب املعدودين يف اجلاهلية‪.‬‬
‫‪ 4‬اإلمام أيب سعيد احلسن بن احلسني العسكري‪ ،‬ديوان كعب بن زهير‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪00‬‬

‫العائله‪ ،‬قبل أن تنتقل لبيوت احلكم اإلسالمي جيال بعد جيل‪ ،‬حىت وصلت إىل بيت‬

‫احلكم العثماين معززة بتلك اهلاله القدسية املشرفة ‪.‬‬

‫د‪ -‬حياته قبل دخوله إلى اإلسالم‬

‫ولقد وقف كعب من اإلسالم أول أمره‪ ،‬موقف اخلصومة والعداء‪ ،‬وخباصة بعد‬

‫أن أسلم أخوه جبري بن زهري‪ ،‬وقال ابن إسحاق ‪ :‬وملا قدم رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه‬

‫وسلم‪ -‬من الطائف كتب جبري بن زهري إىل أخيه كعب خيربه أن رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل‬

‫عليه وسلم‪ -‬قتل رجاال مبكة ممن كان يهجوه ويؤذيه‪ ،‬وأن من بقي من شعراء قريش ابن‬

‫الزبعري‪ 4‬وهبرية بن أيب وهب‪ 2‬قد هربوا يف كل وجه‪ ،‬فإن كانت لك يف نفسك حاجة‬

‫فطر إىل رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬فإنه ال يقتل أحدا جاءه تائبا مسلما‪ ،‬وإن‬

‫أنت مل تفعل فانج إىل جنائك‪..‬‬

‫الدكتور حيىي اجلبوري‪ ،‬شعر المخضرمين وأثر اإلسالم فيه‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ص‪. 4‬‬
‫جبري بن زهري هو شاعر حمسن وأيضا أخو كعب بن زهري‪.‬‬
‫ابن إسحاق وهو اإلمام أبو بكر حممد بن اسحاق بن يسار بن خيار املدين‪ .‬كان موىل لقيس بن خمرمة بن‬
‫املطلب القرشي‪ ،‬ولد يف املدينة سنة ‪82‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 4‬سبق ذكر ترمجته يف الصفحة ‪.4‬‬
‫‪ 2‬سبق ذكر ترمجته يف الصفحة ‪.4‬‬
‫‪01‬‬

‫وعلى عادة العرب يف اجلاهلية كانت القبائل حتالفت قبيلة مزينة مع األوس ضد‬

‫قبائل اخلزرج وجهينة أشجع ‪ ،‬وهلذا نرى أن كعبا عندما مدح األنصار مل ميدحهم كلهم‪،‬‬

‫بل استثىن اخلزرج من مدحيه عندما قال‪:‬‬

‫صـ ـ ـ ـ ـ ـا ِر‬ ‫ِِ‬


‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـاحل ْي األَنْ َ‬
‫ِيف ِم ْقنَ ِ ِ‬
‫ب م ْن َ‬ ‫ْ‬ ‫احلَيَ ـ ـ ـ ـ ـ ـاةِ فَالَ يَـَزْل‬
‫َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن َسَّرهُ َكَرُم ْ‬

‫ه‪ -‬إسالم كعب بن زهير‬

‫أما عن حياة كعب يف اإلسالم‪ ،‬فتبدأ مع قصة إسالمه‪ ،‬وكان ذلك على إثر‬

‫إسالم جبري‪ ،‬وعندما علم كعب بذلك‪ ،‬قال ‪:‬‬

‫البجاوي (علي حممد) وإبراهيم (حممد أبو الفضل)‪ ،‬أيام العريب يف اجلاهلية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ص‪ ،14-12‬وينظر‬
‫أيضا يف جمموع أيام العرب يف اجلاهلية واإلسالم‪ ،‬حممد علي بيضون‪ ،‬دار الكتب العلمية –بريوت‪ -‬لبنان‪،-‬‬
‫ص ‪.1‬‬
‫املقنب‪ :‬مجاعة اخليل والفرسان‪ ،‬وهذا الشعر فقد مدح بعض مجاعة األنصار وليس مجيع األنصار‪.‬‬
‫ينظر يف الكتب األدب التايل‪:‬‬
‫‪ -‬القرشي (أبو زيد حممد بن أيب اخلطاب)‪ ،‬جمهرة أشعار العرب‪ ،‬حتقيق علي الفاعوري‪ ،‬دار الكتب العلمية –‬
‫بريوت‪ ،-‬ط ‪ ،‬ص‪. 42‬‬
‫‪ -‬أبو الفرج األصفهاين علي بن احلسني‪ ،‬األغاني‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.21‬‬
‫‪ -‬أبو عبد اهلل حممد بن عمران بن موسى‪ ،‬الموشح‪ ،‬حتقيق حممد حسني مشس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية –‬
‫بريوت‪ ،-‬ط ‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ -‬عز الدين بن األثري أيب احلن علي بن حممد‪ ،‬االستعاب في معرفة األصحاب‪ ،‬حتقيق حممد إبراهيم البنا‬
‫وحممد أمحد عاشور‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬ص‪.412‬‬
‫‪ -‬اإلمام أيب الفداء إمساعيل بن كثري القرشي‪ ،‬السيرة النبوية‪ ،‬حتقيق مصطفى عبد الواحد‪ ،‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب –بريوت‪ ،‬ص‪.411‬‬
‫‪01‬‬

‫ـاخلَْي ِ‬
‫ف َه ـ ْـل لَ َك ــا‬ ‫ـت بِـ ْ‬ ‫فَـه ــل لَـ ِ‬ ‫أَالَّ أَبْلِغَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ةـين ُجبَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـريا ِر َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَة‬
‫ـك فْي َم ــا قُـ ْل ـ ُ‬
‫َ ْ َ‬

‫ـك َدلَّ َكـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬ ‫َعلَـ ـ ـ ــى أَ ة‬ ‫ـني لَنَ ـ ـ ـ ــا إِ ْن ُكْن ـ ـ ـ ــت لَس ـ ـ ـ ــت بَِف ِ‬
‫ي َشـ ـ ـ ـ ْـيء َغـ ـ ـ ـ ـْيـ ُر َذلـ ـ ـ ـ َ‬ ‫اع ـ ـ ـ ــل‬ ‫َ ْ َ‬ ‫فَـبَـ ـ ـ ـ ـ ة ْ‬

‫َعلَْي ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َوَملْ تُـ ـ ـ ـ ـ ـ ْد ِرْك َعلَْي ـ ـ ـ ـ ـ ِـه أَخـ ـ ـ ـ ـ ــا لَ َك ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َعلَـ ـ ـ ـ ــى ُخلُـ ـ ـ ـ ــق َمل تُـ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف أَم ـ ـ ـ ـ ــا َوَال أَب ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ـت بِ ِس ـ ـ ــف‬
‫َوَال قَ ـ ـ ـ ـ ـ ــائل إِ َّم ـ ـ ـ ـ ـ ــا َعثَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـر َ‬
‫ت لَ َع ـ ـ ـ ـ ـ ــا لَ َك ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫فَـ ـ ـ ـِإ ْن أَنْـ ـ ـ َ‬
‫ـت َملْ تَـ ْف َع ـ ـ ـ ْـل فَـلَ ْس ـ ـ ـ ُ‬
‫ـك الْ َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأْ ُم ْو ُن ِمْنـ َه ـ ـ ـ ـ ـ ــا َو َعلَّ َك ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫فَأَنْـ َهلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫اك ِبَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا الْ َمأْ ُم ْون َكأْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا َرِويَّة‬
‫َس َق َ‬

‫وملا قدم رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬من انصرفه عن الطائف‪ ،‬كتب جبري‬

‫بن زهري بن أيب سلمى إىل أخيه كعب بن زهري خيربه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫قتل رجال مبكة ممن كان هجوه وآذوه‪ ،‬ومن شعراء قريش ابن الزبعرى‪ 4‬وهبرية بن أيب‬

‫وهب‪ ،2‬وقد هربوا كأمثاهلم يف كل وجهة‪ ،‬فإن كانت لك يف نفسك حاجة فطر إىل‬

‫أبلغ‪ :‬أخرب أو أرسل‬


‫سقاك‪ :‬شربك‬
‫دلك‪ :‬حك‬
‫‪ 4‬عبد اهلل بن الزبعرى بن عدي بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي‬
‫القرشي‪ ،‬أبو سعيد‪ .‬شاعر قريش يف اجلاهلية‪ .‬كان حيارب املسلمني يف شعرة حىت فتحت مكة‪ ،‬فهرب إىل جنران‪،‬‬
‫مث عاد إىل مكة‪ ،‬واعتذر للنيب حممد‪ ،‬ومدحه‪ ،‬فأمر له حبلة‪.‬‬
‫‪ 2‬جعدة بن هبرية بن أيب وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن خمزوم القرشي املخزومي‪ ،‬وأمه أم هانئ بنت أيب‬
‫طالب؛ قاله أبو عمر‪ .‬وقال أبو عبيدة‪ :‬ولدت أم هانئ بنت أيب طالب من هبرية ثالثة بنني‪ :‬جعدة‪ ،‬وهانئ‪،‬‬
‫ويوسف‪ .‬وقال الزبري‪ :‬ولدت أم هانئ هلبرية أربعة بنني‪ ،‬أحدهم جعدة‪ .‬وقال هشام الكليب‪ :‬جعدة بن هبرية‪ ،‬ويل‬
‫‪01‬‬

‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فإنه اليقتل أحدا جاءه تائبا‪ ،‬وإن أنت مل تفعل فانج إىل‬

‫جنائك يف األرض‪ ،‬وكتب جبري إىل كعب يقول له ‪:‬‬

‫َحَزُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِ ْيف اَّ ِ‬ ‫من مبلِ‬


‫تَـلُ ْوُم َعلَْيـ َها بَاطال َوه َي أ ْ‬ ‫ليت‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫غ‬
‫ٌ‬ ‫َ ْ ُْ‬
‫َّجاءُ َوتَ ْسلَ ُم‬ ‫ِ‬ ‫‪4‬‬ ‫إِ َىل اهللِ ‪َ-‬ال الْعَّزى وَال َّ ِ‬
‫إذَا َكا َن الن َ‬ ‫فَـتَـْن ُج ْوا‬ ‫الالت‪َ -‬و ْح َدهُ‬ ‫ُ َ‬
‫ب ُم ْسلِ ُم‬ ‫ِ‬
‫اهر الْ َق ْل ِ‬ ‫ِمن الن ِ ِ‬ ‫س ِمبُْفلِت‬ ‫لَدى يـوِ‬
‫َّاس إالَّ طَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬‫و‬‫َ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ي‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوديْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُن أِ ْ‬
‫َيب ُس ْل َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلَ َّي ُحمَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـَّرُم‬ ‫فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـديْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُن ُزَه ْري َوُه َو َال َش ْيءَ ديْـ ـ ـ ـ ـ ـنُهُ‬

‫وهذه القصة هي نقطة البداية يف إسالم كعب يف أواخر السنة السابعة للهجرة‪،‬‬

‫وبرز كعب شاعرا من شعراء الدعوة اإلسالمية ومن الذين دافعوا عن اإلسالم‪ ،‬وبذلك‬

‫يكون كعب بن زهري قد أعلن إسالمه إعالنا واضحا‪ ،‬وأعلن توبته‪.‬‬

‫خراسان لعلي‪ ،‬هو ابن أخته؛ أمه أم هانئ بنت أيب طالب‪ .‬وقال ابن منده وأبو نعيم‪ :‬جعدة بن هبرية بن أيب‬
‫وهب ابن بنت أم هانئ؛ وقيل‪ :‬إن جعدة هو القائل‪" :‬الطويل"‪.‬‬
‫ديوان كعب بن زهري ص ‪.‬‬
‫ملفت‪ :‬مهه األمر‬
‫يلوم‪ :‬كدَّره بكالم ملا قام به من عمل أو قول غري مالئمني ‪ ،‬أنبه ووخبه وآخذه‪ ،‬أحزم‪ :‬لغليظ املتماسك املرتَفع‪.‬‬
‫‪ 4‬تنجو‪ :‬ختلع من الضرار‪.‬‬
‫‪01‬‬

‫بدأ كعب قصيدته متغزال مبحبوبته سعاد على هنج القصيدة اجلاهلية‪ ،‬ومنها يصل‬

‫إىل أبيات القصيدة كلها حيث الثناء إىل الرسول الكرمي وأصحابه فيما يشبه االنقالب‬

‫على كل ما كتب‪ .‬وهناك بعض القصائد يف اعتذار لرسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪:-‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫َّك إِنةـ ـ ـي َعْن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ك َم ْش ـ ـ ـ ـغُ ُ‬ ‫الَ أُلْفيَـن َ‬ ‫آم ـ ـ ـ ـلُهُ‬
‫ت ُ‬‫َوقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َال ُك ُّل َخليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ُكْن ُ‬

‫ول‬
‫َّر الـ ـ ـ ـ ـ ـَّر ْمح ُن َم ْفـ ـ ـ ـ ـ ـعُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫فَ ُك ُّل َم ـ ـ ـ ـ ـ ـا قَد َ‬ ‫ت َخلُّوا َسبيلِي الَ أَبَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا لَـ ـ ُك ْم‬
‫فَـ ُق ْل ُ‬

‫ُك ُّل ابْ ِن أُنْـثَى َوإِ ْن طَـ ـ ـالَ ْ‬


‫‪4‬‬
‫يَـ ْوم ـ ـ ـ ـ ـ ـا َعلَى آلَة َح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْدبـَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاءَ َْحم ُم ُ‬
‫ول‬ ‫ت َسالََم ـتُهُ‬

‫ول اهللِ َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأْ ُمـ ـ ـ ـ ـ ُ‬


‫والع ْف ـو َعْن َد رس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ول اهللِ أ َْو َع ـ َدِين‬ ‫أُنْبِْئ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫‪4‬‬
‫ول‬ ‫َُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ت‪َّ 2‬‬
‫أن َر ُسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬

‫آمله‪ :‬أرجو مساعدته‪.‬‬


‫ال ألفينك‪ :‬الأكون معك يف شيئ أو الأنفعك فاعمل لنفسك‪.‬‬
‫"ال أبالكم" تعبري يستعمل يف املدح والذم‪ ،‬يقول املفجع واملتعجب‪ ،‬وهو يعلم أن للمخاطب أبا‪ ،‬ولكنها قد‬
‫جرت على ألسنة العرب‪.‬‬
‫‪ 4‬آلة‪ :‬حالة؛ جدباء‪ :‬معوجة؛ يقول‪ :‬كل من ولد فم له املوت‪.‬‬
‫‪ 2‬أنبىت‪ :‬أخربت‪.‬‬
‫‪ 4‬أوعد‪ :‬هدد؛ والوعد يف اخلري واإلبعاد يف الشر‪.‬‬
‫‪01‬‬

‫ذ‪ -‬حياته وثقافته الشعرية‬

‫كان كعب بن زهري يف الطبقة الثانية من الشعراء اجلاهليني ‪ ،‬ويعد أنه من‬

‫الصحابة‪ ،‬عاش الشاعر يف عصر كان يعتد بالشاعر‪ ،‬وكعب بن زهري ابن هلذه البيئة‬

‫وواحد منها‪ ،‬وهو من أسرة مشهورة يف الشعر لكثرة شعرائها‪ ،‬وتريب كعب فيها‪ ،‬حىت‬

‫فطر على قول الشعر‪ ،‬مما قوي قدرته الشعرية وجتلت عنده منذ صغره‪.‬‬

‫عاش كعب بن زهري يف بيئة تنتج القرائح الشعرية عند الرجال والنساء ويف بيت‬

‫كعب أحد عشر شاعرا من نسل أيب سلمى جد كعب بن زهري‪ ،‬ومل يبخل عليه أبوه‬

‫باحلكمة واألدب‪ ،‬فشب كعب بن زهري شاعرا فصيحا حكيما‪ .‬مل حيظ أحد من الشعراء‬

‫بالشهرة كما حظي كعب بن زهري‪.‬‬

‫إن كعب بن زهري من الشعراء املخضرمني املشهورين‪ ،‬وحسبنا أن نعلم أن‬

‫احلطيئة وهو من فحول املخضرمني كان راوية آل زهري‪ ،‬وأنه طلب من كعب أن يذكر‬

‫جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ اآلدب العربية‪ ،‬ج ‪ ،‬ص‪.14‬‬


‫أبو مليكة جرول بن أوس بن مالك العبسي املشهور بـاحلطيئة‪ .‬شاعر خمضرم أدرك اجلاهلية وأسلم يف زمن أيب‬
‫بكر‪ ،‬ولد يف بين عبس من أَمة امسها (الضراء) دعيا ال يعرف له نسب فشب حمروما مظلوما‪ ،‬ال جيد مددا من‬
‫أهله وال سندا من قومه فاضطر إىل قرض الشعر جيلب به القوت‪ ،‬ويدفع به العدوان‪ ،‬وينقم به لنفسه من بيئة‬
‫ظلمته‪ ،‬ولعل هذا هو السبب يف أنه اشتد يف هجاء الناس‪ ،‬ومل يكن يسلم أحد من لسانه فقد هجا ّأمه وأباه حىت‬
‫إنّه هجا نفسه‪.‬‬
‫‪01‬‬

‫شعره‪ .‬وكان خلف األمحر أحد علماء الشعر يقول‪( " :‬لوال لزهري‪ ،‬ما فضلته على ابنه‬

‫كعب) " ‪.‬‬

‫عرفت قصائده ب "احلوليات" ‪ ،‬ال يذيع قصيدة إال بعد أن ينقحها ويصفيها‪،‬‬

‫ويشذبا ويهذبا مدة عام (حول) بكامله‪ ،‬مث يطلقها بلسانه أو بلسان راويته املخطئة‪،‬‬

‫حىت إن ابنته صارت راوية له‪ .‬ومنذ يفاعته حترك لسانه بقول الشعر ونظمه‪ ،‬وقد حاول‬

‫أبوه أن مينعه حىت تكتمل فيه اخلاصية والقدرة‪ ،‬واشتد عليه يف ذلك‪ ،‬حىت قيل‪ :‬إنه‬

‫ضربه !!! كل ذلك خمافة أن يكون مل يستحكم شعره فريوي له ما ال خري فيه‪ ،‬وإىل‬

‫جانب الضرب قيل‪ :‬إنه حبسه‪ ،‬فسكت أياما مث عاد إىل قول الشعر‪.4‬‬

‫أبو حمرز خلف بن حيان من علماء البصرة يف اللغة والنحو‪ .‬موىل بالل بن أيب بردة‪ ،‬تويف يف حدود‬
‫سنة‪ 80‬ه‪ .‬وكان راوية ثقة عالّمة‪ .‬يوجد شارع بالكويت يف حمافظة اجلهراء حيمل اسم خلف األمحر‪.‬كما يوجد‬
‫يف مدينة محص يف حي القرابيص شارع بامسه أيضا‪ .‬واشتهر أنه كان ينحل الشعر‪ ،‬مبعىن يقول الشعر على طريقة‬
‫القدماء مث ينسب ما يقوله هلم‪ .‬قال الصفدي ‪ -‬املتوىف سنة ‪ 144‬هـ ‪ -‬يف كتابه الوايف بالوفيات يف ترمجة خلف‬
‫األمحر‪" :‬خلف األمحر الشاعر صاحب الرباعة يف اآلداب‪ ،‬يكىن أبا حمرز‪.‬‬

‫عبد العزيز الشيخ أمحد اإلسكندرية والشيخ مصطفى عناين‪ ،‬الوسيط في األدب العربي وتاريخه‪ ،‬مصر‪ :‬دار‬
‫املعارف‪ ،‬ص ‪. 2‬‬
‫احلوليات أو شعراء احلوليات‪:‬الشعراء الذين ال خيرج قصيدته إال بعد حول كامل‪ .‬فهم ينظم أشعارهم يف أربعة‬
‫أشهر‪ ،‬ويهذبا يف أربعة أشهر‪ ،‬وميحصها على خاصة الشعراء يف أربعة أشهر‪ ،‬ولن يذيعها للناس إال بعد مرور‬
‫حول كامل‪ ،‬فتظهر للناس قصيدة رصينة املعىن قوية اللفظ‪ ،‬سلسة بالغة الروعة‪ ،‬زاهية اجلمال‪ ،‬غنية باجلزالة‪،‬‬
‫مشحونة باالنفعال العاطفي‪ ،‬ومشعة باخليال ومشرقة باإلبداع اللفظي‪ ،‬عدا عما حتمله من صور مجالية خالبة‬
‫تشعرنا بالسمو يف اللفظ والنبل يف املعىن‪.‬‬
‫‪ 4‬األصفهاين‪ ،‬األغاني‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.4 - 1‬‬
‫‪08‬‬

‫ديوان الشعر لكعب بن زهري حيتوي على كثري من املقطوعات القصرية الىت‬

‫نظمت ىف األغراض املعروفة يف عصره من مدح‪ ،‬هجاء‪ ،‬غزل‪ ،‬فخر‪ ،‬ورثاء‪ .‬لكن‬

‫قصيدته "بانت سعاد" تظل هي األجود واألشهر وهي تسمى بالربدة نسبه للجائزة‬

‫النبوية الىت استحقها عليها‪ ،‬وقد تناول تلك القصيدة الكثرية بالشرح والتفسري والتشطري‬

‫والتمحيص والرتمجة أيضا‪.‬‬

‫كعب بدأ قصيدته متغزال مبحبوبته سعاد على هنج القصيده اجلاهليه‪ ،‬قبل أن‬

‫ي نتقل من أبيات الغزل يف ختلص بديع إىل وصف الناقه الىت نقلته إىل حمبوبته البائنه‪،‬‬

‫ومنها يصل إىل أبيات القصيدة كلها حيث الثناء إىل الرسول الكرمي وأصحابه فيما يشبه‬

‫االنقالب على كل ما كتب‪ .‬وهناك بعض القصائد يف اعتذار للرسول اهلل ‪-‬صلى اهلل‬

‫عليه وسلم‪.-‬‬

‫لكعب بن زهري أشعار ومقطوعات‪ ،‬ذات جودة عالية يف شكلها ومضموهنا‪ ،‬مما‬

‫جعلها ترتقي بكعب إىل الطبقة الثانية عند ابن سالم اجلمحي يف طبقات فحول‬

‫الشعراء ‪ ،‬أما موضوعات شعره فهي كغريها من موضوعات الشعر اجلاهلي‪ ،‬ترتاوح بني‬

‫الفخر واملدح واهلجاء والرثاء والغزل والوصف وبعض احلكم‪ .‬ويف كتاب ديوان كعب بن‬

‫زهري ألستاذ علي فاعور هناك ‪ 2‬قصيدة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫بانت سعاد‪ :‬يريد امرءة يهواها حقيقة أو ادعاءا‪.‬‬


‫ابن سالم اجلمحي‪ ،‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬ص‪44‬‬
‫‪09‬‬

‫‪ .‬حرف األلف‪ ،‬أال بكرت عرسي (الطويل)‪ ،‬هال سألت (الكامل)‪.‬‬

‫‪ .‬حرف الباء‪ ،‬أمن دمنة (الطويل)‪.‬‬

‫‪ .‬حرف احلاء‪ ،‬أال ليت سلمى (الطويل)‪.‬‬

‫‪ .4‬حرف الدال‪ ،‬صبحنا احلي (الوافر)‪.‬‬

‫‪ .2‬حرف الراء‪ ،‬من سره كرم احلياة (الكامل)‪ ،‬أبت ذكرة من حب ليلي (الطويل)‪ ،‬إن‬

‫عرسي قد آذنتين أخريا (خفيف)‪ ،‬أملا على ربع بذات املزاهر (الطويل)‪ ،‬لو كنت‬

‫أعجب (البسيط)‪ ،‬ال تفش سرك (البسيط)‪ ،‬هل حبل رملة (البسيط)‪.‬‬

‫‪ .4‬حرف العني‪ ،‬رحلت إىل قومي (الطويل)‪ ،‬لوال رمحة اهلل (الطويل)‪.‬‬

‫‪ .1‬حرف الفاء‪ ،‬بان الشباب (البسيط)‪ ،‬أين أمل بك اخليال (الكامل)‪ ،‬شبان وشيب‬

‫(الوافر)‪.‬‬

‫‪ .8‬حرف القاف‪ ،‬نواطق خالدة (الطويل)‪ ،‬مىت ما يأتيين قدري (البسيط)‪ ،‬أمن نوار‬

‫عرفت املنزل اخللقا (البسيط)‪.‬‬

‫‪ .1‬حرف الالم‪ ،‬بانت سعاد (البسيط)‪ ،‬أال بكرت عرسي (الطويل)‪ ،‬أمن من شداد‬

‫(الطويل)‪ ،‬أال أمساء صرمت احلباال (الوافر)‪ ،‬صموت وقوال (الطويل)‪.‬‬

‫‪ . 0‬حرف امليم‪ ،‬أتعرف رمسا (الطويل)‪ ،‬وهاجرة ال تسرتيد ظباؤها (الطويل)‪ ،‬يقول‬

‫حياي من عوف ومن جشم (البسيط)‪ ،‬تقول ابنيت (الطويل)‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫‪ .‬حرف النون‪ ،‬أمن دمنة لدار (املتقارب)‪ ،‬هلم إلينا (الطويل)‪ ،‬بكرت علي‬

‫بسحرة تلحاين (الكامل)‪ ،‬شدوا امل زر (الكامل)‪.‬‬

‫‪ .‬حرف الواو‪ ،‬لو بلغ القتيل فعال احلي (الوافر)‪.‬‬

‫‪ .‬حرف الياء‪ ،‬لعمرك ما خشيت على أيب (الوافر) ‪.‬‬

‫وكعب من شعراء املدرسة األوسية اليت تقوم على مذهب صناعة الشعر‪ ،‬فال‬

‫تظهر قصائدها إال بعد التنقيح والتمحيص فليس هناك قصيدة إال بتكامل عناصرها‬

‫وصورها حىت تعطي املعىن العام للقصيدة‪ ،‬وخترج القصيدة بصورة واحدة هي األمشل‬

‫واألعم ‪ .‬وصورة القصيدة من التجانس حىت يف اللون الواحد أو الطبيعة‪ ،‬فالطبيعة‬

‫الواحدة يف القصيدة مهما اختلف التسميات من وحدة عضوية أو فنية أو نفسية أو‬

‫موضوعية فهي واحدة‪ ،‬قال كعب‪:4‬‬

‫‪2‬‬
‫َكأَنـ ََّه ـ ـ ـ ـ ـ ــا َحلَ ُق ال َق ْف َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِاء َْجمـ ـ ـ ـ ـ ـ ُد ْو ُل‬ ‫ض َس َوابِ ُع قَ ْد ُش َّك ْ‬
‫ت َهل ـ ـ ـاَ َحلَ ٌق‬ ‫بَـْي ٌ‬

‫وقد جانس بني طريف الصورة الواحدة‪ ،‬فجانس بني يزلقه والزهاليل‪ ،‬فقال كعب‪:‬‬

‫علي فاعور‪ ،‬ديوان كعب بن زهير حققه وشرحه وقدم له‪ ،‬ص‪. 02-10‬‬
‫املدرسة األوسية‪ :‬املدرسة الشعرية املنسوبة إىل أوس بن حجر‪ ،‬ومن شعرائها ‪ :‬زهري بن أيب سلمى ‪ ،‬وابنه كعب‬
‫– رضي اهلل عنه – واحلطيئة ‪ ،‬ومجيل بن معمر وُك ةثري – رمحهم اهلل – والذين لقَّبهم األصمعي ( َعبيد الشةعر)‬
‫الدكتور مصطفى ناصف‪ ،‬الصورة األدبية‪ ،‬دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪24‬‬
‫‪ 4‬ديوان كعب بن زهري ص ‪.4‬‬
‫‪ 2‬السوابع‪ :‬اجلمال اليت ترد املاء يف اليوم السبع‪ ،‬حلق‪ :‬قدر‪ ،‬القفعاء‪ :‬شاة قصرية الذنب‪ ،‬جمدول‪ :‬حمكمه‬
‫وشديده كأنه فتل فتال‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫ب َزَهالِْي ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مْنـ َهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا لَبَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ٌن َو أَقْـَر ٌ‬ ‫ميَْش َي الْ ُقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـَراد َعلَْيـ َه ـ ـ ـ ـ ـ ـا ُمثَّ يـُْزل ُقهُ‬

‫فهذه الصورة مأخوذة من عامل احليوان‪ ،‬فقال‪ " :‬يزلقه " كناية عن نعومة امللمس‪،‬‬

‫وقال‪ :‬يف العجز الزهاليل وهي امللس‪ .‬مث جاء أيضا بصورة بصرية‪ ،‬كما جاء يف قصيدة‬

‫"بانت سعاد" وصف الناقة وجعل هلا صورة واضحة متكاملة ترسم بريشة فنان‪ ،‬ويف هذه‬

‫الصورة قد يلتقي كعب مع غريه من الشعراء السابقني يف وصف الناقة‪ ،‬ولكن كعبا‬

‫يستخدم صورا جديدة يف مضمون قصيدته‪ ،‬فاحتل وصف الناقة ثلث القصيدة‪ ،‬وقد‬

‫يكون أكثر أقسام القصيدة خصوبة‪ ،‬فالناقة هي وسيلة الرحلة وهي اليت توصله إىل‬

‫غايته‪ .‬قد يتفق كعب مع غريه من الشعراء يف بعض األوصاف اليت وصف با ناقته‪،‬‬

‫لكنه يفرتق عنهم يف بعض األوصاف األخرى‪.‬‬

‫وتأيت لوحة احلمار الوحشي يف قصيدته‪ ،‬احلمار ينجو مما يدبر له الصائد الذي‬

‫خيطئ الرمي على الرغم من مهارته‪ ،‬فمن قصيدته اليت مطلعها (أمن دمية الدار أقوت‬

‫سنينا)‪ ،‬ففيها جنى احلمار وحذره من موت‪ ،‬أكيد قد تعرض له على يد الصائد‪ ،‬يقول‬

‫كعب ‪:‬‬

‫يزلق‪ :‬يسقط‪ ،‬زهاليل‪ :‬مكان مستو النبات فيه‪.‬‬


‫ديوان كعب بن زهري ص ‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫تَـغَُّرَد أ َْهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َو َج ِ ْيف ُمْنتَ ِش ْسنَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫ب فِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْي الْبَ ْح ِر تَـ ْع ِشْيـَره‬
‫َوَْحت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُس ُ‬

‫كان الشعر لكعب بن زهري يتعلق أيضا باملوسيقى الشعرية‪ ،‬وما من شك بأن‬

‫املوسيقى الداخلية يف شعر كعب أكثر ترددا‪ ،‬وانسجام إيقاع املفردات يشكل مجال مجيلة‬

‫البناء خفيفة على السمع‪ ،‬حىت تأخذ اجلملة نغما مجيال مستطابا على السمع‪ .‬ويف‬

‫ديوان كعب إحدى ومخسون قصيدة تتضمن ستمائة وسبعة وستني بيتا‪ ،‬وقد نظمت‬

‫هذه األبيات على حبور الشعر العريب اخلليلية‪ ،‬وفيما يلي‪:‬‬

‫عدد األبيات‬ ‫عدد القصائد‬ ‫البحر‬

‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الطويل‬

‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫البسيط‬

‫‪11‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الوافر‬

‫‪11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الكامل‬

‫‪28‬‬ ‫اخلفيف‬

‫‪4‬‬ ‫املتقارب‬

‫تعشري‪ :‬جعله عشرة أجزاء‪ ،‬تغرد‪ :‬رفع‪.‬‬


‫ابن سنان‪ ،‬سر الفصاحة‪ ،‬شرح عبد املعتال الصعيدي‪ ،‬ص‪44‬‬
‫‪11‬‬

‫وجاء شعر كعب الشاعر املخضرم الذي اشتهر‪ ،‬بعد أن أعلن إسالمه‪ ،‬ووقف بني‬

‫يدي الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ودخل اإلسالم دخوال قويا‪ ،‬بشعر جعله يف مصاف‬

‫الصحابة‪ ،‬فتأثر شعره بالقرآن الكرمي‪ ،‬كما يوجد يف بعض أشعاره‪ ،‬سواء كان ذلك لفظيا‬

‫أو معنويا‪.‬‬

‫جبانب تأثره بالقرآن الكرمي‪ ،‬أيضا تأثر بعض شعره بأيام العرب‪ ،‬حيث وضع ذلك‬

‫واضحا يف أقواله وانفعاالته الشعرية فقد استحضر كعب يوم الرقم من خالل قوله‪:‬‬

‫إِ َىل ِذى َمر ِاهْي ِط َكماَ ُخ َّ‬


‫ط بِال َقلَ ِم‬ ‫الرقَ ْم‬ ‫ِ‬ ‫أَتَـ ْع ِر ُ‬
‫َ‬ ‫ني َرْمهاَن فَ َ‬
‫ف َر ْمسا بَـ ْ َ‬

‫أغراض شعر كعب بن زهير‬

‫‪ ‬الموت والقدر‬

‫كان لكل شاعر رؤية خاصة يعرب فيها عن قضايا موضوعية يف عصره‪ ،‬ولكل‬

‫منهم رؤية للتعبري عن بعض القضايا العامة‪ ،‬وفكرة املوت‪ ،‬كانت متمثلة يف صورة‬

‫احلمار‪ ،‬وهو يرد املاء‪ ،‬وكيف يقع احلمار الوحشي فريسة للصائد؟ وغالبا ما كانت تنتهي‬

‫والرقم‪ :‬جبل دون مكة بديار غطفان‪ ،‬ويوم الرقم من أيام العرب املعروفة وهو لغطفان على بين عامر‪.‬‬
‫الرسم‪ :‬األثر بغري شخص‪ ،‬الطلل‪ :‬الشخص بغري أثر‪ ،‬رمهان والرقم ومراهيط‪ :‬مواضع كلها متقاربة‪ ،‬قد درس‬
‫هذا املنزل فلم يبق به إال كما خيط الكاتب بقلمه يف صحيفته‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫مبوت محار الوحش‪ ،‬وانتهاء احلدث‪ ،‬كما هي عند أيب ذؤيب اهلذيل يف عينيته وعند أوس‬

‫بن حجر يف فائيته‪ ،‬فكان احلمار رمزا للقدر املتاح املتسلط على رقاب الناس‪.‬‬

‫هذه الفكرة جاءت عند كعب خمالفة ملا جاءت عند غريه‪ ،‬فقد جعل احلياة هي‬

‫األصل‪ ،‬فاحلمار عنده حيىي رغم ما يواجهه من خماطر الصائد ومل جيعل املوت معلقا يف‬

‫عنقه‪.‬‬

‫يقول كعب ‪:‬‬

‫صْيدا ِم َن الْ َو ْحـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ش َغا ِرُم‬ ‫ب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إ َذا َملْ يُص ْ‬ ‫َخ ـ ـ ـ ـ ْـو قُـتُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرات الَ يَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـز ُال َكـ ـ ـأَنَّهُ‬
‫أُ‬

‫ـت َعلَْي ِه الْ َق ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـو ِاد ُم‬ ‫ِم َن َّ‬


‫الريْـ ِ‬
‫ـش ماَ الْتَـ َّفـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـار نَـ ـ ــابِـ ٌـل‬ ‫يـُ َقلة ُ‬
‫ب َح ْشـ ـ ـ ـ َـرات َوَخيْتَـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫‪ ‬الشيب والشباب‬

‫لقد صور كعب الشيب كأنه رادف‪ ،‬والشعر األسود هو األصل‪ ،‬وذم الوافد اجلديد‪،‬‬

‫و جعل منه ضيفا جديدا ال يستحق االحرتام والرتحيب‪ ،‬وكأنه يعود عليه ويضعف من‬

‫أبو سعيد احلسن يب عبيد اهلل السكري‪ ،‬ديوان كعب بن زهير‪ ،‬دار القومية للطباعة والنشر بالقاهرة‪ ،‬ط ‪،‬‬
‫ص‪41‬‬
‫قرتات‪ :‬مكمن الصائد الذي يكمن فيه الصائد‪ ،‬الغارم‪ :‬الذي أصابه غرم فهو حزين‪.‬‬
‫حشرات‪ :‬سهام ملصقات القذذ أو ألصق به الريش‪ ،‬نابل‪:‬حاذق بعمل النبل‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫قواة ويبهكه‪ ،‬وجيعله حيزن ويأسف ملا مضى‪ ،‬حىت إنه متىن املستحيل‪ ،‬أي متىن عودة‬

‫الشباب‪ ،‬ومتىن أن يكون الشباب حليفا اليفارقه‪.‬‬

‫مث قارن كعب بني الشيب‪ ،‬وهو عدو الشباب اجلديد‪ ،‬وزوجه اليت التبدي له من‬

‫الود احلنان واللطف شيئا‪ .‬وبرزت هذه الفلسفة يف شعر كعب بن زهري بشكل واضح‬

‫حىت إهنا أصبحت فلفسة خاصة به ‪.‬‬

‫وقال كعب ‪:‬‬

‫ـشبَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب َذ ِاهب َخلَ َفـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬


‫َوالَ أ ََرى لـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ب قَ ْد أَ ِزفَا‬
‫ـاب َوأ َْم َسى الشَّْي ُ‬
‫ب ـاَ َن الشَّبَ ـ ـ ُ‬

‫‪4‬‬
‫الَ َم ْر َحبـ ـ ـ ـ ـ ــا هاَبِ َذا اللَّ ْو ِن الّ ِذ ْي َرِدفَـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫الس َو ُاد بَـيَاض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ ْيف َم َفـ ـ ـ ـ ــا ِرقِ ِه‬
‫ـاد َّ‬
‫َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬

‫‪ ‬الحكمة‬

‫غرض احلكمة يف شعر كعب بن زهري كثرية‪ ،‬فكأن الروح والنغمة إسالمية يف‬

‫أشعاره ال بل أعدها نفسية إسالمية‪.‬‬

‫وهو القائل ‪:‬‬

‫الدكتور حممد لطفي‪ ،‬فن الوصف في مدرسة عبيدالشعر‪ ،‬ص‪40‬‬


‫الديوان ص‪.10‬‬
‫أزف‪ :‬مشى بسرعة‪ ،‬خلف‪ :‬سيل‪.‬‬
‫‪ 4‬مرحب‪ :‬صادف سعة‪ ،‬هلبذ‪ :‬أسرع يف املشي‪،‬‬
‫‪11‬‬

‫الر ْمحَ ُن َم ْفعُـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـو ُل‬


‫َّر َّ‬
‫فَ ُك ُّل َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا قَد َ‬ ‫ت َخلُّ ْوا طَ ِريْ ِق ْي الَ أَب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَـ ـ ـ ـ ـ ُك ْم‬
‫فَـ ُق ـ ـ ـ ْل ُ‬

‫وقد تستمد احلكمة من القرآن الكرمي‪ ،‬أو التأثر باآليات القرآنية قد يوصل‪،‬‬

‫أحيانا‪ ،‬إىل احلكمة‪ ،‬قال تعاىل‪َ " :‬وَكا َن أ َْم ُر اهلل قَ َدرا َم ْق ُد ْورا (اآلية ‪ 8‬من سورة‬

‫األخزاب)‪.‬‬

‫وميكن أن تدرج هذه األبيات يف موضوع احلكمة الدينية وذلك ألن بعضها قيل‬

‫قبل اإلسالم واآلخر بعد اعتناق اإلسالم‪ ،‬ألهنا تتضمن ما جاءت به من األديان‬

‫السماوية‪.‬‬

‫وقال كعب ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫إِذاَ الْ َف َىت لِْل َمنَ ـ ـ ــايَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُم ْسلِ ـ ـ ـ ٌـم َغلِ ـ ـ ُـق‬ ‫ط‬ ‫ب بِـ ـ ـ ـ ــالْ َعْي ِ‬
‫ش ُم ْغتَبِ ٌ‬ ‫بَـْيـنَـ ـ ـ ـ ـ ــا الْ َف َىت ُم ْع َج ُ‬

‫الديوان ص ‪. 1‬‬
‫طريقي يروي سبيلي‪" ،‬ال أبالكم" تعبري يستعمل يف املدح والذم‪.‬‬
‫الديوان ص ‪8‬‬
‫‪ 4‬مغتبط‪ :‬سيل من املاء يشق ما ارتفع من األرض‪ ،‬منايا‪ :‬موت‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫واحلكمة يف هذا البيت مستمدة من قوله تعاىل‪" :‬أْيْـنَ َما تَ ُك ْونـُ ْوا يُ ْد ِرْك ُك ُم الْ َم ْو َ‬
‫ت‬

‫َولَ ْو ُكْنتُ ْم ِ ْ‬
‫يف بـُُرْوج ُم َشيَّ َدة" (اآلية ‪18‬من سورة النساء)‪ .‬كما أشار كعب ملسألة الفناء‬

‫واخللود‪ ،‬فال يبقى إال وجه اهلل تعاىل‪ ،‬وهذه سنة اهلل يف احلياة والوجود‪.‬‬

‫يقول كعب‪:‬‬

‫ُّه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـوِر َويـُ ْفنِْي ِه فَـ ـ ـ ـ ـيَـْن َس ِح ُق‬ ‫ِ‬ ‫والْمرء والْم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ِ‬
‫َمُّر ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ُ‬ ‫ـال يَـْنم ْي ُمثَّ يُ ْذهبُـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬

‫ت َع ْن أَفْـنَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـانِِه الْ َوَر ُق‬


‫ـاج َو ْاْنَ َّ‬ ‫ِ‬
‫إ ْذ َهـ ـ َ‬ ‫ص ُن بَـْيـنَا تَـَراهُ نَعِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َه ِدب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬
‫َكالْغُ ْ‬

‫الديوان ص ‪ ، 8‬األغاين لألفهاين ج‪ 1‬ص‪.44- 8‬‬


‫هدب‪ :‬طال‪ ،‬هاج‪ :‬ثار وحترك‪ ،‬أفنان مجع من فن‪ :‬اجلمال‪.‬‬
‫‪82‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫لمحة عن األسلوبية‬

‫أ‪ .‬مفهوم األسلوب‬

‫إن األسلوب عنصر هام من عناصر التأليف عند األديب‪ ،‬فلو الو ملا استطاع‬

‫األدباء أن يؤلفوا النصوص األدبية القيمة لكي تلقي اإلقبال من قيل القراء‪ ،‬ألن النص‬

‫األديب الذي أسلوب تأليفه متميز جيد طريقه عند القراء بشكل متميز أيضا‪.‬‬

‫واألسلوب مجعه أساليب‪ ،‬ومعناه لغة الطريقة أو الفن من القول ‪ ،‬يف اللغة العربية‬

‫األسلوب كما يقول ابن منظور يف لسان العرب يقال للسطر من النخيل وكل طريقة‬

‫ممتد فهو أسلوب‪ ،‬فاألسلوب هو الطريقة والوجه واملذهب‪ ،‬ويقال أنتم يف أسلوب‬

‫سوى ‪.‬‬

‫ويعرفه "الفيومي" يف معجمه "المصباح المنير"‪ :‬األسلوب بضم اهلمزة‪:‬‬

‫«الطريق والفن وهو على أسلوب من أساليب القوم أي على طريق من طرقهم والسلب‬

‫األب لوبيس مألوف اليوعي‪ ،‬المنجد في اللغة واألعالم‪ ،‬ط‪ ،9‬دار املشرق بريوت‪ 21 ،‬ه‪ ،‬ص ‪. 4‬‬
‫م) أو حممد بن مكرم يب علي أبو الفضل مجال الدين ابن منظور األنصاري‪،‬‬ ‫م‪-‬‬ ‫ابن منظور (‬
‫وهو أديب ومؤرخ وعامل الفقه اإلسالمي واللغة العربية‪ ،‬وقد اختلفت األقاويل حول مكان والدته‪ ،‬قيل بقفصة‬
‫بتونيس‪ ،‬وقيل بطرابلس بليبيا‪ ،‬وقيل مبصر‪.‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط ‪ ،‬دار صادر‪ 991 ،‬م‪ ،‬ص‪. 51‬‬
‫‪82‬‬

‫ما يسلب واجلمع أسالب»‪ 4‬ويعرفه أيضا "الزمخشري" يف معجمه "أساس البالغة" يف‬

‫مادة (سلب) ويقول‪«:‬سلبه ثوبه وهو سليب‪ ,‬وأخذ سلب القتيل وأسالب القتلى‪,‬‬

‫السالب وهو احلداد‪ ,‬وتسلبت وسلبت على ميتها فهي مسلب‬


‫ولبست الثكلى ُ‬
‫واإلحداد على الزوج‪ ,‬والتسليب عام وسلكت أسلوب فالن طريقته وكالمه على أساليب‬

‫حسنة‪ ,‬ومن اجملاز‪ :‬سلبه فؤاده وعقله وأستلبه وهو مستلب العقل»‪.5‬‬

‫وبالنظر إىل التحديد اللغوي لكلمة األسلوب ميكن تبني أمرين‪:‬‬

‫‪ -‬البعد املادي الذي ميكن أن نلمسه يف حتديد مفهوم الكلمة من حيث ارتبطت يف‬

‫مدلوهلا مبعىن الطريق املمتد‪ ،‬أو السطر من النخيل‪ ،‬ومن حيث ارتباطها أحيانا‬

‫بالنواحي الشكلية كعدم االلتفات ميينة أو يسرة‪.‬‬

‫‪ -‬البعد الفين الذي يتمثل يف ربطها بأساليب القول وأفانينه‪ ،‬كما نقول‪ :‬سلكت‬

‫أسلوب فالن‪ :‬طريقته وكالمه على أساليب حسنة‪.‬‬

‫ولعل املعىن االصطالحي مل يبعد كثريا عن هذا املفهوم اللغوي‪ ،‬إن مل يطابقه‪،‬‬

‫وحسبنا أن ننظر يف الكلمة نفسها –كما يقول الدكتور زكي جنيب حممود‪ 1‬أن السلب‬

‫‪ 4‬الفيومي‪ ,‬املصباح املنري‪ ,‬مادة (سلب) ‪ ,‬عن عبد القادر عبد اجلليل ‪ ,‬دار صفاء‪ ,‬عمان‪ ,‬ط‪, 11 , :‬‬
‫ص‪. 14 :‬‬
‫‪ 5‬الزخمشري‪ ,‬أساس البالغة‪ ,‬دار بريوت للطباعة والنشر‪ ,‬بريوت‪ ,‬دط‪ , 924 ,‬ص‪. 14 :‬‬
‫‪ 1‬زكي جنيب حممود ( فرباير ‪ 915‬م – ‪ 2‬سبتمرب ‪ 99‬م) هو كاتب وأكادميي وأستاذ فلسفة مصري‪ ،‬ولد‬
‫يف قرية ميت اخلويل عبد اهلل‪ ،‬مركز الزرقا يف حمافظة دمياط‪ ،‬وهو كاتب وأكادميس و فلسفة مصري‪.‬‬
‫‪03‬‬

‫هو األخذ واالنتزاع‪ ،‬وارتبطت مبفهوم العطاء املادي واملعنوي‪ ،‬واإلنسان مسلوب إذا كان‬

‫منزوع امللكية من شيئ كان ميلكه‪ ،‬واألسلوب هي األشياء قد قشرت عن أصحاهبا ‪.‬‬

‫وقال صالح فضل‪ 2‬إن األسلوب هو مظهر القول الذي ينجم اختيار وسائل‬

‫التعبري‪ ،‬وهذه الوسائل اليت حتددها طبيعة ومقاصد الشخص املتكلم أو الكاتب‪ .9‬وقال‬

‫أمحد اهلامشي‪ 1‬إن األسلوب هو معىن موضوع األلفاظ مؤلفة على صورة تكون أقرب‬

‫لنيل الغرض املقصود من الكالم وأفعل يف نفوس سامعية ‪.‬‬

‫ويف الكتاب األسلوب والنحو أن علم األسلوب هو فرع من فروع الدرس اللغوي‬

‫احلديث يهم ببيان اخلصائص اليت متيل كتابات أديب ما‪ ،‬أو متيز نوعا من األنواع األدبية‬

‫زكي جنيب حممود‪ ،‬في فلسفة النقد‪ ،‬دار الشروق قاهرة‪ 9 9 ،‬م‪.9 -9 ،‬‬
‫‪ 2‬ولد الدكتور صالح فضل (حممد صالح الدين) بقرية شباس الشهداء بوسط الدلتا يف‬
‫مارس عام‪ 9 2‬م ‪.‬اجتاز املراحل التعليمية األوىل االبتدائية والثانوية باملعاهد األزهرية‪ .‬حصل على ليسانس كلية‬
‫معيدا بالكلية ذاهتا منذ خترجه حىت عام ‪ 915‬م‪.‬أوفد يف بعثة‬
‫دار العلوم – جامعة القاهرة عام ‪ 91‬م‪ .‬عمل ً‬
‫للدراسات العليا بإسبانيا وحصل على دكتوراه الدولة يف اآلداب من جامعة مدريد املركزية عام ‪ 9‬م‪ .‬عمل يف‬
‫مدرسا لألدب العريب والرتمجة بكلية الفلسفة واآلداب جبامعة مدريد منذ عام ‪ 912‬م حىت عام‬ ‫ً‬ ‫أثناء بعثته‬
‫‪ 9‬م‪ .‬تعاقد خالل الفرتة نفسها مع اجمللس األعلى للبحث العلمي يف إسبانيا للمسامهة يف إحياء تراث ابن‬
‫رشد الفلسفي ونشره‪.‬‬
‫‪ 9‬صالم فضل‪ ،‬علم األسلوب مبادئه وأجرئته‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ، 925‬ط ‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫‪ 1‬أمحد بن إبراهيم بن مصطفى اهلامشي القرشي ‪،‬أديب معلم ‪,‬مصري ولد يف القاهرة سنة‪ 2 2‬م ‪،‬تلقى تعليمه‬
‫يف األزهر على كبار شيوخ األزهر يف عصره من أمثال الشيخ حممد عبده والشيخ سليم البشري والشيخ حسونة‬
‫النواويوالشيخ محزة فتح اهلل املفتش األول بوزارة املعارف العمومية‪.‬‬
‫أمحد اهلامشي‪ ،‬جواهر البالغة‪ ،‬دار الفكر بريوت ‪ 99‬م‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪03‬‬

‫مبا يشيع يف هذه أو تلك من صيغ صرفية خمصوصة أو أنواع معينة من اجلمل والرتاكيب‬

‫أو مفردات يؤثرها صاحب النص األديب‪.‬‬

‫أما األسلوبية وهي املدخل الرئيسي ملوضوع هذا املقال‪ ،‬فدراسة األسلوب‬

‫حسب النظرة اللغوية احلديثة أي دراسة أصرات النص األديب وألفاظه وتركيبه والدالالت‬

‫املوجودة فيه‪ ،‬وهي جتمع الدراسات القدمية واجلديدة لألسلوب مبنية على النظرة اللغوية‬

‫واألدبية معا‪.‬‬

‫فاألسلوبية هي يستخدم الشاعر الرمز بعلم اللغة واألدب للحصول على األثر‬

‫اخلاص الذي يشتمل هكذا‪:‬‬

‫‪ -‬األصوات (‪(fonologi‬‬

‫‪ -‬املعجم (‪)leksikal‬‬

‫‪ -‬الرتكيب (‪)grammatikal‬‬

‫‪ -4‬الكيفية (‪)retorikal‬‬

‫‪ -5‬التصوير (‪)balaghah‬‬

‫وأما الفرق بني األسلوبية يف اللغة واألدب‪ ،‬فاللغة إمنا يدل على كلمة مركبة مجيلة‬

‫من قواعد النحو والصرف‪ ،‬ولكن األسلوبية يف األداب هي طريقة الشاعر أو األدباء‬

‫إنعام ينكة ساز‪ ،‬التراث األدبي‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫‪08‬‬

‫ليبلغ غرض املقصود أو املعاين واألثر للقارئ‪ .‬وتستخدم الباحثة حتليل هذا البحث من‬

‫ناحية املعجم والتصوير ما تناسب النظرية األسلوبية‪.‬‬

‫ب‪.‬نشأة األسلوب (األسلوبية)‬

‫تزامنت نشأة علم األسلوب مع جتديد دراسة اللغة وظهور علم اللغة احلديث‬

‫"اللسانيات" وذلك تبعا الختالف استعماالت الناس اللغوية ومن هنا نشأة فكرتان‬

‫مهمتان يف نشأة األسلوب‪:‬‬

‫‪ .‬التمييز بني اللغة والكالم‪.‬‬

‫‪ .‬أسباب االختالف يف استعمال اللغة‪.‬‬

‫وترجع النشأة احلقيقية ملولد علم األسلوب "ألسلوبية" إىل تنبيه العامل الفرنسي‬

‫"جوستاف كويرتنج" عام ‪6881‬م على كون علم األسلوب الفرنسي ميدانا شبه‬

‫مهجور متاما حىت ذلك الوقت‪.‬‬

‫وإن كلمة األسلوبية قد ظهرت يف القرن ‪61‬م وإهنا مل تصل إىل معىن حمدد إال‬

‫يف أوائل القرن ‪02‬م وكان هذا التحديد مرتبطا بشكل وثيق بأحباث علم اللغة ‪ .‬ولقد‬

‫أفاد "شارل بالي" الذي يع ّد من املؤسسني لنظرية علم األسلوبية‪ « :‬إن علم األسلوب‬

‫الكواز‪ ،‬علم األسلوب مفاهيم وتطبيقات‪ ،‬ص‪.1 :‬‬


‫حممد كرمي ّ‬
‫‪00‬‬

‫يعىن بدراسة الوسائل اليت يستخدمها املتكلم للتعبري عن أفكار معينة‪ ،‬وأن العمل‬

‫األديب هو ميدان علم األسلوب »‪. 4‬‬

‫لقد كان للمدرسة اإليطالية عالقة خاصة مبحاولة بث روح التجديد يف‬

‫الدراسات البالغية واإلرهاص مبقدمات الفكر األسلويب يف الثقافة العربية عند الشيخ‬

‫"أمين الخولي" يف كتابه " فن القول"‪.‬‬

‫وقد حتدث "أرسطو" يف كتابه "اخلطابة" عن األسلوب ّ‬


‫وفرق بني األسلوب‬

‫اجلميل واألسلوب القبيح وقسمه إىل‪ :‬أسلوب متصل وآخر دوري‪. 5‬‬

‫ويف اآلداب العربية القدمية استخدمت كلمة األسلوب للداللة على تناسق الشكل‬

‫األديب واتساقه يف كالم البالغيني حول‪" :‬إعجاز القرآن الكرمي" وأقدم من استخدم هذه‬

‫اللفظة كان "الباقالني" يف كتابه املوسم "بإعجاز القرآن الكرمي"‪ ،‬فقد أوضح أن لكل‬

‫شاعر أو كاتب طريقة يعرف هبا وتنسب إليه‪. 1‬‬

‫‪4‬‬
‫عمان األردن‪ ،‬ط ‪ ،‬سنة‪:‬‬‫يوسف أبو العدوس‪ ،‬البالغة واألسلوبية مقدمات عامة‪ ،‬األهلية للنشر والتوزيع‪ّ ،‬‬
‫‪ 999‬م‪ ،‬ص( ‪.)1‬‬
‫‪ 5‬صالح فضل‪ ،‬مناهج النقد املعاصر‪ ،‬دار األفاق العربية القاهرة‪ ,‬دط‪ ،‬دت‪ ,‬ص‪.) 15( :‬‬
‫‪ 1‬إبراهيم حممود خليل‪ ،‬النقد األديب احلديث من احملاكاة إىل التفكيك‪ ,‬دار املسرية للنشر والتوزيع‪ ,‬عمان‪,‬‬
‫األردن‪ ,‬ط‪ ، 11 ، :‬ص‪. 49 :‬‬
‫‪03‬‬

‫ومنه نلخص ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إن (علم األسلوب) أو (األسلوبية) علم يُعىن بكل ما يتعلق باألسلوب‪ ،‬ويكشف‬

‫عن اخلصائص املميزة (األسلوبية) للتعبري املكتوب واملنطوق وإن األسلوب مصطلح‬

‫ذو مدلول إنساين‪ ،‬ذايت نسيب‪ ،‬وإن األسلوبية أو علم األسلوب أصبحت جسرا‬

‫يربط علوم اللسان (اللسانيات) باإلبداع الفين األديب‪.‬‬

‫‪ -‬إن أهم مبدأ تعتمد عليه األسلوبية هو ثنائية اللغة والكالم اليت تقوم بتحليل الظاهرة‬

‫جمرد مجاعي غري مقصود وإن الكالم‪ :‬هو استعمال‬


‫اللسانية إىل اللغة وهي نظام عام ّ‬
‫فردي شخصي لذلك النظام‪.‬‬

‫‪ -‬إن أية نظرية يف األسلوب تقوم على أساس فرضية منهجية قوامها أن املدلول الواحد‬

‫ميكن التعبري عنه بدوال خمتلفة‪ ،‬مما يؤدي إىل تعدد األشكال التعبريية‪ ،‬على الرغم‬

‫من وحدة الصورة الذهنية‪ ،‬وإن املقارنة األسلوبية هي الوسيلة الوحيدة لكشف‬

‫اخلصائص املميزة لكل شكل تعبريي أو استعمال لغوي ‪.‬‬

‫الكواز‪ ،‬علم األسلوب مفاهيم وتطبيقات‪ ،‬ص‪.12 :‬‬


‫حممد كرمي ّ‬
‫‪03‬‬

‫ج‪ .‬ميادين الدراسة األسلوبية‬

‫من خالل تعدد الدراسات األسلوبية نستطيع أن حندد امليادين اليت تصلح‬

‫لدراسة الظاهرة األسلوبية‪ ,‬وهناك آالف من البحوث األسلوبية ظهرت يف العصر‬

‫احلديث ومن خالل التفرقة بني الدراسات اليت هتتم بالوصف والدراسات اليت تبني‬

‫الوظيفة نستطيع أن نصنف كثريا من الدراسات األسلوبية‪ ,‬وسنتعرض فيما يلي لبعض‬

‫منها‪:‬‬

‫‪ -‬األسلوبية التعبيرية‪:‬‬

‫وتعرف بأسلوبية "شارل بالي" تلميذ "دي سوسير" وقد ّ‬


‫عرفها على النحو‬

‫التايل‪ « :‬أهنا تدرس وقائع التعبري اللغوي من ناحية مضامينها الوجدانية (العاطفية)‪ ,‬إن‬

‫أسلوبية التعبري هتدف إىل دراسة القيم التعبريية (اللغوية) الكامنة يف الكالم »‪. 2‬‬

‫حتول مفهوم التعبري عند "كروزو" إىل حدث فين‪ ...‬إىل مجالية‪ ,‬فالكاتب ال‬
‫وقد ّ‬
‫يفصح عن إحساسه أو تأويله إال إذا أتيحت له أدوات داللية مالئمة‪ ,‬وما على‬

‫األسلويب إال البحث يف هذه األدوات ويعمل على دراستها وتصنيفها‪. 9‬‬

‫‪2‬‬
‫الكواز‪ ,‬علم األسلوب مفاهيم وتطبيقات‪ ,‬ص‪.92 :‬‬ ‫حممد كرمي ّ‬
‫‪9‬‬
‫إبراهيم حممود خليل‪ ,‬النقد األديب من احملاكاة إىل التفكيك‪ ,‬ص‪. 55 :‬‬
‫‪03‬‬

‫‪ -‬األسلوبية الصوتية‬

‫لقد أشار "رومان جاكبسون" يف مقالة له عن شعرية األدب إىل ميل الشعر إىل‬

‫وتطرق إىل املقاطع الطويلة والقصرية وإىل احلدود‬


‫منوذج مقطعي متكرر يف قوايف األبيات ّ‬
‫النحوية اليت تعلن الوقوف وحتدد الكلمات‪ ,‬وتقسيم البيت الشعري إىل أقسام باستخدام‬

‫املقاطع املنبورة وغري املنبورة وغريها من التقسيمات‪ ,‬وهذه املالحظات يف حقيقة األمر‬

‫مسمى األسلوبية الصوتية وهي هتتم بثالثة فروع‪:‬‬


‫هي النواة احلقيقية ملا عرف حتت َّ‬

‫جمردة‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة األصوات ّ‬
‫‪ -‬دراسة اإليقاع وتأثريه اجلمايل يف القصيدة‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة العالقة بني الصوت واملعىن‪. 1‬‬

‫‪ -‬األسلوبية اإلحصائية‬

‫من خالل استفادهتا من املعايري اإلحصائية‪ ,‬قررت أن تكشف احلقيقة القائلة‪:‬‬

‫إن األسلوب عبارة عن جمموعة اختيارات املؤلف لذا ُّ‬


‫يعد اإلحصاء معيارا موضوعيا يتيح‬

‫تشخيص األساليب‪ ,‬ومتيز الفروق بينها‪ ,‬بل يكاد ينفرد من بني املعايري املوضوعية‬

‫‪1‬‬
‫إبراهيم حممود خليل‪ ,‬النقد األديب من احملاكاة إىل التفكيك‪ ,‬ص‪. 54 - 5 :‬‬
‫‪03‬‬

‫بقابليته ألن يستخدم يف قياس اخلصائص األسلوبية‪ ,‬بغض النظر عن االختالفات يف‬

‫مفهوم األسلوب نفسه ‪.‬‬

‫‪ -‬األسلوبية البنيوية‬

‫هي أكثر املذاهب األسلوبية شيوعا اآلن‪ ,‬وعلى حنو خاص فيما يرتجم إىل‬

‫وتعد امتدادا متطوراً ألسلوبية "شارل‬


‫العربية‪ ,‬أو يكتب فيها عن األسلوبية احلديثة‪ُّ ,‬‬

‫بالي" يف الوصفية (التعبريية) وامتداد آلراء "سوسير" اليت قامت على التفرقة بني اللغة‬

‫والكالم ‪.‬‬

‫وهنا ع ّدة أنواع أخرى للتحليل األسلويب منها‪ :‬األسلوبية األدبية وغريها‪.‬‬

‫إن األسلوب ينشأ يف منطقة مشرتكة بني اللغة واإلبداع الفين وإن التحليل‬

‫األسلويب يتعامل مع ثالثة عناصر هي‪:‬‬

‫أ‪ -‬العنصر اللغوي‪ :‬إذ يعاجل التحليل نصوصا قامت اللغة بوضع رموزها‪.‬‬

‫ب‪ -‬العنصر النفعي‪ :‬الذي يؤدي إىل إدخال عناصر غري لغوية يف عملية التحليل‬

‫كاملؤلف والقارئ واملوقف التارخيي‪ ,‬وهدف النص األديب وغري ذلك‪.‬‬

‫حسن ناظم‪ ,‬البىن األسلوبية (دراسة يف أنشودة املطر للسياب)‪ ,‬ص‪49 -42 :‬‬
‫الكواز‪ ,‬علم األسلوب مفاهيم وتطبيقات‪ ,‬ص‪.99 :‬‬ ‫حممد كرمي ّ‬
‫‪02‬‬

‫ج‪ -‬العنصر اجلمايل األديب‪ :‬ويكشف عن تأثري النص يف القارئ‪.‬‬

‫د‪ .‬أنواع األسلوب‬

‫تعددت األنواع األسلوبية يف دراسة لنص األدب وتشبعت‪ ،‬كل من زواية معينة من‬

‫التحليل األسلويب‪ ،‬فيما يلي استعراض موجز ألبرز هذه األنواع‪ ،‬وهي ثالث‪:‬‬

‫‪ .‬األسلوبية اللغوية‬

‫يهتم هذا األسلوب بشكل رئيسي بالوصف للمسمات األسلوبية للنص األديب‪،‬‬

‫فتحللها من زاوية قواعدية (حنوية) حبته حتليال دقيقا‪ .‬إذ جاز التعبري‪ ،‬إذ هتدف إىل‬

‫بوظيف حبث اللغة األدبية وأسلوهبا يف حتليل اللغة وتنقيحه وتطويره وإثرائه‪ ،‬لتحقيق قفزة‬

‫نوعية يف تطوير النظرية اللغوية أكثر من أي شيئ آخر‪.‬‬

‫‪ .‬األسلوبية التأثريية‬

‫بادئ هذا البحث هو ناقد وباحث األدب معاصر يدعي ستانلي فيش‬

‫‪ ،Stenly Fish‬ودعيب هبذا اإلسم ألهنا تعين بتأثرات النص األديب على القارئ‪.‬‬

‫فالنص األديب يف األسلوبية تأثريية حدث يؤثر على القارئ الذي يقوم بدوره بأعطائه‬
‫‪02‬‬

‫شكال أو رمسا معينا‪ .‬أساس هذه املدرسة األسلوبية إقتقاء آثار االنسيات اآليل لتجربة‬

‫القراءة‪ .‬إذ تفرتض أن القارئ يستجيب للنص من خالل هذا االنسياب وعلى أساسه‬

‫كلمة كلمة‪ ،‬المجلة مجلة‪ .‬وهكذا أصبحت فعالياهتا أثناء القراءة هي نقطة االرتكاز‪،‬‬

‫وليس تأويل ما يقرأ‪.‬‬

‫‪ .‬األسلوبية األدبية‬

‫األسلوبية األدبية هي التحديد يف دراسة األسلوب األديب‪ ،‬من أفضل ما عرفت‬

‫به األسلوبية األدبية ما قاله ويدوسون ‪ :) 9 5( widson‬أعين باألسلوبية دراسة‬

‫النص األديب من وجهة لغوية‪.‬‬


‫‪33‬‬

‫ه‪ .‬تطبيق األسلوبية في الشعر‬

‫فهناك توضيح على حتليل الشعر‪ ،‬إما التحليل العام عن شعره أو التحليل اخلاص‬

‫عنه‪ .‬هذا التحليل يسمى أيضا الدراسة األسلوبية‪ ،‬ألن األسلوب عنصر هام من عناصر‬

‫التأليف عند األديب‪ ،‬ولواله ملااستطاع األدباء أن يؤلفوا النصوص األدبية القيمة لكي‬

‫تلقى اإلقبال من قبل القراء ‪.‬‬

‫إذا تأملنا العلمية األخرية وهي التحليل األسلويب وجدنا أهنا تتمثل يف تطبيق‬

‫املناهج اليت أقامتها ومنتها البحوث األسلبية على نصوص لغوية تقوم بعلمية توصيل أديب‬

‫يعادل الكالم‪ ،‬فالتحليل األسلويب يتعامل مع ثالثة عناصر‪:‬‬

‫‪ -‬العنصر اللغوي‪ ،‬إذ يعاجل نصوصا قامت اللغة بوضع شفرهتا‪.‬‬

‫‪ -‬العنصر النفعي‪ ،‬الذي يؤدي إىل أن تدخل يف حسابنا مقوالت غري لغوية مثل‬

‫املؤلف والقارئ واملوقف التارخيي وحدف الرسالة وغريها‪.‬‬

‫‪ -‬العنصر اجلمايل األديب‪ ،‬ويكشف عن تأثري النص على القارئ والتفسري والتقييم‬
‫‪4‬‬
‫األبيني له‬

‫إنعام ينكه ساز‪ ،‬التراث األدبي‪ ،‬العداد الرابع (جامعة آزاد اإلسالمية فرع علوم وحتقيقات طهران)‪ ،‬ص ‪-‬‬
‫‪4‬‬
‫صالح فضل‪ ،‬علم األسلوب ميادئه وأجرئته‪ ،‬ص‪. 11‬‬
‫‪33‬‬

‫وعند حتليل النص ندرس يف املستوى األسلويب القضايا التالية‪:‬‬

‫‪ ‬املستوى اللفظي الداليل‪ ،‬ويشمل علم الداللة ودراسة اللفظة املفردة وهيئتها‪.‬‬

‫‪ ‬املستوى الرتكييب‪ ،‬ويتم فيه دراسة اجلملة وتركيبها كالتقدمي والتأخري‪ ،‬القصر‪ ،‬احلذف‪،‬‬

‫وغريه‪.‬‬

‫‪ ‬املستوى التصويري‪ ،‬وفيه ندرس الصور املختلفة يف النص من صور جزئية أو كلية مع‬

‫مكوناهتا‪ ،‬ويدرس يف هذا املستوى كل أنواع الصور‪.‬‬

‫‪ ‬املستوى اإليقاعي أو الصويت‪ ،‬وهنا يدرس عل العروض والقافية وعلم األصوات‪.‬‬

‫فالباحثة حتدد هذا البحث من حيث املستوى التصويري‪ ،‬لنيل نتيجة يف دراسة‬

‫أسلوبية مقارنة يف شعر كعب بن زهري بني الفرتة اجلاهلية والفرتة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫دراسة أسلوبية مقارنة في شعر كعب بن زهير‬

‫أ‪ .‬تحليل شعر كعب بن زهير في العصر الجاهلي‬

‫قال كعب‪:‬‬

‫ات أَقْـ َو ٌام َو َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـابُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْوا‬ ‫ِ‬ ‫إِ ْن يُ ْد ِرْكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬


‫ك َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫فَـ َقْبـلَ َ‬ ‫ب‬
‫ت أ َْو َمشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـْي ٌ‬
‫ك َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْو ٌ‬
‫َج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـابـُ ْوا‬ ‫ِ‬ ‫تَـلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبَّثْـنَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا َو فَـَرطْنَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ِر َج ـ ـ ـ ـالا‬
‫ُدعُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْوا َوإذَا اْألَنَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُام ُدعُوا أ َ‬
‫‪ -‬يدرك‪ :‬يبلغ‪ ،‬مشيب‪ :‬املخلوط املمزوج أو العاجز‪ ،‬أقوام‪ :‬مجع من قوم‪ ،‬شابوا‪ :‬من‬

‫كان يف سن الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬تلبث‪ :‬توقف‪ ،‬فرط‪ :‬أمهل‪ ،‬يدرك‪ :‬يبلغ‪ ،‬األنام‪ :‬بشر ‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬إذا يبلغ املرء يف حال العاجز أو أصابه املوت‪ ،‬فاعلم أن القوم قبله قد‬

‫مير بذلك احلال‪ .‬فعليه أن يستعد ملواجهة ذلك احلال‪ ،‬حىت ينجح فيهما‪ .‬وإذا وقف يف‬

‫واحد منهما (العاجز أو املوت)‪ ،‬أو أمهل على دعوة الناس‪ ،‬فعليه إذا دعا فسوف له‬

‫اجلواب‪ ،‬ومن هذا الشعر‪ ،‬أن كعب لينكر باملوت‪ ،‬وكل إنسان سيقابل املوت‪ ،‬ولكن‬

‫احلياة والتفاؤل هنج كعب يف أفعاله وأقواله‪.‬‬

‫الديوان ص ‪942‬‬
‫‪24‬‬

‫َو ِش َف ـ ـ ـ ـ ـ ـاءُ ِذ ْي الْـ ـ ـ ـ ـعِ ِّي الْ ُّسؤاَ ُل َع ـ ـ ـ ِن الْ َع َمى‬ ‫ت َغْيـ ُر َعيِيَّ ٍة‬
‫ت وأَنْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ِ‬
‫َه ََّّل َسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأَلْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫‪ -‬هَّل‪ :‬التكوين من كلمة هل و ل‪ ،‬عيية‪ :‬شك ‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬كان الشاعر خياطب حمبوبته وهو يقول‪ :‬ملاذا سألت وأنت يقينة عن‬

‫الشيء الذي سألت‪ ،‬فأما دواء أو شفاء إنسان الشك وهو السؤال عنه ونال اجلواب‬

‫حىت عرف أو ضاع الشك من ذلك الشيئ‪ ،‬ألن عند كعب‪ ،‬احلياة لبد بالتفائل‬

‫وليطوف بالشكوك‪.‬‬

‫ض الْ َقو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اط ـ ـ ـ ـ ِع َوالْ َقنَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬‫َغ َّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ُن بالْبَـْي ِ َ‬ ‫ت لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهُ‬ ‫َع ْن َم ْش َهد ْي بِبُـ َع ـ ـ ـ ـ َ‬
‫اث إِ ْذ َدلََف ْ‬
‫‪ -‬بعاث‪ :‬اسم املوضع أو مكان يف النواحي الدينية كانت به وقائع بني األوس واخلزرج‬

‫يف اجلاهلية‪ ،‬دلفت‪ :‬تقدمت‪ ،‬البيض‪ :‬السيوف‪ ،‬غسان‪ :‬رجال‪.9‬‬

‫الشرح‪ :‬إذا لحظ كعب يف حرب بني األوس واخلزرج‪ ،‬تقدم رجال فيه حبمل‬

‫السيوف‪ ،‬ليحرب العدو الذي حيمل الرمح‪ ،‬فهم ليأسون حىت فاز يف احلرب‪.‬‬

‫الديوان ص ‪93‬‬
‫‪ 9‬الديوان ص‪939‬‬
‫‪22‬‬

‫كَِر اامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا بَـنَـ ْوا ِ ِْل الْ َم ْج َد ِ ْيف بَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِاذ ٍخ أ َ‬


‫َش ْم‬ ‫َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيَّـ ْرتَِ ِْن ِع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـًّزا َع ِزيْـازا َوَم ْعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َشارا‬
‫أَ‬
‫ني بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالْ َك ـ ـ ـ ـ ـ ـَرْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل ِم ِّ ِْن َحْي ُ‬
‫ث ُكـ ـ ـْن ُ ِ ِ‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َف ْ َ‬
‫ني الْ ُم َ‬
‫م َن الْ ُمَزنيِّـ ْ َ‬ ‫َِّن‬
‫ت َوإن ْ‬ ‫ُه ُم اْأل ْ‬
‫‪ -‬عري‪ :‬هجأ‪ ،‬عز‪ :‬قوي‪ ،‬معشر‪ :‬صحابة‪ ،‬اجملد‪ :‬الكرم‪ ،‬باذج أشم‪ :‬ذو عال وارتفاع‬

‫أو الشامخ‬

‫‪ -‬املزنيني‪ :‬نسبة إىل مزينة إحدى قبائل مضر ‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬ملا هتجئِن فأما أين من أهل العزيز والشرف‪ ،‬فعليك العلو والحرتام عِن‪،‬‬

‫ذلك قول كعب على الذي يهجئه وحيتقره‪ .‬وأنا من أصل بِن املزنيني املصفني بالشرف‬

‫والكرم‪ ،‬ومن هذا الشعر‪ ،‬أن كعب يعظم أهله وأصحابه الشرف والكرم‪ ،‬وهو أيضا‬

‫يفخر بذلك‪ ،‬حىت مينع اآلخر ليهجئه‪.‬‬

‫لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْم تُـ ـ َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِّر ْج َولَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْم تُـ ـ ـ ـ ـ ـ َؤ ِام ْر أ َِمـ ـ ـ ـْيـارا‬ ‫إِ َّن ِعرِسي قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْد آذَنَـْت ِِن أ ِ‬
‫َخ ـ ـْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـارا‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ت ِخـ ـ ـ ـيَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـانَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةا َوفُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْوارا‬
‫أ َْم أ ََر َاد ْ‬ ‫ب فِـْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِه‬ ‫أ َِجهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـارا جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫اهـ ـ ـ ْرت لَ َعْت َ‬
‫َ ا َ َ‬
‫‪ -‬عرس الرجل‪ :‬زوجته وطلته وحليلته وحنته‪ ،‬آذن‪ :‬أعلم‪ ،‬عرج‪ :‬وقف على‪ ،‬مل تؤامر‪:‬‬

‫مل تشاور‪ ،‬األمري‪ :‬القيم عليها‪ ،‬الذي تؤامر‪.‬‬

‫الديوان ص ‪94‬‬
‫‪24‬‬

‫‪ -‬جهار‪ :‬وضح‪ ،‬جاهرت‪ :‬أعلنت‪ ،‬عتب‪ :‬حذر‪ ،‬يصرم‪ :‬قطع‪ ،‬خيانة‪ :‬مل حيفظ‬

‫األمانة ونقص عهود‪ ،‬فجور‪ :‬كذب أو ارتكاب املعاصي‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬إن زوجة كعب أعلمت أنه رجل شرير شرس حمارف ممَّلق‪ ،‬ولينمي له‬

‫مال‪ ،‬فعتبت إليه امرأته وإهانة عن كعب ول ظاعنة‪ ،‬ولكنها قاطنة أو ساكنة وجعلت‬

‫تتربم بأخَّلقه‪ .‬واإلعَّلن الذي أعلنت عنه‪ ،‬لتكون يف عتاب ول مراجعة‪ ،‬ولترد منه‬

‫اخليانة والكذب‬

‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرَم الْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َك ـ ـ ـبِْيـ ُر الْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َكبِْيـَرا‬


‫بَـ ْع َد أَ ْن يَـ ْ‬ ‫اش ـ ـ ـ ـ ــا َج ـ ِمْيـ اعـ ـ ـا‬
‫ني َعـ َ‬
‫الزْو َج ْ َ‬
‫صَّلَ ُح َّ‬
‫َم ـ ـ ـ ـ ـ ـا َ‬
‫فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ‬
‫ال الْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َك ِرْْيَ إِلَّ َ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبُـ ْورا‬ ‫لَ إِ َخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ين‬ ‫صـبـر ُ ِ‬
‫ت فَإ يْ‬‫اص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرب ْي مثْ ُل َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا َ َ ْ‬
‫ْ‬
‫‪ -‬صَّلح‪ :‬سَّلمة أو موافقة ‪ ،‬يصرم‪ :‬يفتقر ‪.‬‬

‫‪ -‬إخال‪ :‬اشتبه وأشكل والتبس‪.9‬‬

‫الشرح‪ :‬إن العمل الزوجية ليغيب عن اجلدال والختَّلف‪ ،‬ولكن مل يكن‬

‫الصَّلح إل بعد أن يفتقر الكبري الكبري‪ ،‬فقول كعب لزوجته‪ ،‬عليها عني الصرب يف تنازع‬

‫مع زوجها‪ ،‬ألن الصرب اشتبه بالكرْي‪ .‬أو قول كعب اصربي على كربي كما صربت على‬

‫كربك‪.‬‬

‫الديوان ص ‪56‬‬
‫‪ 9‬الديوان ص ‪.55‬‬
‫‪24‬‬

‫يف املستوى التصويري‪ ،‬يبني فيه عن البَّلغة‪ ،‬فكان نوع علم البَّلغة ثَّلثة‪ ،‬وهو‬

‫علم املعاين‪ ،‬علم البيان وعلم البديع‪ ،‬فأبني املستوى التصويري لكل الشعر حسب‬

‫ترتيب يف علم البَّلغة‪ ،‬وهو‪:‬‬

‫‪ ‬الصورة البالغية في علم المعاني‬


‫‪9‬‬
‫‪ ‬الخبر‬

‫َخ ْي ًرا‪#‬لَ ْم تُ َع ِّر ْج َولَ ْم تُ َؤ ِام ْر أ َِم ْي ًرا"‬


‫يقول الشاعر " إِ َّن ِعر ِسي قَ ْد آذَنَ ْتنِي أ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫استخدم الشاعر فيه اخلرب‪ ،‬ألن الكَّلم مطابقا للواقع الذي وقع على زوجة كعب‪ ،‬فكان‬

‫قائله صادقا‪ ،‬فسر البَّلغة يف البيت هو أن يكون مرتددا يف احلكم طلبا أن يصل إىل‬

‫اليقني يف معرفته‪ ،‬ويف هذا احلال حيسن توكيده له ليتمكن من نفسه‪.‬‬

‫ات أَق َْو ٌام َو َشابُ ْوا"‬


‫ك َم َ‬
‫ب‪#‬فَ َق ْب لَ َ‬ ‫ِ‬ ‫يقول الشاعر‪" :‬إِ ْن يُ ْد ِرْك َ‬
‫ت أ َْو َمش ْي ٌ‬
‫ك َم ْو ٌ‬

‫استخدم الشاعر فيه اخلرب‪ ،‬ألن الكَّلم مطابقا للواقع الذي وقع على زوجة كعب‪ ،‬فكان‬

‫قائله صادقا‪ ،‬فسر البَّلغة يف البيت هو أن يكون مرتددا يف احلكم طلبا أن يصل إىل‬

‫اليقني يف معرفته‪ ،‬ويف هذا احلال حيسن توكيده له ليتمكن من نفسه‪.‬‬

‫الصورة البَّلغية يف علم املعاين هو خيتص بعنصر املعاين واألفكار‪ ،‬فهو يرشدنا إىل اختيار الرتكيب اللغوي‬
‫املناسب للموقف وفيه مباحث مثل اإلجياز واإلطناب‪ ،‬الفصل والوصل حسبما يقتضيه مثل الستعارة واجملاز‬
‫املرسل والتشبيه والكناية‪.‬‬
‫‪ 9‬اخلرب هو ما يصح أن يقال لقائه إنه صادق فيه أو كذب‪ ،‬فإن كان الكَّلم مطابقا للواقع كان قائله صادقا‪،‬‬
‫وإن كان غري مطابق له كان قائله كاذبا‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫‪ ‬اإلنشاء‬

‫الزْو َج ْي َن َعاشاَ َج ِم ْي ًعا‪#‬بَ ْع َد أَ ْن يَ ْ‬


‫ص ِرَم الْ َكبِْي ُر الْ َكبِْي َرا"‬ ‫ح َّ‬‫صالَ ُ‬
‫يقول الشاعر " َما َ‬
‫استخدم الشاعر نوعا من اإلنشاء‪ ،‬ألنه لحيتمل صدقا ول كذبا‪ ،‬ويطلب اها حصول‬

‫شيئ‪ ،‬مل يكن حاصَّل وقت الطلب اها شيئ‪ ،‬وبيانه أن الزوجني ليصلحا بعد أن يصرم‬

‫الكبري الكبري‪ ،‬وهذا من أفعال الرجاء‪ ،‬لذلك دخل يف نوع اإلنشاء غري الطليب‪.9‬‬

‫َجابُ ْوا" استخدم‬ ‫يقول الشاعر " تَ لَبَّثْ نَا َوفَ َرطْنَا ِر َجاال‪ُ #‬دعُ ْوا َوإِذَا اْألَنَ ُ‬
‫ام ُدعُوا أ َ‬
‫الشاعر من األمر‪ 3‬يف اإلنشاء‪ ،‬ألن فيه فعل األمر وطلب الفعل على وجه الستَّلء‪،‬‬

‫وذكر يف كلمة "دعوا وأجابوا"‪ ،‬وهذا األمر له صيغة عن معناه األصلي إىل معان أخرى‬

‫تستفاد من سياق الكَّلم وهو اإلرشاد إىل شيئ ما‪.‬‬

‫ت ِخيَانَةً َوفُ ُج ْوًرا "‬ ‫ب فِ ْي ِه‪#‬أ َْم أ ََر َ‬


‫اد ْ‬ ‫َج َهارا ج َ ِ‬
‫اه ْرت الَ َع ْت َ‬
‫ِ‬
‫يقول الشاعر" أ ً َ‬
‫اإلنشاء الطليب‪ ،4‬ألن فيه أداة من أداوات الستفهام وهي اهلمزة‪ ،‬فاملراد منه هو املتكلم‬

‫كل منها يعرف النسبة اليت تضمنها الكَّلم‪ ،‬ولكن يردد بني شيئني ويطلب تعيني‬

‫اإلنشاء هو ما ل يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كذب‪.‬‬


‫‪ 9‬اإلنشاء غري طليب هو ما ل يستدعى مطلوبا‪ ،‬وله صيغ كثرية منها‪ :‬التعجب‪ ،‬املدح‪ ،‬الذم‪ ،‬القسم‪ ،‬أفعال‬
‫الرجاء‪ ،‬وكذلك صيغ العقود‪.‬‬
‫‪ 3‬األمر هو طلب الفعل على وجه التسَّلء‪ ،‬وله أربع صيغ‪ :‬فعل األمر‪ ،‬املضارع للقرون بَّلم األمر‪ ،‬واسم قعل‬
‫األمر‪،‬املصدر النائب عن فعل األمر‪.‬‬
‫‪ 4‬اإلنشاء الطليب هو ما يستدعي مطلوبا غري حاصل وقة الطلب‪ ،‬ويكون باألمر ‪ ،‬النهي‪ ،‬الستفهام‪ ،‬التمِن‬
‫والنداء‬
‫‪24‬‬

‫أحدمها‪ ،‬وهو تعيني بني جهار أو خيانة وفجور‪ .‬وهذا أيضا من نوع التصور ألن وجوب‬

‫على إدراك املفرد‪ ،‬ففي هذه احلال تأيت اهلمزة متلوة باملسؤل عنه ويذكر له يف الغالب‬

‫معادل بعد أم‪.‬‬


‫ِ‬
‫ال الْ َك ِريْ َم إِالَّ َ‬
‫صبُ ْوراً"‬ ‫ت فَِإنّ ْي‪#‬الَ إِ َخ ُ‬ ‫اصبِ ِر ْي مثْ ُل َما َ‬
‫صبَ ْر ُ‬ ‫يقول الشاعر " فَ ْ‬

‫استخدم الشاعر من األمر يف اإلنشاء‪ ،‬ألن فيه فعل األمر وطلب الفعل على وجه‬

‫الرجاء‪ ،‬وذكر يف كلمة "فاصريي"‪ ،‬وهذا األمر له صيغ عن معناه األصلي إىل معان‬

‫أخرى تستفاد من سياق الكَّلم وهو اإلرشاد إىل شيئ ما‪.‬‬

‫شرا‪#‬كِراما ب نَ وا لِي الْمج َد فِي ب ِ‬ ‫يقول الشاعر " أ ِ ِ‬


‫اذ ٍخ‬‫َعيَّ ْرتَن ْي ع ًّزا َع ِزيْ ًزا َوَم ْع َ ً َ ً َ ْ ْ َ ْ ْ َ‬
‫َ‬

‫أَ َش ْم"‪ ،‬قد استخدم الشاعر يف بداية بيته بأداة من أداوات الستفهام ‪ ،‬ألنه لحتتمل‬

‫صدقا ولكذبا‪ ،‬لغرض على توبيخ لدللة على أن الشاعر يوخل ويستهزئ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ ‬اإلطناب‬

‫ص َف ْي َن‬ ‫ِ‬
‫ال ُْم َزنيِّ ْي َن ال ُْم َ‬ ‫ت َوإِنَّنِ ْي‪ِ #‬م َن‬
‫ث ُك ْن ُ‬
‫ِّي َح ْي ُ‬ ‫يقول الشاعر " هم اْأل ِ‬
‫َص ُل من ْ‬
‫ُُ ْ‬
‫منه ذكر العام بعد‬ ‫بِالْ َك َرْم " أراد الشاعر فيه اإلطناب‪ ،‬ونوع اإلطناب كثري‪ ،‬وواحد‬

‫أداوات الستفهام هي اهلمزة‪ ،‬هل‪ ،‬من‪ ،‬منذا‪ ،‬ما‪ ،‬ماذا‪ ،‬مىت‪ ،‬أيان‪ ،‬أين‪ ،‬أىن‪ ،‬كيف‪ ،‬كم‪ ،‬و أي‪.‬‬
‫‪ 9‬اإلطناب هو زيادة اللفظ على املعىن لفائدة‪ ،‬ويكون بأمور عدة حنها‪،‬‬
‫‪24‬‬

‫اخلاص إلفادة العموم مع العناية بشأن اخلاص‪ ،‬وذكر "هم" من نوع العموم‪ ،‬ليبني "أنا"‬
‫من نوع اخلاص‪ ،‬لتأكيد أيضا أن الشاعر من بِن املزنة‪.‬‬

‫‪ ‬الصورة البالغية في علم البيان‬


‫‪9‬‬
‫‪ ‬التشبيه‬

‫ال َع ِن‬ ‫ت غَْي ُر َعيِيَّ ٍة‪َ #‬و ِش َفاءُ ِذ ْي ال ِْع ِّي ال ُّ‬
‫ْس َؤ ُ‬ ‫ْت وأَنْ ِ‬
‫ِ‬
‫يقول الشاعر " َه َّال َسأَل َ‬
‫ال َْع َمى" استخدم الشاعر فيه من التشبيه على بيان مقدار حاله‪ ،‬يبني عن املشبه معروف‬

‫الصفة قبل التشبيه معرفة إمجالية وكان التشبيه يبني مقدار هذه الصفة‪ ،‬وهذا الشعر‬

‫يصف عن العيية‪ ،‬فشفاء العيية هو السؤال عن العمى‪ ،‬فمشبه معروف بالصفة‬

‫وليتشكك بشيئ ما‪ ،‬ففقرة بعده يبني عن مقدار ذي العي‪.‬‬

‫البيان لغة الكشف والظهور‪ ،‬واصطَّلحا أصول وقواعد يعرف اها إيراد املعىن الواحد بطرق متعددة وتراكب‬
‫متفاوتة‪ :‬من احلقيقة‪ ،‬اجملاز‪ ،‬الكناية‪ ،‬والتشبيه‪ ،‬خمتلفة من حيث وضوح الدللة على ذلك املعىن الواحد وعدم‬
‫وضوح دللتها عليه‪.‬‬
‫‪ 9‬التشبيه لغة التمثيل‪ ،‬واصطَّلحا بيان أن شيئا شاركت غريها يف صفة أو أكثر‪ ،‬بإحدى أدوات التشبيه مثل‬
‫الكاف لغرض يريده املتكلم‪ .‬فله أركان هو املشبه‪ ،‬املشبه به‪ ،‬وجه الشبه‪ ،‬وأداة الشبه‪ ،‬مثل‪ :‬أنت كالبحر يف‬
‫السماحة‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫ض الْ َقو ِ‬ ‫ت لَهُ‪#‬غَ َّ ِ‬ ‫يقول الشاعر " َع ْن َم ْش َه ِد ْي بِبُ َع َ‬


‫اث إِ ْذ َدلََف ْ‬
‫اط ِع‬ ‫سا ُن بالْبَ ْي ِ َ‬
‫َوالْ َقنَا" استخدم الشاعر فيه نوع التشبيه املؤكد على أن املشبه من كلمة بعاث‪ ،‬فاملشبه‬

‫به منه غسان‪ ،‬و ليوجد أداة الشبه‪ ،‬فوجه الشبه منه القواطع والقنا‪.‬‬

‫التشبيه املؤكد هو ما حدفت منه األداة‬


‫‪45‬‬

‫ب‪ .‬تحليل شعر كعب بن زهير في العصر اإلسالمي‬

‫َأل َْمطُـ ـ ـ ْـو ِِبَـ ـ ـ ـ ـ ٍّـد َم ـ ـ ـ ـ ـ ــا يُِريْ ُد لِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيَـ ْرفَـ َع ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِِ‬
‫َِّن‬
‫لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ْم ُرَك لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـوَل َر ْْحَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ اهلل إن ْ‬
‫ص َعـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ت يَـ ْربُوع ـ ـاـ ـ ــا َسَرى ُُثَّ قَ َّ‬
‫َولَـ ـ ـ ـ ْـو ُكْن ُ‬ ‫ت ُح ْوتا َرَّك َ‬
‫ض املَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءُ فَـ ْوقَهُ‬ ‫فَـلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـو ُكْنـ ُ‬
‫‪ -‬أمطو‪ :‬آخذ وأمد‪ ،‬جد‪ :‬حظ وإمنا يشكو جده‪.‬‬

‫طنا وتصاد للحمها‬ ‫‪ -‬حوت‪ :‬مسكة ضخمة يبلغ طوهلا أحيانا ‪ 9‬مرتا ووزهنا حنو‬

‫وزيتها‪ ،‬ركض‪ :‬ضرب أو سبح‪ ،‬يربوع ‪ :‬حيوان من الفصيلة الريبوعية‪ ،‬يشبه الفأر‪،‬‬

‫صغري على هيئة اجلرذ الصغري وله ذنب طويل ينتهي خبصلة من الشعر‪ ،‬سرى‪:‬‬

‫جرى‪ ،‬قصع‪ :‬جرع أو أبطأ ‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬لول توجد رْحة من اهلل‪ ،‬ألمطو ِبد أو ألسرع يف سبيل بالجتهاد لنيل‬

‫ما يريد‪ ،‬ولبد الصدق على رْحة اهلل عز وجل‪ ،‬ألن النجاح ل يأيت إل بعد الجتهاد‪،‬‬

‫ين‬‫ِ‬
‫وكذلك لبد الجتهاد مرتاغم بالدعاء‪ ،‬كما قال اهلل تعاىل يف القرآن الكرْي‪ْ " :‬ادعُ ْو ْ‬
‫ب لَ ُك ْم" (سورة البقرة يف اآلية ‪ُ .)56‬ث مثل كعب نفسه‪ ،‬لو هو حوت‪ ،‬فسيسبح‬ ‫أ ِ‬
‫َستَج ْ‬
‫ْ‬
‫فوق املاء حىت أسرع يف حصول غايتها‪ُ ،‬ث لو هو يربوع‪ ،‬فجرى بالسرعة حىت لو وصل‬

‫الغاية فمشى بطيأ‪.‬‬

‫الديوان ص ‪992‬‬
‫‪44‬‬

‫َس ْع ُي الْـ ـ ـ ـ ـ ـ َف َىت َوُه َو خمَْبُـ ْوءٌ لَـ ـ ــهُ الْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ َد ُر‬ ‫ب ِم ْن شـ ـ ـ ــَ ْي ٍء َأل َْع َجبَِ ِْن‬
‫ت أ َْع َج ُ‬
‫لَـ ـ ْـو ُكْن ُ‬
‫اح َدةٌ َوالْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـه ُّم ُمـ ـ ـْن ـ ــتَ ِشـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـر‬
‫والنَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْفس و ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ـس ُم ْد ِرُك َهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ ٍ‬
‫يَ ْس َعى الْ َف َىت أل ُُم ْور لَْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬

‫) أعجب‪ْ :‬حله على العجب منه‪ ،‬سعي‪ :‬عمل‪ ،‬الفىت‪ :‬شاب يف أول شبابه‪ ،‬خمبوء‪:‬‬

‫مستور أو حمجوب‪.‬‬

‫‪ )9‬مدرك‪ :‬رجل شديد التبليغ‪ ،‬اهلم‪ :‬اخلزن أو الشك‪ ،‬منتشر‪ :‬منبسط أو متفرق‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬أن كل الفىت أو الفرد له القدر‪ ،‬وأعجب إذا حصل مبا يعيشه بقدرته‬

‫حىت وصل إىل ما أراده أو أدركه‪ ،‬طريقة لنيل ما أراده خمتلفة ومتنوعة‪ ،‬ولكن لبد طريقته‬

‫حَّلل‪ ،‬ويسعى الفىت بشيء مل يفهمه ومل يعرفه‪ ،‬فتعمق وفحص ذلك الشيء حىت جناحه‬

‫فيه‪ ،‬ألن النفس متحدة‪ ،‬ولكن اهلم متفرقة منتشرة‪.‬‬

‫ني َح ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـىت يَـْنتَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِه َي اْألَثَـ ُر‬


‫لَتَـْنتَ ِه َي الْ ـ ـ ـ ـ َـع ْ ُ‬ ‫ـاش ممَْ ُد ْوٌد لَـ ـ ـ ـ ـ ــهُ أ ََم ٌل‬
‫َوالْ َم ـ ْرءُ َم ـ ـ ـ ـ ــا َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـس لَِر َحـ ـ ٍل َح ـ ـ ـ ـطَّهُ اهلل حـَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام ـ ـ ُـل‬
‫َولَْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ولَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـيس لِم ْن يَـرَك ِ‬
‫ب ال ـْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـه ْوَل بـُ ْغية‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪ -‬ممدود‪ :‬كثري‪ ،‬أمل‪ :‬رجاء‪ ،‬العني‪ :‬األفضل‪ ،‬األثر‪ :‬مكرمة متوارثة ‪.‬‬

‫‪ -‬اهلول‪ :‬خوف‪ ،‬بغية‪ :‬مطلب‪ ،‬حط‪ :‬أنزل‪ ،‬رحل‪ :‬منزل‪ ،‬حط‪:‬‬

‫الديوان ص ‪24‬‬
‫‪44‬‬

‫الشرح‪ :‬والناس عاش يف الدنيا بكثرة آمل سيحصله يف مستقبله ليكون حياته‬

‫أسعد من قبل‪ ،‬وهو ل يقف يف السعي والتدقيق يف تواجد األمل إل إذا حيصله‪ .‬واهذه‬

‫األبيات اعرتف كعب بأنه ل راد لقضاء اهلل وقدره‪ ،‬ولكن لبد من األخذ باألسباب‪،‬‬

‫والسعي إىل البتعاد عن املكروه‪ ،‬وأخذ املذر‪ ،‬وعدم الستسَّلم للموت‪ ،‬وبسليمه إىل‬

‫القضاء والقدر‪.‬‬

‫أَصبت حلِيم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أَو أَصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابك ج ـ ِ‬


‫ـاه ُل‬ ‫اجلَ ْه ِل َو ْ‬
‫اخلَنَ ـ ـ ـ ـا‬ ‫إِ َذا أَنْت َمل تُـ ْق ـ ـ ـ ِ‬
‫ص ْر َع ِن ْ‬
‫ْ َ ََ َ‬ ‫َْ َ َ ْ ا‬ ‫َ ْ‬

‫‪ -‬تقصر‪ :‬مشغول‪ ،‬اخلنا‪ :‬أفحش يف كَّلمه‪ ،‬حليما‪ :‬ذو حلم ‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬ليس كل الناس الذي خياف عن الطلب وليس كل الناس الذي فقط‬

‫ينتظر الرْحة من اهلل‪ ،‬فعلى كل الناس أن جيتهد و يسعى حىت ضاع اجلهل واخلنا منه‪،‬‬

‫ولبد يشغل حياته يف طلب العلم حلصول جناح يف الدنيا واآلخرة‪ .‬ولكن الذي خياف‬

‫فيه‪ ،‬فحياته مملوء باحللم واجلهل‪ ،‬ول حصول لنيل احللم‪.‬‬

‫الديوان ص ‪. 61‬‬
‫‪42‬‬

‫ول‬
‫ُمتَـيَّ ٌم إثْـَرَهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لَـ ـ ـ ْـم يـُ ْفـ ـ ـ ـ َـد َم ْك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبُ ُ‬ ‫ـاد فَـ َق ْلِيب الْيَـ ْوَم َمْت ـبُـ ـ ـ ـ ْـو ُل‬
‫ت ُس َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫بَـ ـ ـ ــانَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاد َغ َدا َة الْبَـ ْ ِ‬
‫ول‬ ‫ـض ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـطَّْرف َمك ُ‬
‫ْح ُ‬ ‫يإل أَ َغ ُّن َغضْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ني إ ْذ َر َحلُوا‬ ‫َوَم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُس َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َكـ ـ ـ ـ ـ ـأَنَّهُ ُمْنـ َهـ ـ ـ ـ ـ ٌـل بِـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ َّـر ِاح َم ـ ـ ـ ـ ْـع ـ ـ ـ ـ ـلُـ ـ ــول‬ ‫ََْتلُوا عوا ِر ِ‬
‫ض ذ ْي ظَـ ـ ـلَ ٍم إِ َذا ابْـتَ َس َم ْ‬
‫ت‬ ‫ْ ََ َ‬
‫‪ -‬بانت‪ :‬فارقت‪ ،‬سعاد‪ :‬اسم امرءة أو يريد إمرءة يهواها حقيقة أو ادعاء‪ ،‬متبول‪:‬‬

‫احلب وقد ذهب بعقله أو مضلل‪ ،‬مل يفد‪ :‬مل جيز‬


‫مرغوم أو حمتقر‪ ،‬متيم‪ :‬مستب يد به ي‬
‫كأنه سار بعدها أسريا جموس مل يفده أحد بالفداء‪ ،‬مكبول‪ :‬اسم املفعول من كبل‬

‫مبعىن حبسه وسجنه‪.‬‬

‫‪ -‬األغن‪ :‬الذي يف صوته غنة أو نربة مستحبة َتعل الصوت خارجا من اللهاة واألنف‬

‫شبه املرأة بالغزال‪ ،‬غضيض‪ :‬فاطر‪ ،‬مكحول‪ :‬حدقة العني سوداء من الغزلن‪.‬‬

‫‪َ -‬تلو‪ :‬من جلوت السيف أزلت عنه الصداء‪ ،‬العوارض‪ :‬األسنان‪ ،‬الظلم‪ :‬ماء‬

‫األسنان‪ ،‬املنهل‪ :‬الشرب األول‪ ،‬معلول‪ :‬الشرب الثاين‪ ،‬الراخ‪ :‬اخلمر ‪.‬‬

‫الشرح‪ :‬ملا فارقته سعاد وقلبه حمتقر ومستبد به احلب‪ ،‬صار بعده كأسري مل جيز‬

‫بفداء يفكه من األسر‪ ،‬فهو باق على حالة األسر‪ ،‬فإذا ذهب سعاد مبكرا‪ ،‬مثل صوت‬

‫غنة يف حديقة العني سوداء من الغزلن‪ .‬زين اسناهنا مباء األسنان إذا ابتسمت كأنه ماء‬

‫الشرب األول باخلمر ُث الشرب الثاين‪ .‬فاستأنف كعب بن زهري بيته كأنه خياطب‬

‫الديوان ص ‪.5‬‬
‫‪44‬‬

‫حمبوبته‪ ،‬ولكن يف العصر اإلسَّلمي حول الشاعر إىل حبه لإلسَّلم والرسول صلى اهلل‬

‫عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ ‬المستوى التصويري‬

‫يف املستوى التصويري‪ ،‬يبني فيه عن البَّلغة‪ ،‬فكان نوع علم البَّلغة ثَّلثة‪ ،‬وهو‬

‫علم البيان‪ ،‬علم املعاين‪ ،‬وكذلك علم البديع‪ ،‬فأبني املستوى التصويري لكل الشعر‬

‫حسب ترتيب يف علم البَّلغة‪ ،‬وهو‪:‬‬

‫‪ ‬الصورة البالغية في علم المعاني‬

‫‪ ‬الخبر‬

‫يقول الشاعر " لَعُ ْم ُر َك لَ ْوَال َر ْح َمةُ اهلل إِنَّنِ ْي‪َ #‬أل َْمطُْو بِ َج ٍّد َما يُ ِريْ ُد لِيَ ْرفَ َعا " من‬

‫كلمة "لول" فهناك يصور عن موضوع اخلرب اإلنكاري‪ ،‬ألن اخلرب هو إن كان الكَّلم‬

‫مطابق للواقع كان قائله صادقا‪ ،‬وإن كان غري مطابق له كان قائله كاذبا‪ .‬فبيانه لول‬

‫توجد رْحة من اهلل‪ ،‬ألمطو ِبد أو ألسرع يف سبيل بالجتهاد لنيل ما يريد‪ .‬وذلك‬

‫يوضح على أن الكَّلم مطابقا للواقع فيكون كَّلمه صادقا‪ .‬فاملخاطب منكر للحكم‬

‫جاحد له‪ ،‬وجيب أن يضمن الكَّلم من وسائل التقوية والتوكيد ما يدفع إنكار املخاطب‬
‫‪44‬‬

‫ويدعوه إىل التسليم‪ ،‬وجيب أن يكون ذلك بقدر اإلنكار قوة وضعفا‪ .‬ولبد اليقني برْحة‬

‫اهلل عز وجل‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ت أَ ْعج ِ‬


‫ب م ْن َش ْيء َألَ ْع َجبَن ْي‪َ #‬س ْع ُي الْ َفتَى َو ُه َو َم ْخبُ ْوءٌ‬
‫يقول الشاعر " لَ ْو ُك ْن ُ َ ُ‬
‫لَهُ الْ َق َد ُر" فيه اخلرب اإلنكاري‪ ،‬ويوجد التوكيد فيه‪ ،‬أن اخلرب هو إن كان الكَّلم مطابقا‬

‫للواقع كان قائله صادقا‪ ،‬وإن كان غري مطابق له كان قائله كاذبا‪ .‬فبيانه لو إعجاب‬

‫الشيئ من سعي الفىت وليس جمرد اخليال‪ ،‬وذلك يوضح على أن الكَّلم مطابقا للواقع‬

‫فيكون كَّلمه صادقا‪ .‬فاملخاطب منكر للحكم جاحد له‪ ،‬وجيب أن يضمن الكَّلم من‬

‫وسائل التقوية والتوكيد ما يدفع إنكار املخاطب ويدعوه إىل التسليم‪ ،‬وجيب أن يكون‬

‫ذلك بقدر اإلنكار قوة وضعفا‪.‬‬

‫َّ‬ ‫يقول الشاعر " ولَيس لِمن ي رَكب الهو ُل ب غْيةً‪#‬ولَي ِ ِ‬


‫س ل َرح ٍل َحطهُ اهللَ ُ‬
‫حامل"‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َْ ُ َ ْ ُ‬
‫فيه اخلرب‪ ،‬لوجود أدوات التوكيد فيه‪ ،‬وهي أداة "ليس"‪ ،‬وللمخاطب حالة يف الشعر‪ ،‬أن‬

‫يكون املخاطب منكرا له‪ ،‬وجيب أن يؤكد اخلرب مبؤكد أو أكثر على حسب إنكاره قوة‬

‫وضعفا‪ .‬وهو يف البيت ليس ملن يركب اهلول بغية وليس لرحل حطه اهلل حامل‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫‪ ‬الصورة البالغية في علم البيان‬

‫‪ ‬التشبيه‬

‫ضيض الطّر ِ‬
‫ِ‬
‫ف‬ ‫اد غَ َداةَ الْبَ ْي ِن إ ْذ َر َحلُوا‪ّ #‬إال أَغَ ُّن غَ ُ ْ‬
‫يقول الشاعر " َوَما ُس َع ُ‬

‫ول"‪ ،‬وهو التشبيه‪ ،‬وشبه سعاد بالظيب‪ ،‬جريا على عادة العرب يف التشبيه إذا أرادوا‬
‫َم ْك ُح ُ‬

‫وصف الفتاة باجلمال‪ ،‬ومعروف أن الظباء من احليوانات املعروفة يف الصحراء‪ ،‬وكان‬

‫الشاعر العريب يعرف هيئته فاستخدمه يف التشبيه‪ ،‬وأتى التشبيه بأسلوب القصر‪ ،‬ليدل‬

‫على املبالغة وتأكيد الوصف املراد وهو اجلمال‪.‬‬

‫ت‪َ #‬كأَنَّهُ ُم ْن َه ٌل بِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫يقول الشاعر "تَجلُوا َعوا ِر ِ‬


‫اح‬
‫الر ِ‬ ‫ض ذ ْي ظَلَ ٍم إذَا ابْ تَ َ‬
‫س َم ْ‬ ‫ْ ْ َ َ‬

‫َم ْعلُ ْو ٌل" فيه التشبيه التمثيل‪ ،‬ألن وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد‪ ،‬فوجه الشبه‬

‫هو "بالراح معلول"‪ ،‬فاملشبه هنا ضمري اهلاء يعود إىل كلمة "ظلم"‪ ،‬املشبه به هو‬

‫"منهل"‪ ،‬فأداة الشبه هو كأن‪.‬‬

‫‪ ‬المجاز‬

‫ت َحلِ ْيماً أ َْو‬


‫َص ْب َ‬ ‫ْج ْه ِل َوال َ‬
‫ْخنَا‪#‬أ َ‬
‫ِ‬ ‫يقول الشاعر " إِذَا أَنْ َ‬
‫ت لَ ْم تُ ْقص ْر َع ِن ال َ‬
‫كجِ‬
‫اه ُل" يتكون نوع اجملاز اللغوي‪ ،‬معناه أن اإلنسان لبد أن تشغل على ضياع‬ ‫َصابَ َ َ‬
‫أَ‬

‫اجملاز اللغوي هو اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له لعَّلقة مع قرينة مانعة من إرادة املىن احلقيقي‪ ،‬والعَّلقة بني‬
‫املعىن احلقيقي واملعىن اجملازي قد تكون املشااهة‪ ،‬وقد تكون غريها‪ ،‬والقرينة قد تكون لفظية‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫اجلهل واخلنا‪ ،‬وأما الذي ليشتغل لضياعهما‪ ،‬فيصب حليما أو يصيب جاهَّل‪ ،‬فاألوىل‬

‫أن كلمة "اجلهل" استعملت يف معناها احلقيقي‪ ،‬وأن كلمة "اجلهل" الثانية استعملت يف‬

‫احلال املبالغة‪ ،‬وهو غري معناها األصلي‪،‬فأم العَّلقة بني اجلهل األوىل والثاين ليست‬

‫املشااهة وإمنا هي اجلزئية‪ ،‬والقرينة "مل تقصر" فهي لفظية‪.‬‬

‫‪ ‬الصورة البالغية في علم البديع‬

‫‪ ‬المحسنات المعنوية‬

‫يقول الشاعر " يسعى الْ َفتى ِألُموٍر لَيس م ْد ِرُكها‪#‬والنَّ ْفس و ِ‬
‫اح َدةٌ َوال َْه ُّم‬ ‫َ ُْ ْ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ َْ‬

‫ُم ْنتَ ِش ٌر" فيه الطباق‪ ،9‬فالطباق نوعان وهو طباق اإلجياب وطباق السلب‪ ،‬فهذا من‬

‫طباق اإلجياب ألن وجدنا كلمة وضدها‪ ،‬وهي مشتملة من "النفس واهلم" وكذلك‬

‫"واحدة و منتشر" وهو ما مل خيتلف فيه الضدان إجيابا وسلبا‪.‬‬

‫اش َم ْم ُد ْو ٌد لَهُ أ ََم ٌل‪#‬الَتَ ْنتَ ِه َي ال َْع ْي ُن َحتَّى يَ ْنتَ ِه َي‬


‫يقول الشاعر " َوال َْم ْرءُ َما َع َ‬

‫اْألَثَ ُر " يتضمن الطباق‪ ،‬يشمل فعلني من مادة واحدة‪،‬وهو من طباق السلب ألن كلمة‬

‫‪ 5‬الصورة البَّلغية يف علم البديع هو دراسة ل تتعدى تزيية األلفاظ أو املعاين بديعة من مجال اللفظيأو املعاين‪.‬‬
‫ويتكون من احملسنات اللفظية واحملسنات املعنوية‪ ،‬فاحملسنات اللفظية أبواب منها اجلناس‪ ،‬القتباس‪ ،‬والسجع‪ ،‬فأما‬
‫احملسنات املعنوية هي التورية‪ ،‬الطباق‪ ،‬املقابلة‪ ،‬حسن التعليل‪ ،‬تأكيد املدح مبا يشبه الذم وعكسه‪ ،‬وكذلك‬
‫أسلوب احلكيم‪.‬‬
‫‪ 4‬الطباق هو اجلمع بني الشيئ وضده يف الكَّلم‪ ،‬وهو نوعان طباق اإلجياب وطباق السلب‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫"ل تنتهي و ينتهي" يف الشعر‪ .‬من مادة واحدة وضدها من وجود أداة السليب واإلجياب‪.‬‬

‫وهذا أيضا من نوع اجملاز اللغوي ألن كلمة "لتنتهي وينتهي" هو كلمتان مستعملتان يف‬

‫غري ما وضع له لعَّلقة مع قرينة مانعة من إرادة املعىن احلقيقي‪.‬‬

‫‪ ‬المحسنات اللفظية‬

‫ص َعا"‬
‫ت يَ ْربُوعاً َس َرى ثُ َّم قَ َّ‬ ‫ت ُح ْوتاً َرَّك َ‬
‫ض الماءُ فَ ْوقَهُ‪َ #‬ولَ ْو ُك ْن ُ‬ ‫البيت " فَ لَ ْو ُك ْن ُ‬

‫فيه املقابلة ‪ ،‬وهو يوجد يف عجزه على ما يقابل املعنيني على الرتتيب‪ ،‬فاألول مها احلوت‬

‫والركض‪ُ ،‬ث قابل ذلك يف آخر الكَّلم بالربع والقصع‪ .‬ألن يؤيت مبعنيني‪ُ ،‬ث يؤيت مبا‬

‫يقابل ذلك على الرتتيب‪.‬‬

‫اد فَ َق ْلبِي الْيَ ْوَم َم ْتبُ ْو ُل‪ُ #‬متَ يَّ ٌم إثْ َرَه ا لَ ْم يُ ْف َد َم ْك بُ ُ‬
‫ول "‬ ‫ت ُس َع ُ‬
‫البيت " بَ انَ ْ‬

‫نوع من السجع‪ ،‬ألن هناك توافق الفاصلني يف احلرف اآلخر وهو حرف الم‪ ،‬وأيضا من‬

‫نوع الطباق يف كلمة متبول ومكبول بوجود التفاق يف نوع شكلهما وعددمها وترتيبهما‬

‫ولكن اختلف يف حرفهما‪ ،‬وذلك من نوع طباق غري تام‪.‬‬

‫املقابلة هي أن يؤتى مبعنيني أو أكثر‪ُ ،‬ث يؤتى مبا يقابل ذلك على الرتتيب‪.‬‬
‫‪06‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫الخاتمة‬

‫أ‪ -‬نتائج البحث‬

‫وبعد أن انتهيت من كتابة هذا البحث‪ ،‬توصلت إىل النتائج التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬كعب بن زهري بن ربيعة املعروف بأيب سلمى‪ ،‬ابن رياح بن قطر احلارث بن مازن بن‬

‫ثعلبة بن ثور بن هزمة بن ألم بن عثمان بن مزينة‪ ،‬وكان تاريخ ميالده جمهوال‪،‬‬

‫وتضاربت اآلراء واألقوال عند مؤرخي األدب العريب حول تعيني سنة وفاة كعب بن‬

‫زهري‪ ،‬فذكر بعضهم السنة ‪42‬ه أي ‪ ،422‬وذكر بعضهم اآلخر السنة ‪44‬ه أي‬

‫‪426‬م‪ .‬أقام كعب بن زهري يف قوم بين غطفان‪ ،‬ويف هذه البيئة الشعرية نشأ كعب‪،‬‬

‫فسمع الشعر طفال‪ ،‬ورواه ناشئا‪ ،‬وهو كبري أبناء زهري‪ .‬ولقد وقف كعب من‬

‫اإلسالم أول أمره‪ ،‬موقف اخلصومة والعداء‪ ،‬وخباصة بعد أن أسلم أخوه جبري بن‬

‫زهري‪ .‬أسلم كعب يف أواخر السنة السابعة للهجرة‪ ،‬وبرز كعب شاعرا من شعراء‬

‫الدعوة اإلسالمية ومن الذين دافعوا عن اإلسالم‪.‬‬

‫‪ .4‬كان كعب بن زهري يف الطبقة الثانية من الشعراء اجلاهليني‪ ،‬وهو من الشعراء‬

‫املخضرمني املقدمني اجمليدين املشهورين‪ .‬كعب ال يذيع قصيدة إال بعد أن ينقحها‬
‫‪06‬‬

‫ويصفيها‪ ،‬ويشذهبا ويهذهبا مدة عام (حول) بكامله‪ ،‬مث يطلقها بلسانه أو بلسان‬

‫راويته اخلطيئة‪ ،‬حىت إن ابنة صارت راوية له‪ .‬وديوانه حيتوي على كثري من‬

‫املقطوعات القصرية الىت نظمت ىف األغراض املعروفة يف عصره من مدح وهجاء‬

‫وغزل وفخر ورثاء لكن قصيدتة "بانت سعاد" تظل هي األجود واألشهر وهي‬

‫تسمى بالربدة نسبه للجائزة النبوية الىت استحقها عليها‪.‬‬

‫‪ .3‬إن األسلوبية عنصر من عناصر علم اللغة‪ ،‬واألسلوبية هي أن تبحث عما يتميز به‬

‫الكالم الفين عن بقية مستويات اخلطاب وعن سائر أصناف الفنون اإلنسانية‪.‬‬

‫واملنهج األسلويب يعتمد على األلفاظ والرتاكيب والصور واألصوات‪ .‬الفرق من‬

‫األسلوبية اللغة واألدب‪ ،‬األسلوبية يف اللغة أمنا يدل على كلمة مركبة مجيلة حسب‬

‫قواعد النحو والصرف‪ ،‬وأما األسلوبية يف األدب هي طريقة الشاعر أو األدباء ليبلغ‬

‫غرض املقصود أو املعاين واألثر للقارئ‪.‬‬

‫‪ .2‬من خالل املستوى التصويري‪ ،‬أن الشاعر يستخدم يف شعره من علم املعاين يف علم‬

‫البالغة عن مجال اإلنشاء واخلرب واإلطناب‪ ،‬من علم البيان عن مجال التشبيه‬

‫واجملاز‪ ،‬وأما من علم البديع عن مجال الطباق واملقابلة وكذلك السجع‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫ب‪ .‬االقتراحات‬

‫يف النهاية أرجو أن يكون هذا البحث العلمي نافعا هلا يف اخلاصة وملن طلعه يف‬

‫العامة‪ ،‬وبعد أن طال احلديث حول أشعار والشاعر وكذلك القيم األخالقية لكعب بن‬

‫زهري‪ ،‬أقدم اآلن االقرتاحات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬إن هذا البحث تناول بعض النواحي املتعلقة بأشعار كعب بن زهري لنظر األسلوب‬

‫يف املستوى التصويري‪ ،‬ولذلك أقرتح أن تكون هناك حبث آخر يف املستقبل يتناول‬

‫نواحي أكثر وأدق من هذا البحث‪.‬‬

‫‪ .4‬أرجو من مجيع القراء والباحثني االهتمام بالعلوم اإلسالمية العديدة النافعة‪ ،‬وخاصة‬

‫يف علوم األدب واللغة‪ ،‬ففي األدب نستطيع أن نستخلص األسلوب من املستوى‬

‫التصويري يف شعر كعب بن زهري‪.‬‬

‫‪ .3‬وأرجو يف املستقبل أن يوجد من قام بإكمال هذا البحث املتعلق باألسلوب يف شعر‬

‫كعب بن زهري‪.‬‬
‫‪06‬‬

‫ثبت المصادر والمراجع‬

‫ابن قتيبة‪ ،‬أبو حممد عبد اهلل بن مسلم ‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬حتقيق أمحد حممد شاكر‪ ،‬دار‬

‫املعارف‪ ،‬ج‪1876 ،1‬م‪.‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬حممد بن مكرم بن علي‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ ،1‬دار صادر‪1991 ،‬م‪.‬‬

‫أبو املنذر‪ ،‬هشام بن حممد بن السائب‪ ،‬جمهرة النسب‪ ،‬حتقيق د‪.‬ناجي حسن‪ ،‬مكتبة‬

‫النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫أبو عبد اهلل حممد بن عمران بن موسى‪ ،‬الموشح‪ ،‬حتقيق حممد حسني مشس الدين‪،‬‬

‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1‬‬

‫األصفهاين‪،‬أبو الفرج علي بن احلسني بن حممد األموي‪ ،‬كتاب األغاني‪ ،‬طبعة دار‬

‫الكتب قاهرة‪1964 ،‬م‪.‬‬

‫األعظمي الندوي‪ ،‬شعراء الرسول‪ ،‬مكتبة الفردوس قاهرة‪ 1996 ،‬م‪.‬‬

‫إنعام ينكه ساز‪ ،‬التراث األدبي‪ ،‬العداد الرابع (جامعة آزاد اإلسالمية فرع علوم‬

‫وحتقيقات طهران)‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫البغدادي‪ ،‬عبد القادر بن عمر‪ ،‬خزانة األدب‪ ،‬مكتبة اخلاجني‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫اجلبوري‪ ،‬الدكتور حيىي‪ ،‬شعر المخضرمين وأثر اإلسالم فيه‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬

‫‪1998‬م‪.‬‬
‫‪06‬‬

‫جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬دار اهلالل‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫اجلمحي‪ ،‬حممد بن سالم‪ ،‬طبقات الشعراء‪ ،‬حتقيق حممود حممد شاكر‪ ،‬مطبعة دار‬

‫املدين‪ ،‬ط‪4111 ،7‬م‪.‬‬

‫اجلمحي‪ ،‬حممد بن سالم‪ ،‬طبقات الشعراء‪ ،‬حتقيق حممود حممد شاكر‪ ،‬مطبعة املدين‪،‬‬

‫ط‪ ،7‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫اخلفاجي‪ ،‬عبد اهلل بن حممد بن سعيد بن سنان اخلفاجي‪ ،‬سر الفصاحة‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬ط‪1974 ،1‬م‪.‬‬

‫خليل‪ ،‬إبراهيم حممود‪ ،‬النقد األدبي الحديث من المحاكاة إلى التفكيك‪ ،‬عمان‪ :‬دار‬

‫املسرية للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪4113 ،1 :‬م‪.‬‬

‫خري الدين بن حممود بن حممد بن علي بن فارس الزركلي الدمشقي‪ ،‬األعالم‪ ،‬دار العلم‬

‫للماليني‪ ،‬ج‪ ،6‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫زكي جنيب‪ ،‬حممود‪ ،‬في فلسفة النقد‪ ،‬دار الشروق قاهرة‪1989 ،‬م‪.‬‬

‫الزخمشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬بريوت‪ :‬دار بريوت للطباعة والنشر‪.1972 ،‬‬

‫عبد العزيز الشيخ أمحد اإلسكندرية والشيخ مصطفى عناين‪ ،‬الوسيط في األدب العربي‬

‫وتاريخه‪ ،‬مصر‪ :‬دار املعارف‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫عز الدين بن األثري أيب احلن علي بن حممد‪ ،‬االستعاب في معرفة األصحاب‪ ،‬حتقيق‬

‫حممد إبراهيم البنا وحممد أمحد عاشور‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫العسكري‪ ،‬اإلمام أيب سعيد احلسن بن احلسني‪ ،‬ديوان كعب بن زهير‪ ،‬دار الكتاب‬

‫العريب‪1993 ،‬م‪.‬‬

‫فضل‪ ،‬صالح‪ ،‬علم األسلوب مبادئه وأجرئته‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب ‪،1976‬‬

‫فضل‪ ،‬صالح‪ ،‬مناهج النقد المعاصر‪ ،‬دار األفاق العربية القاهرة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫الفيومي‪ ،‬عبد القادر عبد اجلليل‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬عمان‪ :‬دار صفاء‪ ،‬ط‪4114 ،1‬م‪.‬‬

‫القرشي (أبو زيد حممد بن أيب اخلطاب)‪ ،‬جمهرة أشعار العرب‪ ،‬حتقيق علي الفاعوري‪،‬‬

‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬ط‪ ،1‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫القرشي‪ ،‬أبو زيد حممد بن أيب اخلطاب‪ ،‬جمهرة أشعار العرب‪،‬املكتبة التجارية الكربى‪،‬‬

‫حتقيق علي الفاعوري‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1943 ،1‬م‪.‬‬

‫مألوف‪ ،‬لويس‪ .‬المنجد في اللغة واألعالم‪ ،‬ط ‪ ،18‬بريوت‪ :‬دار املشرق‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫حممد رواس قلعة جين‪ ،‬طرق البحث في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬بريوت‪ :‬دار النفائس‪،‬‬

‫‪1341‬ه‪.‬‬

‫حممد لطفي‪ ،‬فن الوصف في مدرسة عبيدالشعر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬


‫‪00‬‬

‫مصطفى الشكعة‪ ،‬األدب في موكب الحضارة اإلسالمية‪ ،‬دار الكتاب اللبناين بريوت‪،‬‬

‫ط‪1983 ،1‬م‪.‬‬

‫مصطفى صادق الرافعي‪ ،‬تاريخ آداب العرب‪ ،‬مكتبة اإلميان‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫مصطفى ناصف‪ ،‬الصورة األدبية‪ ،‬دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫يوسف أبو العدوس‪ ،‬البالغة واألسلوبية مقدمات عامة‪ّ ،‬‬


‫عمان األردن‪ :‬األهلية للنشر‬

‫والتوزيع‪ ، ،‬ط‪1999 ،1‬م‪.‬‬

You might also like